الفروع وتصحيح الفروع
ابن مفلح، شمس الدين
المجلد الأول
المجلد الأول مقدمة ... مقدمة صاحب الفروع مع التصحيح بسم الله الرحمن الرحيم 1رب يسر وأعن1 قال الشيخ الإمام العالم العلامة، 2شيخ الإسلام2، 3مفتي المسلمين، آخر المجتهدين3، أبو عبد الله، محمد بن مفلح المقدسي، الحنبلي، رضي الله عنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQبسم الله الرحمن الرحيم 4وبه نستعين وصلى الله على سيدنا حمد وخاتم النبيين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا4. قال الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان المقدسي5 الحنبلي:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَفَضِّلِ عَلَى خَلْقِهِ بِكَثْرَةِ الْأَفْضَالِ وَالنِّعَمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمُنْفَرِدِ بِالْبَقَاءِ وَالْقِدَمِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَاحِبُ اللِّوَاءِ وَالْعَطَاءِ الْخِضَمِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ أولي الفضائل والحكم، وسلم تسليما كثيرا1. ـــــــــــــــــــــــــــــQالحمد لله على ما من وأنعم وجاد وتفضل وتكرم والصلاة والسلام على أفضل الخلق على الله وأكرم وعلى آله وأصحابه وأولي العزمات العلية والهمم. وأما بعد: فإن كتاب الفروع - تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة أبي عبد الله محمد بن مفلح أجزل الله له الثواب وضاعف له الأجر يوم الحساب - من أعظم ما صنف في فقه الإمام الرباني أبي عبد الله أحمد بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني - قدس الله روحه ونور ضريحه - نفعا وأكثرها جمعا وأتمها تجريرا وأحسنها تحبيرا وأكملها تحقيقا وأقربها إلى الصواب طريقا وأعدلها تصحيحا وأقومها ترجيحا وأغزرها علما وأوسطها حجما قد اجتهد في تحريره وتصحيحه وشمر عن ساعد2 جده في تهذيبه وتنقيحه فحرر نقوله وهذب أصوله وصحح فيه المذهب ووقع فيه على حصنا وعدة ومرجع الأصحاب في هذه الأيام إليه وتعويلهم في التصحيح والتحرير3 وعليه لأنه اطلع على كتب كثيرة ومسائل غزيرة مع تحرير وتحقيق وإمعان نظر وتدقيق فجزاه الله أحسن الجزاء وأثابه جزيل النعماء.
أَمَّا بَعْدُ: فَهَذَا كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اجتهدت في اختصاره وتحريره، ليكون نافعا ـــــــــــــــــــــــــــــQوقد التزم فيه أن يقدم - غالبا - المذهب وإن اختلف الترجيح أطلق الخلاف والذي يظهر أن غير الغالب مما لم يطلق الخلاف فيه قد بين المذهب فيه أيضا فيقول بعد ما يقدم غيره: والمذهب أو: والمشهور أو: الأشهر أو: والأصح أو: والصحيح كذا وهو في كتابه كثير. وقد تتبعنا كتابه فوجدنا ما قاله صحيحا وما التزمه صريحا إلا أنه رحمه الله تعالى عثر له على بعض مسائل قدم فيه حكما نوقش على كونه المذهب وكذلك عثر له على تعض مسائل أطلق فيها الخلاف - لا سيما في النصف الثاني - والمذهب فيها مشهور كما ستراه إن شاء الله تعالى وما ذاك إلا أنه رحمه الله تعالى لم يبيضه كله ولم يقرأ عليه فحصل بسبب ذلك تعض خلل في بعض مسائله. وقد حرر فيه شيخنا البعلي1 والقاضي محب الدين بن نصر الله البغدادي2 - تغمدهما الله برحمته - جملة من مسائله في حواشيهما عليه وحررت بعض مسائله في هذا التصحيح كما ستراه3 إن شاء الله تعالى. ولقد أجاد الشيخ العلامة أو الفرج عبد الرحمن بن رجب4 رحمه الله تعالى في قواعده حيث قال: والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ولو لم يكن
وَكَافِيًا لِلطَّالِبِ، وَجَرَّدْته عَنْ دَلِيلِهِ وَتَعْلِيلِهِ: غَالِبًا، لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ وَفَهْمُهُ عَلَى الرَّاغِبِ، وَأُقَدِّمُ غَالِبًا الرَّاجِحَ فِي الْمَذْهَبِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ، "وَعَلَى الْأَصَحِّ" أَيْ أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَ "فِي الْأَصَحِّ" أَيْ أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِذَا قُلْت: وَعَنْهُ كَذَا، أَوْ وَقِيلَ1: كَذَا فَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ. وَإِذَا قُلْت: وَيُتَوَجَّهُ، أَوْ2 يُقَوَّى، أَوْ عَنْ قَوْلٍ، أَوْ رِوَايَةٍ: وَهُوَ، أَوْ3 هِيَ أَظْهَرُ، أَوْ أَشْهَرُ، أَوْ مُتَّجَهٌ، أَوْ غَرِيبٌ، أَوْ بَعْدَ حُكْمِ مَسْأَلَةِ: فَدَلَّ، أَوْ هَذَا يَدُلُّ، أَوْ ظَاهِرُهُ، أَوْ يُؤَيِّدُهُ، أَوْ الْمُرَادُ كَذَا، فَهُوَ مِنْ عِنْدِي. وَإِذَا قُلْت: الْمَنْصُوصُ، أَوْ الْأَصَحُّ، أَوْ الْأَشْهَرُ، أَوْ الْمَذْهَبُ كَذَا، فَثَمَّ قَوْلٌ. وَأُشِيرُ إلَى ذِكْرِ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ، فَعَلَامَةُ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ "ع" وَمَا وَافَقَنَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ "رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى" أَوْ كَانَ الأصح في مذهبهم "و" وخلافهم "خ" ـــــــــــــــــــــــــــــQمن ترجمته إلا ما حكي عن العلامة ابن القيم4 أنه قال: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من الشيخ محمد بن مفلح5 لكان فيه كفاية وناهيك بهذا الكلام من هذا الإمام في حقه وأنا أقول: إذا أردت أن تفهم قدر هذا الكتاب وقدر مصنفه فانظر إلى مسألة من المسائل التي فيه وما فيها من النقول والتحرير وانظر فيها في غيره من
وَعَلَامَةُ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ "هـ" وَمَالِكٍ "م" فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ فَبَعْدَ عَلَامَتِهِ "ر" وَلِلشَّافِعِيِّ "ش" وَلِقَوْلَيْهِ "ق" وَعَلَامَةُ وِفَاقِ أَحَدِهِمْ ذلك، وقبله "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQالكتب تجد ما يحصل لك به الفرق الجلي والواضح. وقد أحببت أن 1أتتبع ما أطلق فيه1 الخلاف من المسائل وأمشي عليه وأنقل ما تيسر من كلام الأصحاب في كل مسألة منها وأحرر الصحيح2 من المذهب من ذلك إن شاء الله تعالى وهي تزيد على ألفين ومئتين وعشرين مسألة على ما بيانه في كل باب وجمعها آخر الكتاب. وربما نبهت على بعض مسائل فيها بعض خلل إما في العبارة أو الحكم أو التقديم أو الإطلاق ولكن على سبيل التبعية وهي تزيد على ست مئة وثلاثين تنبيها. فإن هذا الكتاب جدير بالاعتناء به والاهتمام لأنه قد حوى غلب مسائل المذهب وأصوله ونصوص الإمام أحمد فإذا انضم هذا التصحيح إلى ما حرره وقدمه وصححه حصل بذلك تحرير المذهب وتصحيحه إن شاء الله تعالى. وهو مسلك وعر وطريق صعب عسر لم يتقدمنا أحد إليه ولا سلكه لنتبعه ونعتمد عليه ولكن أعاننا على ذلك توفيق الله تعالى لنا على إكمال كتابنا المسمى بـ "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" وتصحيحه فإن غالب المسائل التي في المذهب مما أطلق الأصحاب فيها الخلاف أو بعضهم تتبعتها فيه وصححت ما يسر الله تعالى علينا تصحيحه فجاء بحمد الله تعالى وافيا بالمراد في معناه فبذلك هان علينا ما قصدنا فعله في هذا الكتاب وما أردناه ولكن فيه بعض مسائل لم تذكر في كتابنا وفي كتابنا مسائل مصححة لم تذكر فيه. فإذا وجدت نقلا في مسألة من هذه المسائل التي أطلق فيها الخلاف ذكرت من اختار كل قول ومن قدم وصحح وضعف وأطلق وأبين الراجح من ذلك بقولي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوهو الصحيح وربما اخترت مع قولي ذلك غيره فإن لم أجد في المسألة نقلا – وما ذاك إلا لعدم الكتب التي اطلع عليها المصنف ولم نطلع عليها- فإني أذكر المسألة بلفظ المصنف وأدعها على حالها لعل من رآها ووجد فيها نقلا أضافه إليها وقد قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] وربما ظهر لي ترجيح أحد القولين أو الأقوال فأنبه على ذلك بقولي: قلت الصحيح أو: الصواب كذا وربما كان في المسألة المطلقة بعض أقوال أو طرق لم يذكرها المصنف فأذكرها. وقد أذكر مسألة من كلام المصنف مصححة أو مجزوما بها, توطئة لما بعدها لتعلقها بها لتفهم المسألة الآتية بعدها التي أطلق فيها الخلاف وهو كثير. واعلم أن للمصنف في كتابه في إطلاق الخلاف مصطلحات كثيرة أحببت أن أتتبع غالبها وأجمعها هنا ليعرف مصطلحه فإنه تارة يقول مثلا: الحكم كذا في إحدى الروايتين أو الروايات أو الوجهين أو الأوجه أو الاحتمالين أو الاحتمالات والخلاف بهذه الصيغة مطلق وقد قيل في مثلها في كتاب المقنع1 إنه تقدم ونقل عن الشيخ2 أنه قال ذلك وهو مصطلح جماعة من الأصحاب. أو يقول: وهل يفعل؟ ثالثها: الفرق كما ذكره في باب الهبة "7/418" وهذه العبارة في غاية الاختصار أو يقول: في كذا روايات: الثالثة. كذا كما ذكره في باب الاستطابة "125" وغيره. وتارة يقول: هل يكون كذا أم لا؟ فيه وجهان كذا قيل كما ذكره في باب ما يفسد الصوم "5/24". وتارة يطلقه بقوله: ولأصحابنا في كذا وجهان كما ذكره في باب محظورات
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالإحرام "5/515" أو يقول: وللأصحاب وجهان: هل الحكم كذا أو كذا؟ كما ذكره في باب زكاة السائمة "4/5" أو يقول: فال الأصحاب: وكذا الوجهان في كذا كما ذكره1 في باب النية "2/140" أو يقول: وفيه وجهان للأصحاب كما ذكره في باب الأطعمة "10/349" فتحتمل عبارته في هذه المسائل أن يكون الخلاف مطلقا عنده وهو الأظهر لأنه في الغالب لا يحيل ذلك إلا على ما فيه الخلاف مطلق ويحتمل أن يكون ذكر ذلك على سبيل الحكاية وعلى كلا الاحتمالين لا يد من تصحيح المسألة. وتارة يقول: وفي نحو كذا وجهان كما ذكره في باب الإقرار بالمجمل في موضعين "11/448 و11/452" كقوله: وفي نحو كلاب وجهان فدخلت الكلاب في الخلاف الذي أطلقه بطريق أولى وهذه العبارة في كلامه كثير وفي غير الخلاف المطلق أيضا. وتارة يقول مثلا: هل يكون كذا أو لا؟ فيه روايتان أو وجهان ثم يقول: وعنه: كذا أو: وقيل: كذا والذي يظهر أن القول الثالث أضعف من القولين المطلقين عنده أولا لا أنه من جملة الخلاف المطلق بخلاف قوله: فيه روايات أو: أوجه والله أعلم. وتارة يطلق الخلاف بقوله: فعنه: كذا وعنه: كذا وتقع منه هذه الصيغة ثم يقول بعدها والمذهب أو: والمشهور أو: و2الأشهر أو: والأصح: كذا ونحوه وهو كثير في كلامه فيكون هنا قد بين المذهب ولكن ذكره للخلاف بهذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالصيغة يقتضي قوته من الجانبين وإن كان المذهب أو المشهور أحدهما. وقد تكون الروايات ثلاثا والثالثة المذهب وهي الفرق كما ذكره في باب الموصي له "7/456" فربما تعرضنا للتصحيح من الروايتين اللتين هما غير المذهب لتعادلهما عنده. وتارة يذكر الخلاف بهذه الصيغة فيقول: فعنه كذا اختاره الأصحاب وعنه: كذا أو: هل يكون الحكم كذا كما اختاره الأصحاب أو لا؟ فيه روايتان ونحوه ذلك على ما يأتي التنبيه عليه في السؤالات الآتية على قوله: "فإن اختلف الترجيح أطلقت الخلاف" آخر هذه المقدمة وهذا أيضا يدل على قوة القول الثاني ومساواته لما قاله الأصحاب عند المصنف. وربما عدد مسائل وأطلق فيها الخلاف ويكون الراجح1 في بعضها غير المصحح2 في البعض الآخر كما سبراه إن شاء الله تعالى. وتارة يطلقه بقوله: فنصه: كذا وعنه: أو: كذا فيكون مقابل المنصوص: إما رواية غير منصوص هو المذهب كما يأتي بيانه. وتارة يقول: وفي كذا: وجهان ونصه: كذا كما ذكره في باب الهبة "7/424" وشروط من تقبل شهادته "11/364" وغيرهما وهو كثير. وتارة يطلقه بقوله: فقيل: كذا وقيل: كذا أو: قيل وقيل وهو كثير في كلامه. وتارة يطلقه بقوله: الحكم: كذا في رواية وفي رواية: الحكم: كذا أو: وعنه: الحكم: كذا كما ذكره في باب زكاة الزرع والثمر وغيره "4/83". وتارة يقول: وفي رواية يفعل كذا ونقل الأكثر كذا كما ذكره في أول باب حد الزنا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"10/49" وفي هذه العبارة نوع خفاء على المصطلح المعروف والظاهر أن الخلاف مطلق وأن الواو الأولى استئنافية ووقع مثل ذلك في باب القرض "6/351" بصيغة: وقيل وقيل وتكلمنا عليها هناك ووقع له في أول باب السواك أيضا ص "145" بصيغة: وعنه وعنه. وتارة يطلقه بقوله: فقال فلان: كذا وقال فلان: كذا وهو كثير وتارة بقوله مثلا ويجوز عند فلان ولا يجوز عند فلان أو: فعند فلان كذا وعند فلان كذا أو: الحكم كذا في اختيار فلان وقال فلان: كذا كما ذكره في باب زكاة الزرع والثمر وغيره "4/72 - 73" أو يقول: هل الحكم كذا كما اختاره فلان أو لا؟ كما اختاره فلان فيه وجهان كما ذكره في الباب المذكور. وتارة يذكر حكما1 ثم يقول: كذا في الكتاب الفلاني ثم يقول: وقيل: كذا وهو أظهر كما ذكره في باب ميراث الحمل "8/41" وتارة يطلقه بقوله: فقال في الكتاب الفلاني كذا وقيل كذا كما ذكره في باب2 الشهادة على الشهادة "11/390". وتارة يطلقه بفوله: في الكتاب الفلاني كذا وقال في الكتاب الفلاني: كذا وهو كثير في كلامه. وقد يذكر مسألة متفقا على حكمه أصلها ولكن اختلف في بعض شروطها فيطلق الخلاف في ذلك فيقول بعد ذكرها: قيل كذا وقيل: كذا أو: في كلام بعضهم كذا وفي كلام بعضهم كذا أو: قال جماعة: كذا ولم يذكره آخرون أو: قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQجماعة كذا وقال آخرون كذا أو: قال فلان: كذا وقال فلان: كذا ونحوه كما ذكره في كتاب الطهارة "ص 54 – 55" والآنية "ص 613" والجمعة "3/161" والاستثناء في الطلاق "9/80" والقسمة "11/241" وشروط من تقبل شهادته "11/335" وغيرهما وهو كثير في كلامه. وتارة يقول: لا يفعل كذا لكذا أو لكذا فيردد النظر في العلة كما ذكره في باب أحكام الذمة "10/349" وتارة يقدم حكما ثم يذكر رواية ثم يقول: بناه فلان على كذا وبناه فلان على كذا كما ذكره في باب أواخر باب/ السلم "6/342" فأطلق الخلاف في البناء. وتارة يقول: وفي كذا منع وتسليم كما ذكره في باب الوكالة "7/47" والظهار "9/194" وقسمة الغنيمة "10/ 294" وغيرها فينبغي تحريره وتصحيحه فإنه في حكم الخلاف المطلق. وتارة يطلق الخلاف ثم يقول: مأخذهما كذا كما ذكره في باب اللقيط "7/327" فيحرر المأخذ أو يقول: أصلهما كذا كما ذكره في باب القسامة "10/21" فيحرر الأصل. وتارة يقول: فإن فعل كذا توجه كذا في قياس قولهم ويتوجه احتمال ككذا كما ذكره في باب صفة الحج والعمرة "6/38" فينبغي أن يحرر قياس قولهم. وتارة يطلقه بقوله: هل الحكم كذا أم لا؟ فيه خلاف كما ذكره في باب الموصي به "7/455" أو فيه خلاف في الكتاب الفلاني كما ذكره في باب نكاح الكفار "8/304" وغيره أو يقول: في الكتاب الفلاني الصحة وعدمها كما ذكره في باب العيوب في النكاح "8/291" وتارة يطلقه بقوله: واختلف كلام الأصحاب في كذا أو: واختلفت الرواية في كذا كما ذكره في باب سبر العورة "2/61" وغيره. وتارة يذكر صورة مسألة ثم يقول: فقد يقال فيها: كذا وقد يقال فيها: كذا كما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQذكره في باب "7/15" فالخلاف فيها مطلق والظاهر: أن ذلك من عنده وتارة يقول في حكم مسألة: ظاهر كلامهم مختلف في كذا وكذا كما ذكره في باب حد الزنى "10/59" وكتاب القضاء "11/958" أو يقول: يفعل كذا في ظاهر الكتاب الفلاني 1وفي الكتاب الفلاني1 وغيره: يفعل كذا كما ذكره في باب الدعاوي "11/262". أو يقول: وكلامهم في كذا يحتمل وجهين كما ذكره في باب ما يستحب وما يكره في الصلاة "2/259" في موضعين "2/288" وغيره وليس للأصحاب في هذا ترجيح. وتارة يطلقه على بعض الأقوال الضعيفة فيكون الخلاف مفرعا عليه فنصحح ذلك إن تيسر وتارة يطلقه بقوله: هل الحكم كذا أو2لا؟ يحتمل وجهين وهذا يحتمل أن يكون من عنده ويحتمل أن يكون تابع غيره وهو أولى وهو في كلام الأصحاب كثير. وتارة يقول: فلو فعل كذا فقد توقف أحمد فيحتمل وجهين كما ذكره في باب صريح الطلاق وكنايته "9/43" وغيره وقد يصرح بعد ذلك بأصحاب الوجهين كما ذكره في باب شروط3 من تقبل شهادته "11/356" وغيره وسيأتي في الكلام على الخلاف المطلق الذي في الخطبة فيما إذا توقف الإمام أحمد في مسألة أنها تلحق بما يشابهها هَلْ هُوَ بِالْأَخَفِّ أَوْ الْأَثْقَلِ أَوْ التَّخْيِيرِ؟ ويأتي تصحيح ذلك وتوقفه الأول أعم من هذه. وتارة يذكر مسألة فيها خلاف ويعطف عليها أخرى فيها الخلاف مطلق فيحتمل أن يكون الخلاف المطلق عائدا إلى المسألتين ويحتمل أن يكون عائدا إلى الأخيرة كما ذكره في باب محظورات الإحرام "5/414 – 415". ويأتي ذلك هناك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوتارة يذكر مسائل1 فيها الخلاف مطلق1 ويدخل بينها مسألة فيها خلاف ضعيف فيذكر قولا فيها ويعطف بعده مسألة يحتمل أن تكون معطوفة على المسائل الأول2 التي فيها الخلاف المطلق ويحتمل أن تكون معطوفة على القول الضعيف المتحلل بين ذلك كما ذكره في باب الرهن "6/360" وغيره فنذكر المسألة ونصحح المذهب فيها. وربما كان محل الخلاف في بعض المسائل التي أطلق فيها الخلاف مشكلا محتملا لأشياء فننبه على ذلك كما ذكره في باب صلاة العيدين "3/208" وزكاة الزرع والثمر "4/101 – 102" وكتاب البيع "6/137" والرهن "6/371" والكتابة "8/156" وغيرها وربما أطلق الخلاف من عنده كما ذكره في باب الاستطابة "ص 127" والصلاة على الجنازة "3/352" والظهار "9/189" وغيرها وهو كثير قال في الاستطابة: وفي إرخاء ذيله يتوجه وجهان. وقد يطلق الخلاف ويختار أحدهما فيقول: وهو أظهر كما ذكره في باب محظورات الإحرام "5/487" وصفة الحج والعمرة "6/43" وغيرهما. وتارة يطلق الخلاف في مسألة ثم يقول بعدها: وهما في كذا كما ذكره في باب كتاب البيع "6/125" وباب الوكالة "7/77" والإقرار بالمجمل "11/450" وغيرها أو يقول: كما في كذا كما ذكره في باب نكاح الكفار "8/289" أو يقول: وعلى قياس قياسه كذا كما ذكره في باب الشفعة "7/278" أو يقول: والوجهان أو: الأوجه في كذا كما ذكره في باب النية "2/140" وقتال أهل البغي "10/175" ونفقة القريب "9/313" وغيرها أو: وفي كذا الوجهان كما ذكره في باب الإقرار بالمجمل "11/464" أو: الروايتان أو: الروايات في كذا كما ذكره في باب الإحرام
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"5/354" وغيره أو يقول: كالمسألة الفلانية كما ذكره في باب عشرة النساء "8/388 – 389" والظهار "9/180" والدعاوي "11/255" وغيرها. أو يقول: وكذا لو فعل كذا كما ذكره في باب النذر "11/71" وذكر المشهور به "11/375" أو يقول: ومثلها كذا أو الشيء الفلاني ككذا مما أطلق فيه الخلاف كما ذكره في باب الوكالة "7/35". أو يقول: ومثله كذا كما ذكره في باب الصيد "10/413" والنذر "11/83" أو يقول: والمسالة الفلانية حكم كذا وكذا كما وقع له في باب الاستطابة "ص 128" والوضوء "ص 169" وغيرهما أو يقول: وكذالك كذا أو يقول: فيها الخلاف الذي في المسألة الفلانية كما ذكره في باب نية الصوم "4/459" أو يقول: في كذا وكذا ما تقدم كما ذكره في باب الوكالة "7/68" ويكون قد أطلق الخلاف في المسألة المقيس عليها ويحتمل أن يكون ذكره لذلك كذلك1 مجرد إخبار 2لا أنه2 أطلق الخلاف ويقوى ذلك في بعض المسائل على ما يأتي والله أعلم. أو يقول: فيها الروايتان أو: الوجهان أو: فالروايتان أو: فالوجهان أو: فالخلاف أو: فيه الخلاف كما ذكره في باب الصداق "8/316" وغيره وهو كثير جدا في كلامه والذي يظهر أن حكم الثانية حكم الأولى من هذه المسائل الأخيرة في التقديم والإطلاق فلهذا لم أذكر المحالة3 على المصححة وربما ذكرتها وذكرت النقل فيها. وأما المحالة على المطلقه فلا بد من ذكرها إن شاء الله تعالى وربما كان قوله: فالروايتان أو: فالوجهان أو: فالخلاف عائدا إلى مسألة في غير ذلك الباب كما وقع له في باب الشروط في النكاح "8/273" والصداق "8/346" وغيرهما ويعرف ذلك من قواعد المذهب في المسألة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوتارة يقدم حكم مسألة ثم يحكي قولا ثم يقول عقبه: ككذا في أحد الوجهين كما وقع له في باب الحجر "7/16" والوديعة "7/214" وغيرهما فيكون قد أطلق الخلاف في الثانية وتارة يقدم حكما في مسألة ثم يقول: وقيل: فيها وجهان كمسألة كذا وكذا كما ذكره في باب الموصي إليه "7/497" فيكون أيضا الخلاف مطلقا في الثانية. وتارة يقول: الحكم كذا في رواية أو في وجه ويقتصر عليه وفي ذلك إشعار بأن المسكوت عنه هو المشهور وقد قال في الرعاية في النفقات: وإن كان الخادم لها: فنفقته على الزوج وكذا نفقة المؤجر والمعار في وجه انتهى. قال المصنف هناك: وقوله: في وجه يدل على الأشهر خلافه انتهى فلهذا لم أذكر المسألة في الغالب وربما ذكرتها. وتارة يقول: فإن فعل كذا فقيل: كذا ويقتصر عليه كما ذكره في باب صلاة الكسوف "3/183" وباب الصلاةعلى الميت "3/331" وباب الهدي والأضاحي "6/93" وباب أحكام أمهات الأولاد "8/167" وما في آخر باب الإمامة "3/32" وآخر الرجعة وباب أحكام الذمة "10/355" محتمل لهذا على ما يأتي بيانه في أبوابه. أو يقول: فقال فلان: كذا ويقتصر عليه كما ذكره في آخر باب حكم الركاز "4/183" وقد أجبت عن هذا هناك أو يقول: ففي الكتاب الفلاني كذا ويقتصر عليه كما ذكره في باب الطلاق في الماضي والمستقبل "9/88" ويأتي الجواب عن هذا في الأجوبة عن الإشكالات الآتية في آخر هذه المقدمة. وتارة يذكر حكم مسألة ثم يقول في مسألة بعدها: قيل: كذلك وقيل: لا يعني: هل حكمها حكم التي قبلها أم لا؟ أطلق فيه الخلاف وهو كثير في كلامه وتارة يطلق الخلاف في مسألة ثم يقول بعدها: وكذا قيل في كذا وقيل: لا كما ذكرهفي باب الوضوء "ص 169" وقي آخر باب حد الزنى "10/70".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوتارة يحكي الخلاف مطلقا عن شخص أو كتاب ويقتصر عليه وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلا ترجيح للأصحاب في ذلك وإتيان المصنف بهذه الصيغة يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ويحتمل أن يكون نقله على صفته وعلى كل حال لا يد من ذكر الصحيح من القولين إن تيسر إذ الخلاف فيه مطلق وأما إذا قدم المصنف حكما ثم ذكر بعده قولين مطلقين إما على شخص أو كتاب فإنا لا نعرج على ذلك إذ هو قدم المذهب وقد نتعرض لذلك لإزالة وهم والله أعلم. وتارة يحكي الخلاف مطلقا عن جماعة أو عن الأصحاب ولكن على سبيل الاستشهاد على حكم كما ذكره في كتاب الصيام "4/407" وكتاب الإقرار في ثلاثة1 مواضع "11/389 و401 و402" وغيرها وينبغي تتبع تلك المسائل وتحريرها. وللمصنف في كتابه مصطلحات في إطلاق الخلاف عير ما تقدم تأتي صفتها في هذا التصحيح إن شاء الله فلا حاجة إلى الإطالة بذكرها وفيما ذكرناه كفاية. واعلم أن المصنف أيضا تارة يطلق الخلاف في موضع ويقدم حكما في موضع آخر في تلك المسألة بعينها كما وقع له2 في كتاب المناسك ومحظورات الإحرام في3 أحكام العبد فيما إذا أفسد حجه بالوطء فقال فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ: وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ فِي رِقِّهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ ففي منعه من القضاء وجهان "5/211" وقال في محظورات الإحرام: وَإِنْ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ مَأْذُونًا فِيهِ قَضَى مَتَى قَدَرَ. نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ4 وَلَمْ يَمْلِكْ منعه منه وإلا ملك منعه, وقيل: لا لوجوه "5/455" انتهى فأطلق الخلاف هناك وقدم هنا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQووقع له قريب من ذلك في هذه المسائل بعينها في المكانين في صحة القضاء في رقه فإنه صحح في كتاب المناسك الصحة "5/211" وأطلق الخلاف في محظورات الإحرام "5/455" بقيل مع قوله: والصحة أشهر على ما يأتي هناك. ووقع له أيضا في الاعتكاف والوقف في البيع والشراء في المسجد فقال في أواخر الاعتكاف: ولا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ نص عليه يرواية حنبل وجزم في الفصول والمستوعب بأنه يكره "5/194" وقال في أواخر كتاب الوقف وفي صحة بيع فيه وتحريمه وعمل صنعة روايتان "7/398" فقدم هناك التحريم وأطلق الخلاف هنا. ووقع له أيضا في باب الآنية وباب سبر العورة في لبس جلد مختلف فيه فقال في باب الآنية وَفِي لُبْسِ جِلْدِ ثَعْلَبٍ وَافْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ روايتان "ص 116" وقال في آخر1 باب سبر العورة: ويكره لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته وقيل: لا. وعنه: يحرم "2/81" فقدم الكراهة وأطلق الخلاف في الآنية في لبس جلد الثعلب وافتراش جلد السبع وهي فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي سَتْرِ العورة ومن حملة صورها فيما يظهر. ووقع له أيضا في باب التيمم وصلاة الخوف وكتاب الصيام في فوت المطلوب فقال في التيمم: وفي فوت مطلوبه روايتان "ص 277" وكذا في الصيام "4/438" لكن على سبيل الاستشهاد وقال في صلاة الخوف: ولطالب عدو ويخاف فوته الصلاة كذلك يعني: كالصلاة في شدة الخوف وعنه: لا وكذا التيمم له "3/131" فأطلق الخلاف هناك فيهما وقدم هنا الجواز2.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQووقع له أيضا في قريب من ذلك في باب الحيض وما يفسد الصوم في الكفارة فقال في باب الحيض: وفي سقوطها بالعجز روايتان "ص 360" وقال في باب ما يفسد الصوم: ولا يسقط غير كفارة الوطء في الصوم بِالْعَجْزِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ. نص عليه وعنه: يسقط وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بالعجز ونحوه ذلك على الأصح "5/58 – 59" انتهى فأطلق الخلاف هناك وقدم هنا السقوط فيما يظهر. ووقع له أيضا في باب التيمم وكتاب الصيام في جواز التيمم في الخوف على نفسه فقال في التيمم: وهو بدل حضرا وسفرا لعادم الماء بحبس أو غيره وعنه: وفي غاز بفوبه الْمَاءُ يَخَافُ – إنْ ذَهَبَ – عَلَى نَفْسِهِ: لَا يتيمم ويؤخر "273 – 277" انتهى. وقال في كتاب الصيام: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ هُوَ فِي الْغَزْوِ وَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ إلَى جَنْبِهِ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فَوْتَ مَطْلُوبِهِ فَعَنْهُ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعَنْهُ: لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ "4/438" انتهى. فقدم هناك جواز التيمم وأطلق هنا. وقد يقال: إنما ذكر ذلك في كتاب الصيام عن جماعة في معرض الاستشهاد لمسألة ما إذا أحاط العدو ببلده والصوم يضعفهم لا أنه ابتداء مسألة فلذلك قال: وسبق في التيمم "4/438" لكن إتيانه بصيغة إطلاق الخلاف يقتضي القوة من الجانبين والله أعلم. ووقع له أيضا في باب الظهار في مسألة عتق المغصوب في موضعين فقال في موضع منهما: فإن أعتق مغصوبا لم يجزئه وفيه وجه "9/191" وقال بعد ذلك بقريب من عشرة أسطر: وفي مغصوب وجهان في الترغيب "9/194" انتهى. فقدم أولا عدم الإجزاء وأطلق ثانيا الخلاف في الإجزاء وهو عجيب منه من وجهين: أحدهما: كونه يقدم حكما ثم يطلق الخلاف مع قرب المحل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالثاني كونه في المحل الثاني لم ينسب الخلاف إلا إلى صاحب الترغيب مع إطلاق النقل قبل ذلك بيسير. ووقع له أيضا في باب الغصب وكتاب الديات في حفر بئر في السابلة فقال في باب الغصب: وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ ولا ضرر لم يضمن وعنه: بإذن حاكم وعنه: بلى "7/257" انتهى. وقال في كتاب الديات: وفي الترغيب إن رش الماء ليسكن الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر سابلة وفيه روايتان "9/417" فقدم هناك عدم الضمان وأطلق الخلاف هنا والذي يظهر أن إطلاق الخلاف من تتمة كلام صاحب الترغيب أو أنه مجرد حكاية خلاف فلا اعتراض عليه. ووقع له أيضا في باب الهبة وباب أحكام أمهات الأولاد في ثبوت الدين في ذمة الوالد لولده فقال في الهبة: وهل يثبت لولد في ذمة أبيه دَيْنٌ أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ فِيهِ وجهان ونصه: لا "7/424" انتهى. وقال في باب أحكام أمهات الأولاد: وإن وطء حر أو والد أمة لأهل غنيمة هو منهم فعليه المهر فَإِنْ أَحَبْلَهَا فَأُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ وَيَلْزَمُهُ قيمتها وَكَذَا الْأَبُ يُوَلِّدُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ هُنَا: لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ وهو ظاهر نصه1 "8/168" فحصل الاختلاف من وجهين ولكن النص اختلف فيه الأصحاب فالشيخ الوفق ومن تابعه تأوله وكثير من الأصحاب لم يتأوله فتابع الشيخ تارة وغيره أخرى أو يقال: ورد نص وظاهر وهو بعيد ويأتي بيان ذلك في موضعه. 2ووقع له أيضا في باب ذكر أصناف الزكاة وكتاب البيع في قبض مميز من2
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ هبة ونحوه فقال في آخر أصناف الزكاة: ويقبل ويقبض لصغير من زكاة وهبة وكفارة وليه ثم قال: ومميز كغيره وجزم في المغني بصحة قبوله بلا إذن وكذا قبضه "4/373 - 374" وقال في كتاب البيع: وفي قبول صغير ومميز وسفيه وعبد هبة ووصية بلا إذن أوجه "6/126" فأطلق هنا وقدم هناك1. ووقع له أيضا في باب الكتابة وكتاب الحدود في إجزاء إقامة الحد من المكاتب على رقيقه فقال في باب الكتابة عن المكاتب: وفي بيعه نساء وقوده من بعض رقيقه الجاني على بعض وحده وجهان "8/146" وقال في الحدود: ولسيد مكلف عالم به إقامة حد والأصح: حر "10/29" انتهى, فأطلق في الإجزاء هناك وصحح هنا عدم الإجزاء منه. ووقع له في باب النية والإمامة في بطلان صلاة الإمام الأمي إذا صلى خلفه قارئ فقال في الإمامة: وإن بطلت صلاة قارئ خلف أمي ففي إمام وجهان "3/31", وقال في النية: وإن اعتقد كل منهما أنه إمام الآخر أو مأمومه لم يصح. نص عليه وكذا إن نوى إمامة من لا يصح أن يؤمه كامرأة تؤم رجلا لا تصح صلاة الإمام في الأشهر وكذا أمي قارئا "2/148" انتهى. فقوله: وكذا أمي قارئا هة مسألة التي قي الإمامة فيما يظهر وقد أطلق الخلاف فيها هناك وجعل هنا الأشهر البطلان والله أعلم. ووقع له أيضا ما يشابه ذلك في كتاب الديات وكتاب الحدود في ضمان السفينة إذا ألقي فيها شيء فغرقها فقال في كتاب الحدود: وإن زاد سوطا فديته كضربه بسوط لا يحتمله وإلقاء حجر في سفينة مثله لا يغرقها اتفاقا ذكره ابن عقيل وفي واضحه إن وضع في سفينة كرا2 فلم تغرق ثم وضع قفزا فغرقت فغرقها بهما في أقوى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالوجهين والثاني: بالفقز قال: ويحسن أن يقال: أغرق السفينة هذا القفز وجزم أيضا أن القفيز المغرق لها "10/36 - 37" انتهى. وقال في كتاب الديات: وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بِحِصَّتِهِ؟ يَحْتَمِلُ أوجها "9/423" انتهى فأطلق الخلاف هنا والحكم في التي قبلها غير مطلق الخلاف فيه أنه تابع في كلامه نظر من وجهين: أحدهما: هذا والثاني أنه تابع ابن حمدان1 في رعايته فنقل كلامه بحروفه والأوجه التي ذكرها ابن حمدان إنما هي من عنده لم يسبق إليها بل هي خرجها فأوهم كلام المصنف أن الأوجه للأصحاب مع أن المصنف قد نقل كلام ابن عقيل وغيره في الحدود إلا أن تكون المسألتان متغايرتين2 وهو بعيد وقد التزم المصنف أنه لا يطلق3 إلا إذا اختلف الترجيح فأين اختلاف4 الأصحاب في هذا؟ والله أعلم. 5ووقع له أيضا ماشابه ذلك في باب القسامة والدعاوى فيما إذا ادعى عليه ما يوجب قصاصا فقال في باب القسامة: وَمَتَى فُقِدَ اللَّوَثُ6 حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وعنه: خمسين وَعَنْهُ: لَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ "10/18" وقال5
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ في باب الدعاوى ويستحلف في كل حق آدمي في رواية واستثنى الخرقي2 القود والنكاح واستثنى أبو بكر النكاح والطلاق واستثنى أبو الخطاب3 ذلك وأشياء عددها وقال القاضي: في طلاق وقود وقذف روايتان والبقية لا يستحلف فيها. وقدم في المحرر كأبي الخطاب وزاد: الإيلاء وفي الجامع الصغير ما لا يجوز بدله - وهو ما ثبت بشاهدين - لا يستحلف فيه وعنه: يستحلف فيما يقضى فيه بالنكول فقط "11/273" انتهى فقدم في القسامة أن يحلق في دعوى القود أو لا يحلق وهو أشهر وأطلق في باب الدعاوى1. ووقع له أيضا في باب زكاة السائمة في وجوب الزكاة فيما غذي باللبن فقال في أول الباب تجب في الإبل والبقر والغنم للدر والنسل وأطلق بعضهم فيما إذا كان نتاج النصاب رضيعا غير سائم4 وجهين ويعضهم احتمالين وسيأتي "4/5" انتهى. وقال في أثناء الباب فإن تغذت باللبن فقيل تجب لوجوبها تبعا للأمات كما تتبعها في الحول وقيل لا لعدم السوم المعتبر "4/32" انتهى. فقدم أول وأطلق ثانيا. ووقع له أيضا قريب5 من ذلك في باب الحجر والخلع في تعلق دين الرقيق غير المأذوم له فقال في الحجر: ويتعلق دين غير المأذوم له برقبته نقله الجماعة وعنه: بذمته "7/20" وقال في الخلع: وخلع الأمة كاستدانتها يصج بإذن سيد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوقيل دونه فعنه: بِرَقَبَتِهَا. وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ تَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا "8/419" فقدم هناك بأنه يتعلق برقبته وأطلق الخلاف هنا والمسألة هنا من جملة الدين فيما يظهر. ووقع له أيضا قريب1 من ذلك في باب الرهن والضمان فيما إذا قضى دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كفيل فقال في ابرهن: يكون عما نواه فإن أطلق فإلى أيهما شاء وقيل: بالحصص "6/381" انتهى. وقال في الضمان: ومن عليهما مئة فيضمن كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا نِيَّةَ فَقِيلَ: إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْأَصْلِ أَوْ الضَّمَانِ وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا نصفان "6/409" انتهى. فقدم في الأولى أن له صرفه مع الإطلاق إلى أيهما شاء وأطلق هنا الخلاف وهي فرد من أفراد المسألة التي في الرهن فيما يظهر. ووقع له أيضا قريب1 من ذلك في باب الخيار لاخلاف المتبايعين وكتاب الإقرار فيما إذا قال: لم أكن بالغا حال التصرف فقال في الإقرار: وإن قال: لم أكن بالغا فوجهان "11/402" وقال في الخيار: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فعنه: التحالف وعنه: قول منكره كمفسده للعقد. نَصَّ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى عَبْدٍ عُدِمَ الْإِذْنُ ودعوى الصغير وفيه وجه "6/270 - 271" انتهى. فأطلق الخلاف في الإقرار وقدم في الخيار عدم القبول قوله وقال: نص عليه ولا فرق بين الإقرار وغيره في دعوى الصبي ذلك صرح به الإئمة منهم: الشيخ تقي الدين2 وابن رجب وغيرهما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوما في الوكالة فيما إذا حصلت زيادة في مدة الخيار محتمل لهذا على ما يأتي بيانه هناك. وكذا ما في كتاب الطهارة وباب الوقف: فيما إذا سبل ماء للشرب على ما يأتي في كتاب الطهارة "ص 62". وكذا ما في كتاب النكاح في الخصائص "ص 8/198" وباب القذف في تحريم نكاح من فارقها عليه أفضل الصلاة والسلام قبل الدخول على أمته على ما يأتي في القذف "10/90". فهذه ثمان1 عشرة مسألة أو أقل قد من الله الفتاح بالاطلاع عليها ويأتي الاعتذار عن ذلك في التنبيه الثاني قريبا "ص 38" وقد أجبت عن بعض ذلك في موضعه بما يقتضي التغاير والله أعلم. وتارة يطلق المصنف الخلاف في مسألة في موضع ثم يطلق فيها بعينها في موضع آخر فتارة ينبه على ذلك بقوله: قد سبق كما ذكره في باب المسح على الخفين "ص 208" والصلاة "2/23" والحج "5/208" والتيمم "ص 292" والصيام "4/428" وغيرها على ما يأتي التنبيه عليه وتارة لا ينبه عليه كما وقع له في باب صلاة الجماعة في مراعاة أول الوقت أو كيرة الجمع "2/415" وكما وقع له في حكم الركاز "4/176" وآخر باب زكاة الفطر "4/240" وأواخر باب أصناف الزكاة "4/378" في مسألة جواز دفع الزكاة إلى من أخذت منه فوقع له التكرار في هذه المسألة في ثلاثة2 أماكن كما يأتي ذلك مبينا في مواضعه "4/172 و4/235 و 176 و240 و378" وكما وقع لع في آخر باب السلم "6/343" وباب التصرف في المبيع وبلفه "6/273" في مسألة ما إذا قبضه جزافا هل له أن يتصرف في قدر حقه أو لا؟ على ما يأتي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوكما وقع له في أوائل كتاب الزكاة "3/422" وباب ميراث الحمل "8/40" في مسألة وجوب الزكاة في مال الحمل على ما يأتي ذلك في البابين. وكما وقع له في باب الوكالة وباب أوكان النكاح في مسألة الوكيل في قبول النكاح إذا كان فاسقا على ما يأتي "7/31 و 8/225". وكما وقع له في كتاب البيع "6/177" والصداق "8/324" فيما إذا أسرا الثمن, ثم عقداه على أكثر منه. وكما وقع له في باب ذكر أصناف الزكاة "4/334" وباب الولاء في عقل السيد عمن أعتقه في واجب "8/78" إذا قلنا: لا ولاء له عليه. وكما وقع له في باب الوضوء "ص 180" وباب محظورات الإحرام "5/413" في الصدغ1 والتحذيف2 هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ3 الْوَجْهِ وكما وقع له في باب بيع الأصول والثمار "6/200 – 2001" وباب المساقاة في بيع الثمر الذي لم يبد صلاحه لمالك الأصل من غير شرط القطع "7/122". ووقع له قريب4 من ذلك في باب جامع الأيمان "11/23 و11/61 – 62" فيما نقلا هل يصح صرفها في عام واحد أم لا؟ وذكر شيئا من ذلك في باب حكم قضاء الصوم "5/73 – 74" ولم يطلع المصنف على النقل كاملا في المسألة على ما يأتي ذلك مبينا في باب الموصي به "7/470".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوكما وقع له في كتاب البيع "6/137" وباب الإجارة في إجارة المصحف "7/143" وما في الوكالة "7/37" فيما إذا تعدى الوكيل باللبس أو بالاستعمال محتمل لذلك على ما يأتي هناك. وكذا ما في الضمان في المسألة الثانية والأخيرة "6/393 – 394 و 6/410" في ضامن الضامن محتمل لذلك. وكذا ما في الرهن "6/379" والوكالة في بيع العدل أو المرتهن والوكيل البدل محتمل لذلك على ما يأتي بيانه في أبوابه فهذه اثنتا عشرة مسألة أو أكثر حصل فيها التكرار من غير تنبيه منه عليها والظاهر: أنه ما ذكر حال التكرار فإن من شأن الاختصار. بل ربما يقع من المصنف أنه يقدم حكما في مسألة في مكان ثم يقدم غيره في موضع آخر في تلك المسألة بعينها وهذا عجيب منه كما ذكره في باب الوكالة, وأركان النكاح في توكيل الولي فقالفي باب الوكالة "7/44" وَلَهُ التَّوْكِيلُ إنْ جَعَلَهُ لَهُ وَعَنْهُ: مُطْلَقًا ثم قال: وكذا حاكم ووصي ومضارب وولي في نكاح في غير مجبر وقيل: يجوز فظاهر مَا قَدَّمَهُ: أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يوكل إلا بإذن وقال فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ "8/223 – 224" وَوَكِيلُهُ كَهُوَ وَقِيلَ: لَا يوكل غير مجبر بلا إذن إلا حاكم. انتهى. فقدم هنا أَنَّ لَهُ الْوَكَالَةَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ من غير إذن وهذا الصحيح من المذهب على ما يأتي بيانه. وكما وقع له في الاعتكاف والكتابة في حج المكاتب فقال فِي الِاعْتِكَافِ "5/136" وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ ينفق عليه مما جمعه ما لم يحل نجم1 وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ1 وَصَرَّحَ به بعضهم وعنه: المنع مطلقا انتهى. وقال في الكتابة "8/144" ويكفربإذن سَيِّدِهِ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ وَعَنْهُ: عَكْسُهُ وَكَذَا حَجُّهُ بماله ما لم يحل نجم وعنه: مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَقَالُوا: نَصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعليه انتهى فقدم في الاعتكاف الجواز من غير إذن 1وظاهر ما قدمه في الكتابة: عدم الجواز من غير إذن1 وقيده في الكتابة بعدم حلول نجم 1إذا كان بإذن1 وظاهر ما قدمه في الاعتكاف: عدم التقييد إذا كان بغير إذنه وإن كان بإذن فقدم عدم التقييد قال: ولعل المراد: ما لم يحل نجم. ووقع له ذلك في باب نفقة القريب "9/313 – 314" في نفقة ذوي الأرحام من عمودي نسبه فناقض كلامه في مكانين قريب بعضهما من بعض على ما يأتي هناك فليراجع. وقد وقع للمصنف أنه جزم بحكم في مسألة في مكان ثم حكى فيها خلافا في مكان آخر واطلقه كما وقع له في باب الوكالة وأركان النكاح أيضا في اشتراط تسمية الوكيل للموكل في عقد النكاح فقال في باب الوكالة: وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكِّلٍ ذكره في الانتصار والمنتخب والمغني انتهى "7/51" واقتصر عليه. وقال في أركان النكاح: ويقول لوكيل الزوج: زوجتك بنتي أو موليتي فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول: منك فيقول: قبلت تزويجها أو نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ: لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ في الترغيب انتهى "8/223 – 224". ووقع له قريب من ذلك في باب نية الصوم وباب الظهار في تعيين نية الكفارة فقال في باب نية الصوم: وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي كُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ وهو أن يعتقد أن يصوم من رمضان أو نذره أو كفارته. نص عليه وعنه: لا يجب تعيين النية لرمضان "4/453". "9/196 – 197" والظاهر: أن هذه المسألة من جملة المسألة التي في الصوم. ووقع له أيضا ما يشابه ذلك في الإجارة وكتاب الحدود فيما إذا زاد سوطا في الحد فقال في الإجارة فيما إذا جاوز المكان أو زاد على ما اتفقا على حمله: ويلزمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقيمة الدابة إذا تلفت وقيل: نصفها كسوط في حد "7/171" وقال في الحدود: وإن زاد سوطا فديته وقيل: نصفها "10/36" فقدم وجوب الدية كاملة وظاهر ما قطع به في الإجارة أن عليه نصفها. ووقع له قريب من ذلك في الإجارة والعارية في إعارة العبد المسلم للذمي فقال في الإجارة: وتجوز إجارة مسلم لذمي في الذمة وفي مدة روايتانلا لخدمة على الأصح وكذا إعارته "7/150" وقال في العارية: وتجوز إعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ جَائِزٌ مُنْتَفِعٌ بِهِ مع بقاء عيبه إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمُحْرِمٍ وَفِي التبصير: وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ انْتَهَى "7/197" فَقَطَعَ أولا أن إعارته كإجارته وصحح أنه لا يجوز للخدمة وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعَارِيَّةِ: الْجَوَازُ وَمَا منع إلا صاحب التبصير ثم وجه من عنده أنه كإجارته مع قطعه أولا أنه كإجارة فحصل الخلل من وجهين فيما يظهر. ووقع له قريب من ذلك في باب التصرف في المبيع وكتاب الصداق فيما إذا تصرف في المبيع قبل قبضه فقال في باب التصرف في المبيع: ولا يتصرف في مكيل وموزون ومعدود ومذروع ولا بإجارة وجوز شيخنا التصرف فيه بغير بيع "6/278 - 279" وقال في كتاب الصداق ما معناه: ولو تزوجها على مبيع1 لم يقبضه صح في الأصح "8/313" فقدم أولا عدم صحة التصرف وصحح هنا صحة التصرف فيه بجعله مهرا وليس المراد في المهر غير المكيل والموزون والمعدود والمذروع لأنه قرنه بما هو أكثر غررا من ذلك وصحح جعله مهرا. 2ووقع له قريب من ذلك في باب التيمم في موضعين فقال في الأول: وإن دل عليه أو علمه فريبا لزمه قصده في الوقت "ص 280" وقال بعد ذلك: وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الوقت - إلى أن قال - أو دله ثقة فقيل: يتيمم2
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQويصلي وقيل: يحصله ولو خرج الوقت "ص 290 - 291" فقطع أولا وأطلق ثانيا فيما إذا دل عليه ولكن الأول من المفهوم والظاهر: أنهما مسألة واحدة وتأتي. وربما وقع منه أن يقطع في مسألة بحكم ثم يقتصر على ضده فيها بعينها في مكان آخر كما وقع في باب تبرع المريض في أول الفصل الأول منه فيما إذا وهب المريض لعير وارث فصار وارثا أو عكسه فقال: ومن وهب أو وصى لوارث فصار غير وارث عند الموت صحت وعكسه بعكسه اعبارا بالموت "7/447" وقال في كتاب الإقرار: وإن أقر لوارث فصار عند الموت أجنبيا أو عكسه اعتبر بحال الإقرار لا الموت على الأصح فيصح في الثانية دون الأولى "11/411" ثم قال: وكذا الحكم إن أعطاه وهو غير وارث ثم صار وارثا ذكره في الترغيب وغيره. انتهى. فقطع في الهبة أنه لا يصح اعتبارا بحال الموت وألحق العطية بالاقرار في كتاب الإقرار "11/411" وحكاه عن صاحب الترغيب واقتصر عليه والعطية هبة فصحح عطية هنا وأبطلها هناك1. واعلم أنه قد يكون الوجه المسكوت عنه من الوجهين المطلقين مقيد فأذكره وكذا الرواية. ومرادي بالشارح شيخ الإسلام: الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر2 وبالشرح شرحه وبالتصحيح تصحيحه الخلاف المطلق الذي في المقنع للشيخ شمس الدين النابلسي3 وبتصحيح المحرر تصحيح شيخنا القاضي عز الدين الكناني4.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهان الأول: اعلم أن مرجع معرفة الصحيح والترجيح في المذهب إلى أصحابه وقد حرر ذلك الأئمة المتأخرون فالاعتماد في معرفة الصحيح من المذهب على ما قالوه ومن أعظمهم الشيخ الموفق لا سيما في الكافي والمجد1 المسدد والشارح والشيخ تقي الدين والشيخ زين ابن رجب وصاحب الرعايتين خصوصا في الكبرى والخلاصة والنطم1 والحاويين والوجيز والمنور ومنتخب الأدمي وتذكرة ابن عبدوس والزركشي2 وأضرابهم فإنهم هذبوا كلام المتقدمين ومهدوا قواعد المذهب بيقين. فإن اختلفوا فالمرجع إلى ما قاله الشيخان: أعني: الموفق والمجد3 ثم ما وافق أحدهما الآخر في أحد اختياريه فإن اختلفا من غير مشارك لهما فالموفق ثم المجد وإلا ينظر فيمن شاركهما من الأصحاب لا سيما إن كان الشيخ تقي الدين أو ابن رجب وقد قال العلامة ابن رجب في طبقاته4 في ترجمة ابن المني5: وأهل زماننا ومن قبلهم إنما يرجعون في الفقه من جهة الشيوخ والكتب إلى الشيخين الموفق والمجد. انتهى. فإن لم يكن لهما ولا لأحدهما في ذلك تصحيح ووجد لغيرهما 6ممن ذكرته6 - ممن تقدم ذكره أو غيرهم – تصحيح أو تقديم أو اختيار ذكرته.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوهذا الذي قلته من حيث الجملة وفي الغالب وإلا فهذا لا يطرد البتة بل قد يكون المذهب ما قاله أحدهم في مسألة ويكون الصحيح من المذهب ما قاله الآخر أو غيره في أخرى وإن كان أدنى منه منزلة باعتبار النصوص وأدلة والعلل والمآخذ والاطلاع عليها والموافق من الأصحاب وربما كان الصحيح مخالفا لما قاله الشيخان وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم هذا ما ظهر لي من كلامهم ويؤيده كلام المصنف في إطلاق الخلاف ويظهر ذلك بالتأمل لمن تتبع كلامهم وعرفه. وقد قيل: إن المذهب فيما إذا اختلف الترجيح ما قاله الشيخ الموفق ثم المجد ثم صاحب الوجيز ثم صاحب الرعايتين ورأيت في تصحيح المحرر: لا يعدل بصاحب الوجيز أحد في الغالب وقال بعضهم: إذا اختلفا في المقنع والمحرر فالمذهب ما قاله في الكافي وكل هذه الأقوال ضعيفة على الإطلاق لا يلبفت إليها. وقد قال في آداب المفتي: إذا وجد من ليس أهلا للتخريج بالدليل اختلافا بين أئمة المذهب في الأصحمن القولين أو الوجهين فينبغي أن يرجع في الترجيح إلى صفاتهم الموجبة لزيادة الثقة بآرائهم فيعمل بقول الأكثر والأعلم والأورع فإن اختص أحدهما بصفة منها والآخر بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالصواب فالأعلم الأورع العالم وكذا إذا وجد قولين أو وجهين لم يبلغه عن أحد من أئمة مذهبه بيان الأصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما ويرجع إلى ما وافق منهما أئمة أكثر المذاهب المتبوعة أو أكثر العلماء انتهى. ونقله الشيخ تقي الدين في المسودة وأقره عليه. قلت: وفي تعض ما قاله نظر. وقد سئل الشيخ تقي الدين عن معرفة المذهب في مسائل الخلاف فيها مطلق في الكافي والمحرر والمقنع والرعاية والخلاصة والهداية وغيرها. قال: طالب العلم يمكنه معرفة ذلك من كتب أخرى مثل كتاب التعليق للقاضي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوالانتصار لأبي الخطاب وعمد الأدلة لابن عقيل وتعليق القاضي يعقوب1 وابن الزغوني2 وعير ذلك من الكتب الكبار التي يذكر فيها مسائل الخلاف ويذكر فيها الراجح وقد اختصرت هذه الكتب في كتب مختصرة مثل رؤوس المسائل للقاضي أبي يعلى وللشريف أبي جعفر3 ولأبي الخطاب وللقاضي أبي الحسين4. وقد نقل عن أبي البركات جدنا أنه كان يقول لمن يسأله عن ظاهر المذهب: أنه ما رجحه أبوالخطاب في رؤوس مسائله. قال: ومما يعرف منه ذلك المغني لأبي محمد وشرح الهداية لجدنا. ومن كان خبيرا بأصول أحمد ونصوصه عرف الراجح من مذهبه في عامة المسائل انتهى كلام الشيخ تقي الدين وهو موافق لما قلناه والله أعلم. وقد ذكرت المصنفات التي نقلت منها في كتاب الإنصاف5 وفيها بحمد الله كفاية. التنبيه الثاني: ظاهر قوله: فإن اختلف الترجيح أطلفت الخلاف أن اختلاف الترجيح يكون بين الأصحاب وهو المتبادر إلى الفهم ويشكل على ذلك أشياء: أحدهما: أنه يقول في كتابه في غير ما موضع: فعنه: يكون كذا اختياره الأصحاب وعنه: لا. كما ذكره في باب المسح على الخفين "ص 216" وباب الحجر "7/18" أو يقول: وهل يكون الحكم كذا؟ اختاره الأصحاب أو: كذا؟ فيه روايتان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQكما ذكره في باب ما يفسد الصوم "5/42 – 43" أو يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختارها فلان أو: كذا في رواية اختارها الأصحاب كما ذكره في باب ما يفسد الصوم أيضا "5/50" وعندي أنه يتعين عمل الأصحاب في مثل ذلك على غالبهم أو على من وقف على كلامه منهم بدليل قوله في بعض المواضع: لكن الحكم كذا في رواية اختارها فلان أو: كذا في رواية اختارها الأصحاب والله أعلم مع أن في كلام المصنف في هذه المسألة نظرا من ثلاثة أوجه يأتي بيانها في محلها وكذا الذي في باب الحجر "7/18". أو يقول: يكون الحكم كذا في رواية اختارها الأصحاب وكذا في رواية كما ذكره في باب محظورات الإحرام "5/414" وما أشبه ذلك فأين الاختلاف بين الأصحاب في الترجيح وهو قد قطع بأن الأصحاب قد اختاروا إحدى الروايتين؟ فيمكن الجواب بأن يقال: هذه الصيغ ليست من الخلاف المطلق وهو ضعيف 1وإنما يطلفه نظرا إلى اختلاف الترجيح من غالب الأصحاب ثم يذكر ما هو مشهور بين باختيار بعض المحققين أو بقوة دليله في نظر المؤلف ونحو ذلك1 والصواب أن يقال: بقرينة قوله: اختاره الأصحاب انتفى إطلاق الخلاف الذي اصطلح عليه ويكون المذهب ما قاله الأصحاب وإنما أتى بهذه الصيغة لتدل على قوة الرواية الأخرى عندهم حتى تقاوم ما اختاره الأصحاب كما تقدم التنبيه عليه, ويكون كقوله: فعنه: كذا والمذهب أو: الأشهر: كذا والله أعلم. الثاني: أنه يطلق الخلاف ثم يقول: والأشهر كذا أو: المشهور كذا ونحوه فدل أن ذلك أكثر ترجيحا وأشهر بين الأصحاب والجواب كما تقدم ويراد هنا بأن بعض الأصحاب قد اختار غير الأشهر فاختلف الترجيح ولكن بعضه أشهر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالثالث: أنه يقول: في بعض المسائل – بعد إطلاق الخلاف – والترجيح مختلف كما ذكره في باب زكاة الفطر "4/211" وباب الإحرام "5/364" وليس فيه غيرهما وهل هذا إلا تحصيل الحاصل؟ ويمكن الجواب بأنه قال ذلك تأكيدا وفيه نظر لقلة ذكره لهذه الصيغة أو يقال: ذكر ذلك لنكتة خفيت على بعض الأصحاب فصرح بذلك, ليعلم, أو ليحصل الاعتناء والتنبيه على تحريرها أو يقال: لم يستحضر المصنف حال ذكر ذلك ما اصطلح عليه في الخطية وهو الظاهر أو حرر الخطية بعد فراغه من الكتاب ويحتمل أن يكون الترجيح في الموضعين باعتبار سببين1 فيحمل كل واحد على محمل وهو بعيد والله أعلم. الرابع: أنه يطلق الخلاف في مسائل لم يعلم للأصحاب فيها كلام كما ذكره في باب إزالة النجاسة "ص 396" في ماهية الزناد والعنبر من أي شيء هما؟ 2وكما وقع له في باب صلاة التطوع "2/396: في حذف ياء الثماني: هل هو خطأ أو شاذ3؟ 2 وكما ذكره في باب صوم التطوع "5/84 – 85" في تسمية يوم التروية ويوم عرفة وكما ذكره في قول4 2عائشة رضي الله عنها: كان يصوم شعبان كله هل المراد غالبه أو كله وقت2. وكما ذكره في سورة القدر هل هي مكية أو مدنية؟ في الباب المذكور وكما ذكره في باب الاعتكاف "5/191" في {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الانبياء: 37] وكما ذكره في باب المواقيت "5/302" في الأفقي نسبة هل هو بضم الهمزة والفاء أو بفتحهما؟ وكما ذكره في كتاب البيع في ضبط المجر "6/147" هل هو بفتح الجيم أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQكسرها؟ ويمكن الجواب عن ذلك بأن يقال: لا نسلم أن الأصحاب ليس لهم في هذا كلام لا سيما في يوم عرفة والتروية فإن الخلاف فيهما مشهور بين العلماء ولا يلزم من عدم اطلاعنا على ذلك عدم اطلاعه وهو ثقة فيما ينقل أويقال: سلمنا أن الأصحاب ليس لهم كلام في ذلك ولكن لما رأى هذه الأقوال ولم يترجح عنده أحدهما أطلق الخلاف فشابه ما اختلف ترجيح الأصحاب فيه والله أعلم ولكن فيه نوع اشتباه. الخامس: أنه يقول في بعض المسائل فقيل: كذا أو: فقال فلان: كذا أو: ففي الكتاب الفلاني كذا ويقتصر عليه كما تقدم التنبيه عليه. ومسألة كراهة إمامة قوم أكثرهم له كارهون "3/16" مثل ذلك على بعض النسخ فما ثم هنا خلاف البتة حتى يختلف الترجيح فيه فيجاب: بأن هذا لم يدخل فيما اشترطه المصنف ولكن إتيانه بهذه الصيغة لا يخلو من نكتة ثم وجدته في جمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي1 ذكر مثل هذه العبارة في مسألة الكلام في الأزل: هل يسمى خطابا؟ فقال بعض شراحه2: ذكر المصنف قولين من غير ترجيح فحكم بأن في المسألة قولين2 من غير ترجيح ولكن لا يتأتى لنا القطع بذلك في كلام المصنف وغيره بل يتتبع كلامهم: هل يوجد فيها منقول بذلك أم لا؟ وقد أجبت عن بعض ذلك في موضعه على ما يأتي والله أعلم. السادس: أنه في بعض المسائل يحكي الخلاف ويطلقه عن شخص أو كتاب ويقتصر عليه وليس في المسألة نقل غير ما ذكره عن ذلك المصنف أو الكتاب فأين اختلاف الترجيح في ذلك بين الأصحاب؟ ويجاب بأنه نقل ذلك على سبيل الحكاية كما وجده لا أن الخلاف فيه مطلق أو أنه لم يظهر له ترجيح أحد القولين على الآخر فأطلق الخلاف أو أنه بقرينة اختصاصه بهذا المصنف أو الكتاب يدل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعلى أن مراده غير ما اصطلح1 عليه من إطلاق الخلاف وهو الصواب والله أعلم. السابع: أنه يخرج أو يوجه من2 عنده روايتين أو وجهين أو احتمالين ويطلقهما وهذا أيضا مما ليس للأصحاب فيه كلام ولا اختلف ترجيحهم فيه. ويمكن أن يجاب بأن يقال: إنما خرج المصنف الروايتين أو الوجهين أو الاحتمالين لجامع بين المسألة التي خرجها وبين المسألة المخرج منها, والمسألة المخرج منها فيها خلاف مطلق أو مرجح فأطلق الخلاف إحالة على ذلك وهو قوي أو قال ذلك من غير نظر إلى مصطلحه والصواب: أن الجواب هنا كالأخير في التي قبلها والله أعلم. الثامن: أنه يطلق الخلاف في مسائل كثيرة متابعة لمن قبله حتى في نفس العبارة كما وقع له في الخطبة "ص 50" وباب الصلح "6/429" والإجارة "7/156" وكتاب الديات "9/423" وغيرها فإنه تابع ابن حمدان في رعايته الكبرى في إطلاق الخلاف بحروفه والخلاف الذي أطلقه ابن حمدان إنما هو من عند نفسه وبخريجه لم يسبق إليه وهذا مشكل جدا كونه لم ينسبه إلى قائله فأوهم أن الخلاف مطلق, وأن الأصحاب اختلفوا في الترجيح. وكذا يقع 3منه مثل ذلك3 متابعة للشيخ في المغني فيتابعه حتى في الدليل والتعليل والإطلاق وغيرها ولم يبين ذلك بل يتابعه في إطلاق الاحتمالين اللذين له ولغيره وهذا كثير في النصف الثاني مكا ستراه إن شاء الله تعالى وعذره أنه لم يبيضه ولم يعاود النظر فيه أو يكون المصنف اطلع على غير ذلك والله أعلم ويأتي التنبيه على ذلك في أماكنه إن شاء الله تعالى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالتاسع: أنه يطلق الخلاف في موضع ويقدم حكما في موضع آخر في مسألة واحدة1 فيشتبه الصحيح من المذهب في ذلك فيمكن أن يقال في المسألة الأولى حيث أطلق الخلاف فلاختلاف الأصحاب في الترجيح وحيث قدم فلظهور المذهب عنده فعلى هذا الاعتماد على ما قاله أخيرا من إطلاق أو تقديم لكن لا يكفي هذا في هذا المقام بل يطلب المذهب من خارج أو يقال: قال ذلك ذهولا أو فعله متابعة لبعض الأصحاب ولم يعاود النقل ولا استحضر ذلك والله أعلم. وأما تقديمه حكما في موضع وتقديم غيره في موضع آخر فهذا - والله أعلم – سهو منه أو يقال: ظهر له المذهب في ذلك المكان الآخر أو يقال: تابع بعض الأصحاب المحققين في مكان وتابع غيره في مكان آخر ولم يستحضر ما قاله أولا فحصل الخلل والله أعلم وعلى كل حال لا بد من التنبيه على الصحيح من المذهب في ذلك إن شاء الله تعالى. العاشر: ما المراد باختلاف الترجيح؟ إن أراد تعادل الأصحاب وتقاومهما من الجانبين في ذلك فهو يطلق الخلاف وأكثر الأصحاب على أحد القولين ويصرح بذلك في بعض المسائل في حكايته القول كما ذكره في باب محظورات الإحرام "5/414" وغيره وهو كثير في كلامه بل هو يقدم2 في مسائل كثيرة حكما والأكثر على خلافه ويصرح به كما ذكره في كتاب البيع فيما إذا تقدم القبول على الإيجاب وغيره "6/122". وإن أراد الأقل يقاوم الأكثر في التحقيق فهو في بعض المسائل يقدم حكما والحالة هذه من الجانبين وهو كثير لمن تتبع كلامه ويأتي في بعض المسائل ما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيشهد لذلك. وإن أراد مجرد اختلاف الترجيح مع أنه ظاهر عبارته فيرد عليه مسائل كثيرة يقدم فيها حكما مع أن جماعة كثيرة أو أكثر الأصحاب – كما بقدم – اختاروا القول المؤخر وربما صرح بذلك المصنف فيقول: وعنه: كذا أو: كذا اختاره جماعة أو الأكثر أو فلان وفلان ونحو ذلك. والقول بأن مراده التعاودل من الجانبين في التحقيق أقرب فلا يضرنا كثرة الأصحاب في أحد الجانبين لأن الأقل يعادل الأكثر لأجل التحقيق أو لظهور الدليل أو المدرك أو المأخذ أو العلة أو غير ذلك من أسباب الترجيح لكن لا يسلم له أيضا هذا لمن تتبع كلامه في المسائل التي قدم فيها حكما أو أطلق فيها الخلاف على ما يأتي1 التنبيه على بعضه إن شاء الله تعالى2. والذي يظهر أن الغالب في إطلاق الخلاف ما قلناه من التعادل في التحقيق وتارة يقوى عنده الدليل في مسألة يقاوم من قال بالقول الآخر وإن كان ما اختاره إلا القليل من الأصحاب لكن قوي قولهم بالدليل أو بالقياس أو بنوع من أنواع الترجيح ولذلك تجده يطلق الخلاف مع أن أحد القولين عليه الأصحاب أو هو المشهور أو الصحيح في المذهب ولكن لقوة الدليل قاوم دليل الأصحاب والله أعلم. ويرد بعض ذلك على قوله: وأقدم غالبا المذهب والله أعلم. فهذه نبذة يسيرة قد فتح الله بها على عبد ضعيف معترف بالعجز والتقصير ليس أهلا لذلك والله أسأل الإعانة والتوفيق على ما أردت من التصحيح والتحقيق وإليه رجعت وأنبت وعليه توكلت واعتمدت وهو حسبي ونعم الوكيل فنقول وبالله التوفيق:
وَإِذَا أَحَلْتُ حُكْمَ مَسْأَلَةٍ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى1 فَالْمُرَادُ عِنْدَنَا، وَإِذَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلَانِ؛ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَفِي الْأَصَحِّ وَلَوْ بِحَمْلِ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ، وَمُطْلَقٍ عَلَى مُقَيَّدٍ فَهُمَا مَذْهَبُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ وَعُلِمَ التَّارِيخُ فقيل: الثاني مذهبه، و2قيل: الْأَوَّلُ "م 1" وَقِيلَ وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ. وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخُطْبَةِ: "وإذا نقل عن الإمام في مسألة
جهل؛ فمذهبه أقربهما من الأدلة، أو قواعده. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلَانِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ وَفِي الْأَصَحِّ وَلَوْ بِحَمْلِ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ وَمُطْلَقٍ عَلَى مُقَيَّدٍ فَهُمَا مَذْهَبُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَعُلِمَ التَّارِيخُ فَقِيلَ الثَّانِي مَذْهَبُهُ وَقِيلَ1: الْأَوَّلُ. انْتَهَى. اعْلَمْ: أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُعْلَمَ التَّارِيخُ، أَوْ لَا، فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فَأَطْلَقَ فِي كَوْنِ الْأَوَّلِ مَذْهَبَهُ أَيْضًا كَالثَّانِي الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مَذْهَبُهُ، بَلْ الثَّانِي لَا غَيْرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَآدَابِ الْمُفْتِي، وَنَصَرَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ: فَإِنْ عُلِمَ أَسْبَقُهُمَا فَالثَّانِي مَذْهَبُهُ وَهُوَ نَاسِخٌ، اخْتَارَهُ فِي التَّمْهِيدِ، وَالرَّوْضَةِ، وَالْعِدَّةِ، وَذَكَرَ كَلَامَ الْخَلَّالِ2 وَصَاحِبِهِ3، لِقَوْلِهِ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْآمِدِيُّ4 وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ الطُّوفِيُّ5 فِي مُخْتَصَرِهِ، وَنَصَرَهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ اللَّحَّامِ6 فِي أُصُولِهِ وَغَيْرِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ الْأَوَّلُ أَيْضًا مَذْهَبَهُ كَالثَّانِي، وَكَمَا إذَا جُهِلَ رجوعه عنه،
وَيَخُصُّ عَامَّ كَلَامِهِ بِخَاصَّةٍ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْأَصَحِّ؛ وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبُهُ فِي الْأَشْهَرِ. فَإِنْ أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مختلفين في وقتين قال بعضهم: وبعد الزمن؛ فَفِي جَوَازِ النَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وَلَا مَانِعَ وَجْهَانِ "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQاختاره ابن حامد1، وغيره، كَمَنْ صَلَّى صَلَاتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ إلَى جِهَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَخْطَأَ، وَرَدَّهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَشَرْحِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ2: قُلْت؛ وَقَدْ تَدَبَّرْت كَلَامَهُمْ فَرَأَيْته يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ بِكَوْنِهِمَا مَذْهَبًا لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ، انْتَهَى وَأَمَّا إذَا جُهِلَ التَّارِيخَ فَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ حَكَمَا3. مَسْأَلَةٌ 2- قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ قَالَ بعضهم: وبعد الزمن، ففي جواز النقل والتخريج وَلَا مَانِعَ وَجْهَانِ انْتَهَى ". وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَقَوْلِ الشَّارِعِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَشَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُطْلِعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ: إذَا كَانَ بَعْدَ الْجِدِّ وَالْبَحْثِ. قُلْت: وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ عمل به الشيخ الموفق، والمجد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ الصَّوَابُ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْقَوْلُ الْمُخَرَّجُ وَجْهًا لِمَنْ خَرَّجَهُ، وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً، ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا: قُلْت: إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ وَلَمْ يَجْعَلْ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْهَبًا لَهُ جَازَ1 نَقْلُ حُكْمِ الثَّانِيَةِ إلَى الْأُولَى فِي الْأَقْيَسِ، وَلَا عَكْسَ، إلَّا أَنْ يجعل أول قوليه في مسألة واحدة مذهبا له مع معرفة التاريخ، وإن جهل التَّارِيخُ جَازَ نَقْلُ حُكْمِ أَقْرَبِهِمَا مِنْ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ، أَوْ أَثَرٍ، أَوْ قَوَاعِدِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ إلَى الْأُخْرَى فِي الْأَقْيَسِ، وَلَا عَكْسَ، إلَّا أَنْ يَجْعَلَ أَوَّلَ قَوْلَيْهِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مَذْهَبًا لَهُ مَعَ مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ، وَأَوْلَى، لِجَوَازِ كَوْنِهَا الْأَخِيرَةَ دُونَ الرَّاجِحَةِ. انْتَهَى. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ "قَالَ بَعْضُهُمْ وَبَعُدَ الزَّمَنُ" مِنْ الْبَعْضِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَآدَابِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ قَطَعَ بِذَلِكَ. التَّنْبِيهُ الثَّانِي: قَوْلُهُ "وَلَا مَانِعَ" يَعْنِي إذَا أَفْضَى النَّقْلُ وَالتَّخْرِيجُ إلَى خَرْقِ الْإِجْمَاعِ أَوْ رَفْعِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ، أَوْ عَارَضَهُ نَصُّ كِتَابٍ، أَوْ سُنَّةٍ امْتَنَعَ النَّقْلُ وَالتَّخْرِيجُ، قَالَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي. التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ: الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا قِيسَ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَذْهَبٌ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُ. "وَاعْلَمْ" أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا قِيسَ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبٌ لَهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: "وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ مَذْهَبُهُ فِي الْأَشْهَرِ" انْتَهَى، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَثْرَمِ2، وَالْخِرَقِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَآدَابِ الْمُفْتِي،
وقوله: لَا يَنْبَغِي، أَوْ لَا يَصْلُحُ. أَوْ اسْتَقْبَحَهُ، أَوْ هُوَ قَبِيحٌ، أَوْ لَا أَرَاهُ لِلتَّحْرِيمِ. وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِرَاقُ غَيْرِ الْعَفِيفَةِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ أَحْمَدَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُمْسِكَهَا. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: يُصَلَّى إلَى الْقَبْرِ، وَالْحَمَّامِ، وَالْحَشِّ، قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ، لَا يُصَلَّى إلَيْهِ قُلْت فَإِنْ كَانَ؟ قَالَ: يُجْزِئُهُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ قَرَأَ فِي الْأَرْبَعِ كُلِّهَا بِالْحَمْدِ وَسُورَةٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ فِي الإمام يقصر في الْأُوَلِ، وَيُطَوِّلُ فِي الْأَخِيرَةِ: لَا يَنْبَغِي هَذَا1. قَالَ الْقَاضِي: كُرِهَ ذَلِكَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، فَدَلَّ على خلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لَهُ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: عَامَّةُ مَشَايِخِنَا مِثْلُ الْخَلَّالِ، وَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبِي عَلِيٍّ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَسَائِرِ مَنْ شَاهَدْنَاهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ نِسْبَتَهُ إلَيْهِ، وَأَنْكَرُوا عَلَى الْخِرَقِيِّ مَا رَسَمَهُ فِي كِتَابِهِ2 مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَاسَ عَلَى قَوْلِهِ انْتَهَى، وَنَصَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُسَوَّدَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسَوَّدَةِ وَالْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ، وَقِيلَ: إنْ جَازَ تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ فَهُوَ مَذْهَبُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَآدَابِ الْمُفْتِي: وَقُلْتُ: إنْ نَصَّ الْإِمَامُ عَلَى عِلَّتِهِ، أَوْ أَوْمَأَ إلَيْهَا، كَانَ مَذْهَبًا، وَإِلَّا فَلَا، إلَّا أَنْ تَشْهَدَ أَقْوَالُهُ وَأَفْعَالُهُ أَوْ أَحْوَالُهُ لِلْعِلَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ بِالصِّحَّةِ، وَالتَّعْيِينِ انْتَهَى. قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا، وَغَيْرُهُمَا: إنْ بَيَّنَ الْعِلَّةَ فَمَذْهَبُهُ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وُجِدَتْ فِيهَا تِلْكَ الْعِلَّةُ، كَمَذْهَبِهِ فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعِلَّةَ فَلَا وَإِنْ أَشْبَهَتْهَا، إذْ هُوَ إثْبَاتُ مَذْهَبٍ بِالْقِيَاسِ، وَلِجَوَازِ ظُهُورِ الْفَرْقِ لَهُ لَوْ عُرِضَتْ عليه.
وَفِي "أَكْرَهُ" أَوْ لَا "يُعْجِبُنِي" أَوْ "لَا أُحِبُّهُ" أَوْ "لَا أَسْتَحْسِنُهُ" أَوْ "يَفْعَلُ السَّائِلُ كَذَا احْتِيَاطًا" وَجْهَانِ "م 3". وَ "أُحِبُّ كَذَا" أو "يعجبني" أو "أعجب إلي" للندب، وَقِيلَ لِلْوُجُوبِ، وَقِيلَ: وَكَذَا "هَذَا أَحْسَنُ أَوْ حَسَنٌ". وَقَوْلُهُ: أَخْشَى، أَوْ أَخَافُ أَنْ يَكُونَ، أو ألا1: كيجوز، أو لا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ وَفِي "أَكْرَهُ، وَلَا يُعْجِبُنِي، أَوْ لَا أُحِبُّهُ، أَوْ لَا أَسْتَحْسِنُهُ، أَوْ يَفْعَلُ السَّائِلُ كَذَا احْتِيَاطًا: وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي، فِي أَكْرَهُ أَوْ لَا يُعْجِبُنِي: أَحَدُهُمَا: هُوَ لِلنَّدْبِ وَالتَّنْزِيهِ إنْ لَمْ يُحَرِّمْهُ قَبْلُ، ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: أَكْرَهُ النَّفْخَ فِي الطَّعَامِ، وَإِدْمَانَ اللَّحْمِ، وَالْخُبْزَ الْكُبَارِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: فِي أَكْرَهُ، أَوْ لَا يُعْجِبُنِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي ذَلِكَ لِلتَّحْرِيمِ، كَقَوْلِ أَحْمَدَ: أَكْرَهُ الْمُتْعَةَ، وَالصَّلَاةَ فِي الْمَقَابِرِ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ، وَابْنُ حَامِدٍ فِي قوله: أكره كذا، أَوْ لَا يُعْجِبُنِي، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِيمَا إذَا قَالَ لِلسَّائِلِ: يَفْعَلُ كَذَا احْتِيَاطًا، أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَآدَابِ الْمُفْتِي: الْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى الْقَرَائِنِ فِي الْكُلِّ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبٍ أَوْ نَدْبٍ، أَوْ تَحْرِيمٍ، أَوْ كَرَاهَةٍ، أَوْ إبَاحَةٍ حُمِلَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ، أَوْ تَأَخَّرَتْ، أَوْ تَوَسَّطَتْ، انْتَهَى. "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ وَكَلَامُ أحمد يدل على ذلك.
يَجُوزُ، وَقِيلَ: وَقَفَ. وَإِنْ أَجَابَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ غَيْرِهِ: هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ أَشَدُّ، أَوْ أَشْنَعُ فَقِيلَ: هُمَا سواء؛ وقيل بالفرق وأجبن عنه "م 4". و: أجبنا عَنْهُ1 مَذْهَبُهُ كَقُوَّةِ كَلَامٍ لَمْ يُعَارِضْهُ أَقْوَى. وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقَوْلُ أَحَدِ صَحْبِهِ فِي تَفْسِيرِ مذهبه، وإخباره عن رأيه، ومفهوم كلامه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -4: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَجَابَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ قَالَ عَنْ غَيْرِهِ: هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ أَشَدُّ، أَوْ أَشْنَعُ، فَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ، وَقِيلَ بِالْفَرْقِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: هُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالْقَاضِي. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: بِالْفَرْقِ. قُلْت: وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ فِي تَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: قُلْت إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى وَكَثُرَ التَّشَابُهُ فَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: قَوْلُهُ هَذَا أَشْنَعُ عِنْدَ النَّاسِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ، وَقِيلَ: لَا انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَالْأَوْلَى النَّظَرُ إلَى الْقَرَائِنِ فِي الْكُلِّ، وَمَا عُرِفَ من عادة أحمد
وَفِعْلِهِ: مَذْهَبُهُ فِي الْأَصَحِّ كَإِجَابَتِهِ فِي شَيْءٍ بدليل، والأشهر: أو قول صحابي. وَفِي إجَابَتِهِ بِقَوْلٍ: فَفِيهِ1 وَجْهَانِ "م 5" وَمَا انفرد به واحد وقوى دليله، أو صحح الْإِمَامُ خَبَرًا، أَوْ حَسَّنَهُ، أَوْ دَوَّنَهُ وَلَمْ يُرِدْهُ: فَفِي كَوْنِهِ مَذْهَبَهُ وَجْهَانِ "م 6، 7" فَلِهَذَا أَذْكُرُ رِوَايَتَهُ لِلْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ"م6،7". ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ، وَحَمْلِهِ عَلَى أَصَحِّ الْمَحَامِلِ وَأَرْجَحِهَا وَأَنْجَحِهَا وَأَرْبَحِهَا انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَفِي إجَابَتِهِ بِقَوْلٍ فَفِيهِ1 وَجْهَانِ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَآدَابِ الْمُفْتِي. أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ، اخْتَارَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مَذْهَبَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قُلْت: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَيُعَضِّدُهُ مَنْعُ الْإِمَامِ مِنْ اتِّبَاعِ آرَاءِ الرِّجَالِ. مَسْأَلَةٌ 6-7: قَوْلُهُ: وما انفرد به واحد وقوى دليله، أو صَحَّحَ الْإِمَامُ خَبَرًا أَوْ حَسَّنَهُ، أَوْ دَوَّنَهُ، وَلَمْ يَرُدُّهُ فَفِي كَوْنِهِ مَذْهَبَهُ وَجْهَانِ، فَلِهَذَا أَذْكُرُ رِوَايَتَهُ لِلْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحِيحَيْنِ انتهى.
وَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ وَفَرَّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقِيلَ: هو مذهبه، كتحسينه إياه، أو ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -6: مَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْهُ وَقَوِيَ دَلِيلُهُ: فَهَلْ يَكُونُ مَذْهَبَهُ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مَذْهَبَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَآدَابِ الْمُفْتِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَالَ: يَجِبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ، لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ فِي الْحَدِيثِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَكَيْفَ وَالرَّاوِي عَنْهُ ثِقَةٌ خَبِيرٌ بِمَا رَوَاهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ، بَلْ مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ بِخِلَافِهِ أَوْلَى، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَصَاحِبُهُ، لِأَنَّ نِسْبَةَ الْخَطَأِ إلَى الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى جَمَاعَةٍ، وَالْأَصْلُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ. قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ ذَلِكَ خَطَأُ الْجَمَاعَةِ، وَانْفِرَادُهُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ، وَكَوْنُهُمَا فِي مَجْلِسَيْنِ أَوْلَى، لِلْجَمْعِ، وَعَدَمِ الْخَطَأِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَّحِدَ الْمَجْلِسُ، وَيَحْصُلُ ذُهُولٌ، أَوْ غَفْلَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 7: إذَا صَحَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ خَبَرًا أَوْ حَسَّنَهُ أَوْ دَوَّنَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ أَوْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وأطلقه في آداب المفتي: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مَذْهَبَهُ، اخْتَارَهُ وَلَدَاهُ: عَبْدُ اللَّهِ، وصالح، والمروذي1، والأثرم،
تَعْلِيلِهِ، وَقِيلَ: لَا "م 8" وَإِلَّا فَمَذْهَبُهُ أَقْرَبُهُمَا مِنْ الدَّلِيلِ، وَقِيلَ: لَا، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ جَوَابِهِ: وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ، أَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ يُرِيدُ خِلَافَهُ؛ فَلَيْسَ مَذْهَبًا. وَفِيهِ احْتِمَالٌ كَقَوْلِهِ: يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ. وَقَدْ أَجَابَ أَحْمَدُ فِيمَا إذَا سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ: هَلْ يَقْصُرُ؟ وَفِي غير موضع بمثل هذا، وأثبت1 الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ. وَفِي كَوْنِ سُكُوتِهِ رُجُوعًا وجهان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي، وَغَيْرِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَتَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ، كَمَا لَوْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ قَبْلُ، أَوْ بَعْدُ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، لَا سِيَّمَا فِيمَا إذَا دَوَّنَهُ مِنْ غَيْرِ تَصْحِيحٍ، وَلَا تَحْسِينٍ، وَلَا رَدٍّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ذَكَرَ قَوْلَيْنِ وَفَرَّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقِيلَ: هُوَ مَذْهَبُهُ، كَتَحْسِينِهِ إيَّاهُ، أَوْ تَعْلِيلِهِ، وَقِيلَ لَا" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مَذْهَبَهُ: إلَّا أَنْ يُرَجِّحَهُ أَوْ يُفْتِيَ بِهِ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ2 الْمُفْتِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ مَذْهَبَهُ، قَدَّمَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ "قُلْت" وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ لَا يَكُونُ بِالِاحْتِمَالِ. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: "وَفِي كَوْنِ سُكُوتِهِ رُجُوعًا وَجْهَانِ" انتهى، وأطلقهما في
وَمَا عَلَّلَهُ بِعِلَّةٍ تُوجَدُ فِي مَسَائِلَ فمذهبه فيها كالمعللة، وَقِيلَ: لَا. وَيُلْحَقُ مَا تُوُقِّفَ فِيهِ بِمَا يُشْبِهُهُ، هَلْ هُوَ بِالْأَخَفِّ، أَوْ الْأَثْقَلِ، أَوْ التَّخْيِيرِ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا "م 10". وَاَللَّهَ أَسْأَلُ النَّفْعَ بِهِ، وَإِصْلَاحَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQآدَابِ الْمُفْتِي، يَعْنِي: إذَا أَفْتَى بِحُكْمٍ، فَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ فَسَكَتَ وَنَحْوُهُ فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهُ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا، قَدَّمَهُ فِي تَهْذِيبِ الْأَجْوِبَةِ1، وَنَصَرَهُ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَتَابَعَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ، قَالَ فِي آدَابِ المفتي: اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ "قُلْت" وَهُوَ أَوْلَى، أَوْ يَرْجِعُ إلَى حَالِ السَّاكِتِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ رُجُوعًا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: "وَيَلْحَقُ ما توقف فيه بما يشبهه هل هو بِالْأَخَفِّ، أَوْ الْأَثْقَلِ، أَوْ التَّخْيِيرِ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا" انْتَهَى، تَابَعَ الْمُصَنِّفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى، وَآدَابِ الْمُفْتِي، فَقَالَ فِيهِمَا: وَإِذَا تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي مَسْأَلَةٍ تُشْبِهُ مَسْأَلَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ أَحْكَامُهَا مُخْتَلِفَةٌ، فَهَلْ تَلْحَقُ بِالْأَخَفِّ، أَوْ الْأَثْقَلِ، أَوْ يُخَيَّرُ الْمُقَلِّدُ بَيْنَهُمَا؟ قُلْت أَوْجُهًا انْتَهَى، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ مِنْ عِنْدِهِ: يَحْتَمِلُ ذَلِكَ أَوْجُهًا ثَلَاثَةً، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ، بَلْ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ. وَاعْلَمْ: أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ إذَا تَوَقَّفَ فِي مَسْأَلَةٍ: فَإِنْ أَشْبَهَتْ مَسْأَلَةً حُكْمُهَا أرجح من
وبالإجابة جدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل1. ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهِ فَهُنَا يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِمَا يُشْبِهُهَا، وَإِنْ أَشْبَهَتْ مَسْأَلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مُخْتَلِفَةً بِالْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ فَهَذِهِ مَحَلُّ الْخِلَافِ، فَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهُ، وَالْأَظْهَرُ عَنْهُ هُنَا التَّخْيِيرُ، وَمَعَ تَعَادُلِ الْأَمَارَاتِ فَلَا وَقْفَ، وَلَا تَخْيِيرَ، وَلَا تَسَاقُطَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ: أَظْهَرُهَا عَنْهُ التَّخْيِيرُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تَتَعَادَلُ الْأَمَارَاتُ، قُلْت: فَلَا تَخَيُّرَ، وَلَا وَقْفَ، وَلَا تَسَاقُطَ، وَالْأَوْلَى الْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا لِمَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهُ انْتَهَى. "قُلْت" الْأَوْلَى إلْحَاقُهَا بِالْأَخَفِّ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُصْطَلَحِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَدْ من الله الكريم بتصحيحها.
كتاب الطهارة
كتاب الطهارة أقسام الماء الثلاثة فصل: القسم الأول: طهور ... كتاب الطهارة أَقْسَامُ الْمَاءِ ثَلَاثَةٌ: طَهُورٌ: يَرْفَعُ وَحْدَهُ الْحَدَثَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْبَاقِي عَلَى خِلْقَتِهِ مُطْلَقًا، وَلَا يُكْرَهُ مُتَغَيِّرٌ بِنَجِسٍ مُجَاوِرٍ "ش" أَوْ مُسَخَّنٌ بِطَاهِرٍ لِذَلِكَ، بَلْ لِشِدَّةِ حَرِّهِ "وَ" فِي الْكُلِّ. وَيَأْتِي فِي نَجَاسَةِ الرِّيحِ مَا يتعلق بذلك1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ "هـ" رِوَايَةٌ فِي نَبِيذٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ فِي سَفَرٍ لِعَدَمٍ، فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ عِنْدَهُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ يَتَيَمَّمُ مَعَهُ. وَنَصُّ أَحْمَدَ لَا يُسَوَّغُ الِاجْتِهَادُ فِي حِلِّ الْمُسْكِرِ، فَكَيْفَ الطَّهَارَةُ بِهِ؟ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَسَلَّمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُسَوَّغُ. قَالَ ثَعْلَبٌ1: طَهُورٌ بِفَتْحِ الطَّاءِ الطَّاهِرُ فِي ذَاتِهِ، الْمُطَهِّرُ لِغَيْرِهِ. قَالَ أَصْحَابُنَا: فَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَدِّيَةِ بِمَعْنَى الْمُطَهِّرِ، وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الطَّهَارَةُ النَّزَاهَةُ، فَطَاهِرٌ: نَزِهٌ، وَطَهُورٌ: غَايَةٌ فِي النَّزَاهَةِ، لَا لِلتَّعَدِّي، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا، لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 2 فَفَسَّرَ كَوْنَهُ طَهُورًا بِالنَّزَاهَةِ3، لا ينجس بغيره لا بأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُطَهِّرُ غَيْرَهُ. فَمَنْ تَعَاطَى فِي طَهُورٍ غَيْرَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِعُ فَقَدْ أَبْعَدَ. فَحَصَلَ عَلَى كَلَامِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهَا بِغَيْرِ التَّعَدِّي. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ بِمَعْنَى الطَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ مَصْدَرٌ، كَالطَّهَارَةِ1، وَإِنَّمَا الشَّرْعُ جَعَلَ الْمَاءَ مُطَهِّرًا، وَرَدَّ الْمُطَرِّزِيُّ2 قَوْلَ ثَعْلَبٍ، وَقَالَ: لَيْسَ فَعُولٌ مِنْ التَّفْعِيلِ فِي شَيْءٍ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُتَعَدِّيَةِ كَالْقَطُوعِ غَيْرُ سَدِيدٍ. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ3: الطُّهُورُ بِالضَّمِّ الْمَصْدَرُ، وَحُكِيَ فِيهِمَا الضَّمُّ وَالْفَتْحُ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ4: الطَّهُورُ اسْمٌ لِمَا تَطَهَّرْت بِهِ. وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ مَعْدُولًا عَنْ طَاهِرٍ حَتَّى يُشَارِكَهُ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعَدِّي بِحَسَبِ اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ، كَضَارِبٍ وَضَرُوبٍ، وَلَكِنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ الْآلَاتِ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا كَوَجُورٍ5، وَفَطُورٍ، وَسَحُورٍ، وَنَحْوِهِ، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ بِالضَّمِّ لِلْمَصْدَرِ نَفْسُ الْفِعْلِ، فَأَمَّا طَاهِرٌ فَصِفَةٌ مَحْضَةٌ لَازِمَةٌ، لَا تدل على ما يتطهر به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفَائِدَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَائِعَاتِ لَا تُزِيلُ النَّجَاسَةَ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَفَائِدَةٌ ثَانِيَةٌ، وَلَا تَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهَا، وَالْمَاءُ يُدْفَعُ بِكَوْنِهِ مُطَهِّرًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خُلِقَ الْمَاءُ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" 1 وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِطَهُورٍ، فَلَا يُدْفَعُ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ المالكية عن قولهم في طهارة2 الْمُسْتَعْمَلِ: الطَّهُورِ مَا تَكَرَّرَ مِنْهُ التَّطْهِيرُ أَنَّ المراد جنس الماء أو3 كل جُزْءٍ مِنْهُ إذَا ضُمَّ إلَى غَيْرِهِ وَبَلَغَ قُلَّتَيْنِ، أَوْ أَنَّ مَعْنَاهُ يَفْعَلُ التَّطْهِيرَ، وَلَوْ أُرِيدَ مَا ذَكَرُوهُ لَمْ يَصِحَّ وَصْفُهُ بِذَلِكَ إلا بعد الفعل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا "ش" وَمُتَغَيِّرٌ بِمُكْثِهِ "وَ" وَقِيلَ: يُكْرَهَانِ، وَقِيلَ، أَوْ غَيْرُ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ فِي جَسَدِهِ، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ، فَإِنْ بَرَدَ مُشَمَّسٌ فَاحْتِمَالَانِ "م 1" وفي النصيحة للآجري1: يكره المشمس، يقال: يُورِثُ الْبَرَصَ2. وَإِنْ غَيَّرَهُ غَيْرُ مُمَازِجٍ، كَدُهْنٍ وَقِطَعِ كَافُورٍ، فَطَهُورٌ، فِي الْأَصَحِّ "م" وَكَذَا ملح مائي "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1 قَوْلُهُ: "وَلَا يُكْرَهُ مُشَمَّسٌ قَصْدًا" وَقِيلَ: يُكْرَهُ، "وَقِيلَ: أَوْ غَيْرَ قَصْدٍ مِنْ مَاءِ آنِيَةٍ ... ، وَلَوْ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ، فَإِنْ بَرَدَ ... فاحتمالان" انتهى. أحدهما: لَا تَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَزُولُ، قُلْت: يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى أرباب الخبرة، فإن
وهل يكره المسخن بنجس أم لا "وم" فِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 2 - 5" وَحَرَّمَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ حيث تَنَجَّسَ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ تَعْظِيمُهُ، وقد زال بنجاسته، ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالُوا حُكْمُهُ إذَا بَرَدَ: حُكْمُهُ حَالَ التَّشْمِيسِ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. مَسْأَلَةٌ -2-5: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا مُسَخَّنٌ بِمَغْصُوبٍ، وَكَذَا رَفْعُ حَدَثٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، كَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ1 بِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ وَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-2: الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ بِنَجِسٍ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ2، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمِحْوَرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ3 وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيُكْرَهُ الْمُسَخَّنُ بِالنَّجَاسَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَإِنْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ كُرِهَ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ الأكثر، قال ناظم المفردات: هذا الأشهر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ سُخِّنَ بِنَجَاسَةٍ لَا تَصِلُ إلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَفِي كَرَاهَةِ مُسَخَّنٍ بِنَجَاسَةٍ رِوَايَةٌ، فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ لَا يُكْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي "رُءُوسِ الْمَسَائِلِ". تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في محل الخلاف طريقتين، وقد ذَكَرْت فِي الْإِنْصَافِ1 فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ طَرِيقَةً، وَذَكَرْت مَنْ اخْتَارَ كُلَّ طَرِيقَةٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 3: حَكَى فِي كَرَاهَةِ الْمُسَخَّنِ بِالْمَغْصُوبِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْحَاوِيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كُرِهَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي مُذَكِّرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْآمِدِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ. قُلْت وَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ، وَلَمْ أَرَهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 4: رَفْعُ الْحَدَثِ بِمَاءِ زَمْزَمَ: هَلْ يُكْرَهُ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ2، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْن عُبَيْدَانَ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَقَالَا: هَذَا أَوْلَى، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هذا أقوى الروايتين،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَحَّحَهُ فِي نَظْمِهِ وَابْنُ رَزِينٍ1 فِي شَرْحِهِ، وإليه ميل المجد في المنتقى. والرواية الثانية يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ "الْمُفْرَدَاتِ"، وَقَدْ قَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ. وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي "شَرْحِهِ". وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ، لَا الْوُضُوءُ، هُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّلْخِيصِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ- 5: لَوْ أَزَالَ بِهِ نَجَاسَةً: هَلْ يَحْرُمُ أَوْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ فَقَطْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي2 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يحرم، ولم أر من اختاره. "وإطلاق" الْخِلَافِ مِنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ فِي كَلَامِهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ التَّحْرِيمُ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، أَوْ يَكُونَ اطَّلَعَ عَلَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَالْمُصَنِّفُ لَهُ مِنْ الِاطِّلَاعِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، وَهَذَا أَوْلَى. تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: وَمَاءُ زَمْزَمَ كَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْغُسْلُ مِنْهَا، فَظَاهِرُهُ أَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ كَالطَّهَارَةِ بِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قَوْلٌ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِهِ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَيَحْتَمِلُهُ الْقَوْلُ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ فِي النَّظْمِ قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ4 فِي مُصَنَّفِهِ: وَيُكْرَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ فِي الأصح، فظاهر ضد الأصح
وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ: لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ، هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ1 مِنْهُ مَعَ الكراهة، أم يحرم على وجهين "م 6". وَقِيلَ يُكْرَهُ الْغُسْلُ "خ" لَا الْوُضُوءُ "وَ" واختاره شيخنا. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQدُخُولُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فِيهِ "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ، وَلَمْ أَرَ من صرح به. المسألة- 6 قَوْلُهُ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ: لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ: هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْوَقْفِ التَّحْرِيمُ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ قَطَعَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ2، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُشْبِهُ تِلْكَ، بَلْ لَوْ قِيلَ إنَّهَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا لَكَانَ قَوِيًّا، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِخُصُوصِيَّتِهَا هُنَاكَ، فَقَالَ: وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُ الْوَقْفِ إلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهَا، وَقِيلَ: إنْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ مِنْهُ، فَظَاهِرُ مَا قُدِّمَ عَدَمُ الْجَوَازِ. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ بِتَحْرِيمِ الْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ "وَقِيلَ" لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ فَفِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهَا انتهى، فحكى ذلك وأن المقدم تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ. فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ هَذَا بِوَقْفٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةُ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ، قُلْت يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ صُوَرًا: مِنْهَا: أَنْ يُوقَفَ شَيْئًا لِظُهُورِ الْمَاءِ، فَإِذَا ظَهَرَ جَعَلَهُ لِلشُّرْبِ، فَهَذَا مِثْلُ نَمَاءِ الْوَقْفِ، فَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ. وَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ فَيُوقَفُ عَلَيْهِ
مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ وَقِيلَ: إنْ ظَنَّ وُصُولَ النَّجَاسَةِ كُرِهَ وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَلَا، وَإِنْ تَرَدَّدَ فَرِوَايَتَانِ، وَإِنْ وَصَلَ دُخَانُهَا فَهَلْ هُوَ كَوُصُولِ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ مَاءُ الْحَمَّامِ لِعَدَمِ تَحَرِّي مَنْ يُدْخِلُهُ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: أُحِبُّ أَنْ يُجَدِّدَ مَاءً غَيْرَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ مَاءٌ جَرَى عَلَى الْكَعْبَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ غَيَّرَهُ مَا شَقَّ صَوْنُهُ عَنْهُ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ وُضِعَ قَصْدًا أَوْ خَالَطَهُ مَا لَمْ يَشُقُّ وَقِيلَ حَتَّى التُّرَابُ وَغَيَّرَ كَثِيرًا وَقِيلَ أَوْ قَلِيلًا صِفَةً، وَقِيلَ أو أكثر فطاهر. اختاره الأكثر "وم. ش" لأنه ليس بماء مطلق، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ، وَيَجْعَلُهُ لِلشُّرْبِ، فَهَذَا شَبِيهٌ بِالْوَقْفِ، بَلْ قَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَجُوزُ وَقْفُ الْمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَقْفِ1 وَفِي الْجَامِعِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمَاءِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا النقول في ذلك في الإنصاف2.
لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ مَاءٍ فَاشْتَرَاهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ، وَأَجَابَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لِمُسَمَّاهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرٍ أَصْلِيٍّ وَطَارِئٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ، لِحَاجَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً، أو وكله في شراء ماء، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَتَنَاوَلُ مَاءَ الْبَحْرِ، فَكَذَا مَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ. وَعَنْهُ: طَهُورٌ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي الْكَافِي1 "وَ. هـ" وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَبُو بَكْرٍ الصَّاغَانِيُّ2، وَالثَّانِي نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ كَمَا لَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا. وَعَنْهُ: مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ. وَخَصَّ الْخِرَقِيُّ الْعَفْوَ بِقَلِيلِ الرَّائِحَةِ، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مَاءِ الْحَوْضِ "أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ" 3 دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ مَا يَقُولُهُ قَوْمٌ: إنَّ الْمَاءَ لَا لَوْنَ لَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هبيرة4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ "وَ" فَإِنْ لم يكف فروايتان "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -7: قَوْلُهُ "وَلَا تَزُولُ طَهُورِيَّةُ مَاءٍ يَكْفِي طُهْرُهُ بِمَائِعٍ طَاهِرٍ لَمْ يُغَيِّرْهُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِ فَرِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. إحْدَاهُمَا: لَا تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ، وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: هَذَا أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ بِهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَحَمَلَ ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْمَائِعَ لَمْ يُسْتَهْلَكْ. تَنْبِيهٌ: تَابَعَ الْمُصَنِّفُ فِي عِبَارَاتِهِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ، فَفَرَضَا الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ، وَفَرَضَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي مَنْعِ الطَّهَارَةِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ4، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَنَصَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ، وَرَدَّ الْأَوَّلَ بأدلة جيدة ووجوه كثيرة، وملخصه أَنَّ كَلَامَ الْأَكْثَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّاهِرَ هَلْ يَصِيرُ طَهُورًا تَبَعًا أَمْ هُوَ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ وَأَمَّا الطَّهُورُ فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِزَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ، وَالْمُصَنِّفُ حَكَى الْخِلَافَ فِي زَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ فَخَالَفَ الْأَكْثَرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
ويأتي في الأطعمة1 حكم آبار الحجر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: القسم الثاني: طاهر
فصل: القسم الثاني: طاهر ... فَصْلٌ: الثَّانِي: طَاهِرٌ، كَمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَطَهُورٍ طُبِخَ فِيهِ، أَوْ غَلَبَ مُخَالِطُهُ. وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ فَطَاهِرٌ "و. م. ر. ق" نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ طَهُورٌ "وَ. هـ. ر" وَ "م. ر. ق" وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْبَقَاءِ1 وَشَيْخُنَا. وَعَنْهُ نَجِسٌ "وَ. هـ. ر" وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي ثَوْبِ الْمُتَطَهِّرِ. وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ. وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا "م 8" صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ وشيخنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ قَلِيلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ فَطَاهِرٌ، وَعَنْهُ طَهُورٌ، وَعَنْهُ نَجِسٌ، وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ فِي ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ، وَيُسْتَحَبُّ غَسْلُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ لَا" انْتَهَى. قُلْت: الصَّحِيحُ عَدَمُ الِاسْتِحْبَابِ صَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُسْتَحَبُّ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَقَطَعَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ بِالْعَفْوِ" قُلْت: مِنْهُمْ الْمَجْدُ، وَابْنُ حمدان، وابن عبيدان.
وَلَوْ اشْتَرَى مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَبَانَ قَدْ تُوُضِّئَ بِهِ فَعَيْبٌ، لِاسْتِقْذَارِهِ عُرْفًا، وَذَكَرَهُ فِي "النَّوَادِرِ"1. وَإِنْ غَمَسَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ يَدَهُ، وَقِيلَ: أَوْ بَعْضَهَا قَائِمٌ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، وَعَنْهُ وَالنَّهَارِ، وَقِيلَ غَسَلَهَا ثَلَاثًا، وَقِيلَ بَعْدَ النِّيَّةِ، وَقِيلَ نِيَّةُ الْوُضُوءِ: لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "فَأَرَادَ الطَّهُورَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ2 فَطَاهِرٌ. وَإِنْ3 لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ اسْتَعْمَلَهُ، وَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ. وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ في شرب وغيره، وقيل يكره، وقيل يحرم، صححه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَزَجِيُّ لِلْأَمْرِ بِإِرَاقَتِهِ مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ1، لَكِنَّهُ صَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْهُ طَهُورٌ "وَ" وَعَنْهُ نَجِسٌ. وَإِنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ غَمْسٍ فَعَنْهُ كَغَمْسِهِ، وَعَنْهُ طَهُورٌ "م 9" وَفِي تَأْثِيرِ غمس كافر ومجنون وطفل وجهان "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 9: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ غَمْسٍ فَعَنْهُ كَغَمْسِهِ، وَعَنْهُ طَهُورٌ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: إحْدَاهُمَا: هُوَ كَغَمْسِ يَدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْإِفَادَاتِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ طَهُورٌ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْأَوْلَى أَنَّهُ طَهُورٌ. مَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ: "وَفِي تَأْثِيرِ غَمْسِ كَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَطِفْلٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وأطلقهما في "الفصول"، و"المغني"2 و"الشرح"3، و"شرح ابن عبيدان"،
وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَفِي بَقَاءِ طَهُورِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ "م 11" وَلَا أَثَرَ لِغَمْسِهَا1 فِي مائع طاهر فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ بِانْغِمَاسِهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ رَفْعَ حَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ "ش. هـ. ر" وَصَارَ مُسْتَعْمَلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى، كَمَحَلِّ نَجَسٍ لاقاه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: إحْدَاهُمَا: لَا تَأْثِيرَ لِغَمْسِهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّارِحِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يُؤَثِّرُ غَمْسُهُمْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُؤَثِّرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. مَسْأَلَةٌ- 11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اُسْتُعْمِلَ فِي طُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَفِي بَقَاءِ طَهُورِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ" يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِزَوَالِ طَهُورِيَّتِهِ إذَا رُفِعَ به حدث، وأطلقهما في "الهداية"، و"تذكرة ابن عقيل" و"فصوله"، و"المبهج"، و"خصال ابن البنا"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة، والمقنع"3، و"المذهب الأحمد"، و"التلخيص"،
"وَ" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَذَلِكَ الْجُزْءُ لَا يعلم، لاختلاف أجزاء العضو، كما هو ـــــــــــــــــــــــــــــQو"البلغة"، و"الشرح"1، و"شرح ابن منجى"2، و"الفائق"، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: هُوَ بَاقٍ عَلَى طُهُورِيَّتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ فِي "التصحيح"، و"النظم" و"الحاوي الكبير"، و"شرح ابْنِ عُبَيْدَانَ" وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي "تَذْكِرَتِهِ" قَالَ الشَّارِحُ: أَظْهَرُهُمَا طُهُورِيَّتُهُ، قَالَ فِي "مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ": طَهُورٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظاهر ما جزم به في "الإرشاد"3، و"العمدة4"، و"الوجيز"، و"المنور"، و"منتخب الْآدَمِيِّ" وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ في "الكافي"5، و"المحرر"، و"الرعايتين"، و"الحاوي الصَّغِيرِ"، وَابْنُ رَزِينٍ فِي "شَرْحِهِ" وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُسْلِبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وجزم به القاضي في
مَعْلُومٌ فِي الرَّأْسِ، وَقِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ، كَالْمُتَرَدِّدِ عَلَى الْمَحَلِّ "م 12" وَقِيلَ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا، وَقِيلَ يَرْتَفِعُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُنْفَصِلُ عَنْ الْعُضْوِ لَوْ غُسِلَ بِمَائِعٍ ثُمَّ صُبَّ فِيهِ أَثَرٌ: أَثَّرَ هُنَا، وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ التَّسْهِيلِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ صَاحِبُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. مَسْأَلَةٌ -12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَوَى جُنُبٌ بِانْغِمَاسِهِ أَوْ بَعْضِهِ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ رَفْعَ حَدَثِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ وَصَارَ - مُسْتَعْمَلًا، نَصَّ عَلَيْهِ قِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى كَمَحَلٍّ نَجِسٍ لَاقَاهُ وَقِيلَ بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ كَالْمُتَرَدِّدِ عَلَى الْمَحَلِّ انْتَهَى. الْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَوْنُهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ أَظْهَرُ، وَأَشْهَرُ قَالَ فِي الصُّغْرَى: وَهُوَ أَظْهَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ أَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَالَ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَنَصَرَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تابعا المجد. والقول الْأَوَّلُ: وَهُوَ كَوْنُهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ لَاقَى قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَقَالَ: عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَحَكَى الْأَوَّلَ احْتِمَالًا. قُلْت: فَيَتَقَوَّى بِالنَّصِّ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ انْتَهَى ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي مَحَلِّ كَوْنِهِ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ انْغَمَسَ فِي قَلِيلٍ رَاكِدٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ حَدَثِهِ، أَوْ نَوَاهُ بعد انغماسه فمستعمل عند لقيه
وَقِيلَ يَرْتَفِعُ، وَلَا أَثَرَ لَهُ بِلَا نِيَّةٍ لِطَهَارَةِ بَدَنِهِ "وَ" وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَإِنْ كَانَ كثيرا كره أن يغتسل فيه "وش" قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي وَعَنْهُ لَا يَنْبَغِي، وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِاتِّصَالِهِ أَوْ انْفِصَالِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 13". وَإِنْ اغْتَرَفَ بِيَدِهِ مِنْ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ لِصَرْفِ النِّيَّةِ بِقَصْدِ اسْتِعْمَالِهِ خارجه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنِيَّتِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكُبْرَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ الَّتِي قَبْلَهَا فِي كَوْنِ الْمَاءِ يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا، لَا فِي وَقْتِ مَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الطَّهَارَةَ حَتَّى انْغَمَسَ فِيهِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْ أَوَّلِ جُزْءٍ يَرْتَفِعُ مِنْهُ، فَيَحْصُلُ غَسْلُ مَا سِوَاهُ بِمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، انْتَهَى، فَقَطَعَ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِأَوَّلِ جُزْءٍ انْفَصَلَ، وَعَزَاهُ إلَى الْأَصْحَابِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا، فَقَوْلُهُ وَكَذَا نِيَّتُهُ بَعْدَ غَمْسِهِ: يَعْنِي يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ الصَّوَابُ مَا نَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كُرِهَ أَنْ يَغْتَسِلَ فِيهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي، وَعَنْهُ لَا يَنْبَغِي، وَهَلْ يَرْتَفِعُ بِاتِّصَالِهِ أَوْ انْفِصَالِهِ، فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: أَحَدُهُمَا: يَرْتَفِعُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ قَالَ: فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنْ كَانَ قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا ارْتَفَعَ الحدث، والماء باق على إطلاقه.
وَهُوَ أَظْهَرُ. وَهَلْ رِجْلٌ أَوْ فَمٌ وَنَحْوُهُ كَيَدٍ، أَمْ يُؤَثِّرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 14". وَقِيلَ: اغْتِرَافُ مُتَوَضِّئٍ بِيَدِهِ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَمْ يَنْوِ غَسْلَهَا فِيهِ كَجُنُبٍ، وَالْمَذْهَبُ طَهُورٌ لِمَشَقَّةِ تَكَرُّرِهِ، وَيَصِيرُ الْمَاءُ بِانْتِقَالِهِ إلَى عُضْوٍ آخَرَ مُسْتَعْمَلًا "وَ. ر. ش"1 وَعَنْهُ لَا "وَ. هـ" وعنه لا في الجنب، ـــــــــــــــــــــــــــــQوالثاني: يرتفع قبل انفصاله، قدمه2 في الرعايتين. مَسْأَلَةٌ- 14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اغْتَرَفَ بِيَدِهِ مِنْ الْقَلِيلِ بَعْدَ نِيَّةِ غَسْلِهِ صَارَ مُسْتَعْمَلًا ... وَعَنْهُ لَا ... وَهُوَ أَظْهَرُ، وَهَلْ رِجْلٌ وَفَمٌ وَنَحْوُهُ كَيَدٍ، أم يؤثر فيه وجهان" انتهى.
وَعَنْهُ يَكْفِيهِمَا مَسْحُ اللُّمْعَةِ بِلَا غَسْلٍ لِلْخَبَرِ1، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ خُلِطَ طَهُورٌ بِمُسْتَعْمَلٍ: فَإِنْ كَانَ لَوْ خَالَفَهُ فِي الصِّفَةِ غَيْرُهُ أَثَّرَ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ الْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ قَدْرًا، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: إنْ غَيَّرَهُ لَوْ كَانَ خَلًّا أَثَّرَ، وَنَصُّهُ فِيمَنْ انْتَضَحَ مِنْ وُضُوئِهِ فِي إنَائِهِ لَا بَأْسَ. وَإِنْ بَلَغَ بَعْدَ خَلْطِهِ قُلَّتَيْنِ، أَوْ كَانَا مُسْتَعْمَلَيْنِ فَطَاهِرٌ، وقيل: طهور. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُؤَثِّرُ مَنْعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَوْ وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الْمَاءِ لَا لِغَسْلِهَا، وَقَدْ نَوَى أَثَّرَ، عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ نَوَاهُ ثُمَّ وَضَعَ رِجْلَهُ فِيهِ لَا لِغَسْلِهَا بِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا فَظَاهِرٌ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ غَمَسَ فِيهِ فَمَه احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حكم اليد.
وَإِنْ خَلَتْ بِهِ وَقِيلَ: وَبِكَثِيرٍ امْرَأَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ مُمَيِّزَةٌ فِي غَسْلِ أَعْضَائِهَا، وَقِيلَ: أَوْ بَعْضِهَا عَنْ حَدَثٍ، وَقِيلَ: أَوْ خَبَثَ وَطُهْرٍ مُسْتَحَبٍّ فَطَهُورٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا يَرْفَعُ حَدَثَ رَجُلٍ، وَقِيلَ: "وَلَا صَبِيٍّ، وَعَنْهُ يَرْفَعُ "وَ" بِلَا كَرَاهَةٍ كَاسْتِعْمَالِهِمَا مَعًا، وَكَإِزَالَتِهِ بِهِ نَجَاسَةً، وَكَامْرَأَةٍ أُخْرَى، وَكَتَطْهِيرِهَا بِمَاءٍ خَلَا بِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ "ع" وَرِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ، وَيُكْرَهُ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ، كَرِوَايَةِ فِي خَلْوَةٍ لِشُرْبٍ، وَالْخُنْثَى كَرَجُلٍ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ كَامْرَأَةٍ، وَتَزُولُ الْخَلْوَةُ بِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَبِالْمُشَاهَدَةِ فَقِيلَ: مُشَاهَدَةُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، وَقِيلَ: كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ "م 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَبِالْمُشَاهَدَةِ، فَقِيلَ: مُشَاهَدَةُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ وَقِيلَ: كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: هِيَ كَخَلْوَةِ النِّكَاحِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَتَزُولُ الْخَلْوَةُ بِمُشَاهَدَةِ مُمَيِّزٍ، وَكَافِرٍ، وَامْرَأَةٍ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالشِّيرَازِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2، وَنَظْمِهِ، وَالشَّرْحِ3، وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَزُولُ إلَّا بِمُشَاهَدَةِ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، والحاوي الصغير، وقيل: لا تزول إلا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمُشَاهَدَةِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَقَالَ: وَلَمْ يَرَهَا ذَكَرٌ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ، وَقِيلَ أَوْ عَبْدٌ، وَقِيلَ أَوْ مُمَيِّزٌ، وَقِيلَ أَوْ مَجْنُونٌ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَقِيلَ إنْ شَاهَدَ طهارتها أنثى أو كافر فوجهان انتهى.
فصل: القسم الثالث: نجس
فصل: القسم الثالث: نجس ... فَصْلٌ: الثَّالِثُ: نَجِسٌ، وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ بِنَجَاسَةٍ "وَ" وَكَذَا قَلِيلٌ لَاقَى نَجَاسَةً. وَفِي عُيُونِ المسائل يدركها طرف "وش". وَقِيلَ: إنْ مَضَى زَمَنٌ تَسْرِي فِيهِ، وَعَنْهُ لا ينجس "وم" وعنه إن كان جاريا "وهـ" اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ، وَحَكَى عَنْهُ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ1 طَهَارَةَ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الطَّرَفُ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. وَعَنْهُ تُعْتَبَرُ كُلُّ جَرِيَّةٍ بِنَفْسِهَا، وَهِيَ أَشْهَرُ، فَيُفْضِي إلَى تَنَجُّسِ نَهْرٍ كَبِيرٍ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ، لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ. وَالْجَرِيَّةُ: مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا وَيَمْنَةً ويسرة. وقال الشيخ: وما انتشرت إليه عادة أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا، وَإِنْ امْتَدَّتْ النَّجَاسَةُ فَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، وقيل: كل جرية نجاسة منفردة "م 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 16: قَوْلُهُ "وَالْجَرِيَّةُ مَا أَحَاطَ بِالنَّجَاسَةِ فَوْقَهَا، وتحتها، ويمنة، ويسرة وقال الشيخ: وما انتشرت إلَيْهِ عَادَةً أَمَامَهَا وَوَرَاءَهَا، وَإِنْ امْتَدَّتْ النَّجَاسَةُ فَقِيلَ وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: كُلُّ جَرِيَّةٍ نَجَاسَةٌ مُنْفَرِدَةٌ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ: أَحَدُهُمَا: كُلُّ جَرِيَّةٍ نَجَاسَةٌ مُنْفَرِدَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ2 وَالشَّارِحُ3 وَجَزَمَا بِهِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه
وَلَا يُؤَثِّرُ تَغَيُّرُهُ فِي مَحَلِّ التَّطْهِيرِ، وَفِيهِ قَوْلٌ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِوَصْفٍ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لُغَةً وَشَرْعًا. وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرُ لَمْ يَنْجُسْ، إلَّا بِبَوْلٍ أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ ذَابَتْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: أولا من آدمي، فيه روايتان "م 17" وقيل بل عذرة مائعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْكُلُّ نَجَاسَةٌ وَاحِدَةٌ، فَعَلَى هَذَا يَنْجُسُ نَهْرٌ كَبِيرٌ بِنَجَاسَةٍ قَلِيلَةٍ لَا كَثِيرَةٍ لِقِلَّةِ مَا يُحَاذِي الْقَلِيلَةَ، إذْ لَوْ فَرَضْنَا كَلْبًا فِي جَانِبِ نَهْرٍ وَشَعْرَةً مِنْهُ فِي جَانِبِهِ الْآخَرَ لَكَانَ مَا يُحَاذِيهَا لَا يَبْلُغُ قُلَّتَيْنِ لِقِلَّتِهِ، وَالْمُحَاذِي لِلْكَلْبِ يَبْلُغُ قِلَالًا، وَهَذَا الْوَجْهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، حَيْثُ اخْتَارَا اعْتِبَارَ كُلِّ جَرِيَّةٍ بِنَفْسِهَا. مَسْأَلَةٌ- 17: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْكَثِيرُ لَمْ يَنْجُسْ، إلَّا بِبَوْلٍ، أَوْ عَذِرَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَابِسَةٍ ذَابَتْ ... مِنْ آدَمِيٍّ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ" وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ1، وَالْمُغْنِي2، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ3، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْجُسُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا قول الجمهور، قال في4 الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّفْرِيعُ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: لَمْ يَنْجُسْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: عَدَمُ النَّجَاسَةِ أَصَحُّ، انْتَهَى، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالْمَجْدُ، وَالنَّاظِمُ فِي شَرْحِهِ وَنَظْمِهِ وَغَيْرُهُمْ قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْجُسُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ نَزْحُهُ لِكَثْرَتِهِ فَلَا يَنْجُسُ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُتَقَدِّمِينَ، قَالَ فِي الْكَافِي5: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْبَوْلَ وَالْغَائِطَ يُنَجِّسُ الْمَاءَ الْكَثِيرَ، قَالَ فِي الْمُغْنِي6 وَتَبِعَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: الْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُنَجِّسُ،
وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي التَّلْخِيصِ إلَّا بَوْلَ آدَمِيٍّ، وَكَذَا قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَنَقَلَ مُهَنَّا1 فِي بِئْرٍ وَقَعَ فِيهِ ثَوْبٌ تَنَجَّسَ بِبَوْلِ آدَمِيٍّ: يُنْزَحُ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْعَذِرَةِ بِالْمَائِعَةِ لَا يُنْزَحُ، اخْتَارَ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يَنْجُسُ "وَ. ش" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ شُيُوخُ أَصْحَابِنَا: يَنْجُسُ، إلَّا أَنْ تعظم مشقة نزحه كمصانع2 بطريق3 مكة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَالَ: اخْتَارَهَا الشَّرِيفَانِ وَالْقَاضِي، وَقَالَ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ، وَشُيُوخُ أَصْحَابِنَا، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. هَذَا أَظْهَرُ عَنْهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ نَقْلًا، وَاخْتَارَهَا الْأَكْثَرُونَ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتَارَهَا أَكْثَرُ الْمُتَقَدِّمِينَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَأَكْثَرُ الْمُتَوَسِّطِينَ كَالْقَاضِي، وَالشَّرِيفِ، وَابْنِ الْبَنَّا4، وَابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ في الفصول.
وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْضُ الْكَثِيرِ فَفِي نَجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجْهَانِ "م 18" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ؛ أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَاءِ النَّجِسِ عَيْنِيَّةٌ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَا، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ، فَنَفْسُهُ أَوْلَى، وَأَنَّهُ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: أَنَّ نَجَاسَتَهُ مُجَاوِرَةٌ سَرِيعَةُ الْإِزَالَةِ، لَا عَيْنِيَّةٌ، فَلِهَذَا يَجُوزُ بيعه، وحرم الحلواني1 وغيره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَغَيَّرَ بَعْضُ الْكَثِيرِ فَفِي نَجَاسَةِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ كَثْرَتِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ طَهُورًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي2، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، أَوْ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَنَصَرَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ نَجِسًا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقِيلَ: الْبَاقِي طَهُورٌ وَإِنْ قَلَّ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، واختاره القاضي، وذكره في المستوعب.
تنبيهات
تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: "وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ نَجَاسَةَ الماء النجس عينية، وذكر شيخنا
اسْتِعْمَالَهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سَقْيَهُ لِلْبَهَائِمِ كَالطَّعَامِ النَّجِسِ. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: لَا يَجُوزُ قُرْبَانُهُ بِحَالٍ، بَلْ يُرَاقُ، وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي الْمُتَغَيِّرِ، وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ عَيْنٍ نَجِسَةٍ، بِخِلَافِ قَلِيلٍ نَجِسٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَيَجُوزُ بَلُّ الطِّينِ بِهِ، وَسَقْيُ الدَّوَابِّ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَزَجِيِّ فِي الِاسْتِحَالَةِ1. وَالْكَثِيرُ قُلَّتَانِ2، وَالْقَلِيلُ دُونَهُمَا "هـ" وَهُمَا خَمْسُمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، فَهُوَ سُبْعُ الدِّمَشْقِيِّ وَنِصْفُ سُبْعِهِ، فَالْقُلَّتَانِ بِالدِّمَشْقِيِّ مِائَةُ رطل، وسبعة أرطال وسبع "وش" وَعَنْهُ أَرْبَعُمِائَةٍ عِرَاقِيَّةٌ، وَالتَّقْدِيرُ تَقْرِيبٌ عَلَى الْأَصَحِّ "وش". وَيَطْهُرُ الْكَثِيرُ النَّجِسُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ إضَافَةِ قُلَّتَيْنِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ لِلْمَشَقَّةِ، وَاعْتَبَرَ الْأَزَجِيُّ وَالْمُسْتَوْعِبُ الِاتِّصَالَ فِي صَبِّ الْمَاءِ، أَوْ بِنَزْحٍ يَبْقَى بَعْدَهُ قُلَّتَانِ. وَهُوَ طَهُورٌ، وقيل: طاهر لزوال النجاسة به. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لَا، لِأَنَّهُ يُطَهِّرُ غَيْرَهُ فَنَفْسُهُ أَوْلَى، وَأَنَّهُ كَثَوْبٍ نَجِسٍ، انْتَهَى. مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هُوَ الصَّوَابُ، وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنَّهَا عَيْنِيَّةٌ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا النَّجَاسَةُ الْعَيْنِيَّةُ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهَا، وَهَذَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا حُكْمِيَّةٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ النَّجِسِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ بِحَالٍ: إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَزَادَ جَوَازَ سَقْيِهِ لِلْبَهَائِمِ، قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الطَّعَامِ النَّجِسِ وهو الصواب.
وَلَا يَطْهُرُ الْقَلِيلُ النَّجِسُ1 إلَّا بِقُلَّتَيْنِ، فَإِنْ أُضِيفَ إلَى ذَلِكَ قَلِيلُ طَهُورٍ، أَوْ مَائِعٍ وَبَلَغَ الْقَلِيلُ قُلَّتَيْنِ أَوْ تُرَابٍ وَنَحْوِهِ غَيْرَ مِسْكٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَطْهُرْ، لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَقِيلَ بَلَى لِخَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ2، وَلِزَوَالِ التَّغَيُّرِ، وَقِيلَ: بِالْمَاءِ، لِأَنَّ غَيْرَهُ يَسْتُرُ النَّجَاسَةَ، وَقِيلَ بِهِ فِي النَّجِسِ الْكَثِيرِ فَقَطْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وأطلق في الإيضاح روايتين في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التُّرَابِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ. وَإِنْ أُضِيفَ إلَى الْقَلِيلِ قَلِيلٌ وَلَمْ يَبْلُغَا قُلَّتَيْنِ، أَوْ تُرَابٌ وَنَحْوُهُ، لَمْ يَطْهُرْ، لِبَقَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ، وَهِيَ الْمُلَاقَاةُ. وَيَطْهُرُ مَا لَا يَشُقُّ، نَزْحُهُ بِمَا يَشُقُّ، وَقِيلَ: أَوْ هُمَا يَشُقَّانِ، وَقِيلَ: وَبِقُلَّتَيْنِ، وَيُعْتَبَرُ زَوَالُ التَّغَيُّرِ فِي الْكُلِّ. وَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْ نَجِسٍ وَطَهُورٍ وَطَاهِرٍ قُلَّتَانِ بِلَا تَغَيُّرٍ فَكُلُّهُ نَجِسٌ، وَقِيلَ: طَاهِرٌ، وَقِيلَ: طَهُورٌ، وَإِنْ أُضِيفَ قُلَّةٌ نَجِسَةٌ إلَى مِثْلِهَا وَلَا تَغَيُّرَ لَمْ يَطْهُرْ فِي الْمَنْصُوصِ "ش" كَكَمَالِهَا بِبَوْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أُخْرَى، "وَ" وَفِي غَسْلِ جَوَانِبِ بِئْرٍ نزحت1 أرضها روايتان "م 19". ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ فِي تَطْهِيرِ مَا لَا يَشُقُّ نَزْحُهُ، وَقِيلَ وَبِقُلَّتَيْنِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ سَهْوٌ، إذْ لَا وَجْهَ لَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي بَوْلِ الْآدَمِيِّ، وَلَا يَدْفَعُ الْمَجْمُوعُ النَّجَاسَةَ عَنْ نَفْسِهِ، فَمِنْ أين يحصل التطهير؟ انتهى. مَسْأَلَةٌ – 19: وَفِي غَسْلِ جَوَانِبِ بِئْرٍ نُزِحَتْ وَأَرْضِهَا روايتان، انتهى.
وَلَهُ اسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَلَوْ مَعَ قِيَامِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَلِيلٌ، وَمَا اُنْتُضِحَ مِنْ قَلِيلٍ لِسُقُوطِهَا فِيهِ نَجِسٌ. وَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ، أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ، أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ1 بِفِيهِ رُطُوبَةٌ فَوَجْهَانِ "م 20 - 24" ونقل حَرْبٌ2 وَغَيْرُهُ فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً فَرَخَّصَ فِيهِ: إذا لم يعرف ما هي. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ، دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ غَسْلُهُ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: يَجِبُ غَسْلُ الْبِئْرِ الضَّيِّقَةِ وَجَوَانِبِهَا وَحِيطَانِهَا، وَعَنْهُ وَالْوَاسِعَةُ أَيْضًا، انْتَهَى، قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: الرِّوَايَتَانِ فِي الْوَاسِعَةِ، وَالضَّيِّقَةِ يَجِبُ غَسْلُهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ تَنَجَّسَتْ جَوَانِبُ بِئْرٍ وَجَبَ غَسْلُهَا، كَرَأْسِ الْبِئْرِ، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ. انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 20 – 24: قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَةِ عَظْمٍ، أو روثة، أو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQجَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وَغَيْرِهِ، أَوْ وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -20: إذَا شَكَّ فِي كَثْرَةِ الْمَاءِ، يَعْنِي: إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ قُلَّتَانِ أَوْ دُونَهُمَا، فَفِي نَجَاسَتِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: هُوَ نَجِسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، فَقَالَ: هَذَا الصَّحِيحُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَعَارَضَ الْأَصْلَانِ، فَيَتَعَيَّنُ الْأَحْوَطُ نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا الْمُرَجَّحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ، انْتَهَى، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ نَجِسٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ طَاهِرٌ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ. وَهُوَ أَظْهَرُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 21: لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ عَظْمٍ وَقَعَ فِي مَاءٍ، فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ، بَلْ هُوَ طَاهِرٌ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ، فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ فِي تَنْجِيسِهِ، وَأَيْضًا قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ كَالرَّوْثَةِ الْمَشْكُوكِ فِي طَهَارَتِهَا وَنَجَاسَتِهَا الْآتِيَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَمَالَ إلَيْهِ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ نَجِسٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 22: لَوْ شَكَّ فِي رَوْثَةٍ وَقَعَتْ فِي مَاءٍ: هَلْ هِيَ طاهرة أو نجسة؟ فأطلق فيها الخلاف:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: هُوَ طَاهِرٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ وَطِئَ رَوْثَةً فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ مَا هِيَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ نَجِسٌ، قَالَ الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ الطَّهَارَةُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، أَوْ النَّجَاسَةُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ – 23: لَوْ شَكَّ فِي جَفَافِ نَجَاسَةٍ عَلَى ذُبَابٍ وغيره وعدمه، فأطلق فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: الْحُكْمُ بِعَدَمِ الْجَفَافِ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالْفَرْضُ مَعَ الشَّكِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْحُكْمُ بِأَنَّهَا جَفَّتْ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ -24: إذَا شَكَّ فِي وُلُوغِ كَلْبٍ أَدْخَلَ رَأْسَهُ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ بِفِيهِ رُطُوبَةٌ. فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ وَعَدَمِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَنَقَلَهُمَا عَنْ الْأَزَجِيِّ: أَحَدُهُمَا: هُوَ طَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُلُوغِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ نَجِسٌ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الْقَرَائِنَ الْمُحْتَفَّةَ بِذَلِكَ تَقْتَضِي مَا قُلْنَا، وَتُوجِبُ ضعف الأصل، وهو ظاهر كلام جماعة.
وإن احتمل تغيره1 بِمَا فِيهِ مِنْ نَجَسٍ أَوْ غَيْرِهِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ "م 25". وَإِنْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ شَيْءٍ، أَوْ نَجَاسَتِهِ بَنَى عَلَى أصله "و" وإن أخبره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اُحْتُمِلَ تَغَيُّرُهُ مِنْ نَجِسٍ أَوْ غَيْرِهِ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ" وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي فُصُولِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: وَمَتَى وَجَدَ مَاءً مُتَغَيِّرًا وَشَكَّ فِيمَا تَغَيَّرَ بِهِ فَهُوَ طَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا يَصْلُحُ أَنْ يُغَيِّرَهُ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أُضِيفَ التَّغَيُّرُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَمْ يُضَفْ، وَإِنْ احْتَمَلَهُمَا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا وَقَعَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، وَشَكَّ: هَلْ هُوَ مُتَوَلِّدٌ مِنْ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا؟ كَانَ هُنَاكَ بِئْرٌ، وَحُشٌّ: فَإِنْ كَانَ إلَى الْبِئْرِ أَقْرَبَ، أَوْ هُوَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَهُوَ طَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ إلَى الْحُشِّ أَقْرَبَ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَجِسٌ، وَالْآخَرُ طَاهِرٌ، مَا لَمْ يُعَايِنْ خُرُوجَهُ مِنْ الْحُشِّ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُهِمِّ2 عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ تَمِيمٍ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، ثُمَّ وَجَدْت شَيْخَنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ نَقَلَ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قَطَعَ في الفتاوى المصرية بعدم نجاسته.
عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ، قِيلَ: إنْ عَيَّنَ السَّبَبَ1، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَفِي الْمَسْتُورِ، وَالْمُمَيِّزِ، وَلُزُومِ السُّؤَالِ عَنْ السبب وجهان "م 26،28". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -26 - 28 قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِنَجَاسَتِهِ قِيلَ: إنْ عَيَّنَ السَّبَبَ، وَقِيلَ مُطْلَقًا وَفِي الْمَسْتُورِ وَالْمُمَيِّزِ وَلُزُومِ السُّؤَالِ عَنْ السَّبَبِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 26: لَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورُ الْحَالِ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ، فَهَلْ يُقْبَلُ كَالْعَدْلِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَكْفِي خَبَرُ مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الْأَصَحِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 27: لَوْ أَخْبَرَهُ مُمَيِّزٌ فَهَلْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4، وَالْمُغْنِي 2 وَالشَّرْحِ5، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ والحاوي الكبير: يقبل6 قول المميز إذا قلنا: تقبل شهادته. انتهى. والمذهب: لا تقبل شهادته. الوجه الثاني: يُقْبَلُ6 وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي الْفُصُولِ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ بِالْقَبُولِ بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ فِي الْجِرَاحِ، انْتَهَى. قُلْت: الْقَوْلُ بِالْقَبُولِ مُطْلَقًا قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ، وَقَدْ قَبِلَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ قَوْلَ مَسْتُورِ الْحَالِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، مَعَ أَنَّهُ لَا تقبل شهادته، على الصحيح من المذهب.
وَإِنْ أَصَابَهُ مَاءُ مِيزَابٍ وَلَا أَمَارَةَ كُرِهَ سُؤَالُهُ عَنْهُ، نَقَلَهُ صَالِحٌ، لِقَوْلِ عُمَرَ لِصَاحِبِ الْحَوْضِ: لَا تُخْبِرْنَا1، فَلَا يَلْزَمُ الْجَوَابُ، وَقِيلَ: بَلَى، كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنْ الْقِبْلَةِ، وَقِيلَ: الأولى السؤال وَالْجَوَابُ، وَقِيلَ بِلُزُومِهَا، وَأَوْجَبَ الْأَزَجِيُّ إجَابَتَهُ إنْ عَلِمَ نَجَاسَتَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَيُنَجَّسُ كُلُّ مَائِعٍ، كزيت وسمن بنجاسة، نقله الجماعة "وم ش" وَذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ2 "ع" فِي سَمْنٍ، كذا قال، وعنه حكمه كالماء "وهـ" وَعَنْهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ أَصْلًا لَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَبَنٌ كَزَيْتٍ. وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِنَجِسٍ لَمْ يَتَحَرَّ "ش" كَمَيْتَةٍ بِمُذَكَّاةٍ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا، أَوْ خَلْطُهُمَا أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 29" وَإِنْ عَلِمَ النَّجِسَ وَقَدْ تَيَمَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 28: هَلْ يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ، وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. مَسْأَلَةٌ- 29: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي3، وَالْمُقْنِعِ4، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ مَعَ بَقَائِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي
وصلى فَلَا إعَادَةَ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ لَهُ التَّحَرِّي إذا زاد عدد الطهور "وهـ" وَقِيلَ: عُرْفًا. وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجِسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ إنْ شُرِطَتْ إزَالَتُهَا لِصَلَاةٍ "م 30". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُذْهَبِ: هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَاحِبِ التَّسْهِيلِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنُّورِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ الْإِعْدَامُ بِخَلْطٍ أَوْ إرَاقَةٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الطَّلَبُ. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى أَرَاقَهُمَا، وَعَنْهُ أَوْ خَلَطَهُمَا. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: خَلَطَهُمَا، أَوْ أَرَاقَهُمَا، وَعَنْهُ تَعْيِينُ1 الْإِرَاقَةِ. انْتَهَى، وَقَطَعَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُكْمَ الْخَلْطِ حُكْمُ الْإِرَاقَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ، وَتَقْدِيرُهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِتَيَمُّمِهِ إرَاقَتُهُمَا أَوْ خَلْطُهُمَا أَمْ لَا؟ وَهُوَ وَاضِحٌ، وَكَذَلِكَ مِنْ عِبَارَتِهِ كَذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ -30: قَوْلُهُ وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ عَلِمَ النَّجِسَ إعْلَامُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ، وَالثَّالِثُ يَلْزَمُ إنْ شُرِطَتْ إزَالَتُهَا لِصَلَاةٍ، انْتَهَى: أَحَدُهَا يَلْزَمُ إعْلَامُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْبَابِ. وَفِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَفَرَضَهُ فِي إرَادَةِ التَّطَهُّرِ به.
وَهَلْ يَلْزَمُ التَّحَرِّي لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 31" ثُمَّ فِي غَسْلٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 32". وَلَا يَتَحَرَّى أَحَدٌ مَعَ وُجُودِ غَيْرِ مُشْتَبَهٍ "ش" وَمُحَرَّمٍ كَنَجِسٍ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: يَتَحَرَّى مُطْلَقًا. وَإِنْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ ثُمَّ عَلِمَ نجاسته أعاد، نقله ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالثَّالِثُ يَلْزَمُهُ إنْ قِيلَ إنَّ إزَالَتَهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَفِيهِ ضَعْفٌ. مَسْأَلَةٌ -31: قَوْلُهُ "هَلْ يَلْزَمُ التَّحَرِّي لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ: إحْدَاهُمَا يَلْزَمُ التَّحَرِّي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُ. مَسْأَلَةٌ- 32: قَوْلُهُ: "ثُمَّ فِي غَسْلٍ، فِيهِ وَجْهَانِ". وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
الجماعة "و" خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ: إزَالَةُ النَّجَاسَةِ شَرْطٌ، كَذَا قَالَ، وَنَصُّهُ: حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَتَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ ظَنِّهِ نَجَاسَتَهُ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ وَالْأَزَجِيُّ: إنْ شَكَّ، هَلْ كَانَ وُضُوءُهُ قَبْلَ نَجَاسَةِ الْمَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ، لَمْ يُعِدْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ غيرهما، لعدم العلم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير.
أَنَّهُ صَلَّى بِنَجَاسَةٍ، لَكِنْ يُقَالُ: شَكُّهُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ كَشَكِّهِ مُطْلَقًا، فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ إلَّا مَا تَيَقَّنَهُ بِمَاءٍ نَجِسٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ ومحمد وبعض الشافعية، لشكه1 فِي شَرْطِ الْعِبَادَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا، فَهُوَ كَشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ، وَآنِيَتَهُ. وَنَصُّ أَحْمَدَ يَلْزَمُهُ "و" وَيَأْتِي2: أَنَّ مَنْ صَلَّى وَوَجَدَ عَلَيْهِ نَجَاسَةً لَا يَعْلَمُ: هَلْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ؟ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْأَشْهَرِ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَلِهَذَا لَوْ رَأَى نَجَاسَةً فِي ماء يسير، أو أصابته جنابة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَمْ يَعْلَمْ زَمَنَ ابْتِدَائِهِمَا لَكَانَا فِي وَقْتِ الشَّكِّ كَالْمَعْدُومَيْنِ يَقِينًا، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ شَكَّ: هَلْ صَلَّى مَعَ الْمَانِعِ أَصْلًا، أَمْ لَا؟ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِتَأَكُّدِ رَفْعِ الْحَدَثِ، بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ بِطَاهِرٍ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا وُضُوءًا وَاحِدًا1، وَقِيلَ: مِنْ كُلٍّ وَاحِدٌ، وَلَا يَتَحَرَّى فِي مُطْلَقٍ وَمُسْتَعْمَلٍ "ش" وَيُصَلِّي صَلَاةً وَاحِدَةً1، وَإِنْ تَوَضَّأَ مِنْهُمَا مَعَ طَهُورٍ بِيَقِينٍ وُضُوءًا وَاحِدًا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ اشْتَبَهَتْ ثِيَابٌ طَاهِرَةٌ بِنَجِسَةٍ صَلَّى بِعَدَدِ النَّجَسِ، وَزَادَ صَلَاةً، وَنَوَى بِكُلِّ صَلَاةٍ الْفَرْضَ، احْتِيَاطًا كَمَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ، وَقَدْ فَرَّقَ أَحْمَدُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي بِأَنَّ الْمَاءَ يَلْصَقُ بِالْبَدَنِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: ولأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَيْسَ عَلَيْهَا أَمَارَةٌ، وَلَا لَهَا بَدَلٌ يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: يَتَحَرَّى مَعَ كَثْرَةِ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ لِلْمَشَقَّةِ "و. هـ. ش م ر" لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْفُنُونِ. وَقَالَهُ أَيْضًا فِي مُنَاظَرَاتِهِ، وَقِيلَ: يُصَلِّي فِي وَاحِدٍ بِلَا تَحَرٍّ، وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا بَانَ طَاهِرًا كَنَظِيرِهِ1 فِي مَاءٍ مُشْتَبَهٍ فِي وَجْهٍ، وَلَا تَصِحُّ فِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ مَعَ طَاهِرٍ يَقِينًا "ش" وَكَذَا الْأَمْكِنَةُ. وَيُصَلِّي فِي فَضَاءٍ وَاسِعٍ حَيْثُ شَاءَ بِلَا تَحَرٍّ. وَإِنْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَتَحَرَّ، وَقِيلَ: بَلَى فِي عَشْرٍ، وَفِي قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ لَهُ النِّكَاحُ، وَفِي لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهَانِ "م 33" . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 33: "وَإِنْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَمْ يَتَحَرَّ، وَقِيلَ بَلَى فِي عَشْرٍ، وَفِي قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ لَهُ النِّكَاحُ، وَفِي لُزُومِ التَّحَرِّي وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ التَّحَرِّي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرٍ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَحَرٍّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي. قَالَ فِي الْفَائِقِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ بَلَدٍ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ نِكَاحِهِنَّ، وَيُمْنَعُ فِي عَشْرٍ، وَفِي مِائَةٍ وَجْهَانِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَقِيلَ يَتَحَرَّى فِي مِائَةٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ مُنِعَ مِنْ التَّزَوُّجِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يعلم أخته من
ويتوجه مثله فِي1 الْمَيْتَةِ بِالْمُذَكَّاةِ "م 34" قَالَ أَحْمَدُ: أَمَّا شَاتَانِ: فَلَا2 يَجُوزُ التَّحَرِّي، فَأَمَّا إذَا كَثُرَتْ فَهَذَا غَيْرُ هَذَا، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قِيلَ له فثلاثة؟ قال: لا أدري. ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهَا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ كُنَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ عَشْرَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى فِي أصح الوجهين، انتهى. والوجه الثاني: يلزمه التحري3، قدمه في المستوعب، والله أعلم. مسألة-34: قوله: "ويتوجه مثله في4 الْمَيْتَةُ بِالْمُذَكَّاةِ" انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِنِسَاءِ أَهْلِ مِصْرٍ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى النِّكَاحِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّحَرِّي عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وكذلك5 لَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِلَحْمِ أَهْلِ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ انْتَهَى، فَنَقَلَ أَنَّهَا مِثْلُهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قد يسر الله بتصحيحها.
باب الآنية
باب الآنية الأحكام المتعلقة بالآنية ... باب الآنية يُبَاحُ اسْتِعْمَالُ كُلِّ إنَاءٍ طَاهِرٍ مُبَاحٍ حَتَّى الثَّمِينِ "و" وَيَحْرُمُ فِي الْمَنْصُوصِ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى "و" حَتَّى الْمِيلُ وَنَحْوُهُ وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي اللِّبَاسِ1 وَكَذَا اتِّخَاذُهَا عَلَى الْأَصَحِّ "هـ" وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ التَّمِيمِيَّ قَالَ: إذَا اتَّخَذَ مِسْعَطًا2، أَوْ قِنْدِيلًا، أَوْ نَعْلَيْنِ، أَوْ مِجْمَرَةً، أَوْ مِدْخَنَةً، ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كُرِهَ وَلَمْ يَحْرُمْ. وَيَحْرُمُ سَرِيرٌ وَكُرْسِيٌّ، ويكره عمل خفين من فضة، وَلَا يَحْرُمُ كَالنَّعْلَيْنِ. قَالَ: وَمُنِعَ مِنْ الشُّرْبَةِ3 وَالْمِلْعَقَةِ، كَذَا حَكَاهُ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَتَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهَا، وَفِيهَا "و" لِأَنَّ الْإِنَاءَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلَا رُكْنٍ فِي الْعِبَادَةِ، بَلْ أَجْنَبِيٌّ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهَا، وَعَنْهُ: لَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي4، وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ كَمَاءٍ مَغْصُوبٍ عَلَى الْأَصَحِّ "خ". وَلَوْ جَعَلَهَا مَصَبًّا صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا إنَاءٌ مَغْصُوبٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَثَمِينٌ، كَبِلَّوْرٍ، وَيَاقُوتٍ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويحرم المضبب بذهب "وش" وقيل: كثير1، وقيل: لحاجة، ويحرم بفضة "وش" وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ أَبْوَابٌ ذَهَبٌ، وَفِضَّةٌ، وَرُفُوفٌ، وَإِنْ كَانَ تَابِعًا بِمَا يَقْضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، فَإِنْ كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ، أَوْ قلت لغيرها فوجهان "م 1 - 2" فإن قلت لحاجة أبيح "و" وقيل: يكره ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي ضَبَّةِ الذَّهَبِ، وَقِيلَ لِحَاجَةٍ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ لَا لِحَاجَةٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ كَثِيرٌ أَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَحْرُمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَعَ الْحَاجَةِ، وَعَدَمِهَا، فَذَكَرَ قَوْلًا لَا يَحْرُمُ لِحَاجَةٍ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَيَحْرُمُ الْقَلِيلُ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ لِحَاجَةٍ، فَهُوَ عَائِدٌ إلَى الْقَلِيلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الكثير2، انْتَهَى، وَهُوَ الصَّوَابُ وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ فِي الرعاية. مَسْأَلَةٌ 1 – 2: قَوْلُهُ "فَإِنْ كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ أَوْ قَلَّتْ لِغَيْرِهَا فَوَجْهَانِ"، انْتَهَى، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: إذَا كَثُرَتْ الضَّبَّةُ لِحَاجَةٍ فَهَلْ تَحْرُمُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تميم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا تَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَذْهَبُ. انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي "المحرر"، و"الوجيز"، و"المنور" و"منتخب الْآدَمِيِّ"، وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى إبَاحَةِ الْيَسِيرَةِ، وَجَزَمَ به في "الهداية"، و"فروع القاضي أبي الحسين"، و"خصال ابن البنا"، و"المذهب"، و"المستوعب"، و"الخلاصة"، و"المغني"1، و"الكافي"2، و"المقنع"3، و"الهادي"، و"شرح ابن منجى"، و"ابن رزين"، و"النظم"، وغيرهم، وقدمه في "الرعايتين" و"الحاويين"، و"مجمع البحرين"، و"الفائق" و"شرح العمدة" للشيخ تقي الدين، و"شرح ابْنِ عُبَيْدَانَ" وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي "تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ"، وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بطريق أولى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -2: إذَا كَانَتْ الضَّبَّةُ يَسِيرَةً لِغَيْرِ حَاجَةٍ: فَهَلْ يُبَاحُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي "الْمُغْنِي"1، و"الكافي"، و"المحرر4"، و"الشرح" 5، و"مختصر ابن تميم"، و"شرح الزَّرْكَشِيّ" وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا لَا تُبَاحُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي "الهداية"، و"فروع القاضي أبي الحسين"، و"خصال ابن البنا"، و"الخلاصة"، وغيرهم، وقدمه في "الحاوي الكبير"، و"شرح العمدة" للشيخ تقي الدين6 و"شرح ابن رزين"، وابن عبيدان، و"مجمع الْبَحْرَيْنِ"، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي "الْمُذْهَبِ" و"التلخيص"،
وَتُبَاحُ مُبَاشَرَتُهَا لِحَاجَةٍ، وَبِدُونِهَا قِيلَ: تَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَقِيلَ تُكْرَهُ، وَقِيلَ تُبَاحُ "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْبُلْغَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ الْأَقْوَى، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، لَا تُبَاحُ الْيَسِيرَةُ لِزِينَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ: وَإِذَا كَانَ التَّضْبِيبُ بِالْفِضَّةِ وَكَانَ يَسِيرًا عَلَى قَدْرِ حَاجَةِ الْكَسْرِ فَمُبَاحٌ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ، اختاره جماعة، قاله1 الزَّرْكَشِيّ. قُلْت: مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَتُبَاحُ الْيَسِيرَةُ كغيرها2 فِي الْمَنْصُوصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ3. تَنْبِيهٌ: عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ تُبَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي4، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لِحَاجَةٍ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ الْإِبَاحَةَ وَإِذَا انْتَفَى التَّحْرِيمُ هُنَا كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ مَا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. مَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: "وَتُبَاحُ مُبَاشَرَتُهَا لِحَاجَةٍ، وَبِدُونِهَا قِيلَ: تَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ، وَقِيلَ: تُبَاحُ" انْتَهَى، وأطلقهن ابن تميم، وابن عبيدان:
والكثير مَا كَثُرَ عُرْفًا، وَقِيلَ: مَا اُسْتُوْعِبَ أَحَدُ جَوَانِبِهِ، وَقِيلَ: مَا لَاحَ عَلَى بُعْدٍ. وَالْحَاجَةُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ غَيْرُ الزِّينَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قَالَ شَيْخُنَا: مُرَادُهُمْ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ، لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُفْرَدَ1 وَقِيلَ: عَجْزُهُ مِنْ إنَاءٍ آخَرَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا2: تَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: فَلَا بَأْسَ بِهَا إذَا لم يباشرها بالاستعمال. وقال في "الخلاصة"4، و"الرعاية الصغرى"، و"الحاويين": ولا تباشر بِالِاسْتِعْمَالِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: حَرَامٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، انْتَهَى. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ فِي الْمُقْنِعِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ صَاحِبُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5، وَالْكَافِي6، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ7، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَحَمَلَ ابْنُ مُنَجَّى كَلَامَهُ فِي الْمُقْنِعِ7 عَلَى ذَلِكَ، وَقَدَّمَهُ في الرعاية الكبرى. والوجه الثالث: يباح.
وَاضْطِرَارُهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ: عَجْزُهُ عَنْ ضَبَّةٍ غَيْرِهَا "م 4". وَالْمُمَوَّهُ، وَالْمَطْلِيُّ، وَالْمُطَعَّمُ، وَالْمُكَفَّتُ1 وَنَحْوُهُ بِأَحَدِهِمَا كَالْمُصْمَتِ "هـ" وَقِيلَ: لَا، قَالَ أَحْمَدُ: لَا تُعْجِبُنِي الْحَلْقَةُ، وَعَنْهُ هِيَ مِنْ الْآنِيَةِ، وَعَنْهُ أَكْرَهُهَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ كَضَبَّةٍ. وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وأوانيهم مباحة إن جهل حالها "وهـ" وعنه: الكراهة "وم ش" وَعَنْهُ الْمَنْعُ2، وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ فِي الْكُلِّ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ؟ وكذا حكم ما صبغوه3، وآنية من لَابِسِ النَّجَاسَةِ كَثِيرًا4 وَثِيَابُهُ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا، وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ، فَإِنْ عَلِمْت فَلَا تُصَلِّ فِيهِ حَتَّى تَغْسِلَهُ. وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ "نَهَانَا اللَّهُ عَنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّكَلُّفِ"5، وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ: "نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَمُّقِ" وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ6: اللَّحْمُ يُشْتَرَى مِنْ الْقَصَّابِ؟ قَالَ: يُغْسَلُ. وقال شيخنا: بدعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ7 مَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ غَرَضٌ غَيْرُ الزِّينَةِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَقِيلَ: عَجْزُهُ عَنْ إنَاءٍ آخَرَ، وَاضْطِرَارُهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ عَجْزُهُ عَنْ ضَبَّةٍ غَيْرِهَا، انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي8، وَالْكَافِي9،
وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ كَثِيَابِهِ، وَقِيلَ وَكَذَا طَعَامُهُ1 وَمَاؤُهُ. وَلَا يَطْهُرُ جِلْدٌ نَجِسٌ بِمَوْتِهِ بِدَبْغِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي يابس على الأصح، قيل بعد دبغه "وم" وقيل: وقبله "م 5" "وش" فَإِنْ جَازَ أُبِيحَ الدَّبْغُ، وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ، كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ، وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي، وَكَلَامُ غيره خلافه وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ النِّهَايَةِ، وَالْقَوْلُ الثاني ظاهر كلام جماعة. مَسْأَلَةٌ -5: قَوْلُهُ: "وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ"، يَعْنِي الْجِلْدَ النَّجِسَ إذَا قُلْنَا لَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ "فِي يَابِسٍ عَلَى الْأَصَحِّ، قِيلَ بَعْدَ دَبْغِهِ وَقِيلَ وَقَبْلَهُ"، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُبَاحُ إلَّا بَعْدَ الدَّبْغِ لَا غَيْرُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّى، وَابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْمُقْنِعِ3، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ في
أظهر "م 6" ويأتي آخِرَ بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ1. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَخِيرًا طهارته "وهـ ش م ر" وَعَنْهُ مَأْكُولُ اللَّحْمِ، اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، لِعَدَمِ رَفْعِ المتواتر بالآحاد، وخالف شيخنا وغيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَابِسَاتِ، مَعَ الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُبَاحُ بَعْدَهُ وَقَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، لَكِنَّ تَدْلِيلَهُ3 يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي الْيَابِسَاتِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، انْتَهَى فَخَالَفَ هُنَا مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرعاية الكبرى، وقال: على الأظهر. مَسْأَلَةٌ- 6: قَوْلُهُ فَإِنْ جَازَ يَعْنِي الِاسْتِعْمَالَ أُبِيحَ الدَّبْغُ، وَإِلَّا احْتَمَلَ التَّحْرِيمَ، وَاحْتَمَلَ الْإِبَاحَةَ، كَغَسْلِ نَجَاسَةٍ بِمَائِعٍ وَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، وَإِنْ لَمْ يَطْهُرْ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُبَاحُ فِعْلُ الدِّبَاغِ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ أَنَّهُ4 مُطَهِّرٌ، إذَا قُلْنَا: يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسِ، وَإِلَّا فَفِيهِ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ فِي يَابِسٍ جَازَ دَبْغُهُ، وَإِنْ حُرِّمَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّحْرِيمِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ عَبَثٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يطهر بالدبغ: ونقل جماعة أخيرا
وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْجَمَاعَةِ لَا يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ إلَّا فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَنَقَلَ خَطَّابُ بْنُ بَشِيرٍ1: كُنْت أَذْهَبُ إلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْت السَّنَةَ كُلَّهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَعِنْدِي أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ خطاب بن بشر1. ـــــــــــــــــــــــــــــQطَهَارَتَهُ وَعَنْهُ مَأْكُولُ اللَّحْمِ، اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ، انْتَهَى، قَدْ يُقَالُ: لَمْ يُقَدِّمْ الْمُصَنِّفُ حُكْمًا فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ مَا إذَا قُلْنَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ: هَلْ يَشْمَلُ كُلَّ مَا كَانَ طَاهِرًا في حال2 الْحَيَاةِ، أَوْ لَا يَطْهُرُ إلَّا مَا كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ؟ فَالْمُصَنِّفُ حَكَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَى وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ3: أَحَدُهُمَا4: يَطْهُرُ كُلُّ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي حَالِ الْحَيَاةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ5 لِابْتِدَائِهِ بِهَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَطْهُرُ إلا ما كان مأكولا في حال2 الْحَيَاةِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "قُلْت" مِنْهُمْ المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ، وَجَزَمَ بِهِ في الفصول.
وَفِي اعْتِبَارِ غَسْلِهِ وَجَعْلِ تَشْمِيسِهِ دِبَاغًا وَجْهَانِ ويتوجهان في تتريبه، أو ريح "م 7 - 9"، وَلَا يَحْصُلُ بِنَجِسٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ بَلَى1 وَيُغْسَلُ بعده "وهـ ش" وينتفع بما طهر "و" وقيل: ويأكل المأكول "وق" ويجوز بيعه، وعنه لا "وم" كَمَا لَوْ لَمْ يَطْهُرْ "و" أَوْ بَاعَ قبل الدبغ "و" نقله الجماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -7 – 9: قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ غَسْلِهِ وَجَعْلِ تَشْمِيسِهِ دِبَاغًا وَجْهَانِ، وَيَتَوَجَّهَانِ فِي تَتْرِيبِهِ، أَوْ رِيحٍ" انْتَهَى، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: هَلْ يُعْتَبَرُ غَسْلُ الْمَدْبُوغِ بَعْدَ الدَّبْغِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي2، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ3، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ غَسْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالْمَجْدُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يُشْتَرَطُ غَسْلُهُ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: اشْتِرَاطُ الْغَسْلِ أَظْهَرُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَذَلِكَ يُخَرَّجُ عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْأَثَرِ بعد الاستجمار بالأحجار، هل هو4 طَاهِرٌ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ طَاهِرٍ، وَقَدَّمَهُ المصنف في باب إزالة النجاسة5 وغيره.
وَأَطْلَقَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ، كَثَوْبٍ نَجِسٍ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ بَيْعُ نَجَاسَةٍ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا، وَلَا فَرْقَ وَلَا إجْمَاعَ كَمَا قِيلَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ1: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الزِّبْلِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ2: هَذَا من قوله يدل على بيع العذرة. و3قال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْعَذِرَةِ، لِأَنَّهُ مِنْ مَنَافِعِ النَّاسِ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ أَوَّلَ الْبَيْعِ4، فعلى المنع يتوجه أنهما في ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 8: هَلْ يَحْصُلُ الدِّبَاغُ بِتَشْمِيسِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُل الدِّبَاغُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَحَوَاشِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ5. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِاشْتِرَاطِهِمْ الدَّبْغَ، وَأَنْ يَكُونَ يَابِسًا6، وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا مِنْهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْصُلُ الدَّبْغُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ 7 الثَّالِثَةُ - 9: قَوْلُهُ: "وَيَتَوَجَّهَانِ فِي تَتْرِيبِهِ أَوْ رِيحٍ" قُلْت: قَدْ صَرَّحَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ بِإِجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي التَّتْرِيبِ، وَكَذَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِيهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ والله أعلم.
الْإِثْمِ سَوَاءٌ لِقَوْلِهِ1 عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الرِّبَا: "الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ" 2 وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَسْهَلُ، لِلْحَاجَةِ، كَرِوَايَةٍ فِي أَرْضِ الشَّامِ وَنَحْوِهَا، قَالَ أَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ3 فِي شِرَاءِ الزِّبْلِ: الْمُشْتَرِي أَعْذَرُ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: هُمَا سِيَّانِ فِي الْإِثْمِ لَمْ يَعْذُرْ اللَّهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ آدَمِيٍّ "ع" قَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَجَعَلَ الْمُصْرَانَ وترا دِبَاغٍ، وَكَذَا الْكِرْشُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيُتَوَجَّهُ لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي الخرز بشعر خنزير روايات الجواز "وهـ م" والكراهة، والتحريم "م 10" "وش" وَيَجِبُ غَسْلُ مَا خَرِزَ بِهِ1 رَطْبًا لِتَنْجِيسِهِ، وعنه لا، لإفساد المغسول. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ: "وَفِي الْخَرْزِ بِشَعْرِ خِنْزِيرٍ رِوَايَاتٌ، الْجَوَازُ، وَالْكَرَاهَةُ، وَالتَّحْرِيمُ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ: إحْدَاهَا: يَحْرُمُ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قُلْت: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ، وَأَطْلَقَ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ فِي المغني2 والشرح3 وآداب المستوعب.
وَفِي لُبْسِ جِلْدِ ثَعْلَبٍ وَافْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ روايتان "م 11 - 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -11 – 12: قَوْلُهُ: "وَفِي لُبْسِ جِلْدِ ثَعْلَبٍ وَافْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -11: أَطْلَقَ فِي لُبْسِ جِلْدِ الثَّعْلَبِ رِوَايَتَيْنِ. وَاعْلَمْ: أَنَّ فِيهِ رِوَايَاتٌ: إحْدَاهُنَّ: الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَمَّا الثَّعْلَبُ فَفِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ جَوَازُ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْإِبَاحَةُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ نَصَّ عَلَيْهَا، وَقَدَّمَهَا فِي الْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: الْكَرَاهَةُ فِي الصَّلَاةِ دُونَ غَيْرِهَا. وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يُبَاحُ لُبْسُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَفِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ: الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي حِلِّهَا، انْتَهَى وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِلِّ فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ تَحْرِيمَ لُبْسِهِ عَلَى القول بأن الدبغ لا يطهر. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 12: أَطْلَقَ فِي افْتِرَاشِ جِلْدِ سَبُعٍ رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ: إحْدَاهُمَا: عَدَمُ الْجَوَازِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ1، وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْجَوَازُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَبَالَغَ حتى قال1 بِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِجُلُودِ الْكِلَابِ فِي الْيَابِسِ وَشَدِّ البنوق2 ونحوه، ولم يشترط دباغا.
ويجوز الانتفاع بالنجاسات في رواية1 "وهـ م ر" لَكِنْ2 كَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَجَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: وشحم لميتة "وش" أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ3، وَمَالَ إليه شيخنا، وعنه المنع "م 13" "وم ر" ويعتبر أن لا يَنْجُسَ، وَقِيلَ مَائِعًا4. وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِكَوْنِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ قَرَنَهُ بِنَجَسِ الْعَيْنِ. واحتج بعضهم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ كَابْنِ حَمْدَانَ صَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ كَرَاهَةَ لُبْسِ وَافْتِرَاشِ جِلْدٍ مُخْتَلَفٍ فِي نَجَاسَتِهِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَحْكَامِ اللِّبَاسِ5: وَيُكْرَهُ لبسه وافتراشه جلدا مختلفا في نجاسته، وقيل لَا، وَعَنْهُ يَحْرُمُ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا إنْ طَهُرَ بِدَبْغِهِ لَبِسَهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، انْتَهَى. "فَمَسْأَلَةُ" الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "قُلْت" وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِالرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ وَبِالْخِلَافِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، لَا إلَى كَوْنِهِ نَجِسًا، فَعَلَى هَذَا يَنْتَفِي التَّكْرَارُ وَالِاعْتِرَاضُ، وَلَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْرِيحٍ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ خَارِجٍ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ حِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ6، وَاَللَّهُ أعلم. مسألة- 13: قوله: "وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَاتِ فِي رِوَايَةٍ، لَكِنْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ ... وَعَنْهُ الْمَنْعُ" انْتَهَى: إحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: وَيَجُوزُ إيقَادُ السَّرْجَيْنِ النَّجِسِ، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَقْيَسِ، وَإِلَيْهِ ميل ابن عبيدان
بِتَجْوِيزِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الِانْتِفَاعَ بِالنَّجَاسَةِ لِعِمَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ مَعَ الْمُلَابَسَةِ لِذَلِكَ عَادَةً. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: "إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ1 قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا" 2، قَالَ فِيهِ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَوْ بَالَ فِي سُبَاطَةِ غَيْرِهِ يَجُوزُ، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ، وَمَا يُذْكَرُ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُمْ. كَذَا قَالَ، وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التُّرَابَ الْمُلْقَى إذَا خَالَطَهُ زِبْلٌ أَوْ نَجَاسَةٌ لَمْ يَحْرُمْ اسْتِعْمَالُهُ3 تَحْتَ الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ وَالْمَزَارِعِ وَسَأَلَهُ الْفَضْلُ4 عَنْ غَسْلِ الصَّائِغِ الْفِضَّةَ بِالْخَمْرِ، هَلْ يَجُوزُ؟ قَالَ: هَذَا غِشٌّ، لِأَنَّهَا تَبْيَضُّ بِهِ. وَلَا يَطْهُرُ جِلْدٌ غَيْرُ مَأْكُولٍ وَلَوْ آدَمِيًّا، قُلْنَا: يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ "و. ر" قَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ بِذَبْحِهِ "هـ" كَلَحْمِهِ "و" فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ لِذَلِكَ "هـ" قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ فِي النَّزْعِ. وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ وَإِنْفَحَتهَا5 وَجِلْدَتُهَا نَجِسٌ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ في الجلدة، وذكره فيها6 في الخلاف اتفاقا، وعنه طاهر مباح "وهـ" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الشيخ تقي الدين. قلت: و7هو الصَّوَابُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ إيقَادُ النَّجِسِ أَشْبَهَ دُهْنَ الْمَيْتَةِ انتهى. "قلت" وهو ظاهر كلام جماعة.
وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ مُبَاحٌ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ1: صُوفُ الْمَيْتَةِ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا كَرِهَهُ، وَعَنْهُ نجس "وش" اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ، وَكَذَا مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ لَا يُؤْكَلُ، وَعَنْهُ مِنْ طَاهِرٍ طاهر2 وافق الشافعية عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ "وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَرِيشُهَا طَاهِرٌ مُبَاحٌ، وَعَنْهُ نَجِسٌ، وَكَذَا مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ لَا يُؤْكَلُ، وَعَنْهُ مِنْ طَاهِرٍ طَاهِرٌ" انْتَهَى، فِي كلامه نظر من أوجه3: أَحَدُهَا: أَنَّ كَلَامَهُ شَمِلَ الطَّاهِرَ وَالنَّجِسَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ شَعْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ قَطْعًا. الثَّانِي: أَنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمَهُ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ المنفصلة من الحيوان النجس4 طَاهِرَةٌ، وَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ طَاهِرَةٌ وَمِنْ النَّجِسِ نَجِسَةٌ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ فِي الْإِنْصَافِ5، وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ. وَالثَّالِثُ: أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ "كَجَزِّهِ إجْمَاعًا" أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَائِدٌ إلَى شَعْرِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْإِجْمَاعُ عائد إلى شعر الحيوان المأكول
كجزه من مأكول1 "ع" وَكَشَعْرِ آدَمِيٍّ "ق" وَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ على الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعُ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "وَكَشَعَرِ آدَمِيٍّ" فِيهِ عُمُومٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ شَعْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قُلْت" وَكَذَا شَعْرُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَمْ أَرَهُ والله أعلم.
فِيهِمَا لِحُرْمَتِهِ، وَقِيلَ: يَنْجُسُ شَعْرُ هِرٍّ وَمَا دُونَهَا بِمَوْتِهِ لِزَوَالِ عِلَّةِ الطَّوْفِ1 بِهِ. وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ شَعْرُ غَيْرِ آدَمِيٍّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ، وَإِلَّا فَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ "م 14" وَاسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ شَعْرَ كلب وخنزير وجلدهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَنْجُسْ شَعْرُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ وَإِلَّا فَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهَلْ يُبَاحُ ثَوْبٌ مِنْ شَعْرِ مَا لَا يُؤْكَلُ مَعَ نَجَاسَتِهِ غَيْرَ جِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَقِيلَ: هُمَا بِنَاءٌ عَلَى طَهَارَتِهِ وَنَجَاسَتِهِ، وَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ أَوْ2 لُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ هُوَ مُبَاحٌ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسَ بِمَوْتِهِ، لَا مِنْ حَيَوَانٍ نَجِسٍ حَيًّا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي الثَّوْبِ مِنْ شَعْرِ حَيَوَانٍ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَعَنْهُ هُوَ طَاهِرٌ مُبَاحٌ، وَعَنْهُ هُوَ نَجِسٌ، وَفِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسِ، وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ مَا كَانَ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فَمُبَاحٌ، وَمَا كَانَ مِنْ نَجِسٍ فَلَا، انْتَهَى، فَأَطْلَقَا الْخِلَافَ أَيْضًا كَالْمُصَنِّفِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ الْمَنْعُ قُلْت: الصَّوَابُ جَوَازُ اسْتِعْمَالِهِ فِي يَابِسٍ وَلُبْسِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى اسْتِعْمَالِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ إذَا قُلْنَا لَا يَطْهُرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى قَوْلٍ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ وَاسْتِعْمَالِ الْمُنْخُلِ مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ3 وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَابْنُ حَمْدَانَ وَلَكِنْ اخْتَارَ الْكَرَاهَةَ وغيرهم.
وفي طهارة رطوبة أصله بغسله1، وذكر 2 شيخنا: وهو3 وَجْهَانِ "م 15" وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا غُسِلَ. وَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَنَقَلَ أَبُو طالب ينتفع بصوفها5 إذَا غُسِلَ، قِيلَ: فَرِيشُ الطَّيْرِ؟ قَالَ: هَذَا أَبْعَدُ. وَحَرَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَتْفَ ذَلِكَ مِنْ حي لإيلامه، وكرهه في النهاية. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 15: قَوْلُهُ: "وَفِي طَهَارَةِ رُطُوبَةِ أَصْلِهِ بِغَسْلِهِ ... وَجْهَانِ"، انْتَهَى، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ: وَأَحَدُهُمَا يَطْهُرُ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا غُسِلَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُنْتَفَعُ بِصُوفِهِمَا إذَا غُسِلَ، قِيلَ: فَرِيشُ الطَّيْرِ؟ قَالَ: هَذَا أَبْعَدُ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَطْهُرُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَحَرَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَتْفَ صُوفٍ وَشَعْرٍ وَرِيشٍ مِنْ حَيٍّ لِإِيلَامِهِ وَكَرِهَهُ فِي النِّهَايَةِ، انْتَهَى، ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إن حصل إيلام، و8 قطع به في الرعاية الكبرى.
وَعَظْمُهَا وَقَرْنُهَا وَظُفْرُهَا وَعَصَبُهَا نَجِسٌ، وَعَنْهُ طَاهِرٌ "وهـ" قَالَ بَعْضُهُمْ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبٍ الْمَالِكِيُّ1، فَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فيه "وهـ" وَقِيلَ: وَهُوَ أَصَحُّ، لِانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّجْنِيسِ، وَهِيَ الرُّطُوبَةُ، وَعَلَى نَجَاسَةِ ذَلِكَ لَا يُبَاعُ كَمَا سبق "وم" وَجَوَّزَ مُطَرِّفٌ2 وَابْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيَّانِ بَيْعَ أَنْيَابِ الْفِيلِ، وَأَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ3 إذَا دُبِغَتْ بأن تغلى وتسلق. وَإِنْ صَلُبَ قِشْرُ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ فَبَاطِنُهَا طَاهِرٌ "م" وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 16" وَلَا يَحْرُمُ بِسَلْقِهِ فِي نَجَاسَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -16: قَوْلُهُ "وَإِنْ صَلُبَ قِشْرُ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مَيِّتَةٍ فَبَاطِنُهَا طَاهِرٌ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: هِيَ نَجِسَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن فِي فُرُوعِهِ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: قَالَهُ6 أَصْحَابُنَا وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي7 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وابن رزين والفائق وغيرهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: هِيَ طَاهِرَةٌ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْمُغْنِي1. فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا.
باب الاستطابة
باب الاستطابة الأقوال في استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي ... بَابُ الِاسْتِطَابَةِ قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ: اسْتَطَابَ، وَأَطَابَ إذَا اسْتَنْجَى. اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا حَالَ التَّخَلِّي: فِيهِ رِوَايَاتٌ، الثالثة جوازهما في بناء، اختاره الأكثر، "وم ش" الرَّابِعَةُ جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فِيهِمَا، الْخَامِسَةُ جَوَازُهُ فِي بِنَاءٍ "م 1" وَيَكْفِي انْحِرَافُهُ عَنْ الْجِهَةِ، نقله أبو داود1، ومعناه في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 1: قَوْلُهُ: اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا حَالَ التَّخَلِّي فِيهِ رِوَايَاتٌ: الثَّالِثَةُ جَوَازُهُمَا فِي بِنَاءٍ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، الرَّابِعَةُ جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فِيهِمَا، الْخَامِسَةُ جَوَازُهُ فِي بِنَاءٍ انْتَهَى. إحْدَاهُنَّ: جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ فِي الْبُنَيَّانِ دُونَ الْفَضَاءِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا الْمَنْصُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، انْتَهَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْعُمْدَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا تَفْصِيلُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ3 وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْهَدْيِ وَالْفَائِقِ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ فِيهِمَا. قُلْت: وَهِيَ بَعِيدَةٌ جِدًّا وإدخال
الخلاف وفي جامعه الكبير، احتج لوجوب توجه المصلي إلى العين ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ1 لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ أَوْ مُسْتَتِرًا بِشَيْءٍ فَلَا يُقَاوِمُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ2. وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ فِي الْفَضَاءِ وَالْبُنْيَانِ3، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهِمَا. وَالرِّوَايَةُ الْخَامِسَةُ: يَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ فِي الْبُنْيَانِ فَقَطْ، وَحَكَاهَا ابْنُ الْبَنَّا فِي كَامِلِهِ وَجْهًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ، وَيَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كَانَ رِيحٌ فِي غَيْرِ جِهَتِهَا، انْتَهَى. قُلْت: مَتَى حَصَلَ ضَرَرٌ بِعَدَمِ اسْتِقْبَالِهَا سَاغَ اسْتِقْبَالُهَا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ: يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الصَّحَارَى وَلَا يُمْنَعُ فِي الْبُنْيَانِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ: لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ الْحَاجَةِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَا اسْتِدْبَارُهَا فِي الْفَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ جَازَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى لَا يَجُوزُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ إذَا كَانَ فِي الْفَضَاءِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ، 3 فَإِنْ كَانَ فِي الْبُنْيَانِ فَفِي جَوَازِ الِاسْتِقْبَالِ وَالِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَفِي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبُنْيَانِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ4: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي الْفَضَاءِ وَفِي اسْتِدْبَارِهَا فِيهِ وَاسْتِقْبَالِهَا فِي الْبُنْيَانِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ.
بِأَنَّ التَّوَجُّهَ ثَبَتَ لِلْكَعْبَةِ لِلتَّعْظِيمِ، فَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُوَاجَهَةُ، وَالْغَيْبَةُ، كَالْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ بِالْبَوْلِ. قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ إلَى تَوَجُّهِ الْمُصَلِّي إلَى الْجِهَةِ يَقُولُ: الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ بِالْبَوْلِ يَحْصُلُ إلَى الْجِهَةِ فِي حَالِ الْغَيْبَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدِهِ1: لَا يَكْفِي. وَيَكْفِي الِاسْتِتَارُ فِي الْأَشْهَرِ بِدَابَّةٍ، وَجِدَارٍ، وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي إرْخَاءِ ذَيْلِهِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ "م 2" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُعْتَبَرُ قربه مِنْهَا كَمَا لَوْ كَانَ فِي بَيْتٍ، وَيُتَوَجَّهُ وجه:2 كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَحْوُ آخِرَةِ الرَّجُلِ، لِتَسَتُّرِ أَسَافِلِهِ. وَيُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا فِي فَضَاءٍ باستنجاء واستقبال الشمس، والقمر، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 2: قَوْلُهُ: "وَيَكْفِي الِاسْتِتَارُ فِي الْأَشْهَرِ بِدَابَّةٍ وَجِدَارٍ وَجَبَلٍ وَنَحْوِهِ وَفِي إرْخَاءِ ذَيْلِهِ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ حَيْثُ أمن التنجيس وهو موجود في تعليلهم.
كَالرِّيحِ، وَقِيلَ: لَا كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ1، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا في الخلاف، وحمل النهي حين كان قبلة، وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ بَقَاءَ حُرْمَتِهِ، وَظَاهِرُ نَقْلِ حنبل2 فيه يكره "وش" وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ: حُكْمُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ كَالْقِبْلَةِ، وَهُوَ سَهْوٌ. وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى دَاخِلًا، وَقَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ3 إذَا أَرَادَ دُخُولَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ4: "أَعُوذ بِاَللَّهِ". وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ، وَالْأَمْرُ بِهِ. وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِلَا حَاجَةٍ، وَعَنْهُ لَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَرْكُهُ أَوْلَى وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِتَحْرِيمِهِ، كَمُصْحَفٍ، وَيُجْعَلُ فَصُّ خَاتَمٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى فِي بَاطِنِ كَفِّهِ وَلَا بَأْسَ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا، نَصَّ عليهما، ويتوجه في حرز مثلها، وقال صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ ... اسْتِقْبَالُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ كَالرِّيحِ وَقِيلَ لَا كَبَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا في الخلاف وحمل النهي حين كان قبلة، وَلَا يُسَمَّى بَعْدَ النَّسْخِ قِبْلَةً، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ بَقَاءَ حُرْمَتِهِ، وَظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فِيهِ يُكْرَهُ" انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوَجُّهِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَلَا بَأْسَ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا" انْتَهَى، فَجَزَمَ بِأَنَّهُ لا
النَّظْمِ: وَأَوْلَى. وَيَنْتَعِلُ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَلَوْ رَدُّ سَلَامٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَكَرِهَهُ الْأَصْحَابُ، وَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ بِقَلْبِهِ، وَعَنْهُ وَبِلَفْظِهِ، وَكَذَا إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ صَاحِبُ النَّظْمِ بِتَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ فِي الْحُشِّ وَسَطْحِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ عَلَى حَاجَتِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ تُكْرَهُ، لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْحَمَّامِ لِمَظِنَّةِ نَجَاسَتِهِ، وَكَرَاهَةِ ذِكْرِ اللَّهِ فِيهِ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَفِي الْغُنْيَةِ1 لَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يَذْكُرُ اللَّهَ، وَلَا يَزِيدُ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالتَّعَوُّذِ. وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ، وَهُوَ كَشْفٌ لِعَوْرَتِهِ خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ، وفي تحريمه وكراهته روايتان "م 3" وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ التَّحْرِيمَ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الجن في آخر صلاة الجماعة2، ومعناه ـــــــــــــــــــــــــــــQبَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْخَلَاءِ وَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ دُخُولِ الْخَلَاءِ بِمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تعالى بلا حاجة، وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ "قُلْت" ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ حَمْلَ الدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا فِي الْخَلَاءِ كَغَيْرِهَا فِي الْكَرَاهَةِ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ رَجَبٍ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْخَوَاتِمِ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ، فَقَالَ فِي الدَّرَاهِمِ: إذَا كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ أَوْ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] يُكْرَهُ أَنْ يُدْخَلَ اسْمُ اللَّهِ الْخَلَاءَ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: "وَلُبْثُهُ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُضِرٌّ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ وَهُوَ كَشْفٌ لِعَوْرَتِهِ خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ، وَفِي تَحْرِيمِهِ وكراهته روايتان" انتهى، وأطلقهما ابن تميم:
فِي الرِّعَايَةِ، وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُجَرَّدِ فِي ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ، فَإِنَّهُ احْتَجَّ لِلتَّحْرِيمِ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "إيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّي، فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَحْرُمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، فَقَالَ: وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَاجِبٌ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عبيدان وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَ فِي النَّظْمِ أَنَّهُ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، وَعَنْهُ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ أَبُو المعالي وصاحب الرعاية. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي ظُلَّةٍ2 أَوْ حَمَّامٍ، أَوْ بِحَضْرَةِ مَلَكٍ، أَوْ جِنِّيٍّ، أَوْ حَيَوَانٍ يَهِيمُ أَوْ لَا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. الثَّانِي: فِي لُبْثِهِ فَوْقَ حَاجَتِهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا الْكَرَاهَةُ لَا غَيْرُ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْكَافِي3 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَحَوَاشِي الْمُصَنَّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: التَّحْرِيمُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ تِلْكَ، لِقَطْعِهِمْ هنا بالكراهة،
مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ إلَّا عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى أَهْلِهِ، فَاسْتَحْيُوهُمْ، وَأَكْرِمُوهُمْ". وَكَذَا رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ "م 4" بِلَا حَاجَةٍ. وَحَيْثُ لَمْ يَحْرُمْ "ش" كره، وَفِي كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ جَازَ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، كَذَا قَالَ. وَيُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي شِقٍّ وَسِرْبٍ1 وَمَاءٍ رَاكِدٍ وَقَلِيلٍ جَارٍ فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَمُسْتَحَمٍّ غَيْرِ مُبَلَّطٍ، وَعَنْهُ وَمُبَلَّطٍ، وَفِي مُقَيَّرٍ رِوَايَتَانِ "م 5" وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَنَارٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَزَعٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَجَرِّدُ مِنْ النَّبْتِ بَيْنَ بَقَايَا مِنْهُ. وَفِي الرعاية ورماد، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذِكْرِهِمْ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، فَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عِنْدَ هَؤُلَاءِ هِيَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ فِي خَلْوَةٍ بِلَا حَاجَةٍ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ زِيَادَةُ لُبْثِهِ فَوْقَ حَاجَتِهِ، وَالْفَرْقُ قَدْ يُتَّجَهُ بِأَنْ يُقَالَ زِيَادَةُ لُبْثِهِ فِي الْخَلَاءِ تَبَعٌ لِمُبَاحٍ، بِخِلَافِ فِعْلِ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، لِأَنَّهُ قَدْ يَثْبُتُ تَبَعًا مَا لَا يَثْبُتُ اسْتِقْلَالًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -4: قَوْلُهُ: "وَكَذَا رَفْعُ ثَوْبِهِ قَبْلَ دُنُوِّهِ مِنْ الْأَرْضِ" يَعْنِي هَلْ يُحَرَّمُ أَمْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وهو الصحيح، جزم به في الفصول، وَالْمُغْنِي2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ. مَسْأَلَةٌ -5: قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي شِقٍّ" وَكَذَا وَكَذَا ثُمَّ قَالَ: "في مقير روايتان".
تَحْرِيمِهِ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ، وَمَوْرِدِ مَاءٍ، وَظِلٍّ نافع، وتحت شجرة مثمرة، وتغوطه في1 جار وَجْهَانِ "م 6 - 10"، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ النَّهْيَ عَنْ بَوْلِهِ في راكد، وأطلق الآمدي البغدادي تحريمه فيه. وفي النهاية1: يكره تغوطه فيه، ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى، وَهُوَ عَمَلَ الْمُقَيَّرَ مَكَانَ الْبَلَاطِ فِي الْمُسْتَحَمِّ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ. إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي المجد في شرحه وابن عبد القوي في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قَالَ فِي المغني2 والشرح3 وغيرهما وَلَا يَبُولُ فِي مُغْتَسَلِهِ وَأَطْلَقُوا. مَسْأَلَةٌ -6 – 10: قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِهِ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ وَمَوْرِدِ مَاءٍ وظل نافع وتحت شجرة مثمرة وتغوطه في جَارٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 6: هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي طَرِيقٍ مَأْتِيٍّ أَمْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ5 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي6 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ وَقَوَاعِدُ المذهب تقتضيه.
وَيَحْرُمُ عَلَى مَا نُهِيَ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِهِ لحرمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 7: هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي مَوْرِدِ الْمَاءِ أَمْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَالشَّرْحِ2 وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْرُمُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 8: هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الظِّلِّ النَّافِعِ، أَمْ يُكْرَهُ؟ أطلق الخلاف. أحدهما: يكره، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي1 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ. وَفِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ- 9: هَلْ يَحْرُمُ الْبَوْلُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ أَمْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ:
وَفِي النِّهَايَةِ يُكْرَهُ عَلَى الطَّعَامِ كَعَلَفِ دَابَّةٍ، وَهُوَ سَهْوٌ. وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى خَارِجًا، وَيَقُولُ: غُفْرَانَك، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي الْأَذَى وَعَافَانِي1. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي1 وَالشَّرْحِ 2 وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ قَوِيٌّ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَهُ كُرِهَ، وَإِنْ كانت لغيره حرم، انتهى. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ -10: هَلْ يَحْرُمُ تَغَوُّطُهُ فِي الْمَاءِ الْجَارِي أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَلَا يَتَغَوَّطُ فِي مَاءٍ جَارٍ "قُلْت" إنْ نَجِسَ بِهِ انْتَهَى، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسِيرًا وَعَلَيْهِ مُتَوَضِّئٌ حُرِّمَ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا، وَكُلُّ جَرِيَّةٍ مِنْهُ لَا تَتَغَيَّرُ بِبَوْلِهِ لَمْ يَحْرُمْ، انتهى.
وَلَا يُكْرَهُ الْبَوْلُ قَائِمًا "وم" بِلَا حَاجَةٍ إنْ أَمِنَ تَلَوُّثًا وَنَاظِرًا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ الْأَدَبِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَبُولُ وَلَا يَقُولُ أُرِيقُ الْمَاءَ. وَفِي الْفُصُولِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ. وَفِي النَّهْيِ خَبَرٌ ضَعِيفٌ1، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ 2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي إسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ: "أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ: إنْ رَأَيْت شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْك، قُمْت كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ". قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ قَالَ: وَكِلَاهُمَا لَهُ مَعْنًى. وَيَبْعُدُ فِي الْفَضَاءِ؛ وَيَسْتَتِرُ، وَيَقْصِدُ مكانا رخوا، وفي التبصرة علوا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: فإذا فرغ مسح بيساره ذكره من أصله
فَصْلٌ: فَإِذَا فَرَغَ مَسَحَ بِيَسَارِهِ ذَكَرَهُ مِنْ أصله، وهو الدرز1؛ أَيْ مِنْ حَلْقَةِ الدُّبُرِ إلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ يَنْتُرُهُ ثَلَاثًا، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ كُلُّهُ، ثَلَاثًا، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَيَتَنَحْنَحُ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَيَمْشِي خُطُوَاتٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: ذَلِكَ كُلُّهُ بِدْعَةٌ، وَلَا يَجِبُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَوْلًا يُكْرَهُ نَحْنَحَةٌ وَمَشْيٌ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَسْوَاسٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ بَوْلِهِ قَلِيلًا، وَيُكْرَهُ بَصْقُهُ عَلَى بَوْلِهِ لِلْوَسْوَاسِ. ثُمَّ يَتَحَوَّلُ لِلِاسْتِنْجَاءِ مَعَ خَوْفِ التَّلَوُّثِ وَهُوَ وَاجِبٌ "م ر" وَلَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى دِرْهَمٍ "هـ" لِكُلِّ خَارِجٍ، وَقِيلَ نَجِسٌ مُلَوِّثٌ وَهُوَ أَظْهَرُ "وش" لَا مِنْ رِيحٍ "و" قَالَ فِي الْمُبْهِجِ لِأَنَّهَا عَرَضٌ بِإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّينَ، كَذَا قَالَ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ2، وَهِيَ طَاهِرَةٌ. وَفِي النِّهَايَةِ نَجِسَةٌ، فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا، وَالْمُرَادُ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ إنْ تَغَيَّرَ بِهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ طَاهِرَةٌ لَا يَنْتَقِضُ3 الْوُضُوءُ بِنَفْسِهَا، بَلْ بِمَا يَتْبَعُهَا مِنْ النَّجَاسَةِ فَتُنَجِّسُ مَاءً يَسِيرًا. وَيُعْفَى عَنْ خَلْعِ السَّرَاوِيلِ لِلْمَشَقَّةِ، كَذَا قَالَ4، وَقِيلَ: لا استنجاء من نوم وريح ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا اسْتِنْجَاءَ مِنْ نَوْمٍ وريح، انتهى، قال شيخنا في
وَأَنَّ أَصْحَابَنَا بِالشَّامِ قَالَتْ: الْفَرْجُ تُرْمَصُ1 كَمَا تُرْمَصُ2 الْعَيْنُ، وَأَوْجَبَتْ غَسْلَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْوَقْتِ الدِّينَوَرِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. وَيَبْدَأُ رَجُلٌ وَبِكْرٌ بِقُبُلٍ: وَقِيلَ: بِالتَّخْيِيرِ كَثَيِّبٍ، وَقِيلَ فِيهَا يُبْدَأُ بِالدُّبُرِ، وَيُبْدَأُ بِالْحَجَرِ، فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَاءِ فَقَالَ أَحْمَدُ يُكْرَهُ. وَيُجْزِئُهُ أَحَدُهُمَا وَجَمْعُهُمَا أَوْلَى "و" وَالْمَاءُ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ الْحَجَرُ، فَإِنْ تَعَدَّى الْخَارِجُ مَوْضِعَ الْعَادَةِ وَجَبَ الْمَاءُ كَتَنْجِيسِهِ بِغَيْرِ الْخَارِجِ، وَقِيلَ: عَلَى الرَّجُلِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ لَا يَسْتَجْمِرُ فِي غَيْرِ الْمَخْرَجِ، وَقِيلَ: يَسْتَجْمِرُ فِي الصَّفْحَتَيْنِ والحشفة "وش" وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ ذَلِكَ، لِلْعُمُومِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَمْنَعُ الْقِيَامُ الِاسْتِجْمَارَ مَا لَمْ يَتَعَدَّ الخارج "ش". ولا يجب الْمَاءُ لِغَيْرِ الْمُتَعَدِّي نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بَلَى، وَيُتَوَجَّهُ مَعَ اتِّصَالِهِ، وَلَا لِلنَّادِرِ "م". وَيَجِبُ ثَلَاثُ مَسَحَاتٍ "هـ م" مَعَ الْإِنْقَاءِ "و" فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا اُسْتُحِبَّ الْقَطْعُ عَلَى وِتْرٍ. وَالْإِنْقَاءُ بِالْحَجَرِ بَقَاءُ أَثَرٍ لَا يُزِيلُهُ إلَّا الماء، وقال الشيخ: ـــــــــــــــــــــــــــــQحَوَاشِيهِ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ وَقِيلَ بِالِاسْتِنْجَاءِ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ، أَوْ وَقِيلَ يَجِبُ الِاسْتِنْجَاءُ مِنْ نَوْمٍ وَرِيحٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَقَدْ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا يَجِبُ مِنْ نَوْمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَوْجَبَهُ حَنَابِلَةُ الشَّامِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الصيرفي، انتهى.
خُرُوجُ الْحَجَرِ الْأَخِيرِ لَا أَثَرَ بِهِ إلَّا يَسِيرًا، وَلَوْ بَقِيَ مَا يَزُولُ بِالْخِرَقِ أَوْ الْخَزَفِ لَا بِالْحَجَرِ؛ أُزِيلَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَوَّلِ، لَا الثَّانِي، وَالْإِنْقَاءُ بِالْمَاءِ خُشُونَةُ الْمَحَلِّ كَمَا كَانَ، وَاكْتَفَى فِي الْمَذْهَبِ بِالظَّنِّ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَفِي النِّهَايَةِ بِالْعِلْمِ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ. وَذَكَرَ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُ يَكْفِي، لِخَبَرِ عَائِشَةَ: "حَتَّى إذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ" 1 وَيَأْتِي فِي الشَّكِّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ2. وَفِي تَعْمِيمِ الْمَحَلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ رِوَايَتَانِ "م 11"، وَفِي وُجُوبِ غَسْلِ مَا أَمْكَنَ مِنْ دَاخِلِ فرج ثيب في نجاسة وجنابة وجهان، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -11: قَوْلُهُ: "وَفِي تَعْمِيمِ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى وَحَكَاهُمَا الزَّرْكَشِيّ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَابْنُ تَمِيمٍ: إحْدَاهُمَا: يَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وشرح ابن عبيدان وغيرهم قلت: وهو ظاهر كَلَامِ الْأَصْحَابِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ تَعْمِيمُ الْمَحِلِّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ، ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ لِكُلِّ جِهَةٍ مسحة، لظاهر الخبر5، قال في
وَالنَّصُّ عَدَمُهُ "م 12 - 13" فَلَا تُدْخِلُ يَدَهَا وَإِصْبَعَهَا بل ما ظهر "وش" نَقَلَ جَعْفَرٌ إذَا اغْتَسَلَتْ فَلَا تُدْخِلُ يَدَهَا فِي فَرْجِهَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ: أَرَادَ مَا غمض في1 الْفَرْجِ، لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ تَلْحَقُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ بَاطِنٌ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمَا: هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَذَكَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يُسَنُّ أَنْ يَعُمَّ الْمَحَلَّ بِكُلِّ مَسْحَةٍ بِحَجَرٍ مَرَّةً، وَعَنْهُ بَلْ كُلُّ جَانِبٍ مِنْهُ بِحَجَرٍ مَرَّةً، وَالْوَسَطُ بِحَجَرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: يَكْفِي كُلَّ جِهَةٍ مَسْحُهَا ثَلَاثًا بِحَجَرٍ، وَالْوَسَطَ مَسْحُهُ ثَلَاثًا بِحَجَرٍ انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ: 12-13: قَوْلُهُ "وَفِي وُجُوبِ غَسْلِ مَا أَمْكَنَ مِنْ دَاخِلِ فَرْجِ ثَيِّبٍ فِي نَجَاسَةٍ وَجَنَابَةٍ وَجْهَانِ، وَالنَّصُّ عَدَمُهُ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَحَفِيدُهُ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتَغْسِلُ الْمَرْأَةُ الثَّيِّبُ نَجَاسَةَ بَاطِنِ فَرْجِهَا إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ رُطُوبَتِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، فَإِنْ نَجِسَ أَوْ مَخْرَجُ الْحَيْضِ بِبَوْلٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ غَسْلُهُ فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ يُسَنُّ غَسْلُهُ: ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ جَنَابَةٍ وَلَا نَجَاسَةٍ، انْتَهَى، وَقَدْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْمُطْلِعِ ذَكَرَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ، إلَى حَيْثُ يَصِلُ الذَّكَرُ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، انْتَهَى، وَقِيلَ: إنْ كَانَ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ، وَلَا يَجِبُ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ.
في المطلع عن أصحابنا، واختلف كلام القاضي. وعلى ذَلِكَ يُخَرَّجُ إذَا خَرَجَ مَا احْتَشَّتْهُ بِبَلَلٍ: هَلْ يُنْقَضُ؟ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ ابْتَلَّ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَكَانِهِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ نُقِضَ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا لَمْ يُنْقَضْ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ، قَالُوا: وَإِنْ أَدْخَلَتْ إصْبَعَهَا فِيهِ انْتَقَضَ، لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ بَلَّةٍ، وَيُتَوَجَّهُ عِنْدَنَا الْخِلَافُ، وَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَسَادُ الصَّوْمِ بِوُصُولِ إصْبَعِهَا أَوْ حَيْضٍ إلَيْهِ، وَالْوَجْهَانِ فِي حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ1، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُكْمَ طَرَفِ الْقُلْفَةِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ "م 14" وَأَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ مَا لَا مَشَقَّةَ فِيهِ مِنْ الْفَرْجِ، دون الأقلف، والدبر ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: "قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ هُوَ بَاطِنٌ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةُ وَغَيْرُهُمَا: هو في حكم الظاهر، وذكره في المطلع عَنْ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي" أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فِي ذَلِكَ، أَعْنِي هَلْ مَا أَمْكَنَ غَسْلُهُ مِنْ الْفَرْجِ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ أَوْ الْبَاطِنِ، وَيَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ مُوَافَقَةً لِلنَّصِّ وَهَذِهِ2 مَسْأَلَةٌ- 13: أُخْرَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ هُنَاكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ لِلْمَشَقَّةِ، وَاَللَّهُ أعلم. مَسْأَلَةٌ -14: قَوْلُهُ: "وَالْوَجْهَانِ فِي حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُكْمَ طَرَفِ الْقُلْفَةِ كَرَأْسِ الذَّكَرِ" انتهى. وقد علمت الصحيح من الوجهين في ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ جَعَلَ حُكْمَهُمَا وَاحِدًا، وَقِيلَ وُجُوبُ غَسْلِ حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ الْمَفْتُوقِ أَظْهَرُ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ، وقدمه
فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِنَحْوِ الْحُقْنَةِ، وَلَا يَجِبُ غَسْلُ نَجَاسَتِهِ. وَأَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ نَجِسٌ "و" وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ "و" وَعَنْهُ طَاهِرٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَمَنْ اسْتَنْجَى نَضَحَ فَرْجَهُ وَسَرَاوِيلَهُ، وَعَنْهُ لَا، كَمَنْ اسْتَجْمَرَ. وَمَنْ ظَنَّ خُرُوجَ شَيْءٍ فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ حَتَّى يتيقن واله1عَنْهُ، فَإِنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَرَ أَحْمَدُ حَشْوَ الذَّكَرِ فِي ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ فَصَلَّى ثُمَّ أَخْرَجَهُ فَوَجَدَ بَلَلًا فَلَا بَأْسَ، مَا لَمْ يَظْهَرْ خَارِجًا، وَكُرِهَ الصَّلَاةُ فِيمَا أَصَابَهُ الِاسْتِجْمَارُ حَتَّى يَغْسِلَهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ أَوْ يَمْسَحَهُ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ. وَيَجُوزُ بِكُلِّ طَاهِرٍ مُنَقٍّ مُبَاحٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ، وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ بِجِلْدِ سَمَكٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُذَكًّى، وَقِيلَ: مَدْبُوغٍ، وَحَشِيشٍ رَطْبٍ، وَلَا يَجُوزُ بِمَطْعُومٍ وَلَوْ بِطَعَامِ2 بَهِيمَةٍ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو الْفَرَجِ وَرَوْثٍ "هـ م" وَعَظْمٍ "هـ م" وَمُحْتَرَمٍ كَمَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ وَكُتُبِ حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَفِي الرِّعَايَةِ وَكِتَابَةٍ مُبَاحَةٍ وَمُتَّصِلٍ بحيوان "وش" خلافا للأزجي، وفي النهاية وذهب وفضة "وش" وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ لِتَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهِ وَفِيهَا أَيْضًا وحجارة الحرم "وش" وَهُوَ سَهْوٌ، وَانْفَرَدَ شَيْخُنَا بِإِجْزَائِهِ بِرَوْثٍ وَعَظْمٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَبِمَا نَهَى عَنْهُ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُنَقِّي بَلْ لِإِفْسَادِهِ، فَإِذَا قِيلَ: يَزُولُ بِطَعَامِنَا مَعَ التَّحْرِيمِ، فهذا أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي "الْكُبْرَى" قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ وَالظَّاهِرُ: أَنَّ محل الخلاف فيما إذا كانت الحشفة
وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ فَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ إنْ أَزَالَ شَيْئًا "م 15" وَعَنْهُ يَخْتَصُّ الِاسْتِجْمَارُ بِالْحَجَرِ "خ" فَيَكْفِي وَاحِدٌ، وَعَنْهُ ثلاثة. ويكره بيمينه "وش" وَقِيلَ بِتَحْرِيمِهِ، وَإِجْزَائِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَنَقَلَ صَالِحٌ أَكْرَهُ أَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ بِيَمِينِهِ، فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ، وَحَمَلَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابْنُ مُنَجَّا عَلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ لِسِيَاقِهِ فِيهَا، وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ رِوَايَةَ صَالِحٍ كَذَلِكَ. وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ يَصِحُّ "و" وَكَذَا التَّيَمُّمُ، وَقِيلَ: لا يصح "وش" فَلَوْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْمَحَلِّ فَوَجْهَانِ "م 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْتَتِرَةً بِالْقُلْفَةِ، وَعَلَى الْحَشَفَةِ نَجَاسَةٌ وَأَمْكَنَ كَشْفُهَا. مَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ" يَعْنِي لَوْ اسْتَجْمَرَ أَوَّلًا بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ ثُمَّ اسْتَجْمَرَ بَعْدَهُ بِمُبَاحٍ "فَقِيلَ لَا يُجْزِئُ، وَقِيلَ بَلَى، وَقِيلَ إنْ أَزَالَ شَيْئًا"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ وَعَدَمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِطْلَاقُهُ الْوَجْهَيْنِ إنَّمَا حَكَاهُ طَرِيقَةً. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنْ أَزَالَ شَيْئًا أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ لِابْنِ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَهُ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي إدْخَالِهِ الْقَوْلَ الثالث في إطلاق الخلاف شيء. مَسْأَلَةٌ -16: قَوْلُهُ: "وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيمُ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ، اختاره الأكثر، وعنه:
قَالَ شَيْخُنَا: وَيَحْرُمُ مَنْعُ الْمُحْتَاجِ إلَى الطَّهَارَةِ وَلَوْ وَقَفَتْ عَلَى طَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ، كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ، وَلَوْ فِي مِلْكِهِ، لِأَنَّهَا بِمُوجَبِ الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ مَبْذُولَةٌ لِلْمُحْتَاجِ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ صَرَّحَ بِالْمَنْعِ فَإِنَّمَا يُسَوَّغُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ، وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُ الْمَنَافِعِ الْمُخْتَصَّةِ لِلْمُحْتَاجِ كَسِكِّينِ1 دَارِهِ، وَالِانْتِفَاعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحُّ وَكَذَا التَّيَمُّمُ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ كَانَتْ2 عَلَى غَيْرِ الْمَحَلِّ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ عَلَى غَسْلِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَالْأَشْبَهُ الْجَوَازُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى قَالَ فِي الْمُذْهَبِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا، انْتَهَى، وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّارِحِ وَتَبِعَهُمَا الزَّرْكَشِيّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ قَالَ: حُكْمُ النَّجَاسَةِ عَلَى غَيْرِ الْفَرْجِ حُكْمُهَا عَلَى الْفَرْجِ. وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْفُصُولِ الْقَطْعُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ وَإِطْلَاقِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّذْكِرَةِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: "وَإِلَّا فَيَجِبُ بَذْلُ الْمَنَافِعِ الْمُخْتَصَّةِ
بِمَاعُونِهِ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي دُخُولِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَطْهَرَةَ1 الْمُسْلِمِينَ تَضْيِيقٌ أَوْ تَنْجِيسٌ، أَوْ إفْسَادُ مَاءٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ مَنْعُهُمْ. قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ وَلَهُمْ مَا يَسْتَغْنُونَ بِهِ عَنْ مَطْهَرَةِ الْمُسْلِمِينَ، فليس لهم مزاحمتهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُحْتَاجِ كَسُكْنَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَشَيْخُنَا لَعَلَّهُ كَسِكِّينٍ، فَإِنَّ السُّكْنَى لَا تُبْذَلُ بِلَا عِوَضٍ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ، وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ بَذْلُ السُّكْنَى لِمُحْتَاجٍ2. فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ يَسَّرَ الله الكريم بتصحيحها.
باب السواك وغيره
باب السواك وغيره الأحكام المتعلقة بالسواك وغيره ... باب السواك وغيره يُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ "وَ" وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ بعد الزوال "وش" وَعَنْهُ يُبَاحُ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَهِيَ أَظْهَرُ1، وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ بِعُودٍ رَطْبٍ اخْتَارَهُ القاضي وغيره، وجزم به الحلواني وغيره "وم" وَعَنْهُ فِيهِ لَا، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لأنه قول عمر وابنه، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَالْمَضْمَضَةِ الْمَسْنُونَةِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَاكَ بالعشي. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ – الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ بِعُودٍ رَطْبٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَعَنْهُ فِيهِ لَا، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ" وَغَيْرُهُ، انْتَهَى، فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ نَوْعُ خَفَاءٍ لِأَنَّهَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْهَا إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَلَا تَقَدُّمُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: "وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَهُ وَبِعُودٍ" بِزِيَادَةِ وَاوٍ أَوَّلًا وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ بَلْ يَبْقَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ لَنَا رِوَايَةً بِكَرَاهَةِ السِّوَاكِ قَبْلَ الزَّوَالِ مُطْلَقًا لِلصَّائِمِ وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ جَعَلْنَا الْبَاءَ متعلقة بِيُسْتَحَبُّ أَوَّلَ الْبَابِ فَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ قَائِلًا. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَفَظَّةَ عَنْهُ الْأُولَى زَائِدَةٌ، فَعَلَى قَوْلِهِ يَكُونُ قد قدم الكراهة، و2 على كُلِّ تَقْدِيرٍ فِي كَرَاهَةِ السِّوَاكِ بِعُودٍ رَطْبٍ قَبْلَ الزَّوَالِ لِلصَّائِمِ رِوَايَتَانِ، أَوْ ثَلَاثٌ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفُصُولِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ فِي الصَّوْمِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تميم والحاوي الكبير والفائق
وَيَتَأَكَّدُ عِنْدَ صَلَاةٍ وَانْتِبَاهٍ وَتَغَيُّرِ فَمٍ وَوُضُوءٍ وَقِرَاءَةٍ، وَيَسْتَاكُ عَرْضًا، وَقِيلَ: طُولًا، بِعُودٍ لَا يَضُرُّهُ وَلَا يَتَفَتَّتُ، وَظَاهِرُهُ التَّسَاوِي، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أن الأراك أولى، لفعله صلى الله عليه وسلم1. وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضُ الْأَطِبَّاءِ، وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ فِي اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ عَلَى التَّمْرِ، وَأَنَّهُ أولى في الفطرة، لفعله2. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْهُ، وَعَنْ الزيتون ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ وَابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ. قال أبو المعالي في النهاية3 -وتبعه ابن عبيدان-: و4 الصَّحِيحِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، انْتَهَى، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَمْ يَطَّلِعْ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى مَحَلِّ اخْتِيَارِ الْمَجْدِ، فَلِهَذَا قَالَ: لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ وَلَا هُوَ فِي الْمُحَرَّرِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى5: وَعَنْهُ يُبَاحُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم وصححه في الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ لَا يَجُوزُ، نَقَلَهَا سُلَيْمٌ الرَّازِيّ قَالَهُ6 ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ ونقل المصنف رواية الأثرم
وَالْعُرْجُونِ إلَّا لِتَعَذُّرِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّيْسِيرِ1 مِنْ الْأَطِبَّاءِ: زَعَمُوا أَنَّ التَّسَوُّكَ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ فِي كُلِّ خَامِسٍ مِنْ الْأَيَّامِ يُنَقِّي الرَّأْسَ، وَيُصَفِّي الْحَوَاسَّ، وَيَحُدُّ الذِّهْنَ. وَالسِّوَاكُ بِاعْتِدَالٍ يُطَيِّبُ الْفَمَ، وَالنَّكْهَةَ، وَيَجْلُو الْأَسْنَانَ، وَيُقَوِّيهَا، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسَمِّنُهَا، وَيَقْطَعُ الْبَلْغَمَ، وَيَجْلُو الْبَصَرَ، وَيَمْنَعُ الْحَفَرَ وَيَذْهَبُ بِهِ، وَيُصِحُّ الْمَعِدَةَ، وَيُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ، وَيُشَهِّي الطَّعَامَ، وَيُصَفِّي الصَّوْتَ، وَيُسَهِّلُ مَجَارِيَ الْكَلَامِ، وَيُنَشِّطُ، وَيَطْرُدُ النَّوْمَ، وَيُخَفِّفُ عَنْ الرَّأْسِ، وَفَمِ الْمَعِدَةِ. قَالَ الْأَطِبَّاءُ: وَأَكْلُ السُّعْدِ2، وَالْأُشْنَانِ يُنَقِّي رَأْسَ الْمَعِدَةِ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ وَيُطَيِّبُ النَّكْهَةَ، وَمَضْغُ السُّعْدِ دَائِمًا لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي تَطْيِيبِ النَّكْهَةِ. وَمَنْ اسْتَفَّ مِنْ الزَّنْجَبِيلِ الْيَابِسِ وَاللِّبَانِ الْخَالِصِ أَذْهَبَا عَنْهُ رَائِحَةَ خُلُوفِ الْفَمِ وَمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْخَلُوفِ. وَاللَّوْزُ أَكْلُهُ قَوِيٌّ فِي مَنْعِ ارْتِقَاءِ الْبُخَارِ إلَى فَوْقٍ، وَيُرَطِّبُ الْبَدَنَ، وَلَا يُكْثَرُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُرْخِي الْمَعِدَةَ. وَالرُّمَّانُ الْحَامِضُ يَمْنَعُ الْبُخَارَ، وَلَكِنَّهُ يَضُرُّ بِالْحَشَا، وَالْمَعِدَةِ، وَتُصْلِحُهُ الْحَلْوَى السُّكَّرِيَّةُ وَالْكُسْفُرَةُ تَمْنَعُهُ، لَكِنَّهَا تُظْلِمُ الْبَصَرَ، وَتُجَفِّفُ3 الْمَنِيَّ، وَالْكُمَّثْرَى تمنعه لخاصية4 فيه، والسفرجل ـــــــــــــــــــــــــــــQوحنبل وقيل يباح في صوم النفل.
يَمْنَعُهُ لِشِدَّةِ قَبْضِهِ وَكَثْرَةِ أَرْضِيَّتِهِ، وَلَا يُكْثِرُ لِأَنَّهُمَا يُحْدِثَانِ الْقُولَنْجَ. وَإِنْ أَكْثَرَ أَكْلَ مَعْجُونًا حَارًّا أَوْ عَسَلًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ يَكُونُ الْخِلَالُ1 مِنْ شَجَرٍ لَيِّنٍ، وَلِهَذَا مَنَعْنَا مِنْ السِّوَاكِ بِالْعُودِ الَّذِي يَجْرَحُ الحي، والميت منهي عن أذية جسمه لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا" 2. قَالَ: وَالْمَيِّتُ كَالْحَيِّ فِي الْحُرْمَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ قَصَدَ جُثَّةَ مَيِّتٍ لِيَأْخُذَهَا مِنْ أوليائه فينالها بسوء من حرق أو3 إتلاف جَازَ أَنْ يُحَامُوا عَنْهَا بِالسِّلَاحِ وَلَوْ آلَ ذَلِكَ إلَى قَتْلِ الطَّالِبِ لَهَا كَمَا يُحَامُونَ عَنْ وَلِيِّهِمْ الْحَيِّ. وَيُكْرَهُ بِقَصَبٍ كَرَيْحَانٍ وَرُمَّانٍ وَآسٍ وَنَحْوِهَا، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَكَذَا تَخَلُّلُهُ بِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَتَسَوَّكُ بِمَا يَجْهَلُهُ لِئَلَّا يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ. وَيَسْتَاكُ بِيَسَارِهِ نَقَلَهُ حَرْبٌ قَالَ شَيْخُنَا: مَا عَلِمْت إمَامًا خَالَفَ فِيهِ كَانْتِثَارِهِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ بِيَمِينِهِ: يستاك بيمينه، ـــــــــــــــــــــــــــــQنَجِدْ ذَلِكَ فِي "شَرْحِهِ"، وَلَا هُوَ فِي "المحرر" النتهى. وقال في "الرعاية الكبرى"1: 1 في "ط": "وفي". 2 ليست في "ص" و"ط". "6-6" في ط: "قال ابن المجد". 3 هو: أبو بكر بن عبد الملك بن زهر الإيادي، الإشبيلي، طبيب أندلسي بارع، له كتاب: "التيسير في المداواة والتدبير". "ت595هـ". "سير أعلام النبلاء" 21/325.
وَيَبْدَأُ بِجَانِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَيَتَيَامَنُ فِي انْتِعَالِهِ وَتَرَجُّلِهِ، وَلَا يُصِيبُ السُّنَّةَ بِأُصْبُعِهِ، أَوْ خِرْقَةٍ، وَقِيلَ بلى "وهـ" وَقِيلَ بِقَدْرِ إزَالَتِهِ. وَيَدَّهِنُ غِبًّا، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ التَّرَجُّلِ إلَّا غِبًّا1، وَنَهَى أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُهُمْ كُلَّ يَوْمٍ2، فَدَلَّ أَنَّهُ يُكْرَهُ غَيْرَ الْغِبِّ. وَالتَّرْجِيلُ تَسْرِيحُ الشَّعْرِ وَدَهْنُهُ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّ اللِّحْيَةَ كَالرَّأْسِ، وَفِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَدَهْنُ الْبَدَنِ. وَالْغِبُّ يَوْمًا وَيَوْمًا، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ3، وَفِي الرِّعَايَةِ مَا لَمْ يَجِفَّ الْأَوَّلُ، لَا مُطْلَقًا لِلنِّسَاءِ "ش" وَيَفْعَلُهُ لِلْحَاجَةِ للخبر4. ـــــــــــــــــــــــــــــQوعنه: يباح.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِعْلَ الْأَصْلَحِ بِالْبَلَدِ كَالْغَسْلِ بِمَاءٍ حَارٍّ بِبَلَدٍ رَطْبٍ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ، وَلِأَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَأَنَّ مِثْلَهُ نَوْعُ اللُّبْسِ وَالْمَأْكَلِ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْكُلُ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ، وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِ بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدُوا قُوتَ الْمَدِينَةِ وَلِبَاسَهَا. قَالَ وَمِنْ هَذَا أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 وَعَلَى أَصْحَابِهِ الْإِزَارُ وَالرِّدَاءُ، فَهَلْ هُمَا أَفْضَلُ لِكُلِّ أَحَدٍ وَلَوْ مَعَ الْقَمِيصِ، أَوْ الْأَفْضَلُ مَعَ الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلُ فَقَطْ؟ هَذَا مِمَّا تَنَازَعَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ، فَالِاقْتِدَاءُ بِهِ: تَارَةً يَكُونُ فِي نَوْعِ الْفِعْلِ وَتَارَةً فِي جِنْسِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ لِمَعْنًى يَعُمُّ ذَلِكَ النَّوْعَ وَغَيْرَهُ، لَا لِمَعْنًى يَخُصُّهُ، فَيَكُونُ الْمَشْرُوعُ هُوَ الْأَمْرُ الْعَامُّ قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِفِعْلِهِ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ، بَلْ وَبِكَثِيرٍ مِمَّا أَمَرَهُمْ بِهِ وَنَهَاهُمْ عَنْهُ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ إيَاسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مَرْفُوعًا: "أَنَّ الْبَذَاذَةَ مِنْ الْإِيمَانِ" يَعْنِي التَّقَحُّلَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ2، وَفِي لَفْظٍ يَعْنِي التَّقَشُّفَ. وَقَالَ أَحْمَدُ الْبَذَاذَةُ التَّوَاضُعُ فِي اللِّبَاسِ. وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ3 قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْإِرْفَاهِ، وَيَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا. رَوَاهُ أبو داود4، وعن عبد الله ابن شقيق5 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ به الحلواني وصاحب
عَنْ صَحَابِيٍّ عَامِلٍ بِمِصْرَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا عَنْ الْإِرْفَاهِ وَالتَّرْجِيلِ كُلَّ يَوْمٍ1. وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ هَذَا الْمَعْنَى وَيَأْتِي فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ2. وَيَكْتَحِلُ ثَلَاثًا فِي كُلِّ عَيْنٍ، وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ فِي يسراه. ويتخذ3 الشَّعْرَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا إنْ شَقَّ إكْرَامُهُ "وش" وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ سُنَّةٌ لَوْ نقوى4 عَلَيْهِ اتَّخَذْنَاهُ، وَلَكِنْ لَهُ كُلْفَةٌ وَمُؤْنَةٌ. وَيُسَرِّحُهُ، وَيُفَرِّقُهُ، وَيَكُونُ إلَى أُذُنَيْهِ، وَيَنْتَهِي إلَى مَنْكِبَيْهِ، كَشَعْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَلَا بَأْسَ بِزِيَادَتِهِ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَجَعْلِهِ ذُؤَابَةً. قَالَ أَحْمَدُ: أَبُو عُبَيْدَةَ كَانَتْ لَهُ عَقِيصَتَانِ، وَكَذَا عُثْمَانُ5. وَيُعْفِي لِحْيَتَهُ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يُسْتَهْجَنْ طُولُهَا "وم" وَيَحْرُمُ حَلْقُهَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ، وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِهِ وَمَا تَحْتَ حَلْقِهِ لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، لكن إنما فعله إذ6 حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ7، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَرْكُهُ أَوْلَى. وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَأَخَذَ أَحْمَدُ مِنْ حَاجِبَيْهِ وَعَارِضَيْهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ. وَيَحُفُّ شَارِبَهُ "م" أَوْ يَقُصُّ طَرَفَهُ، وَحَفُّهُ أَوْلَى فِي الْمَنْصُوصِ "وهـ ش" وَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ "م" وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ أَنَّ قَصَّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءَ اللِّحْيَةِ فَرْضٌ، وَأَطْلَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ الِاسْتِحْبَابَ، وأمر صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1، وَلِمُسْلِمٍ2: "خَالِفُوا الْمَجُوسَ". وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا: "وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْ شَارِبَهُ فَلَيْسَ مِنَّا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَصَحَّحَهُ، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تَقْتَضِي عِنْدَ أَصْحَابِنَا التَّحْرِيمَ، وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ4: هَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ؟ وَيَأْتِي فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ5 وَالْوَلِيمَةِ6 حُكْمُ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ. وَلَمْ يَذْكُرُوا شَعْرَ الْأَنْفِ وَظَاهِرُ هَذَا إبْقَاؤُهُ، وَيَتَوَجَّهُ أَخْذُهُ إذَا فَحُشَ، وَأَنَّهُ كَالْحَاجِبَيْنِ وَأَوْلَى مِنْ الْعَارِضَيْنِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الشَّعْرُ فِي الْأَنْفِ أَمَانٌ مِنْ الْجُذَامِ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا، وَهُوَ بَاطِلٌ7. وَيُقَلِّمُ ظُفْرَهُ مُخَالِفًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ8، وَقِيلَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَحِيفَ عَلَيْهَا فِي الْغَزْوِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى حَلِّ حَبْلٍ أَوْ شَيْءٍ نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَنْتِفُ إبِطَهُ، وَيَحْلِقُ عَانَتَهُ، وَلَهُ قَصُّهُ وَإِزَالَتُهُ بِمَا شَاءَ. وَالتَّنْوِيرُ9 فِي الْعَوْرَةِ10 وَغَيْرِهَا، فَعَلَهُ أَحْمَدُ، وَكَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ11 مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَقَدْ أُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ قَتَادَةَ قَالَ: مَا اطَّلَى1 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. كَذَا قَالَهُ أَحْمَدُ. وَفِي الْغُنْيَةِ وَيَجُوزُ حَلْقُهُ لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إزَالَتُهُ كَالنُّورَةِ وَإِنْ ذُكِرَ خَبَرٌ بِالْمَنْعِ حُمِلَ عَلَى التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ، وَكَرِهَ الْآمِدِيُّ كَثْرَةَ التَّنْوِيرِ. وَيُدْفَنُ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَفْعَلُهُ3 كُلَّ أُسْبُوعٍ، وَلَا يَتْرُكُهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عِنْدَ أَحْمَدَ. وَفِي الْغُنْيَةِ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ احتج بالخبر فيه4. وصححه، و5روي عَنْهُ إنْكَارُهُ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ: حَلْقُ الْعَانَةِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ كَمْ يُتْرَكُ؟ قَالَ أَرْبَعِينَ لِلْحَدِيثِ. فَأَمَّا الشَّارِبُ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ وَحِشًا، وَقِيلَ عِشْرِينَ، وَقِيلَ لِلْمُقِيمِ. وَيُكْرَهُ نَتْفُ الشَّيْبِ "وَ" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يَحْرُمُ، لِلنَّهْيِ، لَكِنَّهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وحسنه الترمذي6، ويختضب ونقل7 ابْنُ هَانِئٍ8 عَنْهُ كَأَنَّهُ فَرْضٌ، وَقَالَ: اخْتَضِبْ ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَرَّةً. وَقَالَ: مَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ إلَّا أَنْ يُغَيِّرَ الشَّيْبَ، وَلَا يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَيُسْتَحَبُّ بِحِنَّاءٍ وَكَتَمٍ1، قَالَ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: وَلَا بَأْسَ بِوَرْسٍ، وَزَعْفَرَانٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: خِضَابُهُ بِغَيْرِ سَوَادٍ مِنْ حُمْرَةٍ وَصُفْرَةٍ سُنَّةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَيُكْرَهُ بِسَوَادٍ "وَ" نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْغُنْيَةِ فِي غَيْرِ حَرْبٍ، وَلَا يَحْرُمُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي المعالي في مسألة لبس الحرير2 في الحرب: يَحْرُمُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ، وَاسْتَحَبَّهُ فِي الفنون به فيه –3بالسواد في الحرب- وأن مَا وَرَدَ فِي ذَمِّهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ فَإِنَّهُ فِي بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ كَسَائِرِ التَّدْلِيسِ مِنْ التَّصْرِيَةِ4. وَيَنْظُرُ فِي الْمِرْآةِ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ5 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ وَزَادَ "وَحَرِّمْ وَجْهِي على النار". ويتطيب، ويستحب6 الرَّجُلُ بِمَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ، وَالْمَرْأَةُ عَكْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِمَّا يَنُمُّ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} [النور: 31] ، وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ قَالَ: يُقَاسُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّرِيرِ فِي النَّعْلِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ لِلزِّينَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى. وَإِذَا أَمْسَى خَمَّرَ الْإِنَاءَ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ وَأَطْفَأَ الْمِصْبَاحَ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. وَلَا يُكْرَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ كَقَصِّهِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِ نُسُكٍ وَحَاجَةٍ "وم" كَالْقَزَعِ وَحَلْقِ الْقَفَا زَادَ فِيهِ جَمَاعَةٌ لِمَنْ لَمْ يَحْلِقْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لِحِجَامَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمَجُوسِ وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَلْقُ الْقَفَا يَزِيدُ فِي الْحِفْظِ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ الْحِجَامَةِ فِي نُقْرَةِ الْقَفَا، وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ لِلنِّسْيَانِ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْهُمْ. وَكَحَلْقِهِ قَصُّهُ لِامْرَأَةٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمَانِ عَلَيْهَا، نَقَلَ الْأَثْرَمُ، أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ لِضَرُورَةٍ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ1: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ وَأَنَا أَخُوهَا مِنْ الرضاعة، فسألها2 عَنْ غُسْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجنابة إلى أن قال3: وكان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذْنَ1 مِنْ رُءُوسِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْوَفْرَةِ2. فَفِيهِ جَوَازُ تَخْفِيفِ الشُّعُورِ لِلنِّسَاءِ، لَا مَعَ إسْقَاطِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَكَلَامُهُمْ فِي تَقْصِيرِهِنَّ فِي الْحَجِّ يُخَالِفُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَحْرُمُ حَلْقُ رَأْسِ رَجُلٍ، وَحَرَّمَ بَعْضُهُمْ حَلْقَهُ عَلَى مُرِيدٍ لِشَيْخِهِ، لِأَنَّهُ ذُلٌّ وَخُضُوعٌ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَجِبُ الْخِتَانُ "هـ" وَعَنْهُ عَلَى غَيْرِ امْرَأَةٍ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ، قَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ إذَا وَجَبَتْ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ. وَيُعْتَبَرُ أَخْذُ جِلْدَةِ الْحَشَفَةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "وش" وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَوْ أَكْثَرِهَا، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَيُؤْخَذُ فِي خِتَانِ الْأُنْثَى جِلْدَةٌ فَوْقَ مَحَلِّ الْإِيلَاجِ تُشْبِهُ عُرْفَ الدِّيكِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُؤْخَذَ كُلُّهَا نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ3. وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ، لَا بَأْسَ أَنْ لَا4 يُخْتَنَ، كَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوهُ بِفَرْضِ طَهَارَةٍ وَصَلَاةٍ وصوم من ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أحمد: لا بأس أن لا يختتن 6".
طَرِيقِ الْأَوْلَى. وَفِي الْفُصُولِ يَجِبُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ التَّلَفَ، فَإِنْ خِيفَ فَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُخْتَنُ فَظَاهِرُهُ يَجِبُ، لِأَنَّهُ قَلَّ مَنْ يَتْلَفُ مِنْهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْعَمَلُ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَأَنَّهُ مَتَى خَشِيَ عَلَيْهِ لَمْ يختن ومنعه صاحب المحرر "وش". وَإِنْ أَمَرَهُ1 بِهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَتَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ "م 1"، ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ" انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا في "الحواشي الفروع": وجد2 في بعض النسخ: لا بأس أن يختتن، بِإِسْقَاطٍ "لَا"، قَالَ: وَلَعَلَّهُ أَقْرَبُ؛ لِقَوْلِهِ: كَذَا قال أحمد، وغيره، وهو كما قال. مَسْأَلَةٌ- 1: قَوْلُهُ فِي الْخِتَانِ: "وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ وَلِيُّ الْأَمْرِ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَتَلِفَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ، قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ فَعَلَ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ، أَوْ مرض يخاف من مثله الموت من الختان فَحُكْمُهُ كَالْحَدِّ فِي ذَلِكَ يَضْمَنُ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ انْتَهَى. قُلْتُ: قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ3 فِيهِمَا4 إذَا أَمَرَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِزِيَادَةٍ فِي الْحَدِّ فَزَادَ عَالِمًا بِذَلِكَ هَلْ يَضْمَنُ الْآمِرُ أَوْ الْفَاعِلُ؟ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الْآمِرَ يَضْمَنُ، و5قال: الْأَوْلَى أَنَّ الضَّارِبَ هُوَ الَّذِي يَضْمَنُ، انْتَهَى، وَهَذَا الصَّوَابُ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ فِي كتاب الحدود: وإن جلده
وإن أمر1 بِهِ، وَزَعَمَ الْأَطِبَّاءُ أَنَّهُ يَتْلَفُ أَوْ ظَنَّ تَلَفَهُ ضَمِنَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ. وَفِي الْفُصُولِ إنْ فَعَلَ بِهِ فِي شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ فِي مَرَضٍ يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ الموت من الختان فحكمه كالحد2 في ذلك يَضْمَنُ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَفِعْلُهُ زَمَنَ الصِّغَرِ أَفْضَلُ "هـ" وَقِيلَ التَّأْخِيرُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ إلَى التَّمْيِيزِ، قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَفِي التَّلْخِيصِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ عَشْرٍ وَفِي الرِّعَايَةِ بَيْنَ سَبْعٍ وَعَشْرٍ وَعَنْ أَحْمَدَ لَمْ أَسْمَعْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا. وَيُكْرَهُ يوم السابع للتشبيه باليهود "ش" وعنه: لا3. قَالَ الْخَلَّالُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ وَكَذَا مِنْ الْوِلَادَةِ إلَيْهِ "ش" وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَتَهُ4 الْأَكْثَرُ. وَلَا تُقْطَعُ أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَيُكْرَهُ ثَقْبُ أُذُنِ صَبِيٍّ لَا جَارِيَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَحْرُمُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقِيلَ عَلَى الذَّكَرِ. وَفِي الْفُصُولِ يُفَسَّقُ بِهِ فِي الذَّكَرِ، وَفِي النِّسَاءِ يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ. وَيَحْرُمُ نَمْصٌ. وَوَشْرٌ5، وَوَشْمٌ فِي الْأَصَحِّ "وَ" وكذا وصل شعر بشعر "وهـ" وقيل يجوز بإذن زوج "وش" وفي تحريمه بشعر بهيمة وتحريم نظر ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِمَامُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَرَضٍ وَتَلِفَ فَهَدَرٌ فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى لَكِنْ قَدَّمَ أَنَّ الْجَلْدَ لَا يُؤَخَّرُ لِذَلِكَ، فَحَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يضمن. قلت: وهو بعيد.
لِشَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَلَوْ كَانَ بائنا وجهان "م 2 - 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -2 -3: قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ وَصْلُ شَعْرٍ بِشَعْرٍ وَقِيلَ يَجُوزُ بِإِذْنِ زَوْجٍ وَفِي تَحْرِيمِهِ بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ وَتَحْرِيمِ نَظَرِ شَعْرِ أَجْنَبِيَّةٍ زَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَلَوْ كَانَ بَايِنًا وَجْهَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 2: هَلْ يَحْرُمُ وَصْلُ شَعْرِهَا بِشَعْرِ بَهِيمَةٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْت الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ قَالَ: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصِلَ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ آخَرَ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غيره مطلقا، خلافا للحنفية في قولهم يَجُوزُ بِشَعْرِ الْبَهِيمَةِ لَا الْآدَمِيِّ لِحُرْمَتِهِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ وَصْلُ شَعْرِهَا بِشَعْرٍ آخَرَ، وَقِيلَ يحرم، فظاهره إدخال شعر البهيمة. تنبيه: أخل المصنف – رحمه الله-1 بالقول2 بِالْكَرَاهَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا وَصَلَتْ شَعْرَهَا بِشَعْرٍ مِنْ جِنْسِهِ قَوْلٌ قَوِيٌّ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 3: هَلْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى شَعْرِ الْأَجْنَبِيَّةِ أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ فِي غَيْرِ الْبَائِنِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ كَمَا قِيلَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
وَمَتَى حَرُمَ وَقِيلَ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ "م 4" وَعَنْهُ وَبِغَيْرِ شَعْرٍ1 بلا حاجة "وم" إنْ أَشْبَهَهُ كَصُوفٍ وَأَبَاحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ النَّمْصَ وَحْدَهُ، وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى التَّدْلِيسِ، أَوْ أَنَّهُ كان شعار الفاجرات. وفي الغنية وجه2: يجوز بطلب زوج. وَلَهَا حَلْقُهُ وَحَفُّهُ، نَصَّ عَلَيْهِمَا وَتَحْسِينُهُ بِتَحْمِيرٍ ونحوه، وكره ابن عقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ الْجَوَازُ. مَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ3: "وَمَتَى حَرُمَ وَقِيلَ أَوْ كَانَ نَجِسًا فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ إنْ كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا وَقُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ فَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا أَوْ طَاهِرًا، وَقُلْنَا: يَحْرُمُ، فَفِي صِحَّةِ الصلاة معه وجهان: الأولى4: الْبُطْلَانُ مَعَ نَجَاسَتِهِ وَإِنْ قَلَّ، انْتَهَى فَأَطْلَقَا الْخِلَافَ أَيْضًا. قُلْتُ: الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ الشَّعْرُ نَجِسًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا مَعَ طَهَارَتِهِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ5: أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى شَرْطِ الْعِبَادَةِ، فَهُوَ كَالْوُضُوءِ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَلُبْسِ عِمَامَةِ حرير في الصلاة وجزم فِي الْفُصُولِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا وَصَلَتْهُ بِشَعْرِ ذمية.
حَفَّهُ كَالرَّجُلِ، كَرِهَهُ أَحْمَدُ لَهُ، وَالنَّتْفَ وَلَوْ بِمِنْقَاشٍ لَهَا. وَيُكْرَهُ لَهُ التَّحْذِيفُ1 وَهُوَ إرْسَالُ الشَّعْرِ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَالنَّزْعَةِ2، لَا لَهَا، لِأَنَّ عَلِيًّا كَرِهَهُ رَوَاهُ الْخَلَّالُ3. وَيُكْرَهُ لَهُ النَّقْشُ وَالتَّطْرِيفُ4 ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ5 عَنْ عُمَرَ وَبِمَعْنَاهُ6 عَنْ عَائِشَةَ، وَأَنَسٍ وَغَيْرِهِمَا7، قَالَ فِي الْإِفْصَاحِ: كَرِهَ الْعُلَمَاءُ أَنْ تُسَوِّدَ شَيْبًا بَلْ تَخْضِبُ بِأَحْمَرَ، وَكَرِهُوا النَّقْشَ فَقَالَ أَحْمَدُ لِتَغْمِسْ يَدَهَا غَمْسًا، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهُ إبَاحَةِ تَحْمِيرٍ وَنَقْشٍ وَتَطْرِيفٍ بِإِذْنِ زَوْجٍ فَقَطْ. وَيُكْرَهُ كَسْبُ الْمَاشِطَةِ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَحْمَدَ وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ أَنَّ مَاشِطَةً قَالَتْ لَهُ: إنِّي أحل رأس المرأة بقرامل8 وَأُمَشِّطُهَا أَفَأَحُجُّ مِنْهُ؟ قَالَ: لَا وَكَرِهَ كَسْبَهُ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ9 وَقَالَ: يَكُونُ مِنْ أَطْيَبَ منه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَالنَّتْفُ أَوْ بِمِنْقَاشٍ لَهَا" يَعْنِي كَرِهَ ذَلِكَ أَحْمَدُ لَهَا وَالصَّوَابُ وَلَوْ بِمِنْقَاشٍ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْتَفُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ تصحيحها.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَحْرُمُ التَّدْلِيسُ، وَالتَّشَبُّهُ بِالْمُرْدَانِ، وَكَذَا عِنْدَهُ تَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْفُنُونِ يُكْرَهُ كَسْبُهَا. وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْحِجَامَةَ يَوْمَ سَبْتٍ، وَأَرْبِعَاءٍ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَأَبُو طَالِبٍ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِيهِ خَبَرٌ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ1، وَذَكَرَ جماعة يكره فيه و2الْمُرَادُ: بِلَا حَاجَةٍ، قَالَ حَنْبَلٌ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَحْتَجِمُ أَيْ وَقْتَ هَاجَ بِهِ الدم، وأي ساعة كانت ذكره الخلال. وَالْفَصْدُ فِي مَعْنَاهَا، وَهِيَ أَنْفَعُ مِنْهُ فِي بَلَدٍ حَارٍّ، وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ، وَهُوَ بِالْعَكْسِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يُكْرَهُ3 كُلَّ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ 4 لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ5، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ أَبِي دَاوُد لِاقْتِصَارِهِ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَيَتَوَجَّهُ تَرْكُهَا فِيهِ أَوْلَى، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ مِثْلَهُ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ، لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِيهِ الأمر بالحجامة ليوم الثلاثاء والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الوضوء
باب الوضوء اشتراط النية في الطهارة ... بَابُ الْوُضُوءِ سُمِّيَ وُضُوءًا لِتَنْظِيفِهِ الْمُتَوَضِّئَ وَتَحْسِينِهِ. النِّيَّةُ: شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ "هـ" لِأَنَّ الْإِخْلَاصَ مِنْ1 عَمَلِ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ، مَأْمُورٌ بِهِ وَلِخَبَرِ: "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" 2 أَيْ لَا عَمَلٌ جَائِزٌ وَلَا فَاضِلٌ. وَلِأَنَّ النَّصَّ دَلَّ عَلَى الثَّوَابِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ، وَلَا ثَوَابَ فِي غَيْرِ مَنْوِيٍّ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ النِّيَّةَ لِلتَّمْيِيزِ، وَلِأَنَّهُ عبادة و3 مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، لِأَنَّ مَا لَمْ يُعْلَمْ إلَّا مِنْ الشَّارِعِ فَهُوَ عِبَادَةٌ كَصَلَاةٍ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْفَخْرِ إسْمَاعِيلَ وَأَبِي الْبَقَاءِ وَغَيْرِهِمَا، الْعِبَادَةُ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا مِنْ غَيْرِ اطِّرَادٍ عُرْفِيٍّ وَلَا اقْتِضَاءٍ عَقْلِيٍّ. قِيلَ لِأَبِي الْبَقَاءِ: الْإِسْلَامُ وَالنِّيَّةُ عِبَادَتَانِ وَلَا يَفْتَقِرَانِ إلَى النِّيَّةِ؟ فَقَالَ: الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ لِصُدُورِهِ مِنْ الْكَافِرِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، سَلَّمْنَا، لَكِنْ لِلضَّرُورَةِ، لِأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ إلَّا مِنْ كَافِرٍ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلِقَطْعِ التَّسَلْسُلِ، وَفِي الْخِلَافِ لِأَنَّ مَا كَانَ طَاعَةً لِلَّهِ فَعِبَادَةٌ، قِيلَ لَهُ: فقضاء الدين ورد الوديعة عبادة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَالَ: كَذَا نَقُولُ. فَقِيلَ لَهُ الْعِبَادَةُ مَا كَانَ مِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ؟ فَقَالَ: إذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ فِي الطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالْمَأْمُورِ بِهِ هُوَ الَّذِي مِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعِبَادَةِ، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ، وَذَكَرَ بَعْضُ1 أَصْحَابِنَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ تَضَمَّنَتْ السُّتْرَةَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ لِوُجُودِهِمَا فِيهَا حَقِيقَةً، وَلِهَذَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ. ويأتي غسل كافرة في الحيض2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالنِّيَّةُ قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ اسْتِبَاحَةُ مَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ، وَقِيلَ: إنْ نَوَى مَعَ الْحَدَثِ النَّجَاسَةَ وَيَحْتَمِلُ أَوْ التَّنْظِيفَ أَوْ التَّبَرُّدَ لَمْ يُجْزِهِ. وَيَنْوِي مِنْ حَدَثِهِ دَائِمَ الِاسْتِبَاحَةِ، وَقِيلَ: أَوْ رَفَعَهُ وَقِيلَ: هُمَا. وَمَحِلُّهَا الْقَلْبُ "وَ" وَيُسَنُّ نُطْقُهُ بِهَا سِرًّا وَقِيلَ لَا "وَم" قَالَ أَبُو دَاوُد لِأَحْمَدَ: أَنَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا1، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، قَالَ: وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْجَهْرُ بِهَا وَلَا تَكْرِيرِهَا، بَلْ مَنْ اعْتَادَهُ يَنْبَغِي تَأْدِيبُهُ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْعِبَادَاتِ، وَقَالَ الْجَاهِرُ بِهَا مُسْتَحِقٌّ لِلتَّعْزِيرِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ، لَا سِيَّمَا إذَا آذَى بِهِ أَوْ كَرَّرَهُ. وَقَالَ الْجَهْرُ بِلَفْظِ النِّيَّةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَفَاعِلُهُ مُسِيءٌ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ دِينًا خَرَجَ عَنْ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَجِبُ نَهْيُهُ، ويعزل عن الإمامة إن لم ينته، فإن2 فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد3: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم مر بِعَزْلِ الْإِمَامِ لِأَجْلِ بُصَاقِهِ فِي الْقِبْلَةِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَضُرُّ سَبْقُ لِسَانِهِ بِخِلَافِ قَصْدِهِ وَالْأَصَحُّ ولا إبطالها بعد فراغه، أو1شكه فيها بعده2 كَوَسْوَاسٍ. وَإِنْ نَوَى صَلَاةً مُعَيَّنَةً لَا غَيْرَهَا. ارْتَفَعَ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ كَمُتَيَمِّمٍ نَوَى إقَامَةَ فَرْضَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ، وَإِنْ نَوَى طهارة مطلقة أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وُضُوءًا مُطْلَقًا فَفِي رَفْعِهِ وَجْهَانِ "م 1" وَإِنْ نوى جنب الغسل وحده أو لمروره لَمْ يَرْتَفِعْ، وَقِيلَ بَلَى وَقِيلَ فِي الثَّانِيَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَوَى طَهَارَةً أَوْ وُضُوءًا مُطْلَقًا فَفِي رَفْعِهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى وَأَطْلَقَهَا فِي الشَّرْحِ1 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ والحاويين وغيرهم: أحدهما: لَا يَرْتَفِعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ أَيْضًا إنْ قَالَ هَذَا الْغُسْلُ لِطَهَارَتِي انْصَرَفَ إلَى مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَدَثِ وَكَذَا يَخْرُجُ وَجْهَانِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْجُنُبَ إذَا نَوَى الْغُسْلَ وَحْدَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ عِبَادَةً، وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَ عِبَادَةٍ فَلَا يَرْتَفِعُ حُكْمُ الْجَنَابَةِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَرْتَفِعُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ مُصَحَّحًا فِي الْمُغْنِي3 وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قُلْتُ: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا نَوَى وُضُوءًا مُطْلَقًا، دُونَ مَا إذَا نَوَى طَهَارَةً مُطْلَقَةً وَلَمْ أَرَهُ وَاَللَّهُ أعلم.
وَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ الطَّهَارَةُ لَهُ كَغَضَبٍ وَرَفْعِ شَكٍّ، وَنَوْمٍ، وَذِكْرٍ، وَجُلُوسِهِ بِمَسْجِدٍ، وَقِيلَ: وَدُخُولِهِ، وَقِيلَ وَحَدِيثٍ وَتَدْرِيسِ عِلْمٍ وَكِتَابَتِهِ وَفِي النِّهَايَةِ وَزِيَارَةِ قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، وَفِي الْمُغْنِي2 وَأَكْلٍ فَعَنْهُ يَرْتَفِعُ، وَعَنْهُ لا "م 2" "وم ش". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَعَدَّدَ ذَلِكَ فَعَنْهُ يَرْتَفِعُ وَعَنْهُ لَا" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَرْتَفِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ4 قَالَ المجد في شرحه وتبعه في مجمع البحرين هَذَا أَقْوَى وَجَزَمَ بِهِ فِي وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَرْتَفِعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ فِي الوضوء هذا أصح الوجهين، وصححه النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ فِي "الْمُحَرَّرِ". تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ وَكَذَا صَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُ وَجْهَيْنِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ. وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي الكل روايتان وقيل وجهان.
وكذا قيل في التجديد إن سن، وقيل لَا، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ فَفِي حُصُولِ التجديد احتمالان "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: "وَكَذَا قِيلَ فِي التَّجْدِيدِ إنْ سَنَّ وَقِيلَ لَا" يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ فِي التَّجْدِيدِ وَإِنْ ارْتَفَعَ فِيمَا قَبْلَهُ، "وَقِيلَ إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا نَوَى التَّجْدِيدَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا قَبْلَهُ ثَلَاثُ طُرُقٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِي الْغُسْلِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمُقَدَّمُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ فِي تِلْكَ فَكَذَا فِي هَذِهِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى هُنَا وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. أَوْ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَرْتَفِعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ عَلَى الْأَقْيَسِ وَالْأَشْهَرِ وَقَالَ فِي الصُّغْرَى هَذَا أَصَحُّ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَابْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِمَا وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَمَحِلُّ: الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِ التَّجْدِيدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. الطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَرْتَفِعُ هُنَا وَإِنْ ارْتَفَعَ فِيمَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ الْخِلَافَ فِيمَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ. وَصَحَّحَ هُنَا أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ وَقَالَ إنه الأقيس والأشهر والأصح.
وكذا نيته غسلا مسنونا وعليه واجب "م 4" فإن لم يرتفع حصل ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّرِيقُ الثَّالِثُ: إذَا قُلْنَا لَا يَرْتَفِعُ فَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ احْتِمَالَانِ وَهُمَا لِابْنِ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ وَإِنْ جَدَّدَ مُحْدِثٌ وُضُوءَهُ نَاسِيًا حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ وَفِي حُصُولِ التَّجْدِيدِ إذَنْ احْتِمَالَانِ انْتَهَى. قُلْتُ: حُصُولُ التَّجْدِيدِ مَعَ قِيَامِ الْحَدَثِ بَعِيدٌ جِدًّا لَا يُعْلَمُ لَهُ نَظِيرٌ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ التَّجْدِيدَ لَا يَحْصُلُ لَهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّالِثَ لَيْسَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ. قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ فِيمَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِي التَّجْدِيدِ رِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ فَقَالَ: وَإِنْ نَوَى تَجْدِيدَ الْوُضُوءِ فَهَلْ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَإِنْ نَوَى فِعْلَ مَا لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْوُضُوءُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْآخَرِ يَرْتَفِعُ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِيمَا إذَا نَوَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ هَلْ يُجْزِئُ عَنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ أَمْ لَا؟ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغُسْلِ1. مَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ: "وَكَذَا نِيَّتُهُ غُسْلًا مَسْنُونًا وَعَلَيْهِ وَاجِبٌ" انْتَهَى. وَاعْلَمْ: أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى خِلَافًا وَمَذْهَبًا صَرَّحَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ مُخَالِفٌ لِهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ لَفْظُهُ قَرِيبًا وَعِنْدَ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ وَيَرْتَفِعُ بِالْوُضُوءِ الْمَسْنُونِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وسوى بينهما في المحرر كأكثر الأصحاب2.
الْمَسْنُونُ، وَقِيلَ لَا. وَكَذَا وَاجِبٌ عَنْ مَسْنُونٍ "م 5" وَقِيلَ يُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ أَعْلَى، وَإِنْ نَوَاهُمَا حَصَلَا، نص عليه. وقيل يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مُوجِبَاتٌ لِلْوُضُوءِ أَوْ الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة "م 6" فَنَوَى أَحَدَهَا، وَقِيلَ: وَعَلَى أَنْ لَا يرتفع غيره ارتفع غيره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَكَذَا وَاجِبٌ عَنْ مَسْنُونٍ" يَعْنِي هَلْ يَحْصُلُ بِغُسْلِهِ الْوَاجِبِ غُسْلُهُ الْمَسْنُونُ؟ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُجْزِئُهُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ هناك لأنه أعلى والله أعلم. مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مُوجِبَاتٌ لِلْوُضُوءِ أَوْ الغسل متنوعة قيل معا وقيل أو متفرقة" انْتَهَى. قُلْتُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ يَشْمَلُ الْمُتَفَرِّقَةَ وَالْمُجْتَمِعَةَ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَإِنْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ يَقْتَضِيَانِ الْغُسْلَ أَوْ الْوُضُوءَ فَتَطَهَّرَ لَهَا صَحَّ انْتَهَى. قُلْت: وَعَلَى هَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ أَنْ تُوجَدَ مَعًا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَإِنْ نَوَى أحداثه التي نقضت وضوءه معا انتهى.
في الأصح "وم ش". ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْتُ: هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ وُجُودَ الثَّانِي لَا يُسَمَّى وَالْحَالَةُ هَذِهِ حَدَثًا لِأَنَّ الْحَدَثَ هُوَ النَّاقِضُ لِلطَّهَارَةِ وَلَيْسَ هُنَا طَهَارَةٌ يَنْقُضُهَا لَكِنْ عَلَى هَذَا يَضْعُفُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ كَوْنُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لَمْ يُقَيِّدُوا بِذَلِكَ وَقَدْ قَالُوا يَرْتَفِعُ فَكَانَ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْتَفِعَ الْحَدَثُ إلَّا إذَا نَوَى الْأَوَّلَ لَا غَيْرُ وَقَدْ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَقَالَ إنْ أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهَا ارْتَفَعَتْ كُلُّهَا، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ وَحْدَهُ، وَقِيلَ وَغَيْرُهُ إنْ سَبَقَ أَحَدُهَا وَنَوَاهُ انْتَهَى.
وَيَجِبُ تَقْدِيمُهَا1 عَلَى الْمَفْرُوضِ، وَيُسْتَحَبُّ عَلَى الْمُسْتَحَبِّ، وَاسْتِصْحَابُ ذِكْرِهَا، وَيُجْزِئُ اسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا، وَهُوَ أَنْ لَا يَنْوِيَ قَطْعَهَا، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَالصَّلَاةِ. ثُمَّ يُسَمِّي وَهَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا2؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 7" وَإِنْ ذكر في بعضه ابْتَدَأَ وَقِيلَ بَنَى وَعَنْهُ تُسْتَحَبُّ "وَ" اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشَّيْخُ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ. وَيُسَنُّ غَسْلُ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ تَيَقَّنَ طَهَارَتَهُمَا. وَيَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ "خ" مِنْ نَوْمِ لَيْلٍ نَاقِضٍ لِلْوُضُوءِ وَقِيلَ زَائِدٍ عَلَى النِّصْفِ وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 7: قَوْلُهُ: "ثُمَّ يُسَمِّي وَهَلْ هِيَ فَرْضٌ أَوْ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ: أَحَدُهُمَا: هِيَ وَاجِبَةٌ تَسْقُطُ سَهْوًا؟ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ فَرْضٌ لَا تَسْقُطُ سَهْوًا اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّم وَالْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
وَنَهَارٍ. وَغَسْلُهُمَا تَعَبُّدٌ كَغَسْلِ الْمَيِّتِ فَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ فِي الْأَصَحِّ. وَالْأَصَحُّ لَا يُجْزِئُ عَنْ نِيَّةِ غَسْلِهِمَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَأَيُّهُمَا طَهَارَةٌ مُفْرَدَةٌ لَا مِنْ الْوُضُوءِ وَقِيلَ مُعَلَّلٌ بِوَهَمِ النَّجَاسَةِ كَجَعْلِ الْعِلَّةِ فِي النَّوْمِ اسْتِطْلَاقَ الْوِكَاءِ بِالْحَدَثِ وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَقِيلَ لِمَبِيتِ يَدِهِ مُلَابِسَةً لِلشَّيْطَانِ وَهُوَ لِمَعْنًى فِيهِمَا فَلَوْ اسْتَعْمَلَ الْمَاءَ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَمْ يَصِحَّ وضوءه وفسد الماء وقيل: بلى1، وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً لِإِدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ فَيَصِحُّ. ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى النَّازِلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ طُولًا وَمَا بَيْنَ الْأُذُنَيْنِ فَيَجِبُ غَسْلُ مَا بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ "م" فِي حَقِّ الْمُلْتَحِي. وَالْفَمِ وَالْأَنْفِ مِنْهُ فَتَجِبُ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وعنه في الكبرى2 "وهـ" وَعَنْهُ عَكْسُهَا نَقَلَهَا الْمَيْمُونِيُّ وَعَنْهُ يَجِبُ الِاسْتِنْشَاقُ وحده وعنه يجب في الوضوء ذكرها صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ عَكْسُهَا ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا وَسُقُوطِهَا سَهْوًا رِوَايَتَانِ "م 8 - 9" وعنه هما سنة "وم ش" كَانْتِثَارِهِ وَعَنْهُ3: تَجِبُ فِي الصُّغْرَى ذَكَرَهُ ابن حزم قال ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة- 8 – 9: قوله: "ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ... وَالْفَمَ وَالْأَنْفَ مِنْهُ ... وَفِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا وَسُقُوطِهِمَا سَهْوًا رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مسألتين:
عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي1: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اسْتَنْثِرُوا مَرَّتَيْنِ بَالِغَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا" قال أبي وأنا أذهب إلَى هَذَا لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الأنف3 أو أو هو2. فِي تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ كَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ لَا وَعَنْهُ: لا في ترتيب. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 8: إذَا قُلْنَا: بِوُجُوبِهَا هَلْ يُسَمَّيَانِ فَرْضًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تميم وصاحب الفائق والقواعد الأصولية. المسألة الثانية -9: هَلْ يَسْقُطَانِ سَهْوًا يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فِيمَا يَظْهَرُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ. وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: هَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْوَاجِبِ هَلْ يُسَمَّى فَرْضًا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُسَمَّى فَرْضًا فَيُسَمَّيَانِ فَرْضًا انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ هُمَا وَاجِبَانِ لَا فَرْضًا وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ حَيْثُ قِيلَ بِالْوُجُوبِ فَتَرْكُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَصِحَّ وُضُوءُهُ قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى لَا يَسْقُطَانِ سَهْوًا عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ إنْ قِيلَ وُجُوبُهُمَا بِالسُّنَّةِ صَحَّ مَعَ السَّهْوِ وَحُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: وُجُوبُهُمَا بِالْكِتَابِ. وَالثَّانِيَةُ: بِالسُّنَّةِ انْتَهَى. قُلْتُ: نَصَّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا لَا يُسَمَّيَانِ فَرْضًا وَإِنَّمَا يُسَمَّيَانِ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً أَوْ وَاجِبًا وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: إنْ تَرَكَهُمَا يُعِيدُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا يدل على تسميتها فرضا.
وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ الْمَضْمَضَةِ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ تَجِبُ وَيَتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ عَلَى قَوْلِنَا لَمْ يَدُلَّ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ وَكَذَا تَقْدِيمُهَا عَلَى بَقِيَّةِ الْوَجْهِ وقيل يجب "وش". وَتُسَنُّ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا إلَى أَقَاصِيهِمَا وَفِي الرِّعَايَةِ1 أَوْ أَكْثَرِهِ لَا فِي اسْتِنْشَاقٍ فَقَطْ، خِلَافًا لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَعَنْهُ تَجِبُ، وَقِيلَ فِي اسْتِنْشَاقٍ، وَيُكْرَهُ لِلصَّائِمِ، وَحَرَّمَهُ أَبُو الْفَرَجِ. وَهَلْ يَكْفِي وَضْعُ الْمَاءِ فِيهِ بِدُونِ إدَارَتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10" ثُمَّ لَهُ بَلْعُهُ، وَلَفْظُهُ، وَلَا يَجْعَلُ المضمضة أولا وجورا2، ولا الاستنشاق سعوطا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَكْفِي وَضْعُ الْمَاءِ ... بِدُونِ إدَارَتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِ إدَارَتِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكْفِي قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا تَجِبُ الْإِدَارَةُ فِي جَمِيعِ الْفَمِ وَلَا الْإِيصَالُ إلَى جَمِيعِ بَاطِنِ الْأَنْفِ وَهَذَا أَيْضًا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَدْرُ الْمُجْزِئِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى دَاخِلٍ قَالَ فِي الْمُطْلِعِ الْمَضْمَضَةُ فِي الشَّرْعِ وَضْعُ الْمَاءِ فِي فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُحَرِّكْهُ، قَالَ الزركشي وليس بشيء.
وَيَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ" غَسْلُ اللِّحْيَةِ وَمُسْتَرْسِلِهَا ويستحب تخليل الساتر للبشرة وقيل لا "وم"1 كَتَيَمُّمٍ وَقِيلَ: يَجِبُ كَمَا لَوْ وَصَفَهَا2 "هـ" وَشَعْرُ غَيْرِ اللِّحْيَةِ مِثْلُهَا وَقِيلَ: يَجِبُ غَسْلُ باطنه "وش". وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ وَجْهَانِ "م 11" وَعَنْهُ يَجِبُ "خ" وَعَنْهُ فِي الْكُبْرَى وَلَا يَجِبُ لِنَجَاسَةٍ فِي الْأَصَحِّ "هـ ش". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -11: قَوْلُهُ: "وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ مَعَ أَمْنِ الضَّرَرِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، بَلْ يُكْرَهُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْنُونٍ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ4 وَابْنُ تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَالشَّيْخَانِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ، قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ فِي الجنابة دون الوضوء.
فصل: ثم يغسل يديه إلى المرفقين
فَصْلٌ: ثُمَّ يَغْسِلُ يَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا، وَيَجِبُ إدْخَالُهَا عَلَى الْأَصَحِّ "وَ" وَغَسْلُ أَظْفَارِهِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ "ع" وَقَاسَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالنِّهَايَةِ عَلَى الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ اللِّحْيَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ نَادٌّ1 لَا مَشَقَّةَ فِيهِ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ أَنَّ حَدَّ الْيَدَيْنِ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ. ثُمَّ يَمْسَحُ رَأْسَهُ، وَهُوَ فَرْضٌ إجْمَاعًا، وَيَجِبُ مسح ظاهره "ش" كله "وم" وَعَفَا فِي الْمُتَرْجِمِ وَالْمُبْهِجِ عَنْ يَسِيرٍ لِلْمَشَقَّةِ، وعنه يجزئ أكثره، وعنه قدر الناصية "وهـ م" ففي تعيينها وجهان "م 12" وهي ـــــــــــــــــــــــــــــQتنيبه: قوله في غسل اليدين كالمرفقين في غسل الأظفار: "والفرق نادر1" قال شيخنا ابن نصر الله: لعله باد بالباء الموحدة. مَسْأَلَةٌ -12: قَوْلُهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ وَعَنْهُ: "يُجْزِئُ قَدْرُ النَّاصِيَةِ فَفِي تَعْيِينِهَا وَجْهَانِ". وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ، بَلْ لَوْ مَسَحَ قَدْرَهَا مِنْ وَسَطِهِ أَوْ مِنْ أَيِّ جَانِبٍ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ به ابن
مقدمه وقيل: قصاص الشعر، وعنه وبعضه "وش" وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ فِي التَّجْدِيدِ. وَفِي التَّعْلِيقِ لِلْعُذْرِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ مَعَهُ الْعِمَامَةَ وَيَكُونُ كَالْجَبِيرَةِ فَلَا تَوْقِيتَ. وَلَا يَكْفِي أُذُنَيْهِ فِي الْأَشْهَرِ. وَعَنْهُ بَعْضُهُ لِلْمَرْأَةِ، وَهِيَ الظَّاهِرَةُ عنه عند الخلال، والشيخ: ـــــــــــــــــــــــــــــQرَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ "قَالَ" الزَّرْكَشِيّ: لَا تَتَعَيَّنُ النَّاصِيَةُ عَلَى الْمَعْرُوفِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَإِيجَازُ ابْنِ حَمْدَان هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَتَعَيَّنُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَتَعَيَّنَ النَّاصِيَةُ لِلْمَسْحِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ والحالة ما ذكر شيء!!
بِيَدَيْهِ، وَيُجْزِئُ بَعْضُ يَدِهِ، وَعَنْهُ أَكْثَرُهَا، وَيُجْزِئُ بحائل في الأصح "وهـ ش". وَيُسْتَحَبُّ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ يَمُرُّهُمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ يَرُدُّهُمَا، وَعَنْهُ بِمَاءٍ جَدِيدٍ إلَى مُقَدَّمِهِ، وَعَنْهُ لَا يَرُدُّهُمَا مَنْ انْتَشَرَ شَعْرُهُ، وَيَرُدُّهُمَا مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ أَوْ كَانَ مَضْفُورًا "ش" وَعَنْهُ تَبْدَأُ الْمَرْأَةُ بِمُؤَخَّرِهِ، وَتَخْتِمُ بِهِ، وَعَنْهُ فِيهَا كُلُّ نَاحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، وَقِيلَ يُجْزِئُ بَلُّ الرَّأْسِ بِلَا مَسْحٍ "وهـ ش". وَإِنْ غَسَلَهُ أَجْزَأَ فِي الْأَصَحِّ إنْ أمر يده، وعنه أو لا "وهـ ش" وإن أَصَابَهُ مَاءٌ أَجْزَأَهُ إنْ أَمَرَّ يَدَهُ، وَعَنْهُ وَقَصَدَهُ. وَإِنْ لَمْ يَمُرَّهَا وَلَمْ يَقْصِدْهُ فَكَغَسْلِهِ. وَالنَّزْعَتَانِ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي صُدْغٍ وَتَحْذِيفٍ وجهان "م 13 - 14". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 13 -14: قَوْلُهُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ: "وَالنَّزْعَتَانِ مِنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي صُدْغٍ وَتَحْذِيفٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَيَعْنِي هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْمُصَنَّفِ فِي مَحْظُورَات الْإِحْرَام1 أَيْضًا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: هُمَا مِنْ الرَّأْسِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي2، الْمَجْدُ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ، فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا مِنْ الرَّأْسِ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الصُّدْغِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا مِنْ الْوَجْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الصُّدْغِ رِوَايَتَيْنِ، وَقِيلَ التَّحْذِيفُ مِنْ الْوَجْهِ، وَالصُّدْغُ من الرأس، اختاره
والأذنان منه "وهـ م" ففي وجوب مسحهما1 "خ"، واستحباب1 وأخذ ماء جديد لهما "وهـ ش" كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ بَلَلٌ روايتان "م 15 - 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو حَامِدٍ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الصُّدْغُ مِنْ الْوَجْهِ قَالَهُ الشَّارِحُ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي التَّحْذِيفِ. تَنْبِيهٌ: يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ3 إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الصُّدْغِ وَتَفْسِيرُ التَّحْذِيفِ، وَهَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ، أَوْ مِنْ الْوَجْهِ أَيْضًا، فحصل التكرار. مسألة -15 – 16: قَوْلُهُ: "وَالْأُذُنَانِ مِنْهُ، فَفِي وُجُوبِ مَسْحِهِمَا وَاسْتِحْبَابِ أَخْذِ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا كَمَا لَوْ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ بَلَلٌ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 15: هَلْ يَجِبُ مَسْحُهُمَا إذَا قُلْنَا: هُمَا مِنْ الرَّأْسِ، قُلْنَا بِوُجُوبِ مَسْحِ جَمِيعِهِ أَمْ لَا يَجِبُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهِيَ الْأَشْهَرُ نَقْلًا. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هَذَا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالشَّيْخُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4: وَالظَّاهِرُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُهُمَا وَإِنْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ، قَالَ الشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ، وَالْأَوْلَى مَسْحُهُمَا، يَعْنِيَانِ لِأَجْلِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ مَسْحُهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، انْتَهَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ،
وَيُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا بَعْدُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَيَتَوَجَّهُ، تَخْرِيجٌ، واحتمال، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُقْنِعِ1، وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابن رزين وهو من مفردات المذهب. قلت: وهو المذهب على المصطلح، لاتفاق الشيخين عليه2. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ ابن عبد القوي في مجمع البحرين، وابن تَمِيمٍ، وَصَاحِبِ الْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَاهُمَا، وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 16: هَلْ يُسْتَحَبُّ أَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لَهُمَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا بِمَاءٍ جَدِيدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي، فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يُسْتَحَبُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ فِي سُنَنِ الوضوء وشرح ابن منجى، والإفادات وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يَمْسَحَانِ بِمَاءِ الرَّأْسِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ "قُلْتُ" وَهُوَ أولى وقال ابن رجب في
وذكر الأزجي يمسح الأذنين معا "وش" وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ وَعَنْهُ هُمَا عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ "وش" فَيَجِبُ مَاءٌ جَدِيدٌ فِي وَجْهٍ "خ" وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ يَجِبُ التَّرْتِيبُ. وَلَا يَأْخُذُ لِصِمَاخَيْهِ مَاءً غير ظاهر أُذُنَيْهِ "ش" وَالْبَيَاضُ فَوْقَهُمَا دُونَ الشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ كَبَقِيَّتِهِ، بِدَلِيلِ الْمُوضِحَةِ1، وَلَمْ يُجَوِّزْ شَيْخُنَا الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ. وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْمَسْحِ، وَعَنْهُ بَلَى، بِمَاءٍ جَدِيدٍ. نَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الجوزي "وش" وَكَذَا أُذُنَيْهِ "وَ" ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، وَلَا مَسْحُ الْعُنُقِ، وَعَنْهُ بَلَى، اخْتَارَهُ فِي الْغَنِيمَةِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ. وَأَبُو الْبَقَاءِ وابن الصيرفي وابن رزين "وهـ" وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ "وَ" وَالْكَعْبَانِ: الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ "وَ". وَيُسْتَحَبُّ تَخَلُّلُ أَصَابِعِ يَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ "ش" كَرِجْلَيْهِ "وَ" زَادَ جَمَاعَةٌ، فَيُخَلِّلُ أصابع2 رجليه بخنصره لخبر المستورد3، رواه أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّبَقَاتِ ذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ أَنَّ أَبَا الْفَتْحِ بْنَ جَلَبَةَ4 قَاضِي حَرَّانَ كَانَ يَخْتَارُ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ مَسْحِهِمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ انْتَهَى، وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ إنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ حَامِدٍ أَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بَعْدَ أَنْ يَمْسَحَهُمَا بِمَاءِ الرَّأْسِ، قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى، فَزَادَ ابْنُ حَامِدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ هَذَا هُوَ ابن جلبة قاضي حران.
وَغَيْرُهُ1، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. وَيَبْدَأُ مِنْ الْيُمْنَى بِخِنْصَرِهَا، وَالْيُسْرَى بِالْعَكْسِ، لِلتَّيَامُنِ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ، وَيُخَلِّلُ بِالْيُسْرَى مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلِ. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُمْنَى. وَيُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ "وَ" وَقِيلَ يُكْرَهُ تَرْكُهُ "وش" وَالْغَسِيلُ ثَلَاثًا "وَ" حَتَّى طهارة المستحاضة، ذكره فِي الْخِلَافِ، وَيَعْمَلُ فِي عَدَدِهَا2 بِالْأَقَلِّ "وهـ ش" وَفِي النِّهَايَةِ بِالْأَكْثَرِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ "و" وَقِيلَ تَحْرُمُ، قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ الْكَلَامُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَالْمُرَادُ: بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ تَرْكُ الْأَوْلَى "وَ" لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، مَعَ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِيمَا يُكْرَهُ وَيُسَنُّ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يَقُولُ عِنْدَ كُلِّ عُضْوٍ مَا وَرَدَ3، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، لِضَعْفِهِ جِدًّا، مَعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَلَوْ شَرَعَ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ، وَلَنُقِلَ عَنْهُ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَرَدُّهُ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ لَا يُكْرَهُ رَدُّ مُتَخَلٍّ، وَهُوَ سَهْوٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُكْرَهُ السَّلَامُ، ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى طُهْرٍ أَكْمَلَ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ1. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2: أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ؟ " قُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: "مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ". فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عند كل عضو "هـ". وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَلَا تَصْرِيحَ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ فِي كُلِّ طَاعَةٍ إلَّا لِدَلِيلٍ. وَالْأَقْطَعُ يَغْسِلُ الْبَاقِيَ أَصْلًا، وَكَذَا تَبَعًا فِي الْمَنْصُوصِ "م" وَمَنْ تَبَرَّعَ بِتَطْهِيرِهِ لَزِمَهُ، وَيَتَوَجَّهُ لَا، وَيَتَيَمَّمُ "وهـ م" وَيَأْتِي فِي اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ3 وَيَلْزَمُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقِيلَ لَا "وهـ" لِتَكْرَارِ الضَّرَرِ دَوَامًا، وَإِنْ عَجَزَ صلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ كَعَادِمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ "م 17" ويتوجه في استنجاء مثله وَفِي الْمَذْهَبِ يَلْزَمُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ1، بِمَالٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ مَنَعَ يسير وسخ ظفر ونحوه وصول الماء ففي صحة طهارته وجهان "م 18" "وش" وَقِيلَ يَصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ، وَجَعَلَ شيخنا مثله كل ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 17: قوله: "ويلزمه2 الْعَاجِزُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَقِيلَ لَا" يَلْزَمُ "لِتَكَرُّرِ الضَّرَرِ دَوَامًا، وَإِنْ عَجَزَ صَلَّى، وَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ كَعَادِمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ" انْتَهَى، وَكَذَا قَالَ في الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: صَلَّى وَلَمْ يُعِدْ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمَا: صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا إعَادَةً وَلَا عَدَمَهَا "قُلْتُ" هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ النَّاظِمُ: إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَنَصَرَاهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ، إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيمَا إذَا عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، وَقَدْ قَاسَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ هُنَا عَلَى مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ، وَكَانَ الْأَلْيَقُ بِالْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهُ هُنَا، وَلَكِنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ. مَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعَ يَسِيرُ وَسَخِ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ وُصُولَ الْمَاءِ فَفِي صِحَّةِ طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وأطلقهما في الحاويين:
يسير مَنَعَ حَيْثُ كَانَ كَدَمٍ، وَعَجِينٍ، وَاخْتَارَ الْعَفْوَ. وَإِذَا فَرَغَ اُسْتُحِبَّ رَفْعُ بَصَرِهِ إلَى السَّمَاءِ، وَقَوْلِ: "أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ"1، وَمَا وَرَدَ2، وَيَتَوَجَّهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْغَسْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ. وَالتَّرْتِيبَ "هـ م" كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى3، وَالْمُوَالَاةُ "هـ ش" فَرْضَانِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ تَرْتِيبٌ، وَقِيلَ: وَمُوَالَاةٌ سهوا "وم ر" وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ لَا تَرْتِيبَ فِي نَفْلِ وُضُوءٍ، وَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسْتَعْمَلِ مَعَ كَوْنِهِ طَاهِرًا، وَمَعْنَاهُ فِي الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَتَوَضَّأَ عَلِيٌّ فَمَسَحَ وَجْهَهُ، وَيَدَيْهِ، وَرَأْسَهُ، وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ: هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ، وَأَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صنع ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: اخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ، وَمَالَ إلَيْهِ هُوَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: "وَقِيلَ تَصِحُّ مِمَّنْ يَشُقُّ تَحَرُّزُهُ مِنْهُ" كَأَرْبَابِ الصَّنَائِعِ، وَالْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ من الزراعة وغيرها واختاره في التلخيص.
مِثْلَهُ1، قَالَ شَيْخُنَا: إذَا كَانَ مُسْتَحَبًّا لَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْبَعْضِ، كَوُضُوءِ ابْنِ عُمَرَ لنومه جنبا، إلا رجليه. وفي الصحيحين2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَتَى حَاجَتَهُ يَعْنِي الْحَدَثَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ هَذَا الْغَسْلَ لِلتَّنْظِيفِ، وَالتَّنْشِيطِ لِلذِّكْرِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ انْغَمَسَ فِي رَاكِدٍ كَثِيرٍ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مُرَتِّبًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَوْ مَكَثَ بِقَدْرِهِ أَجْزَأَ، كَجَارٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَحَرَّكَ فِي رَاكِدٍ يَصِيرُ كَجَارٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ. وَالْمُوَالَاةُ: أَنْ لَا يُؤَخِّرَ غَسْلَ عُضْوٍ حَتَّى يَجِفَّ الْعُضْوُ قَبْلَهُ، وَقِيلَ أَيَّ عُضْوٍ كَانَ، وَقِيلَ: بَلْ الْكُلُّ، وَيُعْتَبَرُ زَمَنٌ مُعْتَدِلٌ، وَقَدْرُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ جَفَّ لِاشْتِغَالِهِ فِي الْآخَرِ بِسُنَّةٍ كَتَخْلِيلٍ، أَوْ إسْبَاغٍ، أَوْ إزَالَةِ شَكٍّ لَمْ يَضُرَّ، وَلِوَسْوَسَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَجْهَانِ ولتحصيل الماء روايتان"م 19 - 21"، ويضر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 19 – 21: قَوْلُهُ: "وَلِوَسْوَسَةٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ وَجْهَانِ وَلِتَحْصِيلِ الْمَاءِ رِوَايَتَانِ"، يَعْنِي: إذَا أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ، هَلْ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ إذَا قُلْنَا هِيَ فَرْضٌ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 19: هَلْ تَضُرُّ وَتَقْطَعُ الْمُوَالَاةُ الْإِطَالَةَ بِسَبَبِ الْوَسْوَسَةِ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف وأطلقه ابن تميم والزركشي:
إسْرَافٌ؛ وَإِزَالَةُ وَسَخٍ، وَنَحْوِهِ، وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ طُولُ الْفَصْلِ عُرْفًا، قَالَ الْخَلَّالُ: هُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ. وَيُسَنُّ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ لِلْأَخْبَارِ1، وَعَنْهُ لَا، كَمَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، كَمَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ بينهما ما يستحب له ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَضُرُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضُرُّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ ... وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -20: هَلْ تَضُرُّ الْإِطَالَةُ بِسَبَبِ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ أَمْ لَا تَضُرُّ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيِّ. أَحَدُهُمَا: يَضُرُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضُرُّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ -21: هَلْ تَضُرُّ الْإِطَالَةُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. أَحَدُهُمَا: يَضُرُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يضر، ولا تقطع الموالاة.
الْوُضُوءُ، وَكَتَيَمُّمٍ، وَكَغُسْلٍ، خِلَافًا لِشَرْحِ الْعُمْدَةِ فِيهِ، وَحُكِيَ عَنْهُ يُكْرَهُ الْوُضُوءُ، وَقِيلَ لَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ، وَيَأْتِي فِعْلُ الْوَارِثِ لَهَا1 وَنَذْرُهَا، وَهَلْ هي عبادة2 مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا، فَيَلْزَمُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُهُ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، كَقَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ اسْتِحْبَابَهُ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ يُشْتَرَطُ لَهَا3 النِّيَّةُ، فَكَانَ لَهُ نَفْلٌ مَشْرُوعٌ كَالصَّلَاةِ. وَتُبَاحُ مَعُونَتُهُ "و" وَتَنْشِيفُ أَعْضَائِهِ "وَ" وَعَنْهُ يُكْرَهَانِ كَنَفْضِ يَدِهِ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَلَا تَنْفُضُوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنَّهَا مَرَاوِحُ الشَّيْطَانِ" 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَوَاهُ الْمَعْمَرِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ "و" وَقِيلَ لأحمد عن مسح بلل الخف2، فَكَرِهَهُ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي، لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ. وَإِنْ وَضَّأَهُ غَيْرُهُ وَنَوَاهُ، وَقِيلَ: وَمُوَضِّئُهُ الْمُسْلِمُ صَحَّ "و" وَعَنْهُ لَا، وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَيَقِفُ عَنْ يَسَارِهِ، وَقِيلَ عَنْ يَمِينِهِ. وَتُسَنُّ الزيادة على موضع الفرض، وعنه لا "وم" وَيُبَاحُ هُوَ وَغُسْلٌ فِي مَسْجِدٍ إنْ لَمْ يُؤْذِ بِهِ أَحَدًا، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وعنه يكره "وهـ م" وإن نجس حرم، كاستنجاء، وذبح3، وَهَلْ يُكْرَهُ إرَاقَتُهُ فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ؟ رِوَايَتَانِ "م 22". ويكره في مَسْجِدٍ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُغَسَّلُ فِيهِ مَيِّتٌ، قَالَ: وَيَجُوزُ عَمَلُ مَكَان فِيهِ لِلْوُضُوءِ لِلْمَصْلَحَةِ بلا محظور. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -22: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُكْرَهُ إرَاقَتُهُ" يَعْنِي الْمَاءَ الْمُتَوَضَّأَ بِهِ "فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ؟ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ فِيمَا يُدَاسُ فِيهِ كَالطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الْإِيجَازِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْجَامِعِ خِلَافَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثانية لا يكره.
ويحل1 الْحَدَثِ جَمِيعُ الْبَدَنِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ، وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ2 كَالْجَنَابَةِ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ، وَيَجِبُ الْوُضُوءُ بِالْحَدَثِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ بِإِرَادَةِ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ وَنَجَسٍ قَبْلَ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَيَتَوَجَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِوُجُوبِ الصَّلَاةِ إذَنْ، وَوُجُوبُ الشَّرْطِ بِوُجُوبِ الْمَشْرُوطِ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي غُسْلٍ، قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ لَفْظِيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ تَكُونُ تَنْزِيهًا لِلْمَاءِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ لِلطَّرِيقِ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي نَجَاسَتِهِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهَلْ ذَلِكَ تَنْزِيهٌ لِلْمَاءِ أَوْ لِلطَّرِيقِ عَلَى وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْفُصُولِ. فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فتح الله علينا بتصحيحها.
وَلَا يُكْرَهُ طُهْرُهُ مِنْ إنَاءِ نُحَاسٍ وَنَحْوِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَلَا مِنْ إنَاءٍ بَعْضُهُ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ، وَلَا مِمَّا بَاتَ مَكْشُوفًا، قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَمِنْ مُغَطًّى أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّ بِنُزُولِ الْوَبَاءِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَخْتَصُّ الشُّرْبَ، أَوْ يَعُمُّ؟ وَيَأْتِي فَرْضُ الْوُضُوءِ، وَمَتَى فُرِضَ؟ وَهَلْ يَخْتَصُّ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَوَّلُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب مسح الحائل
باب مسح الحائل مدخل ... باب مسح الحائل وَهُوَ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ الْغُسْلُ "و" وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ. وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَلْبَسَ لِيَمْسَحَ، كَالسَّفَرِ لِيَتَرَخَّصَ، وَيَأْتِي فِي الْقَصْرِ1. وَالْمَسْحُ رُخْصَةٌ، وَعَنْهُ عَزِيمَةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِنْ فَوَائِدِهَا الْمَسْحُ فِي سفر المعصية، وتتعين2 الْمَسْحُ عَلَى لَابِسِهِ، وَيُكْرَهُ فِي الْمَنْصُوصِ لُبْسُهُ مَعَ مُدَافَعَةٍ أَحَدٍ الْأَخْبَثِينَ "وم". وَيَجُوزُ الْمَسْحُ حَتَّى لِزَمِنٍ3، وَامْرَأَةٍ، وَفِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَبْقَ مِنْ فَرْضِ الْأُخْرَى شَيْءٌ: فِي حَدَثٍ أَصْغَرَ عَلَى سَائِرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ، ثَابِتٌ بِنَفْسِهِ لَا بِشَدِّهِ: فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: وَلَا يَبْدُو بَعْضُهُ لَوْلَا شَدُّهُ "هـ ش" مُبَاحٌ عَلَى الأصح "هـ ش"4، وفي "الفصول"، "النهاية"، و"المستوعب": إلا لضرورة برد4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَخْتَصُّ اللُّبْسَ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَزُلْ إثْمُ الْغَصْبِ، بِخِلَافِ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ خَرَجَ مِنْهَا ذَكَرَهُ القاضي وغيره. لا يصف القدم لصفائه 1 فِي الْأَصَحِّ "هـ" يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ، وَقِيلَ: يعتاد2 "وهـ" وقيل: ويمنع نفوذ الماء "وش" وَفِي3 اعْتِبَارِ طَهَارَةِ عَيْنِهِ فِي الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ "م 1" من خف "و" وموق، وهو الجرموق: خف قصير، ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ طَهَارَةِ عَيْنِهِ فِي الضَّرُورَةِ وَجْهَانِ" وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي النَّجَسِ الْعَيْنِ، وَقِيلَ: لِضَرُورَةِ بَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ عَيْنِهِ، فَلَا يصح المسح على جلد الكلب. وَالْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ فِي بِلَادِ الثُّلُوجِ إذا خشي سقوط أصابعه بخلعه4 وَنَحْوَهُ، بَلْ يَتَيَمَّمُ لِلرِّجْلَيْنِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ هَذَا الْأَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ: لَا يَجُوزُ المسح على الأصح.
فَوْقَ خُفٍّ "ش م ر" لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُهَا كَخُفِّ1 الْخَشَبِ، وَجَوْرَبِ صَفِيقٍ2 "م" كَمُجَلَّدٍ، وَمُنَعَّلٍ، وَنَحْوِهِ "وَ" فَإِنْ ثُبِّتَ بِنَعْلٍ3 فَقِيلَ: يَجِبُ مَسْحُهُمَا، وعنه، أو أحدهما "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ عَيْنِهِ، فَيَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ4 لَأَنْ فِيهِ إذْنًا، وَنَجَاسَةُ الْمَاءِ حَالَ الْمَسْحِ لَا يَضُرُّ، انْتَهَى، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الشَّيْخِ اخْتِيَارُ عَدَمِ اشْتِرَاطِ إبَاحَتِهِ. مَسْأَلَةٌ- 2: فَإِنْ ثَبَتَ بِنَعْلِهِ فَقِيلَ يَجِبُ مَسْحُهُمَا وَعَنْهُ5 أَحَدُهُمَا، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَسُيُورِ النَّعْلَيْنِ قَدْرَ الْوَاجِبِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ مَسْحَهُمَا، فَجَزَمَا بِمَسْحِهِمَا قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ يُجْزِئُ مَسْحُ الْجَوْرَبِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ أَوْ النَّعْلِ وَحْدَهُ، انْتَهَى، وَعَنْهُ يَجِبُ مَسْحُ أَحَدِهِمَا قَالَ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إجْزَاءُ الْمَسْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا قَدْرَ الواجب وقدموه.
وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَرْقٌ يَنْضَمُّ بِلُبْسِهِ جاز، وإلا فلا "وش" فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ مُخَرَّقٍ جَوْرَبٌ أَوْ خُفٌّ جَازَ الْمَسْحُ، لَا لِفَافَةٌ فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَعَنْهُ فِي الْأُولَى هُمَا كنعل مَعَ جَوْرَبٍ. وَفِي مُخَرَّقٍ عَلَى مُخَرَّقٍ يَسْتَتِرُ بِهِمَا الْقَدَمُ وَجْهَانِ "م 3". وَيَمْسَحُ صَحِيحًا عَلَى مُخَرَّقٍ، أَوْ لِفَافَةٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا مَسْحَ الْقَدَمِ وَنَعْلِهَا الَّتِي يَشُقُّ نَزْعُهَا إلَّا بِيَدٍ أَوْ رِجْلٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ، قَالَ: وَالِاكْتِفَاءُ هَاهُنَا بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ نَفْسِهَا أَوْ الظَّاهِرِ1 مِنْهَا غُسْلًا أَوْ مَسْحًا أَوْلَى مِنْ مَسْحِ بَعْضِ الْخُفِّ، وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّتُ، وَكَمَسْحِ عِمَامَةٍ، وَأَنَّهُ يَمْسَحُ خُفًّا مُخَرَّقًا إلَّا إنْ تَخَرَّقَ أَكْثَرُهُ فكالنعل، وكذا ملبوس دون كعب. ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لَكِنْ يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ السيور2 قدر الواجب. مَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: "وَفِي مُخَرَّقٍ عَلَى مُخَرَّقٍ يَسْتُرُ الْقَدَمَ بِهِمَا وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي3، وَالْكَافِي4، وَالشَّرْحِ5، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَبَنَاهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَسْحِ الْمُخَرَّقِ فَوْقَ الصَّحِيحِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: فَلَا مَسْحَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
وَلَا يَمْسَحُ لَفَائِفَ فِي الْمَنْصُوصِ "و" وَتَحْتَهَا نَعْلٌ، أَوْ لَا، وَلَوْ مَعَ مَشَقَّةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا خُفَّيْنِ لُبِسَا عَلَى مَمْسُوحَيْنِ؛ لِأَنَّ اللُّبْسُ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الْمُدَّةِ يَمْنَعُ الْبِنَاءَ، وَيَسْتَأْنِفُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَسَحَ ثُمَّ خَلَعَهُمَا ثم لبس استأنف المدة، ويتوجه الجواز "وم". وَلَوْ تَيَمَّمَ ثُمَّ لَبِسَهُ ثُمَّ وَجَدَ مَاءً لَمْ يَمْسَحْ "وَ" لِبُطْلَانِ طَهَارَتِهِ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَنَقَلَ مَنْ قَالَ لَا يَنْقُضُهَا إلَّا وُجُودُ الْمَاءِ: يَمْسَحُ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ. وقاله1 أَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ وَابْنُ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ: وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ فَوَجْهَانِ، وَكَذَا إنْ شَدَّ جبيرة مسح فيها عَلَيْهِمَا، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ، لِأَنَّ مَسْحَهُمَا عَزِيمَةٌ "م 4 - 6" وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً مَسَحَ، وَقِيلَ إنْ كانت في رجله ومسح عليها ثم لبس الخف لم يمسح عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4 – 6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ فَوَجْهَانِ وَكَذَا، وَإِنْ شَدَّ جَبِيرَةً مَسَحَ عَلَيْهِمَا، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ يَجُوزُ، لِأَنَّ مَسْحَهَا عَزِيمَةٌ". انْتَهَى، ذكر المصنف مسائل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 4: لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -5: عَكْسُهَا لَبِسَ عِمَامَةً عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا خُفًّا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ وَعَدَمِهِ فِيهِمَا، وَأَطْلَقَهُ فِيهِمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، انْتَهَى، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ عُبَيْدَانَ تَابَعَهُمْ، وَسَقَطَتْ لَفْظَةُ بَعْضٍ فِي الْكِتَابَةِ وَقَالَ الْقَاضِي يُحْتَمَلُ جَوَازُ الْمَسْحِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَصَحُّهُمَا، عِنْدَ أَبِي الْبَرَكَاتِ الْجَوَازُ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ، مِنْ أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ انْتَهَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ أَيْضًا فِي مَكَان آخَرَ. قُلْتُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْمَسْحِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ وَلَا يُجْزِئُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ -6: لَوْ شَدَّ جَبِيرَةً عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عَلَى خُفٍّ وَعِمَامَةٍ أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَقَدَّمَهُ الْمُسْتَحَبُّ، وَقَدْ جَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ هُنَا بِالْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ فَتَأَكَّدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ هُنَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَضَعَّفَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هَذَا، وَصَحَّحَ الْمَنْعَ وأطلق الوجهين هنا في المغني1 والشرح2
وَيَمْسَحُ عِمَامَةً مُحَنَّكَةً "ح" سَاتِرَةً مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةَ. وَفِي ذَاتِ ذُؤَابَةِ وَجْهَانِ "م 7" وذكرها ابن شهاب1، وجماعة في صماء وَقَالُوا: لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ. وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ هُوَ مَذْهَبُهُ، وَالظَّاهِرُ إنْ لَمْ يَكُنْ يقينا قد ـــــــــــــــــــــــــــــQوشرح ابن عبيدان وغيرهم وقيل يجوز الْمَسْحُ هُنَا، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي الْأُولَى لِأَنَّ مَسْحَهَا عَزِيمَةٌ، وَجَزَمَ بِهَذَا الْقَوْلِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْمَنْعَ هُنَا وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فَتَلَخَّصَ ثَلَاثُ طُرُقٍ: أَحَدُهُمَا: هِيَ مِثْلُ الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالثَّانِي: جَوَازُ الْمَسْحِ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ هُنَاكَ. وَالثَّالِثُ: مَنْعُهُ هُنَا وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ هُنَاكَ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْكُبْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ- 7: قَوْلُهُ: "وَفِي ذَاتِ ذُؤَابَةٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ أَبِي الْبَقَاءِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ وَالنَّظْمِ ومجمع البحرين وشرح الخرقي
اطَّلَعُوا عَلَى كَرَاهَةِ أَحْمَدَ لِلُبْسِهَا، وَإِنَّمَا رَأَوْا أَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَمْنَعُ الرُّخْصَةَ، وَيَأْتِي قَرِيبًا النهي عن الكي1. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلطُّوفِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهُوَ مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين بطريق أولى، فَإِنَّهُ اخْتَارَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ. وَفِي الْفَائِقِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَهُ صَرِيحًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَالَهُ فِي الْفُصُولِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا مُحَنَّكَةٌ، وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَفِي اشْتِرَاطِ التَّحْنِيكِ وَجْهَانِ، اشْتَرَطَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَلْغَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَشَيْخُنَا، وَخَرَجَ مِنْ الْقَلَانِسِ، وَقِيلَ الذُّؤَابَةُ كَافِيَةٌ، وَقِيلَ بِعَدَمِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ، انْتَهَى، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الشيخ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْعُمْدَةِ، وَلَمْ أَرَ فِي كُتُبِهِ مَا يُخَالِفُهُ، بَلْ صَرَّحَ الشَّارِحُ أن الجواز اختيار الشيخ، والله أعلم.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ الْمَسْحَ، وَقَالَ: هِيَ كَالْقَلَانِسِ، وكره أحمد لبس غير1 الْمُحَنَّكَةِ، وَنَقَلَ الْحَسَنُ أَبُو ثَوَّابٍ2: كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْأَصْحَابُ بِإِبَاحَةِ لُبْسِهَا، بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ كَرَاهَةَ أَحْمَدَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تُبَاحُ مَعَ النَّهْيِ، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا رُخْصَةٌ، وَعَلَّلَهُ بعضهم بعدم المشقة، كالكتلة3، وَبِأَنَّهَا تُشْبِهُ عَمَائِمَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَقَدْ نَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، وَيَأْتِي فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ4. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمَحْكِيُّ عَنْ أَحْمَدَ الْكَرَاهَةُ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهَا كَرَاهَةٌ لَا تَرْتَقِي إلَى التَّحْرِيمِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ كَسَفَرِ النُّزْهَةِ، كَذَا قَالَ، وَيَأْتِي فِي الْقَصْرِ5، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَنْ جَوَّزَ الْمَسْحَ إبَاحَةُ لُبْسِهَا، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، لِأَنَّهُ فِعْلُ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَتُحْمَلُ كَرَاهَةُ السَّلَفِ عَلَى الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، أَوْ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ عَلَى غَيْرِ ذَاتِ ذُؤَابَةٍ، مع أن الكراهة إنما هي عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَالْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَفِي الصِّحَّةِ نَظَرٌ. وَلَا يَمْسَحُ مَعَهَا مَا الْعَادَةُ كَشْفُهُ، وَعَنْهُ يَجِبُ، وَعَنْهُ حَتَّى الْأُذُنَيْنِ، وَلَا يَمْسَحُ قَلَنْسُوَةً، وَعَنْهُ بَلَى، وَقِيلَ الْمَحْبُوسَةُ تَحْتَ حَلْقِهِ، وَلَا سَاتِرًا كَخِضَابٍ نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ عِمَامَةً، وَلِحَاجَةِ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ "م 8" وَإِنْ قِيلَ: يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ، فَوَجْهُ الْخِلَافِ، كَصَمَّاءَ. وَمِثْلُ الْحَاجَةِ لَوْ لَبِسَ مُحْرِمٌ خُفَّيْنِ لِحَاجَةٍ هل يمسح "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَلَا تَمْسَحُ امْرَأَةٌ عِمَامَةً وَلِحَاجَةِ بَرْدٍ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ": أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَحَّحَهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ وَيَصِحُّ. قُلْتُ: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لَبِسَ نَجَسَ الْعَيْنِ فِي الضَّرُورَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ3. مَسْأَلَةٌ- 9: قَوْلُهُ: "وَمِثْلُ الْحَاجَةِ لَوْ لَبِسَ مُحْرِمٌ خُفَّيْنِ لِحَاجَةٍ هَلْ يَمْسَحُ؟ " انتهى، وقد علمت الصحيح من الوجهين في التي قبلها. قلت: الصواب جواز المسح
وَتَمْسَحُ قِنَاعَهَا وَهُوَ الْخِمَارُ الْمُدَارُ تَحْتَ الْحَلْقِ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَيَجِبُ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ كُلِّهَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ إلَى حِلِّهَا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِشَدِّهَا محل الحاجة، وعنه الإعادة، وعنه يتيمم "وش" مَعَ الْمَسْحِ فَلَا يَمْسَحُهَا بِتُرَابٍ، وَإِنْ عَمَّمَتْ1 مَحَلَّ التَّيَمُّمِ سَقَطَ، وَقِيلَ يُعِيدُ إذَنْ، وَقِيلَ هَلْ يَقَعُ التَّيَمُّمُ عَلَى حَائِلٍ فِي مَحِلِّهِ كَمَسْحِهِ بِالْمَاءِ أَمْ لَا لِضَعْفِ التُّرَابِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَتَقَيَّدُ الْجَبِيرَةُ بِالْوَقْتِ، وعنه بلي كالتيمم. ـــــــــــــــــــــــــــــQهُنَا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، 2وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بَلْ تَتَبَّعْتُ كَلَامَ أَكْثَرِهِمْ فَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا ذَكَرَهَا غَيْرَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ عُمْدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَرَّجَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ2.
فصل: يشترط للمسح اللبس على طهارة
فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لِلْمَسْحِ اللُّبْسُ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُعْتَبَرُ كَمَا لَهَا، وَعَنْهُ لَا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا "وهـ" فَلَوْ غَسَلَ رِجْلًا ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ خَلَعَ، ثم لبس بعد1 غَسَلَ الْأُخْرَى2، ثُمَّ لَبِسَ، وَإِنْ لَبِسَ الْأُولَى طَاهِرَةً ثُمَّ الثَّانِيَةَ خَلَعَ الْأُولَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَالثَّانِيَةُ، أَوْ لَبِسَهُ مُحْدِثًا وَغَسَلَهُمَا فيه خلع على الأولى، ثم لبسه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَبْلَ الْحَدَثِ وَإِلَّا لَمْ يَمْسَحْ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَخْلَعُهُ، وَيَمْسَحُ، وَجَزَمَ الْأَكْثَرُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الطَّهَارَةُ لِابْتِدَاءِ اللُّبْسِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَهِيَ كَمَالُ الطَّهَارَةِ، فَذَكَرُوا فِيهَا الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ نَوَى جُنُبٌ رَفْعَ حَدَثَيْهِ، وَغَسْلَ رِجْلَيْهِ وَأَدْخَلَهُمَا فِي خُفِّهِ، ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ، أَوْ فَعَلَهُ محدث1 وَلَمْ يَعْتَبِرْ التَّرْتِيبَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ، وَعَلَى الْأُولَى لَا. وَكَذَا لُبْسُ عِمَامَةٍ قَبْلَ2 طُهْرٍ كَامِلٍ، فَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ لَبِسَهَا ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ مَسَحَ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَعَلَى الْأُولَى يَخْلَعُ ثُمَّ يَلْبَسُ. وَإِنْ لَبِسَهَا مُحْدِثًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَرَفَعَهَا رَفْعًا فَاحِشًا فَكَذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا: كَمَا لَوْ لَبِسَ الْخُفَّ مُحْدِثًا، فَلَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ رَفَعَهَا إلَى السَّاقِ، ثُمَّ أَعَادَهَا، وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهَا فَاحِشًا احْتَمَلَ أَنَّهُ كَمَا لَوْ غَسَلَ رِجْلَهُ فِي الْخُفِّ، لِأَنَّ الرَّفْعَ الْيَسِيرَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ اللُّبْسِ، وَلِهَذَا لَا تَبْطُلُ الطَّهَارَةُ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَابْتِدَاءِ اللُّبْسِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا عُفِيَ عَنْهُ هُنَاكَ لِلْمَشَقَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْعِمَامَةَ لَا يَشْتَرِطُ فِيهَا ابْتِدَاءُ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ، وَيَكْفِي فِيهَا الطَّهَارَةُ الْمُسْتَدَامَةُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ إنَّ مَنْ تَوَضَّأَ رَفَعَ الْعِمَامَةَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ أَعَادَهَا. فَلَا يَبْقَى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ، وَلَا أَنَّهُ يَخْلَعُهَا بَعْدَ وُضُوئِهِ ثُمَّ يَلْبَسُهَا بِخِلَافِ الْخُفِّ، وَهَذَا مُرَادُ ابْنِ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ فِي الْعِمَامَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ؟ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، أَمَّا مَا لَا يَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ فَتَبْعُدُ إرَادَتُهُ جِدًّا، فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَلَامِ الْمُحْتَمَلِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الظَّاهِرِيَّةِ وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ دَاوُد فِي الْخُفِّ أَيْضًا وَفِي ذَلِكَ إثْبَاتُ خِلَافٍ بِالِاحْتِمَالِ فِي مَوْضِعٍ لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ. وَيُشْتَرَطُ لِلْجَبِيرَةِ الطَّهَارَةُ "وش" وَعَنْهُ لا، اختاره الخلال وصاحبه1 وَالشَّيْخُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَدَّ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةِ نَزَعَ فَإِنْ خَافَ تَيَمَّمَ، وَقِيلَ يَمْسَحُ "وش" وَقِيلَ: هُمَا، وَكَذَا لَوْ تَعَدَّى بِالشَّدِّ محل الحاجة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَخَافَ، وَإِنْ كَانَ شَدَّ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا حَائِلًا، فَإِنْ كَانَ جَبِيرَةً جَازَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَكَذَا لُبْسُهُ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً وَعَكْسُهُ، وَقِيلَ أَوْ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً فِي رِجْلَيْهِ "م 10" وَسَبَقَ ذَلِكَ1. وَالدَّوَاءُ كَجَبِيرَةٍ، وَلَوْ جَعَلَ فِي شِقٍّ قَارًا وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ فَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ، لِلنَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ مَعَ ذِكْرِهِمْ كَرَاهَةَ الْكَيِّ، وَعَنْهُ لَهُ الْمَسْحُ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ يَغْسِلُهُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ خَافَ تلفا صلى وأعاد "م 11" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة -10: قوله: "وإن كان شَدَّ" يَعْنِي الْجَبِيرَةَ عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا حَائِلًا فَإِنْ كَانَ جَبِيرَةً جَازَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ لَبِسَ خُفًّا عَلَى طَهَارَةٍ مَسَحَ فِيهَا عِمَامَةً أَوْ عَكْسُهُ، وَقِيلَ: أَوْ مَسَحَ فِيهَا جَبِيرَةً فِي رِجْلَيْهِ انْتَهَى. قُلْت: تَقَدَّمَ حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ صَحَّحْنَا ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهَا وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهَا هُنَا اسْتِطْرَادًا، وَلِذَلِكَ قَالَ وَسَبَقَ ذَلِكَ، وَقَدْ ذَكَرَ هُنَاكَ قَوْلًا لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا وَذَكَرَ هُنَا قَوْلًا، وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى لَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -11: قَوْلُهُ: "وَلَوْ جَعَلَ فِي شِقٍّ قَارًا وَتَضَرَّرَ بِقَلْعِهِ فَعَنْهُ يَتَيَمَّمُ لِلنَّهْيِ عَنْ الْكَيِّ مَعَ ذِكْرِهِمْ كَرَاهَةَ الْكَيِّ، وَعَنْهُ لَهُ الْمَسْحُ، وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ يَغْسِلُهُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ خَافَ تَلَفًا صَلَّى وَأَعَادَ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَشَرْحِ ابن عبيدان والزركشي وغيرهم:
وَيَمْسَحُ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُسَافِرُ سَفَرَ الْقَصْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ ثُمَّ يَخْلَعُ "م" "وَقِيلَ فِي الْمُسَافِرِ" لَا تَوْقِيتَ فَإِنْ خَافَ فَوَاتَ رُفْقَةٍ، أَوْ تَضَرُّرَ رَفِيقِهِ 1بِانْتِظَارٍ تَيَمَّمَ، فَلَوْ مَسَحَ وَصَلَّى أَعَادَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَمْسَحُ كَالْجَبِيرَةِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَمْسَحَ عَاصٍ بِسَفَرِهِ كَغَيْرِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَقِيلَ: لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُجْزِئُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُهُ فَيَتَيَمَّمُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي وَكَلَامُ ابن عقيل مذكور في الفصول.
يَمْسَحُ وَمَنْ أَقَامَ عَاصِيًا كَمَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِسَفَرٍ فَأَقَامَ مَسَحَ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: هَلْ هُوَ كَعَاصٍ بِسَفَرِهِ فِي مَنْعِ التَّرْخِيصِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حَدَثِهِ بَعْدَ لُبْسِهِ "وَ" أَيْ مِنْ وَقْتِ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ، فَلَوْ مَضَى مِنْ الْحَدَثِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ؛ أَوْ ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا وَلَمْ يَمْسَحْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، وَمَا لَمْ يُحْدِثْ لَا تُحْتَسَبُ الْمُدَّةُ، فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ لُبْسِهِ يَوْمًا عَلَى طَهَارَةِ اللُّبْسِ ثُمَّ أَحْدَثَ اسْتَبَاحَ بَعْدَ الْحَدَثِ الْمُدَّةِ. وَانْتِهَاءُ الْمُدَّةِ وَقْتُ جَوَازِ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ، وَعَنْهُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ مَسْحِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ، وَانْتِهَاؤُهَا وَقْتُ الْمَسْحِ. وَإِنْ مَسَحَ مُسَافِرًا ثُمَّ أقام أتم على بقية مسح مقيم "و" وَفِي الْمُبْهِجِ مَسْحُ مُسَافِرٍ إنْ كَانَ مَسَحَ مُسَافِرًا فَوْقَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ مَسَحَ أَقَلَّ مِنْ مَسْحِ مُقِيمٍ ثُمَّ سَافَرَ فَكَذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "هـ" وَعَنْهُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ مَسْحِ مُسَافِرٍ، قَالَ الْخَلَّالُ: نَقَلَهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، وَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَتَوَجَّهُ إنْ صَلَّى بِطَهَارَةِ الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ غَلَبُ جَانِبِهِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ مُلْزِمًا لِمَنْ قَالَ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ: لَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ أَحَدَ خُفَّيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَافَرَ ثُمَّ مَسَحَ الْأُخْرَى فِي السَّفَرِ، فَعِنْدَهُمْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ شَكَّ فِي ابْتِدَائِهِ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا. وَإِنْ أَحْدَثَ مُقِيمًا وَمَسَحَ مُسَافِرًا أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ "و" وَعَنْهُ مَسْحُ مُقِيمٍ ذَكَرَهَا فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ، وجعلها كمن1 سَافَرَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَمْ يُحْرِمْ بِالصَّلَاةِ، وَقِيلَ: إنْ مَضَى وَقْتُ صَلَاةٍ ثُمَّ سَافَرَ أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيمٍ. وَإِنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَمْسَحْ "و" لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ، فَإِنْ مَسَحَ فَبَانَ بَقَاؤُهَا صَحَّ وُضُوءُهُ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا يُعِيدُ مَا صَلَّى بِهِ مَعَ شَكِّهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَتَمْسَحُ الْمُسْتَحَاضَةُ وَنَحْوُهَا فِي الْمَنْصُوصِ كَغَيْرِهَا "وم" 2وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: لوقت كل صلاة "وهـ" وقيل: لوقت كل صلاة "وهـ" 3 لا إنَّهَا لَا تَمْسَحُ إلَّا بِقَدْرِ مَا تُصَلِّي بِطَهَارَتِهَا ذَاتُ الْغُسْلِ ثُمَّ تَخْلَعُ. "وش" وَمَتَى انْقَطَعَ الدَّمُ اسْتَأْنَفَتْ الْوُضُوءَ، وَجْهًا وَاحِدًا كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ بِخِلَافِ ذِي الطُّهْرِ الْكَامِلِ يَخْلَعُ الْخُفَّ4، أَوْ تَنْقَضِي الْمُدَّةُ. وَمَنْ غَسَلَ صَحِيحًا وَتَيَمَّمَ لِجُرْحٍ، فَهَلْ يَمْسَحُ الْخُفَّ؟ قَالَ غَيْرُ واحد: هو كالمستحاضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجِبُ مَسْحُ أَكْثَرِ أَعْلَى الْخُفِّ، وَقِيلَ: قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ الرَّأْسِ، وَقِيلَ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: جَمِيعُهُ "وم" لَا قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ "هـ" أَوْ مَا سُمِّيَ مَسْحًا "ش". وَيُجْزِئُ مَسْحُ أكثر العمامة على الأصح، ويستحب إمرار أصابع1 يَدِهِ مَرَّةً مِنْ أَصَابِعِهِ إلَى سَاقِهِ، وَلَا يُجْزِئُ أَسْفَلُهُ وَعَقِبُهُ "و" وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ "هـ" وَمَسْحُهُ بِأُصْبُعٍ أَوْ حَائِلٍ أَوْ غَسْلُهُ كَالرَّأْسِ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ مَسْحِهِ وَغَسْلِهِ. وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِ مَاسِحٍ، أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ، وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ "هـ م و"2 وَهَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَالَاةِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وم" جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، أَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ؟ جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَيَرْفَعُهُ فِي الْمَنْصُوصِ "و" أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ، أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ، وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ؛ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَهُ فِي الْخِلَافِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 12" وَهُوَ كَقُدْرَةِ الْمُتَيَمِّمِ عَلَى الْمَاءِ وَقِيلَ كَسَبْقِ الحدث، قال صاحب المحرر: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ قَدَمِ مَاسِحٍ أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مسح رأسه وغسل رجليه1، وَهَلْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَالَاةِ، وَجَزَمَ بِهِ الشيخ، أو رفع الحدث؟ جزم به أبو الْحُسَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَيَرْفَعُهُ فِي الْمَنْصُوصِ، أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى غَسْلِ كُلِّ عُضْوٍ بِنِيَّةٍ أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ؟ اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَقَالَهُ فِي الْخِلَافِ فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى. اعْلَمْ: أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا فِي بِنَاءِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طُرُقٍ أَطْلَقَهَا الْمُصَنِّفُ. فَقِيلَ: هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُوَالَاةِ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَعَلَى هَذَا لو حصل ذلك قبل فوات الْمُوَالَاةِ أَجْزَأَهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِالْمُوَالَاةِ، وَإِنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ ابْتَدَأَ الطَّهَارَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أن الموالاة فرض، وضعف
رفعه1، وإن رَفَعَ الْعِمَامَةَ يَسِيرًا لَمْ يَضُرَّ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ للمشقة، قال أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا تُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالتَّيَمُّمِ، فَإِذَا ظَهَرَتْ الرِّجْلَانِ ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ "قَالَ" الزَّرْكَشِيّ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ أَيْضًا فِي تَوْقِيتِ الْمَسْحِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ طَهَارَةَ الْمَسْحِ تَرْفَعُ الْحَدَثَ: إلَّا عَنْ الرِّجْلَيْنِ، انْتَهَى، وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي التَّعْلِيقِ كَمَا قَالَ. وَقِيلَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَقَطَعَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ. وَقَالَ: هُوَ وَأَبُو الْمَعَالِي بْنُ مُنَجَّى وَحَفِيدُهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِمْ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، انْتَهَى. قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الطُّرُقِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ عَنْ الرِّجْلَيْنِ، وَعَلَى أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ، فَإِذَا خَلَعَ عَادَ الْحَدَثُ إلَى الرِّجْلَيْنِ فَيَسْرِي إلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ، فَيَسْتَأْنِفُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ قَرُبَ الزَّمَنُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ لِإِطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالِاسْتِئْنَافِ بَلْ. قِيلَ: إنَّهُ مَنْصُوصُهُ، قَالَ فِي الْكَافِي2: أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ تَبْطُلُ الطَّهَارَةُ لِأَنَّ الْمَسْحَ أُقِيمَ مَقَامَ الْغَسْلِ، فَإِذَا زَالَ بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ فِي الْقَدَمَيْنِ، فَتَبْطُلُ فِي جَمِيعِهَا لِكَوْنِهَا لَا تَتَبَعَّضُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الطَّرِيقَتَيْنِ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى صِحَّةِ غَسْلِ كل عضو بنية، فإن قلنا: يَصِحُّ تَفْرِيقُ النِّيَّةِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَ غسل قدميه، وإلا ابتدأ الطهارة.
إذَا زَالَتْ عَنْ رَأْسِهِ فَلَا بَأْسَ مَا لَمْ يَفْحُشْ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: مَا لم يرفعها ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ: أَنَّ فِي صِحَّةِ طَهَارَةِ مَنْ فَرَّقَ النِّيَّةَ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ الصِّحَّةُ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ إجْزَاءَ مَسْحِ رَأْسِهِ وَغَسْلِ قَدَمَيْهِ. وَقِيلَ: مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي النَّقْضِ وَإِنْ تَبَعَّضَتْ فِي الثُّبُوتِ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. قُلْتُ: قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: فَإِنْ قِيلَ: لَا تَبَعُّضَ فِي الصِّحَّةِ فَيَصِحَّانِ جُزْءًا فَجُزْءًا، وَلَا يَتَبَعَّضَانِ فِي الِانْتِقَاضِ، انْتَهَى. تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ اللَّاتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أُصُولًا. قَالَ: الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ، فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهَا فِي الْوُضُوءِ جَوَّزَ غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ، وَمَنْ أَوْجَبَهَا أَبْطَلَ الْوُضُوءَ إذَا فَاتَتْ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ غَسْلُهُمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ خِلَافُ ذَلِكَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ وَبَنَوْهَا عَلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ تَتَبَعَّضُ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا كَالْغَسْلِ وَإِذَنْ إمَّا أَنْ نَقُولَ الْحَدَثُ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ الرِّجْلَيْنِ فَيُغْسَلَانِ بِحُكْمِ الْحَدَثِ السَّابِقِ، أَوْ نَقُولَ ارْتَفَعَ وَعَادَ إلَيْهِمَا فَقَطْ وَأَمَّا الْمَذْهَبُ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عِنْدَ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ وَبَنَاهُ أَبُو الْبَرَكَاتِ عَلَى شَيْئَيْنِ "أَحَدُهُمَا" أَنَّ الْمَسْحَ يَرْفَعُ حَدَثَ الرِّجْلَيْنِ رَفْعًا مُؤَقَّتًا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَبَعَّضُ انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذَا بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ كُلَّ رِوَايَةٍ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ خَلَعَ مَا مَسَحَهُ أَوْ ظَهَرَ بَعْضُ مَحَلِّ فَرْضِهِ فِي رَأْسِهِ أَوْ قَدَمِهِ أَوْ تَمَّتْ مُدَّتُهُ تَوَضَّأَ ثَانِيًا إنْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ، وَقِيلَ أَوْ لَمْ تَفُتْ، وَقُلْنَا الْمَسْحُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَعَنْهُ يجزئ مسح رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ، وَمَحِلُّ الْجَبِيرَةِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي اعْتِبَارِ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ، وَقِيلَ بَلْ هَذَا إنْ قُلْنَا الْمَسْحُ لَا يَرْفَعُ الحدث مع
بِالْكُلِّيَّةِ، لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ، وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ تَبْطُلُ لِظُهُورِ شَيْءٍ مِنْ رَأْسِهِ. وَخُرُوجِ الْقَدَمِ أَوْ بَعْضِهِ إلَى سَاقِ الْخُفِّ كَخَلْعِهِ "وَ" مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمُ فِدْيَةٌ ثَانِيَةٌ، لِأَنَّ ظُهُورَ بعض القدم كظهوره هنا، وعنه لَا، وَعَنْهُ لَا بِبَعْضِهِ. وَإِنْ اُنْتُقِضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ فَرِوَايَتَانِ "م 13". وَإِنْ نَزَعَ خُفًّا فَوْقَانِيًّا مَسَحَهُ، فَعَنْهُ يَلْزَمُهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ فَيَتَوَضَّأُ، أَوْ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ عَلَى الْخِلَافِ "م 14" وعنه لا يلزمه "وهـ م" فيتوضأ أو يمسح التحتاني ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَالَاةِ وَعَدَمِهَا، وَإِنْ قُلْنَا يَرْفَعُهُ تَوَضَّأَ، وَقِيلَ بَلْ هَذَا إنْ قُلْنَا يُجْزِئُ كُلُّ عُضْوٍ بِنِيَّتِهِ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ انْتَهَى. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ"1 لَعَلَّهُ "وَعَنْهُ يُجْزِئُهُ غَسْلُ رِجْلَيْهِ" لِأَنَّ الرَّأْسَ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ سَقْطٌ وَتَقْدِيرُهُ وَإِنْ ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ أَوْ رَأْسُهُ وَهُوَ أَوْلَى، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الرِّوَايَةُ وَرَّدَتْ كَذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْحُكْمَ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا ذَكَرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ- 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَقَضَ بَعْضُ الْعِمَامَةِ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى، ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَهُمَا هُوَ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ: إحْدَاهُمَا: يَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهَا الْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَلَوْ انْتَقَضَ بَعْضُ عِمَامَتِهِ وَفَحُشَ وَقِيلَ وَلَوْ دَوْرَةً بَطَلَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ الْقَاضِي: لَوْ اُنْتُقِضَ
مُفْرَدًا عَلَى الْخِلَافِ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ بَدَلٌ مُسْتَقِلٌّ عَنْ الْغَسْلِ، وَقِيلَ: الْفَوْقَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ، وَالتَّحْتَانِيُّ كَلِفَافَةٍ، وَقِيلَ: الْفَوْقَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ التَّحْتَانِيِّ، وَالتَّحْتَانِيُّ بَدَلٌ عَنْ الْقَدَمِ، وَقِيلَ: هما كظهارة وبطانة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهَا كَوْرٌ وَاحِدٌ بَطَلَ، وَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ فِي مَحَلَّ الْخِلَافِ طَرِيقَتَيْنِ مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. مَسْأَلَةٌ – 14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَزَعَ خُفًّا فَوْقَانِيًّا مَسَحَهُ، فَعَنْهُ يَلْزَمُهُ نَزْعُ التَّحْتَانِيِّ فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَغْسِلُ قَدَمَهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ، فَيَتَوَضَّأُ أَوْ يَمْسَحُ التَّحْتَانِيَّ مُفْرَدًا عَلَى الْخِلَافِ" انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ قَرِينَةَ قَوْلِهِ: "اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْإِتْيَانَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَقْتَضِي قوة الخلاف من الجانبين وَإِنْ كَانَ الْأَصْحَابُ اخْتَارُوا إحْدَاهُمَا، وَالْمُصَنَّفِ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحَيْهِمَا، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ عَدَمَ اللُّزُومِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى لَكِنْ قَالَ: الْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ: يَعْنِي بِهِ فِيهِمَا الَّذِي فِيمَا إذَا ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ، أَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا والله أعلم.
وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِ الْقَدَمِ مَحِلَّهَا لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْأَصَحِّ، لِهَذَا لَوْ غَسَلَهَا فِيهِ ثُمَّ أَدْخَلَهَا مَحِلَّهَا مَسَحَ، وَإِنْ زَالَتْ الْجَبِيرَةُ فَكَالْخَفِّ "وم ش" وَقِيلَ طَهَارَتُهُ بَاقِيَةٌ قَبْلَ الْبُرْءِ "وهـ" اخْتَارَهُ شَيْخُنَا مُطْلَقًا كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب نواقض الطهارة الصغرى
باب نواقض الطهارة الصغرى الأول: الخارج من السبيلين ... بَابُ نَوَاقِضِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ: الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ، وَالْمُرَادُ إلَى مَا هُوَ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ وَيَلْحَقُهُ حُكْمُ التَّطْهِيرِ وَلَوْ نَادِرًا كَاسْتِحَاضَةٍ "م". وَقِيلَ: لَا يَنْقُضُ رِيحُ قُبُلٍ "وهـ" وقيل من ذكر. وفي خروج ما تحمله1 فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِلَا بَلَّةٍ كَقُطْنَةٍ أَوْ مِيلٍ2 فِيهَا وَقِيلَ وَمَعَ بَلَّةٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ3 لَا يَنْقُضُ إلَّا خُرُوجُ بَوْلٍ، قَالَهُ الْقَاضِي وَمُجَرَّدُ الْحُقْنَةِ أَوْجُهٌ: الثالث ينقض من دبره، وكذا لو دب ماؤه، أو استدخلته، أو مني امرأة ولم يُخَرَّجْ ذَلِكَ "م 1 - 3" وَإِنْ خَرَجَ تَوَضَّأَتْ وَقِيلَ تغتسل لمنيه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 – 3: قَوْلُهُ: "وَفِي خُرُوجِ مَا يَحْمِلُهُ1 فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ بِلَا بَلَّةٍ كَقُطْنَةٍ أَوْ مِيلٍ ... وَمُجَرَّدِ الْحُقْنَةِ أَوْجُهٌ: الثَّالِثُ يُنْقَضُ مِنْ دبره وكذا لو دب ماؤه أو استدخلته أَوْ مَنِيِّ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ ذَلِكَ" انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: لَوْ احْتَشَى فِي قُبُلِهِ أَوْ دُبُرِهِ قُطْنًا أَوْ مِيلًا ثُمَّ خَرَجَ بِلَا بَلَّةٍ فَقِيلَ لَا يُنْقَضُ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ الإمام أحمد ذكره القاضي في
وإن خرج مَعَهُ مَنِيُّهَا فَكَبَقِيَّةِ الْمَنِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِيمَا يَحْمِلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَرَفِهِ خَارِجًا، أَوْ لَا. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ طَرَفُهُ خَارِجًا ثُمَّ أَخْرَجَهُ، أَوْ خَرَجَ نَقَضَ، وَأَفْسَدَ الصَّوْمَ، وَإِنْ كَانَ طَرَفُهُ خَارِجًا فَلَا، إلَّا مع ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُجَرَّدِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقِيلَ يُنْقَضُ صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَخُرُوجُهُ بِلَا بَلَّةٍ نَادِرٌ جِدًّا، بَلْ تَعَلَّقَ الْحُكْمُ عَلَى الظَّنِّ وَأَطْلَقَهُمَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَقِيلَ: إذَا خَرَجَ مِنْ الدُّبُرِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ-2-3: لَوْ احْتَقَنَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْحُقْنَةِ شَيْءٌ أَوْ دَبَّ مَاؤُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْهُ أَوْ مَنِيُّ امْرَأَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَقِيلَ لَا يُنْقَضُ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُحْتَقِنُ أَدْخَلَ رَأْسَ الزَّرَّاقَةِ1 نُقِضَ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْمَنِيِّ، وَالْحُقْنَةِ مِثْلُهُ. قُلْتُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ: يُنْقَضُ. قُلْتُ: وَهُوَ قَوِيٌّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُنْقَضُ إذَا كَانَتْ الْحُقْنَةُ فِي الدُّبُرِ دُونَ الْقُبُلِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وَتَعْلِيلِهِ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى4، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْفُصُولِ في الحقنة.
بَلَّةٍ وَرَائِحَةٍ، فَيَنْقُضُ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ1 الشَّافِعِيَّةِ إنْ بَقِيَ بَعْضُهُ خَارِجًا، أَوْ بَلَغَ بَعْضَ خَيْطٍ فَوَصَلَ الْمَعِدَةَ ثَبَتَ حُكْمُ النَّجَاسَةِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاةٌ، وَلَا طَوَافٌ. وَإِنْ ظَهَرَتْ مَقْعَدَتُهُ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهَا بَلَلًا، وَقِيلَ أَوْ يَجْهَلُهُ، وَلَمْ يَنْفَصِلْ انْتَقَضَ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَكَذَا طَرَفُ مُصْرَانٍ، أَوْ رَأْسِ دُودَةٍ. وَلَوْ صَبَّ دُهْنًا فِي أُذُنِهِ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يُنْتَقَضْ، وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ فِيهِ في ظاهر كلامهم "وهـ" خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي. وَفِي نَجَاسَةِ دُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ وَجْهَانِ، لِنَجَاسَةِ بَاطِنِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ باطن فلم يتنجس به، كنخامة الحلق، وهو مَخْرَجُ الْقَيْءِ "م 4" وَفِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ طَهَارَةُ حَصَاةٍ خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ وَهُوَ غريب بعيد. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ: "وَفِي نَجَاسَةِ دُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ وَجْهَانِ لِنَجَاسَةِ3 بَاطِنِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ فلم يتنجس به، كنخامة3 الحلق وهو مخرج الْقَيْءِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ عُبَيْدَانَ: أَحَدُهُمَا: لَا ينجس، وصححه فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ فِي بَحْثِهِ. قُلْتُ: هِيَ قَرِيبَةُ الشَّبَهِ مِنْ خُرُوجِ الْمَنِيِّ، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ. وَالْوَجْهُ: الثَّانِي يَنْجُسُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ خَرَجَ، لِأَنَّهُ يُخَالِطُهُ وَيَكْتَسِبُ مِنْهُ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قُلْتُ: إنْ خَرَجَ الدُّهْنُ بِبَلَلٍ نَجِسَ، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى، وَخُرُوجُهُ بلا بلل بعيد جدا، والله أعلم.
الثاني: خروج بول أو غائط من بقية لبدن
الثَّانِي: خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَقِيَّةِ لبدن ... الثَّانِي: خُرُوجُ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ "ش" وَخُرُوجُ نَجَاسَةٍ فَاحِشَةٍ فِي نُفُوسِ أوساط الناس، في رواية اختاره1 الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وغيره، نقل الجماعة وذكر الشيخ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُذْهَبَ كُلُّ أَحَدِ بِحَسَبِهِ "م هـ". وَعَنْهُ ينقض اليسير "وهـ" وقال شيخنا: لا ينقض مطلقا "وم ش" وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ فِي غَيْرِ الْقَيْءِ، وَإِنْ شَرِبَ مَاءً وَقَذَفَهُ فِي الْحَالِ فَنَجَسٌ كَالْقَيْءِ، وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَمِنْهُمْ الْقَاضِي، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ إنْ تَغَيَّرَ كَدُهْنٍ قَطَّرَهُ فِي إحْلِيلِهِ. وَقَالَ أبو الحسين: لا ينقض بلغم كثير في إحدى الروايتين "وهـ" وَعَنْهُ بَلَى، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَأَصْلُهَا1: هَلْ يُفْطِرُ الصَّائِمَ؟ لَنَا: إنَّهَا تُخْلَقُ مِنْ الْبَدَنِ كَبَلْغَمِ الرَّأْسِ، فَإِنْ قِيلَ: الْبَلْغَمُ يَخْتَلِطُ بِنَجَاسَةِ الْمَعِدَةِ فَيَنْجُسُ كَمَاءٍ شَرِبَهُ ثُمَّ قَاءَهُ؛ قِيلَ: الْبَلْغَمُ يَتَمَيَّزُ مِنْ نَجَاسَةٍ تُجَاوِرُهُ، وَالنَّجَاسَةُ الَّتِي مَعَهُ لَوْ انْفَرَدَتْ لَمْ تَكُنْ كَثِيرَةً، وَفَارَقَ مَاءً شَرِبَهُ ثُمَّ قَاءَهُ، لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ فِي الْجَوْفِ خَالَطَتْهُ أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ لَا تميز عنه، فيصير ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة -5: قوله: "وَخُرُوجُ نَجَاسَةٍ فَاحِشَةٍ فِي أَنْفُسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ في رواية اختاره2 الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمَذْهَبُ كُلُّ أَحَدٍ بِحَسْبِهِ" انْتَهَى: الرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ "قَالَ" الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْخَلَّالُ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ حَدَّ الْفَاحِشِ مَا اسْتَفْحَشَهُ كُلُّ إنْسَانٍ فِي نَفْسِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: ظَاهِرُ المذهب أنه ما يفحش في القلب.
عَيْنَ النَّجَاسَةِ، كَذَا قَالَ: لَكِنْ فِيهِ إنَّ مَا قَاءَهُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، قَالُوا: لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ بِوُصُولِهِ إلَى الْجَوْفِ لَا بِالِاسْتِحَالَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَبَقَ فِي دُهْنٍ قُطِّرَ فِي إحْلِيلِهِ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ. وَيَنْقُضُ دَمٌ كَثِيرٌ مَصَّهُ عَلَقٌ أَوْ قُرَادٌ، لَا ذُبَابٌ وَبَعُوضٌ، لِقِلَّتِهِ وَمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ كَانَ صَغِيرًا كَذُبَابٍ وَبَعُوضٍ لَمْ يَنْقُضْ، وَإِلَّا نَقَضَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الدَّمُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِقُطْنَةٍ وَنَحْوِهَا نقض "وهـ". وَلَا يَنْقُضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حَصَاةٌ، وَلَا قِطْعَةُ لَحْمٍ، وَلَا دُودٌ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ، وَلَا يَنْقُضُ عِنْدَهُمْ الْقَيْءُ إلَّا مِلْءَ الْفَمِ، وَإِنْ غَلَبَ الرِّيقَ الدَّمُ لَمْ يَنْقُضْ عِنْدَهُمْ. وَإِنْ انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفَتَحَ غَيْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَسْفَلُ الْمَعِدَةِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الْمُعْتَادِ، وَقِيلَ إلَّا فِي النَّقْضِ بِرِيحٍ مِنْهُ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ، وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ، وَقِيلَ حَتَّى مَعَ بَقَاءِ المخرج وجهان "م 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -6: قَوْلُهُ: "وَفِي إجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ وَقِيلَ حَتَّى مَعَ بَقَاءِ الْمَخْرَجِ وَجْهَانِ" يَعْنِي إذَا انْسَدَّ الْمَخْرَجُ وَفَتَحَ غَيْرَهُ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ الِاسْتِجْمَارُ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ ونصره.
وَأَحْكَامُ الْمَخْرَجِ بَاقِيَةٌ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: إلَّا أن يكون سَدّ حَلْقَهُ، فَسَبِيلُ الْحَدَثِ الْمُنْفَتِحِ وَالْمَسْدُودِ كَعُضْوٍ زائد من الخنثى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشِّيرَازِيُّ، وَقَدَّمَهُ في الرعايتين والحاوي الكبير.
الثالث: زوال العقل أو تغطيته
الثالث: زوال العقل أو تغطيته "و" على الأصح1 وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ تَلَجَّمَ فَلَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ، إلْحَاقًا بِالْغَالِبِ عَلَى الْأَصَحِّ، إلَّا النوم اليسير "وم" عُرْفًا وَقِيلَ: مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ هَيْئَتِهِ كَسُقُوطٍ، وَقِيلَ مَعَ بَقَاءِ نَوْمِهِ، وَعَنْهُ وَالْكَثِيرُ من جالس "وش" إنْ اعْتَمَدَ بِمَقْعَدَتِهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَهَلْ يُنْتَقَضُ مِنْ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ "هـ" فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 7 - 8" وعنه القائم كجالس اختاره جماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 7 – 8: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْقُضُ النَّوْمُ مِنْ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: هَلْ يَنْقُضُ النَّوْمُ مِنْ الْقَائِمِ أَوْ يَلْحَقُ بِالْجَالِسِ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: إحْدَاهُمَا: هُوَ كَالْجَالِسِ فَلَا يَنْقُضُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ، وابن البنا1 وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قال في
وَإِنْ رَأَى رُؤْيَا فَهُوَ كَثِيرٌ "هـ ش" وَعَنْهُ: لَا، وَهِيَ أَظْهَرُ. وَمُسْتَنِدٌ وَمُتَّكِئٌ وَمُحْتَبٍ كمضطجع، وعنه لا "وهـ ر ش" وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يَنْقُضُ نَوْمٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَافِي1: الْأَوْلَى إلْحَاقُ الْقَائِمِ بِالْجَالِسِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. فَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُنْقَضُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُنْقَضْ مِنْ الْجَالِسِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، ابْنُ رَزِينٍ وَالْفَائِقُ وَغَيْرُهُمْ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ لَا تُقَاوِمُ الْأُولَى فِي التَّرْجِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 8: نَوْمُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ هَلْ يَلْحَقُ بالجالس أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَنْقُضُ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، قَالَ فِي الْكَافِي3: الْأَوْلَى إلْحَاقُ الرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ بِالْمُضْطَجِعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَنْقُضُ، وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، ابْنُ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ.
مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا إنْ ظَنَّ بَقَاءَ طُهْرِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرابع: مس فرج آدمي بيده
الرابع: مس فرج آدمي بيده 1 عَلَى الْأَصَحِّ "وش" وَعَنْهُ عَمْدًا، وَعَنْهُ، مَعَ شَهْوَةٍ، وَعَنْهُ مَعَهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ "وم" وَعَنْهُ لَا يُنْقَضُ طُهْرُ امْرَأَةٍ بِمَسِّ فَرْجِ أُنْثَى "م ر" كإسكتيها2، وَعَنْهُ: لَا3 يَنْقُضُ بِمَسِّ دُبُرٍ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَهِيَ أَظْهَرُ "وم" وَعَنْهُ يَنْقُضُ مَسُّ الْحَشَفَةِ، وَعَنْهُ الثَّقْبُ، وَعَنْهُ وَلَا مس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَكَرِ مَيِّتٍ وَمَيِّتَةٍ وَصَغِيرٍ، وَقِيلَ: دُونَ سَبْعٍ. وَيَنْقُضُ مَسُّهُ بِيَدِهِ، وَعَنْهُ وَبِذِرَاعِهِ وَعَنْهُ بِكَفِّهِ فقط "وم ش" فَفِي حَرْفِ كَفِّهِ وَجْهَانِ "م 9" وَاخْتَارَ الأكثر ينقض مَسُّهُ بِفَرْجٍ "ح" وَالْمُرَادُ: لَا ذَكَرُهُ بِذَكَرِ غَيْرِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي، وَفِي مَسِّ ذَكَرٍ بَائِنٍ أَوْ مَحِلِّهِ رِوَايَتَانِ "10 و 11" وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي يَنْقُضُ مَحِلُّهُ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّكَرِ الْبَائِنِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْخِتَانَيْنِ لِأَنَّهُ كيد بائنة، بخلاف فرج بائن. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 9: قَوْلُهُ فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الْفَرْجِ بِيَدِهِ، "وَعَنْهُ يَنْقُضُ مَسُّهُ بِكَفِّهِ، فَفِي حَرْفِ كفه وجهان". انتهى. وأطلقهما1 ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ: أَحَدُهُمَا: لَا يَنْقُضُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْقُضُ وهو الاحتياط. مسألة -10 – 11: قَوْلُهُ: "وَفِي مَسِّ ذَكَرٍ بَائِنٍ أَوْ2 مَحِلِّهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -10: مَسُّ الذَّكَرِ الْبَائِنِ هَلْ يَنْقُضُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، والمذهب، ومسبوك الذهب، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ3، وَالْمُغْنِي4، وَالْكَافِي5، وَالتَّلْخِيصِ والمحرر
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّظْمِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُنَجَّى، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيِّ فِي شُرُوحهمْ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْقُضُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: عَدَمُ النَّقْضِ أَقْوَى، لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ، وَالْمَظِنَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، فَقَالُوا: يَنْقُضُ مَسُّ الذَّكَرِ الْمُتَّصِلِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ يَنْقُضُ مَسُّهُ وَلَوْ مُنْفَصِلًا فِي وَجْهٍ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْقُضُ جَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَحَكَاهُ وَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1، والكافي2، وَالْمُقْنِعِ3، وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -11: حُكْمُ مَسِّ مَحِلِّهِ حُكْمُ مَسِّهِ وَهُوَ بَائِنٌ، عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدْ عَلِمْتَ الْمَذْهَبَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَكَذَا فِي هَذِهِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي يَنْقُضُ مَحِلُّهُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: لَوْ جَبَّ الذَّكَرَ فَمَسَّ مَحَلَّ الْجَبِّ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ، وَإِنْ لم يبق منه شيء شَاخِصٌ، وَاكْتَسَى بِالْجِلْدِ، لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الذَّكَرِ، ذكره صاحب النهاية4، انتهى، فقدم ابن عبيدان هذا.
وَالْقُلْفَةُ كَالْحَشَفَةِ، وَلَا يَنْقُضُ مَسُّهَا بَعْدَ قَطْعِهَا لِزَوَالِ الِاسْمِ وَالْحُرْمَةِ. وَالْمَسُّ بِزَائِدٍ يَنْقُضُ، وَعَنْهُ لَا، كَمَسٍّ زَائِدٍ فِي الْأَصَحِّ فَلَا يَنْقُضُ مَسُّ أَحَدِ فَرْجَيْ خُنْثَى مُشْكِلٍ إلَّا مَسَّ رَجُلٍ ذَكَرَهُ لِشَهْوَةٍ، أَوْ مَسَّ امْرَأَةٍ قُبُلَهُ لَهَا، وَلَا يَسْتَجْمِرُ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ. وَلَا يَنْقُضُ يَسِيرُ نَجَاسَةٍ سِوَى بَوْلٍ وَغَائِطٍ، وَقِيلَ: يُنْتَقَضُ بِانْتِشَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِنَظَرٍ، أَوْ فِكْرٍ، وَفِي مَسِّ فَرْجِ بَهِيمَةٍ احْتِمَالٌ، وَحُكِيَ عَنْ اللَّيْثِ، وَأَشَلُّ كَصَحِيحٍ، وَقِيلَ كزائد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الخامس: لمسه أنثى لشهوة
الخامس: لمسه أنثى لشهوة "وم" 1 نص عليه، وعنه مطلقا "وش" وَعَنْهُ عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَشَيْخُنَا، وَلَوْ بَاشَرَ مُبَاشَرَةً فَاحِشَةً "هـ" وَقِيلَ إنْ انْتَشَرَ يَنْقُضُ، وَإِذَا لَمْ يَنْقُضْ مَسُّ فَرْجِ2 أُنْثَى اُسْتُحِبَّ الْوُضُوءُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا لِشَهْوَةٍ، وَكَذَا لَمْسُهَا لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ "م" وَفِي الْمَيْتَةِ والصغيرة والعجوز "وذات" المحرم وجهان "م 12 - 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12 – 15: قَوْلُهُ: وَفِي مَسِّ الْمَيْتَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْعَجُوزِ وَالْمَحْرَمِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَنْقُضُ مَسُّ الْمَرْأَةِ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -12: مَسُّ الْمَيْتَةِ هَلْ يَنْقُضُ كَالْحَيَّةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ، والفائق وغيرهم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: هِيَ كَالْحَيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْكَافِي1، والمحرر، والوجيز، وغيرهم، وجزم به فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْإِفَادَاتِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّم، وَابْنُ الْبَنَّا، وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْقُضُ اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 13: الصَّغِيرَةُ هَلْ هِيَ كَالْكَبِيرَةِ، أَمْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: هِيَ كَالْكَبِيرَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2، وَالْكَافِي1 وَالتَّلْخِيصِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ: الثَّانِي لَا يَنْقُضُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. تَنْبِيهٌ: صَرَّحَ الْمَجْدُ أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ مَسُّ الطِّفْلَةِ، وَإِنَّمَا يَنْقُضُ لَمْسُ الَّتِي تُشْتَهَى "قُلْت" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 14: مَسُّ الْعَجُوزِ هَلْ يَنْقُضُ كَغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: هِيَ كَغَيْرِهَا فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ مَسُّهَا، وَهُوَ الصحيح، وهو ظاهر كلام أكثر
ولا نقض مع حائل، وأمرد، نص عليهما، وعنه بلى فيهما لشهوة "وم" وَلَا لَمْسُ سِنٍّ وَشَعْرٍ وَظُفْرٍ فِي الْأَصَحِّ "م" وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا اللَّمْسُ بِهِ، وَهُوَ مُتَوَجَّهٌ، وَكَذَا مَسُّ ذَكَرٍ بِظُفْرٍ، وَلَا مَلْمُوسَ "ش" وَمَمْسُوسُ فَرْجِهِ "و" عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَمْسٌ زائد، وبه، كأصلي في الأصح، وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْإِفَادَاتِ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا ينقض. قلت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ إذًا الْحُكْمُ مَنُوطٌ بِحُصُولِ الشَّهْوَةِ، وَهِيَ أَهْلٌ لِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ- 15: هَلْ مَسُّ الْمَحْرَمِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ أَمْ لَا يَنْقُضُ مَسُّهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: هِيَ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالتَّلْخِيصِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَصَحَّحَهُ الناظم، وغيره، وَقَدَّمَهُ فِي4 الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ. الوجه الثاني: لا ينقض. قدمه في4الرعاية الصغرى. قلت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْخِلَافَ فِي الْعَجُوزِ والمحرم روايتين ابن عبيدان وغيره.
أَشَلُّ، وَقِيلَ: يَنْقُضُ مَسُّ رَجُلٍ رَجُلًا، أَوْ امرأة لشهوة، فينقض مس أحدهما الخنثى1، ومسه لهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السادس: أكل لحم الجزور
السَّادِسُ: أَكْلُ لَحْمِ الْجَزُورِ عَلَى الْأَصَحِّ "ح" وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ، لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ، وَعَنْهُ لَا يُعِيدُ مَعَ الْكَثْرَةِ، وَعَنْهُ مُتَأَوَّلٌ، وَقِيلَ فِيهِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْأَثَرُ، بِخِلَافِ تَرْكِهِ الطُّمَأْنِينَةَ، وَتَوْقِيتَ مَسْحٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ شَيْخِنَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُعِيدُ مُتَأَوِّلٌ مُطْلَقًا، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَجْهًا فِي "الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ"1 وَأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ خِلَافُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أُعَنِّفُ مَنْ قَالَ شَيْئًا لَهُ وَجْهٌ وَإِنْ خَالَفْنَاهُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ النوادر وجهين في ترك التسمية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
على الوضوء متأولا. وفي بقية الأجزاء و1 المرق واللبن روايتان "م 16 و 17". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 16 – 17: قَوْلُهُ فِي النَّقْضِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْجَزُورِ: "وَفِي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَرَقِ وَاللَّبَنِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 16: فِي اللَّبَنِ هَلْ هُوَ فِي النَّقْضِ كَاللَّحْمِ أَمْ لَا يَنْقُضُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْإِرْشَادِ2، وَالْمُجَرَّدِ، وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4، وَالْمُقْنِعِ5، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وابن عبيدان ومختصر ابن تميم والرعاية الكبرى وَالْفَائِقِ6، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْقُضُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتَارَهَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، قَالَ النَّاظِمُ، هَذَا الْمَنْصُورُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كَاللَّحْمِ، قَدَّمَهُ فِي الرعاية6 الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْأَصْحَابُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ، وحكاها في الإرشاد2 وجهين. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 17: فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ هَلْ هُمَا فِي النَّقْضِ كَاللَّحْمِ، أَمْ لَا يَنْقُضَانِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ ومسبوك الذهب، والمستوعب7 والخلاصة، والكافي3
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُغْنِي1، وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وابن عبيدان ومختصر ابن تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْقُضُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى النَّقْضِ بِاللَّحْمِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ فَقَالَ: وَالصَّحِيحُ لَا يَنْقُضُ، وَإِنْ قُلْنَا يَنْقُضُ اللَّحْمُ وَاللَّبَنُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْقُضُ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ طَرِيقَتَيْنِ، هَلْ يَلْحَقُ بِاللَّبَنِ أَمْ بِاللَّحْمِ، فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَعَلُوا حُكْمَ اللَّبَنِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَاحِدًا، وَابْنُ عُبَيْدَانَ حَكَى الْخِلَافَ فِي إلْحَاقِهَا بِاللَّبَنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَحَكَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَفِي بَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمَرَقِ روايتان، فجعل الخلاف عَلَى اللَّبَنِ وَالْكَبِدِ3 وَالطِّحَالِ، وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ المصنف، قال في المغني1 والشرح4:
وَلَا يَنْقُضُ طَعَامٌ مُحَرَّمٌ، وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ اللحم، وعنه لحم الْخِنْزِيرِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبَقِيَّةُ النَّجَاسَاتِ، يُخَرَّجُ عَلَيْهِ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَالَ شَيْخُنَا: الْخَبِيثُ المباح للضرورة كلحم السباع أبلغ من لحم1 الْإِبِلِ، فَالْوُضُوءُ مِنْهُ أَوْلَى، قَالَ: وَالْخِلَافُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَحْمَ الْإِبِلِ تَعَبُّدِيٌّ، أَوْ عقل معناه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوحكم سائر أجزائه غير اللحم، كالسنام2 وَالْكِرْشِ، وَالدُّهْنِ وَالْمَرَقِ وَالْمُصْرَانِ وَالْجِلْدِ حُكْمُ الطِّحَالِ وَالْكَبِدِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي سَنَامِهِ، وَدُهْنِهِ، وَمَرَقِهِ، وَكِرْشِهِ، وَمُصْرَانِهِ، وَقِيلَ وَجِلْدِهِ، وَعَظْمِهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَفِي شُحُومِهَا وَجْهَانِ، وَحَكَى الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وغيرهم.
السابع: غسل الميت
السَّابِعُ: غُسْلُ الْمَيِّتِ، وَعَنْهُ لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وَ" كَمَا لَوْ يَمَّمَهُ، وَفِيهِ قَوْلٌ، وَفِي غُسْلِ بَعْضِهِ احْتِمَالٌ، وَلَا يَنْقُضُ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ حَمْلِ الْجِنَازَةِ، لَيْسَ يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَغْتَسِلُ مِنْ الْحِجَامَةِ، لَيْسَ يَثْبُتُ، وَالْغُسْلُ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ لَيْسَ يَثْبُتُ، وَفِي هَذَيْنِ رِوَايَةٌ أُخْرَى1، فَيَتَوَجَّهُ فِي الْحَمْلِ، لِتَسْوِيَةِ أَحْمَدَ بين الثلاثة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثامن: الردة
الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ "وش" فِي التَّيَمُّمِ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ، لِقَوْلِهِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِاسْتِنْجَاءِ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ، وَلَا إبَاحَةَ مَعَ قيام المانع، والوضوء رَافِعٌ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لَا يَنْقُضُ مُطْلَقًا، وَلَا نَصَّ فِيهَا، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ، وَالطَّهَارَةُ الْكُبْرَى زَالَ حُكْمُهَا، فَرَجَعَ إلَى أَصْلِهِ، لِأَنَّهُ طَارِئٌ بِخِلَافِ الْحَدَثِ، وَلِأَنَّهَا كَالْحَدَثِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ تَبْطُلُ. وَلَا يَنْقُضُ غَيْبَةٌ ونحوها، نقلها الجماعة "و"1، وَحَكَى رِوَايَةً وَاقْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ بْنُ الْجَوْزِيِّ2 فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ عَلَى النَّقْضِ بالخمسة السابقة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكُلِّ مَا أَوْجَبَ غُسْلًا كَإِسْلَامٍ وَإِيلَاجٍ بِحَائِلٍ أوجب وضوءا وقيل: لا1 وَلَوْ مَيِّتًا "و". وَلَا يُنْقَضُ بِقَهْقَهَةٍ فِي صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ وَسُجُودٌ "هـ" وَفِي اسْتِحْبَابِهِ وَلِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَجْهَانِ "م 18 - 19" وَسَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ التَّجْدِيدِ2 مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لَهُ، وَالْمَنْصُوصُ: ولا ينقض بإزالة شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَنَحْوِهِ. وَمَنْ شَكَّ فِي طَهَارَةٍ أَوْ حَدَثٍ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ، وَلَوْ فِي غير صلاة "م" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 18 -19: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِلْقَهْقَهَةِ وَلِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ فِيهِمَا. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 18: هَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِلْقَهْقَهَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. قُلْتُ: وَهُوَ قَوِيٌّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 19: هَلْ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِمَا مَسَّتْهُ النَّارُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ: أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ، وَفِيهِ قُوَّةٌ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَلَكِنْ صحة الأحاديث تبطل هذه الشبهة.
كَمَنْ بِهِ وَسْوَاسٌ "و" وَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا وَجَهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَهُوَ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، وَقِيلَ: يتطهر "وم"1، كَمَا لَوْ جَهِلَهُ. وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا رَفْعًا لحدث ونقضا لطهارة، كان فعلى2 مثل حاله قبلهما، فإن جهل حاله3 أَوْ أَسْبَقَهُمَا أَوْ عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا: فهل هو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ روايتان "م 20 - 21". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 20-21: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَيَقَّنَ فِعْلَهُمَا، رَفْعًا لِحَدَثٍ وَنَقْضًا لطهارة، فعل مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَهُمَا، فَإِنْ جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا أَوْ عَيَّنَ وَقْتًا , لَا يَسَعُهُمَا , فَهَلْ هُوَ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ , وَقِيلَ رِوَايَتَانِ" , انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ , وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى , فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ جَهِلَ فَاعِلُهَا حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا , أَوْ عَيَّنَ لَهُمَا وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهَلْ هُوَ بَعْدَهُمَا كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ بِضِدِّهِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ , وَقِيلَ رِوَايَتَانِ , انْتَهَى إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-20: إذَا جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا أَحَدُهُمَا يَكُونُ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا , وَهُوَ الصَّحِيحُ , اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ , وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ , وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ , وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ. الْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ , وَجَمَاعَةٌ , وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ. تَنْبِيهٌ: مَعْنَى جَهِلَ حَالَهُمَا وَأَسْبَقَهُمَا: إذَا جهل حال الطهارة التي أوقعها بعد الزوال مَثَلًا, وَحَالَ الْحَدَثِ هَلْ كَانَتْ الطَّهَارَةُ عَنْ حَدَثٍ أَوْ عَنْ تَجْدِيدٍ؟ وَهَلْ كَانَ الْحَدَثُ عَنْ طَهَارَةٍ أَوْ عَنْ حَدَثٍ آخَرَ وَجَهِلَ أَيْضًا الْأَسْبَقَ مِنْهُمَا؟ قَالَ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ: فَإِنْ وُجِدَ الْفِعْلَانِ وَفُقِدَ الِابْتِدَاءُ لَمْ يَخْلُ: إمَّا أَنْ يَفْقِدَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مِثَالٌ فِقْدَانه فِيهِمَا أَنْ يَقُولَ إنِّي أَتَحَقَّقُ أَنِّي بَعْدَ الزَّوَالِ تَوَضَّأْتُ وُضُوءًا لَا أَدْرِي عن حدث كان أو تجديدا وَإِنِّي بُلْتُ وَلَا أَدْرِي كُنْتُ حِينَ الْبَوْلِ مُحْدِثًا أَوْ مُتَطَهِّرًا وَلَا أَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْ الْفِعْلَيْنِ , فَهَذَا يَكُونُ عَلَى عَكْسِ حَالِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ , انْتَهَى وَعَلَّلَهُ بِتَعْلِيلٍ جَيِّدٍ , فَهَذِهِ صُورَةُ مسألة المصنف.
وَإِنْ تَيَقَّنَ طَهَارَةً وَفِعْلَ حَدَثٍ فَضِدُّ حَالِهِ قبلهما، وإن تَيَقَّنَ أَنَّ الطَّهَارَةَ مِنْ حَدَثٍ وَلَا يَدْرِي الْحَدَثَ عَلَى طُهْرٍ أَمْ لَا فَمُتَطَهِّرٌ مُطْلَقًا، وعكس هذه الصورة بعكسها. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -21: إذَا عَيَّنَ وَقْتًا لَا يَسَعُهُمَا فَهَلْ يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا أَوْ ضِدِّهِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ كَحَالِهِ قَبْلَهُمَا، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَالَيْنِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ فِعْلَهُمَا فِي وَقْتٍ لَا يَتَّسِعُ1 لَهُمَا تَعَارَضَ هَذَا الْيَقِينُ وَسَقَطَ، وَكَانَ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ طَهَارَةٍ، قَالَ فِي النُّكَتِ وَأَظُنُّ أَنَّ أَبَا الْمَعَالِي وَجِيهَ الدِّينِ أَخَذَ اخْتِيَارَهُ مِنْ هَذَا، وَنَزَّلَ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ عَلَى ضِدِّ حَالِهِ قَبْلَهُمَا. قلت: الصواب وجوب الطهارة مطلقا لأن يقين2 الطَّهَارَةِ قَدْ عَارَضَهُ يَقِينُ الْحَدَثِ، وَعَكْسُهُ فَيَسْقُطَانِ، فَيَتَوَضَّأُ احْتِيَاطًا، لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لِلصَّلَاةِ بِيَقِينٍ مِنْ الطَّهَارَةِ إذَا مَا قِيلَ ذَلِكَ مَشْكُوكٌ بِمَا حصل بعده، والله أعلم.
ما يحرم على المحدث
ما يحرم على المحدث ... وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ الصَّلَاةُ "ع" فَلَوْ صَلَّى مَعَهُ لَمْ يَكْفُرْ "هـ" وَمَسُّ الْمُصْحَفِ وَجِلْدِهِ وحواشيه لشمول اسم1 الْمُصْحَفِ لَهُ، بِدَلِيلِ الْبَيْعِ2، وَلَوْ بِصَدْرِهِ "و" وَقِيلَ: كِتَابَتِهِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ، لِشُمُولِ اسْمِ المصحف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَهُ فَقَطْ، لِجَوَازِ جُلُوسِهِ عَلَى بِسَاطٍ: عَلَى حَوَاشِيهِ كِتَابَةٌ، كَذَا قَالَ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِعُضْوٍ رَفَعَ حَدَثَهُ وَقُلْنَا يَرْتَفِعُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 22". وَيَجُوزُ حَمْلُهُ بِعِلَاقَتِهِ، أَوْ فِي غِلَافِهِ، أو كمه وتصفحه به، وبعود، ومسه من وراء حائل "وهـ" كَحَمْلِهِ رُقًى وَتَعَاوِيذَ فِيهَا قُرْآنٌ "و" وَلِأَنَّ غِلَافَهُ لَيْسَ بِمُصْحَفٍ بِدَلِيلِ الْبَيْعِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ لَا، وَقِيلَ إلَّا لِوَرَّاقٍ، لِلْحَاجَةِ وَيَجُوزُ في رواية مس صبي لوحا كتب فيه، "و"1 وعنه ومسه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -22: قَوْلُهُ فِي حَمْلِ الْمُصْحَفِ "وَالْأَصَحُّ لَا يَجُوزُ مَسُّهُ لِعُضْوٍ رَفَعَ حَدَثَهُ وَقُلْنَا يَرْفَعُ في أحد الوجهين" انتهى. أَحَدُهُمَا: لَا يَرْتَفِعُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: لَا يَكُونُ مُتَطَهِّرًا إلَّا بِغَسْلِ الْجَمِيعِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَوْ طَهُرَ بَعْضُ عُضْوٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسُّ بِهِ لِأَنَّ الْمَاسِّ غَيْرُ طَاهِرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، انْتَهَى، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَرْتَفِعُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْ عُضْوٍ لَمْ يَمَسَّهُ بِهِ قَبْلَ إكْمَالِ الطَّهَارَةِ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ لِتَكْمِيلِهِ تَيَمَّمَ لِلْبَاقِي وَلَمَسَهُ بِهِ، وَقِيلَ لَهُ لَمْسُهُ قَبْلَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَمُّمِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَهُوَ سَهْوٌ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، انْتَهَى، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هُوَ سَهْوٌ، وَنَسَبَ الْقَوْلَ إلَى ابْنِ عَقِيلٍ، فَقَالَ وَلَوْ رَفَعَ الْحَدَثَ عَنْ عُضْوٍ لَمْ يَمَسَّ بِهِ الْمُصْحَفَ حَتَّى تَكْمُلَ طَهَارَتُهُ، فَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ لِتَكْمِيلِهَا تَيَمَّمَ لِمَا بَقِيَ، ثُمَّ لَمَسَهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَهُ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَهَا بِالتَّيَمُّمِ بِخِلَافِ الْمَاءِ، وَهُوَ سَهْوٌ انْتَهَى. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةِ مَسُّ صَبِيٍّ لَوْحًا كُتِبَ فِيهِ" انْتَهَى ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ للصبي مس اللوح المكتوب
الْمَكْتُوبَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ رِوَايَةً، وَمَسُّهُ الْمُصْحَفِ. وَيَجُوزُ فِي الْأَشْهَرِ حَمْلُ خُرْجٍ فِيهِ مَتَاعٌ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ. وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ مس ثوب رقم به "هـ"1، وَفِضَّةٍ نُقِشَتْ بِهِ "هـ" وَظَاهِرُهُ فِيهَا وَلَوْ لكافر، ويتوجه وجه "وم" وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ خَاتَمٌ فِضَّةٌ، وَجَزَمَ صَاحِبُ المحرر بالجواز وَيَأْتِي حُكْمُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْخَاتَمِ، وَالْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ في زكاة الأثمان2. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جزم به في التلخيص، فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي مَسِّ الصِّبْيَانِ كِتَابَةَ الْقُرْآنِ رِوَايَتَانِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَظَاهِرُهُ جَوَازُ مَسِّ اللَّوْحِ وجزم به المنور. والرواية الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: لَا بَأْسَ بِمَسِّهِ لِبَعْضِ الْقُرْآنِ، وَيُمْنَعُ مِنْ حَمْلِهِ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ لَهُ عَشْرُ سِنِينَ فَصَاعِدًا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ "وَيَجُوزُ فِي رِوَايَةِ مس ثوب رقم به، وفضة نقشت به" انتهى.
وَعَلَى الْأَصَحِّ، وَكِتَابَةِ تَفْسِيرٍ وَنَحْوِهِ "وَ" وَقِيلَ: وهما في حمله، وقيل: وفي مَسِّ الْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ، وَذَكَرَ فِي الْخِلَافِ مِنْ ذَلِكَ مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي الرَّجُلِ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَالْكِتَابَةَ لِلْحَاجَةِ فَيَكْتُبُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَكْرَهُهُ، وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ مِنْ حَمْلِ ذَلِكَ، وَمَسِّهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْضًا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ، أَوْ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي الثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِالْقُرْآنِ روايتان1: وَقِيلَ وَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ فِي الْفِضَّةِ الْمَنْقُوشَةِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رواية المروذي في أنه لا يجوز للجنب5 مَسُّ الدَّرَاهِمِ بِيَدِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي صُرَّةٍ فَلَا بَأْسَ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْكَاغَدِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ مُنَجَّى عَلَى مَا يَأْتِي. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَطَالِبِ وَابْنِ مَنْصُورٍ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ مَسُّ الدَّرَاهِمِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْجَوَازُ، قَالَ النَّاظِمُ عَنْ الدِّرْهَمِ المنقوش:
وَيَجُوزُ1 فِي الْأَصَحِّ مَسُّ2 الْمَنْسُوخِ، وَتِلَاوَتُهُ، وَالْمَأْثُورِ عَنْ اللَّهِ، وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ "و" وَيَحْرُمُ مَسُّهُ بِعُضْوٍ نَجَسٍ لَا بِغَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَذَا مَسُّ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِنَجَسٍ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ، وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ "م 23" وكذا كتب العلم "م 24" التي ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا الْمَنْصُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّخْرِيجِ مَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ النَّاسُ: غَالِبًا مِنْ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ الْمَنْقُوشِ عَلَيْهَا الْقُرْآنُ لَا يَجُوزُ مَسُّهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ أَبُو الْمَعَالِي ابْنُ مُنَجَّى فِي النِّهَايَةِ وَاخْتَارَ أَيْضًا فِيهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ مَسُّ ثَوْبٍ كُتِبَ فِيهِ قُرْآنٌ، وَقَالَ وَجْهًا وَاحِدًا وَقَطَعَ الْمَجْدُ بِالْجَوَازِ فِي مَسِّ الْخَاتَمِ الْمَرْقُومِ فِيهِ انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ- 23: قَوْلُهُ: "وَكَرِهَ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ يَعْنِي الْمُصْحَفَ وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ": أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ3 نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْآدَابِ، ثُمَّ رَأَيْته فِيهِمَا فِي أَوَاخِرِ الِاعْتِكَافِ، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يَحْرُمُ الِاتِّكَاءُ عَلَى الْمُصْحَفِ، وَعَلَى كُتُبِ الْحَدِيثِ، وَمَا فِيهِ مِنْ القرآن اتفاقا، انتهى. والوجه الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ، بَلْ يُكْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: كَرِهَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَضَعَ الْمُصْحَفَ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَيَنَامَ عَلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ ابْتِذَالًا لَهُ وَنُقْصَانًا مِنْ حُرْمَتِهِ. مَسْأَلَةٌ – 24: قَوْلُهُ: "وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ" يَعْنِي الَّتِي فِيهَا قُرْآنٌ، يَعْنِي أَنَّ فِي جَوَازِ تَوَسُّدِهَا وَعَدَمِهِ الْوَجْهَيْنِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الأذانين: أحدهما: يحرم، وهو الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ في
فِيهَا قُرْآنٌ، وَالْإِكْرَاهُ، قَالَ أَحْمَدُ فِي كُتُبِ الحديث: إن خَافَ سَرِقَةً فَلَا بَأْسَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا مَدَّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جِهَةِ ذَلِكَ، وَتَرْكُهُ أَوْلَى وَيُكْرَهُ، وَكَرِهَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَكَذَا فِي مَعْنَاهُ اسْتِدْبَارُهُ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ إسْنَادَ الظَّهْرِ إلَى الْقِبْلَةِ، فَهُنَا أَوْلَى، لَكِنْ اقْتَصَرَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى اسْتِحْبَابِ اسْتِقْبَالِهَا، فَتَرْكُهُ أَوْلَى وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى. وفي الصحيحين1 حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ: "فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ". وَلِأَحْمَدَ2 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إلَى الْكَعْبَةِ: وَرَبِّ هَذِهِ الْكَعْبَةِ لَقَدْ لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانًا وَمَا وُلِدَ مِنْ صُلْبِهِ. وَلِأَحْمَدَ3 عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنَدِي ظُهُورِنَا إلَى قِبْلَتِهِ إذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ التَّخَطِّي وَرَمْيُهُ إلَى الْأَرْضِ بِلَا وَضْعٍ، وَلَا حَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ، بَلْ هُوَ بِمَسْأَلَةِ التَّوَسُّلِ أَشْبَهُ، وَقَدْ رَمَى رَجُلٌ بِكِتَابٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فغضب. وقال: هكذا يفعل بكلام الأبرار!!. ـــــــــــــــــــــــــــــQمجمع البحرين في التي قبلها. والوجه الثاني: يكره، وهذه المسألة كالتي قبلها.
وَيُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ "وم ش" نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ لَا "وهـ" كَتَطْيِيبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ كَكِيسِهِ الْحَرِيرِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الْمَسْأَلَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ يسير، ومثل ذَلِكَ لَا يَحْرُمُ، كَالطِّرَازِ وَالذَّيْلِ، وَالْجَيْبِ، كَذَا قَالُوا. وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ لِلنِّسَاءِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، كَكُتُبِ الْعِلْمِ فِي الْأَصَحِّ، وَاسْتَحَبَّ الْآمِدِيُّ تَطْيِيبَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَيَّبَ الْكَعْبَةَ1، وَهِيَ دُونَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَطْيِيبِ الْمَسَاجِدِ2، وَالْمُصْحَفُ أَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: يَحْرُمُ كَتْبُهُ بِذَهَبٍ، لِأَنَّهُ مِنْ زَخْرَفَةِ الْمُصْحَفِ، وَيُؤْمَرُ بِحَكِّهِ، فَإِنْ كَانَ تَجَمَّعَ مِنْهُ مَا يُتَمَوَّلُ زَكَّاهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يُزَكِّيهِ إنْ كَانَ نِصَابًا، وَلَهُ حَكُّهُ، وَأَخْذُهُ. وَاسْتِفْتَاحُ الْفَأْلِ فِيهِ، فَعَلَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَلَمْ يَرَهُ غَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهُ. وَيَحْرُمُ كَتْبُهُ حَيْثُ يُهَانُ بِبَوْلِ حَيَوَانٍ، أَوْ جُلُوسٍ، وَنَحْوِهِ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا إجْمَاعًا، فَتَجِبُ إزَالَتُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي تَعْلِيقُ شَيْءٍ فِيهِ قُرْآنٌ يُسْتَهَانُ بِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُكْرَهُ كِتَابَتُهُ، زَادَ بَعْضُهُمْ فِيمَا هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ غَيْرِهِ مِنْ الذِّكْرِ فيم لم يدنس3، وإلا كره شديدا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ دَوْسُهُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ حَائِطِ الْمَسْجِدِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى حِيطَانِ الْمَسْجِدِ ذِكْرٌ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُلْهِي الْمُصَلِّيَ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ شِرَاءَ ثَوْبٍ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ يُجْلَسُ عَلَيْهِ وَيُدَاسُ. وَمَا تَنَجَّسَ أَوْ كُتِبَ عَلَيْهِ بِنَجِسٍ غُسِلَ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: يَلْزَمُ غَسْلُهُ. وَقَالَ: فَقَدْ جَازَ غَسْلُهُ وَتَحْرِيقُهُ لِنَوْعِ صِيَانَةٍ وَقَالَ إنْ قَصَدَ بِكَتْبِهِ بِنَجِسٍ إهَانَتَهُ فَالْوَاجِبُ قَتْلُهُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ1: أَنَّ الصَّحَابَةَ حَرَّقَتْهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، لَمَّا جَمَعُوهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ذَلِكَ لِتَعْظِيمِهِ وَصِيَانَتِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي دَاوُد رَوَى بِإِسْنَادِهِ عن طلحة بن مصرف2 قَالَ: دَفَنَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ3، وَبِإِسْنَادٍ عَنْ طَاوُسٍ إنْ لَمْ يَكُنْ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُحَرِّقَ الْكُتُبَ، وَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ وَالنَّارَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ4. وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا الْجَوْزَاءِ5 بَلِيَ مُصْحَفٌ لَهُ فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَدَفَنَهُ، وَقِيلَ: يُدْفَنُ كَمَا لَوْ بَلِيَ الْمُصْحَفُ أَوْ انْدَرَسَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي كَرَاهَةِ نَقْطِهِ وَشَكْلِهِ وَكِتَابَةِ الْأَعْشَارِ فِيهِ وأسماء السور وعدد
الْآيَاتِ رِوَايَتَانِ "م 25" وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ نَقْطُهُ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلنَّاسِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي1، وَمَعْنَى كَلَامِهِ وَكَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ شَكْلَهُ كَنَقْطِهِ، وَعَلَيْهِ تَعْلِيلُ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَحْمَدَ: تُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ كَذَا وَكَذَا؟؟ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ الْخَلَّالُ: يَعْنِي لَا أَدْرِي كَرَاهَتَهُمْ لِذَلِكَ مَا هُوَ، إلَّا أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ الْخَلَّالُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ2. وَقَالَ الْقَاضِي ظاهره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: "وَفِي كَرَاهَةِ نَقْطِهِ وَشَكْلِهِ وَكِتَابَةِ الْأَعْشَارِ فِيهِ وَأَسْمَاءِ السُّوَرِ وَعَدَدِ الْآيَاتِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي النَّقْطِ، وَقَالَ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ كَالْأَخْمَاسِ، وَالْأَعْشَارِ، وَعَدَدِ آيِ السُّوَرِ، انْتَهَى: إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا بِكَثِيرٍ، وَإِنَّمَا تُرِكَ ذَلِكَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ اسْتَحَبَّ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُنَادِي نَقْطَهُ، وَعَلَّلَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلنَّاسِ، وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الْمُنَادِي وَشَكْلَهُ أَيْضًا. قلت: وهو قوي. والرواية الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ لِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً، بَلْ أَكْثَرُ بِاعْتِبَارِ تَعْدَادِ الْمَسَائِلِ قَدْ فَتَحَ الله بتصحيحهما فله الحمد والمنة.
التوقف عن جوازه، وكراهته، وَقَدْ رَوَى خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّازُ1 وَهُوَ إمَامٌ مَشْهُورٌ بِإِسْنَادِهِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "لَا تَقُولُوا سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَلَا سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ، وَلَا سُورَةُ النِّسَاءِ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ، وَلَكِنْ قُولُوا: السُّورَةُ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الْبَقَرَةُ، وَاَلَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا آلُ عِمْرَانَ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ" 2. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ كَرَاهَتِهِ، وَهُوَ أَشْبَهُ، لِأَنَّ الْقُرْآنَ يُعَضِّدُهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ} [محمد: 20] قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ3: جَوَازُ ذَلِكَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ. وَيَجُوزُ تَقْبِيلُهُ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ، لِفِعْلِ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْوَقْفَ فِيهِ، وَفِي جَعْلِهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِفْعَةٌ وَإِكْرَامٌ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ الْقُرْبُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَدْخَلٌ، لَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ إلَّا بِتَوْقِيفٍ، وَلِهَذَا قَالَ عمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ الْحَجَرِ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُك مَا قَبَّلْتُك1، وَلَمَّا قَبَّلَ مُعَاوِيَةُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا، فَقَالَ: إنَّمَا هِيَ السُّنَّةُ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ الزِّيَادَةَ عَلَى فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْظِيمٌ2، ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةً تُكْرَهُ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُقَامُ لَهُ، لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ، وَذَكَرَ الْحَافِظُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ3 مِنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ4 فِي تَرْجَمَةِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَذُكِرَ عِنْدَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ5 وَكَانَ مُتَّكِئًا، مِنْ عِلَّةٍ فَاسْتَوَى جَالِسًا، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ الصَّالِحُونَ فَيُتَّكَأَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَنِدًا فَأَزَالَ ظَهْرَهُ. وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنَّهُ تَجْرِي ذِكْرَى الصَّالِحِينَ وَنَحْنُ مُسْتَنِدُونَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، فَأَخَذْتُ مِنْ هَذَا حُسْنَ الْأَدَبِ فِيمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عِنْدَ ذِكْرِ إمَامِ الْعَصْرِ مِنْ النُّهُوضِ لِسَمَاعِ تَوْقِيعَاتِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا أَوْلَى. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَهُوَ أَحَقُّ. وَيَجُوزُ: كِتَابَةُ آيَتَيْنِ فَأَقَلَّ إلَى الْكُفَّارِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ إلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ كِتَابٌ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ، قَدْ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمُشْرِكِينَ6، وَفِي النِّهَايَةِ لِحَاجَةِ التَّبْلِيغِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِلَافِ. وَقَالَ ابْنُ عقيل: لا بأس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِتَضْمِينِهِ لِمَقَاصِدَ تُضَاهِي مَقْصُودَهُ تَحْسِينًا لِلْكَلَامِ، كَأَبْيَاتٍ فِي الرَّسَائِلِ لِلْكُفَّارِ مُقْتَضِيَةٍ الدِّعَايَةَ، وَلَا يَجُوزُ فِي نَحْوِ كُتُبِ الْمُبْتَدِعَةِ، بَلْ فِي الشِّعْرِ لِصِحَّةِ الْقَصْدِ، وَسَلَامَةِ الْوَضْعِ. وَيَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ "وم ش" نَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ؛ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَغْزُوَ وَمَعَهُ مُصْحَفٌ، وَقِيلَ: إلَّا مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ بِدُونِهَا "وهـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الغسل
باب الغسل موجبات الغسل ... بَابُ الْغُسْلِ وَمُوجِبُهُ سِتَّةٌ: خُرُوجُ الْمَنِيِّ مِنْ مخرجه بلذة، ولو دما، وعنه وبغيرها "وش" وَيُخْلَقُ مِنْهُ الْحَيَوَانُ، لِخُرُوجِهِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ، وَيَنْقُصُ بِهِ جُزْءٌ مِنْهُ، وَبِهَذَا يَضْعُفُ مُكْثِرُهُ، فَجُبِرَ بِالْغُسْلِ. وَإِنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَحَبَسَهُ وَجَبَ، وَعَنْهُ لَا، حَتَّى يَخْرُجَ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "و" فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 1" وَعَلَيْهِمَا أَيْضًا إنْ خَرَجَ بَعْدَ غُسْلِهِ أَوْ خَرَجَتْ بَقِيَّةُ مَنِيٍّ اغتسل له: لم يجب "وم" وعنه يجب "وش". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَحَسَّ بِخُرُوجِهِ فَحَبَسَهُ وَجَبَ، وَعَنْهُ لَا، حَتَّى يَخْرُجَ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَالْفِطْرِ وَغَيْرِهِمَا؟؟ عَلَى وَجْهَيْنِ" انْتَهَى. وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِيمَنْ بَعْدَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ وَغَيْرُهُ بِذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ في الرعاية الكبرى. قلت: وهو بعيد.
وعنه إن خرج بوله "وهـ" وَعَنْهُ بَعْدَهُ، وَكَذَا لَوْ جَامَعَ فَلَمْ يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَغْتَسِلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قِيَاسُ الْمَنِيِّ انْتِقَالُ حَيْضٍ. وَإِنْ انْتَبَهَ بَالِغٌ أَوْ مَنْ يُحْتَمَلُ بُلُوغُهُ فَوَجَدَ بَلَلًا جَهِلَ أَنَّهُ مَنِيٌّ وَجَبَ "م ش" كتيقنه "و" وعنه مع الحلم، وَعَنْهُ لَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، فَعَلَى الأولى يغسل بدنه1 وَثَوْبَهُ احْتِيَاطًا، وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ لَا يَجِبُ، وَلِهَذَا قَالُوا: وَإِنْ وَجَدَهُ يَقَظَةً وَشَكَّ فِيهِ تَوَضَّأَ، وَلَا يَلْزَمُ غَسْلُ ثَوْبِهِ، وَلَا يَدَيْهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْمَنِيِّ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ حُكْمِهِمَا، وخيره أكثر ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثَّانِي: يَثْبُتُ ذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْتِزَامًا، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ في الرعاية وهو بعيد.
الشَّافِعِيَّةِ بَيْنَ حُكْمِ الْمَنِيِّ وَالْمَذْيِ. وَإِنْ سَبَقَ نَوْمَهُ بَرْدٌ أَوْ نَظَرٌ وَنَحْوُهُ لَمْ يَجِبْ، وَعَنْهُ يَجِبُ، وَعَنْهُ مَعَ الْحُلْمِ وِفَاقًا، وَإِنْ تَيَقَّنَهُ مَذْيًا فَلَا "هـ" وَإِنْ رَأَى مَنِيًّا بِثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ لَا بِظَاهِرِهِ لِجَوَازِهِ مِنْ غَيْرِهِ اغْتَسَلَ وَيَعْمَلُ فِي الْإِعَادَةِ بِالْيَقِينِ، وَقِيلَ بِظَنِّهِ. وَلَا يَجِبُ بِحُلْمٍ بِلَا بَلَلٍ، وَلَا بِمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ اثْنَانِ عَنْ الْأَصَحِّ فِيهِمَا "و" وَفِي الْأُولَى رِوَايَةٌ يَجِبُ إنْ وَجَدَ لَذَّةَ الْإِنْزَالِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ انْتَبَهَ ثُمَّ خَرَجَ إذَنْ لَزِمَهُ، وَإِنْ وَجَبَ بِالِاحْتِلَامِ تَبَيَّنَّا وُجُوبَهُ مِنْ الِاحْتِلَامِ، فَيُعِيدُ مَا صَلَّى بَعْدَ الِانْتِبَاهِ قبل خروجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ "و" أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ بِلَا حَائِلٍ، وَقِيلَ وَمَعَهُ "وش" وَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَرَارَةً "هـ" وَالْمَذْهَبُ وَلَوْ نَائِمًا وَمَجْنُونًا، وَقِيلَ: وَلَوْ مَيِّتًا فَيُعَادُ غُسْلُهُ، كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ فِي قُبُلٍ، وَالْأَصَحُّ أَصْلِيٌّ مِنْ آدَمِيٍّ، "و" أَوْ غَيْرِهِ "هـ" نَصَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَمَكَةٍ، وَقِيلَ حَيٌّ "وهـ" وَكَذَا دُبُرٌ فِي الْمَنْصُوصِ "و" وَقِيلَ: عَلَى الْوَاطِئِ، وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ غَيْرُ بَالِغٍ "هـ" وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ إنْ أَرَادَ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْغُسْلِ، أَوْ الْوُضُوءِ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ شَهِيدًا، وَعَدَّ بَعْضُهُمْ هَذَا قَوْلًا، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ مُرَادُ الْمَنْصُوصِ، أَوْ يُغْسَلُ لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَوْ مَاتَ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِوُجُوبِهِ مُجَامَعَةَ مِثْلِهِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ لِلذَّكَرِ1 إذَا كَانَ ابْنَ عَشْرٍ، وَالْأُنْثَى بِنْتَ تِسْعٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَبْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، لَيْسَ عَنْهُ خِلَافُهُ. وَيَجِبُ الْوُضُوءُ بِمُوجِبَاتِهِ "و" وَجَعَلَ شَيْخُنَا مِثْلَهُ مَسْأَلَةَ الْغُسْلِ إلْزَامُهُ بِاسْتِجْمَارٍ، وَنَحْوِهِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ لَا نُسَمِّيهِ جُنُبًا، لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ، ثُمَّ إنْ وَجَدَ شَهْوَةً لَزِمَهُ، وَإِلَّا أُمِرَ بِهِ لِيَعْتَادَهُ، وأن الميتة يعاد غسلها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْأُولَى مِثْلُهُ. وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فَكَوَطْءِ بَهِيمَةٍ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ شِهَابٍ فِي الْحَدِّ بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ1، وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: لِي جِنِّيٌّ يُجَامِعُنِي كَالرَّجُلِ فَلَا غُسْلَ، لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ وَالِاحْتِلَامِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي قَوْله تَعَالَى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 56] دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِنِّيَّ يَغْشَى الْمَرْأَةَ كَالْإِنْسِيِّ2. وَإِسْلَامُ الْكَافِرِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: جُنُبٌ، وَقِيلَ يَجِبُ بِالْكُفْرِ، وَالْإِسْلَامُ شَرْطٌ، فَعَلَى الْأَشْهَرِ لَوْ وُجِدَ سَبَبُهُ فِي كُفْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ لَهُ غُسْلٌ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَسْبَابُهُ الْمُوجِبَةُ لَهُ فِي الْكُفْرِ كَثِيرَةٌ، وَبَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى مُخَاطَبَتِهِمْ، بِالْفُرُوعِ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ كَالْوُضُوءِ، فَلَوْ اغْتَسَلَ فِي كُفْرِهِ أَعَادَ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا، لَا إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ. وَقَالَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ طَاعَةً فِي الْكُفْرِ إذَا أَسْلَمَ، وَأَنَّهُ كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهَا، وَفِيهِ روايتان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقيل: لا غسل على كافر مطلقا "وم" كَغُسْلِ حَائِضٍ لِوَطْئِهِ فِي الْأَصَحِّ، قَالَ أَحْمَدُ: وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهَا وَجَبَ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ. وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ إسْلَامٍ لِغُسْلٍ وَلِغَيْرِهِ، وَلَوْ اسْتَشَارَ مُسْلِمًا فَأَشَارَ بِعَدَمِ إسْلَامِهِ، أَوْ أَخَّرَ عَرْضَ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ1: أَنَّهُ يَصِيرُ مُرْتَدًّا، وَرَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَالْمَوْتُ، وَهُوَ تَعَبُّدٌ "لَا" عَنْ حَدَثٍ "ش". وَالْحَيْضُ والنفاس، وقيل: بانقطاعه "وهـ ر" وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ غُسْلُ شَهِيدٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي احْتِمَالَيْنِ عَلَى الْأَوَّلِ، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ 2: قَوْلُهُ: وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ، وَقِيلَ بِانْقِطَاعِهِ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ غُسْلُ شَهِيدَةٍ انْتَهَى. وَقَالَ فِي بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ3 فِي غُسْلِ الشَّهِيدِ: وَيُغَسَّلُ لِجَنَابَةٍ، أَوْ طُهْرٍ مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَبَقَتْ أَسْئِلَةُ النَّهْيِ، فَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهَا تُغَسَّلُ إذَا كَانَتْ شَهِيدَةً، لِأَنَّهُ قَدَّمَ وُجُوبَ الْغُسْلِ بِخُرُوجِهَا وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ ثَانِيًا أَنَّهَا لَا تُغَسَّلُ إذَا لَمْ تَطْهُرْ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ أَوَّلًا الْمَجْدَ وَابْنَ حُمَيْدَانِ وَالنَّاظِمَ وَغَيْرَهُمْ، وَتَابَعَ ثَانِيًا الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَحَصَلَ مَا حَصَلَ، وَاَللَّهُ أعلم 2.
وَعَنْهُ وَالْوِلَادَةُ "وَ" وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي غُسْلِهِ مَعَ دَمٍ وَجْهَانِ "م 2" وَفِي اسْتِحْبَابِ غُسْلِ حَائِضٍ لِجَنَابَةٍ قَبْلَ انْقِطَاعِهِ رِوَايَتَانِ "م 3" ويصح وعنه: لا "وش" وعنه يجب. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَالْوَلَدُ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي غُسْلِهِ مَعَ دَمٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: أَحَدُهُمَا: يُغَسَّلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمُنَاسَبَتِهِ الدَّمَ وَمُخَالَطَتِهِ لَهُ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْهُ غَالِبًا بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَعَلَّقْنَا الْحُكْمَ عَلَى الْمَظِنَّةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُغَسَّلُ. مَسْأَلَةٌ -3: قَوْلُهُ: "وَفِي اسْتِحْبَابِ غُسْلِ حَائِضٍ لِجَنَابَةٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يُسْتَحَبُّ لِذَلِكَ. قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَيُسْتَحَبُّ غسلها عند الجمهور، واختاره المجد. انتهى. والرواية الثَّانِيَةُ: لَا يُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ غُسْلُهَا لِجَنَابَةٍ حَالَ الْحَيْضِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وعنه لا يستحب. انتهى.
وَيُمْنَعُ جُنُبٌ مِنْ قِرَاءَةِ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، زَادَ الْخَطَّابِيُّ1: وَعَنْ أَحْمَدَ يَجُوزُ آيَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا يَجُوزُ آيَاتٌ يَسِيرَةٌ لِلتَّعَوُّذِ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ الْجَوَازِ لَا يَحْصُلُ التَّحَدِّي بِآيَةٍ، وَاثْنَتَيْنِ، وَلِهَذَا جَوَّزَ الشَّرْعُ لِلْجُنُبِ الْحَائِضِ تِلَاوَتَهُ، لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ. وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ ش" وَلَوْ كَرَّرَ: مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَلَهُ تَهْجِئَةٌ فِي الْأَصَحِّ، فَيَتَوَجَّهُ بُطْلَانُ صَلَاةٍ بِتَهْجِئَةٍ، هَذَا الْخِلَافُ. فِي الْفُصُولِ: تَبْطُلُ لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظْمِهِ وَإِعْجَازِهِ، وَلَهُ قِرَاءَةٌ لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ لِأَسْرَارِهَا فِي ظَاهِرِ نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ تَحْرِيكُ شَفَتِهِ بِهِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوفَ. وَلَهُ قَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآنًا وَلَمْ يَقْصِدْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالذِّكْرُ، وَعَنْهُ مَا أُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ، لِأَنَّهُ فِي الْقُرْآنِ. وَفِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَعَلَّلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مَجْمُوعٌ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا الذِّكْرَ لَهُ؛ لَا لِحَائِضٍ، وَقِيلَ: مَتَى قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ مَعْنَى غَيْرِ التِّلَاوَةِ جَازَ "وهـ". وَلَهُ دُخُولُ مَسْجِدٍ "وش" وقيل: لحاجة، ويمنع سكران. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"الْخِلَافِ" جَوَابٌ: لَا وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ، وَالْمُرَادُ تَتَعَدَّى "وَ" كَظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَلَكِنْ قَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ يَتَيَمَّمُ لَهَا لِلْعُذْرِ وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَمَجْنُونٌ1، وَقِيلَ فِيهِ يُكْرَهُ كَصَغِيرٍ، وَفِيهِ فِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعُ لِلَّعِبِ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ فِي الْخِلَافِ مَنْعَ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانُ الْمَسَاجِدَ. وَلِلْجُنُبِ اللُّبْثُ فِيهِ بِوُضُوءٍ، وَعَنْهُ لَا "وَ" وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ يَجُوزُ لِجُنُبٍ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَإِنْ تَعَذَّرَ وَاحْتَاجَ فَبِدُونِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ2، كَمُسْتَحَاضَةٍ وَنَحْوِهَا وَيَأْمَنُونَ تَلَوُّثَهُ وَعِنْدَ أَبِي الْمَعَالِي والشيخ يتيمم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وش" كَلُبْثِهِ لِغُسْلِهِ فِيهِ وَفِيهِ قَوْلٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مُصَلَّى الْعِيدِ مَسْجِدٌ "وش" لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ حَقِيقَةً؛ لَا مُصَلَّى الْجَنَائِزِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَلَمْ يَمْنَعْ فِي النَّصِيحَةِ حَائِضًا مِنْ مُصَلَّى الْعِيدِ، وَمَنَعَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِرَجْمِ مَاعِزٍ فِي الْمُصَلَّى، قَالَ جَابِرٌ: رَجَمْنَاهُ فِي الْمُصَلَّى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَنَهَى عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسْجِدِ، أَوْ يُسْتَقَادُ فِيهِ أَوْ تُنْشَدُ فِيهِ الْأَشْعَارُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ2، وَلَهُ انْقِطَاعٌ، وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَضَعَّفَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ. وَيُمْنَعُ فِي الْمَنْصُوصِ كَافِرٌ الْقِرَاءَةَ "هـ" وَلَوْ رُجِيَ إسْلَامُهُ "ش" وَنَقَلَ مُهَنَّا أَكْرَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَالَ الْقَاضِي: جَعَلَهُ في حكم الجنب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يستحب الغسل للجمعة
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ "وَ" فِي يَوْمِهَا لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ لَا لِامْرَأَةٍ، وَقِيلَ: وَلَهَا "وش" وَعَنْهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ وَكَذَا الْعِيدُ الْغُسْل لِلْعِيدِ "وَ" لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى، وَقِيلَ إنْ صَلَّى جَمَاعَةً، وَفِي التَّلْخِيصِ لِمَنْ حَضَرَهُ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ "وم ش" وَإِنَّ مِثْلَهُ الزِّينَةُ، وَالطِّيبُ، لِأَنَّهُ يَوْمُ الزِّينَةِ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ لَهُ الْغُسْلُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَتِهِ "وم ش" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْدَ نِصْفِهَا، كَالْأَذَانِ، فَإِنَّهُ أَقْرَبُ، فَيَجِيءُ مِنْ قَوْلِهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَخْتَصُّ بِالسَّحَرِ كَأَذَانٍ. وَيُسْتَحَبُّ لِكُسُوفٍ، وَاسْتِسْقَاءٍ فِي الْأَصَحِّ "وش" وَمِنْ غُسْلِ مَيِّتٍ عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَعَنْهُ يَجِبُ مِنْ كَافِرٍ، وَقِيلَ: وَمُسْلِمٍ، وَلِجُنُونٍ، وَإِغْمَاءٍ، وَاسْتِحَاضَةٍ "و" وَعَنْهُ يَجِبُ لَهُنَّ، وَلِإِحْرَامٍ حَتَّى حَائِضٌ وَنُفَسَاءَ "و". وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا، وَجَعَلَهُ دَاوُد فَرْضًا لِلنُّفَسَاءِ، وَاسْتَحَبَّهُ لِغَيْرِهَا وَأَوْجَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الدَّمَ بِتَرْكِهِ. وَيُسْتَحَبُّ لِدُخُولِ مَكَّةَ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ حَتَّى لِحَائِضٍ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا لَا، وَمِثْلُهُ اغْتِسَالُ الْحَجِّ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافِ زِيَارَةٍ وَوَدَاعٍ "وَ" فِي الْكُلِّ، وَمَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ، وَرَمْيِ جِمَارٍ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي الثَّلَاثَةِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ، وَلِدُخُولِ الْحَرَمِ، وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَالسَّعْيِ وَفِيهِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمَذْهَبِ: وَلَيَالِي مِنًى، وَعَنْهُ، وَلِحِجَامَةٍ "وهـ" وَقِيلَ وَلِدُخُولِ الْمَدِينَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَلِكُلِّ اجْتِمَاعٍ مُسْتَحَبٍّ، وَغُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ، وَقِيلَ: وَغُسْلُ الْمَيِّتِ "وق". وَيَتَيَمَّمُ فِي الْأَصَحِّ لِحَاجَةٍ "وش" نَقَلَهُ صَالِحٌ فِي الْإِحْرَامِ، وَقِيلَ: بَلْ لِغَيْرِهِ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ "م هـ" وَيَتَيَمَّمُ لِمَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لَهُ لِعُذْرٍ "وَ" وَظَاهِرُ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قدمه في الرعاية لا كغير1 الْعُذْرِ، وَتَيَمُّمُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِرَدِّ السَّلَامِ2 يُحْتَمَلُ عَدَمُ الْمَاءِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي رَدِّ السَّلَامِ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ3 لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ فَالطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي كَمَالِ الرَّدِّ فَلَمَّا خَافَ فَوْتَهُ كَمُلَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ الْقُدْرَةِ؟ فَأَجَابَ إنَّهُ إنَّمَا كَمُلَ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِجَوَازِهِ بِلَا طَهَارَةٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا؟ وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فَخَفَّ أَمْرُهَا، وَسَبَقَ فِي مثله التجديد لما يستحب له الوضوء4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: في صفة الغسل
فصل: في صفة الغسل كَامِلٌ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ وَغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلَاثًا وَمَا لوثه ثم يتوضأ "و" كاملا "وم ش" وعنه يؤخر غسل رجليه "وهـ" إنْ كَانَتَا فِي مُسْتَنْقَعِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَعَنْهُ سَوَاءٌ وَيُرْوَى رَأْسُهُ، وَالْأَصَحُّ ثَلَاثًا "وَ" ثُمَّ بقية بدنه، قيل مرة "وم" وَقِيلَ ثَلَاثًا "م 4" وَيُدَلِّكُهُ، وَيَتَيَامَنُ، وَيُعِيدُ غَسْلَ رجليه بمكان آخر، وقيل لا يعيد "وهـ" لا لطين ونحوه "وش" كَالْوُضُوءِ "وَ" وَيُجْزِئُ بِنِيَّةٍ "هـ". وَتَعْمِيمُ بَدَنِهِ حَتَّى شَعْرٍ وَفِيهِ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ وَبَاطِنُهُ "م ر" وَالْأَصَحُّ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يَلْزَمُهَا غَسْلُ الشَّعْرِ النَّازِلِ مِنْ رَأْسِهَا لِلْحَرَجِ، وَيَكْفِي الظَّنُّ فِي الْإِسْبَاغِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ وَسَبَقَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ1، وَيَأْتِي فِي الشَّكِّ في عدد الركعات2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: فِي صِفَةِ الْغُسْلِ "ثُمَّ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ، قِيلَ: مَرَّةً وَقِيلَ: ثَلَاثًا" انْتَهَى "أَحَدُهُمَا": يَغْسِلُهُ مَرَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَجَمَاعَةٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قال الزركشي وهو ظاهر الأحاديث. والقول الثَّانِي: يُغْسَلُ ثَلَاثًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ عليه عامة الأصحاب.
وَالتَّسْمِيَةِ كَالْوُضُوءِ. وَلَا يَجِبُ مُوَالَاةُ عَلَى الْأَصَحِّ "وهـ" كَالتَّرْتِيبِ "و" وَلِلْحَاجَةِ إلَى تَفْرِيقِهِ كَثِيرًا وَكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ بِإِعَادَتِهِ وَلِخَبَرِ اللُّمْعَةِ1 وَظَاهِرِ النَّصِّ، وَلَا مُعَارِضَ، وَحَيْثُ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ فِيهِ أَوْ في وضوء وقلنا لا يجوز فَلَا بُدَّ لِلْإِتْمَامِ مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ "ش" بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ قُرْبُ الْفِعْلِ مِنْهَا، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا يَأْتِي فِي نِيَّةِ الصَّلَاةِ2 وَنِيَّةِ الْحَجِّ فِي دُخُولِ مَكَّةَ3. وَيَجِبُ نَقْضُ الشَّعْرِ لِحَيْضٍ "خ" لَا لِجَنَابَةٍ "وَ" فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا. وَيُسْتَحَبُّ السِّدْرُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيُّ وَكَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ يَجِبُ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَنْ تَأْخُذَ مِسْكًا فَتَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ أَوْ شَيْءٍ وَتَجْعَلَهُ فِي فَرْجِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِينًا لِيَقْطَعَ الرَّائِحَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الطِّينَ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي غُسْلِ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ كَمَيِّتٍ، قَالَ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ معناه يجب مرة، ويستحب ثلاثا ويكون ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السِّدْرُ وَالطِّيبُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَجِبُ طِيبٌ إجْمَاعًا, وَيُسْتَحَبُّ فِي غُسْلِ الْكَافِرِ السِّدْرُ كَإِزَالَةِ شَعْرِهِ وَأَوْجَبَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ1. وَيَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ نَجَاسَةٍ "وَ" كَالطَّهَارَةِ، وَعَنْهُ بَلْ مَعَهَا. وَيَغْتَسِلُ بِصَاعٍ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ عِرَاقِيَّةً نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وم ش" وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ2: أَنَّهُ ثَمَانِيَةٌ فِي الْمَاءِ، اخْتَارَهُ فِي الْخِلَافِ، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ، لَا مُطْلَقًا "هـ" وَيَتَوَضَّأُ بِمُدٍّ وَهُوَ ربعه، ويجزئ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْمَنْصُوصِ دُونَهُمَا "وَ" وَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ "م 5". وَإِنْ نَوَى الْحَدَثَيْنِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَوْ الْأَكْبَرِ وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ ارْتَفَعَا، وَعَنْهُ يَجِبُ الْوُضُوءُ "خ" وَقِيلَ يَكْفِي وُجُودُ تَرْتِيبِهِ وَمُوَالَاتِهِ، وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْتَفِعْ غَيْرُهُ "م ش" فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ ارْتَفَعَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ عَكْسُهُ كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: وَقِيلَ يَجِبُ الْوُضُوءُ، وَلَوْ نَوَتْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بِغُسْلِهَا حِلَّ الْوَطْءِ صَحَّ، وَقِيلَ لَا، لِأَنَّهَا نَوَتْ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ. وَهُوَ الْوَطْءُ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ، وَعَنْهُ لِلرَّجُلِ غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءٌ لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، وَعَنْهُ يَغْسِلُ يده، ويتمضمض "وهـ" وَلِمُعَاوَدَةِ وَطْءٍ "وَ" وَلَا يُكْرَهُ فِي الْمَنْصُوصِ تَرْكُهُ فِي ذَلِكَ "وَ" وَلِنَوْمٍ، وَفِي كَلَامِهِ مَا ظَاهِرُهُ وُجُوبُهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ فِي الْأَصَحِّ "هـ": وَلَا يُسَنُّ لِحَائِضٍ قَبْلَ انقطاعه لعدم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَهُوَ رُبْعُهُ وَيُجْزِئُ فِي الْمَنْصُوصِ دُونَهُمَا وَفِي كَرَاهَتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ لِفِعْلِ السَّلَفِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
صِحَّتِهِ بَلْ بَعْدَهُ، وَمَنْ أَحْدَثَ بَعْدَهُ لَمْ يَعُدَّهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِتَعْلِيلِهِمْ بِخِفَّةِ الْحَدَثِ، أَوْ بِالنَّشَاطِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا يَتَوَضَّأُ لِمَبِيتِهِ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَغُسْلُهُ عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ أَفْضَلُ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ بِنَاءَ الْحَمَّامِ وَبَيْعَهُ وَإِجَارَتَهُ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي، وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى غَيْرِ الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، قَالَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ كَسْبُ الْحَمَّامِيِّ. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ الصَّحِيحُ لَا، وَلَهُ دُخُولُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا، يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْغُنْيَةِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَدْخُلْهُ لِخَوْفِ وُقُوعِهِ فِي مُحَرَّمٍ، وَإِنْ عَلِمَهُ حَرُمَ. وَفِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ لَهُ دُخُولُهُ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ غَالِبًا. وَلِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ لِعُذْرٍ، وَإِلَّا حَرُمَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَرِهَهُ بِدُونِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُخُولُهُ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ يُصْلِحُهَا الْحَمَّامُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ1. وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ مَعَ الْعُذْرِ: تَعَذُّرُ غُسْلِهَا فِي بَيْتِهَا لِتَعَذُّرِهِ، أَوْ خَوْفِ ضَرَرِهِ وَنَحْوِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَقِيلَ اعْتِيَادُ دُخُولِهَا عُذْرٌ لِلْمَشَقَّةِ "خ" وَقِيلَ لَا تَتَجَرَّدُ، فَتَدْخُلُهُ بِقَمِيصٍ خَفِيفٍ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ2، فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ ذَكَرَ لَهُ قَوْلَ ابْنِ أَسْلَمَ: لَا تَخْلَعُ قَمِيصًا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْمَرْأَةُ إذَا خَلَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَلَكَتْ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى" قُلْت فَأَيُّ شَيْءٍ تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ ما أحسن ما احتج به! وهذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخَبَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا1، وَلَهُ طُرُقٌ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَلَعَلَّهُ حَسَنٌ. وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمَرْأَةِ تَبِيتُ عِنْدَ أَهْلِهَا: الْخِلَافُ، وَالظَّاهِرُ رِوَايَةُ الْمَرُّوذِيِّ الْمَذْكُورَةُ الْمَنْعُ. وَنَقَلَ حَرْبٌ عَنْ إِسْحَاقَ يُكْرَهُ، وَلَا يُكْرَهُ قُرْبَ الْغُرُوبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، خِلَافًا لِلْمِنْهَاجِ لِانْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ. وَيُكْرَهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَنْصُوصِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا تُعْجِبُنِي الْقِرَاءَةُ2: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خَفَضَ صَوْتَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ فَقَالَ: الْقِرَاءَةُ بِكُلِّ مَكَان حَسَنٌ، وَلَيْسَ الْحَمَّامُ بِمَوْضِعِ قِرَاءَةٍ فَمَنْ قَرَأَ الْآيَاتِ فَلَا بَأْسَ. وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ السَّلَامُ "هـ" وَقِيلَ وَالذِّكْرُ "خ" وَسَطْحِهِ، وَنَحْوِهِ كَبَقِيَّتِهِ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَصَلَاةٍ. وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا، أو ماء غسل الْجَنَابَةِ فَقَطْ عَلَيْهِ3، أَوْ عَكْسُهُ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 6: قَوْلُهُ: "وَهَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ عَلَى الزَّوْجِ، أو عليها، أو ماء الجنابة فقط
وَمَاءُ الْوُضُوءِ كَالْجَنَابَةِ "م 7" وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي ويتوجه يلزم السَّيِّدَ شِرَاءُ ذَلِكَ لِرَقِيقِهِ، وَلَا يَتَيَمَّمُ فِي الْأَصَحِّ. وَيُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي مُسْتَحَمٍّ وَمَاءٍ عُرْيَانًا قَالَ شَيْخُنَا: عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِهِ، عَنْهُ لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وَ" وَعَنْ أَحْمَدَ لَا يُعْجِبُنِي، إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا. وَاحْتَجَّ أَبُو الْمَعَالِي لِلتَّحْرِيمِ خَلْوَةً بِهَذَا الْخَبَرِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ شَدِيدًا، وَسَبَقَ فِي الِاسْتِطَابَةِ1 كَشْفُهَا بِلَا حاجة خلوة. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ، أَوْ عَكْسُهُ فِيهِ أَوْجُهٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي آخِرِ الْحَيْضِ: وَثَمَنُ مَاءِ الْحَيْضِ عَلَى الزَّوْجِ فِي وَجْهٍ، وَعَلَى الزَّوْجَةِ في آخر، انتهى، وأطلقها في الفصول: أحدها2: هُوَ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ صَارَ عَادَةً وَعُرْفًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَقَبْلَهَا بِكَثِيرٍ، قال فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ: إنْ احْتَاجَتْ إلَى شِرَاءِ الْمَاءِ فَثَمَنُهُ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْبَابِ: وَثَمَنُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ عَلَى الزَّوْجِ، وَقِيلَ عَلَى الزَّوْجَةِ5 انْتَهَى. وَ "الْوَجْهُ الثَّانِي": عَلَى الزَّوْجَةِ، قَالَ فِي الْوَاضِحِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اختاره في عيون المسائل. والوجه الثَّالِثُ: عَلَيْهِ مَاءُ الْجَنَابَةِ فَقَطْ، لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ سَبَبُهُ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: مَاءُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَنَحْوِهِمَا عَلَيْهِ دُونَ مَاءِ الْجَنَابَةِ. مَسْأَلَةٌ- 7: قَوْلُهُ: "وَمَاءُ الْوُضُوءِ كَالْجَنَابَةِ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي" انْتَهَى، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجَنَابَةِ6، فَكَذَا هُنَا، بَلْ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ.
باب التيمم
باب التيمم مدخل ... باب التيمم وَهُوَ بَدَلٌ مَشْرُوعٌ إجْمَاعًا لِكُلِّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ "وَ" وَقَالَ الشَّيْخُ فِيهِ: إنْ احْتَاجَ، وَكَوَطْءِ حَائِضٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْوَاطِئِ جِرَاحٌ "م" أَوْ لَمْ يُصَلِّ بِهِ ابْتِدَاءً "هـ" وَقِيلَ يَحْرُمُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً، وَصَحَّحَهَا، ذَكَرَهُ ابن الصيرفي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وهل يكره لمن لم يخف العنت "وم" فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 1" حَضَرًا وَسَفَرًا "وَ" وَقِيلَ مُبَاحًا طَوِيلًا لِعَادِمِ الْمَاءِ بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ "و" وعنه سفرا، فعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُكْرَهُ لِمَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ" هَلْ يُكْرَهُ الْوَطْءُ لِعَادِمِ الْمَاءِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ2: وَالْأَوْلَى إصَابَتُهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ يُفْعَلُ بِهِ كُلُّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَاءِ مِنْ صَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ وَطَوَافٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَحَّحَهُ أبو المعالي.
الْأُولَى يُعِيدُ عَلَى الْأَصَحِّ "وم" أَوْ لِخَائِفٍ بِاسْتِعْمَالِهِ ضَرَرًا فِي بَدَنِهِ، أَوْ بَقَاءِ شَيْنٍ1، أَوْ بُطْءِ بُرْءٍ "و" وَعَنْهُ بَلْ خَوْفُ التَّلَفِ "ح" وَيَأْتِي بَيَانُ الْخَوْفِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ. وَإِنْ عَجَزَ مَرِيضٌ عَنْ حَرَكَةٍ وَعَمَّنْ يُوَضِّئُهُ فَكَعَادِمٍ. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُوَضِّئُهُ فَالْأَصَحُّ يَتَيَمَّمُ، وَيُصَلَّى وَلَا إعَادَةَ أَوْ ضَرَرَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ أَوْ حَيَوَانٍ "و" وقيل له، أو فوت رُفْقَتِهِ أَوْ مَالِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بِفَوْتِ الرُّفْقَةِ لِفَوْتِ الْأُلْفَةِ وَالْأُنْسِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَوْ خَافَتْ امْرَأَةٌ عَلَى نَفْسِهَا فُسَّاقًا نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، بَلْ يَحْرُمُ خُرُوجُهَا إلَيْهِ، وَعَنْهُ لَا أَدْرِي، وَقِيلَ يُعِيدُ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَوْ احْتَاجَهُ لِعَجِينٍ أَوْ طَبْخٍ، وَقِيلَ يَتَيَمَّمُ مَنْ اشْتَدَّ خَوْفُهُ جنبا ويعيد. وفي وجوب حبس الماء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ كَخَوْفِ عَطَشِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ، وهما في خوفه عطش نفسه بعد دخول الْوَقْتِ "م 2 و 3" وَيَشْرَبُهُ مَعَ عَطَشِهِ إذَنْ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ يَشْرَبُ مَاءً نَجِسًا، وَقِيلَ: لَا يجب بَذْلُهُ لِعَطْشَانَ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ وَيَشْرَبَهُ فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْمَاءِ يَمَّمَهُ رَفِيقُهُ الْعَطْشَانُ، وَغَرِمَ ثَمَنَهُ مَكَانَهُ وَقْتَ إتْلَافِهِ لِوَرَثَتِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ غُرْمَهُ مَكَانَهُ فَمِثْلُهُ، وَقِيلَ الْمَيِّتُ أَوْلَى بِهِ، وَقِيلَ رَفِيقُهُ إنْ خَافَ الْمَوْتَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2-3: قَوْلُهُ: "وَفِي وُجُوبِ حَبْسِ الْمَاءِ لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ كَخَوْفِ عَطَشِ نَفْسِهِ وَجْهَانِ، وَهُمَا في خوفه عطش نفسه بعد دخول الوقت1"، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -2: هَلْ يَجِبُ حَبْسُ الْمَاءِ لِتَوَقُّعِ عَطَشِ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -3: لَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَطَشَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: الْوَجْهَانِ فِيهَا أَيْضًا، ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَوْ خَافَ أَنْ يَعْطَشَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ أَوْ أَهْلُهُ أَوْ عَبْدُهُ أَوْ أَمَتُهُ لَمْ يَجِبْ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى بِثَمَنِهِ إنْ وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِ الْعَطْشَانِ، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الْوُجُوبُ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ ضَعِيفٌ جدا فيما يظهر.
وَهَلْ يُؤْثِرُ أَبَوَيْهِ لِغُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَيَتَيَمَّمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 4" وَعَنْهُ فِي غَازٍ بِقُرْبِهِ الْمَاءُ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ. وَفِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ "م هـ" ويأتي في صوم المريض1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُؤْثِرُ أَبَوَيْهِ لِغُسْلٍ وَوُضُوءٍ وَيَتَيَمَّمُ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا كَانَ لِلْحَيِّ فَآثَرَ بِهِ غَيْرَهُ لَمْ يَتَيَمَّمْ مَعَ وُجُودِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَخَذَهُ أَوْ عَدِمَ الْمَاءَ جَازَ التَّيَمُّمُ عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ عَدَمَ جَوَازِ بَذْلِهِ لِغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي2: فَإِنْ آثَرَ بِهِ وَتَيَمَّمَ لَمْ يَصِحَّ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ تَعَيَّنَ، وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ مِلْكًا لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِنَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ بَذْلُهُ لِغَيْرِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ، فَإِنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَائِهِ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ فَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ مَنْ وُهِبَ لَهُ فَهُوَ كَإِرَاقَتِهِ، انْتَهَى، وَكَلَامُهُمْ عَامٌّ فِي الْأَبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "فِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَذَلِكَ كَالْخَائِفِ فَوْتَ عَدُوِّهِ إذَا تَوَضَّأَ: إحداهما: يجوز له التيمم وهو الصحيح، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ3، فَقَالَ: "وَلِطَالِبِ عَدُوٍّ يَخَافُ فَوْتَ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ"، يَعْنِي كصلاة الخوف إذا
وخوف نزلة أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ لِبَرْدٍ مُبِيحٌ، وَلَا إعَادَةَ "وهـ م" وعنه بلى "وش" وَعَنْهُ حَضَرًا، وَفِي أَيِّهِمَا فَرْضُهُ؟ وَجْهَانِ "م 6". وإن لم يخف لم يبح، وقيل: مَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ. وَيَلْزَمُهُ شِرَاؤُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ "وَ" عَادَةُ مَكَانِهِ، وَكَذَا بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ ش" كَضَرَرٍ يَسِيرٍ فِي بَدَنِهِ مِنْ صُدَاعٍ وَبَرْدٍ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وعنه لو كثرت ولم يجحف به "خ". ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَدَّ، وَعَنْهُ لَا، وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ لَهُ، انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَقَالَ: وَلِلْغَازِي التَّيَمُّمُ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ إذَا خَافَ فَوْتَ مَطْلُوبِهِ بِطَلَبِ الْمَاءِ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَمَنْ خَافَ فَوْتَ غَرَضِهِ الْمُبَاحِ بِطَلَبِ الْمَاءِ تَيَمَّمَ، وَصَلَّى وَأَعَادَ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَاءُ فِي عَمَلِهِ أَعَادَ، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى، وَاخْتَارَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ، أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. تَنْبِيهٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى مَا إذَا خَافَ فَوْتَ عَدُوِّهِ، وَيُحْمَلُ مَا أَطْلَقَهُ هُنَا عَلَى مَا إذَا خَافَ فَوْتَ غَرَضِهِ غَيْرِ الْعَدُوِّ لِيَحْصُلَ عَدَمُ التناقض في كلامه، ولكن كلامه عام. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ- 6: قَوْلُهُ: "وَخَوْفُ نَزْلَةٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَبَرْدٍ مُبِيحٍ وَلَا إعَادَةَ، وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ حَضَرًا، وَفِي أَيِّهِمَا فَرْضُهُ، وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا في الرعاية الكبرى:
وَإِنْ احْتَمَلَ وُجُودَهُ لَزِمَهُ طَلَبُهُ كَظَنِّهِ "وَ" عنه لا "وهـ" كَعَدَمِهِ "وَ" وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ إنْ ظَنَّ عَدَمَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَلَا أَثَرَ لِطَلَبِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَعَلَى الْأُولَى إنْ رَأَى مَا يَشُكُّ مَعَهُ فِي الْمَاءِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَقِيلَ لا، كما لو كان في ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَإِلَّا لَمَّا كَانَ فِي إعَادَتِهَا كَبِيرُ فَائِدَةٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ لَوْ حُبِسَ فِي الْحَضَرِ تَيَمَّمَ، وَلَا يُعِيدُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَخَرَّجُ فِي الْإِعَادَةِ رِوَايَةٌ أُخْرَى بِنَاءً عَلَى التَّيَمُّمِ، لِشِدَّةِ الْبَرْدِ أَنَّهُ يُعِيدُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ فَإِذَا قُلْنَا يَجِبُ الْإِعَادَةُ كَانَتْ الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ، لِأَنَّهَا هِيَ الْكَامِلَةُ، وَلِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْأُولَى فَرْضَهُ لَسَقَطَ بِهَا فَرْضُهُ، وَلَمْ تَجِبْ الْإِعَادَةُ، انْتَهَى فَهَذَا كَالصَّرِيحِ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فِيمَنْ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ النَّجِسَةِ وَقَالَ يُعِيدُ فَأَيُّهُمَا فَرْضُهُ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو يَعْلَى الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا قُلْنَا فِيمَنْ تَيَمَّمَ حَضَرًا لِعَدَمِ الْمَاءِ، أَوْ تَيَمَّمَ لِبَرْدٍ شَدِيدٍ عَلَى القول بالإعادة، والوجه أنه لو كان الْفَرْضُ سَقَطَ بِالْأُولَى لَمَا كَانَ لِإِيجَابِ الثَّانِيَةِ مَعْنًى، فَلَمَّا وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأُولَى وَجَبَتْ لِشَغْلِ الْوَقْتِ، لَا لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ، كَالْحُجَّةِ الْفَاسِدَةِ، انْتَهَى، فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، فَقَدْ قَطَعَ هُوَ وَشَيْخُهُ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَرْضُهُ، فوافق ما قلنا، ولله الحمد. والوجه الثاني: الأولى فرضه.
صَلَاةٍ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ بَعْضِهِمْ لِتَوَجُّهِ الطَّلَبِ. وَإِنْ دُلَّ عَلَيْهِ أَوْ علمه قريبا عرفا وعنه أو بعيدا "وم" لَزِمَهُ قَصْدُهُ فِي الْوَقْتِ. وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ قَرْضًا وَكَذَا ثَمَنُهُ، وَالْمُرَادُ وَلَهُ مَا يُوفِيهِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمَاءِ هِبَةً فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: إنَّ لَهُ يَتَعَزَّزُ، وَعَكْسُهُ ثَمَنُهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ اقْتِرَاضُ ثَمَنِهِ، وَعَنْهُ وَاتِّهَابُهُ. وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ كَالْمَاءِ، وَيَلْزَمُ قَبُولُهُمَا عَارِيَّةً، وَفِي طَلَبِهِمَا واتهاب الماء وجهان "م 7 و 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة- 7 – 8: قَوْلُهُ: "وَحَبْلٌ وَدَلْوٌ كَالْمَاءِ، وَيَلْزَمُ قَبُولُهُمَا عَارِيَّةً، وَفِي طَلَبِهِمَا وَاتِّهَابِ الْمَاءِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي فِي لُزُومِ طَلَبِ الْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَاتِّهَابِ الْمَاءِ، وهو مشتمل على مسألتين:
ويلزمه طلبه من رفيقه في الأشهر "وهـ ش" وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ دُلَّ عَلَيْهِ. وَمَنْ خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ إلَى أَرْضِهِ لِحَرْثٍ وَصَيْدٍ وَنَحْوِهِ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إنْ أَمْكَنَهُ، وَتَيَمَّمَ إنْ فَاتَتْ حَاجَتُهُ بِرُجُوعِهِ، وَلَا يُعِيدُ فِي الأصح فيهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ الدَّلْوِ والحبل، أم لا؟ أطلق الخلاف "أَحَدُهُمَا": يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. والوجه الثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَبُ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 8: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُ اتِّهَابِ الْمَاءِ أم لا، أطلق الخلاف: أحدهما: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَقِيلَ يَجِبُ اقْتِرَاضِ الثَّمَنِ، وَعَنْهُ أَوْ اتِّهَابُهُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ فِي غَيْرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وكلامه في الرعاية يشعر بالفرع الثاني.
وَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ، أَوْ شَرِبَهُ فِيهِ، أَوْ مَرَّ بِهِ فِيهِ، وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ أَوْ بَاعَهُ فِيهِ، أَوْ وَهَبَهُ حرم، وفي الصحة وجهان "م 9". لَوْ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ1 وَتَيَمَّمَ، وَصَلَّى، أو لم يقبله هبة فتيمم، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ: "وَمَنْ أَرَاقَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ أَوْ مَرَّ بِهِ فِيهِ وَأَمْكَنَهُ الْوُضُوءُ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ غَيْرَهُ، أَوْ بَاعَهُ فِيهِ" أَيْ فِي الْوَقْتِ "أَوْ وَهَبَهُ حَرُمَ وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا2: "وَقَوْلُنَا وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ، أَشْهَرُهُمَا لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَبُو الْمَعَالِي، وَغَيْرُهُمْ" قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَمْ يَصِحَّ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ فَهُوَ حَقٌّ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ واختاره الشيخ الموفق والشارح وغيرهما. والوجه الثَّانِي: يَصِحُّ، لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْفَرْضِ وَتَعَلُّقَهُ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ، كَتَصَرُّفِهِ فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَتَصَرُّفِ الْمَدِينِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا احتمال لابن عقيل وأطلقهما في الفائق.
وَقَدْ تَلِفَ وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ "م 10 و 11". وَقَوْلُنَا وَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو الْمَعَالِي وَأَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمْ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تعالى ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة -10 – 11: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "لَوْ فَعَلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ" مِنْ الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ وَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَتَيَمَّمَ وصلى أو لم يقبله هبة "وتيمم وَقَدْ تَلِفَ وَصَلَّى فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ" انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -10: إذَا تَصَرَّفَ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ثُمَّ تَيَمَّمَ وَصَلَّى فَهَلْ تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرَاقَةِ وَالْمُرُورِ وَالْهِبَةِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قَالَ فِي الْفُصُولِ فِي الْإِرَاقَةِ وَالْأَشْبَهُ أَنْ لا إعادة عليه "قلت" وهو الصواب. والوجه الثَّانِي: يُعِيدُ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِي الْإِرَاقَةِ وَالْهِبَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْمُرُورِ بِهِ وَالْإِرَاقَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى فِي الْمُرُورِ بِهِ، وَقِيلَ يُعِيدُ إنْ أَرَاقَهُ وَلَا يُعِيدُ إنْ مَرَّ بِهِ وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -11: إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ قَبُولِ الِاتِّهَابِ وَلَمْ يَقْبَلْ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ بَعْدَ أَنْ تَلِفَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا يُعِيدُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ تَرَكَ مَا لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَتَحْصِيلُهُ مِنْ مَاءٍ وَغَيْرِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى أَعَادَ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعِيدُ. قُلْت: وَهُوَ قوي.
بِهِ، فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا، وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّ تَوَجُّهَ الْفَرْضِ وَتَعَلُّقَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ، كَتَصَرُّفِهِ فِيمَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وتصرف المدين، والفرق ظاهر. وإن نَسِيَهُ بِمَحَلٍّ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ أَعَادَ عَلَى الْأَصَحِّ "وش" كَمَا لَوْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ "و" وَيَتَوَجَّهُ فِيهَا تَخْرِيجٌ، وَلِهَذَا سَوَّى الْأَصْحَابُ بَيْنَهُمَا. وَنِسْيَانُ السُّتْرَةِ كَمَسْأَلَتِنَا عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، بِخِلَافِ نِسْيَانِ الْقِيَامِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّاسِيَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ لَوْ نَسِيَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَالطَّهَارَةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، كَذَا هُنَا. قِيلَ: إنَّمَا وَجَبَ الْقَضَاءُ بَدَلًا لَهُ، فَأَجَابَ يَجِبُ مِثْلُهُ هُنَا لِمُسَاوَاتِهِ لَهَا. وَمِثْلُهُ الْجَاهِلُ بِهِ، وَيَتَوَجَّهُ أَوْ ثَمَنُهُ، وَقِيلَ يُعِيدُ مَنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ وَبِهِ الْمَاءُ وَقَدْ طَلَبَهُ، وَمَنْ بَانَ بِقُرْبِهِ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا. وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ فِي رَحْلِهِ، أَوْ أَدْرَجَهُ أَحَدٌ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ1، أَوْ ضَلَّ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كان عرفها فوجهان "م 12 - 14". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -12 - 14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ فِي رحله أو أدرجه أحد فيه ولم
وإن لم يَعْلَمْ بِهِ سَيِّدٌ مَعَ عَبْدِهِ فَنَسِيَ الْعَبْدُ حتى صلى سيده بالتيمم، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْلَمْ أَوْ ضَلَّ عَنْ مَوْضِعِ بِئْرٍ كَانَ عَرَفَهَا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 12: إذَا ضَلَّ عَنْ الْمَاءِ الَّذِي فِي رَحْلِهِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَهَلْ يُعِيدُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُعِيدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَضَلَّهُ فِي رَحْلِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ الْمَجْدِ، بَلْ الْإِعَادَةُ عِنْدَهُ1 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَوْلَى، فَإِنَّهُ اخْتَارَ هُوَ وَغَيْرُهُ الْإِعَادَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِيهَا مُفَرِّطًا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 13: إذَا أَدْرَجَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: أحدهما: يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وابن عبد القوي في مجمع البحرين، وصاحب الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعِيدُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ، فَقَالَ: وَاَلَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُفَرِّطًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 14: وَلَوْ ضَلَّ عَنْهُ مَوْضِعُ الْبِئْرِ التي يعرفها وصلى بالتيمم فَهَلْ تَلْزَمُ2 الْإِعَادَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الكبرى وغيرهم.
فَقِيلَ: لَا يُعِيدُ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ كَالنَّاسِي: كَنِسْيَانِهِ رَقَبَةً مَعَ عَبْدِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ "م 15" وَيَتَوَجَّهُ فِيهَا تَخْرِيجٌ. وَالْجَرِيحُ، ونحوه يتيمم1 الْمُحْتَاجُ وَيَغْسِلُ غَيْرَهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ "هـ م" وَقِيلَ وَيُمْسَحُ الْجُرْحُ بِالتُّرَابِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَضْبِطُهُ إنْ قَدَرَ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ عن حدث ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ كَالنَّاسِي وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالًا أَنَّهُ كَالنَّاسِي يعيد واقتصر عليه. مسألة – 15: قوله: "وإن لم يَعْلَمْ بِهِ سَيِّدٌ مَعَ عَبْدِهِ فَنَسِيَ الْعَبْدُ حَتَّى صَلَّى سَيِّدُهُ بِالتَّيَمُّمِ، فَقِيلَ لَا يُعِيدُ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ كَالنَّاسِي، كَنِسْيَانِهِ رَقَبَةً مَعَ عَبْدِهِ لَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ، لِأَنَّ التَّفْرِيطَ مِنْ غَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ يُعِيدُ إذَا جَهِلَ الْمَاءَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيَقْتَضِيهِ مَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا أُدْرِجَ فِي رَحْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ جُمْلَةِ رَحْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَصْغَرَ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ، أَمْ لَا، فَلَا يُعِيدُ غُسْلَ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 16" وَقَالَ شَيْخُنَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا ترتيب. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَلْزَمُهُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبٍ وَمُوَالَاةٍ، أَمْ لَا فَلَا يُعِيدُ غُسْلَ الصَّحِيحِ مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ وَجْهَانِ" انتهى. يعني إذا توضأ وبه جُرْحٌ فِي بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَأَرَادَ التَّيَمُّمَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ1 لَهُ حِينَ وُصُولِهِ فِي الْوُضُوءِ إلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ الْمَجْرُوحِ يُرَتِّبُ وَيُوَالِي كَالْوُضُوءِ الْكَامِلِ، أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ فِي ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَمَّا الْجَرِيحُ الْمُتَوَضِّئُ فَعِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَى مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَتَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ نَظَرًا لِلتَّرْتِيبِ وَأَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مَعَ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ هَذَا هُوَ1 الْمَشْهُورُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُرَتِّبُهُ غَيْرُ الْجُنُبِ وَنَحْوُهُ وَيُوَالِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ فِيهِمَا إنْ جُرِحَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ تَرْتِيبٌ وَلَا مُوَالَاةٌ فِي ذَلِكَ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ الشيخ الموفق
ولبسه خفا ومسحه إذا أَحْدَثَ كَمُسْتَحَاضَةٍ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ من مسحه فهل هو فرضه "وم" أو التيمم؟ "وش" فيه روايتان "م 17" وعنه هما. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ التَّرْتِيبُ وَكَذَا الْمُوَالَاةُ وَجْهًا وَاحِدًا وَعَلَّلَهُ بِعِلَلٍ جَيِّدَةٍ وَمَالَ إلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُرَتِّبَ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْفَصْلُ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْوُضُوءِ بِتَيَمُّمٍ بِدْعَةٌ، انْتَهَى، فَتَلَخَّصَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ أَوْجَبُوهُمَا وَأَنَّ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالْمَجْدَ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَجَمَاعَةً لَمْ يُوجِبُوهُمَا وَهَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ وَالصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: عَلَى الْمُقَدَّمِ يَكُونُ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ فِي مَكَانِ الْعُضْوِ الَّذِي يَتَيَمَّمُ بَدَلًا عَنْهُ فَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِي وَجْهِهِ لَزِمَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلًا ثُمَّ يُكْمِلُ1 الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ وَجْهِهِ خُيِّرَ بَيْنَ غَسْلِ صَحِيحِ وَجْهِهِ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ الْبَاقِي وَبَيْنَ أَنْ يَتَيَمَّمَ ثُمَّ يَغْسِلَ صَحِيحَ وَجْهِهِ ثُمَّ يُكْمِلَ وُضُوءَهُ1 وَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ فِي عُضْوٍ آخَرَ لزمه غسل ما قبله ثم2 كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي الْوَجْهِ وَإِنْ كَانَ فِي وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ احْتَاجَ في كل عضو إلى تيمم فِي مَحَلِّ غَسْلِهِ لِيَحْصُلَ التَّرْتِيبُ وَعَلَى هَذَا الْمَذْهَبِ أَيْضًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَغْسِلَ الصَّحِيحَ مَعَ التَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَيُبْطِلَ تَيَمُّمَهُ مَعَ وُضُوئِهِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ إنْ اُعْتُبِرَتْ الْمُوَالَاةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. مَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِهِ فَهَلْ هُوَ فَرْضُهُ أَوْ التَّيَمُّمُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي: إذَا كَانَ بِهِ جُرْحٌ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ مَسْحِهِ بِالْمَاءِ، وَمَسَحَهُ، فهل
وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنُ هَانِئٍ مَسْحُ الْبَشَرَةِ لِعُذْرٍ كَجَرِيحٍ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَأَنَّهُ أَوْلَى. وَإِنْ وَجَدَ الْجُنُبُ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ أَعْضَائِهِ لَزِمَهُ عَلَى الأصح "وش" ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي، وَكَذَا الْمُحْدِثُ فِي الْأَصَحِّ "وش" وَفِي النَّوَادِرِ رِوَايَتَانِ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لِلْجُنُبِ التَّيَمُّمُ، أَوَّلًا، وَلَا تَلْزَمُ إرَاقَتُهُ، وَفِي الْوَاضِحِ الروايتان. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْحُ فَرْضُهُ، أَوْ التَّيَمُّمُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ مَسْحُهُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ، فَيَكُونُ الْفَرْضُ الْمَسْحَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ وَيَخَافُ مِنْ غَسْلِهِ فَمَسْحُهُ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ التَّيَمُّمِ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ1، وَقَالَ هَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ وعنه: هما، يعني أن
فصل: ولا يتيمم لخوف فوت فرض
فَصْلٌ: وَلَا يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ فَوْتِ فَرْضٍ "م" نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا، إنْ انْتَبَهَ أَوَّلَ الْوَقْتِ، وَقَالَ فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْحَمَّامِ لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ كَالْغُلَامِ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا أَوْلَادُهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ حَتَّى تَغْسِلَهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْأَظْهَرُ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي خَارِجَ الْحَمَّامِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ، وَبَعْدَ الْوَقْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكَذَا جنازة، وعنه بلى "وهـ" وَيُرِيدُ بِهِ فَوْتَهَا مَعَ الْإِمَامِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ، فَتَعْظُمُ الْمَشَقَّةُ، وَعَنْهُ: وَعِيدَ، "وهـ" وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ وَجَدَا الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِمَا لَمْ تَبْطُلْ، بِنَاءً عَلَى هَذَا الأصل. وسجود تلاوة "وهـ" اخْتَارَ شَيْخُنَا وَجُمُعَةٍ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجِنَازَةِ لأنها ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْضَهُ الْمَسْحُ وَالتَّيَمُّمُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي "مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ"، وَأَطْلَقَ الْأُولَى، وَهَذِهِ فِي "التَّلْخِيصِ". وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْجُرْحُ طَاهِرًا، فَأَمَّا إنْ كَانَ نَجِسًا، فَلَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَالَهُ غَيْرُهُ.
لَا تُعَادُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لِلْمَنْعِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا. وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ، أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ أو دله ثقة فقيل: يتيمم ويصلي "وق" وَقِيلَ: لَا، كَقُدْرَتِهِ عَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ1 يَعْصِرُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ، إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ "م 18 - 21" وَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 18 – 21: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَصَلَ مُسَافِرٌ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ النَّوْبَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَهُ، أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا وَخَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ أَوْ دُخُولَ وَقْتِ الضَّرُورَةِ إنْ حَرُمَ التَّأْخِيرُ إلَيْهِ، أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ فَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ ويصلي، وقيل لا2، كقدرته
وَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ وَتُرَابٍ وَهُوَ مَعْنَى قولهم من لم يجد ماء ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَاءِ بِئْرٍ بِثَوْبٍ يَبُلُّهُ ثُمَّ يَعْصِرُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمَاءِ، انْتَهَى. اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 18: إذَا وَصَلَ الْمُسَافِرُ إلَى مَاءٍ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رزين وغيرهم، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَتَيَمَّمُ وَيُجْزِئُهُ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَالَ: مَا أَدَقُّ هَذَا النَّظَرُ. وَلَوْ طَرَدَهُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ قَدْ أَجَادَ وَأَصَابَ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ 19 وَالثَّالِثَةُ 20 وَالرَّابِعَةُ 21 كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَجَزَمَ بِالتَّيَمُّمِ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، وَقَدَّمَ جَوَازَ التَّيَمُّمِ، وَأَطْلَقَ فِي الثَّانِيَةِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى نُزُولِهِ الْبِئْرَ، وَمَا يَنْزِلُ بِهِ إلَيْهِ وَنَحْوِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ فَاتَهُ الْوَقْتُ وَلَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَعُدْ وَكَذَلِكَ راكب السفينة انتهى. تَنْبِيهٌ 3: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمَاءَ قَرِيبًا وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَوْ دَلَّهُ ثِقَةٌ هَلْ يَتَيَمَّمُ مُرَاعَاةً لِلْوَقْتِ أَوْ يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ، وَيَتَوَضَّأُ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَقَطَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ عَلِمَهُ قَرِيبًا عُرْفًا يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ فِي الْوَقْتِ، فَظَاهِرُهُ هُنَا أَنَّهُ إذَا خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ وَيَتَيَمَّمُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا بِحُكْمٍ فِي مَوْضِعٍ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ3.
تُرَابًا وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي التَّيَمُّمِ فِي حَضَرٍ عُذْرٌ نَادِرٌ وَغَيْرُ مُتَّصِلٍ فَأَعَادَ كَمَا لَوْ مُنِعَ مِنْ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ؟ فَأَجَابَ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَدَمِ صَلَّى فَرْضًا فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا يُجْزِئُ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَتَوَجَّهُ فِعْلُ مَا شَاءَ، لِأَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ مَعَ الْعَجْزِ، وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يُجْزِئُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ، كَذَا قَالَ وَجَزَمَ جَدُّهُ وَجَمَاعَةٌ بِخِلَافِهِ. وَلَا إعَادَةَ وَعَنْهُ بَلَى، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش م ر" وَلَوْ بِتَيَمُّمٍ فِي الْمَنْصُوصِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ، فَعَلَيْهِ إنْ قَدَرَ فِيهَا خَرَجَ، وَإِلَّا فَكَمُتَيَمِّمٍ يَجِدُ الْمَاءَ وَكَذَا مُتَيَمِّمٌ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا، فِي إعَادَتِهِ خِلَافٌ، وَفَرْضُهُ الثَّانِيَةُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَقِيلَ الْأُولَى وَقِيلَ هُمَا، وَاخْتَارَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقِيلَ: لَا بِعَيْنِهَا وعنه يستحب صلاته، وعنه يحرم، ويقضي "وهـ". وَتَبْطُلُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ "وَ" قَالَ بَعْضُهُمْ وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ "م 22" وَبِغُسْلِ مَيِّتٍ مُطْلَقًا وَتُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهِ، وَالْأَصَحُّ وَبِالتَّيَمُّمِ، وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لأحدهما مع أمن تفسخه؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -22: قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَجِدُ مَاءً وَلَا تُرَابًا: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وِفَاقًا؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبِخُرُوجِ الْوَقْتِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، الْبَعْضُ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ، هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ وَهُوَ فِيهَا؟ أَفِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى: إحْدَاهُمَا لَا تَبْطُلُ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِحَدَثٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَبْطُلُ
وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ "ح" لِعَدَمِ ماء، أو ضرر، وَلَا إعَادَةَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بَلَى وَعَنْهُ لِعَدَمٍ. وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ "م 23" قَالَ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ يَسْرِي مَنْعُهَا كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ إلَّا ظُفْرًا، لَمْ يَجُزْ دُخُولُ مسجد، ورفعها كمنع محدث مس ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 23: قوله: "وَيَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ بَدَنٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ مَاءٍ أَوْ ضَرُورَةٍ وَلَا إعَادَةَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ لِعَدَمٍ، وَفِي النِّيَّةِ لِتَيَمُّمِهِ لَهَا وَجْهَانِ، الْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ النِّيَّةُ لَهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 فِي مَوْضِعٍ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ، فِي الْفُصُولِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجِبُ لَهَا كَمُبَدِّلِهِ، وَهُوَ الْغُسْلُ، بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْحَدَثِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَفِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ أَيْ مَنْعُ الصِّحَّةِ فَلَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ منع الوجوب.
مُصْحَفٍ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ كَبَطْنِهِ وَصَدْرِهِ وَلَا يَتَيَمَّمُ لِنَجَاسَةِ سُتْرَةٍ كَالْمَكَانِ وَحُكِيَ قَوْلٌ. وَيَتَيَمَّمُ بِتُرَابٍ طَهُورٍ لَهُ غُبَارٌ وَالْأَصَحُّ غَيْرُ مُحْرَقٍ "وش" وَعَنْهُ وَبِسَبْخَةٍ1 "وش" وَعَنْهُ وَرَمْلٍ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ لَهُمَا غُبَارٌ. وَعَنْهُ فِيهِمَا لِعَدَمِ تُرَابٍ، وَقِيلَ وَبِمَا تَصَاعَدَ عَلَى الْأَرْضِ لِعَدَمٍ لَا مُطْلَقًا "هـ" وَلَا بِمُتَّصِلٍ بِهَا كَنَبَاتٍ "م". وَمَا تَيَمَّمَ بِهِ كَمَاءٍ مُسْتَعْمَلٍ، وَقِيلَ يَجُوزُ كَمَا تَيَمَّمَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ. وَتُرَابٍ مَغْصُوبٍ كَالْمَاءِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تُرَابُ مسجد "وش" وغيره2 وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ بِتُرَابِ زَمْزَمَ، مَعَ أَنَّهُ مَسْجِدٌ. وَقَالُوا يُكْرَهُ إخْرَاجُ حصى الْمَسْجِدِ وَتُرَابِهِ لِلتَّبَرُّكِ وَغَيْرِهِ وَالْكَرَاهَةُ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَلِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ بِتُرَابِ الْغَيْرِ جَازَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لِلْإِذْنِ فِيهِ عَادَةً وَعُرْفًا، كَالصَّلَاةِ فِي أَرْضِهِ، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ: هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ. وَاسْتَأْذَنَ هُوَ فِي مَكَان آخَرَ فَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْكِتَابَةِ الْكَثِيرَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ تَيَمَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْجِدَارِ1، حَمَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى أَنَّهُ لِإِنْسَانٍ يَعْرِفُهُ وَيَأْذَنُ فِيهِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ أَنَّ تُرَابَ الْغَيْرِ يَأْذَنُ فِيهِ مَالِكُهُ عَادَةً وَعُرْفًا بِخِلَافِ تُرَابِ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَالَ الْخَلَّالُ فِي الْأَدَبِ: التَّوَقِّي أَنْ لَا يُتَرِّبَ الْكِتَابَ إلَّا مِنْ الْمُبَاحَاتِ، ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَانَ يَجِيءُ مَعَهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَأْخُذُ مِنْ تُرَابِ الْمَسْجِدِ. وَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ رَمْلٌ ونحوه فكالماء، وقيل يمنع "وش" وَلَوْ تَيَمَّمَ عَلَى شَيْءٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ جَازَ وَلَوْ وَجَدَ تُرَابًا "م". وَلَا يَتَيَمَّمُ بِطِينٍ، قَالَ فِي الْخِلَافِ بِلَا خِلَافٍ، بَلْ يُجَفِّفُهُ إنْ أَمْكَنَهُ، وَالْأَصَحُّ فِي الْوَقْتِ. وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ فِي الْمَنْصُوص، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ "م 24" وَأَعْجَبَ أَحْمَدُ حَمْلَ تُرَابٍ لِلتَّيَمُّمِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا وغيره لا وهو أظهر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 24: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَجَدَ ثَلْجًا وَتَعَذَّرَ تَذْوِيبُهُ لَزِمَهُ مَسْحُ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وفي الإعادة روايتان" انتهى.
وَصِفَتُهُ أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ، ويعتبر معه تعيين الحدث كَمَا يَأْتِي1، وَقِيلَ: إنْ ظَنَّ فَائِتَةً فَلَمْ تَكُنْ أَوْ بَانَ غَيْرُهَا لَمْ يَصِحَّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنْ نَوَى التَّيَمُّمَ فَقَطْ صَلَّى نَفْلًا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أَوْ فَرْضَ الطَّهَارَةِ فَوَجْهَانِ، وَقِيلَ يصح بنية رفع الحدث "وهـ". ثُمَّ يُسَمِّي، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مُفَرِّجَتَيْ الْأَصَابِعِ، وَاحِدَةً يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ، وَكَفَّيْهِ بِرَاحَتَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ضَرْبَتَيْنِ: وَاحِدَةً لِوَجْهِهِ، وَأُخْرَى لِيَدَيْهِ إلَى مِرْفَقَيْهِ، وَحَكَى رِوَايَةً وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ "هـ ش م ر". وَمَسَحَ جَمِيعَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، وَالنِّيَّةُ فَرْضُ "وَ" وَفِيمَا تحت شعر خفيف وجهان "م 25" ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثانية: لا يلزمه، قلت: وهو قوي. مَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: وَمَسْحُ جَمِيعِ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، وَالنِّيَّةُ فَرْضٌ وَفِيمَا تَحْتَ شَعْرٍ خَفِيفٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ مَسْحُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَيَمْسَحُ مَا أَمْكَنَ مَسْحُهُ مِنْ ظَاهِرِ وَجْهِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَقِيلَ مَا نَزَلَ مِنْ ذَقَنِهِ.
وَلَا يُسْتَحَبُّ مَضْمَضَةٌ، وَاسْتِنْشَاقٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، والمراد يكره. والنية فرض. وَالتَّسْمِيَةُ كَالْوُضُوءِ "وَ" وَعَنْهُ سُنَّةٌ، وَكَذَا التَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ "وَ" وَقِيلَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: التَّرْتِيبُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَلِهَذَا يُجْزِئُهُ مَسْحُ بَاطِنِ أَصَابِعِهِ مَعَ مَسْحِ وَجْهِهِ، وَلَا يَجِبَانِ فِي تَيَمُّمِ حَدَثٍ أَكْبَرَ، وَقِيلَ بَلَى "وش" وَقِيلَ الْمُوَالَاةُ. وَإِنْ تَيَمَّمَ بِبَعْضِ يَدِهِ، أَوْ بِحَائِلٍ فَكَالْوُضُوءِ، وَكَذَا لَوْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ، وَاخْتَارَ الأزجي وغيره لا يصح، لعدم قصده. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ مَحَلُّ التَّيَمُّمِ جَمِيعُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْوَجْهِ، مَا عَدَا الْفَمَ وَالْأَنْفَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: وَيَجِبُ مَسْحُ جَمِيعِ الْوَجْهِ، فَلَا يَسْقُطُ سوى المضمضة والاستنشاق.
وإن سفت الريح غبارا فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ فَصَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، أَوْ مَسَحَ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ صَحَّ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ نَقَلَهُ مِنْ الْيَدِ إلَى الْوَجْهِ أَوْ عَكْسه فَفِيهِ تَرَدُّدٌ، وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ، وَقِيلَ لَا "م 26 و 27" وَقِيلَ إنْ تَيَمَّمَ بِيَدٍ، أَوْ أَمَرَّ الْوَجْهَ عَلَى التُّرَابِ لَمْ يَصِحَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 26- 27: قَوْلُهُ: "وَلَوْ نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ فَقِيلَ يَصِحُّ، وَقِيلَ إنْ مَسَحَهُ بِيَدَيْهِ، وَقِيلَ لَا" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يصح، قال الشارح: قال شيخنا: والصحيح أنه لا يجزئه، وهو اختيار ابن عقيل؛ لأنه لم يمسح. انتهى. قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وغيره، وأطلقهما الشارح والزركشي. والوجه الثالث: إنْ مَسَحَ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَالرَّأْسِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ: وَعِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُمِرَّ يَدَهُ، لِأَنَّ مُرُورَ التُّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ لَا يُسَمَّى مَسْحًا، حَتَّى يُمِرَّ مَعَهُ الْيَدَ أَوْ شَيْئًا يَتْبَعُهُ التُّرَابُ، انْتَهَى، قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اخْتِيَارَ الشَّيْخِ وَهُوَ ابْنُ عَقِيلٍ فَعَلَى هَذَا: إنْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ أَجْزَأَ لِحُصُولِ مَسْحٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ، انْتَهَى، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي2 عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ، وَمَعَ الْمَسْحِ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: مَسْأَلَةُ 26 مَا إذَا نَوَى وَصَمَدَ لِلرِّيحِ فَعَمَّ التُّرَابُ وَلَمْ يَمْسَحْهُ بِيَدَيْهِ، وَمَسْأَلَةُ 27 مَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ ومسحه بيديه.
فصل: وإن تيمم لحدث أصغر أو أكبر ناويا أحدهما اختص به
فَصْلٌ: وَإِنْ تَيَمَّمَ لِحَدَثٍ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ نَاوِيًا أَحَدَهُمَا اخْتَصَّ بِهِ "هـ ش م ر" نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِحَدَثٍ وَنَسِيَ الْجَنَابَةَ ثُمَّ طَافَ لَمْ يُجْزِهِ، وَإِنْ نَوَاهُمَا أَجْزَأَ. وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا فَنَوَى أَحَدَهُمَا فَقِيلَ كَالْوُضُوءِ، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ "م 28". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 28: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا" يَعْنِي الحدث الأكبر والأصغر "فنوى أحدها فَقِيلَ كَالْوُضُوءِ، وَقِيلَ مَا نَوَاهُ، لِأَنَّهُ مُبِيحٌ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ. اعْلَمْ: أَنَّهُ إذَا تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ وَنَوَى أَحَدَهُمَا فَإِنْ قُلْنَا فِي الْوُضُوءِ لَا يُجْزِئُهُ عَمَّا لَمْ يَنْوِهِ فَهُنَا لَا يُجْزِئُهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا يُجْزِئُ هُنَاكَ فَهَلْ يُجْزِئُ هُنَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَالْوُضُوءِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُ هُنَا، وَإِنْ أَجْزَأَ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا مَا نَوَاهُ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ، وَالْوُضُوءَ رَافِعٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ.
وَمَنْ نَوَى شَيْئًا اسْتَبَاحَهُ وَمِثْلُهُ وَدُونَهُ "وم ش" فَالنَّذْرُ دُونَ مَا وَجَبَ شَرْعًا. وَقَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ. وَفَرْضُ كِفَايَةٍ دُونَ فَرْضِ عَيْنٍ، وَفَرْضُ جِنَازَةٍ أَعْلَى مِنْ نَافِلَةٍ، وَقِيلَ يُصَلِّيهَا بِتَيَمُّمٍ1 نَافِلَةً. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَتَخَرَّجُ لَا يُصَلِّي نَافِلَةً بِتَيَمُّمٍ جِنَازَةً، لِأَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَ الطَّهَارَةَ لَهَا أَوْكَدَ. وَيُبَاحُ الطَّوَافُ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ فِي الْأَشْهَرِ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي لَا، وَلَا تُبَاحُ نَافِلَةٌ بِنِيَّةِ مَسِّ المصحف وطواف ونحوهما في الأشهر. وَإِنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ فَلَهُ اللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَجَمِيعُ النَّوَافِلِ، لِأَنَّهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إن تيمم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِمَسِّ الْمُصْحَفِ فَلَهُ الْقِرَاءَةُ لَا الْعَكْسُ، وَلَا يَسْتَبِيحُهُمَا بِنِيَّةِ اللُّبْثِ، وَقِيلَ فِي الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ، وَتُبَاحُ الثَّلَاثَةُ بِنِيَّةِ الطَّوَافِ لَا الْعَكْسُ، وَقِيلَ: بَلَى. وَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَفِي نَفْلِ طَوَافٍ وَجْهَانِ "م 29" وَفِي الْمُغْنِي1 إنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ، أَوْ لُبْثٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ لَمْ يُسْتَبَحْ غَيْرُهُ، كَذَا قَالَ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِيهِ بعد، وقيل من نوى الصلاة فعلها2 فقط، وعنه وأعلى منه "وهـ" إلَّا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فَرْضًا بِتَيَمُّمِهِ لِجِنَازَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: إنْ أَطْلَقَ نِيَّةَ الصَّلَاةِ صَلَّى فَرْضًا، وَإِنْ نَوَى فَرِيضَةً وَقِيلَ وعينها فله فعل سنة راتبة قبلها و3على الأصح، والتنفل قبلها "م" ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 29: قوله: "فَإِنْ تَيَمَّمَ لِمَسِّ مُصْحَفٍ فَفِي نَفْلِ طَوَافٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّ جِنْسَ الطَّوَافِ أَعْلَى مِنْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَقَدْ قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَمَنْ تَبِعَهُ لَيْسَ له ذلك. 4وقال المصنف قبل ذلك5: "ولا تباح نافلة بنية مس مصحف" والطواف بالبيت صلاة، فرضه كفرضها، ونفله كنفلها4. والوجه الثاني يجوز.
يُصَلِّيهَا بِهِ "م" وَمَا شَاءَ إلَى آخِرِ وَقْتِهَا عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَيَمَّمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمٌ1 عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ وَنَجَاسَةٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، لِتَجَدُّدِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ بِتَجَدُّدِ الْوَقْتِ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. وَقِيلَ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ إلَى دُخُولِ آخَرَ، وَقِيلَ لَا يَجْمَعُ فِي وَقْتِ الْأُولَى. وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مُطْلَقًا، لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا فِي الْمَنْصُوصِ، وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ جُنُبٌ لِقِرَاءَةٍ، وَحَائِضٌ لِوَطْءٍ، وَنَحْوُهُمَا، فِي بُطْلَانِهِ لِذَلِكَ بِخُرُوجِهِ الخلاف، وكذا إنْ اسْتَبَاحُوا ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ لِلصَّلَاةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ هُنَا. وَفِي الرِّعَايَةِ وَكَذَا إنْ تَيَمَّمَ عَنْ نَجَاسَةِ بَدَنِهِ. وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِيهَا فَقِيلَ تَبْطُلُ، وَقِيلَ لَا لِخُرُوجِهِ فِي الْجُمُعَةِ، وقيل لوجود الماء فيها "م 30". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -30: قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ فِيهَا فَقِيلَ تَبْطُلُ، وَقِيلَ لَا، كَخُرُوجِهِ فِي الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ كَوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بُطْلَانُهَا
وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِطَوَافٍ وَجِنَازَةٍ وَنَافِلَةٍ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ كَالْفَرِيضَةِ، وَعَنْهُ إنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ ثُمَّ جِيءَ بِأُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا حَتَّى يَتَيَمَّمَ لَهَا. وَإِلَّا صَلَّى، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا لِلِاسْتِحْبَابِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لِلْإِيجَابِ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إذَا تَعَدَّدَ بِالْوَقْتِ فَوَقْتُ كُلِّ صَلَاةِ جِنَازَةٍ قَدْرُ فِعْلِهَا، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَوَاصِلَ هُنَا كَتَوَاصُلِ الْوَقْتِ لِلْمَكْتُوبَةِ، قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ، كَمَسِّ الْمُصْحَفِ، وَطَوَافٍ فَعَلَى هَذَا: النَّوَافِلُ الْمُوَقِّتَةُ كَالْوِتْرِ وَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ وَالْكُسُوفِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لَهَا بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ، وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا تَوَاصُلُ الْفِعْلِ كَالْجِنَازَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إلَى وقت النهي عن تلك النافلة "م 31". ـــــــــــــــــــــــــــــQبِخُرُوجِ الْوَقْتِ، وَلَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ انْتَهَى، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وابن عبيدان، وغيرهم. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ شَرْطًا. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ وَجَدَ الْمَاءَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ خَرَّجَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ وُجُودِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ. مَسْأَلَةٌ – 31: قَوْلُهُ: "فَعَلَى هَذِهِ النَّوَافِلِ الْمُؤَقَّتَةِ كَالْوِتْرِ وَالسُّنَنِ الراتبة
وعنه لا يجمع به1 بين فرضين "وم ش" اختاره الآجري فَعَلَيْهَا لَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ، مِمَّا شَاءَ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَقِيلَ: لَا يَطَأُ1 بِتَيَمُّمِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَطَأَ قَبْلَهَا، ثُمَّ لَا يُصَلِّي بِهِ. وَيَتَيَمَّمُ لِكُلِّ وَقْتٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرٍ2: تَفْتَقِرُ كُلُّ نَافِلَةٍ إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكُسُوفِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لَهَا بِخُرُوجِ وَقْتِ تِلْكَ النَّافِلَةِ، وَالنَّوَافِلُ الْمُطْلَقَةُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهَا تَوَاصُلُ الْفِعْلِ فِيهَا كَالْجِنَازَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ تِلْكَ النَّافِلَةِ، انْتَهَى، هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ تَيَمُّمَهُ لِجِنَازَةٍ يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ بِهِ عَلَى أُخْرَى، إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتٌ لَا يُمْكِنُهُ التَّيَمُّمُ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: يَمْتَدُّ وَقْتُهَا إلَى وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ تِلْكَ النَّافِلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: حُكْمُهَا حُكْمُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَيُعْتَبَرُ تَوَاصُلُ الْفِعْلِ، قُلْت وَهُوَ أَقْرَبُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ، فَعَلَيْهَا لَهُ فِعْلُ غَيْرِهِ مِمَّا شَاءَ، وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ3" انْتَهَى، فَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ انْتَهَى فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 والشرح5 وغيرهما وهو الصواب.
تَيَمُّمٍ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَفِي صَلَاتِهِ بِهِ عَلَى أُخْرَى وَجْهَانِ فِي الْمُذَهَّبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ تَعَيَّنَتَا لَمْ يُصَلِّ، وَإِلَّا صَلَّى "م 32". وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَفِي إجْزَاءِ تَيَمُّمٍ وَجْهَانِ "م 33". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 32: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى أُخْرَى وَجْهَانِ فِي الْمُذَهَّبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ إنْ تَعَيَّنَتَا لَمْ يُصَلِّ، وَإِلَّا صَلَّى" انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ التَّيَمُّمَ يَجِبُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضٌ، فَبَنَى الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَسَائِلَ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ، فَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا يُصَلِّي إلَّا فَرْضًا وَاحِدًا، وَيَنْتَفِلُ، فَإِنْ تَيَمَّمَ لِجِنَازَةٍ فَهَلْ يُصَلِّي عَلَى أُخْرَى؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَا وَجَدَ نَصًّا1 صَرِيحًا بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ، وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ أعلم. مَسْأَلَةٌ – 33: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ خَمْسٍ فَفِي إجْزَاءِ تَيَمُّمٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَهَذَا أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ إلَّا فَرِيضَةً وَاحِدَةً.
وعنه يصلي به إلى حدثه "وهـ" اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا فَيَرْفَعُ الْحَدَثَ فِي الْأَصَحِّ لَنَا وَلِلْحَنَفِيَّةِ إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَاءِ. وَيَتَيَمَّمُ لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَلِنَفْلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا سَبَبَ لَهُ وَقْتَ النَّهْيِ، وَعَلَى مَا قَبْلَهَا لَا، فَيَتَيَمَّمُ لِلْفَائِتَةِ إذَا أَرَادَ فِعْلَهَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، إذَا ذَكَرَهَا وَهُوَ أَوْلَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا بُدَّ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ تَيَمُّمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْزِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَةَ: قُلْت فَعَلَيْهَا مَنْ نَسِيَ صَلَاةَ فَرْضٍ مِنْ يَوْمٍ كَفَاهُ لِصَلَاةِ الْخَمْسِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ وَجَهِلَ عَيْنَهُمَا أَعَادَهُمَا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتَا مُتَّفِقَتَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ، وَجَهِلَ جِنْسَهُمَا، صَلَّى الْخَمْسَ مَرَّتَيْنِ بِتَيَمُّمَيْنِ، وَكَذَا إنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ وَجَهِلَهُمَا، وَقِيلَ يَكْفِي صَلَاةٌ بِتَيَمُّمَيْنِ، وَإِنْ كَانَتَا مُخْتَلِفَتَيْ يَوْمٍ، فَلِكُلِّ صَلَاةٍ تَيَمُّمٌ، وَقِيلَ فِي الْمُخْتَلِفَتَيْنِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ يُصَلِّي الْفَجْرَ وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِتَيَمُّمٍ، وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِتَيَمُّمٍ آخَرَ، انْتَهَى.
وَلِلْكُسُوفِ عِنْدَ وُجُودِهِ، وَلِلِاسْتِسْقَاءِ إذَا اجْتَمَعُوا، وَلِلْجِنَازَةِ إذَا غُسِّلَ الْمَيِّتُ أَوْ يُمِّمَ لِعَدَمٍ، فَيُقَالُ شَخْصٌ لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُيَمَّمَ غَيْرُهُ وَفِي الِانْتِصَارِ يَرْفَعُهُ مُؤَقَّتًا عَلَى رِوَايَةٍ بِالْوَقْتِ. وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ عَنْ حَدَثٍ أَصْغَرَ بِمَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ، وَعَنْ أَكْبَرَ بِمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَعَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِحَدَثَيْهِمَا، فَلَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ الْحَيْضِ لَهُ ثُمَّ أَجْنَبَتْ فَلَهُ الْوَطْءُ لبقاء حكم تيمم الحيض، وَالْوَطْءُ إنَّمَا يُوجِبُ حَدَثَ الْجَنَابَةِ، وَإِنْ وَطِئَ تَيَمَّمَ أَيْضًا عَنْ نَجَاسَةِ الذَّكَرِ، إنْ نَجَّسَتْهُ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا. وَلَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ "وَ" وَعَنْهُ حَتَّى يَضِيقَ، وَتَأْخِيرُهُ أَفْضَلُ "وَ" وَعَنْهُ وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ "خ" الْمَاءِ، وَعَنْهُ أَوْ عَلِمَهُ، وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ وُجُودَهُ أَخَّرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فقط "وش" وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ يَجِبْ إعَادَتُهَا "وَ" وَعَنْهُ يُسَنُّ. وَلَا يَلْزَمُهُ إعَادَةُ صَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ، وَإِنْ لَزِمَ إعَادَةُ غُسْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 34" وَإِنْ قَدَرَ فِي تَيَمُّمِهِ بَطَلَ، وَكَذَا بَعْدَهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ذَكَرَ بَعْضُهُمْ "ع" خِلَافًا لِأَبِي سَلِمَةَ وَالشَّعْبِيِّ، وَرِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ، ذَكَرَ أَحْمَدُ في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 34: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَمْ تَجِبْ إعَادَتُهَا وَعَنْهُ يُسَنُّ، وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ صَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَعَنْهُ الوقف، وإن لزم إعادة غسله في أحد الْوَجْهَيْنِ" انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَوْ يُمِّمَ الْمَيِّتُ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وُجِدَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَ الْخُرُوجُ مِنْهَا وَفِيهِ وَجْهٌ هُوَ كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يَلْزَمُ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ. وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَ تَغْسِيلُهُ، انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ عَدَمُ لُزُومِ غَسْلِهِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَلَوْ يُمِّمَ مَيِّتًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ، لِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ مُمْكِنٌ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى إبْطَالِ الْمُصَلِّي صَلَاتَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ كَوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: فَإِنْ صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ قَدْ يُمِّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ يَخْرُجُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْضِيَ فِي الصَّلَاةِ كَمَا نَقُولُ فِي صَلَاةِ الْوَقْتِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَوَقَّفَ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: الْحُكْمُ فيه كالتي قبلها، وأنه لا تجب
رواية ابن إبراهيم عَنْ أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنُ طَارِقٍ1 عَنْ "م" وَتَعَجَّبَ أَحْمَدُ مِنْهُ. وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِيهَا بطلت "وهـ" وقيل: يتطهر، ويبني، وعنه يمضي "وم ش" اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، فَيَجِبُ، وَقِيلَ هُوَ أَفْضَلُ، وقيل خروجه أفضل "وش" وَإِنْ عَيَّنَ نَفْلًا أَتَمَّهُ، وَإِلَّا لَمْ يَزِدْ عَلَى أَقَلِّ الصَّلَاةِ. وَمَتَى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ انْقَلَبَ الْمَاءُ فِيهَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ عَلِمَ بِتَلَفِهِ فِيهَا بَقِيَ تَيَمُّمُهُ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَمَّا فَرَغَ شَرَعَ فِي طَلَبِهِ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَعَلَيْهَا لَوْ وَجَدَ فِي صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ يُمِّمَ بطلت، وغسل في الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِعَادَةُ، انْتَهَى، وَقَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ طَرِيقَتَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَقَالَ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِيهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ عَلَى بُطْلَانِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ: أَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُغَسَّلُ الْمَيِّتُ، وَتُعَادُ الصلاة. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَمْضِي فِي الصَّلَاةِ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، انْتَهَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ كَغَيْرِهِمَا. فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ مسألة قد من الله الكريم بتصحيحها.
فِيهِمَا وَيَلْزَمُ مَنْ تَيَمَّمَ لِقِرَاءَةٍ وَوَطْءٍ وَنَحْوِهِ التَّرْكُ "وَ" وَحُكِيَ وَجْهٌ. وَالطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ إنْ وَجَبَتْ الْمُوَالَاةُ. وَمَنْ تَيَمَّمَ وَعَلَيْهِ مَا يَجُوزُ مسحه بطل تيممه بخلعه في المنصوص "خ". وَإِنْ بَذَلَ مَاءً لِلْأُولَى مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ فَالْمَيِّتُ أَحَقُّ "وش" وَعَنْهُ الْحَيُّ، فَيُقَدَّمُ الْحَائِضُ، وَقِيلَ: الْجُنُبُ "وهـ" وَقِيلَ: الرَّجُلُ، وَقِيلَ: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُقْرَعُ، وَمَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَحَقُّ، وَقِيلَ: الْمَيِّتُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدُهُ "وش". وَيُقَدَّمُ جُنُبٌ عَلَى مُحْدِثٍ، وَقِيلَ سَوَاءٌ، وَقِيلَ الْمُحْدِثُ، إلَّا أَنْ يَكْفِيَ مَنْ تَطَهَّرَ بِهِ منهما، وإن كفاه فَقَطْ قُدِّمَ، وَقِيلَ الْجُنُبُ، وَإِنْ تَطَهَّرَ بِهِ غَيْرَ الْأُولَى أَسَاءَ وَأَجْزَأَهُ، وَعِنْدَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْمَاءِ الْمُشْتَرَكِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ التَّشْقِيصِ1، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْثِرَ مَالِكُ الماء من يتوضأ، ويتيمم هو. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ذكر النجاسة وإزالتها
باب ذكر النجاسة وإزالتها مدخل ... بَابُ ذِكْرِ النَّجَاسَةِ وَإِزَالَتِهَا الْمَذْهَبُ: نَجَاسَةُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ أَحَدِهِمَا "م" وَعَنْهُ غير شعر، اختاره أبو بكر وشيخنا "وهـ". وتغسل نجاسة كلب "وش" نص عليه، وقيل: ولوغه "وم" تعبدا سبعا "وم ش" وَعَنْهُ ثَمَانِيًا، بِتُرَابٍ فِي أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ، وَهَلْ الْأُولَى أَوْلَى، أَوْ الْآخِرَةُ، أَوْ سَوَاءٌ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ "م 1" وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ غسله ثمانيا ففي الثامنة أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ فِي غَسْلِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا بِتُرَابٍ فِي أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ، وَهَلْ الْأُولَى أَوْلَى أَوْ الْأَخِيرَةُ أَوْ سَوَاءٌ فِيهِ رِوَايَاتٌ، انْتَهَى. إحْدَاهُنَّ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ الْأَوْلَى جَعَلَهُ فِي الْأُولَى إنْ غَسَلَ سَبْعًا قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَعْلُهُ فِي الْأَخِيرَةِ أَوْلَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ الْكُلُّ سَوَاءٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِنَاءً عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنَّ غَسْلَهُ ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وغيره وقال نص عليه.
وَلَا يَكْفِي ذَرُّهُ عَلَى الْمَحَلِّ، فَيُعْتَبَرُ مَائِعٌ يوصله إليه، ذكره أبو المعالي والتلخيص "وش" وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ ذَرُّهُ وَيَتْبَعَهُ الْمَاءُ، وَهُوَ ظاهر كلام جماعة، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِهِ، أَمْ مُسَمَّى التُّرَابِ، أَمْ مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّهُ، أَمْ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 2". وَالنَّجَاسَةُ مِنْ كَلْبٍ وَكِلَابٍ وَاحِدَةٌ، وَيُحْسَبُ الْعَدَدُ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ قَبْلَ زَوَالِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بَلْ بعده. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: وَقَوْلُهُ: "وَهَلْ يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِهِ أَمْ مُسَمَّى التُّرَابِ أَمْ مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ، أَمْ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ" انْتَهَى، هَذِهِ الْأَوْجُهُ فَتَاوَى لِلْأَصْحَابِ أَفْتَوْا بِهَا: أَحَدُهَا: يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِالتُّرَابِ، وَبِهِ أَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكْفِي مُسَمَّى التُّرَابِ مُطْلَقًا وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَكْفِي مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ دُونَ غَيْرِهِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ يَكْفِي مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ قاله ابن عقيل.
وعنه استحباب التراب "وهـ م" وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ، وَقِيلَ: يَجِبُ فِي إنَاءٍ، وَحَكَى رِوَايَةً، وَكَذَا نَجَاسَةُ خنزير في الأصح "وش م ر" وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِيهِ عَدَدًا، وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمُ هُوَ شَرٌّ مِنْ الْكَلْبِ، وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدٌ، حَكَاهُ ابْنُ شِهَابٍ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذَهَّبِ رِوَايَةً "وهـ". وهل يقوم أشنان ونحوه وقيل: لعذر1 مقام تراب؟ "وق" فِيهِ وَجْهَانِ "م 3" لَا غَسْلَةَ ثَامِنَةً، وَعَنْهُ بلى "وق" وقيل: فيما يخاف تلفه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 3: "وهل يقوم أشنان ونحوه وقيل لعذر2 مَقَامِ تُرَابٍ، فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4، وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ ذَلِكَ، وَيَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، هَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَقُومُ مَقَامَ التُّرَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالْفُصُولِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى التُّرَابِ قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ، هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "قِيلَ لِعُذْرٍ" انْتَهَى، الْمَذْهَبُ مَا قدمه المصنف وهو أن
وَيَغْسِلُ مَا نَجُسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ مَا بَقِيَ بعد تلك الغسلة "وش" وقيل: مَعَهَا، وَعَلَيْهِمَا1 بِتُرَابٍ إنْ لَمْ يَكُنْ غَسَلَ بِهِ، وَقِيلَ: سَبْعًا بِتُرَابٍ. وَبَاقِي النَّجَاسَاتِ سَبْعًا، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ ثَلَاثًا، اخْتَارَهُ فِي الْعُمْدَةِ، وَعَنْهُ الْمُعْتَبَرُ زَوَالُ الْعَيْنِ بِمُكَاثِرَتِهَا، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ "وَ" وَعَنْهُ لَا عَدَدَ فِي بَدَنٍ، وَعَنْهُ يَجِبُ إلَّا فِي خَارِجٍ مِنْ السَّبِيلِ، وَفِي اعْتِبَارِ التُّرَابِ عَلَى الأولى، وقيل والثانية روايتان "م 4" ونصه لا في السَّبِيلِ. وَفِي اعْتِبَارِ التُّرَابِ – عَلَى الْأُولَى، وَقِيلَ: والثانية – روايتان "م4" ونصه: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ مُطْلَقٌ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنُ حَامِدٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّمَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ التُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِهِ أَوْ فَسَادِ الْمَغْسُولِ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدْ اخْتَارَ الْمَجْدُ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمَحَلَّ إذَا تَضَرَّرَ بِالتُّرَابِ يَسْقُطُ التُّرَابُ. مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَبَاقِي النَّجَاسَاتِ سَبْعًا ... وَعَنْهُ ثَلَاثًا، وَفِي اعْتِبَارِ التُّرَابِ عَلَى الْأُولَى وَقِيلَ الثَّانِيَةُ، رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، أَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخِلَافِيَّةِ، وَالْمُغْنِي2، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي3، وَالْمُقْنِعِ4، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَابْنُ مُنَجَّى، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ التُّرَابُ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الإرشاد5، وابن البنا
لا في سبيل. وَتَطْهُرُ نَجَاسَةُ أَرْضٍ وَالْمَنْصُوصُ وَنَحْوُ صَخْرٍ، وَأَجْرِنَةٍ1 وحمام بالمكاثرة، وعنه إن انفصل الماء "وهـ". وقيل بالعدد من كلب وخنزير "وش" وعنه ومن غير البول. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي عُقُودِهِ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي إيضَاحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي تَعْلِيلِهِمْ لعدم الِاشْتِرَاطِ نَظَرٌ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَا يُشْتَرَطُ التُّرَابُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ يُشْتَرَطُ فِي وَجْهٍ فَظَاهِرُهُ أن المشهور عدم الاشتراط.
وَالْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلٍّ طَاهِرٍ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِطَهَارَتِهِ عَنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهِ، لِأَنَّهُ وَارِدٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَحْتَمِلُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَا أُزِيلَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ، يُحْتَمَلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ لِأَنَّهُ قَالَ: إذَا غَسَلَ ثَوْبَهُ فِي إجَّانَةٍ1 طَهُرَ، وَقَالَ: الْمُنْفَصِلُ عَنْ مَحَلٍّ نَجِسٍ مِنْ الْأَرْضِ طَاهِرٌ، وَقَالَ: يَغْسِلُ مَا يُصِيبُهُ مِنْ مَاءِ الِاسْتِنْجَاءِ، فَعَلَى هَذَا إنَّمَا حَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ قَلِيلٌ حَلَّتْهُ نَجَاسَةٌ، وَالْمُسْتَعْمَلُ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ لَمْ يَحِلَّهُ غَيْرَ الْعُضْوِ الَّذِي لَاقَاهُ فَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي نَجَاسَةِ الْمُزَالِ بِهِ النَّجَاسَةُ مُطْلَقًا: حَالَ اتِّصَالِهِ، وَانْفِصَالِهِ قَبْلَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، وَعَنْ أَحْمَدَ طَهَارَةُ مُنْفَصِلٍ عَنْ أَرْضِ أَعْيَانٍ النَّجَاسَةُ فِيهِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ. وَفِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَجْهَانِ، جَزَمَ فِي الِانْتِصَارِ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَلْوَانِيِّ وَصَرَّحَ الْآمِدِيُّ بِطَهَارَتِهِ، وَمَعْنَاهُ كلام القاضي "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَفِي طَهَارَةِ الْمَحَلِّ مَعَ نَجَاسَةِ الْمُنْفَصِلِ وَجْهَانِ". قَالَ الْمُصَنِّفُ: "جَزَمَ فِي الِانْتِصَارِ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ، وَصَرَّحَ الْآمِدِيُّ بِطَهَارَتِهِ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي" انْتَهَى، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمَا انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ مُتَغَيِّرًا بها فَهُوَ وَالْمَحَلُّ نَجِسَانِ وَإِنْ اسْتَوْفَى الْعَدَدَ. وَقَالَ الآمدي يحكم بطهارة المحل، انتهى، فقدم
ويعتبر في الأصح وقيل في غير الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ الْعَصْرُ، مَعَ إمْكَانِهِ فِيمَا يَشْرَبُ نجاسته، أو دقه أو تثقيله "وهـ ش" وَفِي تَجْفِيفِهِ وَجْهَانِ "م 6". وَإِنْ طَهُرَ مَاءٌ نَجِسٌ فِي إنَاءٍ لَمْ يَطْهُرْ مَعَهُ، فَإِذَا انْفَصَلَ فَغَسْلَةٌ، وَقِيلَ يَطْهُرُ تَبَعًا كَالْمُحْتَفَرِ مِنْ الْأَرْضِ، وَقِيلَ إنْ مَكَثَ بِقَدْرِ الْعَدَدِ، وَكَذَا الثَّوْبُ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ عَصْرُهُ، أَوْ إنَاءٌ غُمِسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ. وَاعْتِبَارُ تَكْرَارِ غَسْلِهِ1 مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ، وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَخَضْخَضَتُهُ فِيهِ، وَقِيلَ بَلَى. وَفِي الْمُغْنِي2 إن مر عليه أجزاء ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا جَزَمَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ. وَقَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ لَمَّا نَصَرَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ طَاهِرٌ: وَلَنَا أَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْضُ الْمُتَّصِلِ فَيَجِبُ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَالنَّجَاسَةِ، كَمَا لَوْ أَرَاقَ مَاءً مِنْ إنَاءٍ وَلَا يَلْزَمُ الْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ بَعْدَ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ، لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ تَصَوُّرَ ذَلِكَ، بَلْ نَقُولُ مَا دَامَتْ الْغُسَالَةُ مُتَغَيِّرَةً فَالْمَحَلُّ لَمْ يَطْهُرْ، انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ. مَسْأَلَةٌ – 6: وَفِي تَجْفِيفِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تميم وابن عبيدان والفائق وغيرهم:
لَمْ تُلَاقِهِ، وَإِنْ كَاثَرَ مَا فِيهِ نَمَاءٌ كَثِيرٌ لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ فِي الْمَنْصُوصِ بِدُونِ إراقته. وَإِنْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي إنَاءٍ ثُمَّ غَمَرَهُ بِمَاءٍ وَعَصَرَهُ فَغَسْلَةٌ يَبْنِي عَلَيْهَا وَيَطْهُرُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَصَبِّهِ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ، وَعَنْهُ لَا يَطْهُرُ، لِأَنَّ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ تَجْفِيفُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ المجد في شرحه، وابن عبد القوي في مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَجَفَافُهُ كَعَصْرِهِ فِي أصح الوجهين.
يَنْفَصِلُ بِعَصْرِهِ لَا يُفَارِقُهُ عَقِبَهُ، وَعَنْهُ بَلَى إن تعذر بدونه. وَإِنْ عَصَرَ الثَّوْبَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ "م 7". وَيَطْهُرُ مَا غَسَلَهُ مِنْهُ "وَ" فَإِنْ أَرَادَ غَسْلَ بَقِيَّتِهِ غَسَلَ مَا لَاقَاهُ. وَلَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ هُمَا عَجْزًا "وَ" قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ يشق، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَصَرَ الثَّوْبَ فِي الْمَاءِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: إحْدَاهُمَا: لَا يَطْهُرُ حَتَّى يُخْرِجَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَطْهُرُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وذكر الشيخ وغيره أو يتضرر1 الْمَحَلُّ، وَقِيلَ يَكْتَفِي بِالْعَدَدِ، وَقِيلَ بَلَى، كَطَعْمٍ فِي الْأَصَحِّ "وَ" فَعَلَى الْأَوَّلِ يَطْهُرُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُعْفَى عَنْهُ، وَقِيلَ فِي زَوَالِ لَوْنِهَا فَقَطْ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْبَاغَ الدِّيبَاجِ الرُّومِيِّ مِنْ دِمَاءِ الْآدَمِيِّينَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ فِي ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ يُبَاحُ لَهُ لُبْسُهُ، وَمُرَادُهُ مَا لَمْ يُغْسَلْ، لِأَنَّهُ قَالَ إنْ صُبِغَ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ لَمْ يَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهِ حَتَّى يُغْسَلَ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقَاءُ اللَّوْنِ، لِأَنَّهُ عَرَضٌ كَالرَّائِحَةِ. وَإِنْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِمِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَجِبْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي التُّرَابِ تَقْوِيَةً لِلْمَاءِ. فَعَلَى هَذَا أَثَرُ الْمِدَادِ يُلَطَّخُ بِعَسَلِ قَصَبٍ ثُمَّ يُحَطُّ فِي الشَّمْسِ، ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وصابون، ويلطخ أثر الحبر بخردل مصحون2 معجبول3 بِمَاءٍ ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ. وَأَثَرُ الْخَوْخِ بِلَبَنٍ حَامِضٍ وَكِشْكٍ حَامِضٍ، أَوْ يُنْقَعُ الْمَكَانُ بِمَاءِ بَصَلٍ، ثُمَّ يُحَطُّ فِي الشَّمْسِ، ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ. وَأَثَرُ الزَّعْفَرَانِ يُلْقَى فِي قرطم4 مدقوق، قد غلى على النَّارِ، أَوْ فِي تِبْنٍ مَغْلِيٍّ، وَأَثَرُ الْقَطْرَانِ يُلْقَى فِي لَبَنِ حَلِيبٍ مَغْلِيٍّ. وَأَثَرُ الزِّفْتِ يعرك بالطحينة جيدا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَثَرُ التُّوتِ الشَّامِيِّ يُنْحَرُ بِالْكِبْرِيتِ. وَأَثَرُ الزَّيْتِ يُفَتَّرُ زَيْتُ طِيبٍ عَلَى النَّارِ، ثُمَّ يُسْقَى بِهِ الْمَكَانُ، ثُمَّ يُلَطَّخُ الْمَكَانُ بِالصَّابُونِ، ثُمَّ يُجَفَّفُ فِي الشَّمْسِ، ثُمَّ يُغْسَلُ. وَأَثَرُ الرُّمَّانِ يعرك بليمون أخضر مشوي، ومائه. وَأَثَرُ الدَّمِ يُذْبَحُ عَلَيْهِ فَرْخُ حَمَامٍ وَيُعْرَكُ بِدَمِهِ ثُمَّ يُغْسَلُ ذَلِكَ، وَأَثَرُ الْجَوْزِ يُنْقَعُ فِي بَوْلِ حِمَارٍ ثُمَّ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَصَابُونٍ. وَيَجِبُ الْحَتُّ وَالْقَرْصُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ بِهِمَا، وَإِنْ شَكَّ هَلْ النَّجَاسَةُ مِمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَدُ؟ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ "م 8". وَلَا تَطْهُرُ أَرْضٌ بِشَمْسٍ، أَوْ رِيحٍ، أَوْ جَفَافٍ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بلى "وهـ" وَقِيلَ وَغَيْرُهَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي حَبْلِ غَسِيلٍ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: وَإِحَالَةُ التُّرَابِ لَهَا وَنَحْوِهِ كَشَمْسٍ، وَقَالَ: إذَا أَزَالَهَا التُّرَابُ عَنْ النَّعْلِ: فَعَنْ نَفْسِهِ إذَا خَالَطَهَا أَوْلَى، كَذَا قَالَ. ولا بالاستحالة1 أو نار، وعنه بلى "وهـ" فَحَيَوَانٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْ نَجَاسَةٍ كَدُودِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ، وَصَرَاصِرُ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ، لَا مُطْلَقًا نَصَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَكَّ هَلْ النَّجَاسَةُ مِمَّا يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَدُ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ" انْتَهَى، قُلْت الصَّوَابُ: عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَالِاحْتِيَاطُ: الْفِعْلُ.
"ش" وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ فِي نَجَاسَةِ وَجْهِ تَنُّورٍ سُجِرَ بِنَجَاسَةٍ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ يُغْسَلُ، وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَرْبٍ1: لَا بَأْسَ، وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ عَمَلُ زَيْتٍ نَجِسٍ صَابُونًا وَنَحْوَهُ، وَتُرَابُ جَبَلٍ بِرَوْثِ حِمَارٍ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلْ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ فِي رِوَايَةٍ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ تنجس التنور بِذَلِكَ طَهُرَ بِمَسْحِهِ بِيَابِسٍ، فَإِنْ مُسِحَ بِرَطْبٍ تَعَيَّنَ الْغُسْلُ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ، وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ يُسْجَرُ التَّنُّورُ مَرَّةً أُخْرَى عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الرِّوَايَةَ صَرِيحَةٌ فِي التطهير بالاستحالة، وأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِالْمَسْحِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ، كَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْجِسْمِ الصَّقِيلِ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّ نَجَاسَةَ الْجَلَّالَةِ وَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ نَجَاسَةٌ مُجَاوِرَةٌ وَقَالَ: فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مِنْ دَقِيقِ النَّظَرِ كَذَا قَالَ. وَالْبُخَارُ الْخَارِجُ مِنْ الْجَوْفِ طَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ لَهُ صِفَةٌ بِالْمَحَلِّ، وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مَا اسْتَتَرَ فِي الْبَاطِنِ اسْتِتَارَ خِلْقَةٍ لَيْسَ بِنَجِسٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِحَمْلِهِ، كَذَا قَالَ، وَيَأْتِي فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ1. وَالْقَصْرُ مَلٌّ2 وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهِمَا نَجِسٌ، وَعَلَى الثَّانِي طَاهِرٌ، وَكَذَا مَا تَصَاعَدَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ النَّجِسِ إلَى الْجِسْمِ الصَّقِيلِ ثُمَّ عَادَ فقطر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ نَفْسُ الرُّطُوبَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ، وَإِنَّمَا يَتَصَاعَدُ فِي الْهَوَاءِ كَمَا يَتَصَاعَدُ بُخَارُ الْحَمَّامَاتِ فَدَلَّ أَنَّ مَا يَتَصَاعَدُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَنَحْوِهَا طَهُورٌ، وَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والخمر نجاسة
فصل: والخمر نجاسة ... فَصْلٌ: وَالْخَمْرُ نَجِسَةٌ "وَ" فَإِنْ انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا طَهُرَتْ فِي الْمَنْصُوصِ "وَ" وَفِي التَّعْلِيقِ: لَا نَبِيذَ تَمْرٌ، لِأَنَّ فِيهِ مَاءً. وَدَنُّهَا مِثْلُهَا. وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لَمْ يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ "م 9". وفي الفنون شذرة غَرِيبَةٌ فِي اسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ فِي الثَّوْبِ خَلًّا بِأَنْ تَشَرَّبَ خَمْرًا ثُمَّ تُرِكَ مَطْوِيًّا فَيَتَخَلَّلُ فِيهِ، بِأَنْ حَمُضَ، بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ نَزَلَ خلا. ويحرم تخليلها فلا تحل "وش" فَفِي النَّقْلِ أَوْ التَّفْرِيغِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ أَوْ إلْقَاءِ جَامِدٍ فِيهَا وَجْهَانِ "م 10" في الوسيلة في آخر الرهن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ: "وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لَمْ يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّ دَنَّ الْخَمْرِ مِثْلُهَا فِي الطَّهَارَةِ، فَتَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، فَيَطْهُرُ مَا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا فَلَا تَحِلُّ، فَفِي النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ مِنْ مَحَلٍّ
رواية تحل "وم ر" عنه يكره "وم ر" وعنه يجوز "وهـ" وَعَلَيْهِمَا تَطْهُرُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ، وَأَنَّ عَلَيْهَا لَا تَطْهُرُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي إمْسَاكِ خَمْرٍ ليتخلل بنفسه أوجه، ثالثها يجوز فِي خَمْرَةِ الْخَلَّالِ، وَهُوَ أَشْهَرُ وَعَلَى الْمَنْعِ يَطْهُرُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ اُتُّخِذَ عَصِيرًا لِلْخَمْرِ فَلَمْ يَتَخَمَّرْ وَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ فَفِي حِلِّهِ الرِّوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى آخَرَ أَوْ إلْقَاءِ جَامِدٍ فِيهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ فِي الْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ1 فِي النَّقْلِ، وَهُمَا روايتان في الرعاية الكبرى، وهي طريقة مؤخرة2 فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَطْهُرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَطْهُرُ كَمَا لَوْ نَقَلَهَا لِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ وَتَخَلَّلَتْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ فَقَطْ، وَهُوَ أَصَحُّ، ثُمَّ قَالَ قُلْت: وَكَذَا إنْ كَشَفَ الزِّقَّ فَتَخَلَّلَ بِشَمْسٍ، أَوْ ظِلٍّ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَفِي إمْسَاكِ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي خَمْرِ
وَالْخَلُّ الْمُبَاحُ أَنْ يَصُبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلًّا قَبْلَ غَلَيَانِهِ، حَتَّى لَا يَغْلِيَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ صُبَّ عَلَيْهِ خَلٌّ فَغَلَى؟ قَالَ يُهْرَاقُ. وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ قِيلَ طاهرة "وهـ ش" وَقِيلَ نَجِسَةٌ، وَقِيلَ إنْ أُمِيعَتْ "م 11". وَلَا يَطْهُرُ بَاطِنُ حَبٍّ نُقِعَ فِي نَجَاسَةٍ بِتَكْرَارِ غَسْلِهِ، وَتَجْفِيفِهِ كُلَّ مَرَّةٍ "وَ" كَعَجِينٍ، وَعَنْهُ بَلَى، وَمِثْلُهُ إنَاءٌ تَشَرَّبَ نَجَاسَةً، وَسِكِّينٌ سُقِيَتْ مَاءً نَجِسًا، وَمِثْلُهُ لَحْمٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْجَلَّالَةِ طَهَارَتَهُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَاعْتُبِرَ أَنَّهُ يَغْلِي كَالْعَصْرِ لِلثَّوْبِ، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ عَدَدٌ. وَلَا يَطْهُرُ جِسْمٌ صقيل بمسحه "وش" وعنه بلى، اختاره في الانتصار "وم هـ" وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا هَلْ يَطْهُرُ أَوْ يُعْفَى عَمَّا بَقِيَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ يَطْهُرُ سِكِّينٌ مِنْ دَمِ الذَّبِيحَةِ فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَلَّالِ وَهُوَ أَشْهَرُ" انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا أَطْلَقَ لِقُوَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ مَشْهُورًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ في المقدمة. مَسْأَلَةٌ – 11: وَالْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ قِيلَ طَاهِرَةٌ، وَقِيلَ نَجِسَةٌ، وَقِيلَ إنْ أُمِيعَتْ، انْتَهَى. أَحَدُهَا: هِيَ نَجِسَةٌ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي طَاهِرَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى
وَيَطْهُرُ لَبَنٌ وَتُرَابٌ نَجِسٌ بِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ لَا؛ وَقِيلَ يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَعْيَانًا، وَطُبِخَ ثُمَّ غُسِلَ ظَاهِرُهُ، وَالْأَصَحُّ وَبَاطِنُهُ إنْ سُحِقَ لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ، وَقِيلَ يَطْهُرُ بِالنَّارِ. وَلَا يَطْهُرُ دُهْنٌ نَجِسٌ بِغَسْلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ يَطْهُرُ زِئْبَقٌ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لا يجوز، ذكره فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ خَفِيَتْ نَجَاسَةُ غَسْلٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَ غَسْلَهَا نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَعَنْهُ يَكْفِي الظَّنُّ فِي مَذْيٍ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَفِي غَيْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ تَطْهِيرُ مَا شَكَّ فِي نجاسته بالنضح "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقْنِعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ نَجِسَةٌ إنْ أُمِيعَتْ وإلا فلا.
وَمَنْ غَسَلَ فَمَه مِنْ قَيْءٍ بَالِغٍ فَيَغْسِلُ كُلَّ مَا هُوَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ، فَإِنْ كَانَ صَائِمًا: فَهَلْ يُبَالِغُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ دُخُولَ الْمَاءِ؟ أَوْ مَا لَمْ يَظُنَّ؟ أَوْ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَاتٌ "م 12". وَلَا يَبْتَلِعُ شَرَابًا قَبْلَ غَسْلِهِ، لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ. وَإِنْ تَنَجَّسَ أَسْفَلَ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ بِالْمَشْيِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ، أَوْ طَرَفُهُ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ لَمْ يَجُزْ دَلْكُهُ، أَوْ حَكُّهُ بِشَيْءٍ، نَقَلَهُ واختاره الأكثر "وش م ر وهـ" فِي الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ بول وغائط "وم ر" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 12: قَوْلُهُ: "وَمَنْ غَسَلَ فَمَهُ مِنْ قَيْءٍ بَالِغٍ، لِيَغْسِلَ كُلَّ مَا هُوَ فِي حَدِّ الظَّاهِرِ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَهَلْ يُبَالِغُ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ دُخُولَ الْمَاءِ، أَوْ مَا لَمْ يَظُنَّ، أَوْ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ، يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَاتٌ" انْتَهَى، قُلْت الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّ غَالِبَ الْأَحْكَامِ منوطة بالظنون.
وَزَادَ وَدَمٍ، وَعَنْهُ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَعَنْهُ وَتَطْهُرُ بِهِ "خ" اخْتَارَهُمَا جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ يُجْزِئُ مِنْ الْيَابِسَةِ لَا الرَّطْبَةِ، وَقِيلَ كَذَا الرَّجُلُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهُ. وَذَيْلُ الْمَرْأَةِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ يُغْسَلُ "وَ" وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ1: يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ يُزِيلُهَا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا "م 13". وإن نَضَحَ بَوْلَ غُلَامٍ لَمْ يَأْكُلْ طَعَامًا بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَغْمُرَهُ بِمَاءٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْطُرْ أَجْزَأَهُ وَطَهُرَ "هـ م" لَا بَوْلَ جَارِيَةٍ "وَ" نص عليه وجزم ابن رزين ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَنَجَّسَ أَسْفَلَ خُفٍّ أَوْ حِذَاءٍ بِالْمَشْيِ لَمْ يَجُزْ دَلْكُهُ، أَوْ حَكُّهُ بِشَيْءٍ ... ، وَعَنْهُ يُجْزِئُ، مِنْ غَيْرِ بَوْلٍ وَغَائِطٍ ... ، وَعَنْهُ وَغَيْرِهِمَا" انْتَهَى. وَصَوَابُهُ وَعَنْهُ وَمِنْهُمَا وَجَعْلُ "فِي" مَكَانَ "مِنْ" فِي الرِّوَايَتَيْنِ أَوْضَحُ. مَسْأَلَةٌ – 13: قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ تَنَجُّسِ أَسْفَلِ خُفٍّ أو حذاء بالمشي: "وذيل الْمَرْأَةِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ يُغْسَلُ، وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ يُزِيلُهَا اختاره شيخنا" انتهى.
بِطَهَارَةِ بَوْلِهِ، وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا1: لَكِنْ قَالَ يُعِيدُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا، كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ فِيهِ مَنِيٌّ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَلَمْ يَفْرُكْهُ يُعِيدُ، كَذَا قَالَ. وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْ الطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ نَجِسٌ "هـ" فِي الطَّيْرِ، قَالَ أَحْمَدُ: يَجْتَنِبُ مَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، وَعَنْهُ غَيْرُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ فِي الطَّيْرِ: لَا يُعْجِبُنِي عِرْقُهُ إنْ أَكَلَ الْجِيَفَ. فَدَلَّ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ فَقَطْ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَمَالَ إلَيْهِ. وَفِي الْخِلَافِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، ثُمَّ قَالَ. وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا كَالسِّبَاعِ، وَذَكَرَ الرِّوَايَةَ بَعْدَ هَذَا، وَقَالَ: فَحَكَمَ بِنَجَاسَةِ الْعِرْقِ، وَعَنْهُ طَاهِرٌ، اختاره الآجري "وم ش". وَالْهِرَّةُ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ "وَ" وَقِيلَ فِيمَا دُونَهَا مِنْ طَيْرٍ، وَقِيلَ وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ، وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِرِّ خِلَافًا "هـ" لِتَشْبِيهِ الشَّارِعِ عليه السلام لها بالطوافين وَالطَّوَّافَاتِ، وَهُمْ الْخَدَمُ، أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} [النور: 58] ، وَلِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ كَحَشَرَاتِ الأرض كالحية، قاله ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الْخُفِّ فِي الْحِذَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّسْهِيلِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ ذَيْلُ ثَوْبِ آدَمِيٍّ أَوْ إزَارِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُغْسَلُ، وَإِنْ قُلْنَا يَطْهُرُ الْخُفُّ وَالْحِذَاءُ بِالدَّلْكِ، وَالْمُرُورِ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، حَيْثُ اقْتَصَرُوا عَلَى الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ قَالَ الْقَاضِي لَا يَطْهُرُ بِغَيْرِ الْغُسْلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً.
الْقَاضِي، فَدَلَّ أَنَّ مِثْلَ الْهِرِّ كَهِيَ. وَلَبَنُ حيوان طاهر قيل نجس "وش" نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي لَبَنِ حِمَارٍ، قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي لَبَنِ سِنَّوْرٍ، لِأَنَّهُ كَلَحْمٍ مُذَكًّى لَا يُؤْكَلُ مِثْلُهُ، وَقِيلَ طاهر "وم" كَلَبَنِ آدَمِيٍّ، وَمَأْكُولٍ، وَكَذَا مَنِيُّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسِ الْبَوْلِ، غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَقِيلَ طَاهِرٌ مِنْ مأكول "م 14 - 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 14-16: قَوْلُهُ: "وَلَبَنُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ قِيلَ نَجِسٌ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي لَبَنِ حِمَارٍ قَالَ الْقَاضِي وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي لَبَنِ سِنَّوْرٍ ... ، وَقِيلَ طَاهِرٌ ... ، وَكَذَا مَنِيُّ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ نَجِسِ الْبَوْلِ، غَيْرِ آدَمِيٍّ، وَقِيلَ طَاهِرٌ مِنْ مَأْكُولٍ" انتهى فيه مسائل: المسألة – 14: لَبَنُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ: هَلْ هُوَ طَاهِرٌ أَوْ نَجِسٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْعَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: هُوَ نَجِسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرِهِ وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: طَاهِرٌ. تَنْبِيهٌ: حُكْمُ بَيْضِهِ حُكْمُ لَبَنِهِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ وصاحب الحاويين وغيرهم ولم يذكره المصنف. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-15: مَنِيُّ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ النَّجَسِ الْبَوْلُ غَيْرِ الْآدَمِيِّ: هَلْ هُوَ طَاهِرٌ، أَوْ نَجِسٌ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وابن حمدان في
ومني الآدمي طاهر "وش" كالبصاق، وعنه نجس، "وهـ" وعنه كالبول "وم" وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَنِيِّ خَصِيٍّ، لِاخْتِلَاطِهِ بِمَجْرَى بَوْلِهِ، وَقِيلَ: وَقْتُ جِمَاعٍ، وَقِيلَ مِنْ الْمَرْأَةِ. وَالْمَذْيُ نَجِسٌ، "وَ" وَلَا يَطْهُرُ بِنَضْحِهِ "وَ" وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ "هـ" وَعَنْهُ بَلَى فِيهِمَا وَهَلْ يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ "وهـ ش" أو ذكره "وم" أو ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَتَيْنِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ نَجِسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ1، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: طَاهِرٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ -16: مَنِيُّ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَةِ بَوْلِهِ هَلْ هُوَ نَجِسٌ أَوْ طَاهِرٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: هُوَ نَجِسٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وشرح ابن عبيدان وغيرهم قُلْتُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ حَكَمُوا بِنَجَاسَةِ الْمَنِيِّ حِينَ حَكَمُوا بِنَجَاسَةِ الْبَوْلِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ طَاهِرٌ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ قَوْلًا بِطَهَارَةِ مَنِيِّ مَأْكُولٍ دُونَ غَيْرِهِ وهو ظاهر كلام جماعة.
و1 أُنْثَيَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ "م 17" وَأُجِيبَ عَنْ أَمْرِهِ بِغُسْلِهِمَا بِمَنْعِ صِحَّتِهِ2، ثُمَّ لِتَبْرِيدِهِمَا وَتَلْوِيثِهِمَا غَالِبًا، لِنُزُولِهِ مُتَسَبْسِبًا3. وَالْوَدْيُ نَجِسٌ "وَ" وَعَنْهُ كَمَذْيٍ، وَبَلْغَمِ الْمَعِدَةِ "ش" وَرُطُوبَةُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ "ق" وبول ما يؤكل لحمه وروثه ومنيه طاهر "ش وهـ" فِي غَيْرِ الطَّيْرِ إلَّا الدَّجَاجَ، وَالْبَطَّ، وَعَنْهُ نَجَاسَةُ، ذَلِكَ، وَقِيلَ هُمَا فِي بَلْغَمِ الرَّأْسِ إنْ انْعَقَدَ وَازْرَقَّ، وَبَلْغَمُ صَدْرٍ، وَقِيلَ فِيهِ نَجِسٌ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالْأَشْهَرُ طَهَارَتُهُمَا "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: فِي الْمَذْيِ إذَا قُلْنَا يُغْسَلُ فَهَلْ "يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ، أَوْ ذَكَرُهُ" فَقَطْ، أَوْ ذَكَرُهُ "وَأُنْثَيَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ": إحْدَاهُنَّ: يُغْسَلُ مَا أَصَابَهُ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ غُسْلُ مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ، وَمَا لَمْ يُصِبْهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يُغْسَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ4، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَالَ بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى فِي الْقِسْمِ الثَّانِي طَاهِرٌ مِنْ بَابِ الْمِيَاهِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفُ في حواشي المقنع.
وَبَوْلُ سَمَكٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ طَاهِرٌ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُ "وهـ م" وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً نَجِسٌ "وش" وَمَاءُ قُرُوحٍ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَغَيَّرَ، وَمَا سَالَ مِنْ الْفَمِ وَقْتَ النَّوْمِ طَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ودود القز والمسك وفأرته طاهر
فَصْلٌ: وَدُودُ الْقَزِّ وَالْمِسْكِ وَفَأْرَتِهِ1 طَاهِرٌ "وَ" وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فَأْرَتُهُ طَاهِرَةٌ، وَيُحْتَمَلُ نَجَاسَتُهَا، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ حَيَوَانٍ حَيٍّ، لَكِنَّهُ يَنْفَصِلُ بِطَبْعِهِ كَالْجَنِينِ، وَهُوَ صُرَّةُ الْغَزَالِ، وَقِيلَ مِنْ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ لَهَا أَنْيَابٌ. وَفِي التَّلْخِيصِ فَيَكُونُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ. وَفِي الْفُنُونِ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ يَسْتَحِيلُ عِرْقًا، كَمَا أَحَالَ فِي النَّحْلِ الشَّهْدَ، وَمِنْ دَمِ الْغِزْلَانِ الْمِسْكُ، وَيَأْتِي فِي زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ2. وَهَلْ الزَّبَادُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ، أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بري؟ فيه خلاف "م 18". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَهَلْ الزَّبَادُ لَبَنُ سِنَّوْرٍ بَحْرِيٍّ، أَوْ عِرْقُ سِنَّوْرٍ بَرِّيٍّ؟ فِيهِ خِلَافٌ" انْتَهَى. الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ3: "فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ" وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَمَّا لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ قَوْلٌ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ "عَبَّرَ" بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ4: الزَّبَادُ عَلَى وَزْنِ سَحَابٍ مَعْرُوفٌ، وَغَلِطَ الْفُقَهَاءُ وَاللُّغَوِيُّونَ فِي قَوْلِهِمْ الزَّبَادُ5: دَابَّةٌ يُجْلَبُ مِنْهَا الطِّيبُ، وَإِنَّمَا الدَّابَّةُ السِّنَّوْرُ، وَالزَّبَادُ الطِّيبُ، وَهُوَ وَسَخٌ يَجْتَمِعُ تَحْتَ ذَنَبِهَا عَلَى الْمَخْرَجِ فَتُمْسَكُ الدَّابَّةُ وَتُمْنَعُ الِاضْطِرَابَ، وَيُسْلَتُ ذَلِكَ الْوَسَخُ الْمُجْتَمِعُ هُنَاكَ بِلِيطَةٍ6، أَوْ خِرْقَةٍ، انْتَهَى، وَلَمْ يُفْصِحْ بِكَوْنِ الدَّابَّةِ بَرِّيَّةً أَوْ بَحْرِيَّةً، وَلَكِنْ بِقَوْلِهِ وَسَخٌ دَلَّ أَنَّهُ غَيْرُ لَبَنٍ، وَأَنَّهُ مِنْ سنور
وَالْعَنْبَرُ، قِيلَ: هُوَ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَبْتَلِعُهُ بَعْضُ دَوَابِّهِ، فَإِذَا ثَمِلَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا فَيَقْذِفُهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ. وَقِيلَ: طَلٌّ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى السَّاحِلِ، وَقِيلَ: رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ، وَقِيلَ: هُوَ جَثَا مِنْ جَثَا الْبَحْرِ أَيْ زَبَدٌ، وَقِيلَ هُوَ فِيمَا يَظُنُّ يَنْبُعُ مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ "م 19". ـــــــــــــــــــــــــــــQبَرِّيٍّ، وَقَدْ شُوهِدَ ذَلِكَ كَثِيرًا. وَقَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ1 فِي مُفْرَدَاتِهِ قَالَ الشَّرِيفُ الْإِدْرِيسِيُّ الزَّبَادُ نَوْعٌ مِنْ الطِّيبِ يُجْمَعُ مِنْ بَيْنِ أَفْخَاذِ حَيَوَانٍ مَعْرُوفٍ يَكُونُ بِالصَّحْرَاءِ، يُصَادُ وَيُطْعَمُ اللَّحْمَ، ثُمَّ يَعْرَقُ فَيَكُونُ مِنْ عِرْقٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ حِينَئِذٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ الْهِرِّ الْأَهْلِيِّ. انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ – 19: قَوْلُهُ: "وَالْعَنْبَرُ قِيلَ هُوَ نَبَاتٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ، فَيَبْتَلِعُهُ بَعْضُ دَوَابِّهِ فَإِذَا ثَمِلَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا فَيَقْذِفُهُ الْبَحْرُ إلَى سَاحِلِهِ، وَقِيلَ طَلٌّ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى السَّاحِلِ، وَقِيلَ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ، وَقِيلَ هُوَ جُثًى مِنْ جُثَى الْبَحْرِ، أَيْ زَبَدٌ، وَقِيلَ هُوَ فِيمَا يَظُنُّ بِنَبْعٍ مِنْ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ" انْتَهَى. الظَّاهِرُ: أَنَّ الشَّيْخَ لَمَّا لَمْ يَجِدْ إلَى تَصْحِيحِ ذَلِكَ طَرِيقًا أَتَى بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَيْسَتْ فِي الْمُذَهَّبِ، وَإِنَّمَا هِيَ أَقْوَالُ الْعُلَمَاءِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَنْبَرُ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ2 عَنْهُ، وَمَعْنَى دَسَرَهُ دَفَعَهُ وَرَمَى بِهِ إلَى السَّاحِلِ. وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ3 فِي كِتَابِ السَّلَمِ أَخْبَرَنِي عَدَدٌ مِمَّنْ أَثِقُ بِخَبَرِهِ أَنَّهُ نَبَاتٌ يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي جَنَبَاتِ4 الْبَحْرِ، قَالَ: وَقِيلَ إنَّهُ يَأْكُلُهُ حُوتٌ فَيَمُوتُ فَيُلْقِيهِ الْبَحْرُ فَيَنْشَقُّ بطنه، فيخرج منه.
ودم السمك طاهر في الأصح "وهـ" وَيُؤْكَلُ "وَ". وَدَمُ الْقَمْلِ وَالْبَقِّ وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِ طاهر "وهـ" وَعَنْهُ نَجِسٌ، يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. وَهَلْ الْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ أَوْ الْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا نَجِسَةً؟ "هـ م" وَجْهَانِ "م 20 - 21" وذكر ابن عقيل في العلقة روايتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَكَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ بِمَنْزِلَةِ الْحَشِيشِ فِي الْبَرِّ، وَقِيلَ هُوَ شَجَرٌ يَنْبُتُ فِي الْبَحْرِ فَيَنْكَسِرُ فَيُلْقِيهِ الْمَوْجُ إلَى السَّاحِلِ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ ابْنُ الْمُحِبِّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ، وَقَالَ وَفِي كِتَابِ الْحَيَوَانِ لِأَرِسْطُو: إنَّ الدَّابَّةَ الَّتِي تُلْقِي الْعَنْبَرَ مِنْ بَطْنِهَا تُشْبِهُ الْبَقَرَةَ، انْتَهَى، وَقِيلَ هُوَ رَجِيعُ سَمَكَةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُحِبِّ حَدِيثًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعَنْبَرُ مِنْ دَابَّةٍ كَانَتْ بِأَرْضِ الْهِنْدِ تَرْعَى فِي الْبَرِّ ثُمَّ إنَّهَا صَارَتْ إلَى الْبَحْرِ" 1 رَوَاهُ الشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَالسِّيرَافِيُّ فِي الْغَايَةِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ، وَقَالَ فِي الْقَامُوسِ الْعَنْبَرُ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ، أَوْ نَبْعُ عَيْنٍ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الْبَيْطَارِ فِي مُفْرَدَاتِهِ قَالَ ابْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرُ رَوْثُ دَابَّةٍ بَحْرِيَّةٍ، وَقِيلَ هُوَ شَيْءٌ يَنْبُتُ فِي قَعْرِ الْبَحْرِ فَيَأْكُلُهُ بَعْضُ دَوَابِّ الْبَحْرِ فَإِذَا امْتَلَأَتْ مِنْهُ قَذَفَتْهُ رَجِيعًا. وَقَالَ ابْنُ سَيْنَاءَ الْعَنْبَرُ فِيمَا نَظُنُّ نَبْعُ عَيْنٍ فِي الْبَحْرِ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: إنَّهُ زَبَدُ الْبَحْرِ، أَوْ رَوْثُ دَابَّةٍ بَعِيدٌ، انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ جُمَيْعٍ وَالشَّرِيفُ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَجِيعُ دَابَّةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ. وَقَالَ الشَّرِيفُ أَيْضًا فِي مُفْرَدَاتِهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَحَصَ عَنْهُ كَفَحْصِي، وَاَلَّذِي أَجْمَعُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ وَمِنْ الْمُسَافِرِينَ فِي جَمِيعِ الْأَقْطَارِ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ عُيُونٍ تَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلِ الْبَحْرِ مِثْلُ مَا يَنْبُعُ الْقَارُ فَتُلْقِيهِ الْأَمْوَاجُ إلَى الشَّطِّ، انْتَهَى، قَالَ بَعْضُهُمْ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ. مَسْأَلَةٌ – 20-21: قَوْلُهُ: "وَهَلْ الْعَلَقَةُ يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ، أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ، وَالْبَيْضُ يَصِيرُ دَمًا نَجِسَةً وَجْهَانِ" انتهى. ذكر المصنف مسألتين:
وَالْوَجْهَانِ فِي دَمِ شَهِيدٍ، وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ، فَيُعَايَا بِهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ، وقيل طاهر ما دام عليه "م 22" "وهـ". وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَالتَّلْخِيصُ نَجَاسَةُ بَيْضِ مَذِرٍ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-20: الْعَلَقَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ أو حيوان ظاهر هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ وَحَكَاهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: هِيَ نَجِسَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَالصَّحِيحُ نَجَاسَتُهَا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ نَجِسَةٌ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: طَاهِرَةٌ صَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 21: الْبَيْضَةُ تَصِيرُ دَمًا هَلْ هِيَ طَاهِرَةٌ أَوْ نَجِسَةٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ نَجِسَةٌ قَالَ الْمَجْدُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَلَقَةِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: طَاهِرَةٌ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. مَسْأَلَةٌ – 22: قَوْلُهُ: "وَالْوَجْهَانِ فِي دَمِ شَهِيدٍ وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ وَقِيلَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ" انْتَهَى: أَحَدُهَا: هُوَ طَاهِرٌ صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: نَجِسٌ قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَهُوَ أولى من الأول.
وَلَا يَنْجُسُ عَلَى الْأَصَحِّ آدَمِيٌّ "هـ" وَقِيلَ مُسْلِمٌ بِمَوْتِهِ، فَلَا يَنْجُسُ مَا غَيَّرَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا رِوَايَةُ التَّنْجِيسِ حَيْثُ اعْتَبَرَ كَثْرَةَ الْمَاءِ لِخَارِجٍ يَخْرُجُ مِنْهُ، لَا لِنَجَاسَةٍ فِي نَفْسِهِ، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ، وَعَنْهُ يَنْجُسُ طَرَفُهُ، صَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَبْطَلَ قِيَاسَ الْجُمْلَةِ على الطرف فِي النَّجَاسَةِ بِالشَّهِيدِ، فَإِنَّهُ يَنْجُسُ طَرَفُهُ بِقَطْعِهِ، وَلَوْ قُتِلَ كَانَ طَاهِرًا، أَوْ لِأَنَّ لِلْجُمْلَةِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِلطَّرَفِ، بِدَلِيلِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ. وَلَا عَلَى الْأَصَحِّ مَا لَا نَفْسَ له سائلة "وهـ م" وَقِيلَ يَنْجُسُ وَلَا يَنْجُسُ مَا مَاتَ فيه "وش" وَقِيلَ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَلَا يُكْرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ. وَلَا يَنْجُسُ دُودُ مَأْكُولٍ تَوَلَّدَ مِنْهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ نَجَّسَهُ عند الخصم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّالِثُ هُوَ طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ قُلْت وَهُوَ أَوْلَى منهما.
وَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ "وهـ م" وَعَنْهُ نَجِسٌ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ، وَعَنْهُ وَغَيْرُهُ "وش". وَهُوَ نَجِسٌ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا يُؤْكَلُ، وَقِيلَ: طَاهِرٌ مِنْ خُفَّاشٍ، وَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي الطَّيْرِ لِلْمَشَقَّةِ "وهـ". وَلِلْوَزَغِ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فِي الْمَنْصُوصِ "ش" كَالْحَيَّةِ "وَ" لَا لِلْعَقْرَبِ "وَ" وَفِي الرِّعَايَةِ فِي دُودِ الْقَزِّ، وَبِزْرِهِ وَجْهَانِ. وَأَنَّ سُمَّ الْحَيَّةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ طَهَارَتُهُ كَسُمِّ مَأْكُولٍ، وَنَبَاتٍ طَاهِرٍ. وَيَنْجُسُ ضُفْدَعٌ وَنَحْوُهُ مِنْ بَحْرِيٍّ مُحَرَّمٍ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ "هـ" نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَجْهَانِ هَلْ يَنْجُسُ غَيْرُ الْمَائِيِّ1؟ وَيُعْفَى عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ "وَ" وَقِيلَ مِنْ بدنه. وفي يسير دم حيض أو خارج السبيل وحيوان طاهر لا يؤكل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجْهَانِ "م 23 - 25" وَفِي دَمِ حَيَوَانٍ نَجِسٍ احْتِمَالٌ "هـ" وَعَنْهُ طَهَارَةُ قَيْحٍ وَمِدَّةٍ، وَصَدِيدٍ، وَدَمٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 23 – 25: قَوْلُهُ: "وَيُعْفَى عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ يَسِيرِ دَمٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَقِيلَ مِنْ بَدَنِهِ وَفِي يَسِيرِ دَمِ حَيْضٍ أَوْ خَارِجٌ مِنْ السَّبِيلِ وَحَيَوَانٌ طَاهِرٌ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ" انْتَهَى، اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 23: يَسِيرُ دَمِ الْحَيْضِ وَكَذَا دَمُ النِّفَاسِ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لِإِطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ الدَّمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَهُوَ الصَّوَابُ، بَلْ لَوْ قِيلَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مُتَّجَهًا لمشقة التحرز منه، وكثرة وجوده.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 24: الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، قُلْت: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ مَنْ اخْتَارَ عَدَمَ الْعَفْوِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرِ الْأَصْحَابِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 25: يَسِيرُ دَمِ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ هَلْ يُعْفَى عَنْهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي1، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ مُنَجَّى وَالتَّسْهِيلِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْفَى عَنْهُ، جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، فَإِنَّهُمَا قَالَا وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَتَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْعَفْوِ: مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ.
وَعِرْقُ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ "خ" وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُؤْكَلُ "وَ" لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَنْفَكُّ مِنْهُ، فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ، لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخِلَافِ فِيمَا إذَا جَبَرَ سَاقَهُ بِنَجَاسَةٍ نَجَاسَتُهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمُحَرَّمُ مِنْ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي فَأَمَّا الدَّمُ الَّذِي يَبْقَى فِي خُلَلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذبح، وما يبقى فِي الْعُرُوقِ فَمُبَاحٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ إلَّا دَمَ الْعُرُوقِ، قَالَ شَيْخُنَا: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْعَفْوِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَرَقَةَ، بَلْ يُؤْكَلُ مَعَهَا. وَمَا ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ مِنْ طِينِ شَارِعٍ طَاهِرٌ "ق" وَعَنْهُ نَجِسٌ، وَفِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَيَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا1 وجهان "م 26 و 27". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة -26 -27: قَوْلُهُ: "وَمَا ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ مِنْ طِينِ شَارِعٍ طَاهِرٌ، وَعَنْهُ نَجِسٌ، وَفِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ وَيَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -26: إذَا ظُنَّتْ نَجَاسَةُ طِينِ شَارِعٍ وَقُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ فَهَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَمَجْمَعِ البحرين، قال في الرعايتين و"الحاويين" يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ مِنْ عِنْدِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْفَى عَنْهُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَمْ أَعْرِفْ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ قولا
ولو هبت ريح فَأَصَابَ شَيْئًا رَطْبًا غُبَارٌ نَجِسٌ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ النَّجَاسَةَ بِهِ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي الْعَفْوَ عَنْهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَسِيرِ، لِأَنَّ التَّحَرُّزَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَضُرُّهُ ذَلِكَ. وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ بول خفاش، ونبيذ مختلف فيه "هـ" ووذي1، وَقَيْءٍ، وَبَوْلِ بَغْلٍ، وَحِمَارٍ، وَعَرَقِهِ وَسُؤْرِهِ وَجَلَّالَةٍ قبل حبسها، وعنه بلى "وهـ" وكذا في رواية إن نجس بول مأكول وَرَوْثُهُ ذَكَرَهَا شَيْخُنَا فِي بَوْلِ فَأْرٍ، وَعَنْهُ سُؤْرُ بَغْلٍ وَحِمَارٍ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ، فلو توضأ به ـــــــــــــــــــــــــــــQصَرِيحًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا نَجَاسَةَ طِينِ الشَّوَارِعِ، وَجَعَلَ فِي الْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهَا وَجْهَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 27: هَلْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دُخَانِ نَجَاسَةٍ وَنَحْوِهًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِهَا، وَبُخَارِهَا، مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2، وَابْنُ تميم، قال في الرعايتين والحاويين وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، مَا لَمْ يَتَكَاثَفْ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ مَا لَمْ يُجْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ، أَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كثير من الأصحاب. تنبيهان: الأول: قَوْلُهُ: "وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ بَوْلِ خُفَّاشٍ ونبيذ مختلف فيه وودي،
ثُمَّ لَبِسَ خُفًّا ثُمَّ أَحْدَثَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ وَصَلَّى بِهِ فَهُوَ لَبِسَ عَلَى طَهَارَةٍ لا يصلى بها. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَيْءٍ، وَبَوْلِ بَغْلٍ، وَحِمَارٍ، وَعَرَقِهِ، وَسُؤْرِهِ، وَجَلَّالَةٍ قَبْلَ حَبْسِهَا، وَعَنْهُ بَلَى، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ إنْ نَجُسَ بَوْلُ مَأْكُولٍ وَرَوْثُهُ، وَذَكَرَهَا شَيْخُنَا فِي بَوْلِ فَأْرٍ" انْتَهَى. ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَكَذَا فِي رِوَايَةٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ إذَا قُلْنَا يَنْجُسُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3، وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَزَادَ وَمَنِيِّهِ وَقَيْئِهِ. 4 الثاني: قوله: 5 "واليسير قدر ما نقض" انتهى. الظاهر: أنه سهو، والصواب أن يقال: واليسير قدر ما لم ينقض، أو: والكثير قدر ما نقض. وقال شيخنا في حواشيه: يحتمل أن يكون "قدر" منوناً، و"ما" نافية. قلت: وفيه تعسف، والله أعلم4.
وَإِنْ أَكَلَتْ هِرَّةٌ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَقِيلَ يَنْجُسُ1، وَقِيلَ طَاهِرٌ، وَقِيلَ إن غابت، وقيل واحتمل تطهير فمها، وكذا أفواه الأطفال والبهائم "م 28 - 30". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 28 – 30: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَكَلَتْ هِرَّةٌ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَقِيلَ نَجِسٌ، وَقِيلَ طَاهِرٌ، وَقِيلَ إنْ غَابَتْ، وَقِيلَ وَاحْتَمَلَ تَطْهِيرَ فَمِهَا، وَكَذَا أَفْوَاهُ، الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ" انْتَهَى، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: مَسْأَلَةُ – 28: الْهِرَّةِ، مَسْأَلَةُ – 29: أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ، مَسْأَلَةُ – 30: أَفْوَاهِ الْبَهَائِمِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِرَّةَ إذَا أَكَلَتْ نَجَاسَةً ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا؟ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ غَيْبَتِهَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَاءَ طَاهِرٌ،
وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ نَجَاسَةٍ فِي الْأَطْعِمَةِ، ولا غير ما تقدم "وم ش" وَخَالَفَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ فِيهَا، وَذَكَرَهُ قَوْلًا فِي الْمُذَهَّبِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا حَرَّمَ الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي مَرَقَةِ الْقِدْرِ أَوْ مَائِعٍ آخَرَ، أَوْ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي1، وَالْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ نَجِسٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهَا إنْ وَلَغَتْ عَقِيبَ الْأَكْلِ نَجِسٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بِزَمَنٍ يَزُولُ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ بِالرِّيقِ لَمْ يَنْجُسْ، قَالَ وَكَذَلِكَ جَعَلَ الرِّيقَ مُطَهِّرًا أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ، وَبَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ، وَكُلُّ بَهِيمَةٍ طَاهِرَةٌ كَذَلِكَ، انْتَهَى، وَاخْتَارَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَجَزَمَ فِي الْفَائِقِ أَنَّ أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ طَاهِرَةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ بِنْتِ الشَّيْخِ مُوَفَّقِ الدِّينِ أَنَّ أَبَاهَا سُئِلَ عَنْ أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ فَقَالَ الشَّيْخُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الْهِرِّ: "إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ" 4 قَالَ الشَّيْخُ: وَهُمْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ، فَشَبَّهَ الْهِرَّ بِهِمْ فِي الْمَشَقَّةِ، انْتَهَى. وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُرُودُهَا عَلَى مَاءٍ يُطَهِّرُ فَمَهَا، وَإِلَّا فَنَجِسٌ، وَقِيلَ طَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَدْرَ مَا يُطَهِّرُ فَمَهَا، وَإِلَّا فَنَجِسٌ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ بَعْضُ قَوْلِ الْمَجْدِ الْمُتَقَدِّمِ فِيمَا يَظْهَرُ5، وَإِنْ كَانَ الْوُلُوغُ قَبْلَ غَيْبَتِهَا فَقِيلَ طَاهِرٌ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ الْآمِدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ نَجِسٌ، اخْتَارَهُ، الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ وَقَدَّمَهُ ابن
السِّكِّينِ، أَوْ غَيْرِهِ؟ وَكَانَتْ أَيْدِي الصَّحَابَةِ تَتَلَوَّثُ بِالْجُرْحِ، وَالدُّمَّلِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ التَّحَرُّزُ مِنْ الْمَائِعِ حَتَّى يَغْسِلُوهُ، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى بِبَعْرِ الْفَأْرِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ أَيْضًا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الدَّمِ، وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ النَّظْمِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ شَدِيدًا دِيَاسَ الزَّرْعِ بِالْحَمِيرِ لنجاسة بولها وروثها، وقال: لا ينبغي. واليسير1: قَدَّرَ مَا نُقِضَ "هـ" فِي تَقْدِيرِ الْمُغَلَّظَةِ بِعَرْضِ الْكَفِّ. وَالْمُخَفَّفَةِ وَهِيَ مَا تَعَارَضَ فِيهَا نَصَّانِ بِدُونِ رُبْعِ الْمَحَلِّ، وَيُضَمُّ فِي الْأَصَحِّ مُتَفَرِّقٌ بِثَوْبٍ، وَقِيلَ أَوْ شَيْئَيْنِ. وَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُ الْفَأْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ، لِأَنَّهُ يُنْسَى، وَحَكَى رِوَايَةً. وَإِنْ وَقَعَتْ فَأْرَةٌ أَوْ سِنَّوْرَةٌ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا ينضم دبره إذا وقع في مائع ـــــــــــــــــــــــــــــQرزين في شرحه، وتقدم كلام الْمَجْدُ بِمَا يَحْتَمِلُ دُخُولَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي2، وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى بتصحيحها، والله أعلم.
فَخَرَجَتْ حَيَّةً فَطَاهِرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا. 1قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ: هُوَ أَشْبَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصْلَحُ لِلنَّاسِ1، وَكَذَا فِي جَامِدٍ، وَهُوَ مَا يَمْنَعُ انْتِقَالَهَا فِيهِ، وَقِيلَ: إذَا فُتِحَ وِعَاؤُهُ لَمْ يُسَلَّ. وَإِنْ مَاتَتْ أَوْ وَقَعَتْ وَمَعَهَا رُطُوبَةٌ فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ أُلْقِيَتْ وَمَا حولها، وَإِنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَنْضَبِطْ حَرُمَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. وَلَا يَجُوزُ إزَالَةُ نَجَاسَةٍ إلَّا بِمَاءٍ طَهُورٍ "وم ش" وَقِيلَ مُبَاحٍ "خ" وَقِيلَ أَوْ طَاهِرٍ، وَعَنْهُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ كَخَلٍّ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا "وهـ". قَالَ: وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ فِي إزَالَتِهَا، لِإِفْسَادِ الْمَالِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ، وَقَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَغَيْرُهُ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الدِّبَاغِ. وَلَا يُعْتَبَرُ النِّيَّةُ "وَ" لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا التَّرْكُ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُزِيلُهَا لَمْ يَتَيَمَّمْ لَهَا، فَلَمْ تُعْتَبَرْ النِّيَّةُ كَسَائِرِ التُّرُوكِ، وَلِهَذَا غُسَالَةُ النَّجَاسَةِ مَعَ النِّيَّةِ وَعَدَمِهَا سَوَاءٌ. وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، وَلِأَنَّهَا نَقْلُ عَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، فَهِيَ كَرَدِّ وَدِيعَةٍ، وَمَغْصُوبٍ، وَإِطْلَاقِ مُحْرِمٍ صَيْدًا، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ فِي بَدَنٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: فِي طَهَارَتِهِ بِصَوْبِ الْغَمَامِ، وَفِعْلِ مَجْنُونٍ، وَطِفْلٍ احْتِمَالَانِ. وَلَا يُعْقَلُ لِلنَّجَاسَةِ مَعْنًى، ذَكَرَهُ ابْنُ عقيل وغيره. والله تعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الحيض
باب الحيض مدخل ... باب الحيض وَهُوَ دَمُ طَبِيعَةٍ، يُمْنَعُ الطَّهَارَةُ لَهُ "و" وَالْوُضُوءُ، وَالصَّلَاةُ "ع" وَلَا تَقْضِيهَا "ع" قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: فَإِنْ أَحَبَّتْ أَنْ تَقْضِيَهَا؟ قَالَ: لَا، هَذَا خِلَافٌ، فَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ يُكْرَهُ، لَكِنَّهُ بِدْعَةٌ كَمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ، فَيُعَايَا بِهَا. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ وَصْفَهُ لَهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنُقْصَانِ الدِّينِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ1، يَقْتَضِي أَنْ لَا تُثَابَ عليها، أو لأن نيتها2 تركها زمن الحيض، وفضل الله ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَنْ الْحَائِضِ: وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ -: "وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، لِأَنَّهَا نُسُكٌ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَيُعَايَا بِهَا" انْتَهَى، رَدَّ شَيْخُنَا وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي كَوْنِهَا تَقْضِي، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا تَطُوفُ الْحَائِضُ، فَإِذَا طَافَتْ فَإِنَّهَا لَا تُصَلِّي حَتَّى تَطْهُرَ، وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَيْضًا. 3قُلْت وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ فِي قَضَائِهِمَا، اخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ4 عَدَمَ الْقَضَاءِ، وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاصِّ، وَالْجُرْجَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وحكي عن الأصحاب، القضاء3.
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ. وَيَمْنَعُ الْحَيْضُ أَيْضًا الصَّوْمَ "ع" وَتَقْضِيهِ "ع" هِيَ، وَكُلُّ مَعْذُورٍ بِالْأَمْرِ السَّابِقِ لَا بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فِي الْأَشْهَرِ. وَفِي الرِّعَايَةِ يَقْضِيهِ مُسَافِرٌ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ، وَحَائِضٌ وَنُفَسَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ عَلَى الْأَصَحِّ، كذا قال. ويمنع الحيض الطَّوَافَ "و" وَعِنْدَ شَيْخِنَا بِلَا عُذْرٍ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ "وهـ" وَلَا يَلْزَمُهَا بَدَنَةٌ "هـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسُنَّةُ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ: لَا بِسُؤَالِهَا كَالْخُلْعِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ، وَمِثْلُهُ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ. وَمَسَّ الْمُصْحَفِ "و" وَقِيلَ: لَا، وَحَكَى رِوَايَةً، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، قَالَ إنْ ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ وَجَبَتْ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ كَرَاهَتَهَا "الْقِرَاءَةَ" لَهَا، وَلِجُنُبٍ، وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ وَهِيَ أَشَدُّ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ فِيهَا أَحَادِيثُ كَرَاهِيَةٍ لَيْسَتْ قَوِيَّةً، وَكَرِهَهَا لَهَا. وَيَمْنَعُ اللُّبْثَ فِي الْمَسْجِدِ "و" وَقِيلَ: لَا بِوُضُوءٍ، وَقِيلَ: وَيَمْنَعُ دُخُولَهُ، وَحَكَى رِوَايَةً كَخَوْفِهَا تَلْوِيثَهُ فِي الْأَشْهَرِ، وَنَصُّهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: تَمُرُّ وَلَا تَقْعُدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْوَطْءَ "ع" وَلَيْسَ بِكَبِيرَةٍ فِي ظَاهِرِ مَا يَأْتِي "ش". وَإِنْ انْقَطَعَ الدَّمُ أُبِيحَ فِعْلُ الصَّوْمِ "وم ش" وَطَلَاقٌ "وش وهـ" فِيهِمَا إنْ انْقَطَعَ لِأَقَلِّهِ وَلَمْ يَمْضِ وَقْتُ صَلَاةٍ، وَكَذَا الْوَطْءُ عِنْدَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ وَقِرَاءَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي "خ" وَلَمْ يُبِحْ الْبَاقِيَ قَبْلَ غُسْلِهَا. وَلَوْ أَرَادَ وَطْأَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا وَأَمْكَنَ قَبَّلَ، نَصَّ عَلَيْهِ "ش" فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَجْلِسِهِ، لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَعْمَلَ بِقَرِينَةٍ وَأَمَارَةٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ: تَزُفُّ الْعَرُوسَ إلَى زَوْجِهَا تَقُولُ: هَذِهِ زَوْجَتُك وَعَلَى اسْتِبَاحَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَطْئِهَا بِذَلِكَ وَعَلَى تَصْدِيقِهَا فِي قَوْلِهَا: أَنَا حَائِضٌ، وَقَوْلِهَا: قَدْ طَهُرْت. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَأَبُو دَاوُد فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَرَادَ اسْتِبْرَاءَهَا فَادَّعَتْ حَيْضًا أَيْضًا، قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَحْتَاطَ، وَيَسْتَظْهِرَ حَتَّى يَرَى دَلَائِلَهُ، رُبَّمَا كَذَبَتْ. وَتُغَسَّلُ الْمُسْلِمَةُ الْمُمْتَنِعَةُ قَهْرًا، وَلَا نِيَّةَ هُنَا لِلْعُذْرِ، كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ زَكَاةٍ، وَالصَّحِيحُ لَا تُصَلِّي بِهِ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ. وَيُغَسِّلُ الْمَجْنُونَةَ، وَيُتَوَجَّهُ وَيَنْوِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُغَسِّلَهَا لِيَطَأَهَا، وَيَنْوِيَ غُسْلَهَا تَخْرِيجًا عَلَى الْكَافِرَةِ، وَيَأْتِي غُسْلُ الْكَافِرَةِ فِي عِشْرَةِ النِّسَاءِ1. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِيهَا: لَا نِيَّةَ، لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهَا تُعِيدُهُ إذَا فَاقَتْ، وَأَسْلَمَتْ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْكَافِرَةِ: إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ، فَيَجِبُ عَوْدُهُ إذَا أَسْلَمَتْ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ، وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، فِي حَقِّ الْمُسْلِمَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَهُ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْ الْحَائِضِ بِغَيْرِ الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ، وَعَنْهُ لَا بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ، لِخَوْفِهِ مُوَاقَعَةَ الْمَحْظُورِ، وَقِيلَ يَلْزَمُ سَتْرُ الْفَرْجِ. وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ بِحَائِلٍ أَوْ لَا لَزِمَهُ دِينَارٌ أَوْ نِصْفُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، 1وَعَنْهُ نِصْفُهُ2 فِي إدْبَارِهِ، وَعَنْهُ بَلْ فِي أَصْفَرَ3، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ بَلْ لِعُذْرٍ، وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا كَوْنَهُ مَضْرُوبًا، وَهُوَ أظهر، وفي القيمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ "م 1 - 2". وَذَكَرَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ هل الدينار هنا عشرة دراهم أَوْ اثْنَا عَشَرَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَمُرَادُهُ إذَا أَخْرَجَ دَرَاهِمَ كَمْ يُخْرِجُ؟ وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 – 2: قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ كَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا قَالَ فَفِي إجْزَاءِ الْقِيمَةِ وَوُجُوبِهَا عَلَى "غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَهَلْ تُجْزِئُ الْقِيمَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا لَا تُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ فِي إخْرَاجِ الْقِيمَةِ كَالزَّكَاةِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا فِي الزَّكَاةِ، وَقَدَّمَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ هُنَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ كَالزَّكَاةِ، انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. والوجه الثَّانِي تُجْزِئُ كَالْخَرَاجِ، وَالْجِزْيَةِ صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْفِضَّةِ عَنْ الذَّهَبِ، عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي 1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَالَ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ هَذَا، انْتَهَى، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، وَقِيلَ لَا يُجْزِئُ، حَكَاهُ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ قَالَ: فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحُكْمُهُ فِي إخْرَاجِ قِيمَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا حُكْمُ الزَّكَاةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 2: هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الفائق والقواعد الأصولية وغيرهم، وحكاه في الفائق روايتين:
ذَهَبًا لَمْ يَعْتَبِرْ قِيمَتَهُ1 بِلَا شَكٍّ. وَهُوَ كَفَّارَةٌ. قَالَ الْأَكْثَرُ: يَجُوزُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ، كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا، وَمَنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَكَذَا صَدَقَةٌ مُطْلَقَةٌ، وَيَأْتِي أَوَّلَ بَابِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ2. وَذَكَرُوا فِي صَرْفِ الْوَقْتِ الْمُنْقَطِعِ رِوَايَةً إلَى الْمَسَاكِينِ، قَالُوا: لِأَنَّهُمْ مَصْرِفٌ لِلصَّدَقَاتِ، وَحُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا. فَإِذَا وَجَدَ صَدَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةِ الْمَصْرِفِ انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً، وَعَلَّلُوا رِوَايَةَ صَرْفِهِ إلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ بِأَنَّهُمْ أَهْلُ الصَّدَقَاتِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، وَكَذَا قَالُوا فِيمَا إذَا أَوْصَى فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ أَنَّ الْمَسَاكِينَ مَصَارِفُ الصَّدَقَاتِ وَالزَّكَوَاتِ. وَعَنْهُ لَا كَفَّارَةَ "و" وَكَالْوَطْءِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ غُسْلِهَا فِي الْمَنْصُوصِ، وَنَاسٍ، وَجَاهِلٍ، وَمُكْرَهٍ، وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: بِنَاءً عَلَى الصَّوْمِ، وَالْإِحْرَامِ، وَبَانَ بِهَذَا أَنَّ مَنْ كَرَّرَ الْوَطْءَ فِي حَيْضَةٍ أَوْ حَيْضَتَيْنِ أَنَّهُ في تكرار الكفارة كالصوم. وفي سقوطها بالعجز ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا3: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: انْبَنَى عَلَى وَطْءِ الْجَاهِلِ، وَالْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ عَلَى الْجَاهِلِ، انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4، وَالشَّرْحِ5، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، وهو احتمال فِي الْمُغْنِي4، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ.
رِوَايَتَانِ "م 3". وَعَنْهُ يَلْزَمُ بِوَطْءِ دُبُرٍ، ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَبَدَنُ الْحَائِضِ وَعَرَقُهَا، وَسُؤْرُهَا طَاهِرٌ، وَكَذَا لَا يُكْرَهُ طَبْخُهَا وَعَجْنُهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَلَا وَضْعُ يَدَيْهَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَائِعَاتِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ1 وَغَيْرُهُ "ع" سَأَلَهُ حَرْبٌ: تُدْخِلُ يَدَهَا فِي طَعَامٍ وَشَرَابٍ، وَخَلٍّ، وَتَعْجِنُ وَغَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَا يَفْسُدُ مِنْ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاتِهِ بَدَنَهَا، وَإِلَّا تَوَجَّهَ الْمَنْعُ فِيهَا، وَفِي الْمَرْأَةِ الْجُنُبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 3: قَوْلُهُ: "وَفِي سُقُوطِهَا بِالْعَجْزِ رِوَايَتَانِ" وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: إحْدَاهُمَا لَا تَسْقُطُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ2، فَإِنَّهُ قَالَ: تَسْقُطُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ بِالْعَجْزِ، وَلَا يَسْقُطُ غَيْرُهَا بِالْعَجْزِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ، وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا، انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دُخُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَسْقُطُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالْعَجْزِ عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَعَنْهُ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا كُلِّهَا، لَا عَنْ بَعْضِهَا، لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهَا، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْقُدْرَةِ على بعض صاع في الفطرة.
فصل: ولا حيض قبل تمام تسع سنين
فَصْلٌ: وَلَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ "و" وَقِيلَ عَشْرٍ، وَعَنْهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قِيلَ تقريب، وقيل تحديد "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 4: قَوْلُهُ: "وَلَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ، وَقِيلَ عَشْرٍ، وَقِيلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، قِيلَ تَقْرِيبٌ، وَقِيلَ تَحْدِيدٌ" انْتَهَى. الْقَوْلُ بِالتَّحْدِيدِ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَالْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْعُمْدَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالنِّهَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: لَا حَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَأَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ كَامِلَةً، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: وَالْمُرَادُ كَمَالُ التسع كما صرح به غير واحد. والقول الثاني ذلك تقريب، قلت وهو الصواب. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: "لَا حَيْضَ قَبْلَ تَمَامِ تِسْعِ سِنِينَ، وَقِيلَ عَشْرٍ، وَقِيلَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ" كَالصَّرِيحِ أَوْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "قِيلَ تَقْرِيبٌ، وَقِيلَ تَحْدِيدٌ" كَالْمُنَاقِضِ لَهُ، لَكِنْ بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الْخِلَافِ انْتَفَى التَّصْرِيحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إعَادَةُ الْخِلَافِ إلَى الْقَوْلِ الْأَخِيرِ1كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُرَشِّحُهُ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْخِلَافِ لَكِنَّ1 الْخِلَافَ عَلَى هَذَا القول لم نره أيضا.
وَلِانْقِطَاعِهِ غَايَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ ش" هَلْ هِيَ سِتُّونَ سَنَةً، أَوْ خَمْسُونَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وعنه خمسون للعجم وم" وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ، وَعَنْهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 5: قَوْلُهُ: "وَلِانْقِطَاعِهِ حَدٌّ، هَلْ هُوَ سِتُّونَ سَنَةً أَوْ خَمْسُونَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ خَمْسُونَ، وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ، وَعَنْهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ" انْتَهَى، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ أَكْثَرِ سِنِّ الْحَيْضِ خَمْسِينَ أَمْ سِتِّينَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ2 ابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: أَكْثَرُهُ خَمْسُونَ مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الدِّرَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي، وَالتَّرْغِيبِ وَنَظْمِ هِدَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْإِفَادَاتِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَهُوَ مِنْهَا وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: هُوَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ، قَالَ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ أَكْثَرُهُ خَمْسُونَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمَنْهَجِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ2 وَالتَّلْخِيصِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهَا الشِّيرَازِيُّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ أَكْثَرُهُ سِتُّونَ سَنَةً، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ3، وَالْإِيضَاحِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيُّ وَالتَّسْهِيلِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي دُرُوسِ الْمَسَائِلِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هِيَ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ، وَالْقَاضِي. وَعَنْهُ خَمْسُونَ لِلْعَجَمِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ الْخَمْسُونَ لِلْعَجَمِ، وَالنَّبَطِ وَنَحْوِهِمْ، وَالسِّتُّونَ للعرب ونحوهم، انتهى، وأطلقهن الزركشي، وأطلق الأولى،
وأقل الحيض يوم وليلة "وش" وَعَنْهُ يَوْمٌ، لَا ثَلَاثَةٌ "هـ" وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ "م" ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَكْسَهُ "ع". وأكثره خمسة عشر يوما "وم ش" وعنه سبعة عشر، 1وقيل عليهما: وعليهما: وليلة لا عشرة بلياليها1 "هـ". وَغَالِبُهُ سِتٌّ أَوْ سَبْعٌ "و". وَأَقَلُّ الطُّهْرِ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَنْهُ خمسة عشر "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذِهِ فِي الْفُصُولِ فِي الْعَدَدِ، وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ حَيْضٌ إنْ تَكَرَّرَ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهَا فِي الْكَافِي2 قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا قَالَ فِي الْمُغْنِي3 فِي الْعَدَدِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا مَتَى بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً فَانْقَطَعَ حَيْضُهَا عَنْ عَادَتِهَا مَرَّاتٍ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَقَدْ صَارَتْ آيِسَةً، وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْعَادَةِ الَّتِي كَانَتْ تَرَاهُ فِيهَا فَهُوَ حَيْضٌ عَلَى الصَّحِيحِ، انْتَهَى، فَلِلشَّيْخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اخْتِيَارَاتٍ. وَعَنْهُ بَعْدَ الْخَمْسِينَ مَشْكُوكٌ فِيهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَنَاظِمُهُ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، فَعَلَيْهَا تَصُومُ وُجُوبًا عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَعَنْهُ اسْتِحْبَابًا، ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أنه لا حد لأكثر سن الحيض.
وَقِيلَ عَلَيْهِمَا: وَلَيْلَةٌ. وَعَنْهُ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ، كَأَكْثَرِهِ، وَعَنْهُ إلَّا فِي الْعِدَّةِ. وَأَقَلُّ زَمَنِ الْحَيْضِ أَنْ يَكُونَ النَّقَاءُ خَالِصًا لَا تَتَغَيَّرُ مَعَهُ الْقُطْنَةُ إذَا احْتَشَتْ بِهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، نَقَلَ أَبُو بَكْرٍ هِيَ طَاهِرٌ إذَا رَأَتْ الْبَيَاضَ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ الطُّهْرُ سَاعَةً. وَعَنْهُ: أَقَلُّهُ سَاعَةٌ، وَعَنْهُ يَوْمٌ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَقَالَ إلَّا أَنْ تَرَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَلَا حَيْضَ مَعَ الْحَمْلِ نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ" وَعَنْهُ بَلَى، ذَكَرَهَا أَبُو الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ1، وَالْبَيْهَقِيُّ، وَشَيْخُنَا، وَاخْتَارَهَا وَهِيَ أَظْهَرُ، ذَكَرَ عُبَيْدَةُ بْنُ الطَّيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ إِسْحَاقَ نَاظَرَ أَحْمَدَ، وَرَجَعَ إلَى قَوْلِهِ هذا، ورواه الحاكم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد لَا تَلْتَفِتُ إلَى الدَّمِ الْأَسْوَدِ، وَتُصَلِّي، قِيلَ لَهُ: فَتَغْتَسِلُ؟ قَالَ: نَعَمْ1، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ، وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، لَا لِلْوُجُوبِ. وَعِنْدَ شَيْخِنَا مَا أَطْلَقَهُ الشَّارِعُ عُمِلَ بِمُطْلَقِ مُسَمَّاهُ وَوُجُودِهِ، وَلَمْ يجز تقديره، وَتَحْدِيدُهُ بَعْدَهُ2؛ فَلِهَذَا عِنْدَهُ الْمَاءُ قِسْمَانِ: طَاهِرٌ طَهُورٌ، وَنَجَسٌ وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ، وَأَكْثَرِهِ، مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَحَاضَةً، وَلَا لِأَقَلِّ سِنِّهِ وَأَكْثَرِهِ، وَلَا لِأَقَلِّ السَّفَرِ، لَكِنَّ خُرُوجَهُ إلَى بَعْضِ عَمَلِ أَرْضِهِ، وَخُرُوجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى قُبَاءَ لَا يُسَمَّى سَفَرًا، وَلَوْ كَانَ بَرِيدًا، وَلِهَذَا لَا يَتَزَوَّدُ، وَلَا يَتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ، هَذَا مَعَ قِصَرِ الْمُدَّةِ، فَالْمَسَافَةُ الْقَرِيبَةُ فِي الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ سَفَرٌ، لَا الْبَعِيدَةُ فِي الْقَلِيلَةِ، وَلَا حَدَّ لِلدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ، فَلَوْ كَانَ أَرْبَعَةَ دَوَانِقَ، أَوْ ثَمَانِيَةً خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا، لَا دِرْهَمًا أَسْوَدَ عُمِلَ بِهِ فِي الزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَلَا تَأْجِيلَ فِي الدِّيَةِ، وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا، وَالْخُلْعُ فَسْخٌ مُطْلَقًا، وَالْكَفَّارَةُ فِي كُلِّ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَهُ فِي ذَلِكَ قَاعِدَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَقَالَ فِي قَاعِدَةٍ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَعَيَّنَتْ بِالنَّصِّ مُطْلَقًا، وَاَلَّتِي تَعَيَّنَتْ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ تَأْجِيلُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْ هَذَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ3 يُؤَجِّلُهَا، وَعُمَرُ أَجَّلَهَا فَأَيَّهُمَا رَأَى الْإِمَامُ فَعَلَ، وإلا فإيجاب أحدهما لا يسوغ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَهُ1 فِي تَقْدِيرِ الدِّيَاتِ وَأَنْوَاعِهَا كَلَامٌ يُنَاسِبُ هَذَا، فَإِنَّ حُكْمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْقَضِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ تَارَةً يَكُونُ عَامًّا فِي أَمْثَالِهَا، وَتَارَةً يَكُونُ مُقَيَّدًا بِقَيْدٍ يَتَعَلَّقُ بِالْأَئِمَّةِ وَالِاجْتِهَادِ، كَحُكْمِهِ فِي السَّلَبِ: هَلْ هُوَ مُطْلَقٌ، أَمْ مُعَيَّنٌ في تلك الغزاة استحق بشرطه؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والمبتدأة بدم أسود
فَصْلٌ: وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَسْوَدَ وَالْأَصَحُّ وَأَحْمَرَ "و" وَفِي صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ وَجْهَانِ "م 6" تَجْلِسُ بِرُؤْيَتِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 6: قَوْلُهُ: "وَالْمُبْتَدَأَةُ بِدَمٍ أَسْوَدَ، وَالْأَصَحُّ وَأَحْمَرَ، وَفِي صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّمِ الْأَسْوَدِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَجْلِسُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي شَرْحِهِمَا، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 1/413. 2 المقنع مع الشرح الكبير والانصاف 2/449.
فتترك الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ أَقَلَّ الْحَيْضِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وَإِنْ انْقَطَعَ لِدُونِ أَقَلِّهِ فَلَا حَيْضَ وَلِأَقَلِّهِ حَيْضٌ. وَإِنْ جَاوَزَ أَقَلَّهُ اغْتَسَلَتْ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَلَمْ تَجْلِسْ مَا جَاوَزَهُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ثَلَاثًا، فَتَجْلِسَ فِي الرَّابِعِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ فِي الثَّالِثِ، وَعَنْهُ يَتَكَرَّرُ مَرَّتَيْنِ فَتَجْلِسُ فِي الثَّالِثِ، وَقِيلَ فِي الثَّانِي، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَقْتَضِيهِ، وَيَصِيرُ عَادَةً. وَتُعِيدُ وَاجِبَ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ قَبْلَ تَكْرَارِهِ احْتِيَاطًا، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا يَجِبُ إعَادَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ تَكْرَارِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي إبَاحَتِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، هِيَ كَمُسْتَحَاضَةٍ. وَإِنْ انْقَطَعَ فَفِي كَرَاهَتِهِ إلَى تَمَامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ "م 7" فَإِنْ عَادَ فكما لو لم يَنْقَطِعْ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ. وَلَا عَادَةَ بِمَرَّةٍ "خ" وَعَنْهُ تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ، وَعَنْهُ عَادَةَ نِسَائِهَا، وَعَنْهُ أَكْثَرَهُ، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي1 "و" وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، الرِّوَايَاتُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ، وَإِنْ جاوز أكثره فمستحاضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 7: قَوْلُهُ: فِي الْمُبْتَدَأَةِ: "وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا قَبْلَ تكراره2 ونص عليه ... فإن انْقَطَعَ فَفِي كَرَاهَتِهِ إلَى تَمَامِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ بِالْوَضْعِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ إنْ أَمِنَ الْعَنَتَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ النِّفَاسِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُبَاحُ وَطْؤُهَا فِي طُهْرِهَا يَوْمًا فَأَكْثَرَ قَبْلَ تَكْرَارِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ فِي أَحْكَامِ النفاس وهو الصواب.
وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ، كَثُبُوتِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ. وَيُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي الْعَادَةِ كَمَا سَبَقَ وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بعدها؟ فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجْهَانِ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي؟ فِيهِ وجهان، قال بعضهم: وعدمه أشهر"8-9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 8 - 9: قوله فِي الْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ: "وَتَثْبُتُ الْعَادَةُ بِالتَّمْيِيزِ، كَثُبُوتِهَا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، وَيُعْتَبَرُ التَّكْرَارُ فِي الْعَادَةِ كَمَا سَبَقَ، وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا، فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ" انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 8: إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ التَّكْرَارُ فِي التَّمْيِيزِ فَهَلْ يُقَدَّمُ وَقْتُ هَذِهِ الْعَادَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَعْدَهَا أَوْ لَا، أطلق الخلاف فيه.
وَلَوْ لَمْ تَعْرِفْ الْمُبْتَدَأَةُ وَقْتَ ابْتِدَاءِ دَمِهَا فكمتحيرة ناسية كما يأتي. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 9: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِهِ فِي التَّمْيِيزِ خِلَافٌ يَأْتِي1" فَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ عَدَمَ اعْتِبَارِ التَّكْرَارِ فَقَالَ: "وَلَا يعتبر تكراره في الأصح" انْتَهَى. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وغيره وإذا كانت التي استمر بها الدم متميزة3 جَلَسَتْ التَّمْيِيزَ فِيمَا بَعْدَ الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ، ابْنُ عَقِيلٍ وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تَرُدُّ إلَى التَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَلَا يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ التَّمْيِيزِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَجْلِسُ مِنْهُ إلَّا مَا تَكَرَّرَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ رَأَتْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ خَمْسَةً أَحْمَرَ، ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ جَلَسَتْ الْأَسْوَدَ، وَالْبَاقِي اسْتِحَاضَةٌ، ولو رأت عشرة4 أَحْمَرَ ثُمَّ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ فَالْحُكْمُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنْ اتَّصَلَ الْأَسْوَدُ وَعَبَرَ أَكْثَرُ الْحَيْضِ فَلَيْسَ لَهَا تَمْيِيزٌ، وَحَيْضُهَا مِنْ الْأَسْوَدِ، وَلَوْ رَأَتْ الْأَوَّلَ أَحْمَرَ كُلَّهُ وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ أَحْمَرَ وَاتَّصَلَ، وَفِي الْخَامِسِ كُلَّهُ أَحْمَرَ فَإِنَّهَا تَجْلِسُ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ الْيَقِينَ وَفِي الرَّابِعِ الْأَسْوَدَ، وَفِي الْخَامِسِ تَجْلِسُ خَمْسَةً أَيْضًا، لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ مُعْتَادَةً، قَالَ الْقَاضِي لَا تَجْلِسُ فِي الرَّابِعِ إلَّا الْيَقِينَ، إلَّا أَنْ نَقُولَ بِثُبُوتِ الْعَادَةِ بِمَرَّتَيْنِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَكْثَرَ مَا يُقَدَّرُ فِيهَا أَنَّهَا لَا عَادَةَ لَهَا وَلَا تَمْيِيزَ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَجَلَسَتْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ، فَكَذَا هُنَا، زَادَ الشَّارِحُ قُلْت فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ لَا تَجْلِسَ بِالتَّمْيِيزِ وَإِنَّمَا تَجْلِسُ غَالِبَ الْحَيْضِ لِمَا ذَكَرْنَا، انْتَهَى. وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ التَّكْرَارَ فِي التَّمْيِيزِ فَهَذِهِ مُمَيِّزَةٌ، وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُمَيِّزَةَ تَجْلِسُ بِالتَّمْيِيزِ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي قَالَ إنَّهَا تَجْلِسُ الدَّمَ الْأَسْوَدَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ أَنَّهَا مُمَيِّزَةٌ قَبْلَهُ، وَلَوْ رَأَتْ فِي الشَّهْرِ خَمْسَةً أَسْوَدَ ثُمَّ صَارَ أَحْمَرَ ثُمَّ صَارَ أَسْوَدَ وَاتَّصَلَ جَلَسَتْ الْيَقِينَ مِنْ الْأَشْهُرِ الثَّالِثِ، وَالرَّابِعُ لَا تَمْيِيزَ لَهَا فِيهِ، فَتَصِيرُ فِيهِ إلَى سِتَّةِ أَيَّامٍ، أَوْ
وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ بِزِيَادَةٍ، أَوْ تَقَدُّمٍ، أَوْ تَأَخُّرٍ، فَكَدَمٍ زَائِدٍ عَلَى أَقَلِّ حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ، وأطلق ابن تميم فِي وُجُوبِ إعَادَةِ وَاجِبِ صِيَامٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ التكرار روايتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQسبعة1 فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ إلَّا أَنْ نَقُولَ: الْعَادَةُ تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْنِ فَتَجْلِسُ فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ خَمْسَةً خَمْسَةً. وَقَالَ الْقَاضِي، وَلَا تَجْلِسُ فِي الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْيَقِينَ وَهُوَ بَعِيدٌ، لِمَا ذَكَرْنَا، انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي، وَمَنْ تَبِعَهُ. وَالْخِلَافُ، بَيْنَ صَاحِبِ الْمُغْنِي، وَالْقَاضِي هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي أَطْلَقَهُ المصنف وأطلقه ابن رزين في شرحه وَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَمَتَى بَطَلَتْ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ فَهَلْ تَجْلِسُ مَا تَجْلِسُهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ أَوَّلِ الدَّمِ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَادَةِ التَّوَالِي فِي الْأَشْهُرِ، وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالصَّوَابُ اشْتِرَاطُ التَّوَالِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ2.
وَإِنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ يَعُدْ أَوْ أَيِسَتْ قَبْلَ التَّكْرَارِ لَمْ تَقْضِ، وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ، كَصَوْمِ النِّفَاسِ الْمَشْكُوكِ، لِقِلَّةِ مَشَقَّتِهِ، بِخِلَافِ صَوْمِ مُسْتَحَاضَةٍ فِي طُهْرٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ. وَلَا عَادَةَ بِمَرَّةٍ "وهـ" وَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا بَعْدَهَا تَبَعًا لَهَا "هـ" وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَطْءُ، وَأَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ، وَعَنْهُ تَكُونُ حَيْضًا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وش". وَإِنْ انْقَطَعَ دَمُهَا فِي عَادَتِهَا طَهُرَتْ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْوَطْءُ، وَخَرَّجَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مِنْ الْمُبْتَدَأَةِ، فِي الِانْتِصَارِ هُوَ كَنَقَاءِ مُدَّةِ النِّفَاسِ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ النِّفَاسُ آكَدُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، فَلَا مَشَقَّةَ. وَعَنْهُ يَجِبُ قَضَاءُ وَاجِبِ صَوْمٍ وَنَحْوِهِ إنْ عَادَ فِي الْعَادَةِ، وَإِنْ عَادَ فِيهَا جَلْسَتُهُ، وَعَنْهُ إنْ تَكَرَّرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهُوَ الْغَالِبُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ، لِأَنَّ التَّكْرَارَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي دَمِ النِّفَاسِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْعَادَةَ تَثْبُتُ بِالْمُعَاوَدَةِ فَهِيَ آكَدُ، فَلَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهَا، وَدَمُ النِّفَاسِ لَمْ يَثْبُتْ بِالْمُعَاوَدَةِ، فَهُوَ أَضْعَفُ، فَانْتَقَلَتْ عَنْهُ بِالطُّهْرِ الْمُتَخَلِّلِ، وَعَنْهُ هُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ كَدَمِ نُفَسَاءَ عَادَ. وَالصُّفْرَةُ زَمَنَ الْعَادَةِ حَيْضٌ، وَعَنْهُ وَبَعْدَهَا "و" إنْ تَكَرَّرَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَشَرَطَ جماعة اتصالها بالعادة، وذكر شيخنا وَجْهَيْنِ؛ أَحَدُهُمَا لَيْسَتْ حَيْضًا مُطْلَقًا، وَعَكْسُهُ. وَمَنْ رَأَتْ دَمًا مُتَفَرِّقًا يَبْلُغُ مَجْمُوعُهُ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَنَقَاءً فَالنَّقَاءُ طُهْرٌ. وَعَنْهُ أَيَّامُ الدَّمِ وَالنَّقَاءِ حَيْضٌ "وهـ ش" وَقِيلَ إنْ تَقَدَّمَ مَا نَقَصَ عَلَى الْأَقَلِّ دَمٌ يَبْلُغُ الْأَقَلَّ فَهُوَ حَيْضٌ تَبَعًا لَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا فَلَا. وَمَتَى انْقَطَعَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَقَلِّ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إذَنْ وَجْهَانِ "م 10". وَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فَمُسْتَحَاضَةٌ، كَمَنْ تَرَى يَوْمًا دَمًا، وَيَوْمًا نَقَاءً، إلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَعِنْدَ الْقَاضِي كُلُّ مُلَفِّقَةٍ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ لَمْ يَتَّصِلْ دمها المجاوز ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 10: قَوْلُهُ فِي الْمُلَفِّقَةِ: "وَمَتَى انْقَطَعَ قَبْلَ بُلُوغِ الْأَقَلِّ فَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ إذًا وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ كَمَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ أَيَّامُ الدَّمِ، وَأَيَّامُ النَّقَاءِ صِحَاحًا، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ كَانَ الدَّمُ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ مِثْلَ أَنْ تَرَى نِصْفَ يَوْمٍ دَمًا، وَنِصْفًا طُهْرًا، أَوْ سَاعَةً، وَسَاعَةً، فَقَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ كَالْأَيَّامِ، يُضَمُّ الدَّمُ إلَى الدَّمِ، فَيَكُونُ حَيْضًا وَمَا بَيْنَهُمَا طُهْرٌ، إذَا بَلَغَ الْمَجْمُوعُ أَقَلَّ الْحَيْضِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، لَا يَكُونُ الدَّمُ حَيْضًا إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَهُ دَمٌ صَحِيحٌ مُتَّصِلٌ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ حَتَّى يَمْضِيَ مِنْ الدَّمِ مَا يَكُونُ مَجْمُوعُهُ حَيْضًا، إذْ بِذَلِكَ يَتَيَقَّنُ وُجُوبَهُ، وَقَبْلَهُ يُحْتَمَلُ دَوَامُ الِانْقِطَاعِ، قَالَ في الرعاية الكبرى، وهو أولى.
الْأَكْثَرَ بِدَمِ الْأَكْثَرِ فَالنَّقَاءُ بَيْنَهُمَا فَاصِلٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الزَّائِدَ اسْتِحَاضَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: المستحاضة
فَصْلٌ: الْمُسْتَحَاضَةُ مَنْ جَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَتَعْمَلُ بِعَادَتِهَا، فَإِنْ عَدِمَتْ فَبِتَمْيِيزِهَا، فَتَجْلِسُ زَمَنَ دَمٍ أَسْوَدَ، أَوْ ثَخِينٍ، أَوْ مُنْتِنٍ، إنْ بَلَغَ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ فَقَطْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ بِمُجَاوَزَةِ الْأَكْثَرِ، فَتَجْلِسُ الْأَكْثَرَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ رَأَتْ أَحْمَرَ ثُمَّ أَسْوَدَ وَجَاوَزَ الْأَكْثَرَ جَلَسَتْ مِنْ الْأَحْمَرِ، وَقِيلَ مِنْ الْأَسْوَدِ، لِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِدَمِ الْحَيْضِ، فَفِي التَّكْرَارِ وَجْهَانِ. وَلَوْ رَأَتْ أَحْمَرَ سِتَّةَ عَشَرَ، ثُمَّ أَسْوَدَ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ جَلَسَتْ الْأَسْوَدَ، وَقِيلَ: وَمِنْ الْأَحْمَرِ أَقَلَّ الْحَيْضِ، لِإِمْكَانِ حَيْضَةٍ أُخْرَى. وَلَا تَبْطُلُ دَلَالَةُ التَّمْيِيزِ بِزِيَادَةِ الدَّمَيْنِ عَلَى شهر، ولا يعتبر تكراره ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ: "وَقِيلَ مِنْ الْأَسْوَدِ، لِأَنَّهُ أَشْبَهَ بِدَمِ الْحَيْضِ، فَفِي التَّكْرَارِ الْوَجْهَانِ"، يَعْنِي الْمَذْكُورَيْنِ فِي التَّمْيِيزِ، هَلْ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ أَمْ لَا؟ وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ1.
فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَعَنْهُ يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ عَلَى الْعَادَةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ "وش" وَعَنْهُ "هـ" لَا عِبْرَةَ بِالتَّمْيِيزِ، وَعَنْهُ "م" لَا عِبْرَةَ بِالْعَادَةِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُبْهِجِ إنْ اجْتَمَعَا عُمِلَ بِهِمَا، إنْ أَمْكَنَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ سَقَطَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ عُدِمَ التَّمْيِيزُ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ جَلَسَتْ غَالِبَ الْحَيْضِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَتَجْتَهِدُ فِي السِّتِّ، وَالسَّبْعِ، وَقِيلَ تُخَيَّرُ، وَعَنْهُ أَقَلُّهُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وش" وعنه أكثره "وهـ م" قَالَ "م" ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الطُّهْرِ، فَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهَا ثُمَّ رَأَتْهُ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَحَيْضٌ مُسْتَأْنَفٌ، لِأَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ الْفَاصِلَةِ بَيْنَ الدَّمَيْنِ تُوجِبُ أَنَّ الدَّمَ الثَّانِيَ حَيْضٌ، وَإِنْ اتَّصَلَ الدَّمُ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ: فَإِنْ كَانَ مُتَغَيِّرًا إلَى صِفَةِ دَمِ الْحَيْضِ فَحَيْضٌ مِنْ تَغَيُّرِهِ، سَوَاءً تَغَيَّرَ عِنْدَ مُضِيِّ أَقَلِّ الطُّهْرِ بِلَا فَصْلٍ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَاسْتِحَاضَةٌ حَتَّى يُوجَدَ التَّغَيُّرُ، فَلَا يُعْتَبَرُ التَّمْيِيزُ إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا ذَكَرَ. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ تَجْلِسُ عَادَةَ نِسَائِهَا كَأُمٍّ وَأُخْتٍ، وَعَمَّةٍ، وَخَالَةٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقُرْبَى، فَالْقُرْبَى، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَذَكَرَ الْقَاضِي تَجْلِسُ الْأَقَلَّ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي تَتَحَرَّى، وَقِيلَ: الْأَكْثَرُ "م 11". فَإِنْ عُدِمَ الْأَقَارِبُ اُعْتُبِرَ الْغَالِبُ، زَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ نِسَاءِ بلدها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 11: قَوْلُهُ فِي الْمُبْتَدَأَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَجْلِسُ عَادَةَ نِسَائِهَا: "فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُنَّ فَذَكَرَ الْقَاضِي تَجْلِسُ الْأَقَلَّ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي تَتَحَرَّى، وَقِيلَ الْأَكْثَرَ" انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ عَادَةُ الْأَقَارِبِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَجْلِسُ الْأَقَلَّ، وَالثَّانِي: الْأَقَلُّ وَالْأَكْثَرُ سَوَاءٌ فِي الرُّجُوعِ إلَيْهِ، حَكَاهُمَا الْقَاضِي انْتَهَيَا، وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ، أَحَدُهُمَا تَجْلِسُ الْأَقَلَّ، قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، احْتِيَاطًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجْلِسُ الْأَكْثَرَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ التَّحَرِّي، اخْتَارَهُ أبو المعالي، قلت وهو قوي.
وَيُعْتَبَرُ تَكْرَارُ الِاسْتِحَاضَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ لَا: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، فَتَجْلِسُ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتْ نَاسِيَةً لِقَدْرِ الْعَادَةِ، أَوْ الْوَقْتِ، أَوْ لَهُمَا، فَكَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ اسْتِحَاضَتَهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى تَكْرَارٍ فِي الْأَصَحِّ، وَالْمَشْهُورُ فِيهَا النَّقَاءُ، رِوَايَةً الْأَكْثَرُ، وَعَادَةُ نِسَائِهَا. وَمَذْهَبُ "هـ" تَجْلِسُ أَقَلَّ الْحَيْضِ بِالتَّحَرِّي، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ تَجْلِسُهُ، لَكِنْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ، وَلَنَا الْوَجْهَانِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ "م" لَا تَحِيضُ أَصْلًا، بَلْ يَخْتَلِطُ فَتُصَلِّي أَبَدًا، تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ مَعَ النَّاسِ، فَيَصِحُّ لَهَا بِيَقِينٍ عِنْدَ أكثر1 الشَّافِعِيَّةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، إنْ كَانَ نَاقِصًا، وَإِلَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ ... وَلَهُمْ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَجْهَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الترجيح. فتغتسل للظهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوَّلَ وَقْتِهَا وَتُصَلِّيهَا فِيهِ، ثُمَّ لِلْعَصْرِ كَذَلِكَ، ثُمَّ لِلْمَغْرِبِ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَقْتَ الْمَغْرِبِ غُسْلَيْنِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَتُعِيدُهُمَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ لِلْعِشَاءِ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَتُصَلِّيهَا فِيهِ، ثُمَّ الْفَجْرِ كَذَلِكَ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلَيْنِ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقْتَ الْفَجْرِ وَتُعِيدُهُمَا، فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ اغْتَسَلَتْ وَقَضَتْ الْفَجْرَ. وَلَا تَقْرَأُ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَلَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، وَلَا تَمَسُّ الْمُصْحَفَ، وَلَهُمْ فِي نَفْلِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَطَوَافٍ وَجْهَانِ. وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا، وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا لِلْمَشَقَّةِ. وَإِنْ نَسِيَتْ وَقْتَهَا خَاصَّةً جَلَسَتْ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ هِلَالِيٍّ، لِخَبَرِ حَمْنَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1، وَلِأَنَّهُ الْغَالِبُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا. وَقِيلَ تَجْلِسُ مِنْ تَمْيِيزٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ إنْ كَانَ، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِدَمِ حَيْضٍ، وَقِيلَ تَتَحَرَّى، لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْهِلَالِ فِي أَمْرِ الْحَيْضِ بِوَجْهٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إنْ ذَكَرَتْ أَوَّلَ الدَّمِ كَمُعْتَادَةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَشْهُرًا ثُمَّ جَاءَ الدَّمُ خَامِسَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ مَثَلًا وَاسْتَمَرَّ وَقَدْ نَسِيَتْ الْعَادَةَ فَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ. وَالثَّالِثُ تَجْلِسُ مَجِيءَ الدَّمِ مِنْ خَامِسِ كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ "لأنه عليه الصلاة والسلام أَمَرَ حَمْنَةَ ابْتِدَاءً بِجُلُوسِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ، ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَصُومُ، وَتُصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ، أَوْ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ، وَقَالَ: "فَافْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ، وَكَمَا يَطْهُرْنَ" 1. وَلَيْسَ حَيْضُ النِّسَاءِ عِنْدَ رُءُوسِ الْأَهِلَّةِ غَالِبًا فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الشَّهْرَ الْعَدَدِيَّ، وَأَنَّهُ أَمَرَهَا بِالْحَيْضِ مِنْ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: "إذَا رَأَيْت أَنْ قَدْ طَهُرْت" 1 رَاجِعًا إلَى السِّتِّ أَوْ السَّبْعِ، لِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ هُوَ الْأَصْلُ، وَرُبَّمَا انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَهُ فَيُفْضِي التَّأْخِيرُ إلَى تَرْكِ إجْلَاسِهَا أَصْلًا، وَلِهَذَا ذَهَبَ "هـ وش" إلَى أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمُتَحَيِّرَةٍ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَحَيْضُهَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا سُلُوكِ الْيَقِينِ عند الشافعي كما قالا في غيرها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَتَى تَعَذَّرَ التَّحَرِّي بِأَنْ يَتَسَاوَى عِنْدَهَا الْحَالُ وَلَمْ تَظُنَّ شَيْئًا، أَوْ تَعَذَّرَ الْأَوَّلِيَّةُ عَمِلَتْ بِالْآخَرِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي عَمِلَتْ بِالْيَقِينِ كَالشَّافِعِيِّ وَلَمَّا ذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي الْوَجْهَيْنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ التَّحَرِّيَ قَالَ: وَهَذَا إذَا لَمْ تَعْرِفْ ابْتِدَاءَ الدَّمِ، فَإِنْ عَرَفَتْ فَهُوَ أَوَّلُ دُورِهَا وَجَعَلْنَاهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ قَالَ: وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْ ابْتِدَاءً الدَّمِ لَكِنْ تَذَكَّرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ طَاهِرَةً فِي وَقْتٍ جَعَلْنَا ابْتِدَاءَ حَيْضِهَا عَقِبَ ذَلِكَ الطُّهْرِ. وَمَتَى ضَاعَتْ أَيَّامُهَا فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَمَا عَدَا الْمُدَّةَ طُهْرٌ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا نِصْفَ الْمُدَّةِ فَأَقَلُّ فَحَيْضُهَا بِالتَّحَرِّي أَوْ مِنْ أَوَّلِهَا، وَإِنْ زَادَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضم الزائد إلى مثله مما1 قبله فهو حيض بيقين، وإن شئت2 أُسْقِطَ الزَّائِدُ عَلَى أَيَّامِهَا مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ، وَمِثْلُهُ مِنْ أَوَّلِهَا، فَمَا بَقِيَ حَيْضٌ بِيَقِينٍ، وَالشَّكُّ فِيمَا بَقِيَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي فِي شَرْحِهِمَا فِيمَنْ عَلِمَتْ قَدْرَ الْعَادَةِ فَقَطْ: لَمْ تَجْلِسْ وَتَغْتَسِلْ كُلَّمَا مَضَى قَدْرُهَا، وَتَقْضِي مِنْ رَمَضَانَ بِقَدْرِهَا وَالطَّوَافِ، وَلَا تُوطَأُ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ رِوَايَةً لَا تَجْلِسُ شَيْئًا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي وَالْأَوَّلِيَّةُ بِأَنْ قَالَتْ حَيْضَتِي خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ عِشْرِينَ يَوْمًا، وَلَمْ تَذْكُرْ أَوَّلَ الدَّمِ، وَلَمْ تَظُنَّ شَيْئًا عَمِلَتْ بِالْيَقِينِ فِي مَذْهَبِ "هـ وش" كَمَا سَبَقَ قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا كَلَامًا، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهَا طَرِيقُ الْيَقِينِ. وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَتَقْضِي مِنْهُ قَدْرَ حَيْضِهَا خَمْسَةَ أَيَّامٍ، وَتُصَلِّي أَبَدًا، فَتَغْتَسِلُ فِي الْحَالِ غُسْلًا، ثُمَّ عَقِبَ انْقِضَاءِ قَدْرِ حَيْضِهَا غُسْلًا ثَانِيًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَفِيمَا بَعْدَهُمَا بِقَدْرِ مُدَّةِ طُهْرِهَا إنْ ذَكَرَتْهُ، وَإِلَّا جُعِلَ قَدْرُ طُهْرِهَا تَمَامَ شَهْرٍ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَإِذَا انْقَضَتْ لَزِمَهَا غُسْلَانِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ الْحَيْضَةِ هَكَذَا أَبَدًا، كُلَّمَا مَضَى قَدْرُ الطُّهْرِ اغْتَسَلَتْ غُسْلَيْنِ بَيْنَهُمَا قَدْرُ الْحَيْضَةِ؛ بِكَذَا قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ خِلَافُهُ. وَمَا جَلَسَتْهُ النَّاسِيَةُ فِي الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَالْحَيْضِ يَقِينًا، وَمَا زَادَ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ إلَى الْأَكْثَرِ قِيلَ: كَمُسْتَحَاضَةٍ، وَقِيلَ: طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فيه "م 12" وهو كيقين الطهر، وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ بِمَنْعِهَا مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَرْكِهِ إثم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ1 - 12: قَوْلُهُ: "وَمَا جَلَسَتْهُ النَّاسِيَةُ مِنْ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ كَالْحَيْضِ يَقِينًا وَمَا زَادَ عَلَى مَا تَجْلِسُهُ إلَى الْأَكْثَرِ قِيلَ كَمُسْتَحَاضَةٍ، وَقِيلَ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَالطُّهْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: هُوَ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الطُّهْرِ بِيَقِينٍ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، إلَّا فِي جَوَازِ وَطْئِهَا، فَإِنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَالْحَيْضُ وَالطُّهْرُ مَعَ الشَّكِّ كَالْمُتَيَقَّنِ فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ وَيَجِبُ وَيَسْقُطُ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَإِنْ قلنا تجلس الأقل والغالب
كَمَسِّ مُصْحَفٍ، وَدُخُولِ مَسْجِدٍ، وَقِرَاءَةٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَنَفْلِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ وَسُنَّةُ صَلَاةٍ رَاتِبَةٍ، وَقِيلَ: تَقْضِي مَا صَامَتْهُ فِيهِ، وَقِيلَ: وَيَحْرُمُ وَطْءٌ فِيهِ، وَقِيلَ بِهِ فِي مُبْتَدَأَةٍ اسْتَحَاضَتْ وَقُلْنَا لَا تَجْلِسُ الْأَكْثَرَ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ خَبَرُ حَمْنَةَ1، وَكَالْمُبْتَدَأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ، فَإِنَّ الشَّكَّ قَائِمٌ فِي حَقِّهَا، وَلِأَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ تَطُولُ مُدَّتُهَا غَالِبًا وَلَا غَايَةَ لِانْقِطَاعِهَا تُنْتَظَرُ، فَتَعْظُمُ مَشَقَّةُ الْقَضَاءِ، بِخِلَافِ النِّفَاسِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ، عَلَى رِوَايَةٍ، لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ غَالِبًا، بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ فِي الْمُبْتَدَأَةِ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَكْثَرَ، وَعَلَى عادة المعتادة لانكشاف أمره قريبا بالتكرار. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَبَقِيَّةُ زَمَنِ الشَّكِّ طُهْرٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا: حُكْمُ الْحَيْضِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حُكْمُ الْمُتَيَقَّنِ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ، وَحُكْمُ الطُّهْرُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ حُكْمُ الطُّهْرِ فِي وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ، انْتَهَى. قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: حُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ.
فصل: وتغسل المستحاضة فرجها وتعصبه
فَصْلٌ: وَتَغْسِلُ الْمُسْتَحَاضَةُ فَرْجَهَا وَتَعْصِبُهُ، وَلَا يَلْزَمُهَا إعَادَةُ شَدِّهِ، وَغَسْلُ الدَّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ "وهـ" وَقِيلَ بَلَى "وش" وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ شَيْءٌ. وَتَتَوَضَّأُ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، إلَّا أَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَقِيلَ: يَجِبُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ "وش". وَتُصَلِّي مَا شَاءَتْ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وعنه بخروجه،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ لَا تَجْمَعُ بَيْنَ فَرْضَيْنِ "وش" أَطْلَقَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِوُضُوءٍ لِلْأَمْرِ بِوُضُوءٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَلِخِفَّةِ عُذْرِهَا، فَإِنَّهَا لَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي قَائِمَةً بِخِلَافِ الْمَرِيضِ، قَالَ1 فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: تَجْمَعُ بِالْغُسْلِ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ، وَفِي جَامِعِهِ1 الْكَبِيرِ تَجْمَعُ وَقْتَ الثَّانِيَةِ، وَتُصَلِّي عقب طهرها، ولها التأخير، وقيل لمصلحة "وش". وَإِنْ كَانَتْ لَهَا عَادَةٌ بِانْقِطَاعِهِ زَمَنًا يَتَّسِعُ لِلْفِعْلِ فِيهِ تَعَيَّنَ، وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ لِمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ فَفِي بَقَاءِ طَهَارَتِهَا وَجْهَانِ "م 13". وَعَنْهُ لَا عِبْرَةَ بِانْقِطَاعِهِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَمِثْلُهَا مَنْ بِهِ حَدَثٌ دَائِمٌ كَرُعَافٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَشِيَ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ هانئ لا "وش". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ- 13: قَوْلُهُ فِي طَهَارَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ: "وَإِنْ كَانَ لها عادة بانقطاعه زمنا يتسع للفعل فيه تَعَيَّنَ، وَإِنْ عَرَضَ هَذَا الِانْقِطَاعُ لِمَنْ عَادَتُهَا الِاتِّصَالُ، فَفِي بَقَاءِ طَهَارَتِهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: طَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ وَفِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ؟: قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: لَمْ تَبْطُلْ الطَّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ، وَقِيلَ تَبْطُلَانِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ، وَفِي الصَّلَاة وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَطَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ وَتَجِبُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَكَذَا قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَهَؤُلَاءِ الْأَصْحَابُ يَقُولُونَ: طَهَارَتُهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي بَقَاءِ الطَّهَارَةِ، وَمَنْ لَازَمَهُ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ دَامَ الِانْقِطَاعُ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا فَفِي إعَادَةِ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَجْهَانِ، وَكَلَامُ ابْنِ رَزِينٍ الْمُتَقَدِّمُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَاَللَّهُ أعلم.
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى حَبْسِهِ1 حَالَ الْقِيَامِ لَا حَالَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَكَعَ وَسَجَدَ نَصَّ عَلَيْهِ، كَالْمَكَانِ النَّجَسِ. وَيَتَخَرَّجُ أَنْ يُومِئَ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي لِأَنَّ فَوَاتَ الشَّرْطِ لَا بَدَلَ لَهُ، قَالَ: وَلَوْ امْتَنَعَتْ الْقِرَاءَةُ أَوْ لَحِقَهُ السَّلَسُ إنْ صَلَّى قَائِمًا صَلَّى قَاعِدًا، قَالَ: وَلَوْ كَانَ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَحْبِسْهُ، وَلَوْ اسْتَلْقَى حَبَسَهُ صَلَّى قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، لِأَنَّ الْمُسْتَلْقِيَ لَا نَظِيرَ لَهُ اخْتِيَارًا. وله وطء المستحاضة خوف العنت مِنْهَا، أَوْ مِنْهُ، وَقِيلَ: وَعَدَمُ الطَّوْلِ، وَيَحْرُمُ مَعَ عَدَمِ الْعَنَتِ، اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، وَقِيلَ: وَيُكَفِّرُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ "وش" وَعَنْهُ يُبَاحُ "وهـ م". وَلَهَا شُرْبُ دَوَاءٍ مُبَاحٍ لِقَطْعِ الْحَيْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: بِإِذْنِ زَوْجٍ كَالْعَزْلِ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي بَعْضِ جَوَابِهِ. وَالزَّوْجَةُ تَسْتَأْذِنُ زَوْجَهَا، وَيُتَوَجَّهُ يُكْرَهُ، وَفِعْلُهُ ذَلِكَ بِهَا بِلَا علم يتوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَحْرِيمُهُ، لِإِسْقَاطِ حَقِّهَا مُطْلَقًا، مِنْ النَّسْلِ الْمَقْصُودِ، ويتوجه في الكافور ونحوه كقطع1 الْحَيْضِ. وَيَجُوزُ شُرْبُهُ لِإِلْقَاءِ نُطْفَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ. وَفِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ مُحَرَّمٌ. وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْعَزْلِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الْمَوْءُودَةُ، لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النَّسْلَ، فَأَنْكَرَ عَلِيٌّ ذَلِكَ، وَقَالَ: إنَّمَا الْمَوْءُودَةُ بَعْدَ التَّارَاتِ السَّبْعِ وَتَلَا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ} – إلَى - {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} [المؤمنون: 14] قَالَ: وَهَذَا مِنْهُ فِقْهٌ عَظِيمٌ، وَتَدْقِيقٌ حَسَنٌ حَيْثُ سمع {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:9] . وَكَانَ يَقْرَأُ "سَأَلَت بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَت"2 وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالْحَالِ، وَأَبْلُغُ فِي التَّوْبِيخِ، وَهَذَا لِمَا حَلَّتْهُ الرُّوحُ، لِأَنَّ مَا لَمْ تَحُلَّهُ الرُّوحُ لَا يُبْعَثُ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ لَا يَحْرُمُ إسْقَاطُهُ، وَلَهُ وَجْهٌ. وَيَجُوزُ لِحُصُولِ الْحَيْضِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إلَّا قُرْبَ رَمَضَانَ لتفطره، ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. وَمَنْ اسْتَمَرَّ دَمُهَا يَخْرُجُ مِنْ فَمِهَا بِقَدْرِ الْعَادَةِ فِي وَقْتِهَا وَوَلَدَتْ فَخَرَجَتْ الْمَشِيمَةُ وَدَمُ النِّفَاسِ مِنْ فَمِهَا فَغَايَتُهُ نَقْضُ الْوُضُوءِ، لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُهُ حَيْضًا كَزَائِدٍ عَلَى الْعَادَةِ، وَكَمَنِيٍّ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِهِ ذكره في الفنون. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا حد لأقل النفاس
فصل: لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ "و" وَعَنْهُ يَوْمٌ، وَأَكْثَرُهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا "وهـ" وَعَنْهُ سِتُّونَ "وم ش" وَإِنْ جَاوَزَ أَكْثَرَهُ وَصَادَفَ عَادَةَ حَيْضِهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ أَكْثَرَهُ فَحَيْضٌ، وَإِلَّا فَاسْتِحَاضَةٌ إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ. وَلَا تَدْخُلُ الِاسْتِحَاضَةُ فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ "هـ ش" وَأَوَّلُ مُدَّتِهِ مِنْ الْوَضْعِ "و" إلَّا أَنْ تَرَاهُ قَبْلَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ بِأَمَارَةٍ، وَعَنْهُ بِيَوْمَيْنِ فَنِفَاسٌ، وَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْمُدَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ، نص عليه "وهـ" وعنه ومضغة "وش" وَعَنْهُ وَعَلَقَةٌ، وَقِيلَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ الْعِدَّةِ وَغَيْرِهَا. وَالنَّقَاءُ مِنْ النِّفَاسِ طُهْرٌ، وَيُكْرَهُ وَطْؤُهَا، وَعَنْهُ لَا، وَعَنْهُ يَحْرُمُ "خ" وَقِيلَ، مَعَ عَدَمِ الْعَنَتِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَمِ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا انْقَطَعَ بِأَنَّ تَحْرِيمَ النِّفَاسِ آكَدُ، لِأَنَّ أَكْثَرَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ، فَجَازَ أَنْ يَلْحَقَهُ التَّغْلِيظُ فِي الِامْتِنَاعِ، مِنْ الْوَطْءِ فِي الطُّهْرِ. وَإِنْ عَادَ الدَّمُ فِي الْأَرْبَعِينَ فَالنَّقَاءُ طُهْرٌ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ ش" وَالْعَائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، كَمَا لَوْ لَمْ تَرَهُ ثُمَّ رَأَتْهُ فِي الْمُدَّةِ فِي الْأَصَحِّ، تَتَعَبَّدُ وَتَقْضِي واجب صوم ونحوه، ولا يأتيها زوجها، وفي غُسْلِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ "م 14" وَعَنْهُ هُوَ نفاس "وهـ وش" إن نقص النقاء عن طهر كامل "وم" إن عاد بعد ثلاثة أيام فأقل. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ- 14: قَوْلُهُ فِي النِّفَاسِ: "وَإِنْ عَادَ النِّفَاسُ فِي الْأَرْبَعِينَ ... فَالْعَائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، تَتَعَبَّدُ وَتَقْضِي وَاجِبَ صَوْمٍ، وَنَحْوَهُ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا وَفِي غُسْلِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. لَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا فِي كَلَامِ مَنْ اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِهِ وَقَدْ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحَاضَةِ، فَإِنَّ دَمَ هَذِهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وكذلك تلك، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الدَّمَ أَقْرَبُ إلَى كَوْنِهِ دَمَ نِفَاسٍ مِنْ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ، فَإِنَّ الدَّمَ الَّذِي لَمْ يُجْلِسْهَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَيْضٌ، لَكِنَّ احْتِمَالَ عَدَمِهِ أَقْوَى، لِأَنَّنَا قَدْ جَعَلْنَا لِوَقْتِ جُلُوسِهَا عَلَامَةً فِي غَالِبِ أَحْوَالِهَا، وَأَيْضًا الدَّمُ الْعَائِدُ مِنْ النُّفَسَاءِ عَائِدٌ فِي وَقْتِهِ قَطْعًا. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَاَلَّتِي عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَلَنَا رِوَايَةٌ بِالْوُجُوبِ فَمَسْأَلَتُنَا إنْ جَعَلْنَاهَا كَهَذِهِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ، قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جدا
وَالنِّفَاسُ كَالْحَيْضِ "و" وَفِي وَطْئِهَا مَا فِي وَطْءِ حَائِضٍ نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَقِيلَ تَقْرَأُ، وَنَقَلَ ابْنُ تَوَّابٍ1: تَقْرَأُ إذَا انْقَطَعَ الدَّمُ اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَالْمَذْهَبُ إنْ صَارَتْ نُفَسَاءَ بِتَعَدِّيهَا لَمْ تَقْضِ، لِأَنَّ وُجُودَ الدَّمِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ جِهَتِهَا، فَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: وَخَوْفُ التَّلَفِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لَيْسَ مَعْصِيَةً مِنْ جِهَتِهِ، فَقَالَ: إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُهُ قَطْعُهُ، وَالنِّفَاسُ لَا يُمْكِنُهُ كَالسُّكْرِ يُعَلَّقُ عَلَيْهِ حُكْمٌ بِسَبَبِهِ وَهُوَ الشُّرْبُ، وَإِنْ كَانَ حَدَثَ بِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ الِاسْتِحْبَابَ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَوْ نَقُولُ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ مَعَ قُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَيْسَتْ كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَى هَذَا الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِحْبَابِ وَعَدَمِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَعَلَى هَذَا يَقْوَى الِاسْتِحْبَابُ. فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ يَسَّرَ اللَّهُ الْكَرِيمَ بِتَصْحِيحِهَا، فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ عَلَى ذَلِكَ.
فِعْلِهِ، إلَّا أَنَّ سَبَبَهُ مِنْ جِهَتِهِ، فَهُمَا سَوَاءٌ كَذَا قَالَ. وَقَالَ أَيْضًا: السُّكْرُ جُعِلَ شَرْعًا كَمَعْصِيَةٍ مُسْتَدَامَةٍ يَفْعَلُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا بِدَلِيلِ جَرَيَانِ الْإِثْمِ وَالتَّكْلِيفِ وَلِأَنَّ الشُّرْبَ يُسْكِرُ غَالِبًا، فأضيف إليه، كالقتل يحصل مَعَهُ خُرُوجُ الرُّوحِ فَأُضِيفَ إلَيْهِ، وَأَجَابَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ فِي تَخْلِيلِ الْخَمْرِ بِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَيُدْخِلُ عَلَيْهَا الْأَلَمَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَالْقِيَامَ. وَإِنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَأَوَّلُ النِّفَاسِ وَآخِرُهُ مِنْ الْأَوَّلِ "وهـ م" فَلَوْ كان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ فَلَا نِفَاسَ لِلثَّانِي1 فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ1. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ تَبْدَؤُهُ بِنِفَاسٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ، وَقَالَ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ، وَعَنْهُ أَوَّلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ، وَآخِرُهُ مِنْ الثاني، 2 فتبدأ الثاني بنفاس2، وَعَنْهُ: هُمَا مِنْ الثَّانِي، وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالرِّوَايَاتِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الصلاة
كتاب الصلاة مدخل معناها لغة واصطلاحا ... كتاب الصلاة وَهِيَ لُغَةً: الدُّعَاءُ، وَشَرْعًا أَفْعَالٌ وَأَقْوَالٌ مَخْصُوصَةٌ: سُمِّيَتْ صَلَاةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ، هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهَا ثَانِيَةٌ لِشَهَادَةِ التَّوْحِيدِ، كَالْمُصَلِّي مِنْ السَّابِقِ فِي الْخَيْلِ، وَقِيلَ: لِرَفْعِ الصَّلَا؛ وَهُوَ مَغْرَزُ الذَّنَبِ مِنْ الْفَرَسِ، وَقِيلَ: أَصْلُهَا الْإِقْبَالُ عَلَى الشَّيْءِ، وَقِيلَ مِنْ صَلَّيْت الْعُودَ إذَا لَيَّنْته: وَالْمُصَلِّي يَلِينُ وَيَخْشَعُ. وَفُرِضَتْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَهُوَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَحْوِ خَمْسِ سِنِينَ، وَقِيلَ بِسِتٍّ، وَقِيلَ: بَعْدَ الْبَعْثَةِ بِنَحْوِ سَنَةٍ، وقَوْله تعالى في آل حم1: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْأِبْكَارِ} [غافر: 55] وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّلَوَاتُ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2 وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: صَلَاتَا الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ، وَعَنْ الْحَسَنِ رَكْعَتَانِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ رَكْعَتَانِ بُكْرَةً، وَرَكْعَتَانِ عَشِيَّةً، وَكَذَا قَالَ إبْرَاهِيمُ الْخِرَقِيُّ: كَانَ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حكمها وعلى من تجب
حكمها وعلى من تجب ... وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ يَلْزَمُ كُلَّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ غَيْرَ حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ "ع" فِي الْكُلِّ، وَيَقْضِي الْمُرْتَدُّ "وش" وَعَنْهُ لَا "وهـ م" كَأَصْلِيٍّ1 "ع" وَالْمَذْهَبُ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ، لَا زَمَنَهَا، وَفِي خِطَابِهِ بِالْفُرُوعِ رِوَايَتَا أَصْلِيٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ طَرَأَ جُنُونٌ قَضَى، لِأَنَّ عَدَمَهُ رُخْصَةٌ تَخْفِيفًا، وَقِيلَ: لَا، كَحَيْضٍ، وَالْخِلَافُ فِي زَكَاةٍ "ق"1 إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ، وَصَوْمٍ وَحَجٍّ، فَإِنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ أَخَذَهَا الْإِمَامُ وَيَنْوِيهَا لِلتَّعَذُّرِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةً كَسَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُمْتَنِعِ مِنْهَا، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِ الْإِمَامِ أجزأته ظاهرا، وفيه باطنا وجهان "م 1" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 1: قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّ: إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ مِنْهُ وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِ الْإِمَامِ أَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا وَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ انْتَهَى. لَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ صَرِيحًا وَلَكِنْ لَهَا نَظَائِرُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الْإِمَامِ عَنْ نِيَّةِ رَبِّ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا، فَيُجْزِئُ فِي الظاهر، وفي
وَقِيلَ: إنْ أَسْلَمَ قَضَاهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يُجْزِئُهُ إخْرَاجُهُ زَمَنَ كُفْرِهِ "ش" زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقِيلَ وَلَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ، وَإِلَّا انْقَطَعَ. وَفِي بُطْلَانِ اسْتِطَاعَةِ قَادِرٍ عَلَى الْحَجِّ بِرِدَّتِهِ وَوُجُوبُهُ بِاسْتِطَاعَتِهِ فَقَطْ فِي رِدَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ، وَمَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أصلهم السابق، وَلَا يَلْزَمُ1 إعَادَةُ حَجٍّ فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ في رواية "وش" وعنه يلزمه "م 2" "وهـ م"2 قِيلَ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ، وَقِيلَ: لَا، كَإِيمَانِهِ، فإنه لا يبطل، ويلزمه ثانيا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَاطِنِ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَيُجْزِئُ الْمَالِكَ أَخْذُ الْإِمَامِ الْمُسْلِمِ لَهَا فِي الْأَظْهَرِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ بَلْ مَعَ نِيَّةِ رَبِّهَا وَكَمَا لَوْ بَذَلَهَا طَوْعًا وَقِيلَ يُجْزِئُ الْمُمْتَنِعَ نِيَّةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِي الظَّاهِرِ. وَقِيلَ وَالْبَاطِنِ، انْتَهَى، تَقَدَّمَ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدَّمَ عَلَى الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ عَدَمَهُ. مَسْأَلَةُ – 2: قَوْلُهُ فِي الْمُرْتَدِّ وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ حَجٍّ فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَجْدِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ إحْدَاهُمَا لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. هَذَا الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي مُوَفَّق الدِّينِ فِي شَرْحِ مَنَاسِكِ المقنع؛ قال
والوجهان في كلام القاضي وغيره "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَلَا تَبْطُلُ عِبَادَاتُهُ فِي إسْلَامِهِ إذَا عَادَ وَلَوْ الْحَجَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي بَابِ الْحَجِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ إعادته، جزم به2 في "الفصول" في كتاب الحج، وجزم به3 في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْإِفَادَاتِ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ أبو الحسن الجزري4. وَجَمَاعَةٌ يَبْطُلُ الْحَجُّ بِالرِّدَّةِ. مَسْأَلَةُ – 3: قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ إعَادَةِ الْحَجِّ "قِيلَ: لِحُبُوطِ الْعَمَلِ، 4وَقِيلَ لَا كَإِيمَانِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ، وَيَلْزَمُهُ ثَانِيًا، وَالْوَجْهَانِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ". انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ لِحُبُوطِ الْعَمَلِ4، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6، وَغَيْرِهِمَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ،/ لَا لِحُبُوطِ الْعَمَلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ الْمَجْدِ فِي "شَرْحِهِ" وَمَنْ تَابَعَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الأكثر أن الرد لَا تُحْبِطُ الْعَمَلَ إلَّا بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا. قَالَ جَمَاعَةٌ: الْإِحْبَاطُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الثَّوَابِ دُونَ حَقِيقَةِ الْعَمَلِ، لِبَقَاءِ صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خلفه، وحل ما كان ذبحه، وعدم نقض تصرفه، قاله المصنف، والله أعلم
وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوْزِيِّ1 وَجَمَاعَةٌ بُطْلَانَهُ بِهَا، وَجَعَلْته حُجَّةً فِي بُطْلَانِ الطَّهَارَةِ الَّتِي هِيَ شَطْرُهُ2، قَالَ شَيْخُنَا: اخْتَارَ الْأَكْثَرُ أَنَّهَا لَا تُحْبِطُهُ إلَّا بِالْمَوْتِ عَلَيْهَا، قَالَ جَمَاعَةٌ وَالْإِحْبَاطُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الثَّوَابِ دُونَ حَقِيقَةِ الْعَمَلِ، لِبَقَاءِ صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَحِلِّ مَا كَانَ ذَبَحَهُ، وَعَدَمُ نَقْضِ تَصَرُّفِهِ3. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا تَبْطُلُ عِبَادَةٌ فَعَلَهَا فِي إسْلَامِهِ إذَا عَادَ. وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ صَامَ قَبْلَهَا فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا فَكَالْحَجِّ "م 4" وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُعِيدُ، لِفِعْلِهَا فِي إسْلَامِهِ الثَّانِي، وَيَقْضِيهَا مُسْلِمٌ قَبْلَ بلوغ الشرع "وم ش" وَقِيلَ: لَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرَائِعَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بعد العلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ -4: قَوْلُهُ: 4"وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا فَكَالْحَجِّ" انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا أَمْ لَا كَالْحَجِّ؟ وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ في الحج فكذا هنا4.
وقيل حربي "وهـ" وقال شيخنا والوجهان فِي كُلِّ مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا قَبْلَ بُلُوغِ الشَّرْعِ، كَمَنْ لَمْ يَتَيَمَّمْ لِعَدَمِ الْمَاءِ لِظَنِّهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ بِهِ، أَوْ لَمْ يَتْرُكْ1، أَوْ أَكَلَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، لِظَنِّهِ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ تُصَلِّ مُسْتَحَاضَةٌ وَنَحْوَهُ. وَالْأَصَحُّ لَا قَضَاءَ قَالَ وَلَا إثْمَ اتِّفَاقًا، لِلْعَفْوِ عَنْ الْخَطَإِ وَالنِّسْيَانِ وَمَعْنَاهُ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَإِلَّا أَثِمَ وَكَذَا لَوْ عَامَلَ بِرِبًا، أَوْ أَنْكَحَ فَاسِدًا ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيمُ وَنَحْوَهُ. وَإِنْ صَلَّى كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ2 فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إنْ صَلَّى جَمَاعَةٌ "وهـ" وَزَادَ أَوْ بِمَسْجِدٍ "وم" إنْ صَلَّى غَيْرَ خَائِفٍ "وش" فِي الْمُرْتَدِّ إنْ صَلَّى بِدَارِ الْحَرْبِ. وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى تُخَالِفُ الْإِسْلَامَ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَغَيْرُهُمَا كَالشَّهَادَتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الظَّاهِرِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: رِوَايَتَيْنِ "م 5" فَإِنْ صَحَّتْ1 لَمْ تصح إمامته في المنصوص وكذا إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ صَلَّى كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ... وَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الظَّاهِرِ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَطَعَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، قَالَ الْقَاضِي صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ شَرْطُ الصَّلَاةِ تَقَدُّمُ الشَّهَادَةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْإِسْلَامِ، فَإِذَا تَقَرَّبَ بِالصَّلَاةِ يَكُونُ بِهَا مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا، وَلَا يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، لَا لِفَقْدِ الْإِسْلَامِ، وعلى هذا عليه أن يعيد. انتهى.
أَذِنَ، وَقِيلَ فِي وَقْتِهِ وَمَحَلِّهِ وَلَا يُعْتَدُّ به. وَفِي حَجِّهِ وَصَوْمِهِ قَاصِدًا رَمَضَانَ وَزَكَاةَ مَالِهِ، وقيل وبقية الشرائع والأقوال المختصة بنا كجنازة1 "هـ" وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَجْهَانِ "م 6" وَيَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا يُكَفَّرُ الْمُسْلِمُ بِإِنْكَارِهِ إذَا أَقَرَّ به الكافر، وهذا متجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَصِحُّ فِي الظَّاهِرِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فَعَلَيْهِ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ تَصِحُّ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ الأصوب أنه إن قال بعد الفراغ إنَّمَا فَعَلْتهَا وَقَدْ اعْتَقَدْت الْإِسْلَامَ، قُلْنَا صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ، وَإِنْ قَالَ فَعَلْتهَا تَهَيُّؤًا قَبِلْنَا مِنْهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ إلْزَامِ الْفَرَائِضِ، وَلَمْ نَقْبَلْ مِنْهُ فِيمَا يُؤْثِرُهُ مِنْ دِينِهِ انْتَهَى، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَمَنْ تَبِعَهُ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَصَلَّى بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، انْتَهَى، قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ مِنْ كَلَامِهِ. مَسْأَلَةُ -6: قَوْلُهُ: "وَفِي حَجِّهِ وَصَوْمِهِ قَاصِدًا رَمَضَانَ وَزَكَاةَ مَالِهِ، وَقِيلَ وبقية الشرائع والأقوال المختصة بنا كجنازة3 وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي إذَا فَعَلَ ذَلِكَ هَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَمْ لَا، أَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تميم وابن حمدان:
وَيَلْزَمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمٍ "و" خِلَافًا لِشَيْخِنَا فَلَوْ جُنَّ مُتَّصِلًا فَفِي زَمَنِ جُنُونِهِ احتمالان "م 7"، وكذا بمباح "وهـ" وقيل لا يلزمه "وم ش" ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِفِعْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَبْصِرَةِ الْوَعْظِ وَالْتَزَمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ بِالْحَجِّ فَقَطْ، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْتَزَمَهُ الْمَجْدُ وَمَنْ تَابَعَهُ فِيهِ أَيْضًا. مَسْأَلَةُ – 7: قَوْلُهُ: "وَيَلْزَمُ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُحَرَّمٍ ... فَلَوْ جُنَّ مُتَّصِلًا فَفِي زَمَنِ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي فِي لُزُومِ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ حَالَ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ مُنَجَّى فِي النِّهَايَةِ: لَوْ شَرِبَ مُحَرَّمًا فَسَكِرَ بِهِ ثُمَّ جُنَّ مُتَّصِلًا بِالسُّكْرِ لَزِمَهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي وَقْتِ السُّكْرِ، وَجْهًا وَاحِدًا، وَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ فِي حَالِ الْجُنُونِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِاتِّصَالِهِ بِالسُّكْرِ، لأنه هو الذي تعاطى سببا أثر فِي وُجُودِ الْجُنُونِ. وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ طَرَيَانَ الْجُنُونِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ وُجِدَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، انْتَهَى، قُلْت الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ، وَيُعَضِّدُهُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ لَوْ جُنَّ الْمُرْتَدُّ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ زَمَنَ جُنُونِهِ، لِأَنَّ سُقُوطَهَا بِالْجُنُونِ رُخْصَةٌ، وَتَخْفِيفٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَكَذَا، يُقَالُ في هذا، والله أعلم.
وَذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِي السُّكْرِ كَرِهَا، كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ فِي الْحَضَرِ يُصَلِّي وَلَا يَقْضِي، وَإِنْ كَانَ نَادِرًا. وَقِيلَ إنْ طَالَ زَمَنُهُ. وَتَلْزَمُ مُغْمًى عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ" فِي خَمْسِ صَلَوَاتٍ كَنَائِمٍ "ع" وَقِيلَ لَا، كَمَجْنُونٍ عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبْلَهِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ. وَقَالَ فِي الصَّوْمِ: لَا يَجِبُ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَلَا عَلَى الْأَبْلَهِ اللَّذَيْنِ لَا يُفِيقَانِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يَقْضِي، مَعَ قَوْلِهِ فِي الصَّوْمِ: الْأَبْلَهُ كَالْمَجْنُونِ، كَذَا ذَكَرَ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ جُنُونٍ لَمْ يَسْقُطْ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ رَجُلٌ أَبْلَهُ بَيْنَ الْبَلَهِ وَالْبَلَاهَةِ، وَهُوَ الَّذِي غَلَبَ عَلَيْهِ سَلَامَةُ الصَّدْرِ، وَقَدْ بَلِهَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَتَبَّلَهُ، وَالْمَرْأَةُ بَلْهَاءُ. وَفِي الْحَدِيثِ: "أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ" 1. يَعْنِي فِي أَمْرِ الدُّنْيَا لِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِهَا وَهُمْ أَكْيَاسٌ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ، وَتَبَالَهَ: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي لُزُومِ إعْلَامِ النَّائِمِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا احْتِمَالَاتٌ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ مَعَ ضِيقِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ، وَجَعَلَهُ دَلِيلًا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعَزْمِ أَوَّلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَقْتِ "م 8". وَتَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ "و" صَلَاةُ كذا. وفي التعليق وَهُوَ مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرعاية وست1 نَفْلًا، وَيُقَالُ لِمَا فَعَلَهُ صَلَاةُ كَذَا. وَفِي التَّعْلِيقِ مَجَازٌ، وَثَوَابُ فِعْلِهِ لَهُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي حَجِّهِ أَنَّهُ صَحِيحٌ يَقَعُ تَطَوُّعًا يُثَابُ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ فِي أَوَائِلِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عَشَرَ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى طَاعَاتِ بَدَنِهِ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ مِنْ مَالِهِ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْحَجِّ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ يَصِحُّ مِنْهُ أَيْ يكتب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ -8: قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِ إعْلَامِ النَّائِمِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا احْتِمَالَاتٌ، الثَّالِثُ يَلْزَمُ مَعَ ضِيقِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ، وَجَعَلَهُ دَلِيلًا لِعَدَمِ وُجُوبِ العزم أول الوقت" انتهى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيَلِيهِ فِي الْقُوَّةِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ لُزُومِ الْإِعْلَامِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهَلْ يَجِبُ إعْلَامُ النَّائِمِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِيُصَلِّيَ، قُلْت يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا، الثَّالِثُ يَجِبُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَخَافَ الْفَوْتَ، انْتَهَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَهُ، فَيَكُونُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ، وَاَللَّهُ أعلم.
لَهُ، قَالَ: وَكَذَا أَعْمَالُ الْبِرِّ كُلِّهَا فَهُوَ يُكْتَبُ لَهُ وَلَا يُكْتَبُ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْجَنَائِزِ تَقْدِيمَ النِّسَاءِ عَلَى الصِّبْيَانِ بِالتَّكْلِيفِ فَفَضْلُهُنَّ بِالثَّوَابِ وَالتَّعْوِيضِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَذَا قَالَ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي مَسْأَلَةِ تَصَرُّفِهِ: ثَوَابُهُ لِوَالِدَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "أَنَّ حَسَنَاتِ الصَّبِيِّ لِوَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا" وَذَكَرَهُ ابن الجوزي فِي الْمَوْضُوعَاتِ1. وَالْمُتَسَبِّبُ يُثَابُ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَلِأَنَّهُ دَلَّ عَلَى هُدًى، وَلِأَنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ صَبِيًّا فِي خِرْقَةٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا2. وَلَا تَلْزَمُهُ "و" كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَعَنْهُ بَلَى، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَأَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَذَكَرَهَا فِي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ فِي الْجُمُعَةِ. وَعَنْهُ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ يَضْرِبُهُ عَلَيْهَا وُجُوبًا، وَعَنْهُ مراهقا اختاره أبو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحُسَيْنِ التَّمِيمِيُّ، فَعَلَى الْأُولَى يَلْزَمُ الْوَلِيَّ أَمْرُهُ بِهَا وَتَعْلِيمُهُ إيَّاهَا وَالطَّهَارَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ وَبَعْضِ الْعُلَمَاءِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ، وَكَإِصْلَاحِ مَالِهِ، وَكَفِّهِ عَنْ الْمَفَاسِدِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيٍّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَنْ يُنَزِّهَهُمَا عَنْ النَّجَاسَةِ، وَلَا أَنْ يُزِيلَهَا عَنْهُمَا، بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا وَجْهًا فِي أَنَّ الطَّهَارَةَ تَلْزَمُ الْمُمَيِّزَ، وَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ1 قَوْلُ2 بَعْضِهِمْ يَصِحُّ لِدُونِ سَبْعٍ، وَهُوَ الشَّيْخُ أَوْ غَيْرُهُ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ ظَاهِرَ الْخِرَقِيِّ تَصِحُّ صَلَاةُ الْعَاقِلِ مِنْ غير تقدير بسن "وش" وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ ابْنَ ثَلَاثٍ وَنَحْوِهِ يَصِحُّ إسْلَامُهُ إذَا عَقَلَهُ، وَكَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ تَعْلِيمَ الْأَبِ وَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ مَا يَحْتَاجُهُ الِابْنُ لِدِينِهِ يَجِبُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ: وَكَذَا الْأُمُّ لِعَدَمِ الْأَبِ، وَيُتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ، لِحَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو3: "وَإِنَّ لِوَلَدِك عَلَيْك حَقًّا". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ4. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَصِحُّ لِدُونِ سَبْعٍ وَهُوَ الشَّيْخُ أَوْ غَيْرُهُ" انْتَهَى. لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الظِّهَارِ، وَقَوْلُهُ "وَهُوَ الشَّيْخُ" قَدْ نُقِلَ وَهُوَ عَنْ الشَّيْخِ ضِدُّ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ ظِهَارٌ وَلَا إيلَاءٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ ثمان مسائل قد فتح الله بتصحيحها.
قَالُوا وَالْأُجْرَةُ مِنْ الصَّبِيِّ، ثُمَّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ مِثْلُهُ، وَفِيهِ نَظَرُهُ. وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي النَّفْلِ، وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْأَوْلَى إعَادَتُهَا بِبُلُوغِهِ فِيهَا، أَوْ فِي وَقْتِهَا بَعْدَ فِعْلِهَا فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا "ش" لَا إعَادَةُ طَهَارَةٍ، لِأَنَّ الْقَصْدَ غَيْرُهَا، وَكَذَا إسْلَامٌ، لِأَنَّ أَصْلَ الدِّينِ لَا يَصِحُّ نَفْلًا، فَإِذَا وُجِدَ فَعَلَى وَجْهِ الْوُجُوبِ، وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَبُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي خِلَافًا. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الْإِسْلَامُ أَصْلُ الْعِبَادَاتِ وَأَعْلَاهَا، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، وَمَعَ التَّسْلِيمِ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ. وَلَهُ تَأْخِيرُهَا مَا لَمْ يُظَنُّ مَانِعٌ كَمَوْتٍ، وَقَتْلٍ، وَحَيْضٍ، وَكَمَنْ أُعِيرَ سُتْرَةً أَوَّلَ الْوَقْتِ فَقَطْ، أَوْ مُتَوَضِّئٍ عَدِمَ الْمَاءَ سَفَرًا لَا تَبْقَى طَهَارَتُهُ إلَى آخِرِهِ، وَلَا يَرْجُو وُجُودَهُ مَعَ عَزْمِهِ، وَقِيلَ وَبِدُونِهِ، وَعَلَيْهِمَا هل يأثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُتَرَدِّدُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُهَا عَنْ بَعْضِهَا، فَيَحْرُمُ لِغَيْرِ جَمْعٍ، أَوْ شَرْطٍ قَرِيبٍ؟. وَيَأْثَمُ مَنْ عَزَمَ عَلَى التَّرْكِ إجْمَاعًا، وَمَتَى فُعِلَتْ فِي وَقْتِهَا فَهِيَ أَدَاءٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَوْ شَرْطٌ قَرِيبٌ لَيْسَ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَنَّ الْوَقْتَ يُقَدَّمُ، وَاخْتَارَ تَقْدِيمَ الشَّرْطِ إنْ انْتَبَهَ قُرْبَ طُلُوعِهَا. وَمَنْ صَحَّتْ مِنْهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَالْحَاقِنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالطَّهَارَةِ إنْ خَرَجَ الْوَقْتُ "و". وَيَحْرُمُ التَّأْخِيرُ بِلَا عُذْرٍ إلَى وَقْتِ ضَرُورَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ فِي الْعَصْرِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ لَا يُكْرَهُ أَدَاؤُهَا، وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ التَّأْخِيرَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَدَاءِ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَلَا يُكْرَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ لَهُ التَّأْخِيرُ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ لَمْ يَأْثَمْ فِي الْأَصَحِّ "و" وَتَسْقُطُ إذَنْ بِمَوْتِهِ "و" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ، فَلَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهَا فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَالْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ كَدَيْنٍ مُعْسِرٍ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، وَلَا يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ لِدُخُولِ النِّيَابَةِ لِجَوَازِ الْإِبْرَاءِ، أَوْ قَضَاءِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَقِيلَ لَهُ لَوْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ لَطُولِبَ بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَلَحِقَهُ الْمَأْثَمُ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ فَقَالَ: هَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَالْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ، وَلِابْنِ عَقِيلٍ مَعْنَى ذَلِكَ فِي الْفُنُونِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا كُفِّرَ إجْمَاعًا، وَمَنْ جَهِلَهُ عَرَفَهُ، فَإِنْ أَصَرَّ كُفِّرَ. وَإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا وَكَسَلًا دَعَاهُ إمَامٌ أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ: فَإِنْ أَبَى حَتَّى ضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ الْأَوْلَى، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَهِيَ أَظْهَرُ "وم ش" وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: إنْ لَمْ يَجْمَعْ وَحَسَّنَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ إنْ تَرَكَ ثَلَاثًا، وَعَنْهُ: وَيَضِيقُ وَقْتُ الرَّابِعَةِ قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ وَتَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ رِوَايَةُ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ قُتِلَ1 "هـ" وُجُوبًا بِضَرْبِ عُنُقِهِ نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" كُفْرًا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَحُكْمُهُ كَالْكُفَّارِ وَذَكَرَ الْقَاضِي يُدْفَنُ مُنْفَرِدًا، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا تُرِكَ بِمَكَانِهِ، وَلَا يُدْفَنُ، وَلَا كَرَامَةَ. وَعَنْهُ حَدًّا2 "وم ش" فَحُكْمُهُ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ قَالَ شَيْخُنَا كَذَا فَرَضَ الْفُقَهَاءُ، وَيُمْتَنَعُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَهَا وَلَا يَفْعَلُهَا وَيَصْبِرُ عَلَى الْقَتْلِ، هَذَا لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ قَطُّ. وَاسْتِتَابَتُهُ كَمُرْتَدٍّ نَصُّ "م ر" وَذَكَرَ الْقَاضِي يُضْرَبُ، ثُمَّ يُقْتَلُ، وَيَنْبَغِي الْإِشَاعَةُ عَنْهُ بِتَرْكِهَا حَتَّى يُصَلِّيَ، قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي السَّلَامُ عَلَيْهِ، وَلَا إجَابَةُ دَعْوَتِهِ، وَمَتَى رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَضَى صَلَاةَ مُدَّةِ امْتِنَاعِهِ. وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ، لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ إبْطَالُ كُفْرِهِ، وَيُتَوَجَّهُ أَيْضًا يَقْضِي مَا كُفِّرَ بِهِ، لَا ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَرَكَهُ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِأَنَّ تَكْلِيفَهُ بِفِعْلِ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ، وَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى قَضَائِهَا، وَقَاسَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ فِي حَقِّ الْمُرْتَدِّ. وَيَصِيرُ مُسْلِمًا بِالصَّلَاةِ، نَقَلَ صَالِحٌ: تَوْبَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ. وَفِي الْفُنُونِ الشَّهَادَتَانِ يَحْكِي مَا فِي نَفْسِهِ مِنْ الْإِيمَانِ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَهَا حِينَ ترك الصلاة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَعْمَلُ بِهَا إذَا تَابَ وَنَدِمَ، وَالزِّنْدِيقُ يَتَظَاهَرُ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَكُونَ مُؤَذِّنًا، ثُمَّ إذَا تَابَ قُبِلَتْ وَأَعَدْنَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ بِنَفْسِ الْكَلِمَتَيْنِ لَا غَيْرِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ، قَالَ شَيْخُنَا: الْأَصْوَبُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِالصَّلَاةِ، لِأَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كُفْرَهُ بِالِامْتِنَاعِ كَإِبْلِيسٍ وَتَارِكِ الزَّكَاةِ، وَصِحَّتُهَا قَبْلَ الشهادتين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كمرتد1، قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَيْضًا أَنَّ الزِّنْدِيقَ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ تَائِبٌ بَاطِنًا، وَإِنْ لَمْ يقل2 فلعل باطنه تغير. وَالْمُحَافِظُ عَلَيْهَا أَقْرَبُ إلَى الرَّحْمَةِ مِمَّنْ لَا يُصَلِّيهَا وَلَوْ فَعَلَ مَا فَعَلَ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَمَنْ تَرَكَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالطَّهَارَةِ فَكَتَرْكِهَا، وَكَذَا مُخْتَلِفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ لَا، وَزَادَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا فِي الْفُصُولِ لَا بَأْسَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ، كَمَا نَحُدُّهُ بِفِعْلِ مَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَفِي الْأَصْلِ نَظَرٌ، مَعَ أَنَّ الْفَرْقَ وَاضِحٌ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ: وَقَدْ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ: مَا صَلَّيْت، وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 فِيهِ أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكِرِ فِي مِثْلِ هَذَا يُغَلَّظُ لَهُ لَفْظُ الْإِنْكَارِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَإِلَى تَغْلِيظِ الْأَمْرِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى إنَّ مَنْ أَسَاءَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا فإن حكمه حكم تاركها. ولا يكفر بترك، وزكاة4، وصوم وَحَجٍّ، وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ تَهَاوُنًا، وَبُخْلًا بِزَكَاةٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "و" وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَيُقْتَلُ عَلَى الْأَصَحِّ "وم" فِي الصَّوْمِ، وَعَنْهُ يُكَفَّرُ بِزَكَاةٍ، وَعَنْهُ وَلَوْ لَمْ يُقَاتَلْ عَلَيْهَا، وَعَنْهُ يُقْتَلُ بها فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَوْلُنَا فِي الْحَجِّ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ، 1لِعَزْمِهِ عَلَى تَرْكِهِ1، أَوْ ظَنِّهِ الْمَوْتَ مِنْ عَامِهِ، وَبِاعْتِقَادِهِ الْفَوْرِيَّةَ يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلِفٍ فِيهِ، قَالَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَحَمَلَ كَلَامَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ وَهَذَا أَوْضَحُ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، كَذَا قَالَ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، ثُمَّ اخْتَارَ إنْ قُلْنَا بِالْفَوْرِيَّةِ، قِيلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِلَافِ، فَإِنَّهُ قَالَ قِيَاسُ قَوْلِهِ يُقْتَلُ كَالزَّكَاةِ، قَالَ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ، وَقَالَ الْحَجُّ وَالزَّكَاةُ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ سَوَاءٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ فِيمَنْ لَا اعْتِقَادَ لَهُ، وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِاعْتِقَادِهِ أَوْلَى، وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ، وَيَأْتِي فِيمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلِفًا فِيهِ هَلْ يُفَسَّقُ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا قَتْلَ بِفَائِتَةٍ لِلْخِلَافِ فِي الْفَوْرِيَّةِ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ مَا سَبَقَ، وَقِيلَ يُقْتَلُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْفَوْرِ فَعَلَى هَذَا لَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ. وَحَيْثُ كُفِّرَ فَلَا يَرِقُّ وَلَا يُسْبَى وَلَدٌ وَلَا أَهْلٌ نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا قَتْلَ، وَلَا تَكْفِيرَ قَبْلَ الدِّعَايَةِ، وَلَا بِتَرْكِ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ يُكَفَّرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ إبْلِيسَ كَفَرَ بِتَرْكِ السُّجُودِ لَا بِجُحُودِهِ وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي صَوْمِ جُنُبٍ لَمْ يَغْتَسِلْ يَوْمًا، وَسَبَقَ قَرِيبًا كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَيُوَافِقُهُ مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ، وَلَمْ تَثْبُتْ مَعَ كَثْرَةِ تاركي الصلاة، واحتج في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عَلَى مَنْ قَالَ يُقْتَلُ، أَوْ يُكَفَّرُ بِتَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا بِإِخْبَارِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا1، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، وَنَقَلَ أَيْضًا إذَا تَرَكَهَا حَتَّى يُصَلِّيَ صَلَاةً أُخْرَى فَقَدْ تَرَكَهَا، قُلْت فَقَدْ كَفَرَ، قَالَ: الْكُفْرُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ، وَلَكِنْ يُسْتَتَابُ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ تَرْكِهَا اسْتِخْفَافًا وَمُجُونًا أَيُسْتَتَابُ؟ قَالَ أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ؟ وَمَنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي تَرْكِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ فَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الطَّهَارَةُ، لِأَنَّهَا كَالصَّلَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ بَقِيَّةُ الشَّرَائِطِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ لَهَا، وَلِهَذَا صَنَّفَ أَبُو الْخَطَّابِ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسَ. وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: رُبُعُ الْعِبَادَاتِ، وَحَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى الصِّحَّةِ أَوْلَى ومتعين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب المواقيت
باب المواقيت مدخل ... باب المواقيت سَبَبُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ، لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ، وَهِيَ "أَيْ الْإِضَافَةُ" تَدُلُّ عَلَى السَّبَبِيَّةِ، وَتَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ، وَهُوَ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ إذْ سَبَبُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ الْخِطَابُ. وَقْتُ الظُّهْرِ: وَهِيَ الْأَوْلَى لِبُدَاءَةِ جِبْرِيلَ بِهَا لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ1، وَإِنَّمَا بَدَأَ أَبُو الْخَطَّابِ بِالْفَجْرِ لِبِدَايَتِهِ عليه السلام بالسائل2، من زوال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّمْسِ1 "ع" حَتَّى يَتَسَاوَى مُنْتَصِبٌ وَفَيْئِهِ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ "وش" وَهُوَ زِيَادَةُ الظِّلِّ بَعْدَ تَنَاهِي قِصَرِهِ، لِأَنَّ الظِّلَّ يَكُونُ أَوَّلًا طَوِيلًا لِمُقَابَلَةِ قُرْصِهَا، وَكَذَا كُلُّ مُنْتَصِبٍ فِي مُسَامَتَةِ2 نَيِّرٍ، وَكُلَّمَا صَعِدَتْ قَصَرَ الظِّلُّ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ، فَإِذَا أَخَذَتْ فِي النُّزُولِ مُغْرِبَةً طَالَ، لِابْتِدَاءِ الْمُسَامَتَةِ وَمُحَاذَاةِ الْمُنْتَصِبِ قُرْصَهَا. وَيَقْصِرُ الظِّلُّ فِي الصَّيْفِ، لِارْتِفَاعِهِ إلَى الْجَوِّ، وَفِي الشِّتَاءِ يَطُولُ، لِأَنَّهَا مُسَامَتَةٌ لِلْمُنْتَصِبِ وَيَقْصِرُ الظِّلُّ جِدًّا فِي كُلِّ بَلَدٍ تَحْتَ وَسَطِ الْفُلْكِ وَالْأَبْعَدُ عَنْهُ طَوِيلٌ، لِأَنَّ الشَّمْسَ نَاحِيَةٌ عَنْهُ، فَصَيْفُهَا كشتاء غيرها، قال تعالى: {يَتَفَيَّؤا ظِلالُهُ} [النحل: 48] . أَيْ تَدُورُ وَتَرْجِعُ. قَالَ ابْنُ الجوزي: قال المفسرون، إذا طلعت وأنت مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ فَالظِّلُّ قُدَّامَك، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ فَعَنْ يَمِينِك، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَلْفَك، ثُمَّ عَنْ يَسَارِك لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وَقْتَ الظُّهْرِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ بَطْنِ السَّمَاءِ وَكَانَ ظِلُّ الرَّجُلِ كَطُولِهِ، مَا لَمْ تَحْضُرْ الْعَصْرُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1، وَلِئَلَّا يَصِيرَ آخِرُ وَقْتِهَا مَجْهُولًا. وَفِي الْخِلَافِ لَا وَقْتَ لِظُهْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَكُونَ أَوَّلُهُ الزَّوَالَ، يَعْنِي فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَعَنْهُ آخِرُهُ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ، فَبَيْنَهُمَا وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ قَدْرَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، وَعِنْدَ "هـ" مَثَلًا الْمُنْتَصَفُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا، وَقَالَهُ صَاحِبَاهُ. وَالزَّوَالُ فِي جَمِيعِ الدُّنْيَا وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ، قَالَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا، وَأَنْكَرَ عَلَى الْمُنَجِّمِينَ أَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فِي الْبُلْدَانِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مَا تَأْوِيلُهُ مع العلم باختلافه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْأَقَالِيمِ وَكَذَا فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ اخْتِلَافُهُ. وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا بِأَنْ يَتَأَهَّبَ لَهَا بِدُخُولِ الْوَقْتِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ قَوْلًا لَا يَتَطَهَّرُ قَبْلَهُ إلَّا مَعَ حر "وهـ م" وَقِيلَ لِقَاصِدِ جَمَاعَةٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ لِيَمْشِيَ في الفيء، وقيل في بلد حار "وش" وَفِي الْوَاضِحِ لَا بِمَسْجِدِ سُوقٍ. وَلَا تُؤَخَّرُ هي والمغرب لغيم في رواية "وم ش" وعنه بلى "وهـ" فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ "م1،2"، وَقِيلَ: يُؤَخَّرُ الظهر لا المغرب، وتعجل ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: لَمْ يُفْصِحْ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الظُّهْرِ لِلْحَرِّ مُسْتَحَبٌّ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اسْتِحْبَابُهُ لِذَلِكَ قَطَعَ بِهِ الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ الْأَرْجَحُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقِيلَ إنَّ التَّأْخِيرَ رُخْصَةٌ وَيُفْهَمُ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ منجا. مَسْأَلَةُ -1-2: قَوْلُهُ: "وَلَا تُؤَخَّرُ" يَعْنِي: الظُّهْرَ "وَالْمَغْرِبَ لغيم في رواية،
الْجُمُعَةُ مُطْلَقًا "و". ثُمَّ يَلِيهِ وَقِيلَ بَعْدَ زيادة شيء وقت العصر، وآخره المختار حَتَّى يَصِيرَ فَيْءُ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ سِوَى ظِلِّ الزَّوَالِ، وَعَنْهُ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ "ش" وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وقت جَوَازٍ، ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى غُرُوبِهَا "و". وهي الوسطى لا الفجر "وش" وتعجيلها أفضل "وم ش" وعنه مع غيم "وهـ" نَقَلَهُ صَالِحٌ قَالَهُ الْقَاضِي، وَلَفْظُ رِوَايَتِهِ: يُؤَخَّرُ الْعَصْرُ أَحَبُّ إلَيَّ؛ آخِرُ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدِي مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ، فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَالْعِبْرَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ بِتَغَيُّرِ الْقُرْصِ بِحَيْثُ لَا تَحَارُ فيه العين، قال القاضي: وقت الظهر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَنْهُ بَلَى وَعَلَى فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: هَلْ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ مَعَ غَيْمٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، أَمَّا تَأْخِيرُ الظُّهْرِ فَالصَّحِيحُ اسْتِحْبَابُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ القوي ونصروه وابن حمدان في الرعايتين.
عَلَى مَذْهَبِ أَحْمَدَ مِثْلُ وَقْتِ الْعَصْرِ، لِأَنَّهُ لا خلاف بين العلماء أن من ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَجَمَاعَةٍ لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ، وَإِلَيْهِ مِيلُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ، وَالشَّارِحُ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الظُّهْرِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ قَوْلًا أَنَّ الظُّهْرَ تُؤَخَّرُ دُونَ الْمَغْرِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الظُّهْرِ فِي الْغَيْمِ، وَاسْتِحْبَابِهِمْ تَعْجِيلَ الْمَغْرِبِ إلَّا لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -2: عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّأْخِيرِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ إذَا كَانَ وَحْدَهُ أَمْ لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا إذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ إذَا كَانَ وَحْدَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ التَّأْخِيرُ، قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا، قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا سِيَّمَا فِي الْمَغْرِبِ. تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: عَلَّلَ الْأَصْحَابُ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ3 بِأَنَّ الغيم مظنة العوارض
الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ رُبُعُ النَّهَارِ، وَيَبْقَى الرُّبُعُ إلَى الْغُرُوبِ، وَقَالَ لَهُ الْخَصْمُ: طَرَفُ الشَّيْءِ مَا يَقْرُبُ مِنْ نِهَايَتِهِ، فَقَالَ الطَّرَفُ مَا زَادَ عَنْ النِّصْفِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ فِي اللُّغَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ صحته بتفسير الآيتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمَوَانِعِ مِنْ الْبَرْدِ وَالْمَطَرِ، وَالرِّيحِ فَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ بالخروج لكل صلاة، وفي تأخير الصَّلَاةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْجَمْعِ وَتَعْجِيلِ الثَّانِيَةِ دَفْعٌ لِهَذِهِ الْمَشَقَّةِ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِمَا خُرُوجًا وَاحِدًا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، هَذَا يُوَافِقُ مَا صَحَّحْنَاهُ وَقَالَ الْمَجْدُ فِي الْعِلَّةِ لِمَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ لِأَنَّ الْحِكْمَةَ إذَا وُجِدَتْ فِي الْأَغْلَبِ سُحِبَ حُكْمُهُ عَلَى النَّادِرِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي.
ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ الأحمر، وعنه الأبيض "وهـ" وَعَنْهُ حَضَرَا، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا الْأَحْمَرُ، وَقَالَهُ صَاحِبَاهُ، لَا بِقَدْرِ طُهْرٍ وَسَتْرِ عَوْرَةٍ وَأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ "م ش" وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ لِخَبَرِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ1، وَأَنَّ مَنْ أَخَّرَ حَتَّى يَبْدُوَ النَّجْمُ أَخْطَأَ. وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا، إلَّا لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ لِمُحْرِمٍ قَصَدَهَا إجْمَاعًا. وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا، يَعْنِي لِغَيْرِ مُحْرِمٍ، وَاقْتَصَرَ فِي الْفُصُولِ عَلَى قَوْلِهِ: الْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى "بِمُزْدَلِفَةَ" يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ وَذَلِكَ نُسُكٌ وَفَضِيلَةٌ، كَذَا قَالَ، وَنَظِيرُهُ فِي حَمْلِ النَّهْيِ عَنْ عُلُوِّ الْإِمَامِ عَلَى الْكَرَاهَةِ، لِفِعْلِهِ فِي خَبَرِ سَهْلٍ2، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي لَوْ دَفَعَ عَنْ عَرَفَةَ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا بِمِنًى، يُؤَخِّرُهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بِالْعِشَاءِ" انْتَهَى، صَوَابُهُ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ الْفُصُولِ، وَاَلَّذِي فِي الْفُصُولِ إلَّا بِمُزْدَلِفَةَ وَهَذَا مِمَّا لا شك فيه.
الْغُرُوبِ وَحَصَلَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَقْتَ الْغُرُوبِ لَمْ يُؤَخِّرْهَا، وَيُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا وَذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ فِي فَرْضِ الْوَقْتِ: هَلْ هُوَ الْجُمُعَةُ أَوْ الظُّهْرُ؟؟ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الْمُوَافَقَةَ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَلَا يُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا بِالْعِشَاءِ، وَبِالْمَغْرِبِ أَوْلَى، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ1: يُكْرَهُ. ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْمُخْتَارُ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ نصفه، اختاره جماعة، وهي أظهر "وهـ ق" وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتُ جَوَازٍ. وتأخيرها إلى آخره أفضل "ق" مَا لَمْ يُؤَخِّرْ الْمَغْرِبَ، وَيُكْرَهُ إنْ شق على بعضهم على الأصح "وهـ" ثُمَّ هُوَ وَقْتُ ضَرُورَةٍ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ: "وَفِي التَّلْخِيصِ مَا بَيْنَهُمَا وَقْتُ جَوَازٍ" يَعْنِي مَا بَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ وَنِصْفِهِ، وَلَيْسَ فِي التَّلْخِيصِ ذَلِكَ، بَلْ الَّذِي فِيهِ وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَقَدْ نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ، والظاهر أنه ذهول، والله أعلم.
الْمُسْتَطِيرِ، وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الْمَشْرِقِ لَا ظُلْمَةَ بَعْدَهُ "و" وَالْفَجْرُ الَّذِي قَبْلَهُ الْكَاذِبُ الْمُسْتَطِيلُ بِلَا اعْتِرَاضٍ، أَزْرَقُ، لَهُ شُعَاعٌ، ثُمَّ يُظْلِمُ، وَلِدِقَّتِهِ يُسَمَّى ذَنَبَ السِّرْحَانِ وَهُوَ الذِّئْبُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ1: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: الْفَجْرُ يَطْلُعُ بِلَيْلٍ، وَلَكِنَّهُ يَسْتُرُهُ أَشْجَارُ جِنَانِ عَدْنٍ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ فِي زَوَالِ الشَّمْسِ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهِ لَنَا، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ مَيْلِهَا عَنْ كَبَدِ السَّمَاءِ. وَقِيلَ: يَخْرُجُ الْوَقْتُ مُطْلَقًا بِخُرُوجِ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ فِي الصَّلَاتَيْنِ. وَفِي الْكَافِي2: بَعْدَهُ فِي الْعَصْرِ وَقْتُ جَوَازٍ. وَفِي التَّلْخِيصِ مِثْلُهُ فِي الْعِشَاءِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُمَا أَنَّ الْأَدَاءَ بَاقٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْوَجِيزِ لِلْعِشَاءِ وَقْتَ ضَرُورَةٍ، وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِهِ فِي الْعَصْرِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ. وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا "وم ش" وَعَنْهُ بِلَا مُوقِظٍ "وهـ" لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَخَّصَ لِعَلِيٍّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ3 وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ4، جَزَمَ بِهَا فِي جَامِعِ الْقَاضِي، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا فِي الْجُمْلَةِ "و" إلَّا لشغل، وشيء يسير، والأصح وأهل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تُكْرَهُ تَسْمِيَتُهَا عَتَمَةً1، وَالْفَجْرُ بِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا "ش" وَقِيلَ يُكْرَهُ فِي الْأَخِيرَةِ، وَقِيلَ فِي الْأُولَى، وَفِيهَا فِي "اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ" أَنَّ الْأَشْهَرَ عِنْدَنَا إنَّمَا يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الِاسْمِ الْآخَرِ، وَأَنَّ مِثْلَهَا فِي الْخِلَافِ الْمَغْرِبُ بِالْعِشَاءِ. وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْمِصْرِيِّ رِوَايَةُ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ بَشْرَانَ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ سَمَّى الْعِشَاءَ الْعَتَمَةَ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ". ثُمَّ يَلِيهِ وَقْتُ الْفَجْرِ "ع" حَتَّى تطلع الشمس، وقيل: إن أسفر فضرورة "وش" وَهِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَهَلْ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ؟ وهي أظهر "وم ش" أَوْ مُرَاعَاةُ أَكْثَرِ الْمَأْمُومِينَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 3". وعنه الأسفار أفضل، أطلقها بعضهم "وهـ" لغير الحاج بمزدلفة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ – 3: قَوْلُهُ: فِي الْفَجْرِ: "وَهَلْ تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ وَهِيَ أَظْهَرُ أَمْ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِينَ فِيهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: تَعْجِيلُهَا أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي مجمع البحرين، وإدراك الغاية، قال
وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ، زَادَ الْحَنَفِيَّةُ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى قِرَاءَةٍ مَسْنُونَةٍ، وَإِعَادَتُهَا وَإِعَادَةُ الْوُضُوءِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَوْ ظَهَرَ سَهْوٌ، وَلَهُمْ فِي الْأَسْفَارِ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ خِلَافٌ. وَوَقْتُ الْعِشَاءِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ يَتْبَعُ النَّهَارَ، فَيَكُونُ فِي الصَّيْفِ أَطْوَلَ، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ يَتْبَعُ اللَّيْلَ فَيَكُونُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ وَقْتَ الْعِشَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْفَجْرِ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الصَّيْفِ، فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا بَيِّنًا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَسَبَبُ غَلَطِهِ أَنَّ الْأَنْوَارَ تَتْبَعُ الْأَبْخِرَةَ، فَفِي الشِّتَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2، وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ، فعليها يكره التأخير بلا عذر إلى الإسفار. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْأَفْضَلُ مُرَاعَاةُ أَكْثَرِ الْمَأْمُومِينَ، اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ، فِي الْمَنْهَجِ، وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَالَ إلَيْهِ. قُلْت: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ لَا سيما مع قوله وهي أظهر.
يَكْثُرُ الْبُخَارُ فِي اللَّيْلِ فَيَظْهَرُ النُّورُ فِيهِ، وفي الصيف تَقِلُّ الْأَبْخِرَةُ بِاللَّيْلِ وَفِي الصَّيْفِ يَتَكَدَّرُ الْجَوُّ بِالنَّهَارِ بِالْأَغْبِرَةِ، وَيَصْفُو فِي الشِّتَاءِ، وَلِأَنَّ النُّورَيْنِ تَابِعَانِ لِلشَّمْسِ، هَذَا يَتَقَدَّمُهَا، وَهَذَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا، فَإِذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ طَالَ زَمَنُ مَغِيبِهَا فَيَطُولُ زَمَنُ الضَّوْءِ التَّابِعِ لَهَا، وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ طَالَ زَمَنُ ظُهُورِهَا فَيَطُولُ زَمَنُ الضَّوْءِ التَّابِعِ لَهَا، وَأَمَّا جَعْلُ هَذِهِ الْحِصَّةِ بِقَدْرِ هَذِهِ وَأَنَّ الْفَجْرَيْنِ أَطْوَلُ، وَالْعِشَاءُ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلُ، وَجَعْلُ الْفَجْرِ تَابِعًا لِلنَّهَارِ يَطُولُ فِي الصَّيْفِ، وَيَقْصُرُ فِي الشِّتَاءِ، وَجَعْلُ الشَّفَقِ تَابِعًا لِلَّيْلِ: يَطُولُ فِي الشِّتَاءِ وَيَقْصُرُ فِي الصيف، فهو قلب للحس، والعقل، والشرع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا تبطل الصلاة بخروج وقتها وهو فيها
فَصْلٌ: وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا وَهُوَ فِيهَا "هـ" فِي الْفَجْرِ، لِوُجُوبِهَا كَامِلَةً، فَلَا تؤدى ناقصة، ومثله 1عصر أمسه تَغْرُبُ1 وَهُوَ فِيهَا. وَهِيَ أَدَاءٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "وش" وَلَوْ كَانَ صَلَّى دُونَ رَكْعَةٍ "ش" وَلِهَذَا يَنْوِيهِ، وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمَعْذُورِ، وَقِيلَ قَضَاءٌ "وهـ" وَقِيلَ الْخَارِجُ عن الوقت. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُدْرِكُ بِإِدْرَاكِهِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي وَقْتِهَا، قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بِرَكْعَةٍ، وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً مَا خَرَجَ عَنْ وَقْتِهَا على التحريمة، وأنها لا تبطل، وظاهر المغني1: أَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ. وَيَرْجِعُ إلَى مَنْ يَثِقُ بِهِ فِي دُخُولِهِ عَنْ عِلْمٍ. أَوْ أَذَانِ ثِقَةٍ عَارِفٍ، قَالَ فِي الْفُصُولِ، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي. وَابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ: إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ بِدَارِ حَرْبٍ، لَا عَنْ اجْتِهَادٍ، إلَّا لِعُذْرٍ. وَفِي كِتَابِ أَبِي عَلِيٍّ الْعُكْبَرِيِّ وَأَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: لَا أَذَانَ فِي غَيْمٍ، لِأَنَّهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ، وَيَجْتَهِدُ هُوَ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ أَنَّهُ يَعْرِفُ الْوَقْتَ بِالسَّاعَاتِ أَوْ تَقْلِيدِ عَارِفٍ عَمِلَ بِهِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. فَإِنْ ظَنَّ دُخُولَهُ فَلَهُ الصَّلَاةُ، فَإِنْ بَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَنَفْلٌ، وَيُعِيدُ "و" لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ، وَالْيَقِينُ مُمْكِنٌ، وَعَنْ "م ش" قَوْلٌ لَا يُعِيدُ، وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَيَقَّنَ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ "وم" كَمَا لَوْ وَجَدَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنْ يَقِينٍ، أَوْ أَمْكَنَهُ مُشَاهَدَةَ الْوَقْتِ. وَقَالَ شَيْخُنَا، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْوَقْتِ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ. وَخِلَافُ مَا شَهِدَتْ بِهِ النُّصُوصُ، كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَعْمَى الْعَاجِزُ يُقَلِّدُ، فَإِنْ عَدِمَ أَعَادَ، وَقِيلَ إنْ أَخْطَأَ. وَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ، وَأَطْلَقَهُ أَحْمَدُ، فَلِهَذَا قِيلَ يُجْزِئُ وَعَنْهُ وَأَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ اخْتَارَهُ1 وَجَمَاعَةٌ "وش" وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنْ يُضَيِّقَ "وم" ثُمَّ طَرَأَ جُنُونٌ أَوْ حَيْضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ "هـ" وَعَنْهُ وَالْمَجْمُوعَةُ إلَيْهَا بَعْدَهَا "خ". وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُ وَقْتِ صَلَاةٍ وَلَوْ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ "وهـ ق" وَقِيلَ بِجُزْءٍ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي حِكَايَةَ الْقَوْلِ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ حِكَايَةُ الْقَوْلِ بِرَكْعَةٍ، فَيَكُونُ فَائِدَةً الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْخِلَافَ عِنْدَنَا فِيمَا إذَا طَرَأَ مَانِعٌ أَوْ تَكْلِيفٌ، هَلْ يُعْتَبَرُ بِتَكْبِيرَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ، وَاخْتَارَ بِرَكْعَةٍ فِي التَّكْلِيفِ "وم". وَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنٌ يَتَّسِعُ الطَّهَارَةَ نَصَّ عَلَيْهِ "هـ وم ق" قَضَاهَا "وش" وَقَضَى الْمَجْمُوعَةَ إلَيْهَا قَبْلَهَا "هـ" وَلَوْ لَمْ يَتَّسِعْ لِفِعْلِهَا وَقَدَّرَ مَا تَجِبُ به الثانية "م". وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَوَائِتِ "و" عَلَى الْفَوْرِ فِي الْمَنْصُوصِ: إنْ لَمْ يَضُرَّ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تَحَوَّلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَصْحَابِهِ لَمَّا نَامُوا وَقَالَ: "إنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ" 2. لِأَنَّهُ سُنَّةٌ، كَفِعْلِ سنة قبل الفرض. ويجوز التأخير لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَانْتِظَارِ رُفْقَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ لِلصَّلَاةِ، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ فَالْأَوْلَى تَرْكُ سُنَنِهَا، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ1، وَاسْتَثْنَى أَحْمَدُ سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَقَالَ: لَا يُهْمِلُهَا، وَقَالَ فِي الْوِتْرِ: إنْ شَاءَ قَضَاهُ، وَإِنْ شَاءَ فَلَا، وَنَقَلَ مُهَنَّا يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ: لَا الْوِتْرَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهُ عِنْدَهُ دُونَهَا، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَقْضِي السُّنَنَ، وَقَالَ بَعْدَ رِوَايَةِ مُهَنَّا الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهِ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَقْضِي الْوِتْرَ كَمَا يَقْضِي غَيْرَهُ مِنْ الرَّوَاتِبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ هَذَا مِنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَقْضِي الْوِتْرَ فِي رِوَايَةٍ خَاصَّةٍ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ لَا يَتَطَوَّعُ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مُتَقَدِّمَةٌ إلَّا الْوِتْرَ، فَإِنَّهُ يُوتِرُ. وَفِي الْفُصُولِ يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَفِي بَقِيَّةِ الرَّوَاتِبِ مِنْ النَّوَافِلِ رِوَايَتَانِ، نَصَّ عَلَى الْوِتْرِ لَا يَقْضِي، وَعَنْهُ يَقْضِي. وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَحْرِيمِهِ كَأَوْقَاتِ النَّهْيِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ الخلاف في الجواز، وأن على المنع لا يَصِحُّ، قَالَ: وَكَذَا بِتَخَرُّجٍ فِي النَّفْلِ الْمُبْتَدَأِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أَوْ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمُؤَدَّاةِ مع علمه بذلك وتحريمه. وَيَجِبُ تَرْتِيبُهَا "ش" وَعَنْهُ لَا، وَقِيلَ يَجِبَانِ في خمس "وهـ م" في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّرْتِيبِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَتَّبَ1، وَفِعْلُهُ بَيَانٌ لِمُجْمَلِ الْأَوَامِرِ الْمُطْلَقَةِ، وَهِيَ تَشْمَلُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ مَعَ عُمُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي" 2. وَالصَّوْمُ وَكَذَا الزَّكَاةُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ فِي جِنْسِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، بِدَلِيلِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَالْمُرَادُ لَا يَجِبُ فِي الصَّوْمِ تَرْتِيبٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَأْتِي فِيمَا إذَا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ3. وَسُقُوطُهُ سَهْوًا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ شَرْطًا، كَالْإِمْسَاكِ فِي الصَّوْمِ، وَتَرْكِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ مُخَالِفِينَا، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ التَّرْتِيبُ، وَلَا يُعْتَبَرُ لِلصِّحَّةِ، وَلَهُ نَظَائِرُ، قَالَ شَيْخُنَا: إنْ عَجَزَ فَمَاتَ بَعْدَ التَّوْبَةِ غُفِرَ لَهُ. قَالَ: وَلَا تَسْقُطُ بِحَجٍّ، وَلَا تَضْعِيفِ صَلَاةٍ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ "ع". وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ لِخَشْيَةِ فَوَاتِ الْحَاضِرَةِ لِئَلَّا يَصِيرَا فَائِتَتَيْنِ، وَلِأَنَّ تَرْكَ التَّرْتِيبِ أَيْسَرُ مِنْ تَرْكِ الْوَقْتِ، وَعَنْهُ مَعَ الْكَثْرَةِ "وم" وَبِنِسْيَانِ التَّرْتِيبِ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصَحِّ فِيهِمَا "م" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ الْمَاضِيَةِ كَالنِّسْيَانِ، قَالَ: وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاةٍ هَلْ صَلَّى مَا قَبْلَهَا؟ وَدَامَ حَتَّى فَرَغَ فَبَانَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ أَعَادَهُمَا كَمُتَيَمِّمٍ شَكَّ: هَلْ رَأَى مَاءً أَوْ سَرَابًا فَكَانَ مَاءً، وَيُتَوَجَّهُ فِيهَا احْتِمَالٌ. وَقِيلَ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِجَهْلِ وُجُوبِهِ "هـ" وَالْمَذْهَبُ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ، وَلِأَنَّهُ اعْتَقَدَ بِجَهْلِهِ خِلَافَ الْأَصْلِ، وَهُوَ التَّرْتِيبُ فَلَمْ يُعْذَرْ، فَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ الْفَجْرَ جَاهِلًا، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا. صَحَّتْ عَصْرُهُ لِاعْتِقَادِهِ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ كَمَنْ صَلَّاهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ بِلَا وُضُوءٍ أَعَادَ الظُّهْرَ، وَعَنْهُ وَبِخَشْيَةِ فَوْتِ الجماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَصِحُّ الْبِدَايَةُ بِغَيْرِ الْحَاضِرَةِ فِي الْمَنْصُوصِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ "و" وَلَا نَافِلَةَ إذًا فِي الْأَصَحِّ عَالِمًا عَمْدًا كَمَا سَبَقَ. وَإِنْ ذَكَرَ فَائِتَةً فِي حَاضِرَةٍ أَتَمَّهَا غَيْرَ الْإِمَامِ "وهـ م" وَعَنْهُ وَهُوَ1 نَفْلًا، وَقِيلَ فَرْضًا، وَعَنْهُ تَبْطُلُ. وَإِنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمِ يَجْهَلُ عَيْنَهَا صَلَّى خَمْسًا نَصَّ عَلَيْهِ "و" بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، زَادَ الْقَاضِي فَقَالَ فِيمَا إذَا اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِمَنْ. لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ: وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّ فِعْلَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ بِنِيَّةِ الْوَاجِبِ مُحَرَّمٌ كَمَا تَحْرُمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ. وَعَنْهُ فَجْرًا، ثُمَّ مغربا، ثم رباعية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ تَرَكَ عَشَرَ سَجَدَاتٍ مِنْ صَلَاةِ شَهْرٍ قَضَى صَلَاةَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ، لِجَوَازِ تَرْكِهِ كُلَّ يَوْمٍ سَجْدَةً، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ: وَيُعْتَبَرُ فِيمَا فَاتَهُ فِي مَرَضِهِ وَصِحَّتِهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ، قَالَ: هُوَ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَإِنْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ، وَعَنْهُ يَتَحَرَّى "م" فَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَنْهُ بِمَا شَاءَ، وَعَنْهُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بينهما عصر، أو عكسه "م 4،5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 4 -5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ، وَعَنْهُ يَتَحَرَّى، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَنْهُ بِمَا شَاءَ، وَعَنْهُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرٌ، وَعَكْسُهُ" انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: إذَا نَسِيَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَةَ فَهَلْ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ، أَوْ يَتَحَرَّى، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ2 وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا يَتَحَرَّى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ، ثُمَّ الْعَصْرِ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ، نَقَلَهَا مُهَنَّا، قُلْت وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَصْرِ وَلَمْ أَرَهُ، لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الْعَصْرَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، كَمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يكون نسي الظُّهْرَ مِنْ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، فَلَيْسَتْ لِلظُّهْرِ مَزِيَّةٌ فِي الِابْتِدَاءِ بِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نِسْيَانِهِ، فَيَكُونُ كَالظُّهْرِ، فَيَأْتِي فِيهَا قَوْلٌ كَالظُّهْرِ، وَلَا تَأْثِيرَ لكون الظهر قبلها،
ومن شك فيما عليه وتيقن سَبَقَ الْوُجُوبُ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُ يَقِينًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا مَا تَيَقَّنَ وُجُوبَهُ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ شَكَّ هَلْ صَلَّى وَقَدْ خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ إلَّا بِيَقِينٍ أَوْ ظَنٍّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ ثَلَاثُ صَلَوَاتٍ، عَصْرٌ بَيْنَ ظُهْرَيْنِ أَوْ عَكْسُهُ، قَالَ وَهَذَا أَقْيَسُ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ، فَلَزِمَهُ، كَمَا لَوْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، انْتَهَى، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ وَأَبُو الْمَعَالِي وَابْنُ مُنَجَّى، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا، قَالَ وَقِيلَ: أَوْ عَصْرًا ثُمَّ ظُهْرًا ثُمَّ عَصْرًا، انْتَهَى، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي نَوْعُ الْتِفَاتٍ إلَى مَا وَجَّهْته. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -2: عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَرِّي: لَوْ تَحَرَّى: فَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَعَنْهُ يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُصَلِّي ظُهْرَيْنِ بَيْنَهُمَا عَصْرٌ، أَوْ عَكْسُهُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد، وَهُوَ الَّذِي مَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، لَكِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ أَنْ يَسْتَوِيَ عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ أَمْ لَا، وَالْمُصَنِّفُ فَرَّقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ خَمْسُ مسائل قد صححت بحمد الله تعالى.
وَفِي الْغُنْيَةِ إنْ شَكَّ فِي تَرْكِ الصَّوْمِ أَوْ النِّيَّةِ فَلْيَتَحَرَّ، وَلِيَقْضِ مَا ظَنَّ أَنَّهُ تَرَكَهُ فَقَطْ، وَإِنْ احْتَاطَ فَقَضَى الْجَمِيعَ كَانَ حَسَنًا، وَكَذَا قَالَ فِي الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلَاةِ مَا يَتَيَقَّنُهُ لَا يَقْضِيهِ وَيَقْضِي غَيْرَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمَأْمُومُ: هَلْ صَلَّى الْإِمَامُ الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ؟ اعْتَبَرَ بِالْوَقْتِ، فإن أشكل فالأصل عدم الإعادة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . انتهى الجزء الأول من كتاب الفروع وتصحيحه وحاشية ابن قندس ويليه الجزء الثاني ويبدأ بباب الآذان والإقامة
المجلد الثاني
المجلد الثاني تابع كتاب الصلاة باب الأذان والإقامه مدخل ... بَابُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْأَصَحِّ، وَمِنْ الْإِمَامَةِ عَلَى الْأَصَحِّ "وش" وَلَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا "و" وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ أَفْضَلُ "وش" وَأَنَّ مَا صَلَحَ لَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ. وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: وَفَائِتَةٍ وَمَنْذُورَةٍ عَلَى الرِّجَالِ، وَعَنْهُ: وَالرَّجُلُ حَضَرًا، وَعَنْهُ فِي الْمِصْرِ، وَعَنْهُ وَسَفَرًا. وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ "و" وَفِي الرَّوْضَةِ هُوَ فَرْضٌ وَهِيَ سُنَّةٌ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: وَعَلَى أَنَّهُمَا سُنَّةٌ يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِمَا "هـ" وَعَنْهُ يَجِبُ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ. وَيَكْفِي مُؤَذِّنٌ فِي الْمِصْرِ، نَصَّ عليه، وأطلقه جماعة، وقال جماعة: بحيث يَسْمَعُهُمْ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَمَّنْ صَلَّى مَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُطْلَقًا خَاصَّةً، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الْفَجْرِ فَقَطْ، كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا. وَقَالَ الْقَاضِي عَلَى أَرْبَعَةٍ، لِفِعْلِ عُثْمَانَ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَيُقِيمُ مَنْ أَذَّنَ أَوَّلًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِعْلَامُ بِوَاحِدٍ زِيدَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، كُلُّ وَاحِدٍ فِي جَانِبٍ، أَوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِمَكَانٍ وَاحِدٍ. وَيُقِيمُ أَحَدُهُمْ، وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ، فَإِنْ تَشَاحُّوا أَقُرِعَ. وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِمَا، فَعَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ1، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَى مَعْنًى فِي الصَّلَاةِ، بَلْ إلَى الدُّعَاءِ إلَيْهَا، وَعَلَى أَنَّ كَوْنَ الْبُقْعَةِ حَلَالًا لَا يَجِبُ فِيهَا. وَلَا تَبْطُلُ بِعَدَمِهِمَا لكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُكْرَهُ، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إلَّا بِمَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ، وَنَصُّهُ أَوْ اقْتَصَرَ مُسَافِرٌ وَمُنْفَرِدٌ عَلَى الْإِقَامَةِ. وَهُمَا أَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ، إلَّا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَرَّعُ، بَلْ حَصَلَ لَهُمْ الْفَضِيلَةُ كَقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ. وَهَلْ صَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فَضْلٌ يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ، أم يحتمل أنها وصلاة من أذن له سَوَاءٌ بِحُصُولِ سُنَّةِ الْأَذَانِ،؟ ذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ "م 1" وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي بَيْتِهِ مِنْ بُعْدٍ عَنْ الْمَسْجِدِ، لِئَلَّا يُضَيِّعَ مَنْ يَقْصِدُهُ. وَفِي التَّلْخِيصِ يُشْرَعَانِ لِلْجَمَاعَةِ الثَّانِيَةِ غَيْرَ مَسْجِدَيْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: غَيْرُ الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ صَلَاةُ مَنْ أَذَّنَ لِصَلَاتِهِ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ فَضْلٌ يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ أَمْ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا وَصَلَاةُ مَنْ أُذِّنَ لَهُ سَوَاءٌ لِحُصُولِ سُنَّةِ الْأَذَانِ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ والله أعلم.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُؤَذِّنُ مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ إنْ لَمْ يَسْمَعْ آذَانَ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا لَمْ يُشْرَعْ. وَفِي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مطلقا: روايتان، وعنه تسن لهن الإقامة "وش" لَا الْأَذَانُ "م 2" "م" وَيُتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ، وَقَدْ قَالَ فِي الْفُصُولِ: تَجْمَعُ نَفْسَهَا فِي السُّجُودِ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ، وَلِهَذَا مَنَعْنَاهَا مِنْ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ وَبِالْأَذَانِ وَمِنْ الرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ، وَمِنْ التَّجَرُّدِ فِي الْإِحْرَامِ، كَذَا قَالَ، فَأَخَذَ قَدْرًا مُشْتَرَكًا وَإِنْ اختلف المنع، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 2 قَوْلُهُ: "وَفِي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ تُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ لَا الْأَذَانُ" انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمَجْدِ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: الْكَرَاهَةُ أَشْهَرُ الرِّوَايَاتِ، وَقَدَّمَ الْكَرَاهَةَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَ ابْنُ عُبَيْدَانَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ. وَالرِّوَايَةُ الثانية يباحان، ذكرها في الرِّعَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ يُسْتَحَبَّانِ ذَكَرَهَا فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ، وَرِوَايَةُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَحْتَمِلُ الْإِبَاحَةَ وَالِاسْتِحْبَابَ، وَكَلَامُ الْمَجْدِ مُحْتَمِلٌ الْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ، وَكَذَا ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَعَنْهُ تُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ لَا الْأَذَانُ ذَكَرَهَا الْقَاضِي فَمَنْ بَعْدَهُ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَيُتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ، تَأْتِي الْقِرَاءَةُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ: كَرَجُلٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَيَأْتِي تَصْحِيحُ ذَلِكَ، وَتَأْتِي التَّلْبِيَةُ فِي مَحَلِّهَا فِي قَوْلِهِ: وَحَرَّمَ جَمَاعَةٌ لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا فِيهَا إلَّا بِمِقْدَارِ مَا يُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ فِيمَا زَادَ على ذلك، وقوله: ويكره
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِلْأَذَانِ الْمُخْتَارِ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَبِلَا تَرْجِيعِ الشَّهَادَتَيْنِ خِفْيَةً "م ش" بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ أَوَّلَهُ، لَا مَرَّتَيْنِ "م". ويجوز ترجيعه، وعنه لا يعجبني "وهـ" وَعَنْهُ هُمَا سَوَاءٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ أَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَ فِي مَوْضِعِ: أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةَ أَعْجَبُ إلَيَّ وَعَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى الْيَوْمِ1. وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ بَعْدَ حيعلة آذان الفجر "وهـ م" وَقَدِيمُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَجِبُ "خ" وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَيُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِهَا "و" خِلَافًا لِمَا اسْتَحَبَّهُ متأخرو ـــــــــــــــــــــــــــــQالتثويب في غيرها لعلة في غيره
الحنفية، وبعد الأذان. والنداء إذَنْ بِالصَّلَاةِ خِلَافًا لِجَمَاعَةٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ فِيهِمَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ. وَالْأَشْهَرُ: [كَرَاهَةُ] 1 نِدَاءِ الْأُمَرَاءِ اكْتِفَاءً بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَصَنَّفَ ابْنُ بَطَّةَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَنَزَلْنَا بِذِي الْمَجَازِ عَلَى مَاءٍ لِبَعْضِ الْعَرَبِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ ابْنِ عُمَرَ، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَعَلَا2 رَحْلًا2 مِنْ رَحَالَاتِ الْقَوْمِ، ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَهْلَ الْمَاءِ "الصَّلَاةَ" فَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ يُسَبِّحُ فِي صَلَاتِهِ، حَتَّى إذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ الصَّائِحُ بِالصَّلَاةِ؟ قَالُوا أَبُو عَامِرٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا صَلَّيْت وَلَا تَلَيْت، أَيُّ شَيَاطِينِك أَمَرَك بِهَذَا؟ أَمَا كَانَ فِي اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ مَا أَغْنَى عَنْ بِدْعَتِك هَذِهِ3؟ وَهَذَا إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ أَوْ الْإِقَامَةَ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ عَنْ قَوْلِ الرَّجُلِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ: الصَّلَاةَ الْإِقَامَةَ. بِدْعَةٌ، يُنْهَوْنَ عَنْهُ إنَّمَا جُعِلَ الأذان ليستمع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّاسُ، فَمَنْ سَمِعَ جَاءَ. وَقَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيِّ: خَاصَمَنِي رَجُلٌ، فَقَالَ لِي يَا سِفْلَةُ، فَقُلْت وَاَللَّهِ مَا أَنَا بِسِفْلَةٍ، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ هَلْ تَمْشِي خَلْفَ النَّاقَةِ وَتَصِيحُ يَا مَعْلُوفُ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: هَلْ تَصِيحُ "الصَّلَاةَ الْإِقَامَةَ" قَالَ: لَا، قَالَ: لَسْتَ بِسِفْلَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ: الصَّلَاةَ قَالَ: لَا يَقُولُ الصَّلَاةَ، كَرِهَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، إنَّمَا كَرِهَهُ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ، وَتَبِعَ الْقَاضِيَ فِي الْجَامِعِ لِابْنِ بَطَّةَ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ نِدَاءُ الْأُمَرَاءِ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ فِي الْأَذَانِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِلَهُ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ كَالْخُطْبَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْبِدْعَةِ فِعْلُهُ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، وَلَعَلَّهُ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ بِلَالٍ، حَيْثُ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ وَكَانَ نَائِمًا، وَجَعَلَ يَثُوبُ لِذَلِكَ، وَأَقَرَّهُ على ذلك1. وَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً "وش" وَعَنْهُ أَوْ يثنيها إلا قد قامت مرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"م" لَا مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهَا كَالْأَذَانِ "هـ" وَلَا يُكْرَهُ التَّثْنِيَةُ "م ش" وَيُسْتَحَبُّ التَّرَسُّلُ فِيهَا وَإِحْدَارُهَا، وَأَذَانُهُ أَوَّلُ الْوَقْتِ، وَيَتَوَلَّاهُمَا وَاحِدٌ، وَعَنْهُ سواء، ذكره أبو الحسين "وهـ م" وَقِيلَ: بَلْ يُكْرَهُ، وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ إلا أن يؤذن المغرب بمنارة. وَإِنْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا فعنه: لايكره1، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ حَضَرًا، وَعَنْهُ فِي الْإِقَامَةِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا أَوْ مشى فيه2 كَثِيرًا بَطَلَ "خ" وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وعنه في الأولى لا يعجبني "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 3" وَإِنْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ ماشيا [فعنه] لَا يُكْرَهُ، وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ حَضَرًا وَعَنْهُ فِي الْإِقَامَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ أَذَّنَ قاعدا أو مشى فيه كثيرا ... , وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ, وَعَنْهُ فِي الْأُولَى، لَا يُعْجِبُنِي، انْتَهَى. إذَا أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ الْكَرَاهَةَ، وَقَطَعَ بِهَا فِي التَّلْخِيصِ لِلْمَاشِي، وَبِعَدَمِهَا لِلرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى يُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا، وَرَاكِبًا فِي السَّفِينَةِ، وَقَالَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ فِي الْكُبْرَى وَيُكْرَهَانِ لِلْمَاشِي حَضَرًا، وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا، حَالَ مَشْيِهِ، وَرُكُوبِهِ، فِي رِوَايَةٍ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَلَا يَمْشِي فِيهِمَا، وَلَا يَرْكَبُ نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ كُرِهَ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا، وَرَاكِبًا، انْتَهَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ المسافر راكبا وتكره له الإقامة بِالْأَرْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَلَا يَجُوزُ الْأَذَانُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا أَرَادَا فِي السَّفَرِ. وَيَأْتِي كَلَامُهُمَا فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ أَذَّنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا حَضَرًا كُرِهَ، نَقَلَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَذَانِ لِلْمُسَافِرِ رَاكِبًا وماشيا، والكراهة في غير ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا أَوْ مَشَى فِيهِ كثيرا بطل، ظاهر
وذكر عياض أن مذهب الْعُلَمَاءِ كَافَّةً لَا يَجُوزُ قَاعِدًا، إلَّا أَبَا ثَوْرٍ، وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيِّ1. وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ مُتَطَهِّرًا، عَلَى عُلُوٍّ، وَيُقِيمُ [لِلصَّلَاةِ] مَقَامَهُ كَالْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّ بِلَالًا لَوْ أَقَامَ أَسْفَلَ لَمَا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ2، احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ: إلَّا أَنْ يَشُقَّ. لَا مَكَانَ صَلَاتِهِ "م ش". وَفِي النَّصِيحَةِ: السُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْمَنَارَةِ، وَيُقِيمَ أَسْفَلَ، وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: مِنْ السُّنَّةِ ذَلِكَ، وَنَقَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِيَلْحَقَ آمِينَ مَعَ الْإِمَامِ. وَيَجْعَلُ سَبَّابَتَهُ فِي أُذُنَيْهِ "و" وَعَنْهُ يَجْعَلُ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ مَضْمُومَةً سِوَى الْإِبْهَامِ، وَعَنْهُ مَعَ قَبْضِهِمَا عَلَى كَفَّيْهِ، وَيَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ عِنْدَ كلمة الإخلاص، وقيل والشهادتين، ويجزمهما ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا: أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ مِنْ الْقَاعِدِ وَالْمَاشِي كَثِيرًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا: فَإِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَيَصِحُّ فَقَطَعَا بِالصِّحَّةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمَّا عُدِمَ الْإِجْزَاءُ مِنْ الْقَاعِدِ. وَحَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً أَنَّهُ إذَا أَذَّنَ قَاعِدًا قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى نَفْيِ الِاعْتِدَادِ بِهِ.
فَلَا يُعْرِبُهُمَا, وَيَلْتَفِت يَمْنَةً وَيَسْرَةً "و" فِي الْحَيْعَلَةِ "هـ" وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مذهبه، كقولنا. وَقِيلَ: يَقُولُ يَمِينًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا، ثُمَّ كَذَلِكَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَقِيلَ: يَقُولُ يَمِينًا: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، ثُمَّ يَسَارًا حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً، وَهُوَ سَهْوٌ. وَفِي الْتِفَاتِهِ فِيهَا فِي الْإِقَامَة وَجْهَانِ "م 4"، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَجَزَمَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِهِ فِيهَا. وَلَا يُزِيلُ قَدَمَيْهِ لِفِعْلِ بِلَالٍ1، وَكَالْخُطْبَةِ، لَا يَنْتَقِلُ فِيهَا، ذَكَرَهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 4" قَوْلُهُ: وَفِي الْتِفَاتِهِ يَعْنِي عَنْ يَمْنَةٍ وَيَسْرَةٍ عِنْدَ قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فِي الْإِقَامَةِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَجَزَمَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِهِ فِيهَا انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ؛ لِذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي الْأَذَانِ وَتَرْكِهِمْ لَهُ فِي الْإِقَامَةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حواشيه.
الْفُصُولِ وَظَاهِرُهُ: يُزِيلُ صَدْرَهُ "ش" نَقَلَ حَرْبٌ: يَلْتَفِتُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ الدَّوَرَانَ فِي الْمَنَارَةِ، وَعَنْهُ يُزِيلُ قَدَمَيْهِ فِي مَنَارَةٍ، وَنَحْوِهَا، نَصَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ المحرر "وهـ م" وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَبُو الْفَرَجِ حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي مَعَ كُبْرِ الْبَلَدِ لِلْحَاجَةِ. وَيَرْفَعُ صوته قدر طاقته1، مَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِنَفْسِهِ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ، وَعَنْهُ يَتَوَسَّطُ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا مُرَتَّبًا "و" مُتَوَالِيًا "و" عُرْفًا مَنْوِيًّا مِنْ وَاحِدٍ. فَظَاهِرُهُ لَا يعتبر موالاة بين الإقامة، وَالصَّلَاةِ "ش" إذَا أَقَامَ عِنْدَ إرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ، لِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ لِأَبِي بَكْرٍ: أَتُصَلِّي فَأُقِيمَ2؟ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ ذَهَبَ فَاغْتَسَلَ3، وَظَاهِرُهُ طُولُ الْفَصْلِ وَلَمْ يُعِدْهَا، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي أَذَانِ الْفَجْرِ4.وَفِي تَقْدِيمِ النِّيَّةِ5. وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِهِ رُكْنٌ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَسْمَعُ مَنْ تَقُومُ به ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَبُو الْفَرَجِ حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، انْتَهَى، فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَحْمَدَ لِأَبِي الْمَحَاسِنِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ يُوسُفَ بْنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْجَوْزِيِّ فَقَوْلُهُ: أَبُو الفرج غير مسلم، وكذا
الْجَمَاعَةُ رُكْنٌ. وَيُكْرَهُ فِيهِ كَلَامٌ وَسُكُوتٌ يَسِيرٌ بِلَا حَاجَةٍ كَإِقَامَةٍ، وَعَنْهُ: لَا. وَيَرُدُّ السَّلَامَ "هـ م" وعنه: لا1يبطل بِالرِّدَّةِ فِيهِ "و" وَقِيلَ لَا إنْ عَادَ فِي الْحَالِ كَجُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ. وَإِنْ أَتَى بِيَسِيرِ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ، "و" وَقِيلَ بَلَى "م 5"، فَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ قَدْ يظنه سامعه متلاعبا فأشبه المستهزئ، وعلله ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: حَفِيدُ الْجَوْزِيِّ، وَإِنَّمَا هُوَ وَلَدُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ، وَيُعْرَفُ وَالِدُهُ بِابْنِ الجوزي، فلعل هذا نقص، والله أعلم. مَسْأَلَةُ 5" وَإِنْ أَتَى بِيَسِيرِ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ فَقِيلَ لَا يَبْطُلُ، وَقِيلَ بَلَى، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَبْطَلُوهُ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ، وَأَطْلَقُوا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَلَا يَقْطَعُهُمَا بِفَصْلٍ كَثِيرٍ، وَلَا كَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ بِذَلِكَ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يَقْطَعُ الْأَذَانَ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ، فَإِنْ قَطَعَهُ وَكَانَ كثيرا لم يعتد بأذانه.
الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: بِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فِيهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ كَالرِّدَّةِ، فَدَلَّ أَنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ. وَقَالَ الْقَاضِي إنْ: ارْتَدَّ بَعْدَهُ بَطَلَ "خ" قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ، فَدَلَّ أَنَّهَا مِثْلُهُ لَوْ ارْتَدَّ فِيهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَبْطُلُ كَرِدَّتِهِ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَحَجٍّ، فَحُكْمُهُ فِيهِ كَمَنْ وَطِئَ فِيهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِبُطْلَانِهِ لِبُطْلَانِ عَمَلِهِ، وَكَالصَّوْمِ، وَلِأَنَّهُ قد يعتد1 بما فعله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَاطِئُ، وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ ابْتِدَاءً، بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَبْنِي كَالْأَذَانِ وَأَوْلَى. قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وَيَبْطُلُ بِنَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يَسِيرٍ. وَيَصِحُّ جُنُبًا "و" عَلَى الْأَصَحِّ، ثُمَّ يُتَوَجَّهُ فِي إعَادَتِهِ احْتِمَالَانِ "م 6"وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ لبالغ في رواية اختارها جماعة "وم" لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِعْلُهُ نَفْلٌ، وَعَلَّلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ: بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ، كَذَا قال2، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَتَخَرَّجُ فِيهِ رِوَايَتَانِ كَشَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ، كَذَا قَالَ وَوِلَايَتِهِ وَعَنْهُ يَصِحُّ أَذَانُهُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "وهـ ش" ونقل حنبل: إذا راهق "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةُ 6" قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ جُنُبًا عَلَى الْأَصَحِّ ثُمَّ يُتَوَجَّهُ فِي إعَادَتِهِ، احْتِمَالَانِ، انْتَهَى، قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ. "مَسْأَلَةُ 7" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ مُمَيِّزٍ لِبَالِغٍ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ يَصِحُّ أَذَانُهُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا رَاهَقَ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4، وشرح ابن عبيدان، والقواعد الأصولية، إحداهما يُجْزِئُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب، قال الشيخ
وَلَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ امْرَأَةٍ "هـ" وَخُنْثَى، قَالَ جماعة: ولا يصح، لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ كَالْحِكَايَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ صِحَّتُهُ، لِأَنَّ الْكَرَاهِيَةَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ، فَتَوَجَّهَ عَلَى هَذَا بَقَاءُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَنْ هُوَ فُرِضَ عَلَيْهِ، وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ. وَلَا يُكْرَهُ مُحْدِثًا. نص عليه "هـ" وقيل بلى "وش" كَالْجُنُبِ "و" كَالْإِقَامَةِ "و" لِلْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ. وَيَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ الْمُلَحَّنُ وَالْمَلْحُونُ مَعَ بَقَاءِ الْمَعْنَى: مَعَ الْكَرَاهَةِ، قَالَ الْقَاضِي: كَقِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ، قَالَ أَحْمَدُ: كُلُّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ أَكْرَهُهُ مِثْلَ التَّطْرِيبِ. وَعَنْهُ وَيَصِحُّ مِنْ فَاسِقٍ "و" وتكره لثغة فاحشة. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقِيُّ الدِّينِ اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْحَوَاشِي لِلْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ، فِي الْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، قال فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَنَصَرَهُ وَمَالَ إلَيْهِ المجد في شرحه واختاره الشيخ تقي.
فصل: ويصح للفجر بعد نصف الليل،
فَصْلٌ: وَيَصِحُّ لِلْفَجْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: بَلْ قَبْلَ الْوَقْتِ بِيَسِيرٍ، وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ إذَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، يَعْنِي الْكَاذِبِ، وَقِيلَ سُنَّةٌ، وَعَنْهُ لا يصح "وهـ" كَغَيْرِهَا "ع" وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ إلَّا لِلْجُمُعَةِ. وَكَالْإِقَامَةِ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ، قَالَ الْقَاضِي: لأنها لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْأَذَانِ عَلَيْهِمَا، قَالَ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ لِافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ بِالصَّلَاةِ عَقِبَ الْفَرَاغِ مِنْهَا، وَالْأَذَانُ لِلْغَائِبَيْنِ. وَيُكْرَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: مِمَّنْ لَا عَادَةَ لَهُ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ مَا لَمْ يعد. ويستحب كَوْنِهِ1 أَمِينًا صَيِّتًا عَالِمًا بِالْوَقْتِ. وَفِي الْإِفْصَاحِ حُرٌّ، وَحَكَاهُ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ. وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ: وَيَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ، قَالَ هُوَ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالْبَصِيرُ أَوْلَى، وَلَا يُكْرَهُ مِنْ أَعْمَى يَعْرِفُ بِالْوَقْتِ2 "هـ". وَيُشْتَرَطُ ذُكُورِيَّتُهُ وَعَقْلُهُ "و" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَعِلْمُهُ بِالْوَقْتِ. وَمَعَ التَّشَاحُنِ يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ هُوَ، ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجِيرَانِ، ثُمَّ الْقُرْعَةُ، وَعَنْهُ هِيَ قَبْلَهُمْ، نَقَلَهُ الجماعة. وقاله القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّينِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ، قَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ في الرعاية الكبرى.
وعنه يقدم عليهما بمزيد عِمَارَةٍ1، وَقِيلَ: أَوْ سَبَقَهُ بِآذَانٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَقْدِيمِ رِضَا الْجِيرَانِ أَنَّهُمْ أَخَصُّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ تَشَاحُّوا فِي الْعِمَارَةِ كَانَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ أَحَقَّ، وَكَذَا ثَمَرَتُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ التَّقْدِيمَ فِيهِمَا، بَلْ ظَاهِرُهُ التَّقْدِيمُ هُنَا فَقَطْ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالتَّسْوِيَةِ، فَيَكُونُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْخِلَافُ. وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِقَامَتِهَا "ش" قِيلَ: بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَقِيلَ: بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ "م 8"، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، قَالَ جماعة: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 8" قوله: وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِقَامَتِهَا، قِيلَ: بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، وَقِيلَ: بِجِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يَكُونُ الْفَصْلُ بِقَدْرِ جِلْسَةٍ خَفِيفَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 والتلخيص والبلغة4 والشرح
وَالْوُضُوءُ وَالسَّعْيُ وَنَحْوُهُ، لَا بِسَكْتَةٍ نَحْوَ قَدْرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ "هـ" وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ إنْ كَانَتْ الْمَغْرِبُ أَوَّلَ الْفَوَائِتِ أَنْ يَفْصِلَ بِجِلْسَةٍ، وَكَذَا صَلَاةٌ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا. وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ، وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ. وَفِي الْمَغْرِبِ بِجِلْسَةٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي الْكُلِّ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ. وَلَا يُكْرَهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ فِي الْمَنْصُوصِ "خ" وَعَنْهُ تُسَنُّ "خ" وَعَنْهُ بَيْنَ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ1، وَقَالَهُ: ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ. وَإِنْ جَمَعَ أَوْ صَلَّى فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَعَنْهُ أَوْ يُقِيمُ فَقَطْ، وَعَنْهُ وَلَوْ وَاحِدَةً وَفِي النَّصِيحَةِ يُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ: إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى فَيُؤَذِّنُ لَهَا أَيْضًا؛ وعند "هـ" يجمع بأذان وإقامة ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَكُونُ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَتَرَكَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ، فَزَادَ الْوُضُوءَ.
وَيُكَرِّرُهُمَا لِلْفَوَائِتِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: يُكَرِّرُهُمَا لِلْجَمْعِ؛ وَلَا يُؤَذِّنُ عِنْدَهُ؛ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِفَائِتَةٍ؛ وَفِي صِحَّةِ نَافِلَةٍ بَعْدَ إقَامَةٍ الْوَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ1 فِي نَفْلٍ قَبْلَ قَضَاءِ فَرْضٍ "م 9". وَلَا يُشْرَعُ فِيهَا "هـ" فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ يَرْكَعُهُمَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً "م" إنْ لَمْ تفته ركعة رَكَعَهَا خَارِجَهُ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ بَطَّالٍ2 عَنْ أَصْحَابِهِ الْمَالِكِيَّةِ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَا يَأْتِي بِغَيْرِهَا "هـ" إنْ لَمْ تَفُتْهُ رَكْعَةٌ أَتَى بِهَا خَارِجَ المسجد، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 9" قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ نَافِلَةٍ بَعْدَ إقَامَةٍ وَجْهَانِ كَمَا سَبَقَ فِي نَفْلٍ قَبْلَ قَضَاءِ فَرْضٍ، انْتَهَى، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَوَاقِيتِ: وَلَا يَصِحُّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَحْرِيمِهِ لِأَوْقَاتِ النَّهْيِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، الْخِلَافُ فِي الجواز، وأن على المنع لا يصح، قال الْمَجْدُ: وَكَذَا يَتَخَرَّجُ فِي النَّفْلِ الْمُبْتَدَإِ بَعْدَ الْإِقَامَةِ، أَوْ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمُؤَدَّاةِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ وَتَحْرِيمِهِ، انْتَهَى، نَقَلَ الْمُصَنِّفُ، فَإِلْحَاقُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِتِلْكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَخَرَّجَ هَذِهِ عَلَى تِلْكَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، أَعْنِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِمَا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَيُتِمُّ النَّافِلَةَ مَنْ هُوَ فِيهَا وَلَوْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ "م" وَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ قَطَعَهَا "وش" وَعَنْهُ يُتِمُّهَا "وهـ" خَفِيفَةً رَكْعَتَيْنِ إلَّا أَنْ يَشْرَعَ فِي الثَّالِثَةِ فَيُتِمَّ الْأَرْبَعَ، نَصَّ عَلَيْهِ لِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ثَلَاثٍ، أَوْ لَا يَجُوزُ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِآيَةٍ وَضَمِّ السُّورَةِ، وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّرُوعِ فِي نَافِلَةٍ بِالْمَسْجِدِ أَوْ خَارِجِهِ، وَلَوْ بِبَيْتِهِ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إذَا سَمِعَ الْإِقَامَةَ وَهُوَ بِبَيْتِهِ فَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِبَيْتِهِ، وَالْمَسْجِدِ سَوَاءٌ، وَأَلْزَمَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِمَا إذَا عَلِمَ الْإِقَامَةَ بِبَيْتِهِ وَلَمْ يَسْمَعْهَا، وَهَذَا سَهْوٌ. وَإِنْ جَهِلَ الْإِقَامَةَ فَكَجَهْلِ وَقْتِ نَهْيٍ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّهُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ أَرَادَ الصَّلَاةَ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ الْإِمَامِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَمَا لَوْ سَمِعَهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ، فَإِنَّهُ يُبْعِدُ الْقَوْلَ بِهِ، لِأَنَّ إطْلَاقَ الْخَبَرِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَفْهُومِ الْمُعْتَادِ. وَيَحْرُمُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ "وهـ" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يُكْرَهُ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا رَزَقَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، كَالْقَضَاءِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إلَّا مَعَ امْتِيَازٍ بِحُسْنِ صَوْتٍ "وش" وَغَيْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ "و" لِلْمُؤَذِّنِ وَسَامِعِهِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَلَوْ كَانَ فِي طَوَافٍ أَوْ امْرَأَةٍ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ مُتَابَعَةَ قَوْلِهِ بِمِثْلِهِ خُفْيَةً، وَفِي الْحَيْعَلَةِ "م" فِيهِمَا فَيَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ1، وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ فَإِعَادَتُهُ عَبَثٌ، بَلْ سَبِيلُهُ الطَّاعَةُ وَسُؤَالُ الحول والقوة، وقيل يجمع بينهما "وش"2 وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ: يَقُولُ كَمَا يَقُولُ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَجِبُ إجَابَتُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُجِيبُ مُؤَذِّنًا ثَانِيًا فَأَكْثَرَ، وَمُرَادُهُمْ حَيْثُ يُسْتَحَبُّ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يُجِيبُ نَفْسَهُ، وَحَكَى رِوَايَةً ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته4" وَقَالَ جماعة: المقام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَحْمُودَ" ثُمَّ يَدْعُو، قَالَ أَحْمَدُ إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ حَاجَةً فَقُولُوا: فِي عَافِيَةٍ. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَرُّوذِيُّ يَدْعُو الْمُؤَذِّنُ فِي خِلَالِ أَذَانِهِ، وَسَبَقَ يُكْرَهُ الْكَلَامُ، وَإِذَا لَمْ يَرُدَّ السَّلَامَ فَهُنَا أَوْلَى. وَيُجِيبُ فِي التَّثْوِيبِ: صَدَقْت وَبَرَرْت، وَقِيلَ يَجْمَعُ1، وَفِي الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا، وَقِيلَ يَجْمَعُ، وَيَدْعُو عِنْدَ إقَامَتِهِ فَعَلَهُ أَحْمَدُ، وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ لَا بَعْدَهَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ فِيهَا، قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ لَا يَرُدُّ الدُّعَاءَ، أَوْ قَلَّمَا يَرُدُّ الدُّعَاءَ عِنْدَ النِّدَاءِ وَالصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ2 أَبِي حَازِمٍ عَنْهُ، وَرَوَاهُ الْمَعْمَرِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ مَرْفُوعًا، وَكَذَا أَبُو دَاوُد، وَالْحَاكِمُ وَلَهُمَا فِي رِوَايَةِ "وَقْتَ الْمَطَرِ"3. 4وَاسْتَحَبَّهُ فِيهِ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ، وَفِيهِ "وَعِنْدَ الْقِرَاءَةِ "4. وَلِلْمَعْمَرِيِّ وَالْحَاكِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "إذَا نَادَى الْمُنَادِي فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاءُ" 5. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: يُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلِلِقَاءِ الزَّحْفِ، وَلِنُزُولِ الْقَطْرِ، وَلِدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، وَلِلْأَذَانِ إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ الحاكم6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُجِيبُهُ الْقَارِئُ، لَا الْمُصَلِّي وَلَوْ نَفْلًا "م" وَتَبْطُلُ بِالْحَيْعَلَةِ "هـ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ فَرِوَايَتَا سَاهٍ، وَقَالَ: وَتَبْطُلُ بِغَيْرِهَا إنْ نَوَى الْأَذَانَ لَا الذِّكْرَ. وَيُجِيبُهُ إذَا فَرَغَ، وَكَذَا الْمُتَخَلِّي، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يُجِيبُهُ فِيهَا، وَكَذَا عِنْدَ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ وَجَدَ سَبَبَهُ فِيهَا، وَسَيَأْتِي1. وَلَا يُحْرِمُ إمَامٌ وَهُوَ فِيهَا، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" عِنْدَ الْإِقَامَةِ، وَيَقُومُ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِقَامَةِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقِيَامُ عِنْدَهَا، وَمُرَادُهُ يُسْتَحَبُّ لَا عِنْدَ حَيْعَلَةِ الْفَلَاحِ "هـ" وَلَا إذَا فَرَغَ "م ش" وَذَكَرَ عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ وَعَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يَقُومُونَ بِشُرُوعِهِ فِي الْإِقَامَةِ. وَيَقُومُ مَأْمُومٌ عِنْدَهَا بِرُؤْيَةِ الْإِمَامِ "وهـ" وَقِيلَ إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ "وش" وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَحْمَدَ، وَقِيلَ أَوْ قَرِيبًا، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَعَنْهُ مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ مَسْجِدٍ بَعْدَ أَذَانٍ بِلَا عُذْرٍ، أَوْ نِيَّةِ الرُّجُوعِ، وَكَرِهَهُ أَبُو الْوَفَا وَأَبُو الْمَعَالِي "وهـ ش" وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يخرج. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1ونقل صالح: لَا يَخْرُجَ1. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ2. وَيُتَوَجَّهُ يَخْرُجُ لِبِدْعَةٍ، فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ خَرَجَ لِلتَّثْوِيبِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَقَالَ: فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3، وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ الْبِدْعَةُ، فَيُتَوَجَّهُ كَالْخُرُوجِ مِنْ وَلِيمَةٍ. وَلِمَنْ كَانَ صَلَّى، الْخُرُوجُ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَعْدَ الْأَخْذِ فِي الْإِقَامَةِ لِظُهْرٍ وَعِشَاءٍ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ. وَوَقْتُ إقَامَةٍ إلَى الْإِمَامِ، وَأَذَانٍ إلَى الْمُؤَذِّنِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 أَنَّ الْمُؤَذِّنَ كَانَ يَأْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَفِيهِ إعْلَامُ الْمُؤَذِّنِ بِالصَّلَاةِ وَإِقَامَتِهَا، وَفِيهِمَا5 قَوْلُ عُمَرَ: الصَّلَاةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَقَدَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي مُسْلِمٍ1 قَوْلُ عَائِشَةَ: لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ، فَطَفِقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ: الصَّلَاةَ.. وفي الفصول إن تأخر الإمام، أو أماثل2 الْجِيرَانِ فَلَا بَأْسَ بِإِعْلَامِهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ جَاءَ الْغَائِبُ لِلصَّلَاةِ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ، لِلْخَبَرِ. وَلَا يُؤَذِّنُ قَبْلَهُ، مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ وَقْتِهِ، كَالْإِمَامِ، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي بِتَحْرِيمِهِ، وَمَتَى جَاءَ وَقَدْ أَذَّنَ قَبْلَهُ أَعَادَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي يُمْنَعُ غَيْرُ إمَامِ الْحَيِّ أَنْ يُؤَذِّنَ، وَيُقِيمَ وَيَؤُمَّ بِالْمَسْجِدِ. وَلَا بَأْسَ بِالنَّحْنَحَةِ قُبَيْلَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَذَانٌ وَاحِدٌ بمسجدين لجماعتين، ولا يركع دَاخِلِ الْمَسْجِدِ التَّحِيَّةَ قَبْلَ فَرَاغِهِ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ أَذَانِ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّ سماع الخطبة أهم، واختاره صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّظْمِ، وَلَا يَقُومُ الْقَاعِدُ حَتَّى يَقْرَبَ فَرَاغَهُ. وَيُنَادَى لِكُسُوفٍ لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 وَاسْتِسْقَاءٍ وَعِيدٍ "الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ" أَوْ الصَّلَاةَ بِنَصْبِ الْأَوَّلِ عَلَى الْإِغْرَاءِ، أَوْ الثَّانِيَ عَلَى الْحَالِ. وَفِي الرِّعَايَةِ بِرَفْعِهِمَا وَنَصْبِهِمَا. وَقِيلَ: لَا يُنَادَى، وَقِيلَ: لَا فِي عِيدٍ كَجِنَازَةِ وَتَرَاوِيحَ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ خُرُوجِ الْإِمَامِ، وَلَا بَعْدَمَا يَخْرُجُ، وَلَا إقَامَةَ، وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَيُكْرَهُ النِّدَاءُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، ذكره ابن عقيل وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ستر العورة وأحكام اللباس
باب ستر العورة وأحكام اللباس مدخل ... باب ستر العورة وأحكام اللباس يشترط للصلاة سترها: عَنْ نَفْسِهِ "وش" وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ قَادِرٍ خَالِيًا، وَغَيْرِهِ "م ر" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ مُطْلَقٌ: لَا مِنْ أَسْفَلَ، وَاشْتَرَطَهُ فِي الْأَظْهَرِ إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ "وش" بَلْ مِنْ فَوْقٍ "هـ" بِمَا لَا يَصِفُ الْبَشَرَةَ "و" السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ، لَا الْخِلْقَةَ أَيْ حَجْمَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعُضْوِ، فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ نَصَّ عَلَيْهِ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا تُغَطِّي خُفَّهَا لِأَنَّهُ يَصِفُ قدميها، واحتج به القاضي1 عَلَى أَنَّ الْقَدَمَ عَوْرَةٌ. وَيَكْفِي نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: لَا حَشِيشَ وَثَمَّ ثَوْبٌ. وَفِي لُزُومِ طِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ، لِعَدَمٍ: وَجْهَانِ "م 1" لَا بِآرِيَةٍ2 وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّ3، وَلَا حَفِيرَةٍ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ الطِّينُ لَا الْمَاءُ. ويكفي متصل به4: كَيَدِهِ، وَلِحْيَتِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد إنْ رَأَى عَوْرَتَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ رآها في كل حالاته أعاد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَكْفِي نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ، ... وَفِي لُزُومِ طِينٍ وَمَاءٍ كَدِرٍ لِعَدَمٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي الْمَاءِ، وَقَدَّمُوهُ فِي الطِّينِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَيِّنَ بِهِ عَوْرَتَهُ، وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِالْمَاءِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الطِّينِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِتَارُ بِالطِّينِ عِنْدَ الْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَقِيلَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يَجِبُ بِالطِّينِ لَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ، فَتَلَخَّصَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا الْفَرْقُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ.
وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْخِلَافِ لُزُومُ سَتْرِ عَادِمٍ: بِيَدَيْهِ، وَمَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَهَلْ يَجِبُ سَتْرُهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ؟ تَقَدَّمَ فِي الِاسْتِطَابَةِ1، وَيَأْتِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ2. وَقَوْلُهُ: فِي الرِّعَايَةِ يَجِبُ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا حَتَّى خَلْوَةٍ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ أَيْ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ كَشْفُهَا خَلْوَةً بِلَا حَاجَةٍ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهَا، لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِكَشْفِهَا الْمُحَرَّمِ، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِ هَذَا. لَا أَنْ يَحْرُمَ نَظَرُ عَوْرَتِهِ حَيْثُ جَازَ كَشْفُهَا، فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ هُوَ وَلَا لَمْسُهَا اتِّفَاقًا، وَقَدْ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إذَا وَجَبَ سَتْرُهَا فِي الصَّلَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الْأَجَانِبِ فَعَنْ نَفْسِهِ إذَا خَلَا فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَجِبُ السَّتْرُ عَنْ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ، وَالثَّانِي يَجُوزُ. وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وش" وعنه والركبة، لخبر ضعيف3، 4وعنه: عنهما4، قِيلَ لِلْقَاضِي: لَا يُمْكِنُهُ عَادَةً سَتْرُ الْفَخِذِ إلَّا بِسَتْرِ بَعْضِ الرُّكْبَةِ، وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلى أداء الصلاة إلا به يكون فَرْضًا مِثْلَهَا. وَلِهَذَا دَخَلَتْ الْمِرْفَقُ فِي الْوُضُوءِ، فَأَلْزِمْ بِالسُّرَّةِ5. وَعَنْهُ الْفَرْجَانِ "وم" اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، قَالَ: وَسَمَّى الشَّارِعُ الْفَخِذَ عَوْرَةً لِتَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ، وَتَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي الخبر6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ كَالْأَوَّلِ، وَأَنَّ السُّرَّةَ عَوْرَةٌ، وَأَنْ لَا يَجِبَ سَتْرُ جَمِيعِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا خُنْثَى مشكل، وعنه كامرأة1. وَالْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ حَتَّى ظُفْرُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، إلَّا الْوَجْهَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ وَالْكَفَّيْنِ "وم ش" وقال شيخنا والقدمين "وهـ" وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهات الأول: قوله والحرة كلها عورة.... إلَّا الْوَجْهَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ وَالْكَفَّيْنِ، انْتَهَى. قَدَّمَ الْكَفَّيْنِ عَوْرَةً، وَقَالَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قُلْت هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ، وَصَاحِبُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَصَحَّحَهُ، فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْإِيضَاحِ وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَا بِعَوْرَةٍ، قَطَعَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالنِّهَايَةِ، وَنَظْمِهَا وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شُرُوحِهِمْ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ أَوْ لِعَدَمِ هَذَا، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْبِدَايَةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَالْفُصُولِ، وَالتَّذْكِرَةِ لَهُ، وَالْمُذَهَّبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي2، وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4، وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ3، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
الْوَجْهِ رِوَايَةٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عَكْسَهَا إجْمَاعًا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمُرَاهِقَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمُمَيِّزَةٌ كَأَمَةٍ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي شَعْرٍ وَسَاقٍ وَسَاعِدٍ لَا يَجِبُ سَتْرُهُ حَتَّى تَحِيضَ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هِيَ بَعْدَ تِسْعٍ، وَالصَّبِيُّ بَعْدَ عَشْرٍ كَبَالِغٍ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ أَصْحَابِنَا إلَّا فِي كَشْفِ الرَّأْسِ، وَقَبْلَهُمَا وَبَعْدَ السَّبْعِ، الْفَرْجَانِ، وَأَنْ يَجُوزَ نظر ما سواه. والأمة كالرجل "وش" وعنه ما لا يظهر غالبا "وهـ م" وَكَذَا أُمُّ وَلَدٍ، وَمُعْتَقٌ بَعْضُهَا، وَمُدَبَّرَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ، وَعَنْهُ كَحُرَّةٍ "خ" وَقِيلَ: أُمُّ وَلَدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَمُرَاهِقَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمُمَيِّزَةٌ كَأَمَةٍ، انْتَهَى، ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ، قَالَ فِي النُّكَتِ: وَكَلَامُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالْبَالِغَةِ فِي عَوْرَةِ الصَّلَاةِ، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي1 فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وابن عبد القوي، في مجمع البحرين وابن عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ كَالْأَمَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ، وَنَقْلُ أَبِي طَالِبٍ يُوَافِقُ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَقِيلَ الْمُمَيِّزَةُ كَالْأَمَةِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ أَبِي الْمَعَالِي، وَالصَّحِيحُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعْتَقٌ بَعْضُهَا يَعْنِي كَالْأَمَةِ وعنه كحرة، انْتَهَى، تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْأَمَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْفَائِقِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي
كَحُرَّةٍ، وَقِيلَ: الْمُعْتَق بَعْضُهَا، وَقِيلَ: هُمَا. وَسَتْرُ الْمَنْكِبَيْنِ شَرْطٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْقَاضِي: وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا، وَعَنْهُ وَاجِبٌ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ "و" وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَكْفِي خَيْطٌ وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: أَقَلُّ لِبَاسٍ. وَفِي النَّفْلِ1 وَالِاكْتِفَاءُ بِسَتْرِ أَحَدِهِمَا روايتان "م 2,3". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُمْدَةِ, وَرِوَايَةٌ أَنَّهَا كَحُرَّةٍ جَزَمَ بِهَا فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا كَالْحُرَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هَذَا الْأَظْهَرُ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَحْمَدِ وَشَرْحِ ابْنِ عبيدان. مَسْأَلَةٌ 2-3: قَوْلُهُ: فِي سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ وَفِي النَّفْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِسَتْرِ أَحَدِهِمَا رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-2: هَلْ النَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِي ستر المنكبين أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَيْسَ النَّفَلُ كَالْفَرْضِ، بَلْ يُجْزِئُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ،
وتسن صلاته في ثوبين "و" وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" قَالَ جَمَاعَةٌ: مَعَ سَتْرِ رَأْسِهِ، وَالْإِمَامُ أَبْلَغُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْإِمَامِ ثَوْبَانِ. وَصَلَاتُهَا فِي دِرْعٍ وخمار وَمِلْحَفَةٌ "و" رَوَى ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ1 فِي جُزْئِهِ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادِ صحيح، وتكره في نقاب وبرقع. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْفَرْضِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: النَّفَلُ كَالْفَرْضِ فِي ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ وَعَلَى الرَّجُلِ الْقَادِرِ سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَمَنْكِبَيْهِ، وَأَطْلَقَ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ اخْتِيَارُ غَيْرِ الْقَاضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-3: هَلْ يَكْتَفِي بِسَتْرِ أَحَدِ الْمَنْكِبَيْنِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ سَتْرِهِمَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُ سَتْرُ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى بْنِ جَامِعٍ4، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كلام
نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَبْطُلُ بِكَشْفٍ يَسِيرٍ لَا يَفْحُشُ فِي النَّظَرِ عُرْفًا، وَقِيلَ وَلَوْ عمدا كالمشي في الصلاة وعنه بلى "وش" اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَقِيلَ فِي الْمُغَلَّظَةِ، وَكَذَا كَثِيرٌ قَصُرَ زَمَنُهُ "ش". وَقِيلَ: إنْ احْتَاجَ عَمَلًا كثيرا في أخذها فَوَجْهَانِ، وَمَذْهَبُ "هـ" يَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَشْفُ رُبْعِ السَّاقِ، أَوْ رُبْعِ الذَّكَرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ الشَّعْرُ. : وَلَا تَصِحُّ، وَعَنْهُ مِنْ عَالِمٍ بِالنَّهْيِ فِي ثَوْبِ حَرِيرٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بُقْعَةِ غَصْبِ أَرْضٍ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ للملك أو المنفعة أو جزءا مشاعا فيها1، وَعَنْهُ بَلَى مَعَ التَّحْرِيمِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْفُنُونُ "و" كَعِمَامَةٍ، وَخَاتَمِ ذَهَبٍ، وَخُفٍّ، وَتِكَّةٍ فِي الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا بُدَّ مِنْ سَتْرِ الْمَنْكِبَيْنِ، وَهُمَا عَاتِقَاهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَصَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وغيرهم.
وقيل: بل مع الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي التِّكَّةِ، وَعَنْهُ يَقِفُ على إجازة المالك، وعنه إن كان:1 لَمْ يَصِحَّ. وَقِيلَ خَاتَمُ حَدِيدٍ وَصُفْرُ [نُحَاسٍ] كَذَهَبٍ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِهَا، وَلِهَذَا صَحَّ النَّفَلُ2 لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ لَا يَخْتَصَّ الصَّلَاةَ وَيُفْسِدَهَا كَذَا قَالَ هنا، ويأتي كلامه في: مواضع النهي3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي مَكَان أَوْ ثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ حَرِيرٍ مَكْرُوهَةٌ كَبَقِيَّةِ الْمَكْرُوهَاتِ فِي الصَّلَاةِ، قَالُوا: وَلَيْسَتْ بِنَاقِضَةٍ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِلْغَصْبِ، لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ، وَنَفْسُ الْغَصْبِ لَيْسَ فِعْلَ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ فِعْلَهَا قَائِمٌ بِالْمُصَلِّي، وَفِعْلُ الْغَصْبِ شَغْلُ الْأَرْضِ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْأَرْضِ، وَلِهَذَا صَحَّ نَفْلُهُ، وَلَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَيَصْلُحُ لِإِسْقَاطِ صَلَاةٍ وَاجِبَةٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَأَمَّا ظَرْفُ الزَّمَانِ وَهُوَ الْوَقْتُ الْمَكْرُوهُ وَهُوَ سَبَبُهَا فَنُقْصَانُ السَّبَبِ يُوجِبُ نُقْصَانَ الْمُسَبَّبِ، فَالنَّفَلُ الْكَامِلُ وَهُوَ مَا وَجَبَ كَامِلًا فِي وَقْتٍ صَحِيحٍ لَا يَتَأَدَّى بِهَذَا النَّاقِصِ، لِأَنَّ كَمَالَهَا دَاخِلٌ تَحْتَ الْأَمْرِ، فَفَوَاتُهُ أَوْجَبُ نُقْصَانًا بِالْمَأْمُورِ بِهِ، قَالُوا: وَالْمَكَانُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْأَمْرِ، فَلَا يُوجِبُ نُقْصَانًا، وَكَذَا مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا كَالْفَاتِحَةِ في الأداء والقضاء1، سَوَاءٌ كَانَ سَاهِيًا يَنْجَبِرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، أَوْ عَامِدًا فَلَا يَنْجَبِرُ لِثُبُوتِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِطَرِيقِ الزيادة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَضْمَنُ النَّفَلُ النَّاقِصَ بِالشُّرُوعِ فِيهِ عِنْدهمْ، خِلَافًا لِزُفَرَ، قَالُوا فِي صَوْمِ الْعِيدِ: الصَّوْمُ يَقُومُ بِالْوَقْتِ، لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ، وَدَاخِلٌ فِي حَدِّهِ وَيُعْرَفُ بِهِ، وَالْمِعْيَارُ سَبَبٌ وَوَصْفٌ. فَيَكُونُ فَاسِدًا وَإِذَا شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ أَفْسَدَهُ لَا قَضَاءَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ يَقْضِي، لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزَمٌ كَالنَّذْرِ، وَيَصِحُّ، وَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ، لِأَنَّ صَوْمَهُ طَاعَةٌ فِي نَفْسِهِ، قَبِيحٌ بِوَصْفِهِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ فِي غَيْرِ مَكَانِ غَصْبٍ فَأَدَّاهَا فِيهِ لَا تُجْزِئُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَإِنْ جَهِلَ أَوْ نَسِيَ كَوْنَهُ غَصْبًا أَوْ حَرِيرًا أَوْ حُبِسَ بِغَصْبٍ صَحَّتْ، وَعَنْهُ لَا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الصِّحَّةَ "ع" لِزَوَالِ عِلَّةِ الْفَسَادِ وَهِيَ اللِّبْسُ الْمُحَرَّمُ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي فِي حَبْسِهِ بِغَصْبٍ رِوَايَتَيْنِ، ثُمَّ جَزَمَ بِالصِّحَّةِ فِي ثَوْبٍ يُجْهَلُ غَصْبُهُ لِعَدَمِ إثْمِهِ، كَذَا قَالَ. وَلَا يَصِحُّ نَفْلُ آبِقٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ زَمَنَ فَرْضِهِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا، فَلَمْ يَغْصِبْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا وَبُطْلَانُ فَرْضِهِ قَوِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ "إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ". وَفِي لَفْظٍ "إذَا أَبَقَ مِنْ مَوَالِيه فقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ" رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ1، قَالَ: أَرَاهُ عَلَى مَعْنَى إذَا اسْتَحَلَّ الْإِبَاقَ، وَبِذَلِكَ يَكْفُرُ، كَذَا قَالَ، وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ عِنْدَهُ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ2 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "ثَلَاثَةٌ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ صَلَاةٌ، وَلَا تَصْعَدُ لَهُمْ حَسَنَةٌ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَوَالِيه فَيَضَعَ يَدَهُ فِي أَيْدِيهمْ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى، وَالسَّكْرَانُ حتى يصحو". وإن غير هيئة مسجد فكغيره وَإِنْ مَنَعَهُ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: أَوْ زَحَمَهُ فَصَلَّى مَكَانَهُ فَوَجْهَانِ "م 4" وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ الصِّحَّةَ فيما إذا منعه كغصبه ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهُ: قَوْلُهُ: وَإِنَّ غَيَّرَ هَيْئَةَ مَسْجِدٍ فَكَغَيْرِهِ لعله فكغصبه كما في الرعاية. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ الْمَغْصُوبِ: وَإِنْ مَنَعَهُ غَيْرَهُ أَيْ مَنَعَ الْمَسْجِدَ غَيْرَهُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ وَصَلَّى هُوَ فِيهِ، وَقِيلَ أَوْ زَحَمَهُ وَصَلَّى مَكَانَهُ فَوَجْهَانِ، يَعْنِي فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وأطلقهما ابن عقيل وابن تميم:
سِتَارَ الْكَعْبَةِ وَصَلَاتَهُ فِيهَا، كَذَا قَالَ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ فِيهَا أَوْلَى، لِتَحْرِيمِ صَلَاتِهِ فِيهَا. 1وَلَا يَضْمَنُهُ بِمَنْعِهِ1 كَجُزْءٍ وَقَالَ شَيْخُنَا: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: يَضْمَنُهُ، وَتَصِحُّ مِمَّنْ طُولِبَ بِوَدِيعَةٍ أَوْ غَصْبٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا تَصِحُّ. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ تَضَرُّرِ الطالب، زاد بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يُفْلِتْ الْوَقْتِ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ مَنْ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ يَذْهَبُ إلَى مَكَان فخالفه وأقام2. وَيَصِحُّ وُضُوءٌ وَأَذَانٌ وَزَكَاةٌ وَصَوْمٌ وَعَقْدٌ فِي بقعة غصب لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: صَحَّتْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالْأَقْوَى الْبُطْلَانُ، قُلْت وهو قوي.
الْكَوْنَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّتِهِ، بِدَلِيلِ إتْيَانِهِمَا بِهِ وَهُمَا يُسَبِّحَانِ أَوْ يُهَوِّيَانِ مِنْ عُلُوٍّ، وَلِهَذَا يَصِحُّ تَجَدُّدُ الطَّهَارَةِ فِيهَا، بِخِلَافِ نَفْلِ الصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَخِتَانٍ، وَعِتْقٍ، وَطَلَاقٍ، لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ، وَقِيلَ هُوَ كَصَلَاةٍ، وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الشَّرَى، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي بَابِ الْغَصْبِ. وَقَالَ الْقَاضِي بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا: يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْغَصْبِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالتَّغْلِيظِ أَوْ الْوَرَعِ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَبِيعَ طَعَامًا مَغْصُوبًا، وَالْبُقْعَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ، وَلَا عُلْقَةَ لَهَا بِالْبَيْعِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِغَصْبِ الْبِقَاعِ فِي الْعُقُودِ فِيهَا، وَسَلَّمَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ إسْلَامِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ بِهِ فِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَجُّهُ بِغَصْبٍ كَصَلَاةٍ، وَلَا يُقَالُ: الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ يَتَقَدَّمَانِ الْعِبَادَةَ، وَلَا يُصَاحِبَانِهَا، لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ وَسَارَ عَلَى رَاحِلَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَالتَّحْرِيمُ مُصَاحِبٌ لِلْعِبَادَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمْ، وَلِأَنَّ الْحَجَّ مِنْ نَتِيجَةِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَفَائِدَتِهِ، وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ فَائِدَةَ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ لَا تَكُونُ لِلْغَاصِبِ، وَلَا يُمْكِنُ الْحَجُّ لِلْمَالِكِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلَا نَوَاهُ، ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُخَالِفُهُ، وَأَنَّ الْمُؤْثَرَ حَجُّهُ لَا قَبْلَ إحْرَامِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَفَرَّقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ ليسا شرطا للصحة بل للوجوب وفقا1. فَقَالُوا: نَفْلُهُ كَفَرْضِهِ كَثَوْبٍ نَجِسٍ، وَقِيلَ يَصِحُّ، لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ لَا، وَجَعَلُوهُ حُجَّةً عَلَى الْمُخَالِفِ، فَلِهَذَا قَالُوا: لَا يُثَابُ عَلَى فَرْضِهِ إنْ صَحَّ، وَقِيلَ لَهُ فِي التمهيد في مسألة النهي:. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِلَافُنَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى صِفَةٍ مَكْرُوهَةٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْغَصْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الدِّينِ؟ فَقَالَ: فِعْلُ الْعِبَادَاتِ عَلَى وَجْهِ النَّهْيِ لَيْسَ فِي الدِّينِ، وَلِهَذَا لَا يُثَابُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ، وَمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وَلَمْ يُبَحْ لَهُ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الدِّينِ مَرْدُودٌ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ يُتَوَجَّهُ مِنْ صِحَّةِ نَفْلِهِ إثَابَتُهُ عَلَيْهِ، فَيُثَابُ عَلَى فَرْضِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِي صِحَّةِ نَفْلِهِ، وَلَا ثَوَابَ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ يُثَابُ عَلَى كُلِّ عِبَادَةٍ كُرِهَتْ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ فِي الْأُصُولِ: الْمَكْرُوهُ لَا ثَوَابَ فِي فِعْلِهِ. مَا كُرِهَ بِالذَّاتِ لَا بِالْعَرْضِ، وَيَأْتِي1 صِحَّةُ حَجِّ التَّاجِرِ وَإِثَابَتُهُ، وَهَلْ يُثَابُ عَلَى عَمَلٍ مَشُوبٍ.؟ وَقَدْ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ فِي الْأُصُولِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَلِهَذَا لَمَّا احْتَجَّ مَنْ كَرِهَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ2: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ3 فِي الْمَسْجِدِ3 فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الأجر شيء. لم يقل أحد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْأَجْرِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لَا اعْتِقَادًا وَلَا بَحْثًا، وَاحْتُجَّ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ لَمْ يَمْنَعْ قِرَاءَةَ الْجُنُبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ"1. وَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُتَطَهِّرُ، لِأَنَّ الْجُنُبَ تُكْرَهُ لَهُ الْقِرَاءَةُ عِنْدَهُمْ، فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الظَّاهِرِ، وَيَأْتِي فِي الْبَابِ بَعْدَهُ2 قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: إنَّ صَلَاةَ مَنْ شَرِبَ خَمْرًا تَصِحُّ وَلَا ثَوَابَ فِيهَا، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَجْرَ لِمَنْ غَزَا عَلَى فَرَسٍ غَصْبٍ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ فِي حَجٍّ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَلَا ثَوَابَ. وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورِ3 ابْنِ أَخِي أَبِي نَصْرِ بْنِ الصَّبَّاغِ مِنْهُمْ ذَكَرَ شَيْخُنَا4 فِي الْكَامِلِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَيَحْصُلُ الثَّوَابُ، فَيَكُونُ مُثَابًا عَلَى فِعْلِهِ، عَاصِيًا بِمَقَامِهِ، فَإِذَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ صِحَّتِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ، قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ،. وَلَوْ تَقَوَّى عَلَى عِبَادَةٍ بِأَكْلِ مُحَرَّمٍ لِزَوَالِ عَيْنِهِ، وَلَا أَثَرَ لَهُ بَعْدَ زَوَالِهَا، قَالَ أَحْمَدُ فِي بِئْرٍ حُفِرَتْ بِمَالٍ غَصْبٍ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا، وَعَنْهُ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا: لَا أَدْرِي. وَلَوْ صَلَّى عَلَى أَرْضِهِ أَوْ مُصَلَّاهُ بِلَا غَصْبٍ صح في الأصح، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَمْلُهَا عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْلَى، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصَّلَاةَ هُنَا أَوْلَى مِنْ الطَّرِيقِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّ الْأَرْضَ الْمَزْرُوعَةَ كَغَيْرِهَا، وَالْمُرَادُ وَلَا ضَرَرَ، وَلَوْ كَانَتْ لِكَافِرٍ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ رِضَاهُ بِصَلَاةِ مُسْلِمٍ بِأَرْضِهِ "وهـ" وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ صَلَّى فِي بَرَاحٍ لِرَجُلٍ لَيْسَ عَلَيْهِ سَتْرٌ، فَقَالَ: لَا رِوَايَةَ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ نُسَلِّمَهُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَالِكَهُ لَا يَمْنَعُ. ولا تصح في الأصح وَإِنْ بَسَطَ طَاهِرًا عَلَى غَصْبٍ أَوْ غَصْبًا على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَاهِرٍ إنْ غَصَبَ الْأَبْنِيَةَ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ إنْ اسْتَنَدَ، وَقِيلَ: أَوْ لَا "م 5". وَيُصَلِّي فِي حرير لعدم "و" وعنه ويعيد "وم" وَكَذَا فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ وَيُعِيدُ، وَعَنْهُ: لَا، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ كَمَكَانٍ نجس ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَسَطَ طَاهِرًا عَلَى غَصْبٍ، أَوْ غَصْبًا عَلَى طَاهِرٍ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ ذَلِكَ، وَتَقْدِيرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ كَذَلِكَ، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ، وَالصِّحَّةُ إذَا بَسَطَ غَصْبًا عَلَى طاهر ضعيف جدا، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ- 5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ غَصَبَ الْأَبْنِيَةَ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ إنْ اسْتَنَدَ، وَقِيلَ أَوْ لَا" انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ صَلَّى فِي بُقْعَةٍ حَلَالٍ وَالْأَبْنِيَةُ غَصْبٌ فَرِوَايَتَانِ، فَظَاهِرُهُ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ صَلَّى فِي أَرْضٍ لَهُ وَالْأَبْنِيَةُ مَغْصُوبَةٌ فَرِوَايَتَانِ، قُلْت هَذَا إنْ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ اسْتَنَدَ إلَيْهَا، وَإِلَّا كُرِهَتْ الصَّلَاةُ، وَصَحَّتْ، انْتَهَى، فَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ يَشْمَلُ الِاسْتِنَادَ وعدمه، ويقويه مَا اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّهُمَا مَعَ الِاسْتِنَادِ عَلَى الْمُقَدَّمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، والصواب أيضا الصحة مطلقا، والله أعلم.
"هـ" وَخَرَّجَ جَمَاعَةٌ فِيهِ رَاوِيَةً مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ وَخَرَّجُوا فِي الثَّوْبِ مِنْ الْمَكَانِ، وَلَمْ يُخَرِّجْ آخَرُونَ، وَهُوَ أَظْهَرُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، وَخَرَّجَ فِي التَّعْلِيقِ رِوَايَةَ عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الثَّوْبِ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ، وَعَنْهُ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى فِي الثَّوْبِ، وَقِيلَ: يُصَلِّي عريانا "وش" كَغَصْبٍ "و" وَقِيلَ: وَيُعِيدُ وَمَذْهَبٌ "هـ": تَجِبُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ رُبْعُهُ طَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهِيَ فِيهِ أَفْضَلُ. وَهَلْ يُصَلِّي بِمَكَانٍ نَجِسٍ إيمَاءً أَمْ يَسْجُدُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَهَلْ يُصَلِّي بِمَكَانٍ نَجِسٍ إيمَاءً، أَمْ يَسْجُدُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ نَجِسٍ فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً؛ فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَفِيهَا الرِّوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا يَسْجُدُ بِالْأَرْضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَابَعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ تَقْدِيمًا لِرُكْنِ السُّجُودِ، لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، وَمُجْمَعٌ عَلَى افْتِرَاضِهِ، وَعَلَى عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالنِّسْيَانِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُومِئُ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَلَا يَسْجُدُ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَمَنْ مَحَلُّهُ نَجِسٌ ضَرُورَةً أَوْمَأَ وَلَمْ يَعُدْ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ كَمَنْ صلى في ماء وطين،
فصل: ومن وجد ما يستر منكبيه وعجزه فقط ستره وصلى جالسا.
فَصْلٌ: وَمَنْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ وَعَجُزَهُ فَقَطْ سَتَرَهُ وَصَلَّى جَالِسًا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَتَّزِرُ وَيُصَلِّي قَائِمًا، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكْفِ. وَقَالَ الْقَاضِي يُصَلِّي فِيهِ جَالِسًا، وَيَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ "خ". وَسَتْرُ الْفَرْجَيْنِ مُقَدَّمٌ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْهُ الدُّبُرُ أَوْلَى، وَقِيلَ الْقُبُلُ، وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا سَتْرًا "م 7". وَيَجِبُ سَتْرُ دُونَ الرُّبْعِ "هـ" بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ لَهُ حُكْمَ الْكُلِّ لَا لِمَا دُونَهُ وَإِنْ أُعِيرَ سُتْرَةً لَزِمَهُ قَبُولُهَا "و" وَقِيلَ لَا، كَالْهِبَةِ في الأصح، و1 يلزمه تَحْصِيلُهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ "هـ" فِي الزِّيَادَةِ كَمَاءِ الوضوء. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: يُقَرِّبُ أَعْضَاءَهُ مِنْ السُّجُودِ بِحَيْثُ لَوْ زَادَ شَيْئًا لَمَسَّتْهُ النَّجَاسَةُ، وَيَجْلِسُ عَلَى رَجُلَيْهِ، وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ غَيْرَهُمَا. انْتَهَى. وَإِنْ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْمَأَ غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُ، وَجَلَسَ عَلَى قَدَمَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِي الصورتين، والفرق ظاهر، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ- 7: قَوْلُهُ: وَسَتْرُ الْفَرْجَيْنِ مُقَدَّمٌ، فَإِنْ عَجَزَ فَعَنْهُ الدُّبُرُ أَوْلَى، وَعَنْهُ الْقُبُلُ، وَقِيلَ بِالتَّسَاوِي، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا سَتْرًا، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: سَتْرُ الدُّبُرِ أَوْلَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدَنَا، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: سَتْرُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ والمنور
وإن عدم صلى جالسا ندبا "وهـ" وقيل: وجوبا يُومِئُ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ وَلَا يَتَرَبَّعُ هُنَا، بَلْ يَتَضَامُّ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ يَتَرَبَّعُ، وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ قَائِمًا وَيَسْجُدُ بِالْأَرْضِ "وم ش" اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَقِيلَ يُومِئُ، وَقِيلَ يُعِيدُ عَارٍ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ إنْ تَوَارَى بَعْضُ الْعُرَاةِ عَنْ بَعْضٍ فَصَلَّوْا قِيَامًا فَلَا بَأْسَ، قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُهُ لَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ خَلْوَةً، وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا، فَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا، قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ1. وَإِنْ وَجَدَهَا فِي الصَّلَاةِ قَرِيبَةً عُرْفًا بَنَى "هـ م و" وَإِلَّا ابْتَدَأَ، وَقِيلَ: بِالْبِنَاءِ وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنْ انْتَظَرَ مَنْ يُنَاوِلُهَا له لم تبطل، لأن الانتظار ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: سَتْرُ الْقُبُلِ أَوْلَى، حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِ، قُلْت وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي3، وَقِيلَ: بِالتَّسَاوِي، قَالَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ: فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِمَا سُتِرَ أَحَدُهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَقِيلَ سَتْرُ أَكْثَرِهِمَا أَوْلَى، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: لَوْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَكَانَ مُتَّجِهًا وَإِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غير هذه الصورة لكان له وجه.
وَاحِدٌ، كَانْتِظَارِ الْمَسْبُوقِ، وَكَذَا الْمُعْتَقَةُ فِيهَا، وَإِنْ جَهِلَتْ الْعِتْقَ، أَوْ وُجُوبَ السِّتْرِ، أَوْ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ أَعَادَتْ، كَخِيَارِ مُعْتَقَةٍ تَحْتَ عَبْدٍ، ذَكَره القاضي وغيره. ويصلي الْعُرَاةُ جَمَاعَةً وُجُوبًا لَا فُرَادَى، "هـ م" فِي غَيْرِ ظُلْمَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ جُلُوسًا وُجُوبًا "هـ" إنَّ فِي مُنْفَرِدٍ رِوَايَتَيْنِ، وَإِمَامُهُمْ وَسَطًا، لَا مُتَقَدِّمًا "هـ م" وَقِيلَ يَجُوزُ. وَيُصَلِّي كُلُّ نَوْعٍ وَحْدَهُ، لِأَنَّهَا إنْ وَقَفَتْ خَلْفَهُ شَاهَدَتْ الْعَوْرَةَ وَمَعَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِلَافٌ لِسُنَّةِ الْمَوْقِفِ، وَرُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْفِتْنَةِ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْعُرْيَان يَؤُمُّ امْرَأَةً، فَإِنْ شَقَّ صَلَّى نَوْعٌ، وَاسْتَدْبَرَهُ الْآخَرُ، ثُمَّ الْعَكْسُ. وَمَنْ صَلَّى عُرْيَانًا وَأَعَارَ سُتْرَتَهُ لَمْ تَصِحَّ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيرَ إذَا صَلَّى، وَيُصَلِّي بِهَا وَاحِدٌ وَاحِدٌ، وَهَلْ يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَلَوْ خرج الوقت "وش" أَمْ لَا، كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ "م 8". وَجَعَلَ الشَّيْخُ وَاجِدَ الْمَاءِ أَصْلًا لِلُّزُومِ، كَذَا قَالَ، وَلَا فَرْقَ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ الِانْتِظَارَ، وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى اتِّسَاعِ الْوَقْتِ، وَالْأَصَحُّ يُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ. وَالْمَرْأَةُ أَوْلَى، وَيُصَلِّي بِهَا عَارٍ، ثُمَّ يُكَفَّنُ مَيِّتٌ، وَقِيلَ: يقدم هو. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ لَهُ سُتْرَةٌ أَنْ يُعِيرَ غَيْرَهُ إذَا صَلَّى بِهَا، وَيُصَلِّي بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَهَلْ يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ أَمْ لَا، كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا، بَلْ يُصَلِّي عُرْيَانًا فِي الْوَقْتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ بُذِلَتْ لِلْعُرَاةِ سُتْرَةٌ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، زَادَ فِي الْكُبْرَى وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، ثُمَّ قَالَا: وَيُقَدَّمُ الْإِمَامُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَلَعَلَّ هَذَا مفيد للوجهين
وَيُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ السَّدْلُ "م" وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهُ ثَوْبٌ، أَوْ إزَارٌ، وَعَنْهُ: يُعِيدُ "خ" وَحَكَى التِّرْمِذِيُّ1 عَنْ أَحْمَدَ: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ: طَرْحُ ثَوْبٍ عَلَى كَتِفَيْهِ لَا يَرُدُّ طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْآخَرِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ طرحه عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَرُدَّ طَرَفَيْهِ عَلَى الْآخَرِ، وَعَنْهُ وَلَا يَضُمُّ طَرَفَيْهِ بِيَدِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يُرْخِي ثَوْبَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، ثُمَّ لَا يَمَسُّهُ، وَقِيلَ هُوَ إسْبَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ، وَقِيلَ: وَضْعُ وَسَطِ الرِّدَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِرْسَالِهِ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى ظَهْرِهِ، وَهِيَ لُبْسَةُ الْيَهُودِ، وَقِيلَ: وَضْعُهُ عَلَى عُنُقِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ عَلَى كَتِفَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِنَا: لَا يُكْرَهُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لِبْسَةُ الْيَهُودِ، أَوْ أنه إسبال الثوب على الأرض فالخلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQاللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا، فَيَكُونُ قَدْ صَحَّحَ الْمَذْهَبَ كَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا وَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ يُقَدَّمُ إمَامٌ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى أَيْضًا فَإِنْ أَعَادَهَا لَهُمْ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّى بِهَا وَاحِدٌ، قُلْت إنْ عَيَّنَهُ، "رَبّهَا" وَإِلَّا اقْتَرَعُوا إنْ تَشَاحُّوا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 أَيْضًا وَإِنْ صَلَّى صَاحِبُ الثَّوْبِ وَقَدْ بَقِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُعِيرَهُ لِمَنْ يَصْلُحُ لِإِمَامَتِهِمْ، وَإِنْ أَعَارَهُ لِغَيْرِهِ جَازَ، وَصَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ صَاحِبِ الثَّوْبِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُ انْتِظَارُهَا وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي2 احْتِمَالًا وَقَالَ: هَذَا ليس عندي. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي السَّدْلِ: وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَبِسَهُ الْيَهُودُ وَأَنَّهُ إسْبَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: أَنَا أَكْرَهُ السَّدْلَ، وَالنَّهْيُ فِيهِ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ1. وَخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَقَلَ مُهَنَّا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، لَكِنْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ أَحْمَدُ.2 وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَكْرَهُونَ السَّدْلَ فِي الصَّلَاةِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ كَرَاهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَلِأَنَّ مَا نُهِيَ عَنْهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَفِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ. وَاشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ "م" وَهُوَ اضْطِبَاعُهُ بِثَوْبٍ، وَعَنْهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَعَنْهُ يُعِيدُ "خ" وَقِيلَ: يَلْتَفُّ بِثَوْبٍ يَرُدُّ طَرَفَيْهِ إلَى أَحَدِ جَانِبَيْهِ وَلَا يُبْقَى لِيَدَيْهِ مَا تَخْرُجُ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْعَرَبِ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ3: وَهُمْ أَعْلَمُ بِالتَّأْوِيلِ. وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ، وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ وَعَنْهُ لَا، وفي التلثم على الأنف روايتان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQفَالْخِلَافُ، يَعْنِي: الْخِلَافَ الَّذِي فِي التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي إسْبَالِ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ، وقد ذكر حكمهما المصنف. مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ وَالتَّلَثُّمُ عَلَى الْفَمِ وَلَفُّ الْكُمِّ بِلَا سَبَبٍ وَعَنْهُ لَا وَفِي التَّلَثُّمِ عَلَى الْأَنْفِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة والتلخيص والبلغة وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالْحَاوِيَيْنِ والفائق وغيرهم:
وشد وسطه بما يشبه الزُّنَّارَ1. نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ لَا، زَادَ بَعْضُهُمْ: إلَّا أَنْ يَشُدَّهُ لِعَمَلِ الدُّنْيَا فَيُكْرَهُ، نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمُ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْمِنْطَقَةُ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَفِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَنَقَلَ حَرْبٌ يُكْرَهُ شَدُّ وَسَطِهِ عَلَى الْقَمِيصِ، لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْيَهُودِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى الْقَبَاءِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَرَاهَةُ شَدِّ وَسَطِهِ بِمَا يُشْبِهُ الزُّنَّارَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِالنَّصَارَى فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَسَبَقَ فِي الْمَسْحِ2، وَيَأْتِي فِي آخَرِ الْبَابِ تَحْرِيمُهُ3، وَفِي الْوَلِيمَةِ4 فِي الْأَقْوَالِ ثَلَاثَةٌ فِي كُلٍّ تُشْبِهُ، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَّا بِمَا يَتَمَيَّزُونَ به من اللباس ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ التَّلَثُّمُ عَلَى الْأَنْفِ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ6. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَافِي.
وَلَا يُكْرَهُ بِمَا لَا يُشْبِهُ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بَلْ يُسْتَحَبُّ، نَصَّ عَلَيْهِ لِلْخَبَرِ1، لِأَنَّهُ أَسْتُرُ لِعَوْرَتِهِ، وَلَمَّا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّمَّاءِ لَمْ يُقَيِّدُهُ بِالصَّلَاةِ، وَقَرَنَهُ بِالِاحْتِبَاءِ2، فَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ. وَيَجُوزُ الِاحْتِبَاءُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ، وَيَحْرُمُ مع كشف عورة. ويحرم في الْأَصَحِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، بَلْ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي3 مِنْ نَصِّهِ إسْبَالُ ثِيَابِهِ خيلاء في غير حرب بلا حاجة، نحو كَوْنِهِ خَمْشَ السَّاقَيْنِ، وَالْمُرَادُ: وَلَمْ يُرِدْ التَّدْلِيسُ عَلَى النِّسَاءِ، وَيُتَوَجَّهُ هَذَا فِي قَصِيرَةٍ اتَّخَذَتْ رجلين من خشب فلم تعرف. ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيه: قوله: "وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ إسْبَالُ ثِيَابِهِ خُيَلَاءَ فِي غير حرب بلا حاجة نحو كونه خمش السَّاقَيْنِ" انْتَهَى. الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهُ خُيَلَاء، وَلَوْ كَانَ بِهِ حَاجَةٌ إلَى الْإِسْبَالِ، فَقَوْلُهُ بِلَا حَاجَةٍ نَحْوَ كَوْنِهِ خَمْشَ السَّاقَيْنِ يُعْطِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْإِسْبَالُ فَقَطْ، لَا الْإِسْبَالُ مَعَ الْخُيَلَاءِ، وَلَعَلَّ التَّمْثِيلَ عَائِدٌ إلَى الْإِسْبَالِ فَقَطْ، فَيَزُولَ الْإِشْكَالُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُكْرَهُ فَوْقَ نِصْفِ سَاقَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: يُشْهِرُ نَفْسَهُ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ تَحْتَ كَعْبَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ، وَعَنْهُ مَا تَحْتَهُمَا فِي النَّارِ وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ مَنْ لَمْ يَخَفْ خُيَلَاءَ لَمْ يُكْرَهُ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ إلَى ذِرَاعٍ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: ذَيْلُ نِسَاءِ الْمُدُنِ فِي الْبَيْتِ كَرَجُلٍ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ، أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا وَتَوْسِيعُهَا قَصْدًا "م 10"، وَقَصْرُ كُمِّهَا، وَاخْتَلَفَ كلامهم في سعته قصدا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: "وَيُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا، وَتَوْسِيعُهَا قَصْدًا، وَقَصْرُ كُمِّهَا، وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ فِي سَعَتِهِ قَصْدًا" انْتَهَى، يَعْنِي لِلْمَرْأَةِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَتَوْسِيعُ الْكُمِّ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ حَسَنٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ، وَبِخِلَافِ الرِّجَالِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَيُسَنُّ سَعَةُ كُمِّ قَمِيصِ الْمَرْأَةِ يَسِيرًا، وَقَصْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَمَدٍ: إنْ قُلْت دُونَ رُءُوسِ أَصَابِعِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَتَوْسِيعُ كم المرأة قصدا حسن.
وَكَرِهَ أَحْمَدُ الزِّيقَ1 الْعَرِيضَ لِلرَّجُلِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ "م 11"، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا كَرِهَهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الشُّهْرَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: "2إنَّمَا كَرِهَ الْإِفْرَاطَ جَمْعًا بَيْنَ قَوْلَيْهِ2". قَالَ أَحْمَدُ فِي الدُّرَّاعَةِ: الْفُرَجُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا قَدْ سَمِعْتُ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ خَلْفِهَا إلَّا أَنَّ فِيهِ سعة عند الركوب، ومنفعة. وَيُكْرَهُ إنْ وَصَفَ الْبَشَرَةَ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ حَيٍّ وَمَيِّتٍ نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يُكْرَهُ لِمَنْ لَمْ يَرَهَا إلَّا زَوْجٌ وَسَيِّدٌ، وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْمَعَالِي وَإِنْ وَصَفَ اللِّينَ وَالْخُشُونَةَ وَالْحَجْمَ كُرِهَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ: زِيَّ الْأَعَاجِمِ كَعِمَامَةٍ صَمَّاءَ، وَكَنَعْلِ صِرَّارَةٍ3 لِلزِّينَةِ لَا لِلْوُضُوءِ وَنَحْوُهُ. وَيُكْرَهُ شُهْرَةٌ وَخِلَافُ زِيِّ بَلَدِهِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَنَصُّهُ لَا، قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ شُهْرَةٌ وَهُوَ مَا يَقْصِدُ بِهِ الِارْتِفَاعَ، وإظهار التواضع، كما كان السلف ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَكَرِهَ أَحْمَدُ الزِّيقَ الْعَرِيضَ لِلرَّجُلِ، وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ كَلَامِ النَّاظِمِ فِي آدَابِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ ذَلِكَ إلَّا لِلرَّجُلِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى قَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُخَاطُ لِلنِّسَاءِ هَذِهِ الزِّيقَاتُ الْعِرَاضُ؟ فَقَالَ إنْ كَانَ شَيْءٌ عَرِيضٌ أَكْرَهُهُ، هُوَ مُحْدَثٌ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ وَسَطٌ لَمْ نَرَ بِهِ بَأْسًا، انْتَهَى، وَاقْتَصَرَ عليه، والرواية الثانية: يكره كالرجل.
يكرهون الشهرة من اللباس الْمُرْتَفِعِ، وَالْمُنْخَفِضِ وَلِهَذَا فِي الْخَبَرِ "مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ" 1. فَعَاقَبَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ يُكْرَهُ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الرِّيَاءِ. وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ الْكِلَّةَ: وَهِيَ قُبَّةٌ لَهَا بَكْرَةٌ تُجْرِيهَا، وَقَالَ: هِيَ مِنْ الرِّيَاءِ لَا تَرُدُّ حَرًّا، وَلَا بَرْدًا. وَكَرِهَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُلُوسَ مُتَرَبِّعًا عَلَى وَجْهِ التَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ. وَيُسَنُّ غَسْلُهُ مِنْ عَرَقٍ وَوَسَخٍ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَمَا يَجِدُ هَذَا مَا يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ" وَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا فَقَالَ: "أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ رَأْسَهُ". وهذا الخبر رواه أحمد وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ2، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِمَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ عُمَرَ "مِنْ مُرُوءَةِ الرَّجُلِ نَقَاءُ ثَوْبِهِ" 3. وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ: يَنْبَغِي غَسْلُهُ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْ تَعْلِيلِهِ الْوُجُوبُ، وَفِي "يَنْبَغِي" الْخِلَافُ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ما يروى عن عمر: "ألا يتجمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحَدُكُمْ لِامْرَأَتِهِ كَمَا تَتَجَمَّلُ لَهُ" قِيلَ لِأَحْمَدَ: يُؤْجَرُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَمُرَادُهُ لَا أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهَا مُطْلَقًا، قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ فَعَلَ هَذَا فَجَاهِلٌ ضَالٌّ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ هَذَا عَنْ أُنَاسٍ فَخَطَبَ وَقَالَ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنًا، فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجمال". وعن عبد الله بن عمرو3 مَرْفُوعًا: "كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَالْبَسُوا، وَتَصَدَّقُوا فِي غَيْرِ إسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ4 وَزَادَ: "فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ". وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ5 هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَحَسَّنَهَا وَقَالَ: "أَثَرَ نِعْمَتِهِ". وَلِأَحْمَدَ6، ثَنَا رَوْحٌ، ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ فَضَالَةَ7: ثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَلَيْهِ مُطَرَّفَةٌ8 مِنْ خَزٍّ لَمْ نَرَهَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا بَعْدَهُ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من أنعم الله عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ
نِعْمَةً1 فَلْيُظْهِرْهَا فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ" قَالَ رَوْحٌ مَرَّةً: عَلَى عَبْدِهِ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ مَعَ تَفَرُّدِ شُعْبَةُ عَنْ الْفُضَيْلِ. وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: "مَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُلَل الْإِيمَانِ أَيَّتُهُنَّ شَاءَ". فِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ2. وَقَالَ صَاحِبُ النظم: ويكره مع طول الغنا3 لبسك الردي فَأَطْلَقَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَالَ: وَمَنْ يَرْتَضِي دُونَ اللِّبَاسِ تَوَاضُعًا ... سَيُكْسَى الثِّيَابَ الْعَبْقَرِيَّاتِ فِي غَدٍ4 وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، لَا لِعَجَبٍ، وَلَا شُهْرَةٍ، وَلَا غَيْرِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالتَّوَسُّطُ فِي الْأُمُورِ أَوْلَى، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِحَسَبِ الْحَالِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ مَوْجُودٍ، وَلَا يَتَكَلَّفُونَ مَفْقُودًا، فَنَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُهْدِيَنَا طَرِيقَهُمْ. فَأَمَّا الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحِ فَالْأَشْهَرُ لَا يَحْرُمُ، عَلَى ما يأتي في ـــــــــــــــــــــــــــــQ
الْحَجْرِ1، وَتَبَرُّعِ الْمَرِيضِ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا، وَقَدْ سَبَقَ خَبَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَأَمَّا شُكْرُ اللَّهِ فَمُسْتَحَبٌّ، وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ2 خِلَافٌ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى الطَّعَامِ فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي اللِّبَاسِ، ثُمَّ إنْ وَجَبَ فَعَدَمُهُ لَا يَمْنَعُ الْحِلَّ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ3. وَقَالَ شَيْخُنَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ الْمُبَاحَاتِ كَأَكْلٍ وَلُبْسٍ وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ جَاهِلٌ، ضَالٌّ، فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالْأَكْلِ مِنْ الطَّيِّبِ، وَالشُّكْرِ لَهُ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ، وَمَنْ أَكَلَ وَلَمْ يَشْكُرْ كَانَ مُعَاقَبًا عَلَى مَا تَرَكَهُ مِنْ فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ الطَّيِّبَاتُ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَلَّهَا لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ كَمَا قَالَ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة:93] الْآيَةُ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ الْإِنْسَانُ بِالْمُبَاحَاتِ عَلَى الْمَعَاصِي وقَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] أَيْ عَنْ الشُّكْرِ، فَطَالَبَ الْعَبْدَ بِأَدَاءِ شُكْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَاقِبُ إلَّا عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ وَفِعْلِ مَحْظُورٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
فصل: يحرم على غير أنثى لبس حرير وحتى تكة أو شرابة
فصل: يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ أُنْثَى لُبْسِ حَرِيرٍ "و" حَتَّى تِكَّةٍ أَوْ شَرَابَةٍ1. نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ: شَرَابَةٌ مُفْرَدَةٌ، كَشَرَابَةِ الْبَرِيدِ لَا تَبَعًا، فَإِنَّهَا كَزِرٍّ، وَعَلَّلَ الْقَاضِي وَالْآمِدِيُّ فَقَطْ إبَاحَةَ كِيسِ الْمُصْحَفِ بِأَنَّهُ يَسِيرُ. وَيَحْرُمُ افْتِرَاشُهُ "هـ" وَاسْتِنَادُهُ إلَيْهِ "هـ" وَمَا غَالِبُهُ حَرِيرٌ قِيلَ ظُهُورًا، وَقِيلَ وَزْنًا، بِلَا ضَرُورَةٍ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ "م 12 - 13". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-12-13: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ "2قِيلَ: وَزْنًا2" وَقِيلَ ظُهُورًا بِلَا ضَرُورَةٍ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ الِاعْتِبَارُ بِمَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ ظُهُورًا أَوْ وَزْنًا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ، أَحَدُهُمَا مِمَّا غَالِبُهُ ظُهُورًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِذَلِكَ وَزْنًا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" لَوْ اسْتَوَيَا ظُهُورًا وَوَزْنًا فَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي3، وَالْكَافِي4، وَالْمُقْنِعِ5، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ،
وَكَذَا الْخَزُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ، وَأَبَاحَهُ أحمد "م ر" وفرق. بأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ، لَكِنْ إنَّمَا أَطْلَقَ فِي الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا وَزْنًا بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ: أَحَدُهُمَا مُحَرَّمٌ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي الْفُصُولِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: لِأَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ، وَلَيْسَ تَغْلِيبُ التَّحْلِيلِ بِأُولَى مِنْ التَّحْرِيمِ، وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِبْسُ الْقَسِّيِّ وَالْمُلْحَمِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرَهُمْ، لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْمُحَرَّمِ: أَوْ مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ ابْنُ الْبَنَّاءِ بِقَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِلِبْسِ الْخَزَنْقَلَةِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. "تَنْبِيهَاتْ" الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُبَاحُ، قَالَ شَيْخُنَا مَعَ الْكَرَاهَةِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخَزُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَهُ أَحْمَدَ، انْتَهَى، يَعْنِي: أَنَّ الْخَزَّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ كَالْحَرِيرِ فِي الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ يَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ إذَا اسْتَوَيَا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ إبَاحَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقَطَعَ به في المغني3، والكافي4 والشرح5,
لُبْسَةُ الصَّحَابَةِ وَبِأَنَّهُ لَا سَرَفَ فِيهِ وَلَا خُيَلَاءَ. وَيَحْرُمُ سِتْرُ الْجُدُرِ بِهِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ ذَكَرَ تَحْرِيمَ لُبْسِهِ فَقَطْ، وَمِثْلُهُ تَعْلِيقُهُ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوزُ الِاسْتِجْمَارُ بِمَا لَا يُنَقِّي كَالْحَرِيرِ الناعم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْآدَابِ وَغَيْرِهِ، وَتَابَعَ ابْنُ عَقِيلٍ ابْنَ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ أَيْضًا. الثَّالِثُ: الْخَزُّ مَا عُمِلَ مِنْ صُوفٍ وَإِبْرَيْسَمٍ، قَالَ فِي الْمُطْلِعِ فِي النَّفَقَاتِ وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مَا عَمَلِ مِنْ إبْرَيْسَمٍ وَوَبَرٍ طَاهِرٍ، كَالْأَرْنَبِ وَغَيْرِهِمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ: الْخَزُّ مَا سُدِيَ بِالْإِبْرَيْسَمِ، وَأُلْحِمَ بِوَبَرٍ، أَوْ صُوفٍ وَنَحْوِهِ، لغلبة اللحمة على الحرير، انتهى.
وَحَرَّمَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهُ مُطْلَقًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِي بُشْخَانَتِهِ، وَالْخَيْمَةِ، وَالْبُقْجَةِ، وَكَمِرَانِهِ، وَنَحْوُهُ الْخِلَافُ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ مَنْسُوجٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَقِيلَ فِي الرِّعَايَةِ أَوْ فِضَّةٍ، وَالْمُمَوَّهُ بِهِ: بِلَا حَاجَةٍ فَيَلْبَسُهُ، وَالْحَرِيرُ لِحَاجَةِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ وَنَحْوِهِ لِعَدَمٍ، وَحُكِيَ الْمَنْعُ رِوَايَةً وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ يَلْبَسُهُ فِي الْحَرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِحَاجَةٍ، وَقَالَ: وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَرَادَ لِحَاجَةٍ مَا احْتَاجَهُ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كَذَا قَالَ. فَإِنْ اسْتَحَالَ لَوْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَقِيلَ مُطْلَقًا أُبِيحَ فِي الْأَصَحِّ، "و" وَقِيلَ الْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ كَحَرِيرٍ كَمَا سَبَقَ. وَلَهُ لُبْسُ حَرِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ لِمَرَضٍ وَحَكَّةٍ "م ر" وَقِيلَ: يُؤَثِّرُ فِي زَوَالِهَا. وَفِي حَرْبٍ مُبَاحٌ بِلَا حَاجَةٍ فِي رِوَايَةٍ "وش" وَعَنْهُ لَا، وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ، وَلَوْ احْتَاجَهُ فِي نَفْسِهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ. "م 14" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَلُبْسُ حَرِيرٍ فِي حَرْبٍ مُبَاحٌ بِلَا حَاجَةٍ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْهُ لَا وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ، وَلَوْ احْتَاجَهُ فِي نَفْسِهِ وَوَجَدَ غَيْرَهُ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي1، وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ، وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وغيرهم:
وَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ إلْبَاسُهُ حَرِيرًا أَوْ ذهبا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "هـ" فَعَلَى هَذَا: لَوْ صَلَّى فِيهِ لَمْ تَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ. وَقَالَ سَعِيدٌ: ثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ الْعَوَّامِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانُوا يُرَخِّصُونَ لِلصَّبِيِّ فِي خَاتَمِ الذَّهَبِ، فَإِذَا بَلَغَ أَلْقَاهُ هُشَيْمٌ1 مُدَلِّسٌ. وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ كَرِهَ إلْبَاسَ الصِّبْيَانِ الْقَرَامِزَ2 السُّودَ، لِمَا فيه من التعريض للفتنة. وقد3 جَزَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَعْرَ نَصْرِ بن حجاج، وجنبه الزينة4. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُبَاحُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ يُبَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْوَى، قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى يُبَاحُ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فِي أَرْجَحِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ يُبَاحُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُبَاحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ لِلْإِبَاحَةِ إلَّا الْمَرَضَ، وَالْحِكَّةَ، وَعَنْهُ يُبَاحُ مَعَ نِكَايَةِ الْعَدُوِّ بِهِ، وَقِيلَ يُبَاحُ عِنْدَ مُفَاجَأَةِ الْعَدُوِّ وَضَرُورَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التلخيص، وغيره، وقيل يُبَاحُ عِنْدَ الْقِتَالِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهِ حَاجَةٌ فِي الْحَرْبِ حَرُمَ، قولا واحدا، وإن
وله حشو جباب وفرش بحرير "وش" وَقِيلَ: لَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً كَبِطَانَةٍ "وهـ" وَفِي تَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمَهْرِ فِيهِ وَجْهَانِ "م 15". وَيُبَاحُ مِنْهُ الْعَلَمُ إذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مضمومة فأقل "و" نص عليه، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ كَالْجُنَّةِ لِلْقِتَالِ فَلَا بَأْسَ، انْتَهَى، وَقِيلَ: يُبَاحُ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَقِيلَ يَجُوزُ حَالَ شِدَّةِ الْحَرْبِ ضَرُورَةً، وَفِي لُبْسِهِ فِي أَيَّامِ الْحَرْبِ بِلَا ضَرُورَةٍ رِوَايَتَانِ، وَهَذِهِ طَرِيقَتُهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَجَعَلَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْحَاجَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ وَقِيلَ الرِّوَايَتَانِ فِي الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ1، قَالَ وَمَعْنَى الْحَاجَةِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَإِنْ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ. مَسْأَلَةٌ 15 قَوْلُهُ: وَفِي تَحْرِيمِ كِتَابَةِ الْمَهْرِ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا يَحْرُمُ، بَلْ يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَتَبِعَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ فِي الْأَقْيَسِ، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قُلْت: لَوْ قِيلَ بالإباحة لكان له وجه، والله أعلم.
الوجيز: دونها وفي المحرر وَغَيْرِهِ قَدْرُ كَفٍّ، وَإِنْ كَثُرَ فِي أَثْوَابٍ فقيل: لا بأس به، وقيل يكره"م 16"، وَلَبِنَةِ جَيْبٍ1، وَسَجَفِ فِرَاءٍ وَخِيَاطَةٍ بِهِ، وَالْأَزْرَارِ. وَيَحْرُمُ بِيَسِيرِ ذَهَبٍ تَبَعًا نَصَّ عَلَيْهِ، كَالْمُفْرَدِ "و" وعنه: لا "وهـ" اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَحَفِيدُهُ. وَقَالَ: يَجُوزُ بَيْعُ حَرِيرٍ لِكَافِرٍ، وَلُبْسُهُ لَهُ، لِأَنَّ عُمَرَ بَعَثَ بِمَا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَخٍ لَهُ مُشْرِكٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٍ2، "3وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ التَّحْرِيمُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ3" وَغَيْرِهِ، وَقَالَ عَنْ خِلَافِهِ: قَدْ يَتَوَهَّمُهُ مُتَوَهِّمٌ؛ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا: وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ4 ولم يلزم منه إباحة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ مِنْهُ الْعَلَمُ إذَا كَانَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ مَضْمُومَةٍ فَأَقَلَّ، نَصَّ عَلَيْهِ وَأَكْثَرَ فِي أَثْوَابٍ، فَقِيلَ لَا بَأْسَ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى. أَحَدُهُمَا: لَا بَأْسَ، فَيُبَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يكره جزم به في الرعاية الكبرى.
لُبْسِهِ كَذَا قَالَ، ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى قِيَاسِهِ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لِلْكُفَّارِ، وَإِذَا جَازَ بَيْعُهَا لَهُمْ جَازَ صَبْغُهَا لِبَيْعِهَا مِنْهُمْ، وَعَمَلُهَا لَهُمْ بِالْأُجْرَةِ، كَذَا قَالَ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ1 حُذَيْفَةَ لَمَّا اسْتَسْقَى فَسَقَاهُ مَجُوسِيٌّ فِي إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَمَى بِهِ، وَقَالَ: إنِّي قَدْ أَمَرْتُهُ أَنْ لَا يَسْقِيَنِي فِيهِ: يدل على جواز اقْتِنَاءِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ مَعَ تَحْرِيمِ اسْتِعْمَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمَجُوسِيِّ فَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إقْرَارِ آنِيَةِ الْفِضَّةِ فِي أَيْدِي الْمَجُوسِيِّ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى هَذَا فِي شَرْحِ مُسْلِم، وَذَكَرَ عُمُومَ التَّحْرِيمِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْكُلِّ لُبْسُ مَا فِيهِ صُورَةُ حيوان. قال أحمد: لا ينبغي، ـــــــــــــــــــــــــــــQ
كَتَعْلِيقِهِ "و" وَسِتْرِ الْجُدُرِ بِهِ "و" وَتَصْوِيرِهِ "و" وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا رِوَايَةً، كَافْتِرَاشِهِ، وَجَعْلِهِ مِخَدًّا فَلَا يُكْرَهُ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اتَّكَأَ عَلَى مِخَدَّةٍ فِيهَا صُورَةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ2 عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عَلَى الْبَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، قَالَتْ: فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مَاذَا أَذْنَبْت؟ قَالَ: "مَا بَالُ هَذِهِ النُّمْرُقَةِ"؟ قُلْت اشْتَرَيْتُهَا لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَتَوَسَّدَهَا فَقَالَ:"إنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّورَةِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ". وَقَالَ: "إنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ" وَيُوَافِقُهُ ظَاهِرُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، عَنْ جَابِرٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصُّورَةِ فِي الْبَيْتِ، وَنَهَى أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ". وَإِنْ أُزِيلَ مِنْ الصُّورَةِ مَا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ لَمْ يُكْرَهْ فِي الْمَنْصُوصِ، وَمِثْلُهُ صُورَةُ شَجَرَةٍ وَنَحْوُهُ، وَتِمْثَالٌ، وَكَذَا تَصْوِيرُهُ، وَأَطْلَقَ بعضهم تحريم التصوير. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
"خ" وفي الوجيز يحرم التصوير وَاسْتِعْمَالُهُ، وَكَرِهَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ الصَّلَاةَ عَلَى مَا فِيهِ صُورَةٌ. وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ صُورَةٌ، وَلَوْ عَلَى مَا يُدَاسُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ" 1. وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا ظَاهِرٌ، وَبَعْضُهُ صَرِيحٌ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تُمْنَعُ مِنْ دُخُولِهِ، تَخْصِيصًا لِلنَّهْيِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ فِي تَخْصِيصِ الْأَخْبَارِ. وَفِي تَتِمَّةِ الْخَبَرِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ "وَلَا كَلْبٌ، وَلَا جُنُبٌ"2. إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُ بَعْضِهِمْ الْمُرَادُ كَلْبٌ مَنْهِيٌّ عَنْ اقْتِنَائِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَكِبْ نَهْيًا، كَرِوَايَةِ النَّسَائِيّ3 عَنْ سُلَيْمَان بْنِ بَابَيْهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا"لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جَرَسٌ، وَلَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ" سُلَيْمَانَ تَفَرَّدَ عنه ابْنِ جُرَيْجٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ، وَكَذَا الْجُنُبُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عليه إلا إذا توضأ.
وَفِي الْإِرْشَادِ1: الصُّوَرُ وَالتَّمَاثِيلُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَهُ فِي الْأَسِرَّةِ وَالْجُدَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهَا فِي الرَّقْمِ أَيْسَرُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُكْرَهُ صُورَةٌ بِسِتْرٍ، أَوْ حَائِطٍ؛ لَا صُورَةُ شَجَرٍ، وَيُكْرَهُ الصَّلِيبُ فِي الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ، وَيَحْتَمِلُ تَحْرِيمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. نَقَلَ صَالِحٌ: وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ، وَالْأَحْمَرِ الْمُصْمَتِ، وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَهُ الْأَكْثَرُ فِي الْمُزَعْفَرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وغيره "وم" وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا تَحْرِيمَ الْمُزَعْفَرِ لَهُ "وهـ ش" وَقِيلَ: يُعِيدُ مَنْ صَلَّى بِهِ، أَوْ بِمُعَصْفَرٍ، أَوْ مُسْبِلًا وَنَحْوُهُ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا الْمَعْنَى. وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْمُعَصْفَرَ لِلرَّجُلِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، قَالَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ فَقَالَ: "أُمُّك أَمَرَتْك بِهَذَا"؟ قُلْتُ أَغْسِلُهُمَا؟ قَالَ:"بَلْ احْرِقْهُمَا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ2. وَلَهُ3 أَيْضًا "إنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهُمَا". وَمَذْهَبُ "هـ م ش" لَا يُكْرَهُ الْمُعَصْفَرُ، وَكَذَا الْأَحْمَرُ، وَاخْتَارَهُ الشيخ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَهُوَ أَظْهَرُ، وَالْمَذْهَبُ: يُكْرَهُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يُكْرَه لِلْمَرْأَةِ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً لِغَيْرِ زِينَةٍ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ، قَالَ: وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ آلُ قَارُونَ، أَوْ آلُ فِرْعَوْنَ. وَحَمَلَ الْخَلَّالُ النَّهْيَ عَنْ التَّزَعْفُرِ عَلَى بَدَنِهِ فِي صَلَاتِهِ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى التَّطَيُّبِ بِهِ، وَالتَّخَلُّقِ بِهِ، لِأَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَ رِيحُهُ، قَالَ شَيْخُنَا: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، أَوْ عَدَمُ الثَّوَابِ فَقَطْ. وَالصُّوفُ مُبَاحٌ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَكَرِهَ التَّخْصِيصَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ الثَّوْرِيُّ. وَالْبَيَاضُ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا. وَيُبَاحُ الْكَتَّانُ إجْمَاعًا، وَالنَّهْيُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بَاطِلٌ1، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كرهه للرجال. وَعَنْهُ: يُكْرَهُ لِبْسُ سَوَادٍ لِلْجُنْدِ، وَقِيلَ: فِي غَيْر حَرْبٍ، وَقِيلَ: إلَّا لِمُصَابٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يَحْرِقُهُ الْوَصِيُّ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لِبَاسُ الْجُنْدِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ وَالظَّلَمَةِ، وَلَمْ يَرُدَّ أحمد سلام لابسه. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ
كَرَاهَةِ الطَّيْلَسَانِ1 وَجْهَانِ "م 17". وَيُسَنُّ الرِّدَاءُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ، كَفَتْلِ طَرَفِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيُّ فِيهِ يُكْرَهُ، قَالَهُ الْقَاضِي. وَيُسَنُّ إرْخَاءُ ذُؤَابَةٍ خَلْفَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا: إطَالَتُهَا كَثِيرًا مِنْ الْإِسْبَالِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَإِنْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَحَسَنٌ، ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَعَلِيٍّ2. وَيُسَنُّ السَّرَاوِيلُ وَفِي التَّلْخِيصِ لَا بَأْسَ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَفِي مَعْنَاهُ التُّبَّانُ3، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ خلافا للرعاية. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ الطَّيْلَسَانِ وَجْهَانِ انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَكَرِهَ السَّلَفُ الطَّيْلَسَانَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ، وَهُوَ الْمُقَوَّرُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لُبْسُ الطَّيْلَسَانِ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا مِنْ فِعْلِ أَصْحَابِهِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مَعَ الدَّجَّالِ سَبْعُونَ أَلْفًا مُطَيْلَسِينَ مِنْ يَهُودَ أَصْبَهَانَ4، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ يُكْرَهُ الْمُقَوَّرُ وَالْمُدَوَّرُ، وقيل، وغيرهما غير المربع.
قَالَ أَحْمَدُ: السَّرَاوِيلُ أَسْتُرُ مِنْ الْإِزَارِ، وَلِبَاسُ الْقَوْمِ كَانَ الْإِزَارُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، خِلَافًا لِلرِّعَايَةِ، وَسَبَقَ حُكْمُ الرِّدَاءِ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: الْأَفْضَلُ مَعَ الْقَمِيصِ السَّرَاوِيلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي بَابِ السِّوَاكِ1. وَرَوَى أَحْمَدُ2: ثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَذَكَرَ الْخَبَرَ. وَفِيهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلَونَ وَلَا يَتَّزِرُونَ. فَقَالَ: "تَسَرْوَلَوا وَاتَّزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ". حَدِيثٌ جَيِّدٌ وَالْقَاسِمُ وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُ، وَحَدِيثه حَسَنٌ، وَقَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ ضَعِيفٌ بِمُرَّةٍ: فِيهِ نَظَرٌ. وَفِي كِتَابِ اللِّبَاسِ لِلْقَاضِي يُسْتَحَبُّ لِبْسُ الْقَمِيصِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أُمِّ سَلَمَةَ كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ3، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الرِّدَاءِ، مع الإزار. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَدِيدِ وَالْعَتِيقِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْمُحَافَظَةُ عَلَى شَيْءٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ، كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمُلَقَّبُ بِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَصْحَابِنَا1: يَنْبَغِي لِلْفَقِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبَدًا ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ جَدِيدَةٍ: سَرَاوِيلُهُ، وَمَدَاسُهُ، وَخِرْقَةٌ يُصَلِّي عَلَيْهَا، كَذَا قَالَ. وَيُبَاحُ الْقَبَاءُ2. قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَلَوْ لِلنِّسَاءِ، وَالْمُرَادُ وَلَا تَشَبُّهَ، وَنَعْلُ خَشَبٍ، وَنَقَلَ فِيهِ حَرْبٌ لَا بَأْسَ لِضَرُورَةٍ. وَمَا حُرُمَ اسْتِعْمَالُهُ حُرُمَ بَيْعُهُ، وَخِيَاطَتُهُ، وَأُجْرَتُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَمْرُ بِهِ كَبَيْعِ عَصِيرٍ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَلَى مَا يَأْتِي3. وَيُكْرَهُ لِبْسُهُ وَافْتِرَاشُهُ جِلْدًا مُخْتَلَفًا فِي نَجَاسَتِهِ، وَقِيلَ لَا، وَعَنْهُ يَحْرُمُ لِعُمُومِ النَّهْيِ، لَا لِبْسِهِ فَقَطْ "م" وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا إنْ طَهُرَ بِدَبْغِهِ لَبِسَهُ بَعْدَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَلَهُ إلْبَاسُهُ دَابَّةً، وَقِيلَ مُطْلَقًا، كَثِيَابٍ نَجِسَةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ جِلْدُ كَلْبٍ لِإِبَاحَتِهِ فِي الْحَيَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، لَا جِلْدَ خِنْزِيرٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ أَبِي الْوَفَاءِ أَنَّهُ خَرَجَ إلْبَاسُهَا "أَيْ الدَّابَّةِ" جِلْدَ الْمَيْتَةِ، قَبْلَ دَبْغِهِ، وَبَعْدَهُ، إذَا لَمْ يَطْهُرْ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي اليابسات. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَإِنْ لَبِسَهُ لِنَفْسِهِ يُكْرَهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَثَوْبٍ نَجِسٍ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي كَجِلْدِ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ. ويحرم إلباسها1 ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَقَالَ شَيْخُنَا وَحَرِيرًا. وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَنَصُّهُ: وَلَوْ يَسِيرًا لِإِصْلَاحِ الْأُخْرَى، خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَالْفُصُولِ، وَالْغُنْيَةِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ،. وَلِمُسْلِمٍ3 فِي رِوَايَةٍ "إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا" وَرَوَاهُ أَيْضًا4 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَفِيهِ "وَلَا خُفٍّ وَاحِدٍ". وَمَشَى عَلِيٌّ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَعَائِشَةُ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ5. وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَلَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي، وَدَلِيلُ الرُّخْصَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَجِدَ شِسْعًا6. وَأَحْسَبُ هَذَا لَا يَصِحُّ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالْمُرَادُ لِأَنَّهُ مِنْ الشُّهْرَةِ. وَيُسَنُّ كَوْنُ النَّعْلِ أَصْفَرَ، وَالْخُفِّ أَحْمَرَ، وذكر أبو المعالي عن
أَصْحَابِنَا: أَوْ أَسْوَدَ، وَأَنْ يُقَابِلَ بَيْنَ نَعْلَيْهِ،. وَكَانَ لِنَعْلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِبَالَانِ بِكَسْرِ الْقَافِ، وَهُوَ السَّيْرُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَاَلَّتِي تَلِيهَا، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي الْمُخْتَارِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1.وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ2. وَلِمُسْلِمٍ3 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "اسْتَكْثِرُوا مِنْ النِّعَالِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ". قَالَ الْقَاضِي: يَدُلُّ عَلَى تَرْغِيبِ اللُّبْسِ لِلنِّعَالِ، وَلِأَنَّهَا قَدْ تَقِيهِ الْحَرَّ، وَالْبَرْدَ، وَالنَّجَاسَةَ. وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا بِمِصْرَ قَالَ لَهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: لَا أَرَى عَلَيْك حِذَاءً، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4، وَيُرْوَى هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ5. وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ الصَّلَاةَ فِي النَّعْلِ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ الْأَوْلَى حَافِيًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الِاسْتِحْبَابَ، وَعَدَمَهُ، للخبرين6.
وَفِي كَرَاهَةِ الِانْتِعَالِ قَائِمًا رِوَايَتَانِ "م 18" لِاخْتِلَافِ قَوْلِهِ فِي صِحَّةِ الْأَخْبَارِ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْكَرَاهَةَ، وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ يَلْبَسُ ذَلِكَ وَيُجَدِّدُ الْعِمَامَةَ كَيْفَ شَاءَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ يُكْرَهُ لُبْسُ الْخُفِّ، وَالْإِزَارِ وَالسَّرَاوِيلِ قَائِمًا، لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ: يَنْقُضُ الْعِمَامَةَ كَمَا لَفَّهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 18: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ الِانْتِعَالِ قَائِمًا رِوَايَتَانِ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَبِعْهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى. إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْآدَابِ1: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: لَا يَنْتَعِلُ قَائِمًا، زَادَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمِ، الْأَحَادِيثُ فِيهِ عَلَى الكراهة، واختاره القاضي، وغيره، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخَرِ بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي آدَابِهِمَا: وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ الِانْتِعَالُ قَائِمًا، مَعَ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، قَالَ النَّاظِمُ فِي آدَابِهِ: وَلَا تَكْرَهَنَّ الشُّرْبَ مِنْ قَائِمٍ وَلَا انْتِعَالَ الْفَتَى فِي الْأَظْهَرِ الْمُتَأَكَّدِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالِ: سَأَلَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْإِمَامَ أَحْمَدَ عَنْ الِانْتِعَالِ قَائِمًا قَالَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ ضَعَّفَ الْأَحَادِيثَ فِي النَّهْيِ، وَالصَّحِيحُ عَنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، يَعْنِي مِنْ الْكَرَاهَةِ. فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد صحح معظمها بعون الله تعالى.
وَيَحْرُمُ تَشَبُّهُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ، وَعَكْسُهُ فِي لِبَاسٍ، وَغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِلَعْنِ فَاعِلِ ذَلِكَ1. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ، وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ ثَوْبِ الرِّجَالِ، وَيَأْتِي فِي زَكَاةِ الْأَثْمَانِ2. وَيُكْرَهُ نَظَرُ مَلَابِسِ الْحَرِيرِ، وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، إنْ رَغِبَهُ فِي التَّزَيُّنِ بِهَا، وَالْمُفَاخَرَةِ، وَحَرَّمَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: وَالتَّفَكُّرُ الدَّاعِي إلَى صُوَرِ الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ، ثُمَّ ذَكَرَ تَفَكُّرَ الصَّائِمِ وَأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِدَامَةُ رِيحِ الْخَمْرِ كَاسْتِمَاعِ الْمَلَاهِي، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ التَّشَبُّهُ بِالشَّرَابِ فِي مَجْلِسِهِ، وَآنِيَتِهِ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ3، وَقَالَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ: مَعْلُومٌ أَنَّ التَّشَبُّهَ بِالْعَجَمِ لَا يَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِلتَّحْرِيمِ، وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بهذا الْخَبَرِ، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" عَلَى تَحْرِيمِ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: يُكْرَهُ لُبْسُ مَا يُشْبِهُ زِيَّ الْكُفَّارِ دُونَ الْعَرَبِ، وَقَالَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ4، قَالَ شَيْخُنَا: أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَقْتَضِيَ تَحْرِيمَ التَّشَبُّهِ. وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي كُفْرَ الْمُتَشَبِّهِ بِهِمْ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:51] قِيلَ: "مَنْ يتولهم" في الدين "فإنه منهم" ـــــــــــــــــــــــــــــQ
في الكفر, وقيل: من يتولهمفي العهد فَإِنَّهُ مِنْهُمْ فِي مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ {لا تَجِدُ قَوْماً} [المجادلة:22] الْآيَةُ أَنَّ اللَّهَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْإِيمَانَ يَفْسُدُ بِمَوَدَّةِ الْكُفَّارِ، وَإِنَّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا لَمْ يُوَالِ كَافِرًا وَلَوْ كَانَ قَرِيبُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَيَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ، وَكَانَ الْمَرُّوذِيُّ مَعَ أَحْمَدَ بِالْعَسْكَرِ فِي قَصْرٍ فَأَشَارَ إلَى شَيْءٍ عَلَى الْجِدَارِ قَدْ نُصِبَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ، قَالَ قُلْت "فَقَدْ نَظَرْت إلَيْهِ" قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، لَا تَنْظُرْ إلَيْهِ. قَالَ: وَسَمِعْته يَقُولُ: تَفَكَّرْت فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] , ثم قال: تفكرت في وفيهم, وأشار نحو العسكر, وقال: ورزق ربك خير وأبقى, قَالَ: رِزْقُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ خَيْرٌ، قَالَ وَلَا تَهْتَمَّ لِرِزْقِ غَدٍ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَذَكَرْت رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ فَقَالَ: أَنَا أَشَرْت بِهِ أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ، وَإِنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ حُبَّهُ لِلدُّنْيَا. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرَهُ، وَقَالَ: كَمْ تَمَتَّعُوا مِنْ الدُّنْيَا إنِّي لِأَعْجَب مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُحَدِّثِينَ حِرْصَهُمْ عَلَى الدُّنْيَا. قَالَ وَذَكَرْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رَجُلًا مِنْ الْمُحَدِّثِينَ، فَقَالَ: إنَّمَا أَنْكَرْت عَلَيْهِ أَنْ لَيْسَ زِيُّهُ زِيَّ النُّسَّاكِ. قَالَ: ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ: مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ1 تَقَطَّعَتْ نَفْسُهُ حَسَرَاتٍ عَلَى الدنيا. ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلِمُسْلِمٍ1 عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ يَا عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ "إنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَدِّك، وَلَا مِنْ كَدِّ أَبِيك، وَلَا مِنْ كَدِّ أُمِّك، فَأَشْبِعْ الْمُسْلِمِينَ فِي رِحَالِهِمْ مِمَّا تَشْبَعُ مِنْهُ فِي رَحْلِك، وَإِيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ، وَزِيَّ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَبُوسَ الْحَرِيرِ. وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَبِي عَوَانَةَ الْإسْفَرايِينِيّ2، وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، "أَمَّا بَعْدُ فَاتَّزِرُوا وَارْتَدَوْا، وَأَلْقَوْا الْخِفَافَ، وَالسَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ، فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَتَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا، وَاقْطَعُوا الرَّكْبَ، وَاتَّزِرُوا، وَارْمُوا الْأَعْرَاضَ" [زِيٌّ بِكَسْرِ الزَّايِ وَلَبُوسُ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْبَاءِ] وَرَوَاهُ أَحْمَدُ3: حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ، ثَنَا عَاصِمٌ وَهُوَ الْأَحْوَلُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: اتَّزَرُوا وَارْتَدُّوا وَانْتَعِلُوا، وَأَلْقَوْا الْخِفَافَ، وَالسَّرَاوِيلَاتِ. وَأَلْقَوْا الرَّكْبَ، وَانْزُوا نَزْوًا وَعَلَيْكُمْ بِالْمَعِدِيَّةِ وَارْمُوا الْأَعْرَاضَ، وَذَرُوا التنعم وزي العجم، وإياكم والحرير "حديث ـــــــــــــــــــــــــــــQ
صحيح، وقوله: وانزوا، أَيْ ثِبُوا وَثْبًا، وَالْمَعِدِيَّةُ اللُّبْسَةُ الْحَسَنَةُ، إشَارَةٌ إلَى مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمُعْجَمِ1 عَنْ أَبِي حَدْرَدَ الْأَسْلَمِيِّ مَرْفُوعًا"تَمَعْدَدُوا وَاخْشَوْشِنُوا" وَعَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، اهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ". قُلْت: مَا هَدْيُ عَمَّارٍ؟ قَالَ:"الْقُشْفُ، وَالتَّشْمِيرُ" رَوَى أَوَّلَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ2. وَقَالَ تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ غَيْرُهُ: وَهُوَ ثِقَةٌ. وَعَنْ مُعَاذٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ قَالَ: "إيَّاكَ وَالتَّنَعُّمَ، فَإِنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِمُتَنَعِّمِينَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ3. قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: الْآفَةُ فِي التَّنَعُّمِ مِنْ أوجه: أحدها أن المشتغل به لا يكاد يوفي التكليف حقه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
الثَّانِي: أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْأَكْلِ يُورِثُ الْكَسَلَ، وَالْغَفْلَةَ، وَالْبَطَرَ، وَالْمَرَحَ، وَمِنْ اللِّبَاسِ مَا يُوجِبُ لِينَ الْبَدَنِ، فَيَضْعُفُ عَنْ عَمَلٍ شَاقٍّ، وَيَضُمُّ ضِمْنَهُ الْخُيَلَاءَ، وَمِنْ "حَيْثُ" النِّكَاحِ يُضْعِفُ عَنْ أَدَاءِ اللَّوَازِمِ. الثَّالِثُ: أَنَّ مَنْ أَلِفَه صَعُبَ عَلَيْهِ فِرَاقُهُ، فَيَفْنَى زَمَانُهُ فِي اكْتِسَابِهِ، خُصُوصًا فِي النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْمُتَنَعِّمَةَ تَحْتَاجُ إلَى أَضْعَافِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ غَيْرُهَا. قَالَ: وَالْإِشَارَةُ بِزِيِّ أَهْلِ الشِّرْكِ إلَى مَا يَتَفَرَّدُونَ بِهِ، فَنَهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ، بَلْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يَنْبَغِي غَضُّ الْبَصَرِ عَنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي، وَالظُّلْمِ، وَزَخَارِفِ الدُّنْيَا، وَمَا يُحَبِّبُهَا إلَى الْقَلْبِ، وَيَأْتِي فِي تَكْفِينِ الْمَيِّتِ، وَدَفْنِهِ1، وَزَكَاةِ الْأَثْمَانِ2 مَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّبَاسِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: "إذَا لَبِسْتُمْ وَإِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِأَيْمَانِكُمْ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ3 وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ4 عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ: عِمَامَةً، أَوْ قَمِيصًا، أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتنِيهِ، أَسْأَلُك خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ له" إسناده جيد رواه أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ1. وَعَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: "مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ2. وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَعِنْدَهُمْ أَيْضًا "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا هَذَا ... ". وَذَكَرُوهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَلَمْ أَجِدْ عِنْدَهُمْ "وَمَا تَأَخَّرَ" وَإِسْنَادُ هَذَا الْخَبَرِ لَيِّنٌ، وَغَايَتُهُ أنه حسن وهو إلى الضعف أقرب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
باب اجتناب النجاسة "1ومواضع الصلاة1"
باب اجتناب النجاسة "1ومواضع الصلاة1" مدخل ... باب اجتناب النجاسة "1ومواضع الصلاة1" طَهَارَةُ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَطَهَارَةُ بَدَنِ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ وَبُقْعَتِهِ مَحَلِّ بَدَنِهِ وَالْمَذْهَبِ وَثِيَابِهِ مِمَّا لَا يُعْفَى عَنْهُ شَرْطٌ "وَ" كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ "ع" وعنه: واجب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ فُرِضَتْ قَبْلَ التَّيَمُّمِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ، وَأَصْحَابُ الْأُصُولِ فِي قِيَاسِ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي النِّيَّةِ مَعَ تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ اعْتَرَضُوا بِهَذَا، وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ النِّيَّةِ لِلْوُضُوءِ، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَالصَّحِيحَيْنِ1 أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "أُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ" ذَكَرَ الْقُشَيْرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ2: أَنَّهَا آيَةُ الْمَائِدَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ3: فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، وَهِيَ آيَةُ الْوُضُوءِ الْمَذْكُورَةُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} إلَخْ مَائِدَةُ أَوْ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} إلَخْ نِسَاءُ لَيْسَ التَّيَمُّمُ مَذْكُورًا فِي غَيْرِهِمَا، وهما مدنيتان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وقال أبو بكر ابن الْعَرَبِيِّ1: لَا يُعْلَمُ أَيَّةُ آيَةٍ عَنَتْ عَائِشَةَ بِقَوْلِهَا فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، قَالَ: وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلَا مَفْعُولًا لَهُمْ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ2: مَعْلُومٌ أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَمْ يُفْرَضْ قَبْلَ الْوُضُوءِ، كَمَا أَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّيَرِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ اُفْتُرِضَتْ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ بِمَكَّةَ لَمْ يُصَلِّ إلَّا بِوُضُوءٍ مِثْلَ وُضُوئِنَا الْيَوْمَ، قَالَ: فَدَلَّ أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ إنَّمَا نَزَلَتْ لِيَكُونَ فَرْضُهَا الْمُتَقَدِّمُ مَتْلُوًّا فِي التَّنْزِيلِ، وَفِي قَوْلِهَا فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ تَقُلْ آيَةَ الْوُضُوءِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُكْمَ التَّيَمُّمِ، لَا حُكْمَ الْوُضُوءِ. وَقَالَ صَاحِبُ الشفا3: ذَهَبَ ابْنُ الْجَهْمِ4 إلَى أَنَّ الْوُضُوءَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ كَانَ سُنَّةً، ثُمَّ نَزَلَ فَرْضُهُ فِي آيَةِ التَّيَمُّمِ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَرْضًا، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، وَالْجُمْهُورِ وَكَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ؛ وَلِهَذَا قَالَتْ عَنْ الَّذِينَ ذَهَبُوا فِي طَلَبِ الْقِلَادَةِ "فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماء ـــــــــــــــــــــــــــــQ
فَصَلُّوا بِغَيْرِ وُضُوءٍ: فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ. وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ التَّيَمُّمِ بَدَلًا وَاجِبًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وُجُوبُ الْمُبْدَلِ، وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا، وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ1 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إلَيْهِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْوُضُوءِ، أَخَذَ غَرْفَةً مِنْ الْمَاءِ فَنَضَحَ بِهَا فَرْجَهُ. وَرَوَيَاهُ2 أَيْضًا عَنْ أُسَامَةَ مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ رشدين3. بْنِ سَعْدٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْخَبَرِ أَصْلًا، وَنِسْبَةُ هَذَا إلَى أَحْمَدَ يُخَرَّجُ عَلَى أَنَّ مَا رَوَاهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ: هَلْ يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ؟ وَسَبَقَ فِيهِ فِي الْخُطْبَةِ4 وَجْهَانِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي فَصْلِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ إنَّمَا هُوَ فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا فَذَلِكَ وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي". إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمَا5. وَزَادَ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ6 وَغَيْرُهُ فِي آخره: "ووضوء خليلي إبراهيم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ وَلَفْظُهُ فِي آخِرِهِ "وَوُضُوءُ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ" إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ1: غَيْرُ ثَابِتٍ. وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا وَقَالَ: "هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْمُرْسَلِينَ قَبْلِي" إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ2. وَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الْوُضُوءُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأَمَةِ، وَقَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَتْنُ حَسَنًا لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا التَّيَمُّمَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأَمَةِ، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ3، فَدَلَّ أَنَّ الْوُضُوءَ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ" 4. أَنَّهُمْ امْتَازُوا بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ، لَا بِالْوُضُوءِ، وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا، لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِاتِّبَاعِهِمْ بِمَكَّةَ فِي قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90] وَفِي قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [النحل:123] وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ5: قَدْ يَجُوزُ أَنَّ يكون ـــــــــــــــــــــــــــــQ
الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ يَتَوَضَّئُونَ فَيَكْتَسِبُونَ بِذَلِكَ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ، وَلَا يَتَوَضَّأُ أَتْبَاعُهُمْ، كَمَا جَاءَ عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: "أَجِدُ أُمَّةً كُلُّهُمْ كَالْأَنْبِيَاءِ، فَاجْعَلْهُمْ أُمَّتِي" قَالَ: "تِلْكَ أُمَّةُ أَحْمَدَ". فِي حَدِيثٍ فِيهِ طُولٌ. قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَائِرَ الْأُمَمِ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ، وَلَا أعرفه من وجه صحيح، والله أعلم. وَلَوْ جَهِلَ الْحَدَثَ أَوْ نَسِيَ وَصَلَّى لَمْ يَصِحَّ، ذَكَرُوهُ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ "وَ" لِأَنَّهَا آكَدُ، لِأَنَّهَا فِعْلٌ، وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا. وَفِي أَحْكَامِ الْآمِدِيِّ1 الشَّافِعِيِّ فِي تَفْسِيرِ الْأَجْزَاءِ بِالِامْتِثَالِ أَوْ سُقُوطِ الْقَضَاءِ: لَا يُعِيدُ عَلَى قَوْلٍ لَنَا، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ2 فِي أُصُولِهِ، فَقَالَ: وَأُجِيبَ بِالسُّقُوطِ لِلْخِلَافِ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَوَّلُ الْفَصْلِ الْأَخِيرِ مِنْ صِفَةِ الصَّلَاةِ3. وَأَمَّا اجْتِنَابُ النَّجَاسَةِ فَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4] قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَابْنُ زَيْدٍ اغْسِلْهَا بِالْمَاءِ، وَنَقِّهَا، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ فِيهَا، فَيَكُونُ شرطا ـــــــــــــــــــــــــــــQ
بِمَكَّةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي سَاجِدًا فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِسَلَا جَزُورِ بَنِي فُلَانٍ وَدَمِهَا وَفَرْثِهَا فَطَرَحَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، حَتَّى أَزَالَتْهُ فَاطِمَةُ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَتَى بِدَمِهَا، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ قَبْلَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ، وَلَعَلَّ الْخَمْسَ لَمْ تَكُنْ فُرِضَتْ، وَالْأَمْرُ بِتَجَنُّبِ النَّجَاسَةِ مَدَنِيٌّ مُتَأَخِّرٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ احْتَجَّتْ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4] وَلَمْ يُفَرِّقْ، فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ قِيلَ: مَعْنَاهُ قَلْبَك، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَصِّرْ، قَالَ: مَعَ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ، وَخَبَرُنَا خَاصٌّ، والخاص يقضي على العام.
فصل: فعلى رواية: وجوب اجتناب النجاسة،
فَصْلٌ: فَعَلَى رِوَايَةِ: وُجُوبِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَاخْتَارَ صاحب المغني2 ـــــــــــــــــــــــــــــQـــــــــــــــــــــــــــــQ2 2/465.
وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، وَعَلَى الْأُولَى تَصِحُّ صَلَاةُ جَاهِلٍ بِهَا، أَوْ نَاسٍ حَمَلَهَا، أَوْ لَاقَاهَا "هـ ش" وَالْأَشْهَرُ الْإِعَادَةُ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا فِي نَاسٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَكَذَا إنْ عَجَزَ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: أَوْ زَادَ مَرَضُهُ بِتَحْرِيكِهِ، أَوْ نَقْلِهِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ؛ أَوْ احْتَاجَهُ لِحَرْبٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ جَهْلِ حُكْمِهَا، وَكَذَا إنْ عَلِمَهَا فِي صلاته، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: تَبْطُلُ، فَإِنْ لَمْ تُزَلْ إلَّا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ أَوْ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: يَبْنِي. وَإِنْ حَمَلَ بَيْضَةً مَذِرَةً، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا فَقِيلَ: يَصِحُّ لِلْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ "و" كَالْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ "وَ" وَجَوْفُ المصلي، وسبق في الاستحالة1، وَقِيلَ: لَا، كَقَارُورَةٍ، أَوْ آجُرَّةٍ بَاطِنُهَا نَجِسٌ "م 1" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَمَلَ بَيْضَةً مَذِرَةً، أَوْ عُنْقُودًا حَبَّاتُهُ مُسْتَحِيلَةٌ خَمْرًا، فَقِيلَ تَصِحُّ صَلَاتُهُ، لِلْعَفْوِ عَنْ نَجَاسَةِ الْبَاطِنِ، كَالْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ، وَجَوْفِ الْمُصَلِّي، وَقِيلَ لَا تَصِحُّ، كَقَارُورَةٍ، أَوْ آجُرَّةٍ بَاطِنُهَا نَجِسٌ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ لَوْ حَمَلَ بَيْضَةً فِيهَا فَرْخٌ مَيِّتٌ وَجْهَانِ، وَلَمْ أَرَ مَسْأَلَةَ الْعُنْقُودِ إلَّا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ حكم بأنها كالبيضة.
وَإِنْ مَسَّ ثَوْبُهُ ثَوْبًا أَوْ حَائِطًا نَجِسًا لم يستند إليه أو قابلها رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا وَلَمْ يُلَاقِهَا "وَ" أَوْ حَمَلَ مُسْتَجْمَرًا "وَ" أَوْ جَهِلَ كَوْنَهَا فِي الصلاة "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ، وَمَال إلَيْهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، فَإِنَّهُ قَاسَ الْبَيْضَةَ الْمَذِرَةَ عَلَى الْقَارُورَةِ، وَقَالَ: بَلْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصِحُّ صَلَاتُهُ، جزم به في المنور.
أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهِ فَأَزَالَهَا، أَوْ زَالَتْ سَرِيعًا صحت "و" فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ طِينًا نَجِسًا، أَوْ بَسَطَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا، أَوْ غَسَلَ وَجْهٌ آخَرُ نَجِسٌ صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ "وَ" كَسَرِيرٍ تَحْتَهُ نَجَسٌ، أَوْ عُلُوٍّ سُفْلُهُ غَصْبٌ، وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَحَيَوَانٌ نَجِسٌ كَأَرْضٍ، وَقِيلَ تَصِحُّ، وَكَذَا مَا وُضِعَ عَلَى حَرِيرٍ يَحْرُمُ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، فَيُتَوَجَّهُ إنْ صَحَّ جَازَ جُلُوسُهُ، وإلا فلا. رأى ابْنُ عُمَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.1 قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: هُوَ غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، وَالْمَعْرُوفُ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْبَعِيرِ، لَكِنَّهُ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتصح عَلَى طَاهِرٍ مِنْ بِسَاطٍ طَرَفُهُ نَجَسٌ "وَ" أَوْ عَلَى حَبْلٍ بِطَرَفِهِ نَجَاسَةٌ، وَالْمَذْهَبُ وَلَوْ تَحَرَّكَ النَّجِسُ بِحَرَكَتِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَنْجَرُّ مَعَهُ "وش". وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ أَوْ وَسَطُهُ شَيْءٌ مَشْدُودٌ فِي نَجَسٍ، أَوْ سَفِينَةٌ صَغِيرَةٌ فِيهَا نَجَاسَةٌ تَنْجَرُّ مَعَهُ إذَا مَشَى لَمْ تَصِحُّ، كَحَمْلِهِ مَا يُلَاقِيهَا، وَإِلَّا صَحَّتْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَتْبِعٍ لَهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: كَمَا لَوْ أَمْسَكَ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ عَلَيْهَا نَجَاسَةٌ، أَوْ سَفِينَةً عَظِيمَةٍ فِيهَا نَجَاسَةٌ، كَذَا قَالَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إن كان الشد في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
موضع نجس مِمَّا لَا يُمْكِنُ جَرُّهُ مَعَهُ كَالْفِيلِ لَمْ يَصِحَّ، كَحَمْلِهِ مَا يُلَاقِيهَا، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهَا حَبْلٌ بِيَدِهِ طَرَفُهُ عَلَى نَجَاسَةٍ يَابِسَةٍ، وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ الصِّحَّةُ، وَلِهَذَا أَحَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا عَلَيْهَا، تَسْوِيَةً بَيْنَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِهَذَا جَزَمَ فِي الْفُصُولِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِحَمْلِهِ لِلنَّجَاسَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا لَا يَنْجُسُ يَصِحُّ لَوْ انْجَرَّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَوْلَى. وَلَوْ جَبَرَ كَسْرًا لَهُ بِعَظْمٍ نَجَسٍ فَجُبِرَ قُلِعَ، فَإِنْ خَافَ ضَرَرًا فَلَا، عَلَى الْأَصَحِّ "ق" لِخَوْفِ التَّلَفِ "و" وَإِنْ لَمْ يُغَطِّهِ لَحْمٌ تَيَمَّمَ لَهُ، وَقِيلَ: لَا. وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَلْزَمُهُ قَلْعُهُ قُلِعَ "ش" وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: مَا لَمْ يُغَطِّهِ لَحْمٌ، لِلْمُثْلَةِ، وَإِنْ أَعَادَ سِنَّهُ بِحَرَارَتِهَا فَعَادَتْ فَطَاهِرَةٌ، وَعَنْهُ نَجِسَةٌ، كَعَظْمٍ نَجِسٍ. وَلَا يَلْزَمُ شَارِبَ خَمْرٍ قَيْءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" وَيُتَوَجَّهُ يَلْزَمُهُ "وش" لِإِمْكَانِ إزَالَتِهَا، وَادَّعَى فِي الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَئِمَّةِ. وَأَمَّا عَدَمُ قَبُولِهَا فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ1 فِي تَرْجَمَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَجَابَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِنَفْيِ ثَوَابِهَا، لَا صِحَّتِهَا، لِقَوْلِهِ فِي خَبَرٍ آخَرَ "لَمْ يُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا".رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ2، وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ3 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 مِنْ حديث ابن عباس، وفي لفظه "بخست"5. ذكره وَرَوَاهُ أَحْمَدُ6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِمَا فِي مَسَائِلَ الِامْتِحَانِ: إذَا قِيلَ مَا شَيْءٌ فِعْلُهُ مُحَرَّمٌ، وَتَرْكُهُ مُحَرَّمٌ، فَالْجَوَابُ إنَّهَا صَلَاةُ السَّكْرَانِ: فِعْلُهَا مُحَرَّمٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَتَرْكُهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ مُكَلَّفٌ كَمَا نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ "ش" وَغَيْرُهُ، وَخَالَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
فصل: ولا تصح في المقبرة، والحمام، والحش، وأعطان الإبل
فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَالْحَمَّامِ، وَالْحَشِّ، وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ: وَأَحَدُهَا، عَطَنٌ "بِفَتْحِ الطَّاءِ" وَهِيَ الْمَعَاطِنُ وَأَحَدُهَا مَعْطِنٌ "بِكَسْرِهَا" وَهِيَ مَا تُقِيمُ فِيهِ، وَتَأْوِي إلَيْهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَقِيلَ مَكَانُ اجْتِمَاعِهَا إذَا صَدَرَتْ عَنْ الْمَنْهَلِ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَمَا تَقِفُ فِيهِ لِتَرِدَ الْمَاءَ، وَزَادَ الشَّيْخُ بَعْدَ كَلَامِ أَحْمَدَ: وَقِيلَ مَا تَقِفُ لِتَرِدَ فِيهِ الْمَاءَ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَجْوَدُ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ فِي مُقَابِلَةِ مَرَاحِ الْغَنَمِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ الثَّانِيَ، وَأَبْطَلَهُ بِمَا أَبْطَلَهُ به الشيخ لا بروكها1 فِي سَيْرِهَا قَالَ جَمَاعَةٌ أَوْ لِعَلَفِهَا لِلنَّهْيِ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا نُطْقًا كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَةِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ مَنْ لَزِمَتْهُ الْهِجْرَةُ بِدَارِ الْحَرْبِ، لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا اسْتِدْلَالًا، لَا نُطْقًا كَذَا قَالُوا. وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ مَا يَفُوتُ مِنْ فُرُوضِ الدِّينِ مِنْ تَرْكِ الْهِجْرَةِ، لَا نَفْسِ الْمُقَامِ، وَمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، فَهُوَ كَمَنْ صَلَّى فِي مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ فُرُوضٌ لَا يُمْكِنُ أَدَاؤُهَا إلَّا بِخُرُوجِهِ مِنْهُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ مُشْرِكٍ أَشْرَكَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ عَمَلًا، حَتَّى يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إلَى الْمُسْلِمِينَ". حَدِيثٌ جَيِّدٌ، وَحَدِيثُ بَهْزٍ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَبِي دَاوُد، وَيَأْتِي فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ3، وَسَبَقَ فِي الْبَابِ: "هَلْ يَلْزَمُ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ
عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ1. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ، لِخَفَاءِ دَلِيلِهِ، وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ، وَأَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، قَالَ غَيْرُ واحد للعموم، وعنه تحرم وتصح، وعنه يكره "وَ". وَلَمْ يَكْرَهْ "م" الصَّلَاةَ فِي مَقْبَرَةٍ، وَاحْتَجَّ بِمَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2، "وَهَلْ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ، أَوْ مُعَلَّلٌ بِمَظِنَّةِ النَّجَاسَةِ" فِيهِ وَجْهَانِ "م 2" وَنَصُّهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَذْهَبُ: لَا يُصَلِّي فِي مَسْلَخِ حَمَّامٍ، وَمِثْلُهُ أَتُونُهُ، وَمَا تَبِعَهُ فِي بَيْعٍ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا: الحش ممنوع ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَسَبَقَ فِي الْبَابِ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، إنَّمَا سَبَقَ هَذَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ قَبْلَهُ سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ، أَوْ حَصَلَ ذهول، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ فِي مَوَاضِعِ النَّهْيِ عَنْ الْمَقْبَرَةِ وَغَيْرِهَا: وَهَلْ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ أَوْ مُعَلَّلٌ بِمَظِنَّةِ النَّجَاسَةِ، فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. أَحَدُهُمَا هُوَ تَعَبُّدٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ تَعَبُّدٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعَلَّلُ، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الحاوي الكبير.
مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، زَادَ الشَّيْخُ وَالْكَلَامُ، فَهُوَ أَوْلَى. وَيُصَلِّي فِيهِمَا لِلْعُذْرِ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ "م3". وَفِيمَا حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ نظر، ولا يصلي فيها من أمكنه الخروج ولو فات الوقت. ومجزرة ومزبلة، وَقَارِعَةُ طَرِيقٍ كَمَقْبَرَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وقيل ومدبغة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي فِيهَا، يَعْنِي الْأَمْكِنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا الَّتِي عَدَّدَهَا لِلْعُذْرِ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. إحْدَاهُمَا: لَا يُعِيدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحُولُهُ عَنْهَا صَحَّتْ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعِيدُ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا تَعَبُّدٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ إن أمكنه الخروج من الموضع المغصوب وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ بِحَالٍ، وَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيمَا حَكَاهُ فِي الرِّعَايَةِ نَظَرٌ، انْتَهَى.
وَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَنَحْوُهَا فِي طَرِيقٍ ضَرُورَةً، وَحَافَّتَيْهَا. نَصَّ عَلَيْهَا، وَعَلَى رَاحِلَةٍ فِيهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَطَرِيقُ أَبْيَاتٍ يَسِيرَةٍ، وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ لَا يُكْرَهُ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ. وَأَسْطُحَةِ الْكُلِّ كَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِ، وَعَنْهُ تَصِحُّ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ لَا سَطْحَ نَهْرٍ، لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ كَالطَّرِيقِ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ، وَكَرِهَهَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَعْفَرٍ عَلَى نَهْرٍ وَسَابَاطٍ1. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا تَجْرِي فِيهِ سَفِينَةٌ كَطَرِيقِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْهَوَى تَابِعٌ لِلْقَرَارِ، وَاخْتَارَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ الصِّحَّةَ كَالسَّفِينَةِ، قَالَ: وَلَوْ جَمَدَ الْمَاءُ فَكَالطَّرِيقِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةَ، وَإِنْ حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَهُ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ بِنَاءِ سَابَاطٍ، وَصَلَّى عَلَى السَّابَاطِ سَوَاءٌ بَنَى عَلَى السَّابَاطِ مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ؛ أَوْ صَلَّى عَلَى السَّابَاطِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا: فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ سَابِقًا فَحَدَثَ تَحْتَهُ طَرِيقٌ أَوْ عَطَنٌ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ مَوَاضِعِ النَّهْيِ لَمْ تُمْنَعْ الصَّلَاةُ فِيهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَتْبَعْ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا حَدَثَ تَحْتَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ وَجْهًا فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ: إذَا كَانَ إحْدَاثُ السَّابَاطِ جَائِزًا صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى طَرِيقًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أُحْدِثَ تَحْتَهُ طَرِيقٌ أَوْ نَهْرٌ، انْتَهَى، وَقَدْ قَدَّمَ الْأَصْحَابُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فِيمَا إذَا حَدَثَتْ قُدَّامُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا مثله.
وَيَأْتِي الْبِنَاءُ فِي الطَّرِيقِ آخِرَ الْغَصْبِ1 فِي حفر البئر فيها. وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، وَقِيلَ: إلَى مَقْبَرَةٍ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَعَنْهُ وَحَشٍّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقِيلَ وَحَمَّامٍ، وَلَا حَائِلَ، وَلَوْ كَمُؤَخَّرَةِ الرَّحْلِ، وَظَاهِرُهُ لَيْسَ كَسُتْرَةِ صَلَاةٍ، فَيَكْفِي الْخَطُّ، بَلْ كَسُتْرَةِ الْمُتَخَلِّي، كَمَا سَبَقَ3، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يَضُرُّ بُعْدٌ كَثِيرٌ عَرْفًا، كَمَا لا أثر له في مار مبطل. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ. وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ بِنَاءِ السَّابَاطِ سَوَاءٌ بُنِيَ عَلَيْهِ مَسْجِدٌ، أَوْ لَا، كَمَا تَقَدَّمَ4، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ إنَّمَا ذَكَرَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا حَدَثَ الطَّرِيقُ بَعْدَ الْمَسْجِدِ عَلَى السَّابَاطِ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ والشارح، فكلام المصنف أعم،
وَعَنْهُ لَا يَكْفِي حَائِطُ الْمَسْجِدِ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فِي قِبْلَتِهِ حَشٌّ، وَتَأَوَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ النَّصَّ عَلَى سِرَايَةِ النَّجَاسَةِ تَحْتَ مُقَامِ الْمُصَلِّي، وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُبَيِّنُ صِحَّةَ تَأْوِيلِي لَوْ كَانَ الْحَائِلُ كَآخِرَةِ الرَّحْلِ لَمْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ الْكَلْبِ، وَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي الْقِبْلَةِ كَهِيَ تَحْتَ الْقَدَمِ لَبَطَلْت، لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْكَلْبِ آكَدُ مِنْ نَجَاسَةِ الْخَلَاءِ، لِغُسْلِهَا بِالتُّرَابِ، فَلَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ بِالْخَطِّ هُنَا، وَلَا وَجْهَ لَهُ، وَعَدَمُهُ يدل على الفرق ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَلَامُهُمْ لَا يُنَافِي كَلَامَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَظَاهِرُ كلام الشيخ والشارح وغيرهما أن محل
ولا يَضُرُّ قَبْرٌ وَقَبْرَانِ، وَقِيلَ؛ بَلَى، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يُسَمَّى مَقْبَرَةً أَمْ لَا؟ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْخَشْخَاشَةَ فِيهَا جَمَاعَةٌ قَبْرٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُفْرَدُ كُلُّ مَيِّتٍ بِقَبْرٍ: نَدْبًا، أَوْ وُجُوبًا، وَأَنَّ مَعَ الْحَاجَةِ يُجْعَلُ بَيْنَ كُلِّ اثْنَيْنِ حَاجِزٌ مِنْ تُرَابٍ، وَهَذَا مَعْنَى الْخَشْخَاشَةِ. وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَغَيْرِهِ: وَمَنْ دُفِنَ بِدَارِهِ مَوْتَى لَمْ تَصِرْ مَقْبَرَةً. وَإِنْ غَيَّرَ مَوْضِعَ النَّهْيِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهَا كَجَعْلِ حَمَّامٍ دَارًا، أَوْ نَبْشِ مَقْبَرَةٍ صَحَّتْ الصَّلَاةُ، وَحُكِيَ لَا: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا" وَنَبَشَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ مِنْهُ، وَبَنَى مَسْجِدَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَالْمَسْجِدُ إنْ حَدَثَ بِمَقْبَرَةٍ كَهِيَ وَإِنْ حَدَثَ حَوْلَهُ أَوْ فِي قِبْلَتِهِ فَكَالصَّلَاةِ إلَيْهَا، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَصِحُّ حَوْلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا بَعْدَ أَنْ انْقَلَبَتْ أَرْضُهَا بِالدَّفْنِ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ، لِأَنَّهُ بُنِيَ فِي أَرْضٍ الظَّاهِرُ نَجَاسَتُهَا، كَالْبُقْعَةِ النَّجِسَة، وَإِنْ بني في ساحة طاهرة ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا كَمَا تَقَدَّمَ2، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ حَمْدَان أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا يَخْلُو إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مِنْ نَوْعِ نَظَرٍ لِمَا تَقَدَّمَ من كلام الأصحاب.
وَجُعِلَتْ فِي السَّاحَةِ مَقْبَرَةٌ جَازَتْ، لِأَنَّهُ فِي جِوَارِ مَقْبَرَةٍ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْقُبُورِ1. وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ فِي مَقْبَرَةٍ وكراهتها "وش" وعدمها روايات "م 5, 6". ويصح النفل "و" على الأصح فِي الْكَعْبَةِ، وَعَلَيْهَا، وَعَنْهُ إنْ جَهِلَ النَّهْيَ، وَعَنْهُ وَالْفَرْضُ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، كَمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ في الكعبة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5-6: وَقَوْلُهُ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ جِنَازَةٍ فِي مَقْبَرَةٍ وَكَرَاهَتِهَا وَعَدَمِهَا رِوَايَاتٌ انْتَهَى. إحْدَاهَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ تُبَاحُ فِي مَسْجِدٍ وَمَقْبَرَةٍ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لَا تُكْرَهُ فِي الْمَقْبَرَةِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: وَتَجُوزُ فِي الْمَقْبَرَةِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ لا بأس بصلاة الْجِنَازَةِ فِي الْمَقْبَرَةِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ لَا يَصِحُّ صَلَاةٌ فِي مَقْبَرَةٍ لِغَيْرِ جِنَازَةٍ، وَقَدَّمَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَصِحُّ، وَتُكْرَهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، لِعُمُومِ قَوْلِهِمْ لَا تَصِحُّ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُغْنِي4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. تَنْبِيهٌ: اشْتَمَلَ كَلَامُ المصنف على مسألتين:
وَكَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُنْتَهَاهُ فِي الْمَنْصُوصِ. وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ مُنْتَهَاهُ وَلَا شَاخِصٍ مُتَّصِلٍ بها فعنه لا يصح "وش" كَسُجُودِهِ عَلَى مُنْتَهَاهُ "و" وَعَنْهُ: يَصِحُّ، كَصَلَاتِهِ عَلَى مَكَان أَعْلَى مِنْهُ "م 7" وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ عَلَى ظَهْرِهَا، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ فِيهَا إن نقض البناء وصلى إلى الموضع. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5: هَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ أَمْ لَا؟ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6: إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَهَلْ تُكْرَهُ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَجَدَ عَلَى غَيْرِ مُنْتَهَاهُ وَلَا شَاخِصٍ مُتَّصِلٍ بِهَا فَعَنْهُ لَا تَصِحُّ كَسُجُودِهِ عَلَى مُنْتَهَاهُ، وَعَنْهُ تَصِحُّ كَصَلَاتِهِ عَلَى مَكَان أَعْلَى مِنْهُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَحْكِي الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ1 اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَاخِصٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ لَمْ يكن بين يديه شاخص، أو كان بَيْنَ يَدَيْهِ آجُرٌّ مُعَبًّى غَيْرُ مَبْنِيٍّ، أَوْ خَشَبٌ غَيْرُ مَسْمُورٍ فِيهَا، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: لَا تصح صلاته، قال المجد في
وَيُسْتَحَبُّ نَفْلُهُ فِيهَا، وَعَنْهُ لَا، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ، يُصَلِّي فِيهِ إذَا دَخَلَهُ وِجَاهَهُ، كَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُصَلِّي حَيْثُ شَاءَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يَقُومُ كَمَا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الأسطوانتين1. ويجوز الفرض على الراحلة واقفة "وهـ م" وَسَائِرَةً "هـ" وَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَذَى مَطَرٍ، أَوْ وَحَلٍ عَلَى الْأَصَحِّ "ش" لَا لِمَرَضٍ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ بلى "وهـ" وَقَيَّدَهَا فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ النُّزُولَ، وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحْمَدُ بِخِلَافِهِ، وَقِيلَ: إنْ ازْدَادَ تَضَرُّرُهُ. وَأُجْرَةُ مَنْ يُنْزِلُهُ كَمَاءِ الْوُضُوءِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَإِنْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَتِهِ أَوْ عَجَزَ عَنْ رُكُوبِهِ صَلَّى عَلَيْهَا كَخَائِفٍ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَرِيضِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَمَعْنَاهُ نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ "و" وَلَا إعَادَةَ "ش" وَلَوْ كَانَ عُذْرًا نَادِرًا، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى إنْ لَمْ يَسْتَقْبِلْ لَمْ يَصِحَّ إلَّا فِي الْمُسَايَفَةِ، وَمُقْتَضَى كلام الشيخ جوازه لخائف ومريض. ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِهِ وَغَيْرُهُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وقدمه ابن رزين في شرحه وغيره.
وَمَنْ كَانَ فِي مَاءٍ أَوْ طِينٍ أَوْمَأَ كَمَصْلُوبٍ وَمَرْبُوطٍ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ كَغَرِيقٍ، وَقِيلَ فِيهِ يُومِئُ، وَعَنْهُ وَيُعِيدُ الْكُلُّ. وَلَا يَصِحُّ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ فِي سَفِينَةٍ وَلَوْ سَائِرَةً "هـ" وَتُقَامُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ إنْ صَلُّوا جُلُوسًا فَلَا. وَمَنْ أَتَى بِالْمَأْمُورِ وَصَلَّى على الراحلة بِلَا عُذْرٍ قَائِمًا، أَوْ عَلَى السَّفِينَةِ مَنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً صَحَّ، وَعَنْهُ لَا، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرَّاحِلَةِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ والمغني1 وغيرهما "وهـ"و" م ش" فِي السَّائِرَةِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَفِي الْفُصُولِ فِي السَّفِينَةِ هَلْ تَصِحُّ كَمَا لَوْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَمْ لَا كَالرَّاحِلَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَكَذَا الْعَجَلَةُ وَالْمِحَفَّةُ2 وَنَحْوُهُمَا، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ لَا تَصِحُّ، كَمُعَلَّقٍ فِي الْهَوَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ، وَظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ تَصِحُّ فِي وَاقِفَةٍ، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ لَا تَصِحُّ فِي أُرْجُوحَةٍ، لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ عُرْفًا، وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ بِالْأَرْضِ، كَسُجُودِهِ عَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ السُّجُودِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ شِهَابٍ: وَمِثْلُهَا زَوْرَقٌ صَغِيرٌ، وَكَذَا جَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ عِنْدَ مُقَارَنَةِ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ3: لَا تَصِحُّ فِي أُرْجُوحَةٍ أَوْ مُعَلَّقٍ فِي الْهَوَاءِ أَوْ سَاجِدٍ عَلَى هَوَاءٍ مَا قُدَّامَهُ، أَوْ عَلَى حَشِيشٍ، أَوْ قُطْنٍ أَوْ ثَلْجٍ وَلَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، لِعَدَمِ الْمَكَانِ المستقر عليه، ومتى لم يصح في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَفِينَةٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَزِمَ الْخُرُوجُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ مَا يُحَاذِي الصَّدْرَ مَقَرًّا، فَلَوْ حَاذَاهُ رَوْزَنَةٌ1 وَنَحْوُهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، بِخِلَافِ مَا تَحْتَ الْأَعْضَاءِ، فَلَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى قُطْنٍ مُنْتَفِشٍ وَنَحْوِهِ لَمْ تَصِحَّ. وَتَصِحُّ فِي أَرْضِ السِّبَاخِ2 عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ، كَأَرْضِ الْخَسْفِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إنَّ حَبِيبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانِي أَنْ أُصَلِّيَ فِي أَرْضِ بَابِلَ فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ. لَا يُحْتَجُّ بِمِثْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، ولَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَهَا. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ4: فَلَيْسَ النَّهْيُ لِمَعْنًى يَرْجِعُ إلَى الصَّلَاةِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَأَبِي الْوَفَاءِ فِيهَا لَا يَصِحُّ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوَّاهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّبَخَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ: وَاحِدَةُ السِّبَاخِ، وَأَرْضٌ سَبِخَةٌ بِكَسْرِ الْبَاءِ ذَاتُ سِبَاخٍ. وَيَأْتِي حُكْمُ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ فِيمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ1. وَحُكْمُ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ تَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ2. وَيُكْرَهُ فِي مَقْصُورَةٍ تُحْمَى، وَقِيلَ: أَوْ لَا إنْ قُطِعَتْ الصُّفُوفُ، كَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ وَأَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي الْمَقْصُورَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا كَرِهَهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَخْتَصُّ بِالظَّلَمَةِ، وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَكَرِهَ الِاجْتِمَاعَ بِهِمْ، قَالَ: وَقِيلَ كَرِهَهَا لِقَصْرِهَا عَلَى أَتْبَاعِ السُّلْطَانِ وَمَنْعِ غَيْرِهِمْ، فَيَصِيرُ الْمَوْضِعُ كَالْمَغْصُوبِ. وَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ سَقْفُهُ قَصِيرٌ وَتَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَوْ الْخُرُوجُ، أَوْ خَافَ عَدُوًّا إنْ انْتَصَبَ صَلَّى جَالِسًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: قَائِمًا مَا أَمْكَنَهُ كَحَدَبٍ، وَكِبَرٍ وَمَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَلَسَ انْحَنَى، ثُمَّ إذَا رَكَعَ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ قَلِيلًا، "3وَقِيلَ: يَزِيدُ3" فَإِنْ عَجَزَ حَنَى رَقَبَتَهُ، فَظَاهِرُهُ يَجِبُ "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ سَقْفُهُ قَصِيرٌ وَتَعَذَّرَ الْقِيَامُ أَوْ الْخُرُوجُ أَوْ خَافَ عَدُوًّا إنْ انْتَصَبَ صَلَّى جَالِسًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ قَائِمًا مَا أَمْكَنَهُ، كَحَدَبٍ وَكِبَرٍ، وَمَرَضٍ، ثُمَّ إذَا رَكَعَ فَقِيلَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ قَلِيلًا، وَقِيلَ يَزِيدُ، فَإِنْ عَجَزَ حتى رقبته فظاهره يجب، انتهى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، قُلْت وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ، قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ، لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: فَإِنْ رَكَعَ زَادَ فِي انْحِنَائِهِ قَلِيلًا زَادَ فِي الرِّعَايَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ انْحِنَاؤُهُ حَنَى رَقَبَتَهُ نَحْوَ قِبْلَتِهِ، انْتَهَى، فَالْوُجُوبُ فِي كَلَامِهِ ظَاهِرٌ وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تعالى.
باب استقبال القبلة
باب استقبال القبلة مدخل ... باب استقبال القبلة1 يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَيَسْقُطُ بِالْعُذْرِ فَلَا يُعِيدُ وَلَوْ نَادِرًا، نَحْوُ مَرِيضٍ عَاجِزٍ وَمَرْبُوطٍ "هـ ش" قَالَ الْأَصْحَابُ كَمَنْعِ الْمُشْرِكِينَ حَالَ الْمُسَايَفَةِ وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ، وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ لَا يَسْقُطُ حَالَ سَيْرِ2 السَّفِينَةِ مَعَ أَنَّهَا حَالَةُ عُذْرٍ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إنَّمَا سقط3 حَالَ الْمُسَايَفَةِ لِمَعْنًى مُتَعَدٍّ إلَى غَيْرِ الْمُصَلَّى وَهُوَ الْخِذْلَانُ عِنْدَ ظُهُورِ الْكُفَّارِ، كَذَا قَالَ. وَيَدُورُ فِي سَفِينَتِهِ فِي فَرْضٍ وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَنَفْلٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 1" "م ش" وأطلق في رواية أبي طالب وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَدُورُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَلَّاحِ لِحَاجَتِهِ "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَيَدُورُ فِي سَفِينَةٍ فِي فَرْضٍ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ، كَنَفْلٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ انْحَرَفُوا عَنْ الْقِبْلَةِ انْحَرَفُوا إلَيْهَا فِي الْفَرْضِ، وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَالنَّفْلِ، فِي الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا صَلَّى عَلَى حَسَبِ حَالِهِ فِيهَا، وَكُلَّمَا دَارَتْ انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ فِي الْفَرْضَ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ تَمِيمٍ إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ السَّفِينَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُسَافِرُ كَالْمُقِيمِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ: لِلْمُسَافِرِ التَّنَفُّلُ فِيهَا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهَا كَالرَّاحِلَةِ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَدُورَ كُلَّمَا دَارَتْ إلَى الْقِبْلَةِ، انْتَهَى، فَجَعَلَ هَذَا طريقة أخرى بعدما صحح عدم الوجوب.
وَيَسْقُطُ فِي النَّفْلِ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ قَصِيرٍ "م" نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ فَرْسَخٍ كَطَوِيلٍ "و" رَاكِبًا، وَعَنْهُ وَحَضَرَ، فَعَلَهُ أَنَسٌ1 "وهـ" خَارِجَ الْمِصْرِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَفِي الْمِصْرِ. وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ، لِكَثْرَةِ الْغَلَطِ فِيهِ، فَرُبَّمَا غَلِطَ، وَعَلَى الأصح: وماشيا سفرا "وش" إلا راكب التعاسيف2. وَيُعْتَبَرُ فِي رَاكِبٍ طَهَارَةُ مَحِلِّهِ، نَحْوُ سَرْجٍ وَرِكَابٍ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ، قَالُوا: لِأَنَّ بَاطِنَ الدَّابَّةِ لَا يَخْلُو عَنْ نَجَاسَةٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَا اعْتِبَارَ بِنَجَاسَتِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ حَمَلَ حَيَوَانًا طَاهِرًا فَصَلَّى بِهِ صَحَّتْ، بَلْ الْعِلَّةُ لِأَنَّهُ تَرَكَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ إمْكَانِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ، وَالرُّكْنُ أَقْوَى مِنْ الشَّرْطِ. وَيَلْزَمُ الرَّاكِبَ الْإِحْرَامُ إلَى الْقِبْلَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُونَ وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَغَيْرُ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا "وهـ م" نَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو دَاوُد يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. وَإِنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُهَا رَاكِعًا وَسَاجِدًا بِلَا مَشَقَّةٍ لَزِمَهُ نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّهُ كَسَفِينَةٍ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، فَدَلَّ أَنَّهَا وِفَاقٌ، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةً، لِلتَّسَاوِي فِي الرُّخَصِ الْعَامَّةِ، فَدَلَّ أَنَّ السَّفِينَةَ كَذَلِكَ كَالْعِمَارِيَّةِ3. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: نَفْلٌ أَفْسَدَهُ وَنَذْرٌ، وَسَجْدَةٌ تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ كَنَفْلٍ، وَيُتَوَجَّهُ لَنَا مثله في النذر، وله نظائر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا جَازَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي قولا: لا فيتوجه مِثْلُهُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ. وَإِنْ عُذِرَ مَنْ عَدَلَتْ بِهِ دَابَّتُهُ عَنْ جِهَةِ سيره، أو هو1 إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَطَالَ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ، كَسَاهٍ، وَقِيلَ: يَسْجُدُ بِعُدُولِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْذَرْ بِأَنْ عَدَلَتْ دَابَّتُهُ وَأَمْكَنَهُ رَدُّهَا أَوْ عَدَلَ إلَى غَيْرِهَا مَعَ عِلْمِهِ بَطَلَتْ. وَإِنْ انْحَرَفَتْ عَنْ جِهَةِ سَيْرِهِ فَصَارَ قَفَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ عَمْدًا بَطَلَتْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا انْحَرَفَ إلَيْهِ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الِالْتِفَاتِ الْمُبْطِلِ، وَقَدْ سَبَقَ. وَمَتَى لَمْ يَدُمْ سَيْرُهُ فَوَقَفَ لِتَعَبِ دَابَّتِهِ، أَوْ مُنْتَظِرًا لِلرُّفْقَةِ، أَوْ لَمْ يَسِرْ كَسَيْرِهِمْ أَوْ نَوَى النُّزُولَ بِبَلَدٍ دَخَلَتْهُ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَإِنْ نَزَلَ فِي أَثْنَائِهَا نَزَلَ مُسْتَقْبِلًا وَأَتَمَّهَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ رَكِبَ فِي نَفْلٍ بَطَلَ، وَقِيلَ يُتِمُّهُ كَرُكُوبِ مَاشٍ فِيهِ. وَالْمَاشِي يُحْرِمُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إلَيْهَا "وش" وَقِيلَ يُومِئُ بِهِمَا إلَى جِهَةِ سَيْرِهِ، وَقِيلَ مَا سِوَى الْقِيَامِ يَفْعَلُهُ إلَى الْقِبْلَةِ غَيْرَ مَاشٍ. وَيَلْزَمُ قَادِرًا أَوْمَأَ جَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضَ "و" وَالطُّمَأْنِينَةُ. وَفَرْضُ الْمُشَاهَدِ لِمَكَّةَ، أَوْ لِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "و" أَوْ القريب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْهُمَا. وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَمَسْجِدُ الْكُوفَةِ، لِاتِّفَاقِ الصحابة عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إصَابَةُ الْعَيْنِ بِبَدَنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَوْ بِبَعْضِهِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ اجْتَهَدَ إلَى عَيْنِهَا، وَعَنْهُ أَوْ إلَى جِهَتِهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ تَعَذَّرَ فَكَبَعِيدٍ. وَفِي الْوَاضِحِ1 إنْ قَدَرَ عَلَى الرُّؤْيَةِ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَتِرٌ بِمَنْزِلٍ وَغَيْرِهِ كَمُشَاهِدٍ. وَفِي رِوَايَةٍ كَبَعِيدٍ. وَلَا يَضُرُّ الْعُلُوُّ وَالنُّزُولُ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ لَا يَصِحُّ إلَى الْحَجَرِ، وَجَزَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النُّسَخِ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمَكِّيِّ، وَنَصَّ أَحْمَدُ: الْحِجْرُ مِنْ الْبَيْتِ. وَفَرْضُ مَنْ بَعُدَ عَنْهَا الِاجْتِهَادُ إلَى جِهَتِهَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلْحَنَفِيَّةِ، فَيُعْفَى عَنْ الِانْحِرَافِ قَلِيلًا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ [لَا يَضُرُّ] التَّيَامُنُ وَالتَّيَاسُرُ فِي الْجِهَةِ. وَعَنْهُ إلَى عَيْنِهَا، فَيُمْنَعُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ الْمَشْهُورُ "وم ر ق" وَفِي الرِّعَايَةِ عَلَيْهَا1: إنْ رَفَعَ وَجْهَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَخَرَجَ بِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ مُنِعَ. وَنَقَلَ مُهَنَّا وَغَيْرُهُ: إذَا تَجَشَّأَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ إلَى فَوْقٍ، لِئَلَّا يُؤْذِيَ مَنْ حَوْلَهُ بِالرَّائِحَةِ، وَمَا سَبَقَ أَوَّلَا عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابُ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ، فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ قَلِيلًا لَمْ يُعِدْ، وَلَا يَتَبَالَى مَغْرِبُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، وَمَشْرِقُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ إذَا صَلَّى بَيْنَهُمَا، وَبَيَّنَ الْقَاضِي أَنَّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ مَشْرِقٍ وَمَغْرِبٍ فَالْقِبْلَةُ مَا بَيْنَهُمَا، قَالَ: ويستحب أن يتحرى الوسط. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَمْ أَجِدْ الثَّانِيَةَ صَرِيحَةً. وَفِي ظُهُورِهَا نَظَرٌ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَشَارِقُ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ سَوَاءٌ، إنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى أَوْسَطَ ذَلِكَ، لَا يَتَيَامَنُ، وَلَا يَتَيَاسَرُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَيَسْتَدِيرُ الصَّفُّ الطَّوِيلُ. وَفِيهِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا لَا، لِخَفَائِهِ وَعُسْرِ اعْتِبَارِهِ، وَالثَّانِيَةُ يَنْحَرِفُ طَرَفُ الصَّفِّ يَسِيرًا، يَجْمَعُ بِهِ تَوَجُّهَ الْكُلِّ إلَى الْعَيْنِ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّفِّ يَجْتَهِدُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى عَيْنِهَا مِنْ أَيِّ النَّوَاحِي كَانَ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِصِحَّةِ صَلَاةِ صَفٍّ طَوِيلٍ عَلَى خَطٍّ مُسْتَوٍ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُصِيبُ عَيْنَهَا إلَّا مَنْ كَانَ بِقَدْرِهَا، وَإِنَّمَا يَتَّسِعُ الْمُحَاذِي مَعَ الْبُعْدِ مَعَ التَّقَوُّسِ، لَا مَعَ عَدَمِهِ. وَلَوْ وَجَبَ التَّوَجُّهُ إلَى الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاةُ مَنْ خَرَجَ عَنْهَا كَالْمَكِّيِّ، وَلَمْ أَجِدْهُمْ ذَكَرُوا هُنَا أَنَّ الْبُعْدَ مَسَافَةُ قَصْرٍ، بَلْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُعَايَنَةِ، وَلَا على من يخبره عن علم..
فصل: وإن أخبره عدل،
فَصْلٌ: وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ، وَقِيلَ: أَوْ مَسْتُورٌ، وَقِيلَ: أَوْ مُمَيِّزٌ، عَنْ عِلْمٍ لَزِمَهُ تَقْلِيدُهُ فِي الْأَصَحِّ "ش" وَفِي التَّلْخِيصِ لَيْسَ لِلْعَالِمِ تَقْلِيدُهُ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَنْ اجْتِهَادِهِ لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ فِي الْأَصَحِّ "و" وَقِيلَ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ أَعْلَمَ قَلَّدَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي آخِرِ التَّمْهِيدِ يُصَلِّيهَا عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ثُمَّ يُعِيدُ إذَا قَدَرَ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ يُصَلِّي وَيُعِيدُ. وَيَلْزَمُهُ السُّؤَالُ، فَظَاهِرُهُ: يَقْصِدُ الْمَنْزِلَ فِي اللَّيْلِ لِيَسْتَخْبِرَ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ، وَلَعَلَّ الظَّاهِرَ غَيْرُ مُرَادٍ، كَمَا لَا يَخْرُجُ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا لَيْلًا، وَلَا يُسَلِّمُ الْوَدِيعَةَ لَيْلًا. وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمَحَارِيبَ يَعْلَمُهَا لِلْمُسْلِمِينَ عُدُولًا أَوْ فُسَّاقًا، وَعَنْهُ يَجْتَهِدُ، وَعَنْهُ وَلَوْ بِالْمَدِينَةِ، وَفِي الْمُغْنِي1 أَوْ يَعْلَمُهَا لِلنَّصَارَى. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يَجْتَهِدُ فِي مِحْرَابٍ لَمْ يُعْرَفْ بِمُظْعِنٍ بِقَرْيَةٍ مَطْرُوقَةٍ، قَالَ: وَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْحَرِفُ، لِأَنَّ دَوَامَ التَّوَجُّهِ إلَيْهِ كَالْقَطْعِ، كَالْحَرَمَيْنِ. وَبِالنُّجُومِ، وَأَصَحُّهَا الْقُطْبُ، ثُمَّ الْجَدْيُ، وَهُمَا مِنْ الشِّمَالِ، وَحَوْلَ الْقُطْبِ أَنْجُمٌ دَائِرَةٌ وَعَلَيْهِ تَدُورُ بَنَاتُ نَعْشٍ، وَلَا يَقْرَبُ مِنْهُ غَيْرُ الْفَرْقَدَيْنِ. وَبِالشَّمْسِ، وَهِيَ تُقَارِبُ الْجَنُوبَ شِتَاءً، وَالشِّمَالَ صَيْفًا. وَبِالْقَمَرِ، وَمَنَازِلُهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ، كُلُّ لَيْلَةٍ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْ قُرْبِهِ، وَكُلُّهَا تَطْلُعُ مِنْ الْمَشْرِقِ، وَتَغْرُبُ فِي الْمَغْرِبِ، فَظِلُّك يَسَارُك. وَبِالرِّيَاحِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: الِاسْتِدْلَال بِهَا ضَعِيفٌ، فَالْجَنُوبُ تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَشْرِقِ، وَالشِّمَالُ تَهُبُّ مُقَابِلُهَا، وَالدَّبُورُ تَهُبُّ بَيْنَ الْقِبْلَةِ وَالْمَغْرِبِ، وَالصَّبَا تُقَابِلُهَا، وَتُسَمَّى الْقَبُولُ، لِأَنَّ بَابَ الْكَعْبَةِ وَعَادَةَ أَبْوَابِ الْعَرَبِ إلَى مَطْلَعِ الشَّمْسِ، فَتُقَابِلُهُمْ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْقِبْلَةُ، وَبَقِيَّةُ الرِّيَاحِ عَنْ جَنُوبِهِمْ، وَشَمَائِلِهِمْ، وَمِنْ وَرَائِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَبِالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ غَيْرِ الْمُحَدَّدَةِ، فَكُلُّهَا بِخِلْقَةِ الْأَصْلِ تَجْرِي مِنْ مَهَبِّ الشِّمَالِ مِنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلَى يَسْرَتِهِ، عَلَى انْحِرَافٍ قَلِيلٍ، إلَّا نَهْرًا بِخُرَاسَانَ، وَنَهْرًا بِالشَّامِ، عَكْسُ ذَلِكَ، فَلِهَذَا سُمِّيَ الْأَوَّلُ: الْمَقْلُوبَ، وَالثَّانِي: الْعَاصِيَ. قَالُوا: وَبِالْجِبَالِ، فَكُلُّ جَبَلٍ لَهُ وَجْهٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ يَعْرِفُهُ أَهْلُهُ وَمَنْ مَرَّ بِهِ، وَذَلِكَ ضَعِيفٌ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْمَجَرَّةَ فِي السَّمَاءِ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِ الصَّيْفِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ أَدِلَّةَ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ، وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ عَكْسُهُ لِنُدْرَتِهِ، قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ فَإِنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَخَفِيَتْ الْقِبْلَةُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، أَيْ تَعَلُّمُ الْقِبْلَةِ أَوْ الِاجْتِهَادُ لِقِصَرِ زَمَنِهِ، وَيُقَلِّدُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الْقِبْلَةَ يَجُوزُ تَرْكُهَا لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ شِدَّةُ الْخَوْفِ، وَلَا يُعِيدُ، بِخِلَافِ الطَّهَارَةِ، وَلِأَنَّهُ يَجْتَهِدُ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ هُنَاكَ نَصَّا خَفِيَ عَلَيْهِ؛ هُوَ عَيْنُ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ الْحَاكِمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يلزم جاهلا التعلم.
فصل: وإن اختلف مجتهدان في جهتين,
فصل: وَإِنْ اخْتَلَفَ مُجْتَهِدَانِ فِي جِهَتَيْنِ, وَقِيلَ: أَوْ جِهَةٍ لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِظَنِّهِ خَطَأَهُ بِإِجْمَاعٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ قِيَاسَ الْمُذْهَبِ يَصِحُّ، وَقِيلَ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ ائْتِمَامُهُ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْقُدْوَةِ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ صِحَّتُهُ فِي الْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ، لِاعْتِقَادِهِ فَسَادَهَا، لِأَنَّهُ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يخاطب بها. وَمَنْ اتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا فَائْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَمَنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ انْحَرَفَ وَأَتَمَّ، وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ لِلْعُذْرِ، وَيُتِمُّ وَيَتَّبِعُهُ مَنْ قَلَّدَهُ فِي الْأَصَحِّ. وَيَجِبُ عَلَى جَاهِلٍ وَأَعْمَى تَقْلِيدُ الْأَوْثَقِ، وَيُتَخَرَّجُ لَا، قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ "و" لِعَامِّيٍّ فِي الْفُتْيَا عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَلَوْ تَسَاوَيَا فَمَنْ شَاءَ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: إنْ اخْتَلَفَا فَإِلَى الْجِهَتَيْنِ. وَلَوْ سَأَلَ مُفْتِيَيْنِ فَاخْتَلَفَا فَهَلْ يأخذ بالأرجح،، أو الأشد، أو الأخف أو يخير؟ فيه أوجه "2 - 3" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 – 3: وَلَوْ سَأَلَ مُفْتِيَيْنِ وَاخْتَلَفَا فَهَلْ يَأْخُذُ بالأرجح، أو الأخف، أو "1الأشد، أو الأخف1" يُخَيِّرُهُ فِيهِ أَوْجُهٌ، انْتَهَى، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي عِدَّةِ أَقْوَالِ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُخَيَّرُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ، نَقَلَهُ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ، وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا وَقَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُسَوَّدَةِ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَأْخُذُ بِالْأَرْجَحِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ، قَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَرَّى، وَيَبْحَثَ عَنْ الرَّاجِحِ بِحَسْبِهِ وَهُوَ أَرْجَحُ الْمَذَاهِبِ السَّبْعَةِ، انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الروضة: إذا سألهما فاختلفا عليه لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ، فَقَدَّمَ هَذَا. وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهَا2: فِيهِ خِلَافٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ، وَقَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ2، وَالشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ اللَّحَّامِ فِي أُصُولِهِ، وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُمَا إذَا اسْتَوَيَا عِنْدَهُ لَهُ اتِّبَاعُ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ. وَقَالَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي أصوله
وإن سأل فلم تسكن نفسه ففي تكراره وَجْهَانِ "م 4" وَمَنْ صَلَّى بِلَا اجْتِهَادٍ وَلَا تقليد أو ظن جهة باجتهاده فخالفها أعاد "وم ش" وَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَمْرَانِ تَحَرَّى، وَقِيلَ: وَيُعِيدُ "وش". وإن صلى بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُخْتَلِفَةِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَأْخُذُ بالأخف. الوجه الرَّابِعُ: يَأْخُذُ بِالْأَشَدِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا أَيْضًا، وَقِيلَ يَأْخُذُ بِأَرْجَحِهَا دَلِيلًا، وَقِيلَ سَأَلَ مُفْتِيًا آخَرَ، قَالَ الطُّوفِيُّ1 وَغَيْرُهُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَا، وَيُرْجَعُ إلَى غَيْرِهِمَا إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَإِلَى مَا قَبْلَ السَّمْعِ. "تَنْبِيهٌ" ذَكَرَ ذَلِكَ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: 2 إذَا سَأَلَهُمَا وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَسَاوَيَا فَهُنَا الصَّحِيحُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْأَفْضَلِ فِي عِلْمِهِ وَدِينِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا تَسَاوَيَا عِنْدَهُ فَهُنَا الصَّحِيحُ الْخِيَرَةُ كَمَا فَعَلَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ فَلَمْ تَسْكُنُ نَفْسُهُ فَفِي تَكْرَارِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَلْزَمُ الْمُفْتِي تَكْرِيرَ النَّظَرِ عِنْدَ تَكْرِيرِ الْوَاقِعَةِ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَلْزَمُ، ثُمَّ قَالَ: وَلُزُومُ السُّؤَالِ ثَانِيًا فِيهِ الْخِلَافُ، انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الِاحْتِيَاطُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَكْفِيه مَنْ لَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ إلَيْهِ، نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي أُصُولِهِ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ الله تعالى.
تَحَرٍّ أَعَادَ، وَعَنْهُ: وَيُعِيدُ إنْ تَعَذَّرَ التَّحَرِّي "ش" وَقِيلَ: وَيُعِيدُ فِي الْكُلِّ إنْ أَخْطَأَ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَا إعَادَةَ عَلَى مُخْطِئٍ مَعَ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ سَفَرًا "ش" وَخَرَّجَ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةَ مَا لَوْ بَانَ الْفَقِيرُ غَنِيًّا يُعِيدُ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ بِأَخْذِ إمَامٍ1. وَعَنْهُ: لَا يُعِيدُ حَضَرًا. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَضِيَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ2، وَعَنْهُ مَا لَمْ يخطئ جرما. وَفِي التَّعْلِيقِ: وَمَكِّيٌّ كَغَيْرِهِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ يَجْزِيه، قَدْ تَحَرَّى، فَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِي الْإِجْزَاء وُجُودَ التَّحَرِّي، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْمَكِّيِّ، وَعَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ إذَا عَلِمَ الْخَطَأَ فَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ اجْتِهَادِهِ إلَى يَقِينٍ، فَيَنْتَقِلُ اجْتِهَادُهُ كَحَاكِمٍ اجْتَهَدَ ثُمَّ وَجَدَ النَّصَّ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا نُسَلِّمُهُ، وَالْأَصَحُّ تَسْلِيمُهُ. وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، كَالْحَادِثِ فِي الْأَصَحِّ، فِيهَا لِمُفْتٍ وَمُسْتَفْتٍ، وَأَلْزَمَهُ فِيهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ إنْ لَمْ يَذْكُرْ طريق الاجتهاد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُصَلِّي عَمِلَ بِالْآخِرِ، وَلَوْ كَانَ فِي صَلَاةٍ بَنَى، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وهـ" وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ. وَالصَّلَاةُ تَتَّسِعُ لِاجْتِهَادَيْنِ لِطُولِهَا، بِخِلَافِ حُكْمِ الْحَاكِمِ، فَنَظِيرُهُ يَتَبَيَّنُ الْخَطَأَ بَعْدَ تَلَبُّسِهِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُهَا بِاجْتِهَادَيْنِ كَالْحُكْمِ سَوَاءٌ، ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ، وَكَشَكِّهِ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ. وَعَنْهُ: تَبْطُلُ "وم ش" وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ جُمُعَتُهُ الْأَوِّلَةُ، وَإِنْ ظَنَّ الْخَطَأَ فَقَطْ بَطَلَتْ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ بَانَ لَهُ صِحَّةُ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَطُلْ زَمَنُهُ اسْتَمَرَّ، وَصَحَّتْ، وَإِنْ بَانَ لَهُ الْخَطَأُ فِيهَا بَنَى، وَقِيلَ: إنْ أَبْصَرَ فِيهَا وَفَرْضُهُ الِاجْتِهَادُ وَلَمْ يَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى صَوَابِهِ بَطَلَتْ، وَمَنْ أُخْبِرَ وَهُوَ فِيهَا بِالْخَطَأِ يَقِينًا لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّانِي يَلْزَمُهُ تَقْلِيدُهُ، فَكَمَنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَنْصُوصِهِ فِي الثِّيَابِ الْمُشْتَبِهَةِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ، وَهُوَ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الْأَمْرُ بِذَلِكَ أَمْرٌ بِالْخَطَأِ، فَلِهَذَا أَمَرَ بِالِاجْتِهَادِ، فَعَلَى الْأَوْلَى لَوْ فَعَلَهُ لَمْ يُجِزْهُ إلَّا أَنْ يَتَحَرَّى فَيَجْزِيَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ "و" وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ فِي الصَّلَاةِ لِخَصْمِهِ الْحَنَفِيِّ، يُمْكِنُهُ أَدَاءُ فَرْضِهِ بِيَقِينٍ بِأَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ، قِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ: ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا1، وَقِيلَ: سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وقيل: بسنة، وقاله أكثر العلماء. "2وقيل: بقرآن2" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِصَلَاتِهِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ عَقِيلٍ فَقَالَ: الْجَوَابُ: ذَكَرَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ1 فِي تَارِيخِهِ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى إلَى الْكَعْبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَصَلَّى إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQـــــــــــــــــــــــــــــQ
باب النية
باب النية مدخل ... باب النية تُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ إجْمَاعًا، وَلَا تَسْقُطُ بِوَجْهٍ، وَلَا يَضُرُّ مَعَهَا قَصْدُ تَعْلِيمِهَا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ1 فِي صَلَاتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَغَيْرِهِ، أَوْ خَلَاصًا مِنْ خَصْمٍ، أَوْ إدْمَانِ سَهَرٍ، كَذَا وَجَدْت ابْنَ الصَّيْرَفِيِّ نَقَلَهُ، وَالْمُرَادُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِالنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ، لَا أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا يَنْقُصُ الْأَجْرَ، وَمِثْلُهُ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الصَّوْمِ هَضْمَ الطَّعَامِ، أَوْ قَصْدُهُ مَعَ نِيَّةِ الْحَجِّ رُؤْيَةَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيَأْتِي فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ2 قَوْلُهُ فِي الْعَمَلِ الْمُمْتَزِجِ بِشَوْبٍ مِنْ الرِّيَاءِ وَحَظِّ النَّفْسِ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَمَلِ مَعَ شَوْبٍ مِنْ الرِّيَاءِ وحظ النفس، ولعل مراده أنهما واحد، وَلِهَذَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَأْثَمُ، وَإِلَّا فَكَلَامُ غَيْرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَوْبِ الرِّيَاءِ مُبْطِلٌ، وَأَنَّ حَظَّ النَّفْسِ كَقَصْدِهِ مَعَ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ الْخَلَاصَ مِنْ خَصْمٍ، أَوْ هَضْمِ الطَّعَامِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ، لِأَنَّهُ قَصْدُ مَا يَلْزَمُ ضَرُورَةً كَنِيَّةِ التَّبَرُّدِ، أَوْ النَّظَافَةِ مَعَ نِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ، وسبق فيه احتمال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّة وَابْنُ حَزْمٍ، فَيُتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ، وَيَأْتِي فِيمَا إذَا قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا أَوْ صَيْدًا1. وَهِيَ الشَّرْطُ السَّادِسُ، وَقِيلَ: فَرْضٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ2: هِيَ قَبْلَ الصَّلَاةِ شَرْطٌ، وَفِيهَا رُكْنٌ. وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: فيلزم في بقية الشروط مثلها. وَيَجِبُ تَعْيِينُهَا لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْأَصَحِّ "وم ش" وَفِي التَّرْغِيبِ فِي نَفْلٍ مُعَيَّنٍ، لَا، كَمُطْلَقٍ "و" وَأَبْطَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَدَمَ التَّعْيِينِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ فَصَلَّى أَرْبَعًا يَنْوِيهَا مِمَّا عَلَيْهِ لَمْ يُجِزْهُ "ع" فَلَوْلَا اشْتِرَاطُ التَّعْيِينِ أَجْزَاهُ، كَالزَّكَاةِ. لَوْ أَخْرَجَ شَاةً أَوْ صَاعًا مَنْ عَلَيْهِ شِيَاهٌ: مِنْ إبِلٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ عُشْرٍ، أَوْ فِطْرَةٍ يَنْوِيهَا مِمَّا عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ غيره لا فرق، وهو متوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ. وَتَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ، وَالْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ، وَالْقَضَاءِ لِلْفَائِتَةِ عَلَى الْأَصَحِّ: لَا إضَافَةُ الْفِعْلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى في جميع العبادات في النية في ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَجِبُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ، وَالْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ، وَالْقَضَاءِ لِلْفَائِتَةِ، عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْمَذْهَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي الثَّلَاثَةِ، انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ مَا يَسَّرَ اللَّهُ بِهِ. أَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي الْفَرْضِ، فَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَيَنْوِي الصَّلَاةَ الْحَاضِرَةَ فَرْضًا، انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَ فِي الْكَافِي1 قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ حَامِدٍ، قَالَ الْمَجْدُ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ: لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْفَرْضِ لِلْمَكْتُوبَةِ إذَا أَتَى بِنِيَّةِ التَّعْيِينِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، قَالُوا: وَهُوَ أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ2، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْقَضَاءِ فِي الْفَائِتَةِ فَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي
الْأَصَحِّ. وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ أَيْ مَعَ العلم. وقال الأصحاب رحمهم الله فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ: إنَّ نِيَّةَ التَّقَرُّبِ بِالصَّلَاةِ شَرْطٌ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أُلْجِئَ إلَى النِّيَّةِ كَمَا سَبَقَ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَمْ يَنْوِ الْقُرْبَةَ لَمْ يَصِحَّ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُكْرَهَ إذَا كَانَ إقْدَامُهُ عَلَى الْعِبَادَةِ لِلْخَلَاصِ مِنْ الْإِكْرَاهِ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً، وَلَا مُجِيبًا دَاعِيَ الشَّرْعِ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ لَا يَصِحُّ ظَاهِرًا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَاطِنًا، وَقَدْ ذَكَرُوا لَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ كرها أجزأت المكره ظاهرا لا باطنا, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُشْتَرَط، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي1، وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْبِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ2، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ3 ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَمَّا نِيَّةُ الْأَدَاءِ لِلْحَاضِرَةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ لِلْفَرْضِ، قُلْت: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ، وَتَقْدِيرُهُ وَلَا يَجِبُ بِزِيَادَةِ "لَا" فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَحَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ، وَحَكَاهُ أكثرهم وجهين. وقال ابن تميم:
كَالْمُصَلِّي كُرْهًا. وَقِيلَ: مَنْ ظَنَّ فَائِتَةً فَنَوَاهَا وَقْتَ حَاضِرَةٍ مِثْلَهَا فَبَانَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَاضِرَةِ، وَأَنَّ مَنْ نَوَى حَاضِرَةً وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فَائِتَةً أَجْزَأَهُ عَنْهَا، وَنَظِيرُهُ تَعْيِينُهُ زَكَاةَ مَالٍ حَاضِرٍ، فَتَبَيَّنَ تَالِفًا أَوْ عَكْسَهُ. وَلَوْ نَوَى مَنْ عَلَيْهِ ظُهْرَانِ فَائِتَتَانِ ظُهْرًا مِنْهُمَا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ أَحَدَيْهِمَا حَتَّى تُعَيَّنَ السَّابِقَةُ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَقِيلَ بَلَى، كَصَلَاتَيْ نَذْرٍ، لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ هُنَا فِي التَّرْتِيبِ كَإِخْرَاجِ نِصْفِ دِينَارٍ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْنِ، أَوْ كَفَّارَةٍ عَنْ إحْدَى أَيْمَانٍ حَنِثَ فِيهَا، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ، وَاحْتِمَالٌ يُعَيِّنُ السَّابِقَةَ. وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا1 عَلَى التَّكْبِيرِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ "م ش" خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ كَالصَّوْمِ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي فَيَجُوزُ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ كَصَوْمٍ؟ فَقَالَ: الْإِقَامَةُ تَتَقَدَّمُ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَتَقْدِيمِ نِيَّةِ الصَّوْمِ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِزَمَنٍ كَثِيرٍ، قَالَ: وَرَأَيْت مَنْ قَالَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْإِقَامَةِ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ وَلَا يُعِيدُهَا، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِمَنْ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ وَطَالَ عرفا أعاد، ـــــــــــــــــــــــــــــQوجهان، وقيل روايتان.
وَكَذَا هُنَا. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ: بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، وَتُعْتَبَرُ مَا لَمْ يَفْسَخْهَا. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهِمَا أَوْ يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ وَنَحْوِهِ، كَعَمَلِ مَنْ سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ، أَوْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ أَوْ يَتَعَمَّدُ حَدَثًا، وَقِيلَ: أَوْ يَتَكَلَّمُ. وَفِي التَّلْخِيصِ لَا نِيَّةَ فَرْضٍ مِنْ قَاعِدٍ، وَأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ نَفْلًا. وَقِيلَ بِزَمَنٍ كَثِيرٍ1. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَهُوَ نِيَّةٌ، أَتُرَاهُ كَبَّرَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ؟ وَاحْتَجَّ بِهِ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَنْ عَلِمَ مَا يُرِيدُ فِعْلَهُ قَصَدَهُ ضَرُورَةً. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَهُ تَقْدِيمُهَا، مَا لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْطَعُهَا، وَهُوَ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ بِالصَّلَاةِ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ، فَكَذَا النِّيَّةُ، وَإِنْ فَسَخَهَا بَطَلَتْ "هـ" وَقِيلَ وَلَمْ يَنْوِ قَرِيبًا، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ ثُمَّ افْتَتَحَهَا لَغَتْ نِيَّتُهُ وَبَنَى، إلَّا أَنَّ الْمَسْبُوقَ إنْ كَبَّرَ نَاوِيًا الِاسْتِئْنَافَ خَرَجَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا، لِأَنَّهُ بَانٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ فَأَفَادَ الِانْفِرَادَ فِي حَقِّ التحريمة. وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْفَسْخِ أَوْ تَرَدَّدَ فَوَجْهَانِ "م 1 - 2" لا بعزمه على محظور ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْفَسْخِ، أَوْ تَرَدَّدَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: إذَا تَرَدَّدَ فِي قَطْعِ النِّيَّةِ فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي1، وَالْمُغْنِي2، وَالْمُقْنِعِ3، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَشَرْحِ الْعُمْدَةِ لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالْمَجْدُ فِي شَرَحَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه.
"و" وَالْوَجْهَانِ إنْ شَكَّ: هَلْ نَوَى فَعَمِلَ مَعَهُ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ "م 3" قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَبْنِي، لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ حُكْمَ النِّيَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ كَانَ الْعَمَلُ قولا لم تبطل كتعمد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-2: إذَا عَزَمَ عَلَى فَسْخِهَا فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ التَّرَدُّدِ فِي الْقَطْعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَيُعْطَى حُكْمُهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِالْعَزْمِ عَلَى فَسْخِهَا، وَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِالتَّرَدُّدِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ: إنْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا فَأَوْجُهٌ: الثَّالِثُ تَبْطُلُ مَعَ الْعَزْمِ دُونَ التَّرَدُّدِ. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ: وَإِنْ قَطَعَهَا أَوْ عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا عَاجِلًا بَطَلَتْ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، أَوْ تَوَقَّفَ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا، أَوْ عَلَّقَ قَطَعَهَا، عَلَى شَرْطٍ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا: وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا لَمْ تَبْطُلْ فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ: إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ سَيَقْطَعُهَا، أَوْ تَوَقَّفَ يَرْتَابُ فِي قَطْعِهَا فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، الْبُطْلَانُ اخْتَارَهُ الْوَالِدُ، وَعَدَمُهُ، وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَقَالَ شَيْخُنَا: تَبْطُلُ، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لا تبطل، واستدل لقول شيخه فقط. مَسْأَلَةٌ -3 قَوْلُهُ: وَالْوَجْهَانِ إنْ شَكَّ هَلْ نَوَى فَعَمِلَ مَعَهُ أَيْ مَعَ الشَّكِّ عَمَلًا ثُمَّ ذَكَرَ، انْتَهَى، قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَكَذَا هُنَا، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَبْنِي، لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُزِيلُ حُكْمَ النِّيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَبْطُلُ لِخُلُوِّهِ عَنْ نِيَّةٍ مُعْتَبَرَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ حَيْثُ طَالَ يَسْتَأْنِفُهَا، وَذِكْرُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ طَرِيقَةٌ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالْأَقْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْعَمَلُ قَوْلًا لَمْ تَبْطُلْ، كَتَعَمُّدِ زِيَادَتِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا بَطَلَتْ، لِعَدَمِ جَوَازِهِ كَتَعَمُّدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهَذَا أَحْسَنُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: إنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ عَمَلًا، وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا عَلَى أَصْلِنَا وَلِهَذَا لو نوى قطع القراءة
زِيَادَتِهِ، وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِعْلًا بَطَلَتْ، لِعَدَمِ جَوَازِهِ، كَتَعَمُّدِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: إنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ عَمَلًا، وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ عَمَلًا عَلَى أَصْلِنَا، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَرْجُو الثَّوَابَ لِمَنْ تَلَا مُطْلَقًا، وَلِهَذَا لَوْ نَوَى قَطْعَ الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَقْطَعْهَا لَمْ تَبْطُلْ، قَوْلًا وَاحِدًا، قَالَ الْآمِدِيُّ: وَإِنْ قَطَعَهَا بَطَلَتْ بِقَطْعِهِ، لَا بِنِيَّتِهِ، قَالَ: لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: لَوْ كَانَتْ عَمَلًا لَاحْتَاجَتْ إلَى نِيَّةٍ كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْعِبَادَاتِ، قَالَ الْآمِدِيُّ كَانَ فِي دِيَارِ بَكْرٍ رَجُلٌ مُبْتَدِعٌ، يَقُولُ. يَحْتَاجُ أَنْ يَنْوِيَ حَالَ ابْتِدَاءِ الْقِرَاءَةِ مَنْ يُرِيدُ يَقْرَأُ: مِنْ أجله، يُمَوَّهُ عَلَى الْعَوَامّ، وَيَجْعَلُ الْقِرَاءَةَ فِعْلًا لِلْقَارِئِ فَيَقْرِنُ بِهَا النِّيَّةَ، قَالَ: وَنَحْنُ نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِنْ هَذَا الْمَذْهَبِ، كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَهُوَ خِلَافُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالْقِرَاءَةُ عِبَادَةٌ تُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ، وَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ1: مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَقَالَ قَوْلًا هَلْ يَحْنَثُ؟ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ فِي إهْدَاءِ الْقُرْبِ2. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكَذَا شَكُّهُ؛ هَلْ أَحْرَمَ بِظُهْرٍ أو عصر وذكر فيها؟ "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يَقْطَعْهَا لَمْ تَبْطُلْ، قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ الْآمِدِيُّ: وَإِنْ قَطَعَهَا بَطَلَتْ بِقَطْعِهِ لَا بِنِيَّتِهِ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ، وَكَذَا شَكُّهُ: هَلْ أَحْرَمَ بِظُهْرٍ، أَوْ عَصْرٍ وَذَكَرَ فِيهَا.
وَقِيلَ: يُتِمُّهَا نَفْلًا، كَشَكِّهِ: هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، أَوْ نَفْلٍ؟ فَإِنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ، فَظَنَّهَا الظُّهْرَ، فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثم ذكر. فقال: يعيد. وإعادتهم على اقتداء مُفْتَرِضٍ بِمُنْتَفِلٍ. وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ رَبَاعِيَةٍ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَظُنُّهَا جُمُعَةً أَوْ فَجْرًا، أَوْ التَّرَاوِيحَ، ثُمَّ ذَكَرَ بَطَلَ فَرْضُهُ، وَلَمْ يَبْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فِعْلَهُ لَمَّا نَافَى الْأَوْلَى قَطَعَ نِيَّتَهَا، كَمَا لَوْ كَانَ عالما، ويتوجه احتمال، وتخريج يبني "وهـ" وكظنه تمام مَا أَحْرَمَ بِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ خُرُوجُهُ لِشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَا دَخَلَ إلَّا بِالنِّيَّةِ، وَكَشَكِّهِ هَلْ أَحْدَثَ؟ وَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ عَدَمُهُ كَمَنْ أَحْرَمَ بِفَائِتَةٍ فَلَمْ تَكُنْ، أَوْ بَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ انْقَلَبَتْ نَفْلًا "وهـ ق" لِبَقَاءِ أَصْلِ النِّيَّةِ، وَعَنْهُ لَا يَنْعَقِدُ، لأنه لم ـــــــــــــــــــــــــــــQانتهى. وقد علمت الصحيح من الوجهين في أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهَذِهِ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، فَهُوَ كَشَكِّهِ فِي النِّيَّةِ، وَقِيلَ يُتِمُّهَا نَفْلًا، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2 كَشَكِّهِ هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ سُئِلَ عَلَى إمَامٍ صَلَّى بِقَوْمٍ الْعَصْرَ فَظَنَّهَا الظُّهْرَ فَطَوَّلَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ ذَكَرَ، فَقَالَ: يُعِيدُ، وَإِعَادَتُهُمْ عَلَى اقْتِدَاءٍ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. لَوْ شَكَّ هَلْ نَوَى فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَتَمَّهَا نَفْلًا، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ نَوَى الْفَرْضَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ عَمَلًا فَيُتِمَّهَا فَرْضًا، وَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ عَمَلًا خَرَجَ فِيهَا الْوَجْهَانِ، قَالَ الْمَجْدُ وَالصَّحِيحُ بُطْلَانُ فَرْضِهِ، انْتَهَى، وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ لِمَسْأَلَتِنَا والله أعلم.
يَنْوِهِ كَعَالِمٍ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ صَحَّ، عَلَى الْأَصَحِّ "و" لِأَنَّهُ إكْمَالٌ فِي الْمَعْنَى كَنَقْصِ الْمَسْجِدِ لِلْإِصْلَاحِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إكْمَالُ مَعْنًى كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِلْبِنَاءِ وَالْعِمَارَةِ، وَالتَّوْسِعَةِ، وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَغْرِبِ "هـ م" قَالُوا: لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ، قَالَ أَصْحَابُنَا: لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ نِيَّةٌ. وَفِي أَفْضَلِيَّتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَصِحُّ، أَمْ يكره فيصح؟ فيه روايتان "م5, 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5-6: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ صَحَّ عَلَى1 الْأَصَحِّ، وَفِي أَفْضَلِيَّتِهِ وَتَحْرِيمِهِ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَلَا يَصِحُّ أَمْ يُكْرَهُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِيهِمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-5: إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فِي وَقْتِهِ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَقُلْنَا يَصِحُّ فَهَلْ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا لَا فَضِيلَةَ فِي فِعْلِهِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الكبرى.
وَلَا يَقْطَعُهُ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِسَجْدَتَيْ الْأُولَى "هـ" لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ فِيمَنْ صَلَّى مِنْ فَرْضٍ رَكْعَةً مُنْفَرِدًا ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ: أَعْجَبُ إلَيَّ يَقْطَعُهُ، وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ "وش" فَقَطْعُ نَفْلٍ أَوْلَى، وَإِنْ دخل معهم قبل قَطْعِهِ فَسَيَأْتِي1. وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ وَالْمُرَادُ لَمْ يَنْوِ الثَّانِي مِنْ أَوَّلِهِ بتكبيرة إحرام،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ الْأَفْضَلُ فِعْلُهُ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ لَكَانَ حَسَنًا، وَإِلَّا فَلَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-6: إذَا قَلَبَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ فَهَلْ يَحْرُمُ فَلَا يَصِحُّ، أَوْ يَكْرَهُ فَيَصِحُّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ: ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ فِعْلُ ذَلِكَ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ2، قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ: لَا تَصِحُّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ فِي الجامع: يخرج على روايتين.
وَإِلَّا صَحَّ الثَّانِي "وَ" بَطَل فَرْضُهُ "و" وفي نفله الخلاف، وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ بَطَلَ فَرْضُهُ، وَفِي نَفْلِهِ الْخِلَافُ يَعْنِي بِهِ الَّذِي أَحْرَمَ بِفَرْضٍ ثُمَّ قَلَبَهُ نَفْلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَكَذَا حُكْمُ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ، إذَا وُجِدَ فِيهِ كَتَرْكِ قِيَامٍ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا فِي الْمَذْهَبِ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ، وَهِيَ فَائِدَةٌ حَسَنَةٌ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِنْ عَيَّنَ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، مُرَادُهُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْجَنَائِزِ: فَإِنْ عَيَّنَ مَيِّتًا فَبَانَ غَيْرُهُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَنَائِزِ1 عَنْ أَبِي الْمَعَالِي أَنَّهُ قَالَ: لَا تَصِحُّ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فَلَا نُعِيدُهُ، وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ
مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ، إذَا وُجِدَ فِيهِ، كَتَرْكِ قِيَامٍ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQضِمْنًا، لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا عين إماما أو مأموما فأخطأ.
المذهب. وإلا فالخلاف.
فصل: ويشترط نية المأموم لحاله "و" وكذا نية الإمام على الأصح "خ" كالجمعة "و" وعنه في الفرض،
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْمَأْمُومِ لِحَالِهِ "و" وَكَذَا نِيَّةُ الْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ "خ" كَالْجُمُعَةِ "و" وَعَنْهُ فِي الْفَرْضِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ ائْتِمَامُهَا بِهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ "وهـ" لِأَنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ إذَا وَقَفَتْ بِجَنْبِهِ، وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ، وَلَوْ سَلَّمَ فَالْمَأْمُومُ مِثْلُهُ، وَلَا يَنْوِي كَوْنَهَا مَعَهُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَلَا عِبْرَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْفَرْقِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِرَجُلٍ صَحَّ ائْتِمَامُ الْمَرْأَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا "هـ" كَالْعَكْسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تُصَحِّحُ عَدَمَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ لِلْإِمَامَةِ يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِمُنْفَرِدٍ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَتُهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ صَلَاتِهِ، كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْمَأْمُومِ، تَحْصُلُ لَهُ فضيلة الجماعة وحده فيعايا بها وعند أبي الفرج ينوي المنفرد حاله. وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ أَوْ مَأْمُومُهُ لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وقيل تصح فُرَادَى "خ" جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، فِي الثَّانِيَةِ. وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ صَحَّتْ فِي الْأُولَى فُرَادَى، "و" وَكَذَا إنْ نَوَى إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَؤُمَّهُ كَامْرَأَةٍ تؤم رجلا وَكَذَا أُمِّيٌّ قَارِئًا. وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا لَمْ تَصِحَّ، لِعَدَمِ الْجَزْمِ بالنية. وفي المجرد: ولو بعد الفراغ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي الْأَشْهَرِ"خ". وَإِنْ انْتَقَلَ مَأْمُومٌ أَوْ إمَامٌ مُنْفَرِدًا جَازَ، لِعُذْرٍ "هـ م" يُبِيحُ تَرْكَ الْجَمَاعَةِ، وَعَنْهُ وَغَيْرُ عُذْرٍ، كَزَوَالِهِ فِيهَا لَا يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ مَعَهُ، وَكَمَسْبُوقٍ مُسْتَخْلِفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَثِمَ مَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ. وَفِي الْفُصُولِ إنْ زَالَ عُذْرُهُ فِيهَا لَزِمَهُ الِاتِّبَاعُ، لِزَوَالِ الرُّخْصَةِ، كَقَادِرٍ عَلَى قِيَامٍ بَعْدَ الْعَجْزِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ تَعَجَّلَ وَلَا يَتَمَيَّزُ انْفِرَادُهُ عَنْهُ بِنَوْعِ تَعْجِيلٍ لَمْ يَجُزْ انْفِرَادُهُ عَنْهُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الِانْفِرَادَ إذَا اسْتَفَادَ بِهِ تَعْجِيلَ لُحُوقِهِ لِحَاجَتِهِ، وَلَمْ أَجِدْ خِلَافَهُ، وَيُعَايَا بِهَا، وَإِنْ فارقه في قيام أَتَى بِبَقِيَّةِ الْقِرَاءَةِ. وَإِنْ ظَنَّ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَنَّ الْإِمَامَ قَرَأَ لَمْ يَقْرَأْ، وَعَنْهُ يَقْرَأُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ الرُّكُوعَ. وَلَوْ سَلَّمَ مَنْ لَهُ عُذْرٌ ثُمَّ صَلَّى وَحْدَهُ فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ، فَيُحْمَلُ فِعْلُ من فارق معاذا1 عَلَى ظَنِّ الْجَوَازِ، لَكِنْ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، فَدَلَّ عَلَى جَوَازِهِ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ فَارَقَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ أَتَمَّ جُمُعَةً كَمَسْبُوقٍ، وَإِنْ فَارَقَهُ فِي الْأُولَى فَكَمَزْحُومٍ فِيهَا حَتَّى تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ الظُّهْرُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَتَمَّ نَفْلًا فَقَطْ. وَلَا يَنْتَفِلُ مُنْفَرِدٌ مَأْمُومًا عَلَى الْأَصَحِّ "وهـ م ر" وَلَا إمَامًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَشَيْخُنَا، وَأَصْحَابُنَا "و" وَعَنْهُ نَفْلًا فَقَطْ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَانًّا حُضُورَ مَأْمُومٍ صَحَّ، لَا مَعَ الشَّكِّ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَاضِرٍ فَانْصَرَفَ قَبْلَ إحْرَامِهِ، أَوْ عَيَّنَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا وَقِيلَ: أَوْ ظَنَّهُمَا، وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ تَعْيِينَهُمَا فِي الْأَصَحِّ فَأَخْطَأَ، لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ بَلَى، مُنْفَرِدًا، كَانْصِرَافِ الْحَاضِرِ بَعْدَ دُخُولِهِ مَعَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ عَيَّنَ جِنَازَةً فَأَخْطَأَ فَوَجْهَانِ، قَالَ شَيْخُنَا: إنْ عَيَّنَهُ وَقَصَدَهُ خَلْفَ مَنْ حَضَرَ، وَعَلَى مَنْ حَضَرَ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَتَمَّهَا إمَامُهُ مُنْفَرِدًا، قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، لِأَنَّهَا لَا ضِمْنَهَا وَلَا مُتَعَلِّقَةً بِهَا، بِدَلِيلِ سَهْوِهِ وَعِلْمِهِ بِحَدَثِ نَفْسِهِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 قِيَاسَ الْمُذْهَبِ. وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وهـ" وَعَنْهُ: لَا "وش" وَيُتِمُّونَهَا فُرَادَى وَالْأَشْهُرُ أَوْ جَمَاعَةً، وَكَذَا جَمَاعَتَيْنِ. وَقِيلَ: هَلْ1 تَبْطُلُ بِتَرْكِ فَرْضٍ، وَبِمَنْهِيٍّ عَنْهُ كَحَدَثٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، اختاره القاضي، وغيره وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِتَرْكِ شَرْطٍ، أَوْ رُكْنٍ، أَوْ تعمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُفْسِدِ، وَإِلَّا فَلَا، عَلَى الْأَصَحِّ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، "وم". وإن سبق الإمام الحدث بطلت صلاته "وق" كتعمده، وعنه من السبيلين، وعنه يبني "وهـ م"، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِوَايَةً تُجْبَرُ، وَهُوَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ، قَالُوا: وَالِاسْتِئْنَافُ أَفْضَلُ لِبُعْدِهِ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ، وَعِنْدَنَا فِي الْبِنَاءِ مَعَ حَاجَتِهِ عَمَلًا كَثِيرًا وَجْهَانِ "م 7" وَالْأَشْهَرُ و1 بطلانها نَقَلَهُ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ هَانِئٍ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْكَافِي2 وَالْمُذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَبَقَاءُ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ. وَلَهُ أَنْ يستخلف على الأصح "وهـ م" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَ الْإِمَامُ الْحَدَثَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.... وَعَنْهُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَعَنْهُ يَبْنِي، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، ... وَعِنْدَنَا فِي الْبِنَاءِ مَعَ حَاجَتِهِ عَمَلًا كَثِيرًا وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا لَهُ الْبِنَاءُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَإِنْ تَطَهَّرَ قَرِيبًا ثُمَّ عَادَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ بِهِمْ جَازَ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَإِنْ احْتَاجَ إلَى عَمَلٍ كَثِيرٍ فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا يَمْنَعُ الْبِنَاءَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَوْ تَطَهَّرَ الْإِمَامُ وَأَتَمَّ بِهِمْ قَرِيبًا وَبَنَى صَحَّ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ وَعَنْهُ بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي إنْ قَرُبَ زَمَنُهُ لِقُرْبِ الْمَاءِ مِنْهُ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُحْدِثْ عَمَلًا وَلَا فَعَلَ شَيْئًا آخَرَ منهيا عنه، وقيل كثيرا. انتهى.
وَلِفِعْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ1. وَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ أَوْ لِلْجَوَازِ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ حُكْمَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الْمَأْمُومِ بِأَنْ يُحْدِثَ وَيَجِيءَ مَأْمُومٌ آخَرُ، فَكَذَا هُنَا وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ مَسْبُوقًا، وَأَنَّهُ يَسْتَحْلِفُ الْمَسْبُوقُ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ، قَالَ بَعْضُهُمْ أَوْ يَسْتَخْلِفُونَ هُمْ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ سَلَامُهُمْ قَبْلَهُ، وَكَذَا في المنصوص يستخلف من لم يدخل مع2 "هـ م" فَيَقْرَأُ الْحَمْدَ، لَا مَنْ ذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الْمَنْصُوصِ يَسْتَخْلِفُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَيَقْرَأُ الْحَمْدَ، انْتَهَى، قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ يَقْرَأُ الْحَمْدَ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ الْأَوَّلُ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ. وقال
الْحَدَثَ "م". وَمَنْ اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ اعْتَدَّ بِهِ الْمَأْمُومُ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَسْبُوقًا فِي الرُّكُوعِ لَغَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ استخلفه فيه أو بعده قرأ لنفسه وانتظره1 الْمَأْمُومُ ثُمَّ رَكَعَ وَلَحِقَ الْمَأْمُومُ. وَلَوْ أَدَّى إمَامٌ جُزْءًا مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ حَدَثِهِ بِأَنْ أحدث رَاكِعًا فَرَفَعَ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، أَوْ سَاجِدًا فَرَفَعَ وَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ إنْ قُلْنَا يَبْنِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَبْطُلُ، وَلَوْ لَمْ يُرِدْ أَدَاءَ رُكْنٍ "هـ ر" وَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَصَلَّوْا وُحْدَانًا صَحَّ "م" وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا طُعِنَ صلى الناس وحدانا2. ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضُ الْأَصْحَابِ: لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَةِ مَا فَاتَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ سِرًّا، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ به المصنف هنا، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يَقْرَأُ مَا فَاتَهُ مِنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ، ثُمَّ يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْأَوَّلِ جَهْرًا إنْ كَانَتْ صَلَاةَ جَهْرٍ. وَقَالَ عَنْ الْمَنْصُوصِ: لَا وَجْهَ لَهُ عِنْدِي إلَّا أَنْ نَقُولَ بِأَنَّ هَذِهِ الرَّكْعَةَ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهَا بِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَأْمُومًا بِحَالٍ. أَوْ نَقُولُ: إنَّ الْفَاتِحَةَ لَا تَتَعَيَّنُ فَيَسْقُطُ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ بِمَا يَقْرَأْهُ، انْتَهَى، وَمَا قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا قَوِيَ عِنْدَهُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ قَطَعَ بِهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ، وَلَا يَبْنِي عَلَى قِرَاءَةِ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَحَمَّلُ الْقِرَاءَةَ هُنَا، انْتَهَى، وَلَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفًا، أَوْ يَذْكُرَ تَأْوِيلَ الْمَنْصُوصِ، فَإِنَّهُ يَذْكُرُ مَا هُوَ أَضْعَفُ مِنْ هَذَا، والله أعلم.
وَإِنْ اسْتَخْلَفُوا لِأَنْفُسِهِمْ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ" إنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، لِأَنَّ خُلُوَّ مَكَانِ الْإِمَامِ عَنْ الْإِمَامِ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي، وَلِهَذَا مَذْهَبُهُ لَوْ كَانَ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا لَصَارَ إمَامَ نَفْسِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَلَا اسْتِخْلَافٍ، لِئَلَّا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ. وَإِذَا تَوَضَّأَ الْإِمَامُ دَخَلَ مَعَهُ فِي صَلَاتِهِ لِتَحَوُّلِ الْإِمَامَةِ إلَيْهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً فَالْأَصَحُّ فِي مَذْهَبِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَقَطْ، لِبَقَائِهِ بِلَا إمَامٍ. وَيَبْنِي الْخَلِيفَةُ عَلَى فِعْلِ الْأَوَّلِ، وَعَنْهُ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ إنْ شَاءَ. وَلَوْ قَامَ مَوْضِعَ جُلُوسِهِمْ فَظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرُهُ يَسْتَخْلِفُ أُمِّيًّا فِي تَشَهُّدٍ أَخِيرٍ، وَكَذَا الِاسْتِخْلَافُ لِمَرَضٍ، أَوْ خَوْفٍ، أَوْ حَصْرٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، أَوْ قَصْرٍ وَنَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَاحْتِلَامٍ، وَوَافَقْنَا "هـ" عَلَى الْحَصْرِ، وَخَالَفَ صَاحِبَاهُ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي إغْمَاءٍ، وَمَوْتٍ، وَمُتَيَمِّمٍ رَأَى مَاءً. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِلَا عُذْرٍ وَيُقَالُ: حَصِرَ يَحْصَرُ حَصْرًا، مِثْلُ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَبًا، وَهُوَ الْعِيُّ، وَالْحَصَرُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْضًا ضِيقُ الصَّدْرِ، وَحَصُرَ أَيْضًا بِمَعْنَى بَخِلَ، وَكُلُّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حُصِرَ عَنْهُ، وَلِهَذَا قِيلَ حُصِرَ فِي الْقِرَاءَةِ وَحُصِرَ عَنْ أهله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَأْتِي الِاسْتِخْلَافُ فِي جُمُعَةٍ1. وَلَوْ خَرَجَ يَظُنُّ مَا خَرَجَ مِنْهُ حَدَثًا فَلَمْ يَكُنْ فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَبْنِي، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَتَخْرُجُ لِخُرُوجِهِ لِإِصْلَاحِ صَلَاتِهِ، لَا لِرَفْضِهَا، كَمُتَيَمِّمٍ رَأَى سرابا ظنه ماء، وَهَلْ خَوْفُ سَبْقِ حَدَثٍ كَسَبْقِهِ فِي الْبِنَاءِ؟ يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ "م 8". وَفِي صِحَّةِ إمَامَةِ مَسْبُوقٍ لِآخَرَ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا، أَوْ مُقِيمٍ بِمِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ وَجْهَانِ "م 9" بناء على الاستخلاف، وعنه لا يصح هنا، اختاره صاحب المحرر "وهـ ق" وَبِلَا عُذْرِ السَّبَقِ كَاسْتِخْلَافِ إمَامِ بِلَا عُذْرٍ. وَلَيْسَ لِأَحَدِ مَسْبُوقَيْنِ بِرَكْعَةٍ فِي جُمُعَةٍ صَلَاةُ الْأُخْرَى جَمَاعَةً، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، لِأَنَّهَا إذَا أُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّةً لَمْ تُقَمْ فِيهِ ثانية والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ وَهَلْ خَوْفُ سَبْقِ حَدَثٍ كَسَبْقِهِ فِي الْبِنَاءِ، يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ، يَعْنِي إذَا لَمْ يُحْدِثْ وَلَكِنْ خَافَ سَبَقَهُ هَلْ يَكُونُ فِي الْبِنَاءِ كَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ أَمْ لَا؟ وَجَّهَ الْمُصَنِّفُ خِلَافًا؟ قُلْت: جَوَازُ الْبِنَاءِ هُنَا أَقْرَبُ مِمَّنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 9-10: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ إمَامَةِ مَسْبُوقٍ لِآخَرَ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا، وَمُقِيمٍ بِمِثْلِهِ إذَا سَلَّمَ إمَامٌ مُسَافِرٌ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، انْتَهَى، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-9: إمَامَةُ مَسْبُوقٍ بِمِثْلِهِ فِي قَضَاءِ مَا فَاتَهُمَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ، مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ عُلِمَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّيْخِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنِ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ لِبِنَائِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِخْلَافِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الِاسْتِخْلَافِ، فَكَذَا هُنَا، وَجَزَمَ هُنَا بِالْجَوَازِ صَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَغَيْرِهِمْ: قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، هَذَا ظَاهِرُ رِوَايَةِ مَهَنَّا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ، قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ هُنَا، وإن جوزنا الاستخلاف، اختاره المجد في شرح الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10: لَوْ أَمَّ مُقِيمٌ مِثْلَهُ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ جَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ كَاَلَّتِي قَبْلهَا حُكْمًا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَكَذَا فِي هَذِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَدْ صَحَّحْت ولله الحمد.
باب صفة الصلاة
باب صفة الصلاة مدخل ... بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ يُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ إلَيْهَا بِسَكِينَةٍ، وَوَقَارٍ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 زَادَ مُسْلِمٌ2 "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا كَانَ يَعْمِدُ إلَى الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ" وَيُقَارِبُ خُطَاهُ، وَيَقُولُ مَا وَرَدَ3، وَلَا يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ، وَإِنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ لَمْ يَسْعَ إلَيْهَا، ذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَنَصُّهُ لَا بَأْسَ بِهِ يَسِيرًا إنْ رَجَا التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَهُمْ مُخْتَلِفُونَ. وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ، وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك"، وَيَقُولُهُ إذَا خَرَجَ، إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ "أَبْوَابَ فَضْلِك" 4. نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ: يَتَعَوَّذُ إذَا خَرَجَ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَجُنُودِهِ لِلْخَبَرِ5، ثُمَّ يُسَوِّي الْإِمَامُ الصُّفُوفَ بِالْمَنَاكِبِ وَالْأَكْعُبِ، وَيُكْمِلُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَيَتَرَاصُّونَ، وَيَمِينُهُ وَالصَّفُّ الْأَوَّلُ لِلرِّجَالِ أَفْضَلُ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَلَهُ ثَوَابُ مَنْ وَرَاءَهُ مَا اتصلت الصفوف لاقتدائهم به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَكُلَّمَا قَرَّبَ مِنْهُ أَفْضَلُ، وَقَرَّبَ الْأَفْضَلَ وَالصَّفَّ مِنْهُ. وَلِلْأَفْضَلِ تَأْخِيرُ الْمَفْضُولِ، وَالصَّلَاةُ مَكَانَهُ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، لِأَنَّ أُبَيًّا نَحَّى قَيْسَ بن عباد1، وَقَامَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: يَا بُنَيَّ لَا يَسُؤْك اللَّهُ، فَإِنِّي لَمْ آتِك الَّذِي أَتَيْت بِجَهَالَةٍ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا: "كُونُوا فِي الصَّفِّ الَّذِي يَلِينِي" وَإِنِّي نَظَرْت فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ فَعَرَفْتُهُمْ غَيْرَك، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ2، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُنَحِّيه مِنْ مَكَانِهِ فَهُوَ رَأْيُ صَحَابِيٍّ، مَعَ أَنَّهُ فِي الصَّحَابَةِ مَعَ التَّابِعِينَ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: فِي الْإِيثَارِ بِمَكَانِهِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ "م 1" وَيَأْتِي في الجنائز3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْمَفْضُولِ وَالصَّلَاةِ مَكَانَهُ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: فِي الْإِيثَارِ بِمَكَانِهِ، وَفِيمَنْ سَبَقَ إلَى مَكَان لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، انْتَهَى. ظَاهِرُ كَلَامِهِ: تَقْوِيَةُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْجَوَازِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَطَعَ بِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: يُؤَخِّرُ الصِّبْيَانَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّمَانِينَ. وَقَالَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ فِعْلَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَعَ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ، انْتَهَى، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي النُّكَتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ هَلْ يُؤَخَّرُ الْمَفْضُولُ بحضور الفاضل، أو لا
وَخَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَالنِّسَاءُ بِالْعَكْسِ1، وَأَمَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَأْخِيرِهِنَّ، فَلِهَذَا تُكْرَهُ صَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ امْرَأَةٌ تُصَلِّي، وَإِلَّا فلا، نص عليه وكرهه "م" إلَّا أَنْ تَكُونَ مَحْرَمًا لَهُ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي صَلَاةِ مَنْ يَلِيَهَا. وَظَاهِرُ مَا حَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: أَنَّ تَقَدُّمَهُ أفضل. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQأو يُؤَخَّرُ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْجِنْسِ وَالْأَجْنَاسِ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْجَنَائِزِ، وَمَسْأَلَةِ الصَّلَاةِ، فِيهِ أقوال. انتهى
وَصِيَّةٍ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لِوَلَدِهِ أَقْصِدُ وَرَاءَ الْإِمَامِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ بَعْدَ يَمِينِهِ لَيْسَ أَفْضَلَ من قرب يَسَارِهِ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي كَرَاهَةِ تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِقَادِرٍ وَجْهَانِ "م 2" وَهُوَ مَا يَقْطَعُهُ الْمِنْبَرُ "و" وَعَنْهُ: مَا يَلِيه، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُحَافِظُ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِنْ فَاتَتْهُ رَكْعَةٌ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ يسرع إلى الأولى1 لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ إذَا لَمْ تَفُتْهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، وَإِلَّا حَافَظَ عَلَيْهَا فَيُسْرِعُ2 لَهَا. وَيَتَوَجَّهُ لِخَبَرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ فَقَالَ: "لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ": فَيُحْتَمَل أَنَّهُ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَيُحْتَمَلُ لَا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا3، وَتَمَامُ الشَّيْءِ يَكُونُ وَاجِبًا، وَمُسْتَحَبًّا "م 3"، لكن قد يدل على حقيقة الصَّلَاةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِقَادِرٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ، هَذَا الْمَشْهُورُ، وَهُوَ أَوْلَى، انْتَهَى، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، فَإِنَّهُ قَالَ لَا يُكْرَهُ تَطَوَّعُ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْمَكْتُوبَةِ، وَقَاسَهُ عَلَى تَرْكِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلْمَأْمُومِينَ، قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: ثُمَّ يُسَوِّي الْإِمَامُ الصُّفُوفَ، وَيَتَوَجَّهُ يَجِبُ تَسْوِيَةُ الصُّفُوفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَ الصِّحَّةَ، وَيُحْتَمَلُ لَا، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ" 3. وَتَمَامُ الشَّيْءِ يكون
بِدُونِهِ، وَكَالْجَمَاعَةِ، لَكِنْ رَوَى الْبُخَارِيُّ1: أَنَّ أَنَسًا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: مَا أَنْكَرْت شَيْئًا إلَّا أنكم لا تقيمون الصفوف، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ2: إثْمَ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصُّفُوفَ، وَمَنْ ذَكَرَ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فَمُرَادُهُ ثُبُوتُ اسْتِحْبَابِهِ، لَا نَفْيُ وُجُوبِهِ. وَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِقَوْلِهِ قَائِمًا فِي فَرْضٍ: اللَّهُ أَكْبَرُ. مرتبا "وم" لَا اللَّهُ الْأَكْبَرُ "ش" أَوْ اللَّهُ جَلِيلٌ، وَنَحْوُهُ "هـ" وَلَوْ زَادَ أَكْبَرُ "ش" وَاَللَّهُ أَقْبُرُ بِالْقَافِ "هـ" قَالُوا: لِأَنَّ الْعَرَبَ تُبَدِّلُ الْكَافَ بِهَا، وَلَا اللَّهُ، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَذَانَ لِيَحْصُلَ الْإِعْلَامُ، وَقَوْلُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، لِأَنَّهُ سُؤَالٌ، وَكَذَا اللَّهُمَّ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ يَا اللَّهُ أَمِّنَّا بِخَيْرٍ، وَتَصِحُّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَا اللَّهُ، وَالْمِيمُ الْمُشَدَّدَةُ بَدَلٌ عَنْ حَرْفِ النِّدَاءِ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ فِي اللَّهُ أَكْبَرُ وَالْكَبِيرُ، أَوْ التَّنْكِيسُ، وَفِي التَّعْلِيقِ أَكْبَرُ كَالْكَبِيرِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ أَبْلُغَ إذَا قِيلَ: أَكْبَرُ مِنْ كَذَا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ كَذَا قَالَ، وَإِنْ تَمَّمَهُ رَاكِعًا أَوْ أَتَى بِهِ فِيهِ، أَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا، أَوْ أَتَمَّهُ قَائِمًا انْعَقَدَتْ فِي الْأَصَحِّ نَفْلًا، وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ إنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي نَفْلٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَلَا تَنْعَقِدُ إنْ مَدَّ هَمْزَةَ اللَّهِ، أَوْ أَكْبَرَ، أَوْ قَالَ "أَكِبَارُ" "و" وَلَا يَضُرُّ لَوْ خَلَّلَ الْأَلِفَ بَيْنَ اللَّامِ وَالْهَاءِ، لِأَنَّهُ إشْبَاعٌ، وحذفها أولى، لأنه يكره تمطيطه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا، انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ وَعَلَى هَذَا فَفِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهِ مَحَلُّ نَظَرٍ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يذكر هذا التفريع غير المصنف.
وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ. قِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ "م 4" ويتعلمه من جهله، فقيل فِيمَا قَرُبَ، وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَادِيَ قَصْدُ الْبَلَدِ "م هـ" وَإِنْ عَلِمَ بَعْضَهُ أَتَى بِهِ وَإِنْ عَجَزَ أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ كَبَّرَ بِلُغَتِهِ، وعنه لا "وم" كَقَادِرٍ "هـ" فَيُحْرِمُ بِقَلْبِهِ، وَقِيلَ: يَجِبُ تَحْرِيكُ لسانه "وش" ومثله أخرس ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ عَلَى التَّكْبِيرِ قِيلَ تَجُوزُ، وَقِيلَ تُكْرَهُ، انْتَهَى وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ، أَوْ وَأَعْظَمُ وَنَحْوُهُ. أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ جَازَ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَمْ يُسْتَحَبَّ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: لَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُسْتَحَبَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فَكَلَامُهُمْ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَوْ قَالَ ذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَرَاهَةً وَلَا غَيْرَهَا. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّمُهُ مَنْ جَهِلَهُ قِيلَ فِيمَا قَرُبَ، وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَادِيَ قَصْدُ الْبَلَدِ، انْتَهَى، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ جَهِلَهُ تَعَلَّمَهُ فِي مَكَانِهِ، أَوْ فِيمَا قَرُبَ مِنْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَادِيَةِ لَزِمَهُ قَصْدُ الْبَلَدِ لِتَعَلُّمِهِ، انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذَا لُزُومُ التَّعَلُّمِ مُطْلَقًا، قُلْت ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُعَلِّمُهُ قصد البلد، والله أعلم.
وَيُسْتَحَبُّ جَهْرُ إمَامٍ بِهِ، بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ، وَأَدْنَاهُ سَمَاعُ غَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ جَهْرُ غَيْرِهِ بِهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِحَاجَةٍ، وَلَوْ بِلَا إذْنِ إمَامٍ "و" بَلْ يُسْتَحَبُّ بِهِ وَبِالتَّحْمِيدِ، لَا بِالتَّسْمِيعِ، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي دَلِيلًا لِعُلُوِّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ لِلتَّعْلِيمِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، كَإِسْمَاعِ أَبِي بَكْرٍ تَكْبِيرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ1، وَيُتَوَجَّهُ فِي ذَلِكَ الرِّوَايَةُ فِي خِطَابِ آدَمِيٍّ بِهِ، لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ خَاطَبَ آدَمِيًّا، وَفِي التَّعْلِيقِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فالوجه وجوب الإسرار، وقاله بعض المالكية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ رُكْنٌ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَمَعَ عُذْرٍ بِحَيْثُ يَحْصُلُ السَّمَاعُ مَعَ عَدَمِهِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الِاكْتِفَاءَ بِالْحُرُوفِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْهَا، وَذَكَرَهُ وجها "وم" وَكَذَا ذُكِرَ وَاجِبٌ، وَالْمُرَادُ إلَّا أَنَّ الْأَمَامَ يُسِرُّ التَّحْمِيدَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي. وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِ شَيْخِنَا، وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا سَمَاعَ مَنْ بِقُرْبِهِ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ، كُلَّمَا تَعَلَّقَ بِالنُّطْقِ، كَطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَسَبَقَ فِي قِرَاءَةِ الْجُنُبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ تَرْجَمَ عَنْ مُسْتَحِبٍّ بَطَلَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُحْسِنْهُ أَتَى بِهِ، "وش". وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ "و" نَدْبًا. نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ إحْدَاهُمَا عَجْزًا مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ، "وش" وَيُنْهِيَهُ مَعَهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يَرْفَعُهُمَا قَبْلَهُ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بَعْدَهُ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا حَطَّهُمَا بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ يَنْفِي الْكِبْرِيَاءَ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ، وَبِالتَّكْبِيرِ يُثْبِتُهَا لِلَّهِ، وَالنَّفْيُ مُقَدَّمٌ، كَكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَلَا يَرْفَعُهُمَا مَعَهُ، ثُمَّ يَحُطُّهُمَا بَعْدَهُ "ش". وَيَجْعَلُ أَصَابِعَهُمَا مَضْمُومَةً، وَعَنْهُ مُفَرَّقَةً "وش" مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهِمَا الْقِبْلَةَ "وش" وَقِيلَ: قَائِمَةً حَالَ الرَّفْعِ وَالْحَطِّ "وم ر" وَيَجْعَلُ رُءُوسَهُمَا إلَى مَنْكِبَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وم ش" وَعَنْهُ إلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ "وهـ" وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، وَهِيَ أَشْهُرُ، وَعَنْهُ إلَى صَدْرِهِ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ يُجَاوِزُ بِهَا أُذُنَيْهِ، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ1. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: يَجْعَلُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِبْهَامَيْهِ عِنْدَ شَحْمَةِ أُذُنَيْهِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ، وَأَنَّ الْيَدَ إذَا أُطْلِقَتْ اقْتَضَتْ الْكَفَّ، وَأَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إلَى هَذَا الْجَمْعِ، وَهُوَ تَحْقِيقُ مَذْهَبِ "ش" وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَكْشُوفَتَانِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ هُنَا وَفِي الدُّعَاءِ، وَرَفْعُهُمَا إشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، كَمَا أَنَّ السَّبَّابَةَ إشَارَةٌ إلَى الْوَحْدَانِيَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ. وَيَرْفَعُ لِعُذْرٍ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، وَيُسْقِطُ بِفَرَاغِ التَّكْبِيرِ كُلِّهِ، ثُمَّ يَجْمَعُ الْيُمْنَى عَلَى كُوعِ الْيُسْرَى "م" نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ بَعْضُهَا عَلَى الْكَفِّ، وَبَعْضُهَا عَلَى الذِّرَاعِ، لَا بَطْنُهَا عَلَى ظَاهِرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى "هـ" وَجَزَمَ بِمِثْلِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَزَادَ الرُّسْغَ وَالسَّاعِدَ، وَقَالَ: وَيَقْبِضُ بِأَصَابِعِهِ عَلَى الرُّسْغِ، وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ، وَمَعْنَاهُ ذُلٌّ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ عَزَّ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الرَّقِّيُّ2. تَحْت سُرَّتِهِ "وهـ" قِيلَ لِلْقَاضِي: هُوَ عَوْرَةٌ فَلَا يَضَعُهَا عَلَيْهِ كَالْعَانَةِ وَالْفَخِذِ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَوْرَةَ أَوْلَى وَأَبْلَغُ بِالْوَضْعِ عَلَيْهِ، لِحِفْظِهِ، ثُمَّ يُقَابِلُهُ بِقِيَاسٍ سَبَقَ، وَعَنْهُ تَحْتَ صَدْرِهِ "وم ش" وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ3 وَالْمُحَرَّرِ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَوْ يرسلهما، وعنه: نفلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ وَضْعُهُمَا عَلَى صَدْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ1 مَعَ أَنَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ2. وَيَنْظُرُ مَحَلَّ سُجُودِهِ لَا أَمَامَهُ "م" أَطْلَقَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ، قَالَ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ: إلَّا حَالَ إشَارَتِهِ بِالتَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى سَبَّابَتِهِ، لِخَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ3 وَفِي الْغُنْيَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ إلْصَاقُ الْحَنَكِ بِالصَّدْرِ، وَعَلَى الثَّوْبِ، وَأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ الْعُلَمَاءَ مِنْ الصَّحَابَةِ كَرِهَتْهُ. ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ "م" سِرًّا "و" "بِسُبْحَانِك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك"4 "وهـ" نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَ قَوْلَ عُمَرَ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ، وَبِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وُجُوهٍ لَيْسَتْ بِذَاكَ، وَقَالَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ إنَّمَا هِيَ عِنْدِي فِي التَّطَوُّعِ وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} [الطور:48] يَعْنِي إلَى الصَّلَاةِ، فَمَنَعَ غَيْرُهُ مِنْ الْإِذْكَارِ وَمَعْنَى الْوَاوِ وَبِحَمْدِك سَبَّحْتُك. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تَنْوِينُ إلَهٍ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ حَرْفٍ. وَلَيْسَ: وَجَّهْت وَجْهِي، وَالْآيَةُ بَعْدَهَا أَفْضَلُ" "ش" لِخَبَرِ عَلِيٍّ5 كُلِّهِ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ قَوْلَ مَا فِي خَبَرِ عَلِيٍّ، وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَشَيْخُنَا جَمَعَهُمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجُوزُ بِمَا وَرَدَ نَصٌّ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَقُولُ "وَجَّهْت وَجْهِي" إلَى آخِرِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِخَبَرِ عَلِيٍّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ، وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ: تَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا؟ قَالَ لَا. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: الْأَفْضَلُ أَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ نَوْعٍ أَحْيَانَا، وَكَذَا قَالَهُ فِي أَنْوَاعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ لِمَنْ انْتِفَاعُهُ بِهِ أَتَمُّ. ثُمَّ يَتَعَوَّذُ "م" سِرًّا "و" أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ "و" وَكَيْفُ تَعَوَّذَ فَحَسَنٌ، وَلَيْسَا وَاجِبَيْنِ. نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَعَنْهُ بَلَى، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَعَنْهُ: التَّعَوُّذُ، وَيَسْقُطَانِ بِفَوَاتِ مَحِلِّهِمَا، وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا التَّعَوُّذَ أَوَّلَ كُلِّ قُرْبَةٍ. ثُمَّ يَقْرَأُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1] "م" سِرًّا "وهـ" وَعَنْهُ جَهْرًا "وش" وَعَنْهُ بِالْمَدِينَةِ، وَعَنْهُ يَجْهَرُ فِي نَفْلٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجْهَرُ بِهَا وَبِالتَّعَوُّذِ وَبِالْفَاتِحَةِ فِي الْجِنَازَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ أَحْيَانًا، فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ تَعْلِيمًا لِلسُّنَّةِ، وَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلتَّأْلِيفِ، كَمَا اسْتَحَبَّ أَحْمَدُ تَرْكَ الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ تَأْلِيفًا لِلْمَأْمُومِ. وَيُخَيَّرُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْجَهْرِ بِهَا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ الْقَاضِي: كَالْقِرَاءَةِ وَالتَّعَوُّذِ، وَعَنْهُ يَجْهَرُ، وَعَنْهُ لَا. وَلَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى الْأَصَحِّ "وهـ م" كَغَيْرِهَا "ق" وَذَكَرَهُ الْقَاضِي "ع" سَابِقًا وَهِيَ قُرْآنٌ عَلَى الْأَصَحِّ "م" آيَةٌ مِنْهُ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا الْمُصْحَفِ. وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ فِي النَّمْلِ "عِ" فَلِهَذَا نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ لَا تُكْتَبُ أَمَامَ الشِّعْرِ، وَلَا مَعَهُ، وَذَكَرَ عَنْ الشَّعْبِيِّ إنَّهُمْ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ، قَالَ الْقَاضِي وَلِأَنَّهُ يَشُوبُهُ الْكَذِبُ، وَالْهَجْوُ غَالِبًا، وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ1: أَنَّهُ كَرِهَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَالزُّهْرِيُّ، وَأَجَازَهُ النَّخَعِيُّ، وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَتُكْتَبُ أَوَائِلَ الْكُتُبِ كَمَا كَتَبَهَا سُلَيْمَانُ، وَكَتَبَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلح الحديبية2، وإلى قيصر3, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرِهِ. فَتُذْكَرُ فِي ابْتِدَاءِ جَمِيعِ الْأَفْعَالِ، وَعِنْدَ دُخُولِ الْمَنْزِلِ، وَالْخُرُوجِ، لِلْبَرَكَةِ، وَهِيَ تَطْرُدُ الشَّيْطَانَ، وَإِنَّمَا اسْتَحَبَّ إذَا ابْتَدَأَ فِعْلًا تَبَعًا لِغَيْرِهَا لَا مُسْتَقِلَّةً، فَلَمْ تُجْعَلْ كَالْحَمْدَلَةِ، وَالْهَيْلَلَةِ وَنَحْوِهِمَا.
فصل: ثم يقرأ الفاتحة
فَصْلٌ: ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَهِيَ رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ "وم ش" وَعَنْهُ: فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَعَنْهُ تَكْفِي آيَةٌ مِنْ غَيْرِهَا "وهـ" وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصُرَتْ "وهـ" وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ كَلِمَةً، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ، لَا بَعْضَ آيَةٍ طَوِيلَةٍ "هـ" وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ يَكْفِي آيَةٌ طَوِيلَةٌ، أَوْ ثَلَاثٌ قِصَارٌ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةَ سَبْعٍ، وَعَنْهُ مَا تَيَسَّرَ، وَعَنْهُ لَا تَجِبُ قِرَاءَةٌ فِي غَيْرِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَالْفَجْرِ "وهـ" فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ شَاءَ سَبَّحَ، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ مَعَ أَنَّ مَذْهَبَ "هـ" لَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُمْ، قَالَ أَصْحَابُهُ كَأَنَّ قِرَاءَةَ الْأَوَّلِيَّيْنِ مَوْجُودَةً فِي الْأُخْرَيَيْنِ تَقْدِيرًا، وَالشَّيْءُ إنَّمَا يَثْبُتُ تَقْدِيرًا لَوْ أَمْكَنَ تَحْقِيقًا، وَالْأُمِّيُّ لِعَجْزِهِ لَا تَقْدِيرَ فِي حَقِّهِ، وَكَذَا لَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَهُ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَعَنْهُ إنْ نَسِيَهَا فِيهِمَا قَرَأَهَا فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، رَوَاهُ النَّجَّادُ1 بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ، زَادَ عَبْدُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَإِنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّلَاثِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ، وَاسْتَأْنَفَهَا، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَقْضِي الْفَاتِحَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، وَعِنْدَ أَكْثَرِهِمْ يَقْضِي السُّورَةَ فِيهِمَا، قِيلَ نَدْبًا، وَقِيلَ وُجُوبًا، ثُمَّ هَلْ يَجْهَرُ بِهَا أَمْ بِالسُّورَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ عَنْ "هـ". وَهِيَ أَفْضَلُ سُورَةٍ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ مَعْنَاهُ ابْنُ شهاب وغيره، قال عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّلَامُ فِيهَا: "أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيته" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى. وَآيَةُ الْكُرْسِيِّ أَعْظَمُ آيَةً، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ2 عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرَوَى أَحْمَدُ3 ذَلِكَ، فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ يَقُولُ بِهِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ4 وَغَيْرِهِ: "أَنَّهَا سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ"، وَقَالَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُ وَقَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: كَمَا نَطَقَتْ بِهِ النُّصُوصُ، وَلَكِنْ عَنْ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَقِلَّتِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْعِدَّةِ فِي النُّسَخِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} [البقرة:106] ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا مِنْ الْإِعْجَازِ أَكْثَرُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ5 فِي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:] "ثُلُثُ الْقُرْآنِ، وَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ" وَرَوَاهُ أَحْمَدُ6، قَالَ شَيْخُنَا: مَعَانِي الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ. تَوْحِيدٌ، وَقَصَصٌ، وَأَمْرٌ وَنَهْيٌ، وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مُضَمَّنَةٌ ثُلُثَ التَّوْحِيدِ، وَإِذَا قِيلَ ثَوَابُهَا يَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَمُعَادِلَةُ الشَّيْءِ لِلشَّيْءِ تَقْتَضِي تَسَاوِيهُمَا فِي الْقَدْرِ، لَا تَمَاثُلِهِمَا فِي الْوَصْفِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة:95] وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَغْنَى بِقِرَاءَتِهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَنْ قِرَاءَةِ سَائِرِ الْقُرْآنِ، لِحَاجَتِهِ إلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْقَصَصِ، كَمَا لَا يُسْتَغْنَى مَنْ مَلَكَ نَوْعًا مِنْ الْمَالِ شَرِيفًا عَنْ غَيْرِهِ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ قَرَأَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ" 1. فَلَمْ يَقُمْ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَأْخُذْ بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَأَنَّ ثَوَابَ قَارِئَهَا ثَوَابُ مَنْ قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَفَاضَلَ، وَالْجَمِيعُ صِفَةٌ لِلَّهِ، وَيَكُونُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِي قِرَاءَتِهِ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ إِسْحَاقُ، وَكَذَا قَالَ: وَلَا تَحْتَمِلُ الرِّوَايَةُ مَا قَالَهُ، فَأَيْنَ ظَاهِرُهَا؟ وَلَا يُعْرَفُ فِي الْمَذْهَبِ قَبْلَ الْقَاضِي كَمَا لَا يُعْرَفُ قَبْلَ الْأَشْعَرِيِّ2. وَفِي الْفَاتِحَةِ إحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيدَةً فَلَوْ تَرَكَ وَاحِدَةً ابْتَدَأَ "وش" وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ، لِأَنَّهُ صِفَةٌ فِي الْكَلِمَةِ يَبْقَى مَعْنَاهَا بِدُونِهِ كَالْحَرَكَةِ، ويقال قرأ الفاتحة، وقيل بتليينه. وَإِنْ قَطَعَهَا بِذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ سُكُوتٍ وَكَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ طَوِيلًا، وَقِيلَ أَوْ قَصِيرًا عَمْدًا، وَقِيلَ أَوْ لَا أو ترك ترتيبها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: عَمْدًا ابْتَدَأَ، لَا بِنِيَّةِ قَطْعِهَا، وَقِيلَ: وَلَمْ يَسْكُتْ. و {مَالِكِ} أَحَبُّ إلَى أَحْمَدَ مِنْ {مَلِكِ} وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ1: قَالَ ثَعْلَبٌ: "مَالِكِ" أَمْدَحُ مِنْ مَلِكِ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الِاسْمِ وَالصِّفَةِ. وَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ "و" يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ فِيمَا يجهر به "وش" قيل: بعده، وقيل: معه "م 6" "وش" وعنه ترك الجهر "وهـ م". والأولى المد، ويحرم تشديد الْمِيمِ، وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ أَتَى بِهِ الْمَأْمُومُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَإِذَا فَرَغَ قَالَ آمِينَ يَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ، وَالْمَأْمُومُ فِيهَا يَجْهَرُ بِهِ قِيلَ بَعْدَهُ، وَقِيلَ مَعَهُ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَقُولُهُ مَعَ الْإِمَامِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالْكَافِي3 وَالتَّلْخِيصِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِمَامِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ، على المقنع وتجريد العناية وغيرهم.
كَالتَّعَوُّذِ، وَيَجْهَرُ بِالتَّأْمِينِ لِيُذَكِّرَهُ، وَلَوْ أَسَرَّهُ الْإِمَامُ جَهَرَ بِهِ الْمَأْمُومُ. وَمَنْ قَرَأَ غَيْرُهُ لَمْ يُعِدْهُ، وَإِنْ قَالَ: آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ لَا يُسْتَحَبُّ، "ش" لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا قَالَ مَا سَمِعْت ذِكْرَهُ القاضي. وَيُسْتَحَبُّ سُكُوتُهُ بَعْدَهَا قَدْرَ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ "وش" وَعَنْهُ يَسْكُتُ قَبْلَهَا، وَعَنْهُ لَا يَسْكُتُ لِقِرَاءَةِ مَأْمُومٍ مُطْلَقًا "وهـ م" حَتَّى فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ يَحْرُمُ سُكُوتُهُ، لِأَنَّ السُّكُوتَ بِلَا قِرَاءَةٍ حَرَامٌ، حَتَّى لَوْ سَكَتَ طَوِيلًا سَاهِيًا لَزِمَهُ سُجُودُ السَّهْوِ. وَيَلْزَمُ الْجَاهِلَ تَعَلُّمُهَا، وَيَسْقُطُ بِضِيقِ الْوَقْتِ، وَقِيلَ: لَا، إلَّا أَنْ يُطَوِّلَ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: وَيَحْرُمُ بَذْلُ الْأُجْرَةِ وَأَخْذُهَا بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا فِي الْأُجْرَةِ عَلَى الْقُرَبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا} [البقرة:159] الْآيَةُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ إظْهَارِ عُلُومِ الدِّينِ مَنْصُوصَةً أَوْ مُسْتَنْبَطَةً، وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ لِوُجُوبِ فِعْلِهِ. وَيَقْرَأُ قَدْرَهَا فِي الْحُرُوفِ وَالْآيَاتِ، وَقِيلَ أَوْ أحدهما، وقيل: الآيات، وعنه تجزئ آيَةٌ، وَيُكَرِّرُ مَنْ عَرَفَ آيَةً بِقَدْرِهَا، وَعَنْهُ لَا يَجِبُ، وَقِيلَ: يَقْرَأُ الْآيَةَ وَشَيْئًا مِنْ غَيْرِهَا. وَمَنْ جَهِلَهُ حَرُمَ تَرْجَمَتُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ فِي الْمَنْصُوصِ "وم ش" كَعَالِمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"هـ" وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ، مَعَ أَنَّ عِنْدَهُمْ يُمْنَعُ مِنْ اعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ، وَكِتَابَةِ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا، لَا من فعله في آيتين قال: أَصْحَابُنَا: تَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُسَمَّى قُرْآنًا، فَلَا تَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ، وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَأُ. قَالَ أَحْمَدُ: الْقُرْآنُ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى. وَفِي بَعْضِ آيِهِ إعْجَازٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي كَلَامِهِ فِي التَّمْهِيدِ فِي النُّسَخِ وَكَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي لَا. وَهُوَ فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَالْآيَةُ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ: الْأَظْهَرُ فِي جَوَابِ أَحْمَدَ بَقَاءُ الْإِعْجَازِ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ بَلْ فِي الْمَعْنَى، فَقَالَ: الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْإِعْجَازَ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى أَشْيَاءُ: مِنْهَا أَنَّ الْمَعْنَى يُقَدَّرُ عَلَى مِثْلِهِ كُلُّ أَحَدٍ، يُبَيِّنُ صِحَّةَ هَذَا قَوْلُهُ: {قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} [هود:13] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ التَّحَدِّيَ بِأَلْفَاظِهَا وَلِأَنَّهُ قَالَ: {مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} ، وَالْكَذِبُ لَا يَكُونُ مِثْلَ الصِّدْقِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مِثْلُهُ فِي اللَّفْظِ وَالنَّظْمِ. قَالَ شَيْخُنَا: يَحْسُنُ لِلْحَاجَةِ تَرْجَمَتُهُ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَفَهُّمِهِ إيَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ هَذَا الْمَعْنَى، وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ بِالْقُرْآنِ دُونَ تِلْكَ اللُّغَةِ كَتَرْجَمَةِ الشَّهَادَةِ. وتلزمه الصلاة خلف قارئ في وجه "وم" وَقَالَهُ "هـ" إنْ صَادَفَهُ حَاضِرًا مُطَاوِعًا، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْأَشْهَرِ يَلْزَمُ غَيْرَ حَافِظٍ يَقْرَأُ مِنْ مصحف ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ، يَعْنِي: مَنْ لَا يُحْسِنُ الْفَاتِحَةَ الصَّلَاةُ خَلْفَ قَارِئٍ فِي وَجْهٍ، انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الإمامة والقول باللزوم جزم به الناظم.
"وش" وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ. وَيَلْزَمُهُ "وش" قَوْلُ: "سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ" وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لِخَبَرِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى1 وَلَمْ يَأْمُرْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالصَّلَاةِ خَلْفَ قَارِئٍ. وَعَنْهُ يُكَرِّرُهُ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي يَأْتِي بِالذِّكْرِ الْمَذْكُورِ، وَيَزِيدُ كَلِمَتَيْنِ مِنْ أَيِّ ذِكْرٍ شَاءَ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ، وَذَكَرَ ابْنُهُ فِي التَّبْصِرَةِ يُسَبِّحُ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَيَعْقُوبُ وَيُكَبِّرُ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وَيُهَلِّلُ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ وَيُهَلِّلُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ رِفَاعَةَ2، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ الْكُلَّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَلَا شَيْءَ مُعَيَّنٍ. وَإِنْ عَرَفَ بَعْضَهُ كَرَّرَهُ بِقَدْرِهِ وَإِلَّا وَقَفَ بِقَدْرِ الْقِرَاءَةِ "و" وَمَنْ صَلَّى وَتَلَقَّفَ الْقِرَاءَةَ مِنْ غيره صحت، ذكره في النوادر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ثم يقرأ البسملة
فَصْلٌ: ثُمَّ يَقْرَأُ الْبَسْمَلَةَ "هـ وم" فِي غَيْرِ رَمَضَانَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يَدَعُهَا، قِيلَ لَهُ: يَقْرَؤُهَا فِي بَعْضِ سُورَةٍ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، وَسُورَةٌ مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ فِي الْفَجْرِ، وَهُوَ مِنْ قَافٍ. وَفِي الْفُنُونِ مِنْ الْحُجُرَاتِ. وَفِي الْمَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ، وَفِي الْبَاقِي مِنْ الْوَسَطِ. وَعَنْهُ يَجِبُ بَعْدَهَا قِرَاءَةٌ "خ" فَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَعَلَى الْمُذْهَبِ تُكْرَهُ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ، وَيُسْتَحَبُّ سُورَةٌ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَجُوزُ آيَةٌ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ اسْتَحَبَّ كَوْنَهَا طَوِيلَةً. فَإِنَّهُ قَالَ: تُجْزِئُ مَعَ الْحَمْدِ آيَةٌ، مِثْلُ آيَةِ الدَّيْنِ، وَالْكُرْسِيِّ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ وَسُورَةٌ بَعْدَهَا، أَوْ ثَلَاثُ آيَاتٍ، عَمَلًا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، حَتَّى تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِمَا. وَلَا تَفْسُدُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَفِي الظُّهْرِ أَزْيَدُ مِنْ الْعَصْرِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي الْعَصْرِ نِصْفَ الظُّهْرِ، لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ1. وَإِنْ عَكَسَ بِلَا عُذْرٍ فَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ لَا، كَمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ وَنَحْوِهِمَا، وَاسْتَحَبَّهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ لِذَلِكَ، وَنَصُّهُ تُكْرَهُ الْقِصَارُ فِي الْفَجْرِ، لَا الطِّوَالُ فِي الْمَغْرِبِ "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: فَإِنْ عَكَسَ بِلَا عُذْرٍ، يَعْنِي أَوْ قَرَأَ فِي الْفَجْرِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَفِي الْمَغْرِبِ بِطِوَالِهِ فَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ لَا، وَنَصُّهُ تُكْرَهُ الْقِصَارُ فِي الْفَجْرِ، لَا الطِّوَالُ فِي الْمَغْرِبِ، انْتَهَى الْمَنْصُوصُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي الْفَجْرِ وَجَزَمُوا بِهِ في
وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ كَصَحِيحٍ وَحَاضِرٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْكَرَاهَةِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي اسْتِحْبَابِ الْقِصَارِ لِضَرُورَةٍ، وَإِلَّا تَوَسَّطَ، وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ: الظُّهْرُ كَالْفَجْرِ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَا يعتد بالسورة قبل الفاتحة. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَغْرِبِ، وَصَرَّحَ فِي الْوَاضِحِ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْمَغْرِبِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ: الْكَرَاهَةُ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْ أَعْيَانِ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيُّ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْأَمْرُ فِي هَذَا وَاسِعٌ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ أَحْيَانًا لَمْ يُكْرَهْ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وغيرهم.
وَلَهُ قِرَاءَةُ أَوَاخِرِ السُّوَرِ "م" وَأَوْسَاطِهَا. وَجَمْعُ سُورَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي الْفَرْضِ "وم ش" كَتَكْرَارِ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَتَفَرُّقِ سُورَةٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ1، مَعَ أَنَّهُ لَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى سُورَةٍ فِي رَكْعَةٍ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَدَلَّ أَنَّ فِي سُورَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى كَسُورَتَيْنِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ "وهـ" وَعَنْهُ الْمُدَاوَمَةُ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ جَمْعُ سُورَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فَرْضٍ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي جَمْعِ سُوَرٍ فِي فَرْضٍ: الْعَمَلُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ: لَا بَأْسَ. وَكَذَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَنَّهُ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ، وَأَنَّ عَكْسَهُ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَتَجُوزُ قِرَاءَةُ أَوَائِلِهَا "م" وقيل أواخرها أولى. وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ كُلِّ الْقُرْآنِ فِي فَرْضٍ لِعَدَمِ نَقْلِهِ وَلِلْإِطَالَةِ، وَعَنْهُ لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا تُكْرَهُ مُلَازَمَةُ سُورَةٍ مَعَ اعْتِقَادِ جَوَازِ غَيْرِهَا، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ لِعَدَمِ نقله. وتكره البسملة أول براءة2، وَالْفَصْلُ بِهَا بَيْنَ أَبْعَاضِ السُّوَرِ، وَيَحْرُمُ إنْ اعْتَقَدَهُ قُرْبَةً، نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ يَقْرَأُ الْعَشْرَ أَوْ السَّبْعَ يُبَسْمِلُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ كَمَا فِي الْمُصْحَفِ. وَيُكْرَهُ تنكيس السور "وش" في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَكْعَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ كَالْآيَاتِ "و": وَعَنْهُ: لَا. اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ لِلْأَخْبَارِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ "وم" فِي رَكْعَتَيْنِ، وَكَرِهَهُ فِي رَكْعَةٍ، وَفِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا تَرْتِيبُ الْآيَاتِ وَاجِبٌ، لِأَنَّ تَرْتِيبَهَا بِالنَّصِّ "ع"، وَتَرْتِيبُ السُّوَرِ بِالِاجْتِهَادِ، لَا بِالنَّصِّ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، قَالَ شَيْخُنَا: فَيَجُوزُ قِرَاءَةُ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ، وَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ، وَلِهَذَا تَنَوَّعَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابَتِهَا، لَكِنْ لَمَّا اتَّفَقُوا عَلَى الْمُصْحَفِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ صَارَ هَذَا مِمَّا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ1 عَلَى أَنَّ لَهُمْ سُنَّةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا، وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عَمَّنْ يَقْرَأُ أَوْ يَكْتُبُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ إلَى أَوَّلِهَا فَكَرِهَهُ شَدِيدًا. وَفِي التَّعْلِيقِ فِي أَنَّ الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ: مَوَاضِعُ الْآيِ كَالْآيِ أَنْفُسِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ رَامَ إزَالَةَ تَرْتِيبِهَا كَمَنْ رَامَ إسْقَاطِهَا، وإثبات الآي لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجُوزُ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ، كَذَلِكَ مَوَاضِعُهَا. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ تَنْكِيسَ الْآيَاتِ يُكْرَهُ "ع" لِأَنَّهُ مُظِنَّةُ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى، بِخِلَافِ السُّورَتَيْنِ، كَذَا قَالَ، فَيُقَالُ فَيَحْرُمُ لِلْمَظِنَّةِ، وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِخَوْفِ تَغْيِيرِ الْمَعْنَى، قَالَ: إلَّا مَا ارْتَبَطَتْ وَتَعَلَّقَتْ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ كَسُورَةِ الْفِيلِ مَعَ سُورَةِ قُرَيْشٍ عَلَى رَأْيٍ. فَحِينَئِذٍ يُكْرَهُ، وَلَا يَبْعُدُ تَحْرِيمُهُ عَمْدًا، لِأَنَّهُ تَغْيِيرُ لِمَوْضِعِ السُّورَةِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ1 عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ2 "أَنَّ رَجُلًا عِرَاقِيًّا جَاءَ عَائِشَةَ فَقَالَ: أَيُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ فَقَالَتْ: وَيْحَكَ، وَمَا يَضُرُّك؟ قَالَ: أَرِينِي مُصْحَفَك؛ قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ، قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّك أَيُّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ، إلَى أَنْ قَالَتْ: فَأَخْرَجْتُ لَهُ الْمُصْحَفَ فَأَمْلَيْت عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ. وَتَنْكِيسُ الْكَلِمَاتِ مُحَرَّمٌ مُبْطِلٌ "و" وَتَصِحُّ بِمَا وَافَقَ مُصْحَفَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "و" زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَشَرَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ إلَّا بِقِرَاءَةِ حَمْزَةَ، وَعَنْهُ وَالْكِسَائِيِّ، وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ غَيْرَهُمَا، وَعَنْهُ وَإِدْغَامُ أَبِي عَمْرٍو الْكَبِيرِ، وَحُكِيَ عَنْهُ يَحْرُمُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ قِرَاءَةَ حَمْزَةَ لِلْإِدْغَامِ الشَّدِيدِ، فَيَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ حَرْفٍ بِعَشْرِ حَسَنَاتٍ، وَالْإِمَالَةُ الشَّدِيدَةُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُنَادِي3 عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابت مرفوعا: "أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقُرْآنَ نَزَلَ بِالتَّفْخِيمِ" 1.وَلِكَرَاهَةِ السَّلَفِ. وَالْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي لُغَةِ قُرَيْشٍ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَظْهَرَ وَلَمْ يُدْغِمْ وَفَتَحَ وَلَمْ يُمِلْ فَلَا كَرَاهَةَ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْكَرَاهَةِ. وَاخْتَارَ قِرَاءَةَ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ2 عَنْهُ، لِأَنَّ إسْمَاعِيلَ قَرَأَ عَلَى شَيْبَةَ3 شَيْخِ نَافِعٍ. وَعَنْهُ قِرَاءَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ سَوَاءٌ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مَدٌّ وَلَا هَمْزٌ كَأَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ4، وَشَيْبَةَ، وَمُسْلِمٍ5، وَقَرَأَ نَافِعٌ عَلَيْهِمْ، وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ إلَّا قِرَاءَةَ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ المدني لأنه يهمز، ذكره القاضي, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ قِرَاءَةُ عَاصِمٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ1، وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ، وَأُبَيِّ بن كعب، وابن مسعود، وظاهركلام أَحْمَدَ: أَنَّهُ اخْتَارَهَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ2 عَنْهُ، لِأَنَّهُ أَضْبَطُ مَنْ أَخَذَهَا عَنْهُ مَعَ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَزُهْدٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ اخْتَارَ قِرَاءَةَ أَهْلِ الْحِجَازِ، قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا يَعُمُّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، وَقَالَ لَهُ الْمَيْمُونِيُّ: أَيُّ الْقِرَاءَاتِ تَخْتَارُ لِي فَأَقْرَأُ بِهَا؟ قَالَ: قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَالْفُصَحَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ. وَفِي الْمُذْهَبِ تُكْرَهُ قِرَاءَةُ مَا خَالَفَ عُرْفَ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ فِي قِرَاءَةٍ زِيَادَةُ حَرْفٍ مِثْلَ "فَازَ لَهُمَا فَازَا لَهُمَا وَوَصَّى وَأَوْصَى" فَهِيَ أَوْلَى لِأَجَلِ الْعَشْرِ حَسَنَاتٍ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَرْفَ الْكَلِمَةُ. وَتُكْرَهُ بِمَا خَالَفَ الْمُصْحَفَ وَصَحَّ سَنَدُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَتَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ، لِصَلَاةِ الصَّحَابَةِ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهَا أَنَصُّهُمَا، وَأَنَّ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ إنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ، وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ "و" وَأَنَّهُ يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ "م 8" وفي تعليق الأحكام به ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: وَيُكْرَهُ بِمَا خَالَفَ الْمُصْحَفَ، وَصَحَّ سَنَدُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ لِصَلَاةِ الصَّحَابَةِ بَعْضُهُمْ خَلْفَ بَعْضٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهَا أَنَصُّهُمَا، وَأَنَّ قَوْلَ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ إنَّ مُصْحَفَ عُثْمَانَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ، وَعَنْهُ أَنَّهَا لَا تصح، وأنه يَحْرُمُ لِعَدَمِ تَوَاتُرِهِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَالنَّظْمِ، وَظَاهِرُ شَرْحِ الْمَجْدِ إطلاق الخلاف أيضا:
الرِّوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا تَبْطُلُ وَلَا تُجْزِئُ عَنْ رُكْنِ الْقِرَاءَةِ. وَيَجْهَرُ الْإِمَامُ فِي الْفَجْرِ وَالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْعِشَاءَيْنِ "ع" وَيُخَيَّرُ الْمُنْفَرِدُ "وهـ" وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ "هـ" وَعَنْهُ يسن "وم ش" وَقِيلَ: يُكْرَهُ كَالْمَأْمُومِ "و" وَحُكِيَ فِيهِ قَوْلٌ. وَالْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ: تَجْهَرُ كَرَجُلٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ "م 9" قَالَ أَحْمَدُ: لا ترفع صوتها، قال القاضي: أطلق المنع. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ، وَيَصِحُّ إذَا صَحَّ سَنَدُهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْمَجْدِ. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَفِي تَعْلِيقِ الْأَحْكَامِ بِهِ الرِّوَايَتَانِ، يَعْنِي بِهِمَا هاتين، وقد علمت المذهب منهما. مَسْأَلَةٌ 9: وَالْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا أَجْنَبِيٌّ قِيلَ: تَجْهَرُ كَرَجُلٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا، قَالَ الْقَاضِي أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْمَنْعَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَجْهَرُ كَالرَّجُلِ إذَا لَمْ يسمع صوتها أجنبي، قلت وهو الصواب،
وَإِنْ أَسَرَّ بَنِي جَهَرَا، وَعَنْهُ: يَبْدَأُ، فَرَغَ من القراءة أم لا "وم ش" وَعَكْسُهُ يَبْنِي سِرًّا "و".وَإِنْ قَضَى صلاة جهر نهارا فقيل: يسر "وش" كصلاة سر وقيل: يجهر "وهـ م" كَاللَّيْلِ "م 10" "و" فِي جَمَاعَةٍ وَفِي المنفرد ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ، كَالرَّجُلِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَوَاخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، فَقَالَ وَتَجْهَرُ الْمَرْأَةُ فِي الْجَهْرِ مَعَ الْمَحَارِمِ وَالنِّسَاءِ. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، فَقَالَ: وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ إذَا كَانَ هُنَاكَ رِجَالٌ أَجَانِبُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهَا انْتَهَى، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، فَقَالَ عَنْ جَهْرِ الْمُنْفَرِدِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ كَالْمَرْأَةِ إذَا سَمِعَهَا أَجْنَبِيٌّ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَتَجْهَرُ فِي الصُّبْحِ، وَأُولَى الْعِشَاءَيْنِ، وَعَنْهُ وَالْمُنْفَرِدُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ الذَّكَرُ، قُلْت الْقَوْلُ بِالتَّحْرِيمِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ صَوْتَهَا أَجْنَبِيٌّ بَعِيدٌ جِدًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّمَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَجْهَرُ إنْ صَلَّتْ بِنِسَاءٍ، وَلَا تَجْهَرُ إنْ صَلَّتْ وَحْدَهَا انْتَهَى، قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِ صَوْتِهَا عَوْرَةً أَمْ لَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ، إذْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى صَلَاةَ جَهْرٍ نَهَارًا فَقِيلَ يُسِرُّ كَصَلَاةِ سِرٍّ، وَقِيلَ يَجْهَرُ كَاللَّيْلِ انْتَهَى: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْإِسْرَارُ، هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ إذَا صَلَّاهَا جَمَاعَةً.
الْخِلَافُ "م 11".قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ قَالَ مَعَ إمامه {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5] وَنَحْوُهُ كُرِهَ، وَإِنْ قَالَهُ وَهُوَ يَسْمَعُ بَطَلَتْ فِي وَجْهٍ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ وَأَبُو الْحَارِثِ إذَا قَرَأَ آيَةً فِيهَا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهَا مَنْ خَلْفَهُ، وَيُسِرُّونَ، وَكَذَا نَقَلَ الْكَحَّالُ، وَلَمْ يَذْكُرْ السِّرَّ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ، قِيلَ لِلْقَاضِي: كَانَ يَجِبُ أَنْ تَكْرَهُوا ذَلِكَ كَالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: هَذَا قَدْرٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ، وَقَدْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي الْحَثُّ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالتَّأْمِينِ، ثُمَّ احْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] قَالَ: سُبْحَانَك فَبَلَى1. وَبِأَنَّ عَلِيًّا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1] فقال: سبحان ربي الأعلى2. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجْهَرُ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْفَرِدِ الْخِلَافُ انْتَهَى، يَعْنِي بِهِ الَّذِي فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْأَقْوَالِ وَصَحَّحَ النَّاظِمُ الْإِسْرَارَ هُنَا أَيْضًا، وَقَطَعَ هُنَا بِالْخِبْرَةِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكَافِي5 وَإِنْ جَهَرَ فَلَا بَأْسَ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَيُسْتَحَبُّ الجهر للإمام فقط،
وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ إذَا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] هَلْ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، كَذَا وَجَدْته فِي الْجَامِعِ فَقَالَ: إنْ شَاءَ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَجْهَرُ بِهَا فِي الْمَكْتُوبَةِ وَغَيْرِهَا، وَتُفَارِقُ الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْإِنْصَاتُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِقِرَاءَةٍ يَسِيرَةٍ لَا تَمْنَعُ الْإِنْصَاتَ جَازَ. قَالَ الْقَاضِي: إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَكْرَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ يَعْنِي بِالتَّهْلِيلِ، قِيلَ لَهُ فَيَنْهَاهُمْ الْإِمَامُ؟ قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ، قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا قَالَ لَا يَنْهَاهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَهْرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَرُوِيَ عَنْهُ أنه كَانَ يُسْمِعُهُمْ الْآيَةَ بَعْدَ الْآيَةِ أَحْيَانًا فِي الظُّهْرِ1، وَالْجَهْرُ هُنَاكَ كَالْجَهْرِ هُنَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ مَوْضِعَ الْجَهْرِ وَقَدْ جَهَرَ بِالْيَسِيرِ، فَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ، وَجَهْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَجُوزُ أَنَّهُ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَسْرَارُ، وَأَنَّهُ سُنَّةٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَشْوِيشَ فِيهِ، وَلَا مَحْذُورَ، بِخِلَافِ جَهْرِ الْمَأْمُومِينَ، وَلِهَذَا كَرِهَ أَحْمَدُ جَهْرَهُمْ، وَجَهَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُكْرَهُ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَمِعَ، وَيُنْصِتَ، حَتَّى لَا يَشْتَغِلَ عِنْدَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ بِسُؤَالِ الْجَنَّةِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ، وَكَذَا عِنْدَهُمْ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إلَّا أَنْ يَقْرَأَ الْخَطِيبُ الْآيَةَ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَ سرا للأمر. ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونَ الْمُنْفَرِدِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّهُ لَا يَجْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَيَجُوزُ الْجَهْرُ لِلْمُنْفَرِدِ، وَعَنْهُ يُسَنُّ لَهُ أَيْضًا، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُكْرَهُ لَهُ ذلك. انتهى.
وَالْجَهْرُ وَالْإِخْفَاتُ سُنَّةٌ. وَقِيلَ: وَاجِبٌ، وَقِيلَ: الْإِخْفَاتُ. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد إذَا خَافَتَ فِيمَا يُجْهَرُ بِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ ثُمَّ ذَكَرَ يَبْتَدِئُ الْفَاتِحَةَ فَيَجْهَرُ، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى مَأْمُومٍ "وهـ م" أَيْ يَحْمِلُهَا الْإِمَامُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ. هَذَا الْمَعْنَى فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ يَجِبُ، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ نَقَلَ الْأَثْرَمُ لَا بُدَّ لِلْمَأْمُومِ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَعْرِفُ وُجُوبَهُ، حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ أَظْهَرُ "وش" وَقِيلَ فِي صَلَاةِ السِّرِّ، وَذَكَرَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد يَقْرَأُ خَلْفَهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ إذَا جَهَرَ، قَالَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تُجْزِئُ، وَهِيَ مستحبة بـ {الْحَمْدُ} وَغَيْرِهَا فِي صَلَاةِ السِّرِّ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي السَّكَتَاتِ لَا تُكْرَهْ "هـ" وَلَوْ لِنَفَسٍ، نَقَلَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ هَانِئٍ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا "ع" كَذَا قَالَ، وَقَالَ هَلْ الْأَفْضَلُ قِرَاءَتُهُ الْفَاتِحَةَ لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ اسْتَمَعَهَا؟ وَمُقْتَضَى نُصُوصِ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِغَيْرِهَا أَفْضَلُ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ قَرَأَ خَلْفَ إمَامِهِ إذَا فَرَغَ مِنْ الْفَاتِحَةِ يُؤَمِّنُ، قَالَ لَا أَدْرِي، مَا سَمِعْت، وَلَا أَرَى بَأْسًا، وَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَلَعَلَّ تَوَقُّفَهُ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ فِي تَعْلِيقِ التَّأْمِينِ بِتَأْمِينِ الْإِمَامِ وَقِرَاءَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ فِي جَهْرِهِ "وم" وَاسْتَحَبَّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْحَمْدِ، وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ الْإِمَامُ قَالَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عمران رواه مسلم1: "قد ظَنَنْت أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا" أَيْ نَازَعَنِيهَا، قَالَ وَهَذَا أَرَاهُ فِيمَا عَدَا الْفَاتِحَةَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ، قَالَ أَحْمَدُ لَا يَقْرَأُ. وَقَالَ أَيْضًا لَا يُعْجِبُنِي، وَقِيلَ وَتَبْطُلُ. وَإِنْ سَمِعَ هَمْهَمَةً وَلَمْ يَفْهَمْ لَمْ يَقْرَأْ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ بَلَى، اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا وَهِيَ أَظْهَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدٍ قَرَأَ فِي الْمَنْصُوصِ "م" وَلِطَرَشٍ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12" وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِفْتَاحُ، وَالتَّعَوُّذُ فِي صَلَاةِ الجهر كالسر, أم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَلِطَرَشٍ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يَقْرَأُ الْمَأْمُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ الْجَهْرِيَّةِ إذَا كَانَ لَا يَسْمَعُهُ لِطَرَشٍ أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، والمستوعب، والخلاصة، والمقنع1, والمحرر, وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَابْنِ مُنَجَّى، وَالنَّظْمِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَقْرَأُ إذَا كَانَ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يَشْغَلُ مَنْ إلَى جَنْبِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ قَرَأَ فِي الْأَقْيَسِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقْرَأُ فَيُكْرَهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى. تنبيه: منشأ الخلاف كون الإمض الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ فِي الْكَرَاهَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا، منهم أبو الخطاب في الهدايةام أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا أَدْرِي، فقال بعض الأصحاب يحتمل وجهين فبع، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَبَعْضُهُمْ خَصَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا شَوَّشَ عَلَى غَيْرِهِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَغَيْرُهُمَا، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْوَجْهَانِ إذَا كَانَ قَرِيبًا لَا يَمْنَعُهُ إلَّا الطَّرَشُ، فَإِنْ اجْتَمَعَ مَعَ الطَّرَشِ الْبُعْدُ قَرَأَ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، أَمَّا إنْ قُلْنَا لَا يَقْرَأُ الْبَعِيدُ الَّذِي لَا يَسْمَعُ فَهَذَا لَا يَقْرَأُ، قَوْلًا وَاحِدًا. انْتَهَى.
يُكْرَهَانِ؟ أَوْ إنْ سَمِعَهُ كُرِهَا، أَمْ يُكْرَهُ التعوذ "وهـ" فِيهِ رِوَايَاتٌ "م 13". وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنَّ قِرَاءَتَهُ وَقْتَ مُخَافَتَتِهِ أَفْضَلُ مِنْ اسْتِفْتَاحِهِ، وَغَلَّطَهُ شيخنا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِفْتَاحُ وَالتَّعَوُّذُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ كَالسِّرِّ أَمْ يُكْرَهَانِ، أَوْ إنْ سَمِعَهُ كُرِهَا، أَمْ يُكْرَهُ التَّعَوُّذُ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ، انْتَهَى. إحْدَاهُنَّ: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ، وَالِاسْتِعَاذَةُ مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهَانِ مُطْلَقًا، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ سَمِعَ الْإِمَامَ كُرِهَا، وَإِلَّا فَلَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ هَذَا أَصَحُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا يَسْتَعِيذُ مَعَ جَهْرِ إمَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي النُّكَتِ هَذَا الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ: يُسْتَحَبُّ الِاسْتِفْتَاحُ وَيُكْرَهُ التَّعَوُّذُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، فِي الْجَامِعِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَهُوَ الْأَقْوَى. "تَنْبِيهٌ" فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ ثَلَاثُ طُرُقٍ: الطَّرِيقَةُ الْأُولَى: الْخِلَافُ جَارٍ فِي حَالِ جَهْرِ الإمام وسكوته وهو ظاهر كلامه فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ لِكَوْنِهِمْ حَكَوْا الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقُوا ثُمَّ حَكَوْا رِوَايَةً بِالتَّفْرِقَةِ قُلْت، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ. الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُكُوتِ الْإِمَامِ، فَأَمَّا فِي حَالَةِ قِرَاءَتِهِ فَلَا يَسْتَفْتِحُ وَلَا
وَقَالَ: قَوْلَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ: الِاسْتِفْتَاحُ أَوْلَى، لِأَنَّ اسْتِمَاعَهُ بَدَلٌ عَنْ قِرَاءَتِهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: أَخْتَارُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْحَمْدِ أَوَّلَهَا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة:1] وَتَرْكَ الِافْتِتَاحِ، لِأَنَّهَا فَرِيضَةٌ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ صَلَاةِ الْعِيدِ: لَوْ أَدْرَكَ الْقِيَامَ رَتَّبَ الْأَذْكَارَ، فَلَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ جَمِيعِهَا بَدَأَ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ. وَمَنْ جَهِلَ مَا قَرَأَ بِهِ إمَامُهُ لَمْ يَضُرَّ، وَقِيلَ يُتِمُّهَا وَحْدَهُ، وَقِيلَ تَبْطُلُ، نَقَلَ ابْنُ أَصْرَمَ1: يعيد، فقال أبو إسحاق: لأنه لم يَدْرِ هَلْ قَرَأَ الْحَمْدَ أَمْ لَا؟ وَلَا مَانِعَ مِنْ السَّمَاعِ، وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ لِتَرْكِهِ الإنصات الواجب.
فصل: ثم يرفع يديه "وش" مع ابتداء الركوع مكبرا "و"
فصل: ثم يرفع يديه "وش" مَعَ ابْتِدَاءِ الرُّكُوعِ مُكَبِّرًا "و" وَعَنْهُ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ، وَيَرْكَعُ فَيَجْعَلُ يَدَيْهِ مُفَرَّجَةً أَصَابِعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ "و" وَرَأْسَهُ بِإِزَاءِ ظَهْرِهِ "و" وَيُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ "و" ويجزئه قدر يمكنه مس ركبتيه بيديه "وم" من الوسط أو قدره وقيل: في أقل منه احتمالان، وصرح ـــــــــــــــــــــــــــــQيَسْتَعِيذُ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: مَحَلُّ الْخِلَافِ يُخْتَصُّ حَالُ جَهْرِ الْإِمَامِ، وَسَمَاعِ الْمَأْمُومِ، دُونَ حَالَةِ سَكَتَاتِهِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، والخلاف، قال المجد: ذكر القاضي في ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 2/265. 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 4/314.
جَمَاعَةٌ يَكْفِيه. وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ "وش". وَيَتَعَيَّنُ: "سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ" "م" مَرَّةً، وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ: وَبِحَمْدِهِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَأَدْنَى الْكَمَالِ ثَلَاثٌ، وَالْكَمَالُ لِلْمُنْفَرِدِ قِيلَ: الْعُرْفُ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا، وَقِيلَ: بِقَدْرِ قِيَامِهِ "م 14" وللإمام إلى عشر، وقيل ثلاث، ما لم يؤثر مأموم. وَقِيلَ: مَا لَمْ يَشُقَّ، وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ قَدْرُ قِرَاءَتِهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: خَمْسٌ، لِيُدْرِكَ الْمَأْمُومُ ثَلَاثًا. وَلَوْ انْحَنَى لِتُنَاوِل شَيْءٍ وَلَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الركوع لم يجزئه، جَعَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِيمَا إذَا قَصَدَ بِغَسْلِ عُضْوٍ غَيْرَ الطَّهَارَةِ مَعَ بَقَاءِ نيته حكما "وم" وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيِّينَ وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ نَوَى التَّبَرُّدَ وَلَمْ يَقْطَعْ نِيَّةَ الْوُضُوءِ صَحَّ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فيما إذا طاف يقصد غريما1. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّ النِّزَاعَ فِي حَالَةِ الْجَهْرِ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِمَاعِ يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْقِرَاءَةِ بِخِلَافِ الِاسْتِفْتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ، وَقَطَعَ بِهِ في المحرر وغيره كما تقدم. مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَالْكَمَالُ فِي الْمُنْفَرِدِ2 يَعْنِي فِي قَوْلِهِ: سُبْحَانُ رَبِّي الْعَظِيمِ، قِيلَ: الْعُرْفُ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا، وَقِيلَ: بِقَدْرِ قِيَامِهِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا الْكَمَالُ فِي حَقِّهِ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ الصَّلَاةِ، فَإِنْ أَطَالَ فِي الْقِيَامِ أَطَالَ فِي الرُّكُوعِ بِحَسَبِهِ، وَإِنْ قَصَّرَ قَصَّرَ فِيهِ بِحَسَبِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ لَا حَدَّ لِغَايَتِهِ مَا لَمْ يَخَفْ سَهْوًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وجزم به في المستوعب، وقدمه الزركشي
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلًا: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمده مرتبا وجوبا، ويرفع يديه " وش" فعنه مع رأسه "وش" وَعَنْهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ رَفْعِهِ شَيْئًا "م 15" وَمَعْنَى سَمِعَ هُنَا أَجَابَ. فَإِذَا قَامَ قَالَ: "رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا شِئْت مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ1" "وش" أَيْ حَمْدًا لَوْ كَانَ أَجْسَامًا لَمَلَأَ ذَلِكَ، وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ2: "وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا" وَالْأَوَّلُ أَشْهُرُ في الأخبار، واقتصر عليه الإمام أحمد والأصحاب، والمعروف في الأخبار "السموات" وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، وَنَسَبَهُ الْمَجْدُ إلَى غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ الْكَمَالُ فِي حَقِّهِ سَبْعٌ، قَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ، وَقِيلَ عَشْرٌ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ ثُمَّ يَرْفَعُ قَائِلًا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، مُرَتِّبًا وُجُوبًا وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فَعَنْهُ مَعَ رَأْسِهِ، وَعَنْهُ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ رَفْعِهِ شَيْئًا، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5، وَالشَّرْحِ6، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ:
كَلَامِ أَحْمَدَ وَبَعْضِ الْأَصْحَابِ "السَّمَاءِ" وَفَعَلَهُ عَلَيْهِ السلام رَوَاهُ أَحْمَدُ1 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ مَاجَهْ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي جُحَيْفَةَ3، وفيه ضعف. لا أن يسمع فقط "هـ م" وكذا المنفرد "وش" وعنه يسمع ويحمد "وهـ م" وَعَنْهُ يَسْمَعُ فَقَطْ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ مَذْهَبِ "هـ" وَالْمَأْمُومُ يَحْمَدُ فَقَطْ "وهـ م"، وَعَنْهُ وَيَزِيدُ مِلْءَ السَّمَاءِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ النصيحة، والهداية، والمحرر، وشيخنا، وعنه ويسمع "وش". وَلَهُ قَوْلُ "رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ" بِلَا وَاوٍ، وبها أفضل على الأصح "وم" وَعَنْهُ لَا يَتَخَيَّرُ فِي تَرْكِهَا، وَلَهُ قَوْلُ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَبِلَا وَاوٍ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ر" وَعَنْ أَحْمَدَ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ، وَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، وَهُوَ مُرَادُ الرِّعَايَةِ، وَإِنْ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك جَازَ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْجَمِيعُ فِي الْأَخْبَارِ، وَأَكْثَرُ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ" 4 وَأَمْرَ بِهِ في الصحيحين5 من حديث ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَرْفَعُهُمَا مَعَ رَفْعِ رَأْسِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمَجْدُ وَهِيَ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشيخ الموفق، والشارح. والرواية الثانية: يرفعها بعد اعتداله، وقدمه ابن رزين في شرحه.
أَبِي هُرَيْرَةَ. وَفِي الْبُخَارِيِّ1 مِنْ حَدِيثِهِ زِيَادَةُ الْوَاوِ، وَفِيهِ2 مِنْ حَدِيثِهِ: "رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ "وَفِيهِ مِنْ حَدِيثِهِ زِيَادَةُ الْوَاوِ وَهُوَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ3، وَهُوَ فِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ4. وَمَتَى ثَبَتَتْ الْوَاوُ كَانَ قَوْلُهُ: رَبَّنَا مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ أَيْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ يَا رَبَّنَا فَاسْتَجِبْ، وَلَك الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ. نَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ صَلَّى وَحْدَهُ فَعَطَسَ فِي رُكُوعِهِ فَلَمَّا رَفَعَ مِنْهُ قَالَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ، يَنْوِي بِذَلِكَ لِمَا عَطَسَ وَلِلرُّكُوعِ لَا يُجْزِئُهُ. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا طَافَ يَقْصِدُ غَرِيمًا5. قَالَ أَحْمَدُ: إنْ شَاءَ أَرْسَلَ يَدَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ وَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا سَبَقَ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ يُرْسِلُهُمَا "وهـ" وَقَالَهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي افْتِرَاشِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بَعِيدٌ، لِأَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا ذِكْرٌ "هـ" كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ "هـ". ثُمَّ يُكَبِّرُ "و" وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ "و" وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ فِي كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ، وَحَيْثُ اُسْتُحِبَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ فَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ، مَنْ رَفَعَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَعَنْهُ لَا أَدْرِي، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى نَحْوِ مَا يَقُولُهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ تَمَامِ صِحَّتِهَا، لِأَنَّهُ قَدْ حكي عنه أن من تركه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُعِيدُ، وَلَمْ يَتَوَقَّفْ أَحْمَدُ عَنْ التَّمَامِ الَّذِي هُوَ تَمَامُ فَضِيلَةٍ وَسُنَّةٍ، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ تَرَكَهُ فَقَدْ تَرَكَ السُّنَّةَ، وَقَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ: مَنْ تَرَكَ الرَّفْعَ يَكُونُ تَارِكًا لِلسُّنَّةِ؟ قَالَ: لَا نَقُولُ هَكَذَا، وَلَكِنْ نَقُولُ رَاغِبٌ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْإِخْبَارِ فِي الْعِبَادَةِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمَّى تَارِكَ السُّنَّةِ رَاغِبًا عَنْهَا1، فَأَحَبَّ اتِّبَاعَ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِلَّا فَالرَّاغِبُ فِي التَّحْقِيقِ هُوَ التَّارِكُ. قَالَ أَحْمَدُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى: لَا يَنْهَاك عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إلَّا مُبْتَدِعٌ، فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا رَأَى مُصَلِّيًا لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَصَبَهُ3، قَالَ: وَهَذَا مُبَالَغَةٌ، وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ "ع" فَمُنْكِرُهُ مُبْتَدِعٌ لِمُخَالِفَةِ، "ع". وَيَرْفَعُ مَنْ صَلَّى قَائِمًا وَجَالِسًا، فَرْضًا وَنَفْلًا. وَيَخِرُّ سَاجِدًا، فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ "وهـ ش" وَعَنْهُ عَكْسُهُ "وم" ثُمَّ جَبْهَتَهُ، وَأَنْفَهُ، وَسُجُودُهُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى قَدَمَيْهِ، رُكْنٌ مَعَ الْقُدْرَةِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ إلَّا الْأَنْفَ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ رُكْنٌ بِجِهَتِهِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ "وهـ م ق" وَمَذْهَبُ الْحَنِيفِيَّةِ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمَيْنِ فَرْضٌ فِي السُّجُودِ، لِيَتَحَقَّقَ السُّجُودُ. وَإِنْ عَجَزَ بِالْجَبْهَةِ أَوْمَأَ مَا أَمْكَنَهُ "وم" وَقِيلَ: يَلْزَمُ السُّجُودُ بِالْأَنْفِ "وهـ ش" وَلَا يُجْزِئُ بَدَلُ الْجَبْهَةِ مُطْلَقًا "هـ" وخالفه صاحباه، وإن قدر بالوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَبِعَهُ بَقِيَّةُ الْأَعْضَاءِ، وَإِنْ عَجَزَ بِهِ لَمْ يَلْزَمْ بِغَيْرِهِ، خِلَافًا لِتَعْلِيقِ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُهُ بِدُونِ بَعْضِهَا، وَيُمْكِنُ رَفْعُهُ بِدُونِ شَيْءٍ مِنْهَا. وَيُجْزِئُ بَعْضُ الْعُضْوِ، وَقِيلَ: وَبَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ إذَا وَضَعَ مِنْ يَدَيْهِ بِقَدْرِ الْجَبْهَةِ أَجْزَأَهُ، وَمُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِشَيْءٍ منها ليس ركنا في ظاهر المذهب "وهـ م" فَفِي كَرَاهَةِ حَائِلٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى طِينٌ كَثِيرٌ وَحُكِيَ حَتَّى لِرُكْبَتَيْهِ رِوَايَتَانِ "م 16" وَعَنْهُ: بلى بجبهته "وش" وَعَنْهُ وَيَدَيْهِ، وَلَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ. نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا لَا فَرْقَ. وَكَذَا قَالَ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ. وقد قال جماعة: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَمُبَاشَرَةٌ لِمُصَلٍّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لَيْسَ رُكْنًا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَفِي كَرَاهَةِ حَائِلٍ مُتَّصِلٍ حَتَّى طِينٌ كَثِيرٌ وَحُكِيَ حَتَّى لِرُكْبَتَيْهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ1 ومختصر ابن تميم، والرعاية الكبرى.
تُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِمَكَانٍ شَدِيدِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لِتَرْكِ الْخُشُوعِ كَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ. وَمَنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ عَادَ وَإِنْ اطْمَأَنَّ انْتَصَبَ قَائِمًا وَسَجَدَ فَإِنْ اعتل عن السجود سقط، وذكر صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامِهِ سَاجِدًا عَلَى جَبْهَتِهِ أَجْزَأَهُ بِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ هَيْئَةِ الصَّلَاةِ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ سَقَطَ مِنْ قِيَامٍ لَمَّا أَرَادَ الِانْحِنَاءَ قَامَ رَاكِعًا، فَلَوْ أَكْمَلَ قِيَامَهُ ثُمَّ ركع لم يجزه كركوعين. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ أَنْ حَكَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْقَاضِي: وَالْأَوْلَى مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَيَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: وَالْمُسْتَحَبُّ مُبَاشَرَةُ الْمُصَلِّي بِالْجِهَةِ وَالْيَدَيْنِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ وَيَأْخُذَ بِالْعَزِيمَةِ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي إلَّا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ. انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لا يكره.
ويستحب على أطراف أصابعه مُفَرَّقَةً مُوَجَّهَةً إلَى الْقِبْلَةِ، وَقِيلَ: يَجْعَلُ بُطُونَهَا عَلَى الْأَرْضِ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي ذَلِكَ. وَفِي التَّلْخِيصِ يَجِبُ جَعْلُ بَاطِنِ أَطْرَافِهَا إلَى الْقِبْلَةِ، إلَّا مَعَ نَعْلٍ أَوْ خُفٍّ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: يَجِبُ فَتْحُهَا إنْ أَمْكَنَ. وَيُسْتَحَبُّ ضَمُّ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَيُوَجِّهُهَا1 نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَمُجَافَاةُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَبَطْنِهِ عَنْ فَخِذَيْهِ، وَفَخِذَيْهِ عَنْ سَاقَيْهِ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يُؤْذِ جَارَهُ. وَعَدَّ صَاحِبُ النَّظْمِ السُّجُودَ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَمُبَاشَرَتَهَا بِالْمُصَلَّى مِنْ الْوَاجِبَاتِ تُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمُتَّجَهٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ يُكْرَهُ أَنْ يَلْصَقَ كَعْبَيْهِ، وَهَلْ يَضَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، أَوْ أُذُنَيْهِ؟ "وهـ" عَلَى مَا سَبَقَ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: قَرِيبًا مِنْ أُذُنَيْهِ نَحْوَ مَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَلَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ بِمِرْفَقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ إنْ طَالَ، وَلَمْ يُقَيِّدْ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ فِي نَفْلٍ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهَا يُجْزِيهِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتَمْكِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَبْهَةِ مِنْ الْأَرْضِ، وَبِفِعْلِهِ1، وَوُجُوبِ الرُّجُوعِ إلَيْهِ، وَهَذَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، فَهَذَانِ وَجْهَانِ. وَقَدْ ذَكَرُوا لَوْ سَجَدَ عَلَى حَشِيشٍ، أَوْ قُطْنٍ، أَوْ ثَلْجٍ، أَوْ بَرَدٍ وَلَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمَكَانِ الْمُسْتَقَرِّ عَلَيْهِ. وَسُجُودُهُ بِبَعْضِ بَاطِنِ كَفِّهِ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: رُكْنٌ, وَإِنْ عَلَا مَوْضِعُ رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ فَلَمْ تَسْتَعْلِ الْأَسَافِلُ بِلَا حَاجَةٍ فَقِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: إنْ كَثُرَ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لَمْ يُجْزِئْهُ "م 17". وَلَوْ سَقَطَ لِجَنْبِهِ ثُمَّ انْقَلَبَ سَاجِدًا وَنَوَاهُ أَجْزَأَهُ ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى "م" وَحُكْمُهُ كتسبيح الركوع. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَا مَوْضِعُ رَأْسِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ، فَلَمْ تَسْتَعْلِ الْأَسَافِلُ بِلَا حَاجَةٍ فَقِيلَ يَجُوزُ، وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَقِيلَ تَبْطُلُ، وَقِيلَ إنْ كَثُرَ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لَمْ تُجِزْهُ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَالَ: قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ دُونَ الْكَثِيرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ2 انْتَهَى. وَقَدَّمَ هَذَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ لَمْ يُكْرَهُ الْيَسِيرُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُكْرَهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ سُجُودِهِ أَعْلَى مِنْ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: تَبْطُلُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ اسْتِعْلَاءُ الْأَسَافِلِ وَاجِبٌ.
فصل: ثم يرفع مكبرا "و" ويجلس مفترشا،
فَصْلٌ: ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا "و" وَيَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، يَفْرِشُ يُسْرَاهُ، وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا، وَيَنْصِبُ يُمْنَاهُ وَفِي الْوَاضِحِ أَوْ يُضْجِعُهَا بِجَنْبِ يُسْرَاهُ، وَلَا يَفْتَرِشُ فِي كُلِّ جُلُوسٍ "هـ" وَلَا يَتَوَرَّكُ فِي الْكُلِّ "م" وَلَوْ تَعَقَّبَهُ السَّلَامُ "ش". وَيَفْتَحُ أَصَابِعَهُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ، وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، مضمومة الْأَصَابِعِ، وَيَذْكُرُ "هـ" فَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي1 "م" ثَلَاثًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى2: مَرَّتَيْنِ، وَفِي الْوَاضِحِ كَالتَّسْبِيحِ، وَلَا يُكْرَهُ. وَفِي الْأَصَحِّ مَا وَرَدَ، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ فِي نَفْلٍ، وَاخْتَارَ الشيخ وفرض "وش". ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى, ثُمَّ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا "و" قَائِمًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ، مُعْتَمِدًا عَلَى ركبتيه "وهـ" نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، لَا عَلَى يَدَيْهِ "م ش" وَإِنْ شَقَّ اعْتَمَدَ بِالْأَرْضِ. وَفِي "الْغُنْيَةِ" يُكْرَهُ أَنْ يُقَدِّمَ إحْدَى رِجْلَيْهِ، وَأَنَّهُ قِيلَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَذَا فِي رِسَالَةِ أَحْمَدَ3 يُكْرَهُ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ: تَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا إذَا نهض يقطع الصلاة4. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الرَّابِعُ تَبْطُلُ إنْ كَثُرَ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ خَرَجَ بِهِ عَنْ صِفَةِ السُّجُودِ لم يجزه كما تقدم.
وَعَنْهُ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ "وش" كَجُلُوسِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ "وش" وَعَنْهُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَعَنْهُ وَأَلْيَتَيْهِ، ثُمَّ يَنْهَضُ كَمَا سَبَقَ، وَقِيلَ مُكَبِّرًا "خ" وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جِلْسَتَهُ عَلَى قَدَمَيْهِ، ثُمَّ اعْتَمَدَ بِالْأَرْضِ، وَقَامَ، وَقِيلَ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ مَنْ كَانَ ضَعِيفًا، جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَجَابَ عَنْ خَبَرِ ابْنِ الزُّبَيْرِ1 فِي التَّوَرُّكِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فقال يحتمل أن ذلك لما بَدُنَ، وَضَعُفَ. وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى، إلَّا فِي تَجْدِيدِ النِّيَّةِ، وَالتَّحْرِيمَةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ، "و" وَلَا يَتَعَوَّذُ مِنْ تَعَوَّذَ فِي الْأُولَى "وهـ" وَعَنْهُ بَلَى "وش". ثُمَّ يَجْلِسُ مُفْتَرِشًا، وَيَجْعَلُ يَدَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ، وَلَا يُلْقِمُهُمَا رُكْبَتَيْهِ "هـ" وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ كَمَذْهَبِنَا. وَفِي الْكَافِي2، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ: التَّخْيِيرَ، كذا في الأخبار يديه3، وفيها: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَّيْهِ1. وَفِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ2: ذِرَاعَيْهِ3. وَفِي حَدِيثِ نُمَيْرٍ الْخُزَاعِيِّ4 وَضَعَ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى رَافِعًا أُصْبُعَهَا السَّبَّابَةَ قَدْ حَنَاهَا وَهُوَ يَدْعُو، وَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ5، وَلَمْ يَقُولَا: وَهُوَ يَدْعُو. وَيَبْسُطُ أَصَابِعَ يُسْرَاهُ مَضْمُومَةً، لِلْإِخْبَارِ6، مُسْتَقْبِلًا بِهَا الْقِبْلَةَ لَا مُفَرَّجَةً "خ" وَمَذْهَبُ "هـ" مَا سِوَى حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَادَةُ. وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ الْخِنْصَرَ وَالْبِنْصِرَ، وَيَحْلِقُ الْإِبْهَامَ مَعَ الْوُسْطَى، وَعَنْهُ يَقْبِضُ الثلاث ويعقد إبهامه كخمسين "وم ق" وعنه هي كيسراه "وهـ". وَيَتَشَهَّدُ سِرًّا "و" بِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" 7. قِيلَ: لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: مَتَى أَخَلَّ بِلَفْظَةٍ ساقطة في غيره أجزأ "م 18" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 18: قوله: ويتشهد سرا بخبر8 ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَكَرَ تَشَهُّدَهُ، ثُمَّ قَالَ: قِيلَ: لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ، وَقِيلَ مَتَى أَخَلَّ بِلَفْظَةٍ ساقطة في غيره أجزأه انتهى.
وظاهر كلامهم، أنه إذا قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين: ينوي ـــــــــــــــــــــــــــــQاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُجْزِئَ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مِنْ "التَّحِيَّاتِ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخَانِ انْتَهَى، قُلْت اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَالصَّلَوَاتُ زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَبَرَكَاتُهُ وَرَأَيْتهَا فِي الْمُغْنِي1 فِي نُسْخَةٍ جَيِّدَةٍ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ وَالطَّيِّبَاتُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ السَّلَامَ مُعَرَّفًا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ فِي السَّلَامِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ أَسْقَطَ "أَشْهَدُ" الثَّانِيَةَ فَفِي الْإِجْزَاءِ وجهان، وَالْمَنْصُوصُ الْإِجْزَاءُ. وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ تَرَكَ مِنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَا لَا يَسْقُطُ الْمَعْنَى بِتَرْكِهِ صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ. وَقَالَ أَيْضًا: وَمَا سَقَطَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ لَفْظٍ أَجْزَأَ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: إنْ تَرَكَ حَرْفًا مِنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ عَمْدًا حَتَّى سَلَّمَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا وَأَتَى بِهِ صَحَّتْ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ: إذَا خَالَفَ التَّرْتِيبَ فِي أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُجْزِيه، عَلَى وَجْهَيْنِ انْتَهَى، وَقِيلَ الْوَاجِبُ جَمِيعُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى ذِكْرِهِ كَامِلًا. وَقَوْلُهُمْ: إنَّهُ وَاجِبٌ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: لَوْ تَرَكَ وَاوًا أَوْ حَرْفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّارِحُ لَمَّا نَقَلَ كَلَامَ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ إنْ أَسْقَطَ لَفْظَةً سَاقِطَةً فِي بَعْضِ التَّشَهُّدَاتِ الْمَرْوِيَّةِ صَحَّ: فِي هذا القول نظر في أنه
النِّسَاءَ فِي زَمَنِنَا وَمَنْ لَا شَرِكَةَ لَهُ في صَلَاتِهِ، خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" 1. وَالْأَوْلَى تَخْفِيفُهُ، وَكَذَا عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ "وم هـ" وَنَصُّهُ فِيهَا2: أَنَّهُ إذَا زَادَ أَسَاءَ, ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ وَكَرِهَ الْقَاضِي التَّسْمِيَةَ أَوَّلَهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وش" واختاره الآجري، وزاد: وعلى آله، وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُوزُ أَنْ يُجْزِئَ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ كَقَوْلِنَا فِي الْقُرْآنِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْقِطَ مَا فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: قِيلَ: لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ، لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا، إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَوْ أَبِي مُوسَى أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ التَّشَهُّدَاتِ الْمَرْوِيَّةِ كَامِلًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، بَلْ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَأَنَّهُ إذَا أَتَى بِتَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ كُلِّهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ. وَأَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي: فَهُوَ مَا إذَا أَتَى بِالْأَلْفَاظِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا فَيُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ السَّاقِطُ ثَابِتًا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ النَّظَرِ فيه قوة جدا والله أعلم.
جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِزِيَادَةِ: "وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ"، وَقِيلَ: قَوْلُهَا أَوْلَى. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: تَشَهُّدُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ سَوَاءٌ وَلَيْسَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَفْضَلَ "ش" وَتَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ "التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ" إلَى آخِرِهِ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ1 "وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" وَلَا تَشَهُّدِ عُمَرَ "م" وَهُوَ "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ الطَّيِّبَاتُ. الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، سَلَامٌ عَلَيْك" 2 إلَى آخِرِهِ. وَيُكَرِّرُهُ مَسْبُوقٌ، فَإِنْ سَلَّمَ إمَامَهُ قَامَ وَلَمْ يُتِمَّهُ. وَيُشِيرُ بِالسَّبَّابَةِ فِي تَشَهُّدِهِ "هـ" مِرَارًا لِتَكْرَارِ التَّوْحِيدِ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ "وم ش" وَعَنْهُ: كُلُّ تَشَهُّدِهِ. وَلَا يُحَرِّكُهَا فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يُحَرِّكُهَا3، وَقِيلَ: هَلْ يُشِيرُ بِهَا عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ أَمْ كُلَّ تَشَهُّدِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا، وَلَمْ يَقُولُوا مِرَارًا، وَظَاهِرُهُ مَرَّةً وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ، وَالْأَخْبَارِ، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالْمُرَادُ سَبَّابَةُ الْيُمْنَى، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَظَاهِرُهُ لَا بِغَيْرِهَا وَلَوْ عُدِمَتْ "وش" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، لِأَنَّ عِلَّتَهُ التَّنْبِيهُ عَلَى التوحيد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُشِيرُ بِهَا إذَا دَعَا فِي صَلَاةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْآجُرِّيُّ: لَا بِغَيْرِ سَبَّابَتِهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَدْعُو بِأُصْبُعَيْنِ فَقَالَ: "أَحِّدْ يَا سَعْدُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ3، وَلِلتِّرْمِذِيِّ4، وَحَسَّنَهُ، مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْغُنْيَةِ يُدِيمُ نَظَرَهُ إلَيْهَا كُلَّ تَشَهُّدِهِ، لِخَبَرٍ لَا يَصِحُّ، لَكِنْ فِيهِ خَبَرُ ابْنِ الزُّبَيْرِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ5 إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إلَى مُسْلِمٍ، كَذَا قَالَ. ثُمَّ يَنْهَضُ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ مُكَبِّرًا "و" لَا بَعْدَ قِيَامِهِ "م" وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ "و" وَعَنْهُ بَلَى. اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدُهُ، وَشَيْخُنَا، وَهِيَ أَظْهَرُ، فَيُصَلِّي الْبَاقِي كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ يُسِرُّ "و" وَلَا يَزِيدُ عَلَى الْفَاتِحَةِ "و" وَعَنْهُ بَلَى، وَعَنْهُ يَجُوزُ، وَالْفَرْضُ وَالنَّفَلُ سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كُلُّ شَفْعِ صَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَيَسْتَفْتِحُ، وَيَقْرَأُ في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَرْبَعِ فَصَاعِدًا، وَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادُ الشَّفْعِ الثَّانِي فِي الْأَوَّلِ. وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَالْقِيَاسُ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ، وَقَالَ "هـ" وَأَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ، لِأَنَّهَا فَرْضٌ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ لَمْ يَكُنْ أَوَانُ الْخُرُوجِ، وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَذَا عَنْ إمَامِنَا وَالشَّافِعِيِّ. وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا وَقَرَأَ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ وَقَعَدَ ثُمَّ أَفْسَدَ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ قِيَامِهِ إلَى الثَّالِثَةِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ سُنَّةِ الظُّهْرِ، عَلَى وَجْهٍ لهم لأنها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَالظُّهْرِ، وَلِهَذَا لَا يُصَلِّي1 فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ، وَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي، وَلَا يَصِيرُ خَالِيًا بِالزَّوْجَةِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ. وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِبُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُمَا، فَلَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي إحْدَاهُمَا، وعند أبي حنيفة لا2 لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ وَيَأْتِي "إذَا أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ هَلْ يَجْلِسُ عَقِيبَ الثانية"؟.
فصل: ثم يجلس متوركا،
فَصْلٌ: ثُمَّ يَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا، يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى، وَيُخْرِجُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْت عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ" 3. وَلَا يَجِبُ هَذَا، بَلْ تُجْزِئُ الصلاة على النبي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صلى الله عليه وسلم في الأصح "وش" وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ: وَعَنْهُ وَآلِ إبْرَاهِيمَ، وَكَذَا بَارَكْت. وَفِي جَوَازِ إبْدَالِ آلٍ بِأَهْلِ وجهان "م 19". وَآلُهُ, قِيلَ: أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ، وَقِيلَ: أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ، وَقِيلَ: بَنُو هَاشِمٍ "م 20" وَقَالَ شَيْخُنَا: أَهْلُ بَيْتِهِ، وَإِنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ الشَّرِيفِ أبي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 19:: قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إبْدَالِ آلِ بِأَهْلِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَابْنُ أَبِي الْفَتْحِ فِي مُطْلِعِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَيَجْزِيه اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ صَغَّرَ قِيلَ أُهَيْلٌ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِيه، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو حَفْصٍ، لِأَنَّ الْأَهْلَ الْقَرَابَةُ وَالْآلَ الْأَتْبَاعُ فِي الدِّينِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، فَإِنَّهُمَا قَالَا آلُهُ أَتْبَاعُهُ عَلَى دينه، وقيل آله الْهَاءُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْهَمْزَةِ، فَلَوْ قَالَ وَعَلَى أَهْلِ مُحَمَّدٍ مَكَانَ آلِ مُحَمَّدٍ أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَالَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ صَغَّرَهَا قَالَ أُهَيْلٌ، قَالَ: وَمَعْنَاهُمَا جَمِيعًا أَهْلُ دِينِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو حَفْصٍ لَا يُجْزِئُ كَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ لَفْظِ الْأَثَرِ، وَتَغْيِيرِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ الْأَهْلَ الْقَرَابَةُ وَالْآلَ الْأَتْبَاعُ فِي الدِّينِ، انْتَهَى، قُلْت الصَّوَابُ عَدَمُ جَوَازِ إبْدَالِ آلِ بِأَهْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَآلُهُ, قِيلَ: أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ، وَقِيلَ: أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ، وَقِيلَ: بَنُو هَاشِمٍ، انْتَهَى. أَحَدُهَا أَنَّ آلَهُ أَتْبَاعُهُ عَلَى دِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وغيره من
جَعْفَرٍ، وَغَيْرِهِ فَمِنْهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَفِي بَنِي الْمُطَّلِبِ رِوَايَتَا زَكَاةٍ، قَالَ: وَأَفْضَلُ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيٌّ، وَفَاطِمَةُ، وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ، الَّذِينَ أَدَارَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِسَاءَ، وَخَصَّصَهُمْ بِالدُّعَاءِ1 وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ حَمْزَةَ أَفْضَلُ مِنْ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ. وَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى غَيْرِهِ، مُنْفَرِدًا نَصَّ عَلَيْهِ، وكرهها جماعة "وم ش" وَحَرَّمَهَا أَبُو الْمَعَالِي وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مَعَ الشعار. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْحَابِ، قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ وَابْنُ مُنَجَّى وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شُرُوحِهِمْ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الْمُطْلِعِ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُمْ أَزْوَاجُهُ وَعَشِيرَتُهُ مِمَّنْ آمَنَ بِهِ، قَيَّدَهُ بِهِ ابْنُ تميم وغيره، وهو مراد غيره. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: هُمْ بَنُو هَاشِمٍ الْمُؤْمِنُونَ، وَقِيلَ: بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُطْلِعِ، وَقِيلَ: هُمْ أَهْلُهُ وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: آلُهُ أَهْلُ بَيْتِهِ فِي الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَهَلْ أَزْوَاجُهُ مِنْ آلِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، انْتَهَى، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
ثُمَّ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عذاب جهنم، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ"، {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} 1 وَالتَّعَوُّذُ نَدْبٌ "و" وَعَنْهُ وَاجِبٌ. وَعَنْهُ يُعِيدُ تَارِكُ الدُّعَاءِ عَمْدًا. وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِمَّا وَرَدَ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى مَأْمُومٍ أَوْ يَخَفْ سَهْوًا، وَكَذَا فِي رُكُوعٍ وَسُجُودٍ، وَالْمُرَادُ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ وَعَنْهُ فِي فَرْضٍ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِهِ مِنْ أَمْرِ آخِرَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يُشْبِهْ مَا وَرَدَ "وهـ" فَسَّرَهُ أَصْحَابُهُ بِمَا لَا يَسْتَحِيلُ سُؤَالُهُ مِنْ الْعِبَادِ، نَحْوُ أَعْطِنِي كَذَا وَزَوِّجْنِي امْرَأَةً، وَارْزُقْنِي فُلَانَةَ، فَيَبْطُلُ عِنْدَهُمْ بِهِ، وَعَنْهُ حَوَائِجُ دُنْيَاهُ، وَعَنْهُ وَمَلَاذُّ الدُّنْيَا، "وم ش" وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا. وَيَجُوزُ لِمُعَيَّنٍ عَلَى الْأَصَحِّ "وم ش" وَقِيلَ: فِي نَفْلٍ وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ كَافِ الْخِطَابِ، كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَإِلَّا بَطَلَتْ "م" لِخَبَرِ تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِإِبْلِيسِ "أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ" 1 قَبْلَ التَّحْرِيمِ، أَوْ مُؤَوَّلٌ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا تَبْطُلُ بِقَوْلِ: لَعَنَهُ اللَّهُ, عِنْدَ اسْمِهِ عَلَى الأصح "هـ ر". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا صَلَاةُ مَنْ عَوَّذَ نَفْسَهُ بِقُرْآنٍ لِحُمَّى، وَنَحْوِهَا، وَلَا مَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ صِحَابِهِ، وَلَا بِالْحَوْقَلَةِ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَوَافَقَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى قَوْلِ بِسْمِ اللَّهِ لِوَجَعِ مَرِيضٍ عِنْدَ قِيَامٍ وَانْحِطَاطٍ. ثُمَّ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ جَهْرًا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَكَذَا عَنْ يَسَارِهِ سِرًّا، وَقِيلَ فِيهِمَا الْعَكْسُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَجْهَرُ، وَالْأُولَى أَكْثَرُ، وَقِيلَ يُسِرُّهُمَا كَمَأْمُومٍ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: وَمُنْفَرِدٍ، لَا تَسْلِيمَةٌ يَتَيَامَن فِيهَا قَلِيلًا "م" وَلَا الْمَأْمُومُ عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ يَسَارِهِ "م" وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِالسَّلَامِ عَلَيْكُمْ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ1، فَعَنْهُ الْجَهْرُ بِالْأُولَى، وَعَنْهُ أَلَا يُطَوِّلَهُ، وَيَمُدَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَعَلَى النَّاسِ "م 21" وَيُتَوَجَّهُ إرَادَتُهُمَا، وَيَجْزِمُهُ، وَلَا يُعْرِبْهُ، وَيُسْتَحَبُّ الْتِفَاتُهُ عَنْ يَسَارِهِ أَكْثَرَ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 21: قَوْلُهُ: وَحَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ فَعَنْهُ الْجَهْرُ بِالْأُولَى وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُهُ وَيَمُدُّهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى النَّاسِ، انْتَهَى، هَذَا الْخِلَافُ فِي مَعْنَى حَذْفِ السَّلَامِ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ أَيْضًا: إحْدَاهُمَا: حَذْفُ السَّلَامِ هُوَ أَلَا يُطَوِّلَهُ، وَيَمُدَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى النَّاسِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: حَذْفُ السَّلَامِ هُوَ الْجَهْرُ بالتسليمة الأولى، وإخفاء الثانية، قال في
وَرَحْمَةُ اللَّهِ رُكْنٌ فِي رِوَايَةٍ وَعَنْهُ: سُنَّةٌ "م 22" "و" وَنَصُّهُ فِي الْجِنَازَةِ. وَفِي التَّلْخِيصِ فِي وُجُوبِهَا رِوَايَتَانِ، وَعَدَّهَا الْآمِدِيُّ مِنْ الْوَاجِبَاتِ. وَإِنْ نَكَّسَهُ، أَوْ السَّلَامُ فِي التَّشَهُّدِ لَمْ يجزه في الأصح "وم" وَكَذَا إنْ نَكَّرَهُ، "م" وَقِيلَ تَنْكِيرُهُ أَوْلَى، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ وَبَرَكَاتُهُ. وَيُسْتَحَبُّ نِيَّتُهُ بِسَلَامِهِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَعَنْهُ: رُكْنٌ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ "ش م ر" وَقِيلَ: إنْ سها عنها سجد للسهو، وإن نواه مع الحفظة1 ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّلْخِيصِ: وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ أَخْفَى، وَهُوَ حَذْفُ السَّلَامِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 22: قَوْلُهُ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ رُكْنٌ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2، وَالْكَافِي3، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا فِي رُكْنٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ الْأَقْوَى، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى في شرحه هذا المذهب، انْتَهَى، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ البناء في عقوده، وغيرهم، وقدمه في
وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فَنَصُّهُ يَجُوزُ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، لِلتَّشْرِيكِ، وقيل يستحب "وهـ ش" وقيل: بالثانية "م 23". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ1، وَالْهَادِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهَا سُنَّةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الفائق. مَسْأَلَةٌ 23: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ مَعَ الْحَفَظَةِ، وَالْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ فَنَصُّهُ يَجُوزُ، وَقِيلَ تَبْطُلُ لِلتَّشْرِيكِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ، وَقِيلَ بِالثَّانِيَةِ، انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ الْجَوَازُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ، وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَصَرَهُ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ هَذَا الصَّحِيحُ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ، أَمَّا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ الْحَفَظَةِ وَالْمَأْمُومِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ هَؤُلَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ إذَا لَمْ يَنْوِ الْخُرُوجَ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنْ نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ السَّلَامِ عَلَى الْحَفَظَةِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَازَ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُسْتَحَبُّ. وَقَالَ أَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ يَنْوِي بِالْأُولَى الْخُرُوجَ فَقَطْ، وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ، وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَى ذَلِكَ نِيَّةَ الْحَفَظَةِ، وَمَنْ مَعَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: السُّنَّةُ أَنْ يَنْوِيَ بِالْأُولَةِ الْخُرُوجَ، وَبِالثَّانِيَةِ الْحَفَظَةَ وَمَنْ مَعَهُ، إنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ، انْتَهَى.
وَنِيَّتُهُ دُونَ نِيَّةِ الْخُرُوجِ, قِيلَ: تَبْطُلُ، لِتَمَحُّضِهِ خطاب آدمي "م 24" وَالْأَشْهَرُ يَجُوزُ، وَعَنْهُ لَا يَتْرُكُ السَّلَامَ عَلَى إمَامِهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ، وَقِيلَ: يَنْوِي الْخُرُوجَ بِالْأُولَةِ، وَبِالثَّانِيَةِ الْحَفَظَةُ، وَمَنْ صَلَّى مَعَهُ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَإِنْ وَجَبَتْ الثَّانِيَةُ اعْتَبَرَ نِيَّةَ الْخُرُوجِ فِيهَا, وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ رَكْعَتَيْنِ جَلَسَ مُفْتَرِشًا بَعْدَهُمَا وَأَتَى بِمَا سَبَقَ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي. وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِيمَا سَبَقَ، لَكِنْ تَجْمَعُ نَفْسهَا، وَتَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً، أَوْ تَسْدُلُ رِجْلَيْهَا عَنْ يَمِينِهَا، وَنَصُّهُ سَدْلُهَا أَفْضَلُ، وَلَا تَجْلِسُ كَالرَّجُلِ "م ش" ويستحب رفع يديها "وم ش" وَعَنْهُ: قَلِيلًا وَعَنْهُ: يَجُوزُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ.
فصل: وينحرف الإمام إلى المأموم جهة قصده،
فَصْلٌ: وَيَنْحَرِفُ الْإِمَامُ إلَى الْمَأْمُومِ جِهَةَ قَصْدِهِ، وإلا فعن يمينه، فإن مكث ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 24: وَنِيَّتُهُ دُونَ نِيَّةِ الْخُرُوجِ قِيلَ تَبْطُلُ، لِتَمَحُّضِهِ خِطَابَ آدَمِيٍّ، وَالْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، كَمَنْصُوصِ أَحْمَدَ فِي الَّتِي قَبْلِهَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ تَبْطُلُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَكَانَ ابْنُ حَامِدٍ يَقُولُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ هُنَا، وَجْهًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ تمحض خِطَابِ آدَمِيٍّ، بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الْخُرُوجَ مَعَ الْحَفَظَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ لَمْ يتمحض خطاب آدمي، ورده المجد.
كَثِيرًا, وَعَنْهُ قَلِيلًا وَلَيْسَ ثَمَّ نِسَاءٌ وَلَا حَاجَةَ كُرِهَ، فَيَنْصَرِفُ الْمَأْمُومُ إذَنْ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ أَلَا يَنْصَرِفَ قَبْلَهُ. وَيَسْتَغْفِرُ ثَلَاثًا، وَيَذْكُرُ بَعْدَهُمَا كَمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا مِقْدَارَ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ". وَعَنْ ثَوْبَانَ1: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَلَّمَ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْك السَّلَامُ تَبَارَكْت يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ". وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلا إياه، له النعمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ". قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. رَوَاهُنَّ مُسْلِمٌ1. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ، كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي رِوَايَةٍ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِالتَّكْبِيرِ2. وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ". ثُمَّ وَفَدْت عَلَى مُعَاوِيَةَ فَوَجَدْته يَأْمُرُ النَّاسَ بِذَلِكَ. مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ3. وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ4: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ أَوْ فَاعِلُهُنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَةً، وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَةً" 5. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "تُسَبِّحُونَ، وَتَحْمَدُونَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَتُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ". وَلِلْبُخَارِيِّ1 فِي رِوَايَةٍ: "تُسَبِّحُونَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرًا، وَتَحْمَدُونَ عَشْرًا وَتُكَبِّرُونَ عَشْرًا". وَلِمُسْلِمٍ2 أَيْضًا: "إحْدَى عَشْرَةَ إحْدَى عَشْرَةَ ". وَلَهُ3 أَيْضًا: "مَنْ سَبَّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، ثُمَّ قَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ لَهُ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ". وَلِمُسْلِمٍ4 عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "تُسَبِّحُ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ". وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ5 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ الْفُقَرَاءُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْأَغْنِيَاءَ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ أَمْوَالٌ يُعْتِقُونَ وَيَتَصَدَّقُونَ؟ قَالَ: فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: "سُبْحَانَ اللَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ مَرَّةً، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكُمْ تُدْرِكُونَ مَنْ سَبَقَكُمْ، وَلَا يَسْبِقُكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ". وَفِي الْبُخَارِيِّ6 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله {وَأَدْبَارَ السُّجُودِ} [ق:40] ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَاةِ كُلِّهَا. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ: نَعَمْ، قَالَ فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ، خَمْسًا وَعِشْرِينَ، وَاجْعَلُوا فِيهَا لِلتَّهْلِيلِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَافْعَلُوا". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ1، وَعِنْدَهُ أُمِرُوا بَدَلَ أُمِرْنَا. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَهْ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "خَلَّتَانِ" وَفِي رِوَايَةٍ "خَصْلَتَانِ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِمَا أَدْخَلَتَاهُ الْجَنَّةَ وَهُمَا يَسِيرٌ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ" قَالُوا وَمَا هُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "أَنْ تَحْمَدَ اللَّهَ وَتُكَبِّرَهُ وَتُسَبِّحَهُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ عَشْرًا عَشْرًا، وَإِذَا أَوَيْت إلَى مَضْجَعِك تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُكَبِّرُهُ وَتَحْمَدُهُ مِائَةً، فَتِلْكَ خَمْسُونَ وَمِائَتَانِ بِاللِّسَانِ، وَأَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ"؟ قَالُوا: كَيْفَ مَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قليل؟ قال: "يجيء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحَدَكُمْ الشَّيْطَانُ فِي صَلَاتِهِ فَيُذَكِّرَهُ حَاجَةَ كَذَا وَكَذَا، فَلَا يَقُولُهَا، وَيَأْتِيه عِنْدَ مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ فَلَا يَقُولُهَا". قَالَ: فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُهُنَّ بِيَدِهِ. وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَيَحْمَدُ كَذَلِكَ، وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ قَالَ: وَيَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ كَذَا قَالُوا، وَاتِّبَاعُ السُّنَّةِ أَوْلَى. وَعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ1 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ2، وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَالَ فِي دُبُرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَهُوَ ثَانِي رِجْلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ، وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ، وَكَانَ يَوْمُهُ ذَلِكَ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ، وَحُرِسَ مِنْ الشَّيْطَانِ، وَلَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أَنْ يُدْرِكَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا الشِّرْكُ بِاَللَّهِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ هَذَا فِي الفجر فقط، بناء على ما ـــــــــــــــــــــــــــــQـــــــــــــــــــــــــــــQ
رَوَاهُ مِنْ الْخَبَرِ "وَشَهْرٌ" مُتَكَلَّمٌ فِيهِ جِدًّا وَاخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرُوِيَ كَمَا سَبَقَ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ في اليوم والليلة1 كذلك ورواه أيضا عنه2 عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ عَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ3 عَنْهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ مَرْفُوعًا، وَقَالَ فِيهِ "صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالصُّبْحِ" وَلِهَذَا مُنَاسَبَةٌ وَيَكُونُ الشَّارِعُ شَرَعَهُ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَأَوَّلَ اللَّيْلِ، لِتُحْرَسَ بِهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فِيهِمَا، وَلَهُ شَاهِدٌ يَأْتِي, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَيْ بِالْكَلَامِ الَّذِي كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ غَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي التَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَيَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ وَلَوْ جَهْرًا، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِعَدَمِ نَقْلِهِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا سِرًّا، لِخَبَرِ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ: "مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ, وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ, دُبُرَ كُلَّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إلَّا الْمَوْتُ". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ4 وَكَذَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُخْتَارَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَقْرَأُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ، وَزَادَ بَعْضُهُمْ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. لَهُ طُرُقٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَصَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1، وَقَالَ غَرِيبٌ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَفِي هَذَا سِرٌّ عَظِيمٌ فِي دَفْعِ الشَّرِّ مِنْ الصَّلَاةِ إلَى الصَّلَاةِ وَلِلنَّسَائِيِّ2 عَنْهُ مَرْفُوعًا: "مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا وَلَا اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا" حَدِيثٌ حَسَنٌ وَعَنْهُ مَرْفُوعًا: "يَا عُقْبَةُ تَعَوَّذْ بِهِمَا، فَمَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِهِمَا" حَدِيثٌ حَسَنٌ مُخْتَصَرٌ لِأَبِي دَاوُد3، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ الْجَانِّ وَعَيْنِ الْإِنْسَانِ، فَلَمَّا نَزَلَتَا أَخَذَ بِهِمَا وَتَرَكَ مَا سِوَاهُمَا. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ4، وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَقِيلَ الْحَارِثُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَّ إلَيْهِ فَقَالَ: "إذَا انْصَرَفْت مِنْ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ" وَفِي رِوَايَةٍ " قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا، فَإِنَّك إذَا قُلْت ذَلِكَ ثُمَّ مِتَّ فِي لَيْلَتِك كُتِبَ لَك جِوَارٌ مِنْهَا، وَإِذَا صَلَّيْت الصُّبْحَ فَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّك إذَا مِتَّ مِنْ يَوْمِك كُتِبَ لَك جِوَارٌ مِنْهَا" قَالَ الْحَارِثُ أَسَرَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَخُصُّ بِهَا إخْوَانَنَا رَوَاهُ أَبُو داود5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَلِهَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَا يُعْرَفُ، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ1. وَفِي لَفْظٍ "قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ". وَعَنْ عُمَارَةَ بْنِ شَبِيبٍ2 مَرْفُوعًا: "مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ عَلَى إثْرِ الْمَغْرِبِ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ مَسْلَحَةً3 يَحْفَظُونَهُ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَتَبَ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ مُوجِبَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ مُوبِقَاتٍ، وَكَانَتْ لَهُ بِعَدْلِ عَشْرِ رِقَابٍ مُؤْمِنَاتٍ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَرَوَاهُ أَيْضًا فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ شَبِيبٍ إنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ4، وَقِيلَ: ابْنُ شَبِيبٍ لَا صُحْبَةَ لَهُ، وَتَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَبَلِيُّ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِدُونِ خَبَرِ أَبِي ذَرٍّ5، وَيُتَوَجَّهُ لَهُ، حَيْثُ ذَكَرَ الْعَدَدَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّمَا قَصَدَ أَنْ لَا يَنْقُصَ مِنْهُ، أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا تَضُرُّ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ غَيْرِ قَصْدٍ، لِأَنَّ الذِّكْرَ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَهُوَ يُشْبِهُ الْمُقَدَّرَ فِي الزَّكَاةِ إذْ زَادَا عَلَيْهِ. وَيَفْرُغُ مِنْ عَدَدِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ معا، لقول أبي صالح السمان6 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَاوِي الْخَبَرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ1، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ إفْرَادِ كُلِّ جُمْلَةٍ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الْإِفْرَادَ لِمَا سَبَقَ، وَيَعْقِدُهُ وَالِاسْتِغْفَارُ بِيَدِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَهَلْ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِذَلِكَ كَقَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا أَمْ لَا، كَمَا ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرِهِمْ. ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا مُخْتَلِفٌ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ يَجْهَرُ لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ فَقَطْ "م 25" ثُمَّ يَتْرُكُهُ "وش" وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ1 عَلَى هَذَا، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يَسْتَحِبُّ بَعْدَهَا ذِكْرًا، وَلَا دُعَاءً. وَيَدْعُو الْإِمَامُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لِحُضُورِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا فَيُؤَمِّنُونَ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 25: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِذَلِكَ يَعْنِي بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ وَنَحْوِهِ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ، كَقَوْلِ بَعْضِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ "قَالَهُ شَيْخُنَا أَمْ لَا" كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعَةِ وَغَيْرِهِمْ، ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا مُخْتَلِفٌ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ، وَاحْتِمَالٌ يَجْهَرُ لِقَصْدِ التَّعْلِيمِ فَقَطْ، انْتَهَى. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَ لِلْأَصْحَابِ فِيهَا كَلَامٌ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، قُلْت الصَّوَابُ الْإِخْفَاتُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَا كُلُّ ذِكْرٍ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ حِينَ يَنْصَرِفُ النَّاسُ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ كَانَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنْت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته.
الدُّعَاءِ1 وَالْأَصَحُّ وَغَيْرُهُمَا، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ شَيْخُنَا بَعْدَ الْكُلِّ، لِغَيْرِ أَمْرٍ عَارِضٍ كَاسْتِسْقَاءٍ، وَاسْتِنْصَارٍ، قَالَ: وَلَا الْأَئِمَّةُ الأربعة، قال في المستوعب وغيره: ويستقبل الْمَأْمُومَ، وَفِي كَرَاهَةِ جَهْرِهِ بِهِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: إن قصد التعليم وإلا خفض، كمأموم ومنفرد "م 26". وَلَا يَجِبُ الْإِنْصَاتُ لَهُ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ, وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ. وَفِي الْغُنْيَةِ خانهم، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 26: وَيَدْعُو الْإِمَامُ، بَعْدَ الذِّكْرِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَفِي كَرَاهَةِ جَهْرِهِ بِهِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: إنْ قَصَدَ التَّعْلِيمَ، وَإِلَّا خَفَضَ، كَمَأْمُومِ وَمُنْفَرِدٌ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْمَأْمُومُ، وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يَجْهَرُ بِهِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْلِيمَ الْمَأْمُومِ، وَفِيهِ آخَرُ يُكْرَهُ الْجَهْرُ بِهِ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَدْعُو كُلُّ مُصَلٍّ عَقِيبِ كُلِّ صَلَاةٍ سِرًّا، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: وَيَدْعُو وَيَسْمَعُهُ الْمَأْمُومُ، وَقِيلَ إنْ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ وَإِلَّا خَفَضَ صَوْتَهُ كَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ الْجَهْرِيَّةُ مُطْلَقًا. وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا، كَمَا سَبَقَ دُونَ الْإِلْحَاحِ فِيهِ، انْتَهَى، قُلْت وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ آخِرَ الْجُمُعَةِ الْإِسْرَارُ بِالدُّعَاءِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْفِيَ الدُّعَاءَ عَقِيبَ الصَّلَاةِ لِظَاهِرِ هَذَا الْخَبَرِ، وَذَكَرَهُ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [الأعراف:55] وقَوْله تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً} وَإِنْ جَهَرَ بِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَحْيَانًا لَيَعْلَمُهُ مَنْ يَسْمَعُهُ، أَوْ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ سِوَى ذَلِكَ فحسن، انتهى.
لِخَبَرِ ثَوْبَانَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهُنَّ: لَا يَؤُمُّ رَجُلٌ قَوْمًا فَيَخُصُّ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ دُونَهُمْ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ خَانَهُمْ، وَلَا يَنْظُرُ فِي قَعْرِ بَيْتٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ دَخَلَ. وَلَا يُصَلِّي وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ1، وَحَسَّنَهُ، مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ الْحِمْصِيِّ. وَرَوَى ابن ماجه2 فضل الدُّعَاءِ مِنْ رِوَايَةِ بَقِيَّةَ عَنْ حَبِيبٍ وَلِأَبِي دَاوُد3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِيهِ "وَلَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إلَّا بِإِذْنِهِمْ" وَالْمُرَادُ وَقْتَ الدُّعَاءِ عَقِيبَ الصَّلَاةِ بِهِمْ، ذَكَرَهُ فِي الْغُنْيَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: الْمُرَادُ الدُّعَاءُ الَّذِي يُؤَمَّنُ عَلَيْهِ، كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَمَّنَ كَانَ دَاعِيًا4. قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس:89] وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْعُو وَالْآخَرُ يُؤَمِّنُ، فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا أَمَّنَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو لَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ خَانَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ. وَمِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ بَسْطُ يَدَيْهِ، وَرَفْعُهُمَا إلَى صَدْرِهِ، وَمُرَادُهُمْ وَكَشْفُهُمَا أَوْلَى، وَمِثْلُهُ رَفْعُهُمَا فِي التَّكْبِيرِ روى أبو داود5 بإسناد حسن عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَالِكِ بْنِ بَشَّارٍ مَرْفُوعًا: "إذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا". وَرَوَاهُ أَيْضًا1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَفِيهِ: الْأَمْرُ بِمَسْحِ الْوَجْهِ. وَفِيهِ: الْمَسْأَلَةُ أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْك حَذْوَ مَنْكِبَيْك أَوْ نَحْوِهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ نُشِيرَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالِابْتِهَالُ أَنْ تَمُدَّ يَدَيْك جَمِيعًا. وَرَفَعَ يَدَيْهِ2، وَجَعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِمُ3 وَلِأَحْمَدَ4 عَنْ يَزِيدَ عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إذَا دَعَا جَعَلَ ظَاهِرَ كَفَّيْهِ مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ، وَبَاطِنَهُمَا مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَمُرَادُهُ أَحْيَانًا، لِرِوَايَةِ أبي داود5، عنه: رأيته عليه السلام يدعو هكذا بباطن كَفَّيْهِ وَظَاهِرُهُمَا وَفِي الِاسْتِسْقَاءِ6، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا، أَوْ مُرَادُهُ دُعَاءُ الرَّهْبَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّ دُعَاءَ الرَّهْبَةِ بِظَهْرِ الْكَفِّ، كَدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فيه وجها، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الرَّفْعَ فِيهِ، فَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: صَارَ كَفُّهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ لِشِدَّةِ الرَّفْعِ لَا قَصْدًا لَهُ وَإِنَّمَا كَانَ بِوَجْهِ بَطْنِهِمَا مَعَ الْقَصْدِ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصَدَهُ فَغَيْرُهُ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ، قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَرَى رَفْعَهُمَا فِي الْقُنُوتِ أَنْ يَرْفَعَ ظُهُورَهُمَا، بَلْ بُطُونَهُمَا. وَلِأَحْمَدَ1 بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ خَلَّادِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ إذَا سَأَلَ اللَّهَ جَعَلَ بَاطِنَ كَفَّيْهِ إلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَعَاذَ جَعَلَ ظَاهِرَهُمَا إلَيْهِ. وَالْبَدْأَةُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: وَخَتْمِهِ بِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَالَ الْآجُرِّيُّ وَوَسَطَهُ لِخَبَرِ جَابِرٍ2 وَسُؤَالِهِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ مَأْثُورٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ الْجَوَامِعَ مِنْ الدُّعَاءِ وَيَدْعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ بِتَأَدُّبٍ وَخُشُوعٍ وَخُضُوعٍ بِعَزْمٍ وَرَغْبَةٍ وَحُضُورِ قَلْبٍ وَرَجَاءٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: "لَا يُسْتَجَابُ مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ4 وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ5 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هريرة، وفيهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"اُدْعُوَا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ" وَيَكُونُ مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، وَيُلِحُّ، وَيُكَرِّرُهُ ثَلَاثًا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَرَّكَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسًا. وَلَا يَسْأَمُ مِنْ تَكْرَارِهَا فِي أَوْقَاتٍ، وَلَا يَعْجَلُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 أَوْ فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ" قَالُوا: وَكَيْفَ يَعْجَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْفَرَجَ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فَهُوَ عِبَادَةٌ أَيْضًا". رَوَى التِّرْمِذِيُّ3 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا "سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّه يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ". قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْمَسْأَلَةِ إلا ليعطي، و"4عنه قال: لا يمنع أحدكم من الدعاء ما يعلمه من نفسه, فإن الله قد أجاب دعاء شر الخلق إبليس, إذ قال {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي} [ص:79] 4" وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ5 وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ: "مَا عَلَى الْأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إلَّا آتَاهُ اللَّهُ إيَّاهَا، أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِأَثِمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ"، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: إذًا نُكْثِرُ؟ قَالَ: "اللَّهُ أَكْثَرُ". وَلِأَحْمَدَ6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، وَفِيهِ "إمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا، أَوْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، أَوْ يصرف عنه من السوء مثلها". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجْتَنِبُ السَّجْعَ، أَيْ قَصْدَهُ، وَسُئِلَ ابْنُ عَقِيلٍ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِي الْقُرْآنِ سَجْعٌ؟ فَأَجَابَ بِالْجَوَازِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق:21] {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19] {ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} [ق:20] وَكَمَا فِي الشَّمْسِ، وَالذَّارِيَاتِ، وَ "ص "، قَالَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ: لَوْ سَكَتَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ هَذَا كَانَ أَحْسَنَ، وَأَجَابَ قَبْلَهُ بِمِثْلِهِ الْغَزَالِيُّ، وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ الِاعْتِدَاءِ فَقَالَ: يَدْعُو بِدُعَاءٍ غير1 مَعْرُوفٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُكْرَهُ الِاعْتِدَاءُ فِي الدُّعَاءِ، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف:55] وَبِالْأَخْبَارِ فِيهِ2. قَالَ: ويكون فِي نَفْسِ الطَّلَبِ، وَفِي نَفْسِ الْمَطْلُوبِ, وَفِي الْفُصُولِ فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ: الْإِسْرَارُ بِالدُّعَاءِ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن الإفراط في ـــــــــــــــــــــــــــــ تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ الِاعْتِدَاءِ قَالَ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْرُوفٍ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَوُجِدَ فِي بَعْضِهَا يَدْعُو بِدُعَاءٍ غَيْرِ مَعْرُوفٍ وَهُوَ أَوْلَى لِأَنَّهُ طِبْقُ السُّؤَالِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَمُرَادُهُ يَدْعُو بِدُعَاءٍ مَعْرُوفٍ لا غير معروف. 1 لسيت في "ب" و "س". 2 من ذلك ما أخرجه أبو داود "96" أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول: اللهم أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها. فقال: أي بني سل الله الجنة وتعوذ به من النار فإني سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء".
الدُّعَاءِ، وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى ارْتِفَاعِ الصَّوْتِ1، وَكَثْرَةِ الدُّعَاءِ، كَذَا قَالَ. وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعَمِّمُ "م 27" وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قِصَّةِ مُوسَى وَالْخَضِرِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى؛ لَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ". قَالَ: وَكَانَ إذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ: "رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي". وَفِي التِّرْمِذِيِّ3 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا "دَعْوَةُ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ فِي ظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: وَلَك بِمِثْلِ ذَلِكَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ4. وَلِأَبِي دَاوُد5: "قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ: آمِينَ، وَلَك بِمِثْلِ ذَلِكَ". وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "أَسْرَعُ الدُّعَاءِ إجَابَةً دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ". إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ6، وسبق حديث عائشة الذي رواه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِنَفْسِهِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُعَمِّمُ انْتَهَى، قُلْت: الثَّانِي أَوْلَى، وَلَوْ قيل: هو مخير كان متجها.
أَبُو دَاوُد1. وَفِي السُّنَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدْعُو فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، عُمَّ، فَإِنَّ فَضْلَ الْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ كَفَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ2. وَيُؤَمِّنُ الْمُسْتَمِعُ، وَتَأْمِينُهُ فِي أَثْنَاءِ دُعَائِهِ وَخَتْمِهِ بِهِ مُتَّجَهٌ، لِلْأَخْبَارِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَيْضًا خَتَمَهُ بِهِ. وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ، ذكره في الغنية من الأدب، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَآخَرِينَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الْأَجْوِبَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْأُصُولِيَّةِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "وم ش" قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا خِلَافًا بَيْنَنَا فِي كَرَاهَتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا وَمَا عَلِمْت أَحَدًا اسْتَحَبَّهُ، كَذَا قَالَ، وَصَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَّهُ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ رَفَعَ نَظَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَدَعَا بِالتَّعَوُّذِ الْمَشْهُورِ3. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي رِوَايَةُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ رَفْعُ وَجْهِهِ إلَى السَّمَاءِ، وَكَذَا الْإِشَارَةُ بِأُصْبُعِهِ فِي التَّشَهُّدِ، قَالَ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ الْإِشَارَةُ إلَى نَحْوِ السَّمَاءِ فِي الدُّعَاءِ. وَلِمُسْلِمٍ4 مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَادِ5: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، واسق من سقاني". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا أَهَمَّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ". وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ2 خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَى السَّمَاءِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِيهِ وَفِي الِاعْتِدَاءِ فِي الْجَهْرِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ مُنْكَرٌ، لَا يَجُوزُ. وَشَرْطُهُ3 الْإِخْلَاصُ، قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَاجْتِنَابُ الْحَرَامِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مِنْ الْأَدَبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا تَبْعُدُ إجَابَتُهُ، إلَّا مُضْطَرًّا أَوْ مَظْلُومًا، قَالَ وَذِكْرُ الْقَلْبِ وَحْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللِّسَانِ وَحْدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ عَكْسُهُ. وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ يَأْتِي فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ4، وَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ ذِكْرِ أَهْلِ الزكاة5 سؤال الغير الدعاء.
فصل: شروط الصلاة
فَصْلٌ: شُرُوطُ الصَّلَاةِ الْوَقْتُ ثُمَّ سَتْرُ الْعَوْرَةِ ثُمَّ طَهَارَةُ الْحَدَثِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَصْلِهِمْ هِيَ أَهَمُّ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِعُذْرٍ مَا ثُمَّ طَهَارَةُ الْخَبَثِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ثُمَّ النِّيَّةُ، وَسَبَقَ ذَلِكَ1. وَالشَّرْطُ: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الشَّيْءُ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ وَلَا عُذْرٌ. وَمَعَ الْعُذْرِ تَصِحُّ الصَّلَاةُ وَهَلْ يَقْضِي؟ وَسَبَقَ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا وَتُسَمَّى صَلَاةً، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ عَدِمَ الطَّهُورَ، وَاحْتَجَّ بِعَدَمِ بَقِيَّةِ الشَّرَائِطِ، وَبِأَنَّ اللَّهَ سَمَّاهَا صَلَاةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لَهَا فِي آيَةِ الْمَائِدَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي قَوْلًا يُقِيمُهَا تَشْبِيهًا بِالْمُصَلِّي، كَإِمْسَاكِهِ فِي رَمَضَانَ، وَسَبَقَ مَا يتعلق به ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوَّلَ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ1. فَأَمَّا إنْ اعْتَقَدَ حُصُولَ الشَّرْطِ كَمَنْ بَنَى عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ ظَاهِرًا، وَكَانَ فِي الْبَاطِنِ مُحْدِثًا، أَوْ مَا تَطَهَّرَ بِهِ نَجِسًا؛ فَهَلْ يُقَالُ: تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَقْضِيَ إلَى فَوَاتِ الثَّوَابِ كَثِيرًا، لَا سِيَّمَا فِيمَنْ احْتَاجَ إلَى كَثْرَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلِ، أَمْ "2لَا إعادة فقط2"، كما هو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظَاهِرُ قَوْلِهِمْ: الْمَشْرُوطِ عَدَمُهُ لِعَدَمِ شَرْطِهِ؟ يَتَوَجَّهُ احتمالان "م 28" وإن كان أَحَدُهُمَا أَرْجَحَ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ1: الْجَهَالَةُ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِ الْخَصْمِ عَلَى سَبِيلِ التَّهَزِّي ذَلِكَ مِمَّا لَا يُضَافُ إلَى الْحَاكِمِ بِهِ خَطَأً، وَلِهَذَا مَنْ جَهِلَ نَجَاسَةَ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ، أَوْ أَخْطَأَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ مَعَ اجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ، لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُ وَلَا أَجْرُ عَمَلِهِ لحديث عمر رضي الله عنه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 28: قَوْلُهُ: فَأَمَّا أَنْ اعْتَقَدَ حُصُولَ الشَّرْطِ كَمَنْ بَنَى عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُهُ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنُ مُحْدِثًا أَوْ مَا تَطَهَّرَ مِنْهُ نَجِسًا فَهَلْ يُقَالُ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهَا أَمْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فَقَطْ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ يُثَابُ عَلَيْهِ، وَالْعِبَادَةُ صَحِيحَةٌ فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْجَحَ: مَا قُلْنَاهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُثَابُ قَوْلٌ سَاقِطٌ، ثُمَّ وَجَدْت ابن نصر الله قال: ارجحهما الصحة.
فِي الْمِيزَابِ1، كَذَا قَالَ، وَحَدِيثُ عُمَرَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ وَلَا الْإِجَابَةُ دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ الْمُتَكَرِّرَةِ، وَأَيْنَ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ وَكَمَالُ أَجْرِهَا مَعَ عَدَمِ شَرْطِهَا؟ ثُمَّ ابْنُ عَقِيلٍ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ هُنَاكَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الطَّهَارَةِ2. وَأَرْكَانُ الصَّلَاةِ مَا كَانَ فِيهَا، وَلَا يَسْقُطُ عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَهِيَ: الْقِيَامُ "و" وَفِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ قدر التحريمة، وقد أدرك ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهان3 الأول: فوله بعد ذلك وَلِهَذَا مَنْ جَهِلَ نَجَاسَةَ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ بِنَاءً عَلَى حُكْمِ الْأَصْلِ, أَوْ أَخْطَأَ جِهَةَ القبلة بزيادة ألف قبل الواو.
الْمَسْبُوقُ فَرْضَ الْقِيَامِ وَلَا يَضُرُّهُ مَيْلُ رَأْسِهِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: حَدُّ الْقِيَامِ مَا لَمْ يَصِرْ رَاكِعًا، وَلَوْ قَامَ عَلَى رِجْلٍ لَمْ يُجِزْهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ يَجْزِيه، وَنَقَلَ خَطَّابُ بْنُ بَشِيرٍ1 لَا أَدْرِي. "2وَالْإِحْرَامُ بِلَفْظِهِ2"، وَسَبَقَ تَعْيِينُهُ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ مِنْ الصَّلَاةِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ شَرْطٌ، وَلِهَذَا يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُهَا، فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ بِنَاءُ النَّفْلِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْفَرْضِ، حَتَّى لَوْ صلى الظهر صح إلَى النَّفْلِ بِلَا إحْرَامٍ جَدِيدٍ، وَلَوْ قَهْقَهَ فِيهَا أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ، وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى:15] وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ" 3 وَلَا يُضَافُ الشَّيْءُ إلَى نَفْسِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثاني: قوله:"عند الحنفية ... حتى لو صلى الظهر ... إلى النفل" كذا وجد, وصوابه –والله أعلم – صح صرفه وانتقاله إلى النفل.
وَالْفَاتِحَةُ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ". وَرُكُوعُهُ "ع". وَرَفْعُهُ مِنْهُ "هـ". وَاعْتِدَالُهُ "وش" فَلَوْ طَوَّلَهُ لَمْ تَبْطُلْ "ش" وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْمَاطِيُّ1: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُطِيلُهُ، وَيُطِيلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، لِأَنَّ الْبَرَاءَ أَخْبَرَ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ طَوَّلَهُ قَرِيبَ قِيَامِهِ وَرُكُوعِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَفِي مُسْلِمٍ3 عَنْ حُذَيْفَةَ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اللَّيْلِ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ. وَالسَّجْدَتَانِ. وَجَلَسْته بَيْنَهُمَا كَرَفْعِهِ وَاعْتِدَالِهِ "و" إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ رَفْعُ الرَّأْسِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لِتَحَقُّقِ الِانْتِقَالِ، حَتَّى لَوْ تَحَقَّقَ الِانْتِقَالُ بِدُونِهِ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى وِسَادَةٍ فَنُزِعَتْ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَ وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى مَكَان ثُمَّ أَزَالَهَا إلَى مَكَان فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفِعْلَانِ لِاخْتِلَافِ الْمَكَانَيْنِ، وَمَعَ هَذَا لَا يُجْزِيهِ. وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ "هـ م ر" وَهِيَ السُّكُونُ، وَقِيلَ بِقَدْرِ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ وَقِيلَ:، بِقَدْرِ ظَنِّهِ أَنَّ مَأْمُومَهُ أَتَى بِمَا يَلْزَمُهُ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الطُّمَأْنِينَةُ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِيهِمَا قِيلَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: وَاجِبَةٌ، يَجِبُ بتركها ساهيا سجود السهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالتَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ "م ر"1. وَجِلْسَتُهُ "وهـ م ش"2 لَا بِقَدْرِ التَّسْلِيمِ "م" وَعَنْهُ وَاجِبَانِ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ، وَعَنْهُ التَّشَهُّدُ، وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، فَيُسِيءُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا، وَإِلَّا سَجَدَ لِلسَّهْوِ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْوَاجِبِ. وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَشْهَرِ عَنْهُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَفِي الْمُغْنِي3 هِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ "وهـ م" كخارج الصلاة "و" إلا أن "م" أوجبها في الجملة، وأوجبها "هـ" خَارِجَهَا، فَقِيلَ: مَرَّةً فِي الْعُمُرِ، وَقِيلَ: كُلَّمَا ذَكَرَ. وَالتَّسْلِيمَةُ الْأُولَى "هـ" فَعِنْدَهُ يَخْرُجُ بِمَا يُنَافِيهَا، فَيُعْتَبَرُ قَصْدُهُ وَفِعْلُهُ لَهُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يُعْتَبَرُ وَيُعْتَبَرُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ الْمَذْكُورُ، فَلَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك لَمْ يَصِحَّ "وش" وَغَيْرُهُ، وَالسَّلَامُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي ظَاهِرِ كلامه، وقاله الأصحاب "هـ"4، وَظَاهِرُهُ وَالثَّانِيَةُ، وَفِيهَا فِي التَّعْلِيقِ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مِنْهَا، وَالثَّانِيَةُ لَا، لِأَنَّهَا لَا تُصَادِفُ جُزْءًا مِنْهَا إذَا قَالَهَا، وَهَلْ الثَّانِيَةُ رُكْنٌ أَوْ واجبة؟ فيه روايتان، وعنه سنة "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اختاره الشيخ وعنه في النفل "م 29". والترتيب "وط. وَوَاجِبَاتُهَا الَّتِي تَبْطُلُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَتَسْقُطُ سَهْوًا. وَفِي الرِّعَايَةِ أَوْ جَهْلًا نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَجْبُرُهُ بِالسُّجُودِ "هـ ش" فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ "م" فيه وفي الأخير. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 29: قَوْلُهُ: وَهَلْ الثَّانِيَةُ يَعْنِي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ رُكْنٌ أَوْ وَاجِبَةٌ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَعَنْهُ سُنَّةٌ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ فِي النَّفْلِ، انْتَهَى. إحْدَاهُنَّ: هِيَ رُكْنٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ فِي عَدَّ الْأَرْكَانِ، وَالْمُنَوِّرِ، قَالَ فِي المذهب ركن في أصح الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي، وَالْأَكْثَرُونَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ وَاجِبَةٌ، قَالَ الْقَاضِي وَهِيَ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهَا نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَهُمَا وَاجِبَانِ، لَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِغَيْرِهِمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْوُجُوبِ ضِدُّ الرُّكْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَنْهُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي1، وَقَالَ إنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْوَاجِبَاتِ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ إجْمَاعًا، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْمُنْذِرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزَةٌ، قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ، وَهَذِهِ عَادَةُ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ إذَا رَأَى قَوْلَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ حَكَاهُ إجْمَاعًا، قُلْت وَحِكَايَةُ ابْنِ رَزِينٍ الْإِجْمَاعَ فِيهِ نَظَرٌ، مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافِ عَنْ أَحْمَدَ بَلْ هُوَ متناقض.
التَّكْبِيرُ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ. فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ، فَقِيلَ يُجْزِيه لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ، وَقِيلَ لَا، كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ "م 30" وكما لا يأتي بتكبير ركوع أَوْ سُجُودٍ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَوْقُوفًا "و" وَيَجْزِيه فِيمَا بَيْنَ الِانْتِقَالِ وَالِانْتِهَاءِ، لِأَنَّهُ في محله. والتسميع والتحميد، وفيهما ما في التكبير. وَالتَّسْبِيحُ رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَعَنْهُ: الْكُلُّ رُكْنٌ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ "و". وَكَذَا قَوْلُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي مرة، وعنه سنة "وش" وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يُجْزِئُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي. وَالتَّشَهُّدُ الأول. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 30: قَوْلُهُ: فَلَوْ شَرَعَ فِيهِ يَعْنِي التَّكْبِيرَ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ انْتِقَالِهِ، أَوْ كَمَّلَهُ بَعْدَ انْتِهَائِهِ، فَقِيلَ: يُجْزِيه، لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ، وَقِيلَ: لَا1 كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَمَنْ كَمَّلَ قِرَاءَتَهُ رَاكِعًا، أَوْ أَتَى بِالتَّشَهُّدِ قَبْلَ قُعُودِهِ فَلَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُجْزِيه لِلْمَشَقَّةِ لِتَكَرُّرِهِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّ التَّحَرُّزَ مِنْهُ يَعْسَرُ، وَالسَّهْوَ بِهِ يَكْثُرُ، فَفِي الْإِبْطَالِ بِهِ، أَوْ السُّجُودِ لَهُ مَشَقَّةٌ، وَمَالَ إلَيْهِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ فِيمَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ تُجْزِئُ فِي حَالِ الْقِيَامِ، خِلَافَ مَا يَقُولُهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِيهِ وَجْهَانِ، أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، قُلْت وَهُوَ الصواب.
وجلسته كالتكبير "ق"1. وَأَوْجَبَ الْحَنَفِيَّةُ جِلْسَتَهُ، وَبَعْضُهُمْ هُوَ أَيْضًا عَلَى أَصْلِهِمْ فِي الْوَاجِبِ، وَكَذَا عِنْدَهُمْ فِي تَعْيِينِ القراءة في الأوليين. وَرِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي فِعْلٍ مُتَكَرِّرٍ فِي رَكْعَةٍ، كالسجدة، حَتَّى لَوْ تَرَكَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَقَامَ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ. وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ. وإصابة لفظ السلام. وقنوت الوتر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ. وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْخُشُوعُ سُنَّةٌ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَمَعْنَاهُ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وُجُوبَهُ، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي بَعْضِهَا، وَإِنْ أَرَادَ فِي كُلِّهَا فَإِنْ لَمْ تَبْطُلْ بِتَرْكِهِ كَمَا يَأْتِي مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا فَخِلَافُ قَاعِدَةِ تَرْكِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ أَبْطَلَ بِهِ فَخِلَافٌ "ع" وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْأَخْبَارِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ سُنَّةٌ، لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، وَفِي بَعْضِهِ خِلَافٌ سَبَقَ. وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ لَا يَجِبُ السُّجُودُ لِسَهْوِهِ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْهَا، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَسْجُدُ فَسَجَدَ فَلَا بَأْسَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ لِسَهْوِهِ رِوَايَاتٌ: الثَّالِثَةُ يُسَنُّ لِسُنَنِ الْأَقْوَالِ، لا لسنن الأفعال "م 32,31" "وم" فيما هو سنة عنده، وهو التسميع، والتكبير، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 31: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِحْبَابِ السُّجُودِ لِسَهْوِهِ يَعْنِي لِسَهْوِ سُنَنِ الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ رِوَايَاتٌ الثَّالِثَةُ يُسَنُّ لِسُنَنِ الْأَقْوَالِ لَا لِسُنَنِ الْأَفْعَالِ انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 31: سُنَنُ الْأَقْوَالِ، وَقَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ أَنَّ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَتَيْنِ هَلْ يَسْجُدُ لِسَهْوِهَا أَمْ لَا، وَأَطْلَقَهُمَا المصنف، وصاحب الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2، وَالْمُقْنِعِ3، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالشَّرْحِ3،
وَالتَّشَهُّدَانِ، وَجُلُوسُهُمَا، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والجهر، والإخفات، والسورة "وهـ" في الثلاثة الأخيرة، وتكبير العيد، والقنوت، "وش" فِي الْقُنُوتِ، وَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه عِنْدَهُ، وَسَمَّى أَبُو الْفَرَجِ الْوَاجِبَ سُنَّةً اصْطِلَاحًا، وَكَذَا قَالَ ابْنُ شِهَابٍ، كَمَا سَمَّى الْمَبِيتَ، وَرَمْيَ الْجِمَارِ، وَطَوَافَ الصَّدْرِ سُنَّةً وَهُوَ وَاجِبٌ. وَمَنْ أَتَى بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهٍ مَكْرُوهٍ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ مَكْرُوهٍ "و". وَإِنْ تَرَكَ وَاجِبًا فَسَبَقَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا كَامِلَةً. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: يَجِبُ الشَّيْءُ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ كَالْكَفَّارَةِ، وَكَالطَّهَارَةِ لِلنَّفْلِ، فَلَا يَمْتَنِعُ مِثْلُهُ هُنَا، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَيَأْتِي بِهِ، وَيَكْفِيه. وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا وَلَمْ يَدْرِ أَفَرْضٌ أَمْ سُنَّةٌ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ لِلشَّكِّ فِي صِحَّتِهِ، وَإِنْ اعْتَقَدَ الْفَرْضَ سُنَّةً أَوْ عَكْسَهُ فَأَدَّاهَا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ بَنَاهَا عَلَى اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ، ذكره ابن الزاغوني، فظاهر كلامهم خلافه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوشرح ابن منجا، وَالْمُذْهَبِ لِأَحْمَدَ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِيَيْنِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ: إحْدَاهُمَا: يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُشْرَعُ، قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: لَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ النَّظْمُ، وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدُ الْعِنَايَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا يُسَنُّ في رواية،
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَضُرُّهُ، إنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ الرُّكْنَ مِنْ الشَّرْطِ وَالْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ، وَرَدَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَحِّحْ الِائْتِمَامَ بِمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْفَاتِحَةَ نَفْلٌ بِفِعْلِ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ، مَعَ شِدَّةِ اخْتِلَافِهِمْ، فيما هو الفرض ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، فِي آخَرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 32: سُنَنُ الْأَفْعَالِ وَقَدْ أَجْرَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِيهَا كَسُنَنِ الْأَقْوَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ، وَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ هُنَا قَوْلًا وَاحِدًا. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ أَنَّ فِيهَا أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يُشْرَعُ السُّجُودُ لِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2، وَالْمُقْنِعِ3 قَالَ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ تَرْكُهُ أَوْلَى. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْرَعُ السُّجُودُ لَهَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا. فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ الله الكريم بتصحيحها.
وَالسُّنَّةُ، وَلِأَنَّ اعْتِقَادَ الْفَرْضِيَّةِ وَالنَّفْلِيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، لَا تَفَاصِيلِهَا، لِأَنَّ مَنْ صَلَّى يَعْتَقِدُ الصَّلَاةَ فَرِيضَةً، فَأَتَى بِأَفْعَالٍ يَصِحُّ مَعَهَا الصَّلَاةُ بَعْضُهَا فَرْضٌ وَبَعْضُهَا نَفْلٌ وَهُوَ يَجْهَلُ الْفَرْضَ مِنْ السُّنَّةِ أَوْ يَعْتَقِدُ الْجَمِيعَ فَرْضًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ "ع" وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ فِي حَنَفِيٍّ اقْتَدَى بِمَنْ يَرَى الْوَتْرَ سُنَّةً يَجُوزُ لِضَعْفِ دَلِيلِ وُجُوبِهِ، ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، وَكَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَتَى أَتَى بِالشَّرَائِطِ جَازَ الِائْتِمَامُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ فَالشَّافِعِيُّ يَمْسَحُ جَمِيعَ رَأْسِهِ سُنَّةً لَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَمَّ فِي الْفَرِيضَةِ بِنِيَّةِ النَّافِلَةِ أَوْ يَمْسَحُ رِجْلَيْهِ، قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِيمَا عُلِمَ خَطْؤُهُ، كَنَقْضِ الْقَضَاءِ. وَفِي النَّصِيحَةِ لِلْآجُرِّيِّ يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَتَّى يَعْلَمَ فَرْضَ الطَّهَارَةِ مِنْ السُّنَّةِ؛ وَأَنَّ الْوَاجِبَاتِ الْمَذْكُورَاتِ سُنَنٌ، مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ غَيْرَهَا مِنْ السُّنَنِ؛ كَالْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَالِافْتِتَاحِ، وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ مَعَ التَّكْبِيرِ، وَالتَّوَرُّكِ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَعَادَ، لِأَنَّ مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ عَصَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ يُشْبِهُ كَلَامَ الْمَالِكِيَّةِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ التَّعَلُّمُ، وَأَنَّ صَلَاةَ الْجَاهِلِ وَإِمَامَتَهُ لَا تَصِحُّ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ1 مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ: "ارْجِعْ فصل فإنك لم تصل"2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ما يستحب في الصلاةأو يباح، أو يكره، أو يبطلها
باب ما يستحب في الصلاةأو يباح، أو يكره، أو يبطلها مدخل ... باب ما يستحب في الصلاةأو يباح، أو يكره، أو يبطلها تستحب إلَى سُتْرَةٍ "وَ" وَلَوْ لَمْ يَخْشَ مَارًّا "م ر" وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا بَأْسَ إذًا، وَأَطْلَقَ فِي الْوَاضِحِ يَجِبُ مِنْ جِدَارٍ، أَوْ شَيْءٍ شَاخِصٍ، وَعُرْضُهُ أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَلَوْ بِسَهْمٍ" 1. يُقَارِبُ طُولَ ذِرَاعٍ" "وَ" نَصَّ عَلَيْهِ يَقْرُبُ مِنْهَا، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَأَقَلُّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، يَنْحَرِفُ عَنْهَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ غَرَزَ عَصًا وَوَضَعَهَا، خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ خَطَّ خَطًّا كَالْهِلَالِ، لَا طُولًا2 "ش" قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَيَكْفِي، وَعَنْهُ يُكْرَهُ الْخَطُّ "وهـ م". وَيَحْرُمُ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ. وَفِي الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا وَيُكْرَهُ "وهـ" الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ كُلِّ مُصَلٍّ وَسُتْرَتِهِ وَلَوْ بَعُدَ مِنْهَا "وش" وَكَذَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَرِيبًا فِي الْأَصَحِّ ش" وَهُوَ ثلاثة أذرع، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: الْعُرْفُ، لَا مَوْضِعُ سُجُودِهِ وَمَسْجِدٍ صَغِيرٍ مُطْلَقًا "هـ" وَيُتَوَجَّهُ مِنْ قَوْلِنَا وَلَوْ صَلَّى عَلَى دُكَّانٍ1 بِقَدْرِ قَامَةِ الْمَارِّ لَا بَأْسَ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَيُسْتَحَبُّ رَدُّ الْمَارِّ "و" وَيُنْقِصُ صَلَاتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي إنْ تَرَكَهُ قَادِرًا، وَعَنْهُ يَجِبُ رَدُّهُ، وَإِنْ غَلَبَهُ لَمْ يَرُدَّهُ "و" وَإِنْ احْتَاجَ إلَى الْمُرُورِ لَمْ يَرُدَّهُ، وَقِيلَ بَلَى. وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ هُنَاكَ وَلَا تَحْرُمُ "هـ" وَهَلْ مَكَّةُ كَغَيْرِهَا هَاهُنَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 1" وَفِي الْمُغْنِي2 وَالْحَرَمِ كَمَكَّةَ، وَنَقَلَ بكر يكره المرور بين ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَهَلْ مَكَّةُ كَغَيْرِهَا: يَعْنِي فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي وَالسُّتْرَةِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَيْسَتْ كَغَيْرِهَا، بَلْ يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فِيهَا مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَلَا كَرَاهَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ به في المغني3، والكافي4
يَدَيْهِ إلَّا بِمَكَّةَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى دَفَعَهُ "هـ" فَإِنْ أَصَرَّ فَلَهُ قِتَالُهُ على الأصح، ولو مشى "م" فإن خَافَ فَسَادَ صَلَاتِهِ لَمْ يُكَرِّرْ دَفْعَهُ. وَيَضْمَنُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ أَوْ يَدَيْهِ قَرِيبًا وَعَنْهُ فِي غَيْرِ نَفْلٍ، وَعَنْهُ وَجِنَازَةٍ كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ، وَعَنْهُ أَوْ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ بَطَلَتْ "خ" وَفِي امْرَأَةٍ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَشَيْطَانٍ رِوَايَتَانِ، وَكَلَامُهُمْ فِي الصغيرة ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُذْهَبِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ كَغَيْرِهَا. "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَدَّمَهُ هُوَ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ مَرَّ دُونَ سُتْرَتِهِ
يحتمل وجهين "م 2 - 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَكَّةَ، وَقِيلَ وَالْحَرَمُ كَلْبٌ أَسْوَدُ بَهِيمٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِفَصْلَيْنِ: وَلَهُ رَدُّ الْمَارِّ أَمَامَهُ دُونَ سُتْرَتِهِ، وَعَنْهُ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ، وَقِيلَ: يَرُدُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَكَّةَ، وَقِيلَ: وَالْحَرَمُ، وعنه وفيهما، انتهى. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي امْرَأَةٍ وَحِمَارٍ أَهْلِيٍّ رِوَايَتَانِ، وَكَلَامُهُمْ فِي الصَّغِيرَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي امْرَأَةٌ أَوْ حِمَارٌ أَهْلِيٌّ فَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَخِصَالِ ابْنِ الْبَنَّاءِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ1، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ فِي الشَّرْحِ1، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِيَ الْمَشْهُورَةُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ هِيَ أَشْهَرُهَا، وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ لَا تَبْطُلُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2، والكافي3، وإدراك الغاية
وَلَيْسَ وُقُوفُهُ كَمُرُورِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَا يكره بعير، وظهر رجل، ونحوه، ذكره صاحب المحرر. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَبْطُلُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَرَجَّحَهُ الشَّارِحُ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْمُغْنِي1، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ هُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ "قُلْتُ" وَهُوَ الصَّوَابُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَحِمَارٌ أَهْلِيٌّ هُوَ فِي نُسَخٍ صَحِيحَةٍ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَمْ يَذْكُرُ أَهْلِيٌّ، وَالصَّوَابُ ذِكْرُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وجها بأن حمار الوحش كَالْأَهْلِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي النُّكَتِ اسْمُ الْحِمَارِ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودِ الْمَأْلُوفِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَمَنْ صَرَّحَ بِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِمُرَادٍ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ، انْتَهَى، "قُلْت" لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ، فَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو الْبَقَاءِ وَجْهًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَاعِدَةِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ، قَالَ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ، مِثْلُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ فَهَلْ، يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ بَقَرِ الْوَحْشِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي التَّرْغِيبِ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حِمَارًا فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَكَذَا وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ وَمَا أَشْبَهَهُ، انْتَهَى، كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَرَأَيْت بِخَطِّهِ عَلَى شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْمَجْدِ يَقُولُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَحَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَنْ الشَّرِيفِ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُجَرَّدِ وَيَقْطَعُ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَحْشِيَّ يُخَالِفُهُ مِنْ طَهَارَتِهِ وَإِبَاحَةِ أَكْلِهِ، فَافْتَرَقَا، انْتَهَى، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا تَقْوِيَةُ دُخُولِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: مُرُورُ الشَّيْطَانِ هَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ، وَجَعَلَهُ كَمُرُورِ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، ذكره كثير من الأصحاب،
وفي سترة مغصوبة ونجسة وجهان "م 5 - 6" فالصلاة إليها كالمقبرة، قال ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَنَّ مُرُورَ الشَّيْطَانِ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ، وَإِنْ قُلْنَا يَقْطَعُهَا مُرُورُ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَهَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ مُرُورُ الشَّيْطَانِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: يَقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا. وَالثَّانِي: لَا يَقْطَعُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، انْتَهَى. "قُلْتُ" عَدَمُ الْقَطْعِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، لاقتصارهم على الثلاثة. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4: مُرُورُ الصَّغِيرَةِ هَلْ هُوَ كَمُرُورِ الْمَرْأَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَلَامُ الْأَصْحَابِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، قَالَ فِي النُّكَتِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّغِيرَة لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا امْرَأَةٌ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، قَالَ وَقَدْ يُقَالُ يُشْبِهُ خَلْوَةَ الصَّغِيرَةِ بِالْمَاءِ، هَلْ يَلْحَقُ بِخَلْوَةِ الْمَرْأَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "قُلْتُ" الصَّوَابُ أَنَّ مُرُورَهَا لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ قُلْنَا تَقْطَعُهَا الْمَرْأَةُ، وَكَلَامُهُ فِي النُّكَتِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ خَلَوْتَهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الْمَاءِ مَنْعًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَطْعَ الصَّلَاةِ بِالْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ، بَلْ هُوَ تَعَبُّدِيٌّ، فَيَقْوَى عَدَمُ قَطْعِهَا لِلصَّلَاةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ أيضا في حواشيه. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَفِي سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَنَجِسَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَمَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، فَهَلْ يَقْطَعُهَا أَمْ لَا؟ أَوْ مَرَّ مِنْ وَرَائِهَا مَنْ يُكْرَهُ مُرُورُهُ، فَهَلْ يكره أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ2، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ والرعاية الصغرى، والحاويين وغيرهم.
صاحب النظم وعلى قياسه سترة الذَّهَبِ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْهَا لَوْ وَضَعَ الْمَارُّ سُتْرَةً وَمَرَّ، أَوْ تَسَتَّرَ بِدَابَّةٍ جَازَ. وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ "و" وَلَا عَكْسَ "و" فَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ سُتْرَةٌ، وَلَيْسَتْ سُتْرَةً لَهُ، وَذَكَرُوا أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إذَا مَرَّ مَا يُبْطِلُهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا فِيمَا يُبْطِلُهَا خَاصَّةً، وَأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَهْيِ الْآدَمِيِّ عَنْ الْمُرُورِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي لَا يَدَعُ شَيْئًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدِهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ دُونَ أَصْحَابِهِ لَكِنْ قَدْ احتجوا بمرور ابن عباس بالأتان ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: كَغَيْرِهَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِإِطْلَاقِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَعْتَدُّ بِهَا، فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا، جَزَمَ بِهَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ "قُلْتُ" وَهَذَا الصَّوَابُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ وَعَلَّلَهُمَا، وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الصَّلَاةُ فِي الْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ، انْتَهَى، وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ، فَكَذَا يَكُونُ هُنَا، وَهُوَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ6: إذَا صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ نَجِسَةٍ فَهَلْ هِيَ كَالطَّاهِرَةِ أَمْ لا يعتد بها أطلق الخلاف. أحدهما: هِيَ كَالطَّاهِرَةِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْتُ" وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ، وَهُوَ ظاهر كلام الأصحاب. والوجه الثاني: وجودها كَعَدَمِهَا "قُلْتُ" وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نظر، والصحيح الفرق بين المغصوبة والنجسة.
بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ1، وَهَذَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ يَحْتَمِلُ الْبَعْدُ، مَعَ أَنَّهُ فِي الْحَرَمِ، وَيَحْتَمِلُ عَدَمُ الْإِمْكَانِ، وَحُضُورُ شَاغِلٍ عَنْهُ، وَلَوْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، بَلْ كَانَ يُضِيفُ عَدَمَ الْإِنْكَارِ إلَيْهِ، وَغَايَتُهُ إقْرَارُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ، وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الْبَهِيمَةَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَرَأَهَا حَتَّى الْتَصَقَ بِالْجِدَارِ فَمَرَّتْ مِنْ وَرَائِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ2 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ إلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَلَمْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ، وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا إنْ صَحَّ فَقَضِيَّةُ عَيْنٍ تَحْتَمِلُ أنها لم تمر بين أيديهم، مع احْتِمَالِ الْبُعْدِ، أَوْ تَرَكُوهَا لِظَنِّهِمْ عَدَمَ الْإِمْكَانِ، مَعَ أَنَّهُ مَقَامُ كَرَاهَةٍ، وَهَذَا مِنْهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ، فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمَنْ وَجَدَ فُرْجَةً فِي الصَّفِّ قَامَ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِحِذَائِهِ، فَإِنْ مَشَى إلَيْهَا عَرْضًا كُرِهَ، وَعَنْهُ لَا، وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: لَمْ أر أحدا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي سُتْرَةِ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَمَا فِيهِمَا مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ قَالَ فَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَغَيْرِهِمْ انْتَهَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، صَوَابُهُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ، لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ أَعْنِي "3عُمُومَ سُتْرَةٍ3" لِمَا يُبْطِلُهَا وَلِغَيْرِهِ، كمرور الآدمي، ومنع المصلي المار، انتهى.
تَعَرَّضَ لِجَوَازِ مُرُورِ الْإِنْسَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَأْمُومِينَ، فَيَحْتَمِلُ جَوَازُهُ اعْتِبَارًا بِسُتْرَةِ الْإِمَامِ لَهُمْ حُكْمًا، وَيَحْتَمِلُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِعَدَمِ الْإِبْطَالِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَمُرَادُهُ عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ: اخْتَلَفُوا هَلْ سُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ أَمْ هِيَ سُتْرَةٌ لَهُ خَاصَّةً وَهُوَ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ مَعَ الِاتِّفَاقِ أَنَّهُمْ مُصَلُّونَ إلَى سُتْرَةٍ وَلِمُسْلِمٍ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "إنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ". أَيْ التُّرْسُ، يَمْنَعُ مِنْ نَقْصِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، لَا أَنَّهُ يُجَوِّزُ الْمُرُورَ قُدَّامَ الْمَأْمُومِ كَمَا سَبَقَ، وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ2 حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بن يعقوب الرخامي3، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ خِرِّيتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي، فَمَرَّتْ شَاةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَسَاعَاهَا إلَى الْقِبْلَةِ، حَتَّى أَلْصَقَ بَطْنَهُ بِالْقِبْلَةِ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ4، عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ5، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ الشِّيرَازِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَكَّامٍ، عَنْ جَرِيرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي الْمُخْتَارَةِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَلَا يُجِيبُ الْوَالِدُ فِي نَفْلٍ أَنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْهَا، فَقَالَ: يُرْوَى عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ إذَا دَعَتْك أُمُّك فِيهَا فَأَجِبْهَا، وَأَبُوك لَا تُجِبْهُ، وَكَذَا الصَّوْمُ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ يَرْوِي عَنْ الْحَسَنِ لَهُ أَجْرُ البر، وأجر الصوم إذا أفطر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجِبُ أَنْ يُجِيبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَفْلٍ1 وَفَرْضٍ "و" وَإِنْ قَرَأَ آيَةً فِيهَا ذِكْرُهُ صَلَّى عَلَيْهِ فِي نَفْلٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ وَمَذْهَبُ "هـ" تَبْطُلُ مُطْلَقًا، إنْ سَمِعَ اسْمَهُ، أَوْ كَانَ عَادَةً لَهُ. وَيَجِبُ رَدُّ كَافِرٍ مَعْصُومٍ دَمُهُ عَنْ بِئْرٍ فِي الْأَصَحِّ، كَمُسْلِمٍ، فَيَقْطَعُ، وَقِيلَ: يُتِمُّ، وَكَذَا إنْ فَرَّ مِنْهُ غَرِيمُهُ، نَقَلَ حُبَيْشٌ يَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ، وَكَذَا إنْقَاذُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ نَفْلًا، وَإِنْ أَبَى صَحَّتْ، ذَكَرُوهُ فِي الدار المغصوبة.
فصل: لا بأس بعمل يسير للحاجة
فَصْلٌ: لَا بَأْسَ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ لِلْحَاجَةِ "و" وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا "و" وَقِيلَ يُسَنُّ لِسَهْوِهِ سُجُودٌ، وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ "م ر" وَالْعَقْرَبِ "م ر" والقملة، وعنه فيها يكره "وم" وَعِنْدَ الْقَاضِي: التَّغَافُلُ عَنْهَا أَوْلَى، وَفِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ، وَنَصُّهُ يُبَاحُ قَتْلُهَا فيه "م 7" والمراد ويخرجها أو يدفنها، وقيل للقاضي: يكره قتلها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَلَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْقَمْلَةِ، وَعَنْهُ فِيهَا يُكْرَهُ، وَفِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَانِ، وَنَصُّهُ يُبَاحُ قَتْلُهَا فِيهِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى. إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَالْبُصَاقِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: أَعْمَاقُ الْمَسْجِدِ كَظَاهِرِهِ فِي وُجُوبِ صِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ، انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا بِنَجَاسَةِ دَمِهَا مُنِعَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ2 وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي جَوَازِ دَفْنِهَا فِي الْمَسْجِدِ وَجْهَيْنِ، وَلَعَلَّهُمَا مبنيان على الخلاف ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 فتح الباري لابن رجب 3/137.
وَدَفْنُهَا فِيهِ كَالنُّخَامَةِ؟ فَقَالَ: دَفْنُ النُّخَامَةِ كَفَّارَةٌ لَهَا، فَإِذَا دَفَنَهَا كَأَنَّهُ لَمْ يَتَنَخَّمْ، كَذَا إذَا دَفَنَ الْقَمْلَةَ كَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا، وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ قَالَ: رَأَيْت أَحْمَدَ فِي الْجَامِعِ يَبْزُقُ فِي التُّرَابِ وَيَدْفِنُهُ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: وَكَيْفَ يَجُوزُ فِعْلُ الْخَطِيئَةِ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُهَا؟ ثُمَّ احْتَجَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا، وَقِيلَ يُعَالِجُ أَوْ يَنْسَى، كَذَا قَالَ، وَمَنْ يُجَوِّزُ هَذَا يَقُولُ: إنَّمَا يَكُونُ خَطِيئَةً إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَكْفِيرَهَا، فَلَا تَعَارُضَ، وَلِأَحْمَدَ1 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ "قَتْلُ الْقَمْلَةِ وَدَفْنُهَا فِي الْمَسْجِدِ" رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابن مسعود2. ونقل المروذي3: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَتْلِ الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: أَرْجُو أَلَّا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: أَعْمَاقُ الْمَسْجِدِ كَظَاهِرِهِ في وجوب صيانته عن النجاسة. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي طَهَارَةِ دَمِهَا وَنَجَاسَتِهِ. انْتَهَى. قُلْتُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ طَهَارَةُ دَمِ الْقَمْلِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب، وقدمه المصنف وغيره.
وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَعَدُّ الْآيِ بِأَصَابِعِهِ "هـ ش" كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَفِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ روايتان "م 8" والقراءة في المصحف "وش" وعنه: نفلا "وم" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ، تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كَرَاهَةِ عَدِّ التَّسْبِيحِ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ فِي مَعْنَى عَدِّ الْآيِ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَا يُكْرَهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَلَهُ عَدُّ التَّسْبِيحِ فِي الْأَصَحِّ، قال المجد في شرحه وتبعه في مجمع الْبَحْرَيْنِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، انْتَهَى، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُقْنِعِ3، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يكره، قال الناظم وهو الأجود، وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْمُبَاحِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَقَالَا نَصَّ عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، قُلْتُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ في المغني1
وَعَنْهُ لِغَيْرِ حَافِظٍ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ فَرْضًا، وَقِيلَ ونفلا "وهـ" لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرٍ كَاعْتِمَادِهِ بِحَبْلٍ فِي قِيَامِهِ وَحَمَلَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ1 قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى غَيْرِ الْحَافِظِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ هَلْ أَرَادَ آيَةً أَمْ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ؟ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ يُكْرَهُ فَقَطْ، قَالَ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ قَاسَهُ عَلَى الْمُتَلَقِّنِ لَا نُسَلِّمُ هَذَا، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُصْغِي إلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ وَيَحْفَظُهُ وَيَقْرَؤُهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا مَا يَمْنَعُ من ذلك "هـ". ورد السلام إشارة "وم ش" وعنه يكره "وهـ" وَعَنْهُ فِي فَرْضٍ، وَعَنْهُ يَجِبُ، وَلَا يَرُدُّهُ فِي نَفْسِهِ "هـ" بَلْ يُسْتَحَبُّ بَعْدَهَا، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ وَلَوْ صَافَحَ إنْسَانًا يُرِيدُ السَّلَامَ عَلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. وَلَهُ السَّلَامُ على المصلي "وم"2 وعنه يكره "وش" وَقَاسَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْمَشْغُولِ بِمَعَاشٍ أَوْ حِسَابٍ، كَذَا قَالَ. وَيُتَوَجَّهُ إنْ تَأَذَّى بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي فَرْضٍ، وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ إنْ عَرَفَ كَيْفِيَّةَ الرَّدِّ، وإن كثر ذلك عرفا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ3 فَإِنَّهُمَا قَالَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَا أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ، وَإِنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ عَدَّ التَّسْبِيحِ دُونَ الْآيِ لِأَنَّ، الْمَنْقُولَ عَنْ السَّلَفِ إنما هو عد الآي انتهى
بِلَا ضَرُورَةٍ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ عِنْدَ الْفَاعِلِ، وَقِيلَ ثَلَاثًا "وش" وَقِيلَ مَا ظُنَّ فَاعِلُهُ لَا فِي صَلَاةٍ "وهـ م" مُتَوَالِيًا "وهـ" وَالشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ إذَا قَامَ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، وإذا سجد وضعها. رواه مسلم، وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ1، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى الْمِنْبَرِ، وَتَكَرَّرَ صُعُودُهُ وَنُزُولُهُ عَنْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَقِيلَ: أَوْ مُتَفَرِّقًا "وم" أَبْطَلَ، وَعَنْهُ عَمْدًا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "وق" لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ3، فَإِنَّهُ مَشَى، وَتَكَلَّمَ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ الحجرة وبنى. وَقِيلَ: أَوْ مُتَفَرِّقًا "وم" أَبْطَلَ, وَعَنْهُ عَمْدًا, اختاره صاحب المحرر,"وق". وَإِشَارَةُ أَخْرَسَ مَفْهُومَةٌ أَوْ لَا, كَالْعَمَلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَمَعْنَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ الْمَفْهُومَةُ كَالْكَلَامِ تُبْطِلُ، إلَّا بِرَدِّ سَلَامٍ، وَلَا أَثَرَ لِعَمَلِ غَيْرِهِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، كَمَنْ مَصَّ ثَدْيَ أُمِّهِ ثَلَاثًا فَتَرَكَ لَبَنَهَا لَمْ تَبْطُلْ "هـ" وَلَهُ الْفَتْحُ عَلَى إمَامِهِ، "و" وَعَنْهُ إنْ طَالَ، وَعَنْهُ يَجُوزُ فِي نَفْلٍ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ فَتَحَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي قِرَاءَةٍ غَيْرِهَا "هـ". وَلِغَيْرِ مُصَلٍّ الْفَتْحُ وَلَا تَبْطُلُ "هـ" وَيَجِبُ الْفَتْحُ في الأصح في الفاتحة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَنِسْيَانِ سَجْدَةٍ، وَلَا يَفْتَحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ بِهِ، "وهـ" وَقِيلَ بِتَجَرُّدِهِ لِلتَّفْهِيمِ "وم ر". وَكَذَا إنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ عِنْدَنَا، وَلَا تَبْطُلُ عِنْدَ "هـ م ش" وَكَذَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُمْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا إنْ خَاطَبَ آدَمِيًّا بِقُرْآنٍ أَوْ تَسْبِيحٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِتَنْبِيهِ مَارٍّ بَيْنَ يَدَيْهِ، "وهـ" وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ فِي تَحْذِيرِ ضَرِيرٍ. وَيُكْرَهُ لِعَاطِسٍ الْحَمْدُ، وَقِيلَ تَرْكُهُ أَوْلَى، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو دَاوُد وَيَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَمَذْهَبُ "هـ" كَهَذَا، وَالْقَوْلِ قَبْلَهُ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا وَاسْتَحَبَّهُ "م ش" سِرًّا. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَجَهْرًا، وَقِيلَ عَنْ "م" تَرْكُهُ أَوْلَى. وَإِذَا نَابَهُ أَمْرٌ سَبَّحَ "و" وَلَوْ كَثُرَ، وَصَفَّقْت بِبَطْنِ كَفٍّ عَلَى ظَهْرِ آخَرَ "وهـ ش" مَا لَمْ يَطُلْ، وَلَا تُسَبِّحْ "م" وَنَصُّهُ: يُكْرَهُ كَتَصْفِيقِهِ لِتَنْبِيهِهِ أَوْ لَا, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَفِيرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:35] الْآيَةَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ كَتَنْبِيهِهِ بِقِرَاءَةٍ، وَتَكْبِيرٍ، وَتَهْلِيلٍ "و" وَفِي كَرَاهَةِ التَّنْبِيهِ بِنَحْنَحَةٍ رِوَايَتَانِ "م 9"، وَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا تَبْطُلُ بِتَصْفِيقِهَا عَلَى جِهَةِ اللَّعِبِ، وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَتَبْطُلُ بِهِ لمنافاته الصلاة "وش". وَلَهُ السُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ رَحْمَةٍ، وَالتَّعَوُّذُ عِنْدَ آية عذاب، وعنه يستحب "وش" وَظَاهِرُهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي فَرْضٍ "وهـ م" وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ فِي جَوَازِهِ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ يَفْعَلُهُ وَحْدَهُ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهُ مَأْمُومٌ، وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ مَعْنَى ذَلِكَ تَكْرَارُ الْآيَةِ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] فِي صَلَاةٍ وَغَيْرِهَا قَالَ "سُبْحَانَك فَبَلَى" فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ وَقَالَ ابن عقيل: لا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ التَّنْبِيهِ بِنَحْنَحَةٍ رِوَايَتَانِ انتهى، وأطلقهما في المغني1 والشرح2:
يَقُولُهُ فِيهِمَا1. وَقَالَ أَيْضًا مَا سَبَقَ: أَنَّهُ لَا يُجِيبُ الْمُؤَذِّنَ فِي نَفْلٍ، قَالَ: وَكَذَا إنْ قَرَأَ فِي نَفْلٍ {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:8] قَالَ: بَلَى, لَا يَفْعَلُ، وَفِي هَذَا خَبَرٌ فِيهِ نَظَرٌ2، بِخِلَافِ الْآيَةِ الْأُولَى، وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ إذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] هَلْ يَقُولُ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى؟ قَالَ إنْ شَاءَ فِي نَفْسِهِ، وَلَا يَجْهَرُ بِهِ، وَسُئِلَ بَعْضُ أصحابنا المتأخرين عن الْقِرَاءَةِ بِمَا فِيهِ دُعَاءٌ هَلْ يَحْصُلَانِ لَهُ؟ فَيُتَوَقَّفُ. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ3 وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ خَتَمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِآيَتَيْنِ أَعْطَانِيهِمَا مِنْ كَنْزِهِ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَعَلَّمُوهُنَّ، وَعَلِّمُوهُنَّ نِسَاءَكُمْ وَأَبْنَاءَكُمْ، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ، وَقُرْآنٌ، وَدُعَاءٌ". فَيُتَوَجَّهُ الْحُصُولُ بِهَذَا الْخَبَرِ، وَلِتَضَمُّنِ مَا أَتَى بِهِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ فِي حَوَاشِيهِ أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ هَذَا أَظْهَرُ قُلْتُ وهو ضعيف.
وَإِنْ بَدَرَهُ بُصَاقٌ وَهُوَ الْبُزَاقُ وَالْبُسَاقُ مِنْ الْفَمِ، أَوْ مُخَاطٌ مِنْ الْأَنْفِ، أَوْ نُخَامَةٌ وَهِيَ النُّخَاعَةُ مِنْ الصَّدْرِ، أَزَالَهُ فِي ثَوْبِهِ، وَعَطَفَ أَحْمَدُ بِوَجْهِهِ فَبَزَقَ خَارِجَهُ. وَفِي غَيْرِ مَسْجِدٍ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، زَادَ جَمَاعَةٌ الْيُسْرَى، لِلْخَبَرِ، وَيُكْرَهُ أَمَامَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ فَيَدْفِنْهَا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1، وَلِأَبِي دَاوُد2 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ تَفَلَ تُجَاهَ الْقِبْلَةِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتَفْلُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ". وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَجُوزُ فِيهِ فِي بُقْعَةٍ يَنْدَفِنُ فِيهَا، وَعِنْدَ "م" إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ مُحَصَّبًا جَازَ فِيهِ وَلَوْ أَمَامَهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ، وَيَدْفِنُهُ فِيهِ فِي بُقْعَةٍ يَنْدَفِنُ فِيهَا لَا تَحْتَ حَصِيرٍ "وم" قَالَ أَحْمَدُ: الْبُزَاقُ فِيهِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهُ دَفْنُهُ، لِلْخَبَرِ "وهـ ش" قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: لِأَنَّ بِدَفْنِهِ تَزُولُ الْقَذَارَةُ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي أَوَّلَ الْفَصْلِ3. وَإِنْ لَمْ يُزِلْهَا لَزِمَ غَيْرَهُ إزَالَتُهَا لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ. "وَوَجَدْت فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ لَا تُدْفَنُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ4، وَيُسْتَحَبُّ تَخْلِيقُ موضعها، لفعله عليه السلام5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره التفاته بلا حاجة
فَصْلٌ: يُكْرَهُ الْتِفَاتُهُ بِلَا حَاجَةٍ "و" وَتَبْطُلُ إنْ اسْتَدْبَرَهَا "ع" أَوْ اسْتَدَارَ بِجُمْلَتِهِ "م" فَقَطْ، لَا بِصَدْرِهِ مَعَ وَجْهِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَوْ بِصَدْرِهِ "وهـ ش" قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ مَا لَمْ يُحَوِّلْ رِجْلَيْهِ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَيُكْرَهُ رَفْعُ بَصَرِهِ "و" وَتَغْمِيضُهُ "م" نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ، وَمَظِنَّةُ النَّوْمِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد إنْ نَظَرَ أَمَتَهُ عُرْيَانَةَ غَمَّضَهُ. وَفَرْقَعَةُ أَصَابِعِهِ "و" وَتَشْبِيكُهَا "و" وَوَضْعُ يَدِهِ عَلَى خَاصِرَتِهِ "و" وَتَرَوُّحُهُ "و" إلَّا لِحَاجَةٍ كَغَمٍّ شَدِيدٍ "خ" نَصَّ عَلَيْهِ، وَمُرَاوَحَتُهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ مُسْتَحَبَّةٌ، وَيُكْرَهُ كَثْرَتُهُ، لِأَنَّهُ فِعْلُ الْيَهُودِ. وَمَسُّ لِحْيَتِهِ. وَعَقْصُ شَعْرِهِ، أَوْ كَفُّ ثَوْبِهِ وَنَحْوُهُ "و" وَلَوْ فَعَلَهُمَا لِعَمَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَبْلَ صَلَاتِهِ "م" وَأَوْمَى إلَى مِثْلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ، وَنَهَى أَحْمَدُ رَجُلًا كَانَ إذَا سَجَدَ جَمَعَ ثَوْبَهُ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجْمَعَ ثِيَابَهُ، وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ1، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكْرَهُ أَنْ يُشَمِّرَ ثِيَابَهُ، لِقَوْلِهِ "تَرِّبْ تَرِّبْ" وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حِكْمَةَ النَّهْيِ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ، وَلِهَذَا رَأَى ابْنُ عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحِلُّهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ مَا لَكَ وَلِرَأْسِي؟ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّمَا مَثَلُ هَذَا مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وهو مكتوف". رواه مسلم2. وَيُكْرَهُ افْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ سَاجِدًا "و" وَإِقْعَاؤُهُ "و" وَهُوَ فَرْشُ قَدَمَيْهِ وَجُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَعَنْهُ سُنَّةٌ، وَاعْتِمَادُهُ عَلَى يَدِهِ، وَاسْتِنَادُهُ بِلَا حَاجَةٍ "و" فَإِنْ سَقَطَ لَوْ أُزِيلَ لَمْ يَصِحَّ "و" وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِنَادِ إلَيْهِ، وَحُمِلَ عَلَى الْحَاجَةِ. وَيُكْرَهُ عَبَثُهُ "و" وَزَادَ فِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلِأَنَّ الْعَبَثَ حَرَامٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ، فَمَا ظَنُّك بِهِ فِيهَا؟ وَخَالَفَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ. وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ جَبْهَتَهُ بِمَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الرَّافِضَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَالتَّمَطِّي، وَفَتْحُ فَمِهِ، وَوَضْعُهُ شيئا، لا بيده، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ غَلَبَهُ تَثَاؤُبٌ كَظَمَ نَدْبًا، فَإِنْ أَبَى اُسْتُحِبَّ وَضْعُ يَدِهِ عَلَى فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِلْخَبَرِ1، وَلَا يُقَالُ: تَثَاوَبَ بَلْ تَثَاءَبَ2. وَمَسْحُ3 أَثَرِ سُجُودِهِ "و" وَفِي الْمُغْنِي4 إكْثَارُهُ مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ التَّشَهُّدِ "هـ" وَعَنْهُ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ "خ" وَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ مَا يُلْهِيهِ "و" أَوْ نَارٌ "وهـ ش" حَتَّى سِرَاجٌ "هـ" وَقِنْدِيلٌ "هـ" وَشَمْعَةٌ "هـ" وَحَمْلُهُ مَا يَشْغَلُهُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُعَلِّقَ فِي قِبْلَتِهِ شَيْئًا، لَا وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ، قَالَ أَحْمَدُ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْقِبْلَةِ شَيْئًا حَتَّى الْمُصْحَفَ، وَلَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ، قَالَ بَعْضُهُمْ؛ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ "خ" وَمَا يَمْنَعُ كَمَالَهَا كَحَرٍّ، وَبَرْدٍ، وَنَحْوِهِ وَصَلَاتُهُ إلَى مُتَحَدِّثٍ، "هـ" وَعَنْهُ يُعِيدُ "خ" وَعَنْهُ الْفَرْضُ، وَكَذَا نَائِمٌ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ "وهـ" وَعَنْهُ النَّفَلُ، وَإِلَى كَافِرٍ "وم" وَصُورَةٍ مَنْصُوبَةٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ سُجُودَ الْكُفَّارِ لَهَا، فَدَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ حَيَوَانٍ مُحَرَّمَةٍ، لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْبَدُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جِدَارٍ فِيهِ صُورَةٌ وَتَمَاثِيلُ، لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَالْأَوْثَانِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لا تبدو للناظر إليها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"هـ" وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَى غَيْرِ مَنْصُوبَةٍ "هـ" وَلَا سُجُودُهُ عَلَى صُورَةٍ "هـ" وَلَا صُورَةٍ خَلْفَهُ فِي الْبَيْتِ "هـ ر" وَلَا فَوْقَ رَأْسِهِ فِي سَقْفٍ، وَعَنْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ "و" وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ1 إبَاحَةُ دُخُولِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَكَرَاهَتُهُ وَتَحْرِيمُهُ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا السُّجُودَ عَلَيْهَا، وَسَبَقَ فِي اللِّبَاسِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ2. وَيُكْرَهُ حَمْلُ فَصٍّ أَوْ ثَوْبٍ فِيهِ صُورَةٌ "و" وَمَسُّ الْحَصَى، وَتَسْوِيَةُ التُّرَابِ "و" بِلَا عُذْرٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَكْرَهْهُ، وَإِلَى وَجْهِ آدَمِيٍّ "و" نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ، أَوْ حَيَوَانٍ غَيْرِهِ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا3. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَإِلَى جَالِسٍ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَاحْتَجَّ بِتَعْزِيرِ عُمَرَ فَاعِلَهُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ قُدَّامَهُ، فَإِنْ انْتَهَى وَإِلَّا أُدِّبَ، كَذَا قَالَ، وَتَعْزِيرُ عُمَرَ لَهُ إنَّمَا هُوَ لِمَنْ صَلَّى إلَى وَجْهِ آدَمِيٍّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي إلَى الْقَاعِدِ، وَكَالصَّفِّ الثَّانِي رَوَى الْبُخَارِيُّ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا. فَقُلْت أَفَرَأَيْت إذْ ذَهَبَتْ الرِّكَابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ الرَّحْلَ فيعدله، فيصلي إلى آخره، أو قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ: إنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ وَيُصَلِّي إلَيْهَا فَقَالَ نافع لابن عمر أفرأيت إذا ذَهَبَتْ الرِّكَابُ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ إذَا هَبَّتْ بِإِسْقَاطِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي البخاري.
مُؤَخَّرِهِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ. وَكَرِهَهَا "م" إلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ، وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصلاة1 إلى امرأة. وابتداؤها2 تائقا إلَى طَعَامٍ "و" وَلَوْ كَثُرَ "م ر" كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ "مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ إقْبَالُهُ عَلَى حَاجَتِهِ حَتَّى يُقْبِلَ عَلَى صَلَاتِهِ وَقَلْبُهُ فَارِغٌ" رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ وَالْبُخَارِيُّ3 فِي تَارِيخِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ المسألة ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ صفة الصلاة إلى امرأة كذا فِي النُّسَخِ صَوَابُهُ تَكْرَارُ الصَّلَاةِ يَعْنِي سَبَقَ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ إلَى امْرَأَةٍ وَبِهَذَا ينتظم الكلام.
بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بِحَضْرَةِ فُلَانٍ أَيْ بِمَشْهَدٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُثَلَّثُ الْحَاءِ. وَيُكْرَهُ ابْتِدَاؤُهَا مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ "و" وَعَنْهُ يُعِيدُ مَعَ الْمُدَافَعَةِ وَعَنْهُ إنْ أَزْعَجَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ الْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِهِ، وَعَنْ "م" كَالرِّوَايَاتِ، وَمَعَ رِيحٍ يَحْتَبِسُهُ. وَفِي الْمُطْلِعِ هِيَ فِي مَعْنَى الْمُدَافَعَةِ أَيْ فَتَجِيءُ الرِّوَايَاتُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي كَلَامَ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِي الْمُدَافَعَةِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ، قَالَ: وَكَذَا حُكْمُ الْجُوعِ الْمُفْرِطِ، وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ، فَتَجِيءُ الرِّوَايَاتُ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَعَدَمُ الصِّحَّةِ قَوْلُ الظَّاهِرِيَّةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الصِّحَّةَ "ع" وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا جَمَعَ الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَكَذَا قَالَ يُكْرَهُ مَا يَمْنَعُ مِنْ إتْمَامِ الصَّلَاةِ بِخُشُوعِهَا كَحَرٍّ، وَبَرْدٍ، لِأَنَّهُ يُقْلِقُهُ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ نَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ. وَفِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ قَالَ: لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَنْ يَعِيَ أَفْعَالَهَا وَيَعْقِلَهَا، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَمْنَعُ ذَلِكَ، فَإِذَا زَالَتْ, فَعَلَهَا على كمال خشوعها، وهو بعد فوت الجماعة أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ أَنْ يَخُصَّ مَوْضِعَ سُجُودِهِ بِشَيْءٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ، لَا الصَّلَاةُ عَلَى حَائِلٍ صُوفٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَيَوَانٍ "م" كَمَا نَبَتَتْهُ الْأَرْضُ "و" وَيَصِحُّ عَلَى مَا مَنَعَ صَلَاتَهُ الْأَرْضِ "هـ" وَفِي الْمَذْهَبِ تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ الْمُخَالِفَةُ عُرْفَ البلد وقد سبق1.
فصل: تبطل بكلام عمدا
فَصْلٌ: تَبْطُلُ بِكَلَامٍ عَمْدًا وَلَوْ بِالسَّلَامِ، أَوْ بِتَلْبِيَةِ مُحْرِمٍ، لَا بِتَكْبِيرِ عِيدٍ، وَإِنْ وَجَبَ لِخَائِفٍ تَلَفَ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ الْكَلَامُ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: لَا "وش" كَإِجَابَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ الشَّيْخُ: وهو ظاهر كلامه، لأن أحمد علل صِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَجَابَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُجُوبِ الْكَلَامِ1، وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا لَمْ يَجِبْ عَيْنًا. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لُزُومُ الْإِجَابَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْنَعُ الْفَسَادَ، لِأَنَّهُ لَوْ رَأَى مَنْ يَقْتُلُ رَجُلًا مَنَعَهُ، وَإِذَا فَعَلَ فَسَدَتْ. وَكَذَا نَاسٍ غَيْرَ سَلَامٍ مِنْهَا، لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مِنْ نَاسٍ لَا مِنْ عَامِدٍ، لِأَنَّ فِيهِ كَافَ الْخِطَابِ وجاهل ومكره في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رواية "وهـ" وعنه لا "م 10، 11" "وم ش" فِي غَيْرِ الْمُكْرَهِ وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10-11: قَوْلُهُ: وَتَبْطُلُ بِكَلَامٍ عَمْدًا وَكَذَا نَاسٍ غَيْرَ سَلَامٍ مِنْهَا وَجَاهِلٌ وَمُكْرَهٌ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: لَا انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ النَّاسِي يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ هَذِهِ أَشْهَرُهَا، وَاخْتِيَارُ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا، وَنَصَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، انْتَهَى. وَعَنْهُ: لَا يُبْطِلُ، اخْتَارَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَصَاحِبُ النَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، قَدْ بَيَّنَّا الصَّحِيحَ مِنْهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2، وَالتَّلْخِيصِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا تَبْطُلُ إذَا تَكَلَّمَ لِمَصْلَحَتِهَا نَاسِيًا، اخْتَارَهَا الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا كَلَامُ الْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ فَأَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-10: إذَا تَكَلَّمَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ، أَوْ الْإِبْطَالِ بِهِ فَهَلْ هُوَ كَالنَّاسِي أَوْ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ النَّاسِي؟ أَطْلَقَ فِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شرحه، وابن تميم، وحكاهما وجهين.
بكلام لمصلحتها "وم ر" اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، لِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ1، وَأَجَابَ القاضي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا هُوَ كَالنَّاسِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْكَافِي2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَفِي كَلَامِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَاهِلِ، وَالنَّاسِي، فَقَطَعُوا بِأَنَّهُ كَالنَّاسِي، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ لَا أَعْرِفُ فِيهَا نَصًّا، وَالْأَوْلَى أَنْ يُخَرَّجَ فِيهِ رِوَايَتَا النَّاسِي، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْجَاهِلِ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ النَّاسِي، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَلَا يُبْطِلُهَا كَلَامُ الْجَاهِلِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا يُبْطِلُهَا كَلَامُ النَّاسِي، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11-: إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ فَتَكَلَّمَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَمْ لَا وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ النَّاسِي؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا: لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ النَّاسِي، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، فَقَالَ الْمُكْرَهُ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ النَّاسِي، وَنَصَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْهُ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِكَلَامِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا تَبْطُلُ بِكَلَامِ النَّاسِي فَكَذَا كَلَامُ الْمُكْرَهِ وَأَوْلَى، لأن عُذْرَهُ أَنْدَرُ، وَفَرَّقَ فِي الْمُغْنِي بَيْنَ النَّاسِي والمكره من
وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَالَ إبَاحَةِ الْكَلَامِ، وَضَعَّفَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ حَرُمَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ عَنْ ابْنِ حِبَّانَ وَغَيْرِهِ أَوْ بَعْدَهَا بِيَسِيرٍ عِنْدَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ صَلَاةُ الْإِمَامِ، اخْتَارَهُ الخرقي، وعنه لا تبطل لمصلحتها سهوا "وش" اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ لَا تَبْطُلُ مِنْ جَاهِلٍ لِجَهْلِهِ بِالنَّسْخِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ مِنْ مُكْرَهٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى فِعْلٍ، وَلِنُدْرَتِهِ، وَيَأْتِي فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي بَلْ أَوْلَى مِنْ النَّاسِي، لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِتْلَافِ، وَقَالَ فِي الْجَاهِلِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهَيْنِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ مِنْ النَّاسِي، وَلَا بِكَلَامِ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِمَا يُخَرَّجُ سَبْقُ اللِّسَانِ وَكَلَامُ الْمُكْرَهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قُلْنَا: لَا يُعْذَرُ النَّاسِي فَفِي الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ مُطْلَقًا وَجْهَانِ انْتَهَى، وَهُوَ عَلَى مَا قَدَّمَهُ، كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَلَخَّصَ فِي الْمُكْرَهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، هَلْ هُوَ كَالنَّاسِي، أَوْ أَوْلَى مِنْهُ بِالْبُطْلَانِ، أَوْ النَّاسِي أَوْلَى مِنْهُ بِالْبُطْلَانِ، فَتَبْطُلُ صَلَاةُ النَّاسِي، وَلَا تَبْطُلُ صلاة المكره، والله أعلم.
كَقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ، وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ أَهْلِ قُبَاءَ. وَقِيلَ لَهُ فِي الْخِلَافِ: الْمُتَيَمِّمُ فِي الْحَضَرِ يُعِيدُ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكَلَامِ، أَوْ الْحَدَثِ فِي صَلَاتِهِ؟ فَأَجَابَ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْإِبْطَالِ، وَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِ الْأَوَّلِ عَكْسُهُ، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ عِنْدَهُ، وَقَاسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصْحَابُ الرِّوَايَةَ فِيمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ: أَنَّهُ يُصَلِّي وَيُعِيدُ عَلَى مَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ هَذَا لا يعذر به بِدَلِيلِ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى الخلاف، ويأتي في شدة الخوف1. وَقِيلَ: الْخِلَافُ يَخْتَصُّ بِمَنْ ظَنَّ تَمَامَ صَلَاتِهِ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَكَلَّمَ، وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: إنْ أَمْكَنَهُ اسْتِصْلَاحُهَا بِإِشَارَةٍ وَنَحْوِهِ فَتَكَلَّمَ بَطَلَتْ، وَإِنْ كَثُرَ أَبْطَلَ "وش" وَعَنْهُ لَا، اخْتَارَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَالتَّبَسُّمُ لَيْسَ كَلَامًا "وَ" بَلْ الْقَهْقَهَةُ قِيلَ إنْ أَبَانَ حَرْفَيْنِ، وَقِيلَ أَوْ لَا "م 12" وَزَادَ "م" وَلَوْ سَهْوًا. وَالنَّفْخُ كَالْكَلَامِ إنْ بَانَ حَرْفَانِ "و" وَعَنْهُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ عَكْسُهُ، وَمِثْلُهُ النَّحْنَحَةُ بِلَا حَاجَةٍ، وَقِيلَ ولها "وش" وعنه لا تبطل، اختاره الشيخ "وم ر"وَإِنْ نَامَ فَتَكَلَّمَ أَوْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ حَالَ قِرَاءَتِهِ أَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ أَوْ تَثَاؤُبٌ وَنَحْوُهُ فَبَانَ حَرْفَانِ لَمْ تبطل "و" وَقِيلَ: هُوَ كَالنَّاسِي، وَإِنْ لَمْ يُغْلَبْ بَطَلَتْ، قَالَ شَيْخُنَا هِيَ كَالنَّفْخِ بَلْ أَوْلَى، بِأَنْ لَا تَبْطُلَ، وَأَنَّ الْأَظْهَرَ تَبْطُلُ بِالْقَهْقَهَةِ فَقَطْ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ. وَإِنْ بَانَ حَرْفَانِ مِنْ بُكَاءٍ أَوْ تَأَوُّهِ خَشْيَةٍ أَوْ أَنِينٍ لم تبطل "وهـ م" لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الذِّكْرِ، وَقِيلَ: إنْ غلبه "وش" وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ خَشْيَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 12" قوله: والتبسم ليس كلاما1، بَلْ الْقَهْقَهَةُ، قِيلَ إنْ أَبَانَ حَرْفَيْنِ وَقِيلَ أَوْ لَا، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَبِنْ حَرْفَانِ فَهِيَ كَالْكَلَامِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2، وَالْمُغْنِي3. وَقَالَ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَحَكَى ابْنُ هُبَيْرَةَ إجْمَاعًا، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ4، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ إنَّهُ الْأَظْهَرُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ إلَّا أَنْ يَبِينَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ4، وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ في رعايته الكبرى.
لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْهِجَاءِ، وَيَدُلُّ بِنَفْسِهِ عَلَى الْمَعْنَى، كَالْكَلَامِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الْأَنِينِ: إذَا كَانَ غَالِبًا أَكْرَهُهُ، أَيْ مِنْ وَجَعٍ، حَمَلَهُ الْقَاضِي وَإِنْ اسْتَدْعَى الْبُكَاءَ فِيهَا كُرِهَ كَالضَّحِكِ، وَإِلَّا فَلَا. وَاللَّحْنُ إنْ لَمْ يُخِلَّ الْمَعْنَى لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ، خِلَافًا لِأَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ مُنَجَّى، وَظَاهِرِ الْفُصُولِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَسَبَقَ فِيهِ فِي الْآذَانِ1، وَكَلَامُهُمْ فِي تَحْرِيمِهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أولاهما يحرم "وش" وَفِي الْفُنُونِ فِي التَّلْحِينِ الْمُغَيِّرِ لِلنَّظْمِ يُكْرَهُ إنْ لَمْ يَحْرُمْ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ اللَّحْنِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهِ عَجْزًا، وَمُرَادُهُ غير المصلي. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَاللَّحْنُ إنْ لَمْ يُحِلَّ الْمَعْنَى لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ، خِلَافًا لِابْنِ مُنَجَّى، وَظَاهِرُ الْفُصُولِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ قَدْ صَرَّحَ فِي الْفُصُولِ بِخِلَافِ هَذَا الظَّاهِرِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ فِي تَحْرِيمِهِ أَيْ تَحْرِيمِ اللَّحْنِ الَّذِي لَمْ يُحِلَّ الْمَعْنَى يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، أَوْلَاهُمَا يَحْرُمُ، انْتَهَى، قُلْتُ مَا قَالَ إنَّهُ أَوْلَى: هو الصواب.
وإن قرأ "المغضوب"و" الضَّالِّينَ" بِظَاءٍ فَأَوْجُهٌ: الثَّالِثُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ "م 13" وَإِنْ أَحَالَهُ فَلَهُ قِرَاءَةُ مَا عَجَزَ عن إصلاحه فِي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ "و" وَمَا زَادَ يُبْطِلُ لعمده "و" ويكفر إن اعتقد إباحته. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: إنْ قَرَأَ الْمَغْضُوبِ وَالضَّالِّينَ بِظَاءٍ فَأَوْجُهٌ؛ الثَّالِثُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ، انْتَهَى: أَحَدُهَا: لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2 "قُلْتُ" وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَبْطُلُ، قَالَ فِي الْكَافِي3 هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ4، وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ تَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْتُ إنْ عَلِمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا لَفْظًا ومعنى بطلت صلاته، وإلا فلا. انتهى.
وَلَا تَبْطُلُ بِجَهْلٍ أَوْ نِسْيَانٍ، أَوْ آفَةٍ، جُعِلَا لَهُ كَالْمَعْدُومِ "وهـ ش" فَلَا يَمْنَعُ إمَامَتَهُ، وَعِنْدَ أَبِي إِسْحَاقَ بْن شَاقِلَا هُوَ كَكَلَامِ النَّاسِي، فَلَا يَقْرَأُ عَجْزًا، وَتَبْطُلُ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وعمل القلب لا تبطل. نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ ش" وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ بَلَى إنْ طَالَ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُثَابُ إلَّا عَلَى مَا عَمِلَهُ بِقَلْبِهِ، فَلَا يُكَفِّرُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ إلَّا بِقَدْرِهِ، وَالْبَاقِي يَحْتَاجُ إلَى تَكْفِيرٍ، فَإِنَّهُ إذْ تَرَكَ وَاجِبًا اسْتَحَقَّ الْعُقُوبَةَ، فَإِذَا كان له تطوع سد مَسَدَّهُ فَكَمُلَ ثَوَابُهُ وَيَأْتِي تَتِمَّةُ كَلَامِهِ فِي صَوْمِ النَّفْلِ1، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إلَّا مَا عَمِلَهُ بِقَلْبِهِ". وَقَوْلُهُ: "رُبَّ قَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ قِيَامِهِ إلَّا السَّهَرُ، وَرُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إلَّا الْجُوعُ" 2. يَقُولُ لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَالصَّوْمُ شُرِعَ لِتَحْصِيلِ التَّقْوَى، كَذَا قَالَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَمْ يترك واجبا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا بَطَلَ، وَلِهَذَا احْتَجُّوا بِخَبَرِ: "إنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ" 1. وَبِصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَمِيصَةٍ2 لَهَا أَعْلَامٌ، وَقَالَ: "إنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي" 3. فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: "أَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي" 4. وَبِأَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ وَلَوْ طَالَ أَشَقُّ احْتِرَازًا مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ، لَكِنَّ مُرَادَ شَيْخِنَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْبَاطِلِ وَيَأْتِي فِي صوم النفل5. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ. الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَإِلَّا بَطَلَ. الثَّانِي: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يُثَابُ عَلَى مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْبَاطِلِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وَأَنَّهُ لَا يُثَابُ بِزِيَادَةِ لَا أَيْ لَا يُثَابُ مِثْلُ الْمُرَائِي كَذَا قَالَ شَيْخُنَا، وَأَجْرَاهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ لِأَنَّ الْبَاطِلَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ضِدُّ الصَّحِيحِ، وَالصَّحِيحُ مَا أَبْرَأَ الذِّمَّةَ، فَقَوْلُهُمْ بَطَلَ صَوْمُهُ وَحَجُّهُ بِمَعْنَى لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْهُ، لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ، بَلْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِثَوَابِهِ عَلَى فِعْلِهِ، وَبِعِقَابِهِ عَلَى مَا تَرَكَهُ، وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا، انْتَهَى، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الأول.
وَأَمَّا قَوْلُهُ "رُبَّ صَائِمٍ" هَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، وَفِيهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ، وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ2، فَدَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ، وَيُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى مَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ3 وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ "أَنْ عَمَّارًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَخَفَّفَهُمَا"، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هَلْ نَقَصْت مِنْ حُدُودِهِمَا شيئا؟ فقيل لا، ولكن خففتهما فقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنِّي بَادَرْت بِهِمَا إلَى السَّهْوِ، إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ الرَّجُلَ لَوْ صَلَّى وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا عُشْرُهَا أَوْ تُسْعُهَا أَوْ ثُمُنُهَا أَوْ سُبُعُهَا". حَتَّى انْتَهَى إلَى آخِرِ الْعَدَدِ. وَعَنْ أَبِي الْيُسْرِ1 مَرْفُوعًا: "مِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي الصَّلَاةَ كَامِلَةً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُصَلِّي النِّصْفَ، وَالثُّلُثَ، وَالرُّبُعَ، وَالْخُمُسَ" حَتَّى بَلَغَ الْعُشْرَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ2، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ3. وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ ذِكْرَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللِّسَانِ وَيَأْتِي قَوْلُ شَيْخِنَا أَوَّلَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ4: أَنَّ الذِّكْرَ بِقَلْبٍ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَاءَةِ بِلَا قَلْبٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ، وَقَلْبُهُ غَافِلٌ، وَهَذَا أَظْهَرُ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ: "فِيمَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ5، وَفِي حَدِيثِ عُقْبَةَ "فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلًا عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عبسة6 بعد ذكر
الْوُضُوءِ: "فَإِنْ قَامَ فَصَلَّى فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَمَجَّدَهُ بِاَلَّذِي هُوَ لَهُ أَهْلٌ وَفَرَّغَ قَلْبَهُ لِلَّهِ انْصَرَفَ مِنْ خَطِيئَتِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمه". رواهما مسلم1 فذكر فوات الثواب2 الْخَاصُّ بِغَفْلَةِ الْقَلْبِ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ ثَوَابٍ، وَلِلْعُمُومَاتِ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ، وَالذِّكْرِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تُكَلِّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَقَوْلُهُ: رُبَّ صَائِمٍ. إنْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُرَائِي، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْجُوعُ، أَوْ السَّهَرُ، لِعَدَمِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، أَمَّا مَنْ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ فَلَهُ غَيْرُ الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَحَدِيثُ عَمَّارٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَفْلَةَ سَبَبٌ لِنَقْصِ الثَّوَابِ، لَا فَوَاتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ إنْ صَحَّ: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ" 4. يَدُلُّ عَلَى فَوَاتِ الثَّوَابِ الْخَاصِّ، لَا أَنَّ هَذَا الدُّعَاءَ لَا أَجْرَ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِلَّا كَانَ كَالْمُرَائِي، وَلَمْ أَجِدْ إلَى الْآنَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَدَبِ الدُّعَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ والباب قبله ذكر الخشوع5. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: وَقَوْلُهُ وَيُبْطِلُ فَرْضَهُ يَسِيرُ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عُرْفًا عَمْدًا وَعَنْهُ وَنَفْلُهُ، وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ بِالْأَكْلِ، انْتَهَى، قَدَّمَ أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ الْيَسِيرَ لَا يُبْطِلُ فِي النَّفْلِ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَنَصَرَهُ وَرِوَايَةُ الْبُطْلَانِ قَالَ فِي الْمُغْنِي6
وَقِيلَ: إنْ طَالَ نَظَرُهُ فِي كِتَابٍ بَطَلَتْ، كَعَمَلِ الْجَوَارِحِ، وَعِنْدَ "هـ" إنْ نَظَرَ فِيهِ فَفَهِمَ بَطَلَتْ كَالْمُتَلَقِّنِ مِنْ غَيْرِهِ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَفْهِمٍ فَفَهِمَ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَاخْتُلِفَ عَنْ مُحَمَّدٍ. وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ بِيَسِيرِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عُرْفًا عَمْدًا "و" وَعَنْهُ أَوْ سَهْوًا وجهلا "وهـ" لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَيَنْدُرُ ذَلِكَ فِيهَا، وَهِيَ أَدْخَلُ فِي الْفَسَادِ بِدَلِيلِ الْحَدَثِ وَالنَّوْمِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَلِأَنَّهُ مُقْتَطَعٌ عَنْ الْقِيَاسِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1: هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْكَافِي هَذَا أَوْلَى، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ تَبْطُلُ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُنَوِّرِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْحَوَاشِي قَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ إمَّا تَقْدِيمُ الْبُطْلَانِ، أَوْ إطْلَاقُ الْخِلَافِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا فَلَهُ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
جَمَاعَةً أَوْ جَهْلًا. وَعَنْهُ وَنَفْلُهُ "و" وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ بِالْأَكْلِ، وَإِنْ طَالَ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ لَا، وَقِيلَ يَبْطُلُ الْفَرْضُ، وَبَلْعُهُ مَا ذَابَ بِفِيهِ مِنْ سُكَّرٍ وَنَحْوِهِ كَأَكْلٍ "و" وَفِي التَّلْخِيصِ وَجْهَانِ، وَلَا تَبْطُلُ فِي الْمَنْصُوصِ بِمَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ، بِلَا مَضْغٍ مِمَّا لَمْ يَجْرِ بِهِ رِيقُهُ "ش". وَإِنْ طَرَأَ رِيَاءٌ بَعَثَهُ عَلَى الْعَمَلِ كَإِطَالَتِهِ لِيَرَى مَكَانَهُ حَبِطَ أَجْرُهُ، وَإِنْ ابْتَدَأَهَا رِيَاءً وَدَامَ ابْتَدَأَ، وَكَذَا يَنْبَغِي إنْ لَمْ يَدُمْ فِيهَا، وَإِنْ طَرَأَ فَرَحٌ وَسُرُورٌ لَمْ يُؤَثِّرْ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، قَالَ: وَإِنْ فَرِحَ، لِيُمْدَحَ وَيُكْرَمَ عَلَيْهِ فَهُوَ رِيَاءٌ، لَكِنْ لَا يُؤَثِّرُ بَعْدَ فَرَاغِهِ، فَإِنْ تَحَدَّثَ بِهِ فَالْغَالِبُ أَنَّهُ كَانَ فِي قَلْبِهِ نَوْعُ رِيَاءٍ، فَإِنْ سَلِمَ مِنْهُ نَقَصَ أَجْرُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الْعِبَادَةَ خَوْفَ الرِّيَاءِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَرَحَ لَا يَقْدَحُ، وَإِنَّمَا الْإِعْجَابُ اسْتِكْبَارُ طاعته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرُؤْيَةِ نَفْسِهِ، وَعَلَامَةُ ذَلِكَ اقْتِضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا أَكْرَمَ بِهِ الْأَوْلِيَاءَ، وَانْتِظَارُ الْكَرَامَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي خَبَرِ عَائِشَةَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْت، وَشَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ"1. قَالَ: لَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَرْضَى بِشَرٍّ، أَوْ يَتَمَنَّى أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَهُ الثَّانِي: أَلَّا يَشْرَبَ الْخَمْرَ مَثَلًا فَيَعْجَبَ بِنَفْسِهِ كَيْفَ لَا يَشْرَبُ؟ فَيَكُونَ الْعُجْبُ بِتَرْكِ الذَّنْبِ شَرًّا مِمَّا لَا يَعْمَلُ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَرَى قَوْمًا فَيُحْسِنُ صَلَاتَهُ؟ يَعْنِي الرِّيَاءَ، قَالَ: لَا، تِلْكَ بَرَكَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَجَّهَهُ الْقَاضِي بِانْتِظَارِهِ، وَالْإِعَادَةِ مَعَهُ، وَإِلَّا قَصَدَهُ، وَاخْتَارَ فِي النَّوَادِرِ إنْ قَصَدَ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِئَلَّا يُسَاءَ بِهِ الظَّنُّ جَازَ، وَذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ، قَالَ، وَقَالَهُ الشَّيْخُ، قَالَ شَيْخُنَا لَا يُثَابُ عَلَى عَمَلٍ مَشُوبٍ "ع" وَقَالَ أَيْضًا: من صلى لله ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَسَّنَهَا وَأَكْمَلَهَا لِلنَّاسِ أُثِيبَ عَلَى مَا أَخْلَصَهُ لِلَّهِ، لَا عَلَى عَمَلِهِ لِلنَّاسِ: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لِمَ لَا يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُ؟ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِشْرَاكِ "1يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ، كَمَا أَنَّهُ بتقدير الاشتراك في الربوبية يمتنع1" أَنْ يَصْدُرَ عَنْهُ شَيْءٌ، فَإِنَّ الْغَيْرَ لَا وُجُودَ لَهُ، وَهُوَ لَمْ يُسْتَقَلَّ بِالْفِعْلِ، وَكَذَا هُنَا هُوَ لَمْ يُسْتَقَلَّ بِالْقَصْدِ، وَالْغَيْرُ لَا يَنْفَعُ قَصْدُهُ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّرْعِيَّاتِ، وَالْحِسِّيَّاتِ، إذَا خُلِطَ بِالنَّافِعِ الضَّارُّ أَفْسَدَهُ، كَخَلْطِ الْمَاءِ بِالْخَمْرِ، يُبَيِّنُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ سَأَلَ اللَّهَ شَيْئًا فَقَالَ: اللَّهُمَّ افْعَلْ كَذَا أَنْتَ وَغَيْرُك، أَوْ دَعَا اللَّهَ وَغَيْرَهُ، فَقَالَ: افْعَلَا كَذَا، لَكَانَ هَذَا طَلَبًا مُمْتَنِعًا، فَإِنَّ غَيْرَهُ لَا يُشَارِكُهُ، وَهُوَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ فَاعِلًا لَهُ، لِأَنَّ تَقْدِيرَ وُجُودِ الشَّرِيكِ يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ أَيْضًا فَاعِلًا، فَإِذَا كَانَ يَمْتَنِعُ هَذَا فِي الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ، فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ فِي الْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيمَنْ حَجَّ بِأُجْرَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِبَادَةِ، فَمَتَى فَعَلَهُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ عِبَادَةً فَلَمْ يَصِحَّ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا عَلَى هَذَا فِي الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَأْتِي2. وَقَالَهُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي إمَامِ الصَّلَاةِ: لَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا لَهُمْ. وَقَالَهُ أَحْمَدُ: وَرَوَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَسَنِ مِنْ رِوَايَةِ تَمَّامِ بْنِ نَجِيحٍ عَنْهُ، وَتَمَّامٌ ضَعَّفُوهُ إلَّا ابْنَ مَعِينٍ، وَقَالَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ فِي إمامة الصلاة بين الرزق وغيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْمُنْتَقَى: مَا جَاءَ عَنْ إخْلَاصِ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" 1. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْت رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ والذكر، ما له؟ قال: "لاشيء لَهُ" فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا كَانَ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ2، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: الرَّجُلُ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي عَرَضَ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا شَيْءَ لَهُ" فَأَعْظَمُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا عُدْ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَفْهَمْ فَعَادَ فَقَالَ: "لَا أَجْرَ لَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ3، ثَنَا يَزِيدُ أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشْجَعِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ مُكَرِّزٍ عَنْهُ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 مِنْ حَدِيثِ بُكَيْرٍ، وَتَفَرَّدَ عَنْ ابْنِ مُكَرِّزٍ، فَلِهَذَا قِيلَ: لَا يُعْرَفُ، وَيُقَالُ: هُوَ أَيُّوبُ وَيَأْتِي حَجُّ التاجر5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا قَالَ اللَّهُ: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْته وَشِرْكَهُ". وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ". رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ1 فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ: مَعْنَاهُ مَنْ عَمِلَ شَيْئًا لِي وَلِغَيْرِي تَرَكْته لِذَلِكَ الْغَيْرِ، قَالَ: وَالْمُرَادُ أَنَّ عَمَلَ الْمُرَائِي لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَيَأْثَمُ بِهِ، وَقَدْ سَبَقَ فِي أَوَّلِ النِّيَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ2. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنْ الْمَسِيخِ الدَّجَّالِ"؟ قَالَ: قُلْنَا بَلَى، قَالَ: الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ فَيُصَلِّيَ فَيُزَيِّنَ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ إلَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ3. وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ صَلَّى يُرَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ، ومن صام يرائي فقد أشرك". قال عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ: إذًا لِمَ لَا يَعْمِدُ إلَى مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ كُلِّهِ فَقَبِلَ مَا خَلَصَ لَهُ، وَيَدَعُ مَا أُشْرِكَ بِهِ؟ فَقَالَ شَدَّادٌ عِنْدَ ذَلِكَ. فإني سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا خَيْرُ قَسِيمٍ لِمَنْ أَشْرَكَ بِي، مَنْ أَشْرَكَ بِي شَيْئًا فَإِنَّ عَمَلَهُ كُلَّهُ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لِشَرِيكِهِ الَّذِي أَشْرَكَ بِهِ، فَأَنَا عَنْهُ غَنِيٌّ". رَوَاهُ أحمد4 من رواية عبد الحميد بن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ ابْنُ غَنْمٍ عَنْهُ فَذَكَرَهُ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِقَوِيٍّ وَيُجَابُ عَنْ صِحَّةِ حَجِّ التَّاجِرِ وَإِثَابَتِهِ بِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِهِ تَجَرُّدٌ لِلَّهِ لَمْ يُقَارِنْهُ مُفْسِدٌ، وَمَنْ الْعَجَبِ قَوْلُ مُجَاهِدٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} [هود: 15] إنَّهَا فِي أَهْلِ الرِّيَاءِ، وَأَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا مِنْ صِلَةِ رَحِمٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَا يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا ثَوَابَ ذَلِكَ، وَيَدْرَأُ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُمْتَزِجِ بِشَوْبٍ مِنْ رِيَاءِ الدُّنْيَا وَحَظِّ النَّفْسِ إنْ تَسَاوَى الْبَاعِثَانِ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِلَّا أُثِيبَ وَأَثِمَ بِقَدْرِهِ، وَاحْتَجَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى صِحَّةِ حَجِّ التَّاجِرِ وَإِثَابَتِهِ، لِأَنَّهُ الْمُحَرِّكُ الْأَصْلِيُّ، وَكَذَا مَنْ قَصَدَ الْغَزْوَ، وَقَصَدَ الْغَنِيمَةَ تَبَعًا، وَثَوَابُهُ دُونَ مَنْ لَا يَقْصِدُ الْغَنِيمَةَ أَصْلًا. وَمَا لَا يُرِيدُ بِهِ إلَّا الرِّيَاءَ فَهُوَ عَلَيْهِ، وَيُعَاقَبُ بِهِ، وَصَحَّحَ فِي تَفْسِيرِهِ فِي قَوْلِهِ: {لِيَشْهَدُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28] مَنَافِعَ الدَّارَيْنِ، لَا إحْدَاهُمَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ قَصْدُ الْحَجِّ، وَالتِّجَارَةُ تَبَعٌ، كَذَا قَالَ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا إثْمَ فِي الْمَشُوبِ بِالرِّيَاءِ إذَا قَصَدَ الطَّاعَةَ، كَظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ، حَمْلًا لِلْحُكْمِ الْمَقْصُودِ كَالْأَصَحِّ عِنْدَنَا فِيمَا إذَا غَلَبَ قَصْدُ الْإِبَاحَةِ بِالسَّفَرِ يُرَخَّصُ، وَتُحْمَلُ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ عَلَى مَا إذَا تَسَاوَى الْبَاعِثَانِ، أَوْ تَقَارَبَا، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي الْمَشُوبِ، وَمَعَ الْفَرْقِ يُمْنَعُ إلْحَاقُهُ بِهِ، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا فِي الْحَجِّ أَنْ يَأْثَمَ مَعَ تَسَاوِي الْبَاعِثِ وَتَقَارُبِهِ، وَالِاعْتِذَارِ عَنْ الأخبار في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِهَادِ، وَهُوَ نَظِيرُهُ، وَإِنْ صَحَّ الْفَرْقُ السَّابِقُ فَلَا كَلَامَ، وَلِأَنَّ التِّجَارَةَ جِنْسُهَا مُبَاحٌ، وَقَدْ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكَالِيفِ الْخَمْسَةِ بِخِلَافِ الرِّيَاءِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بَطَلَ إيمَانُهُ، لِأَنَّ فِي إطْلَاقِهِ إيهَامُ الْكُفْرِ، ذكره القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب سجدة التلاوة
باب سجدة التلاوة مدخل ... باب سجدة التلاوة وهي سنة "وم ش" فَفِيهِ فِي طَوَافٍ رِوَايَتَانِ "م 1" وَعَنْهُ واجبة "وهـ" وَعَنْهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ، فَيَتَيَمَّمُ مُحْدِثٌ وَيَسْجُدُ مَعَ قَصْرِهِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ سَهْوُهُ عَنْهُ كَسُجُودِ سَهْوٍ، وَيَسْجُدُ مَعَ قَصْرِ الفصل، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ، فَفِيهِ فِي طَوَافِ روايتان انتهى وأطلقهما في المذهب ومختصر ابن تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَغَيْرُهُمْ: إحْدَاهُمَا: يَسْجُدُ فِيهِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْأَصْحَابِ، وَالطَّوَافُ صَلَاةٌ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَسْجُدُ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ الرِّوَايَتَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى قَطْعِ الْمُوَالَاةِ وَعَدَمِهِ، قُلْتُ قَدْ قَطَعَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الطَّوَافَ لَا يَضُرُّهُ الْفَصْلُ الْيَسِيرُ وَهَذَا فصل يسير.
وَيَتَطَهَّرُ مُحْدِثٌ وَيَسْجُدُ "وهـ" وَيُسَنُّ لِلْقَارِئِ وَلِمُسْتَمِعِهِ، لِأَنَّهُ كَتَالٍ مِثْلِهِ، وَلِذَا يُشَارِكُهُ فِي الْأَجْرِ، فَدَلَّ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلِأَحْمَدَ1 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ اسْتَمَعَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ، وَمَنْ تَلَاهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". عَبَّادٌ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَقَوَّاهُ غَيْرُهُ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي سَمَاعِ الْحَسَنِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الْجَائِزِ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ "الْجَائِزُ صِفَةٌ لِمُسْتَمِعِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ" "هـ ش" وَقِيلَ وَيَسْجُدُ قُدَّامَهُ، وَعَنْ يَسَارِهِ كَسُجُودِهِ لِتِلَاوَةِ أُمِّيٍّ وَزَمِنٍ "و" وَلَا يَسْجُدُ في صَلَاةٍ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ "وش" كَقِرَاءَةِ مَأْمُومٍ "و" فإن فعل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ "م 2" وَعَنْهُ يَسْجُدُ فِي نفل، وقيل يسجد إذا فرغ "وهـ" وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ التَّالِي لَمْ يَسْجُدْ الْمُسْتَمِعُ، وَقِيلَ يَسْجُدُ غَيْرُ مُصَلٍّ، قَدَّمَهُ فِي الْوَسِيلَةِ "وش م ر" وَلَا يُسَنُّ لِلسَّامِعِ فِي الْمَنْصُوصِ "وم" وَلَا يَقُومُ رُكُوعٌ أَوْ سُجُودٌ عَنْهُ فِي صلاة "وم ش" وَعَنْهُ بَلَى، وَقِيلَ يُجْزِئُ الرُّكُوعُ مُطْلَقًا "وهـ" وَإِنْ سَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ فَفِي إعَادَتِهِ وَجْهَانِ "م 3" وَكَذَا يُتَوَجَّهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ، وَيَأْتِي فِيمَنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ مَكَّةَ1 كَلَامُ ابن عقيل، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ: وَلَا يَسْجُدُ فِي صَلَاةٍ لِقِرَاءَةِ غَيْرِ إمَامِهِ كَقِرَاءَةِ مَأْمُومٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى، هَذَانِ الْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي التَّخْرِيجِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ حَمْدَانَ، أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، قُلْتُ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ. مَسْأَلَةٌ 3-4: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ فَفِي إعَادَتِهِ وَجْهَانِ وَكَذَا يُتَوَجَّهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ انْتَهَى. ذِكْرُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -3: إذَا سَجَدَ ثُمَّ قَرَأَ فَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْفَائِقِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَإِنْ قَرَأَ سَجْدَةً ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الْحَالِ مَرَّةً أُخْرَى لَا لِأَجْلِ السُّجُودِ فَهَلْ يُعِيدُ السُّجُودَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَخْرِيجِهِ إنْ سَجَدَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ثُمَّ صَلَّى، فَقَرَأَ بِهَا أَعَادَ السُّجُودَ، وَإِنْ سَجَدَ فِي صَلَاةٍ ثُمَّ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَمْ يَسْجُدْ، وَقَالَ إذَا قَرَأَ سَجْدَةً فِي رَكْعَةٍ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَرَأَهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَقِيلَ يُعِيدُ السُّجُودَ، وَقِيلَ لَا، وَإِنْ كَرَّرَ سَجْدَةً وَهُوَ رَاكِبٌ فِي صَلَاةٍ لَمْ يُكَرِّرْ السُّجُودَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ كَرَّرَهُ، انْتَهَى، قال في الرعاية الكبرى:
طَوَافِ الْوَدَاعِ كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِيهِمَا وَجْهَانِ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يَتَكَرَّرُ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَكْعَتَانِ. وَهُوَ أَرْبَعَ عشرة سجدة، في الحج ثنتان "وش" وقوله عليه السلام في خبر ـــــــــــــــــــــــــــــQوكلما قرأ آية سجد سجدة، وَقُلْتُ إنْ كَرَّرَهَا فِي رَكْعَةٍ سَجَدَ مَرَّةً، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ السَّجْدَةُ آخِرَ سُورَةٍ فَلَهُ السُّجُودُ وَتَرْكُهُ، وَقِيلَ إنْ قَرَأَ سَجْدَةً فِي مَجْلِسٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ، أَوْ سَجَدَ قَبْلَهَا فَهَلْ يَسْجُدُ لِلثَّانِيَةِ أَوْ لِلْأُولَى، فِيهِ وجهان، وقيل إنْ قَرَأَهَا فَسَجَدَ، ثُمَّ قَرَأَهَا، وَقِيلَ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ سَجَدَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ثُمَّ قَرَأَهَا فِي صَلَاةٍ سَجَدَ، وَإِنْ سَجَدَهَا فِي صَلَاةٍ ثُمَّ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فَلَا يَسْجُدُ، وَإِنْ كَرَّرَهَا الرَّاكِبُ فِي صَلَاةٍ سَجَدَ مَرَّةً، وَغَيْرُ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ كُلَّ مَرَّةٍ انْتَهَى، فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ طُرُقًا لِلْأَصْحَابِ، فِي تَكْرَارِ السُّجُودِ، وَلَكِنْ قَدَّمَ أَنَّهُ يَسْجُدُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً مُطْلَقًا، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي الْحَوَاشِي الْكُبْرَى عَلَى الْفُرُوعِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ أَعَادَهَا لِحَاجَةٍ لِتَكْرِيرِ الْحِفْظِ، أَوْ الِاعْتِبَارِ، أَوْ لِاسْتِنْبَاطِ حُكْمٍ مِنْهَا، أَوْ لِتَفَهُّمِ مَعْنَاهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ لَمْ يَسْجُدْ، وَإِلَّا سَجَدَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَوُجُودُ الْمُقْتَضِي، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4: إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يُعِيدُ التَّحِيَّةَ أَمْ لَا، وَجْهُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا كَالسُّجُودِ، قُلْتُ: وَتُشْبِهُ أَيْضًا إجَابَةَ مُؤَذِّنٍ ثَانِيًا، وَثَالِثًا إذَا سَمِعَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَكَانَ مَشْرُوعًا، فَإِنَّ صَاحِبَ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَالَ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فَعَلَى هَذَا يُعِيدُ التَّحِيَّةَ إذَا دَخَلَهُ مِرَارًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الصَّلَاةِ. "1وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يُصَلِّي الْمُقِيمُ التَّحِيَّةَ، لِتَكْرَارِ دُخُولِهِ لِلْمَشَقَّةِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِحْرَامِ، وَقَالَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ1 وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ تُسْتَحَبُّ التحية لكل داخل قصد الجلوس أو لا2". "3قلت: واختار شيخنا رحمه الله استحباب إعادة التحية3".
عُقْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ1: "مَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا فَلَا يَقْرَأْهُمَا". مَنَعَ الْقَاضِي أَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُمَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ فَلْيَتْرُكْ قِرَاءَتَهُمَا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: "مَنْ لَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا" 2. ثُمَّ قَالَ تَرَكْنَا ظَاهِرَهُ، وَأَثْبَتْنَا السَّجْدَةَ بِقَوْلِ عُقْبَةَ لَهُ: فِي الْحَجِّ سَجْدَتَانِ؟ قَالَ "نَعَمْ" وَأَجَابَ غَيْرُهُ عَنْ خَبَرِ "مَنْ لَمْ يُضَحِّ" بِضَعْفِهِ، قَالَ أَحْمَدُ مُنْكَرٌ. ثُمَّ تَأَكَّدَ الِاسْتِحْبَابُ، وَعَنْهُ السَّجْدَةُ الْأُولَى فَقَطْ، وَعَنْهُ الثَّانِيَةُ وَ {ص} مِنْهُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ "3لَا إسْقَاطَ ثَانِيَةِ3". الْحَجِّ فَقَطْ "هـ" وَلَا هِيَ وَالْمُفَصَّلُ "م" فَعَلَى الْأَوَّلِ {ص} شُكْرٌ وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاةٌ "وش" ـــــــــــــــــــــــــــــQ
وَهُوَ أَظْهَرُ، لِأَنَّ سَبَبَهَا مِنْ الصَّلَاةِ وَ "ص" عند و "أناب" "و" وحم عند "يسأمون" "وهـ ش" وقيل: {تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] "وم" وَعَنْهُ يُخَيَّرُ. وَيُكَبِّرُ لَهُ "و" وَقِيلَ وَيُشْتَرَطُ الإحرام "وش"وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فِي الأصح "وش" وَفِيهِ فِي صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ، وَيُكَبِّرُ رَافِعًا فِي الْأَصَحِّ "م 5" "و" قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَجْلِسُ، وَلَعَلَّ المراد الندب، ولهذا لم يذكروا جلوسه في الصلاة لذلك ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَفِيهِ فِي صَلَاةٍ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالْمُذْهَبِ وَحَكَاهُمَا وَجْهَيْنِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ، وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا: يَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1، وَالْمُقْنِعِ2، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ منجى والشرح2 وغيرهم.
والتسليم ركن "وق" وَيُجْزِي وَاحِدَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَقِيلَ وَيَتَشَهَّدُ "خ" وَنَصُّهُ لَا يُسَنُّ، وَالْأَفْضَلُ سُجُودُهُ عَنْ قِيَامٍ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ يَقُومُ ثُمَّ يَسْجُدُ، قَالَ يَسْجُدُ وَهُوَ قَاعِدٌ. وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ إمَامٍ لِسَجْدَةٍ فِي صَلَاةِ سِرٍّ "ش" وَسُجُودُهُ لَهَا "م هـ ر" وَقِيلَ لَا، "1قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ1" وَإِنْ فَعَلَ خير المأموم، وقيل يلزمه متابعته "وهـ م ر" كَصَلَاةِ جَهْرٍ فِي الْأَصَحِّ "و" وَلَا يُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فِيهَا "م". وَيُكْرَهُ اخْتِصَارُ آيَاتِ السُّجُودِ "و" مُطْلَقًا "م" وَجَمْعُهُمَا فِي وقت "وش". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَرْفَعُهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، قال في المغني2 والشرح3 هذا قياس المذهب ومال إلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ ذُكِرَ عَنْ وَاحِدٍ أَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ هَذَا أصح.
ويستحب سجدة الشكر "هـ م" "1في كراهته1" وَفِي كِتَابِ2 ابْنِ تَمِيمٍ لِأَمِيرِ النَّاسِ وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ، [يُرَاجَعُ التَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ فِي الذَّيْلِ] عِنْدَ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ، قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: [الْمُنَاسَبَةُ] ظَاهِرَةٌ لِأَنَّ الْعُقَلَاءَ يُهَنُّونَ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الْعَارِضِ وَلَا يَفْعَلُونَهُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ يَصْرِفُ عَنْهُمْ الْبَلَاءَ وَالْآفَاتِ وَيُمَتِّعُهُمْ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَيُفَرِّقُونَ فِي التَّهْنِئَةِ بَيْنَ النِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ كَذَلِكَ السُّجُودُ لِلشُّكْرِ. وَفِيهِ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ يَسْجُدُ "م 6" وَإِنْ فَعَلَهُ فِي صَلَاةٍ غَيْرَ جَاهِلٍ وناس بطلت "و" وعند ابن عقيل فيه روايتان من حمد لنعمة أو ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ لِأَمِيرِ الناس وهو غريب بعيد، انتهى. قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: إنَّمَا فِيهِ لِأَمْرِ النَّاسِ وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: قِيلَ إنَّهُ كَشَفَ عَنْ ابْنِ تَمِيمٍ فَوَجَدَ فِيهِ بَدَلَ الْأَمِيرِ لِأَمْرٍ بِغَيْرِ يَاءٍ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ كَلِمَةٌ مَطْمُوسَةٌ فَلَعَلَّهُ لِأَمْرٍ يَعُمُّ النَّاسَ. انْتَهَى، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لِأَمْرٍ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فِي سُجُودِ الشُّكْرِ وَفِيهِ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ يَسْجُدُ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ أَحَدُهُمَا يَسْجُدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَسْجُدُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَقَالَ: يُسَنُّ سُجُودُ الشُّكْرِ لِتَجَدُّدِ نِعْمَةٍ وَدَفْعِ نِقْمَةٍ عَامَّتَيْنِ لِلثَّانِي وَقِيلَ: أَوْ خَاصَّتَيْنِ بِهِ انْتَهَى، فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ قد صححت بحمد الله تعالى.
استرجع لمصيبة. واستحسنه1 ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِيهَا، كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ سَبَبَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ عَارِضٌ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ. وَهُمَا كَنَافِلَةٍ فِيمَا يُعْتَبَرُ "و" وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ صَلَاةٌ، فَيَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا، وَوَافَقَ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ، وَقِيلَ يُجْزِي قَوْلُ مَا وَرَدَ، وَخَيَّرَهُ فِي الرِّعَايَةِ بَيْنَهُمَا. وَمَنْ رَأَى مُبْتَلًى فِي دِينِهِ سَجَدَ، وَإِنْ كَانَ مُبْتَلًى فِي بَدَنِهِ كَتَمَهُ، وَالْمُرَادُ2: أَنَّهُ سَجَدَ لِأَمْرٍ يَخُصُّهُ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ويسأل الله العافية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى رَجُلًا بِهِ زَمَانَةٌ فَسَجَدَ1، رَوَاهُ الشَّالَنْجِيُّ، وَأَمَرَ فِي خَبَرٍ آخَرَ بِسُؤَالِ الْعَافِيَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَسْجُدُ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ "مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاك بِهِ، وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّا خَلَقَ تَفْضِيلًا لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ2. قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ بِحَضْرَةِ الْمُبْتَلَى، ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَرَادَ الدُّعَاءَ فَعَفَّرَ وَجْهَهُ لِلَّهِ بِالتُّرَابِ وَسَجَدَ لَهُ لِيَدْعُوَهُ فِيهِ، فَهَذَا سُجُودٌ لِأَجْلِ الدُّعَاءِ، وَلَا شَيْءَ يَمْنَعُهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ سَجَدَ سُجُودًا مُجَرَّدًا لَمَّا جَاءَ نَعْيُ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "إذَا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا" 4، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ يُشْرَعُ عِنْدَ الْآيَاتِ، فالمكروه هو السجود بلا سبب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب سجود السهو
باب سجود السهو مدخل ... بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ لَا يُشْرَعُ لِعَمْدٍ "ش" في القنوت، والتشهد الأول، والصلاة على النبي، فِيهِ، وَبَنَى الْحَلْوَانِيُّ سُجُودَهُ لِسُنَّةٍ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلٍ عَمْدًا، وَيَجِبُ لِكُلِّ مَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ مع سهوه وعنه يشترط، وعنه يسن "وش" وَأَوْجَبَهُ "م" لِنَقْصٍ، وَأَوْجَبَهُ "هـ" لِجَهْرٍ، وَإِخْفَاتٍ، وَسُورَةٍ، وَقُنُوتٍ، وَتَكْبِيرِ عِيدٍ، وَتَشَهُّدَيْنِ كَزِيَادَةِ رُكْنٍ، كَرُكُوعٍ بِأَكْثَرَ "م" وَأَبْطَلَهَا بِمَا فَوْقَ نِصْفِهَا، وَتَبْطُلُ لِعَمْدِهِ "هـ" فِي دُونِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ لَا يُشْرَعُ لِعَمْدٍ وَبَنَى الْحَلْوَانِيُّ سُجُودَهُ لِسُنَّةٍ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلٍ عَمْدًا انْتَهَى أَيْ لِتَرْكِ سُنَّةٍ عَمْدًا إذْ الصَّلَاةُ تَبْطُلُ بِتَرْكِ رُكْنٍ أَوْ وَاجِبٍ عَمْدًا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ يَسْجُدُ لِعَمْدٍ مَعَ صِحَّةِ صَلَاتِهِ، "1وَالْمَذْهَبُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ فَلَا يسجد لسنة على الصحيح عند الحلواني1".
وَكَسِلَامٍ مِنْ نَقْصٍ وَفِي جُلُوسِهِ بِقَدْرِ الِاسْتِرَاحَةِ وجهان"م1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي جُلُوسِهِ بِقَدْرِ الِاسْتِرَاحَةِ هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَذَلِكَ وَجْهَانِ انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَذَلِكَ، أَمْ لَا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تميم، والشارح في مواضع: أَحَدُهُمَا: لَا يَسْجُدُ قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي، قَالَ الزَّرْكَشِيّ إنْ كَانَ جُلُوسُهُ يَسِيرًا فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي، إلَّا إذَا قُلْنَا تُجْبَرُ الْهَيْئَاتُ بِالسُّجُودِ، انْتَهَى، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1، وَمَالَ إلَيْهِ، قُلْتُ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْجُدُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ انْتَهَى، قُلْتُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 فِي مَكَان وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، قُلْتُ فَيَكُونُ هَذَا الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وفي شروعه لترك سُنَّةٍ خِلَافٌ سَبَقَ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي سُجُودُ السَّهْوِ بَدَلٌ عَمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، فَلَا يَجِبُ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ آكِدٌ، فَقَالَ قَدْ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ وَاجِبٍ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ قَضَاءُ حَجَّةِ التَّطَوُّعِ، وَحَجَّةُ التَّطَوُّعِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ. وَإِنْ أَتَى بِذِكْرٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ غَيْرِ سَلَامٍ عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَقِيلَ بَلَى، وَقِيلَ بِقِرَاءَتِهِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا. وَيُسْتَحَبُّ لِسَهْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ "م" خِلَافًا "هـ ش" فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَوْ تَشَهَّدَ رَاكِعًا. وَلَا أَثَرَ لِمَا أَتَى بِهِ سَهْوًا، فَيَقْنُتُ مَنْ قَنَتَ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إنْ أَتَى بِذِكْرٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، أَوْ بِذِكْرٍ لَمْ يُشْرَعْ فِي الصَّلَاةِ عَمْدًا لَمْ تَبْطُلْ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ زَادَ رَكْعَةً قَطَعَ مَتَى ذَكَرَ، وَبَنَى، وَلَا بِتَشَهُّدِ مَنْ تَشَهَّدَ "م" وَعِنْدَ "هـ" إنْ سَجَدَ فِي خَامِسَةٍ ضَمَّ سَادِسَةً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ صَارَتْ نَفْلًا، وَإِلَّا فَالزِّيَادَتَانِ نَفْلٌ، وَإِنْ نَبَّهَ ثِقَتَانِ إمَامًا رَجَعَ "وم" وعنه يستحب، فيعمل بيقينه، أو ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي شُرُوعِهِ: صَوَابُهُ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهِ، يَعْنِي هَلْ يُشْرَعُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ؟ خِلَافٌ يَسْبِقُ، يَعْنِي فِي آخِرِ صِفَةِ الصَّلَاةِ1، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَهَلْ يُشْرَعُ السُّجُودُ لِتَرْكِ سُنَّةٍ أَوْ لَا أَوْ يُشْرَعُ لِلْأَقْوَالِ فَقَطْ؟ رِوَايَاتٌ، وَتَقَدَّمَ تصحيح ذلك.
التحري، لَا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَيَعْمَلُ بِيَقِينِهِ "ش" كَتَيَقُّنِهِ صَوَابَ نَفْسِهِ، وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً، كَحُكْمِهِ بِشَاهِدَيْنِ، وَتَرْكِهِ يَقِينَ نَفْسِهِ، وَهَذَا سَهْوٌ، بِخِلَافِ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي يَتْرُكُ الْإِمَامُ الْيَقِينَ، وَمُرَادُهُ الْأَصْلُ، قَالَ: الْحَاكِمُ يَرْجِعُ إلَى الشُّهُودِ، وَيَتْرُكُ الْأَصْلَ وَالْيَقِينَ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَمِ وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ، يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَيَتْرُكُ الْيَقِينَ، وَالْأَصْلُ هُوَ بَقَاءُ الشَّهْرِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ إلَى ثِقَةٍ فِي زِيَادَةٍ، لَا مُطْلَقًا "هـ" وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يَجُوزُ رُجُوعُهُ إلَى وَاحِدٍ بِظَنِّ صِدْقِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إنْ ظَنَّ صِدْقَهُ عَمِلَ بِظَنِّهِ، لَا بِتَسْبِيحِهِ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ لَا يَرْجِعُ، بِقَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَرْجِعُ إلَى ثِقَتَيْنِ، وَلَوْ ظَنَّ خَطَأَهُمَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ نَصَّ أَحْمَدُ. وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ، وَاحْتِمَالٌ مِنْ الْحُكْمِ مَعَ الرِّيبَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي هَذَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَنْبِيهِهَا فَائِدَةٌ، وَلَمَّا كُرِهَ تَنْبِيهُهَا بِالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ وَذَكَرَ احْتِمَالًا فِي الْفَاسِقِ كَأَذَانِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُمَيِّزِ خِلَافٌ، وكلامهم ظاهر فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِلُزُومِ الْمَأْمُومِ تَنْبِيهَ الْإِمَامِ، وَقَدْ قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وغيره من الأصحاب.
وَإِنْ قُلْنَا يَرْجِعُ فَأَبَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَصَلَاةُ مُتَّبِعِهِ عَالِمًا، لَا جَاهِلًا وَسَاهِيًا، عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْكُلِّ، وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا مَسْبُوقٌ نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَتَوَقَّفَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ. وَيُفَارِقُهُ الْمَأْمُومُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش وهـ" إنْ سَجَدَ وَعَنْهُ يَنْتَظِرُهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ وُجُوبًا، وَعَنْهُ نَدْبًا، وَهُمَا فِي مُتَابَعَتِهِ "1لِاحْتِمَالِ تَرْكِ رُكْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَا يَتْرُكُ يَقِينَ الْمُتَابَعَةِ بِالشَّكِّ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي انْتِظَارِهِ وَمُتَابَعَتِهِ1". وَإِنْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ سَقَطَ قَوْلُهُمْ، وَقِيلَ يَعْمَلُ بِمُوَافِقِهِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ وَيَرْجِعُ مُنْفَرِدٌ إلَى يَقِينٍ، وَقِيلَ لَا، لِأَنَّ مَنْ فِي الصَّلَاةِ أَشَدُّ تَحَفُّظًا، قَالَ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ، لِقَوْلِهِ فِي رَجُلٍ قَالَ طُفْنَا سَبْعًا، وَقَالَ الْآخَرُ سِتًّا فَقَالَ: لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَقَالَ اثْنَانِ سَبْعًا. وَقَالَ الْآخَرُ سِتًّا قُبِلَ قَوْلُهُمَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ قَوْلَ الْقَوْمِ2، فَقَدْ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الِاثْنَيْنِ، وَإِنْ كَانَ "3رَجُلًا وَاحِدًا3" غَيْرَ مُشَارِكٍ لَهُ فِي طَوَافِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الشَّكِّ فِيهِ، وَعَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي الشَّكِّ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إنْ قَامَ إلَى خَامِسَةٍ أُبْطِلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ، وَمَعْنَى قُلْنَا تَبْطُلُ: يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ فرضا، بل يسلم عقب الرابعة، وتكون لهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَفْلًا وَسَبَقَ فِي النِّيَّةِ1. وَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ نَهَارًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَهُ "م" مَا لَمْ يَرْكَعْ فِي الثَّالِثَةِ، وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَنْ كُرِهَتْ الْأَرْبَعُ نَهَارًا، وَلَا يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ "م ش" لِإِبَاحَةِ ذَلِكَ، وَفِي اللَّيْلِ لَيْسَ بأفضل "م ش" وفي الأصح الخلاف.
فصل: ومن نسي ركنا
فَصْلٌ: وَمَنْ نَسِيَ رُكْنًا فَذَكَرَهُ فِي قِرَاءَةِ الَّتِي بَعْدَهَا لَغَتْ الرَّكْعَةُ الْمَنْسِيُّ رُكْنُهَا فَقَطْ "و" نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ وَمَا قَبْلَهَا، وَإِنْ رَجَعَ عَالِمًا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ قِرَاءَتِهِ عَادَ فَأَتَى بِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، لِكَوْنِ الْقِيَامِ غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ قَدْرُ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ، لَا فِي رُكُوعِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَقَطْ "م" وَلَا مُطْلَقًا، أَوْ مُلَفَّقًا "ش" وَقَالَ "هـ" مِثْلَهُ، وَيَأْتِي عِنْدَهُ بِالسَّجْدَةِ مَتَى ذكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَفِي اللَّيْلِ لَيْسَ بِأَفْضَلَ، يَعْنِي الزِّيَادَةَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَفِي صِحَّتِهِ الْخِلَافُ، يَعْنِي الآتي في صلاة التطوع2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ص 390.
وَلَوْ قَامَ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَكَانَ جَلَسَ لِلْفَصْلِ لَمْ يَجْلِسْ لَهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا جَلَسَ. وَفِي الْفُنُونِ يَحْتَمِلُ جُلُوسُهُ وَسُجُودٌ بِلَا جِلْسَةٍ. وَفِي الْمَنْهَجِ مَنْ تَرَكَ رُكْنًا نَاسِيًا فَذَكَرَ حِينَ شَرَعَ فِي آخَرَ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ، وَحَكَى رِوَايَةً، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُعِدْ عَمْدًا بَطَلَتْ وَسَهْوًا بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُعِدْهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِمَا يَفْعَلُ بَعْدَ مَا تَرَكَهُ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ تَرَكَ رُكُوعًا أَوْ سَجْدَةً فَلَمْ يَذْكُرْ حَتَّى قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ جَعَلَهَا أَوَّلِيَّتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِبْ قَائِمًا عَادَ فَأَتَمَّ الرَّكْعَةَ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ يَأْتِي بِهَا، إلَّا أَنْ يَذْكُرَ بَعْدَ الِانْحِطَاطِ مِنْ قِيَامِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَإِنَّهَا تَلْغُو، وَتُجْعَلُ الثَّانِيَةُ أُولَى، كَذَا قَالَ، وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ السَّلَامِ أَتَى بِرَكْعَةٍ مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ "و" عُرْفًا، وَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ مَا دَامَ بِالْمَسْجِدِ، وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ يَأْتِي بِالرُّكْنِ وَبِمَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ لِمَسْجِدٍ بَعْدَ السَّلَامِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّلْخِيصِ تَبْطُلُ، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ رَكْعَةً لَمْ تَبْطُلْ. وَمَتَى شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مَعَ قُرْبِ الْفَصْلِ عَادَ فَأَتَمَّ الْأُولَى "وش" وَعَنْهُ: يَسْتَأْنِفُهَا "وم" لِتَضَمُّنِ عَمَلِهِ قَطْعًا بَيْنَهَا وَقَالَهُ "هـ" إنْ سَجَدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ الْأُخْرَى، وَإِلَّا عَادَ، وَعَنْ أَحْمَدَ يَسْتَأْنِفُهَا إنْ كَانَ مَا شَرَعَ فِيهِ نَفْلًا، وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ يُتِمُّ الْأُولَى مِنْ الثَّانِيَةِ. وَفِي الْفُصُولِ فِيمَا إذَا كَانَتَا صَلَاتَيْ جَمْعٍ أَتَمَّهَا ثُمَّ سَجَدَ عَقِبَهَا لِلسَّهْوِ عَنْ الْأُولَى. لِأَنَّهُمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ يَسْجُدُ عِنْدَنَا لِلسَّهْوِ. وَمَنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ أَتَمَّ الرَّابِعَةَ وَأَتَى بِثَلَاثٍ بَعْدَهَا، وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، وَسَلَّمَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ يَبْنِي على تكبيرة الإحرام، وعنه تصح ركعتان "وش" وَعَنْهُ تَبْطُلُ وَلَا يَسْجُدُ فِي الْحَالِ أَرْبَعًا "هـ" وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَنَصُّهُ بُطْلَانُهَا "م 2" وَإِنْ ذَكَرَ وَقَدْ قَرَأَ فِي الْخَامِسَةِ فَهِيَ أُولَاهُ، وَتَشَهُّدُهُ قَبْلَ سَجْدَتَيْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ بَعْدَ حُكْمِ مَنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَقِيلَ كَذَلِكَ وَنَصُّهُ بُطْلَانُهَا انْتَهَى، الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّارِحُ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الصُّغْرَى، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَقَالَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ قُلْتُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيلَ حُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَنْ ذَكَرَ قَبْلَ السَّلَامِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ فِيمَنْ تَرَكَ رُكْنًا فَلَمْ يَذْكُرْهُ حَتَّى سَلَّمَ إنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ، فَأَمَّا عَلَى مَنْصُوصِ أَحْمَدَ فِي الْبِنَاءِ إذَا ذَكَرَ قَبْلَ طُولِ الْفَصْلِ فَإِنَّهُ يَصْنَعُ كَمَا يَصْنَعُ إذَا ذَكَرَ فِي التَّشَهُّدِ. انتهى.
الْأَخِيرَةِ زِيَادَةٌ فِعْلِيَّةٌ، وَقَبْلَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ زِيَادَةٌ قَوْلِيَّةٌ. وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ حَتَّى انْتَصَبَ فعنه يمضي "وش" وُجُوبًا كَمَا لَوْ قَرَأَ "و" وَعَنْهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ "م 3" وَيَسْجُدُ للسهو، ويتبعه الْمَأْمُومُ، وَقِيلَ يَتَشَهَّدُ وُجُوبًا، وَإِنْ لَمْ يَنْتَصِبْ رَجَعَ، وَلَوْ فَارَقَ الْأَرْضَ "م" أَوْ كَانَ أقرب إلى القيام "هـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ وَإِنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ حَتَّى انْتَصَبَ فَعَنْهُ يَمْضِي وُجُوبًا، كَمَا لَوْ قَرَأَ وَعَنْهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ، وَالْأَشْهَرُ يُكْرَهُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، انْتَهَى. الْأَشْهَرُ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَرَاهَةُ رُجُوعِهِ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي مجمع البحرين وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَنَصَرَهُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي أَوْلَى، قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ وَهُوَ أَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ، وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الشَّارِحُ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِنْ رَجَعَ جَازَ انْتَهَى. وَرِوَايَةُ عَدَمِ رُجُوعِهِ وَمُضِيِّهِ فِي صَلَاتِهِ وُجُوبًا اخْتَارَهَا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ الْخِيرَةِ فِي الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا اخْتَارَهَا مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَذَا رِوَايَةُ وُجُوبِ رُجُوعِهِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الْمُضِيِّ وَالرُّجُوعِ وَالْخِيَرَةِ، عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَشْهَرَ الْكَرَاهَةُ هُوَ المذهب.
وَعَلَى مَأْمُومٍ اعْتَدَلَ أَنْ يَتْبَعَهُ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ إنْ كَثُرَ نُهُوضُهُ. وَفِي التَّلْخِيصِ إنْ بَلَغَ حَدَّ رُكُوعٍ وَكَذَا تَسْبِيحُ ركوع وسجود وكل واجب، فيرجع إلى تسبيح رُكُوعٍ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ. وَفِيهِ بَعْدَهُ وَلَمْ يَقْرَأْ وجهان "م 4" وقيل لا يرجع، وتبطل بعمده، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ وَكَذَا تَسْبِيحُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَكُلِّ وَاجِبٍ، فَيَرْجِعُ إلَى تَسْبِيحِ رُكُوعٍ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ، وَفِي رُجُوعِهِ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ وَلَمْ يَقْرَأْ وَجْهَانِ انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ وُجُوبًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، والفائق. والوجه الثاني: يجوز له الرجوع3، كَمَا فِي التَّشَهُّدِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ، فَقَالَ وَإِنْ انْتَصَبَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ، فَإِنْ رَجَعَ جَازَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَاوِي الصغير إطلاق الخلاف فإنه
جَازَ أَدْرَكَ مَسْبُوقُ الرَّكْعَةِ بِهِ، وَقِيلَ لَا، لِأَنَّهُ نَفْلٌ، وَكَرُجُوعِهِ إلَى رُكُوعٍ سَهْوًا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ مَسْبُوقٌ لِيَسْجُدَ مَعَ إمَامِهِ لِلسَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا بَطَلَتْ، وَبَعْدَ السُّجُودِ تَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ قَامَ مَسْبُوقٌ لِنَقْصٍ1 فَهَلْ يَعُودُ إلَى سُجُودِ سَهْوٍ مَعَ إمَامِهِ؟ فَعَنْهُ يَعُودُ كَالتَّشَهُّدِ، وَسُجُودِ الصُّلْبِ وَعَنْهُ لَا كَالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وعنه يخير لشبهه بهما.
فصل: ومن شك في عدد الركعات أخذ باليقين،
فَصْلٌ: وَمَنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَخَذَ باليقين، اختاره الأكثر، منهم أبو بكر "وم ش" وَزَادَ يَبْنِي الْمُوَسْوِسُ عَلَى أَوَّلِ خَاطِرٍ، كَطَهَارَةٍ، وَطَوَافٍ ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي ظَنُّهُ فِي وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا يَجِبُ غُسْلُهُ وَيَأْتِي فِي الطَّوَافِ2 قَوْلُ أبي بكر وغيره، فالطهارة مثله. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: كُرِهَ عَوْدُهُ، وَصَحَّ عِنْدَ الْقَاضِي. وَقَالَ صاحب المغني لا يرجع إلى واجب3 سِوَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ: "4وَفِيهِ بَعْدَهُ أَيْ الرُّكُوعِ4" وَلَمْ يَقْرَأْ وَجْهَانِ، لَيْسَ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ قِرَاءَةٌ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا يُقَالُ بَعْدَ الاعتدال من الذكر والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 6/41. 3 في "ط": سابق. 4 ليست في النسخ ااخطية والمثبت من "ط".
وَعَنْهُ: بِظَنِّهِ "وهـ" وَزَادَ لِيَسْتَأْنِفْهَا مَنْ يَعْرِضُ لَهُ أَوَّلًا، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، قَالَ وَعَلَى هَذَا عَامَّةُ أُمُورِ الشَّرْعِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ يُقَالُ فِي طَوَافٍ وَسَعْيٍ وَرَمْيِ جِمَارٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَعِنْدَ الْإِمَامِ بِظَنِّهِ، لِأَنَّ لَهُ مَنْ يُنَبِّهُهُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَاخْتُلِفَ فِي اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، وَمُرَادُهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْمُومُ وَاحِدًا، فَإِنْ كَانَ فَبِالْيَقِينِ، لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَبِدَلِيلِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ لَا يَرْجِعُ إلَى فِعْلِ إمَامِهِ، وَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَيُعَابَا بِهِمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَبِالْأَقَلِّ "و". وَلَا أَثَرَ لِشَكِّ مَنْ سَلَّمَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بَلَى مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ، وَيَأْخُذُ مَأْمُومٌ بِفِعْلِ إمَامِهِ، وَعِنْدَ "م" بِالْيَقِينِ كَمَأْمُومٍ وَاحِدٍ وَكَفِعْلِ نَفْسِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فِيهِ، وَكَالْإِمَامِ، فَالْإِمَامُ لَا يَرْجِعُ إلَى فِعْلِ الْمَأْمُومِ فِي ظَاهِرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَلَامِهِمْ لِلْأَمْرِ بِالتَّنْبِيهِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إذَا صَلَّى بِقَوْمٍ تَحَرَّى وَنَظَرَ إلَى مَنْ خَلْفَهُ، فَإِنْ قَامُوا تَحَرَّى وَقَامَ، وَإِنْ سَبَّحُوا بِهِ تَحَرَّى وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُونَ قَالَ فِي الْخِلَافِ: وَيَجِبُ حَمْلُ هَذَا عَلَى أَنَّ لِلْإِمَامِ رَأْيًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَمَنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَبِالْيَقِينِ، وَقِيلَ هُوَ كَرَكْعَةٍ قِيَاسًا، وَقَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي قَوْلٍ وَفِعْلٍ. وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ مَا يَسْجُدُ لتركه فوجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَمَنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ فَبِالْيَقِينِ وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ مَا يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي1، وَالْمُقْنِعِ2، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لَمْ يسجد في أصح الوجهين، واختاره
"م 5" وَعَنْهُ يَسْجُدُ لِشَكِّهِ فِي زِيَادَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، كَشَكِّهِ فِيهَا وَقْتَ فِعْلِهَا, فَلَوْ بَانَ صَوَابُهُ أَوْ سَجَدَ ثُمَّ بَانَ لَمْ يَسْهُ أو سها بعده قبل سلامه في ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ حَامِدٍ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، فَقَالَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ السُّجُودُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا، وَحَكَى الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْحُسَيْنِ قَالَ رَجَعَ وَالِدِي عَنْ هَذَا أَخِيرًا، وَقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي السُّجُودَ لِذَلِكَ انتهى
سجوده قَبْلَ السَّلَامِ فَوَجْهَانِ، "م 6 – 8". وَلَا يَسْجُدُ مَأْمُومٌ لسهوه "و" بل لسهو إمَامِهِ مَعَهُ "و" وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ التَّشَهُّدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: فَلَوْ بَانَ صَوَابُهُ يَعْنِي إذَا شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ أَوْ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ ثُمَّ زَالَ شَكُّهُ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ مُصِيبٌ، أَوْ سَجَدَ ثُمَّ بَانَ لَمْ يَسْهُ أَوْ سَهَا بَعْدَهُ قَبْلَ سَلَامِهِ فِي سُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: وَهِيَ مَا إذَا شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ، أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، وَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ، أَوْ عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، ثُمَّ زَالَ شَكُّهُ فِي الصَّلَاةِ وَتَيَقَّنَ أَنَّهُ مُصِيبٌ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا سُجُودَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصحيح، جزم به المجد في شرحه، وابن عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْجُدُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَفِيهِ وَجْهٌ يَسْجُدُ قَالَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7: إذَا سَجَدَ لِسَهْوٍ ظَنَّهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ ثَانِيًا أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ، وَابْنُ حمدان في رعايتيه، وصاحب الحاويين:
ثُمَّ يُتِمُّهُ، وَقِيلَ: ثُمَّ يُعِيدُ السُّجُودَ، وَإِنْ نَسِيَ إمَامُهُ سَجَدَ هُوَ عَلَى الْأَصَحِّ "خ" وَيَسْجُدُ مَسْبُوقٌ مَعَ إمَامِهِ إنْ سَهَا إمَامُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ، وَكَذَا فِيمَا لَمْ يُدْرِكْهُ "م" إنْ لَحِقَ دُونَ رَكْعَةٍ وَعَنْهُ إنْ سَجَدَ قبل السلام "وم ش" وَإِلَّا قَضَى بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ثُمَّ سَجَدَ وَعَنْهُ: يَقْضِي ثُمَّ يَسْجُدُ، وَلَوْ سَجَدَ إمَامُهُ قَبْلَهُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي مُتَابَعَتِهِ، وَعَنْهُ يَسْجُدُ مَعَهُ وَيُعِيدُهُ "خ". وَإِنْ نَسِيَ إمَامُهُ سجد هو "وهـ" وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي إحْدَى سَجْدَتَيْ السَّهْوِ سَجَدَ مَعَهُ، فَإِذَا سَلَّمَ أَتَى بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ قَضَى صَلَاتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَأْتِي بِهَا، بَلْ يَقْضِي صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ثُمَّ يسجد. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَسْجُدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ "قُلْتُ" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْجُدُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْكِسَائِيّ، مَعَ أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَتَبِعَهُ فِي النُّكَتِ، فَإِنَّ الْكِسَائِيَّ قَالَ يُتَقَوَّى بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى كُلِّ عِلْمٍ، فَسَأَلَهُ أَبُو يُوسُفَ عِنْدَ ذَلِكَ فِي حَضْرَةِ الرَّشِيدِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْمُصَغَّرُ لَا يُصَغَّرُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 8: إذَا سَهَا بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ قَبْلَ سَلَامِهِ فَهَلْ يَسْجُدُ لَهُ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَسْجُدُ، هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ لَا يَسْجُدُ لَهُ أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، فَقَالَا لَوْ سَهَا بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ لَمْ يَسْجُدْ لِذَلِكَ. انتهى. والوجه الثاني: يسجد له.
وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ سُجُودِ السَّهْوِ وَقَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَسْجُدْ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَإِنْ سَهَا فَسَلَّمَ مَعَهُ أَوْ سَهَا مَعَهُ أَوْ فِيمَا انْفَرَدَ1 بِهِ سَجَدَ.
فصل: محل سجود السهو ندبا
فَصْلٌ: مَحِلُّ سُجُودِ السَّهْوِ نَدْبًا "و" ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ "ع" وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ، فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ النَّسْخِ، وَقِيلَ وُجُوبًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّ عَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّيْخِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَبْلَ السَّلَامِ: إلَّا إذَا سَلَّمَ عَنْ نَقْصٍ أَوْ أَخَذَ بِظَنِّهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَأَطْلَقَ أَكْثَرُهُمْ النَّقْصَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا نَقْصُ رَكْعَةٍ، وَإِلَّا قَبْلَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَبَقَ2، وَعِنْدَ كُلِّهِ قَبْلَهُ "وش" اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَابْنُهُ وَأَبُو الْفَرَجِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ "وم" وَعَنْهُ مِنْ نَقْصٍ بَعْدَهُ، وَمِنْ زِيَادَةٍ قَبْلَهُ، وعنه عكسه، "وهـ" فَيَسْجُدُ مَنْ أَخَذَ بِالْيَقِينِ قَبْلَهُ "م" لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الشَّاكَّ أَنْ يَدَعَ الرَّابِعَةَ وَيَسْجُدَ1 قِيلَ: احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَمَنْ أَخَذَ بِظَنِّهِ بَعْدَهُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَيَكْفِيهِ لِجَمِيعِ السَّهْوِ سُجُودٌ، ولو اختلف محلهما أو شك هل سجد للسهو في المنصوص "وهـ" قيل: يغلب ما قبل السلام "وم" وَحَكَى بَعْدَهُ، وَقِيلَ: الْأَسْبَقُ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ سَهْوٍ بِسُجُودٍ، بَلْ يَتَدَاخَلُ "م 9" ويكفيه سجود في الأصح لسهوين: أحدهما جماعة والآخر منفردا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَيَكْفِيهِ لِجَمِيعِ السَّهْوِ سُجُودٌ وَلَوْ اختلف محلهما أو شك هل سجد للسهو فِي الْمَنْصُوصِ قِيلَ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَحَكَى بَعْدَهُ، وَقِيلَ الْأَسْبَقُ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ سَهْوٍ بِسُجُودٍ، بَلْ يَتَدَاخَلُ انْتَهَى، إذَا قُلْنَا يَكْفِيهِ لِجَمِيعِ السَّهْوِ سُجُودٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَهَلْ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ الْأَسْبَقَ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 والكافي3
وَإِنْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَنْهُ يَقْضِيهِ مَعَ قصر الفصل "وش" وَعَنْهُ وَبَقَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ وَعَنْهُ ولم يتكلم "وهـ" وعنه لا يسجد مطلقا "وم" فِيمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ بَعُدَ فِيمَا قَبْلَهُ أَعَادَ، وَعَنْهُ عَكْسُهُ اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ يَسْجُدُ بِالْمَسْجِدِ "10، 11" وإن أحدث بعد صلاته ففي السجود ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُغَلِّبُ أَسْبَقَهُمَا، وُقُوعًا "قُلْتُ" وَهُوَ قَوِيٌّ. تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: إذَا قُلْنَا لَا يُغَلِّبُ الْأَسْبَقَ وُقُوعًا فَهَلْ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السَّلَامِ عَلَى مَا بَعْدَهُ، أَوْ عَكْسَهُ؟ حَكَى الْمُصَنِّفُ قَوْلَيْنِ، وَقَدَّمَ، أَنَّهُ يُغَلِّبُ مَا قَبْلَ السلام على مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ سَهْوٍ بِسُجُودٍ بَلْ يَتَدَاخَلُ، لَعَلَّهُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُ كُلِّ سَهْوٍ بِزِيَادَةِ كُلٍّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَلْ يَتَدَاخَلُ. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ فَعَنْهُ يَقْضِيهِ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ وَعَنْهُ وَبَقَائِهِ بِالْمَسْجِدِ، وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ، وَعَنْهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ، وَعَنْهُ لَا يَسْجُدُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ يَسْجُدُ بِالْمَسْجِدِ انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِدَّةَ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَقْضِيهِ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ، وَبَقَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَلَعَلَّهُ أَشْهَرُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَالزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: سَجَدَ وَلَوْ تَكَلَّمَ، مَا لَمْ يَطُلْ فَصْلٌ، أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الهداية، والخلاصة والمقنع2، والمغني3، والشرح2 ونصراه
لَوْ تَوَضَّأَ وَجْهَانِ "م 12" وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي صلاة سجد إذا سلم، أطلقه بعضهم، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ نَسِيَهُ قَبْلَهُ سَجَدَ بَعْدَهُ إنْ قَرُبَ الزَّمَنُ، وَقِيلَ أَوْ طَالَ، وهو في المسجد انتهى. وعنه: يشترط أيضا أن لاينكلم ذكره المصنف والشريف أبو جعفر في مسائله. وَعَنْهُ: يَسْجُدُ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ لِأَنَّهُ قَالَ: فَإِنْ نَسِيَهُ، وَسَلَّمَ سَجَدَ إنْ قَرُبَ مِنْهُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَطُلْ سَجَدَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، فَإِنَّهُ قَالَ: فإن نسي السجود فذكره قبل طول الْفَصْلِ سَجَدَ انْتَهَى. وَعَنْهُ لَا يَسْجُدُ مُطْلَقًا، يَعْنِي سَوَاءً قَصُرَ الْفَصْلُ أَوْ طَالَ، خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا. وَعَنْهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ مُطْلَقًا، يَعْنِي سَوَاءً قَصُرَ الْفَصْلُ أَوْ طَالَ، خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا، عَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ. وَقِيلَ يَسْجُدُ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَإِذَا سَهَا أَنَّهُ سَهَا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ. "تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِي مَكَانَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْقَضَاءُ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ، وَالْقَضَاءُ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا. وَالثَّانِي: إذَا قُلْنَا بِالْقَضَاءِ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، أَمْ لَا، أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الْبَقَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ عَدَمُ التَّكَلُّمِ أَمْ لَا، فَلَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، إذَا عُلِمَ هَذَا فَرِوَايَةُ الْقَضَاءِ مُطْلَقًا وَعَدَمِهِ مُطْلَقًا لَا يُقَاوِمَانِ رِوَايَةَ التَّفْصِيلِ فِي التَّرْجِيحِ، وَلَكِنَّ رِوَايَةَ السُّجُودِ مُطْلَقًا لَهَا قُوَّةٌ، وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ بَقَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَعَدَمِهِ مَعَ قَصْرِ الْفَصْلِ فَقَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيهِ مُطْلَقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ لَا غَيْرُ. مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ صَلَاتِهِ فَفِي السُّجُودِ لو توضأ وجهان.
وَقِيلَ مَعَ قَصْرِ فَصْلٍ، وَيُخَفِّفُهَا مَعَ قَصْرِهِ ليسجد. ومتى سجد بعد السلام تشهد "وهـ م" التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، ثُمَّ فِي تَوَرُّكِهِ إذًا فِي أَثْنَائِهِ1 وَجْهَانِ "م 13"، وَقِيلَ: لَا يَتَشَهَّدُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا كَسُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ "ع" وَلَا يُحْرِمُ لَهُ، وَسُجُودُهُ لِلسَّهْوِ وَمَا يَقُولُ فِيهِ وَبَعْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ كَسُجُودِ الصُّلْبِ، لِأَنَّهُ أَطْلَقَهُ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ2، فَلَوْ خالف عاد بنية ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ عَدَمِ الْحَدَثِ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَرْجِعُ فِيهِ قَصْرُ الْفَصْلِ وَطُولُهُ، وَخُرُوجُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْتُ" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ لِإِطْلَاقِهِمْ السُّجُودَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْجُدُ هُنَا إذَا تَوَضَّأَ، سَوَاءٌ قَصُرَ الْفَصْلُ أَوْ لَا، خَرَجَ من المسجد أم لا، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَمَتَى سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ، ثُمَّ فِي تَوَرُّكِهِ إذَنْ فِي أَثْنَائِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ "أَحَدُهُمَا" لَا يَتَوَرَّكُ بَلْ يَفْتَرِشُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَتَوَرَّكُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الإمام أحمد.
وَمَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ الْوَاجِبَ عَمْدًا بَطَلَتْ بما قبل السلام "وش" لا بما بعده "و" عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الرِّوَايَتَانِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ مَا بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ عَنْهَا، وَاجِبٌ لَهَا كَالْأَذَانِ. وَلَا سُجُودَ لِسَهْوٍ فِي جِنَازَةٍ، وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ وَسَهْوٍ "و" وَالنَّفَلُ كَالْفَرْضِ "و" وَسَبَقَ سُجُودُ السَّهْوِ لِنَفْلٍ عَلَى رَاحِلَةٍ، ويأتي في صلاة الخوف1. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَمَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ الْوَاجِبَ عَمْدًا بَطَلَتْ بِمَا قَبْلَ السَّلَامِ، لَا بِمَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الرِّوَايَتَانِ. انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ مَبْنِيٌّ عَلَى بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَنَّ فِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ تَصْحِيحًا وَمَذْهَبًا، وَقَدْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى، فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ السُّجُودِ الْوَاجِبَ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ، كَاَلَّذِي بَعْدَهُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِ، وَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ، وَقِيلَ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بِتَرْكِهِ فَفِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ وَجْهَانِ انْتَهَى فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بِتَصْحِيحِهَا.
باب صلاة التطوع
باب صلاة التطوع مدخل ... باب صلاة التطوع التَّطَوُّعُ فِي الْأَصْلِ: فِعْلُ الطَّاعَةِ، وَشَرْعًا وَعُرْفًا طَاعَةٌ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَالنَّفَلُ وَالنَّافِلَةُ الزِّيَادَةُ، وَالتَّنَفُّلُ التَّطَوُّعُ. أَفْضَلُ تَطَوُّعَاتِ الْبَدَنِ الْجِهَادُ، أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَالنَّفَقَةُ فِيهِ أَفْضَلُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الصَّدَقَةُ عَلَى قَرِيبِهِ الْمُحْتَاجِ أَفْضَلُ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ، وَعَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ1 مَرْفُوعًا: "مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُتِبَتْ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ2، وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ ذِكْرَ تَضْعِيفُ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ. وَلِأَحْمَدَ3 وَغَيْرِهِ "مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كَانَتْ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَمَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ بِسَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ"، وَعَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "أَفْضَلُ الصَّدَقَاتِ ظِلُّ فُسْطَاطٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنِيحَةُ خَادِمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ طَرُوقَةُ فَحْلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" الْقَاسِمِ تَكَلَّمَ فِيهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ4. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَقِيلَ رِبَاطٌ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ، وَحُكِيَ رِوَايَةً، وَنَقَلَ ابْنُ هانئ أن أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال لرجل أراد الثغر أَقِمْ عَلَى أُخْتِك أَحَبُّ إلَيَّ، أَرَأَيْت إنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ مَنْ يَلِيهَا؟ وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ: أَقِمْ عَلَى وَلَدِك وَتَعَاهَدْهُمْ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ، يَعْنِي فِي غَزْوٍ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا، وَاسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ، وَهِيَ فِي غَيْرِهِ تَعْدِلُهُ، لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَقَدْ رَوَاهَا أَحْمَدُ1، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُ غَيْرِهِ، وَقَالَ: الْعَمَلُ بِالْقَوْسِ وَالرُّمْحِ أَفْضَلُ فِي الثَّغْرِ. وَفِي غَيْرِهِ نَظِيرُهَا. وَفِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" وَأَحْسَبُهُ3 قَالَ: وَكَالْقَائِمِ لَا يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لَا يُفْطِرُ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ4 أَوْ كَاَلَّذِي يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ مَعَ أَجْرِ الْجِهَادِ كَأَجْرِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، مُضَافًا إلَى فَضِيلَةِ الْجِهَادِ كذا قال، وقد روى أحمد عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هِنْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: "أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ، وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ". إسْنَادٌ جَيِّدٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1، وَلِأَحْمَدَ2 مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ وَرَوَاهُمَا مَالِكٌ3 مَوْقُوفَيْنِ. وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: يَوْمَ الْعِيدِ بِالثَّغْرِ قَوْمٌ لِحِفْظِ الدُّرُوبِ، وَقَوْمٌ يُصَلُّونَهَا أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك، قَالَ كُلٌّ، وَعَنْهُ الْعِلْمُ: تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ "وهـ م" نَقَلَ مُهَنَّا "طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ"، قِيلَ فَأَيُّ شَيْءٍ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ؟ قَالَ: يَنْوِي بِتَوَاضُعٍ، وَيَنْفِي عَنْهُ الْجَهْلَ. وَقَالَ لِأَبِي دَاوُد: شَرْطُ النِّيَّةِ شَدِيدٌ، حُبِّبَ إلَيَّ فَجَمَعْته، وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ، قَالَ: الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إنَّ تَذَاكُرَ بَعْضِ لَيْلَةٍ أَحَبُّ إلى أحمد من إحيائها وإنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعِلْمُ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ، قُلْت: الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ، وَالطَّلَاقُ وَنَحْوُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ فَعَلَ هَذَا أَوْ غَيْرَهُ وَمِمَّا هُوَ خَيْرٌ فِي نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَحَبَّةِ لَهُ، لَا لِلَّهِ وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَكَاءِ، فَلَيْسَ مَذْمُومًا، بَلْ قَدْ يُثَابُ بِأَنْوَاعٍ مِنْ الثَّوَابِ: إمَّا بِزِيَادَةٍ فِيهَا وَفِي أَمْثَالِهَا، فَيَتَنَعَّمُ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وَلَوْ كَانَ كُلُّ فِعْلٍ حَسَنٍ لَمْ يُفْعَلْ لِلَّهِ مَذْمُومًا لَمَا أُطْعِمَ الْكَافِرُ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا تَكُونُ سَيِّئَاتٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ فَوَائِدِ ذَلِكَ وَثَوَابِهِ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَهْدِيَهُ اللَّهُ إلَى أَنْ يَتَقَرَّبَ بِهَا إلَيْهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: طَلَبْنَا الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَأَبَى أَنْ يَكُونَ إلَّا لِلَّهِ، وَقَوْلِ الْآخَرِ: طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ، يَعْنِي "نَفْسُ طَلَبِهِ حَسَنَةٌ تَنْفَعُهُمْ "، وَهَذَا قِيلَ فِي الْعِلْمِ لِأَنَّهُ الدَّلِيلُ الْمُرْشِدُ، فَإِذَا طَلَبَهُ بِالْمَحَبَّةِ وَحَصَّلَهُ وَعَرَفَهُ، بِالْإِخْلَاصِ فَالْإِخْلَاصُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْعِلْمِ، فَلَوْ كَانَ طَلَبُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِخْلَاصِ لَزِمَ الدَّوْرُ، وَعَلَى هَذَا مَا حَكَاهُ أَحْمَدُ، وَهُوَ حَالُ النُّفُوسِ الْمَحْمُودَةِ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ خَدِيجَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَلًّا، وَاَللَّهِ لا يخزيك الله أبدا1، فَعَلِمْت أَنَّ النَّفْسَ الْمَطْبُوعَةَ عَلَى مَحَبَّةِ الْأَمْرِ الْمَحْمُودِ وَفِعْلِهِ لَا يُوقِعُهُ اللَّهُ فِيمَا يُضَادُّ ذَلِكَ. وَفِي الْفُنُونِ: إذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ أَثَرُهَا، وَمِمَّا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ أَنْ حَبَّبَ إلَيَّ الْعِلْمَ، فَهُوَ أَسْنَى الْأَعْمَالِ، وَأَشْرَفُهَا، وَاخْتَارَهُ غَيْرُهُ أيضا.
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ وَتَأْذَنُ لَهُ وَالِدَتُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُقَامَ أَحَبُّ إلَيْهَا، قَالَ1: إنْ كَانَ جَاهِلًا لَا يَدْرِي كَيْفَ يُطَلِّقُ وَلَا يُصَلِّي فَطَلَبُ الْعِلْمِ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ كَانَ قَدْ عَرَفَ فَالْمُقَامُ عَلَيْهَا أَحَبُّ إلَيَّ، وَهَذَا لَعَلَّهُ يُوَافِقُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْجِهَادِ مَا سَبَقَ مِنْ رِوَايَةِ حَرْبٍ وَابْنِ هَانِئٍ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقَعُ نَفْلًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي الْجِهَادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ بِلَا إذْنٍ، وَصَرَّحَ بِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ إِسْحَاقُ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ نَفْلٍ وَوَاجِبٍ، فَيَجِبُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا يُجْزِي الصَّلَاةَ، وَهُوَ الْفَاتِحَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ2: أَقَلُّ مَا يَجِبُ الْفَاتِحَةُ وَسُورَتَانِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، لَمْ أَجِدْ لَهُ وَجْهًا، وَلَعَلَّهُ غَلَطٌ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ حِفْظَ شَيْءٍ مِنْهُ وَاجِبٌ، وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَسْمَلَةِ وَالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ مَعَهَا، وَعَلَى اسْتِحْسَانِ حِفْظِ جَمِيعِهِ، وَأَنَّ ضَبْطَ جَمِيعِهِ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، ويأتي ذلك في الباب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَحْمَدُ: وَيَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ، قِيلَ لَهُ: فَكُلُّ الْعِلْمِ يَقُومُ بِهِ دِينُهُ، قَالَ: الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ طَلَبِهِ، قِيلَ مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ الَّذِي لَا يَسَعُهُ جَهْلُهُ: صَلَاتُهُ، وَصِيَامُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَمُرَادُ أَحْمَدَ مَا يَتَعَيَّنُ وُجُوبُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ، وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَمَنَعَ الْآمِدِيُّ فِي خُلُوِّ الزَّمَانِ عَنْ مُجْتَهِدٍ كَوْنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ؛ اكْتِفَاءً بِرُجُوعِ الْعَوَامّ إلَى الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْعَصْرِ السَّابِقِ، وَهَذَا غَرِيبٌ، فَمَتَى قَامَتْ طَائِفَةٌ بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ وُجُوبُهُ قَامَتْ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ ثُمَّ مَنْ تَلَبَّسَ بِهِ نَفْلٌ فِي حَقِّهِ، وَوُجُوبُهُ مَعَ قِيَامِ غَيْرِهِ دَعْوَى تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ. وَصَرَّحَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ نَفْلًا، وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ أَفْضَلَ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَكُنْ النَّفَلُ سَبَبًا فِيهِ، فإن ابتداء السلام أفضل من رده للخب1ر، وَجَعَلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ ذَلِكَ حُجَّةً فِي أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ الْمُتَكَرِّرَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَمَا يَأْتِي عَنْهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي رَدِّ السَّلَامِ المتكرر، ولم أجد ما قاله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّافِعِيَّةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا الْحَنَفِيَّةُ إلَّا فِي الْعِلْمِ وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ إذَا فُعِلَ ثَانِيًا أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فَعَلَى هَذَا لَا مَدْخَلَ لَهُ هُنَا، وَكَذَا الْجِهَادُ، وَسَيَأْتِي1 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ تَعَلُّمَ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمَهُ يَدْخُلُ بَعْضُهُ فِي الْجِهَادِ وَأَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْجِهَادِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ، قَالَ: وَالْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَطْلَقُوا الْقَوْلَ: أَفْضَلُ مَا تُطُوِّعَ بِهِ الْجِهَادُ، وَذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُنْشِئَهُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ عَلَيْهِ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ سَقَطَ عَنْهُ، فَإِذَا بَاشَرَهُ وَقَدْ سَقَطَ الْفَرْضُ فَهَلْ يَقَعُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إذَا أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّاهَا غَيْرُهُ، وَابْتَنَى عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَوَازَ فِعْلِهَا بَعْدَ الْعَصْرِ، وَالْفَجْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فَرْضًا، وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءُ الدُّخُولِ فِيهَا تَطَوُّعًا كَمَا فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فَإِنَّهُ كَانَ نَفْلًا، ثُمَّ يَصِيرُ إتْمَامُهُ وَاجِبًا، وَلْيَحْذَرْ الْعَالِمُ وَيَجْتَهِدْ فَإِنَّ دِينَهُ أَشَدُّ. نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: الْعَالِمُ يُقْتَدَى بِهِ، لَيْسَ الْعَالِمُ مِثْلَ الْجَاهِلِ، وَمَعْنَاهُ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: يُغْفَرُ لِسَبْعِينَ جَاهِلًا قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لِعَالِمٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ، فَذَنْبُهُ مِنْ جِنْسِ ذَنْبِ الْيَهُودِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: الْعِلْمُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ، وَأَقْرَبُ الْعُلَمَاءِ إلَى اللَّهِ وَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَكْثَرُهُمْ لَهُ خَشْيَةً، وَذَكَرَ أكثر الأصحاب بعد الجهاد والعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّلَاةَ "ش" فِي تَقْدِيمِهَا، لِلْأَخْبَارِ فِي أَنَّهَا أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ وَخَيْرُهَا1، وَلِأَنَّ مُدَاوَمَتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى نَفْلِهَا أَشَدُّ، وَلِقَتْلِ مَنْ تَرَكَهَا تَهَاوُنًا؛ وَلِتَقْدِيمِ فَرْضِهَا، وَإِنَّمَا أَضَافَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ الصَّوْمَ فِي قَوْلِهِ: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، "2وَأَنَا أَجْزِي بِهِ2""3. فَإِنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ بِهِ غَيْرُهُ فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَإِضَافَةُ عِبَادَةٍ إلَى غَيْرِ اللَّهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ لَا تُوجِبُ عَدَمَ أَفْضَلِيَّتِهَا فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِي الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ قُرَى الشَّامِ "ع" وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَسْجِدُ مَا عُبِدَ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ قَطُّ، وَقَدْ أَضَافَهُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} فَكَذَا الصَّلَاةُ مَعَ الصَّوْمِ. وَقِيلَ أَضَافَ الصَّوْمَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَهَذَا لَا يُوجِبُ أَفْضَلِيَّتَهُ فَإِنَّ مَنْ نَوَى صِلَةَ رَحِمِهِ وَأَنْ يُصَلِّيَ وَيَتَصَدَّقَ وَيَحُجَّ كَانَتْ نِيَّتُهُ عِبَادَةً يُثَابُ عَلَيْهَا، وَنُطْقُهُ بِمَا يَسْمَعُهُ النَّاسُ مِنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ أَفْضَلُ "ع". وَسَأَلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَجُلٌ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "عَلَيْك بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ". إسْنَادُهُ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ4، فإن صح فما سبق أصح، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الصَّلَاةِ، أَوْ بِحَسَبِ السَّائِلِ، وَقِيلَ الصَّوْمُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدْخُلُهُ رِيَاءٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى فِي رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ تَطَوُّعًا فَأَفْطَرَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ، فَقَالَ1: إذَا احْتَاجَ إلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَفْضَلُ مَا تَعَبَّدَ بِهِ الْمُتَعَبِّدُ الصَّوْمُ. وَقِيلَ مَا تَعَدَّى نَفْعُهُ، وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ أَفْضَلِيَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّفْعِ الْقَاصِرِ كَالْحَجِّ، وَإِلَّا فَالْمُتَعَدِّي أَفْضَلُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ إذَا صَلَّى2 وَاعْتَزَلَ فَلِنَفْسِهِ، وَإِذَا قَرَأَ فَلَهُ، وَلِغَيْرِهِ يَقْرَأُ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ3. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: "اتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ "، وَفِي بَعْضِ كَلَامِ الْقَاضِي: أن التكسب للإحسان4 أَفْضَلُ مِنْ التَّعَلُّمِ، لِتَعَدِّيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الجوزي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرِهِ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ لِلْخَبَرِ1، وَقَدْ نَقَلَ حَنْبَلٌ: نَرَى لِمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ، لِأَنَّهُ صَلَاةٌ، وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: الطَّوَافُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ، وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ، وَكَذَا عَطَاءٌ، هَذَا كَلَامُ أَحْمَدَ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ الصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلُ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ لِلْغُرَبَاءِ، فَدَلَّ مَا سَبَقَ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لَا سِيَّمَا وَهُوَ عِبَادَةٌ بِمُفْرَدِهِ، يُعْتَبَرُ لَهُ مَا يُعْتَبَرُ لِلصَّلَاةِ غَالِبًا. وَقِيلَ الْحَجُّ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ جِهَادٌ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ؟ قَالَ: "عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ" إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ2. وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ3 عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَرَى الْجِهَادَ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ أَفَلَا نُجَاهِدُ؟ قَالَ: "لَكِنَّ أَفْضَلَ
الْجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ". وَرَوَى أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ1 عَنْ سَنَّادِ بْنِ فَرُّوخَ وَجَمَاعَةٍ قَالُوا: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ". وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ الْقَاسِمِ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ هُوَ الْبَاقِرُ3، وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ، وَمَاتَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فِي وِلَايَةِ يَزِيدَ، فَفِي سَمَاعِهِ مِنْهَا نَظَرٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "جِهَادُ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَرْأَةِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ" رَوَاهُ النَّسَائِيُّ4. وَعَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا: "النَّفَقَةُ فِي الْحَجِّ كَالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ5. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَنِي رَسُولُ مَرْوَانَ إلَى أُمِّ مَعْقِلٍ عَنْهَا مَرْفُوعًا: "الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" وَعَنْ أُمِّ مَعْقِلٍ أَيْضًا مَرْفُوعًا: "الْحَجُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد7 مِنْ حَدِيثِ محمد بن إسحاق بصيغة "عن" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ نَفْلَ الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَمِنْ الْعِتْقِ، وَمِنْ الْأُضْحِيَّةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ، وَعَلَى ذَلِكَ إنْ مَاتَ فِي الْحَجِّ فَكَمَا لَوْ مَاتَ فِي الْجِهَادِ، وَيَكُونُ شَهِيدًا رَوَى أبو داود1: حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجَدَةَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ إلَى مَكْحُولٍ، إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنَيْمٍ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ، أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ، أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ، أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ، وَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ". بَقِيَّةُ2 مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِيهِ تَدْلِيسٌ وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَوْلُهُ "فَصَلَ" خَرَجَ. وَعَلَى هَذَا فَالْمَوْتُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ أَوْلَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى مَا سَبَقَ وَلِلتِّرْمِذِيِّ3 وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ". وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ وَبَقِيَّةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي اسْتِحْبَابِ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ لِمَا سَبَقَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأَيُّهَا النَّاسُ، كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ" فَقَامَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ: فِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وقلتها لَوَجَبَتْ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَمْ تَعْمَلُوا بِهَا، وَلَمْ تستطيعوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنْ تَعْمَلُوا بِهَا، الْحَجُّ مَرَّةٌ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1. وَلِأَبِي دَاوُد2، عَنْ النُّفَيْلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ ابْنِ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِيهِ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَزْوَاجِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ "هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورَ الْحُصُرِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ3 عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ وَاقِدِ بْنِ أَبِي وَاقِدٍ4، عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَهُ وَقَدْ تَفَرَّدَ عَنْهُ زَيْدٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ5: الْخَبَرُ مُنْكَرٌ، فَمَا زِلْنَ يَحْجُجْنَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، قَالَ: فَكَانَ كُلُّهُنَّ يَحْجُجْنَ إلَّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ وَسَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، وَكَانَتْ تَقُولُ: وَاَللَّهِ لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ أَنْ سَمِعْنَا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ6 عَنْ يَزِيدَ، أَظُنُّهُ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْهُ. "7وَقَالَ أَحْمَدُ8: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ7"9 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَجَّ بِنِسَائِهِ، قال: "إنما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هِيَ هَذِهِ، ثُمَّ الْزَمْنَ ظُهُورَ الْحُصْرِ". صَالِحٌ صَالِحُ الْحَدِيثِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَوَقَفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ، وَضَعَّفَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَا بَأْسَ إذَا سَمِعُوا مِنْهُ قَدِيمًا، مِثْلُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ. وَظُهُورُ بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَيْ إنَّكُنَّ لَا تَعُدْنَ تَخْرُجْنَ، وَتَلْزَمْنَ الْحُصْرَ، هِيَ جَمْعُ الْحَصِيرِ الَّتِي تُبْسَطُ فِي الْبُيُوتِ بِضَمِّ الصَّادِ، وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا. وَفِي الْبُخَارِيِّ1 عَنْ إبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ أَذِنَ لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ حَجَّةِ حَجَّهَا، يَعْنِي فِي الْحَجِّ، وَبَعَثَ مَعَهُنَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، يَعْنِي ابْنَ عَوْفٍ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَيْسَ أَشْبَهَ الْحَجَّ شَيْءٌ؛ لِلتَّعَبِ الَّذِي فِيهِ، وَلِتِلْكَ الْمَشَاعِرِ، وَفِيهِ مَشْهَدٌ لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ مِثْلُهُ، وَعَشِيَّةُ عَرَفَةَ، وَفِيهِ إنْهَاكُ الْمَالِ، وَالْبَدَنِ، وَإِنْ مَاتَ بِعَرَفَةَ فَقَدْ طَهُرَ مِنْ ذُنُوبِهِ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ، فَإِنَّ الذِّكْرَ بِالْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ الْغُزَاةِ بِلَا قَلْبٍ، وَهُوَ يَعْنِي كَلَامَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: أَصْوَبُ الْأُمُورِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا يُطَهِّرُ الْقَلْبَ وَيُصَفِّيهِ لِلذِّكْرِ وَالْأُنْسِ فَيُلَازِمَهُ. وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ2 بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ تَفْضِيلَ أَحْمَدَ لِلْجِهَادِ وَالشَّافِعِيُّ لِلصَّلَاةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ لِلْعِلْمِ، وَالتَّحْقِيقُ: لَا بد لكل من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآخَرَيْنِ، وَقَدْ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ أَفْضَلَ فِي حَالٍ، كَفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَائِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَيُوَافِقُ مَا سَبَقَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ1 لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَبْلُغُنِي عَنْهُ صَلَاحٌ، أَفَأَذْهَبُ أُصَلِّي خَلْفَهُ؟ قَالَ أَحْمَدُ اُنْظُرْ مَا هُوَ أَصْلَحُ لِقَلْبِك فَافْعَلْهُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونٍ2 مِنْ أَصْحَابِنَا: وَسَأَلَهُ الْبَرْقَانِيُّ3 أَيُّهَا الشَّيْخُ، تَدْعُو النَّاسَ إلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَتَلْبَسُ أَحْسَنَ الثِّيَابِ، تَأْكُلُ أَطْيَبَ الطَّعَامِ، فَكَيْفَ هَذَا؟ قَالَ: كُلُّ مَا يُصْلِحُك مَعَ اللَّهِ فَافْعَلْهُ، وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ مُثَنَّى4: أَفْضَلِيَّةَ الْفِكْرَةِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، فَقَدْ يُتَوَجَّهُ أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ، وَيَكُونُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ عَمَلَ الْجَوَارِحِ، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد5 مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: " أَتَدْرُونَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ؟ قَالَ قَائِلٌ: الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ، وَقَائِلٌ: الْجِهَادُ، قَالَ: أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ، الحب في الله، والبغض في الله". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَأَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيُّ "عُرَى الْإِسْلَامِ أَوْثَقُ؟ " قَالُوا الصَّلَاةُ، وَالزَّكَاةُ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، قَالَ: "لَا، أَوْثَقُ عُرَى الْإِسْلَامِ أَنْ تُحِبَّ فِي اللَّهِ وَتُبْغِضَ فِي اللَّهِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ1، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْفُنُونِ رِوَايَةَ مُثَنَّى فَقَالَ: يَعْنِي الْفِكْرَةَ فِي آلَاءِ اللَّهِ، وَدَلَائِلِ صُنْعِهِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الَّذِي يَفْتَحُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ، وَمَا أَثْمَرَ الشَّيْءَ فَهُوَ خير من ثَمَرَتِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ أَيْضًا: لَوْ لَمْ يَكُنْ مُقَاسَاةُ الْمُكَلَّفِ إلَّا لِنَفْسِهِ لَكَفَاهُ، إلَى أَنْ قَالَ: فَكَفَى بِك شُغْلًا أَنْ تَصِحَّ وَتَسْلَمَ، وَتُدَاوِيَ بَعْضَك بِبَعْضٍ، فَذَلِكَ هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ، لِأَنَّهُ مُغَالَبَةُ الْمَحْبُوبَاتِ، لِأَنَّك إذَا تَأَمَّلْت مَا يُكَابِدُ الْمَعَانِيَ، لِهَذِهِ الطِّبَاعِ الْمُتَغَالِبَةِ وَجَدْته الْقَتْلَ فِي الْمَعْنَى، لِأَنَّهُ إنْ ثَارَ غَضَبُهُ كُلِّفَ بِتَبْرِيدِ تِلْكَ النَّارِ الْمُضْطَرِمَة بِالْحِلْمِ، وَإِنْ تَكَلَّبَتْ الطِّبَاعُ لِاسْتِيفَاءِ لَذَّةٍ مَعَ تَمَكُّنِ قُدْرَةٍ وَخَلْوَةٍ كُلِّفَ بِتَقْلِيصِ أَدَوَاتِ الِامْتِدَادِ بِاسْتِحْضَارِ زَجْرِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ وَرَهْبَةِ وَعِيدِ الْحَقِّ، وَإِنْ ثَارَ الْحَسَدُ كُلِّفَ الْقُنُوعَ بِالْحَالِ وَتَرْكَ مُطَالَعَةِ أَحْوَالِ الْأَغْيَارِ، وَإِنْ غَلَبَ الْحِقْدُ وَطَلَبُ التَّشَفِّي مِنْ الْبَادِئِ بِالسُّوءِ كُلِّفَ تَغْيِيرَ الْحِقْدِ بِاسْتِحْضَارِ الْعَفْوِ، وَإِنْ ثَارَ الْإِعْجَابُ وَالْمُبَاهَاةُ لِرُؤْيَةِ الْخَصَائِصِ الَّتِي فِي النَّفْسِ كُلِّفَ اسْتِحْضَارَ لَطِيفَةٍ مِنْ التَّوَاضُعِ وَالْعَطَاءِ لِلْجِنْسِ، وَإِنْ اسْتَحَلَّتْ النَّفْسُ الِاسْتِمَاعَ إلَى اللَّغْوِ كُلِّفَ اسْتِحْضَارَ الصِّيَانَةِ عَنْ الْإِصْغَاءِ إلَى دَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ وَاللَّهْوِ. هَذَا وَأَمْثَالُهُ هُوَ الْعَمَلُ، وَالنَّاسُ عَنْهُ بِمَعْزِلٍ، لَا يَقَعُ لَهُمْ أَنَّ الْعَمَلَ سِوَى رَكَعَاتٍ يَتَنَفَّلُ بِهَا الْإِنْسَانُ فِي جوف الليل، تلك عبادة الكسالى العجزة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنَّمَا تَمْيِيزُ الْإِنْسَانِ بِهَذِهِ الْمَقَامَاتِ الَّتِي تَنْكَشِفُ فِيهَا الْأَحْوَالُ. مَنْ وَصَلَ إلَى هَذِهِ الْمَقَامَاتِ فَقَدْ رَقِيَ إلَى دَرَجَةِ الصِّدِّيقِينَ، وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ إذَا خَلَا بِنَفْسِهِ، وَسَكَنَتْ طِبَاعُهُ لَمْ يَصْعُبْ عَلَيْهِ رِطْلٌ مِنْ الْمَاءِ، وَاسْتِقْبَالُ الْمِحْرَابِ، لَكِنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ هُوَ الْعَمَلُ {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45] فَمَا تَنْفَعُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَعَ التَّبَتُّلِ: لِلْقُبْحِ بِالنَّهَارِ، وَمَا تَنْفَعُ إدَارَةُ السُّبْحَةِ بِالْغَدَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمُسْلِمُونَ قَتْلَى أَفْعَالِك طُولَ النَّهَارِ: أَمْوَالُهَا فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَعْرَاضُهَا فِي الْمَسَاطِبِ، مَنْ يَتَخَبَّطُهُ شَيْطَانُهُ بِأَنْوَاعِ التَّخْبِيطِ، وَيَتَلَاعَبُ بِهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ كُلَّ التَّلَاعُبِ لَا يُسْتَحْسَنُ مِنْهُ رُكَيْعَاتٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، قَدْ قَنِعَ مِنْك بِالْفُرُوضِ الْمَوْظُوفَةِ مَعَ سَلَامَةِ النَّاسِ مِنْ يَدِك وَلِسَانِك وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي عَدَدِ الشُّهَدَاءِ1. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمِنْهَاجِ، فَإِنَّ فِيهِ مَنْ انْفَتَحَ لَهُ طَرِيقُ عَمَلٍ بِقَلْبِهِ بِدَوَامِ ذِكْرٍ أَوْ فِكْرٍ، فَذَلِكَ الَّذِي لَا يُعْدَلُ بِهِ أَلْبَتَّةَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَالِمَ بِاَللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَالِمِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، لِأَنَّ الْعِلْمَ يَشْرُفُ بِشَرَفِ مَعْلُومِهِ، وَبِثَمَرَاتِهِ، فَكُلُّ صِفَةٍ تُوجِبُ حَالًا: يَنْشَأُ عَنْهَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ، فَمَعْرِفَةُ سَعَةِ الرَّحْمَةِ تُثْمِرُ الرَّجَاءَ، وَشِدَّةُ النِّقْمَةِ تُثْمِرُ الْخَوْفَ الْكَافَّ عَنْ الْمَعَاصِي، وَتُفَرِّدُهُ بِالنَّفْعِ وَالضَّرَرُ يُثْمِرُ التَّوَكُّلَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَالْمَحَبَّةَ لَهُ والهبة ومعرفة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَحْكَامِ لَا تُثْمِرُ ذَلِكَ، وَالْمُتَكَلِّمُ الْأُصُولِيُّ لَا تَدُومُ لَهُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ غَالِبًا، وَإِلَّا لَكَانَ عَارِفًا، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ عَنْ مَعْرُوفٍ1: وَهَلْ يُرَادُ مِنْ الْعِلْمِ إلَّا مَا وَصَلَ إلَيْهِ مَعْرُوفٌ؟ وَقَالَ أَيْضًا عَنْهُ: كَانَ مَعَهُ رَأْسُ الْعِلْمِ: خَشْيَةُ اللَّهِ. وَفِي خُطْبَةِ كِفَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ2: إنَّمَا شَرَفُ الْعُلُومِ بِحَسَبِ مُؤَدَّيَاتِهَا، وَلَا أَعْظَمَ مِنْ الْمَبَادِئِ، فَيَكُونَ الْعِلْمُ الْمُؤَدِّي إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَمَا يَجِبُ لَهُ وَمَا يَجُوزُ أَجَلَّ الْعُلُومِ. وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ الِاعْتِنَاءُ بِالْحَدِيثِ، وَالْفِقْهِ، وَالتَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ عَجِيبٌ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِالْفُضَيْلِ3، وَقَالَ: لَعَلَّ الْفُضَيْلَ قَدْ اكْتَفَى وَقَالَ: لَا يَتَثَبَّطُ عَنْ طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا جَاهِلٌ، وقال: ليس قوم خيرا من أهل الحديث4. وَعَابَ عَلَى مُحَدِّثٍ لَا يَتَفَقَّهُ، وَقَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فَهِيمًا فِي الْفِقْهِ، قَالَ شَيْخُنَا، قَالَ أَحْمَدُ مَعْرِفَةُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ فِيهِ أَعْجَبُ إلَى مِنْ حِفْظِهِ. وَفِي خُطْبَةِ مَذْهَبِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ بِضَاعَةُ الْفِقْهِ أَرْبَحُ الْبَضَائِعِ، وَفِي كِتَابِ الْعِلْمِ لَهُ الْفِقْهُ عُمْدَةُ الْعُلُومِ وَفِي صَيْدِ الْخَاطِرِ لَهُ الْفِقْهُ عَلَيْهِ مَدَارُ الْعُلُومِ، فَإِنْ اتَّسَعَ الزَّمَانُ لِلتَّزَيُّدِ مِنْ الْعِلْمِ فَلْيَكُنْ من الفقه، فإنه الأنفع، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِيهِ الْمُهِمُّ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ، هُوَ الْمُهِمُّ. وَقَالَ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: تَأَمَّلْت سَبَبَ الْفَضَائِلِ فَإِذَا هُوَ عُلُوُّ الْهِمَّةِ، وَذَلِكَ أَمْرٌ مَرْكُوزٌ فِي الْجِبِلَّةِ لَا يَحْصُلُ بِالْكَسْبِ، وَكَذَلِكَ خِسَّةُ الْهِمَّةِ، وَقَدْ قَالَ الْحُكَمَاءُ: تُعْرَفُ هِمَّةُ الصَّبِيِّ مِنْ صِغَرِهِ، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ لِلصِّبْيَانِ مَنْ يَكُونُ مَعِي؟ دَلَّ عَلَى عُلُوِّ هِمَّتِهِ، وَإِذَا قَالَ مَعَ مَنْ أَكُونُ؟ دَلَّ عَلَى خِسَّتِهَا. فَأَمَّا الْخِسَّةُ فَالْهِمَمُ فِيهَا دَرَجَاتٌ مِنْهُمْ مَنْ يُنْفِقُ عُمْرَهُ فِي جَمْعِ الْمَالِ وَلَا يُحَصِّلُ شَيْئًا مِنْ الْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَضُمُّ إلَى ذَلِكَ الْبُخْلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ بِالدُّونِ فِي الْمَعَاشِ، وَأَخَسُّهُمْ الْكُسَّاحُ. فَأَمَّا عُلُوُّ الْهِمَّةِ فِي الْفَضَائِلِ فَقَوْمٌ يَطْلُبُونَ الرِّئَاسَةَ، وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ عَالِي الْهِمَّةِ فِي طَلَبِهَا، وَكَانَتْ "1هِمَّتُهُ الرِّضَاءَ1" فِي طَلَبِ الْخِلَافَةِ، وَكَانَ الْمُتَنَبِّي يَصِفُ عُلُوَّ هِمَّتِهِ، وَمَا كَانَتْ إلَّا التَّكَبُّرَ بِمَا يُحْسِنُهُ مِنْ الشِّعْرِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَى أَنَّ غَايَةَ الْمَرَاتِبِ الزُّهْدُ فَيَطْلُبُهُ، وَيَفُوتُهُ الْعِلْمُ، فَهَذَا مَغْبُونٌ، لِأَنَّ الْعِلْمَ أَفْضَلُ مِنْ الزُّهْدِ، فَقَدْ رَضِيَ بِنَقْصٍ وَهُوَ لَا يَدْرِي، وَسَبَبُ رِضَاهُ بِالنَّقْصِ قِلَّةُ فَهْمِهِ، إذْ لَوْ فَهِمَ لَعَرَفَ شَرَفَ الْعِلْمِ عَلَى الزُّهْدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِلْمِ الْعَمَلُ، وَمَا يَعْلَمُ هَذَا أَنَّ الْعِلْمَ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَذَاكَ أَشْرَفُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ، وَمِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مَنْ تَعْلُو هِمَّتُهُ إلَى فَنٍّ مِنْ الْعُلُومِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَهَذَا نَقْصٌ، فَأَمَّا أَرْبَابُ النِّهَايَةِ في علو الهمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ إلَّا بِالْغَايَةِ، فَهُمْ يَأْخُذُونَ مِنْ كُلِّ فَنٍّ مِنْ الْعِلْمِ مُهِمَّهُ، ثُمَّ يَجْعَلُونَ جُلَّ اشْتِغَالِهِمْ بِالْفِقْهِ، لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْعُلُومِ، ثُمَّ تُرْقِيهِمْ الْهِمَمُ الْعَالِيَةُ إلَى مُعَامَلَةِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَتِهِ، وَالْأُنْسِ بِهِ، وَقِيلَ مَا هُمْ هَذَا كَلَامُهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِيُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى1: عَلَيْك بِالْفِقْهِ، فَإِنَّهُ كَالتُّفَّاحِ الشَّامِيِّ يُحْمَلُ مِنْ عَامِهِ، وَأَمْلَى الشَّافِعِيُّ عَلَى مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ أَشْعَارَ هُذَيْلٍ وَوَقَائِعَهَا، وَآدَابَهَا حِفْظًا، فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ أَنْتَ بِهَذَا الذِّهْنِ عَنْ الْفِقْهِ؟ فَقَالَ: إيَّاهُ أَرَدْت. وَقَالَ أَحْمَدُ عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنَّمَا كَانَتْ هِمَّتُهُ الْفِقْهَ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ مِنْ الْفِقْهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَحُثُّنَا عَلَى الْفِقْهِ، وَيَنْهَانَا عَنْ الْكَلَامِ، وَفِي خُطْبَةِ الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ: أَفْضَلُ الْعُلُومِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَصْلِ الدِّينِ وَعِلْمِ الْيَقِينِ مَعْرِفَةُ الْفِقْهِ. وَقَالَ الْعُقَلَاءُ: ازْدِحَامُ الْعُلُومِ، مُضِلَّةٌ لِلْفُهُومِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْوَلِيدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ جَاءَ إلَيْهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ لَا تَدْخُلْ فِي أَمْرٍ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ حُدُودِهِ، وَالْوُقُوفِ عَلَى مَقَادِيرِهِ، فَقُلْت لَهُ: عَرِّفْنِي، فَقَالَ: اعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَصِيرُ مُحَدِّثًا كَامِلًا فِي حَدِيثٍ إلَّا بَعْدَ كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً يَطُولُ ذِكْرُهَا، قَالَ فَهَالَنِي قَوْلُهُ، قَالَ وَسَكَتَ مُتَفَكِّرًا وَأَطْرَقْت نَادِمًا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنِّي قَالَ لِي: فَإِنْ كُنْت لَا تُطِيقُ احْتِمَالَ هَذِهِ الْمَشَاقِّ كُلِّهَا فَعَلَيْك بِالْفِقْهِ الذي يمكنك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَعَلُّمُهُ، وَأَنْتَ فِي بَيْتِك قَارٌّ سَاكِنٌ، كَيْ لَا تَحْتَاجَ إلَى بُعْدِ الْأَسْفَارِ، وَطَيِّ الدِّيَارِ، وَرُكُوبِ الْبِحَارِ، وَهُوَ مَعَ ذَا ثَمَرَةُ الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ ثَوَابُ الْفَقِيهِ بِدُونِ ثَوَابِ الْمُحَدِّثِ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا عِزُّهُ لَهُ بِأَقَلَّ مِنْ عِزِّ الْمُحَدِّثِ، فَلَمَّا سَمِعْت ذَلِكَ نَقَصَ عَزْمِي فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ، وَأَقْبَلْت عَلَى عِلْمِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ عَمَلِهِ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَنِّهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا نَاظَرْت ذَا فَنٍّ إلَّا وَقَطَعَنِي، وَمَا نَاظَرْت ذَا فُنُونٍ إلَّا قَطَعْته، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: مَا أَعْيَانِي إلَّا الْمُنْفَرِدُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: يَنْبَغِي لِمَنْ يُحِبُّ الْعِلْمَ أَنْ يَفْتَنَّ فِي كُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْعُلُومِ، إلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مُفْرِدًا غَالِبًا، عَلَيْهِ عِلْمٌ مِنْهَا، يَقْصِدُهُ بِعَيْنِهِ وَيُبَالِغُ فِيهِ، قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْت فِي هَذَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ، فَخِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا، وَالنَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ: مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرُهُمْ تبع لكافرهم2.
فصل: وأفضل تطوع الصلاة المسنون جماعة،
فَصْلٌ: وَأَفْضَلُ تَطَوُّعِ الصَّلَاةِ الْمَسْنُونُ جَمَاعَةً، وَعَنْهُ، وَقِيلَ: الْوِتْرُ أَفْضَلُ مِنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ "م ق" وَقِيلَ: التَّرَاوِيحُ بَعْدَ الْكُلِّ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ ليس بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَكْتُوبَةِ أَفْضَلَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ. وَالْوِتْرُ مُسْتَحَبٌّ "وم ش" وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَعَنْهُ يَجِبُ، اخْتَارَهُ أبو بكر "وهـ" وَيَجُوزُ رَاكِبًا، وَعَنْهُ لَا، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ الْحَنَفِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَعَنْهُ إنْ شق1 جاز. ويقضيه "وهـ ش" وَعَنْهُ لَا، وَفِي شَفْعِهِ قَبْلَهُ رِوَايَتَانِ "م 1" وَعَنْهُ لَا يَقْضِي الْوِتْرَ بَعْدَ صَلَاةِ الفجر "وم هـ" وَقِيلَ: بَلَى مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وأقله ركعة، وأكثره إحدى عشرة "وش" يُسَلِّمُ سِتًّا، وَقِيلَ كَالتِّسْعِ، وَقِيلَ أَكْثَرُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَوَاهُ أَحْمَدُ2 مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ. وَقِيلَ: الْوِتْرُ رَكْعَةٌ، وَمَا قبله ليس منه، ولا يكره بواحدة "وش م ر" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 1: قوله: وَيَقْضِي الْوِتْرَ، وَعَنْهُ لَا يَقْضِيهِ، وَفِي شَفْعِهِ قَبْلَهُ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: إحْدَاهُمَا: يَقْضِي شَفْعَهُ مَعَ وِتْرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْآتِي. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَقْضِيهِ إلَّا وَحْدَهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَبْلَ بَابِ الْأَذَانِ وَالْأَوْلَى قَضَاءُ الْوِتْرِ إنْ قُلْنَا إنَّهُ سُنَّةٌ، كشفعه المنفصل.
وَعَنْهُ بَلَى، وَقِيلَ: بِلَا عُذْرٍ. وَإِنْ أَوْتَرَ بِتِسْعٍ تَشَهَّدَ بَعْدَ الثَّامِنَةِ، وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّاسِعَةِ، وقيل كإحدى عشرة "وش" قال في الْخِلَافِ عَنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: قَصَدَ بَيَانَ الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَيْرَهُ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ هَذَا، فَجَعَلَ نُصُوصَ أَحْمَدَ عَلَى الْجَوَازِ. وَإِنْ كَانَ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ سَرَدَهُنَّ، وَكَذَا السَّبْعُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ كَتِسْعٍ، وَقِيلَ فَهُمَا كَتِسْعٍ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ "وش" وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَهَلْ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ؟ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ، أَوْ يَجْلِسُ عَقِيبَ الشَّفْعِ وَيَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يَجْلِسُ عَقِيبَ الْوِتْرِ وَيُسَلِّمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَأَدْنَى كَمَالِهِ ثَلَاثٌ بِتَسْلِيمَتَيْنِ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: فَإِنْ كَرِهَهُ الْمَأْمُومُ قَالَ: لَوْ صَارَ إلَى مَا يُرِيدُونَ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَعَ عِلْمِ الْمَأْمُومِ، وَإِلَّا مع جهله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُعْمِلُ السُّنَّةَ وَيُدَارِيهِ. وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَمَّنْ بُلِيَ بِأَرْضٍ يُنْكِرُونَ فِيهِ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْسِبُونَهُ إلَى الرَّفْضِ، هَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الرَّفْعِ؟ قَالَ: لَا يَتْرُكُ، وَلَكِنْ يُدَارِيهِمْ، وَأَنَّ هَذَا فِيمَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ، وَأَنْوَاعُ الْوِتْرِ سُنَّةٌ، أَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَبِتَسْلِيمَةٍ يَجُوزُ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَجْلِسْ عَقِيبَ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: بَلْ كَالْمَغْرِبِ، وَخَيَّرَ شَيْخَنَا بَيْنَ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ، وَلَيْسَ الْوِتْرُ كَالْمَغْرِبِ حَتْمًا "هـ" وَلَا أَنَّهُ رَكْعَةٌ وَقَبْلَهُ شَفْعٌ، لَا حَدَّ لَهُ "م" وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا يَصِحُّ الْإِتْيَانُ بِهَا إلَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا، وَعَجِبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ هَذَا الشَّافِعِيِّ كَيْفَ يَنْقُلُ هَذَا النَّقْلَ الْخَطَأَ، وَلَا يَرُدُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِخَطَئِهِ، قَالَ: وَذَكَرْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَنَّهُ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَلَا تُجْزِيهِ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِ عَنْ أَحَدٍ أَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تَصِحُّ وَلَا تُجْزِي، بَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَصِحُّ هَذَا عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ، وَغَايَتُهُ كَرَاهَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الرَّكْعَةِ إنْ صَحَّ، وَالْعَجَبُ مِمَّنْ حَكَى أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الثَّلَاثِ. وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَوْ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأُولًى فِي الْوِتْرِ جَازَ، قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: وَلَمْ يُحْكَ خِلَافُ مُحَمَّدٍ. وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ إمَامٍ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا قَضَى، كَصَلَاةِ الْإِمَامِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ. وَقَالَ الْقَاضِي يضيف إلى الركعة ركعة ثم يسلم. وَوَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ عِشَاءٍ آخِرَةٍ "وم ش" إلَى وَقْتِ الْفَجْرِ، وَعَنْهُ إلَى صَلَاتِهِ "وم" وَمَذْهَبُ "هـ" إذَا غَابَ الشَّفَقُ، إلَّا أَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ، فَتُقَدَّمَ الْعِشَاءُ عَلَيْهِ لِلتَّرْتِيبِ، كَصَلَاةِ الوقت، و1 الفائتة، وَقَالَ صَاحِبَاهُ كَقَوْلِنَا، قِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَفْجَؤُهُ الصُّبْحُ وَلَمْ يَكُنْ صَلَّى بَعْدَ الْعَتَمَةِ شَيْئًا وَلَا أَوْتَرَ؟ قَالَ: يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، قِيلَ لَهُ، وَلَا يُصَلِّي قَبْلَهَا شَيْئًا؟ قَالَ: لَا، قَالَ الْقَاضِي فَبَيَّنَ جَوَازَ الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا صَلَاةٌ. وَالْأَفْضَلُ آخِرُهُ لِمَنْ وَثِقَ، لَا مُطْلَقًا "وش" وَقِيلَ: وَقْتُهُ الْمُخْتَارُ كَهِيَ، وَقِيلَ: الْكُلُّ سَوَاءٌ، يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ سَبِّحْ "م ر" وَفِي الثَّانِيَةِ بِ الْكَافِرُونَ "م ر" وَفِي الثَّالِثَةِ بِالْإِخْلَاصِ وَعَنْهُ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ "وم ش" وَمَذْهَبُ "هـ" لَا يَتَعَيَّنُ فِي الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ سورة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَقْنُتُ "م ر" جَمِيعَ السَّنَةِ "وهـ" وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ، وَعَنْهُ نِصْفَ رَمَضَانَ الْأَخِيرَ، "وش" وَخَيَّرَ شَيْخُنَا فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ بَيْنَ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، وَأَنَّهُ إنْ صَلَّى بِهِمْ قِيَامَ رَمَضَانَ، فَإِنْ قَنَتَ جَمِيعَ الشَّهْرِ، أَوْ نِصْفَهُ الْأَخِيرَ، أَوْ لَمْ يَقْنُتْ بِحَالٍ فَقَدْ أَحْسَنَ بَعْدَ الرُّكُوعِ "وش" وَإِنْ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَنَتَ جَازَ، وَعَنْهُ يُسَنُّ "وهـ" وَزَادَ بِلَا تَكْبِيرٍ، فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ "م ر ق" إلَى صَدْرِهِ، وَيَبْسُطُهُمَا: بُطُونَهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَا مَأْمُومٌ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي بَقَائِهِمَا وَإِرْسَالِهِمَا. وَيَقُولُ الْإِمَامُ جَهْرًا "و" وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِجَهْرٍ، فَلَوْ تَرَكَهُ سَهْوًا سَجَدَ، وَعَمْدًا فِي بُطْلَانِ وِتْرِهِ قَوْلَانِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ فِي الْجَهْرِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ، وَكَانَ أَحْمَدُ يُسِرُّ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمَا، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَيَجْهَرُ مُنْفَرِدٌ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَمَأْمُومٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: الْإِمَامُ فَقَطْ، وَقَالَهُ فِي الْخِلَافِ وَهُوَ أَظْهَرُ "اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك، وَنَسْتَهْدِيك، وَنَسْتَغْفِرُك، وَنَتُوبُ إلَيْك، وَنُؤْمِنُ بِك، وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك، وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَنَشْكُرُك، وَلَا نَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ. نَرْجُو رَحْمَتَك، وَنَخْشَى عَذَابَك. إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكُفَّارِ مُلْحَقٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْت، وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْت، وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْت، وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْت، وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْت، إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك، إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت، تَبَارَكْت رَبَّنَا وَتَعَالَيْت، اللهم إنا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك، وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك، وَبِك مِنْك، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك1. الثَّنَاءُ فِي الْخَيْرِ، وَالنِّثَاءُ بِتَقْدِيمِ النُّونِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَحَفَدَ بِمَعْنَى أَسْرَعَ، وَأَحْفَدَ لُغَةٌ فِيهِ، أَيْ يُسْرِعُ فِي الْخِدْمَةِ، وَالْجِدُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ: الْحَقُّ، لَا اللَّعِبُ وَمُلْحَقٌ أَيْ لَاحِقٌ بِهِمْ، مِنْ أَلْحَقَ بِمَعْنَى لَحِقَ، وَيَجُوزُ لُغَةً فَتْحُ الْحَاءِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ اللَّهَ يُلْحِقُهُ إيَّاهُ. قَالَ أَحْمَدُ: يَدْعُو يعني بدعاء عمر "اللهم إنا نستعينك"2، ثُمَّ بِدُعَاءِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَفِي النَّصِيحَةِ يدعو معه بما في القرآن، ونقل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْحَارِثِ بِمَا شَاءَ، اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى دُعَاءِ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُسْتَحَبُّ لَهُ هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ "و" وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: اخْتَارَهُ أَحْمَدُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُسْتَحَبُّ بِالسُّورَتَيْنِ "وم" "1 وَأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِيهِ2. عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَيُسْتَحَبُّ الْجَمِيعُ1"، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ، وَأَوَّلَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَدَمَ التَّوْقِيتِ عَلَى مَا ذُكِرَ. وَالْقُنُوتُ سُنَّةٌ، زَادَ ابْنُ شِهَابٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ "وهـ" فَعَلَهُ أَحْمَدُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، كَخَارِجِ الصَّلَاةِ عِنْدَ أَحْمَدَ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ فِيهِ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ وَلَمْ يَمْسَحْ، وَذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ. وَعَنْهُ لَا يَمْسَحُ الْقَانِتُ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ "وش" لِضَعْفِ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ فِي الدُّعَاءِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ عُمَرَ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذَا رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ4 مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى، وَهُوَ ضَعِيفٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذَا دَعَا فَرَفَعَ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَعَنْهُ لَا بَأْسَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ، صَحَّحَهُ فِي الْوَسِيلَةِ "م 2" وَفِي الْغُنْيَةِ يَمْسَحُ بِهِمَا وجهه في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى يَمُرُّ بِهِمَا عَلَى صَدْرِهِ، كَذَا قَالَ. وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" وَفِي التَّبْصِرَةِ وَعَلَى آلِهِ، وَزَادَ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً} الآية [الإسراء: 111] ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ قَوْلُهَا قُبَيْلَ الْأَذَانِ. وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي يُكْرَهُ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يُوصَلُ الْأَذَانُ بِذِكْرٍ قَبْلَهُ: خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ، وَلَيْسَ مَوْطِنَ قُرْآنٍ، وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ السَّلَفِ، فَهُوَ مُحْدَثٌ، وَيُفْرِدُ الْمُنْفَرِدُ الضَّمِيرَ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا، لَا، لِأَنَّهُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وللمؤمنين، ويؤمن المأموم "وهـ م" وَعَنْهُ يَقْنُتُ مَعَهُ، وَذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مَذْهَبَهُمْ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ النَّوَازِلُ تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ فِي الثَّنَاءِ "وش" وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، وَعَنْهُ إنْ لَمْ يَسْمَعْ دُعَاءً. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ فِي دُعَاءِ الْوِتْرِ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ، وَعَنْهُ لَا يَمْسَحُ الْقَانِتُ، فَعَنْهُ لَا بَأْسَ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، صَحَّحَهَا فِي الْوَسِيلَةِ انْتَهَى. إذا قلنا إن القانت لا يمسح وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ وَفَعَلَ فَهَلْ فِعْلُهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَوْ يُكْرَهُ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، صَحَّحَهَا فِي الْوَسِيلَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا يُسَنُّ فِعْلُ ذَلِكَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا بَأْسَ بفعل ذلك، ويحتمله كلام الشيخ وغيره.
وَإِذَا سَجَدَ رَفَعَ يَدَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فِي الْقِيَامِ، فَهُوَ كَالْقِرَاءَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَإِذَا سَلَّمَ قَالَ "سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ" يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِي الثَّالِثَةِ1. وَيُكْرَهُ قُنُوتُهُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ، "و" وفيها "وهـ" فَفِي سُكُوتِ مُؤْتَمٍّ ائْتَمَّ بِمَنْ يَقْنُتُ فِيهَا "وهـ" وَمُتَابَعَتُهُ كَالْوِتْرِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يجوز في الفجر، وَنَصُّهُ لَا يَقْنُتُ فِيهَا، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، وَقَالَ: لَا أُعَنِّفُ مَنْ يَقْنُتُ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَحْمَدَ مُتَابَعَتُهُ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَإِنْ زَادَ كُرِهَ مُتَابَعَتُهُ، وَأَنَّهُ إنْ فَارَقَهُ إلَى تمام ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ قُنُوتُهُ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ وَفِيهَا، فَفِي سُكُوتِ مُؤْتَمٍّ ائْتَمَّ بِمَنْ يَقْنُتُ فِيهَا وَمُتَابَعَتِهِ كَالْوِتْرِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ البحرين: أَحَدُهُمَا: يُتَابِعُهُ، فَيُؤَمِّنُ وَيَدْعُو وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: تَابَعَهُ، فَأَمَّنَ أَوْ دَعَا، وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ بِالْمُتَابَعَةِ. وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي دَرْسِ الْمَسَائِلِ: تَابَعَهُ وَدَعَا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: أَمَّنَ عَلَى دُعَائِهِ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْكُبْرَى: تَابَعَهُ، فَأَمَّنَ وَدَعَا، وَقِيلَ إذَا قَنَتَ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَسْكُتُ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْن أَنَّهُ لَا يُتَابِعُهُ.
الصَّلَاةِ كَانَ أَوْلَى، وَإِنْ صَبَرَ وَتَابَعَهُ جَازَ. وَإِنْ نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ اُسْتُحِبَّ لِإِمَامٍ الْوَقْتُ. وَعَنْهُ وَنَائِبِهِ وَعَنْهُ بِإِذْنِهِ وَعَنْهُ وَإِمَامِ جَمَاعَةٍ، وعنه، وكل مصل "وش" القنوت في كل مكتوبة "وش" وعنه في الفجر، اختاره الشيخ وغيره "وهـ" وَعَنْهُ وَالْمَغْرِبِ، وَقِيلَ وَالْعِشَاءِ لَا فِي جُمُعَةٍ فِي الْمَنْصُوصِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي صَلَاةٍ جَهْرِيَّةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُطْلَقًا، وَيُتَوَجَّهُ لَا يَقْنُتُ لِدَفْعِ الْوَبَاءِ فِي الْأَظْهَرِ "ش" لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْقُنُوتُ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ1، وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ شَهَادَةٌ للأخبار2، فلا يسأل رفعه.
فصل: والسنن الرواتب:
فصل: والسنن الرواتب: رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ "و" يُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُمَا "و" وَقِرَاءَةُ مَا وَرَدَ، لَا الْفَاتِحَةِ فَقَطْ "م" وَيَجُوزُ رَاكِبًا، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَلَهُمْ خِلَافٌ فِي غَيْرِهَا، وَأَكْثَرُهُمْ يَجُوزُ فِي التَّرَاوِيحِ، وَلَيْسَتْ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَاجِبَةً "هـ ر"، وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي الكبير: توقف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ رَاكِبًا، فَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ مَا سَمِعْت فِيهِ شَيْئًا، مَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: قَدْ أَوْتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرِهِ1. وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مَا سَمِعْت بِشَيْءٍ، وَلَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ الْقِيَاسَ مَنْعُ فِعْلِ السُّنَنِ رَاكِبًا، تَبَعًا لِلْفَرَائِضِ، خُولِفَ فِي الْوِتْرِ لِلْخَبَرِ، فَبَقِيَ غَيْرُهُ عَلَى الْأَصْلِ، كَذَا قَالَ: فَقَدْ مُنِعَ غَيْرُ الْوِتْرِ مِنْ السُّنَنِ، مَعَ أَنَّ فِي مُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ. وَلِلْبُخَارِيِّ3 إلَّا الْفَرَائِضَ. وَيُسْتَحَبُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ "م" عَلَى الْأَيْمَنِ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ يُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَهُمَا؟ قَالَ: يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُكْرَهُ الْكَلَامُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، إنَّمَا هِيَ سَاعَةُ تَسْبِيحٍ، وَنَقَلَ مُهَنَّا أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَقَالَ عُمَرُ: يُنْهَى، وِفَاقًا لِلْكُوفِييِّنَ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: كُنَّا نَتَنَاظَرُ فِي الْمَسَائِلِ أَنَا وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ أَنَّهُ أَجَازَ الْكَلَامَ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ، لَا الْكَلَامَ الْكَثِيرَ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُكْرَهُ "وم ش" لِقَوْلِ عَائِشَةَ "فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَهُمَا أفضلها5 "و". وحكى سنة المغرب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَثِنْتَانِ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا أَرْبَعٌ "وهـ ش" وَقِيلَ: هُمَا وَسُنَّةُ الْفَجْرِ بَعْدَ فَرْضِهِ فِي وَقْتِهَا أَدَاءً "وش" وَحَكَى لَا سُنَّةَ قَبْلَهَا، وَحَكَى سِتٌّ، وَثِنْتَانِ بَعْدَهَا وَثِنْتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَثِنْتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ "وهـ ش" فِي الْكُلِّ. وَقِيلَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَقَالَ اخْتَارَهُ أَحْمَدُ "وش" وَلَمْ يُوَقِّتْ "م" لِأَنَّهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ، وَقِيلَ الْأَرْبَعُ قَوْلُ "هـ" وَالرَّكْعَتَانِ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إنْ تَطَوَّعَ بِأَرْبَعٍ قَبْلَ الْعِشَاءِ فَحَسَنٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي التَّطَوُّعِ بَعْدَهَا حَسَنٌ. وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْأَرْبَعِ قَبْلَ الْعَصْرِ حَسَنٌ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ. وَفِعْلُهَا فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ "م" فِي النَّهَارِيَّاتِ، وَعَنْهُ الْفَجْرِ وَالْمَغْرِبِ، زَادَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْعِشَاءُ فِي بَيْتِهِ وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ صَلَاةُ النَّافِلَةِ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ إلَّا الرَّوَاتِبَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَبِيهِ: إنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ2 قَالَ فِي سُنَّةِ الْمَغْرِبِ لَا يُجْزِيهِ إلَّا بِبَيْتِهِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هِيَ مِنْ صَلَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبُيُوتِ"1 قَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ. وَيُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا عَلَى الْأَصَحِّ "هـ" فِي غَيْرِ سُنَّةِ الْفَجْرِ تَبَعًا، فَيَقْضِيهَا إمَّا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الزَّوَالِ عَلَى خِلَافٍ فِي مَذْهَبِهِ، وَالْأَرْبَعُ قَبْلَ الظهر، ثم الأربع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَفْلٌ مُبْتَدَأٌ، فَلَا يَنْوِي الْقَضَاءَ بِهَا، وَيَأْتِي بِهَا بَعْدَ السُّنَّةِ بَعْدَهَا كَفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ عَكْسُ ذَلِكَ "م" فِي غَيْرِ سُنَّةِ الْفَجْرِ. وَعَنْ أَحْمَدَ يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ إلَى الضُّحَى، وَقِيلَ لَا يَقْضِي إلَّا هِيَ إلَى وَقْتِ الضُّحَى، وَرَكْعَتَا الظُّهْرِ. وَيُسْتَحَبُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَسُنَّتِهِ بِقِيَامٍ، أَوْ كَلَامٍ، لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَنَا بِذَلِكَ لَا تُوصَلُ صَلَاةٌ حَتَّى تَتَكَلَّمَ أَوْ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَيُجْزِي سُنَّتُهُ عَنْ تَحِيَّةِ مَسْجِدٍ، وَلَا عَكْسٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَهَا، وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَقَالَ الشَّيْخُ سِتٌّ، وَقِيلَ أَوْ أَكْثَرُ، وَأَكْثَرُ، وَأَرْبَعٌ بَعْدَ الْعِشَاءِ غَيْرُ السُّنَنِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ، وَرَوَى أَحْمَدُ2 حَدَّثَنَا عُمَرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سُئِلَ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بصلاة بعد المكتوبة؟ [أو] 3 سوى الْمَكْتُوبَةِ فَقَالَ نَعَمْ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَهَذَا يدل أنها آكد ذلك، ولا4 أَثِمَ بِتَرْكِ سُنَّتِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ5. وَفِي الْمُحِيطِ وَالْوَاقِعَاتِ لِلْحَنَفِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يأثم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وتسن التراويح في رمضان
فَصْلٌ: وَتُسَنُّ التَّرَاوِيحُ فِي رَمَضَانَ "و" عِشْرُونَ رَكْعَةً "وهـ ش" لَا سِتٌّ وَثَلَاثُونَ "و" فِي جَمَاعَةٍ "م" مَعَ الْوِتْرِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا وَأَنَّهُ يَكْفِيهَا نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَعِنْدَ "هـ" التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ، لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا، وَصَحَّحَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ. وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لِلْحَنَفِيَّةِ. الْجَمَاعَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ، وَأَنَّ مِثْلَهَا الْمَكْتُوبَةُ وَالْأَشْهَرُ عِنْدَهُمْ سُنَّةٌ كَقَوْلِ الْجَمَاعَةِ، وَاخْتَارَ غَيْرُ أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ1 مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُوتِرُ بِالْجَمَاعَةِ فِي رَمَضَانَ، بَلْ فِي مَنْزِلِهِ، وَيَقْرَأُ جَهْرًا فِي ذَلِكَ، وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: رُوِيَ فِي هَذَا أَلْوَانٌ، وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ، أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ حَسَنٌ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لِعَدَمِ التَّوْقِيتِ، فَيَكُونُ تَكْثِيرُ الرَّكَعَاتِ، وَتَقْلِيلُهَا بِحَسَبِ طُولِ الْقِيَامِ وَقِصَرِهِ. وَوَقْتُهَا بَعْدَ سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَعَنْهُ أَوْ بعد العشاء جزم به في العمدة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا قَبْلَهَا "و" إلَى الْفَجْرِ الثَّانِي "و". قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ، وَوَقْتُهَا قَبْلَ الْوِتْرِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي جَوَازِهَا بَعْدَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَ الْوِتْرِ، وَجَوَّزَهَا إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ1 وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَأَفْتَى بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي زَمَنِنَا، لِأَنَّهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ. وَقَالَ شَيْخُنَا مَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ فَقَدْ سَلَكَ سَبِيلَ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلسُّنَّةِ. وَهَلْ فِعْلُهَا فِي مَسْجِدٍ أفضل كما جزم به المستوعب وغيره "وهـ ش" أم ببيت "وم" فيه روايتان ذكرهما شيخنا "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ فِي التَّرَاوِيحِ وَهَلْ فِعْلُهَا فِي مَسْجِدٍ أَفْضَلُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِبَيْتٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ فِعْلَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ وَالْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ فِعْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ أَنَّ فِعْلَهَا جَمَاعَةً أَفْضَلُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، وَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهَا جَمَاعَةً، فِي الْغَالِبِ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يُصَلِّي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ التَّرَاوِيحَ فِي الْمَسْجِدِ وَيُوَاظِبُ عَلَيْهَا فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت المجد في شرحه.
وَفِعْلُهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ أَحَبُّ إلَى أَحْمَدَ "و" وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ، مَعَ ذِكْرِ بَعْضِهِمْ أَنَّ اسْتِيعَابَ أَكْثَرِهِ بِالصَّلَاةِ وَالِانْتِظَارِ أَفْضَلُ، لِأَنَّهَا قِيَامُ اللَّيْلِ، وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ. كَذَا قَالَ، وَاسْتَحَبَّ أحمد أن يبتدئ التراويح بسورة القلم1 لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ، وَآخِرُ مَا نَزَلَ الْمَائِدَةُ، فَإِذَا سَجَدَ قَامَ فَقَرَأَ مِنْ الْبَقَرَةِ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ يَقْرَأُ بِهَا فِي عِشَاءِ الْآخِرَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQوابن عبد القوي في مجمع البحرين نصرا2 أَنَّهَا تُفْعَلُ جَمَاعَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَدَّا عَلَى مَنْ قَالَ تُفْعَلُ فِي الْبَيْتِ، وَهُوَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَلَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ بِخُصُوصِيَّتِهِ "أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا المكتوبة"3. تنيه: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ، هُنَا نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَالَ فِي الْخُطْبَةِ4 فَإِنْ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهَا فِي الْبَيْتِ، بَلْ وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ قَوْلًا بِذَلِكَ، فَمَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَهُمْ. الثَّانِي: أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْزُ ذِكْرَ الْخِلَافِ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ إلَّا إلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَمَعَ هَذَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ. الثَّالِثُ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوا الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَا تُقَاوِمُ الْأُخْرَى فِي التَّرْجِيحِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَمَلِ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي المقدمة.
أَحْسَنُ، وَيَدْعُو لِخَتْمِهِ قَبْلَ رُكُوعِ آخِرِ رَكْعَةٍ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُطِيلُ الْأُولَى، وَيَعِظُ بَعْدَهَا نَصَّ عَلَى الْكُلِّ. وَقِرَاءَةُ الْأَنْعَامِ فِي رَكْعَةٍ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ بِدْعَةٌ "عِ" قَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَسْتَرِيحُ بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعٍ "و"1 وَيَدْعُو، فَعَلَهُ السَّلَفُ، وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِهِ، وَقِيلَ يَدْعُو كَبَعْدِهَا، وَكَرِهَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا، وَلَا يَزِيدُ عَلَى خَتْمِهِ إلَّا أَنْ يُؤْثِرَ "ع" وَلَا يَنْقُصَ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ حَالُهُمْ. وَفِي الْغُنْيَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى خَتْمِهِ، لِئَلَّا يَشُقَّ فَيَتْرُكُوا بِسَبَبِهِ فَيَعْظُمَ إثْمُهُ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمُعَاذٍ: أَفَتَّانٌ أَنْتَ2. وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِنْ زَادَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إنْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الشَّفْعِ آخِرًا عَنْ تسليمتين في الأصح، وإن لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَقْعُدْ فَالْقِيَاسُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ "هـ" وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ "هـ" وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ هُوَ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ "هـ" وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ تَسْلِيمَةٍ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، وَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا بِقَعْدَةٍ لَمْ يُجْزِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِمَا: قِيلَ لَا يُجْزِئُهُ، وَقِيلَ يُجْزِيهِ عَنْ تَسْلِيمَةٍ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الشَّفْعِ الثَّانِي، إنْ كَانَ عَامِدًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ "هـ" وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا لَمْ تَصِحَّ. وَمَنْ لَهُ تَهَجُّدٌ فَالْأَفْضَلُ وِتْرُهُ بَعْدَهُ، وَإِلَّا قَدَّمَهُ بَعْدَ السُّنَّةِ. وَإِنْ أَحَبَّ الْمَأْمُومُ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ شَفَعَهَا بِأُخْرَى نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ يُعْجِبُنِي أَنْ يُوتِرَ مَعَهُ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَقَالَ الْقَاضِي إنْ لَمْ يُوتِرْ مَعَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي وِتْرِهِ لِئَلَّا يَزِيدَ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ تَحْرِيمَةُ الْإِمَامِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي نَصَّ أَحْمَدَ عَلَى رِوَايَةِ إعَادَةِ الْمَغْرِبِ وَشَفْعِهَا. وَمَنْ أَوْتَرَ ثُمَّ صَلَّى لَمْ يَنْقَضِ وِتْرُهُ "و" ثُمَّ لَا يُوتِرُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُوتِرُ "وم" وَعَنْهُ يَنْقُضُهُ، وَعَنْهُ وُجُوبًا بِرَكْعَةٍ، ثُمَّ يُصَلِّي مَثْنَى، ثُمَّ يُوتِرُ وَعَنْهُ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِهِ. وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ لَا بَأْسَ بِالتَّرَاوِيحِ مَرَّتَيْنِ بِمَسْجِدٍ، أَوْ بِمَسْجِدَيْنِ، جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، وَيُتَوَجَّهُ مَا يَأْتِي فِي إعَادَةِ فَرْضٍ، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ النَّوَافِلِ فِي جَمَاعَةٍ بَعْدَهَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ التَّعْقِيبُ كَذَا قَالَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ فِي التَّعْقِيبِ1. وَفِي الْمُحِيطِ وَالْوَاقِعَاتِ لِلْحَنَفِيَّةِ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ فِي مَسْجِدَيْنِ عَلَى الْكَمَالِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ السُّنَنَ لَا تُكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ صَلَّوْهَا مَرَّةً ثَانِيَةً يُصَلُّونَهَا فُرَادَى. وَلَا يُكْرَهُ بَعْدَ الْوِتْرِ رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا "م" وَقِيلَ سُنَّةٌ "خ" وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَيْنَ التَّرَاوِيحِ إلَّا الطَّوَافَ، وَقِيلَ مَعَ إمَامِهِ قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَدْرَكَ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَرْوِيحَةٍ رَكْعَتَيْنِ، يُصَلِّي إلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ؟ فَلَمْ يَرَهُ، وقال هي تطوع وفي التعقيب روايتان وَهِيَ صَلَاتُهُ بَعْدَهَا وَبَعْدَ وِتْرٍ جَمَاعَةً نَصَّ عليه"م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ وَفِي التَّعْقِيبِ رِوَايَتَانِ وَهُوَ صَلَاتُهُ بَعْدَهَا وَبَعْدَ وِتْرٍ جَمَاعَةً نَصَّ عَلَيْهِ انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يُكْرَهُ فِعْلُ التَّعْقِيبِ أَوْ يُكْرَهُ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وهو المذهب على مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ، فِي كِتَابَيْهِ الْكَبِيرِ وَالْمُخْتَصَرِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ نَقَلَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، وَعَلَيْهِمَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ النَّاظِمُ يُكْرَهُ فِي الْأَظْهَرِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ يُكْرَهُ التَّعْقِيبُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرعايتين والحاوي الصغير.
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُحَرَّرِ مَا لَمْ يَنْتَصِفْ اللَّيْلُ، وَلَمْ يَقُلْ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ جَمَاعَةً، وَاخْتَارَهُ فِي النِّهَايَةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يُكْرَهُ بَعْدَ رَقْدَةٍ، وَقِيلَ أَوْ أَكْلٍ، وَنَحْوِهِ، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِمَنْ يَقْضِ وِتْرَهُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ اسْتَيْقَظَ فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، وَقَعَدَ فَنَظَرَ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْتَتِحَ قِيَامَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِفِعْلِهِ، وَأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2، وَيَنْوِي الْقِيَامَ عِنْدَ النَّوْمِ، لِيَفُوزَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ نَامَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَقُومَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أبي الدرداء3.
فصل: تجوز القراءة قائما، وقاعدا، ومضطجعا، وراكبا، وماشيا، ولا يكره في الطريق
فَصْلٌ: تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ قَائِمًا، وَقَاعِدًا، وَمُضْطَجِعًا، وَرَاكِبًا، وَمَاشِيًا، وَلَا يُكْرَهُ فِي الطَّرِيقِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ، خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَمَعَ حَدَثٍ أَصْغَرَ، وَنَجَاسَةِ بَدَنٍ، وَثَوْبٍ، وَلَا تَمْنَعُ نَجَاسَةُ الْفَمِ الْقِرَاءَةَ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ الْأَوْلَى المنع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ فِي الْمُصْحَفِ ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَقْرَأُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سُبُعًا لَا يَكَادُ يَتْرُكُهُ نَظَرًا، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا اختار أحمد القراءة في المصحف للأخبار1، ثُمَّ ذَكَرَهَا. وَيُسْتَحَبُّ حِفْظُ الْقُرْآنِ "ع" وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ "و" ونقل الشالنجي الفاتحة وسورتان، ولعله غلط، وأنه وَسُورَةٌ. وَحِفْظُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ "ع" وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك: أَبْدَأُ ابْنِي بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالْحَدِيثِ؟ قَالَ: بِالْقُرْآنِ قُلْت: أُعَلِّمُهُ كُلَّهُ؟ قَالَ إلَّا أَنْ يَعْسَرَ فَتُعَلِّمَهُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: إذَا قَرَأَ أَوَّلًا تَعَوَّدَ الْقِرَاءَةَ ثُمَّ لَزِمَهَا، وَظَاهِرُ سِيَاقِ هَذَا النَّصِّ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَإِلَّا فَالْمُكَلَّفُ يُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَدِّمَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ الْعِلْمَ، لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُقَدِّمُ الصَّغِيرُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ الْعِلْمَ كَمَا يُقَدِّمُ الْكَبِيرُ نَفْلَ الْعِلْمِ عَلَى نَفْلِ الْقِرَاءَةِ فِي ظَاهِرِ مَا سَبَقَ2 مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ في أفضل الأعمال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي سَبْعٍ، وَهَلْ يُكْرَهُ فِي أَقَلَّ أَمْ لَا؟ أَمْ يُكْرَهُ دُونَ ثَلَاثٍ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ، وَعَنْهُ هُوَ عَلَى قَدْرِ نشاطه "م 6" وذكر ابن حزم: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي سَبْعٍ، وهل يكره في أقل، أم لَا يُكْرَهُ، أَمْ يُكْرَهُ دُونَ ثَلَاثٍ، فِيهِ رِوَايَاتٌ، وَعَنْهُ هُوَ عَلَى قَدْرِ نَشَاطِهِ، انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَتِهِ فِي ثَلَاثٍ، وَفِيمَا دُونَهَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَحْيَانِ، فَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ وَظِيفَةً مُسْتَدَامَةً فَيُكْرَهُ، انْتَهَى، وَتَبِعَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي لَيْلَةٍ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ وَقِرَاءَتُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ مَكْرُوهٌ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ أَحْيَانًا، وَتُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصَحُّ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتَجُوزُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَنْهُ تُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْهُ يُكْرَهُ خَتْمُ الْقُرْآنِ فِي دُونِ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ دَائِمًا، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ وَعَنْهُ أَحْيَانًا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ خَتْمُهُ دُونَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَيُسَنُّ فِي سَبْعٍ، وَلَوْ كَانَ نَظَرًا فِي الْمُصْحَفِ، وَعَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، بَلْ هُوَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ مِنْ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَيُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ خَتْمٌ، وَإِنْ قَدَرَ فِي ثَلَاثٍ فَحَسَنٍ، وَإِنْ قَدَرَ فِي أَقَلَّ مِنْهَا فَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَعَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، بَلْ هُوَ عَلَى حَسَبِ مَا يَجِدُ مِنْ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْآدَابِ وَإِنْ قَرَأَ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ فَحَسَنٌ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِيمَا دُونَ السَّبْعِ، قَالَ الْقَاضِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَيُكْرَهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ، وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِهِ أَحْيَانًا، وَتُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ، وَتَجُوزُ قِرَاءَتُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ وَعَنْهُ تُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى ذَلِكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ، بَلْ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ مِنْ النَّشَاطِ وَالْقُوَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَهُ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ، فَإِنْ قَرَأَهُ فِي ثَلَاثٍ فَحَسَنٌ، وَيُكْرَهُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ عَلَى حسب ما يجد من النشاط انتهى
أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى إبَاحَةِ قِرَاءَتِهِ كُلِّهِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلَّ. وَيُكْرَهُ فَوْقَ أَرْبَعِينَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَقِيلَ يَحْرُمُ لِخَوْفِ1 نِسْيَانِهِ، وقدم بَعْضُهُمْ فِيهِ يُكْرَهُ، وَهَذَا مُرَادُ ابْنِ تَمِيمٍ بِقَوْلِهِ بِحَيْثُ يَنْسَاهُ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَشَدَّ مَا جَاءَ فِيمَنْ حَفِظَهُ ثُمَّ نَسِيَهُ. وَيَجْمَعُ أَهْلَهُ. وَيُعْجِبُ أَحْمَدَ فِي الشِّتَاءِ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَفِي الصَّيْفِ أَوَّلَ النَّهَارِ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ السُّرْعَةَ، قَالَ: أَمَّا الْإِثْمُ فَلَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ، وتأوله القاضي: ـــــــــــــــــــــــــــــQفَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَابَعَهُ لَمْ يَكْرَهْ قِرَاءَتَهُ فِي ثَلَاثٍ، وَفِيمَا دُونَهَا لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَحْيَانِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ أَعْنِي فِعْلَهُ فِي ثَلَاثٍ أَحْيَانًا وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ عدم الكراهة وقدم في الآداب الكراهة فِيمَا دُونَ ثَلَاثٍ، وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِيمَا إذَا قَرَأَهُ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ. قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى النَّشَاطِ، فَلَا يُحَدُّ بِحَدٍّ، إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْقِصُ عَنْ سُبُعٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَكَذَا فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الْفَضِيلَةِ كَرَمَضَانَ، وَنَحْوِهِ، وَمَكَّةَ وَنَحْوِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ وَأَنَّى وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ فَأَمَّا فِي الْأَوْقَاتِ الْفَضِيلَةِ كَشَهْرِ رَمَضَانَ خُصُوصًا اللَّيَالِيَ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَفِي الْأَمَاكِنِ الْفَاضِلَةِ كَمَكَّةَ لِمَنْ دَخَلَهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَيُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ فِيهَا مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ اغْتِنَامًا لِلزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ عَمَلُ غَيْرِهِمْ، انْتَهَى، وَذِكْرُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي سَبْعٍ فَحَسَنٌ، وَأَقَلُّ مَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ فِي ثَلَاثَةِ أيام.
إنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوفَ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ، وَتُرْسِلُهُ أَكْمَلُ، وَعَنْهُ إنْ أَبَانَهَا فَالسُّرْعَةُ أَحَبُّ إلَيْهِ، لِأَنَّ بِكُلِّ حَرْفٍ كَذَا، وَكَذَا حَسَنَةً، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعِيذَ، قَالَ: وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ أَمْسَكَ، أَيْ وَإِلَّا كُرِهَ. وَهَلْ يُكَبِّرُ لِخَتْمِهِ مِنْ الضُّحَى أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 7" وَلَمْ يستحبه شيخنا لقراءة1 غَيْرِ ابْنِ كَثِيرٍ2. وَقِيلَ وَيُهَلِّلُ، وَلَا يُكَرِّرُ سُورَةَ الصَّمَدِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَقْرَأُ الفاتحة وخمسا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُكَبِّرُ لِخَتْمِهِ مِنْ الضُّحَى أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى: إحْدَاهُمَا: يُكَبِّرُ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ مِنْ الضُّحَى وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَاسْتَحْسَنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّكْبِيرَ عِنْدَ آخِرِ كُلِّ سُورَةٍ مِنْ الضُّحَى إلَى أَنْ يَخْتِمَ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وابن حمدان في رعايته الكبرى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِ، وَالرِّوَايَةُ الثانية يكبر من أول ألم نشرح اختاره المجد قلت: قد صح هذا
مِنْ الْبَقَرَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْآمِدِيُّ: يَعْنِي قَبْلَ الدُّعَاءِ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ، وَكَرِهَ أَصْحَابُنَا قِرَاءَةَ الْإِدَارَةِ. وَقَالَ حَرْبٌ: حَسَنَةٌ1، وَحَكَاهُ شَيْخُنَا عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَجْهَيْنِ كَالْقِرَاءَةِ مُجْتَمَعِينَ بصوت واحد، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا عَمَّنْ رَأَى التَّكْبِيرَ، فَالْكُلُّ حَسَنٌ، وَتَحْرِيرُ النَّقْلِ عَنْ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُمْ اخْتِلَافٌ، فَرَوَاهُ الْجُمْهُورُ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ أَوْ مِنْ آخِرِ الضُّحَى عَلَى خِلَافٍ: مَبْنَاهُ هَلْ التَّكْبِيرُ لِأَوَّلِ السُّورَةِ، أَوْ لِآخِرِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ كَبِيرَيْنِ عِنْدَهُمْ، تَظْهَرُ فَائِدَتُهَا، عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قراءة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فَمَنْ قَالَ: مِنْ آخِرِ الضُّحَى كَبَّرَ عِنْدَ فَرَاغِهَا، وَمَنْ قَالَ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى أَوْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَمْ يُكَبِّرْ، وَرَوَى الْآخَرُونَ أَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْقُرَّاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَلَامَةُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ التَّقْرِيبِ مُخْتَصَرَ النَّشْرِ، وَذَكَرَ أَسْمَاءَ كُلِّ مَنْ أَخَذَ بِكُلِّ قَوْلٍ من ذلك.
وجعلها أيضا شيخنا قراءة الْإِدَارَةِ وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي كُرْهِهَا، قَالَ: وَكَرِهَهَا مالك. وَلَوْ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِقِرَاءَةٍ وَدُعَاءٍ وَذِكْرٍ فَعَنْهُ وَأَيُّ شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْهُ؟ كَمَا قَالَتْ الْأَنْصَارُ "وش" وَعَنْهُ لَا بَأْسَ، وَعَنْهُ مُحْدَثٌ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ مَا أَكْرَهُهُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى عَمْدٍ، إلَّا أَنْ يُكْثِرُوا، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَعْنِي يَتَّخِذُوهُ عَادَةً "م 8" وَكَرِهَهُ "م" قَالَ في الفنون أبرأ إلى الله من ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ: هَلْ هُوَ مِنْ آخِرِ الضُّحَى أَوْ آخِرِ أَلَمْ نَشْرَحْ لِقَوْلِهِ مِنْ الضُّحَى أَوْ أَلَمْ نَشْرَحْ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْ الْقُرَّاءِ قَالَ بِأَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ آخِرِ أَلَمْ نَشْرَحْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ كَمَا وَصَفْنَا أَوَّلًا فَيُقَدَّرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَالُ مِنْ آخِرِ الضُّحَى أَوْ أَوَّلِ الضُّحَى أَوْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ، لِيُوَافِقَ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ آخِرَ كُلِّ سُورَةٍ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ آخِرِ الضُّحَى، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنْ أَوَّلِ الضُّحَى، أَوْ مِنْ أَوَّلِ أَلَمْ نَشْرَحْ، فَلَا يَتَأَتَّى، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا غَيْرُ مُحَرَّرٍ فِيمَا يَظْهَرُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ مُوَافِقًا لِأَكْثَرِ أَهْلِ الأداء، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَلَوْ اجْتَمَعَ الْقَوْمُ لِقِرَاءَةٍ وَدُعَاءٍ وَذِكْرٍ فَعَنْهُ أَيُّ شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْهُ وَعَنْهُ لا بأس، وعنه محدث، ونقل ابن منصور مَا أَكْرَهُهُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى عَمْدٍ، إلَّا أَنْ يُكْثِرُوا، قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ يَعْنِي يَتَّخِذُوهُ عَادَةً انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى نُصُوصًا كَثِيرَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاجْتِمَاعِ لِلْقَصَصِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ، وَقَدَّمَهُ فِي أَثْنَاءِ فُصُولِ الْعِلْمِ فِي فَصْلٍ أَوَّلَهُ قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ يُعْجِبُنِي الْقُصَّاصُ، لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ الْمِيزَانَ، وَعَذَابَ القبر.
جُمُوعِ أَهْلِ وَقْتِنَا فِي الْمَسَاجِدِ، وَالْمَشَاهِدِ، لَيَالِيَ يُسَمُّونَهَا إحْيَاءً، وَأَطَالَ الْكَلَامَ، ذَكَرْته فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ1. وَقَالَ أَيْضًا قَالَ حَنْبَلٌ: كَثِيرٌ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ يَخْرُجُ مَخْرَجَ الطَّاعَاتِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهِيَ مَأْثَمٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، مِثْلُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَيَصِيحُ فِيهَا أَهْلُ الْأَسْوَاقِ بِالنِّدَاءِ وَالْبَيْعِ، وَلَا أَهْلُ السُّوقِ يُمْكِنُهُمْ الِاسْتِمَاعُ، وَذَلِكَ امْتِهَانٌ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُكْرَهُ. وَإِنْ غَلَّطَ الْقُرَّاءُ الْمُصَلِّينَ فَذَكَرَ صَاحِبُ الترغيب وغيره يكره، وَقَالَ شَيْخُنَا لَيْسَ لَهُمْ الْقِرَاءَةُ إذَنْ، وَعَنْ الْبَيَاضِيِّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَابِرٍ2: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَقَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: "إنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ، فَلْيَنْظُرْ بِمَا يُنَاجِيهِ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ" 3. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فسمعهم يجهرون ـــــــــــــــــــــــــــــQوَذَكَرَ أَلْفَاظًا كَثِيرَةً مِنْ ذَلِكَ، فَلْيُرَاجَعْ، وَذَكَرَ فِي الْآدَابِ أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ اخْتَارَ فِي الْفُنُونِ عَدَمَ الِاجْتِمَاعِ، انْتَهَى. قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إلَى حَالِ الْإِنْسَانِ، فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا يَحْصُلُ لَهُ بِالِانْفِرَادِ مِنْ الِاتِّعَاظِ وَالْخُشُوعِ وَنَحْوِهِ كَانَ أَوْلَى، وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً فِي كِتَابٍ غَيْرِ كُتُبِ الْمُصَنِّفُ، وَمَرَّ بِي أَنِّي رَأَيْت لِلشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَابْنِ الْقَيِّمِ فِي ذَلِكَ كَلَامًا لَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ مَظِنَّتُهُ، والله أعلم.
بِالْقِرَاءَةِ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ، فَكَشَفَ السُّتُورَ. وَقَالَ: كُلُّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَا يَرْفَعَنَّ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ، وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَبَعْدَهَا، يُغَلِّطُ أَصْحَابَهُ وَهُمْ يُصَلُّونَ رَوَاهُنَّ أَحْمَدُ1 وَلِمَالِكٍ الْأَوَّلُ وَلِأَبِي دَاوُد الْأَخِيرُ2. وَيَجُوزُ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمُقْتَضَى اللُّغَةِ، فَعَلَهُ أَحْمَدُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا، لِأَنَّهُ عَرَبِيٌّ وقَوْله تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَوْلُهُ: {وَأَجْدَرُ أَلّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: 97] الْمُرَادُ: الْأَحْكَامُ، وَذَكَرُوا رِوَايَةً بِالْمَنْعِ، وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ رِوَايَتَيْنِ. وَتَعْلِيمُ التَّأْوِيلِ مُسْتَحَبٌّ، وَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرٌ بِرَأْيِهِ مِنْ غَيْرِ لُغَةٍ، وَلَا نَقْلٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 31] وَقَوْلِهِ: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَعَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ جَابِرٍ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ أَوْ بِمَا لَا يَعْلَمُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ3، وَحَسَّنَهُ وَعَبْدُ الْأَعْلَى ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَرَوَاهُ ابْنُ جرير الطبري في تفسيره4، من حديث ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عبد الأعلى ومن غير حديثه موقوفا. وَعَنْ سُهَيْلِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ جُنْدُبٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ1، وَقَالَ غَرِيبٌ وَسُهَيْلٌ2 ضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ. وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ عُمَرُ: نُهِينَا عَنْ التَّكَلُّفِ، وَقَرَأَ: {وَفَاكِهَةً وَأَبّاً} [عبس: 31] وَقَالَ فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: مَا كُلِّفْنَا أَوْ قَالَ مَا أُمِرْنَا بِهَذَا رَوَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ3، قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: يَحْتَمِلُ أَنَّ عُمَرَ عَلِمَ الْأَبَّ، وَأَنَّهُ الَّذِي تَرْعَاهُ الْبَهَائِمُ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ تَخْوِيفَ غَيْرِهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلتَّفْسِيرِ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ كَمَا خَفِيَ عَلَى4 ابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام:14] وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ تَقَعُ عَلَى مُسَمَّيَيْنِ فَتَوَرَّعَ عَنْ إطْلَاقِ الْقَوْلِ. وَأَصْلُ التَّكَلُّفِ تَتَبُّعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ، أَوْ مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَأَمَّا مَا أُمِرَ بِهِ أَوْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَلَا وَجْهَ لِلذَّمِّ، وَقَدْ فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَاتٍ، وَفَسَّرَ كَثِيرٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَثِيرًا مِنْ الْقُرْآنِ، وقال عبد الرزاق5: عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا يَتَمَارَوْنَ فِي الْقُرْآنِ فَقَالَ: " إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا، ضَرَبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَإِنَّمَا نَزَلَ الْقُرْآنُ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَا يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، مَا عَلِمْتُمْ مِنْهُ فَقُولُوا، وَمَا جَهِلْتُمْ فَكِلُوهُ إلَى عَالِمِهِ" إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَحَدِيثُ عَمْرٍو حَسَنٌ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ1 عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الصِّدِّيقَ قَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي، وَأَيْنَ أَذْهَبُ، أَوْ كَيْفَ أَصْنَعُ إذَا أَنَا قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ بِغَيْرِ مَا أَرَادَ اللَّهُ؟. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنْ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَ رَجُلًا بِحَدِيثِ، فَاسْتَفْهَمَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ الصِّدِّيقُ: هُوَ كَمَا حَدَّثْتُك، أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إذَا قُلْت مَا لَا أَعْلَمُ؟ وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ يُكْرَهُ. وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفَسِّرُ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا إلَّا آيَاتٍ عَلَّمَهُنَّ إيَّاهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَابْنُ جَرِيرٍ2 وَقَالَ: إنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ لَا تُعَلَّمُ إلَّا بِالتَّوْقِيفِ عَنْ اللَّهِ، فَأَوْقَفَهُ عَلَيْهَا جِبْرِيلُ. وَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّهُمْ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ، وَحَضَرُوا التَّأْوِيلَ، فَهُوَ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ، وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وغيره، وأطلق أبو الحسين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ إذَا لَمْ نَقُلْ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ إنْ قُلْنَا: قَوْلُهُ حُجَّةٌ لَزِمَ قَبُولُهُ، وَإِلَّا: فَإِنَّ نَقْلَ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ صِيرَ إلَيْهِ، وَإِنْ فَسَّرَهُ اجْتِهَادًا أَوْ قِيَاسًا عَلَى كَلَامِ الْعَرَبِ لَمْ يَلْزَمْ. وَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِ التَّابِعِي. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُ غَيْرُهُ، إلَّا أَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ عَنْ الْعَرَبِ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ1 رِوَايَتَيْنِ: الرُّجُوعَ، وَعَدَمَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ أَحْمَدَ فِي الرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ التَّابِعِيِّ عَامٌّ فِي التَّفْسِيرِ وغيره، نقل أبو داود إذا جاء الشئ2 عَنْ الرَّجُلِ مِنْ التَّابِعِينَ لَا يُوجَدُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلْزَمُ الْأَخْذُ بِهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ يُنْظَرُ مَا كَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَنْ التَّابِعِينَ، قَالَ الْقَاضِي وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى إجْمَاعِهِمْ. وَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ فَهُوَ تَوْقِيفٌ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَقِيلَ لَا، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ قَالَهُ التَّابِعِيُّ فَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بَلَى، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ جَعَلَ تَفْسِيرَهُ كَتَفْسِيرِ الصَّحَابِيِّ، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وصلاة الليل أفضل
فَصْلٌ: وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ "و" وَأَفْضَلُهُ نِصْفُهُ الأخير، وأفضله ثلثه الأول نص عليه، وقيل آخِرُهُ، وَقِيلَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْوَسَطُ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، قَالَ أَحْمَدُ: قِيَامُ اللَّيْلِ مِنْ الْمَغْرِبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالنَّاشِئَةُ1 لَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ رَقْدَةٍ، قَالَ: وَالتَّهَجُّدُ إنَّمَا هو بعد النوم. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ، وَأَفْضَلُهُ نصفه الأخير، وأفضله ثلثه الأول نص عليه، وَقِيلَ آخِرُهُ، وَقِيلَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْوَسَطُ، انْتَهَى، فَقَوْلُهُ وَأَفْضَلُهُ ثُلُثُهُ الْأَوَّلُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنْ اللَّيْلِ، فَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَهُ، وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادَ الثُّلُثَ الْأَوَّلَ مِنْ النِّصْفِ الْأَخِيرِ وَهُوَ السُّدُسُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فَالْأَصْحَابُ عَلَى خِلَافِهِ، إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الْحُسَيْنِ ذَكَرَ فِي فُرُوعِهِ أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَفْضَلُ الْقِيَامِ قِيَامُ دَاوُد، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ سُدُسَهُ، مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ ثُلُثَ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِ النِّصْفِ الثَّانِي، لِكَوْنِهِ الْمَذْهَبَ، وَلَكِنْ يَبْقَى
وَلَا يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ "م ر" ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَلَّ مَنْ وَجَدْته ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا نَامَ بَعْدَ تَهَجُّدِهِ لَمْ يَبْنِ عَلَيْهِ السَّهَرَ. وَفِي الْغُنْيَةِ يُسْتَحَبُّ ثُلُثَاهُ، وَالْأَقَلُّ سُدُسُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ كُلِّهِ عَمَلُ الْأَقْوِيَاءِ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ الْعِنَايَةُ، فَجُعِلَ لَهُمْ مَوْهِبَةً، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ قِيَامُهُ بِرَكْعَةٍ، يَخْتِمُ فِيهَا، قَالَ وَصَحَّ عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ التَّابِعِينَ، وَمُرَادُهُمْ وَتَابِعِيهِمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَا لَيَالِيَ الْعَشْرِ1، فَيَكُونُ قَوْلُ عَائِشَةَ إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْيَا اللَّيْلَ2 أَيْ كَثِيرًا مِنْهُ، أَوْ أَكْثَرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ بِظَاهِرِهِ احْتِمَالٌ، وَتَخْرِيجٌ مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ، وَيَكُونُ قَوْلُهَا مَا عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ3 أَيْ غَيْرَ الْعَشْرِ أَوْ لَمْ يَكْثُرْ ذَلِكَ مِنْهُ وَاسْتَحَبَّهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ قِيَامُ بَعْضِ اللَّيَالِي كُلِّهَا مِمَّا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ. وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ قِيَامِ اللَّيْلِ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِهَذَا اتَّفَقَتْ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى اسْتِحْبَابِ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغُنْيَةِ هُوَ ظَاهِرُ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ. وَنَسْخُ وُجُوبِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَسْخُ اسْتِحْبَابِهِ وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الله بن عمر لا ينام ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْعِبَارَةِ تَعْقِيدٌ مِنْ جِهَةِ عَوْدِ الضَّمَائِرِ وَالتَّرْكِيبِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، فَإِنَّ هَذِهِ صَلَاةُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَى الصَّحِيحِ من المذهب، وصحت الأحاديث بذلك.
مِنْ اللَّيْلِ إلَّا قَلِيلًا، وَكَذَا جَمَاعَةٌ كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَجْرَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17] قِيلَ "مَا يَهْجَعُونَ" خَبَرُ كَانَ وَقِيلَ "مَا" زَائِدَةٌ أَيْ كَانُوا يَهْجَعُونَ قَلِيلًا وَ {قَلِيلاً} صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ أَوْ ظَرْفٍ، أَيْ هُجُوعًا وَزَمَنًا قَلِيلًا، وَقِيلَ نَافِيَةٌ، فَقِيلَ الْمَعْنَى كَانُوا يَسْهَرُونَ1 قَلِيلًا مِنْهُ، وَقِيلَ مَا كَانُوا يَنَامُونَ قَلِيلًا منه ورد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْضُهُمْ قَوْلَ النَّفْيِ بِأَنَّهُ لَا يُتَقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا فِي خَبَرِهِ. وَقَلِيلًا مِنْ خَبَرِهِ وَقِيلَ قَلِيلًا خَبَرُ كَانَ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ كَانُوا قَلِيلًا هُجُوعُهُمْ، كَقَوْلِك كَانُوا يَقِلُّ هُجُوعُهُمْ "فَيَهْجَعُونَ" بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ اسْمِ كَانَ، وَمِنْ اللَّيْلِ يتعلق بفعل مفسر ب يهجعون لِتَقْدِيمِ مَعْمُولِ الْمَصْدَرِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ الْوَقْفُ عَلَى قليلا فَإِنْ قِيلَ فَمَا نَافِيَةٌ فَفِيهِ نَظَرٌ سَبَقَ، وَإِنْ قِيلَ مَصْدَرِيَّةٌ فَلَا مَدْحَ لِهُجُوعِ النَّاسِ كُلِّهِمْ لَيْلًا، وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ يَحْمِلُ مَا خَالَفَ هَذَا عَلَى مَنْ تَضَرَّرَ بِهِ، أَوْ تَرَكَ حَقًّا أَهَمَّ مِنْهُ، أَوْ عَلَى مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَلِيلٍ مِنْ اللَّيْلِ، لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحُقُوقِ، وَلَعَلَّ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لِاسْتِحْبَابِهِ صَوْمَ أَيَّامِ غَيْرِ النَّهْيِ، أَوْ مَعَ إفْطَارٍ يَسِيرٍ مَعَهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ تِلْكَ، وَهُمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَيَأْتِي ذلك، ومن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُ لَا بُدَّ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ مِنْ ضَرَرٍ، أَوْ تَفْوِيتِ حَقٍّ، وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ1. كَسِلَ بِكَسْرِ السِّينِ. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ2. نَعَسَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَعَنْهَا مَرْفُوعًا: "أَحَبُّ الْعَمَلِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ"3. وَعَنْهَا مَرْفُوعًا: "خُذُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَمُ اللَّهُ حَتَّى تَسْأَمُوا". وَفِي لَفْظٍ " لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا" 4. مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّفْظَانِ بِمَعْنًى، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يُعَامِلُكُمْ اللَّهُ مُعَامَلَةَ الْمَالِ فَيَقْطَعُ ثَوَابَهُ وَرَحْمَتَهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَقْطَعُوا عَمَلَكُمْ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يَمَلُّ إذَا مَلِلْتُمْ، كَقَوْلِهِمْ فِي الْبَلِيغِ فُلَانٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَنْقَطِعَ خُصُومُهُ، مَعْنَاهُ لَا يَنْقَطِعُ إذَا انْقَطَعَ خُصُومُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَضْلَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَعَنْهُ اسْتِغْفَارُهُ فِي السَّحَرِ أَفْضَلُ، وَسَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي" الْخَبَرَ5 فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقُولُهُ كُلُّ أَحَدٍ، وَكَذَا مَا في معناه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ شَيْخُنَا: تَقُولُ الْمَرْأَةُ أَمَتُك بِنْتُ عَبْدِك أَوْ أَمَتِك، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهَا "عَبْدِك" لَهُ مَخْرَجٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ بِتَأْوِيلِ شَخْصٍ. وَصَلَاتُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا مَثْنَى، وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْ اثْنَيْنِ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمُكَرَّرِ، فَلَا يَجُوزُ تَكْرِيرُهُ، وَإِنَّمَا كُرِّرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّفْظُ لَا الْمَعْنَى ذَكَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ مُنِعَتْ الصَّرْفَ لِلْعَدْلَيْنِ: عَدْلِهَا عَنْ صِيغَتِهَا، وَعَدْلِهَا عن تكررها فِي أَفْضَلِيَّةِ الْأَرْبَعِ بِسَلَامٍ، وَإِنْ زَادَ صَحَّ "و" فطاهره علم العدد أو نسيه. وَلَوْ جَاوَزَ أَرْبَعًا نَهَارًا أَوْ ثَمَانِيًا لَيْلًا صَحَّ "هـ" وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ سِوَى الْكَرَاهَةِ، وَفِيهَا خِلَافٌ وَالثَّمَانِي تَأْنِيثُ الثَّمَانِيَةِ، وَالْيَاءُ لِلنِّسْبَةِ، كَالْيَمَانِيِ عَلَى تَعْوِيضِ الْأَلْفِ عَنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ، وَلَا تَشْدِيدَ، لِئَلَّا يُجْمَعَ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالنُّونِ، وَحَذْفُ الْيَاءِ خَطَأٌ عِنْدَ الأصمعي، وقيل شاذ وقيل لَا يَصِحُّ إلَّا مَثْنَى، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي1: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَادَ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى مَثْنَى: وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ سِوَى الْكَرَاهَةِ وَفِيهَا خِلَافٌ، انْتَهَى، يَعْنِي فِيهَا الْخِلَافُ الَّذِي فِيمَا إذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَكْرَهُ، كَذَا، هَلْ هُوَ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لَا وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، فِي الْخُطْبَةِ، وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلْيُعَاوَدْ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَالثَّمَانِي تَأْنِيثُ الثَّمَانِيَةِ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالنُّونِ وَحَذْفُ الْيَاءِ خَطَأٌ عِنْدَ الْأَصْمَعِيِّ، وَقِيلَ شَاذٌّ، انْتَهَى. ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي حَذْفِ الْيَاءِ، هَلْ هُوَ خَطَأٌ أَوْ شَاذٌّ؟ وَلَيْسَ لِلْأَصْحَابِ فِي هَذَا كَلَامٌ، وَإِنَّمَا مَرْجِعُهُ إلَى اللُّغَةِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ2 وَتَبِعَهُ فِي
وَقِيلَ لَيْلًا، اخْتَارَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَالشَّيْخُ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَامَ فِي التَّرَاوِيحِ إلَى ثَالِثَةٍ: يَرْجِعُ، وَإِنْ قَرَأَ، لأن عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَامُوسِ: ثَبَتَتْ يَاؤُهُ عِنْدَ الْإِضَافَةِ، كَمَا ثَبَتَ بِالْقَاضِي فَتَقُولُ ثَمَانِي نِسْوَةٍ وَثَمَانِي مِائَةٍ، كَمَا تَقُولُ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ، وَتَسْقُطُ مَعَ التَّنْوِينِ فِي الرَّفْعِ وَالْجَرِّ، وَتَثْبُتُ فِي النَّصْبِ وَأَمَّا قَوْلُ الْأَعْشَى: وَلَقَدْ شَهِدْت ثَمَانِيًا وَثَمَانِيًا ... وَثَمَانِ عشرة واثنتين وأربعا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ ثَمَانِي عَشْرَةَ، وَإِنَّمَا حَذَفَهَا عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ طِوَالُ الْأَيْدِ، بِحَذْفِ الْيَاءِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ1: فَطِرْت بِمُنْصُلِي فِي يَعْمُلَاتٍ ... دَوَامِي الْأَيْدِ يَخْبِطْنَ السَّرِيحَا انْتَهَى. فَقَدَّمَا2 مَا قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ، وَقَطَعَ بِهِ3 ابْنُ خَطِيبِ الدَّهْشَةِ4 فِي الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مُصَنَّفًا، وَحَكَى لُغَةً بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي الْمُرَكَّبِ، بِشَرْطِ فَتْحِ النُّونِ، يَقُولُ عِنْدِي مِنْ النِّسَاءِ ثَمَانَ عَشْرَةَ امْرَأَةً. وَفِي الْبُخَارِيِّ5 وَغَيْرِهِ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ فِي فَتْحِ مَكَّةَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، بإثبات الياء، وفي نسخة بحذفها6.
تَسْلِيمًا وَلَا بُدَّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى" 1. فَعَلَى الصِّحَّةِ يُكْرَهُ وَعَنْهُ لَا. جزم به في التبصرة "وش". كَأَرْبَعٍ نَهَارًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ زَادَ نَهَارًا صَحَّ، وَعَنْهُ لَا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ "وش" وَمَنْ زَادَ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ فَقَدْ تَرَكَ الْأَوْلَى، وَيَجُوزُ بِدَلِيلِ الْوِتْرِ، كَالْمَكْتُوبَةِ، فِي رِوَايَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَزُفَرَ لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْفُصُولِ: إنْ تَطَوَّعَ بِسِتَّةٍ بِسَلَامٍ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ مِنْ الْفَرْضِ. وَمَنْ أَحْرَمَ بِعَدَدٍ فَهَلْ يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِيمَنْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ فِي التَّرَاوِيحِ لَا يَجُوزُ، وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ فِي لُحُوقِ زِيَادَةٍ بِعَقْدٍ، وَسَبَقَ أَوَّلَ سُجُودِ السَّهْوِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعُ: قَوْلُهُ: مَنْ أَحْرَمَ بِعَدَدٍ فَهَلْ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِيمَنْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ فِي التَّرَاوِيحِ لَا يَجُوزُ. وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ فِي لُحُوقِ زِيَادَةٍ بِعَقْدٍ، وَسَبَقَ أَوَّلَ سُجُودِ السَّهْوِ، انْتَهَى. قُلْتُ: قَالَ فِي سُجُودِ السَّهْوِ2: وَمَنْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ وَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ نَهَارًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ وَكَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ إنْ كُرِهَتْ الْأَرْبَعُ نَهَارًا، انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذَا الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ إنْ كُرِهَتْ الْأَرْبَعُ نَهَارًا، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهَا عَلَى أَقَلِّ نَقْلٍ صَرِيحٍ فَاسْتَنْبَطَ ذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِذَلِكَ، وَقَالُوا الْأَفْضَلُ أَنْ يُتِمَّ، وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَ هُوَ مِنْ كَلَامِهِمْ الْكَرَاهَةَ، فَقَوْلُهُ وَسَبَقَ أول
وَصَلَاةُ الْقَاعِدِ نِصْفُ أَجْرِ صَلَاةِ الْقَائِمِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ1. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا الْمُتَرَبِّعَ. وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ شَاذَانَ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مَوْلَاهُ السَّائِبِ عَنْ عَائِشَةَ، رَفَعَتْهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقِ وَحَجَّاجٍ عَنْ شَرِيكٍ بِدُونِهَا، وَرَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ وَزُهَيْرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بِدُونِهَا. وَيُسْتَحَبُّ تربع الجالس في قيام "وم" وعنه يفترش "وق" وَقَالَهُ زُفَرُ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ الْحَنَفِيُّ3، وَمَذْهَبُ "هـ" يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّرْبِيعِ، وَالِاحْتِبَاءِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةً إنْ كَثُرَ رُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ لَمْ يَتَرَبَّعْ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُثْنِي رِجْلَيْهِ فِي سُجُودِهِ، وَفِي رُكُوعِهِ روايتان "م 9" ـــــــــــــــــــــــــــــQسُجُودِ السَّهْوِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدَةٌ، وَنَقَلَهُ فِيهِمَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ قَاعِدًا يُسْتَحَبُّ تَرَبُّعُ الْجَالِسِ في قيام4، فَعَلَى هَذَا يَثْنِي رِجْلَيْهِ فِي سُجُودِهِ، وَفِي رُكُوعِهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، إحْدَاهُمَا يَثْنِيهِمَا فِي رُكُوعِهِ، أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
والمراد بِنِصْفِ الْأَجْرِ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ فَرْضًا وَنَفْلًا مَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ1، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي تَكْمِيلِ أَجْرِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ الْكَاهِلِيِّ التَّابِعِيِّ، وَذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ2. وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ، لَكِنَّ كَلَامَهُمْ كُلِّهِمْ إذَا عَجَزَ مُطْلَقًا، وَأَمَّا إنْ شَقَّ مَشَقَّةً تُبِيحُ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَكَلَامُهُمْ مُحْتَمَلٌ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْفَرْقِ، وَقَالَهُ بَعْضُ العلماء. ولا يصح مضطجعا "وهـ م" وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ صِحَّتَهُ، اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ "وش" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 عَنْ الْحَسَنِ ثُمَّ هَلْ يُومِئُ أم يسجد؟ يحتمل وجهين "م 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَثْنِيهَا قَالَ فِي الْمُغْنِي4 هَذَا أَقْيَسُ وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ، إلَّا أَنَّ أَحْمَدَ ذَهَبَ إلَى فِعْلِ أَنَسٍ، وَأَخَذَ بِهِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ هَذَا أَقْيَسُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُتَرَبِّعًا أَفْضَلُ، وَقِيلَ حَالَ قِيَامِهِ وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ، إنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ مُضْطَجِعًا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ صِحَّتَهُ، اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ ثُمَّ هَلْ يُومِئُ أَوْ يَسْجُدُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ، وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ: إحْدَاهُمَا: يَسْجُدُ قُلْتُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لا يسجد.
وَلَهُ الْقِيَامُ عَنْ جُلُوسٍ "و" وَكَذَا عَكْسُهُ "و" وَخَالَفَ فِي الثَّانِيَةِ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ الْمَالِكِيُّ، لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ. وَيَصِحُّ التطوع بفرد كركعة وعنه لا "وهـ" ويجوز جماعة وش" أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ "م 11" وَقِيلَ مَا لَمْ يُتَّخَذْ عادة "وش" وقيل يستحب وقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَيْ التَّطَوُّعُ جَمَاعَةً أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ مَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً، انْتَهَى. قُلْتُ: مِمَّنْ أَطْلَقَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 والشرح3
يكره، قال أحمد ما سمعته "وهـ". وَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ وابن الجوزي: نهارا وعنه طول القيام "وهـ ش" وَعَنْهُ التَّسَاوِي، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَحَفِيدُهُ، وَيُسَنُّ بِبَيْتِهِ "و" وَعَنْهُ هُوَ وَالْمَسْجِدُ سَوَاءٌ. وَيُكْرَهُ الْجَهْرُ نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ، قَالَ أَحْمَدُ لَا يَرْفَعُ، قِيلَ قَدْرُ كَمْ يَرْفَعُ؟ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَنْ أَسْمَعَ أُذُنَيْهِ فَلَمْ يُخَافِتْ. وَلَيْلًا يُرَاعِي الْمَصْلَحَةَ، وَيُعْجِبُ أَحْمَدُ أَنْ يكون له ركعات معلومة.
فصل: أقل سنة الضحى ركعتان
فَصْلٌ: أَقَلُّ سُنَّةِ الضُّحَى رَكْعَتَانِ "و" وَوَقْتُهَا مِنْ خُرُوجِ وَقْتِ النَّهْيِ إلَى الزَّوَالِ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قُبَيْلَ الزَّوَالِ لِلنَّهْيِ1 وَالْأَفْضَلُ إذَا اشْتَدَّ حَرُّهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَانِ، لِأَنَّ أُمَّ هَانِئٍ رَوَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ثَمَانِ رَكَعَاتٍ يَوْمَ الْفَتْحِ ضُحًى2. وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا صَلَاةٌ بِسَبَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرُهُمْ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا اُتُّخِذَ عَادَةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ الْمَجْدِ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ إنَّمَا قَالَ وَلَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ جَمَاعَةً مَا لَمْ يُتَّخَذْ ذَلِكَ سُنَّةً وَعَادَةً، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقِيلَ وَيُكْرَهُ مَا لَمْ يُتَّخَذْ عَادَةً، كَمَا قَالَ الْمَجْدُ، وَالْمَحَلُّ لَفْظَةُ يُكْرَهُ، سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ، "3إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ مَا اخْتَارَ المجد ومن تابعه3".
الْفَتْحِ، شُكْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الْأُمَرَاءَ كَانُوا يُصَلُّونَهَا إذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ1. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَفِيهِ إثْبَاتُ صَلَاةٍ بِسَبَبٍ مُحْتَمَلٍ. وَعَنْهُ أَكْثَرُ الضُّحَى اثْنَتَا عَشْرَةَ لِلْخَبَرِ2، جَزَمَ بِهِ فِي الْغُنْيَةِ، وَقَالَ: لَهُ فِعْلُهَا بَعْدَ الزَّوَالِ. وَقَالَ: وَإِنْ أَخَّرَهَا حَتَّى صَلَّى الظُّهْرَ قَضَاهَا نَدْبًا وَنَصَّ أَحْمَدُ تُفْعَلُ غِبًّا. وَاسْتَحَبَّ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ الْمُدَاوَمَةَ، وَنَقَلَهُ مُوسَى بْنُ هَارُونَ "وش" وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا لِمَنْ لَمْ يَقُمْ فِي لَيْلِهِ. وَيُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ، وَأَطْلَقَهُ الْإِمَامُ، وَالْأَصْحَابُ وَلَوْ فِي حَجٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَيَكُونُ قَوْلُ أَحْمَدَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ يُبَادَرُ إلَيْهِ أَيْ بَعْدَ فِعْلِ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِظَاهِرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الْحَاجَةِ إلَى اللَّهِ أَوْ إلَى آدَمِيٍّ، وَهِيَ رَكْعَتَانِ، لِخَبَرِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى3، وَفِيهِ ضَعْفٌ. وصلاة التوبة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِخَبَرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ1، وَهُوَ حَسَنٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ2: لَا يُتَابِعُ اسْمًا ثَبَتَ الْحُكْمُ3 عَلَيْهِ، وَقَدْ حَدَّثَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَلَمْ يُخَالِفْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَعَقِيبَ الْوُضُوءِ، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ4، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَإِنْ كَانَ بَعْدَ عَصْرٍ احْتَسَبَ بِانْتِظَارِهِ بِالْوُضُوءِ الصَّلَاةَ، فَيُكْتَبُ لَهُ ثَوَابُ مُصَلٍّ. وَعِنْدَ جماعةوصلاة التَّسْبِيحِ، وَنَصُّهُ لَا، لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا لِعَمِّهِ الْعَبَّاسِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ، ثُمَّ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ يَقُولُهَا فِي رُكُوعِهِ ثُمَّ فِي رَفْعِهِ مِنْهُ، ثُمَّ فِي سُجُودِهِ، ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ صَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ، وَنَصُّهُ لَا، انْتَهَى، الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ نَصَّ أَحْمَدُ وَأَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ عَلَى كَرَاهَتِهَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ بِالْجَوَازِ، وَاسْتَحَبَّ جَمَاعَةٌ فِعْلَهَا، وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا بَأْسَ بِفِعْلِهَا، فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ مَنَّ اللَّهُ الكريم علينا بتصحيحها، فله الحمد والمنة.
فِي رَفْعِهِ، عَشْرًا عَشْرًا، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ، ثُمَّ فِي الْجُمُعَةِ، ثُمَّ فِي الشَّهْرِ، ثُمَّ فِي الْعُمْرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ لَا يَصِحُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْآجُرِّيُّ وَصَحَّحُوهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ1 وَادَّعَى شَيْخُنَا أَنَّهُ كَذِبٌ، كَذَا قَالَ، وَنَصَّ أَحْمَدُ وَأَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ عَلَى كَرَاهَتِهَا، وَلَمْ يَسْتَحِبَّهَا إمَامٌ، وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يَرِدْ بِهَا الْخَبَرُ، لِئَلَّا تَثْبُتَ سُنَّةٌ بِخَبَرٍ لَا أَصْلَ لَهُ، قَالَ: وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَسْمَعُوهَا بِالْكُلِّيَّةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: لَا بَأْسَ بِهَا، فَإِنَّ الْفَضَائِلَ لَا تُشْتَرَطُ لَهَا صِحَّةُ الْخَبَرِ، كَذَا قَالَ، وَعَدَمُ قَوْلِ أَحْمَدَ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرَى الْعَمَلَ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ، وَاسْتِحْبَابُهُ الِاجْتِمَاعَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي رِوَايَةٍ يَدُلُّ عَلَى الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ، وَلَوْ كَانَ شِعَارًا، وَاخْتَارَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَاحْتَجَّ لَهَا بِمَشْرُوعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَاقْتَصَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ عَلَى تَضْعِيفِ أَحْمَدَ لِصَلَاةِ التَّسْبِيحِ، وَعَكَسَ جَمَاعَةٌ فَاسْتَحَبُّوا صَلَاةَ التَّسْبِيحِ دُونَ الِاجْتِمَاعِ لَيْلَةَ الْعِيدِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الشِّعَارِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ: بِمَعْنَى أَنَّ النَّفْسَ تَرْجُو ذَلِكَ الثَّوَابَ أَوْ تَخَافُ ذَلِكَ الْعِقَابَ، وَمِثْلُهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ بالإسْرائِلِيَّاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بِمُجَرَّدِهِ إثْبَاتُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، لَا اسْتِحْبَابٌ وَلَا غَيْرُهُ، لَكِنْ يَجُوزُ، ذَكَرَهُ في الترغيب والترهيب فيما علم حسنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ قُبْحُهُ بِأَدِلَّةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَاعْتِقَادُ مُوجَبِهِ مِنْ قَدْرِ ثَوَابٍ وَعِقَابٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّلِيلِ الشَّرْعِيِّ. وَقَالَ1 فِي التَّيَمُّمِ بِضَرْبَتَيْنِ: الْعَمَلُ بِالضَّعِيفِ إنَّمَا شُرِعَ فِي عَمَلٍ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِذَا رَغِبَ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ عَمِلَ بِهِ، أَمَّا إثْبَاتُ سُنَّةٍ فَلَا. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، وَنِصْفَ شَعْبَانَ، أَوْ أَوَّلَ رَجَبٍ، وَقِيلَ: نِصْفَهُ، وَقِيلَ: وَالرَّغَائِبُ، وَاخْتَلَفَ الْخَبَرُ فِي صِفَتِهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2 هِيَ مَوْضُوعَةٌ، كَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ3، وَجَمَاعَةٌ وَاسْتَحَبَّهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَكَرِهَهَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ الْمَالِكِيَّةُ، وَذَكَرَ أَبُو الظَّاهِرِ الْمَالِكِيُّ كَرَاهَتَهَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: كُلُّ مَنْ عَبَدَ عِبَادَةً نُهِيَ عَنْهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِالنَّهْيِ، لَكِنْ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ مِثْلُ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ، وَالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ، وَصَوْمِ الْعِيدِ، أُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا قَالَ، وَيَأْتِي فِي صِحَّتِهِ خِلَافٌ، وَمَعَ عَدَمِهَا لَا يُثَابُ عَلَى صَلَاةٍ، وَصَوْمٍ، وَيَأْتِي فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ4، قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَهْيٌ مِنْ وَجْهٍ لَمْ يَعْلَمْهُ، كَكَوْنِهَا بِدْعَةً تُتَّخَذُ شِعَارًا، وَيُجْتَمَعُ عَلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَهُوَ مِثْلُ أَنْ يُحْدِثَ صَلَاةً سَادِسَةً وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ مِثْلَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بلا حديث لم يكن له ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِخِلَافِ مَا لَمْ يُشْرَعْ جِنْسُهُ، مِثْلُ الشِّرْكِ، فَإِنَّ هَذَا لَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ لَا يُعَاقِبُ صَاحِبَهُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الرِّسَالَةِ. لَكِنْ قَدْ يَحْسَبُ بَعْضُ النَّاسِ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ مُجْتَهِدًا لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا بُدَّ أَنْ يَتَّبِعَ دَلِيلًا شَرْعِيًّا، لَكِنْ قَدْ يَفْعَلُهُ بِاجْتِهَادِ مِثْلِهِ، فَيُقَلِّدُ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ الشُّيُوخِ وَالْعُلَمَاءِ، وَفَعَلُوهُ هُمْ لِأَنَّهُمْ رَأَوْهُ يَنْفَعُ، أَوْ لِحَدِيثٍ كَذِبٍ سَمِعُوهُ، فَهَؤُلَاءِ إذَا لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ الْحُجَّةُ بِالنَّهْيِ لَا يُعَذَّبُونَ، وَقَدْ يَكُونُ ثَوَابُهُمْ أَرْجَحَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ مِنْ أَهْلِ جِنْسِهِمْ، أَمَّا الثَّوَابُ بِالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ فَلَا يَكُونُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ. قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ1: وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ لَيْلَةَ الْوَقُودِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ لَيْلَةَ الْوَقِيدِ2 الْبَرَامِكَةُ، لِأَنَّ أَصْلَهُمْ مَجُوسُ عَبَدَةِ النَّارِ، قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: هُمْ حَنَفِيَّةٌ، سِيرَتُهُمْ جَمِيلَةٌ، وَدِينُهُمْ صَحِيحٌ، أَمَرُوا بِذَلِكَ إظْهَارًا لِشِعَارِ الْإِسْلَامِ، كَذَا قَالَ، وَأَفْتَى جَمَاعَاتٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، وَتَحْرِيمِهِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَتَضْمِينِ فَاعِلِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقِيلَ عَنْهُ: يُسْتَحَبُّ الِاجْتِمَاعُ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ لِلصَّلَاةِ جَمَاعَةً إلَى الْفَجْرِ: وَيُسْتَحَبُّ إحْيَاءُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لِلْخَبَرِ3، قَالَ جَمَاعَةٌ: وليلتي العيدين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ، رَوَى ابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْمَزَّارِ بْنِ حَمُّويَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْطَفَى، عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَامَ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ مُحْتَسِبًا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ". رِوَايَةُ بَقِيَّةَ عَنْ أَهْلِ بَلَدِهِ جَيِّدَةٌ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، فَالْأَوَّلُ أَوْلَى. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَيْلَةَ عَاشُورَاءَ، وَلَيْلَةَ أَوَّلِ رَجَبٍ، وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَفِي الرِّعَايَةِ وَلَيْلَةَ نِصْفِ رَجَبٍ. وَفِي الْغُنْيَةِ وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ وَهُوَ أَظْهَرُ لِضَعْفِ الْأَخْبَارِ، وَهُوَ قِيَاسُ نَصِّهِ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ، وَأَوْلَى. وَفِي آدَابِ الْقَاضِي صَلَاةُ الْقَادِمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُهُمْ صَلَاةُ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْحَجِّ2. وَعَنْ مُطْعِمِ بْنِ الْمِقْدَامِ مَا خَلَّفَ عَبْدٌ عَلَى أَهْلِهِ أَفْضَلَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ يَرْكَعُهُمَا عِنْدَهُمْ حِينَ يُرِيدُ سَفَرًا مُنْقَطِعٌ "وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ "إذَا خَرَجْت فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ" رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ3. وَيُتَوَجَّهُ فَضْلُ الْعِبَادَةِ فِي وَقْتٍ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ وَيَشْتَغِلُونَ، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ4 عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ مَرْفُوعًا الْعَمَلُ فِي الْهَرْجِ وفي رواية في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفِتْنَة كَالْهِجْرَةِ إلَيَّ وَلِمُسْلِمٍ: "الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كهجرة إلي". قيل لِلِاشْتِغَالِ عَنْهَا، وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّ الْمُرَادَ عِبَادَةٌ يَظُنُّ مَعَهَا الْقَتْلَ عِنْدَ أُولَئِكَ. وَيَأْتِي تحية المسجد آخر الجمعة1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب أوقات النهي
باب أوقات النهي مدخل ... بَابُ أَوْقَاتِ النَّهْيِ وَهِيَ خَمْسَةٌ: مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي "وهـ م" وَعَنْهُ مِنْ صَلَاتِهِ "وش" اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ1، إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَعِنْدَ طُلُوعِهَا إلَى ارْتِفَاعِهَا قِيدَ2 رُمْحٍ. وَعِنْدَ قِيَامِهَا إلَى زَوَالِهَا، وَفِيهِ وَجْهٌ "وم" اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ "وش" قَالَ أَحْمَدُ فِي الْجُمُعَةِ إذَنْ لَا يُعْجِبُنِي، وَظَاهِرُ الْجَوَازِ وَلَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْجَامِعَ "ش" لِظَاهِرِ الْخَبَرِ الضَّعِيفِ3 الْمُحْتَجِّ بِهِ فِي ذَلِكَ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْإِبَاحَةِ إلَى أَنْ يُعْلَمَ. وَفِي الْخِلَافِ يَسْتَظْهِرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ سَاعَةً بِقَدْرِ ما يعلم زوالها كسائر الأيام. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ "ع" حَتَّى جَمَعَا إلَى غُرُوبِهَا لَا اصْفِرَارِهَا "م ش" وَعِنْدَ غُرُوبِهَا حَتَّى تَتِمَّ وَعَنْهُ لَا نَهْيَ بِمَكَّةَ "وش" وَيَتَوَجَّهُ إنْ قُلْنَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَرَمُ كَمَكَّةَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي أَنَّ هُنَا مِثْلَهُ. وَكَلَامُهُ فِي الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي اتِّفَاقًا فِيهِ. وَعَنْهُ: وَلَا نَهْيَ بَعْدَ عَصْرٍ. وَعَنْهُ مَا لَمْ تَصْفَرَّ. وَيَحْرُمُ فِيهِنَّ فِي الْأَشْهَرِ تَطَوُّعٌ مُطْلَقٌ، وَقِيلَ لَا إتْمَامُهُ، وَإِنْ ابْتَدَأَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَعَنْهُ بَلَى "وهـ م"، وفي جاهل روايتان "م1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ فِيهِنَّ عَلَى الْأَشْهَرِ تَطَوُّعٌ مُطْلَقٌ، وَقِيلَ لَا إتْمَامُهُ، وَإِنْ ابْتَدَأَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ، وَعَنْهُ بَلَى، وَفِي جَاهِلٍ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ، قَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْعَقِدُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ قُلْت: وَهُوَ الصواب. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَقِيلَ لَا إتْمَامُهُ، أَنَّ الْمُقَدَّمَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ النَّهْيِ إذَا أَتَمَّهُ فِيهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جماعة والقول، الذي ذكره المصنف ظاهر
وَمَا لَهُ سَبَبٌ كَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ، وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ، وَقَضَاءِ سُنَنٍ، وَصَلَاةِ كُسُوفٍ، قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتِخَارَةٍ فيما يفوت، وعقيب الوضوء: فعنه: يجوز "وش" اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَشَيْخُنَا، وَغَيْرُهُمْ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ حَالَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ عَنْهَا جَوَابٌ صَحِيحٌ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَنْعَ هُنَاكَ لَمْ يَخُصَّ الصَّلَاةَ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَاءَةِ، وَالْكَلَامِ، فَهُوَ أَخَفُّ. وَالنَّهْيُ هُنَا اخْتَصَّ الصَّلَاةَ، فَهُوَ آكَدُ: وَهَذَا عَلَى الْعَكْسِ أَظْهَرُ، قَالَ: مَعَ أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ تَرَكْنَاهُ لِخَبَرِ سُلَيْكٍ1. وَعَنْهُ الْمَنْعَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ ابْنُ الزاغوني وغيره، وهو أشهر "م 2" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَبْتَدِئُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَلَاةَ تَطَوُّعٍ بِهَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْأَصْفَهَانِيِّ وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ قَطْعًا بِهِ، لَكِنْ قَالَ يُحَقِّقُهَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ 2: وَمَا لَهُ سَبَبٌ كَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ وَقَضَاءِ سُنَنٍ وَصَلَاةِ كُسُوفٍ قَالَ شَيْخُنَا وَاسْتِخَارَةٍ فِيمَا يَفُوتُ وَعَقِبَ وُضُوءٍ فَعَنْهُ يَجُوزُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَشَيْخُنَا، وَغَيْرُهُمْ، وَعَنْهُ الْمَنْعُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَشْهَرُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي4، وَالْمُقْنِعِ3، وَالْهَادِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، والزركشي، وغيرهم:
"وهـ م" فَلَا يَسْجُدُ لِتِلَاوَةٍ فِي وَقْتٍ قَصِيرٍ1 "هـ م". وعنه يقضي ورده ووتره قبل صلاة الفجر "2 "وم ر" وعنه: فيه السنة مطلقا2" إنْ خَافَ إهْمَالَهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ يَقْضِي سُنَّةَ الْفَجْرِ بَعْدَهَا، وَغَيْرَهَا بَعْدَ الْعَصْرِ. وَلَا تَجُوزُ صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ وَقْتَ النَّهْيِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا بِلَا خِلَافٍ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الرِّوَايَتَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهَا، اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْكَافِي3، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحْرِمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَهِيَ أَشْهَرُ، قَالَ فِي الْوَاضِحِ هِيَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ هَذَا الْأَشْهَرُ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْكُسُوفِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْأَظْهَرُ، لِأَنَّ النُّصُوصَ فِيهَا أَصَحُّ، وَأَصْرَحُ، انْتَهَى. وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي، وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتَا.
وَتَجُوزُ رَكْعَتَا الطَّوَافِ "وش" وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ "وش" لِتَأْكِيدِ ذَلِكَ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِهِ، وَلِأَنَّ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَابِعَةٌ لِلطَّوَافِ. وَيَجُوزُ فَرْضُهُ وَنَفْلُهُ وَقْتَ النَّهْيِ، وَلِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُعِدْ الْجَمَاعَةَ لَحِقَهُ التُّهْمَةُ فِي حَقِّهِ، وَتُهْمَةٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَقَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ، الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ، تَرَكْنَاهُ لِخَبَرِ يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَخَبَرِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ1، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ، وَعَنْهُ فِيهِمَا بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ. وَعَنْهُ الْمَنْعُ "وهـ م". وَتَجُوزُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ الْمَنْعَ "ور م" وَعَنْهُ بَعْدَ فَجْرٍ، وَعَنْ "م" لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ، وَعَنْ أَحْمَدَ تَجُوزُ فِي غَيْرِهِمَا "وش" كَمَا لَوْ خيف عليه "و". وتحرم على قَبْرٍ، وَغَائِبٍ، وَقْتَ نَهْيٍ، وَقِيلَ نَفْلًا، وَصَحَّحَ فِي الْمَذْهَبِ تَجُوزُ عَلَى قَبْرٍ فِي الْوَقْتَيْنِ الطَّوِيلَيْنِ، وَحُكِيَ مُطْلَقًا. وَفِي الْفُصُولِ لَا تَجُوزُ بَعْدَ الْعَصْرِ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِهِ عَلَى الْجِنَازَةِ خَوْفُ الِانْفِجَارِ، وَقَدْ أُمِنَ فِي الْقَبْرِ. وَصَلَّى قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بَعْدَ الْعَصْرِ بِفَتْوَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ، وَلَعَلَّهُ قَاسَ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَحُكِيَ لِي عَنْهُ أَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَفْرُوضَةٌ، وَهَذَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فِعْلَهَا فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ، هَذَا كَلَامُهُ. وَيَقْضِي الْفَرْضَ "هـ" فِي وَقْتٍ قصير للصلاة2، وعنه: لا، كمنذورة في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَةٍ "وهـ" وَكَذَا نَذْرُهَا فِيهَا، لِأَنَّهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَخْرُجُ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ مُوجِبًا لَهَا "وش" وَفِي الْفُصُولِ يَفْعَلُهَا غَيْرَ وَقْتِ نَهْيٍ، وَيُكَفِّرُ، كَنَذْرِهِ صَوْمَ عِيدٍ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: فَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً مُطْلَقَةً أَوْ فِي وَقْتٍ وَفَاتَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَجُوزُ فِعْلُهَا وَقْتَ النَّهْيِ، لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ صَوْمَ النَّذْرِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، مَعَ تَأْكِيدِ الصِّيَامِ، فَنَقَلَ صَالِحٌ فِي رَجُلٍ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ فَصَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ. وَلَوْ أَفْطَرَهَا وَكَفَّرَ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَذْهَبًا، فَقَدْ أَجَازَ صَوْمَهَا عَنْ النَّذْرِ، فَكَذَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَوْ نَذَرَهَا بِمَكَانٍ غَصْبٍ فَيَتَوَجَّهُ كَصَوْمِ عِيدٍ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى1 تَنْعَقِدُ، فَقِيلَ لَهُ يُصَلِّي فِي غَيْرِهِ؟ فَقَالَ: فَلَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ. وَيَفْعَلُ سُنَّةَ الظُّهْرِ الثَّانِيَةَ بَعْدَ عَصْرٍ جَمْعًا، وَقِيلَ وَقْتَ ظُهْرٍ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَفِي الْفُصُولِ يُصَلِّي سُنَّةَ الْأُولَى إذَا فَرَغَ مِنْ الثَّانِيَةِ، إذَا لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ عَصْرًا، وَهَذَا فِي الْعِشَاءَيْنِ خَاصَّةً، وَيُقَدِّمُ سُنَّةَ الْأُولَى مِنْهُمَا عَلَى الثَّانِيَةِ كَمَا قَدَّمَ فَرْضَ الْأُولَى عَلَى فَرْضِ الثَّانِيَةِ، كَذَا قَالَ، وَلَا نَهْيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، حَتَّى ينصرف المصلي "م"2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة الجماعة
باب صلاة الجماعة مدخل ... بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَقَلُّهَا اثْنَانِ "و" وَهِيَ وَاجِبَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لَمْ يُنْقَصُ أَجْرُهُ مَعَ الْعُذْرِ، وَبِدُونِهِ فِي صَلَاتِهِ فَضْلٌ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ فِي الْأُولَى، وَلِنَقْلِهِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي: عِنْدَكُمْ لَا فَضْلَ فِي صَلَاةِ الْفَذِّ؟ فَقَالَ: قَدْ تَحْصُلُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَلَا خَيْرَ فِي أَحَدِهِمَا وَاحْتَجَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِذَلِكَ بِالْآيَاتِ الْمَشْهُورَةِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ هُنَا، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ النِّسْبَةِ بَيْنَهُمَا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ ثُبُوتُ الْأَجْرِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا نِسْبَةَ وَلَا تَقْدِيرَ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا كَأَبِي الْخَطَّابِ فِيمَنْ عَادَتُهُ الِانْفِرَادُ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ، وَإِلَّا تَمَّ أَجْرُهُ، وَقَالَ فِي "الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ" غَيْرِ التَّفْضِيلِ فِي الْمَعْذُورِ الَّذِي تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ وَحْدَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ، وَمُضْطَجِعًا عَلَى النِّصْفِ" فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَعْذُورُ كَمَا فِي الْخَبَرِ إنَّهُ خَرَجَ وَقَدْ أَصَابَهُمْ وَعْكٌ وَهُمْ يُصَلُّونَ قُعُودًا فَقَالَ ذَلِكَ وَهَذَا الْخَبَرُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وابن ماجه والنسائي1 وقال هذا خطأ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي مَوَاضِعَ: أَنَّ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا لِعُذْرٍ لَهُ أَجْرُ الْقَائِمِ، وَمَعْنَاهُ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا1 عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا". وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَسَاوِيهِمَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ وَهُوَ الْجَزَاءُ. وَالْفَضْلُ بِالْمُضَاعَفَةِ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد2 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَة تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً، فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً". قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ فِي هَذَا الْحَدِيث صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْفَلَاةِ تُضَاعَفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَدِيثُ حَسَنٌ هِلَالٌ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ فِي صَحِيحِهِ3. وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، نَكْتُبُ حَدِيثَهُ، فَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِظَاهِرِهِ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ اخْتِيَارِ أَبِي دَاوُد، وَلَا تَعَارُضَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ4 أَنَّهُ يُصَلِّي خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَلَا بُدَّ أَنَّهُ فِي الْفَلَاةِ لِعُذْرٍ، وَقَصْدٍ صَحِيحٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الِاعْتِزَالُ فِي الْفِتْنَةِ، أَوْ الصَّلَاةُ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ، وَعَلَى معنى قوله: "أفضل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ"1. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَنْهُ الْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ "وهـ م ق" وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا فَرْضَ كِفَايَةٍ "وق" وَمُقَاتَلَةُ تَارِكِهَا كَالْآذَانِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ2 "و" وَفِي الْوَاضِحِ وَالْإِقْنَاعِ رِوَايَةٌ: شَرْطٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي كَذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَشَيْخُنَا لِلْمَكْتُوبَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ: بِنَاءً عَلَى أَصْلِنَا فِي الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ غَصْبٍ، وَالنَّهْيُ يَخْتَصُّ الصَّلَاةَ. وَعَنْهُ: وَلِفَائِتَةٍ، وَمَنْذُورَةٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ هُنَا وَفِي وُجُوبِ الْآذَانِ لِفَائِتَةٍ فَقَطْ، حَضَرًا وَسَفَرًا عَلَى الرِّجَالِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَالْعَبِيدِ، وَأَطْلَقَ جماعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَتَيْنِ، وَقِيلَ وَالْمُمَيِّزِينَ. وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ "وهـ م" وَعَنْهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ "وق" قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ لِاسْتِبْعَادِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرَهُ. وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ مَعَ قُرْبِهِ، وَقِيلَ: شَرْطٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِمَشْيِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَعَلَ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِهِ مُنْكَرٌ كَغِنَاءٍ لَمْ يَدَعْ الْمَسْجِدَ، وَيُنْكِرْهُ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ. وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ "وش" وَعَنْهُ لَا، وَعَنْهُ يُكْرَهُ "وَهـ م" وَمَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ إلَى وُجُوبِهَا إذَا اجْتَمَعْنَ. وَفِي الْفُصُولِ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ إذَا اجْتَمَعْنَ أَنْ يُصَلِّينَ فَرَائِضَهُنَّ جَمَاعَةً فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ يُكْرَهُ فِي الْفَرِيضَةِ، وَيَجُوزُ فِي النَّافِلَةِ، وَلَهُنَّ حُضُورُ جَمَاعَةِ الرِّجَالِ، وَعَنْهُ الْفَرْضُ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُمَا لِلشَّابَّةِ وَهُوَ أَشْهَرُ "وم" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمُسْتَحْسَنَةُ "وش" وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: وَسَأَلَ عَنْ خُرُوجِ النِّسَاءِ إلَى الْعِيدِ فَقَالَ يَفْتِنُ النَّاسَ، إلَّا أَنْ تَكُونَ امْرَأَةً قَدْ طَعَنَتْ فِي السِّنِّ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الشَّابَّةِ خَوْفُ الْفِتْنَةِ بِهَا، وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ عَنْ الطِّيبِ لِلِافْتِتَانِ بِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَعْدُومٍ فِي عَجُوزٍ مُسْتَحْسَنَةٍ، وَكَرِهَهُ "هـ" لِشَابَّةٍ، وَكَذَا الْعَجُوزِ فِي ظُهْرٍ وَعَصْرٍ لِانْتِشَارِ الْفَسَقَةِ فِيهِمَا. قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ، لظهور الفساد، واستحسنه1 ابْنُ هُبَيْرَةَ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ فِي الْجُمُعَةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهَا مِثْلُهَا، وَأَنَّ مَجَالِسَ الْوَعْظِ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ تَخَرُّجُ رِوَايَةٍ فِي كَرَاهَةِ إمَامَةِ الرِّجَالِ لَهُنَّ فِي الْجَهْرِ مُطْلَقًا، يُكْرَهُ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ فَقَطْ، وَجَزَمَ فِي الْخِلَافِ بِالنَّهْيِ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ فِي مَسْأَلَةٍ هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ يَلِيهَا؟ قَالَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَسَأَلَهُ يَخْرُجْنَ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ؟ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي فِي زَمَنِنَا، لِأَنَّهُنَّ فِتْنَةٌ، وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَنْبَلِيُّ الْمُؤَدِّبِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: إنَّ نِسَاءَنَا يَسْتَأْذِنُونَنَا فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: " احْبِسُوهُنَّ، فَإِنْ أَرْسَلْتُمُوهُنَّ فَأَرْسِلُوهُنَّ تَفِلَاتٍ" 2. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَيْسِيِّ: أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَك فَيَمْنَعُنَا أَزْوَاجُنَا فَقَالَ: "صلاتكن في بيوتكن أفضل من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حِجْرِكُنَّ ... " 1 الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَصْرِ: إذَا صَلَّتْ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ الْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْمَامِ. وَاجْتِمَاعُ أَهْلِ الثَّغْرِ بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ، وَالْأَفْضَلُ لِغَيْرِهِمْ الْعَتِيقُ، ثُمَّ الْأَكْثَرُ جَمْعًا، وَقِيلَ يُقَدَّمُ، ثُمَّ الْأَبْعَدُ، وَعَنْهُ الْأَقْرَبُ "وهـ ش" كَمَا لَوْ تَعَلَّقَتْ الْجَمَاعَةُ "وَ" بِحُضُورِهِ، وَقِيلَ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَكْثَرِ جَمْعًا، وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مَذْهَبَهُمْ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ عَلَى الْعَتِيقِ، قَالُوا وَمَعَ التساوي يذهب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَقِيهُ إلَى أَقَلِّهِمَا جَمَاعَةً لِيَكْثُرُوا بِهِ. وَهَلْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ أَمْ انْتِظَارُهُ كَثْرَةَ الجمع؟ فيه وجهان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ: وَهَلْ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ أَمْ انْتِظَارُ كَثْرَةِ الْجَمْعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَقَالَ: وَهَلْ الْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ قِلَّةِ الْجَمْعِ أَوْ انْتِظَارُ كَثْرَتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: وَإِذَا لَمْ يَكْثُرْ الْجَمْعُ فَهَلْ الْأَفْضَلُ انْتِظَارُ كَثْرَتِهِ أَوْ تَحْصِيلُ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَكَذَا صَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، فَقَالَ: وَهَلْ الْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مع قلة الجماعة أو انتظار كثرتها لى وَجْهَيْنِ، وَكَذَا صَاحِبُ الْفَائِقِ، فَقَالَ: وَهَلْ الْأَوْلَى مُرَاعَاةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ انْتِظَارُ كَثْرَةِ الْجَمْعِ على وجهين: أَحَدِهِمَا: فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ، قَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَنْتَظِرَ لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ، قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فَإِنَّ صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَفْضَلُ، وَلَوْ قَلَّ الْجَمْعُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: كَثْرَةُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ مِنْ فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، قُلْت وَمِمَّا يُقَوِّيهِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ في
وتقدم الجماعة مطلقا على أول الوقت، ذكروه في كُتُبِ الْخِلَافِ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي1، وَالنِّهَايَةِ، وَغَيْرُهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ مِنْ التَّيَمُّمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ ظن الماء آخر الوقت "وق" وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ عَلِمَ الْجَمَاعَةَ آخِرَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّأْخِيرُ فِي الْأَشْهَرِ، وَلِهَذَا لَمَّا قَاسُوا مَسْأَلَةَ التَّيَمُّمِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجَمَاعَةِ قَالَ الْقَاضِي عَنْ الشَّافِعِيَّةِ إنَّهُمْ مَنَعُوهُ، وَقَالُوا إنْ تَحَقَّقَ الْجَمَاعَةَ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ رَجَّى فَالتَّعْجِيلُ وَصَلَاتُهُ مُنْفَرِدًا أَوَّلَ الوقت ثم يصلي جماعة أفضل للخبر2.
فصل: تحرم الإمامة بمسجد له إمام راتب إلا بإذنه،
فَصْلٌ: تَحْرُمُ الْإِمَامَةُ بِمَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ إلَّا بِإِذْنِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ: فَقَدْ كُرِهَ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْكَافِي3: إلَّا مَعَ غِيبَةٍ، وَالْأَشْهَرُ لَا، إلَّا مَعَ تَأَخُّرِهِ وَضِيقِ الْوَقْتِ. وَيُرَاسَلُ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ مَعَ قُرْبِهِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ. أَوْ لَمْ يَظُنَّ حُضُورَهُ، أَوْ ظَنَّ ولا يكره ذلك صَلَّوْا. وَحَيْثُ حُرِّمَ فَظَاهِرُهُ لَا تَصِحُّ. وَفِي الرِّعَايَةِ لَا يُؤَمُّ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ وَيُكْرَهُ، ويحتمل البطلان للنهي. ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاةِ الْعِشَاءِ إذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، فَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، لَكِنَّ هَذَا لِمَعْنًى مَخْصُوصٍ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَيُقَدِّمُ الْجَمَاعَةَ مُطْلَقًا، عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ، ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ، والمغني والنهاية وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 1/423.
وَإِنْ جَاءَ الْإِمَامُ بَعْد شُرُوعِهِمْ فَهَلْ يَجُوزُ تقديمه ويصير الإمام مأموما "وش" لِأَنَّ حُضُورَ إمَامِ الْحَيِّ يَمْنَعُ الشُّرُوعَ فَكَانَ عذرا بعده أم لا؟ "وهـ م" لِأَنَّ خُرُوجَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عُذْرٌ فِي تَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ وَلِهَذَا لَمَّا قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 أَقَرَّهُ عَلَيْهِ، أَمْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ منصوصة، وقيل أوجه "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: إنْ جَاءَ الْإِمَامُ بَعْدَ شُرُوعِهِمْ فَهَلْ يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ وَيَصِيرُ الْإِمَامُ مَأْمُومًا، لِأَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ يَمْنَعُ الشُّرُوعَ، فَكَانَ عُذْرًا بَعْدَهُ، أَمْ لَا؟ أَمْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ مَنْصُوصَةٌ، وَقِيلَ أَوْجُهٌ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِي مَوْضِعٍ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُنَّ: يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ وَيَصِيرُ الْإِمَامُ مَأْمُومًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الإفادات، والوجيز، والمنور وغيرهم، وصححه في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ ابْنُ رزين في شرحه: وهو أَظْهَرُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَلَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ شَيْخِنَا أَبِي يَعْلَى، قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي1. وَالْمُقْنِعِ2، شَرْحِ الْمَجْدِ، وَالشَّرْحِ2 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: اخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَةَ اخْتِصَاصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فِيهِ رِوَايَاتٌ مَنْصُوصَةٌ وَقِيلَ أَوْجُهٌ "قُلْت" مِمَّنْ ذَكَرَ الرِّوَايَاتِ صَاحِبُ الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ2، ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْأَوْجُهَ صَاحِبُ الْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2، وَالشَّرْحِ الْكَبِيرِ3 فِي بَابِ النِّيَّةِ، وَالْمَجْدُ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحَيْهِمَا، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَصَاحِبُ الحاوي الصغير، وقدمه في الرعاية الكبرى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ ثُمَّ صَارَ إمَامًا وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ تَصِحُّ، وَعَنْهُ لَا، وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُ "م 3". وَإِنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَوَّلَ الوقت ولم يتوفر الجمع فقيل ينتظر، أومى إليه، وقيل لا "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ ثُمَّ صَارَ إمَامًا وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ فَعَنْهُ يَصِحُّ، وَعَنْهُ لَا، وَعَنْهُ يَسْتَأْنِفُ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهُ ثُمَّ تَطَهَّرَ وَجَاءَ قَبْلَ سَلَامِ نَائِبِهِ وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاةِ نَفْسِهِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الصِّحَّةُ، وَالْبُطْلَانُ، وَالثَّالِثَةُ الِاسْتِئْنَافُ لَا الْبِنَاءُ، انْتَهَى. إحْدَاهُنَّ يَصِحُّ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَحْرَمَ لِغَيْبَةِ إمَامِ الْحَيِّ ثُمَّ حَضَرَ وَصَارَ إمَامًا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ تَطَهَّرَ يَعْنِي الْإِمَامَ قَرِيبًا ثُمَّ عَادَ فَأَتَمَّ بِهِمْ جَازَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا: وَإِنْ تَطَهَّرَ الْإِمَامُ وَائْتَمَّ بِهِمْ قَرِيبًا صَحَّ فِي الْمَذْهَبِ، انْتَهَى، وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِيمَنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ، فَلَيْسَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ فِيمَا يَظْهَرُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يصح. والرواية الثالثة: يستأنف. تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ بِنَاءِ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ إذَا تَطَهَّرَ، وَصِحَّتِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا، لَكِنْ يَشْكُلُ كَوْنُهُ حَكَى رِوَايَةً بِالِاسْتِئْنَافِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْبُطْلَانِ، وَلَمْ أَرَ الْمَسْأَلَةَ إلَّا هُنَا. وَفِي الرِّعَايَةِ. وَمَسْأَلَةُ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَعَدَمِهِ وَاسْتِخْلَافِهِ وَعَدَمِهِ وَفُرُوعُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي النِّيَّةِ مُحَرَّرًا1. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَوَفَّرْ الْجَمْعُ فقيل ينتظر وأومأ
وَلَا تَكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِيمَا لَهُ إمَامٌ راتب إما كغيره "و" وقيل يكره "وهـ م" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي غَيْرِ مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ "وش" وَقِيلَ بِالْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ، وَقِيلَ لَا تَجُوزُ. وَيُكْرَهُ قَصْدُهَا لِلْإِعَادَةِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ كَانَ صَلَّى فَرْضَهُ وَحْدَهُ، وَلِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِفَوْتِهَا لَهُ، لا لقصد الجماعة نص على الثلاث. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ، وَقِيلَ لَا، انْتَهَى، قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ تَمِيمٍ وَابْنَ حَمْدَانَ وَصَاحِبَ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ قَالُوا: وَهَلْ الْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، مَعَ قِلَّةِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ انْتِظَارُ كَثْرَتِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَعَمُّ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهُمَا مَسْأَلَتَيْنِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى تَشْمَلُ هَذِهِ، فَهَذِهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَإِنْ جَعَلْنَاهُمَا مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى مَخْصُوصَةً بِغَيْرِ الْإِمَامِ، وَهَذِهِ بِالْإِمَامِ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي الصِّحَّةِ، وَالضَّعْفِ، وَالْمَذْهَبِ، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ ذَكَرَهُمَا مَسْأَلَتَيْنِ سِوَى الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى، فَدَلَّ أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَتَوَجَّهُ صَلَاتُهُ فَذًّا فِي مَسْجِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ لَمْ يَجِدْ الْجَمَاعَةَ، وَقَالَهُ مَالِكٌ، وَصَاحِبُ مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْحَنَفِيُّ فِي الْمَسْجِدَيْنِ، وَكَلَامُ الطَّحَاوِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَهُمْ يُخَالِفُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ. وعند الحنفية الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّتِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْجَامِعِ الْأَعْظَمِ قَضَاءً لِحَقِّهِ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَحْضُرْ جَمَاعَتَهُ يُصَلِّي الْمُؤَذِّنُ وَحْدَهُ فِيهِ، وَلَا يَذْهَبُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فِيهِ جَمَاعَةٌ، كَالْجَمَاعَةِ لَوْ غَابَ الْمُؤَذِّنُ لَا يَذْهَبُونَ إلَى غَيْرِهِ، بَلْ يَتَقَدَّمُ أَحَدُهُمْ عِوَضَهُ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافًا: هَلْ جَمَاعَةُ حَيِّهِ أَفْضَلُ، أَمْ جَمَاعَةُ جَامِعِ مِصْرِهِ؟ قَالَ: وَجَمَاعَةُ مَسْجِدِ أُسْتَاذِهِ لِدَرْسِهِ، أَوْ لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ أَفْضَلُ اتِّفَاقًا، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَفَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى لَا تَحْصُلُ إلَّا بِشُهُودِ تَحْرِيمِ الْإِمَامِ. وَيُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ بِمَكَّةَ، وَالْمَدِينَةِ، عَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ أَرْغَبُ فِي تَوَفُّرِ الْجَمَاعَةِ وَعَنْهُ وَالْأَقْصَى، وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي1، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وعنه مع ثلاثة فَأَقَلَّ. وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ وَجَعْلُ الثَّانِيَةِ عَنْ فَائِتَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ صَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ أَوْ جَاءَ مَسْجِدًا غَيْرَ وَقْتِ نَهْيٍ سُنَّ إعَادَتُهَا مَعَهُمْ "وهـ م" وَلَوْ كَانَ صَلَّى جَمَاعَةً "خ" وَعَنْهُ حَتَّى الْمَغْرِبِ، صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "وش" وَيَشْفَعُهَا فِي الْمَنْصُوصِ بِرَابِعَةٍ "ش" يَقْرَأُ فِيهَا بِالْحَمْدِ، وَسُورَةٍ، كَالتَّطَوُّعِ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد، وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْهَا انْبَنَى عَلَى صِحَّةِ التَّطَوُّعِ بِوِتْرٍ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي تَحْرِيمِهِ، وَتَحْرِيمِ نَفْلٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَعِنْدَهُمْ إنْ سَلَّمَ عَلَى الثَّلَاثِ فَسَدَتْ، وَلَزِمَهُ قَضَاءُ أَرْبَعٍ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ ثَلَاثًا، فَلَزِمَهُ أَرْبَعٌ، كَنَذْرٍ، وَهَكَذَا قَالُوا، وَقَالُوا مُخَالَفَةُ الْإِمَامِ حَرَامٌ، لَكِنَّهُ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ وَلَوْ كَانَ صَلَّى وَحْدَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ لَا إعَادَةَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَلَا العشاء بعد الوتر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والأولى فرضه نَصَّ عَلَيْهِ وهـ م ر ق" كَإِعَادَتِهَا مُنْفَرِدًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَلِهَذَا يَنْوِي الْإِعَادَةَ نَفْلًا "وهـ" وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ أَقْوَالٌ: هَلْ يَنْوِي فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا، أَوْ إكْمَالَ الْفَضِيلَةِ، أَوْ يُفَوِّضُ الْأَمْرَ إلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ؟ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَنْوِي الْفَرْضَ، وَلَوْ كَانَتْ الْأُولَى فَرْضِيَّةً. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: يَنْوِي ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِلْفَرْضِ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ كِلَاهُمَا فَرْضٌ كَفَرْضِ الْكِفَايَةِ إذَا قَامَ بِهِ طَائِفَةٌ ثُمَّ فَعَلَهُ طَائِفَةٌ. وَعَنْهُ: تَجِبُ الْإِعَادَةُ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ، وَدُخُولُهُ الْمَسْجِدَ وَقْتَ نَهْيِ الصَّلَاةِ مَعَهُمْ تُبْنَى عَلَى فِعْلِ مَا لَهُ سَبَبٌ وَفِي التَّلْخِيصِ لَا يُسْتَحَبُّ مَعَ إمَامِ حَيٍّ، وَيَحْرُمُ مَعَ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ يُخَيَّرُ مَعَ إمَامِ حَيٍّ، وَلَا تُسْتَحَبُّ مَعَ غَيْرِهِ، وَاسْتَحَبَّهَا الْقَاضِي مَعَ إمَامِ حَيٍّ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مَعَ غَيْرِهِ سِوَى الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بَعْدَهُمَا، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَحَضَرَ فِي الْجَمَاعَةِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَأَنْتُمَا فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّيَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ1، فَأَمَرَ الْحَاضِرَ، وَلِأَنَّ الْحَاضِرَ إنْ لَمْ يُصَلِّ مُسْتَخِفٌّ لِحُرْمَتِهَا، وَلِأَنَّ الْحَاضِرَ تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ فِي أَنَّهُ لَا يَرَى فَضْلَ الْجَمَاعَةِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا ألا يعيدها من بالمسجد وغيره بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَبَبٍ فَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَيْضًا فِيمَنْ نَذَرَ: مَتَى حَفِظَ الْقُرْآنَ صَلَّى مَعَ كُلِّ فَرِيضَةٍ فَرِيضَةً أُخْرَى وَحَفِظَ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ، فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ حَيْثُ تُشْرَعُ الْإِعَادَةُ، كَمِثْلِ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى، وَيَتَطَوَّعُ بِمَا يَقُومُ مَقَامَ ذَلِكَ، وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ1 فِي الْأَمْرِ الْمُعَلَّقِ بِالشَّرْطِ: مِنْ الْأَوَامِرِ مَا يَقْبُحُ تَكْرَارُهُ، فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ ظُهْرَيْنِ فِي يَوْمٍ، وَلَا اسْتِدَامَةُ الصَّوْمِ جَمِيعَ الدَّهْرِ. وَالْمَسْبُوقُ فِي ذَلِكَ يُتِمُّهُ بِرَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا" 2. وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ.
فصل: من أدرك إماما راكعا فركع معه أدرك الركعة
فَصْلٌ: مَنْ أَدْرَكَ إمَامًا رَاكِعًا فَرَكَعَ مَعَهُ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ "وهـ ش" وَقِيلَ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الطُّمَأْنِينَةَ "وم" وَفِي التَّلْخِيصِ وَجْهٌ يُدْرِكُهَا وَلَوْ شَكَّ فِي إدْرَاكِهِ رَاكِعًا "خ" وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ رُكُوعِهِ. وَإِنْ رَفَعَ الْإِمَامُ قَبْلَ رُكُوعِهِ لَمْ يُدْرِكْهُ. وَلَوْ أحرم قبل رفعه "و"3 ولو أدرك ركوع المأمومين "و"3 كَذَا ذَكَرُوهُ، وَيَأْتِي حُكْمُ التَّخَلُّفِ عَنْهُ، وَيَكْفِيهِ تكبيرة الإحرام "و"3 لا العكس "و"3 قيل للقاضي: لو كانت تكبيرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرُّكُوعِ وَاجِبَةً لَمْ تَسْقُطْ، فَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ أَوْجَبَ الْقِرَاءَةَ، وَأَسْقَطَهَا إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا، مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: لَوْ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ لَمَا سَقَطَتْ إذَا أَدْرَكَهُ رَاكِعًا كَسَائِرِ فُرُوضِ الرَّكْعَةِ، قِيلَ لَهُ: إنَّمَا سَقَطَتْ لِلضَّرُورَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ، وَالْفُرُوضُ قَدْ تَسْقُطُ لِلضَّرُورَةِ، فَقَالَ: لَا ضَرُورَةَ، لِأَنَّهُ يَقْضِيهَا كَمَا يَقْضِي سَائِرَ الرَّكَعَاتِ الْمَسْبُوقِ بِهَا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ هَذَا لِلضَّرُورَةِ، لَجَازَ أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ الْقِيَامُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَيُكَبِّرُ رَاكِعًا، وَلَجَازَ أَنْ يُقَالَ يَسْقُطُ الرُّكُوعُ إذَا أَدْرَكَهُ سَاجِدًا لِلضَّرُورَةِ، فَقِيلَ: إنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ الرُّكُوعِ لِفَوَاتِ مُعْظَمِ الرَّكْعَةِ فَقَالَ: لَوْ كَبَّرَ وَرَكَعَ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَتَى بِمُعْظَمِ الرَّكْعَةِ. وَعَنْهُ يُعْتَبَرُ مَعَهَا تَكْبِيرُ الرُّكُوعِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ نَوَاهُمَا بِتَكْبِيرَةٍ لم ينعقد، وَعَنْهُ بَلَى، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ "وهـ م" وَإِنْ أَدْرَكَهُ غَيْرَ رَاكِعٍ دَخَلَ مَعَهُ نَدْبًا لِلْخَبَرِ، فَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ الِافْتِرَاشُ فِي التَّشَهُّدِ وَالتَّوَرُّكُ فِي الثَّانِي لَهُ فَائِدَةٌ وَهِيَ نَفْيُ السَّهْوِ، وَحُصُولُ الْفَرْقِ لِلدَّاخِلِ: هَلْ الْإِمَامُ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ فَيَدْخُلُ مَعَهُ، أَمْ فِي آخِرِهَا فَيَقْصِدُ جَمَاعَةً أخرى؟. والمنصوص يحط معه بلا تكبير "هـ"1. ولو أدركه ساجدا "م" وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَدْرَكَ الْجَمَاعَةَ "وش" وَزَادَ بَعْضُهُمْ إنْ جَلَسَ، وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْهُ أَوْ سُجُودِ سَهْوٍ بَعْد السَّلَامِ "وهـ" قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ: يَتْرُكُ سُنَّةَ الْفَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ. وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ يَشْتَغِلُ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ "هـ" وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ كَإِدْرَاكِ أَوَّلِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدِ مُحَمَّدٍ: لَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى يُدْرِكُهُ بِرَكْعَةٍ "وم" وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً، اخْتَارَهَا وَقَالَ: اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ، وَقَالَ: وَعَلَيْهَا إنْ تَسَاوَتْ الْجَمَاعَتَانِ فَالثَّانِيَةُ مِنْ أَوَّلِهَا أَفْضَلُ، وَلَعَلَّ مُرَادَ شَيْخِنَا مَا نَقَلَهُ صَالِحٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ" 2. أَنَّهُ مِثْلُ قَوْلِهِ: "مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ" 3. إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ فضل الصلاة، وكذلك يدرك فضل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَجِّ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَعْنَاهُ أَصْلُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لَا حُصُولُهَا فِيمَا سَبَقَ، فَإِنَّهُ فِيهِ مُنْفَرِدٌ بِهِ حِسًّا وَحُكْمًا "ع". وَيَقُومُ الْمَسْبُوقُ بتكبيرة "وهـ" وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَةً "م خ" وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً "ش" أَوْ ثَلَاثًا "ش" وَالْمَنْصُوصُ أو التشهد الأخير "ش" كقيامه1 إلَى مَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ مَعَهُ وَإِنْ قَامَ قَبْلَ سَلَامِ الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَجِبُ وَأَنْ لَا تَجُوزَ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يَرْجِعْ: فَهَلْ تَصِيرُ نَفْلًا؟ زَادَ بَعْضُهُمْ بِلَا إمَامٍ، أَمْ يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ، أَمْ صَلَاتُهُ؟ فيه أوجه "م 5" وَمَا يُدْرِكُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلَهَا في ظاهر المذهب وهـ م" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 5: قوله: وَإِنْ قَامَ يَعْنِي الْمَسْبُوقَ قَبْلَ سَلَامِ الثَّانِيَةِ وَقُلْنَا تَجِبُ وَأَنَّهُ لَا تَجُوزُ مُفَارَقَتُهُ بِلَا عُذْرٍ وَلَمْ يَرْجِعْ فَهَلْ تَصِيرُ نَفْلًا زَادَ بَعْضُهُمْ بِلَا إمَامٍ، أَمْ يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ، أَمْ صَلَاتُهُ فِيهِ أَوْجُهٌ انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قُلْت إنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِلَّا بَطَلَ ائْتِمَامُهُ فَقَطْ. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ مِنْ الائتمام، ويبطل فرضه. والوجه الثاني: وَتَصِيرُ نَفْلًا، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَبْطُلُ ائْتِمَامُهُ فَقَطْ، قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْضِي أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا، ثُمَّ قَلَبَهَا نَفْلًا لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ إنَّهَا لَا تَبْطُلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ2 بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ انْتَقَلَ مِنْ فرض إلى فرض
يستفتح فيه، ويقرأ سورة، وعنه عكسه "وش" فَيَقُولُهُ فِيمَا يُدْرِكُهُ فَقَطْ فَيَسْتَفْتِحُ، وَإِنْ قَعَدَ "ش" وَسَلَّمَ الشَّافِعِيَّةُ مَا لَوْ أَحْرَمَ وَسَلَّمَ إمَامُهُ قَبْلَ قُعُودِهِ، أَوْ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي آخِرِ الْفَاتِحَةِ فَأَمَّنَ مَعَهُ، أَوْ سَهَا بَيْنَ التَّحْرِيمَةِ وَالِاسْتِفْتَاحِ بِذِكْرِ مَحَلٍّ آخَرَ، أَوْ بِكَلَامٍ، وَقُلْنَا لَا تَبْطُلُ: سَلَّمُوا أَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ. وَقِيلَ: يَقْرَأُ السُّورَةَ مُطْلَقًا، ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهَا خِلَافًا بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ عَنْ أَحْمَدَ، وَبَنَى قِرَاءَتَهَا عَلَى الْخِلَافِ، ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ "و" وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ أَنَّ أُصُولَ الْأَئِمَّةِ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَيُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ: الْجَهْرُ، وَالْقُنُوتُ، وتكبير العيد، وصلاة الجنازة، وعلى الأولى: إنْ أَدْرَكَ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ مَغْرِبٍ رَكْعَةً تشهد عقيب ـــــــــــــــــــــــــــــQبَطَلَ فَرْضُهُ، وَفِي نَفْلِهِ الْخِلَافُ، وَكَذَا حُكْمُ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ، إذَا وُجِدَ فِيهِ كَتَرْكِ قِيَامٍ، وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، وَبِصَبِيٍّ إنْ اعْتَقَدَ جَوَازَهُ صَحَّ نَفْلًا فِي المذهب، وإلا فالخلاف، انتهى.
قضاء أخرى "وهـ م ر"1 كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَعَنْهُ فِي الْمَغْرِبِ، وَعَنْهُ اثْنَتَيْنِ فِي الْكُلِّ، وَعَلَى الْأُولَى أَيْضًا يَتَوَرَّكُ مَعَ إمَامِهِ، كَمَا يَقْضِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ يَفْتَرِشُ، وَعَنْهُ يُخَيَّرُ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ هَلْ يَتَوَرَّكُ مَعَ إمَامِهِ أَمْ يَفْتَرِشُ إنَّ هَذَا التَّعَوُّذَ هَلْ هُوَ رُكْنٌ فِي حَقِّهِ؟ عَلَى الْخِلَافِ. وَفِي التَّعْلِيقِ الْقُعُودُ الْفَرْضُ مَا يَفْعَلُهُ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَيَتَعَقَّبُهُ السَّلَامُ، وَهَذَا مَعْدُومٌ هُنَا، فَجَرَى مَجْرَى التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ، عَلَى أَنَّ الْقُعُودَ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مِنْ آخِرَ صَلَاتِهِ، وَلَيْسَ بِفَرْضٍ، كَذَا هُنَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلَا يَحْتَسِبُ لَهُ بِتَشَهُّدِ الْإِمَامِ الْأَخِيرِ إجْمَاعًا، لَا مِنْ أَوَّلِ صَلَاتِهِ، وَلَا مِنْ آخِرِهَا وَيَأْتِي فِيهِ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ لِوُقُوعِهِ وَسَطًا، وَيُكَرِّرُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ إمَامُهُ. وَيَتَوَجَّهُ فِيمَنْ قَنَتَ مَعَ إمَامِهِ لَا يَقْنُتُ ثَانِيًا، وَكَمَنْ سَجَدَ مَعَهُ السَّهْوَ لَا يُعِيدُهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِيمَا يَقْضِيهِ مُطْلَقًا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَوْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ رُبَاعِيَّةٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقِرَاءَةُ فِي الثَّلَاثِ الَّتِي يَقْضِيهَا، أَوْ فِي ثِنْتَيْنِ مِنْهُمَا؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ في صفة الصلاة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويصح ائتمام مؤد صلاة بقاضيها،
فَصْلٌ: وَيَصِحُّ ائْتِمَامُ مُؤَدٍّ صَلَاةً بِقَاضِيهَا، وَعَكْسُهُ، وَقَاضٍ ظُهْرَ يَوْمٍ بِقَاضٍ ظُهْرَ آخَرَ، وَمُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ "و" وَقِيلَ تَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ وَجْهًا وَاحِدًا. وَفِي الْمَذْهَبِ يَصِحُّ الْقَضَاءُ خَلْفَ الْأَدَاءِ، وَفِي الْعَكْسِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ أَصَحُّهُمَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَقْتِ فَقَطْ، عَلَّلَ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى بِأَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامِ أَكْمَلُ كَنِيَّتِهِ فَرْضًا، وَمَنْ خَلْفَهُ إعَادَةُ جَمَاعَةٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَصِحُّ التَّرَاوِيحُ خَلْفَ مُصَلٍّ نَافِلَةً غَيْرَهَا، أَوْ مَكْتُوبَةً، أَوْ وِتْرًا. وَلَا يَصِحُّ ائْتِمَامُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، اخْتَارَهُ الأكثر "وهـ م" وَعَنْهُ بَلَى، اخْتَارَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَالتَّبْصِرَةِ والشيخ وشيخنا "وش" وَذَكَرَ وَجْهًا لِحَاجَةٍ، نَحْوُ كَوْنِهِ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ. وَإِنْ صَلَّى إمَامٌ بِطَائِفَتَيْنِ صَلَاتَيْنِ: وَاحِدَةً بَعْدَ واحدة، وشك هل صلى الأولى في الوقت أَمْ قَبْلَهُ؟ فَفِي إعَادَتِهَا الْخِلَافُ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي ظهر ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا صَلَّى بِطَائِفَتَيْنِ صَلَاتَيْنِ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، وَشَكَّ هَلْ صَلَّى الْأُولَى فِي الْوَقْتِ أَمْ قَبْلَهُ؟ فَفِي إعَادَتِهِمَا الْخِلَافُ، أَيْ الْخِلَافُ فِي اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي إعَادَةِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ فِي عَصْرٍ خَلْفَ ظُهْرٌ، وَنَحْوُهَا ظُهْرٍ خَلْفَ عَصْرٍ أَوْ عِشَاءٍ، قَالَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ: وَهَذِهِ فَرْعٌ عَلَى صِحَّةِ إمَامَةِ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهَا انْتَهَى، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الصَّحِيحَ فِي الْأَصْلِ، فَكَذَا مَا قِيسَ عَلَيْهِ.
خَلْفَ عَصْرٍ، وَنَحْوِهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَلِهَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ لَا تَصِحُّ جُمُعَةٌ أَوْ فَجْرٌ خَلْفَ رباعية تامة1، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ مَعْنَى الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: أَوْ اخْتَلَفَا وَصَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَكْثَرُ، كَظُهْرٍ وَمَغْرِبٍ خَلْفَ فَجْرٍ، وَعِشَاءٍ خَلْفَ التَّرَاوِيحِ وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَيُتِمُّ إذَا سَلَّمَ إمَامُهُ كَمَسْبُوقٍ، وَمُقِيمٍ خَلْفَ قَاصِرٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِخْلَافُ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ فِي مُقِيمَيْنِ خَلْفَ قَاصِرِ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَأْتَمُّ بِالْمَسْبُوقِ، فَكَذَا نَائِبُهُ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ اقْتَضَتْ انْفِرَادَهُ فِيمَا يَقْضِيهِ، فَإِذَا ائْتَمَّ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ، كَمُنْفَرِدٍ مَأْمُومًا، وَلِكَمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هذه الصلاة جماعة بخلافه فِي سَبْقِ الْحَدَثِ. وَقِيلَ: أَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ: عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ "وش" وَقِيلَ إلَّا الْمَغْرِبَ خَلْفَ الْعِشَاءِ، وَيُتِمُّ، وَيُسَلِّمُ، وَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ يُتِمُّ، وَقِيلَ أَوْ يَنْتَظِرَهُ. وَكَذَا عَلَى الصِّحَّةِ إنْ اسْتَخْلَفَ فِي الْجُمُعَةِ صَبِيًّا، أَوْ مَنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ خُيِّرُوا بَيْنَهُمَا، أَوْ قَدَّمُوا مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ حَتَّى يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: إنْ اسْتَخْلَفَ فِي الْجُمُعَةِ مَنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ إنْ دَخَلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَعَهُمْ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ1 صَحَّ، وَإِنْ دَخَلَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا، وَلَا أَصْلًا فِيهَا، وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ عَلَى ظُهْرٍ مَعَ عَصْرٍ وَأَوْلَى، لِاتِّحَادِ وَقْتِهِمَا، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ لَا جُمُعَةَ خَلْفَ الظُّهْرِ، لِكَوْنِ الْإِمَامِ شَرْطًا فِيهَا مَعَ قَوْلِهِمْ: لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ بعد ركعة فأتموا منفردين صحت جمعتهم.
فصل: ويتبع المأموم إمامه،
فصل: ويتبع المأموم إمامه، فَلَوْ سَبَقَهُ بِالْقِرَاءَةِ وَرَكَعَ تَبِعَهُ، بِخِلَافِ التَّشَهُّدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَيُتِمُّهُ إذَا سَلَّمَ، وَمُرَادُهُمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ، وِفَاقًا، نَقَلَ أَبُو دَاوُد إنْ سَلَّمَ إمَامٌ وَبَقِيَ عَلَى مَأْمُومٍ شَيْءٌ مِنْ الدُّعَاءِ يُسَلِّمُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الْخِلَافِ فِي سُجُودِهِ لِسَهْوِ إمَامٍ لَمْ يَسْجُدْ، قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتْبَعُهُ فِي تَرْكِ الْمَسْنُونِ، مَا دَامَ مُؤْتَمًّا بِهِ وَمُتَّبِعًا لَهُ. وَإِنْ كبر للإحرام معه "وم ش" وعنه عمدا لم ينعقد "هـ" وَإِنْ سَلَّمَ مَعَهُ كُرِهَ، وَيَصِحُّ، وَقِيلَ لا "وم" كَسَلَامِهِ قَبْلَهُ بِلَا عُذْرٍ عَمْدًا "خ هـ" وسهوا يعيده بعده، وإلا بطلت "وش" وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد إنْ سَلَّمَ قَبْلَهُ أَخَافُ أَنْ لَا تَجِبَ الْإِعَادَةُ وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا مُفَارَقَتَهُ الرِّوَايَتَانِ وَلَا يُكْرَهُ سَبْقُهُ بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا "وق". وَمَذْهَبُ "هـ" الْأَفْضَلِ تَكْبِيرُهُ مَعَهُ، لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ فِي الصَّلَاةِ، وَحَقِيقَةُ الْمُشَارَكَةِ فِي الْمُقَارَنَةِ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ بَعْدَهُ، وَفِي التَّسْلِيمِ عِنْدَ "هـ" رِوَايَتَانِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي1: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا مُفَارَقَتَهُ فَالرِّوَايَتَانِ، أَيْ رِوَايَتَانِ فِي جَوَازِ الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ.
وَإِنْ سَاوَقَهُ فِي الْفِعْلِ كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُلْ "و"1، وَقِيلَ: بَلَى. وَقِيلَ: بِالرُّكُوعِ. وَإِنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ حَرُمَ فِي الْأَصَحِّ. وَفِي رِسَالَتِهِ فِي الصَّلَاةِ2 رِوَايَةُ مَهَنَّا تَبْطُلُ. وَفِي الْفُصُولِ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا فِيهَا رِوَايَتَيْنِ وَالصَّحِيحُ لَا تَبْطُلُ وَالْأَشْهَرُ لَا إنْ عَادَ إلَى مُتَابَعَتِهِ حَتَّى أَدْرَكَهُ فِيهِ، فَإِنْ أَبَى بَطَلَتْ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَقِيلَ بِالرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا تَبْطُلُ، وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَسْبِقُ الْإِمَامَ فِي الْقَدْرِ الْيَسِيرِ، فَعَفَا عَنْهُ، كَفِعْلِهِ سَهْوًا أَوْ3 جَهْلًا فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ عَادَ بَطَلَتْ فِي وَجْهٍ "خ" وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ، وَأَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَهُ فَفِي بُطْلَانِهَا بِهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عمدا: مثل أن ركع ورفع قبل ركوعه فَنَصُّهُ تَبْطُلُ، وَعَنْهُ لَا، ذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ أنه أشهر، كساه وجاهل، فعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تلغو الركعة، لا الكل "وهـ" لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ فِيهَا، وَعَنْهُ لَا "وش" كَرُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ "م 6,7". وَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ عمدا فركع ورفع قبل ركوعه وهوى إلى السجود ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6-7: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا مِثْلَ أن ركع ورفع قبل ركوعه فنصه تبطل، وَعَنْهُ لَا، ذَكَرَ التَّلْخِيصُ أَنَّهُ أَشْهَرُ كَسَاهٍ وَجَاهِلٍ، فَعَنْهُ تَلْغُو الرَّكْعَةُ، لَا الْكُلُّ، وَعَنْهُ لَا، كَرُكْنٍ غَيْرِ الرُّكُوعِ انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى-6: إذَا سَبَقَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ1، والشرح1، ومختصر ابن تميم، وشرح ابن منجا: إحْدَاهُمَا: تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ، وَذَكَرَ فِي التَّخْلِيصِ أَنَّهُ أَشْهَرُ. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَا الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمْ. الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ-7: إذَا قُلْنَا لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَهَلْ تَلْغُو تِلْكَ الرَّكْعَةُ أَمْ لَا؟ وَكَذَا حُكْمُ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ، فَذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْعَامِدَ إذَا قُلْنَا لَا تَبْطُلُ
قَبْلَ رَفْعِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ بَطَلَ، وَنَاسِيًا وجاهلا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ مَا لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ مَعَ إمامه. والركوع كركن "وهـ ش" وعنه كاثنين.
فصل: وإن تخلف عنه بركن بلا عذر فكالسبق به،
فَصْلٌ: وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ بِرُكْنٍ بِلَا عُذْرٍ فَكَالسَّبْقِ بِهِ، وَمَعَ الْعُذْرِ يَفْعَلُهُ وَيَلْحَقُهُ، وَفِي اعْتِدَادِهِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الرِّوَايَتَانِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنَيْنِ بَطَلَتْ، وَلِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَسَهْوٍ وَزِحَامٍ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَتَى بِمَا تَرَكَهُ وَتَبِعَهُ وَصَحَّتْ رَكْعَتُهُ، وَإِلَّا تَبِعَهُ وَلَغَتْ رَكْعَتُهُ. وَاَلَّتِي تليها عوض "وم ش" لِتَكْمِيلِ رَكْعَةٍ مَعَ إمَامِهِ عَلَى صِفَةِ مَا صَلَّاهَا، وَعَنْهُ يَحْتَسِبُ بِالْأُولَى. قَالَ فِي مَزْحُومٍ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ لَمْ يَسْجُدْ مَعَ إمَامِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQصَلَاتُهُ، وَالْجَاهِلَ، وَالنَّاسِيَ: إحْدَاهُمَا: تَبْطُلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الرعايتين والحاويين ويعيد الركعة عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْمُجْتَهِدِ، وَالشَّرْحِ2، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَمَنْ سَبَقَ إمَامَهُ بِرُكْنٍ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ثُمَّ ذَكَرَ وَلَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَلِعُذْرٍ يَفْعَلُهُ وَيَلْحَقُهُ، وَفِي اعْتِدَادِهِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ الرِّوَايَتَانِ يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي، وَالصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ كَمَا تَقَدَّمَ قريبا.
حَتَّى فَرَغَ قَالَ: يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لِلرَّكْعَةِ الْأُولَى ويقضي ركعة وسجدتين، لصحة الأول1 ابْتِدَاءً، فَلَغَا الثَّانِي كَرُكُوعَيْنِ. وَعَنْهُ يَتْبَعُهُ مُطْلَقًا، وجوبا، وتلغو أولاه، وعنه عكسه "وهـ" فَيُكْمِلُ الْأُولَى وُجُوبًا "خ هـ" وَيَقْضِي الثَّانِيَةَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَسْبُوقٍ، لَا قَبْلَهُ "هـ". وَعَنْهُ: يَشْتَغِلُ بِمَا فَاتَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَوِيَ الْإِمَامُ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ فَتَلْغُوَ الْأُولَى عَلَى الْمَذْهَبِ الأول. وإن زال عذر من أدرك رُكُوعَ الْأُولَى، وَقَدْ رَفَعَ إمَامُهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَابَعَهُ فِي السُّجُودِ، فَيَتِمْ لَهُ رَكْعَةٌ مُلَفَّقَةٌ مِنْ رَكْعَتَيْ إمَامِهِ، يُدْرِكُ بِهَا الْجُمُعَةَ، وَلَمْ يَقُلْ بِالتَّلْفِيقِ فِيمَنْ نَسِيَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ لِتَحْصُلَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ مُعْتَبَرٍ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِهَذَا السُّجُودِ، فَيَأْتِيَ بِسَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَالْإِمَامُ فِي تَشَهُّدِهِ وَإِلَّا عِنْدَ سَلَامِهِ. ثُمَّ فِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةِ الْخِلَافُ. وَإِنْ ظَنَّ تَحْرِيمَ مُتَابَعَةِ إمَامِهِ فَسَجَدَ جَهْلًا اعْتَدَّ بِهِ كَسُجُودِهِ بِظَنِّ إدْرَاكِ الْمُتَابَعَةِ فَفَاتَتْ، وَقِيلَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ، لِأَنَّ فَرْضَهُ الركوع ولم تبطل، لجهله. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُعْتَدُّ بِهَذَا السُّجُودِ فَيَأْتِي بِسَجْدَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، ثُمَّ فِي إدْرَاكِ الْجُمُعَةِ الخلاف، مراده بالخلاف الذي ذكره في باب الْجُمُعَةِ2، وَصَحَّحَ أَنَّهُ يُدْرِكُهَا فَقَالَ هُنَاكَ كَمَنْ أَتَى بِالسُّجُودِ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ فَفِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ الْخِلَافُ، هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهُ سَجَدَ سُجُودًا مُعْتَدًّا بِهِ قَبْلَ سَلَامِ الإمام.
فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ فَفِي إدْرَاكِهِ الْجُمُعَةَ الْخِلَافُ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ تَبِعَهُ فِيهِ وَتَمَّتْ جُمُعَةٌ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ تَبِعَهُ وَقَضَى، كَمَسْبُوقٍ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَيُتِمُّ جُمُعَةً1، أَوْ بِثَلَاثٍ يُتِمُّ بِهَا رُبَاعِيَّةً، أَوْ يَسْتَأْنِفُهَا عَلَى الرِّوَايَاتِ. وَعَلَى الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِسُجُودِهِ إنْ أَتَى بِهِ، ثُمَّ إنْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ تَبِعَهُ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ أُولَاهُ أَدْرَكَ بِهَا جُمُعَةً. وَإِنْ أَدْرَكَ بَعْدَ رَفْعِهِ تَبِعَهُ فِي السُّجُودِ، فَيَحْصُلُ الْقَضَاءُ وَالْمُتَابَعَةُ مَعًا، وَيَتِمُّ لَهُ رَكْعَةٌ يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ بِهَا، وَقِيلَ لَا يَعْتَدُّ بِهِ، لِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ لِلْإِمَامِ مِنْ رَكْعَةٍ، فَلَوْ اعْتَدَّ بِهِ لِلْمَأْمُومِ مِنْ غَيْرِهَا اخْتَلَّ مَعْنَى الْمُتَابَعَةِ، فَيَأْتِي بِسُجُودٍ آخَرَ وَإِمَامُهُ فِي التَّشَهُّدِ، وَإِلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ. وَمَنْ تَرَكَ مُتَابَعَةَ إمَامِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ، وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ لِعُذْرٍ تَابَعَهُ وَقَضَى كَمَسْبُوقٍ "هـ" وَكَمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا صُلِّيَتْ كَمَا اخْتَارَهُ "هـ" فَإِنَّهُ سَوَّى فِيهَا بَيْنَ الْمَسْبُوقِ وَاللَّاحِقِ وَعَنْهُ تَبْطُلُ.
فصل: وإن علم بداخل في الركوع أو غيره وفي الخلاف:
فَصْلٌ: وَإِنْ عَلِمَ بِدَاخِلٍ فِي الرُّكُوعِ أَوْ غيره وفي الخلاف: لا في السجود ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْهُ تَبِعَهُ وَمَضَى كَمَسْبُوقٍ، وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ فَيَتِمُّ لَهُ جُمُعَةً، أَوْ بِثَلَاثٍ يُتِمُّ بِهَا1 رُبَاعِيَّةً، أَوْ يَسْتَأْنِفُهَا، عَلَى الرِّوَايَاتِ2 انْتَهَى، الرِّوَايَاتُ فِي كِتَابِ الجمعة، والصحيح أنه يتم بها جُمُعَةٌ، وَرُبَاعِيَّةٌ، وَلَنَا رِوَايَةٌ لَا تَصِحُّ لَهُ جُمُعَةٌ، وَلَا يَتِمُّ لَهُ رُبَاعِيَّةٌ وَرِوَايَةٌ بِالْبُطْلَانِ فيستأنفها.
لأن المأموم لا يعتد بِهِ، وَقِيلَ إذَا أَحْرَمَ، وَقِيلَ مِنْ عَادَتِهِ يُصَلِّي مَعَهُ سُنَّ انْتِظَارُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَوْ يَكْثُرُ الْجَمْعُ، وَقِيلَ أَوْ يُطَوِّلُ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وعنه يكره "وهـ م قِ" وَيَتَوَجَّهُ بُطْلَانُهَا تَخْرِيجٌ مِنْ تَشْرِيكِهِ فِي نِيَّةِ خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَتَخْرِيجٌ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَا فِي تِلْكَ. وَيُسَنُّ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ مَعَ إتْمَامِهَا، مَا لَمْ يُوتِرْ الْمَأْمُومُ. وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَصَّ عَلَيْهِ "ش" لَا مِنْ الْفَجْرِ فَقَطْ "ش هـ" لِعُذْرِهِمْ بِالنَّوْمِ فِيهَا، وَمِثْلُهُ فِي التَّعْلِيقِ فِي التَّثْوِيبِ لِلْفَجْرِ، وَيَتَوَجَّهُ هَلْ يُعْتَبَرُ التَّفَاوُتُ بِالْآيَاتِ أَمْ بِالْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ كَعَاجِزٍ عَنْ الْفَاتِحَةِ؟ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا أَثَرَ لِتَفَاوُتٍ يَسِيرٍ، وَلَوْ فِي تَطْوِيلِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى، لِأَنَّ "الْغَاشِيَةَ" أَطْوَلُ مِنْ "سَبِّحْ" وَسُورَةَ "النَّاسِ" أَطْوَلُ مِنْ "الْفَلَقِ" وَصَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا كُرِهَ. وَإِنْ طَوَّلَ قِرَاءَةَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فَقَالَ أَحْمَدُ يَجْزِيهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ. وَيُكْرَهُ سُرْعَةٌ تَمْنَعُ الْمَأْمُومَ مِمَّا يُسَنُّ. وَقَالَ شَيْخُنَا يَلْزَمُهُ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ، إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ آخِرَهُ وَنَحْوَهُ. وَقَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، وَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ غَالِبًا ما كان عليه السلام يفعله ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعُ: قَوْلُهُ وَقِيلَ ذَا حُرْمَةٍ: صَوَابُهُ ذِي حرمة.
غَالِبًا، وَيَزِيدَ وَيُنْقِصَ لِلْمَصْلَحَةِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ السلام يزيد وينقص أحيانا وبيت المرأة خير لها "و" أطلقه الأصحاب رحمهم الله، وهو مراد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وجزم به صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ لِلْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ فِي النِّسَاءِ بالنسبة إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَطْلَقَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الصَّلَاةَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِخَمْسِينَ أَلْفًا وَبِالْأَقْصَى نِصْفِهِ، لِخَبَرِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ، وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجْمِعُ فِيهِ بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ1 وَلَا يَصِحُّ، مَعَ أَنَّ فِيهِ أَنَّ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفًا2 وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ غَيْرُ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ، فَلَا تَعَارُضَ، وَكَذَا مُضَاعَفَةُ النَّفْلِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا، كَذَا قَالُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُهُمْ، وَكَلَامُ غَيْرِهِمْ أَنَّ النَّفَلَ بِالْبَيْتِ أَفْضَلُ، لِلْأَخْبَارِ وَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ مُرَادٌ، لِأَنَّهُ السَّبَبُ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ التَّفْضِيلَ الْمَذْكُورَ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَائِرِ الْمَسَاجِدِ، أَوْ إلَى غَيْرِ الْبُيُوتِ فَلَمْ تَدْخُلْ الْبُيُوتُ فَلَا تَعَارُضَ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلُ مِنْ مَسْجِدٍ غَيْرِهَا. وَرَوَى أَحْمَدُ3 حَدَّثَنَا هَارُونُ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا دَاوُد بْنُ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّهَا جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُحِبُّ الصَّلَاةَ مَعَك، قَالَ: "قَدْ عَلِمْت أَنَّك تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي، وَصَلَاتُك فِي بَيْتِك خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِك فِي حُجْرَتِك، وَصَلَاتُك فِي حُجْرَتِك خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِك فِي دَارِك، وَصَلَاتُك فِي مَسْجِدِ قَوْمِك خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِك في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَسْجِدِي" قَالَ: فَأَمَرَتْ فَبُنِيَ لَهَا مَسْجِدٌ فِي أقصى شئ1من بيتها وأظلمه2، وَاَللَّهِ، فَكَانَتْ تُصَلِّي فِيهِ، حَتَّى لَقِيَتْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. لَمْ أَجِدْ فِي رِجَالِهِ طَعْنًا، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ تَفَرَّدَ بِهِ دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْمُتَقَدِّمُونَ حَالُهُمْ حَسَنٌ. وَأَطْلَقَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ صَلَاةَ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ، وَأَطْلَقُوا التَّفْضِيلَ فِي الْمَسَاجِدِ. وَقَالَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَخَصَّهُ الْحَنَفِيَّةُ بِالْفَرْضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو دَاوُد أَنَّهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفٍ. وَيَتَوَجَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، إلَّا مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، فَإِنَّهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْهُ، بِأَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ وَبِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفٍ فِي غَيْرِهِ، وَأَنَّهَا مُضَاعَفَةٌ فِي الْأَقْصَى بِلَا حَدٍّ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ3 خَبَرَ مَيْمُونَةَ أَنَّهَا فِيهِ كَأَلْفِ صَلَاةٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 وَغَيْرُهُ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَهُ الصَّرْصَرِيُّ5 فِي نَظْمِهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ". رواه البخاري ومسلم6، وزاد أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالْإِسْنَادُ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: "وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ" 1. وَلِأَحْمَدَ2 حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرَ مِثْلَ خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ: "وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا". حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3. وَقَالَ شَيْخُنَا: فَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ بِمِائَةِ أَلْفٍ وَبِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ بِأَلْفٍ، وَأَنَّ الصَّوَابَ فِي الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ صَلَاةٍ، كَذَا قَالَ. وَقَالَهُ ابْنُ الْبَنَّا: فِي أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ نَفْسُ الْمَسْجِدِ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَرَمُ أَفْضَلُ مِنْ الْحِلِّ، فَالصَّلَاةُ فِيهِ أَفْضَلُ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى قِصَّةَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ4، ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةً انْفَرَدَ بِهَا أَحْمَدُ5، قَالَ: وَفِيهِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي الْحَرَمِ، وَهُوَ مُضْطَرِبٌ فِي الْحِلِّ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَابْنُ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الْإِسْرَاءَ كَانَ مِنْ بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، قَالَ فَعَلَى هَذَا: الْمَعْنَى بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْحَرَمُ كُلُّهُ مَسْجِدٌ، ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ: مُرَادُهُمْ فِي التَّسْمِيَةِ لَا فِي الْأَحْكَامِ وَقَدْ يَتَوَجَّهُ مِنْ هَذَا حُصُولُ الْمُضَاعَفَةِ بِالْحَرَمِ، كَنَفْسِ الْمَسْجِدِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنْ أَصْحَابِنَا، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ كَالْمَسْجِدِ فِي الْمُرُورِ قدام المصلي وغيره. أَمَّا فَضِيلَةُ الْحَرَمِ فَلَا شَكَّ فِيهَا رُوِيَ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْدُوَيْهِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ "ح" وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ، قَالَا: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ اُخْرُجُوا مِنْ مَكَّةَ مُشَاةً حَتَّى تَرْجِعُوا إلَى مَكَّةَ مشاة، فإني سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً، وَلِلْمَاشِي سَبْعُونَ حَسَنَةً مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: "الْحَسَنَةُ مِنْهَا بِمِائَةِ أَلْفِ حَسَنَةٍ". ثُمَّ رُوِيَ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ يَا بَنِيَّ اُخْرُجُوا مِنْ مَكَّةَ حَاجِّينَ مُشَاةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعُونَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَسَنَةً وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعُمِائَةِ حَسَنَةٍ". ثُمَّ قَالَ فِي الْمُخْتَارَةِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَيَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجُرْحَ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ انْتَهَى كَلَامُهُ. فَهَذَانِ طَرِيقَانِ صحيحان. وَيُكْرَهُ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَنَهَارًا. وَفِي الْمُغْنِي1 ظَاهِرُ الْخَبَرِ مَنْعُهُ مِنْ مَنْعِهَا، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَإِنْ خِيفَ فِتْنَةً نُهِيَتْ عَنْ الْخُرُوجِ وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَائِشَةَ الْمَشْهُورِ2. قَالَ الْقَاضِي: مِمَّا يُنْكَرُ خُرُوجُهُنَّ عَلَى وَجْهٍ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَذَكَرَ فِي خُرُوجِهِنَّ الْأَخْبَارَ بِالْوَعِيدِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَتَى خَشِيَ فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا مِنْهَا لِخَبَرِ عَائِشَةَ. وَفِي النَّصِيحَةِ يُمْنَعْنَ مِنْ الْعِيدِ أَشَدَّ الْمَنْعِ مَعَ زِينَةٍ وَطِيبٍ وَمُفَتِّنَاتٍ، وَقَالَ: مَنْعُهُنَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَنْ الْخُرُوجِ أَنْفَعُ لَهُنَّ وَلِلرِّجَالِ مِنْ جِهَاتٍ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يُكْرَهُ تَطَيُّبُهَا لِحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَتَحْرِيمُهُ أَظْهَرُ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا تُبْدِي زِينَتَهَا إلَّا لِمَنْ فِي الْآيَةِ3، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ ظُفْرُهَا عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَلَا تُبَيِّنُ شَيْئًا، وَلَا خُفَّهَا فَإِنَّهُ يَصِفُ الْقَدَمَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَجْعَلَ لِكُمِّهَا زرا عند يدها اختار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي، قَوْلَ مَنْ قَالَ: الْمُرَادُ بِمَا ظَهَرَ مِنْ الزِّينَةِ الثِّيَابُ، لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ، لَا قَوْلَ مَنْ فَسَّرَهَا بِبَعْضِ الْحُلِيِّ، أَوْ بِبَعْضِهَا، فَإِنَّهَا الْخَفِيَّةُ، قَالَ: وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَ: الزِّينَةُ الظَّاهِرَةُ الثِّيَابُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهَا عَوْرَةٌ حَتَّى الظُّفْرَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي تَحْرِيمِ إلْبَاسِ الصَّبِيِّ الْحَرِيرِ أَنَّ كَوْنَهُمْ مَحِلَّ الزِّينَةِ مَعَ تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ أَبْلَغُ فِي التَّحْرِيمِ، وَلِذَلِكَ حَرُمَ عَلَى النِّسَاءِ التَّبَرُّجُ بِالزِّينَةِ لِلْأَجَانِبِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] الْوَجْهُ وَبَاطِنُ الْكَفِّ1. وَالسَّيِّدُ كَالزَّوْجِ وَأَوْلَى، فَأَمَّا غَيْرُهُمَا: فَإِنْ قُلْنَا بِمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ رُشْدًا لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِنَفْسِهِ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لِأَنَّهُ قَيِّمٌ بِأُمُورِهِ، فَلَا وَجْهَ لِحَضَانَتِهِ فَوَاضِحٌ، لَكِنْ إنْ وُجِدَ مَا يَمْنَعُ الْخُرُوجَ شَرْعًا فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَيْسَ لِلْأُنْثَى أَنْ تَنْفَرِدَ، وَلِلْأَبِ مَنْعُهَا مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ دُخُولِ مَنْ يُفْسِدُهَا وَيُلْحِقُ الْعَارَ بِهَا وَبِأَهْلِهَا، فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ. وَقَوْلُ أَحْمَدَ الزَّوْجُ أَمْلَكُ مِنْ الْأَبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي هَذَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ قَامَ أَوْلِيَاؤُهَا مَقَامَهُ، أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ، وَالْمُرَادُ الْمَحَارِمُ اسْتِصْحَابًا لِلْحَضَانَةِ، وَعَلَى هَذَا فِي رِجَالِ ذَوِي الأرحام كالخال والحاكم. الخلاف في الحضانة. ويتجه إن علم لا مانع ولاضرر حرم المنع على ولي أو على غير أب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الجن مكلفون في الجملة
فصل: الجن مكلفون في الجملة "ع" يَدْخُلُ كَافِرُهُمْ النَّارَ "ع" وَيَدْخُلُ مُؤْمِنُهُمْ الْجَنَّةَ "وم ش" لَا أَنَّهُ يَصِيرُ تُرَابًا كَالْبَهَائِمِ، وَثَوَابُهُ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ "هـ" وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ كَغَيْرِهِمْ بِقَدْرِ ثَوَابِهِمْ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَأْكُلُونَ وَلَا يَشْرَبُونَ فِيهَا، أَوْ لِأَنَّهُمْ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً ... " 1. يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ إلَيْهِمْ نَبِيٌّ قَبْلَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَيْسَ مِنْهُمْ رَسُولٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَأَجَابُوا عَنْ قَوْله تَعَالَى {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} [الأنعام: 130] الْآيَةَ أَنَّهَا كَقَوْلِهِ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ أحدهما، وكقوله {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} [الروم: 21] وَإِنَّمَا هُوَ فِي سَمَاءٍ وَاحِدَةٍ، وَلِلْمُفَسِّرِينَ قَوْلَانِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ مِنْهُمْ رَسُولًا قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ: الْجِنُّ كَالْإِنْسِ فِي الْعِبَادَاتِ وَالتَّكْلِيفِ، قَالَ: وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ إخْرَاجُ الْمَلَائِكَةِ عَنْ التَّكْلِيفِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَقَالَ: فِي النَّوَادِرِ: وَتَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ بِالْمَلَائِكَةِ وَبِمُسْلِمِي الْجِنِّ، وَهُوَ مَوْجُودٌ زَمَنَ النُّبُوَّةِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي الْبَقَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا، كَذَا قَالَا، وَالْمُرَادُ فِي الْجُمُعَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ الْمَذْكُورِ، لِأَنَّ الْمَذْهَبَ لَا تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِآدَمِيٍّ لَا تَلْزَمُهُ كَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ، فَهَاهُنَا أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ: "إذَا كَانَ الرجل بأرض قي1 فَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَلْيَتَوَضَّأْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتَيَمَّمْ، فَإِنْ أَقَامَ صَلَّى مَعَهُ مَلَكَاهُ، وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ جُنُودُ اللَّهِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ". رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ2 شَيْخُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لَهُ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ وَفِيهِ: "فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مَا لَا يُرَى طَرَفَاهُ، يَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه". وَقَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ الْجِنُّ كَالْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، فَلَا يَكُونُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَمَا نُهُوا عَنْهُ مُسَاوِيًا لِمَا عَلَى الْإِنْسِ فِي الْحَدِّ وَالْحَقِيقَةِ، لَكِنَّهُمْ مُشَارِكُوهُمْ فِي جِنْسِ التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالتَّحْرِيمِ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ3، فَقَدْ يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى مُنَاكَحَتِهِمْ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ أَصْحَابِنَا. وَفِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ لِجِنِّيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ كَالْهِبَةِ فَيَتَوَجَّهُ مِنْ انْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ مَنْعُ الْوَطْءِ، لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} [النحل:72] وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم:21] وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي شُرُوطِ الْكَفَاءَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَمَنَعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْحَنَفِيَّةِ، وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وجوزه منهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ. وَفِي مَسَائِلِ حَرْبٍ بَابِ مُنَاكَحَةِ الْجِنِّ ثُمَّ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ كَرَاهَتُهَا، وَرُوِيَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نكاح الجن1. وعن زيد العمي2 اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي جِنِّيَّةً أَتَزَوَّجُ بِهَا تُصَاحِبُنِي حَيْثُمَا كُنْت. وَلَمْ يَذْكُرْ حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ شَيْئًا. وَفِي كِتَابِ الْإِلْهَامِ وَالْوَسْوَسَةِ لِأَبِي عُمَرَ سَعِيدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الرَّازِيِّ عَنْ مَالِكٍ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الدِّينِ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ إذَا وَجَدْت امْرَأَةً حَامِلًا فَقِيلَ مَنْ زَوْجُك قَالَتْ: فُلَانٌ مِنْ الْجِنِّ فَيَكْثُرُ الْفَسَادُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَاَلَّتِي تَلِيهَا عَلَى أَضْوَإِ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ اثْنَتَانِ، يَرَى مُخَّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ3 وَزَادَ "وَمَا فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ". وَلِأَحْمَدَ4 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتَانِ مِنْ حُورِ العين. وهو لأحمد5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ1، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ2. قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ هَذَا عِنْدِي عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي حَدِيثِ الصُّوَرِ، وَفِيهِ: " فَيَدْخُلُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى ثَلَاثٍ3 وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِمَّا يُنْشِئُ اللَّهُ، وَثِنْتَيْنِ مِنْ وَلَدِ آدَمَ" 4. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، فِيهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَفِيهِ إسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ الْمَدَنِيُّ5 ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَيَحْيَى وَجَمَاعَةٌ، وَتَرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ كُلُّهَا مِمَّا فِيهِ نَظَرٌ. وَلِلتِّرْمِذِيِّ6 مِنْ رِوَايَةِ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ لَهُ ثَمَانُونَ أَلْفَ خَادِمٍ، وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَةً". وَلَمْ أَجِدْ فِي الْأَخْبَارِ ذِكْرَ الْمُؤْمِنِ مِنْ الْجِنِّ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَقَدْ احْتَجَّ عَلَى دُخُولِهِمْ الْجَنَّةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} الآية [الرحمن: 56] فَإِنْ دَخَلُوهَا فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَتَزَوَّجُ كَمَا يَتَزَوَّجُ الْآدَمِيُّ، لَكِنَّ الْآدَمِيَّ كَمَا يَتَزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ يَتَزَوَّجُ مِنْ جِنْسِهِ، وأما المؤمن من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِنِّ فَيَتَزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَيَتَزَوَّجُ مِنْ جِنْسِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَنَّةِ أَعْزَبُ لَكِنْ تَزْوِيجُهُ بِآدَمِيَّةٍ وَتَزْوِيجُ الْآدَمِيِّ بِجِنِّيَّةٍ فِيهِ نَظَرٌ. وَرَأَيْت مَنْ يَقُولُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ النَّفْيُ، وَرَأَيْت مَنْ يَعْكِسُ ذَلِكَ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فِي الْجَنَّةِ فَهَلْ يَلْزَمُ جَوَازُهُ فِي الدُّنْيَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ1، وَفِي حَدِّ اللُّوطِيِّ2 مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُ جِنِّيَّةٍ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا فِي حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ كَالْآدَمِيَّةِ لِظَوَاهِرِ الشَّرْعِ، إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ نِكَاحَ الْجِنِّيِّ لِلْآدَمِيَّةِ كَنِكَاحِ الْآدَمِيِّ لِلْجِنِّيَّةِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِالْمَنْعِ هُنَا، وَإِنْ جَازَ عَكْسُهُ لِشَرَفِ جِنْسِ الْآدَمِيِّ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِمَنْعِ كَوْنِ هَذَا الشَّرَفِ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي مَنْعِ النِّكَاحِ. وَقَدْ يُحْتَمَلُ عَكْسُ هَذَا الِاحْتِمَالِ، لِأَنَّ الْجِنِّيَّ يُتَمَلَّكُ فَيَصِحُّ تَمْلِيكُهُ لِلْآدَمِيَّةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِجِنِّيٍّ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَلَا يَضُرُّ نَصُّهُ فِي الْهِبَةِ لِتُعْتَبَرَ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ تَمْلِيكُ الْمُسْلِمِ الْحَرْبِيِّ فَمُؤْمِنُ الْجِنِّ أَوْلَى، وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى الْمَنْعِ. وَيُبَايَعُ وَيُشَارَى، إنْ مَلَكَ بِالتَّمْلِيكِ وَإِلَّا فَلَا، فَأَمَّا تمليك بعضهم من ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخَامِسُ3: قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الْجِنِّ لَكِنْ تَزْوِيجُ الْجِنِّ بِآدَمِيَّةٍ، وَتَزْوِيجُ آدَمِيٍّ بِجِنِّيَّةٍ، يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، وَرَأَيْت مَنْ يَقُولُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ النَّفْيُ، وَرَأَيْت مَنْ يَعْكِسُ ذَلِكَ، فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فِي الْجَنَّةِ فَهَلْ يَلْزَمُ جَوَازُهُ فِي الدُّنْيَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، انْتَهَى، فَيُحَرَّرُ ذَلِكَ.
بَعْضٍ فَمُتَوَجَّهٌ، وَمَعْلُومٌ إنْ صَحَّ مُعَامَلَتُهُمْ وَمُنَاكَحَتُهُمْ فَلَا بُدَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ قَاطِعٍ شَرْعِيٍّ، وَيَقْطَعُهُ قَاطِعٌ شَرْعِيٌّ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُمْ أَنَّ مَا بِيَدِهِمْ مِلْكُهُمْ مَعَ إسْلَامِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ كَالْحَرْبِيِّ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ التَّوَارُثُ الشَّرْعِيُّ، وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ وَأَبِي الْبَقَاءِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاتِهِ مَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْآدَمِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْآدَمِيِّ، وَإِذَا ثَبَتَ دُخُولُهُمْ فِي بَعْضِ الْعُمُومَاتِ إجْمَاعًا كَآيَةِ الْوُضُوءِ وَآيَةِ الصَّلَاةِ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَمَا وَجْهُ عَدَمِ الْخُصُوصِ، وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ1 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ الْجِنَّ لَمَّا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّادَ قَالَ: "لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرُ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا، فَإِنَّهَا طَعَامُ إخْوَانِكُمْ". وَأَنَّهُ فِي الصَّوْمِ كَالْآدَمِيِّ، وَأَنَّهُ فِي الْحَجِّ كَذَلِكَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ظُلْمُ الْآدَمِيِّينَ، وَظُلْم بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ: "يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وجعلته ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّادِسُ: قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ دُخُولُهُمْ فِي بَعْضِ الْعُمُومَاتِ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَمَا وَجْهُ عَدَمِ التَّخْصِيصِ؟ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ وَمَا وَجْهُ التَّخْصِيصِ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ عَدَمِ، أَوْ مَا وَجْهُ عَدَمِ التعميم.
بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا". رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ ظَلَمَ وَتَعَدَّى بِمُخَالَفَةِ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ رَدْعُهُ وَزَجْرُهُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ، إذْ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ مُتَعَيَّنٌ، وَكَانَ شَيْخُنَا إذَا أُتِيَ بِالْمَصْرُوعِ وَعَظَ مَنْ صَرَعَهُ، وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَإِنْ انْتَهَى وَفَارَقَ الْمَصْرُوعَ أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يَعُودَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتَمِرْ وَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ، ضَرَبَهُ حَتَّى يُفَارِقَهُ، وَالضَّرْبُ فِي الظَّاهِرِ عَلَى الْمَصْرُوعِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَنْ صَرَعَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَتَأَلَّمْ مَنْ صَرَعَهُ بِهِ وَيَصِيحُ وَيُخْبِرُ الْمَصْرُوعُ إذَا أَفَاقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَأَظُنُّ أَنِّي رَأَيْت عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ نَحْوَ فِعْلِ شَيْخِنَا، وَالْأَثْبَتُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَى مَصْرُوعٍ فَفَارَقَهُ، وَأَنَّهُ عَاوَدَ بَعْدَ مَوْتِ أَحْمَدَ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِنَعْلِ أَحْمَدَ وَمَا قَالَ لَهُ، فَلَمْ يُفَارِقْهُ، لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ ضَرَبَهُ لِيَذْهَبَ، فَامْتِنَاعُهُ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ، فَلَعَلَّهُ لَمْ يَرَى الْمَحَلَّ قَابِلًا، أَوْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ الْوَقْتُ ضَيِّقٌ، أَوْ لَمْ يَعْرِفْ فِيهِ سَلَفًا، فَتَوَرَّعَ عَنْهُ وَهَابَهُ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ، وَلَا تَنْبِيهَ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِذَا شُرِعَ رَدْعُ الظَّالِمَ وَالْمُتَعَدِّيَ مِنْهُمْ عُمِلَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا" 2. وَلَمَّا عَرَضَ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّارِ فِي صَلَاتِهِ قَالَ: "أَلْعَنُك بِلَعْنَةِ اللَّهِ، وَخَنَقَهُ". وَالْخَبَرُ مَشْهُورٌ في صحيح مسلم3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَخَلَ فِي عُمُومَاتِ الشَّرْعِ عَمَّهُ كَلَامُ الْمُكَلَّفِ الْعَامِّ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ، لَكِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، فَعَلَ مُدَّعِيهِ الدَّلِيلَ، وَهَذَا وَاضِحٌ، وَقَدْ احْتَجَّ الْقَاضِي فِي الْعُدَّةِ عَلَى الْعُمُومِ بِأَنَّ لَفْظَةَ "مَنْ" إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الِاسْتِفْهَامِ كَقَوْلِهِ: مَنْ عِنْدَك، وَمَنْ كَلَّمْت؟ صَحَّ أَنْ يُجِيبَ بِذِكْرِ كُلِّ عَاقِلٍ، فَثَبَتَ أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ، وَكَذَلِكَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ "مَنْ" فِي الْمُجَازَاةِ كَقَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ دَارِي أَكْرَمْته صَلَحَ أَنْ يُسْتَثْنَى أَيُّ عَاقِلٍ، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ لَمَا صَلَحَ اسْتِثْنَاؤُهُمْ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يُخْرِجُ مِنْ اللَّفْظِ مَا لَوْلَاهُ لَكَانَ دَاخِلًا فِيهِ، أَلَا تَرَاهُ لَمَّا لَمْ يَتَنَاوَلْ غَيْرَ الْعُقَلَاءِ لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُمْ. فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ "مَنْ" لِكُلِّ مَنْ يَعْقِلُ، "1لِأَنَّ مَنْ يَعْقِلُ مِنْ الْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ لَا يَدْخُلُونَ فِيهِ1" قِيلَ: الصِّيغَةُ تَنَاوَلَتْ كُلَّ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا خَرَجَ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سَأَلَهُ عَمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ، وَعَمَّنْ يَجُوزُ دُخُولُهُ، كَذَا قَالَ. وَتَحْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يَخْطِرُ بِبَالِ السَّائِلِ وَالْمُتَكَلِّمِ، وَلَا يَتَوَهَّمُهُ، فَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَنْ يَخْطِرُ بِبَالِهِ لَمْ يُخَالِطْهُمْ، أَوْ كَانَ الْقَائِلُ أَحَدَهُمْ جَازَ، وَصَحَّ، لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَمُرَادُ الْقَاضِي لَا يُخَالِفُ هَذَا، وَكَذَا أَبُو الْخَطَّابِ لِمَا قِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لَا يُخْرِجُ إلَّا مَا لَوْلَاهُ لَوَجَبَ دُخُولُهُ فِيهِ لَحَسُنَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ دَخَلَ دَارِي ضَرَبْته إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ، لِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ لَفْظَةِ "مَنْ" قِيلَ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَصِحُّ، وَإِذَا قُلْنَا، لَا يَصِحُّ: فَالْمَنْعُ مِنْ دُخُولِهِمْ تَحْتَ اللَّفْظِ هُوَ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُرِدْهُمْ وَلَا عَنَاهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَائِدَةٌ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمُتَكَلِّمِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَنَاهُمْ وَأَرَادَهُمْ، لِئَلَّا يَقَعَ الْكَلَامُ غَيْرَ مُفِيدٍ، وَحَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ مُتَعَيَّنٌ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: جَوَابٌ آخَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ مِثْلُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ لَوْ أَخْرَجَ مَا لَوْلَاهُ لَصَحَّ دُخُولُهُ لَوَجَبَ إذًا اسْتِثْنَاءُ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ فِي قَوْلِهِ مَنْ دَخَلَ دَارِي ضَرَبْته يَصِحُّ وَيَصْلُحُ، فَكُلُّ مَا يَلْزَمُنَا يَلْزَمُهُمْ مِثْلُهُ. وَتَقَدَّمَ فِي الِاسْتِطَابَةِ كَلَامُ أَبِي الْمَعَالِي1: أَنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ خَالِيًا هِيَ مَسْأَلَةُ سَتْرِهَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ. وَكَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجِبُ عَنْ الْجِنِّ، لِأَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ أَجَانِبُ، وَكَذَا عَنْ الْمَلَائِكَةِ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ، لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَلَّفٌ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْعُ فِي خَبَرِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ: يَحْفَظُهَا مِنْ كُلِّ أَحَدٍ إلَّا مِنْ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ2. وَهَذَا مَعَ الْعِلْمِ بِحُضُورِهِمْ، فَلَا يَرِدُ الْخَبَرُ المشهور: إن للماء سكانا3. ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّابِعُ: قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ تَحْتَ لَفْظَةِ مَنْ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ لِأَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ لَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
وَتَقَدَّمَ هَلْ يَلْزَمُ الْغُسْلُ بِجِمَاعِ جِنِّيٍّ امْرَأَةٍ1 وَيَأْتِي: هَلْ يَسْقُطُ فَرْضُ غُسْلِ مَيِّتٍ بِغُسْلِهِمْ2، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَرْضُ كُلِّ كِفَايَةٍ، إلَّا الْآذَانَ فَيَتَوَجَّهُ سُقُوطُهُ، لِقَبُولِ خَبَرِ صَادِقٍ فِيهِ، وَلَا مَانِعَ، لَا سِيَّمَا إذَا سَقَطَ بِصَبِيٍّ، وَيَتَوَجَّهُ فِي حِلِّ ذَبِيحَتِهِ كَذَلِكَ، بَلْ تَحِلُّ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ، وَلِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّكْلِيفِ فِيهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ3 الْخَبَرَ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ. فَقَالَ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ إذَا اشْتَرَوْا دَارًا، أَوْ اسْتَخْرَجُوا عَيْنًا ذَبَحُوا لَهَا ذَبِيحَةً لِئَلَّا يُصِيبَهُمْ أَذًى مِنْ الْجِنِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَذُكِرَ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: "ذَلِكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. خَصَّ الْأُذُنَ لِأَنَّهَا حَاسَّةُ الِانْتِبَاهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: ظَهَرَ عَلَيْهِ وَسَخِرَ مِنْهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، وَلِهَذَا لَمَّا سَمَّى ذَلِكَ الرَّجُلُ فِي أَثْنَاءِ طَعَامِهِ قَاءَ الشَّيْطَانُ كُلَّ شَيْءٍ أَكَلَهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ5، فَيَكُونُ بَوْلُهُ وَقَيْؤُهُ طَاهِرًا، وَهَذَا غَرِيبٌ، قَدْ يُعَايَا بِهَا، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلد الثالث
المجلد الثالث تابع كتاب الصلاة باب الإمامة مدخل ... بَابُ الْإِمَامَةِ يُقَدَّمُ عَلَى الْأَفْقَهِ الْأَقْرَأُ، جَوْدَةً، وَقِيلَ: كَثْرَةً، الْعَارِفُ وَاجِبُ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: وَسُجُودُ السَّهْوِ، وَقِيلَ: وَجَاهِلٌ يَأْتِي بِهَا عَادَةً لِصِحَّةِ إمَامَتِهِ "م" وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَجِبُ أَنْ يَتَعَلَّمَ عِلْمَ الطَّهَارَةِ وَعِلْمَ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَعَرَّضَ لِعَظِيمٍ، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْأَفْقَهُ "وَ" وَلَيْسَ الْأَوْرَعُ بَعْدَهُمَا "خ" وَلَا بَعْدَ الْأَفْقَهِ "م" بَلْ بَعْدَهُمَا الْأَسَنُّ، ثُمَّ الْأَشْرَفُ وَهُوَ الْقُرَشِيُّ. ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً، قِيلَ: بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ: بِآبَائِهِ، وَقِيلَ: بكل منهما "م 1" "وش" وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: الْأَقْدَمِ، ثُمَّ الْأَسَنُّ، ثُمَّ الأشرف، وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْأَشْرَفُ ثُمَّ الْأَقْدَمُ، ثُمَّ الْأَسَنُّ. وَفِي "الْمُقْنِعِ"1 عَكْسُهُ، وَسَبْقُ الْإِسْلَامِ كَالْهِجْرَةِ. ثم الأتقى، ثم2 وَالْأَوْرَعُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَشْرَفِ. ثُمَّ اخْتِيَارُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَقْدَمُ هِجْرَةً، قِيلَ: بِنَفْسِهِ، وَقِيلَ: بِآبَائِهِ، وَقِيلَ: بِكُلٍّ مِنْهُمَا. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي "الكافي"3، و"المغني"4، و"الشرح"5، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ فَقَالَ: الْهِجْرَةُ مُنْقَطِعَةٌ فِي وَقْتِنَا، وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ بِهَا مَنْ كَانَ لِآبَائِهِ سَبْقٌ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ قطع به في مجمع البحرين والزركشي، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الكبير، وأظن6 والمجد في شرحه
الْجَمَاعَةِ1 فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: الْقُرْعَةُ "م 2"، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الْقَائِمُ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَزَادَ: أَوْ يُفَضَّلُ عَلَى الْجَمَاعَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: ثُمَّ الْأَتْقَى، ثُمَّ الْأَوْرَعُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمَانِ عَلَى الْأَشْرَفِ، ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجَمَاعَةِ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: الْقُرْعَةُ. انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يُقَدَّمُ اخْتِيَارُ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْقُرْعَةِ، أَوْ تُقَدَّمُ الْقُرْعَةُ بعد الأتقى على اختيار الجماعة؟ 2 أطلق الخلاف، وأطلقه في "المستوعب"، و"الحاوي الصغير": إحداهما: تُقَدَّمُ الْقُرْعَةُ بَعْدَ الْأَتْقَى عَلَى اخْتِيَارِ الْجَمَاعَةِ2، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي3، وَالْمُقْنِعِ4، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَدَّمُ مَنْ اخْتَارَهُ الجماعة على القرعة، جزم به في5 "الْمُبْهِجُ"، وَالْإِيضَاحِ، وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الفائق. وقال في "المغني"6، و"الشرح"7، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي التَّقْوَى قَرَعَ بَيْنَهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَقُومُ بِعِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَتَعَاهُدِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِذَلِكَ، كَذَا إنْ رَضِيَ الْجِيرَانُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وقال
الْمُنْعَقِدَةِ فِيهِ، وَلَمْ يُقَدِّمْ شَيْخُنَا بِالنَّسَبِ، وَذَكَرَهُ عن أحمد وأبي حنيفة ومالك، وإن اختلفت الجماعة، عمل بِالْأَكْثَرِ. فَإِنْ اسْتَوَوْا، قِيلَ: يُقْرَعُ، وَقِيلَ: يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى "م 3". ثُمَّ هَلْ اخْتِيَارُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِمْ؟ "فِيهِ" احْتِمَالَانِ "م 4"، وَقِيلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْكَشِيّ: فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي التَّقْوَى وَالْوَرَعِ قُدِّمَ أَعْمَرُهُمْ لِلْمَسْجِدِ، وَمَا رَضِيَ بِهِ الْجِيرَانُ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَالْقُرْعَةُ، انْتَهَى وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: ثُمَّ بَعْدَ الْأَتْقَى مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ، لِمَعْنًى مَقْصُودٍ شَرْعًا، كَكَوْنِهِ أَعْمَرَ لِلْمَسْجِدِ، أَوْ أَنْفَعَ لِجِيرَانِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَعُودُ بِصَلَاحِ الْمَسْجِدِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ الْقُرْعَةُ، انْتَهَى. والظاهر أنه تابع المجد في شرحه. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَوَوْا - يَعْنِي الْجِيرَانَ فِي الِاخْتِيَارِ - قِيلَ: يُقْرَعُ، وَقِيلَ: يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يَقْرَعُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. 1وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ1. مَسْأَلَةٌ 4: - قَوْلُهُ: ثُمَّ هَلْ اخْتِيَارُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِمْ، فِيهِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا: يَخْتَارُ السُّلْطَانُ الْأَوْلَى، فَهَلْ اخْتِيَارُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِمْ، أَمْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ2 منهم ومن غيرهم؟ أطلق احتمالين:
يقدم: بحسن الخلق "وهـ م" وقيل والخلقة "وم" وَزَادَ: وَبِحُسْنِ اللِّبَاسِ. وَمُعِيرٌ وَمُسْتَأْجِرٌ أَوْلَى - فِي الْأَصَحِّ - مِنْ مُسْتَعِيرٍ وَمُؤَجَّرٍ، وَصَاحِبُ الْبَيْتِ وَإِمَامُ الْمَسْجِدِ أَوْلَى مِنْ الْكُلِّ "وَ" وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَعَ التَّسَاوِي، وَيُتَوَجَّهُ، وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُهُمَا لِأَفْضَلَ مِنْهُمَا، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا ذُو سُلْطَانٍ فِي الْمَنْصُوصِ "و"1.
فصل: لا تكره إمامة عبد ويقدم الحر
فصل: لا تكره إمامة عبد ويقدم الحر ... فَصْلٌ: لَا تُكْرَهُ إمَامَةُ عَبْدٍ "هـ م" وَيُقَدَّمُ الْحُرُّ "وَ" وَعَنْهُ: مَعَ التَّسَاوِي، وَلَا إمامة مقيم بمسافر"م"2 وتجوز خارج الوقت "هـ" وفي الْفُصُولِ: إنْ نَوَى الْمُسَافِرُ الْقَصْرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَجْزِيَهُ، وَهُوَ أَصَحُّ، لِوُقُوعِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنْهُ بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: اخْتِيَارُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِمْ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ط": "و".
نِيَّةٍ؛ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا لَزِمَهُ حُكْمُ الْمُتَابَعَةِ لَزِمَهُ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ، كَنِيَّةِ الْجُمُعَةِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيهَا، وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجْزِيَهُ؛ لأن الائتمام1 لَزِمَهُ حُكْمًا، وَلَا تُكْرَهُ إمَامَةُ مُسَافِرٍ يَقْصُرُ بِمُقِيمٍ، وَيُقَدَّمُ الْمُقِيمُ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ إمَامًا، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: إنْ أَتَمَّ فَرِوَايَتَا مُتَنَفِّلٍ بِمُفْتَرِضِ، وَذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وغيره: ليس بجيد2؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَلَيْسَ بِمُتَنَفِّلٍ. وَفِي "الِانْتِصَارِ: يَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ، لِصِحَّةِ بِنَاءِ مُقِيمٍ عَلَى نِيَّةِ 3مسافر، وهو3 الْإِمَامِ. وَلَا إمَامَةُ بَدْوِيٍّ بِحَضَرِيٍّ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ م" وَيُقَدَّمُ الْحَضَرِيُّ، وَلَا إمَامَةُ أَعْمَى "هـ"4 ويقدم البصير، وعنه: الأعمى وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التساوي "وش" وَإِنْ كَانَ الْأَعْمَى أَصَمَّ فَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وجهان "م 5". وَلَا إمَامَةُ وَلَدِ زِنًا "هـ ش" وَقِيلَ: غير راتب "وم" وما في السنن عنه عليه السلام: أَنَّهُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ1. إنْ صَحَّ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: أَيْ إذَا عَمِلَ بِعَمَلِ أَبَوَيْهِ، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةِ2 الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ إذَا كَانَ تَقِيًّا فَلَيْسَ بِشَرِّ الثَّلَاثَةِ، قَالَ: وَقِيلَ: وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ، لِلْخَبَرِ3، وَفِي الْخِلَافِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ: لَا4 نَقُولُ وَرَدَ عَلَى سبب، وإنما هو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَعْمَى أَصَمَّ فَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ في "الكافي"5، و"المغني"6، وَصَحَّحَهُ فِي الْكِتَابَيْنِ، وَقَدَّمَهُ 7 "الشَّرْحُ"8، وَشَرْحُ ابْنِ رَزِينٍ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ فِي "الإيضاح".
عَامٌّ، وَالْمُرَادُ بِهِ: شَرُّ الثَّلَاثَةِ نَسَبًا فَإِنَّهُ لَا نَسَبَ لَهُ، وَالْخَبَرُ الْمَذْكُورُ رَوَاهُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. خَالِدٌ هُوَ الطَّحَّانُ مِنْ رِجَالِ "الصَّحِيحَيْنِ". وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2: لَا يَصِحُّ، وَخَالِدٌ لَا يُعْرَفُ، كَذَا قَالَ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3، وَالزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ4، رَوَاهَا أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ5. وَلَا إمَامَةُ الْجُنْدِيِّ، وَعَنْهُ: أحب إلي6 يُصَلِّيَ خَلْفَ غَيْرِهِ، وَلَا - عَلَى الْأَصَحِّ - إمَامَةُ ابن بأبيه "هـ"7. وَفِي الْخِلَافِ ظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: لَا يَتَقَدَّمُهُ فِي غَيْرِ الْفَرْضِ. وَإِنْ أَذِنَ الْأَفْضَلُ للمفضول لم يكره في المنصوص "و"7. وَفِي رِسَالَةِ أَحْمَدَ فِي "الصَّلَاةِ"، رِوَايَةُ مُهَنَّا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمُوا إلَّا أَعْلَمَهُمْ، وَأَخْوَفَهُمْ، وَإِلَّا لَمْ يَزَالُوا فِي سَفَالٍ، وَكَذَا فِي "الْغُنْيَةِ". وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَنْ قَدَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَوْ مَعَ شَرْطٍ وَاقِفٍ بِخِلَافِهِ، فلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُلْتَفَتُ إلَى شَرْطٍ يُخَالِفُ "شَرْطَ" اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَبِدُونِ إذْنِهِ يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْأَخْوَفُ إذَا1، أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ النَّصَّ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: سِوَى إمَامِ الْمَسْجِدِ وَصَاحِبِ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ، وَقَدْ احْتَجَّ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى مَنْعِ إمَامَةِ الْأُمِّيِّ بِالْأَقْرَأِ بِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَقْدِيمِ الْأَقْرَأِ، فَإِذَا قُدِّمَ الْأُمِّيُّ خُولِفَ الْأَمْرُ وَدَخَلَ تَحْتَ النَّهْيِ، وَكَذَا احْتَجَّ فِي الْفُصُولِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا اسْتَخْلَفَ أَنْ يُرَتِّبَ كَمَا يُرَتِّبُ الْإِمَامُ فِي أَصْلِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ إمَامَةٍ كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ، وَيَأْتِي أَنَّ الْإِمَامَ يَلْزَمُهُ أن يولي القضاء أصلح من يجد2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: تكره إمامة من يصرع
فَصْلٌ تُكْرَهُ إمَامَةُ مَنْ يُصْرَعُ ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ1 "*" أَوْ رُؤْيَتُهُ وَقِيلَ: وَالْأَمْرَدُ، وَفِي "الْمُذَهَّبِ" وَغَيْرِهِ: وَإِمَامَةُ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ إمَامَتِهِ، فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ: تُكْرَهُ إمَامَةُ الْمُوَسْوَسِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، لِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ عَامِّيٌّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يُكْرَهُ، وَلَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: "أُمَّ قَوْمَك". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي شَيْئًا، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِي صَدْرِهِ، ثُمَّ فِي ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ2. قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ خَوْفَ الْكِبْرِ وَالْعَجَبِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْوَسْوَسَةَ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ الْمُوَسْوِسُ، وَلِهَذَا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يُلْبِسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: "ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فإذا أحسسته فتعوذ بالله وَاتْفُلْ عَنْ يَسَارِك ثَلَاثًا"، فَفَعَلْت ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ الله عني. روى ذلك مسلم3. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَمَنْ تُضْحِكُ صُورَتُهُ. كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ: وَمَنْ يُضْحِكُ صَوْتُهُ، كَمَا هو في الرعاية ومختصر ابن تميم.
وَتُكْرَهُ إمَامَةُ رَجُلٍ بِأَجْنَبِيَّةٍ وَبِأَجْنَبِيَّاتٍ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ، وَقِيلَ: نَسِيبًا لِإِحْدَاهُنَّ، جَزَمَ بِهِ فِي "الْوَجِيزِ"، وَقِيلَ مُحَرَّمًا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْجَهْرِ مُطْلَقًا، كَذَا ذَكَرُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ، فَيَكُونُ هَذَا فِي مَوْضِعٍ لَا خَلْوَةَ فِيهِ، فَلَا وَجْهَ إذَنْ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا؛ وَمُحَرَّمًا، مَعَ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا أَوْ بَعْضُهُمْ بِالنَّهْيِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ، وَالرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ لَا يَمْنَعُ تَحْرِيمَهَا عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي آخِرَ الْعَدَدِ1، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فِي إطْلَاقِهِمْ الْكَرَاهَةَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ الجنس، فلا تلزم1 الْأَحْوَالِ، وَيُعَلَّلُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ نَسِيبًا. وَفِي الْفُصُولِ آخِرُ الْكُسُوفِ: يُكْرَهُ لِلشَّوَابِّ وَذَوَاتِ الْهَيْئَةِ الْخُرُوجُ، وَيُصَلِّينَ فِي بُيُوتِهِنَّ، فَإِنْ صَلَّى بِهِنَّ رَجُلٌ مَحْرَمٌ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وقيل: ديانة، وقيل: أو استويا "*" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ 1"لَهُ كَارِهُونَ"1، قِيلَ: دِيَانَةً، وَقِيلَ: أَوْ اسْتَوَيَا، انْتَهَى. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ: يُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَكْرَهُونَهُ لِمَعْنًى فِي دِينِهِ. وَقَالَ فِي الكافي3: فإن كانوا يكرهونه 5لسنه أو دينه. فلا يكره. وقال في "الرعاية الصغرى"، و"الحاويين": يكرهه أكثرهم ديانة. قال ابن تميم: فإن كرهوه5. لِسُنَّةٍ دِينِيَّةٍ فَلَا كَرَاهَةَ. وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ4. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُكْرَهُ أَنْ يؤم أحد قَوْمًا يَكْرَهُهُ أَكْثَرُهُمْ دِيَانَةً، فَإِنْ اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، وَقِيلَ: دِيَانَةً، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّارِحُ بَعْدَمَا اسْتَدَلَّ لِكَلَامِهِ فِي "الْمُقْنِعِ"6: فَإِنْ اسْتَوَى الْفَرِيقَانِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ، إزَالَةً لِذَلِكَ الِاخْتِلَافِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا أَكْثَرُهُمْ يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ، أَوْ لِشَحْنَاءَ بَيْنَهُمْ فِي أَمْرٍ دُنْيَوِيٍّ وَنَحْوِهِ، فَأَمَّا إنْ كَرِهُوهُ لِسُنَّةٍ أَوْ دِينِهِ لِمِيلِهِمْ إلَى ضِدِّهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَصْبِرَ وَلَا يَلْتَفِتَ إلَى كَرَاهَتِهِمْ وَلَوْ جَهْرَةً، انْتَهَى، فَهَذَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي هذه
وَأَطْلَقَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا، وَجَزَمَ بعضهم: الْأَوْلَى تُكْرَهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُكْرَهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ أَوْ فَضْلِهِ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا1 كَانَ بَيْنَهُمْ مُعَادَاةٌ مِنْ جِنْسِ مُعَادَاةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَذْهَبِ فلا ينبغي أن يؤمهم؛ لأن الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً إنَّمَا يَتِمُّ بِالِائْتِلَافِ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ"2 وَقَالَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ فَقُومُوا"3. وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": أَوْ لدنيا، وهو ظاهر كلام جماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْكِتَابِ: وَقِيلَ دِيَانَةً بِالْوَاوِ فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ: حَيْثُ وُجِدَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتَوَوْا عَلَى الْقَوْلِ الْآخِرِ كُرِهَتْ إمَامَتُهُ، سَوَاءٌ كَرِهُوهُ دِيَانَةً أَوْ لَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِيمَا إذَا اخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، وَكَجَمَاعَةٍ تَقَدَّمَ لَفْظُهُمْ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا بُدَّ أَنْ يَكْرَهُوهُ بِحَقٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَكْرَهُهُ لِخَلَلٍ فِي دِينِهِ، أَوْ فَضْلِهِ، وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ: قِيلَ دِيَانَةً بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَكُونُ هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَقِيلَ أَوْ اسْتَوَيَا، عَائِدٌ إلَى قَوْلِهِ: أَكْثَرُهُمْ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ فِي عِبَارَتِهِ نَوْعُ خَفَاءٍ، وَبَعْضُ نَقْصٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَهُ كَارِهُونَ أَوْ يَكْرَهُونَهُ، وَيُحْتَمَلُ عَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ لَنَا قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا ذَكَرَهُ، وهو القول4 بالكراهة مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَسَقَطَ5 مِنْ الْكَاتِبِ، فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاَللَّهُ أعلم.
وَقِيلَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ "خ" لِخَبَرِ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "ثَلَاثَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ: الْعَبْدُ الْآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ، وَإِمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ له كارهون" أبو غالب ضعفه ابن سعد1، وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَسَبَقَ قَبْلَ آخِرِ فَصْلٍ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ خَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ3، وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ4، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَيَّاجٍ. عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَرْحَبِيِّ5 عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً، إمَامُ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا غَضْبَانُ، وَأَخَوَانِ مُتَصَارِمَانِ" وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ6 عَنْ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ يَحْيَى، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ7 مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى، وَرَوَاهُ أَيْضًا وَجَعَلَ الثَّالِثَ: "وَعَبْدٌ آبِقٌ مِنْ مَوَالِيهِ". وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الضِّيَا فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَسَبَقَ فِي سِتْرِ الْعَوْرَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ، صَلَاةُ الْآبِقِ8، وَفِي اللِّبَاسِ: هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ القبول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عدم الصحة؟ نقل أبو طالب: لا1 يَنْبَغِي أَنْ يَؤُمَّهُمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَتَى بِوَاجِبِ، وَمُحَرَّمٍ يُقَاوِمُ صَلَاتَهُ، فَلَمْ تُقْبَلْ، إذْ الصَّلَاةُ الْمَقْبُولَةُ مَا يُثَابُ عَلَيْهَا، قَالَ فِي الْفُصُولِ: تُكْرَهُ لَهُ الْإِمَامَةُ، وَيُكْرَهُ الِائْتِمَامُ بِهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي حَيْثُ لَمْ يُكْرَهْ أَنْ لَا يَؤُمَّهُمْ صِيَانَةً لِنَفْسِهِ، وَتُكْرَهُ إمَامَةُ لَحَّانٍ، وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ: لَا يُصَلَّى خَلْفَهُ، وَكَذَا الْفَأْفَاءُ مَنْ يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَالتَّمْتَامُ، مَنْ يُكَرِّرُ التَّاءَ وَمَنْ يَأْتِي بِحَرْفٍ وَلَا يُفْصِحُ بِهِ، وحكي قول2: لَا يَصِحُّ. وَتُكْرَهُ إمَامَةُ أَقْلَفَ، وَعَنْهُ: لَا تصح "خ" كمثله3 فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م6"، وَكَذَا أَقْطَعُ يَدٍ أو رجل أو هما "و" وقال ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَذَا تُكْرَهُ مَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إمَامَةُ أَقْلَفَ، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ، كَبِمِثْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. يَعْنِي 4إذا قلنا4: أَنَّ إمَامَةَ الْأَقْلَفِ لَا تَصِحُّ بِالْمَخْتُونِ، فَهَلْ تَصِحُّ بِمِثْلِهِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: تَصِحُّ إمَامَتُهُ بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ الْخِتَانُ، وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي التَّرَاوِيحِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَارِئٌ غَيْرَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَتَصِحُّ إمَامَةُ الْأَقْلَفِ، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَأْخَذِ الْمَنْعِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُهُ الْخِتَانَ الْوَاجِبَ، فَعَلَى هَذَا إنْ قُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ أَوْ يَسْقُطُ الْقَوْلُ بِهِ لِضَرَرٍ صَحَّتْ إمَامَتُهُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ: هُوَ عَجْزُهُ عَنْ شَرْطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ التَّطَهُّرُ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا بِمِثْلِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ الْخِتَانُ. انْتَهَى، قال الشارح: وأما
فصل: لا تصح إمامة فاسق مطلقا
فصل: لا تصح إمامة فاسق مطلقا "وم" وعنه: تكره وتصح "وهـ ش" كَمَا تَصِحُّ مَعَ فِسْقِ الْمَأْمُومِ، وَعَنْهُ: فِي نَفْلٍ، جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعَنْهُ: وَلَا خَلْفَ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِيبُ مَنْ لَا يُبَاشِرُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُسْتَنِيبُ عَدْلًا وَحْدَهُ فَوَجْهَانِ، صَحَّحَهُ أَحْمَدُ، وَخَالَفَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهَلْ يَجُوزُ تَوْلِيَةُ فَاسِقٍ؟ يَأْتِي فِي الْوَقْفِ1. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يَؤُمُّ فَاسِقٌ فَاسِقًا، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ مَا عَلَيْهِ مِنْ النَّقْصِ2، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ صَلَّى مَعَهُ خَوْفَ أَذًى وَيُعِيدُ، وَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ وَوَافَقَهُ في أفعالها لم يعد، وَعَنْهُ: بَلَى، وَيُعِيدُ فِي الْمَنْصُوصِ إذَا عَلِمَ فِسْقَهُ، وَقِيلَ: مَعَ ظُهُورِهِ، وَيُصَلِّي خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: وَيُعِيدُ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يؤخرون الصلاة عن وقتها"3. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَقْلَفُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ4 فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا يُعْفَى عَنْهَا عِنْدَنَا، وَالثَّانِيَةُ تَصِحُّ لِأَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ كَشْفُ الْقُلْفَةُ وَغَسْلُ النَّجَاسَةِ غَسَلَهَا وَإِنْ كَانَ مُرْتَتِقًا لَا يَقْدِرُ عَلَى كَشْفِهَا عُفِيَ عَنْ إزَالَتِهَا لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ، وَكُلُّ نَجَاسَةٍ مَعْفُوٌّ عَنْهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ، انْتَهَى، فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْأَقْوَى صِحَّةُ إمَامَتِهِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَعَلَّلَ ابْنُ مُنَجَّى رِوَايَةَ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِكَوْنِهِ حَامِلَ نَجَاسَةٍ ظَاهِرَةٍ، يُمْكِنُهُ إزَالَتُهَا بِإِزَالَةِ الْمَانِعِ بِالْخِتَانِ، وَرِوَايَةُ الصِّحَّةِ بِتَعَذُّرِ5 زَوَالِ النَّجَاسَةِ فِي الْحَالِ، وَالْخِتَانُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهِ، فَلَمْ تكن إزالتها واجبة لا محالة، انتهى.
وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ ثم يصلي الظهر أربعا، قال1: فَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا فَلَا تَضُرُّ صَلَاتِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَانَتْ تِلْكَ الصَّلَاةُ ظُهْرًا أَرْبَعًا. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَيُّمَا أَحَبُّ إلَيْك: أُصَلِّي قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا أُصَلِّي قَبْلُ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ، لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: الْإِعَادَةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَغَيْرِهَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: مَنْ أَعَادَهَا فَمُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ لَيْسَ لَهُ مِنْ فَضْلِ الْجُمُعَةِ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَرَ الصَّلَاةَ خَلْفَهُ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَاحْتَجُّوا بِغَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، بَلْ يُتَّبَعُ فِيهَا، وَقَرَأَ الْمَرُّوذِيُّ عَلَى أَحْمَدَ أَنَّ أَنَسًا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ خَلْفَ الْحَجَّاجِ. وَكَذَا جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا بِبُقْعَةِ غَصْبٍ ضَرُورَةً، وَذَكَرَهَا2 ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ كَفَرَ بِاعْتِقَادِهِ، وَيُعِيدُ. وَيُصَلِّي خَلْفَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ، وَعَنْهُ: لَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَتَصِحُّ3 خَلْفَ مَنْ خَالَفَ فِي فَرْعِ "وَ" لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَعَ شِدَّةِ الْخِلَافِ، مَا لم يعلم4 أَنَّهُمْ تَرَكُوا رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عَلَى مَا يَأْتِي5، وَلَوْ لَمْ يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أَوْ الحرام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْئًا، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ1 كَلَامٌ فِي فِسْقِهِ، وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ: مَا لَمْ يَفْسُقْ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّفْعَوِيَّةِ إذَا احْتَاطَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ: أَيْ مَا لَمْ يَتْرُكْ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَ الْمَأْمُومِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الشَّفْعَوِيَّةُ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى شَافِعٍ بِحَذْفِ يَاءِ النَّسَبِ جَدُّ الْإِمَامِ كَمَا نَسَبَ هُوَ إلَيْهِ، إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَنْسُوبَيْنِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ "السِّرِّ الْمَصُونِ": رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ يَعْمَلُونَ عَمَلَ الْعَوَامّ، فَإِذَا صَلَّى الْحَنْبَلِيُّ فِي مَسْجِدِ شَافِعِيٍّ وَلَمْ يَجْهَرْ غَضِبَتْ الشَّافِعِيَّةُ، وَإِذَا صَلَّى شَافِعِيٌّ فِي مَسْجِدِ حَنْبَلِيٍّ وَجَهَرَ غَضِبَتْ الْحَنَابِلَةُ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَالْعَصَبِيَّةُ فِيهَا مُجَرَّدُ هَوًى يَمْنَعُ مِنْهُ الْعِلْمِ2. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَأَيْت النَّاسَ لَا يَعْصِمُهُمْ مِنْ الظُّلْمِ إلَّا الْعَجْزُ. وَلَا أَقُولُ الْعَوَامُّ، بَلْ الْعُلَمَاءُ، كَانَتْ أَيْدِي الْحَنَابِلَةِ مَبْسُوطَةً فِي أَيَّامِ ابْنِ يُوسُفَ3، فَكَانُوا يَتَسَلَّطُونَ4 بِالْبَغْيِ عَلَى أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي الْفُرُوعِ، حَتَّى لَا يُمَكِّنُوهُمْ مِنْ الجهر والقنوت، وهي مسألة اجتهاد5، فلما جاءت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَيَّامُ النَّظَّامِ1، وَمَاتَ ابْنُ يُوسُفَ وَزَالَتْ شَوْكَةُ الْحَنَابِلَةِ اسْتَطَالَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ اسْتِطَالَةَ السَّلَاطِينِ الظَّلَمَةِ، فَاسْتَعْدَوْا بِالسِّجْنِ، وَآذَوْا الْعَوَامَّ بِالسِّعَايَاتِ، وَالْفُقَهَاءَ بالنبز بالتجسيم، قال: فتدبرت أمر الفريقين، فَإِذَا بِهِمْ لَمْ تَعْمَلْ فِيهِمْ آدَابُ الْعِلْمِ، وهل هذه2 إلا أفعال إلَّا أَفْعَالَ الْأَجْنَادِ يَصُولُونَ فِي دَوْلَتِهِمْ، وَيَلْزَمُونَ الْمَسَاجِدَ فِي بَطَالَتِهِمْ، انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ مَسَائِلَ الِاجْتِهَادِ لَا إنْكَارَ فِيهَا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ أَوْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ ضَعُفَ الْخِلَافُ فِيهَا أُنْكِرَ، وَإِلَّا فَلَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا خِلَافٌ، فَلَهُمْ وَجْهَانِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ كَشَفَ فَخْذَيْهِ، فَحُمِلَ حَالُ مَنْ أَنْكَرَ عَلَى أَنَّهُ رَأَى هَذَا أَوْلَى وَلَمْ يَعْتَقِدْ الْمُنْكِرُ أَنَّهُ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى مَفْسَدَةٍ فَوْقَ مَفْسَدَةِ مَا أَنْكَرَهُ، وَإِلَّا لَسَقَطَ الْإِنْكَارُ أَوْ لَمْ يَجُزْ "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى" وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ هُبَيْرَةَ آخِرَ كِتَابِ الصَّلَاةِ3، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُنْقِرِيُّ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصَلُّونَ خَلْفَ مَنْ يَقْنُتُ وَمَنْ لَا يَقْنُتُ، فَإِنْ زَادَ فِيهِ حَرْفًا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ جَهَرَ بِمِثْلِ "إنَّا نَسْتَعِينُك"4 أَوْ "عَذَابَك الْجَدَّ"5 فَإِنْ كُنْت فِي صَلَاةٍ فَاقْطَعْهَا، كَذَا قَالَ. وَمَنْ زَوَّرَ وِلَايَةً لِنَفْسِهِ بِإِمَامَةٍ وَبَاشَرَ فَيَتَوَجَّهُ: إنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ شرطا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِاسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ، وَإِلَّا خَرَجَ عَلَى صِحَّةِ إمَامَتِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَأَطْلَقَ، كَمَنْ وِلَايَتُهُ فَاسِدَةٌ بِغَيْرِ كَذِبِهِ، لَا مَا يَسْتَحِقُّهُ عَدْلٌ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَتَصِحُّ إمَامَةُ صَبِيٍّ لِبَالِغٍ فِي نَفْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "هـ م" وَعَنْهُ: وَفَرْضٌ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ "وش" وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ: وَلَوْ قُلْنَا: تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْعُقُودِ، وَبِنَاؤُهُمْ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ نَافِلَةٌ يَقْتَضِي صِحَّةَ إمَامَتِهِ إنْ لَزِمَتْهُ، قَالَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَجْهًا1، وَيَصِحُّ بِمِثْلِهِ "و" وفي المنتخب: لا. وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ امْرَأَةٍ بِغَيْرِ نِسَاءٍ "و" وبنى عليه في المنتخب: لا يجوز ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَذَانُهَا لَهُمْ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ فِي نَفْلٍ، وَعَنْهُ: فِي التَّرَاوِيحِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ أَقْرَأَ، وَقِيلَ: قَارِئَةً دُونَهُمْ، وَقِيلَ: ذَا رَحِمٍ، وَقِيلَ: أَوْ عَجُوزًا، وَتَقِفُ خَلْفَهُمْ لِأَنَّهُ أَسْتُرُ، وَعَنْهُ: تَقْتَدِي بِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ، فَيَنْوِي الْإِمَامَةَ أَحَدُهُمْ، واختار الأكثر الصحة في الجملة، لخبري1 أُمِّ وَرَقَةَ الْعَامِّ2 وَالْخَاصِّ3، وَالْجَوَابُ عَنْ الْخَاصِّ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ بِإِسْنَادٍ يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، وَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَجَّهُ حَمْلُهُ عَلَى النَّفْلِ، جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّهْيِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الْفَرْضِ، وَالنَّهْيُ لَا يَصِحُّ، مَعَ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ، وَكَذَا الْخُنْثَى، وَقِيلَ: تَصِحُّ بِخُنْثَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَؤُمُّ خُنْثَى نِسَاءً. وَتَبْطُلُ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بِجَنْبِ رجل لم يصلوا جماعة.
فصل: ولا تصح إمامة محدث أو نجس، ولو جهله المأموم فقط
فَصْلٌ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مُحْدِثٍ أَوْ نَجِسٍ، وَلَوْ جَهِلَهُ الْمَأْمُومُ فَقَطْ ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لـ"الإشارة"4 و "ش"، وَبَنَاهُ فِي الْخِلَافِ أَيْضًا عَلَى إمَامَةِ الْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ بِذَلِكَ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: هُوَ أَمِينٌ عَلَى طَهَارَتِهِ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، فَإِذَا عَمِلْنَا5 بِقَوْلِهِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ، كَمَا لَوْ أقرت بانقضاء العدة وزوجت ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَجَعَتْ، فَقَالَ: فَيَجِبُ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ. وَعَلَى أَنَّ دُخُولَهَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ، فَلَمْ تُصَدَّقْ، وَهَذَا مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، فَقَبْلٌ كَقَبْلِ الصَّلَاةِ، وَعَلَّلَهُ فِي الْفُصُولِ بِأَنَّهُ فَاسِقٌ وَإِمَامَتُهُ لَا تَصِحُّ عِنْدَنَا؛ وَلِأَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ، وَالْمُتَلَاعِبُ لَيْسَ فِي صَلَاةٍ، وَإِنْ عَلِمَ هُوَ أَوْ الْمَأْمُومُ فِيهَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: أَوْ بِسَبْقِ حَدَثِهِ، اسْتَأْنَفَ الْمَأْمُومُ، وَعَنْهُ: يُبْنَى "وم ش" نَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى، فَمَنْ1 صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ وَشَكَّ فِي وضوئه لم يجزئه 2"ألا أن يَتَيَقَّنَ"2 أَنَّهُ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ، وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ، إنْ شَاءُوا قَدَّمُوا3 وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا فُرَادَى. قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ عِلْمَهُمْ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ إعَادَةً، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ السَّلَامِ فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ أَوْ فِيهَا "ق"4 أَعَادَ الْإِمَامُ، وَعَنْهُ: وَالْمَأْمُومُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ "وهـ" وَهُوَ الْقِيَاسُ لَوْلَا الْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ5، وَابْنِهِ6، وَعُثْمَانَ7، وَعَلِيٍّ8، قَالَهُ القاضي وغيره كغير الحدث ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالنَّجَاسَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى فِي إمَامٍ نَسِيَ الْفَاتِحَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ عَلِمَ مَعَهُ وَاحِدٌ أَعَادَ الْكُلُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: يُعِيدُ الْعَالِمُ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ عَلِمَهُ اثْنَانِ وَأَنْكَرَ هُوَ أَعَادَ الْكُلُّ، وَاحْتَجَّ بخبر ذي اليدين1. ولا تصح إمامة كافر "و"2، وَقِيلَ: بَلَى إنْ أَسَرَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: هُوَ كَافِرٌ وَإِنَّمَا صَلَّى تَهَزُّؤًا فَنَصُّهُ: يُعِيدُ الْمَأْمُومُ، كَمَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ أَوْ حَدَثَهُ فبان خلافه، وقيل: لا"*"، كمن جهل حاله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"3 "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ: هُوَ كافر وإنما صلى تهزؤا فنصه يعيد المأموم وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ المذهب3".
وَإِنْ عُلِمَ لَهُ حَالَانِ، أَوْ إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ، لَمْ يَدْرِ فِي أَيِّهِمَا ائْتَمَّ وَأَمَّ فِيهِمَا فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا إنْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُعِدْ "7 م". وَلَا إمَامَةُ أَخْرَسَ بِنَاطِقٍ "و" وَلَا بمثله، نص عليه "وم ر" خِلَافًا لِلْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْكَافِي1؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بالأصل والبدل، والأمي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ لَهُ حَالَانِ يَعْنِي الْإِمَامَ، وَالْحَالَانِ إسْلَامٌ وَكُفْرٌ أَوْ إفَاقَةٌ وَجُنُونٌ لَمْ يَدْرِ فِي أَيِّهِمَا أَيْ الْحَالَيْنِ ائْتَمَّ وَأَمَّ فِيهِمَا فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: إنْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إسْلَامَهُ وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُعِدْ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهَا: يُعِيدُ مُطْلَقًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعِيدُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْفَرْقُ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، جَزَمَ بِهِ2 فِي المغني3 والشرح4، و"شرح ابن رزين"، وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي "الْمُغْنِي"3 وَمَنْ تَبِعَهُ: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُسْلِمُ تَارَةً وَيَرْتَدُّ أُخْرَى لَمْ يُصَلِّ خَلْفَهُ حَتَّى يَعْلَمَ عَلَى أَيِّ دَيْنٍ هُوَ، فَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ، نَظَرْنَا: فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ قبل الصلاة إسلامه،
يَأْتِي بِالْبَدَلِ وَهُوَ الذَّكَرُ. وَلَا إمَامَةُ مَنْ بِهِ حَدَثٌ مُسْتَمِرٌّ "و" وَفِيهِ بِمِثْلِهِ وَجْهَانِ "8 م"، وَلَا عَلَى الْأَصَحِّ "ش" إمَامَةُ عَاجِزٍ عَنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الصِّحَّةَ، قَالَهُ فِي إمَامٍ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَعْجِزُ عَنْهَا، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ خَلْفَ الْمُضْطَجِعِ لَا1 يَضْطَجِعُ، وَتَصِحُّ بِمِثْلِهِ، وَإِمَامَةُ2 مُتَيَمِّمٍ بِمُتَوَضِّئٍ "و"، وَلَا تُكْرَهُ "م"؛ لِأَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ تَيَمَّمَ وَهُوَ جُنُبٌ في ليلة باردة وصلى بأصحابه وعلم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمَا3، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرٍو، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا عَنْ أبي قيس عن عمرو4، وفيه أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ فَهُوَ مُسْلِمٌ، وَإِنْ عَلِمَ رِدَّتَهُ وَشَكَّ فِي إسْلَامِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ بَابِ الْإِمَامَةِ. مَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: "وَلَا إمَامَةُ مَنْ حَدَثُهُ5 مُسْتَمِرٌّ، وَفِيهِ بِمِثْلِهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ، وَالْكَافِي6، وَالْعُمْدَةِ والشرح7، 8"والحاوي الكبير"8، وغيرهم، وقدمه
غَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَأَعَلَّ غَيْرُ وَاحِدٍ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِنَا، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ، وَلِهَذَا يُقَيَّدُ بِالْوَقْتِ. وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ أُمِّيٍّ "و" نِسْبَةٌ إلَى الْأُمِّ، وَقِيلَ إلَى أُمَّةِ الْعَرَبِ وَهُوَ مَنْ يُدْغِمُ فِي الْفَاتِحَةِ حَرْفًا لَا يُدْغَمُ، أَوْ يُحِيلُ الْمَعْنَى بِلَحْنِهِ1، وَعَنْهُ تَصِحُّ كَبِمِثْلِهِ فِي الْأَصَحِّ "م ر" وَفِي إعَادَةِ مَنْ عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وجهان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ بِمَنْ لَا سَلَسَ بِهِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَؤُمُّ أَخْرَسُ وَلَا دَائِمٌ حَدَثُهُ وَعَاجِزٌ عَنْ رُكْنٍ وَأُنْثَى، بِعَكْسِهِمْ، وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنْ عجز2 عَنْ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ لَمْ تَصِحَّ إمَامَتُهُ بقادر عليه، انتهى. 3"وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَلَا يَقْتَدِي بِمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَصَحَّحَهُ في النظم، وقدمه في الرعايتين، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي "التَّلْخِيصِ"3. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ أُمِّيٍّ ... وَعَنْهُ: لا تصح كبمثله في الأصح.
وإن بطلت صَلَاةُ قَارِئٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ، فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ "م 10". وإن اقتدى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي إعَادَةِ مَنْ عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَأَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ شَكَّ الْقَارِئُ هَلْ إمَامُهُ أُمِّيٌّ أَمْ لَا فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ، فَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا فَوَجْهَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَلَمْ يَجْهَرْ فَهَلْ يُعِيدُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ صَلَّى قَارِئٌ خَلْفَ مَنْ جَهِلَ كَوْنَهُ قَارِئًا أَوْ شَكَّ فِيهِ فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ، وَإِنْ بَانَ أُمِّيًّا أَوْ أسر في صلاة جهر، وما1 ادعى أَنَّهُ قَرَأَ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أُمِّيٌّ لَمَّا سَلَّمَ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ صَلَّى الْقَارِئُ خَلْفَ مَنْ لَا يَعْلَمُ فِي صَلَاةِ الْإِسْرَارِ صَحَّتْ، وَإِنْ كَانَ يُسِرُّ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، زَادَ الشَّارِحُ: وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ أَحْسَنَ الْقِرَاءَةَ لَجَهَرَ. وَالْوَجْه الثَّانِي: تَصِحُّ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَإِنْ أَسَرَّ فِي الْجَهْرِ لَمْ يَصِحَّ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَحْسَنَ لَجَهَرَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، انْتَهَى. وقال في مجمع البحرين فإن شك القارئ في 4"أميته إمامه"4 فِي صَلَاةِ سِرٍّ صَحَّتْ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ كَوْنُ مَنْ يَتَقَدَّمُ إمَامًا قَارِئًا، وَإِنْ كَانَ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ فَأَسَرَّ، لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنَّ إمَامَهُ أُمِّيٌّ أَنَّهُ يُعِيدُ، وَأَنَّهُ إذَا أَسَرَّ فِي صَلَاةِ جَهْرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ أُمِّيٌّ أَمْ لَا أَنَّهُ لَا يُعِيدُ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِ هَلْ هُوَ أُمِّيٌّ أَمْ لَا. مَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ خَلْفَ أُمِّيٍّ فَفِي إمَامٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَلَوْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ وَفِي الْإِمَامِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَمَّ أُمِّيٌّ قَارِئًا وَحْدَهُ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْقَارِئِ، وَقِيلَ: فَرْضًا، وَفِي الْإِمَامِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قُلْت: حَيْثُ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْقَارِئِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ، وَحَيْثُ قُلْنَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا صحت صلاته، والله أعلم، وكلام
قَارِئٌ وَأُمِّيٌّ بِأُمِّيٍّ فَإِنْ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فَهَلْ يَبْقَى نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ، أَمْ لَا يَبْقَى فَتَبْطُلُ، أَمْ إلَّا1 الْإِمَامَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 11"، وجوز الشيخ اقتداء من ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْكَشِيّ وَنَقْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ يُوَافِقُ مَا قُلْنَا، وَكَذَا كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنِ حَمْدَانَ الْآتِي يُوَافِقُ مَا قُلْنَا فِي الْفَرْعِ الثَّانِي. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّيَّةِ2 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ اعْتَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ إمَامُ الْآخَرِ أَوْ مَأْمُومُهُ لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إنْ نَوَى إمَامَةَ مَنْ لَا يَصِحُّ أَنْ3 يَؤُمَّهُ: كَامْرَأَةٍ تَؤُمُّ رَجُلًا لَا تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ، فِي الْأَشْهَرِ، وَكَذَا أُمِّيٌّ قَارِئٌ، انْتَهَى. فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الَّتِي أُطْلِقَ الْخِلَافَ فِيهَا هُنَا فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ اقْتَدَى قَارِئٌ وَأُمِّيٌّ بِأُمِّيٍّ فَإِنْ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فَهَلْ تَبْقَى نَفْلًا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ، أَمْ لَا تَبْقَى فَتَبْطُلُ، أَمْ إلَّا الْإِمَامَ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ. فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ فَإِنَّ صَلَاتَهُمَا تفسد، وهل تبطل صلاة الإمام؟ فيه احْتِمَالَانِ، أَشْهَرُهُمَا الْبُطْلَانُ، انْتَهَى وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: فَإِنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ فِي الْأَصَحِّ وَبَقِيَ نَفْلًا، وَقِيلَ: لَا يَبْقَى فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ، وَقِيلَ: إلَّا الْإِمَامَ، انْتَهَى. زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ: فِي صَلَاةِ الْقَارِئِ وَالْأُمِّيِّ خَلْفَ الْأُمِّيِّ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْبُطْلَانُ وَالصِّحَّةُ، وَقِيلَ فِي رِوَايَةٍ: وَالثَّالِثُ يَصِحُّ فِي النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ، انْتَهَى. وَفِي الرِّعَايَةِ طُرُقٌ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ، وَحَكَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا: أَنَّ الْفَسَادَ يَخْتَصُّ بِالْقَارِئِ، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُمِّيِّ، قَالَ: وَاخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْوَجْهِ فِي تَعْلِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ الْقَارِئَ تَكُونُ صَلَاتُهُ نَافِلَةً فَمَا خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ، فَلَمْ يَصِرْ الْأُمِّيُّ بِذَلِكَ فَذًّا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صَلَاةُ الْقَارِئِ بَاطِلَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ اعْتِبَارَ مَعْرِفَةِ هَذَا عَلَى النَّاسِ أَمْرٌ يَشُقُّ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ، فَعُفِيَ عَنْهُ لِلْمَشَقَّةِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ اخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ، فَيَكُونُ كَلَامُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ كَانَا خَلْفَهُ بَطَلَ فَرْضُ الْقَارِئِ وَفِي بَقَائِهِ نَفْلًا وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا بِصِحَّتِهِ فَصَلَاةُ الْجَمِيعِ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لا
يحسن قَدْرَ الْفَاتِحَةِ بِمَنْ لَا يُحْسِنُ قُرْآنًا وَفَتَحَ هَمْزَةَ {اهْدِنَا} وَمُحِيلٌ1 فِي الْأَصَحِّ كَضَمِّ تَاءِ {أَنْعَمْتَ} وَكَسْرِ كَافِ {إِيَّاكَ} وَتَصِحُّ إمَامَةُ إمَامِ الْحَيِّ وَهُوَ إمَامُ مَسْجِدِ رَاتِبِ الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ "م ر" لِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ "م ر" وَيُصَلُّونَ جُلُوسًا، وَقَالَ فِي الْخِلَافِ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ: لَا تَصِحُّ، وَفِي الْإِيضَاحِ رِوَايَةٌ: قِيَامًا، وَاخْتَارَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَالتَّحْقِيقِ "و" وَعَنْهُ: تَصِحُّ مَعَ غَيْرِ إمَامِ الْحَيِّ، وَإِنْ لَمْ يُرْجَ زَوَالُهُ "و"، وَفِي الْإِيضَاحِ وَالْمُنْتَخَبِ إنْ لَمْ يُرْجَ صَحَّتْ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ قِيَامًا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْأَوْلَى إنْ صَلَّوْا قِيَامًا صَحَّتْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: الْجَاهِلُ وُجُوبَ الْجُلُوسِ وَإِنْ ابْتَدَأَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ أَتَمُّوا قياما ولم يجز الجلوس، ـــــــــــــــــــــــــــــQتصح، بطلت صلاة المأموم، وفي 2"صلاته الإمام"2 وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَفِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ نَافِلَةً وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا يَصِحُّ، انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الزَّرْكَشِيّ جَزَمَ بِفَسَادِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ الْقَارِئِ3 وَالْأُمِّيِّ، وَأَنَّ أَشْهَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَأَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ قَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْقَارِئِ تَبْقَى نَفْلًا. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ النِّيَّةِ4 فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ نَفْلًا عَلَى الْمُقَدَّمِ عِنْدَهُ، كَمَا إذَا أَحْرَمَ بِفَرْضٍ فَبَانَ قَبْلَ وَقْتِهِ، أَوْ بَطَلَ الْفَرْضُ الَّذِي انْتَقَلَ مِنْهُ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَ مَا يُفْسِدُ الْفَرْضَ فَقَطْ، كَتَرْكِ الْقِيَامِ وَالصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ، وَالِائْتِمَامِ بِمُتَنَفِّلٍ، إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ الْفَرْضُ، وَالِائْتِمَامِ بِصَبِيٍّ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ جَوَازَهُ، فَإِنَّ الْمُتَقَدِّمَ5 عِنْدَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ انْقِلَابُهُ نَفْلًا، فَلْتَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كذلك، والله أعلم.
نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إمَامَ الْحَيِّ. وَإِنْ أُرْتِجَ عَلَى الْمُصَلّ فِي الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ فَهُوَ كَالْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَا يُعِيدُهَا. ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ، وَلَوْ كَانَ إمَامًا وَسَبَقَ فِي آخِرِ النية1: يستخلف.
فصل: وإن ترك الإمام ركنا أو شرطا عنده وحده عالما أعاد المأموم
فَصْلٌ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ "ش" لِأَنَّ القياس لما2 منع انعقاد صلاة الإمام، و3 إمَامَتِهِ كَالْكُفْرِ وَاسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ مُنِعَ، وَلِتَعَذُّرِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ مِنْ عَالِمٍ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ. وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ: يُعِيدُ إنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي إمَامٍ يَعْلَمُ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَ المأموم فعنه: يعيد "المأموم"، اختاره جماعة "وهـ ش" لِاعْتِقَادِ الْمَأْمُومِ فَسَادَ صَلَاةِ إمَامِهِ، كَمَا لَوْ اعْتَقَدَهُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَعَنْهُ: لا، اختاره الشيخ وشيخنا "وم" كَالْإِمَامِ، لِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ أَوْ التَّقْلِيدُ "م 12"، وَكَعِلْمِ الْمَأْمُومِ لَمَّا سلم في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا عِنْدَهُ وَحْدَهُ عَالِمًا أَعَادَ الْمَأْمُومُ. وَإِنْ كَانَ رُكْنًا أَوْ "شَرْطًا" عِنْدَ الْمَأْمُومِ فَعَنْهُ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا كَالْإِمَامِ لِحُصُولِ الْغَرَضِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ أَوْ التَّقْلِيدُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الرعايتين، والحاويين: ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ب" و"س" و"ط": "إنما". 3 في "ب" و"ط": "أو".
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ كَانَ فِي وُجُوبِهِ عِنْدَ الْمَأْمُومِ رِوَايَتَانِ فَفِي صَلَاتِهِ خَلْفَهُ رِوَايَتَانِ، كَذَا قَالَ، وَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ شَرْطًا مُخْتَلَفًا فِيهِ بِلَا تَأْوِيلٍ وَلَا تَقْلِيدٍ أَعَادَهُ، ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ "ع"، لِتَرْكِهِ فَرْضَهُ، وَلِهَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ وَصَلَّى فَذًّا بِالْإِعَادَةِ1، وَعَنْهُ: لَا؛ لِخَفَاءِ طُرُقِ عِلْمِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَعَنْهُ: إنْ طَالَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى فِعْلٍ لَا يُعْلَمُ جَوَازُهُ وَيَفْسُقُ، أَيْ إنْ كَانَ مِمَّا يُفْسَقُ بِهِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ فِي عَامِّيٍّ شَرِبَ نَبِيذًا بلا تقليد، وهو معنى كلام الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ الْقَاضِي بِالْفِسْقِ فِي مَوْضِعٍ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي آخَرَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْهُ وَلَمْ يُخَالِفْهُ، وَوَجَدْت بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ ذَكَرَ عَدَمَ الْجَوَازِ "ع" وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْآجُرِّيِّ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْعَامِّيَّ إذَا نَزَلَتْ بِهِ حَادِثَةٌ يَلْزَمُهُ حُكْمٌ، وَذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ "ع" وَأَنَّهُ التَّقْلِيدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَالشَّارِحُ وَمَالَ إلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا هُوَ مُحَرَّمٌ عِنْدَ الْمَأْمُومِ دُونَهُ، مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ خَلْفَهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَالرِّوَايَاتُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ أَحْمَدَ لَا تُوجِبُ اخْتِلَافًا، وَإِنَّمَا ظَاهِرُهَا أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يُقْطَعُ فِيهِ بِخَطَإِ الْمُخَالِفِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ، وَمَا لَا يُقْطَعُ فِيهِ بِخَطَإِ الْمُخَالِفِ لَا يُوجِبُ الْإِعَادَةَ، وَهُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَقِيَاسُ الْأُصُولِ، انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعِيدُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صححت، والله أعلم.
أَنَّ الْمُؤَثِّرَ "إنَّمَا" هُوَ اعْتِقَادُ التَّحْرِيمِ، وَإِذَا لَمْ يَفْسُقْ مَنْ أَتَى مُخْتَلَفًا فِيهِ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ وَلَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ لِفِعْلِهِ مَسَاغًا فِي الْجُمْلَةِ، فَهَذَا أَوْلَى، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ لَزِمَتْ الْجُمُعَةُ أَهْلَ السَّوَادِ لَفَسَقُوا بِتَرْكِهَا، فَقَالَ: مَا يَفْسُقُونَ، لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ "بِهِمْ"، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ لَزِمَتْهُمْ الْجُمُعَةُ، وَلَمْ يَفْسُقُوا بِتَرْكِهَا لِلِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِهَا، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ1: هَلْ يَأْثَمُ مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةِ؟ وَكَلَامُهُ فِي الْكَافِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ وَالنَّاسِي بِعَدَمِ التأثيم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب موقف الجماعة
باب موقف الجماعة مدخل ... بَابُ مَوْقِفِ الْجَمَاعَةِ يُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الْجَمَاعَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ "و"1 وَلَا يَصِحُّ قُدَّامَهُ بِإِحْرَامٍ فَأَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْقِفًا بِحَالٍ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: تُكْرَهُ، وَتَصِحُّ "وم" وَالْمُرَادُ: وَأَمْكَنَ الِاقْتِدَاءُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَقِيلَ: تَصِحُّ جُمُعَةٌ وَنَحْوُهَا لِعُذْرٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: مَنْ تَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ فَلَمَّا أَذِنَ جَاءَ فَصَلَّى قُدَّامَهُ عُزِّرَ. وَالِاعْتِبَارُ بِمُؤَخِّرِ الْقَدَمِ، وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ، كَطُولِ الْمَأْمُومِ، وَيُتَوَجَّهُ الْعُرْفُ، وَإِنْ تَقَابَلَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ صَحَّتْ فِي الْأَصَحِّ "و" وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى ظَهْرِ إمَامِهِ فِيهَا صَحَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقَدُ خَطَؤُهُ، وَإِنْ جَعَلَ ظَهْرَهُ إلَى وَجْهِهِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَقَابَلَا حَوْلَهَا صَحَّتْ "عِ" وَيَجُوزُ تَقَدُّمُ الْمَأْمُومِ فِي جِهَتَيْنِ "وَ" قَالَ فِي الْخِلَافِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقِيلَ: وَجِهَةٍ "خ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ مَسَافَةٌ فَوْقَ بَقِيَّةِ جِهَاتِ الْمَأْمُومَيْنِ فَهَلْ يُمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ "و" فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ، فَيَجِيءُ الْوَجْهُ: يَصِحُّ مُنْفَرِدًا، وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وجهان "م 1" وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي رَجُلٍ أَمَّ رَجُلًا قَامَ عَنْ يَسَارِهِ: يُعِيدُ، وَإِنَّمَا صَلَّى الْإِمَامُ وَحْدَهُ، وَظَاهِرُهُ: تَصِحُّ مُنْفَرِدًا، دُونَ الْمَأْمُومِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى إلْغَاءِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ المحرر، ونقل جعفر في مسجد محرابه غصب1 قَدْرَ مَا يَقُومُ الْإِمَامُ فِيهِ: صَلَاةُ الْإِمَامِ فَاسِدَةٌ، وَإِذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ، وَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ أَحْرَمَ أَمْ لَا أَدَارَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَقَفَا خَلْفَهُ، وَإِلَّا أَدَارَهُمَا، فَإِنْ شَقَّ تَقَدَّمَ الْإِمَامُ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْأَيْمَنُ قَبْلَ إحْرَامِ الدَّاخِلِ لِيُصَلِّيَا خَلْفَهُ جَازَ، وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ: بل أولى؛ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَيَقِفُ الْوَاحِدُ عَنْ يَمِينِهِ. فَإِنْ بَانَ عَدَمُ صِحَّةِ مُصَافَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْمُرَادُ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ، فَيَجِيءُ الْوَجْهُ: يَصِحُّ مُنْفَرِدًا، وَكَصَلَاتِهِمْ قُدَّامَهُ فِي صِحَّةِ2 صَلَاتِهِ وَجْهَانِ. يَعْنِي إذَا صَلَّوْا قُدَّامَ الْإِمَامِ، وَقُلْنَا لَا تصح صلاتهم، فهل تصح صَلَاةُ الْإِمَامِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ "الْحَاوِيَيْنِ": أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ صَلَاتُهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ: الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنْ نَوَى الْإِمَامَةَ بِمَنْ يُصَلِّي قُدَّامَهُ مَعَ عِلْمِهِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ، كَمَا لَوْ نَوَتْ الْمَرْأَةُ الْإِمَامَةَ بِالرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ بِمَنْ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ، وَإِنْ نَوَى الْإِمَامَةَ ظَنًّا وَاعْتِقَادًا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ فَصَلَّوْا قُدَّامَهُ انْعَقَدَتْ صَلَاتُهُ، عَمَلًا بِظَاهِرِ الْحَالِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ مَنْ عادته حضور جماعة عنده، انتهى.
لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَكَتَفَاوُتِ إحْرَامِ اثْنَيْنِ خَلْفَهُ، ثُمَّ إنْ بَطَلَتْ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا تَقَدَّمَ الْآخَرُ إلَى الصَّفِّ، أَوْ إلَى يَمِينِ الْإِمَامِ، أَوْ جَاءَ آخَرُ، وَإِلَّا نَوَى الْمُفَارِقَةَ، وَلَوْ أَدْرَكَهُمَا جَالِسِينَ أحرم، ولا تأخير1 إذًا؛ لِلْمَشَقَّةِ، وَقِيلَ: إنْ وَقَفَ إمَامٌ بَيْنَهُمَا فَفِي الْكَرَاهَةِ "وهـ" احْتِمَالَانِ. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْفَذِّ: قَامَ مَقَامًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَهُ مَعَ اخْتِصَاصِهِ بِالنَّهْيِ، لِأَجْلِ صَلَاتِهِ، فَفَسَدَتْ، كقدام الإمام، وَوُقُوفُهُ إلَى جَنْبِ امْرَأَةٍ مُشْتَرِكَانِ فِي النَّهْيِ، وَوُقُوفُ الْإِمَامِ وَسَطَ الصَّفِّ مُشْتَرِكُونَ فِي النَّهْيِ، وَوُقُوفُ الْإِمَامِ خَلْفَ الْمَأْمُومِ نَهَى عَنْهُ لِأَجْلِ فساد صلاة المأموم2، بِدَلِيلِ جَوَازِ وُقُوفِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ شَاءَ، وَلَا بَأْسَ بِقَطْعِ الصَّفِّ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ خَلْفِهِ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ الصَّفُّ مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، ويستحب توسطه للصف، للخبر3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ومن صلى عن يساره ركعة فأكثر مع خلو يمينه لم يصح
فَصْلٌ وَمَنْ صَلَّى عَنْ يَسَارِهِ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ مَعَ خُلُوِّ يَمِينِهِ لَمْ يَصِحَّ ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، وَالشَّيْخُ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَظْهَرُ "و" وَقِيلَ: إنْ كَانَ خَلْفَهُ صَفٌّ، وَمَنْ صَلَّى فَذًّا خَلْفَهُ رَكْعَةً وَقِيلَ: أَوْ أَحْرَمَ، وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً، وَقِيلَ: لِغَيْرِ غَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ، وَفِي النَّوَادِرِ رِوَايَةٌ تَصِحُّ لِخَوْفِهِ تَضَيُّقًا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: لِعُذْرٍ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا "و" وَعَنْهُ: فِي النَّفْلِ، وَبَنَاهُ فِي الْفُصُولِ عَلَى مَنْ صَلَّى بَعْضَ الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ نَوَى الِائْتِمَامَ، وَحَيْثُ صَحَّتْ فَالْمُرَادُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَيُتَوَجَّهُ، إلَّا لِعُذْرٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ: يَقِفُ فَذًّا فِي الْجِنَازَةِ، رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا، وَلِأَحْمَدَ1 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَقَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ إنْ تَعَيَّنَ صَفًّا ثَالِثًا، قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَتَكُونُ مَسْأَلَةَ مُعَايَاةٍ. وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، صَحَّتْ، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ. وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَلَمْ يَسْجُدْ وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ: أَوْ سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: إنْ جهل النهي صحت "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَرَكَعَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ، أَوْ وَقَفَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ، صَحَّتْ 2"وَعَنْهُ: لَا. وَعَنْهُ إنْ عَلِمَ النَّهْيَ"2 وَإِنْ اعْتَدَلَ قَائِمًا وَلَمْ يَسْجُدْ وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُوجَزِ: أَوْ سَجَدَ فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: إنْ جَهِلَ النَّهْيَ صَحَّتْ. انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ فِي الْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4،
وَإِنْ فَعَلَهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ لَمْ تَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَأَطْلَقَ فِي الْفُصُولِ فِيمَا إذَا كَانَ لِغَرَضٍ فِي إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ لِخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ1 - وجهين، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ قَبْلَ رَفْعِ الْإِمَامِ، وَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ مَنْ يَقُومُ مَعَهُ بِنَحْنَحَةٍ أَوْ كَلَامٍ، وَيَتْبَعَهُ "م" وَيُكْرَهُ بِجَذْبِهِ فِي الْمَنْصُوصِ "وم" وَقِيلَ: يَحْرُمُ "خ" اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ2 "ابن عقيل" ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُنَّ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. قال ابن منجى في شرحه: هذا المذهب، وقدمه فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: بَطَلَتْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: إنْ عَلِمَ النَّهْيَ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ، وَنَصَّ عَلَيْهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَشَرْحِ الطُّوفِيِّ عَلَى الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي "الْمُغْنِي"4، وَنَصَرَهُ، وَحَمَلَ هُوَ وَالشَّارِحُ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: صَرَفَ أَبُو مُحَمَّدٍ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَحَمَلَهُ عَلَى مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ لِيُوَافِقَ النُّصُوصَ وَجُمْهُورَ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّالِثَةَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ إنَّمَا هُوَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ الأوليين، والرواية الثالثة
كَانَ عَبْدَهُ أَوْ ابْنَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ حَالَ الْعِبَادَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ غَيْرِهِ فِي زحام "وهـ ش" نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَالَهُ1 فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ، وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ كَرِهَهُ، كَمَنْ يَكْرَهُ التَّرَاصَّ فِي الصف2، ومنعه ابن عقيل، فيومئ ما أمكنه "وم" كَالْبَهِيمَةِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَسْجُدُ إنْ كَانَتْ طَاهِرَةً. وَكَغَيْرِ حَاجَةٍ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ زَوَالَهُ، وَلَوْ احْتَاجَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَجْهَانِ "م 3" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ سُجُودٌ إلَّا عَلَى متاع غيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَضْعَفُ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، لِكَوْنِهِ لَمْ يُدْخِلْهَا فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا أَقْوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَنْصُوصِ، وَكَثْرَةِ الْأَصْحَابِ، وَلِدَلِيلٍ يُسَاعِدُهَا، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى ظَهْرِ غَيْرِهِ فِي زِحَامٍ نَصَّ عَلَيْهِ، ... وَلَوْ احْتَاجَ أَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْأَقْوَى عِنْدِي، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ، وَيَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الْجَوَازِ.
صَحَّتْ، كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَجَعَلَ طَرَفَ الْمُصَلِّي وَذَيْلَ الثَّوْبِ أَصْلًا لِلْجَوَازِ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَقُومُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ، إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَشُقُّ. وَلَا يَصِحُّ وُقُوفُ امْرَأَةٍ فَذًّا، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي1، وَإِنْ وَقَفَتْ مَعَ رَجُلٍ فَقَالَ جَمَاعَةٌ: فَذًّا، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ "م 4" وَإِنْ وَقَفَتْ مَعَ رِجَالٍ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ من يليها "هـ"2 وَخَلْفَهَا "هـ"3 فِيهِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَاخْتَارَهُ جماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: وَإِنْ وَقَفَتْ امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ فَقَالَ جَمَاعَةٌ: فَذًّا يَعْنِي الرَّجُلَ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ4، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَكُونُ فَذًّا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَذَكَرَهُ الْمَجْدُ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قُلْت: مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالتَّلْخِيصِ وَالْخُلَاصَةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَكُونُ فَذًّا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كما قال المصنف.
كَوُقُوفِهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَنْ يَلِيهَا رِوَايَةً تُبْطِلُ، وَفِي الْفُصُولِ أَنَّهُ الْأَشْبَهُ وَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَقَّفَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْمَنْصُوصِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: وَمَنْ خَلْفَهَا، وَقِيلَ: وَأَمَامَهَا، وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهَا "وَ" خِلَافًا لِلشَّرِيفِ وَأَبِي الْوَفَاءِ، لِلنَّهْيِ عَنْ وُقُوفِهَا، وَالْوُقُوفِ مَعَهَا، فَهُمَا سَوَاءٌ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَمَّا أُمِرَ الرَّجُلُ قَصْدًا بِتَأْخِيرِهَا فَتَرَكَ الْفَرْضَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمَّا أُمِرَتْ هِيَ ضِمْنًا أَثِمَتْ فَقَطْ، فَزَادُوا عَلَى الكتاب فرضا1 بِخَبَرِ الْوَاحِدِ: وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ، فَيَلْزَمُهُمْ فَرْضِيَّةُ الفاتحة والطمأنينة وغير ذلك، وَشَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ لِلْمُحَاذَاةِ شُرُوطًا يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَالْتَزَمَ الْحَنَفِيَّةُ صِحَّةَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَاعْتَذَرُوا بِالنَّهْيِ عَنْ حضورها، فلم 2يؤخذ علينا2 تَرْتِيبٌ فِي الْمَقَامِ فِيهَا، وَالْتَزَمَ الْقَاضِي أَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ حُضُورِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَلَا فَرْقَ، والأولى ما سبق من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَدَمِ النَّهْيِ فِي الْكُلِّ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فَتَكُونُ مَأْمُورَةً وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا. وَصَفٌّ تَامٌّ مِنْ النِّسَاءِ لَا يَمْنَعُ اقْتِدَاءَ مَنْ خَلْفَهُنَّ مِنْ الرِّجَالِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ صَفٍّ، لِتَأَكُّدِ إسَاءَتِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ، بِخِلَافِ امْرَأَةٍ فِي صَفِّ رِجَالٍ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا أَبْطَلَا صَلَاةَ اثْنَيْنِ عَنْ جَنْبَيْهَا، وَثَالِثٍ خَلْفَهَا يُحَاذِيهَا، وَإِنْ أَمَّهَا رَجُلٌ وَقَفَتْ خَلْفَهُ، وَإِنْ وَقَفَتْ عَنْ يَسَارِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: إنْ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهَا وَلَا مَنْ يَلِيهَا فَكَرَجُلٍ، وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَصِحُّ إنْ وَقَفَتْ يَمِينَهُ، وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ فِي تَقْدِيمِهَا أَمَامَ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ. وَفِي التَّعْلِيقِ فِي الصَّلَاةِ قُدَّامَ الْإِمَامِ قَالَ: إذَا كَانَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَهُوَ عُرْيَانُ، وَالْمَأْمُومُ امْرَأَةً، فَإِنَّهَا تَقِفُ إلَى جَنْبِهِ. وَإِنْ وَقَفَ الْخَنَاثَى صَفًّا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَمْ تَبْطُلْ صَلَاةُ رَجُلٍ بِجَنْبِ امْرَأَةٍ، وَلَا صَلَاتُهَا، وَيَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ فَذًّا بِوُقُوفِهِ مَعَهَا، صح، وإلا فلا وقال صاحب "المحرر": وإلا بعد1 الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِمْ صَفًّا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ قَوْلُهُمْ بِأَنَّ الْفَسَادَ يَقَعُ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْمَنِيِّ والريح من غير معين، فإن سلمنا بناء2 عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ، وَإِلَّا مَنَعْنَا الْحُكْمَ فِيهِمَا. وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ خُنْثَى صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، فقيل: يقف عن يمينه، وقيل: خلفه "م 5". وَانْعِقَادُ الْجَمَاعَةِ بِالصَّبِيِّ وَمُصَافَّتِهِ كَإِمَامَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، وَفَرْضُهُ نَفْلٌ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، فَيَقِفُ رَجُلٌ وَصَبِيٌّ خَلْفَهُ، وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَّ رَجُلٌ خُنْثَى صَحَّ فِي الْأَصَحِّ، فَقِيلَ: يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَقِيلَ: خَلْفَهُ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِنَا أَنَّهُ يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، لِأَنَّ وُقُوفَ الْمَرْأَةِ جَنْبَ الرَّجُلِ غَيْرُ مُبْطِلٍ، وَوُقُوفَهُ خَلْفَهُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا فَذًّا، وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي الْبُطْلَانِ بِهِ، قَالَ: وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا بِفَهْمٍ عَلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ سَهْوٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. انْتَهَى، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقِفُ خَلْفَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي المستوعب.
أَظْهَرُ "و" وَعَلَى الْأَوَّلِ: عَنْ يَمِينِهِ أَوْ جَانِبَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْخِلَافِ هَذَا وَرِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ: عَنْ جَانِبَيْهِ، وَمَنْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ صَحَّتْ مُصَافَّتُهُ، وَإِلَّا فَلَا، إلَّا مَنْ جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ وَجَهِلَ مُصَافَّةً "و" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَجَهْلِ مَأْمُومٍ حَدَثَ إمَامٍ، عَلَى مَا سَبَقَ، وَفِي الْفُصُولِ: إنْ بَانَ مُبْتَدِعًا أَعَادَ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدِعَ لَا يُؤَمُّ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ، فَإِنَّ الْمُتَيَمِّمَ يُؤَمُّ. وَإِمَامَةُ النِّسَاءِ تَقِفُ فِي صَفِّهِنَّ وَسَطًا، وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ تَقْدِيمُهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا: "تُصَلِّي مَعَهُنَّ فِي الصَّفِّ وَلَا تَقْدَمُهُنَّ"1.
فصل: ومن لم ير الإمام ولا من وراءه صح أن يأتم به إذا سمع التكبير
فَصْلٌ: وَمَنْ لَمْ يَرَ الْإِمَامَ وَلَا مَنْ وَرَاءَهُ صَحَّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ إذَا سَمِعَ التكبير، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ وَالْإِمَامُ فِي الْمَسْجِدِ "وم ش" وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي النَّفْلِ: وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والفرض مطلقا، "وهـ1" كَظُلْمَةٍ وَضَرَرٍ وَعَنْهُ: لَا يَضُرُّ الْمِنْبَرُ، وَعَنْهُ: لِجُمُعَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ رَآهُ أَوْ مَنْ وَرَاءَهُ2 فِي بَعْضِهَا فِي الْمَسْجِدِ، صَحَّ، وَكَذَا خَارِجَهُ مَعَ إمْكَانِ الِاقْتِدَاءِ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ "وَهـ" وَلَوْ جَاوَزَ ثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ "ش" أَوْ كَانَتْ جُمُعَةً فِي دَارٍ وَدُكَّانٍ "م" وَجَزَمَ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي3، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهَا بِاعْتِبَارِ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ "خ" عُرْفًا، وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ بِالدُّنُوِّ مِنْ الْإِمَامِ، إلَّا4 مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، واعتبر في المغني5 اتصال الصفوف، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ، وَلَا يُمْنَعُ الِاقْتِدَاءُ، وَاعْتَبَرَهُ فِي "الشَّرْحِ1"، وَفَسَّرَهُ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِحَيْثُ يَمْنَعُ إمْكَانَ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ، فَرَجَعَ إلَى الْعُرْفِ. وَقِيلَ: يُمْنَعُ شُبَّاكٌ وَنَحْوُهُ، وَحُكِيَ رِوَايَةً، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مَعَ الْقُرْبِ الْمُصَحَّحِ نَهْرٌ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، أَوْ طَرِيقٌ وَلَمْ تَتَّصِلْ فِيهِ الصُّفُوفُ، إنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ صَفَّيْنِ مَا يَقُومُ فِيهِ صَفٌّ آخَرُ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَصِحَّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِلْآثَارِ2 "وَهـ" وَعَنْهُ: صَحَّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ "وَم ش". وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": وَهُوَ الْقِيَاسُ تُرِكَ لِلْآثَارِ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ بِسَفِينَةٍ وَإِمَامُهُ بِأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْمَاءَ طَرِيقٌ وَلَيْسَتْ الصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ، وَالْمُرَادُ: فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَلْحَقَ الْآمِدِيُّ بِالنَّهْرِ النَّارَ وَالْبِئْرَ، وَقِيلَ: وَالسَّبُعُ، وَقَالَهُ أبو المعالي في الشوك والنار. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويكره على الأصح علو الإمام كثيرا
فَصْلٌ: وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ عُلُوُّ الْإِمَامِ كَثِيرًا "وهـ م" لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي خَبَرٍ سَهْلٍ1 يدل أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُرِدْ التَّعْلِيمَ "وَش" وَقِيلَ: إنْ فَعَلَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ "وَم" وَإِنْ سَاوَاهُ بَعْضُهُمْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فِي الْأَصَحِّ "وَم" زَادَ بَعْضُهُمْ: بِلَا كَرَاهَةٍ "وَهـ" وَفِي النَّازِلِينَ إذًا الْخِلَافُ، وَالْكَثِيرُ ذِرَاعٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَدَّرَهُ أَبُو الْمَعَالِي بِقَامَةِ الْمَأْمُومِ، لِحَاجَتِهِ إلَى رَفْعِ رَأْسِهِ، وَفِي الْخِلَافِ: لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ إلَّا بَعْدَ رَفْعِ رَأْسِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَكَذَا عَلَّلَهُ فِي الْفُصُولِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَهُوَ مَكْرُوهٌ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَالْقَوْلَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ الْمَأْمُومِ، نَصَّ عَلَيْهِ "ش" وَلَا يُعِيدُ الْجُمُعَةَ مُصَلِّيهَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ "م" وَيُكْرَهُ وُقُوفُ الْإِمَامِ فِي الْمِحْرَابِ بِلَا حَاجَةٍ "وَهـ" كَضِيقِ الْمَسْجِدِ، وَعَنْهُ: لَا، كَسُجُودِهِ فِيهِ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ. وَاِتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ مُبَاحٌ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الطَّاقِ، وَقَدْ كَرِهَهُ عَلِيٌّ2، وَابْنُ مَسْعُودٍ2، وَابْنُ عمر3، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَبُو ذَرٍّ1، وَقَالَ الْحَسَنُ: الطَّاقُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْدَثَهُ النَّاسُ، وَكَانَ يَكْرَهُ كُلَّ مُحْدَثٍ2، وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ: لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَّخِذُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ النَّصَارَى3. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدٍ يُشْرِفُ4. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ إذَا مَرَّ بِمَسْجِدٍ يُشْرِفُ قَالَ: هَذِهِ بِيعَةٌ5. فَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ يَتَوَجَّهُ مِنْهُ كَرَاهَةُ الْمِحْرَابِ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْبَنَّاءِ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ قَالَ بِهِ، وَفِيهِ أَيْضًا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمَسَاجِدِ الْمُشْرِفَةِ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. وَلَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ إلَّا هُنَا، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ، وَكَالْمَسْجِدِ وَالْجَامِعِ، وَفِيهِمَا فِي آخِرِ الرِّعَايَةِ: أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالْمُرَادُ: وَلَا يُبْنَى مَسْجِدٌ ضِرَارًا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: يَبْنِي مَسْجِدًا إلَى جَنْبِ مَسْجِدٍ؟ قَالَ: لَا يَبْنِي الْمَسَاجِدَ لِيُعَدِّيَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَقَالَ صَالِحٌ: قُلْت لِأَبِي: كَمْ يُسْتَحَبُّ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَكُونَ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَبْنُوا إلَى جَانِبِهِ مَسْجِدًا؟ قَالَ: لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ يُرَادُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدٍ إلَى جَنْبِهِ، فَإِنْ كَثُرَ النَّاسُ حَتَّى يَضِيقَ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْنَى وَإِنْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ. فَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يُبْنَى لِقَصْدِ الضِّرَارِ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ وَلَا حَاجَةً فَرِوَايَتَانِ، رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بن موسى: لا يبنى، واختاره شيخنا وأنه يجب هدمها، وقاله فِيمَا بَنَى جِوَارَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ: يُبْنَى "م 6". نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي مِحْرَابٍ يُرِيدُ أَنْ يَنْحَرِفَ عَنْهُ الْإِمَامُ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يُحَوَّلَ وَيُحَرَّفَ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ غَلَّةِ الْمَسْجِدِ، وَفَوْقَ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمَسْجِدِ بَيْتُ غَلَّةٍ، وَلَوْ جُعِلَ فَوْقَ الْحَوَانِيتِ مَسْجِدًا وَغَلَّتُهَا لِرَجُلٍ، قَالَ: هَذَا لَا بَأْسَ بِهِ، قِيلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: وَلَا يَبْنِي مَسْجِدًا ضِرَارًا يَعْنِي لمسجد آخر لقربه وإن لَمْ يَقْصِدْ الضِّرَارَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَرِوَايَتَانِ، رواية محمد بن موسى: لا يبنى، واختاره شَيْخُنَا وَأَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُهَا، وَقَالَ فِيمَا بَنَى جِوَارَ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ: يَبْنِي. انْتَهَى، الصَّحِيحُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين، والله أعلم. تَنْبِيهٌ: لَيْسَ فِي بَابِ الْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَبَابِ صَلَاةِ الْمَرْضَى شَيْءٌ مِنْ المسائل التي فيها الخلاف المطلق. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
لَهُ: فَتَخْتَارُ الصَّلَاةَ فِي غَيْرِهِ؟ قَالَ: لَا، وَيُكْرَهُ تَطَوُّعُهُ مَوْضِعَ الْمَكْتُوبَةِ بِلَا حَاجَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَهـ م" وَقِيلَ: تَرْكُهُ أَوْلَى كَالْمَأْمُومِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِ الْوُقُوفُ بَيْنَ السَّوَارِي، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهَا تَقْطَعُ الصَّفَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَتَكُونُ سَارِيَةً عَرْضُهَا مَقَامُ ثَلَاثَةٍ بِلَا حَاجَةٍ وَيَتَوَجَّهُ أَكْثَرُ، أَوْ الْعُرْفُ، وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ وَلِهَذَا لَمَّا جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ إلَى الْعُرْفِ، وَبَحَثَ مَعَ الشَّافِعِيَّةِ فِي تَقْدِيرِهِمْ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ قَالَ: الْقَدْرُ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ حَدِّ الْقِلَّةِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، وَلِهَذَا جَعَلُوا خِيَارَ الشَّرْطِ ثَلَاثًا، وَقَالُوا: الثَّلَاثُ آخِرُ حَدِّ الْقِلَّةِ، وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ جَعَلُوا الثلاث في حد الكثرة، وَمَا دُونَ الثَّلَاثِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، وَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ وَعَنْهُ: "لَا" يُكْرَهُ "وَ" كَالْإِمَامِ، وَيُكْرَهُ اتِّخَاذُ غَيْرِ إمَامٍ مَكَانًا بِالْمَسْجِدِ لَا يُصَلِّي فَرْضَهُ إلَّا بِهِ. وَيُبَاحُ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ، جَمْعًا بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ1. وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ دَوَامُهُ بِمَوْضِعٍ مِنْهُ، وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَحْمَدُ لَا يُوَطِّنُ الْأَمَاكِنَ وَيَكْرَهُ إيطَانَهَا. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ فَاضِلَةً "ش" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ مِنْ تَحَرِّي نَقْرَةِ الْإِمَامِ؛ لأن عتبان2 لما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَسْتَطِعْ، الْمَسْجِدَ طَلَبَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَكَان فِي بَيْتِهِ لِيُصَلِّيَ فِيهِ وَلِلْبُخَارِيِّ1: اتَّخَذَهُ مَسْجِدًا. وَلِأَنَّ سَلَمَةَ2 كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَنَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ إيطَانِ المكان كإيطان البعير4، فيه تميم ابن مَحْمُودٍ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ5: فِي إسْنَادِ حَدِيثِهِ نَظَرٌ. ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى مَكَان مَفْضُولٍ، أَوْ لِخَوْفِ رِيَاءٍ وَنَحْوِهِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا: وَلَوْ كان6 لِحَاجَةٍ، كَاسْتِمَاعِ حَدِيثٍ، وَتَدْرِيسٍ، وَإِفْتَاءٍ، وَنَحْوِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: لا، وذكره بعضهم اتفاقا لأنه يقصد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب العذر في ترك الجمعة والجماعة
باب العذر في ترك الجمعة والجماعة باب العذر في ترك الجمعة والجماعة ... بَابُ الْعُذْرِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ يُعْذَرُ فِيهِمَا بِمَرَضٍ، وَبِخَوْفِ حُدُوثِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِهَا رَاكِبًا، أَوْ مَحْمُولًا، أَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِهِ، أَوْ بِأَنْ يَقُودَ أَعْمَى لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ، وَقِيلَ: لَا، كَالْجَمَاعَةِ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي الْجُمُعَةِ: يَكْتَرِي وَيَرْكَبُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ضَعْفٍ عَقِبِ الْمَرَضِ، فَأَمَّا مَعَ الْمَرَضِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِبَقَاءِ الْعُذْرِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ يَحْضُرُ الْجُمُعَةَ فَيَعْجِزُ عَنْ الْجَمَاعَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ التَّعَبِ، قَالَ: لَا أَدْرِي، وَبِمُدَافَعَةِ أَحَدِ الْأَخْبَثَيْنِ. وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ هو1 مُحْتَاجٍ إلَيْهِ، وَيَشْبَعُ، لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ2، وَلَا يَعْجَلْنَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، وَعَنْهُ: مَا يُسْكِنُ نَفْسَهُ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ، إنْ بَدَأَ بِالطَّعَامِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ابْتَدَرَ إلَى الصَّلَاةِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا فَقَامَ وَصَلَّى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، وَبِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، وَلَوْ تعمد سبب المال، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجُمُعَةِ، قَالَ: كَسَائِرِ الْحِيَلِ لِإِسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ، كَذَا أَطْلَقَ، وَاسْتَدَلَّ. وَعَنْهُ: إنْ خَافَ ظُلْمًا فِي مَالِهِ فَلْيَجْعَلْهُ وِقَايَةً لِدِينِهِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ. أَوْ ضَائِعٌ يَرْجُوهُ، أَوْ مَعِيشَةٌ يَحْتَاجُهَا، أَوْ مَالٌ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِهِ، وبخوف معسر حبسه، أو لزه1، أَوْ تَطْوِيلُ إمَامٍ، أَوْ مَوْتُ قَرِيبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. أَوْ تَمْرِيضُهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيهِ: وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ، وَأَنَّهُ لَا يَتْرُكُ الجمعة. وفي النصيحة: وليس له من2 يَخْدُمَهُ إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ حُضُورِهِ، أَوْ رَفِيقِهِ أَوْ فَوْتِ رُفْقَتِهِ، وَبِغَلَبَةِ نُعَاسٍ يَخَافُ فَوْتَهَا فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا مَعَ الْإِمَامِ، وَقِيلَ: فِي الْجَمَاعَةِ لَا الْجُمُعَةِ، وَقِيلَ: لَا، فِيهِمَا. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُعْذَرُ فِيهِمَا: بِخَوْفِهِ نَقْضَ وُضُوئِهِ بِانْتِظَارِهِ، وَبِالتَّأَذِّي بِمَطَرٍ، أَوْ وَحْلٍ "م"3 فِي الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ: سَفَرًا، وَبِرِيحٍ بَارِدَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ: مُظْلِمَةً، وَقِيلَ: رِيحٌ شَدِيدَةٌ، وَعَنْهُ: سَفَرًا، وَعَنْهُ: كُلُّهَا عُذْرٌ فِي سَفَرٍ لَا حَضَرٍ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ زَادَ مُسْلِمٌ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قُلْ: صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ، فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ ذَاتُ مَطَرٍ فِي السفر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. وَلَمْ يَقُلْ ابْنُ مَاجَهْ1: فِي السَّفَرِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا2، فَدَلَّ عَلَى الْعَمَلِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْجَمْعِ وَفِي الْفُصُولِ: يُعْذَرُ فِي الْجُمُعَةِ بِمَطَرٍ وَبَرْدٍ وَخَوْفٍ وَفِتْنَةٍ، كَذَا قَالَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَنْ قَدَرَ يَذْهَبُ فِي الْمَطَرِ فَهُوَ لَهُ أَفْضَلُ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، ثم قال: لو قلنا: يسعى3 مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ لَأَذْهَبْت الْخُشُوعَ، وَجَلَبْت السَّهْوَ، فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَقَالَ: وَالزَّلْزَلَةُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهَا نَوْعُ خَوْفٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ أَنَّ التَّجَلُّدَ عَلَى دَفْعِ النُّعَاسِ وَيُصَلِّي مَعَهُمْ أَفْضَلُ، وَأَنَّ الْأَفْضَلَ تَرْكُ مَا يَرْجُوهُ لَا مَا يَخَافُ تَلَفَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرُّخَصَ غَيْرُ الْجَمْعِ أَفْضَلُ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْجُمُعَةِ4، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَذْهَبَ الْخُشُوعَ كَالْحَرِّ الْمُزْعِجِ عُذْرٌ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ أَصْحَابُنَا كَالْبَرْدِ الْمُؤْلِمِ فِي مَنْعِ الْحُكْمِ وَالْإِفْتَاءِ. وَيُكْرَهُ حُضُورُ الْمَسْجِدِ لِمَنْ أَكَلَ بَصَلًا أَوْ فُجْلًا وَنَحْوَهُ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ خَلَا الْمَسْجِدُ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
آدَمِيٍّ، لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ، وَالْمُرَادُ حُضُورُ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَسْجِدٍ، وَلَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ قَوْلِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْفُصُولِ: تُكْرَهُ صَلَاةُ مَنْ أَكَلَ ذَا رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مَعَ بَقَائِهَا، أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا. وَفِي "الْمُغْنِي1" فِي الْأَطْعِمَةِ: "يُكْرَهُ" أَكْلُ "كُلِّ" ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لِأَجْلِ رَائِحَتِهِ "مِنْهُ" أَرَادَ دُخُولَ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ: "بَابُ مَا تُجَنَّبُ الْمَسَاجِدُ وَيُمْنَعُ مِنْهُ فِيهَا لِحُرْمَتِهَا". وَمِمَّا ذُكِرَ خَبَرُ جَابِرٍ2 الْمَذْكُورِ لِخَبَرِ أَنَسٍ: "مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا وَلَا يُصَلِّي مَعَنَا". وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ: "فَلَا يَأْتِيَنَّ الْمَسَاجِدَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا3، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: "فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ". وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"4 أَنَّ عُمَرَ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ عَنْ الْبَصَلِ وَالثُّومِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إلَى الْبَقِيعِ. وَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُغِيرَةَ فِي الْمَسْجِدِ وقد أكل ثوما،
وَقَالَ: إنَّ لَك عُذْرًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1، وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ، وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ إنْ حَرُمَ دُخُولُهُ وَجَبَ إخْرَاجُهُ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: إذَا شَمَّ الْإِمَامُ رِيحَ الثُّومِ يَنْهَاهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَقُولُ: لَا تُؤْذُوا أَهْلَ الْمَسْجِدِ بِرِيحِ الثُّومِ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ رَجُلٍ مِنْ الْمَسْجِدِ شَمَّ مِنْهُ رِيحَ الثُّومِ2. قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: يَقْطَعُ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ مِنْ الْمَأْكُولِ مَضْغُ السَّذَابِ3 أَوْ السُّعْدِ4. وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ بِهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَلِهَذَا سَأَلَهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ النَّفْطِ يُسْرَجُ بِهِ، قَالَ لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنْ يُتَأَذَّى بِرَائِحَتِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ. وَيُعْذَرُ مَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَجَاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى مَالٍ، لَا مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ، أَوْ "حَدُّ" قَذْفٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ إنْ رَجَا الْعَفْوَ. وَلَا يُعْذَرُ بِمُنْكَرٍ فِي طَرِيقِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِنَفْسِهِ لَا قَضَاءُ حَقٍّ لِغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: كَمَا لَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ لِأَجْلِ مَا يَتْبَعُهَا مِنْ نَوْحٍ وَتَعْدَادٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، كَذَا هُنَا، كَذَا قَالَ، وَلَا بِالْجَهْلِ بِالطَّرِيقِ إذَا وَجَدَ من يهديه، وكذا بالعمى. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الْإِسْقَاطُ بِهِ هُوَ مُقْتَضَى النَّصِّ، وَفِي الْفُصُولِ: الْمَرَضُ وَالْعَمَى مَعَ عَدَمِ الْقَائِدِ لَا يَكُونُ عُذْرًا فِي حَقِّ الْمُجَاوِرِ فِي الْجَامِعِ "وَالْمُجَاوِرِ" لَهُ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: وَيَلْزَمُهُ إنْ وَجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَائِدِ، كَمَدِّ الْحَبْلِ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ أَيْضًا: وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ، وَيُصَلِّي جُمُعَةً فِيهَا دُعَاءٌ لِبُغَاةٍ، وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ. سبحانه وتعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة المريض
باب صلاة المريض مدخل ... باب صلاة المريض يُصَلِّي قَائِمًا "ع" وَلَوْ مُعْتَمِدًا بِشَيْءٍ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَلْزَمُهُ اكْتِرَاءُ مَنْ يُقِيمُهُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَقَّ لِضَرَرٍ أَوْ تَأَخُّرِ برء فقاعدا "و" ويتربع "وم" نَدْبًا "وَ" وَقِيلَ، وُجُوبًا وَيَثْنِي رِجْلَيْهِ كَمُتَنَفِّلٍ. قَالَ فِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَدَرَ أَنْ يَرْتَفِعَ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا رَكَعَ قَاعِدًا، وَعَنْهُ: إنْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ تَرَبَّعَ، وَإِلَّا افْتَرَشَ، وَلَا يَفْتَرِشُ مُطْلَقًا "هـ ر ق" وَعَنْهُ: لَا يَقْعُدُ إلَّا إنْ عَجَزَ عَنْ قِيَامِهِ لِدُنْيَاهُ. وَأَسْقَطَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ "الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ" بِضَرَرٍ1 مُتَوَهَّمٍ، وَأَنَّهُ لَوْ تَحَمَّلَ الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ حَتَّى ازْدَادَ مَرَضُهُ أَثِمَ، وَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُسْقِطُ فَرْضَهُ بِالتَّوَهُّمِ، فَلَوْ قِيلَ لَهُ: لَا تَأْمُرْ عَلَى فُلَانٍ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُك لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ لِذَلِكَ2، يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ: إنَّ الْأَصْحَابَ بَلْ وَالْإِمَامَ أَحْمَدَ إنَّمَا اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ وَهُوَ ضِدُّ الْأَمْنِ، وَقَدْ قَالُوا: يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ إذَا لَمْ يُؤَمَّنْ هُجُومَ الْعَدُوِّ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ: إنَّ مِنْ شَرْطِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ خَوْفَ التَّلَفِ، وَكَذَا أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ اعْتَبَرُوا الْخَوْفَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ3. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا كَانَ قِيَامُهُ يُوهِنُهُ وَيُضْعِفُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَيُصَلِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَاعِدًا إن أمكن معه الصوم.
وَإِنْ شَقَّ قَاعِدًا وَالْمَذْهَبُ: وَلَوْ بِتَعَدِّيهِ بِضَرْبِ سَاقِهِ كَتَعَدِّيهَا بِضَرْبِ بَطْنِهَا فَنَفَّسَتْ كَمَا سَبَقَ1 فَعَلَى جَنْبِهِ، وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ وَإِنْ تَرَكَهُ قَادِرًا وَصَلَّى عَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ كُرِهَ وَيَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا، "وَش" وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ: يُصَلِّي عَلَى مَا قَدَرَ وَتَيَسَّرَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ: كَيْفَ شَاءَ، كِلَاهُمَا جَائِزٌ، وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِلْقَاءُ أَوَّلًا "هـ" وَيَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ مَا أَمْكَنَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَقَلُّ رُكُوعِهِ مُقَابَلَةُ وَجْهِهِ مَا وَرَاءَ رُكْبَتَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ أَدْنَى مُقَابَلَةٍ، وَتَتِمَّتُهَا الْكَمَالُ. وَجَعْلُ سُجُودِهِ أَخْفَضُ، وَإِنْ سَجَدَ مَا أَمْكَنَهُ عَلَى شَيْءٍ رَفَعَهُ كره وأجزأه2. نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رواية: لا يجزئه، كيده. ولا بأس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِسُجُودِهِ عَلَى وِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا، وَعَنْهُ: هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِيمَاءِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ أُمِّ سَلَمَةَ1، وَابْنِ عَبَّاسٍ2، وَغَيْرِهِمَا3. قَالَ: وَنَهَى عَنْهُ ابْنُ مسعود4، وابن عمر5. وإن عجز، أومأ6 بِطَرَفِهِ، نَاوِيًا، مُسْتَحْضِرًا الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ إنْ7 عَجَزَ عنه بقلبه، كأسير عاجز لِخَوْفِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بُدَّ مِنْ شَيْءٍ مَعَ عَقْلِهِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: صَلَّى بِقَلْبِهِ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَرْفِهِ. وَفِي الْخِلَافِ: أَوْمَأَ بِعَيْنَيْهِ، وَحَاجِبَيْهِ، أَوْ قَلْبِهِ، وَقَاسَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِيمَاءُ بِيَدَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْزَمَهُ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: يُصَلِّي مُضْطَجِعًا وَيُومِئُ، قَالَ: فَأَطْلَقَ وُجُوبَ الْإِيمَاءِ وَلَمْ يَخُصَّهُ بِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ1، وَعَلَى أَنَّ الطَّرْفَ مِنْ مَوْضِعِ الْإِيمَاءِ، وَالْيَدَانِ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الْإِيمَاءِ بِحَالٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِطَرْفِهِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي قَدْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ2 بِإِسْنَادِهِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَجَالِسًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا" وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ3 وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَرْفُوعًا، وَلَيْسَ فِيهِ: وَأَوْمَأَ بِطَرْفِهِ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَكَتَحْرِيكِ لِسَانٍ عَاجِزٍ وَأَوْلَى؛ لأنه لازم للمأمور به. قال في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"الْفُنُونِ": الْأَحْدَبُ يُجَدِّدُ لِلرُّكُوعِ نِيَّةً، لِكَوْنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، كَمَرِيضٍ لَا يُطِيقُ الْحَرَكَةَ يُجَدِّدُ لِكُلِّ فِعْلٍ وَرُكْنٍ قَصْدًا كَفُلْكٍ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ بِالنِّيَّةِ، وَعَنْهُ: تَسْقُطُ الصَّلَاةُ. اخْتَارَهُ شيخنا "وهـ" لظاهر قوله عليه السلام لعمران: "صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا1، وَفِي لَفْظٍ: "فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: رَوَاهُ النَّسَائِيُّ2، كَذَا قَالَ، وَرَوَى الدَّارِمِيُّ3، وَأَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْحِمَّانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَمَنْ صَلَّى فَذًّا أَوْ غَيْرَ قَائِمٍ لِعُذْرٍ فَهَلْ يَكْمُلُ ثَوَابُهُ؟ سَبَقَتْ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ4 وَأَوَّلُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ5، ومن ترك العبادة عجزا فهل يكمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَوَابُهُ؟ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَخْبَارِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ: لَا يَصِحُّ حَمْلُهَا عَلَى الْمُنْفَرِدِ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَا يفعله له1 لولا العذر2. ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ أَبِي مُوسَى: إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا3. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ رَاحَ فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ صَلَّاهَا وَحَضَرَهَا لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ4، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: مِثْلَ أَجْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ صَلَّاهَا؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ كَأَحَدِهِمْ، وَكَذَا اخْتَارَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي حَدِيثِ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ أَنَّ لَهُ أَجْرَ الشَّهِيدِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ5 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا أُعْطِيهَا وَلَوْ لَمْ تُصِبْهُ وَمِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ6: مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ1: "مَنْ دَعَا إلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ إثْمِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ2: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ". وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا: "مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَصَحَّحَهُ. وَعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ مَرْفُوعًا مَثَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِثْلُ أَرْبَعَةٍ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَعْمَلُ فِي مَالِهِ بِعِلْمِهِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ مَالِ فُلَانٍ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَهُمَا فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا وَلَمْ يُؤْتِهِ عِلْمًا، فَهُوَ يَتَخَبَّطُ فِيهِ لَا يَدْرِي مَا لَهُ مِمَّا عَلَيْهِ؛ وَرَجُلٌ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ مَالًا وَلَا عِلْمًا فَقَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثْلُ مَالِ4 فُلَانٍ لَعَمِلْت فِيهِ مِثْلَ عَمَلِ فُلَانٍ، فَهُمَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ5، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ6 الطَّبَرِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] ، إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَوْلِهِ: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [التين: 6] ، وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2 عَنْهُ. وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ3، وَابْنِ قُتَيْبَةَ4 أَنَّ الْمُؤْمِنَ تُكْتَبُ لَهُ طَاعَاتُهُ الَّتِي كَانَ يَعْمَلُهَا. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، إنَّمَا ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمُرَادِ بِالْآيَةِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ في5 قَوْله تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] فِي الْمَعْذُورِ قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُهُ مُسَاوِيًا، وَقِيلَ: يُعْطَى أَجْرُهُ بِلَا تَضْعِيفٍ فَيَفْضُلُهُ الْغَازِي بِالتَّضْعِيفِ، لِلْمُبَاشَرَةِ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: "اُكْتُبُوا لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ فِي الصِّحَّةِ" 6. وَبِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ7، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا، مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا، إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، حَبَسَهُمْ الْمَرَضُ"، وَفِي رِوَايَةٍ: "إلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ8 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ9 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ إلَّا كَانُوا مَعَكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعُذْرُ وَلَمْ يُجِبْ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ1 فِيهَا: إنَّهُ فَضَّلَهُمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ أُولِي الضَّرَرِ بِدَرَجَةٍ، وَعَلَى غَيْرِهِمْ بِدَرَجَاتٍ، وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا: هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرَارِ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ2، وَمُقَاتِلٍ، وَالسُّدِّيُّ3، وَابْنُ جُرَيْجٍ4، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ قَوْمٌ: التَّفْضِيلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، مُبَالَغَةً، وَبَيَانًا، وَتَأْكِيدًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ، كَصَاحِبِ الْمَحْصُولِ فِي تَفْسِيرِهِ فِي الْآيَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمَهْدَوِيُّ الْمَالِكِيُّ5، وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْمُتَخَلِّفِ عَنْ الْجِهَادِ لِعُذْرٍ: لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لَا كُلُّهُ مَعَ قَوْلِهِ: مَنْ لَمْ يُصَلِّ قَائِمًا لِعَجْزِهِ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ قَائِمًا، لَا يَنْقُصُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا. فَفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ فَعَلَ الْعِبَادَةَ عَلَى قُصُورٍ، وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يفعل شيئا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إنَّ التَّفْضِيلَ فِي هَذَا وَفِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى الْفَذِّ وَفِي قَوْلِهِ: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعْذُورِ، قَالَ: وَحَدِيثُ: "ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ" 1 يُبَيِّنُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْخَيْرَ لَيْسَ كَمَنْ عَجَزَ عَنْهُ، وَلَيْسَ مَنْ حَجَّ كَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ، فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ: "مَنْ كَانَ لَهُ حِزْبٌ مِنْ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْهُ أَوْ مَرِضَ، كُتِبَ لَهُ" 2. قُلْنَا: لَا نُنْكِرُ تَخْصِيصَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَخْصِيصَهُ بِالنَّصِّ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُهُ بِالظَّنِّ وَالرَّأْيِ، كَذَا قَالَ، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ، وَمَشَى مَعَ الظَّاهِرِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَامَ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَقُومَ فَنَامَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى". وَلِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَقُولَ: الْمُرَادُ نِيَّةُ مَا نَوَى، لَا عَمَلُهُ مِنْ اللَّيْلِ، عَلَى ظَاهِرِهِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ4 عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: "مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَقَرَأَهُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ كتب له كأنما قرأه من الليل". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ نَوَى الْخَيْرَ وَفَعَلَ مَا يقدر عليه منه، كان له كأجر1 الْفَاعِلِ. ثُمَّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ، وَحَدِيثِ: "إنَّ بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا". وَحَدِيثِ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ". وَحَدِيثِ: "مَنْ دَعَا إلَى هُدًى" 2. قَالَ: وَلَهُ نَظَائِرُ، وَاحْتَجَّ بِهَا فِي مَكَان آخَرَ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} [النساء: 95] وَقَالَ أَيْضًا عَنْ حَدِيثِ: "إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ": هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْجَمَاعَةَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَكَانَ يَعْتَادُهَا كُتِبَ لَهُ أَجْرُ الْجَمَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْتَادُهَا لَمْ يُكْتَبْ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالَيْنِ إنَّمَا لَهُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ صَلَاةُ مُنْفَرِدٍ، وَكَذَلِكَ الْمَرِيضُ إذَا صَلَّى قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا، قَالَ: وَمَنْ قَصَدَ الْجَمَاعَةَ فَلَمْ يُدْرِكْهَا كَانَ لَهُ أَجْرُ مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ، وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ مُعَاذٍ لِأَبِي مُوسَى: "أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ ثُمَّ أَقُومُ، فَأَقْرَأُ، فَأَحْتَسِبُ فِي نَوْمَتِي، مَا أَحْتَسِبُ فِي قَوْمَتِي". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. قَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَوَى بِالنَّوْمِ الْقُوَّةَ عَلَى الْقِيَامِ وَإِرَاحَةَ بَدَنِهِ لِلْخِدْمَةِ فَإِنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ مَا يُكْتَبُ لَهُ فِي حَالِ قِيَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ لِيَدْأَبَ، وَيَنَامُ لِيَقُومَ، فَكَانَ حكمه كحكمه وقال وفي حديث: "ذهب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَهْلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَا" 1: كَانَ مِنْ حُسْنِ فِقْهِ الْفُقَرَاءِ أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ لَهُمْ مِثْلَ تَسْبِيحِ الْأَغْنِيَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْهُمْ فَلَهُمْ ثَوَابُ مَنْ عَمِلَ بِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَفْقَهُوا، حَتَّى جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا لَهُ فَأَجَابَهُمْ: "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ" يُشِيرُ إلَى الْفِقْهِ، فَالْفَضْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ فضل الآدمي في علمه وفقهه.
فصل: وإن عجز عن ركوع وسجود
فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَأَمْكَنَهُ قِيَامٌ قَامَ وَأَوْمَأَ بِرُكُوعِهِ قَائِمًا، وَبِسُجُودِهِ جَالِسًا، لَا جَالِسًا يُومِئُ بِهِمَا "هـ" وَبَنَاهُ عَلَى أَصْلِهِ فِي أَنَّ الْقِيَامَ غَيْرُ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ، وَإِنْ قَدَرَ فِيهَا عَلَى قِيَامٍ أَوْ قعود، لزمه وأتمها "و"2، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْرَأْ قَامَ فَقَرَأَ، وَإِلَّا قَامَ وَرَكَعَ بِلَا قِرَاءَةٍ، وَإِنْ أَبْطَأَ مُتَثَاقِلًا من أطاق القيام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَعَادَ الْعَجْزُ، فَإِنْ كَانَ فِي قُعُودٍ مِنْ صَلَاتِهِ كَتَشَهُّدٍ صَحَّتْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ خَلْفَهُ وَلَوْ جَهِلُوا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ "كَلَامِ" جَمَاعَةٍ: فِي الْمَأْمُومِ الْخِلَافُ، وَهُوَ أَوْلَى. وَيُبْنَى عَلَى إيمَاءٍ "هـ" وَيَبْنِي عَاجِزٌ فِيهَا "وَ" وَلَوْ طَرَأَ عَجْزٌ فَأَتَمَّ الْفَاتِحَةَ فِي انْحِطَاطِهِ أَجْزَأَ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْقُعُودِ، لَا مَنْ صَحَّ فَأَتَمَّهَا فِي ارْتِفَاعِهِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ بِالتَّحْرِيمَةِ مُنْحَطًّا لَا يُجْزِئُهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا تُجْزِئُهُ التَّحْرِيمَةُ مُنْحَطًّا كَقِرَاءَةِ الْمُتَنَفِّلِ فِي انْحِطَاطِهِ. وَمَنْ قَدَرَ قَائِمًا مُنْفَرِدًا وَجَالِسًا جَمَاعَةً خُيِّرَ "وَهـ ش" وَقِيلَ: جَمَاعَةً أَوْلَى، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَائِمًا، وَلِلْمَرِيضِ الصَّلَاةُ مُسْتَلْقِيًا "وَهـ" بِقَوْلِ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ طَبِيبٍ وَسُمِّيَ بِهِ لِحِذْقِهِ وَفِطْنَتِهِ وَقِيلَ بِثِقَتَيْنِ إنَّهُ يَنْفَعُهُ، وَقِيلَ: عَنْ يَقِينٍ، وَقَاسَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْفِطْرِ لِرَجَاءِ الصِّحَّةِ، وَنَصَّ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ: إنَّ الصَّوْمَ مِمَّا يُمَكِّنُ الْعِلَّةَ. وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الصَّلَاةِ قَاعِدًا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأَسِيرَ الْخَائِفَ يُومِئُ1، وَسَبَقَ آخِرُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَحُكْمُ مَنْ خَافَ إنْ انْتَصَبَ قائما2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة المسافر
باب صلاة المسافر مدخل ... باب صلاة المسافر مَنْ ابْتَدَأَ سَفَرًا مُبَاحًا "وم ش" وَالْأَصَحُّ: أَوْ هُوَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ، وَقِيلَ: أَوْ نَقَلَ سَفَرَهُ الْمُبَاحَ إلَى مُحَرَّمٍ كَالْعَكْسِ، كَتَوْبَتِهِ، وَقَدْ بَقِيَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فِي الْأَصَحِّ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ لَا، وَعَنْهُ: مُبَاحًا غَيْرَ نُزْهَةٍ وَلَا فُرْجَةٍ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِأَنَّهُ لَهْوٌ بِلَا مَصْلَحَةٍ، وَلَا حَاجَةٍ، مَعَ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِإِبَاحَتِهِ، وَسَبَقَ فِي الْمَسْحِ كَلَامُ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ1. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ2: سَفَرَ طَاعَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حَامِدٍ "نَاوِيًا" "و" وَمَنْ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ صَلَاةٌ، كَحَائِضٍ وَكَافِرٍ ثُمَّ تَطْهُرُ وَيُسْلِمُ وَقَدْ بقي دون المسافة قصر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا مَنْ بَلَغَ "هـ" خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا فِيمَنْ كَلَّفَ نَاوِيًا مَسَافَةَ يَوْمَيْنِ أَرْبَعَةَ بُرْدٍ قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: تَحْدِيدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: تَقْرِيبًا، وَهُوَ أَوْلَى سِتَّةَ عَشَرَ فرسخا "وم ش" وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ هَاشِمِيَّةٍ، وَبِأَمْيَالِ بَنِي أُمَيَّةَ مِيلَانِ وَنِصْفٌ، وَالْمِيلُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَدَمٍ، سِتَّةُ آلَافِ ذِرَاعٍ، أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا "*" متعرضة1 معتدلة برا أو بحرا "هـ"2 إلا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا بِسَيْرِ الْإِبِلِ "هـ" فَلَهُ قَصْرُ الرُّبَاعِيَّةِ خَاصَّةً "ع" رَكْعَتَيْنِ "ع"3 لَا ثَلَاثًا، فَلَوْ قَامَ إلَيْهَا عَمْدًا أَتَمَّ أَرْبَعًا، إذا فارق خيام ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تنبيه: قوله "الميل.. ستة آلاف ذراع، أربعة وَعِشْرُونَ أُصْبُعًا" لَعَلَّهُ: وَهُوَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ4، أَوْ: والذراع أربعة وعشرون.
قَوْمِهِ "و" أَوْ بُيُوتَ بَلَدِهِ "و" الْعَامِرَةَ، وَقِيلَ: وَالْخَرَابَ، كَمَا لَوْ وَلِيَهُ عَامِرٌ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: أَوْ جَعَلَ مَزَارِعَ وَبَسَاتِينَ يَسْكُنُهُ أَهْلُهُ وَلَوْ فِي فَصْلٍ لِلنُّزْهَةِ، وَقِيلَ: إذَا فَارَقَ سُورَ بَلَدِهِ، وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ: وَلَوْ اتَّصَلَ بِهِ بَلَدٌ، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِصَالَهُ وَلَوْ بِذِرَاعٍ، وَكَذَا فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: لَا يَتَّصِلُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَإِنْ برزوا بمكان لقصد الاجتماع ثم1 يُنْشِئُونَ السَّفَرَ مِنْهُ فَلَا قَصْرَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَقْصُرُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي سُكَّانِ2 الْقُصُورِ وَالْبَسَاتِينِ مُفَارَقَةُ مَا نُسِبُوا إلَيْهِ عُرْفًا، وَاعْتَبَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي مُفَارَقَةَ مَنْ صَعِدَ جَبَلًا3 الْمَكَانَ الْمُحَاذِيَ لِرُءُوسِ الْحِيطَانِ، وَمُفَارَقَةَ مَنْ هَبَطَ لِأَسَاسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَبَرَ مُفَارَقَةَ الْبُيُوتِ إذَا كَانَتْ مُحَاذِيَةً اعْتَبَرَ هُنَا مُفَارَقَةَ سِمَتِهَا. وَعَنْهُ: يُعِيدُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمَسَافَةَ، خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ الْقَصْرَ بِبُلُوغِ الْمَسَافَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا، خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، كَنِيَّةِ بَلَدٍ بِعَيْنِهِ يَجْهَلُ مَسَافَتَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا يَقْصُرُ بَعْدَ عِلْمِهِ، كَجَاهِلٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ ابْتِدَاءً، أَوْ عَلِمَهَا ثُمَّ نَوَى إنْ وَجَدَ غَرِيمَهُ رَجَعَ، أَوْ نَوَى إقَامَةً بِبَلَدٍ دُونَ مَقْصِدِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَلَدِ نِيَّتِهِ4 الْأُولَى دُونَ المسافة5، قَصَرَ، لِأَنَّ سَبَبَ الرُّخْصَةِ انْعَقَدَ، فَلَا يَتَغَيَّرُ6 بالنية المعلقة حتى يوجد الشرط المغير7، وقيل: لا يقصر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَتَرَخَّصُ فِي نَفْيٍ وَتَغْرِيبٍ، إلَّا مَحْرَمَ المرأة يترخص.
فصل: ويقصر ويترخص مسافر مكرها
فَصْلٌ: وَيَقْصُرُ وَيَتَرَخَّصُ مُسَافِرٌ مُكْرَهًا، كَأَسِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ "ش" كَامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ "و" تَبَعًا لِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ فِي نِيَّتِهِ وَسَفَرِهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي النَّوَادِرِ: لَا قَصْرَ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: تُعْتَبَرُ نِيَّةُ مَنْ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ، وَقَالَ: وَالْجَيْشُ مَعَ الْأَمِيرِ، وَالْجُنْدِيُّ مَعَ أَمِيرِهِ إنْ كَانَ رِزْقُهُمْ فِي مَالِ أَنْفُسِهِمْ فَفِي أَيِّهِمَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِلَّا فَكَالْأَجِيرِ، وَالْعَبْدِ لِلشَّرِيكَيْنِ تُرَجَّحُ نِيَّةُ إقَامَةِ أَحَدِهِمَا، وَمَتَى صَارَ الْأَسِيرُ بِبَلَدِهِمْ أَتَمَّ فِي الْمَنْصُوصِ تَبَعًا لِإِقَامَتِهِمْ كَسَفَرِهِمْ، وَيَقْصُرُ مَنْ حُبِسَ ظُلْمًا، أَوْ حَبَسَهُ مَرَضٌ أَوْ مَطَرٌ وَنَحْوُهُ "و" وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ حكم سفره لوجود صورة الإقامة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي "الْمُغْنِي"1: الْحُجَّةُ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ فِي كُلِّ سَفَرٍ، لَمْ يُخَالِفْ إجْمَاعًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حُدَّ فَتَحْدِيدُهُ بِبَرِيدٍ أَجْوَدُ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ رَجَّحَهُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ "م ش" كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَهِيَ أَظْهَرُ "و" وَكَعَاصٍ فِي سَفَرِهِ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابن الْمُنَجَّى؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ2، وَكَذَا "قَالَ" ابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ لَا يَتَرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَشْبَهَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاعْتِكَافِ3، وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ4 فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرْخِيصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 1"، وأطلق ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. مَنْع جَوَازِ الرُّخَصِ5 فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ منجى في شرح المقنع، وقاله6 وَابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر، فظاهر
وَقَالَ فِي "الْمُغْنِي"1: الْحُجَّةُ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ فِي كُلِّ سَفَرٍ، لَمْ يُخَالِفْ إجْمَاعًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ حُدَّ فَتَحْدِيدُهُ بِبَرِيدٍ أَجْوَدُ، وَقَالَهُ أَيْضًا فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ رَجَّحَهُ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ "م ش" كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فِيهِ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا فِي التَّلْخِيصِ، وَهِيَ أَظْهَرُ "و" وَكَعَاصٍ فِي سَفَرِهِ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ السَّفَرَ الْمَكْرُوهَ يَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ ابن الْمُنَجَّى؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ2، وَكَذَا "قَالَ" ابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ لَا يَتَرَخَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ أَشْبَهَ سَفَرَ الْمَعْصِيَةِ. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاعْتِكَافِ3، وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ4 فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرْخِيصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 1"، وأطلق ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَ بِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هَلْ تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. مَنْع جَوَازِ الرُّخَصِ5 فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ منجى في شرح المقنع، وقاله6 وَابْنُ عَقِيلٍ فِي السَّفَرِ إلَى الْمَشَاهِدِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا سافر سفرا في غير معصية فله أن يقصر، فظاهر
أصحابنا إباحة السَّفَرِ لِلتِّجَارَةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَيْرُ مُكَاثِرٍ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ، وَحَرَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ1 بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، مَرْفُوعًا وَمَنْ طَلَبَ الدُّنْيَا حَلَالًا مُكَاثِرًا لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ مَكْحُولٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَمَّا سُورَةُ {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1] فَتَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ لِمَنْ شَغَلَهُ عَنْ عِبَادَةٍ وَاجِبَةٍ، وَالتَّكَاثُرُ مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ، أَوْ مُحْتَمِلٌ، فَيُكْرَهُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الِاتِّسَاعَ فِي الْمَكَاسِبِ وَالْمَبَانِي مِنْ حِلٍّ إذَا أَدَّى جَمِيعَ حُقُوقِ اللَّهِ قَبْلَهُ مُبَاحٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فمن كاره ومن غير كاره. ـــــــــــــــــــــــــــــQكلامهم: جَوَازُ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ الْمَكْرُوهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيُسَنُّ لِمُسَافِرٍ لِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ، انْتَهَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ2 يُقَوِّي هَذَا، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا مِنْ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ الصَّمَّاءِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَشَقَّةِ بِنَزْعِهَا، لَا لِكَوْنِهَا مَكْرُوهَةً، وَلَوْ عَلَّلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَكَانَ الصَّحِيحُ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ بِالْجَوَازِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ على ما تقدم.
وَالْقَصْرُ أَفْضَلُ "و" وَالْإِتْمَامُ جَائِزٌ "هـ" فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي الْإِتْمَامُ، وَكَرِهَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَيُوتِرُ وَيَرْكَعُ سُنَّةَ الْفَجْرِ، وَيُخَيَّرُ فِي غَيْرِهِمَا "ش" فِي فِعْلِهِ، وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا وَقَوْلِهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يُسَنُّ تَرْكُهُ غَيْرَهُمَا، قِيلَ لِأَحْمَدَ: التَّطَوُّعُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي التَّخْيِيرَ فِي النَّوَافِلِ وَالسُّنَنِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَتَطَوَّعُ أَفْضَلُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي غَيْرِ الرَّوَاتِبِ، وَنَقَلَهُ بعضهم "ع".
فصل: تشترط نية القصر والعلم بها عند الإحرام
فصل: تشترط نية القصر والعلم بها عند الإحرام ... فصل: تشترط نية القصر1 "وش" وَالْعِلْمُ بِهَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ ، وَإِنَّ إمَامَهُ إذًا مُسَافِرٌ "وَلَوْ" بِأَمَارَةٍ وَعَلَامَةٍ كَهَيْئَةِ لِبَاسٍ، لَا أَنَّ إمَامَهُ نَوَى الْقَصْرَ، عَمَلًا بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْعِلْمُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ قَصَرَ2 قصرت، وإن أتم3 أتممت، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ فِي قَصْرِهِ إنْ سَبَقَ إمامه الحدث قبل علمه بحاله وجهان، لتعارض أَصْلٍ وَظَاهِرٍ "م 2"، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مُقِيمًا أَتَمُّوا "هـ م" لأنهم بِاقْتِدَائِهِمْ "بِهِ" الْتَزَمُوا حُكْمَ تَحْرِيمَتِهِ؛ وَلِأَنَّ قُدُومَ السَّفِينَةِ بَلَدَهُ1 يُوجِبُ الْإِتْمَامَ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَإِنْ اسْتَخْلَفَ مُقِيمٌ مُسَافِرًا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ قَصْرٌ وَحْدَهُ. وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ ثُمَّ عَلِمَ بِهَا أَنَّهُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ، واختار جماعة: يصح القصر بلا نية "وهـ م" وَالْأَشْهَرُ: وَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ ابْتِدَاءً "م" لأنه رخصة، فيخير مطلقا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ، ثُمَّ فِي قَصْرِهِ إن سبق إمامه الحدث قبل علمه بحاله وَجْهَانِ، لِتَعَارُضِ أَصْلٍ وَظَاهِرٍ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا لَهُ الْقَصْرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ في "المغني"2، و"الشرح"3 قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَحْدَثَ إمَامُهُ الْمُقِيمُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ، أَوْ بَانَ الْإِمَامُ الْمُقِيمُ قَبْلَ السَّلَامِ مُحْدِثًا، فَلَهُ الْقَصْرُ فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى. 4"وَلَيْسَتْ عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ، وَلَكِنَّهَا تُشْبِهُهَا، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَفِي وُجُوبِ إتْمَامِ مَنْ عَلِمَ حَدَثَ إمَامِهِ الْمُقِيمِ قَبْلَ سَلَامِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى"4. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ إمَامَهُ مُسَافِرٌ بِأَمَارَةٍ، أَوْ عَلِمَهُ مُسَافِرًا، فَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ الْقَصْرَ، ثم يلزمه متابعة إمامه في القصر وَالْإِتْمَامِ، فَإِنْ سَبَقَ إمَامُهُ الْحَدَثَ فِي هَذِهِ الْحَالِ، فَخَرَجَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَأْمُومُ، فَلَهُ الْقَصْرُ فِي وَجْهٍ، وَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ فِي آخَرَ، انْتَهَى، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: فَإِنْ جَهِلَ الْمُؤْتَمُّ حَالَ إمَامِهِ تَبِعَهُ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِتْمَامَ فَتَبِعَهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى.
كَالصَّوْمِ. وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ رَفَضَهُ وَنَوَى الْإِتْمَامَ جَازَ "م"1 وَأَتَمَّ، لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ، فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُطْلَقَةً، وَلَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا مَعَ بَقَاءِ نِيَّةِ قَصْرِهِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ "م 3". وَمَنْ عَزَمَ فِي صَلَاتِهِ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ أَوْ تَابَ مِنْهُ فِي صَلَاةٍ أَتَمَّ، وَلَوْ ذَكَرَ مَنْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ سَهْوًا قَطَعَ، فَلَوْ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ، وَأَنَّى لَهُ بِرَكْعَتَيْنِ سِوَى مَا سَهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَلْغُو "هـ" وَلَوْ كَانَ مَنْ سَهَا إمَامًا بِمُسَافِرٍ تَابَعَهُ "هـ م" إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِسَهْوِهِ فتبطل صَلَاتُهُ بِمُتَابَعَتِهِ، كَقِيَامِ مُقِيمٍ إلَى خَامِسَةٍ. وَيَتَخَرَّجُ مِنْهُ: لَا تَبْطُلُ. وَمَنْ نَوَى الْقَصْرَ فَأَتَمَّ سَهْوًا فَفَرْضُهُ الرَّكْعَتَانِ "و" وَالزِّيَادَةُ سَهْوٌ يَسْجُدُ لَهَا، وَقِيلَ: لَا. وَمَنْ أَوْقَعَ بَعْضَ صَلَاتِهِ مُقِيمًا كَرَاكِبِ سَفِينَةٍ أَتَمَّ "و" وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَصْلًا لَمَّا ذَكَرَ صَلَاةَ سَفَرٍ فِي حَضَرٍ، وَقِيلَ: إنْ نَوَى الْقَصْرَ مَعَ عِلْمِهِ بِإِقَامَتِهِ فِي أَثْنَائِهَا صَحَّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ كان مسح فوق يوم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ ثُمَّ رَفَضَهُ وَنَوَى الْإِتْمَامَ جَازَ. وَلَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا مَعَ بَقَاءِ نِيَّةِ قَصْرِهِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ. قُلْت الصَّوَابُ جَوَازُهُ، وَفِعْلُهُ عَمْدًا دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ نِيَّةِ الْقَصْرِ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: وَجْهُ الصِّحَّةِ إلْغَاءُ نِيَّةِ الْقَصْرِ بِفِعْلِ الْإِتْمَامِ، لِأَصَالَتِهِ، وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ كَوْنُ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ زِيَادَةَ فِعْلٍ عَمْدًا، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ الْبُطْلَانُ، انتهى. والأول أقوى، والله أعلم.
وَلَيْلَةٍ بَطَلَتْ فِي الْأَشْهَرِ، لِبُطْلَانِ الطَّهَارَةِ بِبُطْلَانِ الْمَسْحِ، وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةَ حَضَرٍ فِي سَفَرٍ "و" أَوْ عَكْسَهُ "وق" أَتَمَّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ، وَحَكَى فِي الْأُولَى اعْتِبَارًا بِحَالَةِ أَدَائِهَا كَصَلَاةِ صِحَّةٍ فِي مَرَضٍ. وَمَنْ ائْتَمَّ بِمُقِيمٍ اعْتَقَدَهُ مُسَافِرًا أَوْ لَا وَعَنْهُ فِي رَكْعَةٍ فَأَكْثَرَ "وم" أَتَمَّ، فَيُتِمُّ مَنْ أَدْرَكَ تَشَهُّدَ الْجُمُعَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: يَقْصُرُ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ: يَقْصُرُ مُطْلَقًا، كَمَا خَرَّجَ بَعْضُهُمْ إيقَاعَهَا مَرَّتَيْنِ عَلَى صِحَّةِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ الْقَصْرَ حَيْثُ يُحْرِمُ عَالِمًا كَمَنْ نَوَاهُ خَلْفَ مُقِيمٍ عَالِمًا لَمْ تَنْعَقِدْ، لِنِيَّةِ تَرْكِ الْمُتَابَعَةِ ابْتِدَاءً، كَنِيَّةِ مُقِيمٍ الْقَصْرَ، وَنِيَّةِ مُسَافِرٍ وَعَبْدٍ الظُّهْرَ، خَلْفَ إمَامِ جُمُعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِلْإِتْمَامِ تَعْيِينُهُ بِنِيَّةٍ، فَيُتِمُّ تَبَعًا كَغَيْرِ الْعَالِمِ، وَإِنْ صَحَّ الْقَصْرُ بِلَا نِيَّةٍ قَصَرَ، وَتَتَخَرَّجُ الصِّحَّةُ فِي عَبْد لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَوَاهَا الْمُسَافِرُ قَصْرًا أَتَمَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَتَّجِهُ أَنْ تُجْزِئَهُ إنْ قُلْنَا الْجُمُعَةُ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: وَإِنْ ائْتَمَّ مَنْ يَقْصُرُ الظُّهْرَ بِمُسَافِرٍ، أو مقيم يصلي الصبح، أتم.
فصل: وإن فسدت صلاة من لزمه الإتمام
فَصْلٌ: وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ وَلَوْ خَلْفَ مُقِيمٍ "هـ" وَلَوْ فَسَدَتْ قَبْلَ رَكْعَةٍ "م" فَأَعَادَهَا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ قَبْلَ السَّلَامِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَوَجْهَانِ "م 4" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ بَانَ مُحْدِثًا مُقِيمًا مَعًا قَصَرَ، وَكَذَا إنْ بَانَ حَدَثُهُ أَوَّلًا لَا عَكْسُهُ. وَلَوْ ائْتَمَّ مَنْ جَهِلَ حَدَثَ نَفْسِهِ بِمُقِيمٍ ثُمَّ عَلِمَ قَصَرَ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا حُكْمَ لَهُ، وَيُتِمُّ مَنْ سافر بعد وجوبها عليه، وعنه: يقصر 1"وهـ ش" كَمَا يَقْضِي الْمَرِيضُ"1 مَا تَرَكَهُ فِي الصِّحَّةِ نَاقِصًا، احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ2، وَكَمَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى عَبْدٍ عَتَقَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَالْمَسْحِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ مُدَّتَهُ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ، فَلَا يَفْسُدُ الْمَسْحُ فِي أَوَّلِهَا بِفَسَادِهِ فِي آخِرِهَا، فَاعْتُبِرَ بِحَالِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. وَقِيلَ: إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يَقْصُرْ، وَعَنْهُ: إنْ فَعَلَهَا فِي وَقْتِهَا قَصَرَ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَإِنْ نسي صلاة سفر فذكر فيه قصر "و" وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ فَسَدَتْ صَلَاةُ مَنْ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ أَتَمَّ وَلَوْ بَانَ الْإِمَامُ مُحْدِثًا أَتَمَّ، وَلَوْ بَانَ قَبْلَ السَّلَامِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا يُتِمُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَ بَعْدَ السَّلَامِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْصُرُ، 3"قَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: فله القصر في الأصح"3. \
لَا؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْأَدَاءِ كَالْجُمُعَةِ، وَنَقُلْ الْمَرُّوذِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا فِي سَفَرٍ آخَرَ "و" وَقِيلَ: يُتِمُّ كَذِكْرِهِ فِي إقَامَةٍ مُتَخَلِّلَة، وَقِيلَ فِيهِ: يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ابْتِدَاءُ وُجُوبِهَا فِيهِ. وَأَخَذَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ تَقْيِيدِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِنَاسٍ. وَمِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الَّتِي قَبْلَهَا: يُتِمُّ مَنْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهَا بِلَا عُذْرٍ حَتَّى ضَاقَ وَقْتُهَا، عَنْهَا، وَقَاسَهُ عَلَى السَّفَرِ الْمُحَرَّمِ، وَقَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ أَنْ تُفْعَلَ فِي وَقْتِهَا، وَقِيلَ: يَقْصُرُ "و" لِعَدَمِ تَحْرِيمِ السَّبَبِ، وذكر في "المغني"2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَوَّلَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا كَالْجُمُعَةِ، قَالَ: وَهُوَ فَاسِدٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ شَرْعٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ: إنْ سَافَرَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَمْ يَقْصُرْهَا؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ، وَلَا تَثْبُتُ الرُّخْصَةُ مَعَ التَّفْرِيطِ فِي الْمُرَخَّصِ فيه.
فصل: وإن نوى مسافر إقامة مطلقة
فَصْلٌ: وَإِنْ نَوَى مُسَافِرٌ إقَامَةً مُطْلَقَةً وَقِيلَ: بِمَوْضِعٍ يُقَامُ فِيهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي "وهـ" أَتَمَّ، وَكَذَا إنْ نَوَى مُدَّةً فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، أَوْ شَكَّ فِي نِيَّةِ الْمُدَّةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ الْمُذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ "وم ش" وَعَنْهُ: ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ صَلَاةً، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ فِي "الْكَافِي"1 الْمُذْهَبُ، وَفِي النَّصِيحَةِ: فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا "هـ" بَلْ فِي رُسْتَاقٍ يَنْتَقِلُ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ كَقَصْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَكَّةَ وَمِنًى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَرَفَةَ عَشْرًا1، وَقِيلَ: لَا، وَقَائِلٍ هَذَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ بِوُصُولِهِ مُنْتَهَى قَصْدِهِ خِلَافًا لِلْجَمِيعِ، وَيَوْمُ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمُدَّةِ. وَعَنْهُ: لَا "وم ش" وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ وَأَنَّهُ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يُجْمِعْ عَلَى إقَامَةٍ وَيَسْتَوْطِنُ، كَإِقَامَتِهِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ بِلَا نِيَّةِ إقَامَةٍ "و" لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَعْلَمُ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ، وَقِيلَ: وَلَا يَظُنُّ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ مَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ سُنُونَ "ع" وَفِي التَّلْخِيصِ: إقَامَةُ الْجَيْشِ الطَّوِيلَةِ لِلْغَزْوِ لَا تَمْنَعُ التَّرَخُّصَ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ 1"وهـ م ق" وَلَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ وُجِدَ ففسخ بعده بنية السفر، فعنه: كفسخه2 معه، إبطالا للنية بالنية، فيقصر من نيته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، كَمَا لَوْ تمت مدة الإقامة "م 5" "م هـ ولو مر بوطنه أتم "وهـ م ق" وعنه: لا1، ولا حاجة فيه1، وَإِلَّا قَصَرَ، وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَ2، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلٌ "خ" أَوْ مَاشِيَةٌ "خ" لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عباس3 أو هما "وم" وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ، وَفِي "عُمَدِ الْأَدِلَّةِ" لَا مَنْقُولٌ وَقِيلَ: إنْ كَانَ بِهِ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ دَارٌ قَصَرَ. وَفِي أَهْلِ غَيْرِهِمَا ومال وَجْهَانِ "*" وَمَنْ فَارَقَ وَطَنَهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ بِقُرْبٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى إقَامَةً بِشَرْطٍ، فَإِنْ لم يوجد فلا كلام، وإن وجد ففسخ بَعْدَهُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ فَعَنْهُ1: كَفَسْخِهِ مَعَهُ إبْطَالًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ، فَيَقْصُرُ مِنْ نِيَّتِهِ، وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، كَمَا لَوْ1 تَمَّتْ مُدَّةُ الْإِقَامَةِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي "رعايته الكبرى": إحداهما: ويكون ذلك1 كَفَسْخِهِ مَعَهُ إبْطَالًا لِلنِّيَّةِ بِالنِّيَّةِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، فَيَقْصُرُ مِنْ نِيَّتِهِ، قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقْصُرُ إذَا سَافَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعْهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ هُنَا: عليه أكثر الأصحاب. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ مَرَّ بِوَطَنِهِ أَتَمَّ وَكَذَا إنْ مَرَّ بِبَلَدٍ لَهُ فِيهِ امْرَأَةٌ أَوْ تَزَوَّجَ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلٌ أَوْ مَاشِيَةٌ وَقِيلَ: أَوْ مَالٌ، وَفِي "عُمَدِ الْأَدِلَّةِ" لَا مَنْقُولٌ، وقيل: إن
لِحَاجَةٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ حَتَّى يَرْجِعَ وَيُفَارِقَهُ "و" وَكَذَا إنْ رَجَعَ لِمُرُورِهِ بِهِ فِي طَرِيقِ مَقْصِدِهِ "ق" وَعَلَى الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ: هُوَ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ بَلْ بَدَا لَهُ لِحَاجَةٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ بَعْدَ نِيَّةِ عَوْدِهِ حَتَّى يُفَارِقَهُ ثَانِيَةً "و" وَعَنْهُ. يَتَرَخَّصُ فِي عَوْدِهِ إلَيْهِ لَا فِيهِ، كَنِيَّةٍ طَارِئَةٍ لِلْإِقَامَةِ بِقَرْيَةٍ قريبة منه. ومن رجع ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانَ بِهِ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ أَوْ دَارٌ قَصَرَ، وَفِي أَهْلِ غَيْرِهِمَا وَمَالٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ الطَّرِيقَةِ، وَهِيَ الْقَوْلُ الْأَخِيرُ، لَا أَنَّهُمَا وَجْهَانِ مُسْتَأْنَفَانِ مُطْلَقَانِ، هَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب، والله أعلم.
إلَى بَلَدٍ1 أَقَامَ بِهِ إقَامَةً مَانِعَةً تَرَخَّصَ مُطْلَقًا حَتَّى فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِزَوَالِ نِيَّةِ إقَامَتِهِ، كَعَوْدِهِ مُخْتَارًا2، وَقِيلَ: كَوَطَنِهِ. وَيُعْتَبَرُ لِلسَّفَرِ الْمُبِيحِ كَوْنُهُ مُنْقَطِعًا، فَإِنْ كَانَ دَائِمًا كَمَلَّاحٍ بِأَهْلِهِ دَهْرَهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ "خ". لِتَفْوِيتِ رَمَضَانَ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِيهِ فِي السَّفَرِ، وَكَمَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ مَكَانَهَا "و" كَمُقِيمٍ، وَمِثْلُهُ مُكَارٍ، وَرَاعٍ، وَسَاعٍ، وَبَرِيدٍ، وَنَحْوِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ "خ" وَقِيلَ عَنْهُ: يَتَرَخَّصُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، قَالَ: سواء كان معه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَهْلُهُ أَوْ لَا، لِأَنَّهُ أَشَقُّ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ فِي مَلَّاحٍ وَغَيْرِهِ أَهْلُهُ معه، فلا يترخص وحده، وهو خلاف منصوصه1. ومن له القصر، فله الفطر ولا عَكْسَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ وَنَحْوَهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَقَدْ يَنْوِي الْمُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ وَيَقْطَعُهَا مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ مَثَلًا فَيُفْطِرُ وَإِنْ لَمْ يَقْصُرْ، أَشَارَ ابْنُ عَقِيلٍ إلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْفِطْرَ، فَقَدْ يُعَايَا بِهَا، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ أَنَّ من قصر جمع؛ لكونه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي حُكْمِ الْمُسَافِرِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْجَمْعِ: لَا، وَفِي الْخِلَافِ فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ إذَا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لَهُ الْجَمْعُ لَا مَا زَادَ، وَقِيلَ لَهُ: فِيمَا إذَا لَمْ يُجْمِعْ إقَامَةً لَا يَقْصُرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْمَعُ، فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا، بَلْ لَهُ الْجَمْعُ، وَهَلْ يَمْسَحُ مَسْحَ مُسَافِرٍ مَنْ قَصَرَ؟ قَالَ الْأَصْحَابُ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ: هُوَ مُسَافِرٌ مَا لَمْ يَفْسَخْ أَوْ يَنْوِ الْإِقَامَةَ أَوْ يَتَزَوَّجْ أَوْ يَقْدَمْ عَلَى أَهْلٍ. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْجَيْشَ إذَا أَقَامَ بِدَارِ الْحَرْبِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَتَمَّ بِنَصِّ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ" عَلَى ذَلِكَ، وَبِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: الْمَسْحُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ وَاحِدٌ، لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً. وَقَالَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّفَرِ الطَّوِيلِ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْرُ وَالْجَمْعُ وَالْمَسْحُ ثَلَاثًا وَالْفِطْرُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ نَوَى إقَامَةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صَارَ مُقِيمًا، وَخَرَجَ عَنْ رُخْصَةِ السَّفَرِ. وَيَسْتَبِيحُ الرُّخَصَ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ إذَا نَوَى مَا دُونَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَتَى يَخْرُجُ قَصَرَ وَلَوْ كَانَ شُهُورًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَوْطِنٍ بَلْ مُنْزَعِجٌ انْزِعَاجَ السَّائِرِينَ فَصَارَ بِمَثَابَةِ السَّائِرِ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُهُ أَنَّ السَّفَرَ الطَّوِيلَ يَسْتَبِيحُ "بِهِ" جَمِيعَ الرُّخْصِ، إلَى أَنْ قَالَ فِي الْمَلَّاحِ وَنَحْوِهِ: لَا يَسْتَبِيحُ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ إلَّا التَّيَمُّمَ وَأَكْلَ الْمَيْتَةَ، كَذَا قَالَ. قَالَ: وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ أَكْثَرَ مِنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً "لَمْ يَتَرَخَّصْ، وَإِنْ نَوَى إقَامَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ صَلَاةً" فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بَلْ أَقَامَ لِحَاجَتِهِ تَرَخَّصَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ. وَسَأَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم لِأَحْمَدَ: رَجُلٌ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ إذَا دَخَلَ مِصْرًا يَأْكُلُ؟ قَالَ: يَجْتَنِبُ الْأَكْلَ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِيهِ إقَامَةً، فَإِذَا زَادَ عَلَى إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَزِيَادَةٍ صَامَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِاجْتِنَابِ الْأَكْلِ ظَاهِرًا، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَنْ نَوَى إقَامَةً طَوِيلَةً، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي رُسْتَاقٍ بِمَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ أَنَّ مَوْرِقًا1 سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: إنِّي تَاجِرٌ أَتَنَقَّلُ فِي قُرَى الْأَهْوَازِ2 فَأُقِيمُ فِي الْقَرْيَةِ الشَّهْرَ وَأَكْثَرَ، قَالَ: تَنْوِي الْإِقَامَةَ؟ قُلْت: لَا، قَالَ: لَا أَرَاك إلَّا مُسَافِرًا، صَلِّ صَلَاةَ مُسَافِرٍ. وَكَذَا احْتَجَّ فِي الْمُغْنِي3 وَقَالَ: لَا يَبْطُلُ حُكْمُ سَفَرِهِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاضِحَةٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرْت هذا لأمر اقتضى ذلك "والله أعلم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الجمع بين الصلاتين
باب الجمع بين الصلاتين مدخل ... باب الجمع بين الصلاتين تَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ: فِعْلُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ1 بْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ، كَجَمْعَيْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ، وَيَجُوزُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فِي سَفَرِ الْقَصْرِ "هـ" وَقِيلَ: وَالْقَصِيرِ "وم" وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ إلَّا لِسَائِرٍ، وَعَنْهُ: لِسَائِرٍ وَقْتَ الْأُولَى، فَيُؤَخِّرُ إلَى الثَّانِيَةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ "وم" وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: الْأَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ صِفَةَ الْجَمْعِ فِعْلُ الْأُولَى آخَرَ وَقْتِهَا وَالثَّانِيَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا. وَيَجُوزُ لِمُرْضِعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِلْمَشَقَّةِ بِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ، وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: لَا "و" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هِيَ كَمَرِيضٍ. وَلِعَاجِزٍ عَنْ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَعَنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ. وَيَجُوزُ لِمَرِيضٍ2 عَلَى الْأَصَحِّ لِلْمَشَقَّةِ "وم" 3"وَزَادَ: يُقَدِّمُ"3 خَوْفَ الْإِغْمَاءِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ السَّفَرِ، وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ: إن جاز له ترك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقِيَامِ، وَاحْتَجَمَ أَحْمَدُ بَعْدَ الْغُرُوبِ1 ثُمَّ تَعَشَّى ثُمَّ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ إحْدَاهُمَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ مُسَافِرًا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ خَافَ إنْ أَخَّرَ الْعِشَاءَ يَمْرَضُ، لِأَجْلِ الْحِجَامَةِ السَّابِقَةِ. وَيَجُوزُ لِمَطَرٍ وَثَلْجٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَحَكَى الْمَنْعَ رِوَايَةً "وهـ" يَشُقُّ "وم ش". وَقِيلَ: وَلِطَلٍّ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ "ش" وَعَنْهُ2: بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وش" وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ. وَيَجُوزُ لِلْوَحْلِ فِي الْأَصَحِّ "هـ ش" وَقِيلَ: عَلَى الْأَصَحِّ لَيْلًا، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ، وَقَاسَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْجَمْعِ لَهُمَا لِلْوَحْلِ، مَعَ أَنَّهُ قال بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَذَا: الْوَحْلُ عُذْرٌ فِي الْجَمْعِ، وَذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةَ، قَالَ: فَقَدْ جَعَلَهُ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ مُنَادِيَهُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَنَادَى: الصَّلَاةُ فِي الرِّحَالِ1. وَذَكَرَ الْخَبَرَ، قَالَ: فَإِذَا جَازَ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ لَأَجْلِ الْبَرْدِ، كَانَ فِيهِ تَنْبِيهًا عَلَى الْوَحْلِ "لِأَنَّهُ" لَيْسَ مَشَقَّةُ الْبَرْدِ بِأَعْظَمَ مِنْ الْوَحْلِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ جَمَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ2. وَلَا وَجْهَ لَهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ إلَّا الوحل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى غَيْرِ الْعُذْرِ وَالنَّسْخِ؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى فَائِدَةٍ، وَقِيلَ: لَيْلًا مَعَ ظُلْمَةٍ "وم ر" وَمِثْلُهُ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ "خ" وَذَكَرَ أَحْمَدُ لِلْمَيْمُونِيِّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَجْمَعُ فِي اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا1، وَكَلَامُهُمْ لا يخالف ما2 إذَا ظَهَرَ أَنَّ مَشَقَّةَ بَعْضِ سَبَبَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَمَشَقَّةِ سَبَبٍ مِنْهَا، أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَإِنْ لَمْ يَنَلْهُ مَطَرٌ أَوْ وَحْلٌ أَوْ رِيحٌ، أَوْ نَالَهُ يَسِيرٌ، جَمَعَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَكِفٍ "م" وَقِيلَ: مَنْ خَافَ فَوْتَ مَسْجِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ جَمَعَ، وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجْمَعُ الْإِمَامُ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ3. وَقَالَ4 بَعْضُهُمْ: وَالْجَمْعُ5 فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: فِي جَمْعِ السَّفَرِ "وش" وَقِيلَ: التَّقْدِيمُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ "وم" وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وإن 6"جمع في"6 السفر يؤخر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: الْأَرْفَقُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصِ عَنْهُ "م 1" وَإِنَّ فِي جَوَازِهِ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّا لا نثق بِدَوَامِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ: يَجْمَعُ فِي حَضَرٍ لضرورة مثل مرض أو شغل "خ". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِأَجْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْجَمْعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَفْضَلُ، وَقِيلَ: التَّقْدِيمُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ في جمع المطر وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَإِنْ جَمَعَ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ، وَقِيلَ: الْأَرْفَقُ بِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عِدَّةَ أَقْوَالٍ فِي مَحَلِّ الْأَفْضَلِيَّةِ، حَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الْجَمْعِ فَنَقُولُ: رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ، وَقَالَ: ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ وَعَمَلٌ بِالْأَحَادِيثِ كُلِّهَا، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، يَعْنِي أَنَّ جَمْعَ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي جَمْعِ السَّفَرِ، وَقَالَ فِي رَوْضَةِ الْفِقْهِ: الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ، وَقِيلَ: جَمْعُ التَّأْخِيرِ أَفْضَلُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ، وَجَزَمَ 1"الهدية، والخلاصة، وتقدم كلام الزركشي. وقدم ابن تميم أن جمع التأخير في حق المسافر أفضل، وقال: نص عليه وَجَزَمَ"1 بِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ فِعْلُ الأصلح له، وقدم أن 1"التقديم في جمع المطر ونحوه أفضل. انتهى. وقال الآمدي: إن كان سائرا، فالأفضل"1 التَّأْخِيرَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَنْزِلِ فَالْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ، وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: الْأَفْضَلُ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ الِارْتِحَالَ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَلَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ النُّزُولُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ، وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ الْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ الْأُولَى إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، انْتَهَى. وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: جَمْعُ التَّقْدِيمِ أفضل في جمع المطر، نقله الأثرم،
قال القاضي: أراد1 مَا يُبِيحُ تَرْكَ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَعْذَارَهُمَا كُلَّهَا تُبِيحُ الْجَمْعَ، وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تَسْقُطُ بِالْمَطَرِ، لِلْخَبَرِ2، وَإِذَا سَقَطَتْ الْجَمَاعَةُ لِلْمَشَقَّةِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِهَذَا الْمَعْنَى، ونقل أبو طالب في المطر ـــــــــــــــــــــــــــــQوجمع التأخير أفضل3 فِي غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي "الْكَافِي"4، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: يَفْعَلُ الْأَرْفَقَ بِهِ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي "الْمُقْنِعِ"5، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: يَفْعَلُ المريض الْأَرْفَقَ بِهِ مِنْ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَزَادَ: فَإِنْ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ فَالْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَفْعَلُ الْأَرْفَقَ إلَّا فِي جَمْعِ الْمَطَرِ فَإِنَّ التَّقْدِيمَ6 أَفْضَلُ. انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: إذَا قُلْنَا بِأَنْ يَفْعَلَ الْأَرْفَقَ وَاسْتَوَيَا عِنْدَهُ، قَالَ فِي "الْكَافِي"7، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: الْأَفْضَلُ التَّأْخِيرُ فِي الْمَرَضِ، وَفِي الْمَطَرِ التَّقْدِيمُ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَيْضًا فِي الْمَرِيضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الباب.
يكون يوم الجمعة بِالْغَدَاةِ فَيَصِيرُ طِينًا ثُمَّ يَنْقَطِعُ وَقْتَ الذَّهَابِ فَقَالَ: مَنْ قَدَرَ أَنْ يَذْهَبَ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ لَمْ يَذْهَبْ، قَالَ: فَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي إسْقَاطِ الْجُمُعَةِ، فَعَلَى قِيَاسِهِ يَكُونُ عُذْرًا فِي الْجَمْعِ، وَيَتَوَجَّهُ مُرَادُهُ غير غلبة نعاس. وقال صاحب المحرر و1 صَاحِبِ "النَّظْمِ": الْخَوْفُ يُبِيحُ الْجَمْعَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ، كَالْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، وَأَوْلَى، لِمَفْهُومِ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ2. وَبِهِ تَمَسَّكَ إمَامُنَا فِي الْجَمْعِ لِلْمَطَرِ، وَاخْتَارَ شيخنا الجمع لتحصيل الجماعة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلصَّلَاةِ فِي حَمَّامٍ مَعَ جَوَازِهَا فِيهِ خَوْفَ فَوْتِ الْوَقْتِ. وَلِخَوْفِ تَحَرُّجٍ فِي تَرْكِهِ، أَيْ مَشَقَّةً، وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"1 فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ2 أَحَدًا مِنْ أُمَّتِهِ3. فَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِمَرَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَحُمِلَ عَلَى آخِرِ الوقت وأوله، وعلى المشقة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَثَّلَ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالضَّعِيفِ لِلْكِبَرِ، وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بِأَنَّهُ يَجُوزَ أَنْ يَكُونَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ ثُمَّ نُسِخَ. قَالَ: وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ في رواية صالح، وقد قِيلَ لَهُ عَنْهُ فَقَالَ: قَدْ جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ بِتَحْدِيدِ الْمَوَاقِيتِ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي الْجَمْعِ، لِلْوَحْلِ2.
فصل: تشترط النية للجمع في الأشهر
فَصْلٌ: تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ لِلْجَمْعِ فِي الْأَشْهَرِ "وم ش" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: هُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِنْ جَمَعَ3 وَقْتَ الْأُولَى اُشْتُرِطَتْ عِنْدَ إحْرَامِهَا، وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَ 4"فَرَاغِهَا، وَقِيلَ"4: أَوْ إحْرَامِ الثَّانِيَةِ "وم ر" وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ: وَإِحْرَامِ الثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: هُوَ فَقَطْ، وَتَقْدِيمُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا "و". وَالْمُوَالَاةُ إلَّا بِقَدْرِ إقَامَةٍ وَوُضُوءٍ "وم ش" قَالَ جَمَاعَةٌ: وَذِكْرٍ يَسِيرٍ كَتَكْبِيرِ عِيدٍ، وَعَنْهُ: أَوْ سُنَّةٍ، وَفِي الِانْتِصَارِ: يَجُوزُ تَنَفُّلُهُ بَيْنَهُمَا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَيْنَهُمَا، وَاخْتَارَ فِي "الْمُغْنِي"5، وَغَيْرِهِ الْعُرْفَ، وَفِي الْخِلَافُ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْجَمْعِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُوَالَاةُ، وَاعْتَبَرَ فِي الْفُصُولِ الْمُوَالَاةَ، قَالَ: وَمَعْنَاهَا أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ، وَلَا كَلَامٍ، لِئَلَّا يَزُولَ مَعْنَى الِاسْمِ وَهُوَ الْجَمْعُ، وَقَالَ: إنْ سَبَقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَدَثُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقُلْنَا تَبْطُلُ "بِهِ" فَتَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَلَ وَلَمْ يُطِلْ فَفِي بُطْلَانِ جَمْعِهِ احْتِمَالَانِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا مُوَالَاةَ، وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيِّ: لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ، وَمِنْ نَصِّهِ فِي جَمْعِ الْمَطَرِ: إذَا صَلَّى إحْدَاهُمَا فِي بَيْتِهِ وَالْأُخْرَى فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ، وَيُشْتَرَطُ وُجُودُ الْعُذْرِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا1، وَالْأَشْهَرُ: وَسَلَامِ الْأُولَى، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ دَوَامُهُ فِيهَا وَإِنْ انْقَطَعَ السَّفَرُ فِي الْأُولَى فَلَا جَمْعَ، وَتَصِحُّ وَيُتِمُّهَا، وَكَذَا بَعْدَهَا، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ2، كَالْقَصْرِ فَيُتِمُّهَا نَفْلًا، وَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ الْجَمْعُ، كَانْقِطَاعِ مَطَرٍ فِي الْأَشْهَرِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ أَنَّ نَتِيجَتَهُ وَحْلٌ فَيَتْبَعُهُ، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ مَنْ جَمَعَ لِسَفَرٍ فَزَالَ وَثَمَّ مَطَرٌ أَوْ مَرَضٌ يَبْطُلُ جَمْعُهُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي احْتِمَالًا: يُبْطِلُ3 الْجَمْعَ بعد الثانية، ومريض كمسافر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن جمع وقت الثانية اشترطت نية الجمع
فَصْلٌ: وَإِنْ جَمَعَ وَقْتَ الثَّانِيَةِ اُشْتُرِطَتْ نِيَّةُ الْجَمْعِ قَبْلَ أَنْ يَبْقَى مِنْ وَقْتِ الْأُولَى بِقَدْرِهَا، لِفَوْتِ فَائِدَةِ الْجَمْعِ، وَهِيَ التَّخْفِيفُ بِالْمُقَارَنَةِ بَيْنَهُمَا، قَالَهُ1 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ: مَا لَمْ يَضِقْ عَنْ فِعْلِهَا، لِتَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إذَنْ "وش" وَقِيلَ: أَوْ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ. وَوُجُودُ الْعُذْرِ إلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ. وَالتَّرْتِيبُ "ش" لِأَنَّ عَلَيْهِمَا أَمَارَةً، وَهِيَ اجْتِمَاعُ الْجَمَاعَةِ؛ ولأن الثانية تبع للأولة؛ فما لم يوجد2 الْمَتْبُوعِ لَا يَثْبُتُ حُكْمُ التَّبَعِ؛ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا يَجُوزُ فِعْلُهَا بِصَلَاةِ الْأُولَى، فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَصِحُّ، بِخِلَافِ الْفَوَائِتِ فِي ذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ "وهـ" لِأَنَّ أَحَدَهُمَا هُنَا تَبَعٌ لِاسْتِقْرَارِهِمَا، كَالْفَوَائِتِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا تَخْرِيجُ يَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: "وَضِيقُ" وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَفَائِتَةٍ مَعَ مُؤَدَّاةٍ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ لهما أداء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: وَالْمُوَالَاةُ، فَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ، وَقَدَّمَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا. وَلَا يَقْصُرُهَا لِأَنَّهَا قَضَاءٌ. وَإِنْ تَعَدَّدَ1 إمَامٌ أَوْ مَأْمُومٌ، أَوْ نَوَاهُ الْمَعْذُورُ مِنْهُمَا، أَوْ صَلَّى الْأُولَى وَحْدَهُ ثُمَّ الثَّانِيَةَ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ. وَلَهُ الْوِتْرُ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ "م". وَصَلَاةُ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ كَغَيْرِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي عِبَادَاتِهِ وَشَيْخُنَا: الْجَمْعَ وَالْقَصْرَ مُطْلَقًا "وم" وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ: الْجَمْعُ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ "وهـ". وَلِامْتِنَاعِ الْقَصْرِ لِلْمَكِّيِّ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يُوَلَّى أَحَدٌ مِنْهُمْ الْمَوْسِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْدُمُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَقَالَ عَطَاءٌ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُوَلَّى أحد منهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة الخوف
باب صلاة الخوف مدخل ... باب صلاة الخوف تجوز "و"1 فِي قِتَالٍ مُبَاحٍ "و" وَلَوْ حَضَرًا "و" مَعَ خَوْفِ هَجْمِ الْعَدُوِّ، فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَمْ يَخَفْ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يَخَافُوا كَمِينًا صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ عُسْفَانَ2، فَيَصُفُّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَأَكْثَرَ، فَيُصَلِّي بِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى يَسْجُدَ، فَيَسْجُدَ مَعَهُ "الصَّفُّ" الْأَوَّلُ، وَيَحْرُسُ الثَّانِي حَتَّى يقوم الإمام إلى الثانية فيسجد ويلحقه، وفي الْخَبَرِ تَأَخَّرَ الْمُتَقَدِّمُ وَتَقَدَّمَ الْمُتَأَخِّرُ3: فَقِيلَ: هُوَ أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ، وَلِقُرْبِ4 مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ "م 1" وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يحرس الساجد معه أولا، ثم يلحقه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيَصُفُّهُمْ "خَلْفَهُ" صَفَّيْنِ "فَأَكْثَرَ" وَيُصَلِّي بِهِمْ جَمِيعًا حَتَّى يَسْجُدَ، فَيَسْجُدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، وَيَحْرُسُ الثاني حتى يقوم الإمام إلى الثانية فيسجد ويلحقه، وفي الخبر تأخر المتقدم وتقدم المتأخر فَقِيلَ: هُوَ أَوْلَى لِلتَّسْوِيَةِ فِي فَضِيلَةِ الْمَوْقِفِ، وَلِقُرْبِ مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، انْتَهَى: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5، وَالشَّرْحِ6، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي7، وَالْهَادِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الصِّفَةَ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ، وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهَا.
فِي1 التَّشَهُّدِ، فَيُسَلِّمُ بِجَمِيعِهِمْ، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَحْرُسُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَإِنْ حَرَسَ بَعْضُ الصَّفِّ أَوْ جَعَلَهُمْ صَفًّا وَاحِدًا جَازَ، لَا حِرَاسَةَ صَفٍّ2 وَاحِدٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ.
فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ3، فَيَقْسِمُهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي4 كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ، وَزَادَ أَبُو الْمَعَالِي: بِحَيْثُ يَحْرُمُ فِرَارُهَا، فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِيمَا فِيهِ حَظٌّ5 لَنَا أَثِمَ، وَيَكُونُ صَغِيرَةً، وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَفْسُقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ فِي الْأَمَانَةِ، ذَكَرَ ذَلِكَ6 ابْنُ عَقِيلٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 أخرج البخاري "4125"، ومسلم "843"، من حديث جابر قال: أقبلنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كنا بذات الرقاع ... قال: فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات، وللقوم ركعتان. 4 في الأصل: "يلقى". 5 في الأصل: "حفظ". 6 ليست في "س".
طَائِفَةٌ تَحْرُسُ وَطَائِفَةٌ يُصَلِّيَ بِهَا رَكْعَةً ثُمَّ تُفَارِقُهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ إذَا اسْتَتَمَّ قَائِمًا، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا مُفَارِقَةٌ بِلَا عُذْرٍ، وَتُتِمُّهَا لِنَفْسِهَا، وَتُسَلِّمُ وَتَنْوِي الْمُفَارِقَةَ؛ لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ وَلَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ بَطَلَتْ. وَتَسْجُدُ لِسَهْوِ إمَامِهَا قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ عِنْدَ فَرَاغِهَا، وَهِيَ بعد المفارقة منفردة، وقيل: منوية1، والطائفة الثانية منوية1، فِي كُلِّ صَلَاتِهِ، يَسْجُدُونَ لِسَهْوِهِ لَا لِسَهْوِهِمْ وَمَنَعَ أَبُو الْمَعَالِي انْفِرَادَهُ، فَإِنَّ مَنْ فَارَقَ إمَامَهُ فَأَدْرَكَهُ مَأْمُومًا بَقِيَ حُكْمُ إمَامَتِهِ. وَإِذَا أَتَمَّتْ وَسَلَّمَتْ مَضَتْ تَحْرُسُ، وَيُطِيلُ قِرَاءَتَهُ2 حَتَّى تَحْضُرَ الْأُخْرَى فَتُصَلِّيَ مَعَهُ الثَّانِيَةَ، يَقْرَأُ إذَا جَاءُوا بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ قَرَأَ، وَإِنْ كَانَ "قَرَأَ" قَرَأَ بِقَدْرِ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ، وَلَا يُؤَخِّرُ الْقِرَاءَةَ إلَى مَجِيئِهَا "ق" وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ السُّكُوتُ وَلَا التَّسْبِيحُ وَلَا الدُّعَاءُ وَلَا الْقِرَاءَةُ بِغَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لَمْ يَبْقَ إلَّا الْبُدَاءَةُ بِالْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ طَوِيلَةٍ، كَذَا قَالَ: لَا يَجُوزُ، أَيْ يُكْرَهُ، وَيَكْفِي إدْرَاكُهَا لِرُكُوعِهَا3، وَيَكُونُ تَرَكَ الْإِمَامُ الْمُسْتَحَبَّ، وَفِي الْفُصُولِ: فَعَلَ مَكْرُوهًا، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ كَرَّرَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَلَّتْ الثَّانِيَةُ وَسَلَّمَ بِهَا. وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يسلم قبلها، وقيل: يقضي بعد سلامه "وم ر". وَتَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْهُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: إنْ سَهَا فِي حَالِ انْتِظَارِهَا، أَوْ سَهَتْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ، فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ؟ وَإِذَا لَحِقُوهُ فِي التَّشَهُّدِ هَلْ يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ، أَوْ سَهَا إمَامُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، أَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَأَوْجَبَ أَبُو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمَزْحُومِ لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ. وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْبَاقِي كَذَلِكَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَانْفَرَدَ به عن أكثر أصحابنا وعامة العلماء: إن انفرد المأموم بما لا يقطع قدوته متى سها فيه "أو به" حمل عنه الأمام. ونص عليه في مواضع، لبقاء حكم القدوة "*". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَتَسْجُدُ مَعَهُ لِسَهْوِهِ وَلَا تُعِيدُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْهُ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: إنْ سَهَا فِي حَالِ انْتِظَارِهَا، أَوْ سَهَتْ بَعْدَ1 مُفَارَقَتِهِ، فَهَلْ يَثْبُتُ حُكْمُ الْقُدْوَةِ؟ وَإِذَا لَحِقُوهُ2 فِي التَّشَهُّدِ هَلْ يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ؟ فِيهِ خِلَافٌ مَأْخُوذٌ مِمَّنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ إذَا سَهَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ، أَوْ سَهَا إمَامُهُ قَبْلَ لُحُوقِهِ، أَوْ سَهَا الْمُنْفَرِدُ ثُمَّ دَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَأَوْجَبَ أَبُو الْخَطَّابِ سُجُودَ السَّهْوِ عَلَى الْمَزْحُومِ، لِانْفِرَادِهِ بِفِعْلِهِ، وَقِيَاسُ قَوْلِهِ فِي الْبَاقِي كَذَلِكَ، قَالَ صَاحِبُ المحرر وانفرد به عن أكثر أصحابنا وعامة الْعُلَمَاءِ إنَّ انْفِرَادَ3 الْمَأْمُومِ بِمَا لَا يَقْطَعُ قُدْوَتَهُ مَتَى سَهَا فِيهِ أَوْ بِهِ حَمَلَ عنه الأمام، ونص عليه في مواضع، لبقاء حكم القدوة، انتهى كلام المصنف ونقله.
وَإِنْ انْتَظَرَهَا جَالِسًا بِلَا عُذْرٍ وَائْتَمَّتْ1 بِهِ مَعَ الْعِلْمِ2، بَطَلَتْ. وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَحْرُسُ الْحِرَاسَةَ لِمَدَدٍ أَغْنَاهَا عَنْهَا بِلَا إذْنٍ وَتُصَلِّي، لِحُصُولِ الْغَرَضِ، أَمْ "لَا" لِأَنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِرَأْيِ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فِيهِ، بِدَلِيلِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} [آل عمران: 155] ؟ فيه وجهان "م 3". وَعَلَيْهِمَا3: تَصِحُّ "*"؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بشرط الصلاة، وقد قيل: لو ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُلَخَّصُ ذَلِكَ: أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ تَحَمُّلُ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الصُّوَرِ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا الْمَأْمُومُ، وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَاَللَّهُ أعلم. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُ الطَّائِفَةِ الَّتِي تَحْرُسُ الْحِرَاسَةَ لِمَدَدٍ أَغْنَاهَا عَنْهَا4، بِلَا إذْنٍ وَتُصَلِّي، لِحُصُولِ الْغَرَضِ، أَمْ لَا لِأَنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ نَقْضُهُ بِرَأْيِ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فِيهِ، بِدَلِيلِ الرُّمَاةِ يَوْمَ أحد قوله تعالى: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ} فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. 5"وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ"5 قُلْت: إنْ تَحَقَّقَتْ الْغَنَاءَ وَالرَّدْءَ الَّذِي جَاءَ جَازَ لَهَا تَرْكُ الْحِرَاسَةِ وَالصَّلَاةُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا الْغَنَاءُ أَوْ شَكَّتْ فِيهِ لَمْ يَجُزْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غير كلام المصنف. تنبيهان: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَعَلَيْهِمَا تَصِحُّ يَعْنِي الصَّلَاةَ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بشرط الصلاة، وقد قيل: لو خاطر أقل مما شرطنا وتعمدوا
خاطر أقل مما شرطنا، وتعمدوا الصلاة على هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقِيلَ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ، بَلْ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِهِمْ كَتَرْكِ حَمْلِ سِلَاحٍ مَعَ حَاجَةٍ، وَقِيلَ: لَا، وَهَذِهِ الصِّفَةُ اخْتِيَارُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ "وم ر ش" وَنَصُّهُ: تَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَخَالَفَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَإِنْ كَانَتْ مَغْرِبًا صَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً "و" وَلَا تَفْسُدُ، بِعَكْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى انْتِظَارَيْنِ، وَالِانْصِرَافُ فِي غَيْرِ محل الفضيلة1 لَا الْجَوَازُ. وَيَتَخَرَّجُ: تَفْسُدُ مِنْ فَسَادِهَا بِتَفْرِيقِهِمْ أربع طوائف "وهـ" وَإِنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً غَيْرَ مَقْصُورَةٍ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، وَتَصِحُّ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَبِأُخْرَى ثَلَاثًا، وَتُفَارِقُهُ الْأُولَى فِي الْمَغْرِبِ وَالرَّبَاعِيَةِ عِنْدَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ، وَيَنْتَظِرُ الثَّانِيَةَ جَالِسًا يُكَرِّرُهُ، فَإِذَا أَتَتْ الثَّانِيَةُ قَامَ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: تُحْرِمُ مَعَهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ بِهِمْ، وَقِيلَ: الْمُفَارَقَةُ وَالِانْتِظَارُ فِي الثالثة "وم ر ق" فَيَقْرَأُ سُورَةً وَيُحْتَمَلُ تَكْرَارُ الْفَاتِحَةِ، وَلَا تَتَشَهَّدُ الثَّانِيَةُ2 بَعْدَ ثَالِثَةِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلَّ تَشَهُّدِهَا، وَقِيلَ: تَتَشَهَّدُ مَعَهُ إنْ قُلْنَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، لِئَلَّا تُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ بِتَشَهُّدٍ، وَإِنْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعًا فَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ ركعة3، صحت صلاة الأوليين فقط "وق" لِمُفَارِقَتِهِمَا قَبْلَ الِانْتِظَارِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُبْطِلُ؛ لِأَنَّهُ لم يرد، ذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، فَقِيلَ: تَصِحُّ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَمْ يَعُدْ إلَى شَرْطِ الصَّلَاةِ بَلْ إلَى الْمُخَاطَرَةِ بِهِمْ، كَتَرْكِ حَمْلِ سِلَاحٍ مَعَ حَاجَةٍ، وَقِيلَ: لَا؛ انْتَهَى. فَإِطْلَاقُ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وهو الذي قدمه المصنف.
ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا صَارَ إلَى فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَسَوَاءٌ احْتَاجَ إلَى هَذَا التَّفْرِيقِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُمْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ، وَقَالَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ": الصَّحِيحُ عِنْدِي عَلَى أَصْلِنَا إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ صَحَّتْ صَلَاةُ الْكُلِّ كحاجتهم1 بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَالْجَيْشُ أَرْبَعُمِائَةٍ لِجَوَازِ الِانْفِرَادِ لِعُذْرٍ، وَالِانْتِظَارُ إنَّمَا هُوَ تَطْوِيلُ قِيَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ، وَإِلَّا صَحَّتْ صَلَاةُ الْأُولَى لِجَوَازِ مُفَارَقَتِهَا، بِدَلِيلِ جَوَازِ صَلَاتِهِ بِالثَّانِيَةِ الرَّكَعَاتِ الثَّلَاثِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَبَطَلَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةِ، لِانْفِرَادِهِمَا بِلَا عُذْرٍ، وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَالثَّالِثَةُ2 وَالرَّابِعَةُ لِدُخُولِهِمَا فِي صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْكُلِّ لِنِيَّتِهِ صَلَاةً مُحَرَّمَةً ابْتِدَاءً، وَقِيلَ: تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِلَافِ، قَالَ: لِأَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ إنَّمَا فَسَدَتْ لِانْصِرَافِهِمْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الِانْصِرَافِ بِلَا حَاجَةٍ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: تَبْطُلُ صَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ3 "وهـ م" لِانْصِرَافِهِمَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ، وَمَنْ جَهِلَ مِنْهُنَّ الْمُفْسِدَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ جَهِلَهُ الْإِمَامُ، كَحَدَثِهِ4، وَقِيلَ: أَوْ لَا، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلِهَذَا قِيلَ: لَا تَصِحُّ كَحَدَثِهِ، وَقِيلَ: لَا تصح مطلقا، للعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْمُفْسِدِ، وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ كَالْحَدَثِ.
فصل: وإن كان العدو في غير جهة القبلة
فَصْلٌ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ القبلة ... وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمْ هَذَا الْخِلَافُ، قَالَ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ معه مبنية على إمامة الفاسق "م 2". وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ كُلِّ طَائِفَةٍ ثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ، قيل: يكره أقل. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ قَسَمَهُمْ طَائِفَتَيْنِ تَكْفِي كُلُّ طَائِفَةٍ الْعَدُوَّ فَإِنْ فَرَّطَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ فِيمَا فِيهِ حَظٌّ لَنَا أَثِمَ، وَيَكُونُ صَغِيرَةً، وَهَلْ يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ إنْ قَارَنَ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ لَا يَقْدَحُ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِشَرْطِ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يَفْسُقُ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ فِي الْأَمَانَةِ، وَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَكُونُ الصَّلَاةُ مَعَهُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى إمَامَةِ الْفَاسِقِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فَقَالَ: فَإِنْ تَرَكَ الْأَمِيرُ مَا فِيهِ حَظُّ الْمُسْلِمِينَ أَثِمَ، وَهَلْ يَفْسُقُ بِذَلِكَ قَبْلَ تَكْرَارِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: وَهَذَا لَفْظُهُ: إنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَمْدًا كَانَ عَاصِيًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِيرَ بِذَلِكَ فَاسِقًا، كَالْمُودَعِ وَالْأَمِينِ وَالْوَصِيِّ إذَا فَرَّطَ، فَتُخَرَّجُ صِحَّةُ إمَامَتِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي صَلَاةِ الْفَاسِقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صَغِيرَةً لَا تُوجِبُ بِمُجَرَّدِهَا الْفِسْقَ حَتَّى يَشْفَعَهَا بِأَمْثَالِهَا، وَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا مَعْصِيَةً قَارَنَتْ الصَّلَاةَ؟ الْأَشْبَهُ أَنَّهَا 1"لَا تَقْدَحُ، وَعَلَّلَهُ، انْتَهَى، وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَام ابْنِ عَقِيلٍ يُقَوِّي مَا قَالَ إنَّهُ الْأَشْبَهُ"1، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَفْسُقُ، وَارْتِكَابُ مَا فَعَلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، والله أعلم.
فصل: لو صلى كخبر ابن عمر
فَصْلٌ: لَوْ صَلَّى كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ1 بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً وَمَضَتْ "*"، 2"ثُمَّ بِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَمَضَتْ"2، وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَتْ الْأُولَى فَأَتَمَّتْ الصَّلَاةَ بِقِرَاءَةٍ وَقِيلَ: أَوْ "لَا" لِأَنَّهَا مُؤْتَمَّةٌ بِهِ حُكْمًا فَلَا تَقْرَأُ فِيمَا تَقْضِيهِ كَمَنْ زُحِمَ أَوْ نَامَ حَتَّى سَلَّمَ إمَامُهُ، وَنَصُّهُ خِلَافُهُ، ثُمَّ أَتَتْ الثانية فأتمت بقراءة أجزأ "ق"3، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَتْ الْمُخْتَارَةَ "هـ" وَعِنْدَهُ: يَفْعَلُ وَلَوْ كَانَ الْعَدُوُّ بِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَلَوْ قَضَتْ الثَّانِيَةُ رَكْعَتَهَا وَقْتَ فَارَقَتْ إمَامَهَا وَسَلَّمَتْ، ثُمَّ مَضَتْ وَأَتَتْ الْأُولَى فَأَتَمَّتْ كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ4، صَحَّ، وَهُوَ5 أَوْلَى، قَالَهُ بَعْضُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: فِي فَصْلٍ، وَلَوْ صَلَّى كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ. فَلَا تَقْرَأُ فِيمَا تَقْضِيهِ مَنْ زُحِمَ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَعَلَّهُ: كَمَنْ زُحِمَ، وَأَجْرَاهُ شَيْخُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى.
وَلَوْ صَلَّى كَخَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ1، بِكُلِّ طَائِفَةٍ صَلَاةً2 وَسَلَّمَ بِهَا صَحَّ، وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ، وَنَصَّهُ التَّفْرِقَةُ، وَلَمَّا مَنَعَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مُفْتَرِضًا خَلْفَ مُتَنَفِّلٍ قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَعَلَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يُعَادُ فِيهِ الْفَرْضُ فِي يَوْمٍ مرتين، فصلاته في حال اقتداء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُفْتَرِضِ1 بِهِ مُؤَدَّاةٌ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَصِيرُ نَفْلًا بَعْدَ إعَادَتِهَا، 2"وَذَلِكَ لَا يُغَيِّرُ"2 حُكْمَ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ. كَمَعْذُورٍ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أَمَّ مِثْلَهُ فِي الظُّهْرِ ثُمَّ شَهِدَ الْإِمَامُ الجمعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ صَلَّى بِهِمْ الرُّبَاعِيَّةَ الْجَائِزَ قَصْرُهَا تَامَّةً، بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ بِلَا قَضَاءٍ، فَتَكُونُ لَهُ تَامَّةً، وَلَهُمْ مَقْصُورَةً، فَنَصَّهُ: تَصِحُّ، لِخَبَرِ جَابِرٍ1، وَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، لِاحْتِمَالِ سَلَامِهِ فَتَكُونُ الصِّفَةُ قَبْلَهَا. وَلَوْ قَصَرَهَا وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا قَضَاءٍ كَصَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ2 وَحُذَيْفَةَ3 وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ4، وَغَيْرِهِمْ، صح في ظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: مَا يُرْوَى فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا صِحَاحٌ1. ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ رَكْعَةً رَكْعَةً إلَّا أَنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ، وَلِلْقَوْمِ "رَكْعَةٌ" رَكْعَةٌ، وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى خِلَافِهِ، وللخوف والسفر، و2 منعه الأكثر "و"2.
فصل: وإن صلى صلاة الخوف
فَصْلٌ: وَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا خَوْفَ بَطَلَتْ وَقِيلَ: لَا صَلَاةَ إمَامٍ، وَالْمُرَادُ عَلَى3 خَبَرِ أَبِي بَكْرَةَ. وَيُصَلِّي الْجُمُعَةَ فِي الْخَوْفِ حَضَرًا بِشَرْطِ كَوْنِ الطَّائِفَة أَرْبَعِينَ، فَيُصَلِّي بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً بَعْدَ حُضُورِهَا الْخُطْبَةَ، فَإِنْ4 أَحْرَمَ بِاَلَّتِي لَمْ تَحْضُرْهَا لَمْ تَصِحَّ، وَتَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً بِلَا جَهْرٍ، وَيَتَوَجَّهُ تَبْطُلُ إنْ بَقِيَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ ذَهَابِ الطَّائِفَةِ كَمَا لَوْ نَقَصَ5 الْعَدَدُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ هُنَا لِلْعُذْرِ؛ وَلِأَنَّهُ مُرْتَقِبٌ الطائفة الثانية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ صَلَّاهَا كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ1، جَازَ، قَالَ: وَيُصَلِّ الِاسْتِسْقَاءَ ضَرُورَةً، كَالْمَكْتُوبَةِ، وَالْكُسُوفُ، وَالْعِيدُ آكَدُ مِنْهُ. وَيُسْتَحَبُّ حَمْلُ سِلَاحٍ خفيف، واختار جماعة يجب "وم ش" وَلَا يُشْتَرَطُ "و" وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ: نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ2: لَا بَأْسَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ حَمْلَهُ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ مَحْظُورٌ، فَهُوَ أَمْرٌ بَعْدَ حَظْرٍ، وَهُوَ لِلْإِبَاحَةِ، كَذَا قَالُوا مَعَ قَوْلِهِمْ: يُسْتَحَبُّ، وَقَالَهُ الْقَاضِي "أَيْضًا" وَقَالَ أَيْضًا عَنْ رَفْعِ الْجُنَاحِ عَنْهُمْ: رَفْعُ الْكَرَاهَةِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الْعُذْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الْعُذْرِ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَيُكْرَهُ مَا يُثْقِلُهُ أَوْ يَمْنَعُ إكْمَالَهَا أَوْ يَضُرُّ غَيْرَهُ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ مَا يَمْنَعُهُ اسْتِيفَاءَ الْأَرْكَانِ، وَمُرَادُهُ عَلَى الْكَمَالِ، قَالَ: إلَّا فِي حَرْبٍ مُبَاحٍ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ فِي مكان آخر.
وَيَحْمِلُ نَجَسًا لِحَاجَةٍ، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 ليست في "ط".
فصل: يجوز فعل الصلاة حال المسايفة
فَصْلٌ: يَجُوزُ فِعْلُ الصَّلَاةِ حَالَ الْمُسَايَفَةِ أَوْ الْهَرَبِ الْمُبَاحِ كَظَنِّ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ أَوْ غَرِيمٍ ظَالِمٍ، أَوْ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أو ماله أو ذبه عنه، وَعَلَى الْأَصَحِّ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَعَنْهُ: أَوْ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ رَاجِلًا وَرَاكِبًا، إيمَاءً إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، وَجَدَ ذَلِكَ قَبْلَ1 الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا. وَلَوْ احْتَاجَ عَمَلًا كَثِيرًا، وَعَنْهُ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَنْ وَلَا يَجِبُ "هـ" بِخِلَافِ، مَنْ هُدِّدَ بِالْقَتْلِ وَمُنِعَ مِنْهَا فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ وَهَذَا قَادِرٌ، وَتَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِلنُّصُوصِ، فَدَلَّ أَنَّهَا تَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالشَّيْخِ: لَا تنعقد "وهـ" وَيُعْفَى عَنْ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ، كَعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَفِي الْفُصُولِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُعْفَى، وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ، لَكِنْ يُعْتَبَرُ إمْكَانُ2 الْمُتَابَعَةِ، وَيُومِئُ بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ، ولا يجب سجوده، على ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَيَحْمِلُ نَجَسًا لِحَاجَةٍ3، وَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: يَحْتَمِلُ الْإِعَادَةَ وَعَدَمَهَا وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَضُرُّ تَلْوِيثُ سِلَاحِهِ بِدَمٍ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِمَّا إذَا تَيَمَّمَ فِي الْحَضَرِ خَوْفًا مِنْ الْبَرْدِ وَصَلَّى، فَإِنَّ الصَّحِيحَ لا4 يُعِيدُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ، فِيهَا الْخِلَافُ مطلق.
دَابَّتِهِ وَلَهُ الْكَرُّ وَالْفَرُّ وَنَحْوُهُ لِمَصْلَحَةٍ وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ وَلَا تَبْطُلُ بِطُولِهِ "ش" وَيَتَوَجَّهُ مِنْ هَذَا: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى زِيَادَةِ فِعْلٍ "لَمْ" تَبْطُلْ بِهِ، وَلِهَذَا جَزَمَ الْقَاضِي بِأَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لِدَفْعِ1 الْإِكْرَاهِ، لأنه غير قادر، بخلاف شدة2 الْخَوْفِ، وَسَبَقَ3 مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ خِلَافُهُ. وَقِيلَ: إنْ كَثُرَ دَفْعُ عَدُوٍّ مِنْ سَيْلٍ وَسَبُعٍ وَسُقُوطِ جِدَارٍ وَنَحْوِهِ أَبْطَلَ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْفِعْلُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّ بِهِ، كَالْمُضِيِّ فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، وَالدُّخُولِ مَعَ الْإِمَامِ فِي حَالِ السُّجُودِ، كَذَا قَالَ. وَلَا يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ قَادِرًا، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: وَعَاجِزًا، وَلِطَالِبِ عَدُوٍّ يَخَافُ فَوْتَهُ الصَّلَاةُ كَذَلِكَ، وَعَنْهُ: لَا، صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "و" وَكَذَا التَّيَمُّمُ لَهُ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي الْقَوْمِ يَخَافُونَ فَوْتَ الْغَارَةِ فَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ4 حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَوْ يُصَلُّونَ عَلَى دَوَابِّهِمْ قَالَ: "كُلٌّ" أَرْجُو، وَمَنْ أَمِنَ أَوْ خَافَ فِي الصَّلَاةِ انْتَقَلَ وَبَنَى "ش" فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا تَبْطُلُ "هـ" وَمَنْ صَلَّاهَا لِظَنِّ عَدُوٍّ، فَلَمْ يَكُنْ، أَعَادَ "وهـ م ق" لِعَدَمِ الْمُبِيحِ، كَمَا لَوْ كَانَ مُحْدِثًا، وَقِيلَ: لَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ رواية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا إنْ كَانَ وَثَمَّ مَانِعٌ، وَقِيلَ: إنْ خَفِيَ الْمَانِعُ وَإِلَّا أَعَادَ، وَإِنْ بَانَ يَقْصِدُ غَيْرَهُ لَمْ يُعِدْ فِي الْأَصَحِّ، لِوُجُودِ سَبَبِ الْخَوْفِ بِوُجُودِ عَدُوٍّ يَخَافُ هَجْمَهُ، كَمَا لَا يُعِيدُ مَنْ خَافَ عَدُوًّا فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ فَصَلَّاهَا ثُمَّ بَانَ أَمْنُ الطَّرِيقِ، وَعَنْهُ: من خاف كمينا أو مكيدة1 مَكْرُوهًا إنْ تَرَكَهَا صَلَّاهَا وَأَعَادَ، وَإِنْ خَافَ هَدْمَ سُورٍ أَوْ طَمَّ خَنْدَقٍ إنْ صَلَّاهَا آمِنًا فَصَلَاةُ خَائِفٍ، مَا لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُصَلِّي آمِنًا ما لم يظن ذلك. 2"والله سبحانه أعلم"2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة الجمعة
باب صلاة الجمعة مدخل ... باب صلاة الجمعة قَالَ فِي "الْفُصُولِ": سُمِّيَتْ جُمُعَةً لِجَمْعِهَا الْجَمَاعَاتِ، وَقِيلَ: لِجَمْعِ طِينِ آدَمَ فِيهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ آدَمَ جُمِعَ فِيهَا خَلْقُهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مَرْفُوعًا1. وَقَدَّمَ صَاحِبُ "الْمُحَرَّرِ" وَغَيْرُهُ2: لِجَمْعِهَا الْخَلْقَ الْكَثِيرَ. وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الظُّهْرِ، وَهِيَ صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِنِيَّةِ الظُّهْرِ وَمِمَّنْ لَا تجب عليه، ولجوازها قبل الزوال، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ: وَلَا تُجْمَعُ فِي مَحَلٍّ يُبِيحُ الْجَمْعَ. وَعَنْهُ: ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ وَغَيْرِهِمَا: هِيَ الْأَصْلُ وَالظُّهْرُ بَدَلٌ، زَادَ بَعْضُهُمْ: رُخْصَةٌ فِي حَقِّ مَنْ فَاتَتْهُ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ وَجْهَيْنِ: هَلْ هِيَ فَرْضُ الْوَقْتِ أَوْ الظُّهْرِ "وهـ"1 لِقُدْرَتِهِ عَلَى الظُّهْرِ بِنَفْسِهِ بِلَا شَرْطٍ، وَلِهَذَا يَقْضِي مَنْ فَاتَتْهُ ظُهْرًا، وَجَزَمَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ عِنْدَ2 أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهَا الْمُخَاطَبُ بِهَا، وَالظُّهْرُ بَدَلٌ، وَذَكَرَ كَلَامَ أَبِي إِسْحَاقَ وَيَبْدَأُ بِالْجُمُعَةِ خَوْفَ فَوْتِهَا، وَيَتْرُكُ فَجْرًا فَائِتَةً نَصَّ عَلَيْهِ "هـ"3 وَقَالَ فِي الْقَصْرِ: قَدْ قِيلَ: إنَّ الْجُمُعَةَ تُقْضَى ظُهْرًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَبْلَ فَوَاتِهَا لَا تَجُوزُ الظُّهْرُ، وَإِذَا فَاتَتْ الْجُمُعَةُ لَزِمَتْ الظُّهْرُ، قال: فدل أنها قضاء للجمعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ "و" عَلَى الْمُسْلِمِينَ الرِّجَالِ "و" الْمُكَلَّفِينَ "و" لَا الْخَنَاثَى، وَلَا تَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَزَائِلِ الْعَقْلِ، وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ رِوَايَةٌ: تَلْزَمُ النِّسَاءَ، وَإِنْ لَزِمَتْ الْمَكْتُوبَةُ صَبِيًّا لزمته، وقيل: لا1. عَبْدًا، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: وَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ، لِلْخَبَرِ2، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْأَحْرَارَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: فَمَا3 لَا يَجِبُ شَرْعًا لَا يَمْلِكُ السَّيِّدُ إجْبَارَهُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ كَالنَّوَافِلِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّى: الْحُقُوقُ الشَّرْعِيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِخِطَابِ الشَّارِعِ لَا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا بِإِجْبَارِهِ كَالنَّوَافِلِ، فَإِنْ خَالَفَ وَحَضَرَهَا سَقَطَ فَرْضُ الظُّهْرِ وَأَثِمَ كَالْآبِقِ، وَقِيلَ: تَلْزَمُ المعتق بعضه في نوبته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: تَلْزَمُ الْعَبْدَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ خِلَافًا لَهُمْ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ سَيِّدَهُ: وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ ويخالفه، وعنه: بإذن سيد "خ". وَإِنَّمَا تَلْزَمُ الْمُسْتَوْطِنِينَ بُنْيَانًا مُعْتَادًا وَلَوْ كَانَ فَرَاسِخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ بِحَجَرٍ أَوْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ، مُتَّصِلًا أَوْ1 مُتَفَرِّقًا، يَشْمَلُهُ اسْمٌ وَاحِدٌ، وَاعْتَبَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعَ الْمَنَازِلِ فِي الْقَرْيَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ أَيْضًا: مَعْنَاهُ مُتَقَارِبَةُ الِاجْتِمَاعِ، وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا: لَوْ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مُتَفَرِّقَةَ الْأَبْنِيَةِ وَالْمَنَازِلِ لَمْ تَقُمْ بِهَا الْجُمُعَةُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُمْ وَطَنٌ، عَلَى أَنَّا لَا نَعْرِفُ عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَةً فِي التَّفْرِيقِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ مُتَقَارِبًا جَازَ إقَامَتُهَا فِيهَا، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَنْتَقِلُونَ عَنْهُ، أَوْ قَرْيَةً خَرَابًا عَزَمُوا عَلَى إصْلَاحِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا، فَيَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ "هـ" وَرَبَضُهُ كَهُوَ، وَلَوْ مَعَ فُرْجَةٍ بَيْنَهُمَا "هـ" وَلَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِينَ بِنَاءً كَبُيُوتِ الشعر والخراكي2. وَتَجُوزُ إقَامَتُهَا بِقُرْبِ بِنَاءٍ فِي صَحْرَاءَ بِلَا عُذْرٍ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ فِي هَذَا كَالْمِصْرِ، وَيَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَالْفِطْرُ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: بَلْ فِي جَامِعٍ "وم ش". وَفِي الْخِلَافِ: إنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَحْتَمِلُ الْجَوَازَ وَلَوْ بَعُدَ، وَإِنَّ الْأَشْبَهَ بِتَأْوِيلِهِ الْمَنْعُ، كَالْعِيدِ يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ لَا فِيمَا بَعُدَ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِذَا أُقِيمَتْ فِي صَحْرَاءَ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِالضَّعَفَةِ، وَقَدَّمَ الْأَزَجِيُّ صِحَّتَهَا وَوُجُوبَهَا عَلَى الْمُسْتَوْطِنِينَ بِعَمُودٍ "خ" أَوْ خِيَامٍ "خ" وَاخْتَارَهُ شيخنا، وهو متجه1. نَقَلَ أَبُو نَصْرٍ2 الْعِجْلِيُّ: لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ جُمُعَةٌ لِأَنَّهُمْ يَتَنَقَّلُونَ قَالَ بَعْضُهُمْ: فَأَسْقَطَهَا عَنْهُمْ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُسْتَوْطِنِينَ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، وَلَا يَتِمُّ عَدَدٌ مِنْ مَكَانَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ، لِعَدَمِ اسْتِيطَانِ الْمُتَمِّمِ وَلَا يَجُوزُ تَجْمِيعُ أَهْلِ كَامِلٍ فِي نَاقِصٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا كَبَيْنِ الْبُنْيَانِ وَمُصَلَّى الْعِيدِ، لِعَدَمِ خُرُوجِهِمْ عَنْ حُكْمِ بُقْعَتِهِمْ3، وَالْأَوْلَى مَعَ تَتِمَّةِ الْعَدَدِ تَجْمِيعُ كُلِّ قَوْمٍ، وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْقَرْيَةَ قَصْدُ مِصْرٍ بَيْنَهُمَا فَرْسَخٌ فَأَقَلُّ، وَحَكَى رِوَايَةً، وَلَا جُمُعَةَ بِمِنًى "هـ" كَعَرَفَةَ، نَقَلَ يَعْقُوبُ: ليس بهما4 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُمُعَةٌ، إنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْرَ وَلَا يَجْهَرُ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ وَالِي مَكَّةَ يَرْكَبُ مِنْ مِنًى فَيُجْمِعُ بِهِمْ، قَالَ: لَا إلَّا إذَا كَانَ "هُوَ" بِمَكَّةَ. وَالْمُقِيمُ فِي قَرْيَةٍ لَا يَبْلُغُ عَدَدَ الْجُمُعَةِ، أَوْ فِي الْخِيَامِ وَنَحْوِهَا، وَالْمُسَافِرُ غَيْرَ سَفَرِ قَصْرٍ، لَا تَلْزَمُهُمْ إلَّا إذَا كَانَ فَرْسَخًا، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" قَالَ جَمَاعَةٌ: تَقْرِيبًا عَنْ مَكَانِ الْجُمُعَةِ، وَعَنْهُ: عَنْ أَطْرَافِ الْبَلَدِ "وم"1 فَتَلْزَمُهُمْ، وعنه: المعتبر إمكان2 سَمَاعِ النِّدَاءِ "وش" زَادَ بَعْضُهُمْ: غَالِبًا مِنْ مَكَانِهَا أَوْ أَطْرَافِهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَيُّهُمَا وُجِدَ، وَعَنْهُ3: بَلْ إنْ سَمِعُوهُ، وَعَنْهُ: إنْ فَعَلُوهَا ثُمَّ رَجَعُوا لِيَوْمِهِمْ لَزِمَهُمْ4، وَلَوْ سَمِعَتْهُ قَرْيَةٌ مِنْ فَوْقِ فَرْسَخٍ لِعُلُوِّ مَكَانِهَا، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ مَنْ دُونَهُ لِجَبَلٍ حَائِلٍ أَوْ انْخِفَاضِهَا، فَعَلَى الْخِلَافِ، وَحَيْثُ لَزِمَهُمْ لَمْ تَنْعَقِدْ بهم لئلا يصير التابع أصلا، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صِحَّةِ1 إمَامَتِهِمْ فِيهِ وَجْهَانِ، لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ، وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِهِمْ "م 1". وَكَذَا إنْ لَزِمَتْ مُسَافِرًا أَقَامَ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ وَلَمْ يَنْوِ اسْتِيطَانًا "م 2". وَالْأَشْهَرُ: تَلْزَمُهُ، وَعَنْهُ: لَا جَزْمَ بِهِ في التخليص وغيره "خ" وتجزئ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ إمَامَتِهِمْ فِيهَا وَجْهَانِ، لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ، وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا بِهِمْ، انْتَهَى، يَعْنِي مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ بِغَيْرِهِ، كَمَنْ هُوَ مقيم بقرية لا يبلغ عددهم مَا يُشْتَرَطُ فِي الْجُمُعَةِ، أَوْ كَانَ مُقِيمًا فِي الْخِيَامِ وَنَحْوِهَا، أَوْ كَانَ مُسَافِرًا دُونَ مسافة قصر، و1 نَحْوَهُمْ وَبِقَرْيَتِهِمْ، فِي مَسَافَةِ فَرْسَخٍ فَمَا دُونَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، فَصَلَّى مَعَهُمْ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي الْمُقِيمِ غَيْرِ الْمُسْتَوْطِنِ: أَحَدُهُمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ فِي الْكَافِي2، وَفِي الْمُقْنِعِ3، فِي الْمُسَافِرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَصِحُّ إمَامَتُهُمْ فِيهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّهُمَا عَلَّلَا مَنْعَ إمَامَةِ4 الْمُسَافِرِ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَزِمَتْ مُسَافِرًا أَقَامَ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ وَلَمْ يَنْوِ اسْتِيطَانًا. انْتَهَى، وَذَلِكَ كَمَنْ أَقَامَ بِمِصْرَ لِعِلْمٍ أَوْ شُغْلٍ وَنَحْوِهِ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَكَذَا فِي هَذِهِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابن تميم والرعاية والفائق وغيرهم.
امْرَأَةً حَضَرَتْهَا تَبَعًا "و" لِلْمُقِيمِينَ وَلَا تَنْعَقِدُ بها "و" وَلَا تَؤُمُّ "و" فِيهِنَّ وَكَذَا مُسَافِرٌ لَهُ الْقَصْرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ تَبَعًا لِلْمُقِيمِينَ "خِلَافًا لَهُمْ" قَالَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهًا، وَحَكَى رِوَايَةً تَلْزَمُهُ بِحُضُورِهَا "خ" فِي وقتها ما لم ينضر بالانتظار، وتنعقد به2، "وهـ م ر" وَيَؤُمُّ فِيهَا "م ر" كمن سقطت عنه تخفيفا لعذر مَرَضٍ وَخَوْفٍ وَنَحْوِهِمَا "و" لِزَوَالِ ضَرَرِهِ، فَهُوَ كَمُسَافِرٍ يَقْدَمُ فَلَوْ دَامَ ضَرَرُهُ، كَخَائِفٍ عَلَى مَالِهِ وَحَاقِنٍ، جَازَ انْصِرَافُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ خَاصَّةً، فَلَوْ صَلَّى بَقِيَ الْوُجُوبُ لِعَدَمِ الْمُسْقِطِ، وَهُوَ اشْتِغَالُهُ بِدَفْعِ ضَرَرِهِ، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ، لِبَقَاءِ سَفَرِهِ، وَهُوَ الْمُسْقِطُ. وَإِنْ لَزِمَتْ عَبْدًا انْعَقَدَتْ بِهِ وَأَمَّ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَلَيْسَ كَمُسَافِرٍ "خ" وَمُمَيِّزٌ كَعَبْدٍ "خ"3 وَمَنْ لَمْ تجب عليه لمرض أو سفر، أو اختلف فِي وُجُوبِهَا كَعَبْدٍ، فَهِيَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ: وَكَرِهَ قَوْمٌ التَّجْمِيعَ لِلظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْعُذْرِ لِئَلَّا يُضَاهِيَ بِهَا جُمُعَةً أُخْرَى، احْتِرَامًا للجمعة المشروعة في يومها. لا كامرأة "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من لزمته الجمعة فصلى الظهر شاكا
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى الظُّهْرَ شَاكًّا هَلْ صَلَّى الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ؟ لَمْ تَصِحَّ "ر ش" كَشَكِّهِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، لِأَنَّهَا فَرْضُ الْوَقْتِ، لِلْأَخْبَارِ1، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَتَعَذَّرُ فِي حَقِّهِ إلَّا بِسَلَامِ الْإِمَامِ، لِاحْتِمَالِ بُطْلَانِهَا فَيَسْتَأْنِفُهَا، فَتَقَعُ ظُهْرًا هَذَا قَبْلَهُ، وَقِيلَ: إنْ أَمْكَنَهُ إدْرَاكُهَا وَإِلَّا صَحَّتْ "وم" وَسَبَقَ وَجْهٌ أَنَّ فرض الوقت الظهر، فتصح مطلقا "وهـ" وقديم2 قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَلِهَذَا يُصَلِّي الْفَجْرَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ خَافَ فَوْتَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ الظُّهْرُ وَلَمْ تَفُتْ، لَكِنْ لَا تَبْطُلُ ظُهْرُهُ بِالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ "هـ" وَكَذَا لَوْ صَلَّى الظُّهْرَ أَهْلُ بَلَدٍ مَعَ بَقَاءِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَشْهَرِ "هـ" وَقِيلَ: إنْ أَخَّرَ الْإِمَامُ الْجُمُعَةَ تَأْخِيرًا مُنْكَرًا، فَلِلْغَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا وَيُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ، جَزَمَ به صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُحَرَّرِ، وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ "وم" لِخَبَرِ تَأْخِيرِ الْأُمَرَاءِ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا1. وَسَبَقَ أَنَّ أَحْمَدَ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ، وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى صِحَّتِهَا بِغَيْرِ سُلْطَانٍ قَالَ: وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا2. قَالَ: وَأَخَذَ أَحْمَدُ بِظَاهِرِهِ فِي الْجُمُعَةِ، فَسَأَلَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ إذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يُصَلِّيهَا لِوَقْتِهَا وَيُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ هُنَا لَا يُصَلِّيهَا غَيْرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا تَأَخَّرَ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ يصلي غيره، ويوافقه ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي صِحَّتِهَا بِلَا سُلْطَانٍ بِمَا رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ1 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ لَمَّا أَبْطَأَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ2 بِالْخُرُوجِ، وَصَلَّى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ بالناس حين أخرجوا3 سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ4. وَمَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ الْجُمُعَةُ صَحَّتْ ظُهْرُهُ قَبْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَلَوْ زَالَ عُذْرُهُ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الترغيب "وم" كَصَبِيٍّ بَلَغَ فِي الْأَشْهَرِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَنْ لَزِمَتْهُ بِحُضُورِهِ لَمْ تَصِحَّ وَالْأَصَحُّ فِيمَنْ دَامَ عُذْرُهُ، كَامْرَأَةٍ، تَصِحُّ قَوْلًا وَاحِدًا، وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ لَهُ التَّقْدِيمُ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، وَلَا تَبْطُلُ بِالسَّعْيِ فِي الْأَشْهَرِ "هـ" بِدَلِيلِ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، مَعَ مَنْعِ اقْتِدَاءِ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَفِّلٍ، اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الِاقْتِدَاءِ. وَلَا تُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ "م" أَوْ لِمَعْذُورٍ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي الْمِصْرِ "هـ" وَفِي مَكَانِهَا وَجْهَانِ "3 م" وَلَمْ يَكْرَهْهُ أَحْمَدُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَالَ: وَمَا كان يكره ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ - 3: قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ لِمَنْ فَاتَتْهُ أَوْ لِمَعْذُورٍ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي الْمِصْرِ، وَفِي مَكَانِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلِمَنْ فَاتَتْهُ، أَوْ5 لَمْ تَلْزَمْهُ، أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ جَمَاعَةً بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً، وَهَلْ يُكْرَهُ فِي مَوْضِعٍ صُلِّيَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى:
إظْهَارَهَا، قَالَ: وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ كَرِهَ إظْهَارَهَا1 وَكَثْرَةَ الْجَمْعِ فِيهَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُمْ2 رُبَّمَا اُتُّهِمُوا بِالرَّغْبَةِ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَيُعَاقِبُهُمْ الْإِمَامُ إذَا لَمْ تَكُنْ أَعْذَارُهُمْ ظَاهِرَةً، فَأَمَّا إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةً لَمْ تُكْرَهْ، وَعَلَى أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ اسْتَحَبَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ لِلظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهُ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ: لَا يُصَلِّي فَوْقَ ثَلَاثَةٍ جَمَاعَةً، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَيَأْتِي3 قَبْلَ آخِرِ فَصْلٍ "فِي" الْبَابِ: هَلْ يُؤَذِّنُ لَهَا؟. وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ4 فَتَرَكَهَا بِلَا عُذْرٍ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِهِ، لِلْخَبَرِ، وَلَا يَجِبُ "عِ" وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ السَّفَرُ فِي يَوْمِهَا بَعْدَ اللُّزُومِ حتى يُصَلِّيَ، بِنَاءً عَلَى اسْتِقْرَارِهَا بِأَوَّلِهِ، فَلِهَذَا خَرَجَ الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ مَا لَمْ يُحْرِمْ5 بِهَا لعدم ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا8 فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي أُقِيمَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَعَلَّلُوهُ بِمَا يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَجَمَاعَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ.
الاستقرار "وهـ" وَفِيهِ قَبْلَ اللُّزُومِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ رِوَايَتَانِ "م ر ق" وَثَالِثَةٌ يَجُوزُ لِلْجِهَادِ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ، نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، وَقِيلَ: الرِّوَايَاتُ إنْ دخل وقتها وإلا جاز "4 م". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ تَلْزَمُهُ السَّفَرُ فِي يَوْمِهَا بَعْدَ اللُّزُومِ حَتَّى يُصَلِّيَ وَفِيهِ قِيلَ اللُّزُومُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ رِوَايَتَانِ: وَثُلُثُهُ يَجُوزُ لِلْجِهَادِ، وَأَنَّهُ أَفْضَلُ نَقَلَهَا أَبُو طَالِبٍ، وَقِيلَ: الرِّوَايَاتُ إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا وَإِلَّا جَازَ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلطُّوفِيِّ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي غَيْرِ الْجِهَادِ فِي الْكَافِي1: إحْدَاهُنَّ يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عقيل وغيره.
وَلَهُ السَّفَرُ إنْ أَتَى بِهَا فِي قَرْيَةٍ بِطَرِيقِهِ، وَإِلَّا كُرِهَ، قَالَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً وَاحِدَةً "وم" وظاهر كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يُكْرَهُ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ سَافَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ: قَلَّ مَنْ يَفْعَلُهُ إلَّا رَأَى مَا يَكْرَهُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي بَابِ الصَّيْدِ: اتَّفَقُوا أَنَّ سَفَرَ الرَّجُلِ مُبَاحٌ لَهُ1 مَا لَمْ تَزُلْ الشَّمْسُ مِنْ يوم الخميس، واتفقوا على2 أَنَّ السَّفَرَ حَرَامٌ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إذا نودي لها، كذا قال.
فصل: يشترط لصحة الجمعة الاستيطان
فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ الِاسْتِيطَانُ ، وَقَدْ سَبَقَ، وَالْوَقْتُ. وَتَجِبُ بِالزَّوَالِ، وَعَنْهُ: وَقْتَ الْعِيدِ "وَتَجُوزُ وَقْتَ الْعِيدِ" نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شَاقِلَا وَالشَّيْخُ، وَاخْتَارَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْخَامِسَةِ، وَعَنْهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ "و"، وَهُوَ الْأَفْضَلُ، وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ لِلْجِهَادِ خَاصَّةً جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي "الشَّرْحِ"3، قَالَ 4"هو و"4 الشيخ فِي الْمُغَنِّي وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ حِينَ يَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ لَهَا، لِجَوَازِ أَنْ يَشْرَعَ فِي ذَلِكَ فِي وَقْتِ5 صَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَا نِزَاعَ فِي تَحْرِيمِ السَّفَرِ حِينَئِذٍ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بالإقامة، وليس ذلك بعد الزوال، انتهى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/183. 4 "4 - 4" ليست في "ح". 5 في "ح": "الوقت".
ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَمُفْرَدَاتِهِ عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ. وَآخِرُهُ: وَقْتُ الظُّهْرِ لَا الْغُرُوبُ "م ر". فَإِنْ خَرَجَ صَلَّوْا ظُهْرًا، فَإِنْ كَانُوا فِيهَا أَتَمُّوا جُمُعَةً، قَالَ بَعْضُهُمْ: نَصَّ عليه، وهو ظاهر المذهب "وم" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: هُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ إذَا فَاتَ لَمْ يُمْكِنْ اسْتِدْرَاكُهُ، فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ فِي الِاسْتِدَامَةِ لِلْعُذْرِ، وَمِثْلُهُ الْعَدَدُ وَهُوَ لِلْمَسْبُوقِ1، وَلِأَنَّ الْوَقْتَ حَصَلَ عَنْهُ بَدَلٌ وَهُوَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ، وَلِأَنَّ بَعْضَهُ كَجَمِيعِهِ2، فِيمَنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ فِي آخِرِهِ، بِخِلَافِ الْعَدَدِ فِيهِمَا. وَعَنْهُ: قَبْلَ رَكْعَةٍ لَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ. ثُمَّ هَلْ يتمونها ظهرا "وش" أو يستأنفونها؟ "وهـ" فيه وجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ صَلَّوْا ظُهْرًا، فَإِنْ كَانُوا فِيهَا أَتَمُّوا جُمُعَةً وَعَنْهُ: قَبْلَ رَكْعَةٍ لَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ، ثُمَّ هَلْ يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا أَوْ يَسْتَأْنِفُونَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وأطلقهما في3 الكافي4 والمقنع5 والمحرر وشرح المجد6، ومختصر ابن تميم وشرح ابن منجا ومجمع البحرين.
وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ الْوَقْتُ فِيهَا إلَّا السَّلَامَ. وَإِنْ غربت وهم1 فِيهَا، فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْغُرُوبِ لَيْسَ وَقْتًا لِلْجُمُعَةِ، وَوَقْتُ الْعَصْرِ وَقْتُ الظُّهْرِ الَّتِي الْجُمُعَةُ بَدَلُهَا "م 6" فَعَلَى الْمَذْهَبِ لو بقي من الوقت قدر الخطبة والتحريمة لزمهم2 فِعْلُهَا، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وَكَذَا يَلْزَمُهُمْ إنْ شكوا في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالْفَائِقُ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: يُتِمُّونَهَا ظُهْرًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَأْنِفُونَهَا ظُهْرًا، قُلْت: وهو الصواب3. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَتَبِعْهُ الشَّارِحُ5: فَعَلَى هَذَا إنْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ رُكُوعِهِ فَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ تَفْسُدُ وَيَسْتَأْنِفُهَا ظُهْرًا، وعلى قول أبي6 إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا يُتِمُّهَا ظُهْرًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ، قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: وَالْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى قول أبي6 إسحاق ابن شاقلا وَالْخِرَقِيِّ الْآتِيَانِ، انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُتِمُّهَا ظُهْرًا إنْ كَانَ قَدْ نَوَى الظُّهْرَ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ شَاقِلَا، لِأَنَّهُ هُنَاكَ قَدَّمَ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ، وَهُنَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ غَرَبَتْ وَهُمْ فِيهَا فَقِيلَ كَذَلِكَ يَعْنِي يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَهُمْ فِيهَا وَقِيلَ: تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَيْسَ وَقْتًا للجمعة، ووقت العصر وقت الظهر التي الجمعة بدلها، انتهى، وأطلقهما ابن تميم:
خروجه، عملا بالأصل. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: تَنْعَقِدُ بِأَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ فِي ظَاهِرِ المذهب "وش" لا بمن ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما هو كدخول وقت العصر. 1"قدمه في "الرعاية الكبرى"، فقال وإن دخل وقت المغرب وهم في الجمعة، فهو كَدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ"1. وَقِيلَ: بَلْ تَبْطُلُ، انْتَهَى. والوجه الثاني: تبطل، قُلْتُ: وَهُوَ2 الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ، و3 "إطلاق الْمُصَنِّفِ"3 فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَالْمُصَنِّفُ، وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُهَا مُشْكِلٌ، فَإِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابَ قَالُوا: يَخْرُجُ وَقْتُ الْجُمُعَةِ بِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إذَا دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَهُمْ فِيهَا، فكيف نصحح4 الجمعة بعد غروب الشمس 5"على قول"5، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إذَا جَوَّزْنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعَصْرِ، وَجَمَعَ جَمْعَ تَأْخِيرٍ، وَتَأَخَّرُوا إلَى آخَرِ الْوَقْتِ، لَكِنْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ، أَوْ حَصَلَ لَهُمْ إفَاقَةٌ مِنْ جُنُونٍ أَوْ إسْلَامٌ أَوْ بُلُوغٌ أَوْ عُذْرٌ مِنْ الْأَعْذَارِ إلَى آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ، وَجَوَّزْنَا الصَّلَاةَ لَهُمْ، وَلَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُمْ دَخَلُوا فِي الصَّلَاةِ مِنْ قَبْلِ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَاسْتَمَرُّوا6 إلَى الْغُرُوبِ بَعِيدٌ جِدًّا، ثُمَّ وَجَدْت الْقَاضِيَ فِي التَّعْلِيقَةِ الْكَبِيرَةِ وَهُوَ الْخِلَافُ الْكَبِيرُ قال: فيما7 إذا دخل وقت العصر وهم في
تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ عَادَةً "م" وَعَنْهُ: بِخَمْسِينَ، وعنه: بسبعة، وعنه: بخمسة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجُمُعَةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ كَمَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ كَمَا يَجُوزُ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ، وَلَا فَرْقَ، انْتَهَى، فَقَطَعَ بِهَذَا، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: لَمَّا قَالَ الْمُخَالِفُ الْوَقْتُ شَرْطٌ، كَمَا أَنَّ الْعَدَدَ شَرْطٌ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ تَفَرَّقَ الْعَدَدُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهَا اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ كَذَلِكَ الْوَقْتُ، انْتَهَى. فَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَوَابِ الثَّالِثِ: فَأَمَّا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الْعَصْرِ وَدَخَلَ وَقْتُ الْمَغْرِبِ، فَيَحْتَمِلُ أن نقول: تبنى، ويحتمل أن نَقُولَ: تَبْطُلُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَمْ يُجْعَلْ وَقْتًا لِلْجُمُعَةِ، وَوَقْتَ الْعَصْرِ قَدْ جُعِلَ وَقْتًا لِلظُّهْرِ الَّتِي الْجُمُعَةُ بَدَلٌ عَنْهَا، انْتَهَى. فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ جَعَلَ وَقْتَ الْعَصْرِ مَعَ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَقْتًا وَاحِدًا لِلْعُذْرِ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ، كغيرها من الصلوات، والله أعلم.
وَعَنْهُ: بِأَرْبَعَةٍ "وهـ" وَعَنْهُ: بِثَلَاثَةٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَعَنْهُ: بِثَلَاثَةٍ فِي الْقُرَى، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْإِمَامِ زَائِدًا "خ" فَعَلَيْهَا لَوْ بَانَ مُحْدِثًا نَاسِيًا لَمْ تُجْزِئْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا بِدُونِهِ الْعَدَدَ الْمُعْتَبَرَ، وَيَتَخَرَّجُ: لَا مُطْلَقًا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِنَاءً عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ صَلَاةَ الْمُؤْتَمِّ بِنَاسٍ حَدَثَةُ تَفْسُدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَرَأَ خَلْفَهُ، تَقْدِيرًا لِصَلَاتِهِ صَلَاةَ انْفِرَادٍ. وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ وَحْدَهُ الْعَدَدَ فَنَقَصَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَؤُمَّهُمْ، وَلَزِمَهُ اسْتِخْلَافُ أَحَدِهِمْ، وَبِالْعَكْسِ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا. وَلَوْ أَمَرَهُ السُّلْطَانُ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا بِأَرْبَعِينَ لَمْ يَجُزْ بِأَقَلَّ، وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَ، لِقِصَرِ وِلَايَتِهِ، بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ، وَبِالْعَكْسِ الْوِلَايَةُ بَاطِلَةٌ، لِتَعَذُّرِهَا مِنْ جِهَتِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَحَدَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ لَمْ يَرَهَا قَوْمٌ بِوَطَنٍ مَسْكُونٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ لِلْمُحْتَسِبِ أَمْرُهُمْ بِرَأْيِهِ بِهَا، لِئَلَّا يَظُنَّ الصَّغِيرُ أَنَّهَا تَسْقُطُ مَعَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ أَحْمَدُ: يُصَلِّيهَا مَعَ بَرٍّ وَفَاجِرٍ، مَعَ اعْتِبَارِ عَدَالَةِ الْإِمَامِ، وَيَحْتَمِلُ: لَا. قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى مَذْهَبِك. وَلَيْسَ لِمَنْ قَلَّدَهَا أَنْ يَؤُمَّ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا صَلَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، ذَكَرَهُ فِي الأحكام السلطانية، وليس لِمَنْ قَلَّدَ أَحَدَهُمَا أَنْ يَؤُمَّ فِي عِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ. وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ ابْتَدَءُوا ظُهْرًا، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَقِيلَ: يُتِمُّونَ ظُهْرًا "وم ر" وَقِيلَ: جُمُعَةً "وهـ" وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ في الأولى "هـ" وقيل: جمعة1 إنْ بَقِيَ مَعَهُ اثْنَا عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ الْعَدَدُ الْبَاقِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا فِي الصَّلَاةِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2، وَالْمُرَادُ فِي انْتِظَارِهَا. كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ3 فِي الْخُطْبَةِ. وَالدَّارَقُطْنِيّ4: بَقِيَ مَعَهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، وَإِنَّمَا انْفَضُّوا لِظَنِّهِمْ جَوَازَ الِانْصِرَافِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِأَبِي دَاوُد فِي "مَرَاسِيلِهِ"1 بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ أَنَّ خُطْبَتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذِهِ كَانَتْ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَظَنُّوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي الِانْفِضَاضِ عَنْ الْخُطْبَةِ، وَأَنَّهُ قبل هذه القضية2 إنَّمَا كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُمْ انفضوا لقدوم التجارة3؛ لشدة الْمَجَاعَةِ، أَوْ ظَنِّ وُجُوبِ الْخُطْبَةِ وَاحِدَةً وَقَدْ فَرَغَتْ، وَفِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْقَهْقَهَةِ، كَانَ لِعُذْرٍ، وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى شِرَاءِ الطَّعَامِ؛ وَلِأَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ هُوَ الصَّلَاةُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونُوا رَجَعُوا لِلصَّلَاةِ، كَذَا قَالَ. وَقِيلَ: يُتِمُّونَ جُمُعَةً إنْ كَانَ بَعْدَ رَكْعَةٍ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَذَكَرَهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ "وم ر" كَمَسْبُوقٍ. وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا صحت من المسبوق تبعا، كصحتها4 مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ تَبَعًا، وَإِنْ بَقِيَ الْعَدَدُ أَتَمَّ جُمُعَةً، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: سَوَاءٌ كانوا سمعوا الخطبة أو لحقوهم5 قبل نقصهم6 بِلَا خِلَافٍ كَبَقَائِهِ مِنْ السَّامِعِينَ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشرط الرابع: الخطبة. ويأتي1.
فصل: ولا يشترط لصحتها إذن الإمام
فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ لصحتها إذن الإمام "وم ش" وعنه: بلى "وهـ" وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ، وَعَنْهُ: يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا لَا لِجَوَازِهَا، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَالشَّالَنْجِيُّ: إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْرِ قَدْرُ مَا يَقْصُرُ فِيهِ الصَّلَاةَ جَمَعُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ. وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَاشْتَرَطَ إذْنَهُ، فَعَنْهُ: لَا إعَادَةَ، لِلْمَشَقَّةِ، وَعَنْهُ: بَلَى، لبيان عدم الشرط "م 7". وَإِنْ غَلَبَ الْخَوَارِجُ عَلَى بَلَدٍ فَأَقَامُوا فِيهِ الْجُمُعَةَ، فَنَصُّ أَحْمَدَ: يَجُوزُ اتِّبَاعُهُمْ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ قُلْنَا مِنْ شَرْطِهَا إمَامٌ إذَا كَانَ خُرُوجُهُمْ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ. وَيَجِبُ السَّعْيُ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي "و" وَعَنْهُ: بِالْأَوَّلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ عُثْمَانَ سنه2، وعملت به الأمة. وتتخرج رواية: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا: يُشْتَرَطُ إذْنُ الْإِمَامِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِمَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَعَنْهُ: لَا إعَادَةَ لِلْمَشَقَّةِ، وَعَنْهُ: بَلَى لِبَيَانِ عَدَمِ الشَّرْطِ، انْتَهَى. الرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: هَذَا أَصَحُّ الروايتين، وصححها الشيخ الموفق والشارح وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَمَعَ اعْتِبَارِهِ فَلَا تُقَامُ إذَا مَاتَ حَتَّى يُبَايَعَ عِوَضَهُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَفِي الْإِعَادَةِ رِوَايَتَانِ، وَقِيلَ: مَعَ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ، وَقِيلَ: إنْ اعْتَبَرْنَا الْإِذْنَ أَعَادُوا، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إنْ اعْتَبَرْنَا إذْنَهُ فِيهَا فَمَاتَ فَلَا تُقَامُ الْجُمَعُ حَتَّى يُبَايَعَ عِوَضُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: الرِّوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ إذْنِهِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِاعْتِبَارِهِ وَجَبَتْ الإعادة، نقله ابن تميم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 أخرج البخاري "912" عن يزيد بن السائب قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهم، فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس، زاد النداء الثالث على الزوراء.
بِالزَّوَالِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ النِّدَاءَ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ، وَعِنْدَ ابْنِ الْبَنَّاءِ: لَا يُسْتَحَبُّ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَجِبُ النِّدَاءُ الَّذِي يُحَرِّمُ الْبَيْعَ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً. وَمَنْ بَعُدَ مَنْزِلُهُ سَعَى فِي وَقْتٍ يُدْرِكُهَا كُلَّهَا إذَا عَلِمَ حُضُورَ الْعَدَدِ، وَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُرَادُ: بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَا قَبْلَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بوقت للسعي أيضا.
فصل: وتجوز في أكثر من موضع لحاجة
فَصْلٌ: وَتَجُوزُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ لِحَاجَةٍ ، كَخَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ بُعْدٍ أَوْ ضِيقٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"ش هـ ر م ر" لِئَلَّا تَفُوتَ 1"حِكْمَةُ تَجْمِيعِ"1 الْخَلْقِ الْكَثِيرِ دَائِمًا، وَلِجَوَازِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْخَوْفِ لِلْعُذْرِ، وَإِنَّمَا افْتَتَحَتْهَا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ صَلَاةِ الْأُولَى، لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: فِي مَوْضِعَيْنِ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ التَّخْرِيجِ وَالْخِلَافِ فِي الْعِيدِ1. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ: وَذَكَرَ فِي الْجُمُعَةِ وَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ: لَا، مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ وَفِعْلُ عَلِيٍّ إنَّمَا هُوَ فِي الْعِيدِ2. وَعَنْهُ: عَكْسُهُ "خ" لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسُئِلَ عَنْ الْجُمُعَةِ فِي مَسْجِدَيْنِ فَقَالَ: صَلِّ، فَقِيلَ لَهُ: إلَى أَيِّ شَيْءٍ تَذْهَبُ؟ قَالَ: إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فِي الْعِيدِ: إنَّهُ أَمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِضَعَفَةِ النَّاسِ3، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَحَمَلَهُ عَلَى الْحَاجَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ احْتَجَّ لِعَلِيٍّ فِي الْعِيدِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ بِالنَّاسِ فِي الْجَامِعِ بِلَا مَشَقَّةٍ، وَغَايَةُ مَا تَرَكَهُ فَضِيلَةُ الصَّحْرَاءِ، إنْ كَانَ يَرَى أَفْضَلِيَّتَهَا فِيهَا، وَإِنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فِي الصَّحْرَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِخْلَافِ، لِجَوَازِ التَّرْكِ، وَلَيْسَ فِي الْحُضُورِ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ، لِقُرْبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَسَافَةِ جِدًّا، وَعَدَمِ تَكَرُّرِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ. وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِي اسْتِخْلَافِ عَلِيٍّ فِي الْعِيدِ1. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ كَانَ الْبَلَدُ قِسْمَيْنِ بَيْنَهُمَا نَائِرَةٌ كَانَ عُذْرًا أَبْلَغَ مِنْ مَشَقَّةِ الِازْدِحَامِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ظُهْرٍ2 لَا جُمُعَةٍ، كَالْأَعْذَارِ سَوَاءٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ مُخْتَلِفٌ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ فَرْضٍ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَرِدْ لَا يَجُوزُ؛ وَلِأَنَّهُ مَا خَلَا عَصْرٌ عَنْ نَفَرٍ تَفُوتُهُمْ الْجُمُعَةُ، وَلَمْ يُنْقَلْ تَجْمِيعٌ، بَلْ صَلَّوْا ظُهْرًا، وَلَمْ يُنْكَرْ، وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا تُجْمَعُ "ع" وَحَيْثُ منعت فالمسبوقة بالإحرام "وش"، وَقِيلَ: بِشُرُوعِ الْخُطْبَةِ بَاطِلَةٌ، وَلَوْ صَحَّ بِنَاءُ الظُّهْرِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْجُمُعَةَ لِعَدَمِ انْعِقَادِهَا لِفَوْتِهَا. وَقِيلَ يُتِمُّونَ ظُهْرًا، كَمُسَافِرٍ نَوَى الْقَصْرَ فَبَانَ إمَامُهُ مُقِيمًا، وَإِنْ امْتَازَتْ الْمَسْبُوقَةُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وقيل: أو المسجد الأعظم "وهـ م" وَزَادَ: أَوْ الْعَتِيقِ صَحَّتْ. وَقِيلَ: السَّابِقَةُ، وَإِنْ وَقَعَتَا مَعًا صَلَّوْا جُمُعَةً "و" وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ أَوْ جُهِلَتْ السَّابِقَةُ صَلَّوْا ظُهْرًا، وقيل: جمعة، وقيل: في الصورة الأولى "وش".
فصل: يسن الغسل لها
فَصْلٌ: يُسَنُّ الْغُسْلُ لَهَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ أَوْ لَا، وَلَوْ لَمْ يَتَّصِلْ غُسْلُهُ بِالرَّوَاحِ "م" وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ مُضِيِّهِ، وَسَبْقِهِ بِجِمَاعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالتَّطَيُّبُ "و" وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ "وَلَوْ مِنْ طِيبِ الْمَرْأَةِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 يَعْنِي مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ لِتَأَكُّدِ الطِّيبِ، وَظَاهِرُ كلام الإمام أحمد2، وَالْأَصْحَابِ خِلَافُهُ. وَلُبْسُ أَفْضَلِ ثِيَابِهِ "و" وَالْبَيَاضُ، وَالتَّبْكِيرُ3 - وَلَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا بِالصَّلَاةِ فِي مَنْزِلِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ مَاشِيًا "و" بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ "وش" وَقِيلَ: بَعْدَ صَلَاتِهِ، لَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "هـ" وَلَا بَعْدَ الزَّوَالِ "م" نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ فَرْضٌ، وَالذَّهَابُ إلَى الْجُمُعَةِ تَطَوُّعٌ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، قَالَ الْقَاضِي: لَمْ يُرِدْ بِالذَّهَابِ إلَيْهَا الْقَصْدَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ "بِهِ" الْبُكُورَ أَوْ السَّعْيَ، وَهُوَ سُرْعَةُ الْمَشْيِ، قَالَ: وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: {فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] فَسَّرُوهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ قَالُوا4: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَوْ قَرَأَتْهَا لَسَعَيْت حَتَّى يَسْقُطَ رِدَائِي5. وَلَا بَأْسَ بِرُكُوبِهِ لِعُذْرٍ أَوْ لِلْعَوْدِ. وَيُسَنُّ الدُّنُوُّ مِنْ الْإِمَامِ، وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ، وَالِاشْتِغَالُ بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، وَكَذَا بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِهَا، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ فِي أَخْبَارٍ6، وَفِي بَعْضِهَا: وَلَيْلَتِهَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَكِنَّ الْخَبَرَ فِي اللَّيْلَةِ مرسل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَعِيفٌ1، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً". رَوَاهُ الترمذي2 وحسنه. قال الأصحاب: وليلتها3. وَيَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِهَا، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: وَلَيْلَتِهَا، لِلْخَبَرِ4. وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ، وَأَفْضَلُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَكْثَرُ الْحَدِيثِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا الْإِجَابَةُ أَنَّهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَتُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ. وَيُكْرَهُ تَخَطِّي أَحَدٍ، وَحَرَّمَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَالْمُنْتَخَبِ وَأَبُو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا. وَإِنْ رَأَى فُرْجَةً، فَإِنْ وَصَلَهَا بِدُونِهِ كُرِهَ، وَإِلَّا فَلَا، وَعَنْهُ: لَا مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، وَعَنْهُ5: ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ، وَعَنْهُ: بَلْ أَكْثَرُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ أَمَامَهُ لَمْ يُكْرَهْ، وَجَزَمَ أَبُو الْخَطَّابِ 6"وَغَيْرُهُ"6؛ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ، وَكَذَا أَبُو الْمَعَالِي، وَزَادَ: وَأَنَّ تَبْكِيرَهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَجَزَمَ فِي الْغُنْيَةِ: يَتَخَطَّى إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ. وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ7: لَا يُكْرَهُ لِإِمَامٍ وَغَيْرِهِ لِلْحَاجَةِ. وَتَخَطَّى أَحْمَدُ زَوَارِقَ عِدَّةً بِدِجْلَةَ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ حَرِيمُ دِجْلَةَ، وَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا8 ضَيَّقُوا الطَّرِيقَ جَازَ مَشْيُهُ عَلَيْهَا، قَالَهُ الخلال. ويحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"و" وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ فَيَجْلِسَ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ وَلَدَهُ أَوْ1 عَبْدَهُ، أَوْ عَادَتُهُ يُصَلِّي فِيهِ، حَتَّى الْمُعَلَّمُ وَنَحْوُهُ "ش"2؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ إذَا حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ جُلُوسُهُ فِيهِ، قَالَ أَصْحَابُنَا: إلَّا مَنْ جَلَسَ بِمَكَانٍ يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ دونه، قيل: لأنه2 يقوم باختياره، وقيل: لأنه جَلَسَ لِحِفْظِهِ لَهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِقَامَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةً: أَوْ دُونَهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي اخْتِصَاصٍ بِمُبَاحٍ، كَتَوْكِيلِهِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ وَمَقَاعِدِ السُّوقِ، "م 8". قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فَإِنْ جَلَسَ فِي مُصَلَّى الْإِمَامِ، أَوْ طَرِيقِ الْمَارَّةِ، أَوْ اسْتَقْبَلَ الْمُصَلِّينَ فِي مَكَان ضَيِّقٍ، أُقِيمَ، وَإِنْ آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ، أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ آخَرُ، فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ فَيَجْلِسَ مَكَانَهُ قَالَ الْأَصْحَابُ: إلَّا مَنْ جَلَسَ بِمَكَانٍ يَحْفَظُهُ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ دونه، قيل: لأنه يقوم باختياره، وقيل: لأنه جَلَسَ لِحِفْظِهِ لَهُ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِقَامَتِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةً: أَوْ دُونَهُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي اخْتِصَاصٍ بِمُبَاحٍ كَتَوْكِيلِهِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحِ وَمَقَاعِدِ السُّوقِ، انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْقِيَامُ بِاخْتِيَارِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ عَلَّلَ الشَّيْخُ فِي المغني3 والشارح4، وابن رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي ظَاهِرُ ما قاله5 المجد في شرحه.
يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ مِنْهُ. وَفِي الْفُنُونِ: إنْ آثَرَ ذَا هَيْئَةٍ بِعِلْمٍ وَدِينٍ جَازَ، وليس إيثارا حقيقة، بل اتباعا للسنة "م9 - 10"؛ لقوله عليه السلام: "لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى" 1. فَإِذَا قَامَ مَقَامَ ذَلِكَ فَقَدْ غَصَبَهُ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَخْرِيجُ سُؤَالِ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وهو متجه، وصرح2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 9: وَإِنْ آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ أَوْ سَبَقَ إلَيْهِ آخَرُ، فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: يُبَاحُ، وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَفِي الْفُنُونِ: إنْ آثَرَ ذَا هَيْئَةٍ بِعِلْمٍ "وَدِينٍ" جَازَ، وَلَيْسَ إيثَارًا حَقِيقَةً، بَلْ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مسألتين: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَوْ آثَرَ بِمَكَانِهِ الْأَفْضَلَ، فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُبَاحُ أَوْ يَحْرُمُ أَوْ يَجُوزُ إنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، أَحَدُهَا يُكْرَهُ الْإِيثَارُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4، وَشَرْحِ5، الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النُّكَتِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُبَاحُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَا يَجُوزُ الْإِيثَارُ، قَالَهُ فِي الْفُصُولِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: يَجُوزُ إنْ آثَرَ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْفُنُونِ.
فِي الْهَدْيِ فِيهِمَا بِالْإِبَاحَةِ، وَلَا يُكْرَهُ الْقَبُولُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَالطَّرِيقُ لِلْمُرُورِ، فَلَمْ يُكْرَهْ السَّبْقُ. وَمَنْ فَرَشَ مُصَلًّى فَفِي جَوَازِ رَفْعِهِ لِغَيْرِهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ. إنْ تَخَطَّى رَفَعَهُ "م 11" وَلَا يصلي عليه، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ جُلُوسُهُ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بِتَحْرِيمِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: إنْ حَرُمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَوْ آثَرَ شَخْصًا فَسَبَقَ إلَيْهِ غَيْرُهُ فَهَلْ يُكْرَهُ أَوْ يُبَاحُ؟ 1"أَطْلَقَ الْخِلَافَ"1. أَوْ يَحْرُمُ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ: أَحَدُهَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَصَحَّحَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَلَمْ4 يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ!. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُبَاحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وصححه الناظم5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ هُنَا إن قيل الإيثار غير مكروه، وهو احتمال6 لِلْمَجْدِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. تَنْبِيهٌ: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْقَوْلَ بِالتَّحْرِيمِ، مَعَ أَنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ وأطلق الخلاف فيهما، والصحيح منهما6 الإباحة. مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَشَ مُصَلًّى فَفِي جَوَازِ رَفْعِهِ لِغَيْرِهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: إنْ تَخَطَّى رَفَعَهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ،
رفعه فله فرشه1 وَإِلَّا كُرِهَ. وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ فَرْشُهُ. وَمَنْ قَامَ لِحَاجَةٍ ثُمَّ عَادَ قَالَ بَعْضُهُمْ قَرِيبًا، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ فَهُوَ أَحَقُّ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ وَصَلَ بِالتَّخَطِّي فَكَمَا سَبَقَ، وَجَوَّزَهُ أَبُو المعالي.
فصل: يشترط لصحة الجمعة خطبتان
فصل: يشترط لصحة الجمعة خطبتان "وم ش" وهما بدل من1 ركعتين في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ والرعايتين والحاويين ومجمع الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلطُّوفِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ رَفْعُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ5 وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ رَفْعُهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَجَزْم بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لِغَيْرِهِ رَفْعُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: قُلْت: فَلَوْ حَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَحْضُرْ رُفِعَ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، وَأَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقِيلَ: إنْ وَصَلَ إلَيْهِ صَاحِبُهُ مِنْ غَيْرِ تَخَطِّي أَحَدٍ فَهُوَ أحق، وإلا جاز رفعه.
المنصوص، ومنه: خطبة "وهـ" و1 من شَرْطِهِمَا تَقْدِيمُهُمَا "و" وَقْتَ الْجُمُعَةِ "و" وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُ الْحَمْدِ لِلَّهِ "وم ر ش" والصلاة على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وم ر ش" واختار صاحب المحرر: أو يشهد 1"أنه عبد الله"1 وَرَسُولُهُ. وَأَوْجَبَهُ شَيْخُنَا فَقَطْ، لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّهُ إيمَانٌ بِهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ دُعَاءٌ لَهُ، وَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَشْرُوعَةٌ مَعَ الدُّعَاءِ أَمَامَهُ، كَمَا قُدِّمَ السَّلَامُ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ عَلَى غَيْرِهِ، وَالتَّشَهُّدُ مَشْرُوعٌ فِي الْخِطَابِ وَالثَّنَاءِ، وَأَوْجَبَ فِي مَكَان آخَرَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَوْجَبَ الصلاة عليه مع الدعاء الواجب2، وَتَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى النَّفْسِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ، وَتَأْتِي رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ، وَظَاهِرُهَا وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ. وَتُشْتَرَطُ الْمَوْعِظَةُ "وم ر ش" وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا: لَا يَكْفِي ذَمُّ الدُّنْيَا وَذِكْرُ الْمَوْتِ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: وَكَذَا الْحِكَمُ الْمَعْقُولَةُ الَّتِي لَا تَتَحَرَّكُ لَهَا الْقُلُوبُ وَلَا تَنْبَعِثُ بِهَا إلَى الْخَيْرِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى: أَطِيعُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا مَعَاصِيَهُ فَالْأَظْهَرُ: لَا يَكْفِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْصِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْمِ الْخُطْبَةِ عُرْفًا، وَلَا يَحْصُلُ بِاخْتِصَارٍ يَفُوتُ بِهِ الْمَقْصُودُ. وَقِرَاءَةُ آيَةٍ "وم ر ش" وَعَنْهُ: بَعْضِهَا، وَقِيلَ فِي الْأَوِّلَةِ، وَقِيلَ "فِي" الثَّانِيَةِ، وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ قِرَاءَتُهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أَوْ حكم كقوله: {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] ، أو {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] لَمْ يَكْفِ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْجُنُبِ، وهذا احتمال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِصَاحِبِ "الْمُحَرَّرِ" فِي غَيْرِ الْجُنُبِ، وَأَنَّهُ يَكْفِي بَعْضُ آيَةٍ تُفِيدُ مَقْصُودَ الْخُطْبَةِ، وَإِنْ قَرَأَ مَا يَتَضَمَّنُ الْحَمْدَ وَالْمَوْعِظَةَ ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَى، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِقَوْلِ أَحْمَدَ: لَا بُدَّ مِنْ خُطْبَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا تَكُونُ خُطْبَةً إلَّا كَمَا خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ خُطْبَةٌ تَامَّةٌ، وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: تُجْزِئُهُ سُورَةٌ؟ فَقَالَ: عُمَرُ قَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ عَلَى الْمِنْبَرِ، قِيلَ: فَتُجْزِئُهُ قَالَ: لَا، لَمْ يَزُلْ النَّاسُ يَخْطُبُونَ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ قَرَأَ سُورَةَ فَاطِرٍ أو1 الأنعام ونحوهما فهل تجزئه2 عَنْ الْأَذْكَارِ؟ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ وَلَمْ يَزِدْ. وَقِيلَ: يَجِبُ تَرْتِيبُ الْحَمْدِ وَمَا بَعْدَهُ. وَأَوْجَبَ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ، وَلَا يَكْفِي مَا يُسَمَّى خُطْبَةً "م ر" وَلَا تَحْمِيدَةٌ أَوْ تَسْبِيحَةٌ "هـ م ر". وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَدَدِ "م ر" وَسَائِرُ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعُوا لِخَفْضِ صَوْتِهِ أَوْ بُعْدٍ، لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ، وَإِنْ كَانُوا صُمًّا، فَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: تَصِحُّ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: لَا "م 12" وَإِنْ قَرُبَ الْأَصَمُّ وَبَعُدَ مَنْ يَسْمَعُ فَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَمَا لَوْ كَانَ جَمِيعُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ طُرْشًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا صُمًّا فَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَصِحُّ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: لَا، انْتَهَى. مَا قَالَهُ الْمَجْدُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ أَيْضًا، وَمَا قَالَهُ غَيْرُ الْمَجْدِ جَزَمَ بِهِ فِي الرعاية، وهو الصواب.
أَوْ كَانُوا عُجْمًا وَكَانَ عَرَبِيًّا "م 13". قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَهَذَا كَمَا يَقُولُهُ فِي شَاهِدِ النكاح إذَا كَانَ أَصَمَّ لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمِهِ. وَفِيهِمَا الْخِلَافُ فَيَتَّجِهُ هُنَا مِثْلُهُ، كَذَا1 قَالَ. وَإِنْ انْفَضُّوا وَعَادُوا وَكَثُرَ التَّفْرِيقُ عُرْفًا أَوْ فَاتَ رُكْنٌ مِنْهَا فَفِي الْبِنَاءِ وَجْهَانِ، وَفِي الْفُصُولِ: إنْ انْفَضُّوا لِفِتْنَةٍ أَوْ عَدُوٍّ، ابتدئ كالصلاة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 13: وَإِنْ قَرُبَ الْأَصَمُّ وَبَعُدَ مَنْ يَسْمَعُ فَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَمَا لَوْ كَانَ جَمِيعُ أَهْلِ الْقَرْيَةِ طُرْشًا، أَوْ كَانُوا عُجْمًا وَكَانَ عربيا، انتهى. قال في 2"الرعاية الكبرى": وإن تعذر السماع لخفض صوته أو لبعد الكل، فلا. وقيل: عن كان في حد السماع"2 2"طرشا، وليس ثم من يسمع صحت. فإن كان البعداء منه سامعين، ولم يسمعوها. فوجهان. انْتَهَى"2. وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي التَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالنُّكَتِ لِلْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَحَكَاهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ احْتِمَالَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا: أَحَدُهُمَا: لَا تَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وهو 2"وظاهر كلامه في"2 الرعاية الصغرى والحاويين وغيرهما. والقول الثاني: تصح. وفيه قوة. مسألة - 14: وإن انفضوا وعادوا وكثر التفرق عُرْفًا، أَوْ فَاتَ رُكْنٌ مِنْهَا، فَفِي الْبِنَاءِ وجهان انتهى. وأطلقهما في الرعايتين والحاويين:
وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَبْطُلَ، كَالْوَقْتِ يَخْرُجُ فِيهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَقْتَ يَتَقَدَّمُ وَيَتَأَخَّرُ لِلْعُذْرِ وَهُوَ الْجَمْعُ؛ وَلِأَنَّ الْجُمُعَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجَمْعِ، وَقَدْ زَالَ، وَسَبَقَ فِي الِانْفِضَاضِ فِي الصَّلَاةِ. وَيُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا وبين الصلاة في الأصح "وش" كَبَيْنَ أَجْزَاءِ الْخُطْبَةِ، وَحَكَى فِيهِ الْخِلَافَ، وَإِنْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فَنَزَلَ فَسَجَدَ لَمْ يُكْرَهْ "م" وَقِيلَ: يَبْنِي وَلَوْ طَالَ كَسَائِرِ سُنَنِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ قُرْبُ الْمِنْبَرِ مِنْ الْمِحْرَابِ لِئَلَّا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ، فإن لم يتهيأ جَازَ1، كَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ. وَتُشْتَرَطُ النِّيَّةُ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَفِي بُطْلَانِهَا بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ، كَأَذَانٍ، وَأَوْلَى "م 14" وَإِنْ حرم الكلام في الخطبة لم ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يَسْتَأْنِفُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِاشْتِرَاطِهِمْ سَمَاعَ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ لِلْخُطْبَةِ، وَقَدْ انْتَفَى، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ انْفَضُّوا ثُمَّ عَادُوا قَبْلَ أَنْ يَتَطَاوَلَ الْفَصْلُ صَلَّاهَا جُمُعَةً، انتهى. فمفهومه أنه إذا تطاول الفصل لَا يُصَلِّي جُمُعَةً مَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْخُطْبَةَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، فَقَالُوا: فَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَزِمَ إعَادَةُ الْخُطْبَةِ إنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ صَلَّوْا ظُهْرًا، وَالْمَرْجِعُ فِي طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ إلَى الْعَادَةِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَمَعَ طُولِ الْفَصْلِ فَقَدْ فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ، وَهِيَ مُشْتَرَطَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَسْتَأْنِفُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ الْبِنَاءُ على ما تقدم من الخطبة. مَسْأَلَةٌ - 15". قَوْلُهُ: وَفِي بُطْلَانِهَا بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ وَجْهَانِ، كأذان3، وأولى، انتهى.
تَبْطُلْ بِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا جُمُعَةَ لَهُ"1 فِيهِ نَظَرٌ، وَضَعْفٌ، وَلَا يَصِحُّ، وَإِنْ صَحَّ، فَمَعْنَاهُ: لَا جُمُعَةَ لَهُ2 كَامِلَةٌ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ كَقَوْلِهِ: "لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ"3 بِالْإِجْمَاعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْخُطْبَةُ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ كَقِرَاءَةٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: وَعَلَى أَنَّ لَفْظَ الْقُرْآنِ دَلِيلُ النُّبُوَّةِ وَعَلَامَةُ الرِّسَالَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَالْخُطْبَةُ الْمَقْصُودُ بِهَا الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ وَحَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِهِ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْآنَ الِاعْتِبَارُ فِيهِ بِاللَّفْظِ وَالنَّظْمِ دُونَ الْمَعْنَى، وَالْخُطْبَةُ يُجْزِئُ فِيهَا الْمَعْنَى، وَهَلْ يَجِبُ إبْدَالُ عَاجِزٍ عَنْ قِرَاءَةٍ بِذِكْرٍ أَمْ لَا لِحُصُولِ مَعْنَاهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْأَذَانِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ مُطْلَقًا، فَكَذَا هُنَا يَبْطُلُ وَأَوْلَى، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ إذَا كَانَ يَسِيرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَلْيُرَاجِعْ. وَقَدْ قَالَ هُنَا: إنَّهُ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْخُطْبَةِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْكَلَامِ الْمُحَرَّمِ الكلام4 اليسير، فهو محل الخلاف. مَسْأَلَةٌ - 16: قَوْلُهُ: وَالْخُطْبَةُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ كَقِرَاءَةٍ وَهَلْ يَجِبُ إبْدَالُ عَاجِزٍ عَنْ قِرَاءَةٍ بِذِكْرٍ أَمْ لَا، لِحُصُولِ مَعْنَاهَا5 مِنْ بَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فَقَالَ: وَهَلْ يحتاج إلى إبدالهما عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرعاية الكبرى، وهما احتمالان مطلقان في "شرح الزركشي":
فصل: ولا يشترط لهما الطهارتان،
فَصْلٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَتَانِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وهـ م ر" وعنه: بلى "وش" وَعَنْهُ: الْكُبْرَى اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَصَّهُ: تُجْزِئُ خُطْبَةُ الْجُنُبِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ لَبْثِهِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِوَاجِبِ الْعِبَادَةِ، كَصَلَاةِ مَنْ مَعَهُ دِرْهَمُ غَصْبٍ، وَقِيلَ: لَا لِتَحْرِيمِ لَبْثِهِ، وَإِنْ عَصَى بِتَحْرِيمِ قِرَاءَةٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِفَرْضٍ لَهَا، فَهُوَ كَصَلَاةٍ بِمَكَانِ غَصْبٍ، وَفِي الْفُصُولِ: نَصُّ أَحْمَدَ يُعْطِي أَنَّ الْآيَةَ لَا تَشْتَرِطُ، وَهُوَ أَشْبَهُ، أَوْ جَوَازُ1 قِرَاءَةِ الْآيَةِ لِلْجُنُبِ، وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ، وَفِي فُنُونِهِ أَوْ عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: يُحْمَلُ عَلَى النَّاسِي إذَا ذُكِّرَ اُعْتُدَّ بِخُطْبَتِهِ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، كَطَهَارَةٍ صُغْرَى. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ وَاحِدٌ "وهـ" وَفِي خُطْبَةِ مُمَيَّزٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ "م 17" وَعَنْهُ يشترط "وق"2 وعنه: لغير عذر "وم" ذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ المروي عن أحمد فيمن أحدث بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَجِبُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، كَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا أَيْضًا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ذِكْرٍ. وَالْوَجْهُ الثاني: لا يجب. مَسْأَلَةٌ - 17: قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ وَالصَّلَاةَ3 وَاحِدٌ. وَفِي خُطْبَةِ مُمَيِّزٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ قُلْنَا يُعْتَدُّ بِآذَانِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ فَفِي خُطْبَتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي "الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى": وَإِنْ قُلْنَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ مُمَيِّزٍ فَفِي صِحَّةِ خُطْبَتِهِ وَجْهَانِ، إنْ صَحَّ أَنْ يَؤُمَّ غَيْرُ مَنْ خطب. انتهى:
الْخُطْبَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. وَالْخِلَافُ إنْ وَلِيَ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا اثْنَانِ، وَقِيلَ: إنْ جَازَ فِي الْأُولَى فَهُنَا وَجْهَانِ. وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ النَّائِبِ الخطبة "وم"1 كالمأموم، لتعينها عليه، وعنه: بلى "وهـ ش" لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَةُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ إلَّا تَبَعًا، كَمُسَافِرٍ، وَإِنْ أَحْدَثَ وَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ الْخُطْبَةَ صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى مَعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ "خ" إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ مَا تَتِمُّ بِهِ جُمُعَةٌ، 2"وَتَعْلِيلُهُمَا مَا سَبَقَ"2. وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي التَّشَهُّدِ فَسَبَقَ فِي ظُهْرٍ مَعَ عَصْرٍ، وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ أَتَمُّوا فُرَادَى، قِيلَ: ظُهْرًا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ كَمَا لَوْ اخْتَلَّ الْعَدَدُ، وَقِيلَ: جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ مَعَهُ، كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: جُمُعَةً مُطْلَقًا، لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ "م 18" وإن جاز الاستخلاف فأتموا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا تَصِحُّ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ 3"لِأَنَّهُ الصحيح من المذهب المنصوص عن الإمام أحمد أنها بدل من ركعتين؛ لما تقدم، وهو لا تصح إمامته في الفرض على الصحيح"3؛ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَيْضًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَصِحُّ. مَسْأَلَةٌ - 18: قَوْلُهُ: وَإِنْ مَنَعْنَا الِاسْتِخْلَافَ أَتَمُّوا فُرَادَى، قِيلَ: ظُهْرًا؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ كَمَا لَوْ اخْتَلَّ الْعَدَدُ، وَقِيلَ: جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ مَعَهُ، كَمَسْبُوقٍ، وَقِيلَ: جُمُعَةً مُطْلَقًا، لِبَقَاءِ حُكْمِ الْجَمَاعَةِ لِمَنْعِ الِاسْتِخْلَافِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ. أَحَدُهَا: يُتِمُّهَا جُمُعَةً بِرَكْعَةٍ مَعَهُ كَمَسْبُوقٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قدمه في الرعاية الكبرى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وهو الصواب.
فُرَادَى لَمْ تَصِحَّ جُمُعَتُهُمْ "و" وَلَوْ كَانَ فِي الثَّانِيَةِ "ش" كَمَا لَوْ نَقَصَ1 الْعَدَدَ، وَأَوْلَى، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجٌ. وَإِذَا جَازَ أَنْ يَتَوَلَّى الْخُطْبَةَ غَيْرُ الْإِمَامِ اُعْتُبِرَتْ عَدَالَتُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَخَرَّجَ رِوَايَتَانِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: وَمَنْ قَدَّمَهُ إمَامٌ أَوْلَى إنْ لَمْ تَبْطُلْ بِحَدَثِهِ حَتَّى لَوْ تَوَضَّأَ وَعَادَ عَادُوا لِإِمَامَتِهِ، وَإِلَّا مَنْ قَدَّمَهُ الْمَأْمُومُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِلَا اسْتِخْلَافٍ فَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ. وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ حَتَّى اسْتَخْلَفَ، فَإِنْ أَتَوْا فِيهِ بِرُكْنٍ وَانْقَضَى فَلَا اسْتِخْلَافَ، وَإِنْ لَمْ يَنْقَضِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَا حَاجَةَ إلَى نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالثَّانِي، فَإِنْ قَطَعُوا نِيَّةَ الِاقْتِدَاءِ بِالْأَوَّلِ فَالْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْجُمُعَةِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَقَالَ: وَإِنْ أَحْدَثَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَجِبْ اسْتِخْلَافٌ وَلَا مُتَابَعَةٌ، وَأَتَمُّوا جَمَاعَةً أَوْ2 فُرَادَى، أَوْ بَعْضُهُمْ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ: إذْ قَدَّمَ رَجُلًا قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ أَوْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ أَوْ لَمْ يقدم فتقدم رجل3، فَصَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ. وَيُصَلِّي الْخُرْسُ ظُهْرًا لِفَوْتِ الْخُطْبَةِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَقِيلَ: جُمُعَةً يَخْطُبُ أَحَدُهُمْ إشَارَةً، كَمَا تَصِحُّ جَمِيعُ عِبَادَاتِهِ: صَلَاتُهُ وَإِمَامَتُهُ وَظِهَارُهُ وَلِعَانُهُ وَيَمِينُهُ وَتَلْبِيَتُهُ وَشَهَادَتُهُ وَإِسْلَامُهُ وَرِدَّتُهُ، وَالْقَصْدُ التفهم، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُتِمُّهَا جُمُعَةً مُطْلَقًا، لِمَا4 عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا لِمَا قَالَهُ المصنف.
بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ النُّطْقُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلِهَذَا لَوْ كَانُوا عُجْمًا فَخَطَبَ بِهِمْ بِالْعَجَمِيَّةِ صَحَّ، بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَلِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْخُطْبَةَ قِرَاءَتُهَا مِنْ صَحِيفَةٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: كَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ، كَذَا قَالَ، وَسَبَقَ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ1، قَالَ جَمَاعَةٌ: كَالْقِرَاءَةِ مِنْ الْحِفْظِ، فَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ كَالْقِرَاءَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ2 وَمَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ3 وَخَالِدٌ الْقَسْرِيُّ4: أَنَّهُمْ خَطَبُوا فَارْتُجَّ عَلَيْهِمْ5. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: هَيْبَةُ الزَّلَلِ تُورِثُ حَصْرًا، وَهَيْبَةُ الْعَافِيَةِ6 تُورِثُ جُبْنًا. وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ أَنَّهُ اُرْتُجَّ عَلَى يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ7، فَعَادَ إلَى الْحَمْدِ ثَلَاثًا، فَارْتُجَّ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الشَّامِ، عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا، وَبَعْدَ عِيٍّ بَيَانًا، وَأَنْتُمْ إلى إمام عادل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْوَجُ مِنْكُمْ إلَى إمَامٍ قَائِلٍ. ثُمَّ نَزَلَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ فَاسْتَحْسَنَهُ. وَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: عَجِلَ عَلَيْك الشَّيْبُ، فَقَالَ: كَيْفَ لَا يَعْجَلُ، وَأَنَا أَعْرِضُ عَقْلِي عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ؟ وَخَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فِي يَوْمِ أَضْحَى فَارْتُجَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا أَجْمَعُ عَلَيْكُمْ لَوْمًا وَعِيًّا، مَنْ أَخَذَ شَاةً مِنْ السُّوقِ فَهِيَ لَهُ وَثَمَنُهَا عَلَيَّ. وَارْتُجَّ عَلَى مَعْنِ بْنِ زَائِدَةَ فَقَالَ وَضَرَبَ بِرِجْلِهِ الْمِنْبَرَ: فَتَى حُرُوبٍ لَا فَتَى مَنَابِرَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ1: رَجُلٌ لُومَةٌ: يَلُومُهُ النَّاسُ، وَلُوَمَةٌ: يَلُومُ النَّاسَ. مثل هزأة وهزأة.
فصل: تسن خطبته على منبر أو محل عال
فَصْلٌ: تُسَنُّ خُطْبَتُهُ عَلَى مِنْبَرٍ أَوْ مَحَلٍّ عَالٍ "و" يَكُونُ عَنْ يَمِينِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ، كَذَا كَانَ مِنْبَرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسُمِّيَ مِنْبَرًا لِارْتِفَاعِهِ، مِنْ النَّبْرِ، وَهُوَ الِارْتِفَاعُ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ2: أَنَّ اتِّخَاذَ الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَكَانَ مِنْبَرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ يَقِفُ عَلَى الثَّالِثَةِ الَّتِي تَلِي مَكَانَ الِاسْتِرَاحَةِ، ثُمَّ وَقَفَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الثَّانِيَةِ، ثُمَّ عُمَرُ عَلَى الْأُولَى، تَأَدُّبًا، ثُمَّ وَقَفَ عُثْمَانُ مَكَانَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عَلِيٌّ مَوْقِفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ قلعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَرْوَانُ وَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجٍ، فَكَانَ الْخُلَفَاءُ يَرْتَقُونَ سِتًّا يَقِفُونَ مَكَانَ عُمَرَ1. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَإِنْ وَقَفَ بِالْأَرْضِ وَقَفَ عَلَى يَسَارِ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ الْمِنْبَرِ. وَيُسَنُّ سَلَامُهُ إذَا اسْتَقْبَلَهُمْ "هـ م" كَسَلَامِهِ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ فِي خُرُوجِهِ "ق" قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: وَلِأَنَّهُ اسْتِقْبَالٌ بَعْدَ اسْتِدْبَارٍ، فَأَشْبَهَ مَنْ فَارَقَ قَوْمًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِمْ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَعَكْسُهُ الْمُؤَذِّنُ إذَا صَعِدَ، وَرَدُّ هَذَا السَّلَامِ وَكُلِّ سَلَامٍ مَشْرُوعٍ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِمْ لَا فَرْضُ عَيْنٍ "هـ" وَقِيلَ: سُنَّةٌ "خ" كَابْتِدَائِهِ "و" وَفِيهِ وَجْهٌ غَرِيبٌ: يَجِبُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَيُسَنُّ جُلُوسُهُ وَقْتَ التَّأْذِينِ "و" وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ "هـ" "وَمَالِكٍ" فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: لَا يُسْتَحَبُّ، وَكَذَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، خَفِيفَةٌ قَالَ جَمَاعَةٌ: بِقَدْرِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ، وَإِنْ أَبَى فَصَلَ بِسَكْتَةٍ. وَخُطْبَتُهُ قَائِمًا. وَعَنْهُ: هُمَا شَرْطَانِ، جَزَمَ به2 فِي النَّصِيحَةِ "وش م ر" وَقَالَهُ أَبُو بكر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّجَّادُ فِي جَلْسَتِهِ بَيْنَهُمَا، وَعَنْ "م" يَجِبُ، وَتَصِحُّ بِدُونِهِ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ. وَاعْتِمَادُهُ عَلَى سَيْفٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ عَصًا "و" بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ بِالْيُسْرَى وَالْأُخْرَى بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ أَوْ يُرْسِلُهَا1، وَإِنْ لَمْ يَعْتَمِدْ أَمْسَكَ يَمِينَهُ بِشِمَالِهِ أَوْ أَرْسَلَهُمَا،. وَقَصْدُهُ تِلْقَاءَهُ2 "و" وَيُقَصِّرُ الْخُطْبَةَ "و" وَفِي التَّعْلِيقِ: وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ، جَعَلَهُ أَصْلًا لِإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ3، وَرَفَعَ صَوْتَهُ حَسَبَ طَاقَتِهِ وَالدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا يجب في الثانية "ش" وقيل: و4 يَرْفَعُ يَدَيْهِ "خ" وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَاحْتَجَّ بِالْعُمُومِ، وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِدْعَةٌ، وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. وَرَأَى عُمَارَةُ5 بْنُ رُؤَيْبَةَ بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ: فَقَالَ: قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدَيْهِ6 هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الْمُسَبِّحَةِ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ7، وَفِي لَفْظٍ8: لَعَنَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ لِمُعَيَّنٍ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لِلسُّلْطَانِ، وَيُسْتَحَبُّ الدعاء له1 فِي الْجُمْلَةِ، حَتَّى قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: لَوْ كَانَ لَنَا دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ لَدَعَوْنَا بِهَا لِإِمَامٍ عَادِلٍ؛ لِأَنَّ فِي صَلَاحِهِ صَلَاحًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ"، الْإِمَامُ الْعَادِلُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْقَاضِي 3"عِيَاضٍ: هُوَ كُلُّ مَنْ"3 نَظَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ، وَبَدَأَ بِهِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ: أَمَّا مَحَبَّتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي وُجُوبِهَا، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "النَّظَرُ إلَى الْإِمَامِ الْعَادِلِ عِبَادَةٌ" 4 وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْحُقُوقَ" 5. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنِّي لَأَدْعُو لَهُ بِالتَّسْدِيدِ وَالتَّوْفِيقِ، وَأَرَى ذَلِكَ وَاجِبًا، كَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ6، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَالْخَبَرَانِ لَا يُعْرَفَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا لِلنَّاسِ فِي وُجُوبِ مَحَبَّةِ الْفَاسِقِ، وَوُجُوبِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ، بِنَاءً عَلَى زَوَالِ إمَامَتِهِ بِذَلِكَ، كَرِوَايَةٍ لَنَا، الْمَذْهَبُ خِلَافُهَا، قَالَ: وَالْمَأْخُوذُ بِهِ مَا بَيَّنَ أَحْمَدُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَيْهِ وَاعْتِقَادِ طَاعَتِهِ وَإِمَامَتِهِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ، ثُمَّ ذكر ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَامِدٍ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ الرَّفْضِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يُخْرَجُ عَنْ الْإِمَامَةِ، وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ حَسَبَ الطَّاقَةِ. وَمَا قَالَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ فَبِنَاءً عَلَى التَّكْفِيرِ بِهِ، وَمَا قَالَهُ مِنْ الْقَوْلِ بِالرَّفْضِ وَنَحْوِهِ فَخِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ" وَالْأَصْحَابِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ، وَإِنْ فَسَقَ وَجَارَ1 لَكِنَّ ابْنَ حَامِدٍ يُشِيرُ إلَى الْخُرُوجِ عَلَيْهِ بِالْبِدَعِ، فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ. وَإِنْ اسْتَدْبَرَهُمْ فِي الْخُطْبَةِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ "و" وَيَنْحَرِفُونَ إلَيْهِ فِيهَا "و" وَفِي التَّنْبِيهِ: إذَا خَرَجَ، وَيَتَرَبَّعُونَ فِيهَا، وَلَا تُكْرَهُ الْحَبْوَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، "و" وَكَرِهَهَا صَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي السُّنَنِ3، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُسْنِدَ الْإِنْسَانُ ظَهْرَهُ إلَى الْقِبْلَةِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، لِإِخْبَارِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ رَأَى إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ4. وَقَالَ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيِّ: مَا رَأَيْت أَحْمَدَ جَالِسًا "إلَّا" الْقُرْفُصَاءَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذِهِ الْجِلْسَةُ الَّتِي تَحْكِيهَا قِيلَةُ5: إنِّي رَأَيْت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا جِلْسَةَ الْمُتَخَشِّعِ الْقُرْفُصَاءَ1، وَكَانَ أَحْمَدُ يَقْصِدُ فِي جُلُوسِهِ هَذِهِ الْجِلْسَةَ وَهِيَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ رَافِعًا رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ، مُفْضِيًا بِأَخْمَصِ قَدَمَيْهِ إلَى الْأَرْضِ، وَرُبَّمَا احْتَبَى بِيَدَيْهِ، وَلَا جِلْسَةَ أَخْشَعُ مِنْهَا، وَقَالَ أَيْضًا فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَبَّعَ وَلَا يَتَّكِئَ. وَخَبَرُ قِيلَةَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ1، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلِلْبُخَارِيِّ2 عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَبِيًا بِيَدَيْهِ، وَهُوَ الْقُرْفُصَاءُ، وَلِمُسْلِمٍ3 عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا صَلَّى الْفَجْرَ تَرَبَّعَ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: مِنْ أَعْظَمِ مَنَافِعِ الْإِسْلَامِ وَآكَدِ قَوَاعِدِ الْأَدْيَانِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالتَّنَاصُحُ. فَهَذَا أَشَقُّ مَا تَحَمَّلَهُ الْمُكَلَّفُ؛ لِأَنَّهُ مَقَامُ الرُّسُلِ، حَيْثُ يَثْقُلُ صَاحِبُهُ عَلَى الطِّبَاعِ وَتَنْفِرُ مِنْهُ نُفُوسُ أَهْلِ اللَّذَّاتِ، وَيَمْقُتُهُ أَهْلُ الْخَلَاعَةِ، وَهُوَ إحْيَاءٌ لِلسُّنَنِ، وَإِمَاتَةٌ لِلْبِدَعِ، إلَى أَنْ قَالَ: لَوْ سَكَتَ الْمُحِقُّونَ وَنَطَقَ الْمُبْطِلُونَ لَتَعَوَّدَ النَّشْءُ مَا شَاهَدُوا، وَأَنْكَرُوا مَا لَمْ يُشَاهِدُوا، فَمَتَى رَامَ الْمُتَدَيِّنُ إحْيَاءَ سُنَّةٍ أنكرها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّاسُ وَظَنُّوهَا بِدْعَةً، وَلَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ، فَالْقَائِمُ بِهَا يُعَدُّ مُبْتَدَعًا1، كَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا سَاذَجًا، أَوْ كَتَبَ مُصْحَفًا بِلَا زُخْرُفٍ، أَوْ صَعِدَ مِنْبَرًا فَلَمْ يَتَسَوَّدْ، وَلَمْ يَدُقَّ بِسَيْفٍ مَرَاقِيَ الْمِنْبَرِ، وَلَمْ يَصْعَدْ عَلَى عَلَمٍ وَلَا مَنَارَةٍ، وَلَا نَشَرَ عَلَمًا، فَالْوَيْلُ لَهُ2 مِنْ مُبْتَدَعٍ عِنْدَهُمْ، أَوْ أَخْرَجَ مَيِّتًا لَهُ بِغَيْرِ صُرَاخٍ وَلَا تَخْرِيقٍ وَلَا قُرَّاءٍ وَلَا ذِكْرِ صَحَابَةٍ على النعش ولا قرابة.
فصل: من دخل المسجد في الخطبة لم يمنع من التحية
فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ التَّحِيَّةِ "هـ م"3 وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا4 "و" بَلْ5 يَرْكَعُهُمَا وَيُوجِزُ، أَطْلَقَهُ6 أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي7 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ: إنْ لَمْ تَفُتْهُ مَعَهُ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَإِنْ جَلَسَ قَامَ فَأَتَى بِهَا، أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا "*". وَيَتَوَجَّهُ احتمال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تنبيه: قوله في تحية المسجد8: وَإِنْ جَلَسَ قَامَ فَأَتَى بِهَا، أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا، انْتَهَى. قُلْت: ذَكَرَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ فِي فَصْلٌ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ محدثا أن التحية تسقط بطول الفصل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 بعدها في "ب": "بل". 4 في الأصل: "عليها". 5 ليست في "ب". 6 في الأصل: "أطلقهما". 7 3/193. 8 في "ط": "المجلس".
تَسْقُطُ مِنْ عَالِمٍ وَمِنْ جَاهِلٍ لَمْ يَعْلَمْ عَنْ قُرْبٍ، وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ سُقُوطَهَا بِهِ، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْعَالِمِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَا تَسْقُطُ بالجلوس، وأن العالم1 يُخَيَّرُ بَيْنَ صَلَاتِهِ أَوَّلًا، وَعِنْدَ انْصِرَافِهِ. وَلَا تُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ. ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَمَنْ ذَكَرَ فَائِتَةً أَوْ قُلْنَا لَهَا سُنَّةً صَلَّاهَا وَكَفَتْ، وَالْمُرَادُ إنْ كَانَتْ الْفَائِتَةُ رَكْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَحْصُلُ بِغَيْرِهَا2 "و" وَلَا بِصَلَاةِ جِنَازَةٍ "و" وَلَوْ نَوَى التَّحِيَّةَ وَالْفَرْضَ، فَظَاهِرُ "كَلَامِهِمْ" حُصُولُهُمَا "وش" وَقَدْ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَوْ نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَغُسْلَ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَ عَنْهُمَا "وم ش" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى" 3. وَلِأَنَّهُ لَا تَنَافِي، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بصلاة ينوي بِهَا الْفَرْضَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا هَذَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّانِي، فَيَحْتَمِلُ أَنْ مُرَادَهُ لَا تَحْصُلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَا يَحْصُلُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ خَاصَّةً، لِعَدَمِ صِحَّتِهِ قَبْلَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي وَجْهٍ. لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ حُضُورُ الْجُمُعَةِ، وَالْجَنَابَةُ تَمْنَعُهُ، وَالْأَشْهَرُ تُجْزِئُ نِيَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ عَنْ الْجُمُعَةِ، كَالْفَرْضِ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَظَاهِرُهُ حُصُولُ ثَوَابِهَا، وَقِيلَ: لا تجزئ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَكَالْفَرْضِ عَنْ السُّنَّةِ. وَلَا تَجِبُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ "و" خِلَافًا لِدَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ تُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِكُلِّ دَاخِلٍ قَصَدَ الْجُلُوسَ "أَوْ لَا" يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْبُدَاءَةِ بِالطَّوَافِ. وَيَجُوزُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ "هـ" كَبَعْدِهَا "هـ" نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَبَيْنَ الخطبتين في الجواز والكراهة والتحريم "وهـ م" أَوْجُهٌ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ أَصْلَ التَّحْرِيمِ سُكُوتَهُ لِتَنَفُّسٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ احْتِمَالُ "م 19". ويحرم فيهما "وهـ م" وَقِيلَ: وَحَالَةَ الدُّعَاءِ، وَقِيلَ: الْمَشْرُوعُ، وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 19: قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْكَلَامُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ كَبَعْدِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ فِي الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ أَوْجُهٌ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ أَصْلَ التَّحْرِيمِ سُكُوتَهُ لِتَنَفُّسٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ احْتِمَالٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَفِي كَرَاهَتِهِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ، وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: فِي الْكَلَامِ بين الخطبتين وجهان، وقال ابن
يَحْرُمُ عَلَى السَّامِعِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ مطلقا "وش" وَعَنْهُ: يَجُوزُ. وَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "هـ م ر ق" وَفِي التَّخْرِيجِ لِلْقَاضِي: فِي نَفْسِهِ وَالسُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا، كَالدُّعَاءِ اتِّفَاقًا قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَرَفْعُ الصَّوْتِ قُدَّامَ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا، وَدُعَاءُ الْإِمَامِ بَعْدَ صُعُودِهِ لَا أَصْلَ لَهُ. وَيَجُوزُ تَأْمِينُهُ عَلَى الدُّعَاءِ، وَحَمْدُهُ خُفْيَةً إذَا عَطَسَ، وَيَجُوزُ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَرَدُّ السَّلَامِ نُطْقًا كَإِشَارَتِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ لِحَقِّ آدَمِيٍّ، كَتَحْذِيرِ الضَّرِيرِ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَجِبُ، وَأَنَّهُمْ عَبَّرُوا بِالْجَوَازِ لِاسْتِثْنَائِهِ مِنْ مَنْعِ الْكَلَامِ، فَدَلَّ أَنَّ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي مَنْعِ الْكَلَامِ، وَأَنَّ الابتداء كالرد على الروايتين، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَمِيمٍ: وَفِي إبَاحَتِهِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَ فِي الْفَائِقِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَرَاهَةِ وَالتَّحْرِيمِ، وَأَطْلَقَ فِي النَّظْمِ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 احْتِمَالَيْنِ فِي الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ: أَحَدُهَا: يُبَاحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا عِنْدِي أَصَحُّ وَأَقْيَسُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَيَجُوزُ الْكَلَامُ فِي الْجَلْسَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَاطِبٍ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثاني: يكره، ويحتمله كلام ابن رزين.
وعنه: يجوز إن لَمْ1 يَسْمَعْ، وَيَتَوَجَّهُ: يَجُوزُ إنْ سَمِعَ وَلَمْ يفهمه، وعنه: يحرم2 مطلقا "وهـ م" كالأمر3 بِالْإِنْصَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَكَذَا التَّعْلِيمُ وَالْمُذَاكَرَةُ، وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ، لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ الْحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ4؛ وَلِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لَهُ، وَلَا يَفُوتُ، وَيُفْضِي إلَى رَفْعِ الصَّوْتِ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِالْخَبَرِ عَلَى كَرَاهَةِ الْحِلَقِ قَبْلَهَا1. وَيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ نَافِلَةٍ "و" فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: بِجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: بِخُرُوجِهِ "وهـ" وَهُوَ أَشْهَرُ فِي الْأَخْبَارِ5 "م 20" وَلَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُطْبَةِ "م" وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ: لَا، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ: لَا يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا "خ" وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: يُكْرَهُ ابْتِدَاءُ التَّطَوُّعِ بِخُرُوجِهِ، لِاتِّصَالِهِ بِحَالِ الْخُطْبَةِ، وَالْكَلَامُ يُمْكِنُ قَطْعُهُ فلا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَحْرُمُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي، قاله في مجمع البحرين. مَسْأَلَةٌ - 20: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ ابْتِدَاءُ نَافِلَةٍ، فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: بِجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: بخروجه، وهو أشهر في الأخبار، انتهى.
يَتَّصِلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا تَحْرِيمَ إنْ لَمْ يَحْرُمْ الْكَلَامُ فِيهَا، وَهُوَ مُتَّجِهٌ "ش" وَيُخَفِّفُهُ مَنْ هُوَ فِيهِ. وَمَنْ نَوَى أَرْبَعًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، بِخِلَافِ السُّنَّةِ1، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ: فِي السُّنَّةِ يَأْتِي بِرَكْعَتَيْنِ، فَلَوْ قَامَ إلَى ثَالِثَةٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِسَجْدَةٍ، فَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: يَعُودُ إلى القعدة ويسلم، وقال بعضهم: يُتِمُّهَا أَرْبَعًا وَيُخَفِّفُ، كَمَا لَوْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ. وَلَا يُمْنَعُ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ خُفْيَةً "هـ م" بَلْ هُوَ أَفْضَلُ فِي الْمَنْصُوصِ فَيَسْجُدُ لِتِلَاوَةٍ، وَفِي الْفُصُولِ: إنْ بَعُدُوا فَلَمْ يَسْمَعُوا هَمْهَمَتَهُ جَازَ أَنْ يَتَشَاغَلُوا بِالْقِرَاءَةِ وَالْمُذَاكَرَةِ فِي الْفِقْهِ. وَيُبَاحُ كَلَامُ الْخَاطِبِ، وَلَهُ، لِمَصْلَحَةٍ، وَأَطْلَقَ2 جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: يُكْرَهَانِ وَلَا مَنْعَ "هـ م ر" كَأَمْرِ إمَامٍ بِمَعْرُوفٍ "و" وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمَفْهُومَةُ كَلَامٌ، وَلِغَيْرِهِ وَفِي كلام صاحب المحرر: وله 3"تسكيت متكلم"3 بإشارة وفي المستوعب وغيره: يستحب. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوَّلُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4 الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالثَّانِي: قَطَعَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي وَابْنُ مُنَجَّى، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِهِ كلام القاضي في الخلاف وفي غيره.
وَلَا يَتَصَدَّقُ. عَلَى سَائِلٍ وَقْتَ الْخُطْبَةِ، وَلَا يُنَاوِلُهُ إذَنْ لِلْإِعَانَةِ عَلَى مُحَرَّمٍ، وَإِلَّا جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَسُؤَالِ الْخَطِيبِ الصَّدَقَةَ عَلَى إنْسَانٍ، وَفِي الرِّعَايَةِ: الْكَرَاهَةُ وَقْتَ الْخُطْبَةِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ السُّؤَالُ وَالتَّصَدُّقُ فِي مَسْجِدٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الفصول، ولعل المراد الصدقة1 عَلَى مَنْ سَأَلَ، وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ: يَحْرُمُ السُّؤَالُ، وَقَالَهُ فِي إنْشَادِ الضَّالَّةِ، فَهَذَا مِثْلُهُ وَأَوْلَى، قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا تُنْشَدُ الضَّالَّةُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَأْتِي2 كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ آخِرَ الِاعْتِكَافِ فِي الْبَيْعِ فِيهِ، فَيَجِبُ الْإِنْكَارُ إنْ وَجَبَ الْإِنْكَارُ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُقُوبَتَهُ لِمُخَالَفَتِهِ وَعِصْيَانِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ، وَيَقُولُ لِمَنْ نَشَدَ الضَّالَّةَ أَيْ طَلَبَهَا: لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْك، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا، فَنَظِيرُهُ الدُّعَاءُ عَلَى السَّائِلِ، كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِرَجُلٍ قَالَ فِي جِنَازَةٍ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك3، وَسَيَأْتِي، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ أَنَّهُ رَأَى مُصَلِّيًا لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ، فَحَصَبَهُ وَأَمَرَهُ بِرَفْعِهِمَا4. وَلِمُسْلِمٍ5 عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ6: أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ، فَقَالَ: "كُلْ بِيَمِينِك" فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ فَقَالَ: "لَا اسْتَطَعْت مَا مَنَعَهُ إلَّا الْكِبْرُ"، فَمَا رفعها7 إلى فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ خَالَفَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ بِلَا عُذْرٍ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا فِيمَنْ فَعَلَ مُحَرَّمًا، كَمُرُورِ رَجُلٍ بَيْنَ يَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ أَوْ أَتَانٍ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ: "قَطَعَ عَلَيْنَا صَلَاتَنَا قَطَعَ اللَّهُ أَثَرَهُ"، فَأُقْعِدَ. لَهُ طَرِيقٌ حَسَنَةٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا1، وَسَبَقَ دُعَاءُ عُمَارَةَ عَلَى الَّذِي رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ2، فَأَمَّا إنْ حَصَلَ مِنْهُ كَذِبٌ أَوْ شَوَّشَ عَلَى مُصَلٍّ فَوَاضِحٌ، وَعَنْهُ: إنْ حَصَبَ سَائِلًا وَقْتَ الْخُطْبَةِ فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ3، فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ4. وَيُكْرَهُ الْعَبَثُ "و" وَكَذَا شُرْبُ مَاءٍ إنْ سَمِعَهَا، وَإِلَّا فَلَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَا لَمْ يَشْتَدَّ عَطَشُهُ. وَجَزْم أَبُو الْمَعَالِي بِأَنَّهُ إذَنْ أَوْلَى، وَفِي النَّصِيحَةِ: إنْ عطش فشرب فلا بأس "وش". قَالَ فِي "الْفُصُولِ": وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ شُرْبَهُ بِقِطْعَةٍ بَعْدَ الْأَذَانِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَأَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، قَالَ: وَكَذَا شُرْبُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، فَأُطْلِقَ، وَيَتَوَجَّهُ: يَجُوزُ5 لِلْحَاجَةِ، دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَتَحْصِيلًا لِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ. وَهَلْ يَنْزِلُ عِنْدَ لَفْظِ6 الْإِقَامَةِ أَوْ إذَا فَرَغَ لِيَقِفَ بِمِحْرَابِهِ عِنْدَهَا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ "م 21". قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: يستحب أن يكون حال صعوده على ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 21: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْزِلُ يَعْنِي الْخَطِيبَ عِنْدَ لَفْظَةِ الْإِقَامَةِ أَوْ إذَا فَرَغَ لِيَقِفَ بِمِحْرَابِهِ عِنْدَهَا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. تَابَعَ الْمُصَنِّفُ صَاحِبَ التلخيص في
تُؤَدَةٍ لِأَنَّهُ سَعْيٌ إلَى ذِكْرٍ، كَالسَّعْيِ إلَى الصَّلَاةِ، وَإِذَا نَزَلَ نَزَلَ مُسْرِعًا لَا يَتَوَقَّفُ، كَذَا قَالُوا، وَلَا فَرْقَ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ نَعَسَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، مَا لَمْ يَتَخَطَّ، وَسَبَقَ فِي الْأَعْذَارِ1، وَسَبَقَ حُكْمُ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْصُورَةِ، آخِرَ باب اجتناب النجاسة2.
فصل: وصلاة الجمعة ركعتان
فَصْلٌ: وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ "ع" يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ جَهْرًا "و" فِي الْأُولَى بِالْجُمُعَةِ، وَالثَّانِيَةِ بالمنافقين بعد الفاتحة "وش" وَعَنْهُ: الثَّانِيَةُ بِـ"سَبِّحْ" لَا "الْغَاشِيَةِ"، "م" وَقِيلَ: الْأُولَى بِـ"سَبِّحْ"، وَالثَّانِيَةُ بِالْغَاشِيَةِ، وَقَالَ الخرقي: سورة "وهـ". وَفِي فَجْرِهَا، {الم} 3 السَّجْدَةُ "م" وَفِي الثَّانِيَةِ: هل أتى "م"4، قال شيخنا لتضمنهما5 ابتداء خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَخَلْقِ الْإِنْسَانِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ. وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا، في المنصوص. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَارَةِ، وَتَابَعَهُ أَيْضًا ابْنُ تَمِيمٍ، ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ: أَحَدُهُمَا6: يَنْزِلُ عِنْدَ لَفْظَةِ، الإقامة وهو الصحيح، قدمه في الرعايتين والحاويين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 بعدها في "س": "تنزيل". 4 في "ط": "خلافا له أيضا". 5 في "ب" و"ط": "لتضمنها". 6 في النسخ الخطية: "أحدها"، والمثبت من "ط".
أَحْمَدُ: لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهَا مُفَضَّلَةٌ بِسَجْدَةٍ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لِئَلَّا يُظَنَّ الْوُجُوبُ، وَقَرَأَهَا أَحْمَدُ فَسَهَا أَنْ يَسْجُدَ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ، قَالَ الْقَاضِي: كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ، قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا بَقِيَّةُ سجود التلاوة فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مِثْلُهُ هُنَا، وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ لِلتَّرْغِيبِ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيُكْرَهُ تَحَرِّيهِ قِرَاءَةَ سَجْدَةٍ غَيْرِهَا، وَالسُّنَّةُ إكْمَالُهَا، وَيُكْرَهُ بِالْجُمُعَةِ، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالْمُنَافِقِينَ فِي عِشَاءِ لَيْلَتِهَا، وَعَنْهُ: لَا. وَلَا سُنَّةَ لها قبلها، نص عليه "وم"1 قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ظُهْرًا مَقْصُورَةً، فَتُفَارِقُهَا فِي أَحْكَامٍ، وَكَمَا أَنَّ تَرْكَ الْمُسَافِرِ السُّنَّةَ أَفْضَلُ، لِكَوْنِ ظُهْرِهِ مَقْصُورَةً، وَإِلَّا لَكَانَ التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، لَكِنْ لَا يُكْرَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُدَاوِمُ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ، وَأَنَّ عَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ. وَعَنْهُ: بَلَى رَكْعَتَانِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عقيل، وعنه: أربع "وهـ ش" قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ رَكَعَاتٍ وَقَالَ: رَأَيْته يُصَلِّي رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَإِذَا قَرُبَ الْأَذَانُ أَوْ الْخُطْبَةُ تَرَبَّعَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ رَأَيْته إذَا أَخَذَ فِي الْأَذَانِ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا، قال: وقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْزِلُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ2، وَعَلَيْهِ عَمَلُ كَثِيرٍ مِنْ الْخُطَبَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
اخْتَارَ قَبْلَهَا رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَهَا سِتًّا، وَصَلَاةُ أَحْمَدَ قَبْلَ الْأَذَانِ تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ "وش"1 وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ ... " 2 الْحَدِيثَ، وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ: يَشْتَغِلُ بِالصَّلَاةِ، وَأَكْثَرُهَا بَعْدَهَا سِتٌّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَرْبَعًا "وهـ ش" وَفِي التَّبْصِرَةِ: قَالَ شَيْخُنَا: أَدْنَى الْكَمَالِ سِتٌّ، وَحُكِيَ عَنْهُ: لَا سُنَّةَ لَهَا، وَإِنَّمَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِهَا، فَعَلَهُ عِمْرَانُ، وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ أَنْ يَدَعَ الْإِمَامُ الْأَفْضَلَ عِنْدَهُ تَأْلِيفًا لِلْمَأْمُومِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَلَوْ كَانَ مُطَاعًا يَتَّبِعُهُ الْمَأْمُومُ، فَالسُّنَّةُ أَوْلَى، قَالَ: وَقَدْ يُرَجَّحُ الْمَفْضُولُ3، كَجَهْرِ عُمَرَ بِالِاسْتِفْتَاحِ لِتَعْلِيمِ السُّنَّةِ4، وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ5، وَلِلْبُخَارِيِّ6 عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي إزَارٍ وَثِيَابُهُ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: تُصَلِّي فِي إزَارٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: إنَّمَا صَنَعْت ذَلِكَ لِيَرَانِي أَحْمَقُ مِثْلُك، وَأَيُّنَا كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَلِمُسْلِمٍ7 أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قِيلَ لَهُ: مَا هَذَا الْوُضُوءُ؟ فَقَالَ: يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَاهُنَا؟ لَوْ عَلِمْت أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْت هَذَا الْوُضُوءَ، سَمِعْت خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حيث يبلغ الوضوء".. أراد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو هُرَيْرَةَ الْمَوَالِيَ، وَكَانَ خِطَابُهُ لِأَبِي حَازِمٍ، وَفَرُّوخَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ لَا يَنْصَرِفُ، قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ الْعَيْنِ: بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ وَلَدِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَلَدٍ كَانَ بَعْدَ إسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ كَثُرَ نَسْلُهُ، وَنَمَا عَدَدُهُ، فَوَلَدَ الْعَجَمِ الَّذِينَ هُمْ فِي وَسَطِ الْبِلَادِ، وَكَذَا نَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ وَغَيْرُهُ أَنَّ فَرُّوخَ ابْنٌ لِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ أَبُو الْعَجَمِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْ عادات الناس، 1"إلا في الحرام"1؛ لِتَرْكِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ2. وَتَرْكِ أَحْمَدَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَقَالَ: رَأَيْت النَّاسَ لَا يعرفونه.
فصل: من أدرك ركعة أتم جمعة
فَصْلٌ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً أَتَمَّ جُمُعَةً "و" وَكَذَا دُونَهَا فِي رِوَايَةٍ "وهـ" وَالْمَذْهَبُ: لَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ؛ لِأَنَّ إدْرَاكَ الْمُسَافِرِ إدْرَاكُ إيجَابٍ وَهَذَا إدْرَاكُ إسْقَاطٍ؛ لِأَنَّهُ3 لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا صَلَّى أَرْبَعًا، فَاعْتُبِرَ إدْرَاكٌ تَامٌّ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ دُونَ رَكْعَةٍ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ الْجَمَاعَةُ أَدْرَكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْ الْجُمُعَةِ لَمْ يُدْرِكْهَا، قَالَ أَحْمَدُ: لَوْلَا الْحَدِيثُ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَفَعَلَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا إنَّمَا تَصِحُّ ظُهْرُهُ مَعَهُمْ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ، وَتَحْرُمُ بَعْدَ الزَّوَالِ "وم ش" وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ، لِاخْتِلَافِ النِّيَّةِ، وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو إِسْحَاقَ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي: الْمَذْهَبُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ "خ" تَبَعًا لِإِمَامِهِ ثُمَّ يُتِمُّ ظُهْرًا. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنَّهُ فَرَّ مِنْ اخْتِلَافِ النِّيَّةِ ثُمَّ الْتَزَمَهُ فِي الْبِنَاءِ، وَالْوَاجِبُ الْعَكْسُ أَوْ1 التَّسْوِيَةُ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ بِالْبِنَاءِ مَعَ اخْتِلَافٍ يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ قَوْلَهُ وَالْقَوْلَ الْأَوَّلَ رِوَايَتَيْنِ، وَقَالَ فِي فُنُونِهِ أَوْ عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَلَا يَنْوِيَهَا ظُهْرًا؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ، فَإِنْ دَخَلَ نَوَى جُمُعَةً وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا. وَمَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ مَا يَعْتَدُّ بِهِ فَأَحْرَمَ، ثُمَّ زُحِمَ عَنْ السُّجُودِ أَوْ نَسِيَهُ، أَوْ أَدْرَكَ الْقِيَامَ وَزُحِمَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى سَلَّمَ، أَوْ تَوَضَّأَ لِحَدَثٍ وَقُلْنَا يَبْنِي وَنَحْوُ ذَلِكَ، اسْتَأْنَفَ ظهرا، نص عليه "وم"2 لِاخْتِلَافِهِمَا فِي فَرْضٍ وَشَرْطٍ، كَظُهْرٍ وَعَصْرٍ، وَلِافْتِقَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى النِّيَّةِ، بِخِلَافِ بِنَاءِ التَّامَّةِ عَلَى الْمَقْصُورَةِ؛ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ3 لَا يَفْتَقِرُ، وَعَنْهُ: يُتِمُّهَا ظُهْرًا "وش" وَعَنْهُ: جُمُعَةً "وهـ" كَمُدْرِكِ رَكْعَةٍ، وَعَنْهُ: يُتِمُّ جُمُعَةً مَنْ زُحِمَ عَنْ سُجُودٍ أَوْ نَسِيَهُ لِإِدْرَاكِهِ الرُّكُوعَ، كَمَنْ أَتَى بِالسُّجُودِ قَبْلَ سَلَامِ إمَامِهِ عَلَى الْأَصَحِّ "وم" لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ فِي جَمَاعَةٍ، وَالْإِدْرَاكُ الْحُكْمِيُّ كَالْحَقِيقِيِّ لِحَمْلِ الْإِمَامِ السَّهْوَ عَنْهُ، وَإِنْ أَحْرَمَ فَزُحِمَ وَصَلَّى فَذًّا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أُخْرِجَ في الثانية فإن نوى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مفارقته أتم جمعة، وإلا فعنه: يتم جمعة، كَمَسْبُوقٍ، وَعَنْهُ: يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ فَذٌّ فِي رَكْعَةٍ "م 22". وَلَا أَذَانَ فِي الْأَمْصَارِ لِمَنْ فَاتَتْهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْمُسَافِرِينَ إذَا أدركوا يوم الجمعة 1"وحضرت صلاة الظهر: صلوا"1 وَصَلَّوْا صَلَاةَ الظُّهْرِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ إنَّمَا هِيَ ظُهْرٌ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ إظْهَارَهُ كَالْجُمُعَةِ كَمَا سَبَقَ، ويتوجه إخفاؤه.
فصل: تسقط الجمعة إسقاط حضور لا وجوب
فَصْلٌ: تَسْقُطُ الْجُمُعَةُ إسْقَاطَ حُضُورٍ لَا وُجُوبٍ فَيَكُونُ حُكْمُهُ كَمَرِيضٍ وَنَحْوِهِ، لَا كَمُسَافِرٍ وَنَحْوِهِ عَمَّنْ حَضَرَ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَذَكَرَ فِي الْخِلَافِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ كَانَ خَارِجَ الْبَلَدِ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ كَصَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ، وَعَنْهُ: لَا تَسْقُطُ "و" كَالْإِمَامِ، وَعَنْهُ: تَسْقُطُ عَنْهُ أَيْضًا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ، فَهُوَ أَوْلَى بِالرُّخْصَةِ. وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ لَهُ الِاسْتِنَابَةَ، وَقَالَ: الْجُمُعَةُ تَسْقُطُ بِأَيْسَرِ عُذْرٍ، كَمِنْ لَهُ عَرُوسٌ تُجَلَّى عَلَيْهِ، فَكَذَا الْمَسَرَّةُ بِالْعِيدِ، كَذَا قَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا وَجْهَ لعدم سقوطها مع إمكان الاستنابة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 22: قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْرَمَ فَزُحِمَ وَصَلَّى فَذًّا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أُخْرِجَ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ نوى مفارقته أتم جمعة، وإلا فعنه: يتم جُمُعَةً، كَمَسْبُوقٍ، وَعَنْهُ: يُعِيدُ؛ لِأَنَّهُ فَذٌّ فِي رَكْعَةٍ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إحْدَاهُمَا: لَا تَصِحُّ، وَيُعِيدُهَا ظُهْرًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 3/186.
وَعَنْهُ1: لَا تَسْقُطُ عَنْ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ. وَيَسْقُطُ فِي الْأَصَحِّ الْعِيدُ بِالْجُمُعَةِ "خ" كَالْعَكْسِ وَأَوْلَى، فَيُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَى الْجُمُعَةِ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: يَسْقُطُ بِفِعْلِهَا وَقْتَ الْعِيدِ، وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ احْتِمَالُ تَسْقُطُ الْجُمَعُ وَتُصَلَّى فُرَادَى، وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: وَيَجْلِسُ مَكَانَهُ لِيُصَلِّيَ الْعَصْرَ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ، لِضَعْفِ الْخَبَرِ الْخَاصِّ فِيهِ، وَاحْتَجَّ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا" 2. وَيُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، وَجُلُوسُهُ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ إلَى طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، لَا فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ عَلَى الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الصُّبْحَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ3 عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَيْ مُرْتَفِعَةً، وَإِنْ قَامَ وَجَلَسَ بمكان فيه فلا بأس، كقول4 الْأَصْحَابِ: لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ، وَصَرَّحُوا بِالْمَسْجِدِ، وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَأَوْلَى، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ5 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلْ الملائكة ـــــــــــــــــــــــــــــQ6"والرواية الثانية: يتمها جمعة، وتصح"6. فَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةٍ قَدْ مَنَّ اللَّهُ بتصحيحها.
تُصَلِّي عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ". وَفِي الصَّحِيحِ1: "فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ" 2. وَزَادَ فِي دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ". وَفِي الصَّحِيحِ: "الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ، مَا لَمْ يُحْدِثْ" 2 وَفِي الصَّحِيحِ: "أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مُصَلَّاهُ أَوْ يُحْدِثْ" 2 وَفِي الصَّحِيحِ: "لَا يَزَالُ فِي الصَّلَاةِ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ" 2. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: انْتِظَارُ الْعِبَادَةِ عِبَادَةٌ، وَإِذَا لَمْ يُحْدِثْ فَهُوَ عَلَى هَيْئَةِ الِانْتِظَارِ، فَنَافَى بِحَدَثِهِ حَالَ الْمُتَأَهِّبِينَ لَهَا، فَلِذَلِكَ كَانَ الدُّعَاءُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا يَخْرُجُ حتى يزول النهي. ويصلي ركعتين، للخبر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِيهِ ضَعْفٌ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ، وَأَفْضَلُهُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَعَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أُبَيٍّ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا يَقُولُ اللَّهُ: مَنْ شَغَلَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْ دُعَائِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ1 ثَوَابِ الشَّاكِرِينَ، وَإِنَّ فَضْلَ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ رَوَاهُ أَبُو حَفْصِ بْنُ شَاهِينِ3، وَذَكَرَ أَنَّ خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ يُفَسِّرُهُ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ4: هَذَا مَوْضُوعُ مَا رَوَاهُ إلَّا صَفْوَانُ5 بْنُ أَبِي الصَّهْبَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْخَبَرَيْنِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ6، كَذَا قَالَ، وَلَيْسَ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ بِمَوْضُوعٍ، وَفِي حُسْنِهِ نَظَرٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ لَمْ يَسْأَلْ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الدعاء. رواهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1، وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا: أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ بِالدُّعَاءِ، وَأَبْخَلُ النَّاسِ مَنْ بَخِلَ بِالسَّلَامِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَغَيْرُهُ2. وَيَنْبَغِي لِمَنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ وَلَمْ يَرَهُ شَيْخُنَا، وَيَأْتِي آخِرَ الاعتكاف3 إن شاء الله تعالى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة العيدين
باب صلاة العيدين مدخل ... باب صلاة العيدين1 وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَيُقَاتِلُ الْإِمَامُ أَهْلَ بَلَدٍ تَرَكُوهَا، وَعَنْهُ: فَرْضُ عَيْنٍ، 2"اخْتَارَهُ شَيْخُنَا"2 "وهـ" وَعَنْهُ: سُنَّةٌ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ "وم ش" فَلَا يُقَاتَلُ تَارِكُهَا، كَالتَّرَاوِيحِ وَالْأَذَانِ، خِلَافًا النِّهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي. وَيُكْرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَنْ حضر3 وَيَتْرُكَهَا. وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا شُرُوطُ الْجُمُعَةِ "و" وَأَوْجَبَهَا فِي الْمُنْتَخَبِ بِدُونِ الْعَدَدِ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: عَلَى الْمَرْأَةِ صَلَاةُ عِيدٍ؟ قَالَ: مَا بَلَغَنَا فِي هَذَا شَيْءٌ، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ تُصَلِّيَ، وَعَلَيْهَا مَا عَلَى الرِّجَالِ، يصلين في بيوتهن. ويشترط لصحتها أداء4: الِاسْتِيطَانُ، وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ، فَلَا تُقَامُ إلَّا حَيْثُ تقام5، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وهـ": وَعَنْهُ لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وم ش" فَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُنْفَرِدُ، وَعَلَى الْأُولَى يَفْعَلُونَهَا تَبَعًا، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا مَنْ فَاتَتْهُ كَمَا يَأْتِي6. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لا "وهـ" وإنه7: هذه الرواية، لأنه عليه السلام وخلفاءه لم يصلوها في سفر. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَيْسَتْ بِدُونِ اسْتِيطَانِ وَعَدَدٍ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً "ع" وَأَوْجَبَ ابْنُ عَقِيلٍ السَّعْيَ مِنْ بُعْدٍ، لِعَدَمِ تَكَرُّرِهِ وَإِنَّا إذَا لَمْ نَعْتَبِرْ الْعَدَدَ، كَفَى1 اسْتِيطَانُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَاعْتُبِرَ الِاسْتِيطَانُ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَذَكَرَ فِي الْعَدَدِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَلِلْمَرْأَةِ حُضُورُهَا "وم ر" وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "وش" فِي غَيْرِ الْمُسْتَحْسَنَةِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: لِلشَّابَّةِ "وهـ" وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي "وم ر". وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى لَا بطلوع الشمس "وش م ر" و2 يسن تَعْجِيلُ الْأَضْحَى "م" بِحَيْثُ يُوَافِقُ مَنْ بِمِنًى فِي ذَبْحِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْإِمْسَاكُ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ "و" وَتَأْخِيرُ الْفِطْرِ "م" وَالْأَكْلُ فِيهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ "و" وَالْأَفْضَلُ تَمَرَاتٍ وِتْرًا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَعَنْهُ: وَهُوَ آكَدُ مِنْ إمْسَاكِهِ فِي الْأَضْحَى، وَالتَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ، وَالصَّدَقَةُ، وَتَبْكِيرُ الْمَأْمُومِ مَاشِيًا، قَالَ جَمَاعَةٌ: بَعْدَ صَلَاةِ3 الْفَجْرِ "وش" لَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ "م ر"، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ كَانَ4 الْبَلَدُ ثَغْرًا اُسْتُحِبَّ الرُّكُوبُ وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ، وَيَكُونُ مُظْهِرًا لِلتَّكْبِيرِ "وم ش": يُظْهِرُهُ فِي الْفِطْرِ فَقَطْ، لَا عَكْسِهِ "هـ" وَيُسَنُّ لُبْسُ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ "و" إلَّا الْمُعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ أَوْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ5 مِنْ مُعْتَكَفِهِ إلَى الْمُصَلَّى فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ "وش" نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا الْإِمَامَ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مُعْتَكِفٌ كَغَيْرِهِ فِي زِينَةٍ1، وَطِيبٍ وَنَحْوِهِمَا: ثياب جيدة ورثة للكل2 سَوَاءٌ. وَيُسَنُّ تَأَخُّرُ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ، وَالصَّحْرَاءُ أفضل "وهـ م" نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدِ أَفْضَلُ إلَّا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا، وَلَمْ يَزَلْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَأْتِي الْمُصَلَّى حَتَّى ضَعُفَ، وَكَرِهَ الْأَكْثَرُ الْجَامِعَ بِلَا عُذْرٍ، وَلَيْسَ بِأَفْضَلَ إنْ وَسِعَهُمْ "ش" بَلْ لِأَهْلِ مَكَّةَ "و" لِمُعَايَنَةِ الْكَعْبَةِ. وَذَهَابُهُ فِي طَرِيقٍ وَرُجُوعُهُ فِي آخَرَ "و" قِيلَ: يَرْجِعُ فِي الْأَقْرَبِ، والجمعة في هذه كالعيد في المنصوص.
فصل: ثم يصلي ركعتين
فَصْلٌ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ "ع" فَيُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ "و" ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ "م" ثُمَّ يُكَبِّرُ سِتًّا "وم" وَعَنْهُ: سَبْعًا "وش" زَوَائِدَ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ "م" وَعَنْهُ: يَسْتَفْتِحُ بَعْدَ الزَّوَائِدِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ قِرَاءَتِهَا، وَعَنْهُ: بَعْدَهَا "وهـ" خَمْسًا زَوَائِدَ "وم ش" لَا ثَلَاثًا زَوَائِدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ "هـ" وَعَنْهُ: خَمْسًا فِي الْأُولَى وَأَرْبَعًا فِي الثَّانِيَةِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَسٍ3. قَالَ أَحْمَدُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّكْبِيرِ وَكُلُّهُ جَائِزٌ. وَعَنْهُ: يُصَلِّي أَهْلُ الْقُرَى بِلَا تَكْبِيرٍ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: يُصَلِّ أَهْلُ الْقُرَى أربعا، إلا أن يخطب فركعتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَا لِإِحْرَامِهِ فَقَطْ "م" وَلَا لَهُ وَلِلزَّوَائِدِ "هـ". وَبَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ ذِكْرٌ "هـ م" غير مؤقت، نقله حرب "وش" يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ وَعَنْهُ: يَحْمَدُ وَيُكَبِّرُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1"وعنه: ويدعو، وعنه: ويسبح ويهلل، وَعَنْهُ: يَذْكُرُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1. وَعَنْهُ: يَدْعُو وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَاحْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ2، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ وَعَنْهُ: وَفِي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ "م 1". وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ وَالذِّكْرُ بَيْنَهُمَا سُنَّةٌ "و": شُرُوطٌ لِلصَّلَاةِ. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي الذِّكْرِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَأْتِي بِهِ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَأْتِي بِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَيَقُولُهُ فِي وَجْهٍ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَقُولُهُ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي3،
"الرَّوْضَةِ": إنْ تَرَكَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدَ ثَمَّ وَلَمْ تَبْطُلْ، وَسَاهِيًا لَا يَلْزَمُهُ سُجُودٌ لِأَنَّهَا هَيْئَةٌ. كَذَا قَالَ. وَيَقْرَأُ فِيهِمَا جَهْرًا "و" وَعَنْهُ: أَدْنَاهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ الْأُولَى بِسَبِّحِ وَالثَّانِيَةُ بِالْغَاشِيَةِ، الْأُولَى {ق} ، وَالثَّانِيَةُ {اقْتَرَبَتِ} ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ: لَا توقيت، اختاره الخرقي "وهـ م". ومن أدرك الإمام قائما بعد التكبير الزائد أو بعضه، أو ذكره قَبْلَ الرُّكُوعِ لَمْ يَأْتِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ "وق" نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْبُوقِ، كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ راكعا "هـ" نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: كَالْقِرَاءَةِ، وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهَا رُكْنٌ، قَالَ الْأَصْحَابُ: أَوْ ذَكَرَهُ فِيهِ "و" وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ: يَقُومُ فَيَأْتِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ فِيهِ، كَتَكْبِيرِ1 الرُّكُوعِ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ لِلرُّكُوعِ؛ وَلِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ الْمَسْبُوقَ بِهَا يَأْتِي بِهَا إذَا خَافَ رَفْعَ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ، وَعَنْ "هـ" فِي عَوْدِ رَاكِعٍ إلَى الْقِيَامِ لِلْقُنُوتِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ أَتَى بِهِ الذَّاكِرُ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ "م" وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَتَى بِهِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا، وَقِيلَ: لَا يَسْتَأْنِفُ إنْ كَانَ يسيرا، وأطلقه القاضي وغيره.
فصل: ثم يخطب خطبتين، فلو خطب قبل الصلاة لم يعتد بالخطبة
فَصْلٌ: ثُمَّ يَخْطُبُ خُطْبَتَيْنِ، فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصلاة لم يعتد بالخطبة، ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQو"الشرح"2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: يَأْتِي بِهَذَا الذكر بين كل تكبيرتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/346.
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ "هـ ش" وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَجْهَيْنِ، وَهُمَا كَالْجُمُعَةِ فِي أحكامها على الأصح "وم" إلَّا التَّكْبِيرَ مَعَ الْخَاطِبِ "م ر" وَاسْتَثْنَى جَمَاعَةٌ الطَّهَارَةَ وَاتِّحَادَ الْإِمَامِ وَالْقِيَامَ وَالْجَلْسَةَ وَالْعَدَدَ لِكَوْنِهَا سُنَّةً "و" لَا شَرْطَ لِلصَّلَاةِ فِي الْأَصَحِّ، فَأَشْبَهَا الْأَذَانَ وَالذِّكْرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ. وَفِي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ رِوَايَتَانِ إمَّا كَالْجُمُعَةِ أَوْ لِأَنَّ خُطْبَتَهَا مَقَامُ رَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ الْعِيدِ "م 2". وَفِي النَّصِيحَةِ: إذَا اسْتَقْبَلَهُمْ سَلَّمَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ. وَيُسَنُّ أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات "وم" نسقا "و" وظاهر كلامه: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَفِي تَحْرِيمِ الْكَلَامِ يَعْنِي حَالَ الْخُطْبَةِ رِوَايَتَانِ، إمَّا كَالْجُمُعَةِ، أَوْ لِأَنَّ خُطْبَتَهَا مَكَانَ رَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ الْعِيدِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالشَّرْحْ1، وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ الْكَلَامُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: خُطْبَتَا الْعِيدَيْنِ فِي أَحْكَامِهِمَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ حَتَّى فِي أَحْكَامِ الْكَلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهِيَ فِي الْإِنْصَاتِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْكَلَامِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِالْكَلَامِ فِيهَا، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ، انْتَهَى. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْخَطِيبَ فِي الْعِيدِ إنْ شَاءَ رَدَّ السَّلَامَ وَشَمَّتَ الْعَاطِسَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ، انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ الْكَلَامُ حَالَةَ الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ غَيْرُ واجبة، فلم يجب الإنصات كسائر الأذكار.
جَالِسًا، وَقِيلَ: قَائِمًا "وم ق" فَلَا جَلْسَةَ لِيَسْتَرِيحَ إذَا صَعِدَ، لِعَدَمِ الْأَذَانِ هُنَا، بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ. وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ "وش": بَعْدَ فَرَاغِهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ1: إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ وَقِيلَ: التَّكْبِيرَاتُ شَرْطٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: يَفْتَتِحُهَا بِالْحَمْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ افْتَتَحَ خُطْبَةً بِغَيْرِهِ، وَقَالَ: "كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ، فَهُوَ أَجْذَمُ" 2. وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ "الْفِطْرِ" حُكْمَ الْفِطْرَةِ وَفِي الْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ، وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: إذَا فَرَغَ فَرَأَى قَوْمًا لَمْ يَسْمَعُوهَا اُسْتُحِبَّ إعَادَةُ مَقَاصِدِهَا لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ رَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ النِّسَاءَ أَتَاهُنَّ فَوَعَظَهُنَّ وَحَثّ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَدَلَّ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السلام، المتفق عليه3، ولم يذكره الأصحاب، والمراد مع عدم خوف فتنة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وترك نَفْلِ الصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهُ فِي مَكَانِهَا قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ أَوْلَى، لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَفْعَلْهُ1. وَإِنَّمَا نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ، رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ2، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ3، فَلَا تَظْهَرُ صِحَّتُهُمَا، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى الصَّلَاةَ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا يُسَنُّ ذَلِكَ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يُصَلِّي، وهو المذهب وأنه يكره "وم وهـ" قبلها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ووافقه "ش" فِي الْإِمَامِ، وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يَجُوز، وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَا سُنَّةَ لَهَا قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا، كَذَا قَالَ، وَكَذَا حَكَاهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ مَذْهَب أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي النَّصِيحَةِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّي قَبْلهَا وَلَا بَعْدهَا حَتَّى تَزُول الشَّمْس، لَا فِي بَيْتِهِ وَلَا طَرِيقِهِ، اتِّبَاعًا لِلسَّنَةِ وَلِجَمَاعَةٍ صَحَابَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، كَذَا قَالَ. وَقِيلَ: يُصَلِّي تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَجَزْم بِهِ فِي الْغُنْيَةِ، وَهُوَ أَظْهَر، وَنَصَّهُ: لَا، وَكَرِهَ أَحْمَدُ قَضَاء فَائِتَةٍ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ. وَمِنْ كَبَّرَ قَبْل سَلَام الْإِمَام صَلَّى مَا فَاتَهُ عَلَى صِفَتِهِ، لَا أَرْبَعًا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَسَائِرِ الصَّلَوَات، وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ كَمِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَة، لَا فَرْقَ فِي التَّحْقِيقِ. وَيُكَبِّرُ1 مَسْبُوقٌ فِي الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ، كَبَعْدِ الفراغ في أحد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي، وَعَنْهُ: بِمَذْهَبِ إمَامِهِ "وم" كَمَأْمُومٍ "م 3" "و" وَكَذَا إنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَعِنْدَ "هـ" بِمَذْهَبِ إمَامِهِ، وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي خِلَافٌ فِي الْمَأْمُومِ. وَمَنْ فَاتَتْهُ حَضَرَ الْخُطْبَةَ ثُمَّ صَلَّاهَا "هـ" نَدْبًا "و" عَلَى صِفَتِهَا "م ش" مَتَى شَاءَ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: قَبْلَ الزَّوَالِ، وَإِلَّا مِنْ الْغَدِ: لَا يُكَبِّرُ الْمُنْفَرِدُ، وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: يُصَلِّيهَا أَرْبَعًا بِلَا تَكْبِيرٍ بِسَلَامٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: كَالظُّهْرِ: أَوْ بِسَلَامَيْنِ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعٍ. وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا فَكَالسُّنَنِ فِي الْقَضَاءِ، وَقَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: فِيمَنْ قَضَاهَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَهُ وَيُصَلِّيَهَا جَمَاعَةً، فعله أنس1. ويجوز ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ فِي الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ، كبعد الفراغ في أحد الوجهين، ذكرهما أبو الْمَعَالِي، وَعَنْهُ: بِمَذْهَبِ إمَامِهِ، كَمَأْمُومٍ، انْتَهَى. أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي صِفَةِ تَكْبِيرِ الْمَأْمُومِ إذَا صَلَّى بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، أَحَدُهُمَا يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِهِ "قُلْت": وَهَذَا الصَّوَابُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ، 2"وَقَدْ"2 قَالَ الْأَصْحَابُ: إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ قَامَ إذَا سَلَّمَ فَصَلَّى كَصَلَاتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً قَضَى أُخْرَى وَكَبَّرَ فِيهَا سِتًّا بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلَاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ أَوَّلَهَا، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يُكَبِّرُ خَمْسًا. تَنْبِيهٌ: صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُكَبِّرُ فِي الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ عَلَى الْمُقَدَّمِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِ إمَامِهِ، إذَا عَلِمَ ذلك، فظاهر كلامه أن المصلي
اسْتِخْلَافُهُ لِلضَّعَفَةِ "م" وَفِي صِفَةِ صَلَاةِ الْخَلِيفَةِ الْخِلَافُ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي صِفَةِ صَلَاةِ خَلِيفَةِ عَلِيٍّ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيّ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا2. وعنه: يصلي ركعتين إن خطب فإنها تستحب لها3، وَلَهُ تَرْكُهَا، وَإِلَّا أَرْبَعًا، وَقِيلَ: إنْ صَلَّى أَرْبَعًا لَمْ يُصَلِّهَا قَبْلَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ بِتَعْيِيدِهِ يظهر شعار ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ بَلْ صَلَّى بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا أَنَّ فِي صِفَةِ صَلَاتِهِ وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي، أَحَدُهُمَا يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِهِ، وَالثَّانِي بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الَّذِي صَلَّى، وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، بَلْ الصَّوَابُ الَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِ نَفْسِهِ، إذْ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْإِمَامِ بَعْدَ الْفَرَاغِ، وَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنْ يُقَدِّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يُكَبِّرُ فِي الْقَضَاءِ بِمَذْهَبِهِ لَا بِمَذْهَبِ إمَامِهِ وَيُطْلِقُ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا صَلَّى بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ؟ وَهَذَا لَا يُقَالُ وَلَا يَصِحُّ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْفَرَاغِ الْفَرَاغَ مِنْ التَّكْبِيرِ لَا الْفَرَاغَ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأَرَادَ بِالْمَسْبُوقِ الْأَوَّلِ الْمَسْبُوقَ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ كَانَ أَرَادَ هَذَا فَالصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَسْبُوقِ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ مِنْ أَنَّهُ يُكَبِّرُ بِمَذْهَبِهِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي مَسْكُوتٌ عَنْهُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون
اليوم، وَأَيُّهُمَا سَبَقَ سَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ وَضُحًى، وَيَنْوِيهِ الْمَسْبُوقُ نَفْلًا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ نَوَوْهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ أَوْ عَيْنٍ، أَوْ جَهِلُوا السَّبْقَ فَنَوَوْهُ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً، فَوَجْهَانِ، وَيَأْتِي فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَرَّةً ثَانِيَةً1. وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ بِصَلَاةِ خَلِيفَةِ عَلِيٍّ أَرْبَعًا عَلَى قَضَاءِ مَنْ فَاتَتْهُ أَرْبَعًا. قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ صَلَاةَ الْعِيدِ أَدَاءً؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يَكُونُ أَرْبَعًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ رَكْعَتَيْنِ، عُلِمَ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ بَعْدَ فَوَاتِ الصَّلَاةِ مَعَهُ، كَذَا قَالَ. وَإِذَا أَخَّرُوا الْعِيدَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ "هـ" إلَى الزَّوَالِ صَلَّوْا "م" "مِنْ" الْغَدِ، وَلَوْ أَمْكَنَ فِي يَوْمِهَا "ش" وَكَذَا لَوْ مَضَى أَيَّامٌ صَلَّوْا، خِلَافًا لِلْقَاضِي "هـ" فِي الْفِطْرِ و "فِي" الْأَضْحَى وَثَانِي التَّشْرِيقِ وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: إنْ عَلِمُوا بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَمْ يُصَلُّوا مِنْ الْغَدِ لَمْ يُصَلُّوا، وَهِيَ قَضَاءٌ، وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: أَدَاءٌ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ العذر. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قُلْنَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ، 2"وَأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَعَ الْإِمَامِ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ، وَهُوَ أَوْلَى"2؛ وَلِغَرَابَتِهِ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ، وَقَصَدَ حِكَايَةَ الْخِلَافِ في3 إطْلَاقَهُ، وَلَعَلَّ4 وَجْهَهُ: أَنَّ صَلَاةَ هَذَا تَبَعٌ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُصَلِّي كَصَلَاتِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ جُدَّا.
فصل: يسن التكبير ليلة الفطر وإظهاره
فصل: يسن التكبير ليلة الفطر وإظهاره ... فَصْلٌ: يُسَنُّ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ "هـ م" وَإِظْهَارُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَمِنْ الْخُرُوجِ "و" إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ وَعَنْهُ: إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ "وق" وَعَنْهُ: إلَى وُصُولِهِ الْمُصَلَّى. وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ آكَدُ مِنْ الْأَضْحَى، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْأَشْهَرِ "و" وَيُسَنُّ الْمُطْلَقُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ "هـ م" وَلَوْ لَمْ يَرَ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ "ش" وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِي الْغُنْيَةِ وَالْكَافِي1 وَغَيْرِهِمَا: يُسَنُّ إلَى آخِرِ التَّشْرِيقِ أَيْضًا. وَأَيَّامُ الْعَشْرِ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ "وهـ ش" وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ الْمَعْدُودَاتُ "و" وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، وَعَنْهُ: الْمَعْلُومَاتُ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَانِ بَعْدَهُ "وم" وَعَنْهُ: يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ. وَيُكَبِّرُ فِي خُرُوجِهِ إلَى الْمُصَلَّى "و" وَيُسَنُّ فِيهِ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ لِلْمَحَلِّ، وَعَنْهُ: حَتَّى الْمُنْفَرِدُ "وم ش" من صلاة فجر يوم عرفة "وهـ"وعنه: هو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كالمحرم من صلاة الظهر يوم النحر "وم ش" لَا مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ "هـ" وَيَنْتَهِي تَكْبِيرُهُمَا عَقِبَ عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا عَصْرُ يَوْمِ النَّحْرِ "هـ" وَلَا صَلَاةُ فَجْرِ آخَرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ "م ش" وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: مِثْلَهُ لِمُحْرِمٍ1، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَيُكَبِّرُ إمَامٌ "إلَى" الْقِبْلَةِ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنُ الْقَاسِمِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ كَغَيْرِهِ، وَالْأَشْهَرُ يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَقِيلَ يُخَيَّرُ. وإن قضى فيها مكتوبة من غير أيامها كبر في رواية "وهـ ش" كَأَيَّامِهَا "و" فِي عَامِهَا قِيلَ فِي حُكْمِ الْمَقْضِيِّ كَالصَّلَاةِ وَقِيلَ أَدَاءً لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ وَقِيلَ: أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ، وَعَنْهُ: لَا يكبر "م 4 و 5" "وق" ولا يكبر بعد أيامها، لأنه سنة فات ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ، وَإِنْ قَضَى فِيهَا مَكْتُوبَةً مِنْ غَيْرِ إيَامِهَا كَبَّرَ فِي رِوَايَةٍ كَأَيَّامِهَا، فِي عَامِهَا، قِيلَ: فِي حُكْمِ الْمَقْضِيِّ، كَالصَّلَاةِ، وَقِيلَ: أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ، وَعَنْهُ: لَا يُكَبِّرُ، انْتَهَى، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 4: إذَا قَضَى فِي أَيَّامِ التَّكْبِيرِ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مِنْ غَيْرِ أَيَّامِهَا، فَذَكَرَ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: يُكَبِّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3 وشرح ابن رزين.
وَقْتُهَا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: بَاطِلٌ بِالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ، فَإِنَّهَا تُقْضَى مَعَ الْفَرَائِضِ، أَشْبَهَ التَّلْبِيَةَ. وَلَا يُكَبِّرُ عَقِيبَ نَافِلَةٍ خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ "ق" وَلَا عَقِيبَ الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ إنْ قِيلَ فِيهِ مُقَيَّدٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "ق" يُكَبِّرُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْوَفَاءِ، وَقَالَ: هُوَ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ وَأَحَقُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ لَا يَتَعَقَّبُهَا ذِكْرٌ. وَلَا تَجْهَرُ بِهِ امْرَأَةٌ، وَتَأْتِي بِهِ كَالذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَاةِ: تُكَبِّرُ تَبَعًا لِلرِّجَالِ فقط "وهـ" وَعَنْهُ: لَا تُكَبِّرُ كَالْأَذَانِ، وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا النَّهْيُ يَرْجِعُ إلَى الْجَهْرِ، كَمَا حَمَلْنَا حَذْفَ السَّلَامِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْجَهْرِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ يُسَنُّ لَهَا التَّكْبِيرُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَمُسَافِرٌ كَمُقِيمٍ وَلَوْ لَمْ يَأْتَمَّ بِمُقِيمٍ "هـ" وَمُمَيِّزٌ كبالغ، فيتوجه: مثله صلاة ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكَبِّرُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، الْأَقْوَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ "قُلْت": وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 5: إذَا قَضَى صَلَاةً مِنْ أَيَّامِ التَّكْبِيرِ فِي 1"أَيَّامِ التَّكْبِيرِ فِي"1 عَامِهَا فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ لَهَا، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَالَ المصنف: قِيلَ: فِي حُكْمِ الْمَقْضِيِّ، كَالصَّلَاةِ، وَقِيلَ أَدَاءً؛ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ، هَلْ يُوصَفُ التَّكْبِيرُ بِالْقَضَاءِ كَالصَّلَاةِ أَوْ لَا يُوصَفُ، وَإِنْ وُصِفَتْ الصَّلَاةُ بِهِ لِأَنَّهَا تَعْظِيمٌ لِلزَّمَانِ؟. قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ3: وَإِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ أيام التشريق،
معادة، ويتوجه احتمال، قال فِي الْفُصُولِ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ يُضْرَبُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ نَفْلِ الْبَالِغِ. وَمَنْ نَسِيَهُ "قَضَاهُ مَكَانَهُ وَيَعُودُ فَيَجْلِسُ مَنْ قَامَ أَوْ ذَهَبَ، وَقِيلَ: أو ماشيا "وش" كَالذَّكَرِ" بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يأت به "وم ش" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَإِنْ أَحْدَثَ وَلَوْ سَهْوًا "هـ" أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: أَوْ تَكَلَّمَ "*"، فَوَجْهَانِ "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَضَاهَا فِيهَا فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُؤَدَّاةِ فِي التَّكْبِيرِ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمَقْضِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ قَضَى زَمَنَ التَّكْبِيرِ صَلَاةً فَائِتَةً فِيهِ كَبَّرَ، بَلَى، وَقِيلَ: هَلْ يُسَنُّ التَّكْبِيرُ لِلْقَضَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِمَّا تَرَكَهُ مِنْ غَيْرِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَضَاهَا فِيهَا كَالْمُؤَدَّاةِ فِي أَيَّامِ التشريق في التكبير وعدمه، انتهى. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ وَلَوْ سَهْوًا، أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: أَوْ تَكَلَّمَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُكَبِّرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1: قَضَاءً مَا لَمْ يُحْدِثْ أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ التَّلْخِيصُ وَالْمُحَرَّرُ وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقُ وَإِدْرَاكُ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْكَافِي4: وَإِنْ أَحْدَثَ قَبْلَ التَّكْبِيرِ لَمْ يُكَبِّرْ، وَإِنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَكَبَّرَ مَا لَمْ يَخْرُجْ من
ويكبر مأموم نسيه إمَامُهُ "و" وَمَسْبُوقٌ إذَا قَضَى "و" وَمَنْ لَمْ يَرْمِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ كَبَّرَ ثُمَّ لَبَّى، نَصَّ عَلَى الْكُلِّ. وَصِفَتُهُ شَفْعًا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أكبر الله أكبر ولله الحمد "وهـ" واستحب ابن هبيرة تثليث التكبير أولا "وم ر" وآخرا "وش" وَلَا بَأْسَ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَالْجَوَابِ، وَقَالَ: "لَا أَبْتَدِئُ بِهِ" "الْكُلُّ حَسَنٌ" "يُكْرَهُ" قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: تَرَى لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ؟ قَالَ: لَا. وَنَقَلَ1 عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ2: مَا أَحْسَنَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْجِدِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 أَيْضًا: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُكَبِّرُ إذَا أَحْدَثَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُكَبِّرُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ وَلَوْ أَحْدَثَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفْرَدٌ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ، كَسَائِرِ الذِّكْرِ، انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهَذَا الْوَجْهُ اخْتَارَهُ الشَّيْخَانِ، وَلَكِنْ يَقْوَى الْمَذْهَبُ بِمَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَغَيْرِهِ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ: أَوْ تَكَلَّمَ، هَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَبَالَغَ ابْنُ عَقِيلٍ فَقَالَ: إنْ تَرَكَهُ حَتَّى يَتَكَلَّمَ لَمْ يُكَبِّرْ، انْتَهَى. فَهَذِهِ سِتُّ مسائل قد صحت ولله الحمد.
إلَّا أَنْ يَخَافَ الشُّهْرَةَ، وَفِي النَّصِيحَةِ: أَنَّهُ فِعْلُ الصَّحَابَةِ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ. وَلَا بَأْسَ بِالتَّعْرِيفِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْأَمْصَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ م" وَقَالَ: إنَّمَا هُوَ دُعَاءٌ وَذِكْرٌ، قِيلَ لَهُ: تَفْعَلُهُ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، وَأَوَّلُ مَنْ فعله ابن عباس وعمرو بن حريث1، وعنه: يُسْتَحَبُّ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا "خ" نَقَلَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ2 أَنَّ أَحْمَدَ قِيلَ لَهُ: يَكْثُرُ النَّاسُ، قَالَ: وَإِنْ كَثُرُوا. قُلْت: تَرَى أَنْ يَذْهَبَ إلَى الْمَدِينَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى فِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ. وَرَخَّصَ فِي الذَّهَابِ، وَلَمْ يَرَ شَيْخُنَا زِيَارَةَ الْقُدْسِ لِيَقِفَ به، أو عند النَّحْرِ3، وَلَا التَّعْرِيفَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ، وَأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَأَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَفَاعِلُهُ ضَالٌّ. وَمَنْ تَوَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ أَقَامَهَا كُلَّ عَامٍ4، لِأَنَّهَا رَاتِبَةٌ، مَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْهَا، بِخِلَافِ كُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَغَيْرُهُ، وَاَللَّهُ سبحانه أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة الكسوف
باب صلاة الكسوف مدخل ... بَابٌ صَلَاةُ الْكُسُوفِ يُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَمِثْلُهُ خَسَفَتْ. وَقِيلَ1: الْكُسُوفُ لِلشَّمْسِ، وَالْخُسُوفُ لِلْقَمَرِ. تُسَنُّ "و" حَضَرًا "و" وَسَفَرًا "و" وَالْأَفْضَلُ جَمَاعَةً "و" فِي جَامِعٍ "و": فِي الْمُصَلَّى، لَا أَنَّ خُسُوفَ الْقَمَرِ فِي الْبَيْتِ مُنْفَرِدًا "هـ م". وَلِلصِّبْيَانِ حُضُورُهَا، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَامِدٍ لَهُمْ وَلِلْعَجَائِزِ2، كَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ. وَسَبْقُ حُضُورِ النِّسَاءِ جَمَاعَةَ الرِّجَالِ. وَلَا يُشْتَرَطُ لَهَا إذْنُ الْإِمَامِ3 وَلَا الِاسْتِسْقَاءُ "و" كَصَلَاتِهِمَا مُنْفَرِدًا: بَلَى، وَعَنْهُ: لِاسْتِسْقَاءٍ، وَعَنْهُ: لَهَا لِصَلَاةٍ وَخُطْبَةٍ، لَا لِلْخُرُوجِ وَالدُّعَاءِ. وَلَا تُشْرَعُ خُطْبَةٌ "وهـ م" وَعَنْهُ: بَلَى بَعْدَهَا خُطْبَتَانِ، تُجَلَّى الْكُسُوفُ أَوْ لَا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ "وش" وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ نَصًّا أَنَّهُ لَا يَخْطَبُ، إنَّمَا أَخَذُوهُ مِنْ نَصِّهِ: لَا خُطْبَةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ. وَقَالَ أَيْضًا: لَمْ يَذْكُرْ لَهَا أَحْمَدُ خُطْبَةً، وَفِي النَّصِيحَةِ: أُحِبُّ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَهَا. وَإِنْ تَجَلَّى لَمْ يُصَلِّ "و" وَفِيهَا يُخَفِّفُ، وقيل: كنافلة إن تجلى قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ فِيهِ، وَإِلَّا أَتَمَّهَا صَلَاةَ كسوف، لتأكدها بخصائصها، و1قال أَبُو الْمَعَالِي: مَنْ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عِنْدَ حُدُوثِ الِامْتِدَادِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَنْقُولِ جَوَّزَ النُّقْصَانَ عِنْدَ التَّجَلِّي، وَمَنْ مَنَعَ مَنَعَ النَّقْصَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ركنا بالشروع، فتبطل بِتَرْكِهِ، وَقِيلَ: لَا تُشْرَعُ2 الزِّيَادَةُ لِحَاجَةٍ زَالَتْ، كَذَا قَالَ، وَكَذَا إنْ غَرَبَ، وَالْأَشْهَرُ يُصَلِّي إذَا غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا لَيْلًا، وَفِي مَنْعِ الصَّلَاةِ لَهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ، إنْ فُعِلَتْ وَقْتَ نَهْيٍ "م 1". وَلَيْسَ وَقْتُهَا كَالْعِيدِ "م". وَلَا تُقْضَى، كَاسْتِسْقَاءٍ وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَسُجُودِ شُكْرٍ. وَلَا تُعَادُ "و" وَقِيلَ: بَلَى رَكْعَتَيْنِ3. وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي فِي جَوَازِهِ وَجْهَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يَذْكُرُ وَيَدْعُو حَتَّى تَنْجَلِيَ، وَيُعْمَلُ بِالْأَصْلِ فِي بَقَائِهِ وَوُجُودِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ المنجمين، ولا يجوز العمل به. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1 قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ يُصَلِّي إذَا غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا لَيْلًا، وَفِي مَنْعِ الصَّلَاةِ لَهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَجْهَانِ، إنْ فُعِلَتْ وَقْتَ نَهْيٍ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ الشَّارِحُ: فِيهِ احْتِمَالَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي: أَحَدُهُمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا تُفْعَلُ فِي وَقْتِ نَهْيٍ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَمْ يُمْنَعْ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قَالَ الشَّارِحُ عَنْ احْتِمَالَيْ4 الْقَاضِي: أَحَدُهُمَا: لَا يُصَلِّي، لِأَنَّ الْقَمَرَ آيَةُ اللَّيْلِ، وَقَدْ ذَهَبَ الليل، أشبه ما
فصل: وهي ركعتان، يقرأ في الأولى جهرا على الأصح
فَصْلٌ: وَهِيَ رَكْعَتَانِ، يَقْرَأُ فِي الْأُولَى جَهْرًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ "خ" بِالْفَاتِحَةِ، ثُمَّ بِنَحْوِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ يَرْكَعُ فَيُطِيلُ. وقال جماعة: نحو مائة آية "وش" وَقِيلَ: مُعْظَمُ الْقِرَاءَةِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَدُونَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، قِيلَ: كَمُعْظَمِهَا، ثُمَّ يَرْكَعُ دُونَ الْأَوَّلِ، نِسْبَتُهُ إلَى الْقِرَاءَةِ كَنِسْبَةِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، ثُمَّ يَرْفَعُ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَيُطِيلُهُمَا فِي الْأَصَحِّ "ش" وَقِيلَ: كَالرُّكُوعِ "وم" وقيل1: وَكَذَا الْجَلْسَةُ بَيْنَهُمَا "خ" وَلَا يُطِيلُ اعْتِدَالَ الرُّكُوعِ، "و" وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" وَانْفَرَدَ أَبُو الزُّبَيْرِ2 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا بِإِطَالَتِهِ3، فَيَكُونُ فَعَلَهُ مَرَّةً لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ أَطَالَهُ قَلِيلًا لِيَأْتِيَ بِالذِّكْرِ الْوَارِدِ فِيهِ، قَالَ جَابِرٌ: فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ وَقَدْ آضَتْ الشَّمْسُ4، أَيْ رَجَعَتْ إلَى حَالِهَا الْأَوَّلِ بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ مِنْ آضَ يَئِيضُ إذَا رَجَعَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ "أَيْضًا". وَهُوَ مَصْدَرٌ منه ووصفت عائشة بأنه أطالها جدا5 ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، وَالثَّانِي يُصَلِّي؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِنُورِهِ بَاقٍ، فَأَشْبَهَ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ، انْتَهَى.
وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ جَدَّ جِدًّا وَفِي الْإِشَارَةِ: بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ يُسَبِّحُ قَدْرَ مَا قَرَأَ وَرُوِيَ: يَقْرَأُ وَفِي النَّصِيحَةِ: إذَا رَفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ الثَّانِي فِي الْأُولَى سَمَّعَ وَحَمَّدَ، وَإِنْ ذَكَرَ فَحَسَنٌ، ثُمَّ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ دُونَ الْأُولَى، "و" قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الْقِرَاءَةُ فِي كُلِّ قِيَامٍ أَقْصَرُ مِمَّا قَبْلَهُ، وَكَذَا التَّسْبِيحُ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ قِرَاءَةَ الْقِيَامِ الثَّالِثِ أَطْوَلَ مِنْ الثَّانِيَ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ وَيُسْلَمُ، وَلَيْسَتْ كَهَيْئَةِ نَافِلَةٍ "هـ"1 وَوَافَقَهُ "م"2 فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ. وَتَجُوزُ بِكُلِّ صِفَةٍ رُوِيَتْ فَقَطْ، فَمِنْهُ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَأَرْبَعٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد3 مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: خَمْسٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَمَنَعَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ، وَفِي السُّنَنِ: كصلاة النافلة: وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَفْضَلُ وَالرُّكُوعُ الثَّانِي سُنَّةٌ، وَتُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ فِي أَحَدِ الوجهين "م 2" "وم" وَاخْتَارَ1 أَبُو الْوَفَاءِ: إنْ صَلَّاهَا الْإِمَامُ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ لِإِدْرَاكِهِ مُعْظَمَ الرَّكْعَةِ، وَلَوْ زَادَ فِي السُّجُودِ كَمَا زَادَ فِي الرُّكُوعِ لَمْ يَجُزْ؛ لأنه لم يرد، والركوع متحد.
فصل: تقدم الجنازة على الكسوف
فَصْلٌ: تُقَدَّمُ الْجِنَازَةُ عَلَى الْكُسُوفِ، وَيُقَدَّمُ هُوَ عَلَى الْجُمُعَةِ إنْ أُمِنَ فَوْتُهَا، "و" أَوْ لَمْ يُشْرَعْ فِي خُطْبَتِهَا، وَكَذَا عَلَى الْعِيدِ والمكتوبة في الأصح "و" وفي تقديم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَالرُّكُوعُ2 وَالثَّانِي سُنَّةٌ، وَتُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4: أَحَدُهُمَا: يدرك به الركوع، قدمه في الرعايتين، والحاويين. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُدْرَكُ بِهِ الرُّكُوعُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي "الْإِفَادَاتِ"، 5"وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اختيار ابن عقيل"5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 3/332. 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 5/402. 5 ليست في "ح".
الْوِتْرِ إنْ خِيفَ فَوْتُهُ وَالتَّرَاوِيحِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ "م 3 و 4" وقيل إن صُلِّيَتْ التَّرَاوِيح جَمَاعَةً قُدِّمَتْ لِمَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ. وَإِنْ كَسَفَتْ بِعَرَفَةَ صَلَّى ثُمَّ دَفَعَ، وَإِنْ مُنِعَتْ وقت نهي دعا وذكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَفِي تَقْدِيمِ الْوِتْرِ إنْ خِيفَ فَوْتُهُ وَالتَّرَاوِيحِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي إذَا اجْتَمَعَ وِتْرٌ وَكُسُوفٌ أَوْ تَرَاوِيحُ وَكُسُوفٌ، وَخِيفَ مِنْ فَوَاتِ الْوِتْرِ أَوْ التَّرَاوِيحِ، فَهَلْ يُقَدَّمَانِ على الكسوف؟ أطلق الخلاف، فذكر مسألتين: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 3: إذَا اجْتَمَعَ الْوِتْرُ وَالْكُسُوفُ وَخِيفَ من1 فَوَاتُ الْوِتْرِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْكُسُوفِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، قَالَ فِي الْمَذْهَبِ: بَدَأَ بِالْكُسُوفِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابْن رَزِين وَغَيْرهمْ. وَالْوَجْه الثَّانِي يُقَدَّمُ الْوِتْرُ، وَاخْتَارَ فِي الْمُغْنِي2 أَنَّهُ إذَا خِيفَ فوت الْوِتْرِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا قدر الوتر 4"فلا حاجة إلى"4 التَّلَبُّسُ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ، وَحُكِيَ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 4: إذَا اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَتَرَاوِيحُ، وَخِيفَ مِنْ فَوْتِ التَّرَاوِيحِ، وَتَعَذُّرِ فِعْلُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي تَقْدِيمِ التَّرَاوِيحِ أَوْ الْكُسُوفِ، وَأَطْلَقَهُ فِي
ولا يصلي صلاة الكسوف لغيره "وم ش" إلَّا لِزَلْزَلَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَنْهُ: وَلِكُلِّ آية "وهـ" وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذَا قَوْلُ مُحَقِّقِي أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ: كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ السُّنَنُ وَالْآثَارُ، وَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِشَرٍّ وَعَذَابٍ لَمْ يَصِحَّ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ صَلَاةُ رَهْبَةٍ وَخَوْفٍ، كَمَا أَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ صَلَاةُ رَغْبَةٍ وَرَجَاءٍ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ1 أَنْ يَدْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا. وَفِي النَّصِيحَةِ: يُصَلُّونَ لِكُلِّ آيَةٍ مَا أَحَبُّوا، رَكْعَتَيْنِ أَمْ أَكْثَرَ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَأَنَّهُ يَخْطُبُ. وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ كُسُوفٌ إلَّا فِي ثَامِنٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تَاسِعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَا خُسُوفٌ إلَّا في إبدار القمر، و1 اختاره شَيْخُنَا، وَرُدَّ بِوُقُوعِهِ فِي غَيْرِهِ، فَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ2 الشَّافِعِيُّ فِي تَارِيخِهِ3: أَنَّ الْقَمَرَ خَسَفَ لَيْلَةَ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَكَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي غَدِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمُغْنِي"، وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، أَحَدُهُمَا تُقَدَّمُ4 التَّرَاوِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ آكَدُ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ مسائل قد صححت بحمد الله تعالى.
وَاَللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَالَ: وَاتَّضَحَ بِذَلِكَ مَا صَوَّرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْكُسُوفِ وَالْعِيدِ، وَاسْتَبْعَدَهُ أَهْلُ النَّجَامَةِ، هَذَا كَلَامُهُ، وَكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَوْتِ إبْرَاهِيمَ عَاشِرَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ1، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا اتِّفَاقًا. قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يَخْتَلِفُ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ، نَقَلَهُ الْوَاقِدِيُّ2، وَالزُّبَيْرِيُّ3، وَأَنَّ الْفُقَهَاءَ فَرَّعُوا وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ إذَا اتَّفَقَ عِيدٌ وَكُسُوفٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا سِيَّمَا إذَا اقْتَرَبَتْ4 السَّاعَةُ فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَا يَدَّعِيهِ الْمُنَجِّمُونَ مِنْ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ قَبْلَ كَوْنِهِ مِنْ طَرِيقٍ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ، بَلْ هُوَ مِمَّا إذَا حَسَبَهُ الْحَاسِبُ عَرَفَهُ، وَلَيْسَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ يَتَخَصَّصُونَ فِيهِ، مِمَّا يَجْعَلُونَهُ حجة في دعواهم علم5 الْغَيْبِ مِمَّا تَفَرَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِعِلْمِهِ، فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا فِيمَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ هَذَا الِاحْتِجَاجِ عَلَى مَا أرهجوا به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ الْعِتْقُ فِي كُسُوفِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ1، قَالَ فِي المستوعب وغيره: للقادر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صلاة الاستسقاء
باب صلاة الاستسقاء مدخل ... بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ تُسَنُّ "هـ" حَضَرًا وَسَفَرًا عِنْدَ جَدْبِ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: وَخَوْفِهِ وَاحْتِبَاسِ الْقَطْرِ لِمُجْدِبٍ، وَفِي مُخْصِبٍ لِمُجْدِبٍ وَجْهَانِ "م 1". وَلَا اسْتِسْقَاءَ لِانْقِطَاعِ مَطَرٍ عَنْ أَرْضٍ غَيْرِ مَسْكُونَةٍ وَلَا مَسْلُوكَةٍ لِعَدَمِ الضَّرَرِ. وَإِنْ غَارَ مَاءُ عَيْنٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ نَقَصَ وَضَرَّ فَرِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَسْقَى، وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لا. والأفضل جماعة "وم ش" وقت العيد "وم ش" وقيل: بعد الزوال. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي مُخْصِبٍ لِمُجْدِبٍ وَجْهَانِ، يَعْنِي هَلْ يُصَلِّي الْمُخْصِبُ لِلْمُجْدِبِ أَمْ تَخْتَصُّ الصَّلَاةُ بِالْمُجْدِبِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ: أَحَدُهُمَا يُصَلُّونَ لَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يَخْتَصُّ بِأَهْلِ الْجَدْبِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ اسْتَسْقَى مُخْصِبٌ لِمُجْدِبٍ جَازَ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يستحب ذلك، انتهى. 1"والوجه الثاني: لا يصلي بهم. مسألة - 2: قوله: وَإِنْ غَارَ مَاءُ عَيْنٍ، أَوْ نَهْرٍ، أَوْ نقص وضر، فروايتان انْتَهَى"1. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي شَرْحِ الْمَجْدِ: أَحَدُهُمَا2: يُصَلُّونَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: اسْتَسْقَوْا عَلَى الْأَقْيَسِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وابن عقيل وغيرهما.
وَيَعِظُهُمْ الْإِمَامُ وَيَأْمُرُهُمْ بِالتَّوْبَةِ وَأَدَاءِ الْحُقُوقِ، قَالَ جماعة: وَالصَّدَقَةُ وَالصِّيَامُ، زَادَ جَمَاعَةٌ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ صَائِمًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ بِأَمْرِهِ، مَعَ أَنَّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: فِي السِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْأُمُورِ الْمُجْتَهَدِ فِيهَا لَا مُطْلَقًا، وَلِهَذَا جَزَمَ بَعْضُهُمْ: تَجِبُ فِي الطَّاعَةِ، وَتُسَنُّ فِي الْمَسْنُونِ، وَتُكْرَهُ فِي الْمَكْرُوهِ وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي: لَوْ نَذَرَ الْإِمَامُ الِاسْتِسْقَاءَ زَمَنَ الْجَدْبِ وَحْدَهُ أَوْ هُوَ وَالنَّاسُ لَزِمَهُ فِي نَفْسِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ غَيْرَهُ بِالْخُرُوجِ مَعَهُ، وَإِنْ نَذَرَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ انْعَقَدَ أَيْضًا، كَالصَّلَوَاتِ الْمَشْرُوعَةِ لِلْأَسْبَابِ، كَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَرْكَعَ لِلطَّوَافِ، 1"أَوْ أَنْ أُحَيِّيَ"1 الْمَسْجِدَ صَحَّ. وَيَعِدُهُمْ يَوْمَ خُرُوجِهِمْ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْمُصَلَّى "و" مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا مُتَذَلِّلًا، مُتَنَظِّفًا، وَقِيلَ فِيهِ: لَا، كَالطِّيبِ "وَ"، وَمَعَهُ الشيوخ وأهل الدين، ويستحب خروج المميز "وم ش" وَقِيلَ: يَجُوزُ كَالطِّفْلِ، وَالْبَهِيمَةِ وَقِيلَ فِيهَا: يُكْرَهُ. وَفِي الْفُصُولِ: نَحْنُ لِخُرُوجِ الشُّيُوخِ وَالصِّبْيَانِ أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا، قَالَ: وَيُؤْمَرُ سَادَةُ الْعَبِيدِ بِإِخْرَاجِ عَبِيدِهِمْ وَإِمَائِهِمْ وَلَا يَجِبُ، وَالْمُرَادُ مَعَ عَدَمِ الفتنة، ويجوز خروج العجوز2 "وم" وَقِيلَ: لَا وَجَعَلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ ظَاهِرَ كَلَامِهِ، وقيل: يستحب "وهـ ش" وَلَا تَخْرُجُ ذَاتَ هَيْئَةِ "الِاسْتِسْقَاء"؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إجَابَةُ الدُّعَاءِ، وَضَرَرَهَا أَكْثَرُ، قَالَ صَاحِبُ المحرر: يكره "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُصَلُّونَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَبِعْهُ الشَّارِحُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يُصَلُّونَ، "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقُدِّمَ في الفائق.
وَيُكْرَهُ إخْرَاجُنَا لِأَهْلِ الذَّمَّةِ "و" وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَا يُكْرَهُ خُرُوجُهُمْ "هـ" وَإِنْ خَرَجُوا لَمْ يُمْنَعُوا وَلَمْ يَخْتَلِطُوا بِالْمُسْلِمِينَ،. وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ "و" فيه وجهان "م3" وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ"*"، وَلَا تَخْرُجُ شَابَّةٌ مِنْهُمْ بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. وَجَعَلَ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ مَنْ خَالَفَ دِينَ الإسلام في الجملة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَهَلْ الْأَوْلَى إفْرَادُهُمْ بِيَوْمٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُفْرِدُونَ بِيَوْمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُفْرَدُ أَهْلُ1 الذِّمَّةِ بِيَوْمٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَالْإِفَادَاتِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُهُمْ فِي وَقْتٍ مُفْرَدٍ، لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُسْقَوْنَ فَيُخْشَى الْفِتْنَةُ عَلَى ضَعَفَةِ الْمُسْلِمِينَ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْأَوْلَى خُرُوجُهُمْ مُنْفَرِدِينَ بِيَوْمٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى4، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ. تَنْبِيهَانِ: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَفِي خُرُوجِ عَجَائِزِهِمْ الْخِلَافُ" الظَّاهِرُ أَنَّهُ الْخِلَافُ الذي في عجائز المسلمين، والمذهب الجواز.
وَيَجُوزُ التَّوَسُّلُ بِصَالِحٍ1، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، قَالَ أَحْمَدُ فِي مَنْسَكِهِ الَّذِي كَتَبَهُ لِلْمَرُّوذِيِّ: إنَّهُ يَتَوَسَّلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَجَعَلَهَا2 شَيْخُنَا كَمَسْأَلَةِ الْيَمِينِ بِهِ، قَالَ: وَالتَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَفْعَالِ الْعِبَادِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي حَقِّهِ مَشْرُوعٌ "عِ"، وَهُوَ مِنْ الْوَسِيلَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] . وَقَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ" 3: الِاسْتِعَاذَةُ لَا تَكُونُ بِمَخْلُوقٍ، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ4: الدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ5 التِّرْيَاقُ الْمُجَرَّبُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَصْدُهُ لِلدُّعَاءِ عِنْدَهُ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بِدْعَةٌ لَا قُرْبَةٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَقَالَ أَيْضًا: يحرم بلا نزاع بين الأئمة6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ شَاعَ عِنْدَ النَّاسِ لَا سِيَّمَا أَهْلُ الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ السُّلْطَانِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ1، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ2: هُوَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ نَاصِرِ الدِّينِ أَبِي مَنْصُورٍ، وَلِيُّ3 خُرَاسَانَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ثُمَّ عَظَّمَهُ إلَى غَايَةٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ زُرْت مَشْهَدَهُ بِظَاهِرِ غَزْنَةَ4، وَهُوَ الَّذِي يَتَقَرَّبُ إلَيْهِ النَّاسُ وَيَرْجُونَ اسْتِجَابَةَ الدَّعَوَاتِ عِنْدَهُ، تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَيَأْتِي كلامه في الفنون آخر الفصل الثاني من باب الدفن "*".
فصل: ويصلى بهم كالعيد
فصل: ويصلى بهم كالعيد "وش" وَعَنْهُ: بِلَا تَكْبِيرٍ زَائِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الخرقي "وم" وَفِي النَّصِيحَةِ: يَقْرَأُ فِي الْأُولَى {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً} [نوح: 1] ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَا أَحَبَّ، ثُمَّ يخطب، اختاره الأكثر "وم ش" وَعَنْهُ: قَبْلَ الصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَيَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ "م" كَالْعِيدِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي "الْفُنُونِ" آخِرَ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ بَابِ الدَّفْنِ5 صَوَابُهُ آخِرَ الفصل الأول. ـــــــــــــــــــــــــــــQ5 ص 382.
الْأَحْكَامِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ "و" خُطْبَةً مُفْتَتَحَةً بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ وَعَنْهُ: بِالْحَمْدِ "وم ر" وَقِيلَ: بِالِاسْتِغْفَارِ "وش م و" وَيُكْثِرُهُ فِيهَا، وَيُكْثِرُ الدُّعَاءَ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُكَبِّرُ فِيهَا كَالْعِيدِ "م ش" وَعَنْهُ: خُطْبَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ "وم ش" وَعَنْهُ: يَدْعُو فَقَطْ "وهـ" نَصَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ. وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَقْتَ الدُّعَاءِ فَقَطْ وَظُهُورُهُمَا نَحْوَ السَّمَاءِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَسَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ1 وَيَرْفَعُونَ، وَيَقُولُ مَا وَرَدَ، وَمِنْهُ: "اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا طَبَقًا غَدَقًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍ، عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ، اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَك وَبَهَائِمَك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت" 2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُؤَمِّنُونَ، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَدْعُونَ، وَيَقْرَأُ: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً} الآيات [نوح: 10] الْآيَاتُ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 إنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "اسْتَسْقَى فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ" وَهُوَ نَوْعٌ مُسْتَحَبٌّ "و" فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا" ثَلَاثًا، فَفِيهِ تَكْرَارُ الدُّعَاءِ ثَلَاثًا، وَالْأَشْهَرُ فِي اللُّغَةِ، غِثْنَا بِلَا أَلِفٍ مِنْ غَاثَ يَغِيثُ أَيْ أَنْزَلَ الْمَطَرَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ2: أَنَّ مَا فِي الْخَبَرِ مِنْ الْإِغَاثَةِ بِمَعْنَى الْمَعُونَةِ لَا3 مِنْ طَلَبِ الْغَيْثِ، ولا يكره قول: اللهم4 أَمْطِرْنَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. يُقَالُ: مَطَرَتْ وَأَمْطَرَتْ؛ وذكر أبو عبيدة: أمطرت في العذاب5. وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ، قِيلَ: بَعْدَ خُطْبَتِهِ، وَقِيلَ فِيهَا "4 م" فَيَدْعُو سِرًّا، وَيُحَوِّلُ6 رِدَاءَهُ "هـ" بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ الْيَمِينَ يَسَارًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ، قِيلَ: بَعْدَ خُطْبَتِهِ وَقِيلَ فِيهَا، انْتَهَى:
وَالْيَسَارَ يَمِينًا. نَصَّ عَلَيْهِ، لَا جَعْلَ أَعْلَى الْمُرَبَّعِ أَسْفَلَهُ "ش" وَالنَّاسُ كَذَلِكَ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَقْلِبُ الْإِزَارَ تَنْقَلِبُ السُّنَّةُ، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَتَحَوَّلَ الْقَحْطُ1. وَلَا تَحْوِيلَ فِي كُسُوفٍ وَحَالِ الْإِمْطَارِ وَالزَّلْزَلَةِ، وَيَتْرُكُونَهُ حَتَّى يَنْزِعُوهُ مَعَ ثِيَابِهِمْ. وَوُقُوفُهُ أَوَّلَ الْمَطَرِ وَإِخْرَاجُ أَثَاثِهِ وَثِيَابِهِ لِيُصِيبَهَا، وَتَطْهِيرُهُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَقِرَاءَتُهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا} [يونس: 89] وَشِبْهَهَا، تَفَاؤُلًا بِالْإِجَابَةِ، وَإِنْ سُقُوا وَإِلَّا عَادُوا ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَإِنْ سُقُوا بَعْدَ خُرُوجِهِمْ صَلَّوْا، لَا قَبْلَ التَّأَهُّبِ لَهُ2 وَبَعْدَ التَّأَهُّبِ يَخْرُجُونَ وَيُصَلُّونَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَيَسْأَلُونَ الْمَزِيدَ، وَقِيلَ: يَخْرُجُونَ ولا يصلون، وقيل عكسه، وقيل بنفيهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسَنُّ بَعْدَهَا، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا: وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي أَثْنَاءِ دعائه.
فصل: وإن خيف من زيادة الماء
فَصْلٌ: وَإِنْ خِيفَ مِنْ زِيَادَةِ الْمَاءِ اُسْتُحِبَّ قَوْلُ: "اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الظِّرَابِ وَالْآكَامِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ"، وَقِيلَ: وَيُسْتَحَبُّ صَلَاةُ كُسُوفٍ أَيْضًا. وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ: "مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ". وَيَحْرُمُ: بِنَوْءِ كَذَا "ش" لِخَبَرِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ1. وَلِمُسْلِمٍ2 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَرْفُوعًا: "أَلَمْ تَرَوْا إلَى مَا قَالَ3: مَا أَنْعَمْت عَلَى عِبَادِي مِنْ نِعْمَةٍ إلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِهَا كَافِرِينَ، يَقُولُونَ: الْكَوْكَبُ وَبِالْكَوْكَبِ". وَلَهُ2 أَيْضًا عَنْهُ مَرْفُوعًا: "مَا أُنْزِلَ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ بَرَكَةٍ إلَّا أَصْبَحَ فَرِيقٌ مِنْ النَّاسِ بِهَا كَافِرِينَ، يُنَزِّلُ اللَّهُ الْغَيْثَ فَيَقُولُونَ: الْكَوْكَبُ كَذَا وَكَذَا"، وَفِي رِوَايَةٍ "بِكَوْكَبِ كَذَا كَذَا"2، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كُفْرُ النِّعْمَةِ، وَإِضَافَةُ الْمَطَرِ إلَى النَّوْءِ دُونِ اللَّهِ كُفْرٌ "ع" وَلَا يُكْرَهُ: في نوء كذا، خلافا للآمدي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ نَذَرَ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِهِ زَمَنَ الْجَدْبِ أن يستسقى1، وحده لزمه وحده، وهل تلزمه الصَّلَاةُ بِلَا تَعْيِينِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 5". وَلَوْ نَذَرَهَا زَمَنَ الْخِصْبِ، فَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ، وَقِيلَ: بَلَى؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَيُصَلِّيهَا، وَيَسْأَلُ دوام الخصب، وشموله "م 6"، وَمَنْ رَأَى سَحَابًا أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ سَأَلَ اللَّهَ خَيْرَهُ، وَتَعَوَّذَ بِهِ مِنْ شَرِّهِ، وَمَا سَأَلَ سَائِلٌ وَلَا تَعَوَّذَ مُتَعَوِّذٌ بِمِثْلِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وورد في الأثر: "ن قَوْسَ قُزَحٍ أَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ مِنْ الْغَرَقِ"2. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ: هُوَ مِنْ آيات الله، قال: ودعوى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِهِ زمن الجدب أن يستسقى3، "وحده" لزمه وحده، وَهَلْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ "بِلَا" تَعْيِينِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تَلْزَمُهُ، "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَلْزَمُهُ. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَهَا زَمَنَ الْخِصْبِ فَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ، وَقِيلَ: بَلَى، لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، فَيُصَلِّيهَا، وَيَسْأَلُ دَوَامَ الْخِصْبِ وَشُمُولَهُ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ لِمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ اسْتِسْقَاءً. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ في هذا الباب.
الْعَامَّةِ: إنْ غَلَبَتْ حُمْرَتُهُ كَانَتْ الْفِتَنُ وَالدِّمَاءُ، وَإِنْ غَلَبَتْ خُضْرَتُهُ كَانَ رَخَاءٌ وَسُرُورٌ، هَذَيَانٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الجنائز
كتاب الجنائز بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وَمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الموت مدخل ... كتاب الجنائز بَابُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَرِيضِ وَمَا يُفْعَلُ عِنْدَ الْمَوْتِ تَرْكُ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ فِعْلَهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: إنْ ظَنَّ نَفْعَهُ، وَلَيْسَا سَوَاءً "م" وَيَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ "وهـ م" و1 "ش" فِي الْمُسْكِرِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ مِنْ صَوْتِ مَلْهَاةٍ وَغَيْرِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ فِي 2"أَلْبَانِ الْأُتُنِ"2، وَاحْتَجَّ بِتَحْرِيمِهَا، وَفِي التِّرْيَاقِ وَالْخَمْرِ، وَنَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ فِي مُدَاوَاةِ الدُّبُرِ بِالْخَمْرِ وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيهِ وَفِي سَقْيِهِ الدَّوَابَّ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُدَاوَى بِهَا جُرْحٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ بِخَمْرٍ وقال: أمك طالق ثلاثا إن لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَشْرَبْهُ حَرُمَ شُرْبُهُ، نَقَلَهُ هَارُونُ الْحَمَّالُ1، وَيَتَوَجَّهُ فِي هَذِهِ تَخْرِيجٌ مِنْ رِوَايَةِ جَوَازِ التَّحَلُّلِ لِمَنْ أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَحَلَفَ زَوْجُهَا بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ لَا تَحُجُّ الْعَامَ، لِعِظَمِ الضَّرَرِ، مَعَ أَنَّ فِي الْجَوَازِ خِلَافًا مُطْلَقًا، وَالْحَجُّ كَمَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلْعُذْرِ كَذَا شُرْبُ الْمُسْكِرِ لِعُذْرِ غُصَّةٍ2 أَوْ إكْرَاهٍ. وَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِمَسْأَلَةِ التَّدَاوِي، وَسَأَلَهُ ابْنُ3 إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدٍ قال: إذا دخل أول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يُحْرِمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ، قَالَ: يُحْرِمُ وَلَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ إذَا عَلِمَ مِنْهُ رُشْدًا. فَجَوَّزَ أَحْمَدُ إسْقَاطَ حَقِّ السَّيِّدِ لِضَرَرِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّ الْآدَمِيِّ، فَمَسْأَلَتُنَا أَوْلَى، وَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا تَخْرِيجٌ بِمَنْعِ الْإِحْرَامِ وَهُوَ أَظْهَرُ وَأَقْيَسُ، وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: لَا يُعْجِبنِي أَنْ يَمْنَعَهُ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فَاسْتُحِبَّ أَنْ لَا يَمْنَعَهُ: وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ثَلَاثًا لَا بُدَّ أَنْ يَطَأَ امْرَأَتَهُ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا، قَالَ: تَطْلُقُ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَلَا يَطَؤُهَا، قَدْ أَبَاحَ اللَّهُ الطَّلَاقَ وَحَرَّمَ وَطْءَ الْحَائِضِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عقيل 1"فيما إذا"1 حَلَفَ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ، فَفَلَّسَهُ الْحَاكِمُ، فَفَارَقَهُ، لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ شَرْعًا، أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً فِيمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدُمُ فُلَانٌ، فَقَدِمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى2، رِوَايَةٌ يَقْضِي وَلَا يُكَفِّرُ، قَالَ الشيخ: لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّرْعَ مَنَعَهُ مِنْ صَوْمِهِ فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ، فَيَتَوَجَّهُ فِي مَسْأَلَةِ إبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ كَذَلِكَ، وَهُوَ جَارٍ فِيهَا. وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ إبِلٍ فَقَطْ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "هـ" وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ كَقَوْلِنَا، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّدَاوِي بِهِ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعٍ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ حَرَّمَ التَّدَاوِي بِالْخَمْرِ وَاسْتِعْمَالَهُ إلَّا ضَرُورَةً كَعَطَشِ وَطَفْيِ حَرِيقٍ، قَالَ: وَكَذَا كُلُّ مَأْكُولٍ مُسْتَخْبَثٍ كَبَوْلِ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ، وَكُلِّ مَائِعٍ نَجِسٍ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَالْمَرُّوذِيُّ وَابْنُ هَانِئٍ وَغَيْرُهُمْ: وَيَجُوزُ بِبَوْلِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ والترغيب: يجوز بدفلى ونحوها لا تضره، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَالْفَضْلُ فِي حَشِيشَةٍ تُسْكِرُ تُسْحَقُ وَتُطْرَحُ مَعَ دَوَاءٍ لَا بَأْسَ، أَمَّا مَعَ الْمَاءِ فَلَا، وَشَدَّدَ فِيهِ. وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الدَّوَاءَ الْمَسْمُومَ إنْ غَلَبَ مِنْهُ السَّلَامَةُ، زَادَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ: وَرُجِيَ نَفْعُهُ أُبِيحَ شُرْبُهُ لِدَفْعِ مَا هُوَ أَخْطَرُ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لِلتَّلَفِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُرِدْ التَّدَاوِيَ. وَفِي الْبُلْغَةِ: لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِخَمْرٍ فِي مَرَضٍ، وَكَذَا بِنَجَاسَةٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَظَاهِرُهُ: يَجُوزُ لِغَيْرِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بِطَاهِرٍ وَفِي الْغُنْيَةِ: يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَشَيْءٍ نَجِسٍ، وَقَدْ نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: لَا بَأْسَ بِجَعْلِ المسكر1 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الدَّوَاءِ لَهَا وَيُشْرَبُ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجُوزُ اكْتِحَالُهُ بِمَيْلِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: لِأَنَّهَا حَاجَةٌ وَيُبَاحَانِ لَهَا. وَفِي الْإِيضَاحِ: يَجُوزُ بِتِرْيَاقٍ، وَسَبَقَ فِي الْآنِيَةِ اسْتِعْمَالُ نَجِسٍ1، وَلَا بَأْسَ بِالْحِمْيَةِ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ التَّدَاوِي، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، لِلْخَبَرِ: "يَا عَلِيُّ لَا تَأْكُلْ مِنْ هَذَا، كُلْ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَك"، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا يُظَنُّ ضَرَرُهُ وَلَا يَجِبُ التَّدَاوِي إذَا ظن نفعه. يُكْرَهُ الْأَنِينُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا تَمَنِّي الْمَوْتَ عِنْدَ الضَّرَرِ، كَذَا قَيَّدُوا، وَكَذَا فِي الْخَبَرِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا قَالَ: "إمَّا مُحْسِنًا فَيَزْدَادُ وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يُسْتَعْتَبُ" 2، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي مَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي". رَوَاهُ أَحْمَدُ والبخاري ومسلم من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَدِيثِ أَنَسٍ1. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ هَذَا، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ، جَمَعَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَبَرِ عَمَّارٍ أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلَمِ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَمَّا إنِّي قَدْ دَعَوْت فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ: "اللَّهُمَّ بِعِلْمِك الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِك عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْت الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي، إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَشْيَتَك فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك، وَالشَّوْقَ إلَى لِقَائِك، وَأَعُوذُ بِك مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَمِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ"، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ2 عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارٌ، فَذَكَرَهُ3. سَمِعَ حَمَّادٌ مِنْ عَطَاءٍ قَبْلَ أَنْ يَتَغَيَّرَ، فَهُوَ حَدِيثٌ جَيِّدٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ4: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، وَعَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمَّارٌ، فَذَكَرَهُ. وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرٍ بِدِينِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: يُسْتَحَبُّ، لِلْخَبَرِ الْمَشْهُورِ: "وَإِذَا أَرَدْت بِعِبَادِك فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إلَيْك غَيْرَ مَفْتُونٍ". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ1، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: أَنَا أَتَمَنَّى الْمَوْتَ صَبَاحًا وَمَسَاءً أَخَاف أَنْ أُفْتَنَ فِي الدُّنْيَا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْفٍ: الْفِتْنَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامٌ يَقُومُ بِأَمْرِ النَّاسِ. وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ "رَحِمَهُمُ اللَّهُ": غَيْرُ تَمَّنِي الشَّهَادَةِ عَلَى مَا فِي الصَّحِيحِ: "مَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ" 2، وَفِي "الْبُخَارِيِّ"3: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ، وَرُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ وَغَيْرِهَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي كِتَابِهِ "الْهَدْيِ"4. وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ: قَالَ عَالِمٌ يَوْمًا لِكَرْبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ: لَيْتَنِي لَمْ أَعِشْ لِهَذَا الزَّمَانِ، فَقَالَ مُتَحَذْلِقٌ يَدَّعِي الزُّهْدَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ اعْتِرَاضَهُ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ: لَا تَقُلْ هَذَا وَأَنْتَ إمَامٌ تَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، مَا أَرَادَهُ اللَّهُ بِك خَيْرٌ مِمَّا تَتَمَنَّاهُ لِنَفْسِك، وَهَذَا اتِّهَامٌ لِلَّهِ، فَأَجَابَهُ: مِنْ أَيْنَ لَك لِسَانٌ تَنْطِقُ بِمَا لَا نَكِيرَ عَلَى الْعُلَمَاءِ؟ كَأَنَّك5 تُعَلِّمُهُمْ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَتُوهِمُ أَنَّك تُدْرِكُ "عَلَيْهِمْ" مَا يَجْهَلُونَ. أَلَيْسَ اللَّهُ قَدْ حَكَى عَنْ مَرْيَمَ {يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} [مريم: 23] ،
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا لَيْتَنِي كُنْت مِثْلَك يَا طَائِرٌ1. وَفِي كَرَاهَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ رِوَايَتَانِ "م 1". وَالْأَخْبَارُ مُخْتَلِفَةٌ، وَكَذَا الرِّوَايَتَانِ فِي حُقْنَةٍ لِحَاجَةٍ، وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَفَصْدِهَا "م 2 - 4" وَوُصِفَتْ الحقنة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلِهِ: وَفِي كَرَاهَةِ مَوْتِ الْفَجْأَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْعَلَائِقِ مِنْ النَّاسِ مُسْتَعِدًّا لِلِقَاءِ رَبِّهِ لَمْ يُكْرَهْ، بَلْ2 رُبَّمَا ارتقى إلى الاستحباب، وإلا كره3. مَسْأَلَةٌ - 2 - 4: قَوْلُهُ: وَكَذَا الرِّوَايَتَانِ فِي حُقْنَةٍ لِحَاجَةٍ وَقَطْعِ الْعُرُوقِ وَفَصْدِهَا، انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 2: هَلْ تُكْرَهُ الْحُقْنَةُ لِحَاجَةٍ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ الْقَاضِي، فَقَالَ: هَلْ تُكْرَهُ الْحُقْنَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَغَيْرِهَا، نَقَلَهَا حَرْبٌ وَغَيْرُهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا تُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، نَقَلَهَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ4 بْنِ هَارُونَ وَالْأَثْرَمُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ وَأَبُو طَالِبٍ وَصَالِحٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَحْمَدُ بْنُ بشر5 الْكِنْدِيُّ. انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا تُكْرَهُ بَلْ تُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، وَتُكْرَهُ مَعَ عَدَمِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ به في
لِرَجُلٍ كَانَ إذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ أَنْزَلَ، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: احْتَقِنْ. وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كَيٍّ وَرُقْيَةٍ وَتَعْوِيذَةٍ، وَتَمِيمَةٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى"، وَجَزَمَ بِهِ فِي الصُّغْرَى فِي آدَابِهَا، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا تُكْرَهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إلَيْهَا، انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْآدَابِ، وَقَالَ الْخَلَّالُ: كَأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَرِهَهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ ثُمَّ أَبَاحَهَا عَلَى مَعْنَى الْعِلَاجِ. وقال الْمَرُّوذِيِّ: وُصِفَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ فَفَعَلَهُ، يَعْنِي الْحُقْنَةَ، "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ مُطْلَقًا قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 3: هَلْ يُكْرَهُ قَطْعُ الْعُرُوقِ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فَقَالَ: يُكْرَهُ قَطْعُ الْعُرُوقِ عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ، انْتَهَى. وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى تَقْدِيمِ الْكَرَاهَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْآدَابِ، إحْدَاهُمَا تُكْرَهُ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُكْرَهُ، قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى حُذَّاقِ الْأَطِبَّاءِ، إنْ قَالُوا فِي قَطْعِهَا نَفْعٌ وَإِزَالَةُ ضَرَرٍ لَمْ يُكْرَهْ، وَإِلَّا كُرِهَتْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - 4: هَلْ يُكْرَهُ فَصْدُ الْعُرُوقِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: هَلْ يُكْرَهُ فَصْدُ الْعُرُوقِ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ، 1"نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، مِنْهُمْ صَالِحٌ وَجَعْفَرٌ، وَالثَّانِيَةُ يُكْرَهُ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ"1، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، كما قال القاضي، وكذا الحجامة2، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي كُلِّ عَصْرٍ ومصر.
الألم "م 5" فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: لَا يَتَعَوَّدُهُ، وَقَالَ: مَا فَصَدْت عِرْقًا قَطُّ. مَسْأَلَةٌ 5 - 6: قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كَيٍّ وَرُقْيَةٍ وَتَعْوِيذَةٍ وَتَمِيمَةٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَبْلَ الْأَلَمِ، انْتَهَى ذِكْرُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 5: الْكَيُّ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فَقَالَ: يُكْرَهُ الْكَيُّ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى لَا يُكْرَهُ، انْتَهَى، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ إبَاحَتُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَالْكَرَاهَةُ مَعَ عَدَمِهَا، قدمه في الرعاية الكبرى وَالْآدَابِ الْكُبْرَى، وَالْمُسْتَوْعِبِ فِي آدَابِهِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ الْكَيُّ مُطْلَقًا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: مَا يُعْجِبُنِي الْكَيُّ، وَعَنْهُ: يُبَاحُ بَعْدَ الْأَلَمِ لَا قَبْلَهُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهِيَ أَصَحُّ، قَالَ فِي آدَابِ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَيُبَاحُ الْكَيُّ بَعْدَ الْأَلَمِ وَيُكْرَهُ قَبْلَهُ، وَعَنْهُ: وَبَعْدَهُ، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 6: الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذُ وَالتَّمَائِمُ، فَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ قَالَ: وَيُبَاحُ الْكَيُّ لِلضَّرُورَةِ، وَيُكْرَهُ مَعَ عَدَمِهَا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ يُبَاحُ بَعْدَ الْأَلَمِ لَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَصَحُّ. قَالَ وَكَذَا الْخِلَافُ وَالتَّفْصِيلُ فِي الرُّقَى وَالتَّعَاوِيذِ وَالتَّمَائِمِ وَنَحْوِهَا قَبْلَ الْأَلَمِ وَبَعْدَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الرِّعَايَةِ: وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ التَّمَائِمِ وَنَحْوِهَا، وَيُبَاحُ تَعْلِيقُ قِلَادَةٍ فِيهَا قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرٌ غَيْرُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا التعاويذ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ الْقُرْآنُ أَوْ ذِكْرٌ غَيْرُهُ بالعربية، ويعلق على مريض، ومطلقة1، وَفِي إنَاءٍ ثُمَّ يُسْقَيَانِ مِنْهُ وَيُرْقَى مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ بِمَا وَرَدَ مِنْ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَدُعَاءٍ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا بَأْسَ بِالْقِلَادَةِ يُعَلِّقُهَا فِيهَا الْقُرْآنُ، وَكَذَا التَّعَاوِيذُ، ولا بأس بالكتاب2 لِلْحُمَّى، وَلَا بَأْسَ بِالرُّقَى مِنْ النَّمْلَةِ3، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُكْرَهُ التَّمَائِمُ وَنَحْوُهَا، كَذَا قِيلَ يُكْرَهُ، وَالصَّوَابُ مَا يَأْتِي مِنْ تَحْرِيمِهِ4 لِمَنْ لَمْ يَرْقِ عَلَيْهَا قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرٌ وَدُعَاءٌ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَيَأْتِي أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَأَنَّ الْمَنْعَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ5. وَتُبَاحُ قِلَادَةٌ فِيهَا قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرٌ غَيْرُهُ، وَتَعْلِيقُ مَا هُمَا فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا التَّعَاوِيذُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُكْتَبَ لِلْحُمَّى وَالنَّمْلَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالصُّدَاعِ وَالْعَيْنِ مَا يَجُوزُ، وَيُرْقَى مِنْ ذَلِكَ بِقُرْآنٍ، وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ دُعَاءٍ وَذِكْرٍ، وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، وَيَحْرُمُ الرقي والتعوذ بِطَلْسَمٍ وَعَزِيمَةٍ، قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَيُكْرَهُ بِغَيْرِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، وَقِيلَ يَحْرُمُ، وَكَذَا الطَّلْسَمُ، وَقَطَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِالتَّحْرِيمِ، وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ يُعَلِّقُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: التَّعْلِيقُ كُلُّهُ مَكْرُوهٌ، وَكَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: سَمِعْت مَنْ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ التَّمَائِمِ تُعَلَّقُ بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ فَقَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَدْ رَأَيْت عَلَى ابْنٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ صَغِيرٌ تَمِيمَةً فِي رَقَبَتِهِ فِي أُدُمٍ، قَالَ الْخَلَّالُ: قَدْ كَتَبَ هُوَ مِنْ الْحُمَّى بَعْدَ نُزُولِ الْبَلَاءِ، وَالْكَرَاهَةُ مِنْ تَعْلِيقِ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، انْتَهَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي التَّمِيمَةِ التَّحْرِيمُ. وَقَالَ أَيْضًا: لا بأس
وَفِي كَرَاهَةِ التُّفْلِ وَالنَّفْخِ فِي الرُّقْيَةِ رِوَايَاتٌ، الثالثة يكره التفل "م 7". وَيَحْرُمُ ذَلِكَ بِغَيْرِ لِسَانٍ عَرَبِيٍّ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَكَذَا الطَّلْسَمُ1، وَأَمَّا التَّمِيمَةُ وَهِيَ عُوذَةٌ أَوْ خَرَزَةٌ أَوْ خَيْطٌ وَنَحْوُهُ فَنَهَى الشَّارِعُ عنه، ودعا عَلَى فَاعِلِهِ، وَقَالَ: "لَا تُزِيدُك إلَّا وَهْنًا انْبِذْهَا عَنْك، لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْك مَا أَفْلَحْت أَبَدًا" رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ2، وَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَحْرُمُ ذَلِكَ. وَقَالَ: شَبَّهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْلِيقَ التَّمِيمَةِ بِمَثَابَةِ أَكْلِ التِّرْيَاقِ وَقَوْلِ الشِّعْرِ، وَهُمَا مُحَرَّمَانِ. وَقَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ حَمْلُ الْأَخْبَارِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَمَنْهِيٌّ إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا هِيَ النَّافِعَةُ لَهُ وَالدَّافِعَةُ عَنْهُ، وَهَذَا لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQبِكَتْبِ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ وَيُسْقَى مِنْهُ مَرِيضٌ أَوْ حَامِلٌ لِعُسْرِ الْوَلَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. مَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ التُّفْلِ وَالنَّفْخِ فِي الرُّقْيَةِ رِوَايَاتٌ، الثَّالِثَةُ يُكْرَهُ التُّفْلُ، انْتَهَى. قَالَ الرِّعَايَةُ وَتَبِعْهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْآدَابِ: وَيُكْرَهُ التُّفْلُ بِالرِّيقِ وَالنَّفْخُ بِلَا رِيقٍ، وَفِي كَرَاهَةِ النَّفْثِ فِي الرُّقْيَةِ وَإِبَاحَتِهِ مَعَ الرِّيقِ وَعَدَمِهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي آدَابِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُكْرَهُ التُّفْلُ بِالرِّيقِ فِي الرُّقْيَةِ وَالنَّفْخُ بِلَا رِيقٍ، وَقِيلَ فِي كَرَاهَةِ النَّفْثِ فِيهَا مَعَ الرِّيقِ وَعَدَمِهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى فَقَدَّمَ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَكُرِهَ النَّفْثُ فِي الرُّقَى، وَلَا بَأْسَ بِالنَّفْخِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَجَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ بِاسْتِحْبَابِ النَّفْخِ وَالتُّفْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَوِيَتْ كَيْفِيَّةُ نَفْسِ الرَّاقِي كَانَتْ الرُّقْيَةُ أَتَمَّ تَأْثِيرًا وَأَقْوَى فِعْلًا، وَهَذَا تَسْتَعِينُ بِهِ الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ وَالْخَبِيثَةُ فَيَفْعَلُهُ الْمُؤْمِنُ وَالسَّاحِرُ، انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ ابْنَ القيم في الهدي وغيره.
يَجُوزُ؛ لِأَنَّ النَّافِعَ هُوَ اللَّهُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي أَجَازَهُ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ النَّافِعُ الدَّافِعُ، وَلَعَلَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنَّ الدَّهْرَ يَضُرُّهُمْ فَكَانُوا يَسُبُّونَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْزِلْ بِهِ الْبَلَاءُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا رَخَّصَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ قَطْعَ الْبَاسُورِ، زَادَ ابْنُ هَانِئٍ: كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً، وَإِنْ خِيفَ مِنْهُ التَّلَفُ حُرِّمَ، وَإِنْ خِيفَ مِنْ تَرْكِهِ جَازَ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ كَأَكْلَةٍ1 وَبَطٍّ2، نَصَّ عَلَيْهِمَا، زَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا: مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَلَا بَأْسَ بِكَتْبِ قُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ وَيُسْقَى مِنْهُ مَرِيضٌ وَحَامِلٌ لِعُسْرِ الْوَلَدِ، نص عليه، لقول ابن عباس3.
فصل: يستحب ذكر الموت والاستعداد له، وكذا عيادة المريض
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادُ لَهُ، وَكَذَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ "و" وَقِيلَ: بَعْدَ أَيَّامٍ، لِخَبَرٍ ضَعِيفٍ، وَأَوْجَبَ أَبُو الْفَرَجِ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ عِيَادَتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمُرَادُ: مَرَّةً، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَفِي أَوَاخِرِ الرِّعَايَةِ: فَرْضُ كِفَايَةٍ، كَوَجْهٍ فِي ابْتِدَاءِ السَّلَامِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: السُّنَّةُ مَرَّةٌ، وَمَا زَادَ نَافِلَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: ثَلَاثَةٌ لَا يُعَادُ وَلَا يُسَمَّى صَاحِبُهَا مَرِيضًا: الضِّرْسُ وَالرَّمَدُ وَالدُّمَّلُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ النِّجَادُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ نَقَلَ عَنْ أَمَامِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَلَدُهُ: يَا أَبَتِ، إنَّ جَارَنَا فُلَانًا مَرِيضٌ، فَمَا نَعُودُهُ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ مَا عَادَنَا فَنَعُودُهُ. وَيُشْبِهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنَاهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْحُجَّاجِ، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي كِتَابِ "الْعُزْلَةِ"1 لِلْخَطَّابِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ وَيُعْطِيَ الْإِخْوَانَ حقوقهم، فترك واحدا واحدا حتى تركها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كُلَّهَا، وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَتَهَيَّأُ لِلْمَرْءِ أَنْ يُخْبِرَ بِكُلِّ عُذْرٍ. وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: لَا تَعُدْ إلَّا مَنْ يَعُودُك، وَلَا تَشْهَدْ جِنَازَةَ مَنْ لَا يَشْهَدُ جِنَازَتَك، وَلَا تُؤَدِّ حَقَّ مَنْ لَا يُؤَدِّي حَقَّك، فَإِنْ عَدَلْت عَنْ ذَلِكَ فَأَبْشِرْ بِالْجَوْرِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرَادُ بِهِ التَّأْدِيبُ وَالتَّقْوِيمُ دُونَ الْمُكَافَأَةِ وَالْمُجَازَاةِ. وَبَعْضُ هَذَا مِمَّا يُرَاضِ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ". وَفِي لَفْظٍ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ" وَفِي لَفْظٍ: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ" - قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ "إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاك فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ". مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ1، إلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ حَدِيثِ السِّتِّ، وَلَا ذَكَرَ فِيهِ النَّصِيحَةَ. وَلَا يُطِيلُ عِنْدَهُ، وَعَنْهُ: كَبَيْنَ خُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ، وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ، وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ. وَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيَقُولُ: لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2. قَالَ أَحْمَدُ: يَعُودُهُ بُكْرَةً وَعَشِيًّا، وَقَالَ عَنْ قُرْبِ وَسَطِ النَّهَارِ: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ عِيَادَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ إذًا، نَصَّ عَلَيْهِ، قال صاحب "المحرر": لا بأس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي آخِرِ النَّهَارِ، لِلْخَبَرِ1، وَنَصَّ أَحْمَدُ: الْعِيَادَةُ فِي رَمَضَانَ لَيْلًا، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَغِبُّ بِهَا، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْجَمَاعَةِ خِلَافُهُ، وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ، وَالْعَمَلُ بِالْقَرَائِنِ، وَظَاهِرِ الْحَالِ، وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ، وَهِيَ تُشْبِهُ الزِّيَارَةَ، وَقَدْ كَتَبْت مَا تَيَسَّرَ فِيهَا فِي أَوَاخِرِ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ2، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ الْحَرَّانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي نَوَادِرِهِ الشِّعْرَ الْمَشْهُورَ: لَا تُضْجِرَنَّ عَلِيلًا فِي مُسَاءَلَةٍ ... إنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بَيْنَ يَوْمَيْنِ بَلْ سَلْهُ عَنْ حَالِهِ وَادْعُ الْإِلَهَ لَهُ ... وَاجْلِسْ بِقَدْرِ فُوَاقٍ بَيْنَ حَلْبَيْنِ مَنْ زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ ... وَكَانَ ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ وَيُخْبِرُ بِمَا يَجِدُهُ بِلَا شَكْوَى، وَكَانَ أَحْمَدُ يحمد الله أولا، لخبر ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَسْعُودٍ: "إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بشاك". 1"مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُخْبِرُ بِمَا يَجِدُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، لَا لِقَصْدِ شَكْوَى"1، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَائِشَةَ لَمَّا قَالَتْ: وَا رَأْسَاهْ، قَالَ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ" 2 وَاحْتَجَّ ابْنُ الْمُبَارَكِ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّك لَتُوعَكَ وَعْكًا شَدِيدًا قَالَ: "أَجَلْ كَمَا يُوعَكُ رَجُلَانِ مِنْكُمْ". مُتَّفَقٌ عليه3. وفي الفنون: قوله تعالى: {لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} [الكهف: 62] يَدُلُّ4 عَلَى جَوَازِ الِاسْتِرَاحَةِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الشَّكْوَى عِنْدَ إمْسَاسِ الْبَلْوَى، قَالَ: وَنَظِيرُهُ: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] ، و {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: 83] و"مَا زَالَتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدنِي"5. وَفِي "تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ"6 فِي الْآيَةِ الْأُولَى: هَذَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ إظْهَارِ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَمَا يَلْحَقُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْأَذَى وَالتَّعَبِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ شَكْوَى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: شَكْوَى الْمَرِيضِ مُخْرِجَةٌ مِنْ التَّوَكُّلِ، وَقَدْ كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنِينَ الْمَرِيضِ لِأَنَّهُ يُتَرْجِمُ عَنْ الشَّكْوَى، ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِ رَجُلٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ": كَيْفَ تَجِدُك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: بخير في عافية، فقال له: حممت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبَارِحَةَ؟ فَقَالَ: إذَا قُلْت لَك: أَنَا فِي عَافِيَةٍ فَحَسْبُك لَا تُخْرِجْنِي إلَى مَا أَكْرَهُ1. وَوَصْفُ الْمَرِيضِ مَا يَجِدُهُ لِلطَّبِيبِ لَا يَضُرُّهُ، وَالنَّصُّ الْمَذْكُورُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ، إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ: إذَا كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِمَّا يُمْكِنُ كِتْمَانُهَا فَكِتْمَانُهَا مِنْ أَعْمَالِ اللَّهِ الْخَفِيَّةِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ عَمَلَ الْقَلْبِ مِنْ التَّوَكُّلِ وَغَيْرِهِ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَأَنَّ الصَّبْرَ وَاجِبٌ بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ: وَالصَّبْرُ لَا تُنَافِيه الشَّكْوَى، قَالَ: وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ صَبْرٌ بِغَيْرِ شَكْوَى إلَى الْمَخْلُوقِ، وَالشَّكْوَى إلَى الْخَالِقِ لَا تُنَافِيهِ، وَمُرَادُهُ: بَلْ شَكْوَاهُ إلَى الْخَالِقِ مَطْلُوبَةٌ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي أَنِينِ الْمَرِيضِ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ شَكْوَى، وَلَكِنَّهُ اشْتَكَى إلَى اللَّهِ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ الزَّجَّاجِ: إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى إلَى النَّاسِ. وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِ: {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لَا مِنْهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاءَ، فَالْمَعْنَى: يَا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] إنْ قِيلَ: فَأَيْنَ الصَّبْرُ وَهَذَا لَفْظُ الشَّكْوَى؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ وَإِنَّمَا الْمَذْمُومُ الشَّكْوَى إلَى الْخَلْقِ، أَلَمِ تَسْمَعْ قَوْلَ يَعْقُوبَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86]
قَالَ: سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَا إلَى النَّاسِ وَهُوَ فِي شَكَوَاهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَزَعًا، أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ فِي مَرَضِهِ: "أَجِدُنِي مَغْمُومًا وَأَجِدُنِي مَكْرُوبًا" 1. وَقَوْلُهُ: "بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ" 2 هَذَا سِيَاقُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ3. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ4 وَصَحَّحَهُ، عَنْ خَبَّابٍ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ اكْتَوَى فِي بَطْنِهِ سَبْعَ كَيَّاتٍ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ مِنْ الْبَلَاءِ مَا لَقِيت، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ خَبَّابٌ تَسْلِيَةً لِلْمُؤْمِنِ الْمُصَابِ لَا عَلَى وَجْهِ الشِّكَايَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ5 عَنْ جُوعِهِ وَرَبْطِ الْحَجَرِ، تَسْلِيَةً لِلْفَقِيرِ. وَيُحْسِنُ ظَنَّهُ بِرَبِّهِ، قَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَنْبَغِي. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ6 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي" زَادَ أَحْمَدُ7: "إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ، وَإِنْ ظَنَّ بِي شَرًّا فَلَهُ". وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ8. قَالَ: يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تحسين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَبْدِ ظَنَّهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِ بِلِقَاءِ اللَّهِ، لِئَلَّا يَكْرَهَ أَحَدٌ لِقَاءَ اللَّهِ يَوَدُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا يَكْرَهُهُ، وَالرَّاجِي الْمَسْرُورُ يَوَدُّ زِيَادَةَ ثُبُوتِ مَا يَرْجُو حُصُولَهُ وَتَغَلُّبَ رَجَائِهِ، وَفِي النَّصِيحَةِ: يَغْلِبُ الْخَوْفُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَمَلِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ وَغَيْرُهُ، وَنَصُّهُ: يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ رَجَاؤُهُ وَخَوْفُهُ وَاحِدًا، وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ هَلَكَ. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا: وَهَذَا هُوَ الْعَدْلُ، وَلِهَذَا مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الْخَوْفِ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي1 أُمُورِ النَّاسِ، وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالَ الرَّجَاءِ بِلَا خَوْفٍ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَمْنِ لِمَكْرِ اللَّهِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي أُمُورِ النَّاسِ، وَالرَّجَاءُ بِحَسَبِ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ يَجِبُ تَرْجِيحُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: "أَنَا عِنْدَ حُسْنِ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا" 2. وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى تَفْرِيطِ الْعَبْدِ وَتَعَدِّيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يَأْخُذُ إلَّا بِالذَّنْبِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُغَلِّبُ الشَّابُّ الرَّجَاءَ، وَالشَّيْخُ الْخَوْفَ. وَيَذْكُرُهُ "و" زَادَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: الْمُخَوَّفُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَالْوَصِيَّةُ، وَيَدْعُو بِالصَّلَاحِ وَالْعَافِيَةِ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إذَا عَادَ مَرِيضًا مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ وَقَالَ: "أَذْهِبْ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِمَا4 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعٌ: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَيَقُولُ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك، إلَّا عُوفِيَ". وَفِي الْفُنُونِ: إنْ سَأَلَكَ وَضْعَ يَدِك عَلَى رَأْسِهِ لِلتَّشَفِّي فَجَدِّدْ تَوْبَةً لَعَلَّهُ يَتَحَقَّقُ ظَنُّهُ فِيك، وَقَبِيحٌ تَعَاطِيَك مَا لَيْسَ لَك، وإهمال هذا وأمثاله يعمي القلوب 5"ويخمر العيوب"5، ويعود ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالرِّيَاءِ، قَالَ: وَحُكِيَ أَنَّ مَسْخَرَةً مِنْ مَسَاخِرِ الْمُلُوكِ رُئِيَ رَاكِبًا بِزِيٍّ حَسَنٍ، فَلَقِيَهُ أَبُو بَكْرٍ الشِّبْلِيُّ1 فَخَدَمَهُ خِدْمَةَ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أَجِلَّاءِ الدَّوْلَةِ، فَتَرَجَّلَ وَقَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ إنَّمَا أَنَا مَسْخَرَةُ الْمَلِكِ، فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي، أَنْتَ تَأْكُلُ الدُّنْيَا بِمَا تُسَاوِي، وَأَنَا آكُلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الْمَاجِنِ كَيْف لَمْ يَرْضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يُكْرَمَ إكْرَامًا يَخْرُجُ عَنْ رُتْبَتِهِ حَتَّى كَشَفَ عَنْ حَالِهِ وَصِنَاعَتِهِ، فَلَيْسَ الدُّعَاءُ بَسْطَ الْكَفَّيْنِ بَلْ تَقَدُّمُ التَّوْبَةِ قَبْلَ السُّؤَالِ. سَأَلَ مَرِيضٌ بَعْضَ الصُّلَحَاءِ مَسْحَ يَدِهِ مَوْضِعَ أَلَمِهِ، فَوَقَفَ، فَعَاوَدَهُ. فَقَالَ: اصْبِرْ حَتَّى أُحَقِّقَ تَوْبَةً لَعَلَّك تَنْتَفِعُ بِإِمْرَارِهَا. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ أَبِي جُحَيْفَةَ: وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَهُ وَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. قَالَ: يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَنْ يَمْسَحَ الْإِنْسَانُ وَجْهَهُ بِيَدِ الْعَالِمِ وَمَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ مِنْ الصَّالِحِينَ، وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي أَخْلَاقِ أَحْمَدَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَنَّهُ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى أَحْمَدَ ثُمَّ مَسَحَهَا عَلَى بَدَنِهِ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدُهُ، وَجَعَلَ يَقُولُ: عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا. وَيَأْتِي قَبْلَ بَابِ الدَّفْنِ3. مَعَ أَنَّ أَحْمَدَ كَانَ كَثِيرًا يُقَبِّلُ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَيَدَهُ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، نَقَلَ مُهَنَّا: وَلَا يَكْرَهُهُ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ به ذلك، وذلك مبسوط في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ. وَفِي مُسْلِمٍ1: عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْأُولَى، ثُمَّ خَرَجَ إلَى أَهْلَهُ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَاسْتَقْبَلَهُ وَلَدَانِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمَا وَاحِدًا وَاحِدًا وَمَسَحَ خَدِّي. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ، تَأْنِيسًا، وَلِيُذَكِّرَهُ الطِّفْلُ بِذَلِكَ مَا عَاشَ فَيَتَرَحَّمُ عَلَيْهِ، وَخَصَّ الْخَدَّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ فِي حَقِّ الطِّفْلِ. وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ: "إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ" 2. وَفِي آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَان عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ مَرْفُوعًا: "سَلُوهُ الدُّعَاءَ3، فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4 وَغَيْرُهُ، وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ: إنَّ سَنَدَهُ صَحِيحٌ، وَتَقْلِيدُ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ لَهُ، وَاسْتَحَبَّهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ أَحْمَدُ: الْأَمْرَاضُ تَمْحِيصُ الذُّنُوبِ، وَقَالَ لِمَرِيضٍ تَمَاثَلَ: يَهْنِيكَ الطَّهُورُ، وَرَوَى جَمَاعَةٌ فِي تَرْجَمَةِ مُوسَى بْنِ عُمَيْرٍ وَهُوَ كَذَّابٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مَرْفُوعًا: "دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَحَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلَاءِ الدُّعَاءَ" 5. وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ يَفْعَلُونَ هَذَا، وَهُوَ حَسَنٌ، وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ أَنْ يَعُودَ أَجْنَبِيٌّ امْرَأَةً غَيْرَ مُحَرَّمَةٍ أَوْ تَعُودَهُ، وَتَعُودُ امْرَأَةٌ امْرَأَةً مِنْ أَقَارِبِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَجْنَبِيَّةً فَهَلْ يُكْرَهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ عِيَادَتَهَا، وَيَأْتِي قَوْلٌ فِي إذْنِ زَوْجٍ لِعِيَادَةِ نَسِيبٍ، وروي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنَّ امْرَأَةً مِنْ الرَّمْلَةِ عَادَتْ بِشْرًا بِبَغْدَادَ، وَأَنَّ أَحْمَدَ رَآهَا عِنْدَهُ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: قُلْ لَهَا تَدْعُو لَنَا، وَدَعَتْ1. وَلِمُسْلِمٍ2 وَغَيْرِهِ: عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْطَلِقْ بِنَا إلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُهَا، وَذَهَبَا إلَيْهَا. فَفِيهِ زِيَارَةُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ وَسَمَاعُ كَلَامِهَا. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُلَيَّةَ أُمِّ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ: كَانَتْ امْرَأَةً نَبِيلَةً عَاقِلَةً، وَكَانَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ وُجُوهِ الْبَصْرَةِ وَفُقَهَائِهَا يَدْخُلُونَ عَلَيْهَا، فَتَبْرُزُ3 وَتُحَادِثُهُمْ وَتُسَائِلُهُمْ. وَالْأَوْلَى حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَا يُخَافُ مِنْهَا فِتْنَةٌ كَالْعَجُوزِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى خَوْفِهَا جَمْعًا. وَيَأْتِي حُكْمُ الْخَلْوَةِ فِي آخِرِ الْعَدَدِ4. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ5: عِيَادَةُ المريض سنة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْإِجْمَاعِ، كَذَا قَالَ، وَسَوَاءٌ فِيهِ مَنْ يَعْرِفُهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَالْقَرِيبُ وَالْأَجْنَبِيُّ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْأَوْكَدِ وَالْأَفْضَلِ مِنْهُمَا، كَذَا قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ أن القريب أولى.
فصل: من جهر بمعصية مطلقا مع بقاء إسلامه
فَصْلٌ: مَنْ جَهَرَ بِمَعْصِيَةٍ مُطْلَقًا مَعَ بَقَاءِ إسْلَامِهِ فَهَلْ يُسَنُّ هَجْرُهُ أَمْ يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ أَمْ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ السَّلَامِ، أَمْ تَرْكُ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُكْرَهُ لِبَقِيَّةِ النَّاسِ؟ فيه أوجه "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: مَنْ جَهَرَ بِمَعْصِيَةٍ مُطْلَقًا مَعَ بَقَاءِ إسْلَامِهِ فَهَلْ يُسَنُّ هَجْرُهُ أَمْ يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ، أَمْ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ السَّلَامِ، أَمْ تَرْكُ السَّلَامِ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَيُكْرَهُ مِنْ بَقِيَّةِ النَّاسِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، انْتَهَى: أَحَدُهَا: يُسَنُّ هَجْرُهُ، أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَقَالَ: لَا يَأْثَمُ إنْ جَفَاهُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى. وَفِي آدَابِ ابْنِ عَبْدِ الْقَوِيِّ فَقَالَ: وَهِجْرَانُ مَنْ أَبْدَى المعاصي سنة. وقال في الآداب: وَظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ تَرْكُ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ، فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا عَرَفْت مِنْ أَحَدٍ نِفَاقًا فَلَا تُكَلِّمُهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَافَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يُكَلِّمُوهُمْ1. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ مُثَنَّى وَغَيْرِهِ إبَاحَةُ الْهَجْرِ2، وَتَرْكِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ لِخَوْفِ الْمَعْصِيَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَيْمُونِيِّ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ أَوْ صَرِيحُهُ فِي النُّشُوزِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَأَطَالَ فِي الْآدَابِ الْكَلَامَ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ دَلِيلَ كُلِّ3 قول من الأقوال
وَفِي تَحْرِيمِ السَّلَامِ عَلَى مُبْتَدِعٍ غَيْرِ مُخَاصِمٍ رِوَايَتَانِ "م 9" وَتَرْكُ الْعِيَادَةِ مِنْ الْهَجْرِ، وَنَصُّهُ: لَا يُعَادُ الْمُبْتَدِعُ، وَحَرَّمَهَا فِي النَّوَادِرِ وَعَنْهُ: لا يعاد الداعية، واعتبر شيخنا المصلحة فِي ذَلِكَ، وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: قَالَ أَحْمَدُ فِي مَكَان آخَرَ: يَجِبُ هَجْرُ مَنْ كَفَرَ أَوْ فَسَقَ بِبِدْعَةٍ أَوْ دَعَا إلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ أَوْ مُفَسِّقَةٍ، وَقِيلَ: يَجِبُ هَجْرُهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَام أَحْمَدَ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُعْتَقِدِهِ قَالَ: لِيَكُونَ ذَلِكَ كَسْرًا أَوْ اسْتِصْلَاحًا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَجِبُ عَلَى الْعَالِمِ، وَمَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى خُلْطَتِهِمْ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهِجْرَانُ أَهْلِ الْبِدَعِ كَافِرِهِمْ وَفَاسِقِهِمْ وَالْمُتَظَاهِرِينَ بِالْمَعَاصِي وَتَرْكِ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، مَكْرُوهٌ لِسَائِرِ النَّاسِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي وُجُوبِ هِجْرَانِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَفُسَّاقِ الْمِلَّةِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ: أَطْلَقَ كَمَا تَرَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُبْتَدِعِ وَالْفَاسِقِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ ذِي الرحم والأجنبي 1"إذا كان الحق لله، وإن كان لآدمي كالقذف والسب والغيبة، فإن كان فاعل ذلك من أقاربه"1 وَأَرْحَامِهِ لَمْ يَجُزْ هَجْرُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَهَلْ يَجُوزُ هَجْرُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَقَالَ وَلَدُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَيْضًا، قَالَ فِي الْآدَابِ2: وَكَلَامُ أكثر3 الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَوَاضِعَ، وَهُوَ أَوْلَى، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَفِي تَحْرِيمِ السَّلَامِ عَلَى مُبْتَدِعٍ غَيْرِ مُخَاصِمٍ رِوَايَتَانِ، انتهى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: تَرْكُ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمَكْرُوهٌ لِسَائِرِ النَّاسِ، وَقِيلَ: لَا يُسَلِّمُ أَحَدٌ عَلَى فَاسِقٍ مُعْلِنٍ، وَلَا مبتدع معلن داعية3، وَلَا يَهْجُرُ مُسْلِمًا مَسْتُورًا غَيْرَهُمَا مِنْ السَّلَامِ، فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ، قُلْت: وظاهر ما قدمه
مَنْ جَهَرَ بِالْبِدْعَةِ دَعَا إلَيْهَا أَمْ لَا أَوْ أَسَرَّهَا، وَظَاهِرُ بَعْضِهَا: وَالْمَعْصِيَةُ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي الرَّجُلِ يَمْشِي مَعَ الْمُبْتَدِعِ: لَا يُكَلِّمُهُ. وَنَقَلَ غَيْرُهُ: إذَا سَلَّمَ عَلَى الْمُبْتَدِعِ فَهُوَ يُحِبُّهُ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: إذَا عَرَفْت مِنْ أَحَدٍ نِفَاقًا فَلَا تُكَلِّمُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَافَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ لَا يُكَلِّمُوهُمْ1. وَنَقَلَ الميموني: نهى النبي2 عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَكَذَا كُلُّ مَنْ خِفْنَا عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: إنَّهُ اتَّهَمَهُمْ بِالنِّفَاقِ، فَكَذَا مَنْ اُتُّهِمَ بِالْكُفْرِ لَا بَأْسَ بِتَرْكِ كَلَامِهِ، وَعَنْهُ: إنَّهُ أَخَذَ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ، وَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَ كَلَامَهَا وَالسَّلَامَ عَلَيْهَا حِينَ ذُكِرَ مَا ذُكِرَ3، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ فِي النُّشُوزِ تَحْرِيمُ الْهَجْرِ بِخَوْفِ الْمَعْصِيَةِ، وَتَحْرِيمُهُ عَلَى رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ ضَعِيفٌ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا عُلِمَ مِنْ الرَّجُلِ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَمْ يَأْثَمْ إنْ هُوَ جَفَاهُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِلَّا كَيْفَ يَبِينُ لِلرَّجُلِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرَ مُنْكَرًا عَلَيْهِ، وَلَا جَفْوَةً من صديق. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْآدَابِ: عَدَمُ التَّحْرِيمِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ كَلَامَ ابن حامد وغيره.
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَكُونُ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ الذَّهَبُ يُجَانَبُ صَاحِبُهُ؛ 1"يُجْفَى صَاحِبُهُ"1. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَرْكَ اللُّطْفِ لَا تَرْكَ الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَ: لَيْسَ لِمَنْ قَارَفَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاحِشِ حُرْمَةٌ وَلَا وَصْلَةٌ إذَا كَانَ مُعْلِنًا، وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْخَلَّالِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنَّ مَنْ أُسِرَ بِمَعْصِيَةٍ لَا يُهْجَرُ مَعَ إطْلَاقِهِمْ وَإِطْلَاقِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ هَجْرَ أَهْلِ الْبِدَعِ وَإِنَّهُ إجْمَاعٌ، مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا ضَحِكَ فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: لَا أُكَلِّمُك أَبَدًا، وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ 2"فِي خُلُقِهَا"2 سُوءٌ، فَكَانَ يَهْجُرُهَا السَّنَةَ وَالْأَشْهُرَ، فَمَا يُكَلِّمُهَا، وَعَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ رَأَى فِي عَضُدِهِ خَيْطًا مِنْ الْحُمَّى: لَوْ مِتَّ وَهَذَا عَلَيْك لَمْ أُصَلِّ عَلَيْك. وَعَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَكَلَ ابْنُك طَعَامًا كَادَ يَقْتُلُهُ، قَالَ: لَوْ مَاتَ مَا صَلَّيْت عَلَيْهِ3. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ فِي الْبِدْعَةِ: سَوَاءٌ كَفَرَ بِهَا أَمْ لَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّ الذِّمِّيَّ تَجُوزُ إجَابَةُ دَعْوَتِهِ وَتُرَدُّ التَّحِيَّةُ عَلَيْهِ إذَا سَلَّمَ وَيَجُوزُ قَصْدُهُ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، فَجَازَتْ عِيَادَتُهُ وَتَعْزِيَتُهُ كَالْمُسْلِمِ. وَعَكْسُهُ مَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، لِوُجُوبِ هَجْرِهِ، قَالَ الْقَاضِي: وَلَمْ نَهْجُرْ أَهْلَ الذِّمَّةِ لِأَنَّا عَقَدْنَاهَا مَعَهُمْ لِمَصْلَحَتِنَا بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ: وَلَا أَهْلَ الْحَرْبِ، لِلضَّرَرِ بِتَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّونَ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ بَايَنُوهُمْ4 بِالْقِتَالِ، وَأَيُّ هَجْرٍ أَعْظَمُ مِنْ هذا؟ وقال ابن حامد في أصوله: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُبْتَدِعُ الْمُدَّعِي لِلسُّنَّةِ هَلْ يَجِبُ هَجْرُهُ وَمُبَاعَدَتُهُ؟ نَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْمُرْجِئِ يَدْعُو إلَى طَعَامِهِ أَوْ أَدْعُوهُ؟ قَالَ: تَدْعُوهُ وَتُجِيبُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَاعِيَةً أَوْ رَأْسًا فِيهِمْ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: أَهْلُ الْبِدَعِ لَا يُعَادُونَ "وم" وَلَا تُشْهَدُ لَهُمْ جِنَازَةٌ "وم" وَنَقَلَ حَرْبٌ1: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخَالَطَ أَهْلُ الْبِدَعِ، وَرَدَّ الْخَطَّابُ أَبُو ثَابِتٍ2 سَلَامَ جَهْمِيٍّ، فَقَالَ أَحْمَدُ: تَرُدُّ عَلَى كَافِرٍ؟ فَقُلْت: أَلَيْسَ تَرُدُّ عَلَى الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ؟ فَقَالَ: الْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ قَدْ تَبَيَّنَ أَمْرُهُمَا. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: فَمَذْهَبُهُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ إنْ كَانَ دَاعِيَةً مُشْتَهِرًا بِهِ فَلَا يُعَادُ، وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَلَا يُجَابُ إلَى طَعَامٍ وَلَا دَعْوَةٍ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ التَّقِيَّةُ بِلَا إظْهَارٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: الْجَوَازُ، وَالْمَنْعُ أَيْضًا، بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إمَامَتِهِ، كَذَا قَالَ: بِنَاءِ عَلَى إمَامَته. قَالَ: وَأَمَّا مُبَايَعَتُهُمْ وَمُشَارَاتُهُمْ فَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ: أَمُرُّ بِقَرْيَةٍ فِيهَا الْجَهْمِيَّةُ لَا زَادَ مَعِي تَرَى أَنْ أَطْوِيَ؟ قَالَ: نَعَمْ، لَا تَشْتَرِ مِنْهَا شَيْئًا وَتَوَقَّ أَنْ تَبِيعَهُ، قُلْت: بَايَعْتُهُ وَلَا أَعْلَمُ، قَالَ: إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْتَرِدَّ الْبَيْعَ فَافْعَلْ، قُلْت: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ أَحْمِلَ النَّاسَ عَلَى هَذَا فَتَذْهَبُ أَمْوَالُ النَّاسِ، قُلْت: وَكَيْف أَصْنَعُ؟ قَالَ لَا أَدْرِي، أَكْرَهُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فِيهَا بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّ أَقَلَّ مَا هُنَا أَنْ تَتَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ وَتَتَوَقَّى مُبَايَعَتَهُمْ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِبْطَالُهُ مُطْلَقًا، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ دَاعِيَةً فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا كَالْمُرْتَدِّينَ سَوَاءً، وَإِلَّا خرج على الوجهين في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إمَامَتِهِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَرَدِّ سَلَامِهِ، كَذَا قَالَ، فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّ مُرَادَهُ الْبِدْعَةُ الْمُكَفِّرَةُ، فَالدَّاعِيَةُ إلَيْهَا كَمُرْتَدٍّ، وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ حُكْمَ غَيْرِ الْمُكَفِّرَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إطْلَاقِ وَجْهَيْنِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ: يُكَفَّرُ، وَالثَّانِيَةُ: يُفَسَّقُ، وعنه: لا. ويأتي ذلك1. 2"قال: وَأَيْنَ"2 مَنَعْنَا: فَبَايَعَهُ وَلَا يَعْلَمُ؟ فَظَهَرَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالرِّبْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ عَلَى مَحْظُورٍ يَعْلَمُهُ فَعَفِّي عَنْهُ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَصِحَّ رَدَّ الرِّبْحَ إلَى الْمَالِكِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ: وُجُوبًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ، كَمَنْ بِيَدِهِ رَهْنٌ أَيِسَ مِنْ رَبِّهِ. وَقَالَ الْخَطَّابُ أَبُو ثَابِتٍ لِأَحْمَدَ: أَشْتَرِي دَقِيقًا لِأَبِي سُلَيْمَانَ الْجُوزَجَانِيِّ3؟ قَالَ: مَا يَحِلُّ لَك أَنْ تَشْتَرِيَ دَقِيقًا لِرَجُلٍ يَرُدُّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ الْخَلَّالُ فِي الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَأَمَّا مُنَاكَحَتُهُمْ فَتَحْرُمُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَيَسْتَوِي أَهْلُ التَّقِيَّةِ وَالْمُجَادَلَةِ وَعِلْمُهُ بِهِ وَعَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، كَذَا قَالَ، وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ مَعَ تَخْرِيجِهِ عَلَى إمَامَتِهِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي بَيْعِ وَنِكَاحِ مَنْ كَفَّرْنَاهُ كَمُرْتَدٍّ إنْ دَعَا إلَيْهَا أَوْ مُطْلَقًا، وَإِلَّا جَازَ، وَسَيَأْتِي فِي إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ4. قِيلَ لِأَحْمَدَ: آخُذُ عَلَى ابْنِ الْجَهْمِيِّ؟ قَالَ: كَمْ لَهُ؟ قلت: ابن سبع أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَمَانٍ، قَالَ: لَا تَأْخُذْ عَلَيْهِ وَلَا تُلَقِّنْهُ لِتُذِلَّ الْأَبَ بِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: يَأْخُذُ عَلَيْهِ وَيُلَقِّنُهُ، لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيه عَلَى يَدِهِ وَيُنْشِئُهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] . وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ1 مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ "شَرْحِ السُّنَّةِ": وَإِذَا رَأَيْت الرَّجُلَ رَدِيءَ الطَّرِيقِ وَالْمَذْهَبِ، فَاسِقًا فَاجِرًا صَاحِبَ مَعَاصٍ، ظَالِمًا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فَاصْحَبْهُ وَاجْلِسْ مَعَهُ، فَإِنَّك لَيْسَ تَضُرُّك مَعْصِيَتُهُ وَإِذَا رَأَيْت عَابِدًا مُجْتَهِدًا مُتَقَشِّفًا، صَاحِبَ هَوًى، فَلَا تَجْلِسْ مَعَهُ، وَلَا تَسْمَعْ كَلَامَهُ، وَلَا تَمْشِ مَعَهُ فِي طَرِيقٍ، فَإِنِّي لَا آمَنَ أَنْ تَسْتَحْلِيَ طَرِيقَتَهُ فَتَهْلِكَ مَعَهُ. وَقَالَ "الْإِمَامُ" أَحْمَدُ فِي رِسَالَتِهِ إلَى مُسَدَّدٍ: وَلَا تُشَاوِرْ أَهْلَ الْبِدَعِ فِي دِينِك، وَلَا تُرَافِقْهُ فِي سَفَرِك. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّبْصِرَةِ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إذَا رَأَيْت الشَّابَّ أَوَّلَ مَا يَنْشَأُ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فَارْجُهُ، وَإِذَا رَأَيْته مَعَ أَصْحَابِ الْبِدَعِ فَأَيْأَسْ مِنْهُ، فَإِنَّ الشَّابَّ عَلَى أَوَّلِ نُشُوئِهِ. وَرَوَى أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الطَّبَقَاتِ2 مِنْ حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: قُبُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ رَوْضَةٌ، وَقُبُورُ أهل البدع من الزنادقة3 حُفْرَةٌ، فُسَّاقُ أَهْلِ السُّنَّةِ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ، وَزُهَّادُ أهل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبِدَعِ أَعْدَاءُ اللَّهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ عَنْ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ: ذَلِكَ جَالَسَهُ الْمَغَازِلِيُّ وَيَعْقُوبُ وَفُلَانٌ، فَأَخْرَجَهُمْ إلَى رَأْيٍ جَهْمٍ هَلَكُوا بِسَبَبِهِ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَرْوِي الْحَدِيثَ وَهُوَ سَاكِنٌ خَاشِعٌ مِنْ قِصَّتِهِ، فَغَضِبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، وَجَعَلَ يَحْكِي: وَلَا يَعْدِلُ خُشُوعُهُ وَلِينُهُ، وَيَقُولُ: لَا تَغْتَرُّوا بِنُكْسِ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ قَدْ خَبِرَهُ، لَا تكلمه، ولا كرامة له.
نَفْسُك بِوَفَاءِ أَبْنَاءِ الزَّمَانِ فَقَدْ كَذَبَتْك الْحَدِيثَ، هَذَا سَيِّدُ الْبَشَرِ مَاتَ وَحُقُوقُهُ عَلَى الْخَلْقِ بِحُكْمِ الْبَلَاغِ وَالشَّفَاعَةِ فِي الْأُخْرَى، وَقَدْ قَالَ: {لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] ، وَقَدْ شَبِعَ بِهِ الْجَائِعُ وَعَزَّ بِهِ الذَّلِيلُ، فَقَطَعُوا رَحِمَهُ، وَظَلَّ أَوْلَادُهُ بَيْنَهُمْ بَيْنَ أَسِيرٍ وَقَتِيلٍ، وَأَصْحَابُهُ قَتْلَى، عُمَرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَعُثْمَانُ فِي دَارِهِ، وَهَذَا مَعَ إسْدَاءِ الْفَضَائِلِ وَإِقَامَةِ الْعَدْلِ وَالزُّهْدِ، اُطْلُبْ لِخَلَفِك مَا كَانَ لِسَلَفِك. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُنَدَّى حَلْقَهُ، وَأَنْ يُلَقَّنَ قَوْلَ "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" لِأَنَّ إقْرَارُهُ بِهَا إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: يُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْخَبَرِ1 عَلَى الْأُولَى، وَيُلَقَّنُ مَرَّةً، نَقَلَهُ مُهَنَّا وَأَبُو طَالِبٍ "و" وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ ثَلَاثًا، وَلَا يُزَادُ، فَإِنْ تَكَلَّمَ أُعِيدَ بِرِفْقٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ التَّلْقِينُ مِنْ الْوَرَثَةِ بِلَا عُذْرٍ، وَيَقْرَأُ عِنْدَهُ الْفَاتِحَةُ، وَيُسَنُّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: وَتَبَارَكَ، وَكَرِهَ مَالِكٌ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عِنْدَهُ، وَكَرِهَهَا الْحَنَفِيَّةُ بَعْدَ مَوْتِهِ حَتَّى يُغَسَّلَ. وَإِذَا مَاتَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُغْمِضَهُ "و" لِلْخَبَرِ2، لِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ، وقول "بسم الله وعلى ملة3 رَسُولِ اللَّهِ"4. نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُغْمِضُ الرَّجُلُ ذَاتَ مَحْرَمٍ وَتُغْمِضُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: يُكْرَهُ أَنْ يُغْمِضَهُ جنب أو حائض أو يقرباه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَشُدُّ لَحْيَيْهِ1، وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ، وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ، وَيُسَجِّيه بِثَوْبٍ "و" وَيَجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ حَدِيدَةً أَوْ طِينًا وَنَحْوَهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ، قَالَ: فَيُجْعَلُ تَحْتَ رَأْسِهِ شَيْءٌ عَالٍ لِيَحْصُلَ مُسْتَقْبِلًا بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْرِعَ فِي تَجْهِيزِهِ، مَعَ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2. وَسَبَقَ أَنْ: لَا يَنْبَغِي، لِلتَّحْرِيمِ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِاسْتِعْمَالِ الشَّارِعِ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْحَرِيرِ: "لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ" 3. وَيُسْرِعُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجِبُ وَوَصِيَّتُهُ، وَيَنْتَظِرُ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ أَوْ يَشُقُّ جَمْعٌ بِقُرْبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" وَأَطْلَقَ تَعْجِيلَهُ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي الانتظار لولي وجهان "م 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ فِي سُرْعَةِ تَجْهِيزِهِ: وَيُنْتَظَرُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ جَمْعٌ بِقُرْبٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وفي الانتظار لولي وجهان، انتهى:
وَيُنْتَظَرُ فِي مَوْتِ الْفَجْأَةِ حَتَّى يُعْلَمَ مَوْتُهُ، بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَمَيْلِ أَنْفِهِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَانْفِصَالُ كَفَّيْهِ، وَارْتِخَاءِ رِجْلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَوْمٌ، وَقِيلَ: يَوْمَانِ، مَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ، قَالَ الْآجُرِّيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَشِيَّةً: وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ. 1"قال النخعي: كانوا لا يدعونه فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ"1 يَقُولُونَ: يَتَلَاعَبُ بِهِ الشَّيْطَانُ، قَالَ أَحْمَدُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ2. وَلَا يُسْتَحَبُّ النَّعْيُ وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ "م" بل يكره، نص عليه "هـ" 1"ونقل صالح"1: لَا يُعْجِبنِي، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ إعْلَامُ غَيْرِ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ جَارٍ، وَعَنْهُ: أَوْ أَهْلِ دَيْنٍ، وَيَتَوَجَّهُ اسْتِحْبَابُهُ، وَلَعَلَّهُ الْمُرَادُ، لِإِعْلَامِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ3. وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ الَّذِي يَقُمُّ الْمَسْجِدَ أَيْ يَكْنُسُهُ: "أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي؟ " 4. أَيْ أَعْلَمْتُمُونِي، ولا يلزم إعلام قريب. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهَا: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ وَلِيَّهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا تَابَعَا الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَجُوزُ التَّأَنِّي قَدْرَ مَا يَجْتَمِعُ لَهُ النَّاسُ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِمْ أَوْ يَخَفْ عَلَيْهِ الْفَسَادَ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْتَظِرُ. فَهَذِهِ عَشْرُ مسائل.
وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِأَحْمَدَ1 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا حَضَرْته الْوَفَاةُ قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ قَالَ: فَإِنْ مِتُّ مِنْ لَيْلَتِي فَلَا تَنْتَظِرُوا بِي الْغَدَ، فَإِنَّ أَحَبَّ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي إلَيَّ أَقْرَبُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَاتَ مِنْ لَيْلَةِ الثُّلَاثَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأرضاه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب غسل الميت
باب غسل الميت مدخل ... بَابُ غُسْلِ الْمَيِّتِ غُسْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ "و" بِمَاءٍ طَهُورٍ "م ر" مَرَّةً وَاحِدَةً "و" وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغَاسِلِ مُسْلِمًا، فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ "هـ م ق" إنْ اُعْتُبِرَتْ لَهُ النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ "*" وَعَنْهُ: وَلَا نَائِبًا لمسلم نواه المستنيب، والمراد: وإن صَحَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْيَهُودِيِّ لَمَّا أَسْلَمَ عِنْدَ مَوْتِهِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لُوا أَخَاكُمْ" 1. وَيُعْتَبَرُ الْعَقْلُ "و" ولا يكره كونه جنبا أو حائضا "وهـ ش" وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ فِي الْحَائِضِ: لَا يعجبني، والجنب أيسر، لا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْغَاسِلِ مُسْلِمًا فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ لَهُ النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا فَإِنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ، وَهُوَ قَوْلُهُ: "فَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ إنْ اُعْتُبِرَتْ لَهُ النِّيَّةُ وَإِلَّا صَحَّ" تَخْرِيجٌ لِلْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ والمنصوص عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُهُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَبَعْضُهُمْ حَكَى وَجْهًا بِالصِّحَّةِ إذَا لَمْ تُعْتَبَرْ النِّيَّةُ وَالْمَجْدِ ذَكَرَ تَخْرِيجًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً فَلَيْسَ لَهَا غُسْلُ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُغَسِّلُ الْمُسْلِمَ لِأَنَّ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ فِي الْغُسْلِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَقَالَا بَعْدَ ذَلِكَ: لَا يَصِحُّ غُسْلُ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ، فَلَا يطهر غسله المسلم، انتهى: فأزالا4 الإيهام5 الذي في الكلام الأول.
الْعَكْسُ "م" وَقِيلَ: مِثْلُهُمَا الْمُحْدِثُ "خ"1 وَيُغَسِّلُ حَلَالٌ مُحْرِمًا وَعَكْسُهُ "و" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: الْأَفْضَلُ ثِقَةٌ عَارِفٌ بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجِبُ، نَقْلُ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي إلَّا ذَلِكَ، وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ الْمَعْرِفَةُ، وَقِيلَ: الْعَدَالَةُ. وَفِي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ "م 1" فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الأكثر وَفِي الِانْتِصَارِ: يَكْفِي إنْ عَلِمَ، وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي، وَاحْتَجَّ بِغُسْلِهِمْ لِحَنْظَلَةَ2. وَبِغُسْلِهِمْ لِآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ3، وَلَمْ تَأْمُرْ الْمَلَائِكَةُ وَلَدَهُ بِإِعَادَةِ غسله. وبأن سعدا لما مات، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ كَأَذَانِهِ: يَعْنِي هَلْ يُجْزِئُ غُسْلُهُ لِلْمَيِّتِ أَمْ لَا: أَحَدُهُمَا يَصِحُّ وَيُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، فَقَالَ: إذَا غَسَّلَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ الْمَيِّتَ صَحَّ غُسْلُهُ، صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ تَصِحُّ، فَصَحَّ أَنْ يُطَهِّرَ غَيْرَهُ كَالْكَبِيرِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: وَيَجُوزُ مِنْ مُمَيِّزٍ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ السُّقُوطُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْغَاسِلُ مُمَيِّزًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْأَذَانِ إجْزَاءَ أَذَانِهِ عَلَى الصَّحِيحِ فَكَذَا هُنَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، وَلَا يُجْزِئُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ: قَالَ الْمَجْدُ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِغُسْلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، كَمَا لَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لأداء الفرض، بَلْ يَقَعُ فِعْلُهُ نَفْلًا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: حَكَى بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ كَوْنِهِ غَاسِلًا لِلْمَيِّتِ وَيَسْقُطُ بِهِ الْفَرْضُ رِوَايَتَيْنِ، وَطَائِفَةٌ وجهين.
أَسْرَعَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْمَشْيِ إلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ، فَقَالَ: "خَشِيت أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إلَى غُسْلِهِ كَمَا سَبَقَتْنَا إلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ" 1. قَالَ: فَيَدُلُّ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تُغَسِّلْ حَنْظَلَةَ لَغَسَّلَهُ، وَلَكِنَّ غُسْلَهَا قَامَ مَقَامَ غُسْلِهِ، وَأَنَّهَا لَوْ سَبَقَتْ إلَى سَعْدٍ سَقَطَ فَرْضُ الْغُسْلِ، وَإِلَّا لَمْ يُبَادِرْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ غُسْلُهُ بَعْدَ غُسْلِهِمْ لَهُ، وَكَذَا ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ وَجَّهَ عَدَمَ صِحَّتِهِ مِنْ الْمُمَيِّزِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ، مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَطْهِيرُهُ لِنَفْسِهِ فَكَذَا لِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي وَقَالَ: قَالُوا هَذَا غُسْلُ الْمَلَائِكَةِ، وَكَلَامُنَا فِي غُسْلِ الْآدَمِيِّينَ. قِيلَ: الْوَاجِبُ الْغُسْلُ، فَأَمَّا الْغَاسِلُ فَلَا يُعْتَبَرُ عَلَى رِوَايَةٍ، وَلِهَذَا نَقُولُ: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ النِّيَّةِ كَالصَّبِيِّ وَالْكَافِرِ، فَكَيْفَ بِغُسْلِ الْمَلَائِكَةِ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْوَاجِبُ الْغُسْلُ، فَأَمَّا الْغَاسِلُ فَيَجُوزُ مَنْ كَانَ. قَالُوا: وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْنَا لِمُخَاطَبَتِنَا بِحَقِّ الْآدَمِيِّ دُونَ الْمَلَائِكَةِ، وَإِنَّمَا أُمِرُوا فِي الْبَعْضِ إظْهَارًا لِلْفَضِيلَةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مُسْلِمِي الْجِنِّ كَذَلِكَ، وَأَوْلَى، لِتَكْلِيفِهِمْ، وَسَبَقَ ذلك في آخر صلاة الجماعة2.
فصل: يقدم به وصيه العدل
فَصْلٌ: يُقَدَّمُ بِهِ وَصِيُّهُ3 الْعَدْلُ ، وَقِيلَ: أَوْ فَاسِقٌ، ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ "وش" لَا عَلَى الْأَبِ "م" ويتوجه تخريج4 من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نِكَاحٍ، وَلِهَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مُحْتَجًّا لِلْمَذْهَبِ: وَلِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْأَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ، كَذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ؛ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، ثُمَّ أَقْرَبُ عُصْبَتِهِ نَسَبًا وَنِعْمَةً، وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ أَخٌ وَابْنُهُ عَلَى جَدٍّ "م" وَعَنْهُ: سَوَاءٌ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ، كَالْمِيرَاثِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَصَاحِبُ النَّظْمِ: ثُمَّ صَدِيقُهُ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْجَارِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَا فَرْقَ، وَفِي تَقْدِيمِهِ عَلَى صَدِيقٍ نَظَرٌ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ "و" وَقِيلَ: وَلَوْ صَحَّتْ بِصَلَاةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ إلَّا بِجَوْدَةِ الصَّنْعَةِ، كَحَفْرِ الْقَبْرِ وَالْحَمْلِ وَطَرْحِ التُّرَابِ، وَقِيلَ: لَا يُقَدَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ. وَالْأَوْلَى تُغَسِّلُ الْمَرْأَةَ وَصِيَّتَهَا عَلَى مَا سَبَقَ، ثُمَّ أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ، ثُمَّ الْقُرْبَى كَالْمِيرَاثِ، وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ، لِاسْتِوَائِهَا فِي الْقُرْبِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ، وَكَذَا بِنْتُ أَخِيهَا وَبِنْتُ أُخْتِهَا، وَفِي الْهِدَايَةِ: بِنْتُ الْأَخِ، فَدَلَّ أَنَّ مَنْ كَانَتْ عُصْبَةً لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا فَهِيَ أَوْلَى، لَكِنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ مَنْ يُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ: حَتَّى وَالِيه وَقَاضِيه. وَيُغَسِّلُ "أُمَّ" وَلَدِهِ فِي الْأَصَحِّ "هـ" وَأَمَتَهُ الْقِنَّ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ" لِبَقَاءِ الملك من وجه، للزومه تجهيزها "*". ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَيُغَسِّلُ أُمَّ وَلَدِهِ وَأَمَتَهُ القن لبقاء الملك من وجه،
وَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا انْتَهَى، تَقَرَّرَ حُكْمُهُ، وَكَذَا تَغْسِيلُهُمَا لَهُ، وَقِيلَ بِالْمَنْعِ هُنَا، وَقِيلَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، لِبَقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْأَمَةِ مِنْ وَجْهٍ لِقَضَاءِ دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ. وَتُغَسِّلُ1 الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا "و" ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ "ع" وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ "هـ" أَوْ وَلَدَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ "هـ" وَفِيهِمَا وَجْهٌ، أَوْ بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ "ش م ر" ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلُزُومِهِ تَجْهِيزَهَا" كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهُ تَجْهِيزَهُمَا، بِضَمِيرِ الْمَثْنَى، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ بلزوم تجهيز أم الولد.
إنْ أُبِيحَتْ الرَّجْعِيَّةُ، وَحُكِيَ عَنْهُ: تُغَسِّلُهُ لِعَدَمٍ، فَيَحْرُمُ نَظَرُ عَوْرَةٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، كَالْمَذْهَبِ فِيمَنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ "و". وَيُغَسِّلُ امرأته، نقله الجماعة "وم ش" وَعَنْهُ: لِعَدَمٍ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ "*" "وهـ" ومتى جاز نظر كل1 مِنْهُمَا غَيْرَ الْعَوْرَةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وِفَاقًا لِجُمْهُورِ، الْعُلَمَاءِ، وَجَوَّزَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ بِلَا لَذَّةٍ، وَاللَّمْسُ وَالْخَلْوَةُ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ. وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي نَظَرِ الْفَرْجِ، فَتَارَةً أَجَازَهُ بِلَا لَذَّةٍ وَتَارَةً مَنَعَ، وَقَالَ: الْمُعَيَّنُ فِي الْغُسْلِ وَالْقَائِمُ عَلَيْهِ كَالْغَاسِلِ فِي الْخَلْوَةِ بِهَا وَالنَّظَرِ إلَيْهَا، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَلَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ قَبَّلَتْ ابْنَهُ لِشَهْوَةٍ لَمْ تُغَسِّلْهُ، لِرَفْعِ ذَلِكَ حِلَّ النَّظَرِ وَاللَّمْسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَوْ وَطِئَ أُخْتَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تُغَسِّلْهُ إلَّا أَنْ تَضَعَ عَقِبَ مَوْتِهِ، لِزَوَالِ الْحُرْمَةِ، وَلَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي اسْتِبْرَاءٍ فوجهان"*" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَيُغَسِّلُ امْرَأَتَهُ، وَعَنْهُ: لِعَدَمٍ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ" انْتَهَى، إنَّمَا اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ لَا الثَّالِثَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَلَا بَأْسَ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَثْبَتَ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ لَمَّا نَفَى رِوَايَةَ الْجَوَازِ مَعَ الضَّرُورَةِ جَعَلَ اخْتِيَارَ الْخِرَقِيِّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا لَا الْمَنْعَ مُطْلَقًا، فَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَمْ يَخْتَرْ الْخِرَقِيُّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. "*" الثَّالِثُ: قَوْلُهُ "وَلَا يُغَسِّلُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زوج، فإن كانت في
وَلَا الْمُعْتَقَ بَعْضُهَا، وَلَا تُغَسِّلُ مُكَاتَبَةٌ سَيِّدًا لَمْ يَشْتَرِطْ وَطْأَهَا، وَيُغَسِّلُهَا. وَتَرْكُ التَّغْسِيلِ مِنْ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَسَيِّدٍ أَوْلَى، وَالْأَشْهَرُ يُقَدَّمُ أَجْنَبِيٌّ عَلَيْهَا وَأَجْنَبِيَّةٌ عَلَيْهِمَا. وَفِي تَقْدِيمِ زَوْجٍ عَلَى سيد وعكسه وتساويهما أوجه "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتِبْرَاءٍ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي الَّذِي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَكَيْف يُقَالُ: لَا يُغَسِّلُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ، ثُمَّ يُحْكَى خِلَافًا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ زَوْجٌ وَسَيِّدٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَإِذَا جَعَلْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي زَالَ الْإِشْكَالُ، وَكَانَ هَذَا قَوْلًا مُؤَخَّرًا، وَطَرِيقَةً ضَعِيفَةً، فَيُقَالُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ غُسْلِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَبُو الْمَعَالِي يَقُولُ: لَا يُغَسِّلُهُمَا، وَحَكَى فِي الْمُسْتَبْرَأَةِ وَجْهَيْنِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي1، وَإِنْ نَحْمِلَهُ عَلَى هَذَا يَحْصُلُ التَّنَاقُضُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: "وَفِي تَقْدِيمِ زَوْجٍ عَلَى سَيِّدٍ وَعَكْسِهِ وَتَسَاوِيهِمَا أَوْجُهٌ"، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ: أَحَدُهَا: الزَّوْجُ أَوْلَى مِنْ السَّيِّدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: الزَّوْجُ أَوْلَى فِي أَصَحِّ الِاحْتِمَالَيْنِ: قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: السَّيِّدُ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: التَّسَاوِي. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وهو ظاهر كلام أبي2 الخطاب
وفي أم ولد على زَوْجَةٍ وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ "م 3" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَالْقَاتِلُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَقْتُولِ إنْ لَمْ يَرِثْهُ، لِمُبَالَغَتِهِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلَمْ أَجِدْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يَتَّجِهُ فِي قَتْلٍ لَا يَأْثَمُ بِهِ.
فصل: للرجل والمرأة غسل من له دون سبع سنين،
فَصْلٌ: لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَلَوْ 1"بِلَحْظَةٍ "هـ"1 وَعَنْهُ: وَسَبْعٌ إلَى عَشْرٍ، اخْتَارَهُ أبو بكر "وم" أَمْكَنَ الْوَطْءُ أَوْ لَا "م" فَلَا عَوْرَةَ إذَنْ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: "وَفِي أُمِّ وَلَدٍ زَوْجَةٍ وَعَكْسِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ الْمَيِّتِ زَوْجَةٌ وَأُمُّ وَلَدٍ، فَهَلْ الزَّوْجَةُ أَوْلَى بِالْغُسْلِ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ، أَمْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْلَى مِنْ الزَّوْجَةِ؟ هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ: هَلْ الزَّوْجَةُ أَوْلَى أَمْ هُمَا سَوَاءٌ؟ كَذَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ فِي ذَلِكَ عَلَى نَقْلٍ خَاصٍّ، وَهُوَ الظَّنُّ بِهِ، لَكِنَّ كَوْنَهُ لَمْ يَحْكِ مَا قَالَهُ هُوَ لَا الْجَمَاعَةُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ قَوْلَهُمْ، وَلَكِنْ حَصَلَ ذُهُولٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الزَّوْجَةَ أَوْلَى مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ فِي غُسْلِهِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ2: مِنْ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَيْسَ لَهَا غُسْلُ سَيِّدِهَا وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ لِلزَّوْجَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا سَوَاءٌ، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، مَعَ الْمُشَاحَّةِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْلَى من الزوجة وجه
فِي الْمَضَاجِعِ" 1. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ2 وَابْنِ مَنْدَهْ: الْأَمْرُ بِالتَّفْرِيقِ لِسَبْعٍ، وَقِيلَ: تُحَدُّ الْجَارِيَةُ بِتِسْعٍ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ: إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ فَهِيَ امْرَأَةٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ3، وَرَوَاهُ الْقَاضِي بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا4، وَحَكَى فِيهِمَا: إلَى الْبُلُوغِ، لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، كَقَبْلِ السَّبْعِ، وَعَنْهُ: الْوَقْفُ فِي الرَّجُلِ لِلْجَارِيَةِ، وَقِيلَ5 بِمَنْعِهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ: لَهُ غُسْلُ ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ دُونَ سَبْعٍ إلَى ثَلَاثٍ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُغَسِّلَانِ مَنْ لَا يُشْتَهَى. وَيُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْ غُسْلِ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَتَكْفِينِهِ وَاتِّبَاعِ جِنَازَتِهِ وَدَفْنِهِ "وم" وعنه: يجوز، اختاره الآجري وأبو حفص "وهـ ش" قَالَ أَبُو حَفْصٍ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَلَعَلَّ مَا رَوَاهُ ابْنُ مُشَيْشٍ قَوْلٌ قَدِيمٌ، أَوْ تَكُونُ قَرَابَةً بَعِيدَةً، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ إذَا كَانَتْ قَرِيبَةً، مِثْلَ مَا رَوَى حَنْبَلٌ، كَذَا "قَالَ" قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الْمَذْهَبُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا رَوَيْنَا عَنْهُ، وَمَا رَوَاهُ حَنْبَلٌ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: يُحَضِّرُ وَلَا يُغَسِّلُ، وَاحْتَجُّوا بِالنَّهْيِ عَنْ الْمُوَالَاةِ6، وَهُوَ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ وَتَطْهِيرٌ لَهُ، فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ، وَفَارَقَ غُسْلَهُ فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْصِدُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ دُونَ غُسْلِهِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، لعدم ثبوته في ـــــــــــــــــــــــــــــQثَالِثٌ، إنْ وُجِدَ بِهِ نَقْلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قِصَّةِ أَبِي طَالِبٍ1، وَعَنْهُ: دَفْنُهُ خَاصَّةً، كَالْعَدَمِ "و" وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إذَا غُسِّلَ فَكَثَوْبٍ نَجِسٍ، فَلَا وُضُوءَ وَلَا نِيَّةَ لِلْغُسْلِ، وَيُلْقَى فِي حُفْرَةٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ رَكِبَ وَسَارَ أَمَامَهُ، وَذَكَرُوا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: إنَّهُ إذَا سَارَ أَمَامَهُ لَا يَكُونُ مَعَهُ، وَرُوِيَ مَرْفُوعًا2. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ لَزِمَنَا دَفْنُهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: لَا، وَقَالَ مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ كَمُرْتَدٍّ نَتْرُكُهُ طُعْمَةً لِكَلْبٍ، وَإِنْ غَيَّبْنَاهُ فَكَجِيفَةٍ. والزوجة وأم الولد وقيل: والأجنبي كقريب.
فصل: يستحب أن يبدأ بمن يخاف عليه، ثم بالأقرب
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ ، ثُمَّ قِيلَ: الْأَسَنُّ، وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ، وَأَطْلَقَ3 الْآجُرِّيُّ تَقْدِيمَ4 الْأَخْوَفِ ثُمَّ الْفَقِيرِ ثُمَّ مَنْ سَبَقَ "م 4". وَيُسْتَحَبُّ تَوْجِيهُهُ فِي كُلِّ أحواله، وكذا على مغتسله "و" مستلقيا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: "وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ، ثُمَّ قَالَ: الْأَسَنُّ. وَقِيلَ: الْأَفْضَلُ، وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ تَقْدِيمَ الْأَخْوَفِ، ثُمَّ الْفَقِيرِ، ثُمَّ مَنْ سَبَقَ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ عَلَى الْأَسَنِّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ قَدَّمَ الْأَصْحَابُ فِي الْإِمَامَةِ الْأَفْضَلَ عَلَى الْأَسَنِّ. وَالْوَجْهُ الثاني يقدم الأسن عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 في "س": "وقال"، وفي هامشها: "وأطلق" نسخة. 4 في "ب" و"س" و"ط": "يقدم".
وَنُصُوصُهُ: كَوَقْتِ الِاحْتِضَارِ، مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ، تَحْتَ سِتْرٍ مُجَرَّدًا، مَسْتُورَ الْعَوْرَةِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ، وَإِنَّمَا غُسِّلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قَمِيصٍ عَلَى مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ1؛ لِأَنَّهُ طَيِّبٌ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَعَنْهُ غُسْلُهُ فِي قَمِيصٍ وَاسِعٍ أَفْضَلُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ "وش" وَيُكْرَهُ2 أَنْ يُحْضِرَهُ إلَّا مَنْ يُعَيِّنُ غَاسِلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي وابن عقيل لِوَلِيِّهِ الدُّخُولُ عَلَيْهِ كَيْفَ شَاءَ. وَلَا يُغَطِّي وَجْهَهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "و" وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ: يُسَنُّ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَغَيَّرَ لِدَمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُظَنُّ السُّوءُ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ وَلَا تَتَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" 3. فَلَمْ يَصِحَّ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ فِعْلَهُ أَوْ تَرْكَهُ لَا بَأْسَ4. وَيُرْفَعُ رَأْسُهُ إلَى قَرِيبِ جُلُوسِهِ، وَلَا يُشَقُّ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَيُعْصَرُ بَطْنُهُ بِرِفْقٍ، وَيَكُونُ ثَمَّ بَخُورٍ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُرْفَعُ رَأْسُهُ هُنَا بَلْ بَعْدَ غُسْلِهِ، وَيَحْرُمُ مَسُّ عَوْرَتِهِ "و" وَنَظَرُهَا "و" وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ: يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ5 الْغَلِيظَةُ: الْفَرْجَانِ، لِئَلَّا يَشُقَّ الْغُسْلُ، وَيُنَجِّيه بِخِرْقَةٍ "و" وَيُسْتَحَبُّ فِي بَقِيَّةِ بدنه. وقال ابن عقيل: بدنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَوْرَةٌ، إكْرَامًا لَهُ مِنْ حَيْثُ وَجَبَ سَتْرُ جَمِيعِهِ، فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ، وَلَمْ يَجُزْ1 أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا مَنْ يُعَيِّنُ فِي أَمْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، فِي الْغُنْيَةِ: كَالْأَصْحَابِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ: إنَّهُ عَوْرَةٌ، لِوُجُوبِ سَتْرِ جَمِيعِهِ. ثُمَّ يَنْوِي2 غُسْلَهُ، وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَصَحِّ "هـ م ر ق" وَفِي وُجُوبِ الْفِعْلِ وجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ "ثُمَّ يَنْوِي غُسْلَهُ، وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي وُجُوبِ الْفِعْلِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ نَفْسُ الْفِعْلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ الْفِعْلُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ غُسْلِ الْغَرِيقِ عَلَى الْأَظْهَرِ، فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْفِعْلِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيه "قُلْت" كَلَامُهُ فِي التَّلْخِيصِ يُحْتَمَلُ، فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ لَا يَجِبُ نَفْسُ الْفِعْلِ يَقُولُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَنْ يَنْوِي الْغُسْلَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ تُرِكَ الميت تحت مِيزَابٍ أَوْ أُنْبُوبَةٍ أَوْ مَطَرٍ، أَوْ كَانَ غَرِيقًا، فَحَضَرَ مَنْ يَصْلُحُ لِغُسْلِهِ، وَنَوَى غُسْلَهُ إذَا اشْتَرَطْنَاهَا فِيهِ، وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ، أَجْزَأَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ، 3"وَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ بِغَرَقٍ أَوْ بِمَطَرٍ، فَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يَجِبُ تَغْسِيلُهُ، وَلَا يُجْزِئُ"3 مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا إنْ اعْتَبِرْنَا الْفِعْلَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ نَوَى غُسْلَهُ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا حَاجَةَ إلَى غُسْلِهِ إذَا لَمْ نَعْتَبِرْ الْفِعْلَ وَلَا النِّيَّةَ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَجِبُ غُسْلُ الْغَرِيقِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَمَأْخَذُهُمَا وُجُوبُ الفعل.
فائدتهما: فِي نِيَّةِ غُسْلِ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَفِي التَّسْمِيَةِ الرِّوَايَاتُ السَّابِقَةُ "م 6" وَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَةِ نَجَاسَةٍ، وَلَا يَكْفِي مَسْحُهَا، وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ إليه بل يجب أن ينجى1 "هـ" وعند أبي يوسف ومحمد: لا ينجى2 لِئَلَّا يَسْتَرْخِيَ فَتَخْرُجُ نَجَاسَةٌ أُخْرَى، وَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَمَنْخِرَيْهِ بِمَاءٍ "هـ" نَدْبًا، وَقِيلَ: وُجُوبًا، ثُمَّ يُتَمِّمُهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ "و" وَظَاهِرُهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ "هـ" وَالْأَصَحُّ لَا يَجِبُ تَوْضِيئُهُ "و" لِقِيَامِ مُوجِبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ يَصُبُّ مَاءً عَلَى فِيهِ وَأَنْفِهِ كمضمضة3 واستنشاق. ولا يدخله فيهما "ش".
فصل: ثم يغسل برغوة السدر رأسه
فَصْلٌ: ثُمَّ يَغْسِلُ بِرَغْوَةِ السِّدْرِ رَأْسَهُ بِتَثْلِيثِ رَاءِ رَغْوَةٍ وَلِحْيَتَهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَبَقِيَّةَ بَدَنِهِ، وَنَصُّهُ: لَا يُسَرَّحُ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ، واختار ابن حامد: يسرح خفيفا "وش" يَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ، وَيَقْلِبُهُ عَلَى جنبيه4، مع غسل شقيه "وهـ" وقيل: بعدهما "وش" يفعل ذلك، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ "وَفِي التَّسْمِيَةِ الرِّوَايَاتُ السَّابِقَةُ" يَعْنِي: التي5 فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ، وَصَحَّحْنَا الْمَذْهَبَ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيُعَاوَدْ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 في "س" و"ط": "جنبه". 5 ليست في "ط".
حَتَّى الْوُضُوءَ، وَحَكَى رِوَايَةً، ثَلَاثًا، وَلِلْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي تَكْرِيرِ وُضُوئِهِ، وَيُكْرَهُ مَرَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبنِي. وَيُمِرُّ كُلَّ مَرِّ يَدِهِ عَلَى بَطْنِهِ "وش" وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: عَقِبَ الثَّانِيَةِ "وهـ" لِأَنَّهُ يُلَيِّنُ، فَهُوَ أَمْكَنُ، وَعَنْهُ: وَعَقِبَ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ لَمْ يُنَقِّ بِثَلَاثٍ زَادَ حَتَّى يُنَقِّيَ "و" وَيَقْطَعُ عَلَى وِتْرٍ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يُزَادُ عَلَى سَبْعٍ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ، ونقل ابن واصل1: يزاد إلى خمس، ويمرخ2 بِسِدْرٍ مَضْرُوبٍ3 أَوَّلًا، وَيَجُوزُ مَعْنَاهُ، كَخِطْمِيٍّ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: إنْ لَمْ يُوجَدْ يَسْتَعْمِلُ الْغُبَيْرَاءَ4؟ قَالَ: لَا أَعْرِفُهُ. ثُمَّ يُغَسِّلُ فَيَكُونُ غُسْلُهُ، قَالَ جَمَاعَةٌ: بَعْدَ تَنْقِيَةِ بَدَنِهِ مِنْ السِّدْرِ بِخِرْقَةٍ، وَقِيلَ: يَذُرُّ فِي مَاءٍ "وهـ" وَقِيلَ: لَا يُغَيِّرُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُعِدْ غُسْلَهُ فِي وَجْهٍ "وش" وَيَجْعَلُ كُلَّ مَرَّةٍ "وم" وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: يَبْقَى السِّدْرُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: وَإِنْ بَقِيَ، وَنَقَلَ حنبل: يجعل أول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مرة، اختاره جماعة "وش" وَعَنْهُ: وَالثَّانِيَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَيْضًا: ثَلَاثًا بِسِدْرٍ وَآخِرُهَا بِمَاءٍ وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ هَلْ السِّدْرُ فِي الثَّانِيَةِ أَمْ "فِي" الثَّالِثَةِ؟ وَيَجْعَلُ فِي الْأَخِيرَةِ1 كَافُورًا "هـ" وَفِي مَذْهَبِهِ خِلَافٌ، وَمِنْ الْعَجِيبِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ خَطَّأَ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ، قِيلَ: مَعَ السِّدْرِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَذَكَرَهُ الْخَلَّالُ، وَقِيلَ: وَحْدُهُ "م 7" وَقِيلَ: يُجْعَل فِي الْكُلِّ "خ". وَيُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَاءٌ حَارٌّ "م" بِلَا حَاجَةٍ كَخِلَالٍ وأشنان، واستحبه ابن حامد "وهـ" وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي حَمَّامٍ، نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَلَا يَغْتَسِلُ غَاسِلُهُ بِفَضْلِ مَاءٍ سُخِّنَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَرَكَهُ حَتَّى يَبْرُدَ، قاله أحمد، ذكره الخلال. ويجز شاربه "وق" وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَهُ أيضا ويأخذ شعر إبطه في المنصوص "وق" وَعَنْهُ: وَعَانَتِهِ، قِيلَ فِيهَا: بِنَوْرَةٍ، لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ وَيَجْعَلُ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا قِيلَ: مَعَ السِّدْرِ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَذَكَرَهُ الْخَلَّالُ، وَقِيلَ: وَحْدَهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُجْعَلُ وَحْدَهُ فِي مَاءٍ قَرَاحٍ2، اختاره القاضي وغيره.
وَفِي الْفُصُولِ: لِأَنَّهَا أَسْهَلُ مِنْ الْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ، وَقِيلَ: بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ "م 8" وَعَنْهُ: فِي الْكُلِّ إنْ فَحَشَ. وَقَالَ 1"أَبُو الْمَعَالِي"1: وَيَأْخُذُ ما بين فَخْذَيْهِ، وَيَجْعَلُ ذَلِكَ مَعَهُ، كَعُضْوٍ سَاقِطٍ، وَيُعَادُ غُسْلُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، كَعُضْوٍ، وَالْمُرَادُ يُسْتَحَبُّ. وَيَبْقَى عَظْمٌ نَجِسٌ جُبِرَ بِهِ مَعَ الْمُثْلَةِ وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ عَكْسُهُ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ اتَّخَذَ أُذُنًا بَدَلَ أُذُنِهِ وَسَقَطَتْ حِينَ غُسْلِهِ دُفِنَتْ مُنْفَرِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ بَانَتْ مِنْهُ ثُمَّ أُلْصِقَتْ ثُمَّ بَانَتْ أُعِيدَتْ إليه. وتزال اللُّصُوقُ2 لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ سَقَطَ مِنْهُ شَيْءٌ بقيت ومسح عليها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ شَعْرَ إبْطِهِ فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَنْهُ: وَعَانَتِهِ، قِيلَ فِيهَا: بِنَوْرَةٍ، لِتَحْرِيمِ النَّظَرِ. وَفِي الْفُصُولِ: لِأَنَّهَا أَسْهَلُ مِنْ الْحَلْقِ بِالْحَدِيدِ، وَقِيلَ: بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَالزَّرْكَشِيِّ إطْلَاقُ الْخِلَافِ: أَحَدُهُمَا يَكُونُ أَخْذُهَا بِنُورَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي "قُلْت": وَهُوَ أَوْلَى إنْ تَيَسَّرَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَكُونُ بِحَلْقٍ أَوْ قَصٍّ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيه. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ "قُلْت": نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَقِيلَ: يُزَالُ بِأَحَدِهِمَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ: وَيُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ، وَأَطْلَقَ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَيُزَالُ شَعْرُ عَانَتِهِ بِالنُّورَةِ أَوْ بِالْحَلْقِ، قال في
وَلَا يَبْقَى خَاتَمُ وَنَحْوُهُ وَلَوْ بِبَرْدِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهُ إتْلَافٌ لِغَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ، قَالَ أَحْمَدُ تُرْبَطُ أَسْنَانُهُ بِذَهَبٍ إنْ خِيفَ سُقُوطُهَا، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ سَقَطَتْ لَمْ تُرْبَطْ فِيهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَيُؤْخَذُ إنْ لَمْ تَسْقُطْ. وَيَحْرُمُ خَتْنُهُ "و" وَكَذَا حَلْقُ رَأْسِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يُكْرَهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لا يقص، وقيل: يحلق، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ. وَيُسْتَحَبُّ خِضَابُ الشَّعْرِ بِحِنَّاءٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الشَّائِبُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُخَضَّبُ مَنْ عَادَتُهُ الْخِضَابُ، وَيُضَفَّرُ شَعْرُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ، وَيُسْدَلُ خَلْفَهَا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَامَهَا، لَا أَنَّهُ يُضَفَّرُ ضَفْرَتَيْنِ عَلَى صَدْرِهَا "هـ" وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يُضَفَّرُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: الْعَرُوسُ تَمُوتُ فَتُحَلَّى، فأنكره شديدا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَيُنَوَّرُ أَوْ يُحْلَقُ إبْطَاهُ وَعَانَتُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي جَوَازِ أَخْذِ شَعْرِ عَانَتِهِ بِالْحَلْقِ أَوْ بِالنُّورَةِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: بَلْ1 بالنورة فقط.
وَيُنَشَّفُ الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ "و" لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ. 1"وَفِي الْوَاضِحِ: لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لِلْحَيِّ فِي رِوَايَةٍ، كَذَا قَالَ"1. وَفِي الْوَاضِحِ: لِأَنَّهُ مِنْ كَمَالِ غُسْلِ الْحَيِّ، وَلَا يَتَنَجَّسُ مَا نُشِّفَ بِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ "و". وَإِنْ خَرَجَ شَيْءٌ بَعْدَ غُسْلِهِ غُسِلَتْ النَّجَاسَةُ "و" وَوُضِّئَ "هـ" فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَنَصَّهُ: وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَأُعِيدَ غُسْلُهُ "هـ م ق" وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْغُسْلَ وَجَبَ لِزَوَالِ الْعَقْلِ، فَقَدْ وَجَبَ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، فَجَازَ أَنْ يَبْطُلَ بِمَا تَبْطُلُ بِهِ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَبْطُلَ الْغُسْلُ بِمَا لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، كَخَلْعِ الْخُفِّ لَا يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلِ، وَيَنْقُضُ الطَّهَارَةَ فِيهَا. وَإِنْ لَمَسَتْهُ امْرَأَةٌ لشهوة2، وَانْتَقَضَ طُهْرُ الْمَلْمُوسِ غُسِلَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُوَضَّأُ فَقَطْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. وَإِنْ جَاوَزَ سَبْعًا لَمْ يُعِدْ غُسْلُهُ، وَيُوَضَّأُ، وَعَنْهُ: لَا، لِلْمَشَقَّةِ والخوف عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُكْرَهُ حَشْوُ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بِقُطْنٍ أَوْ طِينٍ حُرٍّ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ وِفَاقًا لِمَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، وَعِنْدَ "ش" لَا بَأْسَ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَيَجِبُ التَّلَجُّمُ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ حُمِلَ1 "و" وَعَنْهُ: يُعَادُ غُسْلُهُ وَيُطَهَّرُ كَفَنُهُ، وَعَنْهُ: قَبْلَ سَبْعٍ، وَعَنْهُ: يُعَادُ مِنْ الْكَثِيرِ قَبْلَ تَكْفِينِهِ وَبَعْدَهُ، وَعَنْهُ: خُرُوجُ دَمٍ أَيْسَرُ، وَإِنْ خَاطَبَهُ الْغَاسِلُ حَالَ غُسْلِهِ نَحْوُ: انْقَلِبْ رَحِمَك اللَّهُ، فَلَا بَأْسَ، لِقَوْلِ "عَلِيٍّ" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِبْت حيا وميتا2.
عَدَمِ غَاسِلٍ "وم" وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ يُطِيقُ الْغُسْلَ عَلِمُوهُ وَبَاشَرَهُ، نص عليه "و". "و" وَيُصَلَّى عَلَى1 كُلِّ طِفْلٍ "و" وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ2، وَعَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَأَحْمَدُ3، وَقَالَ: مُنْكَرٌ جِدًّا. قَالَ: وَهُوَ مِنْ ابْنِ إِسْحَاقَ. وإذا كمل لسقط4 بِتَثْلِيثِ السِّينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ، أَوْ بَانَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ غُسِّلَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، "وق" وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، لِأَنَّهُ لَا يُبْعَثُ قَبْلَهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُبْعَثُ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ قَوْلُ كثير من الفقهاء. وفي "نهاية المبتدي": لَا يُقْطَعُ بِإِعَادَتِهِ وَعَدَمِهَا، كَالْجَمَادِ. وَفِي الْفُصُولِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ، كَالْعَلَقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُعَادُ وَلَا يُحَاسَبُ، وَذَكَرَ الْبَرْبَهَارِيُّ أَنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْ الْحَجَرِ لِمَ نَكَبَ أُصْبُعَ الرَّجُلِ؟ وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ بَيْنَ الشَّجَرِ وَالْعِيدَانِ جَائِزٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ مِثْلِ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَفِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ5، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "لَا يَسْمَعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَلَا دَلِيلَ عَلَى تَأْوِيلِهِ، وَأَمَّا الْبَهَائِمُ وَالْقِصَاصُ بَيْنَهَا فَهُوَ قَوْلُنَا وَقَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ1، خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ، لِخُرُوجِهَا عَنْ التَّكْلِيفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُسْتَحَبُّ تَسْمِيَةُ مَنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ "هـ" وَإِنْ جَهِلَ أَذَكَرٌ أُمّ أُنْثَى سَمَّى بِصَالِحٍ لَهُمَا، كَطَلْحَةَ. وَإِنْ كَانَ مِنْ كَافِرَيْنِ فَإِنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ فَكَمُسْلِمٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: صل2 عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَيَأْتِي فِي مَجْهُولِ الْحَالِ3. وَيُغَسَّلُ الْمُحْرِمُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، كَمَا سَبَقَ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمَنْعَ مِنْ تَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخِرَقِيِّ وَالتَّلْخِيصِ، وَهُوَ وَهْمٌ، قَالَهُ الْخَلَّالُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ بَقِيَّةَ كَفَنِهِ كَحَلَالٍ، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْهِ لَا يُزَادُ، واختاره الخلال، ولعل المراد: يستحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَلِكَ، فَيَكُونُ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ الْجَوَازَ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَيَسْتُرُ عَلَى نَعْشِهِ بِشَيْءٍ، وَيُجَنَّبُ مَا يَجْتَنِبُ حَيًّا "هـ م" لِبَقَاءِ إحْرَامِهِ، وَقِيلَ: يَفْدِي الْفَاعِلُ، وَلَا يُوقَفُ بِعَرَفَةَ، وَلَا يُطَافُ "بِهِ" بِدَلِيلِ الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُحِسُّ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ جُنَّ، وَيَنْقَطِعُ ثَوَابُهُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ السِّدْرِ "هـ م" وَلَا تُمْنَعُ الْمُعْتَدَّةُ من الطيب في الأصح.
مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ عَلَى الْأَصَحِّ "م ش" فَفِي تَوْضِئَةِ مُحْدِثٍ وَجْهَانِ "م 9" وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ1. وَكَذَا كُلُّ غُسْلٍ وَجَبَ قَبْلَ الْمَوْتِ، كَالْكَافِرِ يُسْلِمُ ثُمَّ يُقْتَلُ، وَقِيلَ فِيهِ: لَا غُسْلَ، وَلَا فَرْقَ. وَتُغْسَلُ نَجَاسَةٌ "و" وَيُحْتَمَلُ بَقَاؤُهَا2، كَالدَّمِ "و" وَلَوْ لَمْ تَزُلْ إلَّا بِالدَّمِ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَجَزَمَ3 غيره بغسلهما4، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي تَكْفِينِهِ فِي ثَوْبِهِ يَجِبُ بَقَاءُ الدَّمِ، وَذَكَرُوا رِوَايَةَ كَرَاهَةِ تَنْشِيفِ الْأَعْضَاءِ لِدَمِ الشَّهِيدِ. وَمَنْ سَقَطَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَابَّةٍ لَا بِفِعْلِ الْعَدُوِّ أَوْ رَفَسَتْهُ فَمَاتَ، أَوْ وُجِدَ مَيِّتًا لَا أَثَرَ بِهِ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا دَمَ مِنْ أَنْفِهِ أَوْ دُبُرِهِ أو ذكره؛ لأنه معتاد، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ اعْتَبِرْنَا الْأَثَرَ هُنَا احْتِيَاطًا لِلْغُسْلِ، وَلَمْ نَعْتَبِرْهُ فِي الْقَسَامَةِ احْتِيَاطًا لِوُجُوبِ الدم، قال الأصحاب: أو مات ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ فِي الشَّهِيدِ: وَفِي تَوْضِئَةِ مُحْدِثٍ وَجْهَانِ، يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُغَسَّلُ لِجَنَابَةٍ أَوْ طُهْرٍ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ فَهَلْ يُوَضَّأُ إذَا كَانَ مُحْدِثًا حَدَثًا أَصْغَرَ فَقَطْ؟ أُطْلِقَ الخلاف، وأطلقه ابن تميم، وابن حمدان في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُصَنِّفُ فِي "حَوَاشِيهِ عَلَى الْمُقْنِعِ":
حَتْفَ أَنْفِهِ "خ" غُسِّلَ "ش" كَبَقِيَّةِ الشُّهَدَاءِ، وَقِيلَ: لَا، وَحَكَى رِوَايَةً، وَكَذَا مَنْ عَادَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ فِيهَا، فِي الْمَنْصُوصِ "ش" وَإِنْ جُرِحَ1 فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ نَامَ أَوْ بَالَ أَوْ تَكَلَّمَ زَادَ الْجَمَاعَةُ: أَوْ عَطَسَ غسل، نص عليه "وهـ" وَمَعْنَاهُ قَوْلُ "م"، وَعَنْهُ: إلَّا مَعَ جِرَاحَةٍ كثيرة، وإن طال الفصل - "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُوَضَّأُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْغُسْلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَلَكِنَّ قَوْلَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: وَالشَّهِيدُ لَا يُغَسَّلُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُوَضَّأُ، وَفِيهِ ما فيه.
وَالْمُرَادُ: عُرْفًا، لَا وَقْتَ صَلَاةٍ أَوْ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً، وَهُوَ يَعْقِلُ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ أَكَلَ غُسِّلَ، وَقِيلَ: لَا يغسل وإن مات حال الحرب "وش" نَقَلَ جَمَاعَةٌ: إنَّمَا يُتْرَكُ غُسْلُ مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَإِنَّ مَنْ حُمِلَ وَفِيهِ رُوحٌ غُسِّلَ. وَلَا يُغَسَّلُ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا عَلَى الْأَصَحِّ، وعنه: في معركة "وهـ ق" أَوْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ صَبْرًا "و" وَكُلُّ شَهِيدٍ غُسِّلَ صَلَّى1 عَلَيْهِ "*" وُجُوبًا، وَمَنْ لَا يغسل لا يصلى عليه" "وم" وعنه: تجب الصلاة، اختاره جماعة "وهـ" وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ فَهِيَ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ: تَرْكُهَا، وَظَاهِرُ الخلاف أنهما سواء؛ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُوَضَّأُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "*" تَنْبِيهٌ2: قَوْلُهُ: "وَكُلُّ شَهِيدٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ" وُجِدَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ "وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ"، وَهُوَ خَطَأٌ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا، وَهُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
قَالَ: وَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ تَعَارُضُ الْأَخْبَارِ فَيُخَيَّرُ، كَمَا قُلْنَا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ إنْ شَاءَ إلَى الْأُذُنَيْنِ أَوْ إلَى الْمَنْكِبَيْنِ، وَحُكِيَ عَنْهُ التَّحْرِيمُ "وش" وَتُنْزَعُ عَنْهُ لَامَةُ الْحَرْبِ "م ر" وَنَحْوُ فَرْوَةٍ وَخُفٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ "م" وَيَجِبُ دَفْنُهُ فِي بَقِيَّةِ ثِيَابِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ "ش" فَلَا يُزَادُ "هـ م" وَلَا يُنْقَصُ "هـ" بِحَسْبِ الْمَسْنُونِ. وَقِيلَ: لَا بَأْسَ. وَالْغَالُّ الْمَقْتُولُ فِي الْمَعْرَكَةِ شَهِيدٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَأَمَّا فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا1، أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قِيلَ لَهُ: إنَّهُ شَهِيدٌ، وَقِيلَ: لَهُ هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ: "كَلًّا". وَأَخْبَرَ2 عَنْ عَذَابِهِ بِمَا غَلَّهُ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ثَوَابَهُ نَقَصَ لِغُلُولِهِ، وَلَهُ ثَوَابٌ. وَالشَّهِيدُ غَيْرُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ بِضْعَةَ عَشْرَ، مُفَرَّقَةً فِي الْأَخْبَارِ3، وَمِنْ أَغْرَبَهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْخَلَّالُ مِنْ رِوَايَةِ الْهُذَيْلِ بْنِ الْحَكَمِ4 - وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ5 وَصَحَّحَهُ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعا: "موت الغريب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَهَادَةٌ". وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَأَغْرَبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّى وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْعَاشِقَ مِنْهُمْ. وَأَشَارُوا إلَى الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ: "مَنْ عَشِقَ وَعَفَّ وَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا" 1. وَهَذَا الْخَبَرُ مَذْكُورٌ فِي تَرْجَمَةِ سُوَيْد بْنِ سَعِيدٍ2 فِيمَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: أَنَا أَتَعَجَّبُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرُ سُوَيْدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: صَدُوقٌ، زَادَ أَبُو حَاتِمٍ: كَثِيرُ التَّدْلِيسِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: عَمِيَ فَكَانَ يُلَقَّنُ مَا لَيْسَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ إلَى الضَّعْفِ أَقْرَبُ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْخَبَرَ فِي الْمَوْضُوعَاتِ3. وَرَوَاهُ سُوَيْد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ4، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ5، وَرَوَاهُ أَيْضًا مَوْقُوفًا، وَرَوَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ6، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ1، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ2، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَمَاتَ فَهُوَ شَهِيدٌ"3، قَالَ أَحْمَدُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ: هُوَ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ يَأْخُذُ عَنْهُ؟ وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ لا يعقل الحديث. وقال ابن المشرقي4: لَا يَدْرِي الْحَدِيثَ. وَضَعَّفَهُ السَّاجِيُّ5 وَالْأَزْدِيُّ6. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ7: دَارَتْ الْفُتْيَا عَلَيْهِ فِي زَمَانِهِ إلَى مَوْتِهِ، وَكَانَ مُولَعًا بِسَمَاعِ الْغِنَاءِ، وَاحْتَجَّ بِهِ النَّسَائِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ: كَوْنُ الْعِشْقِ شَهَادَةً مُحَالٌ، وَأَتَى بِمَا لَيْسَ بِدَلِيلٍ، وَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ؟ وَهُوَ بَلْوَى مِنْ اللَّهِ، وَمِحْنَةٌ وَفِتْنَةٌ، صَبَرَ فِيهَا وَعَفَّ وَاحْتَسَبَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي "الْفُنُونِ": سُئِلَ حَنْبَلِيٌّ: لم كان جهاد النفس آكد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَهَادَيْنِ؟ قَالَ: لِأَنَّهَا مَحْبُوبَةٌ، وَمُجَاهِدَةُ الْمَحْبُوبِ شَدِيدَةٌ، بَلْ نَفْسُ مُخَالَفَتِهَا جِهَادٌ. وَسَبَقَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ1 فِي أَوَّلِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ2. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمِنْهَاجِ" قُبَيْلَ كِتَابِ آدَابِ السَّفَرِ: وَكُلُّ مُتَجَرِّدٍ لِلَّهِ فِي جِهَادِ نَفْسِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، كَمَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: رَجَعْنَا مِنْ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ، وَسُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ هَذَا الْخَبَرِ مَرْفُوعًا، قَالَ: لَا يَصِحُّ: وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ مَنْ صَنَّفَ فِي الرَّقَائِقِ، وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ3 مَرْفُوعًا فِي قَوْلِهِ: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: 78] ، وَلِابْنِ مَاجَهْ4 مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا".
فصل: يغسل مجهول الإسلام بعلامته،
فَصْلٌ: يُغَسَّلُ مَجْهُولُ الْإِسْلَامِ بِعَلَامَتِهِ، وَيُصَلَّى عَلَيْهِ "و" وَلَوْ كَانَ أَقْلَفَ أَوْ كَانَ بِدَارِنَا لَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا عَلَامَةَ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: يُسْتَدَلُّ بِخِتَانٍ وَثِيَابٍ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَدْرِ صَلَّى عَلَيْهِ، لَا يَضُرُّهُ. وَدُفِنَ مَعَنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِهِ الْمَنْثُورِ فِيمَنْ مَاتَ5 بَيْنَ دَارِنَا وَدَارِ الْحَرْبِ، وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ إذَا وُجِدَ الطِّفْلُ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَيِّتًا يَجِبُ غُسْلُهُ وَدَفْنُهُ فِي مَقَابِرِنَا، قَالَ: وَقَدْ منعوا أن يدفن أطفال المشركين في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ سَبَقَ1. وَمَنْ مَاتَ فِي سَفِينَةٍ غُسِّلَ وَصُلِّي عَلَيْهِ بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَأُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ سَلًّا كَإِدْخَالِهِ2 فِي الْقَبْرِ، مَعَ خَوْفِ فَسَادِهِ أَوْ حَاجَةٍ، وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: يُثَقَّلُ بِشَيْءٍ، وَذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ عَنْ أَصْحَابِنَا، قَالَ: وَلَا مَوْضِعَ لَنَا الْمَاءُ فِيهِ بَدَلٌ مِنْ التُّرَابِ إلَّا هُنَا، وَمَنْ مَاتَ بِبِئْرٍ أُخْرِجَ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا طُمَّتْ وَجُعِلَتْ قَبْرَهُ، وَمَعَ حَاجَةِ الْأَحْيَاءِ إلَيْهَا يُخْرَجُ، وَقِيلَ: لَا مَعَ مُثْلَةٍ وَفِي الْفُصُولِ: إنْ أَمْكَنَ إخْرَاجُهُ3 وَأَمِنَّا عَلَى النَّازِلِ فِيهَا لَزِمَ ذَلِكَ، وَإِلَّا طُمَّتْ، وَمَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا تَبْقَى بِحَالِهَا. وَيَلْزَمُ الْغَاسِلَ سَتْرُ الشَّرِّ لَا إظْهَارُ الْخَيْرِ، فِي الْأَشْهَرِ فِيهِمَا، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا، وَكَمَا يَحْرُمُ تَحَدُّثُهُ وَتَحَدُّثُ الطَّبِيبِ وَغَيْرُهُمَا بِعَيْبٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا عَلَى مُشْتَهِرٍ بِفُجُورٍ أَوْ بِدْعَةٍ فَيُسْتَحَبُّ ظُهُورُ شَرِّهِ وَسَتْرُ خَيْرِهِ. وَنَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ وَلَا نَشْهَدُ إلَّا لِمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَوْ اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى الثَّنَاءِ أَوْ الْإِسَاءَةِ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْأَكْثَرُ، وَأَنَّهُ الْأَكْثَرُ دِيَانَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أَفْعَالُ الْمَيِّتِ مُوَافِقَةً لِقَوْلِهِمْ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ عَلَامَةً مُسْتَقِلَّةً، وَكَذَا مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ هُبَيْرَةَ: الِاعْتِبَارُ بِأَهْلِ الخير، وسأله ابن هانئ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ الشَّهَادَةِ لِلْعَشْرَةِ بِالْجَنَّةِ فَقَالَ: أَلَيْسَ أَبُو بَكْرٍ قَاتِلًا لِأَهْلِ الرِّدَّةِ وَقَالَ: لَا، حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ؟ فَقَدْ كَانَ أَصْحَابُ أَبِي بَكْرٍ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ قُلْت: فَحَدِيثُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: لَوْ شَهِدْت عَلَى أَحَدٍ حَيٍّ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ لَشَهِدَتْ عَلَى ابْنِ عُمَرَ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَمَا قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ أَحَدٌ حَيٌّ، إلَّا وَيُعْلِمُك أَنَّ مَنْ مَاتَ قَدْ شَهِدَ لَهُ بِالْجَنَّةِ1. وَعَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "أَيُّمَا مُسْلِمٌ شَهِدَ لَهُ أَرْبَعَةٌ بِخَيْرٍ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ"، قَالَ: فَقُلْنَا: وَثَلَاثَةٌ؟ قَالَ: "وَثَلَاثَةٌ" قُلْنَا: وَاثْنَانِ؟ قَالَ: "وَاثْنَانِ" ثُمَّ لَمْ نَسْأَلْهُ عَنْ الْوَاحِدِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ2. وَفِي "مَنْثُورِ ابْنُ عَقِيلٍ" عَنْ أَحْمَدَ: "مَنْ مَاتَ بِبَغْدَادَ عَلَى السُّنَّةِ نُقِلَ مِنْ جَنَّةٍ إلَى جَنَّةٍ" وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: جَنَّاتُ الدُّنْيَا "فِي" ثَلَاثِ مَوَاضِعَ: نَهْرِ مَعْقِلٍ بِالْبَصْرَةِ، وَدِمَشْقُ بِالشَّامِ، وَسَمَرْقَنْدُ بِخُرَاسَانَ. وَكَثُرَ تَفْضِيلُ بَغْدَادَ وَمَدْحُهَا مِنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَ شُعْبَةُ لِأَبِي الْوَلِيدِ: أَدَخَلْت بَغْدَادَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَكَأَنَّك لَمْ تَرَ الدُّنْيَا. وَقَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ3: مَا رَأَيْت قَوْمًا أَعْقَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ بَغْدَادَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لِيُونُسَ بْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبْدِ الْأَعْلَى1: دَخَلْت بَغْدَادَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مَا رَأَيْت النَّاسَ وَلَا رَأَيْت الدُّنْيَا وَقَالَ: مَا دَخَلْت بَلَدًا قَطُّ إلَّا عَدَدْتُهُ2 سَفَرًا إلَّا بَغْدَادَ، فَإِنِّي حِينَ دَخَلْتهَا عَدَدْتهَا وَطَنًا وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ: الْإِسْلَامُ بِبَغْدَادَ، وَإِنَّهَا لَصَيَّادَةٌ تَصِيدُ الرِّجَالَ، وَمَنْ لَمْ يَرَهَا لم ير الدنيا. وقال ابن3 مُجَاهِدٌ4: رَأَيْت أَبَا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ فِي النَّوْمِ فَقُلْت: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِك؟ قَالَ: دَعْنِي مِمَّا فَعَلَ اللَّهُ بِي، مَنْ أَقَامَ بِبَغْدَادَ عَلَى السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَمَاتَ نُقِلَ إلَى الْجَنَّةِ، وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ5، وَذَكَرَ بَغْدَادَ فَقَالَ: هِيَ دَارُ دُنْيَا وَآخِرَةٍ. وَقَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ6: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمُرُوءَةَ وَالظُّرْفَ فَعَلَيْهِ بِسُقَاةِ الْمَاءِ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَ إلَيْهَا رَأَى سِقَاءً فَقَالَ: هَذَا سِقَاءُ السُّلْطَانِ؟ فَقِيلَ: سِقَاءُ الْعَامَّةِ، فَشَرِبَ مِنْهُ، فَشَمَّ مِنْ الْكُوزِ7 رَائِحَةَ الْمِسْكِ، فَقُلْت لِمَنْ مَعِي: أَعْطِهِ دِينَارًا، فَأَبَى أَخْذَهُ فَقُلْت لَهُ: لم؟ قال: أنت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَسِيرٌ، وَلَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ آخُذُ مِنْك. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ1، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى2: إذَا كَانَ عِلْمُ الرَّجُلِ حِجَازِيًّا، وَخُلُقُهُ عِرَاقِيًّا، وَطَاعَتُهُ شَامِيَّةً، فَقَدْ كَمُلَ3. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ4 فِي أَهْلِ بَغْدَادَ: هُمْ جَهَابِذَةُ العلم. وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْقَاسِمِ الدَّيْلَمِيُّ وَهُوَ شَيْخٌ يَنْطِقُ بِعُلُومٍ: دَخَلْتُ الْبُلْدَانَ مِنْ سَمَرْقَنْدَ إلَى الْقَيْرَوَانِ وَمِنْ سَرَنْدِيبَ إلَى بَلَدِ الرُّومِ، فَمَا وَجَدْت بَلَدًا أَفْضَلَ وَلَا أَطْيَبَ مِنْ بَغْدَادَ. وَقَالَ: إذَا خَرَجْت مِنْ الْعِرَاقِ، فَالدُّنْيَا كُلُّهَا رُسْتَاقٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: اعْتِدَالُ هَوَائِهَا وَطِيبُ مَائِهَا لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ فُطْنَ أَهْلِهَا وَعُلُومَهُمْ وَذَكَاءَهُمْ يَزِيدُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى هَذَا جَمِيعُ فُطَنَاءِ الْغُرَبَاءِ، وَإِنَّمَا يَعِيبُهَا الْجَامِدُ الذِّهْنِ، وَمَا زَالَتْ الشُّعَرَاءُ تَمْدَحُهَا، كَذَا قَالَ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فِي فَضْلِ الشَّامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا لَيْسَ فِي الْعِرَاقِ، وَأَفْضَلُ الشَّامِ دِمَشْقُ بِلَا شَكٍّ، فَهُوَ فَاضِلٌ فِي نَفْسِهِ، وَأَقَامَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاء وَالزُّهَّادِ وَالْعُبَّادِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَمَا يَتَّفِقُ فِيهِ قَلَّ أَنْ يَتَّفِقَ فِي غَيْرِهِ، بَلْ لَا يُوجَدُ، فَمَنْ تَأَمَّلَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنْصَفَ عَلِمَهُ. وَمَعْلُومٌ مَا فِي ذَمِّ الْمَشْرِقِ مِنْ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ1 وَالْفِتَنِ. وَبَغْدَادُ مِنْهُ، وَفِيهَا مِنْ الْحَرِّ الشَّدِيدِ وَكَثْرَةِ اسْتِيلَاءِ الْغَرَقِ عَلَيْهَا مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالْأَخْبَارِ وَفَضْلُ بَغْدَادَ عَارِضٌ بِسَبَبِ الْخُلَفَاءِ بِهَا، وَفِي ذَمِّهَا خَبَرٌ خَاصٌّ عَنْ جَرِيرٍ مَرْفُوعًا: "تُبْنَى مَدِينَةٌ بَيْنَ قُطْرَبُّلَ وَالصَّرَاةِ وَدِجْلَةُ وَدُجَيْلٌ، يَخْرُجُ مِنْهَا جَبَّارُ أَهْلِ الْأَرْضِ، يُجْبَى إلَيْهَا الْخَرَاجُ، يَخْسِفُ اللَّهُ بِهَا، أَسْرَعُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمِعْوَلِ فِي الْأَرْضِ الرَّخْوَةِ" 2. فَهَذَا خَبَرٌ مَعْرُوفٌ بِعَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ، وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ أَيْضًا: ثِقَةٌ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ ثَبْتٌ مُتَعَبِّدٌ صَاحِبَ سُنَّةٍ، وَتَرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَا أَصْلَ لَهُ، وقال ابن الجوزي: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رُوِيَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ طَرِيقًا كُلُّهَا وَاهِيَةٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقَيْنِ، وَمِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَلَا يَثْبُتُ، وَذَكَرْتهَا فِي "الْمَوْضُوعَاتِ"1. قَالَ "الْإِمَامُ" أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسُئِلَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ: "تُبْنَى مَدِينَةٌ ... "، فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، وَمَا حَدَّثَ بِهِ إنْسَانٌ ثِقَةٌ، قَالَ الْخَطِيبُ2: كُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاهِيَةُ الْأَسَانِيدِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ، كَذَا قَالَ، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ فِي فَضْلِ الْعِرَاقِ بِأَشْيَاءَ مِنْ جِنْسِهَا، وَتَابَعَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ ذَمَّ بَغْدَادَ، فَعَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: هِيَ مَغْصُوبَةٌ وَقِيلَ: مِنْ السَّوَادِ وَهُوَ وَقْفٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا شِرَاؤُهَا، وَقِيلَ: لِمُجَاوَرَةِ السَّلَاطِينِ وَالْمُتْرَفِينَ. وَقَالَ سُفْيَانُ: الْمُتَعَبِّدُ بِبَغْدَادَ كَالْمُتَعَبِّدِ فِي الْكَنِيفِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ داود الخريبي3: كَانَ سُفْيَانُ يَكْرَهُ جِوَارَ الْقَوْمِ وَقُرْبَهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لَيْسَ بَغْدَادُ مَسْكَنَ الزُّهَّادِ. ثُمَّ أجاب ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَوْزِيِّ بِمَا لَا يَنْفَعُ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يزرع داره ويخرج عنها. قال الأصحاب: لأن بغداد كانت مساكن1 وَقْتَ فُتِحَتْ. قَالَ شَيْخُنَا: وَتَوَاطُؤُ الرُّؤْيَا كَتَوَاطُؤِ الشَّهَادَاتِ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَيَحْرُمُ سُوءَ الظَّنِّ بِمُسْلِمٍ ظَاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَيُسْتَحَبُّ ظَنُّ الْخَيْرِ بِالْأَخِ الْمُسْلِمِ، قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي تَحْقِيقُ ظَنِّهِ فِي رِيبَةٍ. وَفِي "نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ": حُسْنُ الظَّنِّ بِأَهْلِ الدِّينِ حَسَنٌ. وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ2 وَالْقُرْطُبِيُّ3 الْمَالِكِيَّانِ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يَحْرُمُ ظَنُّ الشَّرِّ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الْخَيْرُ، وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ بِظَنِّهِ بِمَنْ ظَاهِرُهُ الشَّرُّ. وَفِي الْبُخَارِيِّ4: مَا يَكُونُ مِنْ الظَّنِّ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا". وَفِي لَفْظِ: "دِينِنَا الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ" 5 وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"6 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ". وبعث عليه السلام عمرا الخزاعي7 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى مَكَّةَ، فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ1 يَصْحَبُهُ فَقَالَ لَهُ: إذَا هَبَطْت بِلَادَ قَوْمِهِ فَاحْذَرْهُ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ الْقَائِلُ أَخُوك الْبَكْرِيُّ لَا تَأْمَنُهُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، رَوَى ذَلِكَ أحمد.2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الكفن
باب الكفن مدخل ... باب الكفن وَهُوَ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ "و" وَقِيلَ: وَحَنُوطُهُ وَطِيبِهِ "وم ق" وَلَا بَأْسَ بِالْمِسْكِ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَاجِبٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ1، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَحْسِينِهِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ2، فَيَجِبُ مَلْبُوسُ مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ غَيْرٍ وَاحِد، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "وهـ" مَا لَمْ يُوصِ بِدُونِهِ. وَفِي الْفُصُولِ: إنَّ ذَلِكَ بِحَسَبِ حَالِهِ، كَنَفَقَتِهِ فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ فَلْسٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ حَالِهِ، كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ الْعَادَةِ فَأَكْثَرَ الطِّيبَ وَالْحَوَائِجَ، وَأَعْطَى الْمُقْرِئِينَ3 بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ، وَأَعْطَى الْحَمَّالِينَ4 وَالْحَفَّارَ5 زِيَادَةً عَلَى الْعَادَةِ عَلَى طَرِيقِ الْمُرُوءَةِ لَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فَمُتَبَرِّعٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ التَّرِكَةِ فَمِنْ نَصِيبِهِ. وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد6 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: "لَا تُغَالُوا فِي الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يُسْلَبُهُ سَلْبًا سَرِيعًا". وَلَيْسَ7 الْكَفَنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سُنَّةً، خِلَافًا لِلتُّحْفَةِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ. وَالْجَدِيدُ أَفْضَلُ، فِي الْمَنْصُوصِ "ش" وَلَيْسَا سَوَاءً "هـ" وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: يُصَلِّي أَوْ يُحْرِمُ فِيهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَيَضَعُهُ لِكَفَنِهِ، فَرَآهُ حَسَنًا، وَعَنْهُ: يُعْجِبنِي جَدِيدٌ أَوْ غَسِيلٌ، وَكُرِهَ لُبْسُهُ حَتَّى يُدَنِّسَهُ، قِيلَ: لَهُ بَيْعُهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ؟ فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا. وَفِي الْمُغْنِي1: جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَحْسِينِهِ، وَلَا تَجِبُ، وَكَذَا فِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ بِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحَيِّ، وَيُقَدِّمُهُ عَلَى دَيْنِ الرَّهْنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَنَحْوِهِمَا فِي الْأَصَحِّ "هـ ش" وَلَا يُسْتَرُ بِحَشِيشٍ، وَيُقْضَى دَيْنُهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفُنُونِ، وَيُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةٍ مُسْبَلَةٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِنَّةَ، وَعَكْسُهُ الْكَفَنُ وَالْمُؤْنَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ: لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ السَّبِيلِ، وَالْمَذْهَبُ: بَلْ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوْ بَذَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ نَفْسِهِ لَمْ يَلْزَمْ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ قَبُولُهُ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْبَقِيَّةِ نَقْلُهُ وَسَلْبُهُ مِنْ كَفَنِهِ بَعْدَ دَفْنِهِ، بِخِلَافِ مُبَادَرَتِهِ إلَى دَفْنِهِ فِي مِلْكِ الْمَيِّتِ، لِانْتِقَالِهِ إلَيْهِمْ، لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُمْ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ "م ر" ثُمَّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"و" ثُمَّ عَلَى مُسْلِمٍ عَالِمٍ بِهِ، أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: قَالَ حَنْبَلٌ: بِثَمَنِهِ كَالْمُضْطَرِّ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا غَيْرُهُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ لَا يَقُومُ بِهِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي: إذَا ذَهَبَتْ رِفْقَتُهُ وَتَرَكُوهُ بِطَرِيقٍ سَابِلَةٍ أَوْ قُرْبِ الْعَامِرِ أَسَاءُوا وَإِلَّا أَثِمُوا، وَإِنْ وَجَدُوهُ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْحَنُوطِ وَالْكَفَنِ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، عَمَلًا بِالظَّاهِرِ، كَذَا قَالَ، وَيُتَوَجَّهُ تَلْزَمُهُمْ. وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَنُ امرأته، نص عليه "وم ر" وقيل: بلى، وحكى رواية "وهـ ش م ر" وَقِيلَ: مَعَ عَدَمِ تَرِكَةٍ، وَلَا يُكَفَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِعَدَمٍ، كَمُرْتَدٍّ، وَقِيلَ: يَجِبُ كَالْمَخْمَصَةِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ، لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، لَكِنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: لِمَصْلَحَتِنَا.
فصل: يجب لحق الله ثوب لا ستر العورة
فَصْلٌ: يَجِبُ لِحَقِّ اللَّهِ ثَوْبٌ لَا سَتْرَ الْعَوْرَةِ "ق" وَكَذَا لِحَقِّ الْمَيِّتِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وم ق" وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ، وَحَكَى رِوَايَةً وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَتَبِعَهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِبْ لَمْ تَجُزْ مَعَ وَارِثٍ صَغِيرٍ، وَأَبْطَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالْكَفَنِ الْحَسَنِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الثَّلَاثَةُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ لَا عَلَى الدَّيْنِ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي، وَقَالَ: فَإِنْ كُفِّنَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَثَوْبٌ. وَفِي الزَّائِدِ لِلْكَمَالِ وَجْهَانِ، وَلَيْسَ الْوَاجِبُ ثَوْبَيْنِ "هـ" وَيُقَدَّمُ عَلَى تَكْفِينِ جَمَاعَةٍ فِي ثَوْبٍ لِعَدَمٍ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْأَشْهَرُ يُجْمَعُونَ فِي الثَّوْبِ، لِخَبَرِ أَنَسٍ فِي قَتْلَى أُحُدٍ1. وَهَلْ يُقَدَّمُ سَتْرُ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِيه وَبَاقِيه بِحَشِيشٍ أَوْ كَحَالِ الْحَيَاةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 1" وَإِنْ أوصى بتكفينه في ثوب أو دون ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقَدَّمُ سِتْرَ رَأْسِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ بَاقِيه، وَبَاقِيه بِحَشِيشٍ أَوْ كَحَالِ الْحَيَاةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا يُقَدَّمُ رَأْسُهُ على سائر جسده، جزم به فِي الْفُصُولِ فَقَالَ: فَإِنْ كَانَ الْكَفَنُ يَعُوزُ فَلَا يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ سُتِرَ مِنْهُ مَا اسْتَتَرَ، لَكِنْ يُقَدَّمُ جَانِبُ الرَّأْسِ، وَيُسْتَرُ مَا بَقِيَ بِالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَيْضًا فَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكْفِ لِسِتْرِ جَمِيعِ الْمَيِّتِ سُتِرَ بِهِ مَا يَلِي رَأْسَهُ، وَبَاقِي جَسَدِهِ بِالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا فَقَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ سُتِرَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، وَسُتِرَ بَقِيَّةُ بَدَنِهِ بِوَرَقٍ أَوْ حَشِيشٍ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُسْتَرُ عَوْرَتُهُ، وَمَا فَضَلَ يُسْتَرُ بِهِ رَأْسُهُ وَمَا يَلِيه، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالنَّظْمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ المجد، وقدمه ابن تميم،
ملبوس مثله جَازَ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "ع" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: أَوْ فِي كِسْوَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ وَجَبَ أَكْثَرُ مِنْ ثَوْبٍ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ وَصَّى فِي أَثْوَابٍ ثَمِينَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَسَبَقَتْ الْكَرَاهَةُ1، وَلَا تُمْنَعُ الصِّحَّةُ، فإن صح فمن ثلثة2 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لِلرَّجُلِ ثَوْبًا يَسْتُرُ جَمِيعَهُ سَتَرَ رَأْسَهُ، وَجَعَلَ على رجليه
"وهـ" وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَصِفَ الْكَفَنُ الْبَشَرَةَ "و" وَتُكْرَهُ رِقَّةٌ تَحْكِي هَيْئَةَ الْبَدَنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَبِشَعْرٍ وَصُوفٍ، وَيَحْرُمُ بِجُلُودٍ، وَكَذَا تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ بحرير، نص عليه "وم ر" كَصَبِيٍّ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَّا احتمالا لابن عقيل وعنه: يكره "وم ش" وقيل: لا "وهـ" وَمِثْلُهُ "الْمَذْهَبُ". وَيُكْرَهُ، تَكْفِينُهَا بِمُزَعْفَرٍ وَمُعَصْفَرٍ1؛ "هـ" فِيهِمَا لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْبَيَاضِ2، وَكَالرَّجُلِ، وَيَتَوَجَّهُ كَمَا سَبَقَ فِي سِتْرِ الْعَوْرَةِ3، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ، فَلَا يُكْرَهُ لَهَا، لَكِنَّ الْبَيَاضَ أَوْلَى، وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ بِمَا فِيهِ4 مِنْ النُّقُوشِ، وَهُوَ مَعْنَى الْفُصُولِ، وَيَجُوزُ لِعَدَمِ تَكْفِينِهِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَرِيرٍ لِلضَّرُورَةِ، لَا مُطْلَقًا "م ر" وَلَا يُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ "و" ولا تعميمه "و" في أحد ـــــــــــــــــــــــــــــQحَشِيشًا أَوْ وَرَقًا، كَمَا فُعِلَ بِخَبَّابٍ5، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ سَتَرَهَا انْتَهَى. فَجَزَمُوا بِتَقْدِيمِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ عَلَى سَتْرِ الرَّأْسِ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ البحرين والنظم، وقدمه ابن تميم، والمصنف فِي حَوَاشِيهِ، وَقَالُوا: لَوْ فَضَلَ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ شَيْءٌ سُتِرَ بِهِ الرَّأْسُ، وَهَذَا صَحِيحٌ بِلَا نِزَاعٍ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَغَيْرِهِ "قُلْت": الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَسْتُرُ الرَّأْسَ وَمَا يَلِيه وَلَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ الرَّأْسِ وَمَا يَلِيه عَلَى الرِّجْلَيْنِ وَمَا يَلِيهِمَا، لَا عَلَى الْعَوْرَةِ، والله أعلم.
الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا "م 2 و 3" بَلْ فِي سَبْعَةِ أَثْوَابٍ "م". وَيَحْرُمُ دَفْنُ ثَوْبٍ وَحُلِيٍّ غَيْرِ الْكَفَنِ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَقَدْ ذَكَرُوا تَحْرِيمَهُ أَصْلًا لِرِوَايَةِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ بِلَا حَاجَةٍ، وَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ1 تَأْثِيمُ مُتْلِفِهِ، وَلَوْ أَذِنَ مَالِكُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 2 - 3: قَوْلُهُ: وَلَا يُكْرَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ، وَلَا تَعْمِيمُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا، انْتَهَى. ذِكْرُ مسألتين: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 2: إذَا كُفِّنَ الرَّجُلُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 3: هَلْ يُكْرَهُ تَعْمِيمُهُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الكبرى:
فصل: يستحب كون الأثواب ثلاث لفائف بيض
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْأَثْوَابِ ثَلَاثَ لَفَائِفَ بِيضٍ ، لا واحد منها، حبرة يجمر1 وَحْدَهُ "هـ" وَيُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُهَا، زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ: ثَلَاثًا، لِلْخَبَرِ2، وَالْمُرَادُ وِتْرًا، بَعْدَ رَشِّهَا بِمَاءِ وَرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِيُعَلَّقَ، وَيُبْسَطُ بَعْضُهَا، فَوْقَ بَعْضٍ، وَأَحْسَنُهَا أَعْلَاهَا، 3"لِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ عَادَةُ الْحَيِّ، وَيُذَرُّ بَيْنَهَا حَنُوطٌ وَهُوَ أَخْلَاطٌ مِنْ طِيبٍ لَا ظَاهِرَ"3 الْعُلْيَا "و" وَلَا عَلَى الثَّوْبِ الَّذِي عَلَى النَّعْشِ "و" نَقَلَهُ "الْجَمَاعَةُ" لِكَرَاهَةِ السَّلَفِ، وَعَنْهُ: وَلَا كُلَّ الْعُلْيَا "خ" ثُمَّ يُوضَعُ عَلَيْهَا مُسْتَلْقِيًا، وَيُحَنَّطُ قُطْنٌ يُجْعَلُ مِنْهُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَيُشَدُّ فَوْقَهُ خِرْقَةٌ تَجْمَعُ أَلْيَتَيْهِ وَمَثَانَتَهُ، وَيُجْعَلُ الْبَاقِي عَلَى مَنَافِذِ وَجْهِهِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يُجَنَّبُ الْقُطْنَ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، كَمَنَافِذِهِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: إنْ خَافَ حشاه بقطن وكافور. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا لَا يُكْرَهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يَكُونُ فِي الْكَفَنِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ4. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ: الْأَفْضَلُ عِنْدَ إمَامِنَا أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ بِيضٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ، فَظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قَدْ فَتَحَ الله بتصحيحها.
المستوعب: إن خاف فلا بأس به، نَصَّ عَلَيْهِ وَيُطَيَّبُ مَوَاضِعُ سُجُودِهِ وَمَغَابِنُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَتَطْيِيبُ كُلِّهِ حَسَنٌ، وَعَنْهُ: الْكُلُّ سَوَاءٌ، وَالْمَنْصُوصُ: يُكْرَهُ دَاخِلَ عَيْنَيْهِ "و" وَيُكْرَهُ وَرْسٌ وَزَعْفَرَانٌ فِي حَنُوطٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَجْلِ لَوْنِهِ، فَرُبَّمَا ظَهَرَ عَلَى الْكَفَنِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لِاسْتِعْمَالِهِ غِذَاءً وَزِينَةً، وَلَا يُعْتَادُ التَّطَيُّبُ بِهِ، قَالَ: وَيُكْرَهُ طَلْيُهُ بِصَبْرٍ1 لِيَمْسِكَهُ وَيُغَيِّرَهُ، مَا لَمْ يُنْقَلْ. ثُمَّ يُرَدُّ طَرَفَ اللِّفَافَةِ الْعُلْيَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ 2"عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ طَرَفُهَا الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ"2، ثُمَّ الثَّانِيَةُ، وَالثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُصُولِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَالَ: لِأَنَّهُ عَادَةُ لُبْسِ الْحَيِّ فِي قُبَاءَ وَرِدَاءَ وَنَحْوِهِمَا، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالْعَكْسِ، لِئَلَّا يَسْقُطَ عَنْهُ الطَّرَفُ الْأَيْمَنُ إذَا وُضِعَ عَلَى يَمِينِهِ فِي الْقَبْرِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَيُجْعَلُ مَا عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ رِجْلَيْهِ؛ لِشَرَفِهِ وَالْفَاصِلُ عَنْ وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ عَلَيْهِمَا، وَيَعْقِدُهَا إنْ خَافَ انْتِشَارَهَا، فَلِذَا تُحَلُّ3 الْعُقَدُ فِي الْقَبْرِ، زَادَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ نَسِيَ بَعْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ قريبا؛ لأنه سنة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ تَخْرِيقُهُ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إلَّا لِخَوْفِ نَبْشِهِ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَلَوْ خِيفَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَلَا يُحَلُّ الْإِزَارُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ يُكْرَهُ فِي مِئْزَرٍ ثُمَّ قَمِيصٍ، وَالْمَنْصُوصُ: بِكُمَّيْنِ وَدَخَارِيصَ1 لَا يُزَرُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لِلْحَيِّ زَرُّهُ2 فَوْقَ إزَارٍ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَمِيصُهُ مُطْلَقَ الْأَزْرَارِ3. كَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ لِلْحَيِّ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ وَالْعُرْفُ، وَالْأَصْلُ التَّقْرِيرُ وَعَدَمُ التَّغْيِيرِ، وَيَأْتِي كَلَامُ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ: تُحَلُّ أَزْرَارُهُ4؟ قَالَ: لَا. وَظَاهِرُهُ الِاسْتِحْبَابُ، وَأَنَّهَا لَا تُحَلُّ لِذَلِكَ. وَفِي اللِّبَاسِ لِلْقَاضِي وَجَزَمَ به صاحب النظم: لا يكره حل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَزْرَارِ1، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ قُرَّةَ2 الْمَذْكُورِ، وَبِقَوْلِ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ3: مَا رَأَيْت ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ زَارَّيْنِ قَمِيصًا قَطُّ4. وَإِنَّمَا أَشَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَى خَبَرِ قُرَّةَ، وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إلا أن قرة المزني رآه عليه والسلام كَذَلِكَ، لَكِنْ كَانَ قُرَّةُ لَا يَزِرُّ قَمِيصَهُ، وكذلك "5معاوية ابنه"5، وَابْنُ مُعَاوِيَةَ إيَاسٌ، لَا فِي شِتَاءٍ وَلَا صَيْفٍ، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد6، وَقِيلَ يَزُرُّهُ، وَهُوَ فِي رِوَايَةٍ فِي الْوَاضِحِ. ثُمَّ لِفَافَةٌ فَوْقَهُمَا، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ، وَلَيْسَ الْمُسْتَحَبُّ قَمِيصًا ثُمَّ إزَارًا يَسْتُرُهُ كُلَّهُ ثُمَّ لفافة كذلك. 1 في "س": "الإزار". 2 هو: أبو معاوية، قرة بن إياس بن هلال، المزني البصري، له صحبة. "ت 64 هـ". "تهذيب الكمال" 23/572. 3 هو: ثابت بن عبيد الأنصاري الكوفي مولى زيد بن ثابت. روى عن عدة من الصحابة. "تهذيب الكمال" 11/407 ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/385. 5 في "ط": "ابنه معاوية". 6 أحمد "15581"، وأبو داود "4082".
فصل: والمستحب للمرأة مئزر ثم قميص
فَصْلٌ: وَالْمُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ مِئْزَرٌ ثُمَّ قَمِيصٌ وَهُوَ الدِّرْعُ، وَهُوَ مُذَكَّرٌ، وَدِرْعُ الْحَدِيدِ مُؤَنَّثَةٌ، وَحُكِيَ تَذْكِيرُهُ ثُمَّ خِمَارٌ ثُمَّ لِفَافَتَانِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَنَصُّهُ: وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ خِرْقَةٌ تَشُدُّ فَخْذَاهَا ثُمَّ مِئْزَرٌ، ثُمَّ قَمِيصٌ وَخِمَارٌ، ثُمَّ لِفَافَةٌ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: تُشَدُّ فَخْذَاهَا بِمِئْزَرٍ تَحْتَ دِرْعٍ، وَيُلَفُّ فَوْقَ الدِّرْعِ الْخِمَارُ بِاللِّفَافَتَيْنِ، جمعا بين الأخبار7. وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ أَنْ تُنْقَبَ وَلَيْسَتْ كَرَجُلٍ مَعَ خِمَارٍ، وَخِرْقَةٌ خَامِسَةٌ تُشَدُّ بِهَا بَقِيَّةُ الْأَكْفَانِ فَوْقَ ثَدْيَيْهَا "هـ" لِيَجْمَعَهَا، وَقَالَهُ "ش"1"وَزَادَ: ثَوْبَيْنِ"1، وَأَسْقَطَ الْقَمِيصَ. وَيُكَفَّنُ الصَّغِيرُ فِي ثَوْبٍ "و" وَيَجُوزُ فِي ثَلَاثَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَإِنْ وَرِثَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَوْبٍ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَالصَّغِيرَةُ فِي قَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ وَكَذَا بِنْتُ تِسْعٍ إلَى الْبُلُوغِ، كَمَا لَا يَجِبُ خِمَارٌ لِصَلَاتِهَا، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: كَالْبَالِغَةِ "وهـ" وَكَذَا الْمُرَاهِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيُقَدَّمُ فِي الْأَصَحِّ مَنْ احْتَاجَ كَفَنَ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: إنْ خُشِيَ التَّلَفُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُصَلِّي عَلَيْهِ عَادِمٌ فِي إحْدَى لِفَافَتَيْهِ، وَالْأَشْهَرُ عُرْيَانًا، كَلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ بِهَا. وَإِنْ نُبِشَ وَسُرِقَ كَفَنُهُ كُفِّنَ فِي الْمَنْصُوصِ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَلَوْ قُسِّمَتْ، مَا لَمْ تُصْرَفْ فِي دَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، وَمَنْ جُبِيَ كَفَنُهُ فَمَا فَضَلَ فَلِرَبِّهِ، فَإِنْ جَهِلَ فَفِي كَفَنٍ آخَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ به، وأطلق بعضهم أنه يصرف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي التَّكْفِينِ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: كَزَكَاةٍ1 فِي رِقَابٍ أَوْ غُرْمٍ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ اخْتِلَاطَهُ كَجَهْلِ رَبِّهِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَلَا يَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَرَثَةُ رَبِّهِ، فَهُوَ إذَنْ وَاضِحٌ مُتَعَيِّنٌ، وَإِلَّا فَضَعِيفٌ، وَلَا يُجْبَى كَفَنٌ لِعَدَمٍ إنْ سُتِرَ بِحَشِيشٍ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ "هـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الصلاة على الميت
باب الصلاة على الميت مدخل ... بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ "و" تُسَنُّ لَهَا الْجَمَاعَةُ، وَلَمْ يُصَلُّوهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمَامٍ "ع" ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، احْتِرَامًا لَهُ وَتَعْظِيمًا، وَرَوَى الْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ أَوْصَى بِذَلِكَ1، مَعَ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَالْإِمَامَةِ خِلَافًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ. وَتَسْقُطُ بِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ "وهـ م قِ" كَغُسْلِهِ، وَقِيلَ: بِثَلَاثَةٍ "وق" وَقِيلَ: بِجَمَاعَةٍ، وَقِيلَ: بِنِسَاءٍ وَخَنَاثَى عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ، وَيُسَنُّ لَهُنَّ جَمَاعَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ش" كَالْمَكْتُوبَةِ، وَقِيلَ: لَا، كَصَلَاتِهِنَّ بَعْدَ رِجَالٍ، فِي وَجْهٍ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ مَنْ قُدِّمَ عَلَى الرِّجَالِ. وَفِي الْفُصُولِ: حَتَّى قَاضِيهِ وَوَالِيهِ لَسَوْغَانِ الِاجْتِهَادِ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: يَسْقُطُ 2"الْفَرْضُ بِالْأُولَى، وَالثَّانِيَةُ تَطَوُّعٌ، فَلَا يَجُوزُ؟ فَقَالَ: سُقُوطُ الْفَرْضِ"2 فِي حَقِّهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا ثَانِيًا، بِدَلِيلِ أَنَّ النِّسَاءَ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ فَرْضُ الصَّلَاةِ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ تَصِحُّ صلاتهن، فدل أنه لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِهِنَّ، لِهَذَا احْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْغُسْلُ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ، وَقَدَّمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِفِعْلِ الْمُمَيِّزِ، كَغُسْلِهِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو المعالي. والأولى بها الوصي إن صحت "وم" إنْ قَصَدَ خَيْرًا، وَصِحَّتُهَا عِنْدَنَا كَوِلَايَةِ نِكَاحٍ. وَإِبْخَاسُ1 الْأَبِ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةُ، ثُمَّ وِلَايَةُ النِّكَاحِ حَقٌّ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ لَا لَهُ. ثُمَّ السُّلْطَانُ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى الْعَصَبَةِ. وَوَصِيَّتُهُ إلَى اثْنَيْنِ، قِيلَ: يُصَلِّيَانِ مَعًا، وَقِيلَ مُنْفَرِدَيْنِ "م 1" وَقِيلَ: تَبْطُلُ. وَوَصِيَّتُهُ إلَى فَاسِقٍ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ إمَامَتِهِ، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا جَهِلَ أَمْرَ الشَّرْعِ لَمْ تُنَفَّذْ وَصِيَّتُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَعْيِينُ2 مَأْمُومٍ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، ثُمَّ السلطان "وهـ م" وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَأَمِيرُ الْبَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَالْحَاكِمُ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ الأمير فالنائب من قبله في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتُهُ إلَى اثْنَيْنِ، قِيلَ: يُصَلِّيَانِ مَعًا، وَقِيلَ: مُنْفَرِدَيْنِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يُصَلِّيَانِ مَعًا صَلَاةً وَاحِدَةً، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُصَلِّيَانِ مُنْفَرِدَيْنِ "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا إنْ أَوْصَى إلَيْهِمَا مَعًا، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ إلَى الثَّانِي عَزْلٌ لِلْأَوَّلِ، وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا بُطْلَانَ الْوَصِيَّةِ إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا مَعًا، والله أعلم.
الْإِمَامَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ اسْتِئْذَانَ الْوَالِي، وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ رَفْضًا لِحُرْمَتِهِ، بِخِلَافِ غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ، وَبِخِلَافِ نِكَاحٍ، وكبقية الصلوات، وليس تقديم الخليفة1 وَالسُّلْطَانِ وُجُوبًا "هـ" وَوَافَقُوا عَلَى إمَامِ الْحَيِّ. ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي غُسْلِهِ2، وَالْمُرَادُ ثُمَّ الزَّوْجُ إنْ لَمْ يُقَدَّمْ عَلَى عُصْبَةٍ "وهـ" وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، فَنُقِلَ عَنْهُ: إذَا حَضَرَ الْأَبُ وَالْأَخُ وَالزَّوْجُ فَالْأَبُ وَالْأَخُ أَوْلَى، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الزَّوْجُ فَهُوَ أَوْلَى، وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ، تقديم3 أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ أَخٌ وَعَمٌّ وَابْنُهُمَا لِأَبَوَيْنِ لِأَنَّ لِلنِّسَاءِ مَدْخَلًا مَأْمُومَةً وَمُنْفَرِدَةً، وَجَعَلَهُمَا القاضي في التسوية كنكاح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْفُصُولِ فِي تَقْدِيمِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ عَلَى أَخٍ لِأَبٍ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا سَوَاءٌ قَالَ: وَهِيَ أشبه؛ لأنها1 وِلَايَةٌ، بِخِلَافِ الْإِرْثِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ قِيلَ فِي التَّرْجِيحِ بِالْأُمُومَةِ وَجْهَانِ، كَنِكَاحٍ، وَتَحَمُّلِ عَقْلٍ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي وِلَايَةِ الصَّلَاةِ2، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ سُلْطَانٌ عَلَى وَصِيٍّ، وَعَنْهُ يُقَدَّمُ وَلِيٌّ عَلَى سُلْطَانٍ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: يُقَدَّمُ زَوْجٌ عَلَى عَصَبَةٍ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "خ" كَغُسْلِهَا "وم ش" وَذَكَرَ الشَّرِيفُ: يُقَدَّمُ زَوْجٌ عَلَى ابْنِهِ، وَأَبْطَلَهُ أَبُو الْمَعَالِي بِتَقْدِيمِ أَبٍ عَلَى جَدٍّ، وَيَتَوَجَّهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ التَّعْمِيمَ "وهـ" عَلَى مَا سَبَقَ فِي كَرَاهَةِ إمَامَتِهِ بِأَبِيهِ "وهـ" وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْخِلَافِ: الزَّوْجُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ الْمَيِّتَةِ "مِنْهُ" لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَاعَةُ أَبِيهِ، فَيَلْزَمُهُ تَقْدِيمُهُ، كَمَا قُلْنَا: يَلْزَمُهُ تقديمه في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صُدُورِ الْمَجَالِسِ وَسَرَوَاتِ الطَّرِيقِ، فَقِيلَ لَهُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ الصَّلَوَاتُ الْفَرْضُ يُقَدَّمُ الِابْنُ إذَا كَانَ أَقْرَأَ، وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ طَاعَتُهُ، فَقَالَ: إنَّمَا قدم "عليه" هناك لأنه لا ولاية له1 فِي ذَلِكَ، وَلَهُ وِلَايَةٌ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ، وفي بعض النسخ2: الزَّوْجُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَاسَ عَلَيْهِ3 ابْنَهُ مِنْهَا، فَقِيلَ لَهُ: إنَّمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ طَاعَةُ أَبِيهِ، فَقَالَ: فَيَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ، وَيَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الْغُسْلِ وَالدَّفْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي دَاوُد السَّابِقَةَ فِي الْإِمَامَةِ4، وَقَالَ: فَقَدْ أَجَازَ تَقَدُّمَهُ عَلَيْهِ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ تَقْدِيمِ الزَّوْجِ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَوَاتِ5 قَرَابَتِهِ. وَعِنْدَ الْآجُرِّيِّ: يُقَدَّمُ السُّلْطَانُ ثُمَّ وَصِيٌّ ثُمَّ زَوْجٌ ثُمَّ عَصَبَةٌ. والسيد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْلَى بِرَقِيقِهِ مِنْ سُلْطَانٍ عَلَى الْأَصَحِّ "و" كَغُسْلِهِ. وَإِنْ قَدَّمَ الْوَصِيُّ غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ "م 2" وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فَإِنْ غَابَ الْأَقْرَبُ بِمَكَانٍ تَفُوتُ الصَّلَاةُ بِحُضُورِهِ تَحَوَّلَتْ لِلْأَبْعَدِ، فَلَهُ مَنْعُ مَنْ قُدِّمَ بِوَكَالَةٍ وَرِسَالَةٍ، كَذَا قَالَ، وَقَالَتْهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَيَتَوَجَّهُ: لَا، كَنِكَاحٍ، وَبِتَوْجِيهٍ فِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ هُنَا. وَيُقَدَّمُ مع التساوي الأولى بالإمامة؛ وقيل: الأسن "وهـ ش" لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ إجَابَةٍ، وَهُوَ أَكْبَرُ الْمَقْصُودِ، فَلَوْ قَدَّمَ غَيْرَهُ فَقِيلَ: لَا يَمْلِكُ ذلك "م 3" "وهـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَدَّمَ الْوَصِيُّ غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ1 لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي تَخْصِيصِ الْمُوصَى إلَيْهِ بِالصَّلَاةِ، لِخَاصَّةٍ فِيهِ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ عِنْدَهُ، وَلَهَا نَظَائِرُ، بَلْ يُقَالُ: إنْ لَمْ يُصَلِّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَرَجَعَتْ الْأَحَقِّيَّةُ إلَى أَرْبَابِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةُ - 3: قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ مَعَ التَّسَاوِي الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، وَقِيلَ: الْأَسَنُّ؛ لِأَنَّ دُعَاءَهُ أَقْرَبُ "إجَابَةً" وَهُوَ أَكْثَرُ الْمَقْصُودِ، فَلَوْ قَدَّمَ غيره "فقيل" لا يملك ذلك، انْتَهَى، "قُلْت": هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ، كَالْوَصِيِّ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالْحَقُّ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهِ، بل هم
وحر بعيد مقدم على عبد قريب، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَالرِّجَالُ الْأَجَانِبُ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ نِسَاءٍ أَقَارِبِهَا. وَإِنْ بَدَرَ أَجْنَبِيٌّ وَصَلَّى، فَإِنْ صَلَّى الْوَلِيُّ خَلْفَهُ صَارَ إذْنًا، وَيُشْبِهُ تَصَرُّفَ الْفُضُولِيِّ إذَا أُجِيزَ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي "وَظَاهِرُهُ" وَلَا يُعِيدُ غَيْرُ الْوَلِيِّ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِمْ، ولا يجيء هذا على أصلنا، وتشبيهه1 الْمَسْأَلَةِ بِتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ يَقْتَضِي مَنْعَ التَّقْدِيمِ بِلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَسَاوُونَ فِيهِ، وَلَهُ نَوْعُ مَزِيَّةٍ، فَقُدِّمَ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ قَوْلٌ آخَرُ: بِأَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ، كَسَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَكَالْوَصِيِّ، لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَمَعَ ضَعْفِهِ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَمَنْ قَدَّمَ الْوَلِيُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ؛ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ تَثْبُتُ لَهُ، فَكَانَتْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا، كَوِلَايَةِ، النِّكَاحِ، انْتَهَى، وَقَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْضًا، فَقَالَ: وَمَنْ قَدَّمَهُ وَلِيٌّ بِمَنْزِلَتِهِ، انْتَهَى، لَكِنَّ مُرَادَ هَؤُلَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا اخْتَصَّ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ، لِكَوْنِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ مَنْ يُسَاوِيه لِقُرْبِهِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَصَلَ التَّسَاوِي، لَكِنْ لَهُ نَوْعُ مَزِيَّةٍ وَهُوَ الْكِبَرُ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَقْدِيمَ غَيْرِهِ، وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَالْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ فِي عَدَمِ تَقْدِيمِ غَيْرِهِ هُنَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ هُنَاكَ جَوَازُ تَقْدِيمِ الْوَلِيِّ غَيْرَهُ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إمَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَيَكُونُ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ حَصَلَ فِي الْكَلَامِ سَقْطٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا وشبهه في المقدمة.
إذْنٍ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَتَقْدِيمِ غَيْرِ صَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِمَامِ الْمَسْجِدِ بِلَا إذْنٍ، وَيَحْتَمِلُ المنع هنا كمنع الصلاة ثانيا وَكَوْنُهَا نَفْلًا، عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: الْوَلِيُّ لَهُ حَقُّ التَّقَدُّمِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ الْوَلِيُّ، فَإِذَا لَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ جَازَ وَانْتَقَضَتْ الصَّلَاةُ الْأُولَى، كَمَا لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ ثُمَّ حَضَرَ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ، فَقَالَ: حَقُّ التَّقْدِيمِ الَّذِي لِلْوَلِيِّ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ فَرْضِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ سَقَطَ فَرْضُ الصَّلَاةِ بِفِعْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَوْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ لَكَانَ فَرْضُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ سَاقِطًا، وَصَلَاتُهُمْ مُحْتَسَبًا بِهَا، وَإِذَا سَقَطَ فَرْضُهَا سَقَطَ التَّقْدِيمُ الَّذِي هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهَا. وَمَنْ مَاتَ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ فَفِي الْفُصُولِ يُقَدَّمُ أَقْرَبُ أَهْلِ الْقَافِلَةِ إلَى الْخَيْرِ، وَالْأَشْفَقُ، وَالْمُرَادُ كالإمامة.
فصل: يستحب أن يقدم إلى الإمام الأفضل
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْإِمَامِ الْأَفْضَلُ "و" وَقِيلَ: الْأَكْبَرُ، وَقِيلَ: الْأَدْيَنُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ السَّابِقُ "وش" إلَّا الْمَرْأَةَ "و" جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي، كَمَا لَا يُؤَخَّرُ الْمَفْضُولُ فِي صَفِّ الْمَكْتُوبَةِ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَقُرْبِ الْإِمَامِ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ الْقُرْعَةُ، وَمَعَ التَّسَاوِي يُقَدَّمُ مَنْ اتَّفَقَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ الْحُرُّ ثُمَّ الْعَبْدُ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْخُنْثَى ثُمَّ الْمَرْأَةُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَالْمَكْتُوبَةِ، وَعَنْهُ: الصَّبِيُّ عَلَى الْعَبْدِ "وم ش" وَعَنْهُ: عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ دُونَهُ "وهـ" وَعَنْهُ: الْمَرْأَةُ عَلَى الصَّبِيِّ "خ" كَمَا قَدَّمَهَا الصَّحَابَةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1، وَالْفَرْقُ أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْوَفَاءِ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي مَكْتُوبَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقِيلَ: وَعَلَى عَبْدٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ "ع". وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ أَمَامَهَا فِي الْمَسِيرِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَجَمْعُ الْمَوْتَى فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ أَوْ شَقَّ، وَقِيلَ عَكْسُهُ "وش" وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالتَّسْوِيَةِ "وهـ" وَيُسْتَحَبُّ وُقُوفُ الْإِمَامِ عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَالْخُنْثَى بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَنْهُ: عِنْدَ صَدْرَيْهِمَا "وهـ" لَا عِنْدَ وَسَطِهِ وَمَنْكِبِهَا عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَالْخُنْثَى بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَنْهُ: عِنْدَ صَدْرَيْهِمَا "وهـ" لَا عِنْدَ وَسَطِهِ وَمَنْكِبِهَا عِنْدَ صَدْرِ الرَّجُلِ وَوَسَطِ الْمَرْأَةِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وش" وَالْخُنْثَى بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: يَقِفُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ، وَعَنْهُ: عِنْدَ صَدْرَيْهِمَا "وهـ" لَا عِنْدَ وَسَطِهِ وَمَنْكِبِهَا "م" وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ يُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ، وَيَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ الرِّجَالِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَلَعَلَّهُ أَوْ نِسَاءٍ يُجْعَلُونَ دَرَجًا، رَأْسَ هَذَا عِنْدَ رجل هذا، وأن هذا والتسوية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَوَاءٌ. قَالَ الْخَلَّالُ: عَلَى هَذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ، وَكَذَا قَالَهُ "هـ م" فِي رِجَالٍ أَوْ1 نِسَاءٍ، وَأَنَّهُ إنْ شَاءَ جَعَلَ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ مَنْكِبِ2 الْآخَرِ، وَمَذْهَبُنَا يُسَوَّى بَيْنَ رُءُوسِهِمْ، وَكَذَا جَمَاعَةٌ خَنَاثَى، لَا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ "ش" وَيُقَدَّمُ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَوْتَى الْأَوْلَى بِالْإِمَامَةِ وَقِيلَ: وُلِّيَ أَسْبَقُهُمَا حُضُورًا، وَقِيلَ: مَوْتًا، وَقِيلَ: تَطْهِيرًا، ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَلِوَلِيِّ كُلِّ مَيِّتٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَلَاتِهِ على وليه، ويستحب أن يصفهم، وأن3 لا يُنْقِصَهُمْ عَنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، لِلْأَخْبَارِ4، وَسَبَقَ حُكْمُ الْفَذِّ فِي بَابِ مَوْقِفِ الجماعة5.
فصل: ثم يحرم كما سبق في صفة الصلاة
فَصْلٌ: ثُمَّ يَحْرُمُ كَمَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ6 ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ، وَعَنْهُ: لَا "و" وَعَنْهُ يَسْتَفْتِحُ "وهـ" قَبْلَهُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّ أَحْمَدُ كَانَ يَفْعَلُهُ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ أَنَّهُ أَرْسَلَهُمَا "وهـ ر" قَالَ أَحْمَدُ: وَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ سِرًّا وَلَوْ لَيْلًا "و" فِي التكبيرة الأولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَسُورَةً. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَقْرَؤُهَا، بِلَا خِلَافٍ عَلَى مَذْهَبِنَا، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي بَعْدَهَا: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَلَائِكَتِك الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِك الْمُرْسَلِينَ، وَأَهْلِ طَاعَتِك أَجْمَعِينَ" لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ نَقَلَ: يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَدْعُو سِرًّا "و" قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَوْقِيتَ، اُدْعُ لَهُ بِأَحْسَنِ مَا يَحْضُرُك، أَنْتَ شَفِيعٌ، يُصَلِّي عَلَى الْمَرْءِ عمله، ويستحب ما روى "م"1، وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا، وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا، وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا، وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا، اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِيمَانِ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ، وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ2، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَاعْفُ عَنْهُ وَعَافِهِ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَقِه فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَعَذَابَ النَّارِ3، اللَّهُمَّ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِك وَحَبْلِ جِوَارِك، فَقِه مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلَ الْوَفَاءِ والحمد4، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ1. وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا زَادَ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ، لِلْخَبَرِ2، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَاقْتَصَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِلْخَبَرِ2، لكن زادوا: وَالدُّعَاءُ لَهُ، وَزَادَ جَمَاعَةٌ: سُؤَالُ الْمَغْفِرَةِ لَهُ. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: فِي الصَّبِيِّ الشَّهِيدِ أَنَّهُ يُخَالِفُ الْكَبِيرَ فِي الدُّعَاءِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي الْفُصُولِ: أَنَّهُ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا ذَنْبَ لَهُ، فَالْعُدُولُ إلَى الدُّعَاءِ لِوَالِدَيْهِ هُوَ السُّنَّةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ الدُّعَاءَ لِوَالِدَيْهِ، بَلْ "اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا ذُخْرًا وَفَرَطًا، وَشَفِّعْهُ فِينَا" وَنَحْوَهُ. وَعِنْدَنَا: إنْ لَمْ يَعْرِفْ إسْلَامَ وَالِدَيْهِ دَعَا لِمَوَالِيهِ، وَمُرَادُهُمْ فِيمَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا وَمَاتَ، كَصَغِيرٍ. نَقَلَ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ: وَيُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ فِي الدُّعَاءِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ: لَا بَأْسَ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: يَدْعُو لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَلِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الثَّالِثَةِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فِي الثَّالِثَةِ، بَلْ يَجُوزُ فِي الرَّابِعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا. ثُمَّ يُكَبِّرُ الرَّابِعَةَ وَيَقِفُ قَلِيلًا "وهـ م ق" نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ لِيُكَبِّرَ آخِرُ الصُّفُوفِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُهُمْ الْوُقُوفَ، وَصَرَّحَ بِعَدَمِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: وَيَدْعُو "وق" اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ والْآجُرِّيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي أَوْفَى فَعَلَهُ، وَأَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُهُ1 - وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ2 ضَعِيفٌ - قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مَنْ أَصْلَحِ مَا رَوَى، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يُخَالِفُهُ، فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" وَقِيلَ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَفَتْحُ التَّاءِ أَفْصَحُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: أَيُّهُمَا شَاءَ، وَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَا يُسَبِّحُ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَاخْتَارَ حَرْبٌ يَقُولُ: "وَالسَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ" لِأَنَّهُ قَوْلُ عَطَاءٍ. ثُمَّ يُسَلِّمُ وَاحِدَةً "وم" عَنْ يَمِينِهِ، وَيَجُوزُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ ثَانِيَةً، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَزَادَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَةٍ فِي خَبَرِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى الْمَذْكُورِ: تَسْلِيمَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ، وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي ثَانِيَةً، وَذَكَرَهُ3 الْحَلْوَانِيُّ4 وَغَيْرُهُ رِوَايَةً "وهـ ش". وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجْهَرُ إمَامٌ بِهَا، وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يُسِرُّ "وهـ ش م ر" قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: تَعْرِفُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ "أَنَّهُ" كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيْهَا تَسْلِيمَتَيْنِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يُرْوَى عَنْ سِتَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ وَاحِدَةً خَفِيَّةً5 عَنْ يَمِينِهِ: ابن عمر، وابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَوَاثِلَةُ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ1. وهل يتابع الإمام في التسليمة الثانية؟ يتوجه، كَالْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ. وَفِي الْفُصُولِ: يَتْبَعُهُ فِي الْقُنُوتِ، قَالَ: وَكَذَا "فِي" كُلِّ شَيْءٍ، لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ "م 4" وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ر" وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، فَعَلَهُ أَنَسٌ وَابْنُ عُمَرَ2، وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا، لَا الْأُولَى فَقَطْ "هـ" وَهُوَ أَشْهَرُ عَنْ "م" وَصِفَةُ الرَّفْعِ وَانْتِهَاؤُهُ كَمَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ، وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ وُقُوفَهُ مَكَانَهُ حَتَّى تَرْفَعَ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقِفْ. قِيلَ لَهُ: يَسْتَأْذِنُ مَنْ انْصَرَفَ مِنْ الْمَقْبَرَةِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ: فَيَقُولُ: انصرفوا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُتَابِعُ الْإِمَامُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ؟ يَتَوَجَّهُ، كَالْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ، وَفِي الْفُصُولِ: يَتْبَعُهُ فِي الْقُنُوتِ، قَالَ: وَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَقَاوِيلِ السَّلَفِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ هُنَا الْمُتَابَعَةُ وَإِنْ قُلْنَا يُتَابِعُهُ فِي الْقُنُوتِ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ هُنَا قَدْ فرغت بالتسليمة الأولى.
رَحِمَكُمْ اللَّهُ؟ قَالَ: بِدْعَةٌ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ، وَأَنْ يَنْصَرِفُوا قَبْلَ أَنْ يُؤَذِّنُوا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ "م" وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالْأَوَّلُ قول عامة العلماء "و".
فصل: يشترط لها كمكتوبة
فَصْلٌ: يُشْتَرَطُ لَهَا كَمَكْتُوبَةٍ "و" قَالَ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَجَمَاعَةٌ: وَحُضُورُ الْمَيِّتِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فلا تصح على جنازة محمولة1، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْمَسْبُوقِ "و" لِأَنَّهَا كَإِمَامٍ، وَلِهَذَا لَا صَلَاةَ بِدُونِ الْمَيِّتِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: وَقُرْبُهَا مِنْ الْإِمَامِ مَقْصُودٌ، كَقُرْبِ الْمَأْمُومِ مِنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يُسَنُّ الدُّنُوُّ مِنْهَا. وَلَوْ صَلَّى وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ لَمْ يَصِحَّ. وَفِي الْخِلَافِ: صَلَاةُ الصَّفِّ الْأَخِيرِ جَائِزَةٌ وَلَوْ حَصَلَ بَيْنَ الْجِنَازَةِ وَبَيْنَهُ مَسَافَةٌ بَعِيدَةٌ، وَلَوْ وَقَفَ فِي مَوْضِعِ الصَّفِّ الْأَخِيرِ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ، وَإِسْلَامُ الْمَيِّتِ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَيْنِ الْمَيِّتِ، فَيَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الْحَاضِرِ، وَقِيلَ: إنْ جَهِلَهُ نَوَى مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامَ، وَقِيلَ: لَا. وَالْأَوْلَى مَعْرِفَةُ ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ وَاسْمِهِ، وَتَسْمِيَتُهُ فِي دُعَائِهِ، وَإِنْ نَوَى أَحَدَ الْمَوْتَى اُعْتُبِرَ تَعْيِينُهُ، كَتَزْوِيجِهِ أَحَدَ مَوْلِيَّتَيْهِ، فَإِنْ بَانَ غَيْرَهُ فَسَبَقَتْ فِي بَابِ النِّيَّةِ2، وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ: وَسَبَقَ نَظِيرُهُ فِي نِيَّةِ التَّيَمُّمِ، قَالَ: فَإِنْ نَوَى على هذا الرجل، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَبَانَ امْرَأَةً أَوْ عَكْسَهُ1 فَالْقِيَاسُ: تُجْزِئُهُ، لِقُوَّةِ التَّعْيِينِ عَلَى الصِّفَةِ فِي الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ. وَالْفَرْضُ الْقِيَامُ فِي فَرْضِهَا "و" وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَكَرَّرَتْ إنْ قِيلَ الثَّانِيَةُ فَرْضٌ "وش" وَالتَّكْبِيرُ "و" فَلَوْ نَقَصَ تَكْبِيرَةً عَمْدًا بَطَلَتْ، وَسَهْوًا يُكَبِّرُهَا، مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ، وَقِيلَ: يُعِيدُهَا، وَالْفَاتِحَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا "وش" وَعَنْهُ: لَا يَقْرَؤُهَا فِي مَقْبَرَةٍ، وَلَمْ يُوجِبْ شَيْخُنَا قِرَاءَةً، بَلْ اسْتَحَبَّهَا "هـ م"2 وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ أَبِي طَالِبٍ، وَنَقَلَ ابْنُ وَاصِلٍ وَغَيْرُهُ: لَا بَأْسَ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وش" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: إنْ وَجَبَتْ فِي الصَّلَاةِ3. وَأَدْنَى دُعَاءٍ لِلْمَيِّتِ "و" وَتَسْلِيمَةٌ "هـ" وَعَنْهُ: ثِنْتَانِ "خ" خرجها أبو الحسين وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَعَلَّ ظَاهِرَ ذَلِكَ: لَا تَتَعَيَّنُ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَى، وَالصَّلَاةُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالدُّعَاءُ فِي الثَّالِثَةِ، خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي وَلَمْ يَسْتَدِلَّ لَهُ، وَقَالَهُ فِي الْوَاضِحِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ، وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَيُشْتَرَطُ لَهَا تَطْهِيرُ الْمَيِّتِ بِمَاءٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ لِعُذْرٍ "و" فَإِنْ تَعَذَّرَ، صَلَّى عليه، وقد سبق1.
فصل: وإن كبر الإمام سبعا تابعه المأموم،
فَصْلٌ: وَإِنْ كَبَّرَ الْإِمَامُ سَبْعًا تَابَعَهُ الْمَأْمُومُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ2. قَالَ: وَاتَّفَقُوا أَنَّ الْمَأْمُومَ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ، كَذَا تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ، وَعَنْهُ: يُتَابِعُهُ إلَى خَمْسٍ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: يُتَابِعُهُ إلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ "و" وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَهُ أَبُو المعالي، واختاره ابن عقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُهُ. قَالَ: كَمَا لَوْ عَلِمَ. وَقَالَ أَيْضًا: أَوْ1 ظَنَّ بِدْعَتَهُ أَوْ رَفْضَهُ، لِإِظْهَارِ شِعَارِهِمْ. وَهَلْ يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَادَةِ2؟ يُخَرَّجُ عَلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: لَا يَدْعُو هُنَا "*"؛ لِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ لَا يُسْتَحَبُّ، وَقِيلَ: يَدْعُو هُنَا. وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ بِثَانِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرِهِ أَرْبَعٌ جَازَ عَلَى غَيْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ هل يكبر بعد التكبيرة الرابعة متتابعا كمسبوق أَمْ يَقْرَأُ فِي الْخَامِسَةِ وَيُصَلِّي فِي السَّادِسَةِ، ويدعو للميت في السابعة، أم3 يَدْعُو فَقَطْ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. وَفِي إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ أو الصلاة للتي4 حضرت بعدهما5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَادَةِ؟ يُخَرَّجُ عَلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: لَا يَدْعُو هُنَا؛ لِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ لَا يُسْتَحَبُّ، وَقِيلَ: يَدْعُو هُنَا، انْتَهَى، قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا مَضَى أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَقَدَّمَهُ. وَقَالَ هُنَا: يَخْرُجُ عَلَى الدُّعَاءِ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَدْعُو بَعْدَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ خَرَّجَهَا عَلَى تِلْكَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا "قُلْت": الصَّوَابُ أَيْضًا أَنَّهُ يَدْعُو هُنَا فِيمَا قَبْلَ الْأَخِيرِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَدْعُو بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمَجْدِ، وَاَللَّهُ أعلم.
الوجهان "م 5، 6"، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: إنْ لَمْ يَزِدْ فِي التَّكْبِيرِ أَدَّى إلَى النُّقْصَانِ فِي حَقِّ الْجِنَازَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، كَمَا قُلْنَا فِي الْقَارِنِ تَسْقُطُ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ، وَإِذَا أَدْرَكَهُ راكعا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 5 - 6: قَوْلُهُ وَلَوْ كَبَّرَ فَجِيءَ بِثَانِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرِهِ أَرْبَعٌ جَازَ عَلَى غَيْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ هَلْ يُكَبِّرُ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الرَّابِعَةِ متتابعا كمسبوق، أم يقرأ في الخامسة ويصلي فِي السَّادِسَةِ وَيَدْعُو لِلْمَيِّتِ فِي السَّابِعَةِ، أَوْ يَدْعُو فَقَطْ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، وَفِي إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ أَوْ الصَّلَاةِ الَّتِي حَضَرَتْ بَعْدَهُمَا الْوَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 5: إذَا كَبَّرَ وَجِيءَ بِثَانِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَكَبَّرَ وَنَوَاهَا لَهُمَا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ تَكْبِيرِهِ أَرْبَعٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا قَبْلَ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَعَلَى الْمَنْصُوصِ، هَلْ يُكَبِّرُ بعد الرابعة متتابعا1، أَمْ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي وَيَدْعُو، 2"أَمْ يَدْعُو"2 فَقَطْ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي الْخَامِسَةِ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّادِسَةِ، وَيَدْعُو فِي السَّابِعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي "الْكَافِي"3 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي "الْمُغْنِي"4 و"الشرح"5 وَصَحَّحَاهُ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.
وَلَا تَبْطُلُ فِي الْمَنْصُوصِ بِمُجَاوَزَةِ سَبْعٍ عَمْدًا "و" قَالَ أَحْمَدُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ، وَقَبْلَهَا لَا يُسَبِّحُ بِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَجْهًا: تَبْطُلُ بِمُجَاوَزَةِ أَرْبَعٍ عَمْدًا، وَبِكُلِّ تكبيرة لا يتابع فيها. وفي الخلاف قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِسَالَةِ مُسَدَّدٍ: خَالَفَنِي الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا فَقَالَ: إذَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ تعاد الصلاة، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَدْعُو عَقِيبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُكَبِّرُ مُتَتَابِعًا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: بَلْ يَقْرَأُ الْحَمْدَ فِي الرَّابِعَةِ، وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَامِسَةِ، وَيَدْعُو فِي السَّادِسَةِ، لِيَحْصُلَ لِلرَّابِعِ أَرْبَعُ تكبيرات. انتهى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 6: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَفِي إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ أَوْ الصَّلَاةِ لِلَّتِي حَضَرَتْ بَعْدَهُمَا الْوَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهَلْ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ لِلَّتِي حَضَرَتْ؟ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهَلْ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ لِلَّتِي حَضَرَتْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، فَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ "أَوْ الصَّلَاةُ" وَقَعَتْ زَائِدَةً سهوا، ويكون مراده بالقراءة قراءة1 الْفَاتِحَةَ، وَبِالصَّلَاةِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُمَا، عَائِدًا إلَى التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ الْمُشْتَمِلَتَيْنِ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَالصَّلَاةِ، وَلَكِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا ذِكْرٌ فِي كَلَامِهِ، إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ وَفِي إعَادَةِ الْقِرَاءَةِ أَوْ الصَّلَاةِ إشْعَارًا بِأَنَّهُمَا قَدْ فُعِلَا فِي مَحِلِّهِمَا، وَهُمَا التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، فَعَلَى هذا يكون الصحيح1 مِنْ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ يُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّوَابُ، والله أعلم.
وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ النَّجَاشِيِّ1. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْحُجَّةُ لَهُ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَأْمُومُ قَبْلَهُ، نَصَّ عليه "هـ م ر ق" لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَجْهًا، يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ وَيُسَلِّمُ. وَالْمُنْفَرِدُ كَالْإِمَامِ فِي الزِّيَادَةِ، وَإِنْ شَاءَ مَسْبُوقٌ قَضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَ مَعَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ، هُوَ أَوْلَى. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الرَّابِعَةِ ثُمَّ كَبَّرَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ الرَّابِعَةَ ثَلَاثًا تَمَّتْ لِلْمَسْبُوقِ صَلَاةُ جِنَازَةٍ، وَهِيَ الرَّابِعَةُ، فَإِنْ أَحَبَّ سَلَّمَ مَعَهُ. وَإِنْ أَحَبَّ قَضَى ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، لِيُتِمَّ صَلَاتَهُ عَلَى الْجَمِيعِ، ويتوجه احْتِمَالٌ: تَتِمُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَإِنْ سَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهان: "*" الأول: قَوْلُهُ: فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ2: "وَفِي فِعْلِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْبَعْضِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ تكون الصلاة الثانية فرض كفاية أيضا3 أَمْ لَا؟ وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، بَلْ سُنَّةً، وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ، إذَا فُعِلَ مَرَّةً يَكُونُ الْفِعْلُ الثاني سنة، وأنكر على من قال: هو3 فَرْضَ كِفَايَةٍ، ذَكَرَهُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ عِنْدَ القول بأن العلم أفضل التطوعات4.
مَعَهُ، لِتَمَامِ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ لِلْجَمِيعِ، وَالْمَحْذُورُ النَّقْصُ مِنْ ثَلَاثٍ "*"، وَمُجَاوَزَةُ سَبْعٍ، وَلِهَذَا لَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ خَامِسَةٍ لَمْ يُكَبِّرْ عَلَيْهَا الْخَامِسَةَ. وَيَجُوزُ بَلْ يُسْتَحَبُّ لِلْمَسْبُوقِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ كالحاضر "ع" وكغيرها، وعنه: ينتظر تكبيرة "وهـ م ر قِ" لِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ كَرَكْعَةٍ، فَلَا يَشْتَغِلُ بِقَضَائِهَا بِخِلَافِ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ مُدْرِكٌ لِلتَّكْبِيرَةِ، فَيَأْتِي بِهَا وَقْتَ حُضُورِ نِيَّتِهِ. وَفِي الْفُصُولِ رِوَايَةٌ: إنْ شَاءَ كَبَّرَ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، كَذَا قَالَ. وَيَقْطَعُ قِرَاءَتَهُ لِلتَّكْبِيرَةِ الثَّانِيَةِ؛ 1"لأنها سنة"1، وَيَتْبَعُهُ كَمَسْبُوقٍ يَرْكَعُ إمَامُهُ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُتِمُّهَا مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مُتَابَعَةً وَاجِبَةً، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ رَكَعَ إمَامُهُ، وَلَا فَرْقَ، وَدَلَّ كَلَامُهُمْ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثاني: قَوْلُهُ: وَالْمَحْذُورُ النَّقْصُ مِنْ ثَلَاثٍ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ النَّقْصُ مِنْ أَرْبَعٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أربع لا ثلاث، والله أعلم.
الْقِرَاءَةَ لَوْ وَجَبَتْ أَتَمَّهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ أَدْرَكَ التَّكْبِيرَةَ كَالْحَاضِرَةِ، وَكَإِدْرَاكِهِ رَاكِعًا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي، وَجْهًا: لَا. وَيَدْخُلُ مَسْبُوقٌ فِي الْأَصَحِّ بَعْدَ الرَّابِعَةِ، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا بَعْدَهَا ذِكْرٌ، وَيَقْضِي ثَلَاثًا، وَقِيلَ أربعا، ويقضي ما فاته على صفته، فَإِنْ خَشِيَ رَفْعَهَا تَابَعَ، رُفِعَتْ أَمْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ "وم قِ" وَعَنْهُ: مُتَتَابِعًا1، فَإِنْ رفعت قطعه "وهـ" وقيل: يتمه، وقاله2 بعض الحنفية: ما لم توضع على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَكْتَافِ، وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ، مَا لَمْ تَتَبَاعَدْ، وَقِيلَ: على صفته "وق" وَالْأَصَحُّ إلَّا أَنْ تُرْفَعَ فَيُتَابِعُ، وَإِنْ سَلَّمَ وَلَمْ تَقْضِهِ صَحَّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا "و" اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْآجُرِّيُّ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَقَالَ: اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: وَيَقْضِيهِ بَعْدَ سَلَامِهِ، لَا يَأْتِي بِهِ ثُمَّ يَتْبَعُ الْإِمَامَ، في أصح الروايتين.
فصل: ومن صلى لم يصل ثانيا
فَصْلٌ: وَمَنْ صَلَّى لَمْ يُصَلِّ ثَانِيًا "و" كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ رَدُّهُ سَلَامًا ثَانِيًا، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي1: لَا يُسْتَحَبُّ هُنَا، وَنَصَّ أَحْمَدُ هُنَا: يُكْرَهُ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَإِنَّمَا احْتَجُّوا بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ إذَا صَلَّى مَرَّةً يَكْفِيه، وَلَكِنْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ فَإِذَا وُضِعَتْ فَإِنْ شَاءَ صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ نَصًّا، كَالْغُسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالدَّفْنِ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي: الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ، وَاحْتَجَّ بِمَسْأَلَةِ السَّلَامِ السَّابِقَةِ أَنَّ مَنْ رَدَّ بَعْدَ الْأَوَّلِ صَحَّ الرَّدُّ، وَلَوْ رَدَّ الْأَوَّلُ مَرَّةً ثَانِيَةً لَمْ يُعْتَدَّ بِالثَّانِي. وَقَالَ أَيْضًا: مَعْلُومٌ إن تكرر الصلاة2 مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ لَا يَصِحُّ. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ، كَالْعِيدِ، وَقِيلَ: يُصَلِّي، اخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ وَشَيْخُنَا، وَأَطْلَقَ فِي الْوَسِيلَةِ وَالْفُرُوعِ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ يُصَلِّي؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ، واختار ابن حامد وصاحب المحرر: يصلي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَبَعًا، وَإِلَّا فَلَا، إجْمَاعًا، قَالَ: كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ تُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا تَبَعًا مَعَ الْغَيْرِ، وَلَا تُسْتَحَبُّ ابْتِدَاءً. وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ "هـ م" بَلْ يُسْتَحَبُّ "وش" لِصَلَاتِهِمْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ وَالٍ حَاضِرٍ، أَوْ وَلِيٍّ بَعْدَهُ حَاضِرٍ، فَإِنَّهَا تُعَادُ تَبَعًا "و" لَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ "هـ م" وَقِيلَ: يُصَلِّي مَنْ لَمْ يُصَلِّ إلَى شَهْرٍ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ شِهَابٍ بِهِ، وَالْأَوَّلُ1 جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: لَا تُجْزِئُهُ بِنِيَّةِ السنة، جزم به ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْمَعَالِي؛ لِأَنَّهَا لَا يَتَنَفَّلُ بِهَا، لِتَعْيِينِهَا بِدُخُولِهِ فِيهَا، كَذَا قَالَ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ وَجْهًا: أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ "وش" مَعَ سُقُوطِ الْإِثْمِ بِالْأَوْلَى "ع" وَلَعَلَّ وَجْهَهُ بِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِمَصْلَحَةٍ، وَهِيَ الشَّفَاعَةُ، وَلَمْ تُعْلَمْ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ. وَقَالَ أَيْضًا: فُرُوضُ الْكِفَايَاتِ إذَا قَامَ بِهَا رَجُلٌ سَقَطَ، ثُمَّ إذَا فَعَلَ الْكُلُّ ذَلِكَ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مَحَلَّ وِفَاقٍ، لَكِنْ لَعَلَّهُ إذَا فَعَلُوهُ جَمِيعًا فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَفِي فِعْلِ الْبَعْضِ بَعْدَ الْبَعْضِ وَجْهَانِ وَسَبَقَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَمَتَى رُفِعَتْ لَمْ تُوضَعْ لأحد، فظاهره يكره، وقيل: لَا. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ شَاءَ قَالَ لَهُمْ ضَعُوهَا حَتَّى يُصَلُّوا عَلَيْهَا، فَيَضَعُونَهَا فَيُصَلِّي. وَإِنْ دُفِنَ صُلِّيَ عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ، قِيلَ: مِنْ دَفْنِهِ، وَقِيلَ مِنْ مَوْتِهِ "7 م" وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: أَجَابَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا سَأَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ قَوْلِ الرَّاوِي بَعْدَ شَهْرٍ: يُرِيدُ شَهْرًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَتَعْلَمُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ دُفِنَ صُلِّيَ عَلَيْهِ إلَى شَهْرٍ، قِيلَ: مِنْ دَفْنِهِ، وَقِيلَ: مِنْ مَوْتِهِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: أَوَّلَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ دَفْنِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ الْبَحْرَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يُدْفَنْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الشَّهْرِ مُنْذُ دُفِنَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَوَّلُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، اختاره ابن عقيل.
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88] ، يُرِيدُ الْحِينَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ أَخَذَ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ1، وَكَانَ بَعْدَ شَهْرٍ، قَالَ الْقَاضِي: كَالْيَوْمَيْنِ، وَقِيلَ إلَى سَنَةٍ، وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلَ. فَإِنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ فوجهان "م 8" وقيل: أبدا "وش" وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا يَوْمَ مَوْتِهِ، "ش" وَعِنْدَ "هـ م" هُوَ كَمَا قبل الدفن، وروى أحمد والبخاري2 أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِمْ، فَلِذَلِكَ كَانَ خَاصًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ع" لِئَلَّا يُتَّخَذَ مَسْجِدًا، وَالْمَسْجِدُ مَا اُتُّخِذَ لِلصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْخِلَافِ وَالْمُحَرَّرِ: إنَّمَا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ الْآنَ لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ3، أَوْ لِلْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ شَهْرٍ، وَمَنْ شَكَّ فِي الْمُدَّةِ صَلَّى حَتَّى يَعْلَمَ فَرَاغَهَا، وَيَتَّجِهُ الوجه في الشك في بقائه "وهـ" هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي مَذْهَبِهِ: إذَا شَكَّ في تفسخه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: وَتَحْرُمُ الصَّلَاةُ بَعْدَ شَهْرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَجُوزُ مَا لَمْ يَبْلَ، فَإِنْ شَكَّ فِي بَقَائِهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ بَلِيَ، وَلَمْ أَرَ هذه المسألة في غير هذا المكان.
وَتَفَرُّقِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَكَذَا حُكْمُ غَرِيقٍ وَنَحْوِهِ، وَقِيلَ: إذَا تَفَسَّخَ الْمَيِّتُ فَلَا صَلَاةَ: وَلَا تَصِحُّ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ قَبْلَ الدَّفْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِعَدَمِ الْحَاجَةِ، وَسَبَقَ أَنَّهُ كَإِمَامٍ، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، كَالْمُكِبَّةِ. وَيُصَلِّي الْإِمَامُ وَالْآحَادُ نَصَّ عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْبَلَدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَدُونَهَا، فِي قِبْلَتِهِ أَوْ وراءه بالنية، وعنه: لا يجوز "وهـ م" وَقِيلَ: إنْ كَانَ صَلَّى عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ: إنْ مَاتَ رَجُلٌ صَالِحٌ صُلِّيَ عليه. واحتج ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثاني: عدم الجواز.
بِقِصَّةِ1 النَّجَاشِيِّ وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يُخَالِفُهُ، قَالَ: وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنَّ مَنْ كَانَ خَارِجَ السُّوَرِ أَوْ مَا يُقَدَّرُ سُوَرًا يُصَلَّى عَلَيْهِ، لَكِنَّ هَذَا لَا أَصْلَ لَهُ، فَلَا بُدَّ مِنْ انْفِصَالِهِ عَنْ الْبَلَدِ بِمَا يعد الذهاب إليه2 نَوْعَ سَفَرٍ، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي: يَكْفِي خَمْسُونَ خُطْوَةً، قَالَ شَيْخُنَا: وَأَقْرَبُ الْحُدُودِ مَا تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ؛ لِأَنَّهُ إذْنٌ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدِ، فَلَا يَعُدُّ غَائِبًا عَنْهَا، وَمُدَّتُهُ كَمُدَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ. وَفِي الْخِلَافِ: يُصَلِّي، وَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ الْكَبِيرِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بَعْضُهُمْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى، لِلْمَشَقَّةِ، وَأَبْطَلَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِمَشَقَّةِ مَرَضٍ ومطر، ويتوجه فيهما3 تخريج. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ ثَانِيًا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، فَيُعَابَا بِهَا. وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَأَكْلِ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ. "م 9" قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَأَمَّا إنْ حَصَلَ فِي بَطْنِ سَبُعٍ لَمْ يصل عليه مع مشاهدة السبع.
فصل: ولا يصلي إمام قرية وهو واليها في القضاء
فَصْلٌ: وَلَا يُصَلِّي إمَامُ قَرْيَةٍ وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، نَقَلَ حَرْبٌ: إمَامُ كُلِّ قَرْيَةٍ وَالِيهَا وَخَطَّأَهُ الْخَلَّالُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالصَّوَابُ تَصْوِيبُهُ، فَإِنَّ أَعْظَمَ 1"مُتَوَلٍّ لِلْإِمَامِ"1 فِي كُلِّ بَلْدَةٍ يَحْصُلُ بِامْتِنَاعِهِ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وجزم به في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ وَأَكِلْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَالَ فِي الفصول
التَّبْصِرَةِ، وَقِيلَ: أَوْ نَائِبُهُ عَلَى غَالٍّ مِنْ غَنِيمَةٍ، وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا. وَقِيلَ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَحَكَى رِوَايَةً، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ مَنْ هَجَرَ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالْفُسَّاقِ، فَيَجِيءُ الْخِلَافُ، فَلَا يصلي أهل الفضل على الفساق "وم ر" وَلِهَذَا فِي الْخِلَافِ: لِأَنَّ فِي امْتِنَاعِ الْإِمَامِ رَدْعًا وَزَجْرًا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ شَرَفٌ لِلْمَيِّتِ وَرَغْبَةٌ فِي دُعَائِهِ لَهُ، وَعَنْهُ: وَلَا يُصَلِّ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ "خ" جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي كُلِّ مَنْ مَاتَ عَلَى مَعْصِيَةٍ ظَاهِرَةٍ بِلَا تَوْبَةٍ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَعَنْهُ: وَلَا على من قتل في حد1 "وم" وَعَنْهُ: وَلَا عَلَى مَدِينٍ "خ" وَعَنْهُ: يُصَلِّي عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "و" كَمَا يُصَلِّي غَيْرُهُ حَتَّى عَلَى بَاغٍ "هـ" وَمُحَارِبٍ "هـ" وَهَلْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10" وَمَقْتُولٍ بالعصبية "هـ" ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَحْكَامَ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنْ أَكَلَهُ السَّبُعُ أَوْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْغَرِيقِ وَالضَّائِعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، انْتَهَى، فَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُصَلَّى عَلَيْهِ. قُلْت: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لِأَجْلِ الْخَيْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِسَبَبِهَا2؛ مِنْ الثَّوَابِ وَالشَّفَاعَةِ، وَهُمْ أهل لذلك، ومحتاجون إليها، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ فِي الْمُحَارِبِ: وَهَلْ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ صَلْبِهِ، قدمه في "التلخيص" و"مختصر ابن تميم".
ومن قتل أبويه "هـ" ولأصحابه خِلَافٌ فِيمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، ظُلْمًا، وَعَلَى أهل البدع في رواية "وهـ ش م ر" وَيَأْتِي فِي إرْثِ أَهْلِ الْمِلَلِ1. وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، غَيْرُ شَعْرٍ وَظُفْرٍ، وَالْمُرَادُ: وَسِنٍّ، وَقِيلَ: وَغَيْرُ عُضْوِ قَاتِلٍ، كَيَدٍ وَرِجْلٍ صلى عليه "وش" وُجُوبًا، إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي الْأَصَحِّ "و" وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقِيلَ: يَنْوِي الْجُمْلَةَ، وَإِذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ، واحتمل أن تجب، وإن تكرر الوجوب، جعلا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ "م 11"، وَعَنْهُ: لَا يُصَلِّي عَلَى الأقل "وهـ م" لئلا تتكرر الصلاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ بَعْدَ صَلْبِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْمُحَارِبِينَ، وَقَالَ فِي هَذَا الْبَابِ: وَإِنْ غُسِّلَ قَاطِعُ طَرِيقٍ قَبْلَ صَلْبِهِ وَبَعْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ صَلَّى عَلَيْهِ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ بَعْضَ الْمَيِّتِ تَحْقِيقًا صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِذَا صَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْأَكْثَرَ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ، وَإِنْ تَكَرَّرَ الْوُجُوبُ، جُعِلَا لِلْأَكْثَرِ كَالْكُلِّ، انْتَهَى. تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا في "مجمع البحرين"، "والرعاية الكبرى":
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: نَحْنُ نُجِيزُهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَاضِرًا ابْتِدَاءً كَمَنْ صَلَّى عَلَى غَائِبٍ ثُمَّ حَضَرَ، فَقَدَّرْنَا غَيْبَةَ الْكُلِّ احْتِيَاطًا للصلاة، وذكر هَذَا فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَبَعْدَهُ. وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ مَعَهُ أَمْ بِجَنْبِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12". وَمَا بَانَ مِنْ حَيٍّ كَيَدِ سَارِقٍ1 انْفَصَلَ فِي وَقْتٍ لَوْ وُجِدَتْ فِيهِ الْجُمْلَةُ لَمْ تغسل ولم يصل عليها. وقيل: يصلى عليهما2، إن احتمل موته. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: تَجِبُ الصَّلَاةُ أَيْضًا عَلَى الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ ثَانِيًا، بَلْ يُكْتَفَى بِالصَّلَاةِ الَّتِي فُعِلَتْ عَلَى البعض الأول. مَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُنْبَشُ لِيُدْفَنَ مَعَهُ أَمْ بِجَنْبِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَحَكَاهُمَا احْتِمَالَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى:
وَإِنْ اشْتَبَهَ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ كَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ نَوَى بِالصَّلَاةِ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ، وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ "هـ" وَغَسَّلُوا وَكَفَّنُوا، لِيُعْلَمَ شَرْطُ الصَّلَاةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ عَزْلَهُمْ وَإِلَّا دفنوا معا1. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَطُوا بِنَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا صَلَاةَ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُغَسَّلُونَ إنْ تَسَاوَوْا، وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ إذَنْ. وَسَبَقَ أَنَّ الْجِنَازَةَ تُقَدَّمُ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ2، فَدَلَّ أَنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَا قُدِّمَ الْكُسُوفُ عَلَيْهِ، وَصَرَّحُوا مِنْهُ بِالْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ، وَصَرَّحَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا بالمكتوبات، ونقل الجماعة: تقدم الجنازة3 "و" عَلَى فَجْرٍ وَعَصْرٍ فَقَطْ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدَّمُ الْمَغْرِبُ عليها لا الفجر. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُدْفَنُ بِجَنْبِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: دُفِنَ بِجَنْبِهِ وَلَمْ يُنْبَشْ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4، وَالشَّرْحِ: وَإِنْ وُجِدَ الْجُزْءُ بَعْدَ دَفْنِ الْمَيِّتِ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ إلَى جَانِبِ الْقَبْرِ، أَوْ نُبِشَ بَعْضُ الْقَبْرِ وَدُفِنَ فِيهِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى كَشْفِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ ضَرَرَ نَبْشِ الْمَيِّتِ وَكَشْفِهِ أَعْظَمُ مِنْ الضَّرَرِ بِتَفَرُّقِ أَجْزَائِهِ. انْتَهَى. والوجه الثاني: ينبش ويدفن معه.
وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ تَقْدِيمَ الْمَغْرِبِ وَالْعِيدِ عَلَيْهَا، وَيُقَدِّمُ الْوَلِيمَةَ مَنْ دُعِيَ إلَيْهَا لِتَعْيِينِهَا بِالدِّعَايَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ. وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ "هـ م ر" وَقِيلَ: هُوَ أَفْضَلُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَخَيَّرَهُ أَحْمَدُ "*". وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: السُّنَّةُ أن يصلى عليها فيه، وإنه قول "ش" وَأَحْمَدَ. وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ تَلْوِيثُهُ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ عَنْ قَوْلِ الْمُخَالِفِ يُحْتَمَلُ انْفِجَارُهُ بِأَنَّهُ نَادِرٌ، ثُمَّ هُوَ عَادَةً بِعَلَامَةٍ، فَمَتَى ظَهَرَتْ كُرِهَ إدْخَالُهُ الْمَسْجِدَ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْمَسْجِدَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَطْرُقَهَا الْحَيْضُ زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ثُمَّ لَوْ صَلَّى الْإِمَامُ فِيهِ وَالْجِنَازَةُ خَارِجُهُ كُرِهَتْ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِيمَا1 ذَكَرَهُ عَنْهُمْ، حَتَّى كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لكل مصل في الْمَسْجِدِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لِلْمَكْتُوبَاتِ، إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ وَنَحْوِهِ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ: هَلْ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِلتَّنْزِيَةِ؟. وَلَا تُحْمَلُ الْجِنَازَةُ إلَى مكان ومحلة ليصلى عليها، فهي كالإمام يقصد ولا يقصده ذكره ابن عقيل وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَقِيلَ: هُوَ أَفْضَلُ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَخَيَّرَهُ أَحْمَدُ، انْتَهَى. كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ مُبَاحَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِهَا فِيهِ، فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ الْإِبَاحَةُ، فَلَيْسَ الْخِلَافُ بِمُطْلَقٍ، لَكِنْ عَلَى غَيْرِ الْمُقَدَّمِ: هَلْ فِعْلُهَا فِيهِ أَفْضَلُ أَمْ فِعْلُهَا خَارِجَهُ أَفْضَلُ؟ حَكَى قَوْلَيْنِ قُلْت: الصَّوَابُ عدم الأفضلية في المسجد. والله أعلم.
وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ، وَهُوَ أَمْرٌ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ قِيرَاطٌ نِسْبَتُهُ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِ الْمُصِيبَةِ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ، وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْمَعَالِي وَجْهًا: أَنَّ الثَّانِيَ بِوَضْعِهِ فِي قَبْرِهِ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: إذَا سُتِرَ بِاللَّبِنِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ لِلثَّانِي أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورَ دَفْنِهَا؟ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ "م 13" قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَأَسْمَعُ النَّاسَ إذَا سَلَّمُوا مِنْ الْجِنَازَةِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: آجَرَكَ اللَّهُ، وَلَا نَعْرِفُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سُئِلَ عَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ1، فَقَالَ: مَنْ قَالَ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قَوْلِ النَّاسِ إذَا تَنَاوَلَهُ مِنْ صَاحِبِهِ: سَلِّمْ رَحِمَك اللَّهُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُ. قِيلَ لَهُ: مَنْ يَذْهَبُ إلَى مَسْجِدِ الْجَنَائِزِ فَيَجْلِسُ يُصَلِّي عَلَى الْجَنَائِزِ إذَا جَاءَتْ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ، وَكَأَنَّهُ رَأَى إذَا تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا هُوَ أَفْضَلُ، قَالَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ2: "وَتَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا"3 يَعْنِي: مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَتَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: وَلَهُ بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ قِيرَاطٌ وَلَهُ بِتَمَامِ دَفْنِهَا آخَرُ وَهَلْ يُعْتَبَرُ لِلثَّانِي أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ أَمْ يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا؟ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا يُعْتَبَرُ أَنْ لَا يُفَارِقَهَا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى تُدْفَنَ، فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّبَاعِهَا وَحُضُورِ دَفْنِهَا، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ فِي اتِّبَاعِهَا أَجْرًا كَبِيرًا لَهُ وَلِلْمَيِّتِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتْبَعُهَا مِنْ بَيْتِهَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَكْفِي حُضُورُ دَفْنِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَيْضًا، فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب حمل الجنائز
باب حمل الجنائز باب حمل الجنائز ... بَابُ حَمْلِ الْجَنَائِزِ1 وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ "ع" لَا يَخْتَصُّ كَوْنُ فَاعِلِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، فَلِهَذَا يَسْقُطُ بِكَافِرٍ وَغَيْرِهِ "و" وَلَا تُكْرَهُ الْأُجْرَةُ، فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: بِلَا حَاجَةٍ، وَقِيلَ: تَحْرُمُ، وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ "خ" وَكَذَا تَكْفِينُهُ "و" وَدَفْنُهُ "و" لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ "م 1" وَيَأْتِي أَخْذُ الرِّزْقِ وَمَا اخْتَصَّ بِهِ أَهْلُ الْقُرْبَةِ فِي الْإِجَارَةِ2. يُسَنُّ أَنْ يَحْمِلَهُ أربعة؛ لأنه يسن التربيع في حمله "وهـ ش" وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ أَنْ يَضَعَ قَائِمَةَ النَّعْشِ الْيُسْرَى الْمُقَدَّمَةَ عَلَى كَتِفِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرَةِ، ثُمَّ يُمْنَى النَّعْشِ عَلَى كتفه اليسرى يبدأ بمقدمتها، نقله الجماعة "وهـ ش" وَعَنْهُ: بِالْمُؤَخِّرَةِ، وَلَا يُكْرَهُ حَمْلُهُ بَيْنَ العمودين، كل ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ الْأُجْرَةُ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: بِلَا حَاجَةٍ وَقِيلَ: تَحْرُمُ، وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ، وَكَذَا تَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ، لِعَدَمِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ، انْتَهَى، فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ، أُجْرَةُ حَمْلِهِ وَتَكْفِينِهِ، وَدَفْنِهِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ: إحْدَاهَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ3. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، وَلَا يُكْرَهُ لِلْحَاجَةِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَهُوَ قَوِيٌّ، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ، وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قولا بالتحريم، وقاله الآمدي.
وَاحِدٍ عَلَى عَاتِقِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، "هـ" وَلَيْسَ بِأَفْضَلَ مِنْ التَّرْبِيعِ "ش" وَعَنْهُ: هُمَا سَوَاءٌ "وَم" وَالْأَوْلَى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَزَادَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ حُمِلَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ فَمِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ، ثُمَّ مِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ. وَفِي الْمُذْهَبِ: مِنْ نَاحِيَةِ رِجْلَيْهِ لَا يَصْلُحُ إلَّا التَّرْبِيعُ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ الِازْدِحَامُ عَلَيْهِ أَيُّهُمْ يَحْمِلُهُ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّرْبِيعُ إذَنْ، وَكَذَا كَرِهَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ التَّرْبِيعَ إنْ ازْدَحَمُوا وَإِنَّ قَوْلَ أَبِي دَاوُد: "رَأَيْت أَحْمَدَ مَا لَا أُحْصِي يَتْبَعُهَا وَلَا يَحْمِلُهَا" يَحْتَمِلُ الزِّحَامَ، وَإِلَّا فَالتَّرْبِيعُ أَفْضَلُ عِنْدَهُ. وَيُسْتَحَبُّ سَتْرُ نَعْشِ الْمَرْأَةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُسْتَرُ بِالْمِكَبَّةِ1. وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ اُتُّخِذَ ذَلِكَ لَهُ زَيْنَبُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، مَاتَتْ سَنَةَ عِشْرِينَ2. وَفِي التَّلْخِيصِ: لَا بَأْسَ بِجَعْلِ الْمِكَبَّةِ عَلَيْهَا، وَفَوْقَهَا ثَوْبٌ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمَا: لَا بَأْسَ بِحَمْلِهَا فِي تَابُوتٍ، وَكَذَا مَنْ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ عَلَى نَعْشٍ إلَّا بِمِثْلِهِ، كَحَدَبٍ3 وَنَحْوِهِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: المقطع تلفق أعضاؤه بطين حر ونفط4 حتى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يَتَبَيَّنَ تَشْوِيهُهُ، فَإِنْ ضَاعَتْ لَمْ يُعْمَلْ شَكْلُهَا مِنْ طِينٍ. وَقَالَ أَيْضًا: الْوَاجِبُ جَمْعُ أَعْضَائِهِ فِي كَفَنٍ وَاحِدٍ وَقَبْرٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ وَغَيْرُهُ: يُسْتَحَبُّ شَدُّ النَّعْشِ بِعِمَامَةٍ. وَلَا بَأْسَ بِحَمْلِ طِفْلٍ عَلَى يَدَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْمَيِّتِ بِأَعْمِدَةٍ، لِلْحَاجَةِ، كَجِنَازَةِ1 ابْنِ عُمَرَ، وَعَلَى دَابَّةٍ، لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَيَجُوزُ لِبُعْدِ قَبْرِهِ، وَعَنْهُ يُكْرَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَحْرُمُ حَمْلُهَا عَلَى هَيْئَةٍ مُزْرِيَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ يُخَافُ مَعَهَا سُقُوطُهَا، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ "وَش". وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْرَاعُ بِهَا دُونَ الْخَبَبِ "و" نَصَّ عَلَيْهِ، زَادَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفَوْقَ السَّعْيِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَتُرَاعَى الْحَاجَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ "و". وَاتِّبَاعُهَا سُنَّةٌ "و" وَسَأَلَهُ مُثَنَّى: الْجِنَازَةُ تَكُونُ فِي جِوَارِ رَجُلٍ وَقْتَ صَلَاةٍ أَيَتْبَعُهَا وَيُعَطِّلُ الْمَسْجِدَ؟ فَلَمْ أَرَهُ يُعْجِبُهُ تَرْكُهَا وَلَوْ تَعَطَّلَ، وَسَبَقَتْ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ. وَفِي آخِرِ الرِّعَايَةِ: اتِّبَاعُهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"2، مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَلَيْسَتْ النَّوَافِلُ أَفْضَلَ، إلَّا لِجِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ صَلَاحٍ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمَالِكِيِّ: إنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ سُنَّةٌ، قَالَ: بَلْ قَالَ مَالِكٌ: هِيَ أَخْفَضُ3 مِنْ السُّنَّةِ، وَالْجُلُوسُ في المسجد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالنَّافِلَةُ أَفْضَلُ مِنْهَا، إلَّا جِنَازَةَ مَنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ، أَوْ لَهُ حَقُّ قَرَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَهُوَ حَقٌّ لَهُ وَلِأَهْلِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ قَدَرَ لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا الْحَقَّ لِمُزَاحِمٍ أَوْ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ تَبِعَهُ لِأَجْلِ أَهْلِهِ إحْسَانًا إلَيْهِمْ لِتَأَلُّفٍ أَوْ مُكَافَأَةٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَذَكَرَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ1. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ مِنْ الْخَيْرِ أَنْ يَتْبَعَهَا لِقَضَاءِ حَقِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ اتِّبَاعُهَا "وَهـ ش وم" فِي الْعَجُوزِ، وَحَرَّمَهُ الْآجُرِّيُّ "وم ر" فِي الشَّابَّةِ، وَقَالَ: جَمِيعُ مَا تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مَعَ الْجَنَائِزِ مَحْظُورٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُمْنَعْنَ مِنْ اتِّبَاعِهَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ: قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَأَبَاحَهُ بَعْضُهُمْ لِقَرَابَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: هُوَ بِدْعَةٌ، وَيَجِبُ طَرْدُهُنَّ، فَإِنْ رَجَعْنَ وَإِلَّا رَجَعَ الرِّجَالُ بَعْدَ أَنْ يَحْثُوَا فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ، قَالَ: وَرَخَّصَ أَحْمَدُ فِي اتِّبَاعِ جِنَازَةٍ تَبِعَهَا النِّسَاءُ. قَالَ أَبُو حَفْصٍ: وَيَحْرُمُ بُلُوغُهَا الْمَقْبَرَةَ، لِلْخَبَرِ فِي ذَلِكَ2، وَهُوَ ضَعِيفٌ3، ثم يحمل على وقت تحريم زيارتهن. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ويستحب كون الماشي أمامها. نص عليه "وم ش" لَا خَلْفَهَا "هـ"1 وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ حَيْثُ شَاءَ. وَفِي الْكَافِي2: حَيْثُ مَشَى فَحَسَنٌ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ هَذَا بِالشَّفِيعِ، لِأَنَّ تَقَدُّمَ الشَّفِيعِ وَتَأَخُّرَهُ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ لَيْسَ بَعْضُهُ بِأَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَشْيُ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَخَلْفَهَا؛ لِأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْآخَرِ. فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا، بَلْ التَّقَدُّمُ بِالْخِطَابِ فِي الشَّفَاعَةِ وَإِظْهَارِ نَفْسِهِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ التَّأَخُّرِ فِيهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، قَالَ: وَالْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ مَعْنَاهُ مَقْصُودَةٌ، فَإِنَّ النَّاسَ يَمْشُونَ لِأَجْلِهَا، وَقَدْ يكون الشيء متبوعا3 ثُمَّ يَتَأَخَّرُ عَنْ تَابِعِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّاسَ إذَا شَفَعُوا لِرَجُلٍ تَقَدَّمُوا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ جُنْدُ السُّلْطَانِ يَتَقَدَّمُونَهُ وَهُمْ تَبَعٌ؟ وَكَذَلِكَ قَاسَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَتَقَدَّمُ الْمَشْفُوعَ فِيهِ. وَالرَّاكِبُ خَلْفَهَا "و" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَكُرِهَ أَمَامَهَا. وَقَالَ النَّخَعِيُّ كَانُوا يَكْرَهُونَهُ، رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَفِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَجْهَانِ "م 2" قَالَ بَعْضُهُمْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَرَاكِبٍ أَوْ مَاشٍ، وَأَنَّ عَلَيْهِمَا يَنْبَغِي دَوَرَانُهُ فِي الصلاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَفِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي إذَا تَبِعَهَا وَهُوَ رَاكِبُ سَفِينَةٍ هَلْ يَكُونُ أَمَامَهَا كَالْمَاشِي، أَوْ خَلْفَهَا كَرَاكِبِ الدَّابَّةِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَرَاكِبٍ، أَوْ كَمَاشٍ، وَأَنَّ عَلَيْهَا يَنْبَنِي دَوَرَانُهُ فِي الصلاة، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ خَلْفَهَا. قُلْت: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ في باب جامع الأيمان: لو
ويكره لمن تبعها الركوب "وم ش" وقيل: لا "وهـ" كَرُكُوبِهِ فِي عَوْدِهِ "و" وَالْقُرْبُ مِنْهَا أَفْضَلُ، ويكره تقديمها1 إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لَا إلَى الْمَقْبَرَةِ، وَيُكْرَهُ جُلُوسُ مَنْ تَبِعَهَا قَبْلَ وَضْعِهَا بِالْأَرْضِ لِلدَّفْنِ، نقله الجماعة "وهـ" وَعَنْهُ: لِلصَّلَاةِ، وَعَنْهُ: فِي اللَّحْدِ، وَعَنْهُ: لَا يكره "وم ش" كَمَنْ بَعُدَ، وَيُكْرَهُ قِيَامُهُ وَقِيَامُ مَنْ مَرَّتْ بِهِ لَهَا "و" وَعَنْهُ: الْقِيَامُ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا، وَعَنْهُ: حَتَّى تَغِيبَ أَوْ تُوضَعَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا: يَقُومُ حِينَ يَرَاهَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ، لِلْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام أمر به حين يراها2. وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَتْ جِنَازَةَ كَافِرٍ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ3، قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إذَا صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ هُوَ وَلِيُّهَا لَمْ يَجْلِسْ حَتَّى تُدْفَنَ، وَوَقَفَ عَلِيٌّ عَلَى قَبْرٍ فَقِيلَ: أَلَا تَجْلِسُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: قَلِيلٌ لِأَخِينَا قِيَامُنَا عَلَى قَبْرِهِ4. ذَكَرَهُ أَحْمَدُ مُحْتَجًّا بِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِقِيَامِهِ عَلَى الْقَبْرِ حَتَّى يُدْفَنَ، خَيْرًا وَإِكْرَامًا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ذَلِكَ حَسَنٌ لا بأس به، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQحَلَفَ لَا يَرْكَبُ، حَنِثَ بِرُكُوبِ سَفِينَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَلِلُّغَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ رَاكِبُهَا خَلْفَهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاشٍ، وَهُوَ إلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَقْرَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ أَمَامَهَا كَالْمَاشِي، قُلْت: فِيهِ ضعف.
وَيُكْرَهُ تَغْطِيَةُ النَّعْشِ بِغَيْرِ الْبَيَاضِ، وَيُسَنُّ بِهِ، ويكره مرقعه، قال الْآجُرِّيُّ: كَرِهَهَا1 الْعُلَمَاءُ، وَاتِّبَاعُهَا بِمَاءِ وَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَنَارٍ "و" إلَّا لِحَاجَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ التَّبْخِيرُ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ يُكْرَهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ. وَيُسَنُّ الذِّكْرُ وَالْقِرَاءَةُ سِرًّا، وَإِلَّا الصَّمْتُ، وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَلَوْ بِالْقِرَاءَةِ، اتِّفَاقًا، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَحَرَّمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَا يُعْطَوْنَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ سَبَقَ أَوَّلَ بَابِ الْكَفَنِ2. وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ إبَاحَةُ الْقِرَاءَةِ، وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ تَحْرِيمُهُ وَكَرَاهَتُهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَتُكْرَهُ الْمُحَادَثَةُ فِي الدُّنْيَا، وَالتَّبَسُّمُ وَالضَّحِكُ أَشَدُّ، وَكَذَا مَسْحُهُ بِيَدِهِ أَوْ بِشَيْءٍ عَلَيْهَا تَبَرُّكًا، وَقِيلَ بِمَنْعِهِ كَالْقَبْرِ، وَأَوْلَى: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: هُوَ بِدْعَةٌ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ: وَهُوَ قَبِيحٌ فِي الْحَيَاةِ، فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ. وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ، قَالَ: وَلِهَذَا مَنَعَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مَسِّ الْقَبْرِ، فَكَيْفَ بِالْجَسَدِ؛ وَلِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَالْحَيَاةِ، ثُمَّ حَالَ الْحَيَاةِ يُكْرَهُ أَنْ يُمَسَّ بَدَنُ الْإِنْسَانِ، لِلِاحْتِرَامِ وَغَيْرِهِ سِوَى الْمُصَافَحَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا فَسُوءُ أَدَبٍ، كَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ، بَلْ بَعْدَ الْمَوْتِ انْقَطَعَتْ الْمُوَاصَلَةُ بِالْبَدَنِ سِوَى القبلة، للسنة3؛ ولأن ضربه بمنديل وكم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَدٌّ لِلْمَرِيضِ، فَلَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي أَخْلَاقِ أَحْمَدَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّيَالِسِيَّ1 مَسَحَ يَدَهُ عَلَى أَحْمَدَ، ثُمَّ مَسَحَهَا عَلَى بَدَنِهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ، فَغَضِبَ أَحْمَدُ شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَنْفُضُ يَدَهُ وَيَقُولُ: عَمَّنْ أَخَذْتُمْ هَذَا؟ وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا وَسَبَقَ فِي فَصْلِ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ الْمَوْتِ2. وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ فِي الْوَرَعِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيَّ3 أَوْصَى لِأَحْمَدَ بِجُبَّتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ صَالِحٌ قَدْ أَطَاعَ اللَّهَ فِيهَا، أَتَبَرَّكُ بِهَا، فَجَاءَهُ ابْنُ يَحْيَى بِمِنْدِيلِ ثِيَابٍ، فَرَدَّهَا مَعَهَا. وَقَوْلُ الْقَائِلِ مَعَ الْجِنَازَةِ: اسْتَغْفِرُوا لَهُ وَنَحْوَهُ بِدْعَةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَكَرِهَهُ، وَحَرَّمَهُ أَبُو حَفْصٍ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: مَا يُعْجِبُنِي، وَرَوَى سَعِيدٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَسَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَا لِقَائِلِ ذَلِكَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَك4. كَمَا سَبَقَ فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ الدُّعَاءُ عَلَى مَنْ نَشَدَ ضَالَّةً5؛ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ خِلَافُهُ، إلَّا مَا رَوَى أَحْمَدُ: عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ شَهِدَ جِنَازَةَ أَنْصَارِيٍّ، فَأَظْهَرُوا لَهُ الاستغفار فلم ينكره6. ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُعَارِضُ صَرِيحَ الْقَوْلِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَقُولُ فِي حَمْلِ الْجِنَازَةِ: سَلِمَ يَرْحَمُك اللَّهُ، فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ" وَيَذْكُرُ اللَّهَ إذَا تَنَاوَلَ السَّرِيرَ. وَيَحْرُمُ1 أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِلنَّهْيِ2، نَحْوِ طُبُولٍ أَوْ نِيَاحَةٍ أَوْ لَطْمِ نِسْوَةٍ وَتَصْفِيقٍ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِنَّ وعنه: يتبعها وينكره بحسبه "وهـ" وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ، فَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ تَبِعَهَا أُزِيلَ الْمُنْكَرُ لَزِمَهُ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودَيْنِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، فَيُعَايَا بِهَا، وَقِيلَ: الْعَاجِزُ كمن دعي لغسل ميت فسمع طبلا أو نَوْحًا، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي طَبْلٍ: لَا. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَأَبُو دَاوُد فِي نَوْحٍ: يُغَسِّلُهُ وَيَنْهَاهُمْ "م 3". وَضَرْبُ النِّسَاءِ بِالدُّفِّ مُنْكَرٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ اتِّفَاقًا، قَالَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ أَنْ يَتْبَعَهَا مَعَ مُنْكَرٍ هُوَ عَاجِزٌ عَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ يَتْبَعُهَا وَيُنْكِرُهُ بِحَسَبِهِ، وَيَلْزَمُ الْقَادِرَ، فَلَوْ ظَنَّ "أَنَّهُ" إنْ اتَّبَعَهَا يُزِيلُ الْمُنْكَرَ لَزِمَهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: الْعَاجِزُ كَمَنْ دُعِيَ لِغَسْلِ مَيِّتٍ، فَسَمِعَ طَبْلًا أَوْ نَوْحًا، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي طَبْلٍ: لَا، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَأَبُو دَاوُد فِي نَوْحٍ: يُغَسِّلُهُ وَيَنْهَاهُمْ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُ الطَّبْلِ وَالنَّوْحِ بِذَهَابِهِ ذَهَبَ وَغَسَّلَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
باب الدفن
باب الدفن مدخل ... بَابُ الدَّفْنِ الْأَوْلَى بِهِ وَبِالتَّكْفِينِ الْأَوْلَى بِالْغُسْلِ، ثُمَّ بِالدَّفْنِ الرِّجَالُ الْأَجَانِبُ، ثُمَّ مَحَارِمُهُ مِنْ النِّسَاءِ ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ، وَمَحَارِمُهَا الرِّجَالُ أَوْلَى مِنْ الْأَجَانِبِ وَمِنْ مَحَارِمِهَا النِّسَاءِ بِدَفْنِهَا. وَهَلْ يُقَدَّمُ الزوج على محارمها الرجال "وم ش" أم لا "وهـ" فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 1" فَإِنْ عُدِمَا فَهَلْ الْأَجَانِبُ أولى "وهـ ش" أَمْ نِسَاءُ مَحَارِمِهَا مَعَ عَدَمِ مَحْذُورٍ يَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ تَكَشُّفِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقَدَّمُ الزَّوْجُ عَلَى مَحَارِمِهَا الرِّجَالِ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ: إحْدَاهُمَا: يقدم الزوج، اختاره1 و2 القاضي وأبو المعالي.
غَيْرِهِ؟ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ اتِّبَاعِهِنَّ الْجِنَازَةَ؟ فيه رِوَايَتَانِ "م 2". وَيُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ خَصِيٌّ ثُمَّ شَيْخٌ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ دِينًا وَمَعْرِفَةً. وَمَنْ بَعُدَ عَهْدُهُ بِجِمَاعٍ أَوْلَى مِمَّنْ قَرُبَ. وَلَا يُكْرَهُ للرجال دفن امرأة وثم محرم. نص ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَحْرَمُ أَوْلَى مِنْ الزَّوْجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْخَلَّالُ: اسْتَقَامَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ يُقَدَّمُونَ عَلَى الزَّوْجِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: وَيُدْخِلُهَا مَحْرَمُهَا وَإِلَّا امْرَأَةً، وَالْأَصَحُّ وَإِلَّا شَابٌّ ثِقَةٌ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَعَلَى هَذَا أَيْضًا الْمَحَارِمُ أَوْلَى عَلَى الصَّحِيحِ. مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ فَإِنْ عُدِمَا يَعْنِي الزَّوْجُ وَمَحَارِمُهُمَا فَهَلْ الْأَجَانِبُ أَوْلَى أَمْ نِسَاءُ مَحَارِمِهَا مَعَ عَدَمِ مَحْذُورٍ مِنْ تَكَشُّفِهِنَّ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ أَوْ غَيْرِهِ؟ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ اتِّبَاعِهِنَّ الْجِنَازَةَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ الْمُحَرَّرِ: إحْدَاهُمَا الْأَجَانِبُ أَوْلَى، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: هَذَا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَقَدَّمَهُ النَّظْمِ، وَقَالَ: هَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ "قُلْت": وَهَذَا الصَّحِيحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: نِسَاءُ مَحَارِمِهَا أَوْلَى، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْمَعَالِي، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدِي "عَلَى" مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي دَفْنِهِنَّ مَحْذُورٌ مِنْ اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ أَوْ التَّكَشُّفِ بِحَضْرَةِ الْأَجَانِبِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ "قُلْت": لَا يَسْلَمْنَ من ذلك في الغالب، والله أعلم.
عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَحْمِلُهَا مِنْ الْمُغْتَسِلِ إلَى النَّعْشِ وَيُسَلِّمُهَا إلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ، وَتُحَلُّ عُقَدُ الْكَفَنِ، وَقَالَهُ "ش" فِي الْأُمِّ وَبَعْضُ الصَّحَابَةِ. وَمَتَى كَانَ الْأَوْلَى بِغُسْلِهِ الْأَوْلَى بِدَفْنِهِ تَوَلَّاهُمَا بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِنَائِبِهِ إنْ شَاءَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ نَائِبَهُ أَوْلَى، حَضَرَ أَمْ غَابَ، خِلَافُ كَلَامٍ لِأَبِي الْمَعَالِي فِي الصَّلَاةِ. وَيُسْتَحَبُّ تَعْمِيقُ1 الْقَبْرِ وَتَوْسِيعُهُ بِلَا حَدٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أيضا: إلَى الصَّدْرِ، وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: قَامَةٌ وَبَسْطَةٌ "وش" وَذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ نَصًّا وَالْبَسْطَةُ الْبَاعُ وَيَكْفِي مَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسِّبَاعَ، قَالَ ابْنُ عقيل: ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يجوز بدل القبر وضعه بالأرض ويضع أحبالا1 مِنْ تُرَابٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، كَمَا لَا يَجُوزُ سَتْرُهُ إلَّا بِالثِّيَابِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَجَّى قَبْرُ امْرَأَةٍ لَا قَبْرُ رَجُلٍ "ش" بَلْ يُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، إلَّا لِعُذْرِ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَاللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ عَلَى الْأَصَحِّ "و" بَلْ يُكْرَهُ الشَّقُّ بِلَا عُذْرٍ، وَهُوَ حُفْرَةٌ فِي أَرْضِ الْقَبْرِ بِقَدْرِهِ، وَيُسْقَفُ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ اللَّحْدُ لِكَوْنِ التُّرَابِ يَنْهَارُ يثبته2 بِلَبِنٍ، وَحِجَارَةٍ إنْ أَمْكَنَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يَشُقُّ إذًا "ش" وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي أَرْضٍ رَخْوَةٍ أَوْ نَدِيَّةٍ، وَيُلْحَدُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَلَا يُعَمَّقُ اللَّحْدُ تَعْمِيقًا يَنْزِلُ فِيهِ جَسَدُ الْمَيِّتِ كَثِيرًا، بَلْ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ الْجَسَدُ غَيْرَ مُلَاصِقٍ لِلَّبِنِ. وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ قَبْرَهُ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ "وش"؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ توجه، بل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دُخُولٍ، فَدُخُولُ الرَّأْسِ أَوْلَى كَعَادَةِ الْحَيِّ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: إنَّهُ يُبْدَأُ فِي حَمْلِ الْمَيِّتِ مِنْ الرَّأْسِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ، وَلِهَذَا قُلْنَا: يَقِفُ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ يَدُلُّ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِالرَّأْسِ فِي اللباس. ولا يدخل الميت معترضا مِنْ قِبْلَتِهِ "هـ" وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: الْأَسْهَلُ، ثُمَّ سواء "وم" وقيل: يبدأ بإدخال رجليه من عند رأسه "وش"1 ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ دَخَلَ الْقَبْرَ وَعَلَيْهِ خُفٌّ: لَا يُعْجِبُنِي، وَقِيلَ: يَحِلُّ إزَارَهُ2؟ قَالَ: لَا. وَلَا تَوْقِيتَ فِيمَنْ يُدْخِلُهُ، بل بحسب الحاجة، نص عليه "وهـ م" كَسَائِرِ أُمُورِهِ "و" وَقِيلَ: الْوِتْرُ أَفْضَلُ "وش". وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ وَاضِعِهِ "بِسْمِ اللَّهِ، وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ" لِلْخَبَرِ3، وَعَنْهُ: يَقُولُ "اللَّهُمَّ بَارِكْ فِي الْقَبْرِ وَصَاحِبِهِ" وَإِنْ قَرَأَ: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ} [طه: 55] ، الْآيَةُ، أَوْ أَتَى بِذِكْرٍ وَدُعَاءٍ يَلِيقُ عِنْدَ وَضْعِهِ وَإِلْحَادِهِ فَلَا بَأْسَ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السلام، وفعل الصحابة رضي الله عنهم4.
فصل: يجب دفنه مستقبل القبلة
فَصْلٌ: يَجِبُ دَفْنُهُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالشَّيْخِ، وَعِنْدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبِ الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ: يُسْتَحَبُّ، كَجَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَيُسْتَحَبُّ تَحْتَ رَأْسِهِ لَبِنَةٌ، كَالْمِخَدَّةِ لِلْحَيِّ، وَهُوَ مُشَبَّهٌ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَيُكْرَهُ قَطِيفَةٌ تَحْتَهُ، لِكَرَاهَةِ الصَّحَابَةِ1. وَنَصُّهُ: لَا بَأْسَ بِهَا مِنْ عِلَّةٍ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ؛ لِأَنَّ شُقْرَانَ وَضَعَهَا تَحْتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمْ، وَيُكْرَهُ مِخَدَّةٌ "و" وَالْمَنْصُوصُ: مُضَرَّبَةٌ "و" قَالَ أَحْمَدُ: مَا أُحِبُّهُمَا. وَيُدْنِيهِ مِنْ قِبْلَةِ اللَّحْدِ، وَيُسْنَدُ مِنْ خَلْفِهِ، وَيُنْصَبُ عَلَيْهِ لَبِنٌ "و" وَعَنْهُ: قَصَبٌ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَيَسُدُّ الْفُرْجَةَ بِحَجَرٍ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ يُطَيِّبُ نَفْسَ الْحَيِّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ جابر مرفوعا3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ يُطَيِّنُ فَوْقَهُ. وَدَلَّ سَدُّ الْفُرْجَةِ بِحَجَرٍ عَلَى أَنَّ الْبَلَاطَ كَاللَّبِنِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبِنُ أَفْضَلَ، يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّ اللَّبِنَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَأَبْعَدُ مِنْ أَبْنِيَةِ الدُّنْيَا، بِخِلَافِ الْقَصَبِ. وَلِأَحْمَدَ1 عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ "لَا تَجْعَلُوا فِي قَبْرِي خَشَبًا وَلَا حَجَرًا" وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ فِي الْحَجَرِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ كَرَاهَةَ الْآجُرِّ لِأَثَرِ النَّارِ أَمْ لِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ وَالزِّينَةِ، وَالْمَعْنَيَانِ لَنَا، فَيَتَوَجَّهُ لَنَا كَذَلِكَ، وَيُكْرَهُ فِيهِ خَشَبٌ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَمَا مَسَّتْهُ النَّارُ، وَدَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ "و" وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ امْرَأَةً، خِلَافًا لِمَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، نَصَّ عَلَى الْكُلِّ، زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ فِي حَجَرٍ مَنْقُوشٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، أَوْ يُجْعَلُ فِيهِ حَدِيدَةٌ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً أَوْ نَدِيَّةً، وَجَوَّزَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَيُسْتَحَبُّ حَثْيُ التُّرَابِ عَلَيْهِ ثَلَاثًا "وش" بِالْيَدِ، وَقِيلَ: مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، وَقِيلَ: مَنْ دَنَا مِنْهُ، وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، ثُمَّ يُهَالُ عَلَيْهِ التُّرَابُ، وَيُكْرَهُ زِيَادَةُ تُرَابِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِلنَّهْيِ2 "وهـ ش" قَالَ فِي الْفُصُولِ: إلَّا أَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد "إلَّا أَنْ يُسَوَّى بِالْأَرْضِ" وَلَا يُعْرَفُ، وَالْمُرَادُ مَعَ أَنَّ تُرَابَ قَبْرٍ لَا يُنْقَلُ إلَى آخَرَ، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَلَا بَأْسَ بِتَعْلِيمِهِ بِحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" وَنَصَّ أَيْضًا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ "وش" وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّمَ قَبْرَ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ3 بِصَخْرَةٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِنْدَ رَأْسِهِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1. وَلَا بَأْسَ بِلَوْحٍ، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يُكْرَهُ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: مَا سَمِعْت فِيهِ بِشَيْءٍ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى اللَّوْحِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ مَا فِيهِ كِتَابَةٌ أَوْ نُقُوشٌ، أَوْ عَلَى اللَّوْحِ فِي جَوْفِ الْقَبْرِ، لِتَرْكِ سُنَّةِ اللَّبِنِ وَالْقَصَبِ، قَالَ لَهُ مُهَنَّا: يُكْرَهُ فِي الْقَبْرِ خَشَبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَالْأَلْوَاحُ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُهُ بِشِبْرٍ "و" وَتَسْنِيمُهُ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ "ش" وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، زَادَ الشَّيْخُ: التَّسْطِيحُ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ فَيُكْرَهُ، وَحُمِلَ فِي الْخِلَافِ بَعْضُ مَا رُوِيَ فِي التَّسْطِيحِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَطَّحَ جَوَانِبَهَا وَسَنَّمَ وَسَطَهَا، وَيُكْرَهُ فَوْقَ شِبْرٍ، قَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي الْهَيَّاجِ الْأَسَدِيِّ2: أَبْعَثُك عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدَعُ تِمْثَالًا إلَّا طَمَسْته وَلَا قَبْرًا مُشْرِفًا إلَّا سَوَّيْتَهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ3، قَالَ فِي الْخِلَافِ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْقُبُورِ الَّتِي عَلَيْهَا الْبِنَاءُ وَالْجِصُّ وَنَحْوُهُ. وَأَمَرَ فَضَالَةُ بِقَبْرٍ فَسُوِّيَ وَقَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا، رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد4. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُحْمَلُ عَلَى تَقْرِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْمَنْعُ عَلَى عُلُوِّهَا الْفَاحِشِ. وَتُرَشُّ بِمَاءٍ "و" وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ، ويوضع عليه حصى صغار؛ ليحفظ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تُرَابَهُ. وَفِي التَّلْخِيصِ: لَا بَأْسَ: وَلَا بَأْسَ بِتَطْيِينِهِ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ "وهـ" وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ "خ" وَحُمِلَ فِي الْخِلَافِ النَّهْيُ الَّذِي رَوَاهُ النِّجَادُ عَلَى طِينٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَهُوَ الطِّينُ الَّذِي فِيهِ تَحْسِينُ الْقَبْرِ وزينته، فيجري مجرى التجصيص. وتكره الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ "وش" وَتَجْصِيصُهُ "و" وَتَزْوِيقُهُ وَتَخْلِيقُهُ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ بِدْعَةٌ، وَيُكْرَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ "و" أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ، لَاصَقَهُ أَوْ لَا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: لَا بَأْسَ بِقُبَّةٍ وَبَيْتٍ وَحَصِيرَةٍ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الدَّفْنَ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ كَذَلِكَ مَأْذُونٌ فِيهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَيُكْرَهُ فِي صَحْرَاءَ لِلتَّضْيِيقِ، وَالتَّشْبِيهِ بِأَبْنِيَةِ الدُّنْيَا. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيُكْرَهُ إنْ كَانَتْ مُسَبَّلَةً، وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: الصَّحْرَاءُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ الْبِنَاءُ الْفَاخِرُ كَالْقُبَّةِ، فَظَاهِرُهُ: لَا بَأْسَ بِبِنَاءٍ مُلَاصِقٍ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِتَعْلِيمِهِ وَحِفْظِهِ دَائِمًا، فَهُوَ كالحصباء1، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي النَّهْيِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى الْمُعْتَادِ، أَوْ يُخَصُّ مِنْهُ، وَهَذَا مُتَّجِهٌ، لَكِنْ إنْ فَحُشَ2، فَفِيهِ نَظَرٌ. وَحَرَّمَ أَبُو حَفْصٍ الْحُجْرَةَ، قَالَ: بَلْ تُهْدَمُ، وَحَرَّمَ الْفُسْطَاطَ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْفُسْطَاطَ وَالْخَيْمَةَ، وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ بِإِزَالَةِ الْفُسْطَاطِ وَقَالَ: إنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ3. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَحْرُمُ الْبِنَاءُ مُبَاهَاةً وَلَا لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ "م ر" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِي الْمُبَاهَاةِ، فَإِنَّهُ تَحْرُمُ الْمُفَاخَرَةُ وَالرِّيَاءُ، وَقَالَهُ هُنَا الْمَالِكِيَّةُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ يُمْنَعُ الْبِنَاءُ فِي وَقْفٍ عَامٍّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: رَأَيْت الْأَئِمَّةَ فِي مَكَّةَ يَأْمُرُونَ بِهَدْمِ مَا يُبْنَى، فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ الْأَشْهَرَ لَا يُمْنَعُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَنْقُولَ فِي هَذَا مَا سَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ اتَّخَذَ حُجْرَةً فِي الْمَقْبَرَةِ لِغَيْرِهِ، قَالَ: لَا يُدْفَنُ فِيهَا، وَالْمُرَادُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا، وَهُوَ كَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ حَفْرُ قَبْرٍ فِي مُسَبَّلَةٍ قَبْلَ الْحَاجَةِ، فَهَاهُنَا أَوْلَى. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ بَنَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ فِيهَا فَهُوَ غَاصِبٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِيهِ تَضْيِيقٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهِ فِي مِلْكِهِ إسْرَافٌ وَإِضَاعَةُ مَالٍ، وَكُلٌّ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: الْقُبَّةُ وَالْحَظِيرَةُ وَالتُّرْبَةُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَعَلَ مَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ فِي مُسَبَّلَةٍ كُرِهَ، لِلتَّضْيِيقِ بِلَا فَائِدَةٍ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالًا لِلْمُسَبَّلَةِ فِيمَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ. وَيَحْرُمُ إسْرَاجُهَا وَاِتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ عَلَيْهَا وَبَنْيُهَا1، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "و" قَالَ شَيْخُنَا: يَتَعَيَّنُ إزَالَتُهَا، لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمَعْرُوفِينَ، قَالَ وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهَا، عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، لِلنَّهْيِ وَاللَّعْنِ2، وَلَيْسَ فِيهَا خِلَافٌ، لِكَوْنِ الْمَدْفُونِ فِيهَا وَاحِدًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَقْبَرَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ مَسْجِدٍ، هَلْ حَدُّهَا ثَلَاثَةُ أَقْبُرٍ أَوْ يُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ الْقَبْرِ الْفَذِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ3: لَوْ وُضِعَ المسجد والقبر معا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَلَا الصَّلَاةُ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ فِي الصَّلَاةِ فِيهَا، وَظَاهِرُهُ خِلَافُهُ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ جُنْدَبٍ: "أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، إنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ"1. قَالَ: نَهْيُهُ عَنْ ذَلِكَ لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا إلَى جَانِبِ قَبْرٍ كُرِهَ ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُوَ حَرَامٌ، كَذَا قَالَ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ عندها "وش" وَفِي الْفُنُونِ: لَا يُخَلَّقُ الْقُبُورُ بِالْخَلُوقِ، وَالتَّزْوِيقِ وَالتَّقْبِيلِ لَهَا وَالطَّوَافِ بِهَا، وَالتَّوَسُّلِ بِهِمْ إلَى اللَّهِ، قَالَ: وَلَا يَكْفِيهِمْ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولُوا: بِالسِّرِّ الَّذِي بَيْنَك وَبَيْنَ اللَّهِ. وَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ اللَّهِ يُسَمَّى سِرًّا2 بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ؟ قَالَ: وَيُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ النِّيرَانِ وَالتَّبْخِيرِ بِالْعُودِ، وَالْأَبْنِيَةِ الشَّاهِقَةِ الْبَابِ، سَمَّوْا ذَلِكَ مَشْهَدًا. وَاسْتَشْفَوْا بِالتُّرْبَةِ مِنْ الْأَسْقَامِ، وَكَتَبُوا إلَى التُّرْبَةِ الرِّقَاعَ، وَدَسُّوهَا فِي الْأَثْقَابِ، فَهَذَا يَقُولُ: جِمَالِي قَدْ جَرِبَتْ، وَهَذَا يَقُولُ: أَرْضِي قَدْ أَجْدَبَتْ، كَأَنَّهُمْ يُخَاطِبُونَ حيا ويدعون إلها؟!.
فصل: يستحب الدعاء عند القبر بعد الدفن
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقَبْرِ بَعْدَ الدَّفْنِ ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَعَلَهُ أَحْمَدُ، جَالِسًا، قَالَ "أَصْحَابُنَا" وَشَيْخُنَا: يُسْتَحَبُّ وُقُوفُهُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَيْضًا: لَا بَأْسَ بِهِ، قَدْ فَعَلَهُ عَلِيٌّ3 وَالْأَحْنَفُ4. وَلِأَبِي دَاوُد5، عَنْ عُثْمَانَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وقف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ". وَرَوَى سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقِفُ فَيَدْعُو. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ، الْوُقُوفُ بِدْعَةٌ، كَذَا قَالَ؛ وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ، بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ: {وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ "مَعْنَاهُ" وَلَا تَتَوَلَّ دَفْنَهُ، كَذَا قَالَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ الْأَكْثَرَ قِرَاءَةً، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْرَأُ أَوْ يَدْعُو، نَصَّ عليه. وَأَمَّا تَلْقِينُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ فَاسْتَحَبَّهُ الْأَكْثَرُونَ "وَم ش" لِقَوْلِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ1، وَضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ2، وَحَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ3: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ قَبْرِهِ: يَا فُلَانُ، "لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، اشْهَدْ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ "يَا فُلَانُ قُلْ رَبِّي اللَّهُ، وَدِينِي الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّ مُحَمَّدٌ" رَوَاهُ عَنْهُمْ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ4 - وَهُوَ ضَعِيفٌ - رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "لِيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ وَلْيَقُلْ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا يَرْحَمُك اللَّهُ وَلَكِنْ لَا تَسْمَعُونَ فَيَقُولُ: اُذْكُرْ مَا خَرَجْت عَلَيْهِ مِنْ الدُّنْيَا: شَهَادَةَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبده ورسوله، وأنك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَضِيت بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَقُولَانِ: مَا يُقْعِدُنَا عِنْدَ هَذَا وَقَدْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ؟ وَيَكُونُ اللَّهُ حَجِيجَهُ دُونَهُمَا". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَ أُمِّهِ؟ قَالَ: "فَلْيَنْسُبْهُ إلَى حواء" رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي وَالطَّبَرَانِيُّ1 وَابْنُ شَاهِينَ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلِلطَّبَرَانِيِّ أَوْ لِغَيْرِهِ فِيهِ: وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، وَأَنَّ الْبَعْثَ حَقٌّ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ" وَفِيهِ: "وَأَنَّك رَضِيت بِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِالْكَعْبَةِ قِبْلَةً، وَبِالْمُؤْمِنِينَ إخْوَانًا". فَظَاهِرُ اسْتِدْلَالِ الْأَصْحَابِ بِهَذَا الْخَبَرِ يَقْتَضِي الْقَوْلَ بِهِ، فَيَجْلِسُ الْمُلَقِّنُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَيَقْتَضِي أَنْ لَا يُنْسَبَ إلَى حَوَّى إلَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ اسْمُ أُمِّهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَادِ قَالَ أَحْمَدُ: مَا رَأَيْت أَحَدًا فَعَلَ هَذَا إلَّا أَهْلَ الشَّامِ، وَفِيهِ تَثْبِيتٌ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد2 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ" احْتَجَّ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ هُنَا، وَهَذَا وَإِنْ شَمِلَهُ اللَّفْظُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِلَّا لَنَقَلَهُ الْخَلَفُ عَنْ السَّلَفِ وَشَاعَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: تَلْقِينُهُ بَعْدَ دَفْنِهِ مُبَاحٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَلَا يُكْرَهُ "هـ" قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ انْصَرَفُوا قَبْلَهُ لَمْ يَعُودُوا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ: يُلَقِّنُونَهُ قَبْلَ انْصِرَافِهِمْ لِيَتَذَكَّرَ حُجَّتَهُ. وَفِي تَلْقِينِ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ وَسُؤَالِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وامتحانه، النفي قول القاضي وابن عقيل "وش" وَالْإِثْبَاتُ قَوْلُ أَبِي حَكِيمٍ وَغَيْرِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْأَصْحَابِ "م 3". قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ أَصَحُّ، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَرُوِيَ مَرْفُوعًا -: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى طِفْلٍ لَمْ يَعْمَلْ خَطِيئَةً قَطُّ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ قِه عَذَابَ الْقَبْرِ وَفِتْنَةَ الْقَبْرِ"1. وَلَا حُجَّةَ فِيهِ، لِلْجَزْمِ بِنَفْيِ التَّعْذِيبِ، فَقَدْ يَكُونُ أَبُو هُرَيْرَةَ يَرَى الْوَقْفَ فِيهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ البر: ذَهَبَ إلَى هَذِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، مِنْهُمْ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ: وَهُوَ يُشْبِهُ مَا رَسَمَ مَالِكٌ فِي موطئه، وما أورده من الأحاديث2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَفِي تَلْقِينِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى نُزُولِ الْمَلَكَيْنِ وَسُؤَالِهِ وَامْتِحَانِهِ، النَّفْيُ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي الْأَمْصَارِ، وَالْإِثْبَاتُ قَوْلُ أَبِي حَكِيمٍ وَغَيْرِهِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ الشيخ عبد الله كتيلة3 فِي كِتَابِهِ الْعُدَّةِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ أَصَحُّ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: قَالَ شَيْخُنَا: يُلَقَّنُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَقَالَ ابن حمدان
فصل: ويحرم دفن اثنين فأكثر في قبر
فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ دَفْنُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي قَبْرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وشيخنا وغيرهما، وهو أظهر "وهـ ش" وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي نَبْشِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِخِلَافِهِ فَدَلَّ أَنَّ عِنْدَهُ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَحْرُمُ وَعَنْهُ: يَجُوزُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ: لَا بَأْسَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي الْمَحَارِمِ وَقِيلَ: فِيمَنْ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِ، وَيَجُوزُ لِحَاجَةٍ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَدَّمَ إلَى الْقِبْلَةِ مَنْ يُقَدَّمُ إلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ يُحْجَزَ بَيْنَهُمَا بِتُرَابٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: إنْ كَانَ فِيهِمْ نِسَاءٌ كَذَا قَالَ. وَكَرِهَ أحمد الدفن عند طلوع الشمس "وم" وغروبها "وم" لَهُ أَيْضًا وَقِيَامِهَا "خ" قَالَ فِي "الْمُغْنِي"1: لا يجوز، وذكر صاحب المحرر: يكره، و2 نَهَارًا أَوْلَى "*"، وَيَجُوزُ لَيْلًا "و" وَذَكَرَهُ فِي شرح مسلم قول جماهير العلماء، وعنه: يُكْرَهُ، ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ اتِّفَاقَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وعنه: لا يفعله إلا ضرورة. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَبْدُوسٍ: يُسْأَلُ الْأَطْفَالُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ حِينَ الدِّرَايَةِ، وَالْكِبَارُ يُسْأَلُونَ عَنْ مُعْتَقِدِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَإِقْرَارِهِمْ الْأَوَّلِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الحاويين ومجمع البحرين. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: نَهَارًا أَوْلَى، وَكَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ "وَنَهَارًا" بِزِيَادَةِ وَاوٍ، وَتَقْدِيرُهُ: وَالدَّفْنُ نَهَارًا أولى، والله أعلم.
وَالدَّفْنُ فِي الصَّحْرَاءِ أَفْضَلُ، وَكَرِهَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ فِي الْبُنْيَانِ، وَتَأْتِي خَصَائِصُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّكَاحِ1. وَإِنَّمَا اخْتَارَ صَاحِبَاهُ الدَّفْنَ عِنْدَهُ تَشَرُّفًا وَتَبَرُّكًا بِهِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْخَرْقَ يَتَّسِعُ، وَالْمَكَانَ ضَيِّقٌ. وَجَاءَتْ أَخْبَارٌ تَدُلُّ عَلَى دَفْنِهِمْ كَمَا وَقَعَ2، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ. وَلَوْ وَصَّى بِدَفْنِهِ فِي مِلْكِهِ دُفِنَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ الْوَرَثَةَ، قَالَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: لَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَوْضِعِ قَبْرِهِ، وَيُوصِي بِدَفْنِهِ فِيهِ، فَعَلَهُ عُثْمَانُ وَعَائِشَةُ، فَلِهَذَا حَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْأَوَّلَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِهِ، وَمَا قَالَهُ مُتَّجِهٌ، وَبَعَّدَهُ بَعْضُهُمْ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: فَإِنْ أَذِنُوا كُرِهَ دَفْنُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَصِحُّ بَيْعُ مَا دُفِنَ فِيهِ مِنْ مِلْكِهِ مَا لَمْ يُجْعَلْ أَوْ يَصِرْ مَقْبَرَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ بَيْعَ3 مَوْضِعِ الْقَبْرِ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: لِأَنَّهَا مَا لَمْ تَسْتَحِلْ تُرَابًا فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ. قَالَ: وَإِنْ نُقِلَتْ الْعِظَامُ، وَجَبَ الرَّدُّ لِتَعْيِينِهِ لَهَا، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَهُ حَرْثُهَا إذَا بَلِيَ الْعَظْمُ. وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْأَقَارِبِ، وَالْبِقَاعُ الشَّرِيفَةُ، وَمَا كَثُرَ فِيهِ الصَّالِحُونَ، وقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَقَالَ عُمَرُ: اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِك، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِك وَهُمَا فِي الصَّحِيحِ1. وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ قُدِّمَ، ثُمَّ يُقْرَعُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، إنْ اسْتَوَيَا قُدِّمَ بِمَزِيَّةٍ، نَحْوُ كَوْنِهِ عِنْدَ أَهْلِهِ. وَمَتَى عُلِمَ أَنَّهُ صَارَ تُرَابًا وَمُرَادُهُمْ ظَنٌّ، وَلِهَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ: يُعْمَلُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ تَبْقَى عِظَامُهُ مَكَانَهُ وَيُدْفَنُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي فِي مَقْبَرَةٍ مُسَبَّلَةٍ: إذَا صَارَ تُرَابًا جَازَ الدَّفْنُ وَالزِّرَاعَةُ وَغَيْرُ ذَلِكَ "و" كَذَا أَطْلَقَ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْطَ وَاقِفِهِ، كَتَعْيِينِهِ الْجِهَةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ غَلَبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَرْضِ الْحَرْبِ لَمْ تُنْبَشْ قُبُورُهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا تُنْبَشُ مَقْبَرَةٌ عَتِيقَةٌ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَالْمُرَادُ مَعَ بَقَاءِ رِمَّتِهِ، وَقَدْ كَانَ مَوْضِعُ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُبُورَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَمَرَ بِنَبْشِهَا2. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ أَوْصَى بِبِنَاءِ دَارِهِ مَسْجِدًا فَخَرَجَتْ مَقْبَرَةً، فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يَخْرُجُوا وَإِلَّا أُخْرِجَتْ عِظَامُهُمْ، وَيَتَوَجَّهُ: وَيَجُوزُ نَبْشُ قَبْرِ الْحَرْبِيِّ لِمَالٍ فِيهِ، وَلَا تَصْرِيحَ بِخِلَافِهِ بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ جَوَّزَهُ لِمَصْلَحَةٍ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَاحْتَجَّتْ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ نَبَشَتْ قَبْرَ أبي رغال3، وكرهه مالك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ حَفْرُهُ فِي مُسَبَّلَةٍ قَبْلَ الْحَاجَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَإِنْ ثَبَتَ قَوْلٌ بِجَوَازِ بِنَاءِ بَيْتٍ وَنَحْوِهِ فَهَاهُنَا كَذَلِكَ، وَأَوْلَى، وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مَا سَبَقَ فِي الْمُصَلَّى الْمَفْرُوشِ1. وَيَحْرُمُ الدَّفْنُ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْبَشُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلِلْمَالِكِ نَقْلُهُ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَكَرِهَهُ أبو المعالي؛ لهتك حرمته.
فصل: من أمكن غسله فدفن قبله لزم نبشه
فَصْلٌ: مَنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ فَدُفِنَ قَبْلَهُ لَزِمَ نبشه، نص عليه "وم ش" أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ آخَرُونَ: إنْ خُشِيَ تفسخه ترك "وم ش" زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ تَغَيُّرُهُ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ نبشه مطلقا "وهـ" إنْ أُهِيلَ التُّرَابُ، فَيُصَلَّى عَلَيْهِ، كَعَدَمِ مَاءٍ وَتُرَابٍ "هـ" وَكَذَا مَنْ دُفِنَ غَيْرَ مُوَجَّهٍ "و" وَقِيلَ: يَحْرُمُ، وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ. يُسْتَحَبُّ نَبْشُهُ: وَإِنْ دُفِنَ قَبْلَ تَكْفِينِهِ فَقِيلَ: كَقَبْلِ غُسْلِهِ، قَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لا، لستره بالتراب "م 4" وفي المنتخب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ دُفِنَ قَبْلَ تَكْفِينِهِ، فَقِيلَ: كَقَبْلِ غُسْلِهِ؛ قَالَ فِي الْوَسِيلَةِ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: 2"لَا، لِسَتْرِهِ"2 بِالتُّرَابِ، انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ دَفْنِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُنْبَشُ لِسَتْرِهِ بالتراب، صححه في الحاوي الكبير والنظم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ص": "السترة". 3 3/500. 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 6/249.
رِوَايَتَانِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: وَلَوْ بَلِيَ، كَذَا قَالَ. فَمَعَ تَفَسُّخِهِ 1"فِي الْكُلِّ"1 أَوْلَى. وَإِنْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَكَالْغُسْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِيُوجَدَ شَرْطُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَائِلِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي: لَا يُنْبَشُ، وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ، لِإِمْكَانِهَا عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَكَذَا غَيْرُهَا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: الْأَمْرُ آكَدُ مِنْ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُكَفَّرُ بِهِ، وَلَا يَسْقُطُ بِالنَّدَمِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَكْسَهُ، وقال في فنونه: رَجُلٌ دَفَنَ بِنْتًا لَهُ، ثُمَّ رَأَى فِي مَنَامِهِ وَهِيَ تَقُولُ: دُفِنْت حَيَّةً، هَلْ تُنْبَشُ لِذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجُوزَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ، فَإِنْ نُبِشَتْ وَوُجِدَتْ جَالِسَةً قَدْ مَزَّقَتْ كَفَنَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ الْغُسْلُ ثَانِيًا، وَهَلْ يَلْزَمُ مَنْ دَفَنَهَا الدِّيَةُ؟ يُحْتَمَلُ يَلْزَمُ مَنْ طَرَحَ عَلَيْهَا التُّرَابَ، وَيُحْتَمَلُ لَا. وَيَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصِ نَبْشُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ "خ" كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ، وَخَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ، وَدَفْنِهِ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَلَا حَنُوطٍ، وَكَإِفْرَادِهِ، لِإِفْرَادِ جَابِرٍ لِأَبِيهِ2؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَمَا دُفِنَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاسًا قَمِيصًا، وَذَلِكَ مُكَافَأَةٌ بِسَبَبِ عَمِّهِ، وَإِمَّا لِإِكْرَامِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ وعشيرته3. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدُ: قَدْ حُوِّلَ طَلْحَةُ1، وَحُوِّلَتْ عَائِشَةُ2، وَنَبَشَ مُعَاذٌ امْرَأَتَهُ وَكَانَتْ كُفِّنَتْ فِي خَلِقَاتٍ فَكَفَّنَهَا3. وَدَفْنُ الشَّهِيدِ بِمَصْرَعِهِ سُنَّةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ نُقِلَ رُدَّ إلَيْهِ، وَيَجُوزُ نَقْلُ غَيْرِهِ "وم" أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ، وَالْمُرَادُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ "إنْ أُمِنَ تَغَيُّرُهُ" وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ لَمْ يُظَنَّ تَغَيُّرُهُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَّا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ "وش" كَبُقْعَةٍ شَرِيفَةٍ وَمُجَاوَرَةِ صَالِحٍ، كَمَا نَقَلَ سَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَأُسَامَةُ إلَى الْمَدِينَةِ4؛ لِئَلَّا تَفُوتَ سُنَّةُ تَعْجِيلِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَلَوْ وَصَّى بِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي. وَكَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ نَقْلَ الْمَيِّتِ مُطْلَقًا، وَحَرَّمَهُ آخَرُونَ مِنْهُمْ، وَجَوَّزَ الْحَنَفِيَّةُ نَقْلَهُ مِيلَيْنِ، وَقِيلَ: وَدُونَ السَّفَرِ، وَقِيلَ عِنْدَهُمْ: لَا يُكْرَهُ السَّفَرُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَيَجِبُ لِضَرُورَةٍ، نَحْوُ كَوْنِهِ بِدَارِ حَرْبٍ، أَوْ مَكَان يُخَافُ نَبْشُهُ، وَتَحْرِيقُهُ، أَوْ الْمُثْلَةُ بِهِ، قَالَ: وَإِنْ تَعَذَّرَ نَقْلُهُ بِدَارِ حَرْبٍ فَالْأَوْلَى تَسْوِيَتُهُ بِالْأَرْضِ، وَإِخْفَاؤُهُ، مَخَافَةَ الْعَدُوِّ، ومعناه كلام غيره، فيعايا بها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن وقع في القبر ما له قيمة عادة وعرفا وإن قل خطره
فَصْلٌ: وَإِنْ وَقَعَ فِي الْقَبْرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ عَادَةً وَعُرْفًا وَإِنْ قَلَّ خَطَرُهُ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ مَا يَجِبُ تَعْرِيفُهُ، أَوْ رَمَاهُ رَبُّهُ فِيهِ نُبِشَ وَأُخِذَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مِسْحَاةِ الْحَفَّارِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِهِ "و" وَعَنْهُ: الْمَنْعُ إنْ بَذَلَ لَهُ عِوَضَهُ، فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ: وَنَبَشَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ. وَإِنْ كُفِّنَ بِغَصْبٍ لَمْ يُنْبَشْ، لِهَتْكِ حُرْمَتِهِ، وَضَرَرُ الْأَرْضِ يَتَأَبَّدُ، فَيَغْرَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: يَضْمَنُهُ مَنْ كَفَّنَهُ بِهِ، لِمُبَاشَرَتِهِ الْإِتْلَافَ عَالِمًا، فَإِنْ جَهِلَهُ فَالْقَرَارُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَوْ أَنَّهُ الْمَيِّتُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْغُرْمُ نُبِشَ، وَقِيلَ: يُنْبَشُ مُطْلَقًا. وَإِنْ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ، فَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي نَبْشِهِ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ بَلَعَ مَا تَبْقَى مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ، وَطَلَبَهُ رَبُّهُ، لَمْ يُنْبَشْ، وَغَرِمَ مِنْ تَرِكَتِهِ، كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ، تَجِبُ قِيمَتُهُ، لِأَجْلِ الْحَيْلُولَةِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ تُبْذَلْ قِيمَتُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يَبْذُلْهَا وَارِثٌ شُقَّ جَوْفُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُشَقُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يُؤْخَذُ، فَلَوْ كان ظنه ملكه فوجهان "م 5". وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يَغْرَمُ الْيَسِيرَ مِنْ تَرِكَتِهِ وَجْهًا واحدا، وأطلق جماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَعَ مَا تَبْقَى مَالِيَّتُهُ كَخَاتَمٍ، وَطَلَبَهُ رَبُّهُ، لَمْ يُنْبَشْ، وَغَرِمَ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شَقُّ جَوْفِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يُشَقُّ مُطْلَقًا، وَيُؤْخَذُ، فَلَوْ ظَنَّهُ مِلْكَهُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: يُنْبَشُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا عِبْرَةَ بِظَنِّهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُنْبَشُ.
وَإِنْ بَلَعَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ أُخِذَ إذَا بَلِيَ، وَلَا يُعْرَضُ لَهُ قَبْلَهُ، وَلَا يَضْمَنُهُ، وَقِيلَ: هُوَ كَمَالِهِ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ بَلَعَهُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ الْمُتْلِفُ لِمَالِهِ، كَقَوْلِهِ: أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ فَأَلْقَاهُ، قَالَ: وَكَذَا لَوْ رَآهُ مُحْتَاجًا إلَى رَبْطِ أَسْنَانِهِ بِذَهَبٍ، فَأَعْطَاهُ خَيْطًا مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ فَأَعْطَاهُ فَرَبَطَ بِهِ، وَمَاتَ، لَمْ يَجِبْ قَلْعُهُ وَرَدُّهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مُثْلَةً، كَذَا قَالَ، قَالَ: وَبِلَا إذْنٍ يَغْرَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَإِنْ بَلِيَ وَأَرَادَ الْوَرَثَةُ إخْرَاجَهُ مِنْ الْقَبْرِ، جَازَ1 إذَا ظَنَّ انْفِصَالَهُ عَنْهُ وَلَمْ يَتَشَعَّثْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وإن بلع مال نفسه لم ينبش، إلا إذَا بَلِيَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ حَيًّا، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَوَجْهَانِ "م 6"، وَقِيلَ: يُشَقُّ ويؤخذ. وفي المبهج: يحسب مِنْ ثُلُثِهِ. وَلَا يُقْلَعُ أَنْفُ ذَهَبٍ، وَيَأْخُذُ بَائِعُهُ ثَمَنَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَمَعَ عَدَمِهَا يَأْخُذُهُ إذَا بَلِيَ، وَقِيلَ: يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ، فَدَلَّ أنه لا يعتبر للرجوع حياة المفلس، فِي قَوْلٍ، مَعَ أَنَّ فِيهِ هُنَا مُثْلَةً. وَإِنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ جَوْفِهَا، نص عليه. فإن احتملت ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَعَ مَالِ نَفْسِهِ لَمْ يُنْبَشْ، إلَّا إذَا بَلِيَ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ حَيًّا فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُنْبَشُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُنْبَشُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا. قلت: وهو ضعيف.
حَيَاتُهُ أَدْخَلَ النِّسَاءُ أَيْدِيَهُنَّ فِي فَرْجِهَا فَأَخْرَجْنَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ يُشَقُّ وَيُخْرَجُ، وَالْمَذْهَبُ: لَا، فَعَنْهُ: يَفْعَلُ ذَلِكَ الرِّجَالُ، وَالْمَحَارِمُ أَوْلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، كَمُدَاوَاةِ الْحَيِّ، وَالْأَشْهَرُ: لَا "م 7" وَلَا تُدْفَنُ حَتَّى يَمُوتَ1. وَلَا يُوضَعُ عَلَيْهِ مَا يُمَوِّتُهُ، خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي الْخِلَافِ: إنْ لَمْ تُوجَدْ أَمَارَاتُ الظُّهُورِ بِانْتِفَاخِ الْمَخَارِجِ وَقُوَّةِ الْحَرَكَةِ فَلَا تَسْطُو الْقَوَابِلُ، وَقِيلَ: يُشَقُّ مطلقا إن ظن خروجه حيا "وهـ م ش ر" كَمَنْ خَرَجَ "بَعْضُهُ" حَيًّا، فَلَوْ مَاتَ إذَا أُخْرِجَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ غُسْلُ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ، وَقِيلَ: يُيَمَّمُ2 لِمَا بَقِيَ. وإن ماتت ذِمِّيَّةٌ حَامِلٌ بِمُسْلِمٍ دُفِنَتْ مُفْرَدَةً، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّهُ جَائِزٌ. وَدَفْنُ الْمَيِّتِ بَيْنَ مَنْ يُبَايِنُهُ "فِي دِينِهِ" مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلِلْحَنَفِيَّةِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، والمراد إن أمكن، وإلا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ حَرُمَ شَقُّ جَوْفِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ اُحْتُمِلَتْ حَيَاتُهُ أَدْخَلَ النِّسَاءُ أَيْدِيَهُنَّ فِي فَرْجِهَا، فَأَخْرَجَتْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ يُشَقُّ "وَيُخْرَجُ" وَالْمَذْهَبُ: لَا، فَعَنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ الرِّجَالُ، وَالْمَحَارِمُ أَوْلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. كَمُدَاوَاةِ الْحَيِّ، وَالْأَشْهَرُ: لَا، انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، أَعْنِي، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ النِّسَاءُ لَا غَيْرَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُغْنِي3، وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثانية: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
مَعْنَاهُ1، كَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ2 وَيُجْعَلُ ظَهْرُهَا إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ، لِيَكُونَ وَجْهُ الْجَنِينِ إلَى الْقِبْلَةِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ "و" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْلُودٍ وَلَا سِقْطٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: يُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ مَضَى زَمَنُ تَصْوِيرِهِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ إذَا انْفَصَلَ، لَكِنْ عَلَّلَ فِي الْفُصُولِ عَدَمَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ حَمْلًا فِي بَطْنِهَا، وَالصَّلَاةُ لَا يُدْخَلُ فِيهَا مَعَ الشَّكِّ فِي سَبَبِهَا: وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: تُدْفَنُ بِجَنْبِ قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ الْمَرُّوذِيَّ قَالَ: كَلَامُ أَحْمَدَ يَدُلُّ: لَا بَأْسَ بِهِ مَعَنَا3؛ لِمَا فِي بَطْنِهَا. وَيُصَلَّى عَلَى مُسْلِمَةٍ حَامِلٍ وَحَمْلُهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ تَصْوِيرِهِ، وَإِلَّا عَلَيْهَا دونه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ما يفعله المصاب وما يفعل معه لأجل المصيبة
بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ وَمَا يُفْعَلُ مَعَهُ لأجل المصيبة مدخل ... بَابُ مَا يَفْعَلُهُ الْمُصَابُ وَمَا يُفْعَلُ مَعَهُ لِأَجْلِ الْمُصِيبَةِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُصَابِ أَنْ يَسْتَرْجِعَ "و" فَيَقُولَ: {إِنَّا لِلَّهِ} ، أَيْ نَحْنُ عَبِيدُهُ يَفْعَلُ بنا ما يشاء {وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] ، أَيْ نَحْنُ مُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ عَلَى أَعْمَالِنَا. "اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا". أَجِرْنِي مَقْصُورٌ وَ "قِيلَ" مَمْدُودٌ وَأَخْلِفْ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ، يُقَالُ لِمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا1 يُتَوَقَّعُ مِثْلَهُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك، أَيْ رَدَّ عَلَيْك مِثْلَهُ، وَمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ مِثْلَهُ: خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك، أَيْ كَانَ اللَّهُ خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْك قَالَ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ: وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَرَأَ: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} 2 [البقرة: 45] . وَلَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد3، عَنْ حُذَيْفَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى. وَلِمُسْلِمٍ4 عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا: "إذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّت فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ". فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَاعْقُبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً". وَيَصْبِرُ وَالصَّبْرُ الْحَبْسُ وَيَجِبُ مِنْهُ مَا يمنعه عن محرم، وقد سبق في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ1. قَالَ شَيْخُنَا: عَمَلُ الْقَلْبِ كَالصَّبْرِ وَالتَّوَكُّلِ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ: وَلَمْ يَأْمُرْ الشَّرْعُ بِالْحُزْنِ، بَلْ نَهَى عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَمْرِ الدِّينِ، لَكِنْ لَا يُذَمُّ وَلَا يُحْمَدُ عَلَيْهِ لِمُجَرَّدِهِ، وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَاءُ بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ، خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ، وَيَحْرُمُ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْعَبْدُ مِنْ كفر ومعصية، ذكره ابن عقيل "ع". وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: لَا يَرْضَى2 بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمَقْضِيِّ، قَالَ: وَقِيلَ: يَرْضَى بِهَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا خَلْقًا لِلَّهِ، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا فِعْلًا لِلْعَبْدِ، قَالَ: وَكَثِيرٌ مِنْ النُّسَّاكِ وَالصُّوفِيَّةِ وَمِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ حَيْثُ رَأَوْا أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ اعْتَقَدُوا أَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرِّضَا، وَالْمَحَبَّةَ لِكُلِّ ذَلِكَ3، حَتَّى وَقَعُوا فِي قَوْلِ الْمُشْرِكِينَ: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] ، الْآيَةُ، وَغَفَلُوا عَنْ كَوْنِ الْخَالِقِ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَأَبْغَضَهُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ اشْتِبَاهُ مَسْأَلَةِ الشَّرْعِ وَالْقَدَرِ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَتَمَسَّكُ به القدرية المشركية.
وَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ الْمَجُوسِيَّةُ فَنَفَوْا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ وَإِلَّا لَلَزِمَ الرِّضَاءُ بِكُلِّ مُقْتَضًى "بِهِ، وَالرِّضَاءُ بِالْكُفْرِ كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ نَصٌّ يَأْمُرُ فِيهِ بِالرِّضَاءِ" وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ، وَأَمَّا مَا فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَالْآثَارِ مِنْ الرِّضَى بِالْقَضَاءِ فَإِنَّمَا أَرَادُوا مَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْعِبَادِ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ الصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ إزَالَتُهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَالرِّضَاء أَوْلَى. ثُمَّ ذَكَرَ شَيْخُنَا: أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى1 إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ، لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا، رَضِيَ لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ، فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مَخْلُوقًا لِلَّهِ. وَيُبْغِضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ، وَهَذَا كَمَا نَقُولُ فِيمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ، قَالَ: فَمَنْ فَهِمَ هَذَا الْمَوْضِعَ انْكَشَفَ لَهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي حَارَتْ فِيهِ الْعُقُولُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ2. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَالصَّبْرُ عَلَى الْعَافِيَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقِيَامِ بِحَقِّ الشُّكْرِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَتَهُونُ الْمُصِيبَةُ بِالنَّظَرِ إلَى جَلَالِ مَنْ صَدَرَتْ مِنْهُ وَحِكْمَتِهِ وَمُلْكِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} [الحديد: 22] اعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قُضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ قَلَّ حُزْنُهُ وَفَرَحُهُ3. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أن4 من لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَمْشِ مَعَ الْقَدَرِ، لَمْ يَتَهَنَّ بِعَيْشٍ، وَلْيَعْلَمْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الْكَافِرِ" 1، وَقَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الدُّنْيَا دَارُ بَلَاءٍ، فَمَنْ اُبْتُلِيَ فَلْيَصْبِرْ، وَمَنْ عُوفِيَ فَلْيَشْكُرْ" 2، وَقَوْلَهُ: "أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الصَّالِحُونَ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ" 3. وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ وِسَادَاتِ أَتْبَاعِهِمْ وَجَدَ مِنْهُمْ مَنْ كَابَدَ النَّارَ وَذَبَحَ الْوَلَدَ كَإِبْرَاهِيمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَبَرَ عَلَى الْفَقْرِ وقاسى من قومه المحن، ومنهم من بلي4 الزَّمَنَ الطَّوِيلَ، مَنْ نَظَرَ فِي ذَلِكَ وَفِي كَوْنِ مُصِيبَتِهِ لَمْ تَكُنْ فِي دِينِهِ هَانَتْ عَلَيْهِ مُصِيبَتُهُ بِلَا شَكٍّ، وَتَسَلَّى بِهِمْ وَتَأَسَّى، وَلْيَعْلَمْ الْإِنْسَانُ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْك فِي الشِّدَّةِ، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ" 5. وقَوْله تَعَالَى: عَنْ يُونُسَ {فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} [الصافات: 143] ، وَعَنْ فِرْعَوْنَ {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91] . وَمِنْ قصيدة ابن هانئ6 الَّتِي رَثَى بِهَا وَلَدَهُ: طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وأنت تريدها ... صفوا من الأقذاء والأكدار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمُكَلِّفُ الْأَيَّامِ ضِدَّ طِبَاعِهَا ... مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جِذْوَةَ نَارِ وَكَانَ شَيْخُنَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ كَثِيرًا، فَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَدُهُ فِي سَلَّةِ الْأَفَاعِي كَيْفَ يُنْكِرُ اللَّسْعَ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَنْ يَطْلُبُ مِنْ الْمَطْبُوعِ عَلَى الضُّرِّ النَّفْعَ. وَقَدْ قِيلَ: وَمَا اسْتَغْرَبَتْ عَيْنِي فِرَاقًا رَأَيْته ... وَلَا عَلَّمَتْنِي غَيْرَ مَا الْقَلْبُ عَالِمُهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَنْ تَأَمَّلَ حَقَائِقَ الْأَشْيَاءِ رَأَى الِابْتِلَاءَ عَامًّا وَالْأَغْرَاضَ مُنْعَكِسَةً وَعَلَى هَذَا وَضْعُ هَذِهِ الدَّارِ، فَمَنْ طَلَبَ نَيْلَ غَرَضِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَقَدْ رَامَ مَا لَمْ تُوضَعْ لَهُ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُوَطِّنَ نَفْسَهُ عَلَى الْمَكْرُوهَاتِ، فَإِنْ جَاءَتْ رَاحَةٌ عَدَّهَا عَجَبًا. وَلَا يُكْرَهُ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ، وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ "م ش" لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ1، وَأَخْبَارُ النَّهْيِ2 مَحْمُولَةٌ عَلَى بُكَاءٍ مَعَهُ نَدْبٌ أَوْ نِيَاحَةٌ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَإِنَّهُ كُرِهَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ وَالدَّوَامُ عَلَيْهِ أَيَّامًا، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُحْمَلُ النَّهْيُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى تَرْكِ الْأَوْلَى، وَقَدْ قِيلَ: عَجِبْت لِمَنْ يَبْكِي عَلَى فَقْدِ غَيْرِهِ ... دُمُوعًا وَلَا يَبْكِي عَلَى فَقْدِهِ دَمًا وَأَعْجَبُ مِنْ ذَا أَنْ يَرَى عَيْبَ غَيْرِهِ ... عَظِيمًا وَفِي عَيْنَيْهِ عَنْ عَيْبِهِ عَمًى قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالصَّبْرُ عَنْهُ أَجْمَلُ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا أنه يستحب، رحمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ الْفَرَحِ، كَفَرَحِ الْفُضَيْلِ لَمَّا مَاتَ ابْنُهُ عَلِيٌّ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1: لَمَّا فَاضَتْ عَيْنَاهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا رُفِعَ إلَيْهِ ابْنُ بِنْتِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّةٍ، أَيْ لَهَا صَوْتٌ وَحَشْرَجَةٌ كَصَوْتِ مَاءٍ أُلْقِيَ فِي قِرْبَةٍ بَالِيَةٍ، قَالَ لَهُ سَعْدٌ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ". وَيَحْرُمُ النَّدْبُ وَالنِّيَاحَةُ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَالصُّرَاخُ، وَخَمْشُ الْوَجْهِ، وَنَتْفُ الشَّعْرِ وَنَشْرُهُ، وَشَقُّ الثَّوْبِ، وَلَطْمُ الْخُدُودِ، وَنَحْوُهُ "و" زَادَ جَمَاعَةٌ: وَالتَّحَفِّي، قَالَ فِي الْفُصُولِ: يَحْرُمُ النَّحِيبُ وَالتَّعْدَادُ وَالنِّيَاحَةُ وَإِظْهَارُ الْجَزَعِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي النِّيَاحَةِ "ع" وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ؛ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ النِّيَاحَةِ، فَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: إلَّا الْ فُلَانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ، فَقَالَ: "إلَّا آلَ فُلَانٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَهُوَ خَاصٌّ بِهَا، لِخَبَرِ أَنَسٍ: "لَا إسْعَادَ فِي الْإِسْلَامِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ3؛ وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فِيهِ مَا يَحْرُمُ، وَلَمْ يَنْهَهَا مَعَ حَدَاثَتِهَا بِالْإِسْلَامِ، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ وَعَنْهُ: يُكْرَهُ النَّدْبُ وَالنَّوْحُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إلا تعداد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَحَاسِنِ بِصِدْقٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِمَا، وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِيَسِيرِ النَّدْبِ إذَا كَانَ صِدْقًا، وَلَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ النَّوْحِ، وَلَا قُصِدَ نَظْمُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ1 وَفَاطِمَةَ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَجَاءَتْ الْأَخْبَارُ الْمُتَّفَقُ عَلَى صِحَّتِهَا بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ3، فَحَمَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ عَلَى مَا إذَا أَوْصَى بِهِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِفِعْلِهِ، فَخَرَجَ عَلَى عَادَتِهِمْ، فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ4، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَإِنَّ سِيَاقَ الْخَبَرِ يُخَالِفُهُ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ5. وَحَمَلَهُ الْأَثْرَمُ عَلَى مَنْ كَذَّبَ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ. وَقِيلَ: يَتَأَذَّى بِذَلِكَ مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ: يُعَذَّبُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَتَأَذَّى بِذَلِكَ إنْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ، كَمَا كَانَ السَّلَفُ يُوصُونَ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ كَوْنُ النِّيَاحَةِ عَادَةَ أَهْلِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَادَةُ أَهْلِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ عُذِّبَ، لِأَنَّهُ مَتَى ظَنَّ وُقُوعَهُ وَلَمْ يُوصِ فَقَدْ رَضِيَ وَلَمْ يَنْهَ مَعَ قُدْرَتِهِ. وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ وَإِنْشَادِ شِعْرٍ فَمِنْ النِّيَاحَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَمَعْنَاهُ لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ، فَإِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُهُ عَقِيلٌ قَرَأَ قَارِئٌ: {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78] ، فَبَكَى ابْنُ عَقِيلٍ وَبَكَى النَّاسُ فَقَالَ لِلْقَارِئِ: يَا هَذَا إنْ كُنْت تُهَيِّجُ الْحُزْنَ فَهُوَ نِيَاحَةٌ بِالْقُرْآنِ، وَلَمْ يُنَزَّلْ لِلنَّوْحِ بَلْ لَهُ لِتَسْكِينِ الْأَحْزَانِ. وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ عَلَى رَأْسِهِ ثَوْبًا، وَالْمُرَادُ عَلَامَةٌ لِيُعْرَفَ بِهَا فَيُعَزَّى. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ لُبْسُهُ خِلَافَ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ لَهُ تَغْيِيرُ حَالِهِ: مِنْ خَلْعِ رِدَائِهِ وَنَعْلِهِ وَتَغْلِيقِ حَانُوتِهِ، وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ، وَقِيلَ: لَا، وَسُئِلَ أَحْمَدُ "رَحِمَهُ اللَّهُ" يَوْمَ مَاتَ بِشْرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ جَوَابٍ، هَذَا يَوْمُ حُزْنٍ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا بَأْسَ بِهَجْرِ الْمُصَابِ لِلزِّينَةِ وحسن الثياب ثلاثة أيام.
فصل: يستحب تعزية أهل المصيبة حتى الصغير ولو بعد الدفن
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ حَتَّى الصَّغِيرِ ولو بعد الدفن "هـ" كَذَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَالشَّافِعِيَّةُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَذْهَبُهُ كَمَا يَأْتِي1. وَفِي الْخِلَافِ: بعده أولى، للإياس التام منه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُكْرَهُ لِامْرَأَةٍ شَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِلْفِتْنَةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي تَشْمِيتِهَا إذَا عَطَسَتْ وَيُعَزَّى مَنْ شَقَّ ثَوْبَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِزَوَالِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الشَّقُّ، وَيُكْرَهُ اسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ، وَلَمْ يَحُدَّ جَمَاعَةٌ آخِرَ وَقْتِ التَّعْزِيَةِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ، فَظَاهِرُهُ يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ1، وَلِأَحْمَدَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ2، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَهَلَكَ، فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ الْحَلْقَةَ، لِذِكْرِ ابْنِهِ، فَفَقَدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: "مَا لِي لَا أَرَى فُلَانًا"؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بُنَيُّهُ الَّذِي رَأَيْته هَلَكَ، فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ، فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ3. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وغيره: يستحب إلى ثلاثة أيام، وذكر ابن شِهَابٍ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُمْ، يُكْرَهُ بَعْدَهَا "وهـ ش" لِتَهْيِيجِ الْحُزْنِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، لِإِذْنِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْدَادِ فِيهَا. وَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِي آخِرِهَا كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: اتَّفَقُوا عَلَى كَرَاهَتِهِ بَعْدَهَا، وَلَا يَبْعُدُ تَشْبِيهُهَا بِالْإِحْدَادِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَقَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ "النَّظْمِ"، وَزَادَ: مَا لَمْ تُنْسَ الْمُصِيبَةُ، وقيل: آخرها يوم الدفن "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحُدَّ جَمَاعَةٌ آخِرَ وَقْتِ التَّعْزِيَةِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ، فَظَاهِرُهُ: يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ إلَى ثلاثه أيام،
وَهِيَ التَّسْلِيَةُ، وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ والدعاء للميت والمصاب، وَلَا تَعْيِينَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ قَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك، وَعَزَّى أَحْمَدُ رَجُلًا فَقَالَ: أَجَرَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ فِي هَذَا الرَّجُلِ وَعَزَّى أَبَا طَالِبٍ فَقَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ. وَفِي تَعْزِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي أَحْكَامِهِمْ1. وَيَدْعُو لَهُ بِمَا يَرْجِعُ إلَى طُولِ الْحَيَاةِ وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَيَقُولُ: وَأَحْسَنَ عَزَاءَك، وَقِيلَ: لَا يُعَزَّى مُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ. وَلَا يَدْعُو لِكَافِرٍ حَيٍّ بِالْأَجْرِ، وَلَا لِكَافِرٍ مَيِّتٍ بِالْمَغْفِرَةِ، وَرُوِيَ أَنَّهُ مَاتَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أُخْتٌ، فَأَتَوْهُ لِلتَّعْزِيَةِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُمْ: وَقَالَ: كَانُوا لَا يُعَزُّونَ لِامْرَأَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ أُمًّا، وَمِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ هَلْ يَرُدُّ الْمُعَزَّى شَيْئًا؟ وَرَدَّ أَحْمَدُ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، ورحمنا وإياك. ـــــــــــــــــــــــــــــQوذكر ابن شهاب والآمدي وأبو الفرج: يُكْرَهُ بَعْدَهَا ... وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ لَمْ أَجِدْ فِي آخِرِهَا كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: اتَّفَقُوا عَلَى كَرَاهَتِهِ بَعْدَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَزَادَ: مَا لَمْ تُنْسَ الْمُصِيبَةُ، وَقِيلَ: آخِرُهَا يَوْمُ الدَّفْنِ، انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنَّهُ قَطَعَ بِهِ هُوَ وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَكَلَامُ ابْنِ شِهَابٍ وَالْآمِدِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ وَالْمَجْدِ وَأَبِي الْمَعَالِي لَا يُنَافِيهِ، وَتَقْيِيدُ أَبِي الْمَعَالِي وَمُتَابَعَةُ النَّاظِمِ لَهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُحْتَمِلٌ لِهَذَا أَيْضًا، وَكَلَامُ الشَّيْخِ وَجَمَاعَةٍ لَيْسَ بنص في ذلك.
وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: عَزِّ عَنِّي فُلَانًا، تَوَجَّهَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: فُلَانٌ يُعَزِّيك، كَمَا يَقُولُ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْك، أَوْ فُلَانٌ يَقُولُ لَك كَذَا، وَيَدْعُو. وَقَالَ أَحْمَدُ لِلْمَرُّوذِيِّ: عَزِّ عَنِّي فُلَانًا، قَالَ: فَعَزَّيْته فَقُلْت لَهُ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك. وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهُ بِيَدِ مَنْ عَزَّاهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: الْوَاقِفُ، وَكَرِهَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: أُحِبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ، وَكَرِهَهُ أَبُو حَفْصٍ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَلَمْ يَرَ أَحْمَدُ لِمَنْ جَاءَتْهُ التَّعْزِيَةُ فِي كِتَابٍ رَدَّهَا كِتَابَةً بَلْ يَرُدُّهَا عَلَى الرَّسُولِ لَفْظًا. وَيُكْرَهُ تَكْرَارُ التَّعْزِيَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَا يُعَزَّى عِنْدَ الْقَبْرِ مَنْ عُزِّيَ. وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وم ش" وَعَنْهُ: مَا يَنْبَغِي، وَعَنْهُ: مَا يُعْجِبُنِي، وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ، قَالَ الْخَلَّالُ: سَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَنُقِلَ عَنْهُ: الْمَنْعُ، وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ، وَعَنْهُ: وَلِغَيْرِهِمْ خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ، وَقَالَ: أَمَّا الْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ فَأَكْرَهُهُ. وَقَالَ: الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَمْنَعْ أَهْلَهُ، وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ بعد خروج الروح؛ لأن فيه تهييجا لِلْحُزْنِ. وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتْبَعَ الْجِنَازَةَ أَوْ يَخْرُجَ وَلِيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ، فَعَلَهُ السَّلَفُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ جَاءَ يَنْتَظِرُ جِنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ ابْنِ عُثْمَانَ2، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ إلَى جَانِبِهِ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ وقائد يقوده، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَجَلَسَ إلَى جَانِبِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَكُنْت بَيْنَهُمَا فَفِيهِ مَفْضُولٌ بَيْنَ فَاضِلَيْنِ، لَكِنْ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ يَحْتَمِلُ الْعُذْرَ وَغَيْرَهُ قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَإِذَا صَوْتٌ مِنْ الدَّارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَأَنَّهُ يَعْرِضُ عَلَى عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ أَنْ يَقُومَ فَيَنْهَاهُمْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ". فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، إلَى أَنْ قَالَ عُمَرُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ": قَالَهُ مُحْتَجًّا عَلَى صُهَيْبٍ، فَإِنَّ عُمَرَ لَمَّا أُصِيبَ جَاءَ صُهَيْبٌ فَقَالَ: وَا أَخَاهْ، وَا صَاحِبَاهْ، وَفِي تَتِمَّتِهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: وَاَللَّهِ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ" وَلَكِنْ قَالَ: "إنَّ الْكَافِرَ يَزِيدُهُ اللَّهُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَابًا" وَقَالَتْ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ: إنَّكُمْ لتحدثوني1 عَنْ غَيْرِ كَاذِبِينَ وَلَا مُكَذَّبِينَ، وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ. وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ: لَا بَأْسَ بِجُلُوسِهِمْ فِي الْبَيْتِ أَوْ الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَأْتُونَهُمْ لِلتَّعْزِيَةِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الْجُلُوسُ عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَأَنَّ مَا يُصْنَعُ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْقِيَامِ عَلَى الطُّرُقِ مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ، وَكَرِهَهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَسْجِدِ لَا فِي غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ تَرْكَهُ أَحْسَنُ، وَأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ الْقُرَّاءَ وَلَا يُعْطُونَهُمْ، وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ لَا يُكْرَهُ جُلُوسُهُمْ لَهَا. وَيُسْتَحَبُّ صُنْعُ طَعَامٍ يُبْعَثُ بِهِ إلَيْهِمْ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: مدة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثَّلَاثِ، لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِحْدَادِ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ إذَا قُصِدَ بِهِ أَهْلُهُ، فَأَمَّا لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُمْ فَيُكْرَهُ، لِلْمُسَاعَدَةِ عَلَى الْمَكْرُوهِ. وَيُكْرَهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْمَيِّتِ الطَّعَامَ "وش" زَادَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إلَّا لِحَاجَةٍ، وَقِيلَ: يَحْرُمُ "وهـ"، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا، وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ1 - وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ - عَنْ جَرِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصُنْعَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الذَّبْحَ عِنْدَ الْقَبْرِ وَأَكْلَ ذَلِكَ، لِخَبَرِ أَنَسٍ: "لَا عَقْرَ فِي الْإِسْلَامِ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد2 وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كَانُوا يَعْقِرُونَ عِنْدَ الْقَبْرِ بَقَرَةً أَوْ شَاةً. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: كَانُوا إذَا مَاتَ لَهُمْ الْمَيِّتُ نَحَرُوا جَزُورًا، فَنَهَى عَلَيْهِ السَّلَامُ "عَنْ ذَلِكَ" وَفَسَّرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بَعْدَ ذَلِكَ بمعاقرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَعْرَابِ يَتَبَارَى، رَجُلَانِ فِي الْكَرَمِ، فَيَعْقِرُ هَذَا، وَيَعْقِرُ هَذَا، حَتَّى يَغْلِبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَيَكُونُ مِمَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ مَعِينٍ، ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ1، وَهَذَا غَيْرُ هَذَا، جَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا، وَتَبِعَهُمْ أَهْلُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ. وَحَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2: ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ3، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ4، عَنْ عَوْفٍ5، عَنْ أَبِي رَيْحَانَةَ6، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ، حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارَةِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَقَفَهُ غُنْدَرٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ،. وَلِأَبِي دَاوُد7 عَنْ هَارُونَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّرْقَاءِ8، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَرِيرِ بن حازم9، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عن الزبير بن الخريت1، عَنْ عِكْرِمَةَ2، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. قَالَ أَبُو دَاوُد: أَكْثَرُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ جَرِيرٍ لَا يَذْكُرُ ابْنُ عَبَّاسٍ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ3: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ4: أنبأنا أَبِي، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى5، عَنْ الزُّبَيْرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى عَنْ طَعَامِ الْمُتَبَارِيَيْنِ، وَرَوَاهُ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَهُوَ إسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَيَأْتِي الذَّبْحُ لِغَيْرِ اللَّهِ فِي آخِرِ الذَّكَاةِ6. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَفِي مَعْنَى الذَّبْحِ عِنْدَ الْقَبْرِ الصَّدَقَةُ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ مُحْدَثٌ، وَفِيهِ رِيَاءٌ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيهَا: لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الصَّدَقَةِ، وَحَرَّمَ شَيْخُنَا الذَّبْحَ وَالتَّضْحِيَةَ عِنْدَهُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ عَمَّا تُفَرِّقُهُ الْمَجُوسُ عَلَى الْجِيرَانِ، مِمَّا يَصْنَعُونَهُ من لأهل ميتهم، فقال: لا بأس به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زيارة القبور وإهداء القرب وما يتعلق بذلك
بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ الْقُرَبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بذلك مدخل ... بَابُ زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ الْقُرَبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ يُسْتَحَبُّ لِلرِّجَالِ زِيَارَةُ الْقُبُورِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و". وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَظْرٍ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَّلَهُ بِتَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالْآخِرَةِ1. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ أَحْمَدَ: كَيْفَ يَرِقُّ قَلْبِي؟ قَالَ: اُدْخُلْ الْمَقْبَرَةَ، امْسَحْ رَأْسَ يَتِيمٍ. وَعَنْهُ: لا بأس، ومثله كلام الخرقي و2 غير وَاحِدٍ وَأَخَذَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ الْإِبَاحَةَ، وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ زِيَارَتِهَا لِلنِّسَاءِ، قَالَ: لَا، قُلْت: فَالرَّجُلُ أَيْسَرُ؟ قَالَ نَعَمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ، وَيُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ، وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ زَارَتْ وَقَالَتْ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ زِيَارَتِهَا ثُمَّ أَمَرَ3. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، كَمَا لَوْ عَلِمْت أَنَّهُ يَقَعُ مِنْهَا مُحَرَّمٌ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَعَ تَأْثِيمِهِ بِظَنِّ وُقُوعِ النَّوْحِ، وَلَا فَرْقَ، وَلَمْ يُحَرِّمْ هُوَ وَغَيْرُهُ دُخُولَ الْحَمَّامِ إلَّا مَعَ العلم بالمحرم. وأما الجموع للزيارة، كما 4"هو معتاد"4 فَبِدْعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِنْهُ، وَكَلَامُهُ فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ: مِنْ الْآدَابِ الشرعية5. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صاحب المحرر وغيره: و1 تَجُوزُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْمُشْرِكِ وَالْوُقُوفُ، لِزِيَارَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْرَ أُمِّهِ2، وَكَانَ بَعْدَ الْفَتْحِ، وَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] بِسَبَبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فِي آخِرِ التَّاسِعَةِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ الْقِيَامُ لِلدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ3. وَقَالَ شَيْخُنَا: تَجُوزُ زِيَارَتُهُ لِلِاعْتِبَارِ4. وَقَالَ: وَلَا يُمْنَعُ الْكَافِرُ زِيَارَةَ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَيَقِفُ الزَّائِرُ أَمَامَ الْقَبْرِ، وَعَنْهُ: حَيْثُ شَاءَ، وَعَنْهُ: قُعُودُهُ كَقِيَامِهِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَ مِنْهُ، كَزِيَارَتِهِ حَيًّا، ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ وَالتَّلْخِيصِ، وَيَجُوزُ لَمْسُ الْقَبْرِ بِالْيَدِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ يُتَلَقَّى مِنْ التَّوْقِيفِ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ سُنَّةٌ؛ وَلِأَنَّهُ عَادَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ5 كَهَذَا6، وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِثْلُهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، صَحَّحَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التمام، لأنه يشبه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُصَافَحَةَ الْحَيِّ، لَا سِيَّمَا مِمَّنْ تُرْجَى بَرَكَتُهُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَ فَرَاغِ دَفْنِهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ وَجُلُوسُهُ عَلَى جَانِبَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَيُسْتَحَبُّ إذَا زَارَهَا أَوْ مَرَّ بِهَا أَنْ يَقُولَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ أَوْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ، اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُمْ، وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُمْ" 1. وَفِي ذَلِكَ أَنَّ اسْمَ، الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ، وَإِطْلَاقُ الْأَهْلِ عَلَى سَاكِنِي الْمَكَانِ مِنْ حَيٍّ وَمَيِّتٍ. وَدَعَا عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ"2. سُمِّيَ بِهِ لِغَرْقَدٍ كَانَ فِيهِ، وَهُوَ مَا عَظُمَ مِنْ الْعَوْسَجِ. وَقِيلَ: كُلُّ شَجَرٍ لَهُ شَوْكٌ، قَالَ جَمَاعَةٌ: السَّلَامُ هُنَا مُعَرَّفٌ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْإِخْبَارِ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ3 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبُرَيْدَةَ4، وَالتَّنْكِيرُ فِي طُرُقٍ لِأَحْمَدَ5 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَنْكِيرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَخَيَّرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ نَصًّا، وَكَذَا السَّلَامُ عَلَى الْأَحْيَاءِ، عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعَنْهُ: تَعْرِيفُهُ أَفْضَلُ، قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: كَالرَّدِّ، وَقِيلَ: تَنْكِيرُهُ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: سَلَامُ التَّحِيَّةِ مُنَكَّرٌ وَسَلَامُ الْوَدَاعِ مُعَرَّفٌ، وَإِنَّمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 "عَلَيْك السَّلَامُ1 تَحِيَّةُ الْمَوْتَى" 2. عَلَى عَادَاتِهِمْ فِي تَحِيَّةِ الْأَمْوَاتِ يُقَدِّمُونَ اسْمَ الْمَيِّتِ عَلَى الدُّعَاءِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَفَعَلُوا ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَلِّمَ عَلَى قَوْمٍ يَتَوَقَّعُ3 جَوَابًا، وَالْمَيِّتُ لَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ، فَجَعَلُوا السَّلَامَ عَلَيْهِ كَالْجَوَابِ، وَهَذَا فِي الدُّعَاءِ بِالْخَيْرِ وَالْمَدْحِ، وَيُقَدَّمُ الضَّمِيرُ فِي الشَّرِّ والذم كقوله تعالى: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [الفتح: 6] ، {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي} [ص: 78] ، وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ مَرَّ بِابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ مَقْتُولٌ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَبَا خُبَيْبٍ، وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا4. فَدَلَّ أَنَّهُ كَالسَّلَامِ عَلَى الْحَيِّ وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ، وَفِيهِ السَّلَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يُدْفَنْ، وَوَرَدَ تَكْرَارُهُ فِي الْحَيِّ فِي الْمُتَهَاجِرِينَ5، وَفِي سَلَامِ ابْنِ جَابِرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وهو يصلي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَسْمَعُ الْمَيِّتُ الْكَلَامَ، وَلِأَحْمَدَ1 مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَمَّنْ سَمِعَ أَنَسًا عَنْهُ مَرْفُوعًا: "إنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنْ الْأَمْوَاتِ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ قَالُوا: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتنَا" وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ2 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ، 3"قَالَ أَحْمَدُ"3: يَعْرِفُ زَائِرَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ: وَفِي الْغُنْيَةِ: يَعْرِفُهُ كُلَّ وَقْتٍ، وَهَذَا الْوَقْتُ آكَدُ، وَأَطْلَقَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَرْبَهَارِيُّ مِنْ مُتَقَدِّمِي أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَعْرِفُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: الَّذِي يُوجِبُهُ الْقُرْآنُ وَالنَّظَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُحِسُّ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر: 22] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ آلَاتِ الْحِسِّ قَدْ فُقِدَتْ، وَأَجَابَ عَنْ خِلَافِ هَذَا بِرَدِّ الْأَرْوَاحِ، وَالتَّعْذِيبُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ، وَعِنْدَ الْقَاضِي يُعَذَّبُ الْبَدَنُ أَيْضًا وَأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ فِيهِ إدْرَاكًا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا: وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُجْعَلَ الْبَدَنُ مُعَلَّقًا بِالرُّوحِ فَيُعَذَّبُ فِي الْقَبْرِ. وَفِي الْإِفْصَاحِ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْمَقَابِرِ4. قَالَ: فِيهِ وُجُوبُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْمَوْتَى يَسْمَعُونَ سَلَامَ الْمُسَلِّمِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَأْمُرَ بِالسَّلَامِ عَلَى قَوْمٍ لَا يَسْمَعُونَ. قَالَ شَيْخُنَا: اسْتَفَاضَتْ الْآثَارُ بِمَعْرِفَتِهِ بِأَحْوَالِ أَهْلِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي الدنيا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنَّ ذَلِكَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ، وَجَاءَتْ الْآثَارُ بِأَنَّهُ يَرَى أَيْضًا وَبِأَنَّهُ يَدْرِي بِمَا يُفْعَلُ1 عِنْدَهُ، وَيُسَرُّ2 بِمَا كَانَ حَسَنًا، وَيَتَأَلَّمُ بِمَا كَانَ قَبِيحًا، وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك أَنْ أَعْمَلَ عَمَلًا أُخْزَى بِهِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهِ3. وَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ عِنْدَ عَائِشَةَ كَانَتْ تَسْتَتِرُ مِنْهُ وَتَقُولُ: إنَّمَا كَانَ أَبِي وَزَوْجِي، وَأَمَّا عُمَرُ فَأَجْنَبِيٌّ4. تَعْنِي أَنَّهُ يَرَاهَا. وَيُكْرَهُ الْحَدِيثُ عِنْدَ الْقُبُورِ وَالْمَشْيُ بِالنَّعْلِ، وَيُسْتَحَبُّ خَلْعُهُ إلَّا خَوْفَ نَجَاسَةٍ أَوْ شَوْكٍ وَنَحْوِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ بَشِيرٍ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ5، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي التمشك "*" ونحوه وجهان، نظرا إلى المعنى، والقصر على النص "م 1"، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَفِي التَّمَشُّك وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ، نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى، وَالْقَصْرُ عَلَى النَّصِّ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنُّكَتِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلْأَصْفَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ 3"وَغَيْرُهُ"3، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُكْرَهُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، كَغَيْرِهِ مِنْ النِّعَالِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الكراهة: ليس بشيء. "*" تنبيه: التمشك بضم التاء4 الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَضَمِّ الْمِيمِ أَيْضًا 5"وَسُكُونِ الكاف"5،
وَعَنْهُ: لَا يُسْتَحَبُّ خَلْعُ النَّعْلِ، كَالْخُفِّ. وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ إلَيْهِ وَالْجُلُوسُ وَالْوَطْءُ عَلَيْهِ، لِلْأَخْبَارِ1، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ2 وَابْنِ عُمَرَ3 وَأَبِي بَكْرَةَ4. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ، كَالتَّخَلِّي عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ5: يُكْرَهُ. وَيُكْرَهُ التَّخَلِّي بَيْنَهُمَا6، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ. زَادَ حَرْبٌ: كَرَاهَةً شَدِيدَةً. وَفِي الْفُصُولِ: حُرْمَتُهُ بَاقِيَةٌ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنْ جَمِيعِ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ أَنْ يُنَالَ بِهِ، كَتَقْرِيبِ النَّجَاسَةِ مِنْهُ. وَفِي الْكَافِي7 وَغَيْرِهِ: لَهُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ لِيَصِلَ إلَى مَنْ يَزُورُهُ، لِلْحَاجَةِ، وَفَعَلَهُ أَحْمَدُ، وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ: يُكْرَهُ دَوْسُهُ وتخطيه؟ فقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQنَوْعٌ مِنْ النِّعَالِ8 مَشْهُورُ الِاسْمِ عِنْدَ أَهْلِ بَغْدَادَ، قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ.
نَعَمْ يُكْرَهُ دَوْسُهُ، وَلَمْ يَكْرَهْ الْآجُرِّيُّ تَوَسُّدَهُ، لفعل علي رَوَاهُ مَالِكٌ1 بَلَاغًا. وَفِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يَضْطَجِعُ عَلَيْهَا، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْجُلُوسُ، وَلِلْبُخَارِيِّ2: أَنَّ ابْنَ عمر كان يجلس عليها، وأن يزيد3 بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: إنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِمَنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّحْرِيمِ جَمْعًا.
فصل: لا تكره القراءة على القبر وفي المقبرة،
فَصْلٌ: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وجماعة، وهو المذهب "وش" وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ مَشَايِخِ الْحَنَفِيَّةِ، فَقِيلَ: تُبَاحُ، وَقِيلَ: تُسْتَحَبُّ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: نَصَّ عَلَيْهِ "م 2" كَالسَّلَامِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَعَنْهُ: لَا تكره وقت دفنه، وعنه: تكره، اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: لَا تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَقِيلَ: تُبَاحُ، وَقِيلَ: تُسْتَحَبُّ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: نَصَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُسْتَحَبُّ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ أَخِيرًا، انتهى، وتقدم كلام ابن تميم و4 نَقْلِ الْمُصَنِّفِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُبَاحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتُبَاحُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْقَبْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ لَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَقَدَّمَ الْإِبَاحَةَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 في "ط": "في". 5 3/518. 6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 6/255.
عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ1 وَأَبُو حَفْصٍ "وهـ م" قَالَ شَيْخُنَا: نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ، وَسَمَّى الْمَرُّوذِيُّ، وَعَلَّلَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو الْمَعَالِي بِأَنَّهَا مَدْفِنُ النَّجَاسَةِ2، كَالْحَشِّ3. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَبُو حَفْصٍ يُغَلَّبُ الْحَظْرُ، كَذَا قَالَ، وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بفاتحة البقرة وخاتمتها4؛ فَلِهَذَا رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ الْكَرَاهَةِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ: الْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يُكْرَهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى رِوَايَةِ الْكَرَاهَةِ: شَدَّدَ أَحْمَدُ حَتَّى قَالَ: لَا يُقْرَأُ فِيهَا فِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ: يُكَفِّرُ5 عَنْ يَمِينِهِ وَلَا يقرأ، ويتوجه: يقرأ إلا6 عِنْدَ الْقَبْرِ، وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمَذْهَبِ، كَنَذْرِ الطَّوَافِ عَلَى أَرْبَعٍ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِيمَنْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى صِفَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ، يَأْتِي بِالطَّاعَةِ، وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِ الصِّفَةِ وَجْهَانِ، فَتَشْمَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَدَلَّتْ رِوَايَةُ الْمَرُّوذِيِّ عَلَى إلْغَاءِ الْمَوْصُوفِ لِإِلْغَاءِ صِفَتِهِ فِي النَّذْرِ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَعَنْهُ: بِدْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ مُحْدَثٌ، وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ: يَحْمِلُ مُصْحَفًا إلَى الْقَبْرِ فَيَقْرَأُ7 فيه عليه؟ قال: بدعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ أَفْضَلُ، وَلَا رَخَّصَ فِي اتِّخَاذِهِ عِيدًا كَاعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ، أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصِّيَامِ، قال: واتخاذ المصاحف عندها ولو للقراءة1 بِدْعَةٌ، وَلَوْ نَفَعَ الْمَيِّتَ لَفَعَلَهُ السَّلَفُ، بَلْ هُوَ كَالْقِرَاءَةِ فِي الْمَسَاجِدِ عِنْدَ السَّلَفِ، وَلَا أَجْرَ لِلْمَيِّتِ بِالْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ، كَمُسْتَمِعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَنْتَفِعُ بِسَمَاعِهَا دُونَ مَا إذَا بَعُدَ الْقَارِئُ فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ، مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، كَذَا قَالَ، وَيَتَأَذَّى الْمَيِّتُ بِالْمُنْكَرِ عِنْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَاحْتَجَّ أَبُو الْمَعَالِي بِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "جَنِّبُوهُ جَارَ السُّوءِ" 2. وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ "الْمَيِّتُ يُؤْذِيهِ فِي قَبْرِهِ مَا يُؤْذِيهِ فِي بَيْتِهِ" 3. وَلَا يَصِحَّانِ، وَلَكِنْ قَدْ سَبَقَ4: يستحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدَّفْنُ عِنْدَ الصَّالِحِ لِتَنَالَهُ بَرَكَتُهُ، وَيُسَنُّ مَا1 يُخَفَّفُ عَنْهُ "*"، وَإِذَا تَأَذَّى بِالْمُنْكَرِ انْتَفَعَ بِالْخَيْرِ، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِجَعْلِ جَرِيدَةٍ رَطْبَةٍ2 فِي الْقَبْرِ، لِلْخَبَرِ3، وَأَوْصَى بِهِ بُرَيْدَةُ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ4، وَفِي مَعْنَاهُ غَرْسُ غَيْرِهَا، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَكَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ قَلْعَ الْحَشِيشِ الرَّطْبِ مِنْهَا، قَالُوا: لِأَنَّهُ يُسَبِّحُ فَرُبَّمَا يَأْنَسُ الْمَيِّتُ بِتَسْبِيحِهِ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اسْتَحَبُّوا الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ لِخَبَرِ الْجَرِيدَةِ5؛ لِأَنَّهُ إذَا رَجَا التَّخْفِيفَ لِتَسْبِيحِهَا6، فَالْقِرَاءَةُ أَوْلَى، وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "إذَا قَضَى أَحَدُكُمْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيبًا مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ خَيْرًا". وَعَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: "مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ وَالْبَيْتُ7 الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مِثْلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ" رَوَاهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تنبيه: قوله: 8"ويسن يخفف عنه"7 كَذَا فِي النُّسَخِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَعَلَّهُ: يُسَنُّ9 مَا يُخَفِّفُ عَنْهُ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الباب.
مُسْلِمٌ1، وَقَالَ الْبَرَاءُ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ، وَعِنْدَهُ فَرَسٌ مَرْبُوطٌ، فَغَشِيَتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدُورُ وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ مِنْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ، فَقَالَ: "تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ أو تنزلت عند القرآن". متفق عليه2.
فصل: كل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها للمسلم نفعه ذلك،
فَصْلٌ: كُلُّ قُرْبَةٍ فَعَلَهَا الْمُسْلِمُ وَجَعَلَ ثَوَابَهَا لِلْمُسْلِمِ نَفَعَهُ ذَلِكَ، وَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ، كَالدُّعَاءِ "ع" وَالِاسْتِغْفَارِ "ع" وَوَاجِبٍ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ "ع" وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ "ع" وَكَذَا الْعِتْقِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ أَصْلًا، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا "ع" وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "و" وَكَذَا حَجِّ التَّطَوُّع "م ر" وَفِي الْمُجَرَّدِ: مَنْ حَجَّ نَفْلًا عَنْ غَيْرِهِ وَقَعَ عَمَّنْ حَجَّ، لِعَدَمِ إذْنِهِ، وَكَذَا الْقِرَاءَةُ وَالصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ، نَقَلَ الْكَحَّالُ3 فِي الرَّجُلِ يَعْمَلُ شَيْئًا مِنْ الْخَيْرِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَيَجْعَلُ نِصْفَهُ لِأَبِيهِ 4"أَوْ أُمِّهِ"4: أَرْجُو. وَقَالَ: الْمَيِّتُ يَصِلُ إلَيْهِ5 كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِهِ "م ش هـ ر" وَفَرَّقُوا بِأَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا، فَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ ثَوَابُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ تَصَدَّقَ عَنْ نَفْسِهِ تَطَوُّعًا ثُمَّ أَهْدَى ثَوَابَهُ لَمْ يصح، وأجاب القاضي وغيره بأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِتْقَهُ عَنْ الْمَيِّتِ بِلَا وَصِيَّةٍ يَقَعُ عَنْ الْمُعْتِقِ، بِدَلِيلِ الْوَلَاءُ لَهُ وَلِعَصَبَتِهِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ صُرِفَ الثَّوَابُ إلَى الْمَيِّتِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْعِتْقِ: قَدْ صَحَّ إهْدَاؤُهُ وَإِنْ وَقَعَ عَنْ فَاعِلِهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْقَاضِي مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ نَقْلِ ثَوَابٍ وَقَعَ لِفَاعِلِهِ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْمُخَالِفُ، وَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاع، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ وَالثَّوَابَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ فَلَيْسَ بِجَوَابٍ، وَالثَّانِي ظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَثَرِ، فَكَانَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يُعْتِقَانِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ1. رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ. وَأَعْتَقَتْ عَائِشَةُ عَنْ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدَ مَوْتِهِ2. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يُنْقَلْ غَيْرُ الْعِتْقِ، وَنُصُوصُ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا، كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ، مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرَهُ جَزَمُوا هُنَاكَ بِأَنَّ الثواب للمعتق، وكان وجهه أنه3 يَتْبَعَ الْوَلَاءَ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي التَّبْصِرَةِ خِلَافَهُ إلَّا احْتِمَالًا، قَالَ: لِأَنَّ الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَى الْمَيِّتِ، ثُمَّ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالْحَجُّ وَالْأَذَانُ، لَا يَصِحُّ إهْدَاؤُهُ، مَعَ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِي بَعْضِهَا: قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّ الثَّوَابَ تَبَعٌ للفعل، فإذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَازَ أَنْ يَقَعَ الْمَتْبُوعُ لِغَيْرِهِ جَازَ أَنْ يَقَعَ التَّبَعُ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ أَهْدَى مَا لَا يَتَحَقَّقُ حُصُولُهُ؛ لِأَنَّهُ يَظُنُّهُ، ثِقَةً بِالْوَعْدِ وَحُسْنًا لِلظَّنِّ، فَلَا يَسْتَعْمِلُ الشَّكَّ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا دَخَلْتُمْ الْمَقَابِرَ فَاقْرَءُوا آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَثَلَاثَ مرات: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الصمد: 1] ، ثُمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ إنَّ فَضْلَهُ لِأَهْلِ الْمَقَابِرِ، يَعْنِي ثَوَابَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُمَّ إنْ كُنْت أَثَبْتنِي1 عَلَى هَذَا فَقَدْ جَعَلْت ثَوَابَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَخَلَّفُ، فَلَا يَتَحَكَّمُ عَلَى اللَّهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَنْ سَأَلَ الثَّوَابَ ثُمَّ أَهْدَاهُ كَقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ أَثِبْنِي عَلَى عَمَلِي هَذَا أَحْسَنَ الثَّوَابِ وَاجْعَلْهُ لِفُلَانٍ كَانَ أَحْسَنَ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجْهُولًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ، كَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا فِي أَنْ يُهْدِيَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ يَعْرِفُهُ الْوَكِيلُ فَقَطْ صَحَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَنْوِيَهُ بِذَلِكَ وَقْتَ فِعْلِ الْقُرْبَةِ، وَفِي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ: قَبْلَهُ. وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ: يُشْتَرَطُ أَنْ تَتَقَدَّمَ نِيَّةُ ذَلِكَ أَوْ تُقَارِنُهُ، فَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْإِهْدَاءِ وَنَقْلِ الثَّوَابِ أَنْ يَنْوِيَ الْمَيِّتُ بِهِ ابْتِدَاءً كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَبَعَّدَهُ فَهُوَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِعُمُومِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ لَا وَجْهَ لَهُ فِي أَثَرٍ وَلَا نَظَرٍ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ تَقَعَ الْقُرْبَةُ عَنْ الْمَيِّتِ ابْتِدَاءً بِالنِّيَّةِ لَهُ فَهَذَا مُتَّجِهٌ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: ثَوَابُ الْقُرْآنِ يَصِلُ إلَى الْمَيِّتِ إذَا نَوَاهُ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ الإهداء2، فَظَاهِرُهُ عَدَمُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ فِي التَّبْصِرَةِ. وَفِي الْفُنُونِ عَنْ حَنْبَلِيٍّ: يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ النية؛ لأن ما تدخله النيابة من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَعْمَالِ لَا يَحْصُلُ لِلْمُسْتَنِيبِ إلَّا بِالنِّيَّةِ مِنْ النَّائِبِ قَبْلَ الْفَرَاغِ. وَفِي الْفُصُولِ كَمَا سَبَقَ فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ عَنْ غَيْرِهِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ لَمْ يَنْعَقِدْ عَنْ الْغَيْرِ، فَلَوْ نَابَ عَنْ حَيٍّ فِي حَجٍّ فَاعْتَمَرَ وَقَعَ عَنْ الْحَاجِّ، وَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ، لِقُدْرَةِ الْحَيِّ عَلَى التَّكَسُّبِ، وَالْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُهْدٍ لِلْمَيِّتِ ثَوَابَهَا، فَقَدْ جَعَلَ نِيَّةَ الْمَيِّتِ بِالْقُرْبَةِ ابْتِدَاءً يَقَعُ عَنْهُ كَمُهْدٍ إلَيْهِ ثَوَابَهَا، وَلَعَلَّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ؛ لِقِيَاسِهِمْ1 عَلَى الصَّدَقَةِ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "اقْرَءُوا يَس عَلَى مَوْتَاكُمْ" 2. وَبِأَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَى مِنْ الْمُحْتَضَرِ، وَبِأَنَّهُ أَذِنَ فِي الْحَجِّ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ، وَبِقَوْلِهِ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: "وَلَوْ أَقَرَّ أَبُوك بِالتَّوْحِيدِ فَصُمْت عَنْهُ أَوْ تَصَدَّقْت عَنْهُ نَفَعَهُ ذَلِكَ". رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ3، وَيَأْتِي كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ بعده، وسبق قول4 القاضي: الثواب تبع5. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَصِحُّ أَنْ يَفْعَلَهُ عَنْ غيره، وإنما يقع ثوابه عن غيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَرُّوذِيِّ السَّابِقَةَ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ لَهُ، كَذَا قَالَ، قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَقُولُ: لَوْ صَلَّى فَرْضًا وَأَهْدَى ثَوَابَهُ صَحَّتْ الْهَدِيَّةُ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُعَرَّى عَمَلُهُ عَنْ ثَوَابٍ، كَالصَّلَاةِ فِي مَكَان غَصْبٍ، ثُمَّ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مَرْفُوعًا، رَوَاهُ حَرْبٌ وَقَالَ شَيْخُنَا: أَوْ أَكْثَرَ، وَالْأَشْهَرُ خِلَافُ قَوْلِ الْقَاضِي فِي ثَوَابِ الْفَرْضِ، وَبَعَّدَهُ بَعْضُهُمْ، وَيُسْتَحَبُّ إهْدَاءُ الْقُرَبِ، قِيلَ لِلْقَاضِي: فَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الصف الأول ويقدم أباه، هو1 يَقْدِرُ أَنْ يَبَرَّهُ بِغَيْرِ هَذَا، فَقَالَ: وَقَدْ نُقِلَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَرَاهَةِ، فَنَقَلَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ فِيمَنْ يَأْمُرُهُ أَبُوهُ بِتَأْخِيرِ، الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ، قَالَ: يُؤَخِّرُهَا، وَالْوَجْهُ فيه أنه قد2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَدْبٌ إلَى طَاعَةِ أَبِيهِ فِي تَرْكِ صَوْمِ النَّفْلِ وَصَلَاةِ النَّفْلِ، وَقَدْ نَقَلَ هَارُونُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَصُومَ إذَا نَهَاهُ1، كَذَا قَالَ: نَدْبٌ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: 2"فَإِنْ قِيلَ"2: الْإِيثَارُ بِالْفَضَائِلِ وَالدِّينِ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَكُمْ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ كَلَامِ الْقَاضِي، وَهَذَا مِنْهُمَا تَسْوِيَةٌ بَيْنَ نَقْلِ الثَّوَابِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَهُ وَبَيْنَ نَقْلِ سَبَبِ الثَّوَابِ قَبْلَ فِعْلِهِ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْجُمُعَةِ3، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ4، فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ: أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يُؤْثِرَهُ بِفِعْلِهَا لِيُحْرِزَ ثَوَابَهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ ثُمَّ يُؤْثِرَهُ بِثَوَابِهَا؟ قَالَ فِي الْفُنُونِ: يُسْتَحَبُّ إهْدَاؤُهَا5 حَتَّى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ السَّلَفِ إهْدَاءُ ذَلِكَ إلَى مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ، بَلْ كَانُوا يَدْعُونَ لَهُمْ، فَلَا يَنْبَغِي الْخُرُوجُ عَنْهُمْ، وَلِهَذَا لَمْ يَرَهُ شَيْخُنَا لِمَنْ لَهُ كَأَجْرِ الْعَامِلِ، كَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم و6 مُعَلِّمِ الْخَيْرِ، بِخِلَافِ الْوَالِدِ لِأَنَّ لَهُ أَجْرًا لَا6 كَأَجْرِ الْوَلَدِ؛ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ يُثَابُ عَلَى إهْدَائِهِ، فَيَكُونُ لَهُ أَيْضًا مِثْلُهُ، فَإِنْ جَازَ إهْدَاؤُهُ فَهَلُمَّ جَرًّا، وَيَتَسَلْسَلُ7 ثَوَابُ الْعَمَلِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ عَمَلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَمَلٍ؟ وَإِنْ قِيلَ: يَحْصُلُ ثَوَابُهُ مَرَّتَيْنِ لِلْمُهْدَى إلَيْهِ، وَلَا يَبْقَى لِلْعَامِلِ ثَوَابٌ، فَلَمْ يَشْرَعْ اللَّهُ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْفَعَ غَيْرَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الدَّارَيْنِ، فَيَتَضَرَّرُ، وَلَا يَلْزَمُ دُعَاؤُهُ لَهُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّهُ مُكَافَأَةٌ لَهُ كَمُكَافَأَتِهِ لِغَيْرِهِ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَدْعُوُّ لَهُ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمُكَافَأَةِ، وَلِلْمَدْعُوِّ لَهُ مِثْلُهُ، فَلَمْ يَتَضَرَّرْ وَلَمْ يَتَسَلْسَلْ، وَلَا يَقْصِدُ أَجْرَهُ إلَّا مِنْ اللَّهِ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ أَقْدَمَ مَنْ بَلَغَهُ أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ الْمُوَفَّقِ، أَحَدُ الشُّيُوخِ الْمَشْهُورِينَ مِنْ طَبَقَةِ أَحْمَدَ وَشُيُوخَ الْجُنَيْدِ1. وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ مُحَدِّثُ عَصْرِهِ، وَهُوَ إمَامُ الْحَدِيثِ بَعْدَ الْبُخَارِيِّ بِبُخَارَى: سَمِعْت إبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى2، سَمِعْت السَّرَّاجَ يَقُولُ: خَتَمْت الْقُرْآنَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ خَتْمَةٍ، وَضَحَّيْت عَنْهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ألف أضحية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والحي كالميت في نفعه بالدعاء ونحوه،
فصل: وَالْحَيُّ كَالْمَيِّتِ فِي نَفْعِهِ بِالدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ، 1"فَكَذَا الْقِرَاءَةُ"1 وَنَحْوُهَا "و" لِلْحَنَفِيَّةِ، قَالَ الْقَاضِي: لَا تُعْرَفُ رِوَايَةٌ بِالْفَرْقِ، بَلْ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْكَحَّالِ يعني السابقة: يعم2. قال: ويحتمل الفرق؛ لأن العجز مصحح3 فِي الْحَجِّ وَالصَّوْمِ، وَانْتِفَاعُهُ بِالدُّعَاءِ بِإِجَابَتِهِ وَقَبُولِ الشفاعة في المدعو له2، وَهُوَ أَمْرٌ آخَرُ غَيْرُ الثَّوَابِ عَلَى نَفْسِ الدُّعَاءِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي حَجِّ النَّفْلِ عَنْ الْحَيِّ، وَلَمْ يَسْتَدِلَّ لَهُ4. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لأن نفع الإجابة وقبول الشفاعة5 إنَّمَا حَصَلَ حَيْثُ قَصَدَهُ الدَّاعِي لِلْمَدْعُوِّ لَهُ، وأراده له2 مُتَقَرِّبًا بِسُؤَالِهِ وَخُضُوعِهِ وَتَضَرُّعِهِ، فَكَذَلِكَ ثَوَابُ سَائِرِ الْقُرَبِ الَّذِي قَصَدَهُ بِفِعْلِهَا، وَصَحَّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ6. الْحَدِيثُ، قَالَ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُمَّتَهُ أَمْوَاتَهُمْ وَأَحْيَاءَهُمْ قَدْ نَالَهُمْ النَّفْعُ وَالْأَجْرُ بِتَضْحِيَتِهِ. وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبَثًا، فَظَاهِرُ قَوْلِهِ هَذَا تَجُوزُ الصَّدَقَةُ وَإِهْدَاءُ الثَّوَابِ عَنْ الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَلِهَذَا احتج به1 مَنْ احْتَجَّ عَلَى أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تَجِبُ، وَاقْتَصَرَ فِي هِدَايَةِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَسَبْقِ الْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ وَصَنْعَةِ الطَّعَامِ، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُنَا: جَمْعُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ النَّاسَ عَلَى طَعَامٍ لِيَقْرَءُوا وَيُهْدُوا لَهُ لَيْسَ مَعْرُوفًا فِي السَّلَفِ، وَالصَّدَقَةُ أَوْلَى مِنْهُ، لا سيما على من ينتفع به على2 مَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، كَالْقُرَّاءِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّهُ قَدْ كَرِهَهُ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَقُرْبُ دَفْنِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، عَدَّهُ السَّلَفُ مِنْ النِّيَاحَةِ، وَذَكَرَ خَبَرَ جَرِيرٍ السَّابِقَ، وَهَذَا فِي الْمُحْتَسِبِ، فَكَيْفَ مَنْ يَقْرَأُ بِالْكِرَاءِ؟! وَاكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِي لِلْمَيِّتِ بِدْعَةٌ، لَمْ يَفْعَلْهَا السَّلَفُ، وَلَا اسْتَحَبَّهَا الْأَئِمَّةُ، وَالْفُقَهَاءُ تَنَازَعُوا فِي جَوَازِ الِاكْتِرَاءِ عَلَى تَعْلِيمِهِ، فَأَمَّا اكْتِرَاءُ مَنْ يَقْرَأُ وَيُهْدِيهِ فَمَا عَلِمْت أَحَدًا ذَكَرَهُ، وَلَا ثَوَابَ لَهُ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَيِّتِ، قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، قَالَ: وَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ، وَالْوَقْفُ عَلَى الْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ أَفْضَلُ مِنْ الْوَقْفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَلِلْوَاقِفِ كَأَجْرِ الْعَامِلِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَنِي قَدْ أُمِيتَتْ بعدي كان له أجرها وأجر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَنْ عَمِلَ بِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا" 1؛ لِأَنَّ ذَلِكَ سَعْيٌ فِي سُنَّتِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: الْوَقْفُ عَلَى التُّرَبِ بِدْعَةٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيهَا مَصْلَحَةُ الْحَضِّ عَلَى بَقَاءِ حِفْظِهِ وَتِلَاوَتِهِ، وَفِيهَا مَفَاسِدُ: مِنْ الْقِرَاءَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ الْمَشْرُوعَةِ، وَالتَّأَكُّلِ بِهِ، فَمَتَى أَمْكَنَ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ بِدُونِهِ فَالْوَاجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ2 وَإِبْطَالُهُ. وَشَرْطُ إهْدَاءِ الْقِرَاءَةِ يَنْبَنِي عَلَى إهْدَاءِ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَبْطَلَهُ، وَمَنْ جَوَّزَهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عِبَادَةً، وَهِيَ مَا قُصِدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ، فَأَمَّا بِإِجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ فَلَا تَكُونُ قُرْبَةً، وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ وَالْجَعْلَ عليه، ثم جعل ذكر3 الْخِلَافُ فِي أُجْرَةِ تَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ، فَقَدْ حُكِمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ لِمَا قَالَ: لَا يَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ فِيهِ، وَإِنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ، وَفِي كَلَامِهِ الْأَخِيرِ إنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ، وَلَا إهْدَاءَ، لِعَدَمِ الثَّوَابِ، فَعَلَى هَذَا: يَصِحُّ لِتَحْصِيلِ4 الْمَصْلَحَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا يُهْدِي شَيْئًا، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَجِّ بِأُجْرَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْعِبَادَةِ، فَمَنْ5 فَعَلَهُ مِنْ أَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ، خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ عِبَادَةً، فَلَمْ يَصِحَّ، مَعَ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، كَأَخْذِ النَّفَقَةِ لِأَجْلِهِ، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِزَائِدٍ عَلَيْهَا، خِلَافًا لِلْفُصُولِ، قَالَ: لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ، فَلَا يَجُوزُ، قَالَ غير واحد في مسألة الإجارة والجعالة1: والجعالة أَوْسَعُ، لِجَوَازِهَا مَعَ جَهَالَةِ الْعَمَلِ وَالْمُدَّةِ، وَدَلَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ لِأَجْلِ الْعِوَضِ لَا يُخْرِجُهُ، عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً فِي الْجُمْلَةِ، وهذا أولى بقول2 شَيْخِنَا؛ لِأَنَّ مَالَ الْوَقْفِ رِزْقٌ وَمَعُونَةٌ لَا إجَارَةٌ وَلَا جَعَالَةٌ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرُوا مِنْ أَخْذِ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي، وَأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ يَقُومُ بِهَذِهِ الْمَصَالِحِ، وَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، مَعَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ لَا يُعْرَفُ فِي السَّلَفِ، لَكِنْ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ، كَالْمَدَارِسِ وَالصُّوفِيَّةِ، فَكَذَا مَنْ يَقْرَأُ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَسَائِلِ الْحَجِّ، وَقَدْ وَجَّهَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا لَا تَصِلُ إلَى الْحَيِّ: بِأَنَّهُ يَفْتَحُ مَفْسَدَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّ الْأَغْنِيَاءَ يَتَّكِلُونَ3 عَنْ الْأَعْمَالِ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُسَهِّلُ لِمَنْ ينوب عنهم في فعل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخَيْرِ، فَيَفُوتُهُمْ أَسْبَابُ الثَّوَابِ بِالِاتِّكَالِ عَلَى الثَّوَابِ، وَتَخْرُجُ أَعْمَالُ الطَّاعَاتِ عَنْ لُبِّهَا إلَى الْمُعَاوَضَاتِ، وَيَصِيرُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مُعَامَلَاتٍ لِلنَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَيَخْرُجُ عَنْ الْإِخْلَاصِ، وَنَحْنُ عَلَى أَصْلٍ يُخَالِفُ هَذَا، وَهُوَ مَنْعُ1 الِاسْتِئْجَارِ وَأَخْذِ الْأَعْوَاضِ وَالْهَدَايَا عَلَى الطَّاعَاتِ، كَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ وَالْحَجِّ، وَفَارَقَ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَضَمَانَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ، وَحَقُّ اللَّهِ فِيهِ تَابِعٌ، فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى التَّسْوِيَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ جَازَ هُنَاكَ جَازَ هُنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَمَتَى لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ عَلَى ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالْمُوصِي. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَوْ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ نَافِلَةً بِأُجْرَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَلِّيَ عَنْهُ2، بِاتِّفَاقِ3 الْأَئِمَّةِ، كَذَا قَالَ، وَهِيَ كَالْقِرَاءَةِ، كَمَا سَبَقَ، قَالَ: وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الصَّلَاةِ، فَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ كُلِّ صَلَاةٍ اسْتَعَانُوا عَلَيْهَا بِهَا، مِنْ غَيْرِ نَقْصِ أَجْرِ الْمُصَلِّي، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: إذَا4 أَرَادَ الْوَرَثَةُ "ذَلِكَ" وَقَالَ فِيمَنْ وَصَّى بِشِرَاءِ وَقْفٍ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ: يُصْرَفُ فِي جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ، كإعطاء الفقراء 5"في القراءة"5، أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ، فَفِي الَّتِي قَبْلَهَا اعْتَبَرَ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ، وَهُنَا جَوَّزَهُ فِي الْمَصَالِحِ، فَهُوَ كَاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي الصَّدَقَةِ بِفَاضِلِ رِيعِ الْوَقْفِ، هَلْ يُعْتَبَرُ جِنْسُ الْمَنْفَعَةِ أو يجوز في المصالح؟ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الزكاة
كتاب الزكاة بيان من تجب عليه مدخل ... كِتَابُ الزَّكَاةِ وَبَيَانُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَسَبَبِهَا، وَشُرُوطِهَا وَمُسْقِطِهَا وَمَا تَجِبُ فِيهِ مِنْ الْأَمْوَالِ وَهِيَ لُغَةً: النَّمَاءُ، وَقِيلَ: وَالتَّطْهِيرُ؛ لِأَنَّهَا تُنَمِّي الْأَمْوَالَ، وَتُطَهِّرُ مُؤَدِّيهَا، وَقِيلَ: تُنَمِّي أَجْرَهَا. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تُنَمِّي الْفُقَرَاءَ، وَسُمِّيَتْ شَرْعًا زَكَاةً لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَهِيَ شَرْعًا: حَقٌّ يَجِبُ فِي مَالٍ خَاصٍّ، وَسُمِّيَتْ صَدَقَةً لِأَنَّهَا دَلِيلٌ لِصِحَّةِ إيمَانِ مُؤَدِّيهَا وَتَصْدِيقِهِ. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ أَوْ بِالْمَدِينَةِ؟ وَفِي ذَلِكَ آيَاتٌ، وَاخْتَلَفُوا فِي آيَةِ الذَّارِيَاتِ: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ} [الذاريات: 19] ، هَلْ الْمُرَادُ بِهِ الزَّكَاةُ؟ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الزَّكَاةُ، لِقَوْلِهِ فِي آيَةِ سَأَلَ، {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] وَالْمَعْلُومُ إنَّمَا هُوَ الزَّكَاةُ لَا التَّطَوُّعُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَشَيْخُنَا أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ طَلَبُهَا وَبَعْثُ السُّعَاةِ لِقَبْضِهَا، فَهَذَا بِالْمَدِينَةِ، وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّ الظَّوَاهِرَ فِي إسْقَاطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ مُعَارَضَةٌ بِظَوَاهِرَ تَقْتَضِي وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي كُلِّ مَالٍ، لِقَوْلِهِ تعالى {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [سورة المعارج: 24] . واحتج في1 أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّلَاةَ لَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ فِعْلُهَا، وَيُعَاقَبُ بها بقوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [فصلت: 6، 7] وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرِينَ فَسَّرَ الزَّكَاةَ فِيهَا بِالتَّوْحِيدِ، وَاحْتَجَّ فِي خِلَافِ الْقَاضِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [المعارج: 24] ، وَالْحَقُّ هُوَ الزَّكَاةُ، وَقَدْ أَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ1، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُ جَمِيعِهِ إلَيْهِمَا، وَكَذَا يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ2، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ وَاسْمُهُ عُرَيْبٌ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ الزَّكَاةُ لَمْ يَأْمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا، وَنَحْنُ نَفْعَلُهُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مَعَ رَمَضَانَ، وَهُوَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَهَا، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14 - 15] ، وقول3 وَذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ: تَطَهَّرَ مِنْ الشِّرْكِ، وَالصَّلَوَاتُ: الْخَمْسُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَالَ: لأن السورة مكية بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِلَافٍ وَلَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ زَكَاةٌ وَلَا عِيدٌ1. يُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ الْوَالِبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} [الفتح: 4] ، قَالَ: الرَّحْمَةَ. إنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمْ الصَّلَاةَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمْ الصِّيَامَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الزَّكَاةَ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهَا زَادَهُمْ الْحَجَّ، فَلَمَّا صَدَّقُوا بِهِ زَادَهُمْ الْجِهَادَ، ثُمَّ أَكْمَلَ لَهُمْ دِينَهُمْ فَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: 3] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَوْثَقُ إيمَانِ2 أَهْلِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَصْدَقُهُ وَأَكْمَلُهُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ3. وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ فِي مَسْأَلَةِ النَّسْخِ أَنَّ الزَّكَاةَ بَعْدَ الصَّوْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ "ع" وَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ4 "هـ م" بقدره، أو صبي "هـ"5 أو مجنون "هـ" لِلْعُمُومِ، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا، كَالْمَرْأَةِ، بِخِلَافِ الْجِزْيَةِ فَإِنَّهَا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَدَمُهُمَا مَحْقُونٌ، وَالْعَقْلُ لِلنُّصْرَةِ، وَلَيْسَا مِنْ أهلها، وسبق حكم الكافر أول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّلَاةِ1، وَلَا يَلْزَمُ قِنًّا وَمُدَبَّرًا وَأُمَّ وَلَدٍ "و" فَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ "وهـ ش" زَكَّاهُ السَّيِّدُ "وهـ ش" وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ "وم" فَلَا زَكَاةَ فِيهِ "وم" فِيهِمَا، فَلَا فِطْرَةَ إذًا فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: يُزَكِّيهِ الْعَبْدُ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُزَكِّيَهُ السَّيِّدُ، وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ. وَلَا يَلْزَمُ مُكَاتَبًا "و" لِنَقْصِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَعَنْهُ هُوَ كَالْقِنِّ، وَعَنْهُ: يُزَكِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا عُشْرَ فِي زَرْعهِ، "هـ" وَإِنْ عَتَقَ أَوْ عَجَزَ أَوْ قَبَضَ قِسْطًا2 مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ وَفِي يَدِهِ نِصَابٌ اسْتَقْبَلَ الْمَالِكُ بِهِ حَوْلًا، وَمَا دُونَ نِصَابٍ كَمُسْتَفَادٍ. وهل تجب في المال المنسوب إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا، كَمَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الرعاية؛ لَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ مِنْهُ، أَمْ لَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ "مَالِ" الصَّبِيِّ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا، أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ حَيًّا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي "م 1" وَقَالَ الشَّيْخُ فِي فِطْرَةِ الْجَنِينِ: لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ هُوَ وَغَيْرُهُ لِلْوُجُوبِ هُنَاكَ بِالْعُمُومِ، وَيَأْتِي قَوْلُ أَحْمَدَ: صَارَ ولدا1، وعدم الوجوب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ تَجِبُ فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا، كَمَا اخْتَارَهُ صاحب الرعاية، لَحَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ، أَمْ لَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ حَيًّا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي، انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ، وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ أَحْمَدَ في 2"الاتفاق على أمه"2 مِنْ نَصِيبِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ بِالْإِرْثِ مِنْ حِينِ مَوْتِ أَبِيهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَذَكَرَ نَصَّيْنِ صَرِيحَيْنِ فِي ذَلِكَ وَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا فِي باب ميراث الحمل3 وزيادة.
ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
فصل: وإنما تلزم من ملك نصابا
فَصْلٌ: وَإِنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا "و" فإن نقص عنه فعنه لا زكاة "وهـ ش" وَذَهَبَ الْأَكْثَرُ: لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وَحَبَّتَانِ "م 2" وعنه: ولا أكثر، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَلْزَمُ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا، فإن نقص عنه فعنه: لا زكاة، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ: لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وَحَبَّتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي1، وَحَوَاشِي الْمُقْنِعِ لِلْمُصَنِّفِ وَالزَّرْكَشِيِّ: إحْدَاهُمَا: لَا تَضُرُّ حَبَّةٌ وَلَا حَبَّتَانِ2، وَهُوَ مِنْ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قَالَهُ غَيْرُ الْخِرَقِيِّ، قَالَ الشَّارِحُ: وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْأَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَجَبَتْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: النِّصَابُ تَحْدِيدٌ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إذَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ وَلَوْ كَانَ نَقْصًا يَسِيرًا، قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: هَذَا أَظْهَرُ وَأَصَحُّ، قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْدَلَ عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْصًا يَدْخُلُ فِي الْمَكَايِيلِ، كَالْأُوقِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَلَا يُؤَثِّرُ، وجزم به في الوجيز وغيره.
حتى ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثُ مِثْقَالٍ عَنْهُ: إنْ جَازَتْ جوازا لوزانه وجبت "وم" وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْمَضْرُوبَةُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ "م" قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ لَمْ تَجُزْ، ولم تكن مضروبة إثر درهم. وفي الذهب1: ثُلُثُ مِثْقَالٍ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ بِنَقْصِهِ يَسِيرًا أَوَّلَ الْحَوْلِ وَوَسَطَهُ فَقَطْ، وَهَلْ نِصَابُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ تَحْدِيدٌ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ والمغني والمحرر، لتحديد الشارع بالأوسق كما يأتي2 أو تقريب؟ فيه روايتان "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَهَلْ نِصَابُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ تَحْدِيدٌ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، لِتَحْدِيدِ الشَّارِعِ بِالْأَوْسُقِ أَوْ تَقْرِيبٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: إحْدَاهُمَا: تَحْدِيدٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هُوَ تَقْرِيبٌ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ.
وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، فَيُؤَثِّرُ نَحْوُ رِطْلَيْنِ وَمُدَّيْنِ عَلَى التَّحْدِيدِ لَا عَلَى التَّقْرِيبِ، وَجَعَلَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَائِدَةَ الْخِلَافِ، وَقَدَّمَ الْقَوْلَ بِالتَّقْرِيبِ، وَلَا اعْتِبَارَ بِنَقْصٍ دَاخِلٍ فِي الْكَيْلِ فِي الْأَصَحِّ، جَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةِ "و" وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: إذَا نَقَصَ مَا لَوْ وُزِّعَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ ظَهَرَ فِيهَا سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا. وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ بِالْحِسَابِ "و" وقاله1 أبو يوسف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمُحَمَّدٌ، وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نَقْدًا1 أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ "هـ" إلَّا السَّائِمَةَ فَلَا زَكَاةَ فِي وَقْصِهَا2، وَقِيلَ: بَلَى، اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ "وم ر ق"3 وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ تَلِفَ بَعِيرٌ مِنْ تِسْعٍ، أَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ إنْ اعْتَبَرْنَا التَّمَكُّنَ سَقَطَ تُسْعُ شَاةٍ، وَلَوْ تَلِفَ مِنْهَا سِتَّةٌ زَكَّى الْبَاقِيَ ثُلُثَ شَاةٍ، وَلَوْ كَانَتْ مَغْصُوبَةً فَأَخَذَ مِنْهَا بَعِيرًا بَعْدَ الْحَوْلِ 4"زكاه بتسع"4 شَاةٍ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهَا رَدِيئًا أَوْ صِغَارًا كَانَ الْوَاجِبُ وَسَطًا، وَيُخْرِجُ مِنْ الْأَعْلَى بِالْقِيمَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى شَاةً، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهَا، وَفِي الثَّالِثَةِ خُمُسَهَا، وَفِي الرَّابِعِ يَتَعَلَّقُ الْوَاجِبُ بِالْخِيَارِ، وَالرَّدِيءُ بِالْوَقْصِ؛ لِأَنَّهُ أَحَطُّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ أَيْضًا، وَلَوْ تَلِفَ عشرون من أربعين بعيرا، قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّمَكُّنِ فَنِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةُ أَتْسَاعهَا، وَلَيْسَ الْوَاجِبُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ جَعْلًا لِلتَّالِفِ مَعْدُومًا "هـ" لِأَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بِالتَّلَفِ عَنْ نِصَابٍ زَكَّى الْبَاقِيَ بِقِسْطِهِ "و" وَعَلَى الْأَوَّلِ1: لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ وَقْصٍ لَا يُؤَثِّرُ بِالشَّاةِ الْمُعَلَّقَةِ بِالنِّصَابِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَفِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالزَّائِدِ عَلَى نِصَابِ السَّرِقَةِ احْتِمَالَانِ "م 4" وَلَا عُشْرَ فِي أَرْضٍ لَا مَالِكَ لَهَا كَالْأَرْضِ الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ، خلافا للحنفية.
فصل: ويعتبر تمام ملك النصاب في الجملة
فَصْلٌ: وَيُعْتَبَرُ تَمَامُ مِلْكِ النِّصَابِ فِي الْجُمْلَةِ "و" فَلَا زَكَاةَ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَفِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالزَّائِدِ عَلَى نِصَابِ السَّرِقَةِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّ الْقَطْعَ هَلْ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْمَسْرُوقِ وَالنِّصَابِ وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ أَوْ بِالنِّصَابِ مِنْهُ فَقَطْ؟ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ، وَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ، فَإِنَّهُ عَلَّلَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي الْوَقْصِ مِنْ السَّائِمَةِ بِأَنَّهُ مَالٌ نَاقِصٌ عَنْ نِصَابٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَرْضٌ مُبْتَدَأٌ، فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبُ أَصْلِ مَا نَقَصَ عَنْ النِّصَابِ الْأَوَّلِ، وَعَكْسُهُ زِيَادَةُ نِصَابِ السَّرِقَةِ، انْتَهَى، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرَةُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ قَبْلَهَا فِي تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوَقْصِ وَعَدَمِهِ، فَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِلْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَلَمْ نَرَهَا فِي غَيْرِهِ، فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ، والله أعلم.
لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا، وَفِيهِ رِوَايَةٌ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ هُنَا، وَلَا فِي دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ، أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ مُمَاطِلٍ، أَوْ جَاحِدِ قَبْضِهِ، وَمَغْصُوبٍ، وَمَسْرُوقٍ، وَمَعْرُوفٍ، وَضَالٍّ رَجَعَ، وَمَا دَفَنَهُ وَنَسِيَهُ، وَمَوْرُوثٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَجَهِلَهُ، أَوْ جَهِلَ1 عِنْدَ مَنْ هُوَ، فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ، وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ، واختارها ابن شهاب وشيخنا "وهـ" وَفِي رِوَايَةٍ: تَجِبُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الهداية والمحرر: ظاهر المذهب "وم ش" وجزم به جماعة في المؤجل "و" "م 5" لصحة الحوالة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَلَا2 زَكَاةَ فِي مُؤَجَّلٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ جَاحِدِ قَبْضِهِ وَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ وَمُعَرَّفٍ وَضَالٍّ رَجَعَ، وَمَا دَفَنَهُ وَنَسِيَهُ، وَمَوْرُوثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَهِلَهُ، أَوْ جَهِلَ عِنْدَ مَنْ هُوَ، فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ، وَرَجَّحَهَا بَعْضُهُمْ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ شِهَابٍ وَشَيْخُنَا. وَفِي رِوَايَةٍ: تَجِبُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُحَرَّرِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي الْمُؤَجَّلِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهَا الأكثر، كما قاله المصنف،
به والإبراء، فيزكي ذلك إذا قبضه لِمَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ، خِلَافًا لِرِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: إذَا قُلْنَا تَجِبُ فِي الدَّيْنِ وَقَبْضِهِ، فَهَلْ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَيَتَوَجَّهُ ذَلِكَ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ، وَقَيَّدَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْمَجْحُودَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: ظَاهِرًا، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا أَوْ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ فَوَجْهَانِ "م 6". وَقِيلَ: تَجِبُ فِي مَدْفُونٍ بِدَارِهِ، ودين على معسر ومماطل، والروايتان في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ، وَنَصَرَهَا فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ في الإيضاح والوجيز وغيرهما، وصححها فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ فِي المؤجل، منهم صاحب1 الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ، وَيَشْمَلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى جَزَمَ بِهَا فِي الْعُمْدَةِ فِي غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ، وَقَدَّمَهَا ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهَا مَنْ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ فَوَجْهَانِ، يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا تَجِبُ فِي الْمَجْحُودِ الَّذِي لَا بَيِّنَةَ بِهِ، فَهَلْ تَجِبُ فِيمَا بِهِ1 بَيِّنَةٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ كَانَ بِالْمَجْحُودِ بَيِّنَةٌ الْقَاضِي. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْمَجْحُودِ وَاَلَّذِي لَا بَيِّنَةَ بِهِ رِوَايَتَانِ، فَظَاهِرُ وُجُوبِهَا إذَا كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَجِبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، لِإِطْلَاقِهِمْ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: هُوَ كَمَا لا بينة به.
وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا الْمُودَعُ، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي1 بِوُجُوبِهَا فِي وَدِيعَةٍ جَهِلَ عِنْدَ مَنْ هِيَ "م 7" ولا يخرج المودع 2"بلا إذن"2 ربها. نص عليه وقيد الحنفية المدفون بمفازة3، وَعَكْسُهُ الْمَدْفُونُ فِي الْبَيْتِ، وَفِي الْمَدْفُونِ فِي كَرْمٍ أَوْ أَرْضٍ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَتَجِبُ عِنْدَهُمْ فِي دَيْنٍ عَلَى مُعْسِرٍ، أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْقَاضِي، وَعَلَى مُقِرٍّ مُفْلِسٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ، لَا تَجِبُ، لِتَحَقُّقِ الْإِفْلَاسِ بِالتَّفْلِيسِ عِنْدَهُ، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ، وَقَالَ فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: رِعَايَةً لِلْفُقَرَاءِ. وَلَوْ وَجَبَتْ فِي نِصَابٍ، بَعْضُهُ دَيْنٌ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ غَصْبٌ أَوْ ضَالٌّ، فَفِي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قبض الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ "م 8 و 9" فَإِنْ قُلْنَا لَا، وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ، فَوَجْهَانِ، ومتى قبض ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ فِي وَدِيعَةٍ جَحَدَهَا الْمُودَعُ، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي بِوُجُوبِهَا فِي وَدِيعَةٍ جَهِلَ عِنْدَ مَنْ هِيَ، انْتَهَى، وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، كالمسائل التي قبلها، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ - 8 - 9: قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَبَتْ فِي نِصَابٍ، بَعْضُهُ دَيْنٌ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ غَصْبٌ أَوْ ضَالٌّ، ففي وجوب إخراج زكاة ما بيده قبل قَبْضِ الدَّيْنِ وَالْغَصْبِ وَالضَّالِّ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا بِيَدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ ما قدمه المجد في
شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ، أَخْرَجَ زَكَاتَهُ، وَلَوْ لَمْ يبلغ نصابا، نص عليه "وش" خلافا للقاضي وابن عقيل ومالك، وخلافا لِأَبِي حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ بَدَلًا عَنْ مال غير زكوي، 1"أو كان عن زَكَوِيٍّ"1 وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ، وَيَرْجِعُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالزَّكَاةِ، لِنَقْصِهِ بِيَدِهِ كَتَلَفِهِ، وَإِنْ غُصِبَ رَبُّ الْمَالِ بِأَسْرٍ أَوْ حَبْسٍ وَمُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهٍ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ، 2"لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ"2، وَلَوْ حُمِلَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ3؛ لِأَنَّ عِصْمَتَهُ بِالْإِسْلَامِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ" 4. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَسْقُطُ؛ لِأَنَّ الْعَاصِمَ دَارُ الْإِسْلَامِ فَلَا يَضْمَنُ بِإِتْلَافٍ، وَيَمْلِكُ بِاسْتِيلَاءٍ، وَمَنْ دَيْنُهُ حَالٌّ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ زَكَّاهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وِفَاقًا، إذا قبضه، وعنه: أو قبله "وم ش" وَيُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى، قَصَدَ بِبَقَائِهِ عَلَيْهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ "و"5 أَمْ لَا "م" وَعَنْهُ: لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِهِ، فَلَوْ كَانَتْ إبِلُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ، مِنْهَا خَمْسٌ مَغْصُوبَةٌ أَوْ ضَالَّةٌ، أَخْرَجَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ قال المصنف: و6 كَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ فَوَجْهَانِ. وَهَذِهِ - مَسْأَلَةٌ - أُخْرَى، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ فِيهِمَا:
لِوُجُوبِهَا إمْكَانُ الْأَدَاءِ، وَلَمْ يُوجَدْ فِيمَا مَضَى، وَيُجْزِئُهُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ قَبْلَ قَبْضِهِ "م" لِزَكَاةِ سِنِينَ، وَلَوْ مُنِعَ التَّعْجِيلُ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، لقيام الوجوب، وإنما لم يجب الأداء1 رُخْصَةٌ، وَلَوْ مَلَكَ مِائَةً نَقْدًا وَمِائَةً مُؤَجَّلَةً زَكَّى النَّقْدَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ وَالْمُؤَجَّلَ إذَا قَبَضَهُ. وَإِذَا مَلَكَ الْمُلْتَقِطُ اللُّقَطَةَ اسْتَقْبَلَ بِهَا حَوْلًا وَزَكَّى، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي ذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَدِينٌ بِهَا، فَإِنْ مَلَكَ مَا يُقَابِلُ قَدْرَ عِوَضِهَا زَكَّى، وقيل: لا "وم" لعدم استقرار ملكه لها1. وَإِذَا مَلَكَهَا الْمُلْتَقِطُ وَزَكَّى فَلَا زَكَاةَ إذًا عَلَى رَبِّهَا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهَلْ يُزَكِّيهَا رَبُّهَا حول التعريف أو بعده2 إذَا لَمْ يَمْلِكْهَا الْمُلْتَقِطُ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ فِي الْمَالِ الضَّالِّ، فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ اللُّقَطَةَ وَقُلْنَا يَتَصَدَّقُ بِهَا، لَمْ يَضْمَنْ حَتَّى يَخْتَارَ رَبُّهَا الضَّمَانَ، فَيَثْبُتُ حِينَئِذٍ فِي ذِمَّتِهِ، كَدَيْنٍ مُجَدَّدٍ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْمُلْتَقِطُ زَكَاتَهَا عَلَيْهِ مِنْهَا ثُمَّ أَخَذَهَا رَبُّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخْرَجَ، وَقِيلَ: لا وإن قلنا: لا تلزم ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَجِبُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تجب حتى يقبض، كغير المليء.
ربها زَكَاتُهَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِوُجُوبِهَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ إذًا. وَيَسْتَقْبِلُ بِالصَّدَاقِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَالْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ حَوْلًا، عَيْنًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ دَيْنًا مُسْتَقِرًّا أَوْ لا، نص عليه 1"وش وم"1 وَكَذَلِكَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ نَقْدٍ، لِلْعُمُومِ؛ وَلِأَنَّهُ ظَاهِرُ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ، وَعَنْهُ: حَتَّى يَقْبِضَ ذَلِكَ "وهـ" وَعَنْهُ: لَا زَكَاةَ فِي صَدَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ حَتَّى يَقْبِضَ فَيَثْبُتَ الِانْعِقَادُ وَالْوُجُوبُ قَبْلَ الدُّخُولِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِالْإِجْمَاعِ، مَعَ احْتِمَالِ الِانْفِسَاخِ، وَعَنْهُ: تَمْلِكُ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَكَذَا فِي الْخِلَافِ: فِي اعْتِبَارِ الْقَبْضِ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ، أَوْ مَالٍ غَيْرِ زَكَوِيٍّ، عِنْدَ الْكُلِّ، كَمُوصًى بِهِ وَمَوْرُوثٍ وَثَمَنِ مَسْكَنٍ، وَعَنْهُ: لَا حَوْلَ لِأُجْرَةٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا "خ" وَقَيَّدَهَا بَعْضُهُمْ بِأُجْرَةِ الْعَقَارِ "خ" نَظَرًا إلَى كَوْنِهَا غَلَّةَ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ له2، وعنه: ومستفاد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَذَكَرَهَا أَبُو الْمَعَالِي فِيمَنْ بَاعَ سَمَكًا صَادَهُ بِنِصَابِ زَكَاةٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَلَا زَكَاةَ "و" لِاشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِيهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ، فَإِنْ عُيِّنَتْ زُكِّيَتْ كَغَيْرِهَا، وَكَذَا الدِّيَةُ الْوَاجِبَةُ لَا تُزَكَّى و"؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ مَالًا زَكَوِيًّا؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ فِي الذمة1 فِيهَا أَصْلٌ أَوْ أَحَدُهَا، وَتَجِبُ فِي قَرْضٍ ودين عرض2 تِجَارَةٍ "و" وَكَذَا فِي مَبِيعٍ قَبْلَ الْقَبْضِ، خِلَافًا لِرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ، فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَزَالَ مِلْكَهُ عَنْهُ أَوْ زَالَ أَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بتلف مطعوم قبل قبضه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُزَكِّي الْمَبِيعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمِلْكِهِ وَلَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ، وَدَيْنُ السَّلَمِ إنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا، وَثَمَنُ الْمَبِيع وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِمَا وَلَوْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، جَزَمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ جَمَاعَةٌ، لِأَنَّ الطَّارِئَ لَا يُضْعِفُ مِلْكًا تَامًّا، كَمَالِ الِابْنِ مُعَرَّضًا لِرُجُوعِ أَبِيهِ وَتَمَلُّكِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مِلْكٍ تَامٍّ مَقْبُوضٍ، وَعَنْهُ: أَوْ مُمَيَّزٍ لَمْ يَقْبِضْ، قَالَ: وَفِيمَا "صَحَّ" تَصَرُّفُ رَبِّهِ "فِيهِ" قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ، وَفِي ثَمَنِ المبيع ورأس مال السلم قبل قبض عوضهما، ودين السلم إن كان للتجارة ولم يكن أَثْمَانًا، وَالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، رِوَايَتَانِ "*". وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فِيهِ خِيَارٌ مِنْهُ، فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهِ، وَفِي بَقِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ الْمُخْرَجِ؟ وَجْهَانِ "م 10" وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إذَا دَلَّسَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ فَرُدَّ عَلَيْهِ فزكاته ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَنِ الْبَيْعِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِ عِوَضِهِمَا، وَدَيْنِ السَّلَمِ إنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ أَثْمَانًا، وَالْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ، رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. لَيْسَ هَذَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، إنَّمَا هُوَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ فِي هَذَا حُكْمًا، وَإِنَّمَا حَكَى كلام صاحب الرعاية طريقة. مَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ إخْرَاجُ زَكَاةِ مَبِيعٍ فِيهِ خِيَارٌ مِنْهُ، فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي قَدْرِهِ، وَفِي بَقِيَّتِهِ رِوَايَتَانِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَةِ الْمُخْرَجِ؟ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُخْرِجِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي.
عَلَيْهِ، فَأَمَّا مَبِيعٌ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ وَلَا مُتَمَيِّزٍ فَيُزَكِّيهِ الْبَائِعُ. وَكُلُّ دَيْنٍ سَقَطَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَتَعَوَّضْ عَنْهُ1، سَقَطَتْ زَكَاتُهُ "و" وَقِيلَ: هَلْ يُزَكِّيهِ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى روايتين. وإن أسقطه ربه2 زكاه. نص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ "م" لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، فقيرا كان المدين "هـ"1 أَوْ غَنِيًّا، وَعَنْهُ: يُزَكِّيهِ الْمَدِينُ الْمُبَرَّأُ، لِأَنَّهُ "مَلَكَ" مَا عَلَيْهِ، وَحَمَلَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى أَنَّ بِيَدِ الْمَدِينِ نِصَابًا مَنَعَ الدَّيْنُ زَكَاتَهُ "وم" وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا "خ" وَإِنْ أَخَذَ رَبُّهُ "بِهِ" عِوَضًا أَوْ أَحَالَ أَوْ احْتَالَ زَادَ بَعْضُهُمْ: وَقُلْنَا الْحَوَالَةُ وَفَاءٌ زَكَّاهُ كَعَيْنٍ وَهَبَهَا، وَعَنْهُ: زَكَاةُ التَّعْوِيضِ عَلَى الْمَدِينِ، وَقِيلَ فِي ذَلِكَ وَفِي الْإِبْرَاءِ: يُزَكِّيهِ رَبُّهُ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا الْمَدِينُ، وَالصَّدَاقُ كَالدَّيْنِ "و" وَقِيلَ: سُقُوطُهُ كُلُّهُ، لِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ مِنْ جِهَتِهَا، كَإِسْقَاطِهَا وَإِنْ زَكَّتْ صَدَاقَهَا كُلَّهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ بِطَلَاقِهَا رَجَعَ فِيمَا بَقِيَ بِكُلِّ حَقِّهِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ حَقِّهِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا بقي وَنِصْفِ بَدَلِ مَا أَخْرَجَتْ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَنِصْفِ قِيمَةِ مَا أَصْدَقَهَا يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ مِثْلَهُ، وَلَا تُجْزِئُهَا زَكَاتُهَا مِنْهُ بَعْدَ طَلَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، وَقِيلَ: بَلَى، عَنْ حَقِّهَا وَتَغْرَمُ لَهُ نِصْفَ مَا أَخْرَجَتْ، وَمَتَى لَمْ تُزَكِّهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ كَامِلًا، وَتُزَكِّيهِ هِيَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَيَتَوَجَّهُ: لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ، وَفِيهَا فِي الرِّعَايَةِ بَلَى، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ، وقيل: أو بالذمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُزَكَّى الْمَرْهُونُ عَلَى الْأَصَحِّ "و" وَيُخْرِجُهَا الرَّاهِنُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ إنْ عَدِمَ، كَجِنَايَةِ رَهْنٍ عَلَى دَيْنِهِ، وَقِيلَ: مِنْهُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ، وَقِيلَ: يُزَكِّي رَاهِنٌ مُوسِرٌ، وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ جَعَلَ بَدَلَهُ رَهْنًا، وَقِيلَ: لَا. وَفِي مَالِ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ رِوَايَتَا مُدَّيْنِ، عِنْدَ أَبِي الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيِّ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ كَمَغْصُوبٍ "م 11" وَقِيلَ: يُزَكِّي سَائِمَةً، لِنَمَائِهَا بِلَا تَصَرُّفٍ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ عَيَّنَ حَاكِمٌ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْئًا فَلَا زَكَاةَ، لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذًا، وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَمْ تَسْقُطْ، وَقِيلَ: بَلَى إنْ كَانَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ، وَهَلْ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ؟ فِيهِ وجهان "م 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَفِي مَالِ مُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ رِوَايَتَا مُدَّيْنِ، عِنْدَ أَبِي الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيِّ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ كَمَغْصُوبٍ، انْتَهَى، الْقَوْلُ الثَّانِي، هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَالْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ، وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ: هَذَا بَعِيدٌ، بَلْ إلْحَاقُهُ بِمَالِ الدَّيْنِ أَقْرَبُ. مَسْأَلَةٌ - 12: وَهَلْ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ؟ فِيهِ وجهان: أحدهما لا يملك، إخراجها مِنْ الْمَالِ، لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يملك كالراهن.
وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهَا، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وعنه: يقبل، كما لَوْ صَدَّقَهُ الْغَرِيمُ فَأَمَّا قَبْلَ الْحَجْرِ فَإِنَّ الدَّيْنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي قَدْرِهِ فِي الْأَمْوَالِ الباطنة "وم"1 قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: وَهِيَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَقِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَفِي الْمَعْدِنِ وَجْهَانِ "م 13" وعنه: لا يمنع الدين الزكاة "وش" وَعَنْهُ: يَمْنَعُهَا الدَّيْنُ الْحَالُّ خَاصَّةً، جَزَمَ بِهِ فِي "الْإِرْشَادِ"2 وَغَيْرِهِ، وَيَمْنَعُهَا فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، كَمَاشِيَةٍ وَحَبٍّ وَثَمَرَةٍ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أبو بكر والقاضي، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: وَفِي الْمَعْدِنِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ؟ وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ فِيهِمَا، وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، قَالَ الشِّيرَازِيُّ: الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَقَطْ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَعْدِنَ مِنْ الظَّاهِرَةِ، "وَقَطَعَ بِهِ فِي 3"الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى" أَيْضًا فِي بَابِهِ"3: وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِهَا، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُمْنَعُ فِي الْمَعْدِنِ، وَقِيلَ: لَا، انْتَهَى، وَكَلَامُهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْأَمْوَالُ الْبَاطِنَةُ الْأَثْمَانُ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ، وَقَالُوا: الْأَمْوَالُ الظَّاهِرَةُ الْمَوَاشِي وَالْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ، والله أعلم.
وَأَصْحَابُهُ، وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وعنه: لا يمنع "وم ش" وَعَنْهُ: يَمْنَعُ مَا اسْتَدَانَهُ لِلنَّفَقَةِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَعَنْهُ: خَلَا الماشية، وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَمَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لِتَأْثِيرِ ثِقَلِ الْمُؤْنَةِ فِي الْمُعَشَّرَاتِ، وَعِنْدَ "هـ" كُلِّ دَيْنٍ مُطَالَبٍ بِهِ يُمْنَعُ إلَّا فِي الْمُعَشَّرَاتِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا لَيْسَ بِزَكَاةٍ عِنْدَهُ، وَمَتَى أَبْرَأَ الْمَدِينُ أَوْ قَضَى مِنْ مَالٍ مُسْتَحْدَثٍ ابْتَدَأَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ مَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ منع انعقاد الحول، وقطعه، وعنه: يزكيه "وم" فَيَبْنِي إنْ كَانَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ، وَبَعْدَهُ يُزَكِّيهِ فِي الْحَالِ. وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ خُمُسَ الرِّكَازِ، وَيَمْنَعُ أَرْشُ جِنَايَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ زَكَاةَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ جَبْرًا لَا مُوَاسَاةً، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ كَالدَّيْنِ. وَمَنْ لَهُ عَرْضُ قِنْيَةٍ يُبَاعُ لَوْ أَفْلَسَ يَفِي بِدَيْنِهِ، فَعَنْهُ: يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ، وَيُزَكِّي مَا معه من المال الزكوي "وم" جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَهُوَ أَحَظُّ، وَعَنْهُ: يُجْعَلُ في مقابلة ما معه ولا يزكيه "وهـ" لئلا تختل1 المواساة "م 14"، وَلِأَنَّ عَرَضَ الْقِنْيَةِ كَمَلْبُوسِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِمَا، فَكَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 14: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ عرض قنية يباع لو أفلس يفي بدينه، فَعَنْهُ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ مَا عَلَيْهِ، وَيُزَكِّي مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ جَمْعًا بَيْنَ الحقين، وهو أحظ، وعنه: يجعل في
فِيمَا يَمْنَعُهَا. وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ بِيَدِهِ 1"أَلْفٌ، وَلَهُ"1 أَلْفٌ دَيْنًا، وَالْمُرَادُ: عَلَى مَلِيءٍ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، يُزَكِّي مَا مَعَهُ على الأولى "وم" لا الثانية "م 15" "وهـ" فَإِنْ كَانَ الْعَرَضُ لِلتِّجَارَةِ، فَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ الْمَرْوَزِيِّ: يُزَكِّي مَا مَعَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لِلْقِنْيَةِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ فَوْقَ2 حَاجَتِهِ، وَقِيلَ: إن كان فيما معه من المال ـــــــــــــــــــــــــــــQمُقَابَلَةِ مَا مَعَهُ وَلَا يُزَكِّيهِ، لِئَلَّا تُحْتَمَلَ الْمُوَاسَاةُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: الرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتَارَهَا أَبُو الْمَعَالِي اعْتِبَارًا بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمَسَاكِينِ، قَالَ الْقَاضِي: هِيَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ - 15: قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ بِيَدِهِ أَلْفٌ، وَلَهُ أَلْفٌ دَيْنًا وَالْمُرَادُ عَلَى مَلِيءٍ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، يُزَكِّي مَا مَعَهُ عَلَى الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ، انْتَهَى. "قُلْت": قَدَّمَ هُنَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ جَعْلَ الدَّيْنِ مُقَابِلًا لِمَا فِي يَدِهِ، وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالُوا: وَقِيلَ مُقَابِلًا لِلدَّيْنِ، انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ هُنَا إخْرَاجُ زَكَاةِ مَا فِي يَدِهِ.
الزَّكَوِيِّ جِنْسُ الدَّيْنِ، جَعَلَ فِي مُقَابَلَتِهِ، وَحَكَى رِوَايَةً: وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْأَحَظُّ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ مُطْلَقًا، فَمَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ، جَعَلَ الدَّنَانِيرَ قُبَالَةَ دَيْنِهِ وَزَكَّى مَا مَعَهُ، وَمَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَعَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَدَيْنُهُ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا جَعَلَ قُبَالَةَ الْغَنَمِ وَزَكَّى بِشَاتَيْنِ، وَنَقْدُ الْبَلَدِ أَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ، وَفَوْقَ نَفْعِهِ زِيَادَةُ الْمَالِيَّةِ، وَدَيْنُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ بِقَدْرِهِ فِي مَالِهِ، دُونَ الضامن "هـ"1 خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، كَنِصَابٍ غُصِبَ مِنْ غَاصِبِهِ وَأُتْلِفَ فَإِنَّ الْمَنْعَ يَخْتَصُّ بِالثَّانِي، مَعَ أَنَّ لِلْمَالِكِ طَلَبَ كُلٍّ مِنْهُمَا "و" وَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ بِشَاةٍ مَوْصُوفَةٍ صَحَّ، وَهِيَ كَالدَّيْنِ فِي مَنْعهَا لِلزَّكَاةِ، وَحَيْثُ مَنَعَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ، فَعَنْهُ: دَيْنُ اللَّهِ مِنْ كَفَّارَةٍ ونذر مطلق ودين الحج ونحوه كذلك، صححه صاحب المحرر والرعاية "وم" وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِلَافِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي احْتَجَّ لَهُ الْقَاضِي فِي الْكَفَّارَةِ، وَعَنْهُ: لَا يَمْنَعُ "م 16". وَفِي الْمُحَرَّرِ: الْخَرَاجُ مِنْ دَيْنِ الله، وقدم أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 16: قَوْلُهُ: وَحَيْثُ مُنِعَ دَيْنُ الْآدَمِيِّ، فَعَنْهُ: دَيْنُ اللَّهِ مِنْ كَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَدَيْنُ الْحَجِّ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ، صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّاءِ فِي خِلَافِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا يُمْنَعُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ والشرح3،
الْخَرَاجَ عَلَى الزَّكَاةِ، وَيَأْتِي فِي اجْتِمَاع الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ1. عِنْدَ "هـ" لَا يَمْنَعُ إلَّا دَيْنَ زَكَاةٍ وَخَرَاجٍ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مطالبا بهما، وأجاب القاضي عنه2 بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَنَا عَلَى الْفَوْرِ، فَإِنْ مَنَعَهَا وَعَلِمَ الْإِمَامُ بِذَلِكَ طَالَبَهُ بِإِخْرَاجِهَا كَالزَّكَاةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ: يُجْبَرُ المظاهر على الكفارة. عَلَى أَنَّ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحَجِّ، كَذَا الْكَفَّارَةُ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُطَالِبُ بِزَكَاةِ مَالٍ بَاطِنٍ، وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ، وَيَأْتِي فِي من منع الزكاة3. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَحَوَاشِي الْمُصَنِّفِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: هُوَ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَتْبَاعِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ آكَدُ مِنْهُ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهَلْ تَمْنَعُ الْكَفَّارَةُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ
وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمُعَيَّنٍ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا، أَوْ هُوَ صَدَقَةٌ، فَحَالَ الْحَوْلُ، فَلَا زَكَاةَ "هـ" لِزَوَالِ مِلْكِهِ أَوْ نَقْصِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: تَجِبُ، فَقَالَ فِي قَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي تَصَدَّقْت مِنْ هَاتَيْنِ الْمِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ فَشُفِيَ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ الصَّدَقَةِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ نَذَرَ التَّضْحِيَةَ بِنِصَابٍ مُعَيَّنٍ وَقِيلَ: أَوْ قَالَ: جَعَلْته ضَحَايَا فَلَا زَكَاةَ، وَيَحْتَمِلُ وُجُوبَهَا إذَا تم حوله قبلها. وإن قال: علي لله الصَّدَقَةُ بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، فَقِيلَ: لَا زَكَاةَ، وَقِيلَ: بَلَى "م 17" فَتُجْزِئُهُ الزَّكَاةُ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ إنْ نَوَاهُمَا مَعًا، لِكَوْنِ الزَّكَاةِ صَدَقَةً، وَكَذَا لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ، هَلْ يُخْرِجُهَا1، أَوْ يُدْخِلُ النَّذْرَ فِي الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا؟ وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِنِصَابٍ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، فَقِيلَ لَا زَكَاةَ، وَقِيلَ: بَلَى، فَيُجْزِئُ إخْرَاجُهَا مِنْهُ، وَيَبْرَأُ بِقَدْرِهَا مِنْ الزَّكَاةِ وَالنَّذْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَ إخْرَاجُهَا مِنْهُ. وَإِنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِبَعْضِ النِّصَابِ وَجَبَتْ الزكاة ووجب إخراجهما ـــــــــــــــــــــــــــــQمُسْتَنْبَطَيْنِ مِنْ مَنْعِ الدَّيْنِ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، وَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ مَنَعَتْ الْكَفَّارَةُ، وُجُوبَ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ لَمْ تَمْنَعْ الْكَفَّارَةُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، لِضَعْفِهَا عَنْ الدَّيْنِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ في الهداية وغيره. مَسْأَلَةٌ - 17: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهَذَا النِّصَابِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، فَقِيلَ لَا زَكَاةَ، وَقِيلَ: بَلَى، انْتَهَى، الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اختاره ابن عقيل.
مَعًا، وَقِيلَ: يَدْخُلُ النَّذْرُ فِي الزَّكَاةِ وَيَنْوِيهِمَا مَعًا. وَلَا زَكَاةَ فِي الْفَيْءِ "و" وَالْخُمُسِ "و" وَكَذَا الْغَنِيمَةُ الْمَمْلُوكَةُ إذَا كَانَتْ أَجْنَاسًا "و" لأن للإمام أن يقسم بينهم قسمة تحكم1؛ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ، فَمَا تَمَّ مِلْكُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ2، بِخِلَافِ الْمِيرَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ صِنْفًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَالْأَشْهَرُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَيْهَا إنْ بَلَغَتْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابًا، وَإِلَّا اُبْتُنِيَ عَلَى الْخُلْطَةِ، وَلَا يُخْرِجُ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَالدَّيْنِ. وَلَا زَكَاةَ فِي وَقْفٍ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ أو على المساجد والمدارس والربط ونحوها "م"3 قَالَ أَحْمَدُ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ: لَا عُشْرَ؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا تَصِيرُ إلَيْهِمْ، وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْعُشْرِ4، وَلَمْ يُصَرِّحُوا فِي الْوَقْفِ عَلَى فُقَهَاءِ مَدْرَسَةٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ. وَإِنْ وَقَفَ سَائِمَةً أَوْ أَسَامَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَلَى مُعَيَّنِينَ كَأَقَارِبِهِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا، لِنَقْصِ مِلْكِهِ، وَكَمَا لَوْ قُلْنَا: الْمُلْكُ لِلَّهِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا، لِمَنْعِ نَقْلِ الْمِلْكِ فِي الْوَقْفِ، وَإِنْ وَقَفَ أَرْضًا أَوْ شَجَرًا عَلَيْهِ وَجَبَتْ فِي الْغَلَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِجَوَازِ بَيْعِهَا، وَقِيلَ: تَجِبُ مَعَ غِنَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولعله ظاهر ما نقله علي1 ابْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ، وَمَنْ وَصَّى بِدَرَاهِمَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، أَوْ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مَا يُوقَفُ، فَاتَّجَرَ بِهَا الْوَصِيُّ، فَرِبْحُهُ مَعَ الْمَالِ فِيمَا وَصَّى، وَلَا زَكَاةَ فِيهِمَا، وَيَضْمَنُ إنْ خَسِرَ، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: رِبْحُهُ إرْثٌ، وَيَأْتِي كَلَامُ صَاحِبِ الْمُوجَزِ وَشَيْخِنَا فِي آخِرِ الشَّرِكَةِ2، وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ يُزَكِّيهِ مَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مِلْكِهِ. وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِ نِصَابِ سَائِمَةٍ زَكَّاهَا مَالِكُ الْأَصْلِ، وَيَحْتَمِلُ: لَا زَكَاةَ إنْ وَصَّى بِهِ أَبَدًا، وَلَا زَكَاةَ فِي حِصَّةِ الْمُضَارِبِ، وَلَا يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ لِضَعْفِهِ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةُ رَأْسِ الْمَالِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ بِمِلْكِهِ بِظُهُورِ الرِّبْحِ "وهـ ش" أَوْ بِغَيْرِهِ، عَلَى خِلَافٍ يَأْتِي3، كَمَغْصُوبٍ وَدَيْنٍ عَلَى مُفْلِسٍ، وَأَوْلَى لِيَدِهِ وَتَنْمِيَتِهِ، فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ بُلُوغُ حِصَّتِهِ نِصَابًا، وَدُونَهُ يَنْبَنِي عَلَى الْخُلْطَةِ، وَمَذْهَبُ "م" يُزَكِّيهَا، وَإِنْ قَلَّتْ بِحَوْلِ الْمَالِكِ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَنَا إخْرَاجُهَا قبل القبض، كالدين، ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجُوزُ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِلَا إذْنٍ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، لِدُخُولِهِمَا1 عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ، صَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ والمحرر، وقيل: يزكيها رب المال "خ"2 بِحَوْلِ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاؤُهُ، وَالْعَامِلُ لَا يَمْلِكُهُ عَلَى هَذَا، وَأَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدَيْنِ فَصَارَ يُسَاوِي كُلٌّ مِنْهُمَا أَلْفًا زَكَاةُ قِيمَتِهِمَا عَلَى الْمَالِكِ، لِشَغْلِ رَأْسِ مَالِهِ كُلًّا مِنْهُمَا، كَشَغْلِ الدَّيْنِ ذِمَّةَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ، فَلَمْ يَفْضُلْ مَا يَمْلِكُهُ الْمُضَارِبُ، وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ أَحَدَهُمَا عَتَقَ كُلُّهُ، وَاسْتَوْفَى رَأْسَ مَالِهِ، وَعِنْدَنَا أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ، وَالْحُكْمُ كَعَبْدٍ وَاحِدٍ مُطْلَقًا "وش" وَيُزَكِّي رَبُّ الْمَالِ حِصَّتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَالْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِظُهُورِهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ سَهْوٌ قَبْلَ قَبْضِهَا، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَيَحْتَمِلُ سُقُوطَهَا قَبْلَهُ، لِتَزَلْزُلِهِ، وَإِذَا أَدَّاهَا مِنْ غَيْرِهِ فَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ، وَإِنْ أَدَّى مِنْهُ حُسِبَ مِنْ الْمَالِ وَالرِّبْحِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا. وَفِي الْمُغْنِي3: تُحْتَسَبُ مِنْ الرِّبْحِ، وَرَأْسُ الْمَالِ بَاقٍ، لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ، وَلَا يُقَالُ مُؤْنَةٌ كَسَائِرِ الْمُؤَنِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهَا. وَفِي الْكَافِي4: هِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ونص عليه أحمد، لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَدَيْنِهِ1، وَلَيْسَ لِعَامِلٍ إخْرَاجُ زَكَاةٍ تلزم رب المال 2"بلا إذنه"3. نَصَّ عَلَيْهِ3. وَمَنْ شَرَطَ مِنْهُمَا زَكَاةَ حِصَّتِهِ 4"من الربح"4 عَلَى الْآخَرِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهِ نِصْفَ الرِّبْحِ وَثَمَنَ عُشْرِهِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ زَكَاةَ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ بَعْضِهِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُحِيطُ بِالرِّبْحِ، فَهُوَ كَشَرْطِ فَضْلِ دَرَاهِمَ، سَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ: يَشْتَرِطُ الْمُضَارِبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنَّ الزَّكَاةَ مِنْ الرِّبْحِ، قَالَ: لَا، الزَّكَاةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا، كَمَا يَخْتَصُّ بِنَفْعِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ إذَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، وَرُكُوبِ الْفَرَسِ فِي الْجِهَادِ إذَا لَمْ يَغْنَمُوا، كَذَا قَالَ، قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ: وَيَصِحُّ شَرْطُهَا فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ النَّمَاءِ الْمُشْتَرَكِ، فَمَعْنَاهُ القدر المسمى لك ما5 يَفْضُلُ عَنْهَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ هَلْ يُوجَدُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ لَا؟ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ مَجْهُولًا؛ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ يَصِحَّ لَهُ الْقَلِيلُ إذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَثُرَتْ الثَّمَرَةُ، وَالْكَثِيرُ إذَا قَلَّتْ، وَلَا نَظِيرَ له.
فصل: ويشترط الحول للماشية والأثمان وعروض التجارة خاصة
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ الْحَوْلُ لِلْمَاشِيَةِ وَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ خَاصَّةً "و" وَمُضِيُّهُ عَلَى نِصَابٍ تَامٍّ "و" رفقا بالمالك، وليتكامل النماء فيساوي1 مِنْهُ، وَيُعْفَى عَنْ سَاعَتَيْنِ فِي الْأَشْهَرِ، وَفِي نِصْفِ يَوْمٍ وَجْهَانِ "م 18" وَقَدَّمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ2: يُؤَثِّرُ مُعْظَمُ الْيَوْمِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَنْ يَوْمٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا "*"، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقِيلَ: وَيَوْمَيْنِ، وَقِيلَ: الْخَمْسَةُ وَالسَّبْعَةُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَأَيَّامٌ، فَإِمَّا أَنَّ مُرَادَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، لِقِلَّتِهَا وَاعْتِبَارِهَا فِي مَوَاضِعَ، أَوْ مَا لَمْ يعد كثيرا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 18: قَوْلُهُ: وَيُعْفَى عَنْ سَاعَتَيْنِ فِي الْأَشْهَرِ، وَفِي نِصْفِ يَوْمٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُعْفَى عَنْهُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَنْ يَوْمٍ، وجزم به في المحرر
عُرْفًا، وَلَا يُعْتَبَرُ طَرَفَا الْحَوْلِ خَاصَّةً "هـ" وَلَنَا وَجْهٌ كَقَوْلِهِ فِي الْعُرُوضِ، وَلَا يُعْتَبَرُ آخِرُهُ فِي الْعُرُوضِ خَاصَّةً، فَلَا يُؤَثِّرُ نَقْصُ النصاب في غيره خاصة1 "ش م ر" وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ عَلَى الْعُرُوضِ كَالْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَيَتْبَعُ نِتَاجُ نِصَابِ السَّائِمَةِ وَرِبْحُ التجارة للأصل في حوله، إنْ كَانَ الْأَصْلُ نِصَابًا، لِتَبَعِهَا فِي الْمِلْكِ حَتَّى مُلِكَتْ بِمِلْكِ الْأَصْلِ، وَإِلَّا فَحَوْلُ الْجَمِيع من حين كمل2 نصابا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا، 3"انْتَهَى، لَيْسَ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يُؤَثِّرُ نَقْصُهُ دُونَ يَوْمٍ، وَلَيْسَ هُوَ الْمُجَرَّدُ لِلْقَاضِي، لقوله بعده: وقاله القاضي أيضا"3.
وَلَوْ نَضَّ الرِّبْحُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَسْتَأْنِفْ لَهُ حَوْلًا "ش" فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ، هَلْ يَبْتَدِئُهُ مِنْ النَّضُوضِ أَوْ الظُّهُورِ؟ لِأَصْحَابِهِ وَجْهَانِ وَتَأْتِي فِي السَّائِمَةِ1 رِوَايَةٌ حَوْلَ الْجَمِيع مِنْ حِينِ مَلَكَ الْأُمَّاتِ كَذَا يُقَالُ أُمَّاتٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ أُمَّهَاتٌ فِي بَنَاتِ آدَمَ فَقَطْ، وَاسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ الْأُمَّهَاتِ فِي الْمَوَاشِي أَيْضًا، وَهُوَ غَلَطٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ لُغَةً أَيْضًا، وَيُقَالُ فِي بَنِي آدَمَ أُمَّهَاتٌ، وَفِيهِ لُغَةً أُمَّاتٌ. وَلَا يُتْبِعُ الْمُسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِجِنْسِهِ "هـ" وَلَوْ كَانَ سَائِمَةً "م" أَفْضَى إلَى التَّشْقِيصِ أَمْ لَا، وَلَا عُشْرَ فِي ذَلِكَ، وَحَكَى فِي الْأُجْرَةِ "رِوَايَةً" كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا يَبْنِي الْوَارِثُ عَلَى حَوْلِ الْمَوْرُوثِ، ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: يَبْنِي، وَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْطَةِ2. وَيُضَمُّ الْمُسْتَفَادُ3 إلَى مَالٍ إلَى نِصَابٍ بِيَدِهِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ فِي حُكْمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُزَكِّي كُلُّ وَاحِدٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي مُسْتَفَادٍ، وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِنَقْصِ النِّصَابِ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَيْعهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ "م ر" وَإِنْ اخْتَلَطَ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ بِمَا فِيهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
زَكَاةٌ، ثُمَّ تَلِفَ الْبَعْضُ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَلَمْ يُعْلَمْ، لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ، وَلَا يَنْقَطِعُ بِمَوْتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأُمَّاتِ وَالنِّصَابُ تَامٌّ بِالنِّتَاجِ "و" وَلَا يَتْبَعُ فَاسِدٌ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ، فِي رِوَايَةٍ، وَلَا بِإِبْدَالِ نِصَابِ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ "ش" وَفِيهِ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ عَدَمِ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَإِخْرَاجِهِ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ أَخْرَجَ مِمَّا مَعَهُ عِنْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ: يُخْرِجُ مِمَّا مَلَكَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَكْثَرَ الْحَوْلِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَا يَنْقَطِعُ فِي أَمْوَالِ الصَّيَارِفَةِ "و" لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى سُقُوطِهَا فِيمَا يَنْمُو وَوُجُوبُهَا فِي غَيْرِهِ، وَالْأُصُولُ تَقْتَضِي الْعَكْسَ، وَلَا فِي نِصَابٍ يَجِبُ فِي عَيْنِهِ أَبْدَلَهُ1 بِجِنْسِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ "وم" وَلِأَنَّهُ بِسَبَبِ الْأَوَّلِ مِنْ جِنْسِهِ، كَنِتَاجٍ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ تَخْرِيجًا: ينقطع "وش" كغير كالجنسين2، وكرجوعه إليه بعيب أو فسخ وقاله3 "هـ" فِي الْمَاشِيَةِ لِنُمُوِّهَا مِنْ عَيْنِهَا، وَقَدْ زَالَتْ، بِخِلَافِ النَّقْدِ، وَقَاسَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ عَلَى عَرَضِ تِجَارَةٍ يَبِيعُهُ بِنَقْدٍ أَوْ يَشْتَرِيهِ بِهِ يَبْنِي "و" حكى الخلاف، ثم بعض الأصحاب عبر4 بِالْإِبْدَالِ، وَبَعْضُهُمْ بِالْبَيْعِ، وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، وَعَبَّرَ الْقَاضِي بِالْإِبْدَالِ ثُمَّ قَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ5: فِي الرَّجُلِ يَكُونُ عِنْدَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ، فَيَبِيعُهَا بِضِعْفِهَا مِنْ الْغَنَمِ، هَلْ يُزَكِّيهَا أَمْ يُزَكِّي الْأَصْلَ؟ قَالَ: بَلْ يعطي زكاتها، على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَدِيثِ عُمَرَ فِي السَّخْلَةِ يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي1؛ لِأَنَّ نَمَاءَهَا مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: الْمُبَادَلَةُ هَلْ هِيَ بَيْعٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّهُ: يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُصْحَفِ لَا بَيْعُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: الْمُعَاطَاةُ بَيْعٌ، وَالْمُبَادَلَةُ مُعَاطَاةٌ، وَإِنْ هَذَا أَشْبَهُ، قَالَ: فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ انْقَطَعَ كَلَفْظِ الْبَيْع، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ، نَعَمْ الْمُبَادَلَةُ تَدُلُّ عَلَى وَضْع شَيْءٍ بِمَكَانِ شَيْءٍ مُمَاثِلٍ لَهُ، كَالتَّيَمُّمِ عَنْ الْوُضُوءِ، فَكُلُّ بَيْعٍ مُبَادَلَةٌ لَا الْعَكْسُ، وَإِنْ زَادَ بِالِاسْتِبْدَالِ تَبِعَ الْأَصْلَ فِي الْحَوْلِ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" كَنِتَاجٍ، فَلَوْ أَبْدَلَ مِائَةَ شَاةٍ بِمِائَتَيْنِ لَزِمَهُ شَاتَانِ إذَا حَالَ حَوْلُ الْمِائَةِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: 2"يستأنف لزائد"2 حَوْلًا. وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ أَبْدَلَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بَنَى، أَوْمَأَ إلَيْهِ ثُمَّ سَلَّمَهُ، وَفَرَّقَ فِيهَا. وَفِي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ: لَا يَبْنِي عَلَى الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا إذَا أَبْدَلَ نِصَابًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ يَبْنِي عَلَى الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَحُلْ. وَفِي نُسْخَةٍ: نَقْلُ الْمُبَادَلَةِ بَيْعٌ. وَمَنْ قَصَدَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إتْلَافٍ وَنَحْوِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ حَرُمَ، وَلَمْ تَسْقُطْ، "وم" أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ، فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هو ظاهر كلامه، وقدمه في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا: لَا أَوَّلُ الْحَوْلِ، لِنُدْرَتِهِ، وَجَزَمَ، جَمَاعَةٌ: يُعْتَبَرُ قُرْبُ وُجُوبِهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ، وَقِيلَ: بِشَهْرَيْنِ، لَا أَزْيَدَ، وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي: قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمَيْنِ، وَفِي أَوَّلِ الْحَوْلِ نَظَرٌ. وَقَالَ أَيْضًا: فِي أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ لَمْ يُوجَدْ لِرَبِّ الْمَالِ الْغَرَضُ وَهُوَ التَّرَفُّهُ بِأَكْثَرِ الْحَوْلِ وَالنِّصَابُ وَحُصُولُ النَّمَاءِ فِيهِ، وَيُزَكِّي مِنْ جنس المبيع لذلك الحول فقط "وم" وَقِيلَ: إنْ أَبْدَلَهُ بِعَقَارٍ وَنَحْوِهِ وَجَبَ زَكَاةُ كُلِّ حَوْلٍ. وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: مَلَكَ نِصَابَ غَنَمٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَاعَهَا فَمَكَثَ ثَمَنُهَا عنده ستة أشهر1؟ قال: إذا فر2 بِهَا مِنْ الزَّكَاةِ زَكَّى ثَمَنَهَا إذَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْأَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ بِذَلِكَ الْفِرَارَ فَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ "م 19". وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي يعلى الصغير عن بعض ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 19: وَمَنْ قَصَدَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إتْلَافٍ وَنَحْوِهِ الْفِرَارَ مِنْ الزَّكَاةِ حَرُمَ وَلَمْ تَسْقُطْ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَقْصِدْ بِذَلِكَ الْفِرَارَ فَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابن تميم:
الأصحاب: تسقط بالتحيل "وهـ ش"1 كَمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ "و" لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّحَيُّلِ فِيهِ، وَيَأْتِي آخِرَ زَكَاةِ الْعُرُوضِ2: مَنْ أَكْثَرَ شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ.
فصل: تجب الزكاة في عين المال،
فَصْلٌ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الْمَالِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ الْجُمْهُورُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، حكاه أبو المعالي وغيره "وهـ م ق" وَعَنْهُ: تَجِبُ فِي الذِّمَّةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، قَالَ ابْنُ عقيل: هو الأشبه بمذهبنا "وهـ ق" فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ لَمْ يُزَكِّ نِصَابًا حولين فأكثر لزمه زكاة واحدة "وهـ ق" ولو تعدى بالتأخير "م"3، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُزَكِّي لِكُلِّ حَوْلٍ، أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ4: وَلَوْ قُلْنَا إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ لَمْ تَسْقُطْ هُنَا، لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُسْقِطُ نَفْسَهُ، وَقَدْ يُسْقِطُ غَيْرَهُ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ المحرر و5"المستوعب"5: إنْ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ بِدَيْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ لَهُ سِوَى النِّصَابِ فَلَا زَكَاةَ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، لِأَجْلِ الدَّيْنِ، لَا لِلتَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ: مَتَى قُلْنَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ فَلَا زَكَاةَ لِلْعَامِ الثَّانِي، تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ أَوْ بِالذِّمَّةِ، وَإِنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُرْجَعَ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْفِرَارِ لَمْ تُقْبَلْ، وَإِلَّا قُبِلَ، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 ليست في الأصل و"ط". 4 ليست في "ب" و"س". 5 ليست في "ط".
أَحْمَدَ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْ زَكَاةَ الْعَامِ الثَّانِي فَإِنَّهُ بَنَى عَلَى رِوَايَةِ مَنْعِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْأَوَّلِ صَارَتْ دَيْنًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَجَعَلَ فَوَائِدَ الرِّوَايَتَيْنِ إخْرَاجَ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ مِنْ الرَّهْنِ بِلَا إذْنٍ إنْ عُلِّقَتْ بِالْعَيْنِ، وَاخْتَارَهُ فِي سُقُوطِهَا بِالتَّلَفِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الدَّيْنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ خِلَافَهُ، وَإِنَّهُ إنْ كَانَ فَوْقَ نِصَابٍ، فَإِنْ وَجَبَتْ فِي الْعَيْنِ نَقَصَ مِنْ زَكَاتِهِ لِكُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ نَقْصِهِ بِهَا، فَإِذَا نَقَصَ بِذَلِكَ عَنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ لِمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ زَكَّاهُ جَمِيعَهُ لِكُلِّ حَوْلٍ، مَا لَمْ تُفْنِ الزَّكَاةُ الْمَالَ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيم: إنْ قُلْنَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ فَهَلْ تَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ بِتَكَرُّرِ الْأَحْوَالِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالشَّاةُ فِي الْإِبِلِ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْأَحْوَالِ إنْ قُلْنَا دَيْنُ الزَّكَاةِ لَا يَمْنَعُ، كَذَا قَالَ، وَكَذَا عِنْدَ زُفَرَ تتعلق بالعين وتتكرر، كما لو كانت الزكاة1 دَيْنًا فَأَتْلَفَ نِصَابًا وَجَبَتْ فِيهِ، ثُمَّ حَالَ عنده حول على نصاب آخر 2"ورد بالمنع"2 عَلَى رِوَايَةٍ ثُمَّ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ أَقْوَى، وَلِهَذَا يُمْنَعُ النَّذْرُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعَيْنِ، وَلَا يُمْنَعُ إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ، عَلَى رِوَايَةٍ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ مِنْ الْغَنَمِ خَمْسٌ، ثَلَاثٌ لِلْأَوَّلِ، وَاثْنَتَانِ لِلثَّانِي، وق وَعَلَى الثَّانِي سِتٌّ لِحَوْلَيْنِ، وَلَوْ لَمْ يُزَكِّ خَمْسِينَ مِنْ الْغَنَمِ اثْنَيْ عَشَرَ حَوْلًا زَكَّى أَحَدَ عَشْرَ شَاةً، وَفِي الثَّانِيَةَ عَشْرَةً الْخِلَافُ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْإِبِلِ الْمُزَكَّاةِ بِالْغَنَمِ، فَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَأَنَّ الزَّكَاةَ تَتَكَرَّرُ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاجِبِ مِنْ الْجِنْسِ "وم ش" لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا ليس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِجُزْءٍ1 مِنْ النِّصَابِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ مِنْ الجنس "وهـ ش" عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِالْجَانِي، وَالدَّيْنِ بِالرَّهْنِ، فَلَا فَرْقَ إذًا، فَعَلَى النَّصِّ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَفِي امْتِنَاعِ زَكَاةِ الْحَوْلِ الثَّانِي لِكَوْنِهَا دَيْنًا الْخِلَافُ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَ فِي الْمَالِ "بِمَا" إذَا أَدَّى مِنْهُ نَقَصَ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ إذَا أَدَّى مِنْ الْغَنَمِ مَا يَحْصُلُ عَلَيْهِ بِهِ دَيْنٌ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَهُ مِنْ الْغَنَمِ مَا يُقَابِلُ الْحَوْلَيْنِ، فَعَلَى النَّصِّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا فِي ثَلَاثَةِ أحوال، لأول2 حول بنت مخاض، ثم ثمان3 شياه لكل حول "*" "4". وعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي فَوَائِدِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ أَوْ فِي الذِّمَّةِ إذَا كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالْإِبِلِ الْمُزَكَّاةِ بِالْغَنَمِ، فَنَصُّهُ: أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ كَالْوَاجِبِ مِنْ جِنْسٍ، فَعَلَى النَّصِّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بَعِيرًا فِي
كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ مُطْلَقًا كَذَلِكَ لِأَوَّلِ حَوْلٍ ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ إنْ نَقَصَ النِّصَابُ بِذَلِكَ عَنْ عِشْرِينَ بَعِيرًا إذَا قَوَّمْنَاهَا فَلِلثَّالِثِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَإِلَّا أَرْبَعٌ، وَهَلْ يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ؟ يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْطَةِ 1 "*".
فصل: يجوز لمالك إخراج الزكاة من غير النصاب بلا رضى الساعي
فَصْلٌ: يَجُوزُ لِمَالِكٍ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ بِلَا رِضَى السَّاعِي "و" وَإِنَّمَا النِّصَابُ بَعْدَ وُجُوبِهَا كُلُّهُ لَهُ "و" وَلَوْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَزِمَهُ مَا وَجَبَ فِيهِ مِنْ2 الْحَيَوَانِ لَا قِيمَةُ الْحَيَوَانِ "و" وَلَهُ إتْلَافُهُ "و" ووطئ أمة للتجارة، وكذا له ـــــــــــــــــــــــــــــQثلاثة أحوال، 3"لأول حول بنت مخاض، ثم ثمان شياه لكل حَوْلٍ، انْتَهَى. فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ"3 سَقْطٌ، وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ثَمَانِ شِيَاهٍ: لِكُلِّ حَوْلٍ أَرْبَعٌ، فَسَقَطَ لَفْظُ أَرْبَعٍ بَعْدَ قَوْلِهِ: لِكُلِّ حول، وهو واضح، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في "ب" و"س". 3 ليست في "ط".
بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ بِالْعَيْنِ، لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ، وَلِمَفْهُومِ النَّهْيِ عَنْ بَيْع الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، وَكَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَفِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ، وَمَسْأَلَتُنَا مِثْلُهُ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ فيها "وش" وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ بَعْدَ لُزُومِ الْبَيْع فِي قَدْرِهَا، وَيُكَلَّفُ إخْرَاجُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَسَخْنَاهُ فِي قَدْرِهَا، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لِلسَّاعِي فَسْخُ الْبَيْعِ فِي قَدْرِهَا، وَفِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، أَصْلُهُمَا مَحَلُّ الزَّكَاةِ، وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، ذَكَرَهُ فِي الشَّافِي. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رَهْنُ مَا وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُخْرِجُ مِنْهُ غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ، وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يَجُوزُ بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ كُلِّهِ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْبَيْعَ فِي الْمَنْع كَالرَّهْنِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فِي قَدْرِهَا، وَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ: يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، وقدمه بعضهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: المذهب تجب الزكاة إذا حال الحول،
فَصْلٌ: الْمَذْهَبُ تَجِبُ الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ، فلا يعتبر في وجوبها إمكان الأداء "وهـ ق"1 وَلِخَبَرِ اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ2، وَلِانْعِقَادِ الْحَوْلِ الثَّانِي عَقِبَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ "ع" وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ لِلسَّاعِي الْمُطَالَبَةَ، وَلَا يَكُونُ إلَّا لِحَقٍّ سَبَقَ وُجُوبُهُ، وَكَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ الْمَرِيضُ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ عَنْهُ، عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ، وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ، فَيُعْتَبَرُ التَّمَكُّنُ من الأداء "وم ق"3 فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ تَلِفَ النِّصَابُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ ضَمِنَهَا، وَعَلَى الثَّانِي لَا، وَجَزَمَ فِي "الْكَافِي"4، وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي بِالضَّمَانِ، وَاحْتَجَّا بِهِ لِلْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَجِبْ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَقَاسَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى تَفْوِيتِهِ الْعَبْدَ الْجَانِي، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ ضَمِنَهَا عَلَى الْأَوْلَى، لِأَنَّهَا عَيْنٌ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ تَسْلِيمِهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، كَعَارِيَّةٍ وَغَصْبٍ وَمَقْبُوضٍ بِسَوْمٍ، وَعَكْسُهُ زَكَاةُ الدَّيْنِ لِعَدَمِ تَلَفِهِ بِيَدِهِ، وسقوط العشر بآفة قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِحْرَازِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِع، بِدَلِيلِ الْجَائِحَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بَدَلَ "قَبْلَ الْإِحْرَازِ": قَبْلَ أَخْذِهِ، وَاحْتَجَّ بِالْجَائِحَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: قَبْلَ قَطْعهِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهِ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ: مُطْلَقًا، "و" وَاخْتَارَهُ فِي النَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي1، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً، مَعَ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى وُجُوبِهَا بِالْحَوْلِ، لِوُجُوبِهَا مَعَ مُوَاسَاةٍ، فَلَا تَجِبُ مَعَ فَقْرِهِ وَعَدَمِ مَالِهِ، وَكَوَدِيعَةٍ وَلُقَطَةٍ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إنْ عُلِّقَتْ بِالذِّمَّةِ لَمْ تَسْقُطْ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: تَسْقُطُ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْبَاطِنَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم" فِي رِوَايَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ وَغَيْرِهِ، كذا قَالَ: وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ2 الْعُكْبَرِيُّ: رَوَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَالْمَالِ، وَالْعَمَلُ عَلَى مَا رَوَى الْجَمَاعَةُ أَنَّهَا كَالْمَالِ، 3"وغيره، وذكر الْقَاضِي"3 وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْأَدَاءِ في غير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَالِ الظَّاهِرِ، وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَةً: لَا تَسْقُطُ بِتَلَفِ النِّصَابِ غَيْرُ الْمَاشِيَةِ، كَمَا لَا تُضَمُّ مَاشِيَتُهُ فِي بَلَدَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ، وَتُضَمُّ بَقِيَّةُ الْأَمْوَالِ، كَذَا قَالَ، أَمَّا لَوْ أَمْكَنَهُ الْأَدَاءُ فَلَمْ يُزَكِّ لَمْ تَسْقُطْ، كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْحَجِّ؛ وَلِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَفِي الْعَبْدِ الْجَانِي مُعَيَّنٌ رَضِيَ بِالتَّرْكِ، أَوْ الْمُسْتَحِقُّ هُنَا هُوَ اللَّهُ وَقَدْ أَمَرَ بِالدَّفْعِ، قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَبَعْدَ طَلَبِ السَّاعِي قِيلَ: يَضْمَنُ، وَقِيلَ لَا، لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ، وَفِي الِاسْتِهْلَاكِ وُجِدَ التَّعَدِّي، وَعِنْدَهُمْ فِي هَلَاكِ الْبَعْضِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ فِي الْمُسْتَوْعِبِ السُّقُوطَ بِالتَّلَفِ إلَّا بِالْعَبْدِ الْجَانِي، فَيَلْزَمُهُ وَلَوْ تَمَكَّنَ، وَصَرَّحَ بِخِلَافِهِ، وَمَنْ أَمْكَنَهُ لَكِنْ خَافَ رُجُوعَ السَّاعِي فَكَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ "ش" وَلَوْ نَتَجَتْ السَّائِمَةُ لَمْ يَضُمَّ فِي حُكْمِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَضُمَّ عَلَى الثَّانِي، كَقَبْلِ الْحَوْلِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ زَكَّى الْبَاقِيَ، عَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ أَسْقَطْنَا زَكَاةَ التَّالِفِ، لَا عَلَى الثَّانِي، كَذَا قَالَ، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ بِنَصِّهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَا زَكَاةَ لِمَا تَلِفَ، وَظَاهِرُهُ يُزَكِّي بَقِيَّتَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَذَكَرَ أَيْضًا الرِّوَايَتَيْنِ فِي الزَّرْع وَالثَّمَرِ، ثُمَّ قَالَ: إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ وَبَقِيَ دُونَ نِصَابٍ فَفِيهِ بِقِسْطِهِ، عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَنْصُوصَةِ، كَبَقِيَّةِ الزَّكَوَاتِ، وَذَكَرَ فِي "الْكَافِي"1 الرِّوَايَةَ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النِّصَابِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَ مِنْ الزَّكَاةِ بِقَدْرِهِ. وَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً أَوْ الصَّدَقَةَ بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ، فَتَلِفَتْ، فَرِوَايَتَانِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: وَلَوْ تَمَكَّنَ، نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحِقٍّ، كَزَكَاةٍ، وَإِلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، كَعَبْدٍ جَانٍ، وَأَمَّا أَبُو الْمَعَالِي فَقَالَ: إنْ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ إن قلنا يسلك بالنذر مسلك الواجب شرعا ضَمِنَ، وَمَسْلَكَ التَّبَرُّعِ لَمْ يَضْمَنْ "م 20".
فصل: ولا تسقط زكاة بالموت عن مفقود وغيره،
فَصْلٌ: وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةٌ بِالْمَوْتِ عَنْ مَفْقُودٍ وَغَيْرِهِ، وَتُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَلَوْ لَمْ يُوصِ "هـ م" بِهَا كَالْعُشْرِ "و" فَإِنْ أَوْصَى بِهَا فَمِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَكَذَا قَالَ فِي الْحَجِّ، وقدمها مالك على بقية الوصايا إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 20: قَوْلُهُ: وَمَنْ نَذَرَ أُضْحِيَّةً أَوْ الصَّدَقَةَ بِدَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ فَتَلِفَتْ فَرِوَايَتَانِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: وَلَوْ تَمَكَّنَ، نَظَرًا إلَى عَدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحَقٍّ كَزَكَاةٍ وَأَمَّا أَبُو الْمَعَالِي فَقَالَ: إنْ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا ضَمَانَ، وإلا فوجهان، إن قلنا يسلك بالنذر مسلك الْوَاجِبِ شَرْعًا ضَمِنَ، وَمَسْلَكَ التَّبَرُّعِ لَمْ يَضْمَنْ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ طُرُقٍ، وَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ إذَا لَمْ يتمكن من الإخراج، وأطلقهما:
فَرَّطَ، وَبِدُونِهِ تَكُونُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ هَانِئٍ فِي حَجٍّ لَمْ يُوصِ بِهِ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ مِنْ الثُّلُثِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا: "مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَعَ عِلْمِ وَرَثَتِهِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا": فِي زَكَاةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مَعَ صَدَقَةٍ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ رِوَايَاتٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَفْظُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يُحْتَمَلُ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ الْوَصِيَّةِ، كَمَا قَيَّدَ الْحَجَّ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الزَّكَاةَ مثله، أو آكد عَلَى مَا يَأْتِي1، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ سِوَى النَّصِّ السابق. وَيَتَحَاصُّ دَيْنَ اللَّهِ وَدَيْنَ الْآدَمِيِّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِ وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَنَقَلَ أَيْضًا: يَبْدَأُ بالدين وق وذكره بعضهم قولا2؛ لِتَقْدِيمِهِ بِالرَّهْنِيَّةِ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ إنْ عُلِّقَتْ "وق" بالعين، اختاره في المجرد3، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: كَبَقَاءِ الْمَالِ الزَّكَوِيِّ، فَجَعَلَهُ أَصْلًا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ، وَزَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَتُقَدَّمُ وَلَوْ عُلِّقَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإحداهما: لا يضمن. قلت: وهو الصواب.
بِالذِّمَّةِ، قَالَ: لِأَنَّ تَعَلُّقَهَا بِالْعَيْنِ قَهْرِيٌّ، فَتُقَدَّمُ عَلَى مُرْتَهِنٍ وَغَرِيمٍ وَمُفْلِسٍ، كَأَرْشِ جِنَايَةٍ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَهَذَا التَّعَلُّقُ بِسَبَبِ الْمَالِ فَيَزْدَادُ وَيَنْقُصُ وَيَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ، وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْمَالِ وَنَوَائِبِهِ، فَأُلْحِقَ بِهَا فِي التَّقْدِيمِ عَلَى سَائِرِ الدُّيُونِ، وَمَا زَادَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهًا، وَأَنَّهُ أَوْلَى، وَقَالَ: مَعْنَى التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ كَتَعَلُّقِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ كَانَ لَهُ دُيُونٌ لَمْ تَقُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ عُقُوبَتَهَا أَعْظَمُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ اُنْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ1، وَلَهُ2 أَيْضًا مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ. وَدُيُونُ اللَّهِ سَوَاءٌ. نَصَّ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّ الرِّوَايَاتِ السَّابِقَةَ فِي كُلِّ دَيْنٍ لِلَّهِ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ، وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْهَا مُسْتَقِرٌّ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَيُقَدَّمُ النَّذْرُ بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى الدَّيْنِ، كَمَا يَأْتِي فِي الْأُضْحِيَّةِ3، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ وَجَوَازِ بَيْعِهِ وإبداله. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُ. فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا، وَصَحَّحَ أَكْثَرَهَا، ولله الحمد.
فصل: النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة
فصل: النصاب الزكوي سبب لوجوب الزكاة وَكَمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ تَمَامُ الْمِلْكِ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، أَوْ يُقَالُ: الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطَانِ لِلسَّبَبِ، فَعَدَمُهُمَا مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ السَّبَبِ وَانْعِقَادِهِ، وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ شُرُوطًا لِلْوُجُوبِ، كَالْحَوْلِ فَإِنَّهُ شَرْطُ الْوُجُوبِ بِلَا خِلَافٍ لَا أَثَرَ لَهُ فِي السَّبَبِ، وَأَمَّا إمْكَانُ الْأَدَاءِ فَشَرْطٌ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ، وَعَنْهُ: لِلْوُجُوبِ، كَمَا سبق، والله أعلم.
فصل: المال الزكوي
فَصْلٌ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ: الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَفِي حُكْمِهِ الْعَسَلُ وَنَحْوُهُ، وَالْأَثْمَانُ وَقِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي أَبْوَابِهِ، وَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابٍ بَعْدَهُ1 حُكْمُ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْوَحْشِيِّ وَالْأَهْلِيِّ وَبَقَرِ الْوَحْشِ وَالظِّبَاءِ والخيل، إن شاء الله.
المجلد الرابع
المجلد الرابع تابع كتاب الزكاة باب زكاة السائمة مدخل ... باب زكاة السائمة تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ "ع" وَالْبَقَرِ "عِ" والغنم "ع" السائمة "وهـ ش" لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ زَادَ بَعْضُهُمْ: وَالتَّسْمِينِ، وَقِيلَ: وَالْعَمَلِ، كَالْإِبِلِ الَّتِي تُكْرَى، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَنَصَّ أحمد: لا "وهـ ش" وقيل: تجب في المعلوفة "وم" كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ. "وَ" وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَ نِتَاجُ النِّصَابِ رَضِيعًا سَائِمًا وَجْهَيْنِ وَبَعْضُهُمْ: احْتِمَالَيْنِ، وَسَيَأْتِي. وَيُعْتَبَرُ السَّوْمُ بِأَنْ تَرْعَى الْمُبَاحَ. فَلَوْ اشْتَرَى لَهَا مَا تَرْعَاهُ وَجَمَعَ لَهَا مَا تَأْكُلُ فَلَا زَكَاةَ. وَلَا زَكَاةَ فِي مَاشِيَةٍ فِي الذِّمَّةِ. كَمَا سَبَقَ. وللأصحاب وَجْهَانِ: هَلْ السَّوْمُ شَرْطٌ، أَوْ عَدَمُهُ مَانِعٌ؟ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الأول، ويصح على الثاني "م". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَ نتاج النصاب1 رَضِيعًا سَائِمًا وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. لَعَلَّهُ: رَضِيعًا غَيْرَ سَائِمٍ كَمَا فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ، هَلْ السَّوْمُ شَرْطٌ، أَوْ عَدَمُهُ مَانِعٌ؟ فَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، انتهى، وأطلقهما
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَبَنَوْا هَذَا الْفَرْعَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ السَّوْمِ مَانِعٌ. قُلْت: فِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا الْقَطْعُ بِأَنَّ عَدَمَ السَّوْمِ مَانِعٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: السوم شرط. تَنْبِيهٌ: قَالَ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي هَذَا الْكِتَابِ: فِي تَحَقُّقِ هَذَا الْخِلَافِ نَظَرٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا كَانَ عَدَمُهُ مَانِعًا، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَانِعٍ فَعَدَمُهُ شَرْطٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا، بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ، فَوُجُودُ الْمَانِعِ كَعَدَمِ الشَّرْطِ، فَلَزِمَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ، وَوُجُودُ الشَّرْطِ كَعَدَمِ الْمَانِعِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا1 وُجُودُ الْحُكْمِ، وَحِينَئِذٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الِاخْتِلَافِ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ، فَإِنَّ مَعْنَى كَوْنِ عَدَمِ السَّوْمِ مانعا أنه يمنع انعقاد الحول، ومعنى كون وجوده2 شَرْطًا أَنَّهُ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهِ، فَإِنْ كَانَ انْعِقَادُ الْحَوْلِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ لَمْ يَصِحَّ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ، لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ، وَصَحَّ مَعَ وُجُودِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْعِقَادُ الْحَوْلِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ صَحَّ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ، وَلَكِنْ هَذَا لَا يُعْرَفُ، أَعْنِي كَوْنَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ، وَعَلَى مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، مِنْ أَنَّ وُجُودَ مَانِعِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مِثْلُهُ، صَحَّ تَعْجِيلُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَانِعٌ، فَلْيُنْظَرْ فِي ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذِهِ الْوَرَقَةِ بِخَمْسِ وَرَقَاتٍ فِي أَوَّلِ الصَّفْحَةِ الْيُمْنَى: مَتَى أُبْرِئَ الْمَدِينُ أَوْ قَضَى مِنْ مَالٍ مُسْتَحْدَثٍ ابْتَدَأَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ مَا مَنَعَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ مَنَعَ انْعِقَادَ الْحَوْلِ وَقَطَعَهُ، وَهَذَا يُحَقِّقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَعَدَمِ الشرط في الحكم، انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِهِ، بَلْ نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ثِقَةٌ فِيمَا يَنْقُلُ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ الْفَرْعُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ الْمُصَنِّفُ، بَلْ قَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا، وَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ تَابَعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُمْ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ، وَمُلَخَّصُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّعْجِيلَ يصح إذَا وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ النِّصَابُ، مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ حَوَلَانِ الْحَوْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: يَجُوزُ التَّعْجِيلُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ، وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا، بَلْ التَّعْجِيلُ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَامِلًا، كَمُضِيِّ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ بِلَا نِزَاعٍ، وَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ بَعْدَ وُجُودِهِ، لِوُجُوبِهَا إذَنْ، فَهَذَا شَرْطٌ لَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا مَانِعٌ يَصِحُّ التَّعْجِيلُ مَعَ وُجُودِهِ، وَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُحَشِّي يَصِحُّ التَّعْجِيلُ مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ، وَهُوَ عَدَمُ حَوَلَانِ الْحَوْلِ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ حُصُولِ الشَّرْطِ، وَهُوَ مُضِيُّ الْحَوْلِ، فَإِنْ عَجَّلَ لِحَوْلٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ، وَالْمَانِعُ مَوْجُودٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُ الْمُحَشِّي: "لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ وُجُودُهُ شَرْطًا كَانَ عَدَمُهُ مَانِعًا، كَمَا أَنَّ كُلَّ مَانِعٍ فَعَدَمُهُ شَرْطٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا بَلْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ عَكْسُ الشَّرْطِ" انْتَهَى. هَذَا صَحِيحٌ، قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ لَكِنْ لَمْ يَمْنَعُوا مِنْ تَرْتِيبِ حُكْمٍ عَلَى وُجُودِ الْمَانِعِ وَانْتِفَائِهِ قَبْلَ1 وُجُودِ الشَّرْطِ أَوْ بَعْضِهِ. وَقَوْلُهُ: "فَإِنَّ مَعْنَى كَوْنِ عَدَمِ السَّوْمِ مَانِعًا أَنَّهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ" غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلْ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ وَيَكُونُ مُرَاعًى، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِبِلَ مَثَلًا إذَا لَمْ تَرْعَ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ، كَالشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مَثَلًا، ثُمَّ رَعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الْحَوْلِ، نَتَبَيَّنُ أَنَّ الْحَوْلَ انْعَقَدَ عَنْ أَوَّلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَعَتْ فِيهِ، فَلَيْسَ عَدَمُ السَّوْمِ مَانِعًا مِنْ انْعِقَادِ الْحَوْلِ مُطْلَقًا، بَلْ مِنْ الْوُجُوبِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ أَيْضًا، "مَعْنَى كَوْنِ وُجُودِهِ شَرْطًا أَنَّهُ شَرْطٌ لِانْعِقَادِهِ" غَيْرُ مُسْلِمٍ أَيْضًا، بَلْ قَدْ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ، كَمَا مَثَّلْنَا قَبْلُ، وَقَدْ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ، كَالْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ. وَقَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ انْعِقَادُ الْحَوْلِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ لَمْ يَصِحَّ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ، لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ، وَصَحَّ مَعَ وُجُودِهِ" فَنَقُولُ: لَيْسَ بَيْنَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ وَعَدَمِ السَّوْمِ مُلَازَمَةٌ، لِصِحَّةِ التَّعْجِيلِ، بَلْ قَدْ يَنْفَكُّ عَنْهُ وهو وجود انعقاد1 الْحَوْلِ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ، كَمَا مَثَّلْنَا بِهِ قبل، وقوله: "وَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْعِقَادُ الْحَوْلِ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ صَحَّ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ" فَنَقُولُ: هَذَا صَحِيحٌ فَإِنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ، بَلْ يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَصْحَابَ جَوَّزُوا التَّعْجِيلَ عَنْ الْحَوْلِ الثَّانِي قَبْلَ دُخُولِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَكَذَلِكَ عَنْ الْحَوْلِ الثَّالِثِ عَلَى رَأْيٍ، وَقَدْ صَحَّ انْعِقَادُ الْحَوْلِ مَعَ عَدَمِ السَّوْمِ، وَقَوْلُهُ: "وَلَكِنْ هَذَا لَا يُعْرَفُ أَعْنِي كَوْنَ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّعْجِيلِ" غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلْ هُوَ مَعْرُوفٌ، وَقَدْ قَالَهُ الْأَصْحَابُ، كَمَا قُلْنَا إذَا عَجَّلَهُ لِأَكْثَرَ مِنْ حَوْلٍ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ النِّصَابُ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ وَهُوَ النِّصَابُ، مَعَ وُجُودِ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ حَوَلَانِ الْحَوْلِ، وَأَمَّا وُجُودُ بَعْضِ الشُّرُوطِ كَامِلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ مَعَهُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ، كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ مَثَلًا، وَقَدْ يُتَصَوَّر إذَا وُجِدَ بَعْضُ الشَّرْطِ، كَالسَّوْمِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ شَرْطٌ وَشَرَعَ فِيهِ، وَكَذَا الشُّرُوعُ فِي الْحَوْلِ فِي زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، وَقَوْلُهُ: "وَعَلَى مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ وُجُودَ مَانِعِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ مَعَهُ نِصَابٌ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ، صَحَّ تَعْجِيلُهُ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَانِعٌ فَلْيُنْظَرْ" غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَلْتَزِمْ أَنَّ كُلَّ مَانِعٍ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ مَعَهُ، بَلْ قَالَ: وَذَلِكَ إذَا وُجِدَ السَّبَبُ. وَهُنَا لَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ لِوُجُودِ الدَّيْنِ، وَاَللَّهُ أعلم.
وَيُعْتَبَرُ السَّوْمُ أَكْثَرَ الْحَوْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَفِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ نَقْصِ النصاب: في بعض الحول، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِيمَنْ بعده "وهـ" وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ كُلُّهُ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَا أَثَرَ لعلف يوم ويومين "وش" وَلَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ، فِي وَجْهٍ، فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ وَجَبَتْ الزكاة، كغصبه حبا وزرعه1 فِي أَرْضِ رَبِّهِ فِيهِ الْعُشْرُ عَلَى مَالِكِهِ، كنباته بلا زرع. وَإِنْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ، لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ، وَالْمُحَرَّمُ الْغَصْبُ لَا الْعَلَفُ، وَيُعْتَبَرُ لَهُمَا النِّيَّةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ، فَلَا زَكَاةَ إذَا سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ "م 2" لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَرْضَ بِإِسَامَتِهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ لِلسَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ فِي وَجْهٍ، فَلَوْ سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَإِنْ اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا غَاصِبٌ فَلَا زَكَاةَ، لِفَقْدِ السَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ، وَالْمُحَرَّمُ الْغَصْبُ لَا الْعَلَفُ، وَيُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ، فَلَا زَكَاةَ إذَا سَامَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ أَسَامَهَا غَاصِبٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرعايتين
فقد فقد1 قَصْدُ الْإِسَامَةِ الْمُشْتَرَطَةِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ: كما لو سامت بنفسها2 من غير3 أن يسيمها، فجعلاه أصلا وكذا4 قطع به أبو المعالي، ـــــــــــــــــــــــــــــQوالحاويين وَالزَّرْكَشِيُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعْلُوفَةً عِنْدَ الْمَالِكِ سَائِمَةً عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَقَدَّمُوا فِي عَكْسِهَا عَدَمَ الزَّكَاةِ، وَنَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ لَهُمَا النِّيَّةُ، وَحَجَّهُ أَبُو الْمَعَالِي، قَالَ ابن تميم وصاحب الفائق والمصنف في حواشي الْمُقْنِعِ: لَا يُعْتَبَرُ فِي السَّوْمِ وَالْعَلَفِ نِيَّةٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ لَهَا النِّيَّةُ، قَالَ الْمَجْدُ في شرحه: وهو أصح، وصححه في
وَتَجِبُ إذَا اعْتَلَفَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا غَاصِبٌ، لِأَنَّ فِعْلَهُ مُحَرَّمٌ، كَمَا لَوْ غَصَبَ أَثْمَانًا وَصَاغَهَا حُلِيًّا، وَلِعَدَمِ الْمُؤْنَةِ، كَمَا لَوْ ضَلَّتْ فَأَكَلَتْ مِنْ الْمُبَاحِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَطَرْدُهُ: مَا لَوْ سَلَّمَهَا إلَى رَاعٍ لِيُسِيمَهَا فَعَلَفَهَا، وَعَكْسُهُ: مَا لَوْ تَبَرَّعَ حَاكِمٌ وَوَصَّى بِعَلَفِ مَاشِيَةِ يَتِيمٍ وَصَدِيقٍ بِذَلِكَ، بِإِذْنِ صَدِيقِهِ، لِفَقْدِ قَصْدِ الْإِسَامَةِ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ وُجُودُهُ مِنْهُ، وَقِيلَ: تَجِبُ إذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ، اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَقِيلَ: لِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ، وَقِيلَ لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عَنْ رَبِّهَا "م 3" وَقِيلَ: تَجِبُ إنْ أَسَامَهَا، لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ، كَمَا لَوْ كَمُلَ النِّصَابُ بِيَدِ الْغَاصِبِ، فهذه خمسة أوجه في مسائل السَّوْمِ الْخَمْسَةِ. وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ بِسَوْمِ الْغَاصِبِ فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وجهان "م 4". قال الأصحاب: يستوي غصب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَقِيلَ: تَجِبُ إذَا عَلَفَهَا غَاصِبٌ، اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَقِيلَ: لِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ، وَقِيلَ: لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ عَنْ رَبِّهَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، أَحَدُهُمَا إنَّمَا تَجِبُ لِتَحْرِيمِ فِعْلِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِانْتِفَاءِ الْمُؤْنَةِ، اخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَبْطَلَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ التَّعْلِيلَيْنِ بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الزكاة إذا علفها الغاصب، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: فَإِنْ فَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ سَوْمِ الْمَالِكِ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى، أَحَدُهُمَا لَا يعتبر ذلك، وَهُوَ ظَاهِرُ1 مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ كَانَتْ سَائِمَةً عِنْدَ الْمَالِكِ وَالْغَاصِبِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وأطلقوا1.
النِّصَابِ وَضَيَاعُهُ كُلَّ الْحَوْلِ أَوْ بَعْضَهُ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ السَّوْمُ عِنْدَ الْغَاصِبِ أَكْثَرَ فَالرِّوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهَا أَكْثَرُ وَجَبَتْ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً عِنْدَهُمَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ غَصَبَ رَبُّ السَّائِمَةِ عَلَفَهَا، فَعَلَفَهَا وَقَطَعَ السَّوْمَ، فَفِي اعْتِبَارِ انْقِطَاعِهِ شَرْعًا وَجْهَانِ "م 5" وَكَذَا لَوْ قَطَعَ مَاشِيَتَهُ عَنْ السَّوْمِ لِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِهَا وَنَحْوِهِ، أَوْ نَوَى قِنْيَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ كَذَلِكَ، أَوْ نَوَى بِثِيَابِ الْحَرِيرِ لِلتِّجَارَةِ لبسها "م 6". وفي، الرَّوْضَةِ: إنْ أَسَامَهَا بَعْضَ الْحَوْلِ ثُمَّ نَوَاهَا لِعَمَلٍ أَوْ حَمْلٍ فَلَا زَكَاةَ، كَسُقُوطِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِنِيَّةِ الْقِنْيَةِ، كَذَا قَالَ، وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّ مَنْ نَوَى بِسَائِمَةٍ1 عَمَلًا لَمْ تَصِرْ لَهُ بِهِ قَبْلَهُ، وإن غصب حليا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ قَوِيٌّ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ رَبُّ السَّائِمَةِ عَلَفًا، فَعَلَفَهَا وَقَطَعَ السَّوْمَ، فَفِي انْقِطَاعِهِ شَرْعًا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ، أَحَدُهُمَا يَنْقَطِعُ، وَتَسْقُطُ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِي بَحْثِهِمَا، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ وَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَطَعَ مَاشِيَتَهُ عَنْ السَّوْمِ لِقَصْدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ بِهَا وَنَحْوِهِ، أَوْ نَوَى قِنْيَةَ عَبِيدِ التِّجَارَةِ كَذَلِكَ، أَوْ نَوَى بِثِيَابِ الْحَرِيرِ لِلتِّجَارَةِ لُبْسَهَا، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَكَذَا الْمَقِيسُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، أَعْنِي أَنَّ الصَّحِيحَ سُقُوطُ الزَّكَاةِ بِذَلِكَ.
فَكَسَرَهُ أَوْ ضَرَبَهُ نَقْدًا وَجَبَتْ، فِي الْأَصَحِّ، لِزَوَالِ الْمُسْقِطِ لَهَا، وَإِنْ غَصَبَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَاتَّجَرَ فِيهِ لَمْ تَجِبْ، لِأَنَّ بَقَاءَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ شَرْطٌ، فَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ فَوَجْهَانِ "م 7".
فصل: أقل نصاب الإبل خمس
فَصْلٌ: أَقَلُّ نِصَابِ الْإِبِلِ خَمْسٌ "ع" فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ "ع" وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ تُجْزِئُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ شَاةِ الْجُبْرَانِ، كَذَا أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: لَا تُجْزِئُهُ مَعَ وُجُودِ الشَّاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَلَا تُعْتَبَرُ الشَّاةُ بِغَالِبِ غَنَمِ الْبَلَدِ "م" وَتُعْتَبَرُ الشَّاةُ بِصِفَةِ الْإِبِلِ، فَفِي كِرَامٍ سِمَانٍ كَرِيمَةٌ سَمِينَةٌ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَعِيبَةً فَقِيلَ الشَّاةُ كَشَاةِ الصِّحَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: بَلْ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ، تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ1 الإبل كشاة الغنم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ فَاتَّجَرَ فِيهِ لَمْ تَجِبْ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ نِيَّةِ التِّجَارَةِ شَرْطٌ، فَإِنْ نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا2 عِنْدَ الْغَاصِبِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تجب الزكاة، وتؤثر النية.
وَقِيلَ: شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ "م 8" وَلَا تعتبر القيمة، ولا يجزئ بعير، نص. عليه "وم" كَبَقَرَةٍ، وَكَنِصْفَيْ شَاتَيْنِ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بَلَى إنْ كَانَتْ، قِيمَتُهُ قِيمَةَ شَاةٍ وَسَطٍ فَأَكْثَرَ، بناء على إخراج القيمة "وهـ" وَقِيلَ: تُجْزِئُ إنْ أَجْزَأَ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ "وش". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْإِبِلُ مَعِيبَةً، فَقِيلَ: الشَّاةُ كَشَاةِ الصِّحَاحِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةِ الْفِدْيَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ، وَقِيلَ: بَلْ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ، تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِقَدْرِ نَقْصِ الْإِبِلِ، كَشَاةِ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: شَاةٌ تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَشَاةِ الصِّحَاحِ، لِمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وَهُوَ أَضْعَفُهَا، وَمَا قِيسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ لُزُومُ شَاةٍ صِحَّتُهَا بِقَدْرِ الْمَالِ هُوَ الْعَدْلُ وَالصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ اخْتَارَهُ القاضي، وفيه ما فيه.
وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ "ع" وَفِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ "عِ" وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ "عِ" وَفِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ "ع" وَلَهَا سَنَةٌ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا قَدْ حَمَلَتْ غَالِبًا، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ، وَالْمَاخِضُ الْحَامِلُ فَإِنْ عَدِمَهَا فِي مَالِهِ أَوْ كَانَتْ مَعِيبَةً فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَالْأَشْهَرُ أَوْ خُنْثَى، وَلَهُ سَنَتَانِ، وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْهَا "هـ"، أَوْ حِقٌ، أَوْ جَذَعٌ، أَوْ ثَنِيٌّ وَأَوْلَى، لِزِيَادَةِ السِّنِّ، وَفِي بِنْتِ لَبُونٍ وَلَهُ جُبْرَانُ وَجْهَانِ، لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ اللَّبُونِ عَنْ الْجُبْرَانِ. وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بالجواز "م 9"؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ لِأَحَدِهِمَا عَدَمَ الْآخَرِ. وَفِي جُبْرَانِ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ فِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ "م 10" وَإِنْ كَانَ فِي مَالِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ لَمْ يُجْزِهِ ابْنُ لبون "ش" والأشهر: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَهَا يَعْنِي بِنْتَ الْمَخَاضِ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٍ. أَوْ حِقٌّ، أَوْ جَذَعٌ، أَوْ ثَنِيٌّ وَأَوْلَى، لِزِيَادَةِ السِّنِّ، وَفِي بِنْتِ لبون وله جبران1 وَجْهَانِ، لِاسْتِغْنَائِهِ بِابْنِ لَبُونٍ عَنْ الْجُبْرَانِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْجَوَازِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا، يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ لِأَحَدِهِمَا عَدَمَ الْآخَرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يجوز ولا يجزئ. مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَفِي جُبْرَانِ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ فِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يُجْبَرُ فَقْدُ الْأُنُوثَةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ فِي غَيْرِ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَتُجْزِئُ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى:
وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا، بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شِرَاءِ بِنْتِ مَخَاضٍ بِصِفَةِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ عَدِمَ ابْنَ لَبُونٍ لَزِمَهُ شِرَاءُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَلَا يُجْزِئُهُ هُوَ "ش" لِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ أَبِي بَكْرٍ الصَّحِيحِ1: فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ابْنَةُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَتَبِعَهُ الْأَصْحَابُ، وَيَأْتِي قَوْلُ أَبِي الْمَعَالِي فِيمَنْ عَدِمَ الْوَاجِبَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا لَا يُجْبَرُ وَلَا يُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرُوهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ جَوَازَ الْجَذَعِ عَنْ الْحِقَّةِ وَعَنْ بِنْتِ لَبُونٍ، لِجَوَازِ الْحِقِّ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَعَلَّلَهُ، قَالَ الْمَجْدُ: وَهَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْحُقِّ عَنْ بِنْتِ لَبُونٍ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ سَهْوٌ، وَبَيَّنَ وَجْهَ السَّهْوِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا يُجْبَرُ نَقْصُ الذُّكُورِيَّةِ بِزِيَادَةِ سِنٍّ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُجْبَرُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ، وَمَا رَدَّهُ بِهِ الْمَجْدُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَنْ هَذَا الْوَجْهِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُمَا اخْتِيَارَيْنِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ عَنْهُمَا، وَالثَّانِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عنهما أيضا، والله أعلم.
وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ "ع" سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا وَضَعَتْ فَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ وَقِيلَ: وَيُجْزِئُ ابْنُ لَبُونٍ بِجُبْرَانٍ لِعَدَمٍ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ "ع" وَلَهَا ثَلَاثُ سِنِينَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ وَيُحْمَلَ عَلَيْهَا وَيَطْرُقَهَا الْفَحْلُ وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ "عِ" وَلَهَا أَرْبَعُ سِنِينَ؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ إذَا سَقَطَتْ سِنُّهَا وَتُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ بِلَا جُبْرَانٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَلْقَتْ ثَنِيَّتَهَا، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الْجُبْرَانِ وَجْهَانِ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَلَا يُجْزِئُ فَوْقَهَا، وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجُبْرَانِ الْإِجْزَاءَ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: تُجْزِئُ حِقَّتَانِ أَوْ ابْنَتَا لَبُونٍ "وش" وَابْنَتَا لَبُونٍ عَنْ الْحِقَّةِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُنْتَقَضُ بِبِنْتِ مَخَاضٍ عَنْ عِشْرِينَ، وَبِثَلَاثِ بَنَاتِ مَخَاضٍ عَنْ الْجَذَعَةِ. وَالْأَسْنَانُ الْمَذْكُورَةُ لِلْإِبِلِ قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ "وَ" وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِبِنْتِ مَخَاضٍ سَنَتَانِ، وَلِبِنْتِ لَبُونٍ ثَلَاثٌ، وَلِحِقَّةٍ أَرْبَعٌ، وَلِجَذَعَةٍ خَمْسٌ كَامِلَةٌ، فَكَيْفَ يَحْمِلُهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى بَعْضِ السَّنَةِ مَعَ قَوْلِهِ: كَامِلَةٌ، وَقِيلَ: لِبِنْتِ مَخَاضٍ: نِصْفُ سَنَةٍ، وَلِبِنْتِ لَبُونٍ: سَنَةٌ، وَلِحِقَّةٍ: سَنَتَانِ. وَلِجَذَعَةٍ: ثَلَاثٌ. وَقِيلَ: بَلْ سِتٌّ. وَفِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ "ع" وَفِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ "ع" وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهَلْ الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَرْضُ أَوْ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 11" ثُمَّ تَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ، فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، هَذَا الْمَذْهَبُ، لِلْأَخْبَارِ، مِنْهَا خَبَرُ أَنَسٍ فِي الْبُخَارِيِّ1 وحديث أبي بكر "وش م ر" وَعَنْهُ: الْحِقَّتَانِ إلَى مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ، فَتَسْتَقِرُّ الْفَرِيضَةُ كَمَا سَبَقَ، فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي كتاب الخلاف وأبو بكر الآجري "وم ر" لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ2، وَفِيهِ ضَعْفٌ، فَإِنْ صَحَّ عُورِضَ بِرِوَايَتِهِ الْأُخْرَى، وَبِمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَأَصَحُّ، وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ بَعْضِ بعير ولا3 وَبَقَرَةٍ وَشَاةٍ. وَمَذْهَبُ "هـ" تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ مَعَ الْحِقَّتَيْنِ، إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ مَخَاضٍ، ثُمَّ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ، ثُمَّ تُسْتَأْنَفُ الْفَرِيضَةُ، فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الزِّيَادَةِ شَاةٌ، إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ مَعَ ثَلَاثِ الْحِقَاقِ، وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ مَعَ ثَلَاثِ الْحِقَاقِ، وَفِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ مَعَ ثَلَاثِ الْحِقَاقِ، فَيَصِيرُ أَرْبَعًا، إلَى مِائَتَيْنِ، فَإِذَا زَادَتْ اُسْتُؤْنِفَتْ الْفَرِيضَةُ كَمَا بَعْدَ الْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ إلَى الْمِائَتَيْنِ هكذا أبدا، لرواية مرسلة من ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهَلْ الْوَاحِدَةُ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا الْفَرْضُ أَمْ يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَهُمَا لِابْنِ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْوُجُوبُ، وَكَذَا بِغَيْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي هِيَ عَفْوٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ بِهَا الفرض.
حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..
فصل: فإذا بلغت المائتين اتفق الفرضان
فَصْلٌ: فَإِذَا بَلَغَتْ الْمِائَتَيْنِ اتَّفَقَ الْفَرْضَانِ، فَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ، لِلْأَخْبَارِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْأَكْثَرُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ: تَجِبُ الْحِقَاقُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الشَّرْحِ، وَهُوَ قَوْلُ "هـ" عَلَى أَصْلِهِ، كَمَا سَبَقَ، وَأَوَّلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى صِفَةِ التَّخْيِيرِ، وَقَدَّمَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ أَفْضَلَهُمَا "وم ش" وَعَيَّنَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا مَا وُجِدَ عِنْدَهُ مِنْهُمَا. وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ السَّاعِيَ لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُ الْمَالِكِ سِوَاهُ "وَ" وَفِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا، وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِخِلَافِهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ بِهِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ. . وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ النَّوْعَيْنِ كَأَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ جَازَ. هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَئِمَّةُ، فَإِطْلَاقُ وَجْهَيْنِ سَهْوٌ، أَمَّا مَعَ الْكَسْرِ فَلَا، كَحِقَّتَيْنِ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ وَنِصْفًا عَنْ مِائَتَيْنِ، وَفِيهِ تَخْرِيجُ مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُ الْفَرْضَيْنِ كَامِلًا، وَالْآخَرُ نَاقِصًا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ جُبْرَانٍ، تَعَيَّنَ1 الْكَامِلُ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ بَدَلٌ، فَعَلَى هَذَا مَعَ نَقْصِهَا أَقَلَّ عَدَدٍ مِنْ الْجُبْرَانِ لَا تَجُوزُ مُجَاوَزَتُهُ، وَقِيلَ: تَجُوزُ، لِكَوْنِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْجُبْرَانِ، وَمَعَ عدم الفرضين أو عيبهما2 لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُمَا مَعَ الْجُبْرَانِ، فَيُخْرِجُ خَمْسَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَنَاتِ مَخَاضٍ وَخَمْسَ جُبْرَانَاتٍ عَشْرُ شِيَاهٍ أَوْ مِائَةُ دِرْهَمٍ، أَوْ يُخْرِجُ أَرْبَعَ جَذَعَاتٍ وَيَأْخُذُ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ ثَمَانِ شِيَاهٍ أَوْ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا، وَلَا "1يَجُوزُ أَنْ 1" يُخْرِجَ بَنَاتِ الْمَخَاضِ عَنْ الْحِقَاقِ وَيَضْعُفُ الْجُبْرَانُ، وَلَا الْجَذَعَاتِ عَنْ بَنَاتِ اللبون ويأخذ الجبران مضاعفا، لما سبق "وش" فَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ الضَّعِيفُ، وَاحْتَجَّ بِالْمَنْعِ هُنَا عَلَى الْمَنْعِ فِي سِنٍّ لَا تَلِي الْوَاجِبَ، وَلَا يُخْرِجُ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ مَعَ جُبْرَانٍ، وَلَا خمس حقاق ويأخذ الجبران..
فصل: من عدم سنا واجبا لم يكلف تحصيله
فَصْلٌ: مَنْ عَدِمَ سِنًّا وَاجِبًا لَمْ يُكَلَّفْ تَحْصِيلُهُ "م" وَيُخْرِجُ دُونَهُ سِنًّا يَلِيهِ وَمَعَهُ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، أَوْ يُخْرِجُ فَوْقَهُ سِنًّا يَلِيهِ وَيَأْخُذُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ السَّاعِي "وش" وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ مَا عَدَلَ إلَيْهِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ عَدِمَهَا حَصَلَ الْأَصْلُ، كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ عَدِمَ ابْنَ لَبُونٍ يُحَصِّلُ بِنْتَ مَخَاضٍ لَا هُوَ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: لَا يُعْتَبَرُ، وَمَذْهَبُ "هـ" لَهُ دَفْعُ سِنٍّ فَوْقَ الْوَاجِبِ أَوْ دونه، فيأخذ ويدفع1 قِيمَةَ الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْمُقَوِّمِينَ، كَانَ السِّنُّ الْوَاجِبُ عِنْدَهُ أَوْ لَا، بِنَاءً عَلَى الْقِيمَةِ. وَفِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ: مَنْ لَزِمَهُ سِنٌّ فَلَمْ يُوجَدْ أَخَذَ الْمُصَّدِّقُ الْأَعْلَى مِنْهَا وَرَدَّ الْفَضْلَ، أَوْ أَخَذَ دُونَهَا وَأَخَذَ الْفَضْلَ بِنَاءً عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، إلَّا أَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَيُطَالِبَ بِعَيْنِ الْوَاجِبِ أَوْ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءٌ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يُخَيَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ فِيهِ، بَلْ هُوَ إعطاء بالقيمة.
وَمَنْ جَبَرَ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أَوْ أَخْرَجَ سنا لا تلي الواجب لعدم، على ما سَبَقَ وَأَخَذَ الْجُبْرَانَ أَوْ أَعْطَاهُ، فَفِي الْجَوَازِ وَجْهَانِ "م 12، 13" وَقِيلَ يَجُوزُ فِي الْأَوَّلِ لَا عكسه "ش" وحيث تعدد1 جبران جاز2 جبران غنما ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَمَنْ جَبَرَ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، أو أخرج سنا لا تلي الواجب لعدم، عَلَى3 مَا سَبَقَ وَأَخَذَ الْجُبْرَانَ أَوْ أَعْطَاهُ، فَفِي الْجَوَازِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ الْجُبْرَانُ بِشَاةٍ وَعَشَرَةِ دراهم أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ4 وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، أَحَدُهُمَا يَصِحُّ، وَيُجْزِئُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَجْزَأَهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَصَحَّحَهُ، فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي6 وَالْمُغْنِي7 وَالشَّرْحِ8، وَمَالَا إلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ يَجُوزُ الِانْتِقَالُ إلَى سِنٍّ لَا تَلِي الْوَاجِبَ مِنْ فَوْقٍ أَوْ أَسْفَلَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ والرعاية الكبرى وغيرهم:
وَجُبْرَانٌ دَرَاهِمَ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَالْمَسْأَلَةُ كَالْكَفَّارَاتِ، وَفِي الْجُبْرَانِ الْوَاحِدِ الْخِلَافُ، وَيُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ، وَكَذَا فِي الشَّاةِ1 وَالدَّرَاهِمِ. وَقَالَ صاحب المجرد والمحرر: يخير معطي الجبران "وش" وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: يُخَيَّرُ السَّاعِي "وش". وَإِنْ عُدِمَتْ الْفَرِيضَةُ وَالنِّصَابُ مَعِيبٌ2 فَلَهُ دَفْعُ السِّنِّ السُّفْلِيِّ مَعَ الْجُبْرَانِ، وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ مَا فَوْقَهَا3 مَعَ أَخْذِ الْجُبْرَانِ؛ لِأَنَّ الْجُبْرَانَ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَفْقَ مَا بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ، وَمَا بَيْنَ الْمَعِيبَيْنِ أَقَلَّ مِنْهُ، فَإِذَا دَفَعَهُ الْمَالِكُ جَازَ، لِتَطَوُّعِهِ بِالزَّائِدِ، بِخِلَافِ السَّاعِي وَبِخِلَافِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إلَّا إخْرَاجُ4 الْأَدْوَنِ، وَهُوَ أَقَلُّ الْوَاجِبِ، كَمَا لَا يَتَبَرَّعُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا الْجَوَازُ وَالْإِجْزَاءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا الْأَقْوَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابن رزين وغيرهم، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الْمُغْنِي6، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، قال في النهاية7: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصغرى والحاويين ونصره المجد في شرحه.
وَلَا جُبْرَانَ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ "وَ" وَلِأَنَّ النَّصَّ فِيهَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ. وَإِنْ جَبَرَ صِفَةَ الْوَاجِبِ بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ، فَأَخْرَجَ الرَّدِيءَ عَنْ الْجَيِّدِ وَزَادَ قَدْرَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَضْلِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ الأثمان النفع بعينها، فيفوت بغض الْمَقْصُودِ، وَمِنْ الْأَثْمَانِ الْقِيمَةُ، وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: يُحْتَمَلُ فِي الْمَاشِيَةِ كَمَسْأَلَةِ الْأَثْمَانِ عَلَى مَا يأتي، وقال صاحب المحرر: قياس الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ فِي الْمَاشِيَةِ، وَغَيْرِهَا عَلَى مَا يأتي في المكسرة عَنْ الصِّحَاحِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْمُكَسَّرَةِ عَنْ الصِّحَاحِ قَالَ فِي الْخِلَافِ: لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ نِصَابُ الزرع والثمر؛ لأنه لا يمتنع أن نقول فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجِبْ بِغَيْرِ هَذَا.
فصل: أقل نصاب البقر ثلاثون
فصل: أقل نصاب البقر ثَلَاثُونَ "وَ" فَيَجِبُ فِيهَا تَبِيعٌ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ1 عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ جَذَعُ الْبَقَرَةِ الَّذِي اسْتَوَى قَرْنَاهُ وَحَاذَى قَرْنُهُ أُذُنَهُ غَالِبًا أَوْ تَبِيعَةٌ "و" لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَنَةٌ، ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ "وهـ ش" وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ2: نِصْفُ سَنَةٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى سَنَتَانِ3 "وم" وَيُجْزِئُ مُسِنٌّ. وَفِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ4 أَنَّ الْجَذَعَ لِوَلَدِ الْبَقَرَةِ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ. وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ "وَ" أَلْقَتْ سِنًّا غَالِبًا، وَهِيَ الثَّنِيَّةُ، وَلَهَا سَنَتَانِ "وهـ ش" وفي الأحكام السلطانية سنة5، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ "وم" وَقِيلَ: أَرْبَعٌ، وَتُجْزِئُ أَعْلَى مِنْهَا سِنًّا، وَلَا يُجْزِئُ مُسِنٌّ "هـ" وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنْهَا تَبِيعَانِ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، فَيُجْزِئُ ثَلَاثَةٌ عَنْ مُسِنَّتَيْنِ "وش" وَفِي سِتِّينَ تَبِيعَانِ "و" ثم في كل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ "وَ" وَإِنْ اجْتَمَعَ الْفَرْضَانِ، كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ، فَكَالْإِبِلِ "وَ" وَنَصَّ أَحْمَدُ هُنَا: التَّخْيِيرَ، وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا، وَعَنْ "هـ" أَيْضًا فِيمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بِحِسَابِهَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ عُشْرِ مُسِنَّةٍ، وَعَنْ "هـ" أَيْضًا: لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسِينَ، فَتَجِبَ فِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ مُسِنَّةٍ..
فصل: أقل نصاب الغنم أربعون
فصل: أقل نصاب الغنم أَرْبَعُونَ "ع" فَتَجِبُ فِيهَا شَاةٌ "ع" وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ "ع" وَفِي مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ "وَ" إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ فَتَجِبُ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ "وَ" ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ "وَ" وَعَنْهُ: فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وواحدة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَرْبَعُ شِيَاهٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ، فَعَلَيْهِمَا فِي خَمْسِمِائَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَعَنْهُ أَنَّ الْمِائَةَ زَائِدَةٌ، فَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ خَمْسُ شِيَاهٍ، وَفِي خَمْسِمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ سِتُّ شِيَاهٍ، وَعَلَى هَذَا أَبَدًا، فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الَّتِي قبلها سهو، وذكر بعضهم الثانية وقال1 اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَةَ، وَذَكَرَهَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْمَذْهَبُ الرِّوَايَةُ الأولى، نص عليها أحمد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَبَقَ حُكْمُ الْأَوْقَاصِ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْفَرَائِضِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وحيث وجبت الشاة في إبل أو غنم
فَصْلٌ: وَحَيْثُ وَجَبَتْ الشَّاةُ فِي إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ فَلَا يُجْزِئُ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ "وش" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَرِوَايَةً عَنْ "هـ" وَلَهُ نِصْفُ سَنَةٍ "وهـ ش" وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، لَا سَنَةٌ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ "وش" وَلَهُ سَنَةٌ "وهـ ش" لَا سَنَتَانِ "م" وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّنِيُّ مِنْهُمَا "هـ" وَلَا يَكْفِي الْجَذَعُ مِنْهُمَا "م" وَقَدَّمَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ الْجَذَعَ لِوَلَدِ الشَّاةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ، وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَلَا يُجْزِئُ فِي مَاشِيَةِ إنَاثٍ إخْرَاجُ ذَكَرٍ، إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ ابْنِ لَبُونٍ وَتَبِيعٍ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ ذَكَرُ الْغَنَمِ عَنْ الْإِبِلِ "وهـ" وَقِيلَ: وَعَنْ الْغَنَمِ "وهـ" وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا أَجْزَأَ الذَّكَرُ "وم ش" وَقِيلَ: لَا فَيُخْرِجُ أُنْثَى بِقِيمَةِ الذكر، فيقوم النصاب من الإناث، وتقوم فريضة 1 وَيُقَوَّمُ نِصَابُ الذُّكُورِ، فَيُؤْخَذُ أُنْثَى بِقِسْطِهِ2وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنْ الْغَنَمِ لَا عَنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ عَنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ، لِئَلَّا يُخْرِجَ ابْنَ لَبُونٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَعَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ فَيَتَسَاوَى الْفَرْضَانِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ قَالَ: الْفَرْضُ نِصْفُهُ الْمَالِ، وَقِيمَتُهُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ دُونَ قِيمَتِهِ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، بَيَّنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ كَمَا بَيَّنَهُمَا فِي الْعَدَدِ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى التَّسْوِيَةِ، كَالْغَنَمِ. وَقِيلَ: يُخْرِجُ3 ابْنَ مَخَاضٍ عن خمس وعشرين، فيقوم الذكر مقام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأُنْثَى الَّتِي فِي سِنِّهِ، كَسَائِرِ النُّصُبِ، وَحَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَقَالَ: قَالَ الْقَاضِي: يُخْرِجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ابْنَ لَبُونٍ زَائِدَ الْقِيمَةِ عَلَى ابْنِ مَخَاضٍ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ، وَلَا تُؤْخَذُ الرُّبَّى وَهِيَ الَّتِي لَهَا وَلَدٌ تُرَبِّيهِ "وَ" وَلَا الْحَامِلُ، وَلَا طَرُوقَةُ الْفَحْلِ "وَ"؛ لِأَنَّهَا تَحْبَلُ غَالِبًا إلَّا بِرَضِي رَبِّ الْمَالِ "وَ" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ كَانَ الْمَالُ1 كَذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْدُودَةِ، وَكَذَا خِيَارُ2 الْمَالِ. وَالْأَكُولَةُ وَهِيَ السَّمِينَةُ "وَ" مَعَ أَنَّهُ يَجِبُ إخْرَاجُ الْفَرِيضَةِ عَلَى صِفَتِهِ مَعَ الِاكْتِفَاءِ بِالسِّنِّ الْمَنْصُوصَةِ عَلَيْهِ. وَكَذَا لَا تُؤْخَذُ سِنٌّ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ أَعْلَى مِنْهُ إلَّا بِرِضَى رَبِّهِ "وَ" كَبِنْتِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ أَخْرَجَ أَجْوَدَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ فَضْلٌ لَهُ، وَلَمْ يُجَوِّزْهُ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَجْهًا، وَقَدْ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخْرَجَ الْأَكُولَةَ وَهِيَ السَّمِينَةُ فَلِلسَّاعِي قَبُولُهَا، وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّهَا قِيمَةٌ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ. وَفَحْلُ الضَّرْبِ لَا يُؤْخَذُ، لِجَبْرِهِ "وَ" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ بَذَلَهُ الْمَالِكُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ الذَّكَرُ، وَقِيلَ: لَا3، لِنَقْصِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ، كَتَيْسٍ لَا يَضْرِبُ. وَلَا تُجْزِئُ مَعِيبَةٌ لَا يُضَحَّى بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ. وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الشَّيْخُ يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا تُؤْخَذُ عَوْرَاءُ وَلَا عَرْجَاءُ وَلَا نَاقِصَةُ الْخَلْقِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ جَوَازَهُ إنْ رَآهُ السَّاعِي أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ، لِزِيَادَةِ صِفَةٍ فِيهِ "وم ش" وَأَنَّهُ أَقْيَسُ بِالْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا إخْرَاجَ الْمُكَسَّرَةِ عَنْ الصِّحَاحِ وَرَدِيءَ الْحَبِّ عَنْ جَيِّدِهِ إذَا زَادَ قَدْرُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْفَضْلِ، عَلَى مَا يَأْتِي1، وَسَبَقَ آخِرَ الْفَصْلِ الثَّالِثِ قَبْلَهُ2. وَلَا تُؤْخَذُ صَغِيرَةٌ "وَ" وَإِنْ كَانَ النِّصَابُ مَعِيبًا بِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صِغَارًا جَازَ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُ إلَّا سَلِيمَةٌ كَبِيرَةٌ بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالِ "وم" وَحَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ لِقَوْلِ: أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ: لَا يَأْخُذُ إلَّا مَا يَجُوزُ فِي الضَّحَايَا، قَالَ الْقَاضِي: وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةً، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، كَشَاةِ الْإِبِلِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، فَلَا يَرْتَفِقُ الْمَالِكُ، وَهُنَا مِنْ جِنْسِهِ، فَهُوَ كَالْحُبُوبِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُتَصَوَّرُ أَخْذُ الصَّغِيرَةِ إذَا بَدَّلَ الْكِبَارَ بِالصِّغَارِ أَوْ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ وَبَقِيَتْ الصِّغَارُ، وَذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّ الْحَوْلَ يَنْعَقِدُ عَلَى الصِّغَارِ مُفْرَدَةً كَمَا يَأْتِي، وَإِلَّا انْقَطَعَ،. وَالْفُصْلَانُ وَالْعَجَاجِيلُ كَالسِّخَالِ، فِي وَجْهٍ، فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ، وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ، فَيُؤْخَذُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ إلَى إحْدَى وَسِتِّينَ وَاحِدَةٌ مِنْهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ، وَكَذَا فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ، وَفِي ثَلَاثِينَ عِجْلًا إلَى تِسْعٍ وخمسين واحد. وفي ستين إلى تسع وثمانين اثْنَانِ، وَفِي التِّسْعِينَ ثَلَاثٌ مِنْهَا، وَالتَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ، مَكَانُ زِيَادَةِ السِّنِّ، كَمَا سَبَقَ فِي إخْرَاجِ الذَّكَرِ مِنْ الذُّكُورِ، فَلَا يُؤَدِّي إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ الَّتِي غَايَرَ الشَّرْعُ الْأَحْكَامَ فِيهَا بِاخْتِلَافِهَا، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ فُصْلَانٍ وَعَجَاجِيلَ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، فَيُقَوَّمُ النِّصَابُ مِنْ الْكِبَارِ، وَيُقَوَّمُ فَرْضُهُ. ثُمَّ يُقَوَّمُ الصِّغَارُ، وتؤخذ عنها كبيرة بالقسط "وش" لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَسْوِيَةِ النُّصُبِ فِي سِنِّ الْمُخْرَجِ، وَقِيلَ: تُضَاعَفُ زِيَادَةُ السِّنِّ لِكُلِّ رُتْبَةٍ فِي1 الْإِبِلِ، وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَزَادَ فِي الِانْتِصَارِ: وَفِي الْبَقَرِ كَمُضَاعَفَةِ السِّنِّ فِي الْفَرْضِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ بِالْجُبْرَانِ الشَّرْعِيِّ فِي الْإِبِلِ، وَيُضَاعَفُ لِكُلِّ رُتْبَةٍ "م 14"؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْفَرِيضَةِ زِيَادَةُ الْمَالِ بِالسِّنِّ أَوْ بِالْعَدَدِ، وَلَمْ يَكُنْ اعْتِبَارُهُمَا، فَاعْتُبِرْنَاهُمَا بِجُبْرَانٍ اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْرُ الْوَاجِبِ الَّذِي يُوجِبُ الزِّيَادَةَ بِالسِّنِّ، وَلَا يُقَالُ هَذَا الْجُبْرَانُ إذَا كَانَ الْمُزَكَّى كِبَارًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الزَّكَاةُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا فَرْقَ، بِدَلِيلِ أَنَّ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ صِغَارًا مِنْ الْإِبِلِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، كَالْكِبَارِ. جَزَمَ بِهَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَزَادَ: وَلَمْ يَعْتَبِرْ الشَّرْعُ بِالْجُبْرَانِ فِي الْبَقَرِ، ولا يؤخذ واحد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1 4: قَوْلُهُ: وَالْفُصْلَانُ وَالْعَجَاجِيلُ كَالسِّخَالِ فِي وَجْهٍ، فَلَا أَثَرَ لِلسِّنِّ، وَيُعْتَبَرُ الْعَدَدُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ فُصْلَانٍ وَعَجَاجِيلَ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: تَضَاعُفُ زِيَادَةِ السِّنِّ لِكُلِّ رُتْبَةٍ فِي الْإِبِلِ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَزَادَ فِي الِانْتِصَارِ: وَفِي الْبَقَرِ كَمُضَاعَفَةِ السِّنِّ في الفرض المنصوص
مِنْهَا كَمَا يُجْزِئُهُ مِنْ ثَلَاثِينَ، فَيُؤْخَذُ مَعَهُ ثُلُثُ قِيمَةِ وَاحِدٍ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ، قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَرْبٍ: إذَا وَجَبَ عَلَى صَاحِبِ مَاشِيَةٍ سِنٌّ فلم يكن عنده يعطيه ما عنده وَزِيَادَةً، وَلَا يَشْتَرِي لَهُ، عَلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَذَا قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. هَذَا وَإِنْ اجْتَمَعَ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَمَعِيبَاتٌ وَصِحَاحٌ وَجَبَتْ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ "وَ" فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمَالِ الْمُخْرَجِ إذَا كَانَ الْمُزَكَّى كُلُّهُ كِبَارًا صِحَاحًا عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ بِالْعَكْسِ عَشَرَةٌ، وَجَبَ كَبِيرَةٌ صَحِيحَةٌ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، هَذَا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَدَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ أَعْلَى وَالثُّلُثَانِ أَدْنَى فَشَاةٌ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، وَبِالْعَكْسِ قِيمَتُهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَعِيبِ وَكَرَائِمِ الْمَالِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِكُمْ" وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: مَنْ لَزِمَهُ رَأْسَانِ فِيمَا نِصْفُهُ صحيح ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ، وَقِيلَ بِالْجُبْرَانِ الشَّرْعِيِّ فِي الْإِبِلِ، وَيُضَاعَفُ لِكُلِّ رُتْبَةٍ، انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: هَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى عِنْدِي، وَعَلَّلَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ4، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. وَأَطْلَقَهُنَّ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَوَّى الْوَجْهَ الثَّانِي، وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ أيضا، والوجه الخامس لصاحب المستوعب، واختاره.
وَمَعِيبٌ إخْرَاجُ صَحِيحَةٍ وَمَعِيبَةٍ "خ" كَنِصَابِ مَعِيبٍ مُفْرَدٍ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، بِدَلِيلِ الْخُلْطَةِ، وَلِأَنَّ فِي مَالِهِ صَحِيحًا يَفِي بِفَرْضِهِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ لَزِمَا مَنْ مَالُهُ مَعِيبٌ إلَّا وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ تُجْزِئُهُ صَحِيحَةٌ وَمَعِيبَةٌ. "وَ" وَكَذَا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَخْلَةٍ وَشَاةٍ كَبِيرَةٍ شَاةٌ كَبِيرَةٌ وَسَخْلَةٌ إنْ وَجَبَتْ فِي سِخَالٍ مُفْرَدَةٍ، وَإِلَّا كَبِيرَةٌ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: فَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ غَيْرَ الْوَاجِبِ لَزِمَهُ إخْرَاجُ الْوَاجِبِ صَحِيحًا بِقَدْرِ الْمَالِ، فَيَجِبُ مِنْ كِرَامٍ وَلِئَامٍ وَسِمَانٍ وَمَهَازِيلَ وَسَطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، بِقَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ، كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: مِنْ أَحَدِهِمَا بِقَدْرِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي هَزِيلَةٍ بِقِيمَةِ سَمِينَةٍ، وَكَذَا إنْ كَانَ نَوْعَيْنِ، كَبَخَاتِيٍّ وَعِرَابٍ1، وَبَقَرٍ وَجَوَامِيسَ، وَضَأْنٍ وَمَعْزٍ، أَخْرَجَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا، كَمَا سَبَقَ. وَيَتَوَجَّهُ فِي حِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ بِجَامُوسٍ، الْخِلَافُ لَنَا فِي تَعَارُضِ الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَالْعُرْفِيَّةِ أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟. وَفِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَا يَحْنَثُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَفْهَامَ النَّاسِ لَا تَسْبِقُ إلَيْهِ فِي دِيَارِنَا، لِقِلَّتِهِ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ السَّاعِي، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي ضَأْنٍ وَمَعْزٍ: يُخَيَّرُ السَّاعِي لِاتِّحَادِ الْوَاجِبِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو بَكْرٍ الْقِيمَةَ فِي النَّوْعَيْنِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٌ "وم" وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَكْثَرِهِمَا عَدَدًا "م". وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ النِّصَابِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ مِمَّا2 لَيْسَ فِي مَالِهِ مِنْهُ جَازَ إنْ لَمْ يَنْقُصْ قِيمَةُ الْمُخْرَجِ عَنْ النَّوْعِ الْوَاجِبِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: وَلَوْ نَقَصَتْ، وَقِيلَ: لا تجزئ هنا مطلقا، كغير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِنْسِ. وَجَازَ مِنْ أَحَدِ نَوْعَيْ مَالِهِ لِتَشْقِيصِ الْفَرْضِ، وَقِيلَ: تُجْزِئُ ثَنِيَّةٌ مِنْ الضَّأْنِ عَنْ المعز وجها واحدا.
فصل: المذهب ينعقد الحول على صغار ماشية مفردة منذ ملكه
فَصْلٌ: الْمَذْهَبُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى صِغَارِ مَاشِيَةٍ مفردة منذ ملكه "وم ش" فَلَوْ تَغَذَّتْ بِاللَّبَنِ فَقَطْ فَقِيلَ: يَجِبُ، لِوُجُوبِهَا فِيهَا تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ كَمَا تَتْبَعُهَا فِي الْحَوْلِ، وَقِيلَ: لَا، لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ "م 15" وقد سَبَقَا، وَعَنْهُ: لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى تَبْلُغَ سِنًّا يجزئ مثله في الزكاة "وهـ" وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ يَنْعَقِدُ الْحَوْلُ عَلَى صِغَارِ مَاشِيَةٍ مُفْرَدَةٍ مُنْذُ مِلْكِهِ، فَلَوْ تَغَذَّتْ بِاللَّبَنِ فَقَطْ1 فَقِيلَ تَجِبُ لِوُجُوبِهَا فِيهَا تَبَعًا لِلْأُمَّاتِ كَمَا تَتْبَعُهَا فِي الْحَوْلِ، وَقِيلَ: لَا، لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ عقيل احتمالين، انتهى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الكبرى، في موضع2. أَحَدُهُمَا: لَا زَكَاةَ فِيهَا، لِعَدَمِ السَّوْمِ الْمُعْتَبَرِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ3، حَيْثُ قَالَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ السَّائِمَةِ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيمَا إذَا كَانَ نِتَاجُ النِّصَابِ رَضِيعًا غَيْرَ سَائِمٍ وَجْهَيْنِ، وبعضهم احتمالين، وستأتي، فجعل ما
شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحِقَاقِ، وَفِي بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَاللَّبُونِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى السِّخَالِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: لَا زَكَاةَ فِي بَنَاتِ الْمَخَاضِ حَتَّى يَكُونَ فِيهَا كَبِيرٌ، كَذَا قَالَ، فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ مَا لَمْ تَبْقَ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُمَّاتِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْقَ نِصَابٌ مِنْ الْأُمَّاتِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا سَبَقَ، وَيَتْبَعُ النِّتَاجُ الْأُمَّاتِ فِي الْحَوْلِ إذَا كَانَتْ الْأُمَّاتُ نِصَابًا "وَ" فَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْأُمَّاتِ فَنَتَجَتْ سَخْلَةٌ انْقَطَعَ، وَلَوْ نَتَجَتْ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ لَمْ يَنْقَطِعْ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَنْفَصِلَ جَمِيعُهَا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الْوُجُودِ فِي الزَّكَاةِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا فَكَمُلَتْ بِنِتَاجِهَا فَحَوْلُ الْكُلِّ من الكمال، نقله الجماعة "وهـ ش" كَغَيْرِ النِّتَاجِ "و" وَكَرِبْحِ التِّجَارَةِ "م" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: حَوْلُ الْكُلِّ مُنْذُ مُلِكَتْ الْأُمَّاتُ "وم" كَنَمَاءِ النِّصَابِ، وَرَدَ: إنَّمَا ضُمَّ إلَيْهِ لِانْعِقَادِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَصَلُحَ لِاسْتِتْبَاعِ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا ضم إليه المستفاد من الجنس بِسَبَبٍ مُنْتَقِلٍ1 وَلَا إلَى مَا دُونَ النِّصَابِ "وَ" وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي رِبْحِ التِّجَارَةِ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ أَبْدَلَ بَعْضَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ من جنسه، كعشرين شاة بأربعين، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَهُ هُنَا طَرِيقَةً مُؤَخَّرَةً فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَجِبُ فِيهَا تَبَعًا للأمات.
احتمل أن يبني على حول الأولى "وم" واحتمل أن يبتدئ الحول من كمال النصاب؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَمَاءٍ مِنْ عَيْنِهِ، كَرِبْحِ التِّجَارَةِ "م 16" ويتوجه من الاحتمال الأول واحتمال1 تَخْرِيجٌ فِي رِبْحِ التِّجَارَةِ، وَسَبَقَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ في اشتراط الحول2.
فصل: تجب الزكاة في المتولد بين الأهلي والوحشي
فَصْلٌ: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَلَمْ أَجِدْ بِهِ نَصًّا، تَغْلِيبًا وَاحْتِيَاطًا، كَتَحْرِيمِ قَتْلِهِ، وَإِيجَابِهِ الْجَزَاءَ، وَالنُّصُوصُ تَتَنَاوَلُهُ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِلَا شَكٍّ، وأطلق في التبصرة وجهين، وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا فَكَمُلَتْ بِنِتَاجِهَا فَحَوْلُ الْكُلِّ مِنْ الْكَمَالِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: حَوْلُ الْكُلِّ مِنْ مِلْكِ الْأُمَّاتِ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَوْ أَبْدَلَ بَعْضَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ مِنْ جِنْسِهِ كَعِشْرِينَ شَاةً بِأَرْبَعِينَ احْتَمَلَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى حَوْلِ الْأُولَى، وَاحْتَمَلَ أَنْ يبتدئ الحول من كمال النصاب؛ لأنه ليس بِنَمَاءٍ مِنْ عَيْنِهِ، كَرِبْحِ التِّجَارَةِ، انْتَهَى، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَرِوَايَتَانِ مُطْلَقَتَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، أَحَدُهُمَا يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْأُولَى فَأَشْبَهَ النِّتَاجَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَبْتَدِئُ الْحَوْلُ مِنْ كَمَالِ النِّصَابِ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الْكَمَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَصَلَ مِنْ نَفْسِ الْعَيْنِ، وَحَصَلَ الْكَمَالُ هُنَا بِسَبَبِ الْعَيْنِ، وَهُوَ الْبَدَلُ، فَأَشْبَهَ رِبْحَ التِّجَارَةِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فَتَحَ الله بتصحيحها.
ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا تَجِبُ "وش" وَهُوَ مُتَّجَهٌ، قَالَ: وَالْوَاجِبَاتُ لَا تَثْبُتُ احْتِيَاطًا بِالشَّكِّ، فيلزم صوم يوم1 لَيْلَةِ الْغَيْمِ، وَمَغْشُوشٌ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ نِصَابًا، قَالَ: وَلِأَنَّهُ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ وَجِنْسِهِ، فَلَا تَتَنَاوَلُهُ النُّصُوصُ2، وَلِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي هَدْيٍ، وَلَا أُضْحِيَّةٍ وَدِيَةٍ، وَلَا يَدْخُلُ فِي وَكَالَةٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا نَسْلَ لَهُ، وَمَذْهَبُ "هـ م" إنْ كَانَتْ الْأُمَّاتُ أَهْلِيَّةً وَجَبَتْ. وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا تَجِبُ فِي نِصَابٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بَقَرُ وَحْشٍ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُسَمَّى بَقَرًا حَقِيقَةً، فَدَخَلَ تَحْتَ. الظَّاهِرِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَاخْتِصَاصُهَا بِتَقْيِيدٍ وَاسْمٍ لَا يَمْنَعُ دُخُولَهَا، كَالْجَوَامِيسِ وَالْبَخَاتِيِّ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ فِي هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّحْمُ، فَنُقْصَانُ لَحْمِهَا كَالْعَيْبِ، ثُمَّ لَا يَمْنَعُ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ، كَصَغِيرٍ وَمَعِيبٍ، وَكَذَا هَلْ يَفْدِي فِي حَرَمٍ وَإِحْرَامٍ؟ وَقِيلَ: يَفْدِي. لِتَأْثِيرِ الْحَرَمِ فِي عِصْمَةِ كُلِّ دَمٍ مُبَاحٍ، كَالْمُلْتَجِئِ. وَلَا يُفَادِي بِهَا، وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَعَنْهُ: لَا زَكَاةَ فِيهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ "وَ" وَكَذَا الْغَنَمُ الْوَحْشِيَّةُ. "وَ" وَلَا زَكَاةَ فِي الظِّبَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ، وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ: تَجِبُ، وَحَكَى رِوَايَةً؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْغَنَمَ، وَالظَّبْيَةُ تُسَمَّى عَنْزًا. وَلَا زَكَاةَ فِي الْخَيْلِ "وم ش" وَأَبِي يوسف ومحمد، ومذهب "هـ" تجب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا كَانَتْ سَائِمَةً إنَاثًا، عَلَى الْأَصَحِّ عَنْهُ، أَوْ بَعْضُهَا إنَاثًا، عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ يُقَوِّمُهُ بِدَرَاهِمَ وَيُخْرِجُ مِنْ1 كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً، وَلَا نِصَابَ لَهَا، وَعَنْ "هـ" أَيْضًا رِوَايَةٌ: تَجِبُ فِي ذُكُورِهَا المفردة. وفي الصحيحين2 عن أبي هريرة مرفوعا "لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ". وَلِأَبِي دَاوُد3 "لَيْسَ فِي الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ زَكَاةٌ إلَّا زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ". وَلِأَحْمَدَ4: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ إلَى عُمَرَ فَقَالُوا: إنَّا أَصَبْنَا أَمْوَالًا وَخَيْلًا وَرَقِيقًا نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهِ زَكَاةٌ وَطَهُورٌ؟ قَالَ: مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَافْعَلْهُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِمْ عَلِيٌّ فَقَالَ عَلِيٌّ: هُوَ حَسَنٌ إنْ لَمْ تَكُنْ جِزْيَةٌ رَاتِبَةٌ يُؤْخَذُونَ بِهَا مِنْ بَعْدِك. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ5 فِيمَنْ لَهُ الْخَيْلُ سَتْرٌ "ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَلَا رِقَابِهَا". وَفِيهِمَا أَيْضًا6: "فِي ظُهُورِهَا وَبُطُونِهَا فِي عُسْرِهَا وَيُسْرِهَا". فَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ بِهَا إذَا تَعَيَّنَ، وَقِيلَ: الْحَقُّ فِي رِقَابِهَا الْإِحْسَانُ إلَيْهَا وَالْقِيَامُ بِهَا، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِحَقِّ اللَّهِ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ، وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْحَقَّ عَلَى الْجِهَادِ بِهَا أَحْيَانَا، وَالْإِرْفَاقَ بِهَا فِيهِ، وَإِعَارَتَهَا، أَوْ يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمُنْقَطِعُ، أَوْ يتطوع عنها بالصدقة، فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إطْلَاقَ الْحَقِّ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْمَنْدُوبَاتِ جَائِزٌ، مِثْلُ حَدِيثِ جَابِرٍ "مَا مِنْ صَاحِبِ إبِلٍ ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها1 إلَّا أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ" الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: "إطْرَاقُ فَحْلِهَا، وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا2، وَمَنِيحَتُهَا، وَحَلَبُهَا عَلَى الْمَاءِ، وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ3، كَذَا قَالَ، وَيَأْتِي أَوَّلَ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ4، وَأَجَابَ الْقَاضِي بِالْجِهَادِ بِهَا وَبِإِعَارَتِهَا وَحَمْلِ الْمُنْقَطِعِ وَالصَّدَقَةِ بِأَنَّ إخْبَارَنَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ قصد بها بيان الحكم المختلف فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حكم الخلطة
باب حكم الخلطة مدخل ... باب حكم الخلطة الْخُلْطَةُ مُؤَثِّرَةٌ فِي الزَّكَاةِ "هـ" وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ مَالُ كُلِّ خَلِيطٍ بِمُفْرَدِهِ نِصَابًا "م"1 ولا أثر2، لخلطة من3 لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ "وَ" وَلَا فِي دون نصاب "و" ولا خلطة الغاصب4 بِمَغْصُوبٍ، فَإِذَا خَلَطَ نَفْسَانِ فَأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مَاشِيَةً لَهُمْ جَمِيعَ الْحَوْلِ فَبَلَغَتْ نِصَابًا فَأَكْثَرَ، خُلْطَةَ أَعْيَانٍ، بِأَنْ يَمْلِكَا مَالًا مُشَاعًا بِإِرْثٍ أَوْ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ خُلْطَةَ أَوْصَافٍ، بِأَنْ يَتَمَيَّزَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ عَنْ الْآخَرِ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ لِرَعْيِ غَنَمِهِ بِشَاةٍ مِنْهَا، فحال الحول5 وَلَمْ يُفْرِدْهَا، فَهُمَا خَلِيطَانِ، وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَنَقَصَ النِّصَابُ فَلَا زَكَاةَ 6 لَكِنْ يُعْتَبَرُ فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ أَنْ لَا يَتَمَيَّزَ فِي الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحِ، وَالْمَبِيتِ، وَهُوَ الْمُرَاحُ، وَالْمَحْلَبُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تحلب فيه. وقيل: وآنيته، والفحل، ذكره في7 الْخِرَقِيُّ وَالْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إسْقَاطَ الْمَحْلَبِ، وَزَادَ: الرَّاعِي، وَفَسَّرَ الْمَسْرَحَ بِمَوْضِعِ رَعْيِهَا وَشُرْبِهَا، وأن أحمد نص على ما ذكره8، وَفَسَّرَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ الْمَسْرَحَ بِمَوْضِعِ 9 الرَّعْيِ، مع أنه جمع بينهما في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُحَرَّرِ مُتَابَعَةً لِلْخِرَقِيِّ، وَقَالَ: إنَّ الْخِرَقِيَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَرْعَى الرَّعْيَ الَّذِي هُوَ الْمَصْدَرُ لَا الْمَكَانَ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْرَحِ الْمَصْدَرَ الَّذِي هُوَ السُّرُوحُ لَا الْمَكَانَ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُمَا وَاحِدٌ بِمَعْنَى الْمَكَانِ، فَإِذَا حَمَلْنَا أَحَدَهُمَا عَلَى الْمَصْدَرِ زَالَ التَّكْرَارُ، وَحَصَلَ بِهِ اتِّحَادُ الراعي والمشرب أيضا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و1 كَذَا قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَرْعَى وَالْمَسْرَحُ شَرْطٌ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَحْمَدُ الْمَسْرَحَ لِيَكُونَ فِيهِ رَاعٍ وَاحِدٌ، وَجَزَمَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي2 بِمَا سَبَقَ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْمُسْتَوْعِبِ "وش" وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ الْمَسْرَحُ، وَهُوَ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهَا لِتَذْهَبَ لِلرَّعْيِ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ اعْتِبَارَهُ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي الْمَشْرَبِ الْآنِيَةُ أَيْضًا، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ الْحَوْضُ وَالرَّاعِي وَالْمُرَاحُ فقط، واعتبر في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَاضِحِ الْفَحْلَ وَالرَّاعِيَ وَالْمَحْلَبَ، وَاعْتَبَرَ فِي الْإِيضَاحِ الْفَحْلَ وَالْمُرَاحَ وَالْمَسْرَحَ وَالْمَبِيتَ، وَذَكَرَ الْآمِدِيُّ الْمُرَاحَ وَالْمَسْرَحَ وَالْفَحْلَ وَالْمَرْعَى، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الرَّاعِي فَقَطْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِهِمْ، وَذَكَرَ رِوَايَةً: يُعْتَبَرُ الرَّاعِي وَالْمَبِيتَ فَقَطْ. وَقِيلَ: يَلْزَمُ خَلْطُ اللَّبَنِ "وش" وَهَذَا فِيهِ مَشَقَّةٌ، لِلْحَاجَةِ إلَى قِسْمَتِهِ، بَلْ قَدْ يَحْصُلُ لِوَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ لَبَنِهِ، فَيُفْضِي إلَى الرِّبَا، فَلِهَذَا اعْتَبَرَ جَمَاعَةٌ تَمْيِيزَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ ثَلَاثَةٌ مِنْ رَاعٍ وَفَحْلٍ وَدَلْوٍ وَمُرَاحٍ وَمَبِيتٍ مَعَ السِّنِّ وَالنَّوْعِ "م" وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ لِاعْتِبَارِ ذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1 "الْخَلِيطَانِ مَا اجْتَمَعَا عَلَى الْحَوْضِ وَالْفَحْلِ وَالرَّاعِي" رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا2، وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ3، وَجَعَلَ بدل الراعي المرعى. وهذا الخبر4، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَلَمْ يَرَهُ حَدِيثًا، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ5، فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّ خُلْطَةَ الْأَوْصَافِ لَا أَثَرَ لَهَا، كَمَا يُرْوَى6 عَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ، لِعَدَمِ الدَّلِيلِ، وَالْأَصْلُ اعْتِبَارُ الْمَالِ بِنَفْسِهِ، فَإِذَا خَلَطَا الْمَالَ كَمَا سَبَقَ فَحُكْمُهُمَا فِي الزَّكَاةِ حُكْمُ الْوَاحِدِ، سَوَاءٌ أَثَّرَتْ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ أَوْ إسْقَاطِهَا أَوْ فِي تغيير الفرض7، فلو كان لأربعين من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَهْلِ الزَّكَاةِ أَرْبَعُونَ شَاةً لَزِمَهُمْ شَاةٌ، وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ لِثَلَاثَةِ مائة وعشرون شاة1 لَزِمَهُمْ شَاةٌ، وَمَعَ انْفِرَادِهِمْ ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَيُوَزَّعُ الْوَاجِبُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ مَعَ الْوَقْصِ، فَسِتَّةُ أَبْعِرَةٍ، مَعَ تِسْعَةٍ يَلْزَمُ رَبَّ السِّتِّ شَاةٌ وَخُمُسُ شَاةٍ، وَيَلْزَمُ الْآخَرَ شَاةٌ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ. وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي خُلْطَةِ الْأَعْيَانِ "ع" وَكَذَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّيْخِ، وَاحْتَجَّ بِنِيَّةِ السَّوْمِ فِي السَّائِمَةِ، وَكَنِيَّةِ السَّقْيِ فِي الْمُعَشَّرَاتِ، وَيُعْتَبَرُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْمُجَرَّدِ، وَاحْتَجَّ أَنَّ الْقَصْدَ فِي الْإِسَامَةِ شَرْطٌ، وَجَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بالثاني "م 1" وينبني2 على الخلاف خلط وقع اتِّفَاقًا، أَوْ فَعَلَهُ رَاعٍ، وَتَأَخُّرُ النِّيَّةِ عَنْ الْمِلْكِ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْمِلْكِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ. وَإِنْ بطلت الخلطة بفوات شرط ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ فِي خُلْطَةِ الْأَعْيَانِ إجْمَاعًا وَكَذَا فِي خُلْطَةِ الْأَوْصَافِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّيْخِ وَيُعْتَبَرُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُجَرَّدِ وَالْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالثَّانِي3، انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْكَافِي4 وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَنَصَرَاهُ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، والقول الثاني اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابن تميم والرعايتين والفائق وغيرهم.
مِمَّا سَبَقَ ضَمَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ مَالَهُ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ، وَزَكَّاهُ إنْ بَلَغَ نِصَابًا. وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ تَصَوَّرَ بِضَمِّ حَوْلٍ إلَى آخَرَ نَوْعَ نفع1، فكمسألتنا، يعني كمسألة الخلطة، كذا قالومتى لَمْ يَثْبُتْ لِأَحَدِ الْخَلِيطَيْنِ حُكْمُ الِانْفِرَادِ بِحَالٍ، بِأَنْ يَمْلِكَا2 الْمَالَ مَعًا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَزَكَاتُهُمَا زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، بِأَنْ خَلَطَا فِي أَثْنَائِهِ نِصَابَيْنِ ثَمَانِينَ شَاةً، زَكَّى كُلُّ وَاحِدٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ "وش" لِلِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، كَخُلْطَةٍ قَبْلَ3 آخِرِهِ بِيَوْمَيْنِ. فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ4، بِالِاتِّفَاقِ، وَلِأَنَّ الْخُلْطَةَ يَتَعَلَّقُ إيجَابُ الزَّكَاةِ بِهَا، فَاعْتَبَرَتْ جَمِيعَ الْحَوْلِ كَالنِّصَابِ لَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ، خِلَافًا لِقَدِيمِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَلَوْ خَلَطَا قَبْلَ آخِرِ الحول بشهر فأكثر "م"، وفيما5 بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ، وَإِنْ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أَخْرَجَا6 شَاةً عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، عَلَى كل واحد نصفها، وإن اختلف فعلى الْأَوَّلِ نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِ فَعَلَى الثَّانِي7 نِصْفُ شَاةٍ أَيْضًا إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ الْمَالِ فَقَدْ تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي عَلَى تِسْعٍ وَسَبْعِينَ شَاةً وَنِصْفِ شَاةٍ، لَهُ مِنْهَا أَرْبَعُونَ شَاةً، فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا وَنِصْفِ جُزْءٍ مِنْ شَاةٍ، فَيُضَعِّفُهَا فَتَكُونُ ثَمَانِينَ جُزْءًا مِنْ مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَخَمْسِينَ جزءا من شاة، ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كلما تَمَّ1 حَوْلُ أَحَدِهِمَا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ، وَإِنْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ وَحْدَهُ، بِأَنْ يَمْلِكَا نِصَابَيْنِ فَيَخْلِطَاهُمَا، ثُمَّ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا، فَقَدْ مَلَكَ الْمُشْتَرِي أَرْبَعِينَ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِانْفِرَادِ، فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْأَوَّلِ لَزِمَهُ زَكَاةُ انْفِرَادٍ، شَاةٌ، وَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الثَّانِي لَزِمَهُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَخْرَجَ شاة من غير المال2. وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَ مِنْهُ لَزِمَ الثَّانِيَ أَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ شَاةٍ، ثُمَّ يُزَكِّيَانِ بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، كُلَّمَا تَمَّ حَوْلُ أَحَدِهِمَا زَكَّى بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَقِيلَ: يُزَكِّي الثَّانِي عَنْ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ زَكَاةَ انْفِرَادٍ؛ لِأَنَّ خَلِيطَهُ لَمْ يَنْتَفِعْ فِيهِ بِالْخُلْطَةِ، وَيَثْبُتُ أَيْضًا حُكْمُ الِانْفِرَادِ لِأَحَدِهِمَا بِخُلْطَةِ مَنْ لَهُ دُونَ نِصَابٍ بِنِصَابٍ لِآخَرَ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، وَمَنْ أَبْدَلَ نِصَابًا مُنْفَرِدًا بِنِصَابٍ مُخْتَلَطٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَقُلْنَا: لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ بِذَلِكَ، زَكَّيَا زَكَاةَ انْفِرَادٍ، كَمَالٍ وَاحِدٍ حَصَلَ الِانْفِرَادُ فِي أَحَدِ طَرَفَيْ حَوْلِهِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ بِأَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةً أَرْبَعِينَ3 مُنْفَرِدَةً وخلطها في الحال4، لِوُجُودِ الِانْفِرَادِ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، وَقِيلَ: يُزَكِّي زكاةخلطة؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ خُلْطَةٍ، وَزَمَنُ الِانْفِرَادِ يسير.
فصل: ومن كان بينهما نصابان خلطته ثمانون شاة
فَصْلٌ: وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصَابَانِ خُلْطَتُهُ ثَمَانُونَ شَاةً فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا، وَلَمْ تَزُلْ خلطتهما على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ1 إبْدَالَ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ لا يقطع2 الْحَوْلُ، وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَغَيْرُ الْمَبِيعِ تَبْقَى الْخُلْطَةُ فِيهِ إن كان نصابا، فيزكي بشاة زكاة انفراد عَلَيْهِمَا لِتَمَامِ حَوْلِهِ، وَإِذَا حَالَ حَوْلُ3 الْمَبِيعِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَهَلْ فِيهِ زَكَاةٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 2 و 3" وهل هي زكاة خلطة، فيلزمهما نصف شاة، أو زكاة انفراد فيلزمهما شاة؟ فيه وجهان. 4 ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَمَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصَابَانِ خُلْطَتُهُ ثَمَانُونَ شَاةً، فَبَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ غَنَمَهُ بِغَنَمِ صَاحِبِهِ، وَاسْتَدَامَا الْخُلْطَةَ، لَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُمَا، وَلَمْ تَزُلْ خُلْطَتُهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَكَذَا لَوْ تَبَايَعَا الْبَعْضَ بِالْبَعْضِ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَغَيْرُ الْمَبِيعِ تَبْقَى الْخُلْطَةُ فِيهِ إنْ كَانَ نِصَابًا، فيزكي بشاة زكاة انفراد عليهما لتمام حوله، وَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْمَبِيعِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ فَهَلْ فِيهِ زَكَاةٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا زَكَاةَ فِيهِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي في المجرد7 وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وهل هي زكاة خلطة فيلزمهما8 نِصْفُ شَاةٍ، أَوْ زَكَاةُ انْفِرَادٍ فَيَلْزَمُهَا8 شَاةٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَهِيَ: "مَسْأَلَةٌ 3" أُخْرَى، إحْدَاهُمَا هِيَ زَكَاةُ خُلْطَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي المغني5 والشرح6
فَأَمَّا إنْ أَفْرَدَاهَا ثُمَّ تَبَايَعَاهَا ثُمَّ خَلَطَاهَا، فَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِانْفِرَادِ بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ، وإلا فوجهان "م 4". وَإِنْ أَفْرَدَا بَعْضَ النِّصَابِ وَتَبَايَعَاهُ، وَكَانَ الْبَاقِي عَلَى الْخُلْطَةِ نِصَابًا، بَقِيَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نِصَابٌ، وَهَلْ يَنْقَطِعُ فِي الْمَبِيعِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي ضَمِّ مَالِ الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ إلَى مَالِهِ الْمُخْتَلِطِ، وَإِنْ بَقِيَ دُونَ نِصَابٍ بَطَلَتْ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: تَبْطُلُ الْخُلْطَةُ فِي هَذِهِ المسائل1، بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ الْحَوْلِ بِبَيْعِ النِّصَابِ بِجِنْسِهِ. وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي كَالْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَرَدَّ فِي الْكَافِي2 هَذَا الْقَوْلَ بِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْحَوْلِ فِي الزَّكَاةِ، فَكَذَلِكَ فِي الْخُلْطَةِ. كذا قال 3.
فصل: ومن ملك أربعين شاة ثم باع نصفها
فَصْلٌ: وَمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ بَاعَ نصفها معينا مختلطا أو مشاعا، انقطع الحول واستأنفا1 حَوْلًا مِنْ حِينِ الْبَيْعِ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ؛ لأنه قد انقطع في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَصَحَّحَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْوَجْهُ الثَّانِي زَكَاةُ انْفِرَادٍ، فَتَجِبُ شَاةٌ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: فَأَمَّا إنْ أَفْرَدَاهَا ثُمَّ تَبَايَعَاهَا2 ثُمَّ خَلَطَاهَا، فَإِنْ طَالَ زَمَنُ الِانْفِرَادِ بَطَلَ حُكْمُ الْخُلْطَةِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى وَجْهَانِ3، أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بَعْدَ أَنْ أطلق الوجهين: وقد سبق
النِّصْفِ الْمَبِيعِ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا لَمْ يَبِعْ "م 5" "وش"؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُخَالِطًا لِمَالِ جَارٍ1 فِي الحول، فعلى هذا يزكي نِصْفَ شَاةٍ إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِ النِّصَابِ زَكَّى الْمُشْتَرِي بِنِصْفِ شَاةٍ، إذَا تَمَّ حَوْلُهُ، جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ بِالْعَيْنِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْحَوْلِ، بِاتِّفَاقِنَا، بِدَلِيلِ مَنْ لَزِمَتْهُ زَكَاةُ نِصَابٍ فَأَخْرَجَهَا مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ تَمَّ الْحَوْلُ الثَّانِي، فَإِنَّهُ يُزَكِّي ثَانِيَةً، وَيَحْتَسِبُ الْحَوْلَ الثَّانِيَ مِنْ2 عَقِبِ الْأَوَّلِ، لَا مِنْ الْإِخْرَاجِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتوجيههما واختار في تَوْجِيهُهُمَا 3 أَنَّهُ يَبْطُلُ، فَقَالَ: الصَّحِيحُ الْبُطْلَانُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فَقَالَا: لَوْ بَاعَ بَعْضَ نِصَابِهِ فِي حَوْلِهِ، مُشَاعًا أَوْ مُعَيَّنًا، بِوَصْفٍ، أَوْ بَعْدَ إفْرَادِهِ ثُمَّ خَلَطَهُ سَرِيعًا انْقَطَعَ، وَقِيلَ: لَا انْتَهَى، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَبْطُلُ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ بَاعَ نِصْفَهَا مُعَيَّنًا مختلطا أو مشاعا، انقطع الحول واستأنفا4 حَوْلًا مِنْ حِينِ الْبَيْعِ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا لَمْ يَبِعْ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ ومختصر ابن تميم وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْهِدَايَةِ وَالْفَائِقِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَمُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ، أَحَدُهُمَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيَسْتَأْنِفَانِ حَوْلًا مِنْ حِينِ البيع، وهو الصحيح، قطع به في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّيْخِ فِي كُتُبِهِ، وَأَبُو الْمَعَالِي: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ، لِنَقْصِهِ بِتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ1، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مَوْضِعٌ يخالف وَإِنْ أَخْرَجَ الْبَائِعُ مِنْ النِّصَابِ بَطَلَ حَوْلُ الْمُشْتَرِي "و" وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "ع" لِنَقْصِ النصاب، إلا أن يستديم الفقير الخلطة بنصفه2، وَقِيلَ: إنْ زَكَّى الْبَائِعُ مِنْهُ إلَى فَقِيرٍ زَكَّى الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: يَسْقُطُ، كَأَخْذِ السَّاعِي مِنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ ضَمَّهَا إلَى حِصَّتِهِ فِي الْخُلْطَةِ، وَزَكَّى الْجَمِيعَ زَكَاةَ انْفِرَادٍ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا3 حُكْمُ الْبَائِعِ بَعْدَ حَوْلِهِ الْأَوَّلِ، مَا دَامَ نِصَابُ الخلطة ناقصا، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعٌ اسْتَدَانَ مَا أَخْرَجَهُ وَلَا مَالَ لَهُ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ إلَّا مَالَ الْخُلْطَةِ، أَوْ لَمْ يُخْرِجْ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ حَتَّى تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ قُلْنَا: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ، أَوْ قُلْنَا: يَمْنَعُ لَكِنْ لِلْبَائِعِ مَالٌ يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِ الزَّكَاةِ، زَكَّى الْمُشْتَرِي حِصَّتَهُ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ نِصْفَ شَاةٍ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: إذَا أَخْرَجَ4 مِنْ غيره قال5 فوجهان، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ حَوْلُ الْبَائِعِ فِيمَا لَمْ يَبِعْ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الخلاصة.
أَحَدُهُمَا: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَأْنِفَانِ الْحَوْلَ مِنْ حِينِ الْإِخْرَاجِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ، بِنَاءً عَلَى تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ. وَالثَّانِي: وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُ1 أَصْحَابِنَا عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَلَا يَمْنَعُ التعلق بالعين وجوبها، ما لم يحل2 حَوْلُهُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا، وَلَا انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي حَقِّ الْبَائِعِ حَتَّى يَمْضِيَ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، فَلَا تَجِبَ الزَّكَاةُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَ حَتَّى تَمَّ حَوْلُ الْمُشْتَرِي فَهِيَ مِنْ صُوَرِ تَكَرُّرِ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ، وَاقْتَصَرَ فِي مَسْأَلَةِ تَعَلُّقِ الزَّكَاةِ بِالْعَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّعَلُّقُ بِالْعَيْنِ انْعِقَادَ الْحَوْلِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ، قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَالْمَالُ ثَمَانِينَ شَاةً، فَإِنَّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ يُزَكِّي الْبَائِعُ نِصْفَ شَاةٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ إذَا تَمَّ حَوْلُهَا، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ سِتِّينَ، وَالْمَبِيعُ ثُلُثَهَا، زَكَّى ثُلُثَيْ3 شَاةٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ يزكي في الصورتين شاة شاة. وذكر4 ابْنُ تَمِيمٍ: إنَّ الشَّيْخَ خَرَّجَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنَّ الْأَوْلَى وُجُوبُ شَاةٍ، كَذَا قَالَ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَخْتَصُّ بِالشَّيْخِ، فَأَمَّا إنْ أَفْرَدَ بَعْضَ النِّصَابِ وَبَاعَهُ ثُمَّ خَلَطَاهُ انْقَطَعَ حولهما5، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ": قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ سِتِّينَ وَالْمَبِيعُ ثلثها زكى ثلثا6 شَاةٍ عَنْ الْأَرْبَعِينَ صَوَابُهُ ثُلُثَيْ شَاةٍ بِالْيَاءِ، وتقدم ذكر الفاعل في التي قبلها.
لِوُجُودِ التَّفْرِقَةِ، كَحُدُوثِ1 بَعْضِ مَبِيعٍ بَعْدَ سَاعَةٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ كَبَيْعِهَا مُخْتَلِطَةً؛ لِأَنَّ هَذَا زَمَنٌ يَسِيرٌ. وَلَوْ كَانَ النِّصَابُ لِرَجُلَيْنِ، فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ أَجْنَبِيًّا، فَإِنَّ الْخَلِيطَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ كَبَائِعٍ نِصْفَ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَهُ، فِيمَا لَمْ يَبِعْهُ، وَالْمُشْتَرِي هُنَا كَالْمُشْتَرِي هُنَاكَ فِيمَا سَبَقَ. وَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الْخَلِيطَيْنِ فِي نِصَابٍ فَأَكْثَرَ حِصَّةَ الْآخَرِ مِنْهُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَاسْتَدَامَ الْخُلْطَةَ فَهِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ فِي الْمَعْنَى لَا فِي الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ هُنَاكَ كَانَ خَلِيطَ نَفْسِهِ، فَصَارَ خَلِيطَ أَجْنَبِيٍّ، وَهُنَا بِالْعَكْسِ، فَعَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ لَا زَكَاةَ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلُ الْمَالَيْنِ مِنْ كَمَالِ مِلْكِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا فَيُزَكِّيَهُ زَكَاةَ انْفِرَادٍ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ يُزَكِّي مِلْكَهُ الْأَوَّلَ لِتَمَامِ حَوْلِهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلٍ وَابْنِهِ عشر من الإبل خلطة2 فَمَاتَ الْأَبُ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، وَوَرِثَهُ الِابْنُ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَبِ فِيمَا وَرِثَهُ، ويزكيه
فصل: ومن ملك نصابا ثم ملك آخر لا يغير الفرض
فَصْلٌ: وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ بِأَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي الْمُحَرَّمِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ فِي صفر، ففي الأولى لتمام حولها شاة1، لِانْفِرَادِهَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، وَلَا شَيْءَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، فِي وَجْهٍ قَدَّمَهُ فِي المحرر وغيره، للعموم في الأوقاص، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَمَمْلُوكٍ دَفَعَهُ، وَقِيلَ: شَاةٌ كَالْأُولَى كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ، وَقِيلَ: زَكَاةُ خُلْطَةٍ نِصْفُ شَاةٍ كَأَجْنَبِيٍّ "م 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ نِصَابًا ثُمَّ مَلَكَ آخَرَ لَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، بِأَنْ يَمْلِكَ أَرْبَعِينَ شَاةً فِي الْمُحَرَّمِ بِسَبَبٍ مُسْتَقِلٍّ، ثُمَّ أَرْبَعِينَ1 في صفر، ففي الأولى لتمام حولها شاة2؛ لِانْفِرَادِهَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ، وَلَا شَيْءَ فِي الثَّانِيَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، فِي وَجْهٍ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ شَاةٌ كَالْأُولَى كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ، وَقِيلَ: زَكَاةُ خُلْطَةِ نِصْفِ شَاةٍ كَالْأَجْنَبِيِّ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، أَحَدُهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهَذَا وَجْهُ الضَّمِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي عَلَيْهِ لِلثَّانِي زَكَاةُ خُلْطَةٍ، كَالْأَجْنَبِيِّ، قَالَ الْمَجْدُ: وَهَذَا أَصَحُّ، وأطلقهما في المغني3 والشرح4 وشرح ابن منجا، وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَلْزَمُهُ شَاةٌ كَمَالِكٍ مُنْفَرِدٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَضَعَّفَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، وَهَذَا وَجْهُ الِانْفِرَادِ، وَتَفْرِيعُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي عَلَى هَذِهِ الْأَوْجُهِ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهٌ" قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ فِي الْفَائِدَةِ الثالثة: الْمُسْتَفَادُ بَعْدَ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هَلْ يُضَمُّ إلَى النِّصَابِ أَوْ يُفْرَدُ عَنْهُ؟ فَإِذَا اسْتَفَادَ مَالًا زَكَوِيًّا مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ حَوْلِهِ فَإِنَّهُ يُفْرَدُ بِحَوْلٍ، عِنْدَنَا، لَكِنْ هَلْ يَضُمُّهُ إلَى النِّصَابِ فِي الْعَدَدِ، أَوْ يُخْلَطُ بِهِ وَيُزَكِّيهِ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، أَوْ يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ كَمَا أَفْرَدَهُ بِالْحَوْلِ؟ فِيهِ ثَلَاثُهُ أَوْجُهٍ،
وفيما بعد الحول الأول يزكيهما1 زكاة خلطة، كلما تم حَوْلُ أَحَدِهِمَا2 أَخْرَجَ قِسْطَهَا نِصْفَ شَاةٍ، وَلَوْ مَلَكَ أَيْضًا أَرْبَعِينَ فِي رَبِيعٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لا شيء سوى الشاة الأولى3، على الثاني شاة، وعلى الثالث زكاة خلطة، ثلث شاة لأنها4 ثُلُثُ الْجَمِيعِ، وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فِي كُلِّ ثَلَاثِ شِيَاهٍ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، وَإِنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ سِوَى بِنْتِ مَخَاضٍ لِلْأُولَى، وَعَلَى الثاني شاة، وعلى الثَّالِثُ سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَفِيمَا بَعْدَ الْحَوْلِ الأول في الأولى 5، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهَا: يُفْرِدُهُ بِالزَّكَاةِ، وَهَذَا الْوَجْهُ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَفَادُ نِصَابًا أَوْ دُونَ نِصَابٍ، وَلَا يُغَيِّرُ فَرْضَ النِّصَابِ، أَمَّا إنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ وَيُغَيِّرُ فَرْضَ النِّصَابِ لَمْ يَتَأَتَّ فِيهِ هَذَا الْوَجْهُ، صَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَيَخْتَصُّ هَذَا الْوَجْهُ أَيْضًا بِالْحَوْلِ الْأَوَّلِ، صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُشْعِرُ بِاطِّرَادِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَصَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو يعلى الصغير بحكاية ذلك وجها6. والوجه الثَّانِي: أَنَّهُ يُزَكِّي ذَلِكَ زَكَاةَ خُلْطَةٍ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَزَعَمَ أَنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي7 ضَعَّفَهُ فِيهِ، وإنما ضعف الأول، والوجه الثالث: يضم إلى8 النِّصَابُ، فَيُزَكِّي زَكَاةَ ضَمٍّ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ الزِّيَادَةُ كَنِصَابٍ مُنْفَرِدٍ، أَوْ الْكُلُّ نِصَابٌ وَاحِدٌ؟ على وجهين:
خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ لِتَمَامِ حَوْلِهَا، وَسُدُسُهَا فِي الْخَمْسِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا1، وَإِنْ مَلَكَ مَعَ ذلك ستا في ربيع، ففي2 الْأُولَى بِنْتُ مَخَاضٍ، وَفِي الْإِحْدَى عَشْرَةَ لِتَمَامِ حَوْلِهَا رُبْعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَنِصْفُ تُسْعِهَا، وَعَلَى الثَّانِي لِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ وَالسِّتِّ شَاةٌ، لِتَمَامِ حَوْلِهَا3، وَعَلَى الثَّالِثِ فِي الْخَمْسِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَفِي السِّتِّ لِتَمَامِ حَوْلِهَا سُدُسُ بِنْتِ لَبُونٍ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّانِي عَنْ نِصَابٍ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْفَرْضَ فَلَا زَكَاةَ؛ لِأَنَّهُ وقص4، وقيل: بلى5 زَكَاةُ خُلْطَةٍ كَأَجْنَبِيٍّ، فَفِي عِشْرِينَ بَعْدَ أَرْبَعِينَ ثُلُثُ شَاةٍ، وَفِي عَشْرٍ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ أَرْبَعِينَ خُمُسُ مُسِنَّةٍ، وَفِي خَمْسٍ بَعْدَ ثَلَاثِينَ سُبْعُ تَبِيعٍ، وَإِنَّ غَيَّرَ الْفَرْضَ وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا، كَعَشْرٍ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ، فَفِي الأولى6 لتمام ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: أنها كنصاب منفرد، ولولا7 ذَلِكَ لَزَكَّى النِّصَابَ عَقِيبَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ فَرْضِ الْمَجْمُوعِ، وَلَمْ يُزَكِّ زَكَاةَ انْفِرَادٍ8، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ نِصَابٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي9، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَاسْتَطْرَدَ فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ وَأَجَادَ، وَذَكَرَ فَوَائِدَ الِاخْتِلَافِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَكْثَرَ تَحْقِيقَهُ، وَأَغْزَرَ عِلْمَهُ، فَهَذِهِ سِتُّ مسائل قد صححت بعون الله تعالى.
حَوْلِهَا تَبِيعٌ، وَفِي الْعَشْرِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ رُبْعُ مُسِنَّةٍ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ نِصَابُ الْمُسِنَّةِ فَأَخْرَجَ بِقِسْطِهَا. وَقِيلَ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي لَا شَيْءَ، وَإِنْ غَيَّرَ الْفَرْضَ، وَبَلَغَ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، وَقَدْرُهَا يُبْنَى عَلَى الْوُجُوهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُغَيَّرْ الْفَرْضُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ1 هُنَاكَ2 يُنْظَرُ هُنَا إلَى زَكَاةِ الْجَمِيعِ، فَيَسْقُطُ مِنْهَا مَا وَجَبَ فِي الأول3، وَيَجِبُ الْبَاقِي فِي الثَّانِي، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي هُنَاكَ يُعْتَبَرُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، فَكَذَا هُنَا، وَعَلَى الثَّالِثِ تَجِبُ زَكَاةُ خُلْطَةٍ، فَكَذَا هُنَا، فَفِي مِائَةِ شَاةٍ بَعْدَ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ شَاةٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ شَاةٍ؛ لِأَنَّ فِي الْكُلِّ4 شَاتَيْنِ، وَالْمِائَةُ خَمْسَةُ أَسْبَاعِ الْكُلِّ، فَحِصَّتُهَا مِنْ فَرْضِهِ خَمْسَةُ أَسْبَاعِهِ، وَإِنْ مَلَكَ مِائَةً أُخْرَى فِي رَبِيعٍ فَفِيهَا شَاةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ شَاةٌ وَرُبْعٌ؛ لِأَنَّ فِي الْكُلِّ ثَلَاثَ شِيَاهٍ، وَالْمِائَةُ رُبْعُ الْكُلِّ وَسُدُسُهُ، فَحِصَّتُهَا مِنْ فَرْضِهِ رُبْعُهُ وَسُدُسُهُ، وَفِي إحْدَى وَثَمَانِينَ شَاةٍ بَعْدَ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، وَعَلَى الْوَجْهِ5 الثَّالِثِ شَاةٌ وَإِحْدَى6 وَأَرْبَعُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةٍ وَإِحْدَى7 وَعِشْرِينَ8 جُزْءًا مِنْ شَاةٍ، كَخَلِيطٍ، وَفِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ بَعْدَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ شَاتَانِ، أَوْ شاة أَوْ شَاةٌ 9 وَنِصْفٌ، وَفِي خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ بَعْدَ عِشْرِينَ بَعِيرًا شَاةٌ عَلَى الثَّانِي، زَادَ الشَّيْخُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَوَّلُ. وَعَلَى الثَّالِثِ خُمُسُ بِنْتِ مَخَاضٍ، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَالْأَوَّلُ، وَفِي ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ تَبِيعٌ عَلَى الثَّانِي، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ عَلَى الثَّالِثِ، وَعِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ لَا يَجِيءُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يفضي في الأولى1 إلَى إيجَابِ مَا يَبْقَى مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ بَعْدَ إسْقَاطِ أَرْبَعِ شِيَاهٍ، وَهِيَ مِنْ غَيْرِ الجنس، وفي الثانية2 إلَى إيجَابِ فَرْضِ نِصَابٍ عَمَّا دُونَهُ، فَلِهَذَا قَالَ: الْوَجْهُ الثَّالِثُ أَصَحُّ، لِعَدَمِ اطِّرَادِ الْأَوَّلِ، وَضَعَّفَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْرَدُ الْأَجْنَبِيُّ الْمُخَالِطُ بِالْإِيجَابِ عَنْ مَالِ خَلِيطِهِ، فَمَالُ الْوَاحِدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ ضَمَّ مِلْكِهِ بَعْضِهِ إلَى بَعْضٍ أَوْلَى مِنْ خَلِيطٍ إلَى خَلِيطٍ، وَلِهَذَا ضُعِّفَ فِي الْمُغْنِي3 الْوَجْهُ الثَّانِي. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِيمَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ وَلَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا: عَلَيْهِ زَكَاةُ خُلْطَةٍ، قَطَعَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ وَقَالَ: إنْ كَانَ يَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَ فِيهِ زَكَاةُ انْفِرَادٍ، فِي وَجْهٍ، وَخُلْطَةٍ، فِي آخَرَ، وَلَا يضم إلى الأول فيما4 فِيهِمَا وَجْهًا وَاحِدًا إذَا كَانَ الضَّمُّ يُوجِبُ تَغْيِيرَ5 جِنْسِ الزَّكَاةِ أَوْ نَوْعِهَا، كَثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ بَعْدَ خَمْسِينَ، فَيَجِبُ إمَّا تَبِيعٌ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ، وَلَا تَجِبُ الْمُسِنَّةُ، وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي6 الَّتِي قَبْلَهَا يَجِبُ ضَمُّ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ، وَيُخْرِجُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي مَا بَقِيَ مِنْ زَكَاةِ الْجَمِيعِ، فَيَجِبُ هَاهُنَا الْمُسِنَّةُ قَالَ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من له أربعون شاة في بلد وأربعون في بلد آخر
فَصْلٌ: مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فِي بَلَدٍ وَأَرْبَعُونَ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ، لَزِمَهُ شَاتَانِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ بَلَدٍ عشرون فلا زكاة، هذا1 هو المشهور عند أَحْمَدَ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ، فَجَعَلَ التَّفْرِقَةَ فِي الْبَلَدَيْنِ كَالتَّفْرِقَةِ فِي الْمِلْكَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَثَّرَ اجتماع مالين لرجلين كمال الواحد، كذا2 الِافْتِرَاقِ الْفَاحِشِ فِي مَالِ الْوَاحِدِ يَجْعَلُهُ كَالْمَالَيْنِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ، خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ" 3. وَعِنْدَنَا مَنْ جَمَعَ أَوْ فَرَّقَ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَالٍ يَنْبَغِي تَفْرِقَتُهُ بِبَلَدِهِ، فَتَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِهِ، وَعَنْهُ: الْكُلُّ كَسَائِمَةٍ مُجْتَمِعَةٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ "و" لِلْعُمُومِ، كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ "ع" وَكَغَيْرِ السَّائِمَةِ "ع" اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ، وَحَمَلَ كَلَامَ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ لَا يَأْخُذُهَا، فَأَمَّا رَبُّ الْمَالِ فَيُخْرِجُ إذَا بَلَغَ مَالُهُ نِصَابًا، ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْمَيْمُونِيِّ وَحَنْبَلٍ: لَا يَأْخُذُ الْمُصَّدِّقُ مِنْهَا شَيْئًا، وَهُوَ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ وَضَبَطَهُ أَخْرَجَ، كَذَا قَالَ. وقال أبو بكر: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ أَقُولُ، وَلَوْ جَازَ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ إذَا ضَبَطَهُ وَعَرَفَهُ لَجَازَ أَنْ لَا يُعْطِيَ عَنْ ثَمَانِينَ شَاتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ شَاةٌ، فَلَمَّا أَخَذَ مِنْهُ شَاتَيْنِ وَجَبَ أَنْ يُعْطِيَ شَاةً، كَذَا قَالَ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ رِوَايَتَيْنِ، كَالْمَاشِيَةِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَكْفِي شَاةٌ، بِبَلَدِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَاجَةٌ، وَقِيلَ بِالْقِسْطِ. وَمَنْ لَهُ سِتُّونَ شَاةً فِي كُلِّ بَلَدٍ عِشْرُونَ خُلْطَةٍ بِعِشْرِينَ لِآخَرَ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَعَلَى الْأَشْهَرِ تَجِبُ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ نِصْفُ شَاةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ، أَوْ كَانَ وَقُلْنَا بِرِوَايَةِ. اخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ، فَفِي الْجَمِيعِ1 شَاةٌ، نِصْفُهَا عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ سُدُسُ شَاةٍ، هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ ضَمًّا لِمَالِ كُلِّ خَلِيطٍ إلَى مَالِ الْكُلِّ، فَيَصِيرُ كَمَالٍ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: فِي الْجَمِيعِ شَاتَانِ وَرُبْعٌ، عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثُهُ أَرْبَاعِ شاة؛ لأنها مخالطة لعشرين خلطة وصف2، وَلِأَرْبَعِينَ بِجِهَةِ الْمِلْكِ، وَحِصَّةُ الْعِشْرِينَ مِنْ زَكَاةِ الثَّمَانِينَ رُبْعُ شَاةٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ نِصْفُ شاة؛ لأنه مخالط العشرين فقط. واختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَاحْتَجَّ هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ مَالُ كُلِّ خُلْطَةٍ نِصَابًا، فَلَوْ كَانَتْ كُلُّ عِشْرِينَ مِنْ السِّتِّينَ خُلْطَةً بِعَشْرٍ لِآخَرَ لَزِمَهُ شَاةٌ. وَلَا يَلْزَمُ الْخُلَطَاءَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِطُوا فِي نِصَابٍ. وَلَوْ ضُمَّ مَالُ الْخَلِيطِ إلَى مَالٍ مُنْفَرِدٍ لِخَلِيطِهِ، أَوْ إلى مال خليط1 خَلِيطِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ، وَلَصَحَّتْ الْخُلْطَةُ اعْتِبَارًا بِالْمَجْمُوعِ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ بِهَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ كُلَّ خَلِيطٍ رُبْعُ شَاةٍ، لِمَا سَبَقَ؛ لأن مال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَاحِدِ يُضَمُّ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: فِي الْجَمِيعِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ شَاةٌ وَنِصْفٌ، جَعْلًا لِلْخُلْطَةِ قَاطِعَةً بَعْضَ مِلْكِهِ عَنْ بَعْضٍ، بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ مُنْفَرِدٌ اُعْتُبِرَ فِي تَزْكِيَتِهِ وَحْدَهُ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ نصف شاة؛ لأنه لم يخالط1 سِوَى عِشْرِينَ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تَفْرِيقُ مِلْكِ الواحد لا يمتنع على أصلنا، بدليل تفرقته2 فِي الْبُلْدَانِ وَلَوْ لَمْ يُخَالِطْ رَبُّ السِّتِّينَ مِنْهَا إلَّا بِعِشْرِينَ لِعِشْرِينَ لِآخَرَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْجَمِيعِ شَاةٌ، عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ رُبْعُهَا، وَعَلَى الثَّانِي، عَلَى رَبِّ السِّتِّينَ فِي الْأَرْبَعِينَ الْمُفْرَدَةِ ثُلُثَا شَاةٍ، ضَمًّا إلَى بَقِيَّةِ مِلْكِهِ، وَفِي الْعِشْرِينَ "3رُبْعُ شَاةٍ، ضَمًّا لَهَا إلَى بَقِيَّةِ مَالِهِ الْأَرْبَعِينَ الْمُفْرَدَةِ وَإِلَى عِشْرِينَ الْآخَرِ، لِمُخَالَطَتِهَا، بَعْضَهُ وَصْفًا، وَبَعْضَهُ مِلْكًا، وَعَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ 3" نِصْفُ شَاةٍ، وَذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الثَّالِثِ، كَالْأَوَّلِ هُنَا، وَعَلَى الرَّابِعِ فِي الْأَرْبَعِينَ الْمُخْتَلِطَةِ شاة، بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نِصْفَانِ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ الْمُفْرَدَةِ شَاةٌ، عَلَى رَبِّهَا، وَمَنْ لَهُ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا كُلُّ خَمْسِ خُلْطَةٍ بِخَمْسٍ لِآخَرَ، فَعَلَى الْأَوَّلِ عَلَيْهِ نِصْفُ حِقَّةٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ عُشْرُهَا، وَعَلَى الثَّانِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ شَاةٌ، وَعَلَى الثَّالِثِ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بِنْتِ مَخَاضٍ، وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ1 سُدُسٌ، وَعَلَى الرَّابِعِ عَلَيْهِ خَمْسُ شِيَاهٍ وَعَلَى كُلِّ خَلِيطٍ شَاةٌ، وَعَنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: الضَّمُّ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ.
فصل: ولا أثر للخلطة في غير السائمة
فَصْلٌ: وَلَا أَثَرَ لِلْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ نص عليه، وهو المشهور "وم" فِي غَيْرِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُؤَثِّرُ إلَّا ضَرَرًا بِرَبِّ الْمَالِ، لِعَدَمِ الْوَقْصِ فِيهَا، بِخِلَافِ السائمة، وعنه: تؤثر خلطة الأعيان في غير1 السائمة "وش" وَقِيلَ: وَخُلْطَةُ الْأَوْصَافِ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: نَقَلَ حَنْبَلٌ: تُضَمُّ كَالْمَوَاشِي فَقَالَ: إذَا كَانَا رَجُلَيْنِ لَهُمَا مِنْ الْمَالِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ بِالْحِصَصِ، فَيُعْتَبَرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ اتِّحَادُ الْمُؤَنِ وَمَرَافِقُ الْمِلْكِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الْآجُرِّيُّ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَخَصَّهَا الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
فصل: وللساعي أخذ الفرض من مال أي الخليطين شاء
فَصْلٌ: وَلِلسَّاعِي أَخْذُ الْفَرْضِ مِنْ مَالِ1 أَيْ الْخَلِيطَيْنِ شَاءَ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بَعْدَ قَسْمِهِ فِي خُلْطَةِ أعيان مع بقاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّصِيبَيْنِ، وَقَدْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ1، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَفِي الْمُجَرَّدِ: لَا وَلَا وَجْهَ لَهُ إلَّا عَدَمَ الْحَاجَةِ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ اعْتِبَارُ الْحَاجَةِ لِأَخْذِ السَّاعِي، وَمَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ وَمُكَاتَبٍ لَا أَثَرَ لِخُلْطَتِهِ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ "و"2؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ فِي خَلِيطَيْنِ يُمْكِنُ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَا مَشَقَّةَ، لِنُدْرَتِهَا، وَحَيْثُ جَازَ الْأَخْذُ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى خَلِيطِهِ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ "و"3 يَوْمَ أُخِذَتْ مِنْهُ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ إذًا، فَيَرْجِعُ بِالْقِسْطِ الَّذِي قَابَلَ مَالَهُ مِنْ الْمُخْرَجِ، فَإِذَا أَخَذَ الْفَرْضَ مِنْ مَالِ رَبِّ الثُّلُثِ رَجَعَ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْ الْمُخْرَجِ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرِ رَجَعَ بِقِيمَةِ ثُلُثِهِ، فَيَرْجِعُ رَبُّ عَشْرَةِ أَبْعِرَةٍ أُخِذَتْ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى رَبِّ الْعِشْرِينَ بِقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا، وَبِالْعَكْسِ بِقِيمَةِ ثُلُثِهَا. وَبِثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ عَلَى رَبِّ أَرْبَعِينَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَاعِ تَبِيعٍ وَمُسِنَّةٍ، وبالعكس 4 بثلاثة أسباعهما5. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ فِي الْقِيمَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَدَمِ بَيِّنَةٍ إذَا احْتَمَلَ الصِّدْقَ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ غَارِمٌ، وَقَدْ ثَبَتَ التَّرَاجُعُ فِي شَرِكَةِ الْأَعْيَانِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَالِ، كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَا مِنْ بَيْنِهِمَا ثَمَانُونَ شَاةً نِصْفَيْنِ، وَعَلَى أَحَدِهِمَا دَيْنٌ بِقِيمَةِ عِشْرِينَ مِنْهَا6، فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ، على المدين7 ثلثها، وعلى الآخر ثلثاها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن أخذ الساعي أكثر من الواجب بلا تأويل
فَصْلٌ: وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ كَأَخْذِهِ عَنْ أَرْبَعِينَ مُخْتَلِطَةٍ شَاتَيْنِ من مال أحدهما، وعن ثلاثين بعيرا جذعة1، رَجَعَ عَلَى خَلِيطِهِ فِي الْأُولَى بِقِيمَةِ نِصْفِ شَاةٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ نِصْفِ بِنْتِ مَخَاضٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ ظُلْمٌ، فَلَا يَجُوزُ رُجُوعُهُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ "و" وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا فِي رُجُوعِهِ عَلَى شَرِيكِهِ قَوْلَيْنِ، وَمُرَادُهُ لِلْعُلَمَاءِ، قَالَ: أَظْهَرُهُمَا يَرْجِعُ. وَقَالَ فِي الْمَظَالِمِ الْمُشْتَرَكَةِ، تُطْلَبُ مِنْ الشركاء، يطلبها الولاة أو2 الظلمة مِنْ الْبُلْدَانِ أَوْ التُّجَّارِ3 أَوْ الْحَجِيجِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَالْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، عَلَى الْأَنْفُسِ أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ الدَّوَابِّ: يَلْزَمُهُمْ الْتِزَامُ الْعَدْلِ فِي ذَلِكَ، كَمَا يَلْزَمُ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بحق، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْتَنِعَ أَحَدٌ مِنْ أَدَاءِ قِسْطِهِ مِنْ ذَلِكَ، بِحَيْثُ يُؤْخَذُ قِسْطُهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الظُّلْمَ عَنْهُ إلَّا بِظُلْمِ1 شُرَكَائِهِ؛ لِأَنَّهُ يَطْلُبُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يُظْلَمُ فِيهِ غَيْرُهُ، كَمَنْ يُوَلِّي أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَظْلِمُ وَيَأْمُرُهُ بِعَدَمِ الظُّلْمِ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَدْلَ فِي هَذَا الظُّلْمِ، وَلِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَرْضَى بِالتَّخْصِيصِ، وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى أَخْذِ الْجَمِيعِ مِنْ الضُّعَفَاءِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إلَى جَمْعِ مَالٍ لِدَفْعِ عَدُوٍّ كَافِرٍ لَزِمَ الْقَادِرَ، الِاشْتِرَاكُ، فَهَاهُنَا أَوْلَى، فَمَنْ تَغَيَّبَ أَوْ امْتَنَعَ وَأَخَذَ مِنْ غَيْرِهِ حِصَّتَهُ2، رَجَعَ عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ، فِي الْأَظْهَرِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَبَرُّعًا. وَلَا شُبْهَةَ عَلَى الْآخِذِ فِي الْأَخْذِ، كَسَائِرِ الْوَاجِبَاتِ، كَعَامِلِ الزَّكَاةِ، وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْمُضَارِبِ، وَالشَّرِيكِ، وَالْوَكِيلِ، وَسَائِرِ مَنْ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ، إذَا طَلَبَ مِنْهُ حِصَّةَ"3، مَا يَنُوبُ ذَلِكَ الْمَالُ مِنْ الْكُلَفِ، فَإِنَّ لَهُمْ أَنْ يُؤَدُّوا ذَلِكَ مِنْ الْمَالِ، بَلْ إنْ كان إن3" لَمْ يُؤَدُّوهُ، أَخَذَ الظَّلَمَةُ أَكْثَرَ وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ، وَلَوْ قُدِّرَ غَيْبَةُ الْمَالِ، فاقترضوا عليه، أو4 أدوا مِنْ مَالِهِمْ، رَجَعُوا بِهِ، وَعَلَى هَذَا الْعَمَلِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ لَزِمَ مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ. قَالَ: وَغَايَةُ هَذَا أَنْ يُشَبَّهَ بِغَصْبِ الْمُشَاعِ، فَالْغَاصِبُ إذَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ نَصِيبَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ، فِي الْأَظْهَرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ لَزِمَ الْمُقِرَّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ مَا فَضَلَ عَنْ حَقِّهِ، وَهُوَ السُّدُسُ، فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، جَعَلُوا مَا غَصَبَهُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ مِنْ مَالِ الْمُقَرِّ بِهِ خَاصَّةً لِأَجْلِ النِّيَّةِ. وَكَذَا هَاهُنَا إنَّمَا قَبَضَ الظَّالِمُ عَنْ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالِ الدَّافِعِ، لَكِنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي غَصْبِ الْمُشَاعِ: مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ يَكُونُ مِنْهُمَا، اعْتِبَارًا بِصُورَةِ الْقَبْضِ، وَيَكُونُ النِّصْفُ الَّذِي غَصَبَهُ الْأَخُ الْمُنْكِرُ مِنْهُمَا، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، قَالَ: وَمِنْ صُودِرَ عَلَى مَالٍ فَأُكْرِهَ أَقَارِبُهُ أَوْ أَصْدِقَاؤُهُ أَوْ جِيرَانُهُ أَوْ شُرَكَاؤُهُ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا عَنْهُ فَلَهُمْ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا لِأَجْلِهِ وَلِأَجْلِ مَالِهِ، وَالطَّالِبُ مَقْصُودُهُ مَالُهُ لَا مَالُهُمْ، وَاحْتَجَّ بِقِصَّةِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ1، وَقَالَ: فَلَمَّا كَانُوا إنَّمَا أَعْطَوْهُ وَأَهْدَوْا إلَيْهِ لِأَجْلِ وِلَايَتِهِ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ الْمُسْتَحَقِّ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ أَمْوَالِهِمْ قَبَضَ، وَلَمْ يُخَصَّ بِهِ2 الْعَامِلُ، فَكَذَا مَا قُبِضَ بِسَبَبِ مال بعض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الناس، فعنها "1يحسب ما1" أُعْطِيَ لِأَجْلِهَا فَهُوَ مَغْنَمٌ وَنَمَاءٌ لَهَا، لَا لِمَنْ أَخَذَهُ، فَمَا أَخَذَ لِأَجْلِهَا فَهُوَ مَغْرَمٌ مِنْهَا، لَا عَلَى مَنْ أَعْطَاهُ، وَكَذَا مَنْ لَمْ يُخَلِّصْ مَالَ غَيْرِهِ مِنْ التَّلَفِ إلَّا بِمَا أَدَّى عَنْهُ رَجَعَ بِهِ فِي أَظْهَرْ قولي2 العلماء، وهو محسن3 وَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسَائِلُ فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ الله تعالى.
فصل: وإن أخذه بتأويل
فَصْلٌ: وَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأْوِيلٍ كَأَخْذِهِ صَحِيحَةً عَنْ مِرَاضٍ، أَوْ كَبِيرَةً عَنْ صِغَارٍ، أَوْ قِيمَةَ الْوَاجِبِ، رَجَعَ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّ السَّاعِيَ نَائِبُ الْإِمَامِ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَلَا يُنْقَضُ، كَمَا فِي الْحَاكِمِ، قَالَ الشَّيْخُ: مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِبِ، وَاقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى أَنْ فِعْلَهُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ سَائِغٌ نَافِذٌ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، لِسَوَغَانِهِ، وَفِي الْخِلَافِ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ: مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُخَالِفَ لَهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ وَافَقُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ وَجَازَ أَخْذُهَا رَجَعَ بِنِصْفِهَا، إنْ قُلْنَا الْقِيمَةُ أَصْلٌ، وَإِنْ قُلْنَا بَدَلٌ فَبِنِصْفِ قِيمَةِ الشَّاةِ، وَإِنْ لَمْ تُجْزِئْ الْقِيمَةُ فَلَا رُجُوعَ، كَذَا قَالَ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ أَخَذَ السَّاعِي فَوْقَ الْوَاجِبِ، بِتَأْوِيلٍ، أَوْ أَخَذَ الْقِيمَةَ، أَجْزَأَتْ فِي الْأَظْهَرِ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي الْإِجْزَاءَ وَلَوْ اعْتَقَدَ الْمَأْخُوذُ، مِنْهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عدمه، ويأتي في آخِرَ الْفَصْلِ1، وَصَوَّبَ شَيْخُنَا الْإِجْزَاءَ، وَجَعَلَهُ فِي موضع آخر كالصلاة خلف تارك شرطا2 عِنْدَ الْمَأْمُومِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ طَلَبَهَا مِنْهُ فَكَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ خَلْفَهُ، وَسَبَقَ كَلَامُ الشَّيْخِ3، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ طَرِيقِ الْحُكْمِ4 خِلَافٌ فِيمَنْ حُكِمَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اعْتِقَادِهِ. وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي فَرْضًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ مُخْتَلِفٌ هَلْ هُوَ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، عَمِلَ كُلٌّ فِي التَّرَاجُعِ بِمُقْتَضَى مَذْهَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَقْضَ5 فِيهِ لِفِعْلِ السَّاعِي، فَعِشْرُونَ خُلْطَةٍ لِسِتَّيْنِ فِيهَا رُبْعُ شَاةٍ، فَإِذَا أَخَذَ الشَّاةَ مِنْ السِّتِّينَ رَجَعَ رَبُّهَا بِرُبْعِ الشَّاةِ "هـ م" وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْعِشْرِينَ رَجَعَ رَبُّهَا6 بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا، لَا بِقِيمَتِهَا كُلِّهَا "هـ م" وَهَذِهِ الصُّورَةُ إنْ وَقَعَتْ فَنَادِرَةٌ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ بِاجْتِهَادٍ7 أَوْ تَقْلِيدٍ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا، فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ. وَلَا تَسْقُطُ زِيَادَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بِأَخْذِ السَّاعِي مُجْمَعًا عَلَيْهِ، كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ خُلْطَةٍ بَيْنَهُمَا، تَلِفَ سِتُّونَ عَقِبَ الْحَوْلِ فأخذ8 نصف شاة، بناء على تعلق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الزكاة بالنصاب والعفو1، وجعل2 لِلْخُلْطَةِ وَالتَّلَفِ تَأْثِيرًا لَزِمَهُمَا إخْرَاجُ نِصْفِ شَاةٍ، وَمَذْهَبُ "هـ" يُلْزِمُهُمَا إخْرَاجَ شَاةٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عنده شاتان، سقط بالتلف نصف، واحدة؛ لأنه يعلق3 الْوُجُوبِ بِالنِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ، كَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ: وَلَوْ كَانَ مَا أَخَذَهُ فِي الْأُولَى يَرَاهُ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أحدهما، وهذا خلاف ظاهر4 مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَالسَّاعِي فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ يَقُولُ: أَنَا أَعْلَمُ الْخِلَافَ فِي هَذَا، وَأَنَا أَجْتَهِدُ فِيهِ، وَالْوَاجِبُ فِي هَذَا الْمَالِ دُونَ هَذَا، وَالْوَاجِبُ كَذَا لا أكثر، فآخذه للفرض، وفعله وقوله باجتهاد5، فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُخَالَفَ وَلَا يُنْقَضَ، كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَكَبَقِيَّةِ مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ، لَا سِيَّمَا قَوْلُ الشَّيْخِ: مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إليه وجب دفعه، وصار بمنزلة الواجب فتعيين وجوب6 دَفْعِ مَا طَلَبَهُ يَمْنَعُ7 وُجُوبَ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَوْ بَقِيَ غَيْرُهُ وَاجِبًا لَمْ يَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّ بَاذِلَهُ يَكُونُ بَاذِلًا لِلْوَاجِبِ، وَمَنْ بَذَلَ الْوَاجِبَ لَزِمَ قَبُولُهُ وَلَا تَبَعَةَ عَلَيْهِ. ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ يَأْخُذُ وُلَاةُ الْأَمْرِ الزَّكَاةَ مِنْ إنْسَانٍ طُولَ عُمْرِهِ. ثُمَّ يُؤْخَذُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَنْ جَمِيعِ مَا مَضَى، بَلْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى اسْتِقْرَارِ الْأَمْرِ، وَهَذَا لَا نظير له، ونظير المسألة الجزية، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَيَأْخُذُ وُلَاةُ الْأَمْرِ الْجِزْيَةَ مِنْ إنْسَانٍ طُولَ عُمْرِهِ، ثُمَّ يُطَالِبُ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَنْ جَمِيعِ مَا مَضَى، بَلْ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، بَلْ وَالْآبَاءُ وَإِنْ عَلَوْا، وَهَذَا ظَاهِرُ الْفَسَادِ، ويَأْتِي فِي النِّصْفِ الثَّالِثِ مِنْ الزَّكَاةِ1 أَنَّ الْعَامِلَ إذَا أَسْقَطَ أَوْ أَخَذَ دُونَ مَا يَعْتَقِدُ الْمَالِكُ يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ، زَادَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ الْمَالِكَ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا لَمْ يُلْزَمْ بشيء، ويعمل برأي العامل2، وَإِنْ اعْتَقَدَ لَزِمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ 3، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، فَلَا يُنْتَقَضُ اجْتِهَادُ الْعَامِلِ ظَاهِرًا، وَعَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِ الْقَاضِي يَلْزَمُ مُطْلَقًا، وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ4، وَيَأْتِي هُنَاكَ: إذَا اجْتَهَدَ رَبُّ الْمَالِ وَأَخْرَجَ وقد فات وقت5 مجيء الساعي لا يغير6 اجتهاد رب المال7، فأولى أن لا يغي8ر اجْتِهَادُ السَّاعِي هُنَا، وَلِهَذَا السَّبَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهَذَا أَشْبَهَ إذَا رَأَى الْإِمَامُ تَعْزِيرَ وَاحِدٍ قَدْرًا مُعَيَّنًا فِعْلَهُ أَوْلَى، هَلْ لِغَيْرِهِ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ؟ وَسَيَأْتِي فِي التَّعْزِيرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَمَنْ أَخْرَجَ مِنْهُمَا فَوْقَ الْوَاجِبِ لَمْ يَرْجِعْ بِزِيَادَةٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: عَقْدُ الْخُلْطَةِ جَعَلَ كُلَّ واحد منهما كالإذن لخليطه في الإخراج ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْهُ، وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: يُجْزِئُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: لَا يُجْزِئُ، وَسَبَقَ فِي الْمُضَارَبَةِ1: لَا زَكَاةَ فِي الْمَنْصُوصِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ وِقَايَةٌ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَوْلَا الْمَانِعُ، وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ فِي إذْنِ كُلِّ شَرِيكٍ لِلْآخَرِ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ يُوَافِقُ مَا اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَيُشْبِهُ هَذَا أَنَّ عَقْدَ الشَّرِكَةِ يُفِيدُ التَّصَرُّفَ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زكاة الزرع والثمر وحكم بيع المسلم وإجارته وإعارته من الذمي العقار وغيره وزكاة العسل ونحو ذلك وتضمين أموال العشر والخراج
باب زكاة الزرع والثمر وَحُكْمِ بَيْعِ الْمُسْلِمِ وَإِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ مِنْ الذِّمِّيِّ الْعَقَارَ وَغَيْرَهُ وَزَكَاةِ الْعَسَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَتَضْمِينِ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ: مَا كَانَ يُكَالُ وَيُدَّخَرُ، وَيَقَعُ فِيهِ الْقَفِيزُ، فَفِيهِ الْعُشْرُ، ومَا كَانَ مِثْلَ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالرَّيَاحِينِ وَالْبَصَلِ وَالرُّمَّانِ فَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ إلَّا أَنْ يُبَاعَ وَيَحُولَ عَلَى ثَمَنِهِ الْحَوْلُ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ: مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ، كَالْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَالسُّمَّاقِ1 وَالْبُزُورِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الزَّكَاةِ فِي اللَّوْزِ، وَعَلَّلَ أَنَّهُ مَكِيلٌ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا تَجِبُ فِي حَبِّ الْبُقُولِ كَحَبِّ الرَّشَادِ وَحَبِّ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ، وَالْأَبَازِيرِ كَالْكُسْفُرَةِ وَالْكَمُّونِ وَالْبُزُورِ، وَكَبِذْرِ الْقِثَّاءِ والخيار وبزر2 الرياحين؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُوتٍ وَلَا أُدْمٍ، وَيَدْخُلُ فِي هَذَا بِزْرُ الْيَقْطِينِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: مِنْ المقتات، والأول أولى، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُخْرِجُ الصَّعْتَرَ وَالْأُشْنَانَ وَنَحْوَهُمَا، وَحَبَّ ذَلِكَ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَكَذَا كُلُّ وَرَقٍ مَقْصُودٍ، كَوَرَقِ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيِّ وَالْآسِ. وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَشْهَرِ فِي الْجَوْزِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ مَعْدُودٌ. وَالتِّينِ وَالْمِشْمِشِ وَالتُّوتِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ، وَكَذَا الْعُنَّابُ، وَجَزَمَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 بِالزَّكَاةِ فِيهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ، فَالتِّينُ وَالْمِشْمِشُ وَالتُّوتُ مِثْلُهُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي التِّينِ؛ لِأَنَّهُ يُدَّخَرُ كَالتَّمْرِ. وهل تجب في الزيتون "وهـ م" اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، أَمْ لا "وش" اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ، فِيهِ روايتان؟ "م 1" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَهَلْ تَجِبُ فِي الزَّيْتُونِ؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّخْلِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، إحْدَاهُمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ فِيهِ، صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَالشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ، وَأَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ، واختاره القاضي والمجد في شرحه، وجزم
وكذا القطن "م 2" فإن لم تجب فيه "وم ش" وَجَبَتْ فِي حَبِّهِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ عَدَمَ الْوُجُوبِ. وَالْكَتَّانُ مِثْلُهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَكَذَا الْقِنَّبُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: إنْ وَجَبَتْ فِيهِ ففيهما احتمالان "م 3" ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالشِّيرَازِيِّ فِي الْإِيضَاحِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ، يَعْنِي أَنَّهُ كَالزَّيْتُونِ، فِيهِ الرِّوَايَتَانِ الْمُطْلَقَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَحَكَاهُمَا فِي الْإِيضَاحِ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ فِيهِ، اخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْخُلَاصَةِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهِيَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَالْكَتَّانُ مِثْلُهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَكَذَا الْقِنَّبُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: إنْ وَجَبَتْ فِيهِ فَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي الْكَتَّانِ وَالْقِنَّبِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْكَتَّانِ،
وَالرِّوَايَتَانِ فِي الزَّعْفَرَانِ "م 4" وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وغيره: لا تجب "1"وش م" 1" وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَيُخَرَّجُ عَلَيْهِ الْعُصْفُرُ وَالْوَرْسُ وَالنِّيلِ2، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَالْفُوَّةُ3. وَفِي الْحِنَّاءِ الْخِلَافُ "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يَجِبُ فِيهِمَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْقِنَّبِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَإِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْقُطْنِ احْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ فِي الْكَتَّانِ وَالْقِنَّبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تَجِبُ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ فِي الزَّعْفَرَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي4، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَعَلَّهُ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ فِيهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْخُلَاصَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَفِي الْحِنَّاءِ الْخِلَافُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُ في والرعايتين والفائق وغيرهم، وحكوه وجهين:
وَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ مُدَّخَرٍ، كَبَقِيَّةِ الْفَوَاكِهِ "هـ" وَالْخُضَرِ "هـ" وَالْبُقُولِ "هـ" كَالزَّهْرِ وَالْوَرَقِ "و" وَطَلْعِ الْفُحَّالِ "و" وَالسَّعَفِ وَالْخُوصِ وَقُشُورِ الْحَبِّ "و" وَالتِّبْنِ "و" وَالْحَطَبِ "و" والخشب "و" وأغصان الخلاف1 "و" وذكره2 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فِيهِ وَفِي وَرَقِ التُّوتِ "ع" وَالْحَشِيشِ "و" وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ "و" وَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ "عِ" وَصُوفِهَا "ع" وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَذَا الْحَرِيرُ وَدُودُ الْقَزِّ، وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أُخْرَى: لَا زَكَاةَ إلَّا فِي التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ3 وَأَبِي مُوسَى4، وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَجَمَاعَةٌ بَعْدَهُمْ، وَلَا يَخْتَصُّ الْوُجُوبُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْمُقْتَاتِ الْمُدَّخَرِ "ش م". وزاد 5"م ر" 5: السمسم والترمس، ونقض صاحب المحرر بهما، فإنهما مقتاتان6 كدخن7 وَمَاشٌ8 وَلُوبِيَا، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُمَا مُقْتَاتَانِ، وتجب عند أبي يوسف ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ في المستوعب وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَجِبُ فِيهِ أَيْضًا، وَهُوَ ظاهر كلام الأكثر، وهو الصواب.
وَمُحَمَّدٍ فِي كُلِّ مَا يَبِسَ وَبَقِيَ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَكِيلًا، كَالتِّينِ ونحوه، لا في الخضراوات وبزرها.
فصل: وما نبت من المباح في أرضه
فَصْلٌ: وَمَا نَبَتَ مِنْ الْمُبَاحِ فِي أَرْضِهِ وَقُلْنَا عَلَى الْأَشْهَرِ: لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، بَلْ بِأَخْذِهِ أَوْ فِي مَوَاتٍ كَالْبُطْمِ1 وَالْعَفْصِ2 وَالزَّعْبَلِ وَهُوَ شَعِيرُ الْجَبَلِ وَبِذَرِّ قَطُونَا وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَغَيْرِهِمْ "م ش"؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ بدو الصلاح لم يملكه4، فَأَشْبَهَ مَا يَلْتَقِطُهُ اللَّقَّاطُ مِنْ السُّنْبُلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ يَأْخُذُهُ أُجْرَةً لِحَصَادِهِ وَمَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ فِي الْعَسَلِ لِلْأَثَرِ5. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي الْمَذْهَبِ تَجِبُ، وَجَزَمَ بِهِ أبو الخطاب وجماعة "وهـ" قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ "م 6"؛ لأنه أوجبها في العسل، فيكفي بملكه6 وَقْتَ الْأَخْذِ، كَالْعَسَلِ، وَإِنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ مَا يزرعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَمَا نَبَتَ مِنْ الْمُبَاحِ فِي أَرْضِهِ، وَقُلْنَا عَلَى الْأَشْهَرِ: لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ، بَلْ يَأْخُذُهُ، أَوْ فِي مَوَاتٍ كَالْبُطْمِ وَالْعَفْصِ وَالزَّعْبَلِ وَبِزْرِ قَطُونَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَصَاحِبِ المغني والمحرر وذكر أنه
الْآدَمِيُّ، كَمَنْ سَقَطَ لَهُ حَبُّ حِنْطَةٍ فِي أَرْضِهِ أَوْ فِي أَرْضٍ مُبَاحَةٍ زَكَّاهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ وَقْتَ الْوُجُوبِ.
فصل: ولا زكاة في ذلك كله حتى يبلغ نصابا
فَصْلٌ: وَلَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَتَّى يَبْلُغَ نِصَابًا قَدْرُهُ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ والجفاف في الثمار خمسة أوسق "وم ش" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَلَا تَجِبُ فِي "1أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ 1" "هـ" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2، وَلِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ وَلُزُومِ الْإِخْرَاجِ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ لَهُ الْحَوْلُ "عِ" لِتَكَامُلِ النَّمَاءِ عِنْدَ الْوُجُوبِ. وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ نِصَابُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ رُطَبًا وعنبا، "خ" اختاره الخلال ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَشْهُورُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي الْمُذَهَّبِ يَجِبُ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ، قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمْ، الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: هَذَا الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِيمَا يَجْتَنِبُهُ مِنْ الْمُبَاحِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي اخْتَارَهُ فِي الْمُذَهَّبِ فَقَالَ فِيهِ: الْمَذْهَبُ تَجِبُ في ذلك، وجزم به
وَصَاحِبُهُ، وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَيُؤْخَذُ عُشْرُ مَا يَجِيءُ مِنْهُ، وَعَنْهُ: عُشْرُهُ يَابِسًا وَالْوَسْقُ وَهُوَ بفتح الواو وكسرها سِتُّونَ صَاعًا "ع" لِنَصِّ الْخَبَرِ1، فَيَكُونُ ثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ، وَالصَّاعُ رِطْلٌ وَسُبْعٌ دِمَشْقِيٌّ، فَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ سُبْعَهَا، يَكُنْ ثَلَاثَمِائَةٍ وَاثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ رِطْلًا وَسِتَّةَ أَسْبَاعِ رِطْلٍ بِالدِّمَشْقِيِّ، وَالرِّطْلُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا لُغَةٌ. وَسَبَقَ قَدْرُ الرِّطْلِ الْعِرَاقِيِّ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ2، وَقَدْرُ الصَّاعِ فِي آخِرِ الْغُسْلِ3، وَالْوَسْقُ وَالصَّاعُ كَيْلَانِ لَا صَنْجَتَانِ، نُقِلَ إلَى الْوَزْنِ لِيُحْفَظَ وَيُنْقَلَ4، وَالْمَكِيلُ يَخْتَلِفُ فِي الْوَزْنِ، فمنه الثقيل كالأرز والتمر، والمتوسط ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْوُجُوبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِيمَا يَنْبُتُ فِي أَرْضِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صَرِيحًا، قَالَهُ المجد. وقال القاضي أيضا في الخلاف و5 الأحكام السُّلْطَانِيَّةِ: قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا فِي الْعَسَلِ، فَيُكْتَفَى بِمِلْكِهِ وَقْتَ الأخذ كالعسل، وهو ظاهر كلام الخرقي.
كَالْحِنْطَةِ وَالْعَدَسِ، وَالْخَفِيفُ كَالشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ، وَأَكْثَرُ التَّمْرِ أَخَفُّ مِنْ الْحِنْطَةِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُكَالُ شَرْعًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى هَيْئَتِهِ غَيْرُ مَكْبُوسٍ، وَنَصَّ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالْحِنْطَةِ، أَيْ بِالرَّزِينِ مِنْ الْحِنْطَةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسَاوِي الْعَدَسَ فِي وَزْنِهِ، فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْخَفِيفِ إذَا قَارَبَ هَذَا الْوَزْنَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْكَيْلِ كَالرَّزِينِ. وَمَنْ اتَّخَذَ مَكِيلًا يَسَعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا مِنْ جَيِّدِ الْحِنْطَةِ، كَمَا سَبَقَ، ثُمَّ كَالَ بِهِ مَا شَاءَ، عَرَفَ مَا بَلَغَ حَدَّ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِهِ، نَصَّ أَحْمَدَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: يُعْتَبَرُ أَبْعَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوَزْنِ. قَالَ الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَمَتَى شَكَّ فِي بُلُوغِ قَدْرِ النِّصَابِ احْتَاطَ وَأَخْرَجَ، وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ، وَسَبَقَ: هَلْ النِّصَابُ تَحْدِيدٌ؟ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ1. وَإِنْ كَانَ الْحَبُّ يُدَّخَرُ فِي قِشْرِهِ عَادَةً لَحَفِظَهُ، وَهُوَ الْأُرْزُ وَالْعَلْسُ فَقَطْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَمَثَّلَ بَعْضُهُمْ بِهِمَا، فَنِصَابُهُمَا فِي قِشْرِهِمَا عَشْرَةُ أَوْسُقٍ، وَإِنْ صُفِّيَا فَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي ثِقَلٍ وَخِفَّةٍ، وَمَتَى شَكَّ فِي بُلُوغِ النِّصَابِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُحْتَاطَ وَيُخْرِجَ عَشْرَةً قَبْلَ قِشْرِهِ، وَبَيْنَ قِشْرِهِ وَاعْتِبَارِهِ بِنَفْسِهِ، كَمَغْشُوشِ الْأَثْمَانِ، عَلَى مَا يَأْتِي2، وَقِيلَ: يُرْجَعُ فِي نِصَابِ الْأُرْزِ إلَى أَهْلِ الخبرة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْعَلْسُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ "و" مَنْقُولٌ عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ. وَالذُّرَةُ بِقِشْرِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ. وَنِصَابُ الزَّيْتُونِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ كَيْلًا، نَقَلَهُ صَالِحٌ "وش" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: نِصَابُهُ سِتُّونَ صَاعًا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ: وَلَعَلَّهُ سَهْوٌ. وَفِي الْهِدَايَةِ: لَا نَصَّ فِيهِ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْقُطْنِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ. وَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ: هَلْ يُعْتَبَرُ بِالزَّيْتِ؟ أَوْ بِالزَّيْتُونِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ اُعْتُبِرَ بِالزَّيْتِ فَنِصَابُهُ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ كَذَا قَالَ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَيُخْرِجُ مِنْهُ، وَإِخْرَاجُ زَيْتِهِ أَفْضَلُ "وهـ ش" هَذَا الْمَشْهُورُ، وَلَا يَتَعَيَّنُ "م" لِاعْتِبَارِهِ الْأَوْسَاقَ بِالزَّيْتِ فِيمَا لَهُ زَيْتٌ، وَقِيلَ: يُخْرِجُ زَيْتُونًا، كَمَا1 لَا زَيْتَ فِيهِ، لِوُجُوبِهَا فِيهِ "م ر" وَكَدُبْسٍ عَنْ تَمْرٍ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي، عَلَى الْأَوَّلِ: وَيُخْرِجُ عُشْرَ كُسْبِهِ2، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ التِّينِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: هَلْ يُخْرِجُ مِنْ الزَّيْتُونِ أَوْ مِنْ دُهْنِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ، ويدل عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سياق كلامه، ويحتمل في1 الْأَفْضَلِيَّةَ، وَظَاهِرُهُ: لَا يَلْزَمُ إخْرَاجُ غَيْرِ الدُّهْنِ، وَإِلَّا فَلَوْ أَخْرَجَهُ وَالْكُسْبَ لَمْ يَكُنْ لِلْوَجْهِ الْآخَرِ وَجْهٌ، وَلِأَنَّ الْكُسْبَ يَصِيرُ وَقُودًا كَالتِّبْنِ، وَقَدْ يُنْبَذُ وَيُرْمَى رَغْبَةً عَنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُجْزِئُ شَيْرَجٌ عَنْ سِمْسِمٍ، وَظَاهِرُهُ كَمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْمَعَالِي، وأَنَّهُ لَوْ أخرج الشيرج والكسب أجزأ، وقد وذكر الأصحاب زكاة السمسم منه كغيره، وظاهره: لا يجزئ2 شيرج وكسب لعيبهما3، لِفَسَادِهِمَا بِالِادِّخَارِ، كَإِخْرَاجِ الدَّقِيقِ وَالنُّخَالَةِ، بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَكُسْبِهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ كَانَ الزَّيْتُونُ لَا زَيْتَ فِيهِ أُخْرِجَ حَبُّهُ، وَإِلَّا خُيِّرَ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يُخْرَجُ مِنْ دُهْنِهِ، قَالَ: وَلَا يُخْرَجُ مِنْ دُهْنِ السِّمْسِمِ وَجْهًا واحدا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنِصَابُ مَا لَا يُكَالُ كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، فِي اخْتِيَارِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي1، وَاخْتَارَ فِي الْخِلَافِ وَالْهِدَايَةِ "م 7" وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ بُلُوغُ قِيمَتِهِ قِيمَةَ أَدْنَى نَبَاتٍ يُزَكَّى، زَادَ فِي الْخِلَافِ: إلَّا الْعُصْفُرُ فَإِنَّهُ تَبَعٌ لِلْقُرْطُمِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ، فَاعْتُبِرَ بِهِ، فَإِنْ بَلَغَ الْقُرْطُمُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زَكَّى، وَتَبِعَهُ العصفر، وإلا فلا، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَنِصَابُ مَا لَا يُكَالُ، كَالْقُطْنِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ، بِالْوَزْنِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةٍ، فِي اخْتِيَارِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي، وَاخْتَارَ فِي الخلاف والهداية وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ بُلُوغُ قِيمَتِهِ قِيمَةَ2 أَدْنَى نَبَاتٍ يُزَكَّى، زَادَ فِي الْخِلَافِ: إلَّا الْعُصْفُرُ فَإِنَّهُ تبع للقرطم، انتهى. وأطلقهما في المذهب،
يزكى قليل ما لا يكال وكثيره "وش" وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالزَّعْفَرَانِ، وَلَا فَرْقَ، وَقِيلَ نِصَابُ زَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَعُصْفُرٍ خَمْسَةُ أَمْنَاءٍ، جَمْعُ مَنَا، وَهُوَ رِطْلَانِ، وَهُوَ الْمَنُّ وَجَمْعُهُ أَمْنَانٌ.
فصل: وتضم أنواع الجنس بعضها إلى بعض في تكميل النصاب
فَصْلٌ: وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ "و" فَالسُّلْتُ نَوْعٌ مِنْ الشَّعِيرِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُبُوبَ فِي صُورَتِهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَوْنُهُ لَوْنُ الْحِنْطَةِ وَطَبْعُهُ طَبْعُ الشَّعِيرِ فِي الْبُرُودَةِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، أَوْ هَلْ يُعْمَلُ بِلَوْنِهِ أَوْ طَبْعِهِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: أَنَّ السُّلْتَ يَكْمُلُ بِالشَّعِيرِ، وَقِيلَ: لَا، يَعْنِي أَنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ. وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ أَنَّ الْعَلْسَ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ، وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ وَجْهَيْنِ فِي ضَمِّ الْعَلْسِ إلَى الْحِنْطَةِ1. وَيُضَمُّ زَرْعُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ، اتَّفَقَ وَقْتُ إطْلَاعِهِ وإدراكه أو اختلف "وم ق" كما لو تقارب2 وَتُضَمُّ ذُرَةٌ حُصِدَتْ ثُمَّ نَبَتَتْ، وَلَا يَخْتَصُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ "4وَالْفَائِقِ4" وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي احْتِمَالُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالْقَاضِي "4فِي الْخِلَافِ4"، وَجَزَمَ بِهِ فِي الخلاصة، وقدمه في الحاويين.
الضَّمُّ بِمَا اتَّفَقَ زَرْعُهُ فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ مِنْ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ "ق" وَالْحَنَفِيَّةُ، وَلَا بِمَا اتَّفَقَ حَصَادُهُ فِي فَصْلٍ مِنْهَا "ق" وَتُضَمُّ ثَمَرَةُ الْعَامِ الْوَاحِدِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ "و" لِعُمُومِ الْخَبَرِ1، وَكَمَا لَوْ بَدَا صَلَاحُ إحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَى، وَسَوَاءٌ تَعَدَّدَ الْبَلَدُ أَوْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَلِعَامِلِ الْبَلَدِ الْأَخْذُ مِنْ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ "وم ش" وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، لِنَقْصِ مَا فِي وِلَايَتِهِ عَنْ نِصَابٍ، فَيُخْرِجُ الْمَالِكُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ "وهـ" وَكَذَا الْمَاشِيَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ حَيْثُ قُلْنَا بِزَكَاتِهَا. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: النَّخْلُ التِّهَامِيُّ يَتَقَدَّمُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ، فَلَوْ أَطْلَعَ وَجُذَّ، ثُمَّ أَطْلَعَ النَّجْدِيُّ، ثُمَّ لَمْ يُجَذَّ حَتَّى أَطْلَعَ التِّهَامِيُّ، ضُمَّ النَّجْدِيُّ إلَى التِّهَامِيِّ الْأَوَّلِ لَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّخْلِ يَحْمِلُ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَيَكُونُ التِّهَامِيُّ الثَّانِي ثَمَرَةَ عَامٍ ثَانٍ، قَالَ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعَامِ هُنَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، بَلْ وَقْتُ اسْتِغْلَالِ الْمُغَلِّ مِنْ الْعَامِ عُرْفًا، وَأَكْثَرُ عَادَةً نَحْوُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، بِقَدْرِ فَصْلَيْنِ، وَلِهَذَا أَجْمَعْنَا أَنَّ مَنْ اسْتَغَلَّ حِنْطَةً أَوْ رُطَبًا آخِرَ تَمُوزَ مِنْ عَامٍ، ثُمَّ عاد استغل مثله في العام المقبل أول2 تَمُوزَ أَوْ حُزَيْرَانَ لَمْ يُضَمَّا، مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمَا دُونَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَحَكَى عَنْ ابْنُ حَامِدٍ: لَا يُضَمُّ صَيْفِيٌّ إلَى شَتْوِيٍّ إذَا زُرِعَ مَرَّتَيْنِ فِي عَامٍ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ حِمْلَيْنِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ كَزَرْعِ الْعَامِ الْوَاحِدِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُضَمُّ، لِنُدْرَتِهِ، مَعَ تَنَافِي أَصْلِهِ، فهو كثمرة عام آخر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِخِلَافِ الزَّرْعِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ يَحْمِلُ بَعْضُهُ فِي السَّنَةِ حِمْلًا، وَبَعْضُهُ فِي السَّنَة حِمْلَيْنِ ضُمَّ مَا يَحْمِلُ حِمْلًا إلَى أَيِّهِمَا بَلَغَ مَعَهُ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فإلى أقربهما إليه "وش" وَفِي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ: وَفِي ضَمِّ حِمْلِ نَخْلٍ إلَى حِمْلِ نَخْلٍ آخَرَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَجْهَانِ، كَذَا قَالَ، وَلَا تُضَمُّ ثَمَرَةُ عام أو زرعه إلى آخر.
فصل: ولا يضم جنس إلى جنس آخر في تكميل النصاب
فَصْلٌ: وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى جِنْسٍ آخَرَ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ "وش هـ" وَالْحَنَفِيَّةُ كَأَجْنَاسِ الثِّمَارِ "عِ" وَأَجْنَاسِ الْمَاشِيَةِ "ع" وَعَنْهُ: تُضَمُّ الْحُبُوبُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، رَوَاهَا صَالِحٌ وَأَبُو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ، وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ إلَى الْأَوَّلِ. وَقَالَ أَيْضًا: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: يُضَمُّ، وَهُوَ أَحْوَطُ1، قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ عَنْ مَنْعِ الضَّمِّ، قدمه في المحرر وغيره، وحكاه الشيخ اختيار أَبُو بَكْرٍ، لِاتِّفَاقِهِمَا فِي قَدْرِ النِّصَابِ وَالْمُخْرَجِ، كَضَمِّ أَنْوَاعِ الْجِنْسِ. وَعَنْهُ: تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقَطَانِيُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي "وم" فَعَلَيْهَا تُضَمُّ الْأَبَازِيرُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، وَحَبُّ الْبُقُولِ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، لِتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ، فَكَذَا يُضَمُّ كُلُّ مَا تَقَارَبَ، وَمَعَ الشَّكِّ فِيهِ لا ضم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ رِوَايَةً: تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ، وَلَعَلَّهُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ، قَالَ: وَعَنْهُ: يُضَمُّ مَا تَقَارَبَ فِي الْمَنْبَتِ وَالْمَحْصَدِ "م 8" وخرج ابن عقيل ضَمَّ التَّمْرِ إلَى الزَّبِيبِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الحبوب، قال صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَلَا يُضَمُّ جِنْسٌ إلَى آخَرَ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ: تُضَمُّ الْحُبُوبُ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، نقلها صالح وأبو الحارث الميموني وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ هَانِئٍ إلَى الْأَوَّلِ. وَقَالَ أَيْضًا: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ يُضَمُّ1، وَهُوَ أَحْوَطُ، قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُهُ الرُّجُوعُ عَنْ مَنْعِ الضَّمِّ، قدمه في المحرر وغيره، وحكاه الشيخ اختيار أَبِي بَكْرٍ وَعَنْهُ: تُضَمُّ الْحِنْطَةُ إلَى الشَّعِيرِ، وَالْقَطَانِيُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي. وَعَنْهُ: يُضَمُّ مَا تَقَارَبَ فِي الْمَنْبَتِ وَالْمَحْصَدِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثَ الْأُوَلَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالزَّرْكَشِيِّ، الرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ، وَالْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، اخْتَارَهَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَصَحَّحَهَا فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْكَافِي3 وَالْهَادِي وَابْنِ تَمِيمٍ وَالنَّاظِمُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ صَحَّحَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَأَيْته صَحَّحَهَا فِي التَّعْلِيقِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ اخْتَارَهَا الْخِرَقِيِّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: يُضَمُّ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْقَاضِي فِي
الْمُحَرَّرِ: وَلَا يَصِحُّ، لِتَصْرِيحِ أَحْمَدَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُبُوبِ، عَلَى قَوْلِهِ بِالضَّمِّ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَحْفُوظِ عَنْ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ: وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَتَوَقَّفَ عَنْهُ فِي رواية صالح.
فصل: ويؤخذ الواجب من الزرع والثمرة بحسبه
فصل: ويؤخذ الواجب من الزرع والثمرة1 بِحَسَبِهِ جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا، مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ "و" وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الرَّدِيءِ عَنْ الْجَيِّدِ "و" وَلَا إلْزَامُهُ بِإِخْرَاجِ الْجَيِّدِ عَنْ الرَّدِيءِ "و" وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ حِصَّتُهُ "وهـ" اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَحَكَاهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّشْقِيصِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْقِيمَةِ، كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ: إنْ شَقَّ مِنْ كل نوع حصته لكثرة الأنواع واختلافها أخذ الوسط "م 9" "وم ش" وقيل: من. ـــــــــــــــــــــــــــــQفي المجرد وهي الصحيحة. قال الشيخ في المغني2 والشارح: قال القاضي 3: هَذَا الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى من اختارها، والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ حِصَّتُهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: مِنْ أَحَدِهِمَا بِالْقِيمَةِ، كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ، وَاخْتَارَ الْأَكْثَرُ: إنْ شق من كل نوع حصته لكثرة الأنواع وَاخْتِلَافِهَا أَخَذَ الْوَسَطَ، انْتَهَى، مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5، وَصَحَّحَهُ فِيهِمَا، وَصَحَّحَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَكْثَرِ، وَإِنْ أَخْرَجَ الْوَسَطَ عَنْ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِقَدْرِ قِيمَتَيْ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا، أَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ عَنْ الْجَيِّدِ بِالْقِيمَةِ، فَقَدْ سَبَقَ فِي آخر فصل في1 زَكَاةِ الْإِبِلِ2، وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ جِنْسٍ عَنْ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ، وَلَا مَشَقَّةَ، وَلَوْ قُلْنَا بالضم "وم"؛ لِأَنَّهُ احْتِيَاطٌ لِلْفُقَرَاءِ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ عقيل إن قلنا بالضم.
فصل: ويجب العشر
فَصْلٌ: وَيَجِبُ الْعُشْرُ "ع" فِي وَاحِدٍ مِنْ عَشْرَةٍ "ع" فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ، كَالسُّيُوحِ، وَمَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ، كَالْبَعْلِ، وَنِصْفُ الْعُشْرِ فِيمَا سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ "ع" كَدَالِيَةٍ وَهُوَ الدَّلْوُ الصَّغِيرُ وَدُولَابٍ وَنَاعُورَةٍ وَسَانِيَةٍ وَنَاضِحٍ وَهُمَا الْبَعِيرُ الَّذِي سُقِيَ عَلَيْهِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي تَرْقِيَةِ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ إلَى آلَةٍ مِنْ غَرَّافَةٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ: ولا تؤثر مؤنة حفر الأنهار ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَنَصَرَهُ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين ومختصر ابن تميم وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ41/164. 2 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 6/524.
وَالسَّوَاقِي، لِقِلَّةِ الْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ إحْيَاءِ الْأَرْضِ، وَلَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، وَكَذَا مَنْ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي السَّوَاقِي؛ لِأَنَّهُ كَحَرْثِ الْأَرْضِ. وَإِنْ اشْتَرَى مَاءَ بِرْكَةٍ أَوْ حَفِيرٍ وَسَقَى سَيْحًا فَالْعُشْرُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، لِنُدْرَةِ هَذِهِ الْمُؤْنَةِ، وَهِيَ فِي مِلْكِ الْمَاءِ لَا فِي السَّقْيِ بِهِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ نِصْفُ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ، وَأَطْلَقَ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ. وَإِنْ جَمَعَهُ وَسَقَى بِهِ فَالْعُشْرُ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْهُ فِي "1الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ 1"، وَإِطْلَاقُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ يَقْتَضِيهِ، كَعَمَلِ2 الْعَيْنِ، ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: إنْ كَانَتْ الْعَيْنُ أَوْ الْقَنَاةُ يَكْثُرُ نُضُوبُ مَائِهَا وَيُحْتَاجُ إلَى حَفْرٍ مُتَوَالٍ فَذَلِكَ مُؤْنَةٌ. وَإِنْ سُقِيَتْ أَرْضَ الْعُشْرِ بِمَاءِ الْخَرَاجِ لم يؤخذ منها وَإِنْ سُقِيَتْ أَرْضَ الْخَرَاجِ بِمَاءِ الْعُشْرِ لَمْ3 يَسْقُطْ خَرَاجُهَا، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ سَقْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَاءِ الْأُخْرَى، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. وَإِنْ سَقَى نِصْفَ السَّنَةِ بِكُلْفَةٍ، وَنِصْفَهَا بِغَيْرِهَا، وجب ثلاثة أرباع عشره، "و"4 فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ فَالْحُكْمُ لَهُ "وهـ م ش" فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ ذَلِكَ وَجَبَ الْعُشْرُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ سَقَى بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَجَبَ الْقِسْطُ "وق" فَإِنْ جَهِلَ الْقَدْرَ جُعِلَ بِكُلْفَةِ الْمُتَيَقَّنِ، وَالْبَاقِي سيحا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ مَعْنَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْأَنْفَعِ للفقير1، وَكَذَا كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ وُجُوبَ الْعُشْرِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي جَهْلِ الْقَدْرِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ، لِتَقَابُلِ الْأَمْرَيْنِ "وش" وَالِاعْتِبَارُ بِالْأَكْثَرِ فِيمَا يُغَذِّيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ أَيْضًا: بِعَدَدِ السَّقْيَاتِ، وَقِيلَ بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ، وَأَطْلَقَ ابْنُ تَمِيمٍ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. وَمَنْ لَهُ حَائِطَانِ2 ضُمَّا فِي النِّصَابِ، ولكل منهما حكم نفسه في سقيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِمُؤْنَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا سَقَى بِهِ، وَقِيلَ: يُحَلَّفُ، لَكِنْ إنْ نَكَلَ يَلْزَمُهُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فَقَطْ، قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ، فِيمَا يَظْهَرُ، وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ فِيمَا يَأْتِي، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ هَذَا وَجْهًا، كَذَا قال.
فصل: وإذا اشتد الحب وبدا صلاح الثمر
فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَبُّ وَبَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ "وم ش"؛ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِلْأَكْلِ، كَالْيَابِسِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ خَرْصِ الثَّمَرَةِ، لِحِفْظِ الزَّكَاةِ، ومعرفة قدرها، ويدل1 عَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَهُ لَزِمَتْهُ زَكَاتُهُ، وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَبَعْدَهُ فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَوْ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّةُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصَابًا لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ، وَلَوْ وَرِثَ مَنْ لا دين عليه لمديون2 لَمْ يَمْتَنِعْ بِذَلِكَ الدَّيْنِ، "و" وَلَوْ كَانَ ذلك قبل صلاح الثمر واشتداد الحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ مُرَادُهُ فِي الْخِلَافِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَانْعِقَادُ الْحَبِّ انْعَكَسَتْ الْأَحْكَامُ، وَلَا زَكَاةَ "و" إلَّا أَنْ يُقْصَدَ الْفِرَارُ مِنْهَا، فَلَا تَسْقُطُ، عَلَى مَا سَبَقَ فِي آخِرِ فَصْلِ اشْتِرَاطِ الحول، في كتاب الزكاة1، وليس وقت الوجوب ظهور الثمرة ونبات الزرع "ع"2 فَلَوْ أَتْلَفَهُ إذَنْ ضَمِنَ زَكَاتَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ في الخضراوات3 الزكاة عنده، ووافق4 أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ، أَوْ وَرِثَ عَنْهُ زَكَّاهُ الثَّانِي، وَأَوْجَبَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الزَّكَاةَ يَوْمَ الْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ، لِلْآيَةِ5. فَيُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي، لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ فِي مِلْكِهِ. وَلَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِطْلَاقُ كَلَامِهِمْ لَا سِيَّمَا الشَّيْخُ لَا يَصِحُّ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "وم" وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَصِحُّ، لِلْعِلْمِ بِهَا، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى قَدْرَهَا، وَوَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِهَا، حَتَّى لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَلْزَمَ بِهَا الْبَائِعَ، وَتُفَارِقُ إذَا اسْتَثْنَى زَكَاةَ نِصَابِ مَاشِيَةٍ، لِلْجَهَالَةِ، أَوْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِأَصْلِهِ، لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْمُشْتَرِي زَكَاتَهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْعِوَضِ الَّذِي يَصِيرُ إلَيْهِ، وَلَا يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِجَعْلِهِ فِي الْجَرِينِ وَالْبَيْدَرِ، وعنه: بتمكنه من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَدَاءِ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ1، لِلُزُومِ الإخراج إذن "و"2، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْحَبِّ مُصَفًّى، وَالتَّمْرِ يَابِسًا "و". وَفِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يُجْزِئُ رُطَبُهُ، وَقِيلَ: فِيمَا لَا يُتَمَّرُ وَلَا يُزَبَّبُ كَذَا قَالَ، وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُمَا بِمَا انْفَرَدَ بِهِ بِالتَّصْرِيحِ، وَكَذَا يُقَيِّدُ3 فِي مَوْضِعِ الْإِطْلَاقِ، وَيُطْلِقُ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ4، وَيُسَوِّي بَيْنَ شَيْئَيْنِ الْمَعْرُوفُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا وَعَكْسُهُ، فَلِهَذَا وَأَمْثَالِهِ حَصَلَ الْخَوْفُ وَعَدَمُ الِاعْتِمَادِ5، وَأَطْلَقَ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ ابْنِ بَطَّةَ: لَهُ أَنْ يُخْرِجَ رُطَبًا وَعِنَبًا وَسِيَاقُ كَلَامِهِ إذَا اعْتَبَرْنَا نِصَابِهِ كَذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ6 يُؤَدِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ لَوْ أَمْكَنَهُ، وَإِنْ أَخْرَجَ سُنْبُلًا وَعِنَبًا لَمْ يُجْزِهِ وَوَقَعَ نَفْلًا، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ السَّاعِي فَجَفَّفَهُ وَصَفَّاهُ، وَكَانَ قَدْرُ الزَّكَاةِ، فَقَدْ اسْتَوْفَى الْوَاجِبَ، وَإِلَّا أَخَذَ الْبَاقِيَ وَرَدَّ الْفَضْلَ، وَإِنْ كَانَ رُطَبًا بِحَالِهِ رَدَّهُ، وَإِنْ تَلِفَ رَدَّ مِثْلَهُ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَالَ: وَعِنْدِي إنْ أَخَذَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَلِفَ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِمِثْلِهِ، كَذَا قَالَ: وَلَوْ مَلَكَ ثَمَرَةً قبل7 صَلَاحِهَا ثُمَّ صَلُحَتْ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ كَمَنْ اشْتَرَى شَجَرَةً مُثْمِرَةً، وَشَرَطَ الثَّمَرَةَ، أَوْ قَبِلَهَا الموصى له بها، قال الشيخ: أو وهبت8 له ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثمرة "1قبل صلاحها ثم صلحت 1" بِيَدِهِ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا، لِوُجُودِ سَبَبِهِ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ صَلُحَتْ فِي مُدَّةِ خِيَارٍ زَكَّاهَا مَنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ، وَمَتَى صَلُحَتْ بِيَدِ مَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ قَصَدَ الْفِرَارَ، عَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ اشْتَرَى ثَمَرَةً قَبْلَ صَلَاحِهَا، بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى صَلُحَتْ بِيَدِهِ، فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ وَحُكْمِ زَكَاتِهِ كَلَامٌ يَأْتِي فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2، وظاهر كلامهم أو صريح بعضه3، أَنَّ صَلَاحَ الثَّمَرِ كَمَا يَأْتِي فِي الْبَيْعِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: صَلَاحُ اللَّوْزِ وَنَحْوِهِ إذَا انْعَقَدَ لبه4، والزيتون جريان الدهن5 فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَيْتٌ فَبِأَنْ يَصْلُحَ لِلْكَبْسِ. وَمَنْ لَهُ شَجَرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ ثُمَّ أَثْمَرَتْ، فَالثَّمَرَةُ لِلْوَارِثِ، وَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مَعَ الدَّيْنِ تَعَلَّقَ بِالثَّمَرِ وَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَثْمَرَتْ تَعَلَّقَ بِهَا الدَّيْنُ، ثُمَّ إنْ كَانَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِي الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَقُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مع الدين، وإلا فلا زكاة "م 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَثْمَرَتْ تَعَلَّقَ بِهَا الدَّيْنُ، ثُمَّ إنْ كَانَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَفِي الزَّكَاةِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَقُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ مَعَ الدَّيْنِ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ: عَلَى رِوَايَتَيْنِ سَبَقَتَا، إحْدَاهُمَا تَجِبُ إذَا مَاتَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ في
فصل: وإن احتيج إلى قطع ذلك بعد صلاحه
فَصْلٌ: وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاحِهِ قَبْلَ كَمَالِهِ لِخَوْفِ عَطَشٍ، أَوْ لِضَعْفِ أَصْلٍ، أَوْ لِتَحْسِينِ بَقِيَّتِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، وَلِأَنَّ حِفْظَ الْأَصْلِ أَحَظُّ، لِتَكَرُّرِ الْحَقِّ، قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنْ كَفَى التَّخْفِيفُ1 لَمْ يَجُزْ قَطْعُ الْكُلِّ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إطْلَاقٌ، وَكَذَا إنْ كَانَ رُطَبًا لَا يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ، أَوْ عِنَبًا لَا يَجِيءُ مِنْهُ زَبِيبٌ زَادَ فِي الْكَافِي2: أَوْ زَبِيبُهُ رَدِيءٌ جَازَ قَطْعُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: جَازَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَاهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَمُرَادُهُ يَجِبُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ إلَّا بِإِذْنِ السَّاعِي إنْ كَانَ. وَتَجِبُ زَكَاةُ ذَلِكَ عَمَلًا بِالْغَالِبِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْخُضَرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن، واحتمال فيما لا يتمر3 ولا يصير زبيبا، "وم ر" ثُمَّ هَلْ يُعْتَبَرُ نِصَابًا يَابِسًا مِنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، كَغَيْرِهِ أَمْ يُعْتَبَرُ رُطَبًا وَعِنَبًا؟ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَتُهُ، بخلاف ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ: لَوْ كَانَ لَهُ شَجَرٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَمَاتَ بَعْدَمَا أَثْمَرَتْ، تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِالثَّمَرَةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ، إلَّا أَنْ نَقُولَ إنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ فِي الْمَالِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وقت الوجوب، فإن قلنا لا4 تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ مَعَ الدَّيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَيْهِمْ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، انْتَهَى، فَقَطَعَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لا تجب.
غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَتَانِ "م 11" وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ الْوَاجِبَ مِنْهُ مُشَاعًا أَوْ مقسوما بعد الجذاذ، أو قبله بالخرص "وم ش"؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، فَيَتَخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ مُقَاسَمَةِ رَبِّ الْمَالِ الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْجُذَاذِ بِالْخَرْصِ، وَيَأْخُذُ نصيبهم1 شَجَرَاتٍ مُفْرَدَةً، وَبَيْنَ مُقَاسَمَتِهِ الثَّمَرَةَ بَعْدَ جَذِّهَا بِالْكَيْلِ، اخْتَارَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَصَّ أَحْمَدُ واختاره أبو بكر يلزمه أن يخرج يابسا "م 12" "خ" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يُخْرَصُ الْعِنَبُ فَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا" 2. فَلَوْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ هذه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى قَطْعِ ذَلِكَ بَعْدَ صَلَاحِهِ قَبْلَ كَمَالِهِ لِخَوْفِ عَطَشٍ وَنَحْوِهِ جَازَ وَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ إلَّا بِإِذْنِ السَّاعِي ثُمَّ هَلْ يُعْتَبَرُ نِصَابًا يَابِسًا مِنْهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، كَغَيْرِهِ أَمْ يُعْتَبَرُ رُطَبًا وَعِنَبًا؟ اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ نِهَايَتُهُ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَتَانِ، انتهى. القول الذي اختاره ابن عقيل والشيخ وَغَيْرُهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي اخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا قال المصنف، وهو قوي3 فِي النَّظَرِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَهُمَا فِي شَرْحِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ مُقَاسَمَةِ رَبِّ الْمَالِ الثَّمَرَةَ قبل الجذاذ بالخرص، ويأخذ نصيبهم4 شَجَرَاتٍ مُفْرَدَةً، وَبَيْنَ مُقَاسَمَةِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ جَذِّهَا بالكيل،
الثَّمَرَةَ ضَمِنَ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، كَغَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ، فَهَلْ يُخْرِجُ قيمته، أو يبقى في ذمته يخرجه إذا قَدَرَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي الْإِرْشَادِ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ القيمة عند تعذر الواجب "م 13" ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرَجَ يَابِسًا، انْتَهَى، الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: فَلَوْ أَتْلَفَ رَبُّ الْمَالِ هَذِهِ الثَّمَرَةَ ضَمِنَ الْوَاجِبَ فِي ذِمَّتِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا كَغَيْرِهَا، فَإِنْ لم يجده، فهل يخرج قيمته، أو يبقى فِي ذِمَّتِهِ يُخْرِجُهُ إذَا قَدَرَ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، فِي الْإِرْشَادِ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوَاجِبِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَحَكَاهَا عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ التَّمْرَ فَفِيهِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، فَيَأْتِي بِهِ، وَأَصْلُهُمَا: هَلْ يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ عِنْدَ إعْوَازِ الْفَرْضِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَدْ سَبَقَتْ، انْتَهَى. فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِصِيغَةِ قِيلَ. وَقَالَ الْمَجْدُ أيضا في شرحه. قبل الخلطة1: إذَا ثَبَتَ2 أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُجْزِئُ فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ الْفَرْضُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ، والثانية يؤخذ منه قيمته هنا،
وعلى الْأَوَّلِ: إذَا أَتْلَفَهَا رَبُّ الْمَالِ ضَمِنَ الْقِيمَةَ، كَأَجْنَبِيٍّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي1 "وم ش" وَإِنْ أَخْرَجَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ هُنَا، وَمَنَعْنَا إخْرَاجَ الْقِيمَةِ، فَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، كَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، لِمَشَقَّةِ إخْرَاجِهِ رُطَبًا، لِئَلَّا يَفْسُدَ بِالتَّأْخِيرِ، لِعَدَمِ السَّاعِي أَوْ الْفَقِيرِ "م 14" وَصَحَّحَ ابْنُ تميم ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلضَّرُورَةِ، وَدَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَالِكِ وَالْفَقِيرِ، انْتَهَى، فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ أَيْضًا. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَدَمُ الْجَوَازِ. وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، فَعَلَى هَذَا لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ إنَّهَا مِثْلُهَا، كَالْمَجْدِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُخْرَجَ يَابِسًا: لَوْ عَجَزَ عَنْ تَمْرٍ وَجَبَ عَنْ رُطَبٍ أَخْرَجَ عَنْ قِيمَةِ الرُّطَبِ، وَعَنْهُ: مَتَى وُجِدَ التَّمْرُ لَزِمَهُ، انتهى، وهي مسألتنا2. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكُبْرَى فِي مَكَان آخَرَ: وَهَلْ الْخَرْصُ لِلِاعْتِبَارِ أَوْ التَّضْمِينِ؟ قُلْت: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا لِلتَّضْمِينِ وَجَبَ مِنْ جِنْسِ مَا أُتْلِفَ، وَإِلَّا وَجَبَ قِيمَةُ الْوَاجِبِ يَوْمَ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَقُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا الصَّلَاحُ وَجَبَ قِيمَةُ الْوَاجِبِ رُطَبًا يَوْمَ أَتْلَفَهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي، فَهَلْ تَجِبُ فِي قِيمَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ؟ يَحْتَمِلُ وجهين، انتهى، قلت: الصواب عدم جواز3 إخْرَاجِ قِيمَتِهِ هُنَا أَيْضًا وَتَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخْرَجَ قِيمَةَ الْوَاجِبِ هُنَا، وَمَنَعْنَا إخْرَاجَ الْقِيمَةِ، فَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، كَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ، لِمَشَقَّةِ إخْرَاجِهِ رُطَبًا، لِئَلَّا يَفْسُدَ بِالتَّأْخِيرِ، لِعَدَمِ السَّاعِي أَوْ الْفَقِيرِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ في رعايتيه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْقَاضِي السَّابِقَ فِيمَا يَصِيرُ تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَيَأْتِي فِي آخِرِ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ1 قبيل صدقة التطوع حكم رجوع زكاته إليه.
فصل: ويستحب أن يبعث الإمام
فَصْلٌ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ خَارِصًا إذَا بدا صلاح الثمر "وم ش" لِلْأَخْبَارِ الْمَشْهُورَةِ فِي ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ في معرفة الحق بالظن، للحاجة كَغَيْرِهِ، وَأَنْكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ1 وَتَخْمِينٌ، وَإِنَّمَا كَانَ تَخْوِيفًا لِأَرْبَابِ الْأَمْوَالِ لِئَلَّا يَخُونُوا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّى أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ، وَأَنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ، وَعُلِّلَ بِالْمَشَقَّةِ وَبِغَيْرِهَا، كَذَا قَالَ. وَيَكْفِي خَارِصٌ "ق"؛ لِأَنَّهُ يُنَفِّذُ مَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ، كَحَاكِمٍ وَقَائِفٍ، فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ قَائِفٍ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا، أَمِينًا لَا يُتَّهَمُ، خَبِيرًا، وَقِيلَ: حُرًّا وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ وَاحِدٍ: لَا يُتَّهَمُ. وَلَهُ خَرْصُ كُلِّ شَجَرَةٍ مُنْفَرِدَةً، وَالْكُلُّ دفعة2، وَيَلْزَمُ خَرْصُ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ، لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقْتَ الْجَفَافِ. ثُمَّ يُعَرَّفُ الْمَالِكُ قَدْرَ الزَّكَاةِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَا يَشَاءُ وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا، وَبَيْنَ حِفْظِهَا إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ، فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الزَّكَاةَ وَتَصَرَّفَ صَحَّ تَصَرُّفُهُ، قَالَ في الرعاية: ـــــــــــــــــــــــــــــQوصاحب الحاويين، "3وظاهر كلام أكثر الأصحاب 3". والرواية الثانية يجوز.
وَكُرِهَ، وَقِيلَ: يُبَاحُ، وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ الْقَاضِي: لَا يُبَاحُ التَّصَرُّفُ، كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ الْخَرْصِ، وَأَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ ضَمِنَهَا، وَعَلَيْهِمَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أُتْلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضمن زكاتها بخرصها تمرا 1"وم ق"1؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَجْفِيفُ هَذَا الرُّطَبِ، بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَعَنْهُ: رُطَبًا فَقَطْ "وق" لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ضَمِنَ عُشْرَ قِيمَتِهَا، كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ رُطَبًا يَوْمَ التَّلَفِ، وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ2 رُطَبًا، قَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَوْ حَفِظَهَا إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ، وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أَوْ لَا، سَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ أَوْ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ تَبْيِينِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَا قَالَهُ الْخَارِصُ مَعَ تَفَاوُتِ قَدْرٍ يَسِيرٍ، يُخْطِئُ فِي مِثْلِهِ "وم" لِانْتِقَالِ الْحُكْمِ إلَى قَوْلِهِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِهِ عِنْدَ التَّلَفِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَغْرَمُ مَا لَمْ يَفْرُطْ وَلَوْ خُرِصَتْ. وَعَنْهُ: بَلَى. وَلَا زَكَاةَ لِمَا تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ قَبْلَ الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ "ع" وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ في الجرين والبيدر؛ لأنه "3لم تثبت3" اليد عليه، بدليل الرجوع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى الْبَائِعِ بِالْجَائِحَةِ، فَاسْتُصْحِبَ حُكْمُ الْعَدَمِ فِيهِ ثُمَّ إنْ بَقِيَ نِصَابٌ زَكَّاهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا فَلَا، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ إنْ لم يبق نصاب، اختار الشيخ الوجوب1 فِيمَا بَقِيَ بِقِسْطِهِ، قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ، كَتَلَفِ بَعْضِ نِصَابٍ غَيْرِ زَرْعٍ وَثَمَرٍ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ لِمَا سَبَقَ مِنْ سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ، بِخِلَافِ ثُبُوتِ الْيَدِ عَلَى نِصَابٍ وُجِدَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَصَادَفَهُ الْوُجُوبُ ثُمَّ تَلِفَ بَعْضُهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ رِوَايَةً، وَأَظُنُّ فِي الْمُغْنِي2 أَنَّهُ قَالَ: قِيَاسُ مَنْ جَعَلَ وَقْتَ الْوُجُوبِ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادَ الْحَبِّ أَنَّهُ كَنَقْصِ نِصَابٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ، على ما سبق في كتاب الزكاة3 "وم ش" وَأَبِي يُوسُفَ. وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ "و" بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ اُتُّهِمَ "م ش" نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: بِيَمِينِهِ. وَفِي دَعْوَى غَلَطٍ مُمْكِنٍ مِنْ الْخَارِصِ، فَإِنْ فَحَشَ فَقِيلَ: يُرَدُّ قَوْلُهُ، وَقِيلَ: "4ضَمَانًا كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً 4" يرد في الفاحش فقط "م 15" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى غَلَطٍ مُمْكِنٍ مِنْ الْخَارِصِ، فَإِنْ فَحَشَ، فَقِيلَ: يُرَدُّ قَوْلُهُ، وَقِيلَ ضَمَانًا كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً يُرَدُّ فِي الْفَاحِشِ فَقَطْ، انْتَهَى، لَمْ يَظْهَرْ لِي الْآنَ تَحْرِيرُ مَحَلِّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي التَّنْبِيهِ الْآتِي بَعْدَ هَذَا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَإِنْ ادَّعَى فِي الْخَرْصِ غَلَطًا يَقَعُ مِثْلُهُ عَادَةً، كَالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ، قُبِلَ
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: كَمَا لَوْ ادَّعَى كَذِبَهُ عَمْدًا لَمْ يُقْبَلْ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِنْ قَالَ إنَّمَا حَصَلَ بِيَدَيَّ كَذَا قُبِلَ مِنْهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُ، وَإِنْ كَثُرَ كَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْبَلْ، لَكِنْ إنْ قَالَ: مَا حَصَلَ فِي يَدَيَّ غَيْرُ كَذَا، قُبِلَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الكبرى: فإن ادعى ربه غلطه وأطلق1 وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ: غَلِطَ بِالسُّدُسِ وَنَحْوِهِ، صُدِّقَ، فَإِنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْهُ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ فَلَا، وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى غَلَطًا مُحْتَمَلًا قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فِي السُّدُسِ وَنَحْوِهِ صُدِّقَ، وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى مُحْتَمَلًا قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ. وَقَالَهُ أَيْضًا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ غَلَطَ الْخَارِصِ، وَكَانَ مَا ادَّعَى مُحْتَمَلًا، قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمَلًا مِثْلُ أَنْ ادَّعَى غَلَطَ النِّصْفِ وَنَحْوِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدَيَّ غَيْرُ كَذَا قُبِلَ مِنْهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، انْتَهَى. فَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ قَالُوا: حَيْثُ ادَّعَى غَلَطًا كَثِيرًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَأَطْلَقُوا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: "فَإِنْ فَحَشَ" وَقَوْلُهُ: "يُرَدُّ فِي الْفَاحِشِ" قُلْت: وَهَذَا الصَّحِيحُ، وَلَا نَعْلَمُ مَا يُنَافِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ أمانة أو ضمانا، والله أعلم. تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: ضَمَانًا كَانَتْ أَوْ أَمَانَةً. الضَّمَانُ أَنْ يَخْتَارَ التَّصَرُّفَ وَيَضْمَنَ قَدْرَ الزَّكَاةِ. وَالْأَمَانَةُ: أَنْ يَخْتَارَ حِفْظَهُمَا إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ، وَيَخْرُجُ عَنْ الْمُتَحَصِّلِ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ إذَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ ضَمَانًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرَدُّ قَوْلُهُ إذَا قُلْنَا إنَّهَا عِنْدَهُ أَمَانَةٌ إذَا فَحَشَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَا يُرَدُّ إذَا كَانَتْ ضمانا على
وَيُكَلَّفُ بَيِّنَةً فِي دَعْوَاهُ جَائِحَةً ظَاهِرَةً تَظْهَرُ عَادَةً "و" ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ "و" وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي جَائِحَةٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، ثُمَّ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ، وَأَنَّهُ إنْ ادَّعَى مَا يُخَالِفُ الْعَادَةَ لَمْ يُقْبَلْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ، وسبق قريبا1 بما يستقر ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَيَلْزَمُ عَلَى الثَّانِي أَنْ يُرَدَّ قَوْلُهُ إذَا كَانَتْ ضَمَانًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَلَا يُرَدُّ إذَا كَانَتْ أَمَانَةً عَلَى القول الأول، وهو أولى، لأن الأمين2 يَقْبَلُ قَوْلَهُ. ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا ادَّعَى غَلَطًا فَاحِشًا يَرُدُّ قَوْلَهُ مُطْلَقًا، بِحَيْثُ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةُ مَا قَالَهُ الْخَارِصُ بِأَجْمَعِهِ، وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ يَرُدُّ قَوْلَهُ فِي الْفَاحِشِ فَقَطْ، بِحَيْثُ إنَّهُ يُسْقِطُ عَنْهُ زَكَاةَ مَا دُونَ الْفَاحِشِ مِمَّا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ إذَا ادَّعَاهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الصَّوَابُ، وَفِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: تُرَدُّ فِي الْفَاحِشِ فَقَطْ، فَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ، وَفِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ: يُرَدُّ قَوْلُهُ، مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، أَيْ مُطْلَقًا، يَعْنِي فِي الْفَاحِشِ وَغَيْرِهِ، وَيَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعٍ فَبَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ صَحَّ وَضَمِنَ. وَفِي قَدْرِهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا هُوَ بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ، وَالثَّانِي هو مَا بَيْنَ مَا3 يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ، وَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ فيما إذا "4كسر مكسرا يمكن4" الِاسْتِعْلَامُ بِدُونِهِ، فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ موافق للوجه الأول في مسألة الوكالة، "5والقول الثاني موافق للوجه الثاني في الوكالة 5".
الْوُجُوبُ. وَيَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ فِي الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَال الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ، بِحَسَبِ اجْتِهَادِ السَّاعِي، بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ لَا يَتْرُكُهُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْآمِدِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ يُتْرَكُ قَدْرُ أَكْلِهِمْ وَهَدِيَّتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ بِلَا تَحْدِيدٍ، لِلْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ1، وَلِلْحَاجَةِ إلَى الْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ وَأَكْلِ الْمَارَّةِ وَالطَّيْرِ وَتَنَاثُرِ الثِّمَارِ، وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنَّمَا يُتْرَكُ فِي الْخَرْصِ إذَا زَادَتْ الثَّمَرَةُ عَنْ النِّصَابِ، فَإِنْ كَانَتْ نِصَابًا فَلَا، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَمَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالشَّافِعِيِّ: يُحْتَسَبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا أَكَلَ وأطعم، للعموم، وكما لو أتلفه عبثا2، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، بَلْ هُوَ كَالتَّلَفِ بِجَائِحَةٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ الْمَتْرُوكُ لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَدَلَّ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا لَمْ يزكه3، كما هو ظاهر كلام جماعة، وأظن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّحِيحُ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَكَالَةِ4، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا، فَكَذَا يَكُونُ فِي هَذِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعُمُومُ كَلَامِ، الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أعلم.
بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِهِ وَقَدَّمَهُ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا لَهُ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يُحْتَسَبُ من النصاب، فيكمل به، ثم يأخذ1 زَكَاةُ الْبَاقِي سِوَاهُ بِالْقِسْطِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّا قُلْنَا لَوْ بَقَّوْهُ لَأَخَذْنَا زَكَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالسَّالِمِ مِنْ شَيْءٍ أَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ، وَكَذَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُهُ. وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْخَارِصُ شَيْئًا فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ الْإِمَامُ خَارِصًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْخَرْصِ مَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي، لِيُعْرَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ قَبْلَ التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلَفٌ فِيهِ. وَلَا يُخْرَصُ غَيْرُ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ "وم ر ش"؛ لِأَنَّ النَّصَّ فِيهِمَا. وَلَا يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ "خ" وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يخرص كغيره2، كذا قال. "3ولا فرق 3". وَلَا يُخْرَصُ الْحُبُوبُ، "ع" وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ4 خَبَرَ الْخَرْصِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَرَايَا، وَإِنْ خَرَصَ5 الْخَارِصُ بِاطِّرَادِ الْعَادَةِ وَالْإِدْمَانِ كَالْمِكْيَالِ، وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ لَابَسَ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ، كَقَطْعِ الْخَبَّازِينَ الْكُبَّةَ الْعَجِينَ لَا تُرَجَّحُ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ، فَتَصِيرُ يَدُهُ كَالْمِيزَانِ، كَذَا تَصِيرُ عَيْنُ الْخَارِصِ مَعَ قَلْبِهِ وَفَهْمِهِ كَالْمِكْيَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِلْمَالِكِ الْأَكْلُ مِنْهَا هُوَ وَعِيَالُهُ بِحَسَبِ العادة، كالفريك وما يحتاجه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ولا يحتسب عَلَيْهِ، وَلَا يُهْدِي، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: أَسْقَطَ أَحْمَدُ عَنْ أَرْبَابِ الزَّرْعِ الزَّكَاةَ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْكُلُونَ، كَمَا أَسْقَطَ فِي الثِّمَارِ قَالَ: وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ فِي رِوَايَةِ المروذي، وجعل الحكم فيهما سواء وفي المجرد1 وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهِمَا: تُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَلَا يُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ "وم" وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ ظَاهِرُهُ كَلَامُهُ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ الزَّرْعِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالْحَبُّ لَيْسَ فِي مَعْنَى الثَّمَرَةِ، وَحَكَى رِوَايَةً لَا يُزَكِّي مَا يُهْدِيهِ أَيْضًا، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُزَكِّي مَا يُهْدِيهِ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَجَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ، وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ فِي تَعْلِيقِهِ: مَا يَأْكُلُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَمَا يُطْعِمُهُ جاره وصديقه يحسب عليه2، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: لَا زَكَاةَ فِيمَا يَأْكُلُهُ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ، وَفِيمَا يُطْعِمُهُ رِوَايَتَانِ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَجْهَيْنِ، وَالْخَرْصُ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا يَأْتِي فِي حَصَادِهِ. وَكَرِهَ الْإِمَامُ أُحْمَدُ الْحَصَادَ وَالْجُذَاذَ لَيْلًا. وَإِنْ تَرَكَ السَّاعِي شَيْئًا مِنْ الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ، نَصَّ عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويجب العشر على المستأجر
فَصْلٌ: وَيَجِبُ الْعُشْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ دُونَ مَالِكِ الْأَرْضِ "وم ش" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، لِلْعُمُومِ، وَلِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلزَّرْعِ، كَالْمُسْتَعِيرِ "و" دُونَ الْمُعِيرِ وَكَتَاجِرٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَلِأَنَّ فِي إيجَابِهِ عَلَى الْمَالِكِ إجْحَافًا يُنَافِي الْمُوَاسَاةَ، وَهَذَا مِنْ حُقُوقِ الزَّرْعِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إذَا لَمْ يَزْرَعْ وَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْخَرَاجِ، فَإِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ، فَلِهَذَا كَانَ خَرَاجُ الْعَنْوَةِ عَلَى رَبِّهَا "و" وَعَنْهُ: الْخَرَاجُ عَلَى المستأجر أيضا "خ". وَقِيلَ: وَعَنْهُ: وَمُسْتَعِيرِهَا، وَقِيلَ: عَلَى الْمُسْتَعِيرِ دُونَهُ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: أَرْضُ الْعُشْرِ تُؤْجَرُ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ؟ قَالَ: عَلَى الرَّقَبَةِ. وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي الْحَبِّ وَالثَّمَرِ1 إذَا سُقِيَ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ الْعُشْرُ، وَبِكُلْفَةٍ نِصْفُهُ إذَا كان الرجل يملك رقبة الأرض. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: "بَابٌ: إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا إنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ عَلَيْهِ دُونَ رَبِّ الْأَرْضِ" وَسَاقَ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّقْرِ فِي أَرْضِ السَّوَادِ يَتَقَبَّلُهَا الرَّجُلُ يُؤَدِّي وَظِيفَةَ عُمَرَ، وَيُؤَدِّي الْعُشْرَ بَعْدَ وَظِيفَةِ عُمَرَ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخَرَاجَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، قَالَ: وَقَدْ جُعِلَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُؤَجِّرِ، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ أَبُو حَفْصٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى رَجُلٍ تَقَبَّلَ أَرْضًا مِنْ السُّلْطَانِ، فَدَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْخَرَاجِ، وَجَعَلَ ذَلِكَ أُجْرَتَهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ السُّلْطَانِ بِأُجْرَةٍ، بَلْ كَانَتْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَتْ بِيَدِ مُسْلِمٍ بِالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ فَأَجَّرَهَا، فَإِنَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ الْخَرَاجُ، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا بِيَدِهِ بِأُجْرَةٍ هِيَ الْخَرَاجُ. وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ فِي الْمُزَارَعَةِ مَنْ يُحْكَمُ بِالزَّرْعِ لَهُ، وَإِنْ صَحَّتْ فَبَلَغَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا نِصَابًا زَكَّاهُ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَا الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ، وَمَذْهَبُ "هـ": رَبُّ الْأَرْضِ كَمُؤَجِّرٍ، لِثُبُوتِ الْأُجْرَةِ لَهُ، فَالْعُشْرُ عَلَيْهِ. وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ وَزَكَّاهُ، وَإِنْ تَمَلَّكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ زَكَّاهُ، وَكَذَا قِيلَ بَعْدَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ إذَنْ، وَقِيلَ: يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَيَأْتِي قَوْلٌ إنَّ الزَّرْعَ لِلْغَاصِبِ فَيُزَكِّيهِ "وش" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ "هـ" إلَّا أَنْ تَنْقُصَ الْأَرْضُ بِالزَّرْعِ، فَيَكُونُ لَهُ أُجْرَة النَّقْصِ، وَيَصِيرُ كَالْمُؤَجِّرِ عَلَى أَصْلِهِ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اسْتَعَارَ ذِمِّيٌّ أَرْضَ مُسْلِمٍ فَزَرَعَهَا فَلَا زَكَاةَ "وم ش" وَمَذْهَبُ "هـ" الْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَعَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُعِيرِ هُنَا، لِتَعَذُّرِهِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ بِفِعْلِهِ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الذِّمِّيِّ "خ" فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عُشْرٌ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عُشْرَانِ، كَقَوْلِهِمَا فِي الشِّرَاءِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ احْتِمَالٌ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالشِّرَاءِ وَفَرَّقَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ عَلَى مَا يَأْتِي بِأَنَّ مَضَرَّةَ الْإِسْقَاطِ تَتَأَبَّدُ غَالِبًا هُنَاكَ، أَمَّا هُنَا فَكَشِرَائِهِمْ مَنْقُولَ زَكَوِيٍّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْكَرَاهَةِ، وَمَعْنَى كَلَامِ الْأَكْثَرِ كَقَوْلِهِ، وَظَاهِرُهُ لَا كَرَاهَةَ، كَمَنْقُولٍ زَكَوِيٍّ، وَسَوَّى الشَّيْخِ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا فِي الْكَرَاهَةِ، وأن أحمد نص عليه، وقال: لَا تُؤَجَّرُ مِنْهُ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِالضَّرَرِ، وَأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ، ثُمَّ خَصَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ رِوَايَةَ الْمَنْعِ بِالشِّرَاءِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَتَعْطِيلُ الْعُشْرِ بِاسْتِئْجَارِ الذِّمِّيِّ الْأَرْضَ أَوْ مُزَارَعَتِهِ فِيهَا كَتَعْطِيلِهِ بِالِابْتِيَاعِ، وَمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ يُوَافِقُ قَوْلَهُ، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. وَمَنْ بِدَارِهِ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ زَكَّاهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ كَغَيْرِهَا، وَكَوْنُهَا غَيْرَ مُتَّخَذَةٍ لِلِاسْتِنْمَاءِ بِالزِّرَاعَةِ مَنَعَ أَخْذَ الْخَرَاجِ مِنْهَا، وَمَذْهَبُ "هـ" لا زكاة1 كالخراج.
فصل: ويجتمع العشر والخراج فيما فتح عنوة
فَصْلٌ: وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَكُلُّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَالْخَرَاجُ فِي رَقَبَتِهَا، وَالْعُشْرُ فِي غَلَّتِهَا "وم ش" لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ التَّمْكِينُ مِنْ النَّفْعِ، لِوُجُوبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُزْرَعْ، وَسَبَبُ الْعُشْرِ الزَّرْعُ، كَأُجْرَةِ المتجر مع زكاة التجارة، لأنهما1، بسببين مختلفين لمستحقين، فاجتمعا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ. وَمَذْهَبُ "هـ" لَا عُشْرَ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، وَلَا زَكَاةَ فِي قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ يُقَابِلُهُ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لِأَنَّهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ، وَأَنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ الْأَرْضِ، كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ، وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ الرِّوَايَاتُ1. وَمَتَى لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ، وَفِيهَا مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، كَالْخُضَرِ، جَعَلَ الْخَرَاجَ فِي مُقَابَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ. وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ حَصَادٍ وَدِيَاسٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْهُ، لِسَبْقِ الْوُجُوبِ. وَقَالَ: صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ، كَالْخَرَاجِ، وَيَأْتِي فِي مُؤْنَةِ الْمَعْدِنِ2.
فصل: ويجوز لأهل الذمة شراء الأرض العشرية
فَصْلٌ: وَيَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ في رواية "وش م ر" ثُمَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَازِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَيُكْرَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: يَمْنَعُونَ مِنْ شِرَائِهَا، اختارها الخلال وصاحبه "م 16 و 17" فعليها ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 16 - 17" قوله: "يجوز لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ فِي رِوَايَةٍ، ثُمَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَازِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَيُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: يَمْنَعُونَ مِنْ شِرَائِهَا، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ"، انْتَهَى. دَخَلَ فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 16: هَلْ يَجُوزُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب والهادي،
يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَحَكَى أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ الْحَسَنِ وَعُمَرَ بْنِ عبد العزيز: يمنعون من الشراء، فَإِنْ اشْتَرَوْا لَمْ يَصِحَّ، وَكَلَامُ شَيْخِنَا فِي "اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ" يُعْطِي أَنَّ عَلَى الْمَنْعِ لا يصح "وم ر" فَعَلَى عَدَمِ الْمَنْعِ: لَا عُشْرَ عَلَيْهِمْ "وم ر ش"؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ، فَلَا مَنْعَ، وَلَا زَكَاةَ السَّائِمَةِ وَغَيْرِهَا، وَذَكَرَ "الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصغير" أن ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا يَجُوزُ، وَيَصِحُّ1 وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ مُنَجَّى وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 17 إذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ، فَهَلْ هُوَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: مِنْهُمْ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَازِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: وَيُكْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْكَافِي3: وَيَجُوزُ وَيُكْرَهُ بَيْعُهَا5 لَهُمْ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: وَيُكْرَهُ بَيْعُهَا5 لَهُمْ، وَاقْتَصَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: يَجُوزُ، وَعَنْهُ: وَيُكْرَهُ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، "6فَذَكَرَ رِوَايَةً بِالْجَوَازِ وَرِوَايَةً بِالْكَرَاهَةِ6". والله أعلم.
إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الذِّمِّيِّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ نِصْفُ الْعُشْرِ، سَوَاءٌ اتَّجَرَ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَتَّجِرْ بِهِ، مِنْ مَالِهِ وَثَمَرِهِ وَمَاشِيَتِهِ، وَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ1. وَذَكَرَ شَيْخُنَا فِي "اقْتِضَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ" عَلَى هَذَا: هَلْ عَلَيْهِمْ عُشْرَانِ أَمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهَذَا غَرِيبٌ، وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ لَفْظِ "الْمُقْنِعِ"، وَعَلَى الْمَنْعِ عَلَيْهِمْ عُشْرَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَدَفْعَ الضَّرَرِ الْمُؤَبَّدِ عَنْ الْفُقَرَاءِ بِوُجُوبِ الْحَقِّ فِيهِ، وَكَانَ ضِعْفَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ كَمَا يَجِبُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَمُرُّونَ بِهَا عَلَى الْعَاشِرِ نِصْفُ الْعُشْرِ، ضِعْفُ الزَّكَاةِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَنْهُ: عُشْرٌ وَاحِدٌ، ذَكَرَهَا فِي الْخِلَافِ كَمَا كَانَ، لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْضِ، كَبَقَاءِ الْخَرَاجِ إذَا اشْتَرَى مُسْلِمٌ أَرْضًا خَرَاجِيَّةً مِنْ ذِمِّيٍّ، فَلَا وَجْهَ لِتَقْدِيمِ هَذَا فِي الرِّعَايَةِ، وَلَا تَصِيرُ هَذِهِ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ عُشْرٍ، كَمَا لَوْ كَانَ مُشْتَرِيهَا مُسْلِمًا، وَمَذْهَبُ "هـ" تَصِيرُ خَرَاجِيَّةً أَبَدًا، وَلَوْ أَسْلَمَ رَبُّهَا أَوْ مَلَكَهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُنَافِي الْخَرَاجَ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ بَنِي تَغْلِبَ جَازَ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، خَرَاجِيَّةً كَانَتْ أَوْ عُشْرِيَّةً، وَلَزِمَهُ الْعُشْرَانِ "و" كَالْمَاشِيَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي أَوْ بَاعَهَا مُسْلِمًا سَقَطَ عُشْرٌ وَبَقِيَ عُشْرُ الزَّكَاةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ، لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ بِحُكْمِ2 الْكُفْرِ، لِحَقْنِ الدم، فأشبه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِزْيَةَ، وَلِأَنَّهُ مِنْ حَقِّ الزَّرْعِ، فَأَشْبَهَ بَقِيَّةَ أَمْوَالِهِمْ، وَمَذْهَبُ "هـ" الْحُكْمُ كَمَا كَانَ، كَالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1، وَكَذَا مَذْهَبُهُ إنْ بَاعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ، وَعِنْدَنَا لَا شيء فيها كما لو باعه ماشيته2، وَلَنَا وَجْهٌ فِي الْخَارِجِ مِنْهَا عُشْرَانِ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْحَاضِرِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثَمَرٌ صَلَاحُهُ بَادٍ أَوْ زَرْعٌ مُشْتَدٌّ بَقِيَ الْعُشْرَانِ عَلَى بَائِعِهِ، وَيَسْقُطَانِ بِالْإِسْلَامِ "هـ ش" كَسُقُوطِ جِزْيَةِ الرُّءُوسِ "ش" وَجِزْيَةُ الْأَرْضِ وَهُوَ خَرَاجُهَا بِالْإِسْلَامِ "هـ" وَلَمْ يَكُنْ وَقْتُ الْوُجُوبِ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: لا يسقط أحدهما بالإسلام "وهـ ش" وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الذِّمِّيُّ هَذِهِ الْأَرْضَ، فَقَدْ سبق في الفصل قَبْلَهُ3، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ بَيْعُهُ مَنْقُولًا زَكَوِيًّا، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْإِجَارَةِ لَا سِيَّمَا الْكَرَاهَةَ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهَا، وَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ4 بَيْعُهُ وَإِيجَارُهُ عَقَارًا وَمَنْقُولًا، وَفِيمَا مَلَكَهُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ الرِّوَايَتَانِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، وَمَصْرَفُ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى ذِمِّيٍّ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ، وَأَلْحَقَهُ ابْنُ البنا في شرحه5 بالأرض العشرية.
فصل: والأرض الخراجية
فَصْلٌ: وَالْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ، وَمَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا معهم بالخراج؛ "1لا أن1" غَيْرَ السَّوَادِ لَا خَرَاجَ فِيهِ "ش"وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ مَا أَسْلَمَ عَلَيْهَا أَهْلُهَا، نَقَلَهُ حَرْبٌ، كَالْمَدِينَةِ وَنَحْوِهَا، وَمَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ، نَقَلَهُ أَبُو الصَّقْرِ، كَالْبَصْرَةِ، وَمَا صُولِحَ أَهْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَهُمْ بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عَلَيْهِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، كَأَرْضِ الْيَمَنِ، وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَقُسِمَ، كَنِصْفِ خَيْبَرَ، قسمه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَكَذَا مَا أَقْطَعَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ3، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ "وم ش" وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، قَالَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ. قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: وَالْأَرْضُونَ الَّتِي يَمْلِكُهَا أَرْبَابُهَا لَيْسَ فِيهَا خَرَاجٌ، مِثْلُ هَذِهِ الْقَطَائِعِ الَّتِي أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي السَّوَادِ لِسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابٍ4، قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ فِي قَطَائِعِ السَّوَادِ خَرَاجًا، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَقْطَعَهُمْ5 مَنَافِعَهَا وَخَرَاجَهَا وَلِلْإِمَامِ أَنْ يُسْقِطَ الْخَرَاجَ، عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْأَرْضَ بَلْ أُقْطِعُوا الْمَنْفَعَةَ، وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ، وَقَدْ قَالَ: مَا فَعَلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ وَقْفٍ أَوْ قِسْمَةٍ، أَوْ الأئمة بعده، فليس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَلَا تَغْيِيرُهُ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ: إنَّ حُكْمَ إقْطَاعِهِ حُكْمُ الْبَيْعِ، فَيَجُوزُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَوْ بِفِعْلِ الْإِمَامِ لِمَصْلَحَةٍ، أَوْ بِإِذْنِهِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ. وَمَا سَبَقَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَيْسَ فِيهِ نَقْضٌ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ نَصِّ أَحْمَدَ، وَيَأْتِي ذَلِكَ، وَحُكْمُ مَكَّةَ فِي حُكْمِ الْأَرْضِ الْمَغْنُومَةِ مِنْ الْجِهَادِ1 إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَيَانُ أَرْضِ الصُّلْحِ وَأَرْضِ العنوة. والمراد أن2 الْعُشْرِيَّةَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوضَعَ عَلَيْهَا خَرَاجٌ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّقْرِ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَوَاتًا فِي غَيْرِ السَّوَادِ فَلِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِ فِيهَا الْعُشْرُ، لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنَّ الْعُشْرَ وَالْخَرَاجَ يَجْتَمِعَانِ فِي الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ، كَمَا سَبَقَ، فَلِهَذَا لَا تَنَافِيَ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي الْمُغْنِي وَالرِّعَايَةِ: الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ هِيَ الَّتِي لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا، وَقَوْلُ غَيْرِهِ: مَا يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ خَرَاجِيَّةً أَوْ غَيْرَ خَرَاجِيَّةٍ، وَجَعَلَهَا أَبُو الْبَرَكَاتِ بْنُ الْمُنَجَّى قَوْلَيْنِ، وَإِنَّ قَوْلَ غَيْرِ الشَّيْخِ ظَاهِرٌ في هذا، والله أعلم.
فصل: ولا خلاف في وجوب العشر في أرض الصلح
فَصْلٌ: وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْعُشْرِ فِي أَرْضِ الصُّلْحِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَجُوزُ بَقَاءُ أَرْضٍ بِلَا عُشْرٍ وَلَا خَرَاجٍ، بِالِاتِّفَاقِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، فَيُخْرِجُ مَنْ أَقْطَعَ أَرْضًا بِأَرْضِ مِصْرَ أَوْ غَيْرِهَا الْعُشْرَ، وَالْمُرَادُ إلَّا أَرْضَ الذِّمِّيِّ، فَإِنَّهُ لَوْ جَعَلَ دَارِهِ بُسْتَانًا أَوْ مَزْرَعَةً، أَوْ رَضَخَ الْإِمَامُ لَهُ أَرْضًا مِنْ الْغَنِيمَةِ، أَوْ أَحْيَا مَوَاتًا، وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهَا، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: فِيهَا العشر ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَرَاجَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ عَنْ أَرْضِ مُسْلِمٍ، كَخَرَاجِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَوْ لِكُفْرِهِ لِحَقْنِ دَمِهِ، كَجِزْيَةِ الرُّءُوسِ، فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ وَالِالْتِزَامُ، وَمَذْهَبُ "هـ" عَلَيْهَا الْخَرَاجُ، لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ، وَمَتَى أَسْلَمَ أَوْ مَلَكَهَا مُسْلِمٌ فَهِيَ عُشْرِيَّةٌ عِنْدَنَا، وعنده الخراج بحاله، كخراج العنوة. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وإن باع أو آجر مسلم داره من كافر
فَصْلٌ: وَإِنْ بَاعَ أَوْ آجَرَ مُسْلِمٌ دَارِهِ مِنْ كَافِرٍ فَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا تُبَاعُ، يُضْرَبُ فِيهَا بِالنَّاقُوسِ وَيُنْصَبُ فِيهَا الصُّلْبَانُ؟ وَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَشَدَّدَ فِيهِ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا أَرَى ذَلِكَ، يَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلَيَّ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ إجَارَتِهَا مِنْ ذِمِّيٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْرَبُ فِيهَا الْخَمْرَ وَيُشْرِكُ فِيهَا، فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لَا يُكْرِي إلَّا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، يَقُولُ: نُرَغِّبُهُمْ، قِيلَ لَهُ: كَأَنَّهُ أَرَادَ إذْلَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِهَذَا قَالَ: لَا، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُرَغِّبَ الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلَ يَعْجَبُ مِنْ ابْنِ عَوْنٍ، وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا: يُكْرِي الْمَجُوسِيَّ دَارِهِ أَوْ دُكَّانَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَزْنُونَ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لَا يَرَى أَنْ يُكْرِيَ الْمُسْلِمَ يَقُولُ: أُرَغِّبُهُمْ بِأَخْذِ الْغَلَّةِ، وَيُكْرِي غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْخَلَّالُ: كُلُّ مَنْ حَكَى عَنْهُ فِي الْكِرَاءِ: فَإِنَّمَا أَجَابَ على فعل1 ابن عون، ولم ينفذ2 لَهُ فِيهِ قَوْلٌ، وَقَدْ رَوَاهُ إبْرَاهِيمُ مُعْجَبًا بقول ابن عون، والذي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رووا عَنْهُ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ كَرِهَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً، فَلَوْ نُقِلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَوْلٌ فِي السُّكْنَى كَانَ السُّكْنَى وَالْبَيْعُ عِنْدِي وَاحِدًا، وَالْأَمْرُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ لَا تُبَاعُ مِنْهُ، وَالْأَمْرُ عِنْدِي لَا تُبَاعُ مِنْهُ وَالْأَمْرُ "1عِنْدِي لَا تُبَاعُ مِنْهُ 1" وَلَا تُكْرَى؛ لِأَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، ثُمَّ رَوَى الْخَلَّالُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ2 قَالَ لِأَحْمَدَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ3: سَمِعْت أَبَا خَالِدٍ الْأَحْمَرَ4 يَقُولُ: حَفْصٌ5 بَاعَ دَارَ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَابِدِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ عَوْنٍ الْبَصْرِيِّ6، فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ: حَفْصٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَعَجِبَ أَحْمَدُ، يَعْنِي مِنْ حَفْصِ بْنِ غَيَّاثٍ، قَالَ الْخَلَّالُ: وَهَذَا تَقْوِيَةٌ لِمَذْهَبِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَإِذَا كَانَ يَكْرَهُ بَيْعَهَا مِنْ فَاسِقٍ فَكَذَلِكَ مِنْ كَافِرٍ، فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يُقَرُّ، وَالْفَاسِقُ لَا يُقَرُّ، وَلَكِنْ مَا يَفْعَلُهُ الذِّمِّيُّ فِيهَا أَعْظَمَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ عِنْدَهُ، فَإِذَا أَجَازَ الْبَيْعَ أَجَازَ الْإِجَارَةَ وَإِذَا مَنَعَ الْبَيْعَ مَنَعَ الْإِجَارَةَ، قَالَ شَيْخُنَا وَوَافَقَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عَلَى ذَلِكَ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَبِيعَ، دَارِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فِيهَا وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ وَكَذَا قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ أَوْ بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ بَيْتَ نَارٍ أَوْ كَنِيسَةً، أَوْ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ سَوَاءٌ شَرَطَ أَنْ يَبِيعَ فِيهِ الْخَمْرَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ، لَكِنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ مِنْ كَافِرٍ يَكْفُرُ فِيهَا، يَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلَيَّ. وَقَالَ أَيْضًا فِي نَصَارَى وَقَفُوا ضَيْعَةً لَهُمْ لِلْبِيعَةِ: لَا يَسْتَأْجِرُهَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ، يُعِينُهُمْ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ، قَالَ شَيْخُنَا: فَقَدْ حَرَّمَ الْقَاضِي إجَارَتَهَا لِمَنْ يعلم أنه يبيع فيها الخمر، مستشهدا على ذَلِكَ بِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا لِكَافِرٍ، وَلَا يَكْتَرِي وَقْفَ الْكَنِيسَةِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَنْعُ تَحْرِيمٍ، قَالَ الْقَاضِي فِي أَثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ قَدْ أَجَازَ أَحْمَدُ إجَارَتَهَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِيهَا؟ قِيلَ: الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ حَكَى قَوْلَ ابْنِ عَوْنٍ وَعَجِبَ مِنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجَوِّزُ إجَارَتَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ جَوَازُ ذَلِكَ، فَإِنَّ إعْجَابَهُ بِالْفِعْلِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَهُ، وَاقْتِصَارُهُ عَلَى الْجَوَابِ بِفِعْلِ رَجُلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَذْهَبُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَنَّ مَا فِي الْإِجَارَةِ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِعَانَةِ عَارَضَتْ مَصْلَحَةً، وهي صرف إرعاب المطالبة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْكِرَاءِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَإِنْزَالُهُ بِالْكُفَّارِ، كَإِقْرَارِهِ بِالْجِزْيَةِ، فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لِكَافِرٍ، لَكِنْ جَازَ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَلِذَلِكَ جَازَتْ مُهَادَنَةُ الْكُفَّارِ فِي الْجُمْلَةِ، وَهَذِهِ الْمَصْلَحَةُ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْبَيْعِ، قَالَ: فَيَصِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَخُصَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ كَالشَّيْخِ وغيره الجواز "م 18" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ أَوْ آجَرَ مُسْلِمٌ دَارِهِ مِنْ كَافِرٍ، فَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا تُبَاعُ، يُضْرَبُ فِيهَا بِالنَّاقُوسِ وَيُنْصَبُ فِيهَا الصُّلْبَانُ؟ وَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ وَشَدَّدَ فِيهِ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا أَرَى ذَلِكَ، يَبِيعُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَحَبُّ إلَيَّ، قَالَ الْخَلَّالُ: الْأَمْرُ عِنْدِي لَا تُبَاعُ مِنْهُ وَلَا تُكْرَى، لِأَنَّهُ مَعْنًى وَاحِدٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَإِذَا مَنَعَ الْبَيْعَ مَنَعَ الْإِجَارَةَ، قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عَلَى ذَلِكَ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: كَرِهَ أَحْمَدُ أَنْ يَبِيعَ دَارِهِ مِنْ ذِمِّيٍّ يَكْفُرُ فِيهَا وَيَسْتَبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ، وَكَذَا قَالَ الْآمِدِيُّ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهَا، وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ تَحْرِيمُ ذَلِكَ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ دَارِهِ أَوْ بَيْتَهُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ بَيْتَ نَارٍ أَوْ كَنِيسَةً أَوْ يَبِيعُ فِيهِ الْخَمْرَ. قَالَ شَيْخُنَا: فَقَدْ حرم القاضي إجارتها لمن يعلم أنه يبيع فِيهَا الْخَمْرَ، مُسْتَشْهِدًا عَلَى ذَلِكَ بِنَصِّ أَحْمَدَ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ عِنْدَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مَنْعُ تَحْرِيمٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يَخُصَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ الْجَوَازُ، انْتَهَى، قُلْت: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَدْ اسْتَشْهَدَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِمَسَائِلَ، وَمَالَ إلَيْهِ، والله أعلم.
كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَكْثَرِ فِيمَا إذَا مَلَكُوا دَارًا عَالِيَةً مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ تُنْقَضْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ فِي تَخْصِيصِ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ بِالذِّكْرِ جَوَازُ غَيْرِهَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَلْبُوسَ يَكْفُرُ فِيهِ الذِّمِّيُّ وَيَعْصِي، فَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ الْمَنْعُ تَحْرِيمًا أَوْ كَرَاهَةً، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى الْيَوْمِ يُبَاعُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ شَائِعًا، لَمْ يَتَوَرَّعْ مِنْهُ أَحَدٌ، وَكَالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا مَحَلُّ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ، قِيلَ: الْغَرَضُ فِي غَيْرِهَا، مَعَ أَنَّ الْمَلْبُوسَ لَا بُدَّ منه، وكذا الإيواء وَالسَّكَنُ، وَإِنْ قِيلَ: هُوَ كَمَسْأَلَتِنَا، قِيلَ هَذَا مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ: لَا نَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَجُوسِ: لَا تَبْنِ لَهُمْ، وَقَالَ لَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ الرَّجُلِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ لِنِظَارَةِ كَرْمِ النَّصَارَى، فَكَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الْخَمْرِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُبَاعُ لِغَيْرِ الْخَمْرِ فَلَا بَأْسَ. وَيَتَوَجَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّهُ فِي اسْتِئْجَارِ وَقْفِ الْكَنِيسَةِ، وَقَوْلُهُ: "إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يُبَاعُ لِغَيْرِ الْخَمْرِ"، لَيْسَ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: ويجب في العسل العشر
فَصْلٌ: وَيَجِبُ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ مَوَاتٍ أَمْ مِنْ مِلْكِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: أَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ، قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: الْعَسَلُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ أَوْ الْعُشْرِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْعُشْرُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ، وَلَوْ مِنْ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ "هـ" لِعَدَمِ اجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ عِنْدَهُ. وَمَذْهَبُ "م هـ ش" لَا شَيْءَ فِيهِ. احْتَجَّ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِخَبَرِ أَبِي سَيَّارَةَ الْمُتَعِيِّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ1، رَوَاهُ عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى الْأَشْدَقُ2 وَلَمْ يُدْرِكْهُ مَعَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ فَإِنَّ عِنْدَهُ مَنَاكِيرَ كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَبِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُشُورِ نَخْلِهِ، وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ سَلَبَةُ، فَحَمَى لَهُ ذَلِكَ الْوَادِيَ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَتَبَ إلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ وَهْبٍ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إلَيْهِ: إنْ أَدَّى إلَيْك مَا كَانَ يُؤَدِّي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عُشُورِ نَخْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَهُ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا هُوَ ذُبَابُ غَيْثٍ يَأْكُلُهُ مَنْ يَشَاءُ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3 وَغَيْرُهُمَا، وَعَمْرٌو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فِيهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ لِلْمُحَدِّثِينَ. وَقَالَ أحمد: ربما احتججنا به. وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَيْضًا: لَهُ مَنَاكِيرُ، يُكْتَبُ حَدِيثُهُ يُعْتَبَرُ بِهِ، أَمَّا أَنْ يَكُونَ حُجَّةً فَلَا، وَرَوَاهُ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ الْمِصْرِيُّ، وَهُوَ إمَامٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: رَأَيْت لَهُ مَنَاكِيرَ,. وَلِأَبِي دَاوُد1 هَذَا الْمَعْنَى بِإِسْنَادَيْنِ آخَرَيْنِ إلَى عَمْرٍو، وَفِيهِمَا مَقَالٌ، وَفِيهِمَا: "مِنْ كُلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبَةٌ"، ثُمَّ يَتَوَجَّهُ مِنْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْأَدَاءَ لِأَجْلِ الْحِمَى صُلْحًا أَوْ عِوَضًا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمَرَ بِالْحِمَى إنْ أَدَّى الْعُشْرَ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مُطْلَقًا، وَلَوْ أَخَذَ الْعُشْرَ مُطْلَقًا لَكَانَ دَفْعُهُ مَعَ الْحِمَى أَصْلَحَ لِهِلَالٍ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُ، وَأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَجْلِ الْحِمَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَأَمَّا أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّمَا احْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنَّهُمْ تَطَوَّعُوا بِهِ، قَالَ: لَا، بَلْ أَخَذَ مِنْهُمْ، وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ عِنْدَهُ فِي خَبَرٍ مَرْفُوعٍ فِي ذَلِكَ، لِضَعْفِ إسْنَادِهِ أَوْ دَلَالَتِهِ، أَوْ لَهُمَا. وَكَذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ: إنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَقَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِحَّتِهِ وَصِحَّةِ دَلَالَتِهِ، ثُمَّ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِأَخْذِ الْعُشْرِ مُطْلَقًا، فَيَتَعَارَضُ قَوْلَاهُ، ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ إجْمَاعًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الصَّحَابَةِ، وَلَا حُجَّةَ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ، ثُمَّ فِي الِاحْتِجَاجِ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ رِوَايَتَانِ، أَشْهَرُهُمَا يَحْتَجُّ بِهِ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا وَغَيْرَهُ ظَهَرَ لَهُ ضَعْفُ الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا زَكَاةَ فِيهِ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ، وسبق قول القاضي في الثمر1 يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُبَاحِ يُزَكِّيهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْعَسَلِ، فَقَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ، فَدَلَّ أَنَّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا زَكَاةَ فِي الْعَسَلِ مِنْ الْمُبَاحِ عِنْدَ أَحْمَدَ، كَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدْ اعْتَرَفَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَمَا سَبَقَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، لَوْلَا الْأَثَرُ. فَيُقَالُ: قَدْ تَبَيَّنَ الْكَلَامُ فِي الْأَثَرِ، ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى تَسَاوَيَا فِي الْحُكْمِ، وترك القياس، كما تعدى في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: فَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الشَّجَرِ، كَالْمَنِّ1 والترنجبين2 والشيرخشك3 وَشَبَهِهَا، وَمِنْهُ اللَّاذَنُ وَهُوَ طَلٌّ وَنَدًى يَنْزِلُ عَلَى نَبْتٍ تَأْكُلُهُ الْمِعْزَى، فَتَتَعَلَّقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ بِهَا فَيُؤْخَذُ فِيهِ الْعُشْرُ، كَالْعَسَلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: لَا عُشْرَ فِيهِ، لِعَدَمِ النَّصِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ "م 19" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قال صاحب المحرر: إن قصة هلال المذكورة ترد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الْعَسَلِ وَأَنَّهُ هَلْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَمْ لَا، وَمَالَ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ، قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَفَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ، لَوْلَا الْأَثَرُ، فَيُقَالُ: قَدْ تَبَيَّنَ الْكَلَامُ فِي الْأَثَرِ، ثُمَّ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْمَعْنَى تَسَاوَيَا فِي الْحُكْمِ وَتَرْكِ الْقِيَاسِ يَعْنِي بِكَلَامِهِ هَذَا لِأَجْلِ تَخْرِيجِ قَوْلٍ آخَرَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْعَسَلِ قَالَ كَمَا تَعَدَّى فِي الْعَرَايَا إلَى بَقِيَّةِ الثِّمَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: فَمَا يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ عَلَى الشَّجَرِ كَالْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك وَشَبَهِهَا وَمِنْهُ اللَّاذَنُ، وَهُوَ طَلٌّ وَنَدًى يَنْزِلُ عَلَى نَبْتٍ تَأْكُلُهُ الْمِعْزَى، فَتَتَعَلَّقُ تِلْكَ الرُّطُوبَةُ بِهَا، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ، كَالْعَسَلِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: لَا عُشْرَ فِيهِ، لِعَدَمِ النَّصِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ فِيمَا يَخْرُجُ من البحر، انتهى كلام المصنف،
هَذَا؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخَذَهُ مِنْ عَسَلٍ فِي وَادٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْطَاعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُبَاحِ، فَيُقَالُ: الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ فِي الْعَسَلِ بَيْنَ أَخْذِهِ مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ النَّحْلُ مَمْلُوكًا، كَقِصَّةِ هِلَالٍ، فَالْعَسَلُ نَمَاؤُهُ تَابِعٌ لَهُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُجْنَى مِنْ أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ، أَوْ مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ عِنْدَهُ. وَلَا زَكَاةَ فِي قَلِيلِهِ "هـ" وَيُعْتَبَرُ فِيهِ نِصَابٌ قَدْرُهُ عَشْرَةُ أَفْرَاقٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، رَوَاهُ الْجُوزَجَانِيُّ عن عُمَرَ1. وَسَبَقَ قَوْلٌ فِي نِصَابِ الزَّيْتِ خَمْسَةُ أَفْرَاقٍ، فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مَا يُقَدَّرُ بِهِ فِيهِ، فَاعْتُبِرَ خَمْسَةُ أَمْثَالِهِ كَالْوَسْقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمَنِّ والترنجبين والشيرخشك ونحوه2 تَقْدِيمُ حُكْمٍ عَلَى آخَرَ، مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ، فَهُوَ فِي حُكْمِ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مَعَ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ، فِي مَسْأَلَةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا مَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْعَسَلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ تَجِبُ فِيهِ، كَالْعَسَلِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرُهُمْ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ على كلام ابن عقيل،
وَالْفَرَقُ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقِيلَ: وَبِسُكُونِهَا، سِتَّةَ عَشْرَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً، وَهُوَ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَثَعْلَبٌ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ خَبَرُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ1 فِي الْفِدْيَةِ، وَحَمْلُ كَلَامِ عُمَرَ فِي الْمُتَعَارَفِ بِبَلَدِهِ أَوْلَى. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي عَشْرَةِ أَفْرَاقٍ فَرَقٌ، وَالْفَرَقُ سِتَّةَ عَشْرَ رِطْلًا، وَهَذَا ظَاهِرُ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْخِلَافِ: الْفَرَقُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: هُوَ سِتُّونَ رِطْلًا عِرَاقِيَّةً وَأَمَّا الْفَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاءِ فَمِكْيَالٌ ضَخْمٌ مِنْ مَكَايِيلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَهُ الْخَلِيلُ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ: يَسَعُ مِائَةً وَعِشْرِينَ رِطْلًا. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا قَائِلَ بِهِ هُنَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا، وَحَكَى قَوْلَ: مِائَةٌ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ، وَقِيلَ: نِصَابُهُ أَلْفُ رِطْلٍ عِرَاقِيَّةً، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2، نَقَلَ أَبُو دَاوُد مِنْ عَشْرِ قِرَبٍ قربة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فِيهِ وَجْهَانِ، أَشْهَرُهُمَا الْوُجُوبُ، وَقِيلَ: عَدَمُهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. فَهَذِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَ مُعْظَمُهَا، فَلِلَّهِ الحمد.
فصل: ومن زكى ما سبق في هذا الباب من المعشرات مرة فلا زكاة فيه بعد ذلك
فَصْلٌ: وَمَنْ زَكَّى مَا سَبَقَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْمُعَشَّرَاتِ مَرَّةً فَلَا زَكَاةَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ "وَ" خِلَافًا لِلْحَسَنِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُرْصَدٍ لِلنَّمَاءِ، فَهُوَ كَالْقِنْيَةِ، بَلْ أَوْلَى، لِنَقْصِهِ بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ وَقْتِ وُجُوبِ إخْرَاجِ عُشْرِهِ "م"؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ كَالْمَعْدُومَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَعْتَبِرْهَا، وَأَوْجَبَ الْعُشْرَ، وَإِذَا انْتَهَى وُجُوبُ الْعُشْرِ فَنَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَالرِّوَايَتَانِ فِي عرض قنية نوى به التجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وتضمين أموال العشر والخراج باطل
فَصْلٌ: وَتَضْمِينُ أَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بَاطِلٌ نَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ، وَعَلَّلَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ ضَمَانَهَا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي تَمَلُّكِ مَا زاد وغرم ما نقص، وهذا مناف لموضوع1 الْعِمَالَةِ وَحُكْمِ الْأَمَانَةِ، سُئِلَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْقَبَالَاتُ رِبًا2 قَالَ: هُوَ أَنْ يَتَقَبَّلَ بِالْقَرْيَةِ وَفِيهَا الْعُلُوجُ3 وَالنَّخْلُ، فَسَمَّاهُ رِبًا، أَيْ فِي حُكْمِهِ فِي الْبُطْلَانِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إيَّاكُمْ وَالرِّبَا، أَلَا وَهِيَ الْقَبَالَاتُ، أَلَا وَهِيَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ4، قال أهل اللغة: القبيل: الكفيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْعَرِيفُ، وَقَدْ قَبَلَ بِهِ: يَقْبِلُ وَيَقْبُلُ قَبَالَةً، وَنَحْنُ فِي قَبَالَتِهِ، أَيْ فِي عِرَافَتِهِ، وَاَللَّهُ سبحانه أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زكاة الذهب والفضة
باب زكاة الذهب والفضة مدخل ... باب زكاة الذهب والفضة وَبَيَانِ حُكْمِ الْمَصُوغِ، وَالتَّحَلِّي بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ تَجِبُ زَكَاةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ "ع" وَيُعْتَبَرُ النِّصَابُ "ع" فَنِصَابُ الذَّهَبِ عِشْرُونَ مِثْقَالًا "وَ" وَالْمِثْقَالُ دِرْهَمٌ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَنِصَابُ الْفِضَّةِ مِائَتَا دِرْهَمٍ "ع" وَفِيهِمَا رُبْعُ الْعُشْرِ "ع" وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ1. وَالِاعْتِبَارُ بِالدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ الَّذِي وَزْنُهُ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، وَالْعَشَرَةُ سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ "وَ" وَكَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ صِنْفَيْنِ: سُودًا، الدِّرْهَمُ مِنْهَا ثَمَانِيَةُ دَوَانِيقَ، وَطَبَرِيَّةٌ، الدِّرْهَمُ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَوَانِيقَ، فَجَمَعَهَا بَنُو أُمَيَّةَ وَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِيقَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَذَكَرَ دَرَاهِمَ بِالْيَمَنِ صِغَارًا الدِّرْهَمُ مِنْهَا دَانَقَانِ وَنِصْفٌ، فَقَالَ: تُرَدُّ إلَى الْمَثَاقِيلِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَمَّنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَزْنُهُ دِرْهَمٌ سَوَاءٌ، وَشَيْءٌ وَزْنُهُ دَانَقَانِ، وَهِيَ تُخَرَّجُ فِي مَوَاضِعَ، ذَا مَعَ وَزْنِهِ وَذَا مَعَ نُقْصَانِهِ، عَلَى الْوَزْنِ سَوَاءٌ؟ فَقَالَ: يَجْمَعُهَا جَمِيعًا ثُمَّ يُخْرِجُهَا عَلَى سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: قَدْ اصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى دَرَاهِمِنَا وَدَنَانِيرِنَا هَذِهِ، وَالدَّنَانِيرُ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَيُزَكِّي الرَّجُلُ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ مِنْ دَرَاهِمِنَا هَذِهِ، فَيُعْطِي مِنْهَا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ الدَّرَاهِمِ السُّودِ، فَقَالَ: إذَا حَلَّتْ الزَّكَاةُ فِي مِائَتَيْنِ مِنْ دَرَاهِمِنَا هَذِهِ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَأَخَذَ بِالِاحْتِيَاطِ، فَأَمَّا الدِّيَةُ فَأَخَافُ عَلَيْهِ، وَأَعْجَبَهُ فِي الزَّكَاةِ أَنْ يُؤَدِّيَ مِنْ مِائَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ. وَإِنْ كَانَ عَلَى رَجُلٍ دِيَةٌ أَنْ يُعْطِيَ السُّودَ الْوَافِيَةَ، وَقَالَ: هَذَا كَلَامٌ لَا تَحْتَمِلُهُ الْعَامَّةُ، قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ وَزْنَهُ سَبْعَةَ مَثَاقِيلَ فِي الزَّكَاةِ، وَالْخَرَاجُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَاعْتُبِرَ فِي الدِّيَةِ أَوْفَى مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الشِّفَاءِ الْمَالِكِيُّ: لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأُوقِيَّةُ وَالدَّرَاهِمُ مَجْهُولَةً زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي أَعْدَادٍ مِنْهَا، وَتَقَعُ بِهَا الْبِيَاعَاتُ وَالْأَنْكِحَةُ، كَمَا فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ1، وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً إلَى زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاءِ، وَجَعَلَ وَزْنَ الدِّرْهَمِ سِتَّةَ دَوَانِيقَ قَوْلٌ بَاطِلٌ، وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ، وَعَلَى صِفَةٍ لَا تَخْتَلِفُ، فَرَأَوْا صَرْفَهَا إلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ وَنَقْشِهِ، فَجَمَعُوا أَكْبَرَهَا وَأَصْغَرَهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنِهِمْ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الدِّرْهَمَ سِتَّةُ دَوَانِيقَ، وَلَمْ تَتَغَيَّرْ الْمَثَاقِيلُ في الجاهلية والإسلام. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَوَّلَ الْحَيْضِ1، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّرْعَ وَالْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رَتَّبُوا عَلَى الدِّرْهَمِ أَحْكَامًا، فَمُحَالٌ أَنْ يَنْصَرِفَ كَلَامُهُمْ إلَى غَيْرِ الْمَوْجُودِ بِبَلَدِهِمْ أَوْ زَمَنِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلَا يَعْرِفُهُ الْمُخَاطَبُ، فَلَا يُقْصَدُ وَلَا يُرَادُ وَلَا يُفْهَمُ، وَغَايَتُهُ الْعُمُومُ، فَيَعُمُّ كُلَّ بَلَدٍ وَزَمَنٍ بِحَسَبِهِ وَعَادَتِهِ وَعُرْفِهِ، أَمَّا تَقْيِيدُ كَلَامِهِمْ وَاعْتِبَارُهُ بِأَمْرٍ حَادِثٍ خَاصَّةً غَيْرِ مَوْجُودٍ بِبَلَدِهِمْ وَزَمَنِهِمْ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ عَنْهُمْ كَيْفَ يُمْكِنُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَلَا زَكَاةَ مِنْ مَغْشُوشِهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ النَّقْدُ الْخَالِصُ فِيهِ نِصَابًا "وم ش" نَقَلَ حَنْبَلٌ فِي دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ لَوْ خَلَصَتْ نَقَصَتْ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ: لَا زَكَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمِائَتَيْنِ مِمَّا فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا تَمَّتْ فَفِيهَا الزَّكَاةُ، وَحَكَى ابْنُ حَامِدٍ وَجْهًا: إنْ بَلَغَ مَضْرُوبُهُ نِصَابًا زَكَّاهُ "وهـ" وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْغِشُّ أَكْثَرَ "هـ" وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: يُقَوَّمُ مَضْرُوبُهُ كَعَرْضٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَكَّ فِيهِ خُيِّرَ بَيْنَ سَبْكِهِ فَإِنْ بَلَغَ قَدْرُ النَّقْدِ نِصَابًا زَكَّاهُ وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَظْهِرَ وَيُخْرِجَ مَا يُجْزِئُهُ بِيَقِينٍ. وَقِيلَ: لَا زَكَاةَ. وَإِنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَشَكَّ فِي زِيَادَةٍ اسْتَظْهَرَ، فَأَلْفُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، سِتُّمِائَةٍ مِنْ أَحَدِهِمَا، يُزَكِّي سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ فِضَّةً، وَإِنْ لَمْ يُجْزِئْ ذَهَبٌ عَنْ فِضَّةٍ زَكَّى سِتَّمِائَةٍ ذَهَبًا وَسِتَّمِائَةٍ فِضَّةً، وَمَتَى أَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَ الْمَغْشُوشَةَ مِنْهَا وَعَلِمَ قَدْرَ الْغِشِّ فِي كُلِّ دِينَارٍ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ، إلَّا أَنْ يَسْتَظْهِرَ فَيُخْرِجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَدْرَ الزَّكَاةِ بِيَقِينٍ، وَإِنْ أَخْرَجَ مَا لَا غِشَّ فِيهِ فَهُوَ أَفْضَلُ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْغِشَّ وَزَكَّى عَلَى قَدْرِ الذَّهَبِ كَمَنْ مَعَهُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا سُدُسُهَا غِشٌّ، فَأَسْقَطَهُ، وَأَخْرَجَ نِصْفَ دِينَارٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي غِشِّهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ غِشُّهَا فِيهِ الزَّكَاةُ، بِأَنْ يَكُونَ فِضَّةً وَلَهُ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يَتِمُّ بِهِ نِصَابًا، أَوْ نَقُولُ بِرِوَايَةِ ضَمِّهِ إلَى الذَّهَبِ، زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ يَكُونُ غِشُّهَا لِلتِّجَارَةِ، فَيُزَكِّي الْغِشَّ حِينَئِذٍ، قَالَ: فَثَلَاثُونَ مِثْقَالًا مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ نُحَاسٌ، وَالْبَاقِي ذَهَبٌ، قِيمَتُهَا عِشْرُونَ بِغَيْرِ غِشٍّ، إنْ كَانَتْ زِيَادَةُ الدِّينَارَيْنِ كَزِيَادَةِ1 قِيمَةِ النُّحَاسِ دُونَ الذَّهَبِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ كَسَائِرِ عَرْضِ التِّجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا زَكَاةَ؛ لِأَنَّ زيادة النقد بالصناعة وَالضَّرْبُ لَا يَكْمُلُ بَعْضُ نِصَابِهِ فِي الْقَدْرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: مَنْ ضَمَّ بِالْأَجْزَاءِ لَمْ يُحْتَسَبْ بِقِيمَةِ الْغِشِّ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمَغْشُوشِ بِصَنْعَةِ الْغِشِّ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ2، كَحُلِيِّ الْكِرَاءِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهُ بِصِنَاعَتِهِ، وَيُعْرَفُ غِشُّهُ بِوَضْعِ ذَهَبٍ وَزْنُهُ فِي مَاءٍ، ثُمَّ فضة كذلك، وهي أضخم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ الْمَغْشُوشُ، وَيُعْلَمُ عُلُوُّ الْمَاءِ، وَيُمْسَحُ بَيْنَ كُلِّ عَلَامَتَيْنِ فَمَعَ اسْتِوَاءِ الْمَمْسُوحَيْنِ نِصْفُهُ ذَهَبٌ، وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ، وَمَعَ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ بِحِسَابِهِ. وَيُكْرَهُ ضَرْبُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَاِتِّخَاذُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، قَالَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي: لَيْسَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَضْرِبُوا إلَّا جَيِّدًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَامَلُونَ بِدَرَاهِمِ الْعَجَمِ، فَكَانَتْ إذَا زَافَتْ عَلَيْهِمْ أَتَوْا بِهَا السُّوقَ فَقَالُوا: مَنْ يَبِيعُنَا بِهَذِهِ1؟ وَذَاكَ أَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ وَلَا عَلِيٌّ وَلَا مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَعَلَّ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَيَأْتِي حُكْمُ إنْفَاقِهِ آخِرَ بَابِ الرِّبَا2. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُكْرَهُ الضَّرْبُ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ، كَذَا قَالَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَا يَصْلُحُ ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ إلَّا فِي دَارِ الضَّرْبِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إنْ رُخِّصَ لَهُمْ رَكِبُوا الْعَظَائِمَ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: فَقَدْ مُنِعَ مِنْ الضَّرْبِ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ من الافتيات عليه.
فصل: ويخرج عن جيد صحيح ورديء من جنسه
فَصْلٌ: وَيُخْرِجُ عَنْ جَيِّدٍ صَحِيحٍ وَرَدِيءٍ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ كُلِّ نَوْعٍ بِحِصَّتِهِ وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ إنْ شَقَّ لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ فَمِنْ الْوَسَطِ، كَالْمَاشِيَةِ وَإِنْ أَخْرَجَ بِقَدْرِ الْوَاجِبِ مِنْ الْأَعْلَى كَانَ أَفْضَلَ، وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ الْأَعْلَى من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَدْنَى أَوْ الْوَسَطِ، وَزَادَ قَدْرَ الْقِيمَةِ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا "هـ" جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَتَعْلِيلُهُمْ أَنَّهَا كَمَغْشُوشٍ عَنْ جَيِّدٍ، وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَعْلَى بِقَدْرِ الْقِيمَةِ دُونَ الْوَزْنِ لَمْ يُجْزِئْهُ "وَ" وَيُجْزِئُ قَلِيلُ الْقِيمَةِ عَنْ كَثِيرِهَا مَعَ الْوَزْنِ وَقِيلَ: وَزِيَادَةُ قَدْرِ الْقِيمَةِ، وَيُجْزِئُ مَغْشُوشٌ قِيلَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ عَنْ جَيِّدٍ، وَمُكَسَّرٌ عَنْ صَحِيحٍ، وَسُودٌ عَنْ بِيضٍ، مَعَ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، لَا مُطْلَقًا "هـ". وَقِيلَ: يَجِبُ الْمِثْلُ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ "وم ش" وَاخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ فِي غَيْرِ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَا رِبَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ كَعَبْدٍ وَسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُهُمَا حَقِيقَةً، وَالرِّبَا فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَلَا حَقِيقَةَ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا رِبَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِلْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ هَذَا إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِلَّا جَرَى بَيْنَهُمَا كَمُكَاتَبٍ وَسَيِّدِهِ، وَلِأَنَّهُ يُزَكِّي مَا يُقَابِلُ الصَّنْعَةَ، وَهُوَ تَقْوِيمٌ يُمْنَعُ مِنْهُ فِي الرِّبَا، وَلِأَنَّهُ لَا بَيْعَ بَلْ مُوَاسَاةٌ، كَجَبْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَفَقَةِ الْأَقَارِبِ بِزِيَادَةٍ لِأَجْلِ الرَّدَاءَةِ فِي الْأَقْوَاتِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْخِلَافِ: الرِّبَا فِيمَا طَرِيقَتُهُ الْمُعَاوَضَاتُ، وَلَا مُعَاوَضَةَ هُنَا، فَجَرَتْ الزِّيَادَةُ مَجْرَى زِيَادَةٍ عَلَى نَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ، وَمَجْرَى الْهِبَةِ، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَّقَ تَحْرِيمَ الرِّبَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَقَالَ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ" 1 قَالَ: وَأَجَابَ أَبُو إِسْحَاقَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِرِبًا؛ لِأَنَّ الرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ، وَلَيْسَ هُنَا زِيَادَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي مُقَابَلَةِ النَّقْصِ، قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: وَلَا يَلْزَمُ قَبُولُ رَدِيءٍ عَنْ جَيِّدٍ فِي عَقْدٍ وَغَيْرِهِ "وَ" وَيَثْبُتُ الْفَسْخُ "وَ" قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَا يَلْزَمُ أَخْذُ الْمَكْسُورِ في الخراج2، لِالْتِبَاسِهِ وَجَوَازِ اخْتِلَاطِهِ. وَكَذَلِكَ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا عَنْ الْمَضْرُوبِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ سُفْيَانَ: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِمِائَةِ دِينَارٍ فَلَهُ دَرَاهِمُ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَدَنَانِيرُ ذَلِكَ الْبَلَدِ، قَالَ أَحْمَدُ: جَيِّدٌ، قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ اُعْتُبِرَ نَقْدُ الْبَلَدِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الصِّحَاحِ. وَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِمَا3، وَلَا يُرْجَعُ فِيمَا أَخْرَجَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيكِ وَالزَّكَاةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المعجلة خلاف1، ولا فرق.
فصل: ويكمل نصاب أحدهما بالآخر
فَصْلٌ: وَيَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ 1 فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ: الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ المحرر وغيرهم "وهـ م" حَاضِرًا أَوْ دَيْنًا فِيهِ زَكَاةٌ؛ لِأَنَّ مَقَاصِدَهُمَا وَزَكَاتَهُمَا مُتَّفِقَةٌ، فَهُمَا كَنَوْعَيْ الْجِنْسِ، وَعَنْهُ: لَا يَكْمُلُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُرْوَى أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إلَيْهَا أَخِيرًا، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهَا فِي الْكَافِي2 وَالرِّعَايَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ "م 1" "وش" للعموم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ: الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: لَا يَكْمُلُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُرْوَى أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهَا أَخِيرًا، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهَا فِي الْكَافِي وَالرِّعَايَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبَلَاغَةِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَشَرْحِ الْأَصْفَهَانِيِّ عَلَى الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا يُضَمُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهَا الْأَكْثَرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُمْ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: الشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ الْبَنَّا، وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ وَنَصَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَيْضًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْإِفَادَاتِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ في التصحيح، وقدمه
فعلى الأولى: يكمل بالأجزاء "وم" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٍ عَنْ "هـ" وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ عَنْهُ الْقِيمَةَ، وَعَنْ أَحْمَدَ: بِالْقِيمَةِ ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ وَالرِّعَايَةِ إلَى وَزْنِ الْآخَرِ، فَيُقَوَّمُ الْأَعْلَى بِالْأَدْنَى، وَعَنْهُ: يُضَمُّ الْأَقَلُّ مِنْهُمَا إلَى الْأَكْثَرِ، ذَكَرَهَا فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، فَيُقَوَّمُ بِقِيمَةِ الْأَكْثَرِ، نَقَلَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ، وعنه: يكمل أحدهما بالآخر بالأحظ للفقراء مِنْ الْأَجْزَاءِ أَوْ الْقِيمَةِ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "وهـ" فَعَلَيْهَا: لَوْ بَلَغَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا يَضُمُّ إلَيْهِ مَا نَقَصَ عَنْهُ مِنْ الْآخَرِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ يُضَمَّانِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا دُونَ مِائَةٍ ضُمَّا عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ الضَّمِّ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ ثَمَانِيَةً قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ ضُمَّا، عَلَى غَيْرِ رِوَايَةِ الضَّمِّ بِالْأَجْزَاءِ. وَإِنْ لَمْ تبلغ قيمتها مائة درهم فلا ضم. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ رَزِينٍ فَقَالَ: هَذَا أَظْهَرُ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَلَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَكْمُلُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: يُرْوَى أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْهَا أَخِيرًا وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ: رَجَعَ إلَيْهَا أَخِيرًا وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ مَعَ اخْتِيَارِهِ فِي الْحُبُوبِ الضَّمَّ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَا يُضَمُّ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ.
وَيُضَمُّ جَيِّدُ كُلِّ جِنْسٍ وَمَضْرُوبُهُ إلَى رَدِيئِهِ وَتِبْرِهِ "وَ". وَتُضَمُّ قِيمَةُ عُرُوضِ التِّجَارَةِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ "1مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ 1"، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، قَالَ: وَلَوْ كَانَ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ ضُمَّ الْجَمِيعُ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَكَذَا فِي الْكَافِي2: يَكْمُلُ نِصَابُ التِّجَارَةِ بِالْأَثْمَانِ؛ لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ فَهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَجَعَلَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَصْلًا لِلرِّوَايَةِ الْأُولَى، فَقَالَ: وَلِأَنَّهُمَا يُضَمَّانِ إلَى مَا يُضَمُّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَأَنْوَاعِ الْجِنْسِ، وَأَجَابَ عَنْ الْعُمُومِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ، فَنَقِيسُ عَلَيْهِ مَسْأَلَتَنَا، وَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِالتَّسْوِيَةِ، فَيُقَالُ: فَيَلْزَمُ حِينَئِذٍ التَّخْرِيجُ؛ لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ مُقْتَضِيَةٌ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ وَعَدَمِ الْفَرْقِ، وَيُقَالُ: كَيْفَ يَعْتَرِفُ بِالتَّسْوِيَةِ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ، فَلَيْسَ هَذَا فَرْقًا مُؤَثِّرًا، وَإِنْ كَانَ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ أَظُنُّهُ أَبَا الْمَعَالِي بْنَ الْمُنَجَّى بِأَنَّ مَا قُوِّمَ بِهِ الْعَرْضُ كَنَاضٍّ عِنْدَهُ، فَفِي ضَمِّهِ إلَى غَيْرِ مَا قُوِّمَ بِهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ، وَقَدَّمَ فِي كِتَابِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ هَذَا، فَقَالَا فِيمَنْ مَعَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعَرْضٌ لِلتِّجَارَةِ: ضُمَّ الْجَمِيعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّقْدُ لِلتِّجَارَةِ: ضُمَّ الْعَرْضُ إلَى أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: إلَيْهِمَا، زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ قُلْنَا بِضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ، كَذَا قَالَ، قَالَا: وَيُضَمُّ الْعَرْضُ إلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصَابًا أَوْ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: لا زكاة في حلي مباح
فَصْلٌ: لَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ قَالَ جَمَاعَةٌ: مُعْتَادٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إنْ أُعِدَّ لِلُبْسٍ مُبَاحٍ أَوْ إعَارَةٍ "وم ش" وَلَوْ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، كَرَجُلٍ يَتَّخِذُ حُلِيَّ النِّسَاءِ لِإِعَارَتِهِنَّ، أَوْ امْرَأَةٍ تَتَّخِذُ حُلِيَّ الرِّجَالِ لِإِعَارَتِهِمْ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ: صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ "م" مَعَ أَنَّ عِنْدَهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا فَارًّا مِنْ زَكَاتِهِ 2، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَعَنْهُ: تَجِبُ زَكَاتُهُ، وَعَنْهُ: إذَا لَمْ يُعَرْ ولم يلبس، وقاله في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: زَكَاتُهُ عَارِيَّتُهُ، وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ خَمْسَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَذَكَرَهُ الْأَثْرَمُ عَنْ خَمْسَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ جَوَابًا، وَكَذَا فِي الْخِلَافِ، لَكِنْ قَالَ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مُبَاحَةً وَيَتَوَعَّدُ، عَلَى مَنْعِهَا، لِقَوْلِهِ2: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} الماعون:7 وَحَدِيثُ: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: "إعَارَةُ دَلْوِهَا وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا" 3 فَتَوَعَّدَ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهِيَ مُبَاحَةٌ، كَذَا قَالَ وَأَجَابَ أَيْضًا هُوَ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى وَقْتٍ كَانَ الذَّهَبُ فِيهِ مُحَرَّمًا عَلَى النِّسَاءِ، ثُمَّ نُسِخَ بَعْدَ4 ذَلِكَ بِإِبَاحَتِهِ. وَإِنْ كَانَ الْحُلِيُّ لِيَتِيمٍ لَا يَلْبَسُهُ فَلِوَلِيِّهِ إعَارَتُهُ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا زَكَاةَ، وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يُعِرْهُ فَفِيهِ الزَّكَاةُ، نَصَّ أَحْمَدُ1 عَلَى ذَلِكَ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ2 أَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ، فَهَذَانِ قَوْلَانِ، أَوْ أَنَّ هَذَا لِمَصْلَحَةِ مَالِهِ، وَيُقَالُ: قَدْ يَكُونُ هُنَاكَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الثَّوَابِ توجه خلاف كالقرض. وَتَجِبُ فِيمَا أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ "وَ" كَحُلِيِّ الصَّيَارِفِ أو قنية وادخار "و" أو3 نفقة إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ رَبُّهُ شَيْئًا، وَكَذَا مَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ش"4 حَلَّ، لَهُ لُبْسُهُ أَوْ لَا "وم"؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جِنْسِهِ الزَّكَاةُ، بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَالْعَقَارِ يُقْصَدُ نَمَاؤُهَا بِالْكِرَاءِ، وَقِيلَ: مَا اتَّخَذَ مِنْ ذَلِكَ لِسَرَفٍ أَوْ مُبَاهَاةٍ كَرِهَ، وَزُكِّيَ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي الْآتِي فِيمَنْ اتَّخَذَ خَوَاتِيمَ5، وَمُرَادُهُ مَعَ نِيَّةِ لُبْسٍ أَوْ إعَارَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: لَا زَكَاةَ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ اتَّخَذَهُ لِسَرَفٍ وَمُبَاهَاةٍ فَقَطْ فَالْمَذْهَبُ قَوْلًا وَاحِدًا: تَجِبُ الزَّكَاةُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ: لا6 زَكَاةً فِيمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ: لا زكاة في حلي مباح لم يعد لِلتَّكَسُّبِ بِهِ، وَتَجِبُ فِي الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ وَآنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ "وَ" حَرُمَ اسْتِعْمَالُهَا أَوْ اتِّخَاذُهَا أَوْ هُمَا؛ لِأَنَّ الصِّنَاعَةَ لَمَّا كَانَتْ لِمُحَرَّمٍ جُعِلَتْ كَالْعَدَمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الِاتِّخَاذِ جَوَازُ الصَّنْعَةِ، كَتَحْرِيمِ تَصْوِيرِ مَا يُدَاسُ مَعَ جواز اتخاذه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ التَّمِيمِيَّ قَالَ: إنْ اتَّخَذَ رَجُلٌ حُلِيَّ امْرَأَةٍ فَفِي زَكَاتِهِ رِوَايَتَانِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ السَّابِقِ: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِنْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ وَأَمْكَنَ لُبْسُهُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ "وَ" وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لُبْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْتَجَّ فِي إصْلَاحِهِ إلَى سَبْكٍ وَتَجْدِيدِ صَنْعَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي: إنْ نَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَالصَّحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا "ق"؛ لِأَنَّهُ إلَى حَالَةِ لُبْسِهِ وَإِصْلَاحِهِ أَقْرَبُ، فَأُلْحِقَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ أَصْلُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهًا وَقَالَ: مَا لَمْ يَنْوِ كَسْرَهُ، فَيُزَكِّيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: يُزَكِّيهِ وَلَوْ نَوَى إصْلَاحَهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَلَمْ يَذْكُرْ نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرَهَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، كَنِيَّةِ صِيَاغَةِ مَا لَا يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهُ إلَّا بِسَبْكٍ، وَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ صُنْعِهِ زَكَّاهُ "وَ" وَقِيلَ: لَا، إنْ نَوَى ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: إنْ لَمْ يَمْنَعْ الْكَسْرُ اللُّبْسَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ وَإِلَّا وَجَبَتْ، كَذَا حَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي الْمَذْكُورُ وَلَا زَائِدَةَ غَلَطٌ وَإِنْ وُجِدَ الْكَسْرُ الْمُسْقِطُ مِنْ غَاصِبٍ قَالَ فِي منتهى الغاية: أو ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ عَنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ "وَلَا زَائِدَهُ غَلَطٌ" كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ "وَلِمَ زَائِدُهُ غَلَطًا" لِأَنَّهَا فِي كَلَامِ أَبِي الفرج.
بِأَمْرٍ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمَالِكُ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ وَجَبَتْ، فِي الْأَصَحِّ، كَمَا سَبَقَ فِيمَنْ غَصَبَ مَعْلُوفَةً وَسَامَهَا1، وَمَا سَقَطَتْ زَكَاتُهُ فَنَوَى2 مَا يُوجِبُهَا وَجَبَتْ، فَإِنْ عَادَ وَنَوَى مَا يُسْقِطُهَا سَقَطَتْ. وَيُعْتَبَرُ نِصَابُ الْكُلِّ بِوَزْنِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ3 "وَ" وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ، وَحَكَى رِوَايَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يَحْرُمُ اتِّخَاذُهُ، وَيَضْمَنُ صَنْعَتَهُ بِالْكَسْرِ وَقِيلَ، بِقِيمَةِ4 الْمُبَاحِ وَبِوَزْنِ الْمُحَرَّمِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ تَحَلَّى الرَّجُلُ بِحُلِيِّ الْمَرْأَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا حُلِيَّ الْآخَرِ قَاصِدًا لُبْسَهُ، أَوْ اتَّخَذَ أَحَدُهُمَا مَا يُبَاحُ لَهُ لِمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ، لِإِبَاحَةِ الصَّنْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ فِي حُلِيِّ الْكِرَاءِ بِاعْتِبَارِ القيمة، وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ. وَأَمَّا الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ لِلتِّجَارَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ نَقْدٌ مُعَدٌّ لِلتِّجَارَةِ فَإِنَّهُ عَرْضٌ يُقَوَّمُ بِالْآخَرِ إنْ كَانَ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ نَقَصَ عَنْ نِصَابِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ ظَاهِرُ. نَقْلِ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْأَثْرَمُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، قَالَ: فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَأَظُنُّ هَذَا مِنْ كَلَامِ وَلَدِهِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي بَعْضَ الْمَرْوِيِّ عَنْ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَظُنُّهُ فِي الْمُغْنِي2 مَعَ جَزْمِهِ بِالْأَوَّلِ فِي زَكَاةِ الْعُرُوضِ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الْإِخْرَاجِ إنْ اُعْتُبِرَتْ فِي النِّصَابِ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي النِّصَابِ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي الْإِخْرَاجِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ "وَ" لِمَا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، أَوْ تَكْلِيفِهِ أَجْوَدَ لِيُقَابَلَ الصَّنْعَةَ، فَجَعَلَ الْوَاجِبَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُفْرَدًا مُمَيَّزًا مِنْ الْمَضْرُوبِ الرَّابِحِ، وَالْأَشْهَرُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا: يُعْتَبَرُ فِي الْمُبَاحِ خَاصَّةً "وم ر" وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ إذَا أُخْرِجَ عَنْ صِحَاحٍ مُكَسَّرَةٍ يُعْطِي مَا بَيْنَهُمَا، فَاعْتَبَرَ الصَّنْعَةَ دُونَ الْوَزْنِ، كَزِيَادَةِ الْقِيمَةِ لِنَفَاسَةِ جَوْهَرِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ مُشَاعًا، أَوْ مِثْلَهُ وَزْنًا مِمَّا يُقَابِلُ جَوْدَتُهُ زِيَادَةَ الصَّنْعَةِ جَازَ، وَإِنْ جَبَرَ زِيَادَةَ الصَّنْعَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الْمُخْرَجِ فَكَمُكَسَّرَةٍ عَنْ صِحَاحٍ، عَلَى مَا سَبَقَ "وَ" وَإِنْ أَرَادَ كَسْرَهُ مُنِعَ، لِنَقْصِ قِيمَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِهِ بِقَدْرِهِ جَازَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ الْقِيمَةُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْكَسْرِ، وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ غير الجنس، وكذا حكم السبائك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يحرم على الرجل لبس الذهب والفضة
فصل: يحرم على الرجل لُبْسُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ... فَصْلٌ: يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ لُبْسُ الذَّهَبِ "وَ" وَالْفِضَّةِ "وَ" كَمَا سَبَقَ فِي اللِّبَاسِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ1، وَسَبَقَ فِيهِ حُكْمُ الْمَنْسُوخِ بِذَلِكَ وَالْمُمَوَّهِ بِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَسِيرُ ذَلِكَ تَبَعًا، كَزِرِّ الذَّهَبِ وَالطَّرْزِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِسْمَارِ خَاتَمٍ وَفَصِّهِ1، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَيَسِيرُهُ فِي الْآنِيَةِ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ: لَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آنِيَةِ ذَلِكَ، وَالْخِرَقِيُّ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ، وَمُرَادُهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي وَالْوَسِيلَةِ: ظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ، قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: وَتَحْرِيمُ الْآنِيَةِ أَشَدُّ مِنْ اللِّبَاسِ، لِتَحْرِيمِهَا عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَلَمْ أَجِدْهُمْ احْتَجُّوا عَلَى تَحْرِيمِ لِبَاسِ الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ، وَلَا أَعْرِفُ التَّحْرِيمَ نَصًّا عَنْ أَحْمَدَ، وَكَلَامُ شَيْخِنَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَةِ لُبْسِهَا لِلرِّجَالِ، إلَّا مَا دَلَّ الشَّرْعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: لُبْسُ الْفِضَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظٌ عَامٌّ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُحَرِّمَ مِنْهُ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ. فَإِذَا أَبَاحَتْ السُّنَّةُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَيَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً} [البقرة: 29] وَالتَّحْرِيمُ يَحْتَاجُ2 إلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ نَقَلُوا عَنْهُ عَلَيْهِ الصلاة والسلام استعمال يسير الفضة، في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَخْبَارٍ مَشْهُورَةٍ، لِيَكُونَ ذَلِكَ حُجَّةً فِي اخْتِصَاصِهِ بالإباحة، ولو كانت الفضة مباحة مطلقا1 لَمْ يَكُنْ، فِي نَقْلِهِمْ اسْتِعْمَالَ الْيَسِيرِ مِنْ ذَلِكَ كَبِيرَ فَائِدَةٍ، وَيُقَالُ: قَوْلُكُمْ كَبِيرَ فَائِدَةٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِيهِ فَائِدَةً سِوَى الْمَطْلُوبِ، فَنَقَلُوهُ لِأَجْلِهَا، وَلَا يُقَالُ لِلْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَهَذَا كَمَا نَقَلُوا أَجْنَاسَ آنِيَتِهِ وَمَلَابِسِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُ أَنَسٍ: انْكَسَرَ قَدَحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشِّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ2. حُجَّةً فِي إبَاحَةِ الْيَسِيرِ فِي الْآنِيَةِ، لِعُمُومِ دَلِيلِ التَّحْرِيمِ. وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْخَاتَمِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَتَّخِذُهُ؟ قَالَ: "مِنْ وَرِقٍ وَلَا تُتِمُّهُ مِثْقَالًا" إسناده ضعيف، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ1 مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، ثُمَّ أَيْنَ التَّحْرِيمُ فِيهِ؟ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَخَّصَ لِلنِّسَاءِ فِي الْفِضَّةِ، وَنَهَاهُنَّ عَنْ الذَّهَبِ، فِي أَخْبَارٍ رَوَاهَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ2، وَبَعْضُهَا إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَلَوْ كَانَتْ إبَاحَتُهَا عَامَّةً لِمَا خَصَّهُنَّ بِالذِّكْرِ، وَلَعَمَّ، لِعُمُومِ الْفَائِدَةِ، بَلْ وَلَصَرَّحَ بِذِكْرِ الرِّجَالِ، لِإِزَالَةِ اللَّبْسِ وَإِيضَاحِ الْحَقِّ. وَيُقَالُ إنَّمَا خَصَّهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ السَّبَبُ؛ لِأَنَّهُ نَهَاهُنَّ عَنْ الذَّهَبِ وَأَبَاحَ لَهُنَّ الْفِضَّةَ، فَلَا حُجَّةَ إذًا، بَلْ يُقَالُ: إبَاحَتُهَا لَهُنَّ إبَاحَةٌ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّسَاوِي. فِي الْأَحْكَامِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ. وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْإِنَاءِ مِنْهَا فَحَرُمَ لُبْسُهَا، كَالذَّهَبِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ تَسْوِيَةَ الشَّارِعِ بَيْنَهُمَا فِي تَحْرِيمِ الْإِنَاءِ دَلِيلٌ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهِ، وَيُقَالُ: تَحْرِيمُ الذَّهَبِ آكَدُ بِلَا شَكٍّ، فَيَمْتَنِعُ الْإِلْحَاقُ، وَتَسْوِيَةُ الشَّارِعِ بَيْنَهُمَا فِي التَّحْرِيمِ الْمُؤَكَّدِ وَهُوَ الْآنِيَةُ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّسْوِيَةِ فِي غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ "وَ" وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ، وَهَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ3، وَأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى، وَرَوَاهُ4 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ بِرِوَايَةِ أَهْلِ الشَّامِ، وَحَدَّثَ بِحَدِيثِ أَبِي رَيْحَانَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كره عشر خلال5، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِيهَا "الْخَاتَمَ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ". فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَوْضِعَ تَبَسَّمَ كَالْمُتَعَجِّبِ، وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ1، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِي الْحُصَيْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ شُفَيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: خَرَجْت أَنَا وَصَاحِبٌ لِي يُسَمَّى أَبَا عَامِرٍ، رَجُلٌ مِنْ الْمَعَافِرِ، لِنُصَلِّيَ بِإِيلْيَاءَ، وَكَانَ قَاضِيهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَزْدِ يُقَالُ لَهُ أَبُو رَيْحَانَةَ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ أَبُو الْحُصَيْنِ، فَسَبَقَنِي صَاحِبِي إلَى الْمَسْجِدِ، ثُمَّ أَدْرَكْته فَجَلَسْت إلَى جَنْبِهِ، فَسَأَلَنِي: هَلْ أَدْرَكْت قَصَصَ أَبِي رَيْحَانَةَ؟ فَقُلْت: لَا، فَقَالَ: سَمِعْته يَقُولُ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَشْرَةٍ: عَنْ الْوَشْرِ، وَالْوَشْمِ، وَالنَّتْفِ، وَعَنْ مُكَامَعَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَمُكَامَعَةِ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شِعَارٍ، وَأَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ فِي أَسْفَلِ ثَوْبِهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، وَأَنْ يَجْعَلَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ حَرِيرًا مِثْلَ الْأَعَاجِمِ، وَعَنْ النُّهْبَى وَعَنْ رُكُوبِ النُّمُورِ، وَلُبُوسِ الْخَاتَمِ إلَّا لِذِي سُلْطَانٍ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ الْمُفَضَّلِ أَبُو عَامِرٍ رَوَى عَنْهُ الْهَيْثَمُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ الْخَوْلَانِيُّ، وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ3، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ كَلَامًا، وَبَاقِي إسْنَادِهِ جَيِّدٌ، فَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي جَامِعِ الْمَسَانِيدِ، وَقَالَ: النَّهْيُ عَنْ الْخَاتَمِ لِيَتَمَيَّزَ السُّلْطَانُ بِمَا تَخَتَّمَ بِهِ. وَسَبَقَتْ رِوَايَةُ الْأَثْرَمِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَنْ النَّصِّ الْأَوَّلِ: فَظَاهِرُهُ لَا فضل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِيهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ: يُكْرَهُ لِقَصْدِ الزِّينَةِ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا وَالْأَفْضَلُ جَعْلُ فَصِّهِ يَلِي كَفَّهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ1، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ يَلِي ظَهْرَ كَفِّهِ، وَلَهُ جَعْلُ فَصِّهِ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ2 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. وَلِمُسْلِمٍ3: كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا. وَلُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَدٍ مِنْهُمَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ4 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ لَبِسَ خَاتَمَ فِضَّةٍ فِي يَمِينِهِ. وَلِمُسْلِمٍ5: فِي يَسَارِهِ. وَلِمُسْلِمٍ6 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَمَّا لَبِسَ خَاتَمَ الذَّهَبِ جَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ، وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: فِي يَسَارِهِ "وم" وَهَذَا نَصُّ أَحْمَدَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْفَضْلُ، وَأَنَّهُ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ، وَضَعَّفَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ فِي "7الْيُمْنَى. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمَحْفُوظُ أَنَّهُ كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي الْخِنْصَرِ، لِكَوْنِهِ طَرَفًا، فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ الِامْتِهَانِ فِيمَا تَتَنَاوَلُهُ الْيَدُ، وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ وَقِيلَ: فِي اليمنى أفضل "وش"؛ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالْإِكْرَامِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ 7" رَحِمَهُ اللَّهُ في السبابة والوسطى للرجل، وللنهي ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي" قَوْلُهُ فِي الْخَاتَمِ: وَلَهُ لُبْسُهُ فِي خِنْصَرِ يَدٍ مِنْهُمَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: فِي يَسَارِهِ، وَهَذَا نَصُّ أَحْمَدَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْفَضْلُ، وَأَنَّهُ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ، وَقِيلَ: فِي الْيُمْنَى أَفْضَلُ، انْتَهَى، فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أنه
الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وغيره، ولم يُقَيِّدْهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْخِنْصَرُ أَفْضَلَ، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصّ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَالْإِبْهَامُ مثلهما فالبنصر مثله، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَفْضَلُ فِي لُبْسِهِ فِي خِنْصَرِ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لُبْسَهُ فِي يَسَارِهِ أَفْضَلُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَهُوَ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَأَحَبُّ إلَيَّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْقَوِيِّ فِي آدَابِهِ الْمَنْظُومَةِ: وَيَحْسُنُ فِي اليسرى كأحمد وصحبه،
وَلَا فَرْقَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُسَنُّ دُونَ مِثْقَالٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، لِضَعْفِ خَبَرِ بُرَيْدَةَ السَّابِقِ، وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ وَإِلَّا حَرُمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ، خَرَجَ الْمُعْتَادُ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَخْرُجْ بِصِيغَةِ لَفْظٍ لِيَعُمَّ، ثُمَّ لَوْ كَانَ فَهُوَ بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ، وَلِهَذَا جَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ بِمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي: لَوْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ أَوْ مَنَاطِقَ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ فِيمَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، إلَّا أَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ أَوْ عَبْدِهِ، مَعَ أَنَّ الْخَاتَمَ الْخَارِجَ عَنْ الْعَادَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عِدَّةِ خَوَاتِيمَ مُعْتَادٌ لُبْسُهُ، كَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ الْكَثِيرِ، وَلِهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا زَكَاةَ فِي كُلِّ حُلِيٍّ أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ، لِرَجُلٍ كَانَ أَوْ لِامْرَأَةٍ. وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْحُلِيِّ وَكَثِيرِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ الْآتِيَ فِي حُلِيِّ الْمَرْأَةِ1، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَوَانِي: أَلْفُ إناء فأكثر، في كل إناء ضبة ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ الْخَوَاتِمِ: وَقَدْ أَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيُمْنَى مَنْسُوخٌ، وَأَنَّ التَّخَتُّمَ فِي الْيَسَارِ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ضَعَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدِيثَ التَّخَتُّمِ فِي الْيَمِينِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُنَا ضُعِّفَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ حَدِيثُ التَّخَتُّمِ فِي الْيُمْنَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدَّمَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ وَالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَب فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: "وَقِيلَ فِي الْيُمْنَى أَفْضَلُ" قَدَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فَلِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ اختيارات، والله أعلم.
مُبَاحَةٌ فَلَا زَكَاةَ، جَزَمُوا بِهِ، لَكِنْ إنْ قِيلَ: ظَاهِرُ هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِبَرِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ، كَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ، قِيلَ: يُحْتَمَلُ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادِهِ، لِمَا سَبَقَ، وَحُلِيُّ الْمَرْأَةِ أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِلَفْظِهِ1، لَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْهُ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُخَرَّجُ جَوَازُ لُبْسِ خَاتَمَيْنِ فَأَكْثَرَ جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ: قُرْآنٌ أَوْ غَيْرُهُ. نَقَلَ إِسْحَاقُ أَظُنُّهُ ابْنَ مَنْصُورٍ لَا يُكْتَبُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لِمَا يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فِيهِ، وَلَعَلَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَرِهَهُ لِذَلِكَ، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِذَلِكَ، وَلَا كَرَاهَةَ هُنَا، وَلَمْ أَجِدْ لِلْكَرَاهَةِ دَلِيلًا سِوَى هَذَا، وَهِيَ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: أَوْ ذِكْرُ رَسُولِهِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ "وم ش" وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إلا بخاتم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَصَاغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا حَلْقَةً فِضَّةً، وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لِلنَّاسِ: "إنِّي اتَّخَذْت خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَنَقَشْت فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا يَنْقُشُ أَحَدُكُمْ عَلَى نَقْشِهِ". وَلِلْبُخَارِيِّ1: "مُحَمَّدٌ" سَطْرٌ، وَ "رَسُولٌ" سَطْرٌ، وَ "اللَّهُ" سَطْرٌ، وَيَأْتِي كَلَامُ أَبِي الْمَعَالِي فِي آخِرِ الرِّبَا أَنَّهُ يُكْرَهُ عَلَى الدَّرَاهِمِ عِنْدَ الضَّرْبِ2. وَتُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ "و" لِلْخَبَرِ3، وَكَذَا حِلْيَةُ الْمِنْطَقَةِ، عَلَى الْأَصَحِّ "وَ"؛ لِأَنَّهَا مُعْتَادَةٌ لَهُ، بِخِلَافِ الطَّوْقِ وَغَيْرِهِ مِنْ حُلِيِّهَا، وَعَلَى قِيَاسِهِ حِلْيَةُ الْجَوْشَنِ وَالْخُوذَةِ وَالْخُفِّ وَالرَّانِّ وَالْحَمَائِلِ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا، قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهُ يَسِيرُ فِضَّةٍ فِي لِبَاسِهِ كَالْمِنْطَقَةِ، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي1، بِإِبَاحَةِ الْكُلِّ، وَنَصَّ أَحْمَدُ. فِي الْحَمَائِلِ التَّحْرِيمَ، وَظَاهِرُ ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمِغْفَرِ وَالنَّعْلِ وَرَأْسِ الرُّمْحِ وَشَعِيرَةِ السِّكِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا أَظْهَرُ، لِعَدَمِ الْفَرْقِ، جَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ تَحْلِيَةُ السِّكِّينِ بِالْفِضَّةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِالْعَكْسِ، وَيَدْخُلُ فِي الْخِلَافِ تركاش2 النُّشَّابِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَالْكَلَالِيبُ؛ لِأَنَّهَا يَسِيرُ تَابِعٍ وَوَاحِدُ الْكَلَالِيبِ كَلُّوبٌ بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَيُقَالُ أَيْضًا كِلَابٌ. وَلَا يُبَاحُ غَيْرُ ذَلِكَ، كَتَحْلِيَةِ الْمَرَاكِبِ، وَلِبَاسِ الْخَيْلِ، كَاللُّجُمِ، وَقَلَائِدِ الْكِلَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى تَحْرِيمِ حِلْيَةِ الرِّكَابِ وَاللِّجَامِ وَقَالَ: مَا كَانَ عَلَى سَرْجٍ وَلِجَامٍ زُكِّيَ، وَكَذَا تَحْلِيَةُ الدَّوَاةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَالْكِمْرَانِ وَالْمِرْآةِ وَالْمُشْطِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمِيلِ وَالْمِرْوَحَةِ وَالشَّرْبَةِ وَالْمُدْهَنُ، وَكَذَلِكَ الْمِسْعَطُ وَالْمِجْمَرُ وَالْقِنْدِيلُ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، كَذَا قيل: ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَرْقَ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: أَكْرَهُ رَأْسَ الْمُكْحُلَةِ وَحِلْيَةَ الْمِرْآةِ فِضَّةً، ثُمَّ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ تَافِهٌ، فَأَمَّا الْآنِيَةُ فَلَيْسَ فِيهَا تَحْرِيمٌ، قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُهُ لَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُضَبَّبِ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي حِلْيَةِ جَمِيعِ الْأَوَانِي، كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبُ، وَسَبَقَ حُكْمُ الْآنِيَةِ، وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ الرَّجُلِ يُوصِي بِفَرَسٍ وَلِجَامٍ مُفَضَّضٍ يُوقِفُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ وَقْفٌ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ، وَإِنْ بِيعَ الْفِضَّةُ مِنْ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَجُعِلَ فِي وَقْفٍ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا، وَلَعَلَّهُ يَشْتَرِي بِتِلْكَ الْفِضَّةِ سَرْجًا وَلِجَامًا فَيَكُونُ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ. قِيلَ لَهُ: تُبَاعُ الْفِضَّةُ وَتُجْعَلُ نَفَقَةَ الْفَرَسِ، قَالَ: لَا، الْفَرَسُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ صَاحِبُهُ، قَالَ الْقَاضِي: لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ فِي السَّرْجِ وَاللِّجَامِ، وَصَحَّحَهُ الْآمِدِيُّ مَعَ الْفَرَسِ، لَا مُفْرَدًا، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الصِّحَّةِ ثُمَّ ذَكَرَ الصِّحَّةَ رِوَايَةً، ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ. تُبَاعُ1 الْفِضَّةُ وَتُصْرَفُ فِي وَقْفٍ مِثْلِهِ، وَعَنْهُ: أَوْ تُنْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصِّحَّةِ إبَاحَةَ تَحْلِيَتِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: أَخْشَى أَنْ لَا يَكُونَ السَّرْجُ مِنْ الْحُلِيِّ، قَالَ أَبُو دَاوُد: كَأَنَّهُ أَرَادَ: يُكْرَهُ. وَيَحْرُمُ تَحْلِيَةُ مَسْجِدٍ وَمِحْرَابٍ، وَكَذَا إنْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ نَحْوِهِ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لَمْ يَصِحَّ. وَقَالَ الشَّيْخُ: ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ، فَيُكْسَرُ وَيُصْرَفُ فِي مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ، وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِيمَنْ وَقَفَ سُتُورًا عَلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ قَالَ الشيخ: وكذلك إن حبس الرجل2 فرسا، له لجام مفضض، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ، فَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ الْحَكَمِ1، ثُمَّ قَالَ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ إبَاحَةُ تَحْلِيَةِ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ بِالْفِضَّةِ، لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَالَ: هُوَ عَلَى مَا وَقَفَهُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِهِ، كَحِلْيَةِ الْمِنْطَقَةِ. وَيَحْرُمُ تَمْوِيهُ سَقْفٍ وَحَائِطٍ بِنَقْدٍ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ، كَالْآنِيَةِ، فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي إبَاحَتِهِ تَبَعًا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ، و2 كأن الْأَصْحَابَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فِي هَذَا الْبَابِ ذَكَرُوا الرَّاجِحَ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ وَزَكَاتُهُ، وَإِنْ اُسْتُهْلِكَ وَعَدَّهُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا فَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ، وَلَا زَكَاةَ، لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَذَهَابِ الْمَالِيَّةِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ يَسِيرُ الذَّهَبِ مُفْرَدًا، كَالْخَاتَمِ "وَ" وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتُهُ، وَعَنْ بَعْضِهِمْ إبَاحَتُهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْبَرَاءِ، وَلِمُسْلِمٍ4 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خاتما من ذَهَبٍ فِي يَدِ رَجُلٍ، فَنَزَعَهُ وَطَرَحَهُ، وَقَالَ: "يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ" فَقِيلَ لِلرَّجُلِ بَعْدَمَا ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْ خَاتَمَك انْتَفِعْ بِهِ. فَقَالَ لَا، وَاَللَّهِ لَا آخُذُهُ أَبَدًا وَقَدْ طَرَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا يُبَاحُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الذَّهَبِ إلَّا لِضَرُورَةٍ "وَ" كَجَعْلِهِ أَنْفًا وَشَدِّ السِّنِّ وَالْأَسْنَانِ، وَهَلْ يُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ أم لا؟ "وم ر" فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ "م 2" وَقَيَّدَهَا باليسيرة، مع أنه ذكر أن قَبِيعَةَ سَيْفِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ وَزْنُهَا ثَمَانِيَةَ مَثَاقِيلَ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي إبَاحَتِهِ فِي السَّيْفِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّ سَيْفَ عُمَرَ كَانَ فِيهِ سَبَائِكُ مِنْ ذَهَبَ1 وَأَنَّ سَيْفَ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ كَانَ فيه مسمار من ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَهَلْ تُبَاحُ قَبِيعَةُ السَّيْفِ أَمْ لَا يَعْنِي مِنْ الذَّهَبِ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّ أَصْحَابَنَا جَعَلُوا الْجَوَازَ مَذْهَبَ أَحْمَدَ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا يُبَاحُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ ومسبوك الذهب والمقنع3 والنظم وشرح ابن منجا وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يُبَاحُ فِي الْأَظْهَرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُبَاحُ، وَهِيَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ لَهُ فِي الْمُبَاحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قُلْت: وَهُوَ ظاهر كلام جماعة أيضا.
ذَهَبٍ1، وَقِيلَ: يُبَاحُ فِي سِلَاحٍ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ: كُلُّ مَا أُبِيحَ بِفِضَّةٍ أُبِيحَ بِذَهَبٍ، وَكَذَا تَحْلِيَتُهُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ بِهِ. وَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، كَالطَّوْقِ وَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ وَالدُّمْلُوجِ وَالْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ، وَظَاهِرُهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، خِلَافًا لِلْخَطَّابِيِّ الشَّافِعِيِّ فِيهِ مِنْ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ لِلرَّجُلِ كَذَا، قَالَ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَمَا فِي الْمَخَانِقِ وَالْمَقَالِدِ من حرائز وتعاويذ، وأكر2 قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالتَّاجُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ "وَ" وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إنْ بَلَغَ أَلْفًا فَهُوَ كَثِيرٌ، فَيَحْرُمُ لِلسَّرَفِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مِنْ الذَّهَبِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَعَنْهُ أَيْضًا: أَلْفُ مِثْقَالٍ كَثِيرٌ، وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ3 عَنْ جَابِرٍ، وَلِأَنَّهُ سَرَفٌ وَخُيَلَاءُ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَعَنْهُ: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَثِيرٌ. وَأَبَاحَ الْقَاضِي أَلْفَ مِثْقَالٍ فَمَا دُونَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُبَاحُ الْمُعْتَادُ وَلَكِنْ إنْ بَلَغَ الْخَلْخَالُ وَنَحْوُهُ خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، وَسَبَقَ قَوْلٌ أَوَّلَ الْفَصْلِ قَبْلَهُ4: مَا كَانَ لِسَرَفٍ كُرِهَ وَزُكِّيَ. وَفِي جَوَازِ تَحْلِيَةِ الْمَرْأَةِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُعْرَاةٍ أَوْ فِي مُرْسَلَةٍ وَجْهَانِ، فَإِنْ جَازَ سَقَطَتْ الزكاة وإلا فلا "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ تَحْلِيَةِ الْمَرْأَةِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُعْرَاةٍ أَوْ فِي مُرْسَلَةٍ وَجْهَانِ، فَإِنْ جَازَ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ والفائق وغيرهم قلت: ذكر المصنف وغيره
فصل: ولا زكاة في الجوهر واللؤلؤ
فَصْلٌ: وَلَا زَكَاةَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلِاسْتِعْمَالِ، كَثِيَابِ الْبِذْلَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي حُلِيٍّ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَسَرَفٍ، وَإِنْ كَانَ لِلْكِرَاءِ فَوَجْهَانِ "م 4 - 5". وَالْفُلُوسُ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِيهَا زكاة القيمة. وقال جماعة مِنْهُمْ الْحَلْوَانِيُّ: لَا زَكَاةَ فِيهَا وَقِيلَ: تَجِبُ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا، زَادَ ابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةِ: وَكَانَتْ رَائِجَةً. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً أَوْ للتجارة وبلغت قيمتها نصابا، في قياس ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي جَامِعِ الْأَيْمَانِ: إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُرْسَلَةً، فِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ، جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ فِي الْمُنَوِّرِ بِحِنْثِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ1: لَوْ لَبِسَ ذَهَبًا أَوْ لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ هُنَاكَ الْجَوَازُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ يُسَمَّى حُلِيًّا عُرْفًا وَعَادَةً أَمْ لَا؟ وَالصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُرْجَعَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ عَادَةٌ وَعُرْفٌ بِلُبْسِ ذَلِكَ لُبْسًا مُعْتَادًا جَازَ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ بِالتَّحَلِّي بِذَلِكَ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْحُلِيِّ لَهُنَّ بِلَا شَكٍّ، وَمَنْ لَا عَادَةَ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا عُرْفَ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ التَّحْلِيَةِ لِلنِّسَاءِ بِذَلِكَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَمَا الْمَانِعُ مِنْ الجواز؟ والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 4-5 قَوْلُهُ: وَلَا زَكَاةَ فِي. إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَسَرَفٍ، وَإِنْ كَانَ لِلْكِرَاءِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. اشتمل كلام المصنف على مسألتين:
المذهب "وهـ" وَقَالَ أَيْضًا: لَا زَكَاةَ إنْ كَانَتْ لِلنَّفَقَةِ، فإن كانت للتجارة قومت كعرض. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى": هَلْ يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَاللُّؤْلُؤِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَقَطْ؟ أَوْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ وَالسَّرَفِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَقَطْ، فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ تَبَعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، فَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لِتِجَارَةٍ وَلَا سَرَفٍ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّ جَوْهَرٍ، وَعَنْهُ: وَلُؤْلُؤٍ، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ مِنْ ذَلِكَ، أَطْلَقَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فَقَالَ: وَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ اللَّآلِئِ وَالْجَوَاهِرِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُذَهَّبِ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ اللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: فَإِنْ كَانَ الْحُلِيُّ لُؤْلُؤًا وَجَوَاهِرَ وَكَانَ لِلتِّجَارَةِ قُوِّمَ جَمِيعُهُ، وإن كان لغيرها فلا زكاة فيها لأنها لا زَكَاةَ فِيهَا 3 مُنْفَرِدَةً، فَكَذَا مَعَ غَيْرِهَا، انْتَهَى. وَقَدْ اخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَعُمَدِ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيمَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ مِنْ الْحُلِيِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِيهِ الزَّكَاةُ، وَهُوَ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالتِّجَارَةِ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: لا زكاة في حلي مباح لم يعد لِلتَّكَسُّبِ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ علينا بتصحيحها.
فصل: وللرجل والمرأة التحلي بالجوهر ونحوه
فَصْلٌ: وَلِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ التَّحَلِّي بِالْجَوْهَرِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ التَّشَبُّهُ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ غَيْرُ تَخَتُّمِهِ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، وَهِيَ تَشَبُّهُ الرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةِ بِالرَّجُلِ فِي اللِّبَاسِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَمَرَّتْ بِهِ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا قَبَاءٌ، فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَقُلْت: تَكْرَهُهُ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا أَكْرَهُهُ جِدًّا؟ لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ1. قَالَ: وَكَرِهَ يَعْنِي أَحْمَدَ أَنْ يَصِيرَ لِلْمَرْأَةِ مِثْلُ جَيْبِ الرِّجَالِ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ: صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ فِي لُبْسِ الْمَرْأَةِ الْعِمَامَةَ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ إنْكَارُ تَشَبُّهِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَعَكْسُهُ، وَاحْتَجَّ بِمَا نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد: لَا يُلْبِسُ خَادِمَتَهُ شَيْئًا مِنْ زِيِّ الرِّجَالِ، لَا يُشَبِّهُهَا بِهِمْ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يُخَاطُ لَهَا مَا كَانَ لِلرَّجُلِ وَعَكْسُهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَابْنِ تَمِيمٍ: يُكْرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ "وهـ" مَعَ جَزْمِهِمْ بِتَحْرِيمِ اتِّخَاذِ أَحَدِهِمَا حُلِيَّ الْآخَرِ لِيَلْبَسَهُ، مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَلَعَلَّهُ الَّذِي عَنَاهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ بِكَلَامِهِ السَّابِقِ فِي الْفَصْلِ قَبْلِهِ3. وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ صَلَاةُ أَحَدِهِمَا بِلِبَاسِ الْآخَرِ، لِلتَّشَبُّهِ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ لَعْنِهِ عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّلَامُ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى إبَاحَةِ تَحِلِّي النِّسَاءِ بِالْجَوْهَرِ وَالْيَاقُوتِ، وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ لِلرِّجَالِ، إلَّا فِي الْخَاتَمِ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّخَتُّمَ لَهُمْ بِجَمِيعِ الْأَحْجَارِ مُبَاحٌ مِنْ الْيَاقُوتِ وَغَيْرِهِ. وَيُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ"1 كَذَا ذُكِرَ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَثْبُتُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا شَيْءٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ2، فَلَا يُسْتَحَبُّ هَذَا عِنْدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ. وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ، فَظَاهِرُهُ لَا يُسْتَحَبُّ، وَهَذَا الْخَبَرُ فِي إسْنَادِهِ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ وَبَاقِيهِ جَيِّدٌ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمَوْضُوعِ. وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ خَاتَمُ حَدِيدٍ وَصُفْرٍ وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: أَكْرَهُ خَاتَمَ الْحَدِيدِ؛ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمُ حَدِيدٍ عَلَيْهِ فِضَّةٌ. فَرَمَى بِهِ. فَلَا يُصَلِّي فِي الْحَدِيدِ وَالصُّفْرِ. وَهَذَا الْخَبَرُ لَمْ يَرْوِهِ فِي مُسْنَدِهِ، وَعَنْ إيَاسِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُعَيْقِيبِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَدِيدٍ مَلْوِيٍّ عَلَيْهِ فِضَّةٌ، قَالَ: فَرُبَّمَا كَانَ فِي يَدَيَّ، قَالَ: وَكَانَ الْمُعَيْقِيبُ عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ إلَى إيَاسٍ، وَإِيَاسٌ تَفَرَّدَ عَنْهُ نُوحُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ كَلَامًا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3، وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ عَنْ خَاتَمِ الْحَدِيدِ، فذكر خبر عمرو بن شعيب: أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: "هَذِهِ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ" 1 وَابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: لُبْسَةُ أَهْلِ النَّارِ وَابْنُ عُمَرَ قَالَ: مَا طَهُرَتْ كَفٌّ فِيهَا خَاتَمُ حَدِيدٍ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ لِرَجُلٍ لَبِسَ خَاتَمًا مِنْ صُفْرٍ: "مَا لِي أَجِدُ مِنْك رِيحَ الْأَصْنَامِ" 2 فَقَدْ احْتَجَّ بِخَبَرِ بُرَيْدَةَ، وَقَالَ فِي مُسْنَدِهِ3: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَأَلْقَاهُ وَاِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: "هَذَا شَرٌّ، هَذِهِ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ" فَأَلْقَاهُ وَاِتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ، فَسَكَتَ عَنْهُ. حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ4 أَيْضًا حَدَّثَنَا عَفَّانَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَنْبَأَنَا عَمَّارُ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَهُ وَفِيهِ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ "أَلْقِ ذَا" فَأَلْقَاهُ وَقَالَ عَنْ خَاتَمِ الْحَدِيدِ: "هَذَا شَرٌّ" لَمْ يَقُلْ: هَذَا حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ عَمَّارٌ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ كَرِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَالْأَثْرَمِ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: الدُّمْلُوجُ5 الْحَدِيدُ وَالْخَاتَمُ الْحَدِيدُ نَهَى الشَّارِعُ عَنْهُمَا، فَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ عَلَّقَ عَلَيْهِ حَدِيدَةً أَوْ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ" 6 كَذَا قَالَ، وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجُوزُ دُمْلُوجٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ الْخَاتَمُ وَنَحْوُهُ "وش" وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الرَّصَاصُ لَا أَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا، وَلَهُ رَائِحَةٌ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زكاة المعدن
باب زكاة المعدن باب زكاة المعدن ... باب زكاة المعدن مَنْ أَخْرَجَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ "هـ م ر" مِنْ مَعْدِنٍ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ، وَلَوْ مِنْ دَارِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" أو موات حرب "هـ"1، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ: إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَرْضِهِ الَّتِي لِلزِّرَاعَةِ وَبُسْتَانِهِ رِوَايَتَانِ، وَعِنْدَنَا، إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ جَارِيًا فَكَأَرْضِهِ، إنْ قلنا هو2 عَلَى الْإِبَاحَةِ وَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ. وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّهُ3 يَمْلِكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ أَوْ كَانَ جَامِدًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ حَتَّى يَصِلَ إلَى يَدِهِ كَمَغْصُوبٍ4. وَمَذْهَبُ "م" أَنَّ الْمَعْدِنَ لِلْإِمَامِ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مملوكة، وأنه له في مملوكة لغير5 مُعَيَّنٍ، وَإِلَّا لِلْمَصَالِحِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: مَنْ أَخْرَجَ نِصَابَ نَقْدٍ "وم ش" وَعَنْهُ: أَوْ دُونَهُ "وهـ" أَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ غَيْرِ نَقْدٍ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ وَخِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَنْطَبِعْ "هـ" مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ، كَجَوْهَرٍ وَبَلُّورٍ وَقَارٍ وَكُحْلٍ وَنَوْرَةٍ وَمَغْرَةٍ وَعَقِيقٍ وَكِبْرِيتٍ وَزِفْتٍ وَزُجَاجٍ وَهُوَ مُثَلَّثُ الزاي، بخلاف زجاج جمع زج6 الرُّمْحُ فَإِنَّهُ بِالْكَسْرِ لَا غَيْرُ قَالَ فِي المستوعب وغيره: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِلْحٍ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَالْقَارُ وَالنَّفْطُ فِي الْمَعَادِنِ الْجَارِيَةِ، وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الزِّجَاجَ1 فَإِنَّهُ يَنْطَبِعُ بِالنَّارِ، وَلَا حَقَّ فِيهِ عِنْدَهُمْ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ عَمَّا يُرْوَى مَرْفُوعًا "لَا زَكَاةَ فِي حَجَرٍ" 2: إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَحْجَارِ الَّتِي لَا يَرْغَبُ فِيهَا عَادَةً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّخَامَ وَالْبِرَامَ وَنَحْوَهُمَا مَعْدِنٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ جَمَاعَةٍ 3، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَتَانِ فِي الزِّئْبَقِ، الْوُجُوبُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ مَاءُ الْفِضَّةِ. وَعَدَمُهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَعْدِنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ حَيْثُ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي الْبَرَارِيِّ. قَالَ الأصحاب رحمهم الله: والطين4 وَالْمَاءُ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ، فَلَا حَقَّ فِيهِ، وَلِأَنَّ الطِّينَ تُرَابٌ، وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْهُ: لَمْ أَسْمَعْ فِي مَعْدِنِ الْقَارِ وَالنَّفْطِ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْفَاءِ وَالْكُحْلِ وَالزِّرْنِيخِ شَيْئًا. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَظَاهِرُهُ التَّوَقُّفُ عَنْ غَيْرِ الْمُنْطَبِعِ، فَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَهْلِهَا رُبْعُ الْعُشْرِ "وم ق" فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَالِ "وَ" بَعْدَ السَّبْكِ وَالتَّصْفِيَةِ "وَ" فَإِنَّ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ بَعْدَهُمَا، كَالْحَبِّ، وَوَقْتُ وُجُوبِهَا إذَا أُحْرِزَ1، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَابْنِ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ فِي الْكَافِي2 وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ. بِظُهُورِهِ، كَالثَّمَرَةِ بِصَلَاحِهَا، وَلَعَلَّ مُرَادَ الْأَوَّلَيْنِ اسْتِقْرَارُ الْوُجُوبِ، وَلَا يحتسب بمؤنتهما3، فِي الْأَصَحِّ "هـ" كَمُؤْنَةِ اسْتِخْرَاجِهِ "هـ"؛ لِأَنَّهُ رِكَازٌ4 عِنْدَهُ، كَالْغَنِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ اُحْتُسِبَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، كَمَا سَبَقَ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الزَّرْعِ5، كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، أَظُنُّهُ فِي الْمُغْنِي6، وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَأَطْلَقَ فِي الْكَافِي7 وَغَيْرِهِ: لَا يُحْتَسَبُ كَمُؤَنِ الْحَصَادِ وَالزِّرَاعَةِ. وَفِي الْإِفْصَاحِ لِابْنِ هُبَيْرَةَ: فِي الْمَعْدِنِ الْخُمُسُ "وهـ ق" يصرف8 مَصْرِفِ الْفَيْءِ "وهـ ق" فَهُوَ فَيْءٌ مِنْ الْكُفَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَالرِّكَازِ وَالْغَنِيمَةِ، مَعَ أَنَّ الشَّارِعَ غَايَرَ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ: "الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" 9 قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: "الْمَعْدِنُ جُبَارٌ" إذَا وَقَعَ عَلَى الأجير شيء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ يَعْمَلُ فِي الْمَعْدِنِ فَقَتَلَهُ لَمْ1 يَلْزَمْ الْمُسْتَأْجِرَ شَيْءٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: زَكَاةُ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فِي مِقْدَارِهِ، وَيَعْمَلُ وَلِيُّ الْأَمْرِ بِاجْتِهَادِهِ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْجِنْسِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ وَفِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: فَإِنْ كَانَ مَنْ2 سَبَقَ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ قَدْ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي الْجِنْسِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ، وَفِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ، وَحَكَمَ3 فيهما4 حُكْمًا أَنْفَذَهُ وَأَمْضَاهُ، اسْتَقَرَّ حُكْمُهُ فِي الْأَجْنَاسِ الَّتِي5 يَجِبُ فِيهَا حَقُّ الْمَعْدِنِ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ حُكْمُهُ فِي الْقَدْرِ الْمَأْخُوذِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ فِي الْجِنْسِ مُعْتَبَرٌ بِالْمَعْدِنِ الْمَوْجُودِ، وَحُكْمُهُ فِي الْقَدْرِ مُعْتَبَرٌ بِالْعَامِلِ الْمَفْقُودِ، كَذَا قَالَ، وَهَذَا يُشْبِهُ تَغْيِيرَ مَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ من وقف6 وَقَسْمِهِ. وَفِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ هَلْ يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ7. وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ فِي دَفْعَةٍ أَوْ دَفَعَاتٍ لَمْ يَتْرُكْ الْعَمَلَ بَيْنَهُمَا تَرْكَ إهْمَالٍ، فَلَا أَثَرَ لِتَرْكِهِ لِمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَإِصْلَاحِ آلَةٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، كَالِاسْتِرَاحَةِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، أَوْ اشْتِغَالِهِ بِتُرَابٍ خَرَجَ بَيْنَ النيلين8، أَوْ هَرَبَ عَبِيدُهُ، لَا أَنَّ كُلَّ عِرْقٍ يُعْتَبَرُ بِنَفْسِهِ "م ق" قَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ أَهْمَلَهُ وَتَرَكَهُ فَلِكُلِّ مَرَّةٍ حُكْمٌ. وَلَا يُضَمُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جِنْسٌ إلَى آخَرَ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: مَعَ تَقَارُبِهِمَا، كَقَارٍ وَنَفْطٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ، وَقَالَ الشَّيْخُ: تُضَمُّ الْأَجْنَاسُ مِنْ مَعْدِنٍ وَاحِدٍ، لِتَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ، كَالْعُرُوضِ. وَمَنْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ جِنْسٍ مِنْ مَعَادِنَ ضُمَّ، كَالزَّرْعِ فِي مَكَانَيْنِ، وَلِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. وَفِي ضَمِّ نَقْدٍ إلَى آخَرَ الرِّوَايَتَانِ "*" وَإِنْ أَخْرَجَ اثنان نصابا فالروايتان، و1 يخرج مِنْ النَّقْدِ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ، وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: مِنْ عَيْنِهِ. وَلَا تَتَكَرَّرُ زَكَاةُ غَيْرِ النَّقْدِ2، إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التِّجَارَةَ فَالرِّوَايَتَانِ. وَإِنْ أَخْرَجَ تِبْرًا وَاسْتَظْهَرَ بِزِيَادَةٍ جَازَ، وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ أَوْ بدله، و3 اختار صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا ضَمَانَ بِلَا تَعَدٍّ كَدَافِعٍ4 مختار؛ لأنه قبض صَحِيحَهُ لَا يَضْمَنُ، فَكَذَا فَاسِدُهُ، وَإِنْ صَفَّاهُ الْآخِذُ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَجْزَأَ، وَإِلَّا زَادَ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي ضَمِّ نَقْدٍ إلَى آخَرَ الرِّوَايَتَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا اسْتَخْرَجَ ذَهَبًا وَفِضَّةً من معدن، هل يضم أحدهما بالآخر أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ، فِيهِ الرِّوَايَتَانِ: يَعْنِي بهما اللتين في تكميل إحداهما5 بالآخر6، اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا7،
اسْتَرَدَّ، وَلَا يَرْجِعُ بِتَصْفِيَتِهِ، وَمَنْ أَخْرَجَ دُونَ نِصَابٍ فَكَمُسْتَفَادٍ، وَقَدْ سَبَقَ فِي اعْتِبَارِ الْحَوْلِ1، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ قَالَ: هَذَا قِيَاسُ قَوْلِهِمْ، وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا زَكَاةَ فِيهِ. كَذَا قَالَ، مَعَ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى النِّصَابِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ2 الْإِخْرَاجُ مِنْهُ. وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ بِدَارِ حَرْبٍ إلَّا بِقَوْمٍ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَغَنِيمَةٌ، فَيُخَمَّسُ أَيْضًا بَعْدَ رُبْعِ الْعُشْرِ، وَلَا شَيْءَ فِيمَا أَخْرَجَهُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ، كَالْمُكَاتَبِ وَالذِّمِّيِّ "هـ م ر" وَقِيلَ: يُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ مَعْدِنٍ بِدَارِنَا، وَيَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ مَنْعِهِ مَجَّانًا. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: حَفْرُ ذَلِكَ كَإِحْيَائِهِ الْمَوَاتَ، وَظَاهِرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ كَذَلِكَ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: قِيَاسُ مَذْهَبِنَا لَهُ كُلُّهُ كَبَقِيَّةِ الْمُبَاحَاتِ، وَمَذْهَبُ "هـ" يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فعليه الخمس، وإن أخرجه عبد لمولاه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوقد أطلق الخلاف فيها3، وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ قُلْنَا يَكْمُلُ ضُمَّ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَكْمُلُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ الضَّمُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَإِنْ أَخْرَجَ4 اثْنَانِ نِصَابًا فَالرِّوَايَتَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِي الْخُلْطَةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ، وَقَدْ5 قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ, وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "وَلَا تُكَرَّرُ زَكَاةُ غَيْرِ النَّقْدِ، إلَّا أَنْ يَقْصِدَ التِّجَارَةَ فَالرِّوَايَتَانِ"، انْتَهَى. يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فِيمَا إذَا نَوَى التِّجَارَةَ بِهَا، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهَا بِفِعْلِهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى تَصِيرُ للتجارة بمجرد النية، وهذه المسألة كذلك.
زَكَّاهُ مَوْلَاهُ، وَإِنْ كَانَ لِنَفْسِهِ انْبَنَى عَلَى مِلْكِ الْعَبْدِ. وَيَجُوزُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنٍ وَصَاغَةٍ بغير جنسه. نص عليه، كعرض1 "و" لِأَنَّهُ مَسْتُورٌ بِمَا هُوَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَهُوَ كَالْبَاقِلَّاءِ فِي قِشْرَيْهِ وَالْجَوْزِ، وَكَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ تَبَعًا لِلشَّاةِ، لَا مُنْفَرِدًا، كَبَيْعِ التِّبْرِ مُنْفَرِدًا عَنْ التُّرَابِ، وَلِأَنَّ تُرَابَ الصَّاغَةِ لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ إلَّا فِي ثَانِي الْحَالِ بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، وَعَنْهُ: لَا، نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ "وش" كجنسه "و"1 وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَا فِي تُرَابِ صَاغَةٍ، وَأَنَّ غَيْرَهُ أَهْوَنُ "وم" وَزَكَاتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ، كَبَيْعِ حَبٍّ بَعْدَ صَلَاحِهِ. وَلَا شَيْءَ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَحْرِ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَعَنْبَرٍ وَغَيْرِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ "وَ" وَعَنْهُ: فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْمَعْدِنِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقِيلَ: غَيْرُ حَيَوَانٍ، جَزَمَ به بعضهم، كصيد البر، ونص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أحمد التسوية1 "و" مثله2 فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمِسْكِ وَالسَّمَكِ، فَيَكُونُ الْمِسْكُ مِنْ الْبَحْرِيِّ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصغير أنه بري3، فيه الزكاة، كذا قال، وكذا ذكره4 الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، يُؤَيِّدُهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ فِي الْخِلَافِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ: وَكَذَلِكَ السَّمَكُ وَالْمِسْكُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَقَالَ: كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: فِي الْمِسْكِ إذَا أَصَابَهُ صَاحِبُهُ الزَّكَاةُ، شَبَّهَهُ بِالسَّمَكِ إذَا صَادَهُ وَصَارَ فِي يَدِهِ مِنْهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا لَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، وَسَبَقَ فِي أول5 الْفَصْلِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ6، وَلَوْ كَانَ مَا خَرَجَ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَعَنْبَرٍ وَنَحْوِهِ مَمْلُوكًا فَيَتَوَجَّهُ، كَمَنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَضْيَعَةٍ عَجْزًا "وم"5 وَاَللَّهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حكم الركاز
باب حكم الركاز باب حكم الركاز ... بَابُ حُكْمِ الرِّكَازِ فِي الرِّكَازِ وَهُوَ الْكَنْزُ الْخُمُسُ "و" وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَقْدٍ "م ش" فِي الْحَالِ "و" وَلَوْ قَلَّ "ش" وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ عَلَى أَنَّهُ زَكَاةٌ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ حَوْلٌ وَلَا نِصَابٌ، وَلَا كَوْنُهُ ثَمَنًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يَتَعَيَّنُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قبل إخراج خمسه، وهل هو زكاة يصرف1 لأهل الزكاة؟ "وش" لِقَوْلِ عَلِيٍّ2، وَكَالْمَعْدِنِ أَوْ فَيْءٍ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الفيء؟ "وهـ م" لِفِعْلِ عُمَرَ3، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مَخْمُوسٌ كَخُمُسِ الغنيمة؛ فيه روايتان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 1: قوله: وهل هو زكاة يصرف4 لِأَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ فَيْءٌ يُصْرَفُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ: إحْدَاهُمَا: هُوَ زَكَاةٌ، جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تميم والفائق وشرح ابن رزين وغيرهم.
وَلَا يَخْتَصُّ بِمَصْرِفِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ بَلْ الْفَيْءِ المطلق للمصالح كلها1 "هـ"2 فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ زَكَاةٌ لَمْ تَجِبْ على من ليس من أهلها "وش"3 لَكِنْ إنْ وَجَدَهُ عَبْدٌ، فَلِسَيِّدِهِ، كَكَسْبِهِ4، وَيَمْلِكُهُ الْمُكَاتَبُ، وَيَمْلِكُهُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَيُخْرِجُهُ عَنْهُمَا الْوَلِيُّ، وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ زَكَاةٌ، وُجُوبُهُ عَلَى كُلِّ وَاجِدٍ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ فَيْءٌ وَجَبَ على كل واجد "وهـ م" وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ لِمَنْ وَجَدَهُ تَفْرِيقُهُ بِنَفْسِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ قُلْنَا زَكَاةٌ، نَصَّ عليه "وهـ م" وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي6 وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْحَقَّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ، كَالزَّكَاةِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاجِدِ إذَا غَنِمَ شَيْئًا، فَإِنَّ تَمْيِيزَ الْخُمُسِ إلَيْهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ7 دَفْعُ الْخُمُسِ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا يَجُوزُ فِي غَنِيمَةِ الْوَاجِدِ، كَذَا قَالَ: وَيَأْتِي فِي غَنِيمَةِ الْوَاجِدِ أَنَّ الْإِمَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ فَيْءٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَالْجَامِعِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ8، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ فِي الإفادات: لأهل الزكاة أو الفيء.
يُخَمِّسُهُ1، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي دَفْعِ الْخُمُسِ مِنْ غَيْرِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا، كَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَضْمَنُ؟ ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي2 عَنْ أَبِي ثَوْرٍ: يَضْمَنُ، وَظَاهِرُهُ: لَا يَضْمَنُ عِنْدَنَا، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي أَجْنَبِيٍّ فَرَّقَ وَصِيَّةً لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي جِهَتِهِ، وَعَلَى الْجَوَازِ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ فِيهِ، جَعَلَهُ الْقَاضِي كَغَنِيمَةِ الْوَاجِدِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ الْخَرَاجِ. وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ يُؤْخَذُ الرِّكَازُ مِنْ الذِّمِّيِّ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ، وَهَلْ يجوز رده3 الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ، كَإِرْثِهَا أَوْ قَبْضِهَا مِنْ دَيْنٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، أَمْ لَا يَجُوزُ؟ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ، فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 2" وكذا صرف الخمس إلى واجده، ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 2: قوله: هل يجوز رده3 الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ: إحْدَاهُمَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ، وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ فِي الرِّكَازِ والعشر، نقله المجد في شرحه، ويأتي
فَيَقْبِضُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ فَقَطْ "م3"، وَإِنْ قُلْنَا خُمُسُ الرِّكَازِ فَيْءٌ جَازَ تَرْكُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ، كَالْخَرَاجِ، عَلَى مَا يَأْتِي1. وَلِلْإِمَامِ رَدُّ خُمُسِ فَيْءٍ وَغَنِيمَةٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْغَنِيمَةَ أَصْلًا لِلْمَنْعِ فِي الْفَيْءِ، وَذَكَرَ الْخَرَاجَ أَصْلًا لِلْجَوَازِ فِيهِ وَيَأْتِي فِي آخَرِ ذِكْرِ أهل الزكاة1. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَرِيبٌ مِنْ هَذَا فِي آخَرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وقبيل باب2 صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَيْضًا3. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَكَذَا صَرْفُ الْخُمُسِ إلَى وَاجِدِهِ، فَيَقْبِضُهُ4 مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ وَقِيلَ يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ فَقَطْ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَفِي جَوَازِ دَفْعِ خُمُسِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ إلَى مَنْ أُخِذَ مِنْهُ وَجْهَانِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يَجُوزُ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَلَا يُخَمِّسْ مَا وَجَدَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ إنْ جَازَ دَفْعُ خُمُسِهِ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ، إنْ قُلْنَا هُوَ زَكَاةٌ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ فَيْءٌ خُمِّسَ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى الْأَقْيَسِ إنْ قَالَهُ هُوَ فَيْءٌ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَيْءٌ وَمَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ جَازَ دَفْعُ خُمُسِهِ إلَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، عَلَى الْأَقْيَسِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَمَا وَجَدَهُ مُسْلِمٌ جَازَ دَفْعُ خُمُسِهِ إلَيْهِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ قُلْنَا خُمُسُ الرِّكَازِ فَيْءٌ جَازَ تَرْكُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ كَالْخَرَاجِ. وقال في المغني5، والشرح6: قال
وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدٍ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ أَنْ يُمْسِكَ الْخُمُسَ لِنَفْسِهِ لِحَاجَةٍ "هـ" وَالْبَاقِي بَعْدَ الْخُمُسِ لواجده ولو كان مستأمنا بدارنا "هـ" إلا1 أَنَّهُ فِي عَنْوَةٍ أَوْ صُلْحٍ لَهُمْ "م"، وَقَوْلُنَا "بَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ" إنْ لَمْ يَكُنْ أَجِيرًا لِطَالِبِهِ "و" وَهَذَا إذَا وَجَدَهُ فِي مَوَاتٍ أَوْ أَرْضٍ لَا يُعْلَمُ لَهَا مَالِكٌ. وَإِنْ وَجَدَهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلِوَاجِدِهِ، فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ أَشْهَرُ، سَوَاءٌ ادَّعَاهُ أَوْ لَا، وَعَنْهُ: لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَإِلَّا فَلِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ كَذَلِكَ "م 4"، إلَى أَوَّلِ مَالِكٍ، فَيَكُونُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يعترف به "وهـ ش م ر" كما لو ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي: وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ رَدُّ خُمُسِ الرِّكَازِ عَلَى وَاجِدِهِ، كَالزَّكَاةِ وَخُمُسِ الْغَنِيمَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يجوز، انتهى. وقدم ابْنِ رَزِينٍ قَوْلَ الْقَاضِي، انْتَهَى: إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ كَالزَّكَاةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ. مَسْأَلَةٌ - 4 قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ غَيْرِهِ فَلِوَاجِدِهِ2، فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ أَشْهَرُ وَعَنْهُ لِمَالِكٍ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ، وَإِلَّا فَلِمَنْ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ بِهِ كَذَلِكَ، انْتَهَى: الرِّوَايَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ الَّتِي قَالَ3: هِيَ أَشْهَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَنَصُّهُمَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهَا، فَعَلَيْهَا إنْ ادَّعَاهُ وَاجِدُهُ4، فَهُوَ لَهُ: عَلَى الصَّحِيحِ وَعَلَى الْأُولَى إنْ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ قَبْلَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ5 وَلَا وَصْفٍ فَلَهُ مَعَ يَمِينِهِ،
ادَّعَاهُ بِصِفَةٍ. لَا لِأَوَّلِ مَالِكٍ فَقَطْ "هـ" ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ، ثُمَّ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَعَلَى هَذِهِ إنْ ادَّعَاهُ وَاجِدُهُ فَهُوَ لَهُ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ1: إنْ ادَّعَاهُ الْمَالِكُ قَبْلَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا وصف، فله2 مَعَ يَمِينِهِ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ: بَلَى لِوَاجِدِهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَمَتَى دُفِعَ إلَى مُدَّعِيهِ بَعْدَ إخْرَاجِ خُمُسِهِ غَرِمَ وَاجِدُهُ بَدَلَهُ إنْ كَانَ أَخْرَجَ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهْرًا غَرِمَهُ. لَكِنْ هَلْ هُوَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ "*" وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أنه إذا خمس ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الصَّحِيحِ، جَزَمَ بِهِ مَنْ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وعنه3: بَلْ4 لِوَاجِدِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَدَّمَ فيها حكما. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهْرًا غَرِمَهُ، لَكِنْ هَلْ هُوَ مِنْ مَالِهِ أو من بيت المال، فيه الخلاف5، الظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ6 الَّذِي فِي خَطَئِهِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ فِي بَيْتِ المال.
رِكَازًا فَادَّعَى بِبَيِّنَةٍ، هَلْ لِوَاجِدِهِ الرُّجُوعُ؟ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ، وَعَنْهُ، رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: يَكُونُ لِلْمَالِكِ قَبْلَهُ إنْ اعْتَرَفَ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ فَلِوَاجِدِهِ. وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْمِلْكُ إرْثًا فَهُوَ مِيرَاثٌ، فَإِنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لموروثهم1، فلمن قبله، كما سبق، وإن أنكر واحد2 سَقَطَ حَقُّهُ فَقَطْ. وَكَذَا الْكَلَامُ إنْ وَجَدَ الرِّكَازَ فِي مِلْكِ آدَمِيٍّ: مَعْصُومٍ فَلِوَاجِدِهِ فَلَوْ ادعاه صاحب الملك ففي دفعه إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ، وَعَنْهُ: هُوَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ، وَعَنْهُ: إنْ اعْتَرَفَ بِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَرِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ، منهم القاضي والشيخ "م 5": ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ لُقَطَةً فَرِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا جماعة منهم القاضي والشيخ، انتهى. يعني3: إذَا وَجَدَهَا فِي مِلْكِ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ: إحْدَاهُمَا: هي لِوَاجِدِهَا، قَدَّمَهَا4 بَعْضُهُمْ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُ بِمَالِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ فِي اللُّقَطَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا، انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَكُونُ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ بِدَعْوَاهُ بلا صفة لأنها تبع5 للملك، قدمها
إحْدَاهُمَا هِيَ لِصَاحِبِ الْمِلْكِ بِدَعْوَاهُ بِلَا صِفَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْمِلْكِ. وَالثَّانِيَةُ: لِوَاجِدِهَا، قَدَّمَهَا بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُ بِمَالِهِ. وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِدُ فِي الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ1 رِكَازًا أَوْ لُقَطَةً "م 6" وعنه: صاحب الكراء أحق باللقطة. ـــــــــــــــــــــــــــــQابن رزين في شرحه، وأطلقهما في المحرر2، وَحَكَاهُمَا رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي3: وَإِنْ وَجَدَ مَا عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ فَادَّعَاهُ مَنْ انْتَقَلَ عَنْهُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَا صِفَةٍ، لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ إلَّا بصفة4، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ لَعَرَفَهُ، انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: ظَهَرَ لِي مِنْ تَعْلِيلِ الشَّيْخِ فِي الْكَافِي5 لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ فِي كَلَامِ المصنف في تعليله للراوية الثانية التي جعلتها6 هُنَا أَوْلَى نَقْصًا، وَتَقْدِيرُهُ: 7"إحْدَاهُمَا هِيَ لِوَاجِدِهَا"7، إنْ لَمْ يَصِفْهَا صَاحِبُ الْمِلْكِ، قَدَّمَهَا بَعْضُهُمْ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَتُهُ بِمَالِهِ. فَالنَّقْصُ هُوَ "إنْ لَمْ يَصِفْهَا صَاحِبُ الْمِلْكِ" حَتَّى يُوَافِقَ مَا عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ الرِّوَايَةَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْجِرِ يَجِدُ فِي الدَّارِ المؤجرة ركازا أو لقطة. يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمِنْ كَلَامِنَا عَلَى اللُّقَطَةِ، وَصَحَّحَ الْقَاضِي أَيْضًا هُنَا أَنَّهُ
وَإِنْ وَجَدَهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ شَيْءٍ أَوْ هَدْمِهِ فَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ؛ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَقِيلَ هُوَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، قَالَ: لِأَنَّ عَمَلَهُ لِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ، كَالْمَعْدِنِ فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ، فَكَذَا الرِّكَازُ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ "م 7"؛ لأنه يوهم أن ـــــــــــــــــــــــــــــQلِوَاجِدِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 أَيْضًا فِي الرِّكَازِ وَقَالَ: بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ وَجَدَ رِكَازًا فِي مِلْكٍ انْتَقِلْ إلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ شَيْءٍ أَوْ هَدْمِهِ فَقِيلَ: هُوَ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَقِيلَ: هُوَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَهُ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ، قَالَ: لِأَنَّ عَمَلَهُ لِغَيْرِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لِوَاجِدِهِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ لِلْمَالِكِ، كَالْمَعْدِنِ فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ، فَكَذَا الرِّكَازُ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: فِي كَلَامِ الْقَاضِي نَظَرٌ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الرِّكَازَ الْمَدْفُونَ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ كَالْمَعْدِنِ، انْتَهَى. إذَا عُلِمَ3 ذَلِكَ، فَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ هِيَ الصَّحِيحَةُ، وَجَزَمَ بِهَا الشَّارِحُ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هُوَ لِلْأَجِيرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ غيرها فوجد كنزا أو لقطة، فطريقان4، أحدهما لمن 5"استأجره، كما لو"5 اُسْتُؤْجِرَ لِطَلَبِ كَنْزٍ، وَالثَّانِي هُوَ عَلَى مَا تقدم من الخلاف انتهى6. وقال فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَجَدَهُ مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ هَدْمِ مَكَان فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَعَنْهُ: بَلْ هُوَ رِكَازٌ، فَيَأْخُذُهُ
الرِّكَازَ الْمَدْفُونَ يَدْخُل فِي الْبَيْعِ كَالْمَعْدِنِ. وَلَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُكْرِي الدَّارِ وَمُكْتَرِيهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ أَوَّلًا، أَوْ أَنَّهُ دَفَنَهُ، فَوَجْهَانِ "8 م" وَمَنْ وَصَفَهُ حَلَفَ وَأَخَذَهُ: نَقَلَهُ الْفَضْلُ، لَا أَنَّهُ يُصَدِّقُ السَّاكِنَ مُطْلَقًا "ش" وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ عَادَتْ إلَى الْمُكْرِي فَقَالَ: دَفَنْته قبل الإجارة، وقال المكتري أنا وجدته ودفنته، فالوجهان في التلخيص "م 9". وَمَنْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ، فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ فِي الْخِلَافِ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ1 يكون له، كالطائر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاجِدُهُ إنْ كَانَ فِيهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ، وَعَنْهُ: بَلْ هُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَدَّمَ الْمَجْدُ فِي شرحه أنه للمستأجر. مسألة - 8: قوله: لو2 ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُكْرِي الدَّارِ وَمُكْتَرِيهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ أَوَّلًا، أَوْ أَنَّهُ دَفَنَهُ، فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّرْحِ4 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ: لِأَنَّ الدَّفْنَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِزِيَادَةِ الْيَدِ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ عَادَتْ إلَى الْمُكْرِي، فَقَالَ: دَفَنْته قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وقال المكتري: أنا وجدته ودفنته، فالوجهان في التَّلْخِيصِ، انْتَهَى، وَتَبِعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. إحْدَاهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ القول قول من هي5 في يده منهما6.
وَالظَّبْيِ1 "م 10". وَمُعِيرٌ وَمُسْتَعِيرٌ كَمُكْرٍ وَمُكْتِرٍ "م 11"، وجزم في الرعاية بأنهما كبائع مَعَ مُشْتَرٍ، يُقَدَّمُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ، كَذَا قَالَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي إنْ كَانَ لُقَطَةً الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يَدْفَعُ إلَى الْبَائِعِ بلا صفة، وجزم به في "المجرد"2، وَنَصَرَهُ فِي الْخِلَافِ، وَعَنْهُ: بَلَى، لِسَبْقِ يَدِهِ، قَالَ: وَبِهَذَا قَالَتْ الْجَمَاعَةُ. وَالرِّكَازُ مَا وُجِدَ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ، أَوْ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الكفار في الجملة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ: وَمَنْ دَخَلَ دَارَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَحَفَرَ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ فِي الْخِلَافِ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُ كَالطَّائِرِ وَالظَّبْيِ، انْتَهَى. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الدَّارِ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ، وَقَدْ حَكَى المصنف الخلاف 3"فيما إذا"3 فيمن وجد المستأجر4 ركازا في المأجور5، أو استؤجر لحفر شيء، كما تقدم، فها هنا6 أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ، وَلَعَلَّ الْقَاضِي أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِوَاجِدِهِ، مُقَابِلَةً لِمَنْ قَالَ: أَنَّهُ لِرَبِّ الدَّارِ، وإن منعناه7 مِنْهُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، والله أعلم. مسألة - 11: قوله ومعير4 ومستعير كمكر ومكتر وكذا قال ابن تميم وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافًا، لَكِنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ هَذَا، فَيَأْتِي الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ هُنَاكَ، فَكَذَا يَكُونُ هُنَا. 8"فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ"8.
فِي دَارِ إسْلَامٍ أَوْ عَهْدٍ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ كُفْرٍ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ وِفَاقًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ "عِ" أَوْ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ كَالْحُلِيِّ وَالسَّبَائِكِ وَالْآنِيَةِ فَلُقَطَةٌ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي إنَاءِ نَقْدٍ: إنْ كَانَ يُشْبِهُ مَتَاعَ الْعَجَمِ فَهُوَ كَنْزٌ، وَمَا كَانَ مِثْلَ الْعِرْقِ1، فَمَعْدِنٌ، وَإِلَّا فَلُقَطَةٌ، وَكَذَا حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ إن قدر عليه بلا منعة2. نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: غَنِيمَةٌ "وهـ ش" خَرَّجَهُ في منتهى الغاية 3"من قولنا"3: الرِّكَازُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِلْمَالِكِ، كَمَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِمَنَعَةٍ "و" قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا: الْمَدْفُونُ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَسَائِرِ مَالِهِمْ الْمَأْخُوذِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الإسلام. قال في الْمُغْنِي4: إنْ وَجَدَ بِدَارِهِمْ لُقَطَةً مِنْ مَتَاعِنَا فَكَدَارِنَا، وَمِنْ مَتَاعِهِمْ غَنِيمَةً، وَمَعَ الِاحْتِمَالِ تُعَرَّفُ حَوْلًا بِدَارِنَا، ثُمَّ تُجْعَلُ فِي الْغَنِيمَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، احْتِيَاطًا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَذْهَبِ فِي اللُّقَطَةِ: فِي دَفْنِ مَوَاتٍ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ لُقَطَةٌ، وَإِلَّا رِكَازٌ "وهـ ق" وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ دَارٍ وَدَارٍ، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم: إذَا لَمْ يَكُنْ سِكَّةً لِلْمُسْلِمِينَ فَالْخُمُسُ، وَكَذَا جَزَمَ5 بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: مَا لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ رِكَازٌ، وَأَلْحَقَ شَيْخُنَا بِالْمَدْفُونِ حُكْمًا الْمَوْجُودَ ظَاهِرًا بِخَرَابٍ جَاهِلِيٍّ أَوْ طَرِيقٍ غير مسلوك، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، 1"رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ3، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ4، عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ5. عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ"1، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ: "مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ"، قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: "مَا كَانَ مِنْهَا فِي الطريق الميتاء6، أو القرية الْجَامِعَةِ، فَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فَهِيَ لَك، وَمَا كَانَ مِنْ الْخَرَابِ يَعْنِي فَفِيهَا وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد7 أَيْضًا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ8 عَنْ أَبِي أُسَامَةَ9 عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كثير10 عن عمرو بهذا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ مُسَدَّدٍ1 عَنْ أَبِي عَوَانَةَ2 عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ3 عَنْ عَمْرٍو4 بِهَذَا. وَعَنْ مُوسَى5 عَنْ حَمَّادٍ6 وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْ ابْنِ إدْرِيسَ7 جَمِيعًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرٍو8 بِهَذَا. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ9. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ10 أَوَّلَهُ وَقَالَ: حَسَنٌ. وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ يَسْأَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْحَرِيسَةِ الَّتِي تؤخذ من مراتعها؟ قال: "فيها ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ، وَمَا أُخِذَ مِنْ عَطَنِهِ11، فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَالثِّمَارُ وَمَا أُخِذَ مِنْهَا مِنْ أَكْمَامِهَا 12؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَالَ: "مَنْ أَخَذَ بِفِيهِ وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَنْ احْتَمَلَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَرَّتَيْنِ، وَضَرْبُ نَكَالٍ، وَمَا أُخِذَ مِنْ أَجْرَانِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ". رَوَاهُ أَحْمَدُ1: ثَنَا يَعْلَى2، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَلِابْنِ مَاجَهْ3 مَعْنَاهُ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرٍو. وَلِلنَّسَائِيِّ4 مَعْنَاهُ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: "مَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ ". عَنْ الْحَارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ5، عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الحارث6 وهشام بن سعد7، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ8 عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ9، عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا الْخَبَرُ ثابت إلى عمرو بن شعيب وعمرو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِيهِ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ1، وَأَخَذَ بِخَبَرِهِ هَذَا فِي غَيْرِ اللُّقَطَةِ، وَاحْتَجَّ غَيْرُ شَيْخِنَا بِهِ كَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْخَرَابِ الْجَاهِلِيِّ وَالطَّرِيقِ غَيْرِ الْمَسْلُوكِ كَالْمَدْفُونِ لَكِنْ بِالْعَلَامَةِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ "ش" لَكِنْ قَالَ: إنْ كَانَ ظُهُورُهُ لِسَبَبٍ، كَسَيْلٍ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا: الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ بِخَرِبٍ عَادِيٍّ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ مَا تَرَكَهُ الْكُفَّارُ وَهَرَبُوا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ فَيْءٌ فِيهِ الْخُمُسُ، كَالرِّكَازِ، ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ الْخُمُسَ فِي الْمَعْدِنِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَدْفُونِ، فِي الْعَادِيِّ وَبَيْنَ الرِّكَازِ. قَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالرِّكَازِ الْمَعْدِنَ، ثُمَّ أَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِمَا سَبَقَ فِي الِانْتِصَارِ، وَلِأَنَّ الشَّارِعَ قَالَ: "الْمَعْدِنُ جُبَارٌ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" 2. فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ صَاحِبُ الصَّحِيحِ هَذَا الْخَبَرَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي اسْتَنْكَرَهَا أَهْل الْعِلْمِ عَلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَقَالَ: الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْخُمُسَ فِي الرِّكَازِ فَقَطْ، وَلَا عَلِمْنَا أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ صَارَ إلَى الْقَوْلِ فِي اللُّقَطَةِ عَلَى حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ، وَقَالَ: غَرَامَةُ الْمِثْلَيْنِ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ أَحَدٍ عَلِمْنَاهُ غَيْرَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3 وَقَالَ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، والله سبحانه أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زكاة التجارة
باب زكاة التجارة مدخل ... باب زكاة التجارة وَهِيَ وَاجِبَةٌ "و"1 وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ2، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بن سمرة3 عن أبيه 4"سليمان عن"4 سَمُرَةَ، قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نخرج الصدقة من الذي نعد5 لِلْبَيْعِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد6. وَرُوِيَ أَيْضًا بِهَذَا السَّنَدِ نَحْوُ سِتَّةِ أَخْبَارٍ، مِنْهَا: "مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ" 7. وَمِنْهَا: "مَنْ كَتَمَ غَالًّا فَإِنَّهُ مِثْلُهُ" 8. وَهَذَا الْإِسْنَادُ لَا يَنْهَضُ مِثْلُهُ لِشُغْلِ الذِّمَّةِ، لِعَدَمِ شُهْرَةِ رِجَالِهِ وَمَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمْ، وَحَبِيبٌ تَفَرَّدَ عَنْهُ جَعْفَرٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: جَعْفَرٌ وَحَبِيبٌ مجهولان، وقال الحافظ عبد الحق9: خبيب ضَعِيفٌ، وَلَيْسَ جَعْفَرٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابن القطان10: ما من هؤلاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَنْ يُعْرَفُ حَالُهُ. وَقَدْ جَهَدَ الْمُحَدِّثُونَ فِيهِمْ جُهْدَهُمْ، وَانْفَرَدَ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيُّ1 بِقَوْلِهِ: إسْنَادُهُ مُقَارِبٌ. عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: "وَفِي الْبَزِّ صَدَقَةٌ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ طَرِيقَيْنِ، وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَأَنَّهُ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2، وَعِنْدَهُ قَالَهُ بِالزَّايِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ جَمِيعَ الرُّوَاةِ رَوَوْهُ بِالزَّايِ، وَفِي صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ نَظَرٌ، وَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِمَا أَنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا احْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِحِمَاسٍ3: أَدِّ زَكَاةَ مَالِكِ، فَقَالَ: مَا لِي إلَّا جِعَابٌ وَأُدُمٌ. فَقَالَ: قَوِّمْهَا ثُمَّ أَدِّ زَكَاتَهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ4: ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ5، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ6، عَنْ أَبِيهِ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ7 عَنْ أَبِيهِ8، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ حِمَاسٍ أن أباه أخبره. ورواه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا1، وَهُوَ مَشْهُورٌ. وَسَأَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الَّذِي يُحَوِّلُ عِنْدَهُ الْمَتَاعَ لِلتِّجَارَةِ قَالَ: يُزَكِّيهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ، فَقُلْت: مَا أَحْسَنَهُ، فَقَالَ2: أَحْسَنُ منه حديث عمر3: قَوِّمْهُ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ4: ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَيْسَ فِي الْعُرُوضِ زَكَاةٌ إلَّا عَرْضًا فِي تِجَارَةٍ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ5 بِمَعْنَاهُ فِي طَرِيقٍ آخَرَ، وَهَذَا صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا أَبُو عَمْرٍو6 عَنْ أَبِيهِ، فَحِمَاسٌ لَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ مُتَقَدَّمٌ، وَاعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمُنْذِرِ، وَإِنَّمَا قَالَ: أَجْمَعَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ فِي الْعُرُوضِ الَّتِي تُرَادُ لِلتِّجَارَةِ الزَّكَاةَ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا زَكَاةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَجِبُ، قَالَ: وَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ قَوْلًا فِي الْقَدِيمِ: لَا تَجِبُ، وَحَكَى أَحْمَدُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ قَوْلُ دَاوُد، وَاحْتَجَّ بِظَوَاهِرِ الْعَفْوِ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَالْحُمُرِ7. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الوجوب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مَا سَبَقَ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ1، وَقَدْ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ نِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ مَعَ الشِّرَاءِ لَا تَصِيرُ أُضْحِيَّةً، فَلَمْ تُؤَثِّرْ النِّيَّةُ مَعَ الْفِعْلِ فِي نَقْلِ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا أُضْحِيَّةً بَعْدَ حُصُولِ الْمِلْكِ، فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ مَعَ الْمِلْكِ، وَهُنَا لَا تَصِحُّ نِيَّةُ التِّجَارَةُ بَعْدَ حُصُولِ الْمِلْكِ، فَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يَنْوِيَ مَعَ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الشِّرَاءَ يُمْلَكُ بِهِ. وَنِيَّةُ2 الْأُضْحِيَّةِ سَبَبٌ يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَلَمْ يَقَعْ الْمِلْكُ وَسَبَبُ زَوَالِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالزَّكَاةُ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ، وَلَا هِيَ سَبَبٌ فِي إزَالَتِهِ، وَالشِّرَاءُ يُمْلَكُ بِهِ، فَلِهَذَا صَحَّ أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الزَّكَاةَ حِينَ الشِّرَاءِ، كَذَا قال، وفيهما3 نظر.
فصل: وإنما تجب في قيمة العروض
فَصْلٌ: وَإِنَّمَا تَجِبُ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ "وم ش"؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْوُجُوبِ، كَالدَّيْنِ، لَا فِي نَفْسِ الْعَرْضِ، بِشَرْطِ أَنْ تَبْلُغَ نِصَابَ1 الْقِيمَةِ "هـ" فَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ النِّصَابِ بَعْدَ الْوُجُوبِ فَكَالتَّلَفِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ: لَا يُؤَثِّرُ، وَيُؤْخَذُ مِنْهَا رُبُعَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهَا كَالْأَثْمَانِ، لِتَعَلُّقِهَا بِالْقِيمَةِ، لَا مِنْ الْعَرْضِ عِنْدَنَا، إلَّا أَنْ نَقُولَ بِإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِهَا وَقْتَ الْإِخْرَاجِ، وَعِنْدَهُ: يُخَيَّرُ بين ربع عشر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقِيمَةِ، أَوْ رُبُعِ1 عُشْرِ الْعُرُوضِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُمَا أَصْلَانِ، وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ: رُبُعُ عشر2 الْعَرْضِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَيُجْزِئُ نَقْدٌ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ. وَتَتَكَرَّرُ الزَّكَاةُ كُلَّ حَوْلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُ "م": يُزَكِّي مَنْ تَرَبَّصَ نِفَاقًا وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ سِنِينَ لِعَامٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا المدين3 فَهَلْ يُقَوَّمُ وَيُزَكِّي؟ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ وَلَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؟ فِيهِ عَنْ "م" رِوَايَتَانِ. وَلَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ بِفِعْلِهِ وَيَنْوِي أَنَّهُ لِلتِّجَارَةِ عِنْدَ تَمَلُّكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ وَلَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ، أَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ، أَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَرْضٌ لِلْقُنْيَةِ فَنَوَاهُ لِلتِّجَارَةِ، لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ "و"؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يَنْقُلُ عَنْ الْأَصْلِ، كَنِيَّةِ إسَامَةِ الْمَعْلُوفَةِ، وَنِيَّةِ الْحَاضِرِ لِلسَّفَرِ. وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ إبْرَاهِيمَ وَابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّ الْعَرْضَ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالرَّوْضَةِ، لِخَبَرِ سَمُرَةَ4، وَلَا يَعْتَبِرُ فِيمَا مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ الْمُعَاوَضَةَ، هَذَا الْأَشْهَرُ، وَاخْتَارَهُ فِي الْخِلَافِ، لِخَبَرِ سَمُرَةَ، وَلِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ كَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ فِي الْمُجَرَّدِ: يَعْتَبِرُ الْمُعَاوَضَةَ "وش" تَمَحَّضَتْ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ أَوْ لَا، كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ نصه في رواية ابن منصور؛ لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْغَنِيمَةَ وَالِاحْتِشَاشَ وَالْهِبَةَ لَيْسَ مِنْ جِهَاتِ التِّجَارَةِ كَالْمَوْرُوثِ، وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ كَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ، وَعَنْهُ: يَعْتَبِرُ كَوْنَ الْعَرْضِ1 نَقْدًا "وم" ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، لِاعْتِبَارِ النِّصَابِ بِهِمَا، فَيَعْتَبِرُ أَصْلُ وُجُودِهِمَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيمَا إذَا مَلَكَ عرضا للتجارة بعرض قنية لا زكاة، 2"فهي هذه"2 الرِّوَايَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُخْرِجُ مِنْهَا اعْتِبَارَ كَوْنِ بَدَلُهُ نَقْدًا أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ مَلَكَهُ بِلَا عِوَضٍ كَوَصِيَّةٍ وَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَغَنِيمَةٍ وَاحْتِطَابٍ فَوَجْهَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا مَلَكَهُ بِفِعْلِهِ عَيْنَ مَالٍ بَلْ مَنْفَعَةَ عَيْنٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا لَوْ نَوَاهَا بِدَيْنِ حَالٍ. وَإِنْ بَاعَ عَرْضَ قُنْيَةٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ استرده لعيب ثمنه المعين "هـ"3 لأنه تملكه بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ لِعَيْبٍ فِيهِ4، وَمِثْلُهُ عَرْضُ تِجَارَةٍ بَاعَهُ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ لِعَيْبٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَمَوْرُوثٍ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ خِلَافًا أَظُنُّهُ أَبُو الْمَعَالِي فِيمَا مَلَكَهُ بِفَسْخٍ، هَلْ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ؟ فَإِنَّ الْفَسْخَ فِي عَرْضِ تِجَارَةٍ يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ. وَقَالَ: إنَّ الْمُضَارِبَ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا لِعَبِيدِ التِّجَارَةِ وَلَا نِيَّةَ صَارَ لِلتِّجَارَةِ، لِلْقَرِينَةِ، لَا لِرَبِّ الْمَالِ كَذَا قَالَ. قَالَ: وَإِنْ مَلَكَ بفعله بلا نية بعرض تجارة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَرْضًا صَارَ لِلتِّجَارَةِ، وَقِيلَ: لَيْسَ قُنْيَةً عِنْدَ بَائِعِهِ، وَالْقَوْلُ الَّذِي قَبْلَ هَذَا أَظْهَرُ، وَأَظُنُّهُ الْمَذْهَبَ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ التِّجَارَةِ لَمْ يَقْطَعْهَا، وَسَبَقَ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَكِنْ لَوْ قُتِلَ1 عبد تجارة خطأ، فصالح عن مَالٍ، صَارَ2 لِلتِّجَارَةِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ عَمْدًا وَقُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ، وَلَوْ تَخَمَّرَ عَصِيرُ التِّجَارَةِ ثُمَّ تَخَلَّلَ عَادَ حُكْمُ التِّجَارَةِ، وَلَوْ مَاتَتْ مَاشِيَةُ التِّجَارَةِ فَدُبِغَ جُلُودُهَا وَقُلْنَا تَطْهُرُ فَهِيَ عَرْضُ تِجَارَةٍ، وَتُقْطَعُ نِيَّةُ الْقُنْيَةِ وَقِيلَ: الْمُمَيَّزَةُ – 3"حَوْلُ التِّجَارَةِ"3 وَتَصِيرُ لِلْقُنْيَةِ "و" خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي4 رِوَايَةٍ ضَعِيفَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، كَالْإِقَامَةِ مَعَ السفر وحلي5 استعمال نوى به النفقة6 أَوْ التِّجَارَةَ يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ "و" وَقِيلَ: لَا نِيَّةَ مُحَرَّمَةٍ، كَنَاوٍ مَعْصِيَةً فَلَمْ يَفْعَلْهَا، فِي بُطْلَانِ أَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ خِلَافٌ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَلَنَا خِلَافٌ، هَلْ يَأْثَمُ عَلَى قَصْدِ الْمَعْصِيَةِ بِدُونِ فِعْلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ؟ مَذْكُورٌ في فصول التوبة من الآداب الشرعية.
فصل: قد سبق في كتاب الزكاة
فَصْلٌ: قَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ 1 أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْحَوْلَ وَالنِّصَابَ فِي قِيمَةِ الْعَرْضِ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَحُكْمِ الْمُسْتَفَادِ وَالرِّبْحِ، وَإِنْ اشْتَرَى أو باع عرض تجارة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِنِصَابِ نَقْدٍ أَوْ بِعَرْضِ تِجَارَةٍ بَنَى عَلَى حول1 الأول "و" ويبني حول النقد2 عَلَى حَوْلِ الْعَرْضِ مَنْ قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ3 وَضْعَ التِّجَارَةِ عَلَى التَّقَلُّبِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِثَمَنٍ وَعَرْضٍ، فَلَوْ لَمْ يَبْنِ بَطَلَتْ زَكَاةُ التِّجَارَةِ، وَلِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْقِيمَةِ، وَالْقِيمَةُ فِيهِمَا وَاحِدَةٌ انْتَقَلَتْ مِنْ عَرْضٍ إلَى عَرْضٍ، فَهُوَ كَنَقْدٍ نُقِلَ مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ، وَالْقِيمَةُ هِيَ النَّقْدُ اسْتَقَرَّ فِي الْعَرْضِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّقْدُ نصابا فحوله منذ كملت4 قِيمَتُهُ نِصَابًا، لَا مِنْ شِرَائِهِ "وهـ" وَإِنْ اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ لَمْ يَبْنِ "و" لِاخْتِلَافِهِمَا فِي النِّصَابِ وَالْوَاجِبُ، إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ بِمِثْلِهِ لِلْقُنْيَةِ، فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّ السَّوْمَ سَبَبُ الزَّكَاةِ، قَدَّمَ عَلَيْهِ زَكَاةَ التِّجَارَةِ، لِقُوتِهِ، فَبِزَوَالِ، الْمُعَارِضِ ثَبَتَ حُكْمُ السَّوْمِ، لِظُهُورِهِ، وَتَقُومُ الْعُرُوض عِنْدَ الْحَوْلِ بِمَا هُوَ1 أَحَظُّ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ "وهـ"؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ لِحَظِّ الْفُقَرَاءِ، فَيَقُومُ بِالْأَحَظِّ لَهُمْ، كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ وَفِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ تَسَاوَيَا فِي الغلبة2 يبلغ بأحدهما نِصَابًا بِخِلَافِ3 الْمُتْلَفَاتِ، وَخَيَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ4؛ لِأَنَّ الثَّمَنَيْنِ سَوَاءٌ فِي قِيمَةِ الْأَشْيَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ. وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، كَالْمُتْلِفِ، وَكَذَا ذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: بِنَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَالْأَحَظُّ، وَكَذَا مَذْهَبُ "ش" وَأَبِي يُوسُفَ: يَقُومُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِعَرْضٍ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِنَقْدِ، قَوْمٍ بِجِنْسِ 5"مَا اشْتَرَاهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِحَوْلِهِ، فَوَجَبَ جِنْسُهُ"5، كَالْمَاشِيَةِ، وَلِأَنَّ أَصْلَهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا يَقُومُ نَقْدٌ بِآخَرَ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُبْنَى حَوْلُ نَقْدٍ عَلَى حَوْلِ نَقْدٍ آخَرَ، فَيُقَوِّمُ بِمَا اشْتَرَى بِهِ، وَمَا قَوَّمَ بِهِ لَا عِبْرَةَ بِتَلِفِهِ، إلَّا قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَعَلَى ما سبق في كتاب الزكاة6 "و" وَلَا بِنَقْصِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا زِيَادَتِهِ إلَّا قَبْلَ التَّمَكُّنِ، فَإِنَّهُ كَتَلَفِهِ، وِفَاقًا، وَإِنَّمَا لَمْ تُؤَثِّرْ الزِّيَادَةُ كَنِتَاجِ مَاشِيَةٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةُ وَجْهَانِ، كَسَمْنِ مَاشِيَتِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَعِنْدَنَا: تُجْزِئُهُ صِفَةُ الْوَاجِبِ قَبْلَ السَّمْنِ، وَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ بِكُلِّ نَقْدٍ نِصَابًا خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وغيره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وهـ" وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا: بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ كَأَصْلِ الْوُجُوبِ، وَقِيلَ بِفِضَّةٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ كَهَذِهِ الْوُجُوهِ، وَتُقَوَّمُ الْمُغَنِّيَةَ سَاذَجَةً، وَيُقَوَّمُ الْمَخْصِيُّ بِصِفَتِهِ، وَلَا عِبْرَةَ بِقِيمَةِ آنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَسَبَقَ فِي ضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ حُكْمُ ضَمّ الْعَرْضِ إلَى أَحَدِهِمَا وَإِلَيْهِمَا1، وسبق في الحلي النقد المعد للتجارة2. وتضم بَعْضُ الْعُرُوضِ إلَى بَعْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةً مشترى "و"3، وسبق حكم المستفاد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من ملك نصاب سائمة
فَصْلٌ: مَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ "وهـ"؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا عَلَى التَّقَلُّبِ، فَهِيَ تُزِيلُ سَبَبَ زَكَاةِ السَّوْمِ، وَهُوَ الِاقْتِنَاءُ لِطَلَبِ النَّمَاءِ مَعَهُ، وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْأَحَظِّ، وَقِيلَ: زَكَاةُ السَّوْمِ "وم ش"؛ لِأَنَّهَا أقوى للإجماع1 وَتَعَلُّقِهَا بِالْعَيْنِ، وَقِيلَ: الْأَحَظُّ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ، اخْتَارَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، فَفِي أَرْبَعِينَ أَوْ خَمْسِينَ حِقَّةٌ أَوْ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ، أَوْ إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٍ أَوْ ثَنِيَّةٍ، أَوْ مِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ، زَكَاةُ التِّجَارَةِ، أَحَظُّ، لِزِيَادَتِهَا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ وَقْصٍ. وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ أَوْ بِنْتُ لَبُونٍ، أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتِ مَخَاضٍ، أَوْ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، زَكَاةُ السَّوْمِ1 أَحَظُّ. وَفِي إحْدَى وَسِتِّينَ دُونَ الْجَذَعَةِ، أَوْ خَمْسِينَ بنت مخاض أو بنت لبون، أو خمس وَعِشْرِينَ حِقَّةٌ، أَوْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، يَجِبُ الْأَحَظُّ مِنْ زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَوْ السَّوْمِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يُزَكِّي النِّصَابُ لِلْعَيْنِ وَالْوَقْصُ لِلْقِيمَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ2 اتَّفَقَ3 حَوْلَاهُمَا أَوْ لَا، فِي وجه، وهو ظاهر كلام أحمد، وجزم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ الشَّيْخُ، لِمَا سَبَقَ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ السَّابِقُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "م 1"؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ زَكَاتِهِ بِلَا مُعَارِضٍ1. وَإِنْ وُجِدَ نِصَابُ أَحَدِهِمَا كَثَلَاثِينَ شَاةً قِيمَتُهَا2 مِائَتَا دِرْهَمٍ، أَوْ أَرْبَعِينَ قِيمَتُهَا دُونَهَا قُدِمَ مَا وُجِدَ نِصَابُهُ وَلَمْ نعتبر3 غَيْرُهُ "و" قَالَ الشَّيْخُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِوُجُودِ4 سَبَبِ الزَّكَاةِ فِيهِ بِلَا مُعَارِضٍ، وَقِيلَ: يُغَلِّبُ مَا يَغْلِبُ إذَا اجْتَمَعَ النِّصَابَانِ وَلَوْ سَقَطَتْ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ قَوْلُ لِلشَّافِعِيِّ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ إنْ نَقَصَ نِصَابُ السَّوْمِ وجبت زكاة التجارة. وَأَمَّا إنْ سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ بِأَنْ كَانَتْ قيمته دون نصاب في بعض الحول فلا زَكَاةَ حَتَّى يُتِمَّ الْحَوْلُ مِنْ بُلُوغِ النِّصَابِ، فِي وَجْهٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ5 أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَتَأَخَّرُ، وَفِي وَجْهٍ: تَجِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: مَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ. وَقِيلَ: زَكَاةُ السَّوْمِ، وَقِيلَ: الْأَحَظُّ مِنْهُمَا لِلْفُقَرَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ حَوْلَاهُمَا أَوْ لَا، فِي وَجْهٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، لِمَا سَبَقَ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ السَّابِقُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، انْتَهَى. قلت: الصواب ما قطع به الشيخ الموفق6، وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قُلْت: بَلْ هو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.
زَكَاةُ السَّوْمِ عِنْدَ حَوْلِهِ "2 م". وَإِذَا حَالّ حَوْلُ التِّجَارَةِ زَكَّى الزَّائِدَ عَلَى النِّصَابِ، وَكَذَا حَكَى الشَّيْخُ إذَا سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ نِصَابِ جَمِيعِ الْحَوْلِ وَجَبَتْ زَكَاةُ السَّوْمِ فِي الْأَصَحِّ، لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالْكُلِّيَّةِ. وَمَنْ مَلَكَ سَائِمَةً لِلتِّجَارَةِ نِصْفَ حَوْلٍ ثُمَّ قَطَعَ نِيَّةَ التِّجَارَةِ اسْتَأْنَفَ السَّوْمَ حَوْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْنِي حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِ التِّجَارَةِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: يبني؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ سَبَقَ حَوْلُ السَّوْمِ، بأن كانت قيمته دون نصاب في بعض الْحَوْلِ، فَلَا زَكَاةَ حَتَّى يُتِمَّ الْحَوْلُ مِنْ بُلُوغِ النِّصَابِ، فِي وَجْهٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَفِي وَجْهٍ: تَجِبُ زَكَاةُ السَّوْمِ عِنْدَ حَوْلِهِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، ومالا إليه. قلت: وهو الصواب، مراعاة 3"لحق لِلْفُقَرَاءِ"3، وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ4، فَإِنَّهُمَا قالا: فقال القاضي كذا، ويحتمل كذا.
لِوُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ بِلَا مُعَارِضٍ، كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ تَبْلُغْ نِصَابَ الْقِيمَةِ. وَبَنَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى تَقْدِيمِ مَا وُجِدَ نِصَابُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، قَالَ: جَعَلَا لانقطاع حول1 التِّجَارَةِ بِقَطْعِ النِّيَّةِ كَانْقِطَاعِهِ بِنَقْصِ قِيمَةِ النِّصَابِ، وأطلق ابن تميم وجهين.
فصل: وإن اشترى للتجارة أرضا
فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ أَرْضًا يَزْرَعُهَا أَوْ زَرَعَهَا بِبَذْرٍ لِلتِّجَارَةِ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ زَكَّى قِيمَةَ الْكُلِّ، نَصَّ عَلَيْهِ "وق" وَقِيلَ: يُزَكِّي الْأَصْلَ لِلتِّجَارَةِ، وَالثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ لِلْعُشْرِ "وهـ م ق" إلا أنه لا شيء1 عند "هـ" فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ حَقُّ الشَّجَرِ وَمَغْرَسِهِ، فَهُوَ تَابِعٌ، لِلثَّمَرَةِ، وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَسْأَلَةِ السَّائِمَةِ للتجارة التي قبلها، وقيل بزكاة العشر هنا "وهـ" لِكَثْرَةِ2 الْوَاجِبِ، لِعَدَمِ الْوَقْصِ، وَالْخَلْفُ فِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ، وَيَسْتَأْنِفُ حَوْلَ التِّجَارَةِ عَلَى زَرْعٍ وَثَمَرَةٍ من حصاد وجذاذ "وش"؛ لأنه بِهِ يَنْتَهِي وُجُوبُ الْعُشْرِ الَّذِي لَوْلَاهُ لَجَرَيَا فِي حَوْلِ التِّجَارَةِ، وَقِيلَ: لَا يَسْتَأْنِفُهُ إلَّا بثمنهما إن بيعا "وهـ م" كمال3 الْقُنْيَةِ وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَلَى مَالِ الْقُنْيَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ وَقْتَ الْوُجُوبِ أَوْ وَجَدَ نِصَابَ أَحَدِهِمَا فَكَمَسْأَلَةِ سَائِمَةِ التِّجَارَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِي تَقْدِيمِ الْأَسْبَقِ وَتَقْدِيمِ مَا تَمَّ نصابه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ زَرَعَ بَذْرَ تِجَارَةٍ فِي أَرْضِ قُنْيَةٍ فهل يزكي الزرع زكاة عشر؟ "وهـ م ق" أَوْ قِيمَةً1؟ فِيهِ الْخِلَافُ"*" الْمَذْكُورُ، وَفِي بَذْرِ قُنْيَةٍ الْعُشْرُ "و" وَفِي أَرْضِهِ لِلتِّجَارَةِ الْقِيمَةُ "هـ" وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ لا زكاة فيه، أو كان لعقار للتجارة2 وَعَبِيدِهَا أُجْرَةٌ، ضَمَّ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ وَالْأُجْرَةِ إلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ3، كَرِبْحٍ وَنِتَاجٍ، وَقِيلَ: لا "وم" وَكَذَا عِنْدَ4 "م" ثَمَنِ صُوفِ وَلَبَنٍ غَنَمٍ رقابها للتجارة.
فصل: وإن اشترى صباغ ما يصبغ به ويبقى
فَصْلٌ: وَإِنْ اشْتَرَى صَبَّاغٌ مَا يَصْبُغُ بِهِ وَيَبْقَى كَزَعْفَرَانٍ وَنِيلٍ وَعُصْفُرٍ وَنَحْوِهِ فَهُوَ عَرْضُ تجارة يقوم عند حوله "وهـ ش" لِاعْتِيَاضِهِ عَنْ صَبْغٍ قَائِمٍ بِالثَّوْبِ، فَفِيهِ مَعْنَى التِّجَارَةِ، وَكَذَا مَا يَشْتَرِيهِ دَبَّاغٌ لِيَدْبُغَ بِهِ، كَعَفْصٍ وَقَرَظٍ1، وَمَا يَدْهُنُ بِهِ، كَسَمْنٍ وَمِلْحٍ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ، كَمَا يَشْتَرِيهِ قَصَّارٌ من قلي2 ونورة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ زَرَعَ بَذْرَ تِجَارَةٍ فِي أَرْضِ قَيْنَةٍ فَهَلْ يُزَكِّي قِيمَةَ الزَّرْعِ زَكَاةَ عُشْرٍ أَوْ قِيمَةً؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ3: وَالْمَذْهَبُ يُزَكِّي قِيمَةَ الْكُلِّ، نَصَّ عليه.
وَصَابُونٍ وَأُشْنَانٍ وَنَحْوِهِ. وَلَا شَيْءَ فِي آلَاتِ الصناع وأمتعة التجار1، وَقَوَارِيرِ عَطَّارٍ وَسِمَانٍ وَنَحْوِهِمْ "و" إلَّا إنْ كَانَ بَيْعُهَا مَعَ مَا فِيهَا، وَكَذَلِكَ آلَاتُ الدَّوَابِّ إنْ كَانَتْ لِحِفْظِهَا، وَإِنْ كَانَ يَبِيعُهَا مَعَهَا فَهِيَ مَالُ تِجَارَةٍ، وَلَا زَكَاةَ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ2 فِي عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ وَعَقَارٍ وَشَجَرٍ وَنَبَاتٍ "و" سِوَى مَا سَبَقَ، وَلَا فِي قِيمَةِ مَا أُعِدَّ لِلْكِرَاءِ مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَغَيْرِهِمَا "و" وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ اتَّخَذَ سَفِينَةً أَوْ أَرْحِيَةً3 لِلْغَلَّةِ فَلَا زَكَاةَ، يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ4 وَجَابِرٍ5 وَمُعَاذٍ6 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي ذَلِكَ تخريجا من الحلي المعد للكراء، وهذا المعنى7 هُوَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيِّ الْكِرَاءِ، قَالَ: لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْكِرَاءِ حُكْمًا، فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهِ فِي النَّقْدِ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ زَكَاةُ الْحُلِيِّ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِمَعْنًى يُخْرِجُهُ عَنْ طَلَبِ النَّمَاءِ وَيُقْصَدُ بِهِ الِابْتِذَالُ الْمَخْصُوصُ، وَهُنَا الْأَصْلُ عَدَمُهَا، فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالنَّمَاءِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ نِيَّةُ التِّجَارَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ1 شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ فَقِيلَ: يُزَكِّي قِيمَتَهُ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَوْ صَرِيحُهُ "م 3" وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ حُكْمُ الْفَارِّ2. وَمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا لِلتِّجَارَةِ بِأَلْفٍ، فَصَارَ عِنْدَ الْحَوْلِ بِأَلْفَيْنِ، زَكَّاهُمَا، وَأَخَذَهُ3 الشَّفِيعُ بِأَلْفٍ. وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَصَارَ عِنْدَ حَوْلِهِ بِأَلْفِ زكى4 ألفا وأخذه الشفيع بألفين؛ لأنه يأخذ5 بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَكَذَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي به6 بالعيب ويزكيه، لوجوبها في ملكه. وإذا أَذِنَ كُلُّ شَرِيكٍ لِصَاحِبِهِ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَأَخْرَجَاهَا مَعًا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ حُكْمًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَى الْمُوَكِّلِ زَكَاةٌ، كَمَا لَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ، وَالْعَزْلُ حُكْمًا الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ فِيهِ سَوَاءٌ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ عَبْدِ فَبَاعَهُ الموكل أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شِرَاءِ عَقَارٍ فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ، فَقِيلَ: يُزَكِّي7، قِيمَتَهُ. قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَوْ صَرِيحُهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ. أَحَدَهُمَا: يُزَكِّي قِيمَتَهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، مُعَامَلَةً لَهُ بِضِدِّ مَقْصُودِهِ، كَالْفَارِّ مِنْ الزَّكَاةِ8"بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ"8. وَالْقَوْلَ الثَّانِيَ: لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أو صريحه كما قال المصنف.
أَعْتَقَهُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ حَقَّ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِإِخْرَاجِ صَاحِبِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ وَإِنْ قُلْنَا ينعزل، واختاره الشيخ؛ لأنه غره1 كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي "مُنْتَهَى الْغَايَةِ" بِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ حَقُّ الْمَالِكِ بِدَفْعِهِ، إذْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ، فَنَظِيرُهُ لَوْ كَانَ الْقَابِضُ مِنْهُمَا السَّاعِي ثُمَّ عَلِمَ الْحَالَ لَمْ يَضْمَنْ الْمَخْرَجَ لِلْمَخْرَجِ عَنْهُ شَيْئًا، لَمَّا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى السَّاعِي به، ومراده ما ذكره جماعة مع2 بَقَائِهَا بِيَدِ السَّاعِي، وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْفَقِيرِ بِشَيْءٍ، وَيَقَعُ تَطَوُّعًا، كَمَنْ دَفَعَ زَكَاةً يعتقدها عليه فلم تكن، كذا قالا3، وَفِيهِ خِلَافٌ، وَيَأْتِي الْأَصْلُ فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ4. وَفِي الرِّعَايَةِ: ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّ الْآخَرِ، وَقِيلَ: لَا، كَالْجَاهِلِ مِنْهُمَا، وَالْفَقِيرِ الَّذِي أَخَذَهَا مِنْهُمَا، فِي الْأَقْيَسِ فِيهِمَا. كَذَا قَالَ: وَإِنْ أذن غير شريكين كل واحد منهما5 للآخر فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَعَلَى مَا سَبَقَ، وَهَلْ يَبْدَأُ بِزَكَاتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَجَزَمَ الْقَاضِي بِجَوَازِ إخْرَاجِ زَكَاةَ غَيْرِهِ قَبْلَ زَكَاتِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَجِّ "م 4" بِأَنَّهُ تَخْتَصُّ النِّيَابَةُ فِيهِ بالعجز عنه، فلما اختص بحال دون حال لمن وجب عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ غَيْرُ شَرِيكَيْنِ كُلُّ واحد منهما للآخر في إخراج زكاته فعلى مَا سَبَقَ، وَهَلْ يَبْدَأُ بِزَكَاتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ6، وجزم القاضي بجواز إخراج زكاة غيره
جَازَ أَنْ يَخْتَصَّ بِحَالِ النَّائِبِ دُونَ حَالٍ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا مَنْ عَلَيْهِ فَرْضُهُ انْصَرَفَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ مَنْ تَصَدَّقَ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّ بَقَاءَ بَعْضِ الْحَجِّ يَمْنَعُ أَدَاءَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ بَقَاءُ جَمِيعِهِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْفَرْقِ الْأَخِيرِ. وَمَنْ لَزِمَهُ نَذْرٌ وَزَكَاةٌ قَدَّمَ الزَّكَاةَ، فَإِنْ قَدَّمَ النَّذْرَ لَمْ يُصْرَفْ إلَى الزَّكَاةِ، وَعَنْهُ: يَبْدَأُ بِمَا شَاءَ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ قَبْلَ صَوْمِ النَّذْرِ1. وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى أَنَّ نَفْلَ2 الصَّدَقَةِ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ في جوازه وصحته ما في نفل2 بقية3 الْعِبَادَاتِ قَبْلَ أَدَائِهَا. وَمَنْ وَكَّلَ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا هُوَ ثُمَّ وَكِيلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ فِي ضَمَانِهِ الْخِلَافَ السَّابِقَ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ، اكْتِفَاءً بِمَا سَبَقَ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَوْجُهًا، ثَالِثَهَا لَا يَضْمَنُ إنْ قُلْنَا لَا يَنْعَزِلُ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَصَحَّحَهُ فِي "الرعاية". ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ زَكَاتِهِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَجِّ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ: أَحَدَهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ الشُّرَكَاءِ وَالْوَقْتُ الْيَسِيرُ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ: لَا يَجُوزُ. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ: إنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ إلَى السَّاعِي وَقَوْلُ مَنْ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ السَّاعِي إنْ كَانَ بِيَدِهِ، فَإِنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ دَفَعَهُ إلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ كَانَا دَفَعَا إلَيْهِ فَلَا، وَسَبَقَ حُكْمُ رَبِّ الْمَالِ وَالْمُضَارَبِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الزكاة1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب زكاة الفطر
باب زكاة الفطر مدخل ... بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَهِيَ: وَاجِبَةٌ "و" خِلَافًا لِلْأَصَمِّ وَابْنِ عُلَيَّةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَدَاوُد، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي خَبَرِ قَيْسٍ السَّابِقِ1 فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ اسْتِصْحَابُ الْأَمْرِ السَّابِقِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، ثُمَّ قَدْ فَرَضَهَا الشَّارِعُ وَأَمَرَ بِهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ2، وَغَيْرِهِمَا. وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا كَقَوْلِ3 جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وغيرهم؟ قاله صاحب المحرر، أم لا؟ "وهـ" فِيهِ رِوَايَتَا الْمَضْمَضَةِ "م 1". وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ وَمُكَاتَبٍ "خ" لَا عَلَى سَيِّدِهِ "م ر" ذكر وأنثى كبير ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا كَقَوْلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ؟ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَا الْمَضْمَضَةِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ مَفْرُوضَةٌ. وَقَالَ: وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ إمَامِنَا فِي تَسْمِيَتِهَا فَرْضًا مَعَ كَوْنِهَا وَاجِبَةً رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تُسَمَّى فَرْضًا، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْأُخْرَى: لَا تُسَمَّى فَرْضًا، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَلْ تُسَمَّى فَرْضًا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَا: وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ، وَاسْتَدَلَّا لِذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَدْ جَعَلَهَا كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ6، فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا، وذكرنا فائدة الخلاف، فليعاود.
وَصَغِيرٍ "و" وَلَوْ فِي مَالِ صَغِيرٍ، نَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ "و" وَحُكِيَ وَجْهٌ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مُخَاطَبٍ بِالصَّوْمِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ: تَجِبُ عَلَى مُرْتَدٍّ، وَعَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ: لَا تَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي. وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ "و" وَفِي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ، الترجيح مختلف "*" "م 2". وللشافعية وجهان، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَلَا فِطْرَةَ عَلَى مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتَهُ صَاعٌ، وَفِي بَعْضِهِ رِوَايَتَانِ، التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَبَعْضِ نَفَقَةِ الْغَرِيبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: أَخْرَجَهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ الْكَفَّارَةَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ4، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "التَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ" تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ، لأنه ذكر في الخطبة: إذا
الْوُجُوبِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" 1. وَكَبَعْضِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ. وَعَدَمِ الْوُجُوبِ، كَالْكَفَّارَةِ. وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ بَعْدَمَا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ مِنْ مسكن وعبد ودابة وثياب بِذْلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ "و" وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا قَوْلًا، كَذَا قَالَ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، أَوْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ أَوْ لِلْمَرْأَةِ حُلِيٌّ لِلُّبْسِ أَوْ لِلْكِرَاءِ تَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا فِي كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ كَغَيْرِهِ، كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ لِأَهْلِهَا، وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْوُجُوبِ وَاقْتِصَارِهِمْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْمَانِعِ أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ، وَلِهَذَا لَمْ أَجِدْ أَحَدًا اسْتَثْنَى ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُفْلِسِ، مَعَ أَنَّ الْأَصْحَابَ أَحَالُوا الِاسْتِطَاعَةَ فِي الْحَجِّ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ فِي الْفَلَسِ2: أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي الْحَجِّ نَظِيرُهُ، فَهَذَانِ قَوْلَانِ عَلَى هَذَا، وَوَجْهُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ آكَدُ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ لِلُّبْسِ، الْحَاجَةُ إلَى الْعِلْمِ وَتَحْصِيلِهِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ الْكُتُبَ تَمْنَعُ فِي الْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُلِيَّ، فَعَلَى الْأُولَى هَلْ يمنع ذلك من أخذ الزكاة؟ يتوجه احتمالان أَحَدُهُمَا يَمْنَعُ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ والقاضي في الحلي كما ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ3. وَيَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ4، فَإِنَّهُ وَقَعَ لَهُ هَذَانِ الْمَكَانَانِ بهذه العبارة لا غير.
سَبَقَ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَمْ يُصَرِّحْ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي بِأَنَّهُ لِلُّبْسِ، فَلَا تَعَارُضَ، وَقَدْ يُقَالُ: الظَّاهِرُ مِنْ اتِّخَاذِهِ اللُّبْسُ، فَيُحْمَلُ عَلَى الظَّاهِرِ، كَالْمُصَرَّحِ بِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ، فَمَنَعَ كَغَيْرِهِ، وَأَخْذُ الزَّكَاةِ أَضْيَقُ، وَلِهَذَا تمنع القدرة على الكسب فيه، ولا توجب فِي غَيْرِهِ. وَالثَّانِي: لَا يُمْنَعُ، لِحَاجَةٍ إلَيْهِ، كما لا بد منه، ولهذا سوى الشيخ هُنَا فِي الْحُلِيِّ بَيْنَ اللُّبْسِ وَالْحَاجَةِ أَيْ كِرَائِهِ "م 3" لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ هُنَا جَوَازُ أَخْذِ الْفَقِيرَةِ مَا تَشْتَرِي بِهِ حُلِيًّا، كَمَا تَأْخُذُ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَخْذُ الْفَقِيرِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحْتَاجُهَا "*". وَلَمْ أجد ذلك في كلام الأصحاب، وعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ1، وَعَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابِ بِذْلَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَجَزَمَ الشَّيْخُ: أَوْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ، أَوْ لِلْمَرْأَةِ 2"حُلِيٌّ لِلُّبْسِ أَوْ لِلْكِرَاءِ تَحْتَاجُ"3. إلَيْهِ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا فِي كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ 3"وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَقْوَالًا ثُمَّ قَالَ"3: فَعَلَى الْأَوَّلِ، هَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ أَخْذَ الزَّكَاةِ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ، إحْدَاهُمَا يَمْنَعُ، وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي فِي الْحُلِيِّ، كَمَا سَبَقَ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَمْ يُصَرِّحْ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي بِأَنَّهُ لِلُّبْسِ، فَلَا تَعَارُضَ وَالثَّانِي لَا يَمْنَعُ، لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، كَمَا لَا بد منه، ولهذا سوى الشيخ هنا في الْحُلِيِّ بَيْنَ اللُّبْسِ وَالْحَاجَةِ إلَى كِرَائِهِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا أَخْذُ الْفَقِيرِ لِشِرَاءِ كُتُبٍ يَحْتَاجُهَا" لَمْ يَسْبِقْ هَذَا، وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ باب ذكر أصناف الزكاة4.
الْقَوْلِ الثَّانِي: الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ يَمْنَعُ ذَلِكَ أَخْذَ الزَّكَاةِ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الَّذِي يُوَافِقُهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي الْحُلِيِّ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا1 أَمْ لَا؟ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ أَضْيَقُ، يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي هُوَ كَسَائِرِ مَا لَا بد منه، والله أعلم. وَتَلَفُ الصَّاعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهِ كَتَلَفِ مَالِ الزَّكَاةِ، وَمَا فَضُلَ عَنْهُ لَزِمَهُ بَيْعُهُ أَوْ رَهْنُهُ أَوْ كِرَاهُ فِي الْفِطْرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ. وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَمْلِكَ نِصَابَ نَقْدٍ أَوْ قِيمَتَهُ فَاضِلًا عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ "هـ". وَيَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا إنْ كَانَ مُطَالَبًا، وَإِلَّا فَلَا، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "وم ر"؛ لِأَنَّهُ لَا فَضْلَ عِنْدَهُ، وَعَنْهُ: يَمْنَعُ مُطْلَقًا. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ "وم ر" كَزَكَاةِ الْمَالِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ عَكْسَهُ، "وش هـ ر"2 لِتَأَكُّدِهَا، كَالنَّفَقَةِ وَكَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ. وَلَا تَجِبُ إلَّا بِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ الْفِطْرِ، فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ مَلَكَ عَبْدًا فَلَا فِطْرَةَ عَلَيْهِ، نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ "وش م ر" وَعَنْهُ: يَمْتَدُّ وَقْتُ الْوُجُوبِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ مَعْنَاهُ، وَعَنْهُ: تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْهُ "وهـ م ر ق" وَعَنْهُ: وَيَمْتَدُّ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ العيد، ذكرها في "منتهى الغاية" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَيْسَرَ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْوُجُوبِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَا فِطْرَةَ "و" وَعَنْهُ: يُخْرِجُ مَتَى قَدَرَ، وَعَنْهُ: إنْ أَيْسَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ، وَإِلَّا فَلَا. وَمَتَى وُجِدَ قَبْلَ الْوُجُوبِ، مَوْتٌ وَنَحْوُهُ فَلَا فِطْرَةَ "و" وَلَا تَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهَا بِمَوْتٍ وَلَا غَيْرِهِ "و" ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "ع" فِي عِتْقِ عَبْدٍ. وَالْفِطْرَةُ فِي عَبْدٍ مَوْهُوبٍ وَمُوصٍ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، وَكَذَا الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ، كَمَقْبُوضٍ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَلَمْ يُفْسَخْ فِيهِ الْعَقْدُ، "و" وَكَمَا لَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ بَعْدَ قَبْضِهِ "و" وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا دُونَ نَفْعِهِ فَهَلْ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ؟ أَوْ عَلَى مَالِكِ نَفْعِهِ؟ أَوْ فِي كَسْبِهِ؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ فِي نَفَقَتِهِ "م 4" وَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ أَنَّهَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، لِوُجُوبِهَا عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا دُونَ نَفْعِهِ فَهَلْ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِ؟ أَوْ عَلَى مَالِكِ نَفْعَهُ؟ أَوْ فِي كَسْبِهِ؟ فِيهِ الْأَوْجُهُ فِي نَفَقَتِهِ، انْتَهَى. وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا الْخِلَافَ فِي نَفَقَتِهِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ1، وَالصَّحِيحُ وُجُوبُهَا عَلَى مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، عَلَى مَا يَأْتِي هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وجزم به
مَنْ لَا نَفْعَ فِيهِ، وَقِيلَ: هِيَ كَنَفَقَتِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: من لزمه فطرة نفسه
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ إنْ قَدَرَ "و" فَيُؤَدِّي عَنْ عَبْدِهِ، لِلْأَخْبَارِ1، خِلَافًا لِدَاوُدَ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ، حَتَّى الْمَرْهُونُ، وَعَنْ دَاوُد أَيْضًا: تَلْزَمُهُ، وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ تَمْكِينُهُ مِنْ كَسْبِهَا، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُضَارِبِ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" كَزَكَاةِ التِّجَارَة، وَهِيَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، كَنَفَقَتِهِ، لَا عَلَى رَبِّ الْمَالِ "م ش"؛ لِأَنَّهُمْ عَبِيدُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعٌ مِنْهَا بِقَدْرِ الْفِطْرَةِ، كما سبق2. وَيُؤَدِّي عَنْ زَوْجَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" وَعَنْ خَادِمِهَا إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ "هـ" وَقِيلَ: لَا تلزمه فطرة زوجته الأمة: ويؤدي عن عبد3 عَبْدِهِ إنْ لَمْ يُمْلَكْ بِالتَّمْلِيكِ، وَإِنْ مُلِكَ فلا فطرة له "وم ق" لِعَدَمِ مِلْكِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَنَقَصَ مِلْكُ العبد؛ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا وُجُوبُهَا عَلَى مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ، أَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، لِوُجُوبِهَا عَلَى مَنْ لَا نَفْعَ فِيهِ، وَحَكَوْا الْأَوَّلَ قَوْمٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وابن تميم وابن حمدان وغيرهم.
لا يلزمه عن نفسه فعن1 غيره أَوْلَى، وَقِيلَ: يَلْزَمُ السَّيِّدُ الْحُرُّ، كَنَفَقَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ، وَحَكَى عَنْ أَحْمَدَ. وَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أَوْ ظِئْرًا بِطَعَامِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ2. فِطْرَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "و"؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةٌ بِالشَّرْطِ، كَالْأَثْمَانِ، وَقِيلَ: تَلْزَمُهُ، كَنَفَقَتِهِ، وَكَذَا الضَّيْفُ "و" وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: تَجِبُ عَلَيْهِ عَمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَكُلُّ مَنْ تَجْرِي عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: كُلُّ مَنْ فِي عِيَالِهِ يُؤَدِّي عَنْهُ. وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ أَبَوَيْهِ "هـ" وَإِنْ عَلَوَا "م" وَوَلَدُهُ الْكَبِيرُ "هـ" كَالصَّغِيرِ "و". وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ كَافِرٍ وَلَوْ كَانَ عَبْدَهُ "هـ" نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يَلْزَمُ الْكَافِرَ عَنْ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ "و" لِظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ "مِنْ الْمُسْلِمِينَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3، وعنه: تلزمه، اختاره في المجرد. وصححها ابْنُ تَمِيمٍ، وَكُلُّ كَافِرٍ لَزِمَهُ نَفَقَةُ مُسْلِمٍ فَفِي فِطْرَتِهِ الْخِلَافُ. وَالتَّرْتِيبُ فِي الْفِطْرَةِ كَالنَّفَقَةِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ بِرَقِيقِهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهَا، لِئَلَّا تَسْقُطَ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَخْرُجُ مَعَ الْقُدْرَةِ، ثُمَّ بِأُمِّهِ، ثُمَّ بِأَبِيهِ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقِيل بِتَسَاوِيهِمَا، ثُمَّ بِوَلَدِهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ عليهما، جزم به جماعة، وقدمه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
آخَرُونَ، وَذَكَرَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: مَعَ صِغَرِهِ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْوَلَدُ عَلَى الزَّوْجَةِ، وَقِيلَ: الصَّغِيرُ عَلَيْهَا وَعَلَى عَبْدٍ، ثُمَّ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ: تُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ. وَمَنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ شَهْرَ رَمَضَانَ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "عَمَّنْ تَمُونُونَ" رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالدَّارَقُطْنِيّ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَإِسْنَادُهُمَا ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا3، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ آبَائِهِ مَرْفُوعًا. وَكَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَاعْتُبِرَ جَمِيعُ الشَّهْرِ تَقْوِيَةً لِنَفَقَةِ التَّبَرُّعِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَلْزَمُهُ إذَا مَانَهُ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ كَمَنْ مَلَكَ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَمَعْنَاهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالرَّوْضَةِ، وَعَنْهُ: لَا تَلْزَمُهُ "و" اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَقَالَ: يُحْمَلُ كَلَامُ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، لِعَدَمِ الدَّلِيلِ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ وُجُوبُ النَّفَقَةِ، بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا لِمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ، وَقَدْ تَعَذَّرَتْ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ مَانَهُ جَمَاعَةٌ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ، لِعَدَمِ مؤنة الشهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ وَاحِدٍ. وَاحْتَمَلَ أَنْ تَجِبَ فِطْرَتُهُ بِالْحِصَصِ كَعَبْدٍ مُشْتَرَك "م 5". وَمَنْ عَجَزَ عَنْ فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ أَخْرَجَتْ الْحُرَّةُ عَنْ نَفْسِهَا، وَسَيِّدُ الْأَمَةِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمَعْدُومِ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ، كَالنَّفَقَةِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ كَالنَّفَقَةِ؟ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَةِ شَخْصٍ شَهْرَ رمضان لزمته1 فطرته. نص عليه ... 2"وَعَلَى الْأَوَّلِ"2: لَوْ مَانَهُ جَمَاعَةٌ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَجِبَ، لِعَدَمِ مُؤْنَةِ الشَّهْرِ مِنْ وَاحِدٍ، واحتمل أن تجب فطرته بالحصص، كعبد مشترك، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَحَكَاهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهَيْنِ: أَحَدَهُمَا: لَا تَجِبُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْقَوْلَ الثاني تجب عليهم بالحصص. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ فِطْرَةِ زَوْجَتِهِ أَخْرَجَتْ الْحُرَّةُ عَنْ نَفْسِهَا، وَسَيِّدُ الْأَمَةِ عَنْهَا، كَالْمَعْدُومِ، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ، كَالنَّفَقَةِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ تَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ كَالنَّفَقَةِ؟ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ السُّقُوطُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، لِأَنَّ فِطْرَةَ نَفْسِهِ آكد، وقد سقطت، والله أعلم.
وَعَلَى الْأَوَّلِ: هَلْ تَرْجِعُ الْحُرَّةُ وَالسَّيِّدُ عَلَى الزَّوْجِ كَالنَّفَقَةِ؟ أَمْ لَا كَفِطْرَةِ الْقَرِيبِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 7". وَفِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ قِيلَ: عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَعَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ نَفْسِهِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ، كَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَالنَّفَقَةِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيقِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، أَوْ أَنَّ سَيِّدَهُ مُعْسِرٌ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقُلْنَا نَفَقَةُ زَوْجَةِ عَبْدِهِ عَلَيْهِ فَفِطْرَتُهَا عَلَيْهِ "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ تَرْجِعُ الْحُرَّةُ وَالسَّيِّدُ عَلَى الزَّوْجِ؟ كَالنَّفَقَةِ، أَمْ لَا كَفِطْرَةِ الْقَرِيبِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنِ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ: أَحَدَهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. تَرْجِعُ عَلَيْهِ الْحُرَّةُ فِي الْأَقْيَسِ إنْ أَيْسَرَ بِالنَّفَقَةِ، وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ السَّيِّدِ: يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ الْحُرِّ، فِي وَجْهٍ، انْتَهَى. وَالْوَجْهَ الثَّانِيَ لَا يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: وَفِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ قِيلَ: عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً، وَعَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ، كَمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَالنَّفَقَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَلُّقِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، أَوْ أَنَّ السَّيِّدَ مُعْسِرٌ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقُلْنَا نَفَقَةُ زَوْجَةِ عَبْدِهِ وَعَلَيْهِ ففطرتها عليه، انتهى، وتبعه ابن تميم: القول الْأَوَّلُ: قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه، قال في المغني3
وَمَنْ تُسْلِمُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ لَيْلًا فَقَطْ، فَقِيلَ: فِطْرَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، لِقُوَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ فِي تَحَمُّلِ الْفِطْرَةِ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، كَالنَّفَقَةِ "م 9". وَمَنْ زَوَّجَ قَرِيبَهُ وَلَزِمَهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْجَنِينِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "و"؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ1، أَنَّ الصَّاعَ يُجْزِئُ عَنْ الْأُنْثَى مُطْلَقًا، وَكَأَجِنَّةِ السَّائِمَةِ، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ: تَجِبُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، لِفِعْلِ عُثْمَانَ2. قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَهُ، صَارَ وَلَدًا، وَلِلْعُمُومِ. وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ الْبَائِنِ الْحَامِلِ إنْ قُلْنَا النَّفَقَةُ لَهَا، وَإِنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوالشارح: قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَيُزَكِّي السَّيِّدُ عَنْ أَمَتِهِ تَحْتَ أَحَدِهِمَا، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَيُخْرِجُ السَّيِّدُ عَنْ أَمَتِهِ تَحْتَ أَحَدِهِمَا، يَعْنِي الْعَبْدَ وَالْمُعْسِرَ، في الأشهر. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَمَنْ تَبِعَهُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَمَنْ تُسْلِمُ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ لَيْلًا فَقَطْ، فَقِيلَ: فِطْرَتُهَا عَلَى سَيِّدِهَا، لِقُوَّةِ مِلْكِ الْيَمِينِ فِي تَحَمُّلِ الْفِطْرَةِ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، كَالنَّفَقَةِ، وَانْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: مَالَ إلَيْهِ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين.
تَجِبْ، عَلَى الْأَصَحِّ، بِنَاءً عَلَى وُجُوبِهَا عَنْ الْجَنِينِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ، وَفِي أُمِّهِ وَجْهَانِ، كَذَا قَالَ. وَتَجِبُ فطرة عبد مشترك "هـ" أو عبدين هـ" وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ "هـ" وَمَنْ وَرِثَهُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَجِبُ صَاعٌ بِقَدْرِ النَّفَقَةِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَمُنْتَهَى الغاية "وم ش"؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى الْوَاحِدِ صَاعًا، فَأَجْزَأَهُ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ1، كَغَيْرِهِ، وَكَمَاءِ طَهَارَتِهِ2، وَعَنْهُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا صَاعٌ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ، كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَعَنْ أَحْمَدَ: إنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ، وَعَنْ مَالِكٍ كَهَذَا، وَعَنْهُ أَيْضًا: كُلُّهَا عَلَى مَالِكٍ بَاقِيهِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُ عِنْدَهُ لَهُ، فَهُوَ كَمُكَاتَبٍ. وَلَا تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ، كَالصَّلَاةِ، وَمَنْ عَجَزَ عَمَّا عَلَيْهِ لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ قِسْطُهُ، كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ، لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قِسْطُهُ، فَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْعِيدِ نَوْبَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ مَثَلًا اُعْتُبِرَ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ نِصْفُ صَاعٍ، وَإِنْ كَانَ نَوْبَةُ سَيِّدِهِ لَزِمَ الْعَبْدَ نِصْفُ صَاعٍ، وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَقِيلَ: تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ، بِنَاءً عَلَى دُخُولِ كَسْبٍ نَادِرٍ فِيهَا، كَالنَّفَقَةِ فَلَوْ كَانَ يَوْمَ الْعِيدِ نَوْبَةُ الْعَبْدِ وَعَجَزَ عَنْهَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تلزمه نفقته كمكاتب عجز عنها. وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQوالقول الثاني: لم أر من اختاره.
صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: تَلْزَمُهُ إنْ وَجَبَتْ بِالْغُرُوبِ فِي نَوْبَتِهِ، وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ، وَإِنْ كَانَ نَوْبَةُ السَّيِّدِ وَعَجَزَ عَنْهَا أَدَّى الْعَبْدُ قِسْطَ حُرِّيَّتِهِ، فِي الْأَصَحِّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ، كَمُوسِرَةٍ تَحْتَ مُعْسِرٍ. وَإِنْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ وَلَدًا بِاثْنَيْنِ فَكَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَ ابْنُ تَمِيمٍ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ صَاعٌ، وَجْهًا وَاحِدًا، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ، ثُمَّ خَرَجَ خِلَافُهُ مِنْ عِنْدِهِ، وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَلَا نَصَّ فِيهَا لِأَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: كَمَنْ قَالَ: النَّسَبُ لَا يَتَبَعَّضُ، فَيَصِيرُ ابْنًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِهَذَا يَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا، قَالَ: افْتِرَاقُ النَّسَبِ وَالْمِلْكِ فِي هَذَا لَا يُوجِبُ فَرْقًا بَيْنَهُمَا فِي مَسْأَلَتِنَا، كَمَا لَمْ يُوجِبْهُ فِي النَّفَقَةِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَبَعَّضْ النَّسَبُ تَبَعَّضَتْ أَحْكَامُهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا يَرِثَانِهِ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُمَا أَخْرَجَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ صَاعًا. وَمَنْ لَزِمَ غيره فطرته فأخرج عن نفسه بإذن من لَزِمَتْهُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِلَا إذْنِهِ زَادَ في الانتصار: ونيته فوجهان، بناء على أن مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ هَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عَنْ الْغَيْرِ لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ؟ أَوْ أَصِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10" "*". وَلَوْ لم يخرج مع قدرته لم يلزم الغير شَيْئًا: وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ منهم أبو الخطاب في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ فَأَخْرَجَ عن نفسه بإذن من لزمته جاز وإن كان بلا إذنه زاد في الانتصار: ونيته فَوَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ هَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عَنْ الْغَيْرِ لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ؟ أَوْ أَصِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الأولى في الهداية والمذهب،
الِانْتِصَارِ كَنَفَقَتِهِ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 11" وقال أبو المعالي: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدَهُمَا يُجْزِئُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: أَجْزَأَهُ فِي الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُتَحَمِّلًا لَا أَصِيلًا، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهَ الثَّانِيَ: لَا يُجْزِئُهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَصِيلًا لَا متحملا. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ هَلْ يَكُونُ مُتَحَمِّلًا عَنْ الْغَيْرِ لِكَوْنِهَا طُهْرَةً لَهُ؟ أَوْ أَصِيلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَمْدَانَ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: إنْ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ جَازَ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا الْقَرِيبُ وَالزَّوْجُ مُتَحَمِّلَانِ جَازَ، وَإِنْ قُلْنَا هُمَا أَصِيلَانِ فَلَا، انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ عَدَمُ الْبِنَاءِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، لِعَدَمِ بِنَائِهِمْ. مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يخرج مع قدرته لم يلزم الغير شيئا وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ:
لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهَا وَلَا اقْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ كَذَا قَالَ. وَلَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَقِيلَ: إنْ مَلَكَهُ السَّيِّدُ مَالًا وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ، فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِ مِمَّا فِي يَدِهِ. فَيُخْرِجُ الْعَبْدُ عَنْ عَبْدِهِ مِنْهُ. وَمَنْ أَخْرَجَ عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ بِإِذْنِهِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ: هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنْ شَكَّ فِي حَيَاةِ مَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ، وكالنفقة، وذكر ابن شهاب تلزمه "وش" لئلا تسقط بالشك، وَالْكَفَّارَةُ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ، فَلَا تَسْقُطُ مَعَ الشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ حَيَاتَهُ أَخْرَجَ، لِمَا مَضَى، كَمَالِ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: عَنْ الْقَرِيبِ، كَالنَّفَقَةِ، وَرَدَ بِوُجُوبِهَا، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ إيصَالُهَا كَتَعَذُّرِهِ بِحَبْسٍ وَمَرَضٍ، وَسَقَطَتْ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ. وَتَجِبُ فِطْرَةُ الآبق والمغصوب والضال، للعموم، ولوجوب نفقته؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: لا تعتبر نيته. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهَ الثَّانِيَ: تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ. قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ أَصِيلٌ أَوْ مُتَحَمِّلٌ؟ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ أَصِيلٌ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بِدَلِيلِ رُجُوعِ مَنْ رَدَّ الْآبِقَ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّمَاءَ يَحْتَمِلُ، وَهُوَ سَبَبُ الْوُجُوبِ1، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ زَكَاةِ المال: لا تجب "وهـ م" وَلَوْ ارْتَجَى عَوْدَ الْآبِقِ "م" وَإِنَّهَا إنْ وَجَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يَعْلَمَ مَكَانَ الْآبِقِ. وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ مَنْ لَا نَفَقَةَ لها، كنشوز وصغر وغيره "وم ش" خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ وَالْمُمْتَنِعَةِ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا ابْتِدَاءً. وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَرِيضَةٍ وَنَحْوِهَا لَا تَحْتَاجُ نَفَقَةً. وَمَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَقِيلَ يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَحَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُمَا كَمَالٍ مُزَكًّى فِي غَيْرِ بَلَدِ مَالِكِهِ، وَقِيلَ: مَكَانَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ نَصَّ عليه "م 12" "وهـ م" كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ "و" لِأَنَّهُ السَّبَبُ، لِتَعَدُّدِ الواجب بِتَعَدُّدِهِ، وَاعْتُبِرَ لَهَا الْمَالُ كَشَرْطِ الْقُدْرَةِ، وَلِهَذَا لا تزداد بزيادته. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1 2: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ فِطْرَةُ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَقِيلَ: يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ: مَكَانَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْن تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: يخرجها مكانه، أعني مكان المخرج بكسر الرَّاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ عَزَاهُ الْمَجْدُ إلَى النَّصِّ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يُخْرِجُهَا مَكَانَهُمَا، قُلْت: وَفِيهِ عُسْرٌ وَمَشَقَّةٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين.
وَلَا تَلْزَمُ الْفِطْرَةُ مِنْ نَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْفَاقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إيصَالُ الْمَالِ فِي حَقِّهِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، أَوْ لَا مَالِكَ لَهُ وَالْمُرَادُ: مُعَيَّنٌ، كَعَبِيدِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالْفَيْءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: والأفضل أن يخرجها قبل صلاة العيد
فَصْلٌ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُخْرِجَهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ قَدْرَهَا "و" قَالَ أَحْمَد: يُخْرِجُ قَبْلَهَا. وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: الْأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ إذَا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى، وَفِي الْكَرَاهَةِ بَعْدَهَا وَجْهَانِ، وَالْقَوْلُ بِهَا أَظْهَرُ، لِمُخَالِفَةِ الْأَمْرِ "م 13" وَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ1 وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ، لَا سِيَّمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "أَغْنُوهُمْ عَنْ الطَّلَبِ هَذَا الْيَوْمَ" 2، وَقِيلَ: تَحْرُمُ بَعْدَ الصَّلَاةِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْمَأَ إليه، وَيَكُونُ قَضَاءٌ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كتاب "أسباب الهداية" "خ"3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ إذَا خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى، وَفِي الْكَرَاهَةِ بَعْدَهَا وَجْهَانِ، وَالْقَوْلُ بها أظهر، لمخالفة الأثر4، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدَهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي5، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ: كَانَ تَارِكًا لِلِاخْتِيَارِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ والرعايتين والحاويين وغيرهم.
قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَهِيَ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَذَكَرُوا قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ1. وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمَيْنِ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهَا أَوْ بَقَاءُ بَعْضِهَا إلَيْهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجُزْ بِأَكْثَرَ لِفَوَاتِ الْإِغْنَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْيَوْمِ، بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، وَلِأَنَّ الْفِطْرَ سَبَبُهَا وَأَقْوَى جُزْأَيْ سَبَبِهَا، كَمَنْعِ التَّقْدِيمِ عَلَى النِّصَابِ، كَذَا ذَكَرُوا، وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِخْرَاجِ فِي الْوَقْتِ الْخَاصِّ، خَرَجَ مِنْهُ التَّقْدِيمُ، بِالْيَوْمَيْنِ لِفِعْلِهِمْ وَإِلَّا فَالْمَعْرُوفُ مَنْعُ التَّقْدِيمِ عَلَى السَّبَبِ الْوَاحِدِ، وَجَوَازُهُ عَلَى أَحَدِ السببين، وهذا مذهب "م" عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ، وَقَوْلُ الكرخي الحنفي، ومذهب "م" المنع ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثاني: لا يكره، اختاره القاضي.
قَبْلَ وُجُوبِهَا إلَّا إلَى نَائِبِ الْإِمَامِ لِيُقَسِّمَهَا فِي وَقْتِهَا بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَتَجُوزُ بِأَيَّامٍ، وَقِيلَ: بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَحَكَى رواية جعلا للأكثر كالكل، وقيل: بشهر "وش" لَا أَكْثَرُ "هـ"؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا الصَّوْمُ وَالْفِطْرُ مِنْهُ، كَزَكَاةِ الْمَالِ. وَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ أَثِمَ، وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِمَا سَبَقَ "و" وَعَنْهُ، لَا يَأْثَمُ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْكَحَّالِ: فَإِنْ أَخَّرَهَا؟ قَالَ: إذَا أَعَدَّهَا لِقَوْمٍ.
فصل: يجب صاع عراقي من بر
فَصْلٌ: يَجِبُ صَاعٌ عِرَاقِيٌّ مِنْ بُرٍّ وَمِثْلُهُ مَكِيلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ التَّمْرُ "ع" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالزَّبِيبُ "و" وَالشَّعِيرُ "ع" وَالْأَقِطُ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا سَبَقَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ1 وَفِي آخَرِ الْغُسْلِ2، وَفِي زَكَاةِ الْمُعْشِرَاتِ3. وَلَا عِبْرَةَ بِوَزْنِ التَّمْرِ، وَيُحْتَاطُ فِي الثَّقِيلِ، لِيَسْقُطَ الْفَرْضُ بِيَقِينٍ. وَلَا يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: "أَوْ صَاعٌ مِنْ قَمْحٍ " وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ4، عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَهُمْ، لَا سِيَّمَا فِي الزُّهْرِيِّ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ5. وَرُوِيَ أَيْضًا6 مِنْ رِوَايَةِ النُّعْمَانِ بن راشد7، عن ابن صعير8، عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا: "أَدُّوا صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، حُرٍّ أو مملوك، غني أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقِيرٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى". وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1 وَقَالَا: "صَاعًا مِنْ بُرٍّ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ" وَالنُّعْمَانُ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ، قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر2 وابن جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا. مَعَ أَنَّهُ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ3 أَيْضًا، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَهُوَ ابْنُ صُعَيْرٍ مَرْفُوعًا، وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَقَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَإِنَّهُ يَقْتَضِيهِ مَا نَفَلَهُ الْأَثْرَمُ "وهـ" كَذَا قَالَ، مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ عَنْ الصَّاعِ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، فَقَالَ: صَاعٌ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ4، مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ وَلَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْهُ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، لَكِنْ عِنْدَهُ مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ صِحَاحٌ، وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ إلَيْهِ، وَكَذَا نَقَلَ مُهَنَّا: هِيَ صَحِيحَةٌ، مَا نَكَادُ نَجِدُهَا إلَّا صَحِيحَةً، وَالْأَشْهَرُ لَا يَحْتَجُّ بِهَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الَّذِي رَأَيْته فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ صَاعٌ، وَلِأَحْمَدَ5 مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ: مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ. وَفِيهِ ابن لهيعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلتِّرْمِذِيِّ1 وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: "مُدَّانِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ سِوَاهُ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ". وَفِيهِ: سَالِمُ بْنُ نُوحٍ2، ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا، وَوَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَبِي دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ3 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ. وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْجُوزَجَانِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ أَخْبَارَ نِصْفِ صَاعٍ لَمْ تَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا ذَكَرُوا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: إنِّي لَأَرَى مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ. وَلِلنَّسَائِيِّ5 عَنْهُ: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِأَبِي دَاوُد1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ جَعَلَ نِصْفَ صَاعٍ حِنْطَةً مَكَانَ صَاعٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَنْ "هـ" رِوَايَةٍ يُجْزِئُ نِصْفُ صَاعِ زَبِيبٍ. وَمَنْ أَخْرَجَ فَوْقَ صَاعٍ فَأَجْرُهُ أَكْثَرُ، وَحَكَى لِأَحْمَدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ خِدَاشٍ2: سَمِعَتْ مَالِكًا يَقُولُ: لَا يَزِيدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَغَضِبَ أَحْمَدُ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ. وَيُجْزِئُ أَحَدُ هَذِهِ الْأَجْنَاسِ وإن لم تكن قوته "ق". وعن "ش" قَوْلٌ ثَالِثٌ: يُجْزِئُ مَنْ قُوتُهُ الشَّعِيرُ إخْرَاجُ الْبُرِّ، لَا الْعَكْسُ، وَمَذْهَبُ "م": يُعْتَبَرُ الْإِخْرَاجُ مِنْ جُلِّ قُوتِ الْبَلَدِ. وَيُجْزِئُ دَقِيقُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَسَوِيقُهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِزِيَادَةٍ انْفَرَدَ بِهَا ابْنُ عُيَيْنَةَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: "أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ" قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ: إنَّ أَحَدًا لَا يَذْكُرُهُ فِيهِ، قَالَ: بَلَى، هُوَ فِيهِ، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 قَالَ: قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: أَنْكَرُوهُ عَلَى سُفْيَانَ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ، قَالَ أَبُو دَاوُد وَهِيَ وَهْمٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بَلْ أولى بالإجزاء؛ لأنه كفى مؤنته كتمر5 نُزِعَ حَبُّهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُجْزِئُ كَمَا يُجْزِئُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَمْرٌ1 وَزَبِيبٌ، نُزِعَ حَبُّهُ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ ذلك "وم ش" وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُحَرَّرِ فِي السَّوِيقِ، وَصَاعُهُ بِوَزْنِ حَبِّهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِتَفَرُّقِ الْأَجْزَاءِ بِالطَّحْنِ، وَيُجْزِئُ بِلَا نَخْلٍ، وَقِيلَ: لَا كَمَا لَا يُكَمَّلُ تَمْرٌ بِنَوَاهُ الْمَنْزُوعِ. وَيُجْزِئُ أَقِطٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ لمن يقتاته، اختاره الخرقي "وم ش" وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ "وق". فَعَلَى الْأَوَّلِ: فِي اللَّبَنِ غَيْرِ الْمَخِيضِ وَالْجُبْنِ أَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يُجْزِئُ اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَاَلَّذِي وَجَدَتْهُ عَنْهُ يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ: صَاعُ لَبَنٍ؛ لِأَنَّ الْأَقِطَ رُبَّمَا ضَاقَ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْجُبْنِ، وَالرَّابِعُ يُجْزِئُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَ الجبن، لا اللبن "م 14". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 14: قوله: ويجزئ أقط ... نقله الجماعة ... 2"فَعَلَى الْأَوَّلِ"2: فِي اللَّبَنِ غَيْرِ الْمَخِيضِ وَالْجُبْنِ أَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يُجْزِئُ اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَالرَّابِعُ يُجْزِئُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْزِئَ الْجُبْنُ لَا اللَّبَنُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَابْنِ تَمِيمٍ، وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأَوَّلَ فِي الرِّعَايَةِ الصغرى الحاويين والفائق وغيرهم، 3"وأطلق الأوليين فِي الزَّرْكَشِيّ"3 قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَجْزَأَ اللَّبَنُ لَا الجبن: أحدها: لَا يُجْزِئُ ذَلِكَ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي موسى، قاله في المستوعب،
وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ على تحصيلها، كالدبس و" وَالْمَصْلِ "و" وَكَذَا الْخُبْزِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَقَالَ: أَكْرَهُهُ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: يُجْزِئُ، وقاله الشافعية إن جاز الأقط. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1. قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ مُطْلَقًا. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُجْزِئُ اللَّبَنُ لَا الْجُبْنُ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَجْزَأَ إخْرَاجُ اللَّبَنِ دُونَ الْجُبْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: يُجْزِئُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْأَقِطِ وَهُوَ قَوِيٌّ، قَالَ فِي الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: إذَا قُلْنَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْأَقِطِ مُطْلَقًا، فَإِذَا عَدِمَهُ أَخْرَجَ عَنْهُ اللَّبَنَ، قَالَ الْقَاضِي: إذَا عَدِمَ الْأَقِطَ وَقُلْنَا لَهُ إخْرَاجُهُ جَازَ لَهُ إخْرَاجُ اللَّبَنِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الفصول: إذا لَمْ يَجِدْ الْأَقِطَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ يُجْزِئُ وَأَخْرَجَ عَنْهُ اللَّبَنَ أَجْزَأَهُ، لِأَنَّ الْأَقِطَ مِنْ اللَّبَنِ، لِأَنَّهُ مُجَمَّدٌ مُجَفَّفٌ بِالْمَصْلِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: أَنَّهُ أَكْمَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَرَدَّ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحِ قَوْلَ الْقَاضِي، وَمَنْ تَبِعَهُ، فَقَالَا: وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَكْمَلَ مِنْ الْأَقِطِ لَجَازَ إخْرَاجُهُ مَعَ وُجُودِهِ، وَلِأَنَّ الْأَقِطَ أَكْمَلُ مِنْ اللَّبَنِ مِنْ وَجْهٍ، لِأَنَّهُ أَبْلَغُ حَالَةِ الْإِدْخَارِ، لَكِنْ يَكُونُ حُكْمُ اللَّبَنِ وَالْجُبْنِ حُكْمَ اللَّحْمِ يُجْزِئُ إخْرَاجُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْأَصْنَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا، عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، الْقَوْلُ الْخَامِسُ إجْزَاءُ إخْرَاجِ الْجُبْنِ لَا اللَّبَنِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وَهُوَ أَقْوَى مِنْ عَكْسِهِ، وأقرب إلى الأقط من اللبن.
وإلَّا الْقِيمَةُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ "وهـ". وَقِيلَ: يُجْزِئُ كُلُّ مَكِيلٍ مَطْعُومٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَقَدْ أُومِئَ إلَيْهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "صَاعًا مِنْ طَعَامٍ" 1. وَقُوتُ بَلَدِهِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي الْمَنْعِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: يُجْزِئُ قُوتُ بَلَدِهِ، مِثْلُ الْأُرْزِ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ، وَقَالَهُ "م ش" فِي كُلِّ حَبٍّ يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ. وَيُخْرِجُ مَعَ عَدَمِ الْأَصْنَافِ صَاعُ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ يُقْتَاتُ، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَمَعْنَاهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا صَاعٌ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرِهِ. زَادَ بَعْضُهُمْ: بِالْبَلَدِ غَالِبًا، وَقِيلَ: يجزئ ما يقوم مقامهما، وإن لم يكن مَكِيلًا، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ، كَلَحْمٍ وَلَبَنٍ، وَقِيلَ: لَا يَعْدِلُ عَنْهُمَا بِحَالٍ "م 15" وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ: يَتَعَيَّنُ غَالِبُ قُوتِ بَلَدِهِ إلا أن ينتقل إلى أعلى منه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 15: قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ مَعَ عَدَمِ الْأَصْنَافِ صَاعَ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ3 يُقْتَاتُ، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَمَعْنَاهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ ... وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ عَنْ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: بِالْبَلَدِ غَالِبًا، وقيل: يجزئ ما يقوم مقامهما وإن لم يَكُنْ مَكِيلًا وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ: يُخْرِجُ مَا يَقْتَاتُهُ، كَلَحْمٍ وَلَبَنٍ، وَقِيلَ: لَا يَعْدِلُ عَنْهُمَا بِحَالٍ، انْتَهَى. قَوْلُ الْخِرَقِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ،
وَلَا يُجْزِئُ مَعِيبٌ، كَحَبٍّ مُسَوِّسٍ وَمَبْلُولٍ وَقَدِيمٍ تَغَيَّرَ طَعْمُهُ، لِلْآيَةِ "و". فَإِنْ خَالَطَهُ مَا لَا يُجْزِئُ فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ قَلَّ زَادَ بِقَدْرِ مَا يَكُونُ الْمُصَفَّى صَاعًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَيْبًا، لِقِلَّةِ مَشَقَّةِ تَنْقِيَتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: وَاجِبٌ تَنْقِيَةُ الطَّعَامِ. وَيُجْزِئُ صَاعٌ مِنْ الْأَجْنَاسِ الْمَذْكُورَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِتَقَارُبِ1 مَقْصُودِهَا، أَوْ اتِّحَادِهِ، وَقَاسَ الشَّيْخُ عَلَى فِطْرَةِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ. وَقَالَ 2"صَاحِبُ الرِّعَايَةِ"2 فِيهَا: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَيَتَوَجَّهُ احتمال وتخرج من الكفارة: لا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3، وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى ذَلِكَ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرِهِمْ: مَا يَقْتَاتُ غَالِبًا، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، زَادَ بَعْضُهُمْ: بِالْبَلَدِ غَالِبًا، وَقَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْعُمْدَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5، وَالشَّرْحِ6، وَغَيْرِهِمْ.
يُجْزِئُ، لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ "و" إلَّا أَنْ نَقُولَ بالقيمة "وهـ". والتمر أفضل، مطلقا، نص عليه "وم" لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 وَقَالَ لَهُ أبو مجلز2: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْسَعَ، وَالْبُرُّ أَفْضَلُ، فَقَالَ: إنَّ أَصْحَابِي سَلَكُوا طَرِيقًا، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَسْلُكَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ3، وَاحْتَجَّ بِهِ، وَلِأَنَّهُ قُوتٌ وَحَلَاوَةٌ، وَأَقْرَبُ تَنَاوُلًا، وَأَقَلُّ كُلْفَةً. ثُمَّ قِيلَ: الزَّبِيبُ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: البر، جزم به في "الكافي"4 "وم" لَا مُطْلَقًا "ش" وَقِيلَ: الْأَنْفَعُ، لَا مُطْلَقًا "هـ" وَعَنْهُ: الْأَقِطُ أَفْضَلُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إنْ كَانَ قُوتَهُمْ، وَقِيلَ: قُوتُ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الْوُجُوبِ "م 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 16: قَوْلُهُ: وَالتَّمْرُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قِيلَ: الزَّبِيبُ، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: الْبُرُّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَقِيلَ: الْأَنْفَعُ وَعَنْهُ: الْأَقِطُ أَفْضَلُ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ إنْ كَانَ قُوتَهُمْ، وَقِيلَ: قُوتُ بَلَدِهِ غَالِبًا وَقْتَ الْوُجُوبِ، انْتَهَى الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الزَّبِيبِ عَلَى غَيْرِهِ بَعْدَ التَّمْرِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ ابْنُ منجا في
وَتُصْرَفُ فِي أَصْنَافِ الزَّكَاةِ، لَا يَجُوزُ غَيْرُهُمْ. وَفِي الْفُنُونِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يُدْفَعُ إلَى مَنْ لَا يَجِدُ مَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْكَفَّارَةَ وَهُوَ مَنْ يَأْخُذُ لِحَاجَةٍ، لَا فِي الْمُؤَلَّفَةِ والرقاب وغير ذلك. وَيَجُوزُ صَرْفُ صَاعٍ إلَى جَمَاعَةٍ، وَآصُعٍ إلَى وَاحِدٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي اسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ1. وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدُ عَنْ مُدَبِّرٍ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ غَيْرِهِ. وَعَنْهُ: الْأَفْضَلُ تَفْرِقَةُ الصَّاعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَعَنْهُ: الْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَنْقُصَ الْوَاحِدَ عَنْ صاع، وهو ظاهر كلام جماعة، للمشقة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِ الْمُقْنِعِ: وَالْأَفْضَلُ بَعْدَ التَّمْرِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الزَّبِيبُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ قَدْ شَابَهُ التَّمْرُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَمَنَافِعِهِ، بَلْ رُبَّمَا زَادَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: الْبُرُّ أَفْضَلُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَنَصَرَاهُ. وَحَمَلَ ابْنُ مُنَجَّى كَلَامَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 عَلَيْهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَقِيلَ: الْأَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ أَفْضَلُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي المقنع3، فجزم بِهِ فِي التَّسْهِيلِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْضَلُ فِي بَلَدِهِ وَمَحَلَّتِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، كَمَا قَالُوا فِي الْمُفَاضِلِ بَيْنَ تَمْرِ النَّخِيلِ وَالْعِنَبِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَأَطْلَقَ الثَّالِثَ المجد في شرحه.
وَعَدَمِ نَقْلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ فَرَّقَ فِطْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى جَمَاعَةٍ لَمْ تُجْزِئْهُ، كَذَا قَالَ. وَيَأْتِي هَلْ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ أَفْضَلُ أَمْ دَفْعُهَا إلَى الْإِمَامِ1؟ وَمَنْ أَعْطَاهَا فَقِيرًا فَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا فَعَادَتْ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ، جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَذْهَبُ أحمد لا، كشرائها "م 17" وسبقت في الركاز2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 17: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَعْطَى فَقِيرًا فَرَدَّهَا إلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِمَامِ فَقَسَّمَهَا فَعَادَ إلَى إنْسَانٍ فِطْرَتُهُ، جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ لَا، كَشِرَائِهَا، انْتَهَى. الصَّحِيحُ قَوْلُ الْقَاضِي، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: مَنْ رَدَّ الْفَقِيرُ إلَيْهِ فِطْرَتَهُ جَازَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ، وَصَحَّحَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ مَعَ تَقْدِيمِهِ لَهُ جَوَازَ إعْطَاءِ الْإِمَامِ الْفَقِيرَ زَكَاتَهُ الَّتِي دَفَعَهَا إلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، ذَكَرُوهُ فِي بَابِ زكاة الركاز، وتقدم الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ هُنَاكَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا1، وَيَأْتِي أَيْضًا هَذَا قُبَيْلَ بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْضُ تَكْرَارٍ، وَأَطْلَقَ الخلاف في هاتين المسألتين في
قال أحمد: ورواية الفضل بن زياد: مَا أَحْسَنَ مَا كَانَ عَطَاءٌ يَفْعَلُ، يُعْطِي عَنْ أَبَوَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ حَتَّى مَاتَ، وَهَذَا تبرع. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ فِي الْفَائِقِ أَيْضًا، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: الْخِلَافُ فِي الْإِجْزَاءِ، وَقِيلَ فِي التَّحْرِيمِ، انْتَهَى. فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا.
باب إخراج الزكاة
باب إخراج الزكاة مدخل ... بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ لَا يَجُوزُ لِمَنْ لَزِمَتْهُ تَأْخِيرُ إخْرَاجِهَا عَنْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لِلْفَوْرِ، وَلِأَنَّهَا لِلْفَوْرِ بِطَلَبِ السَّاعِي "و" فَكَذَا بِطَلَبِ اللَّهِ تَعَالَى، كَعَيْنٍ مَغْصُوبَةٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بَلْ أَوْلَى، وَلِئَلَّا يَخْتَلَّ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الزَّكَاةِ، وَلِهَذَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ، مَعَ أَنَّ الْأَمْرَ عِنْدَهُمْ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ، وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ لِلْفَوْرِ قُلْنَا بِهِ هُنَا. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْفَوْرِ "وهـ" لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ كَالْمَكَانِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إذَا خَشَى ضَرَرًا مِنْ عَوْدِ السَّاعِي، وَكَذَا إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَنَحْوِهِ، كَمَا يَجُوزُ لِدَيْنِ الْآدَمِيِّ. وَلِلْإِمَامِ وَالسَّاعِي التَّأْخِيرُ لِعُذْرِ قَحْطٍ وَنَحْوِهِ، احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ1. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْعَبَّاسِ: "فهي عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِثْلُهَا مَعَهَا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1: وَكَذَا أَوَّلَهُ أَبُو عبيد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وللمالك تأخيره؛ للحاجة1 إلَيْهَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا لِتَعَذُّرِ إخْرَاجِهَا مِنْ النِّصَابِ لِغِيبَةٍ وَغَيْرِهَا إلَى الْقُدْرَةِ، قَدَّمَهُ فِي "مُنْتَهَى الْغَايَةِ" وَيَحْتَمِلُ: لَا إنْ وَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ تَسْقُطْ بِالتَّلَفِ. وَيَجُوزُ لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ. نَقَلَ يَعْقُوبُ: لَا أُحِبُّ تَأْخِيرَهَا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ قَوْمًا مِثْلَهُمْ فِي الْحَاجَةِ فَيُؤَخِّرَهَا لَهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَجُوزُ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ وَلَا يَفُوتُ الْمَقْصُودُ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ وَاجِبٍ لِمَنْدُوبٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: الْمَنْعُ. وَكَذَا قَرِيبٌ2. جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْمَنْعَ، وَجَازَ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يُعْطِيَ قَرِيبَهُ كُلَّ شَهْرٍ شَيْئًا، وَعَنْهُ: لَا. وَحَمَلَ أَبُو بَكْرٍ الْأَوْلَى3 عَلَى تَعْجِيلِهَا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ. وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إخْرَاجُ زَكَاةٍ عَنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ "وش" كَنَفَقَةٍ وَغَرَامَةٍ، وَعَنْهُ: إنْ خَافَ أَنْ يُطَالَبَ بِذَلِكَ فَلَا، كمن يخشى رجوع الساعي، لكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يعلمه إذا بلغ.
فصل: ومن منعها جحدا لوجوبها
فَصْلٌ: وَمَنْ مَنَعَهَا جَحْدًا لِوُجُوبِهَا فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ كَقَرِيبِ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ عُرِّفَ، فَإِنْ أَصَرَّ، أَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ كَفَرَ "ع" وَلَوْ أَخْرَجَهَا "ع" وَقُتِلَ مُرْتَدًّا "ع" وَأُخِذَتْ مِنْهُ إنْ كَانَ وَجَبَتْ. وَإِنْ مَنَعَهَا بُخْلًا أَوْ تَهَاوُنًا أُخِذَتْ مِنْهُ "وم ش" كَمَا يؤخذ منه1 الْعُشْرُ "و" وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ طَلَبَهُ بِهِ، فَهُوَ كَالْخَرَاجِ، بِخِلَافِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ وَالتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، وَسَبَقَ فِي مَنْعِ دَيْنِ اللَّهِ الزَّكَاةَ2. وَلَا يُحْبَسُ لِيُؤَدِّيَ "هـ" لِعَدَمِ النِّيَّةِ وَالْعِبَادَةِ مِنْ الْمُمْتَنِعِ. وَيُعَزَّرُ مَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ إمَامٌ أَوْ عَامِلُ زَكَاةٍ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مَالُهُ بَاطِنًا عَزَّرَهُ إمَامٌ أَوْ مُحْتَسِبٌ فَقَطْ، كَذَا أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ التَّعْزِيرَ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: إنْ فَعَلَهُ لِفِسْقِ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا لَمْ يُعَزِّرْهُ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ "وش". وَإِنْ كَتَمَ مَالَهُ أُمِرَ بِإِخْرَاجِهَا وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ قُتِلَ حَدًّا، على الأصح فيهما. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"خ"؛ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِ أَخْذِهَا مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ أَظْهَرَ لِإِظْهَارِ الْمَالِ وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا إلَّا بِالْقِتَالِ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُهُ إنْ وَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً: لَا يَجِبُ إلَّا مَنْ جَحَدَ وُجُوبَهَا. وَلَا يَكْفُرُ بِمُقَاتِلَةِ الْإِمَامِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "و" وَعَنْهُ: بَلَى، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْهُ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَأَطْلَقَ آخَرُونَ الرِّوَايَتَيْنِ وَسَبَقَ ذَلِكَ وَحُكْمُ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ فِي آخَرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ1. وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مُطْلَقًا زِيَادَةً عَلَى الزَّكَاةِ "و"؛ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ مَعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يَنْقُلْ عَنْهُمْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ الظَّالِمِ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا" فِيهِ سَعْدُ بن سنان2، ضعفه الأكثر. رواه أبو داود وابن ماجه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ جَرِيرٍ2 مَرْفُوعًا مِثْلُهُ. إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ3. وَعَنْهُ: تُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِثْلُهَا. ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَهُ فِي "زَادِ الْمُسَافِرِ"4. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ: إذَا مَنَعَ الزَّكَاةَ فَرَأَى الْإِمَامُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ بِأَخْذِ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ، وَقَدَّمَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: يُؤْخَذُ مَعَهَا شَطْرُ مَالِهِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ خِيَارِ مَالِهِ زِيَادَةً، وَقَالَهُ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ أَيْضًا، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ. وَعَنْ إِسْحَاقَ كَهَذَا وَمِثْلُهَا مَعَهَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَيْضًا: شَطْرُ مَالِهِ الزَّكَوِيِّ. وَقَالَ إبراهيم الحربي: يؤخذ من خيار ماله زيادة الْقِيمَةِ بِشَطْرِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ عَدَدٍ وَلَا سِنٍّ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهَذَا تَكْلِيفٌ ضَعِيفٌ. وَجْهُ ذَلِكَ: مَا رَوَى بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "فِي كُلِّ إبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ لَا تُفَرَّقُ الْإِبِلُ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا بِهَا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبِلِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ". وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد5 وَقَالَ: "شَطْرُ مَالِهِ". وهذا ثابت من طرق إلى بهز. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَبَهْزٌ: وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ الْمَدِينِيِّ وَالنَّسَائِيُّ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَالِحٌ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ حُجَّةٌ، وَقَالَ، الْبُخَارِيُّ: مُخْتَلِفُونَ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ صَالِحٌ جَزَرَةُ إسْنَادُ إعْرَابِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَمْ أَرَ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا، وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الثِّقَاتِ يَخْتَلِفُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِئُ كَثِيرًا، فَأَمَّا أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فَاحْتَجَّا بِهِ، وَتَرَكَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَلَوْلَا حَدِيثُهُ: "إنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ" لَأَدْخَلْنَاهُ فِي "الثِّقَاتِ". قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ عِنْدِي صَالِحُ الْإِسْنَادِ، وَلَا أَدْرِي مَا وَجْهُهُ؟. وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ إيجَابُ بِنْتِ لَبُونٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ الْأَمْرُ فِي النُّصُبِ وَالْأَسْنَانِ عَلَى حَدِيثِ الصِّدِّيقِ، وَفِيهِ: "مَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطِهِ" 1. وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْمَل بِهِ فِي الْمَانِعِ غَيْرُ الْغَالِّ "ع" وَلَيْسَ كَذَلِكَ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَإِنْ أَخَذَهَا غَيْرُ عَدْلٍ فِيهَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ زِيَادَةً، وَأَطْلَقَ آخَرُونَ كَمَسْأَلَةِ التَّعْزِيرِ السَّابِقَةِ.
فصل: ومن طولب بالزكاة
فَصْلٌ: وَمَنْ طُولِبَ بِالزَّكَاةِ فَادَّعَى أَدَاءَهَا أَوْ بَقَاءَ الْحَوْلِ أَوْ نَقْصَ النِّصَابِ أَوْ زَوَالَ مِلْكِهِ أَوْ تَجَدُّدَهُ قَرِيبًا أَوْ أَنَّ مَا بِيَدِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ أَوْ مُخْتَلَطٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهُ "و" بِلَا يَمِينٍ. نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: لَا يَشْرَعُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ "*" عَنْ شَيْءٍ، وَلَا يُبْحَثُ، إنَّمَا يَأْخُذُ مَا أَصَابَهُ مُجْتَمَعًا، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: لَا يُسْتَحْلَفُ النَّاسُ عَلَى صَدَقَاتِهِمْ لَا يجب ولا يستحب؛ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ. صَوَابُهُ الْمُصَدِّقُ، بِحَذْفِ التَّاءِ وَهُوَ السَّاعِي، وَقَدْ كشطها بعضهم.
عِبَادَةٌ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا، كَالصَّلَاةِ وَالْكَفَّارَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ بِمَالٍ، وَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا فِي آخِرِ بَابِ الدَّعَاوَى1. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُسْتَحْلَفُ في الزكاة في ذلك كله "وهـ ش" ويتوجه احتمال إن اتهم "وم" وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: إنْ رَأَى الْعَامِلُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ فَعَلَ، وَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ. وَقِيلَ: بَلَى. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ مَرَّ بِعَاشِرٍ وَادَّعَى أَنَّهُ عَشَرَهُ آخَرُ، قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: إذَا أَخَذَ مِنْهُ الْمُصَدِّقُ كَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً، فَإِذَا جَاءَ آخَرُ أَخْرَجَ إلَيْهِ براءته، قال القاضي: وإنما قَالَ ذَلِكَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ عَنْهُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْكِتَابَةُ؟ يَأْتِي فِي مَنْ سَأَلَ الْحَاكِمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ2. وَإِنْ ادَّعَى التَّلَفَ بِجَائِحَةٍ فَسَبَقَ فِي زَكَاةِ الثَّمَرِ3، وَإِنْ أَقَرَّ بِقَدْرِ زَكَاتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ مَالِهِ صدق، والمراد وفي اليمين الخلاف.
فصل: والنية شرط في إخراج الزكاة
فَصْلٌ: وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ "و" فَيَنْوِي الزَّكَاةَ أَوْ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ أَوْ صَدَقَةَ الْمَالِ، أَوْ الْفِطْرِ. وَلَوْ نَوَى صَدَقَةً مُطْلَقَةً لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، كَصَدَقَتِهِ بِغَيْرِ النِّصَابِ مِنْ جِنْسِهِ "و"؛ لِأَنَّ صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ الزَّكَاةُ إلَّا بِتَعْيِينٍ، وَظَاهِرُهُ: لَا تَكْفِي نِيَّةُ الصدقة الواجبة أو صدقة المال، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي الزَّكَاةَ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَالْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: إنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ الْمُعَيَّنِ أَجْزَأَهُ، وَكَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ، لِئَلَّا يَلْزَمَهُ بِإِحْسَانِهِ ضَمَانٌ، فَإِنْ تَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ أَجْزَأَهُ عَنْ زَكَاةِ ذَلِكَ الْبَعْضِ، عِنْدَ مُحَمَّدٍ، لِإِشَاعَةِ الْمُؤَدَّى فِي الْجَمِيعِ، لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مَحَلٌّ لِلْوُجُوبِ. وَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ، وَلَا تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى عَنْهُ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ: تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْيِينِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمَالُ، مِثْلُ شَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَأُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، وَدِينَارٌ عَنْ نِصَابٍ تَالِفٍ، وَآخَرُ عَنْ نِصَابٍ قَائِمٍ، وَصَاعٌ عَنْ فِطْرَةٍ، وَآخَرُ عَنْ عُشْرٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ نَوَى زَكَاةَ مَالِهِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ أَجْزَأَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِيهَا، وَإِنْ أَدَّى قَدْرَ زَكَاةِ أَحَدِهِمَا جَعَلَهَا لِأَيِّهِمَا شَاءَ، كَتَعَيُّنِهِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَجْزَأَ عَنْ أَحَدِهِمَا. وَلَوْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ فَبَانَ تَالِفًا لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرْفُهُ إذًا إلَى غَيْرِهِ "و" كَعِتْقٍ فِي كَفَّارَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَمْ تَكُنْ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ. وَإِنْ نَوَى: عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، أَوْ نَوَى وَإِلَّا فنفل، أجزأ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهُ حُكْمُ الْإِطْلَاقِ فَلَمْ يَضُرَّ تَقْيِيدُهُ بِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ، كَمَنْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي أَوْ نَفْلٌ أَوْ إنْ كَانَ مَاتَ مُوَرِّثِي فَهَذِهِ زَكَاةُ إرْثِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ، قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: كَقَوْلِهِ لَيْلَةَ الشَّكِّ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِيٌّ وَإِلَّا فَنَفْلٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: كَقَوْلِهِ: إنْ كَانَ وَقْتُ الظُّهْرِ دَخَلَ فَصَلَاتِي هَذِهِ عَنْهَا، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ: إنْ كَانَ الْوَقْتُ دَخَلَ فَفَرْضٌ وَإِلَّا فَنَفْلٌ فَعَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ1 فِيمَنْ بَلَغَ فِي الْوَقْتِ: التَّرَدُّدُ فِي الْعِبَادَةِ يُفْسِدُهَا، وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى وَنَوَى إنْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ دَخَلَ فَهِيَ فَرِيضَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ يَصِحَّ لَهُ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا. وَإِنْ نَوَى عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَارْجِعْ بِهِ فَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى قَوْلِ الرُّجُوعِ فِي التَّلَفِ. قَالَ: وَلَوْ أَعَتَقَ عَبْدَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ فَلَمْ يُجْزِئْهُ لِعَيْبِهِ عَتَقَ، وَلَزِمَهُ بَدَلُهُ، فَإِنْ قَالَ: أَعْتَقْته عَنْ كَفَّارَتِي وَإِلَّا رَدَدْته إلَى الرِّقِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْزِئًا فَلَهُ رَدُّهُ إلَى الرِّقِّ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِ وَقْتِ الصَّوْمِ، وَهُنَا الأصل بقاء المال ووجوب الزكاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ مَالِهِ الْغَائِبِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ، وَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي فَائِدَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ1 أَوْ الذِّمَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ "م 1". والأولى مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلدَّفْعِ، وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ، كَالصَّلَاةِ، وَسَبَقَ فِيهَا خِلَافٌ، وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ2 اعْتِبَارُهُ فِي "الرَّوْضَةِ" النِّيَّةِ عِنْدَ الدَّفْعِ "وم ش" وَلَوْ عَزَلَ الزَّكَاةَ لَمْ تَكْفِ النِّيَّةُ عِنْدَهُ عَنْهَا حَالَةَ الدَّفْعِ مَعَ طُولِ الزَّمَنِ "هـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَمَنْ شَكَّ فِي بَقَاءِ مَالِهِ الْغَائِبِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ وَقُلْنَا الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ، وَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي فَائِدَةِ تَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ أَوْ الذِّمَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَابْنِ تَمِيمٍ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةِ: لَوْ كَانَ النِّصَابُ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ مُهَنَّا، وَصَرَّحَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي مَوْضِعٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ، فَلَا يَلْزَمُ أَدَاؤُهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَالِ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ نُوَابٍ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالٍ فَأَقْرَضَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاتِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَهَذَا لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُهُ أَدَاءُ زَكَاتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ حُكْمًا، وَكَذَا ذَكَرَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَأَشَارَ فِي مَوْضِعٍ إلَى بِنَاءِ ذَلِكَ عَلَى مَحَلِّ الزَّكَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا فِي الْعَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ رَجَبٍ وَنَقْلُهُ. وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ إخْرَاجِهِ عَنْهُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ.
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ "و" وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْوَكِيلِ ثِقَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ: لَوْ اسْتَنَابَ كَافِرًا يُفَرِّقُ زَكَاةَ مَالِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَجْزَأَ، عَلَى اخْتِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، كَمَا إذَا اسْتَنَابَ الذِّمِّيَّ فِي ذَبْحِ أُضْحِيَّتِهِ، عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِجَوَازِهِ، كَالْمُسْلِمِ. وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلِ مُمَيَّزٍ فِيهَا وَجْهَانِ "م 2" ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. فَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وحده جاز، فإن بعد دفع الوكيل عن نِيَّةِ الْمَالِكِ فَعِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ لِوَكِيلٍ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ تُجْزِئُ بِدُونِهَا "م 3" "و" وَلَا تُجْزِئُ نِيَّةُ الوكيل وحده "و"؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِيهَا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهُ عَنْهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ فِي مَوْضِعٍ، وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ مُخَالِفٌ أَيْضًا لِلْوَجْهَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ، فَتُلَخِّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ ثَلَاثَةُ طُرُقٍ أَوْ أَرْبَعَةٌ، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلِ مُمَيَّزٍ وَجْهَانِ، يَعْنِي فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ في المذهب و"مسبوك الذَّهَبِ": أَحَدُهُمَا: لَا تَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِأَدَاءِ الْعِبَادَةِ الْوَاجِبَةِ، ثُمَّ وَجَدْت الْمَجْدَ فِي شَرْحِهِ عَلَّلَ بِهَذَا، لَكِنْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ جَازَ، فإن بعد دفع الوكيل عن نية المالك فعند القاضي وغيره لا بد من نية الْوَكِيلِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ تُجْزِئُ بِدُونِهَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى: أَحَدَهُمَا: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْوَكِيلِ، وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ
فَتَقَعُ نَفْلًا وَلَوْ أَجَازَهَا. وَكَذَا مَنْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ زَكَاةً عَنْ حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ لَمْ تُجْزِئْهُ وَلَوْ أَجَازَهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكَ الْمُتَصَدِّقِ فَوَقَعَتْ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ بِلَا إذْنِهِ وَأَجَازَهَا رَبُّ النِّصَابِ، وَصَحَّ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفًا، فَإِنَّهَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ عَنْ الْمُخْرِجِ. وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ، وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ، فَنَوَاهَا الْوَكِيلُ، فَقِيلَ: لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا يَقْتَضِي النَّفَلَ، وَقِيلَ تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَدَقَةٌ "م 4"، كَقَوْلِهِ: تصدق به نفلا أو عن كفارتي ثُمَّ نَوَى الزَّكَاةَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ أَجْزَأَ عَنْهَا؛ لِأَنَّ دَفْعَ وَكِيلِهِ كَدَفْعِهِ، فَكَأَنَّهُ نَوَى الزَّكَاةَ ثُمَّ دَفَعَ بِنَفْسِهِ، كَذَا عَلَّلَهُ في منتهى الغاية "وهـ". ـــــــــــــــــــــــــــــQالمستوعب والمغني1 والتلخيص وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذَهَّبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا وَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ فَنَوَاهَا الْوَكِيلُ، فَقِيلَ: لَا تُجْزِئُهُ، لِأَنَّهُ خَصَّهُ بِمَا يَقْتَضِي النَّفَلَ، وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ صَدَقَةٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ: أَحَدُهُمَا: لَا تُجْزِئُهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ لَفْظِ الصَّدَقَةِ، وَأَيْضًا الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ يَقِينًا، فَلَا تَسْقُطُ بِمُحْتَمَلٍ، وَأَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُوَكِّلِ، وَهُنَا لَمْ ينو
وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا يُجْزِئُ، لِاعْتِبَارِهِمْ النِّيَّةَ عِنْدَ التَّوْكِيلِ. وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَخْرِجْ عَنِّي زَكَاتِي مِنْ مَالِكِ، فَفَعَلَ، أَجْزَأَ عَنْ الْآمِرِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الزَّكَاةِ. وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ مِنْ مَالِ غَصْبٍ لَمْ تُجْزِئْهُ، وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي فِي تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ1. وَمَنْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ وَنَوَاهَا دُونَ الْإِمَامِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّ فَكَذَا نَائِبُهُ. وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ كَالْقِسْمِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، وَلِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَخْذِهَا، وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الزَّكَاةَ، فَكَفَى الظَّاهِرُ عَنْ النِّيَّةِ فِي الطَّائِعِ. وَالْإِمَامُ يَنُوبُ عَنْ الْمُمْتَنِعِ فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ: لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إمَّا وَكِيلُهُ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ، وَكَالصَّلَاةِ، فَعَلَى هَذَا تَقَعُ نَفْلًا مِنْ الطَّائِعِ وَيُطَالَبُ بِهَا، وَتُجْزِئُ مِنْ الْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، كَالْمُصَلِّي كَرْهًا، وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ: لَا تُجْزِئُ الطَّائِعَ، كَدَفْعِهِ إلَى الْفَقِيرِ بِلَا نِيَّةٍ "م 5" ولا ولاية عليه، بخلاف الممتنع كبيعه ماله في دينه، ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّكَاةَ فِي هَذَا الْمَالِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا لَمْ يَنْوِ وَنَوَى الْوَكِيلُ أَنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ، فَكَذَا هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهَ الثَّانِيَ: تُجْزِئُ، لِمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِخْرَاجِ، وَهُنَا لَمْ تُوجَدْ، وَمَا عَلَّلَ به المصنف بعد ذلك فيه نظر. قَوْلُهُ: وَمَنْ دَفَعَهَا إلَى الْإِمَامِ وَنَوَاهَا دُونَ الإمام جاز، لأنه نائب
وَتَزْوِيجِهِ مُوَلِّيَتَهُ، وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَوْ لَمْ تُجْزِئْهُ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْهُ، وَذَكَرَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَنَّ هَذَا ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا يَحْتَاجُ الْإِمَامُ إلَى نِيَّةٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ رَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ غاب المالك أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِحَبْسٍ وَنَحْوِهِ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَالِهِ أَجْزَأَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَخْذِهَا إذَنْ، وَنِيَّةُ الْمَالِكِ مُتَعَذِّرَةٌ بِمَا يُعْذِرُ فِيهِ، كَصَرْفِ الْوَلِيِّ زَكَاةَ مَالِ موليه. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: يستحب أن يقول عند دفعها
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دَفْعِهَا اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا مَغْنَمًا، وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا، لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "إذْ أَعْطَيْتُمْ الزَّكَاةَ فَلَا تَنْسَوْا ثَوَابَهَا أَنْ تَقُولُوا ذَلِكَ ... " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ1 مِنْ رواية البختري بن عبيد، وهو ضعيف. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَحِقِّ. وَإِنْ نَوَى الْإِمَامُ دُونَ رَبِّ الْمَالِ أَجْزَأَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وابن عقيل: لا تجزئ، لأن الإمام إما وَكِيلُهُ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ أَوْ وَكِيلُهُمَا، فَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ، فَعَلَى هَذَا تَقَعُ نَفْلًا عَنْ الطَّائِعِ، وَيُطَالَبُ بِهَا، وَتُجْزِئُ لِلْمُكْرَهِ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، كَالْمُصَلِّي كَرْهًا، وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ لَا تُجْزِئُ الطَّائِعَ، كَدَفْعِهِ إلَى الْفَقِيرِ، بِلَا نِيَّةٍ، انْتَهَى. إذَا أَخَذَ الْإِمَامُ الزَّكَاةَ مِنْ رَبِّهَا فَلَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا كَرْهًا أو طوعا، فإن أخذها قهرا و2 أخرجها نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ وَلَمْ يَنْوِهَا رَبُّهَا أَجْزَأَتْ عَنْ رَبِّهَا، عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وغيرهم، وقدمه في المغني3،
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى تَوْفِيقِهِ لِأَدَائِهَا. وَيُسْتَحَبُّ قَوْلُ الْآخِذِ: أَجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت، وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت، وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا. وَلَمْ يَأْمُرْ عَلَيْهِ السَّلَامُ سُعَاتِهِ بِالدُّعَاءِ، وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ1؛ لِلنَّدْبِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ دُعَاءَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ2 سَكَنٌ لَهُمْ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَفِي أَحْكَامِ الْقَاضِي: عَلَى الْعَامِلِ إذَا أَخَذَ الزكاة أن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا تُجْزِئُهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهَذَا أَصْوَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. فَعَلَى الصَّحِيحِ: تُجْزِئُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ طَوْعًا وَنَوَاهَا الْإِمَامُ دُونَ رَبِّهَا لَمْ يُجْزِئْهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: هُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخُ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدين في فتاويه، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: هو ظاهر كلام الخرقي.
يَدْعُوَ لِأَهْلِهَا. وَعَلَى ظَاهِرَةٌ فِي الْوُجُوبِ، وَأَوْجَبَهُ الظَّاهِرِيَّةُ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْغَاسِلِ سِتْرُ مَا رَآهُ وفي باب الْحُرُوفِ مِنْ الْعُدَّةِ وَالتَّمْهِيدِ: أَنَّ عَلَى لِلْإِيجَابِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى: "عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ". وَفِيهِمَا2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "كُلُّ سُلَامَى مِنْ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ". قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: صَدَقَةُ نَدْبٍ لَا إيجَابٍ. وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ إخْرَاجِهَا، فِي الْأَصَحِّ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ إنْ مَنَعَهَا أَهْلَ بَلَدِهِ اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ كَرِهَ إعْلَامُهُ بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يُبَكِّتْهُ، يُعْطِيهِ وَيَسْكُتُ، مَا حَاجَتُهُ إلَى أَنْ يُقَرِّعَهُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: تَرْكُهُ أَفْضَلُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُسْتَحَبُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ. وَإِنْ عَلِمَهُ أَهْلًا وَيَعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ لَا يَأْخُذُ زَكَاةً فَأَعْطَاهُ وَلَمْ يُعْلِمْهُ لَمْ تُجْزِئْهُ، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبَلْ زَكَاةً ظَاهِرًا، وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ الْمَغْصُوبُ لِمَالِكِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ، ذَكَرَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، كَذَا قَالَ، وَمُقْتَضَى هَذَا الِاعْتِبَارِ يَجِبُ إعْلَامُهُ مُطْلَقًا، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ بُعْدٌ، وَاخْتَارَ صَاحِب الرِّعَايَةِ يُجْزِئُهُ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا جَهِلَ أَنَّهُ يَأْخُذُ، وَيَأْتِي فِي الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ خِلَافٌ مُتَقَارِبٌ، وَقَدْ اعْتَبَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يجوز لمن وجبت عليه الزكاة
فَصْلٌ: يَجُوزُ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ "وش" لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} الآية [البقرة: 271] ، وَكَالدَّيْنِ. وَلِأَنَّ الْقَابِضَ رَشِيدٌ قَبَضَ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَالْإِمَامُ وَكِيلُهُ وَنَائِبُهُ، فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ، كَالْمُوَكَّلِ، وَيُحْمَلُ مَا خَالَفَ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ، أَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَخَذَهَا، أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ مَصَارِفَهَا، أَوْ عَلَى مَنْ تَرَكَهَا جُحُودًا أَوْ بُخْلًا. وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ إلَى الْإِمَامِ، وَلَا يُجْزِئُ دُونَهُ "وهـ م" وَزَادَ: وَزَكَاةِ الْمَالِ الْبَاطِنِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَأَمْوَالِ التُّجَّارِ الَّتِي تُسَافِرُ بِهَا كَالظَّاهِرَةِ، فَيَأْخُذُ الْعَاشِرُ زَكَاتَهَا إنْ بَلَغَتْ نِصَابًا، لِلْحَاجَةِ إلَى حِمَايَتِهَا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، كَالْفَاكِهَةِ، فَلَا تُعْشَرُ؛ لِأَنَّ قُطَّاعَ الطَّرِيقِ لَا يَقْصِدُونَهُ غَالِبًا إلَّا الْيَسِيرَ مِنْهُ لِلْأَكْلِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: يُعْشَرُ أَيْضًا. وَلَهُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى إمَامٍ فَاسِقٍ "وهـ" قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَأْمُرُونَ بِدَفْعِهَا1، وَقَدْ عَلِمُوا فِيمَا يُنْفِقُونَهَا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَحْرُمُ إنْ وَضَعَهَا فِي غَيْرِ أَهْلِهَا، وَيَجِبُ كَتْمُهَا عَنْهُ إذَنْ "وم ش". وَتُجْزِئُ مُطْلَقًا "م ش" لِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ2 وحسنه عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أبي هريرة مرفوعا: "إذا أديت زكاة مالك فَقَدْ قَضَيْت مَا عَلَيْك" وَلِأَحْمَدَ1 عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "إذَا أَدَّيْتهَا إلَى رَسُولِي فَقَدْ بَرِئْت مِنْهَا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَلَكَ أَجْرُهَا، وَإِثْمُهَا عَلَى مَنْ بَدَّلَهَا". وَلِلْإِمَامِ طَلَبُ الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إنْ وَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا "و" وَلَوْ مِنْ بَلَدٍ غَلَبَ عَلَيْهِ الْخَوَارِجُ فَلَمْ يُؤَدِّ أَهْلُهُ الزَّكَاةَ ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْإِمَامُ، "هـ"؛ لِأَنَّهُمْ وَقْتَ الْوُجُوبِ لَيْسُوا تَحْتَ حِمَايَتِهِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَا نَظَرَ لَهُ فِي زَكَاةِ الْبَاطِنِ إلَّا أَنْ تَبْذُلَ. وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ: قَالَ الْقَاضِي إذَا مَرَّ الْمُضَارِبُ أَوْ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالْمَالِ عَلَى عَاشِرِ الْمُسْلِمِينَ أَخَذَ مِنْهُ الزَّكَاةَ، قَالَ: وَقِيلَ: لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالِكُ. وَإِذَا طَلَبَ2 الزَّكَاةَ، لَمْ يَجِبْ دَفْعُهَا إلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ إخْرَاجُهَا بِالْكُلِّيَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ3 فِي صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ: إذَا أَبَى النَّاسُ أَنْ يُعْطُوهَا الْإِمَامَ قَاتَلَهُمْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نُخْرِجُهَا، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا إلَيْهِ إذَا طَلَبَهَا "وَ" وَلَا يُقَاتِلُ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَجَمَعَ بِهِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ فِي الْخِلَافِ: لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فيه الاجتهاد، كالحكم بشفعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجِوَارِ عَلَى مَنْ لَا يَرَاهَا، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ دَفْعُ الْبَاطِنِ بِطَلَبِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَجْهًا وَاحِدًا، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ مَنْ أَدَّاهَا لَمْ تَجُزْ مُقَاتَلَتُهُ، لِلْخُلْفِ فِي إجْزَائِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ فِي مَنْ قَالَ: أَنَا أُؤَدِّيهَا وَلَا أُعْطِيهَا لِلْإِمَامِ: لَمْ يَكُنْ لَهُ قِتَالُهُ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ جَوَّزَ الْقِتَالَ عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ جَوَّزَهُ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ إلَّا عَلَى تَرْكِ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَمْ يُجَوِّزْهُ. وَيُسْتَحَبُّ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَ أَمَانَتِهِ، وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ، أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقَسِّمَهَا هُوَ. وَقِيلَ: دَفْعُهَا إلَى إمَامٍ عَادِلٍ أَفْضَلُ، لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، وَزَوَالِ التُّهْمَةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ "وش" وَقَالَهُ "هـ م" حَيْثُ جَازَ الدَّفْعُ بِنَفْسِهِ، وَعَنْهُ: دَفْعُ الظَّاهِرِ أَفْضَلُ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ بِالْعُشْرِ، وَعَنْهُ: بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَوَارِجِ: إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ وَأَخَذُوا مِنْهُ الْعُشْرَ وَقَعَ مَوْقِعَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّمَا يُجْزِئُ أَخْذُهُمْ إذَا نَصَّبُوا لَهُمْ إمَامًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ اخْتِيَارًا، وَعَنْهُ: التَّوَقُّفُ فِيمَا أَخَذَهُ الْخَوَارِجُ مِنْ الزَّكَاةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ قِيلَ: تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الْفُسَّاقِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ عُشْرٍ وَصَدَقَةٍ إلَيْهِمْ وَلَا إقَامَةِ حَدٍّ. وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوَازِ الدَّفْعِ الْإِجْزَاءُ: لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ فِي الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ أَجْزَأَ فِي الْمَنْصُوصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَلْ لِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ م 6" أَحَدِهِمَا لَهُ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إذَا أَخَذَ الْخَوَارِجُ زَكَاةَ السَّائِمَةِ فَقِيلَ: تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَحْمِهِمْ، وَالْجِبَايَةُ بِالْحِمَايَةِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّ مَصْرِفَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَصْرِفُونَهَا إلَيْهِمْ، وَلَهُمْ قَوْلٌ ثَالِثٌ: إنْ نَوَى التَّصَدُّقَ عَلَيْهِمْ أَجْزَأَ، وَكَذَلِكَ الدَّفْعُ إلَى كُلِّ1؛ جَائِرٍ؛ لِأَنَّهُمْ بِمَا عَلَيْهِمْ مِنْ التبعات فقراء.
فصل: يحرم نقل الزكاة مسافة قصر لساع وغيره
فَصْلٌ: يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مَسَافَةَ قَصْرٍ لِسَاعٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ لِرَحِمٍ وَشِدَّةِ حَاجَةٍ أَوْ لا، نص على ذلك "وش" وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَابْنِ الْبَنَّا: يُكْرَهُ، وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ1: لَا يُعْجِبُنِي، فَإِنْ فَعَلَ ففي الإجزاء روايتان "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَهَلْ لِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ: إحْدَاهُمَا: لَهُ ذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالظِّهَارِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ2. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ طَلَبُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي النَّذْرِ وَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهَ الثَّانِيَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: يَحْرُمُ نَقْلُ الزَّكَاةِ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الْإِجْزَاءِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا في الهداية وعقود ابن البناء والفصول،
وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَا تجزئ "وهـ م ق" كَصَرْفِهَا فِي غَيْرِ الْأَصْنَافِ، وَالْعُمُومَاتُ لَا تَتَنَاوَلُهُ، لِتَحْرِيمِهِ. وَفِي "مُنْتَهَى الْغَايَةِ": لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا: تُجْزِئُ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى الثَّغْرِ1. وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ مُرَابَطَةَ الْغَازِي بِهِ قَدْ تَطُولُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْمُفَارَقَةُ2. ثُمَّ إنَّ حَاجَةَ الْأَخْذِ فِيهِ لَا تُعْتَبَرُ، فَكَذَا الْمَكَانُ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ إلَى غَيْرِ الثَّغْرِ أيضا "وم" مَعَ رُجْحَانِ الْحَاجَةِ، وَكَرِهَهُ "هـ" إلَّا لِقَرَابَةٍ أَوْ رُجْحَانِ حَاجَةٍ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ جَوَازَهُ لِقَرَابَةٍ، وَيَجُوزُ النَّقْلُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ بَلَدٍ وَاحِدٍ، بِدَلِيلِ أَحْكَامِ رُخَصِ السَّفَرِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَقَدْ علل صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3، وَالْمُقْنِعِ4، والهادي، والتلخيص والبلغة وشرح المجد وابن منجا وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: تُجْزِئُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي5، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ
الْمُحَرَّرِ عَدَمَ النَّقْلِ فِي الْجُمْلَةِ بِأَنَّ فُقَرَاءَ كُلِّ مَكَان لَا يَعْلَمُ بِهِمْ غَالِبًا إلَّا أَهْلُهُ. وَكَذَلِكَ تَجِبُ نَفَقَةُ الْفَقِيرِ عَلَى مَنْ علم بحاله، وبذل الطعام للمضطر، وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ عَنْهُ إلَى مُضْطَرٍّ أَوْ مُحْتَاجٍ فِي مَكَان آخَرَ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رواه أَحْمَدُ1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ عَنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ". وَإِنْ كَانَ بِبَادِيَةٍ أَوْ خَلَا بَلَدُهُ مِنْ مُسْتَحِقٍّ لَهَا فَرَّقَهَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ مِنْهُ، عِنْدَ كُلِّ مَنْ لَمْ يَرَ نَقْلَهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ، وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ، وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ "م ر" كَوَزْنِ وَكِيلٍ. وَالسِّفَارُ بِالْمَالِ يُزَكِّي فِي مَوْضِعٍ أَكْثَرَ إقَامَةِ الْمَالِ فِيهِ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، لِتَعَلُّقِ الْأَطْمَاعِ بِهِ غَالِبًا، وَظَاهِرُ نَقْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ: يُفَرِّقُهُ فِي الْبَلَدَانِ الَّتِي كَانَ بِهَا فِي الْحَوْلِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: هُوَ كَغَيْرِهِ اعْتِبَارًا بِمَكَانِ الْوُجُوبِ، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ. وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ الزَّكَاةِ لِاسْتِيعَابِ الْأَصْنَافِ إنْ تَعَذَّرَ بِدُونِهِ وَوَجَبَ، ذَكَرَهُ فِي منتهى الغاية، ويتوجه احتمال2. وللشافعية وجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ: لَا تُجْزِئُهُ، اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ، وَاَللَّهُ أعلم.
وَمَنْ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْمَالِ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَرَّقَهَا فِي بَلَدِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" فَإِنْ كَانَ مُتَفَرِّقًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هُوَ، فَإِنْ كَانَ النِّصَابُ مِنْ السَّائِمَةِ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ1 فِي كُلِّ بَلَدٍ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ، لِئَلَّا يَنْقُلَ الزَّكَاةَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ فِي بَعْضِهَا، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَشْقِيصِ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ "م 8". وَسَبَقَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي بَابِهَا في آخر الْفَصْلِ الثَّانِي2، وَأَنَّهَا تَجِبُ فِي بَلَدِ الْبُدْنِ. وَيَجُوزُ نَقْلُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 8: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَزِمَتْهُ زَكَاةُ الْمَالِ فِي بَلَدٍ وَمَالُهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَرَّقَهَا فِي بَلَدِ الْمَالِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ مُتَفَرِّقًا زَكَّى كُلَّ مَالٍ حَيْثُ هُوَ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا مِنْ السَّائِمَةِ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ، لِئَلَّا يَنْقُلَ الزَّكَاةَ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ وَقِيلَ: يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ فِي بَعْضِهَا، لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَشْقِيصِ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي3: الْقَوْلَ الْأَوَّلَ: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، ويغتفر مثل ذلك لأجل التشقيص.
وَإِذَا حَصَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَاشِيَةٌ اُسْتُحِبَّ لَهُ "هـ" أَنْ يَسِمَ1 الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ فِي أَفْخَاذِهَا، وَالْغَنَمَ فِي آذَانِهَا، لِلْأَخْبَارِ فِي الْوَسْمِ2، وَلِخِفَّةِ الشَّعْرِ فِي ذَلِكَ فَيَظْهَرَ، وَلِأَنَّهُ يَتَمَيَّزُ، فَإِنْ كَانَتْ زَكَاةٌ كَتَبَ: "لِلَّهِ" أَوْ "زَكَاةٌ" وَإِنْ كَانَتْ جِزْيَةٌ كَتَبَ: "صَغَارٌ" أَوْ "جِزْيَةٌ"؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أن الوسم بحناء أو بقير3 أفضل.
فصل: لا يجزئ إخراج قيمة الزكاة طائعا
فَصْلٌ: لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ قِيمَةِ الزَّكَاةِ طَائِعًا "وم ش" أَوْ مُكْرَهًا "م" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمُعَاذٍ1: "خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ، وَالشَّاةَ مِنْ الْغَنَمِ، وَالْبَعِيرَ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرَ مِنْ الْبَقَرِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ2. وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَالْجُبْرَانَاتُ الْمُقَدَّرَةُ فِي خَبَرِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ3، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لَا تُشْرَعُ، وَإِلَّا كَانَتْ عبثا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَسَمِينَةٍ عَنْ مَهْزُولَتَيْنِ، وَكَالْمَنْفَعَةِ، وَكَنِصْفِ صَاعٍ جَيِّدٍ عن صاع رديء أَوْ نِصْفِ صَاعِ تَمْرٍ عَنْ، صَاعِ شَعِيرٍ مِثْلِهِ فِي الْقِيمَةِ، "و" مَعَ تَجْوِيزِ الْمُخَالِفِ ثَوْبًا عَنْ الْإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ، وَكَعُدُولِهِ عَنْ السُّجُودِ الْوَاجِبِ إلَى وَضْعِ الْخَدِّ، أَوْ عَنْ الرُّكُوعِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَبْلَغَ فِي الْخُضُوعِ، أَوْ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ إلَى أَضْعَافِ قيمتها. وعنه: تجزئ القيمة "وهـ" وَعَنْهُ: فِي غَيْرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَعَنْهُ: تُجْزِئُ لِلْحَاجَةِ، مِنْ تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ، نَقَلَهَا وَصَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: وَلِمُصْلِحَةٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: تُجْزِئُ لِلْحَاجَةِ إلَى الْبَيْعِ، قَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي شَرْحِ الْمُجَرَّدِ: إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ جُزْءًا لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ جَازَ صَرْفُ ثَمَنِهِ إلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ وَكَذَا كُلُّ مَا يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى المشي. وهل يجزئ نقد عن آخر "وم" أَمْ لَا؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ: أَنَّهُ يخرج ما فيه حظ الفقراء "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُجْزِئُ نَقْدٌ عَنْ آخَرَ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ، وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مُطْلَقًا، وَعَنْ ابْنِ حَامِدٍ مَا فِيهِ حَظٌّ لِلْفُقَرَاءِ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي جَوَازِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ قَدِمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُهَا، فَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ نَقْدٍ عَنْ آخَرَ، عَلَى الصَّحِيحِ، بِنَاءً عَلَى هَذَا. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ رِوَايَتَيْ تَكْمِيلِ أَحَدِهِمَا مِنْ الآخر اللتين ذكرهما في باب زكاة الذهب والفضة، وهو الصواب.
وإن أجزأ، ففي فلوس عنه وَجْهَانِ "م 10". وَعَنْهُ يُجْزِئُ عَمَّا يُضَمُّ إلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي التَّكْمِيلِ، وَذَكَرْنَا الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي إجْزَاءَ إخْرَاجِ نَقْدٍ عَنْ آخَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1، وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّرْحِ1، والنظم والحاوي الصغير وغيرهم: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ وَيُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَجُوزُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2: وَهِيَ أَصَحُّ، وَنَصَرَهَا الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهَا فِي التَّصْحِيحِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهَا ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُهُ، جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ أَصَحُّ، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، كَمَا اخْتَارَ عَدَمَ الضَّمِّ، وَوَافَقَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ هُنَا، وَخَالَفَاهُ فِي الضَّمِّ، فَاخْتَارَا جَوَازَهُ، وَصَحَّحَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ، وَلَمْ يُصَحِّحَا شَيْئًا فِي الضَّمِّ، وصحح في الفائق عدم الضم، وصحح جوازا3 إخْرَاجَ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَعَنْهُ4: لَا يَجُوزُ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ بَنَاهُ عَلَى الضَّمِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ، انْتَهَى. قُلْت: بَنَاهُمَا عَلَى الضَّمِّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي5. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَهَلْ يُجْزِئُ مُطْلَقًا إخْرَاجُ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنْ الْآخَرِ إذَا قُلْنَا بِالضَّمِّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. مَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَجْزَأَ فَفِي الْفُلُوسِ عَنْهُ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنِ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقَالَ: قُلْت:
وعنه: تجزئ القيمة، وهي الثَّمَنُ لِمُشْتَرِي ثَمَرَتِهِ الَّتِي لَا تَصِيرُ تَمْرًا وزبيبا من الساعي قبل جذاذه "وم ش" وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ، فَلَا تجزئ القيمة. وَإِنْ بَاعَ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَصَحَّ فِي الْمَنْصُوصِ "و" فَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ ثَمَنِهِ وَأَنْ يُخْرِجَ مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ، وَنَقَلَ عَنْهُ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا بَاعَ ثَمَرَهُ أَوْ زَرْعَهُ وَقَدْ بَلَغَ فَفِي ثَمَنِهِ العشر أو نصفه، ونقل أبو طالب: يتصدق بِعُشْرِ الثَّمَنِ، قَالَ الْقَاضِي: أَطْلَقَ الْقَوْلَ هُنَا أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الثَّمَنِ، وَخَيَّرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الثَّمَنِ. قَالَ الْقَاضِي: الرِّوَايَتَانِ هُنَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَتَيْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ. وَقَالَ: هَذَا الْمَعْنَى قَبْلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ1 وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ بَعْدَهُ آخَرُونَ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ: إذَا بَاعَ فَالزَّكَاةُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَالزَّكَاةُ فِيهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَقَالَ كَالْمَهْرِ إذَا طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ مَعَ بَقَائِهِ، وَإِلَّا إلَى قِيمَتِهِ عِنْدَ تَلَفِهِ، وَلَمْ تُكَلَّفْ الْمَرْأَةُ الدَّفْعَ إلَيْهِ مِنْ جِنْسِ ماله. وذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ جُعِلَتْ ثَمَنًا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ قَدِمَ هُنَا أَنَّهَا أَثْمَانٌ. وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ فِي إجْزَاءِ إخْرَاجِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَنْ الْآخَرِ: إمَّا مُطْلَقًا أَوْ إذا قلنا بالضم وعليهما 2"يجرى إجْزَاءُ"2 الْفُلُوسِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَعَنْهُ: يَجُوزُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بِالْحِسَابِ مَعَ الضَّمِّ، وَقِيلَ: وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا، وَفِي إجْزَاءِ الْفُلُوسِ عَنْهَا مَعَ الْإِخْرَاجِ الْمَذْكُورِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَالصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ إذا كانت نافعة، والله أعلم.
ابْنُ أَبِي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إخْرَاجِ ثَمَنِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ الْمِثْلِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَوَجَدَ رُطَبًا وَعِنَبًا، أَخْرَجَهُ وَزَادَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا "م 11"، وَقَدْ سَبَقَ مَعْنَاهُ وَسَبَقَ شَرْطُ زَكَاتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ فِي زَكَاةِ الثَّمَرِ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ النِّصَابَ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ وَصَحَّ فِي المنصوص فَعَنْهُ: لَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ جِنْسِ النِّصَابِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ إنْ بَاعَ ثَمَرَهُ أَوْ زَرْعَهُ وَقَدْ بَلَغَ فَفِي ثَمَنِهِ الْعُشْرُ أو نصفه، ونقل أبو طالب: يتصدق بعشر الثَّمَنِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ الثَّمَنِ، قَالَ الْقَاضِي: الرِّوَايَتَانِ هُنَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَتَيْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ هَذَا الْمَعْنَى قَبْلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَقَالَهُ بَعْدَهُ آخَرُونَ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ: إذَا بَاعَ فَالزَّكَاةُ فِي الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَالزَّكَاةُ فِيهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إخْرَاجِ ثَمَنِ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْبَيْعِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ الْمِثْلِ، وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَوَجَدَ رُطَبًا وَعِنَبًا أَخْرَجَهُ وَزَادَ بِقَدْرِ مَا بَيْنَهُمَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْإِجْزَاءَ وَعَدَمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الْكُبْرَى: إحْدَاهُمَا: لَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَبِنَاءُ الْقَاضِي وَأَبِي إِسْحَاقَ وَمَنْ بَعْدَهُمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَإِذَا تَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ أَوْ الزَّرْعِ وَقَدْ بَدَا الصَّلَاحُ وَاشْتَدَّ الْحُبُّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا صَحَّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَبَعْدَهُ، وَتَبْقَى الزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ تَمْرًا، وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ عُشْرُ الثَّمَنِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِعُمُومِ الْخَبَرِ بِإِيجَابِ التَّمْرِ والزبيب2. انتهى
فصل: ويجب على الإمام
فَصْلٌ: وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةَ عِنْدَ قُرْبِ الْوُجُوبِ لِقَبْضِ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ، وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم والخلفاء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ1، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُزْكِي وَلَا يَعْلَمُ مَا عَلَيْهِ، فَفِي إهْمَالِ ذَلِكَ تَرْكٌ لِلزَّكَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَجِبُ، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. وَيَجْعَلُ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ الْمُحَرَّمَ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، وَمِيلُهُ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَعُدَّ الْمَاشِيَةَ عَلَى أَهْلِهَا عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ، لِلْخَبَرِ2. وَإِنْ أَخْبَرَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِعَدَدِهِ قِبَلَ منه ولا يحلفه، كما سبق. ـــــــــــــــــــــــــــــQفصحح3 مَا قُلْنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ: يَجُوزُ، ويجزئ عشر ثمنه.
وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ رَبُّهُ زَكَاتَهُ وَإِلَّا وَكَّلَ ثِقَةً يَقْبِضُهَا ثُمَّ يُصَرِّفُهَا فِي مَصْرِفِهَا، وَلَهُ جَعْلُ ذَلِكَ إلَى رَبِّ الْمَالِ إنْ كَانَ ثِقَةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ثِقَةً فَقَالَ الْقَاضِي: يُؤَخِّرُهَا إلَى الْعَامِ الثَّانِي. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهَا. وَقَالَ فِي الْكَافِي1: إنْ لَمْ يُعَجِّلْهَا فَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهَا مِنْهُ عِنْدَ حَوْلِهَا وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي "م 12". وَإِذَا قَبَضَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَرَّقَهَا فِي مكانه وما قاربه، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ حَمَلَهُ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَا سَبَقَ2. وَلِلسَّاعِي بَيْعُ مَالِ الزَّكَاةِ مِنْ مَاشِيَةٍ وَغَيْرِهَا لِحَاجَةٍ أَوْ مَصْلَحَةٍ، وَصَرْفُهُ فِي الْأَحَظِّ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ حَاجَتِهِمْ، حَتَّى فِي إجَارَةِ مَسْكَنٍ. وإن باع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِدْ السَّاعِي ثِقَةً يُوَكِّلُهُ فِي قَبْضِ مَا تَأَخَّرَ وُجُوبُهُ: فَقَالَ الْقَاضِي: يُؤَخِّرُهَا إلَى الْعَامِ الثَّانِي. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَهَا. وَقَالَ فِي الْكَافِي: إنْ لَمْ يُعَجِّلْهَا فَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُهَا مِنْهُ عِنْدَ حَوْلِهَا، وَإِمَّا أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ: قَوْلُ الْقَاضِي: هُوَ الصَّحِيحُ، حَيْثُ وُجِدَتْ تُهْمَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَوْلُ الْآمِدِيِّ: لَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ إنْ طَلَعَ على إخراج رب المال.
لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ فَذَكَرَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَيَضْمَنَ قِيمَةَ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ "م 13"، لِمَا رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الْأَمْوَالِ"1 عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ2، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى فِي إبِلِ الصَّدَقَةِ نَاقَةً كَوْمَاءَ فَسَأَلَ عَنْهَا الْمُصَدِّقَ، فَقَالَ: إنِّي ارْتَجَعْتهَا بِإِبِلٍ، فَسَكَتَ. وَمَعْنَى الرَّجْعَةِ، أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهَا غَيْرَهَا. وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى الْبَيْعِ إذا خاف تلفه، قال: لأنه موضع ضَرُورَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَمَالَ إلَى الصِّحَّةِ، وَكَذَا جَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَخَوْفِ تَلَفٍ وَمُؤْنَةِ نَقْلٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ يَعْنِي السَّاعِيَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ، فَذَكَرَ الْقَاضِي: لَا يَصِحُّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وصاحب الحاويين، و3"ظاهر الشَّرْحِ4 إطْلَاقُ الْخِلَافِ"3: أَحَدَهُمَا: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، حَيْثُ قَيَّدُوا الْجَوَازَ بِمَا إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، قَالَ فِي الْمُغْنِي5: لَهُ بَيْعُهَا لِمَصْلَحَةٍ وَكُلْفَةٍ فِي نَقْلِهَا أَوْ مَرَضِهَا أَوْ غَيْرِهَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، فَقَالَ فِي آخَرِ الْبَابِ: وَإِنْ بَاعَ شَيْئًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَمَصْلَحَةٍ صَحَّ، وَقِيلَ: لَا، فَيَضْمَنُ قِيمَةَ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ، انْتَهَى. وَمَالَ فِي الْكَافِي6 إلَى الصِّحَّةِ، 3"وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي، وَمَالَ إليه"3.
وإن أَخَّرَ السَّاعِي قِسْمَةَ زَكَاةٍ عِنْدَهُ بِلَا عُذْرٍ، كَاجْتِمَاعِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الزَّكَوَاتِ، لَمْ يَجُزْ، وَيَضْمَنُ، لِتَفْرِيطِهِ، وَكَذَا إنْ طَالِبَ أَهْلُ الْغَنِيمَةِ بِقِسْمَتِهَا فَأَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ مَالَ مُوَكِّلِهِ الَّذِي تَلِفَ بِيَدِهِ قَبْلَ طَلَبِهِ؛ لِأَنَّ لِلْمُوَكَّلِ طَلَبَهُ، فَتَرَكَهُ رِضًا بِبَقَائِهِ بِيَدِهِ، وَلَيْسَ لِلْفُقَرَاءِ طَلَبُ السَّاعِي بِمَا بِيَدِهِ لِيَكُونَ تَرْكُ الطَّلَبِ دَلِيلَ الرِّضَا بِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو الْمَعَالِي، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: إنْ تَلِفَتْ بِيَدِ إمَامٍ أَوْ سَاعٍ بِتَفْرِيطٍ ضَمِنَهَا. وَتَأْخِيرَهَا لِيَحْضُرَ الْمُسْتَحِقُّ وَيَعْرِفُ قَدْرَ حَاجَتِهِ لَيْسَ بِتَفْرِيطٍ. وَإِنْ أَخَّرَ الْوَكِيلُ تَفْرِقَةَ مَالٍ، فَيَأْتِي فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ1 أَنَّهُ يَضْمَنُ، فِي الْأَصَحِّ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ. كذا قالوا. . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ومن أخرج زكاة فتلفت قبل أن يقبضها الفقير
فَصْلٌ: وَمَنْ أَخْرَجَ زَكَاةً فَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ بَدَلُهَا "هـ" كَمَا قَبْلَ الْعَزْلِ، لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا بِهِ، بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَوْدِ فِيهَا إلَى غَيْرِهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُسْتَحِقُّ، كَمَالٍ مَعْزُولٍ لَوْ قَارَبَ الدَّيْنُ، بِخِلَافِ الْأَمَانَةِ، وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُ الْمُخْرَجِ إلَيْهِ ثُمَّ الْمُخْرِجِ وَالْمَعْزُولِ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ سَقَطَ قَدْرُ زَكَاتِهِ إنْ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ بِالتَّلَفِ، وَفِي سُقُوطِهَا عَنْ الْبَاقِي إنْ نَقَصَ عَنْ نِصَابٍ الْخِلَافُ. ويشترط لملك الفقير لها، وَإِجْزَائِهَا قَبْضُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
نَصَّ عَلَيْهِ. وَخَرَجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْمُعَيَّنَةِ الْمَقْبُولَةِ: كَالْمَقْبُوضَةِ، كَالْهِبَةِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالرَّهْنِ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِلْأَمْرِ بِهَا بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ وَالْأَدَاءِ والأخذ والإعطاء، وعن محمد بن إبراهيم1 - وَهُوَ مَجْهُولٌ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعَبْدِيِّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شِرَاءِ الصَّدَقَاتِ حَتَّى تُقْبَضَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ2. وَلَوْ قَالَ الْفَقِيرُ لِرَبِّ الْمَالِ اشْتَرِ لِي بِهَا ثَوْبًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُ. وَلَوْ اشْتَرَاهُ كَانَ لَهُ، وَإِنْ تَلِفَ فَمِنْ ضَمَانِهِ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ إذْنِهِ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ أَوْ المضاربة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يجوز تعجيل الزكاة
فَصْلٌ: يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ إذَا تَمَّ النِّصَابُ، جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ "م" لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ1، وَلِأَنَّهُ حَقُّ مَالٍ أُجِّلَ لِلرِّفْقِ، فَجَازَ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، كَالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ وَدِيَةِ الْخَطَأِ، نَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا بَأْسَ بِهِ، زَادَ الْأَثْرَمُ: هُوَ مِثْلُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَالظِّهَارُ أَصْلُهُ، فظاهره أنهما على حد واحد فيهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ وَالْفَضِيلَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ تَرْكَ التَّعْجِيلِ أَفْضَلُ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: تُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ، وَنَصَّ فِي الْمُغْنِي1 أَنَّ تَأْخِيرَ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْحِنْثِ لَيْسَ بِأَفْضَلَ قَالَ: كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ الْمُخَالِفَ لَا يُوجِبُ تَفْضِيلَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ، كَتَرْكِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ حَكَى رِوَايَتَيْنِ: هَلْ الْجَمْعُ أَفْضَلُ؟ وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُمَا سَبَبَانِ2، فَقَدَمَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ: شَرْطَانِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: سَبَبٌ وَشَرْطٌ. وَجَوَّزَهُ أَصْحَابٌ "م" سِوَى أَشْهَبَ3 بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ: كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ4. وَهَلْ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ؟ فِيهِ وجهان "م 14". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 14: قَوْلُهُ: وَهَلْ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ: أَحَدَهُمَا: يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ هُنَا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ. 5"وَهُوَ الصَّوَابُ"5، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ فِي بَابِ الْحَجْرِ، حَيْثُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَيْهِ أن يعمل ما فيه الأحظ له
وَلَا يَصِحُّ التَّعْجِيلُ قَبْلَ تَمَامِ النِّصَابِ "و" بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ، وَزَادَ: فَيَسْتَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَ الْفَقِيرَ بِالتَّعْجِيلِ وإلا كانت تطوعا ولم يسترد منه، وَسَوَاءٌ عَجَّلَ زَكَاتَهُ أَوْ زَكَاةَ نِصَابٍ. وَيَجُوزُ لِعَامَيْنِ، لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ2، وَلِأَنَّهُ عَجَّلَهَا بَعْدَ سَبَبِهَا وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّ حَوْلَهَا لَمْ يَنْعَقِدْ، كَتَعْجِيلِهَا قَبْلَ تَمَامِ نِصَابِهَا. وَالنِّصَابُ سَبَبٌ لِزَكَاةٍ وَاحِدَةٍ لَا لِزَكَوَاتٍ، لِلْإِجْحَافِ بِرَبِّ الْمَالِ. فَعَلَى الْأُولَى: لَا يَجُوزُ لَهُ لِثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ فَأَكْثَرَ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِيهِ، اقْتِصَارًا على ما ورد. وعنه يجوز "وهـ ق" لِمَا سَبَقَ وَكَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ مُدَّةِ الْحِنْثِ، بِأَعْوَامٍ. وَإِذَا قُلْنَا تُعَجَّلُ لِعَامَيْنِ فَعَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ، وَمِنْهَا: لَا يَجُوزُ عَنْهُمَا، وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ التَّعْجِيلُ لِشَاةٍ وَاحِدَةٍ عَنْ الْحَوْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ مِنْهُ لِلْحَوْلِ الثَّانِي زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ فَنَقَصَ بِهِ. وَلَوْ قُلْنَا: يَرْتَجِعُ مَا عَجَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ، فَإِنْ مَلَكَ شَيْئًا اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ الْكَمَالِ. وَقِيلَ: إنْ عَجَّلَ شَاتَيْنِ3 مِنْ الْأَرْبَعِينَ، أَجْزَأَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَالِهِ. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ قَوْلُ ثَالِثُ، وَهُوَ مَا إذَا حَصَلَ فَائِدَةٌ أَوْ قَحْطٌ وَحَاجَةٌ شَدِيدَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ أَقْوَى4 من الوجه الأول والله أعلم.
عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا يَرْجِعُ، وَإِنْ عَجَّلَ وَاحِدَةً مِنْهَا وَأُخْرَى مِنْ غَيْرِهَا جَازَ، جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، لِأَنَّ نَقَصَ النِّصَابَ بِتَعْجِيلِ قَدْرِ مَا يَجِبُ عِنْدَ الْحَوْلِ لَا يَمْنَعُ. وَقَالَ الشَّيْخُ: تُجْزِئُ وَاحِدَةٌ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ. وَإِنْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ زَكَاةَ نِصَابَيْنِ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ نِصَابٍ أَجْزَأَ عَنْ النِّصَابِ دُونَ الزِّيَادَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش"؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ زَكَاةَ مَالٍ لَمْ يَمْلِكْهُ، فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ كَمَا فِي النِّصَابِ الْأَوَّلِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ عَنْ الزِّيَادَةِ أَيْضًا، لِوُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ: يَضُمُّهُ إلَى الْأَصْلِ فِي حَوْلِ الْوُجُوبِ، فَكَذَا فِي التَّعْجِيلِ "وهـ" وَصَاحِبَيْهِ، وَلِهَذَا اخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ: يُجْزِئُ عَنْ الْمُسْتَفَادِ مِنْ النِّصَابِ فَقَطْ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ بِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ الْمُسْتَفَادُ نِصَابًا؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهُ فِي الْوُجُوبِ وَالْحَوْلِ، كَمَوْجُودٍ، وَإِذَا بَلَغَهُ اسْتَقَلَّ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ الْأَصْلُ. وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَعَنْ نِتَاجِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَتَجَتْ مِثْلَهَا فَالْأَشْهَرُ لَا تُجْزِئُهُ، وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ. وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ الْمُعَجَّلَةَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 15". فَإِنْ جاز فأخذها، ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 15: قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَعَنْ نِتَاجِهَا بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَجَتْ مِثْلُهَا فَالْأَشْهَرُ لَا تُجْزِئُهُ وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَ الْمُعَجَّلَةَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ في
دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ جَازَ، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَا قَبْلَ أَخْذِهَا فَلَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى مِلْكِ الْفَقِيرِ. وَلَوْ عَجَّلَ مُسِنَّةً عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً وَنِتَاجِهَا فَالْأَشْهَرُ لَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْجَمِيعِ، بَلْ عَنْ ثَلَاثِينَ، وَلَيْسَ لَهُ ارْتِجَاعُهَا، وَيُخْرِجُ لِلْعَشْرِ رُبُعَ مسنة. وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ ارْتِجَاعِ الْمُسِنَّةِ وَيُخْرِجُهَا أَوْ غَيْرَهَا عَنْ الْجَمِيعِ. وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً، ثُمَّ أَبْدَلَهَا بِمِثْلِهَا، أَوْ نَتَجَتْ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً، ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّاتُ1، أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَدَلِ وَالسِّخَالِ؛ لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ بَقَاءِ الْأُمَّاتِ1 عَنْ الْكُلِّ، فَعَنْ أَحَدِهِمَا أَوْلَى. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا: لَا تُجْزِئُ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ كَانَ لِغَيْرِهَا. فَعَلَى الْأَوَّلِ؛ لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ مِائَةِ شَاةٍ أَوْ تَبِيعًا عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً ثُمَّ نَتَجَتْ الْأُمَّاتُ1 مِثْلَهَا وَمَاتَتْ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ النِّتَاجِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الْحَوْلِ. وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مَعَ بَقَاءِ الْأُمَّاتِ1. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ نَتَجَتْ نِصْفَ الشَّاةِ مِثْلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ أُمَّاتُ الْأَوْلَادِ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلِ عَنْهَا، وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ شَاةٌ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ نصاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى": إحْدَاهُمَا: لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
لَمْ يُزْكِهِ. وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِنِصْفِ شَاةٍ؛ لِأَنَّهُ قِسْطُ السِّخَالِ مِنْ وَاجِبِ الْمَجْمُوعِ، وَلَمْ يَصِحَّ التَّعْجِيلُ عَنْهَا. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ. وَلَوْ نَتَجَتْ نِصْفُ الْبَقَرِ مِثْلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّاتُ أَجْزَأَ التَّعْجِيلَ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ وَجَبَتْ فِي الْعُجُولِ تَبَعًا لِأُمَّاتِهَا، وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: عَلَى الثَّانِي نِصْفُ تَبِيعٍ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا، قِسْطُهَا مِنْ الْوَاجِبِ. وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْهِ وَتَلِفَ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْآخَرِ "و" كَمَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ وَلَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْهَا. وَفِي تَخْرِيجِ الْقَاضِي: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَعُرُوضٌ فَعَجَّلَ عَنْ جِنْسٍ مِنْهَا ثُمَّ تَلِفَ صَرَفَهُ إلَى الْآخَرِ، وَمَنْ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقُلْنَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِعَامَيْنِ، وَعَنْ الزِّيَادَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا، فَعَجَّلَ خَمْسِينَ وَقَالَ: إنْ رَبِحَتْ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ عَنْهَا وَإِلَّا كَانَتْ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، جَازَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَإِخْرَاجِهِ عَنْ مَالٍ غَائِبٍ إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَعَنْ الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُخْرَجِ عَنْهُ. وَمَنْ عَجَّلَ عَنْ أَلْفٍ يَظُنُّهَا لَهُ فَبَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ أَجْزَأَ عَنْ عَامَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: إن أخذ الساعي فوق حقه
فصل: إن أَخَذَ السَّاعِيَ فَوْقَ حَقِّهِ اعْتَدَّ بِالزِّيَادَةِ مِنْ سَنَةٍ ثَانِيَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَحْتَسِبُ مَا أَهْدَاهُ لِلْعَامِلِ مِنْ الزَّكَاةِ أَيْضًا، وَعَنْهُ: لَا يَعْتَدُّ بِذَلِكَ، قَدَّمَ هَذَا الْإِطْلَاقَ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَجَمَعَ الشَّيْخُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ: إنْ كَانَ نَوَى الْمَالِكُ التَّعْجِيلَ اعْتَدَّ وَإِلَّا فَلَا، وَحَمَلَهَا1 عَلَى ذَلِكَ، وَحَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةَ الْجَوَازِ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى التَّعْجِيلَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ وَأَخَذَهَا لَمْ يَعْتَدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا قَالَ: وَلَنَا رِوَايَةٌ: إنَّ مَنْ ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ يَحْتَسِبُهُ مِنْ الْعُشْرِ أَوْ مِنْ خَرَاجٍ آخَرَ، فَهَذَا أَوْلَى. وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ فِي أَرْضِ صُلْحٍ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنْهَا نِصْفَ الْغَلَّةِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قِيلَ لَهُ: فَيُزْكِي الْمَالِكُ عَمَّا بَقِيَ فِي يَدِهِ؟ قَالَ: يُجْزِئُ مَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ عَنْ الزَّكَاةِ، يَعْنِي إذَا نَوَى بِهِ الْمَالِكُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: إنْ زَادَ فِي الْخَرْصِ هَلْ يَحْتَسِبُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ الزَّكَاةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، قَالَ: وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ أَنَّهُ يَحْتَسِبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَا أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ اعْتَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَعْتَدُّ بِمَا أَخَذَ، وعنه: بوجه سائغ، وعنه: لا، وكذا ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ تَمِيمٍ فِي آخَرِ فَصْلِ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ لأرض عشرية، وقدم: لا يعتد به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإذا تم الحول
فَصْلٌ: وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَنِصَابُهُ نَاقِصٌ قَدْرَ مَا عَجَّلَهُ أَجْزَأَهُ وَكَانَ حُكْمُ مَا عَجَّلَهُ كَالْمَوْجُودِ فِي مِلْكِهِ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ؛ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْحَوْلِ فِي إجْزَائِهِ عَنْ مَالِهِ، كَمَا لَوْ عَجَّلَهُ إلَى السَّاعِي وَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ بِيَدِهِ مَعَ زَوَالِ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ارْتِجَاعَهُ، وَلِلسَّاعِي صَرْفُهُ بِلَا ضَمَانٍ، بِخِلَافِ زَوَالِ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ1: لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ نَفْلًا وَيَكُونُ كَتَالِفٍ "وهـ". فَعَلَى الْأَوَّلِ؛ لَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً ثُمَّ نَتَجَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَاحِدَةً لَزِمَهُ شَاةٌ ثَانِيَةٌ، وَعَلَى الثَّانِي لَا، وَلَوْ عجل عن ثلاثمائة درهم خمسة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دَرَاهِمِ، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُ زَكَاةُ مِائَةٍ، درهمان ونصف، ونقله مهنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَلَى الثَّانِي: يَلْزَمُهُ زَكَاةُ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفِ دِرْهَمٍ "*". وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَلْفٍ خَمْسَةً وعشرين منها ثم ربحت خمسة وعشرين لزمه زكاتها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ وَنِصَابُهُ نَاقِصٌ قَدْرَ مَا عَجَّلَهُ أَجْزَأَهُ، وَكَانَ حُكْمُ مَا عَجَّلَهُ كَالْمَوْجُودِ فِي مِلْكِهِ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ. وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ: لَا يُجْزِئُ وَيَكُونُ نَفْلًا، وَيَكُونُ كَتَالِفٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَجَّلَ عَنْ ثَلَاثِمِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ لزمه زكاة مائة، درهمان ونصف، ونقله مهنا، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ زَكَاةُ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفِ دِرْهَمٍ، انْتَهَى. تَابَعَ الْمُصَنِّفُ الْمَجْدَ فِي هَذَا الْبِنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ خَطَأٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ زَكَاةُ خَمْسَةِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا لَا زَكَاةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَنِصْفٍ، كَمَا قَالَا، لِأَنَّ التَّعْجِيلَ إنَّمَا هُوَ خَمْسَةٌ لَا غَيْرُ، فَالْبَاقِي مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلِ خَمْسَةٍ وَتِسْعُونَ، فَيَلْزَمُهُ زَكَاتُهَا، وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبَقَهُ قلم، فلذلك حصل الخلل، والله أعلم.
وَعَلَى الثَّانِي لَا. وَلَوْ تَغَيَّرَ بِالْمُعَجَّلِ قَدْرُ الْفَرْضِ قُدِّرَ كَذَلِكَ، وَعَلَى الثَّانِي لَا. وَإِنْ نَتَجَ الْمَالُ مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ "*"، كَتَعْجِيلِ تَبِيعٍ عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، فَنَتَجَتْ عَشْرًا، فَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَنْ شَيْءٍ، لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ، وَهَلْ لَهُ ارْتِجَاعُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ، لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْمَالِكُ مِنْ التَّعْجِيلِ غَالِبًا "م 16، 17". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 16 - 17: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَتَجَ الْمَالُ مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، كَتَبِيعٍ عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، فَنَتَجَتْ عَشْرًا، فَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَنْ شَيْءٍ، لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ، وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ؟ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ الْمَالِكُ مِنْ التَّعْجِيلِ غَالِبًا، انْتَهَى، اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 16: إذَا نَتَجَ الْمَالُ مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ، كَتَعْجِيلِ تَبِيعٍ عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ، فَنَتَجَتْ عَشْرًا، فَهَلْ يُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلُ عَمَّا عَجَّلَهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبْعُ مُسِنَّةٍ؟ أَوْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْ شَيْءٍ لِتَبَيُّنِ أَنَّ الْوَاجِبَ غَيْرُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُهُ عَنْ شَيْءٍ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُهُ عَمَّا عَجَّلَهُ، وَيَلْزَمُهُ لِلنِّتَاجِ رُبُعُ مُسِنَّةٍ، وَهُوَ أَوْلَى، لِتَحْصُلَ فَائِدَةُ التعجيل. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 17: إذَا قُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ مَا عَجَّلَهُ، فَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ الْمُعَجَّلِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ. أَحَدُهُمَا: لَهُ اسْتِرْجَاعُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَتَجَ الْمَالُ مَا يُغَيِّرُ الْفَرْضَ" قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: مَا
وَإِنْ عَجَّلَ عُشْرَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ بَعْدَ ظُهُورِهِ أَجْزَأَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كالنصاب، والإدراك كالحول "وهـ" وَقِيلَ: يَجُوزُ بَعْدَ مِلْكِ الشَّجَرِ وَوَضْعِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوُجُوبِ إلَّا مُضِيُّ الْوَقْتِ عَادَةً، كَالنِّصَابِ الْحَوْلِيِّ، وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ: لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْتَسِبَ فِي الْعُشْرِ مِمَّا زَادَ عَلَيْهِ السَّاعِي لِسَنَةٍ أُخْرَى. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَشْتَدَّ الْحَبُّ وَيَبْدُوَ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ ومنتهى الغاية "وش" وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ بِظُهُورِ ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُغَيِّرُ صِفَةَ الْفَرْضِ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شرحه، بزيادة لفظة: صفة لكان أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وإن عجل الزكاة
فَصْلٌ: وَإِنْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَمَاتَ قَابِضُهَا أَوْ ارْتَدَّ أَوْ اسْتَغْنَى مِنْ غَيْرِهَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَجْزَأَتْ، فِي الْأَصَحِّ "ش"1، كَمَا لَوْ اسْتَغْنَى مِنْهَا أَوْ عُدِمَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْقَبْضِ "و" وَلِهَذَا لَوْ عَجَّلَهَا إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا، ثُمَّ وَجَبَتْ وَقَدْ اسْتَحَقَّهَا، أَوْ صرفها بعد وجوبها بمدة إلى مستحق كَانَ عِنْدَ وُجُوبِهَا غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ، أَجْزَأَتْهُ، وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ التَّعْجِيلُ، وَكَمَا لَوْ عَجَّلَ الْكَفَّارَةَ بِعِتْقِ مَا يُجْزِئُ فَصَارَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَا يُجْزِئُ. وَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ تَلِفَ النِّصَابُ أَوْ نَقَصَ فَقَدْ بَانَ أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاةٍ "و" لِانْقِطَاعِ الْوُجُوبِ بِذَلِكَ. وَقِيلَ: إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ عَجَّلَ وَقَعَتْ الْمَوْقِعَ وَأَجْزَأَتْ عَنْ الْوَارِثِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ وُقُوعُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْحَوْلِ الْمُزَكَّى عَنْهُ، فَهُوَ كتعجيلها لحولين، والفرق: أن ـــــــــــــــــــــــــــــQيُغَيِّرُ صِفَةَ الْفَرْضِ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شرحه، بزيادة لفظة: صفة لكان أولى.
التَّعْجِيلَ وُجِدَ مِنْهُ مِنْ نَفْسِهِ مَعَ حَوْلِ مِلْكِهِ، لَكِنْ إنْ قُلْنَا: لَهُ ارْتِجَاعُهَا فَلَهُ فِعْلُهُ، لِيَنْقَطِعَ مِلْكُ الْفَقِيرِ عَنْهَا ثُمَّ يُعِيدَهَا إلَيْهِ مُعَجَّلَةً إنْ شَاءَ، كَدَيْنٍ عَلَى فَقِيرٍ لَا يَحْتَسِبْهُ مِنْ الزَّكَاةِ، فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ مِنْهُ جَازَ صَرْفُهَا إلَيْهِ. وَإِذَا بَانَ الْمُعَجَّلُ غَيْرَ زكاة فوجهان، وذكر أبو الحسين روايتين: إحداهما: لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ مُطْلَقًا "وهـ" اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، لِوُقُوعِهِ نَفْلًا، بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا، وَكَصَلَاةٍ يَظُنُّ دُخُولَ وَقْتِهَا فَبَانَ لَمْ يَدْخُلْ، قَالَ فِي "مُنْتَهَى الْغَايَةِ": هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ: كَمَا لَوْ أَدَّاهَا يَظُنُّهَا عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِيهَا: يَرْجِعُ، فِي الْأَصَحِّ، كَعِتْقِهِ عَنْ كَفَّارَةٍ لَمْ تَجِبْ فَلَمْ تَجِبْ. وَالثَّانِيَةَ: يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ "وش" وَذَكَرَهَا فِي الْوَسِيلَةِ أَيْضًا، وَفِي الْخِلَافِ أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ ثُمَّ عَلِمَ غِنَاهُ يَأْخُذُهَا مِنْهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ شِهَابٍ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَبُو الْخَطَّابِ "م 18". وَاحْتَجَّ فِي الِانْتِصَارِ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا الْمَذْكُورَةِ، كَمَا لَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ ثُمَّ تَلِفَ الْمَأْجُورُ، وَالْفَرْقُ وُقُوعُهَا نَفْلًا، بِخِلَافِ الْأُجْرَةِ1، وَكَمَا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ السَّاعِي عِنْدَ التَّلَفِ فَإِنَّ لَهُ ارْتِجَاعَهَا، بِالِاتِّفَاقِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ، وَكَذَا فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ قَالَ: لِأَنَّ قَبْضَهُ لِلْفُقَرَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ، فَأَمَّا النَّافِلَةُ فَلِرَبِّ الْمَالِ وَيَكُونُ وَكِيلَهُ فِي إخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ أَخْذِهَا، وَقَبْضُهُ لِلْمُعَجَّلَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 18: قَوْلُهُ: وَإِذَا بَانَ الْمُعَجَّلُ غَيْرَ زَكَاةِ فوجهان، وذكر أبو الحسين روايتين: إحداهما: لا يَمْلِكُ الرُّجُوعُ فِيهِ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وغيره، قال القاضي وغيره: هو الْمَذْهَبُ. لِوُقُوعِهِ نَفْلًا ... قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهِ، وَذَكَرَهَا فِي الْوَسِيلَةِ أَيْضًا، وَفِي الْخِلَافِ أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3، والشرح4، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدَهُمَا: لَا يَرْجِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَمْ يَرْجِعْ، فِي الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ4، وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ: اخْتَارَهُ أبو بكر والقاضي.
مَوْقُوفٌ إنْ بَانَ الْوُجُوبُ1، فَيَدُهُ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِلَّا فَيَدُهُ لِلْمَالِكِ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ: أَنَّ بَعْضَ الأصحاب قطع به. وقال غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إنْ كَانَ الدَّافِعُ وَلِيَّ رَبِّ الْمَالِ رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ رَبَّ الْمَالِ وَدَفَعَ إلَى السَّاعِي مُطْلَقًا رَجَعَ فِيهَا مَا لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى الْفَقِيرِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ رَبِّ الْمَالِ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: إنْ كَانَ الدَّافِعُ لَهَا السَّاعِيَ رَجَعَ مُطْلَقًا، وَإِنْ أَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ لِلسَّاعِي بِالتَّعْجِيلِ وَدَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ رَجَعَ عَلَيْهِ، أَعْلَمَهُ السَّاعِي بِهِ أَمْ لَا، وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ بِهِ، وَإِنْ دَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ وَأَعْلَمَهُ بِأَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ، وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ أَنَّهَا زَكَاةٌ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ فِي الْوَلِيِّ أَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَهُ، وَكَذَا مَنْ دَفَعَ إلَى السَّاعِي، وَقِيلَ: يَرْجِعُ إنْ أَعْلَمَهُ وَكَانَتْ بِيَدِهِ. وَمَتَى كَانَ رَبُّ الْمَالِ صَادِقًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بَاطِنًا، أَعْلَمَهُ بِالتَّعْجِيلِ أَوْ لَا، لَا ظَاهِرًا، مَعَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ التَّعْجِيلِ، صَدَّقَ الْآخِذَ؛ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَيَحْلِفُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ. وَلَوْ مَاتَ، وَادَّعَى3 عِلْمَ وَارِثِهِ، ففي يمينه على نفي العلم هذا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ الرُّجُوعَ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
الْخِلَافُ، وَقِيلَ: يُصَدِّقُ الْمَالِكَ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ لَهُ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ دَفَعْته قَرْضًا وَقَالَ الْآخَرُ هِبَةً. وَمَتَى رَجَعَ فَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا بِزِيَادَتِهَا الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُنْفَصِلَةِ، لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الْفَقِيرِ، كَنَظَائِرِهِ، وَأَشَارَ أَبُو الْمَعَالِي إلَى تَرَدُّدِ الْأَمْرِ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْقَرْضِ، فَإِذَا تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ بَقِيَ كَوْنُهَا قَرْضًا، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِالْمُنْفَصِلَةِ، كَرُجُوعِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ الْمُسْتَرَدِّ عَيْنِ مَالِهِ بِهَا. وَإِنْ نَقَصَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ نَقْصَهَا كَجُمْلَتِهَا وَأَبْعَاضِهَا، كَمَبِيعٍ وَمَهْرٍ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ. وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً ضَمِنَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعْجِيلِ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَوْمُ التَّلَفِ عَلَى صِفَتِهَا يَوْمُ التَّعْجِيلِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ بَعْدَ الْقَبْضِ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْفَقِيرِ فَلَا يَضْمَنُهُ، وَمَا نَقَصَ يَضْمَنُهُ. وَإِنْ اسْتَسْلَفَ السَّاعِي الزَّكَاةَ فَتَلِفَتْ بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا وَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْفُقَرَاءِ. 1"سَوَاءٌ سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ"1 ذَلِكَ أَوْ سَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ لَهُ قَبْضُهَا، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ الْعَوْدَ فِيهَا، وَإِنَّهَا 2"بِيَدِهِ لِلْفُقَرَاءِ"2 أَمَانَةٌ، وَلَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِمْ، لِعَدَمِ حَصْرِهِمْ، وَكَمَا لَوْ سَأَلَهُ الْفُقَرَاءُ قَبْضَهَا أَوْ قَبَضَهَا لِحَاجَةِ صِغَارِهِمْ، وَكَمَا بَعْدَ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ وَكِيلُ قَبْضٍ مُؤَجَّلًا قَبْلَ أَجَلِهِ لِتَعَدِّيهِ، ذَكَرَهُ فِي الانتصار، ويتوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ. وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ تَلِفَتْ بِيَدِ السَّاعِي ضُمِنَتْ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَقِيلَ: لَا، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّ الْإِمَامَ يَدْفَعُ إلَى الْفَقِيرِ عِوَضَهَا مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: إنْ قَبَضَهَا لِنَفْعِ الْفُقَرَاءِ لَا بِسُؤَالِهِمْ ضَمِنَهَا؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ، وَإِنْ كَانَ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ فَمِنْ ضَمَانِهِ، كَوَكِيلِهِ، وَإِنْ كَانَ بِسُؤَالِ الْفَرِيقَيْنِ فَلِأَصْحَابِهِ وَجْهَانِ: هَلْ هِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ، أَوْ الْفُقَرَاءِ؟ وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ شَرْطُ الْوُجُوبِ فِي الْمُعَجَّلَةِ كَنَقْصِ النِّصَابِ أَوْ غَيْرِهِ فَمِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينُهُ؛ لِأَنَّ أَمَانَتَهُ لِلْفُقَرَاءِ تَخْتَصُّ الْوَاجِبَ. وَتَعَمُّدُ الْمَالِكِ إتْلَافَ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ بَعْدَ التَّعْجِيلِ لَا فَارًّا مِنْ الزَّكَاةِ كَتَلَفِهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فِي الرُّجُوعِ، وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ. وَقِيلَ: فِيمَا إذَا تَلِفَ1 دُونَ الزكاة، للتهمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل:وإن أعطى من ظنه مستحقا فبان كافرا
فَصْلٌ: وَإِنْ أَعْطَى مَنْ ظَنَّهُ مُسْتَحِقًّا فَبَانَ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا أَوْ شَرِيفًا لَمْ يَجُزْ، فِي الْأَشْهَرِ "هـ" وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ فِي الْكُفْرِ، لِتَقْصِيرِهِ، وَلِظُهُورِهِ غَالِبًا، فَيَسْتَرِدُّ فِي ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَكَذَا ذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهَا، وَكَذَا إنْ بَانَ قَرِيبًا لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إليه، عند ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَصْحَابِنَا. وَسَوَّى فِي الرِّعَايَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْغِنَى، وَأَطْلَقَ رِوَايَتَيْنِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ: يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، قَالَ: لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا صَرَفَهَا وَكِيلُ الْمَالِكِ إلَيْهِ وَهُوَ فَقِيرٌ فَلَمْ يَعْلَمْهَا لَا تُجْزِئُ، لِعَدَمِ خُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ بَانَ الْآخِذُ غَنِيًّا أَجْزَأَتْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، لِلْمَشَقَّةِ، لِخَفَاءِ ذَلِكَ عَادَةً، فَلَا يَمْلِكُهَا الْآخِذُ، لِتَحْرِيمِ الْأَخْذِ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وصاحب المحرر وغيرهما "وم ش" كَمَا لَوْ بَانَ عَبْدُهُ، وَكَحَقِّ الْآدَمِيِّ، وَلِبَقَاءِ مِلْكِهِ، لِتَحْرِيمِ الْأَخْذِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَنِيِّ بِهَا وَبِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ يَوْمَ تَلَفِهَا إذَا عَلِمَ أَنَّهَا زَكَاةٌ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا دَفَعَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ إلَى فَقِيرٍ فَبَانَ غَنِيًّا؛ لِأَنَّ مَقْصِدَهُ فِي الزَّكَاةِ إبْرَاءُ الذِّمَّةِ، وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ، فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ وَالسَّبَبُ الَّذِي أَخْرَجَ لِأَجْلِهِ فِي التَّطَوُّعِ الثَّوَابُ، وَلَمْ يُفْتِ، فَلَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ وَسَبَقَ رِوَايَةُ مُهَنَّا فِي الزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ وَكَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ: أَنَّ كُلَّ زَكَاةٍ لَا تُجْزِئُ أَوْ إنْ بَانَ الْآخِذُ غَنِيًّا فَالْحُكْمُ فِي الرُّجُوعِ كَالْمُعَجَّلَةِ. وَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي الزَّكَاةَ إلَى مَنْ ظَنَّهُ أَهْلًا فَلَمْ يَكُنْ فَرِوَايَاتٌ، الثَّالِثَةُ: لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا، وَيَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ أَشْهَرُ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: لَا يَضْمَنُ مَعَ الْغِنَى، وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الضَّمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّفْرِقَةَ كَذَا قَالَ "م 19" وَكَذَا الكفارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 19: قَوْلُهُ: وَإِنْ دَفَعَ الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي الزَّكَاةَ إلَى مَنْ ظَنَّهُ أَهْلًا فَلَمْ يَكُنْ فَرِوَايَاتٌ، الثَّالِثَةُ: لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا، وَيَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ أَشْهَرُ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: لَا يَضْمَنُ مَعَ الْغِنَى، وَأَطْلَقَ فِي غَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى الضَّمَانَ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّفْرِقَةَ، كَذَا قَالَ، انْتَهَى. وتبع صاحب
ومن ملك الرجوع ملكه وارثه. وَلَا يَدْفَعُ الزَّكَاةَ إلَّا إلَى مَنْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا، فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ بَانَ مِنْهُمْ لَمْ تُجْزِئْهُ، خِلَافًا لِلْأَصَحِّ لِلْحَنَفِيَّةِ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الصَّلَاةِ إذَا أَصَابَ الْقِبْلَةَ. وَيَأْتِي فِي الْغَارِمِينَ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الزَّكَاةِ تَمْلِيكُ الْمُعْطِي1. وَسَبَقَ نَحْوُهُ قَبْلَ فُصُولِ التعجيل2، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاوِيَيْنِ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي ذَلِكَ، وَأَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ ابْنُ تَمِيمٍ: إحْدَاهُنَّ: رِوَايَةُ التَّفْرِقَةِ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إذَا بَانَ غَنِيًّا وَيَضْمَنُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، هَذَا أَشْهَرُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا يَضْمَنُ مَعَ الْغَنِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ إذَا بَانَ غَنِيًّا، بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَإِنْ ظَنَّهُ السَّاعِي أَوْ الْإِمَامُ أَهْلًا فَلَمْ يَكُنْ ضَمِنَهَا، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ، وَعَنْهُ: إنْ بَانَ مَنْ أَخَذَهَا غَنِيًّا وَإِلَّا ضَمِنَ، وَقِيلَ: إنْ بَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَتْ وَلَمْ يَمْلِكْهَا، وَعَنْهُ: لَا تُجْزِئُ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَنِيِّ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا زَكَاةٌ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَقِيلَ: إنْ ظَنَّهُ الْإِمَامُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ ظَنَّهُ حُرًّا مُسْلِمًا فَبَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا ضَمِنَ. انْتَهَى. وَذِكْرُهُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآخِرَةِ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ، فَإِنَّ قَوْلَهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا "وَلَمْ يَمْلِكْهَا" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ نزاع، وأنه لا يملكها أَلْبَتَّةَ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي: "وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْغَنِيِّ إذَا عُلِمَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً" وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ فِيمَا يَظْهَرُ. 3"والقول الثالث من جملة الروايات الثلاث الأول، ولكنه فرق بين الإمام، وغيره. والذي يَظْهَرُ"3 أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالسَّاعِي، والمسألة فيهما، فحكايته لهذه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَقْوَالِ1 دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ الرِّوَايَاتِ الْأُوَلِ2. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَاتُ عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ تِسْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد فتح الله بتصحيحها.
باب ذكر أصناف أهل الزكاة وما يتعلق بذلك
بَابُ ذِكْرِ أَصْنَافِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بذلك مدخل ... 1بَابُ ذِكْرِ أَصْنَافِ أَهْلِ2 الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ3 "ع" فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] الْآيَةَ. قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا هِيَ لِمَنْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْأَصْحَابُ: "إنَّمَا" تُفِيدُ الْحَصْرَ، قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَكَذَلِكَ تَعْرِيفُ الصَّدَقَاتِ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ يَسْتَغْرِقُهَا كُلُّهَا، فَلَوْ جَازَ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْهَا إلَى غَيْرِ الثَّمَانِيَةِ لَكَانَ لَهُمْ بَعْضُهَا لَا كُلُّهَا، وَسَبَقَ حُكْمُ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي كَفَّارَةِ وَطْءِ الْحَائِضِ4، وَسُئِلَ5 شَيْخُنَا عَمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ مَا يَشْتَرِي كُتُبًا يَشْتَغِلُ فِيهَا فَقَالَ: يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهَا مَا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ6 مِنْهَا مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ كُتُبِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا بُدَّ لِمَصْلَحَةِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. وَسَبَقَ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ7. وَصَحَّ عَنْ أَنَسٍ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمَا قَالَا: مَا أَعْطَيْت مِنْ الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ فَهِيَ صَدَقَةٌ قَاضِيَةٌ8، أَيْ: مُجْزِئَةٌ. وَمَعْنَاهُ لِمَنْ9 بِالْجُسُورِ وَالطُّرُقِ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَشَّارِينَ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُقِيمُهُ السُّلْطَانُ لِأَخْذِ ذَلِكَ، كَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَذُكِرَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَان1: 2"لَا يُعْتَدُّ"2 بِمَا3 أَخَذَهُ الْعَاشِرُ4 "خ" وَعَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ5 أَنَّهُ مَرَّ بِالْعَاشِرِ، فَأَخْفَى كِيسًا مَعَهُ حَتَّى جَاوَزَهُ6. وَكَذَلِكَ7 فِي كِتَابِ أَبِي عُبَيْدٍ8، وَكِتَابِ صَاحِبِ "الوهم": من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ، وَلَمْ يَقُولَا: فِي الْجُسُورِ وَالطُّرُقِ. وفي المغني1: "في"2. وَاحْتَجَّ عَلَيْهِمَا بِالْآيَةِ، كَذَا قَالَ، وَرَدَّهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ. فَالْفَقِيرُ: مَنْ وَجَدَ يَسِيرًا مِنْ كِفَايَتِهِ أَوَّلًا "وش" وَالْمِسْكِينُ مَنْ وَجَدَ أَكْثَرَهَا أَوْ نِصْفَهَا، وَعَنْهُ أَنَّهُ فَقِيرٌ، وَالْأَوَّلُ مِسْكِينٌ، وَأَنَّ الْمِسْكِينَ أَشَدُّ حَاجَةً، اخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ "وهـ م" وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَيْسَا سِوَاهُ "ق" وَابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ. وَمَنْ مَلَكَ 3"مِنْ غَيْرِ نَقْدٍ"3 مَا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ وَلَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ لَهُ عَقَارٌ أَوْ ضَيْعَةٌ يَسْتَغِلُّهَا عَشَرَةُ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرُ لَا يُقِيمُهُ يَعْنِي لَا يَكْفِيهِ يَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَقَالَ فِيمَنْ لَهُ أُخْتٌ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا: يُعْطِيهَا، فإن كان لها4 حُلِيٌّ قِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَلَا، قِيلَ لَهُ: الرَّجُلُ يَكُونُ لَهُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ ما يحصده5، أيأخذ من الزكاة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: نَعَمْ يَأْخُذُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَفِي مَعْنَاهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِقَامَةِ مُؤْنَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْهُ بِعَيْنِهِ فِي الْمُؤْنَةِ. قَالَ فِي الْخِلَافِ: نَصَّ عَلَى أَنَّ الْحُلِيَّ كَالدَّرَاهِمِ فِي الْمَنْعِ، وَسَبَقَ ذَلِكَ وَمَنْ لَهُ كُتُبٌ يَحْتَاجُهَا لِلْحِفْظِ وَالْمُطَالَعَةِ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ1. وَقَالَ عِيسَى بْنُ جعفر لأبي عبد الله: الرجل له الضيعة2 يُغِلُّ مِنْهَا مَا يَقُوتُهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ يَأْخُذُ مِنْ الصَّدَقَةِ؟ قَالَ: إذَا نَفِدَتْ وَيَأْخُذُ مِنْ الزَّكَاةِ تَمَامَ كِفَايَتِهِ سَنَةً. وَعَنْهُ: يَأْخُذُ تَمَامَ كِفَايَتِهِ دَائِمًا بِمَتْجَرٍ أَوْ آلَةِ صَنْعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا يَأْخُذُ مَا يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا وَإِنْ كَثُرَ "خ" لِلْآجُرِّيِّ وشيخنا، لمقارنة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَانِعِ، كَزِيَادَةِ الْمَدِينِ وَالْمُكَاتَبِ عَلَى قَضَاءِ دِينِهِمَا، وَإِنْ مَلَكَ مِنْ النَّقْدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا لَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ فَكَغَيْرِهِ، نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَقَالَا: يَأْخُذُ كِفَايَتَهُ دَائِمًا، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يَأْخُذُ مَنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا ذَهَبًا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا، وَيَأْخُذُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنْ لم يكن محتاجا "*" واختاره الأكثر "خ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِيمَنْ مَلَكَ مَالًا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ: وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا يَأْخُذُ مَنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا ذَهَبًا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا، وَيَأْخُذُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا، انْتَهَى، فَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ: "وَيَأْخُذُ مَنْ لَمْ يَمْلِكْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا" فِيهِ شَيْءٌ، إذْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَأْخُذُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ، بِلَا خِلَافٍ، وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَقَدْ يُقَالُ: ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ حِرْفَةٌ وَلَا يَمْلِكُ خَمْسِينَ أَوْ مَنْ مَلَكَ دُونَهَا وَلَا حِرْفَةَ لَهُ أَنَّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ الْكِفَايَةُ بِصِنَاعَةٍ وَغَيْرِهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا. وَفِي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ إيمَاءً إلَيْهِ، إذْ3 لَفْظُ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَمَنْ لَهُ كِفَايَةٌ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي حَدِّ الْمِسْكَيْنِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، نبه على ذلك شيخنا في حواشيه.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، وَلَا وَجْهَ لَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ، لِخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلَعَلَّهُ لَمَّا بَانَ لَهُ ضَعْفُهُ رَجَعَ عَنْهُ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ3 لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ كَانُوا يَتْجُرُونَ بِالْخَمْسِينَ فَتَقُومُ بِكِفَايَتِهِمْ، وَأَجَابَ غَيْرُ ابْنِ شِهَابٍ بِضَعْفِ الْخَبَرِ، ثُمَّ حَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَتَحْرُمُ الْمَسْأَلَةُ وَلَا يَحْرُمُ الْأَخْذُ، وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَهُ فِي وَقْتٍ كَانَتْ الْكِفَايَةُ الْغَالِبَةُ فِيهِ بخمسين درهما4، ولذلك جاء التقدير عنه3 بِأَرْبَعِينَ وَبِخَمْسِ أَوَاقٍ وَهِيَ مِائَتَانِ، وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْكُلِّ مَا ذَكَرْنَا. وَهَلْ يُعْتَبَرُ الذَّهَبُ بِقِيمَةِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَحُدَّهُ؟ أَوْ يقدر بخمسة دنانير، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِتَعَلُّقِهِ بِالزَّكَاةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 1"، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ وَعَلَيْهِ أَلْفٌ: لَا يَأْخُذُ، وَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ أَوْ عَلَى مَا نقله الجماعة، وليس المانع من أخذ1 الزَّكَاةَ مِلْكُهُ نِصَابًا أَوْ قِيمَتَهُ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ فَقَطْ "هـ" أَوْ مِلْكُهُ كِفَايَتُهُ "م ش"، وَعِيَالُهُ مِثْلُهُ، فَيَأْخُذُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ أَوْ قَدْرَ كِفَايَتِهِ، عَلَى الْخِلَافِ، وَإِنْ ادعاهم قلد وأعطى، اختاره الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا2 يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ غَالِبًا، وَتَشُقُّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لَا سِيَّمَا عَلَى الْغَرِيبِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الْبَيِّنَةَ "وش" عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ مَنْ عُرِفَ غِنَاهُ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِثَلَاثَةِ شُهُودٍ، نَصَّ عليه، لخبر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا يَأْخُذُ مَنْ مَلَكَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتَهَا ذَهَبًا.. وَهَلْ يُعْتَبَرُ الذَّهَبُ بِقِيمَةِ الْوَقْتِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَحُدَّهُ؟ أَوْ يُقَدَّرُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ لِتَعَلُّقِهَا بِالزَّكَاةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِيمَا وَجَدْته بِخَطِّهِ عَلَى تَعْلِيقِهِ، وَاخْتَارَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ الْوَجْهَ الثَّانِي، انْتَهَى، الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ.
قَبِيصَةَ1. وَقِيلَ: يُقْبَلُ بِاثْنَيْنِ "وَ" كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ خَبَرَ قَبِيصَةَ فِي حَلِّ الْمَسْأَلَةِ، فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ، أَجَابَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ2: يُعْتَبَرُ فِي الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ، وَاسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ آكَدُ، وَلِخَفَائِهِ، فَاسْتَظْهَرَ بِالثَّالِثِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَلَا يَكْفِي فِي الْإِعْسَارِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ نَظَرٌ، وَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ وَقَالَ لَا كَسْبَ لِي وَلَوْ كَانَ جِلْدًا يُخْبِرُهُ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ "هـ م" وَيُعْطِيه بِلَا يَمِينٍ "وَ" لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ3، وَإِخْبَارِهِ بِذَلِكَ يُتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَعْطَاهُ بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَقَوْلُهُمْ: أَخْبَرَهُ وَأَعْطَاهُ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاحْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعِلْمِ، وَفِي السُّؤَالِ الْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّرْجِيحِ، فَلَا تَبْرَأُ الذِّمَّةُ بِالشَّكِّ، وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَرْفُوعًا: "لِلسَّائِلِ حَقٌّ وَإِنْ جَاءَ على فرس". رواه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدُ1 وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ، وَأَبُو دَاوُد2 مِنْ رِوَايَةِ يَعْلَى بْنِ أَبِي يَحْيَى، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَاخْتَلَفَ فِي سَمَاعِ الْحُسَيْنِ، قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: وَهُوَ حُجَّةٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ السَّائِلِ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفٍ وَإِحْسَانِ الظَّنِّ بِهِ وَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَرْفِهِ، وَإِنْ تَفَرَّغَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ لِلْعِلْمِ وَتَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَقِيلَ: لِعِلْمٍ يَلْزَمُهُ أُعْطِيَ، وَإِنْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ فَلَا. وَلَوْ سَأَلَهُ مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَأَعْطَاهُ فَقِيلَ: يقبل قول الدافع في كونه قرضا3، كسؤاله مقدرا كعشرة دراهم، وقيل: لا يقبل، كَقَوْلِهِ: شَيْئًا، إنِّي فَقِيرٌ، ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَبُو الْمَعَالِي "م 2". قَالَ شَيْخُنَا: وَإِعْطَاءُ السُّؤَالِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إنْ صَدَقُوا، وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "لَوْ صَدَقَ لَمَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ" 4. وَقَدْ اسْتَدَلَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِهَذَا، وَأَجَابَ بِأَنَّ السَّائِلَ إذَا قَالَ: أَنَا جَائِعٌ، وَظَهَرَ صِدْقُهُ، وَجَبَ إطْعَامُهُ، وَهَذَا مِنْ تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ: وَلَوْ سَأَلَهُ مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا فَأَعْطَاهُ فَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُ الدافع في كونه قرضا3، كسؤاله مقدرا كعشرة دراهم، وقيل: لا يقبل، كَقَوْلِهِ5: شَيْئًا، إنِّي فَقِيرٌ، ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَبُو الْمَعَالِي، انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ قبول قول الدافع.
{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] وَإِنْ ظَهَرَ كَذِبُهُمْ لَمْ يَجِبْ إعْطَاؤُهُمْ، وَلَوْ سَأَلُوا مُطْلَقًا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجِبْ إعْطَاؤُهُمْ وَلَوْ أَقْسَمُوا؛ لِأَنَّ إبْرَارَ الْقَسَمِ إنَّمَا هُوَ إذَا أقسم على معين، وما ذكر1 شَيْخُنَا مِنْ الْخَبَرِ هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: "لَوْلَا أَنَّ الْمَسَاكِينَ يَكْذِبُونَ مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُمْ" 2. وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الْمُسْنَدِ وَالسُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَإِطْعَامُ الْجَائِعِ وَنَحْوِهِ وَاجِبٌ "عِ" مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إلَّا لِيُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ" 3. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا: "إذا أديت زكاة مالك فقد قضيت مَا عَلَيْك". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ4، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] إنَّمَا كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الزَّكَاةُ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جعلها الله طهرا للأموال. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا5، وَلِمَالِكٍ6 هَذَا الْمَعْنَى، وَكَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ7 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "مَا مِنْ صَاحِبِ كَنْزٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ". وَذَكَرَ عِقَابَهُ. وَفِيهِمَا8 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِهِ: "مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ". وَذَكَرَ عِقَابَهُ وَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ: "أَنَا مَالُك أَنَا كَنْزُك" قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ بَعْدَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُ الْمَالِ إلَيْهَا، قَالَ "م" يَجِبُ عَلَى النَّاسِ فِدَاءُ أَسْرَاهُمْ وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ أَمْوَالَهُمْ، وَهَذَا "ع" أَيْضًا، قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ فِي الْمَال حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَ: نَحْوُ مُوَاسَاةِ قَرَابَةٍ وَصِلَةِ إخْوَانٍ وَإِعْطَاءِ سَائِلٍ وَإِعَارَةِ مُحْتَاجٍ دَلْوهَا، وَرُكُوبِ ظَهْرِهَا، وَإِطْرَاقِ فَحْلِهَا وَسَقْيِ مُنْقَطِعٍ حَضَرَ حِلَابَهَا حَتَّى يُرْوَى. وَسَبَقَ حَدِيثُ جَابِرٍ آخِرُ زَكَاةِ السَّائِمَةِ1، فَالْعَمَلُ بِهِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ أَوْلَى. وقد قيل: 2"إنه فِي مَوْضِعٍ"2: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُوَاسَاةُ، وَهَذَا يُبْطِلُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُحْتَمَل أَنَّهُ قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ إنْ كانت الزكاة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَكِّيَّةً، وَإِنْ كَانَتْ مَدَنِيَّةً فَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَمِنْ حَقِّهَا حَلَبُهَا يَوْمَ وُرُودِهَا"، وَالزَّكَاةُ وَجَبَتْ قَبْلَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَتَيْنِ، بِلَا شَكٍّ، وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ حَدِيثِهِ إنْ صَحَّ: "إذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِك فَقَدْ قَضَيْت مَا عَلَيْك" 2، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي زَكَاةِ الْحُلِيِّ3. وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ المالكي أن الجمهور قالوا: إن الحق في4 الآية المراد به5 الزَّكَاةُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقُّ سِوَى الزكاة، وما جاء غيره6، عَلَى النَّدْبِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَقِيلَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ، قَالَ: وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَعَطَاءٌ وَمَسْرُوقٌ وَغَيْرُهُمْ إلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ، وَأَنَّ فِي الْمَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ، مِنْ فَكِّ الْأَسِيرِ وَإِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ وَالْمُوَاسَاةِ فِي الْعُسْرِ وَصِلَةِ الْقَرَابَةِ، كَذَا قَالَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَهَذَا عَجِيبٌ، وَهُوَ غَرِيبٌ. وَلَوْ جُهِلَ حَالُ السَّائِلِ، فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كَيَّتَانِ7" لِمَنْ خَلَفَ دِينَارَيْنِ قَالَ: لَعَلَّ ذَلِكَ إلَى مَنْ كان يظهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّجَرُّدَ وَالْفَقْرَ لِحَالِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ لِمَكَانِ التَّزْوِيرِ لَا لِتَحْرِيمِ الِادِّخَارِ، وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَقِيلٍ: أَظْهَرَ ذَلِكَ لِيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ أَوْ لِيُطْعَمَ1 وَنَحْوُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من أبيح له أخذ شيء
فَصْلٌ: مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ أُبِيحَ لَهُ سُؤَالُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" فَالْغَنِيُّ فِي بَابِ الزَّكَاةِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُوجِبُهَا، وَنَوْعٌ يَمْنَعُهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى السُّؤَالِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِهَا، وَلِكَثْرَةِ التَّأَذِّي بِتَكْرَارِ السُّؤَالِ. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ السُّؤَالُ لَا الْأَخْذُ عَلَى مَنْ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ غَدَاءً وَعِشَاءً، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "وهـ" فَيَكُونُ غَنِيٌّ ثَالِثًا يُمْنَعُ السُّؤَالُ، وَعَنْهُ: غَدَاءٌ أَوْ عِشَاءٌ، لِاخْتِلَافِ لَفْظِ الْخَبَرِ2. وَعَنْهُ: خَمْسُونَ درهما، لخبر ابن مسعود3، وذكر هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْخَلَّالُ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يَسْأَلُهُ كُلَّ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَ أَكْثَرَ مِنْ قُوتِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَإِنْ خَافَ أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يُعْطِيه أَوْ خَافَ أَنْ يَعْجَزَ عَنْ السُّؤَالِ، أُبِيحَ لَهُ السُّؤَالُ أَكْثَرُ4 مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يَسْأَلَ فَوْقَ مَا يَكْفِيه لِسَنَتِهِ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ الْحَدِيثُ فِي الْغَنِيِّ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا، فَإِنَّهَا تَكْفِي الْمُنْفَرِدَ الْمُقْتَصِدَ لِسَنَتِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ: تُحَرِّمُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَنْ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ قَوِيٍّ عَلَى الكسب أو غني، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ حَمَالَةً أَوْ سَأَلَ سُلْطَانًا أَوْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارِ قُوتِ الْيَوْمِ فَلَيْسَ غَنِيٌّ، كَذَا قَالَ، نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الرَّجُلِ لَهُ الْأَخُ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَيَرَى1 عِنْدَهُ الشَّيْءَ يُعْجِبُهُ فَيَقُولُ: هَبْ هَذَا لِي، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ يَجْرِي بَيْنَهُمَا، وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ يُحِبُّ أَنْ يَسْأَلَهُ أَخُوهُ ذَلِكَ، قَالَ: أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَلَدِ أَيْسَرُ، وَذَلِكَ أَنَّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَتْهُ2. وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا، وَقَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِكَذَا فَهَبْ لِي فِيهِ كَذَا، فَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: لَا تُعْجِبُنِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحِلُّ الْمَسْأَلَةُ إلَّا لِثَلَاثٍ". وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْحَاجَةَ فَيُسْتَوْهَبُ عَلَيْهَا: لَا يُعْجِبُنِي، وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى رُبَّمَا اشْتَرَيْت الشَّيْءَ: وَأَقُولُ لَهُ أَرْجِحْ لِي، فَقَالَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَا تُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إنْ اسْتَوْضَعَهُ أَوْ اسْتَوْهَبَهُ لَا يَجُوزُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يُكْرَهُ، قَالَ الْقَاضِي: كَرِهَهُ أَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ يَلْحَقُ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ مِنْ جِهَةِ أنه لا يلزمه بذل3 مَا سَأَلَهُ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ السَّائِلُ إمْضَاءَ الْعَقْدِ بِدُونِهَا، فيصير ثمنا لا هبة. وَسُؤَالُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَشِسْعِ النَّعْلِ أَوْ الْحِذَاءِ هَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْمَنْعِ أَمْ يُرَخَّصُ فِيهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَلَا بَأْسَ بِمَسْأَلَةِ شرب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَسُؤَالُ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ كَشِسْعِ النَّعْلِ أَوْ الْحِذَاءِ هَلْ هُوَ كَغَيْرِهِ فِي الْمَنْعِ أَمْ يُرَخَّصُ فِيهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، إحْدَاهُمَا يرخص فيه. قلت: وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَاءِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَاحْتَجَّ بِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ1، وَقَالَ فِي الْعَطْشَانِ لَا يُسْتَسْقَى: يَكُونُ أَحْمَقُ. وَلَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَارَةِ وَالِاقْتِرَاضِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ حِلَّ الْمَسْأَلَةِ وَمَتَى تَحِلُّ، وَمَا قَالَهُ مَعْنَى قَوْلِ أَحْمَدَ فِي أَنْ تَعْلَمَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْعِلْمِ لِدِينِهِ فَرْضٌ، وَمَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ السَّابِقِ فِي آخِرِ الْإِمَامَةِ2: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَى مَا لَا يُعْلَمُ جَوَازُهُ، قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَلَمَّا عَلِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ ذَلِكَ السَّائِلِ كَانَتْ3 اسْتِكْثَارًا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَنَثَرَ ذَلِكَ لِإِبِلِ الصَّدَقَةِ4، الْمُرَادُ: لِأَنَّهُ5 لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهُ فَيُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ: وَإِنْ أَخَذَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ حَيَاءً لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ وَيَجِبُ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ، فَدَلَّ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَنْتَقِلُ. وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ6، وَلَنَا خِلَافٌ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ، وَهَذَا أَوْلَى7 أو مثله، وقد أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ السُّؤَالِ مَنْ لَا يُرِيدُ إعْطَاءَهُ. وَعَدَمُ الْبَرَكَةِ فِيهِ لَا تَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ، كَأَخْذِهِ بِإِشْرَافِ نفس، كما في الصحيحين8 من حديث ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُمْنَعُ مَنْ طَلَبَهُ كَغَيْرِهِ. وَهِيَ بَعِيدَةٌ فِيمَا يظهر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَكِيمٍ لَمَّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ قَالَ: "إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بِوَرِكِ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ". وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: إنَّ طِيبَ النَّفْسِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الدَّافِعِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ الْآخِذِ وَفِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ قَالَ: مَا جَاءَ بِمَسْأَلَتِك فَإِنَّك اكْتَسَبْت فِيهِ السُّؤَالَ، وَلَعَلَّ الْمَسْئُولَ اسْتَحَى أَوْ خَافَ رَدَّك. وَلَا خَيْرَ فِي مَالٍ خَرَجَ لَا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: أَنَّ الشِّبْلِيَّ طَلَبَ شَيْئًا مِنْ بَعْضِ أَرْبَابِ الدُّنْيَا، فَقَالَ لَهُ: يا شبلي، اطلب من لله، فقال له1: أنا أطلب من الله الآخرة2، وَأَطْلُبُ الدُّنْيَا مِنْ خَسِيسٍ مِثْلِك، فَبَعَثَ إلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ بَعَثَ إلَيْهِ اتِّقَاءَ ذَمِّهِ فَقَدْ أَكَلَ الشِّبْلِيُّ الْحَرَامَ. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ الْقَوْلَ بِتَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عِنْدَ مَنْ يَتَحَدَّثُ سِرًّا، قَالَ: وَيُكْرَهُ إنْ كَانَ إذْنُهُ اسْتِحْيَاءً، وَعَنْ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا: "إنَّمَا أَنَا خَازِنٌ فَمَنْ أَعْطَيْته عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَعْطَيْته عَنْ مَسْأَلَةٍ وَشَرَهٍ كَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ لَا يَشْبَعُ". وَفِي لَفْظٍ: "لَا تُلْحِفُوا3 فِي الْمَسْأَلَةِ، فَوَاَللَّهِ لَا يَسْأَلُنِي أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا فَتَخْرُجُ لَهُ مَسْأَلَتُهُ مِنِّي شَيْئًا وَأَنَا لَهُ كَارِهٌ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْته". رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ4. وَقَدْ ذَكَرَ بعض5 العلماء هذا في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَسْأَلَةِ، الْمُحَرَّمَةِ مَعَ ذَكَرِهِمْ مَا سَبَقَ مِنْ إشْرَافِ النَّفْسِ عَلَى ظَاهِرِهِ، مَعَ أَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ فِيهِمَا وَاحِدٌ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ، وَلَا مُنَافَاةَ، وَقَدْ يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُبَاحَةِ. وَكُرِهَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَثْرَةُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ إمْكَانِ الصَّبْرِ وَالتَّعَفُّفِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِعَدَمِ الْبَرَكَةِ، كَإِشْرَافِ النَّفْسِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ نَقْلُ الْمِلْكِ، وَلَا يَنْتَقِلُ مَعَ تَحْرِيمِ الْمَسْأَلَةِ. عَلَى مَا سَيَأْتِي، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "فَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِحَقِّهِ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذُ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ 1"كَمَثَلِ الَّذِي"1 يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ". وَفِي لَفْظٍ: "إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ". وَفِي لَفْظٍ "إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ لِمَنْ أَعْطَى مِنْهُ الْمِسْكَيْنِ وَالْيَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". مُتَّفَقٌ 2"عَلَى ذَلِكَ"2 وَيُتَوَجَّهُ عُدُولُ مَنْ أُبِيحَ لَهُ السُّؤَالُ إلَى رَفْعِ قِصَّةٍ أَوْ مُرَاسَلَةٍ، قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ الشِّخِّيرِ3 فِيمَنْ لَهُ إلَيْهِ حَاجَةٌ: لِيَرْفَعَهَا فِي رُقْعَةٍ وَلَا يُوَاجِهُنِي فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى فِي وَجْهِ أَحَدِكُمْ ذُلَّ الْمَسْأَلَةِ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بن برمك4، وتمثل فقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا اعْتَاضَ بَاذِلٌ وَجْهَهُ بِسُؤَالِهِ ... عِوَضًا وَلَوْ نال الغنى بسؤال 1"وإذا بليت ببذل وجهك سائلا ... فابذله للمتكرم المفضال"1 وَإِذَا السُّؤَالُ مَعَ النَّوَالِ وَزَنْته ... رَجَحَ السُّؤَالُ وَخَفَّ كُلُّ نَوَالِ وَمَا جَاءَهُ مِنْ مَالٍ بِلَا مَسْأَلَةٍ وَلَا اسْتِشْرَافِ نَفْسٍ وَجَبَ أَخْذُهُ، نَقَلَ2 الْأَثْرَمُ: عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَهُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْهُ" 3. وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَهُ 4"إنْ كَانَ يُضَيِّقُ"4 عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَيْضًا هَذَا الْخَبَرَ وَقَالَ: هَذَا إذَا كَانَ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ. وَنَقَلَ5 جَمَاعَةٌ: أَخَافُ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَيْهِ رَدَّهُ، وَقَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ: لَا بَأْسَ إذَا كَانَ عَنْ غَيْرِ اسْتِشْرَافٍ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَأْخُذَ، هُوَ بِالْخِيَارِ، كَذَا تَرْجَمَ الْخَلَّالُ أَنَّ الْقَبُولَ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْرَافٍ، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ وَقَالَ: دَعْنَا نَكُونُ أَعِزَّاءَ، وَرَدَّ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ6: أَيُّ شَيْءٍ تَكُونُ الْحُجَّةُ أَوْ كَيْفَ يَجُوزُ؟ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّ الرَّجُلَ يَجُوزُ إذَا تَعَوَّدَ لَمْ يَصْبِرْ عَنْهُ. وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي كَرَاهَةِ الرَّدِّ رِوَايَتَيْنِ، وَعَلَّلَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ بِمَا فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً بِجَوَازِ الرَّدِّ وَقَالَ: قَدْ بين العلة في جواز الرد وأن على7 هذا يحمل النصوص المذكورة للوجوب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا مَعَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ إذَا سَلِمَ مِنْ الشُّبْهَةِ وَالْآفَاتِ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ أَخْذُهُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ سَلَامَتِهِ مِنْ الشُّبْهَةِ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَجِبُ قَبُولُ الْمَكْرُوهِ. وَهَذَا مَعْنَى الْمَنْقُولِ عَنْ أَحْمَدَ فِي جَائِزَةِ السُّلْطَانِ، مَعَ قَوْلِهِ: هِيَ خَيْرٌ1 مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ: يَجِبُ مَا لَمْ يَحْرُمْ، وَقَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ، قَالَ: لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي وُجُوبِ النَّصِيحَةِ، فَإِنْ طَابَتْ نَفْسُهُ عَلَيْهِ فَحَسَنٌ، وَإِنْ أبقاه2، فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ فَيُؤْجَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ مِنْ الْجَهْلِ اسْتِسْهَالَ3 الْمَرْءِ أَخْذَ مَالِ زَيْدٍ فِي بَيْعٍ أَوْ أُجْرَةٍ ثُمَّ يَتَجَنَّبُهُ إذَا أَعْطَاهُ إيَّاهُ بِطِيبِ نَفْسٍ، ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" 4. قَالَ: وَكَانَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَرُدَّانِ مَا أُعْطِيَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ جَائِزَةَ السُّلْطَانِ كَغَيْرِهِ، وَحُصُولُ الْخِلَافِ فِيهَا، وَتَشْدِيدُ أَحْمَدَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ5، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: يُسْتَحَبُّ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ وَأَمَّا عَطِيَّةُ السُّلْطَانِ فَحَرَّمَهَا قَوْمٌ، وَأَبَاحَهَا قَوْمٌ، وَكَرِهَهَا قَوْمٌ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ فِيمَا فِي يَدِ السُّلْطَانِ حُرِّمَتْ، وَإِلَّا أُبِيحَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَابِضِ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ الْأَخْذَ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَحَبَّهُ آخَرُونَ فِي عَطِيَّةِ السُّلْطَانِ دُونَ غَيْرِهِ. وَإِنْ اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ بِأَنْ قَالَ: سَيَبْعَثُ لِي فُلَانٌ أَوْ لَعَلَّهُ يَبْعَثُ لِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَوْ تَعَرَّضَ بِقَلْبِهِ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا بَأْسَ بِالرَّدِّ، وَزَادَ أَبُو دَاوُد: وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ رَدَّهَا، وَقَالَ لَهُ الْأَثْرَمُ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْأَلَةَ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ: يَحْرُمُ أَخْذُهُ؟ قَالَ: لَا، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم: لَا يَأْخُذُهُ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ1: هَذَا لِلِاسْتِحْبَابِ2. وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، لِعَدَمِ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ أَخْذُهُ، وَقِيلَ: رَدُّهُ أولى "م 4"، وقد دلت رواية الأثرم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَشْرَفَتْ نَفْسُهُ إلَى الْأَخْذِ بِأَنْ قَالَ سَيَبْعَثُ لِي فُلَانٌ أَوْ لَعَلَّهُ يَبْعَثُ لِي وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَوْ تَعَرَّضَ بِقَلْبِهِ عَسَى أَنْ يَفْعَلَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أحمد فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ لَا بَأْسَ بِالرَّدِّ، زَادَ أَبُو دَاوُد: وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ رَدَّهَا، وَقَالَ لَهُ الْأَثْرَمُ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ كَمَا يَرُدُّ الْمَسْأَلَةَ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ، وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ: يَحْرُمُ أَخْذُهُ؟ قَالَ: لَا، وَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم: لَا يَأْخُذُهُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَذَا لِلِاسْتِحْبَابِ. وَكَذَا ذَكَرَ3 أَبُو الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ الرَّوِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، لِعَدَمِ الْمَسْأَلَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ أَخْذُهُ، وَقِيلَ: رَدُّهُ أَوْلَى، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قُلْت: قَوَاعِدُ الْإِمَامِ أحمد4 وَمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ وَفِعْلِهِ مَعَ النَّاسِ كَرَاهَةُ قَبُولِ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدَّمَ المجد في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وكلام أبي الحسين وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ يَحْرُمُ بِالْمَسْأَلَةِ، لِتَحْرِيمِ سَبَبِهِ وَهُوَ السُّؤَالُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَهُمْ وَجْهٌ ضَعِيفٌ: لَا يُحَرِّمَانِ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يُذَلَّ وَلَا يَلِحَّ وَلَا يُؤْذَى الْمَسْئُولُ، وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا. وَإِنْ سَأَلَ لِرَجُلٍ1 مُحْتَاجٍ فِي صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ، فَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَكَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لِغَيْرِهِ؟ التَّعْرِيضُ أَعْجَبُ إلَيَّ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَجَمَاعَةٌ لَا، وَلَكِنْ يَعْرِضُ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَلَمْ يَسْأَلْ2، زَادَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ: رُبَّمَا سَأَلَ رَجُلًا فَمَنَعَهُ فَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِسَائِلٍ: لَيْسَ هَذَا عَلَيْك. وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ لِلْمُحْتَاجِ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ "م 5". وَمَنْ3 أَعْطَى شَيْئًا لِيُفَرِّقَهُ فَهَلْ الْأَوْلَى أَخْذُهُ أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"شَرْحِهِ"، أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَالْقَبُولَ مُبَاحٌ، وَحُمِلَ مَا وَرَدَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنْ4 مَنْعِ الْأَخْذِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ لِرَجُلٍ مُحْتَاجٍ فِي صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ، فَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَكَلَّمَ لِنَفْسِهِ فَكَيْفَ لِغَيْرِهِ؟ التَّعْرِيضُ أَعْجَبُ إلي، ونقل المروذي وجماعة: لا، ولكن يعرض5 ... وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَلْ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ لِلْمُحْتَاجِ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، انْتَهَى كَلَامُهُمَا، إحداهما لا يكره. قلت: الصواب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَدَمُهُ؟ حَسَّنَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَدَمَ الْأَخْذِ، فِي رِوَايَةٍ، وَأَخَذَ هُوَ وَفَرَّقَ، فِي رِوَايَةٍ "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: ومن سأل غيره الدعاء لنفعه أو نفعهما
فَصْلٌ: وَمَنْ سَأَلَ غَيْرَهُ الدُّعَاءَ لِنَفْعِهِ أَوْ نفعهما أثيب1، وَإِنْ قَصَدَ نَفَعَ نَفْسِهِ فَقَطْ نَهَى عَنْهُ، كَالْمَالِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ لَا يَأْثَمُ2. كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: كَانُوا يَغْتَنِمُونَ أَدْعِيَةَ الْحَاجِّ قَبْلَ أَنْ يَتَلَطَّخُوا بِالذُّنُوبِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 أَنَّ أُمَّ أَنَسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اُدْعُ اللَّهَ لَهُ، قَالَ: فَدَعَا لِي بِكُلِّ خَيْرٍ، وَكَانَ مِنْ آخِرِهِ: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيه" 4. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ طَلَبُ الدُّعَاءِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَجَوَازُ الدُّعَاءِ بِكَثْرَةِ الْمَالِ والولد مَعَ الْبَرَكَةِ فِيهِمَا، وَفِي "مُسْلِمٍ"5 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنْ أُوَيْسٍ القرني6: "فمن لقيه ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ عَلِمَ حَاجَةَ مَنْ طَلَبَ لِأَجْلِهِ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ لَمْ يُكْرَهْ السُّؤَالُ لَهُ، وَالتَّعْرِيضُ لَا يَكْفِي، خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمُحْتَاجُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الْحَيَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ وَلَكِنْ يَعْرِضُ. مَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَعْطَى شَيْئًا لِيُفَرِّقَهُ، فَهَلْ الْأَوْلَى أَخْذُهُ أَمْ عَدَمُهُ؟ حَسَّنَ أَحْمَدُ عَدَمَ الْأَخْذِ، فِي رِوَايَةٍ، وَأَخَذَ هُوَ وَفَرَّقَ فِي رِوَايَةٍ، انْتَهَى، قُلْت: طَرِيقَةُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي أَغْلِبْ أَحْوَالِهِ عَدَمُ الْأَخْذِ، وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ إنْ كَانَ يَحْصُلُ بِالْأَخْذِ إعْطَاءُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِمَّنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ بِعَدَمِ أخذه توجه رجحان الأخذ، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
منكم فليستغفر لكم". وله في1 رِوَايَةٌ: قَالَ لِعُمَرَ: "إنْ اسْتَطَعْت أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَك فَافْعَلْ" قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ طَلَبِ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ وَإِنْ كَانَ الطَّالِبُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا فِي "الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ": لَا بَأْسَ بِطَلَبِ الدُّعَاءِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، لَكِنَّ أَهْلَ الْفَضْلِ يَنْوُونَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَطْلُبُونَ مِنْهُ الدُّعَاءَ إذَا دَعَا لَهُمْ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى دُعَائِهِ لَهُمْ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرِهِ لَوْ دَعَا لِنَفْسِهِ وَحْدَهَا، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إلَّا وَكَّلَ اللَّهُ مَلَكًا كُلَّمَا دَعَا لأخيه بدعوة قال الملك2 الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ وَلَك بِمِثْلٍ" 3. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "يَا عَلِيُّ، عُمَّ، فَإِنَّ فَضْلَ الْعُمُومِ عَلَى الْخُصُوصِ كَفَضْلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ" 4. وَقَوْلُهُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "لَا تَنْسَنَا يَا أَخِي مِنْ دُعَائِك" 5. قَالَ: وَمَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ يَسْأَلُونَهُ الدُّعَاءَ لَهُمْ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الثالث: العامل عليها
فَصْلٌ: الثَّالِثُ: الْعَامِلُ عَلَيْهَا كَالْجَابِي وَالْكَاتِبِ وَالْقَاسِمِ وَالْحَاشِرِ وَالْحَافِظِ وَالْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالْعَدَّادِ وَمَنْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهَا، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: الْكَتَبَةُ مِنْ الْعَامِلِينَ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت. وَأُجْرَةُ كَيْلِ الزَّكَاةِ وَوَزْنِهَا وَمُؤْنَةِ دَفْعِهَا عَلَى الْمَالِكِ. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَامِلِ مُكَلَّفًا "و" أَمِينًا "وَ" وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
إسْلَامُهُ فِي رِوَايَةٍ. اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ "وَ" لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ، وَلِاشْتِرَاطِ الْأَمَانَةِ، فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينٍ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَأْمَنُوهُمْ وَقَدْ خَوَّنَهُمْ اللَّهُ1. وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ "م 7". قَالَ ابْنُ عقيل وأبو يعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْعَامِلِ مُكَلَّفًا أَمِينًا، وَكَذَا إسْلَامُهُ فِي رِوَايَةٍ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ. لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي الْكَافِرِ وَقِيلَ الذِّمِّيُّ رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: أَظُنُّهُ فِي الْمُجَرَّدِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ4. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، انْتَهَى قُلْت مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْفُصُولِ وَالتَّذْكِرَةِ وَالْمُبْهِجِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّاءِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ4. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَامِلًا فِي زَكَاةٍ خَاصَّةٍ عُرِفَ قَدْرُهَا وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: بَنَى بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ4 هُنَا عَلَى مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ: إنْ قُلْنَا مَا يَأْخُذُهُ
الصَّغِيرُ: وَلِهَذَا يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَهُ الْوَصِيُّ فِي مال اليتيم بيعا وابتياعا، كذا قالا1، وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ2. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ: إنما هي إجارة أو وكالة، بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا وَلَّى لَمْ يَأْخُذْ بِحَقِّ عِمَالَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُ السَّاعِي بِحَقِّ جِبَايَتِهِ، كَذَا قَالَ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ هَذَا فِي الْمُمَيِّزِ الْعَاقِلِ الْأَمِينِ تَخْرِيجُ. وَكَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ عَلَى الزَّكَاةِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ3 أَخْذُ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ: الْعَامِلُ هُوَ السُّلْطَانُ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الثَّمَنَ فِي كِتَابِهِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ نَحْوَهُ، كَذَا ذُكِرَ، وَمُرَادُ أَحْمَدَ: إذَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ شَيْئًا فَلَا اخْتِلَافَ، أَوْ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَفِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وَجْهَانِ، الْأَشْهَرُ لَا. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، كَقَرَابَةِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ، وَالْأَظْهَرُ بَلَى "ش". وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ أَخَذَ أُجْرَتَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ، وَقِيلَ: إنْ مُنِعَ مِنْ الْخُمُسِ جَازَ "م 8" وَلَا يشترط حريته "هـ ش" ولا فقره ـــــــــــــــــــــــــــــQأُجْرَةٌ لَمْ يُشْتَرَطْ إسْلَامُهُ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ زَكَاةٌ اُشْتُرِطَ إسْلَامُهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ4 أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ. مَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: وَفِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى وَجْهَانِ، الْأَشْهَرُ لَا، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، كَقَرَابَةِ رَبِّ المال من والد وولد،
"وَ" وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "ع" فِيهِ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ وَحُرِّيَّتُهُ فِي عِمَالَةِ تَفْوِيضٍ لَا تَنْفِيذٍ وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يجوز ـــــــــــــــــــــــــــــQوالأظهر: بلى. وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ أَخَذَ1 أُجْرَتَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ، وَقِيلَ: إنْ مُنِعَ مِنْ الْخُمُسِ جَازَ. انتهى. وأطلقهما في الفائق، إحدهما2: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْته فِي الْخُطْبَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَنَصَرَاهُ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ الْمُسَدِّدُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ ابن منجى في شرحه هَذَا الْمَذْهَبُ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: قَالَهُ أَصْحَابُنَا، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّاءِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهُ فِي الشُّرُوطِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَيْضًا: إنْ أَخَذَ أُجْرَتَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ تَمِيمٍ عَلَى ذَلِكَ.
أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ عَامِلًا فِي زَكَاةٍ خَاصَّةٍ عُرِفَ قَدْرُهَا، وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: مِنْ شَرْطِ الْعَامِلِ الْفِقْهِ؟ فَقَالَ: مِنْ شَرْطِهِ مَعْرِفَةُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَجِنْسُهُ، كَمَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ مَعْرِفَةَ كَيْفَ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ إنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ، وَإِنْ كَانَ مُنَفِّذًا فَقَدْ عَيَّنَ لَهُ الْإِمَامُ مَا يَأْخُذُهُ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطْ إذَا كَتَبَ لَهُ مَا يَأْخُذُهُ، كَسُعَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَمَانَةِ الْعَدَالَةُ، وَجَزَمَ بِاشْتِرَاطِهَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ إنَّهَا وِلَايَةٌ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ لا يوكل إلا أمينا، وأن الفسق يُنَافِي ذَلِكَ، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ جَوَازِ كَوْنِهِ كَافِرًا كَوْنُهُ فَاسِقًا 1"مَعَ الْأَمَانَةِ"1، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ، وَإِلَّا 2"فَلَا يُتَوَجَّهُ" اعْتِبَارُ الْعَدَالَةِ مَعَ الْأَمَانَةِ دُونَ الْإِسْلَامِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّاعِي وَالْحَمَّالُ وَنَحْوُهُمَا كَافِرًا أَوْ عَبْدًا وَغَيْرَهُمَا؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً لِعَمَلِهِ لَا لِعِمَالَتِهِ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ كَافِيًا وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ، وظاهر ما سبق لا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تعتبر1 ذُكُورِيَّتُهُ، وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ، وَمَنْ وَكَّلَ مَنْ يُفَرِّقُ زَكَاتَهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً فِي الْمَنْصُوصِ "وَ" وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" وَعَنْهُ: الثَّمَنُ مما يجيه. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَعَلَيْهَا إنْ جَاوَزَتْ أُجْرَتُهُ الثمن أعطي2 مِنْ مَالِ الْمُصَالِحِ "ش" وَيُقَدَّمُ بِأُجْرَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ، وَلَهُ الْأَخْذُ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِعَمَلِهِ،؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْرَ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعِمَالَةٍ فَقَالَ: إنَّمَا عَمِلْت لِلَّهِ. فَقَالَ: "إذَا أُعْطِيت شَيْئًا مِنْ غَيْرِ تَسْآلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَعَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْعَامِلِ حَقَّهُ مِنْ تَحْتَ يَدِهِ، فيقبض من نفسه لنفسه5، وَمَا قَالَهُ مُتَوَجِّهٌ، وَلَا يُعَارِضُ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ6 عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَمِيرَةَ7 مَرْفُوعًا: "مَنْ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انتهى". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ1 مَرْفُوعًا: "الْعَامِلُ عَلَى الصَّدَقَةِ بِالْحَقِّ كَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى بَيْتِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَحَسَّنَهُ، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَفِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدْ صَرَّحَ بِالسَّمَاعِ. وَعَنْ أَبِي مُوسَى3 مَرْفُوعًا: "إنَّ الْخَازِنَ الْمُسْلِمَ الْأَمِينَ الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ حَتَّى يَدْفَعَهُ إلَى الَّذِي أَمَرَ لَهُ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقِينَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4، وَسَبَقَ فِي مَانِعِ الزَّكَاةِ: "الْمُتَعَدِّي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا"5. وَعَنْ جَرِيرٍ6: أَنَّ نَاسًا مِنْ الْأَعْرَابِ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ نَاسًا مِنْ المصدقين يأتونا فيظلموننا، فقال: "أرضوا مصدقيكم". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد7، وَزَادَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَإِنْ ظَلَمُونَا؟ قَالَ: "وَإِنْ ظُلِمْتُمْ". وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ بَعْضَ الظُّلْمِ لَا يَفْسُقُ به8، وإلا لانعزل ولم يجزئ الدفع إليه8. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: قَدْ يَكُونُ الظُّلْمُ بِغَيْرِ مَعْصِيَةٍ، كَذَا قَالَ، وَلِأَبِي دَاوُد1 بِإِسْنَادِ جَيِّدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْخَصَاصِيَةِ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِ الصَّدَقَةِ يَعْتَدُونَ، عَلَيْنَا، أَفَنَتَكَتَّمُ مِنْ أَمْوَالِنَا بِقَدْرِ مَا يَعْتَدُونَ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ: "لَا". وَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الظُّفْرِ آخِرَ طَرِيقِ الْحُكْمِ2. وَإِذَا تَلِفَتْ الزَّكَاةُ3 بِيَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَيُعْطَى أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ المال، وقيل: لا يعطى شيئا "وهـ" قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْأَصَحُّ "*" أَنَّهُ إذَا جُعِلَ لَهُ جُعْلٌ عَلَى عَمَلِهِ فلا شيء له قَبْلَ تَكْمِيلِهِ، وَإِنْ عَقَدَ لَهُ إجَارَةً وَعَيَّنَ أُجْرَتَهُ مِمَّا يَأْخُذُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ تَلَفِ مَا أَخَذَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ أَوْ بَعَثَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا أُعْطِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَيُخَيِّرُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ 4"نَفَلَ الْعَامِلَ"4 مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا تَسْمِيَةِ شيء، وإن شاء عقد له إجارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِذَا تَلْفِتْ الزَّكَاةُ بِيَدِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَيُعْطَى أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ: لَا يُعْطَى شَيْئًا، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْأَصَحُّ إلَى آخره هَذَا الْكَلَامُ الْأَخِيرُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ، وَصَوَابُهُ: وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ إلَى آخِرِهِ، بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلُ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، فَهُوَ مُغَايِرٌ لَهُمَا، لِأَنَّهُ مُفَصَّلٌ، وَحَذَفَ الْهَاءَ مِنْ قَوْلِهِ، وَاخْتَارَهُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَا اخْتَارَهُ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ، وَزِيَادَةِ هُوَ قَبْلَ قوله والأصح كما قررناه أولا، أنه الصواب والله أعلم.
وللعامل تفرقة الزكاة إن أذن له1 فِي ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ، لِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِذَا تَأَخَّرَ الْعَامِلُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَشَاغُلًا2 بِأَخْذِهَا مِنْ نَاحِيَةٍ اُقْتُصِرَ عَلَى هَذَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ: أو عذر غيره انتظر3 أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ وَلَمْ يَخْرُجُوا، وَإِلَّا أَخْرَجُوا بِأَنْفُسِهِمْ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ، ثُمَّ إذَا حَضَرَ الْعَامِلُ وَقَدْ أَخْرَجُوا، وَكَانَ اجْتِهَادُهُ مُؤَدِّيًا إلَى إيجَابِ مَا أَسْقَطَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا أَخْرَجَهُ نَظَرٌ: فَإِنْ كَانَ وَقْتَ مَجِيئِهِ باقيا فاجتهاد العامل أمضى، وإن كان فائتا4، فَاجْتِهَادُ رَبِّ الْمَالِ أَنْفَذُ5. وَأَبْدَلُ فِي الْأَحْكَامِ السلطانية "وَقْتُ مَجِيئِهِ": وَقْتُ الْإِمْكَانِ. وَإِنْ أَسْقَطَ الْعَامِلُ أَوْ أَخَذَ دُونَ مَا يَعْتَقِدُ الْمَالِكُ وُجُوبَهُ6، لَزِمَهُ الْإِخْرَاجُ، زَادَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا آخِرُ الْخَلْطَةِ7، وَلَا وَجْهَ لِتَعَلُّقِ الْقَاضِي بِمَا نَقَلَهُ حَرْبٌ: إذَا لَمْ يَأْخُذْ السُّلْطَانُ مِنْهُ تَمَامَ الْعُشْرِ يُخْرِجُ تَمَامَ الْعُشْر يَتَصَدَّقُ به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ دَفْعَ زَكَاتِهِ إلَى الْعَامِلِ فَأَنْكَرَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، وَحَلَفَ الْعَامِلُ وَبَرِئَ، وَإِنْ1 ادَّعَى الْعَامِلُ الدَّفْعَ إلَى فَقِيرٍ صُدِّقَ الْعَامِلُ فِي الدَّفْعِ، وَالْفَقِيرُ فِي عَدَمِهِ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِقَبْضِهَا وَلَوْ عُزِلَ، وَيَأْتِي حُكْمُ هَدَيْته فِي الْهَدِيَّةِ لِلْقَاضِي2. وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ عَلَيْهِ فِي وَضْعِهَا غَيْرِ مَوْضِعِهَا لَا فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ، وَإِنْ شَهِدَ بِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قَبْلَ التَّنَاكُرِ وَالتَّخَاصُمِ قُبِلَ وَغُرِّمَ الْعَامِلُ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ شَهِدَ أَهْلُ السَّهْمَانِ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَلَا يَلْزَمُهُ رَفْعُ حِسَابِ مَا تَوَلَّاهُ إذَا طَلَبَ مِنْهُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يُحْتَمَلُ ضِدُّهُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ4: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ مُحَاسَبَةُ الْعُمَّالِ5؛ لِيَعْلَمَ مَا قَبَضُوهُ وَمَا صَرَفُوهُ، وَكَالْخَرَاجِ، وَقَالَهُ "هـ" فِي الْعُشْرِ، وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ: يَلْزَمُهُ مَعَ التُّهْمَةِ، وَيَأْتِي حُكْمُ نَاظِرِ الوقف6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الخامس: الرقاب
فَصْلٌ: الْخَامِسُ: الرِّقَابُ وَهُمْ الْمُكَاتَبُونَ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِمَجِيءِ الْمَالِ فَيَأْخُذُونَ مَا يُؤَدُّونَ لِعَجْزِهِمْ وَلَوْ مَعَ الْقُوَّةِ وَالْكَسْبِ، نَصَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إذَا حَلَّ نَجْمٌ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ فِي الْمُؤَجَّلِ. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ مُكَاتَبٌ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ لِلتُّهْمَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ، لِبُعْدِ احْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ مَعَ وُجُودِهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ. وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ "*". وَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى مُكَاتَبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وعنه: لا "وهـ ش" اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهِيَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقَّهُ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَالِدِ بِمَالِ الْوَلَدِ، وَإِنْ عَتَقَ1 بأداء أو إبراء، فما فضل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ مُكَاتَبٌ بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَا إنْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ، لِلتُّهْمَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى الْوَجْهُ الْأَوَّلُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ: عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا صَدَّقَهُ سَيِّدُهُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ، وَالْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْإِفَادَاتِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي مُحَرَّرِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي5 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وتجريد العناية وغيرهم.
مَعَهُ 1"فَهَلْ هُوَ"1 لَهُ، وَكَمَا لَوْ فَضَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ لِلْمُعْطِي؟ كَمَا لَوْ أُعْطِي شَيْئًا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ2، فِيهِ وجهان، وقيل: روايتان "م 9" وقيل: لِلْمُكَاتِبِينَ غَيْرُهُ، وَلَوْ اسْتَدَانَ مَا عَتَقَ بِهِ وَبِيَدِهِ مِنْ الزَّكَاةِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِيهِ، لِبَقَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْكِتَابَةِ. وَإِنْ عَجَزَ أَوْ مَاتَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتَقْ بملكه، فعنه: ما بيده لسيده "وهـ" وعنه: للمكاتبين، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ وَإِنْ أُعْتِقَ يَعْنِي الْمُكَاتَبَ بِأَدَاءٍ أو إبراء، فما فضل معه فهل هو لَهُ؟ كَمَا لَوْ فَضُلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ لِلْمُعْطِي؟ كَمَا لَوْ أُعْطِي شَيْئًا لِفَكِّ رَقَبَتِهِ، فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، أَحَدُهُمَا: يَرُدُّ مَا فَضُلَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَرُدُّ بَلْ يَأْخُذُ أَخْذًا مُسْتَقِرًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وقدمه في الرعايتين والحاوي الكبير.
لِلْمُعْطِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: وَلَوْ كَانَ دفعها إلى سيده استرجعه المعطي "وم ش" وَقِيلَ: لَا يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ "م 10". وَإِنْ اشْتَرَى بِالزَّكَاةِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ وَالْعِوَضُ بِيَدِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ، عَلَى الْأَوْلَى. وَفِيهِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ "م 11". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ أَوْ مَاتَ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْتَقْ بِمِلْكِهِ، فَعَنْهُ: مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لِلْمُكَاتِبِينَ، وَقِيلَ: لِلْمُعْطِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: وَلَوْ كَانَ دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ اسْتَرْجَعَهُ الْمُعْطِي، وَقِيلَ: لَا يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ، كَمَا لَوْ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: هَذَا أَصَحُّ، زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَأَشْهُرُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ فِيمَا إذَا عَجَزَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا تُسْتَرَدُّ إذَا عَجَزَ، انْتَهَى، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُرَدُّ لِلْمُكَاتِبِينَ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَيَحْتَمِلُهُ تَقْدِيمُهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ فِيمَا إذَا عَجَزَ حَتَّى لَوْ قَبَضَهَا سَيِّدُهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ1 فِي بَابِ الْكِتَابَةِ، وَمَالَ إلَى الرِّوَايَةِ الْأَوْلَى فِيمَا إذَا كَانَ مَا مَعَهُ مِنْ صَدَقَةٍ مَفْرُوضَةٍ، وَقَطَعَ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ، وَقِيلَ: هُوَ لِلْمُعْطِي، حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي: وَلَوْ دَفَعَهَا إلَى سَيِّدِهِ، وَقِيلَ: لَا تُؤْخَذُ مِنْ سَيِّدِهِ، كَمَا لَوْ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ، جَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ. مَسْأَلَةٌ - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى بِالزَّكَاةِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ وَالْعِوَضُ بِيَدِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ عَلَى الْأَوْلَى، وَفِيهِ عَلَى الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، أَحَدُهُمَا يَكُونُ لِلْمُكَاتِبِينَ، كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ في المسألة التي قبلها، وهو
ويجوز الدفع إلى سيد المكاتب بِلَا إذْنِهِ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهُوَ الْأَوْلَى، كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ رَقَّ لِعَجْزِهِ أُخِذَتْ مِنْ سَيِّدِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّمَا يَجُوزُ بِلَا إذْنِهِ إنْ جَازَ الْعِتْقُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ وَلَا إلَى نَائِبِهِ، كَقَضَاءِ دَيْنِ الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِهِ. وَلَوْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ بِيَدِ الْمُكَاتَبِ أَجْزَأَتْ وَلَمْ يَغْرَمْهَا، عَتَقَ أَوْ رُدَّ رَقِيقًا. وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَ مِنْ الزَّكَاةِ أَسِيرًا مُسْلِمًا، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ. وَعَنْهُ: لَا. قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ "وَ" وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَكَذَا لَوْ دَفَعَ إلَى فَقِيرٍ مُسْلِمٍ غَرَّمَهُ سُلْطَانٌ مَالًا لِيَدْفَعَ جَوْرَهُ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ منها رقبة يعتقها بغير رحم؟ "وم" لظاهر الآية، ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّارِحِ وَابْنُ رَزِينٍ قَطَعُوا بِذَلِكَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَقَالُوا: حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا وَجَدَ الْمَأْخُوذَ بعينه. والوجه الثاني: لا يصرف للمكاتبين.
وَكَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَوْنُ الْعِتْقِ إسْقَاطًا لَا يَمْنَعُ سُقُوطَ الْفَرْضِ بِهِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ التَّمْلِيكُ فِي غَيْرِهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ أم لا يجوز؛ "وهـ ش" لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِعَدَمِ التَّمْلِيكِ الْمُسْتَحَقِّ، فِيهِ روايتان "م 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 12: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِي مِنْهَا رَقَبَةً تُعْتَقُ بِغَيْرِ رَحِمٍ أَمْ لَا يَجُوزُ؟ لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ الْمُسْتَحِقِّ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، إحْدَاهُمَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ القاضي في التعليق وَغَيْرِهِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه وغيره.
فَإِنْ جَازَ فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ عَنْ زكاته ففي الجواز وجهان "م 13". وَلَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِشَرْطٍ ثُمَّ نَوَاهُ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ الشَّرْطِ لَمْ يُجْزِئْهُ "و". جَعَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَصْلًا لِلْعِتْقِ بِالرَّحِمِ "و" خِلَافًا لِلْحَسَنِ، وَعَنْهُ: الرِّقَابُ عَبِيدٌ يُشْتَرَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ ويعتقون خاصة "وم" مَا لَمْ يُعْطَ الْمُكَاتَبُ مِنْهَا فِي آخِرِ نَجْمٍ، وَمَنْ عَتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: حتى المكاتب، وذكره بعضهم وجها رد ما رَجَعَ مِنْ وَلَائِهِ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَفِي الصَّدَقَاتِ، قَدَّمَهُ ابْنُ تميم، وهل يعقل عنه؟ فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: رَجَعَ أَحْمَدُ عَنْ الْقَوْلِ بِالْعِتْقِ، حَكَاهُ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَسَنَدِي ورده فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ مِنْ زَكَاتِهِ رَقَبَةٌ، لَكِنْ يُعَيِّنُ فِي ثَمَنِهَا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُعْتَقُ رَقَبَةٌ كَامِلَةٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ مِنْهَا رَقَبَةٌ تَامَّةٌ، وَعَنْهُ، وَلَا بَعْضُهَا، بَلْ يُعَيِّنُ فِي ثَمَنِهَا، انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَا. مَسْأَلَةٌ - 13: قوله: "فَإِنْ جَازَ، فَأَعْتَقَ عَبْدَهُ، أَوْ مُكَاتَبَهُ عَنْ زكاته، ففي الجواز وجهان". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تميم والفائق وغيرهم. أحدهما: لا يجوز، ولا يجزئ. وهو الصحيح، جزم في المغني1 والشرح2. والوجه الثاني: يجوز ويجزئ. اختاره القاضي في التعليق.
رِوَايَتَانِ "م 13" وَعَنْهُ: وَلَاؤُهُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ. وَمَا أَعْتَقَهُ السَّاعِي مِنْ الزَّكَاةِ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ. وَعَنْهُ: لا يعتق من زكاته رقبة لكن يعين في ثَمَنِهَا وَكَذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَعْتِقُ رَقَبَةً كَامِلَةً. وَلَا يُعْطِي الْمُكَاتَبَ لِجِهَةِ الْفَقْرِ؛ لأنه عبد، ذكره جماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: السادس: الغارمون
فصل: السَّادِسُ: الْغَارِمُونَ إمَّا لِإِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ قَالَ فِي الْعُمْدَةِ وَابْنِ تَمِيمٍ وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَيَأْخُذُ مَا غَرِمَ وَلَوْ كَانَ غنيا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 14: قَوْلُهُ: وَمَنْ عَتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ بعضهم: حتى المكاتب وذكره بعضهم وجها رد مَا رَجَعَ مِنْ وَلَائِهِ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَفِي الصَّدَقَاتِ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَهَلْ يَعْقِلُ عَنْهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، إحْدَاهُمَا لَا يَعْقِلُ عَنْهُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ قَدَّمَهُ1 فِي الْمُغْنِي وَنَصَرَهُ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ ذَكَرَهُ فِي بَابِ قسمة الفيء والصدقة، فقال: فصل: وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ فَيَعْقِلُ عَنْهُ، كَاَلَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مِيرَاثِهِ بِالْوَلَاءِ لِئَلَّا يَنْتَفِعَ بِزَكَاتِهِ، وَالْعَقْلُ عَنْهُ لَيْسَ بِانْتِفَاعٍ فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَنَا أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا فِي الْعِتْقِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ، فَلَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ دِينَهُمَا، وَمَا ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بِالْوَكِيلِ وَالسَّاعِي إذَا أُعْتِقَ مِنْ الزَّكَاةِ. انْتَهَى، وَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْوَلَاءِ2، مِنْ كَلَامِ أَبِي المعالي.
خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وَإِمَّا غَارِمٌ لِنَفْسِهِ فِي مُبَاحٍ، أَوْ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ الْكُفَّارِ، فَيُعْطَى قَدْرَهُ مَعَ فَقْرِهِ، فَلَوْ فَضَلَ عَنْ الْكِفَايَةِ بِقَدْرِ بَعْضِهِ أُعْطِيَ بِقَدْرِ بَقِيَّتِهِ وَقِيلَ: وَغِنَاهُ "وق" وَنَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ، وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ. وَإِذَا قُلْنَا الْغَنِيُّ مِنْ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْأَخْذُ بِالْغُرْمِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. فَعَلَى هَذَا: مَنْ لَهُ مِائَةٌ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا أُعْطِيَ خَمْسِينَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ تُرِكَ لَهُ مِمَّا مَعَهُ خَمْسُونَ وَأُعْطِي تَمَامَ دَيْنِهِ. وَالثَّانِيَةُ: يُمْنَعُ، فَلَا يُعْطَى حَتَّى يَصْرِفَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يُزَادُ عَلَى خَمْسِينَ، فَإِذَا صَرَفَهَا فِي دَيْنِهِ أُعْطِي مِثْلَهَا حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ وَمَذْهَبُ "م" مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَمَعَهُ بِقَدْرِهِ أَوْ قَدْرِ بَعْضِهِ أُعْطِيَ بِقَدْرِ كَمَالِ وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَمَنْ لَهُ أَلْفٌ وَعَلَيْهِ أَلْفَانِ وَلَهُ دَارٌ أَوْ خَادِمٌ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا، فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَدَّى الْأَلْفَ فِي دَيْنِهِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَوْ الْخَادِمِ فَضْلٌ يُغْنِيه أُعْطِي وَكَانَ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ، هَذَا مَذْهَبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَارِمٌ، بِلَا بَيِّنَةٍ، وَيُقْبَلُ إنْ صَدَّقَهُ غَرِيمُهُ، فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ غَرِمَ فِي مَعْصِيَةٍ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنْ تَابَ دُفِعَ إلَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَالَهُ فِي الْمَعَاصِي حَتَّى افْتَقَرَ دُفِعَ إلَيْهِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ، وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْغَارِمِ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ لَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ وَالْغَازِي لَا يَصْرِفُ مَا يَأْخُذُهُ إلَّا لِجِهَةِ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ دُفِعَ إلَى الْغَارِمِ لِفَقْرِهِ جَازَ أَنْ1 يَقْضِيَ بِهِ دَيْنَهُ، وَحُكِيَ وَجْهٌ، وَإِنْ أُبْرِئَ الْغَرِيمُ أَوْ قَضَى دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ آخَرُونَ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ "وش" ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: هُوَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ قُلْنَا أَخَذَهُ هُنَاكَ مُسْتَقَرٌّ فَكَذَا هُنَا، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرَهُ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلَهُ إمْسَاكُهَا وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ وَقَالَهُ غَيْرُهُ: إذَا اجْتَمَعَ الْغُرْمُ وَالْفَقْرُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أُخِذَ بِهِمَا، فَإِنْ أَعُطِيَ لِلْفَقْرِ فَلَهُ صَرْفُهُ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أُعْطِيَ لِلْغُرْمِ لَمْ يَصْرِفْهُ فِي غَيْرِهِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ أَخَذَ بِسَبَبٍ يَسْتَقِرُّ الْأَخْذُ بِهِ وَهُوَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ وَالْعِمَالَةُ2، والتألف صَرَفَهُ فِيمَا شَاءَ كَسَائِرِ مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ صَرْفُهُ فِيمَا أَخَذَهُ لَهُ خَاصَّةً، لِعَدَمِ ثبوت ملكه عليه من كل وجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِهَذَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ إذَا أُبْرِئَ، أَوْ لَمْ يغز. وَمَنْ تَحَمَّلَ بِسَبَبِ إتْلَافِ مَالٍ أَوْ نَهْبٍ أَخَذَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَكَذَا إنْ ضَمِنَ عَنْ غَيْرِهِ مَالًا وَهُمَا مُعْسِرَانِ جَازَ الدَّفْعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقِيلَ: يَجُوزُ الدَّفْعُ أَيْضًا إنْ كَانَ الْأَصِيلُ مُعْسِرًا وَالْحَمِيلُ مُوسِرًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَجُوزُ إنْ ضَمِنَ مُعْسِرٌ مُوسِرًا بِلَا أَمْرِهِ، وَيَأْخُذُ الْغَارِمُ لِذَاتِ الْبَيْنِ قَبْلَ حُلُولِ دَيْنِهِ، وَفِي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ الْوَجْهَانِ. "*"، وَلَوْ وَكَّلَ الْغَارِمُ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ لِوَكِيلِهِ فِي دَفْعِهَا إلَى الْغَرِيمِ عَنْ دَيْنِهِ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: وَيُحْتَمَلُ ضِدُّهُ وَسَبَقَ فِي فُصُولِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ1: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِجْزَائِهَا قَبْضُ الْفَقِيرِ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَكَّلَ الْمَالِكُ، قِيلَ: فَلَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُ فَيَصِيرُ قَدْ وَكَّلَهُ أَيْضًا، وَلَا يُجْزِئُ لِعَدَمِ قَبْضِهَا، وَلَا فَرْقَ، فَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا التَّسْوِيَةُ وَتَخْرِيجُهُمَا عَلَى قَوْلِهِ لِغَرِيمِهِ: تَصَدَّقْ بِدَيْنِي عَلَيْك أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "*" أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: "يَأْخُذُ الْغَرِيمُ لِذَاتِ الْبَيْنِ قَبْلَ حُلُولِ دَيْنِهِ، وَفِي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ الْوَجْهَانِ". لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْوَجْهَيْنِ: الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ النَّجْمُ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ الْأَخْذِ قَبْلَ حله، نص عليه، وقدمه المصنف وغيره.
ضَارَبَ بِهِ، لَا يَصِحُّ، لِعَدَمِ قَبْضِهِ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ: يَصِحُّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَيَأْتِي فِي التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ "*"1: وَإِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِ الْفَقِيرِ، فَعَنْهُ: يَصِحُّ، صَحَّحَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، كَدَفْعِهَا إلَى الْفَقِيرِ، وَالْفَرْقُ واضح وعنه: لا "م 15" "وهـ" لِمَا سَبَقَ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَارِمِ، وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ إلَّا بِتَوْكِيلِهِ، وَأَظُنُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: "فِيهِ تَخْرِيجٌ يَصِحُّ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَيَأْتِي فِي التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ" انْتَهَى. يَأْتِي هَذَا فِي التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ السَّلَمِ2، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ، وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الصِّحَّةَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ3، وَقَالَ: إنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ - 15: قَوْلُهُ: وَإِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ إلَى الْغَرِيمِ بِلَا إذْنِ الْفَقِيرِ، فَعَنْهُ: يَصِحُّ، صَحَّحَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ، كَدَفْعِهَا إلَى الْفَقِيرِ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، وَعَنْهُ: لَا، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: جَازَ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَفِي كَلَامِ المصنف إشعار بميله إليه.
الشَّيْخَ ذَكَرَ هَذَا أَيْضًا، وَهَذَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ، وَلِلْإِمَامِ قَضَاءُ الدَّيْنِ مِنْ الزَّكَاةِ بِلَا وَكَالَةٍ، لِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي إيفَائِهِ، وَلِهَذَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ، وَيُشْتَرَطُ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ تَمْلِيكُ الْمُعْطَى "و" فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَ الْفُقَرَاءَ، وَالْمَسَاكِينَ، وَيُعَشِّيَهُمْ، وَلَا يَقْضِي مِنْهَا دَيْنَ مَيِّتٍ غَرِمَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ، حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِقَبُولِهَا، كَمَا لَوْ كَفَّنَهُ مِنْهَا "ع" وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ: يَجُوزُ. وَعَنْ مَالِكٍ أَوْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ مِثْلُهُ. وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التِّبْيَانِ الشَّافِعِيُّ وَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذِكْرُهُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّ الْغَارِمَ لَا يُشْتَرَطُ تمليكه؛ لأن الله تعالى قَالَ: {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] وَلَمْ يَقُلْ: وَلِلْغَارِمِينَ. وَإِنْ أَبْرَأَ رَبُّ الدَّيْنِ غَرِيمَهُ مِنْ دَيْنِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا "وم ش" خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَعَطَاءٍ، وَيُتَوَجَّهُ لَنَا احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ كَقَوْلِهِمَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَمْ لَا؟ وَقِيلَ: تُجْزِئُهُ مِنْ زَكَاةِ دَيْنِهِ، حَكَاهُ شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . (1) هو: ابوالخير يحي بن ابي الخيير بن سالم العمراني، اليماني، شيخ الشافعية ببلاد اليمن، له: "البيان"، "الزوائد" وغيرهما. (ت558هـ) . "طبقات الشافعية" لأسنوي 1/212_213.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: تَسْقُطُ زَكَاةُ الدَّيْنِ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَلَوْ بِلَا نِيَّةٍ. وَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهَا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرِهِ، وَسَبَقَ فِي تَمَامِ الْمِلْكِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ1: هَلْ الْحَوَالَةُ وَفَاءٌ؟ وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي انْتِقَالِ الْحَقِّ بِالْحَوَالَةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا فَارَقَهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ حَقَّهُ فَأَحَالَهُ بِهِ فَفَارَقَهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ بَرِيءَ أَنَّهُ كَالنَّاسِي. وَيَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى غَرِيمِهِ لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ، سَوَاءٌ دَفَعَهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ اسْتَوْفَى حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمُقْرِضِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَرَادَ إحْيَاءَ مَالِهِ لَمْ يَجُزْ. وَقَالَ أَيْضًا: إنْ كَانَ حِيلَةً فَلَا يُعْجِبُنِي. وَقَالَ أَيْضًا: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ حِيلَةً فَلَا أَرَاهُ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَرَادَ الْحِيلَةَ لَمْ يَصْلُحْ وَلَا يَجُوزُ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَعْنِي بِالْحِيلَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِهِ، فَلَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا تَمْلِيكًا صَحِيحًا، فَإِذَا شَرَطَ لِرُجُوعٍ لَمْ يُوجَدْ فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تُجْزِئْهُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالدَّفْعِ إحْيَاءَ مَالِهِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهَا لِلَّهِ، فَلَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْعِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: إنْ قَضَاهُ بِلَا شَرْطٍ صَحَّ، كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ زَكَاةً، وَيُكْرَهُ حِيلَةً، كَذَا قَالَ، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي الصِّحَّةَ وِفَاقًا، إلَّا بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَذَا قَالَ، وَاخْتَارَ فِي النِّهَايَةِ الْإِجْزَاءَ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الرَّدِّ لَا يَمْنَعُ التَّمْلِيكَ التَّامَّ؛ لِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، فَلَيْسَ مُسْتَحِقًّا وَقَالَ: وَكَذَا الْكَلَامُ إنْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مُحْتَسِبًا مِنْ الزَّكَاةِ، كَذَا قَالَ، وَذَكَرَ ابْنُ تَمِيمٍ كَلَامَ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِجِهَةِ الْغُرْمِ لَمْ يَمْنَع الشَّرْطُ الْإِجْزَاءَ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الشَّيْخِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إلَيْهِ مَا قَبَضَهُ وَفَاءً عَنْ دَيْنِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ فِيمَنْ دَفَعَ إلَى غَرِيمِهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الزَّكَاةِ ثُمَّ قَبَضَهَا مِنْهُ وَفَاءً عَنْ دَيْنِهِ: لَا أَرَاهُ، أَخَافَ أَنْ تَكُونَ حِيلَةً. وَدَيْنُ اللَّهِ فِي الْأَخْذِ لِقَضَائِهِ كَدِينِ الْآدَمِيِّ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَمْرِهِ عليه السلام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِسَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ1 بِصَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ لِتُكَفِّرَ كفارة الظهار2.
فصل: السابع: في سبيل الله
فَصْلٌ: السَّابِعُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُمْ الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ رِزْقٌ رَاتِبٌ يَكْفِيه مُسْتَغْنٍ بِذَلِكَ "و" فَيُدْفَعُ إلَيْهِمْ كِفَايَةُ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ، وَلَوْ مَعَ غِنَاهُمْ "هـ" نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا أَوْصَى بِفَرَسٍ تُدْفَعُ إلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ فَرَسٌ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا كَانَ ثِقَةً. وَفِي جَوَازِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَازِي ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو حَفْصٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، الْأَشْهَرُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ، وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ، وَنَقَلَ أَيْضًا: يَجُوزُ "م 16"؛ لأنه لما لم يعتبر صفة المدفوع إليه وهو فقره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 16: قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْغَازِي ثُمَّ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو حَفْصٍ الْأَشْهَرُ الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ قِيمَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ، وَنَقَلَ أَيْضًا: يَجُوزُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَشْهُرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهُرُ الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2.
لَمْ يَعْتَبِرْ صِفَةَ الْمَالِ، وَغَيْرُ الْغَازِي بِخِلَافِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ الزَّكَاةِ فَرَسًا يَكُونُ حَبِيسًا فِي الْجِهَادِ، 1"وَلَا دَارًا"1، أَوْ ضَيْعَةَ الرِّبَاطِ أَوْ يَقِفُهَا عَلَى الْغُزَاةِ، وَلَا غَزَوْهُ عَلَى فَرَسٍ أَخْرَجَهُ مِنْ زَكَاتِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "و"؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا لِأَحَدٍ. وَيَجْعَلُ نَفْسَهُ مَصْرِفًا، وَلَا يُغْزَى بِهَا عَنْهُ، وَكَذَا لَا يَحُجُّ هُوَ بِهَا وَلَا يُحَجُّ بِهَا عَنْهُ "و" وَإِنْ اشْتَرَى الْإِمَامُ بِزَكَاةِ رَجُلٍ فَرَسًا فَلَهُ دَفْعُهَا إلَيْهِ يَغْزُو عَلَيْهَا، كَمَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ زَكَاتَهُ لِفَقْرِهِ أَوْ غُرْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهُ "و"؛ لِأَنَّهُ أُعْطِيَ عَلَى عَمَلٍ لَمْ يَعْمَلْهُ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَكَلَ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَهَلْ يَرُدُّونَ مَا فَضُلَ بَعْدَ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ لِزَوَالِ الْحَاجَةِ؟ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. أَمْ لَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ عَمِلَ مَا أَخَذَهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ أَخَذَ كِفَايَتَهُ، وَإِنَّمَا ضيق على نفسه، فيه وجهان "م 17". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ أَيْضًا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ زَكَاتِهِ خَيْلًا وَسِلَاحًا وَيَجْعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مِنْهُ2. انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ - 17: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَرُدُّونَ مَا فَضُلَ بَعْدَ غَزْوِهِمْ وَعَوْدِهِمْ لِزَوَالِ الْحَاجَةِ؟ جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، أَمْ لَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ، أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى والإفادات والوجيز
وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَازٍ؟ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، أَمْ ببينة؟ فيه وجهان "م 18". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الشرح1 وغيره2، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرُدُّهُ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ رَزِينٍ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ: وَإِنْ قَضَى الْغَارِمُونَ وَالرِّقَابُ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ حَاجَتَهُمْ بِهَا وَفَضَلَ مَعَهُمْ فَضْلٌ رَدُّوا الْفَضْلَ، إلَّا الْغَازِي فَإِنَّ مَا فَضَلَ مَعَهُ بَعْدَ غَزْوِهِ فَهُوَ لَهُ، وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي بَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَةِ: وَيَدْفَعُ إلَى الْغَازِي دَفْعًا مُرَاعًا، فَإِنْ لَمْ يَغْزُ رَدَّهُ، وَإِنْ غَزَا وَعَادَ فَقَدْ مَلَكَ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّا دَفَعْنَا إلَيْهِ قَدْرَ الْكِفَايَةِ، وَإِنَّمَا ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالسَّبْعِينَ: قَالَ الْخِرَقِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ: لَا يُسْتَرَدُّ، انْتَهَى. وَحَمَلَ الزَّرْكَشِيّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ فِي الْجِهَادِ عَلَى غَيْرِ الزَّكَاةِ. انْتَهَى. قُلْت: كلامه محتمل الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ أَعْطَى شَيْئًا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غُزَاتِهِ فَمَا فَضُلَ فَهُوَ لَهُ، انْتَهَى. يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الزَّكَاةَ وَغَيْرَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَادَتِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ غَيْرَ الزَّكَاةِ، وَاحْتِمَالُهُ إرَادَةُ الزَّكَاةِ فَقَطْ بَعِيدٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 فِي الْجِهَادِ إلَى مَا أَرَادَ بِذَلِكَ، بَلْ أَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. مَسْأَلَةٌ - 18: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ غَازٍ؟ جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، أم بنيته؟ فيه وجهان، انتهى.
وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الرِّبَاطَ كَالْغَزْوِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: يَأْخُذُ نَفَقَةَ ذَهَابِهِ وَمَا أَمْكَنَ مِنْ نَفَقَةِ إقَامَتِهِ. وَالْحَجُّ مِنْ السَّبِيلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ "و" فَعَلَى الْأُولَى يَأْخُذُ الْفَقِيرُ، وَقِيلَ: وَالْغَنِيُّ، كَوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِهِ فِي السَّبِيلِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْوَقْفِ1 مَا يَحُجُّ بِهِ الْفَرْضَ أَوْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِيهِ، جَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَعَنْهُ: وَالنَّفَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِي ذَلِكَ، نَقَلَ جَعْفَرُ: الْعُمْرَةُ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ. وَعَنْهُ: هي سنة.
فصل: الثامن ابن السبيل
فَصْلٌ: الثَّامِنُ ابْنُ السَّبِيلِ وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ به في سفر مباح. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ يُقْبَلُ: قوله، في أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قُلْت: الصَّوَابُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى قبول قوله قبلناه من
وَفِي نُزْهَةٍ وَجْهَانِ "م 19"، وَعَلَّلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ يُعْطَى فِي سفر مَكْرُوهٍ، وَهُوَ نَظِيرُ إبَاحَةِ التَّرَخُّصِ فِيهِ، لَا سَفَرِ مَعْصِيَةٍ، فَإِنْ تَابَ مِنْهُ دُفِعَ إلَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بَلْ سَفَرُ طَاعَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، كَذَا قَالَ، وَعَنْهُ: ومن أنشأ السفر من بلده "وش" فَيَأْخُذُ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى بَلَدِهِ وَلَوْ مَعَ غِنَاهُ بِبَلَدِهِ، وَيَأْخُذُ أَيْضًا لِمُنْتَهَى قَصْدِهِ وَعَوْدِهِ إلَى بَلَدِهِ، فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا، حَكَاهُ الشَّيْخُ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَ وَطَنَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ، فَلَوْ قَطَعْنَاهُ عَلَيْهِ أَضْرَرْنَا بِهِ، بِخِلَافِ الْمُنْشِئِ لِلسَّفَرِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا يَأْخُذُ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي الخطاب. ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ - 19: قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ بِهِ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ، وَفِي نُزْهَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1، وَالشَّرْحِ2، وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: فَيُعْطَى بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ مَنْ انْقَطَعَ بِهِ فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْطَى، لِأَنَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْمُبَاحِ، فِي الْأَصَحِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَلَا يُعْطَى، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ المجد في شرحه بعد أن أَطْلَقَ الْخِلَافَ: وَالصَّحِيحُ وَالْجَوَازُ فِي سَفَرِ التِّجَارَةِ دون التنزه قلت:
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ، فِي وَجْهٍ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: بِبَيِّنَةٍ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ "م 20". وَتُعْتَبَرُ بَيِّنَةٌ فِي أَنَّهُ فَقِيرٌ إنْ كَانَ عُرِفَ بِمَالٍ وَإِلَّا فَلَا، وَيُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ السَّفَرِ بِلَا يمين، ويرد ما فضل بعد وصوله "وش"؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ قَارَنَهُ يَسَارٌ سَابِقٌ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَوْلَا الْحَاجَةُ الْمُعَارِضَةُ، فَيَظْهَرُ عَمَلُ الْمُقْتَضِي لَوْلَا المعارض، وعنه: هو له. ويكون أَخَذَهُ مُسْتَقِرًّا كَالْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ، عَلَى مَا سَبَقَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ: يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ لِلْمَسَاكِينِ، كَذَا قَالَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: مَعَ جَهْلِ أَرْبَابِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: يجوز دفع الزكاة
فَصْلٌ: يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مُسْتَحِقٍّ 1"وَاحِدٍ "وهـ م"1 2"ويستحب"2 اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ بِهَا، لِكُلِّ صِنْفٍ ثَمَنُهَا إن وجد، حيث وجب ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ - 20: قَوْلُهُ: "وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ ابْنُ سَبِيلٍ، فِي وَجْهٍ قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: بِبَيِّنَةٍ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ والبلغة، وقدمه في الرعايتين والحاويين.
الْإِخْرَاجُ، وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ "وهـ م" كَمَا لَوْ فَرَّقَهَا السَّاعِي "و" وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ "عِ" وَكَوَصِيَّةٍ لِجَمَاعَةٍ لَا يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ "و" وَيَخْرُجُ عَلَى هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ، وَكَقَوْلِهِ، إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَمَالِي صَدَقَةٌ، فَشُفِيَ مَرِيضُهُ. وَعَنْهُ: يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ "وش" فَلَا يُجْزِئُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ دُونَ ثَلَاثَةٍ "وش" فَعَلَى هَذَا إنْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ، وَهَلْ يَضْمَنُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُسْتَحَبُّ؟ أَوْ بِأَقَلَّ جُزْءٍ مِنْ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ المجزئ؟ يتخرج وجهان "ق"1 كالأضحية "*"، إذَا أَكَلَهَا، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ وَاحِدٌ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الاستغراق حمل على الجنس،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الِاسْتِيعَابُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ، فَعَلَى هَذَا إنْ دَفَعَ إلَى اثْنَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ، وَهَلْ يَضْمَنُهُ بِالثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الْمُسْتَحَبُّ؟ أَوْ بِأَقَلَّ جُزْءٍ مِنْ السَّهْمِ؛ لِأَنَّهُ الْمُجْزِئُ؟ يَتَخَرَّجُ وَجْهَانِ، كَالْأُضْحِيَّةِ، انْتَهَى. وَهَذَا التَّخْرِيجُ لِلْمَجْدِ فِي "شَرْحِهِ"، 2وَحَكَاهُمَا ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ غَيْرِ تَخْرِيجٍ2. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَب فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَقَلَّ جُزْءٍ يُجَزِّئُ مِنْهَا، فَكَذَا هُنَا، وَلَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي الْخُطْبَةِ3، والله أعلم.
كَقَوْلِهِ لَا تَزَوَّجْت النِّسَاءَ، وَكَالْعَامِلِ "و" مَعَ أَنَّهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْن السَّبِيلِ لَا جَمَعَ فِيهِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي خُمُسِ الْغَنِيمَةِ: إذَا وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ فِيهِ لِمَ لَا نَقُولُ بِهِ فِي الزَّكَاةِ "خ" وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَصْنَافِ إنْ وَجَبَ الِاسْتِيعَابُ، كَتَفْضِيلِ بَعْضِ صِنْفٍ عَلَى بَعْضٍ، وَكَالْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ بِإِعْطَاءِ الْعَامِلِ الثُّمُنَ وَقَدْ نص 1"أحمد على"1 وُجُوبِهِ "وش" وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: إنْ قُلْنَا مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً أَجْزَأَ وَاحِدٌ، وَإِلَّا فَلَا "خ" وَيَسْقُطُ سَهْمُهُ إنْ أَخْرَجَهَا رَبُّهَا بِنَفْسِهِ "و"، وَإِنْ حَرُمَ نَقْلُ الزَّكَاةِ كَفَى الموجود ببلده، في الأصح، ومن فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَبَبَانِ أَخَذَ بِهِمَا "و" وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ،؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَعْطَى سَلَمَةَ بْنَ صَخْرٍ لِفَقْرِهِ وَدَيْنِ الْكَفَّارَةِ1، وَلِلْعُمُومِ، كَشَخْصَيْنِ، كَالْمِيرَاثِ وَتَعْلِيقِ طَلَاقٍ بِصِفَاتٍ تَجْتَمِعُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ بِأَحَدِهِمَا لَا2 بِعَيْنِهِ، لِاخْتِلَافِ أَحْكَامِهِمَا فِي الِاسْتِقْرَارِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يُتَعَذَّرُ الِاسْتِيعَابُ فَلَا يُعْلَمُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِنْ أَعْطَى بِهِمَا وَعَيَّنَ لِكُلِّ سَبَبٍ قَدْرًا وَإِلَّا كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. تَظْهَرُ فائدته لو وجد ما يوجب الرد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويسن صرف زكاته إلى قريب لا يرثه
فَصْلٌ: وَيُسَنُّ صَرْفُ زَكَاتِهِ إلَى قَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، بِقَدْرِ حَاجَتِهِ، "و" وَفِي مَذْهَبِ "م" أَيْضًا الْكَرَاهَةُ وَالْجَوَازُ، وَإِذَا أَحْضَرَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْعَامِلِ مِنْ أَهْلِهِ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لِيَدْفَعَ إلَيْهِمْ زَكَاتَهُ دَفَعَهَا قَبْلَ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَبَعْدَهُ هُمْ كَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُخْرِجُهُمْ مِنْهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا مَا هُمْ بِهِ أَخَصُّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ "و" وَالْأَحْوَجُ "و" وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحْوَجُ أُعْطِي الْكُلَّ وَلَمْ يُحَابِ بِهَا قَرِيبَهُ، وَالْجَارُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْجَارِ "و". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ "ش" كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَاَلَّذِي وَجَدْته فِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ كَمَذْهَبِنَا، وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ وَالدَّيِّنُ عَلَى ضِدِّهِمَا، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفَلَ فِي حَالٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُمَا "ع" وَكَذَا إنْ لَمْ تُجِبْ، حَتَّى وَلَدِ الْبِنْتِ، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" لِاتِّصَالِ مَنَافِعِ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا عَادَةً، فَيَكُونُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَكَقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ مُنِعُوا الْخُمُسَ، احْتَجَّ بِهَذَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَشَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ "وش" وَمَذْهَبُ "م": لَا نَفَقَةَ لِجَدٍّ وَوَلَدِ وَلَدٍ. وَأَطْلَقَ فِي الْوَاضِحِ فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ مَحْجُوبَيْنِ وَجْهَيْنِ، وَمَذْهَبُ "ش" لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِ عَمُودِي نَسَبِهِ، وَلَا يُعْطِي عَمُودِي نَسَبِهِ لِغُرْمٍ لِنَفْسِهِ أَوْ كِتَابَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ "وش" وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ابْنَ سَبِيلٍ كَذَلِكَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ فِي كَوْنِهِ عَامِلًا، وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا إلَى مَنْ يَرِثُهُ بفرض أو تعصيب نسب أو ولاء كالأخ وَابْنِ الْعَمِّ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ: وَبِنْتُ الِابْنِ وَابْنُ الْبِنْتِ فِيهِ رِوَايَاتٌ، الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وهـ" كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ، وَإِذَا قَبِلَ زَكَاةً دَفَعَهَا إلَيْهِ قَرِيبُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَطَالَبَهُ بِنَفَقَتِهِ الواجبة أجبر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَا يُجْزِئُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ جَعْلُهَا زَكَاةً، وَالثَّانِيَةُ الْمَنْعُ، وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَ يَرِثُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَالرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا "*". اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ والقاضي وصاحب المحرر "م 21". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 21: قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا إلَى مَنْ يرثه بفرض أو تعصيب نسب أو ولاء كَالْأَخِ وَابْنِ الْعَمِّ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْوَاضِحِ: وَبِنْتُ الِابْنِ وَابْنُ الْبِنْتِ فِيهِ رِوَايَاتٌ، الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ، وَالثَّانِيَةُ الْمَنْعُ، وَالثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَ يَرِثُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَالرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، انْتَهَى. إذَا كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ1، لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَسَرَدَهَا، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْعُمْدَةِ وَالْإِفَادَاتِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ، وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدْ قَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ. وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَقَالَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْهُرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ، هِيَ أَشْهُرُ وَأَنَصُّ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هِيَ الْأَظْهَرُ، وَاخْتَارَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَحَّحَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِمْ، نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3: هِيَ الظَّاهِرُ عَنْهُ، رَوَاهَا عَنْهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ عَكْسُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، فَيَكُونُ قَدْ نَصَّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قال القاضي في
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التَّعْلِيقِ: يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَالْمَنْعُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً، وَالْجَوَازُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمغني1 والكافي2 والمقنع3 والهادي وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ3، وَالنَّظْمِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. تَنْبِيهَاتٌ: "*" الْأَوَّلُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ، ثُمَّ فَرَّقَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ بَيْنَ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ، فَقَالَ: الثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَ يَرِثُهُ وَإِلَّا فلا، فأدخل في هذه الرواية مَنْ لَا يَرِثُ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ، وَيَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ أَيْضًا أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مُشْتَمِلَتَانِ عَلَى مَنْ يَرِثْ وَمَنْ لَا يَرِثْ، فَيَحْصُلُ التَّنَاقُضُ أَيْضًا بِهِمَا لَمَّا صَدَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَيُعَكِّرُ عَلَى هَذَا كَوْنُ الْمُصَنِّفِ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ اسْتِحْبَابَ صَرْفِهَا إلَى أَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ، وِفَاقًا، وَحَكَاهُ الْمَجْدُ إجْمَاعًا. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: بِلَا نِزَاعٍ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا صَدَّرَ بِهِ الْمَسْأَلَةَ مَنْ يَرِثُهُ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَبِمَا قَبْلَهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ مَنْ لَا يَرِثُ حَالًا وَمَآلًا، لِبُعْدِهِ وَنَحْوِهِ، وَيَكُونُ مُرَادُهُ بِصَدْرِ الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ مَنْ يَرِثُهُ حَالًا، وَبِعَجْزِهَا مَنْ يَرِثُهُ مَآلًا، لِكَوْنِهِ مَحْجُوبًا، وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْفَائِقِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ، وَتَقْدِيرُهُ الثَّالِثَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَ يَرِثُهُ حَالًا وَإِلَّا فَلَا، فَلَفْظَةُ: "حَالًا" سَاقِطَةٌ مِنْ الْكَاتِبِ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ مَا يَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ: "وَعَكْسُهُ الْآخَرُ" وَبِمَا مَثَّلَ بِهِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ مَثَّلَ بِالْأَخِ وَالْعَمِّ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كل واحد منهما يرث الآخر، ويدل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ مَا قَالَ بَعْدَ هَذَا "وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ. كَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ". وَيُشْكِلُ أَيْضًا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ كَوْنُهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِمَا فِي حَمْلِهِ مَا أَطْلَقَ مِنْ الرِّوَايَاتِ، وَقَدْ الْتَزَمَ فِي الْخُطْبَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا تَشْمَلُ مَنْ لَا يَرِثُ حَالًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ دَفْعِهَا إلَيْهِ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ، بَلْ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا اخْتَارَ ذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ أَيْضًا. الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ النَّظَرِ: كَوْنُهُ حَكَى رِوَايَةً رَابِعَةً بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَمَنْ لَا تَجِبُ، فَقَالَ: الرَّابِعَةُ الْمَنْعُ إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً وَإِلَّا فَلَا. فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا عَلَى مُصْطَلَحِهِ أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَتَانِ الْأُولَتَانِ مُشْتَمِلَتَيْنِ2 عَلَى مَنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةٌ أَوْ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، مَعَ إطلاقه لهما في جملة 3"الرِّوَايَاتِ الْمُطْلَقَةِ، وَرِوَايَةُ الْمَنْعِ مِنْهُمَا ضَعِيفَةٌ فِيمَنْ نَفَقَتُهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، لِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ لِكَوْنِ مَالِهِ لَا يَتَّسِعُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ قَطَعَا بِجَوَازِ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَصْحَابِ، لِتَقْيِيدِهِمْ الْخِلَافَ بِمِنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِزَاعٌ، لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى "الْجَوَازُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ" وَمِنْ جُمْلَةِ تَعَذُّرِ النَّفَقَةِ إذَا كَانَ الْمَالُ لَا يَتَّسِعُ لِنَفَقَتِهِ وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُهُ؛ لِأَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ، وَالْمَجْدُ مَثَّلَ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ حَمَلْنَا الرِّوَايَةَ عَلَى إطْلَاقِهَا، أَعْنِي رِوَايَةَ الْمَنْعِ، نَاقَضَ مَا قَالَهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي جُمْلَةِ الرِّوَايَاتِ فِيهِ نَظَرٌ عَلَى مُصْطَلَحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُفْرِدْ الرِّوَايَةَ بِمَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِهِ، بَلْ أَضَافَهُ إلَى صُورَةٍ أُخْرَى، الْخِلَافُ فِيهَا قَوِيٌّ، وَاَللَّهُ أعلم"3.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" 1"التَّنْبِيهُ الثَّانِي" اعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ مِمَّنْ اطَّلَعْنَا عَلَى كَلَامِهِ لَمْ يَحْكِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا إلَّا رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ، مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ إلَّا صَاحِبُ الْفَائِقِ فَإِنَّهُ حَكَى الرِّوَايَةَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: وَفِيمَنْ يَجِبُ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ رِوَايَاتٌ، الثَّالِثَةُ إنْ وَجَبَ حَالًا مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا، الرَّابِعَةُ إنْ كَانَ يُمَوِّنُهُمْ عَادَةً مُنِعَ وَإِلَّا فَلَا، ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، انْتَهَى، وَلَكِنْ لَيْسَ مِنْ مُصْطَلَحِ صَاحِبِ الْفَائِقِ أَنَّهُ لَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ إلَّا إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ، بِخِلَافِ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الرِّوَايَةَ الرَّابِعَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ قلت: تؤخذ الرواية الثَّالِثَةُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي نَفَقَاتِ الْأَقَارِبِ، فَإِنَّهُمْ حَكَوْا رِوَايَةً بِوُجُوبِ نَفَقَةِ مَنْ يَرِثُهُ فِي الْمَآلِ، لِكَوْنِهِ مَحْجُوبًا وَهُوَ مُوسِرٌ. لَكِنْ إذَا أَوْجَبْنَا النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ يَرِثُ فِي الْمَآلِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ فَتُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ النُّصُوصَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْعَامَّةَ فِي الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ قَالَ: يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَالْمَنْعُ إذَا كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً، وَالْجَوَازُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ وَاجِبَةٍ، انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ أَجْرَى النُّصُوصَ عَلَى عُمُومِهَا، فَشَمِلَتْ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَمَنْ لَا تَجِبُ، لِكَوْنِ مَالِهِ لَا يَسَعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْكَلَامُ مَعَ الْمُصَنِّفِ فِي إطْلَاقِهِ الخلاف"1.
وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَعَمَّةٍ وَابْنِ أَخِيهَا، وَعَتِيقٍ وَمُعْتِقِهِ وَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ فَالْوَارِثُ مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، عَلَى الْأَصَحِّ "*"، وَفِي دَفْعِ الزَّكَاةِ إليه الخلاف، وَعَكْسُهُ الْآخَرُ. وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ ولو ورثوا، على الأصح، لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ "*"، وَفِي الْإِرْثِ بِالرَّدِّ الْخِلَافُ. وَفِي الرعاية: يجوز، وفيه رواية، وَسَبَقَ كَوْنُ الْقَرِيبِ عَامِلًا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ يُعْطِي لِغَيْرِ النَّفَقَةِ الواجبة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" 1"التَّنْبِيهُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كَعَمَّةٍ وَابْنِ أَخِيهَا، وَعَتِيقٍ وَمُعْتِقِهِ، وَأَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ فَالْوَارِثُ مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، عَلَى الْأَصَحِّ" فَتَلْزَمُ النَّفَقَةُ ابْنَ أَخِيهَا لَهَا وَالْمُعْتِقُ لِعَتِيقِهِ وَأَبَا الِابْنِ لِأَخِيهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: "وَفِي دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ الْخِلَافُ" يَعْنِي بِهِ الْخِلَافَ الَّذِي تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَا تَتَأَتَّى الرِّوَايَاتُ الْأَرْبَعُ هُنَا، فَلَا تَأْتِي الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ وَلَا الرَّابِعَةُ أَيْضًا، فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: "وَعَكْسُهُ الْآخَرُ" يَعْنِي أَنَّ الْعَمَّةَ وَالْعَتِيقَ وَالْأَخَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ لَا لِابْنِ أَخِيهَا وَلَا لِلْمُعْتِقِ وَلَا لِلْأَخِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ، عَلَى الصَّحِيحِ، لِكَوْنِ بَعْضِهِمْ لَا يَرِثُ أَلْبَتَّةَ وَبَعْضُهُمْ مَحْجُوبًا، وَيَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ هَذَا الْعَكْسُ الَّذِي عَنَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا الْأَخِيرُ وَهُوَ جَوَازُ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُنَافِي مَا أَجَبْنَا بِهِ عَنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي حَقِّ الْأَخِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا مِمَّا فَتَحَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ. "*" التَّنْبِيهُ الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: "وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَوْ وَرِثُوا، عَلَى الْأَصَحِّ، لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ" مُرَادُهُ غَيْرُ عَمُودِيِّ النَّسَبِ، وَقَوْلُهُ: "وَفِي الْإِرْثِ بِالرَّدِّ الْخِلَافُ" مراده بالخلاف: الخلاف"1 الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَيْضًا، فَإِنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لَوْ كَانَ لِلْمُعْسِرِ أُمٌّ وَأُخْتٌ إنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمَا أَخْمَاسًا. فَفِي جَوَازِ الدَّفْعِ إلَى الْمُعْسِرِ الْخِلَافُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لِكَوْنِ نَفَقَتِهِ وَاجِبَةً عَلَيْهِمَا وهما يرثانه بالفرض والرد.
نَحْوُ كَوْنِهِ غَارِمًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ ابْنَ السَّبِيلِ، بِخِلَافِ عَمُودِي النَّسَبِ، لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ، وَجَعْلِهَا فِي الرِّعَايَةِ كَعَمُودِي نَسَبِهِ فِي الْإِعْطَاءِ لِغُرْمٍ وَكِتَابَةٍ "*"، فِي قَوْلٍ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُعْطِي قَرَابَتَهُ لِعِمَالَةِ وَتَأْلِيفٍ وَغُرْمٍ لِذَاتِ الْبَيْنِ وَغَزْوٍ، وَلَا يُعْطِي لِغَيْرِ ذَلِكَ. وَإِنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ ضَمَّهُ إلَى عِيَالِهِ فَعَنْهُ: يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ، اخْتَارَهُ الأكثر "وهـ ش" وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ: لَا، اخْتَارَهُ فِي التَّنْبِيهِ والإرشاد1 "م 21" "وم". رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ يُذَمُّ عَلَى تركه فيكون ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" التَّنْبِيهُ الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: "وَجَعَلَهَا فِي الرِّعَايَةِ كَعَمُودِي نَسَبِهِ فِي الْإِعْطَاءِ لِغُرْمٍ وَكِتَابَةٍ" كَذَا فِي النُّسَخِ، وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مُعْتَمَدَةٍ: لِغَزْوٍ وَكِتَابَةٍ وَرَأَيْتهَا فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُمْ أَصْلَحُوهَا لِغُرْمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 22: قَوْلُهُ وَإِنْ تَبَرَّعَ بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ ضَمَّهُ إلَى عِيَالِهِ، فَعَنْهُ: يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ: لَا، اخْتَارَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ دَفَعَهُمَا إلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى، وَالْمُصَنِّفِ قَالَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قُلْت: اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ، وهو الصواب.
قَدْ وَقَى بِهَا مَالَهُ أَوْ عِرْضَهُ، وَلِهَذَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ الَّتِي عَوَّدَهُ إيَّاهَا تَبَرُّعًا جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: كَانَتْ الْعُلَمَاءُ تَقُولُ فِي الزَّكَاةِ: لَا يَدْفَعُ بِهَا مَذَمَّةً وَلَا يُحَابِي بِهَا قَرِيبًا، احْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هُنَا، وَرَدَّ الشَّيْخُ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ بِأَنَّهُ نَفْعٌ لَا يُسْقِطُ بِهِ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَلَا يَجْتَلِبُ بِهِ مَالًا إلَيْهِ كَمَا لَمْ يَكُنْ فِي عَائِلَتِهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَجُوزُ إنْ بَقِيَ مَالُهُ بِزَكَاتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَوَّدَ قَوْمًا بِرًّا مِنْ مَالِهِ فَيُعْطِيهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَدْفَعَ مَا عَوَّدَهُمْ، هَذَا وَاجِبٌ وَذَاكَ تَطَوُّعٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُعْطِي غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ لِلزَّكَاةِ، قَالُوا: وَقَالَ أَحْمَدُ: سَمِعْت ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ: لَا يَدْفَعُ بِهَا مَذَمَّةً وَلَا يُحَابِي بِهَا قَرِيبًا وَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا بَعِيدًا، قَالَ أَحْمَدُ: دَفْعُ الْمَذَمَّةِ أَنْ يَكُونَ لِبَعْضِ قَرَابَتِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ فَيُكَافِئَهُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ قَرِيبٌ مُحْتَاجٌ وَغَيْرُهُ أَحْوَجُ مِنْهُ فَلَا يُعْطِي الْقَرِيبَ وَيَمْنَعُ الْبَعِيدَ، بَلْ يُعْطِي الْجَمِيعَ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَى زَوْجَتِهِ "ع" وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: بَلَى، وَالنَّاشِزُ كَغَيْرِهَا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دفع زكاتها إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ1، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَقَلَهَا الْأَكْثَرُ عَنْ الإمام أحمد.
زوجها؟ اختاره القاضي وأصحابه والشيخ وغيرهم "وش" أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ "وهـ م" فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 23" وَلَمْ يَسْتَثْنِ جَمَاعَةٌ شيئا، وذكر صاحب الْمُحَرَّرِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ فِي الزَّوْجَيْنِ: يَجُوزُ لِغُرْمٍ لِنَفْسِهِ وَكِتَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ عَنْهُ نفقة واجبة "وش" كعمودي1 نسبه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 22: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دَفْعُ زَكَاتِهَا إلَى زَوْجِهَا؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ، أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَالْعُمْدَةُ وَالْمُنَوِّرِ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه، واختاره، وقاله 5"أبو بكر والمجد في "شرحه" وقال: اختاره"5 أَبُو الْخَطَّابِ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ أَيْضًا وَقَالَ: هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَرِوَايَةُ الْجَوَازِ قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ، فَاخْتَارَ الشَّيْخَانِ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، عَلَى مَا زَعَمَهُ الْمُصَنِّفُ، وغيرهم، واختاره أبو بكر. قاله في
ولا يجوز دفعها إلَى فَقِيرَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ "هـ" كَغِنَاهَا بِدَيْنِهَا عَلَيْهِ "و" وَكَوَلَدٍ صَغِيرٍ فَقِيرٍ1 أَبُوهُ مُوسِرٌ "و" بَلْ أَوْلَى، لِلْمُعَاوَضَةِ وَثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى غَنِيٍّ بِنَفَقَةٍ لَازِمَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ، وَجَوَّزَهُ فِي الْكَافِي2؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلنَّفَقَةِ3 مَشْرُوطٌ بِفَقْرِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِهَا لَهُ وُجُودُ الْفَقْرِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلَا أَحْسِبُ مَا قَالَهُ إلَّا مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فِي الولد الصغير، وقيل: وفي غني ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَظْهَرُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي، كَمَا تقدم، ولكن في 4المغني، نوع إيماء ما7؛ لكونه لما اعترض على رواية حمل عدم7 الْجَوَازِ أَجَابَ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ اخْتَارَهُ، لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ أَوَّلًا، وَعَلَّلَ كُلَّ رِوَايَةٍ بِعِلَلِهَا، وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا نَسَبَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ إلَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ، وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أعلم.
بِنَفَقَةٍ تَبَرَّعَ بِهَا قَرِيبُهُ أَوْ غَيْرُهُ1 وَجْهَانِ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ بِغَيْبَةٍ2 أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ الْأَخْذُ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَمَنْ غُصِبَ مَالُهُ أَوْ تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَةُ عَقَارِهِ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى كَافِرٍ إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِهِ عَامِلًا أَوْ مُؤَلَّفًا، لَمْ يَسْتَثْنِ صَاحِبُ الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا سِوَى هَذَيْنِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَمْلُوكٍ وَلَا كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَامِلًا أَوْ مُؤَلَّفًا أَوْ غَارِمًا لِذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ غَازِيًا، وَكُلُّ مَنْ حَرَّمْنَا الزَّكَاةَ عَلَيْهِ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَغَيْرِهِمْ إذَا كَانَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا، كَذَا قَالَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، زَادَ شَيْخُنَا: وَفِي الْحَجِّ الْخِلَافُ، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُدْفَعُ إلَى غَارِمٍ لِنَفْسِهِ كَافِرٍ، فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ لِذَاتِ الْبَيْنِ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْمَنْعَ فِي الْغَارِمِ لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يُدْفَعُ إلَى كافر "ع" وعن الزهري ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَابْنِ شُبْرُمَةَ1 وَزُفَرَ: يَجُوزُ، وَكَذَا زَكَاةُ الْفِطْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ ذِمِّيًّا "هـ" لَا إلَى عَبْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ كَوْنِهِ عَامِلًا، لَمْ يَسْتَثْنِ صَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا سِوَى هَذَا، وَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا "هـ" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَيْهِ دَفْعٌ إلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ فَلَهُ تَمَلُّكُهُ عَلَيْهِ، وَالزَّكَاةُ دَيْنٌ أَوْ أَمَانَةٌ، فَلَا يَدْفَعُهَا إلَى مَنْ لَمْ3 يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ، كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَفِي الْكِتَابَةِ مِنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي فِي الْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُكَاتِبُهُ أَحَدُهُمَا يَجُوزُ، وَمَا قَبَضَهُ مِنْ الصَّدَقَاتِ فَنِصْفُهُ يُلَاقِي نِصْفَهُ الْمُكَاتَبِ فَيَجُوزُ، وَمَا يُلَاقِي نِصْفَ السَّيِّدِ الْآخَرِ إنْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ فِي حِصَّتِهِ، وإن كان غنيا لم يجز. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا إنْ كَاتَبَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ يَكُونُ لِلْحِصَّةِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْهُ بِقَدْرِهَا، وَالْبَاقِي لِحِصَّةِ السَّيِّدِ مَعَ فَقْرِهِ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ دَفْعَ الزَّكَاةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَدِينِ إلَى غَرِيمِهِ، هَلْ يَجُوزُ؟ وَجَزَمَ غَيْرُ الْقَاضِي بِصَرْفِهِ جَمِيعَ مَا يَأْخُذُهُ فِي كِتَابَتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ بِجُزْئِهِ الْمُكَاتَبِ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهِ، كَمَا يَرِثُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، وَكَذَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَيَأْخُذُ مِنْ بَعْضِهِ حُرٌّ بِقَدْرِ نِسْبَتِهِ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ مِنْ كِفَايَتِهِ1، عَلَى الْخِلَافِ، فَمِنْ نِصْفِهِ حُرٌّ يَأْخُذُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَوْ نِصْفَ كِفَايَتِهِ. وَسَبَقَ: لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى غَنِيٍّ إلَّا مَا سَبَقَ، وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "مَا خَالَطَتْ الزَّكَاةُ مَالًا إلَّا أَهْلَكَتْهُ" - فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَفْوَانَ2، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَالْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالْحُمَيْدِيُّ3 وَزَادَ: قَالَ: يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْك فِي مَالِك صَدَقَةٌ فَلَا تُخْرِجُهَا فَيُهْلِكُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ: وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: كُنَّا نُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، وَمُحَمَّدٌ مَكِّيٌّ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ في رواية أبي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دَاوُد: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ: تَفْسِيرُهُ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ وَهُوَ غَنِيٌّ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْفُقَرَاءِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ: لَا تَدْخُلُ الصَّدَقَةُ فِي مَالٍ إلَّا مَحَقَتْهُ. وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى بَنِي هَاشِمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ع" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ1، 2"وَفِي مَذْهَبِ "م" أَيْضًا الْجَوَازُ"2، وَمَالَ شَيْخُنَا إلَى أَنَّهُمْ إنْ مُنِعُوا الْخُمُسَ أَخَذُوا الزَّكَاةَ، وَرُبَّمَا مَالَ إلَيْهِ أَبُو الْبَقَاءِ. وَقَالَ: إنَّهُ قَوْلُ الْقَاضِي يَعْقُوبَ مِنْ أَصْحَابِنَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي مُنْتَخَبِ الْفُنُونِ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ فِي كِتَابِ النَّصِيحَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ. وَقَالَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ3 مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ4: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ5، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ6، عَنْ أَبِيهِ، عن حنش7، عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَغِبْت لَكُمْ عَنْ غُسَالَةِ الْأَيْدِي؛ لِأَنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يُغْنِيكُمْ أَوْ يَكْفِيكُمْ" 1. حَنَشٌ اسْمُهُ حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ، لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا، قَالَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: مَتْرُوكٌ، وَفِي كِتَابِ الْمُرْتَضَى فِي الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِيَّةِ يَجُوزُ لِبَنِي هَاشِمٍ الْفُقَرَاءِ أَخْذُ زَكَاةِ بَنِي هَاشِمٍ، وَسَبَقَ كَوْنُ الْهَاشِمِيِّ عَامِلًا، وَلَمْ يَسْتَثْنِ جَمَاعَةً سِوَاهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ: يُعْطَى لِغَزْوٍ أَوْ حَمَالَةٍ، وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: يُعْطَى لِغُرْمِ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ احتمالا: لا يجوز، وذكر بعضهم أنه الأظهر. وَبَنُو هَاشِمٍ مَنْ كَانَ مِنْ سُلَالَتِهِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِبَنِي هَاشِمٍ" 2. وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ، وَفِي مَذْهَبِ "م": فِيمَا بَيْنَ غَالِبٍ وَهَاشِمٍ قَوْلَانِ، وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: هُمْ آلُ عَبَّاسٍ وَآلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ وَآلُ الْحَارِثِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى مَوَالِيهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ" وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ، وَفِي مَذْهَبِ "م" قَوْلَانِ، لِحَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ: "إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَحَّحَهُ، وَيَأْتِي فِي الْوَلَاءِ: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ" 1. وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ فِي أَحْكَامٍ، فَغَلَبَ الْحَظْرُ، وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ إلَى الْجَوَازِ "وم"؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَكَمَوَالِي مَوَالِيهِمْ، وَيَجُوزُ إلَى وَلَدِ هَاشِمِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَقَالَهُ الْقَاضِي اعْتِبَارًا بِالْأَبِ "و" وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: 2"فِي التَّنْبِيهِ"2 لَا يَجُوزُ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ: "ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَلَا تَحْرُمُ الزَّكَاةُ عَلَى أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ "و" كَمَوَالِيهِنَّ "ع" لِلْأَخْبَارِ فِيهِمْ. وَفِي الْمُغْنِي4 أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بَعَثَ إلَى عَائِشَةَ بِسُفْرَةِ مِنْ الصدقة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَرَدَّتْهَا، وَقَالَتْ: إنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ1. قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمْ يُذْكَرْ مَا يُخَالِفُهُ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ. وَلِهَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَزْوَاجُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ الزَّكَاةُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، ثُمَّ احْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَكَالدَّفْعِ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ وَنَفَقَتِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَلِهَذَا كُنَّ يُعْطَيْنَ مِنْ سَهْمِهِ مِنْ الْفَيْءِ مِنْ بَعْدِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لَا يَقْسِمُ وَرَثَتِي دِينَارًا، مَا تَرَكْت بَعْدَ نَفَقَةِ نِسَائِي وَمُؤْنَةِ عَامِلِي فَهُوَ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2، وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ، وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ3. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي تَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِنَّ: وَكَوْنِهِنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ رِوَايَتَانِ، أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ، وَكَوْنُهُنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، كَذَا قَالَ. وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ؟ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ، أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ القاضي وأصحابه "وش" فيه روايتان "م 23". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 23: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ، أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ و4"مسبوك الذَّهَبِ"4 وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5، وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْهَادِي والتلخيص،
وَلَمْ يَذْكُرُوا مَوَالِيَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ حُكْمَهُمْ كَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَالْقِيَاسِ "*". وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ الْجَوَازَ "ع". وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ عَنْ مَوْلَى قُرَيْشٍ يَأْخُذُ الصَّدَقَةَ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ1 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ أَعْنِي مُوَفَّقَ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ، وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ، قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَآلِ مُحَمَّدٍ بَنُو هَاشِمٍ وَمَوَالِيهمْ، فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الدَّفْعِ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ، وَإِلَيْهِ مَال الزَّرْكَشِيّ، قَالَ فِي الْإِرْشَادِ2: لَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ بَنُو الْمُطَّلِبِ الَّذِينَ لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَاتُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرُوا مَوَالِيَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّ حُكْمَهُمْ كَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ الْخَبَرِ وَالْقِيَاسِ، انْتَهَى. 3"الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ الْقَاضِي، فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَعْضِ كَلَامِهِ: لَا نَعْرِفُ فِيهِمْ رِوَايَةً، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ فِيهِمْ مَا نَقُولُ فِي بَنِي هَاشِمٍ، انْتَهَى"3. قُلْت: لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ، فَقَدْ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْإِشَارَةِ وَالْخِصَالِ لَهُ: تَحْرُمُ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ وَمَوَالِيهِمْ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَا تدفع إلى هاشمي ومطلبي ومواليهما، انتهى.
قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ مَوْلَى مَوْلَى؟ قَالَ: هَذَا أَبْعَدُ، فَيُحْتَمَلُ التَّحْرِيمُ. وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَوْا مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ والوصايا لِلْفُقَرَاءِ نَصَّ عَلَيْهِمَا "ع" وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ أَيْضًا، فَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْلَى. وَفِي مَذْهَبِ "م" الْمَنْعِ أَيْضًا، وَالْمَنْعُ مَعَ جَوَازِ الْفَرْضِ، وَالْعَكْسُ، وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادِهِ فِي الْوَرَعِ1، عَنْ الْمِسْوَرِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي الْمَسْجِدِ وَيَكْرَهُهُ، يَرَى أَنَّهُ صَدَقَةٌ. وَالْكَفَّارَةُ كَزَكَاةٍ فِي هَذَا، لِوُجُوبِهَا بِالشَّرْعِ، وَقِيلَ: هِيَ كَالتَّطَوُّعِ، وَالنَّذْرُ كَالْوَصِيَّةِ، وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِتَحْرِيمِ النَّفْلِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ، وَأَنَّ النَّذْرَ وَالْكَفَّارَةَ كَالزَّكَاةِ، وَإِنْ حُرِّمَتْ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: وَكَذَا إنْ لَمْ تَحْرُمْ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا تَحْرُمُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، كَاصْطِنَاعِ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوفِ إلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "ع" وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ" 2. وَأَطْلَقَ ابْنُ الْبَنَّا فِي تَحْرِيمِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجْهَيْنِ، وَمُرَادُهُمْ بِجَوَازِ الْمَعْرُوفِ الِاسْتِحْبَابُ، وَلِهَذَا احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لِلِاسْتِحْبَابِ "ع" وَإِنَّمَا عَبَّرُوا بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِمَا اُخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ، وَهَذَا وَاضِحٌ، فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ صاحب الرعاية: قلت: يستحب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِمَا سَبَقَ فَلَهُ أَخْذُهَا هَدِيَّةً مِمَّنْ أَخَذَهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا "و" لِأَكْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى أُمِّ عَطِيَّةَ وَقَالَ: "إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ محلها". متفق عليه1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والذكر والأنثى في أخذ الزكاة
فَصْلٌ: وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ، وَالصَّغِيرُ كَالْكَبِيرِ، وَعَنْهُ: إنْ أَكَلَ الطَّعَامَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَنَقَلَهَا صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، لِلْعُمُومِ، فَيُصْرَفُ ذَلِكَ فِي أُجْرَةِ رَضَاعَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ. وَيُقْبَلُ وَيُقْبَضُ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ الزَّكَاةَ وَالْهِبَةَ وَالْكَفَّارَةَ مَنْ يَلِي مَالَهُ، وَهُوَ وَلِيُّهُ وَوَكِيلُهُ الْأَمِينُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ1. قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَحْمَدَ: قَالَ سُفْيَانُ: وَلَا يَقْبِضُ لِلصَّبِيِّ إلَّا الْأَبُ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ قَاضٍ، قَالَ أَحْمَدُ: جَيِّدٌ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ قَبَضَتْ الْأُمُّ وَأَبُوهُ حَاضِرٌ، فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِلْأُمِّ قَبْضًا، وَلَا يَكُونُ إلَّا لِلْأَبِ، وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ تَصْرِيحًا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُ غَيْرِ الْوَلِيِّ مَعَ عَدَمِهِ، مَعَ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ مَنْ يَلِيه مِنْ أُمٍّ وَقَرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْوِلَايَةِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، نَقَلَ هَارُونُ الْحَمَّالُ فِي الصِّغَارِ يُعْطَى أَوْلِيَاؤُهُمْ فَقُلْت: لَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ، قَالَ: يُعْطَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَنْ يُعْنَى بِأَمْرِهِمْ. وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ يَقْبِضُ لَهُ وَلِيُّهُ قُلْت: لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ. قَالَ: الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ نَصَّا ثَالِثًا بِصِحَّةِ الْقَبْضِ مُطْلَقًا، قَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ: يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ؟ قَالَ: نَعَمْ، يُعْطَى أَبَاهُ أَوْ مَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ، وَذَكَرَ فِي 1"الرِّعَايَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ثُمَّ قَالَ: قُلْت. إنْ تَعَذَّرَ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمُمَيِّزُ كَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ"1 الْمُحَرَّرِ فِي عَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِهِ أَنَّهُ ظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ فِي بَابِ الْمُكَاتَبِ، وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَرُّوذِيِّ يَجُوزُ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لِأَحْمَدَ: يُعْطَى غُلَامًا يَتِيمًا مِنْ الزَّكَاةِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَدْفَعُهَا إلَى الْغُلَامِ، قُلْت: فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَيِّعَهُ، قَالَ: يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ، وَأَشَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إلَى قَوْلِ أبي جحيفة2: قَدِمَ عَلَيْنَا مُصَدِّقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ الصَّدَقَةَ مِنْ أَغْنِيَائِنَا، فَجَعَلَهَا فِي فُقَرَائِنَا، فَكُنْت غُلَامًا، فَأَعْطَانِي مِنْهَا قَلُوصًا3. فِيهِ أَشْعَثُ هُوَ ابْنُ سَوَّارٍ، مُخْتَلَفٌ فِيهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ4 وَحَسَّنَهُ. وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي5 بِصِحَّةِ قَبُولِهِ بِلَا إذْنٍ، وَكَذَا قَبْضُهُ، كَكَسْبِهِ مُبَاحًا مِنْ حَشِيشٍ وَصَيْدٍ، وَيُحْتَمَلُ صِحَّتُهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لئلا يضيع المال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يحرم شراء زكاته
فَصْلٌ: يَحْرُمُ شِرَاءُ. زَكَاتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَشْهُرُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَهْلُ الظَّاهِرِ بِأَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تشتره وَلَا تُعِدْ فِي صَدَقَتِك" 1. وَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ رَغْبَةً أَوْ رَهْبَةً، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "وم ش" لِشِرَاءِ ابْنِ عُمَرَ، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ. وَعَنْهُ: يُبَاحُ "وهـ" كَمَا لَوْ وَرِثَهَا، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِلْخَبَرِ، وَعَلَّلَهُ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: أَنَّ مَا كَانَ بِفِعْلِهِ كَالْبَيْعِ "وش" وَنُصُوصُ أَحْمَدَ إنَّمَا هِيَ فِي الشِّرَاءِ، وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ الْهِبَةَ كَالْمِيرَاثِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَلَا، إذَا كَانَ شَيْءٌ جَعَلَهُ لِلَّهِ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ وَتَأْتِي رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ وَغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ دَيْنِهِ وَبِهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ، فَبِعِوَضٍ أَوْلَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي فَرَسٍ جَمِيلٍ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ يُسَامِحُهُ يَقْتَضِي الْفَرْقَ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: وَمَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ فَلَا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"لَا تَشْتَرِهَا وَلَا شَيْئًا مِنْ نَسْلِهَا" 1. نَهَى عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ أَجِدْ فِي حَدِيثِ عُمَرَ النَّهْيَ عَنْ شِرَاءِ نَسْلِهَا. وَرَوَى أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ3، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي التَّيْمِيَّ4 عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ5، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّ رَجُلًا حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ يُقَالُ لَهُ غَمْرَةُ أَوْ غَمْرَاءُ6 قَالَ. فَوَجَدَ فَرَسًا أَوْ مُهْرًا يُبَاعُ، فَنُسِبَ إلَى تِلْكَ الْفَرَسِ، فَنَهَى عَنْهَا. أَبُو عُثْمَانَ هُوَ النَّهْدِيُّ الْإِمَامُ، فَالظَّاهِرُ رِوَايَتُهُ عَنْ مَعْرُوفٍ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ ابْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ الثِّقَةُ الْمَشْهُورُ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ7 مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ، وَالصَّدَقَةُ كَالزَّكَاةِ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرِهِ: إذَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ لَا يَرْجِعُ فِيهَا، إنَّمَا يَرْجِعُ بِالْمِيرَاثِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ فِي صَدَقَتِهِ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تَرْجِعُ وَلَا تَشْتَرِهَا، كُلُّ مَا كَانَ مِنْ صَدَقَةٍ فَهَذَا سَبِيلُهُ" 8. فَإِنْ رَجَعَ بِإِرْثٍ جَازَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فيمن يتصدق على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَرِيبِهِ بِدَارِ أَوْ غُلَامٍ أَوْ شَيْءٍ: إنْ أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَرِثَهُ فَلَا، قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: لَا أُجِيزُهُ لَهُ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ؟ أَوْ يُخْرِجُهَا الْفَقِيرُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ؟ كَمَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي كلام القاضي ونصره صاحب المحرر وغيره، أم لا يجوز؟ "وش" لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَالِكُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ، كَمَا لَوْ تُرِكَتْ لَهُ، وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِمَا قَدْ تَطَهَّرَ بِهِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ "25" وسبق هذا ونحوه في أول الزكاة1، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 24: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ؟ أَوْ يُخْرِجُهَا الْفَقِيرُ عَنْ نَفْسِهِ إلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ؟ كَمَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَنَصَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، أَمْ لَا يَجُوزُ؟ لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَالِكُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ تُرِكَتْ لَهُ، لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَطَهَّرَ بِمَا قَدْ تَطَهَّرَ بِهِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ رَدُّ الزَّكَاةِ عَلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ فَقَالَ فِي الرِّكَازِ: وَيَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى وَاجِدِهِ، وَكَذَا زَكَاةُ الْمَعْدِنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الزَّكَوَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فَقَالَ: وَيَجُوزُ لِلسَّاعِي أَنْ يُعْطِيَهُ عَيْنَ زَكَاتِهِ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، كَإِسْقَاطِهَا عَنْهُ، انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَنَصَرَهُ، فَقَالَ: وَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ صَرْفُ الرِّكَازِ إلَى وَاجِدِهِ، وَكَذَا صرف العشر وسائر الزكوات إلى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَنَصَرَهُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الرِّكَازِ وَالْعُشْرِ، وَحَكَى أَبُو بَكْرٍ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، ذكره في المجرد.
ومذهب "هـ". يَجُوزُ فِي حَقِّ الرِّكَازِ وَالْمَعْدِنِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ فَيْءٌ، وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ، كَوَضْعِ الْخَرَاجِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْعُشْرِ وَسَائِرِ الزَّكَوَاتِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ، وَقَدْ أَمَرَ بِالتَّقَرُّبِ بِبَعْضِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إذَا كَانَ هُوَ الْمَصْرُوفُ إلَيْهِ وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ1: هَلْ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ؟. وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ لِلتِّجَارَةِ فَأَعْتَقَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاةِ قِيمَتِهِ وَقِيمَتُهُ نِصَابٌ فَلَهُ دَفْعُ زَكَاةِ قِيمَتِهِ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَانِعٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَذَكَرَهُ الْمَذْهَبُ، وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الرِّكَازِ2 مَا يُوهِمُ دُخُولَ جَمِيعِ الزَّكَوَاتِ، وَكَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ زَكَاةِ الْفِطْرِ3، فَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَلْ يَجُوزُ لِلْفَقِيرِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ نَفْسِهِ إلَى مَنْ قَبَضَهَا مِنْهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالْحُكْمُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ، إنْ لَمْ يَكُنْ حِيلَةٌ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفِطْرَةِ، فَهَذِهِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً، قَدْ فَتَحَ اللَّهُ الكريم بتصحيحها.
فصل: الرابع: المؤلفة قلوبهم
فَصْلٌ: الرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلْمَالِكِيَّةِ. وَهُمْ: رُؤَسَاءُ قَوْمِهِمْ مِمَّنْ يُرْجَى إسْلَامُهُ أَوْ كف شره، ومسلم يرجى
باب صدقة التطوع
باب صدقة التطوع مدخل ... بَابُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ تُسْتَحَبُّ فِي كُلِّ وَقْتٍ "ع" وَهِيَ أَفْضَلُ سِرًّا "و" بِطِيبِ نَفْسٍ "و" فِي الصِّحَّةِ "و" وَفِي رَمَضَانَ وَأَوْقَاتِ الْحَاجَاتِ، وَفِي كُلِّ زَمَانٍ أَوْ مَكَان فَاضِلٍ، كَالْعَشَرَةِ وَالْحَرَمَيْنِ، وَذَوُو رَحِمِهِ وَالْجَارُ أَفْضَلُ، لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَاوَتِهِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ". وَقَوْلُهُ: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ الصَّدَقَةُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ" رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ1، وَسَبَقَ فِي أَوَّلِ فَصْلٍ مَنْ تُدْفَعُ إلَيْهِ الزَّكَاةُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا2، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] ، وَقَالَ: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا" 3، وَقَالَ: "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَكَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ" 4. وَقَالَ: "أفضل الصدقة جهد المقل ودرهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَبَقَ مِائَةَ أَلْفٍ" 1. وَتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ مِمَّا فَضُلَ عَنْ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ، أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ دَائِمًا، كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، بِمَتْجَرٍ أَوْ غَلَّةِ مِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ صنعة، وفي الاكتفاء بالصنعة نظر، و2 مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ: لَا يَكْفِي، وَقَالَهُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَوْجُهٌ: الِاسْتِحْبَابُ، وَعَدَمُهُ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ أَصَحُّ إنْ صَبَرَ عَلَى الضِّيقِ اُسْتُحِبَّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوَاضِعَ: أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَوْ عَبَسَ الزَّمَانُ فِي وَجْهِك مَرَّةً لَعَبَسَ فِي وَجْهِك أَهْلُك وَجِيرَانُك. ثُمَّ حَثَّ عَلَى إمْسَاكِ الْمَالِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَدَّخِرَ لِحَاجَةٍ تَعْرِضُ وَأَنَّهُ قَدْ يُتَّفَقُ لَهُ مُرْفَقٌ فَيَخْرُجُ مَا فِي يَدِهِ فَيَنْقَطِعُ مِرْفَقُهُ فَيُلَاقِي مِنْ الضَّرَّاءِ وَمِنْ الذُّلِّ مَا يَكُونُ الْمَوْتُ دُونَهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِعَاقِلٍ أَنْ يَعْمَلَ بِمُقْتَضَى الْحَالِ الْحَاضِرَةِ، بَلْ يُصَوِّرُ كُلَّ مَا يجوز وقوعه، وأكثر الناس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يَنْظُرُونَ فِي الْعَوَاقِبِ، وَقَدْ تَزَهَّدَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فَأَخْرَجُوا مَا بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ احْتَاجُوا فَدَخَلُوا فِي مَكْرُوهَاتٍ. وَالْحَازِمُ مَنْ يَحْفَظُ مَا فِي يَدِهِ، وَالْإِمْسَاكُ فِي حَقِّ الْكَرِيمِ جِهَادٌ، كَمَا أَنَّ إخْرَاجَ مَا فِي يَدِ الْبَخِيلِ جِهَادٌ، وَالْحَاجَةُ تُحْوِجُ إلَى كُلِّ مِحْنَةٍ، قَالَ بِشْرٌ الْحَافِي: لَوْ أَنَّ لِي دَجَاجَةً أَعُولُهَا خِفْت أَنْ أَكُونَ عَشَّارًا1 عَلَى الْجِسْرِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: مَنْ كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَلْيَجْعَلْهُ فِي قَرْنِ ثَوْرٍ، فَإِنَّهُ زَمَانٌ مَنْ احْتَاجَ فِيهِ كَانَ أَوَّلَ مَا يَبْذُلُ دِينَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَبَعْدُ فَإِذَا صَدَقَتْ نِيَّةُ الْعَبْدِ وَقَصْدُهُ رَزَقَهُ اللَّهُ وَحَفِظَهُ مِنْ الذُّلِّ، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 2] ، الْآيَةَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ أَوْ بِغَرِيمِهِ أَوْ بِكَفَالَتِهِ أَثِمَ "وهـ م" وَلِلشَّافِعِيَّةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُمَوِّنُهُ لَا فِي نَفْسِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إنْ لَمْ يَضُرَّ فَالْأَصْلُ الِاسْتِحْبَابُ، وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّصَدُّقُ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَالْإِنْفَاقِ الْوَاجِبِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] . وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ جَازَ وَدَلِيلُهُمْ يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ وَغَيْرِهَا، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّهُ جَوَّزَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَأَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ، وَعَنْ عُمَرَ رَدَّ جَمِيعَ صَدَقَتِهِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الشَّامِ يَنْفُذُ فِي الثُّلُثِ، وَعَنْ مَكْحُولٍ فِي النِّصْفِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: الْمُسْتَحَبُّ الثُّلُثُ. قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنْ لَمْ يعلم لم يجز. ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ، وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَائِلَةٌ وَلَهُمْ كِفَايَةٌ أَوْ يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ جَازَ، لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ وَلَا عَادَةَ لَهُ بِهِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنْ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَقْتَرِضُ وَيَتَصَدَّقُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ: يَسْتَقْرِضُ وَيَهْدِي لَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي الطَّبَقَاتِ، قَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ صِلَةُ الرَّحِمِ بِالْقَرْضِ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَظُنُّ وَفَاءً. وَيُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ فَلَا يَأْخُذُ الْغَنِيُّ صَدَقَةً وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا، فَإِنْ أَخَذَهَا مُظْهِرًا لِلْفَاقَةِ فَيَتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ. وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ كَبِيرَةٌ، عَلَى نَصِّ أَحْمَدَ: الْكَبِيرَةُ مَا فِيهِ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا أَوْ وَعِيدٌ فِي الْآخِرَةِ وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ، لِلْآيَةِ2، وَلِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ فِيهِ وَفِي بُطْلَانِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْإِحْبَاطَ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ، وَذَكَرَهُ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ. وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ"3 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ الله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ فَقَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونَ؟ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: جِئْتنَا كَذَا وَكَذَا". الْحَدِيثُ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ: لَا يَحِلُّ أَنْ يَمُنَّ إلَّا مِنْ كُفِرَ إحْسَانُهُ وَأُسِيءَ إلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يُعَدِّدَ إحْسَانَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَهُ شَارِحُ "الْأَحْكَامِ الصُّغْرَى"1 إنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى إقَامَةِ الْحُجَّةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا عَلَى الْخَصْمِ، وَلَمَّا كَانَتْ نِعْمَةُ الْإِيمَانِ أَعْظَمُ قَدَّمَهَا، ثُمَّ نِعْمَةُ الْأُلْفَةِ أَعْظَمُ مِنْ نِعْمَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُبْذَلُ فِي تَحْصِيلِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ بَدَا لَهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ، ولا يجب "و"2 وَسَبَقَ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْلَ تَعْجِيلِهَا3. نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد4، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ دَرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدْهُ الرَّسُولُ فَبَدَا لَلْمُرْسَلِ أَنْ يُمْسِكَهَا، قَالَ: مَا أَحْسَنُهُ أَنْ يُمْضِيَهُ وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ: مَا أَحْسَنَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: سُئِلَ سُفْيَانُ عَنْ رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَا لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَمَاتَ الْمُعْطِي. قَالَ: مِيرَاثٌ قَالَ أَحْمَدُ: أَقُولُ: إنَّهُ لَيْسَ بِمِيرَاثٍ إذَا كَانَ مِنْ الزَّكَاةِ أَوْ شَيْءٍ أَخْرَجَهُ لِلْحَجِّ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ مِيرَاثٌ. قَالَهُ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ، وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَرُدَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ الله أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَكِيلَ يُخْرِجُهُ، بَلْ يَتَعَيَّنُ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ، أَوْ يَكُونُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيَكُونُ رِوَايَةٌ بِالتَّفْرِقَةِ، وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى، قَالَ حُبَيْشٌ1: إنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قِيلَ لَهُ: رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ تَصَدَّق بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ إنَّ الدَّافِعَ جَاءَ إلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، مَا يَصْنَعُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ؟ فَقَالَ: لَا يَرُدُّهَا عَلَيْهِ، يَمْضِيهَا فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةً مِنْ مَالِهِ، فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُوضَعَ فِي أَهْلِ السِّكَّةِ، أَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ؟ قَالَ: مَضَى، فَرَاجَعَهُ صَاحِبُ الْمَسْأَلَةِ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ فِي ذَلِكَ. وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ: الرَّجُلُ يُخْرِجُ الصَّدَقَةَ فَلَا يَرُدُّهَا إلَى مَالِهِ بَعْدَ أَنْ سَمَّاهَا صَدَقَةً، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَالرِّوَايَتَانِ، وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ هَلْ يَتَعَيَّنُ بِذَلِكَ كَالنَّذْرِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ فَقَدْ نَوَى خَيْرًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْضِيَهُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إذَا أُخْرِجَ الطَّعَامُ لِلسَّائِلِ فَوَجَدَهُ قَدْ ذَهَبَ عَزْلُهُ حَتَّى يَجِيءَ سَائِلٌ آخَرُ2، وَصَحَّ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ3، وَرَوَاهُ لَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ3. وَصَحَّ عَنْ حُمَيْدٍ وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ قَالَا: لَا يُعْطِيه سَائِلًا آخر4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَوَى ذَلِكَ الْأَثْرَمُ، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى1: إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ2 قَبْلَ الْقَبْضِ. وَمَنْ سَأَلَ فَأَعْطَى فَقَبَضَهُ فَسَخِطَهُ لَمْ يُعْطِ لِغَيْرِهِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ، رَوَاهُ الْخَلَّالُ، وَفِيهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ، فَإِنْ صَحَّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ عُقُوبَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ سُخْطَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ تَمَلُّكَهُ، فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ عَلَى أَصْلِنَا، كَبَيْعِ التَّلْجِئَةِ، وَيُتَوَجَّهُ فِي الْأَظْهَرِ أَنَّ أَخْذَ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْلَى مِنْ الزَّكَاةِ، وَأَنَّ أَخْذَهَا سِرًّا أَوْلَى، وَفِيهِمَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ أَظُنُّ عُلَمَاءَ الصُّوفِيَّةِ وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى كَافِرٍ وَغَنِيٍّ وَغَيْرِهِمَا. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والصدقة المستحبة على القرابة والرحم
فَصْلٌ: وَالصَّدَقَةُ الْمُسْتَحَبَّةُ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالرَّحِمِ أَفْضَلُ من العتق، نَقَلَهُ حَرْبٌ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَيْمُونَةَ وَقَدْ عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ: "لَوْ1 كُنْت أَعْطَيْتهَا أَخْوَالَك كَانَ أَعْظَمَ لِأَجْرِك". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَالْعِتْقُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَجَانِبِ إلَّا زَمَنَ الْغَلَاءِ وَالْحَاجَةِ، نَقَلَهُ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَبُو دَاوُد، وَيَأْتِي كلام الحلواني أول العتق3. وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؟ سَأَلَ حَرْبٌ لِأَحْمَدَ أَيَحُجُّ نَفْلًا أَمْ يَصِلُ قَرَابَتَهُ؟ قَالَ: إنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ يَصِلُهُمْ أَحَبُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَيَّ، قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا قَرَابَةً؟ قَالَ: الْحَجُّ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَا أَعْدِلُ بِالْمُشَاهَدِ شَيْئًا. وَتَرْجَمَ أَبُو بَكْرٍ: فَضْلَ صِلَةِ الْقَرَابَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَإِنْ قَرَابَتُهُ فُقَرَاءُ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ: يَضَعُهَا فِي أَكْبَادِ جَائِعَةٍ أَحَبُّ إلَيَّ. فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ، وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، فَظَهَرَ مِنْ هَذَا هَلْ الْحَجُّ أَفْضَلُ؟ أَمْ الصَّدَقَةُ مَعَ الْحَاجَةِ؟ أَمْ مَعَ الْحَاجَةِ عَلَى الْقَرِيبِ؟ أَمْ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ أَرْبَعٌ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ بِلَا حاجة "م 1". وليس المراد الضرورة؛ لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ حَجُّ التَّطَوُّعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا؟ أَمْ الصَّدَقَةُ مَعَ الْحَاجَةِ؟ أَمْ مَعَ الْحَاجَةِ عَلَى الْقَرِيبِ؟ أَمْ عَلَى الْقَرِيبِ مُطْلَقًا؟ رِوَايَاتٌ أَرْبَعٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصِيَّتُهُ بِالصَّدَقَةِ أَفْضَلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ بِحَجِّ التَّطَوُّعِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أن الصدقة أفضل بلا حاجة. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَإِنَّهُ مَذْهَبُ أَحْمَدَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ الصُّفْوَةِ: الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَمِنْ الْجِهَادِ، انْتَهَى قُلْت الصَّوَابُ: أَنَّ الصَّدَقَةَ زَمَنُ الْمَجَاعَةِ عَلَى الْمَحَاوِيجِ أَفْضَلُ، لَا سِيَّمَا الْجَارُ خُصُوصًا صَاحِبُ الْعَائِلَةِ، وَأَخُصُّ مِنْ ذَلِكَ الْقَرَابَةَ، فَهَذَا فِيمَا يَظْهَرُ لَا يُعَدُّ لَهُ الْحَجُّ التَّطَوُّعُ، بَلْ النَّفْسُ تَقْطَعُ بِهَذَا، وَهَذَا نَفْعٌ عَامٌّ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَهُوَ قَاصِرٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى الْقَرِيبِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ فَالْحَجُّ التَّطَوُّعُ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ حَكَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ1، قَوْلًا: إن الحج أفضل
الْفَرْضَ أَنَّهَا تَطَوُّعٌ، وَفِي الزُّهْدِ1 لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَحُجُّ أَحُجُّ2، قَدْ حَجَجْت، صِلْ رَحِمًا، تَصَدَّقْ عَلَى مَغْمُومٍ، أَحْسِنْ إلَى جَارٍ. وَفِي كِتَابِ الصُّفْوَةِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ وَمِنْ الْجِهَادِ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهَا سِرٌّ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَسَبَقَ أَوَّلُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ3: أَنَّ الْحَجَّ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، فَحَيْثُ قُدِّمَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الْحَجِّ فَعَلَى الْعِتْقِ أَوْلَى، وَحَيْثُ قُدِّمَ الْعِتْقُ عَلَى الصَّدَقَةِ فَالْحَجُّ أَوْلَى، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ4، عَنْ التَّابِعِينَ قَوْلَيْنِ: هَلْ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ؟ وَرَوَى أَيْضًا5: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ6 أَبِي مِسْكِينٍ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ إذَا حج مرارا أن الصدقة أفضل
فصل: قد سبق في ذكر
فَصْلٌ: قَدْ سَبَقَ فِي ذَكَرِ الْفَقْرِ وَالْمَسْكَنَةِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ1 مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةُ مَنْ جَاءَهُ مَالٌ بِسُؤَالٍ أَوْ إشْرَافِ نَفْسٍ أَوْ بِهِمَا، وَهَلْ يَجِبُ أَخْذُهُ بِدُونِهِمَا؟ فَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي تَحْرِيمِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ أصله التحريم كالذبيحة في ـــــــــــــــــــــــــــــQتَطَوُّعَاتِ الْبَدَنِ، وَذَكَرَ أَدِلَّةَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: فَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ نَفْلَ الْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْعِتْقِ وَمِنْ الْأُضْحِيَّةِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْأُضْحِيَّةِ، انْتَهَى. قُلْت: مَا قَالَ مُسْلِمٌ إذَا لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ، فَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
غَيْرِ بَلَدِ1 الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ فَمُحَرَّمٌ، لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ وَجَدْت مَعَ كَلْبِك كَلْبًا غَيْرَهُ وَقَدْ قَتَلَ فَلَا تَأْكُلْ فَإِنَّك لَا تَدْرِي أَيُّهُمَا قَتَلَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ هَلْ هُوَ بِنَجَاسَةٍ أَوْ لَا عَمِلَ بِالْأَصْلِ، لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ: "لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ أَصْلٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا وَحَلَالًا كَمَنْ فِي مَالِهِ هَذَا وَهَذَا فَقِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، قَطَعَ بِهِ شَرَفُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ فِي كِتَابِهِ الْمُنْتَخَبِ، ذَكَرَهُ قُبَيْلَ بَابِ الصَّيْدِ وَعَلَّلَ الْقَاضِي وُجُوبَ الْهِجْرَةِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ بِتَحْرِيمِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ هُنَاكَ، لِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِهِمْ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَوَضْعِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَمَا قُلْنَا فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ، وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَسَأَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الَّذِي يُعَامَلُ بِالرِّبَا يُؤْكَلُ عِنْدَهُ؟ قَالَ: لَا، قَدْ لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ4، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ، وَمُرَادُهُ حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، متفق عليه5، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَنَسٌ: إذَا دَخَلْت عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ1. وَعَنْ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: "دَعْ مَا يَرِيبُك، إلَى مَا لَا يَرِيبُك". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَصَحَّحَهُ. وَالثَّانِي: إنْ زاد الحرام على الثلث حرم الكل وإلا فَلَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ ضَابِطٌ فِي مَوَاضِعَ. وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ الْحَرَامُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، إقَامَةً لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ هَلْ تَحْرُمُ مُعَامَلَتُهُ؟ أَوْ تُكْرَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقَدْ نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدُ فِيمَنْ وَرِثَ مَالًا: إنْ عَرَفَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ رَدَّهُ، وَإِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى مَالِهِ الْفَسَادُ تَنَزَّهَ عَنْهُ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ فِي الرَّجُلِ يَخْلُفُ مَالًا: إنْ كَانَ غَالِبُهُ نَهْبًا أَوْ رِبًا يَنْبَغِي لِوَارِثِهِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لَا يُعْرَفُ، وَنَقَلَ عَنْهُ أَيْضًا: هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ وَرَثَةِ إنْسَانٍ مَالًا مُضَارَبَةً يَنْفَعُهُمْ وَيَنْتَفِعُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ غَالِبُهُ الْحَرَامُ فَلَا. وَالرَّابِعُ: عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا، قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، لَكِنْ يُكْرَهُ، وَتَقْوَى الْكَرَاهَةُ وَتَضْعُفُ بِحَسْبِ كَثْرَةِ الْحَرَامِ وَقِلَّتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي المغني3 وغيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ "م 2"، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ1 عن أبي هريرة مَرْفُوعًا: "إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فَأَطْعَمَهُ طَعَامًا فَلْيَأْكُلْ مِنْ طَعَامِهِ وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ، وَإِنْ سَقَاهُ شَرَابًا فَلْيَشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ وَلَا يَسْأَلْهُ عَنْهُ". وَرَوَى جَمَاعَةٌ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ2 عَنْ ذِرِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ3، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: لِي جَارٌ يَأْكُلُ الرِّبَا ولا يزال يدعوني، فقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 2: قوله: إن4 شَكَّ فِي تَحْرِيمِ الْمَالِ وَعَلِمَ أَنَّ فِيهِ حَرَامًا وَحَلَالًا كَمَنْ فِي مَالِهِ هَذَا وَهَذَا، فَقِيلَ بِالتَّحْرِيمِ، قَطَعَ بِهِ شَرَفُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ فِي كِتَابِ الْمُنْتَخَبِ، ذَكَرَهُ قُبَيْلَ بَابِ الصَّيْدِ وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي، وَالثَّانِي إن زاد الحرام على الثلث حرم الكل وَإِلَّا فَلَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ الْحَرَامُ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا، قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا: إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ هَلْ تَحْرُمُ مُعَامَلَتُهُ؟ أَمْ تُكْرَهُ، عَلَى وَجْهَيْنِ. وَالرَّابِعُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا، قَلَّ الْحَرَامُ أَوْ كَثُرَ، لَكِنْ يُكْرَهُ، وَتَقْوَى الكراهية وتضعف بحسب كثرة الحرام وَقِلَّتِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قُلْت: الصَّحِيحُ الْأَخِيرُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ هَذَا الْقَوْلِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ، وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، ثُمَّ قَالَ: قَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، انْتَهَى، وَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: "دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لا يريبك" 5. وقد
مهنؤه1 لَك وَإِثْمُهُ عَلَيْهِ2. قَالَ الثَّوْرِيُّ: إنْ عَرَفْته بِعَيْنِهِ فَلَا تَأْكُلُهُ2، وَمُرَادُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكَلَامُهُ لَا يُخَالِفُ هَذَا. وَرَوَى جَمَاعَةٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ3، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ4، عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: إذَا كَانَ لَك صِدِّيقٌ عَامِلٌ فَدَعَاك إلَى طَعَامِ فَاقْبَلْهُ، فَإِنَّ مُهَنَّأَهُ لَك، وَإِثْمُهُ عَلَيْهِ5. قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ6 عَامِلُ الْبَصْرَةِ يَبْعَثُ إلَى الْحَسَنِ كُلَّ يَوْمٍ بِجِفَانِ ثَرِيدٍ، فَيَأْكُلُ مِنْهَا وَيُطْعِمُ أَصْحَابَهُ7، وَيَبْعَثُ عَدِيٌّ إلَى الشَّعْبِيِّ وابن سيرين والحسن، فقبل الحسن والشعبي وَرَدَّ ابْنُ سِيرِينَ8. قَالَ: وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ طَعَامِ الصَّيَارِفَةِ فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرَكُمْ اللَّهُ عَنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ الرَّبَّا وَأَحَلَّ لَكُمْ طَعَامَهُمْ9. وَقَالَ مَنْصُورٌ: قُلْت لِإِبْرَاهِيمَ اللَّخْمِيِّ: عَرِيفٌ لَنَا يُصِيبُ مِنْ الظُّلْمِ فَيَدْعُونِي فَلَا أُجِيبُهُ، فَقَالَ إبْرَاهِيمُ: لِلشَّيْطَانِ غَرَضٌ بِهَذَا لِيُوقِعَ عَدَاوَةً، وَقَدْ كَانَ الْعُمَّالُ يَهْمِطُونَ وَيُصِيبُونَ ثُمَّ يَدْعُونَ فَيُجَابُونَ. قُلْت: نَزَلْت بِعَامِلٍ فَنَزَلَنِي وَأَجَازَ لِي قَالَ اقْبَلْ قُلْت: فَصَاحِبُ رِبًا، قَالَ: اقْبَلْ مَا لَمْ تَرَهُ بِعَيْنِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهَمْطُ الظلم ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي آدَابِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَأْكُلُ مُخْتَلِطًا بِحَرَامٍ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَا يسعنا إلا حلم الله وعفوه.
وَالْخَلْطُ وَيُقَالُ: هَمَطَ النَّاسَ فُلَانٌ يَهْمِطُهُمْ إذَا ظَلَمَهُمْ حَقَّهُمْ، وَالْهَمْطُ أَيْضًا الْأَخْذُ بِغَيْرِ تَقْدِيرٍ: وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولُ صَدَقَتِهِ وَهِبَتِهِ وَإِجَابَةُ دَعَوْته وَنَحْوُ ذَلِكَ "*". قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ الْحَرَامُ يَجِبُ السُّؤَالُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرُ فَالْوَرَعُ التَّفْتِيشُ وَلَا يَجِبُ، فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَسْئُولُ وَعَلِمْت إنَّ لَهُ غَرَضًا في حضورك وقبول هَدِيَّتِهِ فَلَا ثِقَةَ بِقَوْلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ فِي الْمَالِ حَرَامًا فَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ، وَلَا تَحْرِيمَ بِالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ تَرْكُهُ أَوْلَى لِلشَّكِّ فِيهِ، وَإِنْ قَوِيَ سَبَبُ التَّحْرِيمِ فَظَنَّهُ فَيُتَوَجَّهُ فِيهِ كَآنِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَطَعَامِهِمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: ومال بيت المال إن علمه حلالا أو حراما
فَصْلٌ: وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنْ عَلِمَهُ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا أَوْ عَلِمَهُمَا فِيهِ، أَوْ شَكَّ فِي الْحَرَامِ فِيهِ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ، فَلَا يُتَّجَهُ إطْلَاقُ الْحُكْمِ فِيهِ، لَكِنْ خَرَجَ الْكَلَامُ عَلَى الْغَالِبِ، وَالْغَالِبُ أَنَّ فِيهِ حَلَالًا وَحَرَامًا، وَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ السَّابِقُ، فَلِهَذَا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا: يَجُوزُ العمل ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا حُكْمُ مُعَامَلَتِهِ وَقَبُولِ صَدَقَتِهِ وَإِجَابَةِ دَعَوْته وَنَحْوِ ذَلِكَ، انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ بَعْدَهُ: وَمَالُ بَيْتِ الْمَالِ إنْ شَكَّ فِي الْحَرَامِ فِيهِ فَالْحُكْمُ عَلَى مَا سَبَقَ، انْتَهَى، يَعْنِي بِالْحُكْمِ هَذَا الذي تكلمنا عليه، والله أعلم.
مَعَ السُّلْطَانِ وَقَبُولُ جَوَائِزِهِ، وَقَيَّدَهُ فِي التَّرْغِيبِ بِالْعَادِلِ، وَقَيَّدَهُ فِي التَّبْصِرَةِ بِمَنْ غَلَبَ عَدْلُهُ، وَأَنَّهَا تُكْرَهُ، فِي رِوَايَةٍ، وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي جَائِزَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ، فَقَالَ: أَكْرَهُهُمَا، وَجَائِزَتُهُ أَحَبُّ1 إلَيَّ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَقَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ، وَأُجْرَةُ التَّعْلِيمِ خَيْرٌ مِنْهُمَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ بِحَرَامٍ. وَقَالَ أَيْضًا: يَمُوتُ بِدِينِهِ وَلَا يَعْمَلُ مَعَهُمْ. وَقَالَ بِهِجْرَانِهِ، وَيَخْرُجُهُ إنْ لَمْ يَنْتَهِ، وَهَجَرَ أَحْمَدُ أَوْلَادَهُ وَعَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ لَمَّا أَخَذُوهَا، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ يَقْتَضِي جَوَازَ الْهَجْرِ بِأَخْذِ الشُّبْهَةِ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَجَرَتْ بِمَا فِي مَعْنَاهُ، كَهَجْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ ضَحِكَ فِي جِنَازَةٍ2، وَحُذَيْفَةُ بِشَدِّ الْخَيْطِ لِلْحُمَّى3، وَعُمَرُ أَمَرَ بِهَجْرِ صَبِيغٍ بِسُؤَالِهِ عَنْ الذَّارِيَاتِ والمرسلات والنازعات4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال ابن الزبير: لتنتهين عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَهَجَرَتْهُ1. وَقَالَ الْخَلَّالُ: كَأَنَّ أَحْمَدَ تَوَسَّعَ عَلَى مَنْ أَخَذَهَا لِحَاجَةٍ، فَلَمَّا أَخَذُوهَا مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ هَجَرَهُمْ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ، وَهُوَ عِنْدِي عَلَى غَيْرِ قَطْعِ الْمُصَارَمَةِ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ اسْتَغْنَوْا فَلَهُمْ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ. وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: تَرَى أَنْ يُعِيدَ مَنْ حَجَّ مِنْ الدِّيوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَكَذَا كَرِهَ مُعَامَلَةَ الْجُنْدِيِّ وَإِجَابَةَ دَعَوْته، وَمُرَادُهُ مَنْ يَتَنَاوَلُ الْحَرَامَ الظَّالِمُ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ فُورَانَ2 عَنْ أَحْمَدَ فِي الْمَالِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، فَالزُّهْرِيُّ وَمَكْحُولٌ قَالَا: كُلْ، فَهَذَا عِنْدِي مِنْ مَالِ السُّلْطَانِ، كَمَا قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَيْتُ الْمَالِ يَدْخُلُهُ الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ فَيَصِلُ إلَى الرَّجُلِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ، فَإِمَّا حَلَالٌ وَحَرَامٌ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ أَفَادَ ذَلِكَ رَجُلٌ مَالًا فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ تَصَدَّقَ بِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا مُسْتَحَقَّ لَهُ مُعَيَّنٌ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ، وَلِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ، وَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ فَمِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْدِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَّلَهُ بَعْضُ السَّلَفِ بِأَنَّ بَاقِي الْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يَأْخُذْ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَبْقَى حَقُّ أُولَئِكَ، مَقَامٌ مَعْلُومٌ فِي مَقَامٍ مَظْلُومٍ، وَلَيْسَ الْمَالُ مُشْتَرَكًا، وَقَبِلَ مِنْهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَغَيْرُهُمْ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَسُئِلَ عُثْمَانُ عَنْ جَوَائِزِ السُّلْطَانِ، فَقَالَ: لَحْمُ ظَبْيٍ ذَكِيٍّ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَكَانَ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ1 وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ سِوَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَقْبَلُونَ جَوَائِزَ السُّلْطَانِ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ مَعَ وَرَعِهِ وَفَضْلِهِ يَقُولُ: هِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ صِلَةِ الْإِخْوَانِ. وَمَنْ دَفَعَ جَائِزَتَهُ إلَى آخَرَ فَعِنْدَ أَحْمَدَ لَا يُكْرَهُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كُرِهَ لِلْأَوَّلِ لِلْمُحَابَاةِ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَتَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَنْ أَحْمَدَ لِأَجْلِ الشُّبْهَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن أراد من معه
فَصْلٌ: وَإِنْ أَرَادَ مَنْ مَعَهُ مَالٌ حَلَالٌ وَحَرَامٌ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ إثْمِ الْحَرَامِ أَوْ يَتَصَرَّفَ، فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّيْدِ السَّابِقِ2، كَذَا قَالَ، مَعَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ فِي الصَّيْدِ بَيْنَ الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ، وَعَنْهُ أَيْضًا: إنَّمَا قُلْتُهُ فِي دِرْهَمٍ حَرَامٍ مَعَ آخَرَ، وَعَنْهُ أَيْضًا: فِي عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تُجْحِفُ بِهِ. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ فِي مسألة اشتباه الأواني الطاهرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالنَّجِسَةِ: ظَاهِرُ مَقَالَةِ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا عَلِيٍّ النَّجَّادَ وَأَبَا إِسْحَاقَ: يَتَحَرَّى فِي عَشَرَةٍ طَاهِرَةٍ فِيهَا إنَاءٌ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّرَاهِمِ فِيهَا دِرْهَمٌ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةٌ أَخْرَجَ قَدْرَ الْحَرَامِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ امْتَنَعَ مِنْ جَمِيعِهَا، قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا حَدًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً، وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ قُلْتُمْ: إذَا اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمَ يَعْزِلُ قَدْرَ الْحَرَامِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي. فَقَالَ: إنْ كَانَ لِلدَّرَاهِمِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا، وَإِلَّا عَزَلَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا فَهُوَ شَرِيكٌ مَعَهُ، فَهُوَ يَتَوَصَّلُ إلَى مُقَاسَمَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَالٌ لِلْفُقَرَاءِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَيْسَ لِلتَّحْدِيدِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ "م 3"؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ لَعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا حَرُمَ لِتَعَلُّقِ حق غيره به، فَإِذَا أَخْرَجَ عِوَضَهُ زَالَ التَّحْرِيمُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا فَرَضِيَ بِعِوَضِهِ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَلِمَ صَاحِبُهُ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَقَدْ سَبَقَ1 كلام أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ مَنْ مَعَهُ مَالٌ حَلَالٌ وَحَرَامٌ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ إثْمِ الْحَرَامِ أَوْ يَتَصَرَّفَ فَنَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ وَعَنْهُ أَيْضًا: إنَّمَا قُلْته فِي دِرْهَمٍ حَرَامٍ مَعَ آخَرَ، وَعَنْهُ أَيْضًا: فِي عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تُجْحِفُ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَيْسَ لِلتَّحْدِيدِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ، انْتَهَى. قُلْت: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ وَتَصَرَّفَ خَرَجَ مِنْ الْإِثْمِ وَجَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْقَاضِي، وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغَصْبِ1 الْخِلَافُ فِي الْمَغْصُوبِ إذَا خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ، كَدَرَاهِمَ وَزَيْتٍ، هَلْ يَلْزَمُ مِثْلُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ؟ وَذَكَرَ ابْنُ عقيل2 فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا اخْتَلَطَ زَيْتٌ حَرَامٌ بِمُبَاحٍ تَصَدَّقَ بِهِ. هَذَا مُسْتَهْلَكٌ، وَالنَّقْدُ يُتَحَرَّى، وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي الزَّيْتِ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، هَذَا غَيْرُ الدَّرَاهِمِ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الدَّرَاهِمِ أَنَّ الْوَرَعَ تَرْكُ الْجَمِيعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَعِ، وَمَتَى جَهِلَ قَدْرَ الْحَرَامِ تَصَدَّقَ بِمَا يَرَاهُ حراما، نقله فوران فدل هذا أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 "تَنْبِيهٌ: حَصَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارٌ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا هُنَا بِعَيْنِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ الشَّرِكَةِ4، وَحَصَلَ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ هُنَا نَقَلَ جَمَاعَةٌ التَّحْرِيمَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ وَقَالَ هُنَاكَ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ بِالتَّعْرِيفِ وجَمَاعَةٌ غَيْرُ الْجَمَاعَةِ فِي مُصْطَلَحِهِ وَمُصْطَلَحِ غَيْرِهِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ هُنَا وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَ هُنَاكَ وذكر ابن عقيل والنوادر وهو الصَّوَابُ، إذْ ابْنُ عَقِيلٍ لَيْسَ لَهُ نَوَادِرُ، وَلَا ذَكَرَهَا أَحَدٌ فِي مُصَنَّفَاتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِابْنِ الصَّيْرَفِيِّ، وَمِنْهَا أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ هُنَا إطْلَاقُ الْخِلَافِ، وَهُنَاكَ قَدَّمَ حُكْمًا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ هُنَا وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وَالشَّيْخُ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ لَيْسَ لِلتَّحْدِيدِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ إخْرَاجُ قَدْرِ الْحَرَامِ وَقَالَ هُنَاكَ وَاخْتَارَ الْأَصْحَابُ: لَا يَخْرُجُ قَدْرَ الْحَرَامِ وَقَالَ أَيْضًا هُنَا وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الدَّرَاهِمِ أَنَّ الْوَرَعَ تَرْكُ الْجَمِيعِ"3. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ الله تعالى.
يَكْفِي الظَّنُّ، وَقَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهَا كَصَلَاةٍ مِنْ خَمْسٍ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ، لكثرة اخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ، فَتَعُمُّ الْبَلْوَى، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَبْحَثُ عَنْ شَيْءٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ، فَهُوَ خَيْرٌ، وَبِأَكْلِ الْحَلَالِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وَتَلِينُ.
مِمَّنْ اتَّقَى اللَّهَ فِي عَمَلِهِ فَفَعَلَهُ كَمَا أُمِرَ خَالِصًا، وَإِنَّهُ قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ. وَعَنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ: إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الْكَبَائِرَ. وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ: إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الشِّرْكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِمَّنْ اتَّقَى اللَّهَ فِي عَمَلِهِ فَفَعَلَهُ كَمَا أُمِرَ خَالِصًا، وَإِنَّهُ قَوْلُ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ. وَعَنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ: إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الْكَبَائِرَ. وَعِنْدَ الْمُرْجِئَةِ: إلَّا مِمَّنْ اتَّقَى الشِّرْكَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والواجب في المال الحرام التوبة
فَصْلٌ: وَالْوَاجِبُ فِي الْمَالِ الْحَرَامِ التَّوْبَةُ وَإِخْرَاجُهُ عَلَى الْفَوْرِ، يَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ وَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ عَجَزَ دَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَهَلْ لَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ؟ تَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الْغَصْبِ1. وَمَتَى تَمَادَى بِبَقَائِهِ بِيَدِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ أَوَّلًا عَظُمَ إثْمُهُ. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ صَدَقَةٌ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ صَدَقَتُهُ وَيَأْثَمُ، وَإِنْ وَهَبَهُ لِإِنْسَانٍ فَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَفِي رَدِّهِ إعَانَةُ الظَّالِمِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، فَيَدْفَعُهُ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ وَارِثِهِ، وَإِلَّا دَفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ، عَلَى الْخِلَافِ، وَهَذَا نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ، وَزَادَ: إنْ رَدَّهُ فَسَقَ، فَإِنْ عَرَفَ صَاحِبَهُ فَقَدْ زَادَ فِسْقُهُ وَأَتَى كَبِيرَةً، كَذَا قَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَرَأَ بَعْدَ آيَةِ غَضِّ الْبَصَرِ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] ، يَتَّقِي الْأَشْيَاءَ، لَا يَقَعُ فِيمَا لَا يَحِلُّ لَهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يتقي الكفر والربا2 وَالْمَعَاصِيَ، فَتَحْبَطُ الطَّاعَةُ بِالْمَعْصِيَةِ مِثْلِهَا، فَيَكُونُ كَمَا لَمْ تُقْبَلْ، وَذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ3 عَنْ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ: المراد الموحدين، قال شيخنا وغيره: إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الصيام
كتاب الصيام تعريف الصوم لغة وشرعا مدخل ... كتاب الصيام الصَّوْمُ لُغَةً: الْإِمْسَاكُ، وَمِنْهُ: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} [مريم: 26] وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ: صَائِمٌ، لِإِمْسَاكِهِ عَنْ الصَّهِيلِ فِي مَوْضِعِهِ، وَكَذَا عَنْ الْعَلَفِ. وَشَرْعًا: إمْسَاكٌ مَخْصُوصٌ. قِيلَ: سُمِّيَ رَمَضَانُ لِحَرِّ جَوْفِ الصَّائِمِ فِيهِ وَرَمَضِهِ، وَالرَّمْضَاءُ: شِدَّةُ الْحَرِّ، وَقِيلَ: لَمَّا نَقَلُوا أَسْمَاءَ الشُّهُورِ عَنْ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ سَمَّوْهَا بِالْأَزْمِنَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا، فَوَافَقَ هَذَا الشَّهْرُ أَيَّامَ شِدَّةِ الْحَرِّ وَرَمَضِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ يَحْرِقُ الذُّنُوبَ، وَقِيلَ: مَوْضُوعٌ لِغَيْرِ مَعْنًى كَسَائِرِ الشُّهُورِ، كَذَا قِيلَ، وَقِيلَ فِي الشُّهُورِ مَعَانٍ أَيْضًا، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَجَمْعُهُ: رَمَضَانَاتٌ وَأَرْمِضَةٌ وَرَمَاضِينُ1 وَأَرْمُضٌ وَرِمَاضٌ وَرَمَاضِيٌّ وَأَرَامِيضُ. وَالْمُسْتَحَبُّ قَوْلُ شَهْرِ رَمَضَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185] ، وَلَا يُكْرَهُ قَوْلُ: رَمَضَانَ، بِإِسْقَاطِ الشَّهْرِ "وهـ" وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ2. وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُكْرَهُ إلَّا مَعَ قَرِينَةِ الشَّهْرِ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: يُكْرَهُ وِفَاقًا لِلْمَالِكِيَّةِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ، وَقَالَا: لَعَلَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يَجُوزُ، وَرَوَى ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَدِيٍّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا1 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرُ رَمَضَانَ". قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَوْضُوعٌ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى بِهِ "ع" وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَوْ صَحَّ مِنْ أَسْمَائِهِ لَمْ يُمْنَعْ اسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ، كَالْأَسْمَاءِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا الْمُشَارَكَةُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. زَادَ أَحْمَدُ3 فِي رِوَايَةٍ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَمَا تَأَخَّرَ". وَحَمَّادٌ لَهُ أَوْهَامٌ، وَمُحَمَّدٌ تُكُلِّمَ فِيهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ" 4 وَفِي لَفْظٍ: "فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ5. وَلِلْبُخَارِيِّ6 أَيْضًا: "فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ". يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَثْرَةُ الْخَيْرِ أَوْ كَثْرَةُ أَسْبَابِهِ. وَمَعْنَى صُفِّدَتْ غُلَّتْ، وَالصَّفَدُ: الْغُلُّ، وَهُوَ مَعْنَى سلسلت، والمراد المردة، فليس فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إعْدَامُ الشَّرِّ، بَلْ قِلَّتُهُ، لِضَعْفِهِمْ، وَلِهَذَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ". وَلِلنَّسَائِيِّ2 مِنْ حَدِيثِهِ: "وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ". فَلَا يَرُدُّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إنَّ الْمَجْنُونَ يُصْرَعُ فِيهِ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَبِيهِ هَذَا، فَقَالَ: هَكَذَا الْحَدِيثُ وَلَا تَكَلُّمَ فِي ذَا. وَرَوَى أَحْمَدُ3: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيت أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ فِي رَمَضَانَ لم تعطه أمة قبلهم4: خُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَتَسْتَغْفِرُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَيُزَيِّنُ اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ جَنَّتَهُ ثُمَّ يَقُولُ: يُوشِكُ عِبَادِي الصَّالِحُونَ أَنْ يُلْقُوا عَنْهُمْ الْمَئُونَةَ وَالْأَذَى وَيَصِيرُوا إلَيْك، وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلَا يَخْلُصُونَ فِيهِ إلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إلَيْهِ فِي غَيْرِهِ، وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إذَا قَضَى عَمَلَهُ". قَالَ ابْنُ نَاصِرٍ الحافظ: حديث حسن أسناده عدول. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: صوم رمضان فرض
فَصْلٌ صَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ (ع) فُرِضَ فِي السنة الثانية للهجرة (ع) فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعَ رَمَضَانَاتٍ (ع) .
وَيَجِبُ صَوْمُهُ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يُرَ مَعَ الصَّحْوِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَكْمَلُوهُ ثَلَاثِينَ ثُمَّ صَامُوا وَصَلَّوْا التَّرَاوِيحَ "و" كَمَا لَوْ رَأَوْهُ، وَإِنْ حَالَ دُونَ مَطْلَعِهِ1 غَيْمٌ أَوْ قَتَرٌ أَوْ غَيْرُهُمَا لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ وَجَبَ صَوْمُهُ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، وَذَكَرُوهُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَأَنَّ نُصُوصَ أَحْمَدَ عَلَيْهِ، كَذَا قَالُوا، وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ صَرَّحَ بِالْوُجُوبِ وَلَا أَمَرَ بِهِ، فَلَا تَتَوَجَّهُ إضَافَتُهُ إلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا: لَا أَصْلَ لِلْوُجُوبِ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ وَلَا فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَاحْتَجَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصْحَابُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِعْلِهِ1، وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِي الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ احْتِيَاطٌ قَدْ عُورِضَ بِنَهْيٍ، وَاحْتَجُّوا بِأَقْيِسَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِبَادَاتِ يُحْتَاطُ لَهَا، وَاسْتَشْهَدُوا بِمَسَائِلَ، وَهِيَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ فِيمَا ثَبَتَ وُجُوبُهُ أَوْ كَانَ الْأَصْلُ، كَثَلَاثِينَ2 رَمَضَانَ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَثْبُتْ الْوُجُوبُ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الشَّهْرِ. وَمِمَّا ذَكَرُوهُ: الشَّكُّ فِي انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ يَمْنَعُ الْمَسْحَ، وَإِنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْغُسْلُ، فَمَعَ الشَّكِّ يُعْمَلُ بِهِ. وَيَأْتِي: هَلْ يُتَسَحَّرُ مَعَ الشَّكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ3؟. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الطَّهَارَةُ مَعَ الشَّكِّ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ، فَلَا يُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ، فَيُقَالُ: وَجَوَازُ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَلَا يُحَرِّمُهُ بِالشَّكِّ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ: وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ الطَّهَارَةَ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي نَفْسِهَا، وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ: الطَّهَارَةُ مَقْصُودَةٌ؟ فِي نَفْسِهَا، وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ تَجْدِيدُهَا، بِخِلَافِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَتَأْتِي فِيمَا يُفْعَلُ عَنْ الميت، وقيل لمن نظر من الأصحاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ نَذْرُ صَوْمِ رَجَبٍ أَوْ شَعْبَانَ: فَإِنَّهُ إذَا غُمَّ أَوَّلُهُ لَمْ يَلْزَمْ، فَقَالَ: كَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالنُّذُورُ لَا تُبْنَى إلَّا عَلَى أُصُولِهَا مِنْ الْفُرُوضِ، كَذَا قَالَ وَيَتَوَجَّهُ: يَلْزَمُ، لِأَنَّهُ فَرْضٌ شَرْعِيٌّ عِنْدَهُمْ، فَعَلَى هَذَا يَصُومُهُ حُكْمًا ظَنِّيًّا بِوُجُوبِهِ احْتِيَاطًا، وَيُجْزِئُهُ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَعَ الشَّكِّ فِيهَا لَا يُجْزَمُ بِهَا، فَقَالَ: لَا يَمْتَنِعُ التَّرَدُّدُ فِيهَا لِلْحَاجَةِ، كَالْأَسِيرِ وَصَلَاةٍ مِنْ خَمْسٍ، كَذَا قَالَ. وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ إنْ لَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّةُ التَّعْيِينِ، وَإِلَّا فَلَا، كَذَا قَالَ. وَتُصَلَّى التَّرَاوِيحُ لَيْلَتئِذٍ، فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ: الْقِيَامُ قَبْلَ الصِّيَامِ احْتِيَاطًا لِسُنَّةِ قِيَامِهِ وَلَا يَتَضَمَّنُ مَحْذُورًا، وَالصَّوْمُ نُهِيَ عَنْ تَقَدُّمِهِ. وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالتَّمِيمِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ لَا تُصَلَّى، اقْتِصَارًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى النَّصِّ "م 1". وَلَا تَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ حُلُولِ الْآجَالِ وَوُقُوعِ الْمُعَلَّقَاتِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ومدة الإيلاء وغير ذلك. وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا: تَثْبُتُ كَمَا يَثْبُتُ الصَّوْمُ وَتَوَابِعُهُ مِنْ النِّيَّةِ وَتَبْيِيتُهَا وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ خُولِفَ لِلنَّصِّ وَاحْتِيَاطًا لِعِبَادَةٍ عَامَّةٍ، وَعَنْهُ: يَنْوِيهِ حُكْمًا جَازِمًا بِوُجُوبِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، فَيُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إذَنْ. وَقِيلَ: لَا، وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ صَوْمُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ هِلَالِهِ أَوْ إكْمَالِ شَعْبَانَ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وشيخنا. وقال: هو مذهب أحمد المنصوص ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي التَّرَاوِيحَ لَيْلَتئِذٍ فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْمَيْمُونِي وَغَيْرُهُمْ: لَا تُصَلَّى، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ، انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: هَذَا الْأَقْوَى عِنْدِي قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَتُصَلِّي التَّرَاوِيحَ لَيْلَتئِذٍ فِي الْأَظْهَرِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فُعِلَتْ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ، ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ "دَرْءِ الضَّيْمِ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ" وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وغيرهما، كما قال الْمُصَنِّفُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ والزركشي وغيرهم.
الصريح عنه، "وهـ" وَأَوْجَبَ طَلَبَ الْهِلَالِ لَيْلَتئِذٍ، وَعَنْهُ: النَّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ، فَإِنْ صَامَ وَجَبَ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا، فَيُتَحَرَّى فِي كَثْرَةِ كَمَالِ الشُّهُورِ قَبْلَهُ وَنَقْصِهَا، وَإِخْبَارِهِ بِمَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَائِنِ، وَيُعْمَلُ بِظَنِّهِ، وَيَأْتِي: الْمُنْفَرِدُ بِرُؤْيَتِهِ هَلْ يَصُومُهُ؟ وَعَنْهُ: صَوْمُهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيُّ1، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ، فَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً، وَعُمِلَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُنُونِ بِعَادَةٍ غَالِبَةٍ، كَمُضِيِّ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ فَالثَّالِثُ نَاقِصٌ، وَأَنَّهُ مَعْنِيٌّ التَّقْدِيرُ. وَقَالَ أَيْضًا: الْبُعْدُ مَانِعٌ كَالْغَيْمِ، فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ حَنْبَلِيٍّ يَصُومُ مع الغيم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أن يصوم مع البعد، لاحتماله، والشهور كُلُّهَا مَعَ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الْمَطْمُورِ كَالْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ مِنْ الشَّهْرِ فِي التَّحَرُّزِ وَطَلَبِ التَّحْقِيقِ، وَلَا أَحَدَ قَالَ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِ، بَلْ بِالتَّأْخِيرِ، لِيَقَعَ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً، كَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ يَوْمٍ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْ رَمَضَانَ، وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: أَوْ يَظُنُّهُ، لِقَبُولِنَا شَهَادَةَ وَاحِدٍ. وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْهُ للتحريم، ونقله حنبل، ذكره القاضي "م 2" "وم ش" وَأَوْجَبَ "م" الصَّوْمَ عَلَى مَنْ شَكَّتْ فِي انْقِطَاعِ حَيْضِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ صَوْمُهُ وَجَبَ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ بِالرُّؤْيَةِ وَإِنْ لم يسأل عنها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ وَعَنْهُ: صَوْمُهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ يَعْنِي صَوْمَ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ اخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ الْأَصْفَهَانِيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ، فَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْهُ1 لِلتَّحْرِيمِ، وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ فَقَالَ: وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فَهَلْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مَنْدُوبٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ؟ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، اخْتَارَ شَيْخُنَا الْأَوَّلَ، انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: حُكِيَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ كَانَ يَمِيلُ أَخِيرًا إلَى أَنَّهُ لَا يستحب. انتهى.
وَمَنْ نَوَاهُ احْتِيَاطًا بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ فَبَانَ منه فعنه: لا يجزئه "وم ش" وعنه: بلى "وهـ". وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ، وَلَوْ اعْتَبَرَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَقِيلَ: في الإجزاء وجهان1، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ "م 3". وَيَدْخُلُ فِيهَا قَوْلُهُ فِي الرِّعَايَةِ: مَنْ صَامَ بِنُجُومٍ أَوْ حِسَابٍ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ أَصَابَ، وَلَا يُحْكَمُ بِطُلُوعِ الْهِلَالِ ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: ظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنَّهُ يَصْرِفُهُ عَنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ، 2"فَتَجِيءُ فِي صِيَامِهِ الْأَحْكَامُ الخمسة، قال الزركشي: وقول سادس بالتبعية"2. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: وَمَنْ نَوَاهُ احْتِيَاطًا بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ فَبَانَ مِنْهُ فَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ وَلَوْ اعْتَبَرَ نِيَّةَ التَّعْيِينِ، وَقِيلَ: فِي الْإِجْزَاءِ وَجْهَانِ وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ، انْتَهَى. قُلْت: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ نِيَّةِ الصَّوْمِ3: فَإِنْ لَمْ يُرَدِّدْ نِيَّتَهُ بَلْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كَصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ فَبَانَ مِنْهُ فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَرَدَّدَ أَوْ نَوَى مُطْلَقًا، انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ التَّرَدُّدِ، وَالْإِطْلَاقُ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ، فَكَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: "وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ" وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إذَا نَوَى احْتِيَاطًا بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ الصَّوْمَ بِنُجُومٍ أَوْ حِسَابٍ وَنَحْوِهِ، وَأَرَادَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِغَيْرِ الْمُسْتَنَدِ الشَّرْعِيِّ الصَّوْمَ فِي يَوْمِ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ إذَا كَانَتْ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً أَوْ كَانَ غَيْمٌ وَلَمْ نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ كَمَا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَعَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنَّهُ يُقَدِّمُ فِي مسألة عدم الإجزاء، والله أعلم.
بِهِمَا وَلَوْ كَثُرَتْ إصَابَتُهُمَا وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَنَدٍ شرعي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن رأى الهلال نهارا
فَصْلٌ: وَإِنْ رَأَى الْهِلَالَ نَهَارًا قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَوْ آخِرَهُ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمُقْبِلَةِ "و" هَذَا الْمَشْهُورُ، فَلَا يَجِبُ بِهِ صَوْمٌ، وَلَا يُبَاحُ بِهِ فِطْرٌ، وَعَنْهُ: بَعْدَ الزَّوَالِ لِلْمُقْبِلَةِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وعنه: بعد الزوال آخِرَ الشَّهْرِ لِلْمُقْبِلَةِ، وَعَنْهُ: آخِرَ الشَّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ لِلْمُقْبِلَةِ. وَيُقَالُ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الزَّوَالِ: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا: "رَأَيْت اللَّيْلَةَ" 1. وَبَعْدَ الزَّوَالِ يُقَالُ: رَأَيْت الْبَارِحَةَ، قَالَهُ ثَعْلَبٌ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ بَرِحَ إذَا زَالَ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا؟ " "*" فَيَكُونُ مُرَادُ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ الْحَقِيقَةَ، وَإِلَّا فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا بَاطِلٌ، وَبَعْضُ الْعَوَامّ يَحْذِفُ الْهَاءَ مِنْ البارحة، واللغة إثباتها.
فصل: وإن ثبتت رؤيته بمكان قريب أو بعيد
فَصْلٌ: وَإِنْ ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهُ بِمَكَانٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ لَزِمَ جَمِيعَ الْبِلَادِ الصَّوْمُ، وَحُكْمُ مَنْ لَمْ يَرَهُ كَمَنْ رَآهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَطَالِعُ، نص عليه، "و" ذكره جماعة؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ قَالَ: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ الْبَارِحَةَ رُؤْيَا؟ " لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ ذِكْرُ الْبَارِحَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِلْعُمُومِ، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِثُبُوتِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، فَكَذَا الصَّوْمُ، كَذَا ذَكَرُوهُ. وَمَنْ يُخَالِفُ فِي الصَّوْمِ مَعَ الِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ لَا أَظُنُّهُ يُسَلِّمُ هَذَا، وَلِهَذَا عَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ مَعَ الْغَيْمِ وَلَا تَثْبُتُ الْأَحْكَامُ، وَاحْتَجَّ بعضهم بأن ضابط اختلاف المطالع من جِهَةِ الْمُنَجِّمِينَ، كَذَا قَالَ، وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْ قَوْلِ الْمُخَالِفِ: الْهِلَالُ يَجْرِي مَجْرَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ حُكْمَ نَفْسِهِ. كَذَا الْهِلَالُ فَقَالَ: يَتَكَرَّرُ مُرَاعَاتُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، فَتَلْحَقُ الْمَشَقَّةُ فِي اعْتِبَارِ طُلُوعِهَا وَغُرُوبِهَا، فَيُؤَدِّي إلَى قَضَاءِ الْعِبَادَاتِ، وَالْهِلَالُ فِي السَّنَةِ مَرَّةٌ، فَلَيْسَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ، وَدَلِيلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْعُمُومِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ: الزَّوَالُ فِي الدُّنْيَا وَاحِدٌ1. لَعَلَّهُ أَرَادَ هَذَا، وَإِلَّا فَالْوَاقِعُ خِلَافَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: تَخْتَلِفُ الْمَطَالِعُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِهَذَا، قَالَ: فَإِنْ اتَّفَقَتْ لَزِمَ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا، وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ وَاخْتَارَ صَاحِبُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرِّعَايَةِ الْبُعْدَ مَسَافَةَ قَصْرٍ، فَلَا يَلْزَمُ الصَّوْمُ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْبُعْدَ اخْتِلَافَ الْإِقْلِيمِ وَعَنْ "م" وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَلْزَمُ بَلَدَ الرُّؤْيَةِ وَعَمَلَهُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْإِمَامُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تُرَاعَى مَعَ الْبُعْدِ، كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ، كَذَا قَالَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ: وَاخْتِيَارُهُ لَوْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ1 السَّبْتِ فَبَعُدَ وَتَمَّ شَهْرُهُ وَلَمْ يَرَوْا الْهِلَالَ صَامَ مَعَهُمْ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُفْطِرُ، فَإِنْ شَهِدَ بِهِ وَقُبِلَ قَوْلُهُ أَفْطَرُوا مَعَهُ، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤْيَةِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَبَعُدَ أَفْطَرَ مَعَهُمْ وَقَضَى يَوْمًا، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يُفْطِرْ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ عَيَّدَ بِبَلَدٍ بِمُقْتَضَى الرؤية ليلة الجمعة في أوله، وسارت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ سَفِينَةٌ أَوْ غَيْرُهَا سَرِيعًا فِي يَوْمِهِ إلَى بَلَدِ الرُّؤْيَةِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَبَعُدَ أَمْسَكَ مَعَهُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ، لَا عَلَى الْمَذْهَبِ، كَذَا قَالَ. وَمَا ذَكَرَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَاضِحٌ، وَعَلَى اخْتِيَارِهِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى اُعْتُبِرَ حُكْمُ الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَفِي الثَّانِيَةِ اُعْتُبِرَ حُكْمُ الْمُنْتَقِلِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حُكْمَهُ. وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ اعْتِبَارُ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، وَالثَّانِي مَا انْتَقَلَ مِنْهُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَفْطَرَ على المذهب: وليكن خفية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: ويقبل في هلال رمضان قول عدل واحد
فَصْلٌ: وَيُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِحَدِيثَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ1؛ وَلِأَنَّهُ خَبَرٌ دِينِيٌّ، وَهُوَ أَحْوَطُ، وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ، بِخِلَافِ آخِرِ الشَّهْرِ، وَلِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهَا "وهـ" وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ حَتَّى مَعَ غَيْمٍ وَقَتَرٍ، فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ خِلَافُهُ، وَالْمَذْهَبَ التَّسْوِيَةُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ جَاءَ مِنْ خَارِجِ الْمِصْرِ أَوْ رَآهُ فِيهِ لَا فِي جَمَاعَةٍ قُبِلَ وَاحِدٌ، وَإِلَّا اثْنَانِ، وَحَكَى رِوَايَةً. وَفِي الرِّعَايَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: لَا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، ولم يقل: وإلا اثنان لا في جمع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كثير قبل وإلا فلا. وَمَذْهَبُ "هـ" يُقْبَلُ وَاحِدٌ فِي غَيْمٍ أَوْ رَآهُ خَارِجَهُ أَوْ أَعْلَى مَكَان مِنْهُ كَالْمَنَارَةِ، وَمَعَ الصَّحْوِ التَّوَاتُرُ، وَعَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُعْتَبَرُ عَدْلَانِ "وم ق" فَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ: هُوَ خَبَرٌ، فَتُقْبَلُ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَلَا يُخْتَصُّ بِحَاكِمٍ، فَيَلْزَمُ الصَّوْمُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ عَدْلٍ، زَادَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ رَدَّ الْحَاكِمُ قَوْلَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ فِي شَهَادَةِ الْقَاذِفِ أَنَّهُ شَهَادَةٌ لَا خَبَرٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، وَهَذَا أَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمَسْتُورِ وَالْمُمَيَّزِ الْخِلَافُ، وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا يُقْبَلُ صَبِيٌّ. وَفِي الْكَافِي1: يُقْبَلُ الْعَبْدُ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَفِي الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ لِأَنَّهُ خَبَرٌ. وَالثَّانِي: لَا، لِأَنَّ طَرِيقَهُ الشَّهَادَةُ، وَلِهَذَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدُ الْفَرْعِ، مَعَ إمْكَانِ شَاهِدِ الْأَصْلِ، وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، كَهِلَالِ شَوَّالٍ، كَذَا قَالَ. وَإِذَا ثَبَتَ بِقَوْلِ الْوَاحِدِ ثَبَتَتْ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ مُفَرِّقًا بَيْنَ الصَّوْمِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ: قَدْ يَثْبُتُ الصَّوْمُ بِمَا لَا يَثْبُتُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَيَحِلُّ الدَّيْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ شَهَادَةُ عَدْلٍ. وَيَأْتِي: إذَا عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِالْحَمْلِ فَشَهِدَ بِهِ امْرَأَةٌ هَلْ تَطْلُقُ1؟. وَلَا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان "وم ش" لَا وَاحِدٌ، حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ "ع" خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ: يُقْبَلُ فِي هِلَالِ شَوَّالٍ قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ، لَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ "هـ" لِأَنَّهُ يُقْبَلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَاتِ، وَلَا يعتبر التواتر في العيدين مع الغيم "هـ".
فصل: ومن صام بشاهدين ثلاثين يوما
فَصْلٌ: وَمَنْ صَامَ بِشَاهِدَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَرَهُ إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ، وَقِيلَ: لَا، مَعَ صَحْوٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَوْزِيِّ "*" لِأَنَّ عَدَمَ الْهِلَالِ يَقِينٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الظَّنِّ وَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فِيمَنْ صَامَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ وَمَنْ صَامَ بِشَاهِدَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَرَهُ إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ، وَقِيلَ: لَا، مَعَ صَحْوٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْجَوْزِيِّ، انْتَهَى. لَيْسَ كَمَا قَالَ عَنْ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَإِنْ صَامُوا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَفْطَرُوا وَجْهًا، وَاحِدًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ أَوْ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ، 1"أَوْ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ، ثُمَّ وَجَدْته في بعض النسخ"1. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــ. 1 ليست في "ص".
بِقَوْلِ1 وَاحِدٍ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ "م 4" وَقِيلَ: لا فطر مع الغيم، اختاره صاحب المحرر "وهـ" وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ صَامُوا لِأَجْلِ الْغَيْمِ، لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: وَمَنْ صَامَ بِشَاهِدَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَرَهُ إذَنْ أَحَدٌ أَفْطَرَ، وَقِيلَ: لَا، مَعَ صَحْوٍ. وَعَلَى الْأَوَّلِ فِيمَنْ صَامَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَجْهَانِ، وَقِيلَ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُفْطِرُونَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: لَا يُفْطِرُونَ، فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُفْطِرُونَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالتَّسْهِيلِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ أَنَّ عَلَى هَذَا الْأَصْحَابُ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِمَا: وَمَنْ صَامَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يَرَهُ مَعَ الْغَيْمِ أَفْطَرَ، وَمَعَ الصَّحْوِ يَصُومُ الْحَادِيَ وَالثَّلَاثِينَ، هذا هو
يُفْطِرُوا، لِأَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا كَانَ احْتِيَاطًا، فَمَعَ مُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَهُوَ بَقَاءُ رَمَضَانَ أَوْلَى، وَقِيلَ: بَلَى، قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: إنْ صَامُوا جَزْمًا مَعَ الْغَيْمِ أَفْطَرُوا وَإِلَّا فَلَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ غُمَّ هِلَالُ شَعْبَانَ وَهِلَالُ رَمَضَانَ فَقَدْ نَصُومُ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، حَيْثُ نَقَصْنَا رَجَبًا وَشَعْبَانَ وَكَانَا كَامِلَيْنِ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ إنْ غُمَّ هِلَالُ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ وَأَكْمَلْنَا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَكَانَا نَاقِصَيْنِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ مُطْلَقًا، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. قَالُوا يَعْنِي الْعُلَمَاءَ لَا يَقَعُ النَّقْصُ مُتَوَالِيًا فِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ: "شَهْرَا عِيدٍ لَا يَنْقُصَانِ رَمَضَانُ وَذُو الْحِجَّةِ". نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا: لَا يَجْتَمِعُ نُقْصَانُهُمَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَالِبًا، وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَهُ عَلَى السَّنَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِيهَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ قَدْ رَأَيْنَاهُمَا يَنْقُصَانِ. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: مَعْنَاهُ ثَوَابُ الْعَامِلِ فِيهِمَا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالْيَوْمُ وَاحِدٌ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَنْقُصُ ثَوَابُهُمَا وَإِنْ نَقَصَ الْعَدَدُ، وِفَاقًا لِإِسْحَاقَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، قَالَ: وَيَزِيدُهُمَا فَضْلًا إنْ كَانَا كَامِلَيْنِ، قَالَ الْقَاضِي: الْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى مُعْجِزَةِ النُّبُوَّةِ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَكُونُ فِي الثَّانِي، وَمَا ذَهَبُوا إلَيْهِ فإنما هُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحُ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ إكْمَالِ الثَّلَاثِينَ، صَحْوًا كَانَ أَوْ غَيْمًا، وَإِنْ صَامَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي شَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يُفْطِرُ بِحَالٍ. انْتَهَى.
إثْبَاتُ حُكْمٍ كَذَا قَالَ. وَإِنْ صَامُوا ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ ثُمَّ رَأَوْا هِلَالَ شَوَّالٍ قَضَوْا يَوْمًا فَقَطْ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلِبُعْدِ الْغَلَطِ بِيَوْمَيْنِ. وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ. وَمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ وَحُكْمُهُ "و" لِلْعُمُومِ، وَكَعِلْمِ فَاسِقٍ بِنَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى مَوْرُوثِهِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إمْسَاكُهُ لَوْ أَفْطَرَ فِيهِ، وَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعِتْقُهُ الْمُعَلَّقُ بِهِلَالِ رَمَضَانَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِ الرَّمَضَانِيَّةِ، وَلِهَذَا فَارَقَ غَيْرُهُ مِنْ النَّاسِ، وَلَيْسَتْ الْكَفَّارَةُ عُقُوبَةً مَحْضَةً، بَلْ هِيَ عِبَادَةٌ أَوْ فِيهَا شَائِبَةُ الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ، وَيَأْتِي فِي صَوْمِ الْمُسَافِرِ أَنَّ الْخِلَافَ لَيْسَ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِهَا1. ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: "صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ، وَتَكَلَّمَ فيه ابن حبان، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ، فَذَكَرَ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى فَقَطْ، وَمَذْهَبُ "هـ" إنْ وَطِئَ فِيهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَذَا قَالَ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. قَالَ: وَلَا غَيْرُهُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُفْطِرُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صِيَامِ النَّاسِ؟ فِيهِ وجهان ذكرهما أبو الخطاب "م 5"، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا وُقُوعُ طَلَاقِهِ وَحِلُّ دَيْنِهِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِهِ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ يَقَعُ وَيَحِلُّ. وَإِنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ لَمْ يُفْطِرْ، نَقَلَهُ الجماعة "وهـ م" لِلْخَبَرِ السَّابِقِ، وَقَالَهُ عُمَرُ1 وَعَائِشَةُ2، وَاحْتِمَالُ خَطَئِهِ وَتُهْمَتِهِ، فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَمَا لَا يُعَرِّفُ وَحْدَهُ وَلَا يُضَحِّيَ وَحْدَهُ، قَالَ: والنزاع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لَزِمَهُ الصَّوْمُ فَعَلَيْهِ هَلْ يُفْطِرُ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ مِنْ صِيَامِ النَّاسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ، انْتَهَى، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: قُلْت: فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ أَوْ قَبْلَهُمْ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُفْطِرُ: قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ، 3"وَقَوَاعِدُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ تَقْتَضِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ بَعْدَ ذَلِكَ"3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُفْطِرُ، لِلُزُومِهِ بالصوم في أوله برؤيته.
مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْهِلَالَ هَلْ هُوَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ وَإِنْ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُشْتَهَرْ وَلَمْ يُرَ أَوْ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى هِلَالًا إلَّا بِالظُّهُورِ وَالِاشْتِهَارِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ: يَتَخَرَّجُ أَنْ يُفْطِرَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ أَنْ يُفْطِرَ سِرًّا "وش" لِأَنَّهُ يَتَيَقَّنُهُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ، كَتَرْكِهِ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ وَقَتْلَ الْمُنَافِقِينَ، قَالَ: وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ يُحْكَمُ بِهَا عَلَيْهِ فِيمَا يَخُصُّهُ، كَذَا الْفِطْرُ، وَلَمَّا اُحْتُجَّ عَلَى الْقَاضِي بِثُبُوتِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ أَجَابَ بِأَنَّا لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّهَا عَلَيْهِ وَالْفِطْرُ حَقٌّ لَهُ، كَاللَّقِيطِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ عَبْدٌ يُقْبَلُ فِيمَا عَلَيْهِ وَهُوَ الرِّقُّ، وَلَمْ يُقْبَلْ فِيمَا لَهُ مِنْ إبْطَالِ الْعُقُودِ. قِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ: فَيَجِبُ مَنْعُ مُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ وَحَائِضٍ مِنْ الْفِطْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظَاهِرًا، لِئَلَّا يُتَّهَمَ، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ أَعْذَارًا خَفِيَّةً مُنِعَ مِنْ إظْهَارِهِ، كَمَرَضٍ لَا أَمَارَةَ لَهُ وَمُسَافِرٍ لَا عَلَامَةَ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُنْكَرُ عَلَى مَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ ظَاهِرًا، وَإِنْ جَازَ هُنَاكَ عُذْرٌ فَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَكْرَهُ الْمَدْخَلَ السُّوءَ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ. وَعَنْهُ: يُفْطِرُ، وَقِيلَ: سِرًّا، كَذَا قَالَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِطْرِ "ع". قَالَ: وَالْمُنْفَرِدُ بِمَفَازَةٍ لَيْسَ بِقُرْبِهِ بَلَدٌ يَبْنِي عَلَى يَقِينِ رُؤْيَتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ مُخَالَفَةَ الْجَمَاعَةِ بَلْ الظَّاهِرُ الرُّؤْيَةُ بِمَكَانٍ آخَرَ. وَإِنْ رَآهُ عَدْلَانِ وَلَمْ يَشْهَدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ شَهِدَا فَرَدَّهُمَا لِجَهْلِهِ بِحَالِهِمَا لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا لِمَنْ عَرَفَ عَدَالَتَهُمَا الْفِطْرُ بِقَوْلِهِمَا، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، لِمَا سَبَقَ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَتَشْتِيتِ الْكَلِمَةِ وَجَعْلِ مَرْتَبَةِ الْحَاكِمِ لِكُلِّ إنْسَانٍ، وَجَزَمَ الشَّيْخُ بِالْجَوَازِ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فصوموا وأفطروا" رواه أحمد والنسائي1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير
فَصْلٌ: وَإِذَا اشْتَبَهَتْ الْأَشْهُرُ عَلَى الْأَسِيرِ وَالْمَطْمُورِ وَمَنْ بِمَفَازَةٍ وَنَحْوِهِمْ تَحَرَّى وَصَامَ، فَإِنْ وَافَقَ الشَّهْرَ أَوْ مَا بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ "و" فَلَوْ وَافَقَ رَمَضَانُ السَّنَةَ الْقَابِلَةَ فَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْهُمَا إنْ اعْتَبَرْنَا مِنْهُ التَّعْيِينَ، وَإِلَّا وَقَعَ الثَّانِي وَقَضَى الْأَوَّلَ، وَإِنْ وَافَقَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" لَا أَنَّهُ، إنْ تَكَرَّرَ قَبْلَهُ يَقْضِي السَّنَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ "هـ"، وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ 1"ثَلَاثَ سِنِينَ"1 مُتَوَالِيَةً ثُمَّ عَلِمَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، كُلُّ شَهْرٍ عَلَى أَثَرِ شَهْرٍ، كَالصَّلَاةِ إذَا فَاتَتْهُ، نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. وَمُرَادُهُمْ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَالشَّكِّ فِي دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، عَلَى مَا سَبَقَ2، وَسَبَقَ فِي بَابِ النِّيَّةِ: تَصِحُّ نِيَّةُ الْقَضَاءُ بِنِيَّةِ الْأَدَاءِ وَعَكْسِهِ إذَا بَانَ خِلَافُ ظَنِّهِ لِلْعَجْزِ عَنْهَا، وَإِنْ تَحَرَّى وَشَكَّ وَقَعَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ، كَمَنْ تَحَرَّى فِي الْغَيْمِ وَصَلَّى، وَمَنْ صَامَ بِلَا اجْتِهَادٍ فَكَمَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ الشَّهْرَ لَمْ يَدْخُلْ فَصَامَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَوْ أَصَابَ، وَسَبَقَ فِيهِ فِي الْقِبْلَةِ وَجْهٌ3، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي دُخُولِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، كَذَا قَالَ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ صَامَ لَا يَدْرِي هُوَ رَمَضَانُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يَقْضِي إذَا كَانَ لَا يَدْرِي، وَيَأْتِي حُكْمُ الْقَضَاءِ فِي بَابِهِ4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: صوم رمضان فرض على كل مسلم
فَصْلٌ: صَوْمُ رَمَضَانَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ قَادِرٍ مُقِيمٍ "ع"، وَسَبَقَ حُكْمُ الْكَافِرِ أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ1، وَلَا يَجِبُ عَلَى صبي "و"، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: بَلَى إنْ أَطَاقَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى. وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الْمَالِكِيُّ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُرَادُ الْمُمَيِّزُ، كَمَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ. وَحَدَّ ابْنُ أَبِي مُوسَى طَاقَتَهُ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ وَلَا يَضُرُّهُ، لِخَبَرٍ مُرْسَلٍ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ وَأَطَاقَهُ، وَقَدْ قَالَ الْخِرَقِيُّ: يُؤْخَذُ بِهِ إذَنْ. قَالَ الْأَكْثَرُ: يُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ إذَا أَطَاقَهُ "م" وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ لِيَعْتَادَهُ، أَيْ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ قَوْلَ الْخِرَقِيِّ وَقَالَ: اعْتِبَارُهُ بِالْعَشْرِ أَوْلَى، لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالضَّرْبِ عَلَى الصَّلَاةِ عِنْدَهَا1. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا يُؤْخَذُ بِهِ، وَيُضْرَبُ عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ الْعَشْرِ كَالصَّلَاةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ فِي 2"أَثْنَاءِ الشَّهْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا سَبَقَ مِنْهُ خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ. وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ"2 أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي النَّهَارِ لَزِمَهُ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْيَوْمِ "م ش" وَقَضَاؤُهُ "خ" في ظاهر المذهب، لأمره عليه السلام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بإمساك يوم عاشوراء1، ولحرمة الوقت "وهـ"2، وَكَقِيَامِ بَيِّنَةٍ فِيهِ بِالرُّؤْيَةِ، كَمَا تَجِبُ الصَّلَاةُ بِآخِرِ وَقْتِهَا، وَكَالْمُحْرِمِ يَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ عَنْ بَعْضِ مَدٍّ فِي الْفِدْيَةِ، وَعَنْهُ: لَا يَجِبَانِ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْمَجْنُونِ: هَلْ يَقْضِي3؟ وَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى الصَّبِيِّ عَصَى بِالْفِطْرِ وَأَمْسَكَ، وَيَقْضِي كَالْبَالِغِ. وَإِنْ نَوَى الْمُمَيِّزُ الصَّوْمَ ثُمَّ بَلَغَ فِي النَّهَارِ بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ وَقُلْنَا يَقْضِي لَوْ بَلَغَ مُفْطِرًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، كَنَذْرِهِ إتْمَامَ نَفْلٍ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَهُوَ فِي نَفْلٍ مُعْتَادٍ "م 6". وَسَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى الْمُمَيِّزُ الصَّوْمَ ثُمَّ بَلَغَ فِي النَّهَارِ بِسِنٍّ أَوْ احْتِلَامٍ وَقُلْنَا يَقْضِي لَوْ بَلَغَ مُفْطِرًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي، كَنَذْرِهِ إتْمَامَ نَفْلٍ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ وَهُوَ فِي نَفْلٍ مُعْتَادٍ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي4، وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6، وَالْهَادِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُ الْقَاضِي هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ: لَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنُ مُنَجَّى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رزين وغيرهم.
الوجوب في أحدهما وتجدده في الآخر مُلْغًى بِمَا لَوْ كَانَا مُفْطِرَيْنِ، وَكَبُلُوغِهِ فِي صَلَاةٍ وَحَجٍّ، فَعَلَى هَذَا هُوَ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ صَائِمًا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَحُكِيَ قَوْلٌ هُنَا، وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ كَبُلُوغِهِ مُفْطِرًا "*". وَإِنْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ، أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ أَوْ أَقَامَ مُفْطِرًا، أَوْ بَرِئَ مَرِيضٌ مُفْطِرًا، لَزِمَهُمْ الْإِمْسَاكُ على الأصح "وهـ" كَالْقَضَاءِ "ع" وَكَمُقِيمٍ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ "و"1 سَافَرَ، أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ لَا. نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَحَنْبَلٌ، وَيُعَايَى بِهَا، وَيَتَوَجَّهُ: لَا إمْسَاكَ مَعَ حَيْضٍ، وَمَعَ السَّفَرِ خِلَافٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ فِي صَائِمٍ أَفْطَرَ عَمْدًا أَوْ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ حَتَّى أَصْبَحَ: لَا إمْسَاكَ عَلَيْهِ، كَذَا قَالَ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ2 الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْإِمْسَاكِ. وقال في ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَا قِيسَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُشَابِهُ مَسْأَلَتَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ. تَنْبِيهَانِ: "*" 3"الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَعَلَى هَذَا هُوَ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ صَائِمًا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَعَلَى الْأَوَّلِ، هُوَ كَبُلُوغِهِ مُفْطِرًا، انْتَهَى، هَذَا سَهْوٌ، وَصَوَابُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، هُوَ كَمُسَافِرٍ قَدِمَ صَائِمًا، وَعَلَى الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ، هُوَ كَبُلُوغِهِ مُفْطِرًا. وَهُوَ واضح، وصرح به المجد وغيره"3.
الْفُصُولِ: يُمْسِكُ مَنْ لَمْ يُفْطِرْ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. وذكر الْحَلْوَانِيُّ: إذَا قَالَ الْمُسَافِرُ: أُفْطِرُ غَدًا، كَقُدُومِهِ مُفْطِرًا. وَجَعَلَهُ الْقَاضِي مَحَلَّ وِفَاقٍ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْإِمْسَاكُ فَقَدِمَ مُسَافِرٌ مُفْطِرًا فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا لَهُ أَنْ يَطَأَهَا، وَإِنْ بَرِئَ مَرِيضٌ صَائِمًا أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ أَوْ أَقَامَ صَائِمًا لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ "و" وَأَجْزَأَ "و" كَمُقِيمٍ صَائِمٍ مَرِضَ ثُمَّ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى عُوفِيَ "و" وَلَوْ وَطِئَهَا فِيهِ كَفَّرَا، نَصَّ عَلَيْهِ "هـ" كَمُقِيمٍ وَطِئَ ثُمَّ سَافَرَ، وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو دَاوُد، كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ وَعَلِمَ قُدُومَهُ فِي غَدٍ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ فِي غَدٍ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ "و" لِوُجُودِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَقْيَسُ، لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ لَهُ الْفِطْرُ، وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالرُّؤْيَةِ فِي يَوْمٍ مِنْهُ أَمْسَكَ "و" وَقَضَى "و" وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً: لَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ، وَقَالَهُ عَطَاءٌ، وَخَرَّجَ فِي الْمُغْنِي عَلَى قَوْلِ عَطَاءٍ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ طَلَعَ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يُمْسِكُ وَلَا يَقْضِي، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالرُّؤْيَةِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يَقْضِ. وَالرِّدَّةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ "ع" فَلَوْ ارْتَدَّ فِي يَوْمٍ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ ارْتَدَّ فِي لَيْلَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهِ فَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِقَضَائِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَنْبَنِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا وُجِدَ الْمُوجِبُ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ، فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ وَجَبَ هُنَا وَإِلَّا فَلَا، وَمَذْهَبُ "هـ" لَا يَقْضِي، لِوُجُوبِ الْمُسْقِطِ، وَمَذْهَبُ "ش" يَقْضِي، لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِي يَوْمٍ فَقَالَ أَحْمَدُ: تُمْسِكُ، كَمُسَافِرٍ قَدِمَ، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي كَعَكْسِهَا1، تَغْلِيبًا لِلْمُوجِبِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْمَانِعُ رِوَايَتَيْنِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ - وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ - إنْ طَرَأَ جُنُونٌ وَقُلْنَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَإِنَّهُ لَا يَقْضِي أَنَّهُ هَلْ يَقْضِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي إفَاقَتِهِ2 فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ، بِجَامِعِ أَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ؟. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا إمْسَاكَ مَعَ الْمَانِعِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ مَنْ أَفْطَرَ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ غَيْرِ رَمَضَانَ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُمْسِكُ إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ، وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ، فَإِنَّهُمْ إذَا قَالُوهُ فِي هَذَا الْمَعْذُورِ فَغَيْرُ المعذور أولى، قال: ولا وجه له ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِنْدِي فِي الْمَوْضِعَيْنِ، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ هُنَا لِلْعِبَادَةِ خَاصَّةً، وَقَدْ فُقِدَتْ، كَذَا قَالَ، وَلَا يَلْزَمُ التَّعْيِينُ زَمَنَ الْعِبَادَةِ، فِي النَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، كَرَمَضَانَ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَقَالَ فِيهَا فِي الْخِلَافِ: وَفِي صَوْمِ النَّذْرِ لَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لَوْ أَفْطَرَ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ، لِأَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ تُهْمَةٌ، بِخِلَافِ رَمَضَانَ، كَذَا قَالَ. وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ لَيْلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جَمِيعَ النَّهَارِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ "هـ" لِأَنَّ الصَّوْمَ الْإِمْسَاكُ مَعَ النِّيَّةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ خَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ رِوَايَةٍ صِحَّةَ صَوْمِ رَمَضَانَ بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَيَّامًا بَعْدَ نِيَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ وَإِنْ أَفَاقَ الْمُغْمًى عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ مِنْ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ، لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يَدَعُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي" 1. وَمَذْهَبُ "م ق"، إنْ كَانَ مُفِيقًا2 أَوَّلَ الْيَوْمِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ أَحَدُ رُكْنَيْ الصَّوْمِ، فَاعْتُبِرَ لِأَوَّلِهِ كَالنِّيَّةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إفَاقَتَهُ أَكْثَرَ الْيَوْمِ، وَلَا يُفْسِدُ قَلِيلُ الْإِغْمَاءِ الصَّوْمَ "ق". وَالْجُنُونُ كَالْإِغْمَاءِ "و" وَقِيلَ: يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِقَلِيلِهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "وق" الْجَدِيدُ، كَالْحَيْضِ، بَلْ أَوْلَى، لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: هَلْ مِنْ شَرْطِ إفَاقَتِهِ جَمِيعَ يَوْمِهِ أَوْ يَكْفِي بَعْضُهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ نَامَ جَمِيعَ النَّهَارِ صَحَّ صَوْمُهُ "و" خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ الشَّافِعِيِّ. لِأَنَّهُ إجْمَاعٌ قَبْلَهُ، وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ إذَا نُبِّهَ انْتَبَهَ، فَهُوَ كَذَاهِلٍ وَسَاهٍ، وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الصَّوْمُ مَعَ الْإِغْمَاءِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ "و" لِأَنَّهُ مَرِضَ، 1"وَلِأَنَّهُ يُغَطِّي الْعَقْلَ"1، وَلَا يَرْفَعُ التَّكْلِيفَ، وَلَا تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَلَا وِلَايَةَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَيَدْخُلُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ؛ بِخِلَافِ الْجُنُونِ. وَلَا يَلْزَمُ الْمَجْنُونَ الْقَضَاءُ سَوَاءٌ فَاتَ بِالْجُنُونِ الشَّهْرُ أَوْ بَعْضُهُ "وش" وَعَنْهُ: يَقْضِي "وم" وَعَنْهُ: إنْ أَفَاقَ فِي الشَّهْرِ قَضَى وَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَهُ لَمْ يَقْضِ "وهـ" لِعِظَمِ مَشَقَّةِ الْقَضَاءِ. وَمَنْ جُنَّ فِي صَوْمِ قَضَاءٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَحْوِ ذلك قضاه بالوجوب السابق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره الصوم وإتمامه
فَصْلٌ: يُكْرَهُ الصَّوْمُ وَإِتْمَامُهُ لِمَرِيضٍ يَخَافُ زِيَادَةَ مَرَضِهِ أَوْ طُولَهُ، وَالصَّحِيحُ1 مَرِضَ فِي يَوْمِهِ أَوْ خَافَ مَرَضًا بِعَطَشٍ أَوْ غَيْرِهِ "ع" وَيُجْزِئُهُ "و" كَمَرِيضٍ يُبَاحُ لَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ أو الجمعة أو يباح له التيمم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَقِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ صَوْمَ الْمُسَافِرِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّ الْمَرِيضَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى. وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي فِي مَرَضِهِ "*" وَتَرْكُهُ يَضُرُّ بِهِ فَلَهُ التَّدَاوِي، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ فِي مَنْ بِهِ رَمَدٌ يَخَافُ الضَّرَرَ بِتَرْكِ الِاكْتِحَالِ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّوْمِ كَتَضَرُّرِهِ بِمُجَرَّدِ الصوم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: "مَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي فِي مَرَضِهِ" كَذَا فِي النُّسَخِ وَلَعَلَّهُ وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي فِي صَوْمِهِ. أَوْ: وَمَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّدَاوِي فِي مَرَضِهِ إلَّا1 بِفِطْرِهِ، فَيَكُونُ
وَلَا يُفْطِرُ مَرِيضٌ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ "و" وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي وَجَعِ رَأْسٍ وَحُمَّى ثُمَّ قَالَ: قُلْت إلَّا أَنْ يَتَضَرَّرَ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الصَّوْمَ1. قِيلَ: مِثْلُ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى؟ وَمَنْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ وَأَجْزَأهُ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يَحْرُمُ "وم" وَلَمْ أَجِدْ ذَكَرُوا فِي الْإِجْزَاءِ خِلَافًا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي صَوْمِ الظِّهَارِ أَنَّهُ يَجِبُ فِطْرُهُ بِمَرَضٍ مَخُوفٍ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْخِلَافِ يَوْمَ العيد يحرم صومه بخلاف سَائِرِ الْأَيَّامِ فَقَالَ: هَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ لَوْ نَذَرَ صِيَامَ يَوْمٍ هُوَ مَرِيضٌ فِيهِ مَرَضًا مَخُوفًا فَإِنَّهُ يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ كَانَ مَعْصِيَةً. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ صَنْعَتُهُ شَاقَّةٌ فَإِنْ خَافَ تَلَفًا أَفْطَرَ وَقَضَى، وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُهَا أَثِمَ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ: هَذَا قَوْلُ الْفُقَهَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَسَبَقَ هَذَا الْمَعْنَى فِي تَرْتِيبِ الصَّلَوَاتِ2. وَإِنْ خَافَ بِالصَّوْمِ ذَهَابَ مَالِهِ فَسَبَقَ أَنَّهُ عُذِرَ في ترك الجمعة ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ نَقْصٌ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ.
وَالْجَمَاعَةِ1 وَفِي صَلَاةِ الْخَوْفِ2. وَإِنْ أَحَاطَ الْعَدُوُّ ببلد والصوم يضعفهم فهل يجوز الفطر "وم"؟ ذَكَرَ الْخَلَّالُ رِوَايَتَيْنِ. وَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ حَصَرَ3 الْعَدُوُّ بَلَدًا أَوْ قَصَدُوا عَدُوًّا بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ وَالْقَصْرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا كَانُوا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُمْ بِالْقُرْبِ أَفْطَرُوا عِنْدَ الْقِتَالِ "م 7"، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ هُوَ فِي الْغَزْوِ وَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ إلَى جَنْبِهِ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فَوْتَ مَطْلُوبِهِ، فَعَنْهُ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَعَنْهُ: لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ على نفسه توضأ وصلى، وسبق في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحَاطَ الْعَدُوُّ بِبَلَدٍ وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُمْ فَهَلْ يَجُوزُ الْفِطْرُ؟ ذَكَرَ الْخَلَّالُ رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ حَصَرَ3 الْعَدُوُّ بَلَدًا أَوْ قَصَدُوا عَدُوًّا بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ لَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ وَالْقَصْرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا كَانُوا بِأَرْضِ الْعَدُوِّ وَهُوَ بِالْقُرْبِ أَفْطَرُوا عِنْدَ القتال4، انْتَهَى. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْقَاضِي: فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُمَا الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ "السير"5، نَقَلْت ذَلِكَ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي عَلَى ظَهْرِ الْجُزْءِ الْعِشْرِينَ مِنْ تَعَالِيقِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْجَارِيَةِ فِي النَّظَرِ، وَالْخَطُّ مَقْلُوبٌ، انْتَهَى: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ الْفِطْرُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَقَدْ اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْفِطْرَ، لِلتَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ وَفَعَلَهُ وَأَمَرَ بِهِ لَمَّا نَازَلَ الْعَدُوَّ دِمَشْقَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ مِنْ الشَّافِي، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أكثر6 الأصحاب.
التَّيَمُّمِ1 "م 8"، وَمَنْ بِهِ شَبَقٌ يَخَافُ تَنْشَقَّ مَثَانَتُهُ جَامَعَ وَقَضَى وَلَا يُكَفِّرُ، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ، قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا إنْ لَمْ تَنْدَفِعْ شَهْوَتُهُ بِدُونِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ لِلضَّرُورَةِ، وَمَعَ الضَّرُورَةِ إلَى وَطْءِ حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ فَقِيلَ: الصَّائِمَةُ أَوْلَى، لِتَحْرِيمِ الْحَائِضِ بِالْكِتَابِ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا "م 9"، وَإِنْ تعذر قضاؤه لدوام شبقه فكالشيخ الهم2 عَلَى مَا يَأْتِي3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ هُوَ فِي الْغَزْوِ وَتَحْضُرُ الصَّلَاةُ وَالْمَاءُ إلَى جَنْبِهِ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ إلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فَوْتَ مَطْلُوبِهِ، فَعَنْهُ: يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ: لَا يَتَيَمَّمُ وَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَسَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ التَّيَمُّمُ وَالصَّلَاةُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ فِي الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ4 فِي الْغَازِي إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ الْمَاءُ وَيَخَافُ إنْ ذَهَبَ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَطْلَقَ هُنَاكَ فِي فَوْتِ مَطْلُوبِهِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّيَمُّمِ، وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِشْهَادِ لِلْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَكِنَّ إتْيَانَهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يحتمل أنه حكى هذه الطريقة على صفتها5، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَتَى بِهَا كَذَلِكَ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 9: قَوْلُهُ: وَمَعَ الضَّرُورَةِ إلَى وَطْءِ حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ، فَقِيلَ، الصَّائِمَةُ أولى، لتحريم الحائض بالكتاب، وقيل: يتخير لإفساد صومها، انتهى:
فصل: للمسافر الفطر
فَصْلٌ: لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرُ "ع" وَهُوَ مَنْ لَهُ الْقَصْرُ "و" وَإِنْ صَامَ أَجْزَأَهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "و" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ" 1. وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ2، وَقَالَهُ الظَّاهِرِيَّةُ، وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ3، وَابْنِ عُمَرَ4، وَابْنُ عَبَّاسٍ5، وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هذا القول، ورواية حنبل تحتمل عدم ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: وَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُتَخَيَّرُ لِإِفْسَادِ صَوْمِهَا، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي، لِأَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِعَيْنِهِ، فَحِينَئِذٍ يَبْقَى فِي إطلاقه الخلاف شيء، والله أعلم.
الْإِجْزَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ كَثْرَةُ تَفَرُّدِ حَنْبَلٍ، وَحَمْلُهَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى، وَلِهَذَا نَقَلَ حَرْبٌ: لَا يَصُومُ. قَالَ حَرْبٌ: يَقُولُهُ بِتَوْكِيدٍ، وَنَقَلَ أَيْضًا: إنْ صَامَ أَجْزَأَهُ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ. وَسَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم عَنْ الصَّوْمِ فِيهِ لِمَنْ قَوِيَ فَقَالَ: لَا يَصُومُ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ إذَا قَوِيَ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرِهِ1: لا يكون بل تركه أفضل وَلَيْسَ الْفِطْرُ أَفْضَلَ "*" "خ" وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رُخْصَةِ الْقَصْرِ أَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا تَبْرَأُ بِهَا الذمة. ورد بصوم المريض، وبتأخير ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي فَصْلٍ: لِلْمُسَافِرِ الْفِطْرُ وَلَيْسَ الفطر أفضل صوابه وليس الصوم أفضل.
الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، وَسَبَقَ فِي الْقَصْرِ حُكْمُ مَنْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ1. وَلَا يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ "وم ش" كَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ "و" لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ صَوْمًا مِنْ الْمَعْذُورِ قَبِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِعِبَادَةٍ، وَلِأَنَّ الْعَزِيمَةَ تَتَعَيَّنُ بِرَدِّ الرُّخْصَةِ، كَتَرْكِ الْجُمُعَةِ لِعُذْرٍ لَا يَجُوزُ صَرْفُ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي غَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا هَلْ يَقَعُ صَوْمُهُ بَاطِلًا؟ "وم ش" أَمْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ؟ هِيَ مَسْأَلَةُ تَعْيِينِ النِّيَّةِ، وَمَذْهَبُ "هـ" يَجُوزُ عَنْ وَاجِبٍ لِلْمُسَافِرِ، وَلِأَصْحَابِهِ خِلَافٌ فِي الْمَرِيضِ، لِأَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ، بَلْ إنْ تَضَرَّرَ لَزِمَهُ الْفِطْرُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الصَّوْمُ. وَالْأَصَحُّ عَنْ "هـ" لَا يَصِحُّ النَّفَلُ، وَلَنَا قَوْلٌ: لِلْمُسَافِرِ صَوْمُ النَّفْلِ فِيهِ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ قَلَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَى نَفْلٍ لَمْ يَصِحَّ لَهُ النَّفَلُ وَيَبْطُلُ فَرْضُهُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّعْيِينِ. وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ فَلَهُ الْفِطْرُ "و" بِمَا شَاءَ "وهـ ش" لِفِطْرِهِ 2"عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ3، وَلِأَنَّ مَنْ لَهُ الْأَكْلُ لَهُ الْجِمَاعُ، كَمَنْ لَمْ يَنْوِ"2، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَنَّهُ يُفْطِرُ بنية الفطر، فيقع الجماع بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفِطْرِ، فَعَلَى هَذَا لَا كَفَّارَةَ بِالْجِمَاعِ "وهـ ش" اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: يُكَفِّرُ، وَجَزَمَ بِهِ عَلَى هَذَا، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِالْجِمَاعِ "وم" لِأَنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى السَّفَرِ، فَعَلَى هَذَا إنْ جَامَعَ كَفَّرَ "وم ر". وَعَنْهُ: لَا، لِأَنَّ الدَّلِيلَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ، فَلَا أَقَلَّ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ "وم ر"، لَكِنْ لَهُ الْجِمَاعُ بَعْدَ فِطْرِهِ بِغَيْرِهِ، كَفِطْرِهِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، وَمَذْهَبُ "م" الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ كَالْجِمَاعِ. وَالْمَرِيضُ الَّذِي يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ كَالْمُسَافِرِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا، وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَابْنُ شِهَابٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ أَصْلًا لِلْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُسَافِرِ بِجَامِعِ الْإِبَاحَةِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِالْإِبَاحَةِ عَلَى النَّفْلِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الْمَرِيضِ يُفْطِرُ بِأَكْلٍ، فَقُلْت: يُجَامِعُ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَأَعَدْت عَلَيْهِ فَحَوَّلَ وَجْهَهُ عَنِّي، وَالْمَرَضُ الَّذِي يُنْتَفَعُ فِيهِ بِالْجِمَاعِ كَمَنْ يَخَافُ تَشَقُّقَ أُنْثَيَيْهِ لَا يُكَفِّرُ. وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُفْطِرَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَيُعَايَى بِهَا، وَلَهُ الْفِطْرُ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ1، وَكَالْمَرَضِ الطَّارِئِ وَلَوْ بِفِعْلِهِ، وَالصَّلَاةِ لَا يُشَقُّ إتْمَامُهَا وَهِيَ آكَدُ، لِأَنَّهَا مَتَى وَجَبَ إتْمَامُهَا لَمْ تُقْصَرْ بِحَالٍ، وَكَمَا يُفْطِرُ بَعْدَ يَوْمِ سَفَرِهِ "و" خلافا لعبيدة2، وسويد بن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَفَلَةَ1، وَأَبِي مِجْلَزٍ2، فَعَلَى هَذَا لَا يُفْطِرُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ، خِلَافًا لِلْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ وَعَطَاءٍ، وَزَادَ: وَيَقْصُرُ. وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ "و". وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ بِجِمَاعٍ، فَعَلَى الْمَنْعِ يُكَفِّرُ مَنْ وَطِئَ "هـ م ر" وَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ كَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرِهِ ثُمَّ جَامَعَ، وَدَعْوَى أَنَّ الْخِلَافَ شُبْهَةٌ فِي إسْقَاطِ الْكَفَّارَةِ مَمْنُوعٌ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَأَبْطَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنَّهُ زَمَنٌ مُخْتَلَفٌ فِي وُجُوبِ صَوْمِهِ، فَإِنَّ الْأَعْمَشَ وَغَيْرَهُ لَمْ يُوجِبُوهُ، وَيَبْطُلُ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ بِوَطْئِهِ فِي مَسِيرَةِ يَوْمَيْنِ، وَيَبْطُلُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ خُرُوجِهِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرِهِ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ، وَبَعْضُهُمْ قال: وإن لم يسافر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من عجز عن الصوم لكبر
فَصْلٌ: مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ وَهُوَ الْهِمُّ وَالْهِمَّةُ، أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ فَلَهُ الْفِطْرُ "ع" وَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا "م" مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ. هِيَ لِلْكَبِيرِ لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 - وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَوَاهُ أَحْمَدُ2، وَكَذَا أَبُو دَاوُد3 - وَرَوَاهُ أَيْضًا4، بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره. وإن كان كالكبير مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَا فِدْيَةَ لِفِطْرِهِ بِعُذْرٍ مُعْتَادٍ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ، وَلَا قَضَاءَ، لِلْعَجْزِ عَنْهُ وَيُعَايَى بِهَا، وَإِنْ أَطْعَمَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقَضَاءِ فَكَمَعْضُوبٍ حَجَّ ثُمَّ عُوفِيَ "*"، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ احْتِمَالَيْنِ: أَحَدُهُمَا هَذَا، وَالثَّانِي يَقْضِي، كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَا تَدْرِي مَا رَفَعَهُ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ ثُمَّ تَحِيضُ، وفيها أيضا وجهان "*". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" وَقَوْلُهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَهُ فَكَمَغْصُوبٍ حَجَّ ثُمَّ عُوفِيَ صَوَابُهُ حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ. "*" وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي قِيَاسِ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي: كمن ارتفع حيضها لا تدري ما
وَيُكْرَهُ صَوْمُ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ مَعَ خَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ عَلَى الْوَلَدِ، وَيُجْزِئُ "و" فَإِنْ أَفْطَرَتَا قَضَتَا "و" لِقُدْرَتِهِمَا عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرِ. قَالَ أَحْمَدُ: أَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ1، يعني لا أقول2 بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ3 وَابْنِ عَبَّاسٍ4 فِي مَنْعِ الْقَضَاءِ. وَخَبَرُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ5: "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ الصَّوْمَ" 6. أَيْ زَمَنَ عُذْرِهِمَا وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النُّسَخِ: إنْ خَافَتْ حَامِلٌ وَمُرْضِعٌ عَلَى حَمْلٍ وَوَلَدٍ حَالَ الرَّضَاعِ لَمْ يَحِلَّ الصَّوْمُ وَعَلَيْهَا الْفِدْيَةُ. وَإِنْ لَمْ تَخَفْ لَمْ يَحِلَّ الْفِطْرُ. وَلَا إطْعَامَ إنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا "و" كَالْمَرِيضِ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: إنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا أَطْعَمَتَا7 عَنْ كل ـــــــــــــــــــــــــــــQرَفَعَهُ تَعْتَدُّ8 بِالشُّهُورِ، ثُمَّ تَحِيضُ وَفِيهَا أَيْضًا وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي باب العدد9، وَأَطْلَقَهُمَا، وَيَأْتِي تَصْحِيحُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
يَوْمٍ مِسْكِينًا مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] ؛ وَلِأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهُ إفْطَارٌ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ عَنْ الصَّوْمِ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ كَالشَّيْخِ الْهِمِّ1 "وش" وَلَهُ قَوْلٌ: لَا إطْعَامَ "وهـ م ر"، وَقَوْلٌ ثَالِثٌ: لَا تُطْعِمُ الْحَامِلُ "وم ر" وَخَيَّرَهُمَا إِسْحَاقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالْإِطْعَامِ لِشَبَهِهِمَا بِمَرِيضٍ وَكَبِيرٍ. وَيَجُوزُ الْفِطْرُ لِلظِّئْرِ الَّتِي تُرْضِعُ وَلَدَ غَيْرِهَا، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ يُسَوَّى فِيهِ، كَالسَّفَرِ لِحَاجَتِهِ وَلِحَاجَةِ غَيْرِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: لَا تُفْطِرُ الظِّئْرُ إذَا خَافَتْ عَلَى رَضِيعِهَا، وَحَكَاهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ قَوْمٍ. وَإِنْ قَبِلَ وَلَدُ الْمُرْضِعَةِ غَيْرَهَا وقدرت تستأجر له أو له ما2 يستأجر مِنْهُ فَلْتَفْعَلْ وَلْتَصُمْ وَإِلَّا كَانَ لَهَا الْفِطْرُ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْإِطْعَامُ عَلَى مَنْ يَمُونُهُ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى الْأُمِّ، وَهُوَ أَشْبَهُ، لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا، وَلِهَذَا وَجَبَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ مِنْ مَالِهِ، لِأَنَّ الْإِرْفَاقَ لَهُمَا، وَكَذَلِكَ الظِّئْرُ، فَإِنْ لَمْ تُفْطِرْ فَتَغَيَّرَ لَبَنُهَا أَوْ نَقَصَ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ. فَإِنْ قَصَدَتْ الْإِضْرَارَ أَثِمَتْ وَكَانَ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهَا الْفِطْرَ بِطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَأَذَّى الصَّبِيُّ بِنَقْصِهِ أَوْ تَغْيِيرِهِ لَزِمَهَا الْفِطْرُ، فَإِنْ أَبَتْ فَلِأَهْلِهِ الْفَسْخُ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنْ يُلْزِمَ الْحَاكِمُ إلْزَامَهَا بما يلزمها وإن لم تقصد الضرر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِلَا طَلَبٍ قُبِلَ الْفَسْخُ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ. وَيَجُوزُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إخْرَاجُ الْإِطْعَامِ عَلَى الْفَوْرِ، لِوُجُوبِهِ، وَهَذَا أَقْيَسُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ أَتَى بِهِ مَعَ الْقَضَاءِ جَازَ، لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ. وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ بِالْعَجْزِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، كَالدَّيْنِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ: يَسْقُطُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ: يَسْقُطُ فِي الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، كَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ، بَلْ أَوْلَى، لِلْعُذْرِ هُنَا، وَلَا تَسْقُطُ عَنْ الْكَبِيرِ وَالْمَأْيُوسِ، لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ نَفْسِ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ، فَكَذَا بَدَلُهُ. وَكَذَا إطْعَامُ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ. وَمَنْ وَجَدَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فِي مَهْلَكَةٍ كغريق ونحوه ففي فتاوى ابن الزاغوني: يلزمه إنقاذه ولو أفطر، ويأتي في الديات1 - إن شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِي وُجُوبِهِ وَجْهَيْنِ، 2"وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا عَلَى الْمُنْقِذِ وَجْهَيْنِ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَالْمُرْضِعِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ"2. وَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُنْقِذِ؟. قَالَ صَاحِبُ الرعاية: يحتمل وجهين "م 10، 12". ويتوجه أنه كإنقاذه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 10 - 12: قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَدَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا فِي مهلكة كغريق ونحوه ففي فتاوى ابن الزاغوني: يَلْزَمُهُ إنْقَاذُهُ وَلَوْ أَفْطَرَ، وَيَأْتِي فِي الدِّيَاتِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ذَكَرَ فِي وُجُوبِهِ وَجْهَيْنِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا وَجْهَيْنِ، وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ كَالْمُرْضِعِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُنْقِذِ؟ قال صاحب الرعاية: يحتمل وجهين، انتهى.
من الكفار، ونفقته على الآبق. ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 10: وَهِيَ مَسْأَلَةُ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَنَحْوِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي فَتَاوِيهِ: يَلْزَمُهُ الْإِنْقَاذُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَفْطَرَ قُلْت: وهو الصواب وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ جَوَازَ الْإِفْطَارِ لِلْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ لِلْخَوْفِ على جنينهما1: وهل يلحق بذلك من افتقر2 إلَى الْإِفْطَارِ لِإِنْقَاذِ غَرِيقٍ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ إفْطَارَهُ أَوْلَى مِنْ إفْطَارِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ3 بِقَوْلِهِ: وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا وَجْهَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قَدَرَ عَلَى إنْقَاذِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ فِي ضَمَانِهِ وَجْهَيْنِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الضَّمَانُ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا عَدَمُ الضَّمَانِ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى لُزُومِ الْإِنْقَاذِ وَعَدَمِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - 11: هَلْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ إذَا أَفْطَرَ؟ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قُلْت: قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ: لَوْ نَجَّى غَرِيقًا فِي رَمَضَانَ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي حَلْقِهِ وَقُلْنَا يُفْطِرُ بِهِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَإِنْ حَصَلَ لَهُ بِسَبَبِ إنْقَاذِهِ ضَعْفٌ فِي نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا فِدْيَةَ4، كَالْمَرِيضِ فِي قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، يَعْنِي بِهَا مَسْأَلَةَ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، انْتَهَى. قُلْت: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ أَوَّلًا هُوَ الصَّوَابُ، قِيَاسًا عَلَى الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - 12: إذَا قُلْنَا عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَكَفَّرَ، فَهَلْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُنْقِذِ؟ قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَإِنْقَاذِهِ مِنْ الْكُفَّارِ وَنَفَقَتُهُ عَلَى الْآبِقِ، انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: بَلْ هُنَا أَوْلَى بِلَا شَكٍّ مِنْ إنْقَاذِهِ مِنْ الْكُفَّارِ، وَأَوْلَى مِنْ الْمُرْضِعِ إذَا خَافَتْ عَلَى وَلَدِهَا، وَقَالُوا فِي حَقِّ الْمُرْضِعِ: إنَّ الصَّحِيحَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ يُمَوِّنُ الْوَلَدَ، وَكَوْنُ إنْقَاذِ الْغَرِيقِ وَإِنْقَاذُ مَنْ فِي مَهْلَكَةٍ أَوْلَى مِنْ هَؤُلَاءِ لَا شَكَّ فِيهِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بتصحيحها.
باب نية الصوم وما يتعلق بها
باب نية الصوم وما يتعلق بها باب نية الصوم وما يتعلق بها ... بَابُ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ، ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ "ع" كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَخَالَفَ زُفَرُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فِي حَقِّ الْمُقِيمِ الصَّحِيحِ. وَمَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ لَمْ يَصِحَّ. وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنْ اللَّيْلِ لِكُلِّ صَوْمٍ وَاجِبٍ "وم ش" لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ1. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: رَفَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ، وَلَمْ يُثْبِتْ أَحْمَدُ رَفْعَهُ بَلْ عَنْ حَفْصَةَ وَابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ2 وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ3 عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ أَبُو الزِّنْبَاعِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ الْمُفَضَّلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رَوَى عَنْهُ أَبُو الزنباع روح نسخة موضوعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَوَاهُ مَالِكٌ وَالنَّسَائِيُّ1 عَنْهَا مَوْقُوفًا، وَعَنْ حَفْصَةَ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِأَنَّ النِّيَّةَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ، وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ تُجْزِئُ النِّيَّةُ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَأَبْطَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِالْخَبَرِ2، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ يَسْبِقُ الْمَشْرُوطَ، قَالَ: وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لَا بُدَّ أَنْ تُوجَدَ النِّيَّةُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهَا، كَذَا قَالَ، وَسَبَقَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ: الْأَفْضَلُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ "*". وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ يُجْزِئُ رَمَضَانُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَعِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ يُجْزِئُ كُلُّ صَوْمٍ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ. وَإِنْ أَتَى بَعْدَ النِّيَّةِ بِمَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ لَمْ يَبْطُلْ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" خِلَافًا لِابْنِ حَامِد وَبَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ، لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ الْأَكْلَ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ، فَلَوْ بَطَلَتْ بِهِ النِّيَّةُ فَاتَ مَحَلُّهَا. وَإِنْ نَوَتْ الْحَائِضُ صَوْمَ الْغَدِ وَقَدْ عَرَفَتْ الطُّهْرَ لَيْلًا فَقِيلَ: 3"يَصِحُّ، لِمَشَقَّةِ الْمُقَارَنَةِ، وَقِيلَ"3: لَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أهلا "م 1" للصوم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَسَبَقَ كَلَامُهُ أَيْ كَلَامُ الْمَجْدِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ: الْأَفْضَلُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ لِلتَّكْبِيرِ. لَمْ يَسْبِقْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَاَلَّذِي قَالَهُ فِي النِّيَّةِ: وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّكْبِيرَيْنِ بِزَمَنٍ يَسِيرٍ. فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ الْمُقَارَنَةُ لَا أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ. مَسْأَلَةٌ - 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَتْ الْحَائِضُ صَوْمَ الْغَدِ وَقَدْ عَرَفَتْ الطُّهْرَ لَيْلًا فَقِيلَ: يَصِحُّ، لِمَشَقَّةِ الْمُقَارَنَةِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا. انتهى.
وَلَا تَصِحُّ النِّيَّةُ فِي نَهَارِ يَوْمٍ لِصَوْمِ الْغَدِ "و" لِلْخَبَرِ، وَكَنِيَّتِهِ مِنْ اللَّيْلِ صَوْمَ بعد غد، وعنه: يصح؛ نقلها ابْنِ مَنْصُورٍ، وَفِيهَا: لَمْ يَنْوِهِ مِنْ اللَّيْلِ، فَبَطَلَ بِهِ تَأْوِيلُ الْقَاضِي، وَهِيَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ، فَيَبْطُلُ بِهِ تَأْوِيلُ ابْنِ عَقِيلٍ، عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي لِرَمَضَانَ نِيَّةٌ فِي أَوَّلِهِ، وَأَقَرَّهَا1، أَبُو الْحُسَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهَا. وَتُعْتَبَرُ لِكُلِّ يَوْمٍ نِيَّةٌ مُفْرَدَةٌ، لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ، لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ يَوْمٌ بِفَسَادِ آخَرَ، وَكَالْقَضَاءِ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُ فِي أول رمضان نية واحدة لكله2 "وم" نَصَرَهَا أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَعَلَى قِيَاسِهِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَنَحْوُهُ. فَعَلَيْهَا لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ صِيَامُ الْبَاقِي بِتِلْكَ النِّيَّةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يصح "وم" مَعَ بَقَاءِ التَّتَابُعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَقَالَ: وَقِيلَ: مَا لَمْ يَفْسَخْهَا أَوْ يُفْطِرْ فِيهِ يَوْمًا. وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي كُلِّ صَوْمٍ واجب "وم ش" وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّهُ يَصُومُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ قَضَائِهِ أَوْ نَذْرِهِ أَوْ كفارته، نص عليه. قال في ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَصِحُّ قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ، لِمَشَقَّةِ الْمُقَارَنَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ نَوَتْ حَائِضٌ صَوْمَ فَرْضٍ لَيْلًا وَقَدْ انْقَطَعَ دَمُهَا أَوْ تَمَّتْ عَادَتُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ صَحَّ صومها وإلا فلا، انتهى.
الْخِلَافِ: اخْتَارَهَا أَصْحَابُنَا أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ وَغَيْرُهُمَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالْأَصْحَابُ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي1، لِقَوْلِهِ: "وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" 2، وَكَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ، وَالتَّعْيِينُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ، لِاعْتِبَارِهِ لِصَلَاةٍ يَضِيقُ وَقْتُهَا كَغَيْرِهَا. وَمَنْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ فَاتَتْهُ فَنَوَى مُطْلَقَ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَالْحَجُّ يُخَالِفُ الْعِبَادَاتِ. وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِرَمَضَانَ "وهـ" لِأَنَّ التَّعْيِينَ يُرَادُ لِلتَّمْيِيزِ، وَهَذَا الزَّمَانُ مُتَعَيَّنٌ، وَكَالْحَجِّ، فَعَلَيْهَا يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، وَنِيَّةِ نَفْلٍ "وهـ" لَيْلًا، وَنِيَّةُ فَرْضٍ تَرَدَّدَ فِيهَا، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَصِحُّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، لِتَعَذُّرِ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِ نِيَّةِ رَمَضَانَ، فَصُرِفَ إلَيْهِ لِئَلَّا يَبْطُلَ قَصْدُهُ وَعَمَلُهُ، لَا بِنِيَّةٍ مُقَيَّدَةٍ بِنَفْلٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ نَاوٍ تَرْكَهُ، فَكَيْفَ يجعل كنية الفعل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ فِي شَرْحِهِ لِلْمُخْتَصَرِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا إنْ كَانَ جَاهِلًا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا، قَالَ: كَمَنْ دَفَعَ وَدِيعَةَ رَجُلٍ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ التَّبَرُّعِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ حَقَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعْطَاءٍ ثَانٍ، بَلْ يَقُولُ لَهُ: الَّذِي وَصَلَ إلَيْك هُوَ حَقٌّ كَانَ لَك عِنْدِي. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ الصَّوْمِ1 فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ: يَتَخَرَّجُ أَنْ لَا تَجِبَ نِيَّةُ التَّعْيِينِ، وَقَوْلُهُمْ: نِيَّةُ فَرْضٍ تَرَدَّدَ فِيهَا، بِأَنْ نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ نَفْلٌ، لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى حَتَّى يَجْزِمَ بأنه صائم غدا من رمضان "وم ش" وعلى الثانية يجزئه "وهـ". قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً ثَالِثَةً بِصِحَّةِ النِّيَّةِ الْمُتَرَدِّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ مَعَ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ، لِوُجُوبِ صَوْمِهِ، وَإِنْ نَوَى إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَصَوْمِي عَنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَنْ وَاجِبٍ عَيَّنَهُ بِنِيَّتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ ذَلِكَ الْوَاجِبِ، وَفِي إجْزَائِهِ عَنْ رَمَضَانَ إنْ بَانَ مِنْهُ الرِّوَايَتَانِ، وَإِنْ قَالَ: وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ، لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهِ2 لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَجْهَانِ، لِلشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الأصل "م 2" "وش" وَإِنْ لَمْ يُرَدِّدْ نِيَّتَهُ بَلْ نَوَى لَيْلَةَ الثلاثين من ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2: قَوْلُهُ. وَإِنْ نَوَى إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَصَوْمِي عَنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ عَنْ وَاجِبٍ عَيَّنَهُ بِنِيَّتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، وَإِنْ قَالَ: وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ لَمْ يَصِحَّ، وَفِي لَيْلَةِ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ وَجْهَانِ، لِلشَّكِّ وَالْبِنَاءِ عَلَى الأصل، انتهى.
شَعْبَانَ أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ بِلَا مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ كَصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ نُوجِبْ الصَّوْمَ بِهِ1، فَبَانَ مِنْهُ، فَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَنْ تَرَدَّدَ أَوْ نَوَى مُطْلَقًا "و" وَظَاهِرُ رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْأَثْرَمِ تُجْزِئُهُ، مَعَ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ لِوُجُودِهَا، وَإِنْ نَوَى الرَّمَضَانِيَّةَ عَنْ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ أَجْزَأَهُ، كَالْمُجْتَهِدِ فِي الْوَقْتِ. وَمَنْ قَالَ: أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنْ قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ الشَّكَّ وَالتَّرَدُّدَ فِي الْعَزْمِ وَالْقَصْدِ فَسَدَتْ نِيَّتُهُ، وَإِلَّا لَمْ تَفْسُدْ، ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْفُنُونِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ أَنَّ فِعْلَهُ لِلصَّوْمِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوْفِيقِهِ وَتَيْسِيرِهِ، كَمَا لَا يَفْسُدُ الْإِيمَانُ بِقَوْلِهِ: أَنَا مُؤْمِنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، غَيْرَ مُتَرَدِّدٍ فِي الْحَالِ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: وَكَذَا نَقُولُ: سَائِرُ الْعِبَادَاتِ لَا تَفْسُدُ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ فِي نِيَّتِهَا. وَمَنْ خَطَرَ بِقَلْبِهِ لَيْلًا أَنَّهُ صَائِمٌ غَدًا فَقَدْ نَوَى، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ: الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ بِنِيَّةِ الصَّوْمِ نِيَّةٌ عِنْدَنَا، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ حِينَ يَتَعَشَّى، يَتَعَشَّى عَشَاءَ مَنْ يُرِيدُ الصَّوْمَ، وَلِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ عَشَاءِ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَعَشَاءِ لَيَالِي رَمَضَانَ. وَلَا يُعْتَبَرُ مَعَ التَّعْيِينِ نِيَّةُ2 الْفَرْضِيَّةِ فِي فَرْضِهِ وَالْوُجُوبُ فِي وَاجِبِهِ، خِلَافًا لِابْنِ حَامِدٍ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَإِنْ نَوَى خارج رمضان قضاء ونفلا ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: يصح، قدمه وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالسِّتِّينَ: صَحَّ صَوْمُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّهُ بَنَى عَلَى أَصْلٍ لَمْ يَثْبُتْ زَوَالُهُ، وَلَا يُقْدَحُ تَرَدُّدُهُ، لِأَنَّهُ حُكْمُ صَوْمِهِ مَعَ الْجَزْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر، انتهى.
أَوْ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ فَنَقَلَ إلْغَاءً لَهُمَا بِالتَّعَارُضِ، فَتَبْقَى نِيَّةُ أَصْلِ الصَّوْمِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: عَنْ أَيِّهِمَا يَقَعُ فِيهِ وَجْهَانِ، وأوقعه أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْقَضَاءِ لِتَعْيِينِهِ وَتَأَكُّدِهِ، لِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَوَافَقَ لَوْ نَوَى قَضَاءً وَكَفَّارَةَ قَتْلٍ أَوْ كَفَّارَةَ قَتْلٍ وَظِهَارٍ أَنَّهُ يَقَعُ نَفْلًا. وَيَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنْ النَّهَارِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَفِعْلِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَعَنْهُ. لَا يَجُوزُ بِنِيَّةٍ بَعْدَ الزَّوَالِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ "وهـ ق" لِأَنَّ فِعْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَدَاءِ، وَهُوَ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَدَاوُد هُوَ كَالْفَرْضِ، تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا، كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ. وَيُحْكَمُ بِالصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ الْمُثَابِ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْمَنَاسِكِ مِنْ تَعْلِيقِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْهِدَايَةِ مِنْ أَوَّلِ1 النَّهَارِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَهُ حَمَّادٌ2 وَإِسْحَاقُ إنْ نَوَاهُ قَبْلَ الزَّوَالِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ؛ يَصِحُّ3 تَطَوُّعُ حَائِضٍ طَهُرَتْ وَكَافِرٍ أَسْلَمَ فِي يَوْمٍ وَلَمْ يَأْكُلَا بِصَوْمِ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا، لِامْتِنَاعِ تَبْعِيضِ صَوْمِ الْيَوْمِ وتعذر تكميله بفقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَهْلِيَّةِ فِي بَعْضِهِ، وَيَتَوَجَّهُ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا صَوْمٌ، كَمَنْ أَكَلَ ثُمَّ نَوَى صَوْمَ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ "و" وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو زَيْدٍ الشَّافِعِيُّ1. وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ حُصُولِ حِكْمَةِ2 الصَّوْمِ وَلِأَنَّ عَادَةَ الْمُفْطِرِ الْأَكْلُ بَعْضَ النَّهَارِ وَإِمْسَاكُ بَعْضِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَاشُورَاءَ: "مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ" 3. أَيْ لِيُمْسِكْ، لِقَوْلِهِ فِي لَفْظٍ آخَرَ: "فَلْيُمْسِكْ" وَإِمْسَاكُهُ وَاجِبٌ إنْ كَانَ صَوْمُهُ وَاجِبًا. وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لِمَنْ أَكَلَ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ إمْسَاكُهُ، لِلْخَبَرِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وتبعه صاحب المحرر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومن نوى الإفطار أفطر، نص عليه "وش وم"1 وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: يَكْفُرُ إنْ تَعَمَّدَهُ، لِاقْتِضَاءِ الدَّلِيلِ اعْتِبَارَ اسْتِدَامَةِ حَقِيقَةِ النِّيَّةِ. وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِدَوَامِهِ حُكْمًا لِلْمَشَقَّةِ وَلَا مَشَقَّةَ هُنَا، وَالْحَجُّ آكَدُ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَبْطُلُ صَوْمُهُ كَالْحَجِّ، مَعَ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ، وَمَذْهَبُ "هـ" لَا يَبْطُلُ سَوَاءٌ قَطَعَ النِّيَّةَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ لِقُوَّةِ الدَّوَامِ، وَقَوْلُنَا: أَفْطَرَ، أَيْ صَارَ كَمَنْ لَمْ يَنْوِ لَا كَمَنْ أَكَلَ، فَلَوْ كَانَ فِي نَفْلٍ ثم عاد نواه جاز، نص عليه "وش" وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ قَضَاءٍ فَقَطَعَ نِيَّتَهُ ثُمَّ نَوَى نَفْلًا جَازَ، وَلَوْ قَلَبَ نِيَّةَ نَذْرٍ وَقَضَاءٍ إلَى النَّفْلِ فَكَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ فَرْضِ صَلَاةٍ إلَى نَفْلِهَا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ تَرَدَّدَ فِي الْفِطْرِ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى أَوْ إنْ2 وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت وَإِلَّا أَتْمَمْت، فَكَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ، قِيلَ: يَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ الصَّوْمِ بِمِثْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ، وَكَمَنْ تَرَدَّدَ فِي الْكُفْرِ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنِيَّةِ الفطر، والنية لا يصح تعليقها "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ. وَمَنْ نَوَى الْإِفْطَارَ أَفْطَرَ، نَصَّ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ: لَوْ تَرَدَّدَ فِي الْفِطْرِ، أَوْ نَوَى أَنَّهُ سَيُفْطِرُ سَاعَةً أُخْرَى، أَوْ إنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلْت وَإِلَّا أَتْمَمْت، فَكَالْخِلَافِ فِي الصَّلَاةِ، قِيلَ: يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالنِّيَّةِ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْوَاجِبِ حَتَّى يَكُونَ عَازِمًا عَلَى الصَّوْمِ يَوْمَهُ كُلَّهُ، وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنِيَّةِ الْفِطْرِ، والنية لا يصح تعليقها. انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوأطلقهما الزركشي. قلت1: قد قال المصنف هنا: إن الحكم هنا كالحكم في نِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي الصَّلَاةِ2 فِيمَا إذَا تَرَدَّدَ فِي النِّيَّةِ أَوْ عَزَمَ عَلَى فَسْخِهَا. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا، وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صححت.
المجلد الخامس
المجلد الخامس تابع كتاب الصوم باب مايفسد الصوم , ويوجب الكفارة مدخل ... بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَا يَحْرُمُ فِيهِ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَجِبُ أَوْ يُسَنُّ أَوْ يُبَاحُ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَفْطَرَ "ع" خِلَافًا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ1 فِيمَا لَيْسَ بِطَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ, مِثْلُ أَنْ يَسْتَفَّ تُرَابًا, وَخِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا لَا يُغَذِّي وَلَا يُمَاعُ فِي الْجَوْفِ كَالْحَصَاةِ, وَإِنْ اسْتَعَطَ بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ "و" أَوْ دِمَاغِهِ "م" أَفْطَرَ. وَقَالَ فِي الْكَافِي2: إلى خياشيمه, لنهيه صلى الله عليه وسلم الصَّائِمَ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ3, وَعَنْ عَلِيٍّ: الصَّائِمُ لَا يَسْتَعِطُ4, وَكَالْوَاصِلِ إلَى الْحَلْقِ, وَعِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَدَاوُد: لَا يُفْطِرُ بِوَاصِلٍ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ, لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا حَرَّمَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالْجِمَاعَ, وَإِنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ أَوْ صَبِرٍ أَوْ قَطُورٍ أَوْ ذَرُورِ5 إثْمِدٍ مُطَيَّبٍ فعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وُصُولَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَى حَلْقِهِ أَفْطَرَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ الْمَعْرُوفُ, وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: إنْ وَصَلَ يَقِينًا أَوْ ظَاهِرًا أَفْطَرَ, كَالْوَاصِلِ مِنْ الْأَنْفِ, لِأَنَّ الْعَيْنَ مَنْفَذٌ, بِخِلَافِ الْمَسَامِّ, كَدُهْنِ رَأْسِهِ, وَلِذَلِكَ يَجِدُ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ وَيَتَنَخَّعُهُ عَلَى صِفَتِهِ, وَلَا أَثَرَ كَوْنُ الْعَيْنِ لَيْسَتْ مَنْفَذًا مُعْتَادًا, كَوَاصِلٍ بِحُقْنَةٍ وَجَائِفَةٍ. ولأبي داود1 عنه صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وَقَالَ: " لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ" قَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ "وم ش". وَإِنْ قَطَّرَ فِي أُذُنِهِ شَيْئًا فَدَخَلَ دِمَاغَهُ أَفْطَرَ, خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَدَاوُد, وَمَذْهَبُ "م" إنْ دَخَلَ حَلْقَهُ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ دَاوَى جُرْحَهُ أَوْ جَائِفَتَهُ فَوَصَلَ الدَّوَاءُ إلَى جَوْفِهِ "م" وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ, أَوْ دَاوَى مَأْمُومَتَهُ فَوَصَلَ إلَى دِمَاغِهِ "م" وأبي يوسف ومحمد, أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَدْخَلَ إلَى مُجَوَّفِ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْغِذَاءَ أَوْ الدَّوَاءَ شَيْئًا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ وَلَوْ كَانَ خَيْطًا ابْتَلَعَهُ كُلَّهُ "وهـ ش" أَوْ بَعْضَهُ "هـ" أَوْ طَعَنَ نَفْسَهُ, أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ بِشَيْءٍ فِي جَوْفِهِ فَغَابَ1 هُوَ "وهـ ش" أَوْ بَعْضُهُ "هـ" فِيهِ, أَوْ احْتَقَنَ بِشَيْءٍ "م ر" أَفْطَرَ, لِوُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ بِاخْتِيَارِهِ, كَغَيْرِهِ, وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ2 فِي الْوَاصِلِ, 3فَكَذَا فِي الْمَنْفَذِ, وَفَسَادُ الصَّوْمِ مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا, وَيُعْتَبَرُ الْعِلْمُ بِالْوَاصِلِ3, وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِأَنَّهُ يَكْفِي الظَّنُّ, كَمَا سَبَقَ, كَذَا قَالَ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ بِمُدَاوَاةِ جَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ, وَلَا بِحُقْنَةٍ, وَعِنْدَ أَبِي ثَوْرٍ: يُفْطِرُ بِالسَّعُوطِ فَقَطْ. وَإِنْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ أَفْطَرَ, نَصَّ عَلَيْهِ "خ" لقوله صلى الله عليه وسلم: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ" 4 قَالَ أَحْمَدُ فِيهِ: غَيْرُ حَدِيثٍ ثَابِتٍ, وَقَالَ إِسْحَاقُ: ثَبَتَ هَذَا مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَحَدِيثُ شَدَّادٍ5 صَحِيحٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ, وَصَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ6 حَدِيثَ رَافِعٍ, وَذُكِرَ7 عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ صَحَّحَ حَدِيثَ ثَوْبَانَ وَشَدَّادٍ, وَصَحَّحَهُمَا أَحْمَدُ. وَعَنْهُ: إنْ عَلِمَا النَّهْيَ. وَلَهُ نَظَائِرُ سَبَقَتْ, وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِرَقِيُّ "حَجَمَ" وَذَكَرَ "احْتَجَمَ" كَذَا قَالَ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ الْحَاجِمُ إنْ مَصَّ الْقَارُورَةَ وَإِلَّا فَلَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: لَا فِطْرَ إنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَضَعَّفَ خِلَافَهُ, وَذَكَرَ ابْنُ عقيل أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُفْطِرُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ دَمٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ. وَمَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ لَا لِلتَّدَاوِي بَدَلَ الْحِجَامَةِ لَمْ يُفْطِرْ, لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ الصِّيَامَ, وَكَخُرُوجِ الدَّمِ يُفْطِرُ عَلَى وَجْهِ الْقَيْءِ لَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْقَيْءِ, ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ, وَلَا يُفْطِرُ بِالْفَصْدِ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ فِيهِ وَغَيْرُهُمْ, لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقْتَضِيه. وَذَكَرَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ, وَالثَّانِي يُفْطِرُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ هَذَا أَصَحُّ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ, فَعَلَى هَذَا قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ التَّشْرِيطُ وَجْهَيْنِ, وَقَالَ: الْأَوْلَى إفْطَارُ الْمَفْصُودِ وَالْمَشْرُوطِ دُونَ الْفَاصِدِ وَالشَّارِطِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فِطْرَ بِغَيْرِ ذَلِكَ. وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُفْطِرُ مَنْ أُخْرِجَ دَمُهُ بِرُعَافٍ وَغَيْرِهِ, وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الرُّعَافِ. وَمَعْنَى الرُّعَافِ: السَّبْقُ, تَقُولُ الْعَرَبُ: فَرَسٌ رَاعِفٌ إذَا تَقَدَّمَ الْخَيْلَ, وَرَعَفَ فُلَانٌ الْخَيْلَ أَيْ إذَا تَقَدَّمَهَا فَسُمِّيَ الدَّمُ رُعَافًا لِسَبْقِهِ الْأَنْفَ. وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي, وَفَتْحِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ, وَضَمُّهَا فِيهِمَا شَاذٌّ, وَيُقَالُ: رِمَاحٌ رَوَاعِفُ: لِمَا يَقْطُرُ مِنْهَا الدَّمُ, أَوْ لِتَقَدُّمِهَا فِي الطَّعْنِ. وَالرَّاعِفُ: طَرَفُ الْأَرْنَبَةِ. وَإِنْ اسْتَقَاءَ فَقَاءَ "و" أَيَّ شَيْءٍ كَانَ "وم ش" أَفْطَرَ, لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ"1 وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَعِيفٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرِهِمْ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يُفْطِرُ, وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ, وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ, وَعَنْهُ يُفْطِرُ بِمِلْءِ الْفَمِ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "وهـ" وَعَنْهُ: أَوْ نِصْفَهُ, كَنَقْضِ الْوُضُوءِ, وَعَنْهُ: إنْ فَحُشَ أَفْطَرَ, وَقَالَهُ الْقَاضِي, وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُ الْأَشْهَرُ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ, وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ, كَسَائِرِ الْمُفْطِرَاتِ. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَوْ تَجَشَّأَ لَمْ يُفْطِرْ, وَإِنْ كَانَ لَا يَخْلُو أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ أَجْزَاءٌ نَجِسَةٌ, لِأَنَّهُ يَسِيرٌ, كَذَا هُنَا, كَذَا قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ إنْ خَرَجَ مَعَهُ نَجِسٌ, فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْقَيْءَ فَقَدْ اسْتَقَاءَ فَيُفْطِرُ, وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ لَمْ يَسْتَقِئْ2 فَلَمْ يُفْطِرْ وَإِنْ نَقَضَ الْوُضُوءَ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ أَنَّهُ إذَا قَاءَ بِنَظَرِهِ إلَى مَا يُغْثِيهِ يُفْطِرُ, كَالنَّظَرِ وَالْفِكْرِ. وَإِنْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَأْتِي فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ3, وَإِنْ أَمْنَى أَفْطَرَ "و" لِلْإِيمَاءِ فِي أَخْبَارِ التَّقْبِيلِ4, كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ5 وَغَيْرُهُ, وَهِيَ دَعْوَى, ثُمَّ إنَّمَا فِيهَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ وَسِيلَةً وَذَرِيعَةً إلَى الْجِمَاعِ, وَاحْتَجَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّ إبَاحَةَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقَ مُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ لَيَالِيَ الصَّوْمِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ نهارا, والأصل في التحريم الفساد, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَرَجَ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ بِلَا إنْزَالٍ, لِدَلِيلٍ, كَذَا قَالَ, وَالْمُرَادُ بِالْمُبَاشَرَةِ الْجِمَاعُ, كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ1, يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ مُحَرَّمًا ثُمَّ نُسِخَ, لَا مَا دُونَهُ, مَعَ أَنْ الْأَشْهَرَ لَا يَحْرُمُ مَا دُونَهُ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ, وَقَالَهُ دَاوُد, وَإِنْ صَحَّ إجْمَاعٌ قَبْلَهُ كَمَا قَدْ ادَّعَى تعين القول به, وعن أبي يزيد الضني2 عَنْ مَيْمُونَةَ3 مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا صَائِمَانِ, قَالَ: "قَدْ أَفْطَرَا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ4 وَقَالَ: لَا يَثْبُتُ هَذَا. وَأَبُو يَزِيدَ 5الضني ليس بمعروفوكذا قال البخاري وغيره: حديث منكر وأبويزيد5 مَجْهُولٌ. وَإِنْ مَذَى بِذَلِكَ أَفْطَرَ أَيْضًا, نَصَّ عَلَيْهِ "وم" وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَأَظُنُّ وَشَيْخُنَا: لَا يُفْطِرُ, وَهُوَ أَظْهَرُ "وهـ ش"6 عَمَلًا بِالْأَصْلِ, وَقِيَاسُهُ عَلَى الْمَنِيِّ لَا يَصِحُّ, لِظُهُورِ الْفَرْقِ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: يَبْطُلُ بِالْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ فَقَطْ, كَذَا قَالَ. وَإِنْ اسْتَمْنَى فَأَمْنَى أَوْ مَذَى فَكَذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ وِفَاقًا, وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَفْطَرَ "هـ ش" خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ, وَإِنْ مَذَى لَمْ يُفْطِرْ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "م" وَالْقَوْلُ بِالْفِطْرِ أَقْيَسُ على المذهب, كاللمس, لأن الضعيف إذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَكَرَّرَ قَوِيَ, كَتَكْرَارِ الضَّرْبِ بِصَغِيرٍ فِي الْقَوَدِ, وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ النَّظَرَ لَمْ يُفْطِرْ "وهـ ش" لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ. وَقِيلَ: يُفْطِرُ "وم" وَنَصَّ أَحْمَدُ يُفْطِرُ بِالْمَنِيِّ لَا بِالْمَذْيِ: وَكَذَا الْأَقْوَالُ إنْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ أَوْ مَذَى, فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ سَوَاءٌ, لِدُخُولِ الْفِكْرِ تَحْتَ النَّهْيِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُفْطِرُ "م" وَهُوَ أَشْهَرُ, لِأَنَّهُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَتَكْرَارِ النَّظَرِ, وَيُخَالِفُ ذَلِكَ فِي التَّحْرِيمِ إنْ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ, زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي1: أَوْ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي زَوْجَةٍ, كَذَا قَالُوا. وَلَا أَظُنُّ مَنْ قَالَ يُفْطِرُ بِهِ وَهُوَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ يُسَلِّمُ ذَلِكَ, وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ: لَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ, وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ فِيمَا يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ2, وَفِي الْكَفَّارَةِ عَنْ مَالِكٍ رِوَايَتَانِ, وَالْمُرَادُ النِّيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحْضَرَ عِنْدَ جِمَاعِ زَوْجَتِهِ صُورَةَ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمَةٍ أَوْ ذَكَرٍ أَنَّهُ يَأْثَمُ, وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَوَّلَ كِتَابِ النِّكَاحِ. وَلَا فِطْرَ وَلَا إثْمَ بِفِكْرٍ غَالِبٍ "و" وَفِي الْإِرْشَادِ3 احْتِمَالٌ فِيمَنْ هَاجَتْ شَهْوَتُهُ فَأَمْنَى أَوْ مَذَى يُفْطِرُ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ قَوْلَ أَبِي حَفْصٍ الْمَذْكُورَ ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى احْتِمَالٌ. وَيُفْطِرُ بِالْمَوْتِ فَيُطْعَمُ مِنْ تَرِكَتِهِ في نذر وكفارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإنما يفطر بجميع ما سبق إذا فعله عامدا ذاكرا لصومه مختارا
فَصْلٌ: وَإِنَّمَا يُفْطِرُ بِجَمِيعِ مَا سَبَقَ إذَا فَعَلَهُ عَامِدًا ذَاكِرًا لِصَوْمِهِ مُخْتَارًا , فَلَا يُفْطِرُ نَاسٍ "م" نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَنَقَلَهُ الْفَضْلُ فِي الْحِجَامَةِ, 1وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ, وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي الْإِمْنَاءِ بِقُبْلَةٍ أَوْ تَكْرَارِ نَظَرٍ وَأَنَّهُ يُفْطِرُ بِوَطْئِهِ دُونَ الْفَرْجِ 2نَاسِيًا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُسَاحَقَةُ كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ2, وَكَذَا مَنْ اسْتَمْنَى فَأَنْزَلَ الْمَنِيَّ, وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَالْأَكْلِ فِي النِّسْيَانِ1, لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتْمِمْ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3, وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ مَعْنَاهُ وَزَادَ: "وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ" وَفِي لَفْظٍ "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ الْأَنْصَارِيِّ, وَلِلْحَاكِمِ5 وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ: "مَنْ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ" وَلِأَنَّهُ يَخْتَصُّ النَّهْيُ عَنْهُ بِالْعِبَادَةِ لَا حَدَّ فِي جِنْسِهِ, فَلَا يُؤَثِّرُ بِلَا قَصْدٍ, كَطَيَرَانِ الذُّبَابِ إلَى حَلْقِهِ, بِخِلَافِ الرِّدَّةِ وَالْجِمَاعِ, وَكَصَوْمِ النَّفْلِ "وم" وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا قَضَاءَ فِي الْأَصَحِّ وَعَنْهُ: يُفْطِرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِحِجَامَةٍ نَاسٍ, اخْتَارَهُ فِي التَّذْكِرَةِ, لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنُدْرَةِ النِّسْيَانِ فِيهَا وَقِيلَ: وَاسْتِمْنَاءٍ نَاسٍ, وَالْمُرَادُ وَمُقَدِّمَاتُ الْجِمَاعِ, وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الْفِطْرَ بِمُبَاشَرَةٍ دُونَ الْفَرْجِ قَالَ: وَقِيلَ: عَامِدًا, وَكَذَا إنْ أَمْنَى بِغَيْرِهَا مُطْلَقًا, وَقِيلَ: عَامِدًا, أَوْ مَذَى بِغَيْرِهَا عَامِدًا, وَقِيلَ: أَوْ سَاهِيًا. وَلَا يُفْطِرُ مُكْرَهٌ, سَوَاءٌ أُكْرِهَ عَلَى الْفِطْرِ حَتَّى فَعَلَهُ أَوْ فُعِلَ بِهِ بِأَنْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ الْمَاءُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا أَوْ دَخَلَ فِيهِ مَاءُ الْمَطَرِ, نَصَّ عَلَيْهِ, كَالنَّاسِي بَلْ أَوْلَى, بِدَلِيلِ الْإِتْلَافِ. وَفِي الرِّعَايَةِ, لَا قَضَاءَ, فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يُفْطِرُ إنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ, كَالْمَرِيضِ, وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ يُفْطِرُ, لِنُدْرَةِ الْإِكْرَاهِ فَلَا تَعُمُّ الْبَلْوَى, بِخِلَافِ النِّسْيَانِ, وَالنَّصُّ فِيهِ, وَمَذْهَبُ "م" يُفْطِرُ, كَالنَّاسِي عِنْدَهُ, وَمَذْهَبُ "ش" لَا يُفْطِرُ إنْ فُعِلَ بِهِ, وَإِنْ فَعَلَ بِنَفْسِهِ فَقَوْلَانِ. وَيُفْطِرُ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ "و" نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحِجَامَةِ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ بِرَجُلٍ يَحْجُمُ رَجُلًا فَقَالَ: "أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ"1 وَكَالْجَهْلِ بِالْوَقْتِ وَالنِّسْيَانُ يَكْثُرُ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمُفْسِدَ, كَالنَّاسِي, وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْكَافِي2 بَعْدَ التَّأْثِيمِ. وَإِنْ أُوجِرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ مُعَالَجَةً لَمْ يُفْطِرْ, وَقِيلَ: يُفْطِرُ, لِرِضَاهُ بِهِ ظَاهِرًا, فَكَأَنَّهُ قَصَدَهُ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. وَمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَهُوَ نَاسٍ أَوْ جَاهِلٌ فَهَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ: إعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ "م 1" ويتوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَهُوَ نَاسٍ أَوْ جَاهِلٌ فَهَلْ
مِثْلُهُ إعْلَامُ مُصَلٍّ أَتَى بِمُنَافٍ لَا يُبْطِلُ وَهُوَ نَاسٍ أَوْ جَاهِلٌ, وَسَبَقَ1 أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ تَنْبِيهُ الْإِمَامِ فِيمَا يُبْطِلُ لِئَلَّا يكون مفسدا للصلاة مع قدرته. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ إعْلَامُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ: إعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لَا سِيَّمَا الْجَاهِلُ, لِفِطْرِهِ بِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ, وَلِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِهِ, وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي تَوْجِيهَ الْمُصَنِّفِ لِلْوَجْهِ الثَّالِثِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ. "تَنْبِيهٌ" قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إعْلَامُ مُصَلٍّ أَتَى بِمُنَافٍ لَا يبطل وهو ناس
فصل: ولا كفارة بغير جماع ومباشرة
فَصْلٌ: وَلَا كَفَّارَةَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ وَمُبَاشَرَةٍ عَلَى ما يأتي, نص عليه "وش" عَمَلًا بِالْأَصْلِ, وَلَا دَلِيلَ, وَالْجِمَاعُ آكَدُ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَقْضِي وَيُكَفِّرُ لِلْحُقْنَةِ2, وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِكَ3: يَقْضِي وَيُكَفِّرُ مَنْ احْتَجَمَ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ, وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ قَضَى, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَالْمُفْطِرَاتُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهَا أَوْلَى, وَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْبَنَّا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: يُكَفِّرُ بِكُلِّ مَا فَطَّرَهُ بِفِعْلِهِ, كَبَلْعِ حَصَاةٍ وَقَيْءٍ وَرِدَّةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَفِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِكَ: وَعَنْهُ يُكَفِّرُ مَنْ أَفْطَرَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ اسْتِمْنَاءٍ, اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا, وَخَصَّ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةَ الْحِجَامَةِ بالمحجوم, وذكر ابن الزاغوني على ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجِبُ إعْلَامُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, وَيَتَوَجَّهُ ثَالِثٌ: إعْلَامُ جَاهِلٍ لَا نَاسٍ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لَا سِيَّمَا الْجَاهِلُ, لِفِطْرِهِ بِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ, وَلِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ يَجِبُ إعْلَامُهُ بِهِ, وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي تَوْجِيهَ الْمُصَنِّفِ لِلْوَجْهِ الثَّالِثِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ. "تَنْبِيهٌ" قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إعْلَامُ مُصَلٍّ أَتَى بِمُنَافٍ لَا يبطل وهو ناس ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ب" للحنفية. 3 هو محمد بن عبدك بن سالم القزاز روى عن الإمام أحمد وكان ثقة "ت 276 هـ" تاريخ بغداد "2/384".
رِوَايَةِ الْحِجَامَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا, لِأَنَّهُ أَتَى بِمَحْظُورِ الصَّوْمِ كَالْجِمَاعِ وِفَاقًا لِعَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ, وَهَذَا ظَاهِرُ اخْتِيَارِ أَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ, وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ, وَقِيلَ: يُكَفِّرُ لِلْحِجَامَةِ, كَحَامِلٍ وَمُرْضِعٍ, وَمَذْهَبُ "م" يُكَفِّرُ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ, وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْقَيْءِ وَبَلْعِ الْحَصَاةِ التَّكْفِيرُ وَعَدَمُهُ, وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْكُفْرَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ, وَمَذْهَبُ "هـ" يُكَفِّرُ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إنْ كَانَ مِمَّا يتغذى به أو يتداوى به.
فصل: وإن طار إلى حلقه غبار طريق أو دقيق أو دخان لم يفطر
فَصْلٌ: وَإِنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ غُبَارُ طَرِيقٍ أَوْ دَقِيقٌ أَوْ دُخَانٌ لَمْ يُفْطِرْ "و" كَالنَّائِمِ يَدْخُلُ حَلْقَهُ شَيْءٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ. فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: وَقِيلَ: فِي حَقِّ الْمَاشِي, وَفِي الثَّانِيَةِ: وَقِيلَ: فِي حَقِّ النَّخَّالِ. وَفِي الثَّالِثَةِ: وَقِيلَ فِي حَقِّ الْوَقَّادِ. كَذَا قَالَ, وَوَجَّهَهُ لِنُدْرَتِهِ, فَلَا يُفْرَدُ بِحُكْمٍ, وَلَهُ نَظَائِرُ, وَكَذَا إنْ طَارَ إلَى حَلْقِهِ ذُبَابٌ لَمْ يُفْطِرْ "و" خِلَافًا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَإِنْ احْتَلَمَ أَوْ أَمْنَى مِنْ وَطْءِ لَيْلٍ أَوْ أَمْنَى لَيْلًا مِنْ مُبَاشَرَتِهِ نَهَارًا لَمْ يُفْطِرْ "و" وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَطِئَ رَجُلٌ قُرْبَ الْفَجْرِ, وَيُشْبِهُهُ من اكتحل إذاً ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ جَاهِلٌ, انْتَهَى. "قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الأعلام1, وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ مَا إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى خَامِسَةٍ, فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَأْمُومِينَ تَنْبِيهُهُ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ, وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ. "مِنْهَا" لَوْ عَلِمَ نَجَاسَةَ مَاءٍ فَأَرَادَ جَاهِلٌ بِهِ اسْتِعْمَالَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ إعْلَامُهُ؟ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ, أَوْ لَا يَلْزَمُهُ إنْ قِيلَ إزَالَتُهَا شرط؟ فيه أقوال.
وَلَا يُفْطِرُ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ "و" وَلَوْ عاد إلى جوفه بغير اختياره "هـ"1 خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ, وَلَوْ أَعَادَهُ عَمْدًا وَلَمْ يَمْلَأْ الْفَمَ أَوْ قَاءَ مَا لَا يُفْطِرُ بِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ "هـ ر" خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ, كَبَلْعِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْفَمِ "و" وَإِنْ أَصْبَحَ فِي فِيهِ طَعَامٌ فَرَمَاهُ, أَوْ شَقَّ رَمْيُهُ فَبَلَعَهُ مَعَ رِيقِهِ بِغَيْرِ قَصْدٍ أَوْ جَرَى رِيقُهُ بِبَقِيَّةِ طَعَامٍ تَعَذَّرَ رَمْيُهُ, أَوْ بَلَعَ رِيقَهُ عَادَةً, لَمْ يُفْطِرْ "و" وَإِنْ أَمْكَنَهُ لَفْظُهُ بِأَنْ تَمَيَّزَ عَنْ رِيقِهِ فَبَلَعَهُ عَمْدًا أَفْطَرَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَوْ كَانَ دُونَ الْحِمَّصَةِ "هـ م" قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ تَنَخَّعَ دَمًا كَثِيرًا2 فِي رَمَضَانَ: أَجْبُنُ عَنْهُ, وَمِنْ غَيْرِ الْجَوْفِ أهون. إن بَصَقَ نُخَامَةً بِلَا قَصْدٍ مِنْ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ, مَعَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ, كَذَا قِيلَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرعاية "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَمِنْهَا" لَوْ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةٍ عَلَى نَائِمٍ هَلْ يَجِبُ إعْلَامُهُ, أَوْ لَا يَجِبُ, أَوْ يجب إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّمْهِيدِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, فِيهِ أَقْوَالٌ, لِأَنَّ النَّائِمَ كَالنَّاسِي, وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ إعْلَامِهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ مُطْلَقًا ضَعِيفٌ جِدًّا. "وَمِنْهَا" لَوْ أَصَابَهُ مَاءُ مِيزَابٍ وَسَأَلَ, هَلْ يَلْزَمُ الْجَوَابُ الْمَسْئُولَ أَوْ لَا يَلْزَمُ أَوْ يَلْزَمُ إنْ كَانَ نَجِسًا؟ اخْتَارَهُ الْأَزَجِيُّ, وَهُوَ الصَّوَابُ, فِيهِ أَقْوَالٌ, لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمِثَالُ الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ أَصَابَهُ الْمَاءُ وَلَمْ يَسْأَلْ, فَهَلْ يَجِبُ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ نَجَاسَتَهُ إعْلَامُهُ أَمْ لَا؟ وَلَمْ أرها, والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَصَقَ نُخَامَةً بِلَا قَصْدٍ مِنْ مَخْرَجِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ, مَعَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ الظَّاهِرِ, كَذَا قِيلَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. انْتَهَى, يَعْنِي جَزَمَ بما قاله المصنف كله,
وَإِنْ قَطَّرَ فِي ذَكَرِهِ دُهْنًا لَمْ يُفْطِرْ, نَصَّ عَلَيْهِ "هـ ر وش" وَأَبِي يُوسُفَ, لِعَدَمِ الْمَنْفَذِ, وَإِنَّمَا يَخْرُجُ الْبَوْلُ رَشْحًا, كَمُدَاوَاةِ جُرْحٍ عَمِيقٍ لَمْ يَنْفُذْ إلَى الْجَوْفِ, وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا مَنْفَذٌ, كَمَنْ وَضَعَ فِي فِيهِ مَاءً لَمْ يَتَحَقَّقْ نُزُولُهُ فِي حَلْقِهِ, وَقِيلَ: يُفْطِرُ إنْ وَصَلَ مَثَانَتَهُ وَهِيَ الْعُضْوُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْبَوْلُ دَاخِلَ الْجَوْفِ. فَإِذَا كَانَ لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ قِيلَ مَثِنَ الرَّجُلُ بِكَسْرِ الثَّاءِ فَهُوَ أَمْثَنُ وَالْمَرْأَةُ مَثْنَاءُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ يُقَالُ: رَجُلٌ مَثِنٌ وَمَمْثُونٌ. وَمَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا ثُمَّ اغْتَسَلَ صَحَّ صَوْمُهُ "و" مَعَ أَنَّهُ يُسَنُّ قَبْلَ الْفَجْرِ, وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَهْيُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الصَّحِيحَيْنِ1, أَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ2, لِأَنَّ اللَّهَ تعالى أَبَاحَ الْجِمَاعَ وَغَيْرَهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ, احْتَجَّ بِهِ رَبِيعَةُ وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ, وَلِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3, وَكَذَا إنْ أَخَّرَهُ يَوْمًا صَحَّ وَأَثِمَ "و" وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَجِيءُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ إذَا تَضَايَقَ وَقْتُ الَّتِي بَعْدَهَا أَنْ يَبْطُلَ إذَا تَضَايَقَ وقت الظهر قبل غسله وصلاة الفجر, ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, بل هذا مما لا شك فيه,
كَذَا قَالَ, وَسَبَقَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ1, وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقُلْنَا يَكْفُرُ بِتَرْكِهَا بِشَرْطِهِ بَطَلَ صَوْمُهُ, وَكَذَا الْحَائِضُ تُؤَخِّرُهُ, وَسَبَقَ فِي الْحَيْضِ2, وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي الْحَائِضِ تُؤَخِّرُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ: تَقْضِي. وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يُفْطِرْ "هـ م" وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَالَغَ فِيهِ فَوَجْهَانِ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَبْطُلُ بِالْمُبَالَغَةِ, لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ3 وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فِيهَا, بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي المجاوزة: يعجبني أن يعيد "م 3" وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ لِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ كان لنجاسة ونحوها ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْطِرُ "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ فَدَخَلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يُفْطِرْ, وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ بَالَغَ فِيهِ فَوَجْهَانِ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يُفْطِرُ بِالْمُبَالَغَةِ, لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ وَعَدَمِ نُدْرَةِ الْوُصُولِ فِيهَا, بِخِلَافِ الْمُجَاوَزَةِ, وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي الْمُجَاوَزَةِ, يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِيدَ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُحَرَّرِهِ وَالشَّرْحُ6 وَشَرْحِ ابن منجا والرعايتين والحاويين والنظم والفائق وغيرهم,
فَكَالْوُضُوءِ, وَإِنْ كَانَ عَبَثًا أَوْ لِحَرٍّ أَوْ عَطَشٍ كُرِهَ, نَصَّ عَلَيْهِ "م". وَفِي الْفِطْرِ بِهِ الْخِلَافُ فِي الزَّائِدَةِ عَلَى الثَّلَاثِ, وَكَذَا إنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ فِي غَيْرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ, أَوْ أَسْرَفَ, أَوْ كَانَ عَابِثًا "وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ فَعَلَهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَكَالْمَضْمَضَةِ الْمَشْرُوعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبَثًا" فَكَمُجَاوَزَةِ الثَّلَاثِ, وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَتَمَضْمَضُ إذَا أُجْهِدَ. وَلَا يَكُونُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ "هـ" لِلْخَبَرِ1, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ولأن فيه إزالة ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَلَوْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ فَوَصَلَ إلَى حَلْقِهِ مَاءٌ لَمْ يفسد صومه, وجزم به فِي الْإِفَادَاتِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ: وَلَوْ دَخَلَ حَلْقَهُ مَاءُ طَهَارَةٍ وَلَوْ بِمُبَالِغَةٍ لَمْ يُفْطِرْ, انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْطِرُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ بِالْفِطْرِ بِالْمُبَالَغَةِ, وَقَالَ بِهِ إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ, وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اخْتِيَارَ الْمَجْدِ. "تَنْبِيهَانِ" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَضْمَضَ أَوْ اسْتَنْشَقَ لِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَإِنْ كَانَ لِنَجَاسَةٍ وَنَحْوِهَا فَكَالْوُضُوءِ, وَإِنْ كَانَ عَبَثًا أَوْ لِحَرٍّ أَوْ عَطَشٍ كُرِهَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي الْفِطْرِ بِهِ الْخِلَافُ فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثِ, وَكَذَا إنْ غَاصَ فِي الْمَاءِ فِي غَيْرِ غُسْلٍ مَشْرُوعٍ, أَوْ أَسْرَفَ, أَوْ كَانَ عَابِثًا. انْتَهَى, مُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ, فَكَذَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ.
الضَّجِرِ مِنْ الْعِبَادَةِ, كَالْجُلُوسِ فِي الظِّلَالِ الْبَارِدَةِ بخلاف قَوْلِ الْمُخَالِفِ: إنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّضَجُّرِ بِالْعِبَادَةِ, وَقَوْلُهُ: إنَّ الصَّوْمَ مُسْتَحِقٌّ فِعْلُهُ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمَشَقَّةِ, فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ بِمَا لَا ضَرُورَةَ بِهِ إلَيْهِ كُرِهَ, كَمَا لَوْ اسْتَنَدَ الْمُصَلِّي فِي قِيَامِهِ إلَى شَيْءٍ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ غَوْصَهُ فِي الْمَاءِ كَصَبِّ الْمَاءِ عليه "وش" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ أَنْ يَدْخُلَ الْمَاءُ حَلْقَهُ أَوْ مَسَامِعَهُ, وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ, وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ. يُكْرَهُ, فِي الْأَصَحِّ, فَإِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ, وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُفْطِرُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا: يَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَا لَمْ يَخَفْ ضَعْفًا, وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ, قَالَ فِي الْخِلَافِ: مَا يَجْرِي بِهِ الرِّيقُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ, وَكَذَا مَا يَبْقَى مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ, 1كَالذُّبَابِ وَالْغُبَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَإِنْ قِيلَ: يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ بَعْدَ الْمَضْمَضَةِ1 بِأَنْ يَبْزُقَ أَبَدًا حتى يعلم أنه لم يبق ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي غَوْصِ الْمَاءِ: وَفِي الرِّعَايَةِ يُكْرَهُ, فِي الْأَصَحِّ, فَإِنْ دَخَلَ حَلْقَهُ فَفِي فِطْرِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. إطْلَاقُ الْوَجْهَيْنِ هُنَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ, وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ إلَى حَلْقِهِ فِي الْغُسْلِ الْوَاجِبِ أَوْ المستحب, والصواب أن حكمه حكم الوضوء.
مِنْهَا شَيْءٌ, قِيلَ: هَذَا يَشُقُّ, وَلَيْسَ فِي لَفْظِ مَا يُمْكِنُ لَفْظُهُ مَشَقَّةٌ, يَعْنِي مَا يَبْقَى فِي فِيهِ وَلَمْ1 يَجْرِ بِهِ1 الرِّيقُ, وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ هُنَا, وَقَالَ فِي ذَوْقِ الطَّعَامِ: لَا يُفْطِرُ إنْ بَصَقَ وَاسْتَقْصَى, كَالْمَضْمَضَةِ, وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ أَوَّلَ الْفَصْلِ بَعْدَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَصْلٌ يُكْرَهُ لِلصَّائِمِ أَنْ يَجْمَعَ رِيقَهُ وَيَبْلَعَهُ, فَإِنْ جَمَعَهُ ثُمَّ بَلَعَهُ قَصْدًا لَمْ يُفْطِرْ "و" كَمَا لَوْ بَلَعَهُ قَصْدًا وَلَمْ يَجْمَعْهُ; بِخِلَافِ غُبَارِ الطَّرِيقِ, وَقِيلَ: يُفْطِرُ, فَيَحْرُمُ ذَلِكَ, كَعَوْدِهِ2 وَبَلْعِهِ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: ظَاهِرُ شَفَتَيْهِ, لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ عَادَةً, كَغَيْرِ الرِّيقِ, وَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ فِيهِ حَصَاةً أَوْ دِرْهَمًا أَوْ خَيْطًا ثُمَّ أَعَادَهُ فَإِنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ كَثِيرًا فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ, وَإِنْ قَلَّ لَمْ يُفْطِرْ, فِي الْأَصَحِّ "ش" لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ انْفِصَالُهُ وَدُخُولُهُ حَلْقَهُ, كَالْمَضْمَضَةِ, وَلَوْ كَانَ لِسَانَهُ3 لَمْ يُفْطِرْ, أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ "و" لِأَنَّ الرِّيقَ لَمْ يُفَارِقْ مَحَلَّهُ, وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُفْطِرُ. وَإِنْ تَنَجَّسَ فَمُهُ أَوْ خَرَجَ إلَيْهِ قَيْءٌ أَوْ قَلْسٌ فَبَلَعَهُ أَفْطَرَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَإِنْ قَلَّ, لِإِمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ, وَإِنْ بَصَقَهُ وَبَقِيَ فَمُهُ نَجِسًا فَبَلَعَ رِيقَهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ بَلَعَ شَيْئًا نَجِسًا أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا, وَصِفَةُ غسل فمه سبق في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ1. وَهَلْ يُفْطِرُ ببلع النخامة. "وش" كالتي من جوفه لأنها من غير الفم كَالْقَيْءِ أَمْ لَا؟ لِاعْتِبَارِهَا فِي الْفَمِ كَالرِّيقِ, فيه روايتان "م 4" وعليهما2 ينبني التَّحْرِيمُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا فِي النُّخَامَةِ رِوَايَتَيْنِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3: يُفْطِرُ بِاَلَّتِي مِنْ دِمَاغِهِ, وَفِي الَّتِي مِنْ صَدْرِهِ رِوَايَتَانِ. وَيُكْرَهُ ذَوْقُ الطَّعَامِ, ذكره جماعة وأطلقوا "وم" وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: أُحِبُّ أَنْ يَجْتَنِبَ ذَوْقَ الطَّعَامِ, فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْهُ لَا بَأْسَ بِهِ لحاجة ومصلحة, واختاره في التنبيه وابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَهَلْ يُفْطِرُ بِبَلْعِ النُّخَامَةِ كَاَلَّتِي مِنْ جَوْفِهِ لِأَنَّهَا مِنْ غَيْرِ الْفَمِ كَالْقَيْءِ أَمْ لَا؟ لِاعْتِيَادِهَا فِي الْفَمِ كَالرِّيقِ, فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ طُرُقٍ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ, وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ4 هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُنَا, وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ, وهي: "الطَّرِيقَةُ الْأُولَى" إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ إذَا بَلَعَهَا بَعْدَ أَنْ تَصِلَ إلَى فَمِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. كَاَلَّتِي مِنْ جَوْفِهِ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5, وَهُوَ الصَّوَابُ, فَعَلَى هَذَا بَلْعُهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ,
عقيل "وهـ ش" وَحَكَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ1, وَكَالْمَضْمَضَةِ الْمَسْنُونَةِ, فَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْصِيَ في البصق, ثم إن وجد طعمه فِي حَلْقِهِ لَمْ يُفْطِرْ كَالْمَضْمَضَةِ, وَإِنْ لَمْ يَسْتَقْصِ فِي الْبَصْقِ أَفْطَرَ, لِتَفْرِيطِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفْطِرُ مُطْلَقًا, لِإِطْلَاقِ الْكَرَاهَةِ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِفِطْرِهِ مُطْلَقًا, وَيُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ في مجاوزة الثلاث. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُفْطِرُ, فَيُكْرَهُ بَلْعُهَا, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ. "الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ" فِي بَلْعِ النُّخَامَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ رِوَايَتَانِ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ, قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَجَزَمَ بِهَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَمُحَرَّرِهِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يُفْطِرُ بِذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُفْطِرُ بِهِ, صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ" إنْ كَانَتْ مِنْ دِمَاغِهِ أَفْطَرَ قَوْلًا وَاحِدًا, وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صَدْرِهِ فَرِوَايَتَانِ, وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى "قُلْت": الصَّوَابُ الإفطار أيضا.
وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ الَّذِي لَا1 يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أَجْزَاءٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّهُ يَجْلِبُ الْغَمَّ وَيَجْمَعُ الرِّيقَ وَيُورِثُ الْعَطَشَ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ, لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ وَعَطَاءٍ2, وَكَوَضْعِ الْحَصَاةِ فِي فِيهِ, قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ وَضَعَ فِي فِيهِ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَجِدْ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ وَمَا يَجِدُ طَعْمَهُ فَلَا يُعْجِبُنِي. وَقَالَ فِي الصَّائِمِ يَفْتِلُ الْخَيْطَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَبْزُقَ, فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُفْطِرُ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الطَّعْمِ لَا يُفْطِرُ, كَمَنْ لَطَّخَ بَاطِنَ قَدَمِهِ بِحَنْظَلٍ "ع" بِخِلَافِ الْكُحْلِ فَإِنَّهُ تَصِلُ أَجْزَاؤُهُ إلَى الْحَلْقِ, عَلَى وَجْهَيْنِ "م 5" فَدَلَّ أَنَّهُ يُفْطِرُ بِأَجْزَائِهِ, وَقِيلَ فِي3 تحريم مَا3 لَا يَتَحَلَّلُ غَالِبًا وَفِطْرِهِ بِوُصُولِهِ أَوْ طَعْمِهِ إلَى حَلْقِهِ وَجْهَانِ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ بِلَا حَاجَةٍ. وَيَحْرُمُ مَضْغُ الْعِلْكِ الَّذِي تَتَحَلَّلُ مِنْهُ أَجْزَاءٌ "ع" وَفِي الْمُقْنِعِ4: إلَّا أَنْ لَا يَبْتَلِعَ رِيقَهُ, وَفَرَضَ بَعْضُهُمْ الْمَسْأَلَةَ فِي ذَوْقِهِ, وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَفْطَرَ, وَسَبَقَ السِّوَاكُ فِي بَابِهِ5. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: ويكره أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ مَضْغُ الْعِلْكِ الَّذِي لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ أَجْزَاءٌ, نَصَّ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ. هَلْ يُفْطِرُ إنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي6 والكافي7 والمجد في شرحه والشرح8
يَدَعَ بَقَايَا الطَّعَامِ بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَشَمُّ مَا لَا يَأْمَنُ أَنْ يَجْذِبَهُ نَفَسُهُ إلَى حَلْقِهِ, كَسَحِيقِ مِسْكٍ وَكَافُورٍ وَدُهْنٍ وَنَحْوِهِ. وَتُكْرَهُ الْقُبْلَةُ لمن تحرك شهوته فقط "وهـ" لِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ لَهُ سَلْ هَذِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ, فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ, فَقَالَ: "أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا شَابًّا, وَرَخَّصَ لِشَيْخٍ, حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ, وَكَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ, وَعَنْهُ: تكره لمن تحرك شهوته ولغيره "وم ر" لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الشَّهْوَةِ, 4وَكَالْإِحْرَامِ4, وَعَنْهُ: تَحْرُمُ عَلَى مَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي المستوعب وغيره "وم ش" كما لو ظن الإنزال معها, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي تَحْرِيمِ مَا لَا يَتَحَلَّلُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يُفْطِرُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ5 وَغَيْرِهِ, وَإِلَيْهِ مَالَ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ5. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُفْطِرُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ
وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ, ثُمَّ إنْ خَرَجَ مِنْهُ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَقَدْ سَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ1, وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ لَمْ يُفْطِرْ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" لِمَا سَبَقَ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: يُفْطِرُ, وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْهُ وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ, وَحَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ, وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيُّ, وَيَأْتِي فِي الْغِيبَةِ2 هَلْ يُفْطِرُ بِهَا وَبِكُلِّ مُحَرَّمٍ؟ وَمُرَادُ مَنْ اقْتَصَرَ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى ذِكْرِ الْقُبْلَةِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ, وَلِهَذَا قَاسُوا عَلَى الْإِحْرَامِ, وَقَالُوا: عِبَادَةٌ تَمْنَعُ الْوَطْءَ فَمَنَعَتْ دَوَاعِيَهُ, كَالْإِحْرَامِ. وَفِي الْكَافِي3: وَاللَّمْسُ وَتَكْرَارُ النَّظَرِ كَالْقُبْلَةِ, لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَاهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْقُبْلَةِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي تَكْرَارِ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ فِي الْجِمَاعِ: فَإِنْ أَنْزَلَ أَثِمَ وَأَفْطَرَ. وَالتَّلَذُّذُ بِاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ وَالْمُعَانَقَةِ وَالتَّقْبِيلِ سَوَاءٌ. هَذَا كَلَامُهُ, وَهُوَ مَعْنَى الْمُسْتَوْعِبِ. وَاللَّمْسُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَلَمْسِ الْيَدِ لِيَعْرِفَ مَرَضَهَا وَنَحْوَهُ4 لَا يُكْرَهُ "و" كالإحرام. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه
فصل: يَنْبَغِي لِلصَّائِمِ أَنْ يَتَعَاهَدَ صَوْمَهُ مِنْ لِسَانِهِ ... فَصْلٌ: قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: يَنْبَغِي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه يُمَارِيَ, وَيَصُونَ صَوْمَهُ; كَانُوا إذَا صَامُوا قَعَدُوا فِي الْمَسَاجِدِ وَقَالُوا نَحْفَظُ صَوْمَنَا, وَلَا يَغْتَابَ أَحَدًا, وَلَا يَعْمَلَ عَمَلًا يَجْرَحُ1 بِهِ صَوْمَهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: يُسَنُّ لَهُ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَالصَّدَقَةِ, وَكَفُّ لِسَانِهِ عَمَّا يُكْرَهُ, وَيَجِبُ كَفُّهُ عَمَّا يَحْرُمُ مِنْ الْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالشَّتْمِ وَالْفُحْشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ "ع" وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ قَوْلَ النَّخَعِيِّ: تَسْبِيحَةٌ فِي رَمَضَانَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ تَسْبِيحَةٍ فِي غَيْرِهِ, وَذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ. وَلَا يُفْطِرُ بِالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "و" وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: لَوْ كَانَتْ الْغِيبَةُ تُفْطِرُ مَا كَانَ لَنَا صَوْمٌ: وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ "ع" لِأَنَّ فَرْضَ الصَّوْمِ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ, وَظَاهِرُهُ صِحَّتُهُ إلَّا مَا خَصَّهُ دَلِيلٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ عَمَّارٌ2: رَوَاهُ "الْإِمَامُ" أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"3 معناه الزجر والتحذير, لم يأمر4 مَنْ اغْتَابَ بِتَرْكِ صِيَامِهِ. قَالَ: وَالنَّهْيُ عَنْهُ لِيَسْلَمَ مِنْ نَقْصِ الْأَجْرِ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدْ يُكْثِرُ فَيَزِيدُ عَلَى أَجْرِ الصَّوْمِ وَقَدْ يَقِلُّ وَقَدْ يَتَسَاوَيَانِ, قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا "مِمَّا" لَا نِزَاعَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ. وَأَسْقَطَ أَبُو الْفَرَجِ ثوابه بالغيبة ونحوها, ومراده ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَبَقَ, وَإِلَّا فَضَعِيفٌ, وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ قَوْلِهِمْ فِي تَأْوِيلِ حَدِيثِ الْحِجَامَةِ: كَانَا يَغْتَابَانِ, فَقَالَ: الْغِيبَةُ أَيْضًا أَشَدُّ لِلصَّائِمِ, بِفِطْرِهِ أَجْدَرُ1 أَنْ تُفْطِرَهُ الْغِيبَةُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَكَرَ رِوَايَةً ثَالِثَةً: يُفْطِرُ بِسَمَاعِ الْغِيبَةِ. وَذَكَرَ أَيْضًا وَجْهًا فِي الْفِطْرِ بِغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَنَحْوِهِمَا. فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: يُفْطِرُ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ مِنْ بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "إذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَصْخَبْ, فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ" وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَزْمٍ: يُفْطِرُ بِكُلِّ مَعْصِيَةٍ, وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ مِنْهَا: وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى امْرَأَتَيْنِ صَائِمَتَيْنِ تَغْتَابَانِ النَّاسَ فَقَالَ لَهُمَا: "قِيآ فَقَاءَتَا قَيْحًا وَدَمًا وَلَحْمًا عَبِيطًا" , ثُمَّ قَالَ: "إنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَنْ الْحَلَالِ وَأَفْطَرَتَا على الحرام" ورواه أحمد في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُسْنَدِهِ1 عَنْ يَزِيدَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ. حَدَّثَنِي رَجُلٌ فِي مَجْلِسِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ, فَذَكَرَهُ. وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ حَمَّادٍ الْبَكَّاءِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ: إذَا اغْتَابَ الصَّائِمُ أَفْطَرَ,2 وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْكَذِبُ يُفْطِرُ الصَّائِمَ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ صَاحِبَ الْحِلْيَةِ ذَكَرَ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّ مَنْ شَاتَمَ فَسَدَ صَوْمُهُ, لِظَاهِرِ النَّهْيِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيُسَنُّ لِمَنْ شُتِمَ أَنْ يَقُولَ إنِّي3 صَائِمٌ, قَالَ فِي4 الرِّعَايَةِ: يَقُولُهُ مَعَ نَفْسِهِ, يَعْنِي يَزْجُرُ نَفْسَهُ وَلَا يُطْلِعُ النَّاسَ عَلَيْهِ لِلرِّيَاءِ. وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ. وَإِلَّا جَهَرَ بِهِ, لِلْأَمْنِ مِنْ الرِّيَاءِ, وَفِيهِ زَجْرُ مَنْ يُشَاتِمُهُ بِتَنْبِيهِهِ عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ الْمَانِعَةِ مِنْ ذَلِكَ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا لَنَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: هَذَيْنِ, وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُهُ يَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا "م 6" لِأَنَّ الْقَوْلَ "الْمُطْلَقَ" بِاللِّسَانِ, وَاَللَّهُ "سُبْحَانَهُ" أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" "قَوْلُهُ": وَيُسَنُّ لِمَنْ شُتِمَ أَنْ يَقُولَ: إنِّي صَائِمٌ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَقُولُهُ مَعَ نَفْسِهِ, يَعْنِي يَزْجُرُ نَفْسَهُ وَلَا يُطْلِعُ النَّاسَ عَلَيْهِ لِلرِّيَاءِ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَإِلَّا جَهَرَ بِهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا لَنَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: هَذَيْنِ, وَالثَّالِثُ وَهُوَ اخْتِيَارُهُ: يَجْهَرُ بِهِ مُطْلَقًا, انْتَهَى. "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ.
فصل: يسن تعجيل الإفطار إذا تحقق غروب الشمس
فَصْلٌ: يُسَنُّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ إذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ "عِ" وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ "ع" مَا لَمْ يَخْشَ طُلُوعَ الْفَجْرِ "و" ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْأَصْحَابُ, لِلْأَخْبَارِ1, وَلِأَنَّهُ أَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ, وَلِلتَّحَفُّظِ مِنْ الْخَطَأِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ: يُسْتَحَبُّ السُّحُورُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ, وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَ أَبِي دَاوُد: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ يَأْكُلُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ طُلُوعَهُ, وَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ2 وَعَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ, قَالَ أَحْمَدُ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 187] الْآيَةَ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَيْضًا قَوْلَ رَجُلٍ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إنِّي أَتَسَحَّرُ فَإِذَا شَكَكْت أَمْسَكْت, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شَكَكْت حَتَّى لَا تَشُكَّ3. وَقَوْلَ أَبِي قِلَابَةَ: قَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَتَسَحَّرُ: يَا غُلَامُ أَجِفْ4 حَتَّى5 لَا يَفْجَأَنَا الْفَجْرُ, رَوَاهُمَا سَعِيدٌ6. وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ, وَلَعَلَّ مُرَادَ غَيْرِ الشَّيْخِ الْجَوَازُ وَعَدَمُ الْمَنْعِ بِالشَّكِّ, وَكَذَا جَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَأْكُلُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ, وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَكَذَا خَصَّ الْأَصْحَابُ الْمَنْعَ بِالْمُتَيَقَّنِ, كَشَكِّهِ فِي نَجَاسَةِ طاهر. وقال الآجري وغيره: لو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ لِعَالِمَيْنِ اُرْقُبَا الْفَجْرَ, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: طَلَعَ, وقال الآخر: لا1 يَطْلُعْ أَكَلَ حَتَّى يَتَّفِقَا, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ2 وَعُمَرُ3 وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمْ. وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَرَ صَوْمَ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ بِالْأَكْلِ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْأَصْلِ هُنَا لَا يُسْقِطُ الْعِبَادَةَ, وَالْبِنَاءَ عَلَى الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْغَيْمِ يُسْقِطُ الصَّوْمَ, وَلِلْمَشَقَّةِ هُنَا, لِتَكْرَارِهِ, وَالْغَيْمُ نَادِرٌ. وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْجَوَابِ عَلَى الْمَشَقَّةِ مَعَ مَا فِي الْغَيْمِ مِنْ الْخَبَرِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: إذَا خَافَ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ جُزْءًا مِنْ الليل ليتحقق4 لَهُ صَوْمُ جَمِيعِ الْيَوْمِ, وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِوُجُوبِ صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ, وَقَالَ: لَا فَرْقَ. ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَوْضِعِهَا وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْأَكْلُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ, وَزَادَ: بَلْ يُسْتَحَبُّ, كَذَا قَالَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ مَعَ شَكِّهِ فِي طُلُوعِهِ. وَكَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مَعَ جَزْمِهِ بِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَلَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الْجِمَاعِ "و" لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِهِ, وَيُكْرَهُ مَعَ الشَّكِّ فِي الْفَجْرِ, وَلَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مَعَ الشَّكِّ فِيهِ. نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَلَا يَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَوْ صَرِيحُهُ, وَذَكَرَ ابْنُ الجوزي أنه أصح الوجهين "م ر" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِوُجُوبِهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَفُرُوعِهِ, وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ, وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وِفَاقًا فِي صَوْمِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ, وَهَذَا يُنَاقِضُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا, لِئَلَّا يَفُوتَ بَعْضُ النَّهَارِ عَنْ النِّيَّةِ, وَالصَّوْمُ يَدْخُلُ فِيهِ بِغَيْرِ فِعْلِهِ, فَلَا يُمْكِنُهُ مُقَارَنَةُ النِّيَّةِ حَالَ الدُّخُولِ فِيهِ, بِخِلَافِ الصَّلَاةِ, كَذَا قَالَ وَسَبَقَ فِي النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ. وَالْمُرَادُ بِالْفَجْرِ الصَّادِقِ, وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ, فَيَحْرُمُ الْأَكْلُ وَغَيْرُهُ بِطُلُوعِهِ "و" فِي قَوْلِ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ, لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: 187] إنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ, وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ: "إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1, وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد2 عَنْ عَائِشَةَ; أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ؟ فَقَالَ: "وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ" فَقَالَ: لَسْت مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ, فَقَالَ: "وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقَى" , يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ وَقْتِ الصَّوْمِ, وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ السُّحُورِ أَذَانُ بِلَالٍ والفجر المستطيل" 3 وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ الْفَجْرُ الْأَبْيَضُ الْمُعْتَرِضُ, وَلَكِنَّهُ الْأَحْمَرُ" كَذَا وَجَدْته, وَلَفْظُهُ فِي مُسْنَدِهِ1 "لَيْسَ الْفَجْرُ بِالْمُسْتَطِيلِ فِي الْأُفُقِ وَلَكِنَّهُ الْمُعْتَرِضُ الْأَحْمَرُ" وَلِأَبِي دَاوُد, وَالتِّرْمِذِيِّ2 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ "كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَعْتَرِضَ لَكُمْ الْأَحْمَرُ" فَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ بِهِ, وَأَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْهُ, وَلَكِنَّ قَيْسًا عِنْدَهُ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ: قُلْت لِحُذَيْفَةَ: أَيَّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ النَّهَارُ إلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ4 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرٍّ, وَعَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ صِلَةَ وَلَمْ يَرْفَعَاهُ, وَقَالَ: لَا يَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ غَيْرُ عَاصِمٍ, فَإِنْ كَانَ رَفْعُهُ صَحِيحًا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ قُرْبَ النَّهَارِ, وَلَفْظُ أَحْمَدَ5: قُلْت: أَبَعْدَ الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ, هُوَ الصُّبْحُ غَيْرَ أَنْ لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ. وَعَاصِمٌ فِي حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ وَنَكَارَةٌ, فَرِوَايَةُ الْإِثْبَاتِ أَوْلَى, وَقَالَ ابن عمر: إن ابن أم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَكْتُومٍ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْت أَصْبَحْت. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَمَعْنَاهُ قَرُبَ الصُّبْحُ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يقضي حاجته منه" رواه أبو داود2, فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ طُلُوعُ الْفَجْرِ. وَقَالَ مَسْرُوقٌ3: لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ, إنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ. ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ, فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ رَأْيُ طَائِفَةٍ, مَعَ احْتِمَالِ مَعْنَاهُ تَحَقُّقُ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَالْمُذْهَبُ: لَهُ الْفِطْرُ بِالظَّنِّ "و" لِأَنَّ الناس أفطروا في عهده صلى الله عليه وسلم ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ, وَكَذَا أَفْطَرَ عُمَرُ وَالنَّاسُ فِي عَهْدِهِ كَذَلِكَ4, وَلِأَنَّ مَا عَلَيْهِ أَمَارَةٌ يَدْخُلُهُ التَّحَرِّي, وَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْوَاحِدِ, كَالْوَقْتِ وَالْقِبْلَةِ, بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَجُوزُ الْأَكْلُ بِالِاجْتِهَادِ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ, وَلَا يَجُوزُ فِي آخِرِهِ إلَّا بِيَقِينٍ وَلَوْ أَكَلَ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ فِي الْآخِرِ, وَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْأَوَّلِ, وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ. وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ الْأَعْلَى أَفْطَرَ الصَّائِمُ حُكْمًا وَإِنْ لَمْ يُطْعِمْ, ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ5 مِنْ هَاهُنَا5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ" 1 أَيْ أَفْطَرَ شَرْعًا, فَلَا يُثَابُ عَلَى الْوِصَالِ, كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ, وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ. وَالْعَلَامَاتُ الثَّلَاثُ مُتَلَازِمَةٌ, ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ2 عَنْ الْعُلَمَاءِ, وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهَا لِئَلَّا يُشَاهِدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَيَعْتَمِدَ عَلَى غَيْرِهَا, كَذَا قَالَ: وَرَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يَتَوَقَّفُ فِي هَذَا وَيَقُولُ: يُقْبِلُ اللَّيْلُ مَعَ بَقَاءِ الشَّمْسِ؟ وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْفِطْرُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ "و" لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ3, وَكَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا يُفْطِرَانِ حَتَّى يُصَلِّيَا الْمَغْرِبَ وَيَنْظُرَا إلَى اللَّيْلِ الْأَسْوَدِ. رَوَاهُ مَالِكٌ4. وَلَا يَجِبُ السُّحُورُ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ "ع". وَتَحْصُلُ فَضِيلَةُ السُّحُورِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ, لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ "وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جَرْعَةً مِنْ مَاءٍ" وَفِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ, وَهُوَ ضَعِيفٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ5, وَرَوَاهُ ابن أبي عاصم وغيره من حديث ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ, قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ, فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُخَرَّجَ الْقَوْلُ بِهَذَا عَلَى الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ فِي الْفَضَائِلِ, وَقَدْ سَبَقَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ1, وَلِأَحْمَدَ2 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ وَلَوْ بِشَيْءٍ" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ: وَكَمَالُ فَضِيلَتِهِ بِالْأَكْلِ, لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ "إنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا3. وَيُسَنُّ أَنْ يُفْطِرَ عَلَى الرُّطَبِ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى التَّمْرِ فإن لم يجد فعلى الماء, لفعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد, وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ, مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ4, وَرَوَوْا أَيْضًا وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ5 مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الضَّبِّيِّ "إذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى مَاءٍ فَإِنَّهُ طَهُورٌ". وَأَنْ يَدْعُوَ عِنْدَ فِطْرِهِ, رَوَى ابْنُ مَاجَهْ, وَالتِّرْمِذِيُّ6 وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "ثَلَاثٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ, وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ, وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ". وَلِابْنِ مَاجَهْ7 مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو "لِلصَّائِمِ عند ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِطْرِهِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ" وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَوْلِ: "اللَّهُمَّ لَك صُمْت, وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت, سُبْحَانَك وَبِحَمْدِك, اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إنَّك أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ, وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَفِيهِمَا "تَقَبَّلْ مِنَّا" وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَهُوَ أَوْلَى, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إذَا أَفْطَرَ: "ذَهَبَ الظَّمَأُ, وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ, وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ, وَالدَّارَقُطْنِيّ2 وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ, وَالْحَاكِمُ3 وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ. وَالْعَمَلُ بِهَذَا الْخَبَرِ أَوْلَى. "وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ" , صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ4 مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَيُّ شَيْءٍ كَانَ, كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْخَبَرِ, وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ5 مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَذَكَرَ فِيهِ ثَوَابًا عَظِيمًا إنْ أَشْبَعَهُ. وقال شيخنا: مراده بتفطيره أن يشبعه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من أكل شاكا في غروب الشمس ودام شكه
فَصْلٌ: مَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ وَدَامَ شَكُّهُ , أَوْ أَكَلَ يَظُنُّ بَقَاءَ النَّهَارِ; قَضَى "ع" وَإِنْ بَانَ لَيْلًا لَمْ يَقْضِ, وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: صَحَّ صَوْمُهُ. وَإِنْ أَكَلَ
يَظُنُّ الْغُرُوبَ ثُمَّ شَكَّ وَدَامَ1 شَكُّهُ لَمْ يَقْضِ, وَإِنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَامَ شَكُّهُ لَمْ يَقْضِ "م" وَزَادَ: وَلَوْ طَرَأَ شَكُّهُ, لِمَا سَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ, وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ, فَيَكُونُ زَمَانُ الشَّكِّ مِنْهُ. وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ طُلُوعَ الْفَجْرِ فَبَانَ لَيْلًا وَلَمْ يُجَدِّدْ2 نِيَّةَ صَوْمِهِ الْوَاجِبُ قَضَى, كَذَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَكْلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ نِيَّةَ الصَّوْمِ, وَقَصْدُهُ غَيْرُ الْيَقِينِ, وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اعْتِقَادُ طُلُوعِهِ, وَلِهَذَا فَرَضَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ اعْتَقَدَهُ نَهَارًا فَبَانَ لَيْلًا, لِأَنَّ الظَّانَّ شَاكٌّ, وَلِهَذَا خَصُّوا الْمَنْعَ بِالْيَقِينِ, وَاعْتَبَرُوهُ بِالشَّكِّ فِي نَجَاسَةِ طَاهِرٍ, وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ فِيهِ, وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الظَّنَّ وَالِاعْتِقَادَ وَاحِدٌ, وَأَنَّهُ يَأْكُلُ مَعَ الشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ مَا لَمْ يَظُنَّ وَيَعْتَقِدْ النَّهَارَ. وَإِنْ أَكَلَ يَظُنُّ3 أَوْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْلٌ4 فَبَانَ نَهَارًا فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ "و" لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِإِتْمَامِ الصِّيَامِ, وَلَمْ يُتِمَّهُ, وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ 5ثُمَّ طَلَعَتْ5 الشَّمْسُ. قِيلَ لِهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ رَاوِي الْخَبَرِ: أُمِرُوا بالقضاء:؟ قال: 6لا بد6 من قضاء. رواه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ1, وَلِأَنَّهُ جَهِلَ وَقْتَ الصَّوْمِ "فَهُوَ" كَالْجَهْلِ بِأَوَّلِ رَمَضَانَ. وَصَوْمُ الْمَطْمُورِ2 لَيْلًا بِالتَّحَرِّي, بَلْ أَوْلَى, 3لِأَنَّ إمْكَانَ3 التَّحَرُّزِ4 مِنْ الْخَطَأِ هُنَا أَظْهَرُ, وَالنِّسْيَانُ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ, وَكَذَا سَهْوُ الْمُصَلِّي بِالسَّلَامِ عَنْ نَقْصٍ, وَلَا عَلَامَةَ ظَاهِرَةٌ, وَلَا أَمَارَةَ سِوَى عِلْمِ الْمُصَلِّي, وَهُنَا عَلَامَاتٌ, وَيُمْكِنُ الِاحْتِيَاطُ وَالتَّحَفُّظُ, وَتَأْتِي رِوَايَةٌ: لَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ جَامَعَ جَاهِلًا بِالْوَقْتِ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَسَبَقَ قَوْلُهُ فِيمَنْ أَفْطَرَ فَبَانَ رَمَضَانَ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ أَكَلَ يَظُنُّ بَقَاءَ اللَّيْلِ فَأَخْطَأَ لَمْ يَقْضِ, لِجَهْلِهِ, وَإِنْ ظَنَّ دُخُولَهُ فَأَخْطَأَ قَضَى, وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا الْقَضَاءُ وَالْأَمْرُ بِهِ5. وَالثَّانِيَةُ لَا نَقْضِي مَا تجانفنا الإثم6, وقال: قد كنا جاهلين7 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَعَلَى هَذَا لَا قَضَاءَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى, وَقَالَهُ: فِيهِمَا الْحَسَنُ وَإِسْحَاقُ وَالظَّاهِرِيَّةُ, وَقَالَهُ فِي الْأُولَى مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ الْجَاهِلِ بِالْحُكْمِ, فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَقَالَ صَاحِب الرِّعَايَةِ: يَصِحُّ صومه, ويحتمل ضده, كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من جامع في صوم رمضان بلا عذر
فَصْلٌ: مَنْ جَامَعَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ "و" وَمُرَادُهُمْ مَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ فِي قُبُلٍ أَصْلِيٍّ أَنْزَلَ أَمْ لَا, لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ, أَوْ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ كَالدُّبُرِ. كَمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. وَأَنَّهُ لَوْ أَوْلَجَ خُنْثَى مُشْكِلٌ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى مِثْلِهِ, أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ, أَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ, لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ, كَالْغُسْلِ, وَأَنَّ الْخَصِيَّ كَغَيْرِهِ1 إنْ أَوْلَجَ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: لَا يَقْضِي مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَامَعَ كَجِمَاعٍ زَائِدٍ, أَوْ بِهِ بِلَا إنْزَالٍ, وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ: لَا كَفَّارَةَ أَيْضًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إنْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ لَمْ يَقْضِ, وَإِلَّا قَضَى. وَيَأْتِي قَوْلُ شَيْخِنَا فِي "فَصْلِ الْقَضَاءِ": وَالنَّاسِي كَالْعَامِدِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهُ الأصحاب "وم" وَالظَّاهِرِيَّةُ. وَعَنْهُ: لَا يُكَفِّرُ, اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ "وم ر". وَعَنْهُ: لَا يَقْضِي اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو محمد الجوزي وشيخنا "وهـ ش". وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ1 قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَكَذَا مَنْ جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا يَقْضِي, جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ, وَجَعَلَهُ جَمَاعَةٌ أَصْلًا لِلْكَفَّارَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَقْضِي, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَتَأْتِي رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ, وَهَلْ يُكَفِّرُ كَمَا اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا؟ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَأَنَّهُ قِيَاسُ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَى النَّاسِي, وَأَوْلَى أَمْ لَا يُكَفِّرُ "و" فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 7" وَعَلَى الثَّانِيَةِ إنْ عَلِمَ فِي الْجِمَاعِ أَنَّهُ نهارا2 وَدَامَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ, بِنَاءً عَلَى مَنْ وَطِئَ بَعْدَ إفْسَادِ صَوْمِهِ, عَلَى مَا يأتي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ جَامَعَ يَعْتَقِدُهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا يَقْضِي, جَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ. وَهَلْ يُكَفِّرُ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّهُ قِيَاسُ مَنْ أَوْجَبَهَا عَلَى النَّاسِي, وَأَوْلَى, أَمْ لَا يُكَفِّرُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ, وَكَوْنُهُ يُطْلِقُ الْخِلَافَ مَعَ اخْتِيَارِ الْأَصْحَابِ لِإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ شَيْءٌ, وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَوَّلَ الْكِتَابِ3, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ أَكَلَ نَاسِيًا وَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ بِهِ ثُمَّ جَامَعَ فَكَالنَّاسِي وَالْمُخْطِئِ, إلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ فَيُكَفِّرُ فِي الْأَشْهَرِ, كَمَا يَأْتِي. وَكَذَا مَنْ أَتَى بِمَا لَا يُفْطِرُ بِهِ فَاعْتَقَدَ الْفِطْرَ وَجَامَعَ "وم ش" خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي الِاحْتِلَامِ وَذَرْعِ الْقَيْءِ لَا يُكَفِّرُ, لِلِاشْتِبَاهِ بِنَظِيرِهِمَا وَهُوَ إخْرَاجُ الْقَيْءِ وَالْمَنِيِّ عَمْدًا. وَالْمُكْرَهُ كَالْمُخْتَارِ "وهـ م" فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ أَمْرٍ غُلِبَ عَلَيْهِ الصَّائِمُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا كَفَّارَةٌ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إسْقَاطِ الْقَضَاءِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ. قال ابن عقيل في مفرداته: الصحيح فِي الْأَكْلِ وَالْوَطْءِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِمَا لَا يُفْسِدَانِ, فَأَنَا أُخَرِّجُ فِي الْوَطْءِ رِوَايَةً مِنْ الْأَكْلِ, وَفِي الْأَكْلِ رِوَايَةً مِنْ الْوَطْءِ. وَقِيلَ: يَقْضِي مَنْ فَعَلَ لَا مَنْ1 فُعِلَ بِهِ مِنْ نَائِمٍ وَغَيْرِهِ "وق" وَقِيلَ: لَا قَضَاءَ مَعَ النَّوْمِ فَقَطْ, وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ نَصَّ أَحْمَدَ فِيهِ, لِعَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودٍ. وَإِنْ فَسَدَ الصَّوْمُ بِذَلِكَ فَهُوَ فِي الْكَفَّارَةِ كَالنَّاسِي "وش" وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِالْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ. وَقِيلَ: يُكَفِّرُ مَنْ فَعَلَ بِالْوَعِيدِ. وَالْمَرْأَةُ الْمُطَاوِعَةُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا وَتُكَفِّرُ "وهـ م ق" كَالرَّجُلِ. وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا "وش" لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَأْمُرْهَا بِهَا وَلِفِطْرِهَا بِتَغْيِيبِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ, فَقَدْ سَبَقَ جِمَاعُهَا الْمُعْتَبَرُ. وَمَنَعَ هَذَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, لِأَنَّهُ لَيْسَ لِهَذَا الْقَدْرِ حُكْمُ الْجَوْفِ وَالْبَاطِنِ, وَلِذَلِكَ يَجِبُ أَوْ يُسْتَحَبُّ غُسْلُهُ مِنْ حَيْضٍ وَجَنَابَةٍ وَنَجَاسَةٍ. وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَنْهُمَا "وق" خَرَّجَهَا أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ الْحَجِّ, وَضَعَّفَهُ غَيْرُ واحد, لأن الأصل عدم التداخل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ طَاوَعَتْهُ1 أُمُّ وَلَدِهِ صَامَتْ, وَقِيلَ: يُكَفِّرُ عَنْهَا. وَيَفْسُدُ صَوْمُ الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْوَطْءِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" وَعَنْهُ: لَا "وق" وَقِيلَ: يَفْسُدُ إنْ فَعَلَتْ, لَا2 الْمَقْهُورَةُ وَالنَّائِمَةُ "وق" وَأَفْسَدَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3 صَوْمَ غَيْرِ النَّائِمَةِ, لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْوَطْءِ لَهَا, وَلَا كَفَّارَةَ فِي حَقِّ الْمُكْرَهَةِ إنْ فَسَدَ صَوْمُهَا, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "و" نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً: تُكَفِّرُ, وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهَا مُخْرَجَةٌ مِنْ الْحَجِّ "وم" فِي الْمُسْتَيْقِظَةِ. وَعَنْهُ: تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ, لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ لَهَا إلَى ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ أُكْرِهَتْ حَتَّى مُكِّنَتْ لَزِمَتْهَا الْكَفَّارَةُ, وَإِنْ غُصِبَتْ أَوْ كَانَتْ نَائِمَةً فَلَا. وَإِنْ جَامَعَتْ نَاسِيَةً فَكَالرَّجُلِ "و" ذَكَرَهُ الْقَاضِي, لِأَنَّ عُذْرَهَا بِالْإِكْرَاهِ أَقْوَى وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا4, وَهُوَ أَشْهَرُ "و" لِقُوَّةِ جَنَبَةِ الرَّجُلِ, وَيَتَخَرَّجُ: أَنْ لَا يَفْسُدَ صَوْمُهَا مَعَ النِّسْيَانِ وَإِنْ فَسَدَ صَوْمُهُ, لِأَنَّهُ مُفْسِدٌ لَا يُوجِبُ كَفَّارَةً, كَالْأَكْلِ, وَكَذَا الْجَاهِلَةُ وَنَحْوُهَا5.6 وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ عَنْ الْمَعْذُورَةِ بِإِكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ وَجَهْلٍ وَنَحْوِهَا6. كَأُمِّ وَلَدِهِ إذَا أَكْرَهَهَا, والمراد: وقلنا تلزمها الكفارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ أَكْرَهَ الزَّوْجَةَ عَلَى الْوَطْءِ دَفَعَتْهُ بِالْأَسْهَلِ فَالْأَسْهَلِ, وَلَوْ أَفْضَى إلَى نَفْسِهِ, كَالْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي, كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ. وَالْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ كَالْقُبُلِ يَقْضِي وَيُكَفِّرُ "و" وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ الْغُسْلِ وَمِنْ الْحَدِّ, وَقَدْ قَاسَ جَمَاعَةٌ عَلَيْهِمَا, لَكِنْ يَفْسُدُ صَوْمُهُ إنْ أَنْزَلَ "و" وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ: لَا كَفَّارَةَ. وَإِنْ1 أَوْلَجَ فِي بَهِيمَةٍ فَكَالْآدَمِيَّةِ, نَصَّ عَلَيْهِ احْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ: وَسَوَاءٌ وَجَبَ الْحَدُّ كَالزِّنَا أَوْ لَا, كَالزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ, وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى الْحَدِّ, وَكَذَا2 خَرَّجَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً بِنَاءً عَلَى الْحَدِّ, وَيَأْتِي قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ: لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فِيهِ غُسْلٌ "وهـ" وَلَا فِطْرٌ "وهـ" وَلَا كَفَّارَةٌ "وهـ" كَذَا قَالَ, وَإِنْ أَوْلَجَ فِي مَيِّتٍ فَكَالْحَيِّ, وَسَبَقَ وَجْهٌ فِي الْغُسْلِ. وَقِيلَ هُنَا: فِي آدَمِيٍّ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمٍ حَيٍّ, وَقِيلَ: أَوْ مَيِّتٍ, كَذَا قِيلَ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ أَوْلَجَ فِي بَهِيمَةٍ أَوْ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ. وَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ "و" وَالْكَفَّارَةُ "هـ" لِأَنَّهُ مَنَعَ صِحَّةَ الصَّوْمِ بِجِمَاعٍ أَثِمَ فِيهِ, لِحُرْمَةِ الصَّوْمِ, كَمَنْ وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ, وَلِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِي النَّهَارِ نَاسِيًا ثُمَّ ذَكَرَ وَاسْتَدَامَ قَضَى وَكَفَّرَ, وَإِنَّمَا أَفْسَدَ صَوْمَهُ بِالِاسْتِدَامَةِ دُونَ الابتداء عند الحنفية, ولم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُوجِبُوا عَلَيْهِ كَفَّارَةً, وَأَمَّا الْحَدُّ عَلَى مُجَامِعٍ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَدَامَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي وَجْهٍ, ثُمَّ الْحَدُّ عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ, بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ. وَقَاسَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى مَنْ اسْتَدَامَ الْوَطْءَ حَالَ الْإِحْرَامِ. وَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي, لِأَنَّ النَّزْعَ جِمَاعٌ يُلْتَذُّ بِهِ كَالْإِيلَاجِ, بِخِلَافِ مُجَامِعٍ حَلَفَ لَا يُجَامِعُ فَنَزَعَ, لِتَعَلُّقِ الْيَمِينِ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوَّلَ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ "وهـ ش" وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ وَطْءِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي قَبْلَ1 كَفَّارَةِ الظِّهَارِ, فَإِنْ جَازَ فَالنَّزْعُ لَيْسَ بِجِمَاعٍ وَإِلَّا كَانَ جِمَاعًا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى2: يَقْضِي, قَوْلًا وَاحِدًا وَفِي الْكَفَّارَةِ عَنْهُ خِلَافٌ "م 8" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ وَهُوَ مجامع فاستدام فعليه القضاء وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَقْضِي, قَوْلًا وَاحِدًا. وَفِي الْكَفَّارَةِ عَنْهُ خِلَافٌ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِيضَاحِ, وَالْمُبْهِجِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ, وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَنَصَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ, وَالْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَعَلَيْهِ القضاء والكفارة, في
قال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهَذَا يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا يَقْضِي فقط, قال1: وهو أصح عندي "وم" لِحُصُولِهِ مُجَامِعًا أَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ2 أُمِرَ بِالْكَفِّ عَنْهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ مِنْ اللَّيْلِ, فَهُوَ كَمَنْ ظَنَّهُ لَيْلًا فَبَانَ نَهَارًا, لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ عُذْرٌ صَارَ كَوَطْءِ النَّاسِي وَمَنْ ظَنَّهُ لَيْلًا. وَفِي الْكَفَّارَةِ بِذَلِكَ رِوَايَتَانِ, كَذَا هَذَا. وَمَنْ جَامَعَ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ لَمْ تَسْقُطْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "هـ ق" أَوْ جُنَّ "هـ ق" أَوْ حَاضَتْ الْمَرْأَةُ "هـ ق" أَوْ نَفِسَتْ "هـ ق" لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْأَعْرَابِيَّ بالكفارة, ولم يَسْأَلْهُ3, وَكَمَا لَوْ سَافَرَ "و" وَقَوْلُهُمْ لِأَنَّهُ4 لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ مَمْنُوعٌ, وَيُؤْثَرُ عِنْدَهُمْ فِي مَنْعِ الْكَفَّارَةِ وَلَا يُسْقِطُهَا بَعْدَ وُجُوبِهَا, تَفْرِقَةً بَيْنَ كَوْنِهِ مُقَارِنًا5 وَطَارِئًا. وَلَا يُقَالُ: تَبَيَّنَّا أَنَّ الصَّوْمَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عِنْدَ الْجِمَاعِ, لِأَنَّ الصَّادِقَ لَوْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَيَمْرَضُ أَوْ يَمُوتُ لَمْ يَجُزْ الْفِطْرُ. وَالصَّوْمُ لَا تَتَجَزَّأُ صِحَّتُهُ, بَلْ لُزُومُهُ كَصَائِمٍ صَحَّ أَوْ أَقَامَ. وَفِي الانتصار وجه: يسقط بحيض ونفاس "وق" لمنعهما ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصَحِّ, وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ, قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ, وَاخْتَارَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الْفَائِقِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَكَلَامُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَاخْتِيَارُ الْمَجْدِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ فِعْلَ الْوَطْءِ قَرِيبًا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ, وَإِلَّا فلا كفارة والله أعلم.
الصِّحَّةَ, وَمِثْلُهُمَا مَوْتٌ, وَكَذَا جُنُونٌ إنْ مَنَعَ طَرَيَانُهُ الصِّحَّةَ, وَأَشْهَرُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا "وم". وَمَنْ وَطِئَ ثُمَّ كَفَّرَ ثُمَّ عَادَ فَوَطِئَ فِي يَوْمِهِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ثَانِيَةٌ1, نَصَّ عَلَيْهِ, لِمَا سَبَقَ فِيمَنْ اسْتَدَامَهُ وَقْتَ1 طُلُوعِ الْفَجْرِ, 2وَكَالْحَجِّ2, وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ "و" وَخَرَّجَهُ3 ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" بِمَا يَقْتَضِي دُخُولَ أَحْمَدَ فِيهِ. وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ بِغَيْرِ خِلَافٍ, فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعَدَّدَ4 الْوَاجِبُ وَتَدَاخَلَ مُوجِبُهُ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا, وَعَلَى الثَّانِي لَمْ5 يَجِبْ بِغَيْرِ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ, وَكَذَا أَكَلَ6 وَاطِئٌ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ "و" وَنَصَّ أَحْمَدَ فِي مُسَافِرٍ قَدِمَ مُفْطِرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ جَامَعَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ, قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ, هَذَا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ, وَهُوَ وَجْهٌ فِي كِتَابِ الْمَذْهَبِ, لِضَعْفِ هَذَا الْإِمْسَاكِ, لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَجْهٌ فِيمَنْ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ. وَأَلْزَمَهُ مَالِكٌ بِالْكَفَّارَةِ بِمُجَرَّدِ تَرْكِ نِيَّةِ الصَّوْمِ عَمْدًا بِلَا أَكْلٍ وَلَا جِمَاعٍ. وَإِنْ أَكَلَ ثُمَّ جَامَعَ فَالْخِلَافُ وَسَبَقَ هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِأَكْلٍ؟ وَإِنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ, فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ كَفَّرَ عَنْ الثَّانِي "و" وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع" وَفِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ "هـ" وَكَذَا إنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ, فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا, وَحَكَاهُ ابن عبد البر عن أحمد "وم ش" لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ, وَكَيَوْمَيْنِ مِنْ رَمَضَانَيْنِ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ عَنْ "هـ" وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ1, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أبي موسى "م 9" "و" كالحدود. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكَلَ ثُمَّ جَامَعَ فَالْخِلَافُ, انْتَهَى. لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْوَطْءِ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ "فِي" الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, وَقَدْ قَطَعَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْوَاطِئِ بَعْدَ الْأَكْلِ. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَإِنْ جَامَعَ فِي يَوْمَيْنِ فَإِنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ كفر عن الثاني.
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَعَلَى قَوْلِنَا بِالتَّدَاخُلِ لَوْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَنْهُ ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى, لَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُهَا وَأَجْزَأَتْهُ الثَّانِيَةُ عَنْهُمَا, وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا لَزِمَهُ بَدَلُهَا, وَلَوْ اُسْتُحِقَّتَا جَمِيعًا أَجْزَأَهُ بَدَلُهُمَا رَقَبَةً1 وَاحِدَةً, لِأَنَّ مَحَلَّ التَّدَاخُلِ وُجُودُ السَّبَبِ الثَّانِي قَبْلَ أَدَاءِ مُوجِبِ الْأَوَّلِ2, وَنِيَّةُ التَّعْيِينِ لَا تَتَغَيَّرُ فَتَلْغُو وَتَصِيرُ كَنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ, هَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا, وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ, وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ فِي نَظِيرِهِ, وَهُوَ كُلُّ مَوْضِعٍ قَضَى فِيهِ بِتَدَاخُلِ الْأَسْبَابِ فِي الكفارة إذا نوى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا إنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ, فِي اخْتِيَارِ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمَا, وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ والزركشي وغيرهم,
التَّكْفِيرَ عَنْ بَعْضِهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْ جَمِيعِهَا, مِثْلُ مَنْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ وَطِئَ وَاحِدَةً وَكَفَّرَ عَنْهَا أَجْزَأَهُ عَنْ الْكُلِّ, وَنَحْوُ ذَلِكَ وَوَجَدْت أَنَا فِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ: لَوْ أَطْعَمَ إلَّا فَقِيرًا فَوَطِئَ أَطْعَمَهُ فَقَطْ عَنْهُمَا, كَحَدِّ الْقَذْفِ عِنْدَهُمْ. وَإِنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْنَى وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: فَأَفْطَرَ, وَفِيهَا نَظَرٌ فَعَنْهُ1: يُكَفِّرُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بكر وابن أبي موسى والأكثر "وم" كَالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ, وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ, وَعَنْهُ: لَا كفارة عليه "وهـ ش" اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, مِنْهُمْ صَاحِبُ النَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي2 والمحرر, ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَجَامِعِهِ وَرِوَايَتَيْهِ, وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ, فِي الْأَصَحِّ, قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَزِمَهُ ثِنْتَانِ, فِي الْأَظْهَرِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ ومسبوك الذهب والمحرر وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَقَدَّمَهُ هُوَ3 وابن رزين في شرحه.
وَهِيَ أَظْهَرُ "م 10" وَعَلَى الْأَوَّلِ: النَّاسِي كَالْعَامِدِ, ذكره في التبصرة, وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اعْتِبَارُهُ بِالْفَرْجِ, وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِمَا: عَامِدًا. وَكَذَا إذَا أَنْزَلَ الْمَجْبُوبُ بِالْمُسَاحَقَةِ. وَكَذَا امْرَأَتَانِ2 إنْ قُلْنَا يَلْزَمُ الْمُطَاوِعَةَ كفارة, وإلا فلا كفارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ جَامَعَ دُونَ الْفَرْجِ فَأَمْنَى وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ: فَأَفْطَرَ, وَفِيهَا نَظَرٌ فَعَنْهُ: يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْأَكْثَرُ, كَالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ, وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ, وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ "عَلَيْهِ" اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, مِنْهُمْ صَاحِبُ النَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ, وَهِيَ أَظْهَرُ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمستوعب والكافي3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ, وَهِيَ الصَّحِيحَةُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ, اخْتَارَهُ صاحب
وَالْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ وَنَحْوُهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ, فِي رواية اختارها القاضي "وم" وَفِي رِوَايَةٍ: لَا كَفَّارَةَ, اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ1 "و". ونص أحمد: إن قبل فمذى لا يكفر "م 11" وإن كرر النَّظَرَ فَأَمْنَى فَلَا كَفَّارَةَ "م" كَمَا لَوْ لَمْ يُكَرِّرْهُ "و" وَعَنْهُ: بَلَى, كَاللَّمْسِ, وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا الرِّوَايَتَيْنِ, وَقِيلَ: إنْ أَمْنَى بفكرة أَوْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ عَمْدًا أَفْطَرَ, وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ. وَسَبَقَ حُكْمُ مَنْ جَامَعَ فِي يَوْمٍ رَأَى الْهِلَالَ فِي لَيْلَتِهِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ, وَجِمَاعِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ. وَيَخْتَصُّ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِرَمَضَانَ "و" لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُسَاوِيه, خِلَافًا لِقَتَادَةَ فِي قَضَائِهِ فَقَطْ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ يُكَفِّرُ إنْ أفسد قضاء رمضان, ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّصِيحَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهِيَ أَصَحُّ, قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهِيَ أَظْهَرُ, وَقَدَّمَهَا فِي النَّظْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ, اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ, حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ فِي التَّعْلِيقِ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَالْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ وَنَحْوُهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا كَفَّارَةَ, اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ, ونص أحمد: إن قبل
وسبق أول الباب هل تختص بالجماع1. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَمَذَى لَا يُكَفِّرُ. انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ بَاشَرَ دُونَ الْفَرْجِ بِوَطْءٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ اسْتِمْنَاءٍ أَوْ تكرار نظر فمذى أو أمنى بِبَعْضِ ذَلِكَ بَطَلَ صَوْمُهُ مُطْلَقًا. وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَاتٌ, الْوُجُوبُ, وَعَدَمُهُ, وَالثَّالِثَةُ: يَجِبُ فِي الْوَطْءِ الْمَذْكُورِ فَقَطْ, وَكَذَا قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَمَنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَوْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى أَفْطَرَ مُطْلَقًا, وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ, وَقِيلَ مَنْ أَمْنَى نَاسِيًا بِقُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ تَكْرَارِ نَظَرٍ لَمْ يُفْطِرْ, وَكَذَا قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ, فَالْمُقَدَّمُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَنَّ الْقُبْلَةَ وَاللَّمْسَ وَنَحْوَهُمَا كَالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ, كَمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ كَالْمُصَنِّفِ الْمَجْدِ وَابْنِ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَاحِبِ الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهَا الْأَصْحَابُ, وَقَدَّمَهَا فِي الْمُغْنِي2, قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ, أَصَحُّهُمَا لَا تَجِبُ, نَقَلَهَا الْأَثْرَمُ وَأَبُو طَالِبٍ, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَاخْتَارَهَا مَنْ اخْتَارَ عَدَمَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ. "تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرًا مِنْ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا كَوْنُهُ خَصَّصَ الْقَاضِي بِإِلْحَاقِ الْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَنَحْوِهِمَا بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ, وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ بِمَقَالَتِهِ وَقَطَعَ بِهَا. الثَّانِي نِسْبَةُ الْقَوْلِ الثَّانِي إلَى الْأَصْحَابِ, وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ, بَلْ أَكْثَرُهُمْ, وَلَمْ نَرَ أَحَدًا غَيْرَهُ نَسَبَ ذَلِكَ إلَيْهِمْ مِثْلُ صَاحِبِ الْمُغْنِي3 وَالْمَجْدُ في
وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ, فَيَجِبُ عِتْقُ رَقَبَةٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا صَامَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ, فَإِنْ 1لَمْ يَسْتَطِعْ1 أَطْعَمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا, مِثْلُ2 كَفَّارَةِ الظِّهَارِ, في ظاهر المذهب "وهـ ش" ويأتي فيها اعْتِبَارُ سَلَامَةِ الرَّقَبَةِ وَكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً, وَلَا يَحْرُمُ هُنَا الْوَطْءُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ, وَلَا فِي لَيَالِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ, ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَأَظُنُّهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ, كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ, ذَكَرَهُ فِيهَا3 الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَحَرَّمَهُ ابْنُ الْحَنْبَلِيِّ فِي كِتَابِهِ أَسْبَابُ النُّزُولِ, عُقُوبَةً, وَعَنْهُ: إنَّهَا عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ العتق والصيام والإطعام, فبأيها كفر أجزأه "وم ر" لأن في الصحيحين4 من حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ, فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ. وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا, وَتَابَعَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ, وَخَالَفَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ, فَرَوَوْهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ إفْطَارَ ذَلِكَ الرَّجُلِ كَانَ بِجِمَاعٍ, وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً؟ " قَالَ: لَا, قَالَ: "هَلْ تَسْطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ ". قَالَ: لَا, قال: "هل تجد ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ, بَلْ الَّذِي اخْتَارَ الْفَرْقَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وناس من المتأخرين. الثَّالِثُ كَوْنُهُ نَسَبَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ إلَى الْقَاضِي, وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُ غَيْرُهُ, وَقَدْ قَالَ فِي
مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ: لَا. ثُمَّ جَلَسَ فَأُتِيَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَقَالَ: "تَصَدَّقْ بِهَذَا". قَالَ: عَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ قَالَ: "اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ" وَفِي أَوَّلِهِ: هَلَكْت يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: "وَمَا أَهْلَكَك"؟ قَالَ: وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَهُوَ أَوْلَى, لِأَنَّهُ لَفْظُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمُشْتَمِلٌ عَلَى زِيَادَةٍ, وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ, وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ2: هَلَكْت وَأَهْلَكْت. وَضَعَّفَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الْبَيْهَقِيُّ, وَصَنَّفَ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ فِي إبْطَالِهَا. وَلِأَبِي دَاوُد3 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ "وَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ" وَقَالَ: فَأَتَى بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ قَدْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا, وَلَهُ4 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: فِيهِ عِشْرُونَ صَاعًا, وَهِشَامٌ تَكَلَّمَ فِيهِ, وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ, وَتَابَعَهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عُمَرَ فِي الصَّوْمِ, وهو ضعيف, ورواه ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعْلِيقِ: إنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِالْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ قَوْلًا وَاحِدًا, وَخَصَّ الرِّوَايَتَيْنِ بِاللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَنَحْوِهِمَا, كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْأَصْحَابِ, مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَ الْوَطْءَ دُونَ الْفَرْجِ وَالْقُبْلَةَ وَاللَّمْسَ وَنَحْوَهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِيمَا إذَا كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْحَجِّ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد يسر الله تعالى بتصحيحها.
ابْنُ مَاجَهْ1, وَتَابَعَهُ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ وَفِيهِ كَلَامٌ, رَوَى ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ2 وَتَابَعَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ الزُّهْرِيِّ. وَبَحْرِ بْنِ كَثِيرٍ3 عَنْ الزُّهْرِيِّ, ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ4, وَأَشَارَ هُوَ وَغَيْرُهُ إلَى صِحَّةِ5 هَذِهِ الزِّيَادَةِ6, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ أَوْ إطْعَامُ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا7, وَعَنْ 8الْحَسَنِ: عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إهْدَاءُ بَدَنَةٍ أَوْ إطْعَامُ عِشْرِينَ صَاعًا أَرْبَعِينَ مِسْكِينًا8, وَعَنْ عَطَاءٍ نَحْوُهُ, وَلِمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ9 عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا نَحْوُهُ, وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدَ الْمَسَاكِينِ, وَفِيهِ: وَصُمْ يَوْمًا. وَمَذْهَبُ "م" هَذِهِ الْكَفَّارَةُ إطْعَامٌ فَقَطْ, كَذَا قَالَ. وَالْإِطْعَامُ كَمَا يَأْتِي فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ10 إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ فِي الصِّيَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ الِانْتِقَالُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَلْزَمُ مَنْ قَدَرَ قَبْلَهُ, وَيَأْتِي مَا يتعلق بذلك في الظهار. وَتَسْقُطُ هَذِهِ الْكَفَّارَةُ بِالْعَجْزِ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, نص عليه "وق" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
زَادَ بَعْضُهُمْ: بِالْمَالِ, وَقِيلَ: وَالصَّوْمُ كَذَا قَالَ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْمُرْ الْأَعْرَابِيَّ بِهَا أَخِيرًا, وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ بَقَاءَهَا فِي ذِمَّتِهِ, وَكَصَدَقَةِ الْفِطْرِ, وَعَنْهُ: لَا تَسْقُطُ "وهـ ش" لأنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهَا الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا جَاءَهُ الْعَرَقُ بَعْدَمَا أَخْبَرَهُ بِعُسْرَتِهِ, وَلَعَلَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَظْهَرُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَوْ كَفَّرَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ: أَوْ دُونَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا. وَعَنْهُ: لَا يَأْخُذُهَا. وَأَطْلَقَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا أَمْ كَانَ خَاصًّا بِذَاكَ الْأَعْرَابِيِّ؟ عَلَى روايتين, ويتوجه احتمال أنه صلى الله عليه وسلم رخص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِلْأَعْرَابِيِّ فِيهِ لِحَاجَتِهِ, وَلَمْ يَكُنْ كَفَّارَةً. وَلَا تَسْقُطُ غَيْرُ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ بِالْعَجْزِ, مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْيَمِينِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَكَفَّارَاتِ الْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُنَا لِعُمُومِ أَدِلَّتِهَا حَالَةَ الْإِعْسَارِ, وَلِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ1 فِي الظِّهَارِ, وَلِأَنَّهُ الْقِيَاسُ خُولِفَ فِي رَمَضَانَ لِلنَّصِّ2, كَذَا قَالُوا: لِلنَّصِّ, وَفِيهِ نَظَرٌ, وَلِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَيْسَ الصَّوْمُ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ إلَّا بِالصَّوْمِ وَالْجِمَاعِ, لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا. وَعَنْهُ: تَسْقُطُ, وَمَذْهَبُ "ش" هِيَ كَرَمَضَانَ, إلَّا جَزَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّيْدِ, لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْعُقُوبَةِ وَالْغَرَامَةِ, وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ تَسْقُطُ كَفَّارَةُ وَطْءِ الْحَائِضِ بِالْعَجْزِ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَعَنْهُ: بِالْعَجْزِ عَنْ كُلِّهَا, لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: تَسْقُطُ مُطْلَقًا, كَرَمَضَانَ. وَأَكْلُهُ الْكَفَّارَاتِ بِتَكْفِيرِ غَيْرِهِ عَنْهُ كَرَمَضَانَ, وَعَنْهُ: تَخْتَصُّ بِالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَإِنْ مَلَّكَهُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ وَقُلْنَا لَهُ أَخْذُهُ هُنَاكَ فَلَهُ هُنَا أَكْلُهُ, وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: هَلْ لَهُ أَكْلُهُ أَوْ يَلْزَمُهُ التَّكْفِيرُ بِهِ؟ عَلَى روايتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب حكم قضاء الصوم وغيرة وما يتعلق به
بَابُ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ به بَابُ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ به ... بَابُ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بذلك يُسْتَحَبُّ التَّتَابُعُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ "وَ" قَالَ الْبُخَارِيُّ1: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ, لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 وَقَالَ: لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ سُفْيَانَ بْنِ بِشْرٍ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ, وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ3 مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ قَالَ: "يَقْضِيهِ تِبَاعًا وَإِنْ فَرَّقَهُ أَجْزَأَهُ". وَلَهُ4 أَيْضًا وَقَالَ إسْنَادٌ حَسَنٌ5 عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ6 مُرْسَلًا قَالَ: "ذَلِكَ إلَيْك, أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ دَيْنٌ فَقَضَى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ أَلَمْ يَكُنْ قَضَاءً؟ فَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَعْفُوَ وَيَغْفِرَ". وَخَبَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ "فَلْيَسْرُدْهُ وَلَا يَقْطَعُهُ" رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالدَّارَقُطْنِيّ3 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن إبراهيم القاص7, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَقَوَّاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ, فَإِنْ صَحَّ فَلِلِاسْتِحْبَابِ, وَقَوْلِ عَائِشَةَ نَزَلَتْ "فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ" فَسَقَطَتْ "مُتَتَابِعَاتٌ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 وَقَالَ: إسْنَادٌ صَحِيحُ يَصْلُحُ لِسُقُوطِ الْحُكْمِ وَالتِّلَاوَةِ, فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا, وَلِأَنَّهُ وَقْتٌ مُوَسَّعٌ لَهُ كَصَوْمِ الْمُسَافِرِ أَدَاءً, وَإِنَّمَا لَزِمَ التَّتَابُعُ فِيهِ فِي صَوْمِ مُقِيمٍ لَا عُذْرَ لَهُ لِلْفَوْرِ, وَتَعْيِينُ الْوَقْتِ لَا لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي نَفْسِهِ, فَنَظِيرُهُ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَتَّسِعُ لَهُ, وَفِي التَّتَابُعِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ, وَهُوَ أَنْجَزُ لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ, وَأَشْبَهُ بِالْأَدَاءِ, فَكَانَ أَوْلَى, وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ عَلَى الْفَوْرِ: أَنَّ قَضَاءَ رَمَضَانَ عَلَى الْفَوْرِ, وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ فِي الْكَفَّارَةِ, وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْقَضَاءُ عَلَى التَّرَاخِي, وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ فِيهِ, كَذَا ذُكِرَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِلَا عُذْرٍ مَا لَمْ يُدْرِكْ رَمَضَانَ ثَانٍ, وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَعِنْدَ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ: إنْ أَفْطَرَ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ التَّأْخِيرُ, قَالَ فِي التَّهْذِيبِ لَهُمْ: حَتَّى بِعُذْرِ2 السَّفَرِ, وَأَوْجَبَ دَاوُد الْمُبَادَرَةَ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ بعد العيد, وهل يجب العزم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى فِعْلِهِ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. فِي الصَّلَاةِ: لَا يَنْتَفِي إلَّا بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ فِي ثَانِي الْوَقْتِ, قَالَ: وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ. قَالَ فِي مُسْلِمٍ1: الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْأُصُولِ فِيهِ وَفِي كُلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ إنَّمَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ. وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ2 وَعُرْوَةَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ: يَجِبُ التَّتَابُعُ, وَكَذَا قَالَ دَاوُد وَالظَّاهِرِيَّةُ: يَجِبُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ كَأَدَائِهِ, وَأَجَازَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ3 وَغَيْرُهُمْ الْأَمْرَيْنِ, قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ: لَا فَضْلَ لِلتَّتَابُعِ عَلَى التَّفْرِيقِ, لِأَنَّهُ لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ يَقْضِيهِ بِيَوْمٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ قَضَاءُ شَهْرٍ. وَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ مُطْلَقًا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ المحرر والمغني والمستوعب "وهـ ش" كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ, وَعِنْدَ الْقَاضِي: إنْ قَضَى شهرا هلاليا أجزأه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تنبيه" قوله: وهل يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهِ يَعْنِي فِعْلَ الصَّوْمِ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ, انْتَهَى, يَعْنِي هَلْ يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الصَّوْمِ الْمَقْضِيِّ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ أَوْ لَا يَجِبُ؟ يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَالْعَزْمِ عَلَى الصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا قَبْلَ فِعْلِهَا, وَفِيهِ فِي الصَّلَاةِ وَجْهَانِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ, وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ, فَيَكُونُ الصَّحِيحُ فِي الصَّوْمِ كَذَلِكَ عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كلام ابن عقيل.
مُطْلَقًا, وَإِلَّا تَمَّمَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا, وَهُوَ ظَاهِرُ 1الْخِرَقِيِّ, وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ1 ظَاهِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَقَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ, وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: مَنْ صَامَ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ كَامِلٍ أَوْ مِنْ أَثْنَاءِ شَهْرٍ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَكَانَ رَمَضَانُ الْفَائِتُ نَاقِصًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ اعْتِبَارًا بِعَدَدِ الْأَيَّامِ. وَعَلَى الثَّانِي: يَقْتَضِي يَوْمًا تَكْمِيلًا لِلشَّهْرِ بِالْهِلَالِ أَوْ الْعَدَدِ ثَلَاثِينَ "يَوْمًا". وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ بِلَا عُذْرٍ "وَ" نَصَّ عَلَيْهِ, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا كُنْتُ أَقْضِي مَا عَلَيَّ مِنْ رَمَضَانَ إلَّا فِي شَعْبَانَ, لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَكَمَا لَا تُؤَخَّرُ الصَّلَاةُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ, فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا "وم ش" رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَالَ: إسْنَادٌ صَحِيحٌ, وَرَوَاهُ4 مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ, وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ5 عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ, وَلَا أَحْسَبُهُ يَصِحُّ عَنْهُمْ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يَلْزَمُهُ إطْعَامٌ "وهـ" لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَكَتَأْخِيرِ أَدَاءِ رَمَضَانَ عَنْ وَقْتِهِ عَمْدًا, وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ وَفِيهِ ضَعْفٌ عَنْ عبد الله بن عمر: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُطْعِمُ بِلَا قَضَاءٍ1. وَيُطْعِمُ مَا يُجْزِئُ كَفَّارَةً "وَ", وَيَجُوزُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ, لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِذَا قَضَى أَطْعَمَ. رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عِنْدَنَا, مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ, وَتَخَلُّصًا مِنْ آفَاتِ التَّأْخِيرِ. وَمَذْهَبُ "م" الْأَفْضَلُ مَعَهُ. وَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَ رَمَضَانَ ثَانٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ لِكُلِّ سَنَةٍ فِدْيَةٌ, لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِهِ وَقَوْلِ الصَّحَابَةِ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. وَمَنْ دَامَ عُذْرُهُ بَيْنَ الرَّمَضَانَيْنِ فَلَمْ يَقْضِ ثُمَّ زَالَ صَامَ الشَّهْرَ الَّذِي أَدْرَكَهُ ثُمَّ قَضَى مَا فَاتَهُ وَلَا يُطْعِمُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2 وَأَبِي هُرَيْرَةَ3 وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ: يُطْعِمُ بِلَا قَضَاءٍ. فَعَلَى قَوْلِنَا إنْ كَانَ أَمْكَنَهُ قَضَاءُ الْبَعْضِ قَضَى الْكُلَّ وَأَطْعَمَ عَمَّا أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ. وَإِنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى مَاتَ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" لِعَدَمِ الدَّلِيلِ. وَفِي التَّلْخِيصِ رواية: يطعم عنه, كالشيخ الهم4, وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءً الْوُجُوبُ عَلَيْهِ, بِخِلَافِ الْمَيِّتِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ الصَّوْمُ عَنْهُ أَوْ التَّكْفِيرُ, كَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا. وقال في الرعاية: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَخَّرَهُ النَّاذِرُ لِعُذْرٍ حَتَّى مَاتَ فَلَا فِدْيَةَ. عَلَى الْأَصَحِّ, ذَكَرَهُ عَقِبَ الْحَجِّ, وَإِنَّمَا مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الصَّوْمُ. وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ أُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ1 يَوْمٍ مِسْكِينٌ "وَ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ, وَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفٌ. وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ الْقَضَاءِ قَالَتْ: لَا بَلْ يُطْعِمُ, رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ3, وَإِنَّهُ إنْ نَذَرَ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ, فَالرَّاوِي أَعْلَمُ بِمَا رَوَى. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ, فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ, كَالصَّلَاةِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ صِحَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ عِنْدَ طَرَيَانِ الْعَضَبِ وَالْكِبَرِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ: وَإِنَّهُ إذَا حَجَّ النَّائِبُ وَقَعَ الْحَجُّ عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُسْتَنِيبِ "وم ش" وَمَذْهَبُ "هـ" يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا, وَلَا يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ إلَّا ثَوَابُ النَّفَقَةِ, فَنَحْنُ نَقُولُ: أُقِيمَ حَجُّ نَائِبِهِ مَقَامَ حَجِّهِ, فَفِعْلُ الْغَيْرِ لِلْحَجِّ بَدَلٌ عَنْ فِعْلِهِ فِيمَا1 يُبْذَلُ, إلَّا الْمُؤَدِّي وَهُوَ الْفَاعِلُ, وَعِنْدَهُمْ الْبَدَلُ هُوَ سَعْيُهُ بِمَا لَهُ فِي تَحْصِيلِ حَجِّ الْغَيْرِ, فَالْبَدَلُ عِنْدَهُ مُتَبَدِّلٌ لَيْسَ هُوَ فِعْلُ الْحَجِّ, وَإِنَّمَا هُوَ بَذْلُ الْمَالِ لِتَحْصِيلِ حَجِّ النَّائِبِ حَتَّى لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ وَحَجَّ عَنْهُ بِإِذْنِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ, لِأَنَّ السَّعْيَ بِبَذْلِ الْمَالِ مَفْقُودٌ, فَالْوَاجِبُ الْمُؤَدِّي هُوَ الْمُبْتَذَلُ2. وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِأَنَّ سَائِرَ الْعِبَادَاتِ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا, وَقَالَ: فَأَمَّا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ فَلَنَا رِوَايَةٌ أَنَّ الْوَارِثَ يَنُوبُ عَنْهُ فِي جَمِيعِهَا مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ, وَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي نِيَابَةِ الْوَارِثِ فِي الزَّكَاةِ, ثُمَّ الصَّوْمُ يُقَابِلُ فَائِتَهُ عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَوْتِ بِالْإِطْعَامِ, وَالصَّلَاةُ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَجْزُ فِيهَا عِنْدَنَا, بِخِلَافِ الْحَجِّ, وَلِأَنَّ الزَّكَاةَ مَقْصُودُهَا تَحْصِيلُ الْمَالِ لِلْفُقَرَاءِ مُوَاسَاةً, وَتَعَاطِي التَّكْلِيفِ مَقْصُودٌ لِلِامْتِحَانِ, فَعِنْدَ الْعَجْزِ يَسْتَقِلُّ3 بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَيَلْتَحِقُ بِالدَّيْنِ, وَالْحَجُّ الِامْتِحَانُ فِيهِ مَقْصُودٌ, وَفِيهِ مَقْصُودٌ آخَرُ سِوَى الْفِعْلِ, فَإِنَّهُ وُضِعَ عَلَى مِثَالِ حَضْرَةِ الْمُلُوكِ وَحُرْمَتِهِمْ وَقَدْ يَقْصِدُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَلِكُ أَنْ تَكُونَ عَتَبَتُهُ مَخْدُومَةً بِأَصْحَابِهِ, فَإِنْ عَجَزُوا فَبِنُوَّابِهِمْ لِإِقَامَةِ الْخِدْمَةِ. وَالصَّلَاةُ لَا مَقْصُودَ فِيهَا إلَّا مَحْضُ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ امْتِحَانًا فَإِذَا فَعَلَ غَيْرُهُ "ذَلِكَ" فَاتَ كُلُّ الْمَقْصُودِ, فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى الدَّيْنِ, يُصَحِّحُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْخَصْمَ أَقَامَ لِلْحَجِّ بَدَلًا وَإِنْ خَالَفْنَا فِي صِفَتِهِ, وَلَمْ يُقِمْ لِلصَّلَاةِ بَدَلًا. وَاحْتَجَّ لَهُمْ أَيْضًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَقَالَ: قَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ بِالْمَنْعِ وَالتَّسْلِيمِ, ثُمَّ هُنَاكَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَنْوِيَ عَنْ غَيْرِهِ, وَلَا يُؤْمَرُ بِبَذْلِ الْمَالِ لِتَحْصِيلِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ, ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا مَنْ بَلَغَ مَعْضُوبًا تَلْزَمُهُ الِاسْتِنَابَةُ, وَاحْتَجَّ لِلْمُخَالَفَةِ بِالصَّلَاةِ, وَأَجَابَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا نُسَلِّمُهَا وَنَقُولُ: يُصَلِّي عَنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ, ثُمَّ الصَّلَاةُ لَا يُتَصَوَّرُ عَجْزُهُ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يَزُولَ عَقْلُهُ, بِخِلَافِ الْحَجِّ, وَلَوْ وَصَّى بِهَا لَمْ تُصَلَّ عَنْهُ, بِخِلَافِ الْحَجِّ عِنْدَهُمْ, وَلَا مَدْخَلَ لِلْمَالِ فِي جُبْرَانِهَا, وَالْبَدَلُ جُبْرَانٌ, بِخِلَافِ الْحَجِّ, ثُمَّ هُوَ قِيَاسٌ يُعَارِضُ النُّصُوصَ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهَا: لَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ, كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ, فَقِيلَ لَهُ: لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ بِخِلَافِ الْحَجِّ, فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ, بَلْ النِّيَابَةُ تَدْخُلُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ إذَا وَجَبَتْ وَعَجَزَ عَنْهَا بَعْدَ الْمَوْتِ, فَذَكَرَ فِي هَاتَيْنِ المسألتين النيابة في الصلاة1 والصيام بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَوْتِ, وَكَلَامُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى, وَالرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ تَقْتَضِي: وَفِي الْحَيَاةِ أَيْضًا, كَالْحَجِّ, فَعَلَى هَذَا يَتَوَجَّهُ, إنْ عَجَزَ أَنْ يُكَبِّرَ لِلصَّلَاةِ كَبَّرَ عَنْهُ رَجُلٌ, وَقَالَهُ إِسْحَاقُ, وَنَقَلَهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَالْحَكَمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ مِنْ قِيَاسِ النِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ عَلَى الزَّكَاةِ, ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ فَإِنَّا إنْ قُلْنَا تَدْخُلُهُمَا النِّيَابَةُ فَإِنَّهُمَا كَمَسْأَلَتِنَا وَإِنْ قُلْنَا لَا تَدْخُلُهُمَا1 النِّيَابَةُ قُلْنَا هُنَاكَ لَمْ يُؤْمَرْ2 أَنْ يَنْوِيَهُمَا عَنْ غَيْرِهِ, بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَمَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ إلَى صَوْمِ رَمَضَانَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: لَوْ قِيلَ لَمْ أَبْعُدْ, فَعَلَى هَذَا: الظَّاهِرُ أَنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُرَادَ: لَا يُطْعِمُ, كَقَوْلِ طَاوُسٍ وَقَتَادَةَ, وَرِوَايَةٍ عَنْ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ, وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ, وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد; لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ, وَمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ2, وَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّخْيِيرُ. وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مَنْ يَقُولُ بِالصِّيَامِ يَجُوزُ عِنْدَهُ الْإِطْعَامُ, وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا: إنْ تَبَرَّعَ بِصَوْمِهِ عَمَّنْ لَا يُطِيقُهُ لِكِبَرٍ وَنَحْوِهِ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَهُمَا مُعْسِرَانِ يَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ, لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْمُمَاثَلَةِ مِنْ الْمَالِ, وَكَذَا عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ3 رِوَايَةٌ: يَصُومُهُ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُطْعِمُ عَنْهُ, وَكَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي فِي صَوْمِ النَّذْرِ نَحْوَ قَوْلِ شَيْخِنَا فَذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ لَا يُفْعَلُ عَنْ عَاجِزٍ فِي حَيَاتِهِ, بَلْ يُطْعِمُ, ثُمَّ جَعَلَ هَذَا حُجَّةً لِلْمُخَالِفِ فِي عَدَمِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ. قَالَ: وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْهُ, كَمَا نَقُولَ فِي الْحَجِّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يَحُجُّ عَنْهُ, وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ دَاوُد: لَا يُصَامُ عَنْهُ وَلَا يُطْعَمُ, خِلَافَ مَا سَبَقَ عَنْهُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالشَّافِعِيَّةُ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْ أحد في حياته. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْإِطْعَامُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ, أَوْصَى أَوْ لَا "وش" 1لَا أَنَّهُ1 إنَّمَا يَجِبُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ أَوْصَى "هـ م" كَالزَّكَاةِ عَلَى أَصْلِهِمَا. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ فَأَكْثَرُ2 أَجْزَأَهُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرَانِ, لِاجْتِمَاعِ التَّأْخِيرِ وَالْمَوْتِ بَعْدَ التَّفْرِيطِ. قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ3 مَرْفُوعًا: "مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ صِيَامُ الدَّهْرِ وَلَوْ صَامَهُ" لَا يَصِحُّ, وَإِنَّمَا يُرِيدُ نَفْسَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ لَا يكون, وكذا ضعفه غير واحد. وَلَا يَلْزَمُهُ عَنْ يَوْمٍ سِوَى يَوْمٌ "وَ" وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لَا يَقْضِي مُتَعَمِّدٌ بِلَا عُذْرٍ "خ" صَوْمًا وَلَا صَلَاةً, قَالَ: وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ, وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يُخَالِفُ هَذَا بَلْ يُوَافِقُهُ وَضَعُفَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْمُجَامِعُ بِالْقَضَاءِ4, لِعُدُولِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ. وَلَا يُجْزِئُ صَوْمُ كَفَّارَةٍ عَنْ مَيِّتٍ وَإِنْ أَوْصَى بِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ, وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى طَرِيقِ الْعُقُوبَةِ, لِارْتِكَابِ مَأْثَمٍ, فَهِيَ كَالْحُدُودِ5, فَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ بعد قدرته عليه وقلنا الاعتبار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِحَالَةِ 1الْوُجُوبِ1 أَطْعَمَ عَنْهُ2 ثَلَاثَةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ مِنْ كَفَّارَةٍ أَطْعَمَ عَنْهُ أَيْضًا, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ, فَفِيهِ جَوَازُ الْإِطْعَامِ عَنْهُ بَعْضُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ, لِأَنَّ الْإِطْعَامَ هُنَا لَيْسَ هُوَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْكَفَّارَةِ, لَكِنَّهُ بَدَلُ الصَّوْمِ وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ الْمُتْعَةِ يُطْعَمُ عَنْهُ أَيْضًا, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ هَذَا الصَّوْمَ وَجَبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ, كَقَضَاءِ رَمَضَانَ. وَصَوْمُ النَّذْرِ عَنْ الْمَيِّتِ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ, عَلَى مَا سَبَقَ عِنْدَ الْكُلِّ "وَ" وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَنَصَّ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ: يَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ بِخِلَافِ رَمَضَانَ, وِفَاقًا لِلَّيْثِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ. وَسَبَقَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ3. وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي والأكثر, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ1, وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِهِ "وش" لِأَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ, فَلَا يَتَعَدَّى النَّصَّ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ حَرْبٍ, يَصُومُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ: ابْنُهُ أَوْ غَيْرُهُ, فَيَتَوَجَّهُ: يَلْزَمُ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى النَّصِّ: لَا يَصُومُ بِإِذْنِهِ, وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي الْحَجِّ, وَاخْتَارَ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِ فِي الِانْتِصَارِ, كَحَالِ الْحَيَاةِ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ الصِّحَّةَ, لِعَدَمِ اسْتِفْصَالِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عَنْهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُجْزِئُ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ؟ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَصُومُ وَاحِدٌ, قَالَ فِي الْخِلَافِ: فَمَنَعَ الِاشْتِرَاكَ كَالْحَجَّةِ الْمَنْذُورَةِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا مِنْ وَاحِدٍ لا من جماعة. وحكى أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ طَاوُسٍ الْجَوَازَ, وَحَكَاهُ الْبُخَارِيُّ1 عَنْ الْحَسَنِ, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ أَصْحَابُهُمْ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "م 1" وَحَمَلَ مَا سَبَقَ عَلَى صوم شرطه2 التتابع, وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَيْهِ, فَإِنَّ مَا جَازَ تَفْرِيقُهُ كُلَّ يَوْمٍ كَحَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ, فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِثَلَاثِ حِجَجٍ جَازَ3 صَرْفُهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ, وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ, لِأَنَّ نائبه مثله, وليس له أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ فِي صَوْمِ النَّذْرِ عَنْ الْمَيِّتِ: "وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِذْنِهِ. وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي الْحَجِّ" , ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَهَلْ يَجُوزُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عَنْهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَيُجْزِئُ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ؟ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَصُومُ وَاحِدٌ. قَالَ فِي الْخِلَافِ: فَمَنَعَ الِاشْتِرَاكَ, كَالْحَجَّةِ الْمَنْذُورَةِ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِيهَا مِنْ وَاحِدٍ لَا مِنْ جَمَاعَةٍ. وَحَكَى أَحْمَدُ عَنْ طَاوُسٍ الْجَوَازَ. وَهُوَ أَظْهَرُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ المجد هو
يَحُجَّ ثَلَاثَ حَجَّاتٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ, وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا, وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ, وَذَكَرَهُ فِي فَصْلِ اسْتِنَابَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْ بَابِ الْإِحْرَامِ, وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الصَّوْمِ, وَهُوَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا, وَلَا فَرْقَ. وَيَأْتِي فِي تَفْرِيقِ الِاعْتِكَافِ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَلِيِّ فِعْلُهُ عَنْهُ, وَلَا يَجِبُ "وَ" خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ, كَالدَّيْنِ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ "لَهُ" تَرِكَةٌ, وَلَهُ أَنْ يَصُومَ, وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ يَصُومَ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا, فَإِنْ لَمْ تَكُنْ "لَهُ" تَرِكَةٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَالْحَجِّ الْوَارِثِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْحَجِّ بِنَفْسِهِ وَبَيْنَ دَفْعِ نَفَقَةٍ إلَى مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّ الْقَاضِيَ فِي الْمُجَرَّدِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا امْتَنَعُوا يَلْزَمُهُمْ اسْتِنَابَةٌ وَلَا إطْعَامَ. وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَعَ عَدَمِ صَوْمِ الْوَرَثَةِ يَجِبُ إطْعَامُ مِسْكِينٍ مِنْ مَالِهِ عَنْ كُلِّ يَوْمِ, وَمَعَ صَوْمِ الْوَرَثَةِ لَا يَجِبُ, وَجَزَمَ الشَّيْخُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا فَعَجَزَ عَنْهُ أَنَّ صَوْمَ النَّذْرِ لَا إطْعَامَ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ, بِخِلَافِ رَمَضَانَ, وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِ خِلَافَهُ. وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الصَّوْمِ عَنْهُ أَوْ الْإِطْعَامِ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الصَّوْمَ عَنْهُ بَدَلٌ مُجْزِئٌ بِلَا كَفَّارَةٍ, وَيَأْتِي كَلَامُهُمْ فِي الصَّلَاةِ الْمَنْذُورَةِ, وَسَبَقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحُ, وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصُومُ وَاحِدٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي في الخلاف.
كلامه1 فِي الِانْتِصَارِ فِي تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ, وَأَوْجَبَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ, قَالَ: كَمَا لَوْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ صَوْمَ شَهْرٍ فَلَمْ يَصُمْهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ. وَفِي الرِّعَايَةِ كَالْمُسْتَوْعِبِ, فَإِنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَقْضِهِ عَنْهُ وَرَثَتُهُ أَوْ غَيْرُهُمْ أَطْعَمَ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ فَقِيرٌ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ, وَإِنْ قَضَى كَفَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَنْهُ. مَعَ الْعُذْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ. وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِيَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ, فَإِنَّهُ نَقَلَ: إذَا نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ فَحَالَ بَيْنَهُ مَرَضٌ أَوْ عِلَّةٌ حَتَّى يَمُوتَ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَأَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا, لِتَفْرِيطِهِ, هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ مَا نَذَرَهُ فَلَمْ يَصُمْهُ وَمَاتَ, وَلَوْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ بَعْضِ مَا نَذَرَهُ قَضَى عَنْهُ مَا أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ فَقَطْ "وم" ذكره القاضي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ2 "وَكَذَا الْوَجْهَانِ فِي الْحَجِّ" الْمَذْكُورَانِ فِي صَوْمِ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِغَيْرِ إذْنِهِ اللذان في أول المسألة.
وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا, لِأَنَّ رَمَضَانَ يُعْتَبَر فِيهِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ, وَالنَّذْرِ يُحْمَلُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْفَرْضِ. وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ مُطْلَقًا, بَلْ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ, كَالنَّذْرِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ, وَالنَّذْرُ فِي حَالِ الْمَرَضِ, وَقَضَاءُ رَمَضَانَ; وَمَذْهَبُ "هـ ش" يَلْزَمُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ كُلَّهُ, لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّتِهِ صَحِيحَةٌ فِي الْحَالِ, كَالْكَفَّارَةِ, بِخِلَافِ مَنْ دَامَ مَرَضُهُ حَتَّى مَاتَ لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ يَثْبُتُ فِيهَا الصَّوْمُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ: أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَهُوَ مَرِيضٌ وَمَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ يَثْبُتُ الصِّيَامُ فِي ذِمَّتِهِ, وَلَا يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْأَدَاءِ, وَيُخَيَّرُ وَلِيُّهُ 1بَيْنَ أَنْ1 يَصُومَ عَنْهُ أَوْ يُنْفِقَ عَلَى مَنْ يَصُومَ; وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ النَّذْرَ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ, فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إمْكَانُ الْأَدَاءِ كَالْكَفَّارَةِ, وَذَكَرَ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ: إنْ اسْتَمَرَّ بِهِ الْمَرَضُ حَتَّى مَاتَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ, وَإِنْ كَانَ نَذْرًا صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ إذَا "هُوَ" مَاتَ. قَالَ: وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَالْفَضْلِ وَابْنِ مَنْصُورٍ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ يَقْضِي عَنْ الْمَيِّتِ مَا تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِالْمَرَضِ دُونَ الْمُتَعَذِّر بِالْمَوْتِ, لِأَنَّ النَّذْرَ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَيَّامِ الْآتِيَةِ بَعْدَ النَّذْرِ, فَإِذَا مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُقَدَّرَةِ تَبَيَّنَّا أَنَّ قَدْرَ مَا بَقِيَ مِنْهَا صَادَفَ نَذْرَهُ حَالَةَ مَوْتِهِ, وَهُوَ يَمْنَعُ الثُّبُوتَ فِي ذِمَّتِهِ, كَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قَبْلَهُ أَوْ جُنَّ وَدَامَ جُنُونُهُ حَتَّى انْقَضَى, بِخِلَافِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدْرَكَهُ حيا وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَرِيضٌ, لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الصَّوْمِ فِي الذِّمَّةِ, بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَقْضِي رَمَضَانَ, وَيَقْضِي مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَصُمْهُ لِمَرَضٍ1, وَإِذَا ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْمَرِيضِ وَالنِّيَابَةُ تَدْخُلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا مَعْنَى لِسُقُوطِهِ بِهِ, وَإِنَّمَا سَقَطَ قَضَاءُ رَمَضَانَ لِأَنَّ النِّيَابَةَ لَا تَدْخُلُهُ, وَلَمْ يَجِبْ الْإِطْعَامُ لِأَنَّهُ وَجَبَ عُقُوبَةً لِلتَّفْرِيطِ وَلَمْ يُوجَدْ. قَالَ: وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَضَائِهِ عَنْ الْمَيِّتِ2, وَلَمْ يَسْتَفْصِلْ هَلْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ. هَذَا كُلُّهُ فِي النَّذْرِ فِي الذِّمَّةِ. فَأَمَّا إنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يَقْضِ عَنْهُ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ, وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ سَقَطَ بَاقِيهِ فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ لِمَرَضٍ حَتَّى انْقَضَى ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ فَعَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ, وَسَبَقَ كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ حَتَّى مَاتَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِصَرِيحِ خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ3 مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ, وَمَنْ اعْتَذَرَ عَنْ تَرْكِ الْقَوْلِ بِذَلِكَ هُنَا أَوْ فِي الصَّوْمِ بِاضْطِرَابِ الْأَخْبَارِ فَهُوَ عُذْرٌ بَاطِلٌ, لِصِحَّةِ ذَلِكَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ. وَمَذْهَبُ "هـ م" كَقَوْلِهِمَا فِي الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْفَرْضِ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: لَا يَصِحُّ, كَذَا قَالَ, وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ من الحج في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَيَاتِهِ, لِظَاهِرِ الْخَبَرِ1, وَكَنَذْرِ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ, وَهَذَا مَذْهَبُ "هـ" لَكِنَّ الْوَاجِبَ عَنْده الْإِيصَاءُ بِقَضَائِهِ, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ "وَش" كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسِعَةِ الْوَقْتِ هَلْ هُوَ فِي حَجَّةِ الْفَرْضِ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ أَوْ لِلُزُومِ الْأَدَاءِ؟ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا الْعُمْرَةُ. وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وق" وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ: يَنْبَغِي لِأَهْلِهِ أَنْ يَعْتَكِفُوا عَنْهُ. قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ, فَقَالَ: "اقْضِهِ عَنْهَا" حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَمَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3, وَلِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ4 وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَقَاسَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى الصَّوْمِ, فَلِهَذَا فِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: لَا يَصِحُّ "وَ" فَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا "وَ" وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"هـ م"1 و2 يَكُونُ مِنْ ثُلُثِهِ "هـ م" وَاعْتَبَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الْيَوْمَ بِلَيْلَتِهِ, وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ, فَإِنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ عِبَادَةٌ, وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ, وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حَتَّى مَاتَ فَالْخِلَافُ كَالصَّوْمِ. قِيلَ: يَقْضِي, وَقِيلَ: لَا, وَيَسْقُطُ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ "وَ" فَيَسْقُطُ عِنْدَهُمْ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ مَعَ التَّفْرِيطِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا تُفْعَلُ عَنْهُ "وَ" لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ لَا يَخْلُفُهَا مَالٌ وَلَا يَجِبُ بِإِفْسَادِهَا, وَنَقَلَ حَرْبٌ: تُفْعَلُ عَنْهُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, قَالَ الْقَاضِي: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ, وَهِيَ الصَّحِيحَةُ "م 2" رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ. وَعَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا تُفْعَلُ عَنْهُ وَنَقَلَ حَرْبٌ: تُفْعَلُ عَنْهُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, قَالَ الْقَاضِي: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْخِرَقِيُّ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمستوعب والخلاصة وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَمُحَرَّرِهِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا تُفْعَلُ عَنْهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ,
ابْنِ عُمَرَ1, وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ, وَعَلَى هَذَا تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا. وَحَيْثُ جَازَ فِعْلُ غَيْرِ الصَّوْمِ فَلَا كَفَّارَةَ مَعَ فِعْلِهِ, لِظَاهِرِ النُّصُوصِ, وَلِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ فِعْلِهِ شَرْعًا, فَكَأَنَّهُ أَدَّاهُ بِنَفْسِهِ, وَإِلَّا أَخْرَجَ عَنْهُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ, لِتَرْكِ النَّذْرِ. زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ كَانَ قَدْ فَرَّطَ, وَإِلَّا فَفِي الْكَفَّارَةِ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَصُمْهُ, لِأَنَّ فَوَاتَ أَيَّامِ الْحَيَاةِ فِيمَا إذَا أُطْلِقَ كَفَوَاتِ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ إذَا عُيِّنَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَذْهَبُ "هـ" يَلْزَمُهُ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَهُ فِعْلُهَا. وَقَالَ الْبَغَوِيّ الشَّافِعِيُّ: لَا يَبْعُدُ2 تَخْرِيجُ الْإِطْعَامِ مِنْ الِاعْتِكَافِ إلَى الصَّلَاةِ, فَيُطْعِمُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا, أَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا تُفْعَلُ, وَسَبَقَ الْكَلَامُ فِيهَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ3, وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالشَّافِعِيَّةُ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لا يصلي عنه صلاة فائتة, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: مَنْ نَذَرَ4 طَاعَةً فَمَاتَ فُعِلَتْ, وَكَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَصِحُّ أَنْ يُفْعَلَ عَنْهُ كُلُّ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ "نَذْرِ" طَاعَةٍ, إلَّا الصَّلَاةَ فَإِنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: إنَّ قِصَّةَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْمَذْكُورَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ كل نذر يقضى, وكذا ترجم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا تُفْعَل عَنْهُ, نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذِهِ أَصَحُّ, قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: لَا تُفْعَلُ, فِي الْأَشْهَرِ, قَالَ فِي نَظْمِ النِّهَايَةِ: لَا تُفْعَلُ, في الأظهر.
عَلَيْهَا أَيْضًا فِي الْمُنْتَقَى بِقَضَاءِ1 كُلِّ الْمَنْذُورَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ: وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: لَا تُفْعَلُ طَهَارَةٌ مَنْذُورَةٌ عَنْهُ مَعَ لُزُومِهَا بِالنَّذْرِ, وَيَتَوَجَّهُ فِي فِعْلِهَا عَنْ الْمَيِّتِ وَلُزُومِهَا بِالنَّذْرِ مَا سَبَقَ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ2 هَلْ هِيَ مَقْصُودَةٌ فِي نَفْسِهَا أَمْ لَا؟ مَعَ أَنَّ قِيَاسَ عَدَمِ فِعْلِ الْوَلِيِّ لَهَا أَنْ لَا تَلْزَمَ بِالنَّذْرِ, وَإِنْ لَزِمَتْ لَزِمَ فِعْلُ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا بِهَا, كَنَذْرِ الْمَشْيِ إلَى مَسْجِدٍ تَلْزَمُ تَحِيَّتُهُ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ, كَمَا يَأْتِي فِي النَّذْرِ3. وَهَلْ يُفْعَلُ طَوَافٌ مَنْذُورٌ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَصَلَاةٍ "م 3". وَفِي الْمُوَطَّإِ4 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إلَى مَسْجِدِ قُبَاءَ وَلَمْ تَقْضِهِ, فَأَفْتَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ابْنَتَهَا أن تمشي عنها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُفْعَل طَوَافٌ مَنْذُورٌ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَصَلَاةٍ" يَعْنِي مَنْذُورَةً. فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ, وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا قَبْلَ ذَلِكَ5, وَعَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا, فَكَذَا فِي هَذِهِ, فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تعالى.
باب صوم التطوع وذكر ليلة القدر وما يتعلق بذلك
بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يتعلق بذلك مدخل ... بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يتعلق بذلك أفضل صوم التطوع 1صيام داود1 نص عليه قوله صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: "صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ". فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ "وَ" وَأَيَّامُ الْبِيضِ أَفْضَلُ "وش" نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ صَوْمُ الدَّهْرِ3, وَفِي بَعْضِهَا: كَصَوْمِ الدَّهْرِ4. قَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: مُرَادُهُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا حَصَلَ لَهُ أَجْرُ صِيَامِ الدَّهْرِ بِتَضْعِيفِ الْأَجْرِ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ الْمَفْسَدَةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيَّامُ الْبِيضِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَخَمْسَ عَشْرَةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِابْيِضَاضِ لَيْلِهَا, وَذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ أَنَّ اللَّهَ تَابَ فِيهَا عَلَى آدَمَ وبيض صحيفته. وعن مالك: يكره صومها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ, نَصَّ عَلَيْهِ. 1وَيُسْتَحَبُّ إتْبَاعُ رَمَضَانَ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ1 وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ2 مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ أَخِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعُهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ" سَعْدٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ, وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 عَنْ النُّفَيْلِيِّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ, وَسَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ, فَذَكَرَهُ, وَهُوَ إسْنَادٌ صَحِيحٌ, وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ4 عَنْ خَلَّادِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ, وَرَوَاهُ أَيْضًا5 مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُمَرَ, لَكِنْ فِيهِ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ, مُخْتَلَفٌ فِيهِ, وَرَوَاهُ أَحْمَدُ6 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا, وَكَذَا مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ, وَفِيهِ: "وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ" 7 فَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ أَنْ يُتْبِعَهُ بِصَوْمِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ: وَإِنَّمَا كُرِهَ صَوْمُ الدَّهْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّعْفِ وَالتَّشَبُّهِ بِالتَّبَتُّلِ, وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ, لِاسْتِغْرَاقِ الزَّمَانِ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ, والمراد بالخبر التشبيه به في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حُصُولِ الْعِبَادَةِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ, كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَيَّامِ الْبِيضِ1. وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ, قَالَ فِي الْمُغْنِي2: بِغَيْرِ خِلَافٍ, قَالَ: وَكَذَا نَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ3, وَقَالَ: "مَنْ قَرَأَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ"4 أَرَادَ التَّشْبِيهَ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ فِي الْفَضْلِ لَا فِي كَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ, وَتَحْصُلُ فَضِيلَتُهَا مُتَتَابِعَةً وَمُتَفَرِّقَةً, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَقَالَ: فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَآخِرِهِ, وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ تَتَابُعُهَا, وَهُوَ ظاهر الخرقي وغيره, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَبَعْضُهُمْ: عَقِبَ الْعِيدِ, وَاسْتَحَبَّهُمَا ابْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ, وَهَذَا أَظْهَرُ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ, لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُسَارَعَةِ إلَى الْخَيْرِ, وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ بِغَيْرِهِ, وَسَمَّى بَعْضُ النَّاسِ الثَّامِنَ عِيدَ الْأَبْرَارِ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْأَوَّلُ, لِظَاهِرِ الْخَبَرِ, وَذَكَرَهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ: وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ ثَامِنِ شَوَّالٍ عِيدًا, فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعِيدٍ إجْمَاعًا وَلَا شَعَائِرُهُ شَعَائِرَ الْعِيدِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: تَحْصُلُ الْفَضِيلَةُ بِصَوْمِهَا1 فِي غَيْرِ شَوَّالٍ, وِفَاقًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ, ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ, لِأَنَّ فَضِيلَتَهَا كَوْنُ الْحَسَنَةِ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا, كَمَا فِي خَبَرِ ثَوْبَانَ, وَيَكُونُ تَقْيِيدُهُ بِشَوَّالٍ لِسُهُولَةِ الصَّوْمِ لِاعْتِيَادِهِ2 رُخْصَةً, وَالرُّخْصَةُ أَوْلَى. وَيَتَوَجَّهُ تَحْصِيلُ فَضِيلَتِهَا لِمَنْ صَامَهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَقَدْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ, وَمَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ الْمُعْتَادِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَرِهَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ صَوْمَ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ, وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ وَأَنْ يُلْحَقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ, قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: يَوْمُ الْفِطْرِ فَاصِلٌ, بِخِلَافِ يَوْمِ الشَّكِّ. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ1, وَآكَدُهُ التَّاسِعُ, وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا. قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فِيهِ. وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ, فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ؟ 2قَالَ: قَدْ عَرَفْتُ2 وَقِيلَ: لتعارف آدم وحواء بها "م 1" ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ, وَآكَدُهَا التَّاسِعُ, وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إجْمَاعًا. قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ, وَقِيلَ: لِأَنَّ جِبْرِيلَ حَجَّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ, فَلَمَّا أَتَى عَرَفَةَ قال: قد عرفت, وقيل: لتعارف آدم وحواء بِهَا, انْتَهَى. هَذِهِ الْأَقْوَالُ لِلْعُلَمَاءِ, وَلَيْسَتْ مَخْصُوصَةٌ بِمَذْهَبٍ, وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ صِحَّةُ أَحَدِهِمَا أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِيَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ سَمَّى الْمَوْقِفَ عَرَفَاتٍ, وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ, فَقَالَ عَطَاءٌ: كَانَ جِبْرِيلُ يُرِي إبْرَاهِيمَ الْمَنَاسِك وَيَقُولُ: عَرَفْت, فَيَقُولُ: عَرَفْت. فَسَمَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ عَرَفَاتٍ, وَالْيَوْمُ عَرَفَةُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَمَّا أُهْبِطَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَعَ بِالْهِنْدِ وَحَوَّاءَ بِجُدَّةِ, فَاجْتَمَعَا بِعَرَفَاتٍ يَوْمَ عَرَفَةَ وَتَعَارَفَا, فَسُمِّيَ الْيَوْمُ عَرَفَةَ, وَالْمَوْضِعُ عَرَفَاتٌ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا أَذَّنَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَأَجَابُوهُ بِالتَّلْبِيَةِ وَأَتَاهُ مَنْ أَتَاهُ أَمَرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى عَرَفَاتٍ, وَنَعَتَهَا لَهُ, فَخَرَجَ إلَى أَنْ وَقَفَ بعرفات,
الثَّامِنُ وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ. قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَرَفَةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَاءٌ, فَكَانُوا يَتَرَوَّوْنَ مِنْ الْمَاءِ إلَيْهَا وَقِيلَ: لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الْأَمْرَ بِذَبْحِ ابْنِهِ, فَأَصْبَحَ يتروى هل هو من الله أو حلم "م 2" فَلَمَّا رَآهُ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ عَرَفَ أَنَّهُ مِنْ اللَّهِ. وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ: آكَدُهُ الثَّامِنُ ثُمَّ التَّاسِعُ. وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا: آكَدُهُ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَعَرَفَةَ. وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ بِعَرَفَةَ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ "وم ش"1 وفطره أفضل, وكرهه جماعة, "لفطره صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو يخطب الناس". متفق عليه2, ـــــــــــــــــــــــــــــQفَعَرَفَهَا بِالنَّعْتِ, فَسُمِّيَ الْوَقْتُ عَرَفَةَ, وَالْمَوْضِعُ عَرَفَاتٍ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِذَبْحِ ابْنِهِ, فَلَمَّا أَصْبَحَ رَوَّى يَوْمَهُ أَجْمَعَ, ثُمَّ رَأَى ذَلِكَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ ثَانِيًا, فَلَمَّا أَصْبَحَ عَرَفَ أَنْ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ, فَسَمَّى الْيَوْمَ عَرَفَةَ, وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ مِنْ الْعَرْفِ وَهُوَ الطِّيبُ, وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَعْتَرِفُونَ فِي ذلك اليوم بذنوبهم, انتهى. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: ثُمَّ الثَّامِنُ وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ, قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ عَرَفَةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا مَاءٌ وَكَانُوا3 يَتَرَوَّوْنَ مِنْ الْمَاءِ إلَيْهَا, وَقِيلَ: لِأَنَّ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأَى لَيْلَةَ التَّرْوِيَةِ الْأَمْرَ بِذَبْحِ وَلَدِهِ فَأَصْبَحَ يَتَرَوَّى هَلْ هُوَ مِنْ اللَّه أَوْ حُلْمٍ, انْتَهَى. وَهَذَا أَيْضًا مِنْ جِنْسِ مَا تَقَدَّمَ, وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَغَيْرَهُ, وَالْقَوْلُ الثَّانِي رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلهَا.
وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ1 النَّهْيُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ رِوَايَةِ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ وَفِيهِ جَهَالَةٌ, وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلِيَتَقَوَّى عَلَى الدُّعَاءِ, وَعَنْ عُقْبَةَ مَرْفُوعًا "يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ2. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُرَادُ بِهِ كَرَاهَةُ صَوْمِهِ فِي حَقِّ الْحَاجِّ, وَاسْتَحَبَّهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَإِسْحَاقُ, إلَّا أَنْ يُضْعِفَهُ عَنْ الدُّعَاءِ. وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ إمَامِنَا نَحْوَهُ, وَجَزَمَ فِي الدُّعَاءِ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِلْحَاجِّ الْفِطْرُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ بِهَا. وَيُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْمُحَرَّمِ, قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصلاة بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ جَوْفُ اللَّيْلِ, وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَلَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُكْثِرْ الصَّوْمَ فِيهِ لِعُذْرٍ, أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَضْلَهُ إلَّا أَخِيرًا. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ تَعْظِيمًا وَتَفْخِيمًا, كَقَوْلِهِمْ بَيْتُ اللَّهِ, وَآلُ اللَّهِ لِقُرَيْشٍ, قَالَ: وَالشَّهْرُ: الْهِلَالُ, سُمِّيَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ وَظُهُورِهِ, وَأَفْضَلُهُ عَاشُورَاءُ وَهُوَ الْعَاشِرُ, وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, ثُمَّ تَاسُوعَاءُ وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّاسِعُ مَمْدُودَانِ وَحُكِيَ قَصْرُهُمَا وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: يُكْرَهُ صَوْمُ عَاشُورَاءَ, وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ: فَرْضٌ. وَهُمَا آكَدُهُ, ثُمَّ الْعَشْرُ, رَوَى مُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي قَتَادَةَ مَرْفُوعًا فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ "إنِّي لَأَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ". وَقَالَ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ: "إنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ" 2 وَالْمُرَادُ بِهِ الصَّغَائِرُ, حَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ "لَهُ" صَغَائِرُ رَجَا التَّخْفِيفَ مِنْ الْكَبَائِرِ, فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَفَعَتْ دَرَجَاتٍ, وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ الْمُحَرَّمِ. إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ, رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: مُرْسَلَاتُ الْحَسَنِ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ صِحَاحٌ, وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ: يَوْمُ عَاشُورَاءَ هُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ, لِأَنَّ الْحَكَمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَعْرَجَ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ صَوْمِهِ أَيَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: إذَا رَأَيْت هِلَالَ الْمُحَرَّمِ فَاعْدُدْ, فَإِذَا أَصْبَحْت مِنْ تَاسِعِهِ فَأَصْبِحْ مِنْهَا صَائِمًا, قُلْت: أَكَذَلِكَ كَانَ يَصُومُهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ4, ومعناه: أهكذا كان يأمر بصيامه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ يَحُثُّ عَلَيْهِ؟ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلَانِ, وَاخْتَارَتْ طَائِفَةٌ صَوْمَ الْيَوْمَيْنِ, صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: خَالِفُوا الْيَهُودَ وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ صَاحِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ سِيرِينَ, وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: إنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَفِي لَفْظِ أَبِي دَاوُد: تَصُومُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ" فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد1, وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ التَّاسِعَ بَلْ الْعَاشِرَ وَأَنَّهُ عَاشُورَاءُ, وَقَصَدَ صَوْمَ التَّاسِعِ مَعَ الْعَاشِرِ مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ لَيْسَ يَدُلُّ عَلَى اقْتِصَارِهِ عَلَى التَّاسِعِ, وَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ فِي الْعِلَلِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ أَنْبَأَنَا وَكِيعٌ عَنْ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "لَئِنْ بَقِيت إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ" 2 إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَبِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: صُومُوا التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ. وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الْعَاشِرِ بِالصَّوْمِ. وَقَدْ أَمَرَ أَحْمَدُ بِصَوْمِهِمَا, وَوَافَقَ شَيْخُنَا الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ, وَقَالَ: مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ, وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "وهـ" وَلَمْ يَجِبْ صَوْمُ عَاشُورَاءَ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, مِنْهُمْ الْقَاضِي, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا "وش" وَعَنْ أَحْمَدَ: وَجَبَ ثُمَّ نُسِخَ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ "وهـ" لِلْأَمْرِ به, وقد روى أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ أَكَلَ بِالْقَضَاءِ1, ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْقَضَاءِ عَدَمُ وُجُوبِهِ, بِدَلِيلِ الْخِلَافِ فِيمَنْ صَارَ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ "مِنْ رَمَضَانَ" وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ "لَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ" 2 فَمُعَاوِيَةُ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ. وَقِيلَ: فِي عُمْرَة الْقَضِيَّةِ, وَقِيلَ: زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ, فَإِنَّمَا سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا, وَعَاشُورَاءُ إنَّمَا وَجَبَ فِي الْعَامِ الثَّانِي مِنْ الْهِجْرَةِ, فَوَجَبَ يَوْمًا ثُمَّ نُسِخَ بِرَمَضَانِ ذَلِكَ الْعَامِ, وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ وَمَنْ اخْتَارَ الْأَوَّلَ حَمَلَ الْأَمْرَ قَبْلَ رَمَضَانَ عَلَى تَأْكِيدِهِ وَكَرَاهَةِ تَرْكِهِ, فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ بَقِيَ أَصْلُ الِاسْتِحْبَابِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. سَأَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَحْمَدَ: هَلْ سَمِعْت فِي الْحَدِيثِ "مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ" 3 "فَقَالَ: نَعَمْ, رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرٍ الْأَحْمَرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ". قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَدْ جَرَّبْنَاهُ مُنْذُ خَمْسِينَ أَوْ سِتِّينَ سَنَةً فَمَا رَأَيْنَاهُ إلَّا خَيْرًا, وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْعِلَلِ المتناهية من حديث ابن عمر, قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدَّارَقُطْنِيُّ مُنْكَرٌ, وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَالْإِسْنَادُ ضَعِيفٌ, وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ, وَفِيهِ: "عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ" ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ, قَالَ جَابِرٌ: جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ مِثْلَهُ, وَقَالَ شُعْبَةُ مِثْلَهُ, وَعَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" مِثْلُهُ, وَلَفْظُهُ: "مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ" 1. قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: جَرَّبْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا, وَكَرِهَ شَيْخُنَا ذَلِكَ وَغَيْرُهُ سِوَى صَوْمَهُ, قَالَ: وَقَوْلُ, إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ أَنَّهُ بَلَغَهُ, لَمْ يَذْكُرْ عَمَّنْ بَلَغَهُ, وَبَعْضُ الْجُهَّالِ وَالنَّوَاصِبِ2 وَنَحْوِهِمْ وَضَعَ3 فِي ذَلِكَ قُبَالَةَ الرَّافِضَةِ, قَالَ: وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِيهِ غُسْلًا وَلَا كُحْلًا وَخِضَابًا, وَنَحْوَ ذَلِكَ, وَالْخَبَرُ بِذَلِكَ كَذِبٌ اتِّفَاقًا, وَغَلِطَ مَنْ صَحَّحَ إسْنَادَهُ, وَاسْتَحَبَّ ذَلِكَ صَاحِبُ التلخيص في كتابه الخطب, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره صوم الدهر إذا أدخل فيه يومي العيدين
فَصْلٌ: يُكْرَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ إذَا أَدْخَلَ فِيهِ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَالْكَرَاهَةُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا, وَهُوَ وَاضِحٌ. وَإِنْ أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّهْيِ جاز, خلافا
لِلظَّاهِرِيَّةِ, وَسَبَقَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي إعَادَةِ الصَّلَاةِ, وَلَمْ يُكْرَهْ وَالْمُرَادُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ يَتْرُكْ بِهِ حَقًّا وَلَا خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا. نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ النَّهْيِ فَلَيْسَ ذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: إذَا أَفْطَرَهَا رَجَوْت أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ, وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْأَكْثَرِ "وم ش" وَذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَهُ, لِقَوْلِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ, أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: "إنْ شِئْت فَصُمْ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَلِأَنَّ أَبَا طَلْحَةَ وَغَيْرَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ فَعَلُوهُ, وَلِأَنَّ الصَّوْمَ مَطْلُوبٌ لِلشَّارِعِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ, وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ الله بن عمرو2 وقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ3, بِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَشِيَ عَلَيْهِ مَا سَبَقَ, ولذلك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: لَيْتَنِي قَبِلْت رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1, بَعْدَمَا كَبَّرَ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: يُكْرَهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ, وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الصَّوَابُ قَوْلُ مَنْ جَعَلَهُ تَرْكًا لِلْأَوْلَى أَوْ كَرِهَهُ, فَعَلَى الْأَوَّلِ صَوْمُ يَوْمٍ وَفِطْرُ يَوْمٍ أَفْضَلُ مِنْهُ, خِلَافًا لِطَائِفَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْعُبَّادِ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَهُوَ ظَاهِرُ حَالِ مَنْ سَرَدَهُ, وَمِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ مِنْ أَصْحَابِنَا, حَمْلًا لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ فِي مَعْنَاهُ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُرْشِدْ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو إلَى يَوْمٍ وَيَوْمٍ, قَالَ أَحْمَدُ: وَيُعْجِبُنِي أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُ أَيَّامًا, يَعْنِي أَنَّهُ أَوْلَى, لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ, وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَقَالَهُ إِسْحَاقُ, وليس المراد الكراهة, فلا تعارض. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره الوصال
فَصْلٌ: يُكْرَهُ الْوِصَالُ , وَهُوَ أَنْ لَا يُفْطِرَ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ, لِأَنَّ النَّهْيَ رِفْقٌ وَرَحْمَةٌ,
ولهذا واصل صلى الله عليه وسلم بِهِمْ1 وَوَاصَلُوا بَعْدَهُ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ, وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي, وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ أَيْضًا إلَى إبَاحَتِهِ لِمَنْ يُطِيقُهُ, رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنِهِ عَامِرٍ وَغَيْرِهِمَا, فَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ وَاصَلَ بِالْعَسْكَرِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ مَا رَآهُ طَعِمَ فِيهَا وَلَا شَرِبَ حَتَّى كَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ فَشَرِبَ سَوِيقًا, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ فَعَلَهُ حَيْثُ لَا يَرَاهُ, لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, كَذَا قَالَ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْوِصَالَ لَا يُبْطِلُ الصَّوْمَ, لِأَنَّ النَّهْيَ مَا تَنَاوَلَ وَقْتَ العبادة, ولأنه صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْ الَّذِينَ وَاصَلُوا بِالْقَضَاءِ. وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِأَكْلِ تَمْرَةٍ وَنَحْوِهَا, لِأَنَّ الْأَكْلَ مَظِنَّةُ الْقُوَّةِ, وَكَذَا بِمُجَرَّدِ الشُّرْبِ, عَلَى ظَاهِرِ مَا رَوَاهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إذَا وَاصَلَ شَرِبَ شَرْبَةَ مَاءٍ, خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ. وَلَا يُكْرَهُ الْوِصَالُ إلَى السَّحَرِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَهُ إِسْحَاقُ, لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: "فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. لَكِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى, لِتَعْجِيلِ الْفِطْرِ, وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْمَالِكِيُّ أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ كَرِهَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره استقبال رمضان بيوم أو يومين
فَصْلٌ: يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ, وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ, مَعَ ذِكْرِهِمْ فِي يَوْمِ الشَّكِّ مَا يأتي3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد1 وَغَيْرِهِ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحُلْ دُونَهُ سَحَابٌ أَوْ فَتَرَ يَوْمُ شَكٍّ, وَلَا يُصَامُ. وَكَذَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَصُومَ إذَا لَمْ يَحُلْ دُونَ الْهِلَالِ شَيْءٌ مِنْ سَحَابٍ وَلَا غَيْرِهِ, فَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ لِلتَّحْرِيمِ, عَلَى مَا سَبَقَ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ "وش" وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ خِلَافَهُ, إلَّا مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي يَوْمِ الشَّكِّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَحْمَدُ الْكَرَاهَةُ, وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ, وَأَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد يَوْمَ شَكٍّ فِيهِ نَظَرٌ, إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: لَمْ يَحُلْ دُونَهُ شَيْءٌ وَتَقَاعَدُوا عَنْ الرُّؤْيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ, فَإِنْ كَانَ أَرَادَهُ فَيَوْمُ الشَّكِّ مُحَرَّمٌ عِنْدَهُ, لِقَوْلِ عَمَّارٍ: مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ2. فَتَقَدُّمُهُ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ أَوْلَى عِنْدَهُ بِالتَّحْرِيمِ, لِصِحَّةِ النَّهْيِ فِيهِ, وَلَا مُعَارِضَ. وَوَجْهُ تَحْرِيمِ "يَوْمِ"3 الشَّكِّ فَقَطْ أَنَّ قَوْلَ عَمَّارٍ صَرِيحٌ, وَالنَّهْيُ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ, وَوَجْهُ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِهِ فَقَطْ النَّهْيُ, وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الشرع وصوم الشك احتياط ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْعِبَادَةِ, وَقَوْلُ عَمَّارٍ فِي إسْنَادِهِ أَبُو إِسْحَاقَ وَهُوَ مُدَلِّسٌ, وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ بِإِسْنَادٍ أَثْبَتَ مِنْهُ مَوْقُوفٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يُكْرَهُ التَّقْدِيمُ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِظَاهِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ" 1 وَقِيلَ: يُكْرَهُ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ, وَحَرَّمَهُ الشَّافِعِيَّةُ, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "إذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا" رَوَاهُ الْخَمْسَةُ2, وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ, وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ وَحَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ, وَحَمَلَ غَيْرَهُ عَلَى الْجَوَازِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: آكَدُهُ يَوْمُ النِّصْفِ, قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْلَةُ النِّصْفِ لَهَا فَضِيلَةٌ فِي الْمَنْقُولِ عَنْ أَحْمَدَ, وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فِي فَضْلِهَا أَشْيَاءُ مَشْهُورَةٌ فِي كتب الحديث. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره إفراد رجب بالصوم
فَصْلٌ: يُكْرَهُ إفْرَادُ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ "خ" نَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ, وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَأَبِي بَكْرَةَ, قَالَ أَحْمَدُ: يُرْوَى فِيهِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ عَلَى صَوْمِهِ3, وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: يَصُومُهُ إلَّا يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِ رَجَبٍ, رَوَاهُ ابْنُ ماجه4 وأبو بكر من أصحابنا من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ عَطَاءٍ, ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ, وَلِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءً لِشِعَارِ الْجَاهِلِيَّةِ بِتَعْظِيمِهِ, وَلِهَذَا صَحَّ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضْرِبُ فِيهِ وَيَقُولُ: كُلُوا فَإِنَّمَا هُوَ شَهْرٌ كَانَتْ تُعَظِّمُهُ الْجَاهِلِيَّةُ1. وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِالْفِطْرِ أَوْ بِصَوْمِ شَهْرٍ آخَرَ مِنْ السَّنَةِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَإِنْ لَمْ يَلِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ نَذَرَ صَوْمَهُ كُلَّ سَنَةٍ أَفْطَرَ بَعْضَهُ وَقَضَاهُ. وَفِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ, قَالَ: وَمَنْ صَامَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ 2مِنْ الْأَشْهُرِ2 أَثِمَ وَعُزِّرَ, وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِعْلُ عُمَرَ. وَقَالَ أَيْضًا: فِي تَحْرِيمِ إفْرَادِهِ وَجْهَانِ, وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَرَاهَةِ أَحْمَدَ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ الشَّافِعِيِّ: لَمْ يُؤَثِّمْهُ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِيمَا نَعْلَمُهُ. وَلَا يُكْرَهُ إفْرَادُ شَهْرٍ غَيْرِ رَجَبٍ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِلْأَخْبَارِ, مِنْهَا أَنَّهُ كان صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ3, وَأَنَّ مَعْنَاهُ: أَحْيَانًا. وَلَمْ يُدَاوِمْ كَامِلًا عَلَى غَيْرِ رَمَضَانَ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْثَرُ اسْتِحْبَابَ صَوْمِ رَجَبٍ وَشَعْبَانَ, وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْإِرْشَادِ4. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ نِزَاعٌ, قِيلَ: يُسْتَحَبُّ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ, فَيُفْطِرُ نَاذِرُهُمَا بَعْضَ رَجَبٍ. وَاسْتَحَبَّ الْآجُرِّيُّ صَوْمَ شَعْبَانَ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ, وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ, وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ: يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ 5وَشَعْبَانَ كُلَّهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي الْأَشْهُرِ الحرم5, وشعبان كله وقد روى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا1 مِنْ رِوَايَةِ مُجِيبَةَ الْبَاهِلِيِّ وَلَا يُعْرَفُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَاهِلَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَهُ بِصَوْمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ, وَفِي الْخَبَرِ اخْتِلَافٌ, وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ, وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَذْكُرْ اسْتِحْبَابَهُ الْأَكْثَرُ, وَصَوْمُ شَعْبَانَ كُلِّهِ إلَّا قَلِيلًا فِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ عَائِشَةَ, وَقِيلَ: قَوْلُهَا: كُلُّهُ. قِيلَ: غَالِبُهُ, وَقِيلَ: يَصُومُهُ كُلُّهُ فِي وَقْتٍ, وَقِيلَ: يُفَرِّقُ صَوْمَهُ كُلَّهُ فِي سَنَتَيْنِ, وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ عَائِشَةَ: لَا أَعْلَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ, وَلَا قَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ4: قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّمَا لَمْ يَسْتَكْمِلْ غَيْرَهُ لِئَلَّا يُظَنُّ وُجُوبُهُ. وَعَنْهَا أَيْضًا: وَاَللَّهِ إنْ صَامَ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ وَلَا أَفْطَرَهُ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ. وَلِمُسْلِمٍ: مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ. ولمسلم: منذ قدم المدينة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1, وَصَوْمُ شَعْبَانَ كُلِّهِ فِي السُّنَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ2, وَرَوَاهُمَا أَحْمَدُ, وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ, وَوَجْهُهُ قَوْلُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مَا يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ, وَقَالَ: ذَلِكَ شَهْرُ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ3. رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ4. وَفِي لَفْظِهِ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ النَّاسِ, فَأُحِبُّ أَنْ لَا يُرْفَعَ عَمَلِي إلَّا وَأَنَا صَائِمٌ" وَرَوَى اللَّفْظَيْنِ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ5, وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ. وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ قَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ كَانَ يَصُومُ شَهْرَ الْمُحَرَّمِ, فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ شَوَّالٍ, فَمَا زَالَ أُسَامَةُ يَصُومُهُ حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ. إسْنَادٌ جَيِّدٌ, إلَّا أَنَّهُ قَالَ: أَظُنُّهُ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ6 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْهُ, وَلَمْ يَشُكَّ. وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ. فَقَالَ لَهُ "صُمْ شَوَّالًا" فَتَرَكَهَا وَلَمْ يَزَلْ يَصُومُهُ حَتَّى مات. وللترمذي7 وقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَرِيبٌ وَأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ وَابْنِ حِبَّانَ1 مِنْ رِوَايَةِ صَدَقَةَ الدَّقِيقِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ, سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ قَالَ: "شَعْبَانُ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ وَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: صَدَقَةٌ فِي رَمَضَانَ". وَذَكَرَتْ امْرَأَةٌ لِعَائِشَةَ أَنَّهَا تَصُومُ رَجَبًا فَقَالَتْ: إنْ كُنْت صَائِمَةً شَهْرًا لَا مَحَالَةَ فَعَلَيْك بِشَعْبَانَ فَإِنَّ فِيهِ الْفَضْلَ. رَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ الْحَافِظُ وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيّ2. وَسَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ عَنْ الصِّيَامِ فَقَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ3, وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ, فَقُلْت: أَرَأَيْت أَحَبَّ الشُّهُورِ إلَيْك الصَّوْمُ فِي شَعْبَانَ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ فِي شَعْبَانَ حِينَ يَقْسِمُ مَنْ يُمِيتُهُ تِلْكَ السَّنَةِ فَأُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَ أَجَلِي وَأَنَا صَائِمٌ4 رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ عَنْ طَرِيفٍ. قَالَ الْعُقَيْلِيُّ فِي طَرِيفٍ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ صَاعِدٍ وَابْنُ الْبَنَّاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي كَوْنِ أَكْثَرِ صَوْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي شَعْبَانَ قَالَ: مَا أَرَى هَذَا إلَّا مِنْ طَرِيقِ الرِّيَاضَةِ, لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا هَجَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَتَعَوَّدْهُ صَعُبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا, فَدَرَّجَهَا بِالصَّوْمِ فِي شَعْبَانَ لِأَجْلِ شَهْرِ رَمَضَانَ, كَذَا قَالَ. وَذَكَرَ فِي الْغُنْيَةِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ وأول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَمِيسٍ مِنْهُ وَالسَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ, وَآخِرِ السَّنَةِ وَأَوَّلِهَا, وَصَوْمُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ وَصَلَاةٌ فِي لَيَالِيِهَا, وَذَكَرَ أَشْيَاءَ, وَاحْتَجَّ بِأَخْبَارٍ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ, وَاعْتَمَدَ عَلَى مَا جَمَعَهُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَنَّاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي هَذَا الْبَابِ, بِرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِيهِ, وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ كَكِتَابِهِ أَنَسُ الْمُسْتَأْنِسِ فِي تَرْتِيبِ الْمَجَالِسِ وَذَكَرَ أَخْبَارًا وَآثَارًا وَاهِيَةً, وَكَثِيرٌ مِنْهَا مَوْضُوعٌ. وَالْعَجَبُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي كِتَابِهِ الْمَوْضُوعَاتُ مَا هُوَ أَمْثَلُ مِنْهَا وَيَذْكُرُهَا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فَيَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا, وَقَالَ فُلَانٌ الصَّحَابِيُّ كَذَا, وَالْمَوْضُوعُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ: وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ, وَقَالَ فِي كِتَابِهِ هَذَا: إنَّهُ يُثَابُ عَلَى صَوْمِ عَاشُورَاءَ ثَوَابَ صَوْمِ سَنَةٍ لَيْسَ فِيهَا صَوْمُ عَاشُورَاءَ, وَاَللَّهُ أعلم.
فصل: يكره أن يتعمد إفراد يوم الجمعة بصوم
فَصْلٌ: يُكْرَهُ أَنْ يَتَعَمَّدَ إفْرَادَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِصَوْمٍ نَصَّ عَلَيْهِ "م 5" لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمٌ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَلِمُسْلِمٍ2: "لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي, وَلَا تَخْتَصُّوا3 يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ". قَالَ الدَّاوُدِيُّ الْمَالِكِيُّ4: لَمْ يَبْلُغْ "م" الحديث, قال في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَرْحِ مُسْلِمٍ1: فِيهِ النَّهْيُ عَنْ تَخْصِيصِ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ, وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ, قَالَ: وَاحْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ صَلَاةِ الرَّغَائِب. وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمٍ, وَدَخَلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى جُوَيْرِيَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ لَهَا: أَصُمْتِ أَمْسِ؟ قَالَتْ: لَا, قَالَ: تَصُومِينَ غَدًا؟ , قَالَتْ: لَا, قَالَ فَأَفْطِرِي رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ2, وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ مِنْ صَوْمِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ عَلَى صَوْمِهِ مَعَ غَيْرِهِ, فَلَا تعارض. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وكذا إفراد يوم السبت بالصوم
فَصْلٌ: وَكَذَا إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا "م" لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ أُخْتِهِ وَاسْمُهَا الصَّمَّاءُ: "لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا ثَوْرٌ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. فَذَكَرَهُ, إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ: هَذَا مَنْسُوخٌ. وَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ: هَذَا كَذِبٌ. وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ, وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ: هَذِهِ أَحَادِيثُ مُضْطَرِبَةٌ, وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ3. وَقَالَ صَاحِبُ شَرْحِ مُسْلِمٍ4: صَحَّحَهُ الْأَئِمَّةُ, وَلِأَنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ, فَفِي إفْرَادِهِ تَشَبُّهٌ بِهِمْ, قَالَ الْأَثْرَمُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ جَاءَ فِيهِ حَدِيثُ الصَّمَّاءِ, وَكَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يَتَّقِيهِ وَأَبَى أن يحدثني به قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَثْرَمُ وَحُجَّةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ فِي الرُّخْصَةِ فِي صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ أَنَّ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا مُخَالِفَةٌ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ, مِنْهَا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ, يَعْنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ السَّبْتَ وَالْأَحَدَ وَيَقُولُ: "هُمَا عِيدَانِ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُخَالِفَهُمَا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ1, وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ, وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, وَأَنَّهُ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَثْرَمُ مِنْ رِوَايَتِهِ, وَأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ إفْرَادُهُ لَمَا دَخَلَ الصَّوْمُ الْمَفْرُوضُ لِيُسْتَثْنَى, فَالْحَدِيثُ شَاذٌّ أَوْ مَنْسُوخٌ, وَأَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الَّذِينَ صَحِبُوهُ, كَالْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد, وَأَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا فَهِمَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ الْأَخْذَ بِالْحَدِيثِ, وَلَمْ يَذْكُرْ الْآجُرِّيُّ غَيْرَ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ, فَظَاهِرُهُ لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ, وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي في الوليمة2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وكذا يكره إفراد يوم النيروز والمهرجان بالصوم
فَصْلٌ: وَكَذَا يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ3 بِالصَّوْمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا "خ" لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْكُفَّارِ فِي تَعْظِيمِهَا وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا يُكْرَهُ, لِأَنَّهُمْ لَا يُعَظِّمُونَهَا بِالصَّوْمِ, وَلِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ, وَكَالْأَحَدِ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا ذَكَرَ صَوْمَهُ بِكَرَاهَةٍ, وَعَلَى قِيَاسِ كَرَاهَةِ صَوْمِهِمَا كُلُّ عِيدٍ لِلْكُفَّارِ أَوْ يَوْمِ يفردونه بالتعظيم, ذكره صاحب المغني والمحرر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يحرم صوم ما سبق من الأيام
فَصْلٌ: وَلَا يَحْرُمُ صَوْمُ مَا سَبَقَ مِنْ الْأَيَّامِ , نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي
الْجُمُعَةِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِخِلَافِهِمَا, وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي صِحَّتِهِ "فِيهِ" خِلَافًا, وَحَرَّمَ الْآجُرِّيُّ صَوْمَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ. مَا أُحِبُّ أَنْ يَتَعَمَّدَهُ. وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ مَا سَبَقَ مِنْ الصَّوْمِ الْمَكْرُوهِ وَمِنْهُ إفْرَادُ مَا سَبَقَ, ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ فِي صِحَّةِ صَوْمِهَا بِدُونِ عَادَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَجْهَانِ. وَقَالَ شَيْخُنَا "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ صَوْمِ أَعْيَادِهِمْ, وَلَا صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ, وَلَا قِيَامُ لَيْلَتِهَا, وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْوَلِيمَةِ1, وَكَلَامُ الْقَاضِي أَيْضًا, أَمَّا مَعَ عَادَةٍ أَوْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ فلا كراهة, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: قال إسحاق بن إبراهيم: رأيت أبا عبد الله أعطى ابنه درهم النيروز
فَصْلٌ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعْطَى ابْنَهُ دِرْهَمَ النَّيْرُوزِ وَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ إلَى الْمُعَلِّمِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَنَقَلَهُ صاحب المحرر من خطه.
فصل: يوم الشك إذا لم يكن في السماء علة
فَصْلٌ: يَوْمُ الشَّكِّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يَتَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ شَهِدَ بِهِ مَنْ رَدَّ الْحَاكِمُ شَهَادَتَهُ, قَالَ: أَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ وَقُلْنَا لَا يَجِبُ صَوْمُهُ, فَإِنْ صَامَهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا كَرِهَ, عَلَى مَا سَبَقَ2, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَإِنْ صَامَهُ تَطَوُّعًا كُرِهَ إفراده, ويصح,
وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَذَكَرَ رِوَايَةَ الْأَثْرَمِ السَّابِقَةَ فِي تَقْدِيمِ رَمَضَانَ, وَقَالَ: هَذَا الْكَلَامُ لَا يُعْطِي أَكْثَرَ مِنْ مُجَرَّدِ الْكَرَاهَةِ, كَذَا قَالَ. وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ, وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعِبَادَاتِ, وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ, وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِدُونِ عَادَةٍ أَوْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ, وَيَبْطُلُ عَلَى الْأَصَحِّ بِدُونِهِمَا. وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: لَا يُكْرَهُ "وهـ م" حَمْلًا لِلنَّهْيِ عَلَى صَوْمِهِ مِنْ رَمَضَانَ, وَلَا يُكْرَهُ مَعَ عَادَةٍ "وَ" أَوْ صِلَتِهِ بِمَا قَبْلَ النِّصْفِ "وَ" وَبَعْدَهُ الْخِلَافُ السَّابِقُ, وَلَا يُكْرَهُ عَنْ وَاجِبٍ, لِجَوَازِ النَّفْلِ الْمُعْتَادِ فِيهِ كَغَيْرِهِ, وَالشَّكُّ مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى الْأَصْلِ لَا يَمْنَعُ سُقُوطَ الْفَرْضِ, وَعَنْهُ. يُكْرَهُ صَوْمُهُ قَضَاءً, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْوَسِيلَةِ وَالْإِفْصَاحِ, فَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ وَاجِبٍ "وهـ ش" لِلشَّكِّ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ, وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يُجْزِئُهُ عَنْهُ, كَمَا لَوْ بَانَ مِنْ رَمَضَانَ عِنْدَهُمْ, وَفِي "لُقَطَةِ الْعَجْلَانِ"1: لَا يَجُوزُ صِيَامُ يَوْمِ الشَّكِّ, سَوَاءٌ صَامَهُ نَفْلًا أَوْ عَنْ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ, فَإِنْ صَامَهُ لَمْ يَصِحَّ, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يحرم صوم يومي العيدين
فَصْلٌ: يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ إجْمَاعًا لِلنَّهْيِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثَيْ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ2, وَلَا يَصِحُّ فَرْضًا "وم ش" وَلَا نَفْلًا "وم ش" وعنه: يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَرْضًا, نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ, لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّ النَّاسَ أَضْيَافُ اللَّهِ وَقَدْ دَعَاهُمْ, فَالصَّوْمُ تَرْكُ إجَابَةِ الدَّاعِي, وَمِثْلُ هَذَا لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ, وَلَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِهِ الثَّوَابُ فَنَافَتْهُ الْمَعْصِيَةُ, وَلِذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ فِي غَصْبٍ وَإِنْ صَحَّ الْفَرْضُ, كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَقَدْ سَبَقَ فِي الصَّلَاةِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ1, وَفِي "الْوَاضِحِ" رِوَايَةٌ: يَصِحُّ عَنْ نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ. وَسَبَقَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ: لَا يَصِحُّ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ, وَيَصِحُّ عَنْ نَذْرِهِ الْمُعَيَّنِ, وَالتَّطَوُّعُ بِهِ مَعَ التَّحْرِيمِ, وَلَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ, وَلَا يُقْضَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ, وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَلْزَمُ وَيَقْضِي, وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِمَا, وَوَجْهُ انْعِقَادِهِ أَنَّ النَّهْيَ لَا يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ, وَلِأَنَّهُ دَلِيلُ التَّصَوُّرِ, لِأَنَّ مَا لَا يُتَصَوَّرُ لَا يُنْهَى عَنْهُ, وَالتَّصَوُّرُ الْحِسِّيُّ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ إجْمَاعًا, وَوَجْهُ الْأَوَّلِ النَّهْيُ, وَلِمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ "لَا يَصْلُحُ الصِّيَامُ فِي يَوْمَيْنِ" وَلِلْبُخَارِيِّ3: "لَا صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ" وَالنَّهْيُ دَلِيلُ التَّصَوُّرِ حِسًّا, كَمَا فِي عُقُودِ الرِّبَا وَبَيْعِ الْغَرَرِ وَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ, وَهُوَ مُتَحَقَّقٌ هُنَا, فَإِنَّ مَنْ أَمْسَكَ فِيهِ مَعَ النِّيَّةِ عَاصٍ إجْمَاعًا, وَرَدَّ قَوْلُهُمْ لَا يَتَأَدَّى الْكَامِلُ بِالنَّاقِصِ بِقَضَاءِ الْمَكْتُوبَةِ فِي الْغَصْبِ وَفِيهِ نَظَرٌ, على ما سبق, لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُحَرَّمَ هُنَاكَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَتَرْكُ تَنْجِيَةِ الْغَرِيقِ لَا خُصُوصُ الصَّوْمِ, وَبِقَضَائِهَا فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَنْجِيَةِ الْغَرِيقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ, وَبِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ بِعَيْنِهِ فَقَضَاهُ فِي يَوْمِ عِيدٍ آخَرَ لَمْ يَصِحَّ, وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى عَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ, لِأَنَّ النَّصَّ أَضَافَهُ إلَى صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ كَإِضَافَةِ النَّهْيِ إلَى الصَّلَاةِ من حائض ومحدث.
فصل: وكذا صوم أيام التشريق نفلا
فَصْلٌ: وَكَذَا صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ نَفْلًا "وَ" لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ1 عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَأَوْسَ بْنَ الْحَدَثَانِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. فَنَادَيَا إنَّهُ "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا مُؤْمِنٌ, وَأَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ". وَلِمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ "أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ". وَلِأَحْمَدَ3 النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعْدٍ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ, وَرَوَاهُ أَيْضًا4, عَنْ يُونُسَ بْنِ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُونُسُ شَبِيهٌ بِالْمَجْهُولِ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ5 النَّهْيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَهُوَ في الموطإ6 عن أبي النضر عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا: " وَمَنْ صَامَهُنَّ أَوْ رَخَّصَ فِيهِ فَلَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ" , قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ تَأَوَّلَهُ عَلَى إفْرَادِهَا, فَهَذَا يُسَوِّغُ لَهُمْ, تَشْبِيهًا بِيَوْمِ الشَّكِّ. وَلَا يَصِحُّ فَرْضًا في رواية "وهـ ش" لَكِنْ صَحَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ صَوْمَهَا عَنْ نَذْرِهَا خَاصَّةً, كَقَوْلِهِ فِي الْعِيدِ, وَيَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ, لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ: لَمْ يُرَخِّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَصُمْنَ إلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1, وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ صَوْمُهَا عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ خَاصَّةً, وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ تَخْصِيصُ الرِّوَايَةِ بِصَوْمِ الْمُتْعَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ "م 3" وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ فَرْضًا فِي رِوَايَةٍ وَيَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ صَوْمُهُمَا عَنْ دَمِ الْمُتْعَةِ خَاصَّةً, وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ تَخْصِيصُ الرِّوَايَةِ بِصَوْمِ الْمُتْعَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, انْتَهَى, يَعْنِي صَوْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, وَالصَّحِيحُ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ, صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ فِي بَابِ أَقْسَامِ النُّسْك, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ فِي بَاب الْفِدْيَةِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ هُنَاكَ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخَر بَابِ الْإِحْرَامِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ, وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمْدَةِ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: خَصَّ ابْنُ أَبِي مُوسَى الْخِلَافَ بِدَمِ الْمُتْعَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ مُطْلَقًا, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ صَوْمِ النَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا, اخْتَارَهُ ابْنُ أبي موسى والقاضي, قال في المنهج: وَهِيَ الصَّحِيحَةُ, وَقَدَّمَهَا الْخِرَقِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا أحمد أخيرا,
فصل: وهل يجوز لمن عليه صوم فرض أن يتطوع بالصوم؟
فَصْلٌ: وَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِهِ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ, وَمَنْ صَامَ تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِهِ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ حَتَّى يَصُومَهُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْقَضَاءِ عَنْهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2: فِي سِيَاقِهِ مَا هُوَ مَتْرُوكٌ, يَعْنِي: مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ. وَكَالْحَجِّ. وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ "م 4" "وَ" لِلْعُمُومِ, وَكَالتَّطَوُّعِ بِصَلَاةٍ في وقت فرض ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنْتَخَبِ, وَأَطْلَقَ الْجَوَازَ وَعَدَمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى هنا, والزركشي والحاوي الكبير وغيرهم. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَهَلْ "يَجُوزُ" لِمَنْ عَلَيْهِ صَوْمُ فَرْضٍ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالصَّوْمِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, إحْدَاهُمَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ وَالثَّانِيَةُ يَجُوزُ, انْتَهَى. وأطلقهما في الهداية
مُتَّسَعٍ قَبْلَ فِعْلِهِ, وَكَذَا يَخْرُجُ فِي التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ, وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ عَدَمَ الصِّحَّةِ, لِوُجُوبِهَا عَلَى الْفَوْرِ. وَسَبَقَ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ1. وَيَبْدَأُ بِفَرْضِ الصَّوْمِ قَبْلَ نَذْرٍ لَا يَخَافُ فَوْتَهُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ وَأَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ أَيَّامٌ: يَبْدَأُ بِالنَّذْرِ, وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ النَّذْرُ مُعَيَّنًا بِوَقْتٍ يَخَافُ فَوْتَهُ, وَقَضَاءُ رَمَضَانَ مُوَسَّعُ الْوَقْتِ, كَمَنْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ عَقِبَ2 الزَّوَالِ, يَبْدَأُ بِهِمَا قَبْلَ الظُّهْرِ, لِسَعَةِ وَقْتِهَا, وَتَعْيِينِ النَّذْرِ بِذَلِكَ الْوَقْتِ. وَيَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ إنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا, وَقَدْ صَرَّحَ أَحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ بِتَقْدِيمِ قَضَاءِ رَمَضَانَ عَلَى النَّذْرِ وَالنَّفَلِ, فَيَجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ: تِلْكَ عَلَى ضِيقِ الْوَقْتِ وَهَذِهِ عَلَى سِعَةِ الْوَقْتِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ, فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى إنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ قبل فرضه لم يكره قضاء رمضان في عشر "ذي" الحجة, بل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لا يجوز ولا يصح, وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ, قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: لَمْ يَصِحَّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ, قَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ, "قلت" وهو الصواب.
يُسْتَحَبُّ إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ, وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ. فَعَنْهُ: يُكْرَهُ, كَقَوْلِ الْحَسَنِ وَالزُّهْرِيِّ, وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ لِيَنَالَ فَضِيلَتَهَا. وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ "م 5" "وَ" رُوِيَ عن عمر, لظاهر الآية, وكعشر الْمُحَرَّمِ, وَالْمُبَادَرَةُ إلَى إبْرَاءِ الذِّمَّةِ مِنْ أَكْبَرِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْقَضَاءُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأُولَى بَلْ يُسْتَحَبُّ, وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَصَحُّ, لِأَنَّا إذَا حَرَّمْنَا التَّطَوُّعَ قَبْلَ الفرض كان أبلغ من الكراهة فلا يصح تفريعها عليه, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى إنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ قَبْلَ فَرْضِهِ لَمْ يكره قضاء رمضان في عشر ذي الحجة بَلْ يُسْتَحَبُّ إذَا لَمْ يَكُنْ قَضَاهُ قَبْلَهُ, وَإِنْ قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَعَنْهُ: يُكْرَهْ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ الْقَضَاءُ عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَا يُكْرَهُ عَلَى الْأُولَى بَلْ يُسْتَحَبُّ, وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَصَحُّ, لِأَنَّا إذَا حرمنا التطوع قبل الفرض كان أبلغ من الْكَرَاهَةِ, فَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهَا عَلَيْهِ, انْتَهَى. الطَّرِيقَةُ الْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ, لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ, وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْمَجْدَ, قَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَهَذَا أَقْوَى عِنْدِي, فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَطْلَقَ المصنف الروايتين على القول بالجواز.
فَصْلٌ مَنْ دَخَلَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ اُسْتُحِبَّ لَهُ إتْمَامُهُ وَلَمْ يَجِبْ, وَإِنْ أَفْسَدَهُ لَمْ يلزمه قضاء, نص عليه, وهو المذهب "وش" لِقَوْلِ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقَالَ: "أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْت صَائِمًا" وَفِي أوله أنه دخل عَلَيْهَا يَوْمًا فَقَالَ: "هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ"؟ قُلْنَا: لَا, قَالَ: "فَإِنِّي إذًا صَائِمٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْخَمْسَةُ1. وَزَادَ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, ثُمَّ قَالَ: "إنَّمَا مِثْلُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ مِثْلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا". وَلَهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: "إنَّمَا مَنْزِلَةُ مَنْ صَامَ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي التَّطَوُّعِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَخْرَجَ صَدَقَةَ مَالِهِ فَجَادَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْضَاهُ, وَبَخِلَ مِنْهَا بِمَا شَاءَ فَأَمْسَكَهُ" 2 وَسَبَقَ فِي الْجُمُعَةِ حَدِيثُ جُوَيْرِيَةَ3. وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا فَشَرِبَتْ فَقَالَتْ أَمَّا إنِّي كُنْت صَائِمَةً, فَقَالَ: "الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صام وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَيُبَاحُ قَضَاءُ رَمَضَانَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ, وَقَدْ عُلِّلَ بِأَنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ يَفُوتُ بِهِ فَضْلُ صِيَامِهِ تَطَوُّعًا, وَبِهَذَا عَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ, ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ, وَقَالَ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَحْصُلُ به فضيلة صيام التطوع أيضا, انتهى.
شَاءَ أَفْطَرَ" لَهُ طُرُقٌ, فِيهِ كَلَامٌ يَطُولُ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ, وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَضَعَّفَهُ, وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ: فِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ, وَضَعَّفَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ, كَصَوْمِ مُسَافِرٍ فِي رَمَضَانَ لَهُ الْخُرُوجُ لِكَوْنِهِ كَانَ مُخَيَّرًا حَالَةَ دُخُولِهِ فِيهِ. وَكَفِعْلِ الْوُضُوءِ وَالِاعْتِكَافِ, سَلَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْأَصَحِّ عَنْهُ, وَكَشُرُوعِهِ فِي أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ, لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ "وَ" خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ, وَكَدُخُولِهِ فِيهِ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ, سَلَّمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ وَأَشْهَبُ وَعَنْ أَحْمَدَ: يَجِبُ إتْمَامُ الصَّوْمِ وَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ, ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ. وَفِي الْكَافِي2 "وهـ م" لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَقَدْ أَفْطَرَتَا "لَا عَلَيْكُمَا صُومَا يَوْمًا مَكَانَهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ3, وَضَعَّفُوهُ, ثُمَّ هُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ, لِقَوْلِهِ: "لَا عَلَيْكُمَا" وَعَنْ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا "أَتَخَوَّفُ عَلَى أُمَّتِي الشِّرْكَ وَالشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ" وَفِيهِ: "وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ: أَنْ يُصْبِحَ أحدهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَائِمًا فَتَعْرِضَ لَهُ شَهْوَةٌ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَيَتْرُكَ صَوْمَهُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ شَيْخُ الصُّوفِيَّةِ مَتْرُوكٌ بِالِاتِّفَاقِ وَكَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ, وَسَبَقَ مَا يُبَيِّنُ الْفَرْقَ, وَلِأَنَّ نَفْلَ الْحَجِّ كَفَرْضِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَتَقْرِيرِ الْمَهْرِ بِالْخَلْوَةِ مَعَهُ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ أَعَادَ, قَالَ الْقَاضِي: أَيْ نَذْرَهُ, وَخَالَفَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي النَّفْلِ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ, وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ لَا يَقْضِي, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْضِي الْمَعْذُورُ, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا, وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَقْضِي, وَعَنْ مَالِكٍ: فيمن أفطر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِسَفَرٍ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ عِنْدَهُمَا, لِصِحَّةِ صَوْمِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ, وَعُذْرِهِ عِنْدَ مَالِكٍ, وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَقْضِي مَعْذُورٌ إجْمَاعًا, وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عُذْرٌ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ كَالْحَيْضِ وَنَحْوِهِ, فَإِنَّ غَيْرَهُ حَكَاهُ إجْمَاعًا, وَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يُكْرَهُ خُرُوجُهُ؟ يَتَوَجَّهُ لَا يُكْرَهُ لِعُذْرٍ, وَإِلَّا كُرِهَ, فِي الْأَصَحِّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ. وَهَلْ يَفْطُرُ لِضَيْفِهِ؟ يَتَوَجَّهُ كَصَائِمٍ دُعِيَ, وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَفْطُرُ, وَصَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي الِاعْتِكَافِ: يُكْرَهُ تَرْكُهُ بِلَا عُذْرٍ. وَصَلَاةُ التَّطَوُّعِ كَصَوْمِ التَّطَوُّعِ "وَ" وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ, قَالَ فِي الْكَافِي1: وَمَالَ إلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ وَقَالَ: الصَّلَاةُ ذَاتُ إحْرَامٍ وَإِحْلَالٍ كَالْحَجِّ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلِلرِّوَايَةِ الَّتِي حَكَاهَا ابْنُ الْبَنَّاءِ فِي الصَّوْمِ تَدُلُّ عَلَى عَكْسِ هَذَا الْقَوْلِ, لِأَنَّهُ خَصَّهُ وَعَلَّلَ رِوَايَةَ لُزُومِهِ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى كَالْحَجِّ, وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا, وَلَمْ يَذْكُرْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ سِوَى الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: الِاعْتِكَافُ كَالصَّوْمِ, عَلَى الْخِلَافِ, يَعْنِي "أَنَّهُ" إذَا دَخَلَ فِي الِاعْتِكَافِ وَقَدْ نَوَاهُ مُدَّةً لَزِمَتْهُ وَيَقْضِيهَا "وم" وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا, لَا بِالنِّيَّةِ, وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ, خِلَافًا لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: الْمُعْتَكِفُ يُجَامِعُ يَبْطُلُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِكَافُ مِنْ قَابِلٍ, وَلَعَلَّهُ فِي النَّذْرِ, وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا, وَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَا يَلْزَمُهُ, وَعَنْهُ أَيْضًا: يَلْزَمُهُ أَقَلُّ الِاعْتِكَافِ عِنْدَهُ يَوْمٌ, وَرَدَّ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي عَلَى كَلَامِ ابْنِ عبد البر: وصلى صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ مُرِيدًا لِلِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ, وَكُلُّهُ مَوْضِعٌ لَهُ, ثُمَّ قَطَعَهُ لَمَّا رَأَى أَخْبِيَةَ نِسَائِهِ قَدْ ضُرِبَتْ فِيهِ وَلَمْ يَقْضِينَ1, وَمُجَرَّدُ قَضَائِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ, بِدَلِيلِ قَطْعِهِ, وَمَا فِي السُّنَنِ2 أَنَّهُ كَانَ إذَا تَرَكَ الِاعْتِكَافَ لِسَفَرٍ اعْتَكَفَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ عِشْرِينَ. وَلَوْ نَوَى الصَّدَقَةَ بِمَالٍ مُقَدَّرٍ وَشَرَعَ فِي الصَّدَقَةِ فَأَخْرَجَ بَعْضَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ الصَّدَقَةُ بِبَاقِيهِ, إجْمَاعًا, قاله الشيخ وغيره "قال: " وهو نظير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِاعْتِكَافِ, قَالُوا: وَمَا مَضَى مِنْ اعْتِكَافِهِ لَا يَبْطُلُ "بِتَرْكِ" اعْتِكَافِ الْمُسْتَقْبَلِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي1: وَسَائِرُ التَّطَوُّعَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاعْتِكَافِ وَغَيْرِهِمَا كَالصَّوْمِ إلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, ثُمَّ ذَكَرَ مَا سَبَقَ فِي الصَّلَاةِ2, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ تَطَوُّعٍ قَائِمًا لَمْ يَلْزَمْهُ إتْمَامُهَا قَائِمًا بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ "وَ" خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَحْكَام إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَالصَّلَاةِ هُنَا "وم" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ, وَيَتَوَجَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنَّ فِي طَوَافِ شَوْطٍ أَوْ شَوْطَيْنِ أَجْرًا, وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ تَمَامُ الْأُسْبُوعِ, كَالصَّلَاةِ وَلِهَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: رَأَيْت سُفْيَانَ يَفِرُّ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ, إذَا كَثَرُوا عَلَيْهِ دَخَلَ الطَّوَافَ فَطَافَ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ وَيَدْعُهُمْ. وَلَا تَلْزَمُ الصَّدَقَةُ وَالْقِرَاءَةُ وَالْأَذْكَارُ بِالشُّرُوعِ وِفَاقًا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلِهِ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} الآية [الحديد: 27] : قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَالِابْتِدَاعُ قَدْ يَكُونُ بِالْقَوْلِ, وَبِمَا يُنْذِرُهُ وَيُوجِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ, وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْلِ بِالدُّخُولِ فِيهِ, وَعُمُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي الْأَمْرَيْنِ, فَاقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَنْ ابْتَدَعَ قُرْبَةً قَوْلًا أَوْ فِعْلًا فَعَلَيْهِ رِعَايَتُهَا وَإِتْمَامُهَا, كَذَا قَالَ. وَيَلْزَمُ إتْمَامُ نَفْلِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ "وَ" لِانْعِقَادِ الْإِحْرَامِ لَازِمًا, لِظَاهِرِ آيَةِ الْإِحْصَارِ, فَإِنْ أَفْسَدَهُمَا أَوْ فَسَدَ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ "وَ" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِخِلَافِهِمْ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَالِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ شِهَابٍ رِوَايَةٌ: يَلْزَمُ الْقَضَاءُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَحْسِبُهَا إلَّا سَهْوًا, وَيَأْتِي فِي الْحَجِّ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: سبق في الصلاة في المغصوب هل يثاب على العبادة على وجه محرم
فَصْلٌ: سَبَقَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ هَلْ يُثَابُ عَلَى الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ, وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ2, وَسَبَقَ هُنَاكَ هَلْ يُعْمَلُ بِالْخَبَرِ الضَّعِيفِ فِي هَذَا؟ وَذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِي آدَابِ الْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ مِنْ الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ نَحْوِ نِصْفِ الْكِتَابِ, وَالْكَلَامُ عَلَى الْأَخْبَارِ فِي ذَلِكَ, كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَا جَاءَكُمْ عَنِّي مِنْ خَيْرٍ قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ فَأَنَا أَقُولُهُ, وَمَا أَتَاكُمْ مِنْ شَرٍّ فَأَنَا لَا أَقُولُ الشَّرَّ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ3 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ وَاسْمُهُ نَجِيحٌ فِيهِ لِينٌ مَعَ أَنَّهُ صَدُوقٌ حَافِظٌ, وَكَحَدِيثِ جَابِرٍ "مَنْ بَلَغَهُ عَنْ اللَّهِ شَيْءٌ لَهُ فِيهِ فَضِيلَةٌ فَأَخَذَهُ إيمَانًا بِهِ وَرَجَاءَ ثَوَابِهِ أَعْطَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ" رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ إسْنَادَهُ حَسَنٌ, وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ4 مِنْ طُرُقٍ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَمَّا إذَا قَطَعَ الصَّلَاةَ أَوْ الصَّوْمَ فهل انعقد الجزء المؤدي وحصل به قربة أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ بَطَلَ حُكْمًا لا أنه أبطله؟ كمريض صلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُمُعَةً بَعْدَ ظُهْرِهِ, أَوْ لَا يَبْطُلُ؟ اخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ بُطْلَانُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ "م 5" وَحَمَلَ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ حَدِيثَ عُبَادَةَ فِيمَنْ تَرَكَ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْئًا عَلَى مَنْ تَرَكَ وَاجِبًا كَخُشُوعٍ وَتَسْبِيحٍ, فَلَمْ يَذْكُرُوا تَرْكَ رُكْنٍ وَشَرْطٍ, وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ تَرْكَ رُكْنٍ وَشَرْطٍ كَتَرْكِهَا كُلِّهَا, قَالَ جَمَاعَةٌ: لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ ذَلِكَ وُجُودُهَا كَعَدَمِهَا, وَمُرَادُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى قِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ1: جَاءَتْ السُّنَّةُ بِثَوَابِهِ عَلَى مَا فَعَلَهُ وَعِقَابِهِ عَلَى مَا تَرَكَهُ, وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا كَعَدَمِهِ وَلَا ثَوَابَ فِيهِ لَمْ يُجْبَرْ بِالنَّوَافِلِ شَيْءٌ. وَالْبَاطِلُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ ضِدُّ الصَّحِيحِ فِي عُرْفِهِمْ, وَهُوَ مَا أَبْرَأَ الذِّمَّةَ, فَقَوْلُهُمْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَوْمُهُ وَحَجُّهُ لِمَنْ تَرَكَ رُكْنًا بِمَعْنَى وَجَبَ الْقَضَاءُ, لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ فِي الْآخِرَةِ, إلَى أَنْ قَالَ: فَنَفَى الشَّارِعُ الْإِيمَانَ عَمَّنْ تَرَكَ وَاجِبًا مِنْهُ أَوْ فَعَلَ مُحَرَّمًا فِيهِ كَنَفْيِ غَيْرِهِ, كَقَوْلِهِ: "لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ" 2 وَقَوْلِهِ لِلْمُسِيءِ: "فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ" 3 وَ "لَا صَلَاةَ لِفَذٍّ" 4 وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا فِي قوله تعالى: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا قَطَعَ الصَّلَاةَ أَوْ الصوم فهل انعقد الجزء المؤدي وحصل به قُرْبَةٌ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ بَطَلَ حُكْمًا لَا أَنَّهُ أَبْطَلَهُ؟ كَمَرِيضٍ صَلَّى جُمُعَةً بَعْدَ ظُهْرِهِ, أَوْ لَا يَبْطُلُ؟ اخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ بُطْلَانُهُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِ, انتهى. في ضمن كلام المصنف مسألتان.
{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] : الْبُطْلَانُ هُوَ بُطْلَانُ الثواب, وَلَا نُسَلِّمُ بُطْلَانَ جَمِيعِهِ, بَلْ قَدْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ, فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِعَمَلِهِ, والله أعلم.
فصل: من دخل في واجب موسع
فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ فِي وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ, كَقَضَاءِ رَمَضَانَ كُلَّهُ قَبْلَ رَمَضَانَ, وَالْمَكْتُوبَةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا, وَغَيْرِ ذَلِكَ, كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَكَفَّارَةٍ إنْ قُلْنَا: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا حُرِّمَ خُرُوجُهُ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ "وَ". قَالَ الشَّيْخُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ مُتَعَيَّنٌ, وَدَخَلَتْ التَّوْسِعَةُ فِي وَقْتِهِ رِفْقًا وَمَظِنَّةَ الْحَاجَةِ, فَإِذَا شَرَعَ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إتْمَامِهِ, وَجَازَ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ الْفِطْرُ, لِقِيَامِ الْمُبِيحِ وَهُوَ السَّفَرُ, كَالْمَرَضِ, وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ شَافِعِيَّةٌ فِي الصَّوْمِ, وَوَافَقُوا عَلَى الْمَكْتُوبَةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا, وَإِذَا بَطَلَ فَلَا كَفَّارَةَ, وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: وَيُكَفِّرُ إن أفسد قضاء رمضان.
فصل: ليلة القدر ليلة شريفة معظمة
فصل: ليلة القدر لَيْلَةٌ شَرِيفَةٌ مُعَظَّمَةٌ, زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: والدعاء فيها ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6" إذَا قَطَعَهَا فَهَلْ انْعَقَدَ الْجُزْءُ الْمُؤَدَّى وَحَصَلَ بِهِ قُرْبَةٌ أَمْ لَا. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" عَلَى الْأَوَّلِ هَلْ بَطَلَ حُكْمًا أَمْ لَا؟ "قُلْت": الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ انْعِقَادُ الْجُزْءِ الْمُؤَدَّى وَحُصُولُ الثَّوَابِ بِهِ لِلْمَعْذُورِ وَالْبُطْلَانُ حُكْمًا, وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمُصَنِّفِ مَا يدل على ذلك, والله أعلم.
مُسْتَجَابٌ. قِيلَ: سُورَتُهَا مَكِّيَّةٌ, قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ1, هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَقِيلَ: مَدَنِيَّةٌ, قَالَ الثَّعْلَبِيُّ2: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ "م 8" قَالَ مُجَاهِدٌ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ: {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] : أَيْ قِيَامُهَا وَالْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ خَالِيَةٍ مِنْهَا, وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"3 وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ لِقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4,3] فَإِنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَعَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ, لِقَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] وَمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ "مِنْ شَعْبَانَ" ضَعِيفٌ. قِيلَ: سُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِعِظَمِ قدرها عند الله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ شَرِيفَةٌ عَظِيمَةٌ قِيلَ سُورَتُهَا مَكِّيَّةٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ, وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ, قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ, انْتَهَى هَذَانِ الْقَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ, وَلَيْسَ ذَلِكَ مَخْصُوصًا بِالْأَصْحَابِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا رَأَى الْخِلَافَ قَوِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَتَى بِهَذِهِ الْعَبَّارَةِ "قُلْت" الصَّوَابُ أنها مدنية, وقطع به البغوي وغيره.
وَقِيلَ الْقَدْرُ بِمَعْنَى الضِّيقُ, لِضِيقِ الْأَرْضِ عَنْ الملائكة التي تنزل فيها, فَرَوَى أَحْمَدُ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "إنَّ الْمَلَائِكَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْحَصَى". وَلَمْ تُرْفَعْ "وَ" لِلْأَخْبَارِ بِطَلَبِهَا وَقِيَامِهَا. وَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ: رُفِعَتْ, وَحَكَى رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِيَ فِي رَمَضَانَ "وَ" لَا فِي كُلِّ السَّنَةِ, خِلَافًا لِابْنِ مَسْعُودٍ2, وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ كَقَوْلِهِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَشْهَرُ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ, وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ, عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ 3مِنْ الصَّحَابَةِ3 وَغَيْرِهِمْ "وم ش" وَلَيَالِي وِتْرِهِ آكَدُ, وَأَرْجَاهَا لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ, نَصَّ عَلَيْهِ, لَا لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ "ش" وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كُلُّ الْعَشْرِ سَوَاءٌ "م وَ" وَمَذْهَبُ "م" أَرْجَاهَا فِي تِسْعٍ بَقِينَ أَوْ سَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: هِيَ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ, وَعَنْ الْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ, وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ: قَالَ الْجُمْهُورُ: تَخْتَصُّ بِرَمَضَانَ, وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ: تَخْتَصُّ بِالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ, وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ تَدُلُّ عَلَيْهِ, وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْهُمْ: تَخْتَصُّ بِلَيَالِي الْوِتْرِ مِنْهُ, وَالْأَحَادِيثُ الصِّحَاحُ تَدُلُّ عَلَيْهِ, كَذَا قَالَ, وَالْمَذْهَبُ لَا تَخْتَصُّ, بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا آكَدُ وَأَبْلَغُ مِنْ لَيَالِي الشَّفْعِ, وَعَلَى اخْتِيَارِ "صَاحِبِ" الْمُحَرَّرِ كُلُّهَا سَوَاءٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2: تُطْلَبُ فِي جَمِيعِ رَمَضَانَ, قَالَ فِي الْكَافِي: وَأَرْجَاهُ الْوِتْرُ مِنْ لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ, كَذَا قَالَ. قَالَ: وَتَتَنَقَّلُ فِيهَا, وَقَالَ غَيْرُهُ: تَتَنَقَّلُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ, قَالَهُ أَبُو قِلَابَةَ التَّابِعِيُّ, وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ, وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ. وَظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُتَعَيَّنَةٌ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ مُضِيِّ لَيْلَةِ الْعَشْرِ وَقَعَ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ, وَمَعَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ يَقَعُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَيْلَةَ قَوْلِهِ فِيهَا. وَعَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ النِّصْفُ الثَّانِي مِنْ رمضان, كالعشر عندنا, وحكى صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَبْلَ مُضِيِّ لَيْلَةِ الْعَشْرِ, انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا سَقْطًا, وَتَقْدِيرُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْ الْعَشْرِ أَوْ لَيْلَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, فَهَذِهِ ثَمَانِ مَسَائِلَ قد أطلق فيها الخلاف وصحح أكثرها.
الْوَسِيطِ الشَّافِعِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنْ قَالَ فِي نِصْفِ رَمَضَانَ أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَمْ تَطْلُقْ مَا لَمْ تَنْقَضِ سَنَةٌ, لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي جَمِيعِ الشَّهْرِ, فَلَا تَقَعُ بِالشَّكِّ, وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا فِي كَوْنِهَا تَتَنَقَّلُ. وَعَلَى قَوْلِنَا الْأَوَّلِ إنَّهَا فِي الْعَشْرِ وَتَتَنَقَّلُ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَقَعَ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ, وَمَعَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْهُ يَقَعُ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَهُوَ أَظْهَرُ, لِلْأَخْبَارِ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ, وَأَنَّهَا فِي لَيَالٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهُ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَيَتَخَرَّجُ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْيَمِينِ عَلَى مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ. وَمَنْ نَذَرَ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَامَ الْعَشْرَ, وَنَذْرُهُ فِي أَثْنَاءِ العشر كطلاق, عَلَى مَا سَبَقَ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ فِي النُّذُورِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْوِتْرُ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي, فَتُطْلَبُ لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إحْدَى وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ1 إلَى آخِرِهِ, وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْبَاقِي, لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى" 2 الْحَدِيثَ فَإِذَا كَانَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَكُونُ ذَلِكَ لَيَالِي الْإِشْفَاعِ, فَلَيْلَةُ الثَّانِيَةِ تَاسِعَةٌ تَبْقَى, وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ سَابِعَةٌ تَبْقَى, كَمَا فَسَّرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ1, وَإِنْ كَانَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَانَ التَّارِيخُ بِالْبَاقِي كَالتَّارِيخِ بِالْمَاضِي. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِيهَا, لِقَوْلِ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ وَافَقْتهَا مَا أَقُولُ؟ قَالَ قُولِي: "اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ, وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَصَحَّحَهُ, عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ عَلِمْت لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُهُ؟ قَالَ: قُولِي وَذَكَرَهُ, قَالَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3, وَلِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرَهُ, وَحَدِيثُهُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ عَنْ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ قَامَهَا إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ" وَلَهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ عُبَادَةَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ وَقَالَ فِيهِ "وَاحْتِسَابًا, ثُمَّ وَقَعَتْ لَهُ" 4 وَذَكَرَهُ, وَفِيهِ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَنَّهَا صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ, كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ, لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ, وَلَا يَحِلُّ لِلْكَوْكَبِ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى يُصْبِحَ, وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ فِيهَا شُعَاعٌ, مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ, لَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجُ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ1. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُسَنُّ أَنْ يَنَامَ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ, نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ, وَيَأْتِي "إنْ شَاءَ الله تعالى" في المعتكف2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وليلة القدر أفضل الليالي
فَصْلٌ: وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ اللَّيَالِي, وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ, لِلْآيَةِ, وَذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ إجْمَاعًا وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا هَذَا, وَالثَّانِيَةُ لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ, وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ, وَبِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهِيَ اخْتِيَارُ ابْنِ بَطَّةَ وَأَبِي الْحَسَنِ الْخَرَزِيِّ
وَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ اللَّيْلَةَ تَابِعَةٌ لِيَوْمِهَا, وَفِيهِ مَا لَمْ يُذْكَرْ فِي فَضْلِ يَوْمِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ, وَلِبَقَاءِ فَضْلِهَا فِي الْجَنَّةِ, لِأَنَّ فِي قَدْرِ يَوْمِهَا تَقَعُ الزِّيَارَةُ إلَى الْحَقِّ سُبْحَانَهُ, كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ, فَأَمَّا أَمْثَالُهَا مِنْ لَيَالِي الْقَدْرِ فَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ فِي الْمُعَارَضَةِ وَذَكَرَ غَيْرَهُ أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إجْمَاعًا, وَقَالَ: يَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ "أَيَّامِ" الْعَامِ, وَكَذَا ذَكَرَ جَدُّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ شَرْحِهِ مُنْتَهَى الْغَايَةِ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ, وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَكِيمٍ أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ, وَهَذَا أَظْهَرُ, وَقَالَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ, وَبَعْضُهُمْ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ, وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا, وَيَتَوَجَّهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَيْخِنَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ يَوْمُ الْقَرِّ الَّذِي يَلِيهِ, لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "أعظم الأيام عند الله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ" 1 قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ الْأَيَّامِ أَرْبَعَةً: الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى وَعَرَفَةَ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ, وَاخْتَارَ مِنْهَا يَوْمَ عَرَفَةَ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِلْحُسَيْنِ الشَّهَادَةَ فِي أَشْرَفِ الْأَيَّامِ وَأَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَرْفَعِهَا عِنْدَهُ مَنْزِلَةً, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ, عَلَى ظَاهِرِ مَا فِي الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهَا وَسَبَقَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ2. وَقَالَ أَيْضًا: قَدْ يُقَالُ ذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ: لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ وَأَيَّامُ ذَلِكَ أَفْضَلُ, قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ, لِوُجُودِهِ, وَذَكَرَهَا. وَرَمَضَانُ أَفْضَلُ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ فِيمَنْ زَالَ عُذْرُهُ, وَذَكَرُوا أَنَّ الصَّدَقَةَ فِيهِ أَفْضَلُ, وَعَلَّلُوا ذَلِكَ. قَالَ شَيْخُنَا وَيَكْفُرُ مَنْ فَضَّلَ رَجَبًا عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: إنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنْ الشُّهُورِ أَرْبَعَةً: رَجَبًا وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ وَالْمُحَرَّمَ, وَاخْتَارَ مِنْهَا شَعْبَانَ, وَجَعَلَهُ شَهْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَمَا أَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَنْبِيَاءِ فَشَهْرُهُ أَفْضَلُ الشُّهُورِ, كَذَا قَالَ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36] إنَّمَا سَمَّاهَا حُرُمًا لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهَا, وَلِتَعْظِيمِ انْتِهَاكِ الْمَحَارِمِ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ تَعْظِيمِهِ فِي غَيْرِهَا, وَكَذَلِكَ تَعْظِيمُ الطَّاعَاتِ, ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ, وَأَنَّ أَحَدَ الْأَقْوَالِ أَنَّ الظُّلْمَ الْمَعَاصِي, قَالَ فَتَكُونُ فَائِدَةُ تخصيص بها أن شأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَعْظِيمِ الْمَعَاصِي فِيهَا أَشَدُّ مِنْ تَعْظِيمِهِ فِي غَيْرِهَا, وَذَلِكَ لِفَضْلِهَا عَلَى مَا سِوَاهَا, كَتَخْصِيصِ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ, وَقَوْلِهِ: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] وَكَمَا أَمَرَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ الْوُسْطَى, وَقَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الأكثرين. والله سبحانه وتعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الإعتكاف
باب الإعتكاف مدخل ... باب الاعتكاف الِاعْتِكَافُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] يُقَالُ: عَكَفَ بِفَتْحِ الْكَافِ يَعْكُفُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا, قِرَاءَتَانِ. وَشَرْعًا لُزُومُ مَسْجِدٍ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَهَذَا الِاعْتِكَافُ لَا 1يَحِلُّ أَنْ1 يُسَمَّى خَلْوَةً, وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا, وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ أَوْلَى, وَيُسَمَّى جِوَارًا, لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَفِيهِمَا3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كُنْت أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ يَعْنِي الْأَوْسَطَ ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ. وَهُوَ سُنَّةٌ "ع" وَيَجِبُ بِنَذْرِهِ "ع". وَإِنْ عَلَّقَهُ أَوْ غَيْرُهُ4 بِشَرْطٍ, فَلَهُ شَرْطُهُ, نَحْوَ لِلَّهِ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ كُنْت مُقِيمًا أَوْ مُعَافًى, فَكَانَ فِيهِ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَهَلْ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ أَوْ بِالنِّيَّةِ؟ سَبَقَ آخِرَ الْبَابِ قَبْلَهُ5. وَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ6 إلَّا مَا نُهِيَ عَنْ صِيَامِهِ, للاختلاف في جوازه بغير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَوْمٍ, وَآكَدُهُ رَمَضَانُ, "ع" وَآكَدُهُ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ "ع" وَلَمْ يُفَارِقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ وَاضِحٌ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَعْتَكِفُ فِي الثَّغْرِ لِئَلَّا يَشْغَلَهُ نَفِيرٌ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ "وَ" وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمَنْذُورِ بِالنِّيَّةِ لِيَتَمَيَّزَ, وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُ فَقِيلَ: يَبْطُلُ, لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ, كَالصَّلَاةِ, وَقِيلَ: لَا1, لِتَعَلُّقِهِ2 بِمَكَانٍ, كَالْحَجِّ "م 1" وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ, وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا يُبْطِلُ وَلَمْ يَكُنْ نَوَى مُدَّةً مُقَدَّرَةً ابْتِدَاءَ النِّيَّةِ, وَإِلَّا فَلَا, ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَبْتَدِئُهَا. وَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَمَجْنُونٍ وَطِفْلٍ, كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ, لِخُرُوجِهِ3 بِالْجُنُونِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ, عَلَى مَا سَبَقَ فِي بَابِ الْغُسْلِ4, لَكِنْ يَتَوَجَّهُ: هَلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَعْيِينُ الْمَنْذُورِ بِالنِّيَّةِ لِيَتَمَيَّزَ, وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُ فَقِيلَ: يَبْطُلُ, لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ, كَالصَّلَاةِ, وَقِيلَ: لَا, لِتَعَلُّقِهِ بِمَكَانٍ, كَالْحَجِّ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ فَقَالَ: لِأَصْحَابِنَا. وَجْهَانِ, وَعَلَّلَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ, وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا يَبْطُلُ, لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِالْفَسَادِ مِنْهُ, فَهُوَ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالثَّانِي لَا يَبْطُلُ, لِمَا عَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ.
يَبْنِي أَوْ يَبْتَدِئُ؟ الْخِلَافُ فِي بُطْلَانِ الصَّوْمِ. وَلَا يَبْطُلُ بِإِغْمَاءٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وغيرها, ويأتي في النذر نذر الكافر1 والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يجوز أن يعتكف العبد بلا إذن سيده,
فَصْلٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَبْدُ 2بِلَا إذْنِ2 سَيِّدِهِ, وَلَا الْمَرْأَةُ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا, "وَ", لِتَفْوِيتِ مَنَافِعِهِمَا3 الْمَمْلُوكَةِ لَهُمَا, فَإِنْ شَرَعَا فِي نَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ بِلَا إذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا, وِفَاقًا, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ الْخَمْسَةُ4, وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَضَرَرُ الِاعْتِكَافِ أَعْظَمُ, وَالْحَجُّ آكَدُ, وَخَرَّجَ5 فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: لَا يُمْنَعَانِ مِنْ اعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ, كَرِوَايَةٍ فِي الْمَرْأَةِ فِي صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ, ذَكَرَهَا فِي الْمُجَرَّدِ وَالتَّعْلِيقِ, وَنَصَرَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ, وَالْعَبْدُ يَصُومُ النَّذْرَ, وَيَأْتِي هَذَا الْوَجْهُ فِي الْوَاضِحِ فِي النَّفَقَاتِ6, قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ: مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا مِنْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ فَقَطْ, لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي, كَوَجْهٍ لِأَصْحَابِنَا فِي صَوْمٍ وَحَجٍّ مَنْذُورَيْنِ, قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ رَابِعٌ: مَنْعُهُمَا وَتَحْلِيلُهُمَا إلَّا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَ النكاح والملك, كوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَصْحَابِنَا فِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا1, وَيَتَوَجَّهُ: إنْ لَزِمَ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَكَالْمَنْذُورِ, وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ, فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يُحَلِّلَاهُمَا صَحَّ وَأَجْزَأَ "وَ", وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ ابْنُ الْبَنَّا: يَقَعُ بَاطِلًا, لِتَحْرِيمِهِ, كَصَلَاةٍ فِي مَغْصُوبٍ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَكَذَا فِي الرِّعَايَةِ, وَذَكَرَهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي الْعَبْدِ. وَإِنْ أَذِنَّا لَهُمَا ثُمَّ أَرَادَا تَحْلِيلَهُمَا فَلَهُمَا ذَلِكَ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا, وَإِلَّا فَلَا "وش" لأنه صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي الِاعْتِكَافِ ثُمَّ منعهن منه بعد أن دخلن فيه2, وَلِأَنَّ حَقَّهُمَا وَاجِبٌ, وَالتَّطَوُّعُ لَا يَلْزَمُ بِالْمَشْرُوعِ, عَلَى مَا سَبَقَ, فَهِيَ هِبَةُ مَنَافِعَ تَتَجَدَّدُ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا مَا لَمْ يُقْبَضْ, عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ3. وَمَذْهَبُ "م" مَنْعُ تَحْلِيلِهِمَا مُطْلَقًا, لِلُزُومِهِ بِالشُّرُوعِ عِنْدَهُ. وَمَذْهَبُ "هـ" لَهُ تَحْلِيلُ الْعَبْدِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بالتمليك, و4يكره لِإِخْلَافِهِ الْوَعْدَ, وَلَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَ الزَّوْجَةِ فِيهِمَا, لِمِلْكِهَا بِالتَّمْلِيكِ4. وَلَوْ رَجَعَا بَعْدَ الْإِذْنِ قَبْلَ الشُّرُوعِ جَازَ "ع", بِخِلَافِ حَقِّ الشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ إسْقَاطٌ لِأَمْرٍ مَضَى لَا يَتَجَدَّدُ, وَاخْتَارَ صاحب المحرر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يَجُوزُ تَفْرِيقُهُ كَنَذْرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ مُتَتَابِعَةٍ إذَا اخْتَارَا فِعْلَهُ مُتَتَابِعًا وَأَذِنَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ تَحْلِيلُهُمَا مِنْهُ 1عِنْدَ مُنْتَهَى1 كُلِّ يَوْمٍ, لِجَوَازِ الْخُرُوجِ لَهُ مِنْهُ إذَنْ, كَالتَّطَوُّعِ, قَالَ: وَتَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا يَدُلُّ عَلَيْهِ, وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْمَنْعُ كَغَيْرِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا فِي غَيْرِ نَذْرٍ, وَقِيلَ: فِي غَيْرِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ2, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. وَالْإِذْنُ فِي عَقْدِ النَّذْرِ إذْنٌ فِي فِعْلِهِ إنْ نَذَرَ زَمَنًا مُعَيَّنًا بالإذن, وإلا فلا, "وش" لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ السَّابِقُ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ مَنْعَ تَحْلِيلِهِمَا أَيْضًا, كَالْإِذْنِ فِي الشُّرُوعِ. وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِلَا إذْنٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِمِلْكِهِ مَنَافِعِهِ, كَحُرٍّ مَدِينٍ, بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ, قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ, وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ نَصَّ عَلَيْهِ, كَالِاعْتِكَافِ, وَأَوْلَى, لِإِمْكَانِ التَّكَسُّبِ مَعَهُ, وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إنْفَاقِهِ لِلْمَالِ فِيهِ, كَالِاعْتِكَافِ, وَكَتَرْكِهِ التَّكَسُّبِ مُدَّةً, وَيُنْفِقُ فِيهَا عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ جَمَعَهُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ مِمَّا قَدْ جَمَعَهُ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَهُ الْحَجُّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي جَمَعَهُ مَا لَمْ يَأْتِ نجمه, وحمله القاضي وابن عقيل والشيخ على إذنه له, ويجوز بإذنه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ يَعْنِي الْمُكَاتَبُ يَأْتِي فِي بَابِ الْكِتَابَةِ بَيَانُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَاقَضَ فِي كَلَامِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ, وتحرير ذلك3.
أَطْلَقَهُ1 جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ, وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا, "وق". وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّيِّدِ مُهَايَأَةٌ2 فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ بِلَا إذْنِهِ, لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لَهُ فِيهَا, وَإِلَّا فَلِسَيِّدِهِ منعه. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يصح من رجل تلزمه الصلاة جماعة في مدة اعتكافه إلا في مسجد تقام فيه الجماعة, ولو من رجلين معتكفين,
فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ رَجُلٍ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تقام فيه الجماعة, ولو من رجلين معتكفين, ... فَصْلٌ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ رَجُلٍ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ3 جَمَاعَةً فِي مُدَّةِ اعْتِكَافِهِ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ, "وهـ", وَلَوْ مِنْ رَجُلَيْنِ معتكفين, وَإِلَّا صَحَّ مِنْهُ فِي مَسْجِدِ غَيْرِهِ, وَفِي الِانْتِصَارِ: وَلَا يَصِحُّ مِنْ الرَّجُلِ مُطْلَقًا إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ, وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ, وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ مَا رَوَاهُ سَعِيدٌ4: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَامِعٍ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: لَقَدْ عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ" أَوْ قَالَ "فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ" حَدِيثٌ صَحِيحٌ, وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً وَلَا يَمَسَّ امْرَأَةً وَلَا يُبَاشِرَهَا وَلَا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ, 5وَلَا اعتكاف إلا بصوم5, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا اعْتِكَافَ, إلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 وَقَالَ: غَيْرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ لَا يَقُولُ فِيهِ: قَالَتْ: السُّنَّةُ, يَعْنِي أَنَّهُ مَوْقُوفٌ, وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ, وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ, وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ فِي حَدِيثٍ عَنْهَا, وَفِيهِ "وَإِنَّ السُّنَّةَ" وَذَكَرَهُ. وَفِي آخِرِهِ وَيَأْمُرُ مَنْ اعْتَكَفَ أَنْ يَصُومَ وَقَالَ: يُقَالُ: "إنَّ السُّنَّةَ" إلَى آخِرِهِ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ, وَمَنْ أَدْرَجَهُ فِي الْحَدِيثِ فَقَدْ وَهَمَ, وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ, وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ, فَيَحْرُمُ تَرْكُهَا. وَيَفْسُدُ الِاعْتِكَافُ بِتَكْرَارِ الْخُرُوجِ, وَظَهَرَ مِنْ هَذَا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ الْجَمَاعَةُ يَصِحُّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ, "وم ش", لِظَاهِرِ الْآيَةِ3. وَلَا يَصِحُّ إلَّا فِي مَسْجِدٍ, إجْمَاعًا, حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ, وَجَوَّزَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ. وَيَصِحُّ فِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ, إجْمَاعًا, حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ, وَعَنْ حُذَيْفَةَ4 وَابْنِ الْمُسَيِّبِ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِيهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَرَحَبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ مِنْهُ, فِي رِوَايَةٍ, وهي ظاهر كلام الخرقي, وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَلَى, جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وِفَاقًا, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ, وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ, فَقَالَ: إنْ كَانَتْ مَحُوطَةً فَهِيَ مِنْهُ, وَإِلَّا فَلَا, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ فَقَالَ: إذَا سَمِعَ أَذَانَ الْعَصْرِ فِي رَحَبَةِ مَسْجِدِ الْجَامِعِ انْصَرَفَ وَلَمْ يُصَلِّ, لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ, حَدُّ الْمَسْجِدِ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ حَائِطٌ وَبَابٌ. وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَصَحَّحَهُ أَيْضًا وَقَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ "م 2" وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ: الرَّحَبَةُ الْمُتَّصِلَةُ به منه. والله أعلم. وظهر المسجد منه "وهـ ش", وَمَذْهَبُ "م" لَا يَعْتَكِفُ فِيهِ وَلَا فِي بَيْتِ قَنَادِيلِهِ. وَقَالَ "م" أَيْضًا: يُكْرَهُ, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ: وَرَحَبَةُ الْمَسْجِدِ لَيْسَتْ مِنْهُ, فِي رِوَايَةٍ, وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَعَنْهُ: بَلَى, جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ, وَجَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي مَوْضِعٍ, فَقَالَ: إنْ كَانَتْ مَحُوطَةً فَهِيَ مِنْهُ, وَإِلَّا فَلَا, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ فَقَالَ: إذَا سَمِعَ أَذَانَ الْعَصْرِ فِي رَحَبَةِ مَسْجِدِ الْجَامِعِ انْصَرَفَ وَلَمْ يُصَلِّ, لَيْسَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ, حَدُّ الْمَسْجِدِ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ حَائِطٌ وَبَابٌ, وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا وَقَالَ: وَمِنْ أصحابنا من جعل الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فِي الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ. إحْدَاهُمَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِمْ, وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي مَوْضِعٍ, وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ, قَالَ الْحَارِثِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, انْتَهَى وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ مِنْ الْمَسْجِدِ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ "قلت" جزم به
وَالْمَنَارَةُ الَّتِي لِلْمَسْجِدِ إنْ كَانَتْ فِيهِ أَوْ بَابُهَا فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ, بِدَلِيلِ مَنْعِ جُنُبٍ وَالْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ: يُكْرَهُ, وَقَالَهُ اللَّيْثُ. وَإِنْ كَانَ بَابُهَا خَارِجًا مِنْهُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطْرِقُ إلَيْهَا إلَّا خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَتْ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَمَا جَزَمَ "بِهِ" بَعْضُهُمْ فَخَرَجَ لِلْأَذَانِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ, لِأَنَّهُ مَشَى حَيْثُ يَمْشِي جُنُبٌ, لِأَمْرٍ مِنْهُ بُدٌّ, كَخُرُوجِهِ إلَيْهَا لِغَيْرِ الْأَذَانِ, وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهَا بُيِّتَتْ لَهُ, فَكَأَنَّهَا مِنْهُ. وقال أبو الخطاب: لأنها1 كالمتصلة بِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهَا بُنِيَتْ لِلْمَسْجِدِ لِمَصْلَحَةِ الْأَذَانِ, فَكَأَنَّهَا مِنْهُ فِيمَا بُنِيَتْ لَهُ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ "ثُبُوتُ" بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ, لِأَنَّهَا لَمْ تُبْنَ لَهُ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ, وَثَالِثٌ: إنْ أَلِفَ النَّاسُ صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ جَازَ, لِلْحَاجَةِ وَإِلَّا فَلَا, وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّحَبَةِ فَهِيَ مِنْهَا 2"وَإِلَّا فَلَا"2 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْأَفْضَلُ اعْتِكَافُ الرَّجُلِ فِي الْجَامِعِ إذَا كَانَ اعْتِكَافُهُ تَتَخَلَّلُهُ جُمُعَةٌ, وَلَا يَلْزَمُ وِفَاقًا لِأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ, لِمَا سَبَقَ, وَلِأَنَّهُ خرج لما لا بد منه, وكأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ فِي مَوْضِعٍ فَقَالَا: وَرَحْبَةُ الْمَسْجِدِ كَهُوَ, وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ: وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ, انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ الرِّعَايَةُ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ, وَكَذَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى والوسطى.
اسْتَثْنَى الْجُمُعَةَ, وَلَا1 تَتَكَرَّرُ, بِخِلَافِ الْجَمَاعَةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ: يَلْزَمُ, فَإِنْ اعْتَكَفَ فِي غَيْرِهِ بَطَلَ بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا, "وم", لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ أَنْ يَحْتَرِزَ مِنْهُ, كَالْخَارِجِ مِنْ صَوْمِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ إلَى صَوْمِ رَمَضَانَ, وَنَحْنُ نَمْنَعُهُ, عَلَى مَا يَأْتِي, فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ بِنَذْرِهِ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْجُمُعَةِ, وَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ مَوْضِعِهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَوْضِعُهَا, وَلَا يَصِحُّ إنْ وَجَبَتْ الْجَمَاعَةُ بِالِاعْتِكَافِ فِيمَا تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَحْدُهَا, وَيَصِحُّ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ, وَتَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ, كَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ. وَيَصِحُّ مِنْ الْمَرْأَةِ فِي كُلِّ مَسْجِدِ, لِلْآيَةِ, وَالْجَمَاعَةُ لَا تَلْزَمُهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ, وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ, وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ. لِمَا رَوَاهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ2 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ نَفْسِهَا فِي بَيْتِهَا, فَقَالَ: بِدْعَةٌ, وَأَبْغَضُ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ, فَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ. تُقَامُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ, وَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا وهو ما اتخذته لصلاتها لما سبق3, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَذَا لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا, وَيَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ, وَأَنَّهُ أَفْضَلُ, وَفِي كُتُبِهِمْ كَالْمُخْتَارِ1: الْمَرْأَةُ تَعْتَكِفُ فِي بَيْتِهَا, قَالَ الْأَصْحَابُ: فلم2 يُنَبِّهْ أَزْوَاجَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا خَافَ عَلَيْهِنَّ التَّنَافُسَ فِي الْكَوْنِ مَعَهُ, وَتَرْكَ الْمُسْتَحَاضَةِ فِيهِ وَالطَّسْتُ تَحْتَهَا3, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنَّنَا نَكْرَهُهُ لَهَا إذَا لَمْ تَتَحَفَّظْ بِخِبَاءٍ وَنَحْوِهِ, وَاسْتَحَبَّهُ غَيْرُهُ, وَأَنْ لَا يَكُونَ بِمَوْضِعِ الرِّجَالِ, نَقَلَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ: يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسَاجِدِ وَيَضْرِبْنَ لَهُنَّ فِيهَا الْخِيَمَ, قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرَّجُلُ أَيْضًا, لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, لِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِ, وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وغيره: لا4 إلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ, وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ: لبرد "والله أعلم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويصح بغير صوم,
فَصْلٌ: وَيَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ, هَذَا الْمَذْهَبُ"وش", لأن عمر سأله صلى الله عليه وسلم: إنِّي نَذَرْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: يَوْمًا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, قَالَ أَوْفِ بِنَذْرِك زَادَ الْبُخَارِيُّ: "فَاعْتَكِفْ لَيْلَةً" 5, ولحديث ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنِ عَبَّاسٍ "لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ" رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 وَقَالَ: رَفَعَهُ السُّوسِيُّ أَبُو بَكْرٍ2, وَغَيْرُهُ لَا يَرْفَعُهُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: هُوَ ثِقَةٌ فَيُقْبَلُ رَفْعُهُ وَزِيَادَتُهُ. قَالَهُ الْخَطِيبُ: دَخَلَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ أَحَادِيثَ مُسْتَقِيمَةً. وَلِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ. وَتَفَرَّدَ عَبْدُ اللَّهِ بن بديل وله مناكير بقوله صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ: "اعْتَكِفْ وَصُمْ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3, وَضَعَّفَهُ وَزِيَادَتُهُ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُمَا4, ثُمَّ أَمَرَهُ اسْتِحْبَابًا أَوْ نَذَرَهُ مَعَ الِاعْتِكَافِ, بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الشِّرْكِ وَيَصُومَ, قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: إسْنَادٌ حَسَنٌ تَفَرَّدَ بِهِ سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ, وَأَقْوَالُ الصَّحَابَةِ مُخْتَلِفَةٌ. فَعَلَى هَذَا أَقَلُّهُ5 تَطَوُّعًا, أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ مَا يُسَمَّى بِهِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا, فَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَحْظَةً وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ, وَأَقَلُّهُ عِنْدَهُمْ مُكْثٌ يَزِيدُ عَلَى طُمَأْنِينَةِ الرُّكُوعِ أَدْنَى زِيَادَةٍ, وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَقَلُّهُ سَاعَةٌ لَا لَحْظَةٌ, وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ, خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ, وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَيَّامِ النَّهْيِ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا. وَلَوْ صَامَ ثُمَّ أَفْطَرَ عَمْدًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ صَوْمٍ, وهـ م", فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ لَيْلَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُفْرَدَةً, وَفِي أَقَلِّهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: أَحَدُهُمَا يَوْمٌ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وِفَاقًا لِرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ, لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا يَتَأَتَّى فِيهِ الصَّوْمُ. الثَّانِي أَقَلُّهُ مَا يَقَعُ عليه الاسم إذا وجد "في" الصوم, لوجود اللُّبْثِ بِشَرْطِهِ, وَجَزَمَ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ "م 3" وَهُوَ أَصَحُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: إنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ يَلْزَمُهُ يَوْمٌ, وَمُرَادُهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا, كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ أَجْزَأَهُ بَقِيَّةُ النَّهَارِ إنْ كَانَ صَائِمًا, وَجَزَمُوا فِي النَّذْرِ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْلَى, لَا يَوْمًا "ش" لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ, وَمَذْهَبُ مَالِكٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَعَنْهُ أَيْضًا: ثَلَاثَةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بِغَيْرِ صَوْمٍ, هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ "الِاعْتِكَافُ" بِغَيْرِ صَوْمٍ, فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ فِي لَيْلَةٍ مُفْرَدَةٍ, وَفِي أَقَلِّهِ وَجْهَانِ, قَالَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: أَحَدُهُمَا يَوْمٌ, قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَالثَّانِي أَقَلُّهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ إذا وجد في الصوم, لوجود اللبث بشرطه, وَجَزَمَ بِهَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ, انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ1 أَبُو الْخَطَّابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحُ3 وَالْفَائِقُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ, وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا, وَبَيَّنَ مرادهم.
وَلَا يَصِحُّ فِي أَيَّامِ النَّهْيِ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا "وهـ م" وَاعْتِكَافُهَا نَذْرًا وَنَفْلًا كَصَوْمِهَا نَذْرًا وَنَفْلًا, فَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ, فَإِنْ قُلْنَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ, وَيَجُوزُ خُرُوجُهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ, وَلَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ, خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ الْمَلِكِ الْمَالِكِيِّ, وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى إنْ شَاءَ وَإِلَى أَهْلِهِ, وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الْعُكُوفِ ثُمَّ يَعُودُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِهِ لِتَمَامِ أَيَّامِهِ, هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ, قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصُومَ لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ يَنْذُرْ لَهُ الصَّوْمَ, لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ. وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا أَوْ بِنَذْرٍ عَيَّنَهُ بِهِ "وَ", ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَشَرَطَهُ الْحَنَفِيَّةُ لِلِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ. فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ رَجَبٍ فَتَرَكَهُ وَاعْتَكَفَ رَمَضَانَ أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ رَمَضَانَ فَتَرَكَهُ وَاعْتَكَفَ رَمَضَانَ الْمُقْبِلَ لَمْ يُجْزِئْهُ. وَكَذَا عِنْدَهُمْ الِاعْتِكَافُ الْمُطْلَقُ إذَا فَعَلَهُ فِي رَمَضَانَ, لِوُجُوبِ صَوْمٍ فِي ذِمَّتِهِ, فَلَا يَتَأَدَّى بِرَمَضَانَ, كَنَذْرِ الصَّوْمِ الْمُفْرَدِ. وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ. وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَيِّ صَوْمٍ كَانَ. كَمَنْ نَذَرَ صَلَاةً وَهُوَ مُحْدِثٌ ثُمَّ تَطَهَّرَ لِمَسِّ الْمُصْحَفِ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِهِ. وَلِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَأَفْطَرَهُ لِعُذْرٍ فَقَضَاهُ وَاعْتَكَفَ مَعَ الْقَضَاءِ أَجْزَأَهُ "وَ". وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيْرُهُ "وَ" خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ, لِأَنَّ كُلَّ قُرْبَةٍ مُعَلَّقَةٌ "بِزَمَنٍ" لَا تَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ كَنَذْرِ صَلَاةٍ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ, أَوْ الصَّدَقَةِ, وَكَنَذْرِ اعْتِكَافِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ غَيْرِ رَمَضَانَ, وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ, لِفَوَاتِ الْمُلْتَزَمِ, وَيَبْطُلُ هَذَا بِالصَّوْمِ الْمُعَيَّنِ "ع" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إذَا لَزِمَ شَهْرٌ غَيْرُهُ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ1, لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَوْلَى, ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: إنْ شَرَطْنَاهُ فِيهِ لَزِمَهُ2, وَإِلَّا فَلَا, وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمُنْتَهَى الغاية, تحقيقا لشرط الصحة "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيْرُهُ. ثُمَّ إذَا لَزِمَ شَهْرٌ غَيْرُهُ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ, لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَوْلَى, ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ, إنْ شَرَطْنَاهُ فِيهِ لَزِمَهُ, وَإِلَّا فَلَا, وَهَذَا "هُوَ" الَّذِي فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ, تَحْقِيقًا لِشَرْطِ الصِّحَّةِ, انْتَهَى, فَقَوْلُهُ "قَدَّمَ بَعْضُهُمْ لَا يَلْزَمُهُ صوم" البعض صاحب الرعايتين والحاويين والفائق
وَيُجْزِئُ مَعَ شَرْطِ الصَّوْمِ رَمَضَانُ آخَرُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا1: لَا يُجْزِئُهُ, وَهُوَ كَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ السَّابِقِ, وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ, وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي خِلَافًا فِي نَذْرِ الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ, وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ. وَمُتَنَاقِضٌ, لِأَنَّ الْمُطْلَقَ أَقْرَبُ إلَى الْتِزَامِ الصَّوْمِ, فَهُوَ أَوْلَى, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَلَمْ يَرُدَّ الْقَاضِي هَذَا وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ, وَالْقَوْلُ بِهِ فِي الْمُطْلَقِ مُتَعَيَّنٌ, وَعَلَّلَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُنَافٍ لِمَا قَدَّمَهُ في الرعايتين والحاويين والفائق, والله أعلم.
الإجزاء بأنه لم يلزمه بِالنَّذْرِ صِيَامٌ, وَإِنَّمَا أَوْجَبَ ذَلِكَ عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَلَّلَ عَدَمَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَهُ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ شَهْرٍ بِصَوْمٍ, فَلَمْ يَقَعْ صِيَامُهُ عَنْهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشْرِهِ الْأَخِيرِ فَنَقَصَ أَجْزَأَهُ وِفَاقًا, بِخِلَافِ نَذَرَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ من آخر الشهر فنقص يقضي يوما, "و". وَإِنْ فَاتَهُ الْعَشْرُ فَقَضَاهُ خَارِجَ رَمَضَانَ جَازَ, ذكره القاضي, وفاقا, لقضائه صلى الله عليه وسلم فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ شَوَّالٍ1, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَكَقَضَاءِ نَذَرَ صَوْمِ عَرَفَة أَوْ عَاشُورَاءَ فِي غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3: يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ قَابِلٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَابْنِ مَنْصُورٍ فِي الْمُعْتَكِفِ يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ الِاعْتِكَافُ مِنْ قَابِلٍ, لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ, وَسَبَقَ أَنَّ مَنْ نَذَرَ قِيَامَهَا لَزِمَهُ, فَكَذَا اعْتِكَافُهَا, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنْ رَمَضَانَ الْآتِي, فِي الْأَشْهَرِ, قَالَ مِنْ عِنْدَهُ, وَيَحْتَمِلُ "أَنْ يُجْزِئَهُ" مِثْلُهُ مِنْ شَهْرٍ غَيْرِهِ. وَيَتَوَجَّهُ مِنْ تَعْيِينِ الْعَشْرِ تَعْيِينُ رَمَضَانَ فِي الَّتِي قَبْلِهَا, وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى. فَذَكَرَ قَوْلَهُ وَلَمْ يزد, ولعل الثاني أظهر, لأن فعله صلى الله عليه وسلم تطوع, والصوم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُجْزِئُ الْمَفْضُولُ فِيهِ عَنْ الْفَاضِلِ, بِدَلِيلِ أَيَّامِ الأسبوع والأشهر والله أعلم.
فصل: من قال: لله علي أن أعتكف صائما
فَصْلٌ: مَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ بِصَوْمٍ لَزِمَاهُ مَعًا, فَلَوْ فَرَّقَهُمَا أَوْ اعْتَكَفَ وَصَامَ فَرْضَ رَمَضَانَ وَنَحْوَهُ لَمْ يجزئه, لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ" 1 وَلِأَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِيهِ, كَالتَّتَابُعِ وَكَالْقِيَامِ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لَا الْجَمْعُ, فَلَهُ فِعْلُ كُلِّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا. وَقَالَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَائِمًا أَوْ بِالْعَكْسِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نُسَلِّمُهُ وَنَقُولُ: يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ كَمَا قَالَ, ثُمَّ سَلَّمَهُ وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ, لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا ليس بمقصود في الآخر ولا سبته. وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَالْوَجْهَانِ لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَفَرَّقَ فِي التَّلْخِيصِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ من شعاره الاعتكاف, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ. وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا فَالْوَجْهَانِ فِي الْمَذْهَبَيْنِ. وَفِيهِمَا وَجْهٌ ثَالِثٌ: لَا يَلْزَمُهُ الْجَمْعُ هُنَا, لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ, وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ كَفٌّ يُعْتَبَرُ بِالزَّمَانِ, فَلَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالنَّذْرِ, كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ, وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ, ذكر ذلك صاحب المحرر, وَالْمُرَادُ رَكْعَةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ, وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الصُّورَةَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ, وَذَكَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ, وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً وَيَقْرَأَ فِيهَا سُورَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَهُ الْجَمْعُ, فَلَوْ قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَجُوزُ التَّفْرِيقُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِثْلُهُ, وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَلْزَمُ حَالَ النَّاذِرِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا كَانَتْ عِبَادَةً مُفْرَدَةً, فَإِذَا نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا أَوْ بِالْعَكْسِ, 1أَوْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُصَلِّيًا أَوْ بِالْعَكْسِ, أَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مُعْتَكِفًا أَوْ بِالْعَكْسِ1, وَنَحْوِهِ, لَزِمَهُ الْأَوَّلُ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومُ مُعْتَكِفًا فَالْوَجْهَانِ" وَكَذَا قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا فَالْوَجْهَانِ" يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَيْنِ قَبْلُ, وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ أَنَّهُمَا يَلْزَمَانِهِ مَعًا فِيمَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ يَصُومَ, فَكَذَا هُنَا, والله أعلم.
الثَّانِي, لَا مُنْفَرِدًا وَلَا مَعَ الْأَوَّلِ, لِأَنَّهُ لم يلتزمه1 مُنْفَرِدًا, وَلَيْسَ بِصِفَةٍ مَقْصُودَةٍ لِيَلْزَمَ بِالنَّذْرِ, وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ2, لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِيهِ عَلَى أَصْلِهِمْ, وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَلَهُمْ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ سوى الصوم3, كَمَا سَبَقَ, وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ الِاعْتِكَافُ, لِأَنَّهُ لَيْسَ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً, فَجَازَ جَعْلُهُ شَرْطًا فِي الْعِبَادَةِ الَّتِي جُعِلَتْ شَرْطًا لَهُ. وَنَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وُجُوبَ الْجَمْعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ, لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ كذلك فيدخل فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ" 4 وَلِأَنَّهُ طَاعَةٌ, لِاسْتِبَاقِهِ إلَى الْخَيْرَاتِ, وَلِكَوْنِهِ أَشَقَّ. قَالَ: وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُخَالِفَ يَبْطُلُ بِالتَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ, وَكُلُّ يَوْمٍ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من نذر الاعتكاف
فَصْلٌ: مَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهَا "هـ" لِفَضْلِ الْعِبَادَةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: يَتَعَيَّنُ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَقَطْ. وَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ لَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ, لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا, احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ, فَدَلَّ إنْ قُلْنَا إنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ أَنَّ مَسْجِدَهَا أَفْضَلُ "ر م" وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, وَصَرَّحَ بِهِ صاحب الرعاية.
وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ غَيْرُهُ, لِأَنَّهُ دُونَهُ, إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ عَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ عَيَّنَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى أَجْزَأَهُ الْمَسْجِدَانِ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَفْضَلِيَّتِهِمَا عَلَيْهِ "م" فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ. وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ, لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ" وَذَكَرَهَا, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَلِمُسْلِمٍ2 فِي رِوَايَةٍ: "إنَّمَا يُسَافَرُ إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ" فَلَوْ تَعَيَّنَ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ, كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ, وَهُوَ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ, وَخَالَفَ فِيهِ اللَّيْثُ, وَيَتَوَجَّهُ إلَّا مَسْجِدَ قُبَاءَ, وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيِّ, لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزُورُ قُبَاءَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا. وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يَأْتِي قُبَاءَ كُلَّ سَبْتٍ, كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَلِلنَّسَائِيِّ "وَابْنِ مَاجَهْ"4 مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: "إنَّ مَنْ خَرَجَ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيُصَلِّيَ فِيهِ كَانَ لَهُ عَدْلُ عُمْرَةٍ" , وَعَنْ أُسَيْدَ بْنِ ظُهَيْرٍ مَرْفُوعًا: "الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ كَعُمْرَةٍ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ5 وَقَالَ: غَرِيبٌ, ولا نعرف لأسيد شيئا يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَيْرُ هَذَا. وَفِيهِ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَيَّامِ بِالزِّيَارَةِ, وَكَرِهَهُ 1مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْمَالِكِيُّ. أَمَّا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2 يَلْزَمُ فِيهِ1, وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ, فَإِنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ لُزُومُهُ تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ...." 3. وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا فِي تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ لِلصَّلَاةِ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ تَعْيِينَهُ لَهَا, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ, قَالَ: وَنَذْرُ الِاعْتِكَافِ مِثْلُهُ, وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا وَجْهَيْنِ فِي تَعْيِينِ مَا امْتَازَ بمزية شرعية, كقدم وكثرة جمع, واختار في مَوْضِعٍ آخَرَ: يَتَعَيَّنُ, وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِهَذَا فِي الْمَسْجِدِ الْقَرِيبِ, وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَلَّابِ مِنْهُمْ, وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ, وَذَكَرَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهًا, وَبَعْضُهُمْ قَوْلًا فِي تَعْيِينِ الْمَسَاجِدِ لِلِاعْتِكَافِ, وَاحْتَجُّوا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ بِأَنَّهُ لَا مِزْيَةَ لِبَعْضِ الْمَسَاجِدِ عَلَى بَعْضٍ بِمِزْيَةٍ أَصْلِيَّةٍ, وَهَذَا يَبْطُلُ بِقُبَاءَ, ثُمَّ هِيَ طَاعَةٌ, فَتَدْخُلُ فِي الْخَبَرِ, ثُمَّ مَا الْفَرْقُ؟ وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَكَانًا: وَيَبْطُلُ بِبِقَاعِ الْحَجِّ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الِاعْتِكَافُ وَالصَّلَاةُ لَا يَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ, كَذَا قَالَا "م هـ" فَعَلَى الْمَذْهَبِ الأول يعتكف في غير المسجد الذي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَيَّنَهُ, وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ إنْ وَجَبَتْ فِي غَيْرِ الْمُسْتَحَبِّ. وَكَذَا الصَّلَاةُ "م 6". وَظَاهِرُ كَلَامِ جماعة: يصلي في غير مسجد أَيْضًا, وَلَعَلَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِمْ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ. وَإِنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى مَا عَيَّنَهُ فَإِنْ احْتَاجَ إلى شد رحل خير ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ. أَمَّا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فَمَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي يَلْزَمُ فِيهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ, فَإِنَّهُ قَالَ: الْقِيَاسُ لُزُومُهُ تَرَكْنَاهُ لِقَوْلِهِ: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ" 1, وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ احْتِمَالًا فِي تَعْيِينِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ لِلصَّلَاةِ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ تَعْيِينَهُ لَهَا, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّهُ أَفْضَلُ, قَالَ: وَنَذْرُ الِاعْتِكَافِ مِثْلُهُ, وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا وجهين في تعيين ما امتاز بمزية شرعية, كَقِدَمٍ وَكَثْرَةِ جَمْعٍ, وَاخْتَارَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَتَعَيَّنُ وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الِاعْتِكَافُ وَالصَّلَاةُ لَا يَخْتَصَّانِ بِمَكَانٍ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ, كَذَا قَالَا, انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ, وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا فِي مَسْجِدٍ وَلَمْ يَحْتَجْ, إلَى شَدَّ رَحْلٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إتْيَانُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ أَمْ لَا؟. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلٌ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ يَعْتَكِفُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَيَّنَهُ, وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ إنْ وَجَبَتْ فِي غَيْرِ الْمُسْتَحَبِّ, وَكَذَا الصَّلَاةُ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِق وَالْمُجَرَّدِ, ذَكَرَهُ فِي بَابِ النَّذْرِ. إحْدَاهُمَا لَا كَفَّارَةَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الْمُقْنِعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, فِي وَجْهٍ, فَدَلَّ عَلَى أَنْ الْمُقَدَّمَ وَالْمَشْهُورَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تذكرته.
عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْقَصِيرِ, وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ قُبَاءَ1, وَحَمَلَ النَّهْيَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَضِيلَةَ فِيهِ, وَقَالَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ, وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ, وَلَمْ يُجَوِّزْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا "م 7" "وم" وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ: يُكْرَهُ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُ فِي التَّخْلِيصِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَتَرَخَّصُ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ2 فِي شرح المقنع: يكره إلى الْقُبُورِ وَالْمَشَاهِدِ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ, وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَأْتِي الْمَشَاهِدَ وَيَذْهَبُ إلَيْهَا: تَرَى ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ3 أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى يَتَّخِذَ ذَلِكَ مُصَلًّى, وَعَلَى نَحْوِ مَا كَانَ يَفْعَلُ ابْنُ عُمَرَ يَتْبَعُ مَوَاضِعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثَرَهُ4, فَلَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ, إلَّا أَنَّ النَّاسَ أَفْرَطُوا فِي هَذَا جِدًّا وَأَكْثَرُوا, قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ, فذكر قبر ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إلَى مَا عَيَّنَهُ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ خُيِّرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْقَصِيرِ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا, انْتَهَى, مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هُوَ الصواب, واختاره الشارح أيضا.
الْحُسَيْنِ وَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ عِنْدَهُ, وَحَكَى شَيْخُنَا وَجْهًا: يَجِبُ السَّفَرُ الْمَنْذُورُ إلَى الْمَشَاهِدِ, وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: مَا شُرِعَ جِنْسُهُ وَالْبِدْعَةُ اتِّخَاذُهُ عَادَةً كَأَنَّهُ وَاجِبٌ كَصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ "وَدُعَاءٍ" وَذِكْرٍ جَمَاعَةً وَفُرَادَى وَقَصْدِ بَعْضِ الْمَشَاهِدِ وَنَحْوِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْكَثِيرِ الظَّاهِرِ مِنْهُ وَالْقَلِيلِ الْخَفِيِّ وَالْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ. قَالَ: وَيَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ وَكَرَاهَتِهِ حُكْمُ نَذْرِهِ وَشَرْطِهِ فِي وَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَحْوِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. أَمَّا مَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فَيُخَيَّرُ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: الْأَفْضَلُ الْوَفَاءُ, وَهَذَا أَظْهَرُ.
فصل: من نذر اعتكافا معينا متتابعا
فَصْلٌ: مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا مُعَيَّنًا مُتَتَابِعًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مُطْلَقًا, أَوْ1 شَرَطَ تَتَابُعَهُ, أَوْ نَوَاهُ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ, أَوْ أَطْلَقَ وَقُلْنَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ فِي وَجْهٍ كَمَا يَأْتِي لَزِمَهُ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ, وَاللَّيْلَةَ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ, وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ تَكْرَارُ الْوَاحِدِ, وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَا تَخَلَّلَهُ مِنْ الْأَيَّامِ أَوْ1 اللَّيَالِي تَبَعًا لِلُّزُومِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا, وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَلْزَمُهُ مَا تَخَلَّلَهُ, لِأَنَّ لَفْظَهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ, وَاخْتَارَهُ أَبُو حَكِيمٍ وَخَرَّجَهُ مِنْ اعْتِكَافِ يَوْمٍ لَا يلزمه معه ليلة, وهو الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلشَّافِعِيَّةِ, وَحُكِيَ لَنَا قَوْلٌ: لَا يَلْزَمُهُ لَيْلًا, وَمَذْهَبُ "هـ م" يَلْزَمُهُ بِعَدَدِ مَا لَفَظَ بِهِ, لِأَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ مِنْ أَحَدِ جِنْسَيْ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي عِبَارَةٌ عَنْهُمَا مَعَ الْإِطْلَاقِ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً} [مريم: 10] وَقَالَ: {ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [آل عمران: 41] وَأُجِيبُ بِأَنَّ اللَّهَ نَصَّ عَلَيْهِمَا, كَمَا يُعْمَلُ بِالنِّيَّةِ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِهِ "وَ". وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا مُعَيَّنًا أَوْ مُطْلَقًا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ فَجْرِهِ الثَّانِي وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِهِ "وهـ ش" لِأَنَّهُ اسْمُ الْيَوْمِ, قَالَهُ الْخَلِيلُ, وَلَا تَلْزَمُهُ اللَّيْلَةُ الَّتِي قَبْلَهُ "م" لِأَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْيَوْمِ, وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً: يَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ وَقْتِ صَلَاةِ الْفَجْرِ, وَكَذَا عِنْدَ مَالِكٍ إنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً لَزِمَتْهُ بِيَوْمِهَا. وَتَلْزَمُهُ عِنْدَنَا اللَّيْلَةُ فَقَطْ, فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ, وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَجْرِهَا الثَّانِي "وش" وَإِنْ اعْتَبَرْنَا الصَّوْمَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ "وهـ". وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ الْأَيَّامِ "وهـ م" لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُفْهَمُ مِنْهُ التَّتَابُعُ, كَقَوْلِهِ: مُتَتَابِعًا. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ, وَإِنْ قَالَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي هَذَا لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ, لِتَعْيِينِهِ ذَلِكَ بِنَذْرِهِ. وَفِي دُخُولِ اللَّيْلِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ إنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَمِنْ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ. وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَعَنْهُ: أَوْ يَدْخُلُ قَبْلَ فَجْرِهَا الثَّانِي, رُوِيَ عَنْ اللَّيْثِ وَأَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ. وَإِنْ نَذَرَ عَشْرًا مُعَيَّنًا دَخَلَ قَبْلَ لَيْلَتِهِ الْأُولَى "وَ" وَعَنْهُ: أَوْ قَبْلَ فَجْرِهَا الثَّانِي, وَعَنْهُ: أَوْ بَعْدَ صَلَاتِهِ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ تَطَوُّعًا دَخَلَ قبل ليلته الأولى, نص عليه, لرؤياه صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ, فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ1, وَحَضَّ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ على اعتكاف العشر, وليلته الأولى كغيرها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ عَدَدٌ مُؤَنَّثٌ وَعَنْهُ: بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ, وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ, لِقَوْلِ عَائِشَةَ: كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى الْجَوَازِ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي يَوْمِ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرَ بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ, قَالَ: وَنُقِلَ هَذَا عَنْهُ, ثُمَّ ذَكَرَهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ, وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ. وَيَخْرُجُ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ "ع" فَإِنْ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ أَوْ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبِيتَ2 لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي مُعْتَكَفِهِ, وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقَالَ: هَكَذَا حَدِيثُ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ, وَقَالَهُ مَالِكٌ وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا3. وَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ4, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِيَصِلَ طَاعَةً بِطَاعَةٍ, قَالَ فِي الْكَافِي5: وَلِأَنَّهَا لَيْلَةٌ تتلو العشر, ورد الشرع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالتَّرْغِيبِ فِي قِيَامِهَا1 فَأَشْبَهَتْ لَيَالِيَ الْعَشْرِ, وَأَوْجَبَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَ: إنَّهُ السُّنَّةُ الْمُجْمَعُ عليها, فإن خرج ليلة العيد بنيتة2 فَسَدَ اعْتِكَافُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمَا أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَّا رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ, وَلَمْ يَسْتَحِبَّهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ, لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ, كَالْعَشْرِ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَوْسَطِ والله أعلم. وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ أَيَّامَ الْعَشْرِ لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهُ3 مِنْ لَيَالِيهِ لَا لَيْلَتِهِ الْأُولَى, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِيهَا وَفِي لَيَالِيه الْمُتَخَلِّلَةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ أَوَّلَ الْفَصْلِ, وَفِي الْكَافِي4: إنْ نَذَرَ أَيَّامَ الشَّهْرِ أَوْ لَيَالِيَهُ أَوْ شَهْرًا بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ لَزِمَهُ مَا نَذَرَهُ فَقَطْ, وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا, وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا لزمه تتابعه, نص عليه "وهـ م" لأنه معنى يصح ليلا ونهارا, ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ لَيْلَةَ الْعِيدِ بِنِيَّةٍ. فَسَدَ اعْتِكَافُهُ, انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. كَذَا فِي النُّسَخِ, وَلَعَلَّهُ إلى بيته, انتهى, "قلت": يحتمل أن
كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ وَالْعُنَّةِ وَالْإِيلَاءِ, وَلِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ, بِدَلِيلِ فَهْمِهِ مِنْ إطْلَاقِهِ فِي الْعِدَّةِ والإيلاء, فعلم أن التصريح به فِي الْكَفَّارَةِ تَأْكِيدٌ وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ, اخْتَارَهُ الآجري, وصححه ابن شهاب وغيره "وش" لِأَنَّهُ يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَى ذَلِكَ, وَلِهَذَا يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالتَّتَابُعِ, وَلَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهِ عَقِبَ النَّذْرِ, بِخِلَافِ لَا كَلَّمْتُ زَيْدًا شَهْرًا. وَيَدْخُلُ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ. وَعَنْهُ: أَوْ وَقْتَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَعَنْهُ: أَوْ قَبْلَ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ. وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أَيَّامِهِ. وَيَكْفِي شَهْرٌ هِلَالِيٌّ نَاقِصٌ بِلَيَالِيِهِ أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا1. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ: يَجُوزُ إفْرَادُ اللَّيَالِي عَنْ الْأَيَّامِ إذَا لَمْ نَعْتَبِرْ الصَّوْمَ, وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ لَمْ يَجُزْ وَوَجَبَ اعْتِكَافُ كُلِّ يَوْمٍ مَعَ لَيْلَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ. وَإِنْ ابْتَدَأَ الثَّلَاثِينَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَتَمَامُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ "وَإِنْ ابْتَدَأَهُ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَمَّ فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ" إنْ لَمْ نَعْتَبِرْ الصَّوْمَ, وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ فَثَلَاثِينَ لَيْلَةً صِحَاحًا بِأَيَّامِهَا الْكَامِلَةِ, فَيَتِمُّ اعْتِكَافُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ فِي الصُّورَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونَ هُنَا نَقْصٌ, وَتَقْدِيرُهُ بِنِيَّةِ إقَامَتِهِ, أَوْ بِنِيَّةِ قَطْعِهِ, وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَصِحُّ بِهِ الْحُكْمُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عليه.
الْأُولَى, أَوْ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ فِي الثَّانِيَةِ, لِئَلَّا يَعْتَكِفَ بَعْضَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضَ لَيْلَةٍ دُونَ يَوْمِهَا الَّذِي يَلِيهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ أَوْ1 لَيَالٍ مَعْدُودَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهِ, وَكَذَا احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ2 فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِقَوْلِهِ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِقَوْلِهِ: {فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ} [البقرة: 196] وَعِنْدَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ "وهـ م" كَلَفْظِ الشَّهْرِ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إلَّا فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا, لِلْقَرِينَةِ, لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ لَفْظُ الشَّهْرِ, فَإِنْ تَابَعَ لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ, فِي الْأَشْهَرِ. وَيَدْخُلُ فِي الْأَيَّامِ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ الثَّانِي, وَعَنْهُ: أَوْ بَعْدَ صَلَاتِهِ. وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُتَفَرِّقًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ "وش" قَالَ صاحب المحرر: لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَفْضَلُ كَاعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ نَذْرِ غَيْرِهِ, قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ, فَإِنَّهُمْ قَالُوا فِيمَنْ أَوْصَى بِحَجَّتَيْنِ فِي عَامَيْنِ فَأُخْرِجَا فِي عَامٍ: جَازَ, فَهَذَا أَوْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: فَقَدْ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْقِيَاسِ, فَدَلَّ عَلَى مُخَالَفَةِ لَفْظُ الْمُوصِي لِلْأَفْضَلِيَّةِ لِمَصْلَحَتِهِ, فَمَعَ إطْلَاقِهِ أَوْلَى, وَسَبَقَ فِي الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ1, وَيَأْتِي كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِلَفْظِ الْمُوصِي, وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ كَلَامُ شيخنا2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من لزمه تتابع اعتكافه
فصل: من لزمه تتابع اعتكافه مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافِهِ لَمْ يَجُزْ خُرُوجُهُ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ, فَيَخْرُجُ لِبَوْلٍ وَغَائِطٍ "ع" وَقَيْءٍ بَغْتَةً, وَغُسْلِ مُتَنَجِّسٍ يَحْتَاجُهُ3, وَلَهُ الْمَشْيُ عَلَى عَادَتِهِ وَقَصْدٍ بَيْتِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا يَلِيقُ بِهِ لَا ضَرَرَ "عَلَيْهِ" فِيهِ وَلَا مِنَّةَ, كَسِقَايَةٍ لَا يَحْتَشِمُ مِثْلُهُ مِنْهَا وَلَا نَقْصَ عَلَيْهِ, قَالُوا: وَلَا مُخَالَفَةَ لِعَادَتِهِ, وَفِي هَذَا نَظَرٌ, وَيَلْزَمُهُ قَصْدُ أَقْرَبِ مَنْزِلَيْهِ لِدَفْعِ حَاجَتِهِ بِهِ4, بِخِلَافِ مَنْ اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ الْأَبْعَدِ مِنْهُ, لِعَدَمِ تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ دُخُولِهِ لِلِاعْتِكَافِ, وَإِنْ بَذَلَ لَهُ صَدِيقُهُ أَوْ غَيْرُهُ مَنْزِلَةَ الْقَرِيبِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ, لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَالِاحْتِشَامِ مِنْهُ. وَيَحْرُمُ بَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ فِي إنَاءٍ, وَلِعُمُومِ قوله عليه السلام: "إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهَذَا إنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ" 1 أَوْ كَمَا قَالَ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ, وَصَحَّ عَنْ أَبِي وَائِلٍ2 أَنَّهُ فَعَلَهُ, وَاحْتِمَالٌ آخَرُ: لِكِبَرٍ وَضَعْفٍ وِفَاقًا لِإِسْحَاقَ, وَكَذَا فَصْدٌ وَحِجَامَةٌ, فَيَخْرُجُ لِحَاجَةٍ كَثِيرَةٍ, وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ, كَمَرَضٍ يُمْكِنُهُ احْتِمَالُهُ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالًا: يَجُوزُ فِي إنَاءٍ "وش" كَالْمُسْتَحَاضَةِ "و" مَعَ أَمْنِ تَلْوِيثِهِ, وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهَا التَّحَرُّزُ مِنْهُ إلَّا بِتَرْكِ الِاعْتِكَافِ, وَقِيلَ: الْجَوَازُ لِضَرُورَةٍ, وَكَذَا النَّجَاسَةُ فِي هَوَاءِ الْمَسْجِدِ, كَالْقَتْلِ عَلَى نِطْعٍ, وَدَمٍ فِي قِنْدِيلٍ, أَظُنُّهُ فِي الْفُصُولِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: يُكْرَهُ الْجِمَاعُ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالتَّمَسُّحُ بِحَائِطِهِ وَالْبَوْلُ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِجَارَةِ فِي الْفُصُولِ فِي التَّمَسُّحِ بِحَائِطِهِ: مُرَادُهُ الْحَظْرُ فَإِنْ بَالَ خَارِجًا وَجَسَدُهُ فِيهِ لَا ذَكَرُهُ كُرِهَ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَخْرُجُ الْمُعْتَكِفُ لِغُسْلِ جَنَابَةٍ, وَكَذَا غُسْلُ جُمُعَةٍ إنْ وَجَبَ, وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ "وَ" كَتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ, وَيَخْرُجُ لِلْوُضُوءِ لِحَدَثٍ, نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ قلنا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُكْرَهُ "فِيهِ" فِعْلُهُ فِيهِ بِلَا ضَرَرٍ, وَسَبَقَ فِي آخِرِ بَابِ الْوُضُوءِ1, وَيَخْرُجُ لِيَأْتِيَ بِمَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ يَحْتَاجُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ من يأتيه به, نص عليه "وهـ ش" وَعِنْدَ "م" لَا يَخْرُجُ وَلَا يَعْتَكِفُ حَتَّى يُعِدَّ مَا يُصْلِحُهُ, كَذَا قَالَ. وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ فِي بَيْتِهِ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ, وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي2 والمحرر "وهـ" لِعَدَمِ الْحَاجَةِ لِإِبَاحَتِهِ وَلَا نَقْصَ فِيهِ, وَذَكَرَ القاضي أنه يتوجه الجواز, واختاره أبو حكيم, وحمل كلام أبي الخطاب عليه "وش" لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُرُوءَةِ وَيَسْتَحْيِ أَنْ يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَيُرِيدَ أَنْ يُخْفِيَ جِنْسَ قُوَّتِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ إلَى مَنْزِلِهِ أَكَلَ فِيهِ يَسِيرًا كَلُقْمَةٍ وَلُقْمَتَيْنِ, لَا كُلَّ أَكْلِهِ. وَلَهُ غَسْلُ يَدِهِ فِي إنَاءٍ مِنْ وَسَخٍ وَزَفَرٍ وَنَحْوِهِمَا, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَفِي غَيْرِ إنَاءٍ, وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِغَسْلِهَا, وَسَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ3 هَلْ يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ؟ وَلَهُ التَّكْبِيرُ إلَيْهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, وإطالة المقام بعدها "وهـ" ولا يكره, لصلاحية الموضع للاعتكاف, ويستحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ 4فِي بَيْتِهِ4, فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ, وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يتوجه الجواز, واختاره أبو حكيم, وحمل كلام أَبِي الْخَطَّابِ عَلَيْهِ, انْتَهَى. ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذَاهِبِ عَدَمُ الْجَوَازِ, وَعَلَيْهِ الأكثر, وقطع به أكثرهم.
عَكْسُ ذَلِكَ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ احْتِمَالًا: يُخَيَّرُ فِي الْإِسْرَاعِ إلَى مُعْتَكَفِهِ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ احْتِمَالُ تَبْكِيرِهِ أَفْضَلُ, وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ, لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُعْتَكِفَ. وَفِي الْفُصُولِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ. وَأَنَّهُ إنْ تَنَفَّلَ بَعْدَهَا فَلَا يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعٍ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي التَّبْكِيرِ: أَرْجُو. وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بَعْدَهَا عَادَتَهُ, وَإِنَّمَا جَازَ التَّبْكِيرُ كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَتَقْدِيمِ وُضُوءِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ. وَلَا يَلْزَمُهُ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ, وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يَلْزَمُهُ, كَقَضَاءِ الْحَاجَةِ, قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْأَفْضَلُ خُرُوجُهُ كَذَلِكَ وَعَوْدُهُ فِي أَقْصَرِ طَرِيقٍ لَا سِيَّمَا فِي النَّذْرِ, وَالْأَفْضَلُ سُلُوكُ أَطْوَلِ الطُّرُقِ إنْ خَرَجَ لِجُمُعَةٍ وَعِيَادَةٍ وَغَيْرِهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَخْرُجُ لِمَرَضٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْقِيَامُ فِيهِ, أَوْ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ. بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَى خِدْمَةٍ وَفِرَاشٍ "وَ" وَإِنْ كَانَ خَفِيفًا كَالصُّدَاعِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ لَمْ يَجُزْ "وَ" إلَّا أَنْ يُبَاحَ بِهِ الْفِطْرُ فَيُفْطِرُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إنْ قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَلَا, وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ "وَ" فَإِنْ لَمْ يَكُنْ "لِلْمَسْجِدِ" رَحَبَةٌ رَجَعَتْ إلَى بَيْتِهَا, فَإِذَا طَهُرَتْ رَجَعَتْ إلَى الْمَسْجِدِ "وَ" وَإِنْ كَانَ لَهُ رَحَبَةٌ يُمْكِنُهَا ضَرْبُ خِبَاءٍ فِيهَا بِلَا ضَرَرٍ فَعَلَتْ ذَلِكَ, فَإِذَا طَهُرَتْ عَادَتْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى الْمَسْجِدِ, ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, لِمَا رَوَى ابْنُ بَطَّةَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّ الْمُعْتَكِفَاتُ إذَا حِضْنَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِخْرَاجِهِنَّ عَنْ الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَضْرِبْنَ الْأَخْبِيَةَ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَطْهُرْنَ1, إسْنَادٌ جَيِّدٌ, وَرَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ أَيْضًا, وَنَقَلَهُ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ قُبَّةٌ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ, رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَعْقُوبَ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ الْخَبَرِ عِنْدَهُ, وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: تَذْهَبُ إلَى بَيْتِهَا فَإِذَا طَهُرَتْ بَنَتْ عَلَى اعْتِكَافِهَا, وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ, وَكَبَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ, وَالْفَرْقُ أَنَّ مَقْصُودَ تِلْكَ الْأَعْذَارِ لَا يَحْصُلُ مَعَ الْكَوْنِ فِي الرَّحَبَةِ, وَعَلَى الْأَوَّلِ: إقَامَتُهَا فِي الرَّحَبَةِ اسْتِحْبَابٌ, فِي اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا, لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: كَانَ لَهَا الْمُضِيُّ إلَى مَنْزِلِهَا, ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْحَائِضِ تُوَدِّعُ الْبَيْتَ تَقِفُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَتَدْعُو, فَكَذَا هُنَا, لِتَقْرَبَ مِنْ مَحَلِّ العبادة, واختار صاحب الرعاية يسن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنْ تَجْلِسَ فِي الرَّحَبَةِ غَيْرِ الْمَحُوطَةِ. وَإِنْ خَافَتْ تَلْوِيثَهُ فَأَيْنَ شَاءَتْ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَخْرُجُ لِشَهَادَةٍ "وَ" إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا فَيَلْزَمَ الْخُرُوجُ "م" لِظَوَاهِرِ الْآيَاتِ1, وَكَالْخُرُوجِ إلَى الْجُمُعَةِ, وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ "م" وَلَوْ لَمْ يُعَيَّنْ عَلَيْهِ التَّحَمُّلُ "ش" كَالنِّفَاسِ, وَلَوْ كَانَ سَبَبُهُ اخْتِيَارِيًّا: وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ كَانَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَأَدَاؤُهَا خَرَجَ لَهَا وَإِلَّا فَلَا وَيَلْزَمُ الْمَرْأَةُ أَنْ تَخْرُجَ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي مَنْزِلِهَا, لِوُجُوبِهِ شَرْعًا "م" كَالْجُمُعَةِ, وَهُوَ حَقٌّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ لَا يُسْتَدْرَكُ إذَا تُرِكَ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ "ق". وَيَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِجِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ, وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ, لِمَا ذَكَرْنَا, وَكَذَا إنْ تَعَيَّنَ خُرُوجُهُ لِإِطْفَاءِ حَرِيقٍ أَوْ إنْقَاذِ غَرِيقٍ وَنَحْوَهُ, وَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ خَافَ مِنْهَا إنْ أَقَامَ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ أَوْ مَالِهِ نَهْبًا أَوْ حَرِيقًا وَنَحْوَهُ فَلَهُ الْخُرُوجُ, وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ, لِأَنَّهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الجمعة, فهنا أولى. وَمَنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْخُرُوجِ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَلَوْ بِنَفْسِهِ "ق" كَحَائِضٍ, وَمَرِيضٍ, وَخَائِفٍ أَنْ يَأْخُذَهُ السُّلْطَانُ ظُلْمًا فَخَرَجَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتَفَى "وش" وَإِنْ أَخْرَجَهُ لِاسْتِيفَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْهُ بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ "وَ" وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ "م" لِأَنَّهُ خُرُوجٌ وَاجِبٌ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ: إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ. وَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ, كَالصَّوْمِ. ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَذَكَرَ فِي الْخِلَافِ وَالْفُصُولِ: يَبْطُلُ, لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ, كَالْجِمَاعِ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَحَدَ الْوَجْهَيْنِ: لَا يَنْقَطِعُ وَيَبْنِي, كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ, وَاخْتَارَهُ أَيْضًا, وَذَكَرَهُ قِيَاسَ مَذْهَبِنَا فِي الْمُظَاهِرِ يَطَأُ فِي نَهَارِ صَوْمِهِ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا نَاسِيًا, أَوْ يَأْكُلُ فِيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَيْلٌ فَيَبِينُ نَهَارًا يَقْضِي الْيَوْمَ وَلَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ, جَعْلًا لَهُ بِالنِّسْيَانِ وَالْخَطَأِ كَالْمَرِيضِ. فَكَذَا هُنَا, وَفَرَّقَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ الِاعْتِكَافَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, كَصَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ, وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْخُرُوجَ لِعُذْرٍ مُوجِبٍ لِلْقَضَاءِ لَا يُبْطِلُ الْمَاضِيَ مِنْ الِاعْتِكَافِ, بِخِلَافِ صَوْمِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ, فَعُلِمَ أَنَّهُ كَعِبَادَاتٍ, قَالَ: فَنَظِيرُ صَوْمِ الْيَوْمِ مِنْ الِاعْتِكَافِ أَنْ يَطَأَ فِي يَوْمٍ مِنْهُ نَاسِيًا وَهُوَ صَائِمٌ وَقُلْنَا مِنْ شَرْطِهِ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ عَلَيْهِ اعْتِكَافَ ذَلِكَ الْيَوْمِ كُلَّهُ, وَلَا يُفْسِدُ مَا مَضَى, عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ, وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا يَنْقَطِعُ تَتَابُعُ الْمُكْرَهِ, كَمَا سَبَقَ1, وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ, وَلَا فَرْقَ. وَمَتَى زَالَ الْعُذْرُ رَجَعَ وَقْتَ إمْكَانِهِ, فَإِنْ أَخَّرَهُ بَطَلَ مَا مَضَى, عَلَى مَا يَأْتِي فِيمَنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ2, وَلَا يَبْطُلُ بِدُخُولِهِ لِحَاجَتِهِ تَحْتَ سَقْفٍ "وَ" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَا يَدْخُلُ تَحْتَ سَقْفٍ1, وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقُ, وَعَنْ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ: يَبْطُلُ, وَقَيَّدَهُ الْحَسَنُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَإِسْحَاقُ بِسَقْفٍ لَيْسَ فِيهِ مَمَرُّهُ, لِأَنَّ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ, فَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ, وَمَنْ أَرَادَ الْمَنْعَ مُطْلَقًا فَلَا وَجْهَ لَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والمعتاد من هذه الأعذار
فَصْلٌ: وَالْمُعْتَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وَهُوَ حَاجَةُ الْإِنْسَانِ "عِ" وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ "عِ" وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ "عِ" وَالْجُمُعَةُ, كَمَا لَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ, فَلَا تَنْقُصُ مُدَّتُهُ وَلَا يَقْضِي شَيْئًا مِنْهُ, لِأَنَّ الخروج له كالمستثنى2, لكونه معتادا, ولا تلزمه كَفَّارَةٌ. وَبَقِيَّةُ الْأَعْذَارِ إنْ لَمْ تَطُلْ, فَذَكَرَ الشَّيْخُ لَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ بِذَلِكَ, لِكَوْنِهِ يَسِيرًا مُبَاحًا أَوْ وَاجِبًا, كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ, وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي فِي النَّاسِي, فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ, وَعَلَى هَذَا يَتَوَجَّهُ: لَوْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ مُكْرَهًا أَنْ يُخَرَّجَ بُطْلَانُهُ عَلَى الصَّوْمِ, وَإِنَّمَا مَنَعَهُ صاحب المحرر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِقَضَاءِ زَمَنِ الْخُرُوجِ فِيهِ بِالْإِكْرَاهِ, وَفِي الصَّوْمِ يَعْتَدُّ بِزَمَنِ الْإِكْرَاهِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ أنه يقضي, واختاره صاحب المحرر "وش" كَمَا لَوْ طَالَتْ "م 8" وَذَكَرَ أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ الْمَذْكُورَ مُوهِمٌ, وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا, وَأَنَّهُ أَرَادَ الْبِنَاءَ مَعَ قَضَاءِ زَمَنِ الْخُرُوجِ, قَالَ: وَكَنَذْرِهِ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَخَرَجَ لِبَقِيَّةِ الْأَعْذَارِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ زَمَنٌ يَسِيرٌ, كَذَا قَالَ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ خِلَافُهُ, كَمَا لَوْ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ, قَالَ: وَكَالْأَجِيرِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لَا تَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ الْمُعْتَادَ, بِخِلَافِ غَيْرِهِ, كَذَا هُنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَالِاعْتِكَافُ مَنْذُورٌ فَلَهُ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا, نَذَرَ أَيَّامًا مُتَتَابِعَةً غير معينة, فيخير بين البناء والقضاء وم ش" مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ, لِكَوْنِ النَّذْرِ حَلْفَةً "م ش" وَبَيْنَ الِاسْتِئْنَافِ بِلَا كَفَّارَةٍ "وَ" كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرَ معين وشرع ثم أفطر لعذر, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ وَهُوَ حَاجَةُ الْإِنْسَانِ وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجُمُعَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَعْذَارِ إنْ لَمْ تَطُلْ, فَذَكَرَ الشَّيْخُ لَا يَقْضِي الْوَقْتَ الْفَائِتَ بِذَلِكَ, لِكَوْنِهِ يَسِيرًا مُبَاحًا أَوْ وَاجِبًا وَيُوَافِقُهُ كَلَامُ الْقَاضِي فِي النَّاسِي. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَقْضِي, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, كَمَا لَوْ طَالَتْ, انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّارِحُ وغيره.
وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: يَبْنِي, وَفِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ, وَقِيلَ: أَوْ1 يَسْتَأْنِفُهُ إنْ شَاءَ كَذَا قَالَ. وَمَذْهَبُ "هـ" يَلْزَمُ الِاسْتِئْنَافُ بِعُذْرِ الْمَرَضِ, كَمَذْهَبِهِ فِي الْمَرَضِ فِي شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ, وَيَتَخَرَّجُ كَقَوْلِهِ فِي مَرَضٍ يُبَاحُ الْفِطْرُ بِهِ2, وَلَا يَجِبُ, بناء على أحد الوجهين في انقطاع صوم الْكَفَّارَةِ مِمَّا يُبِيحُ الْفِطْرَ وَلَا يُوجِبُهُ وَوَافَقَتْ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عُذْرِ الْحَيْضِ هُنَا وَفِي شَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ, وَاخْتَارَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّ كُلَّ خُرُوجٍ لِوَاجِبٍ كَمَرَضٍ لَا يُؤْمَنُ مَعَ تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ, وَإِلَّا فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا لِعُذْرِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ, لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ, وَضَعَّفَهُمَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّا سَوَّيْنَا فِي نَذْرِ الصَّوْمِ بَيْنَ الْأَعْذَارِ, وَبِأَنَّ زَمَنَ الْحَيْضِ يَجِبُ قَضَاؤُهُ لَا زَمَنَ حاجة الْإِنْسَانِ, كَذَا قَالَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ: لَا يَقْضِي, وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ وَيَتَوَجَّهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي هُنَا فِي الصَّوْمِ, وَلَا فَرْقَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَيَتَخَرَّجُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَرَضٍ يُبَاحُ الْفِطْرُ به ولا يجب, بناء على أحد الوجهين فِي انْقِطَاعِ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِمَا يُبِيحُ الْفِطْرُ وَلَا يُوجِبُهُ, انْتَهَى, هَذَانِ الْوَجْهَانِ لَيْسَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ, وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اسْتِشْهَادًا, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ, قَدَّمَهُ المصنف وغيره في باب الظهر3. "الثَّانِي" قَوْلُهُ: "وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ لَا يَقْضِي, وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ" قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: صَرَّحَ فِي الْمُغْنِي4 بِأَنَّ الْحَائِضَ إذَا طهرت رجعت فأتمت اعتكافها
وَالثَّانِيَةُ: نَذَرَ اعْتِكَافًا مُعَيَّنًا فَيَقْضِي مَا تَرَكَهُ وَيُكَفِّرُ, لِتَرْكِهِ فِي النَّذْرِ فِي وَقْتِهِ, نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْكَفَّارَةِ فِي الْخُرُوجِ لِفِتْنَةٍ, وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِيهَا وَالْخُرُوجُ لِنَفِيرٍ وَعِدَّةٍ, وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى1 فِي عِدَّةٍ, وَعَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَرِضَ فِيهِ أَوْ حَاضَتْ فِيهِ الْمَرْأَةُ فِي الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ رِوَايَتَانِ, وَالِاعْتِكَافُ مِثْلُهُ, هَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ, وَقَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا. قَالَ: فَيَتَخَرَّجُ جَمِيعُ الْأَعْذَارِ فِي الِاعْتِكَافِ عَلَى روايتين2 عدم وجوب الكفارة "وم ش" كرمضان ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَضَتْ مَا فَاتَهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, هَذَا لَفْظٌ بِحُرُوفِهِ, فَكَيْفَ يَقُولُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ لَا يَقْضِي؟ انْتَهَى. "الثَّالِثُ" قَوْلُهُ: "فَيَتَخَرَّجُ جَمِيعُ الْأَعْذَارِ فِي الْكَفَّارَاتِ فِي الِاعْتِكَافِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ" صَوَابُهُ رِوَايَتَيْ عَدَمِ, بِإِسْقَاطِ النُّونِ لِلْإِضَافَةِ. "الرَّابِعُ" قَوْلُهُ فِيمَا إذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا مُعَيَّنًا وَخَرَجَ وَتَطَاوَلَ: يَقْضِي مَا تَرَكَهُ وَيُكَفِّرُ, لِتَرْكِهِ النَّذْرَ فِي وَقْتِهِ, نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْكَفَّارَةِ فِي الْخُرُوجِ لِفِتْنَةٍ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِيهَا وَفِي الْخُرُوجِ لِنَفِيرٍ وَعِدَّةٍ, وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي عِدَّةٍ, ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَمَرِضَ فِيهِ أَوْ حَاضَتْ فِيهِ الْمَرْأَةُ فِي الْكَفَّارَةِ مَعَ الْقَضَاءِ رِوَايَتَانِ, وَالِاعْتِكَافُ مِثْلُهُ, هَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ. وقال صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمَا, قَالَ: فَيَتَخَرَّجُ جَمِيعُ الْأَعْذَارِ فِي الِاعْتِكَافِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ كَرَمَضَانَ, انْتَهَى, الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ فِي الْجَمِيعِ مَعَ الْقَضَاءِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب, وقد قدمه المصنف,
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِطْرَهُ لَا كَفَّارَهُ فِيهِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَحَنْبَلٌ عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الِاعْتِكَافِ. وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الصَّوْمِ وَسَائِرِ الْمَنْذُورَاتِ, وَكَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ وَالْحَنَفِيَّةِ هُنَا أَيْضًا. وَإِنْ تَرَكَ اعْتِكَافَ1 الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَضَاهُ متتابعا "وم ش" بِنَاءً عَلَى التَّتَابُعِ فِي الْأَيَّامِ الْمُطْلَقَةِ, أَوْ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ النَّاذِرِ, لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ الْمُطْلَقِ فَتَضَمَّنَ نَذْرُهُ التَّتَابُعَ وَالتَّعْيِينَ, وَالْقَضَاءَ يُحْكَى الْأَدَاءُ فِيمَا يُمْكِنُ, وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِشَرْطِهِ أَوْ بِنِيَّتِهِ "وش" كَرَمَضَانَ, وَعِنْدَ زُفَرَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعٌ وَلَوْ شَرَطَهُ, لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي الْمُعِينِ لَغْوٌ وَمَذْهَبُ "م" لَا يَقْضِي مَعْذُورٌ. فَعَلَى المذهب الأول ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الْخُرُوجِ لِأَجْلِ الْفِتْنَةِ, وَالْخِرَقِيُّ فِيهَا وَفِي النَّفِيرِ وَالْعِدَّةِ, وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ, وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَشْهَدَ بِمَا يُعْطِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى روايتين في المذهب, والله أعلم.
مَا خَرَجَ عَنْ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ يَقْضِيهِ مُتَتَابِعًا "ش" مُتَّصِلًا بِهَا "ش". الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ نَذَرَ أَيَّامًا مُطْلَقَةً, فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ التَّتَابُعُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي السَّابِقِ فَكَالْحَالَةِ الْأُولَى, وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ تَمَّمَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ, لَكِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْيَوْمَ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ ليكون متتابعا ولا كفارة عليه لِإِتْيَانِهِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ, وَيُكَفِّرُ, وَقِيَاسُ مَذْهَبِ "ش" يَبْنِي بِلَا كَفَّارَةٍ.
فصل: قد سبق أنه لا يجوز خروج المعتكف إلا لما لا بد منه,
فَصْلٌ: قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُرُوجُ الْمُعْتَكِفِ إلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ, فَلَا يَخْرُجَ لِكُلِّ قُرْبَةٍ لَا تَتَعَيَّنُ كَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَزِيَارَةٍ وَشُهُودِ جِنَازَةٍ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَأَدَائِهَا وَتَغْسِيلِ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ "وَ" لِمَا سَبَقَ أَوَّلُ الْبَابِ1, وَلِأَنَّ مِنْهُ بُدًّا كَغَيْرِهِ, وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُ فَرِيضَةٍ وَهُوَ النَّذْرُ لِفَضِيلَةٍ, وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ, رَوَى أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْمُعْتَكِفُ يَعُودُ الْمَرِيضَ وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَشْهَدُ الْجُمُعَةَ2. إسْنَادٌ صَحِيحٌ, قَالَ أَحْمَدُ: عَاصِمٌ حُجَّةٌ وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا "الْمُعْتَكِفُ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ وَيَعُودُ الْمَرِيضَ" , رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3 مِنْ حَدِيثِ عَنْبَسَةَ بن عبد الرحمن وهو متروك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَوَى سَعِيدٌ1: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانُوا يُحِبُّونَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَرِط هَذِهِ الْخِصَالَ, وَهِيَ لَهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عِيَادَةَ الْمَرِيضِ. وَلَا يَدْخُلُ سَقْفًا وَيَأْتِي الْجُمُعَةَ وَيَشْهَدُ الْجِنَازَةَ وَيَخْرُجُ فِي الْحَاجَةِ وَقَاسَ الشَّيْخُ عَلَى الْمَشْيِ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ لِيَقْضِيَهَا, كَذَا قَالَ, فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الِاعْتِكَافُ تَطَوُّعًا فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ لِذَلِكَ, لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ, وَمُقَامُهُ عَلَى اعْتِكَافِهِ أَفْضَلُ, لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يَخْرُجُ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ2, وَلِقَوْلِ عائشة إنه صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُعَرِّجُ يَسْأَلُ عَنْ الْمَرِيضِ, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: خُرُوجُهُ لِجِنَازَةٍ أَفْضَلُ, لِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَإِنْ تَعَيَّنَتْ صَلَاةُ جِنَازَةٍ خَارِجَ الْمَسْجِدِ أَوْ دَفْنُ مَيْتٍ وَتَغْسِيلِهِ فَكَشَهَادَةٍ مُتَعَيِّنَةٍ, عَلَى مَا سَبَقَ4. وَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ فَلَهُ فِعْلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ5 وَغَيْرُهُ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ, وَالثَّوْرِيِّ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَإِسْحَاقُ, وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ6 عَنْ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ, وَذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ, جَمَعَا بَيْنَ مَا سَبَقَ, وَلِأَنَّ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ مِنْ قَوْلِ علي: وليأت أهله وليأمرهم بالحاجة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ قَائِمٌ. وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ الْمَنْعَ "وَ" لِمَا سَبَقَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَقْضِي زُمْنَ الْخُرُوجِ إذَا نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَصْحَابِنَا, كَمَا لَوْ عَيَّنَ الشَّهْرَ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَوْ قَضَاهَا صَارَ الْخُرُوجُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمَشْرُوط فِي غَيْر الشَّهْرِ. وَعِنْدَ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ: يَقْضِي, لِإِمْكَانِ حَمْلِ شَرْطِهِ عَلَى نَفْيِ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ فَقَطْ, فَنَزَلَ عَلَى الْأَقَلِّ. فَأَمَّا إنْ شَرْطَ مَا لَهُ مِنْهُ بد وليس بقربة ويحتاجه كالعشاء في منزله وَالْمَبِيتِ "فِيهِ" فَعَنْهُ: يَجُوزُ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, لِأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ, كَالْوَقْفِ, لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ نَذَرَ مَا أَقَامَهُ, وَلِتَأَكُّدِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فِيهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ. وَعَنْهُ: الْمَنْعُ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ "وَغَيْرُهُمَا" وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ "م 9" لِمُنَافَاتِهِ الِاعْتِكَافَ صُورَةً وَمَعْنًى, كَشَرْطِ تَرْكِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ وَالنُّزْهَةِ وَالْفُرْجَةِ, لِأَنَّهُ زَمَنُ الْخُرُوجِ فِي حُكْمِ الْمُعْتَكِفِ, لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ غَيْرُ الْمَشْرُوطِ. وَشَرْطُهُ مَا فِيهِ قُرْبَةٌ يُلَائِمُ الِاعْتِكَافَ بِخِلَافِ هَذَا, وَالْوَقْفُ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَرْطُ مَا يُنَافِيهِ, فَكَذَا الِاعْتِكَافُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: فَأَمَّا إنْ شَرَطَ مَالَهُ مِنْهُ بد وليس بقربة ويحتاجه كالعشاء في منزله وَالْمَبِيتِ, فَعَنْهُ: يَجُوزُ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: الْمَنْعُ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ, انْتَهَى. إحْدَاهُمَا الْجَوَازُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ, اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ المصنف.
وَإِنْ "شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِلتِّجَارَةِ", أَوْ التَّكَسُّبِ بِالصِّنَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ, لَمْ يَجُزْ, بِلَا خِلَافٍ عَنْ أَحْمَدَ1 وَأَصْحَابِهِ, قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, سَأَلَ أَبُو طَالِبٍ لِأَحْمَدَ: الْمُعْتَكِفُ يَعْمَلُ عَمَلَهُ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا, قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي, قُلْت: إنْ كَانَ يَحْتَاجُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ يَحْتَاجُ فَلَا يَعْتَكِفُ. وَسَبَقَ قَوْلُ النَّخَعِيِّ, وَأَجَازَ هُوَ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ شَرْطَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ قَالَ: مَتَى مَرِضْتُ أَوْ عَرَضَ لَيَّ عَارِضٌ خَرَجْتُ, فَلَهُ شَرْطُهُ "م" أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, كَالشَّرْطِ فِي الْإِحْرَامِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَائِدَةُ الشَّرْطِ هُنَا سُقُوطُ الْقَضَاءِ فِي المدة المعينة, فأما المطلقة, كنذر شهر مُتَتَابِعٍ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ إلَّا لِمَرَضٍ, فَإِنَّهُ يَقْضِي زَمَنَ الْمَرَضِ, لِإِمْكَانِ حَمْلُ شَرْطِهِ هُنَا عَلَى نَفْيِ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ فَقَطْ, فَنَزَلَ عَلَى الْأَقَلِّ, وَيَكُونُ الشَّرْطُ أَفَادَ هُنَا 2الْبِنَاءَ مَعَ سُقُوطِ2 الْكَفَّارَةِ, عَلَى أَصْلِنَا, وَهَذَا الْقَوْلُ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ السَّابِقِ, فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُمَا على الوجهين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن خرج لما لا بد منه
فَصْلٌ: وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَسَأَلَ عَنْ الْمَرِيضِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: أَوْ غَيْرِهِ فِي طَرِيقِهِ وَلَمْ يَعْرِجْ جَازَ "وَ" لِمَا سَبَقَ3, وكبيعه وشرائه ولم يقف لذلك, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَمَّا إنْ وَقَفَ لِمَسْأَلَتِهِ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ "وَ" وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ: لَا بَأْسَ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ, وَعَنْ مَالِكٍ: إنْ خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَلَقِيَهُ وَلَدُهُ أَوْ شَرِبَ مَاءً وَهُوَ قَائِمٌ أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ, وَلَمْ يَرَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَأْسًا إذَا خَرَجَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِ فَيَسْأَلُهُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الْمَسْأَلَةُ هَذِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَمَعْنَاهَا, وَالْخُرُوجُ لِمَرَضٍ وَحَيْضٍ لَهُ الْوَقْفَةُ وَالتَّعْرِيجُ وَغَيْرُهُمَا, فَالْخُرُوجُ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا يَجُوزُ مَعَهُ مَا يُزَادُ بِهِ زَمَانُهُ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ, لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ بِهِ جُزْءًا مُسْتَحَقًّا مِنْ اللُّبْثِ بِلَا عُذْرٍ, كَمَا لَوْ خَرَجَ لَهُ, وَيَجُوزُ مَعَهُ مَا لَا يَزْدَادُ بِهِ زَمَانُهُ غَيْرُ المباشرة1 لأنه لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُفَوِّتُ بِهِ حَقًّا, فَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْضَى وَقْتُهُ, وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ, وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ, وَإِلَّا جَازَتْ "م" كَغَيْرِهَا, 1لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ1, بِدَلِيلِ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ, لَا تُحْتَسَبُ لَهُ وَيَقْضِيهَا, بِخِلَافِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ, وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا فَخَرَجَ لِعُذْرٍ يَقْضِي زمنه 2غير أنه2 لَمْ يَبَرَّ مَا لَمْ 3يَعْتَكِفْ ذَلِكَ, وَلِأَنَّ الصَّوْمَ الْمُتَتَابِعَ لَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ فِي لَيَالِيهِ مَا لَمْ3 يَكُنْ مِنْ مَدَّتِهِ, كَذَا هُنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَدَخَلَ مَسْجِدًا يُتِمُّ اعْتِكَافُهُ فِيهِ جَازَ إنْ كَانَ الثَّانِي أَقْرَبَ إلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَوَّلِ "وش" لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا, كَانْهِدَامِهِ أَوْ إخْرَاجِهِ فَخَرَجَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ فَأَتَمَّ فِيهِ, أَوْ خَرَجَ لِلْجُمُعَةِ وَأَقَامَ فِي الْجَامِعِ يَوْمًا وَلَيْلَةً, وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ خَرَجَ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ "وَ" لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا. وَلَمْ يُبْطِلْهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِي الْحَالَتَيْنِ, بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ, عَلَى مَا يَأْتِي4. وَأَبْطَلَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِيهِمَا, لِتَعَيُّنِ الْمَسْجِدِ, كَتَعْيِينِ يَوْمٍ بِشُرُوعِهِ فِي صَوْمٍ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَتَعَيَّنُ بِنَذْرِهِ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ, وَالصَّوْمُ لَا يُمْكِنُ الْبِنَاءُ مَعَ نَقْلِهِ, بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ. وَلَوْ تَلَاصَقَ مَسْجِدَانِ فَانْتَقَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ, فَإِنْ مَشَى فِي انْتِقَالِهِ خَارِجًا مِنْهُمَا بَطَلَ, وَإِلَّا فَلَا, وَيَبْطُلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا, وعند أبي يوسف ومحمد عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن خرج لما له منه
فَصْلٌ: وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا فَقَدْ سَبَقَ فِي الْأَعْذَارِ1, وَإِنْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ لَمْ يَبْطُلْ, فِي الْمَنْصُوصِ "وَ" لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلهَا رَأْسَهُ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَإِنْ أَخْرَجَ جَمِيعَهُ مُخْتَارًا عَمْدًا بَطَلَ وَإِنْ قَلَّ "وَ" كَالْجِمَاعِ, لِتَحْرِيمِهِمَا, وَكَمَا لَوْ زَادَ عَلَى نِصْفِ يَوْمٍ, وَأَبْطَلَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ فَقَطْ, وَأَبْطَلَهُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ إنْ دَخَلَ تَحْتَ سَقْفٍ لَيْسَ مَمَرُّهُ فِيهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إنْ كَانَ مُتَتَابِعًا بِشَرْطٍ أَوْ نِيَّةٍ, أَوْ قُلْنَا تَتَابَعَ فِي الْمُطْلَقِ, اسْتَأْنَفَ "و" لِإِمْكَانِهِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَنْذُورِ عَلَى صِفَتِهِ3 كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ, وَكَمَنْ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ فِي كَفَّارَةٍ, أَوْ نَذْرٍ فِي الذِّمَّةِ وَلَا وَكَفَّارَةِ "وَ". وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَسْتَأْنِفُ الْمُطْلَقُ الْمُتَتَابِعُ بِلَا كَفَّارَةٍ, وَقِيلَ: أَوْ يَبْنِي وَيُكَفِّرُ, كَذَا قَالَ وَإِنْ كَانَ مُتَتَابِعٌ مُتَعَيِّنًا كَنَذْرِهِ شَعْبَانَ مُتَتَابِعًا, اسْتَأْنَفَ: "وم ش" كَالْقَسَمِ قَبْلِهِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِمَا, وَالتَّتَابُعُ أَوْلَى مِنْ الْوَقْتِ, لِكَوْنِهِ قُرْبَةً مَقْصُودَةً, وَيُكَفِّرُ "م ش". وَمَذْهَبُ "هـ" وَصَاحِبَيْهِ يَبْنِي وَلَا يَسْتَأْنِفُ, لِأَنَّ التَّعْيِينَ أَصْلٌ, وَالتَّتَابُعُ وَصْفٌ, وَحِفْظُ الْأَصْلِ أَوْلَى, وَلَا كَفَّارَةَ عندهم إلا أن يريد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ الْيَمِينَ فَيُكَفِّرَ مَعَ الْقَضَاءِ, وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ كَفَّرَ بِلَا قَضَاءٍ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ كَانَ مُتَعَيِّنًا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِهِ اعْتِكَافِ شَهْرِ شَعْبَانَ فَقِيلَ: يَبْنِي "وهـ ش" لِأَنَّ التَّتَابُعَ هُنَا حَصَلَ ضَرُورَةَ التَّعْيِينِ, فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ كَقَضَاءُ رَمَضَانَ, وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ عَلَى تَتَابُعِ قَضَائِهِ إذَا فَوَّتَهُ, وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُ لِتَضَمُّنِ نَذْرِهِ التَّتَابُعَ, وَلِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْمُدَّةِ الْمُطْلَقَةِ, وَلِهَذَا قَالَ مَالِكٌ: يَسْتَأْنِفُ هُنَا دُونَ الصَّوْمِ, لِعَدَمِ تَقْيِيدِ الْأَيَّامِ الْمُطْلَقَةِ فِيهِ بِالتَّتَابُعِ عِنْدَهُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ, وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ, وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ "م 10" وَيُكَفِّرُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ "م ش" لِتَرْكِهِ الْمَنْذُورَ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ, وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا سَبَقَ1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُتَعَيَّنًا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرِ شَعْبَانَ فَقِيلَ: يَبْنِي. وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ, وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ, وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ, وَالشَّارِحُ, وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ, وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ والرعايتين والحاويين وغيرهم,
فصل: وإن وطئ المعتكف في الفرج عمدا
فَصْلٌ:وَإِنْ وَطِئَ الْمُعْتَكِفُ فِي الْفَرْجِ عَمْدًا بطل اعتكافه "ع" للآية2, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُتَعَيَّنًا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالتَّتَابُعِ كَنَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرِ شَعْبَانَ فَقِيلَ: يَبْنِي. وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفُ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ, وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ, وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ, وَالشَّارِحُ, وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ, وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ والرعايتين والحاويين وغيرهم,
وَالنَّهْيُ لِلْفَسَادِ, وَكَذَا إنْ وَطِئَ نَاسِيًا, نَصَّ عَلَيْهِ, لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا جَامَعَ الْمُعْتَكِفُ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ, رَوَاهُ حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ1, وَكَالْعَمْدِ وَكَالْحَجِّ, وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ الصَّوْمِ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ. وَقَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي "أَنَّهُ" يَبْنِي, وَقَدْ سَبَقَ فِي الْإِعْذَارِ2, وَفِي الْفَصْلِ بَعْدهَا الْوَطْءُ زَمَنَ الْعُذْرِ. وَلَا كَفَّارَةَ بِالْوَطْءِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "وَ" نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ, وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ منهم صاحب المغني3 والمحرر, ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا يَسْتَأْنِفُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْمَجْدُ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ والخلاصة. والقول الثاني يبني.
لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَكَالصَّلَاةِ وَأَنْوَاعِ الصَّوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ, وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ, كَرَمَضَانَ وَالْحَجِّ, وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ, وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ حَنْبَلٍ, وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهَا, عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ, وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَخَصَّ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ الْوُجُوبَ بِالْمَنْذُورِ, وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهَا تَجِبُ فِي التَّطَوُّعِ, فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا وَجْهَ لَهُ, وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْقَاضِي وَلَا وَقَفْتُ عَلَى لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا عَنْ أَحْمَدَ, فَهَذِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ, وَهِيَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَفِي التَّنْبِيهِ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ, وَحَكَى رِوَايَةً, وَمُرَادُهُ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ المغني1 والمحرر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ أَفْسَدَ الْمَنْذُورَ بِالْوَطْءِ, وَهُوَ كَمَا أَفْسَدَهُ بِالْخُرُوجِ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ, عَلَى مَا سَبَقَ1, وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي نَذْرٍ, وَقِيلَ: مُعَيَّنٍ, فَلِهَذَا قِيلَ: تَجِبُ الْكَفَّارَتَانِ, وَكَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي عَامٍ بِعَيْنِهِ فَأَحْرَمَ ثُمَّ أَفْسَدَ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ لِلْوَطْءِ وَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِلنَّذْرِ. وَلَا تَحْرُمُ الْمُبَاشَرَةُ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ بِلَا شَهْوَةٍ "و" وَذَكَرَ الْقَاضِي احْتِمَالًا: تَحْرُمُ, كَشَهْوَةٍ, 2فِي الْمَنْصُوصِ "وَ" وَمَتَى أَنْزَلَ بِهَا فَسَدَ اعْتِكَافُهُ "ق" وَإِلَّا فَلَا2 "م ق" كَالصَّوْمِ, وَمَتَى فَسَدَ خَرَجَ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخِلَافُ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَتَخَرَّجُ وَجْهٌ ثَالِثٌ: يَجِبُ بِالْإِنْزَالِ عَنْ وَطْءٍ لَا عَنْ لَمْسٍ وَقُبْلَةٍ, قَالَ: وَمُبَاشَرَةُ النَّاسِي كالعامد, على إطلاق أصحابنا "وهـ م" وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ هُنَا لَا يُبْطِلُهُ, كالصوم
فصل: وإن سكر في اعتكافه فسد
فَصْلٌ: وَإِنْ سَكِرَ فِي اعْتِكَافِهِ فَسَدَ1, وَلَوْ سَكِرَ لَيْلًا "هـ" لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ كَالْحَيْضِ. وَلَا يَبْنِي, لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ, وَإِنْ ارْتَدَّ "فِيهِ"2 فَسَدَ, كَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِ, وَمَذْهَبٌ "ش" لَا يَفْسُدُ وَيَبْنِي, لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمُقَامِ فِي الْمَسْجِدِ, 3وَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ3, وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فِيهِ كَذِمِّيٍّ, عَلَى مَا يَأْتِي فِي أَحْكَامِهِمْ4. وَإِنْ شَرِبَ خَمْرًا وَلَمْ يَسْكَرْ أَوْ أَتَى كَبِيرَةً فَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي لَا يَفْسُدُ, لِأَنَّهُ مِنْ أهل الْعِبَادَةِ وَالْمُقَامِ فِيهِ, وَمَذْهَبٌ "م" يَفْسُدُ, وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ "هـ ش" وَقَالَ عَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ: إن أتى ذنبا فسد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهَانِ": الْأَوَّلُ قَوْلِهِ: وَمَتَى فَسَدَ خَرَجَ فِي كَفَّارَةِ الْوَطْءِ الْخِلَافُ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. مُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الصَّوْمِ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ في شرحه.
فصل: يستحب للمعتكف التشاغل بفعل القرب
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ التَّشَاغُلُ بِفِعْلِ الْقُرَبِ وَاجْتِنَابُ مَا لَا يَعْنِيهِ "وَ" مِنْ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ وَكَثْرَةِ كَلَامٍ وَغَيْرِهِ, قَالَ الشَّيْخُ: لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي غَيْرِ الِاعْتِكَافِ فَفِيهِ أَوْلَى, وَلَا بَأْسَ أَنْ تَزُورَهُ زَوْجَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَتَتَحَدَّثَ مَعَهُ وَتُصْلِحَ رَأْسَهُ أَوْ غَيْرُهُ, مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا, وَلَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ مَعَ مَنْ يَأْتِيهِ, مَا لَمْ يُكْثِرْ, لِأَنَّ صَفِيَّةَ زَارَتْهُ صلى الله عليه وسلم فَتَحَدَّثَتْ مَعَهُ1, وَرَجَّلَتْ عَائِشَةُ رَأْسَهُ2, وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمُرَ بِمَا يُرِيدُ خَفِيفًا لَا يَشْغَلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وَ" وَلَيْسَ الصَّمْتُ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ الصَّمْتُ إلَى اللَّيْلِ, قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4, رَأَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ امْرَأَةً لَا تَتَكَلَّمُ فَقِيلَ لَهُ: حَجَّتْ مُصْمِتَةٌ, فَقَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ, هَذَا مِنْ عَمَلِ5 الْجَاهِلِيَّةِ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ6. وَرَوَى أَبُو دَاوُد7: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَدٍ الْمَدِينِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رُقَيْشٍ أَنَّهُ سَمِعَ شُيُوخًا مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَمِنْ خَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أحمد قال: قال علي: حفظت عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ: لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ. وَإِنْ نَذَرَهُ لَمْ يَفِ بِهِ "وَ" لِمَا سَبَقَ1. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَهُ فِعْلُهُ إذا كان أسلم, لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَمَتَ نَجَا" 2 وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّمْتِ عَمَّا لَا يَعْنِيهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ, لِأَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ لَهُ, كَتَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ أَوْ الْوَزْنِ بِهِ, وَجَاءَ: لَا تُنَاظِرْ بِكِتَابِ اللَّهِ4. قِيلَ: مَعْنَاهُ لَا تَتَكَلَّمُ بِهِ عِنْدَ الشَّيْءِ تَرَاهُ, مِثْلَ أَنْ تَرَى رَجُلًا جَاءَ فِي وَقْتِهِ فَتَقُولَ: وَ {جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} [طه: 40] ذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ نَحْوَ هَذَا الْمَعْنَى, وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا إنْ قَرَأَ عِنْدَ الْحُكْمِ الَّذِي أُنْزِلَ لَهُ أَوْ مَا يُنَاسِبُهُ وَنَحْوَهُ فَحَسَنٌ كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَعَاهُ لِذَنْبٍ تَابَ مِنْهُ: {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [النور: 16] وَقَوْلُهُ عِنْدَمَا أَهَمَّهُ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وفي الصحيحين5 أن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَ ثَابِتٌ وَجَمَاعَةٌ حَدِيثَ الشَّفَاعَةِ, فَدَخَلُوا عَلَى الْحَسَنِ فَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: هِيهِ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْهَاءِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثَّانِيَةِ, قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ فِي اسْتِزَادَةِ الْحَدِيثِ: إيهِ, وَيُقَالُ هِيهِ بِالْهَاءِ بَدَلَ الْهَمْزَةِ, قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: إيهِ اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ الْفِعْلُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ, تَقُولُ لِلرَّجُلِ إذَا اسْتَزَدْتَهُ مِنْ حَدِيثٍ أَوْ عَمَلٍ: إيهِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ, قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: فَإِنْ وَصَلْت نَوَّنْت فَقُلْت إيهٍ حَدِّثْنَا, قَالَ ابْنُ السَّرِيِّ: إذَا قُلْت إيهِ, فَإِنَّمَا تَأْمُرُهُ أَنْ يَزِيدَك مِنْ الْحَدِيثِ الْمَعْهُودِ بَيْنكُمَا وَإِنْ قُلْت إيهٍ بِالتَّنْوِينِ, كَأَنَّك قُلْت: هَاتِ حَدِيثًا مَا, لِأَنَّ التَّنْوِينَ تَنْكِيرٌ, فَأَمَّا إذَا أَسْكَنْتَهُ1 وَكَفَفْتَهُ قُلْتَ: إلَيْهَا عَنَّا قَالُوا لِلْحَسَنِ: قُلْنَا مَا زَادَنَا, قَالَ: قَدْ حَدَّثَنَا مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ يَوْمَئِذٍ جَمِيعٌ, أَيْ مُجْتَمَعُ الْقُوَّةِ وَالْحِفْظِ, وَلَقَدْ تَرَكَ شَيْئًا مَا أَدْرِي أَنَسِيَ الشَّيْخُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يُحَدَّثَكُمْ فَتَتَّكِلُوا, قُلْنَا: فَحَدِّثْنَا, فَضَحِكَ وَقَالَ: {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] مَا ذَكَرْت لَكُمْ هَذَا إلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمُوهُ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ2 فِيهِ "إنَّهُ" لَا بَأْسَ بِضَحِكِ الْعَالِمِ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ أُنْسٌ, وَلَمْ يَخْرُجْ ضَحِكُهُ إلَى حَدٍّ يُعَدُّ تَرْكًا لِلْمُرُوءَةِ, وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِشْهَادِ بِالْقُرْآنِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ, وَفِي الصَّحِيحِ3 مِثْلِهِ مِنْ فِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا طَرَقَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ {وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف: 54] قال: ونظائره كثيرة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَزَلَتْ {خُلِقَ الْأِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] لَمَّا اسْتَعْجَلَتْ قُرَيْشٌ الْعَذَابَ, وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَقِيلَ: آدَم "عَلَيْهِ السَّلَامُ" فَعَلَى هَذَا قَالَ الْأَكْثَرُ: خُلُقَ عَجُولًا فَوَجَدَ فِي أَوْلَادِهِ وَأَوْرَثَهُمْ الْعَجَلَةَ, وَقِيلَ: خُلِقَ بِعَجَلٍ, اسْتَعْجَلَ بِخَلْقِهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ, وَقِيلَ: الْإِنْسَانُ اسْمُ جِنْسٍ, فَقِيلَ: الْمَعْنَى خُلِقَ عَجُولًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يَكْثُرُ مِنْهُ اللَّعِبُ إنَّمَا خُلِقْتَ مِنْ لَعِبٍ, يُرِيدُونَ الْمُبَالَغَةَ فِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ, وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ, وَالْمَعْنَى خُلِقَتْ الْعَجَلَةُ فِي الْإِنْسَانِ, وَالْآيَةُ الْأُخْرَى رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ, وَكَانَ جِدَالُهُ فِي الْقُرْآنِ1, وَقِيلَ فِي أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ, وَكَانَ جِدَالُهُ فِي الْبَعْثِ, قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا يَعْقِلُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ يُجَادِلُ, وَالْإِنْسَانُ أَكْثَرُ هذه الأشياء جدلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يستحب للمعتكف إقراء القرآن والعلم
فَصْلٌ: وَلَا يُسْتَحَبُّ لِلْمُعْتَكِفِ إقْرَاءُ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ والمناظرة فيه ونحوه "وم" ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَصْحَابِنَا, نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يُقْرِئُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا: يُقْرِئُ "الْقُرْآنَ" أَعْجَبُ إلَى مِنْ أَنْ يَعْتَكِفَ, لِأَنَّهُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَوْلَا أَنَّ الْإِقْرَاءَ يُكْرَهُ فِيهِ لَقَالَ يَعْتَكِفُ وَيُقْرِئُ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُقْرِئُ وَلَا يَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَلَا يُجَالِسُ الْعُلَمَاءَ, لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, فَإِنَّهُ كَانَ يَحْتَجِبُ فِيهِ, وَاعْتَكَفَ فِي قُبَّةٍ, وَكَالطَّوَافِ, وَذَكَرَ
الْآمِدِيُّ فِي اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ, وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمَا يُسْتَحَبُّ "وهـ ش"1 لِظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ, وَكَالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ, وَلَا يَتَّسِعُ الطَّوَافُ لِمَقْصُودِ الْإِقْرَاءِ وَنَحْوِهِ, بِخِلَافِ2 الِاعْتِكَافِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ فِعْلُهُ لِذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ الِاعْتِكَافِ, لِتَعَدِّي نَفْعِهِ, كَمَا سَبَقَ3. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَيَتَخَرَّجُ فِي كَرَاهَةِ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْإِقْرَاءِ فَإِنَّهُ 4فِي مَعْنَاهُ4, وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْضِي إلَّا فيما خف. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا بأس أن يتزوج
فَصْلٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَتَزَوَّجَ, وَيَشْهَدَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ, وَيُصْلِحَ بَيْنَ الْقَوْمِ, وَيَعُودَ الْمَرِيضَ, وَيُصَلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ, وَيُعَزِّيَ, وَيُهَنِّئَ وَيُؤَذِّنَ, وَيُقِيمَ, كل ذلك في المسجد "وش" وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ, لِكَرَاهَتِهَا عِنْدَهُمْ فِيهِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَعُودُ مَرِيضًا فِيهِ إلَّا أَنْ يُصَلِّيَ إلَى جَنْبِهِ, وَلَا يَقُومَ لِيُهَنِّئَ, أَوْ يُعَزِّيَ أَوْ يَعْقِدَ نِكَاحًا فِيهِ إلَّا أَنْ يَغْشَاهُ فِي مَجْلِسِهِ, وَلَا يُصْلِحَ فِيهِ بَيْنَ الْقَوْمِ إلَّا فِي مَجْلِسِهِ خَفِيفًا, وَأَكْرَهُ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ مَعَ الْمُؤَذِّنِينَ, لِأَنَّهُ يَمْشِي, وَهُوَ عَمَلٌ, وَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جِنَازَةٍ فِيهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَعَلَّ ظَاهِرَ الْإِيضَاحِ: يَحْرُمُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يزوج.
فصل: يستحب له ترك لبس رفيع الثياب
فصل: يستحب له ترك لبس رفيع الثياب, قال صاحب المحرر: قال أصحابنا: وَالتَّلَذُّذِ بِمَا يُبَاحُ لَهُ قَبْلَ الِاعْتِكَافِ. وَأَنْ لَا يَنَامَ إلَّا عَنْ غَلَبَةٍ وَلَوْ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ, وَأَنْ لَا يَنَامَ مُضْطَجِعًا بَلْ مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا. وَلَا يُكْرَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ, وَكَرِهَ لَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ "لِبْسَ"1 رَفِيعِ الثِّيَابِ, وَلَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ, فِي قِيَاسِ مَذْهَبِنَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ, كَغَسْلِ يَدِهِ فِي طِشْتٍ وَتَرْجِيلِ شَعْرِهِ, وَكَرِهَ مَالِكٌ أَخْذَ2 شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ وَلَوْ جَمَعَهُ وَأَلْقَاهُ, لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ, وَكَرِهَ ابْنُ عَقِيلٍ إزَالَةَ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا صِيَانَةً لَهُ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يُسَنُّ ذَلِكَ, وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا, وَإِلَّا3 يَحْرُمُ إلْقَاؤُهُ فِيهِ. وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَتَطَيَّبَ. نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يَتَطَيَّبُ, وَنَقَلَ أَيْضًا: لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَقَالَهُ عَطَاءٌ فِي الْمُعْتَكِفَةِ. وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ: يَتَطَيَّبُ "وَ" كَالتَّنَظُّفِ, وَلِظَوَاهِرِ الْأَدِلَّةِ, وَهَذَا أَظْهَرُ, وَقَاسَ أَصْحَابُنَا الْكَرَاهِيَةَ4 عَلَى الْحَجِّ وَعَدَمِ التَّحْرِيمِ عَلَى الصَّوْمِ, وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ فِي كَرَاهَةِ لِبْسِ الثَّوْبِ الرَّفِيعِ وَالتَّطَيُّبِ وَجْهَيْنِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا يجوز البيع والشراء في المسجد للمعتكف وغيره,
فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ وَالْإِفْصَاحِ وَغَيْرُهُمْ, كَمَا رَوَى أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَجْلَانَ حَدَّثَنِي عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسْجِدِ, وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الْأَشْعَارُ, وَأَنْ تُنْشَدَ فِيهِ الضَّالَّةُ, وَعَنْ الْحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ, وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ, وَالنَّسَائِيُّ1 وَلَمْ يَذْكُرْ إنْشَادَ الضَّالَّةِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ فِي الْمَسْجِدِ فَقُولُوا: لَا أَرْبَحَ اللَّهُ تِجَارَتَك" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَصَحَّتْ الْأَخْبَارُ بِالْمَنْعِ مِنْ إنشاد الضالة, 3والبيع و3 الِاعْتِكَافِ أَوْلَى, قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَنَعَ صِحَّتَهُ وَجَوَّزَهُ أَحْمَدُ, وَقِيلَ: إنْ حُرِّمَ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ, وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ "وم ش"4 وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ. وَيُكْرَهُ إحْضَارُ السِّلَعِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى قَوْلِنَا يُكْرَهُ وَيُكْرَهُ لِلْمُعْتَكِفِ فِيهِ الْيَسِيرُ "خ" كَالْكَثِيرِ "وَ" وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ الْمَالِكِيُّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَا عُقِدَ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْمَسْجِد لَا يجوز نقضه, كذا قال, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِي الْمَسْجِدِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا يَجُوزُ خُرُوجُهُ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ1, كَمَا سَبَقَ فِي الْأَعْذَارِ فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ2, فَأَمَّا التِّجَارَةُ وَالْأَخْذُ وَالْعَطَاءُ فَلَا يَجُوزُ, فَهَذَا عَامٌّ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَقَالَهُ إِسْحَاقُ, وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مِنْهُ, وَلَوْ خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَلَمْ يَقِفْ لَهُ وَسَبَقَ جَوَازُهُ فِي فَصْلٍ لَهُ السُّؤَالُ عَنْ الْمَرِيضِ فِي طَرِيقِهِ مَا لَمْ يُعَرِّجْ3 فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ ويخرج له, وعلى الثاني يَجُوزُ فَلَا يَخْرُجُ لَهُ "وَ" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا, وَالْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَالْمُحْتَاجُ وَغَيْرُهُ سواء, قاله القاضي وغيره "وم" وجزم به ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بِأَنَّهُ يُكْرَهُ, فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَا يَجُوزُ فِي الْمَسْجِدِ. وَيَخْرُجُ لَهُ4, وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ وَلَا يَخْرُجُ لَهُ انْتَهَى. لَعَلَّهُ: فَعَلَى المذهب لا يصح في المسجد, وعلى الثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ, لِأَنَّهُ قَدْ صَدَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِلَا يَجُوزُ وَبِيُكْرَهُ فَلَوْ جَعَلْنَا الْبِنَاءَ كَذَلِكَ لَكَانَ عَيْنَ الْأَوَّلِ وَتَحَصَّلَ الْحَاصِلُ وَهُوَ الصَّوَابُ, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ قَدَّمَ الْمَصَفُّ هُنَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ, وقد أطلق الروايتين في كتاب الوقف5, فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا, فَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا فِي مَكَان وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
في المذهب والإيضاح1 قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: قَالَهُ جَمَاعَةٌ, وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ فِي اشْتِرَاطِهِ, فَقِيلَ لَهُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَخِيطَ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَقَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ: تَرَى أَنْ يَخِيطَ؟ قَالَ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَكِفَ إذَا 2كَانَ يُرِيدُ2 أَنْ يَعْمَلَ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَعْمَلَ فَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ فَلَا يَعْتَكِفُ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعِبَادَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلَا يَصْنَعَ الصَّنَائِعَ, قَالَ: وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ الْإِقْرَاءِ وَإِمْلَاءِ الْحَدِيثِ, كَذَا قَالَ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ: يُكْرَهُ أَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ, حَكَاهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وَأَبَاحَهُ الْحَسَنُ وَأَهْلُ الرَّأْيِ كَالْكَلَامِ وَالنَّوْمِ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ في اليسير, وكره الكثير, والله أَعْلَمُ. وَإِنْ احْتَاجَ لِلُبْسِهِ خِيَاطَةً أَوْ غَيْرَهَا3 لَا لِلتَّكَسُّبِ فَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ: لَا يَجُوزُ, وَحَكَاهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ, وَاخْتَارَهُ هُوَ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا يَجُوزُ "م 11" قَالُوا: وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ, كلف عمامته والتنظيف ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ كَالْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ احْتَاجَ لِلُبْسِهِ خِيَاطَةً أَوْ غَيْرَهَا لَا لِلتَّكَسُّبِ فَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ لَا يَجُوزُ, حَكَاهُ فِي مُنْتَهَى الغاية, واختاره هو والشيخ وغيرهما يجوز4 قالوا وهو ظاهر كلام الخرقي انتهى. 5ما اختاره الشيخ والمجد وغيرهما5 هو الصحيح, وعليه كثير من الأصحاب
وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالْبَيْعِ وَعَمَلِ الصَّنْعَةِ لِلتَّكَسُّبِ, لِأَنَّهُ إنَّمَا يُنَافِي حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ, وَلِهَذَا أُبِيحَ فِي مَمَرِّهِ, وَذَكَر فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ قَوْلًا: يَبْطُلُ. إنْ حُرِّمَ, لِخُرُوجِهِ1 بِالْمَعْصِيَةِ عَنْ وُقُوعِهِ قُرْبَةً, وَقَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ 2فِي الْقَدِيمِ2 مُطْلَقًا, لمنافاته الاعتكاف, والله أعلم.
فصل: ينبغي لمن قصد المسجد للصلاة
فَصْلٌ: يَنْبَغِي لِمَنْ قَصْدَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ مُدَّةَ لُبْثِهِ فِيهِ, لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ صَائِمًا, ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ, وَمَعْنَاهُ فِي الْغُنْيَةِ, وِفَاقًا للشافعية, ولم يره شيخنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ أَيْضًا, لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَتَكَسَّبُ بِالصَّنْعَةِ, وَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْقَاضِي فَقَالَ: لَا تَجُوزُ الْخِيَاطَةُ فِي الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ, قَلَّ أَوْ كَثُرَ, انْتَهَى, فَجَعَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الْخِيَاطَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ لِلُبْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ, وَيَأْتِي آخِرَ الْوَقْفِ3 هَلْ يَجُوزُ عَمَلُ الصَّنْعَةِ فِي الْمَسْجِدِ؟ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ, وَقَدَّمَ هُنَا عَدَمَ الْجَوَازِ فَحَصَلَ الْخَلَلُ 4إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْمُعْتَكِفِ وَغَيْرِهِ4. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ تكلمنا عليها, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 "7/383". 4 لييست في "ح".
كتاب المناسك
كتاب المناسك مدخل حكم الحج والعمرة ... كتاب المناسك الْحَجُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ لَا بِكَسْرِهَا فِي الْأَشْهَرِ, وَعَكْسُهُ شَهْرُ الْحِجَّةِ. وَالْحَجُّ لُغَةً: الْقَصْدُ إلَى مَنْ تُعَظِّمُهُ, وَقِيلَ: كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَيْهِ. وَشَرْعًا: قَصْدُ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ. وَالْعُمْرَةُ لُغَةً الزِّيَارَةُ, يُقَالُ: اعْتَمَرَهُ إذَا زَارَهُ. وَقِيلَ: الْقَصْدُ. وَشَرْعًا: زِيَارَةُ الْبَيْتِ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ. وَالْحَجُّ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ1, فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً. وَفَرْضُ الْحَجِّ سَنَةَ تِسْعٍ2 فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ: سَنَةَ عَشْرَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: سَنَةَ سِتٍّ, وَبَعْضُهُمْ: سَنَةَ خَمْسٍ: وَالْعُمْرَةُ فَرْضٌ كَالْحَجِّ, ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَطْلَقَ أَحْمَدُ وُجُوبَهَا فِي مَوَاضِعَ, فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَكِّيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ3: وَهُوَ قَوْلُ شَيْخِنَا, فَدَلَّ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يُصَرِّحْ بِوُجُوبِهَا عَلَى الْمَكِّيِّ, وَصَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَتَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ. وَفَرْضُ الْعُمْرَةِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصحابة4 وغيرهم وفاقا للشافعية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْجَدِيدِ, وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ, لِقَوْلِ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, هَلْ عَلَى النِّسَاءِ مِنْ جِهَادٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ, عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ: الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ1 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ 2وَلَا الْعُمْرَةَ2 وَلَا الطَّعْنَ, فَقَالَ: "حُجَّ عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرْ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ3. وَجَاءَ جِبْرِيلُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: "أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ, وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ, وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ, وَتَحُجَّ الْبَيْتَ وَتَعْتَمِرَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ, رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ, وَالدَّارَقُطْنِيّ4 وَقَالَ: إسْنَادٌ صَحِيحٌ, وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَوْزَقِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُخَرَّجِ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ, وَعَنْ الصُّبَيّ5 بْنِ مَعْبَدٍ قَالَ: أَتَيْت عُمَرَ فَقُلْت: إنِّي وَجَدْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ مَكْتُوبَيْنِ عَلَيَّ فَأَهْلَلْت بِهِمَا, فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. إسناده جيد, رواه النسائي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرُهُ1. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] . وَعَنْهُ: الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ "وهـ م ق" اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, لِأَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: زَعَمَ رَسُولُك أَنَّ عَلَيْنَا. فَذَكَرَ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَصَوْمَ رَمَضَانَ وَحَجَّ الْبَيْتِ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَ" , فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلَا أُنْقِصُ مِنْهُنَّ, فَقَالَ: "لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ2, وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُ الْعُمْرَةَ, رَوَى مُسْلِمٌ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" , وَفِي كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَهْلِ الْيَمَنِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ "وَإِنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ" رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ4, وَعَنْ حَجَّاجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ هِيَ؟ قَالَ: "لَا, وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَك" رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالتِّرْمِذِيُّ5 وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ, كَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِهِ, وَحَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ, ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ مُدَلِّسٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ اتِّفَاقًا. 6قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ حَجَّاجٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ المنكدر عن جابر موقوفا6. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلطَّبَرَانِيِّ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ 2عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ2 مَرْفُوعًا مِثْلُهُ, وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 عَنْ ابْنِ أَبِي دَاوُد عَنْ مُحَمَّدٍ وَجَعْفَرِ بْنِ مُسَافِرَ وَيَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ عَنْ ابْنُ عُفَيْرٍ, فَذَكَرَهُ. يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ثِقَةٌ, رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ, لَكِنْ لَهُ مَنَاكِيرُ عِنْدَهُمْ كَهَذَا الْحَدِيثِ, مَعَ أَنَّ أَحْمَدَ "قَدْ" قَالَ فِيهِ: سَيِّئُ الْحِفْظِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ اضْطِرَابٌ. وَأَمَّا تَضْعِيفُ خَبَرِ جَابِرٍ لِضَعْفِ عُبَيْدِ اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ مُتَابَعَةً لِأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ فَلَا يَتَوَجَّهُ, لِأَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ, وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ, ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ أَوْ الْعُمْرَةَ مَعَ حَجَّتِهِمْ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى مَنْ اعْتَمَرَ. وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا "الْحَجُّ جِهَادٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ" إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4, وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ5 عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ مُرْسَلًا وَقَالَ: لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ثَابِتٌ بِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: رُوِيَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدَ لَا تَصِحُّ وَلَا تَقُومُ بِمِثْلِهَا الْحُجَّةُ, وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَجِبُ إتْمَامُهَا, كَمَا سبق آخر صوم التطوع6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: تَجِبُ إلَّا عَلَى الْمَكِّيِّ, نَقَلَهَا عَبْدُ اللَّهِ وَالْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ وَبَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقَالَ شَيْخُنَا: عَلَيْهِ نُصُوصُهُ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ نَفَى عَنْهُمْ دَمَ التَّمَتُّعِ, كَذَا قَالَ, وَقَدْ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: مِنْ أَيْنَ يَعْتَمِرُ أَهْلُ مَكَّةَ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ عُمْرَةٌ, لِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ1, لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْمَكِّيِّ, وَهُوَ ضَعِيفٌ, وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ, لِأَنَّ مُعْظَمَهَا الطَّوَافُ وَهُمْ يَفْعَلُونَهُ, وَأَجَابَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَطُفْ, وَمَنْ طَافَ يَجِبُ أَنْ لَا يجزئه عنها, كالآفاقي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا يجب الحج على كافر أصلي
فَصْلٌ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى كَافِرٍ أَصْلِيٍّ "ع" وَيُعَاقَبُ عَلَيْهِ وَعَلَى سَائِرِ فُرُوعِ الْإِسْلَامِ "وش" كَالتَّوْحِيدِ "ع". وَعَنْهُ: لَا, وَهُوَ الْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ وَجْهَانِ وَعَنْهُ: يُعَاقَبُ عَلَى النَّوَاهِي لَا الْأَوَامِرِ. وَالْمُرْتَدُّ مِثْلُهُ, "و" وَهَلْ يَلْزَمُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَةٍ فِي رِدَّتِهِ إذَا أَسْلَمَ, إنْ1 قُلْنَا يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ لَزِمَهُ "وش" وإلا فلا؟ "وهـ م" وَلَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بِرِدَّتِهِ إنْ قَضَى صَلَاةً تَرَكَهَا قَبْلَ رِدَّتِهِ "هـ م" وَإِنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ فهل يلزمه حج ثان؟ "وهـ م" أم لا؟ "وش" فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَسَبَقَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ "م 1". وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ مِنْ كَافِرٍ "ع" وَيَبْطُلُ إحرامه ويخرج منه بردته فيه "وهـ" كَالصَّوْمِ, وَالْجِمَاعِ قَدْ يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مَعَهُ, وَيَنْعَقِدُ الْإِحْرَامُ مَعَهُ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ الرِّدَّةِ "ع" وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي خُرُوجِهِ مِنْهُ وَكَوْنِهِ كَالْمُجَامِعِ وَبَقَائِهِ إذا أسلم أوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَإِنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ حَجٌّ ثَانٍ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَسَبَقَ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ, انْتَهَى. "قُلْت": أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَيْضًا2, وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمَنْ اخْتَارَ كُلَّ رِوَايَةٍ, فَلْيُرَاجَعْ إذ لا حاجة إلى إعادته.
فصل: ولا يجب على مجنون
فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ "ع" وَلَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بِجُنُونِهِ "و" وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ مِنْهُ إنْ عَقَدَهُ1 بِنَفْسِهِ "ع"2 وَكَذَا إنْ عَقَدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ, اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ فِي الطِّفْلِ, وَقِيلَ: يَصِحُّ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: اخْتَارَهُ أبو بكر "وم ش". وَهَلْ يَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ "م" أَمْ لَا؟ كَالْمَوْتِ, فِيهِ وَجْهَانِ "م 3" فَإِنْ لَمْ يَبْطُلْ فَكَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ, ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهَيْنِ فِي بُطْلَانِهِ بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ, وَالْمَعْرُوفُ لَا يَبْطُلُ بِإِغْمَاءٍ, كَالسُّكْرِ, فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مثله.
فصل: ولا يجب على عبد
فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ عَلَى عَبْدٍ "و" كَالْجِهَادِ, وَفِيهِ نَظَرٌ, لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ الشَّهَادَةُ, وَلِلْخَبَرِ الْآتِي فِي الْأَمْرِ بِإِعَادَتِهِ إذَا عَتَقَ, وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ, وَيَصِحُّ مِنْهُ "و" وَكَذَا مُكَاتَبٌ وَمُدَبَّرٌ وَأُمُّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ "و". وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ "و" لتفويت حقه, فإن فعل انعقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَهَلْ يَبْطُلُ الْإِحْرَامُ بِالْجُنُونِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ أَمْ لَا؟ كَالْمَوْتِ, فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ "قُلْت": وَهُوَ قِيَاسُ الصَّوْمِ إذَا أَفَاقَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ, وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ الصِّحَّةُ, وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَبْطُلُ, وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْمَجْدِ في الصوم.
"و" خِلَافًا لِدَاوُدَ, كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ كَذَا ذَكَرَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَتَخَرَّجُ بُطْلَانُ إحْرَامِهِ بِغَصْبِهِ لِنَفْسِهِ, فَيَكُونُ قَدْ حَجَّ فِي بَدَنٍ غُصِبَ فَهُوَ آكَدُ مِنْ الْحَجِّ بِمَالٍ غُصِبَ, وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ مُؤَثِّرٌ, فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبَ, وَسَبَقَ مِثْلُهُ فِي الِاعْتِكَافِ1 عَنْ جَمَاعَةٍ, فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ عِبَادَةٍ قَدْ تُفَوِّتُ حَقَّ السَّيِّدِ إلَّا بِإِذْنِهِ, وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عَلَيْهِ, وَمِنْهُ صَلَاةٌ وَصَوْمٌ, وَقَدْ يَكُونُ زَمَنُ الِاعْتِكَافِ التَّطَوُّعِ أَقَلَّ, وَلَا يَجُوزُ صَوْمُ الْمَرْأَةِ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ, وَحَقُّ السَّيِّدِ آكَدُ, وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي الِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ بِلَا إذْنٍ لِمَعْنًى وَاحِدٍ, وَدَلَّ اعْتِبَارُ الْمَسْأَلَةِ بِالْغَصْبِ عَلَى تَخْرِيجِ رِوَايَةِ: إنْ أُجِيزَ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ, فِي رِوَايَةِ "و" اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ, وَجَزَمَ بِهَا آخَرُونَ, لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ, وَقَاسَ الشَّيْخُ عَلَى صَوْمٍ يَضُرُّ بَدَنَهُ, وَمُرَادُهُ لَا يُفَوَّتُ بِهِ حَقٌّ, وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ, فِي رِوَايَةٍ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ "3 م" كَتَطَوُّعِ نَفْسِهِ, وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ قَوْلَ أَحْمَدَ: لَا يُعْجِبُنِي مَنْعُ السيد عبده من المضي في الإحرام ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ عَنْ الْعَبْدِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرِمَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. فَإِنْ فَعَلَ انْعَقَدَ فَعَلَى هَذِهِ لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ, وَجَزَمَ بِهَا آخَرُونَ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ فِي رِوَايَةٍ نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ, انْتَهَى, وأطلقهما في المذهب ومسبوك الذهب,
زَمَنَ1 الْإِحْرَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ, وَقَالَ: إنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ وُجُوبَ النَّوَافِلِ بِالشُّرُوعِ2 كَانَ بَلَاهَةً. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَحْلِيلُهُ "هـ" لِلُزُومِهِ, كَنِكَاحٍ وَإِعَارَةٍ لِرَهْنٍ, وَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيلُهُ. وَإِنْ بَاعَهُ فَمُشْتَرِيهِ كَبَائِعِهِ فِي تَحْلِيلِهِ, وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا أَنْ يَمْلِكَ بَائِعُهُ تَحْلِيلَهُ فَيُحَلِّلَهُ. وَإِنْ عَلِمَ الْعَبْدُ بِرُجُوعِ سَيِّدِهِ عَنْ إذْنِهِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ, وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ. وَإِنْ نَذَرَ الْعَبْدُ الْحَجَّ لَزِمَهُ "و" قال صاحب المحرر: لا نعلم فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا لِسَيِّدِهِ تَحْلِيلُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا, وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ, نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا الْأَشْهَرُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
خِلَافًا, وَهَلْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ إذَا لَمْ يكن نذره بإذنه "وش" أَمْ لَا؟ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَوَاجِبِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ ولعل المراد بأصل الشرع1 فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ النَّذْرُ عَلَى الْفَوْرِ لَمْ يَمْنَعْهُ "م 4" وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ فِي مَمْلُوكٍ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يُحْرِمْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ, قَالَ: يُحْرِمُ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ, قُلْت: فَإِنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَّةَ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا عَلِمَ مِنْهُ رُشْدًا. ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمَمْلُوكِ مِنْ حَقِّ مَوْلَاهُ وَمَا يَجِبُ مِنْ حَقِّ الْمَمْلُوكِ عَلَى سَيِّدِهِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ, وَسَبَقَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْجَنَائِزِ2. وَإِنْ أَفْسَدَ الْعَبْدُ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فيه والقضاء "وش" كَالْحُرِّ, وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ فِي رِقِّهِ, فِي الْأَصَحِّ, لِلُزُومِهِ لَهُ, كَالنَّذْرِ, بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ إنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ, لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ إذْنٌ فِي مُوجَبِهِ, وَمِنْ مُوجَبِهِ قَضَاءُ مَا أَفْسَدَهُ عَلَى الْفَوْرِ. وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ ففي منعه من القضاء وجهان, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الْعَبْدُ الْحَجَّ لَزِمَهُ وَهَلْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ؟ أَمْ لَا؟ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ كَوَاجِبِ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَقِيلَ: إنْ كَانَ النَّذْرُ عَلَى الْفَوْرِ لَمْ يَمْنَعْهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, إحْدَاهُمَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ, "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَالرِّوَايَةُ الثانية ليس له منعه, وجزم به المحرر.
كالمنذور "م 5" وَهَلْ يَلْزَمُ الْعَبْدَ الْقَضَاءُ لِفَوَاتٍ أَوْ إحْصَارٍ؟ فِيهِ الْخِلَافُ, كَالْحُرِّ. وَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ خَالَفَ فَحُكْمُهُ كَالْحُرِّ يَبْدَأُ بِنَذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ, وَإِنْ أُعْتِقَ فِي الْحَجَّةِ الْفَاسِدَةِ فِي حَالٍ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْفَرْضِ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فإنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَفْسَدَ الْعَبْدُ حَجَّهُ بِالْوَطْءِ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَالْقَضَاءُ "كَالْحُرِّ" وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ فِي رِقِّهِ. وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إنْ كَانَ شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِإِذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ فَفِي مَنْعِهِ مِنْ الْقَضَاءِ وَجْهَانِ, كَالْمَنْذُورِ, وفيه مسألتان: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5" إذَا كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا وَأَفْسَدَهُ فَهَلْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ شُرُوعُهُ فِيمَا أَفْسَدَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا لَهُ مَنْعُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ1 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا, وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخِلَافَ وَقَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا, كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَةِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6" إذَا كَانَ حَجُّهُ مَنْذُورًا وَأَفْسَدَهُ, وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَا يُشَابِهُ هَذِهِ, وَلَكِنْ تِلْكَ الْخِلَافُ فِي مَنْعِهِ مِنْ فِعْلِهِ, وَهُنَا مَنْعُهُ مِنْ قَضَائِهِ, وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ كَالْمَسْأَلَةِ الْمَقِيسَةِ وَاَلَّتِي قبلها, والله أعلم.
يَمْضِي فِيهَا, وَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْقَضَاءِ "وش". وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حَيْثُ لَوْ صَحَّتْ أَجْزَأَتْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَضَاؤُهَا كَهِيَ, كما قلنا فيمن نذر صوم يوم يقدم فُلَانٌ, فَقَدِمَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ, فَإِنَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ يُجْزِئُهُ عَنْ النَّذْرِ وَالْفَرْضِ لَوْ أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَزِمَهُ قَضَاءُ يَوْمَيْنِ, وَلَا يَكُونُ الِاعْتِبَارُ فِي الْقَضَاءِ بِمَا كان في الأداء. ويلزمه حكم جنايته, كَحُرٍّ مُعْسِرٍ, وَإِنْ تَحَلَّلَ بِحَصْرٍ أَوْ حَلَّلَهُ سَيِّدُهُ لَمْ يَتَحَلَّلْ قَبْلَ الصَّوْمِ, وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ فِي إذْنِهِ فِيهِ وَفِي صَوْمٍ آخَرَ فِي إحْرَامٍ بِلَا إذْنِهِ وَجْهَانِ, كَنَذْرٍ, وَسَيَأْتِي1, وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إنْ تَعَمَّدَ الْمَأْذُونُ السَّبَبَ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ, فِي الْأَشْهَرِ عِنْدَهُمْ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ, وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ وَوَجَدَ الهدي لزمه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَصُمْ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ, ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ, وَإِنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ صَامَ, وَكَذَا إنْ تَمَتَّعَ أَوْ قَرَنَ, لِأَنَّ الْحَجَّ لَهُ كَالْمَرْأَةِ, وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ أَذِنَ فِيهِ, كَمَا لَوْ فَعَلَهُ نَائِبٌ بِإِذْنِ مُسْتَنِيبٍ.
فصل: ولا يجب على صبي
فَصْلٌ: وَلَا يَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ, وَيَصِحُّ مِنْهُ, فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا أَحْرَمَ بِنَفْسِهِ, وَإِلَّا أَحْرَمَ وَلِيُّهُ عَنْهُ, وَيَقَعُ لَازِمًا, وَحُكْمُهُ كَالْمُكَلَّفِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إنَّ امْرَأَةً رَفَعَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيًّا فَقَالَتْ: أَلِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: "نَعَمْ, وَلَكِ أَجْرٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَقَالَ السَّائِبُ بْنُ زَيْدٍ2: حُجَّ بِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ3, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيُّمَا صَبِيٍّ حَجَّ ثُمَّ بَلَغَ الْحِنْثَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى, وَأَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ ثُمَّ هَاجَرَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى, وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ عَتَقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى4. وَانْفَرَدَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ بِرَفْعِهِ وَهُوَ يُحْتَجُّ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا, وَكَانَ آيَةً فِي الْحِفْظِ وَلِهَذَا صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ حَزْمٍ, وَأَجَابَ بِنَسْخِهِ لِكَوْنِ فيه الأعرابي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ حَسَّانُ بْنُ مُحَمَّدِ مِنْ وَلَدِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ, وَهُوَ إمَامُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ بِخُرَاسَانَ, قَالَهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ وَقَالَ: دَرَسَ الْفِقْهَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ. صَنَّفَ الْمُخَرَّجَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, وَالْمُخَرَّجَ عَلَى الصَّحِيحِ لِمُسْلِمٍ, وَكَانَ أَزْهَدَ مَنْ رَأَيْت مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَكْثَرَهُمْ تَقَشُّفًا وَلُزُومًا لِمَدْرَسَتِهِ وَبَيْتِهِ وَأَكْثَرَهُمْ اجْتِهَادًا فِي الْعِبَادَةِ, سَمِعْت أَبَا الْوَلِيدِ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيُّمَا أَعْرَابِيٍّ حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا هَاجَرَ" قَالَ: مَعْنَاهُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَعَبَّرَ بِاسْمِ الْهِجْرَةِ 1عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُمْ إذَا أَسْلَمُوا هَاجَرُوا, وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَامَ بِاسْمِ الْهِجْرَةِ1, وَإِنَّمَا سُمُّوا مُهَاجِرِينَ لِأَنَّهُمْ هَجَرُوا الْكُفَّارَ إجْلَالًا لِلْإِسْلَامِ. سَمِعْت أَبَا الْوَلِيدِ سَمِعْت ابْنَ سُرَيْجٍ سَمِعْت إسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِي يَقُولُ: دَخَلْت عَلَى الْمُعْتَضِدِ فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا نَظَرْت فِيهِ, وَكَانَ قَدْ جَمَعَ لَهُ الزَّلَلَ مِنْ رُخَصِ الْعُلَمَاءِ وَمَا احْتَجَّ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ, فَقُلْت لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, مُصَنِّفُ هَذَا الْكِتَابِ زِنْدِيقٌ, فَقَالَ لَمْ تَصِحَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ؟ قُلْت: الْأَحَادِيثُ عَلَى مَا رُوِيَتْ, وَلَكِنْ مَنْ أَبَاحَ الْمُسْكِرَ لَمْ يُبِحْ الْمُتْعَةَ. وَمَنْ أَبَاحَ الْمُتْعَةَ لَمْ يُبِحْ الْغِنَاءَ وَالْمُسْكِرَ, وَمَا مِنْ عَالِمٍ إلَّا وَلَهُ زَلَّةٌ, وَمَنْ جَمَعَ زَلَلَ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ أَخَذَ بِهَا ذَهَبَ دِينُهُ, فَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ فَأُحْرِقَ ذَلِكَ الْكِتَابُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ: ذَكَرَهُ هبة الله الطبري2 في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سُنَنِهِ وَقَالَ: أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ. وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ وُضُوءُهُ1 كَالْبَالِغِ, بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ, وَلِأَنَّهُ إذَا صَحَّ إحْرَامُهُ يَجِبُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى حُكْمِ الْبَالِغِ فِي الضَّمَانِ, كَالنِّكَاحِ, وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِالْفِعْلِ, وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ, 2بِخِلَافِ نَذْرِهِ وَيَمِينِهِ. وَكَفَّارَةُ الْحَجِّ تَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ الْفَاسِدِ وَتُحْرِمُ رُفْقَةُ, الْمُغْمَى عَلَيْهِ عَنْهُ عِنْدَهُمْ2, بِخِلَافِ الصَّوْمِ فِيهِمَا, وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُ, فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ كَفَّارَةٌ. وَيُرْتَفَضُ بِرَفْضِهِ, وَيُجْتَنَبُ الطِّيبُ اسْتِحْبَابًا, وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا أَنَّهُ يُخْرِجُهُ مِنْ ثَوَابِ الْحَجِّ, وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ3, وَهَذَا الْقَوْلُ مُتَّجَهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهُ, وَيُثَابُ عَلَيْهِ إذَا أَتَمَّهُ صَحِيحًا, لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ, وَلَيْسَ عَلَى لُزُومِهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ. وَيُحْرِمُ مُمَيِّزٌ وَهُوَ ابْنُ سَبْعٍ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ, كَالْبَيْعِ, وَقِيلَ: يَصِحُّ مِنْهُ بِدُونِهِ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ, فَعَلَى هَذَا يُحَلِّلُهُ الْوَلِيُّ منه إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَآهُ ضَرَرًا, فِي الْأَصَحِّ, كَعَبْدٍ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ كَالْوَجْهَيْنِ. وَلَا يُحْرِمُ الْوَلِيُّ عَنْ مُمَيِّزٍ "وم ش" لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَالْوَالِي مَنْ يَلِي مَالَهُ, وَيَصِحُّ عَنْ الطِّفْلِ وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ لَمْ يَحُجَّ كَعَقْدِ النِّكَاحِ لَهُ, وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, كَالْأَجْنَبِيِّ, وَظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَصِحُّ مِنْ الْأُمِّ أَيْضًا "وش" لِلْخَبَرِ الْمَذْكُورِ, وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي عَصَبَتِهِ كَالْعَمِّ وَابْنِهِ وَجْهَانِ, وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الصِّحَّةَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكُلُّ مَا أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ كَالْوُقُوفِ وَالْمَبِيتِ لَزِمَهُ, وَسَوَاءٌ أَحْضَرَهُ1 الْوَلِيُّ: فِيهَا أَوْ غَيْرُهُ, وَمَا عَجَزَ عَنْهُ عَمِلَهُ عَنْهُ الْوَلِيُّ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الرَّمْيِ, وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ طَافَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِرْقَةٍ, رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ2. وَكَانَتْ عَائِشَةُ تُجَرِّدُ الصِّبْيَانَ لِلْإِحْرَامِ3, وِفَاقًا لِأَكْثَرِ العلماء منهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّافِعِيُّ, وَقَالَهُ عَطَاءٌ, إلَّا الصَّلَاةَ, وَاسْتَثْنَى مَالِكٌ التَّلْبِيَةَ أَيْضًا, وَعَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَنَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَأَحْرَمْنَا عَنْ الصِّبْيَانِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ1, وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ2: فَلَبَّيْنَا عَنْ الصِّبْيَانِ وَرَمَيْنَا عَنْهُمْ. وَلِلتِّرْمِذِيِّ3: فَكُنَّا نُلَبِّي عَنْ النِّسَاءِ وَنَرْمِي عَنْ الصِّبْيَانِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ إلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ, كَالنِّيَابَةِ فِي الْحَجِّ, فَإِنْ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا, وَإِلَّا وَقَعَ الرَّمْيُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ كَانَ مُحْرِمًا بِفَرْضٍ, وَإِنْ كَانَ حَلَالًا لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ, وَإِنْ قُلْنَا يَقَعُ الْإِحْرَامُ بَاطِلًا هُنَاكَ فَكَذَا الرَّمْيُ هُنَا. وَإِنْ أَمْكَنَ الصَّبِيَّ أَنْ يُنَاوِلَ النَّائِبَ الْحَصَى نَاوَلَهُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ أَنْ تُوضَعَ الْحَصَاةُ فِي كَفِّهِ ثُمَّ تُؤْخَذَ مِنْهُ فَتُرْمَى عَنْهُ. فَإِنْ وَضَعَهَا النَّائِبُ فِي يَدِهِ وَرَمَى بِهَا فَجَعَلَ يَدَهُ كَالْآلَةِ فَحَسَنٌ, وَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَطُوفَ فَعَلَهُ وإلا طيف به محمولا أو راكبا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنْ1 الطَّائِفِ بِهِ وَكَوْنُهُ مِمَّنْ يَصِحُّ أَنْ يَعْقِدَ لَهُ الْإِحْرَامَ, فَإِنْ نَوَى الطَّوَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ الصَّبِيِّ وَقَعَ عَنْ الصَّبِيِّ, كَالْكَبِيرِ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولًا لِعُذْرٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَطُوفَ عَنْهُ الْحَلَالُ وَالْمُحْرِمُ, طَافَ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ لَا "وم ش" لِوُجُودِ الطَّوَافِ مِنْ الصَّبِيِّ, كَمَحْمُولٍ مَرِيضٍ, وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْحَامِلِ إلَّا النِّيَّةُ كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا لَا يُجْزِئُ 2"عَنْ الصَّبِيِّ"2 كَالرَّمْيِ عَنْ الْغَيْرِ, فَعَلَى هَذَا يَقَعُ عَنْ الْحَامِلِ, لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا شَرْطٌ, فَهِيَ كَجُزْءٍ3 مِنْهُ شَرْعًا, وَقِيلَ: يَقَعُ هُنَا عَنْ نَفْسِهِ, كَمَا لَوْ نَوَى الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ, وَالْمَحْمُولُ الْمَعْذُورُ وُجِدَتْ4 النِّيَّةُ مِنْهُ5, وَهُوَ أَهْلٌ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَلْغُوَ نِيَّتُهُ هُنَا لِعَدَمِ التَّعْيِينِ, لِكَوْنِ الطَّوَافِ لَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَنَفَقَةُ الْحَجِّ فِي مَالِ وَلِيِّهِ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أبو الخطاب وأبو الوفاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
والشيخ وغيرهم "وم ق" لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِيهِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ كَإِتْلَافِهِ مَالَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ لَهُ, وَمِنْهُ: فِي مَالِهِ, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي "م 7" لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَتِهِ كَأُجْرَةِ حَامِلِهِ إلَى الْجَامِعِ وَالطَّبِيبِ ونحوه, ومحل1 الْخِلَافِ يَخْتَصُّ بِمَا يَزِيدُ عَلَى نَفَقَةِ الْحَضَرِ, وَإِنْشَاءِ السَّفَرِ لِلْحَجِّ بِهِ تَمْرِينًا عَلَى الطَّاعَةِ. زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَمَالُهُ كَثِيرٌ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَنَفَقَةُ الْحَجِّ فِي مَالِ وَلِيِّهِ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: فِي مَالِهِ, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا هِيَ فِي مَالِ وَلِيِّهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: يَلْزَمُ ذَلِكَ الْوَلِيَّ, فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ, وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3, وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَهُوَ أَصَحُّ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَعَلَى وَلِيِّهِ إجْمَاعًا, ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ, قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ, وَمَا عُلِّلَتْ بِهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ, وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فيه نظر.
فَأَمَّا سَفَرُهُ مَعَهُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ إلَى مَكَّةَ لِاسْتِيطَانِهَا أَوْ1 الْإِقَامَةِ بِهَا لِعِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ بِهِ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ وَمَعَ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِهِ فَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْوَلِيِّ, رِوَايَةً وَاحِدَةً, بَلْ عَلَى الْجِهَةِ الْوَاجِبَةِ فِيهَا بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْإِحْرَامِ. وَيُؤْخَذُ هَذَا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ لِمَصْلَحَتِهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ, وَكَذَا الْمَالِكِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا اسْتَثْنَوْا خَوْفَ الضَّيْعَةِ عَلَيْهِ فَقَطْ. وَهَلْ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى الْوَلِيِّ كَنَفَقَتِهِ؟ أم عليه كحنايته؟ فيه روايتان "م 8". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" "قَوْلُهُ" وَهَلْ الْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ عَلَى الْوَلِيِّ كَنَفَقَتِهِ؟ أَمْ عَلَيْهِ كَجِنَايَتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يَكُونُ فِي مَالِ وَلِيِّهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْمُذْهَبِ, وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: يَلْزَمُ الْوَلِيَّ, فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَهُوَ أَصَحُّ, قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: نَفَقَةُ الْحَجِّ وَمُتَعَلِّقَاتُهُ الْمُجْحِفَةُ بِالصَّبِيِّ تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ بِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, وَحَكَاهُ إجْمَاعًا
وَلِلشَّافِعِيِّ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ, كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَسَوَّى جَمَاعَةٌ بَيْنَهُمَا وَيَخْتَصُّ الْخِلَافُ بِمَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ. وَيَلْزَمُ الْبَالِغَ كَفَّارَتُهُ مَعَ خَطَأٍ وَنِسْيَانٍ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَوْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ لِمَصْلَحَتِهِ, كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ لِبَرْدٍ أَوْ تَطْيِيبِهِ1 لِمَرَضٍ. وَإِنْ فَعَلَهُ بِهِ الْوَلِيُّ لَا لِعُذْرٍ فَالْفِدْيَةُ عَلَيْهِ, وَمَا لَا يَلْزَمُ الْبَالِغَ كَفَّارَتُهُ مَعَ خطأ ونسيان لا يلزم الصبي, لأن عمده خطأ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَكُونُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ, قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ. "تَنْبِيهٌ": حُكْمُ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ حُكْمُ نَفَقَةِ الْحَجِّ, خِلَافًا وَمَذْهَبًا, وَلِذَلِكَ جَمَعَهُمَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَحَكَوْا الْخِلَافَ فِي الْجَمِيعِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ, لِقَوْلِهِ عَنْ الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى "كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ" وَلَنَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ هَلْ يُلْحَقَانِ بِالنَّفَقَةِ فَيَكُونَ فِيهِمَا الْخِلَافُ الَّذِي فِيهَا؟ أَوْ يَكُونَانِ كَجِنَايَتِهِ فَيَجِبَ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا؟ وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَجَمَاعَةٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ ضَعِيفَةٌ.
وَمَتَى وَجَبَتْ عَلَى الْوَلِيِّ وَدَخَلَهَا الصَّوْمُ صَامَ عَنْهُ, لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً, كَصَوْمِهَا عَنْ نَفْسِهِ, وَمَذْهَبُ مَالِكٍ. لَا يَفْدِي إلَّا بِالْمَالِ, لِأَنَّ الْغَيْرَ لَا يُصَامُ عَنْهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَطْءُ الصَّبِيِّ كَوَطْءِ الْبَالِغِ نَاسِيًا يَمْضِي فِي فَاسِدِهِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِلْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ, وَنَظِيرُهُ احْتِلَامُ الْمَجْنُونِ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّتِهِ إفَاقَتُهُ, لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ كَالْبَالِغِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ, لِئَلَّا تَلْزَمَهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ, وَعَنْ الشَّافِعِيِّ كَالْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ. وَكَذَا قَضَاؤُهُ لِفَوَاتٍ أَوْ1 إحْصَارٍ, وَصِحَّتُهُ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَإِجْزَائِهِ2 عَنْهُ وَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كما سبق في العبد3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن عتق العبد
فَصْلٌ: وَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ إحْرَامِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ وَهُوَ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ فَوْتِ وَقْتِهِ فَعَادَ فَوَقَفَ بِهَا أَجْزَأَهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ, وَإِلَّا فَلَا, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "وش" وَاحْتُجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ1, وَكَمَا لَوْ أَحْرَمَ إذَنْ, وَلِأَنَّهَا حَالَةٌ تَصْلُحُ لِتَعْيِينِ الْإِحْرَامِ, كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ, قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إنَّمَا اُعْتُدَّ لَهُ بِإِحْرَامِهِ الْمَوْجُودِ إذَنْ وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ لَمْ يَنْقَلِبْ فَرْضًا, وَمِثْلُهُ الْوُقُوفُ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ مَوْقُوفًا فَتَتَبَيَّنُ الْفَرْضِيَّةُ كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ, وَكَالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ, وَكَذَا فِي الْخِلَافِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الزَّكَاةَ, وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ, قَالَا: كَمَا يَقِفُ عَلَى الْوُقُوفِ فِي إدْرَاكِ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ, فَقِيلَ لَهُمَا: يَلْزَمُ بَعْدَ فَوَاتِ الْوُقُوفِ, فَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَفْعَالَ وُجِدَتْ في حال النقص, وهنا في الكمال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَجَابَ1 أَبُو الْخَطَّابِ بِأَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ, تَرَكْنَاهُ لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَجَابَ أَيْضًا عَنْ أَصْلِ السُّؤَالِ: بِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَيْسَ بِرُكْنٍ بَلْ شُرِطَ عَلَى وَجْهٍ لَنَا. فَهُوَ كَوُضُوءِ الصَّبِيِّ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلَيْسَ بِرُكْنٍ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ. وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ "وم" وَقَالَهُ "هـ" فِي الْعَبْدِ. وَقَالَ فِي الصَّبِيِّ: إنْ جَدَّدَ إحْرَامًا بَعْدَ بُلُوغِهِ أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَلَا, لِعَدَمِ لُزُومِهِ عِنْدَهُ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقُلْنَا السَّعْيُ رُكْنٌ فَقِيلَ: يُجْزِئُهُ, لِحُصُولِ الْكَمَالِ فِي مُعْظَمِ الْحَجِّ, وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, قَالَ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِتَعْلِيلِ أَحْمَدَ "م 9": الإجزاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا سَعَى قَبْلَ الْوُقُوفِ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقُلْنَا السَّعْيُ رُكْنٌ فَقِيلَ: يُجْزِئُهُ, لِحُصُولِ الْكَمَالِ فِي مُعْظَمِ الْحَجِّ, وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ, اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, قَالَ: وَهُوَ أَشْبَهَ بِتَعْلِيلِ أَحْمَدَ, وَذَكَرَهُ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ. أَحَدُهُمَا يُجْزِئُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ, وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شرحه, وَالْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ, وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم
بِاجْتِمَاعِ الْأَرْكَانِ حَالَ الْكَمَالِ, فَعَلَى هَذَا لَا يجزئه إن أعاد السعي, ذكره صاحب الْمُحَرَّرِ, لِأَنَّهُ لَا يُشْرِعُ مُجَاوَزَةَ1 عَدَدِهِ وَلَا تَكْرَارَهُ, وَاسْتِدَامَةُ الْوُقُوفِ مَشْرُوعٌ, وَلَا قَدْرَ لَهُ مَحْدُودٌ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يُعِيدُهُ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ عَتَقَ أَوْ بَلَغَ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا أَجْزَأَهُ, عَلَى الْخِلَافِ "و" وَإِلَّا فَلَا "و" وَفِي أَثْنَاءِ طَوَافِهَا "و" وَلَا أَثَرَ لِإِعَادَتِهِ "و" وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَا دَمَ "ق" لنقصهما في ابتداء الإحرام كاستمراره "وش" والله أعلم.
فصل: وليس لولي السفيه المبذر منعه من حج الفرض
فَصْلٌ: وَلَيْسَ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ الْمُبَذِّرِ مَنْعُهُ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ وَلَا تَحْلِيلُهُ, وَيَدْفَعُ نَفَقَتَهُ إلَى ثِقَةٍ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ, وَإِنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ وَزَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى "نَفَقَةِ" حَضَرِهِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ الزَّائِدَ فَقِيلَ كَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ, وَقِيلَ: لَهُ فِي الْأَصَحِّ مَنْعُهُ مِنْهُ2 وَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ, وَإِلَّا فَلَا "م 10" فَإِنْ مَنَعَهُ فَأَحْرَمَ فَهُوَ كمن ضاعت نفقته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ أَيْ السَّفِيهُ الْمُبَذِّرُ بِنَفْلٍ وَزَادَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفَقَةِ حَضَرِهِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ الزَّائِدَ فَقِيلَ كَعَبْدٍ بِلَا إذْنٍ, وَقِيلَ: لَهُ فِي الْأَصَحِّ مَنْعُهُ. وَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ, وَإِلَّا فَلَا "انْتَهَى". أَحَدُهُمَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَبْدِ إذَا أَحْرَمَ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, صَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْحَجْرِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَلَهُ فِي الْأَصَحِّ منعه منه ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في الأصل.
فصل: وللزوج تحليل المرأة من حج التطوع
فَصْلٌ: وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُ الْمَرْأَةِ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ فِي رِوَايَةٍ "و" اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ, وَتَكُونُ كَالْمُحْصَرِ, كَالْعَبْدِ يُحْرِمُ بِلَا إذْنٍ, وَظَاهِرُهُ حُكْمُهَا حُكْمُهُ فِي التَّحْرِيمِ وَالصِّحَّةِ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ, وَقَاسَ الشَّيْخُ عَلَى الْمَدِينَةِ تُحْرِمُ بِلَا إذْنِ غَرِيمِهَا عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُهُ إيفَاءَ1 دَيْنِهِ الْحَالِّ عَلَيْهَا, وَمُرَادُهُ لَهُ تَحْلِيلُهَا, أَيْ مَنْعُهَا, وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّحَلُّلُ, وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلُهَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي وَابْنُهُ أبو الحسين وغيرهم "م 11" كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا "و" وَلَهُ الرُّجُوعُ ما لم تحرم, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَحْلِيلُهُ بِصَوْمٍ, وَإِلَّا فَلَا, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: فَإِنْ لَمْ يكن له كسب فَلِوَلِيِّهِ تَحْلِيلُهُ, لِمَا فِي مُضِيِّهِ فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ مَالِهِ, وَيَتَحَلَّلُ بِالصِّيَامِ كَالْمُعْسِرِ, لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ تَحْلِيلَهُ بِنَاءً عَلَى الْعَبْدِ إذَا أَحْرَمَ بغير إذن سيده, انتهى. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيلُ الْمَرْأَةِ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُمْ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَهُ تَحْلِيلُهَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ, وَاخْتَارَهُمَا ابْنُ حَامِدٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَالنَّظْمِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْمُنَوِّرِ ومنتخب الآدمي وغيرهم,
فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ الْمَنْذُورِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ "م 12". وَإِنْ حَلَّلَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ أَثِمَتْ, وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا, وَذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ, وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْإِحْرَامِ بها إن لم تكمل شروطها, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا أَشْهَرُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَصْرَحُهُمَا, وَقَدَّمَهُ في المحرر. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ الْمَنْذُورِ رِوَايَتَانِ, وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ1 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 فِي مَكَان: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْحَجِّ الْمَنْذُورِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ, وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخَانِ, انْتَهَى. وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي فِي مَكَان آخَرَ, وَاعْتَمَدَ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ فِي الْمَكَانِ الْآخَرِ. والرواية الثانية يملك تحليلها, وهو ظاهر كلام بعضهم. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَقِيلَ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ". قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا إنْ كَانَ وَقْتُهُ مُعَيَّنًا وَإِلَّا مَلَكَهُ, انْتَهَى, مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ, فَمُرَادُهُ فِيهِمَا غَيْرُ مَا جَزَمَ بِهِ, بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَوْ أَحْرَمَتْ إذَنْ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا, فِي الْأَصَحِّ, وَإِنْ كَمَلَتْ شُرُوطُهَا لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَلَا تَحْلِيلَهَا "و" وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ1 قَدْرَ نَفَقَةِ الْحَضَرِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَسْتَأْذِنَهُ, وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا, وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجَ حَتَّى تَسْتَأْذِنَهُ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ كَانَ غَائِبًا كَتَبَتْ إلَيْهِ, فَإِنْ أَذِنَ وَإِلَّا حَجَّتْ بِمَحْرَمٍ, وَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيلُهَا, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ مَنْعُهَا, وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ, وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ كَأَدَاءِ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ "و" وَقَضَاءِ رَمَضَانَ "و"2 وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ الْمِيقَاتِ, وَالْأَشْهَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ لَهُ تَحْلِيلُهَا. وَمَنْ أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ فَحَلَفَ زَوْجُهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا تَحُجُّ الْعَامَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تُحِلَّ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ, هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ, وَرَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ, وَاخْتَارَهُ3 ابْنُ أَبِي مُوسَى كَمَا لَوْ مَنَعَهَا عَدُوٌّ مِنْ الْحَجِّ إلَّا أَنْ تَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهَا, وَنَقَلَ مُهَنَّا وَسُئِلَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: الطَّلَاقُ هَلَاكٌ4, هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُحْصَرِ, وَسَبَقَ ` أَوَّلَ الْجَنَائِزِ5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا يجوز لوالد منع ولده من حج واجب
فَصْلٌ: لَا يَجُوزُ لِوَالِدٍ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ حَجٍّ وَاجِبٍ, وَلَا تَحْلِيلُهُ مِنْهُ, وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلَدِ طَاعَتُهُ فِيهِ, وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ التَّطَوُّعِ, كَالْجِهَادِ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ سَفَرٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُسْتَحَبٌّ بِلَا إذْنٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ, وَيَتَوَجَّهُ: يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُ. فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ يَنْضَرُّ بِهِ وَجَبَ وَأَنَّهُ1 وَاجِبٌ لِلْجِهَادِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلشَّهَادَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ, كَمَا فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ السَّفَرِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَدِينِ. وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيلُهُ مِنْهُ, لِوُجُوبِهِ بِشُرُوعِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْفَرْضِ: إنْ لَمْ تَأْذَنْ لَك أُمُّك وَكَانَ عِنْدَك زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَحُجَّ وَلَا تَلْتَفِتْ إلَى إذْنِهَا وَاخْضَعْ لَهَا وَدَارِهَا. وَيَلْزَمُهُ طَاعَةُ وَالِدَيْهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ, وَيَحْرُمُ فِيهَا, وَلَوْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَهَا, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ كَانَا فَاسِقَيْنِ, وَهُوَ إطْلَاقُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هَذَا فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ, فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا, وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِسُقُوطِ فَرَائِضِ اللَّهِ بِالضَّرَرِ, وَعَلَى هَذَا بَنَيْنَا تَمَلُّكَهُ مِنْ مَالِهِ, فَنَفْعُهُ كَمَالِهِ, فَلَيْسَ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ, هَذَا كَلَامُهُ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ تَسْأَلُهُ أُمُّهُ شِرَاءَ مِلْحَفَةٍ للخروج إن كان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خُرُوجُهَا فِي بِرٍّ وَإِلَّا فَلَا يُعِينُهَا عَلَى الْخُرُوجِ, وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: إنْ أَمَرَنِي أَبِي بِإِتْيَانِ السُّلْطَانِ لَهُ عَلَيَّ طَاعَةٌ؟ قَالَ: لَا, فَيُحْمَلُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَمَظِنَّةٌ فِي الْمُحَرَّمِ, فَلَا مُخَالَفَةَ لِمَا سَبَقَ, وَظَاهِرُهُمَا الْمُخَالَفَةُ, وَأَنَّهُ1 لَا طَاعَةَ إلَّا فِي الْبِرِّ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: مَا أُحِبُّ أَنْ يُقِيمَ مَعَهُمَا عَلَى الشُّبْهَةِ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ الشُّبْهَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ" 2 وَلَكِنْ يُدَارِي, فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ فِي مَكْرُوهٍ, وَنَقَلَ غَيْرُهُ فِيمَنْ تَعْرِضُ عَلَيْهِ أُمُّهُ شُبْهَةً بِأَكْلٍ فَقَالَ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ بِعَيْنِهِ فَلَا يأكل. وقال أحمد: إن منعاه3 الصلاة نفلا4 يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي, فَظَاهِرُهُ لَا طَاعَةَ فِي تَرْكِ مُسْتَحَبٍّ. وَقَالَ: إنْ نَهَاهُ أَبُوهُ عَنْ الصَّوْمِ لا يعجبني صومه ولا أحب لأبيه5 أن يَنْهَاهُ, فَظَاهِرُهُ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي تَرْكِهِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ ابْنُ تَمِيمٍ لَا يَجُوزُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَأَنَّ مِثْلَهُ الْمُكْتَرِي وَالزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ, فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْإِثْمِ بِتَرْكِ سُنَّةٍ "رَاتِبَة" وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ فِي الشَّهَادَةِ6, وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِي زِيَارَةِ الْقُبُورِ وَإِهْدَاءِ القرب7, وقوله: ندب إلى طاعة أبيه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِيمَنْ يَتَأَخَّرُ مِنْ الصَّفِّ الْأَوَّلِ1 لِأَجْلِ أَبِيهِ: لَا يُعْجِبُنِي, هُوَ يَقْدِرُ يَبَرُّ أَبَاهُ بِغَيْرِ هَذَا, وَيَأْتِي أَوَّلَ الطَّلَاقِ "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى2" "كَلَامُ أَحْمَدَ" فِيمَنْ يَأْمُرُهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ بِالطَّلَاقِ, وَكَلَامُ شَيْخِنَا فِي أَمْرِهِ بِنِكَاحِ مُعَيَّنَةٍ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يَجُوزُ تَرْكُ النَّوَافِلِ لِطَاعَتِهِمَا3, بَلْ الْأَفْضَلُ طَاعَتُهُمَا, وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ4 نَحْوَ ثُلُثِ الْكِتَابِ, وَاَللَّهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الشرط الخامس لوجوب الحج والعمرة ملك الزاد والراحلة,
فَصْلٌ: الشَّرْطُ الْخَامِسُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِلْكُ الزاد والراحلة, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ ش" وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ, وَمَذْهَبُ "م" لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْ يَعْجَزُ عَنْ السَّفَرِ وَلَا حِرْفَةَ لَهُ, فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ وَالتَّكَسُّبُ بِالصَّنْعَةِ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ, وَفِيمَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ وَالْعَادَةُ إعْطَاؤُهُ قَوْلَانِ لِلْمَالِكِيَّةِ, وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ فِي حَقِّ مَنْ يَحْتَاجُهُمَا كَقَوْلِ مَالِكٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: مَنْ قَدَرَ أَنْ يَمْشِيَ عَنْ مَكَّةَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ لَزِمَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ, لِأَنَّهُ مُسْتَطِيعٌ, فَيَدْخُلُ فِي الْآيَةِ5, وَلِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ فِي حِرْمَانِ الزكاة ووجوب الجزية ونفقة القريب الزمن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمَدِينِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ, فَكَذَا هُنَا. وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الْأَوَّلِينَ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَمْكَنَهُ الْمَشْيُ وَالْكَسْبُ بِالصَّنْعَةِ, وَيُكْرَهُ لِمَنْ حِرْفَتُهُ الْمَسْأَلَةُ: وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ يَدْخُلُ الْبَادِيَةَ بِلَا زَادٍ وَلَا رَاحِلَةٍ لَا أُحِبُّ لَهُ ذَلِكَ يَتَوَكَّلُ عَلَى أَزْوَادِ النَّاسِ, وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي قَوْلِهِ: لَا أُحِبُّ, هَلْ هُوَ لِلتَّحْرِيمِ؟ وَالتَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَاجِبٌ. قَالَ شَيْخُنَا: بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ. وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا قِيلَ: يَا رسول الله, ما السبيل؟ قال: "لزاد وَالرَّاحِلَةُ" وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ هُشَيْمٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا, وَرَوَاهُ أَحْمَدُ1 عَنْ هُشَيْمٍ, سَأَلَ مُهَنَّا أَحْمَدَ: هَلْ شَيْءٌ يَجِيءُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ صَحِيحٌ مَا نَكَادُ نَجِدُهَا إلَّا صَحِيحَةً وَلَا سِيَّمَا مِثْلَ هَذَا الْمُرْسَلِ, فَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: لَيْسَ فِي الْمُرْسَلَاتِ أَضْعَفُ مِنْ مُرْسَلَاتِ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ, كَأَنَّهُمَا كَانَا يَأْخُذَانِ مِنْ كُلٍّ, ولعله أراد مرسلات خاصة. عن قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ, لَهُ غَيْرُ طَرِيقٍ. وَبَعْضُهَا جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيْهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَالْحَاكِمُ2 وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ, وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: الْمَحْفُوظُ عَنْ قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ الْحَسَنِ مرسلا3 كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ: بَعْضُ طُرُقِهِ لَا بَأْسَ بِهَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, وَقَدْ رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ1 وَغَيْرُهُ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مَرْفُوعًا, وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ, وَتَوَقَّفَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ مِنْهَا, وَرَدَّدَ النَّظَرَ فِيهِ, وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ, وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ, وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ الْخُوزِيِّ وَهُوَ مَتْرُوكٌ, وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَفِيهِ عُمَرُ بن عطاء بن وراز4 وهو ضعيف. قياسا عَلَى الْجِهَادِ. وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ زاد ولا راحلة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} [التوبة: 92] الْآيَةَ, وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ وَالْكَفَّارَةُ بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ, فَكَذَا الْحَجُّ, وَقَدْ تَزُولُ الْقُدْرَةُ فِي الطَّرِيقِ فَيُفْضِي إلَى ضَرَرٍ كَثِيرٍ, بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُعْتَبَرُ الزَّادُ قَرُبَتْ1 الْمَسَافَةُ أَوْ بَعُدَتْ "وهـ ش" وَالْمُرَادُ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ, وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: الْحَجُّ بَدَنِيٌّ محض, ولا يجوز دعوى أن المال شربط فِي وُجُوبِهِ, لِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَحْصُلُ الْمَشْرُوطُ دُونَهُ, وَهُوَ الْمُصَحِّحُ لِلْمَشْرُوطِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَكِّيَّ يَلْزَمُهُ وَلَا مَالَ, وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَتُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ مَعَ بُعْدِهَا وَهُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ فَقَطْ, "وهـ ش" إلَّا مَعَ عَجْزٍ, كَشَيْخٍ كَبِيرٍ, لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ, قَالَ فِي الْكَافِي2: لَا حَبْوًا وَلَوْ أَمْكَنَهُ, وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ. وَيُعْتَبَرُ مِلْكُ3 الزَّادِ, فَإِنْ وَجَدَهُ فِي الْمَنَازِلِ لَمْ يَلْزَمْهُ حمله, وإلا لزمه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وهـ ش" 1وَأَنْ يَجِدَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ, وَإِنْ وَجَدَهُ بِزِيَادَةٍ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ, كَمَا سَبَقَ2 "وهـ ش"1 وَفَرَّقَ أَبُو الْخَطَّابِ فَاشْتَرَطَ لِوُجُوبِ بَذْلِ3 الزِّيَادَةِ كَوْنَهَا يَسِيرَةً فِي الْمَاءِ, لِتَكَرُّرِ عَدَمِهِ, وَلَهُ بَدَلٌ, بِخِلَافِ الْحَجِّ, وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ فِيهِ الْمَشَاقَّ, فَكَذَا زِيَادَةُ ثَمَنٍ لَا يُجْحِفُ, لِئَلَّا يَفُوتَ, وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي4 وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَتُعْتَبَرُ الْقُدْرَةُ عَلَى وِعَاءِ الزَّادِ, لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ, وَتُعْتَبَرُ الرَّاحِلَةُ وَمَا يَحْتَاجُ مِنْ آلَتِهَا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ صَالِحًا لِمِثْلِهِ عَادَةً, لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ, لِأَنَّ اعْتِبَارَ الرَّاحِلَةِ لِلْقَادِرِ عَلَى الْمَشْيِ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ, كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ, كَالشَّيْخِ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ بَعْضُهُمْ, لِظَاهِرِ النَّصِّ, وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إمْكَانَ الرُّكُوبِ, مَعَ أَنَّهُ قَالَ: رَاحِلَةٌ تَصْلُحُ لِمِثْلِهِ. إن لَمْ يَقْدِرْ عَلَى خِدْمَةِ نَفْسِهِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ اعْتَبَرَ مَنْ يَخْدُمُهُ, لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهِ, كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, وَظَاهِرُهُ لَوْ أَمْكَنَهُ "لَزِمَهُ"5 عَمَلًا بِظَاهِرِ النَّصِّ, وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَالرَّاحِلَةِ, لِعَدَمِ الْفَرْقِ, 6وَالْمُرَادُ بِالزَّادِ أَنْ لَا يَحْصُلَ معه ضرر لرداءته. أما عَادَةُ مِثْلِهِ فَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَالرَّاحِلَةِ6, وَظَاهِرُ كلامهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْزَمُهُ, لِظَاهِرِ النَّصِّ, وَلِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَرْكِ الْحَجِّ, بِخِلَافِ الرَّاحِلَةِ. وَيَعْتَبِرُ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ1 لِذَهَابِهِ وَعَوْدِهِ, خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَلَدِهِ أَهْلٌ لَمْ يَعْتَبِرْ لِلْعَوْدِ, لِأَنَّهُ وَإِنْ تَسَاوَى الْمَكَانَانِ فَإِنَّهُ يَسْتَوْحِشُ الْوَطَنَ وَالْمُقَامَ بِالْغُرْبَةِ "وهـ ش". وَيَعْتَبِرُ أَنْ يَجِدَ الْمَاءَ وَالْعَلَفَ فِي الْمَنَازِلِ الَّتِي يَنْزِلُهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ, وَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ لِجَمِيعِ سَفَرِهِ, لِمَشَقَّتِهِ عَادَةً, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَلْزَمُهُ حَمْلُ عَلَفِ الْبَهَائِمِ إنْ أَمْكَنَهُ, كَالزَّادِ, وَأَظُنُّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ فِي الْمَاءِ أَيْضًا. وَيَعْتَبِرُ كَوْنَ ذَلِكَ فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ وَعَائِلَتِهِ مِنْ مَسْكَنٍ "وش" وَخَادِمٍ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ "وهـ ش" خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ, وَيَشْتَرِيهِمَا بِنَقْدٍ بِيَدِهِ, خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ فِي الْمَسْكَنِ, لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ فِي دَيْنِ الْآدَمِيِّ, عَلَى مَا يَأْتِي, وَتَضَرُّرُهُ بِذَلِكَ فَوْقَ مَشَقَّةِ الْمَشْيِ2 فِي حَقِّ الْقَادِرِ عَلَيْهِ. وَإِنْ فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ مَا يَحُجُّ بِهِ بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْهُ مَا يَكْفِيهِ لَزِمَهُ. وَيَعْتَبِرُ كَوْنَهُ فَاضِلًا عَنْ قَضَاءِ دَيْنٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ, وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ "وهـ ش" وَأَنْ يَكُونَ لَهُ إذَا رَجَعَ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ وَكِفَايَةِ عِيَالِهِ3 عَلَى الدَّوَامِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أو صناعة, جزم به صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْهِدَايَةِ وَمُنْتَهَى الْغَايَةِ وَجَمَاعَةٌ, لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ, كَمَا سَبَقَ1. وَكَالْمُفْلِسِ "عَلَى" مَا يَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ"2 وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكَافِي3: إلَى أَنْ يَعُودَ فَقَطْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ "وهـ ش" فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُفْلِسَ مِثْلُهُ وَأَوْلَى. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ إذَا كَانَ مَعَهُ نَفَقَةٌ تُبَلِّغُهُ مَكَّةَ وَيَرْجِعُ, وَيُخَلِّفُ نَفَقَةً لِأَهْلِهِ حَتَّى يَرْجِعَ. وَيُقَدِّمُ النِّكَاحَ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ ش" لِوُجُوبِهِ إذَنْ, زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: بِالْإِجْمَاعِ, وَلِحَاجَتِهِ إلَيْهِ. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الْحَجَّ "وم" كَمَا لَوْ لَمْ يَخَفْهُ "ع" وَلِأَنَّهُ أَهَمُّ الْوَاجِبَيْنِ, وَيُمْكِنُ تَحْصِيلُ مَصَالِحِهِ بَعْدَ إحْرَازِ الْحَجِّ, قَالَ الشَّيْخُ: وَمَنْ احْتَاجَ إلَى كُتُبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَيْعُهَا. وَمَنْ اسْتَغْنَى بِإِحْدَى نُسْخَتَيْنِ بِكِتَابٍ بَاعَ الْأُخْرَى, وَسَبَقَ ذَلِكَ وَحُكْمُ الْحُلِيِّ أَوَّلَ زَكَاةِ الْفِطْرِ4, "وَاَللَّهُ أَعْلَمُ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويشترط أن يجد طريقا آمنا
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجِدَ طَرِيقًا آمِنًا وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الطَّرِيقِ الْمُعْتَادِ وَيُمْكِنُ سُلُوكُهُ بَرًّا أَوْ بَحْرًا "خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ" غَالِبُهُ السَّلَامَةُ, لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو "لَا يَرْكَبُ البحر 5إلا حاجا أو معتمرا أو غاز5 في سبيل الله" رواه أبو داود6 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يُصَحِّحُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ, رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: ضَعَّفُوهُ, وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجَاهِدٍ, وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ1 وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمَا مَنَعَا مِنْ رُكُوبِهِ مُدَّةَ زَمَانِهِمَا, وَضَعَّفَهُ بَعْضُهُمْ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ سُلُوكُهُ بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى, فَأَشْبَهَ الْبَرَّ. وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ2 قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ, فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ, وَلَمْ يُخَالِفْهُ, وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذَا استوى الحرير والكتان "م 13". وقال ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْعَاقِلُ إذَا أَرَادَ سُلُوكَ طَرِيقٍ يستوي فيها احتمال ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيه: قَوْلُهُ "وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ" لَيْسَ هَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا فِيهَا "وإن سلم قَوْمٌ وَنَجَا قَوْمٌ" فَأُصْلِحَ كَمَا تَرَى وَهُوَ صحيح والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَإِنْ سَلِمَ فِيهِ قَوْمٌ وَهَلَكَ قَوْمٌ وَلَا غَالِبَ فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ, وَلَمْ يُخَالِفْهُ, وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا يَلْزَمُهُ. وَقَالَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: الظَّاهِرُ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ إذَا اسْتَوَى الْحَرِيرُ وَالْكَتَّانُ, انْتَهَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يُخَالِفْهُ ابْنُ عَقِيلٍ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ, وَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ3, وَهُوَ الصَّوَابُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الكبرى: ويركب البحر مع أمنه غالبا.
السَّلَامَةِ وَالْهَلَاكِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَفُّ عَنْ سُلُوكِهَا, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: أَعَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَهِيدًا, وَإِنْ غَلَبَ الْهَلَاكُ لَمْ يَلْزَمْهُ سُلُوكُهُ, كَذَا ذَكَرُوهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إجْمَاعًا فِي الْبَحْرِ, وَأَنَّ عَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مَرْفُوعًا: "مَنْ رَكِبَ الْبَحْرَ عِنْدَ ارْتِجَاجِهِ2 فَمَاتَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ" وَيَعْتَبِرُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ خِفَارَةٌ, لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ, وَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَمْنُ بِبَذْلِهَا3. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ كَانَتْ الْخِفَارَةُ لَا تُجْحِفُ بِمَالِهِ لَزِمَهُ بَذْلُهَا, وَقَيَّدَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ بِالْيَسِيرَةِ, وَأَمْنِ الْغَدْرِ مِنْ الْمَبْذُولِ لَهُ, لِتَوَقُّفِ إمْكَانِ الْحَجِّ عَلَيْهَا, كَثَمَنِ الْمَاءِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْخِفَارَةُ تَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فِي الدَّفْعِ عَنْ الْمُخْفَرِ, وَلَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِهَا, كَمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ الرَّعَايَا. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْوَقْتِ مُتَّسِعًا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ فِيهِ وَالسَّيْرُ حَسَبَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ, وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ, فَعَنْهُ: هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ "وهـ ش" لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ, وَلِتَعَذُّرِ فِعْلِ الْحَجِّ مَعَهُ, كَعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ فَلَوْ حَجَّ وَقْتَ وُجُوبِهِ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ تَبَيَّنَّا عَدَمَهُ "وهـ ش" وعنه: من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ, اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا "م 14" وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلْمَالِكِيَّةِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَّرَ السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ1, وَلِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْأَدَاءُ دُونَ الْقَضَاءِ, كَالْمَرَضِ الْمَرْجُوِّ بُرْؤُهُ, وَعَدَمُ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْجَمِيعُ, فَعَلَى هَذَا هَلْ يَأْثَمُ إنْ لَمْ يَعْزِمْ 2عَلَى الْفِعْلِ إذَا قَدَرَ؟ يَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الصَّلَاةِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَأْثَمُ إنْ لَمْ يعزم2 كما ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ, فَعَنْهُ: هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. "وَعَنْهُ": مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ, اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ, إحْدَاهُمَا هُمَا مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ هُمَا مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ, قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وهو الصواب.
نَقُولُ فِي طَرَآنِ1 الْحَيْضِ وَتَلَفِ الزَّكَاةِ قَبْلَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ, وَالْعَزْمُ فِي الْعِبَادَاتِ مَعَ الْعَجْزِ يقوم مقام الأداء في عدم الإثم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويشترط للمرأة محرم, نقله الجماعة
فَصْلٌ: وَيُشْتَرَطُ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَأَنَّهُ قَالَ: الْمَحْرَمُ مِنْ السَّبِيلِ, وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَحَرْبٍ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ "وِفَاقًا وَأَنْكَرَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ التَّفْرِقَةَ فَقَالَ: مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ؟ ". لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "لَا تُسَافِرْ امْرَأَةٌ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ, قَالَ: "اُخْرُجْ مَعَهَا" عَزَاهُ بَعْضُهُمْ إلَى الصَّحِيحَيْنِ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَفْظُ أَحْمَدَ2, وَفِيهِمَا3: إنَّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً وَإِنِّي اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا, قَالَ: " انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَهَا". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ4 تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَيْسَ مَعَهَا مَحْرَمٌ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ5: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا" وَلَهُ1 أَيْضًا 2 "مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا" وَلَهُ3 أَيْضًا2 "مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ إلَّا وَمَعَهَا رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ مِنْهَا" وَلِأَبِي دَاوُد نَحْوُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ "بَرِيدًا" وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ4, وَلِمُسْلِمٍ5 أَيْضًا "ثَلَاثًا". وَهَذَا مَعَ ظَاهِرِ الْآيَةِ6 بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ, وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ خَاصٌّ, وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ7: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الرِّجَالِ حَدَّثَنَا أَبُو حُمَيْدٍ سَمِعْت حَجَّاجًا يَقُولُ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "لَا تَحُجَّنَّ امْرَأَةٌ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ" أَبُو حُمَيْدٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ تَمِيمٍ, وَحَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ, ثِقَتَانِ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَبَرٌ حَسَنٌ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ8 فِي الشَّافِي, وَكَالسَّفَرِ لِحَجٍّ التَّطَوُّعُ "و" وَالزِّيَارَةُ "و" وَالتِّجَارَةُ "و" وَلِأَنَّ تَقْيِيدَ الْآيَةِ بِمَا سَبَقَ أَوْلَى مِنْ مُجَرَّدِ الرَّأْيِ. وَيَأْتِي حُكْمُ سَفَرِ الْهِجْرَةِ وَتَغْرِيبِ الزَّانِيَةِ9. وَعَنْهُ: الْمَحْرَمُ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ. وَقَالَهُ بعض الحنفية, لوجود ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّبَبِ فَهُوَ كَسَلَامَتِهَا مِنْ مَرَضٍ, فَعَلَى هَذَا يُحَجُّ عَنْهَا لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ. وَيَلْزَمُهَا أَنْ تُوصِيَ بِهِ, وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّ الْمَحْرَمَ شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ دُونَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسَعَةِ الْوَقْتِ, حَيْثُ شَرْطُهُ دُونَهُمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِ, وَشَرَطَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ لِلْوُجُوبِ. وَذَكَرَ فِي الْمَحْرَمِ2 هَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ؟ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالتَّفْرِقَةُ عَلَى كِلَا الطَّرِيقَتَيْنِ مُشْكِلَةٌ. وَالصَّحِيحُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ3 هَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إمَّا نَفْيًا وَإِمَّا إثْبَاتًا, لِمَا سَبَقَ, وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ, وَلِذَا سَوَّى ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ, وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا تُرَادُ للحفظ, والراحلة تراد4 لِنَفْسِ السَّعْيِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يُشْتَرَطُ الْمَحْرَمُ فِي الْحَجِّ الْوَاجِبِ, قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهَا تَخْرُجُ مَعَ النِّسَاءِ وَمَعَ كُلِّ مَنْ أَمِنَتْهُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: مَعَ مُسْلِمٍ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَعَ قَوْمٍ عُدُولٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ النِّسَاءِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعَ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ثِقَةٍ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: وَحْدَهَا مَعَ الْأَمْنِ, وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ يَلْزَمُهَا مَعَ نِسْوَةٍ ثقات, ويجوز لها مع واحدة لتفسيره صلى الله عليه وسلم السَّبِيلَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ. وَقَوْلِهِ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ "إنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَجِلُ مِنْ الْحِيرَةِ5 حَتَّى تَطُوفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْكَعْبَةِ لَا تَخَافُ إلَّا اللَّهَ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ عَنْ الْوَاقِعِ. وَاحْتَجَّ ابْنُ حزم بقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ" 2 وَقَوْلِهِ: "إذَا اسْتَأْذَنَتْكُمْ نِسَاؤُكُمْ إلَى الْمَسَاجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ" 3 وَقَالَ4 عَنْ سَفَرِ الْمَرْأَةِ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ: لَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهَا, وَلَا عَابَ سَفَرَهَا, وَجَوَابُهُ أَنَّهُ عُرِفَ مِنْ النَّهْيِ, وَلَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهَا لِأَمْرِ الزَّوْجِ بِالسَّفَرِ مَعَهَا. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَعَنْهُ رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ: لَا يُشْتَرَطُ الْمَحْرَمُ فِي الْقَوَاعِدِ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يُخْشَى5 مِنْهُنَّ وَلَا عَلَيْهِنَّ فِتْنَةٌ. سُئِلَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ عَنْ امْرَأَةٍ عَجُوزٍ كَبِيرَةٍ لَيْسَ لَهَا مَحْرَمٌ وَوَجَدْت قَوْمًا صَالِحِينَ فَقَالَ: إنْ تَوَلَّتْ هِيَ النُّزُولَ وَالرُّكُوبَ وَلَمْ يَأْخُذْ رَجُلٌ بِيَدِهَا فَأَرْجُو لِأَنَّهَا تُفَارِقُ غَيْرَهَا فِي جَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا, لِلْأَمْنِ مِنْ الْمَحْذُورِ, فَكَذَا هُنَا, كَذَا قَالَ6, فَأُخِذَ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ الْجَوَازُ هُنَا, فَتَلْزَمُهُ فِي شَابَّةٍ قَبِيحَةٍ7 وَفِي كُلِّ سَفَرٍ وَالْخَلْوَةِ, كَمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْعَدَدِ, مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيمَنْ لَيْسَ لَهَا مَحْرَمٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعِنْدَ شَيْخِنَا: تَحُجُّ كُلُّ امْرَأَةٍ آمِنَةٍ مَعَ عَدَمِ الْمَحْرَمِ, وَقَالَ: إنَّ هَذَا مُتَوَجِّهٌ فِي كُلِّ سَفَرِ طَاعَةٍ, كَذَا قَالَ, وَنَقَلَهُ الْكَرَابِيسِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي حَجَّةِ التَّطَوُّعِ, وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ1 فِيهِ وَفِي كُلِّ سَفَرٍ غَيْرِ وَاجِبٍ, كَزِيَارَةٍ وَتِجَارَةٍ, وَقَالَهُ الْبَاجِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كَبِيرَةٍ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ, وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةَ الْمَرُّوذِيِّ ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُهُ جَوَازُ خُرُوجِهَا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَجُوزِ تَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ, هَذَا كَلَامُهُ. وَعَنْهُ: لَا يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ إلَّا فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ "وهـ" كَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي أَطْرَافِ الْبَلَدِ مَعَ عَدَمِ الْخَوْفِ "و" وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا "لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ ثَلَاثِ لَيَالٍ إلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَفِي رِوَايَةٍ أَيْضًا "ثَلَاثَةً" 3 وَفِي رِوَايَةٍ "فَوْقَ ثَلَاثٍ" 4 وَفِي الْبُخَارِيِّ5 فِي بَعْضِ طُرُقِهِ "ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ" وَلِمُسْلِمٍ6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ "يَوْمَيْنِ" وَلَهُ7 أَيْضًا "ثَلَاثَةً" وَلَهُ8 أَيْضًا "أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ". وَالظَّاهِرُ أَنَّ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وسؤالهم, فخرجت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَوَابًا. وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ: يُعْتَبَرُ الْمَحْرَمُ لِلْمَرْأَةِ مَنْ لِعَوْرَتِهَا حُكْمٌ, وَهِيَ بِنْتُ سَبْعٍ, عَلَى مَا سَبَقَ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ1. وَيَأْتِي فِي النِّكَاحِ وَآخِرِ الْعَدَدِ2 "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى". قَالَ الْقَاضِي: اعْتَبَرَ أَحْمَدُ الْمَحْرَمَ فِيمَنْ يُخَافُ أَنْ يَنَالَهَا الرِّجَالُ, فَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ إبْرَاهِيمَ: مَتَى لَا يَحِلُّ سَفَرُهَا إلَّا بِمَحْرَمٍ؟ قَالَ: إذَا صَارَ لَهَا سَبْعُ سِنِينَ, أَوْ قَالَ: تِسْعٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ شَيْخُنَا: إمَاءُ الْمَرْأَةِ يُسَافِرْنَ مَعَهَا وَلَا يَفْتَقِرْنَ إلَى مَحْرَمٍ, لِأَنَّهُ لَا مَحْرَمَ لَهُنَّ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. فَأَمَّا عُتَقَاؤُهَا مِنْ الْإِمَاءِ. وَبَيَّضَ لِذَلِكَ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّهُنَّ كَالْإِمَاءِ, عَلَى مَا قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ مَحْرَمٌ, وَاحْتِمَالُ عَكْسِهِ لِانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ وَمِلْكِ أَنْفُسِهِنَّ بِالْعِتْقِ, فَلَا حَاجَةَ, بِخِلَافِ الْإِمَاءِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْمَحْرَمِ لِلْكُلِّ, وَعَدَمُهُ كَعَدَمِ الْمَحْرَمِ لِلْحُرَّةِ, لِمَا سَبَقَ, وَاَللَّهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والمحرم زوجها أو من تحرم عليه على التأبيد
فَصْلٌ: وَالْمَحْرَمُ زَوْجُهَا أَوْ مَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ, كَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ وَوَطْءٍ مُبَاحٍ بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَرَابُّهَا وَهُوَ زَوْجُ أُمِّهَا وَرَبِيبُهَا وَهُوَ ابْنُ زَوْجِهَا نَصَّ عَلَيْهِمَا "و" خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي ابْنِ زَوْجِهَا. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي أُمِّ امْرَأَتِهِ3 يَكُونُ محرما لها في حج الفرض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَطْ "خ" قَالَ الْأَثْرَمُ: كَأَنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ فِي قَوْلِهِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ, وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي نَظَرِ شَعْرِهَا وَشَعْرِ الرَّبِيبَةِ, لِعَدَمِ ذِكْرِهِمَا فِي الْآيَةِ, "خ". وَلَا مَحْرَمِيَّةٌ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا, فَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ لِأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ وَابْنَتِهَا, لِأَنَّ السَّبَبَ غَيْرُ مُبَاحٍ, قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: كَالتَّحْرِيمِ بِاللِّعَانِ, وَأَوْلَى, لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تَعُمُّهُ فَاعْتُبِرَ إبَاحَةُ سَبَبِهَا كَسَائِرِ الرُّخَصِ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَاخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ لَا الزِّنَا, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, لِثُبُوتِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ فَيَدْخُلُ فِي الْآيَةِ, بِخِلَافِ الزِّنَا. وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالشُّبْهَةِ مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ: الْوَطْءُ الْحَرَامُ مَعَ الشُّبْهَةِ كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ1 وَنَحْوِهَا, لَكِنْ ذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فِي فَاسِدٍ كَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ, وَلَيْسَ بِمَحْرَمٍ, لِلْمُلَاعَنَةِ, مَعَ دُخُولِهَا فِي إطْلَاقِ بَعْضِهِمْ, فَلِهَذَا قِيلَ: سَبَبٌ مُبَاحٌ لِحُرْمَتِهَا, وَذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيَّانِ, وَلَمْ أَجِدْ الْحَنَفِيَّةَ اسْتَثْنَوْهَا بَلْ الشَّافِعِيَّةَ. قَالَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي التَّحْرِيمِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ "و". وَلَيْسَ الْعَبْدُ بِمَحْرَمٍ لِسَيِّدَتِهِ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ, لِأَنَّهَا لَا تُحَرَّمُ أَبَدًا, وَلَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا, كَالْأَجْنَبِيِّ, وَلَا يَلْزَمُ من النظر المحرمية, وروى سعيد وغيره2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ بُزَيْعِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "سَفَرُ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا ضَيْعَةٌ" بَزِيعٌ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ. وَعَنْهُ: هُوَ مَحْرَمٌ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لِأَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ أَنَّهُ مَحْرَمٌ "وش". وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَحْرَمِ ذَكَرًا مُكَلَّفًا مُسْلِمًا "هـ ش" نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا, كَالْحَضَانَةِ1, وَكَالْمَجُوسِيِّ, لِاعْتِقَادِهِ حِلَّهَا "و" وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مِثْلَهُ مُسْلِمٌ لَا يُؤْمَنُ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ لِلْحَنَفِيَّةِ, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ إسْلَامُهُ إنْ أُمِنَ عَلَيْهَا, لِمَا سَبَقَ, وَالْحَضَانَةُ2 يُنَافِيهَا الْكُفْرُ, لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ, وَلِهَذَا نَافَاهَا الْفِسْقُ3, وَلِأَنَّهُ يُرَبِّيهِ4 وَيَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهِ, بِخِلَافِ هَذَا. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ الْكِتَابِيَّ5 مَحْرَمٌ لِابْنَتِهِ الْمُسْلِمَةِ إنْ قُلْنَا يَلِي نِكَاحَهَا كَالْمُسْلِمِ. وَنَفَقَةُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ مِنْ سَبِيلِهَا. وَذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ الْحَنَفِيُّ, فَيُعْتَبَرُ أَنْ تَمْلِكَ زَادًا وَرَاحِلَةً لَهُمَا, وَذَكَرَ الطَّحْطَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ: لَا نَفَقَةَ لَهُ6 وَلَا يَلْزَمُهَا حَجٌّ, وَإِنْ بَذَلَتْ النفقة لم يلزم المحرم غير عبدها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّفَرُ بِهَا, عَلَى الْأَصَحِّ, لِلْمَشَقَّةِ, كَحَجِّهِ عَنْ مريضه. ووجه الثانية أمره صلى الله عليه وسلم لِلزَّوْجِ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ1. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ أَمْرٌ بَعْدَ حَظْرٍ, أَوْ أَمْرُ تَخْيِيرٍ2 وَعَلِمَ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يُعْجِبُهُ أَنْ يُسَافِرَ. وَإِنْ أَرَادَ أُجْرَةً فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَلْزَمُهَا, وَيَتَوَجَّهُ: كَنَفَقَتِهِ, كَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّغْرِيبِ فِي الزِّنَا وَفِي قَائِدِ الْأَعْمَى, فَدَلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ لَمْ يَلْزَمْهَا, لِلْمِنَّةِ, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبَ لِلْمَحْرَمِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا النَّفَقَةُ, كَقَائِدِ الْأَعْمَى, وَلَا دَلِيلَ يَخُصُّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: فإن حجت المرأة بلا محرم
فَصْلٌ: فَإِنْ حَجَّتْ الْمَرْأَةُ بِلَا مَحْرَمٍ حُرِّمَ وَأَجْزَأَ "و" وَإِنْ أَيِسَتْ مِنْهُ فَيَأْتِيَ فِي الْمَعْضُوبِ3, لِأَنَّهُ لِحِفْظِهَا. وَمَنْ تَرَكَ حَقًّا يَلْزَمُهُ مِمَّا4 سَبَقَ مِنْ دَيْنٍ وَغَيْرِهِ حُرِّمَ وَأَجْزَأَ, لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ. وَيَصِحُّ مِنْ مَعْضُوبٍ وَأَجِيرِ خِدْمَةٍ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا, وَتَاجِرٍ5 وَلَا إثْمَ6. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "و". وَقَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ وغيرهما: والثواب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِحَسَبِ الْإِخْلَاصِ, قَالَ أَحْمَدُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَك تِجَارَةٌ كَانَ أَخْلَصَ, وَرَخَّصَ فِي التِّجَارَةِ وَالْعَمَلِ فِي الْغَزْوِ ثُمَّ قَالَ: لَيْسَ كَمَنْ لَا يَشُوبُ غَزْوَهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا. وَسَبَقَ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ1. وَسَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ2 الْحَجُّ بِمَالٍ مَغْصُوبٍ, وَالْأَبَوَانِ كَغَيْرِهِمَا إلَّا مَنْ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ فَيَتَمَلَّكَ. وَقِيلَ3: مَا فَعَلَ بمال ابنه جاز "والله أعلم" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يلزم الأعمى أن يحج بنفسه بالشروط المذكورة,
فصل: يلزم الأعمى أن يحج بنفسه بالشروط المذكورة, ... فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْأَعْمَى أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ "هـ" بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ, لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ, كَالْبَصِيرِ4, بِخِلَافِ الْجِهَادِ, وَيُعْتَبَرُ لَهُ قَائِدٌ, كَبَصِيرٍ يَجْهَلُ الطَّرِيقَ, وَقَائِدُهُ كَالْمَحْرَمِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَطْلَقُوا الْقَائِدَ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: يَشْتَرِطُ لِلْأَدَاءِ قَائِدًا يُلَائِمُهُ, أَيْ يُوَافِقُهُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِي قَائِدٌ لَا يُلَائِمُنِي5, وَأَمَرَهُ بِالْجَمَاعَةِ, فَقَدْ يَحْتَمِلُ مِثْلُهُ هَاهُنَا, وَالْفَرْقُ أَظْهَرُ, وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ قَائِدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ, وَقِيلَ: وَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ, وَقِيلَ: وَغَيْرُ مجحفة, ولو بتبرع لم6 يلزمه, للمنة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من لزمه الحج أو العمرة,
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ أَوْ الْعُمْرَةُ, لَمْ يجز تأخيره, بَلْ يَأْتِي بِهِ عَلَى الْفَوْرِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م ر" وَأَبِي يُوسُفَ وَدَاوُد, بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى الْفَوْرِ, وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "تَعَجَّلُوا إلَى الْحَجِّ" يَعْنِي الْفَرِيضَةَ, وَحَدِيثُهُ أَوْ حَدِيثُ الْفَضْلِ "مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ" رَوَاهُمَا أَحْمَدُ1, وَلِابْنِ مَاجَهْ الثَّانِي2, وَفِيهِمَا أَبُو إسْرَائِيلَ الْمُلَائِيُّ إسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيفَةَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ إلَّا رِوَايَةً عَنْ ابْنِ مَعِينٍ, وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ, رَوَاهُ عَنْهُ مِهْرَانُ, تَفَرَّدَ عَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو, وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَلِمَا يَأْتِي فِي الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ, وَكَالْجِهَادِ وَكَحَجِّ الْمَعْضُوبِ4 بِالِاسْتِنَابَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَذَا احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ عَاصِيًا, لِلْأَخْبَارِ5, وَهُوَ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ, وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: لَا, فِي الشَّابِّ. وَكَذَا الْخِلَافُ لَهُمْ فِي صَحِيحٍ لَمْ يَحُجَّ حَتَّى زَمِنَ, قَالُوا: فَإِنْ عَصَى اُسْتُنِيبَ عَنْهُ عَلَى الْفَوْرِ, لِخُرُوجِهِ بِتَقْصِيرِهِ عَنْ اسْتِحْقَاقِ التَّرَفُّهِ, وَقِيلَ: لَا, كَمَنْ بَلَغَ مَعْضُوبًا. وَيَعْصِي عِنْدَهُمْ مِنْ السَّنَةِ الْآخِرَةِ مِنْ "آخِرِ" سِنِي الْإِمْكَانِ, لِجَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: مِنْ الْأُولَى, لِاسْتِقْرَارِ الْفَرْضِ فِيهَا, وَقِيلَ: لَا يُسْنَدُ عِصْيَانُهُ1 إلَى سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ, وَحَيْثُ عَصَى لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ, لِبَيَانِ فِسْقِهِ, وَإِنْ حُكِمَ بِهَا فِيمَا بَيْنَ الْأُولَى وَالْآخِرَةِ. وَقِيلَ: يَعْصِي, فَقَدْ بَانَ فِسْقُهُ, فَفِي نَقْضِهِ الْقَوْلَانِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَخِّرْهُ, فَإِنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ, وَالْأَشْهَرُ سَنَةَ تِسْعٍ, فَقِيلَ: أَخَّرَهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ, وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً2 حَوْلَ الْبَيْتِ3, وَقِيلَ: بِأَمْرِ اللَّهِ لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي استدار فيها الزمان4 وتتعلم منه أمته المناسك التي استقر أمره عليها "م 15" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَخِّرْهُ فَإِنَّهُ فُرِضَ سَنَةَ عَشْرٍ, وَالْأَشْهَرُ سَنَةَ تِسْعٍ: فَقِيلَ: أَخَّرَهُ لِعَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَرِهَ رُؤْيَةَ الْمُشْرِكِينَ عُرَاةً5 حَوْلَ الْبَيْتِ, وَقِيلَ: بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِتَكُونَ حَجَّتُهُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ فِي السَّنَةِ الَّتِي اسْتَدَارَ فيها الزمان وتتعلم منه أمته المناسك التي اسْتَقَرَّ أَمْرُهُ عَلَيْهَا, انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ حَكَاهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي6 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ
وظاهر قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] يقتضي الإتمام ـــــــــــــــــــــــــــــQاحْتِمَالًا, قَالَ الْمَجْدُ: حَكَى ذَلِكَ جَدِّي1 فِي تَفْسِيرِهِ. فَقَالَ: يَكُونُ تَأْخِيرُهُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ, إمَّا فِي حَقِّهِ وَحَقِّ اللَّهِ لِخَوْفِهِ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ, وَإِمَّا لِحَاجَةٍ وَفَقْرٍ فِي حَقِّهِ مَنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ, وَمَنَعَ أَكْثَرَ أَصْحَابِنَا خَوْفًا عَلَيْهِ, انْتَهَى مَا حَكَاهُ الْمَجْدُ عَنْ جَدِّهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي احْتِمَالٌ أَيْضًا لِلشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ, وَقَوَّاهُ الْمَجْدُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَشْيَاءَ وَمَالَ إلَيْهِ "والقول الثالث" احتمال أيضا لمن ذكرنا, وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ "قُلْت": وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا, "3قَالَ الْمَجْدُ3": وَقَالَهُ4 أَبُو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ. "قُلْت": تَأْخِيرُ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى, وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ, وَفِي تَأْخِيرِهِ حِكَمٌ كَثِيرَةٌ, مِنْهَا: لِئَلَّا يَرَى الْمُشْرِكِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَتَكُونُ حِكْمَةُ اللَّهِ فِي تَأْخِيرِهِ لِمَجْمُوعِ ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ, وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَنَّهُ قَدْ حَجَّ قَبْلَ الْهِجْرَةِ5, فَاكْتَفَى بِهِ فِي حَقِّهِ, عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ خَاصَّةً لِاخْتِصَاصِهِ بِالدِّينِ الْحَنِيفِيِّ, فَكَمُلَتْ أَرْكَانُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ, وَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ, لِعَدَمِ حَجِّ غَيْرِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَبْلَ فَرْضِهِ, ذكره ابن نصر الله في حواشيه.
بَعْدَ الشُّرُوعِ, وَلِهَذَا قَالَ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: 196] وَلَا حَصْرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ, وَسَبَبُ النُّزُولِ إحْرَامُهُمْ بِالْعُمْرَةِ وَحَصْرُهُمْ عَنْهَا, فَبَيَّنَ حُكْمَ النُّسُكَيْنِ. وَيُحْمَلُ1 قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ: إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِك2 عَلَى النَّدْبِ عِنْدَهُمَا, وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَجْهًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَةً أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ, زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: مَعَ الْعَزْمِ عَلَى فِعْلِهِ فِي الْجُمْلَةِ "وش" وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ, لِمَا سَبَقَ3, وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَهُ4 لَمْ يُسَمَّ قَضَاءً, وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُسَمَّى فِيهِ وَفِي الزَّكَاةِ, وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَجْهًا ثُمَّ يَبْطُلُ بِتَأْخِيرِهِ إلَى سَنَةٍ يَظُنُّ مَوْتَهُ فيها, وسبق العزم في الصوم والصلاة5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ومن عجز عن ذلك لكبر
فَصْلٌ: وَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ, زَادَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ1 كَانَ نِضْوَ الْخَلْقِ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثُّبُوتِ عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ غَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ قَالَ أَحْمَدُ: أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ ثَقِيلَةً لَا يَقْدِرُ مِثْلُهَا يَرْكَبُ إلَّا بِمَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ, وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْقُدْرَةِ, وَيُسَمَّى الْمَعْضُوبُ2 وَوَجَدَ زَادًا وَرَاحِلَةً, جَازَ وَصَحَّ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَأْتِي بِهِ عَنْهُ "م" وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا "وهـ ر ش" لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنَّ أَبِي أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ, أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: "فَحُجِّي عَنْهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَسَبَقَ خَبَرُ أَبِي رَزِينٍ فِي الْعُمْرَةِ4, وَخَبَرُ: مَا السَّبِيلُ؟ قَالَ: "الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ" 5 وَكَالصَّوْمِ يُفْدَى مَنْ عَجَزَ عَنْهُ, سَوَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ حَالَ الْعَجْزِ "هـ ر م" أَوْ قَبْلَهُ "م" وَيَلْزَمُهُ عَلَى الْفَوْرِ "ش" كَنَفْسِهِ, مِنْ حَيْثُ وَجَبَ أَوْ مِنْ الْمِيقَاتِ, كَمَا يأتي, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ وَجَدَ نَفَقَةَ رَاجِلٍ لَمْ يَلْزَمْهُ, خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَإِنْ وَجَدَ مَالًا وَلَمْ يَجِدْ نَائِبًا فَفِي وُجُوبِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ, بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ الْمَسِيرِ "م 16" زَادَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: فَإِنْ قُلْنَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ كان المال الْمُشْتَرَطُ فِي الْإِيجَابِ عَلَى الْمَعْضُوبِ1 بِقَدْرِ مَا نُوجِبُهُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ صَحِيحًا, وَإِنْ قُلْنَا لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ اُشْتُرِطَ لِلْمَالِ الْمُوجِبِ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ لِلنَّائِبِ, لِئَلَّا يَكُونَ النَّائِبُ بَاذِلًا لِلطَّاعَةِ فِي الْبَعْضِ. وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ وُجُودَ مَالٍ يَسْتَأْجِرُ مَنْ يَحُجُّ بِهِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ لَوْ حَجَّ بِنَفْسِهِ, وَلَمْ يَعْتَبِرُوا مُؤْنَةَ أَهْلِهِ بَعْدَ فَرَاغِ النَّائِبِ مِنْ الْحَجِّ, وَالْأَصَحُّ لَهُمْ: وَلَا مُدَّةَ ذَهَابِهِ, لِإِمْكَانِهِ تَحْصِيلَ نَفَقَتِهِمْ. وَإِنْ لَمْ يَسْتَنِبْ فَلَهُمْ فِي الْحَاكِمِ وَجْهَانِ, وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ, وَعِنْدَهُمْ: إنْ طَلَبَ الْأَجِيرُ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ2 مِثْلِهِ لَمْ يَلْزَمْ الِاسْتِئْجَارُ, وَيَلْزَمُ إنْ رَضِيَ بِأَقَلَّ. وَتَنُوبُ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ, خِلَافًا لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ, وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ النَّخَعِيِّ وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ: لَا يَحُجُّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. وَلَا إساءة ولا كراهة في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ مَالًا وَلَمْ يَجِدْ نَائِبًا فَفِي وُجُوبِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ, بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ الْمَسِيرِ, انْتَهَى. تَقَدَّمَ الصَّحِيحُ مِنْ الْخِلَافِ فِي سَعَةِ الْوَقْتِ هَلْ هُوَ مِنْ شَرَائِطِ الْوُجُوبِ أَوْ مِنْ شَرَائِطِ لُزُومِ الْأَدَاءِ, قريبا3, فليعاود.
نِيَابَتِهَا عَنْهُ "وم ش" خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ مِثْلِهِ1 لِفَوَاتِ رَمَلٍ وَحَلْقٍ وَرَفْعِ صَوْتٍ بِتَلْبِيَةٍ وَنَحْوِهَا. وَيُجْزِئُ الْحَجُّ عَنْ الْمَعْضُوبِ2 وَلَوْ عُوفِيَ, نَصَّ عَلَيْهِ "هـ ش" لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا أُمِرَ, وَالْمُعْتَبَرُ لِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ الْإِيَاسُ ظَاهِرًا. وَلَوْ اعْتَدَّتْ مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَمْ تَبْطُلْ عدتها بعوده, قال صاحب المحرر3: وَهِيَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا, فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ هُنَا لِلْخِلَافِ هُنَاكَ, كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ4 وَإِنْ عُوفِيَ قَبْلَ فَرَاغِهِ أَجْزَأَهُ, فِي الْأَصَحِّ, لِأَنَّ الشُّرُوعَ5 هُنَا مُلْزِمٌ, وَإِنْ بَرِئَ قَبْلَ إحْرَامِ النَّائِبِ لَمْ يُجْزِئْهُ و". 6لَيْسَ لِمَنْ يُرْجَى زَوَالُ عِلَّتِهِ أَنْ يَسْتَنِيبَ, فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِئْهُ "و"6 خِلَافًا لِمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ "هـ" وَلَا يَكُونُ مُرَاعًى "هـ" وَقَالَهُ أَصْحَابُهُ أَيْضًا فِي مَحْبُوسٍ دَامَ حَبْسُهُ, وَبَعْضُهُمْ فِي الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ مَحْرَمٍ وَدَامَ عَدَمُهُ, لِأَنَّهُ يَرْجُو الْحَجَّ بِنَفْسِهِ, فَهُوَ كَصَحِيحٍ مُوسِرٌ افْتَقَرَ بَعْدَ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ "و" وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ, وليس هو مثل المنصوص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن أيست المرأة من محرم
فَصْلٌ: وَإِنْ أَيِسَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَحْرَمٍ وَقُلْنَا يُشْتَرَطُ لِلُّزُومِ السَّعْيُ, أَوْ كَانَ وُجِدَ وَفَرَّطَتْ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى عُدِمَ, فَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم فِي الْمَرْأَةِ لَا مَحْرَمَ لَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَلْ تَدْفَعُ إلَى رَجُلٍ يَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحْرَمِ فَأَرَى أَنْ تُجَهِّزَ رَجُلًا يَحُجُّ عَنْهَا, وَكَذَا نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: تُعْطِي مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا فِي حَيَاتِهَا. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ, نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي امْرَأَةٍ لَهَا خَمْسُونَ سَنَةً لَا مَحْرَمَ لَهَا: لَا تَخْرُجُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ, وَأَرْجُو أَنْ تُرْزَقَ زَوْجًا "م 17". قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى أَنَّ تزوجها1 لَا يَبْعُدُ عَادَةً وَالْجَوَازُ عَلَى مَنْ أَيِسَتْ مِنْهُ ظَاهِرًا وَعَادَةً, لِزِيَادَةِ سِنٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهَا عَدَمُهُ. ثُمَّ إنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَنَابَتْ مَنْ لَهَا مَحْرَمٌ ثُمَّ فُقِدَ فَكَالْمَعْضُوبِ2, وَإِنْ جَهِلَتْ الْمَحْرَمَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهَا رَحِمٌ مَحْرَمٌ. وَبَيَّضَ3 صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَيَتَوَجَّهُ إنْ ظَنَّتْ عَدَمَهُ أَجْزَأَهَا, عَلَى مَا سَبَقَ "4وَإِلَّا فَلَا, أَوْ كَجَهْلِ الْمُتَيَمِّمِ الماء, على ما سبق54", وقد قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيِسَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَحْرَمٍ وَقُلْنَا يُشْتَرَطُ لِلُّزُومِ السَّعْيُ, أَوْ كَانَ وُجِدَ وَفَرَّطَتْ بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى عُدِمَ, فَنَقَلَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم فِي الْمَرْأَةِ لَا مَحْرَمَ لَهَا هَلْ تَدْفَعُ إلَى رَجُلٍ يَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحْرَمِ فَأَرَى أَنْ تُجَهِّزَ رَجُلًا يَحُجُّ عَنْهَا, وَكَذَا نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: تُعْطِي مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا فِي حَيَاتِهَا, وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ, نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي امْرَأَةٍ لَهَا خَمْسُونَ سَنَةً لَا مَحْرَمَ لَهَا: لَا تَخْرُجُ إلَّا مَعَ مَحْرَمٍ, وَأَرْجُو أَنْ تُرْزَقَ زَوْجًا, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهَا كَالْمَعْضُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ, وَهُوَ في كلام المصنف.
الْآجُرِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمٌ سَقَطَ فَرْضُ الْحَجِّ بِبَدَنِهَا1 وَوَجَبَ2 أَنْ يَحُجَّ عَنْهَا غَيْرُهَا, وَكَذَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَكَلَامُهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيَاسِ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: إنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا فَرِوَايَتَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِتَرَدُّدِ3 النَّظَرِ فِي حصول الإياس منه "والله أعلم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يصير مستطيعا ببذل غيره
فَصْلٌ: وَلَا يَصِيرُ مُسْتَطِيعًا بِبَذْلِ غَيْرِهِ "وهـ م" لِمَا سَبَقَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ4, وَكَالْبَذْلِ فِي الزَّكَاةِ, وَكَذَا الْكَفَّارَةُ, بِلَا خِلَافٍ, لِلْمِنَّةِ, وَهِيَ هنا, وفيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَظَرٌ, لِأَنَّهُ تَمَلُّكٌ, وَلَا يَجِبُ, بِخِلَافِ الْحَجِّ, وَكَتَمَكُّنِهِ1 مِنْ حِيَازَةِ مَالٍ مُبَاحٍ, وَلَا يَلْزَمُ بَذْلُ2 إعَانَةِ الْمَعْضُوبِ3 فِي وُضُوئِهِ, لِأَنَّا لَا نُسَلِّمُهُ, ثُمَّ الْفَرْقُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا, ذَكَرَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ, وَجَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بِلُزُومِهِ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِنَفْسِهَا, وَلِأَنَّ الْوُضُوءَ يَجِبُ عِنْدَ بَذْلِ4 الْمَاءِ5 بِالْحَدَثِ السَّابِقِ, فَلَمْ تُؤَثِّرْ طَاعَةُ غَيْرِهِ فِي الْوُجُوبِ, وَلِأَنَّ الأصل عدم دليل الوجوب, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يُلْزِمُ هَذَا الْمَعْضُوبَ1 بِبَذْلِ وَلَدِهِ لَهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إذَا كَانَ الْوَلَدُ يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً وَقَدْ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ فَرْضَ الْحَجِّ, وَيَلْزَمُهُ. أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ, وَلِأَصْحَابِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَاذِلُ فَقِيرًا يُمْكِنُهُ الْمَشْيُ أَوْ أَجْنَبِيًّا أَوْ بَذَلَ الْمَالَ وَجْهَانِ, وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُمْ جَوَازُ الرُّجُوعِ لِلْبَاذِلِ مَا لَمْ يُحْرِمْ, وَلَا وَجْهَ لِتَمَسُّكِهِمْ بِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُطْلَقَةٌ وَبِخَبَرِ الخثعمية2, وكقدرته بنفسه, لما سبق والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من لزمه حج أو عمرة فتوفي قبله
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ فَتُوُفِّيَ قَبْلَهُ وَجَبَ قَضَاؤُهُ فَرَّطَ أَوْ لَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَأْسِ مَالِهِ كَالزَّكَاةِ وَالدَّيْنِ, وَلَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ, وَسَبَقَ فِي الزَّكَاةِ1 وَفِي فِعْلِهِ عَنْ الميت2. وَلِلْبُخَارِيِّ3 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ "4حَتَّى مَاتَتْ4", أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: "نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا, أَرَأَيْت لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّك دَيْنٌ أَكُنْتِ قَاضِيَتَهُ؟ اقْضُوا اللَّهَ فَاَللَّهُ أَحَقُّ بِالْوَفَاءِ". وَيُخَرَّجُ عَنْهُ حَيْثُ وَجَبَ, نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ. وَقَاسَ الْقَاضِي عَلَى مَعْضُوبٍ5 أَحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ. وَيُسْتَنَابُ مِنْ أَقْرَبِ وَطَنَيْهِ6 لِتَخْيِيرِ الْمَنُوبِ عَنْهُ, وَقِيلَ: مَنْ لَزِمَهُ بِخُرَاسَانَ فَمَاتَ بِبَغْدَادَ أُحِجَّ مِنْهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, كَحَيَاتِهِ, وَقِيلَ: هَذَا هُوَ الْأَوَّلُ7, لَكِنْ اُحْتُسِبَ لَهُ سَفَرُهُ8 مِنْ بَلَدِهِ, وَفِيهِ نَظَرٌ, لِأَنَّهُ مُتَّجِهٌ لَوْ سَافَرَ لِلْحَجِّ. وَيُجْزِئُ دُونَ الْوَاجِبِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ, لأنه كحاضر, وإلا9 لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ الْوَاجِبَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ "1لَا يَصِحُّ1" دُونَ مَحَلِّ وُجُوبِهِ وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ, كَمَنْ أَحْرَمَ دُونَ مِيقَاتٍ, وقيل: يجزئ أن2 "يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِهِ لَا3 مِنْ حَيْثُ وجب "وم ش" وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمَحْجُوجِ" عَنْهُ وَتَجُوزُ النيابة "4بلا مال4" "وم ش" لِلْخَبَرِ السَّابِقِ "وَتَشْبِيهُهُ بِالدَّيْنِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ كَقَوْلِنَا: "5قَالَ فِي الْهِدَايَةِ لَهُمْ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ5" ولهم6: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: "الْأَوَّلُ" قَوْلُهُ: وَقِيلَ "يُجْزِئُ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِهِ" كَذَا فِي النُّسَخِ وَالصَّوَابُ "وَقِيلَ: يجزئ أن يحج" بزيادة أن.
يَقَعُ الْحَجُّ لِلْحَاجِّ, وَلِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ ثَوَابُ النَّفَقَةِ فَقَطْ. ثُمَّ فِي إجْزَائِهِ لِلْحَاجِّ قَوْلَانِ. وَعِنْدَهُمْ: يَجِبُ أَنْ يُحِجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِهِ1 مِنْ بَلَدِهِ رَاكِبًا, وَلَا يُجْزِئُهُ مَاشِيًا إلَّا أَنْ لَا يَبْلُغَ مِنْهُ إلَّا مَاشِيًا, فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يُخَيَّرُ رَاكِبًا مِنْ حَيْثُ بَلَغَ, وَمَاشِيًا مِنْ بَلَدِهِ, وَعَنْ مُحَمَّدٍ: رَاكِبًا. وَلَوْ أَوْصَى بِبَعِيرِهِ لِرَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَأَكْرَاهُ الرَّجُلُ وَأَنْفَقَهُ فِي طَرِيقِهِ وَحَجَّ عَنْهُ مَاشِيًا جَازَ اسْتِحْسَانًا2. ثُمَّ يُرَدُّ الْبَعِيرُ إلَى وَرَثَتِهِ. وَيُكْرَهُ "حَجُّهُ" عَلَى حِمَارٍ, كَذَا قَالُوا وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ فِي الطَّرِيقِ حُجَّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ مَاتَ فِيمَا بَقِيَ نَصَّ عَلَيْهِ مَسَافَةً وَفِعْلًا وَقَوْلًا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: مِنْ مَنْزِلِهِ, وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَفَرَهُ هَلْ بَطَلَ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَيُحَجُّ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ, وَعِنْدَ أبي يوسف: مما3 بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ, وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: بِمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ, وَإِلَّا بَطَلَتْ4 وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: إنْ مَاتَ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ بَطَلَ مَا أَتَى بِهِ إلَّا فِي الثَّوَابِ, وَلَا بِنَاءَ بَعْدَ التَّحْلِيلَيْنِ, عِنْدَهُمْ, وَيُجْبَرُ بِدَمٍ, وَمَعْنَاهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا, وَإِنْ صُدَّ فَعِنْدَنَا: فِيمَا بَقِيَ, لِأَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الْوَاجِبِ. وَمَنْ ضَاقَ مَالُهُ أَوْ لَزِمَهُ دَيْنٌ أُخِذَ لِلْحَجِّ بِحِصَّتِهِ وَحُجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِقُدْرَتِهِ5 عَلَى بَعْضِ الْمَأْمُورِ بِهِ, وَعَنْهُ: يَسْقُطُ الْحَجُّ عُيِّنَ فَاعِلُهُ أَمْ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الدَّيْنُ, لِتَأَكُّدِهِ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ سَمَّى الْمُوصِي مَا لَا يَبْلُغُ لَمْ يَصِحَّ قِيَاسًا, وَحُجَّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ اسْتِحْسَانًا. ومن وصى بحج نفل أو1 أطلق جَازَ مِنْ مِيقَاتٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, مَا لَمْ تَمْنَعْ قَرِينَةٌ2, وَقِيلَ: مِنْ مَحَلِّ وَصِيَّتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ, كَحَجٍّ وَاجِبٍ, وَمَعْنَاهُ للشيخ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من ناب بلا إجارة ولا جعل جاز,
فَصْلٌ: مَنْ نَابَ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا جُعْلٍ جَازَ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَالْغَزْوِ, وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ دَرَاهِمَ وَيَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ, وَمُرَادُهُ الْإِجَارَةُ أَوْ حَجَّةٌ بِكَذَا, وَقَدْ يَحْتَمِلُ حَمْلُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ, لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ. وَالنَّائِبُ أَمِينٌ, يَرْكَبُ وَيُنْفِقُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْهُ أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَهُ3 أَوْ اسْتَدَانَهُ لِعُذْرٍ عَلَى رَبِّهِ, أَوْ يُنْفِقُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَنْوِي رُجُوعَهُ بِهِ, وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ: يَرْجِعُ إنْ أَنْفَقَ4 بِحَاكِمٍ5, وَكَذَا يَنْبَغِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ, وَيَتَوَجَّهُ لَنَا الْخِلَافُ فِيمَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا, وَلَوْ تَرَكَهُ وَأَنْفَقَ مِنْ نَفْسِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا يَضْمَنُ. "6وَفِيهِ نَظَرٌ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ كَانَ مِنْ نَفْسِهِ أَكْثَرُ أَوْ مَشَى أَكْثَرَ الطَّرِيقِ ضَمِنَ, وَإِلَّا فَلَا. قَالَ الأصحاب6": ويضمن ما زاد على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَعْرُوفِ, وَيَرُدُّ مَا فَضَلَ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِيهِ, لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ بَلْ أَبَاحَهُ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ مَاتَ مُسْتَنِيبُهُ أَخَذَهُ الْوَرَثَةُ, وَضَمِنَ مَا أَنْفَقَ بَعْدَ مَوْتِهِ, وَقَالَهُ1 الْحَنَفِيَّةُ, وَيَتَوَجَّهُ: لَا2, لِلُّزُومِ مَا أَذِنَ فِيهِ, قَالَ فِي الْإِرْشَادِ3 وَغَيْرِهِ فِي: حُجَّ عَنِّي بِهَذَا فَمَا فَضَلَ فَلَكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ "بِهِ"4 تِجَارَةً قَبْلَ حَجِّهِ. وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ, قَالُوا: فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ, وَأَجْزَأَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَيَتَوَجَّهُ: يَجُوزُ لَهُ صَرْفُ نَقْدٍ بِآخِرٍ لِمَصْلَحَةٍ وَشِرَاءِ مَاءٍ لِطَهَارَةٍ وَتَدَاوٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ, وَمَنَعَ ذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ, وَلَهُمْ فِي دُهْنِ سِرَاجٍ خِلَافٌ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُنْفِقُ عَلَى خَادِمِهِ إنْ كَانَ مِثْلَهُ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ, وَهَذَا مُتَّجِهٌ. وَإِنْ مَاتَ أَوْ ضَلَّ أَوْ صُدَّ أَوْ مَرِضَ5 "أَوْ تَلِفَ" بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ أُعْوِزَ بَعْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ. وَيَتَوَجَّهُ مِنْ كَلَامِهِمْ: يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا ظَاهِرًا فَيُبَيِّنَهُ, وَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ, خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ, وَعَنْهُ: إنْ رَجَعَ لِمَرَضٍ رَدَّ مَا أَخَذَ, كَرُجُوعِهِ لِخَوْفِهِ مَرَضًا, وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ احْتِمَالٌ, وَإِنْ سَلَكَ مَا يُمْكِنُهُ أَقْرَبُ مِنْهُ بِلَا ضَرَرٍ ضَمِنَ مَا زَادَ, قَالَ الشيخ: أو تعجل عجلة يمكنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَرْكُهَا "1كَذَا قَالَ1" وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: يَضْمَنُ مَا زَادَ عَلَى مَا أُمِرَ بِسُلُوكِهِ, وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مَحِلًّا ثُمَّ رَجَعَ لِيُحْرِمَ ضَمِنَ نَفَقَةَ تَجَاوُزِهِ وَرُجُوعِهِ, وَإِنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ فَوْقَ مُدَّةِ قَصْرٍ بِلَا عُذْرٍ وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: وَلَا عَادَةَ بِهِ, كَبَعْضِ2 الْحَنَفِيَّةِ فَمِنْ مَالِهِ, وَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ, خِلَافًا لِمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَأَبِي يُوسُفَ, إلَّا أَنْ يَتَّخِذَهَا دَارًا وَلَوْ سَاعَةً فَلَا, لِسُقُوطِهَا فَلَمْ تُعَدَّ إنْفَاقًا3. نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ ضَمِنَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ امْرَأَتِهِ فَاسْتُؤْجِرَ لِحَمْلِ مَتَاعٍ إلَى مِنًى يَبِيعُهُ بَعْدَ الْمَوْسِمِ قَالَ: لَا يُنْفِقُ فِي إقَامَتِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا. وَظَاهِرُهُ: كَثُرَتْ إقَامَتُهُ أَوْ لَا, وَأَنَّ لَهُ نَفَقَةَ رُجُوعِهِ. وَهَلْ الْوَحْدَةُ عُذْرٌ إنْ قَدَرَ أَنْ يَخْرُجَ وَحْدَهُ؟ يَتَوَجَّهُ خِلَافٌ كالحنفية, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا مُخْتَلِفٌ, وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عُذْرٌ, وَمَعْنَاهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا, لِلنَّهْيِ, وَحَمْلُهُ عَلَى الْخَوْفِ "1فِيهِ نَظَرٌ1" لِأَنَّ مِنْهُ الْمَبِيتَ وَحْدَهُ, وَظَهَرَ مِنْ هَذَا: يَضْمَنُ إنْ خَرَجَ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنْ شَرَطَ الْمُؤَجِّرُ عَلَى أَجِيرِهِ أَنْ لا يتأخر عن القافلة أو2 لا يَسِيرُ فِي آخِرِهَا أَوْ وَقْتَ الْقَائِلَةِ أَوْ لَيْلًا فَخَالَفَ ضَمِنَ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِلَا شَرْطٍ, وَالْمُرَادُ مَعَ الْأَمْنِ. وَمَتَى وَجَبَ الْقَضَاءُ فَمِنْهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ, وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ, لأن الحجة لم تقع عن مستنيبه3, لجنايته وَتَفْرِيطِهِ, كَذَا مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ, وَكَذَا فِي الرِّعَايَةِ: نَفَقَةُ الْفَاسِدِ وَالْقَضَاءِ عَلَى النَّائِبِ, وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَضْمَنُ, فَإِنْ حَجَّ مِنْ قَابِلٍ بِمَالِ نَفْسِهِ أَجْزَأَهُ, وَمَعَ عُذْرٍ ذَكَرَ الشَّيْخُ إنْ فَاتَ بِلَا تَفْرِيطٍ اُحْتُسِبَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ. فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ الْقَضَاءُ فَعَلَيْهِ, كَدُخُولِهِ4 فِي حَجٍّ ظَنَّهُ عَلَيْهِ فلم يكن وفاته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ: إنْ فَاتَ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا إلَّا وَاجِبًا عَلَى مُسْتَنِيبٍ فَيُؤَدِّي عَنْهُ بِوُجُوبٍ سَابِقٍ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا يَضْمَنُ إنْ فَاتَ, لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ, بَلْ إنْ أَفْسَدَهُ. وَعَلَيْهِ فِيهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ بِمَالِ نَفْسِهِ, وَالدِّمَاءُ عَلَيْهِ, وَالْمَنْصُوصُ: وَدَمُ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ, كَنَهْيِهِ1 عَنْهُ, وَعَلَى مُسْتَنِيبِهِ إنْ أَذِنَ, خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ كَدَمِ الْإِحْصَارِ, خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ, وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي دَمِ إحْصَارٍ وَجْهَيْنِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ أَمَرَ مَرِيضٌ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ فَنَسِيَ الْمَأْمُورُ أَسَاءَ وَالدَّمُ عَلَى الْآمِرِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ نَفَقَةِ تَجَاوُزِهِ2 وَرُجُوعِهِ وَالدَّمِ مَعَ عُذْرٍ عَلَى مُسْتَنِيبِهِ, كَمَا ذَكَرُوهُ فِي النَّفَقَةِ فِي فَوَاتِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. وَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الدَّمَ3 الْوَاجِبَ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ4, كَأَجْنَبِيٍّ. وَيَتَوَجَّهُ: إنْ شَرَطَهُ عَلَى نَائِبٍ لَمْ يَصِحَّ, اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّعَايَةِ, فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: يَصِحُّ عَكْسُهُ. وَفِي صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِحَجٍّ5 أَوْ عُمْرَةٍ روايتا الإجارة على القرب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَشْهَرُهُمَا لَا يَصِحُّ "م ش" لِاخْتِصَاصِ كَوْنِ فَاعِلِهِ مُسْلِمًا, كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَكَعِتْقٍ بِعِوَضٍ لَا يُجْزِئُ عَنْ كَفَّارَةٍ, فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ إلَّا عِبَادَةً, فَيَخْرُجَ عَنْهَا بِالْأُجْرَةِ1, بِخِلَافِ بِنَاءِ مَسْجِدٍ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِنَابَةٍ إجَارَةٌ, بِدَلِيلِ اسْتِنَابَةِ قَاضٍ وَفِي عَمَلِ مَجْهُولٍ وَمُحْدِثٍ فِي صَلَاةٍ, كَذَا قَالُوا, وَيَأْتِي فِي إجَارَةٍ2. وَاخْتَارَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا: يَصِحُّ, لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى أَجِيرٍ بِخِلَافٍ أَذَانٌ وَنَحْوُهُ, وَذَكَرَ فِي الْوَسِيلَةِ الصِّحَّةَ عَنْهُ وَعَنْ الْخِرَقِيِّ, فَعَلَى هَذَا تُعْتَبَرُ شُرُوطُ إجَارَةٍ, وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ بِنَفْسِهِ فتأتى, والمنع قول "ش". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْجَوَازُ قَوْلُ "م". وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَيْنَهُ لَمْ يَسْتَنِبْ, وَيَتَوَجَّهُ كَتَوْكِيلٍ وَأَنْ يَسْتَنِيبَ لِعُذْرٍ. وَإِنْ ألزم1 ذِمَّتَهُ تَحْصِيلُ حَجَّةٍ لَهُ اسْتَنَابَ, فَإِنْ قَالَ بِنَفْسِك فَيَتَوَجَّهُ فِي بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ تَرَدُّدٌ, فَإِنْ صَحَّتْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَنِيبَ, كَمَا سَبَقَ2. قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إجَارَةُ الْعَيْنِ: اسْتَأْجَرْتُك لِتَحُجَّ3 عَنِّي أَوْ عَنْ مَيِّتِي, فَإِنْ قَالَ: بِنَفْسِك, فَتَأْكِيدٌ. وَالذِّمَّةُ: أَلْزَمْت ذِمَّتَك تَحْصِيلَ الْحَجِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ يُعَيِّنُ زَمَنَ الْعَمَلِ وَقَدْ لَا. فَإِنْ عَيَّنَ غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى صَحَّ إلَّا فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ, عَلَى أَصْلِهِمْ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِلشَّهْرِ الْمُسْتَقْبِلِ, إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَسَافَةُ بَعِيدَةً لَا يُمْكِنُ قَطْعُهَا فِي سَنَةٍ, وَإِنْ أَطْلَقَ فِيهِمَا4 حُمِلَ عَلَى السَّنَةِ الْأُولَى, وَلَا يَسْتَنِيبُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ, وَيَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ, فَإِنْ قَالَ فِيهَا: بِنَفْسِك, لَمْ يَجُزْ, فِي وَجْهٍ, وفي آخر: تبطل الإجارة, لتناقض الذمية5 مَعَ الرَّبْطِ بِمُعَيَّنٍ, كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بستان بعينه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ فِي النِّيَابَةِ "وَلَا يَسْتَنِيبُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ6, وَيَجُوزُ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ قَالَ فِيهَا: بِنَفْسِك, لَمْ يَجُزْ فِي وَجْهٍ, وَفِي آخر تبطل الإجارة, لتناقض الذمية7 مَعَ الرَّبْطِ بِمُعَيَّنٍ, كَمَنْ أَسْلَمَ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ" انْتَهَى, 8هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ, بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذلك: وما ذكروه حسن8.
وَمَا ذَكَرُوهُ حَسَنٌ قَالَ الْآجُرِّيُّ: وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ فَقَالَ: يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِ كَذَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقُولَ يُحْرِمُ عَنْهُ مِنْ مِيقَاتِ كَذَا "وَإِلَّا"1 فَمَجْهُولَةٌ2, فَإِذَا وَقَّتَ مَكَانًا يُحْرِمُ مِنْهُ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ فَمَاتَ فَلَا أُجْرَةَ, وَالْأُجْرَةُ مِنْ إحْرَامِهِ مِمَّا عَيَّنَهُ إلَى فَرَاغِهِ, وَيَتَوَجَّهُ: لَا جَهَالَةَ, وَيُحْمَلُ عَلَى عَادَةِ ذَلِكَ الْبَلَدِ غَالِبًا, وَمَعْنَاهُ كَلَامُ أَصْحَابِنَا وَمُرَادُهُمْ "وش" وَيَتَوَجَّهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَلَدِ إلَّا مِيقَاتٌ وَاحِدٌ جَازَ, فَعَلَى قَوْلِهِ يَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ النُّسُكِ وَانْفِسَاخُهَا بِتَأْخِيرٍ يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ3, وَإِنْ قَدِمَ فَيَتَوَجَّهُ4 جَوَازُهُ لِمَصْلَحَةٍ, وَعَدَمُهُ بِعَدَمِهَا, وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ, أَظْهَرُهُمَا يَجُوزُ. وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيَّةُ يَجُوزُ, وَأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا, وَمَعْنَاهُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ. وَيَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ وَيَتَصَرَّفُ, وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ; وَلَوْ أُحْصِرَ أَوْ ضَلَّ أَوْ تَلِفَ مَا أَخَذَهُ فَرَّطَ أَوْ لَا, وَلَا5 يُحْتَسَبُ لَهُ بِشَيْءٍ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: لَا يَضْمَنُ بِلَا تَفْرِيطٍ. وَالدِّمَاءُ عَلَيْهِ6 "وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي دَمِ إحْصَارٍ وَجْهَيْنِ" وَمِثْلُهُ مَنْ ضَمِنَ الْحَجَّةَ, وَإِنْ أَفْسَدَهُ كَفَّرَ وَمَضَى فِيهِ وَقَضَاهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ كَانَتْ إجَارَةُ عين انفسخت وقضاه الأجير عنه7, وإن كانت في الذمة فعنه أيضا في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ, لِوُقُوعِ الْأَدَاءِ عَنْهُ, فَيَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أُخْرَى لِلْمُسْتَأْجِرِ, وَإِنْ1 أُحْصِرَ, فَإِنْ تَحَلَّلَ فَمَا2 أَتَى بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ, فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ وَالْأُجْرَةُ, كَمَوْتِهِ, وَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ انْقَلَبَ إلَيْهِ بِأَحْكَامِهِ, وَإِنْ فَاتَ بِغَيْرِ حَصْرٍ انْقَلَبَ إلَيْهِ, وَلَا شَيْءَ لِلْأَجِيرِ هُنَا عِنْدَهُمْ. وَمَا فَضَلَ لَهُ, وَيَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ, كَبَهِيمَةٍ, وَعَنْهُ وَارِثُهُ مِثْلُهُ, وَتَجِبُ أُجْرَةُ مَسَافَةٍ قَبْلَ إحْرَامِهِ, جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ "وم" وَقِيلَ: لَا "وش" وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ, وَعَلَى الْأَوَّلِ: قَسَّطَ مَا سَارَهُ, لَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ, خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ, وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ رُكْنٍ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْبَاقِي, وَيَسْتَحِقُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ, فَيُقَسِّطُ عَلَى السَّيْرِ3, وَقِيلَ: عَلَى الْعَمَلِ, فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ انْفَسَخَتْ. وَلَا يَسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجِرُ مَنْ يَبْنِي فِي جَدِيدِ قَوْلَيْهِ, وَفِي الذِّمَّةِ: تَبْنِي وَرَثَتُهُ4, إنْ جَازَ الْبِنَاءُ, وَإِلَّا اسْتَأْجَرُوا مَنْ يَسْتَأْنِفُهُ, فَإِنْ تَأَخَّرَ إلَى "5السَّنَةِ الْقَابِلَةِ5" فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ. وَمَنْ ضَمِنَ الْحَجَّةَ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ فلا شيء له, ويضمن ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ, كَمَا سَبَقَ1. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ مَاتَ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَ, لِوُجُودِ أَكْثَرِهِ, قَالُوا: لَوْ رَجَعَ قَبْلَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَمُحْرِمٌ أَبَدًا عَنْ النِّسَاءِ, فَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ2, وَيَقْضِي مَا بَقِيَ, لِأَنَّهُ مِنْ جِنَايَتِهِ3 وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مِيقَاتٍ فَمَاتَ قَبْلَهُ فَلَا, وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ اُحْتُسِبَ مِنْهُ إلى موته4. وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ مَيِّتٍ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَمْ لَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمَيِّتِ؟ يتوجه احتمالان "18 م". ـــــــــــــــــــــــــــــQ5 "مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَنْ مَيِّتٍ فَهَلْ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمَيِّتِ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى5, يَعْنِي إذَا قُلْنَا تَصِحُّ الإجارة "قلت":
فصل: في مخالفة النائب
فَصْلٌ: فِي مُخَالَفَةِ النَّائِبِ مَنْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَرُدُّ كُلَّ النَّفَقَةِ, لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ "وهـ" وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ1 الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إنْ أَحْرَمَ به2 من ميقات فلا "وش" وَمِنْ مَكَّةَ يَرُدُّ مِنْ النَّفَقَةِ مَا بَيْنَهُمَا "م 19". وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: تُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ عَلَى حَجَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ إحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ, وَعَلَى حَجَّةٍ مِنْ الْبَلَدِ إحْرَامُهَا مِنْ مَكَّةَ, فَإِذَا كَانَتْ الْأُولَى مِائَةً وَالثَّانِيَةُ خَمْسِينَ حَطَّ نِصْفَ المسمى ويلزمه3 دم لميقاته. ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ الْجَوَازُ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ, فَهُوَ كَالشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ, وَالصَّحِيحُ جَوَازُ4 الْإِقَالَةِ مِنْهُمَا, فَكَذَا هُنَا. "مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ فِي مُخَالَفَةِ النَّائِبِ: مَنْ أُمِرَ بِحَجٍّ فَاعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ فَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَرُدُّ كُلَّ النَّفَقَةِ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مِيقَاتٍ فَلَا, وَمِنْ مَكَّةَ يَرُدُّ مِنْ النَّفَقَةِ مَا بَيْنَهُمَا. انْتَهَى. مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي باب الإحرام, وقال هو وَصَاحِبُ الْحَاوِي: تَقَعُ الْحَجَّةُ عَنْ نَفْسِهِ دُونَ الْمُسْتَنِيبِ, وَضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَنْفَقَ, هَذَا إنْ كَانَ الْمَنُوبُ عَنْهُ حَيًّا, فَأَمَّا إنْ كَانَ مَيِّتًا وَقَعَتْ الْحَجَّةُ عَنْهُ وَضَمِنَ النَّائِبُ جَمِيعَ النَّفَقَةِ أَيْضًا, انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ6 وَنَصَرَهُ, وَكَذَلِكَ ابن رزين في شرحه.
وَمَنْ أُمِرَ بِإِفْرَادٍ فَقَرَنَ لَمْ يَضْمَنْ "هـ" ووافقنا صاحباه, لأنه زاد, لوقوع الْعُمْرَةِ عَنْهُ كَتَمَتُّعِهِ1 كَبَيْعِ وَكِيلٍ2 بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ هَدَرٌ, كَذَا قَالَ, وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيَّةُ بِمُخَالَفَتِهِ لِأَمْرِهِ بِنَفَقَتِهِ فِي سَفَرِهِ لِلْحَجِّ فَقَطْ. وَلَا تَقَعُ الْعُمْرَةُ لِلْمَيِّتِ, كَذَا قَالُوا, وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنٍ وَالْعُمْرَةُ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا, وَإِلَّا لَزِمَ الْأَجِيرَ الدَّمُ, وَفِي جَبْرِ الْخَلَلِ بِهِ الْخِلَافُ. وَكَذَا إنْ تَمَتَّعَ3, إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَيْنِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِتَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ فَيَرُدُّ حِصَّتَهَا, فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ أَمَرَهُ بَعْدَ حَجَّةٍ بِعُمْرَةٍ فَتَرَكَهَا رَدَّ بِقَدْرِهَا مِنْ النَّفَقَةِ. وَمَنْ أُمِرَ بِتَمَتُّعٍ فَقَرَنَ لَمْ يَضْمَنْ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إن لم تتعدد4 أفعال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النُّسُكَيْنِ فَفِي نَقْصِ1 الْأُجْرَةِ وَأَيِّهِمَا2 يَلْزَمُ الدَّمُ وَجْهَانِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَرُدُّ نِصْفَ النَّفَقَةِ, لِفَوَاتِ فَضِيلَةِ التَّمَتُّعِ. وَعُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ كَإِفْرَادِهِ وَلَوْ اعْتَمَرَ, لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِهَا مِنْ الْمِيقَاتِ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ كَانَتْ إجَارَةُ عَيْنٍ انْفَسَخَتْ فِي الْعُمْرَةِ, لِفَوَاتِ وَقْتِهَا الْمُعَيَّنِ, وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ دَمٌ. وَفِي نَقْصِ الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ. وَمَنْ أُمِرَ بِقِرَانٍ فَتَمَتَّعَ أَوْ أَفْرَدَ فَلِلْآمِرِ. وَيَرُدُّ نَفَقَةَ قَدْرِ مَا تَرَكَهُ, مِنْ إحْرَامِ النُّسُكِ الْمَتْرُوكِ مِنْ الْمِيقَاتِ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهَا: يَرُدُّ نِصْفَ النَّفَقَةِ, وَأَنَّ مَنْ تَمَتَّعَ لَا يَضْمَنُ, لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا, وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ تَمَتَّعَ فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ يَقَعْ الْحَجُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ, وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَمُخَالِفٌ, فِي الْأَصَحِّ, فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ, وَفِي نَقْصِ1 الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ. وَإِنْ حَجَّ ثُمَّ اعْتَمَرَ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى عَيْنٍ رَدَّ حِصَّتَهَا مِنْ الأجرة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِتَأْخِيرِ الْعَمَلِ عَنْ الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ, وَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَزِمَهُ دَمٌ. وَفِي نَقْصِ1 الْأُجْرَةِ الْخِلَافُ. وَإِنْ اسْتَنَابَهُ "وَاحِدٌ" فِي حَجٍّ وَآخَرُ فِي عُمْرَةٍ فَقَرَنَ وَلَمْ يَأْذَنَا "لَهُ"2 صَحَّا لَهُ وضمن الجميع, كمن أمر بحج فاعتمر أو عَكْسِهِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ3: يَقَعُ عَنْهُمَا وَيَرُدُّ نِصْفَ نَفَقَةِ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ, لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي صِفَتِهِ, وَفِي الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ, لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ مَنْ أُمِرَ بِالتَّمَتُّعِ فَقَرَنَ, وَالتَّفْرِقَةُ بِأَنَّ النُّسُكَيْنِ هُنَاكَ عَنْ وَاحِدٍ لَا أَثَرَ لَهُ. وَسَبَقَ قَوْلُهُمَا فِي ذَلِكَ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا4: لَا ضَمَانَ هُنَا, وَهُوَ مُتَّجِهٌ5 إنْ عَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ "م 20". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 20" قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَنَابَهُ فِي حَجٍّ وَآخَرُ فِي عُمْرَةٍ فَقَرَنَ وَلَمْ يَأْذَنَا لَهُ صَحَّا له وضمن الجميع, كمن أمر بحج فاعتمر أَوْ عَكْسِهِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يَقَعُ عَنْهُمَا وَيَرُدُّ نِصْفَ نَفَقَةِ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ, لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي صِفَتِهِ, وَفِي الْقَوْلَيْنِ نَظَرٌ, لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ مَنْ أُمِرَ بالتمتع فقرن, والتفرقة بأن
وَإِنْ أُمِرَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَرَنَ لِنَفْسِهِ فالخلاف. وَإِنْ فَرَّغَهُ ثُمَّ حَجَّ أَوْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ صَحَّ وَلَمْ يَضْمَنْ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ نَفْسِهِ مُدَّةَ مُقَامِهِ لِنَفْسِهِ, فَإِنْ أَرَادُوا1 إقَامَةً تَمْنَعُ2 الْقَصْرَ فَوَاضِحٌ, وَإِلَّا فَظَاهِرُهُ يُخَالِفُ مَا سَبَقَ, لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إقَامَتِهِ عَبَثًا3 أَوْ لِمَصْلَحَتِهِ4 ولعل مرادهم التفرقة بذلك, وفيه نظر. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّسُكَيْنِ هُنَاكَ عَنْ وَاحِدٍ لَا أَثَرَ لَهُ, وَسَبَقَ قَوْلُهُمَا فِي ذَلِكَ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهَا5: لَا ضَمَانَ هُنَا, وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ عَدَّدَ أَفْعَالَ النُّسُكَيْنِ, وَإِلَّا فَاحْتِمَالَانِ, انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَالشَّارِحُ وَنَصَرَهُ. وَمَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَمَا وَجَّهَهُ الْمُصَنِّفُ قَوِيٌّ يُقَابِلُ قَوْلَيْهِمَا فِي الْقُوَّةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَأَوْلَى الاحتمالين الضمان.
فصل: وإن أمر بإحرام من ميقات
فَصْلٌ: وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامٍ مِنْ مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ فِي عَامٍ أَوْ فِي شَهْرٍ فَخَالَفَ, فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ, لِإِذْنِهِ فِيهِ1 فِي الْجُمْلَةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَوَاهُ بِخِلَافِ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَجَبَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ. وَفِيهِ2 فِي ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ بِتَفْوِيتِ الْفَضْلِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ, كَحَبْسِهِ عَنْ تَبْكِيرِ الْجُمُعَةِ, وَقَوْلِهِ: اشْتَرِ لِي أَفْضَلَ الرِّقَابِ وَأَعْتِقْ عَنْ كَفَّارَتِي فَاشْتَرَى مَا يُجْزِئُهُ, وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ فِي تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا, وَمَنْعُ مَا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي أَمْرِهِ بِشِرَاءِ أَفْضَلِ رَقَبَةٍ. فَعَلَى هَذَا "الْمُخْتَارِ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ لِلْمُخَالَفَةِ, وَفِيهِ نَظَرٌ, لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ, لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ, كَتَصَرُّفِ3 الْوَكِيلِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ, وَيَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ وَتَنْجَبِرُ الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصِ4 النَّفَقَةِ بِقِسْطِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا, لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ يَسِيرٍ فلا أثر له, والله أعلم "م 21". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: وَإِنْ أُمِرَ بِإِحْرَامِ مِنْ مِيقَاتٍ فَأَحْرَمَ قَبْلَهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتٍ أَوْ فِي عَامٍ أَوْ فِي شَهْرٍ فَخَالَفَ, فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَسَاءَ لِمُخَالَفَتِهِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَجُوزُ, لِإِذْنِهِ "فِيهِ" فِي الْجُمْلَةِ, وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَوَاهُ بِخِلَافِ
وَيُشْبِهُ شَرْطُ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَان أَوْ زَمَانٍ, أَوْ نَظِيرِهِ شَرْطَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ رَاكِبًا أَوْ اللبث فيها أو المبيت جميع اللَّيْلِ أَوْ1 أَكْثَرَهُ, وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَيُخَالِفُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنْ لَزِمَهُ بِمُخَالَفَتِهِ زِيَادَةٌ فَمِنْ النَّائِبِ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ أَخَذَ طَرِيقًا أَبْعَدَ وَأَكْثَرَ نَفَقَةً وَهِيَ مَسْلُوكَةٌ جَازَ. وَلَوْ عَيَّنَ سَنَةً فَحَجَّ بَعْدَهَا جَازَ, كَبِعْهُ2 غَدًا فَيَبِيعُهُ بَعْدَهُ, وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ, وَلَوْ وَصَّى أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِثُلُثِهِ كُلَّ سَنَةٍ حَجَّةً فَعَنْ مُحَمَّدٍ كَإِطْلَاقِهِ يُحَجُّ عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ حِجَجًا3, وهو أفضل, للمسارعة إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا أَمَرَهُ وَجَبَ رَدُّ مَا أَخَذَهُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيُتَوَجَّهُ الْمَنْعُ فِي تَرْكِهِ الْأَفْضَلَ شَرْعًا فَعَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ دَمٌ, للمخالفة. وفيه نظر, لأنه لا دليل, "4يحتمل أَنْ4" يَقَعَ النُّسُكُ لِلنَّائِبِ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ, لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَمْنَعُ وُقُوعَهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ, كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ, وَيَحْتَمِلُ وُقُوعُهُ عَنْ الْمُسْتَنِيبِ وَتَنْجَبِرُ الْمُخَالَفَةُ بِنَقْصِ النَّفَقَةِ بِقِسْطِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا, لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ يَسِيرٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, انْتَهَى, جَزَمَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ مَا فَعَلَهُ أَفْضَلَ, وَلَعَلَّهُ كَمَا لَوْ أُمِرَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ بَلَدِهِ فَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنَّهُ لَا إسَاءَةَ فِي ذَلِكَ, لِأَنَّهُ فَعَلَ الْأَفْضَلَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ هُوَ الصَّوَابُ على ما بناه المصنف, والله أعلم.
الطَّاعَةِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ. وَفِي الْيَنَابِيعِ1 مِنْ كُتُبِهِمْ: إنْ كَانَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَصِيُّ, وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ كُتُبِهِمْ: أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمُسَمَّى, فَلَوْ أَحَجَّ2 الْوَصِيُّ عَنْهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ جَازَ, لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ الْحَجُّ لَا يَخْتَلِفُ. وَفِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى مِنْ كُتُبِهِمْ: أَحِجُّوا مِنْ ثُلُثِي حَجَّتَيْنِ يَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ, وَمَا فَضَلَ لِوَرَثَتِهِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ لَمْ يَفْسُدُ حَجُّهُ وَلَمْ يَضْمَنْ النَّفَقَةَ, لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْأَمْرِ3, وَعَلَى الْحَاجِّ دَمُ جِنَايَتِهِ4, لِأَنَّهُ الْجَانِي عَنْ اخْتِيَارٍ, وَكَذَا سَائِرُ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ خِلَافٌ: هَلْ الْمَشْرُوطُ كَالشَّرْعِيِّ؟ فَلَوْ عَيَّنَّا الْكُوفَةَ لَزِمَ الْأَجِيرَ الدَّمُ بِمُجَاوَزَتِهَا, فِي الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ, فَلَا يَنْجَبِرُ بِهِ الْخَلَلُ حَتَّى لَا تُنْقَصَ الْأُجْرَةُ, فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ, فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلْدَةِ5 الْكُوفَةِ إحْرَامُهَا مِنْهُ, وَعَلَى حَجَّةٍ مِنْ بَلَدِهِ6 إحْرَامُهَا مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ, وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ الدَّمُ نُقِصَ قِسْطٌ مِنْ الْأُجْرَةِ. وَكَذَا لَوْ لَزِمَهُ دَمٌ7 بِتَرْكِ مَأْمُورٍ. وَلَا تَنْقُصُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ, وَإِنْ شَرَطَ الإحرام أول شوال فأخره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَالْخِلَافُ, وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَحَجَّ رَاكِبًا, لِأَنَّهُ تَرَكَ مَقْصُودًا, كَذَا خَصُّوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِالذِّكْرِ, وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَكْسُهَا مِثْلَهَا وَأَوْلَى, لِأَنَّ الْحَجَّ رَاكِبًا أَفْضَلُ عِنْدَهُمْ, وَلَهُمْ فِيهِ قَصْدٌ صَحِيحٌ. قَالُوا: وَلَوْ صَرَفَ إحْرَامَهُ إلَى نَفْسِهِ ظَنًّا مِنْهُ يَنْصَرِفُ1 "2وَأَتَمَّ الْحَجَّ2" عَلَى هَذَا لَمْ يَضُرَّ, وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً, لِإِعْرَاضِهِ عَنْهَا, وَسَبَقَ قَوْلُهُمْ فِيمَا إذَا عَيَّنَ عَامًا فَقَدِمَ عَلَيْهِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِعَمَلِ قُرْبَةٍ عَلَى وَجْهِ النَّفَقَةِ وَالرِّزْقِ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ وَقْفٍ سَوَاءٌ, فَإِمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّرْطُ وَالصِّفَةُ فِيهِ أَوْ لَا, أَوْ يُعْتَبَرُ الْأَفْضَلُ شَرْعًا لَا الْمَفْضُولُ. وَلَا يَظْهَرُ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَبْوَابِ وَجْهٌ شَرْعِيٌّ, وَلَمْ أَجِدْهُمْ تَعَرَّضُوا لَهُ. وَهَذَا إلْزَامٌ لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ بَابَ الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ وَاحِدٌ, وَقَدْ ذَكَرُوا مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ, وَنَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةُ لَا نَقُولُ بِهِ, وَلَيْسَ الْوَقْفُ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ, فَمَا الْفَرْقُ؟ وَنَفْرِضُ الْمَسْأَلَةَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى الْحَجِّ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ, أَوْ شَرَطَ الْإِحْرَامَ مِنْ مَكَان أَوْ فِي زَمَانٍ, فَإِنْ قِيلَ فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا فَهُوَ الْمَطْلُوبُ وَيَجِبُ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ وَقْفٍ عَلَى عَمَلِ قُرْبَةٍ, وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ, وَيَظْهَرُ أنه عسر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جِدًّا, يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي الْوَقْفِ1 مِنْ الْخِلَافِ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ2 لِعَمَلِ قُرْبَةٍ هَلْ هُوَ إجَارَةٌ أَوْ جَعَالَةٌ أَوْ رِزْقٌ وَإِعَانَةٌ فَمَا3 خَرَجَ حُكْمُهُ عَنْ ذَلِكَ. وَهَذَا عِنْدَ تَأَمُّلِ الْعَالِمِ الْمُنْصِفِ قَاطِعٌ, فَإِنْ لَمْ يُسَوَّ بَيْنَ الْجَمِيعِ أُعْطِيَ حُكْمُ كُلِّ بَابٍ مَا فِي الْآخَرِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ, وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي وَقْفٍ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ مَانِعًا "4مِنْ اسْتِحْقَاقِ شَيْءٍ رَأْسًا, كَمَا قَالَهُ بَعْضُ النَّاسِ, وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا يُوَزَّعُ وينقص بقدره4", والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من لزمه الحج فأحرم به عن غيره
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَهُ الْحَجُّ فَأَحْرَمَ بِهِ عَنْ غَيْرِهِ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ فَرْضًا أَوْ نَذْرًا أَوْ نَفْلًا لَمْ يَجُزْ وَيَقَعُ عَنْ فَرْضِ نَفْسِهِ, هَذَا الْمَذْهَبُ "وش" لِحَدِيثِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُزْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ, قَالَ: "حَجَجْت عَنْ نَفْسِك"؟ قَالَ: لَا, قَالَ: "حُجَّ عَنْ نَفْسِك ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ" 5 إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ, قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادٌ صَحِيحٌ, وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَابْنُ حبان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالطَّبَرَانِيُّ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: ذَاكَ خَطَأٌ, رَوَاهُ عَبْدَةُ مَوْقُوفًا1, وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَا يَصِحُّ, إنَّمَا هُوَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2, قَالَ: وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ مُرْسَلًا3, وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4, "5وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلًا6 5", وَرَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مُرْسَلًا7, قَالَ لَهُ مُهَنَّا: سَمِعَ أَبُو قِلَابَةَ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْ رَآهُ؟ قَالَ: لَا, وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ عَنْهُ. وَرَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ. وَعَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ, كَمَا سَبَقَ, فَمَنْ يُصَحِّحُهُ يَقُولُ: تَفَرَّدَ بِرَفْعِهِ مُتَّصِلًا عَبْدَةُ وَقَدْ تَابَعَهُ, غَيْرُهُ, وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ الْأَثْبَاتِ, وَالزِّيَادَةُ مَقْبُولَةٌ, وَعَزْرَةُ هُوَ ابْنُ ثَابِتٍ كَمَا فِي إسْنَادِ ابْنِ مَاجَهْ8, وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ, وَمَنْ يُضَعِّفُهُ يَقُولُ. رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ مَوْقُوفًا وَمُرْسَلًا, وَقَتَادَةُ مُدَلِّسٌ, وَعَزْرَةُ قِيلَ: لَيْسَ بِابْنِ ثَابِتٍ, وَقِيلَ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. وَمِمَّنْ ضَعَّفَهُ ابْنُ المنذر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَكِنْ مَنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِ الصَّحَابِيِّ فَالْمُرْسَلُ1 حُجَّةٌ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: "حُجَّ عَنْ نَفْسِك" أَيْ اسْتَدِمْهُ. كَقَوْلِهِ لِلْمُؤْمِنِ: آمِنْ. وَلِهَذَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ2 مِنْ طَرِيقَيْنِ وَفِيهِ ضَعْفٌ "هَذِهِ عَنْك وَحُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ" وَخَبَرُ الْخَثْعَمِيَّةِ3 قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ, وَلِأَنَّ, الْإِحْرَامَ رُكْنٌ, فَبَقَاؤُهُ يَمْنَعُ أَدَاءَهُ عَنْ غَيْرِهِ. كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ, وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّكَاةِ. فَإِنَّهُ لَا يَطُوفُ مَنْ لَمْ يَطُفْ عَنْ نَفْسِهِ, وَيَنُوبُ فِيهَا مَنْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُهَا, لَا يُقَالُ: الطَّوَافُ مُوجَبٌ بِالْإِحْرَامِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ, وَيَجُوزُ قَبْلَهُ, كَالصَّلَاةِ لَوْ أَحْرَمَ بِنِيَّةِ النَّفْلِ لَمْ يَجُزْ صَرْفُ مُوجَبِهَا مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ إلَى الْفَرْضِ, وَلَهُ صَرْفُهَا إلَيْهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ, لِأَنَّهُ يُقَالُ: موجبها يتبع إحرامها, لأنه4 لا5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُنْفَرَدُ بِنِيَّةٍ وَوَقْتٍ وَمَكَانٍ, بِخِلَافِ الطَّوَافِ, وَالْقِيَاسُ عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَتَّجِهُ. وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ: يَنْعَقِدُ عَنْ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ ثُمَّ يَقْبَلُهُ الْحَاجُّ عَنْ نَفْسِهِ, نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ, لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمَنْ لَبَّى1 عَنْ غَيْرِهِ وَهُوَ صَرُورَةٌ2: "اجْعَلْهَا عَنْ نَفْسِك" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3 مِنْ حَدِيثِ عَبْدَةَ السَّابِقِ, وَأَجَابَ الْقَاضِي: أَرَادَ التَّلْبِيَةَ, لِقَوْلِهِ: "هَذِهِ عَنْك". وَلَمْ يَجُزْ فَسْخُ حَجٍّ إلَى حَجٍّ, وَعَنْهُ: يَقَعُ بَاطِلًا, نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, لِتَعْيِينِ1 النِّيَّةِ لِطَوَافِ الزِّيَارَةِ, وَهَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ إحْرَامِهِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ عَنْ غَيْرِهِ وَيَقَعُ عَنْهُ, جَعَلَهَا الْقَاضِي ظَاهِرَ نَقْلِ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا مَالَ لَهُ: أَيَحُجُّ2 عَنْ غَيْرِهِ حَتَّى يَقْضِيَ دَيْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ "وهـ م" وَدَاوُد, وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةً: عَمَّا نَوَاهُ بِشَرْطِ عَجْزِهِ عَنْ حَجِّهِ لِنَفْسِهِ, وَقَالَهُ الثَّوْرِيُّ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَنُوبُ مَنْ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُ نَفْسِهِ. وَيَتَوَجَّهُ مَا قِيلَ يَنُوبُ فِي نَفْلٍ عَبْدٌ وَصَبِيٌّ وَيُحْرِمُ, كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى, وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْمَنْعَ. وَمَتَى وَقَعَ الْحَجُّ لِلْحَاجِّ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ, كَمَنْ بَنَى حَائِطًا يَعْتَقِدُهُ الْبَانِي لِنَفْسِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْأُجْرَةُ بِاعْتِقَادِهِ, كَذَا قَالَ: وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ: لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ, فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ, قَالَ الْمُتَوَلِّي3 مِنْ أَصْحَابِهِ: وَإِنْ لَمْ يَجْهَلْ الْأَجِيرُ فَسَادَ الإجارة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا, بِلَا خِلَافٍ, قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمَعْضُوبِ1, فَإِنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِنَفْلٍ وَقُلْنَا لَا نِيَابَةَ وَقَعَ حَجُّ الْأَجِيرِ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ, بِلَا خِلَافٍ, كَذَا قَالَ. وَلَمْ أَجِدْ خِلَافَهُ, وَتَتَوَجَّهُ لَنَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْجَاهِلِ وَغَيْرِهِ وَبِعَدَمِهِ مِنْ الشُّرُوطِ "فِي البيع" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن أحرم من عليه حجة الإسلام بنذر أو نفل
فَصْلٌ: وَإِنْ أَحْرَمَ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِنَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ لَمْ يَجُزْ, وَيَقَعُ عَنْهَا, هَذَا الْمَذْهَبُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّهُ قَوْلُ ابن عمر وأنس2. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . , ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ صَحَّ انْبَنَى عَلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ, وَكَإِحْرَامٍ مُطْلَقٍ عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ, وَفَرَّقُوا بِأَنَّهُ مُطْلَقٌ, فَانْصَرَفَ إلَى الْمَعْرُوفِ, كَمَا فِي نَقْدٍ غَالِبٍ, فَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاةِ, وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَجِبُ بِإِفْسَادِهَا الْكَفَّارَةُ, كَصَوْمِ رَمَضَانَ, وَفَرَّقُوا بِتَعْيِينِهِ1, بِخِلَافِ الْحَجِّ, فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُزَادَ في القياس, فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَنَعَ اُسْتُدِلَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: عَمَّا نَوَاهُ "وهـ م" لِقَوْلِهِ "وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى" 1 وَأُجِيبُ: الْمُرَادُ: لَا قُرْبَةَ إلَّا بِنِيَّةٍ, أَوْ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْحَجِّ, لِمَا سَبَقَ. وَعَنْهُ: "يَقَعُ" بَاطِلًا, وَلَمْ يَذْكُرْهَا بَعْضُهُمْ "هُنَا", فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْمَنْذُورَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ "هُنَا" قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ, وَكَنَذْرِ حَجَّتَيْنِ, فَيَحُجُّ وَاحِدَةً, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: تُجْزِئُهُ عَنْهُمَا, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ, وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ. وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فَصَلَّى الْعَصْرَ أَلَيْسَ يُجْزِئُ عَنْهُمَا؟ قَالَ: وَذَكَرْت ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَصَبْت أَوْ أَحْسَنْت كَذَا قَالَ, فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَالْمَنْعُ وَاضِحٌ, وَلَا دَلِيلَ, وَغَايَتُهُ كَمَسْأَلَتِنَا, قَالَ الشَّيْخُ بَعْدَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: وَصَارَ كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَنَوَاهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فِي رِوَايَةٍ, ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ2. كَذَا قَالَ: نَوَاهُ عَنْ فَرْضِهِ وَنَذْرِهِ, وَالْمَنْقُولُ هُنَا: نَوَاهُ عَنْ نَذْرِهِ فَقَطْ. ويأتي ما ذكره في النذر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَذْهَبُ "م": إنْ نَوَاهُمَا فَعَنْ الْمَنْذُورَةِ, وَإِنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ مَنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ فَالرِّوَايَاتُ. وَيَتَوَجَّهُ أن هذا وغيره الأشهر في أنه يسلك1 في بِالنَّذْرِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ لَا النَّفْلِ. وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ, فِيمَا سَبَقَ2. وَمَنْ أَتَى بِوَاجِبِ أَحَدِهِمَا فَلَهُ فِعْلُ نَذْرِهِ وَنَفْلِهِ قَبْلَ الْآخَرِ3, وَقِيلَ: لَا, لوجوبهما على الفور. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالنَّائِبُ كَالْمَنُوبِ عَنْهُ, فَلَوْ أَحْرَمَ بِنَذْرٍ أَوْ نَفْلٍ عَمَّنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَقَعَ عَنْهَا, عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ اسْتَنَابَ عَنْهُ أَوْ عَنْ مَيِّتٍ وَاحِدًا فِي فَرْضِهِ وَآخَرَ فِي نَذْرِهِ فِي سَنَةٍ جَازَ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّأْخِيرِ, لِوُجُوبِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَذَا قَالَ, فَيَلْزَمُهُ وُجُوبُهُ إذَنْ, وَلْيُحْرِمْ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْآخَرِ, وَأَيُّهُمَا أَحْرَمَ أَوَّلًا فَعَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ الْأُخْرَى عَنْ النَّذْرِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: و1لو لَمْ يَنْوِهِ. وَفِي الْفُصُولِ: يَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءُ, لِأَنَّهُ قَدْ يُعْفَى عَنْ التَّعْيِينِ فِي بَابِ الْحَجِّ وَيَنْعَقِدُ مُبْهَمًا2 ثُمَّ يُعَيَّنُ, قَالَ: وَهُوَ أَشْبَهُ, وَيَحْتَمِلُ عَكْسُهُ, لِاعْتِبَارِ تَعْيِينِهِ, بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: تصح الاستنابة عن المعضوب
فَصْلٌ: تَصِحُّ الِاسْتِنَابَةُ عَنْ الْمَعْضُوبِ3 وَالْمَيِّتِ فِي النفل "و" وللشافعي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَوْلٌ مَرْجُوحٌ: لَا. وَقَوْلٌ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ حَجَّ وَلَا لَزِمَهُ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالِانْتِصَارِ رِوَايَةً: لَا نِيَابَةَ فِي نَفْلٍ مُطْلَقًا لانه1 يَثْبُتُ فِي الْوَاجِبِ لِلْحَاجَةِ. وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَنِيبَ الْقَادِرُ بِنَفْسِهِ فِيهِ وَفِي بَعْضِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ "ش" كَالصَّدَقَةِ. وَالْخِلَافُ فِي عَجْزِ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ, لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ أَوْ يَفُوتَ, وَفِي آخِرِ الْفَصْلِ قَبْلَ الْفَصْلِ قَبْلَهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا2. وَمَنْ أَوْقَعَ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا عَنْ حَيٍّ بِلَا إذْنِهِ أَوْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ كَأَمْرِهِ بِحَجٍّ فَيَعْتَمِرُ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَجُزْ, كَالزَّكَاةِ, فَيَقَعُ عَنْهُ وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ. وَيَجُوزُ عَنْ الْمَيِّتِ وَيَقَعُ عَنْهُ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمْرٌ بِالْحَجِّ عَنْهُ وَلَا إذْنَ لَهُ3, وَكَالصَّدَقَةِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ, قَالَ: لِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا عُزِّيَ إلَيْهِ الْعِبَادَةُ وَقَعَتْ عَنْهُ, وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُهْدٍ إلَيْهِ ثَوَابَهَا4, وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ, بِخِلَافِ الْحَيِّ. وَسَوَّى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بَيْنَهُمَا5, لِعَدَمِ الْإِذْنِ, وَالْأَوْلَى مَا سَبَقَ "فِي" آخِرِ الْجَنَائِزِ فِي وُصُولِ الْقُرَبِ6, وَيَتَعَيَّنُ النَّائِبُ7 بِتَعْيِينِ وَصِيٍّ جُعِلَ إلَيْهِ التَّعْيِينُ, فَإِنْ أَبَى عَيَّنَ غَيْرُهُ, وَيَكْفِي النَّائِبَ أن ينوي المستنيب, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَا تُعْتَبَرُ تَسْمِيَتُهُ لَفْظًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ جَهِلَ اسْمَهُ أَوْ نَسَبَهُ لَبَّى عَمَّنْ سَلَّمَ إلَيْهِ الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ. وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ: إذَا حَجَّ عَنْ رَجُلٍ فَيَقُولُ أَوَّلَ مَا يُحْرِمُ, ثُمَّ لَا يُبَالِي أَنْ يَقُولَ بَعْدَ. "ذَلِكَ" وَالْمُرَادُ يُسْتَحَبُّ.
فصل: يستحب أن يحج عن أبويه,
فَصْلٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ, قَالَ بَعْضُهُمْ, إنْ لَمْ يَحُجَّا, وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَغَيْرُهُمَا, وَيُقَدِّمُ أُمَّهُ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِالْبِرِّ. وَيُقَدِّمُ وَاجِبَ أَبِيهِ عَلَى نَفْلِهَا, نَصَّ عَلَيْهِمَا, نَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ: مَنْ حَجَّ وَيُرِيدُ الْحَجَّ وَلَمْ يَحُجَّ وَالِدُهُ يَجْعَلُ حَجَّةَ التَّطَوُّعِ عَنْهُمَا, عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ حَجَّةً, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ يُقَدِّمُ دَيْنَ أَبِيهِ عَلَى نَفْلِهِ لِنَفْسِهِ, فَأُمُّهُ أَوْلَى, وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: أُرِيدُ أَنْ أَحُجَّ عَنْ أُمِّي أَتَرْجُو أَنْ يَكُونَ لِي أَجْرُ حَجَّةٍ أَيْضًا, قَالَ: "نَعَمْ, تَقْضِي عَنْهَا دَيْنًا عَلَيْهَا". وَقِيلَ لَهُ: أَحُجُّ عَنْهَا فَأُنْفِقُ مِنْ مَالِي وَأَنْوِي عَنْهَا أَلَيْسَ جَائِزًا؟ قَالَ: "نَعَمْ". وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا "إذَا حج الرجل عنه وعن والديه تقبل1 مِنْهُ وَمِنْهُمَا وَاسْتَبْشَرَتْ أَرْوَاحُهُمَا فِي السَّمَاءِ وَكُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ بَرًّا" فِيهِ أَبُو أُمَيَّةَ الطَّرَسُوسِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ2 الْبَقَّالُ ضَعِيفَانِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مرفوعا "من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَجَّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَوْ قَضَى عَنْهُمَا مَغْرَمًا بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الْأَبْرَارِ" فِيهِ صِلَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ مَتْرُوكٌ, وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْبَصْرِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "مَنْ حَجَّ عَنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَقَدْ قَضَى عَنْهُ حَجَّتَهُ وَكَانَ لَهُ فَضْلُ عَشْرِ حِجَجٍ" ضَعِيفٌ, رَوَاهُنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ1. وَلِكُلٍّ2 مِنْهُمَا مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ نَفْلٍ لَا تَحْلِيلُهُ, لِلُزُومِهِ بِشُرُوعِهِ قَالَ أَحْمَدُ "3فِي الْفَرْضِ3": إنْ لَمْ تَأْذَنْ لَك أُمُّك وَكَانَ عِنْدَك زَادٌ وَرَاحِلَةٌ فَحُجَّ وَلَا تَلْتَفِتْ إلَى إذْنِهَا وَاخْضَعْ لَهَا وَدَارِهَا. وَيَلْزَمُهُ طَاعَتُهُمَا4 فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ, وَيَحْرُمُ فِيهَا, وَلَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ لِيُصَلِّيَ بِهِ أَخَّرَ5, نَصَّ عَلَى الْجَمِيعِ, وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هَذَا فِيمَا فِيهِ نَفْعٌ6 لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ, فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا, وَلَمْ يُقَيِّدْهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ, لِسُقُوطِ فَرَائِضِ الله بالضرر, وعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَذَا بَنَيْنَا1 تَمَلُّكَهُ مِنْ مَالِهِ, فَنَفْعُهُ كَمَالِهِ فَلَيْسَ الْوَلَدُ بِأَكْثَرَ مِنْ الْعَبْدِ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ تَسْأَلُهُ أُمُّهُ شِرَاءَ مِلْحَفَةٍ لِلْخُرُوجِ: إنْ كَانَ خُرُوجُهَا فِي بِرٍّ وَإِلَّا فَلَا يُعِينُهَا عَلَى الْخُرُوجِ. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: إنْ أَمَرَنِي أَبِي بِإِتْيَانِ السُّلْطَانِ, لَهُ عَلَيَّ طَاعَةٌ؟ قَالَ: لَا, وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ خَاصَّانِ, فَلَعَلَّهُ لِمَظِنَّةِ الْفِتْنَةِ, فَلَا يُنَافِي مَا سَبَقَ وَكَذَا مَا نقل المروذي: ما أحب يُقِيمَ مَعَهُمَا2 عَلَى الشُّبْهَةِ, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ الشُّبْهَةَ فَقَدْ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَلَكِنْ يُدَارِي" وَهَذَا لِقَوْلِهِ3 عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4, وَلِهَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ فِيمَنْ تَعْرِضُ عَلَيْهِ أُمُّهُ شُبْهَةً بِأَكْلٍ5 فَقَالَ: إنْ عَلِمَ أنه حرام بعينه6 فلا يأكل. وقال أحمد: إنْ مَنَعَاهُ7 الصَّلَاةَ نَفْلًا يُدَارِيهِمَا وَيُصَلِّي. وَقَالَ: إنْ نَهَاهُ عَنْ الصَّوْمِ لَا يُعْجِبُنِي صَوْمَهُ وَلَا أُحِبُّ لِأَبِيهِ أَنْ يَنْهَاهُ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَتَبِعَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ: لَا يَجُوزُ مَنْعُ وَلَدِهِ مِنْ سُنَّةٍ رَاتِبَةٍ. وَأَنَّ مِثْلَهُ مُكْرٍ وَزَوْجٌ وَسَيِّدٌ, وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِإِثْمِهِ بِتَرْكِهَا, كما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ1 وَإِلَّا فَلِتَغَيُّرِ أَوْضَاعِ الشَّرْعِ2, كَأَمْرِهِ يُسِرُّ فِي الْفَجْرِ وَيَجْهَرُ فِي الظُّهْرِ وَنَحْوِهِ, وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَقَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يَجُوزُ تَرْكُ النَّوَافِلِ لِطَاعَتِهِمَا, بَلْ الْأَفْضَلُ طَاعَتُهُمَا. فَإِنْ أراد ظاهره فخلاف ما سبق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من أراد الحج فليبادر
فَصْلٌ: مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ وَلْيَجْتَهِدْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ وَيَجْتَهِدُ فِي رَفِيقٍ حَسَنٍ. قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ يُبَادِرُ بِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ: يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ يَسْتَخِيرُ فِي خُرُوجِهِ, وَيُبَكِّرُ, وَيَكُونُ يَوْمَ خَمِيسٍ, وَيُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ, وَيَقُولُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا أَوْ دَخَلَ بَلَدًا مَا وَرَدَ3, وَكَذَا قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ, يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يَدْعُو بَعْدَهُمَا بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ, وَيُصَلِّي فِي مَنْزِلِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا دِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَدِيعَةٌ عِنْدَك. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ, وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ. وَإِنَّهُ يَخْرُجُ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا: يَدْعُو قَبْلَ السَّلَامِ أَفْضَلُ, وَمَا سَبَقَ مِنْ الِاسْتِخَارَةِ فَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ جَابِرٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها. كما يعلمنا السورة من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
القرآن. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ1 وَيَسْتَخِيرُ: هَلْ يَحُجُّ الْعَامَ أَوْ غَيْرَهُ, وَإِنْ كَانَ الْحَجُّ نَفْلًا, أَوْ لَا يَحُجُّ. وَتَوْدِيعُ الْمَنْزِلِ بِرَكْعَتَيْنِ لَمْ أَجِدْهَا فِي السُّنَّةِ وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ2 عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحِجْرِ قَالَ: "لَا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ثُمَّ قَنَعَ رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الْوَادِيَ". وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ3 قَوْلُ أَحْمَدَ لَا يُقِيمُ بها, وحكم مائها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ "وَيَسْتَخِيرُ هَلْ يَحُجُّ الْعَامَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ نَفْلًا أَوْ لَا يَحُجُّ" كَذَا فِي النُّسَخِ "وَإِنْ" بِزِيَادَةِ وَاوٍ, وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا. فَهَذِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ مسألة في الباب.
باب المواقيت
باب المواقيت مدخل ... بَابُ الْمَوَاقِيتِ ذُو الْحُلَيْفَةِ لِلْمَدِينَةِ, بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ وَيَلِيه فِي الْبُعْدِ الْجُحْفَةُ وَهِيَ لِلشَّامِ وَمِصْرَ وَالْمَغْرِبِ. ثُمَّ يَلَمْلَمَ لِلْيَمَنِ وَقَرْنٌ لِنَجْدِ الْيَمَنِ وَبِحَدِّ الْحِجَازِ وَالطَّائِفِ. وَذَاتِ عِرْقٍ لِلْعِرَاقِ وَخُرَاسَانُ وَالْمَشْرِقِ. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ مِنْ مَكَّةَ لَيْلَتَانِ. وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ "و" عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ, وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ "وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ" ذَاتُ عِرْقٍ بِاجْتِهَادِ عُمَرَ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَفِيُّ النَّصِّ فَوَافَقَهُ, فَإِنَّهُ مُوَفَّقٌ لِلصَّوَابِ. وَلَيْسَ الْأَفْضَلُ لِلْعِرَاقِيِّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْعَقِيقِ وَهُوَ وَادٍ وَرَاءَ ذَاتِ عِرْقٍ يَلِي الشَّرْقَ "ش" وَغَيْرُهُ, كَبَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ, وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ وَأَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ1 تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ2, شِيعِيٌّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ. قَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ: سَمِعْتُهُمْ يُضَعِّفُونَهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ3: مَعَ ضَعْفِهِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ: وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا تَرَكَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ, جَائِزُ الْحَدِيثِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ذَاتُ عِرْقٍ ميقاتهم بإجماع, والاعتبار بمواضعها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُنَّ مَوَاقِيتُ لِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا, كَالشَّامِّي يَمُرُّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُحْرِمُ مِنْهَا, نُصَّ عَلَيْهِ, قَالَ النَّوَاوِيُّ: بِلَا خِلَافٍ, كَذَا قَالَ, وَمَذْهَبُ عَطَاءٍ وَمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ: لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْجُحْفَةِ, وَيَتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ, فَإِنَّهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي خَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ, وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ, حَتَّى أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, يَعُمُّ مِنْ مِيقَاتِهِ بَيْنِ يَدِي هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي مَرَّ بِهَا وَمَنْ لَا وَقَوْلُهُ: لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ1, يَعُمُّ مَنْ مَرَّ بِمِيقَاتٍ آخَرَ أَوْ لَا, وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ, وَعِنْدَ دَاوُد: لَا حَجَّ لَهُ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُحْرِمُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ مَرَّ بِهَا مِنْ شَامِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ, وَلَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ الْجُحْفَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ دَمٌ, وَلِلشَّافِعِيِّ2 أَنْبَأْنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنْ عَائِشَةَ اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ, مَرَّةً مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَمَرَّةً مِنْ الْجُحْفَةِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ إذَا أَرَادَتْ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ, وَإِذَا أَرَادَتْ الْعُمْرَةَ مِنْ الْجُحْفَةِ3, قَالَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْجُحْفَةُ مِيقَاتًا لِذَلِكَ لَمَا جَازَ تَأْخِيرُ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ; لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ للآفاقي. وفي كلام بعضهم هنا نظر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَوْلُهُ آفَاقِيُّ, وَصَوَابُهُ أُفُقِيُّ, قِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ بِضَمَّتَيْنِ "م 1" نِسْبَةً إلَى الْمُفْرَدِ, وَالْآفَاقُ الْجَمْعُ. فأما إن مر الشامي أَوْ الْمَدَنِيُّ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَمِيقَاتُهُ الْجُحْفَةُ, لِلْخَبَرِ1. وَمَنْ عَرَجَ عَنْ الْمَوَاقِيتِ أَحْرَمَ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ حَاذَى أَقْرَبَهَا مِنْهُ, وَيُسْتَحَبُّ "لَهُ" الِاحْتِيَاطُ, فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ فَمِنْ أَبْعَدِهِمَا عَنْ مَكَّةَ, وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ مِيقَاتَ مَنْ عَرَجَ إذَا حَاذَى الْمَوَاقِيتَ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَالشَّافِعِيَّةُ: وَمَنْ لَمْ يُحَاذِ مِيقَاتًا أَحْرَمَ عَنْ مَكَّةَ بِقَدْرِ مَرْحَلَتَيْنِ. وَذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ مِثْلَهُ إنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ الْمُحَاذَاةِ. وَهَذَا مُتَّجِهٌ, وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَهَا فَمِنْهُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ. وَيَجُوزُ مِنْ أَقْرَبِهِ إلَى الْبَيْتِ, وَالْبَعِيدُ أَوْلَى, وَقِيلَ: سَوَاءٌ, وَكُلُّ مِيقَاتٍ فَحَذْوُهُ مِثْلُهُ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: مَنْ مَنْزِلُهُ دُونَهَا لَهُ تَأْخِيرُ إحْرَامِهِ إلى الحرم, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَصَوَابُهُ أُفُقِيٌّ قِيلَ بِفَتْحَتَيْنِ وَقِيلَ بِضَمَّتَيْنِ, انْتَهَى. لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْخُطْبَةِ, وَلَكِنْ لِعُلَمَاءِ اللُّغَةِ فِيهِ قَوْلَانِ, وَلَمَّا كَانَ أَحَدُهُمَا لَيْسَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ, وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدَّمَةِ2, وَالْأَفْصَحُ الضَّمُّ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا فَتَحُوا ذلك تخفيفا, قاله ابن خطيب الدهشة
وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُ إلَّا مُحْرِمًا لِمَنْ قَصَدَ النُّسُكَ, وَلَمْ يُجِيبُوا عَنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ1. وَمِيقَاتُ مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيٌّ أَوْ لَا مِنْهَا. وَظَاهِرُهُ: وَلَا تَرْجِيحَ, وَأَظْهَرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: مِنْ بَابِ دَارِهِ. وَيَأْتِي الْمَسْجِدَ مُحْرِمًا وَالثَّانِي: مِنْهُ, كَالْحَنَفِيَّةِ, نَقَلَهُ حَرْبٌ عَنْ أَحْمَدَ, وَلَمْ أَجِدْ عَنْهُ خِلَافَهُ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ إلَّا فِي الْإِيضَاحِ, قَالَ: يُحْرِمُ بِهِ مِنْ الْمِيزَابِ, وَيَجُوزُ مِنْ الْحَرَمِ وَالْحِلِّ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ مَنْصُورٍ, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ "وم" كَمَا لَوْ خَرَجَ إلَى الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ, وَكَالْعُمْرَةِ, وَمَنَعُوا وُجُوبَ إحْرَامِهِ مِنْ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ. وَعَنْهُ: عَلَيْهِ دَمٌ, وَعَنْهُ: إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْحِلِّ, وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ, لِإِحْرَامِهِ دُونَ الْمِيقَاتِ, قَالَ: وَإِنْ مَرَّ فِي الْحَرَمِ يَعْنِي قَبْلَ مُضِيِّهِ إلَى عَرَفَةَ فَلَا دَمَ, لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ مِيقَاتِهِ, كَمُحْرِمٍ. قَبْلَ الْمَوَاقِيتِ "وهـ ش" إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ عَنْهُ كَرِوَايَتِنَا قَبْلَ هَذِهِ نَفْسُ مَكَّةَ, فَيَلْزَمُ لِدَمِ مَنْ أَحْرَمَ مُفَارِقًا بُنْيَانَهَا إنْ لَمْ يَعُدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ قَالَ جَابِرٌ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُحْرِمَ إذَا تَوَجَّهْنَا فَأَهْلَلْنَا مِنْ الْأَبْطَحِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ مُرُورَهُ فِي الْحَرَمِ مُلَبِّيًا. وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ صَاحِبَاهُ. وَعَنْ أَحْمَدَ: الْمُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ عَنْ غَيْرِهِ إذَا قَضَى نُسُكَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ عَنْ نَفْسِهِ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا, أَوْ أَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَنْ إنْسَانٍ ثُمَّ عَنْ آخَرَ, يَخْرُجُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا خِلَافَ فِيهِ, كَذَا قَالَ; لِأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ فَأَحْرَمَ "مِنْ" دُونِهِ, وَإِحْرَامُهُ عَنْ غَيْرِهِ كَالْمَعْدُومِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ خِلَافَ هَذَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ, وَكَذَا أَحْمَدَ, لَكِنْ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ; لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ كَالْمَكِّيِّ, كَمَا سَبَقَ, وَكَالنُّسُكَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ, وَفَرَّقَ الْقَاضِي بِأَنَّ الثَّانِيَ تَابِعٌ لِلْأَوَّلِ, فَكَأَنَّهُ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ, كَذَا قَالَ, وَعَنْهُ: مَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَطْلَقَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَزَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ: مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ, وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ, وَهِيَ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَأَوَّلهَا. بَعْضُهُمْ بِسُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ عَنْ الْآفَاقِيِّ بِخُرُوجِهِ إلَى الْمِيقَاتِ, وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى مَنْ "كَانَ" بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا إنْ أَرَادَ عُمْرَةً وَاجِبَةً فَمِنْ الْمِيقَاتِ وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ, كَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَأَحْرَمَ دُونَهُ. وَإِنْ أَرَادَ نَفْلًا فَمِنْ أَدْنَى الْحِلِّ, وَالْأَصَحُّ أَنَّ مِيقَاتَ مَنْ بِمَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ مَكِّيٌّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ, لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَبْدَ الرحمن بن أبي بكر أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَخْرُجَ مَعَ عَائِشَةَ إلَى التَّنْعِيمِ لِتَعْتَمِرَ1 وَلِيَجْمَعَ فِي النُّسُكِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ; لِأَنَّ أَفْعَالَهَا فِي الْحَرَمِ بِخِلَافِ الْحَجِّ, قِيلَ2 التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ "وهـ" وفي المستوعب وغيره: الجعرانة, لاعتماره صلى الله عليه وسلم منها, ثم منه, ثم من الحديبية3 "وش", وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَوَاءٌ. "م 2" وَعَيَّنَ مَالِكٌ التنعيم لمن بمكة, والعلماء بِخِلَافِهِ. وَقَدْ نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ فِي الْمَكِّيِّ: أَفْضَلُهُ الْبَعْدُ, هِيَ عَلَى قَدْرِ تَعَبِهَا قَالَ فِي الْخِلَافِ: مُرَادُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ, بَيْنَهُ فِي رواية بكر بن محمد: يخرج ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ الْعُمْرَةِ: قِيلَ التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: الْجِعْرَانَةُ يَعْنِي أَفْضَلَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَوَاءٌ, انْتَهَى. أَحَدُهُمَا التَّنْعِيمُ أَفْضَلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ ومسبوك الذهب والخلاصة والشرح4 و"5شرح ابن منجا5" وَالْمُقْنِعِ4, رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ مَقْرُوءَةٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ وَابْنِ مُنَجَّى. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "تَنْبِيهَاتٌ" الْأَوَّلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: "وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ سَوَاءٌ" الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِي الْمُغْنِي وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى نُسْخَةِ الْمُقْنِعِ الَّتِي فِيهَا ذَلِكَ, مَعَ أَنَّ كِتَابَ الْمُصَنِّفِ المقنع وهو من حافظيه, والله أعلم
إلَى الْمَوَاقِيتِ أَحَبُّ إلَيَّ; لِأَنَّهُ عَزِيمَةٌ, وَمِنْ أَدْنَى الْحِلِّ رُخْصَةٌ لِلْمَكِّيِّ, وَمُرَادُهُ فِي الْوَاجِبَةِ. كَمَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى, كَذَا قَالَ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَائِشَةَ "هِيَ عَلَى قَدْرِ سَفَرِك وَنَفَقَتِك" وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَوْ مُسْلِمٍ1, وَقَوْلُ عَلِيٍّ: أَحْرِمْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ2. مُحْتَجًّا بِذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ هَذِهِ الْعُمْرَةِ أَيُّ شَيْءٍ فِيهَا؟ إنَّمَا الْعُمْرَةُ الَّتِي تَعْتَمِرُ مِنْ مَنْزِلِك, وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الَّتِي يُنْشِئُ لَهَا السَّفَرَ, وَإِحْرَامُهَا مِنْ الْمِيقَاتِ, كَقَوْلِهِ فِي الْحَجِّ: وَمَا الْفَرْقُ؟ وَكَفِعْلِهِ وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ, وَحَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَتَّجِهُ, وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا بَأْسَ قَبْلَهُ, وَنَقَلَ "ابْنُ" إبْرَاهِيمَ: كُلَّمَا تَبَاعَدْت فَلَكَ أَجْرٌ, وَمُرَادُهُ الْمَكِّيُّ. وَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ الْحَرَمِ لَزِمَهُ دَمٌ, خِلَافًا لِعَطَاءٍ, وَيُجَزِّئُهُ إنْ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ قَبْلَ طَوَافِهَا, وَكَذَا بَعْدَهُ, كَإِحْرَامِهِ دُونَ مِيقَاتِ الْحَجِّ بِهِ "وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" ولنا وللشافعي قول: لا3 "وم"; لأنه نسك فاعتبر فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ, كَالْحَجِّ, فَيَخْرُجُ1 ثُمَّ يَعُودُ يَأْتِي بِهَا, وَلَا عِبْرَةَ بِفِعْلِهِ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ حَلَقَ أَوْ أَتَى مَحْظُورًا فَدَى. وَإِنْ وَطِئَ فَدَى وَمَضَى فِي فَاسِدِهَا وَقَضَاهَا بِعُمْرَةٍ مِنْ الْحِلِّ وَيُجَزِّئُهُ عَنْهَا, وَلَا يَسْقُطُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ بِخُرُوجِهِ, وَالْمُرَادُ عَلَى الرَّاجِحِ "ش" وَلِلْحَنَفِيَّةِ الخلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: إذا أراد حر مسلم مكلف نسكا أو مكة نص عليه أو الحرم
فَصْلٌ: إذَا أَرَادَ حُرٌّ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ نُسُكًا أَوْ مَكَّةَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ الْحَرَمَ لَزِمَهُ إحْرَامٌ مِنْ مِيقَاتِهِ "وهـ م" إلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُجَوِّزُ لِمَنْ مَنْزِلُهُ الْمِيقَاتُ أَوْ دَاخِلُهُ مِنْ أُفُقِيٍّ وَغَيْرِهِ دُخُولَ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ نُسُكًا, وَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ, وَظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ مُطْلَقًا لَا أَنْ يُرِيدَ نُسُكًا, وَعَنْ أَحْمَدَ مِثْلُهُ, ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, وَصَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ, وَهِيَ أَظْهَرُ, لِلْخَبَرِ السَّابِقِ1. وَيَنْبَنِي عَلَى عُمُومِ الْمَفْهُومِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُوبِ. وَجْهِ الْأَوَّلِ: رَوَى حَرْبٌ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلَن إنْسَانٌ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا إلَّا الْحَمَّالِينَ وَالْحَطَّابِينَ وَأَصْحَابُ مَنَافِعِهَا2, احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: يَدْخُلُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ3, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مَكَّةَ إلَّا بِإِحْرَامٍ مِنْ أهلها وغيرهم" 4 فيه حجاج ضعيف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُدَلِّسٌ, وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ, وَابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ: لَا أَعْرِفُهُ مُسْنَدًا إلَّا بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ عَلَى لُزُومِ الْإِحْرَامِ بِنَذْرِ دُخُولِهَا, وَفِيهِ الْخِلَافُ, ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ, وَهُوَ مُتَّجِهٌ. ثُمَّ النَّذْرُ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ النُّسُكِ الْمُخْتَصِّ بِهَا كَالسَّبَبِ الدَّالِّ عَلَى النِّيَّةِ, وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِتَحْرِيمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَكَّةَ, وَذَا فِي الْقِتَالِ, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَمَعْنَاهُ فِي الخلاف: الإحرام شرط إباحة دخوله ولا توجيه1 لِدُخُولِهِ, لِئَلَّا يُقَالَ لَا يَنُوبُ عَنْهُ إحْرَامٌ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ, كَمَا لَمْ يَنُبْ عَنْ مَنْذُورَةٍ, أَيْ كَمَا قَالَهُ زُفَرُ. وَمِنْ تَجَاوَزَهُ بِلَا إحْرَامٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ "وم ش" كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ رَاتِبَةً وَلَا تُقْضَى, احْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَالْمُرَادُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: مُطْلَقًا, وَسَبَقَ دُخُولُهُ في خطبة الجمعة2, وكما لو لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَدْخُلْ الْحَرَمَ. وَذَكَر الْقَاضِي أَيْضًا وَأَصْحَابُهُ: يَقْضِيه وَأَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إلَيْهِ كَنَذْرِ الْإِحْرَامِ, فَإِنْ أَدَّى بِهِ نُسُكًا مِنْ سَنَتِهِ سَقَطَ عَنْهُ, وَإِنْ أَخَّرَهُ فَدَخَلَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ لَمْ يُجَزِّئْهُ وَلَزِمَهُ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ, لِتَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ "وهـ". وَمَنْ أَرَادَ مَكَّةَ لِقِتَالٍ مُبَاحٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ حَاجَةٍ تُكَرَّرُ, وَتَرَدَّدَ الْمَكِّيُّ إلَى قَرِيبِهِ بِالْحِلِّ لَمْ يَلْزَمْهُ, لِدُخُولِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَوْمَ الْفَتْحِ بِلَا إحْرَامٍ1, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ, وَكَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ فِي حَقٍّ قَيَّمَهُ لِمَا تَكَرَّرَ لِلْمَشَقَّةِ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْعُ لِمَنْ كَانَ خَارِجَ الْمِيقَاتِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ الْحَرَمَ إنْ بَدَا لَهُ أَحْرَمَ حَيْثُ بَدَا لَهُ "وم ش" لِلْخَبَرِ السَّابِقِ2; وَلِأَنَّ مَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ لَوْ خَرَجَ إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَعَنْ أَحْمَدَ: يَلْزَمُهُ كَمَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُحْرِمُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْحِلِّ, وَكَذَا تَجَدُّدُ إسْلَامٍ وَعِتْقٌ وَبُلُوغٌ نُصَّ عليهن, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ "مِنْهُ" كَالْقِسْمِ قَبْلَهُ, وَكَالْمَجْنُونِ, قَالَ الْقَاضِي: وَلِهَذَا نَقُولُ: لَوْ أَذِنَ لَهُمَا الْوَلِيُّ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَمْ يُحْرِمَا لَزِمَهُمَا دَمٌ, كَذَا قَالَ, وَكَلَامُ غَيْرِهِ خِلَافُهُ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ دَمٌ, كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ أَسْلَمَ, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ; لِأَنَّهُ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ, كَالْمُسْلِمِ, وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ زَوَالِ الْمَانِعِ; وَلِهَذَا مَنْ لَمْ يَصِلْ مَعَ حَدَثِهِ كَتَرْكِهَا مُتَطَهِّرًا. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: عَلَى الْعَبْدِ دَمٌ, وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: عَلَى الْكَافِرِ, وَفِيهِمَا قَوْلَانِ, وَمَنْ جَاوَزَهُ مَرِيدًا لِلنُّسُكِ أَوْ كَانَ فَرْضُهُ لَزِمَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيُحْرِمَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الْحَجِّ أَوْ غَيْرَهُ, وَأُطْلِقَ فِي الرِّعَايَةِ وَجْهَيْنِ, وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُمَا بَعْدَ إحْرَامِهِ, وَكُلٌّ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَعِيفٌ, فَإِنْ رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَلَا دَمَ, وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ. وَإِنْ أَحْرَمَ دُونَهُ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ وَلَزِمَهُ دَمٌ "و". وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ: لَا يَلْزَمُهُ, وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالظَّاهِرِيَّةِ: لَا يَصِحُّ نُسُكُهُ, وَلَمْ أَجِدْ لِمَنْ احْتَجَّ لِلصِّحَّةِ دَلِيلًا صَحِيحًا, ثُمَّ لَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِرُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم" لِظَاهِرِ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا "مَنْ تَرَكَ نُسُكًا فَعَلَيْهِ دَمٌ" 1 وَلِأَنَّهُ وَجَبَ لِتَرْكِ إحْرَامِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ; وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ, وَكَمَا لَوْ لَمْ يَرْجِعْ أَوْ لَمْ يَطُفْ أَوْ لَمْ يُلَبِّ عِنْدَ مَنْ سَلَّمَ: وَعَنْ أَحْمَدَ:. يَسْقُطُ: وَكَذَا عَنْ الشَّافِعِيِّ, وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ: إنْ رَجَعَ قَبْلَ طَوَافِ قُدُومٍ أَوْ عَرَفَةَ سَقَطَ, وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ, وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ مُلَبِّيًا, وَالْجَاهِلُ وَالنَّاسِي كَالْعَالَمِ الْعَامِدِ, وَلَا يَأْثَمُ نَاسٍ. وَسَبَقَ حُكْمُ الْجَاهِلِ آخَرَ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ2, وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَأْثَم, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا دَمَ عَلَى مُكْرَهٍ, أَوْ أَنَّهُ كَإِتْلَافٍ. وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَلْزَمُهُ, وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ, وَلَوْ أَفْسَدَ نُسُكَهُ هَذَا لَمْ يَسْقُطُ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, كَدَمٍ مَحْظُورٍ; وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ, وَنَقَلَ مُهَنَّا يَسْقُطُ بِقَضَائِهِ "وهـ" لِفِعْلِ الْمَتْرُوكِ وَهُوَ قَضَاءُ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ, وَأُجِيبُ لم يفعله لدليل المسألة قبلها.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يكره الإحرام قبل الميقات
فَصْلٌ: يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَيَصِحُّ, قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ, وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُسْتَوْعِبُ وَغَيْرُهُمْ "وم" لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يُحْرِمْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ, وَحَجَّ مَرَّةً وَاعْتَمَرَ مِرَارًا, وَكَذَا عَامَّةُ أَصْحَابِهِ, وَأَنْكَرَهُ عُمَرُ عَلَى عِمْرَانَ, وَعُثْمَانُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ, رَوَاهُمَا سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ2, قَالَ الْبُخَارِيُّ, كَرِهَهُ عُثْمَانُ3, وَكَإِحْرَامِهِ قَبْلَ مِيقَاتِهِ الزَّمَانِيِّ, وَلِعَدَمِ أَمْنِهِ مِنْ مَحْظُورٍ, وَفِيهِ مَشَقَّةٌ, كَوِصَالِ الصَّوْمِ, وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْأَمْنُ مَعَ احْتِمَالِ مَا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ؟ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأْنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ قَالَ: "يَسْتَمْتِعُ الْمَرْءُ بِأَهْلِهِ وَثِيَابِهِ حَتَّى يَأْتِيَ كَذَا وَكَذَا" لِلْمَوَاقِيتِ, وَرَوَاهُ. أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ4. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْجَوَازَ, وَالْمُسْتَحَبُّ الْمِيقَاتُ, هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَنَقَلَ صَالِحٌ. إنْ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَفْضَلُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إنْ أَمِنَ مَحْظُورًا, وَلِلشَّافِعِيِّ خِلَافٌ فِي الْأَفْضَلِ, وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي التَّرْجِيحِ, وبعض أصحابه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَكْرَهُ, وَبَعْضُهُمْ: يَسْتَحِبُّ إنْ أَمِنَ مَحْظُورًا, لِخَبَرِ "1أم حكيم عن1" أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ غُفِرَ لَهُ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُدَلِّسِ "الْحَدِيثِ" وَصَرَّحَ بِالسَّمَاعِ وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ رِوَايَتِهِ وَصَرَّحَ بِالسَّمَاعِ "مَنْ أَهَلَّ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِعُمْرَةٍ أَوْ بِحَجَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" فَرَكِبَتْ أُمُّ حَكِيمٍ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ حَتَّى أَهَلَّتْ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ. وَفِي لَفْظٍ لَهُ4 مِنْ رِوَايَةٍ ابْنِ لَهِيعَةَ "مَنْ أَحْرَمَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ غَفَرَ لَهُ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" وَفِي لَفْظِ "مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ" 5 أَوْ "وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَّتَهمَا قَالَ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, لَيْسَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ, وَلَا وَجْهَ لِلْكَلَامِ فِيهِ مِنْ قِبَلِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ, فَإِنَّهُ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ يُحْتَجُّ بِهِ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ, وَانْفَرَدَ ابْنُ سَعْدٍ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ بِحُجَّةٍ, فالجواب عن هذا الخبر. بِتَضْعِيفِهِ نَظَرٌ, وَكَذَا جَوَابُ الْقَاضِي: قَوْلُهُ: "مَنْ أَهَلَّ" مَعْنَاهُ: مَنْ قَصْدَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَيَكُونُ إحْرَامُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: يَحْتَمِلُ اخْتِصَاصَ هَذَا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدَيْنِ بِإِحْرَامٍ وَاحِدٍ, وَلِذَلِكَ أَحْرَمَ ابْنُ عمر منه6 ولم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ, رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مُدَلِّسٍ, كَذَا فِي النُّسَخِ, وَصَوَابُهُ: وهو مدلس, أو وابن إسحاق مدلس.
يَكُنْ يُحْرِمُ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ. وَعِنْدَ الظَّاهِرِيَّةِ: لَا يَصِحُّ الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ, وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ الصِّحَّةَ إجْمَاعًا; لِأَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ, وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ قَبْلَ الْمُخَالِفِ: لَا يَصِحُّ.
فصل: يكره الإحرام بالحج قبل أشهره,
فَصْلٌ: يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِهِ, وَيَصِحُّ حَجُّهُ "وهـ م" نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَشِنْدِيّ: يَلْزَمُهُ الْحَجُّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فَسْخَهُ بِعُمْرَةٍ فَلَهُ ذَلِكَ. قَالَ الْقَاضِي: بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ, وَعَنْ أَحْمَدَ: تَنْعَقِدُ عُمْرَةً, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ حَامِدٍ "وش" وَدَاوُد, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: يَجْعَلُهُ عُمْرَةً, ذَكَرَهُ الْقَاضِي مُوَافِقًا لِلْأَوَّلِ, وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إنْ صَرَفَهُ إلَى عُمْرَةٍ1 أَجْزَأَ عَنْهَا وَإِلَّا تَحَلَّلَ بِعَمَلِهَا وَلَا يُجَزِّئُ عَنْهَا. وَقَوْلُ: يَتَحَلَّلُ بِعَمَلِهَا وَلَا يُجَزِّئُ عَنْهَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يُكْرَهُ, قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ, وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ رِوَايَةً: لَا يَجُوزُ, وَجْهُ الْأَوَّلِ {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وكلها مواقيت. للناس, فكذا للحج, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَحَدُ الْمِيقَاتَيْنِ كَمِيقَاتِ الْمَكَانِ, وَقَوْلُهُ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ} [البقرة: 197] أَيْ مُعْظَمُهُ فِيهَا, كَقَوْلِهِ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ" 1, أَوْ أَرَادَ حَجَّ الْمُتَمَتِّعِ. وَإِنْ أَضْمَرَ الْإِحْرَامَ أَضْمَرْنَا الْفَضِيلَةَ. وَالْخَصْمُ يُضْمِرُ الْجَوَازَ, وَالْمُضْمَرُ لَا يَعُمُّ, وَقَوْلُ الْخَصْمِ: الْحَجُّ مُجْمَلٌ فِي الْقُرْآنِ بَيَّنَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِفِعْلِهِ وَقَالَ: "خُذُوا عَنِي مَنَاسِكَكُمْ" 2 أَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْوَاجِبِ وَالْمُسْتَحَبِّ, وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَخْذُ الْمُسِنُّونَ مِنْهُ كَالْوَاجِبِ, وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي شَهْرِ الْحَجِّ3, عَلَى الِاسْتِحْبَابِ, وَالْإِحْرَامُ تَتَرَاخَى الْأَفْعَالُ عَنْهُ, فَهُوَ كالطهارة ونية الصوم, بخلاف الصلاة والصوم, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ فَقَالَ: الْإِحْرَامُ عِنْدَنَا شَرْطٌ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ, وَهِيَ مُجَرَّدُ الْعَزْمِ أَوْ الْقَصْدِ إلَى فِعْلِ الْحَجِّ, وَالْعَزْمُ عَلَى الْفِعْلِ غَيْرُ الْفِعْلِ, فَلَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ الْفِعْلِ, وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رُكْنٌ, فَلَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى وَقْتِ العبادة كبقية الأركان.
فصل: أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر "ذي", الحجة. منه يوم النحر,
فصل: أشهر الحج شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرُ "ذِي", الْحِجَّةِ. مِنْهُ يَوْمُ النَّحْرِ, وَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "أَحْمَدُ", "وهـ" وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: آخِرُهُ لَيْلَةُ النَّحْرِ, وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: جَمِيعُ الْحِجَّةُ مِنْهَا. وَجْهُ الْأَوَّلِ: رَوَى الْبُخَارِيُّ1 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ "يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ" , وَالْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ "أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ" 2 وَلِلنَّجَّادِ وَالدَّارَقُطْنِيّ3 مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ. وَلَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ خِلَافِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَالْعَشْرُ بِإِطْلَاقِهِ لِلْأَيَّامِ شَرْعًا. قَالَ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} [البقرة: 234] وقال هو والشيخ وغيرهما: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي الْعَدَدِ خَاصَّةً لَسَبَقَ اللَّيَالِي فَتَقُولُ: سِرْنَا1 عَشْرًا: وقَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: 197] أَيْ فِي أَكْثَرِهِنَّ, وَإِنَّمَا فَاتَ الْحَجُّ بِفَجْرِ يَوْم النَّحْرِ لِفَوَاتِ الْوُقُوفِ لَا لِخُرُوجِ وَقْتِ الْحَجِّ. وَقَوْلُهُ: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ} [البقرة: 197] أَيْ فِي بَعْضِهَا, كَقَوْلِهِ: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً} [نوح: 16] ثُمَّ الْجَمْعُ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَعَلَى بَعْضٍ آخَرَ كَعِدَّةِ ذَات الْقُرُوءِ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَعَلُّقُ الْحِنْثِ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ الْإِحْرَامِ فِيهَا, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ, على خلاف سبق2. وعند ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّالِثُ" قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَمْعُ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَعَلَى بَعْضٍ آخَرَ. كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ يَقَعُ عَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْضٍ آخَرَ. بِإِسْقَاطِ "عَلَى" نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا, فَفِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَتَانِ. والله أعلم.
مَالِكٍ: تَعَلُّقُ الدَّمِ بِتَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ عَنْهَا. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا فِي كَرَاهَةِ الْعُمْرَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهَا. وَحُجَّةُ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ فِي ذِي الْحِجَّة, عِنْدَ أَحْمَدَ, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ أُنَادِي يَوْم الْحَجِّ الْأَكْبَرِ1, قَالَ أَحْمَدُ: فَهَلْ هَذَا إلَّا فِي ذِي الْحِجَّةِ, رواه البيهقي في مناقب أَحْمَدَ. وَالْأَشْهَرُ فِي ذِي الْقِعْدَةِ, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا اتِّفَاقًا, فَعَلَى هَذَا قَالَ فِي الْخِلَافِ: مَنْ حَجَّ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ لَمْ يَسْقُطْ فَرْضُهُ, فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَحُجَّ عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ بِهِ الْإِجْزَاءُ يُقْتَدَى بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ, وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ احْتَجَّ مَنْ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ" 2 فَأَجَابَ: يَحْتَمِلُ. أَنَّهُ قَالَهُ لِمَنْ حَجَّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ, كَذَا قَالَ, وَهَذَا اللَّفْظُ لَا نُسَلِّمُ صِحَّتَهُ, وَالْمَعْرُوفُ "مَنْ أَحَبَّ أن يحرم في عمرة فليفعل" 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: العمرة في رمضان أفضل,
فصل: الْعُمْرَةُ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ, فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حِجَّةً" أَوْ قَالَ: "حِجَّةً مَعِي" وَرَوَوْا أَيْضًا "تَعْدِلُ" 4, وَلِأَبِي دَاوُد5 "تَعْدِلُ حِجَّةً مَعِي عمرة في رمضان" , ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الثَّوَابِ. وَقَالَتْ أُمُّ مَعْقِلٍ لِزَوْجِهَا: قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَلَيَّ حِجَّةٌ, إلَى أَنْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ قَدْ سَقِمْت وَكَبِرْت, فَهَلْ مِنْ عَمَلٍ يُجْزِئُ عَنِّي مِنْ حِجَّتِي؟ فَقَالَ: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تُجْزِئُ حِجَّةً" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1. وَفِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَفْضَلُ عِنْدَنَا, ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ, قَالَ: لِأَنَّهُ يَكْثُرُ الْقَصْدُ إلَى الْبَيْتِ فِي كُلِّ السَّنَةِ وَيَتَّسِعُ الْخَيْرُ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمِ, وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ, نَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ "هِيَ" فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ, وَفِي غَيْرِ أَشْهُرِ. الْحَجِّ أَفْضَلُ, وَكَذَا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, قَالَ: لِأَنَّهَا أَتَمُّ; لِأَنَّهُ يُنْشِئُ لَهَا سَفَرًا, وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عُمَرَ2 وَعُثْمَانَ3 وَعَلِيٍّ, قَالَ فِي الْخِلَافِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: إنَّمَا قَالَ أَحْمَدُ ذَلِكَ فِي عُمْرَةٍ لَا تَمَتُّعَ بِهَا, بِدَلِيلِ مَا قَدَّمْنَا عَنْهُ مِنْ الْقَوْلِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةِ التَّسْوِيَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: يُحْمَلُ قَوْلُهُ: إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ يَكُونُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِهَا أَفْضَلُ; لِأَنَّ التَّشَاغُلَ بِالْحَجِّ أَفْضَلُ مِنْ الْعُمْرَةِ, وَلِأَبِي دَاوُد4 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُمْرَةً فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَعُمْرَةً فِي شَوَّالٍ. وَلِلشَّافِعِيِّ1 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَلِيٍّ: فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ, وَسَبَقَ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي عَنْ مَالِكٍ2. وَلَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا يَوْمَ عَرَفَةَ وَالنَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ, نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يَعْتَمِرُ مَتَى شَاءَ "وم ش" وَدَاوُد, كَالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ, وَكَالطَّوَافِ الْمُجَرَّدِ, وَكَبَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَلَا دَلِيلَ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: يُكْرَهُ "وهـ" رَوَاهُ النِّجَادُ عَنْ عَائِشَةَ, وَلِلْأَثْرَمِ عَنْهَا: يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَيْنِ مِنْ التَّشْرِيقِ3, فَقَدْ اخْتَلَفَ وَهُوَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي إحْرَامِهَا وَلَيْسَ مِنْهَا وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: يُكْرَهُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ, وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ فِيمَنْ وَاقَعَ قَبْلَ الزِّيَارَةِ: يَعْتَمِرُ إذَا انْقَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُهُ لَمْ يَرَ الْعُمْرَةَ فِيهَا, وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ, لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: الْعُمْرَةُ بَعْدَ الْحَجِّ لَا بَأْسَ بِهَا, كَذَا قَالَ, وَإِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ لَا يُحْرِمُ بِهَا مَعَ الْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ, كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ لِأَهْلِ مِنًى فِي الْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ المذكورة, ويجوز لغيرهم, والاختيار تركه.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الإحرام
باب الإحرام مدخل ... باب الإحرام وَهُوَ نِيَّةُ النُّسُكِ, لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِنِيَّةٍ, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ضَعِيفٌ: يَنْعَقِدُ بِالتَّلْبِيَةِ. وَنِيَّةُ النُّسُكُ كَافِيَةٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: مَعَ تَلْبِيَةٍ أَوْ سَوْقِ هَدْيٍ "وهـ" اخْتَارَهَا شَيْخُنَا, وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ, وَحَكَى قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ, وَبَعْضُهُمْ حَكَى قَوْلًا: يَجِبُ, وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ, وَابْنُ حَبِيبٍ1 الْمَالِكِيُّ اعْتَبَرَ مَعَ النِّيَّةِ التَّلْبِيَةِ. وَجْهُ الْأَوَّلِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَيْسَ فِي آخِرِهَا نُطْقٌ وَاجِبٌ, فَكَذَا أَوَّلُهَا, كَصَوْمٍ, بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَبِخِلَافِ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ فَإِنَّهُ إيجَابُ مَالٍ, كَالنَّذْرِ. وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا لَا يَجِبُ فَلَا يَجِبُ تَابِعُهُ, ثُمَّ للندب, لما سبق, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: تَجِبُ التَّلْبِيَةُ, وَالِاعْتِبَارُ بِمَا نَوَاهُ لَا بِمَا سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ "و" قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَيْهِ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مَالِكٌ: الِاعْتِبَارُ بِالْعَقْدِ دُونَ النِّيَّةِ. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَهُ التَّنَظُّفُ لَهُ بِأَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَنَحْوِهِمَا وَقَطْعِ رَائِحَةٍ, قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ ذَلِكَ. ثُمَّ يَلْبَسُونَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِمْ رَوَاهُ سَعِيدٌ. وَسَبَقَ أَنَّهُ يَغْتَسِلُ لَهُ1. وَهَلْ يَتَيَمَّمُ لِعَدَمٍ أَمْ لَا؟ وَلَا يَضُرُّ حَدَثُهُ بَعْدَ غُسْلِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ. وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَمْ يَنَلْ فَضْلَهُ, كَالْجُمُعَةِ, كَذَا فِي كَلَامِهِمْ. وَيُسْتَحَبُّ لَهُ التَّطَيُّبُ, سَوَاءً بَقِيَ عَيْنُهُ. كَالْمِسْكِ, أَوْ أَثَرُهُ كَالْبَخُورِ "وهـ ش" وَلَفْظُ أَحْمَدَ, لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ, لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كُنْت أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ, وَيَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ بِطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ2. ولمسلم3: كأني أنظر إلى وبيص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الطِّيبِ فِي مَفْرِقِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَهَذَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ, وَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ وَعُثْمَانَ1, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عَنْ مَالِكٍ: لَا يَجُوزُ. وَإِنْ اسْتَدَامَهُ فَلَا كَفَّارَةَ, لِخَبَرِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ رَجُلًا أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ, مُتَضَمِّخٌ بِالْخَلُوقِ. وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَمَّا الطَّيِّبُ فَاغْسِلْهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَأَمَّا الْجُبَّةَ فَانْزَعْهَا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَهَذَا عَامَ حُنَيْنٍ سَنَةَ ثَمَانٍ بِلَا خِلَافٍ, قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ, مَعَ أَنَّ التَّزَعْفُرَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِلرَّجُلِ مُطْلَقًا. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ ابْتِدَائِهِ مَنْعُ اسْتِدَامَتِهِ, كَالنِّكَاحِ. وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ سَوَاءٌ. عَنْ عَائِشَةَ: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ3 الْمُطَيِّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ, فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا, فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَانَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4. وَالْمَذْهَبُ: يُكْرَهُ تَطْيِيبُ ثَوْبِهِ. وَحَرَّمَهُ الْآجُرِّيُّ. وَقِيلَ: هُوَ كَبَدَنِهِ, وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ. وَإِنْ نَقَلَهُ مِنْ بَدَنِهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ أَوْ نَقَلَهُ عَنْهُ ثُمَّ رَدَّهُ أَوْ مَسَّهُ بِيَدِهِ أَوْ نَزَعَهُ ثُمَّ لبسه فدى, بخلاف سيلان بعرق وشمس. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ لُبْسُهُ1 إزَارًا وَرِدَاءً أَبْيَضَيْنِ2 نَظِيفِينَ, وَنَعْلَيْنِ, بَعْدَ تَجَرُّدِ الرَّجُلِ عَنْ الْمَخِيطِ, لَفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ3, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "لِيُحْرِمْ أَحَدُكُمْ فِي إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَنَعْلَيْنِ" رَوَاهُ أَحْمَدُ4, قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ ذَلِكَ. وَفِي تَبْصِرَةِ الْحَلْوَانِيِّ: إخْرَاجُ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ مِنْ الرِّدَاءِ أَوْلَى, وَيَجُوزُ إحْرَامُهُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: بَعْضُهُ على عاتقه.
فصل: ثم يحرم عقيب مكتوبة أو نفل,
فَصْلٌ: ثُمَّ يُحْرِمُ عَقِيبَ مَكْتُوبَةٍ أَوْ نَفْلٍ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ" قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ5: هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَقَالَ الْبَغَوِيّ: عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, وَعَنْهُ: عَقِيبَهَا, وَإِذَا رَكِبَ وَإِذَا سَارَ سَوَاءٌ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا عَقِبَ فَرْضٍ إنْ كَانَ وَقْتُهُ, وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْإِحْرَامِ صَلَاةٌ تَخُصُّهُ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: إذَا رَكِبَ; لِأَنَّهُ أَصَحُّ مِنْ غَيْرِهِ; لِأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ6 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَلِلْبُخَارِيِّ7 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَقَالَ: رَوَاهُ أَنَسٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ. وَفِي الْمُوَطَّإِ8 عَنْ عُرْوَةَ مُرْسَلًا: كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ, فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَهَلَّ, وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الصَّحِيحِ أَظُنُّهُ من حديث ابن عمر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنَّ اسْتِحْبَابَ الرَّكْعَتَيْنِ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ, وَلَا يَرْكَعُهُمَا وَقْتَ نَهْيٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ خِلَافُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا مَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ, وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا, وَأَظْهَرُهُمَا إذَا سَارَ, رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ1 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا عَلَى جَبَلِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ. وَجْهُ الْأَوَّلِ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي خُصَيْفٌ الْجَزَرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ: عَجَبًا "2لِاخْتِلَافِ أَصْحَابُ2" رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إهْلَالِهِ, فَقَالَ: إنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِذَلِكَ, خَرَجَ حَاجًّا, فَلَمَّا صَلَّى فِي مَسْجِدِهِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْهُمَا, فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ, فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ, فَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ, وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا, فَقَالُوا: إنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ, فَلَمَّا عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ, فَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ3 أَقْوَامٌ4 فَقَالُوا إنَّمَا أَهَلَّ حِينَ عَلَا عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد5. وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ. رواه جماعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْهُمْ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 مِنْ رِوَايَةِ خُصَيْفٍ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَسْتَحِبُّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنْ يُحْرِمَ دُبُرَ الصَّلَاةِ, وَأَكْثَرُهُمْ يُوَثِّقُ ابْنَ إِسْحَاقَ وَيَخْشَى مِنْهُ التَّدْلِيسَ. وَقَدْ زَالَ. وَخُصَيْفٌ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صَالِحٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ يَحْيَى الْقَطَّانُ: كُنَّا نَجْتَنِبهُ. وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ, وَفِيهِ زِيَادَةٌ وَجَمَعَ بَيْنَ الْأَخْبَارِ وَأَحْوَطُ وَأَسْرَعُ إلَى الْعِبَادَةِ فَهُوَ أَوْلَى, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ إنْ كَانَ لِلْمِيقَاتِ مَسْجِدٌ اُسْتُحِبَّ صَلَاةُ. الرَّكْعَتَيْنِ فِيهِ, وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبّ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ عِنْدَ إحْرَامِهِ, صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2. وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا. وَيُسْتَحَبُّ تَعْيِينُ النُّسُكِ لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِعْلِ مَنْ مَعَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ3, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ: إطْلَاقُ الْإِحْرَامِ أَفْضَلُ. وَيُسْتَحَبُّ "وهـ ش"4 قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ نُسُكَ كَذَا فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ "مِنِّي". وَلَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِي الصَّلَاةِ لِقِصَرِ مُدَّتِهَا وَتَيَسُّرِهَا5 عَادَةً وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِيهَا, وَكَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ هُنَا فِيهِ نَظَرٌ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْتَرِطَ: وَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي أَوْ مَعْنَاهُ, نَحْوُ أريد كذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ عَلَيَّ, أَوْ قَوْلُ عَائِشَةَ لِعُرْوَةِ: قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَإِنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَعُمْرَةٌ "وش" لِقَوْلِ ضُبَاعَةَ1: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَجِدُنِي وَجِعَةً, فَقَالَ: "حُجِّي وَاشْتَرِطِي, وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, زَادَ النَّسَائِيُّ3 فِي رِوَايَةٍ إسْنَادُهَا جَيِّدٌ "فَإِنَّ لَك عَلَى رَبِّك مَا اسْتَثْنَيْت" , وَلِأَحْمَدَ4 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ "فَإِنْ حُبِسْت أَوْ مَرِضْت فَقَدْ حَلَلْت مِنْ ذَلِكَ بِشَرْطِك عَلَى رَبِّك" , فَمَتَى حُبِسَ بِمَرَضٍ وَخَطَإِ طَرِيقٍ وَغَيْرِهِ حَلَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَلْزَمُهُ نَحْرُهُ, وَلَوْ قَالَ: فَلِي أَنْ أَحِلَّ خَيْرٌ, وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ أَوْ إنْ أَفْسَدَهُ لَمْ يَقْضِهِ لَمْ يَصِحَّ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ; لِأَنَّهُ لَا عُذْرَ لَهُ فِي ذَلِكَ. وَقِيلَ: يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ بِقَلْبِهِ5, لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْإِحْرَامِ, وَيَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ, فَكَذَا هُوَ, وَاسْتَحَبَّ شَيْخُنَا الِاشْتِرَاطَ لِلْخَائِفِ6 خَاصَّةً, جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ اشْتَرَطَ فَلَا بَأْسَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: لَا فَائِدَةَ فِي الِاشْتِرَاطِ, لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كان ينكر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ وَيَقُولُ: أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَمْ يشترط؟ رواه النسائي, وصححه الترمذي1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يخير بين التمتع والإفراد والقران ذكره جماعة إجماعا,
فصل: يخير بين التمتع والإفراد والقران ذكره جماعة إجماعا, ... فَصْلٌ: يُخَيَّرُ بَيْنِ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ "و" ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إجْمَاعًا, قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: "مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ, وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهْلِلْ, وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ" قَالَتْ: وَأَهَلَّ بِالْحَجِّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ, وَأَهَلَّ مَعَهُ نَاسٌ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ, وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ, وَكُنْت فِيمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَفِي مُسْلِمٍ3 عَنْهَا لَا نَرَى إلَّا الْحَجَّ. وَفِيهِ أَيْضًا4 خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ عَنْهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ5: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهْلِلْ, فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْت لَأَهْلَلْت بِعُمْرَةٍ" وَفِي الصَّحِيحَيْنِ6 عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهَا بِعُمْرَةٍ, وَعِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ: لَا يَجُوزُ إلَّا التَّمَتُّعُ, وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ7 وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ, وَطَائِفَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ نَهَوْا عَنْ التَّمَتُّعِ وعاقبوا من تمتع. وكره التمتع عمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعُثْمَانُ. وَمُعَاوِيَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ1 وَغَيْرُهُمْ. وَبَعْضُهُمْ: وَالْقِرَانَ, رَوَى الشَّافِعِيُّ2 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُهُ, وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا, فَمِنْ مُوجِبٍ لِذَلِكَ, وَمِنْ مَانِعٍ, وَمِنْ كَارِهٍ, وَمِنْ مُسْتَحِبٍّ وَمِنْ مُبِيحٍ. وَأَفْضَلُ الْأَنْسَاكِ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ ثُمَّ الْقِرَانُ, قَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ "وَعَبْدِ اللَّهِ" الَّذِي يَخْتَارُ الْمُتْعَةَ; لِأَنَّهُ آخَرُ مَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ يَعْمَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْته يَقُولُ: نَرَى التَّمَتُّعَ أَفْضَلَ, وَسَمِعْته قَالَ لِرَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ: تَمَتُّعٌ أَحَبُّ إلَيَّ. وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم: كَانَ اخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدُّخُولَ بِعُمْرَةٍ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت مَا سُقْت الْهَدْيَ وَلَأَحْلَلْت مَعَكُمْ" 3, وَسَمِعْته يَقُولُ: الْعُمْرَةُ كَانَتْ آخَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا4 مِنْ طُرُقٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ لَمَّا طَافُوا وَسَعَوْا أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً إلَّا مَنْ سَاقَ هَدْيًا, وَثَبَتَ عَلَى إحْرَامِهِ لِسَوْقِهِ الْهَدْيَ وَتَأَسَّفَ, كَمَا سَبَقَ, وَلَا يَنْقُلُهُمْ إلَّا إلَى الْأَفْضَلِ, وَلَا يَتَأَسَّفُ إلَّا عَلَيْهِ, فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالْفَسْخِ لِفَضْلِ التَّمَتُّعِ, بَلْ لِاعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ جَوَازِ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, رد: لم يعتقدوه. ثم لو كان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَخُصَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَسُقْ الْهَدْيَ؟ لِأَنَّهُمْ سَوَاءٌ فِي الِاعْتِقَادِ, ثُمَّ لَوْ كَانَ, لَمْ يَتَأَسَّفْ لِاعْتِقَادِهِ جَوَازَهَا فِيهَا وَجَعَلَ الْعِلَّةَ فِيهِ سَوْقَ الْهَدْيِ؟ وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ فِي الْكِتَابِ دُونَ غَيْرِهِ. قَالَ عِمْرَانُ: نَزَلَتْ آيَةُ التَّمَتُّعِ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ, لَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, رواه مسلم وغيره1, وللبخاري2 معناه, ولإتيانه بأفعالهما3 كَامِلَةً عَلَى وَجْهِ الْيُسْرِ, وَصَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ مَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا4, وَقَوْلُهُ: "إنَّ هَذَا الدَّيْنَ يُسْرٌ" 5 وَقَوْلُهُ: "بُعِثْت بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ" 6. وَتُجَزِّئُ عُمْرَةُ التَّمَتُّعِ, بِلَا خِلَافٍ, وَفِي عُمْرَةِ الْإِفْرَادِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ وَعُمْرَةُ الْقِرَانِ الْخِلَافُ; وَلِأَنَّ عَمَلَ الْمُفْرَدِ أَكْثَرُ مِنْ الْقَارِنِ, فَكَانَ أَوْلَى; وَلِأَنَّ فِي التَّمَتُّعِ زِيَادَةٌ عَلَى الْإِفْرَادِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوَازِيه7 وَهُوَ الدَّمُ, وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ لَا جُبْرَانَ, وَإِلَّا لَمَا أُبِيحَ لَهُ التَّمَتُّعُ بِلَا عُذْرٍ, لِعَدَمِ جَوَازِ إحْرَامٍ نَاقِصٍ يَحْتَاجُ أَنْ يَجْبُرَهُ8 بِدَمٍ قَالَ فِي رِوَايَةِ أبي طالب: إذا دخل بعمرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَكُونُ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ حَجَّةً وَعُمْرَةً وَدَمًا. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ دَمُ نُسُكٍ لَمْ يَدْخُلْهُ الصَّوْمُ كَالْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ, وَلَا يَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ الْمَنَاسِكِ, قِيلَ: دُخُولُ الصَّوْمِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ نُسُكًا; وَلِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ وَالْقُرَبُ يَدْخُلُهَا الْإِبْدَالَ, وَاخْتِصَاصُهُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ نُسُكًا, كَالْقِرَانِ نُسُكٌ وَيَقْتَصِرُ عَلَى طَوَافٍ وَسَعْيٍ; وَلِأَنَّ سَبَبَ التَّمَتُّعِ مِنْ جِهَتِهِ, كَمَنْ نَذْرَ حِجَّةً يُهْدِي فِيهَا هَدْيًا, ثُمَّ إنَّمَا اخْتَصَّ لِوُجُودِ1 سَبَبِهِ, وَهُوَ التَّرَفُّه بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ, فَإِنْ قِيلَ: نُسُكٌ لَا دَمَ فِيهِ أَفْضَلُ كَإِفْرَادٍ لَا دَمَ فِيهِ, رُدَّ: تَمَتُّعُ الْمَكِّيِّ وَتَمَتُّعُ غَيْرِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّمُ سَوَاءٌ عِنْدَك. وَإِنَّمَا كَانَ إفْرَادُ لَا دَمَ فِيهِ أَفْضَلَ; لِأَنَّ مَا يَجِبُ فِيهِ الدَّمُ دَمُ2 جِنَايَةٍ; وَلِهَذَا إفْرَادٌ فِيهِ دَمُ2 تَطَوُّعٍ. أَفْضَلُ, فَإِنْ قِيلَ: فِي الْقِرَانِ مُسَارَعَةٌ إلَى فِعْلِ الْعِبَادَتَيْنِ, وَهُوَ أَوْلَى لِلْآيَةِ وَكَالصَّلَاةِ أَوَّلَ وَقْتِهَا, قِيلَ: الْعِبْرَةُ بمسارعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَرْعِيَّةٍ; وَلِهَذَا تَخْتَلِفُ الصَّلَاةُ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَآخِرَهُ, وَتُؤَخَّرُ لِطَلَبِ الْمَاءِ أَوْ الْجَمَاعَةِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ: إنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ; لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا" اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, قَالَ: وَإِنْ اعْتَمَرَ وَحَجَّ فِي سُفْرَتَيْنِ أَوْ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَالْإِفْرَادُ2 أَفْضَلُ, بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ, وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى, وَذُكِرَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ, وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الثَّانِيَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَسَبَقَتْ الثَّانِيَةُ آخِرَ الْبَابِ قَبْلَهُ3. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ بِسُفْرَةٍ ثُمَّ قَدِمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عَنْهُمْ اعْتَمَرُوا عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ ثُمَّ تَمَتَّعُوا. وَعِنْدَ 4أَبِي حَنِيفَةَ4 الْقِرَانُ أَفْضَلُ, وَعِنْدَ مَالِكٍ الْإِفْرَادُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ ثم التمتع ثم القران, وله قول: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّمَتُّعُ, وَقَوْلٌ: الْقِرَانُ, وَمَذْهَبُهُ: شَرْطُ أَفْضَلِيَّةِ الْإِفْرَادِ أَنْ يَعْتَمِرَ تِلْكَ السَّنَةَ, فَلَوْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ عَنْ سَنَتِهِ فَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْهُ, لِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِ الْعُمْرَةِ عَنْ سَنَةِ الْحَجِّ, أَمَّا حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتُلِفَ فِيهَا بِحَسَبِ الْمَذَاهِبِ, حَتَّى اخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: هَلْ حَلَّ. مِنْ عُمْرَتِهِ؟ وَفِيهِ1 وَجْهَانِ, وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ أَحْمَدَ: لَا شَكَّ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا وَالْمُتْعَةُ أَحَبُّ إلَيَّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ2 وَهُوَ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ, كَذَا قَالَ. وَجْهٌ أَنَّهُ كَانَ مُتَمَتِّعًا قَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ, وَأَهْدَى فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ, وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ, فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ, فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حُرِمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ, وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيَحْلِلْ تَمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلِيُهْدِ, فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثِهِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ وَأَمَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِالْمُتْعَةِ3 وَقَالَ: سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ4. وَقَالَ نَاسٌ لِابْنِ عُمَرَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَيْفَ تُخَالِفُ أَبَاك وَقَدْ نَهَى عَنْهَا؟ فَقَالَ: وَيْلَكُمْ أَلَا تَتَّقُونَ اللَّهَ, إنْ كَانَ عُمَرُ نَهَى عَنْهَا يَبْتَغِي فِيهِ الْخَيْرَ يَلْتَمِسُ بِهِ تَمَامَ الْعُمْرَةِ فَلِمَ تُحَرِّمُونَ ذَلِكَ وَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ وَعَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; فَرَسُولُ اللَّهِ, أَحَقُّ أَنْ تَتَّبِعُوا سَنَتَهُ أَمْ سَنَةَ عُمَرَ؟ لَمْ يَقُلْ لَكُمْ: إنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ حَرَامٌ, وَلَكِنَّهُ قَالَ: إنْ أَتَمَّ لِلْعُمْرَةِ أَنْ تُفْرِدُوهَا مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ هَذَا الْمَعْنَى1. وَلِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَةِ3, وَأَهَلَّ أَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ, فَلَمْ يُحِلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَلَّ بَقِيَّتُهُمْ. وَلِأَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ4 وَحَسَّنَهُ عَنْهُ: تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ كَذَلِكَ, وَأَوَّلُ مَنْ نَهَى عَنْهَا مُعَاوِيَةُ. فِيهِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ5. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ أَنَسٌ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا يَقُولُ لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ6, وَفِيهِمَا أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَنْكَرَهُ, وَأَنَّ أَنَسًا قَالَ: مَا تَعُدُّونَا إلَّا صَبِيَّانَا7. وَلِمُسْلِمٍ8: أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا" وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الصيقل عن أنس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَرْفُوعًا "لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَجَعَلْتهَا عُمْرَةً, وَلَكِنْ سُقْت الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ" 1 أَبُو أَسْمَاءَ تَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ. وَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ: "صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ" وَفِي رِوَايَةٍ "قُلْ عُمْرَةً وَحِجَّةً" رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ2. وَأَهَلَّ الصُّبَيّ بْنِ مَعْبَدٍ بِهِمَا جَمِيعًا, وَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هُدِيت لِسُنَّةِ نَبِيِّك. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ3, قِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنَّ أَنَسًا سَمِعَهُ يُلَقِّنُ قَارِنًا تَلْبِيَتَهُ فَظَنَّهُ يُلَبِّي بِهِمَا عَنْ نَفْسِهِ; أَوْ سَمِعَهُ فِي وَقْتَيْنِ, أَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَمَّا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ, أَوْ قَرَنَ بِهِمَا أَيْ فَعَلَ الْحِجَّةَ بَعْدَهَا, وَيُسَمَّى قِرَانًا لُغَةً. وَخَبَرُ عُمَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ عُمْرَةً دَاخِلَةً فِي حِجَّةٍ كَقَوْلِهِ: "دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 4 وَخَبَرُ الصُّبَيّ5 فِيهِ أَنَّ الْقِرَانَ سُنَّةٌ, وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ, فَإِنْ قِيلَ عن عائشة: إن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَفْرَدَ الْحَجَّ, رَوَاهُ مُسْلِمٌ6, وَلِلشَّافِعِيِّ وَالنَّسَائِيُّ7: أَهَلَّ بِالْحَجِّ, وَلِمُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ8 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بالحج مفردا. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ, وَهُوَ فِيهِمَا2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَسَبَقَ خَبَرُ عَائِشَةَ "لَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْت لَأَهْلَلْت بِعُمْرَةٍ" 3 قِيلَ: أَفْرَدَ عَمَلَ الْحَجِّ عَنْ عَمَلِ الْعُمْرَةِ, أَوْ4 أَهَلَّ بِالْحَجِّ فِيمَا بَعْدُ. وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ جَابِرٍ إنَّمَا ذَكَرَ الصَّحَابَةَ فَقَطْ, وَسَبَقَ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا, وَأَجَابَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بِالْمَدِينَةِ, وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ فِي ابْتِدَاءِ إحْرَامِهِ بِالْمَدِينَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ, فَلَمَّا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَسَخَ. عَلَى أَصْحَابِهِ وَتَأَسَّفَ عَلَى التَّمَتُّعِ لِأَجَلِ سَوْقِ الْهَدْيِ, فَكَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَوْلَى ثُمَّ أَخْبَارُ التَّمَتُّعِ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ وَأَصْرَحُ, فَكَانَتْ أَوْلَى. عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّابِقَ أَوْلَى مِنْ فِعْلِهِ, لِاحْتِمَالِهِ5 اخْتِصَاصُهُ بِهِ. وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الْأَخْبَارِ, وَأَوْسَعُهُمْ نَفْسًا الطَّحْطَاوِيُّ, تَكَلَّمَ فِيهِ فِي زِيَادَةٍ عَلَى أَلْفِ وَرَقَةٍ, وَتَكَلَّمَ مَعَهُ الطَّبَرِيُّ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَأَوْلَى مَا يُقَالُ عَلَى مَا فَحَصْنَاهُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ أَحْرَمَ مفردا بالحج ثم أدخل عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعُمْرَةَ مُوَاسَاةً لِأَصْحَابِهِ وَتَأْنِيسًا لَهُمْ فِي فِعْلِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, لِكَوْنِهَا كَانَتْ مُنْكَرَةً عِنْدَهُمْ فِيهَا, وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّحَلُّلُ بِسَبَبِ الْهَدْيِ. وَاعْتَذَرَ إلَيْهِمْ, فَصَارَ قَارِنًا آخِرَ أَمْرِهِ. وَأَمَّا كَرَاهَةُ عُمَرَ فَفِي مُسْلِمٍ1 أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي مُوسَى: لَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابُهُ, وَلَكِنْ كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ ثُمَّ يَرُوحُونَ إلَى2 الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 أَنَّ أَبَا مُوسَى كَانَ يُفْتِي بِذَلِكَ فِي إمَارَتِهِ وَإِمَارَةِ عُمَرَ, وَذَكَرَ الْخَبَرَ, إلَى أَنْ قَالَ لِعُمَرَ: مَا هَذَا الَّذِي أَحْدَثْت فِي شَأْنِ النُّسُكِ؟ قَالَ: إنْ تَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَإِنْ تَأْخُذْ بِسَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ. فَهَذَا رَأْيٌ مِنْهُ كَمَا قَالَ عُثْمَانُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَلِيٌّ وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ: أَنْتَ تَنْهَى عَنْ الْمُتْعَةِ؟ 4 فَقَالَ: هَذَا رَأْيٌ5. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ اخْتِيَارُ التَّمَتُّعِ, رَوَاهُ أبو عبيد والأثرم والنجاد وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ سَعْدٌ1 وَعَجِبَ مِنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ2. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ عَلَى الْجَمِيعِ, وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ3 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَمَتَّعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ عُرْوَةُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَنْ الْمُتْعَةِ فَقِيلَ ذَلِكَ لِابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَرَاهُمْ سَيَهْلِكُونَ, أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَيَقُولُ: نَهَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ. كَانَتْ مُتْعَةُ الْحَجِّ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً, رَوَاهُ مُسْلِمٌ4, وَعَنْ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَبِيهِ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَسُنَّ الْحَجُّ لَنَا خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً؟ قَالَ: "بَلْ لَنَا خَاصَّةً" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ, وَأَبُو دَاوُد5 وَلَفْظُهُ "لَكُمْ خَاصَّةً". وَعَنْ أَبِي عِيسَى الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عُمَرُ فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ يَنْهَى عَنْ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ6 قِيلَ: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي داود: ليس يصح حديث في أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَسْخَ كَانَ لَهُمْ خَاصَّةً. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَنْ قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ: مَنْ يَقُولُ هَذَا وَالْمُتْعَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَيْهَا؟ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يُثْبِتُ حَدِيثَ بِلَالٍ وَلَا يُعْرَفُ الْحَارِثُ, وَلَمْ يَرْوِهِ إلَّا الدَّرَاوَرْدِيَّ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ رَبِيعَةُ, وَتَفَرَّدَ بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْهُ, وَلَمْ أَجِدْ مَنْ وَثَّقَ أَبَا عِيسَى سِوَى ابْنِ حِبَّانَ, وَلَا يَخْفَى تَسَاهُلُهُ. وَلَوْ صَحَّ هَذَا عِنْدَ عُمَرَ اُحْتُجَّ بِهِ فِي مَوْضِعٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَا يُعْرَفُ حَالُهُ. وَيَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ1 ذَلِكَ قَوْلُ جَابِرٍ, أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَحِلَّ, فَقَالَ سُرَاقَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت مُتْعَتَنَا هَذِهِ لِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: "بَلْ هِيَ لِلْأَبَدِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 زَادَ مُسْلِمٌ3: "دخلت العمرة في الحج" مَرَّتَيْنِ "لَا بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ". وَفِي مُسْلِمٍ4 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "هَذِهِ عُمْرَةٌ اسْتَمْتَعْنَا بِهَا, فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ الْهَدْيُ فَلْيَحْلِلْ الْحِلَّ كُلَّهُ, فَإِنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" وَصَحَّ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ عَلِيٍّ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَسْمَاءَ وَعِمْرَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ5 "وَهُمْ" أكثر وأعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَصَحُّ وَمَعَهُمْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ, فَالْعَمَلُ بِذَلِكَ أَحَقُّ وأولى, والله أعلم.
فصل: التمتع أن يحرم بالعمرة,
فَصْلٌ: التَّمَتُّعُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ, أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ, وَجَزَمَ آخَرُونَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَيْ مِيقَاتِ بَلَدِهِ, أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْكَافِي1, وَمُرَادُهُمْ مَا جَزَمَ بِهِ آخَرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, وَهُوَ نَصُّ أَحْمَدَ; لِأَنَّ الْعُمْرَةَ عِنْدَهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي يهل "2يها" فِيهِ2", وَرُوِيَ مَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ جَابِرٍ, لا الشهر الذي يحل منها فيه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَيَفْرُغُ مِنْهَا, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَيَتَحَلَّلُ, قَالُوا: ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ, زَادَ جَمَاعَةٌ: مِنْ مَكَّةَ, زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ قُرْبِهَا, وَنَقَلَهُ حَرْبٌ وَأَبُو دَاوُد. وَالْإِفْرَادُ أَنْ يَحُجَّ ثُمَّ يَعْتَمِرَ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَالشَّافِعِيَّةُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: يُحْرِمُ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ, ثُمَّ يُحْرِمُ بِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ, زَادَ بَعْضُهُمْ: وَعَنْهُ: بَلْ مِنْ الْمِيقَاتِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ أَنْ لَا يَأْتِيَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِغَيْرِهِ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ تَحَلَّلَ مِنْهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ ثُمَّ أَحْرَمَ فِيهِ بِعُمْرَةٍ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ, فِي ظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: لَيْسَ عَلَى مُعْتَمِرٍ بَعْدَ الْحَجِّ هَدْيٌ; لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا لَيْسَ مِنْ أَشْهُرِهِ, بِدَلِيلِ فَوْتِ الْحَجِّ فِيهِ, وَكَذَا فِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ1 مِنْ الْأَوَّلِ صَحَّ. وَفِي الْفُصُولِ: الْإِفْرَادُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ, فَإِذَا تَحَلَّلَ مِنْهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ. وَالْقِرَانُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِمَا مَعًا, قَالَ جَمَاعَةٌ: مِنْ الْمِيقَاتِ, أَوْ بِالْعُمْرَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: "الْأَوَّلُ" قَوْلُهُ: فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْ2 الْأَوَّلِ صَحَّ, انْتَهَى, لَعَلَّهُ "بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ" بِإِسْقَاطٍ "مِنْ" أَوْ يُقَالَ: وتقديره بعد تحلله من النسك الأول
مِنْهُ ثُمَّ بِالْحَجِّ, قَالَ جَمَاعَةٌ: مِنْ مَكَّةَ أَوْ "مِنْ" قُرْبِهَا. وَإِنْ شَرَعَ فِي طَوَافِهَا لَمْ يَصِحَّ "وش" كَمَا لَوْ سَعَى, إلَّا لِمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَيَصِحُّ وَيَصِيرُ قَارِنًا, بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ, وَلَا يُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ إدْخَالِهِ الْإِحْرَامَ بِهِ فِي أَشْهُرِهِ, عَلَى الْمَذْهَبِ, وَاعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَصْلِهِمْ, وَلَهُمْ وَجْهَانِ لَوْ أَدْخَلَهُ فِيهَا وَكَانَ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَهَا, لِتَرَدُّدِ النَّظَرِ هَلْ هُوَ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ أَشْهُرِهِ؟ وَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَصِرْ قَارِنًا, بِنَاءً. عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْإِحْرَامِ الثَّانِي شَيْءٌ "وم ش" وَفِيهِ خِلَافٌ لَنَا, وَالصِّحَّةُ1 قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ أَخْطَأَ السُّنَّةَ وَأَسَاءَ عِنْدَهُمْ, قَالُوا: فَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْحَجِّ طَوَافَ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ دَمٌ, لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا; لِأَنَّهُ بَانٍ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ وَجْهٍ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفُضَهَا لِتَأَكُّدِ الْحَجِّ بِفِعْلِ بَعْضِهِ, وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَيَقْضِيهَا. وَمَذْهَبُنَا أَنَّ عَمَلَ الْقَارِنِ2 كَالْمُفْرِدِ فِي الْإِجْزَاءِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ3, وَيَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ التَّرْتِيبُ لِلْحَجِّ, كَمَا يَتَأَخَّرُ4 الْحِلَاقُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ, فَوَطْؤُهُ قَبْلَ طَوَافِهِ لَا يُفْسِدُ عُمْرَتَهُ, قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَمَّا الذين جمعوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَسَعُك طَوَافُك لِحَجِّك وَعُمْرَتِك فَأَبَتْ, فَبَعَثَ بِهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ". وَفِي لَفْظٍ "يُجْزِئُ عَنْك طَوَافُك بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك" رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ2. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "قَدْ حَلَلْت مِنْ حَجِّك وَعُمْرَتِك جَمِيعًا قَالَتْ: أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْت, قَالَ فَاذْهَبْ بِهَا يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنْ التَّنْعِيمِ" زَادَ مُسْلِمٌ4: "وَكَانَ رَجُلًا سَهْلًا, إذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ". وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "مَنْ قَرَنَ بَيْنَ حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ أَجْزَأَهُ لَهُمَا طَوَافٌ وَاحِدٌ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ "وَأَبُو دَاوُد" وَابْنُ مَاجَهْ5. وَفِي لَفْظٍ " مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَجْزَأَهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ وَسَعْيٌ وَاحِدٌ عَنْهُمَا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَمِيعًا" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَقَالَ: رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ غَيْرُ وَاحِدٍ وَلَمْ يَرْفَعُوهُ, وَهُوَ أَصَحُّ, كَذَا قَالَ, وَرَفَعَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ. وَكَعُمْرَةِ الْمُتَمَتِّعِ, وَكَمَا يُجْزِئُهُ الْحَجُّ. وَعَنْ أَحْمَدَ: عَلَى القارن طوافان وسعيان "وهـ" رَوَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عَلِيٍّ, وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ, مَعَ أَنَّهُ لَا يَرَى إدْخَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ, فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُقَدِّمُ الْقَارِنُ فعل العمرة على فعل الحج "وهـ" كَمُتَمَتِّعٍ سَاقَ هَدْيًا, فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لَهَا2 فَقِيلَ: تُنْتَقَضُ عُمْرَتُهُ وَيَصِيرُ مفردا بالحج يتمه ثم يعتمر3 "وهـ", وَقِيلَ: لَا تُنْتَقَضُ, فَإِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ طَافَ لَهَا ثُمَّ سَعَى ثُمَّ طَافَ لَهُ ثُمَّ سَعَى "م 1" وَيَأْتِي فِيمَنْ حَاضَتْ فَخَشِيَتْ4 فَوَاتَ الحج بعد "فصل" فسخ القارن والمفرد5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَعَنْ أَحْمَدَ: عَلَى الْقَارِنِ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُقَدِّمُ الْقَارِنُ فِعْلَ الْعُمْرَةِ عَلَى فِعْلِ الْحَجِّ, كَمُتَمَتِّعٍ سَاقَ هَدْيًا, فَلَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لَهَا ثُمَّ سَعَى ثُمَّ طَافَ لَهُ ثُمَّ سَعَى, انْتَهَى. "الْقَوْلُ الْأَوَّلُ" قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ "قُلْت": وهو الصواب, وظاهر كلام أكثر الأصحاب.
وَعَنْ أَحْمَدَ: عَلَى الْقَارِنِ عُمْرَةٌ مُفْرَدَةٌ, اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ, لِعَدَمِ طَوَافِهَا, وَلِاعْتِمَارِ عَائِشَةَ, وَسَبَقَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ: لَا تُجْزِئُ الْعُمْرَةُ من أدنى الْحِلِّ, وَالْحَجُّ يُجْزِئُ لِلْمُتَمَتِّعِ مِنْ مَكَّةَ, فَالْعُمْرَةُ لِلْمُفْرِدِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ أَوْلَى.
فصل: يلزم المتمتع دم, بالإجماع,
فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْمُتَمَتِّعَ دَمٌ, بِالْإِجْمَاعِ, وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ لَا جُبْرَانَ, وَسَبَقَ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّمَتُّعِ1, وَإِنَّمَا يَجِبُ بِشُرُوطٍ: "أَحَدُهَا" أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, قَالَ أَحْمَدُ: عُمْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي أَهَلَّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ جَابِرٍ السَّابِقِ2; وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ نُسُكٌ يُعْتَبَرُ لِلْعُمْرَةِ أَوْ مِنْ أَعْمَالِهَا, فَاعْتُبِرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, كَالطَّوَافِ. فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ مِنْهَا, وَإِنَّمَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَيْهَا ثُمَّ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ كَحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِعَرَفَةَ. قِيلَ: مِنْ أَعْمَالِهَا أَنَّهُ يَعْتَبِرُ لَهُ مَا يَعْتَبِرُ لها, وينافيه ما ينافيها, وليس. اسْتَدَامَتْهُ كَابْتِدَائِهِ, كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَاسْتَدَامَهُ. وَإِنَّمَا أَجْزَأَهُ إذَا أَعْتَقَ; لِأَنَّ عَرَفَةَ مُعْظَمُ الْحَجِّ لَا لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَاسْتِدَامَتِهِ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: عُمْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ, وَإِلَّا فَمُتَمَتِّعٌ, لِأَمْنِهِ إفْسَادَهَا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ, عِنْدَهُ, وَالْأَظْهَرُ, عَنْ الشَّافِعِيِّ: إنْ أَتَى بِأَفْعَالِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي أَشْهُرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ. ثُمَّ قِيلَ عِنْدَهُمْ: يَلْزَمُهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ, لِإِحْرَامِهِ بالحج ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ مَكَّةَ, وَالْأَصَحُّ: لَا, لِأَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مُحْرِمًا. "الثَّانِي" أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ "و" خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ الْمُوَالَاةُ; وَلِأَنَّهُ أَوْلَى لَوْ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ, لِكَثْرَةِ التَّبَاعُدِ. "الثَّالِثُ" أَنْ لَا يُسَافِرَ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ, فَإِنْ سَافَرَ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ, وَلَعَلَّ مُرَادُهُمْ: فَأَحْرَمَ بِهِ. فَلَا دَمَ عَلَيْهِ, نَصَّ "عَلَيْهِ" وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ رَجَعَ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ1. وَهُوَ عَامٌّ; وَلِأَنَّهُ مُسَافِرٌ لَمْ يَتَرَفَّهْ بِتَرْكِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ كَمَحِلِّ الْوِفَاقِ. وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْرِدَ; لِأَنَّ عُمْرَتَهُ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُحَرَّرِ: فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَا دَمَ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ "وش" وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ بَيْنَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَبَيْنَ مَكَّةَ مَسَافَةُ قَصْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: بَلْ هُوَ رِوَايَةٌ كَمَذْهَبِ "ش" وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ سَافَرَ إلَيْهِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ فَوَجْهَانِ; لِأَنَّ الدَّمَ وَجَبَ لِتَرَك الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ, رُدَّ بِالْمَنْعِ بِدَلِيلِ الْقَارِنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ رَجَعَ. إلَى أَهْلِهِ فَلَا دَمَ1, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ2. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ بِقَدَرِهِ فَلَا دَمَ1. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ: يَلْزَمُهُ دَمٌ وَإِنْ رَجَعَ. وَقَالَهُ الْحَسَنُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ, وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3, لِظَاهِرِ الْآيَةِ. قَالَ الْقَاضِي فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يَمْنَعُ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ لَكِنْ عَلَيْهِ دَمٌ. وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ مُحْرِمًا فَالْخِلَافُ. "الرَّابِعُ" أَنْ يُحِلَّ مِنْ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ, تَحَلَّلَ4 أَوْ لَا فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ قَبْلَ حِلِّهِ مِنْهَا صَارَ قَارِنًا. "الْخَامِسُ" أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ "ع" لِلْآيَةِ, وَهُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مِنْهُ, وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ, وَقِيلَ: مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَكَّةَ, وَقَالَهُ أَحْمَدُ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّ. حَاضِرَ الشَّيْءِ مَنْ حَلَّ فِيهِ أَوْ قَرُبَ مِنْهُ وَجَاوَرَهُ1, بِدَلِيلِ رُخَصِ السَّفَرِ. وَالْبَعِيدُ يَتَرَخَّصُ, فَأَشْبَهَ مَنْ وَرَاءَ الْمِيقَاتِ إلَيْنَا. وَقَالَ "م" هُمْ أَهْلُ مَكَّةَ. وَقَالَ "هـ" أَهْلُ الْمَوَاقِيتِ وَمَنْ دُونَهُمْ إلَى مَكَّةَ, وَمَنْ مَنْزِلُهُ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ; لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِهِ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ, فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ, وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْقَرِيبِ, وَاعْتُبِرَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ إقَامَتُهُ أَكْثَرَ بِنَفْسِهِ, ثم بماله, ثم بنيته2, ثُمَّ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ "وش". وَإِنْ دَخَلَ أُفُقِيٌّ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ نُسُكِهِ أَوْ نَوَاهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الدَّمُ "و" وَحُكِيَ وَجْهٌ, وَإِنْ اسْتَوْطَنَ أُفُقِيٌّ مَكَّةَ فَحَاضِرٌ. وَإِنْ اسْتَوْطَنَ مَكِّيٌّ بِالشَّامِ ثُمَّ عَادَ مُقِيمًا مُتَمَتِّعًا لَزِمَهُ الدَّمُ. وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ: لَا, كَسَفَرِ غَيْرِ مَكِّيٍّ ثُمَّ عاد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"السَّادِسُ" أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ وَالْحَلْوَانِيُّ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا إنْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمُ الْمُتْعَةِ; لِأَنَّهُ مِنْ حَاضِرِ الْمَسْجِدِ, بَلْ دَمُ الْمُجَاوَزَةِ, وَقَالَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضُهُمْ كَالْأَوَّلِ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إذَا أَحْرَمَ مِنْهُ لَزِمَهُ الدَّمَانِ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ وَلَمْ يَنْوِهَا بِهِ, وَلَيْسَ بِسَاكِنٍ, وَنَصَّ أَحْمَدُ. فِي أُفُقِيٍّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ وَاعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ فِي أَشْهُرِهِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ عَلَيْهِ دَمٌ. قَالَ: فَالصُّورَةُ1 الْأُولَى أَوْلَى. وَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِهِ وَحَلَّ مِنْهَا وَلَيْسَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَلَالًا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَنَّهُ مُتَمَتِّعٌ عَلَيْهِ دَمٌ. "السَّابِعُ" نِيَّةُ التَّمَتُّعِ فِي ابْتِدَاءِ الْعُمْرَةِ أَوْ أَثْنَائِهَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَتَبِعَهُ الْأَكْثَرُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: لَا, وَهُوَ أَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ, لِظَاهِرِ الْآيَةِ, وَحُصُولُ التَّرَفُّهِ, وَلَا يُعْتَبَرُ وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ وَاحِدٍ, ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ. وَلَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي كَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا, وَهُوَ أَصَحُّ لِلشَّافِعِيَّةِ, وَمَعْنَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَلَامِ الشَّيْخِ: يُعْتَبَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ إلَّا الشَّرْطَ السَّادِسَ, فَإِنَّ الْمُتْعَةَ لِلْمَكِّيِّ كَغَيْرِهِ "وم ش" نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, كَالْإِفْرَادِ وَكَسَائِرِ الطَّاعَاتِ, بَلْ هُمْ أَوْلَى; لِأَنَّهُمْ سُكَّانُ حَرَمِ اللَّهِ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَيْسَ لِأَهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ دَمُ الْمُتْعَةِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: لَا يَصِحُّ مِنْهُمْ. وَقَالَ "هـ": لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْمُتْعَةُ وَالْقِرَانُ, وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ, وَمَتَى فَعَلَهُ لَزِمَهُ دَمُ جِنَايَةٍ. وَتَحْرِيرُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَكِّيَّ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بِحَجٍّ فَإِنَّهُ يَرْفُضُ الْحَجَّ وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهِ دَمٌ, وَعَلَيْهِ حِجَّةٌ وَعُمْرَةٌ, وَعِنْدَ صَاحِبِيهِ: يَرْفُضُ الْعُمْرَةَ, وَيَقْضِيهَا, وَعَلَيْهِ دَمٌ, لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَفْضِ أَحَدِهِمَا; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا1 لَا يُشْرَعُ لِلْمَكِّيِّ, وَرَفْضُهَا أَوْلَى; لِأَنَّهَا أَدْنَى, وَأَقَلُّ عَمَلًا, وَأَيْسَرُ قَضَاءً, لِعَدَمِ تَوْقِيتِهَا, وَعِنْدَ "هـ" تَأَكُّدِ إحْرَامِهَا بِفِعْلِهِ بَعْضِهَا, وَفِي رَفْضِهَا إبْطَالُ الْعَمَلِ, وَالْحَجُّ لَمْ يَتَأَكَّدْ, وَفِي رَفْضِهِ امْتِنَاعٌ عَنْهُ, وَإِنَّمَا لَزِمَهُ بِالرَّفْضِ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ, لَتَعَذُّرِ الْمُضِيِّ فِيهِ, كَالْمَحْصَرِ, وَفِي رَفْضِ الْعُمْرَةِ قَضَاؤُهَا, وَفِي رَفْضِ الْحَجِّ قَضَاؤُهُ وَعُمْرَةٌ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى فَائِتِ الْحَجِّ, وَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا أَجْزَأَهُ لِتَأْدِيَةِ مَا الْتَزَمَهُ, لَكِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ, وَلَا يَمْنَعُ تَحَقُّقِ الْفِعْلِ, عَلَى أَصْلِهِمْ, وَعَلَيْهِ دَمٌ, لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا, لِتَمَكُّنِ النَّقْصِ فِي عَمَلِهِ, لِلنَّهْيِ, فَهُوَ دَمُ جبر, وفي حق الأفقي دم شكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْعُمْرَةِ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ رَفَضَهُ; لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ, فيتعذر رفضها, كفراغها, والله أعلم.
فصل: يلزم القارن دم, نص عليه واحتج جماعة منهم الشيخ بالآية,
فصل: يلزم القارن دم, نص عليه واحتج جماعة منهم الشيخ بالآية, ... فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْقَارِنَ1 دَمٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بِالْآيَةِ, وَبِأَنَّهُ تَرَفَّهَ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ, كَالْمُتَمَتِّعِ, وَنَقَلَ بَكْرٌ. عَلَيْهِ هَدْيٌ وَلَيْسَ كَالْمُتَمَتِّعِ. إنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ هَدْيًا فِي كِتَابِهِ وَالْقَارِنُ إنَّمَا يُرْوَى عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلضَّبِّيِّ: اذْبَحْ تَيْسًا2, كَذَا قَالَ. وَهُوَ مُنْقَطِعٌ ضَعِيفٌ, وَسَأَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ: الْقَارِنُ يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ وُجُوبًا؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبًا؟ وَإِنَّمَا شَبَّهُوهُ بِالْمُتَمَتِّعِ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ رِوَايَةٌ: لَا يَلْزَمُهُ, كَقَوْلِ دَاوُد. ثُمَّ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا: هُوَ دَمُ نُسُكٍ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَيْسَ بِدَمِ نُسُكٍ. أي دم جبران3, كَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ. وَلَا يَلْزَمُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, خِلَافًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ. وَظَاهِرُ اعْتِمَادِهِمْ عَلَى الْآيَةِ, وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ سَافَرَ سَفَرَ قَصْرٍ أَوْ إلَى الْمِيقَاتِ إنْ قُلْنَا بِهِ, كَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي لُزُومَهُ; لِأَنَّ اسْمَ الْقِرَانِ بَاقٍ بَعْدَ السَّفَرِ بخلاف التمتع4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا يسقط دم تمتع وقران بإفساد نسكهما,
فَصْلٌ: لَا يَسْقُطُ دَمُ تَمَتُّعٍ1 وَقِرَانٍ بِإِفْسَادِ نسكهما, نص عليه "وم ش" لِأَنَّ مَا وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ, كَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِ, وَعَنْهُ يسقط "وهـ" لِأَنَّهُ لَمْ يَتَرَفَّهُ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ, قَالَ الْقَاضِي: إنْ قُلْنَا يَلْزَمُ الْقَارِنَ لِلْإِفْسَادِ دَمَانِ سَقَطَ دَمُ الْقِرَانِ. وَلَا يَسْقُطُ دَمُهُمَا بِفَوَاتِهِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِذَا قَضَى الْقَارِنُ قارنا فدمان لفوانه2 الْأَوَّلَ وَالثَّانِي, وَفِي دَمِ فَوَاتِهِ الرِّوَايَتَانِ وَقَالَ الشَّيْخُ: يَلْزَمُهُ دَمَانِ لِقِرَانِهِ3 وَفَوَاتِهِ وَلَوْ قَضَى الْقَارِنُ مُفْرَدًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ; لِأَنَّهُ أَفْضَلُ, جزم به. الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ: يَلْزَمُهُ دَمٌ لفواته الأول "وش" لأن القضاء كالأداء, وهو ممنوع, وفيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ: وَإِذَا قَضَى الْقَارِنُ قَارِنًا فَدَمَانِ, لفوانه4 الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ, وَفِي دَمِ فَوَاتِهِ5 الرِّوَايَتَانِ. أَيْ الْمَذْكُورَتَانِ بِقَوْلِهِ قُبَيْلَ ذَلِكَ "وَلَا يَسْقُطُ دَمُهُمَا بِفَوَاتِهِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ, وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ" وَفِيهِ لِفَوَاتِهِ الْخِلَافُ "يَعْنِي الْخِلَافَ الَّذِي ذكرناه قبل.
لِفَوَاتِهِ الْخِلَافُ. وَزَادَ فِي الْفُصُولِ: وَدَمٌ ثَالِثٌ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ, كَذَا قَالَ. وَإِذَا فَرَغَ حَجُّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ الْأَبْعَدِ, كَمَنْ فَسَدَ حَجُّهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ, وَكَذَا إنْ قَضَى مُتَمَتِّعًا فَتَحَلَّلَ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْأَبْعَدِ..
فصل: يلزم دم التمتع والقران بطلوع فجر يوم النحر,
فَصْلٌ: يَلْزَمُ دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْخِلَافِ, وَرَدَّ مَا نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ بِخِلَافِهِ إلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ جَمَاعَةٌ, لِقَوْلِهِ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] "أَيْ" فَلْيُهْدِ, وَحَمْلُهُ عَلَى أَفْعَالِهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى إحْرَامِهِ, لِقَوْلِهِ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ" 1 و "يَوْمُ النَّحْرِ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ" 2; ولأن إحرام الحج تتعلق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ صِحَّةُ التَّمَتُّعِ, فَلَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِلْوُجُوبِ كَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ; وَلِأَنَّ الْهَدْيَ مِنْ جِنْسِ "مَا" يَقَعُ بِهِ التَّحَلُّلُ, فَكَانَ وَقْتُ وُجُوبِهِ بَعْدَ وَقْتِ الْوُقُوفِ كَطَوَافٍ وَرَمْيٍ وَحَلْقٍ وَعَنْهُ: بِإِحْرَامِ الْحَجِّ لِلْآيَةِ "وهـ ش" وَلِأَنَّهُ غَايَةٌ, فَكَفَى أَوَّلُهُ. كَأَمْرِهِ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ إلَى اللَّيْلِ, وَعَنْهُ: بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ "وم" وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي, لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِفَوَاتٍ قَبْلَهُ, وَعَنْهُ: بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ, لِنِيَّتِهِ التَّمَتُّعَ إذَنْ, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَنْبَنِي عَلَيْهَا مَا إذَا مَاتَ بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ يُخْرَجُ عَنْهُ مَنْ تَرِكَتِهِ, وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْهِ, وَالثَّانِي: لَا يُخْرَجُ شَيْءٌ, وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فَائِدَةُ الرِّوَايَاتِ إذَا تَعَذَّرَ الدَّمُ وَأَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَى الصَّوْمِ فَمَتَى ثَبَتَ التَّعَذُّرُ فِيهِ الرِّوَايَاتُ. أَمَّا وَقْتُ ذَبْحِهِ فَجَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُسْتَوْعِبُ وَالرِّعَايَةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَحْرُهُ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: "لَا يَجُوزُ" قَبْلَ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ "وهـ م" فَظَاهِرُهُ يجوز إذا وجب, لقوله: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] فَلَوْ جَازَ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَجَازَ الْحَلْقُ, لِوُجُودِ الْغَايَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّهُ فِي الْمُحْصِرِ, وَيَنْبَنِي عَلَى عموم المفهوم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَنَحَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ, وَصَارَ كَمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ. وَفِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّهُ كَانَ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَوْ كَانَ لَهُ نِيَّةُ أَوْ فِعْلُ الْأَفْضَلِ; وَلِمَنْعِ التَّحَلُّلِ بِسَوْقِهِ, وَسَيَأْتِي1, وَقَاسُوهُ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ, وَهِيَ دَعْوَى; وَلِأَنَّ جَوَازَ تَقْدِيمِهِ يُفْتَقَرُ إلَى دَلِيلٍ, الْأَصْلُ عَدَمُهُ, فَإِنْ احْتَجَّ بِمَا سَبَقَ فَسَبَقَ جَوَابُهُ. وَإِنْ قِيلَ كَالصَّوْمِ وَهُوَ بَدَلُهُ قِيلَ هَذَا يَخْتَصُّ2 بِمَكَانٍ فَاخْتَصَّ بِزَمَنٍ, كَطَوَافٍ وَرَمْيٍ وَوُقُوفٍ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ, وَهَذَا الْبَدَلُ يُخَالِفُ الْأَبْدَالَ; لِأَنَّ كُلَّ وَقْتٍ جَازَ فِيهِ بَعْضُ الْبَدَلِ جَازَ كُلُّهُ وَهُنَا تَجُوزُ الثَّلَاثَةُ لَا السَّبْعَةُ. وَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا جَازَ الصَّوْمُ لِوُجُودِ السَّبَبِ, كَنَظَائِرِهِ, فَمِثْلُهُ هُنَا, أَشْكَلَ جَوَابُهُ. وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ: لَهُ نَحْرُهُ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ, وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الصَّوْمِ; لِأَنَّهُ مُبَدَّلٌ, وَحَمَلَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ بذبحه يوم النحر على وجوبه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَوْمَ النَّحْرِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: لَهُ نَحْرُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ وَمَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَهُ لَا يَضِيعُ أَوْ يَمُوتُ أَوْ يُسْرَقُ. وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ, وَهَذَا ضَعِيفٌ, وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ, وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ: وَبَعْدَ حِلِّهِ مِنْ الْعُمْرَةِ, لَا إذَا أَحْرَمَ بِهَا, فَإِنْ عَدِمَ الْهَدْيَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ وَجَدَهُ بِبَلَدِهِ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِتَوْقِيتِهَا1, كَمَاءِ الْوُضُوءِ, بِخِلَافِ رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ فَصِيَامُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ كَامِلَةً كَمَّلَتْ الْحَجَّ وَأَمْرَ الْهَدْيِ, قَالَهُ أَحْمَدُ, وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2. قَالَ الْقَاضِي: كَمَّلَ اللَّهُ الثَّوَابَ بِضَمِّ سَبْعٍ إلَى ثَلَاثٍ. وَقَالَ عَنْ قَوْلِهِ: {تِلْكَ عَشَرَةٌ} [البقرة: 196] لِأَنَّ الْوَاوَ "تَقَع و" تَكُونُ بِمَعْنَى أَوْ. وقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَوْكِيدُ {ثَلاثَةِ} {فِي الْحَجِّ} وَالْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ الْأَفْضَلُ أَنَّ آخِرَهَا عَرَفَةُ, "وهـ" وَعَلَّلَ بِالْحَاجَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ, وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ عَدَمَ اسْتِحْبَابِ صَوْمِهِ يَخْتَصُّ بِالنَّفْلِ. وَعَنْهُ: يَوْمِ التَّرْوِيَةِ "وم ش". وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ1. وَفِي الْبُخَارِيِّ2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَصُومُ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ لَا جُنَاحَ; وَلِأَنَّ صَوْمَهُ بِعَرَفَةَ لَا يُسْتَحَبُّ, وَلَهُ تَقْدِيمُهَا بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ أَشْهَرُ; لِأَنَّ الْعُمْرَةَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ صَوْمِ الْمُتْعَةِ; لِأَنَّ إحْرَامَهَا يَتَعَلَّقُ بِهِ صِحَّةُ التَّمَتُّعِ, فَكَانَ سَبَبًا لِوُجُودِ الصَّوْمِ3, كَإِحْرَامِ الْحَجِّ, وَكُلُّ شَيْئَيْنِ تَعَلَّقَ الْوُجُوبُ بِهِمَا وَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَانَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا سَبَبًا, كَالنِّصَابِ وَالْحَوْلِ, وَالظِّهَارِ وَالْعَوْدِ, وَلَيْسَ صَوْمُ رَمَضَانَ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ, وَإِنْ لَمْ تَجِبْ إلَّا بِهِ وَبِالْجِمَاعِ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا. قِيلَ لِلْقَاضِي: فَيَكُونُ إحْرَامُهَا سَبَبًا لِهَدْيِ الْمُتْعَةِ وَيَثْبُتُ حكمه فيها, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَجَابَ: نَعَمْ, إذَا أَحْرَمَ وَسَاقَهُ كَانَ هَدْيَ مُتْعَةٍ وَمَنَعَهُ التَّحَلُّلَ, وَلَمْ يَجُزْ ذَبْحُهُ, لِمَا سَبَقَ, كَذَا قَالَ. وَعَنْ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ": بِالْحَلِّ مِنْ الْعُمْرَةِ وَعَنْ أَحْمَدَ: وَقَبْلَ إحْرَامِهَا, وَالْمُرَادُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, فَيَكُونُ السَّبَبَ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَحَدُ نُسُكَيْ الْمُتَمَتِّعِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ, كَالْحَجِّ, قَالَ: وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ, وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ, لِلْآيَةِ, أَيْ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ لَا "فِي" وَقْتِهِ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ إحْرَامٍ, فَفِيهِ زِيَادَةُ إضْمَارٍ, قَالَ الْقَاضِي: وَفِي إحْرَامِهِ مَجَازٌ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ, فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا لِفِعْلٍ, قَالَ: وَقِيلَ: فِي جَوَابِهَا: إنَّهَا أَفَادَتْ وُجُوبَ الصَّوْمِ, وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ. وَعِنْدَنَا: يَجِبُ إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ, وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ الْمُتْعَةِ: مَتَى يَجِبُ؟ قَالَ: إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ, كَذَا قَالَ, وَوَقْتُ وُجُوبِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَقْتَ وُجُوبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْهَدْيِ, ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ; لِأَنَّهُ بَدَلٌ كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: لَا خِلَافَ أَنَّ الصَّوْمَ يَتَعَيَّنُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا, بِخِلَافِ الْهَدْيِ فَإِذَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الْوُجُوبِ جَازَ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي وَقْتِ الْجَوَازِ, وَمِنْ تَتِمَّةِ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ: إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ فَصَامَ أَجْزَأَهُ إذَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, وَهَذَا يَدْخُلُ عَلَى مَنْ قَالَ لَا تُجْزِئُ الْكَفَّارَةُ إلَّا بَعْدَ الْحِنْثِ, وَلَعَلَّ هَذَا يَنْصَرِفُ وَلَا يَحُجُّ. قَالَ الْقَاضِي: إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ أَرَادَ بِهِ إحْرَامَ الْعُمْرَةِ; لِأَنَّهُ شَبَّهَهُ بِالْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ, وَإِنَّمَا يَصِحُّ الشَّبَهُ إذَا كَانَ صَوْمُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ; لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ أَحَدَ السَّبَبَيْنِ, وَلِأَنَّهُ قَالَ: إذَا عَقَدَ الْإِحْرَامَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ, وَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ; لِأَنَّ مَنْ شَرْطِ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُسْتَوْعِبُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إنْ أَخَّرَهَا إلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَقَضَاءٌ, وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, وَإِلَّا كَانَ أَدَاءً, وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ, فِي تَتَابُعِ الصَّوْمِ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ, وَظَهَرَ أَنَّ جَوَازَ التَّأْخِيرِ إلَيْهَا مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ, وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي, وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَنْعِ صَوْمِهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا تَكَلَّمَ الْأَصْحَابُ هَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهِ؟ وَسَيَأْتِي1. وَفِي كَلَامِهِمْ مِنْ النَّظَرِ مَا لَا يَخْفَى. وَالثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ. وَيُعْمَلُ بِظَنِّهِ فِي عَجْزِهِ, وَيُلْزِمُ الشَّافِعِيَّةُ أَنْ. يَجِبَ تَقْدِيمُ إحْرَامِ الْحَجِّ لِيَصُومَهَا فِيهِ. وَحَكَى بَعْضُهُمْ وَجْهًا: يَجِبُ, وَفِي التَّشْرِيقِ خِلَافٌ, وَسَبَقَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ2. وَأَمَّا السَّبْعَةُ فَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا فِي التَّشْرِيقِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, لِبَقَاءِ أَعْمَالٍ "مِنْ" الْحَجِّ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: بِلَا خِلَافٍ, وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ: يَجُوزُ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ, وَيَأْتِي كَلَامُ الْقَاضِي فِيمَنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ فِي الصوم ويجوز بعد التشريق, نص عليه "وهـ م" وَالْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي. وَقَدْ طَافَ, يَعْنِي طَوَافَ الزِّيَارَةِ, لِلْآيَةِ, وَالْمُرَادُ: رَجَعْتُمْ مِنْ عَمَلِ الْحَجِّ; لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ وَمُعْتَبَرٌ لِجَوَازِ الصَّوْمِ; ولأنه لزمه, وإنما أخره تحفيفا3 كَتَأْخِيرِ رَمَضَانَ لِسَفَرٍ وَمَرَضٍ, وَمَنَعَ الْمُخَالِفُ لُزُومَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى وَطَنِهِ, وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِحُجَّةٍ ضَعِيفَةٍ, لَكِنْ وُجِدَ سَبَبُهُ فَجَازَ عَلَى أَصْلِنَا, كَمَا سَبَقَ, وَعَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ4 قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وَسَبْعَةٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ" 5 أي يجب إذن, وأجاب ـــــــــــــــــــــــــــــQالثالث: قوله: وَعَلَى هَذَا لَا يَصِيرُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "وسبعة إذا رجع" كذا في النسخ ولعله: وعلى هذا يصير بإسقاط "لا" والمعنى يساعده والسياق يدل عليه.
الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا ابْتَدَأَ بِالرُّجُوعِ إلَى أَهْلِهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ كَقَوْلِنَا, وَظَاهِرُ مَذْهَبِهِ: بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ, قِيلَ: وَفِي الطَّرِيقِ. فَلَوْ تَوَطَّنَ مَكَّةَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَجِّ صَامَ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ, فَإِنْ لَمْ يَجُزْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي التَّشْرِيقِ أَوْ جَازَ وَلَمْ يَصُمْهَا صَامَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَشَرَةَ "وم ش" لِوُجُوبِهِ, فَقَضَاهُ بِفَوَاتِهِ, كَرَمَضَانَ; وَلِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ, كَصَوْمِ الظِّهَارِ لَوْ مَسَّهَا لَمْ يَسْقُطْ; وَلِأَنَّهُ أَحَدُ مُوجِبِي الْمُتْعَةَ, كَالْهَدْيِ. وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ, فِي الْأَشْهَرِ عِنْدَنَا. وَلَا تَلْزَمُ الْجُمُعَةُ إذَا فَاتَ وَقْتُهَا; لِأَنَّهَا الْأَصْلُ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصُومُ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ1 وَابْنِ عَبَّاسٍ1 وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٌ1 وَعَطَاءٍ1 وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ1, ثُمَّ هَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ, وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ. إحْدَاهُنَّ: يَلْزَمُهُ لِتَأْخِيرِهِ; لِأَنَّهُ صَوْمٌ مُؤَقَّتٌ بَدَلٌ, كَقَضَاءِ رَمَضَانَ, بِخِلَافِ صَوْمِ الظِّهَارِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ, وَصَوْمُ رَمَضَانَ أَصْلٌ; وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ وَاجِبٌ أَخَّرَهُ عن وقته, كرمي الجمار. والثانية: لا "وم ش" وَعَلَّلَهُ فِي الْخِلَافِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ أَخَّرَهُ إلَى وَقْتِ جَوَازِ فِعْلِهِ, كَالْوُقُوفِ إلَى اللَّيْلِ وَالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ عَنْ التَّشْرِيقِ, كَذَا قَالَ. وَالثَّالِثَةُ: لَا يَلْزَمُهُ مَعَ عُذْرٍ "م 2 وم 3" وَفِي الانتصار: يحتمل أن. يهدي فقط ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ": قَوْلُهُ بَعْدَ إطْلَاقِ الرِّوَايَاتِ "وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلَفٌ" تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ; لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي خُطْبَةِ الْكِتَابِ2 إذَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ أَطْلَقْت الْخِلَافَ, وَتَقَدَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ3, وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فِي مُقَدَّمَةِ الْكِتَابِ2. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجُزْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ فِي التَّشْرِيقِ أَوْ جَازَ وَلَمْ يَصُمْهَا صَامَ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَشَرَةَ ثُمَّ هَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ, وَالتَّرْجِيحُ مُخْتَلِفٌ, إحْدَاهُنَّ يَلْزَمُهُ لِتَأْخِيرِهِ. وَالثَّانِيَةُ لَا وَالثَّالِثَةُ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ عُذْرٍ, انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: "مَسْأَلَةُ 2" الْمَعْذُورِ. و "مَسْأَلَةُ 3" غَيْرِهِ. وَفِي مَجْمُوعِهِمَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ, أطلقهن في المستوعب والمغني4 والكافي5 والشرح6
قادر. إن اعترف فِي الْكَفَّارَةِ بِالْأَغْلَظِ. وَأَمَّا إنْ صَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَجَازَ فَلَا دَمَ. جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَالرِّعَايَةُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ بِتَأْخِيرِ الصَّوْمِ عَنْ أَيَّامِ الْحَجِّ. وَالرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي تَأْخِيرِ الْهَدْيِ عَنْ أَيَّامِ النحر هل يلزمه دم "م 4 و 5" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُنَّ عَلَيْهِ دَمٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ, وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَلْزَمُهُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهِيَ الَّتِي نَصَّهَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَلْزَمُهُ مَعَ الْعُذْرِ, اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ فِي الْمَعْذُورِ دُونَ غَيْرِهِ, وَقَدَّمَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وُجُوبَ الدَّمِ إذَا أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ, وَأَطْلَقَ الخلاف في المعذور. "مَسْأَلَةٌ 4 و 5" قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَاتُ الْمَذْكُورَةُ2 فِي تَأْخِيرِ الْهَدْيِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ هَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ انْتَهَى. وَفِيهِ أَيْضًا مَسْأَلَتَانِ. "مَسْأَلَةُ 4" الْمَعْذُورِ. و "مَسْأَلَةُ 5" غَيْرِهِ, وَفِيهِمَا ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ, وَأَطْلَقَهُنَّ أَيْضًا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ. إحْدَاهُنَّ: يَلْزَمُهُ دَمٌ آخَرُ, قدمه في المحرر والفائق. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ سِوَى الْهَدْيِ, قَدَّمَهُ في إدراك الغاية في غير المعذور.
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَلْزَمُهُ هَدَيَانِ, وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: لَا دَمَ, وَعِنْدَ أَبِي حنيفة: عليه هديان إذا أيسر: أَحَدُهُمَا" لِحِلِّهِ بِلَا هَدْيٍ وَلَا صَوْمٍ. "وَالثَّانِي" هَدْيُ الْمُتْعَةِ أَوْ الْقِرَانِ. وَلَا يَجِبُ تَتَابُعٌ وَلَا تَفْرِيقٌ1 فِي الثَّلَاثَةِ وَلَا السَّبْعَةِ "و" لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ وَكَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ إذَا قَضَى, كَسَائِرِ الصَّوْمِ, وَمَنَعَ الشَّيْخُ وُجُوبَ التَّفْرِيقِ فِي الْأَدَاءِ بِأَنْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وأتبعها السبعة, ثم إنما كان ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: إنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ لَمْ يَلْزَمْهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْكُبْرَى, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ, وَكَذَا قَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ فِي الْمَعْذُورِ دُونَ غَيْرِهِ. "قُلْت" الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى الْمَعْذُورِ, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي4 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمْ. "تَنْبِيهٌ" حَكَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ فِي الْمَعْذُورِ وَجْهَيْنِ, وفي غير المعذور روايتين.
مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ فَسَقَطَ بِفَوَاتِهِ, كَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ, بِخِلَافِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ لَمْ يَسْقُطْ وَأَوْجَبَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ فَقِيلَ: يُفَرَّقُ بِيَوْمٍ, وَقِيلَ: بِأَرْبَعَةٍ, وَقِيلَ: بِمُدَّةِ إمْكَانِ السَّيْرِ إلَى الْوَطَنِ, وَقِيلَ: بِهِمَا, وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ تَمَكَّنَ مِنْهُ أَوْ لَا فَكَصَوْمِ رَمَضَانَ, عَلَى مَا سَبَقَ1, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَإِنْ وَجَبَ الصَّوْمُ وَشَرَعَ فِيهِ ثُمَّ وَجَدَ هَدْيًا لَمْ يَلْزَمْهُ وَأَجْزَأَهُ الصَّوْمُ "وم ش" وَفِي الْفُصُولِ وغيره تخريج من اعتبار الأغلظ. فِي الْكَفَّارَةِ, وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُظَاهِرَ ارْتَكَبَ الْمُحَرَّمَ, فَنَاسَبَهُ الْمُعَاقَبَةُ, وَالْحَاجُّ فِي طَاعَةٍ, فَخُفِّفَ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَ الْمُزَنِيّ: يَلْزَمُهُ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إنْ فَرَّغَهُ ثُمَّ قَدَرَ يَوْمَ النَّحْرِ نَحَرَهُ وَإِنْ وَجَبَ إذَنْ. وَأَنَّ دَمَ الْقِرَانِ يَجِبُ بِإِحْرَامِهِ, كَذَا قَالَ, وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا, إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فِي صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَوْ بَعْدَهَا, وَقَبْلَ حِلِّهِ فَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا الْهَدْيُ. وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السَّبْعَةَ بَدَلٌ أَيْضًا, لِلْآيَةِ; ولأنه صوم لزمه عند عدم الهدي, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَصَوْمِ الْكَفَّارَةِ الْمَرْتَبَةِ, بِخِلَافِ صَوْمِ فِدْيَةِ الْأَذَى, وَاخْتِلَافُ وَقْتِهِمَا لَا يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ, كَمَا اخْتَلَفَ وَقْتُهُ وَوَقْتُ الْهَدْيِ, وَإِنَّمَا جَازَ مَعَ الْهَدْيِ; لِأَنَّهُ بَعْضُ الْبَدَلِ. قَالَ الْقَاضِي: وَإِنَّمَا جَازَ فِعْلُهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ لِدُخُولِ وَقْتِهِ, قَالُوا: الصَّوْمُ الْقَائِمُ مَقَامَ الْهَدْيِ فِي الْإِحْلَالِ1 صَوْمُ الثَّلَاثَةِ, فَهِيَ الْبَدَلُ; لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْمُبْدَلِ رُدَّ: لَيْسَ لِأَجْلِ التَّحَلُّلِ; بَلْ لِأَنَّ وَقْتَهَا أَنْ يَصُومَ فِي الْحَجِّ, بِخِلَافِ السَّبْعَةِ, وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَيَمِّمِ2 يَجِدُ الْمَاءَ فِي الصَّلَاةِ إنْ قُلْنَا تَبْطُلُ: بِأَنَّ ظُهُورَ الْمُبْدَلِ هُنَاكَ يبطل حكم البدل من أصله, ويبطل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا مَضَى مِنْ الصَّلَاةِ, وَهُنَا صَوْمُهُ صَحِيحٌ يُثَابُ عَلَيْهِ, وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ, لِإِبَاحَةِ الْإِحْلَالِ, وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ فِعْلُهُ لِدُخُولِ وَقْتِهِ, وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَيْضِهَا فِي عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِلْمَشَقَّةِ "بِأَنْ يَجِدَهُ" بِبَلَدِهِ, وَلَا يَبِيعَ مَسْكَنَهُ لِأَجَلِهِ, وَالْمَرْأَةُ إذَا حَاضَتْ لَمْ تَعْتَدَّ إلَّا بِهِ مَا لَمْ. تَيْأَسْ. وَإِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ1; لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ, وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ "م 6" كَالْمُتَيَمِّمِ يَجِدُ الْمَاءَ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ اُعْتُبِرَ حَالُ الْوُجُوبِ, وبالأغلظ, وهو نص الشافعي هنا.
فصل: جزم جماعة
فَصْلٌ: جَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ والرعاية ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَجَبَ الصَّوْمُ وَشَرَعَ فِيهِ ثُمَّ وَجَدَ هَدْيًا لَمْ يَلْزَمْهُ وَأَجْزَأَهُ الصَّوْمُ وَإِنْ وَجَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ والزركشي وغيرهم. "إحْدَاهُمَا" يَلْزَمُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ والمذهب ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 "5/366". 3 "2/341". 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/400".
بِالِاسْتِحْبَابِ, وَمَعْنَاهُ عَنْ أَحْمَدَ, وَعَبَّرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ بِالْجَوَازِ, وَإِنَّمَا أَرَادُوا فَرَضَ الْمَسْأَلَةِ مَعَ الْمُخَالِفِ, وَلِهَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي اسْتِحْبَابَهُ فِي بِحَثِّ الْمَسْأَلَةِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا لِلْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ أَنْ يَفْسَخَا نِيَّتَهُمَا بِالْحَجِّ زَادَ الشَّيْخُ: إذَا طَافَا وَسَعَيَا فَنَوَيَا بِإِحْرَامِهِمَا ذَلِكَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً, فَإِذَا فَرَغَاهَا وحلا منها أحرما بالحج ليصيرا متمتعين. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, فَعَلَى هَذَا لَوْ قَدَرَ عَلَى الشِّرَاءِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ مُوسِرٌ فِي بَلَدِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ, بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِمَا, قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَلْزَمُهُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَمَنَاسِكِ الْقَاضِي مُوَفَّقِ الدِّينِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ; لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ بَعْدَ الشُّرُوعِ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَتَبِعْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَمَبْنَى الْخِلَافِ هَلْ الِاعْتِبَارُ فِي الْكَفَّارَاتِ بِحَالِ الْوُجُوبِ أَوْ بِأَغْلَظِ الْأَحْوَالِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْكَفَّارَاتِ مَجَالُ الْوُجُوبِ, كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ, فَعَلَى هَذَا الْبِنَاءِ أَيْضًا يَكُونُ الصَّحِيحُ مَا صَحَّحْنَاهُ أَوَّلًا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَإِنْ سَلِمَ هَذَا الْبِنَاءُ كَانَ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ وَاضِحٌ, وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ عدم البناء. تَنْبِيهَانِ: "الْأَوَّلُ" قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: فَإِنْ قُلْنَا الِاعْتِبَارُ بِحَالِ الْوُجُوبِ صَارَ الصَّوْمُ أَصْلًا لَا
وَقَالَ "هـ م ش" وَدَاوُد: لَا يَجُوزُ, وَلَنَا وَلَهُمْ مَا سَبَقَ فِي أَفْضَلِ الْأَنْسَاكِ1. قَالُوا: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33] رُدَّ بِالْفَسْخِ, نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ لَا إبْطَالُهُ, مِنْ أَصْلِهِ, زَادَ الْقَاضِي: عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا. قَالُوا: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ} [البقرة: 196] رُدَّ: الْآيَةَ اخْتَصَّتْ2 الِابْتِدَاءَ بِهِمَا لَا الْبِنَاءَ. قَالُوا: أَحَدُ النُّسُكَيْنِ كَالْعُمْرَةِ. رُدَّ: فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ, ثُمَّ لَا فَائِدَةَ, وَهُنَا فَضِيلَةُ التَّمَتُّعِ, وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَضِيلَةُ الإفراد إن كان. قَارِنًا. فَإِنْ قِيلَ: صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ فِعْلَ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ, قِيلَ: مَنَعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا بُدَّ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ لِيَسْتَفِيدَ فَضِيلَةَ التَّمَتُّعِ; وَلِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ. فَلَا يُؤَخِّرُهُ, كَمَا لَوْ لَمْ يُحْرِمْ, فَكَيْفَ وَقَدْ أَحْرَمَ؟ وَاخْتَلَفَ كلام القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQبَدَلًا, وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُجْزِئُهُ فِعْلُ الْأَصْلِ وَهُوَ الْهَدْيُ؟ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ, وَحَكَى الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ.
وَقَدَّمَ الصِّحَّةَ; لِأَنَّ بِالْفَسْخِ حَصَلَ عَلَى صِفَةٍ يَصِحُّ 1مِنْهُ التَّمَتُّعُ1; وَلِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصِيرُ حَجًّا, وَالْحَجُّ يَصِيرُ عُمْرَةً لِمَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ. قَالُوا: لَا يَجُوزُ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ كَذَا بَعْدَهُ, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ, وَلَا يَجْعَلُهَا وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ. رُدَّ: لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ لَمْ يَجُزْ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ; لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ2 أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي مُوسَى: "طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ" , وَلِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ الْفَسْخُ لِيَصِيرَ مُتَمَتِّعًا, فَإِذَا فَسَخَ قَبْلَ فِعْلِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ, وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: افْسَخْ وَاسْتَأْنِفْ عُمْرَةً; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ الْأَوَّلَ تَعَرَّى عَنْ نُسُكٍ, كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَجُوزُ, فَيَنْوِي إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ عُمْرَةً, وَخَبَرُ أَبِي مُوسَى أَرَادَ أَنَّ الْحَلَّ يَتَرَتَّبُ3 عَلَى الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَيْسَ فِيهِ الْمَنْعُ من قلب النية, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: نَزَلْنَا بِسَرِفٍ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ, وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَا" وَفِيهِمَا2 أَيْضًا عَنْهَا: "حَتَّى إذَا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ". وَفِيهِمَا3 أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ لِأَرْبَعٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ, فَصَلَّى الصُّبْحَ بِالْبَطْحَاءِ وَقَالَ لَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ: " مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا" وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ وُجُوبَ الْفَسْخِ لَمْ يَبْعُدْ وَاخْتَارَ ابْنُ حَزْمٍ وُجُوبَهُ, وَقَالَ: هُوَ4 قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَإِسْحَاقَ. وَفِي مُسْلِمٍ5 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ مَنْ طَافَ حَلَّ, وَقَالَ: سُنَّةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَابْنُ عَبَّاسٍ إنَّمَا يَرْوِي التَّخْيِيرَ أَوْ الْأَمْرَ بِالْحِلِّ, فَالتَّخْيِيرُ كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ حَتَّمَهُ عَلَيْهِمْ آخِرًا لَمَّا امْتَنَعُوا, فَعِلَّةُ الْحَتْمِ زَالَتْ. وَفِي مُسْلِمٍ6 أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ لِعَطَاءٍ: مِنْ أَيْنَ يَقُولُ ذَلِكَ؟ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ. قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] قُلْت: فَإِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ, فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: هُوَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ وَقَبْلَهُ كَانَ يَأْخُذُ ذَلِكَ من أمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ, وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ إلَّا قَبْلَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ, لِعَدَمِ جَوَازِهِ فِي وَقْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَا يَسْتَفِيدُ بِهِ فَضِيلَةَ التَّمَتُّعِ, وَلَا يَصِحُّ الْفَسْخُ مِمَّنْ مَعَهُ هَدْيٌ مِنْهُمَا. وَكَذَا لَا يَحِلُّ مُتَمَتِّعٌ سَاقَ هَدْيًا فَيُحْرِمُ بِالْحَجِّ إذَا طَافَ وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ, فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا مَعًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ فِي الْعَشْرِ وَلَمْ يَحِلَّ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْهَدْيُ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّحَلُّلِ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ فِي الْعَشْرِ وَغَيْرِهِ "وهـ" وَنَقَلَ أَيْضًا فِيمَنْ يَعْتَمِرُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا وَمَعَهُ هَدْيٌ: لَهُ أَنْ يُقَصِّرَ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ خَاصَّةً, لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ: قَصَّرْت مِنْ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِشْقَصٍ1. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. قَالَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ الْحَبَشِيُّ3 وَهُوَ الَّذِي خَلَفَ عَطَاءً فِي مَجْلِسِهِ بِمَكَّةَ فِي الْفُتْيَا, وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ: النَّاسُ يُنْكِرُونَ هَذَا عَلَى مُعَاوِيَةَ. وَنَقَلَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى فِيمَنْ قَدِمَ مُتَمَتِّعًا مَعَهُ هَدْيٌ: إنْ قَدِمَ فِي شَوَّالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَحَرَهُ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ, وَإِنْ قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَحِلَّ, فَقِيلَ لَهُ خَبَرُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: إنَّمَا حَلَّ بِمِقْدَارِ التَّقْصِيرِ. قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُهُ يَتَحَلَّلُ قَبْلَ الْعَشْرِ لَا بَعْدَهُ إلَّا بِتَقْصِيرِ الشَّعْرِ. قَالَ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْهَدْيَ لَا يَمْنَعُ التَّحَلُّلَ, وَإِنَّمَا اُسْتُحِبَّ الْمَقَامُ فِي الْعَشْرِ; لِأَنَّهُ لَا يَطُولُ إحْرَامُهُ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَهُ التَّحَلُّلُ وَيَنْحَرُ هَدْيَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ, وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ, وَعَنْهُ أَيْضًا كَقَوْلِنَا. وَجْهُ الْأَوَّلِ الْأَخْبَارُ السَّابِقَةُ, وَكَامْتِنَاعِهِ في وقته صلى الله عليه وسلم; وَلِأَنَّ التَّمَتُّعَ1 أَحَدُ نَوْعَيْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ, كَالْقِرَانِ. وَفِيهِ نَظَرٌ, وَحَيْثُ صَحَّ الْفَسْخُ لَزِمَهُ دَمٌ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ; لأن نية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّمَتُّعِ إنْ اُعْتُبِرَتْ فَمَا حَلَّ حَتَّى نَوَى أَنَّهُ يَحِلُّ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي: لَا, لِعَدَمِ النِّيَّةِ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يُسْتَحَبُّ الْإِحْرَامُ بِنِيَّةِ الْفَسْخِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ.
فصل: من حاضت وهي متمتعة قبل طواف العمرة
فصل: من حاضت وهي متمتعة قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ فَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ أَوْ خَافَهُ غَيْرُهَا أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَصَارَ قَارِنًا, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" وَلَمْ يَقْضِ طَوَافَ الْقُدُومِ. وَقَالَ "هـ": يَصِيرُ رَافِضًا لِلْعُمْرَةِ, قَالَ أَحْمَدُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ, لِخَبَرِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أنها أهلت بعمرة فحاضت, فقال صلى الله عليه وسلم "انقضي رأسك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ فَفَعَلَتْ. فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرَتْ مِنْهُ فَقَالَ: "هَذِهِ عُمْرَةٌ مَكَانَ عُمْرَتِك" 1 لَنَا مَا سَبَقَ فِي صِفَةِ الْقِرَانِ; وَلِأَنَّ إدْخَالَ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ خَشْيَةِ الْفَوَاتِ, فَمَعَهُ أَوْلَى وَخَبَرُ عُرْوَةَ رُوِيَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ. فَلَمْ يَسْمَعْهُ, وَالْإِثْبَاتُ عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِهِ, وَخَبَرُ جَابِرٍ2 السَّابِقُ, وَمُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَفْضُ نُسُكٍ يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ وَيُحْتَمَلُ: دَعِي الْعُمْرَةَ وأهلي معها بالحج, أو: دعي أفعالها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ وَقَفَ الْقَارِنُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ لَزِمَهُ رَفْضُ الْعُمْرَةِ; لِأَنَّهُ صَارَ بَانِيًا أَفْعَالَهَا عَلَى أَفْعَالِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ, وَلِكَرَاهَتِهَا عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ, فَإِنْ رَفَضَهَا لَزِمَهُ دَمٌ لِرَفْضِهَا وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا, فَإِنْ مَضَى عَلَيْهِمَا1 أَجْزَأَهُ, لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا, لِاشْتِغَالِهِ بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ الْحَجِّ, وَعَلَيْهِ دَمُ كَفَّارَةٍ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا حَلَقَ لَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا, عَلَى ظَاهِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ وَقِيلَ: بَلَى, لِلنَّهْيِ, قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ2 مِنْهُمْ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا: وَعِنْدَنَا يَجِبُ دَمُ الْقِرَانِ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْعُمْرَةُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ; لِأَنَّ الْوُقُوفَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ, فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ رَفْضُ الْعُمْرَةِ, كَإِحْرَامِ الْحَجِّ; وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُرْتَفَضُ بِرَفْضِهِ, وَلَا يتحلل بوطء مع تأكده, فالوقوف أولى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَيْسَ كَإِحْرَامٍ بِحَجَّتَيْنِ, لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمُضِيُّ فِيهِمَا وَالْوَقْتُ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا, وَهَذَا بِخِلَافِهِ, وَسَبَقَ فِي صِفَةِ الْقِرَانِ إذَا لَزِمَهُ طَوَافَانِ وسعيان1 "والله أعلم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن أحرم مطلقا,
فَصْلٌ: وَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا, بِأَنْ نَوَى نَفْسَ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا صَحَّ "و" كَإِحْرَامِهِ بِمِثْلِ إحْرَامِ فُلَانٍ, ثُمَّ يَجْعَلُهُ مَا شَاءَ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ, وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ, كَابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ, وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: فَإِنْ طَافَ شَوْطًا كَانَ لِلْعُمْرَةِ; لِأَنَّهُ رُكْنٌ فِيهِ, فَكَانَ أَهَمَّ, وَكَذَا لَوْ أُحْصِرَ أَوْ جَامَعَ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ, وَإِنْ2 وَقَفَ بِعَرَفَةَ كَانَ لِلْحَجِّ, كَذَا قَالُوا. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا: يَجْعَلُهُ عُمْرَةً, كَإِحْرَامِهِ بِمِثْلِ إحْرَامِ فُلَانٍ. وَقَالَهُ الْقَاضِي إنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ, وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ أَوْلَى, كَابْتِدَاءِ إحْرَامِ الْحَجِّ فِي غَيْرِهَا. عَلَى مَا سَبَقَ. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ جَعَلَهُ حَجًّا بَعْدَ دُخُولِ أَشْهُرِهِ لَمْ يُجْزِئْ فِي الْأَصَحِّ, بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِهِ عُمْرَةً لَا مُبْهَمًا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ شَرَطْنَا تَعْيِينَ مَا أَحْرَمَ بِهِ بَطَلَ الْمُطْلَقُ, كَذَا قَالَ. وَإِنْ أَبْهَمَ إحْرَامَهُ فَأَحْرَمَ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ بِمِثْلِهِ صَحَّ, لِخَبَرِ جَابِرٍ أَنَّ عَلِيًّا قَدِمَ مِنْ الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَ أَهْلَلْت"؟ قَالَ: بِمَا أَهْلَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ "فَاهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا" وَفِي خَبَرِ أَنَسٍ: أَهْلَلْت بِإِهْلَالٍ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم. وعن أبي موسى أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْرَمَ كَذَلِكَ قَالَ: "سُقْت مِنْ هَدْيٍ"؟ قَالَ: لَا, قَالَ: "فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1, فَإِنْ عَلِمَ انْعَقَدَ بِمِثْلِهِ, فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَكَمَا سَبَقَ, فَظَاهِرُهُ لَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهُ إلَى مَا يُصْرَفُ إلَيْهِ, كَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, وَلَا إلَى مَا كَانَ صَرْفُهُ إلَيْهِ, كَأَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لَهُمْ, وَأَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا احْتِمَالَيْنِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ لَا بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ. وَإِنْ كَانَ إحْرَامُهُ فَاسِدًا فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ2 لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا نَذَرَ عِبَادَةً فَاسِدَةً هَلْ تَنْعَقِدُ بِصَحِيحَةٍ؟ وَإِنْ جَهِلَهُ فَكَمَنْسِيٍّ عَلَى مَا يَأْتِي3. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: يَجْعَلُ نَفْسَهُ قَارِنًا, وَكَذَا عِنْدَنَا إنْ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ, ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي4, وَالْأَشْهَرُ كَمَا لَوْ لَمْ يُحْرِمْ, فَيَكُونُ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا, وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عِلْم بِأَنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ, كَظَاهِرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ, لِجَزْمِهِ بِالْإِحْرَامِ, بِخِلَافِ: إنْ كَانَ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت, فَلَمْ يَكُنْ مُحْرِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ, فَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَصِحَّ "و" وَلَوْ قَالَ: أَحْرَمْت يَوْمًا أَوْ بِنِصْفِ نُسُكٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ, أَوْ يَصِحُّ, كَالشَّافِعِيَّةِ. وَإِنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ عُمْرَةً, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد, كَمَا لَوْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ; لِأَنَّهَا الْيَقِينُ. احْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا, وَمُرَادُهُمْ: لَهُ جَعْلُهُ عُمْرَةً, لَا تَعْيِينُهَا, وَعَنْهُ: مَا شَاءَ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَمَاعَةٌ, وَحَمَلَ نَصَّ أَحْمَدَ عَلَى النَّدْبِ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: هَلْ يَجْعَلُهُ مَا شَاءَ أَوْ عُمْرَةً؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَإِنْ عَيَّنَهُ بِقِرَانٍ صَحَّ حَجُّهُ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دَمُ قِرَانٍ, احْتِيَاطًا, وَقِيلَ: وَتَصِحُّ عُمْرَتُهُ, بِنَاءً عَلَى إدْخَالِ الْعُمْرَةِ 1عَلَى الْحَجِّ لِحَاجَةٍ, فَيَلْزَمُهُ دَمُ قِرَانٍ. وَإِنْ عَيَّنَهُ بِتَمَتُّعٍ فَكَفَسْخِ حَجٍّ إلَى عُمْرَةٍ, وَيَلْزَمُهُ دَمُ الْمُتْعَةِ وَيُجْزِئُهُ عَنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ شَكُّهُ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ جَعَلَهُ عُمْرَةً, لِامْتِنَاعِ إدْخَالِ الْحَجِّ إذْن لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ, فَإِذَا سَعَى وَحَلَقَ فمع بقاء وقت الوقوف يحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْحَجِّ وَيُتِمُّهُ1 وَيُجْزِئُهُ, وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِلْحَلْقِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ إنْ كَانَ حَاجًّا, وَإِلَّا فَدَمُ مُتْعَةٍ. وَإِنْ كَانَ شَكُّهُ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَجَعَلَهُ حَجًّا أَوْ قِرَانًا تَحَلَّلَ بِفِعْلِ الْحَجِّ وَلَمْ يُجْزِئْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا, لِلشَّكِّ2, لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَنْسِيَّ عُمْرَةٌ, فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ طَوَافِهَا, وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَجٌّ فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ, وَلَا دَمَ وَلَا قَضَاءَ, لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهِمَا. وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ جَعَلَهُ قِرَانًا, فِي الْجَدِيدِ, فَيُتِمُّهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ الْحَجِّ, وَلَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْعُمْرَةِ, فِي الْأَصَحِّ, إلَّا إنْ جَازَ إدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ إذَنْ, وَإِلَّا فَلَا, فِي الْأَصَحِّ, قَالَ أَصْحَابُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّافِعِيُّ الْقِرَانَ; لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ, فَلَوْ جَعَلَهُ "حَجًّا وَأَتَى بِعَمَلِهِ أَجْزَأَهُ, وَإِنْ جَعَلَ عُمْرَةً" وَأَتَى بأعمال القران أجزأه عنها3 وإن جَازَ إدْخَالُهَا عَلَى الْحَجِّ, وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا وَأَتَى بِعَمَلِ الْحَجِّ تَحَلَّلَ وَلَمْ يُجْزِئْهُ واحد منهما للشك4 فِيمَا أَتَى بِهِ, وَلَوْ أَتَى بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَتَحَلَّلْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَلَمْ يُتِمَّ عَمَلَهُ. وَإِنْ عَرَضَ شَكُّهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ وَقَبْلَ الطَّوَافِ أَجْزَأَهُ الْحَجُّ إنْ وَقَفَ ثَانِيًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَمِرًا, فَلَا يُجْزِئُهُ ذَلِكَ الوقوف عن الحج, وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَرَضَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ الْوُقُوفِ فَنَوَى قَارِنًا وَأَتَى بِعَمَلِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: يُتِمُّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ وَمِنْهَا الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ, وَيَأْتِي بِهِ فَيَصِحُّ حَجُّهُ. قَالَ أَكْثَرُهُمْ: إنْ فَعَلَ هَذَا صَحَّ حَجُّهُ. وَلَا نُفْتِيه بِهِ, لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ, وَإِنَّ هَذَا الْحَلْقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُبَاحُ بِالْعُذْرِ, قَالُوا: وَيَلْزَمُ غَيْرَ الْمَكِّيِّ دَمٌ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ. وَلَا يُعَيِّنُ جِهَتَهُ; لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَدَمُ مُتْعَةٍ, وَإِلَّا فَقَدْ حَلَقَ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ, فَإِنْ عَجَزَ صَامَ كَمُتَمَتِّعٍ, وَلَا يُعَيِّنُ الْجِهَةَ فِي صِيَامِ1 ثَلَاثَةٍ, فَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ. وَكَذَا إنْ عَرَضَ الشَّكُّ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ. وَفِي الْقَدِيمِ: يَتَحَرَّى وَيَعْمَلُ بِظَنِّهِ, وَالْأَصَحُّ: يُجْزِئُهُ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ أَحْرَمَ بِنُسُكٍ وَنَسِيَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِفِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِ وَتَحَرَّى فَلَمْ يَظْهَرَ لَهُ لَزِمَهُ أَنْ يكون قارنا, احتياطا
فصل: وإن أحرم بحجتين أو عمرتين
فَصْلٌ: وَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ أَوْ عُمْرَتَيْنِ انْعَقَدَ بواحدة "وم ش" لِأَنَّ الزَّمَانَ يَصْلُحُ لِوَاحِدَةٍ, فَيَصِحُّ بِهِ, كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ, فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ هُنَا, كَأَصْلِهِ, وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ, وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِمَا, كَبَقِيَّةِ أَفْعَالِهِمَا, وَكَنَذْرِهِمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ, تَجِبُ إحْدَاهُمَا وَلَمْ تَجِبْ الْأُخْرَى; لِأَنَّ الْوَقْتَ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا, قاله ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ: فَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَفِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَجْهَانِ انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كلام الشافعية.
الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ, وَكَنِيَّةِ صَوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ, وَإِنْ أَحْرَمَ بِصَلَاتَيْ نَفْلٍ أَوْ إحْدَاهُمَا قَالَهُ فِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: مُطْلَقًا انْعَقَدَ بِالنَّافِلَةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَنْعَقِدُ بِالنُّسُكَيْنِ وَيَقْضِي وَاحِدَةً, فَلَوْ أَفْسَدَهُ قَضَاهُمَا, عِنْدَهُ. وَقَالَ دَاوُد: لَا يَنْعَقِدُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا, لِقَوْلِهِ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" 1 وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ, وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ يَحْمِلُهُ عَلَى. غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ يَوْمَ النَّحْرِ بِأُخْرَى لَزِمَتَاهُ, فَإِنْ حَلَقَ فِي الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَإِلَّا لَزِمَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ, قَصَّرَ أَوْ لَمْ يُقَصِّرْ. وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ: إنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ; لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْحَجِّ بِدْعَةٍ, كَالْجَمْعِ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ, فَإِذَا حَلَقَ فَهُوَ أَوْلَى إنْ كَانَ نُسُكًا فِي الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فَهُوَ جِنَايَةٌ عَلَى الثَّانِي; وَلِأَنَّهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ, وَإِنْ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى حَجَّ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَقَدْ أَخَّرَ الْحَلْقَ عَنْ وَقْتِهِ فِي الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ, وَذَلِكَ يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ, وَعِنْدَهُمَا: لَا. قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَمَنْ فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ "إلَّا" التَّقْصِيرَ فَأَحْرَمَ بِأُخْرَى فَعَلَيْهِ دَمٌ, لِإِحْرَامِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ; لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إحْرَامَيْ الْعُمْرَةِ, وَهَذَا مَكْرُوهٌ. قَالُوا: فَلَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْعُمْرَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الْأَفْعَالُ وَبَيْنَ الْحَجَّتَيْنِ إحْرَامًا, فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْفُضَهَا, كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا معا ويقضيها لصحة الشروع فيها, ودم لرفضهما2 بتحلله قبل أوانه, بناء على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَصْلِهِمْ أَنَّ فَائِتَ الْحَجِّ يَتَحَلَّلُ بِأَفْعَالِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقَلِبَ إحْرَامُهُ إحْرَامَهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَإِنْ أَهَلَّ لِعَامَيْنِ, فَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ إذَا قَالَ لَبَّيْكَ الْعَامَ وَعَامَ قَابِلٍ. فَإِنَّ عَطَاءً يَقُولُ: يَحُجُّ الْعَامَ وَيَعْتَمِرُ قَابِلَ. وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ اثْنَيْنِ وَقَعَ عَنْ نَفْسِهِ "و" لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ عَنْهُمَا وَلَا أَوْلَوِيَّةَ. وَكَإِحْرَامِهِ عَنْ زَيْدٍ وَنَفْسِهِ, وَكَذَا إنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ, لِأَمْرِهِ بِالتَّعْيِينِ, وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ جَعْلُهُ لِأَيِّهِمَا شَاءَ, لِصِحَّتِهِ بِمَجْهُولٍ, فَصَحَّ عَنْهُ, قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: هُوَ الِاسْتِحْسَانُ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ وَسِيلَةٌ إلَى مَقْصُودٍ, وَالْمُبْهَمُ يَصْلُحُ وَسِيلَةً بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ, فَاكْتُفِيَ بِهِ شَرْطًا, فَلَوْ طَافَ شَوْطًا أَوْ سَعَى أَوْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ جَعْلِهِ تَعَيَّنَ عَلَى نَفْسِهِ; لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ فَسْخٌ وَلَا يَقَعُ عَنْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَعَنْهُ: يَبْطُلْ إحْرَامُهُ, كَذَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَيَضْمَنُ وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَخَذَ مِنْ اثْنَيْنِ حَجَّتَيْنِ لِيَحُجَّ عَنْهُمَا فِي عَامٍ, لِفِعْلِهِ مُحَرَّمًا, نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ اسْتَنَابَهُ اثْنَانِ فِي عَامٍ فِي نُسُكٍ فَأَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ وَتَعَذَّرَ مَعْرِفَتُهُ فَإِنْ فَرَّطَ أَعَادَ الْحَجَّ عَنْهُمَا. وَإِنْ فَرَّطَ الْمُوصَى إلَيْهِ بِذَلِكَ غَرِمَ ذَلِكَ, وَإِلَّا فَمِنْ تَرِكَةِ الْمُوصِيَيْنِ إنْ كَانَ النَّائِبُ غَيْرَ مُسْتَأْجَرٍ لِذَلِكَ, وَإِلَّا لَزِمَاهُ. وَإِنْ أَحْرَمَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَنْسَهُ1 صَحَّ وَلَمْ يَصِحَّ إحْرَامُهُ لِلْآخَرِ بَعْدَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وظاهر ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَبَقَ فِيمَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْ أَبَوَيْهِ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْهُمَا أَجْزَأَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا عَنْ أَحَدِهِمَا, لَا مَنْ حَجَّ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ, فَإِنَّمَا يَجْعَلُ ثَوَابَ حَجِّهِ لَهُ1, وَذَلِكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْحَجِّ, فَلَغَتْ نِيَّتَهُ قَبْلَ أَدَائِهِ, وَصَحَّ جَعْلُهُ ثَوَابَهُ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ, بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ, كَذَا قَالُوا, وَسَبَقَ آخِرَ المناسك في فصل الاستنابة عن المعضوب2.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: التلبية سنة لا تجب
فصل: التلبية سُنَّةٌ لَا تَجِبُ, وَسَبَقَ أَوَّلَ الْبَابِ3, وَتُسْتَحَبُّ عَقِبَ إحْرَامِهِ, جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, لِمَا سَبَقَ, وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ إذَا رَكِبَ, وَالْمُرَادُ: وَاسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً; لِأَنَّهُ4 فِي الصَّحِيحَيْنِ5 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ, وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ6 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَأَنَسٍ: أَهَلَّ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: يُلَبِّي مَتَى شَاءَ سَاعَةَ يُسْلِمُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدُ, وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هِيَ كَالْإِحْرَامِ. وَصِفَتُهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ7 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ, إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك, وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك" قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ: أجمع العلماء على هذه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّلْبِيَةِ, وَيَقُولُ "لَبَّيْكَ إنْ". بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ, قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ أَفْضَلُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالْجُمْهُورِ, فَإِنَّهُ حُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ, وَحَكَى الْفَتْحُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ. قَالَ ثَعْلَبٌ: مَنْ كَسَرَ فَقَدْ عَمَّ يَعْنِي حَمِدَ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ, قَالَ: وَمَنْ فَتَحَ فَقَدْ خَصَّ, أَيْ لِأَنَّ الْحَمْدَ لَك أَيْ لِهَذَا السَّبَبِ. وَلَبَّيْكَ لَفْظُهُ مُثَنَّى, وَلَيْسَ بِمُثَنًّى, لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ, وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ التَّثْنِيَةَ بَلْ لِلتَّكْثِيرِ1. وَالتَّلْبِيَةُ مِنْ لَبَّ بِالْمَكَانِ إذَا أَقَامَ بِهِ, أَيْ أَنَا مُقِيمٌ عَلَى طَاعَتِك إقَامَةً بَعْدَ إقَامَةٍ, كَمَا قَالُوا: حَنَانَيْكَ وَنَحْوَهُ, وَالْحَنَانُ الرَّحْمَةُ وَعِنْدَ يُونُسَ لَفْظُهَا مُفْرَدٌ, وَالْيَاءُ فِيهَا كَالْيَاءِ فِي عَلَيْك وَإِلَيْك وَلَدَيْك, قُلِّبَتْ الْبَاءُ الثَّالِثَةُ يَاءً اسْتِثْقَالًا لِثَلَاثِ بَاءَاتٍ, ثُمَّ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا, ثُمَّ يَاءً لِإِضَافَتِهَا إلَى مُضْمَرٍ, كَمَا فِي لَدَيْكَ2, وَرَدَّهُ سِيبَوَيْهِ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ3: . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... .... "فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرٍ" بِالْيَاءِ دُونَ الْأَلِفِ مَعَ إضَافَتِهِ إلَى الظَّاهِرِ, وَهِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ. وَالدَّاعِي قِيلَ: هُوَ اللَّهُ, وَقِيلَ: مُحَمَّدٌ, وَقِيلَ: إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ والسلام "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ فِي التَّلْبِيَةِ: هِيَ جَوَابُ الدُّعَاءِ, وَالدَّاعِي قِيلَ: هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِمَا مِنْ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ, انْتَهَى. "قُلْت" أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إبْرَاهِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَدْ قَطَعَ به البغوي وغيره من أهل التفسير.
وَلَا تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا "هـ" وَلَا يُكْرَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ1. وَزَادَ ابْنُ عُمَرَ فِي آخِرِهَا لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ2 وَسَعْدَيْكَ, وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْك, وَالرَّغْبَاءُ إلَيْك وَالْعَمَلُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَفِي الْمُوَطَّإِ وَأَبِي دَاوُد4 فِي زِيَادَتِهِ: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ, ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَزَادَ عُمَرُ مَا زَادَهُ ابْنُهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ5 وَعَنْهُ أَيْضًا: لَبَّيْكَ ذَا النَّعْمَاءِ وَالْفَضْلِ الْحَسَنِ, لَبَّيْكَ مَرْغُوبًا وَمَرْهُوبًا إلَيْك. رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ6 وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد7 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ, والناس يزيدون8 ذَا الْمَعَارِجِ وَنَحْوُهُ مِنْ الْكَلَامِ, وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ فَلَا يَقُولُ لَهُمْ شَيْئًا, وَلَزِمَ تَلْبِيَتَهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ إلَهَ الْحَقِّ لَبَّيْكَ" حَدِيثٌ حَسَنٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ9. وَفِي الْإِفْصَاحِ لِابْنِ هُبَيْرَةَ: تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ, وَقِيلَ لَهُ: الزِّيَادَةُ بَعْدَهَا لَا فِيهَا, وَلِلْبُخَارِيِّ10 التَّلْبِيَةُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ كَابْنِ عُمَرَ, وليس فيه "والملك لا شريك لك" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ "وَالْمُلْكُ لَا شَرِيكَ لَك" فَتَرَكَهُ لِأَنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ, وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ: لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ, لِرِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ1 عَنْ مُجَاهِدٍ مُرْسَلًا: تَلْبِيَةَ ابْنِ عُمَرَ حَتَّى إذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَالنَّاسُ يَنْصَرِفُونَ2 عَنْهُ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ مَا هُوَ فِيهِ فَزَادَ فِيهِ ذَلِكَ, وَكَذَا ذَكَرَ الْآجُرِّيُّ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلَّا عَيْشَ الْآخِرَةِ3. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُلَبِّيَ عَنْ أَخْرَسَ وَمَرِيضٍ, نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ, زَادَ بَعْضُهُمْ: وَنَوْمٍ, وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمَفْهُومَةِ4 كَنُطْقِهِ. وَتَتَأَكَّدُ التَّلْبِيَةُ إذَا عَلَا نَشَزًا أَوْ هَبَطَ وَادِيًا أَوْ لَقِيَ رُفْقَةً, أَوْ سَمِعَ مُلَبِّيًا, وَعَقِيبَ مَكْتُوبَةٍ, أَوْ أَتَى مَحْظُورًا نَاسِيًا, وَأَوَّلَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, أَوْ رَكِبَ, زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: أَوْ نَزَلَ, وَقَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ, وَلَمْ يُقَيِّدُوا الصَّلَاةَ بِمَكْتُوبَةٍ. قَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَإِذَا هَبَطَ وَادِيًا أَوْ عَلَا نَشَزًا أَوْ لَقِيَ رَكْبًا أَوْ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُلَبِّي فِي حَجَّتِهِ. كَذَلِكَ, وَلَمْ يَذْكُرْ: إذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ, وَزَادَ: وَمِنْ آخَرِ اللَّيْلِ5, وَعِنْدَ مَالِكٍ: لَا يلبي عند لقاء الرفقة, وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُسْتَوْعِبِ: يُسْتَحَبُّ عِنْدَ تَنْقُلْ الْأَحْوَالِ بِهِ, وَذَكَرَ كَمَا سَبَقَ, وَزَادَ: وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ. وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ صَوْتِهِ بِهَا, لِخَبَرِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ "أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَصْحَابِي أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْإِهْلَالِ وَالتَّلْبِيَةِ" أَسَانِيدُهُ جَيِّدَةٌ, رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ1, وَلِأَحْمَدَ2 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ "أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: كُنْ عَجَّاجًا ثَجَّاجًا" وَالْعَجُّ: التَّلْبِيَةُ, وَالثَّجُّ: نَحْرُ الْبُدْنِ. وَعَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيُّ الْحَجِّ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "الْعَجُّ وَالثَّجُّ"3 عَبْدُ الرَّحْمَنِ تَفَرَّدَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ, قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ, وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ, وَمَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ أَخْطَأَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: أَصْلُ الْحَدِيثِ مَعْرُوفٌ, وَيَخْتَلِفُونَ فِي إسْنَادِهِ. وَكَرِهَ مَالِكٌ إظْهَارَهَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ, حَكَاهُ بَعْضُهُمْ, وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَظِهَارَهَا مَسْنُونٌ فِي الصَّحَارِي, وَلَا يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهَا فِي مَسَاجِدِ الْحِلِّ وَأَمْصَارِهَا "هـ" ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ, وَالْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ: إذَا أَحْرَمَ فِي مِصْرِهِ. لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُلَبِّيَ حَتَّى يَبْرُزَ, لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِمَنْ سَمِعَهُ يُلَبِّي بِالْمَدِينَةِ: إنَّ هذا لمجنون, إنما التلبية إذا برزت4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بِأَنَّ إخْفَاءَ التَّطَوُّعِ أَوْلَى خَوْفَ الرِّيَاءِ عَلَى مَنْ لَا يُشَارِكُهُ فِي تِلْكَ الْعِبَادَةِ, بِخِلَافِ الْبَرَارِي وَعَرَفَاتٍ وَالْحَرَمِ وَمَكَّةَ, وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِكَرَاهَةِ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ. وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ كَمَا سَبَقَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ التَّلْبِيَةِ, فَإِنْ اُسْتُحِبَّتْ اُسْتُحِبَّ إظْهَارُهَا وَإِلَّا فَلَا, وَبَعْضُهُمْ فِي إظْهَارِهَا وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسْتَحَبَّ فَفِي الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ, وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ كَقَوْلِنَا. وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لَا يُلَبِّي بِوُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ, لِعَدَمِ نَقْلِهِ, كَذَا قَالَ, وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَتْرُكُهَا إذَا رَاحَتْ إلَى الْمَوْقِفِ, وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقْطَعُهَا إذْ زَاغَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ, رَوَاهُمَا مَالِكٌ1, وَيَأْتِي مَتَى يَقْطَعُهَا2. وَالْإِكْثَارُ مِنْهَا, لِخَبَرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهُنَا" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الْمَدَنِيِّينَ, وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْهُمْ, وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ3, وَرَوَاهُ4 أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ. وَعَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "مَا مِنْ مُحْرِمٍ يُضَحِّي لِلَّهِ يَوْمَهُ يلبي حتى تغيب الشمس إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَابَتْ بِذُنُوبِهِ فَعَادَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ1. وَالدُّعَاءُ بَعْدَهَا "م" لِخَبَرِ خُزَيْمَةَ: إنَّهُ كَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ رِضْوَانَهُ وَالْجَنَّةَ, وَيَسْتَعِيذُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ النَّارِ, إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ2. وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 بَعْدَهَا "م" لِقَوْلِ الْقَاسِمِ "ابْنِ مُحَمَّدٍ" كَانَ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ, فِيهِ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَائِدَةَ, قَوَّاهُ أَحْمَدُ, وَضَعَّفَهُ الْجَمَاعَةُ, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4; وَلِأَنَّهُ يُشْرَعُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ كَصَلَاةٍ وَأَذَانٍ. وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ التَّلْبِيَةِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَهُ أَحْمَدُ, وَقَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وَقَالَ لَهُ الْأَثْرَمُ: مَا شَيْءٌ يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ يُكَبِّرُونَ دُبُرَ الصَّلَاةِ ثَلَاثًا؟ فَتَبَسَّمَ وَقَالَ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءُوا بِهِ, قُلْت: أَلَيْسَ يُجْزِئُهُ مَرَّةً؟ قَالَ: بَلَى; لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ التَّلْبِيَةُ مُطْلَقًا. وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْخِلَافِ, لِتَلَبُّسِهِ بِالْعِبَادَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: حَسَنٌ, فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا, وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ5, وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد6 أَنَّهُ كَانَ يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلْبُخَارِيِّ1 عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا حَتَّى تُفْهَمَ عَنْهُ وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ تكرارها في حالة واحدة, كذا قال قَالَ وَتُسَنُّ نَسَقًا, وَمِثْلُهَا التَّكْبِيرُ دُبُرَ الصَّلَاةِ فِي الْأَضْحَى وَالتَّشْرِيقِ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, وَيُعْتَبَرُ أَنْ تُسْمِعَ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا بِهَا "و" وَالسُّنَّةُ أَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَهَا, حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ "ع". وَيُكْرَهُ جَهْرُهَا أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ2 سَمَاعِ رفيقها, خوف الفتنة "وش" وَمَنَعَهَا فِي الْوَاضِحِ, وَمِنْ أَذَانٍ أَيْضًا, وَعَلَى. قَوْلِنَا: صَوْتُهَا عَوْرَةٌ تُمْنَعُ, كَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: تَقْتَصِرُ عَلَى إسْمَاعِ3 نَفْسِهَا, وهو متجه "وش" وَفِي كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّيْخِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجَمَاعَةٍ: لَا تَرْفَعُ إلَّا بِقَدْرِ مَا تُسْمِعُ رَفِيقَتَهَا. وَلَا تُشْرَعُ إلَّا بِالْعَرَبِيَّةِ إنْ قُدِرَ, كَأَذَانٍ وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ, وَلَمْ يُجَوِّزْ أَبُو الْمَعَالِي الْأَذَانَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ إلَّا لِنَفْسِهِ مَعَ عَجْزِهِ وَهَلْ يستحب ذكر نسكه فيها؟ فيه وجهان ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَهَلْ يُسْتَحَبُّ ذِكْرُ نُسُكِهِ فِيهَا يَعْنِي فِي التَّلْبِيَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يُسْتَحَبُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ, وَابْنُ رَزِينٍ في شرحه, واختاره في الرعاية الكبرى.
ويستحب للقارن ذكر العمرة قبل الحج1, نُصَّ عَلَيْهِ, لِقَوْلِ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ الْحَجَّةَ قَبْلَ الْعُمْرَةِ, وَأَنَّهُ يَذْكُرُ نُسُكَهُ فِيهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ. وَيَقْطَعُ الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ عِنْدَ رَمْيِ أَوَّلِ حَصَاةٍ مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ, قَالَ أَحْمَدُ: يُلَبِّي حَتَّى يَرْمِيَ جمرة العقبة يقطع عند أول حصاة "وهـ ش" لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ3 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أُسَامَةَ كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ, ثُمَّ أَرْدَفَ الْفَضْلَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى, فَكِلَاهُمَا قَالَ: لَمْ يَزَلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. وَلِلنَّسَائِيِّ4: فَلَمَّا رَمَى قَطَعَ التَّلْبِيَةَ, وَرَوَاهُ حَنْبَلٌ: قَطَعَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِعَرَفَةَ فَقَالَ: مَالِي لَا أَسْمَعُ النَّاسَ يُلَبُّونَ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَخَافُونَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ فُسْطَاطِهِ فَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, فَإِنَّهُمْ قَدْ تَرَكُوا السُّنَّةَ عَنْ بُغْضِ عَلِيٍّ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ5 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَفِيهِ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثِقَةٌ, لَكِنَّهُ شِيعِيٌّ لَهُ مَنَاكِيرُ. وَلَبَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمُزْدَلِفَةَ, قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ, رَوَاهُ مُسْلِمٌ6. وَلَبَّى مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ, فَقِيلَ لَهُ: لَيْسَ يَوْمَ تَلْبِيَةٍ بَلْ يَوْمُ تَكْبِيرٍ, فَقَالَ: أَجَهِلَ النَّاسُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ "الثَّانِي" لَا يُسْتَحَبُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
أَمْ نَسُوا؟ خَرَجْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ إلَّا أَنْ يُخَالِطَهَا تَكْبِيرٌ أَوْ تَهْلِيلٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ1, وَلِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِشُرُوعِهِ فِي الرَّمْيِ فَيَقْطَعُهَا كَالْمُعْتَمِرِ بِشُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ, بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ. وَأَصَحُّ رِوَايَتَيْ مَالِكٍ: يَقْطَعُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ, لِمَا سَبَقَ فِي إظْهَارِهَا, وَلِمَالِكٍ2 عَنْ نَافِعٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ إذَا انْتَهَى إلَى الْحَرَمِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يسعى ثم يلبي حين3 يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ, فَإِذَا غَدَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ, وَكَانَ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ فِي الْعُمْرَةِ حِينَ يَدْخُلُ الْحَرَمَ. وَيَقْطَعُهَا الْمُعْتَمِرُ وَالْمُتَمَتِّعُ بِشُرُوعِهِ فِي الطَّوَافِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ ش" وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ, فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ, خِلَافًا لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ4 وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُ الْحَدِيثَ أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُ عَنْ التَّلْبِيَةِ فِي الْعُمْرَةِ إذَا اسْتَلَمَ الْحَجَرَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ, صَحِيحٌ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد5 مَرْفُوعًا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى, وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ; وَلِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ قَبْلَهُ, فَلَا يَقْطَعُهَا, كَمَا قَبْلَ مَحَلِّ النِّزَاعِ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: يَقْطَعُ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ إنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ, وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَقْطَعُهَا إذَا وَصَلَ الْبَيْتَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وعن أحمد: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِرُؤْيَتِهِ, وَحَمْلًا عَلَى الْأَوَّلِ. وَلَا بَأْسَ بِهَا فِي طَوَافِ الْقُدُومِ, قَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ, لِمَا سَبَقَ, وَلِإِمْكَانِ الْجَمْعِ, وَلَا دَلِيلَ لِلْكَرَاهَةِ. وَحَكَى الشَّيْخُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يُلَبِّي; لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِذِكْرٍ يَخُصُّهُ, قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يَقْتَدِي بِهِ يُلَبِّي حَوْلَ الْبَيْتِ إلَّا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ, وَهُوَ جَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ, وَالْقَدِيمُ: يُسْتَحَبُّ, قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يُظْهِرُهَا فِيهِ "و" وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لَا يُسْتَحَبُّ. وَمَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي: يُكْرَهُ, وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ, قَالَ: لِئَلَّا يُشَوِّشَ عَلَى الطَّائِفِينَ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ1: يُسَنُّ, وَالسَّعْيُ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ يَتَوَجَّهُ أَنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ, وَهُوَ مُرَادُ أَصْحَابِنَا; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ "وش" وَلَا بَأْسَ أَنْ يُلَبِّيَ الْحَلَالُ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ "وهـ ش" كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُكْرَهُ "وم" لِعَدَمِ نَقْلِهِ, وَلَوْ صَحَّ اعْتِبَارُهَا بِسَائِرِ الْأَذْكَارِ كَانَتْ مُسْتَحَبَّةً, وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي أَثْنَائِهَا وَمُخَاطَبَتَهُ حَتَّى بِسَلَامٍ وَرَدَّهُ مِنْهُ كَأَذَانٍ, وَاَللَّهُ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى", أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب محظورات الإحرام وكفارات وما يتعلق بذلك
باب محظورات الإحرام وكفارات وما يتعلق بذلك مدخل ... باب محظورات الإحرام وكفارات وما يتعلق بذلك وَهِيَ تِسْعٌ: إزَالَةُ الشَّعْرِ: بِحَلْقٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ نَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ يَتَضَرَّرُ بِإِبْقَاءِ الشَّعْرِ, بِالْإِجْمَاعِ, لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَقَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي فَحُمِلْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي, فَقَالَ: "مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِك مَا أَرَى, أَتَجِدُ شَاةً"؟ قُلْتُ: لَا, فَنَزَلَتْ الْآيَةُ {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] قَالَ: "هُوَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ نِصْفَ صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَلِمُسْلِمٍ2: أَتَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنُ الْحُدَيْبِيَةِ فَقَالَ: كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيك فَقُلْتُ: أَجَلْ, فَقَالَ: "فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ" وَالْفِدْيَةُ فِي ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ, هَذَا الْمَذْهَبُ, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَنَصَرَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش"; لِأَنَّ الثَّلَاثَ جَمْعٌ, وَاعْتُبِرَتْ فِي مَوَاضِعَ, كَمَحَلِّ الْوِفَاقِ, بِخِلَافِ رُبْعِ الرَّأْسِ وَمَا يُمَاطُ به الأذى, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: فِي أَرْبَعٍ. نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ, لِأَنَّ الْأَرْبَعَ كَثِيرٌ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً فِي خَمْسٍ, اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ, وَلَا وَجْهَ لَهَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي رُبْعِ الرَّأْسِ, وَكَذَا فِي الرَّقَبَةِ كُلِّهَا أَوْ الْإِبْطِ الْوَاحِدِ أَوْ الْعَانَةِ; لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ. وَقَالَ صَاحِبَاهُ: إذَا حَلَقَ عُضْوًا لَزِمَهُ دَمٌ, وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَطَعَامٌ, أَيْ الصَّدْرُ وَالسَّاقُ وَشِبْهُهُ. وَإِنْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ نُسِبَ, فَيَجِبُ فِي رُبْعِهِ قِيمَةُ رُبْعِ دَمٍ وَإِنْ حَلَقَ مَوْضِعَ الْمَحَاجِمِ لَزِمَهُ دَمٌ, عِنْدَهُ, وَقَالَا: صَدَقَةٌ. وَعِنْدَ مَالِكٍ: فِيمَا يُمَاطُ بِهِ الْأَذَى, وَيَتَوَجَّهُ بِمِثْلِهِ احْتِمَالٌ. وَالْفِدْيَةُ دَمٌ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مساكين لكل مسكين مد1 بر, في رواية وَهِيَ "أَشْهَرُ" كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَفِي رِوَايَةٍ: نِصْفُ صاع "م 1" "وم ش" كغيره; ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَالْفِدْيَةُ يَعْنِي فِي حَلْقِ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ دَمٌ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لكل مسكين مد بر, في رواية وهي أَشْهَرُ, كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِي رِوَايَةٍ: نِصْفُ صَاعٍ, انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ الْأَوَّلُ, وَهُوَ أَشْهَرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَزَمَ بِهَا فِي الْكَافِي3. وأطلقها في المغني4 والشرح2.
لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَلَيْهِ, فَيُعْتَبَرُ بِالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمَا كَالشَّعِيرِ. وَعَنْ الْحَنَفِيَّةِ: مِنْ الْبُرِّ نِصْفُ صَاعٍ, وَمِنْ غَيْرِهِ صَاعٌ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: يُجْزِئُ خُبْزٌ رِطْلَانِ عِرَاقِيَّةً, وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِأَدَمٍ وَإِنَّ مِمَّا يَأْكُلُهُ أَفْضَلُ مِنْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ. قَالَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ: أَوْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أيام, واختار الْآجُرِّيُّ: يَصُومُ ثَلَاثَةً فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَنَافِعٌ وَعِكْرِمَةُ: يَصُومُ عَشَرَةً وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةٍ, كَذَا قَالُوا. وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ مِثْلُهُ فِي التَّخْيِيرِ, نَقَلَ جَعْفَرٌ وَغَيْرُهُ: كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ "أَوْ" فَهُوَ مُخَيَّرٌ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ "وم ش"; لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَعْذُورِ, وَالتَّبَعُ لَا يُخَالِفُ أَصْلَهُ; وَلِأَنَّ كُلَّ كَفَّارَةٍ خُيِّرَ فِيهَا لِعُذْرٍ خُيِّرَ بِدُونِهِ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ, وَلَمْ يُخَيِّرْ اللَّهُ بِشَرْطِ الْعُذْرِ, بَلْ الشَّرْطُ لِجَوَازِ الْحَلْقِ. وَعَنْهُ: مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَتَعَيَّنُ الدَّمُ, فَإِنْ عَدِمَهُ أَطْعَمَ, فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ "وهـ"; لِأَنَّهُ دَمٌ يَتَعَلَّقُ بِمَحْظُورٍ يَخْتَصُّ الْإِحْرَامَ, كَدَمٍ يَجِبُ بِتَرْكِ رَمْيٍ وَمُجَاوَزَةِ مِيقَاتٍ, وَلَهُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحَلْقِ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَفِي كُلِّ شَعْرَةٍ إطْعَامُ مِسْكِينٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ; لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا وَجَبَ شَرْعًا فِدْيَةً, وَعَنْهُ: قَبْضَةُ طَعَامٍ, لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ, فَدَلَّ1 أَنَّ الْمُرَادَ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ. وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ, وَعَنْهُ: نِصْفُهُ, وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ أَوْ نِصْفُهُ, ذَكَرَهَا أَصْحَابُ الْقَاضِي, وَخَرَّجَهَا هُوَ من ليالي منى, وعند الحنفية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَالْأَوَّلِ, وَفِي كَلَامِهِمْ أَيْضًا: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ, وَعَنْ مَالِكٍ مِثْلُهُ, وَعَنْهُ أَيْضًا: لَا ضَمَانَ فِيمَا1 لَمْ يُمَطْ بِهِ الْأَذَى. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ ثُلُثُ دِرْهَمٍ, وَعَنْهُ: إطْعَامُ مِسْكِينٍ, وَعَنْهُ: دِرْهَمٌ, وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ كَقَوْلِهِ الْأَوَّلِ, لِأَنَّ مَا ضُمِنَتْ بِهِ الْجُمْلَةُ ضُمِنَ بَعْضُهُ بِنِسْبَتِهِ كَصَيْدٍ, وَبَعْضُ شَعْرٍ كَهِيَ; لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِمِسَاحَةٍ بَلْ كَمُوضِحَةٍ يَسْتَوِي صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا. وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا بِنِسْبَتِهِ كَأُنْمُلَةِ أُصْبُعٍ. وَشَعْرِ الْبَدَنِ كَالرَّأْسِ فِي الْفِدْيَةِ "و" خِلَافًا لِدَاوُدَ, لِحُصُولِ التَّرَفُّهِ بِهِ2, بَلْ أَوْلَى, أَنَّ الْحَاجَةَ لَا تَدْعُو إلَيْهِ. وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ فِي رِوَايَةٍ "اخْتَارَهَا" جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ; لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَسَائِرِ الْبَدَنِ, وَكَلُبْسِهِ قَمِيصًا وَسَرَاوِيلَ وَفِي رِوَايَةٍ: لِكُلِّ "وَاحِدٍ" مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ3 نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ4, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ "م 2" "و" لِأَنَّهُمَا كجنسين, لتعلق النسك بالرأس ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَشَعْرُ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" أَنَّ شَعْرَ الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ وَاحِدٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا: هذا ظاهر المذهب, وهو ظاهر كلام
فَقَطْ, فَهُوَ كَحَلْقٍ وَلُبْسٍ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ فَالرِّوَايَتَانِ, وَنَصُّ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ" فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ. وَجَزَمَ به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وَغَيْرُهُمْ; لِأَنَّ الْحَلْقَ إتْلَافٌ, فَهُوَ آكَدُ, وَالنُّسُكُ يَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ, وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اللُّبْسِ. وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ, ولا شيء على الحالق "وم ش"; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ غَيْرَهُ يَحْلِقُهُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ. وَفِي الْفُصُولِ: احْتِمَالُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ, كَشَعْرِ الصَّيْدِ, كَذَا قَالَ: وَإِنْ سَكَتَ لَمْ يَنْهَهُ فَقِيلَ: عَلَى الْحَالِقِ, كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ, وَقِيلَ: عَلَى الْمُحْرِمِ; لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ "م 3" وَإِنْ حَلَقَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا فالفدية ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِرَقِيِّ, وَجَزَمَ بِهِ الْهَادِي وَالْمُنَوِّرُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمٌ مُنْفَرِدٌ, اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرُهُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ: بِنِيَّتِهَا عَلَى الصَّحِيحِ الأشهر وهو ظاهر كلامه في الوجيز. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ أَوْ حَلَالٌ رَأْسَ مُحْرِمٍ بِإِذْنِهِ فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ, وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِقِ وَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ فَقِيلَ: عَلَى الْحَالِقِ, كَإِتْلَافِهِ مَالَهُ وَهُوَ سَاكِتٌ, وَقِيلَ: عَلَى الْمُحْرِمِ, لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ كَوَدِيعَةٍ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
على الحالق, نص عليه "وم" لِأَنَّهُ أَزَالَ مَا مُنِعَ مِنْهُ, كَحَلْقِ مُحْرِمٍ رَأْسَ نَفْسِهِ; وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ, كَإِتْلَافِ وَدِيعَةٍ بِيَدِهِ, وَقِيلَ: عَلَى الْمَحْلُوقِ رأسه "وهـ" وَلِلشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ. وَفِي الْإِرْشَادِ1 وَجْهٌ: الْقَرَارُ عَلَى الْحَالِقِ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ لَا فِدْيَةَ2 عَلَى أَحَدٍ; لأنه لا دليل. وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فَهَدَرٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لِلْآدَمِيِّ كَالْحَرَمِ لِلصَّيْدِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ, وَمَنْ طَيَّبَ غَيْرَهُ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَوْ أَلْبَسَهُ فَكَالْحَلْقِ3. وَإِنْ نَزَلَ شَعْرُهُ فَغَطَّى عَيْنَيْهِ أَزَالَ مَا نَزَلَ, أَوْ خَرَجَ فِيهَا أَزَالَهُ, وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, كَقَتْلِ صَيْدٍ صَائِلٍ, أَوْ قَطَعَ جِلْدًا بِشَعْرٍ, أَوْ افْتَصَدَ فَزَالَ; لِأَنَّ التَّابِعَ لَا يُضْمَنُ, كَقَلْعِ أَشْفَارِ عَيْنٍ لَمْ يَضْمَنْ هَدْيَهَا أَوْ حَجَمَ أَوْ احْتَجَمَ وَلَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا, وَيَتَوَجَّهُ فِي الْفَصْدِ احتمال مثله. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا4 الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ رَأْسُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ حَلَقَ مُكْرَهٌ فَدَى الْحَالِقُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي5. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ, قَالَ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ: وَإِنْ حَلَقَ بِلَا إذْنِهِ فَدَى الْحَالِقُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ, وهو ظاهر كلامه في المقنع6.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إنْ أَزَالَ شَعْرَ الْأَنْفِ لَمْ يَلْزَمْهُ دَمٌ, لِعَدَمِ التَّرَفُّهِ, كَذَا قَالَ, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَإِنْ حَصَلَ أَذًى مِنْ غَيْرِ الشَّعْرِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَقُرُوحٍ وَصُدَاعٍ أَزَالَهُ وَفَدَى, كَأَكْلِ صَيْدٍ لِضَرُورَةٍ. وَلَهُ تَخْلِيلُ لِحْيَتِهِ وَلَا فِدْيَةَ بِقَطْعِهِ بِلَا تَعَمُّدٍ, نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ بَانَ بِمُشْطٍ أَوْ تَخْلِيلٍ فَدَى, قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ خَلَّلَهَا فَسَقَطَ إنْ كَانَ شَعْرًا مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ, وَتُسْتَحَبُّ الْفِدْيَةُ مَعَ شَكِّهِ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ شَكَّ فِي عَدَدِ بَيْضِ صَيْدٍ احْتَاطَ, كَشَكِّهِ. فِي عَدَدِ صَلَوَاتٍ تَرَكَهَا وَلَهُ حَكُّ رَأْسِهِ وَيَدَيْهِ بِرِفْقٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, مَا لَمْ يَقْطَعْ شَعْرًا, وَقِيلَ غَيْرُ الْجُنُبِ لَا يُخَلِّلُهُمَا بِيَدَيْهِ وَلَا يَحُكُّهُمَا بِمُشْطٍ أَوْ ظُفْرٍ وَلَهُ غُسْلُهُ فِي حَمَّامٍ وَغَيْرِهِ بِلَا تَسْرِيحٍ, رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ "وهـ ش"; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "غَسَلَ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا, وَأَدْبَرَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ, وَاغْتَسَلَ عُمَرُ وَقَالَ: "لَا يَزِيدُ الْمَاءُ الشَّعْرَ إلَّا شُعْثًا" , رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ لِي عُمَرُ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ بِالْجُحْفَةِ: تَعَالَ أُبَاقِيكَ أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا فِي الْمَاءِ رواه سعيد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَرِهَ مَالِكٌ غَطْسَهُ فِي الْمَاءِ وَتَغْيِيبَ رَأْسِهِ فِيهِ, وَالْكَرَاهَةُ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ, وَيَتَوَجَّهُ قَوْلُ: تَرْكُهُ أَوْلَى أَوْ الْجَزْمُ بِهِ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَغْسِلُ رَأْسَهُ إلَّا مِنْ احْتِلَامٍ, رَوَاهُ مَالِكٌ1. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا يَدْخُلُ الْمُحْرِمُ الْحَمَّامَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2, وَلِلشَّافِعِيِّ3 عَنْهُ: أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّامًا بِالْجُحْفَةِ وَقَالَ: مَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِأَوْسَاخِنَا. وَيُحْمَلُ هَذَا وَمَا سَبَقَ عَلَى الْحَاجَةِ, أَوْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ, وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ مُزِيلٌ لِلشُّعْثِ وَالْغُبَارِ, مَعَ الْجَزْمِ بِالنَّهْيِ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمِرْآةِ لِإِزَالَةِ شُعْثٍ وَغُبَارٍ, فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ, مَعَ أَنَّ الْحُجَّةَ "اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا" 4 وَهِيَ هُنَا, فَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ النَّهْيِ هُنَا عَدَمُهُ هُنَاكَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى, لِزَوَالِ الْغُسْلِ مِنْ الشُّعْثِ وَالْغُبَارِ مَا لَا يُزِيلُ النَّظَرُ فِي الْمِرْآةِ وَاحْتِمَالُهُ إزَالَةَ الشَّعْرِ, كَمَا سَيَأْتِي5; فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ مِنْ الْكَرَاهَةِ هُنَاكَ الْقَوْلُ بِهَا هُنَا. وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ وَنَحْوِهِمَا6 جَازَ "وش" قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ7, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ, وَجَزَمَ به في المستوعب والشيخ, وحكاه عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"هـ م ش" لِتَعَرُّضِهِ لَقَطْعِ الشَّعْرِ, وَكَرِهَهُ جَابِرٌ1, وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ النَّظَافَةُ وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ, كَالْأُشْنَانِ وَالْمَاءِ, وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَسْتَلِذُّ رَائِحَتَهُ, ثُمَّ يَبْطُلَ بِالْفَاكِهَةِ2 وَالدُّهْنِ يَقْصِدُ بِهِ التَّرْجِيلَ وَإِزَالَةَ الشُّعْثِ, مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَرِهَ الْمَحْلَبَ3 وَالْأُشْنَانَ, وعنه: يحرم"م4" ويفدي "وهـ م" نَقَلَ صَالِحٌ: قَدْ رَجَّلَ شَعْرَهُ وَلَعَلَّهُ يَقْطَعُهُ مِنْ الْغَسْلِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ صَدَقَةٌ, كَذَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ, وَفِي الْفِدْيَةِ رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: هُمَا فِي تَحْرِيمِهِ, فَإِنْ أَحْرَمَ فَدَى وَإِلَّا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" "قَوْلُهُ": وَإِنْ غَسَلَهُ بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ وَنَحْوِهَا جَازَ, وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, انْتَهَى. الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي4 وَغَيْرِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُكْرَهُ, جَزَمَ بِهِ في المستوعب والشيخ في المغني5 والشارح وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ, "قُلْتُ": وَهُوَ قَوِيٌّ إذَا خَافَ مِنْ قَطْعِ الشَّعْرِ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ "قُلْتُ": وهي ضعيفة. والله أعلم. "تَنْبِيهٌ": قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَيَفْدِي وَذَكَرَ صَاحِبٌ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُكْرَهُ. وَفِي الْفِدْيَةِ رِوَايَتَانِ, وَقِيلَ: هُمَا فِي تَحْرِيمِهِ, فَإِنْ حَرُمَ فَدَى وَإِلَّا فَلَا, انْتَهَى.
وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ احْتَاجَ1 وَقَطَعَهُ لِحِجَامَةٍ أَوْ غسل ولم يضره كذا قال. وَيَحْرُمُ أَنْ يَتَفَلَّى الْمُحْرِمُ أَوْ يَقْتُلَ قَمْلًا بِزِئْبَقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ صِئْبَانًا; لِأَنَّهُ بَيْضُهُ, لِتَرَفُّهِهِ, كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ, وَلِظَاهِرِ خَبَرِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ2, وَعَنْهُ: يَجُوزُ كَسَائِرِ مَا يُؤْذِي, وَكَالْبَرَاغِيثِ, كَذَا قَالُوا, وَظَاهِرُ تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَنَّ الْبَرَاغِيثَ كَقَمْلٍ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ3, وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ: لَا يَقْتُلُهُ وَلَا بَعُوضًا, وَذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ قَوْلًا وَزَادَ: وَلَا قُرَادًا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ قَرَصَهُ ذَلِكَ قَتَلَهُ مَجَّانًا, وإلا فلا يقتله, ورمي القمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْتُ": قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ: يُكْرَهُ غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمَيِّ وَنَحْوِهِمَا, فَإِنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَنَصَرُوا عَدَمَ الْفِدْيَةِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بِالسِّدْرِ وَالْخِطْمَيِّ كُرِهَ لَهُ, وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, انْتَهَى. "قُلْتُ": الصواب أن مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ, فَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ فَبَعِيدٌ جِدًّا, إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمَ; لِأَنَّهَا فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ لِذَلِكَ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ أَوْ الْجَوَازِ لَا فِدْيَةَ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَإِنْ كَانَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي الْفِدْيَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ, فَهُمْ قَدْ صَحَّحُوا عَدَمَ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ, وَعَلَى رِوَايَةِ التَّحْرِيمِ تَجِبُ الْفِدْيَةُ, عَلَى الصَّحِيحِ, وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وَعَنْهُ: يَحْرُمُ وَيَفْدِي" وَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ, كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. والله أعلم
كَقَتْلِهِ, فِي قَوْلٍ, وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الرِّوَايَتَانِ فِيمَا "إذَا"1 أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ. وَيَجُوزُ مِنْ ظَاهِرِهِ, وَحَكَى الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ "م 5". فَإِنْ حَرُمَ قَتْلُ الْقَمْلِ2 فَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ, روي عن ابن عمر3 "وهـ م" وعنه: لَا لِخَبَرِ كَعْبٍ; وَلِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ, كسائر المحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَرَمْيُ الْقَمْلِ كَقَتْلِهِ, فِي قَوْلٍ, وَقِيلَ: مِنْ غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ, وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ وَبَدَنِهِ وَبَاطِنِ ثَوْبِهِ, وَيَجُوزُ مِنْ ظَاهِرِهِ, وَحَكَى الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ مِنْ شَعْرِهِ, انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحُ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي إنَّمَا يَكُونُ كَقَتْلِهِ إذَا رَمَاهُ مِنْ5 غَيْرِ ظَاهِرِ ثَوْبِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ: وَمَوْضِعُ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا أَلْقَاهَا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ لَحْمِهِ أَمَّا إنْ أَلْقَاهَا مِنْ ظَاهِرِ بَدَنِهِ أَوْ ثِيَابِهِ أَوْ بَدَنِ مَحِلٍّ أَوْ مُحْرِمٍ غَيْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ, انْتَهَى. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: فَإِنْ حَرُمَ قَتْلُ الْقَمْلِ, فَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ وَعَنْهُ لا, انتهى. وأطلقهما في الكافي6 والزركشي.
الْمُؤْذِي, وَلَهُ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ إجْمَاعًا لِإِبَاحَةِ التَّرَفُّهِ فِيهِ بِقَطْعِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ. وَلَهُ قَتْلُ الْقُرَادِ عَنْ بَعِيرِهِ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وابن عباس1 "وهـ ش" كَسَائِرِ الْمُؤْذِي, وَعِنْدَ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ, وَكَرِهَهُ عِكْرِمَةُ. وَفِي الْمُوَطَّإِ2 أَنَّ عُمَرَ فَعَلَهُ, وأن ابنه كرهه.
فصل: وحكم الأظفار كالشعر;
فصل: وَحُكْمُ الْأَظْفَارِ كَالشَّعْرِ; لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ لِلتَّرَفُّهِ, ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا وَسَبَقَ قَوْلُ دَاوُد فِي تَخْصِيصِهِ بِالرَّأْسِ خَاصَّةً, وَيَتَوَجَّهُ هُنَا احْتِمَالٌ; لِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ التَّرَفُّهُ بِهِ فَهُوَ دُونَ الشَّعْرِ, فَيَمْتَنِعُ الْإِلْحَاقُ, وَلَا نَصَّ يُصَارُ إلَيْهِ, وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا سَبَقَ فِي الْمَنْهَجِ3 فِي شَعْرِ الْأَنْفِ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ; لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ, فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ, وَلَمْ أجده لغيره وعند الحنفية: إن قص ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" لَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْعُمْدَةِ4: وَلَا شَيْءَ فِيمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إلَّا الْمُتَوَلِّدَ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ والرعايتين والحاويين وغيرهم. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي حُكْمِ الْأَظْفَارِ بَعْدَ أَنْ قدم أن حكمها حكم الشعر: وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 ص "404". 4 العدة شرح "1/254". 5 "5/116". 6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/311".
أَظْفَارَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ لَزِمَهُ دَمٌ, فَإِنْ كَانَ فِي مَجَالِسَ فَكَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ, وَعِنْدَهُمَا: أَرْبَعَةُ دِمَاءٍ إنْ قَلَّمَ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ يَدًا أَوْ رِجْلًا. وَإِنْ قَصَّ يَدًا أَوْ رِجْلًا لزمه دم, إقامة لِلرُّبْعِ مَقَامَ الْكُلِّ. وَإِنْ قَصَّ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَظْفَارٍ فَلِكُلِّ ظُفُرٍ صَدَقَةٌ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ: تَجِبُ بِقَصِّ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا, وَإِنْ قَصَّ خَمْسَةَ أَظَافِيرَ فَأَكْثَرَ مُتَفَرِّقَةً مِنْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ: طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ ظُفْرٍ; لِأَنَّ فِي قَصِّهَا كَذَلِكَ يَتَأَذَّى بِهِ وَيَشِينُهُ, بِخِلَافِ حَلْقِ رُبْعِ الرَّأْسِ مِنْ مَوَاضِعَ; لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ, وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَلْزَمُ1 الدَّمُ, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُطْعِمُ عَنْ كُلِّ كَفٍّ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَشْعَثِ, قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ, وَعِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّعْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ: وَفِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ, لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ, قَالَ: فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ وَلَمْ أَجِدْهُ لِغَيْرِهِ, انْتَهَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّيْخِ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَتَهُ فِي الْمُغْنِي3 فِي بَابِ الْفِدْيَةِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِ أَظْفَارِهِ, وَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ بِأَخْذِهَا, فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ: حَمَّادٍ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ, وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ, وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ, لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ بِفِدْيَةٍ, انْتَهَى. هَذَا لَفْظُهُ, وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: "وَعَنْهُ" يَعُودُ إلَى عَطَاءٍ لَا إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ, وَذَكَرَهَا بَعْدَ ذِكْرِ عَطَاءٍ, وَهَذَا وَاضِحٌ جِدًّا, فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: "فَظَاهِرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ أَحْمَدَ" غَيْرُ مُسَلَّمٍ, وَقَدْ رَأَيْت لَفْظَهُ, وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَاَللَّهُ أعلم.
وَإِنْ وَقَعَ بِظُفْرِهِ مَرَضٌ فَأَزَالَهُ أَوْ انْكَسَرَ فَقَصَّ مَا احْتَاجَهُ فَقَطْ "و" أَوْ قَلَعَ إصبعا بظفرها فهدر وإن لم يمكنه1 مُدَاوَاةُ قُرْحِهِ إلَّا بِقَصِّهِ قَصَّهُ وَيَفْدِي, خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيِّ قِيلَ لِأَحْمَدَ: يَنْكَسِرُ ظُفْرُهُ, قَالَ: يُقَلِّمُهُ. وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ أَكْثَرُ مِمَّا انْكَسَرَ, وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: إنْ انْكَسَرَ فَآذَاهُ قَطَعَهُ وَفَدَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: تغطية الرأس إجماعا
فصل: تغطية الرأس إجماعا الثَّالِثُ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْ لُبْسِ الْعَمَائِمِ وَالْبَرَانِسِ, وَقَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: "لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا2. وَالْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وهـ م" وَعَنْهُ: عُضْوَانِ مُسْتَقِلَّانِ, ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ "وش" وَعَنْ الزُّهْرِيِّ وَالثَّوْرِيِّ: مِنْ الْوَجْهِ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَإِسْحَاقَ: مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مِنْ الْوَجْهِ, وَمَا أَدْبَرَ مِنْ الرَّأْسِ, وَالْبَيَاضُ الَّذِي فَوْقَهَا دُونَ الشَّعْرِ مِنْ الرَّأْسِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ, وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُوضِحَةِ فِيهِ. وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ وَلَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الرَّأْسِ إجْمَاعًا. وَالصُّدْغُ وَهُوَ فَوْقَ الْعِذَارِ هَلْ هُوَ مَا3 يحاذي رأس الأذن أو ينزل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَلِيلًا؟ فِيهِ 1وَجْهَانِ لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ, وَهَلْ هُوَ مِنْ الرَّأْسِ كَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ, أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ فِيهِ1 وَجْهَانِ: وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ رِوَايَتَيْنِ "م 7 و 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7, 8" قَوْلُهُ: وَالصُّدْغُ وَهُوَ فَوْقَ الْعِذَارِ هَلْ هُوَ مَا يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ أَوْ يَنْزِلُ قَلِيلًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَهَلْ هُوَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَذَكَرَ أَبُو الحسين روايتين, انتهى. ذكر المصنف مسألتين: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7" فِي مَحَلِّ الصُّدْغِ هَلْ هُوَ مَا يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ أَوْ يَنْزِلُ قَلِيلًا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. "أَحَدُهُمَا" هُوَ الشَّعْرُ الَّذِي بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعِذَارِ وَيُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ وَيَنْزِلُ عَنْ رَأْسِهَا قَلِيلًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ مَا يُحَاذِي رَأْسَ الْأُذُنِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ تَابَعُوا الْمَجْدَ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: هُوَ مَا حَاذَى مُقَدَّمَ أَعْلَى الْأُذُنِ, وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّعْرُ فِي حَقِّ الْغُلَامِ يُحَاذِي طَرَفَ الْأُذُنِ الْأَعْلَى, انْتَهَى. وَيُصْلَحُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ, وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ يَسِيرٌ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَلَمْ نَرَ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ, وَيُمْكِنُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهُوَ حَمْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ عَكْسُهُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8" هَلْ الصُّدْغُ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَالتَّحْذِيفُ الشَّعْرُ الْخَارِجُ إلَى طَرَفِ الْجَبِينِ فِي جَانِبَيْ الْوَجْهِ بَيْنَ النَّزْعَةِ وَمُنْتَهَى الْعِذَارِ هَلْ هُوَ مِنْ الرَّأْسِ؟ كَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ, أَوْ مِنْ الوجه؟ فيه وجهان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" هُوَ مِنْ الرَّأْسِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمَجْدُ, وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ, قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ, قَالَ الشَّارِحُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ مِنْ الْوَجْهِ, اخْتَارَهُ ابن عقيل, ذكره الشارح. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَالتَّحْذِيفُ الشَّعْرُ الْخَارِجُ إلَى طَرَفِ الجبين في جانبي الوجه بين النزعة ومنتهى الْعِذَارِ هَلْ هُوَ مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا هُوَ مِنْ الرَّأْسِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي, وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ الرَّأْسِ, قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ مِنْ الْوَجْهِ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1, وَتَقَدَّمَ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ3, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هناك أيضا, فحصل تكرار, والله أعلم.
وَالنَّزَعَتَانِ بِفَتْحِ الزَّايِ, وَإِسْكَانِهَا لُغَةً: مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الشَّعْرُ مِنْ الرَّأْسِ مُتَصَاعِدًا فِي جَانِبَيْهِ مِنْ الرَّأْسِ, كَالشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ, خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ وَبَعْضِ الْعُلَمَاءِ. وَالنَّاصِيَةُ الشَّعْرُ الَّذِي بَيْنَ النَّزَعَتَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ "و" وَبَعْضُ الْمَنْهِيِّ 1عَنْهُ مثله في التحريم1, فيحرم تَغْطِيَتُهُ بِلَاصِقٍ مُعْتَادٍ أَوْ لَا, كَعِمَامَةٍ وَطِينٍ وَنُورَةٍ وَحِنَّاءٍ وَقِرْطَاسٍ فِيهِ دَوَاءٌ أَوْ لَا دَوَاءَ وَعِصَابَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: وَشَدُّ سَيْرٍ2 فِيهِ. وَيَفْدِي لِصُدَاعٍ وَنَحْوِهِ "و". وَإِنْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ شَيْئًا فَلَا فِدْيَةَ "ش" كَسُتْرَةٍ بِيَدِهِ, وَلَا أَثَرَ لِلْفَصْدِ وَعَدَمِهِ فِيمَا فِيهِ فِدْيَةٌ وَمَا لَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قَصَدَ بِهِ السِّتْرَ فَدَى, كَجُلُوسِهِ عِنْدَ عَطَّارٍ لِقَصْدِ شَمِّ الطِّيبِ. وَإِنْ لَبَّدَهُ بِغَسْلٍ أَوْ صَمْغٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَدْخُلُهُ غُبَارٌ وَلَا دَبِيبٌ وَلَا يُصِيبُهُ شُعْثٌ جَازَ, لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ مُلَبِّدًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَإِنْ اسْتَظَلَّ فِي مَحْمَلٍ أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ نَازِلًا أَوْ رَاكِبًا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ, فِي رِوَايَةٍ, اخْتَارَهُ أكثر الأصحاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ": أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصُّدْغِ وَالتَّحْذِيفِ وَاحِدٌ فِي الْخِلَافِ, هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ؟ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي بَابِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: التَّحْذِيفُ مِنْ الْوَجْهِ دُونَ الصُّدْغِ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4, كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمَا, وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الصُّدْغُ مِنْ الْوَجْهِ, قَالَهُ الشَّارِحُ, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ في الفصول
"وم". رُوِيَ "عَنْ" ابْنِ عُمَرَ مِنْ طُرُقٍ النَّهْيُ عَنْهُ1, وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ; وَلِأَنَّهُ قَصَدَهُ بِمَا يَقْصِدُ بِهِ التَّرَفُّهَ كَتَغْطِيَتِهِ. وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ, وَعَنْهُ: بَلَى إنْ طَالَ, وَعَنْهُ يُكْرَهُ, قَالَ الشَّيْخُ: هِيَ الظَّاهِرُ عَنْهُ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ "م 10 و 11" "وهـ ش"; لأن أسامة أو بلالا رفع ثوبه يستر ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10 و 11" قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَظَلَّ فِي مَحْمَلٍ أَوْ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ نَازِلًا أَوْ رَاكِبًا قَالَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ, فِي رِوَايَةٍ, اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ, وَعَنْهُ: بَلَى إنْ طَالَ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, قَالَ الشَّيْخُ: هِيَ الظَّاهِرُ عَنْهُ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ, انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَقِيلٍ "يَحْتَمِلُ أَنْ" يَعُودُ إلَى لُزُومِ الْفِدْيَةِ لَا غَيْرَ, وَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ التَّحْرِيمَ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ, وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إلَى التَّحْرِيمِ وَإِلَى لُزُومِ الْفِدْيَةِ, فَيَكُونُ الْخِلَافُ قَدْ أَطْلَقَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ, وَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ. وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَذْكُرُ النقل في كل مسألة منهما: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10" هَلْ يَحْرُمُ اسْتِظْلَالٌ بِالْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ, أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَجُوزُ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ: إحْدَاهُنَّ يَحْرُمُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ فِي التَّعْلِيقِ وَفِي غَيْرِهِ وَابْنَ الزَّاغُونِيِّ وَصَاحِبَ التَّلْخِيصِ وَعُقُودَ ابْنِ الْبَنَّا وَجَمَاعَةً لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ, انْتَهَى. وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ "حَرُمَ وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ" عَائِدٌ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ, وَأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ فِي التَّحْرِيمِ أَيْضًا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ وَلَا يَحْرُمُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ والشارح وقالا: هي الظاهر عنه,
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وأجاب أَحْمَدَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11" إذَا قُلْنَا "يَحْرُمُ الِاسْتِظْلَالُ بِالْمَحْمَلِ وَنَحْوِهِ" فَهَلْ يَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ أَوْ لَا, أَوْ يَلْزَمُهُ إنْ طَالَ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ. "إحْدَاهُنَّ" لَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ فِدْيَةٌ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ, قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَلَا يُظَلَّلُ بِمَحْمَلٍ فِي رِوَايَةٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وغيرهم وهو الصحيح على ما اصطلحناه. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ بِفِعْلِ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ, وَالشِّيرَازِيُّ فِي إيضَاحِهِ, وَابْنُ حَمْدَانَ فِي إفَادَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُبْهِجِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ, وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَغَيْرُهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْحَاوِي وَالْمُذَهَّبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ" إنْ كَثُرَ الِاسْتِظْلَالُ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ, وَإِلَّا فَلَا, وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, فِي رِوَايَةُ جَمَاعَةٍ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَالزَّرْكَشِيُّ "قُلْتُ": وَهُوَ أَقْوَى وَأَوْلَى مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ والفائق وغيرهم.
وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ سِتْرٌ لَا يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ. زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ كَانَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ, أَوْ بِهِ عُذْرٌ وَفَدَى, أَوْ لَمْ يَعْلَمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم به. ويجوز بخيمة وَنَصْبِ ثَوْبٍ وَبَيْتٍ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضُرِبَتْ لَهُ قُبَّةٌ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ; وَلِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّرَفُّهُ فِي الْبَدَنِ عَادَةً, بَلْ جَمْعُ الرِّجَالِ فِيهِ, وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيَجُوزُ تغطية الوجه, في رواية اختارها الأكثر "وش" فَعَلَهُ عُثْمَانُ, رَوَاهُ مَالِكٌ2, وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ عَنْهُ, وَعَنْ زَيْدٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ3, وَأَنَّهُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَجَابِرٌ4, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رِوَايَتَانِ, رَوَى النَّهْيَ عَنْهُ مَالِكٌ5. وَلِأَنَّهُ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ سُنَّةُ التَّقْصِيرِ مِنْ الرَّجُلِ فَلَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ حُرْمَةُ التخمير كسائر بدنه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ الْفِدْيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ, وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ, وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي6 وَالْمَجْدُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ: هُمَا مَبْنِيَّتَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَوَازِ الِاسْتِظْلَالِ وَعَدَمِهِ, فَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَلَا, وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ حمدان.
وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ, نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ, فَتَكُونُ1 كَالرَّأْسِ "م 12" "وهـ" وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَفْعَلُهُ, فَإِنْ فَعَلَهُ فَلَا فِدْيَةَ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ فِيهَا رِوَايَتَانِ, لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: "وَلَا تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ" وَفِي لَفْظٍ "وَلَا تُغَطُّوا رَأْسَهُ" انْفَرَدَ بِهِمَا مُسْلِمٌ2, وَاَلَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ: "ولا تخمروا رأسه" 3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ, نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ, فَيَكُونُ كَالرَّأْسِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يُبَاحُ وَلَا فِدْيَةَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ "قُلْتُ": مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: وَالْجَوَازُ أَصَحُّ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْفُصُولِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ وَعَلَيْهِ الفدية, قدمه في المبهج
وَرُوِيَ فِي الْخَبَرِ "وَخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رأسه" 1, ولا تتجه صحته. ولا يخفى وَجْهُ التَّرْجِيحِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ قَالَ: "خَمِّرُوهُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" وَفِي لَفْظٍ: "خَمِّرُوا وُجُوهَ مَوْتَاكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ" رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ2 الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ, ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ, وَهُوَ كَثِيرُ الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ مَعَ تَمَادِيهِ عَلَيْهِ, وَرَوَى الثَّانِيَ3 مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ الْأَزْدِيِّ, ثِقَةٌ شِيعِيٌّ, قَالَ, أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ: خُولِفَ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ, قَالَ الْفَضْلُ لِأَحْمَدَ: لَمْ كُرِهَ الرُّكُوبُ فِي الْمَحْمَلِ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ؟ قَالَ: لِمَوْضِعِ الْبُصَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لبس المخيط في بدنه أو بعضه
فصل: لبس المخيط في بدنه أو بعضه الرَّابِعُ: لُبْسُ الْمَخِيطِ فِي بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ إجْمَاعًا وَلَوْ دِرْعًا مَنْسُوجًا أَوْ لَبَدًا مَعْقُودًا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ, قَالَ: "لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعِمَامَةَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ وَلَا الْخُفَّيْنِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. زَادَ الْبُخَارِيُّ: "وَلَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ" قَالَ جَمَاعَةٌ بِمَا عُمِلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقُصِدَ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ, كَجَوْرَبٍ فِي كَفٍّ وَخُفٍّ فِي رَأْسٍ, كَفَّرَ, وَفِي صَيْفٍ. وَقَلِيلُ اللُّبْسِ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ "وش" لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً} [البقرة: 196] الْآيَةَ; وَلِأَنَّهُ اسْتِمْتَاعٌ, فَاعْتُبِرَ فِيهِ مُجَرَّدُ الْفِعْلِ, كَوَطْءٍ فِي فَرْجٍ أَوْ مَحْظُورٍ فَلَا تَتَقَدَّرُ فِدْيَتُهُ بِزَمَنٍ كَغَيْرِهِ وَاللُّبْسُ فِي الْعَادَةِ مُخْتَلِفٌ, وَلَا يَحْرُمُ أَنْ يَأْتَزِرَ بِقَمِيصٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: فِي أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ أَوْ مِنْ لَيْلَةٍ صَدَقَةٌ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ انْتِفَاعٌ مَا بِأَنْ نَزَعَهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ, فَإِنْ أَحْرَمَ فِي قَمِيصٍ وَنَحْوِهِ خَلَعَهُ وَلَمْ يَشُقَّهُ وَلَا فِدْيَةَ; لِأَنَّ يَعْلَى بْنَ أمية أحرم في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَلْعِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَلِأَبِي دَاوُد2: فَخَلَعَهَا مِنْ رأسه. ولم يأمره بشق ولا فدية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تنبيه" قَوْلُهُ فِي فَصْلٍ "الرَّابِعُ": وَلَا فِدْيَةَ; لِأَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَلْعِهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ 3وَلِأَبِي دَاوُد فَخَلَعَهَا مِنْ رَأْسِهِ وَلَمْ يأمره بشقها ولا فدية وقال بعض العلماء....لئلا يتغطى رأسه بنزعته انتهى3. وَقَوْلُهُ فِي فَصْلٍ "الْخَامِسُ": لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ بِغَسْلِ الطِّيبِ, انْتَهَى قَالَ: ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ يَعْلَى رَاوِي الْحَدِيثِ, وَصَاحِبَ الْقِصَّةِ غَيْرُهُ, انْتَهَى. "قُلْتُ", لَيْسَ كَمَا قَالَ: بَلْ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَعْلَى رَاوِي الْقِصَّةِ. قَالَهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ وَابْنُ الْمُلَقَّنِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ وَرَدَ مَعْنًى بِهِمَا وَهُوَ رَاوِي الْقِصَّةِ كَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي حَدِيثِ الرُّقْيَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ4. نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِاغْتِرَارِ بَعْضِهِمْ بِمَا قَالَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ1 يَشُقُّهُ لِئَلَّا يَتَغَطَّى رَأْسُهُ بِنَزْعِهِ. وَإِنْ اسْتَدَامَ لُبْسَهُ لَحْظَةً فَوْقَ الْمُعْتَادِ فِي خَلْعِهِ فَدَى, عَلَى مَا سَبَقَ. وَإِنْ عَدِمَ إزَارًا لَبِسَ سَرَاوِيلَ نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: "مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ, وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا فَلْيَلْبَسْ سَرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 رَوَاهُ الْأَثْبَاتُ, وَلَيْسَ فِيهِ بِعَرَفَاتٍ "قَالَ مُسْلِمٌ: لَمْ يُذْكَرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ" بِعَرَفَاتٍ "غَيْرُ شُعْبَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: تَابَعَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُمَرَ, وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ تَابَعَهُ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ أَخُو حَمَّادٍ وَلِمُسْلِمٍ3 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ, وَلَيْسَ فِيهِ يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ. أَجَازَ لُبْسَ السَّرَاوِيلِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ الْإِزَارِ. فَلَوْ اُعْتُبِرَ فَتْقُهُ لَمْ يُعْتَبَرْ عَدَمُهُ, وَلَمْ يُشْتَبَهْ عَلَى أَحَدٍ, وَلَمْ يُوجِبْ فِدْيَةً, وَحَمْلُهَا أَوْلَى مِنْ جَوَازِ اللُّبْسِ; وَلِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا, وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ. وَمَتَى وَجَدَ إزَارًا خَلَعَ السَّرَاوِيلَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: إنْ لَبِسَ سَرَاوِيلَ فَدَى, قَالَ الطَّحْطَاوِيُّ, لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ حَتَّى يُفَتِّقَهُ, وَمَعْنَاهُ فِي الْمُوَطَّإِ4 وَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ بِلُبْسِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يرو الخبر فيه, وجوزه أصحابه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالرَّازِيُّ بِلَا فَتْقٍ, وَيَفْدِي. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ يَلْبَسُ سَرَاوِيلَ لِلْعَوْرَةِ فَقَطْ. وَإِنْ عَدِمَ نَعْلَيْنِ لَبِسَ خُفَّيْنِ بِلَا فِدْيَةٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَلَا يَقْطَعُ خُفَّيْهِ, قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَسَادٌ, وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ بِالنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ, وَجَوَّزَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَإِنَّ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ كَرَاهَتُهُ لِغَيْرِ إحْرَامٍ, لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ, قَالَ أَبُو الشَّعْثَاءِ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَمْ يَقُلْ: لِيَقْطَعْهُمَا, قَالَ: لَا, رَوَاهُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْهُ. صَحِيحٌ. وَطَافَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِخُفَّيْنِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَالْخُفَّانِ مَعَ الْقَبَّاءِ؟ قَالَ: لَبِسْتُهُمَا مَعَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك يَعْنِي: النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ2. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: الْخُفَّانِ نَعْلَانِ لِمَنْ لَا نَعْلَ لَهُ3. وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ لَبِسَهُمَا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَقَالَ: أمرتنا به عائشة4; ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِأَنَّ فِي قَطْعِهِ ضَرَرًا, كَالسَّرَاوِيلِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ فَتْقُهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ وَلَا يَلْبَسُهُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَيَلْبَسُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَةِ أَحَدٍ. وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقْطَعْهُمَا دُونَ كَعْبَيْهِ فَدَى "و" لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ1. وَالْجَوَابُ: أَنَّ زِيَادَةَ الْقَطْعِ لَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ مِمَّنْ رَوَى الْخَبَرَ عَنْ نَافِعٍ وَرَوَاهَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ "عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ" مِنْ قَوْلِهِ, وَرَوَاهَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بَشْرَانَ2 فِي أَمَالِيهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الدَّهْقَانِ عَنْ الْعَبَّاسِ الدَّوْرِيِّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْهُ, وَرَوَاهَا مَالِكٌ3 وَأَيُّوبُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَرَفَعُوهَا, فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا, فَإِنْ صَحَّتْ فَهِيَ بِالْمَدِينَةِ, لِرِوَايَةِ أَحْمَدَ4 عَنْ ابْنِ عُمَرَ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَذَكَرَهُ وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ5 أَنَّ رَجُلًا نَادَى فِي الْمَسْجِدِ: مَا يَتْرُكُ الْحَرَامُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: هُوَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَلَيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَجُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ, وَخَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَرَفَاتٍ. فَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ وَاجِبًا لَبَيَّنَهُ لِلْجَمْعِ الْعَظِيمِ الَّذِينَ لَمْ يَحْضُرْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَلَامَهُ بِالْمَسْجِدِ فِي مَوْضِعِ البيان ووقت الحاجة, لا يقال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اكْتَفَى بِمَا سَبَقَ; لِأَنَّهُ يُقَالُ: فَلِمَ ذَكَرَ لُبْسَهُمَا؟ وَالْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِهِ لُبْسَهُمَا بِلَا قَطْعٍ, ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْجَوَازِ كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِهِمْ: الْمُقَيَّدُ يَقْضِي عَلَى الْمُطْلَقِ بِالْمَنْعِ فِي رِوَايَةٍ, ثُمَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأْوِيلُهُ, وَعَنْ قَوْلِهِمْ: فِيهِ زِيَادَةُ لَفْظٍ: بِأَنَّ خَبَرَنَا فِيهِ زِيَادَةُ حُكْمِ جَوَازِ اللُّبْسِ بِلَا قَطْعٍ, يَعْنِي: وَهَذَا الْحُكْمُ لَمْ يُشْرَعْ بِالْمَدِينَةِ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَهُوَ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى الشَّيْخِ, كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ. وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي مِنْ كَلَامِ أَبِي دَاوُد وَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ ابْنَ أَبِي مُوسَى رَوَاهُ نَظَرٌ. وَإِنْ لَبِسَ مَقْطُوعًا دُونَهُمَا مَعَ وُجُودِ نَعْلٍ لَمْ يَجُزْ وَفَدَى, نَصَّ عَلَيْهِ "وهـ م" لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَرَطَ لِجَوَازِ لُبْسِهِمَا عَدَمَ النَّعْلَيْنِ, وَأَجَازَهُ; لِأَنَّهُ يُقَارِبُ النَّعْلَيْنِ, وَلَمْ يُجِزْهُ لِإِسْقَاطِ الْفِدْيَةِ; وَلِأَنَّهُ مُحِيطٌ لِعُضْوٍ بِقَدْرِهِ, كَغَيْرِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى جَوَازَهُ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَشَيْخُنَا; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخُفٍّ, وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْقَطْعِ أَوَّلًا; لِأَنَّ رُخْصَةَ الْبَدَلِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ; لِأَنَّ الْمَقْطُوعَ يَصِيرُ كَنَعْلٍ, فَإِبَاحَتُهُ أَصْلِيَّةٌ, وَإِنَّمَا الْمُبَاحُ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ الْخُفُّ الْمُطْلَقُ, وَإِنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ النَّعْلِ; لِأَنَّ الْقَطْعَ مَعَ وُجُودِهِ إفْسَادٌ, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ. وَلُبْسُ اللَّالَكَةِ2 وَالْجُمْجُمِ3 وَنَحْوِهِمَا يَجُوزُ على الثاني لا الأول, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ وَجَدَ نَعْلًا لَا يُمْكِنُهُ لُبْسُهَا لَبِسَ الْخُفَّ وَلَا فِدْيَةَ, وَعِنْدَ أَحْمَدَ: يَفْدِي. وَتُبَاحُ النَّعْلُ كَيْفَ كَانَتْ, لِإِطْلَاقِ إبَاحَتِهَا, وَعَنْهُ: فِي عَقِبِ النَّعْلِ أَوْ قَيْدِهَا السَّيْرُ الْمُعْتَرِضُ عَلَى الزِّمَامِ الْفِدْيَةُ, وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ1. قَالَ الْقَاضِي: مُرَادُهُ الْعَرِيضَيْنِ, وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ; لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ فِيهَا, وَرُبَّمَا تَعَذَّرَ الْمَشْيُ بِدُونِهِ, وَكَمَا لَا يَجِبُ قَطْعُ الْخُفِّ وَأَوْلَى, وَالرَّانُّ2 كَخُفٍّ. وَإِنْ شَقَّ إزَارَهُ وَشَدَّ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى سَاقٍ فَكَسَرَاوِيلَ "وَلَا يُزِرُّهُ" وَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ شَيْئًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا بِشَوْكَةٍ أَوْ إبْرَةٍ أَوْ خَيْطٍ, وَلَا يَغْرِزُ أَطْرَافَهُ, فَإِنْ فَعَلَ أَثِمَ وَفَدَى; لِأَنَّهُ كَمَخِيطٍ, لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِمُحْرِمٍ: وَلَا تَعْقِدْ عَلَيْك شَيْئًا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ3, وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنُ جُرَيْجٍ مُرْسَلًا: رَأَى رَجُلًا مُحْتَزِمًا بِحَبْلٍ فَقَالَ: انْزِعْ الْحَبْلَ, مَرَّتَيْنِ. وَرَوَى هُوَ وَمَالِكٌ4 عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لُبْسَ الْمِنْطَقَةِ لِلْمُحْرِمِ, وَرَوَى الْأَثْرَمُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقَ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِمَوْلَاهُ: يَا أَبَا مَعْبَدٍ زُرَّ عَلَيَّ طَيْلَسَانِي, فَقَالَ لَهُ: كُنْتُ تَكْرَهُ هَذَا. فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أفتدي5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَحْمَدُ فِي مُحْرِمٍ حَزَّمَ عِمَامَةً عَلَى وَسَطِهِ: لَا يَعْقِدُهَا وَيُدْخِلُ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ. وَلَهُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِقَمِيصٍ وَيَرْتَدِيَ بِهِ وَبِرِدَاءٍ مُوصِلٍ وَلَا يَعْقِدَهُ, وَيَعْقِدَ إزَارَهُ; لِأَنَّهُ يَحْتَاجُهُ لستر العورة وسترة نفقته1. وَيُبَاحُ الْهِمْيَانُ, قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجَازَهُ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ مُتَقَدِّمُوهُمْ وَمُتَأَخِّرُوهُمْ, فَمَتَى كَانَ فِيهِ نَفَقَتُهُ فَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِ عَقْدٍ بِأَنْ أَدْخَلَ السُّيُورَ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ لَمْ يَعْقِدْهُ, لِعَدَمِ الْحَاجَةِ, وَإِلَّا جَازَ عَقْدُهُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يُرَخِّصُونَ فِي عَقْدِهِ لَا فِي عَقْدِ غَيْرِهِ, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ نَحْوُهُ2, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَ الْهِمْيَانَ لِلْمُحْرِمِ3, يَعْنِي مَا لَا نَفَقَةَ فِيهِ. وَلَا يَجُوزُ عَقْدُهُ إذَنْ, لِعَدَمِ الْحَاجَةِ. وَفِي رَوْضَةِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَا يَعْقِدُ سُيُورَهُ, وَقِيلَ: لَا بَأْسَ, احْتِيَاطًا عَلَى النَّفَقَةِ. وَإِنْ كَانَ فِي الْمِنْطَقَةِ نَفَقَةٌ فَكَهِمْيَانٍ. وَإِنْ لَبِسَهَا لِوَجَعٍ أَوْ حَاجَةٍ افْتَدَى, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: الْمِنْطَقَةُ كَهِمْيَانٍ, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ حَامِدٍ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ, وَغَيْرُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا النَّفَقَةُ وَعَدَمُهَا, وَإِلَّا فَهُمَا سَوَاءٌ, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَقِيلَ: لَهُ شَدُّ وسطه بحبل وعمامة ونحوهما, وعند ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخِنَا: وَرِدَاءٌ لِحَاجَةٍ. وَيَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَدْرِهِ. نَقَلَهُ صَالِحٌ, وَيَتَقَلَّدُ بِسَيْفٍ لِحَاجَةٍ "و" لِقَضِيَّةِ1 صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَلَا يَجُوزُ بِلَا حَاجَةٍ, نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا خَافَ مِنْ عَدُوٍّ, وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ. لَا, إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ3. قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: لَا يَحْمِلُ الْمُحْرِمُ السِّلَاحَ فِي الْحَرَمِ4, قَالَ: وَالْقِيَاسُ إبَاحَتُهُ, لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى اللُّبْسِ. وَلَوْ حَمَلَ قِرْبَةً فِي عُنُقِهِ لَمْ يَحْرُمْ وَلَا فِدْيَةَ, وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْمُحْرِمِ يُلْقِي جِرَابَهُ فِي عُنُقِهِ كَهَيْئَةِ الْقِرْبَةِ فَقَالَ: أَرْجُو أَلَا بَأْسَ, كَذَا قَالَ الشَّيْخُ, وَظَاهِرُهُ يُبَاحُ عِنْدَهُ فِي الْحَرَمِ, وَعَنْ أَحْمَدَ: لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَقَلَّدَ بِسَيْفٍ بِلَا حَاجَةٍ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ; لِأَنَّ حَمْلَ السِّلَاحِ بِهَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ "و" نَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يَتَقَلَّدُهُ بِمَكَّةَ إلَّا لِخَوْفٍ, رَوَى مُسْلِمٌ5 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: "لَا يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ السِّلَاحُ بِمَكَّةَ" , وَإِنَّمَا مَنَعَ أَحْمَدُ مِنْ تَقْلِيدِ السَّيْفِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ; لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى اللُّبْسِ عِنْدَهُ, وَلِهَذَا نَقَلَ صَالِحٌ: يَحْمِلُ قِرْبَةَ الْمَاءِ وَلَا يُدْخِلُهُ فِي صَدْرِهِ, وَمِثْلُهَا جِرَابُهُ, وَإِنْ جَازَ فِيهِمَا; فَلِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى هِمْيَانِ النفقة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَفْدِي بِطَرْحِ قَبَاءٍ وَنَحْوِهِ عَلَى كَتِفِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "اخْتَارَهُ" الْأَكْثَرُ "وم ش" لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ لُبْسِهِ لِلْمُحْرِمِ, رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ1 ورواه النجاد2 عَنْ عَلِيٍّ; وَلِأَنَّهُ مَخِيطٌ لُبْسُهُ3 "عَادَةً" كَالْقَمِيصِ. وَعَنْهُ: إنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ فَدَى وَإِلَّا فَلَا, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالتَّرْغِيبُ, وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ, لِمَا سَبَقَ فِي الْخُفِّ لِعَدَمِ نَعْلٍ, وَكَالْقَمِيصِ يَتَّشِحُ بِهِ وَرِدَاءٍ مُوصِلٍ. وَفِي الواضح: أو أدخل إحدى يديه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الطيب بالإجماع;
فصل: الطيب بالإجماع; الخامس: الطيب بالإجماع; لأنه صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ بِغَسْلِ الطِّيبِ وَقَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ: "لَا تُحَنِّطُوهُ" متفق عَلَيْهِمَا5 وَلِمُسْلِمٍ6 "لَا تُمِسُّوهُ بِطِيبٍ". فَإِنْ طَيَّبَ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ ثَوْبِهِ أو مس منه ما يعلق به7 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَمَاءِ وَرْدٍ وَمِسْكٍ مَسْحُوقٍ. أَوْ لُبْسٍ أَوْ اسْتَعْمَلَ1 مَا صُبِغَ بِطِيبٍ أَوْ بُخِّرَ بِهِ أَوْ غُمِسَ فِي مَاءِ وَرْدٍ فَدَى. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ طَيَّبَ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ, قَالَ: وَإِنْ كَانَ رَطْبًا يَلِي بَدَنَهُ أَوْ يَابِسًا يُنْفَضُ عَلَيْهِ فَدَى وَإِلَّا فَلَا, أَوْ لَبِسَهُ مُبَخَّرًا بِعُودٍ أَوْ نِدٍّ2 فَلَا فِدْيَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِالطِّيبِ انْتِفَاعٌ مَا بِأَنْ غَسَلَهُ فِي الْحَالِ فَلَا فِدْيَةَ. وَإِنْ قَصَدَ شَمَّ طِيبٍ كَعَنْبَرٍ وَكَافُورٍ وَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَمَاءٍ وَرْدٍ وَنَحْوِهَا بِأَنْ قَصَدَ الْعَطَّارَ أَوْ الْكَعْبَةَ حَالَ تَجْمِيرِهَا حَرُمَ وَفَدَى, نَصَّ عَلَيْهِ, كَمَا لَوْ بَاشَرَهُ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ يُبَاحُ "وش" وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي حَمْلِ مَا فِيهِ مِسْكٌ لِيَشُمَّهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ, وَالْفَرْقُ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزَ. وَإِنْ لَبِسَ ثَوْبًا مُطَيَّبًا يَفُوحُ رِيحُهُ بِرَشِّ مَاءٍ فَدَى, كَظُهُورِهِ بِنَفْسِهِ, وَكَذَا إنْ افْتَرَشَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَوْ تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرَ ثِيَابِ بَدَنِهِ لَا يَمْنَعُ رِيحَهُ وَمُبَاشَرَتَهُ, وَإِنْ مَنَعَ فَلَا, وَأَطْلَقَ الْآجُرِّيُّ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ كُرِهَ وَلَا فِدْيَةَ. وَإِنْ طُيِّبَ بِإِذْنِهِ فَدَى, وَكَذَا إنْ اكْتَحَلَ به أو استعط أو احتقن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِاسْتِعْمَالِهِ كَشَمِّهِ. وَإِنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ مَا فِيهِ طِيبٌ يَظْهَرُ رِيحُهُ فَدَى; لِأَنَّهَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ طُبِخَ أَوْ مَسَّتْهُ النَّارُ "هـ م" لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ, وَإِنْ ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ وَبَقِيَ طَعْمُهُ فَدَى, نَصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهَا وَقِيلَ: لَا, كَبَقَاءِ لَوْنِهِ فَقَطْ وَلَوْ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ "هـ م" 1لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ. وَإِنْ ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ وبقي طعمه فدى1. وَلِمُشْتَرِيهِ حَمْلُهُ وَتَقْلِيبُهُ إنْ لَمْ يَمَسَّهُ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ, وَلَوْ ظَهَرَ رِيحُهُ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّطَيُّبَ وَلَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ, وَيَتَوَجَّهُ, وَلَوْ عَلِقَ بِيَدِهِ, لِعَدَمِ الْقَصْدِ, وَلِحَاجَةِ التِّجَارَةِ. وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: إنْ حَمَلَهُ مَعَ ظُهُورِ رِيحِهِ لَمْ يَجُزْ, وَإِلَّا جَازَ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُصْلَحُ لِلْعَطَّارِ بِحَمْلِهِ لِلتِّجَارَةِ إلَّا مَا لَا رِيحَ لَهُ. وَلَهُ شَمُّ الْعُودِ "و" لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّبْخِيرُ, وَالْفَوَاكِهِ كلها كأترج وتفاح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"و" وَنَبَاتِ الصَّحْرَاءِ "و" كَشِيحٍ, وَمَا يُنْبِتُهُ آدَمِيٌّ لَا لِقَصْدِ الطِّيبِ كَحِنَّاءٍ وَعُصْفُرٍ "و" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ, وَلَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ, وَلَا يُسَمَّى مُتَطَيِّبًا عَادَةً, وَكَذَا قُرُنْفُلٌ وَدَارُ صِينِيِّ1 وَنَحْوُهُمَا. وَلَهُ شَمُّ مَا لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَرَيْحَانٍ فَارِسِيٍّ وَنَمَّامٍ2 وَبَرَمٍ3 وَنَرْجِس وَمَرْزَجُوشٍ4, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ, لِمَا سَبَقَ. وَقَالَهُ عُثْمَانُ, وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَيَحْرُمُ فِي رِوَايَةٍ وَيَفْدِي, وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ, لِقَوْلِ جَابِرٍ: لَا يَشُمُّهُ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ5 وَغَيْرُهُ, وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ6, قَالَهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ وَكَالْوَرْدِ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ: لَا فِدْيَةَ, وَأَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ: لَيْسَ مِنْ آلَةِ الْمُحْرِمِ7, للكراهة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وهـ م" وَذَكَرَ أَيْضًا رِوَايَةً: يَحْرُمُ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ "م 13". وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طيب كورد وبنفسج وَلَيْنُوفَرٍ1 وَيَاسَمِينٍ وَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الزَّنْبَقُ وَمَنْثُورٍ, فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ يَحْرُمُ وَيَفْدِي, اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَلَهُ شَمُّ مَا لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ, كَرَيْحَانٍ فَارِسِيٍّ وَنَمَّامٍ وَبَرَمٍ وَنَرْجِس وَمَرْزَحُوشٍ, فِي رِوَايَةٍ, اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ وَيُحْرِمُ فِي رِوَايَةٍ وَيَفْدِي وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ: لَا فِدْيَةَ, وَأَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ: لَيْسَ مِنْ آلَةِ الْمُحْرِمِ, لِلْكَرَاهَةِ, وَذَكَرَ أَيْضًا رِوَايَةً: يَحْرُمُ مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فَقَطْ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يُبَاحُ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَحْرُمُ شَمُّهُ, فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَصَحَّحَ فِي التَّصْحِيحِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي شَمِّ الرِّيحَانِ, وَأَوْجَبَ الْفِدْيَةَ فِي شَمِّ النِّرْجِسَ وَالْبُرَمَ "قُلْتُ": وَالْقَوْلُ بِالتَّفْرِقَةِ غَرِيبٌ, أَعْنِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الرَّيْحَانِ وَغَيْرِهِ. "تَنْبِيهٌ": فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ مَعَ قَوْلِهِ عَنْ الرواية الأولى: اختاره الأصحاب" نظر,
الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَهِيَ أَظْهَرُ, كَمَاءِ وَرْدٍ "م 14"; وَلِأَنَّهُ يَنْبُتُ لِلطِّيبِ وَيُتَّخَذُ مِنْهُ, كَزَعْفَرَانٍ, وماء ريحان ونحوه كهو. وفي الفصول احتمال بِالْمَنْعِ كَمَا وَرَدَ, وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ "م 15" وَلَهُ الادهان بدهن لا طيب فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ التَّرْجِيحُ حَتَّى يُطْلِقَ الْخِلَافَ, وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ "اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ" فسبق القلم, أو سقط من الناسخ. "مَسْأَلَةٌ 14": قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ كَوَرْدٍ وَبَنَفْسَجٍ وَنَيْلُوفَرَ وَيَاسَمِينٍ وَهُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْهُ الزِّئْبَقُ وَمَنْثُورٌ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى يَحْرُمُ وَيَفْدِي, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَهِيَ أَظْهَرُ, كَمَاءِ وَرْدٍ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمستوعب والخلاصة والهادي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ شَمُّهُ, فَإِنْ فَعَلَ فَدَى, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ أَظْهَرُ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي1 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَهُ شَمُّهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "مَسْأَلَةٌ 15": قَوْلُهُ: وَمَاءُ رَيْحَانٍ وَنَحْوِهِ كَهُوَ, وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ كَمَاءِ وَرْدٍ, وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ, انْتَهَى. ذَكَرَ, الْمُصَنِّفُ فِي مَاءِ الرَّيْحَانِ وَنَحْوِهِ ثَلَاثَ طُرُقٍ, أَصَحُّهَا أَنَّهُ كَأَصْلِهِ, وَالْأَصْلُ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ, فَكَذَا يَكُونُ فِي مَائِهِ, وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ فِي أَصْلِهِ, فَكَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي مائه, والله أعلم.
كزيت وشيرج, نص عَلَيْهِ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ1 مِنْ رِوَايَةِ فَرْقَدٍ السِّنْجِيِّ, وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ, وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2, وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ. وَعَنْهُ: الْمَنْعُ وَيَفْدِي, ذَكَرَ القاضي أنه اختيار الخرقي "وهـ" كَالْمُطَيَّبِ; وَلِأَنَّهُمَا أَصْلُ الْأَدْهَانِ وَلَمْ يُكْتَسَبُ الدُّهْنُ إلَّا لِلرَّائِحَةِ وَلَا أَثَرَ لَهَا مُنْفَرِدَةً وَمَنَعَ الْقَاضِي ذَلِكَ, وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَنْعَ لِلْكَرَاهَةِ وَلَا فِدْيَةَ, وَاقْتَصَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى زَيْتٍ وَشَيْرَجٍ, وَقَاسَا الْجَوَازَ عَلَى سَمْنٍ, فَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ السَّمْنَ كَزَيْتٍ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ الشَّحْمَ وَالْأَدْهَانُ مِثْلُهُ, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صُدِّعَ فَقَالُوا: أَلَا نَدْهُنُك بِالسَّمْنِ؟ قَالَ: لَا, قَالُوا: أَلَيْسَ تأكله؟ قال: ليس أكله ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهَانِ": الْأَوَّلُ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ, وَتَابَعَ عَلَى ذَلِكَ أَبَا الْخَطَّابِ وَصَاحِبَ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَحَكَى الشَّيْخُ فِي الْكَافِي3: في الريحان الفارسي الروايتين. ثُمَّ قَالَ: فِي سَائِرِ النَّبَاتِ الطَّيِّبِ الرَّائِحَةُ الَّذِي لَا يُتَّخَذُ مِنْهُ طِيبٌ وَجْهَانِ قِيَاسًا عَلَى الرَّيْحَانِ, وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّ جَمِيعَ الْقِسْمَيْنِ فِيهِ وَجْهَانِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ فِي الْجَمِيعِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. فَتُلَخَّصُ لِلْأَصْحَابِ فِي حكاية الخلاف ثلاث طرق, والله أعلم
كَأَدْهَانٍ بِهِ1 وَعَنْ مُجَاهِدٍ: إنْ تَدَاوَى بِهِ فَدَى, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عَنْ أَحْمَدَ فِي الْبَدَنِ شَيْئًا. وَخَصَّ الشَّيْخُ الْخِلَافَ بِالرَّأْسِ; لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّعْرِ, فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ, وَالْوَجْهُ كَالشَّافِعِيَّةِ; وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا "هُمَا" فِي دَهْنِ شَعْرِهِ, وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةُ لَا فِدْيَةَ بِادِّهَانِهِ بِدُهْنٍ فِيهِ طِيبٌ, لِعَدَمِ قَصْدِهِ, وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: يَحْرُمُ شَمُّ دُهْنٍ مُطَيَّبٍ وَأَكْلُهُ مَعَ ظُهُورِ رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ, وَفِي غَيْرِ مُطَيَّبٍ رِوَايَتَانِ كَذَا قَالَ. وَيُقَدَّمُ غَسْلُ طِيبٍ عَلَى نَجَاسَةٍ يَتَيَمَّمُ لَهَا. وَفْدِيَّةُ تَغْطِيَةٍ وَلِبَاسٍ وَطِيبٍ كَحَلْقٍ وَمَنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ فَعَلَهُ وَقْتَ حَاجَتِهِ فَقَطْ وَفَدَى, كَحَلْقٍ لِعُذْرٍ, وَمَنْ بِهِ شَيْءٌ لَا يُحِبُّ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ لَبِسَ وَفَدَى, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا يَحْرُمُ دَلَالَةً عَلَى طِيبٍ وَلِبَاسٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا; لِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالسَّبَبِ; ولأنه لا يتعلق بهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ فِي الِادِّهَانِ بِدُهْنٍ لَا طِيبَ فِيهِ: قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الرِّوَايَتَانِ فِي رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَخَصَّ الشَّيْخُ الْخِلَافَ بِالرَّأْسِ; لِأَنَّهُ مَحَلُّ الشعر, فكان ينبغي أَنْ يَقُولَ: وَالْوَجْهُ انْتَهَى. طَرِيقَةُ الْقَاضِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ, كَالشَّيْخِ فِي الْكَافِي2 وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم,
حُكْمٌ مُخْتَصٌّ, وَالدَّلَالَةُ عَلَى الصَّيْدِ يَتَعَلَّقُ بِهَا حكم مختص, وهو تحريم الأكل والإثم.
فصل: فإن تزوج أو زوج محرمة
فصل: فإن تزوج أو زوج محرمة "السَّادِسُ" النِّكَاحُ, فَإِنْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ مُحْرِمَةً أَوْ كَانَ وَلِيًّا أَوْ وَكِيلًا لَمْ يَصِحَّ, نقله الجماعة "وم ش" تَعَمَّدَ أَوْ لَا. لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ1 عَنْ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا ينكح ولا يخطب" ولمالك وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي دَاوُد2 أَنَّ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَرْسَلَ إلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَأَبَانُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْحَاجِّ وَهُمَا مُحْرِمَانِ: إنِّي قَدْ أَرَدْت أَنْ أُنْكِحَ طَلْحَةَ بْنَ عُمَرَ بِنْتَ شَيْبَةَ بْنِ جُبَيْرٍ, وَأَرَدْت أَنْ تَحْضُرَ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ". وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ "لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ" رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ, وَرَفَعَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3. وَلِأَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْهُ4: أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ: لَا تَتَزَوَّجْهَا وَأَنْتَ مُحْرِمٌ, نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ. وَلِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ5 أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهُوَ مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ نِكَاحَهُ, وَعَنْ عَلِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَطَرِيقَةُ الشَّيْخِ تَابَعَهُ عَلَيْهَا الشَّارِحُ وَابْنُ مُنَجَّى وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ في محل الروايتين
وَزَيْدٍ مَعْنَاهُ, رَوَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ1; وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَدَوَاعِيَهُ, فَمَنَعَ عَقْدُ النِّكَاحِ كَالْعِدَّةِ; وَلِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ, فَمَنَعَهُ الْإِحْرَامُ, كَالطِّيبِ, أَوْ عَقْدٌ لَا يَتَعَقَّبُهُ اسْتِمْتَاعٌ, كَالْمُعْتَدَّةِ. وَأَجَازَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ, لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2 وَلِلْبُخَارِيِّ3: وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ. وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ4: وَهُمَا مُحْرِمَانِ. وَالْجَوَابُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ5 عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَمَاتَتْ بِسَرِفٍ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالتِّرْمِذِيُّ6 وَقَالَ: غَرِيبٌ, رَوَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ مُرْسَلًا, وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ7. وَلِمُسْلِمٍ8 عَنْهُ عَنْ مَيْمُونَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَلِأَبِي دَاوُد9: تَزَوَّجَنِي ونحن حلالان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِسَرِفٍ, وَعَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا وَبَنَى بِهَا حَلَالًا وَكُنْت الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَحَسَّنَهُ وَقَالَا: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ غَيْرَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مَطَرِ بْنِ رَبِيعَةَ. وَلِمَالِكٍ2 عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا رَافِعٍ مَوْلَاهُ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ, وَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ, وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهِلَ. وَقَالَ أَيْضًا: أَوْهَمَ, رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ3, أَيْ ذَهَبَ وَهْمُهُ إلَى ذَلِكَ, وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَا بِمَعْنَى غَلِطَ وَسَهَا, يُقَالُ وَهِلَ فِي الشَّيْءِ وَعَنْ الشَّيْءِ يَوْهَلُ وَهَلًا بِالتَّحْرِيكِ. وَلِلْبُخَارِيِّ4 وَأَبِي دَاوُد5 هَذَا الْمَعْنَى, عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ, وَهَذَا يَدُلُّ "عَلَى" أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ خَطَأٌ, وَكَذَا نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ خَطَأٌ, ثُمَّ قِصَّةُ مَيْمُونَةَ مُخْتَلِفَةٌ, كَمَا سَبَقَ, فَيَتَعَارَضُ ذَلِكَ, وَمَا سَبَقَ لَا مُعَارِضَ لَهُ, ثُمَّ رِوَايَةُ الْحِلِّ أَوْلَى; لِأَنَّهُ أَكْثَرُ, وَفِيهَا صَاحِبُ الْقِصَّةِ وَالسَّفِيرُ فِيهَا, وَلَا مَطْعَنَ فِيهَا, وَيُوَافِقُهَا مَا سَبَقَ, وَفِيهَا زِيَادَةٌ, مَعَ صِغَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ إذَنْ, وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ ظَهَرَ تَزْوِيجُهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ, أَوْ فِعْلُهُ خَاصٌّ بِهِ, وعليه عمل الخلفاء الراشدين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَحْمَدُ فِيمَا سَبَقَ1 عَنْ عُمَرَ: وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ لَا يُنْكِرُونَهُ. وَعَقْدُ النِّكَاحِ يُرَادُ بِهِ الْوَطْءُ غَالِبًا, وَيَحْرُمُ بِالْعِدَّةِ وَالرِّدَّةِ وَاخْتِلَافِ الدِّينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ, بِخِلَافِ شِرَاءِ الْأَمَةِ, فَافْتَرَقَا, وَيُعْتَبَرُ حَالَةَ عَقْدِ النِّكَاحِ, فَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا فِيهِ فَعَقَدَهُ بَعْدَ حِلِّهِ, صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ, وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ, فَإِنْ وَكَّلَ ثُمَّ أَحْرَمَ لَمْ يَنْعَزِلْ وَكِيلُهُ, فِي الْأَصَحِّ فَإِذَا حَلَّ فَلِوَكِيلِهِ عَقْدُهُ لَهُ. فِي الْأَقْيَسِ وَإِنْ قَالَ: عُقِدَ قَبْلَ إحْرَامِي, قُبِلَ قَوْلُهُ. وَكَذَا إنْ عَكَسَ; لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ فَيَمْلِكُ إقْرَارَهُ بِهِ, لَكِنْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ, وَيَصِحُّ مَعَ جَهْلِهِمَا وُقُوعُهُ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَعَاطِي الصَّحِيحَ, وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ مُعْتَدَّةٍ فَفَرَغَتْ فَعَقَدَهُ "لَهُ" فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَصِحَّ, وَلَوْ قَالَ تَزَوَّجْتُ وَقَدْ حَلَلْتُ قَالَتْ: بَلْ مُحْرِمَةٌ, صُدِّقَ, وَتُصَدَّقُ هِيَ فِي نَظِيرِهَا فِي الْعِدَّةِ; لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ, ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْ أَحْمَدَ: إنْ زَوَّجَ الْمُحْرِمُ غَيْرَهُ صَحَّ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِبَاحَةِ مَحْظُورٍ لحلال, فلم يمنعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِحْرَامُ, كَحَلْقِهِ رَأْسَ حَلَالٍ, وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ, وَهُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى" آخِرَ الصَّدَاقِ1. وَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَفِي التَّعْلِيقِ: لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَ, وَيُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ, ثُمَّ سَلَّمَهُ; لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ مَا لَا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ, لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُزَوِّجَ الْكَافِرُ وَلَا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ: الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ, لِلْحَرَجِ; لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ. وَاخْتَارَ هُوَ الْجَوَازَ, لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ, وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى; لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَبْطُلُ بِفِسْقٍ طَرَأَ, وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ أَحْرَمَ نَائِبُهُ كَهُوَ "م 16" وَفِي إبَاحَةِ الرَّجْعَةِ فِيهِ وَصِحَّتِهَا رِوَايَتَانِ: الْمَنْعُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالنِّكَاحِ وَالْإِبَاحَةُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وجماعة "م 17" "وم ش" لأنها إمساك; ولأنها مُبَاحَةٌ, فَلَا إحْلَالَ, وَلَوْ حَرُمَتْ فَلَا مَانِعَ, كالتكفير للمظاهر, وأجاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فَفِي التَّعْلِيقِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُزَوِّجَ, وَيُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ, ثُمَّ سَلَّمَهُ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ: الْمَنْعُ وَعَدَمُهُ, لِلْحَرَجِ; لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ, وَاخْتَارَ هُوَ الْجَوَازَ لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ, وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ أَحْرَمَ نَائِبُهُ كَهُوَ, انْتَهَى. اقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ2 عَلَى حِكَايَةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ: وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَنَائِبِهِ أَنْ يُزَوِّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, انْتَهَى. "قُلْتُ": ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْهُمَا, كَغَيْرِهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 17": قَوْلُهُ: وَفِي إبَاحَةِ الرَّجْعَةِ "فِيهِ" وَصِحَّتِهَا رِوَايَتَانِ: الْمَنْعُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كالنكاح والإباحة, اختاره الخرقي وجماعة,
الْقَاضِي بِأَنَّهَا أَبَاحَتْ الْوَطْءَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْعِدَّةِ, وَالتَّكْفِيرُ لَيْسَ بِعَقْدٍ, وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِالْكَفَّارَةِ حِلَّ الْوَطْءِ; لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ أَوْ مَاتَتْ كَفَّرَ وَالْكَفَّارَةُ تَجُوزُ فِي حَالَةٍ لَا يَجُوزُ فِيهَا عَقْدُ النِّكَاحِ, كَتَكْفِيرِ مَنْ ظَاهَرَ مِنْ إحْدَى نِسَائِهِ الْأَرْبَعِ أَوْ زَوْجَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ. وَتُكْرَهُ خِطْبَةُ الْمُحْرِمِ كَخُطْبَةِ الْعَقْدِ وشهوده, وحرمها ابن عقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ1 وَالْهِدَايَةِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ, ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ وَأَطْلَقَهُمَا هُنَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يُبَاحُ وَيَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعَبِ هُنَا وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ الْكُبْرَى وَالتَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: عَلَيْهَا الْجُمْهُورُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" الْمَنْعُ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ, نَقَلَهَا الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَنَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَصِحُّ, عَلَى الْمَشْهُورِ, قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: وَهِيَ أَصَحُّ, وَنَصَرَهَا فِي الْمُبْهِجِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهِيَ أَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَ أَوْ مَاتَتْ كَفَّرَ" قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَلَعَلَّهُ لَوْ عَزَمَ أَوْ وَطِئَ ثُمَّ مَاتَتْ كفر
لِتَحْرِيمِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ وَأَطْلَقَ أَبُو الْفَرَجِ تَحْرِيمَ الْخِطْبَةِ, وَتُكْرَهُ شَهَادَتُهُ فِيهِ, وَحَرَّمَهَا ابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ حَنْبَلٍ: لَا يَخْطِبُ, قَالَ: وَمَعْنَاهُ: لَا يَشْهَدُ النِّكَاحَ, ثُمَّ سَلَّمَهُ, كَالْمُصَلِّي يَشْهَدُ النِّكَاحَ وَالْمُحْرِمِ يَشْهَدُ شِرَاءَ الصَّيْدِ وَلَا يَعْقِدَانِ, وَلَا فِعْلَ لِلشَّاهِدِ فِي الْعَقْدِ, أَمَّا الزِّيَادَةُ فِي الْخَبَرِ: "وَلَا يَشْهَدُ" فَلَا تَصِحُّ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يُكْرَهُ, لِمُحِلٍّ خِطْبَةِ مُحْرِمَةٍ, وَإِنَّ فِي كَرَاهَةِ شَهَادَتِهِ "فِيهِ" وَجْهَيْنِ:, كَذَا قَالَ, وَلَا فِدْيَةَ بِمَا سَبَقَ كَشِرَاءِ الصَّيْدِ. وَيَصِحُّ شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْءٍ وَغَيْرِهِ, لِمَا سَبَقَ, قَالَ الشَّيْخُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا.
فصل: الوطء في قبل يفسد به النسك في الجملة إجماعا.
فصل: الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ يَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ فِي الجملة إجماعا. السَّابِعُ: الْوَطْءُ فِي قُبُلٍ يَفْسُدُ بِهِ النُّسُكُ فِي الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا. فِي الْمُوَطَّإِ1: بَلَغَنِي أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا وَأَبَا هُرَيْرَةَ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالُوا: يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ. قَالَ: وَقَالَ عَلِيٌّ: وَإِذَا أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَفِيهِ2 أَيْضًا وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ, فَأَمَرَهُ بِنَحْرِ بَدَنَةٍ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَا أَظُنُّهُ إلَّا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي3 وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْهُ, وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ4 أَنَّ رَجُلًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَتَى أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ, قَالَ: يَنْحَرُ جَزُورًا بَيْنَهُمَا وَلَهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ1 إلَى عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَسْأَلُهُ عَنْ مُحْرِمٍ وَقَعَ بِامْرَأَةٍ, فَأَشَارَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: اذْهَبْ إلَى ذَلِكَ وَاسْأَلْهُ, قَالَ شُعَيْبٌ فَلَمْ يَعْرِفْهُ الرَّجُلُ, فَذَهَبْتُ مَعَهُ, فَسَأَلَ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ: بَطَلَ حَجُّك. قَالَ الرَّجُلُ: أَفَأَقْعُدُ؟ قَالَ: لَا. بَلْ تَخْرُجُ مَعَ النَّاسِ وَتَصْنَعُ مَا يَصْنَعُونَ, فَإِذَا أَدْرَكْتَ قَابِلَ حُجَّ وَأَهْدِ. فَرَجَعَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ, ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَاسْأَلْهُ. قَالَ شُعَيْبٌ: فَذَهَبْتُ مَعَهُ, فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ, فَرَجَعَ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْبَرَهُ, ثُمَّ قَالَ: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَا وَرَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَزَادَ: وَحُلَّ إذَا حَلُّوا, فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ فَاحْجُجْ أَنْتَ وَامْرَأَتُك وَأَهْدَيَا هَدْيًا, فَإِنْ لَمْ تَجِدَا فَصُومَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعْتُمَا وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبَ حَدِيثُهُ حَسَنٌ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: رَأَيْتُ عَلِيًّا وَأَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيَّ وَإِسْحَاقَ يَحْتَجُّونَ بِهِ, قِيلَ لَهُ: فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ مَاذَا يَقُولُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ أَكْثَرَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ونحو هذا2, وسبق في زكاة العسل3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ"1 قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ ثُمَّ يَحْجُجَانِ مِنْ قَابِلٍ وَيُحْرِمَانِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا وَيَتَفَرَّقَانِ وَيُهْدِيَانِ جَزُورًا وَرَوَاهُ أَيْضًا1" مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ: عَلَيْهِمَا الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ ثُمَّ يَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ وَلَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يَقْضِيَا نُسُكَهُمَا وَعَلَيْهِمَا الْهَدْيُ. وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَأَلَ الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمَا: "أَتِمَّا حَجَّكُمَا ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى قَابِلَ حَتَّى إذَا كُنْتُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتهَا فِيهِ فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا وَلَا يُؤَاكِلْ وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ أَتِمَّا مَنَاسِكَكُمَا وَأَهْدَيَا" 2 رِوَايَةُ الْعَبَادِلَةِ كَابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ عَبْدِ الْغَنِيّ بْنِ سَعِيدٍ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يَعْتَبِرُ بِذَلِكَ, وَبَعْضُهُمْ يُضَعِّفُهَا, وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ وَسُئِلَ عَنْ الْمُحْرِمِ يَأْتِي امْرَأَتَهُ؟ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ فَقَالَ: يَمْضِيَانِ بِحَجِّهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَجِّهِمَا ثُمَّ يَرْجِعَانِ حَلَالًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ, حَتَّى إذَا كَانَ مِنْ قَابِلٍ حَجًّا وَأَهْدَيَا, وَتَفَرَّقَا مِنْ حَيْثُ أَصَابَهَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا. وَرَوَى مَعْنَاهُ سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عَنْهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَفْسُدُ النُّسُكُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوفِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وم ش" وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَفْسُدُ بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. لَنَا أَنَّ مَا سَبَقَ مُطْلَقٌ; وَلِأَنَّهُ "إنَّمَا" صَادَفَ إحْرَامًا تَامًّا, كَقَبْلِ الْوُقُوفِ, وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَمَّنْ وَقَفَ: "بِعَرَفَةَ تَمَّ حَجُّهُ" 1 يَعْنِي قَارَبَهُ, لبقاء طواف الزيارة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَمْنِ الْفَوَاتِ أَمْنُ الْفَسَادِ, بِدَلِيلِ الْعُمْرَةِ, وَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ, وَنِيَّةِ الصَّوْمِ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَوَطْءُ امْرَأَةٍ فِي الدُّبُرِ وَاللِّوَاطُ وَبَهِيمَةٍ كَالْقُبُلِ "وم ش" لِوُجُوبِ الْحَدِّ وَالْغُسْلِ كَالْقُبُلِ, وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ: لَا يَفْسُدُ بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ, وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا لَا يَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ, وَلَنَا خِلَافٌ فِي الْحَدِّ بِذَلِكَ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَفْسُدُ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ, وَعَنْهُ كَقَوْلِنَا. وَالنَّاسِي وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ وَنَحْوُهُ كَغَيْرِهِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وهـ م" لِمَا سَبَقَ عَنْ الصَّحَابَةِ, وَفِيهِ نَظَرٌ; وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ, كَالْفَوَاتِ "وَفِيهِ نَظَرٌ"; لِأَنَّهُ تَرْكُ رُكْنٍ فَأَفْسَدَ, وَالْوَطْءُ فِعْلٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ, وَقَاسُوا عَلَى الصَّلَاةِ; لِأَنَّ حَالَاتِ الْإِحْرَامِ مُدْرَكَةٌ, كَحَالَاتِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَفِيهِ نَظَرٌ, لِتَرْكِ شَرْطِهَا. وَفِي الْفُصُولِ رِوَايَةٌ: لَا يَفْسُدُ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَجَدِيدُ1 قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ, وَتَجِبُ به بدنة, نص عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِمَا سَبَقَ عَنْ الصَّحَابَةِ, وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ "وم ش" وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: قَبْلَ الْوُقُوفِ شَاةٌ, وَبَعْدَهُ بَدَنَةٌ, وَالْقَارِنُ عَلَيْهِ دَمٌ وَاحِدٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِإِطْلَاقِ مَا سَبَقَ, وَكَالْمُفْرِدِ وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; وَلِأَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ, فَتَدَاخَلَتْ الْكَفَّارَةُ, كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ. وَعَنْهُ: وَشَاةٌ لِلْعُمْرَةِ إنْ لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ وَطِئَ قَبْلَ فَوَاتِ الْعُمْرَةِ فَسَدَتْ, وَعَلَيْهِ شَاةٌ لَهَا وَشَاةٌ لِلْحَجِّ, وَبَعْدَ طَوَافِهَا لَا تَفْسُدُ, بَلْ حَجَّةٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ هَذَا عَلَى رِوَايَتِنَا: عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعَيَانِ, كَذَا قَالَ. وَالْمَرْأَةُ الْمُطَاوِعَةُ كَالرَّجُلِ, لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مِنْهُمَا, بِدَلِيلِ الْحَدِّ; وَلِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ, كَمَا لَوْ قَتَلَا رَجُلًا أَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا وَحَلَفَتْ مِثْلَ ذَلِكَ فَوَطِئَهَا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "وهـ م" وَدَاوُد, وَكَنَفَقَةِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُطَاوِعَةِ; وَلِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ الصَّوْمِ, وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ "وش" لِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَاحِدٌ, وَسَبَقَ كَلَامُ الصَّحَابَةِ. وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا; لِأَنَّهُ لَا وَطْءَ مِنْهَا, ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, كَالصَّوْمِ, وَلَا فِدْيَةَ عَلَى مُكْرَهَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ, كَالصَّوْمِ; وَلِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِ. وَعَنْهُ: بَلَى "وهـ" كَمُطَاوِعَةٍ, وَعَنْهُ: يَفْدِي عَنْهَا الْوَاطِئُ, لِأَنَّ الْإِفْسَادَ مِنْهُ "وم" كَإِفْسَادِ حَجِّهِ, وَكَنَفَقَةِ الْقَضَاءِ. نَقَلَ الْأَثْرَمُ: عَلَى الزَّوْجِ حَمْلُهَا وَلَوْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَيُجْبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى أَنْ يَدَعَهَا. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى الْوَطْءِ فِي الصَّوْمِ تُكَفِّرُ وَتَرْجِعُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ; لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ لَهَا إلَى ذَلِكَ, كَمَا قُلْنَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنَفَقَةِ الْقَضَاءِ فِي الْحَجِّ, وَكَمَا قُلْنَا فِي مُحْرِمٍ حُلِقَ رَأْسَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَائِمًا: إنَّ الْفِدْيَةَ عَلَى الْحَالِقِ, كَذَا قَالَ, وَقَدْ عُرِفَ الْكَلَامُ فِيهِ, فَتَتَوَجَّهُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ هُنَا. وَفِي الرَّوْضَةِ: الْمُكْرَهَةُ يَفْسُدُ صَوْمُهَا وَلَا تَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ وَلَا يَفْسُدُ حَجُّهَا وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ, كَذَا قَالَ. وَيَلْزَمُهُمَا1 الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ, وَحُكْمُهُ كَإِحْرَامٍ صَحِيحٍ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ, وَنُصِبَ الْخِلَافُ مَعَ دَاوُد, وَذَكَرَ الشَّيْخُ عَنْ الْحَسَنِ وَمَالِكٍ: يَجْعَلُ الْحَجَّةَ عُمْرَةً. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَعْتَمِرَ مِنْ التَّنْعِيمِ, وَإِلَيْهِ يَذْهَبُ مَالِكٌ. لَنَا ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَمَا سَبَقَ مِنْ السُّنَّةِ, وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" 2 الْحَجُّ عَلَيْهِ أَمْرُهُ, وَالْوَطْءُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ, فَهُوَ مَرْدُودٌ, وَيَلْزَمُهُمَا قَضَاؤُهُ إنْ كَانَ فَرْضًا, وَتُجْزِئُهُ الْحَجَّةُ مِنْ قَابِلٍ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ يُجْزِئُ عَمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ الْأَوَّلُ لَوْ لَمْ يُفْسِدْهُ, لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ, وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: أَيَّتُهُمَا حَجَّةُ الْفَرِيضَةِ؟ الَّتِي أَفْسَدَ أَوْ التي قضى؟ قال: لا أدري. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّفْلِ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ, لِإِطْلَاقِ مَا سَبَقَ مِنْ السُّنَّةِ, وَلِوُجُوبِهِ بِدُخُولِهِ فِي الْإِحْرَامِ, كَمَنْذُورٍ, كَذَا قَالُوا, وَالْمُرَادُ وُجُوبُ إتْمَامِهِ لَا وُجُوبُهُ فِي نَفْسِهِ, لِقَوْلِهِمْ: إنَّهُ تَطَوُّعٌ "كَغَيْرِهِ" فَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ نَفْلٍ, وَسَبَقَ1 عِنْدَ مَنْ دَخَلَ فِي تَطَوُّعِ صَوْمٍ رِوَايَةٌ غَرِيبَةٌ لَا يَقْضِيهِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ, لِتَعْيِينِهِ بِالدُّخُولِ فِيهِ. وَيَلْزَمُ الْإِحْرَامُ مِنْ أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ: الْمِيقَاتُ أَوْ إحْرَامُهُ الْأَوَّلُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِمَا سَبَقَ مِنْ السُّنَّةِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ, بِدَلِيلِ الْمَسَافَةِ مِنْ الْمِيقَاتِ إلَى مَكَّةَ, وَكَالصَّلَاةِ; وَلِأَنَّ دُخُولَهُ فِي النُّسُكِ سبب لوجوبه, فتعلق بموضع الإيجاب, كالنذر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْقَاضِي: فَإِنَّهُ لَوْ نَذَرَ حَجَّةً مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَلَزِمَهُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ, وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا نَزَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَلَمْ يَنْوِ مِنْ أَيْنَ يَمْشِي يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ حَلَفَ, قَالَ: وَلَمْ يُسَلِّمْ بَعْضُهُمْ هَذَا اعْتِبَارًا بِالْفَرْضِ, وَهَذَا مُسَلَّمٌ بِالْإِجْمَاعِ, كَذَا قال. وفيه نظر, وسبق أنه1 يُكْرَهُ, فَلَا يَلْزَمُهُ, وَإِلَّا لَزِمَهُ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ وَالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: هُمَا مِنْ الْمِيقَاتِ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُجْزِئُهُمَا إلَّا مِنْ حَيْثُ أَهَلَّا, الْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ أَحْرَمَ مِنْ بَغْدَادَ فَحُبِسَ فِي السِّجْنِ ثُمَّ خُلِّيَ عَنْهُ أَيُحْرِمُ مِنْ بَغْدَادَ؟ قَالَ: يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَحَبُّ إلَيَّ, قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ التَّحَلُّلَ مِنْ الْحَجِّ لَمْ يَكُنْ بِإِفْسَادٍ, كَذَا قَالَ, وَيَتَوَجَّهُ نَقْلُ حُكْمِ مَسْأَلَةٍ إلَى الْأُخْرَى, لِلْقِيَاسِ السَّابِقِ وَإِطْلَاقِ الصَّحَابَةِ, وَظَاهِرُهُ مِنْ الْمِيقَاتِ, لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ, وَلِكَرَاهَةِ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ, ولأنه تبرع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِتَقْدِيمِ إحْرَامِهِ, كَمَا لَوْ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ ثُمَّ أَفْسَدَهُ. وَأَجَابَ الْقَاضِي بِتَأْكِيدِ الْمَكَانِ, لِوُجُوبِ الدَّمِ بِمُجَاوَزَتِهِ, كَذَا قَالَ. وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ, وَسَبَقَ عِنْدَ سُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ بِفَسَادِ النُّسُكِ أَوْ فَوَاتِهِ. وَيُسْتَحَبُّ تَفَرُّقُهُمَا فِي الْقَضَاءِ "وم ش" قَالَ أَحْمَدُ: يَتَفَرَّقَانِ فِي النُّزُولِ وَالْمَحْمَلِ وَالْفُسْطَاطِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَذْكُرُ إذَا بَلَغَ الْمَوْضِعَ فَتَاقَتْ نَفْسُهُ فَوَاقَعَ الْمَحْذُورَ فَفِي الْقَضَاءِ دَاعٍ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ, وَلَمْ يَتَفَرَّقَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا أَفْسَدَاهُ; لِأَنَّ الْحَجَّ أَبْلَغُ فِي مَنْعِ الدَّاعِي, لِمَنْعِهِ مُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ وَالطِّيبِ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَتَفَرَّقَانِ لِتَذَكُّرِ شِدَّةِ الْمَشَقَّةِ بِسَبَبِ لَذَّةٍ يَسِيرَةٍ فَيَنْدَمَانِ وَيَتَحَرَّزَانِ. وَلَنَا وَجْهٌ: يَجِبُ, وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ, لِإِطْلَاقِ مَا سَبَقَ مِنْ السُّنَّةِ1. وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ مَوْضِعِ الْوَطْءِ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "وش" لِمَا سَبَقَ مِنْ الْخَبَرِ الْمَرْفُوعِ وَالْمَعْنَى, وَعَنْهُ: مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ "وم" وَزُفَرُ إلَى حِلِّهِمَا لِأَنَّ التَّفْرِيقَ خَوْفُ الْمَحْظُورِ, فَجَمِيعُ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ, وَالْفَرْقُ تَذَكُّرُهُ بِالْمَوْضِعِ وَسَبَقَ مَعْنَى التَّفَرُّقِ في رواية الأثرم, ولعل ظاهره أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَحْرَمُهَا كَظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يَكُونُ بِقُرْبِهَا يُرَاعِي حَالَهَا; لِأَنَّهُ مَحْرَمُهَا وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ غَيْرُ الزَّوْجِ. وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ, فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا أَوْ حَصَلَ بِهَا مُجَاوِرًا أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ1 مِنْ الْحِلِّ, لِأَنَّهُ مِيقَاتُهَا, سَوَاءً كَانَ أَحْرَمَ بِهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَرَمِ. وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ وَمَضَى فِيهَا فَأَتَمَّهَا فَقَالَ أَحْمَدُ: يَخْرُجُ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ, فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ وَفَدَى, لِتَرْكِهِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ الَّتِي أَفْسَدَهَا وَفَدَى بِمَكَّةَ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ عُمْرَتِهِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَالْمَيْمُونِيُّ: فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ مَا أَفْسَدَ. قَالَ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ تَفْرِيعًا عَلَى رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ أَنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ: إنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ لِلْقَضَاءِ, فَهَلْ هو متمتع؟: إن أنشأ سفر قصر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَمُتَمَتِّعٌ وَإِلَّا فَلَا, عَلَى ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ إذَا أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ, وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ رِوَايَةً أُخْرَى تَقْتَضِي إنْ بَلَغَ الْمِيقَاتَ فَمُتَمَتِّعٌ "1فَقَالَ: لَا تَكُونُ مُتْعَةً حَتَّى يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَمُتَمَتِّعٌ1" وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: إنْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مِنْ الْمِيقَاتِ فَمُتَمَتِّعٌ. ثُمَّ احْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالْمِيقَاتِ 2أَنَّهُ لَمَّا2" أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ حَصَلَ السَّفَرُ لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ; لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَمَرَ مِنْ التَّنْعِيمِ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا, فَلَمَّا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ السَّفَرُ حُكْمٌ وَهُوَ بُطْلَانُ التَّمَتُّعِ لَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ, كَمَا قُلْنَا فِيمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَلَدِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَمْ يُفْسِدْهَا لَمَّا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ السَّفَرِ حُكْمٌ وَهُوَ صِحَّةُ التَّمَتُّعِ; لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى فِيهَا وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ كَانَ مُتَمَتِّعًا لَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الْحُكْمُ بِمُجَاوَزَةِ الْمِيقَاتِ كذا هنا كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقضاء العبد كنذره, قيل: يصح في رقه; لِأَنَّهُ وَجَبَ فِيهِ بِإِيجَابِهِ, وَهُوَ مِنْ أَهْلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ, بِخِلَافِ حَائِضٍ, وَحَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَجَبَتْ شَرْعًا, فَوَقَفَتْ عَلَى شَرْطِ الشَّرْعِ, وقيل: لا, والأول أشهر "م 18" وَإِنْ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ مَأْذُونًا فِيهِ قَضَى مَتَى قَدَرَ نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَلَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهُ مِنْهُ; لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ إذْنٌ فِي مُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ, وَإِلَّا مَلَكَ مَنْعَهُ, لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ, وَقِيلَ: لَا, لِوُجُوبِهِ. وَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَنَوَاهُ انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ, عَلَى الْمَذْهَبِ. وَكَذَا يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْقَضَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ, كَبَالِغٍ, وَقِيلَ: لَا, لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ, وَيَقْضِيهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: قَبْلَهُ, وَتَكْفِيهِمَا الْمَقْضِيَّةُ عَنْ حَجَّةِ الإسلام, والقضاء إن كفت لو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 18" "قَوْلُهُ": وَقَضَاءِ الْعَبْدُ كَنَذْرِهِ, قِيلَ: يَصِحُّ فِي رِقِّهِ; لِأَنَّهُ وَجَبَ فِيهِ بِإِيجَابِهِ. وَهُوَ مِنْ أَهْلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَقِيلَ: لَا, وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ قَضَاءِ الْعَبْدِ فِي حَالِ رِقِّهِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: هَذَا أَشْهَرُ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ3: وَيَصِحُّ الْقَضَاءُ فِي رِقِّهِ, فِي الْأَصَحِّ, لِلُزُومِهِ لَهُ, كَالنَّذْرِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ وَطِئَ فِي نُسُكٍ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ صَغِيرٌ فَسَدَ حَيْثُ يَفْسُدُ بِهِ نُسُكُ الْحُرِّ الْمُكَلَّفِ وَيُتِمَّانِهِ إذْن ثُمَّ يَقْضِيَانِهِ إذَا زَالَ الصِّغَرُ وَالرِّقُّ, فَإِنْ زَالَا فِي فَاسِدِهِ بِحَيْثُ لَوْ صَحَّ كَفَاهُمَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ كَفَاهُمَا قَضَاؤُهُ عَنْهُمَا. وَإِلَّا فَلَا, انتهى. "تَنْبِيهٌ": إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَشْهَرُ, وَلَكِنْ صَحَّحَ فِي كِتَابِ المناسك فتناقض قوله.
صَحَّتْ كَالْأَدَاءِ, وَخَالَفَ ابْنُ عَقِيلٍ قَالَ: كَمَا قلنا فيمن نذر صوم يوم يقدم فلان فَقَدِمَ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ وَقُلْنَا يُجْزِئُهُ عَنْهُمَا فَأَفْطَرَهُ قَضَى يَوْمَيْنِ. وَمَنْ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ قَضَى الْوَاجِبَ لَا الْقَضَاءَ "و" لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَزْدَادُ, كَإِفْسَادِ قَضَاءِ صَوْمٍ وَصَلَاةٍ. وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ "و" لِقَوْلِهِ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ"1 وَإِنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا تَمَّ حَجُّهُ. وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ2, خِلَافًا لِلنَّخَعِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَحَمَّادٍ. وَيَتَوَجَّهُ لَنَا مِثْلُهُ إنْ بَقِيَ إحْرَامُهُ وَفَسَدَ بِوَطْئِهِ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ أَنَّ مَنْ وَطِئَ فِي الحج قَبْلَ الطَّوَافِ فَسَدَ حَجُّهُ: وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ. وَهَلْ هُوَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الأول محرم؟ ذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ, لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودُهُ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ, فَقِيلَ لَهُ: فَلَا يَصِحُّ إدْخَالُ عُمْرَةٍ عَلَى حَجٍّ؟ فَقَالَ: إنَّمَا لَا يَصِحُّ عَلَى إحْرَامٍ كَامِلٍ, وَهَذَا قَدْ تَحَلَّلَ مِنْهُ. وَقَالَ أَيْضًا: إطْلَاقُ الْمُحْرِمِ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكُلُّ. وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ إحْرَامُهُ عَلَى احْتِمَالٍ, وَقَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ: هُوَ مُحْرِمٌ, لِوُجُوبِ الدَّمِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا أَنَّهُ مُحْرِمٌ, وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ مَا يُبَاحُ بالتحلل الأول: يمنع أنه محرم وإنما بقي بَعْضُ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وابن الحكم فيمن وطئ بعد الرمي: ينتقض إحرامه "م 19". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمٌ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ, لِبَقَاءِ تَحْرِيمِ الْوَطْءِ الْمُنَافِي وُجُودُهُ صِحَّةَ الْإِحْرَامِ وَقَالَ أَيْضًا: إطْلَاقُ الْمُحْرِمِ مَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْكُلُّ. وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ إحْرَامُهُ عَلَى احتمال وقال
وَيَعْتَمِرُ مِنْ التَّنْعِيمِ, فَيَكُونُ إحْرَامٌ مَكَانَ إحْرَامٍ. فَهَذَا الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ رمي جمرة العقبة, ويلزمه أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحِلِّ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ, لِيَطُوفَ فِي إحْرَامٍ صَحِيحٍ; لِأَنَّهُ رُكْنُ الْحَجِّ, كَالْوُقُوفِ, وَإِذَا أَحْرَمَ طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَسَعَى مَا لَمْ يَكُنْ سَعَى, وَتَحَلَّلَ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إنَّمَا وَجَبَ لِيَأْتِيَ1 بِمَا بَقِيَ مِنْ الْحَجِّ, هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ "الْإِمَامَ" أَحْمَدَ وَالْأَئِمَّةَ أَرَادُوا هَذَا وَسَمَّوْهُ عُمْرَةً; لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالُهَا, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُوا عُمْرَةً حَقِيقَةً فَيَلْزَمُهُ سَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا كَالشَّيْخِ, قَالَ: سَوَاءٌ بَعُدَ أَوْ لَا, وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ, وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: يَعْتَمِرُ مُطْلَقًا, وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي, فِي الْخِلَافِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ, وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كتاب أسباب الهداية وغيرهم "وم" لِمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلِأَنَّ حُكْمَ الْإِحْرَامِ الْمُبْتَدَإِ طَوَافٌ وَسَعْيٌ وَتَقْصِيرٌ, وَالْعُمْرَةُ تَجْرِي مجرى الحج, بدليل القران بينهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مُفْرَدَاتِهِ: هُوَ مُحْرِمٌ, لِوُجُوبِ الدَّمِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ هُنَا أَنَّهُ مُحْرِمٌ وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ ما يباح بالتحلل الأول يمنع أنه محرم وَإِنَّمَا بَقِيَ بَعْضُ أَحْكَامِ الْإِحْرَامِ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْمَيْمُونِيُّ وَابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ وَطِئَ بَعْدَ الرَّمْي: يُنْتَقَضُ إحْرَامُهُ, انْتَهَى. "قُلْتُ": الصَّوَابُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ. كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِمْ, وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وَابْنُ رزين
وَاحْتَجَّ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ عَنْ طَوَافِ الْحَجِّ بِنَقْلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فِيمَنْ نَسِيَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ يَدْخُلُ مُعْتَمِرًا فَيَطُوفُ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ يَطُوفُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ. وَعِنْدَ "هـ ش": لَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ وَحَجُّهُ صَحِيحٌ وَلَا يَفْسُدُ إحْرَامُهُ, وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ; لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ كُلُّهُ فَلَا يَفْسُدُ بَعْضُهُ, كَبَعْدِ التَّحَلُّلَيْنِ. وَهَلْ يلزمه بدنة "وش" لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَمَا قَبْلَ رَمْيِ جمرة العقبة؟ أم شاة "وهـ م" لِعَدَمِ إفْسَادِهِ لِلْحَجِّ كَوَطْءٍ دُونَ الْفَرْجِ بلا إنزال ولخفة1 الجناية; فيه روايتان "م 20" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 20": قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ.؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَطِئَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يَلْزَمُهُ شَاةٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ, وَأَبُو الْمَعَالِي فِي خُلَاصَتِهِ: يَلْزَمُهُ دَمٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ3 وَالْإِيضَاحِ وَالْكَافِي4 وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ والفائق وغيرهم.
وَإِنْ طَافَ وَلَمْ يَرْمِ ثُمَّ وَطِئَ, فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كَمَا سَبَقَ, وَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ, لِوُجُودِ أَرْكَانِ الْحَجِّ, وَالْقَارِنُ كَالْمُفْرَدِ, عَلَى مَا سَبَقَ; لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لِلْحَجِّ لَا لِلْعُمْرَةِ, بِدَلِيلِ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ. وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ, فِيمَا سَبَقَ. وَتَفْسُدُ قَبْلَ فَرَاغِ الطَّوَافِ, وَكَذَا قَبْلَ سَعْيِهَا إنْ قُلْنَا رُكْنٌ أَوْ وَاجِبٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ وَطِئَ قَبْلَهُ خُرِّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي كَوْنِهِ رُكْنًا أَوْ غَيْرَهُ, وَلَا تَفْسُدُ قَبْلَ الْحَلْقِ إنْ لَمْ يَجِبْ وَكَذَا إنْ وَجَبَ, وَيَلْزَمُهُ دَمٌ. وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ: تَفْسُدُ وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي فِدَاءِ مَحْظُورِهَا قَبْلَ الْحَلْقِ الرِّوَايَتَانِ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ: يَفْسُدُ الْحَجُّ فَقَطْ, كَذَا قَالَ. وَلَا يَجِبُ بإفسادها إلَّا" شَاةٌ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, لِنَقْصِ حُرْمَةِ إحْرَامِهَا عَنْ الْحَجِّ, وَلِنَقْصِ أَرْكَانِهَا وَدُخُولِ أَفْعَالِهَا فِيهِ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَهُ. وَالنَّقْصُ يَمْنَعُ كَمَالَ الْكَفَّارَةِ, كَبَعْدِ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْمُوجَزِ: الْأَشْبَهُ بَدَنَةٌ "وش" كَالْحَجِّ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِنَا إلَّا أَنْ يَطَأَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْوَاطٍ فَلَا يَفْسُدُ وَعَلَيْهِ شَاةٌ, لَنَا أَنَّهُ وَطِئَ فِي إحْرَامٍ تَامٍّ كَقَبْلِ الْأَرْبَعَةِ. قِيلَ لِأَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَسَدَتْ بِجِمَاعٍ ثُمَّ اعْتَمَرَ مِنْ عَامِهِ لَا يَنْوِيهِ يَعْنِي الْقَضَاءَ قَالَ: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى وَعَلَيْهِ دَمٌ. وَلَوْ أَحْرَمَ حَالَ وَطْئِهِ فَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ: لَا يَجِبُ مُضِيُّهُ فِيهِ, وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَا يَنْعَقِدُ, لِمُنَافَاتِهِ لَهُ. وَسَبَقَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرِّدَّةِ1 فِي الْأَذَانِ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: قَدْ يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ الْوَاطِئُ, وَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ ابْتِدَاءً, بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ, وَيَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى" في فصل من كرر محظورا2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: المباشرة بلمس أو نظر لشهوة
فصل: المباشرة بلمس أو نظر لشهوة "الثَّامِنُ" الْمُبَاشَرَةُ بِلَمْسٍ أَوْ نَظَرٍ لِشَهْوَةٍ "و" فَإِنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, فَذُكِرَ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ قَوْلُ سُفْيَانَ: يَقُولُونَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ, فَقَالَ: جَيِّدٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: ابْنُ عَبَّاسٍ جَعَلَ عَلَيْهِ بَدَنَةً3, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَاسُوهُ عَلَى الْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ. وَعَنْهُ شَاةٌ إنْ لَمْ يَفْسُدْ "وهـ ش" ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَأَطْلَقَهَا الْحَلْوَانِيُّ, كَمَا لَوْ لَمْ يُنْزِلْ, وَالْقِيَاسَانِ ضعيفان, وفي فساد نسكه روايتان: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إحْدَاهُمَا يَفْسُدُ, نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْوَطْءِ دُونَهُ وَأَنْزَلَ "وَم" لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يُفْسِدُهَا الْوَطْءُ فَأَفْسَدَهَا الْإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ, كَالصَّوْمِ, وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِنَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الرَّفَثِ1, وَهُوَ عَامٌّ فِيهِ, وَالنَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَالثَّانِيَةُ لَا يَفْسُدُ, اختارها الشيخ وغيره "وهـ ش" لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَالصَّوْمُ يَفْسُدُ بِجَمِيعِ مَحْظُورَاتِهِ "م 21" والحج بالجماع فقط, والرفث مختلف فِيهِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ, فَلَمْ نَقُلْ بِجَمِيعِهِ, مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِهِ فِي الْفُسُوقِ والجدال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 21": قَوْلُهُ: فَإِنْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَعَنْهُ: شَاةٌ إنْ لَمْ يَفْسُدْ وَفِي فَسَادِ نُسُكِهِ رِوَايَتَانِ: "إحْدَاهُمَا": يَفْسُدُ, نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْوَطْءِ دُونَهُ وَأَنْزَلَ. وَ"الثَّانِيَةُ" لَا يَفْسُدُ, اخْتَارَهَا2 الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ3 وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وغيرهم.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: إنْ أَمْنَى بِالْمُبَاشَرَةِ فَسَدَ, وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَفْسُدْ "و" قَالَ الشَّيْخُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا كَالصَّوْمِ وَكَعَدِمِ1 الشَّهْوَةِ, وَسَبَقَ فِي الصَّوْمِ خِلَافٌ2, وَمِثْلُهُ هُنَا, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ قَبَّلَ أَهْلَهُ: أَفْسَدْت حَجَّك3. وَمَعْنَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِ, وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى الْإِنْزَالِ, وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْحَجُّ عَرَفَةَ"4 وَأَنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا تَمَّ حَجُّهُ. وَعَلَيْهِ شَاةٌ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ, مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ "و" وَفِي رِوَايَةٍ: بَدَنَةٌ, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, كَالْوَطْءِ "م 22" وَإِنْ كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَمْنَى لم يفسد "م" لعدم الدليل, ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا لَا يَفْسُدُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يفسد, نصره القاضي وأصحابه قال5 فِي الْمُبْهِجِ: فَسَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ, وَكَذَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ فِي الْوَطْءِ دُونَ الْفَرْجِ إذَا أَنْزَلَ. وَقَالَ الزركشي: هذه أشهرها. "مَسْأَلَةٌ 22" قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَفْسُدْ وَعَلَيْهِ شَاةٌ, فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ, مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ. وَفِي رِوَايَةٍ: بَدَنَةٌ, نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, كَالْوَطْءِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ أَوْ قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ وَلَمْ ينزل, وأطلقهما
وَالْمُبَاشَرَةُ أَبْلَغُ, وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الخرقي, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, لِأَنَّهُ مِنْ دَوَاعِي الْجِمَاعِ, كَقُبْلَةٍ وَطِيبٍ, وَعَنْهُ: شَاةٌ, وَرَوَى النَّجَّادُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلَيْنِ, وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ الثَّانِيَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَنْزَلَ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إنْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْهُمْ: لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ الْجِمَاعُ وَلَمْ يُوجَدْ, فَصَارَ كَمَا لَوْ تَفَكَّرَ فَأَمْنَى, وَالِاسْتِمْنَاءُ مِثْلُهُ. وَإِنْ مذى بتكرار نظر ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. إحْدَاهُمَا عَلَيْهِ شَاةٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ, وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْكَافِي وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ, نَصَرَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. كَمَا قَالَ المصنف
أَوْ أَمْنَى بِنَظْرَةٍ وَفِي الرَّوْضَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: أَوْ مَذَى1 بِنَظْرَةٍ فَشَاةٌ; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَنِيِّ حَصَلَ بِهِ لَذَّةٌ. وَفِي الْكَافِي2: لَا فِدْيَةَ بِمَذْيٍ بِتَكْرَارِ نَظَرٍ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجٌ: وَلَا بِمَذْيٍ بِغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بِهِ الْآمِدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ إنْ مَذَى بِاسْتِمْنَاءٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً: يَفْدِي بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ, أَنْزَلَ أَوْ لَا, وَمُرَادُهُ إنْ كَرَّرَهُ. وَأَخَذَهَا مِنْ نَقْلِ الْأَثْرَمِ فِيمَنْ جَرَّدَ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ غَيْرُ التَّجْرِيدِ: عَلَيْهِ شَاةٌ, وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى لَمْسٍ أو مذي, لنظره صلى الله عليه وسلم إلَى نِسَائِهِ, وَكَذَا أَصْحَابُهُ, وَلَا حُجَّةَ فِيهِ; لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ عَيْنٍ, وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ هَذَا جَوَازُهُ لِشَهْوَةٍ, وَلِهَذَا فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ إنْ كَرَّرَ النَّظَرَ حَرُمَ, وَإِلَّا كُرِهَ. وَإِنْ فكر فأنزل فلا شيء عليه, لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تجاوز ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ نَفْسَهَا مَا لَمْ تُكَلِّمْ أَوْ تَعْمَلْ بِهِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَلِأَنَّهُ دُونَ النَّظَرِ. وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ: إنَّهُ كَالنَّظَرِ, لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ. وَخَطَأٌ كَعَمْدٍ, كَوَطْءٍ, وَقِيلَ: لَا, كَمَا سَبَقَ فِي الصَّوْمِ, لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ نِسْيَانٌ غَالِبًا, وَتَفْسُدُ الْعِبَادَةُ بِمُجَرَّدِهِ, وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ مَعَ شَهْوَةٍ, وَيَتَوَجَّهُ فِي خَطَأِ مَا سَبَقَ2. وَمَنْ عَدِمَ بَدَنَةَ الْوَطْءِ وَالْمُبَاشَرَةِ لَزِمَهُ صَوْمٌ كَصَوْمِ الْمُتْعَةِ, لِوُجُوبِهَا بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ السَّابِقِ, فَكَذَا بَدَلُهَا. قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهَا طَعَامًا, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَنْ إطْعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا, كَجَزَاءِ الصَّيْدِ لَا يَنْتَقِلُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إلَى الْإِطْعَامِ مَعَ وُجُودِ الْمِثْلِ, وَلَا إلَى الصِّيَامِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِطْعَامِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: يُخَيَّرُ فِي الْجَمِيعِ, كَفِدْيَةِ الْأَذَى, أَمَّا الشَّاةُ فَيُخَيَّرُ كَمَا يُخَيَّرُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى لِلتَّرَفُّهِ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَنْ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ التَّقْصِيرِ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أو صدقة أو نسك1 رواه الأثرم
فصل: قتل صيد البر المأكول واصطياده,
فصل: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَاصْطِيَادُهُ, التَّاسِعُ: قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَاصْطِيَادُهُ, بِالْإِجْمَاعِ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95] وَقَوْلِهِ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} [المائدة: 96] وَيَأْتِي حُكْمُ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ, وَيُحْرِمُ وَيَفْدِي مَا يُولَدُ مِنْهُ مَعَ أَهْلِيٍّ أَوْ غَيْرِ مَأْكُولٍ, وَقِيلَ: لَا يَفْدِي مَا تَوَلَّدَ مِنْ مأكول وغيره, قدمه, في الرعاية لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا حَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ, وَهَذَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: الْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, تَغْلِيبًا لِتَحْرِيمِ قَتْلِهِ, كَمَا غَلَّبُوا تَحْرِيمَ أَكْلِهِ, وَيَضْمَنُ إنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ آدَمِيًّا وَمَالًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ, وَمِنْهُ جِنَايَةُ دَابَّتِهِ, عَلَى مَا سَيَأْتِي "إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى" فِي الْغَصْبِ2 وَعِنْدَ مَالِكٍ وَدَاوُد: جُرْحُ الصَّيْدِ لَا يُضْمَنُ. لَنَا أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ تَنْفِيرِهِ, وَقَدْ منعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ فَصْلِ قَتْلِ صَيْدِ الْبَرِّ: وَقِيلَ لَا يَفْدِي مَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ, انْتَهَى. "قُلْتُ": ليس كما قال "3عن الرعاية3", فإنه قال فيها: وَمَا أَكَلَ أَبَوَاهُ فَدَى وَحَرُمَ قَتْلُهُ, وَكَذَا مَا أَكَلَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ دُونَهُ, وَقِيلَ لَا يَفْدِي كَمُحْرِمِ الْأَبَوَيْنِ, انْتَهَى. وَجَزَمَ بِالْفِدْيَةِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى, وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ "ذَكَرَهُ" فسبق القلم فقال "قدمه" والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 "7/249". 3 3 ليست في "ح".
الشَّارِعُ. وَكُلُّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ضُمِنَتْ أَبْعَاضُهَا كَالْآدَمِيِّ وَالْمَالِ, وَلَا حُجَّةَ فِي الْآيَةِ1 "لِأَنَّهُ"2 أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ, وَإِنَّمَا يَجِبُ مَا نَقَصَهُ. وَتَحْرُمُ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ وَالْإِشَارَةُ وَالْإِعَانَةُ وَلَوْ بِإِعَارَةِ سِلَاحٍ لِيَقْتُلَهُ بِهِ3, سَوَاءً كَانَ مَعَهُ مَا يَقْتُلُهُ بِهِ أَوْ لَا, أَوْ بِمُنَاوَلَتِهِ سِلَاحَهُ أَوْ سَوْطَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِاصْطِيَادِهِ. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ فَرَسًا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ الصَّيْدِ إلَّا بِهِ; لِأَنَّ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ لَمَّا صَادَ الْحِمَارَ الْوَحْشِيَّ وَأَصْحَابُهُ مُحْرِمُونَ. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ أَشَارَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ"؟ قَالُوا: لَا. وَفِيهِ: أَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا فَلَمْ يُؤْذِنُونِي وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ, فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ, ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ, فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوَلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ, قَالُوا: لَا وَاَللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ. وَفِيهِ: إذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يتراءون شيئا, فنظرت فإذا حمار وحش4. وفيه: فبينما أنا مع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَصْحَابِي يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ إذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارٍ وَحْشٍ, فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ, فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي مُتَّفَقٌ عَلَى ذَلِكَ1. وَيَضْمَنُهُ بِذَلِكَ, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو الْحَارِثِ فِي الدَّالِّ, وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْمُشِيرِ, وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِيهِ وَفِي الَّذِي يُعِينُ "وهـ" لِخَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ, وَرَوَاهُ النَّجَّادُ2 عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي مُحْرِمٍ أَشَارَ. وَأَمَّا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ: لَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ, فَقَالَ الْقَاضِي: الْمَعْرُوفُ عَنْهُ مَا رَوَاهُ3 النَّجَّادُ: لَا يَدُلُّ الْمُحْرِمُ عَلَى صَيْدٍ وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ. ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَى دَلَالَةٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا التَّلَفُ, قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْإِعَانَةَ تُوجِبُ الْجَزَاءَ, كَذَا الْإِشَارَةُ; وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ سَبَبٌ يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِهِ يَخْتَصُّهُ كقتله وكحفر4 بِئْرٍ وَنَصْبِ سِكِّينٍ وَشَرَكٍ وَإِمْسَاكِهِ, وَضَمَانُهُ آكَدُ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِ, ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَغَيْرُهُمْ, وَلِهَذَا يَضْمَنُهُ بِحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ شَرَكٍ يَمْلِكُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ بِهِ وَلَوْ نَفَّرَهُ ضَمِنَهُ, وَلَوْ أَفْزَعَ عَبْدًا فَأَبَقَ فَلَا, زَادَ فِي الْخِلَافِ: وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَتَلِفَ فَرْخُهُ ضَمِنَهُ, وَلَوْ غَصَبَهُ فَمَاتَ فَرْخُهُ فَلَا. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: يَضْمَنُهُ قَادِرٌ لَمْ يَكُفَّ الضَّرَرُ عَنْهُ: وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: الدَّلَالَة يُضْمَنُ بِهَا الْمَالُ بِدَلِيلِ الْمُودِعُ يَدُلُّ عَلَى الْوَدِيعَةِ. فَقِيلَ لَهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِتَفْرِيطِهِ فِي الْحِفْظِ؟ فَقَالَ قَدْ جَعَلْتَ سَبَبًا فِي التَّفْرِيطِ فِي الْحِفْظِ, فَكَذَا فِي ضَمَانِ الصَّيْدِ, كَالْإِتْلَافِ1, كَذَا قَالَ; وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِإِحْرَامِهِ عدم التفريط2, فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا الْتَزَمَهُ, كَالْمُودَعِ, بِخِلَافِ الْمُحِلِّ فَإِنَّهُ3 لَمْ يَلْتَزِمْ, وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْمُبْهِجِ: إنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ مُلْجِئَةً لَزِمَ الْمُحْرِمَ الْجَزَاءُ, كَقَوْلِهِ: دَخَلَ الصَّيْدُ فِي هَذِهِ الْمَغَارَةِ, وَإِلَّا4 لَمْ يَلْزَمْهُ, كَقَوْلِهِ: ذَهَبَ إلَى تِلْكَ الْبَرِّيَّةِ; لِأَنَّهُ لَا يُضْمَنُ بِالسَّبَبِ مَعَ الْمُبَاشَرَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْجِئًا, لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَاتِلِ وَالدَّافِعِ دُونَ الْمُمْسِكِ وَالْحَافِرِ, وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: بِأَنَّ الْمُمْسِكَ غَيْرُ مُلْجِئٍ وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ, وَالدَّلَالَةُ سَبَبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ "5وَيَضْمَنُ بِهَا الْمُودَعُ5" وَسَبَقَ أَنَّ ضَمَانَ الصَّيْدِ آكَدُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ, لِمَا سَبَقَ, وَسَوَاءً كَانَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ ظَاهِرًا أَوْ خَفِيَا لا يعلمه إلا بدلالته عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا شَيْءَ عَلَى دَالٍّ وَمُشِيرٍ لِمَنْ رَأَى الصَّيْدَ قَبْلَ دَلَالَتِهِ وَإِشَارَتِهِ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ سَبَبًا فِي تَلَفِهِ, وَكَذَا لَوْ وُجِدَ مِنْ الْمُحْرِمِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ ضَحِكٌ أَوْ1 اسْتِشْرَافٌ فَفَطَنَ لَهُ غَيْرُهُ فَصَادَهُ, أَوْ أَعَارَهُ آلَةً لِغَيْرِ الصَّيْدِ فَاسْتَعْمَلَهَا فِيهِ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ: لَوْ دَلَّهُ فَكَذَّبَهُ لَمْ يَضْمَنْ, وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَإِنْ نَصَبَ شَبَكَةً ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ أَحْرَمَ ثُمَّ حَفَرَ بِئْرًا بِحَقٍّ, كَدَارِهِ أَوْ لِلْمُسْلِمِينَ فِي طَرِيقٍ وَاسِعٍ لَمْ يَضْمَنْ, وَإِلَّا ضَمِنَ, كَالْآدَمِيِّ فيها2 وَأَطْلَقَ فِي الِانْتِصَارِ ضَمَانَهُ وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ قَتْلٍ. وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ فِي الْفَارِّ مِنْ الزَّكَاةِ بِنَصْبِ الْيَهُودِ الشَّبَكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَخَذُوا يَوْمَ الْأَحَدِ مَا سَقَطَ فِيهَا, وَأَنَّهُ شُرِعَ لَنَا, وَمُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا لَمْ يَتَحَيَّلْ فَالْمَذْهَبُ رِوَايَةٌ واحدة, وإذا يَتَحَيَّلْ3 فَالْخِلَافُ وَعَدَمُهُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ. وَفِي الْفُصُولِ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ: فِي دِبْقٍ4 قَبْلَ إحْرَامِهِ لَا يَضْمَنُ بِهِ بَلْ بَعْدَهُ, كَنَصْبِ أُحْبُولَةٍ وحفر بئر ورمي, اعتبارا بحال النصب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالرَّمْيِ, وَيَحْتَمِلُ الضَّمَانَ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ, كَرَمْيِهِ عَبْدًا فَأَصَابَ حُرًّا, وَقَالَ: يَتَصَدَّقُ مَنْ آذَاهُ أو1 أفزعه بِحَسَبِ أَذِيَّتِهِ2, وَقَالَ: أَظُنُّهُ اسْتِحْسَانًا3 كَالْآدَمِيِّ. قَالَ: وَتَقْرِيبُهُ كَلْبًا مِنْ مَكَانِ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ, كَتَقْرِيبِهِ الصَّيْدَ مِنْ مَهْلَكَةٍ. وَمَنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَتَلِفَ أَوْ نَقَصَ فِي حَالِ نُفُورِهِ ضَمِنَ, وَإِنْ كَانَ مَكَانَهُ بَعْدَ أَمْنِهِ مِنْ نُفُورِهِ فَلَا, وَقِيلَ: بَلَى; لِأَنَّ عُمَرَ دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ فَأَلْقَى رِدَاءَهُ عَلَى وَاقِفٍ فِي الْبَيْتِ فَوَقَعَ عَلَيْهِ طَيْرٌ مِنْ هَذَا الْحَمَامِ فَأَطَارَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُلَطِّخَهُ بِسُلْحِهِ4 فَوَقَعَ عَلَى وَاقِفٍ آخَرَ فَانْتَهَزَتْهُ5 حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ, فَقَالَ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ عَبْدِ الْحَارِثِ6: إنِّي وَجَدْت فِي نَفْسِي أَنِّي أَطْرَتْهُ مِنْ مَنْزِلٍ كَانَ فِيهِ7 آمِنًا إلَى مَوْقِعَةٍ كَانَ فِيهَا حَتْفُهُ, فَقَالَ نَافِعٌ لِعُثْمَانَ: كَيْفَ تَرَى فِي غَيْرِ ثَنِيَّةٍ عَفْوًا تَحْكُمُ بِهَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: أَرَى ذلك فأمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهَا عُمَرُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1. وَإِنْ تَلِفَ فِي حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَوَجْهَانِ "م 23". وَإِنْ رَمَاهُ فَأَصَابَهُ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَا ضَمِنَهُمَا, وَإِنْ مَشَى الْمَجْرُوحُ قَلِيلًا ثُمَّ سَقَطَ عَلَى الْآخَرِ ضَمِنَ الْمَجْرُوحَ فَقَطْ, وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يَضْمَنُهُمَا. وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ فَقَتَلَهُ أَوْ اشْتَرَكَا فِي قتله فروايات: إحداهن جزاء واحد على الجميع, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ. وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُشْتَرِكِينَ; لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْمِثْلَ فَلَا يجب غيره, {وَمَنْ قَتَلَهُ} [المائدة: 95] ظَاهِرٌ فِي الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ, فَالْقَتْلُ هُوَ الْفِعْلُ الْمُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الرُّوحِ, وَهُوَ فِعْلُ الْجَمَاعَةِ لا فعل كل واحد, كقوله: من ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 23" قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ فِي حَالِ نُفُورِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. أَحَدُهُمَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: لَوْ نَفَّرَهُ فَتَلِفَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. وَأَطْلَقُوا التَّلَفَ. فَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الْآفَةَ السَّمَاوِيَّةَ وَغَيْرَهَا, وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ, وَلَا يُمْكِنُ إحَالَتُهُ عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ, فَتَعَيَّنَ إحَالَتُهُ عَلَيْهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وقيل: لا بآفة سماوية, في الأصح.
جَاءَ بِعَبْدِي فَلَهُ دِرْهَمٌ, فَجَاءَ بِهِ جَمَاعَةٌ; لِأَنَّ الْمَجِيءَ مُشْتَرَكٌ, بِخِلَافِ: مَنْ دَخَلَ "1دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ. فَدَخَلَهَا جَمَاعَةٌ, لِوُجُودِ الدُّخُولِ, وَهُوَ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ1" مُنْفَرِدًا, وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي الضَّبُعِ كَبْشٌ" "1وَلَمْ يُفَرِّقْ1" وَرَوَاهُ النَّجَّادُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ, وَكَذَا رَوَاهُ النَّجَّادُ وَالدَّارَقُطْنِيّ, وَرَوَيَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2. وَلَمْ يعرف لهم مُخَالِفٌ; وَلِأَنَّهُ جَزَاءٌ عَنْ مَقْتُولٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ, وَيَحْتَمِلُ التَّبْعِيضَ, فَكَانَ وَاحِدًا, كَقِيَمِ الْعَبِيدِ وَالْمُتْلَفَاتِ, وَكَذَا الدِّيَةُ, لَا كَفَّارَةَ الْقَتْلِ, عَلَى الْأَشْهَرِ الْأَصَحِّ فِيهِمَا. قَالَ الْقَاضِي: وَجَزَاءُ الصَّيْدِ يَتَبَعَّضُ; لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ بَعْضَ الْجَزَاءِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ لَا تَتَبَعَّضُ, فَلَا يَخْرُجُ بَعْضُ الرَّقَبَةِ وَيَصُومُ, وَمَتَى ثَبَتَ اتِّحَادُ3 الْجَزَاءِ فِي الْهَدْيِ ثَبَتَ فِي الصَّوْمِ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} [المائدة: 95] وَلِمَا سَبَقَ. "وَالثَّانِيَةُ" عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ "وهـ" وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْمُشْتَرِكِينَ, كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَيَأْتِي خِلَافُ الْحَنَفِيَّةِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي صيد الحرم4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وَالثَّالِثَةُ": جَزَاءٌ وَاحِدٌ, إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ, وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ; لِأَنَّ الْجَزَاءَ بَدَلٌ لَا كَفَّارَةٌ; لِأَنَّ اللَّهَ عَطَفَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةَ, وَالصَّوْمُ كَفَّارَةٌ, فَتَكْمُلُ كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ1; وَلِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: لَوْ وَطِئَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ يَتَحَمَّلُهَا "الزَّوْجُ" عَنْهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ, وَإِلَّا فَعَلَى "2كُلٍّ مِنْهُمَا2" صَوْمٌ كَامِلٌ, وَهِيَ طَرِيقٌ جَيِّدَةٌ عَلَيْهِمْ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ قَاتِلٍ, فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مَعَ مُبَاشِرٍ. وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ, لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ ليملكه فقتله محل, وقيل: القرار عليه "وهـ" لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَعَلَ فِعْلَ الْمُمْسِكِ عِلَّةً وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ على الممسك, لتأكده "م 24" وأن عَكْسَهُ الْمَالُ, كَذَا قَالَ, وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ وَالشَّرِيكُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ, كَالْمُحِلِّ "3فِي الْحِلِّ3" فالجزاء جميعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ 24" قَوْلُهُ: وَإِنْ دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ فَقَتَلَهُ أَوْ اشْتَرَكَا فِي قتله فروايات: إحداهن جزاء واحد على الجميع, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَالثَّانِيَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالثَّالِثَةُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَوْمًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ صَوْمٌ تَامٌّ, وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ: لَا جَزَاءَ عَلَى مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مَعَ مُحْرِمٍ قَاتِلٍ, فَيُؤْخَذُ مِنْهُ: لَا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا4
عَلَى الْمُحْرِمِ, فِي الْأَشْهَرِ, قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: نَصَّ عَلَيْهِ, كَذَا قَالَ, وَإِنَّمَا أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ, قَالَ الْقَاضِي: فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يريد به جميعه, ويحتمل بحصته "وش" وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ: لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ مُوجِبٌ وَمُسْقِطٌ, فَغَلَبَ الْإِيجَابُ, كَمُتَوَلِّدٍ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ, وَصَيْدِ بَعْضِهِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضِهِ فِي الْحَرَمِ, وَجَزَاءُ الصَّيْدِ آكَدُ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ, لِمَا سَبَقَ في الدال1, وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ مُبَاشِرٍ, وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ لَا سِيَّمَا إذَا أَمْسَكَهُ لِيَمْلِكَهُ فَقَتَلَهُ مُحِلٌّ, وَقِيلَ: الْقَرَارُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ, وَجَزَمَ "بِهِ" ابْنُ شِهَابٍ أَنَّهُ عَلَى الْمُمْسِكِ, لِتَأَكُّدِهِ, انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. إحْدَاهُنَّ عَلَى الْجَمِيعِ جَزَاءٌ وَاحِدٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَيْضًا وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْهِدَايَةِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 فِي مَوْضِعٍ, وَقَدَّمَهُ فِي آخَرَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَقَالَ: هَذَا أَوْلَى, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمُخْتَارُ مِنْ الرِّوَايَاتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَحَكَاهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَجْهَيْنِ وأطلقهما. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ إنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ, وَإِنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ, وَمَنْ أَهْدَى فَبِحِصَّتِهِ وَعَلَى الْآخَرِ صَوْمٌ تَامٌّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَقَالَ: هَذَا أَظْهَرُ, انْتَهَى. وَالْأَقْوَالُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ الرِّوَايَةِ, الْمَذْهَبُ خِلَافُهَا, وَقَدْ قدمه المصنف وغيره.
الْخِلَافُ إنْ كَانَ الشَّرِيكُ سَبُعًا. فَإِنْ سَبَقَ1 حَلَالٌ وَسَبُعٌ فَجَرَحَهُ2 فَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ3 مَجْرُوحًا, وَإِنْ سَبَقَ هُوَ فَعَلَيْهِ أَرْشُ جُرْحِهِ, فَلَوْ كَانَا مُحْرِمَيْنِ ضَمِنَ الْجَارِحُ نَقْصَهُ وَالْقَاتِلُ تَتِمَّةَ الْجَزَاءِ. وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ صَيْدٌ صَادَهُ أَوْ ذَبَحَهُ إجْمَاعًا, وَكَذَا إنْ دَلَّ حَلَالًا أَوْ أَعَانَهُ أَوْ أَشَارَ "و" وَكَذَا أَكْلُهُ مَا صيد له, نقله الجماعة "وم ش" لِأَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ4 مِنْ حَدِيثِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ5 أَنَّهُ أَهْدَى لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا فَرَدَّهُ عَلَيْهِ, فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي قَالَ: "إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ". وَلِمُسْلِمٍ6 هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: رِجْلَ حِمَارٍ, وَفِي لَفْظٍ: شِقَّ حِمَارٍ. وَفِي لَفْظٍ: عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا. وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ7 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ السَّابِقِ قَالَ: وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْته أَنِّي اصْطَدْته لَهُ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُ مَعْمَرٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ8: أنه أكل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْهُ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ1 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "لَحْمُ الصَّيْدِ لَكُمْ فِي الْإِحْرَامِ حَلَالٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَقَالَ: لَا نَعْرِفُ لِلْمُطَّلِبِ سَمَاعًا مِنْ جَابِرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ3: يُشْبِهُ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ4 أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرٍو عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ وَمِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا5: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ ثِقَةٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ عَنْ جَابِرٍ. وَعَمْرو مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ, وَوَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ, وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِهَذَا الْخَبَرِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَقَالَ: إلَيْهِ أَذْهَبُ. وَصَحَّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا فَقَالُوا: أَلَا تَأْكُلُ أَنْتَ؟ فَقَالَ: إنِّي لَسْت كَهَيْئَتِكُمْ, إنَّمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِي. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ6. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ أَكْلُهُ مَا صِيدَ لَهُ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الِانْتِصَارِ; لِأَنَّ خَبَرَ أَبِي قَتَادَةَ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بِالْإِشَارَةِ والإعانة فقط, قلنا: وبالأمر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ مِنْهُمْ الْجَوَازَ فِيهِ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ, قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ. وَفِي الْهِدَايَةِ لَهُمْ: يَأْكُلُ إذَا لَمْ يَدُلَّ وَلَا أَمَرَ. فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ مُحْرِمَةٌ, قَالُوا: وَفِيهِ رِوَايَتَانِ, وَوَجْهُ الْحُرْمَةِ خَبَرُ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا كَلَامُهُ, فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ, وَمَا سَبَقَ أَخَصُّ. وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكْلُ غَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّ فِي خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ "هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَقَالَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ, فَأُهْدِيَ لَنَا طَيْرٌ وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ, فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ, وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ فَلَمْ يَأْكُلْ, فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ, وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ2. وَأَفْتَى بِهِ, أَبُو هُرَيْرَةَ, وَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَوْ أَفْتَيْتهمْ بِغَيْرِهِ لَأَوْجَعْتُك رَوَاهُ مَالِكٌ3. وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ4 وَغَيْرِهِمْ: يَحْرُمُ, وَقَالَهُ طَاوُسٌ, وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ لِخَبَرِ الصَّعْبِ5 وَكَمَا لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ, وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ, وَمَا سَبَقَ أَخَصُّ, وَالْجَمْعُ أَوْلَى. وَمَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ لِدَلَالَةٍ أَوْ إعَانَةٍ وَصَيْدٍ لَهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى محرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَيْرِهِ, كَحَلَالٍ, لِمَا سَبَقَ, وَلَنَا قَوْلٌ: يَحْرُمُ; لِأَنَّ ظَاهِرَ خَبَرِ أَبِي قَتَادَةَ تَحْرِيمُهُ إشَارَةٌ وَاحِدٌ قُلْنَا: نَعَمْ, عَلَى الْمُشِيرِ. وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا ثُمَّ أَكَلَهُ ضَمِنَهُ, لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ; لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْجَزَاءِ, فَلَمْ يَتَكَرَّرْ, كَإِتْلَافِهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ, وَكَصَيْدِ الْحَرَمِ قَتَلَهُ حَلَالٌ وَأَكَلَهُ; وَلِأَنَّهُ حَرَمٌ وَلِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَلَا يَضْمَنُ; وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ مُحْرِمٌ آخَرُ "و" وَكَذَا إنْ دَلَّ أَوْ أَعَانَ أَوْ أَشَارَ فَأَكَلَ مِنْهُ وَفِي الْغُنْيَةِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ. وَإِنْ أَكَلَ مَا صِيدَ لِأَجْلِهِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ, خِلَافًا لِأَصَحِّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ, لَنَا أَنَّهُ إتْلَافٌ مُنِعَ مِنْهُ لِلْإِحْرَامِ, كَقَتْلِ الصَّيْدِ, وَلِهَذَا يُبَاحُ لِغَيْرِهِ, فَلَوْ حَرَقَهُ بِنَارٍ فَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يَضْمَنُهُ, وَفِي الْخِلَافِ: لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فِيهِ, وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ, وَكَالطِّيبِ لَوْ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ, وَلَوْ تَطَيَّبَ ضَمِنَهُ, وَيَضْمَنُ بَعْضَهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا, لِضَمَانِ أَصْلِهِ بِمِثْلِهِ مِنْ النَّعَمِ, وَلَا مَشَقَّةَ فِيهِ, لِجَوَازِ عُدُولِهِ إلَى عَدْلِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَوْمٍ. وَفِي الْخِلَافِ: لَا يُعْرَفُ فِيمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دُونَ النَّفْسِ, فَلَوْ قُلْنَا بِهِ لَمْ يَمْتَنِعْ, وَإِنْ سَلَّمْنَا وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِأُصُولِهِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجِبْ فِي شَعْرِهِ ثُلُثَ دَمٍ; لِأَنَّ النَّقْصَ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ لَا يُضْمَنُ بِهِ, كَطَعَامِ سَوَّسَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ; وَلِأَنَّهُ يَشُقُّ, فَلَمْ يَجِبْ, كَمَا فِي الزَّكَاةِ, وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ وَجْهَيْنِ. وَبَيْضُ الصَّيْدِ مِثْلُهُ, فِيمَا سَبَقَ. وَإِنْ قَتَلَهُ لِصِيَالِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقِيَاسِ قَوْلِهِ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و"; لِأَنَّهُ قَتَلَهُ لِدَفْعِ شَرِّهِ, كَآدَمِيٍّ وَكَجَمْلٍ صَائِلٍ, وَسَلَّمَهُ1 الْحَنَفِيَّةُ; لِأَنَّهُ أُذِنَ مِنْ صَاحِبِ الحق وهو العبد, وهنا أذن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّارِعُ لِإِذْنِهِ فِي الْفَوَاسِقِ1 لِدَفْعِ أَذًى مُتَوَهَّمٍ, فَالْمُتَحَقَّقُ أَوْلَى, وَفِي التَّنْبِيهِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ, وَقَالَهُ زُفَرُ, كَجَمَلٍ صَائِلٍ عِنْدَهُمْ, وَكَقَتْلِهِ2 لِحَاجَةِ أَكْلِهِ, فِي الْأَصَحِّ "و" خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ, وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ, وَسَوَاءٌ خَشِيَ مِنْهُ تَلَفًا أَوْ مَضَرَّةً أَوْ عَلَى بَعْضِ مَالِهِ. وَكَذَا إنْ خَلَّصَهُ مِنْ شَبَكَةٍ أَوْ سَبُعٍ وَنَحْوِهِ فَتَلِفَ قَبْلَ إرْسَالِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ, فِي الْأَشْهَرِ "و" لِأَنَّهُ فِعْلٌ مباح لحاجته3, كَمُدَاوَاةِ الْوَلِيِّ مُوَلِّيهِ, وَلَوْ أَخَذَهُ لِيُدَاوِيَهُ فَوَدِيعَةٌ, وَلَهُ أَخْذُ مَا لَا يَضُرُّهُ, كَيَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ, وَإِنْ أَزْمَنَهُ فَجَزَاؤُهُ "و" لِأَنَّهُ كَتَالِفٍ, وَكَجُرْحٍ تُيُقِّنَ بِهِ مَوْتُهُ, وَقِيلَ: مَا نَقَصَ, لِئَلَّا يَجِبَ جَزَاءَانِ لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ; وَلِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَتْلِهِ. وَإِنْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ, لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ, وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ, فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غَيْرَ مُنْدَمِلٍ, لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ, فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا, فَإِنْ كَانَ سُدُسُهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَقِيلَ: يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ, وَقِيلَ: قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ, وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ كله "م 25" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 25": قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ. وَإِنْ جَهِلَ خَبَرَهُ فَأَرْشُ الْجُرْحِ, فَيُقَوِّمُهُ صَحِيحًا وَجَرِيحًا غير مندمل, لعدم
وكذا إن وجد1 ميتا ولم يعلم موته بالجرح, وقيل: يضمن كُلَّهُ, إحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ, وَهُوَ أظهر, كنظائره "م 26" وإن كان موحيا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْرِفَةِ انْدِمَالِهِ فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا, فَإِنْ كَانَ سُدُسُهُ وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَقِيلَ يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ, وَقِيلَ: قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ, وَقِيلَ, يَضْمَنُ كُلَّهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ. "إحْدَاهُمَا": يَجِبُ سُدُسُ مِثْلِهِ "قُلْتُ": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ الصَّيْدِ, فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ كَمَا قَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمْ بِذَلِكَ, وَكَذَا صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ, وَقَدَّمُوا وُجُوبَ مِثْلِهِ مِنْ مِثْلِهِ لَحْمًا, فَكَذَا هَذَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ قِيمَةُ سُدُسِ مِثْلِهِ, قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ, وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ قِيمَةِ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا أَتْلَفَ2 جُزْءًا مِنْ الصَّيْدِ, وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ3, وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ, وَلَعَلَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَبْنِيٌّ عَلَى هذا الخلاف, والله أعلم. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ خِلَافَهُ قَدْ اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ. "مَسْأَلَةٌ 26" قَوْلُهُ: وَكَذَا "4إنْ وَجَدَهُ4" مَيِّتًا وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ بِالْجُرْحِ, وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلَّهُ إحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ, وَهُوَ أَظْهَرُ, كَنَظَائِرِهِ, انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ, وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّهَا كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ, وَقَدْ عَلِمْتَ الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيهَا, فَكَذَا فِي هَذِهِ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ كُلَّهُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ أَظْهَرُ. "قُلْتُ": وَهُوَ الصواب.
و1 غَابَ غَيْرَ مُنْدَمِلٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ, كَقَتْلِهِ, وَأَطْلَقَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ إذَا جَرَجَهُ وغاب وجهل خبره فعليه جزاؤه "وم" لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ, كَمَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا, وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَا يَضْمَنُهُ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَيَاةُ فَلَا2 يَضْمَنُ بِالشَّكِّ. وَأَجَابَ3 "الْقَاضِي" بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ, كَالْجَنِينِ, كَذَا قَالُوا, وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ, وَسَبَقَ قَوْلُ مَالِكٍ وَدَاوُد أَوَّلَ الْفَصْلِ4. وَإِنْ أَحْرَمَ وَفِي مِلْكِهِ صَيْدٌ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يَدُهُ الْحُكْمِيَّةُ, كَبَيْتِهِ وَنَائِبِهِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَلَا يَضُمُّهُ وَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ, وَمَنْ غَصَبَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ, وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ كَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَقَفَصِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ, وَمِلْكُهُ بَاقٍ, فَيَرُدُّهُ مَنْ أَخَذَهُ, وَيَضْمَنُهُ مَنْ قَتَلَهُ, وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ, فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ, وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَمْكَنَهُ, وَإِلَّا فَلَا, لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ "م 27" نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْيَدَيْنِ, وَعَلَيْهِ الأصحاب "وهـ م" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةُ كَرَحْلِهِ وخيمته وقفصه لزمه
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يَزُولُ مِلْكُهُ مُطْلَقًا, وَالثَّانِي لَا. وَلَهُ فِي لُزُومِ إرْسَالِهِ مُطْلَقًا قَوْلَانِ, وَالْأَشْهَرُ لِلْحَنَفِيَّةِ: لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ مِنْ قَفَصٍ مَعَهُ, وَلَهُمْ قَوْلٌ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ, لَنَا عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ قِيَاسُهُ عَلَى سَائِرِ أَمْلَاكِهِ, وَلَا يَلْزَمُ مَنْ مُنِعَ ابْتِدَاءَ تَمَلُّكِهِ زَوَالُهُ, بِدَلِيلِ الْبُضْعِ, وَلَا مَنْ رَفَعَ يَدَهُ الْمُشَاهَدَةَ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ فِي الصَّيْدِ, وَالْمُشْتَرِي يَلْزَمُهُ رَفْعُ يَدِهِ عَنْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَمِلْكُهُ ثَابِتٌ, وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إزَالَةُ يَدِهِ الْحُكْمِيَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ فِعْلِهِ فِي الصَّيْدِ وَلَمْ يَفْعَلْ, وَلِهَذَا لَوْ جَرَحَهُ حَلَالًا فَمَاتَ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ, بِخِلَافِ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQإرْسَالُهُ, وَمِلْكُهُ بَاقٍ. وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ فَقِيلَ: يَضْمَنُهُ, وَجَزَمَ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ: إنْ أَمْكَنَهُ, وَإِلَّا فَلَا, لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ, انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الضَّمَانُ مُطْلَقًا ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالنَّاظِمُ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ, وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِابْنِ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي2, وَكَذَا الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ. وَابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ, وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ, وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بين اليدين, وعليه الأصحاب.
فَإِنَّهُ فَعَلَ الْإِمْسَاكَ, وَاسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ, وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُمْسِكُ شَيْئًا حَنِثَ بِاسْتِدَامَتِهِ, فَهُوَ كَاللُّبْسِ. وَإِنْ أَرْسَلَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ لَمْ يَضْمَنْهُ, ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ "وم ش" وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ; لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا تَعَيَّنَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِعْلُهُ فِي هَذِهِ الْعَيْنِ خَاصَّةً, كَالْمَغْصُوبِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُهُ; لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحْتَرَمٌ, فَلَا يَبْطُلُ بِإِحْرَامِهِ, وَقَدْ أَتْلَفَهُ الْمُرْسِلُ, وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ, وَيُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِتَخْلِيَتِهِ بِنِيَّتِهِ, بِخِلَافِ أَخْذِهِ فِي الْإِحْرَامِ, فَإِنَّهُ1 لَمْ يَمْلِكْهُ, فَلَا يَضْمَنُهُ مُرْسِلُهُ "و" قِيلَ لِلْقَاضِي: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ حَتَّى يَلْحَقَ بِالْوَحْشِ, بَلْ يَرْفَعُ يَدَهُ وَيَتْرُكُهُ فِي مَنْزِلِهِ وَفِي قَفَصِهِ, فَقَالَ: أَمَّا عَلَى أَصْلِنَا فَيَلْزَمُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: يُرْسِلُهُ, وَأَمَّا عَلَى قَوْلِكُمْ, ثُمَّ قَاسَهُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ, وَهَذَا الْفَرْعُ فِيهِ نَظَرٌ, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ خِلَافُهُ, وَقَدْ فَرَّقَ هُوَ فِي بَحْثِهِ مَعَ الشَّافِعِيِّ بِمَنْعِ ابْتِدَاءِ التَّمْلِيكِ; وَلِهَذَا قَالَ هُوَ وَغَيْرُهُ: لَا يُرْسِلُهُ بَعْدَ حِلِّهِ, كَمَا لَا يَتْرُكُ اللُّبْسَ بَعْد حِلِّهِ, وَيَلْزَمُهُ قَبْلَهُ, وَاعْتَبَرَهُ فِي الْمُغْنِي2 بِعَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ قَبْلَ إرَاقَتِهِ, فَظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ مُتَوَجِّهٌ. وَفِي الْكَافِي3: يُرْسِلُهُ بَعْدَ حِلِّهِ, كَمَا لَوْ صَادَهُ, كَذَا قَالَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ, وَلَا يَصِحُّ نَقْلُ مِلْكِهِ 4عَمَّا بِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ زَالَ مِلْكُهُ4 عَنْهُ; لِأَنَّهُ لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجُوزُ ابْتِدَاءُ تَمَلُّكِهِ, وَالنِّكَاحُ يُرَادُ لِلِاسْتِدَامَةِ وَالْبَقَاءِ; فَلِهَذَا لَا يَزُولُ. كَذَا قَالَ. وَإِنْ مَلَكَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ لَزِمَهُ رَفْعُ يَدِهِ وَإِرْسَالُهُ, فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ ضَمِنَهُ, كَصَيْدِ الْحِلِّ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وهـ". وَيَتَوَجَّهُ: لَا يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ وَنَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وم ش" لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا نَهَى عَنْ تَنْفِيرِ صَيْدِ مَكَّةَ, وَلَمْ يُبَيِّنْ مِثْلَ هَذَا الْحُكْمِ الْخَفِيِّ مع كثرة وقوعه والصحابة مختلفون فيه1, وَقِيَاسُهُ عَلَى الْإِحْرَامِ فِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّهُ آكَدُ لِتَحْرِيمِهِ مَا لَا يُحَرِّمُهُ. وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ إرْثٍ "و" لِخَبَرِ الصَّعْبِ السَّابِقِ2, فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ; لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ كَالْخَمْرِ. وَإِنْ قَبَضَهُ ثُمَّ تَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ, وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ لِمَالِكِهِ أَيْضًا. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا شَيْءَ لِوَاهِبِهِ, وَإِنْ قَبَضَهُ رَهْنًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ3. وَإِنْ أَرْسَلَهُ ضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ وَلَا جَزَاءَ, وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ, وَقِيلَ: يُرْسِلُهُ لِئَلَّا تَثْبُتَ يَدُهُ الْمُشَاهَدَةُ عَلَيْهِ "وهـ م" وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ, وَمِثْلُهُ مُتَّهِبُهُ عَلَى وَاهِبِهِ, فَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ رَدِّهِ فَهَدَرٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُتَوَكَّلُ فِي صَيْدٍ, وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا فَسْخُ بَائِعِهِ بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ بَلْ فَسْخُ الْمُشْتَرِي بِهِمَا, وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُحْرِمِ وَيُرْسِلُهُ. وَيَمْلِكُهُ بِإِرْثٍ; لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ. وَيَمْلِكُ بِهِ الْكَافِرُ, فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ. وَقِيلَ: لَا, كَغَيْرِهِ, فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ فَيَمْلِكُهُ إذَا حَلَّ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَمْلِكُهُ بِشِرَاءٍ وَاتِّهَابٍ. وَإِنْ ذَبَحَ صَيْدًا أَوْ قَتَلَهُ فَمَيْتَةٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَتَلَهُ لِصُولِهِ; لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ لِمَعْنًى فِيهِ, لِحَقِّ اللَّهِ, كَذَبِيحَةِ الْمَجُوسِ, فَسَاوَاهُ فِيهِ, وَإِنْ خَالَفَهُ فِي غَيْرِهِ; وَلِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ فَلَمْ يَحِلَّ لِغَيْرِهِ, كَذَبْحٍ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ, وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِجُرْحِهِ, وَالْمِلْكُ أوسع ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَيَمْلِكُهُ بِإِرْثٍ, وَقِيلَ: لَا. وَفِي الرعاية: يملكه بشراء واتهاب, انْتَهَى. قُلْتُ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَمْلِكُ صَيْدًا بِاصْطِيَادِهِ بِحَالٍّ وَلَا بِشِرَاءٍ وَلَا اتِّهَابٍ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا, انْتَهَى. فَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا, وَتَقْدِيرُهُ: وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: يَمْلِكُهُ بشراء واتهاب, والله أعلم.
مِنْ الْإِبَاحَةِ, بِدَلِيلِ الْمَجُوسِيِّ, فَتَحْرِيمُهُ أَوْلَى, وَهَذَا أَخَصُّ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] ومن قوله صلى الله عليه وسلم: "مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ" 1. وَعَنْ الْحَكَمِ وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ إبَاحَتُهُ, وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ, وَلَهُ قَوْلٌ: يَحِلُّ لِغَيْرِهِ. وَأَبَاحَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ2 وَأَيُّوبُ3 لِحَلَالٍ. وَإِنْ اُضْطُرَّ فَذَبَحَهُ فَمَيْتَةٌ أَيْضًا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ" كُلُّ مَا اصْطَادَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ قَتَلَهُ فَإِنَّمَا هُوَ قَتْلٌ قَتَلَهُ, كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي, وَيَتَوَجَّهُ حِلُّهُ لِحِلِّ فِعْلِهِ وَإِنْ ذَبَحَ مُحِلٌّ صَيْدَ حَرَمٍ فَكَالْمُحْرِمِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلَانِ. وَإِنْ كَسَرَ مُحْرِمٌ بَيْضَ صَيْدٍ حَلَّ لِمُحِلٍّ, كَكَسْرِ مَجُوسِيٍّ, وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي, لِأَنَّهُ كَالذَّبْحِ, لِحِلِّهِ لِمُحْرِمٍ بِكَسْرِ مُحِلٍّ لَا بكسر محرم. وفي الرعاية: يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا كَسَرَهُ, وَقِيلَ: وَعَلَى حَلَالٍ ومحرم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَمْسَكَ مُحْرِمٌ صَيْدًا حَتَّى حَلَّ ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ, لِتَحْرِيمِ إمْسَاكِهِ, كَغَصْبٍ, وَكَذَا بِذَبْحِهِ, وَهُوَ مَيْتَةٌ, لِضَمَانِهِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ, كَحَالِ إحْرَامِهِ, وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَأْكُلُهُ وَيَضْمَنُهُ كَصَيْدِهِ بَعْدَ الْحِلِّ, كَذَا قَالَ, وَكَذَا إنْ أَمْسَكَ صَيْدَ حَرَمٍ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ. وَإِنْ جَلَبَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ "و". وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ, قَالَهُ فِي الْفُنُونِ, فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَيْضُهُ "م 28" وَيَضْمَنُ الصَّيْدَ بِمِثْلِهِ, نص عليه "وم ش" وَدَاوُد. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: بِقِيمَتِهِ, ثُمَّ لَهُ صَرْفُهَا فِي النَّعَمِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْهَدَايَا فَقَطْ. لَنَا {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: 95] الْآيَةَ. {فَجَزَاءٌ} مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ يُقْرَأُ في السبع بتنوينه1, {مِثْلُ} صِفَةٌ أَوْ بَدَلٌ, وَيُقْرَأُ شَاذًّا2 بِنَصَبِ {مِثْلُ} , أَيْ يَخْرُجُ مِثْلُ. وَقَدَّرْنَا لِأَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ, وَيُقْرَأُ بِإِضَافَةِ الْجَزَاءِ إلَى {مِثْلُ} 3, فمثل في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 28" قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَمْسَكَ صَيْدَ حَرَمٍ وَخَرَجَ إلَى الْحِلِّ. ضَمِنَهُ بِتَلَفِهِ وَإِنْ جَلَبَهُ ضَمِنَهُ بِقِيمَتِهِ, وَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ لِعَارِضٍ فِيهِ احْتِمَالَانِ, قَالَهُ فِي الْفُنُونِ, فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَيْضِهِ, انْتَهَى. "قُلْتُ": الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ كَأَصْلِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, وَاَللَّهُ أعلم.
حُكْمِ الزَّائِدِ, كَقَوْلِهِمْ: مِثْلِي لَا يَقُولُ ذَلِكَ, أَيْ أَنَا لَا أَقُولُ, وَقَدَّرْنَا; لِأَنَّ الَّذِي يجب به الجزاء المقتول لا مثله, و {مِنَ النَّعَمِ} صِفَةٌ لِجَزَاءٍ إنْ نَوَّنْته, أَيْ جَزَاءٌ كَائِنٌ مِنْ النَّعَمِ, وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ نصبت {مِثْلُ} , لِعَمَلِهِ فِيهِمَا; لِأَنَّهُمَا مِنْ صِلَته, لَا إنْ رَفَعْته; لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ صِلَتِهِ, وَلَا يُفْصَلُ بَيْنَ الصِّلَةِ وَالْمَوْصُولِ بِصِفَةٍ أَوْ بَدَلٍ, وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِهِ إنْ أَضَفْته. وَيَجُوزُ مُطْلَقًا جَعْلُهُ حَالًا مِنْ الضَّمِيرِ فِي {قَتَلَ} ; لِأَنَّ الْمَقْتُولَ يَكُونُ مِنْ النَّعَمِ و {يَحْكُمُ بِهِ} صِفَةُ جَزَاءٍ إذَا نَوَّنْته1, وَإِذَا أَضَفْته فَفِي مَوْضِعِ حَالٍ عَامِلُهَا مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الْمُقَدَّرِ فِي الْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ. وَقَالَ جَابِرٌ سَأَلْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الضَّبُعِ فَقَالَ: "هُوَ صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْهُ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ3. عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ: "جَزَاءٌ كَبْشٌ مُسِنٌّ وَتُؤْكَلُ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَالِحٌ, وَلَهُ أَيْضًا عَنْ ابن عباس مرفوعا بإسناد حسن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1 عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا, وَلَهُ2 عَنْ الْأَجْلَحِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ, وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ, وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ. وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ وَالْجَفْرَةُ: الَّتِي قَدْ أَرْبَعَتْ. الْأَجْلَحُ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالْعِجْلِيُّ, وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ, وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا أَقْرَبَهُ مِنْ فِطْرٍ وَفِطْرٌ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ. وَكِلَاهُمَا شِيعِيٌّ. وَلِمَالِكٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ, وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ, وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ, وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَذْهَبُ إلَيْهِ, وَحَكَمَ عُمَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي ظَبْيٍ بِعَنْزٍ, رَوَاهُ مَالِكٌ3 مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْهُ, وَلَمْ يُدْرِكْهُ. وَعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَرْبَدَ أَوْطَأَ ظَبْيًا فَفَزَرَ ظَهْرَهُ فَسَأَلَ أَرْبَدَ عُمَرَ فَقَالَ: اُحْكُمْ يَا أَرْبَدُ فِيهِ. فَقَالَ: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي يَا أمير المؤمنين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَعْلَمُ, فَقَالَ عُمَرُ: إنَّمَا أَمَرْتُك أَنْ تَحْكُمَ فِيهِ وَلَمْ آمُرْك أَنْ تُزَكِّيَنِي, فَقَالَ أَرْبَدُ: أَرَى فِيهِ جَدْيًا قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ فَقَالَ عُمَرُ: فَذَلِكَ فِيهِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ1, وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَضَى فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ2, وَقَضَى ابْنُ عُمَرَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي ضَبُعٍ بِكَبْشٍ, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3, وَقَضَى ابْنُ عَبَّاسٍ فِي حَمَامَةٍ بِشَاةٍ, قَالَ عَطَاءٌ: مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ4. قَالَ أَصْحَابُنَا هُوَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ, وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْقِيمَةِ, لِمَا سَبَقَ مِنْ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ, وَقَوْلِهِ لِعُمَرَ: قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ, وَلِاخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالسِّعْرِ وَصِفَةِ الْمُتْلَفِ, وَلَمْ يُوصَفْ لَهُمْ وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْهُ; وَلِأَنَّ الْجَفْرَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْهَدَايَا; وَلِأَنَّهَا خَيْرٌ مِنْ الْيَرْبُوعِ, وَالشَّاةُ خَيْرٌ مِنْ الْحَمَامَةِ, وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُخْرَجٌ عَلَى وَجْهِ التَّكْفِيرِ, فَكَانَ أَصْلًا, كَالْعِتْقِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ, وَبَعْضُهُ هَلْ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِقِيمَتِهِ؟ سَبَقَ فِيمَا إذَا أَكَلَ مِمَّا صِيدَ لَهُ5. وَإِنْ كَانَ الصَّيْدُ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ لَزِمَهُ مَعَ ضَمَانِ قِيمَتِهِ لربه "و" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَزَاءُ نَصَّ عَلَيْهِ "و" فَإِنْ حَرُمَ أَكْلُهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ, وَإِنْ حَلَّ ضَمِنَ نَقْصَهُ, لِعُمُومِ الْآيَةِ1 وَالْخَبَرِ1; لِأَنَّهُ صَيْدٌ حَقِيقَةً; وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْ قَتْلِهِ لِلْإِحْرَامِ, كَغَيْرِهِ; وَلِأَنَّهُ كَفَّارَةٌ فَاجْتَمَعَا, كَالْعَبْدِ وَعِنْدَ دَاوُد: لَا جَزَاءَ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: وَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ فِي الْحَرَمِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ يَضْمَنُ مُتْلِفُهُ قِيمَتَهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ, وَقِيمَةً أُخْرَى لِمَالِكِهِ. كَصَيْدِ حَرَمِيٍّ, وَمَعْنَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِمْ: إنْ مَلَكَ الْأَرْضَ بِمَا نَبَتَ فِيهَا. وَيُعْتَبَرُ الْمِثْلُ بِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ نَقَلَ إسْمَاعِيلُ الشَّالَنْجِيُّ: هُوَ عَلَى مَا حَكَمَ الصَّحَابَةُ, زَادَ أَبُو نَصْرٍ الْعِجْلِيُّ: لَا يُحْتَاجُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى "وش" لِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ وَأَقْرَبُ إلَى الصَّوَابِ. واحتج الشيخ "وغيره" بقوله صلى الله عليه وسلم: "اقْتَدُوا بِاَلَّذِينَ مِنْ بَعْدِي" 2 "وَأَصْحَابِي كَالنُّجُومِ"3 وَعِنْدَ مالك: يستأنف الحكم ولا يكتفى به, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِقَوْلِهِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] . وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي لَنَا وَقَالَ لِخَصْمِهِ: لَا يَقْتَضِي تَكْرَارَ الْحُكْمِ, كَقَوْلِهِ: لَا تَضْرِبْ زَيْدًا وَمَنْ ضَرَبَهُ فَعَلَيْهِ دِينَارٌ, لَا يَتَكَرَّرُ الدِّينَارُ بِضَرْبٍ وَاحِدٍ, كَذَا مَثَّلَ وَقَاسَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا حَكَمَ فِيهِ بِمِثْلِهِ صَحَابِيَّانِ فِي وَقْتِهِمَا. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ فَرْضَ الْأَصْحَابِ الْمَسْأَلَةَ فِي الصَّحَابِيِّينَ إنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ قُلْنَا فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ كَانَ لِسَبْقِ الْحُكْمِ فِيهِ فَحُكْمُ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ مِثْلُهُ فِي هَذَا1, لِلْآيَةِ. وَقَدْ احْتَجَّ بِهَا الْقَاضِي. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: كُلُّ مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ حُكْمٍ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَتْبَعُ مَا جَاءَ, قَدْ حَكَمَ وَفَرَغَ مِنْهُ. وَقَدْ رَجَعَ الْأَصْحَابُ فِي بَعْضِ الْمِثْلِيِّ إلَى غَيْرِ الصَّحَابِيِّ, كَمَا يَأْتِي, فَإِنْ عُدِمَ فَقَوْلُ عَدْلَيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ, خِلَافًا لِأَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ خَبِيرَيْنِ, لِاعْتِبَارِ الْخِبْرَةِ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ, فَيَعْتَبِرَانِ الشَّبَهَ خِلْقَةً لَا قِيمَةً, كَفِعْلِ الصَّحَابَةِ, وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا الْقَاتِلَ, نَصَّ عَلَيْهِ "م" وَهُمَا أَيْضًا "م" لِظَاهِرِ الْآيَةِ, وَلِقِصَّةِ أَرْبَدَ السَّابِقَةِ2; وَلِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ, كَتَقْوِيمِهِ عَرَضَ الزَّكَاةِ لِإِخْرَاجِهَا, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إذَا قَتَلَ خَطَأً; لِأَنَّ الْعَمْدَ يُنَافِي الْعَدَالَةَ, إلَّا جَاهِلًا بِتَحْرِيمِهِ لِعَدَمِ فِسْقِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَعَلَى قِيَاسِهِ قَتْلُهُ لِحَاجَةِ أَكْلِهِ, فَمِنْ الْمِثْلِيِّ, فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ رُوِيَ عَنْ عمر وعثمان وعلي وزيد وابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةَ1 وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ, لِأَنَّهَا تُشْبِهُهَا, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قِيمَتُهَا. وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ. وَفِي حِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ2 وَعُرْوَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالشَّافِعِيِّ, وَعَنْ أَحْمَدَ: بَدَنَةٌ, رُوِيَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ3. وَفِي بَقَرَةِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ4 وَعَطَاءٍ وَعُرْوَةَ وَقَتَادَةُ وَالشَّافِعِيُّ. وَفِي الْأُيَّلِ بَقَرَةٌ, رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ5. وَالتَّيْتَلُ "وَالْوَعْلُ" كَالْأُيَّلِ. وَعَنْهُ: فِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَدَنَةٌ, ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْوَاضِحِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَعَنْهُ: لَا جَزَاءَ لِبَقَرَةِ الْوَحْشِ, كَجَامُوسٍ. وَفِي صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ: التَّيْتَلُ الْوَعْلُ الْمُسِنُّ, قال: والوعل هي الأروى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ1 فِي الْأَرْوَى بَقَرَةٌ. وَفِي الضَّبُعِ كَبْشٌ "وش" لِمَا سَبَقَ قَالَ أَحْمَدُ: حَكَمَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشٍ2. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: كَانَ الْعُلَمَاءُ بِالشَّامِ يَعُدُّونَهَا مِنْ السِّبَاعِ وَيَكْرَهُونَ أَكْلَهَا قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ, إلَّا أَنَّ السُّنَّةَ أَوْلَى. وَفِي الظَّبْيِ وَهُوَ الْغَزَالُ شَاةٌ "وش" كَمَا سَبَقَ, وَكَذَا الثَّعْلَبُ إنْ أُكِلَ "وم ش" لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ, وَعَنْ قَتَادَةَ وَطَاوُسٍ: فِيهِ الْجَزَاءُ, وَلَنَا وَجْهٌ أَوْ حُرِّمَ تَغْلِيبًا, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَأَنَّ عَلَيْهَا لَا يَقُومُ, وَنَقَلَ بَكْرٌ: عَلَيْهِ جَزَاءٌ, هُوَ صَيْدٌ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيهِ وَفِي السِّنَّوْرِ: يَحْرُمُ أَكْلُهُمَا وَقَتْلُهُمَا, وَفِي الْقِيمَةِ بِقَتْلِهِمَا رِوَايَتَانِ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي السِّنَّوْرِ أَهْلِيًّا أَوْ بَرِّيًّا حُكُومَةً, وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّدْبِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: فِي سِنَّوْرِ الْبَرِّ حُكُومَةٌ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُسْتَوْعِبُ: مَا فِي حِلِّهِ خِلَافٌ كَثَعْلَبٍ وَسِنَّوْرٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ وَغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ الْخِلَافُ, وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ أُبِحْنَ, وَفِيهِنَّ السِّنَّوْرُ الْأَهْلِيُّ عَلَى قَوْلٍ, وَمُرَادُهُ بِالْإِبَاحَةِ غَيْرُهُ, وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ "وش" لِمَا سَبَقَ, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ3 فيه جمل وعن عطاء شاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْعَنَاقُ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ دُونَ الْجَفْرَةِ. وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ, "وش" نَصَّ عَلَيْهِ, لِمَا سَبَقَ, وَهِيَ مِنْ الْمَعْزِ لَهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فُطِمَتْ وَرَعَتْ, وَقِيلَ: يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ وَعَنْ أَحْمَدَ, جَدْيٌ, وَقِيلَ: شَاةٌ, وَقِيلَ: عَنَاقٌ. وَفِي الضَّبِّ جَدْيٌ "وش" لِمَا سَبَقَ, وَعَنْهُ: شَاةٌ; لِأَنَّهُ قَوْلُ جابر1 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَطَاءٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: قِيمَتُهُ. وَالْوَبَرُ كَالضَّبِّ, وَقَالَ الْقَاضِي: فِيهِ جَفْرَةٌ "وش" لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَكْبَرَ مِنْهَا: وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ: شَاةٌ. وَفِي الْحَمَامِ: شَاةٌ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِمَا سَبَقَ. وَلِلنَّجَّادِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ, جَابِرٍ قَالَ: قَضَى عُمَرُ فِي الْمُحْرِمِ فِي الطَّيْرِ إذَا أَصَابَهُ شَاةٌ1, وَلِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ, كَحَمَامِ الْحَرَمِ, وَقِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى جِنْسِهِ أَوْلَى; وَلِأَنَّ الشَّاةَ إذَا كَانَتْ مِثْلًا فِي الْحَرَمِ فَكَذَا الْحِلُّ, وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ: فِيهِ شَاةٌ, وَفِي الْحِلِّ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا شَاةٌ, وَالثَّانِيَةُ حُكُومَةٌ. كَحَمَامِ الْحِلِّ. وَالْحَمَامُ كُلُّ مَا عَبَّ الْمَاءَ أَيْ يَضَعُ مِنْقَارَهُ فِيهِ فَيَكْرَعُ وَيَهْدُرُ كَالشَّاةِ وَيُشْبِهُهَا فِيهِ, لَا يَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً كَبَقِيَّةِ الطَّيْرِ, فَمِمَّا شَرِبَ كَالْحَمَّامِ وَالْعَرَبِ تُسَمِّيهِ حَمَامًا القطا2 والفواخيت3 والوراشين والقمري والدبسي والشفانين4. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا: فِي كُلِّ مُطَوَّقٍ شَاةٌ; لِأَنَّهُ حَمَامٌ, وَقَالَهُ الْكِسَائِيُّ, فَالْحَجَلُ مُطَوَّقٌ وَلَا يَعُبُّ, فَفِيهِ الْخِلَافُ. وَيَضْمَنُ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ والصحيح والمعيب والذكر والأنثى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْحَامِلَ وَالْحَائِلَ بِمِثْلِهِ, لِظَاهِرِ الْآيَةِ, وَالْهَدْيُ فِيهَا مُقَيَّدٌ بِالْمِثْلِ, وَلِهَذَا فِيهِ مَا لَا يَجُوزُ هَدْيًا مُطْلَقًا كَالْجَفْرَةِ وَالْعَنَاقِ وَالْجَدْيِ وَلَا يَضْمَنُ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ, فَاخْتَلَفَ بِاخْتِلَافِهِ, كَالْمَالِ, بِخِلَافِ كَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْهُ, وَلَا يَجِبُ فِي أَبْعَاضِهِ وَلَا يُضْمَنُ بِالْيَدِ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي الزَّكَاةِ يُضْمَنُ مَعِيبًا بِصَحِيحٍ, ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ. وَخَرَّجَهُ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالًا مِنْ الرِّوَايَةِ هُنَاكَ, وَفِيهَا تَعْيِينُ الْكَبِيرِ أَيْضًا, فمثله هنا, كقول1 مالك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقال القاضي: يضمن الحامل بقيمة مثلها "وش" لِأَنَّ قِيمَتَهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ لَحْمِهَا وَقِيلَ أَوْ بِحَائِلٍ1 لِأَنَّ هَذِهِ لَا تَزِيدُ فِي لَحْمِهَا كَلَوْنِهَا, وَإِنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا2 مَيِّتًا ضَمِنَ نَقْصَ الْأُمِّ فَقَطْ, كَمَا لَوْ جَرَحَهَا; لِأَنَّ الْحَمْلَ فِي الْبَهَائِمِ زِيَادَةٌ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: إذَا صَادَ حَامِلًا فَإِنْ تَلِفَ حَمْلُهَا ضَمِنَهُ. وَفِي الْفُصُولِ: يَضْمَنُهُ إنْ تَهَيَّأَ لنفخ الروح3 لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَصِيرُ حَيَوَانًا, كَمَا يَضْمَنُ جَنِينَ امْرَأَةٍ بِغُرَّةٍ قَالَ جَمَاعَةٌ: وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَجَزَاؤُهُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَمِثْلُهُ يَعِيشُ, وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ لَكِنْ هُوَ لَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ, فَهُوَ كَطَيْرٍ غير ممتنع أمسكه ثم تركه. وَيَجُوزُ فِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى, قَالَ جَمَاعَةٌ: بَلْ أفضل; لأنها أطيب وأرطب, وفي أنثى بذكر وَجْهَانِ: الْجَوَازُ; لِأَنَّ لَحْمَهُ أَوْفَرُ4, وَالْمَنْعُ "م 29" لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ ضَمَانَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالصَّحِيحَ وَالْمَعِيبَ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْحَامِلَ وَالْحَائِلَ بِمِثْلِهِ وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ, انْتَهَى. هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ مُنَاسِبًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مُوَافِقًا لَهُ, لِأَنَّ كَلَامَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ, فَلَعَلَّ هُنَا نَقَصَا, وَهُوَ الظَّاهِرُ, أَوْ يُقَدَّرُ مَا يُصَحِّحُ ذِكْرَ هَذَا الْقَوْلِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 29" قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِدَاءُ ذَكَرٍ بِأُنْثَى, قَالَ جَمَاعَةٌ, بل أفضل; لأنها أطيب
زِيَادَتَهُ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ زِيَادَتِهَا, وَكَالزَّكَاةِ. وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعْوَرَ مِنْ عَيْنٍ بِأَعْوَرَ مِنْ أُخْرَى وَأَعْرَجَ مِنْ قَائِمَةٍ بِأَعْرَجَ مِنْ أُخْرَى; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ, لَا أَعْوَرَ بِأَعْرَجَ وَعَكْسُهُ, لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ. وَكَفَّارَةُ جَزَاءِ الصَّيْدِ عَلَى التَّخْيِيرِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و". وَعَنْهُ: يَلْزَمُ الْمِثْلُ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَطْعَمَ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ, نقلها محمد بن الحكم, روي عن ابْنِ عَبَّاسٍ1 وَابْنِ سِيرِينَ وَالثَّوْرِيِّ "وَزُفَرَ" وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا إطْعَامَ فِيهَا, وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْآيَةِ لِيَعْدِلَ بِهِ الصِّيَامَ; لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَرْطَبُ, وَفِي أُنْثَى بِذَكَرٍ وَجْهَانِ: الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" الْجَوَازُ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي الْمَنْعُ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْأُنْثَى أَفْضَلُ. فَيَفْدِي بِهِ, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ, وَقِيلَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ: تُفْدَى أُنْثَى بِمِثْلِهَا, انْتَهَى, فَظَاهِرُ كَلَامِ هؤلاء المنع, والله أعلم.
مِنْ قَدَرَ عَلَى الْإِطْعَامِ قَدَرَ عَلَى الذَّبْحِ, وَكَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ1, وَلَنَا الْآيَةُ. و"أَوْ" حَقِيقَةٌ فِي التَّخْيِيرِ كَآيَةِ فِدْيَةِ الْأَذَى2 وَالْيَمِينِ3, بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَهَدْيِ الْمُتْعَةِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ إتْلَافٍ مَنَعَ مِنْهُ الْإِحْرَامُ, أَوْ فِيهَا أَجْنَاسٌ, كَالْحَلْقِ; وَلِأَنَّ اللَّهَ "تَعَالَى" ذَكَرَ الطَّعَامَ فِيهَا لِلْمَسَاكِينِ, فَكَانَ مِنْ خِصَالِهَا كَغَيْرِهَا. وَمَا وَرَدَ مِنْ إيجَابِ الْمِثْلِ قُصِدَ بِهِ بَيَانُ الْمُقَدَّرِ وَلَا تَخْيِيرَ وَلَا تَرْتِيبَ, فَإِنْ اخْتَارَ الْإِطْعَامَ قَوَّمَ الْمِثْلَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وش" لِأَنَّ كُلَّ مُتْلَفٍ وَجَبَ مِثْلُهُ إذَا قُوِّمَ وَجَبَتْ قِيمَةُ مِثْلِهِ, كَالْمِثْلِيِّ مِنْ مَالِ الْآدَمِيِّ, فَيُقَوَّمُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَتْلَفَهُ وَبِقُرْبِهِ, نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "وش" وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ "بِالْحَرَمِ" لِأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ: يُقَوِّمُ الصَّيْدَ مَكَانَ إتْلَافِهِ أَوْ بِقُرْبِهِ لَا الْمِثْلُ "وهـ م" وَدَاوُد, كَمَا لَا مِثْلَ لَهُ, وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ. وَعَنْهُ: لَهُ الصَّدَقَةُ بِالْقِيمَةِ, وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِمَّا خَيَّرَ اللَّهُ فِيهِ, وَالطَّعَامُ كَفِدْيَةِ الْأَذَى الْمُخْرَجُ فِي فِطْرَةٍ وَكَفَّارَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: وَكُلُّ مَا يُسَمَّى طَعَامًا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الاشتراك في قتله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ اخْتَارَ الصِّيَامَ صَامَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا "و" كُلُّ مَذْهَبٍ عَلَى أَصْلِهِ, فَعِنْدَنَا: مِنْ الْبُرِّ مُدٌّ, وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ, وَصَاعٌ مِنْ غَيْرِهِ, وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ: مُدٌّ, وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْيَوْمَ فِي الظِّهَارِ فِي مُقَابَلَةِ الْمِسْكَيْنِ, وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ: يَصُومُ عَنْ مُدٍّ. وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ مُدَّيْنِ, فَأَقَرَّهُ بَعْضُهُمْ, وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى مَا سَبَقَ, وَهُوَ أَظْهَرُ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي ثَوْرٍ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ "فِي الصَّيْدِ" كَفِدْيَةِ الْأَذَى, وَإِنْ بَقِيَ مَا لَا يَعْدِلُ يَوْمًا صَامَ يَوْمًا, نَصَّ عَلَيْهِ "و" لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ. وَلَا يَجِبُ تَتَابُعُ صَوْمٍ "و" لِلْآيَةِ, وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَ عَنْ بَعْضِ الْجَزَاءِ وَيُطْعِمَ عَنْ بَعْضِهِ "و" كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ, وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْإِطْعَامِ. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ بَقِيَ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ, فَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ عَنْهُ يَوْمًا, وَكَذَا عِنْدَهُمْ إنْ كَانَ الْوَاجِبُ دُونَ طَعَامِ مِسْكِينٍ. وَمَا دُونَ الْحَمَامِ كَسَائِرِ الطَّيْرِ يَضْمَنُهُ "و" لِمَا رَوَى النَّجَّادُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَا أُصِيبَ مِنْ الطَّيْرِ دُونَ الْحَمَامِ فَفِيهِ الدِّيَةُ1, وَيَأْتِي فِي الْجَرَادِ2, وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ, كَالْحَمَامِ, وَعَنْ دَاوُد: لَا يَضْمَنُ دُونَ الْحَمَامِ, وَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ مَكَانَهُ, كَمَالِ الْآدَمِيِّ, وَفِي أَكْبَرَ مِنْ الْحَمَامِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ فِيهِ شَاةٌ, وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وعطاء وجابر, وكالحمام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بطريق الأولى, والثاني قيمته "م 30 - 32" "وش" لأنه القياس خولف فِي الْحَمَامِ, لِلصَّحَابَةِ. وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ بَلْ طَعَامًا, قَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ صَرْفُهَا فِي الْهَدْيِ, وَقِيلَ: يُخْرِجُ الْقِيمَةَ, لِمَا يَأْتِي فِي الْجَرَادِ1. وَإِنْ أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ ضَمِنَهُ "و" بِقِيمَتِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, مَكَانَهُ, لِمَا رَوَى أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عن مطر عن معاوية بن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 30" قَوْلُهُ: وَفِي أَكْبَرِ مِنْ الْحَمَامِ وَجْهَانِ: "أَحَدُهُمَا" تَجِبُ فِيهِ شَاةٌ وَ "الثَّانِي" قِيمَتُهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ. "أَحَدُهُمَا" تَجِبُ فِيهِ قِيمَتُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى وُجُوبِ الشَّاةِ فِي الْحَمَامِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِيهِ شَاةٌ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: أَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ كَالْحَمَامِ, وَقِيلَ: الْقِيمَةُ, وَقِيلَ: لَا, انتهى.
قُرَّةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّ رَجُلًا أَوْطَأَ بَعِيرَهُ1 عَلَى أُدْحِيِّ نَعَامٍ فَكَسَرَ بَيْضَهَا فَقَامَ إلَى عَلِيٍّ فَسَأَلَهُ. فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: عَلَيْك بِكُلِّ بَيْضَةٍ جَنِينُ نَاقَةٍ أَوْ ضِرَابُ نَاقَةٍ, فَانْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ, فَقَالَ هَلُمَّ إلَى الرُّخْصَةِ, عَلَيْك بِكُلِّ بَيْضَةٍ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ. وَعَنْ أَبِي الْمِهْزَمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2, وَلَهُ وَلِابْنِ مَاجَهْ3: ثَمَنُهُ. وَلِلنَّجَّادِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ, وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ4 مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ, وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: صِيَامُ يَوْمٍ لِكُلِّ بَيْضَةٍ5, وَلِلشَّافِعِيِّ6 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى: فِي بَيْضَةِ النَّعَامَةِ صَوْمٌ أَوْ إطْعَامُ مِسْكِينٍ; وَلِأَنَّهُ صَيْدٌ, لِأَنَّهُ يُطْلَبُ مِثْلُهُ, وَلَا مِثْلَ لَهُ, فَضُمِنَ بِقِيمَتِهِ, كَالصَّيْدِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَضْمَنُ بَيْضَةَ نَعَامَةٍ بِعُشْرِ قِيمَةِ بَدَنَةٍ, وَعَنْ دَاوُد: لَا شَيْءَ فِيهِ. وَلَا شَيْءَ فِي بَيْضٍ مُذَرٍّ أَوْ فَرْخُهُ مَيِّتٌ; لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ, قال أصحابنا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا بَيْضَ النَّعَامِ فَإِنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةً, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا شَيْءَ فِيهِ, كَسَائِرِ مَا لَهُ قِيمَةٌ مِنْ غَيْرِ الصَّيْدِ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْمُوجَزِ: إنْ تَصَوَّرَ وَتَخَلَّقَ فِي بَيْضِهِ فَفِيهِ مَا فِي جَنِينٍ صِيدَ سَقَطَ بِالضَّرْبَةِ مَيِّتًا. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ كُسِرَ بَيْضُ نَعَامَةٍ فَقِيمَتُهُ1, فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَقِيمَتُهُ1, اسْتِحْسَانًا, لِأَنَّ الْبَيْضَ مُعَدٌّ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْفَرْخُ الْحَيُّ, فَكَسْرُهُ قَبْلَ أَوَانِهِ سَبَبُ مَوْتِهِ, وَالْقِيَاسُ يَغْرَمُ الْبَيْضَةَ فَقَطْ, لِلشَّكِّ فِي حَيَاتِهِ, وَعَلَى الِاسْتِحْسَانِ لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ صَيْدٍ فَأَلْقَى جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا. وَمَنْ كَسَرَ بَيْضَةً فَخَرَجَ مِنْهَا فَرْخٌ حَيٌّ فَعَاشَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ, وَسَبَقَ قَوْلٌ: يَحْفَظُهُ إلَى أَنْ يَطِيرَ2, وَإِنْ جَعَلَ بَيْضًا تَحْتَ آخَرَ أَوْ مَعَ بَيْضٍ صِيدَ أَوْ شَيْئًا فَنَفَرَ عَنْهُ حَتَّى فَسَدَ أَوْ فَسَدَ بِنَقْلِهِ ضَمِنَهُ, لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ, وَإِنْ صَحَّ وَفَرَّخَ فَلَا. وَحُكْمُ "بِيضِ" كُلِّ حَيَوَانٍ حُكْمُهُ; لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ وَفِي لَبَنِهِ قِيمَتُهُ, كَمَا سَبَقَ3 مَكَانَهُ, كَحَلْبِ حَيَوَانٍ مَغْصُوبٍ, كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ, وَيَضْمَنُ الْجَرَادَ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ; لِأَنَّهُ طَيْرٌ في البر يتلفه الماء, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كالعصافير, ويضمنه بقيمته "وش" لِأَنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ, وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِتَمْرَةٍ عَنْ جَرَادَةٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ بِحُكْمِ حَكَمَيْنِ, لِمَا رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فَسَأَلَهُ عَنْ جَرَادَةٍ قَتَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ, فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: تَعَالَ نَحْكُمْ, فَقَالَ كَعْبٌ: دِرْهَمٌ, فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ: إنَّك لَتَجِدُ الدَّرَاهِمَ, لِتَمْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ1, وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إنِّي أَصَبْت جَرَادَةً وَأَنَا مُحْرِمٌ, فَقَالَ: أَطْعِمْ قَبْضَةً مِنْ طَعَامٍ1. وَلِلشَّافِعِيِّ2 مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَلَهُ3 أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِكَعْبٍ فِي جَرَادَتَيْنِ قَتَلَهُمَا وَنَسِيَ إحْرَامَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ فَأَلْقَاهُمَا: مَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِك؟ قَالَ: دِرْهَمَانِ, قَالَ: بَخٍ, دِرْهَمَانِ خَيْرٌ مِنْ مِائَةِ جَرَادَةٍ, اجْعَلْ مَا جَعَلْت فِي نَفْسِك. وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ. فَإِنْ قَتَلَهُ أَوْ أَتْلَفَ بَيْضَ طَيْرٍ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَضْمَنُهُ; لِأَنَّهُ "قَتَلَهُ" لِنَفْعِهِ كَمُضْطَرٍّ, وَقِيلَ: لَا; لِأَنَّهُ اضْطَرَّهُ كَصَائِلٍ, وَعَنْهُ: لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة: 31, 32, قوله: فإن قتل يعني الجراد أَوْ أَتْلَفَ بَيْضَ طَيْرٍ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عَلَيْهِ فقيل يضمنه وَقِيلَ لَا انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 31" إذَا قَتَلَ الْجَرَادَ لِحَاجَةٍ كَالْمَشْيِ عليه فهل يضمنه أم لا؟
يَضْمَنُ الْجَرَادَ; لِأَنَّ كَعْبًا أَفْتَى بِأَخْذِهِ وَأَكْلِهِ, فَقَالَ عُمَرُ: مَا حَمَلَك أَنْ تُفْتِيَهُمْ بِهِ؟ قَالَ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ, قَالَ: وَمَا يُدْرِيك؟ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنْ هُوَ إلَّا نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ. رَوَاهُ مَالِكٌ1. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْمِهْزَمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا, وَمِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى وَقَالَ: الحديثان وهم, ورواه عن كعب قوله3 ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": عَلَيْهِ الْجَزَاءُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ, صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, قَالَ النَّاظِمُ: وَيُفْدَى جَرَادٌ فِي الْأَصَحِّ بِقِيمَةٍ وَلَوْ فِي طَرِيقٍ يشبه بمبعد6. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 32" إذَا مَشَى عَلَى بَيْضِ الطَّيْرِ لِحَاجَةٍ فَهَلْ يَضْمَنُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْجَرَادِ إذَا انْفَرَشَ فِي طَرِيقِهِ, وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ, فَيُعْطَى حُكْمَهُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْجَرَادِ, فَكَذَا فِي هَذَا "قُلْتُ": الضَّمَانُ هُنَا قَوِيٌّ لِنُدْرَتِهِ, وَاَللَّهُ أعلم.
وَلَا يَضْمَنُ رِيشً طَائِرٍ إنْ عَادَ, لِزَوَالِ1 النَّقْصِ. وَقِيلَ: بَلَى; لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ حُكُومَةٌ, وَذَكَرَ غَيْرُهُ. لَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَكَذَا شَعْرُهُ وَإِنْ صَارَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَكَالْجُرْحِ, كَمَا سَبَقَ2, وَإِنْ غَابَ فَفِيهِ مَا نَقَصَ "وش" لِإِمْكَانِ زَوَالِ نَقْصِهِ, كَمَا لَوْ جَرَحَهُ وَجَهِلَ, وَلَا يَلْزَمُهُ جميع الجزاء "هـ م". وَيُسْتَحَبُّ قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَطَيْرٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَبَاحَهُ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ العقور ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالذِّئْبَ وَالسَّبُعَ وَكُلَّ مَا عَدَا مِنْ السِّبَاعِ, وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْدُ "وم ش". وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْتُلُ مَا فِي الْخَبَرِ1 وَالذِّئْبَ, وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ, وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الْعَقُورُ وَغَيْرُ الْعَقُورِ وَالْمُسْتَأْنَسُ وَالْمُسْتَوْحِشُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ. لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الْجِنْسُ, وَكَذَا الْفَأْرَةُ الْأَهْلِيَّةُ وَالْوَحْشِيَّةُ سَوَاءٌ. قَالَ أَصْحَابُهُ وَلَا شَيْءَ فِي بَعُوضٍ وَبَرَاغِيثَ وَقُرَادٍ, لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَيْدٍ, وَلَا مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْبَدَنِ, وَمُؤْذِيَةٌ بِطَبْعِهَا. وَكَذَا النَّمْلُ الْمُؤْذِي, وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ قَتْلُهُ, لَكِنْ لَا جَزَاءَ, لِلْعِلَّةِ الْأُولَى. لَنَا أَنَّ اللَّهَ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" عَلَّقَ تَحْرِيمَ صَيْدِ الْبَرِّ بِالْإِحْرَامِ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصِيدَ, لِقَوْلِهِ: {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] وَقَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] لِأَنَّهُ أَضَافَ الصَّيْدَ إلَى الْبَرِّ, وَلَيْسَ الْمُحَرَّمُ صَيْدًا حَقِيقَةً, وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ "الضَّبُعُ صَيْدٌ وَفِيهِ كَبْشٌ" 2 وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور" متفق عليه3, ولمسلم4: "والغراب الأبقع" وللنسائي وابن ماجه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ: الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1 وَلِمُسْلِمٍ2 "فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ" وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِيهِ3 "يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ" وَسُئِلَ أَيْضًا: مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْ الدَّوَابِّ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ, قَالَ: وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ4, وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ فَأَسْقَطَ الْغُرَابَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5, وَلِأَحْمَدَ6 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحَرَمِ, فَأَسْقَطَ الْحِدَأَةَ" , وَلِمُسْلِمٍ7 عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى. فَنَصَّ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ عَلَى أَدْنَاهُ تَنْبِيهًا, وَالتَّنْبِيهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ إنْ كَانَ, فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْأَلْفَاظِ يَدُلُّ على عدم القصد, والمخالف لا يقول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْمَفْهُومِ, وَالْأَسَدُ كَلْبٌ, كَمَا فِي دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ1; وَلِأَنَّ مَا لَا يُضْمَنُ بِقِيمَتِهِ وَلَا مِثْلِهِ لَا يُضْمَنُ بِشَيْءٍ كَالْحَشَرَاتِ, فَإِنَّ عِنْدَهُمْ لَا يُجَاوِزُ بِقِيمَتِهِ شَاةً; لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ مُؤْذٍ, قُلْنَا: فَهَذَا لَا جَزَاءَ فِيهِ. وَعِنْدَ زُفَرَ: تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ, وَهُوَ أَقْيَسُ عَلَى أَصْلِهِمْ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يُبَاحُ قَتْلُ غُرَابِ الْبَيْنِ, وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ, فَإِنَّهُ مَثَّلَ بِالْغُرَابِ الْأَبْقَعِ فَقَطْ, وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ الْمُرَادُ بِهِ الْغُرَابُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ, لِلَّفْظِ الْخَاصِّ, لَكِنَّ غَيْرَهُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ, وَالْمَعْنَى يَقْتَضِيهِ, وَفِي الْمَفْهُومِ نَظَرٌ هنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا أَنَّهُ سَأَلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ, قَالَ: "الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ, وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ" فِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ, ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ, سَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ1, وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلصِّحَاحِ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد, وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَحَسَّنَهُ, وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَادِيَ وَصْفٌ لَازِمٌ. وَيَدْخُلُ فِي الْإِبَاحَةِ الْبَازِي وَالصَّقْرُ وَالشَّاهِينُ وَالْعُقَابُ وَنَحْوُهَا, وَالذُّبَابُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَقْتُلُ الْقِرْدَ وَالنِّسْرَ وَالْعُقَابَ إذَا وَثَبَ, وَلَا كَفَّارَةَ, فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ, وَلَا يَنْبَغِي لَهُ, وَمَا لَا يُؤْذِي بِطَبْعِهِ لَا جَزَاءَ فيه, لما سبق3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَيَجُوزُ قَتْلُهُ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ, نَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَقْتُلُ كُلَّ مَا يُؤْذِيهِ, وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ فِي نَمْلٍ وَنَحْوِهِ, وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَذِيَّةٍ, وَذَكَرَ مِنْهَا الذُّبَابَ وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ, لِلنَّهْيِ "م 33". وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لا بأس بقتل الذر, وَنَقَلَ مُهَنَّا: وَيَقْتُلُ النَّمْلَةَ إذَا عَضَّتْهُ وَالنَّحْلَةَ إذَا آذَتْهُ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ قَتْلُ نَحْلٍ وَلَوْ بِأَخْذِ كُلِّ عَسَلِهِ, قَالَ هُوَ وغيره: إن لم يندفع1 نمل إلا بقتله جاز. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 33" قَوْلُهُ: وَلِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ فِي نَمْلٍ وَنَحْوِهِ يعني إذا لم يؤذ وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ أَذِيَّةٍ, وَذَكَرَ مِنْهَا الذُّبَابَ, وَالتَّحْرِيمُ أَظْهَرُ لِلنَّهْيِ انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُؤْذِ أَمْ لَا؟. "قُلْت" الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَقَدَّمَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ أَنَّ قَتْلَ النَّمْلِ وَالنَّحْلِ وَالضُّفْدَعِ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي آخِرِ الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ وَلَا تَخْرِيبُ أَجْحُرَتِهِنَّ وَلَا قَصْدُهُنَّ بِمَا يَضُرُّهُنَّ, وَلَا يَحِلُّ قَتْلُ الضَّفَادِعِ, انْتَهَى, وَسُئِلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ هَلْ يَجُوزُ إحْرَاقُ بُيُوتِ النَّمْلِ بِالنَّارِ؟ فَقَالَ يُدْفَعُ ضَرَرُهُ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ, وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْكَلْبِ أَنْ لَا يَضُرَّهُ فِيهِ: لَا يُبَاحُ قَتْلُهُ, وَكَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَكَان آخَرَ: يُكْرَهُ قَتْلُ مَا لَا يَضُرُّ مِنْ نَمْلٍ وَنَحْلٍ وَهُدْهُدٍ وَصُرَدٍ انْتَهَى. وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَصَارَتْ الْأَقْوَالُ فِي قَتْلِ مَا لَا يَضُرُّهُ فِيهِ ثَلَاثَةً الْإِبَاحَةُ والكراهة
قَالَ أَحْمَدُ: يُدَخِّنُ لِلزَّنَابِيرِ إذَا خَشِيَ أَذَاهُمْ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَحْرِيقِهِ, وَالنَّمْلُ إذَا آذَاهُ يَقْتُلُهُ, وَاحْتَجَّ فِي الْمُغْنِي1 عَلَى تَحْرِيمِ قَتْلِ غَيْرِ مُؤْذٍ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْكِلَابِ, فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ, وَأَنَّهُ إنْ جَازَ, جَازَ قَتْلُ كُلِّ كَلْبٍ لَمْ يُبَحْ اقْتِنَاؤُهُ, كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ هُنَا, وَهُوَ مُتَّجِهٌ, وَيَلْزَمُ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ قَتْلُ النَّمْلِ, وَأَوْلَى, وقد سبق قول أحمد: يَقْتُلُ النَّمْلَ إذَا آذَتْهُ, فَالْكِلَابُ بِنَجَاسَتِهَا وَأَكْلِ مَا غَفَلَ النَّاسُ عَنْهُ أَوْلَى, لَكِنَّ مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ يَحْرُمُ قَتْلُهُ "م" كَمَا أَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ يباح ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّحْرِيمُ, انْتَهَى, وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ التَّحْرِيمُ, وَقَدْ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمُصَنِّفُ وغيرهم, وهو ظاهر كلام الناظم.
قَتْلُهُ, ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ, لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِهِ, وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِيفِ, وَكَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْعَنْكَبُوتِ, وَكَانَ يُقَالُ: إنَّهَا مَسْخٌ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ بِسَنَدٍ وَاهٍ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ1: وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الْعَنْكَبُوتِ, وَفِي ذَلِكَ بَسْطٌ فِي الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ2. وَلَا جَزَاءَ فِي مُحَرَّمٍ إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ الْمُتَوَلِّدِ, قَالَ أَحْمَدُ فِي الضُّفْدَعِ: لَا فِدْيَةَ فِيهِ, نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ3. وَفِي الْإِرْشَادِ4 فِيهِ حُكُومَةٌ, وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَهُ سُفْيَانُ, وَذُكِرَ لِأَحْمَدَ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ فِيهِ حُكُومَةً. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي النَّمْلَةِ لُقْمَةٌ أَوْ تَمْرَةٌ إذَا لَمْ تُؤْذِهِ, وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِثْلَهُ فِي النَّحْلَةِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِي أُمِّ حُبَيْنٍ جَدْيٌ, وَهِيَ دَابَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِثْلُ ابْنِ عِرْسٍ وَابْنِ آوَى وَيُقَالُ أُمُّ حُبَيْنَةَ, سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِانْتِفَاخِ بَطْنِهَا, شُبِّهَتْ بِالْحُبْلَى, وَمِنْهُ الْأَحْبَنُ وَهُوَ الْمُسْتَسْقَى; لِأَنَّ عُثْمَانَ "رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" قَضَى بِذَلِكَ, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ5, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ كُلُّ مُحَرَّمٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ. وَلَا يَحْرُمُ أَهْلِيٌّ إجْمَاعًا, وَالِاعْتِبَارُ فِي وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ بِأَصْلِهِ. نص عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"و". فَالْحَمَامُ وَحْشِيٌّ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَفِي أَهْلِيِّهِ الْجَزَاءُ "م" وَالْبَطُّ كَالْحَمَامِ, وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهُ أَهْلِيًّا "وهـ" لِأَنَّهُ أَلُوفٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ, كَذَا قَالُوا, وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ فِي الدَّجَاجِ رِوَايَتَيْنِ, وَخَصَّهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى بِالدَّجَاجِ السِّنْدِيِّ1. وَالْجَوَامِيسُ أَهْلِيَّةٌ مُطْلَقًا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ مَا تَوَحَّشَ مِنْ إنْسِيٍّ أَوْ تَأَنَّسَ مِنْ وَحْشِيٍّ فَلَيْسَ صَيْدًا, ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا فِي الثَّانِيَةِ. وَيَحْرُمُ مَنْعُ الصَّيْدِ الْمَاءَ وَالْكَلَأَ. وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ إجْمَاعًا, وَالْبَحْرُ الْمِلْحُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ سَوَاءٌ, قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ} [فاطر: 12] الْآيَةَ "و" وَمَا يَعِيشُ فِيهَا كَسُلَحْفَاةٍ وَسَرَطَانٍ كَالسَّمَكِ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: عَلَيْهِ الْجَزَاءُ, وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا يَعِيشُ فِي الْبَرِّ لَهُ حُكْمُهُ وَمَا يَعِيشُ فِي الْبَحْرِ لَهُ حُكْمُهُ, كَالْبَقَرِ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ, وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: لَا شَيْءَ فِي السُّلَحْفَاةِ; لِأَنَّهَا مِنْ الْهَوَامِّ وَالْحَشَرَاتِ 2كَالْخُنْفُسَاءِ وَالْوَزَغِ2, وَلَا يُقْصَدُ أَخْذُهَا, وَيُمْكِنُ أَخْذُهَا بِلَا حِيلَةٍ, كَذَا قَالُوا, فَأَمَّا طَيْرُ الْمَاءِ فَبَرِّيٌّ; لِأَنَّهُ يُفَرِّخُ وَيَبْيَضُّ فِي الْبَرِّ, وَيَكْتَسِبُ مِنْ الْمَاءِ الصَّيْدَ. وَفِي حِلِّهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ: المنع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صححه بعضهم, لقوله صلى الله عليه وسلم: "لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا" 1; وَلِأَنَّ حُرْمَةَ الصَّيْدِ لِلْمَكَانِ, فَلَا فَرْقَ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ "م 34" لِإِطْلَاقِ حِلِّهِ فِي الْآيَةِ; وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُحَرِّمُهُ, كَحَيَوَانٍ أهلي وسبع "والله أعلم".
فصل: ويجتنب المحرم ما نهى الله تعالى عنه
فصل: وَيَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ الرَّفَثُ وَالْفُسُوقُ "وَهُوَ" السِّبَابُ وَقِيلَ: الْمَعَاصِي. وَالْجِدَالُ: الْمِرَاءُ, رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ابْنُ عُمَرَ2 وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ أَنْ تُمَارِيَ صَاحِبَك حَتَّى تُغْضِبَهُ3, قَالَ الشَّيْخُ: الْمُحْرِمُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وقال في الفصول: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 34" قَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ وَفِي حِلِّهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ: الْمَنْعُ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَالثَّانِيَةُ يَحِلُّ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا لَا يُبَاحُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالشَّرْحِ4, وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَنْسَكِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: يَحْرُمُ صَيْدُ الْبَحْرِ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ مُطْلَقًا, انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُبَاحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى6, قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ اخْتِيَارِي, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وغيرهم, وصححه الناظم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "158". 3 أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه نشرة العمري ص "157". 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "8/318". 5 "5/167". 6 في الإرشاد ص "172".
يَجِبُ اجْتِنَابُ الْجِدَالِ وَهُوَ الْمُمَارَّةُ فِيمَا لَا يُعْنِي. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْفُسُوقُ وَهُوَ السِّبَابُ, وَالْجِدَالُ وَهُوَ الْمُمَارَاةُ فِيمَا لَا يُعْنِي. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ لَهُ كُلُّ جِدَالٍ وَمِرَاءٍ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ, وَكُلُّ سِبَابٍ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحِلِّ, وَأَوْلَى, كَذَا قَالَ, وفي تفسير ابن الجوزي وغيره عن أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] لَا تُمَارِينَ أَحَدًا فَيَخْرُجُهُ الْمِرَاءُ إلَى الْمُمَارَاةِ وَفِعْلِ مَا لَا يَلِيقُ فِي الْحَجِّ, وَعَنْ جَمَاعَةٍ: لَا شَكَّ فِي الْحَجِّ وَلَا مِرَاءَ, فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ وَقْتُهُ. وَفِيهِ "فِي قَوْلِهِ" {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] قِيلَ: بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْحِيدِ, وَقِيلَ: غَيْرُ فَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ, وَقِيلَ: إنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ1, وَهَذَا ضَعِيفٌ, وَفِيهِ فِي قَوْلِهِ: {فَلا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} [الحج: 67] أَيْ فِي الذَّبَائِحِ, وَالْمَعْنَى: فَلَا تُنَازِعْهُمْ2, وَهَذَا جَائِزٌ فِي فِعْلٍ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ. فَإِذَا قُلْتَ لَا يُجَادِلْنَك فُلَانٌ, فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ لَا تُجَادِلْنَهُ, وَلِهَذَا قَالَ: {وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحج:68] قَالَ: وَهَذَا أَدَبٌ حَسَنٌ, عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ لِيَرُدُّوا بِهِ مَنْ جَادَلَ عَلَى سَبِيلِ التَّعَنُّتِ وَلَا يُجِيبُوهُ وَلَا يُنَاظِرُوهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتَوَقَّى الْكَلَامُ فِيمَا لَا يَنْفَعُ, وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ وَاللَّغْوُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لَا حَاجَةَ بِهِ إلَيْهِ. وَبَسْطُ هذا في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ1 وَكِتَابِ أُصُولِ الْفِقْهِ آخِرَ الْقِيَاسِ. وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلَّا أُوتُوا الْجَدَلَ" ثُمَّ قَرَأَ {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً} [الزخرف: 58] أَبُو غَالِبٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ, قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ, وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ سَعِيدٍ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ, وَضَعَّفَهُ النَّسَائِيُّ, وَبَالَغَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ: لَا يُلْتَفَتُ إلَى رِوَايَتِهِ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَجَّاجٍ. وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ3. وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "جِدَالٌ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَعَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَرْفُوعًا "لَا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الْإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْكَذِبَ فِي الْمُزَاحَةِ, وَيَتْرُكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا" 4. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا, وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا, وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ" حَدِيثٌ حَسَنٌ رواه أبو داود5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَنْفَعُ, وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ لَهُ كَثْرَتُهُ بِلَا نَفْعٍ, وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلِيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُت" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1, وَعَنْهُ مَرْفُوعًا "مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ, رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ2, وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مِثْلُهُ, وَلَهُ4 أَيْضًا فِي لَفْظٍ "قِلَّةُ الْكَلَامِ إلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ". وَتَجُوزُ "لَهُ" التِّجَارَةُ وَعَمَلُ الصَّنْعَةِ "و" وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ مُسْتَحَبٍّ أَوْ وَاجِبٍ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوَاسِمِ, فَنَزَلَتْ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ5, وَلِأَبِي دَاوُد6 عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ التَّيْمِيُّ قَالَ: كُنْت رَجُلًا أُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ, وَكَانَ نَاسٌ يَقُولُونَ: لَيْسَ لَك حَجٌّ, فَلَقِيت ابْنَ عُمَرَ فَقُلْت: إنِّي أُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ, وَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: لَيْسَ لَك حَجٌّ, فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَلَيْسَ تُحْرِمُ وَتُلَبِّي وَتَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَتُفِيضُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَتَرْمِي الْجِمَارَ؟ قُلْتُ: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ لَك حَجًّا, جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فسأله مثل ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَأَلْتنِي فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] الْآيَةَ. فَأَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَرَأَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ: "لَك حَجٌّ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَحْمَدُ1, وَعِنْدَهُ: "إنَّا نُكْرَى فَهَلْ لَنَا مِنْ حَجٍّ؟ " وَفِيهِ: "وَتَحْلِقُونَ رُءُوسَكُمْ". وَفِيهِ: فَقَالَ: "أَنْتُمْ حُجَّاجٌ" وَسَبَقَ فِيمَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ2 قَصْدُ التِّجَارَةِ وَالْحَجِّ بِالسَّفَرِ. وَيَجُوزُ لُبْسُ الْكُحْلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَصْبَاغِ, وَقَطْعُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ بِغَيْرِ طِيبٍ, وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: يُسَنُّ, وَهُوَ أَظْهَرُ. وَكَذَا يَجُوزُ الْمُعَصْفَرُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وش" لِمَا رَوَى أَحْمَدُ3, حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ أَنْبَأْنَا أُبَيٌّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَإِنَّ نَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى النِّسَاءَ فِي إحْرَامِهِنَّ عَنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ وَمَا مَسَّ الْوَرْسَ وَالزَّعْفَرَانَ مِنْ الثِّيَابِ, وَلْتَلْبَسْ مَا أَحَبَّتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا أَوْ خَزًّا أَوْ حُلِيًّا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ قَمِيصًا إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ: رَوَاهُ عَبْدَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ إلَى قَوْلِهِ: "وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنْ الثِّيَابِ" "5لَمْ يَذْكُرَا5" مَا بَعْدَهُ. وللشافعي6 عن أبي جعفر قال: أبصر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثَوْبَيْنِ مُضَرَّجِينَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الثِّيَابُ؟ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا إخَالُ أَحَدًا يُعَلِّمُنَا السُّنَّةَ, فَسَكَتَ عُمَرُ. وَقَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ أَسْمَاءُ تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَاتِ الْمُصْبَغَاتِ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ لَيْسَ فِيهَا زَعْفَرَانٌ. وَقَالَ أَسْلَمُ: رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى طَلْحَةَ يَوْمًا ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ مُدَرٌّ فَقَالَ: إنَّكُمْ أَيُّهَا الرَّهْطُ أَئِمَّةٌ يَقْتَدِي بِكُمْ النَّاسُ, فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَاهِلًا رَأَى هَذَا الثَّوْبَ لَقَالَ: إنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ كَانَ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْمُصَبَّغَةَ فِي الْإِحْرَامِ, فَلَا تَلْبَسُوا أَيُّهَا الرَّهْطُ مِنْ هَذِهِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ. رَوَاهُمَا مَالِكٌ1. وَلِلشَّافِعِيِّ2 عَنْ جَابِرٍ قَالَ: تَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الثِّيَابَ الْمُعَصْفَرَةَ. وَرَوَى حَنْبَلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: كُنَّ أُزَاوَجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يحرمن في المعصفرات3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ1, وَنَهَى عَنْهُ عُثْمَانُ وَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ, فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إنَّمَا نَهَانِي. رَوَاهُ النَّجَّادُ2. فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلِئَلَّا يَقْتَدِيَ بِهِ جَاهِلٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْبَاغِ أَوْ يُكْرَهُ3 لِلرَّجُلِ, كَمَا سَبَقَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ4, وَحَمَلَ الْقَاضِي الْخَبَرَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِاسْتِحْبَابِ الْبَيَاضِ فِي الْإِحْرَامِ, أَوْ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَلِيٍّ; وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِطِيبٍ وَلَا تُقْصَدُ رَائِحَتُهُ كَسَائِرِ الْأَصْبَاغِ; وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ مَا لَمْ يَنْفُضْ "فَجَازَ" وَإِنْ نَفَضَ كَغَيْرِهِ, وَجَوَّزَهُ فِي الْوَاضِحِ مَا لَمْ يَنْفُضْ5 عَلَيْهِ, وَكَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ وَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَنْفُضُ فَدَى, وَلِلْمَصْبُوغِ بِالرَّيَاحِينِ حُكْمُهَا مَعَ الرَّائِحَةِ. وَيَجُوزُ الْكُحْلُ بِإِثْمِدٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, إلَّا لِزِينَةٍ فَيُكْرَهُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ "وم ش" رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ6 عَنْ ابْنِ عُمَرَ, وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ, وَكَرِهَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَزَادَ: وَفِي حَقِّهَا أَكْثَرُ; لِأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ نَهَى عَنْهُ وَقَالَ ضَمِّدْهَا بِالصَّبْرِ. وَحَدَّثَ عَنْ عُثْمَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُحْرِمِ إذَا اشْتَكَى عَيْنَيْهِ ضَمَّدَهَا بِالصَّبْرِ. وَعَنْ جَابِرٍ أَنْ عَلِيًّا قَدِمَ الْيَمَنَ فوجد فاطمة ممن حل فلبست ثيابا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ, فَأَنْكَرَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقْتِ صَدَقْتِ رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ1. وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِامْرَأَةٍ اكْتَحِلِي بِغَيْرِ الْإِثْمِدِ وَلَيْسَ بِحَرَامٍ لَكِنَّهُ زِينَةٌ وَنَحْنُ نَكْرَهُهُ2. وَلَنَا قَوْلٌ: لَا يَجُوزُ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا تَكْتَحِلُ الْمَرْأَةُ بِالسَّوَادِ. فَظَاهِرُهُ التَّخْصِيصُ. وَيَنْظُرُ الْمُحْرِمُ فِي الْمِرْآةِ لِحَاجَةٍ, كَإِزَالَةِ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهِ. وَيُكْرَهُ لِزِينَةٍ, ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ, وَلَنَا قَوْلٌ: يَحْرُمُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ وَلَا يُصْلِحُ شَعَثًا وَلَا يَنْفُضُ عَنْهُ غُبَارًا, وَقَالَ: إذَا كَانَ يُرِيدُ زِينَةً فَلَا يَرَى شَعْرَةً فَيُسَوِّيهَا, رَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو3 مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي الْمَلَائِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ: اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا" وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ, وَفِي تَرْكِ الْأَوْلَى نَظَرٌ; لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يَأْتُوا شُعْثًا غُبْرًا, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَنْظُرُ الْمُحْرِمُ فِي الْمِرْآةِ4 وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ فِيهَا, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ5 وَزَادَ: لِشَكْوَى بِعَيْنَيْهِ, وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا بَأْسَ بِهِ, وَبَعْضُ مَنْ أَطْلَقَهُ قَيَّدَهُ فِي مَكَان آخَرَ بِالْحَاجَةِ, وَقَدْ سَبَقَ فِي الْغُسْلِ فِي إزَالَةِ الشَّعْرِ6, وَلَا فِدْيَةَ بِذَلِكَ, وَبِمَا فِي هَذَا الْفَصْلِ إلا ما سبق في المعصفر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْآجُرِّيُّ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا: وَيَلْبَسُ الْخَاتَمَ, وَسَبَقَ فِي الْحُلِيِّ فِي الزَّكَاةِ لُبْسُهُ لِزِينَةٍ1, وَإِذَا لَمْ يُكْرَهْ فَيَتَوَجَّهُ فِي كَرَاهَتِهِ لِلْمُحْرِمِ لِزِينَةِ مَا فِي كُحْلٍ وَنَظَرٌ فِي مِرْآةٍ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ2 عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا بَأْسَ بِالْهِمْيَانِ والخاتم للمحرم, وفي رواية رخص3.
فصل: والمرأة إحرامها في وجهها,
فصل: وَالْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا, حَرُمَ عَلَيْهَا تَغْطِيَتُهُ بِبُرْقُعٍ أَوْ نِقَابٍ أَوْ غَيْرِهِ "و" قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كَرَاهِيَةُ الْبُرْقُعِ ثَابِتَةٌ عَنْ سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ4, وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا خَالَفَ فِيهِ, وَسَبَقَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "لَا تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ وَلَا تَلْبَسُ الْقُفَّازَيْنِ" 5 وَخَبَرُهُ فِي الْمُعَصْفَرِ, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا, وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ6 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ حُرْمٌ إلَّا فِي وَجْهِهَا" 7 مِنْ رواية أيوب بن محمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي الْجَمَلِ, ضَعَّفَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ, وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ يَهِمُ فِي بَعْضِ حَدِيثِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَجْهُولٌ, وَوَثَّقَهُ الْفَسَوِيُّ, وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا بَأْسَ بِهِ, قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمَحْفُوظُ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْإِيضَاحِ: وَكَفَّيْهَا. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: وَفِي الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ: إنَّ الْمَرْأَةَ أُبِيحَ لَهَا كَشْفُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَالْإِحْرَامِ. وَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُسْدِلَ عَلَى الْوَجْهِ لِحَاجَةٍ "و" لِقَوْلِ عَائِشَةَ: كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ "1فَإِذَا حَاذَوْنَا أَسْدَلَتْ1" إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا, فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ2, وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ3, وَفِي الْحَدِيثَيْنِ رِوَايَةٌ يزيد بن أبي4 زِيَادٍ, ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ, وَسَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ5 وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ قَالَتْ: كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا ونحن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُحْرِمَاتٌ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ, رَوَاهُ مَالِكٌ1, أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ جَوَازَ السَّدْلِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا لَهَا أَنْ تُسْدِلَ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ فَوْقٍ, وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْفَعَ الثَّوْبَ مِنْ أَسْفَلَ, وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ2. قَالَ الشَّيْخُ عَنْ قَوْلِ أَحْمَدَ كَأَنَّهُ يَقُولُ: إنَّ النِّقَابَ مِنْ أَسْفَلَ عَلَى وَجْهِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي "وَجَمَاعَةٌ" تُسْدِلُ وَلَا تُصِيبُ الْبَشَرَةَ, فَإِنْ أَصَابَتْهَا فَلَمْ تَرْفَعْهُ مَعَ الْقُدْرَةِ فَدَتْ, لِاسْتِدَامَةِ السَّتْرِ3, قَالَ الشَّيْخُ: لَيْسَ هَذَا الشَّرْطُ عَنْ أَحْمَدَ وَلَا فِي الْخَبَرِ, وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ, فَإِنَّ الْمَسْدُولَ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ إصَابَةِ الْبَشَرَةِ. فَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَبُيِّنَ, وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ, لكن زاد: وأنما4 مُنِعَتْ مِنْ الْبُرْقُعِ وَالنِّقَابِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُعَدُّ لِسَتْرِ الْوَجْهِ, كَذَا قَالَ. وَالْمَذْهَبُ: يُحَرِّمُ تَغْطِيَةَ مَا لَيْسَ لَهَا سَتْرُهُ, وَلَا يُمْكِنُهَا تَغْطِيَةُ جَمِيعِ5 الرَّأْسِ إلَّا بِجُزْءٍ مِنْ الْوَجْهِ, وَلَا كَشْفُ جَمِيعِ الْوَجْهِ, إلَّا بِجُزْءٍ مِنْ الرَّأْسِ, فَسَتْرُ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْلَى; لِأَنَّهُ آكَدُ; لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ لَا يَخْتَصُّ بِالْإِحْرَامِ. وَحُكْمُ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ فِي جَمِيعِ مَا سَبَقَ إلَّا فِي لُبْسِ الْمَخِيطِ وَتَظْلِيلِ الْمَحْمَلِ, بِالْإِجْمَاعِ, لِمَا سَبَقَ مِنْ حديث ابن عمر6: ولحاجة الستر, كعقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِزَارِ لِلرَّجُلِ. وَلِأَبِي دَاوُد1 بِإِسْنَادٍ "جَيِّدٍ" عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ2 المطيب عند الإحرام, فإذا عرقت إحدانا سال عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يُنْكِرُهُ عَلَيْهَا. وَإِنَّمَا كَرِهَهُ فِي الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْفِتْنَةِ لِقُرْبِهَا مِنْ الرِّجَالِ; وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهَا, بِخِلَافِ الْحَجِّ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْخَبَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ, لِلْمَشَقَّةِ بِتَرْكِهِ لِطُولِ الْمُدَّةِ, بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ, لَا عَلَى اسْتِحْبَابِهِ. وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْقُفَّازَيْنِ عَلَيْهَا, نَصَّ عَلَيْهِ "وم" وَهُمَا شَيْءٌ يُعْمَلُ لِلْيَدَيْنِ كَمَا يُعْمَلُ لِلْبُزَاةِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالنِّقَابِ, لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ3, وَكَالرَّجُلِ "و" وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْطِيَتِهَا بِكُمِّهَا لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ جَوَازُهُ بِهِمَا. بِدَلِيلِ تَغْطِيَةِ الرَّجُلِ قَدَمَيْهِ بِإِزَارِهِ لَا بِخُفٍّ. وَإِنَّمَا جَازَ تَغْطِيَةُ قَدَمَيْهَا بِكُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ فِي الصَّلَاةِ, وَلَنَا فِي الْكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ, أَوْ الْكَفَّانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمُ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ, قَالَهُ الْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى الْأَخِيرِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَهَا ذَلِكَ, وَلِلشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ, قَالَ الْقَاضِي: وَمِثْلُهُمَا إنْ لَفَّتْ عَلَى يَدَيْهَا خِرْقَةً أَوْ خرقا وشدتها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى حِنَّاءٍ أَوْ لَا, كَشَدِّهِ عَلَى جَسَدِهِ شَيْئًا وَذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ عَنْ أَحْمَدَ "رَحِمَهُ اللَّهُ" وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: لَا يَحْرُمُ وَإِنْ لَفَّتْهَا بِلَا شَدٍّ فَلَا. لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ اللُّبْسُ لا تغطيتهما, كبدن الرجل. وَلَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ "و" لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ السَّابِقِ فِي الْمُعَصْفَرِ1, وَقَالَتْهُ عَائِشَةُ, رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ2, وَلَا دَلِيلَ لِلْمَنْعِ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَحَمَلَهَا الشَّيْخُ عَلَى الْكَرَاهَةِ; لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ كَالْكُحْلِ, وَلَا فِدْيَةَ. وَلَا يَحْرُمُ لِبَاسُ زِينَةٍ "و" قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَيُكْرَهُ, وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: الْمُحْرِمَةُ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يَتْرُكَانِ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ, وَلَهُمَا مَا سِوَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ: يَحْرُمُ لِبَاسُ زِينَةٍ3, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ كَحُلِيٍّ. وَيُسْتَحَبُّ خِضَابُهَا بِحِنَّاءٍ لِلْإِحْرَامِ, لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تُدَلِّكَ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنْ حِنَّاءٍ عَشِيَّةَ الْإِحْرَامِ, وَتُغَلِّفَ رَأْسَهَا بِغَسْلَةٍ لَيْسَ فِيهَا طِيبٌ, وَلَا تُحْرِمُ عَطَلًا, رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ4 مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ ضَعَّفَهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَكْتُبُ حَدِيثَهُ. وَلِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ كَالطِّيبِ, وَيُكْرَهُ فِي إحْرَامِهَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ; لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ, كَالْكُحْلِ بِالْإِثْمِدِ, فَإِنْ فَعَلَتْ فَإِنْ شدت يديها بخرقة فدت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا فَلَا "وش" لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لَوْنُهُ لَا رِيحُهُ عَادَةً, كَخِضَابٍ بِسَوَادٍ وَنِيلٍ, وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَعِنْدَ الشَّيْخِ لَا بَأْسَ بِهِ, لِقَوْلِ عِكْرِمَةَ: إنَّ عَائِشَةَ وَأَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ يَخْضِبْنَ بِالْحِنَّاءِ وَهُنَّ حُرُمٌ. رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ1, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ, وَيُسْتَحَبُّ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ لِمُزَوَّجَةٍ2; لِأَنَّ فِيهِ زِينَةً وَتَحَبُّبًا إلَى الزَّوْجِ كَالطِّيبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا "3وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ3": وَيُكْرَهُ لِلْأَيِّمِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا, وَفِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ, بَعْضُهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَبَعْضُهَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ, وَبَعْضُهَا أَبُو الشَّيْخِ وَبَعْضُهَا الطَّبَرَانِيُّ, وَهِيَ فِي التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ عَلَى الْمُقْنِعِ فِي بَابِ السِّوَاكِ, وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ أَبُو4 مُوسَى الْمَدِينِيُّ فِي كِتَابِ "الِاسْتِفْتَاءُ فِي مَعْرِفَةِ اسْتِعْمَالِ الْحِنَّاءِ", عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ اخْتَضِبْنَ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تَخْتَضِبُ لِزَوْجِهَا, وَإِنَّ الْأَيِّمَ تَخْتَضِبُ تَعْرِضُ للرزق من الله عز وجل" 5 فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فِيهِ بِالنِّسَاءِ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ, وَلَا دَلِيلَ لِلْمَنْعِ, وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَهُ الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ, وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: كَرِهَهُ أَحْمَدُ "قَالَ أَحْمَدُ": لِأَنَّهُ من الزينة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ شَيْخُنَا: هُوَ بِلَا حَاجَةٍ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ "وش". ثُمَّ احْتَجَّ بِلَعْنِ الْمُتَشَبِّهِينَ وَالْمُتَشَبِّهَات, وَسَبَقَتْ مَسْأَلَةُ التَّشَبُّهِ عِنْدَ زَكَاةِ الْحُلِيِّ1. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. نَهَى عَنْهُ لِلَوْنِهِ لَا لِرِيحِهِ, فَإِنَّ رِيحَ الطِّيبِ لَهُ حَسَنٌ, وَالْحِنَّاءُ فِي هَذَا كَالزَّعْفَرَانِ. وَعَنْ مُفَضَّلِ بْنِ يُونُسَ وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ عَنْ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ أَبِي يَسَارٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ مَخْضُوبِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَقَالَ: "مَا بَالُ هَذَا"؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ. فَأَمَرَ بِهِ فَنُفِيَ إلَى الْبَقِيعِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَقْتُلُهُ؟ قَالَ: "إنِّي نُهِيت عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ" 3 أَبُو يَسَارٍ رَوَى عَنْهُ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ. وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ سِوَى قَوْلِ أَبِي حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ, فَأَرَادَ: مَجْهُولَ الْعَدَالَةِ. وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ أَنَّ الْمُفَضَّلَ انْفَرَدَ بِوَصْلِهِ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى: حَدِيثٌ مَشْهُورٌ, وَلِلطَّبَرَانِيِّ4 وَنَحْوِهِ بِمَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ عُمَرُ بْنُ بَدْرٍ الْمَوْصِلِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ, وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ فِي الْحِنَّاءِ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةً "م 35" وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ "هـ" ثُمَّ قال: وقد نقل الميموني: الحناء من ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 35" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِضَابِ لِلْمَرْأَةِ فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِيمَا لَا تَشَبُّهَ فِيهِ بِالنِّسَاءِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَهُ الْخِضَابُ بِالْحِنَّاءِ. وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: كَرِهَهُ أَحْمَدُ, قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ من الزينة. وقال شيخنا:
الزِّينَةِ. وَمَنْ يُرَخِّصُ فِي الرَّيْحَانِ يُرَخِّصُ فِيهِ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ وَسُئِلَ عَنْ الْخِضَابِ لِلْمُحْرِمِ فَقَالَ: لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الطِّيبِ وَلَكِنَّهُ زِينَةٌ, وَقَدْ كَرِهَ الزِّينَةَ عَطَاءٌ لِلْمُحْرِمِ, وَقَدْ احْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ كَابْنِ جَرِيرٍ وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْمَتْنِ شيء, بخبر1 بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا "سَيِّدُ إدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ" وَفِيهِ "وَسَيِّدُ الشَّرَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْمَاءُ, وَسَيِّدُ الرَّيَاحِينِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْفَاغِيَةُ" وَهُوَ الْحِنَّاءُ, رَوَاهُ ابْنُ شَاذَانَ بِإِسْنَادِهِ2, وَيُبَاحُ لِحَاجَةٍ, لِخَبَرِ سَلْمَى مَوْلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا اشْتَكَى أَحَدٌ رَأْسَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَاحْتَجِمْ وَإِذَا اشْتَكَى رِجْلَهُ قَالَ: اذْهَبْ فَاخْضِبْهَا بِالْحِنَّاءِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ3 وَلَهُ فِي لَفْظٍ: قَالَتْ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا كَانَتْ تُصِيبُهُ قُرْحَةٌ وَلَا نُكْتَةٌ4 إلَّا أَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ عَلَيْهَا الْحِنَّاءَ5 حَدِيثٌ حَسَنٌ.
فصل: الخنثى المشكل إن لبس المخيط
فَصْلٌ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ أَوْ غطى وجهه وجسده لم تلزمه ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ بِلَا حَاجَةٍ مُخْتَصٌّ بِالنِّسَاءِ وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّهُ كَالْمَرْأَةِ فِي الْحِنَّاءِ, لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ وَاحِدَةً, انْتَهَى. مَا قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ هُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ, وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ, وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: فَأَمَّا الْخِضَابُ لِلرَّجُلِ فَيَتَوَجَّهُ إبَاحَتُهُ مع الحاجة, ومع عدمها6 يَخْرُجُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَشَبُّهِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ فِي لباس وغيره, انتهى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ6 في "ط" "غيرها".
فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ, وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ أَوْ1 لبس المخيط فدى لأنه إما رجل أَوْ امْرَأَةٌ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: يُغَطِّي رَأْسَهُ وَيَفْدِي, وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ, وَلَمْ يخالفه, وجزم به في الرعاية.
فصل: من كرر محظورا من جنس,
فصل: مَنْ كَرَّرَ مَحْظُورًا مِنْ جِنْسٍ, مِثْلُ أَنْ حَلَقَ ثُمَّ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثُمَّ قَلَّمَ, أَوْ لَبِسَ ثُمَّ لَبِسَ وَلَوْ بِمَخِيطٍ فِي رَأْسِهِ, أَوْ بِدَوَاءٍ مُطَيَّبٍ فِيهِ, أَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ تَطَيَّبَ, أَوْ وَطِئَ ثُمَّ وَطِئَهَا أَوْ غَيْرَهَا, وَلَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ, فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, تَابَعَهُ أَوْ فَرَّقَهُ, فَظَاهِرُهُ: لَوْ قَلَّمَ خَمْسَةَ أَظْفَارٍ فِي خَمْسَةِ أَوْقَاتٍ لَزِمَهُ دَمٌ, وَقَالَهُ الْقَاضِي, وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا بُنِيَتْ الْجُمْلَةُ فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ فِي تَدَاخُلِ الْفِدْيَةِ كَذَا الْوَاحِدُ عَلَى الْوَاحِدِ فِي تَكْمِيلِ الدَّمِ. وَإِنْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ لِلثَّانِي كَفَّارَةٌ, وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَطْءٍ كَفَّارَةٌ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ لَهَا كَالْأَوَّلِ. فَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ فِي غَيْرِهِ, وعنه: إن تعدد سبب الْمَحْظُورِ فَلَبِسَ2 لِلْحَرِّ ثُمَّ لِلْبَرْدِ ثُمَّ لِلْمَرَضِ فكفارات, وإلا كفارة, نقل الأثرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ لَمْ تَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ لِلشَّكِّ3 وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ أَوْ لَبِسَ المخيط فدى, انتهى. تجعل هذه الْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ "أَوْ لَبِسَ الْمَخِيطَ" أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً, وَأَنَّ صَوَابَهُ "وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ فَدَى" مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ: "أَوْ لَبِسَ" وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ تَكْرَارًا مِنْ الْمُصَنِّفِ وَسَهْوًا; لِأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا "إنْ لَبِسَ الْمَخِيطَ لَمْ تَلْزَمْهُ فِدْيَةٌ" وَقَالَ هُنَا "فَدَى" والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في الأصل و"س" "فليس". 3 في "ص" "للنسك".
فِيمَنْ لَبِسَ قَمِيصًا وَجُبَّةً وَعِمَامَةً لِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ كَفَّارَةٌ, قُلْتُ: فَإِنْ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً ثُمَّ بَرِئَ ثُمَّ اعْتَلَّ فَلَبِسَ جُبَّةً, فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ1: إذَا لَبِسَ وَغَطَّى رَأْسَهُ مُتَفَرِّقًا فَكَفَّارَتَانِ. وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَرِوَايَتَانِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: إنْ كَرَّرَهُ فِي مَجْلِسٍ تَدَاخَلَتْ, لَا فِي مَجَالِسَ, وَعِنْدَ مَالِكٍ: تَتَدَاخَلُ كَفَّارَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ. وَجَدِيدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: لَا تَدَاخُلَ, وَفِي الْقَدِيمِ: تَتَدَاخَلُ, وَلَهُ قَوْلٌ: عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ الثَّانِي شَاةٌ, كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. لَنَا مَا تَدَاخَلَ مُتَتَابِعًا تَدَاخَلَ مُتَفَرِّقًا كَالْأَحْدَاثِ وَالْحُدُودِ وَكَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةٌ لَا يَتَضَمَّنُ سَبَبُهَا إتْلَافَ نَفْسٍ, كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ; وَلِأَنَّهُ وَطِئَ, فَكَفَّرَ عَنْهُ كَالْأَوَّلِ, أَوْ مَحْظُورٍ فَكَفَّرَ عَنْهُ كَغَيْرِهِ; وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِدْيَةً وَلَمْ يُفَرِّقْ وَلَا يُمْكِنُ إلَّا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَلَنَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَدَاخُلَ إذَا كَفَّرَ عَنْ الأول اعتباره بالحدود والأيمان. ـــــــــــــــــــــــــــــQثم رأيت ابن نصر الله في حواشيه قَالَ: يَعْنِي إمَّا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجِهَةِ وَرَأْسِهِ, أَوْ بَيْنَ تَغْطِيَةِ وَجْهِهِ وَلُبْسِ الْمَخِيطِ, انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ كَلَامَهُ صَحِيحٌ, وَيُقَدَّرُ فِيهِ فَيُقَالُ: وَإِنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ, أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَلَبِسَ الْمَخِيطَ, فَدَى. وَهُوَ صَحِيحٌ. لكن بخذف2 ذَلِكَ حَصَلَ اللُّبْسُ, وَقَوْلُهُ: "أَوْ غَطَّى وَجْهَهُ وَجَسَدَهُ" مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَغْطِيَةَ وَجْهِ الرَّجُلِ لَا تُوجِبُ فِدْيَةً, وَإِلَّا فَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مُشْتَرِكَانِ في ذلك, والله أعلم.
وَتَتَعَدَّدُ كَفَّارَةُ الصَّيْدِ بِتَعَدُّدِهِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و" لِأَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ أَنَّ مَنْ قَتَلَ صَيْدًا لَزِمَهُ مِثْلُهُ, وَمَنْ قَتَلَ أَكْثَرَ لَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ; وَلِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَ أَكْثَرَ مَعًا تَعَدَّدَ الْجَزَاءُ, فَمُتَفَرِّقًا أَوْلَى, لِأَنَّ حَالَ التَّفْرِيقِ لَيْسَ أَنْقَصَ كَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; وَلِأَنَّهَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ, كَقَتْلِ الْآدَمِيِّ, أَوْ بَدَلُ مُتْلَفٍ, كَبَدَلِ مَالِ الْآدَمِيِّ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا تَتَعَدَّدُ إنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْ الْأَوَّلِ, وَحُكِيَ عَنْهُ مُطْلَقًا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ثَانِيًا فَلَا جَزَاءَ, يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ. رُوِيَ عَنْ شُرَيْحٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقَتَادَةَ وَقَالَهُ دَاوُد, لِلْآيَةِ; لِأَنَّ الْجَزَاءَ إذَا عُلِّقَ بِلَفْظِ "مَنْ" لَمْ يَتَكَرَّرْ نَحْوُ: مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ, وَلِأَنَّهُ قَالَ: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} [المائدة: 95] وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ ثُمَّ عَادَ قِيلَ لَهُ اذْهَبْ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْك. رَوَاهُ النَّجَّادُ1. وَكَسَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ; وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ شَرْطٍ فِي مَحَالٍّ, نَحْوُ مَنْ دَخَلَ دُورِي2 فَلَهُ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ دِرْهَمٌ. وَالْقَتْلُ يَقَعُ فِي صَيْدٍ وَصُيُودٍ. وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ, كَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الرِّبَا: {وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ} [البقرة: 275] وَلِلْعَائِدِ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ, وَكَقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُحَارَبَةِ: {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَزْمِ وَعَنْ الثَّالِثِ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ. وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ3 عَنْهُ فِي حَمَامِ الْحَرَمِ: في الحمامة شاة, وبتقديم ظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَيْهِ. وَسَبَقَ جَوَابُ الرَّابِعِ. وَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مَحْظُورَاتٍ مِنْ أَجْنَاسٍ مُتَّحِدَةِ الْكَفَّارَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَهُوَ أَشْهَرُ "و" كَحُدُودٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ, وَعَنْهُ: كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَنْهُ: إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ مُخْتَلِفَةٌ, وَمُوجِبَاتُهَا مُخْتَلِفَةٌ, كَالْحُدُودِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقِيلَ: إنْ تَبَاعَدَ الْوَقْتُ تَعَدَّدَ الْفِدَاءُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِرَفْضِهِ بِالنِّيَّةِ "و" لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ, بِخِلَافِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ, وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِرَفْضِهِ, ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: لَا شَيْءَ لِرَفْضِهِ; لِأَنَّهَا نِيَّةٌ لَمْ تُفِدْ شَيْئًا, وَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ, نَصَّ عَلَيْهِ "وم ش" لِأَنَّهَا جِنَايَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ فَتَعَدَّدَتْ كَفَّارَاتُهَا, كَفِعْلِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الرَّفْضِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي إحْرَامِ الصَّغِيرِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ عِنْدَهُ, وَلَا كَفَّارَةَ بِإِحْرَامِهِ عِنْدَهُ مُطْلَقًا. وَلَا يَفْسُدُ الْإِحْرَامُ بِجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ "و" وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهَيْنِ, قَالَ فِي مُفْرَدَاتِهِ: مَبْنَاهُ عَلَى التَّوَسُّعَةِ وَسُرْعَةِ الْحُصُولِ; فَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا انْعَقَدَ وَحُكْمُهُ2 كَالصَّحِيحِ, وَسَبَقَ قَبْلَ الْفَصْلِ الثَّامِنِ3. وَعَمْدُ صَبِيٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَجْنُونٍ خَطَأٌ. وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ "وش" لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ1: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" إسْنَادٌ جَيِّدٌ. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ2: وَمِمَّا رَوَيْته بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ الْمُتَّصِلِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ, وَذَكَرَهُ, وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ3 مِنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَرَادِيِّ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ" وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ إلَّا بِشْرٌ, تَفَرَّدَ بِهِ الرَّبِيعُ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ4 وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ بِشْرٌ, وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ عَنْهُ غَيْرُ الرَّبِيعِ وَأَبُو يَعْقُوبَ الْبُوَيْطِيُّ الْفَقِيهُ وَرَوَاهُ البيهقي5 وقال: جود إسناده بشر بن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَكْرٍ, وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ وَرَوَاهُ الْوَلِيدُ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ, فَلَمْ يَذْكُرْ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ, وَرَوَى الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ فِي الْمُخْتَارَةِ الطَّرِيقَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي أَوَّلِ دِيَاتِ الْجِرَاحِ مِنْ الْمُحَلَّى: هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مِنْ طَرِيقِ الرَّبِيعِ عَنْ بِشْرٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُتَّصِلًا, وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ النَّاسُ هَكَذَا. وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو حَاتِمٍ: لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ, وَأَنْكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ حَدِيثَ ابْنِ مُصَفَّى جِدًّا وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا إلَّا عَنْ الْحَسَنِ, يَعْنِي مُرْسَلًا, وَدَلَالَةُ الْخَبَرِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى عُمُومِ دَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ, وَفِيهِ خِلَافٌ لَنَا وَلِلْأُصُولِيَّيْنِ: وَسَبَقَ قِصَّةُ الَّذِي أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي الْجُبَّةِ وهو متضمخ بالخلوق, فَأَمَرَهُ1 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَلْعِهَا وَغَسْلِهِ, وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِفِدْيَةٍ2, وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ وَكَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ, وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الطِّيبَ لَمْ يَكُنْ حُرِّمَ, فَقِيلَ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ3: "اصْنَعْ فِي عُمْرَتِك كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّك" فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حُرِّمَ فِي الْحَجِّ وَلَمْ يُحَرَّمْ فِي الْعُمْرَةِ إلَى هَذِهِ الْحَالِ, كَذَا قَالَ. وَقَالَ فِي اللُّبْسِ لَمْ يَكُنْ حُرِّمَ, وَقِيَاسًا عَلَى الصَّوْمِ, وَالتَّفْرِقَةُ بِأَنَّ الْمُحْرِمَ عَلَيْهِ أَمَارَةٌ وَهِيَ التَّجَرُّدُ وَالتَّلْبِيَةُ فَلَمْ يُعْذَرْ, بِخِلَافِ الصَّوْمِ يَبْطُلُ بِالذَّبِيحَةِ عَلَيْهَا أَمَارَةٌ, وَفَرَّقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي التَّسْمِيَةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَمَارَةَ وَقْتَ الذَّبْحِ وَالتَّسْمِيَةَ يَتَقَدَّمُهَا, كَذَا قَالَ, وَعَنْهُ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ, نَصَرَهَا القاضي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأصحابه "وهـ م" كَالْحَلْقِ وَقَتْلِ الصَّيْدِ, وَالتَّفْرِقَةِ بِأَنَّهُ إتْلَافٌ يَبْطُلُ بِفَوَاتِ الْحَجِّ لَيْسَ بِإِتْلَافِ, وَلَا فَرْقَ فِيهِ, كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي. وَقَالَ: الْمَأْمُورُ بِهِ فَرْضٌ عَلَيْهِ, كَتَجَنُّبِ الْمَحْظُورِ, فَحُكْمُ أَحَدِهِمَا حُكْمُ الْآخَرِ. وَأَمَّا التَّفْرِقَةُ بِإِمْكَانِ تَلَافِيهِ فَمَا مَضَى لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهِ, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْجَاهِلَ بِالْحُكْمِ هُنَا كَالصَّوْمِ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي لِخَصْمِهِ: يَجِبُ أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ. وَمَتَى زَالَ عُذْرُهُ غَسَلَهُ فِي الْحَالِ فَإِنْ أَخَّرَهُ وَلَا عُذْرَ فَدَى, وَلَهُ غَسْلُهُ بِيَدِهِ وَبِمَائِعٍ وَغَيْرِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَعِينَ بِحَلَالٍ وَيَغْسِلُهُ, وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا, وَإِنْ قَدَرَ عَلَى قَطْعِ رَائِحَتِهِ بِغَيْرِ الْمَاءِ فَعَلَ وَتَوَضَّأَ; لِأَنَّ الْقَصْدَ قَطْعُهَا. وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فَوَجْهَانِ "م 36" لِأَنَّهُ قَصَدَ مَسَّهُ وَجَهْلُ تَحْرِيمِهِ كَجَهْلِ تَحْرِيمِ الطِّيبِ وَإِنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ فَدَى مطلقا, نص ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 36" قَوْلُهُ: وَإِنْ مَسَّ طِيبًا يَظُنُّهُ يَابِسًا فَبَانَ رَطْبًا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ; لِأَنَّهُ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ, فَأَشْبَهَ مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَ الطِّيبَ. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ; لِأَنَّهُ قَصَدَ مَسَّ الطِّيبِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه
عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و" لِأَنَّهُ إتْلَافٌ كَإِتْلَافِ مَالِ آدَمِيٍّ; وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ حَلَقَ لِأَذًى بِهِ وَهُوَ مَعْذُورٌ, فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى مَعْذُورٍ بِنَوْعٍ آخَرَ وَلَنَا وَجْهٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ مُخْرِجَةٌ مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ, وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ رِوَايَةً: لَا فِدْيَةَ عَلَى مُكْرَهٍ وَنَاسٍ وَجَاهِلٍ وَنَائِمٍ وَنَحْوِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, لِمَا سَبَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِقَتْلِ الصَّيْدِ مُطْلَقًا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مِنْهُمْ صَالِحٌ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "و" لِظَاهِرِ مَا سَبَقَ مِنْ الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ وَبَيْضِهِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَلَى الْمُتَعَمِّدِ بِالْكِتَابِ, وَعَلَى الْمُخْطِئِ بِالسُّنَّةِ, وَقَالَ الشَّافِعِيُّ1: أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: فَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً أَيُغَرَّمُ2؟ قَالَ: نَعَمْ يُعَظِّمُ بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ وَمَضَتْ بِهِ السُّنَنُ. وَرَوَى النَّجَّادُ عَنْ الْحَكَمِ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ: لِيُحْكَمْ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ3 وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رَجُلٍ ألقى جوالق4 عَلَى ظَبْيٍ فَأَمَرَهُ بِالْجَزَاءِ5, قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَهَذَا لَا يَكُونُ عَمْدًا, وَلِأَنَّهُ إتْلَافٌ, كَمَالِ الْآدَمِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ: لَا جَزَاءَ بِقَتْلِ الْخَطَأِ, نَقَلَهُ صَالِحٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إذَا صَادَ المحرم ناسيا لا شيء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ, إنَّمَا عَلَى الْعَامِدِ1. رَوَاهُ النَّجَّادُ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَهُ طَاوُسٌ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ, وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إنَّهُ السُّنَّةُ ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ, وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُ, لِظَاهِرِ الْآيَةِ قَالَ الْقَاضِي: هِيَ حُجَّةٌ لَنَا مِنْ وَجْهٍ; لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ الْإِحْرَامَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ, وَعِنْدَهُمْ: لَا يَلْزَمُهُ; وَلِأَنَّهُ خَصَّ الْعَمْدَ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ الْوَعِيدِ فِي آخِرِهَا; وَلِأَنَّ مَا سَبَقَ أَخَصُّ, وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ, فَقُدِّمَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ2: "إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي" 3 فَإِنْ صَحَّ لَفْظُهُ وَدَلَالَتُهُ فَمَا سَبَقَ أَخَصُّ وَسَبَقَتْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْإِتْلَافِ وَغَيْرِهِ, وَحُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ: يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ لَا فِي الْعَمْدِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ4: أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كان مجاهد يقول: ومن قتله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا غَيْرَ نَاسٍ لِحُرْمَةٍ وَلَا مَرِيدًا غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ فَقَدْ أَحَلَّ وَلَيْسَتْ لَهُ رُخْصَةٌ, وَمَنْ قَتَلَهُ نَاسِيًا لِحُرْمَةٍ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ فَأَخْطَأَ بِهِ فَذَلِكَ الْعَمْدُ الْمُكَفَّرُ عَلَيْهِ النَّعَمُ. وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ, وَالْمُكْرَهُ عِنْدَنَا كَمُخْطِئٍ وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ, وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُكْرَهَ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ, وَسَبَقَ فِي الْحَلْقِ1, وَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي إتْلَافِ مَالِ الْآدَمِيِّ2 وَعَمْدُ الصَّبِيِّ2 ومن زال عقله بعد إحرامه خطأ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: القارن كغيره,
فصل: الْقَارِنُ كَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "وم ش" لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ; وَلِأَنَّهُمَا حُرْمَتَانِ كَحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ, اخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهُ إحْرَامَانِ, "3وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِ أَحْمَدَ, فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بِحُرْمَةِ الْحَرَمِ وَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ3" هُوَ نِيَّةُ النُّسُكِ وَنِيَّةُ الْحَجِّ غَيْرُ نِيَّةِ الْعُمْرَةِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إحْرَامٌ وَاحِدٌ, كَبَيْعِ عَبْدٍ وَدَارٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً عَقْدًا وَاحِدًا وَالْمَبِيعُ اثْنَانِ, وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ جَزَاءَانِ "وهـ" ذَكَرَهَا فِي الْوَاضِحِ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ تَخْرِيجًا إنْ لَزِمَهُ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ وَخَصَّهَا ابْنُ عَقِيلٍ بِالصَّيْدِ, كَمَا لَوْ أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِحْرَامٍ, وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ, وَكَمَا لَوْ وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ, قَالَ الْقَاضِي: لَا يَمْتَنِعُ التَّدَاخُلُ ثُمَّ لَمْ يَتَدَاخَلَا لِاخْتِلَافِ كَفَّارَتِهِمَا, أَوْ; لِأَنَّ الصِّيَامَ وَالْإِحْرَامَ لَا يتداخلان, والحج والعمرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَتَدَاخَلَانِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ فِي الْحَلْقِ وَبَنَى الْحَنَفِيَّةُ قَوْلَهُمْ عَلَى أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِإِحْرَامَيْنِ قَالُوا: إلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرُ مُحْرِمٍ بِالْعُمْرَةِ أَوْ الْحَجِّ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ وَاحِدٌ, خِلَافًا لِزُفَرَ; لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمِيقَاتِ إحْرَامٌ وَاحِدٌ, وَبِتَأْخِيرِ واجب واحد يلزم جزاء واحد.
فصل: أجمع العلماء أن الحج لا يفسد بإتيان شيء
فصل: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شيء قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إلَّا الْجِمَاعِ وَسَبْقِ دَوَاعِيهِ1 وَرَفْضِ النُّسُكِ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ وَقَتْلِ الصَّيْدِ, وَالْمُرَادُ غَيْرُ الرِّدَّةِ وَسَبَقَ فِي الأذان2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: كل هدي أو إطعام متعلق بالإحرام أو الحرم
فصل: كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِحْرَامِ أَوْ الْحَرَمِ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ إنْ قَدَرَ يُوصِلُهُ إلَيْهِمْ. وَيَجِبُ نَحْرُهُ بِالْحَرَمِ "و" وَيُجْزِئُهُ جَمِيعُهُ "وهـ ش" قَالَ أَحْمَدُ: مَكَّةُ وَمِنًى وَاحِدٌ, ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: نُزِّهَتْ مَكَّةُ عَنْ الدِّمَاءِ3. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْحَرُ فِي الْحَجِّ إلَّا بِمِنًى, وَلَا فِي الْعُمْرَةِ إلَّا بِمَكَّةَ, وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ. وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ" , رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد4 مِنْ رِوَايَةِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ, وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُخْتَلَفٌ فِيهِ, وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ, رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ, لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ1 عَنْهُ مَرْفُوعًا "وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ" وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ; لِأَنَّهُ كُلَّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا, وَالْفَجُّ: الطَّرِيقُ وَلِأَنَّهُ نَحْرَهُ بِالْحَرَمِ كَمَكَّةَ وَمِنًى. وَقَوْلُهُ: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] لَا يَمْنَعُ الذَّبْحَ فِي غَيْرِهَا, كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ بِمِنًى وَتَخْصِيصُهَا2 "3بِمَنَاسِكَ لَا3" يَلْزَمُ فِي الذَّبْحِ, لِشَرَفِ مَكَّةَ, وَهُوَ تَنْجِيسٌ قِيلَ لِلْقَاضِي: فَلِمَ اسْتَحْبَبْتُمْ النَّحْرَ بِهَا؟ فَقَالَ: لِيَكُونَ اللَّحْمُ طَرِيًّا لِأَهْلِهَا, وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ: يُسَنُّ أَنْ يَنْحَرَ الْحَاجُّ بِمِنًى وَالْمُعْتَمِرُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ, وَسَبَقَ قَوْلُ أَحْمَدَ: هُمَا سَوَاءٌ, وَلَعَلَّ مُرَادَهُ: فِي الْإِجْزَاءِ. وَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْفُقَرَاءِ سَلِيمًا فَنَحَرُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا اسْتَرَدَّهُ وَنَحَرَهُ, فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ ضَمِنَهُ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَيَجِبُ تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ بِالْحَرَمِ أَوْ إطْلَاقُهُ لِمَسَاكِينِهِ "وش" لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ كَالذَّبْحِ, وَالتَّوَسُّعَةُ عَلَيْهِمْ مَقْصُودَةٌ, وَالطَّعَامُ كَالْهَدْيِ "وش" وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ يَجُوزَانِ فِي الْحِلِّ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ: الْهَدْيُ بِمَكَّةَ, وَالطَّعَامُ حَيْثُ شَاءَ. لَنَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْهَدْيُ والإطعام بمكة4, ولأنه نسك ينفعهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَالْهَدْيِ, وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ: إنَّ اللَّهَ نَكَّرَ الْمَسَاكِينَ وَلَمْ يَخُصَّ الْحَرَمَ, فَقَالُوا: إنَّهُ عُطِفَ عَلَى الْهَدْيِ فَصَارَ تَنْكِيرًا بَعْدَ تَعْرِيفٍ, كَقَوْلِنَا: صَدَقَةٌ نَبْلُغُ بِهَا بَلَدَ كَذَا لِكَذَا كَذَا مِسْكَيْنَا, رَجَعَ إلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْبَلَدِ. وَمَسَاكِينُهُ مَنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ مُقِيمًا بِهِ أَوْ مُجْتَازًا مِنْ الْحَاجِّ وَغَيْرِهِمْ, فَإِنْ بَانَ بَعْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ غَنِيًّا فَكَالزَّكَاةِ, وَمَا جَازَ تَفْرِيقُهُ لَمْ يَجُزْ دَفْعُهُ إلَى فُقَرَاءِ الذِّمَّةِ "هـ" كَالْحَرْبِيِّ "و". وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ وَيُعَشِّيَهُمْ إنْ جَازَ فِي كَفَّارَةِ اليمين؟ يتوجه احتمالان "م 37" الإجزاء قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ, وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: لَا, "لِأَنَّ" الصَّدَقَةَ تَنْبَنِي عَنْ التَّمْلِيكِ. وَإِنْ مُنِعَ مِنْ إيصَالِهِ إلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ فَفِي جَوَازِ ذَبْحِهِ فِي غَيْرِهِ وَتَفْرِيقِهِ رِوَايَتَانِ وَالْجَوَازُ أَظْهَرُ, لِقَوْلِهِ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] "م 38". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 37" قَوْلُهُ فِي الْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ: وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَ الْمَسَاكِينَ وَيُعَشِّيَهُمْ إنْ جَازَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؟ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ. انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَجُوزُ "قُلْتُ": وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِهَا, قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَرُبَّمَا كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ مِنْ الْهَدْيِ, وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِي كفارة اليمين, لظاهر القرآن. "مَسْأَلَةٌ 38" قَوْلُهُ: وَإِنْ مُنِعَ مِنْ إيصَالِهِ إلَى فُقَرَاءِ1 الْحَرَمِ فَفِي جَوَازِ ذَبْحِهِ فِي غَيْرِهِ وَتَفْرِيقِهِ رِوَايَتَانِ, وَالْجَوَازُ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: هُوَ أظهر, وجزم به في
وَمَا وَجَبَ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ فَحَيْثُ فَعَلَهُ "هـ ش" لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ بِالْفِدْيَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ1, وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ. وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا بِالسُّقْيَا2 رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا3, وَعَنْهُ: فِي الْحَرَمِ, وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ فِي غَيْرِ الْحَلْقِ, قَالَهُ فِي الْفُصُولِ وَالتَّبْصِرَةِ; لِأَنَّهُ الْأَصْلُ, خُولِفَ فِيهِ لِمَا سَبَقَ, وَاعْتَبَرَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ الْعُذْرَ فِي الْمَحْظُورِ, وَإِلَّا فَغَيْرُ الْمَعْذُورِ فِي الْحَرَمِ كَسَائِرِ الْهَدْيِ, وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ: حَيْثُ قَتَلَهُ, وَقِيلَ: لِعُذْرٍ, وَالْمَذْهَبُ: فِي الْحَرَمِ, لِلْآيَةِ4. وَوَقْتُ ذَبْحِهِ حِينَ فَعَلَهُ وَلَهُ الذَّبْحُ قَبْلَهُ لِعُذْرٍ, كَكَفَّارَةِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ. وَمَنْ أَمْسَكَ صَيْدًا أَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ جَزَاءَهُ ثُمَّ تَلِفَ, أَوْ قَدَّمَ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْحَلْقُ فِدْيَتَهُ, أَجْزَأَ, نص على ذلك "ذكره القاضي وغيره". وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ أَخْرَجَ فِدَاءَ صَيْدٍ بِيَدِهِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَتَلِفَ أَجْزَأَ عَنْهُ, وَهُوَ بَعِيدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ, وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ
كَذَا قَالَ وَيُجْزِئُ صَوْمٌ "و" وَالْحَلْقُ "و" وَهَدْيُ تَطَوُّعٍ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "و" وَمَا سُمِّيَ نُسُكًا بِكُلِّ مَكَان "و" كَأُضْحِيَّةٍ لِعَدَمِ تَعَدِّي نَفْعِهِ, وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ, وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ. وَالدَّمُ كَأُضْحِيَّةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, قِيَاسًا عَلَيْهَا, فَلَا يُجَزِّئُ مَا لَا يُضَحَّى بِهِ, وَيُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ "و" أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي التَّمَتُّعِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ1, وَفَسَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّسُكَ فِي خَبَرِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ2 بِذَبْحِ شَاةٍ, وَالْبَاقِي قِيَاسٌ عَلَيْهِمَا. وَإِنْ ذَبَحَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً فَهُوَ أَفْضَلُ, وَهَلْ تَلْزَمُهُ كُلُّهَا؟ كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ, أَمْ سُبُعُهَا وَالْبَاقِي لَهُ أَكْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ, لِجَوَازِ تَرْكِهِ3 مُطْلَقًا كَذَبْحِ سَبْعِ شِيَاهٍ؟ فيه وجهان "م 39". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ": قَوْلُهُ: "4وَيُجْزِئُ صَوْمٌ وِفَاقًا وَحَلْقٌ وِفَاقًا, وَهَدْيُ تَطَوُّعٍ, ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وِفَاقًا, وَمَا سُمِّيَ نُسُكًا بِكُلِّ مَكَان وِفَاقًا, كَأُضْحِيَّةٍ, انْتَهَى4". "4الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ نَظَرًا, فَإِنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ, وَكَذَا مَا كَانَ نُسُكًا, فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ, ويدل عليه قوله بعد ذلك "لِعَدَمِ تَعَدِّي5 نَفْعِهِ" وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُنَافِي هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَمَا يُسَمَّى نُسُكًا, فَإِنَّ فِيهِمَا نَفْعًا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ4". "مَسْأَلَةٌ 39" قَوْلُهُ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ: وإن ذبح بدنة أو بقرة.
وَكُلُّ مَنْ لَزِمَتْهُ بَدَنَةٌ أَجْزَأَتْهُ بَقَرَةٌ, كَعَكْسِهَا, لقول جابر كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ, فَقِيلَ لَهُ: وَالْبَقَرَةُ؟ فَقَالَ: وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ؟ رَوَاهُ مُسْلِمٌ1. وَإِنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ, وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ, وَنَصَرُوا: تُجْزِئُهُ بَقَرَةٌ وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا تُجْزِئُهُ بقرة "وهـ" لِمَا سَبَقَ, وَالثَّانِيَةُ: تُجْزِئُهُ مَعَ عَدَمِ الْبَدَنَةِ "وش"; لِأَنَّهَا بَدَلٌ وَتُجْزِئُهُ أَيْضًا فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ, وَقِيلَ: لَا; لِأَنَّهَا لَا تُشْبِهُ النَّعَامَةَ, وَذَكَرَ الْقَاضِي رِوَايَةً فِي غَيْرِ النَّذْرِ: لَا تُجْزِئُهُ عَنْهَا إلَّا لِعَدَمِهَا. وَمَنْ لَزِمَهُ بَدَنَةٌ أَجُزْأَهُ سَبْعُ شِيَاهٍ; لِأَنَّ الشَّاةَ مَعْدُولَةٌ بِسُبْعِ بَدَنَةٍ, وهي دَمٌ كَامِلٌ, وَأَطْيَبُ لَحْمًا, فَهِيَ أَعْلَى, وَعَنْهُ: عِنْدَ عَدَمِهَا; لِأَنَّهَا بَدَلٌ, وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ2 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: عن ابن عباس ـــــــــــــــــــــــــــــQ3فَهُوَ أَفْضَلُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ كُلُّهَا كَمَا لَوْ اختار الأعلى من خصال الكفارة لم سُبُعُهَا وَالْبَاقِي لَهُ أَكْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ3 لِجَوَازِ تَرْكِهِ مُطْلَقًا, كَذَبْحِ سَبْعِ شِيَاهٍ, فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَقَالَ: قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا زِيَادَةُ الثَّوَابِ, فَإِنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ التَّطَوُّعِ. "أَحَدُهُمَا": تَلْزَمُهُ كُلُّهَا, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ, ذَكَرَهُ فِي الْمَنْذُورَةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وصححه في تصحيح المحرر.
قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: إنْ عَلَيَّ بَدَنَةٌ وَأَنَا مُوسِرٌ لَهَا وَلَا أَجِدُهَا, فَأَشْتَرِيهَا؟ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْتَاعَ سَبْعَ شِيَاهٍ فَيَذْبَحَهُنَّ عَطَاءٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ أَحْمَدُ: إذَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ فُلَانٌ, وَأُخْبِرْتُ, جَاءَ بِمَنَاكِيرَ, وَإِذْ قَالَ: أَنْبَأَنَا وَسَمِعْتُ, فَحَسْبُك بِهِ. وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ إلَّا عَشْرُ شِيَاهٍ, رَوَاهُ حَنْبَلٌ, لِقَوْلِ رَافِعٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْعَلُ فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ عَشْرًا مِنْ الشَّاءِ بِبَعِيرٍ, رَوَاهُ النَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَمَعْنَاهُ لِابْنِ مَاجَهْ1, قَالَ الْخَلَّالُ: الْعَمَلُ عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ, يَعْنِي الْأَوَّلَ. وَمَنْ لَزِمَهُ سَبْعُ شِيَاهٍ أَجْزَأَتْهُ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ, ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي2, لِإِجْزَائِهِمَا عَنْ سَبْعَةٍ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إلَّا فِي جَزَاءِ صَيْدٍ. وَفِي الْمُغْنِي3 أَنَّهُ الظَّاهِرُ; لِأَنَّ الْغَنَمَ أَطْيَبُ, وَالْبَقَرَةُ كَالْبَدَنَةِ فِي إجْزَاءِ سَبْعِ شِيَاهٍ عَنْهَا والله "سبحانه وتعالى" أعلم "بالصواب" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَلْزَمُهُ إلَّا سُبْعُهَا, قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ: فَإِنْ ذَبَحَ بَدَنَةً لَمْ4 تَلْزَمْهُ كُلُّهَا, فِي الْأَشْهَرِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَقَالَ: هَذَا أَقِيسُ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَلَهَا نَظَائِرُ, مِنْهَا لَوْ أَخْرَجَ بَعِيرًا عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَقُلْنَا يُجَزِّئُ وَمِنْهَا لَوْ نَذَرَ هَدْيًا فَأَقَلُّ مَا يُجَزِّئُ شَاةٌ أَوْ سُبْعُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ, فَلَوْ ذَبَحَ بَدَنَةً بَدَلَ ذَلِكَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّذْرَ تَنَاوَلَ هَذِهِ, فَهِيَ كَإِحْدَى خِصَالِ الْكَفَّارَةِ, وَلَكِنَّ مَنْ يُعَلِّلُ بِجَوَازِ التَّرْكِ يُدْخِلُ هَذِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ بتحريرها
المجلد السادس
المجلد السادس تابع لكتاب الحج بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مدخل ... بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبَاتِهِمَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ صَيْدِهِ1 عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْمُحِلِّ, قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: وَعَلَى دَالٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانٌ, وَمَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ, قَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَنْ مَكَّةَ كَانَتْ حَرَامًا وَلَمْ تَزَلْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ, لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتَحَ مَكَّةَ: "إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ, فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لِأَحَدٍ قَبْلِي, وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا, وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا مَنْ عَرَّفَهَا" فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إلَّا الْإِذْخِرَ فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ فَقَالَ: "إلَّا الْإِذْخِرَ" وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ نَحْوُهُ, وَفِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ "وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ" وَفِيهِ: "لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا" وَفِيهِ: "وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا, وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ2. الْقَيْنُ: الْحِدَادُ وَلِلْأَثْرَمِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا" 1 وَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ أَيْ أَظْهَرَ تَحْرِيمَهَا وَبَيَّنَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا حُرِّمَتْ بِسُؤَالِ إبْرَاهِيمَ, وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَفِي صَيْدِ الْحَرَمِ الْجَزَاءُ, نَصَّ عَلَيْهِ "و" كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ, لِمَا سَبَقَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا مُخَالِفَ مِنْهُمْ ; وَلِأَنَّهُ مُنِعَ مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ, كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ, وَالْحُرْمَتَانِ تَسَاوَتَا فِي الْمَنْعِ مِنْهُ, وَعَنْ دَاوُد: لَا يَضْمَنُهُ, لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَضْمَنُهُ صَغِيرٌ وَكَافِرٌ, وَلَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِيهِ. وَلَهُ فِي إجْزَاءِ الْهَدْيِ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَلَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ, فَدَخَلَهُ الصَّوْمُ, كَصَيْدِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ عَامَّةٌ, فَضَمِنَهُ الصَّغِيرُ وَالْكَافِرُ كَغَيْرِهِمَا, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلِأَنَّ ضَمَانَهُ كَالْمَالِ, وَهُمَا يَضْمَنَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ: هُوَ آكَدُ مِنْ الْمَالِ ; لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَرَمِ مُؤَبَّدَةٌ فَلَزِمَ الْجَزَاءُ, بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ ; وَلِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ. وَحُكْمُ صَيْدِهِ حُكْمُ صَيْدِ الْإِحْرَامِ مُطْلَقًا, وَنَصَّ عَلَيْهِ, حَتَّى فِي تَمَلُّكِهِ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْرِمَ جَزَاءَانِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يلزمه
وَإِنْ دَلَّ مُحِلٌّ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ ضَمِنَاهُ بِجَزَاءٍ وَاحِدٍ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: الْجَزَاءُ عَلَى الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ, إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجَزَاءُ, كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ, فَعَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءُ, لَنَا أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْجَزَاءِ, فَضَمِنَ بِالدَّلَالَةِ, كَصَيْدِ الْمُحْرِمِ, وَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ, فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ فِيهِ كَصَيْدِ الْحَرَمِ, قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ, وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ طَرْدُهُ صَيْدَ الْمَدِينَةِ ; وَلِأَنَّهَا حُرْمَةٌ تُوجِبُ رَفَعَ يَدِهِ عَنْ الصَّيْدِ كَحُرْمَةِ الْإِحْرَامِ, فَلَا يَلْزَمُ صَيْدُ الْمَدِينَةِ, وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ: لَا جَزَاءَ عَلَى دَالٍّ فِي حِلٍّ بَلْ عَلَى الْمَدْلُولِ وَحْدَهُ, كَحَلَالٍ دَلَّ مُحْرِمًا, وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ, وَالْأَوَّلُ نَصُّ أَحْمَدَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إنْ اشْتَرَكَ حَلَالَانِ فِي قَتْلِ صَيْدِ الْحَرَمِ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ, بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ بَدَلٌ عَنْ الْمَحَلِّ لَا جَزَاءٌ عَلَى الْجِنَايَةِ, وَالْمَحَلُّ مُتَّحِدٌ, كَقَتْلِهِمَا رَجُلًا خَطَأً, الدِّيَةُ وَاحِدَةٌ, وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ وَلَنَا مَا سَبَقَ, وَمَا قَالُوهُ مَمْنُوعٌ. وَإِنْ قَتَلَ الْمُحِلُّ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ بِسَهْمٍ أَوْ كَلْبٍ أَوْ قَتَلَهُ عَلَى غُصْنٍ فِي الْحَرَمِ أَصْلُهُ فِي الْحِلِّ ضَمِنَهُ "و" لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَنْ هُوَ فِي الْحِلِّ أَوْ فِي الْحَرَمِ ; وَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ بِالْحَرَمِ1 كَالْمُلْتَجِئِ, وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهُ ; لِأَنَّ الْقَاتِلَ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ طَائِرًا فِي الْحِلِّ فَتَلِفَ فَرْخُهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَلَا يَضْمَنُ الْأُمَّ, وَعَكْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنْ يَقْتُلَ مِنْ الْحَرَمِ صَيْدًا فِي الْحِلِّ بِسَهْمِهِ أَوْ كَلْبِهِ, أَوْ صَيْدًا عَلَى غُصْنٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ, أَوْ يُمْسِكَ طَائِرًا فِي الْحَرَمِ فَيَتْلَفَ فرخه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْحِلِّ, لَا يَضْمَنُ "و" لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ, وَلَيْسَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَا الْمُحْرِمِ وَعَنْهُ: يَضْمَنُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا, اعْتِبَارًا بِالْقَاتِلِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي الطَّائِرِ عَلَى الْغُصْنِ ; لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ, وَيَتَوَجَّهُ ضَمَانُ الْفَرْخِ ; لِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَإِنْ فَرَّخَ فِي مَكَان يُحْتَاجُ إلَى نَقْلِهِ عَنْهُ فَالْوَجْهَانِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُ قَوَائِمِ الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَبَعْضُهُمَا فِي الْحَرَمِ حُرِّمَ تَغْلِيبًا, وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ: لَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ, وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ, وَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ فَقَطْ فِيهِ فَخَرَّجَهُ الْقَاضِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ مِنْ الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْهُ, نَصَّ عَلَيْهِ "وش" لِأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلْهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ, بَلْ دَخَلَ بِاخْتِيَارِهِ, كَاسْتِرْسَالِهِ بِنَفْسِهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَضْمَنُهُ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ, كَسَهْمِهِ "و" وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو ثَوْرٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخَطَأِ كَالْعَمْدِ, وَعَنْهُ: فِي كَلْبِهِ يَضْمَنُهُ بِقُرْبِ الْحَرَمِ بِتَفْرِيطِهِ وَإِلَّا فَلَا, اختاره ابن أبي موسى1 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وابن عقيل "وم" فَعَلَى هَذَا لَا يَضْمَنُ صَيْدًا غَيْرَهُ "و" وَعَنْهُ: بَلَى, لِتَفْرِيطِهِ, وَإِنْ قَتَلَ السَّهْمُ صَيْدًا غَيْرَ الَّذِي قَصَدَهُ فَكَالْكَلْبِ, وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ الرَّامِي. وَيَحْرُمُ الصَّيْدُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ, ضَمِنَهُ أَوْ لَا ; لِأَنَّهُ قَتْلٌ فِي الْحَرَمِ وَلِأَنَّهُ سَبَبُ تَلَفِهِ. أَوْ اسْتَرْسَلَ الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ, وَإِنْ دَخَلَ سَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ الْحَرَمَ ثُمَّ خَرَجَ فَقَتَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ "و" قَالَ الْقَاضِي: كَعَدْوِهِ بِنَفْسِهِ فَيَدْخُلُ الْحَرَمَ ثُمَّ يَقْتُلُهُ فِي الْحِلِّ وَلَوْ جَرَحَ مِنْ الْحِلِّ صَيْدًا فِيهِ فَمَاتَ فِي حَرَمٍ حَلَّ وَلَمْ يَضْمَنْ, كَمَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ فَمَاتَ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُكْرَهُ, لِمَوْتِهِ في الحرم, كذا قال
فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته
فصل: يحرم قلع شجر الحرم ونباته ... فصل: يَحْرُمُ قَلْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ "ع" وَنَبَاتِهِ1 حَتَّى الشَّوْكِ2 وَالْوَرَقِ3 إلَّا الْيَابِسَ ; لِأَنَّهُ كَمَيِّتٍ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ4. وَمَا انْكَسَرَ وَلَمْ يَبِنْ
كَظُفْرٍ مُنْكَسِرٍ. وَلَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِمَا زَالَ بِغَيْرِ فِعْلِ آدَمِيٍّ نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, لِأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْقَطْعِ1, قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَحْرُمُ عُودٌ وَوَرَقٌ زَالَا مِنْ شَجَرَةٍ أَوْ زَالَتْ هِيَ, وَلَا نِزَاعَ فِيهِ, وَلَا يَحْرُمُ الْإِذْخِرُ وَالْكَمْأَةُ وَالثَّمَرَةُ وَمَا أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ مِنْ بَقْلٍ وَرَيَاحِينَ وَزَرْعٍ "ع" نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَلَا يَحْرُمُ مَا أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ مِنْ شَجَرٍ, نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَابْنُ إبْرَاهِيمَ وَأَبُو طَالِبٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الرِّيحَانِ وَالْبُقُولِ فِي الْحَرَمِ فَقَالَ مَا زَرَعْتَهُ أَنْتَ فَلَا بَأْسَ, وَمَا نَبَتَ فَلَا, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَظَاهِرُهُ لَهُ أَخْذُ جَمِيعِ مَا يَزْرَعُهُ, وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بِهَذَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ ; لِأَنَّهُ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ, كَزَرْعٍ وَعَوْسَجٍ2 ; وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكُ الْأَصْلِ كَالْأَنْعَامِ, وَجَزَمَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ بِالْجَزَاءِ فِيهِ "وش" لِلنَّهْيِ عَنْ قَطْعِ شَجَرِهَا, وَكَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ, وَأُجِيبَ: النَّهْيُ عَنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَهُوَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ, وَهَذَا مُضَافٌ إلَى مَالِكِهِ فَلَا يَعُمُّهُ الْخَبَرُ وَهُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ أَنْبَتَهُ آدَمِيٌّ فهو3 كَالزَّرْعِ, وَعَنْ الْقَاضِي: إنْ أَنْبَتَهُ فِي الْحَرَمِ أولا ففيه الجزاء, وإن أنبته في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحِلِّ ثُمَّ غَرَسَهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا وَاخْتَارَ فِي الْمُغْنِي1 أَنَّ مَا أَنْبَتَهُ الْآدَمِيُّ مِنْ جِنْسِ شَجَرِهِمْ لَا يَحْرُمُ, كَجَوْزٍ وَنَخْلٍ, قِيَاسًا عَلَى مَا أَنْبَتُوهُ مِنْ الزَّرْعِ وَحَيَوَانٍ أَهْلِيٍّ, فَإِنَّا إنَّمَا أَخْرَجْنَا مِنْ الصَّيْدِ مَا كَانَ أَصْلُهُ إنْسِيًّا دُونَ مَا تَأَنَّسَ مِنْ الْوَحْشِيِّ, كَذَا هُنَا, كَذَا قَالَ, وَهُوَ لَمْ يُفَرِّقْ فِي الزَّرْعِ, وَلَمْ يَجْعَلُوا الشَّجَرَ كَالصَّيْدِ, فَلَمْ يَقُولُوا فِيمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِشَجَرَةٍ كَالصَّيْدِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يَجُوزُ قَطْعُ الشَّجَرِ إلَّا مَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَكَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ, كَالدَّوْحِ وَنَحْوِهِ لَنَا ظَاهِرُ الْخَبَرِ2 ; وَلِأَنَّهُ شَجَرٌ نَامٍ غَيْرُ مُؤْذٍ, نَبَتَ أَصْلُهُ فِي الْحَرَمِ, لَمْ يُنْبِتْهُ آدَمِيٌّ, كَمَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ مِمَّا لَا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّ, وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَشَوْكٍ وَعَوْسَجٍ يَحْرُمُ قَطْعُهُ عِنْدَ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ, لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ3, وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ القاضي وأصحابه: لا يحرم, "م 1" "وش" لأنه مؤذ بطبعه كالسباع ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَمَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَشَوْكٍ وَعَوْسَجٍ يَحْرُمُ قَطْعُهُ عِنْدَ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ, لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ, وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا يحرم", انتهى. "أحدهما" يحرم قطعه, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَشَجَرُ الْحَرَمِ وَنَبَاتُهُ يَحْرُمُ إلَّا الْيَابِسَ وَالْإِذْخِرَ وَمَا زَرَعَهُ الْإِنْسَانُ أَوْ غَرَسَهُ, فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ "قُلْتُ": ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ "وَلَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ" أَيْ لَا يُقْطَعُ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَا يَحْرُمُ, وعليه الأكثر, قال الزركشي: عليه جمهور الْأَصْحَابِ "قُلْت": وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ والنظم
وَفِي جَوَازِ رَعْي حَشِيشِهِ وَجْهَانِ. وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ, وَجَزَمَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ بِالْمَنْعِ, وَنَصَرَهُ القاضي وابنه وغيرهما "م 2" وأخذه الْقَاضِي مِنْ قَوْلِ أَحْمَدَ لِلْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ وَسَأَلَهُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا" 1 فَقَالَ: "لَا يُحْتَشُّ مِنْ حَشِيشِ الْحَرَمِ وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ: فقيل له: يأخذ الْمِقْرَعَةُ2 مِنْ الشَّجَرَةِ؟ فَقَالَ: مَا كَانَ يَابِسًا ; فلهذا قال ابن البنا: أومئ إليه "وهـ م" لِأَنَّ مَا حَرُمَ إتْلَافُهُ بِنَفْسِهِ حَرُمَ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْهِ مَا يُتْلِفُهُ, كَالصَّيْدِ, وَعَكْسُهُ الإذخر, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ رَعْيِ حَشِيشِهِ وَجْهَانِ, وَذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَجَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ, وَجَزَمَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ بِالْمَنْعِ, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمَا, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": عَدَمُ الْجَوَازِ, جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ, وَنَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَابْنُهُ وَغَيْرُهُمَا, كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَالْآدَمِيُّ في منتخبه وغيرهم, وصححه في
والثانية يجوز "وش" وَأَبُو يُوسُفَ ; لِأَنَّ الْهَدَايَا كَانَتْ تَدْخُلُ الْحَرَمَ فَتَكْثُرُ فِيهِ فَلَمْ يُنْقَلْ شَدُّ أَفْوَاهِهَا, وَلِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَالْإِذْخِرِ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ, وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَشَّ الْمُحْرِمُ, وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَرَمِ وَالْحِلِّ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْخِلَافَ إنْ أَدْخَلَ بَهَائِمَهُ لِرَعْيِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا لِحَاجَةٍ لَمْ يَضْمَنْهُ, كَمَا لَوْ أَدْخَلَ كَلْبَهُ فَأَخَذَ صَيْدًا لَمْ يَضْمَنْهُ, وَلَوْ أَرْسَلَهُ عَلَيْهِ وَأَغْرَاهُ ضَمِنَهُ, كَذَا الْحَشِيشُ, قَالَ: وَلِأَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِقَطْعِهِ, كَذَا بِرَعْيِهِ, وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ احْتَشَّهُ لَهَا فَكَرَعْيِهِ. وَيَضْمَنُ شَجَرَ الحرم وحشيشه, نقله الجماعة "وهـ ش" خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُد وَابْنِ الْمُنْذِرِ, لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ, كَالصَّيْدِ ; وَلِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِقَطْعِ شَجَرٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّوَافِ وَفَدَى1 قَالَ الرَّاوِي وَذَكَرَ الْبَقَرَ رَوَاهُ حَنْبَلٌ فِي الْمَنَاسِكِ: وَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَدَنَةٍ, فِي رِوَايَةٍ, وَعَنْهُ: بِبَقَرَةٍ, كَالْمُتَوَسِّطَةِ, وَالْغُصْنَ بِمَا نَقَصَ كَأَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ, وَالنَّبَاتَ والورق بقيمته, نص على ذلك "وش" وَقِيلَ: فِي الْغُصْنِ قِيمَتُهُ, وَقِيلَ: نَقْصُ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ. وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ فِي الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ, وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ2, وكالصيد ـــــــــــــــــــــــــــــQتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْجَوَازُ, اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَصَحَّحَهُ فِي التصحيح "قلت": وهو الصواب
يُضْمَنُ بِمُقَدَّرٍ, وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ, وَعَنْ أَحْمَدَ: يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِقِيمَتِهِ "م 3" "*" "وهـ". وَعَنْهُ أَيْضًا: فِي الْغُصْنِ الْكَبِيرِ شَاةٌ, وَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَوَّمَهُ ثُمَّ صَامَ, نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ, قَالَ فِي الْفُصُولِ: مَنْ لَمْ يَجِدْ قَوَّمَ الْجَزَاءَ طَعَامًا كَالصَّيْدِ, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا مَدْخَلَ لِلصَّوْمِ فِيهِ, كَالصَّيْدِ عِنْدَهُ, وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ بِاسْتِخْلَافِهِ, فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ, كَنَبَاتِ شَعْرِ آدمي قطعه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَيَضْمَنُ الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ بِبَدَنَةٍ, فِي رِوَايَةٍ, وَعَنْهُ: بِبَقَرَةٍ وَجَزَمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ فِي الْكَبِيرَةِ بَقَرَةٌ, وَالصَّغِيرَةِ شَاةٌ, وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ... " وَعَنْهُ: "يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِقِيمَتِهِ", انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا": تُضْمَنُ بِبَقَرَةٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ أَيْضًا. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" تُضْمَنُ بِبَدَنَةٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْإِفَادَاتِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. "*" تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: "وَعَنْهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِقِيمَتِهِ" أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْخِلَافِ الَّذِي أَطْلَقَهُ, وَهِيَ لَا تُقَاوِمُ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا4, فَفِي إدْخَالِهَا5 في الخلاف
وَالثَّانِي لَا ; لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ, كَحَلْقِ الْمُحْرِمِ شَعْرًا فَعَادَ, وَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَقْطُوعِ نَصَّ عَلَيْهِ, كَالصَّيْدِ, وَقِيلَ: يَنْتَفِعُ بِهِ غَيْرُ قَاطِعِهِ ; لأنه لا فعل له فيه, كَقَلْعِ الرِّيحِ لَهُ, وَذَكَاةُ الصَّيْدِ يُعْتَبَرُ لَهَا الْأَهْلِيَّةُ, بِخِلَافِ هَذَا, وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ: يَمْلِكُهُ بِصَدَقَتِهِ بِقِيمَتِهِ, كَحُقُوقِ الْعِبَادِ, وَلَهُ بَيْعُهُ, وَيُكْرَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ وَوَافَقُوا عَلَى الصَّيْدِ. وَمَنْ غَرَسَ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ فِي الْحِلِّ رَدَّهُ لِإِزَالَتِهِ حُرْمَتَهُ, فَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ يَبِسَ ضَمِنَهُ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ, وَلَوْ قَلَعَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْحِلِّ فَقَدْ أَتْلَفَهُ, فَيَضْمَنُهُ وَحْدَهُ, لِبَقَاءِ حُرْمَتِهِ, بِخِلَافِ مَنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَخَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ ضَمِنَهُ الْمُنَفِّرُ لَا1 قَاتِلُهُ, لِتَفْوِيتِهِ حُرْمَتَهُ بِإِخْرَاجِهِ, وَيَحْتَمِلُ فِيمَنْ قَلَعَهُ كَدَالٍّ مَعَ قَاتِلٍ, وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ إلَى الْحَرَمِ لَمْ يَضْمَنْهُ, وَأَنَّهُ2 يَلْزَمُهُ رَدُّهُ, وَإِلَّا ضَمِنَهُ, فإن فداه ثم ولد لم يضمن ولده, وَإِنْ وَلَدَ قَبْلَهُ فَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يَضْمَنُهُ, ويحتمل: أن يضمنه "وهـ" لِبَقَاءِ أَمْنِ الصَّيْدِ, وَلِهَذَا يَلْزَمُ رَدُّهُ فَيَسْرِي إلى الولد "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُطْلَقِ نَظَرٌ, لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا مع غيرها, والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: فَإِنْ فِدَاهُ ثُمَّ وَلَدَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَدَهُ, وَإِنْ وَلَدَ قَبْلَهُ فَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يَضْمَنُهُ, وَيَحْتَمِلُ: أَنْ يَضْمَنَهُ, لِبَقَاءِ أَمْنِ الصَّيْدِ, وَلِهَذَا يَلْزَمُ رَدُّهُ فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَضْمَنُهُ "قُلْتُ": وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالِاحْتِمَالُ الثاني" لا يضمنه.
ومن قطع غصنا أصله أو بعضه في الحرم ضمنه "وش" لِأَنَّهُ لِأَصْلِهِ, وَفِي عَكْسِهِ وَجْهَانِ. لِأَنَّهُ تَابِعٌ لأصله, أو لأنه في الحرم "م 5".
فصل: قال ألإ مام أحمد رحمه الله لايخرج من تراب الحرم ولايدخل من الحل
فصل: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُخْرِجُ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَلَا يُدْخِلُ مِنْ الْحِلِّ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ, وَلَا يُخْرِجُ مِنْ حِجَارَةِ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ1 وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ, وَاقْتَصَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى كَرَاهَةِ إخْرَاجِهِ, وَجَزَمَ فِي مَكَان آخَرَ بِكَرَاهَتِهِمَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ إلَى الْحِلِّ, وَفِي إدْخَالِهِ إلَى الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَجُوزُ فِي تُرَابِ الْحِلِّ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ أَحْمَدُ: وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ, لِكَرَاهَةِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَفِيهَا2 أَيْضًا فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ يُكْرَهُ, كَتُرَابِ الْحَرَمِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَمَنْ قَطَعَ غُصْنًا أَصْلَهُ أَوْ بَعْضَهُ فِي الْحَرَمِ ضَمِنَهُ, لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ. وَفِي عَكْسِهِ وَجْهَانِ, لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَصْلِهِ ; أَوْ لأنه في الحرم, انتهى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَضْمَنُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَضْمَنُهُ, اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
قَالَ: وَنَحْنُ لِأَخْذِ تُرَابِ الْقُبُورِ لِلتَّبَرُّكِ أَوْ النَّبْشِ أَكْرَهُ ; لِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ فِي السُّنَّةِ, وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا فَعَلَهُ, كَذَا قَالَ, وَالْأَوْلَى أَنَّ تُرَابَ الْمَسْجِدِ أَكْرَهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يَحْرُمُ وَهُوَ أَظْهَرُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ للتبرك وَغَيْرِهِ, وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ: يَحْرُمُ, وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ; لِأَنَّهُ قَدْ كَرِهَ النَّاسُ إخْرَاجَ تُرَابِ الْمَسْجِدِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ, فَكَذَا هُنَا, كَذَا قَالَ: وَأَحْمَدُ لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَى مَا قَالَ بَلْ عَلَى مَا سَبَقَ, وَلَعَلَّهُ بِدْعَةٌ عِنْدَهُ. وَأَمَّا تُرَابُ الْمَسْجِدِ فَانْتِفَاعٌ بِالْمَوْقِفِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ, وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ: فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَشْفِيَ بِطِيبِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا وَيَلْزَقُ عَلَيْهَا طِيبًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ, وَذَكَرَهُ عنه جماعة في طيب1 الْحَرَمِ, مِنْهُمْ الْمُسْتَوْعِبُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ أَلْصَقَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِلتَّبَرُّكِ جَازَ إخْرَاجُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ, كَذَا قَالَ, وَسَبَقَ حُكْمُ التَّيَمُّمِ بِتُرَابِ الْمَسْجِدِ2 وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ لَهُ, ثُمَّ لَوْ جَازَ لَمْ يَلْزَمْ مِثْلُهُ هُنَا ; لِأَنَّهُ يَسِيرٌ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ, وَقَدْ سَبَقَ. وَلَا يُكْرَهُ وَضْعُ حَصًى فِي الْمَسْجِدِ, كَمَا فِي مَسْجِدِهِ فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَعْدَهُ, قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ, وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِشْفَاءِ بِمَا يُوضَعُ عَلَى جِدَارِ الْكَعْبَةِ مِنْ شَمْعٍ وَنَحْوِهِ, قِيَاسًا عَلَى مَاءِ زَمْزَمَ, وَلِتَبَرُّكِ الصَّحَابَةِ بِفَضَلَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, كَذَا قَالَ. وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا يَرَى فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِشْفَاءِ بِالطِّيبِ وَنَحْوِهِ نَظَرًا, وَأَنَّهُ لَيْسَ كماء زمزم ولا كفضلاته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُ مَاءِ زَمْزَمَ قَالَ أَحْمَدُ: أَخْرَجَهُ كَعْبٌ1, لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ الشَّيْخُ: وَلِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ كَالثَّمَرَةِ, وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْمِلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ2 وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ, وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ خَلَّادِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ3. فَذَكَرَ حَدِيثَهُ هَذَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فِي الْقَوَارِيرِ وَقَالَتْ: حَمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَدَاوَى وَالْقِرَبِ فَكَانَ يَصُبُّ عَلَى الْمَرْضَى وَيَسْقِيهِمْ ثُمَّ قَالَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ, وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ في الثقات: ربما أخطأ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: حد الحرم
فصل: حَدُّ الْحَرَمِ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ بُيُوتِ السُّقْيَا, وَمِنْ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ أَضَاءَةِ لِبْنٍ4 وَمِنْ الْعِرَاقِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عَلَى ثَنِيَّةِ زُحَلٍ وَهُوَ جَبَلٌ بِالْمُنْقَطَعِ. وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ فِي شِعْبٍ يُنْسَبُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ, وَمِنْ جُدَّةَ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ مُنْقَطَعِ الْأَعْشَاشِ. وَمِنْ الطَّائِفِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ عِنْدَ طَرَفِ عَرَفَةَ, وَمِنْ بطن عرنة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحَدَ عَشَرَ مِيلًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقِيلَ عِنْدَ إضَاءَةِ لِبْنٍ, وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ, وَالْأَوَّلُ ذكره في الهداية
فصل: تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمية بلده بالمدينة
فصل: تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْمِيَةُ بَلَدِهِ بِالْمَدِينَةِ قَالَ قَوْمٌ: سُمِّيَتْ مَدِينَةً ; لِأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنْ الدِّينِ, وَالدِّينُ الطَّاعَةُ, وَيُقَامُ بِهَا طَاعَةٌ وَإِلَيْهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: لِأَنَّهَا دِينَ أَهْلُهَا أَيْ مُلِكُوا. يُقَالُ: دَانَ فُلَانٌ بَنِي فُلَانٍ أَيْ مَلَكَهُمْ, وَفُلَانٌ فِي دِينِ فُلَانٍ: فِي طَاعَتِهِ, وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هَذِهِ طَابَةُ". وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ" وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَرْفُوعًا "إنَّهَا طَيْبَةُ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ" رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ2. سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهَا طَهُرَتْ مِنْ الشِّرْكِ. وَرَوَى أَحْمَدُ3 خَبَرَ جَابِرٍ وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَالْمَدِينَةُ. وَذَكَرَهُ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "أُمِرْت بَقَرِيَّةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى, يَقُولُونَ: يَثْرِبُ, وَهِيَ الْمَدِينَةُ, تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4, فَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُسَمَّى بِيَثْرِبَ. وَهَلْ يُكْرَهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ "م 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَسْمِيَةِ الْمَدِينَةِ: فَالْأَوْلَى أَنْ لَا تُسَمَّى يَثْرِبَ, وَهَلْ يُكْرَهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ بِالْمَنْعِ. لِحَدِيثٍ ذَكَرَهُ رَوَاهُ الإمام أحمد
لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ1 عَنْ الْبَرَاءِ مَرْفُوعًا "مَنْ سمى المدينة بِيَثْرِبَ فَلِيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ, هِيَ طَابَةُ, هِيَ طَابَةُ" فِيهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ, ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ سَبَقَ أَوَّلَ الْمَوَاقِيتِ2. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: كُرِهَ ذِكْرُ الثَّرْبِ ; لِأَنَّهُ فَسَادٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَثْرِبُ اسْمُ أَرْضٍ, وَمَدِينَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا, قَالَ الْفَرَّاءُ: نَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وَأَثْرِبِيٌّ, مَنْسُوبٌ إلَى يَثْرِبَ, وَإِنَّمَا فَتَحُوا الرَّاءَ اسْتِيحَاشًا لِتَوَالِي الْكَسَرَاتِ وَيَحْرُمُ صَيْدُ الْمَدِينَةٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَشَجَرُهَا وَحَشِيشُهَا, لِخَبَرِ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إلَى كَذَا" وَفِي لَفْظٍ آخَرَ "حَرَمٌ مِنْ عِيرٍ إلَى كَذَا" رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ3. وَلِمُسْلِمٍ4. "حَرَمٌ مَا بَيْنَ عِيرٍ إلَى ثَوْرٍ" وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا, لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ5, وَلَفْظُهُ "لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا, فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" ولهما6 عنه مرفوعا ـــــــــــــــــــــــــــــQ.قَالَ الْحَافِظُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: فَهِمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهِيَةَ تَسْمِيَةِ الْمَدِينَةِ يَثْرِبَ, وَقَالُوا: مَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ إنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ قَوْلِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ, انْتَهَى. "قُلْتُ": الصَّوَابُ الْكَرَاهَةُ. للحديث الذي ذكره المصنف.
"اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ" وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَوْ رَأَيْت الظِّبَاءَ بِالْمَدِينَةِ تَرْتَعُ مَا ذَعَرْتهَا وَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا حَرَامٌ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ1 وَزَادَ "وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى" وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا, وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَوْت فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا بِمِثْلَيْ مَا دَعَا إبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2, وَعَنْ سَعْدٍ مَرْفُوعًا "إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهَهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ3 وَرَوَاهُ4 عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا, وَعَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: "تَحْرِيمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا" , وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "تَحْرِيمُ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا, أَلَّا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ, وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ, وَلَا يُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ إلَّا لِعَلَفٍ". وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا "إنِّي حَرَّمْت مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ يَجِدُ أَحَدَنَا فِي يَدِهِ الطَّيْرَ فَيَفُكُّهُ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ يُرْسِلُهُ" , وَلَهُ5 أَيْضًا عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ مَرْفُوعًا: "إنَّهَا حَرَمٌ آمِنٌ". وَعَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا "لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ لقطتها إلا لمن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَشَادَ بِهَا, وَلَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا السِّلَاحَ لِقِتَالٍ, وَلَا يُصْلَحُ أَنْ تُقْطَعَ فِيهَا شَجَرَةٌ إلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1. وَعَنْ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَمَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ لَا يُخْبَطُ شَجَرُهُ وَلَا يُعْضَدُ, إلَّا مَا يُسَاقُ بِهِ الْجَمَلُ. فِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ كِنَانَةَ, رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ كَلَامًا, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 وَفِي تَحْرِيمِهَا أَخْبَارٌ سِوَى ذَلِكَ ثُمَّ3 قَالُوا: لَمْ4 يُبَيِّنْهُ بَيَانًا عَامًّا, رُدَّ لَا يُعْتَبَرُ. ثُمَّ بُيِّنَ وَنُقِلَ عَامًّا أَوْ نُقِلَ خَاصًّا, كَحَجَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, وَرَجْمِهِ لِمَاعِزٍ5, وَصِفَةِ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. قَالُوا {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] قُلْنَا: مِمَّا حَرَّمَهُ الْإِحْرَامُ. ثُمَّ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمَدِينَةِ, كَغَيْرِ مَكَّةَ, قَالَ الْقَاضِي: تَحْرِيمُ صَيْدِ الْمَدِينَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ, وَإِنْ قُلْنَا: يَصِحُّ, فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ فِي زَوَالِ ملك الصيد, نص عليه, ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَكَرَ فِي الصِّحَّةِ احْتِمَالَيْنِ "م 7". وَيَجُوزُ الْأَخْذُ مِنْ شَجَرِهَا وَحَشِيشِهَا لِحَاجَةِ الْمُسَانَدِ وَالْحَرْثِ وَالرَّحْلِ وَالْعَلَفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ, لِمَا سَبَقَ ; وَلِأَنَّ ذَلِكَ بِقُرْبِهَا, فَالْمَنْعُ مِنْهُ ضَرَرٌ, بِخِلَافِ مَكَّةَ. وَمَنْ أَدْخَلَهَا صَيْدًا فَلَهُ إمْسَاكُهُ وَذَبْحُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا, وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ كَانَ فَطِيمًا وَكَانَ إذَا جَاءَ قَالَ "يَا أَبَا عُمَيْرٍ, مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ" نُغَيْرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: حُكْمُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَلَا جَزَاءَ فِيمَا حُرِّمَ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ حَكَمُوا فِيهِ بِجَزَاءٍ, وَاخْتَارَهُ غير واحد "وهـ م ش" وأكثر العلماء ; لأنه يجوز ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي: تَحْرِيمُ صَيْدِ الْمَدِينَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ, وَإِنْ قُلْنَا تَصِحُّ فَلِعَدَمِ تَأْثِيرِ هَذِهِ الْحُرْمَةِ فِي زَوَالِ مِلْكِ الصَّيْدِ, نَصَّ عَلَيْهِ, ثُمَّ ذَكَرَ فِي الصِّحَّةِ احْتِمَالَيْنِ, انْتَهَى. "قُلْتُ": الصَّوَابُ صِحَّةُ التَّذْكِيَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ الْمَنْعُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمَا: حُكْمُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ حُكْمُ حَرَمِ مَكَّةَ فِيمَا سَبَقَ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَدْخَلَ صَيْدًا أَوْ أَخَذَ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ إليه من الشجر والحشيش.
دُخُولُهُ بِلَا إحْرَامٍ, أَوَ لَا يَصْلُحُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ أَوْ لَذَبَحَ الْهَدَايَا كَسَائِرِ الْمَوَاضِعِ, وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُرْمَةِ الضَّمَانُ, وَلَا مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُهُ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ: فِيهِ الْجَزَاءُ, سَلَبُهُ لِمَنْ وَجَدَهُ, وَهُوَ الْمَنْصُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ لِمَا سَبَقَ مِنْ تَحْرِيمِهَا كَمَكَّةَ وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ فَوَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ, فَسَلَبَهُ, فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ, فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ1, وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ, فَجَاءَ مَوَالِيهِ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ وَقَالَ مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا, وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ ثَمَنَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد2 وَقَالَ "مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ" قَالَ الْبُخَارِيُّ: سُلَيْمَانُ أَدْرَكَ الْمُهَاجِرِينَ, سَمِعَهُ يَعْلَى بْنُ حَكِيمٍ, وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَتَفَرَّدَ عَنْهُ يَعْلَى. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَيْسَ بِمَشْهُورٍ فَيُعْتَبَرُ بِحَدِيثِهِ ; وَلِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِحُرْمَةِ ذَلِكَ كَحَرَمِ مَكَّةَ وَالْإِحْرَامِ, وَسَلَبُهُ: ثِيَابُهُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالسَّرَاوِيلُ, قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وزينة, كمنطقة وسوار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَخَاتَمٍ وَجُبَّةٍ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْهُ آلَةَ الِاصْطِيَادِ ; لِأَنَّهَا آلَةُ الْفِعْلِ الْمَحْظُورِ, كَمَا قُلْنَا فِي سَلَبِ الْمَقْتُولِ, قَالَ غَيْرُهُ: وَلَيْسَتْ الدَّابَّةُ مِنْهُ, وَأَخَذَهَا قَاتِلُ الْكَافِرِ لِئَلَّا يَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْحَرْبِ, فَإِنْ لَمْ يَسْلُبْهُ أَحَدٌ تَابَ فَقَطْ, وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ قَدِيمٌ: فِيهِ الْجَزَاءُ, وَهَلْ هُوَ مَا قُلْنَا أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ لِمَسَاكِينِ الْمَدِينَةِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ وَفِي صَيْدِ السَّمَكِ فِي الْحَرَمَيْنِ رِوَايَتَانِ, وَقَدْ سَبَقَتَا "م 8". وَحَرَمُهَا مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِمَا سَبَقَ1 وَاللَّابَةُ: الْحَرَّةُ, وَهِيَ أَرْضٌ بِهَا حجارة سود. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَفِي صَيْدِ السَّمَكِ فِي الْحَرَمَيْنِ رِوَايَتَانِ. وَقَدْ سَبَقَتَا, انْتَهَى. "قُلْتُ": إنَّمَا سَبَقَ ذِكْرُ حَرَمِ مَكَّةَ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ وَذَكَرَ الْجَوَازَ فِي صَيْدِ الْبَحْرِ. قَالَ: وَفِي حِلِّهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ3 وَأَمَّا صَيْدُ السَّمَكِ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ إذَا كَانَ مَثَلًا فِي بِرْكَةٍ أَوْ بِئْرٍ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ, أَوْ نَقُولُ: دَخَلَ حَرَمَ الْمَدِينَةِ فِي قَوْلِهِ الْحَرَمُ. وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ, وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ هُنَا: "وَقَدْ سَبَقَتَا" وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ الْحُكْمُ وَاحِدٌ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, فَهَذِهِ ثمان مسائل في هذا الباب.
فصل: ومكة أفضل من المدينة
فصل: وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ, وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْجِوَارِ بِمَكَّةَ فَقَالَ: كَيْفَ لَنَا بِهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ, وَإِنَّك لأحب البقاع إلي" 2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 أورده بهذا اللفظ شيخ الإسلام ابن تيمية في "أحاديث القصاص". 83 من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء.
"وهـ ش" وَعَنْهُ: الْمَدِينَةُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَسُئِلَ عَنْ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ أَحَبُّ إلَيْك أَمْ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ: بِالْمَدِينَةِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ, لِأَنَّهَا مُهَاجَرُ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا أَفْضَلُ ; لِأَنَّهُ قَدَّمَ الْمُقَامَ فِيهَا "وم". لَنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: "وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ, وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ, وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْت مِنْك مَا خَرَجْت" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ, وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ, وَهُوَ كَمَا قَالَ, وَأَرْسَلَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ, وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ كَمَا سَبَقَ وَرَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءٍ وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَاخْتُلِفَ عَنْ يُونُسَ وَرَوَاهُ ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ, وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَأَبُو ضَمْرَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مُرْسَلًا, وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ, ذَكَرَ ذَلِكَ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أَبِي هُرَيْرَةَ, وَحَدِيثُ الزُّهْرِيِّ أَصَحُّ, وَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ2, وَأَمَّا قَوْلُهُ "وَهِيَ أَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَيَّ" فَرَوَاهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ مِنْ حَدِيثِ عَنْبَسَةَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ وَابْنُ سمعان عن الزهري عن عروة عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَائِشَةَ وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ الْحَمْرَاءِ السَّابِقِ, وَلَا أَحْسَبُهُمَا يَصِحَّانِ, وَلِلتِّرْمِذِيِّ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "مَا أَطْيَبَك مِنْ بَلَدٍ وَأَحَبَّك إلَيَّ, وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْك مَا سَكَنْت غَيْرَك" وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ بِمُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ أَكْثَرَ, قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ نَصٌّ ; لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا أَفْضَلُ وَلِمَا سَبَقَ, قَالُوا عَنْ رَافِعٍ مَرْفُوعًا "الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ" 2 رُدَّ: لَا يُعْرَفُ, وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى وَقْتِ كَوْنِ مَكَّةَ دَارَ حَرْبٍ, أَوْ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ فِيهَا وَالشَّرْعُ يُؤْخَذُ مِنْهُ, وَكَذَا لَا يُعْرَفُ "اللَّهُمَّ إنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ الْبِقَاعِ إلَيْك" 3 وَقَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ بَعْدَ مَكَّةَ, وَلِمَالِكٍ4 عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "مَا عَلَى الْأَرْضِ بُقْعَةٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ قَبْرِي بِهَا مِنْهَا, ثَلَاثَ مَرَّاتٍ" وَلَهُ وَلِلْبُخَارِيِّ5, أَنَّ عُمَرَ قَالَ: "اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِك, وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِك". وَالْجَوَابُ لِأَنَّهُمَا هَاجَرَا مِنْ مَكَّةَ فَأَحَبَّا الْمَوْتَ فِي أَفْضَلِ الْبِقَاعِ بَعْدَهَا, وَلِهَذَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ قَالَ: "اللَّهُمَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا تَجْعَلْ مَنَايَانَا بِهَا حَتَّى تُخْرِجَنَا مِنْهَا" 1 وَاحْتَجُّوا بِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ2 تَدُلُّ عَلَى فَضْلِهَا لَا فَضِيلَتِهَا عَلَى مَكَّةَ وَبِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُلِقَ3 مِنْهَا4 وَهُوَ خَيْرُ الْبَشَرِ, وَتُرْبَتُهُ خَيْرُ التُّرَبِ, وَأَجَابَ الْقَاضِي بِأَنَّ فَضْلَ الْخِلْقَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ التُّرْبَةِ ; لِأَنَّ أَحَدَ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ, وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ تُرْبَتَهُ أَفْضَلُ, وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ, وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ التُّرْبَةَ أَفْضَلُ, قَالَ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ, فَأَمَّا, وَهُوَ فِيهَا فَلَا وَاَللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ وَالْجَنَّةُ ; لِأَنَّ بِالْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ. فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ التُّرْبَةَ عَلَى الْخِلَافِ, وَقَالَ شَيْخُنَا: لَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا فَضَّلَ التُّرْبَةَ عَلَى الْكَعْبَةِ غَيْرَ الْقَاضِي عِيَاضٍ, وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ, وَلَا وَافَقَهُ أَحَدٌ. وَفِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ الْخِلَافُ فِي الْمُجَاوَرَةِ فَقَطْ. وَجَزَمُوا بِأَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَقَالَ: الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَانٍ يَكْثُرُ فِيهِ إيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ أَفْضَلُ حَيْثُ كَانَ, وَمَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَغَيْرِهِ أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ, وَأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ, وَذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ: الْمُقَامُ بِالْمَدِينَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ لمن قوي عليه ; لأنها مهاجر المسلمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إلَّا كُنْت لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَهَذَا الْخَبَرُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ1 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ, وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ, وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ, وَمِنْ حَدِيثِ سَعْدٍ وَفِيهِنَّ "أَوْ شَهِيدًا" وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ "وَلَا يَدَعُهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ, وَلَا يُرِيدُ أَحَدٌ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ إلَّا أَذَابَهُ اللَّهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ أَوْ ذَوْبَ الْمِلْحِ فِي الْمَاءِ" 2 وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا "مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالْمَدِينَةِ فَلْيَفْعَلْ, فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ مَاتَ بِهَا" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ, وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ, وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ, فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ, لَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ4. وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِمَكَّةَ, وَكَرِهَهَا أَبُو حَنِيفَةَ, وَفِي كَلَامِ أَصْحَابِهِ الْمَنْعُ. لَنَا مَا سَبَقَ, قَالُوا: يُفْضِي إلَى الْمَلَلِ وَلَا يَأْمَنُ الْمَحْظُورَ فَيَتَضَاعَفُ الْعَذَابُ عَلَيْهِ ; وَلِأَنَّهُ يَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ. وَأَبْطَلَ الْقَاضِي الْمَلَلَ بِمَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَالنَّظَرَ إلَى قَبْرِهِ وَوَجْهِهِ فِي حَيَاتِهِ وَوُجُوهِ الصَّالِحِينَ فَإِنَّهُ يستحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَدَّى إلَى الْمَلَلِ, وَيُقَابِلُ مُضَاعَفَةَ الْعَذَابِ مُضَاعَفَةُ الثَّوَابِ, عَلَى أَنَا نَمْنَعُ مَنْ عَلِمَ وُقُوعَ الْمَحْظُورِ, وَلَا يُفْضِي إلَى الضِّيقِ, كَذَا قَالَ, وَفِي بَعْضِهِ نَظَرٌ, وَلِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا الْمُجَاوَرَةُ بِهَا, وَذَكَرَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ أَبِي طَالِبٍ: كَيْفَ لَنَا بِالْجِوَارِ بِمَكَّةَ؟ وَابْنُ عُمَرَ كَانَ يُقِيمُ بِهَا. وَمَنْ كَانَ بِالْيَمَنِ وَجَمِيعِ الْبِلَادِ لَيْسَ1 هُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ يَخْرُجُ وَيُهَاجِرُ, أَيْ لَا بَأْسَ بِهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنَّمَا كَرِهَ عُمَرُ الْجِوَارَ بِمَكَّةَ لِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حَكَاهُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ, وَيَحْتَمِلُ الْقَوْلَ بِهِ, فَيَكُونُ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ فَاضِلٍ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَشَيْخُنَا وَابْنُ الْجَوْزِيِّ, وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ: سُئِلَ أَحْمَدُ: هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: لَا, إلَّا بِمَكَّةَ, لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ, وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنَ وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ الْحَسَنَاتِ تُضَاعَفُ, وَلَمْ يَذْكُرْ السَّيِّئَاتِ. وَسَبَقَ فِي آخَرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي مضاعفة الصلاة2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لايحرم صيد وج وشجره
فصل: لَا يَحْرُمُ صَيْدُ وَجٍّ وَشَجَرُهُ وَهُوَ وَادٍ بِالطَّائِفِ "ش" وَلَهُ فِي ضَمَانِهِ قَوْلَانِ, لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إنْسَانٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا "أَنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَمٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ" , وَذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِهِ الطَّائِفَ وَحِصَارِهِ ثَقِيفًا صَحَّحَهُ الشَّافِعِيُّ. لَنَا لَا دَلِيلَ, وَالْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ مَعَ ظَاهِرِ مَا سَبَقَ, وَالْخَبَرُ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ, وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي مُحَمَّدٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَفِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ, وَتَفَرَّدَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ ; فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ: لَا يُعْرَفُ, وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ وَالْأَزْدِيُّ: لَمْ يَصِحَّ حَدِيثُهُ, وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ, لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب صفة الحج والعمرة
باب صفة الحج والعمرة مدخل ... بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يُسْتَحَبُّ دُخُولُ مَكَّةَ مِنْ أَعْلَاهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءَ, نَهَارًا, وَقِيلَ: وَلَيْلًا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا بَأْسَ بِهِ, وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مِنْ السُّرَّاقِ. وَخُرُوجُهُ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى كُدًى, وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ. وَفِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ: لِيَقُلْ حِينِ دُخُولِهِ: بِسْمِ اللَّهِ, وَبِاَللَّهِ, وَمِنْ اللَّهِ, وَإِلَى اللَّهِ, اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِك. فَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَدَعَا. وَمِنْهُ: "اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا ومهابة وبرا. وزد من عظمه وشرفه مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَمَهَابَةً وبرا"1, "اللهم أَنْتَ السَّلَامُ, وَمِنْك السَّلَامُ, حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ"2. وَقِيلَ: يَجْهَرُ بِهِ. وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الدُّعَاءِ الْأَوَّلِ, وَقِيلَ: وَيُكَبِّرُ, وَقِيلَ: وَيُهَلِّلُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, إذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ". وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ" 3 ثُمَّ يُضْطَبَعُ بِرِدَائِهِ فِي طَوَافِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ4 رِوَايَةٌ: فِي رَمْلِهِ, وَقَالَهُ الْأَثْرَمُ: يَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ وَطَرَفَيْهِ فَوْقَ الْأَيْسَرِ. وَيَطُوفُ الْمُتَمَتِّعُ لِلْعُمْرَةِ, وَالْمُفْرِدُ وَالْقَارِنُ لِلْقُدُومِ, وَهُوَ الْوُرُودُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ, وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ, نَقَلَ حَنْبَلٌ نَرَى لِمَنْ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ يَطُوفَ ; لِأَنَّهُ صَلَاةٌ, وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ, وَالصَّلَاةُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: الطَّوَافُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ, وَالصَّلَاةُ لِأَهْلِ مَكَّةَ1. وَكَذَا عَطَاءٌ. وَذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا, بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لِتَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ, وَعِنْدَ شَيْخِنَا2: لَا يَشْتَغِلُ بِدُعَاءٍ2, فَيُحَاذِي الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ2 أَوْ بَعْضَهُ وَهُوَ جِهَةُ الْمَشْرِقِ2 بِبَدَنِهِ, وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: يُجْزِئُهُ بِبَعْضِهِ, وَفِي الْمُجَرَّدِ احْتِمَالٌ: لَا يُجْزِئْهُ إلَّا بِكُلِّ بَدَنِهِ3, قَالَ فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ: وَلْيَمُرَّ بِكُلِّ الْحَجَرِ بِكُلِّ بَدَنِهِ4, فَيَسْتَلِمْهُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيُقَبِّلْهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: وَيَسْجُدْ عَلَيْهِ, وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ فَعَلَاهُ. وَإِنْ شَقَّ قَبَّلَ يَدَهُ. نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا بَأْسَ. وَظَاهِرُهُ لَا يُسْتَحَبُّ, قَالَهُ الْقَاضِي. وَفِي الرَّوْضَةِ: هَلْ لَهُ أَنْ يُقَبِّلَ يَدَهُ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا: وَإِلَّا اسْتَلَمَهُ بِشَيْءٍ وَقَبَّلَهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: فِي تَقْبِيلِهِ الْخِلَافُ فِي الْيَدِ, وَيُقَبِّلُهُ وَإِلَّا أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدِهِ أو بشيء. ولا يقبله في الأصح
وَلَا يُزَاحِمُ فَيُؤْذِي أَحَدًا, لِمَا رَوَى أَحْمَدُ1 عَنْ شَيْخٍ مَجْهُولٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "إنَّك رَجُلٌ قَوِيٌّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ فَتُؤْذِي الضَّعِيفَ, إنْ وَجَدْتَ خَلْوَةً فَاسْتَلِمْهُ وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ وَهَلِّلْ وَكَبِّرْ" وَفِي اسْتِقْبَالِهِ بِوَجْهِهِ وَجْهَانِ "م 1" وَعِنْدَ شَيْخِنَا هُوَ السُّنَّةُ, وَفِي الْخِلَافِ: 2لَا يَجُوزُ أَنْ2 يَبْتَدِئَهُ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ لَهُ فِي الطَّوَافِ مُحْدِثًا, قَالَ جَمَاعَةٌ وَإِنْ بَدَأَ بِغَيْرِ الْحَجَرِ احْتَسَبَ مِنْ الْحَجَرِ وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ, وَاَللَّهُ أَكْبَرُ, وَإِيمَانًا بِك, وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك, وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3. ثُمَّ يَجْعَلُ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ, فَيُقَرِّبُ جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ إلَيْهِ, قَالَ شَيْخُنَا: لِكَوْنِ الْحَرَكَةِ الدَّوْرِيَّةِ تَعْتَمِدُ فِيهَا الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى, فَلَمَّا كَانَ الْإِكْرَامُ فِي ذَلِكَ لِلْخَارِجِ جَعَلَ لِلْيُمْنَى, فَأَوَّلُ رُكْنٍ يَمُرُّ بِهِ يُسَمَّى الشَّامِيَّ وَالْعِرَاقِيَّ4, وَهُوَ جِهَةُ الشَّامِ, ثُمَّ يَلِيه الرُّكْنُ الغربي والشامي, وهو جهة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِقْبَالِهِ بِوَجْهِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "أَحَدُهُمَا" يُسْتَحَبُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ السُّنَّةُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 فَإِنَّهُمَا قَالَا: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنُهُ اسْتِلَامُهُ وَتَقْبِيلُهُ قَامَ بِحِذَائِهِ وَاسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ وَكَبَّرَ وَهَلَّلَ, لَكِنَّ هَذِهِ صُورَةٌ مَخْصُوصَةٌ, وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه أيضا
الْمَغْرِبِ, ثُمَّ الْيَمَانِيُّ جِهَةُ الْيَمَنِ. ثُمَّ يَرْمُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ, وَلَا يَقْضِيهِ وَلَا بَعْضَهُ في غيرها, فيسرع الْمَشْيَ وَيُقَارِبُ الْخُطَا, وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الدُّنُوِّ مِنْ الْبَيْتِ1 وَالتَّأْخِيرِ لَهُ أَوْ لِلدُّنُوِّ أَوْلَى. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَنْتَظِرُ لِلرَّمَلِ, كَمَا لَا يَتْرُكُ الصَّفَّ الْأَوَّلَ لِتَعَذُّرِ التَّجَافِي فِي الصَّلَاةِ. وَفِيهِ فِي فُصُولِ اللِّبَاسِ مِنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ: الْعَدْوُ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْوَجْهِ مَكْرُوهٌ جِدًّا, كَذَا قَالَ, وَيَتَوَجَّهُ: تَرْكُ الْأَوْلَى, ثُمَّ يَمْشِي أَرْبَعًا, يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ, وَكَذَا الرُّكْنَ الْيَمَانِيَّ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ يُقَبِّلُ يَدَهُ. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِرْشَادِ2: يُقَبِّلُهُ, وَلَا يَسْتَلِمُ الرُّكْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ, نَصَّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يتما على قواعد إبراهيم, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"والوجه الثاني" لا يستحب.
وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي رَمَلِهِ كَبَّرَ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَهَلَّلَ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: وَرَفَعَ يَدَيْهِ, وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ: وَقَالَ مَا تَقَدَّمَ, وَبَيْنَ الرُّكْنَيْنِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: آخِرُ طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] وَيُكْثِرُ فِي بَقِيَّةِ رَمَلِهِ وَطَوَافِهِ1 مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ, وَمِنْهُ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ, وَاهْدِنِي السَّبِيلَ الْأَقْوَمَ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَقُولُهُ فِي سَعْيِهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, وَأَنَّهُ يَقِفُ فِي كُلِّ طَوَافِهِ عِنْدَ الْمُلْتَزَمِ وَالْمِيزَابِ وَكُلِّ رُكْنٍ وَيَدْعُو, وَلَهُ الْقِرَاءَةُ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَتُسْتَحَبُّ. وَقَالَهُ الْآجُرِّيُّ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك فِيهِ؟ قَالَ: كُلٌّ, وَعَنْهُ: تُكْرَهُ الْقِرَاءَةُ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ لِتَغْلِيطِهِ مُصَلِّينَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ إذًا, وَقَالَ شَيْخُنَا: تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ فِيهِ لَا الْجَهْرُ بِهَا. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَلِأَنَّهُ صَلَاةٌ, وَفِيهَا قِرَاءَةٌ وَدُعَاءٌ, فَيَجِبُ كَوْنُهُ مِثْلَهَا. وقال شيخنا: وجنس القراءة أفضل من2 الطَّوَافِ, قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِالتَّزَاحُمِ فِيهِ, وَلَا يُعْجِبُنِي التَّخَطِّي. وَلَا يُسَنُّ رَمَلٌ وَاضْطِبَاعٌ لِامْرَأَةٍ أَوْ مُحْرِمٍ مِنْ مَكَّةَ أَوْ حَامِلِ مَعْذُورٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا فِي غَيْرِهِ, وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: يَرْمُلُ بِالْمَحْمُولِ, وَقِيلَ: مَنْ تَرَكَهُمَا فِيهِ أَوْ لَمْ يَسْعَ3 عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَتَى بِهِمَا فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ أَوْ غَيْرِهِ, وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي مَنْسَكِهِ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ إلا في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَوَافِ الزِّيَارَةِ, وَنَفَاهُمَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ, وَيُجْزِئُ الطَّوَافُ رَاكِبًا لِعُذْرٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: وَلِغَيْرِهِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ, وَعَنْهُ: مَعَ دَمٍ, وَكَذَا الْمَحْمُولُ مَعَ نِيَّتِهِ. وَصِحَّةُ أَخْذِ الْحَامِلِ مِنْهُ الْأُجْرَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَهُ بِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَخْذُهَا عَمَّا يَفْعَلُهُ عَنْ نَفْسِهِ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَيَأْتِي فِي الْحَلْقِ: لَا يُشَارِطُهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ نُسُكٌ, وَقِيلَ: مَعَ نِيَّتِهِمَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا, وَقِيلَ عَكْسُهُ, وَكَذَا السَّعْيُ رَاكِبًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُجْزِئُ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا طَافَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَاكِبًا لِيَرَاهُ النَّاسُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: فَيَجِيءُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِيَرَى الْجُهَّالَ. وَإِنْ طَافَ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ أَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ الْأَقَلَّ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ نَصَّ عَلَى الْكُلِّ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَوْ وَرَاءَ حَائِلٍ وَقِيلَ: وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ لَمْ يجزئه, وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طوافه على الشاذروان1 وعند شَيْخِنَا: لَيْسَ هُوَ مِنْهُ بَلْ جُعِلَ عِمَادًا لِلْبَيْتِ وَفِي الْفُصُولِ: إنْ طَافَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ احْتَمَلَ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ, وَلَمْ يَزِدْ. وَإِنْ طَافَ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ كَصَلَاتِهِ إلَيْهَا. وَإِنْ قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ مَعَهُ طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِمْ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً. وَفِي الْإِجْزَاءِ عَنْ فَرْضِ القراءة وجهان "م 2 و 3" وفي الانتصار ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ2: قَوْلُهُ: "بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ" فالحقيقة: نِيَّةُ الطَّوَافِ حَقِيقَةً وَالْحُكْمِيَّةُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَمَرَّ حُكْمُهَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: اسْتِصْحَابُ حُكْمِ النِّيَّةِ أَنْ لَا يَقْطَعَهَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا. مَسْأَلَةٌ 2, 3" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ مَعَهُ طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ تَوَجَّهَ الْإِجْزَاءُ, فِي قِيَاسِ قَوْلِهِمْ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ كَعَاطِسٍ قَصَدَ بِحَمْدِهِ قِرَاءَةً, وَفِي الْإِجْزَاءِ عَنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2" وَهِيَ الْأَصْلُ: إذَا قَصَدَ فِي طَوَافِهِ غَرِيمًا وَقَصَدَ مَعَهُ طَوَافًا بِنِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لَا حُكْمِيَّةٍ فَهَلْ يُجَزِّئُهُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِمْ؟ أو هو كعاطس قصد بحمده قراءة؟
فِي الضَّرُورَةِ: أَفْعَالُ الْحَجِّ لَا تَتْبَعُ إحْرَامَهُ فَتَتَرَاخَى عَنْهُ, وَتَنْفَرِدُ بِمَكَانٍ وَزَمَنٍ وَنِيَّةٍ, فَلَوْ مر بعرفة أو عدا حَوْلَ الْبَيْتِ بِنِيَّةِ طَلَبِ غَرِيمٍ أَوْ صَيْدٍ لَمْ يُجْزِئْهُ, وَصَحَّحَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْوُقُوفِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ1, وَقِيلَ لَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ النِّيَّةِ: الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ1؟ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ, فَإِنَّهُ لَوْ عَدَا خَلْفَ غَرِيمِهِ أَوْ رَجَمَ إنْسَانًا بِالْحَصَى وَهُوَ عَلَى الْجَمْرَةِ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْتُوتَةِ بِمُزْدَلِفَةَ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَلِكَ فِي حَجِّهِ, وَلَكِنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ تَشْتَمِلُ عَلَى جَمِيعِ أَفْعَالِهِ, كَمَا تَشْتَمِلُ نِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى جَمِيعِ أَرْكَانِهَا وَوَاجِبَاتِهَا, وَهَذِهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ, وَقَدْ شَمَلَتْهَا نِيَّةُ الْحَجِّ, وَهَذَا بِخِلَافِ الْبَدَلِ عَنْ ذَلِكَ وهو ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي إذَا أَرَادَ الْمُصَلِّي الشُّرُوعَ فِي الْفَاتِحَةِ فَعَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, يَنْوِي بِذَلِكَ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَعَنْ الْعُطَاسِ, وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ تَوْجِيهَيْنِ مِنْ عِنْدِهِ, أَحَدُ التَّوْجِيهَيْنِ أَنَّهُ يُجْزِئُ, فِي قِيَاسٍ لَهُمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَالتَّوْجِيهُ الثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاطِسِ إذَا حَمِدَ يَنْوِيهِمَا, وَهِيَ: "الْمَسْأَلَةُ 3 الثَّانِيَةُ" وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْإِجْزَاءِ عَنْ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ: أَحَدُهُمَا لَا يُجْزِئُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ, وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وابن حمدان وصاحب الفائق وغيرهم. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُجْزِئُهُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ, فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَعَنْهُ: تَبْطُلُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ عَلَى التَّوْجِيهِ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَة الْأُولَى وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ, وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ, قِيَاسًا على مسألة العاطس. والله أعلم
الْهَدْيُ فَإِنَّهُ لَمْ تَشْمَلْهُ نِيَّةُ الْحَجِّ, وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ نِيَّةَ الْحَجِّ تَشْمَلُ أَفْعَالَهُ لَا الْبَدَلَ وَهُوَ الْهَدْيُ, وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي مَسْأَلَةِ النِّيَّةِ أَنَّ الْحَجَّ كَالْعِبَادَاتِ, لِتَعَلُّقِهِ بِأَمَاكِنَ وَأَزْمَانٍ, فَيَفْتَقِرُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ إلَى نِيَّةٍ. وَتُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ مِنْ حَدَثٍ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: الطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِي إبَاحَةِ النُّطْقِ, وَعَنْهُ: يَجْبُرُهُ بِدَمٍ. وعنه: إن لم1 يَكُنْ بِمَكَّةَ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ مِنْ نَاسٍ وَمَعْذُورٍ فَقَطْ, وَعَنْهُ: وَيَجْبُرُهُ بِدَمٍ, وَعَنْهُ: وَكَذَا حَائِضٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٍ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ لَا دَمَ لِعُذْرٍ, وَقَالَ: هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ سُنَّةٌ لَهَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: وَالتَّطَوُّعُ أَيْسَرُ, وَإِنْ طَافَ فِيمَا لَا يَجُوزُ لَهُ لبسه صح وفدى, ذكره الآجري, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَلْزَمُ النَّاسَ فِي الْأَصَحِّ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ انْتِظَارُهَا لِأَجَلِهِ فَقَطْ إنْ أَمْكَنَ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي الْمَرِيضِ بِبَلَدِ الْغَزْوِ يُقِيمُونَ عَلَيْهِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ. يسن فِعْلُ الْمَنَاسِكِ عَلَى طَهَارَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَالنَّجَسُ وَالسُّتْرَةُ كَالْحَدَثِ, وَقِيلَ: الطَّهَارَةُ وَالسُّتْرَةُ لِلسَّعْيِ كَالطَّوَافِ, وَالْمُوَالَاةِ فِيهِ وَالْأَكْثَرُ: وَفِي السَّعْيِ شَرْطٌ, فَإِنْ فَصَلَ يَسِيرًا أَوْ أُقِيمَتْ مَكْتُوبَةٌ أَوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ صَلَّى وَبَنَى, وَإِنْ أَحْدَثَ تَطَهَّرَ, وَفِي الْبِنَاءِ رِوَايَاتُ1 الصَّلَاةِ*, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: لَا يُشْتَرَطُ مَعَ عُذْرٍ, وَعَنْهُ: سُنَّةٌ وَمَنْ شَكَّ فِيهِ فِي عَدْوِهِ أَخَذَ بِالْيَقِينِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ: بِظَنِّهِ, وَيَأْخُذُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: لَا, وذكر الشيخ: بعدل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثَّانِي قَوْلُهُ فِي الطَّوَافِ: وَإِنْ أَحْدَثَ تَطَهَّرَ. وَفِي الْبِنَاءِ رِوَايَاتُ الصَّلَاةِ, يَعْنِي اللَّاتِي فِيمَنْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ تَطَهَّرَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ صِحَّةِ الْبِنَاءِ, وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ. ذَكَرُوهُ فِي بَابِ النِّيَّةِ وَغَيْرِهَا.
ثُمَّ يَتَنَفَّلُ بِرَكْعَتَيْنِ, وَعَنْهُ: وَلَوْ بَعْدَ مَكْتُوبَةٍ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: وُجُوبُهُمَا, وَهِيَ أَظْهَرُ, وَحَيْثُ رَكَعَهُمَا جَازَ, وَالْأَفْضَلُ خَلْفَ الْمَقَامِ, ب "الكافرون" و"الإخلاص" بَعْدَ1 الْفَاتِحَةِ, وَلَا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ الْمَقَامِ وَمَسْحُهُ "ع" فَسَائِرُ الْمَقَامَاتِ أَوْلَى, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ مَسِّ الْمَقَامِ قَالَ: لَا تَمَسَّهُ وَنَقَلَ الْفَضْلُ: يُكْرَهُ مَسُّهُ وَتَقْبِيلُهُ, وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: فَإِذَا بَلَغَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ فَلْيَمَسَّ الصَّخْرَةَ بِيَدِهِ وَلْيُمَكِّنْ مِنْهَا كَفَّهُ وَيَدْعُو. وَفِي مَنْسَكِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ2 عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمْ يُؤْمَرُوا بِمَسْحِهِ, وَلَقَدْ تَكَلَّفَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ شَيْئًا لَمْ يَتَكَلَّفْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُمْ, وَلَقَدْ كَانَ أَثَرُ قَدَمَيْهِ فِيهِ فَمَا زَالُوا يَمْسَحُونَهُ حَتَّى امَّاحَ. وَيَجُوزُ جَمْعُ أَسَابِيعَ بِرَكْعَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ, كَفَصْلِهِ بَيْنَ السُّنَّةِ وَالْفَرْضِ, بِخِلَافِ تَأْخِيرِ تَكْبِيرِ تَشْرِيقٍ عَنْ فَرْضٍ, وَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ عَنْهَا, فَإِنَّهُ يُكْرَهُ, لِئَلَّا تُؤَدِّيَ إلَى إسْقَاطِهِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَطْعُهُ عَلَى شَفْعٍ, فَيُكْرَهُ الْجَمْعُ إذَا, ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ وَالْمُوجَزِ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمَاعَةٌ. وَلَهُ تَأْخِيرُ سَعْيِهِ عَنْ طَوَافِهِ بِطَوَافٍ وَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. ثُمَّ يُسْتَحَبُّ عَوْدُهُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ. وَفِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ: قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ يَأْتِي الْمُلْتَزَمَ. وَإِنْ فَرَغَ مُتَمَتِّعٌ ثُمَّ عَلِمَ أَحَدَ طَوَافَيْهِ بِلَا طَهَارَةٍ وَجَهِلَهُ لَزِمَهُ الْأَشَدُّ وَهُوَ مِنْ الْحَجِّ, فَيَلْزَمُهُ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ وَدَمٌ, وَإِنْ كَانَ وطئ بعد حله من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُمْرَتِهِ لَمْ يَصِحَّا, وَتَحَلَّلَ بِطَوَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ لِحَجِّهِ عَنْ عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ, وَلَزِمَهُ دَمٌ لِحَلْقِهِ, ودم لوطئه في عمرته.
فصل: ثم يخرج للسعي من باب الصفا
فصل: ثُمَّ يَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ بَابِ الصَّفَا فَيَرْقَاهُ لِيَرَى الْبَيْتَ, وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا, وَيَقُولُ ثَلَاثًا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ, أَنْجَزَ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. وَيَدْعُو. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ:"*" قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ أَظْهَرُ رَمَلَ, قَالَهُ جَمَاعَةٌ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ: سَعَى سَعْيًا شَدِيدًا, وَهُوَ أَظْهَرُ "م 4 و 5" إلَى الْعَلَمِ الْآخَرِ, ثُمَّ يمشي فَيَرْقَى الْمَرْوَةَ, يَقُولُ مَا قَالَ عَلَى الصَّفَا, ويجب استيعاب ما بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ" كَذَا فِي النُّسَخِ, وَلَعَلَّهُ ثُمَّ يَمْشِي, فَإِذَا بَلَغَ الْعَلَمَ, وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ, وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نصر الله. "مَسْأَلَةٌ 4, 5" قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ, قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ أَظْهَرُ رَمَلَ, قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا, وَهُوَ أَظْهَرُ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ, وَلَهُ فِيهِمَا اخْتِيَارٌ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 4" هَلْ يَمْشِي إلَى الْعَلَمِ ثُمَّ يَسْعَى؟ أَوْ يَسْعَى قَبْلَهُ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ, وَاخْتَارَ الثَّانِيَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا
فَقَطْ, فَيُلْصِقُ عَقِبَهُ بِأَصْلِهِمَا,. وَتُعْتَبَرُ الْبُدَاءَةُ ثَانِيًا بِالْمَرْوَةِ, فَيَنْزِلُ يَمْشِي مَوْضِعَ مَشْيِهِ, وَيَسْعَى مَوْضِعَ سَعْيِهِ, إلَى الصَّفَا, يَفْعَلُهُ سَبْعًا, ذَهَابُهُ سَعْيَةٌ, وَرُجُوعُهُ سَعْيَةٌ, فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ سَقَطَ الشَّوْطُ الْأَوَّلُ. وَلَا تَرْقَى امْرَأَةٌ وَلَا تَسْعَى شَدِيدًا, وَلَا يُسَنُّ فِيهِ اضْطِبَاعٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا يُجْزِئُ قَبْلَ طَوَافٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: بَلَى, سَهْوًا وَجَهْلًا, وَعَنْهُ: مُطْلَقًا, ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ, وعنه: مع دم, ذكره القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَسْعَى مِنْ الْعَلَمِ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْمُقْنِعِ1 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5" إذَا وَصَلَ إلَى الْعَلَمِ أَوْ قَبْلَهُ بِسِتَّةِ أَذْرُعٍ, فَهَلْ يَرْمُلُ؟ أَوْ يَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ, وَاخْتَارَ هُوَ الثَّانِيَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ "قُلْت": جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ1 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ1 وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَقَدْ قَالَ المصنف: إن جماعة قالوه.
وَمِنْ شَرْطِهِ النِّيَّةُ, قَالَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَزَادَ: وَأَنْ لَا يُقَدِّمَهُ عَلَى أَشْهُرِ الْحَجِّ, وظاهر كلام الْأَكْثَرِ خِلَافُهُمَا "م 6" وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْأَخِيرَةِ وَأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَنْعَهُ عَنْ أَحْمَدَ. ثُمَّ إنْ كَانَ حَاجًّا بَقِيَ مُحْرِمًا, 1وَالْمُعْتَمِرُ تُسْتَحَبُّ1 مُبَادَرَتُهُ وَتَقْصِيرُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِيَحْلِقَ لِلْحَجِّ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: حَلْقُهُ, وَيَحِلُّ الْمُتَمَتِّعُ بِلَا هَدْيٍ وَمَعَ هَدْيٍ. وَعَنْهُ: أَوْ تَلْبِيدُ رَأْسِهِ2, جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3: يَحِلُّ إذَا حَجَّ فَيُحْرِمُ بِهِ بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لعمرته, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَمَنْ شَرَطَ النِّيَّةَ, قَالَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ. 4وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ خِلَافُهُمَا, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ4. وَقَالَهُ أَيْضًا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْفَائِقِ ; لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ قَطْعًا, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ لِذَلِكَ, لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهَا فِي شروط السعي, وقد يجاب
وَيَحِلُّ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْهُمَا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَحْرُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ, وَإِلَّا1 لَنَحَرَهُ وَصَارَ كَمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ, وَقِيلَ: يَحِلُّ كَمَنْ لَمْ يَهْدِ, وَهُوَ مُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى, قَالَهُ الْقَاضِي, وَعَنْهُ: إنْ قَدِمَ قَبْلَ الْعَشْرِ فَيَنْحَرُهُ قَبْلَهُ. وَنَقَلَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: وَعَلَيْهِ هَدْيٌ آخَرُ. وَيُسْتَحَبُّ لِمُحِلٍّ بِمَكَّةَ مُتَمَتِّعٍ, وَمَكِّيِّ الْإِحْرَامِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا: فَالْمَكِّيُّ يُهِلُّ إذَا رَأَى الْهِلَالُ؟ قَالَ: كَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ2. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQبأنهم لم يَذْكُرُوهَا اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ, وَكُلُّ عِبَادَةٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نِيَّةٍ, وَلَكِنْ يُعَكَّرُ عَلَى ذَلِكَ كَوْنُهُمْ ذَكَرُوا النِّيَّةَ فِي شُرُوطِ الطَّوَافِ, وَلَمْ يَذْكُرُوهَا فِي شَرْطِ السَّعْيِ. وَاَللَّهُ أعلم
الْقَاضِي: فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُهِلُّ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ, وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحْرِمُ مُتَمَتِّعٌ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ فَلَوْ جَاوَزَهُ لَزِمَهُ دَمُ الْإِسَاءَةِ مَعَ دَمِ تَمَتُّعٍ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُحْرِمُ يَوْمَ تروية أو عرفة, فإن عَبَرَهُ1 فَدَمٌ وَلَا يَطُوفُ بَعْدَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو دَاوُد: لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُوَدِّعَهُ, وَطَوَافُهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى لِلْحَجِّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ وَالْكَافِي. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ, فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَتَى بِهِ وَسَعَى بَعْدَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ. ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى مِنًى قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرُ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ إلَى الْفَجْرِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَبِيتُ بِهَا, فَإِذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ سَارَ إلَى نَمِرَةَ فَأَقَامَ بِهَا إلَى الزَّوَالِ, فَيَخْطُبُ الْإِمَامُ يُعَلِّمُهُمْ الْمَنَاسِكَ, وَيُقْصِرُ, يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ, قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا, وَلَا خُطْبَةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِمَكَّةَ وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: بَلَى يُعَلِّمُهُمْ مَا يَفْعَلُونَهُ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ثُمَّ يَجْمَعُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا2, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيُعَجِّلُ ثُمَّ يَأْتِي عَرَفَةَ, وَكُلُّهَا مَوْقِفٌ إلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ, وَيُسْتَحَبُّ وُقُوفُهُ عِنْدَ الصَّخَرَاتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ وَاسْمُهُ إلَالُ بِوَزْنِ هِلَالٍ وَلَا يُشْرَعُ صُعُودُهُ "ع" قَالَهُ شَيْخُنَا, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَقِفُ قِبَلَ الْقِبْلَةِ رَاكِبًا, وَقِيلَ: رَاجِلًا, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, كَجَمِيعِ الْمَنَاسِكِ وَالْعِبَادَاتِ. قَالَ: وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ فِي الْمَنَاسِكِ1 لِيُعَلِّمَهُمْ وَيَرَوْهُ, فَرُؤْيَتُهُ عِبَادَةٌ, وَقِيلَ: سَوَاءٌ, وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ الْحَجِّ عَلَيْهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ2 وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ أَفْضَلِيَّةُ الْمَشْيِ. وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَإِسْحَاقُ وَدَاوُد, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي "مُثِيرِ الْغَرَامِ السَّاكِنِ" فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْأَخْبَارَ فِي ذَلِكَ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُبَّادِ, وَأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ حَجَّ خَمْسَ عَشْرَةَ حَجَّةً مَاشِيًا. وَذَكَرَ غَيْرُهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ, وَالْجَنَائِبُ تُقَادُ معه وقال فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ: فَصْلٌ فِي فَضْلِ الْمَاشِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ" قِيلَ لَهُ: وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ "بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ" 3 قَالَ: وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "إنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتُصَافِحُ رُكْبَانَ الْحَجِّ وَتَعْتَنِقُ الْمُشَاةَ" 4 كَذَا ذَكَرَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ, وَسَبَقَ الْأَوَّلُ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي مضاعفة الصلاة3, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ النَّاسِ, وَنَصُّهُ فِي مُوصٍ بِحَجَّةٍ: يَحُجُّ عَنْهُ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا. وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيُكْثِرُ قَوْلَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. لِلْخَبَرِ1, وَرُوِيَ أَيْضًا: يُحْيِي وَيُمِيتُ2. وَرُوِيَ: "بِيَدِهِ الْخَيْرُ"3. وَرَوَيَا مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِزِيَادَةِ: "وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ"4. ذَكَرَهُ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ. فَمَنْ وَقَفَ أَوْ مَرَّ لَحْظَةً مِنْ فَجْرِ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَحَكَى رِوَايَةً: مِنْ الزَّوَالِ إلَى فَجْرِ النَّحْرِ 5إهْلَالُهُ5, صَحَّ حَجُّهُ, وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَصِحُّ مَعَ سُكْرٍ وَإِغْمَاءٍ, فِي الْمَنْصُوصِ, بِخِلَافِ إحْرَامٍ وَطَوَافٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِي سَعْيِ مِثْلِهِ, وَجَعَلَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ كَوُقُوفٍ, وَيَصِحُّ مَعَ نَوْمٍ وَجَهْلٍ بِهَا, فِي الْأَصَحِّ, لَا جُنُونٍ, بِخِلَافِ رمي جمار ومبيت. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا وَدَفَعَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ قَبْلَهُ وَفِي الْإِيضَاحِ: قَبْلَ الْفَجْرِ, وَقَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ فِي مُفْرَدَاتِهِ, وَقِيلَ: أَوْ عَادَ مُطْلَقًا. وَفِي الْوَاضِحِ: وَلَا عُذْرَ لَزِمَهُ دَمٌ, وَعَنْهُ: لَا كَوَاقِفٍ لَيْلًا, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ نَسِيَ نَفَقَتَهُ بِمِنًى: يُخْبِرُ الْإِمَامَ, فَإِذَا أَذِنَ لَهُ ذَهَبَ وَلَا يَرْجِعُ. 1قَالَ الْقَاضِي: فَرَخَّصَ1 لَهُ لِلْعُذْرِ, وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مِنْ دَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ دَمٌ. وَهَلْ لِخَائِفِ فَوْتِهَا صَلَاةُ خَائِفٍ؟ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, أَوْ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ؟ أَوْ يُؤَخِّرُهَا إلَى أَمْنِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةُ 7" قَوْلُهُ: وَهَلْ لِخَائِفِ فَوْتِهَا صَلَاةُ خَائِفٍ؟ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, أَوْ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ؟ أَوْ يُؤَخِّرُهَا إلَى أَمْنِهِ فِيهِ أَوْجُهٌ, انْتَهَى. "أَحَدُهَا" يُصَلِّيهَا صَلَاةَ خَائِفٍ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُعِيدُ. "وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" فِيهِ قُوَّةٌ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ, وَالْأَوَّلَانِ احْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تميم وابن حمدان.
فصل: ثم يدفع بعد الغروب إلى مزدلفة
فصل: ثم يدفع بعد2 الْغُرُوبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَهِيَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَوَادِي مُحَسِّرٍ بِسَكِينَةٍ. وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ: مُسْتَغْفِرًا, وَيُسْرِعُ فِي الْفُرْجَةِ, وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ وَيَبِيتُ بِهَا, وَلَهُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْإِمَامِ نَصَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَرَفَةَ. وَذَكَرَ دَفْعَ ابْنِ عُمَرَ قَبْلَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ3, وَقَبْلُهُ فِيهِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لَيْلًا, وَيَتَخَرَّجُ: لا من ليالي ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في الأصل: "قبل". 3 أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/15.
مِنًى, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ, كَرُعَاةٍ وَسُقَاةٍ, قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ, وَكَمَا لَوْ أَتَاهَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ, فَإِذَا صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ رَقِيَ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ, أَوْ وَقَفَ عِنْدَهُ, يَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُهَلِّلُ وَيُكَبِّرُ وَيَدْعُو وَيَقْرَأُ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} [البقرة: 198] الْآيَتَيْنِ, فَإِذَا أَسْفَرَ جِدًّا سَارَ بِسَكِينَةٍ, فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا أَسْرَعَ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا رَمْيَةَ حَجَرٍ, وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ سَبْعِينَ, كَحَصَى الْخَذْفِ, مِنْ أَيْنَ شَاءَ, قَالَهُ أَحْمَدُ, وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ قَبْلَ وُصُولِهِ مِنًى وَيُكْرَهُ مِنْ الْحَرَمِ"*" وتكسيره1, قال في الفصول: وَمِنْ الْحَشِّ, وَقِيلَ: يُجْزِئُ حَجَرٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ, وَفِي نَجَسٍ وَخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةٌ وَجْهَانِ "8 و 9" لَا مَا رَمَى بِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَلَا غَيْرَ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَعَنْهُ: بِلَا قصد, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" "2تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ مِنْ الْحَرَمِ يَعْنِي أَخْذَ حَصَى الْجِمَارِ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ سَهْوٌ, وَإِنَّمَا هُوَ: وَيُكْرَهُ مِنْ مِنًى, وَإِلَّا فَمُزْدَلِفَةُ مِنْ الْحَرَمِ, وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: يَأْخُذُهُ مِنْهَا, وَلَعَلَّ قَوْلَهُ: "وَيُكْرَهُ مِنْ الْحَرَمِ" مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اسْتَحَبُّوا أَخْذَهُ قَبْلَ وُصُولِ مِنًى, وَفِيهِ بُعْدٌ, وَلَعَلَّهُ أَرَادَ حَرَمَ الْكَعْبَةِ, وَفِي معناه قوة2". "مَسْأَلَةٌ 8, 9" قَوْلُهُ فِي الرَّمْيِ: وَفِي نَجَسٍ وَخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةٌ وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8" إذَا رَمَى بِحَصًى نَجَسٍ فَهَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ, وَذَكَرَ هذين الوجهين القاضي ومن بعده:
لَا هُمَا, وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ غَيْرُ الْحَصَى الْمَعْهُودِ مِنْ رُخَامٍ وَمَسْنٍ وَبِرَامٍ وَنَحْوِهَا, اخْتَارَهُ جماعة. وفي الفصول: إنْ رَمَى بِحَصَى الْمَسْجِدِ كُرِهَ وَأَجْزَأَ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ نَهَى عَنْ إخْرَاجِ تُرَابِهِ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَ, وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِهِ الْمَنْعُ هُنَا وَفِي النَّصِيحَةِ: يُكْرَهُ مِنْ الجمار أو من ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" لَا يُجْزِئُ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يُجْزِئُ بِنَجَسٍ, فِي الْأَصَحِّ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَفِي الْإِجْزَاءِ بِنَجَسٍ وَجْهٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُجْزِئُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لَهُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9" إذَا رَمَى بِخَاتَمِ فِضَّةٍ حَصَاةً, فَهَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ "أَحَدُهُمَا" لَا يُجْزِئُ "قُلْت": وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي ; لِأَنَّ الْحَصَاةَ وَقَعَتْ تَبَعًا "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُجْزِئُ, صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ قصد الرمي بالحصاة أجزأه, وإلا فلا.
مَسْجِدٍ أَوْ مَكَان نَجِسٍ, وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِهِ رِوَايَتَانِ "م 10" فَإِذَا وَصَلَ مِنًى وَهِيَ مَا بَيْنَ وَادِي مُحَسِّرٍ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ بَدَأَ بِهَا فَرَمَاهَا بِسَبْعٍ, رَاكِبًا إنْ كَانَ, وَالْأَكْثَرُ مَاشِيًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يُجْزِئُ وَضْعُهَا, بَلْ طَرْحُهَا. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ: لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ, وَنَفْضُهَا مَنْ وَقَعَتْ1 بِثَوْبِهِ نَصَّ عَلَيْهِ كَتَدَحْرُجِهَا, وَقِيلَ: لَا, وَهُوَ أَظْهَرُ ; لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ انْقَطَعَ, وَكَتَدَحْرُجِ حَصَاةٍ بِسَبَبِهَا, وَيُشْتَرَطُ رَمْيُهُ بِوَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ, فَلَوْ رَمَى دَفْعَةً فَوَاحِدَةٌ, وَيُؤَدَّبُ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, وَعَلِمَ حُصُولَهَا فِي الرَّمْيِ, وَقِيلَ: أَوْ ظَنَّهُ, جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّاءِ رِوَايَةً: وَلَوْ شَكَّ. وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ. ونقل حرب: يرمي ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِحْبَابِ غَسْلِهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ: "إحْدَاهُمَا" لَا يُسْتَحَبُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ, "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُسْتَحَبُّ, صَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْخُلَاصَةِ, وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ, وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي المحرر والرعايتين وشرح ابن رزين وغيرهم.
يُكَبِّرُ, وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا, وَذَنْبًا مَغْفُورًا, وَسَعْيًا مَشْكُورًا. وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ ويرمي على حاجبه الأيمن, وذكر جَمَاعَةٌ: وَيَرْفَعُ يُمْنَاهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إبْطِهِ وَلَا يَقِفُ, وَلَهُ رَمْيُهَا مِنْ فَوْقِهَا, وَيَرْمِي بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُسَنُّ بَعْدَ الزَّوَالِ, وَيُجْزِئُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ, وَعَنْهُ: بَعْدَ فَجْرِهِ, فَإِنْ غَرَبَتْ فَمِنْ غَدٍ بَعْدَ الزَّوَالِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: نَصُّهُ لِلرُّعَاةِ خَاصَّةً الرَّمْيُ لَيْلًا, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. ثُمَّ يَنْحَرُ هَدَايَا إنْ كَانَ مَعَهُ, ثُمَّ يَحْلِقُ, يَبْدَأُ بِأَيْمَنِهِ, وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَيَدْعُو. وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُكَبِّرُ1. وَلَا يُشَارِطُهُ عَلَى أُجْرَةٍ ; لِأَنَّهُ نُسُكٌ, قَالَهُ أَبُو حَكِيمٍ وَقَالَ: ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ, وَذَكَرَ ابْنُ شِهَابٍ عَنْ أَحْمَدَ عَنْ وَكِيعٍ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ لَهُ: إنَّهُ2 تَعَلُّمُ الْآدَابِ الْخَمْسَةِ, الْخَامِسُ التَّكْبِيرُ, مِنْ حَجَّامٍ, وَإِنَّ الْحَجَّامَ نَقَلَهَا عَنْ عَطَاءٍ. وَإِنْ قَصَّرَ فَمِنْ جَمِيعِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ شَيْخُنَا: لَا مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا, وَعَنْهُ: أَوْ بَعْضِهِ, فَيُجْزِئُ مَا نَزَلَ3 عَنْ رَأْسِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ شَعْرِهِ, بِخِلَافِ الْمَسْحِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ رَأْسًا, ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْخِلَافِ, قَالَ: وَلَا يُجْزِئُ شَعْرُ الْأُذُنِ, عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُجْزِئْ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْصِيرُ جَمِيعِهِ, وَمَنْ لَبَّدَ أَوْ ضَفَّرَ أَوْ عَقَصَ كَغَيْرِهِ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: فَلْيَحْلِقْ, قال: يعني وجب عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
, قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: لِأَنَّهُ لَا يُمَكِّنُهُ التَّقْصِيرُ مِنْ كُلِّهِ, لِاجْتِمَاعِهِ. وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ كَذَلِكَ أُنْمُلَةً فَأَقَلَّ, وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: تَجِبُ أُنْمُلَةٌ, قَالَ جَمَاعَةٌ: السُّنَّةُ لَهَا أُنْمُلَةٌ وَيَجُوزُ أَقَلُّ وَيُسَنُّ أَخْذُ أَظْفَارِهِ وَشَارِبِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَلِحْيَتِهِ. وَمَنْ عَدِمَهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى. وَقَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي خِتَانٍ, وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي الْمُحْرِمِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَمْرِ, وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى النَّدْبِ, قَالَهُ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ, وَفِي الْخِرَقِيِّ. فِي الْعَبْدِ: يُقَصِّرُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ بِلَا إذْنٍ ; لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ"*" ثُمَّ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ, قَالَ الْقَاضِي وَابْنُهُ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ: وَالْعَقْدُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ: حِلُّهُ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ "م 11" وَعَنْهُ إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي الْخِرَقِيِّ فِي الْعَبْدِ يُقَصِّرُ, قَالَ جَمَاعَةٌ, يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْلِقُ بِلَا إذْنٍ ; لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ, انْتَهَى. لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ الْخِرَقِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ, فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ فِي مُفْرَدٍ فِي غَيْرِ الْمُخْتَصَرِ, كَمَا نُقِلَ عَنْهُ مَسَائِلُ مِنْ غَيْرِ مُخْتَصَرِهِ, وَقَدْ نَقَلَ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُقْنِعِ1 عَنْهُ مَسْأَلَةً كَذَلِكَ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَبْقَةَ قَلَمٍ, أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْوَجِيزِ, فَسَبَقَ الْقَلَمُ إلَى الْخِرَقِيِّ, وَهَذَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ الْمُصَنِّفِينَ, وَلَمْ نَرَ الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً إلَّا فِي الْوَجِيزِ, لَكِنَّ تَعْلِيلَ الْمُصَنِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مَنْقُولَةٌ عَنْ مُصَنِّفٍ, وَتَوَارَدَ عَلَيْهَا جَمَاعَةٌ, وَفَسَّرُوا كَلَامَهُ بِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إلَّا النِّسَاءَ, قَالَ الْقَاضِي وَابْنُهُ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ: وَالْعَقْدُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ شِهَابٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ حِلُّهُ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ, انتهى.
الْوَطْءَ فِي الْفَرْجِ. وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ فِيهِ دَمٌ, وَعَنْهُ: إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ لَا شَيْءَ فِي تَرْكِهِ وَنَقَلَ مُهَنَّا: فِي مُعْتَمِرٍ تَرَكَهُ ثم أحرم بعمرة, الدم كثير, عَلَيْهِ أَقَلُّ مِنْ الدَّمِ, فَإِنْ حَلَقَ قُبِلَ نَحْرُهُ أَوْ رَمْيُهُ أَوْ نَحَرَ أَوْ زَارَ قَبْلَ رَمْيِهِ فَلَا دَمَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُ عَامِدًا عَالِمًا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ, وَأَطْلَقَهَا ابْنُ عَقِيلٍ, وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَرُّوذِيُّ: يَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلِلْمُخْطِئِ فِيمَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِ الْمُفْتِي يُشْبِهُ خَطَأَ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا يَفْهَمُهُ مِنْ النَّصِّ, وَمِمَّا احْتَجَّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وقال الشيخ: النحر فروايتان "م 12" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْقَوْلُ الْأَوَّلُ" وَهُوَ الْمَنْعُ أَيْضًا مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ, اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ, وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَقَالَ الشَّيْخُ: النَّحْرُ فِيهِ, رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وغيرهم.
وَهَلْ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَطَوَافٍ؟ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ رَمْيٍ وَطَوَافٍ وَالثَّانِي بِالْبَاقِي؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 13" فَعَلَى الثَّانِيَةِ الْحَلْقُ إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ, وَفِي التعليق: نُسُكٌ, كَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَرَمْيٍ يَوْمَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَنَّهُ نُسُكٌ, وَيَحِلُّ قَبْلَهُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ فِي حِلِّهِ قَبْلَهُ رِوَايَتَيْنِ, وَذَكَرَ فِي الْكَافِي1 الْأَوَّلَ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إنْ كَانَ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا لَمْ يَحِلَّ هَذَا التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ إلَّا بَعْدَ رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَنَحْرٍ وَطَوَافٍ, فَيَحِلُّ الْكُلُّ, وَهُوَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي. ثُمَّ يَخْطُبُ الْإِمَامُ بِهَا يَوْمَ النَّحْرِ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ جَمَاعَةٌ: بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ, وَعَنْهُ: لَا يَخْطُبُ, نَصَرَهُ القاضي وأصحابه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" لَا دَمَ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ أَوْلَى. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" عَلَيْهِ دَمٌ بِالتَّأْخِيرِ, وَمَحَلُّهُمَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْحَلْقَ نُسُكٌ. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَهَلْ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَطَوَافٍ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ رَمْيٍ وَطَوَافٍ وَالثَّانِي بِالْبَاقِي؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ "إحْدَاهُمَا" يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ رَمْيٍ وَحَلْقٍ وَطَوَافٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي الْكَافِي3: قَالَهُ أَصْحَابُنَا, وهو ظاهر ما جزم به في
ثُمَّ يَأْتِي مَكَّةَ فَيَطُوفُ الْمُتَمَتِّعُ فِي الْمَنْصُوصِ لِلْقُدُومِ, كَعُمْرَتِهِ, ثُمَّ يَسْعَى, نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: يُجْزِئُ سَعْيُ عُمْرَتِهِ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. ثُمَّ يَطُوفُ الْفَرْضَ, وَهُوَ الْإِفَاضَةُ وَالزِّيَارَةُ, يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ بِالنِّيَّةِ, نَصَّ عَلَيْهِ "ش" بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ, وَعَنْهُ: فَجْرُهُ, وَلَا دَمَ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ بِلَا عُذْرٍ, خِلَافًا لِلْوَاضِحِ, وَلَا عَنْ أَيَّامِ مِنًى, كَالسَّعْيِ وَخَرَّجَ القاضي وغيره رواية في.1 الْحَلْقِ, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي سَعْيٍ, وَيَطُوفُهُ مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ, وَقَبْلَهُ لِلْقُدُومِ, فِي الْمَنْصُوصِ, مَا لَمْ يَكُونَا دَخَلَا مَكَّةَ, قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى. وَفِي الْوَاضِحِ: هُوَ سُنَّةٌ لِمَنْ خَرَجَ مِنْهَا إلَى عَرَفَةَ, فَإِنْ كَانَ سَعَى لِلْقُدُومِ وَإِلَّا سَعَى, ثُمَّ يَحِلُّ مُطْلَقًا, وَإِنْ قِيلَ: السَّعْيُ لَيْسَ رُكْنًا, قِيلَ: سُنَّةٌ, وَقِيلَ: وَاجِبٌ, فَفِي حِلِّهِ قَبْلَهُ وَجْهَانِ "م 14 و 15" ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّخْلِيصِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِوَاحِدٍ مِنْ رمي وطواف. مَسْأَلَةٌ 14 و 15" قَوْلُهُ بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ: ثُمَّ يَحِلُّ مُطْلَقًا, وَإِنْ قِيلَ: السَّعْيُ لَيْسَ رُكْنًا, قِيلَ: سُنَّةٌ, وَقِيلَ: وَاجِبٌ, فَفِي حِلِّهِ قَبْلَهُ وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا قُلْنَا: إنَّ السَّعْيَ لَيْسَ بِرُكْنٍ فَهَلْ هُوَ سُنَّةٌ أَوْ وَاجِبٌ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ بِقِيلَ وَقِيلَ, وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْأَرْكَانِ أَنَّ السَّعْيَ رُكْنٌ2, ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ: يُجْبِرُهُ بِدَمٍ, وَعَنْهُ: سُنَّةٌ, فَحَكَى الْخِلَافُ رِوَايَتَيْنِ, وَحَكَاهُمَا هنا قولين,
ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ لِمَا أَحَبَّ, وَيَتَضَلَّعُ1. وفي التبصرة: ويرش. عَلَى بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ: "إنَّهَا مُبَارَكَةٌ إنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ" أَيْ تُشْبِعُ شَارِبَهَا كَالطَّعَامِ. وَيَقُولُ مَا ورد. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَاكَ إذَا لَمْ نَقُلْ إنَّهُ رُكْنٌ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهُ يَجْبُرُهُ بِدَمٍ, فَيَكُونُ وَاجِبًا, وَهُنَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ, أَوْ يُقَالُ: لَمْ يُقَدِّمْ هُنَاكَ حُكْمًا, وَهُنَا حَرَّرَ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَهُوَ الظَّاهِرُ, فَإِنَّ كَلَامَهُ هُنَاكَ مُحْتَمِلٌ, ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لَيْسَا بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْحَابُ, وَإِنَّمَا هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَقُلْ إنَّهُ رُكْنٌ, فَهَلْ يَكُونُ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً؟ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الرَّاجِحِ وَالْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا وَالصَّحِيحِ, وَلَمْ يَذْكُرْ الرِّوَايَتَيْنِ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَالَهُ أَوَّلًا, وَذَكَرَ هُنَاكَ مَنْ اخْتَارَ كُلَّ رِوَايَةٍ مِنْهُمَا, وَأَمَّا هُنَا فَبَعْضُ الْأَصْحَابِ رَجَّحَ أَنَّهُ وَاجِبٌ, وَبَعْضُهُمْ رَجَّحَ أَنَّهُ سُنَّةٌ إذَا لَمْ نَقُلْ إنَّهُ رُكْنٌ, وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ واجب.
فصل: ثم يرجع فيصلي ظهر يوم النحر بمنى
فصل: ثُمَّ يَرْجِعُ فَيُصَلِّي ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, لِلْخَبَرِ1 فَيَبِيتُ بِمِنًى ثَلَاثَ لَيَالٍ, وَيَرْمِي فِي غَدٍ بَعْدَ الزَّوَالِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيُسْتَحَبُّ قَبْلَ الصَّلَاةِ, وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَفِي الْوَاضِحِ: بِطُلُوعِ الشَّمْسِ, إلَّا ثَالِثَ يَوْمٍ, وَأَطْلَقَ أَيْضًا فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ لَهُ الرَّمْيَ مِنْ أَوَّلِ, وَأَنَّهُ يَرْمِي فِي الثَّالِثِ كَالْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ, ثُمَّ يَنْفِرُ. وَيَرْمِي إلَى الْمَغْرِبِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى, وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ, ثُمَّ الْوُسْطَى, وَيَدْعُو عِنْدَهُمَا طَوِيلًا, قَالَ بَعْضُهُمْ: رَافِعًا يديه, نقل حنبل: يستحب رفع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَدَيْهِ عِنْدَ الْجِمَارِ, ثُمَّ الْعَقَبَةِ, وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا, وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِيَ. فَإِنْ نَكَسَهُنَّ أَوْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ مِنْ السَّابِقَةِ لَمْ يُجْزِئْهُ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَعَنْهُ: إنْ جَهِلَ, وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِرَمْيِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَجْعَلُ الْأُولَى يَسَارَهُ وَالْأُخْرَيَيْنِ يَمِينَهُ, كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ, وَعَنْهُ: سِتٍّ, وَعَنْهُ: خَمْسٍ, ثُمَّ الْيَوْمُ الثَّانِي كَذَلِكَ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ رَمْيٌ مُتَعَجَّلٌ قَبْلَ الزَّوَالِ, وَيَنْفِرُ بَعْدَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إن رمى عند. طُلُوعِهَا مُتَعَجِّلٌ ثُمَّ نَفَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ دَمًا, وَإِنْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ إلَى الْغَدِ رَمَى رَمِيَّيْنِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَإِنْ رَمَى الْكُلَّ وَيَوْمُ النَّحْرِ آخَرُ أَيَّامِ مِنًى أَجْزَأَ أَدَاءً, وَقِيلَ: قَضَاءً. وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ بِالنِّيَّةِ, وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهَا لَزِمَهُ دَمٌ, وَلَا يَأْتِي بِهِ كَالْبَيْتُوتَةِ بِمِنًى, وَتَرْكُ حَصَاةٍ كَشَعْرَةٍ, وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ: يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَعَنْهُ: عَمْدًا, وَعَنْهُ: دَمٌ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ, وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ الْجَمَاعَةِ وَالْأَصْحَابِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا لِعَدَمِ الدَّلِيلِ, وَعَنْهُ: فِي ثِنْتَيْنِ كَثَلَاثٍ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَكَجَمْرَةٍ وَجِمَارٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ هَدَرٌ, وَعَنْهُ: وَثِنْتَانِ, وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا لَمْ يَقُمْ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا أَطْعَمَ شَيْئًا, وَدَمٌ أَحَبُّ إلَيَّ, وَإِنْ لَمْ يُطْعِمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِيِ مِنًى دَمٌ, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ, وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وعنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 15" إذَا قُلْنَا إنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ وطاف طواف الإفاضة, فهل
يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَلَيْلَةً كَذَلِكَ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَعَنْهُ: كَشَعْرَةٍ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ نُسُكًا بِمُفْرَدِهَا, بِخِلَافِ مُزْدَلِفَةَ, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَالُوا: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَمٌ, وَعَنْهُ: لَا يَجِبُ1 شَيْءٌ, فَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي, وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ, ثُمَّ لَا يَضُرُّ رُجُوعُهُ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ, وَلَيْسَ عَلَيْهِ رَمْيُ. الْيَوْمِ, الثَّالِثِ, قَالَهُ أَحْمَدُ, وَيَدْفِنُ بَقِيَّةَ الْحَصَى, فِي الْأَشْهَرِ, زَادَ بَعْضُهُمْ: فِي الْمَرْمَى, وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: أَوْ يَرْمِي بِهِنَّ كَفِعْلِهِ فِي اللَّوَاتِي قَبْلَهُنَّ, فَإِنْ غَرَبَتْ شَمْسُهُ بَاتَ وَرَمَى بَعْدَ الزَّوَالِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: أَوْ قَبْلَهُ, وَهُوَ النَّفْرُ الثَّانِي. وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْمُقِيمِ لِلْمَنَاسِكِ التَّعْجِيلُ لِأَجَلِ مَنْ يَتَأَخَّرُ, قَالَهُ أصحابنا, ذكره القاضي وغيره وشيخنا, وَلَا مَبِيتَ بِمِنًى عَلَى سُقَاةِ الْحَاجِّ وَالرُّعَاةِ, ولهم الرمي2 بِلَيْلٍ وَنَهَارٍ, فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُمْ بِهَا لَزِمَ الرِّعَاءُ, قَالَ الشَّيْخُ: وَكَذَا عُذْرُ خَوْفٍ وَمَرَضٍ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: أَوْ خَوْفِ فَوْتِ مَالِهِ أَوْ مَوْتِ مَرِيضٍ. وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ ثَانِيَ أَيَّامِ مِنًى, نَقَلَ الْأَثْرَمُ: مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُلْ: يَزُورُ الْبَيْتَ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ مِنًى, وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ الْإِقَامَةَ بِمِنًى, قَالَ: وَاحْتَجَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ3, وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: مَنْ شَاءَ طاف أيام التشريق4. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحِلُّ قَبْلَ السَّعْيِ أَمْ لَا؟ أُطْلَقَ الْخِلَافُ فيه.
ثُمَّ يَطُوفُ لِلْوَدَاعِ إنْ لَمْ يُقِمْ, قَالَ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ: إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَزْمِ. عَلَى الْخُرُوجِ. وَاحْتَجَّ بِهِ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ ليس من الحج "وش" وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَلَا يتعلق به "1في من وطئ بعد التحلل1" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَحِلُّ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ; لأنهم أطلقوا الإحلال
ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ, وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: كُلَّمَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ دَخَلَ كَمَا وَصَفْنَا, فَإِنْ أَقَامَ بَعْدَ الْوَدَاعِ لِغَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ شِرَاءِ حَاجَةٍ بِطَرِيقِهِ, وَقَالَ الشَّيْخُ: أَوْ قَضَى بِهَا حَاجَةً أَعَادَ, وَسَأَلَهُ صَالِحٌ: إنْ وَقَفَ وَقْفَةً أَوْ رَجَعَ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا قَدْرَ غَلْوَةٍ؟ قَالَ: أَرْجُو, وَنَصُّهُ فِيمَنْ وَدَّعَ وَخَرَجَ ثُمَّ دَخَلَ لِحَاجَةٍ: يُحْرِمُ, وَإِذَا خَرَجَ وَدَّعَ, كَمَنْ دَخَلَ مُقِيمًا, وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أبي داود: ودع ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْدَ طَوَافِ الْإِضَافَةِ وَلَمْ يَسْتَثْنُوا, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "وَالْوَجْهُ الثاني" لا يحل حتى يسعى.
ثُمَّ نَفَرَ يَشْتَرِي طَعَامًا يَأْكُلُهُ ; قَالَ لَا يَقُولُونَ حَتَّى يَجْعَلَ الرَّدْمَ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. وَإِنْ تَرَكَتْهُ غَيْرُ حَائِضٍ لَمْ تَطْهُرْ قَبْلَ مُفَارِقَةِ الْبُنْيَانِ وَقَالَ الشَّيْخُ: وَأَهْلُ الْحَرَمِ رَجَعَ, فَإِنْ شَقَّ وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ بَعْدَ مَسَافَةِ قَصْرٍ لَزِمَهُ دَمٌ, وَمَتَى رَجَعَ الْقَرِيبُ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْرَامٌ, قَالَ الشَّيْخُ: كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ, وَالْبَعِيدُ يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ وَيَأْتِي بِهَا وَيَطُوفُ لِوَدَاعِهِ. وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ أَوْ لِلْقُدُومِ كَفَاهُ عَنْهُمَا, وَعَنْهُ: يُوَدِّعُ."*". وَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ أَقَامَ بِمِنًى وَلَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ فَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ, وَإِنْ خَرَجَ غَيْرَ حَاجٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا لا يودع.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: "وَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ عِنْدَ خُرُوجِهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: أَوْ لِلْقُدُومِ كَفَاهُ عَنْهُمَا, وعنه: يودع", انتهى. تَأْخِيرُ طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَفِعْلُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ كَافٍ عَنْهُ وَعَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ, وَقَدَّمَ أَنَّ تَأْخِيرَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَفِعْلَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ لَا يَكْفِي عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: يُجْزِئُهُ كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ, وَقَطَعُوا بِهِ, وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ, زَادَ فِي الْهِدَايَةِ: مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ, فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ, مِنْهَا: حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَى صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ, وَمِنْهَا: أَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَهُمَا كَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ, وَمِنْهَا: أَنَّ كَلَامَهُ أَوْهَمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَذَا الْقَوْلِ نَصٌّ عَنْ أَحْمَدَ, وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْمَدَ نص عليه,
وَيُسْتَحَبُّ دُخُولُ الْبَيْتِ وَالْحِجْرُ مِنْهُ بِلَا خُفٍّ وَنَعْلٍ وَسِلَاحٍ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَتَعْظِيمُ دُخُولِهِ فَوْقَ الطَّوَافِ يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الْعِلْمِ, قَالَهُ فِي الْفُنُونِ, وَالنَّظَرُ إلَيْهِ عِبَادَةٌ, قَالَهُ أَحْمَدُ. وَفِي الْفُصُولِ: وَرُؤْيَتُهُ لِمَقَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوَاضِعِ الْأَنْسَاكِ, قَالَ الْأَصْحَابُ: وَوُقُوفُهُ بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ, وَيَلْتَزِمُهُ مُلْصِقًا بِهِ جَمِيعَهُ وَيَدْعُو. وَالْحَائِضُ تَقِفُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ, وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَأْتِي الْحَطِيمَ وهو تحت الميزاب فيدعو, وذكر شيخنا:. ثُمَّ يَشْرَبُ مِنْ زَمْزَمَ, وَيَسْتَلِمُ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا قَدِمَ1 مُعْتَمِرًا فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ عُمْرَتِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, ثُمَّ يَخْرُجُ, فَإِنْ الْتَفَتَ وَدَّعَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ, وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى النَّدْبِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يُوَلِّي ظَهْرَهُ حَتَّى يَغِيبَ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ هَذَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: ثُمَّ يَأْتِي2 الْأَبْطَحَ الْمُحَصَّبَ فَيُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَ والعصر والمغرب والعشاء ويهجع به. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمِنْهَا أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى مَا قَدَّمَهُ, فَيَتَقَوَّى الْقَوْلُ الثَّانِي بِقَطْعِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَبِالنَّصِّ عَنْ أَحْمَدَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَكِنَّ تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ عُسْرٌ, وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ إجْزَاءِ طَوَافِ الْقُدُومِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدِمَ مَكَّةَ لِضِيقِ وَقْتِ الْوُقُوفِ, بَلْ قَصَدَ عَرَفَةَ, فَلَمَّا رَجَعَ وَأَرَادَ الْعَوْدَ طَافَ لِلزِّيَارَةِ ثُمَّ لِلْقُدُومِ, إمَّا نِسْيَانًا أَوْ غَيْرَهُ, فَهَذَا الطَّوَافُ يَكْفِيهِ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعِ, والله أعلم.
وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزِيَارَةُ قَبْرِهِ وَقَبْرِ صَاحِبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلًا لَهُ لَا لِلْقِبْلَةِ "هـ" ثُمَّ يَسْتَقْبِلُهَا وَيَجْعَلُ الْحُجْرَةَ عَنْ يَسَارِهِ وَيَدْعُو, ذَكَرَهُ أَحْمَدُ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَرُبَ مِنْ الْحُجْرَةِ أَوْ بَعُدَ. وَفِي الْفُصُولِ نَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو طَالِبٍ: إذَا حَجَّ لِلْفَرْضِ لَمْ يَمُرَّ بِالْمَدِينَةِ ; لِأَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ كَانَ فِي سَبِيلِ الْحَجِّ, وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُهُ وَيَدْعُو, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ قَصْدُ الْقُبُورِ لِلدُّعَاءِ, قَالَ شَيْخُنَا: وَوُقُوفُهُ عِنْدَهَا لَهُ, وَلَا يُسْتَحَبُّ تَمَسُّحُهُ بِهِ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: بَلْ يُكْرَهُ, قَالَ أَحْمَدُ: أَهْلُ الْعِلْمِ كَانُوا لَا يَمَسُّونَهُ, نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يَدْنُو مِنْهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ يَقُومُ حِذَاءَهُ فَيُسَلِّمُ, كَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ1, وَعَنْهُ: بَلَى, وَرَخَّصَ فِي الْمِنْبَرِ "م" ; لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم منه2 ثُمَّ وَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ3, قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ: وَلْيَأْتِ الْمِنْبَرَ. فَلْيَتَبَرَّكْ بِهِ تَبَرُّكًا بِمَنْ, كَانَ يَرْتَقِي عَلَيْهِ, قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ طَوَافُهُ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ, اتِّفَاقًا, قَالَ: وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَا يُقَبِّلُهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ, فَإِنَّهُ مِنْ الشِّرْكِ, وَقَالَ: وَالشِّرْكُ لَا يَغْفِرُهُ اللَّهُ وَلَوْ كَانَ أَصْغَرَ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا تُرْفَعُ الْأَصْوَاتُ عِنْدَ حُجْرَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ, كَمَا لَا تُرْفَعُ فَوْقَ صَوْتِهِ ; لِأَنَّهُ فِي التَّوْقِيرِ وَالْحُرْمَةِ كَحَيَاتِهِ, رأيته في مسائل لبعض أصحابنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْفُنُونِ: قَدِمَ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ الْمَدِينَةَ, فَرَأَى ابْنَ الْجَوْهَرِيِّ1 الْوَاعِظَ الْمِصْرِيَّ يَعِظُ, فَعَلَا صَوْتُهُ, فَصَاحَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَالنَّبِيُّ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّوْقِيرِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَحَالِ حَيَاتِهِ, فَكَمَا لَا تُرْفَعُ الْأَصْوَاتُ بِحَضْرَتِهِ حَيًّا وَلَا مِنْ وَرَاءِ حُجْرَتِهِ, فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ, انْزِلْ, فَنَزَلَ ابْنُ الْجَوْهَرِيِّ, وَفَزِعَ النَّاسُ لِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّهُ كَلَامُ صِدْقٍ وَحَقٍّ وَجَاءَ عَلَى لِسَانِ مُحِقٍّ, فَنَحْكُمُ عَلَى سَامِعِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ هَذَا أَدَبٌ مُسْتَحَبٌّ بَعْدَ الْمَوْتِ, وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لِلْإِنْصَاتِ لِكَلَامِهِ إذَا قَرَأَ بَلْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لِلْقِرَاءَةِ, بَلْ يُسْتَحَبُّ, فَهُنَا أَوْلَى, وَأَوْجَبَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ. وَفِي مَبَاحِثِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ مَا قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُهُ, فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ2. قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَيُّوبَ, فَسَمِعَ لَغَطًا فَقَالَ: مَا هَذَا اللَّغَطُ, أَمَا بَلَغَهُمْ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ؟ وَعَنْ السَّرِيِّ بْنِ عَاصِمٍ3 أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ فَسَمِعَ كَلَامًا فَقَالَ: مَا هَذَا كُنَّا عِنْدَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ يُحَدِّثُ فَسَمِعَ كَلَامًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ كَانُوا يَعُدُّونَ الْكَلَامَ عِنْدَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كرفع الصوت فوق صوته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِذَا تَوَجَّهَ هَلَّلَ ثُمَّ قَالَ آئِبُونَ تَائِبُونَ, عَابِدُونَ, لِرَبِّنَا حَامِدُونَ, صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ, وَنَصَرَ عَبْدَهُ, وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَكَانُوا يَغْتَنِمُونَ أَدْعِيَةَ الْحَاجِّ قَبْلَ أَنْ يَتَلَطَّخُوا بالذنوب.
فصل: أركان الحج الوقوف بعرفة وطواف الزيارة
فصل: أَرْكَانُ الْحَجِّ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ وَلَوْ تَرَكَهُ رَجَعَ مُعْتَمِرًا, نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ, وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ طَافَ فِي الْحِجْرِ وَرَجَعَ بَغْدَادَ يَرْجِعُ ; لِأَنَّهُ عَلَى بَقِيَّةِ إحْرَامِهِ, فَإِنْ وَطِئَ أَحْرَمَ مِنْ التَّنْعِيمِ, عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ1, وَعَلَيْهِ دَمٌ, وَنَقَلَ غَيْرُهُ مَعْنَاهُ. وَكَذَا السَّعْيُ, وَعَنْهُ: يَجْبُرُهُ دَمٌ, وَعَنْهُ: سُنَّةٌ, وَهَلْ الْإِحْرَامُ. لِلنِّيَّةِ, ركن أو شرط؟ فيه روايتان "م 16" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَهَلْ الْإِحْرَامُ لِلنِّيَّةِ رُكْنٌ أَمْ شَرْطٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" رُكْنٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ: هَذَا أَصَحُّ فِي ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْحَابِنَا. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةِ" هُوَ شَرْطٌ, حَكَاهَا الْمُصَنِّفُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ عَنْهُ: إنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ هُنَا: وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ أَنَّ الْإِحْرَامَ شَرْطٌ, وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَذَلِكَ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ, وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ قَالَ بالرواية الأولى قاس الإحرام
وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ مَا ظَاهِرُهُ رِوَايَةٌ بِجَوَازِ تَرْكِهِ, وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ1: سُنَّةٌ, وَقَالَ: الْإِهْلَالُ فَرِيضَةٌ, وَعَنْهُ: سُنَّةٌ, وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ2.. وَوَاجِبَاتُهُ: الْإِحْرَامُ مِنْ مِيقَاتِهِ. وَالْوُقُوفُ إلَى الْغُرُوبِ. وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَلَوْ غَلَبَهُ نوم بعرفة, نقله المروذي.. وَفِي الْوَاضِحِ فِيهِ وَفِي مَبِيتِ مِنًى: وَلَا عذر إلى بعد3 نصف الليل. والرمي, وكذا ترتيبه, على الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ, وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ شَرْطٌ, فَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِحْرَامُ يَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ, فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا كَالطَّهَارَةِ مَعَ الصَّلَاةِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي بَابِ الْإِحْرَامِ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ شَرْطٌ, كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا, كَنِيَّةِ الْوُضُوءِ, انْتَهَى. فَلَعَلَّ قَوْلَهُ هُنَا "وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ أَنَّهُ شَرْطٌ" يَعْنِي عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ حَالَ شَرْحِ هَذَا الْمَكَانِ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ, وَاسْتَحْضَرَهُ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ, وَهَذَا أَوْلَى, وَإِلَّا كَانَ كَلَامُهُ مُتَنَاقِضًا, وَهُوَ قَدْ شَرَحَ بَابَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ هَذَا الْمَكَانِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَطَوَافُ الْوَدَاعِ, فِي الْأَصَحِّ, وَهُوَ الصَّدْرُ, وَقِيلَ الصَّدْرُ: طَوَافُ الزِّيَارَةِ, وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ, قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَطُوفُهُ مَتَى أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ مِنْ1 نَفْرٍ آخَرَ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ, وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: وَالْقُدُومُ. وَالْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ وَالْمَبِيتُ بِمِنًى, عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَفِي الدَّفْعِ مَعَ الْأَمَامِ رِوَايَتَانِ "م 17". وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ سُنَّةٌ, قَطَعَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْخِلَافِ وَالْفُصُولِ وَالْمَذْهَبِ وَالْكَافِي3 ; لأنها استراحة. وفي الرعاية: واجب, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَفِي الدَّفْعِ مَعَ الْإِمَامِ رِوَايَتَانِ "يَعْنِي مِنْ عَرَفَةَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَيَعْنِي هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ؟ "إحْدَاهُمَا" هُوَ سُنَّةٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ اخْتِيَارُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" أَنَّ الدَّفْعَ مَعَهُ وَاجِبٌ, وَقَدْ قَطَعَ الْخِرَقِيُّ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا بِتَرْكِهِ. فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِتَصْحِيحِهَا, فَلَهُ الْحَمْدُ والمنة.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَجِبُ الرَّمَلُ وَالِاضْطِبَاعُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا نَسِيَ الرَّمَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذا نسي, وكذا قاله الخرقي وغيره. وَأَرْكَانُ الْعُمْرَةِ: الطَّوَافُ. وَفِي إحْرَامِهَا, وَإِحْرَامُهَا مِنْ مِيقَاتِهَا وَالسَّعْيُ وَالْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ الْخِلَافُ فِي الْحَجِّ, وَفِي الْفُصُولِ: السَّعْيُ فِيهَا رُكْنٌ, بِخِلَافِ الْحَجِّ ; لِأَنَّهَا أَحَدُ النِّسْكَيْنِ, فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِرُكْنَيْنِ, كَالْحَجِّ. وَلَا يُكْرَهُ الِاعْتِمَار فِي السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ مَرَّةٍ م وَيُكْرَهُ الْإِكْثَارُ وَالْمُوَالَاةُ بَيْنَهَا بِاتِّفَاقِ السَّلَفِ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, قَالَ أَحْمَدُ: إنْ شَاءَ كُلَّ شَهْرٍ, وَقَالَ: لَا بُدَّ يَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ, وَفِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ, وَاسْتَحَبَّهُ جَمَاعَةٌ. وَمَنْ كَرِهَ1 أَطْلَقَ, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَهُ إذَا عُوِّضَ بِالطَّوَافِ, وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهُ, خِلَافًا لِشَيْخِنَا, وَفِي الْفُصُولِ: لَهُ أَنْ يعتمر في السنة ما شاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ تَكْرَارُهَا فِي رَمَضَانَ ; لِأَنَّهَا تَعْدِلُ حَجَّةً, لِلْخَبَرِ1, وَكَرِهَ شَيْخُنَا الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ لِعُمْرَةِ تَطَوُّعٍ, وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ وَلَا صَحَابِيٌّ عَلَى عَهْدِهِ إلَّا عَائِشَةُ, لَا فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ, اتِّفَاقًا. وَلَمْ يَأْمُرْ عَائِشَةَ, بَلْ أَذِنَ لَهَا بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ لِتَطْيِيبِ قَلْبِهَا, قَالَ: وَطَوَافُهُ, وَلَا يَخْرُجُ أَفْضَلُ, اتِّفَاقًا. وَخُرُوجُهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَكْرَهْهُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ, كَذَا قَالَ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَخْتَارُهَا عَلَى الطَّوَافِ, وَيَحْتَجُّ بِاعْتِمَارِ عَائِشَةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتَارُ. الطَّوَافَ وَهِيَ أَفْضَلُ فِي رَمَضَانَ, قَالَ أَحْمَدُ: هِيَ فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً, قَالَ: وَهِيَ حَجٌّ أَصْغَرُ. قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" 2 يَدْخُلُ فِيهِ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ ; وَلِهَذَا أَنْكَرَ أَحْمَدُ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ حَجَّةَ التَّمَتُّعِ حَجَّةٌ3 مَكِّيَّةٌ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, وَهِيَ عِنْدَ أَحْمَدَ بَعْضُ حَجَّةِ الْكَامِلِ, بِدَلِيلِ صَوْمِهَا. فَمَنْ تَرَكَ رُكْنًا أَوْ النِّيَّةَ لَمْ يَصِحَّ نُسُكُهُ وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا وَلَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ, فَإِنْ عَدِمَهُ فَكَصَوْمِ الْمُتْعَةِ وَالْإِطْعَامُ عَنْهُ. وَفِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ: الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ لَا يَنُوبُ عَنْهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً فَهَدَرٌ, قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وَلَمْ يُشْرَعْ الدَّمُ عنها ; لأن جبران
الصَّلَاةِ أَدْخَلُ, فَيَتَعَدَّى إلَى صَلَاتِهِ مِنْ صَلَاةِ غَيْرِهِ. وَتُكْرَهُ تَسْمِيَةُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ صَرُورَةً1, لقوله عليه السلام "لا صرورة فِي الْإِسْلَامِ" 2 وَ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ جَاهِلِيٌّ. وَأَنْ يُقَالَ: حَجَّةُ الْوَدَاعِ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ3, قَالَ: وَأَنْ يُقَالَ: شَوْطٌ بَلْ طَوْفَةٌ وَطَوْفَتَانِ. وَقَالَ فِي فُنُونِهِ: إنَّهُ لَمَّا حَجَّ صَلَّى بَيْنَ عَمُودَيْ الْبَيْتِ إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ. لِتَكُونَ الْمُوَافَقَةُ دَاخِلَةً. وَسَلَّمَ عَلَى قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ كَآدَمَ وَغَيْرِهِ, لِمَا رُوِيَ. إنَّ بِمَكَّةَ أُلُوفًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ4 وَلَمْ يَرْجُمْ قَبْرَ أَبِي لَهَبٍ, لِمَا عَلِمَ مِنْ كَرَاهَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فِي حَقِّ أَهْلِهِ5, وَنَزَلَ عَنْ الظَّهْرِ مُنْذُ لَاحَتْ مَكَّةُ, احْتِرَامًا وَإِعْظَامًا لَهَا, وَاخْتَفَى فِي الطَّوَافِ عَنْ النَّاسِ وَأَبْعَدَ عَنْهُمْ, وَلَمْ يَمْلَأْ عَيْنَيْهِ مِنْهَا6, وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِذَاتِهَا, بَلْ بِاسْتِحْضَارِ الشَّرَفِ, وَلَمَّا تَعَلَّقَ بِسُتُورِهَا تَعَلَّقَ بِالْعَتِيقِ, لِطُولِ مُلَامَسَتِهِ لَهَا, وَأَذَّنَ فِي الْحَرَمِ مَدَى صَوْتِهِ, وَأَكْثَرَ الْمَشْيَ فِيهِ وَالصَّلَاةَ, لِيُصَادِفَ بُقْعَةً فِيهَا أَثَرَ الصَّالِحِينَ, وَلَمْ يَدْعُ بِسَعَةِ الرِّزْقِ بَلْ بِالصَّلَاحِ, وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ7 عَنْ الْأَصْحَابِ وَاعْتَذَرَ لَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ النَّهْضَةِ, وَنَزَلَ فِي الرَّوْضَةِ وَصَلَّى فِي مَوْضِعِ الْمِحْرَابِ الْأَوَّلِ, وَتَوَسَّلَ بالنبي صلى الله عليه وسلم في
الدُّعَاءِ, وَأَشَارَ إلَى قَبْرِهِ حِينَئِذٍ, وَلَمْ يَعِظْ فِي الْحَرَمِ, لِاغْتِنَامِ الْأَوْقَاتِ. وَلَيْسَ مِنْ تَمَامِ الْحَجِّ ضَرْبُ الْجَمَّالِينَ, خِلَافًا لِلْأَعْمَشِ, وَحَمَلَ ابْنُ حَزْمٍ قَوْلَهُ عَلَى الْفَسَقَةِ مِنْهُمْ, وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَمْشِيَ نَاوِيًا بِذَلِكَ الْإِحْسَانَ إلَى الدَّابَّةِ وَصَاحِبِهَا, وَأَنَّهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَقَدْ كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَمْشِي كَثِيرًا, فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: لِمَ تَمْشِي؟ فَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُخْبِرَهُ, فَقَبَضَ عَلَى كُمِّهِ وَقَالَ: لَا أَدَعُك حَتَّى تُخْبِرَنِي, قَالَ: فَدَعْنِي حَتَّى أُخْبِرَكَ. فَقَالَ: أَلَيْسَ يُقَالُ فِي حُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ هَذَا مِنْ حُسْنِ الصُّحْبَةِ مَعَ الْجَمَّالِ, أَلَيْسَ يُقَالُ: مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَنَحْنُ نَمْشِي فِيهِ, أَلَيْسَ يُقَالُ: إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ صَدَقَةٌ؟ قُلْت: بَلَى, قَالَ: فَإِنَّ هَذَا الْجَمَّالَ كُلَّمَا مَشَيْنَا سَرَّهُ قُلْت: بَلَى. قَالَ السَّائِلُ: هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ. وَيُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ تَسْيِيرِ الْحَجِيجِ كَوْنُهُ مُطَاعًا ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَهِدَايَةٍ, وَعَلَيْهِ جَمْعُهُمْ وَتَرْتِيبُهُمْ وَحِرَاسَتُهُمْ فِي الْمَسِيرِ وَالنُّزُولِ وَالرِّفْقُ بِهِمْ وَالنُّصْحُ, وَيَلْزَمُهُمْ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ, وَيُصْلِحُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ, وَلَا يَحْكُمُ إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ, فَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَلْزَمُهُ عِلْمُ خُطَبِ الْحَجِّ وَالْعَمَلُ بِهَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ جَرَّدَ مَعَهُمْ وَجَمَعَ لَهُ مِنْ الْجُنْدِ الْمُقَطَّعِينَ1 مَا يُعِينُهُ2 عَلَى كُلْفَةِ الطَّرِيقِ أُبِيحَ لَهُ, ولا ينقص أجره, وله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَجْرُ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَهَذَا كَأَخْذِ بَعْضِ الْأَقْطَاعِ لِيَصْرِفَهُ فِي الْمَصَالِحِ, وَلَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ, وَيَلْزَمُ الْمُعْطِيَ بَذْلُ مَا أُمِرَ بِهِ. وَشَهْرُ السِّلَاحِ عِنْدَ قُدُومِ تَبُوكَ بِدْعَةٌ, زَادَ شَيْخُنَا: مُحَرَّمَةٌ, قَالَ: وَمَا يَذْكُرُهُ الْجُهَّالُ فِي حِصَارِ تَبُوكَ كَذِبٌ, فَلَمْ يَكُنْ بِهَا حِصْنٌ وَلَا مُقَاتِلَةٌ, وَإِنَّ مَغَازِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بِضْعًا وَعِشْرِينَ لَمْ يُقَاتِلْ فِيهَا إلَّا فِي تِسْعٍ: بَدْرٍ, وَأُحُدٍ, وَالْخَنْدَقِ, وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ, وَالْغَابَةِ1, وَفَتْحِ خَيْبَرَ, وَفَتْحِ مَكَّةَ, وَحُنَيْنٍ والطائف2.والله تعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الفوات والإحصار
باب الفوات والإحصار مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ لِعُذْرِ حَصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا انْقَلَبَ إحْرَامُهُ عُمْرَةً, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, قَارِنًا وَغَيْرَهُ ; لِأَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا, وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ عُمْرَةٍ عَلَى عُمْرَةٍ إذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا, وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ, فِي الْمَنْصُوصِ, لِوُجُوبِهَا كَمَنْذُورَةٍ, وَعَنْهُ: لَا يَنْقَلِبُ وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, فَيَدْخُلُ إحْرَامُ الْحَجِّ عَلَى الْأَوِّلَةِ فَقَطْ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَدْخُلُ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ قَارِنًا, احْتَجَّ الْقَاضِي بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إحْرَامُ الْحَجِّ وَإِلَّا لَصَحَّ وَصَارَ قَارِنًا, وَاحْتَجَّ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَبِأَنَّهُ لَوْ جَازَ بَقَاؤُهَا لَجَازَ أَدَاءُ أَفْعَالِ الْحَجِّ بِهِ فِي السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ, وَبِأَنَّ الْإِحْرَامَ إمَّا أَنْ يُؤَدَّى بِهِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ, فَأَمَّا عَمَلُ عُمْرَةٍ فَلَا, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ: يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَلَيْسَ عُمْرَةً, وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ قَضَاءِ النَّفْلِ "وَ" كَالْإِفْسَادِ. وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَلْزَمُ فَسْخُ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجَّةِ نَفْلٍ فَفَسَخَهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ الْحَجِّ, وَعَنْهُ: لَا, قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا, وَيَلْزَمُهُ إنْ لم يشترط1 أولا هدي على2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّحِيحِ الْأَصَحِّ, قِيلَ: مَعَ الْقَضَاءِ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ "هـ" دَمٌ, وَلَا يَلْزَمُهُ1 ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ كَدَمِ التَّمَتُّعِ, وَإِلَّا فِي عَامِهِ "م 1" وسواء كان ساق. هَدْيًا أَمْ لَا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُوجَزِ: وهو بدنة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي مَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ مُطْلَقًا قِيلَ: مَعَ الْقَضَاءِ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ دَمٌ, وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ, كَدَمِ التَّمَتُّعِ, وَإِلَّا فِي عَامِهِ, انْتَهَى. هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا نَوْعُ خَفَاءٍ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ وَحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ, وَقَدْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ مِنْ عَامِهِ, وَإِنْ قُلْنَا يَقْضِي أَخْرَجَهُ فِي عَامِ الْقَضَاءِ, وَقَطَعُوا بِذَلِكَ, فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا الْهَدْيَ الَّذِي يُخْرِجُهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْيٌ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ يُخْرِجُهُ فِي سَنَتِهِ إنْ قُلْنَا: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ, أَخْرَجَهُ فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ, فَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ سَنَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ, فَعَلَى هَذَا مَتَى يَكُونُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: "أَحَدُهُمَا" وَجَبَ فِي سَنَتِهِ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إخْرَاجَهُ إلَى قَابِلٍ. "وَالثَّانِي": أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا فِي سَنَةِ الْقَضَاءِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُخْرِجُهُ فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ فَقَطْ إنْ سَقَطَ الْقَضَاءُ, وَإِنْ وَجَبَ فَمَعَهُ لَا قَبْلَهُ, سَوَاءٌ وَجَبَ الْهَدْيُ سَنَةَ الْفَوَاتِ, فِي وَجْهٍ, أَوْ سَنَةَ الْقَضَاءِ, انْتَهَى. وَتَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْمُسْتَوْعِبِ, وَمَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ, وَاَللَّهُ أعلم
فَإِنْ عَدِمَهُ زَمَنَ الْوُجُوبِ صَامَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ: ثلاثة في الحج وسبعة إذا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ1: وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ, قِيلَ: لُزُومُهُ مَعَ الْقَضَاءِ, أَوْ فِي عَامِ الْقَضَاءِ, وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِ الْقَوْلُ الْآخَرُ "وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ دَمٌ" وَقَوْلُهُ "دَمٌ" هُنَا لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ قَطْعًا ; لِأَنَّ الْكَلَامَ وَمَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ فِي الْهَدْيِ الَّذِي لَزِمَهُ لِأَجْلِ الْفَوَاتِ, وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ, عَلَى الْأَصَحِّ" وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْقَوْلِ الثَّانِي "وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ" صَحِيحٌ, وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "إنْ وَجَبَ" يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ "قِيلَ مَعَ الْقَضَاءِ" أَيْ قِيلَ: يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ الْقَضَاءُ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِقَوْلِهِ "وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ إنْ وَجَبَ" وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ, وَقَوْلُهُ: "بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ" يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ "يَلْزَمُهُ" وَتَقْدِيرُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ ذَبْحُهُ إلَّا مَعَ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ, وَقَوْلُهُ "وَإِلَّا فِي عَامِهِ" أَيْ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَقْضِي لَزِمَهُ فِي عَامِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت عَلَى بَعْضِ النُّسَخِ فِي حَاشِيَتِهَا مَكْتُوبٌ "هُنَا بَيَاضٌ وَحَزَرَ بِذَلِكَ الْمَكْتُوبِ" وَأَكْثَرُ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. عُدْنَا إلَى تَصْحِيحِ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ, فَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وَقْتِ وُجُوبِ دَمِ الْفَوَاتِ هَلْ وَجَبَ فِي عَامِ الْفَوَاتِ وَيُؤَخِّرُ ذَبْحَهُ إلَى عَامِ الْقَضَاءِ؟ أَوْ وَجَبَ فِي عَامِ الْقَضَاءِ وَيَذْبَحُ فِيهِ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهُ؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ فِي كَلَامِ الرِّعَايَةِ نَقْصًا أَيْضًا, وَتَقْدِيرُهُ: أَوْ سَنَةَ الْقَضَاءِ فِي آخَرَ, أَيْ فِي وَجْهٍ آخَرَ, فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا, أَحَدُهُمَا: وُجُوبُهُ مِنْ حِينِ الْفَوَاتِ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُ إلَى الْقَضَاءِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ سَمَّيْنَا من الأصحاب قبل ذلك. والقول بأنه وجب2 فِي عَامِ الْقَضَاءِ بَعِيدٌ جِدًّا فِيمَا يَظْهَرُ, وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ سوى هؤلاء الثلاثة والله أعلم.
رَجَعَ "1إلَى أَهْلِهِ,1" وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدٍّ مِنْ قِيمَتَهُ يَوْمًا. وَعَنْهُ: يَمْضِي في حج فاسد ويقضيه. وَإِنْ وَقَفَ النَّاسُ الثَّامِنَ أَوْ الْعَاشِرَ خَطَأً أَجْزَأَ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, قَالَ شَيْخُنَا: وَهَلْ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ بَاطِنًا؟ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ, بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ اسْمٌ لِمَا يَطْلُعُ فِي السَّمَاءِ, أَوْ لِمَا يَرَاهُ النَّاسُ وَيَعْلَمُونَهُ, وَفِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ, وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ: وَالثَّانِي الصَّوَابُ. وَيَدُلُّ عليه لو أخطئوا: الغلط. فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ فَوَقَفُوا الْعَاشِرَ لَمْ يُجْزِئْهُمْ "ع" فَلَوْ اُغْتُفِرَ الْخَطَأُ لِلْجَمِيعِ لَاغْتُفِرَ لَهُمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِتَقْدِيرِ وُقُوعِهَا, فَعُلِمَ أَنَّهُ يَوْمَ عَرَفَةَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا, يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُنَا خَطَأٌ وَصَوَابٌ لَا يُسْتَحَبُّ الْوُقُوفُ مَرَّتَيْنِ, وَهُوَ بِدْعَةٌ, لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ, فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا خَطَأَ, وَمَنْ اعْتَبَرَ كَوْنَ الرَّائِي مِنْ مَكَّةَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِمَكَانٍ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَطَالِعُ فَقَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ فِي الْحَجِّ, فَلَوْ رَآهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِالْوُقُوفِ, بَلْ الْوُقُوفُ مَعَ الْجُمْهُورِ, وَيَتَوَجَّهُ وُقُوفُ مَرَّتَيْنِ إنْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ لَا سِيَّمَا من رآه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ: إنْ أَخْطَئُوا لِغَلَطٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الرُّؤْيَةِ أَوْ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْإِغْمَاءِ أَجْزَأَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ: وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ وَفِي الِانْتِصَارِ عَدَدٌ يَسِيرٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ فِيمَا إذَا أَخْطَئُوا الْقِبْلَةَ قَالَ: الْعَدَدُ الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ. وَفِي الْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ: نَفَرٌ, قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يُقَالُ: إنَّ النَّفَرَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ, وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: 29] قِيلَ: سَبْعَةٌ, وَقِيلَ: تِسْعَةٌ, وَقِيلَ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ النَّفَرَ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ فَاتَهُ, وَقِيلَ: كَحَصْرِ عَدُوٍّ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "عَرَفَةُ الْيَوْمُ الَّذِي يُعْرَفُ النَّاسُ فِيهِ" 2 فَإِذَا شَكَّ النَّاسُ فِي عَرَفَةَ, فَقَالَ قَوْمٌ: يَوْمُ النَّحْرِ, فَوَقَفَ الْإِمَامُ بِالنَّاسِ يَوْمَ عَرَفَةَ, ثُمَّ عُلِمَ أَنَّهُ يَوْمُ النَّحْرِ, أَجْزَأَهُمْ.. وَمَنْ مَنَعَ الْبَيْتَ وَاحِدًا أَوْ الْكُلَّ بِالْبَلَدِ أَوْ الطَّرِيقِ ظُلْمًا وَفِي الْإِرْشَادِ3 وَالْمُبْهِجِ وَالْفُصُولِ: فِي غَيْرِ عُمْرَةٍ ; لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ وَلَوْ خَافَ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ, وَفِيهِ في الخلاف منع وتسليم, قال في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِانْتِصَارِ: وَأَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ إلَى جِهَةٍ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: بَلْ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ, وَلَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنَةً وَلَوْ بَعُدَتْ, وَفَاتَ الْحَجُّ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِأَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهِ وُجُوبًا مَكَانَهُ, كَالْحَلْقِ يَجُوزُ لَهُ فَقَطْ فِي الْحِلِّ, قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فِي الْحِلِّ, وَعَنْهُ: يَنْحَرُهُ فِي الْحَرَمِ, وَعَنْهُ: مُفْرِدٌ وَقَارِنٌ يَوْمَ النَّحْرِ, وَفِي الْكَافِي1: وَكَذَا مَنْ مَعَهُ هَدْيٌ, وَيَحِلُّ2. وَالْمُحْصَرُ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَاحِدٌ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنْ تَحَلَّلَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَهَدْيَانِ لِتَحَلُّلِهِ وَفَوَاتِهِ. وَمَنْ حُصِرَ عَنْ وَاجِبٍ لَمْ يَتَحَلَّلْ, بَلْ عَلَيْهِ دَمٌ لَهُ, وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَوَجَّهُ فِيمَنْ حُصِرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ الثاني يتحلل وأومأ إلَيْهِ, وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ فِي الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ, فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ "م 3" وَمَعَ كُفْرِ الْعَدُوِّ يُسْتَحَبُّ قِتَالُهُ إنْ قَوِيَ المسلمون,. وإلا فتركه أولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ فِي الدَّفْعِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ, فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا وَالْعَدُوُّ مُسْلِمًا فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَجِبُ بَذْلُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الشيخ الموفق والشارح: قياس الْمَذْهَبِ وُجُوبُ بَذْلِهِ, كَالزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ, انْتَهَى. "قُلْت": بَلْ هُنَا أَوْلَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَجِبُ بَذْلُ خَفَارَةٍ بِحَالٍ, وَلَهُ التَّحَلُّلُ, كَمَا فِي ابْتِدَاءِ الْحَجِّ لَا يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آمِنًا مِنْ غَيْرِ خَفَارَةٍ, نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ حَصَرَهُ عَدُوٌّ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ عَنْ الْبَيْتِ وَاحْتَاجَ فِي دَفْعِهِ إلَى قِتَالٍ أَوْ بَذْلِ مَالٍ كَثِيرٍ وَقُلْنَا: لَا يَجِبُ لِدَفْعٍ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ يَسِيرٍ وقلنا: لا يجب دفعه, في الأصح,
وإن عدم الهدي صام عشرة أيام1 بِالنِّيَّةِ, كَمُبْدَلِهِ, ثُمَّ حَلَّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَلَا إطْعَامَ فِيهِ, وَعَنْهُ: بَلَى. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: إنْ عَدِمَ الْهَدْيَ مَكَانَهُ قَوَّمَهُ طَعَامًا وَصَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَحَلَّ, وَأُحِبُّ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَصُومَ إنْ قَدَرَ, فَإِنْ صَعُبَ عَلَيْهِ حَلَّ ثُمَّ صَامَ, وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ, قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ أَوْ لَا وَقِيلَ لَا يَجِبُ هُنَا "*" "م 3" لِعَدَمِ. ذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ ; وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ بنسك ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا طَرِيقَ لَهُ إلَى الْبَيْتِ تَرَكَ قِتَالَهُ مَعَ جَوَازِهِ, انْتَهَى. فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ, قِيلَ: مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ نُسُكٌ أَوْ لَا, وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا, انْتَهَى. اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِلْمُحْصَرِ, فَقِيلَ: فِيهِ رِوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ نُسُكٌ أَوْ إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ؟ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ جَزَمَ بِهَا فِي الْكَافِي2, وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوُجُوبَ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ: وَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ مَعَ ذَبْحِ الْهَدْيِ أَوْ الصِّيَامِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَلَعَلَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَلْقِ, هَلْ هُوَ نُسُكٌ أَوْ إطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ؟ انْتَهَى. فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ أَوْ التَّقْصِيرُ, عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ نُسُكٌ, فَكَذَا يَكُونُ هُنَا, وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا حَلْقٌ وَلَا تَقْصِيرٌ, وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ فِي حَقِّ غير الْمُحْصَرِ, لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ ; وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ لَيْسَ بِنُسُكٍ خَارِجَ الْحَرَمِ, وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ. وَقَدْ قَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ عَدَمَ الْوُجُوبِ, وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. "*" تَنْبِيهٌ: فِي قَوْلِهِ: وَفِي وُجُوبِ حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ روايتان, قيل: مبني على أنه
خَارِجَ الْحَرَمِ ; لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْإِحْرَامِ كَرَمْيٍ وَطَوَافٍ, وَلَوْ نَوَى التَّحَلُّلَ قَبْلَ هَدْيٍ وَصَوْمٍ لَمْ يَحِلَّ, وَلَزِمَهُ دَمٌ لِتَحَلُّلِهِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: لَا, وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ نَفْلٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. ونقل أبو الحارث وأبو طالب: بلى "وهـ" وَمِثْلُهُ مِنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ, قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَخَرَّجَ مِنْهَا فِي الْوَاضِحِ مِثْلَهُ فِي مَنْذُورَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيُ: لَا يَلْزَمُ الْمَحْصَرَ هَدْيٌ وَلَا قَضَاءٌ لِعَدَمِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِهِمَا, كَذَا قَالَ, وَاسْتَحْسَنَ ابن هبيرة: ولا فرض بعد إحرامه "وم ر" وَإِنْ مُنِعَ فِي حَجٍّ عَنْ عَرَفَةَ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ مَجَّانًا, وَعَنْهُ: كَمَنْ مُنِعَ الْبَيْتَ, وَعَنْهُ: كَحَصْرِ مَرَضٍ, وَإِنْ حَصَرَهُ مَرَضٌ أَوْ ذَهَابُ نَفَقَةٍ بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ, فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَلَا يَنْحَرُ هَدْيًا مَعَهُ إلَّا بِالْحَرَمِ, نَصَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ, وَفِي لُزُومِ الْقَضَاءِ وَالْهَدْيِ الخلاف, وأوجب الآجري القضاء هنا,. وعنه: يتحلل كمحصر بعدو1. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَأَنَّ مِثْلَهُ حَائِضٌ تَعَذَّرَ مُقَامُهَا وَحَرُمَ طَوَافُهَا, أَوْ رَجَعَتْ وَلَمْ تَطُفْ لِجَهْلِهَا بِوُجُوبِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ, أَوْ لِعَجْزِهَا عَنْهُ وَلَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQنُسُكٌ أَوْ لَا, وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا "إيهَامٌ ; لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَوَّلًا الرِّوَايَتَيْنِ ثُمَّ نَفَاهُمَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي, وَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: قِيلَ فِي حَلْقٍ أَوْ تَقْصِيرٍ رِوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى كَوْنِهِ نُسُكًا أَمْ لَا, وَقِيلَ: لَا يَجِبُ هُنَا. وَعَلَى مَا قَالَهُ يُوهِمُ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ, وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ قَدْ صححت ولله الحمد.
لِذَهَابِ الرُّفْقَةِ, وَكَذَا مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ, ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَفِي التَّعْلِيقِ: لَا يَتَحَلَّلُ, وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا لِاخْتِيَارِهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى الْمُحْصِرِ أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا حَوْلًا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ, بِخِلَافِ بَعِيدٍ أَحْرَمَ مِنْ بَلَدِهِ وَلَا يَصِلُ إلَّا فِي عَامٍ, بِدَلِيلِ تَحَلُّلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا حُصِرُوا عَنْ إتْمَامِ الْعُمْرَةِ1 مَعَ إمْكَانِ رُجُوعِهِمْ مُحْرِمِينَ إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ, وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لَا يَبْقَى مُحْرِمًا إلَى الْعَامِ الْقَابِلِ. وَيَقْضِي عَبْدٌ كَحُرِّ, وَفِيهِ فِي رِقِّهِ الْوَجْهَانِ, وَصَغِيرٌ كَبَالِغٍ. وَيَقْضِي مَنْ حَلَّ فِي حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ فِي سَنَتِهِ إنْ أَمْكَنَهُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِهَا, وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ جَازَ طَوَافُهُ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ لَصَحَّ أَدَاءُ حَجَّتَيْنِ فِي عَامٍ, وَلَا يَجُوزُ "ع" ; لِأَنَّهُ يَرْمِي وَيَطُوفُ وَيَسْعَى فِيهِ ثُمَّ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ أُخْرَى وَيَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَمْضِي فِيهَا, وَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَقُولُوا بِهِ ; لِأَنَّهُ إذَا تَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ فَلَا مَعْنًى لِمَنْعِهِ مِنْهُ, فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ, وَقَدْ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ لَبَّى بِحَجَّتَيْنِ لَا يَكُونُ إهْلَالًا بِشَيْئَيْنِ ; لِأَنَّ الرَّمْيَ عَمَلٌ وَاجِبٌ بِالْإِحْرَامِ السَّابِقِ, فَلَا يَجُوزُ مَعَ بَقَائِهِ أَنْ يُحْرِمَ بِغَيْرِهِ, وَقِيلَ: يَجُوزُ في مسألة المحصر هذه. والله أعلم2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الهدي والأضحية
باب الهدي والأضحية تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةُ مِنْ الْغَنَمِ "ع" وَمِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ "و" لَا مِنْ غَيْرِهِنَّ مِنْ طَائِرٍ وَغَيْرِهِ, وَكَذَا الْهَدْيُ, وَأَفْضَلُهَا الْإِبِلُ ثُمَّ الْبَقَرُ ثُمَّ الْغَنَمُ وَالْأَسْمَنُ وَالْأَمْلَحُ أَفْضَلُ. قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي الْبَيَاضُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَكْرَهُ السَّوَادَ1 رَوَى أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا شُرَيْحٌ وَيُونُسُ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْغَنَوِيِّ, عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ: قُلْت لِابْنِ عَبَّاسٍ, "3فَذَكَرَ حَدِيثًا مَوْقُوفًا, وَفِيهِ "فَالْتَفَتَ إبْرَاهِيمُ فَإِذَا هُوَ بِكَبْشٍ أَبْيَضَ أَقْرَنَ أَعْيَنَ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ3" لَقَدْ رَأَيْتنَا نَتَّبِعُ ذَلِكَ الضَّرْبَ مِنْ الْكِبَاشِ. وَرَوَاهُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقَةِ أَبِي عَاصِمٍ تَفَرَّدَ4 عَنْهُ حَمَّادٌ, وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ. وَالذَّكَرُ كَأُنْثَى. وَقِيلَ: هُوَ أَفْضَلُ, وَقَدَّمَ فِي الْفُصُولِ: هِيَ, وَلَا يُجْزِئُ إلَّا جَذَعُ ضَأْنٍ وَثَنِيٌّ مِنْ غَيْرِهِ, فَالْإِبِلُ خَمْسٌ, وَالْبَقَرُ سَنَتَانِ, وَالْمَعْزُ سَنَةٌ وَفِي الْإِرْشَادِ5: لِلْجَذَعِ ثُلُثَا سَنَةٍ, وَلِثَنِيِّ بَقَرٍ ثَلَاثٌ, وَلِإِبِلٍ سِتٌّ كَامِلَةٌ, وَيُجْزِئُ أَعْلَى سِنًّا. وفي التنبيه: وبنت مخاض عن واحد, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَكَى رِوَايَةً, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: جَذَعُ إبِلٍ وَبَقَرٍ عَنْ وَاحِدٍ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ, وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: أَيُجْزِئُ عَنْ ثَلَاثَةٍ؟ قَالَ: يُرْوَى عَنْ الْحَسَنِ, وَكَأَنَّهُ سَهَّلَ فِيهِ. وَجَذَعٌ أَفْضَلُ مِنْ ثَنِيِّ مَعْزٍ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي. الْأُضْحِيَّةُ إلَّا بِالضَّأْنِ, وَقِيلَ: الثَّنِيُّ, وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَفْضَلُ مِنْ سَبْعٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا: الْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ مطلقا. وتجزئ1 شَاةٌ عَنْ وَاحِدٍ, وَالْمَنْصُوصُ: وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ. وَبَدَنَةٌ وَبَقَرَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ, وَيُعْتَبَرُ ذَبْحُهَا عَنْهُمْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَسَوَاءٌ أَرَادُوا قُرْبَةً "2أَوْ بَعْضُهُمْ وَبَعْضُهُمْ لَحْمًا, نَصَّ عَلَيْهِ2" ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ ذِمِّيًّا فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَقِيلَ لِلْقَاضِي: الشَّرِكَةُ لَهُ فِي الثَّمَنِ تُوجِبُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِسْطًا فِي اللَّحْمِ, وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ, فَأَجَابَ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ, فَدَلَّ عَلَى الْمَنْعِ إنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ وَلَوْ بَانُوا بَعْدَ الذَّبْحِ ثَمَانِيَةً ذَبَحُوا شَاةً وَأَجْزَأَهُمْ, نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ, وَنَقَلَ مِنْهَا: يُجْزِئُ سَبْعَةً وَيُرْضُونَ الثَّامِنَ وَيُضَحِّي. وَسَبْعُ شِيَاهٍ أَفْضَلُ, وَهَلْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ أَفْضَلُ كَالْعِتْقِ؟ أم المغالاة في الثمن؟ "وش" أَمْ سَوَاءٌ؟ يَتَوَجَّهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ "م 1" وَسَأَلَهُ ابن منصور: بدنتان سمينتان بتسعة وبدنة بعشرة؟ قال بدنتان أعجب إلي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَهَلْ زِيَادَةُ الْعَدَدِ أَفْضَلُ كَالْعِتْقِ؟ أَمْ الْمُغَالَاةُ فِي الثَّمَنِ؟ أَمْ سَوَاءٌ؟ يَتَوَجَّهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ, انْتَهَى. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَتَعَدُّدٌ أَفْضَلَ نَصًّا, وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: بَدَنَتَانِ سَمِينَتَانِ بِتِسْعَةٍ وَبَدَنَةٌ بِعَشْرَةِ؟ قَالَ: ثِنْتَانِ أَعْجَبُ إلي. ورجح الشيخ
وَلَا تُجْزِئُ عَوْرَاءُ انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا وَعَمْيَاءُ وَهَزِيلَةٌ وَعَرْجَاءُ لَا تَتْبَعُ الْغَنَمَ إلَى الْمَرْعَى, وَقِيلَ: إلَى الْمَنْحَرِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: لَا تَصْحَبُ جِنْسَهَا, فَدَلَّ أَنَّ الْكَسِيرَةَ لَا تُجْزِئُ, وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَجَافَّةِ الضَّرْعِ, وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِنَقْصِ الْخَلْقِ, وَمَا بِهِ مَرَضٌ مُفْسِدٌ لِلَّحْمِ, كَجَرْبَاءَ, وَمَا ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهِ أَوْ قَرْنِهِ, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ: النِّصْفَ فَأَكْثَرَ, وَذَكَرَ الْخَلَّالُ"1 أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا1" أَنَّ نِصْفَهُ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَجُوزُ, وَعَنْهُ: ثُلُثُهُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقِيلَ: فَوْقَهُ, وَذَكَرَهُ2 ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ: يَجُوزُ أَعْضَبُ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ فِي صِحَّةِ الْخَبَرِ نَظَرًا3, ثُمَّ الْخَبَرِ4 الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ" يَقْتَضِي جَوَازَ الْأَعْضَبِ, فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلْكَرَاهَةِ, وَالْمَعْنَى يَقْتَضِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقَرْنَ لَا يُؤْكَلُ وَالْأُذُنَ لَا يُقْصَدُ أَكْلُهَا غَالِبًا, ثُمَّ هِيَ كَقَطْعِ الذَّنَبِ, وَأَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَهَتْمَاءُ, وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: الَّتِي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقِيُّ الدِّينِ الْبَدَنَةَ السَّمِينَةَ, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَ: وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد5 حَدِيثٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ الْأَفْضَلُ الْأَنْفَعُ للفقراء, والله أعلم.
أَصْلِهَا, وَقَالَ شَيْخُنَا: الْهَتْمَاءُ1 الَّتِي سَقَطَ2 بَعْضُ أَسْنَانِهَا تُجْزِئُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: وَعَصْمَاءُ: الَّتِي انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا وَنَقَلَ جَعْفَرٌ فِي الَّتِي يُقْطَعُ مِنْ أَلْيَتِهَا دُونَ الثُّلُثِ: لَا بَأْسَ, وَنَقَلَ هَارُونُ: كُلُّ مَا فِي الْأُذُنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الشَّاةِ دُونَ النِّصْفِ لَا بَأْسَ بِهِ, قَالَ الْخَلَّالُ:. رَوَى هَارُونُ وَحَنْبَلٌ فِي الْأَلْيَةِ مَا كَانَ دُونَ النِّصْفِ أَيْضًا, فَهَذِهِ رُخْصَةٌ فِي الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا, وَاخْتِيَارُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَا بَأْسَ بِكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ, وَعَلَيْهِ أَعْتَمِدُ, قَالَ: وَرَوَى جَمَاعَةٌ التَّشْدِيدَ فِي الْعَيْنِ وَأَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً. وَيُكْرَهُ دُونَ ثُلُثِ قَرْنِهِ وَأُذُنِهِ3 وَخَرْقٍ وَشَقٍّ, وَيُجْزِئُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ خِلَافًا لِلْإِرْشَادِ4. وَفِي جَمَّاءَ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا قَرْنٌ وَبَتْرَاءَ لَا ذَنَبَ لَهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ: وَلَوْ قُطِعَ وَجْهَانِ "م 2, 3" وَكَذَا خصي مجبوب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَفِي جَمَّاءَ لَمْ يُخْلَقْ لَهَا قَرْنٌ وَبَتْرَاءَ لَا ذَنَبَ لَهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَلَوْ قُطِعَ وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ تُجْزِئُ الْجَمَّاءُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "أَحَدُهُمَا" يُجْزِئُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا في خصاله
, وَنَصُّهُ: لَا "م 4" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُضَحِّي بأبتر ولا ناقصة الخلق ولا ذات. عَيْبٍ مِنْ مَرَضٍ إذَا لَمْ تَبْلُغْ الْمَنْسَكِ, قال في الروضة: ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ مُنَجَّى أَوْ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُجْزِئُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3" الْبَتْرَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا ذَنَبَ لَهَا هَلْ تُجْزِئُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, أَحَدُهُمَا تُجْزِئُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تُجْزِئُ نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُضَحِّي بِأَبْتَرَ وَلَا بِنَاقِصَةِ الْخَلْقِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَكَذَا خَصِيٌّ مَجْبُوبٌ, وَنَصُّهُ: لَا, انْتَهَى, يعني أن فيه الخلاف الَّذِي أَطْلَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ, أَوْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ, وَهُوَ الْمَنْصُوصُ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ
خُلِقَتْ بِلَا أُذُنٍ فَكَالْجَمَّاءِ, وَفِي قَائِمَةِ الْعَيْنِ رِوَايَتَانِ"1 "م 5" فِي الْخِلَافِ1" وَقِيلَ: وَجْهَانِ, وَيُجْزِئُ خَصِيٌّ بِلَا جَبٍّ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ2 أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءِ, وَقِيلَ لَهُ فِي الْخِلَافِ: الْحَامِلُ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ. فَقَالَ: الْقَصْدُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ اللَّحْمُ, وَالْحَمْلُ يُنْقِصُ اللَّحْمَ, وَالْقَصْدُ مِنْ الزَّكَاةِ الدَّرُّ وَالنَّسْلُ, وَالْحَامِلُ أَقْرَبُ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْحَائِلِ, فَأَجْزَأَتْ. وَيُسْتَحَبُّ ذَبْحُ غَيْرِ2 الْإِبِلِ, وَنَحْرُهَا قائمة معقولة. الْيَدِ الْيُسْرَى, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ كَيْفَ جَاءَ بَارِكَةً وَقَائِمَةً, فِي الْوَهْدَةِ بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ, وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ, قَالَ أَحْمَدُ: حِينَ يُحَرِّكُ يَدَهُ بالذبح, ويقول3: اللهم ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِجْزَاءِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: وَيُجْزِئُ الْخَصِيُّ غَيْرُ الْمَجْبُوبِ. فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ إذَا كَانَ مَجْبُوبًا أَيْضًا, وَقِيلَ: فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْجَمَّاءِ وَالْبَتْرَاءِ, وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ, فَيَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ الَّذِي فِيهِمَا, وَالصَّحِيحُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْإِجْزَاءُ كَالْجَمَّاءِ وَالْبَتْرَاءِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي الْخِصَالِ, وَفَسَّرَ الْخَصِيَّ بِمَقْطُوعِ الذَّكَرِ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَفِي قَائِمَةِ الْعَيْنِ رِوَايَتَانِ وَقِيلَ وجهان, انتهى. وأطلقهما في المستوعب والتلخيص والرعاية وَغَيْرِهِمْ, إحْدَاهُمَا تُجْزِئُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْإِجْزَاءُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَنَصُّ أَحْمَدَ يُجْزِئُ مَا بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ, وَهُوَ ظاهر كلامه في المقنع4
مِنْك وَلَك, وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ فُلَانٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْت مِنْ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِك, وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَإِنَّهُ إذَا ذَبَحَ قَالَ: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض" إلى قوله: "وأنا من المسلمين" 1 وَيَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ2, وَيَحْضُرُ إنْ وَكَّلَ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَتُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ إذًا إلَّا مَعَ التَّعْيِينِ, لَا تَسْمِيَةَ الْمُضَحِّي عَنْهُ, وَفِي الْمُفْرَدَاتِ فِي أُصُولِ الدِّيَةِ يُعْتَبَرُ فِيهَا النِّيَّةُ, وَعَنْهُ: لَا يجوز أن يليها كتابي, وعنه: الإبل. ـــــــــــــــــــــــــــــQوغيره. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ,4 فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ كَانَ عَلَى عَيْنِهَا بَيَاضٌ وَلَنْ تَذْهَبَ جَازَتْ التَّضْحِيَةُ بِهَا ; لِأَنَّ عَوَرَهَا لَيْسَ يَبِينُ وَلَا يُنْقِصُ ذَلِكَ لَحْمَهَا انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يُجْزِئُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أصحهما لا يجزئ عندي
وَوَقْتُهُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ "1وَأَسْبَقُهَا بِالْبَلَدِ1", وَعَنْهُ: وَالْخُطْبَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ: قَدْرُهُمَا, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الرَّوْضَةِ وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُ قَبْلَ الْإِمَامِ, قِيلَ: لِمَنْ بِبَلَدِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ المسائل "م 6" وإن فات العيد. بِالزَّوَالِ ضَحَّى إذًا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يَتَّبِعُ الصلاة قضاء,2 كما يتبع أداء3 مَا4 لَمْ يُؤَخِّرْ عَنْ أَيَّامِ الذَّبْحِ, فَيَتَّبِعُ الْوَقْتَ صَرُورَةً. وَالْمُقِيمُ بِمَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُهُ قَدْرُ ذَلِكَ, عَلَى الْخِلَافِ, وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ كَغَيْرِهِ, في الأصح,. ـــــــــــــــــــــــــــــQ.مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ فِي وَقْتِ ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ: وَعَنْهُ: يُجْزِئُ قَبْلَ الْإِمَامِ, قِيلَ: لِمَنْ بِبَلَدِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ ما يقابل هذا القول,
وَأَفْضَلُهُ أَوَّلُ يَوْمٍ, ثُمَّ مَا يَلِيهِ. وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ وَقْتِهِ صَنَعَ بِهِ مَا شَاءَ, وَقِيلَ: كَأُضْحِيَّةٍ وَعَلَيْهِ بَدَلُ الْوَاجِبِ. وَآخِرُهُ آخِرُ ثَانِي التَّشْرِيقِ, وَفِي الْإِيضَاحِ: آخِرُ يَوْمٍ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَيُجْزِئُ لَيْلًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَأَنَّهُ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ1 وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا, فَإِنْ فَاتَ قَضَى الْوَاجِبَ كَالْأَدَاءِ, وَسَقَطَ التَّطَوُّعُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَيَكُونُ لَحْمًا تَصَدَّقَ بِهِ لَا أضحية في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ حُكْمِ الرِّكَازِ3 وَبَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ,4 وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ5, "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ, وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ, لَكِنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا, والله أعلم.
فصل: من نذر هديا
فصل: مَنْ نَذَرَ هَدْيًا فَكَأُضْحِيَّةٍ, وَهُوَ لِلْحَرَمِ, وَكَذَا إنْ نَذَرَ سَوْقَ أُضْحِيَّةٍ إلَى مَكَّةَ, أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَذْبَحَ بِهَا, وَإِنْ جَعَلَ دَرَاهِمَ هَدْيًا2 فَلِلْحَرَمِ, نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَابْنُ هَانِئٍ. وَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا لِغَيْرِ الْحَرَمِ وَلَا مَعْصِيَةَ فِيهِ تَعَيَّنَ بِهِ ذَبْحًا وَتَفْرِيقًا, لِفُقَرَائِهِ, وَيَبْعَثُ ثَمَنَ غَيْرِ الْمَنْقُولِ, قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يُلْقِيَ فِضَّةً فِي مَقَامِ إبْرَاهِيمَ: يُلْقِيهِ لِمَكَانِ نَذْرِهِ, وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ عَقِيلٍ فَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يُلْقِهِ, وَهُوَ لِفُقَرَاءِ الْحَرَمِ. وَفِي التَّعْلِيقِ والمفردات. وَظَاهِرُ الرِّعَايَةِ لَهُ أَنْ يَبْعَثَ ثَمَنَ الْمَنْقُولِ, وقال ابن عقيل: أو يقومه ويبعث ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدْ وَقَعَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ حُكْمِ الرِّكَازِ3 وَبَابِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ,4 وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ5, "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ الْإِطْلَاقَ, وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ, لَكِنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في "س". 3 4/184 4 3/332. 5 1/16.
الْقِيمَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إنْ نَذَرَ بَدَنَةً فَلِلْحَرَمِ, لَا جَزُورًا, وَإِنْ نَذَرَ جَذَعَةً كَفَتْ ثنيته1 وَأَحْسَنَ, وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُضَحِّيَ كُلَّ عَامٍ بِشَاتَيْنِ فَأَرَادَ عَامًا أَنْ يُضَحِّي بِوَاحِدَةٍ: إنْ كَانَ نَذْرًا فَيُوَفِّي بِهِ وَإِلَّا كَفَّارَةَ يَمِينٍ, وَإِنْ قَالَ: إنْ لَبِسْتُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِك فَهُوَ هَدْيٌ فَلَبِسَهُ أَهْدَاهُ أَوْ ثَمَنَهُ, عَلَى الْخِلَافِ. وَيُسَنُّ سَوْقُ الْهَدْيِ مِنْ الْحِلِّ, وَوُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ, وَتَقْلِيدُهُ بِنَعْلٍ أَوْ عُرْوَةٍ, وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ مَعَهُ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ بِشَقِّ صَفْحَةِ سَنَامِهَا, أَوْ مَحَلِّهِ الْيُمْنَى, وَعَنْهُ: الْيُسْرَى, وَعَنْهُ: يُخَيِّرُ حَتَّى يَسِيلَ الدَّمُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: تَقْلِيدُ الْغَنَمِ فَقَطْ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَافِي2, وَأَنَّهُ يَجُوزُ إشْعَارُ غَيْرِ السَّنَامِ, وَذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ عَنْ أَحْمَدَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: تَقْلِيدُ الْبُدْنِ جَائِزٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ: الْبُدْنُ تُشْعَرُ, وَالْغَنَمُ تُقَلَّدُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسُوقَهُ حَتَّى يُشْعِرَهُ, وَيُجَلِّلُهُ بِثَوْبٍ أَبْيَضَ, وَيُقَلِّدُهُ نَعْلًا أَوْ عَلَاقَةَ قِرْبَةٍ, سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه3 رضي الله عنهم وَالْبَقَرُ. فَقَطْ مِثْلُهَا, وَيَتَعَيَّنُ بِقَوْلِ: هَذَا هَدْيٌ,
أَوْ أُضْحِيَّةٌ, أَوْ لِلَّهِ, وَنَحْوُهُ, وَبِالنِّيَّةِ مَعَ تَقْلِيدٍ أَوْ إشْعَارٍ, وَعَنْهُ: أَوْ شِرَاءٍ, كَشِرَاءِ عَرَضٍ لِلتِّجَارَةِ, وَفَرَّقَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هُنَا يَزُولُ الْمَالِكُ, وَلَا يَزُولُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ, كَذَا قَالَ. وَفِي الْكَافِي1: إنْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ وَجَبَ, كَمَا لَوْ بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ, وَلَمْ يَذْكُرْ النِّيَّةَ, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَمَنْ ذَكَرَهَا قَاسَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا, فَدَلَّ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي الْوَقْفِ عِنْدَهُ, وَأَنَّ الرِّوَايَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالْقَوْلِ هُنَا, وَلَا يَجِبُ بِسَوْقِهِ مَعَ نِيَّتِهِ, كَإِخْرَاجِهِ مَالًا لِلصَّدَقَةِ بِهِ, لِلْخَبَرِ فِيهِ,2 وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَوْلٍ, وَكَذَا فِي الرِّعَايَةِ, وَقَالَ: وَقِيلَ: أَوْ بِالنِّيَّةِ فَقَطْ, وَقِيلَ: مَعَ تَقْلِيدٍ أَوْ إشْعَارٍ وَهُوَ سَهْوٌ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: إنْ أَوْجَبَهَا بِلَفْظِ الذَّبْحِ, نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُهَا, لَزِمَهُ وَتَفْرِيقُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ, وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, "3وَإِنْ قَالَ3": لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هَذِهِ الشَّاةِ ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا, لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا, وَإِنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ هَذَا الْعَبْدَ ثُمَّ أَتْلَفَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ, وَهُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ وَقَدْ هَلَكَ. وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي النَّذْرِ, وَمَتَى تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أنه المذهب, واحتج القاضي
بِأَنَّهُ يَجُوزُ لَوْ عَطِبَ, وَأَنَّهُ يُكْرَهُ فَسْخُ التَّعْيِينِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ لِمَنْ يُضَحِّي: وَقِيلَ: وَمِثْلُهُ, قَالَ أَحْمَدُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَهْزَلَ, وَاخْتَارَ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَالْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ إبْدَالَهُ فَقَطْ, وَعَنْهُ: يَزُولُ مِلْكُهُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, قَالَ: كَمَا لَوْ نَحَرَهُ وَقَبَضَهُ, فَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ, وَيَمْلِكُهُ عَلَى الْأَوَّلِ, وَعَلَيْهِمَا إنْ أَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ هُوَ لَهُ؟ أَوْ كَزَائِدٍ عَنْ الْقِيمَةِ؟ عَلَى مَا يَأْتِي, فِيهِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ: التَّصَرُّفُ فِي أُضْحِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ كَهَدْيٍ وَجْهًا, وَهُوَ سَهْوٌ. وَلَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا بَعْد تَعْيِينِهِ لَزِمَهُ بَدَلُهُ, نَقَلَهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ1, وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كأرش, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَمَتَى تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ وَشِرَاءُ خَيْرٍ مِنْهُ وَعَنْهُ: يَجُوزُ لِمَنْ يُضَحِّي, وَقِيلَ: وَمِثْلُهُ ... اخْتَارَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ إبْدَالَهُ فَقَطْ, وَعَنْهُ: يَزُولُ مِلْكُهُ. فَعَلَى هَذَا لَوْ عَيَّنَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ, وَيَمْلِكُهُ عَلَى الْأَوَّلِ, وَعَلَيْهِمَا إنْ أَخَذَ أَرْشَهُ فَهَلْ هُوَ لَهُ؟ أَوْ كَزَائِدٍ عَلَى الْقِيمَةِ؟ عَلَى مَا يَأْتِي, فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّائِدِ عَلَى قِيمَةِ الْأُضْحِيَّةِ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3, وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْأَرْشُ لَهُ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَقِيلَ: بَلْ لِلْفُقَرَاءِ, وَقِيلَ: بَلْ يَشْتَرِي لَهُمْ بِهِ شَاةً, فَإِنْ عَجَزَ فَسَهْمًا مِنْ بدنة, فإن عجز فلحما
وَيَذْبَحُ الْوَلَدَ مَعَهُ عَيَّنَهَا حَامِلًا أَوْ حَدَثَ بَعْدَهُ, وَإِنْ تَعَذَّرَ حَمْلُهُ وَسَوْقُهُ فَكَهَدْيٍ عَطِبَ, وَلَهُ شُرْبُ فَاضِلِ لَبَنِهِ, وَإِلَّا حَرُمَ, وَلَهُ رُكُوبُهُ لِحَاجَةٍ, وَعَنْهُ: مُطْلَقًا, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا, بِلَا ضَرَرٍ, وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ,. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: إنْ رَكِبَهُ بَعْدَ الضَّرُورَةِ وَنَقَصَ, وَلَهُ جَزُّ الصُّوفِ لِمَصْلَحَةٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ, زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: نَدْبًا. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ إنْ كَانَتْ نَذْرًا, وَإِنْ ذَبَحَهُ ذَابِحٌ بِلَا إذْنٍ وَنَوَى عَنْ النَّاذِرِ وَفِي التَّرْغِيبِ وغيره: أو أطلق, وجزم به في عيون الْمَسَائِلِ أَجْزَأَ وَلَا ضَمَانَ لِإِذْنِهِ عُرْفًا أَوْ إذْنِ الشَّرْعِ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فِي الْإِجْزَاءِ "م 8" فَإِنْ لَمْ يُجْزِئْ ضَمِنَ مَا بَيْنَ كَوْنِهَا حَيَّةً إلَى مَذْبُوحَةٍ, ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, بِخِلَافِ مَنْ نَذَرَ فِي ذِمَّتِهِ فَذَبَحَ عَنْهُ مِنْ غَنَمِهِ لَا يُجْزِئُ وَيَضْمَنُ, لِعَدَمِ التَّعْيِينِ, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عَلَى رِوَايَةِ الْإِجْزَاءِ أَنْ يَلِيَ رَبُّهَا تَفْرِقَتَهَا, وَإِلَّا ضَمِنَ الْأَجْنَبِيُّ قِيمَةَ لَحْمٍ, وإن على عدم الإجزاء يعود ملكا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8 قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَبَحَهُ ذَابِحٌ بِلَا إذْنٍ وَنَوَى عَنْ النَّاذِرِ وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ أطلق, وجزم به في عيون المسائل أجزأ وَلَا ضَمَانَ, لِإِذْنِهِ عُرْفًا وَإِذْنِ الشَّارِعِ, وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فِي الْإِجْزَاءِ انْتَهَى. يَعْنِي إذَا لَمْ يَنْوِ: إحْدَاهُمَا: يُجْزِئُ مُطْلَقًا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ, صَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: لَا أَثَرَ لِنِيَّةِ فُضُولِيٍّ, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَلِيَ رَبُّهَا تَفْرِيقَهَا, وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ وَالسَّبْعِينَ: وَأَمَّا إذَا فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ اللَّحْمَ فَقَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يُجْزِئُ, وَأَبْدَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ, وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ رَجَبٍ وقواه
وقد ذكروا في كل تصرف غاصب. حُكْمِيٍّ عِبَادَةٍ وَعَقْدٍ الرِّوَايَاتِ, وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهِ قَبْلَ ذَبْحِهِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ تَصَدَّقَ بِأَرْشِهِ. وَلَوْ مَرِضَ فَخَافَ عَلَيْهِ فَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِ, وَلَوْ تَرَكَهُ فَمَاتَ فَلَا, قَالَهُ أَحْمَدُ. وَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّلَفِ, يُصْرَفُ فِي مِثْلِهِ كَأَجْنَبِيٍّ, وَقِيلَ: أَكْثَرُ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الْإِيجَابِ إلَى التَّلَفِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: مِنْهُ إلَى النَّحْرِ, وَقِيلَ: مِنْ التَّلَفِ إلَى وُجُوبِ النَّحْرِ, وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ, فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ شَيْءٌ صُرِفَ أَيْضًا, فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصَدَّقَ بِهِ, وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ شِرَاءُ لَحْمٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ. وَإِنْ ضَحَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ بِأُضْحِيَةِ الْآخَرِ غَلَطًا كَفَتْهُمَا وَلَا ضَمَانَ, اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ ضِدُّهُمَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ فِي اثْنَيْنِ ضَحَّى هَذَا بِأُضْحِيَّةٍ هَذَا يَتَرَادَّانِ اللَّحْمَ وَيُجْزِئُ, وَأَخَذَ مِنْهُ فِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةَ الْإِجْزَاءِ السَّابِقَةِ, وَإِنْ عَطِبَ قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ خَافَ ذَلِكَ لَزِمَهُ ذَبْحُهُ مَكَانَهُ وَأَجْزَأَهُ, وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَعَلَى رُفْقَتِهِ, زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ, وَأَبَاحَهُ فِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ لَهُ مَعَ فَقْرِهِ, وَاخْتَارَ فِي التَّبْصِرَةِ إبَاحَتَهُ لِرَفِيقِهِ الْفَقِيرِ. وَيُسْتَحَبُّ غَمْسُ نَعْلِهِ فِي دَمِهِ وَضَرْبِ صَفْحَتِهِ بِهَا لِيَأْخُذَهُ الْفُقَرَاءُ, وَكَذَا هَدْيُ التَّطَوُّعِ الْعَاطِبِ إنْ دَامَتْ نِيَّتُهُ فِيهِ قَبْلَ ذَبْحِهِ, وَإِنْ تَعَيَّبَ المعين ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُ, اخْتَارَهُ ابْنُ رَجَبٍ في قواعده, وجعل المسألة رواية واحدة, ونزلها1 عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ والرعاية الصغرى والحاويين والفائق وغيرهم. 1 في "ح" و "ط": "نزلهما".
بِغَيْرِ فِعْلِهِ ذَبَحَهُ وَأَجْزَأَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ1 جَرَّ بِقَرْنِهَا إلَى الْمَنْحَرِ فَانْقَلَعَ, كَتَعْيِينِهِ مَعِيبًا فَبَرِأَ, وَعِنْدَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ2 لَا, وَإِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ فَتَعَيَّبَ أَوْ تَلِفَ أَوْ ضَلَّ أَوْ عَطِبَ لَزِمَهُ بَدَلُهُ, وَيَلْزَمُهُ. أَفْضَلُ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ"*". قَالَ أَحْمَدُ: مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا فَعَطِبَ أَوْ مَاتَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ, وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ, وَإِنْ3 نَحَرَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَيُطْعِمُ ; لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ, وَكَذَا أَطْلَقَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ, وَفِي بُطْلَانِ تَعْيِينِ الْوَلَد وَجْهَانِ. وَفِي الْفُصُولِ فِي تَعْيِينِهِ4 هُنَا احْتِمَالَانِ "م 9" وَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ الْمَعِيبِ وَالْعَاطِبِ وَالضَّالِّ الْمَوْجُودِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ ذَبَحَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَسُرِقَ سقط الواجب, نقله ـــــــــــــــــــــــــــــQ5"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيَلْزَمُهُ أَفْضَلُ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ إنْ كَانَ تَلَفُهُ بِتَفْرِيطِهِ" ظَاهِرُهُ مُشْكَلٌ, وَمَعْنَاهُ إذَا عَيَّنَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَزْيَدَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الَّذِي تَلِفَ وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّا كَانَ فِي الذِّمَّةِ, لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلَّقَ بِمَا عَيَّنَهُ فِي الذِّمَّةِ6, وَهُوَ أَزْيَدَ, فَلَزِمَهُ مِثْلُهُ, وَهُوَ أَزْيَدُ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ. صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي7 وَالشَّرْحِ8 وَغَيْرِهِمَا. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَفِي بطلان تعيين الولد وجهان. وفي الفصول في تعيينه هُنَا احْتِمَالَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ, قَالَ فِي المغني9 والشرح10: إذا قلنا
ابْنُ مَنْصُورٍ "ش" ; لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ لَا تَلْزَمُهُ, بِدَلِيلِ تَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ, قَالَ فِي الْخِلَافِ وَالْفُصُولِ: لِأَنَّهُ تَعَيَّنَتْ صَدَقَتُهُ بِهِ1, كَنَذْرِ الصَّدَقَةِ بِهَذَا الشَّيْءِ. وَقِيلَ ذَبْحُهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ, بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ بَيْعَهُ, عِنْدَنَا. وَتَقَدَّمَ2 قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ, كَمَا لَوْ نَحَرَهُ وَقَبَضَهُ. وَإِنْ عَيَّنَ مَعِيبًا تَعَيَّنَ, وَكَذَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ, وَلَا يُجْزِئُهُ. وَيُقَدَّمُ ذَبْحُ وَاجِبٍ عَلَى نَفْلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQيبطل تعيينها3 وَتَعُودُ إلَى مَالِكِهَا احْتَمَلَ أَنْ يَبْطُلُ التَّعْيِينُ فِي وَلَدِهَا تَبَعًا, كَمَا ثَبَتَ تَبَعًا, قِيَاسًا عَلَى نَمَائِهَا4 الْمُتَّصِلِ بِهَا, وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يَبْطُلَ وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ ; لِأَنَّهُ تَبِعَهَا فِي الْوُجُوبِ حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا, وَلَمْ يَتْبَعْهَا فِي زَوَالِهِ ; لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا, فَهُوَ كَوَلَدِ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ إذَا وُلِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَبْطُلُ الْمَبِيعُ فِي وَلَدِهَا, وَالْمُدَبَّرَةُ إذَا قَتَلَتْ سَيِّدَهَا فَبَطَلَ تَدْبِيرُهَا لَا يَبْطُلُ فِي وَلَدِهَا, انْتَهَى. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَعْيِينُهُ ; لِأَنَّهُ بِوُجُودِهِ قَدْ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ أُمِّهِ, لَكِنْ تَعَذَّرَ فِي الْأُمِّ فَبَقِيَ حُكْمُ الْوَلَدِ بَاقِيًا والله أعلم.
فصل: المضحي: مسلم تام ملكه
فصل: الْمُضَحِّي: مُسْلِمٌ تَامٌّ مِلْكُهُ وَفِي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وجهان "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: فِي الْأُضْحِيَّةِ وَفِي مُكَاتَبٍ بِإِذْنٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَحَدُهُمَا: يُضَحِّي بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَيَجُوزُ كَالرَّقِيقِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالنَّظْمِ وتذكرة ابن عبدوس, زاد في ـــــــــــــــــــــــــــــQ5 13/392. 6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 9/429.
وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ, وَعَنْهُ وَاجِبَةٌ, ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ, وَخَرَّجَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ مِنْ التَّضْحِيَةِ عَنْ الْيَتِيمِ, وَعَنْهُ: عَلَى حَاضِرٍ, وَهِيَ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصدقة1 به. نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَيَتَوَجَّهُ تَعْيِينُ مَا تَقَدَّمَ فِي صَدَقَةٍ مَعَ غَزْوٍ وَحَجٍّ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالتَّضْحِيَةُ عَنْ الْمَيِّتِ أَفْضَلُ, وَيُعْمَلُ بِهَا كَأُضْحِيَّةِ الْحَيِّ, عَلَى مَا يَأْتِي وَقَالَ: كُلُّ مَا ذُبِحَ بِمَكَّةَ يُسَمَّى هَدْيًا لَيْسَ فِيهِ مَا يُقَالُ لَهُ أُضْحِيَّةٌ وَلَا يُقَالُ هَدْيٌ2 وَقَالَ: مَا ذُبِحَ بِمِنًى وَقَدْ سِيقَ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ هَدْيٌ, وَيُسَمَّى أَيْضًا أُضْحِيَّةً, فَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ عَرَفَاتٍ وَسَاقَهُ إلَى مِنًى فَهُوَ هَدْيٌ, بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ, وَكَذَا مَا اشْتَرَاهُ مِنْ الْحَرَمِ فَذَهَبَ بِهِ إلَى التَّنْعِيمِ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مِنًى3 وَذَبَحَهُ بِهَا, فَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: لَيْسَ بهدي4 "وم" ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَتَبَرَّعُ مِنْهَا بِشَيْءٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُضَحِّي مُطْلَقًا, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصغرى والفائق "قلت": وهو قوي.
وَعَنْ عَائِشَةَ: هَدْيٌ1 "وهـ ش" وَأَحْمَدَ, وَمَا ذُبِحَ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْحِلِّ أُضْحِيَّةٌ لَا هَدْيٌ, وَقَالَ: هِيَ مِنْ النَّفَقَةِ بِالْمَعْرُوفِ, فَتُضَحِّي امْرَأَةٌ 2مِنْ مَالِ2 زَوْجٍ عَنْ أَهْل الْبَيْتِ بِلَا إذْنِهِ, وَمَدِينٍ لَمْ يُطَالَبْ. وَيُسَنُّ أَنْ يَأْكُلَ وَيُهْدِيَ وَيَتَصَدَّقَ أَثْلَاثًا, نَصَّ عَلَيْهِ: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَجِبُ, وَعَلَى الْأَوَّلِ: إنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا, وَقِيلَ: الْعَادَةُ, وَقِيلَ: الثُّلُثُ, وَكَذَا الْهَدْيُ الْمُسْتَحَبُّ3, وَقِيلَ: يَأْكُلُ مِنْهُ الْيَسِيرَ, وَمَنْ فَرَّقَ نَذْرًا بِلَا أَمْرٍ لَمْ يَضْمَنْ, وَفِي الثُّلُثِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ"*" 4فِي الذَّبْحِ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ4 وَيُعْتَبَرُ تَمْلِيكُ الْفَقِيرِ, فَلَا يَكْفِي إطْعَامُهُ, وَلَا يُعْطِي الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ مِنْهَا, وَيَنْتَفِعُ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا5 أَوْ يَتَصَدَّقُ. بِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهُمَا كَلَحْمٍ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ, 6وَيَشْتَرِي بِهِ آلَةَ الْبَيْتِ لَا مَأْكُولًا. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يَبِيعُهُمَا بِهِ فَيَكُونُ إبْدَالًا, وَعَنْهُ: يجوز7 ويتصدق بثمنه, وعنه: ويشتري ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِثَمَنِهِ أُضْحِيَّةً, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ بَيْعُ جِلْدِ شَاةٍ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ, وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا يَنْتَفِعُ بِمَا كَانَ وَاجِبًا, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ, فَيَتَصَدَّقُ بِهِ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا: بِثَمَنِهِ, وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعَبِ وَغَيْرِهِمَا: بِصَدَقَتِهِ بِكُلِّهِ لَا بِجُلِّهِ, وَسَأَلَهُ مُهَنَّا: يُعْجِبُك يَشْتَرِيهَا وَيُسَمِّنُهَا؟ قَالَ: لَا, وَعَنْهُ. لَا بَأْسَ, وَعَنْهُ: لَا أدري, واستحبه جماعة, ويحرم عَلَى مَنْ يُضَحِّي أَوْ يُضَحَّى عَنْهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ وَبَشَرَتِهِ فِي الْعُشْرِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ, وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ النَّهْيَ, وَيُسْتَحَبُّ الْحَلْقُ بَعْدَ الذَّبْحِ, قَالَ أَحْمَدُ: عَلَى مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ, تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ الْيَوْمِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا.. وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَوْ تَعْيِينِهَا قَامَ وَارِثُهُ مُقَامَهُ وَلَمْ تُبَعْ فِي دينه ويستحب أكله من هدي1 التَّبَرُّعِ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: وَمِمَّا عَيَّنَهُ لَا عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ, وَلَا يَأْكُلُ مِنْ وَاجِبٍ إلَّا هَدْيُ مُتْعَةٍ وَقِرَانٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: لَا مِنْ قِرَانٍ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: وَلَا مِنْ دَمِ مُتْعَةٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ, وَعَنْهُ: يَأْكُلُ إلَّا مِنْ نَذْرٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ, وَزَادَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: وَكَفَّارَةٍ, وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّيْخُ. الْأَكْلَ مِنْ أُضْحِيَّةِ النَّذْرِ, كَالْأُضْحِيَّةِ عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهَا فِي الْأَصَحِّ. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي الْأَكْلَ مِنْ مُتْعَةٍ. وَمَا مَلَكَ أَكْلَهُ فَلَهُ هَدِيَّتُهُ, وَإِلَّا ضَمِنَهُ بِمِثْلِهِ, كَبَيْعِهِ وَإِتْلَافِهِ, وَيَضْمَنُهُ أَجْنَبِيٌّ بِقِيمَتِهِ وَفِي النَّصِيحَةِ: وَكَذَا هُوَ, وَإِنْ مَنَعَ الْفُقَرَاءَ مِنْهُ حَتَّى أَنْتَنَ فَيَتَوَجَّهُ: يَضْمَنُ نَقْصَهُ. وَفِي الْفُصُولِ: عَلَيْهِ قيمته كإتلافه ونسخ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَحْرِيمُ الِادِّخَارِ1, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالُ: لَا في مجاعة ; لأنه سبب تحريم الادخار.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والعقيقة: سنة مؤكده على الأب
فصل: وَالْعَقِيقَةُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ2 عَلَى الْأَبِ غَنِيًّا كَانَ الْوَالِدُ3 أَوْ لَا, وَعَنْهُ: وَاجِبَةٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ وَأَبُو الْوَفَاءِ, عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ فِي السِّنِّ وَالشَّبَهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَإِنْ عَدِمَ فَوَاحِدَةٌ, وَالْجَارِيَةُ شَاةٌ, تُذْبَحُ يَوْمَ السَّابِعِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: مِنْ مِيلَادِ الْوَلَدِ, وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: ضَحْوَةً, وَيَنْوِيهَا عَقِيقَةً, وَيُسَمِّي فِيهِ, وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَهُ, وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الْمَوْلُودَ إذَا مَضَتْ لَهُ سَبْعُ لَيَالٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ التَّسْمِيَةَ, فَقَوْمٌ قَالُوا: حِينَئِذٍ, وَقَوْمٌ قَالُوا: حَالَ وِلَادَتِهِ. وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ, قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ4, وَلِأَبِي دَاوُد5 عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "إنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ" قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ 6قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: سَمِعْت أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: مَا مِنْ أَهْلِ بيت فيهم اسم محمد إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رُزِقُوا وَرُزِقَ خَيْرًا1.. وَيُكْرَهُ حَرْبٌ وَمُرَّةُ وَبُرَّةُ وَنَافِعٌ وَيَسَارٌ وَأَفْلَحُ وَنَجِيحٌ وَبَرَكَةُ وَيَعْلَى وَمُقْبِلُ وَرَافِعٌ وَرَبَاحٌ, قَالَ الْقَاضِي: وَكُلُّ اسْمٍ فِيهِ تَفْخِيمٌ أَوْ تَعْظِيمٌ, وَاحْتَجَّ بِهَذَا عَلَى مَنْعِ التسمي بالملك, لقوله " {لَهُ الْمُلْكُ} [فاطر: 13] " وَأَجَابَ بِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا ذَكَرَهُ إخْبَارًا عَنْ الْغَيْرِ وَلِلتَّعْرِيفِ, فَإِنَّهُ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ بِهِ ; وَلِأَنَّ الْمَلِكَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْمُخْتَصَّةِ بِخِلَافِ حَاكِمِ الْحُكَّامِ وَقَاضِي الْقُضَاةِ, لِعَدَمِ التَّوْقِيفِ, وَبِخِلَافِ الْأَوْحَدِ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ; وَلِأَنَّ الْمَلِكَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ لِلْمِلْكِ وَحَقِيقَتُهُ إمَّا التَّصَرُّفُ التَّامُّ أَوْ التَّصَرُّفُ الدَّائِمُ وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا لِلَّهِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بِلَفْظِهِ أَوْ دَلَالَةِ حَالٍ وأبي داود2: "أخنى3 الأسماء يوم القيامة وأخبثه*4 رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الْأَمْلَاكِ, لَا مَالِكَ إلَّا اللَّهُ" وَلِأَحْمَدَ5 " اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ تَسَمَّى مَلِكَ. الْأَمْلَاكِ, لَا مَلِكَ إلَّا اللَّهُ" وَأَفْتَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْحَنَفِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَالتَّمِيمِيُّ الْحَنْبَلِيُّ بِالْجَوَازِ, وَالْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَارِيخِهِ: قَوْلُ الْأَكْثَرِ الْقِيَاسُ إذا أريد به6 ملوك الدنيا, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْلَى, لِلْخَبَرِ, وَأَنْكَرَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ عَلَى بَعْضِهِمْ الدُّعَاءَ فِي الْخُطْبَةِ وَقَوْلُهُ: الْمَلِكُ الْعَادِلُ بْنُ أَيُّوبَ*, وَاعْتَذَرَ الْحَنْبَلِيُّ بِقَوْلِهِ: وُلِدْت فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ1. وَقَدْ قَالَ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَتْهُ الْعَامَّةُ "وُلِدْت فِي زَمَنِ الْمَلِكِ الْعَادِلِ" 1 بَاطِلٌ, وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا سَقِيمٍ. وَلَمْ يَمْنَعْ جَمَاعَةٌ التَّسْمِيَةَ بِالْمَلِكِ, وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ مَا يُوَازِي أَسْمَاءَ اللَّهِ كَمَلِكِ الْمُلُوكِ, وَشَاهٍ شَاهٍ ; لِأَنَّهُ عَادَةُ الْفُرْسِ,. وَمَا لَا يَلِيقُ إلَّا بِاَللَّهِ, كَقُدُّوسٍ وَالْبَرِّ وَخَالِقٍ, وَرَحْمَنَ وَحَرَّمَهُ غَيْرُهُ. وَلَا تُكْرَهُ أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ "وَ" وَلَا يُكْرَهُ بِجِبْرِيلَ "م" وَيَس "م" وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: إنَّ لِلْفُرْسِ أَيَّامًا وَشُهُورًا يُسَمُّونَهَا بِأَسْمَاءٍ لَا تُعْرَفُ, فَكَرِهَهُ أَشَدَّ الْكَرَاهِيَةِ, قُلْت: فَإِنْ كَانَ اسْمُ رَجُلٍ أُسَمِّيه بِهِ؟ فَكَرِهَهُ "وم" وَاحْتَجَّ "م" بِنَهْيِ عُمَرَ2 عَنْ الرَّطَانَةِ, وَكَرِهَ "ش" لِمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ أَنْ يُسَمَّى بِغَيْرِهَا, وَلَمَّا أَخَذَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كِخْ كِخْ" 3 قَالَ الدَّاوُدِيُّ: هِيَ عَجَمِيَّةٌ مُعَرَّبَةٌ بِمَعْنَى بِئْسَ. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ: بَابُ مَنْ تكلم بالفارسية والرطانة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُغَيَّرُ الِاسْمُ الْقَبِيحُ, لِلْأَخْبَارِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائشة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغَيِّرُ الِاسْمَ الْقَبِيحَ, وَرُوِيَ مُرْسَلًا, رَوَاهُ الترمذي1 ولأحمد, وأبي دَاوُد2 مِنْ رِوَايَةِ مُجَالِدٍ عَنْ عَامِرٍ عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ, مِنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ, فَقَالَ عُمَرُ: سَمِعْت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الْأَجْدَعُ شَيْطَانٌ وَلَكِنَّك مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. قَالَ عَامِرٌ: فَرَأَيْته فِي الدِّيوَانِ: مَسْرُوقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, فَقُلْت: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمَّانِي عُمَرُ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحْسَانِ الْأَسْمَاءِ الْمُضَافَةِ إلَى اللَّهِ, كَعَبْدِ اللَّهِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ, وَاتَّفَقُوا عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ اسْمِ مُعَبَّدٍ لِغَيْرِ اللَّهِ, كَعَبْدِ الْعُزَّى وَعَبْدِ هُبَلَ وَعَبْدِ عَمْرٍو وَعَبْدِ الْكَعْبَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ, حَاشَا عَبْدِ الْمُطَّلَبِ. وَاتَّفَقُوا عَلَى إبَاحَةِ كُلُّ اسْمٍ. بَعْدَ مَا ذَكَرْنَا مَا لَمْ يَكُنْ اسْمُ نَبِيٍّ أَوْ اسْمُ مَلَكٍ أَوْ مُرَّةُ أَوْ حَرْبٌ أَوْ رَحِمٌ أَوْ الْحَكَمُ أَوْ مَلِكٌ3 أَوْ خَالِدٌ أَوْ حُزْنُ أَوْ الْأَجْدَعُ أَوْ الْكُوَيْفِرُ أَوْ شِهَابٌ أَوْ أَصْرَمُ أَوْ الْعَاصِي أَوْ عَزِيزٌ أَوْ عُقْدَةٌ أَوْ شَيْطَانُ أَوْ غُرَابٌ أَوْ حُبَابٌ أَوْ الْمُضْطَجِعُ أَوْ نَجَاحٌ أَوْ أَفْلَحُ أَوْ نَافِعٌ أَوْ يَسَارٌ أَوْ بَرَكَةُ أَوْ عَاصِيَةُ أو برة, فإنهم اختلفوا فيها, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأخل ابن حزم برباح ونجيح, والنهي عنهما1 فِي مُسْلِمٍ. وَأَخَلَّ أَيْضًا بِغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ فِي الْحَدِيثِ2, فَلَا اتِّفَاقَ فِي إبَاحَةِ فِيمَا لَمْ يَذْكُرْهُ, وَتَسْوِيَتُهُ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ, وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ التَّفْرِقَةُ, وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ "لَا تُسَمِّ غُلَامَك يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أَفْلَحَ, فَإِنَّك تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَلَا يَكُونُ, فَيَقُولُ: لَا" 3 قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. ; لِأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ. فَرُبَّمَا كَانَ طَرِيقًا إلَى التَّشَاؤُمِ وَالتَّطَيُّرِ, وَالنَّهْيُ يَتَنَاوَلُ مَا يُطْرِقُ الطِّيَرَةَ, إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرَّمُ, لِحَدِيثِ عُمَرَ4: إنَّ الْآذِنَ عَلَى مَشْرَبَةِ5 رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدٌ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ, وَقَالَ: أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ, بِخِلَافِ مَا لَوْ سَمَّى وَاحِدًا مِقْدَامًا وَهُوَ جَبَانٌ, فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ. دَعَاهُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ, وَيَكُونُ إثْمُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَدَأَ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ, وَكَذَلِكَ إذَا سَمَّى مَنْ لَيْسَ بِكَرِيمٍ كَرِيمًا, كَذَا قَالَ, وَهَذَا لَيْسَ بِكَذِبٍ ; لِأَنَّ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مَنْ سُمِّيَ بِهَذَا الِاسْمِ لَمْ يُرِدْ الْمَدْلُولَ, قَالَ: فَأَمَّا هَذِهِ الْأَلْقَابُ فَإِنَّهَا مُحْدَثَةٌ, عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ, وَعُمَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَارُوقَ, وَعُثْمَانَ ذَا النُّورَيْنِ, وَخَالِدًا سَيْفَ اللَّهِ, فَهَذِهِ تَسْمِيَاتٌ مُوَافِقَةٌ, فَإِذَا اتَّخَذْنَاهَا أُصُولًا نَقِيسُ عَلَيْهَا, فَلَا بُدَّ مِنْ رَابِطَةٍ تَجْمَعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ, فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُسَمَّى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَمِيلُ إلَى الصِّدْقِ, فَإِذَا سُمِّيَ رَجُلٌ تَسْمِيَةً يُصَدِّقُهَا فِعْلُهُ, مِثْلُ نَاصِحِ الْإِسْلَامِ وَمُعِينِهِ, إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ, فَلَا بَأْسَ, وَبِالْجُمْلَةِ: كُلُّ لَقَبٍ لَيْسَ بِوَاقِعٍ عَلَى مَخْرَجٍ صَحِيحٍ فَلَا أَرَاهُ جَائِزًا, عَلَى أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ قَوْلَ الْإِنْسَانِ: كَمَالُ الدِّينِ, فَإِنَّ الْمَعْنَى الصَّحِيحَ فِيهِ أَنَّ الدِّينَ أَكْمَلَهُ وَشَرَّفَهُ, لَا أَنَّهُ هُوَ أَكْمَلَ الدِّينَ وَشَرَّفَهُ. وَقَالَ فِيمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّ زَيْنَبَ كَانَ اسْمُهَا بُرَّةَ فَقِيلَ: تُزَكِّي نَفْسَهَا, فَسَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ قَالَ: فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْسُنُ بِالْإِنْسَانِ أن يسمي نفسه2 أسما3 يُزَكِّيهَا بِهِ نَحْوُ التَّقِيِّ وَالزَّكِيِّ وَالْأَشْرَفِ وَالْأَفْضَلِ, كَمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ اسْمًا يُتَشَاءَمُ بِهِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَدْ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا بَأْسَ بِتَسْمِيَةِ النُّجُومِ بِالْأَسْمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْحَمَلِ وَالثَّوْرِ وَالْجَدْي ; لِأَنَّهَا أَسْمَاءُ أَعْلَامٍ, وَاللُّغَةُ وَضْعٌ, فَلَا يُكْرَهُ,. كَتَسْمِيَةِ الْجِبَالِ وَالْأَوْدِيَةِ وَالشَّجَرِ بِمَا وَضَعُوهُ لَهَا, وَلَيْسَ مِنْ حَيْثُ تَسْمِيَتِهِمْ لَهَا بِأَسْمَاءِ الْحَيَوَانِ كَانَ كَذِبًا, وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَوَسُّعٌ وَمَجَازٌ, كَمَا سَمُّوا الْكَرِيمَ بَحْرًا, قَالَ أَبُو دَاوُد4: وَغَيَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْعَاصِ وَعَزِيزٍ وَعُتُلَةَ5 وَشَيْطَانَ وَالْحَكَمِ وغراب وحباب وشهاب فسماه هشاما. وسمى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حربا: سلما, وسمى المضطجع: المنبعث, وأرض عفرة1 سَمَّاهَا خَضِرَةً, وَشِعْبُ الضَّلَالَةِ سَمَّاهُ2 شِعْبَ الْهُدَى, وَبَنُو الزِّنْيَةِ سَمَّاهُمْ بَنُو الرُّشْدَةِ, وَسَمَّى بَنِي مغوية بني رشدة3 قَالَ أَبُو دَاوُد4 تَرَكْت أَسَانِيدَهَا لِلِاخْتِصَارِ, وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ السَّابِقُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ بَعْضُ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ, وَالْعَمَلُ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى, فَأَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي: كُلُّ اسْمٍ فِيهِ تَفْخِيمٌ وَتَعْظِيمٌ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَالَ أَبُو دَاوُد5 فِي بَابِ تَغْيِيرِ الِاسْمِ الْقَبِيحِ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ هَانِئٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ, فَدَعَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ؟ " فَقَالَ: إنَّ قَوْمِي إذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْت بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلَا6 الْفَرِيقَيْنِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"مَا أَحْسَنَ هَذَا فَمَا لَك مِنْ الْوَلَدِ؟ " قَالَ: لِي شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ, قَالَ: "فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ " قُلْت: شُرَيْحٌ, قَالَ: "فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ1 عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ يَزِيدَ, وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُكَنَّى الْإِنْسَانُ بِأَكْبَرِ أَوْلَادِهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي" وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ وَهْبٍ الْجُشَمِيِّ "تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إلَى اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَأَصْدَقُهَا حَارِثٌ وَهَمَّامٌ, وَأَقْبَحُهَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ" وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْجُمْلَةِ مُسْتَحَبَّةٌ, وَصَرَّحُوا بِهِ فِي السِّقْطِ, وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ اتَّفَقُوا أَنَّ التَّسْمِيَةَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءٍ فَرْضٌ, وَيَجُوزُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ, وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ فِيهِ, قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَرَأْسُهَا, قَالَ: وَلَعَلَّهُ يَخْتَصُّ الذَّكَرَ. وَيُكْرَهُ لَطْخُهُ مِنْ دَمِهَا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: سُنَّةٌ. وَيَتَصَدَّقُ بِوَزْنِهِ فِضَّةً. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَيْسَ فِي حَلْقِ رَأْسِهِ وَوَزْنِ شَعْرِهِ سُنَّةٌ وَكِيدَةٌ, وَإِنْ فَعَلَهُ فَحَسَنٌ. وَالْعَقِيقَةُ هي السنة4 فإن فات ففي 5أربع عشرة, فإن فات ففي5 إحْدَى وَعِشْرِينَ. نَقَلَهُ صَالِحٌ, ثُمَّ فِي اعْتِبَارِ الأسابيع وجهان "م 11". وعنه: يختص بالصغير6 وَلَا يَعُقُّ غَيْرُ الْأَبِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي المستوعب والرعاية الروضة: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 11" قوله في العقيقة: ثم في اعتبار الأسابيع وجهان, انتهى. يعني: بعد
يَعُقُّ عَنْ نَفْسِهِ, وَلَا يُجْزِئُ إلَّا بَدَنَةً "م" أَوْ بَقَرَةً كَامِلَةً "م" نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَأَفْضَلُهُ شَاةٌ, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي أُضْحِيَّةٍ. وَفِي إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْهَا رِوَايَتَانِ "م 12" فَإِنْ عَدِمَ اقْتَرَضَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقَالَ شيخنا: مع وفاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَادِي وَالْعِشْرِينَ, أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ والزركشي وتجريد العناية وغيرهم. أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ مَا بَعْدَهُ, قَالَ فِي الْكَافِي3, فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْ إحْدَى وَعِشْرِينَ ذَبَحَهَا بَعْدَهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ سَبَبُهَا, انْتَهَى. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَهُوَ أَصَحُّ, كَالْأُضْحِيَّةِ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُسْتَحَبُّ اعْتِبَارُ الْأَسَابِيعِ أَيْضًا بَعْدَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فَيَكُونُ بَعْدَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ فِي الثَّامِنَ وَالْعِشْرِينَ, فَإِنْ فَاتَ فَفِي الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ, وَعَلَى هَذَا فَقِسْ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: فَإِنْ فَاتَ فَفِي إحْدَى وَعِشْرِينَ, وَيَقْضِي فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ بَعْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ, فِي الْأَشْهَرِ. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَفِي إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ عَنْهَا رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ, وَهُمَا مَنْصُوصَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. "إحْدَاهُمَا": تجزئ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: أَرْجُو أَنْ تُجَزِّئَ الْأُضْحِيَّةُ عَنْ الْعَقِيقَةِ, "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَفِيهَا نَوْعُ شَبَهٍ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ إذَا اجْتَمَعَتَا4, لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ قَالَ بِإِجْزَاءِ الْعَقِيقَةِ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ فِي مَحَلِّهَا, فَقَدْ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَاَللَّهُ أعلم.
وَيُؤَذَّنُ فِي أُذُنِهِ حِينَ يُولَدُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَيُقَامُ فِي الْيُسْرَى وَيُحَنَّكُ بِتَمْرَةٍ. وَلَا يُكْسَرُ لَهَا عَظْمٌ وَهِيَ كَالْأُضْحِيَّةِ مُطْلَقًا, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, ونص. عَلَى بَيْعِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ وَالسَّوَاقِطِ وَالصَّدَقَةِ بِثَمَنِهِ ; لِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ أَدْخَلُ مِنْهَا فِي التَّعَبُّدِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُحْتَمَلُ نَقْلُ حُكْمِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْأُخْرَى فَيَكُونُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَطَبْخُهَا أَفْضَلُ, نص عليه, وقيل له: يشتد1 عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَتَحَمَّلُونَ ذَلِكَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَمِنْهُ طَبِيخٌ حُلْوٌ, تَفَاؤُلًا, وَلَمْ يَعْتَبِرْ شَيْخُنَا التَّمْلِيكَ, وَمَنْ لُقِّبَ بِمَا يُصَدِّقُهُ فِعْلُهُ جَازَ, وَيَحْرُمُ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَى مَخْرَجٍ صَحِيحٍ, عَلَى أَنَّ التَّأْوِيلَ فِي كَمَالِ الدِّينِ وَشَرَفِ الدِّينِ أَنَّ الدِّينَ كَمَّلَهُ وَشَرَّفَهُ, قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَيُكْرَهُ التَّكَنِّي بِأَبِي عِيسَى, احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عمر2. وفي المستوعب وغيره: وبأبي يَحْيَى, وَهَلْ يُكْرَهُ بِأَبِي الْقَاسِم؟ أَمْ لَا؟ أَمْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ؟ فِيهِ روايات "م 13" ولا يحرم "ش". وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكَنَّى بِهِ, وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ, فَظَاهِرُهُ: يَحْرُمُ, وَمَنَعَ فِي الْغُنْيَةِ مِنْ الْجَمْعِ, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُجْزِئُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ. وَهَلْ يُكْرَهُ يَعْنِي التَّكَنِّي بِأَبِي الْقَاسِم أَمْ لَا؟ أَمْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ؟ فِيهِ رِوَايَات, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَقَالَ: ذَكَرَهُنَّ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. "إحْدَاهُنَّ" لَا يُكْرَهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, بَعْدَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ وَقَعَ فِعْلُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ وَرِضَاهُمْ بِهِ يَدُلُّ على الإباحة.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ: تُكْرَهُ الْكُنْيَةُ وَالتَّسْمِيَةُ بِاسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْيَتُهُ جَمْعًا وَإِفْرَادًا, وَمُرَادُهُ إفْرَادًا أَيْ: الْكُنْيَةُ. وَيَجُوزُ تَكْنِيَتُهُ أَبَا فُلَانٍ وَأَبَا فُلَانَةَ "عِ" وَتَكْنِيَتُهَا أُمَّ فُلَانٍ 1وَأُمَّ فُلَانَةَ "ع"1 وَتَكْنِيَةُ الصَّغِيرِ "ع" قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اخْتَلَفُوا فِي تَكْنِيَةِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ, وَلَمْ أَجِدْ ذَكَرُوا التَّرْخِيمَ وَالتَّصْغِيرَ, وَهُوَ فِي الْأَخْبَارِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "يَا عَائِشُ" 2, "يَا فَاطِمُ" 3 وَكَقَوْلِ4 أُمِّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ خُوَيْدِمُك أُنَيْسٌ اُدْعُ اللَّهَ لَهُ5. فَيَتَوَجَّهُ الْجَوَازُ, لَكِنْ مَعَ عَدَمِ الْأَذَى, قَالَ أَحْمَدُ: كَنَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ بِأُمِّ عَبْدِ اللَّهِ6.وَيُطْلَقُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالْفَتَى وَالْفَتَاةُ عَلَى الْحُرِّ والمملوك ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُكْرَهُ مُطْلَقًا, لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ7. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ" يُكْرَهُ لِمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ. وَقَالَ فِي الْهَدْيِ8: وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ مَمْنُوعٌ, وَالْمَنْعُ فِي حَيَاتِهِ أَشَدُّ, وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ, انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ, فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. وَمِنْ أَوَّلِهِ إلَى هُنَا عَلَى التَّحَرُّرِ سَبْعِمِائَةٍ مَسْأَلَةً وَخَمْسَ9 وثمانون مسألة.
وَلَا تَقُلْ: عَبْدِي وَأَمَتِي, كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَإِمَاءُ اللَّهِ, وَلَا يَقُلْ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ: رَبِّي. وَفِي مُسْلِمٍ1 أَيْضًا: "وَلَا مَوْلَايَ, فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّهُ" وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ, وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِلْكَرَاهَةِ, وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ, كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ, وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد2 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ. عَبْدِي وَأَمَتِي, وَلَا يَقُولُ الْمَمْلُوكُ: رَبِّي وَرَبَّتِي, وَلْيَقُلْ الْمَالِكُ: فَتَايَ وَفَتَاتِي, وَلْيَقُلْ الْمَمْلُوكُ: سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي, فَإِنَّكُمْ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" وَرَوَاهُ3 أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صحيح موقوفا قال "وليقل: سيدي ومولاي"4 رواه مُسْلِمٌ5 مَرْفُوعًا, وَفِي الصِّحَاحِ6: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّهَا وَرَبَّتَهَا" فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ, وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ, قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: لَا نَعْلَمُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ: مَوْلَايَ, وَلَا يَقُولُ عَبْدُك وَلَا عَبْدِي وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا, وَقَدْ حَظَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَمْلُوكِينَ, فَكَيْفَ لِلْأَحْرَارِ؟ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ لَهُ الْبَدْءُ, وَالْبَدْءُ عِنْدَ الْعَرَبِ الرَّئِيسُ الَّذِي لَيْسَ فَوْقَهُ رَئِيسٌ, قَالَ: قَدْ حَكَى أنه يقال في هذا رب, وحكى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفَرَّاءُ: رَبُ, بِالتَّخْفِيفِ, إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَجْتَنِبُوا هَذَا, وَكَذَا الْمَوْلَى, قَالَ: وَمَحْظُورٌ أَنْ يَكْتُبَ: مِنْ عَبْدِهِ, وَإِنْ كَانَ الْكَاتِبُ غُلَامَهُ, قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: يَا سَيِّدِي, لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدَنَا, فَإِنَّهُ إنْ يَكُنْ سَيِّدُكُمْ فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ" وَهَذَا الْخَبَرُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد2 وَلَفْظُهُ: "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدًا فَإِنَّهُ إنْ يَكُنْ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ" وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ3. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَجَازَ هَذَا بَعْضُهُمْ, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ. صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "إن ابني هذا4 سَيِّدٌ5" قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْقَوْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِمُنَافِقٍ وَلَا كَافِرٍ وَلَا فَاسِقٍ: يَا سَيِّدِي, لِلْحَدِيثِ, وَيُقَالُ لِغَيْرِهِمْ ذَلِكَ, لِلْحَدِيثِ, كَذَا قَالَ, وَلَا أَظُنُّ أَحَدًا يُجَوِّزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا لِمُنَافِقٍ أَوْ كَافِرٍ, قَالَ: وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ أَنْ يُخَاطَبَ يَا سَيِّدِي وَأَنْ يُنْكِرَ ذَلِكَ, كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "السَّيِّدُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" وَهَذَا الْخَبَرُ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَبُو دَاوُد6 فِي بَابِ كَرَاهِيَةِ التَّمَادُحِ عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ: قَالَ أُبَيٌّ7: انْطَلَقْت فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: أنت سيدنا, فقال: "السيد الله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَبَارَكَ وَتَعَالَى" قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا, وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا. فَقَالَ: "قُولُوا بِقَوْلِكُمْ - أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ - وَلَا يستجرينكم1 الشَّيْطَانُ" رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ2 مِنْ طُرُقٍ,. وَرَوَى أَيْضًا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ3 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, يَا خَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا, وَسَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا, فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ, قُولُوا بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِينَكُمْ الشَّيْطَانُ, أَنَا مُحَمَّدٌ4 عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ, مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي قَوْلِهِ "السَّيِّدُ اللَّهُ" أَيْ الَّذِي تَحِقُّ لَهُ السِّيَادَةُ, كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُحْمَدَ فِي وَجْهِهِ, وَأَحَبَّ التَّوَاضُعَ. وَلَا تُسَنُّ الْفَرَعَةُ: نَحْرُ أَوَّلِ وَلَدِ النَّاقَةِ, وَلَا الْعَتِيرَةُ, ذَبِيحَةُ رَجَبٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ: يُسْتَحَبُّ, وَحَكَاهُ أَحْمَدُ عَنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ, وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَفِي الرِّعَايَةِ يكره والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب البيع
كتاب البيع مدخل مدخل ... كِتَابُ الْبَيْعِ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بَعْدَهُ بِلَفْظٍ دال على الرضا, وعنه: بعت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
و: اشتريت فَقَطْ, فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ بِكَذَا, فَقَالَ: أَنَا آخُذُهُ, لَمْ يَصِحَّ, بَلْ أَخَذْته, نَقَلَهُ مُهَنَّا, فَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ الْإِيجَابَ بِمَاضٍ أَوْ طَلَبٍ صَحَّ, وَعَنْهُ: بِمَاضٍ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, كَنِكَاحٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ رِوَايَةً, اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ, وَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ فِي مَجْلِسِهِ صَحَّ إنْ لَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ عُرْفًا, وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا نِكَاحٌ, وَعَنْهُ: لَا يبطل بالتفرق, وعنه: مع غيبة الزوج. وَيَصِحُّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ, نَحْوُ أَعْطِنِي بِدِرْهَمٍ خُبْزًا, فَيُعْطِيَهُ مَا يُرْضِيهِ, أَوْ خُذْ هَذَا بِدِرْهَمٍ فَيَأْخُذَهُ. وَعَنْهُ: فِي الْيَسِيرِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا, وَمِثْلُهُ وَضْعُ ثَمَنِهِ عَادَةً وَأَخْذُهُ, وَكَذَا هِبَةٌ, فَتَجْهِيزُ بِنْتِهِ بِجِهَازٍ إلَى زَوْجٍ تَمْلِيكٌ, فِي الْأَصَحِّ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ صِحَّةَ الْهِبَةِ. وَلَا بَأْسَ بِذَوْقِهِ حَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشِّرَاءِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقَالَ أَيْضًا: لَا أَدْرِي إلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ. وَلَهُ شُرُوطٌ: "أَحَدُهَا" الرِّضَا, فَإِنْ أُكْرِهَ بِحَقٍّ صَحَّ, وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى وَزْنِ مَالٍ فَبَاعَ مِلْكَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ, وَيَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ بَيْعُ الْمُضْطَرِّ, وَنَقَلَ حَرْبٌ تَحْرِيمَهُ وَكَرَاهَتَهُ, وَفَسَّرَهُ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ: يَجِيئُك مُحْتَاجٌ فَتَبِيعُهُ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِعِشْرِينَ, وَلِأَبِي دَاوُد1, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى, عَنْ هُشَيْمٍ, عَنْ صَالِحِ بْنِ عَامِرٍ كَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْخٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ, أَوْ قَالَ عَلِيٌّ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ, وَبَيْعِ الْغَرَرِ, وَبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ. صَالِحٌ لَا يُعْرَفُ, تَفَرَّدَ عَنْهُ هُشَيْمٌ, وَالشَّيْخُ لَا يُعْرَفُ أَيْضًا. وَلِأَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ فِي مُسْنَدِهِ2: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ حَاتِمٍ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, عَنْ الْكَوْثَرِ بْنِ حَكِيمٍ, عَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَفِيهِ "أَلَا إنَّ بَيْعَ الْمُضْطَرِّينَ حَرَامٌ, أَلَا إنَّ بَيْعَ الْمُضْطَرِّينَ حَرَامٌ". الْكَوْثَرُ ضَعِيفٌ بِإِجْمَاعٍ, قَالَ أَحْمَدُ: أَحَادِيثُهُ بَوَاطِيلُ, لَيْسَ بِشَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: رَأَيْت بِخَطِّ ابْنِ عَقِيلٍ حَكَى عَنْ كِسْرَى أَنَّ بَعْضَ عُمَّالِهِ أَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ نَهْرًا, فَكَتَبَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي بَيْتٍ لِعَجُوزٍ, فَأَمَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا, فَضُوعِفَ لَهَا الثَّمَنُ فَلَمْ تَقْبَلْ, فَكَتَبَ كِسْرَى أَنْ خُذُوا بَيْتَهَا فَإِنَّ الْمَصَالِحَ الْكُلِّيَّاتِ تغفر فيها المفاسد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجُزْئِيَّاتُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَجَدْت هَذَا صَحِيحًا, فَإِنَّ اللَّهَ وَهُوَ الْغَايَةُ فِي الْعَدْلِ - يَبْعَثُ الْمَطَرَ وَالشَّمْسَ, فَإِنْ كَانَ الْحَكِيمُ الْقَادِرُ لَمْ يُرَاعِ نَوَادِرَ الْمُضَارِّ لِعُمُومِ الْمَنَافِعِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى. "الثَّانِي" الرُّشْدُ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ تَصَرُّفُ مُمَيِّزٍ وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ تَزَوَّجَ الصَّغِيرُ فَبَلَغَ أَبَاهُ فَأَجَازَهُ جَازَ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَوْ أَجَازَهُ هُوَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَمْ يَجُزْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: رِضَاهُ بِقَسْمِهِ هُوَ قِسْمَةُ تَرَاضٍ, وَلَيْسَ إجَازَةً لِعَقْدِ فُضُولِيٍّ, وَقَالَ: إنْ نَفَذَ عِتْقُهُ الْمُتَقَدِّمُ أَوْ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ عَتَقَ, كَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ كَالْأَحْرَارِ, وَعَنْهُ: لَا يَقِفُ. ذَكَرَهَا الْفَخْرُ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ صِحَّةَ بَيْعِهِ وَنِكَاحِهِ, وَفِيهِ نَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ صِحَّةَ عِتْقِهِ إذَا عَقَلَهُ, وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ صِحَّةُ عِتْقِهِ, وَأَنَّ أَحْمَدَ قَالَهُ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ: فِي عِتْقِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَابْنِ عَشْرٍ وَابْنَةِ تِسْعٍ وَفِي الْمُوجَزِ وَمُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ, وَهُمَا فِي الِانْتِصَارِ: فِي سَبْقِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الصَّحِيحُ عَنْ أَحْمَدَ لَا تَصِحُّ عُقُودُهُ, وَأَنَّ شَيْخَهُ قَالَ: الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي عُقُودِهِ كُلِّهَا رِوَايَتَانِ, وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ صِحَّةَ عِتْقِ مُمَيِّزٍ وَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ, نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا بَلَغَ عَشْرًا زَوَّجَ وَتَزَوَّجَ وَطَلَّقَ وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَنُفُوذِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيٍّ وَإِبْرَائِهِ وَإِعْتَاقِهِ وَطَلَاقِهِ رِوَايَتَانِ. وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِإِذْنِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَالسَّفِيهُ مِثْلُهُ إلَّا فِي عَدَمِ وَقْفِهِ, وَيَجُوزُ إذْنُهُ لِمَصْلَحَةٍ, وَيَصِحُّ فِي يَسِيرٍ مِنْهُمَا, وكذا من دون المميز في أحد الوجهين "م 1" وَمِنْ عَبْدٍ, وَشِرَاؤُهُ فِي ذِمَّتِهِ وَاقْتِرَاضُهُ لا يصح, كَسَفِيهٍ, فِي الْأَصَحِّ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ, وَالرِّوَايَتَانِ فِي إقْرَارِهِ. وَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ منه لإعساره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ فِي يَسِيرٍ مِنْهُمَا يَعْنِي من المميز والسفيه وكذا من
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مِنْ بَائِعِهِ بَعْدَ مَا عَلِمَ أَنَّ مَوْلَاهُ حَجَرَ عَلَيْهِ وَمَنَعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ, لِأَنَّهُ هُوَ أَتْلَفَ مَالَهُ وَفِي قَبُولِهِمْ هِبَةً وَوَصِيَّةً بِلَا إذْنٍ أَوْجُهٌ "الثَّالِثُ": يَجُوزُ مِنْ عَبْدٍ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: يَصِحُّ قَبُولُ مُمَيِّزٍ "م 2" وَكَذَا قَبْضُهُ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ, وَيُقْبَلُ مِنْ مُمَيِّزٍ, وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: دُونَهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ بِهَا, وَإِذْنُهُ فِي دُخُولِ دَارٍ. فِي جَامِعِ الْقَاضِي: وَمِنْ فَاسِقٍ وَكَافِرٍ, وذكره الْقُرْطُبِيُّ "عِ" وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا: إنْ ظُنَّ صِدْقُهُ, وَهَذَا مُتَّجَهٌ. قَالَ: وَإِنْ حَذَّرَ مِنْ سلوك طريق ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونِ الْمُمَيِّزِ2, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَفِي قَبُولِهِمْ يَعْنِي الْمُمَيِّزَ وَالسَّفِيهَ وَالْعَبْدَ هِبَةً وَوَصِيَّةً بِلَا إذْنٍ أَوْجُهٌ, الثَّالِثُ: يَجُوزُ مِنْ عَبْدٍ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: يَصِحُّ قَبُولُ مُمَيِّزٍ, انْتَهَى. وَأُطْلِقَ الْقَبُولُ وَعَدَمُهُ فِي السَّفِيهِ وَالْمُمَيِّزِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ, فِي الصَّغِيرِ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ مِنْ الْجَمِيعِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ5 وَالْحَاوِي فِي قبول المميز.
لَزِمَ قَبُولُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي التَّمْهِيدِ مَسْأَلَةَ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ: أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ بِلُصُوصٍ فِي طَرِيقِهِ وَظُنَّ صِدْقُهُ لَزِمَهُ تَرْكُهُ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ1 عَنْ الْمُخَالِفِ فِي خَبَرِ وَاحِدٍ, وَلَوْ حَذَّرَ فَاسِقٌ مِنْ طَرِيقٍ وَجَبَ قَبُولُهُ عُرْفًا, فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ, لِاحْتِمَالِ قَصْدِ تَعْوِيقِهِ أَوْ التَّهَزِّي, وَالْأَصْلُ السَّلَامَةُ. وَمَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْجَامِعِ ذَكَرَهُ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ, قَالَ: لِأَنَّ الِاسْتِئْذَانَ وَالْهَدِيَّةَ مَوْضُوعُهُمَا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ, بِدَلِيلِ قَبُولِهِ مِنْ الصَّبِيِّ, وَالْقِبْلَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الِاحْتِيَاطِ, لِعَدَمِ قَبُولِهِ مِنْ الصَّبِيِّ. وَيُحْتَجُّ لِذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ هَدَايَا الْمُشْرِكِينَ وَهِيَ عَلَى أَيْدِي كُفَّارٍ2, لَكِنْ قَدْ يُقَالُ هَذَا مَعَ قَرِينَةٍ رُبَّمَا أَفَادَتْ الْعِلْمَ فَضْلًا عَنْ الظَّنِّ, نَحْوُ مُكَاتَبَةٍ وَعَلَامَةٍ بِرِسَالَةٍ وَغَيْرِهَا, فَلَا يُفِيدُ الْإِطْلَاقُ, وَلَعَلَّ هَذَا أَوْلَى. "الثَّالِثُ" أَنْ يَكُونَ مُبَاحَ النَّفْعِ وَالِاقْتِنَاءِ بِلَا حَاجَةٍ, كَعَقَارٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ, وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا, لَا إنْ نَجِسَا, قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ, وَدُودِ قَزٍّ, وَحَرَّمَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَبِزْرِهِ3. وَفِيهِ وَجْهٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ قَالَ: كَبَيْضِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ"4. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: لَا يَصِحُّ قَبْضُ مُمَيِّزٍ هِبَةً وَلَا قَبُولُهَا, عَلَى أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ, وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ "قُلْت": وَهَذَا الْمَذْهَبُ, وَقَدْ مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ ذِكْرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ4" 5. "وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" يَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ دُونَ غَيْرِهِ, وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هذا المذهب
مَا لَا يُؤْكَلُ, وَلَا حَشَرَاتٍ وَآلَةِ لَهْوٍ وَكَلْبٍ وَخَمْرٍ وَلَوْ كَانَا ذِمِّيَّيْنِ, ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ, وَسَرْجَيْنِ نَجِسٍ, وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ دُهْنٍ نَجِسٍ. وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ السَّلَفِ فِي الْبَعْرِ وَالسَّرْجَيْنِ قَالَ: لَا بَأْسَ. وَأَطْلَقَ ابْنُ رَزِينٍ فِي بَيْعِ نَجَاسَةٍ قَوْلَيْنِ, وَسُمٍّ قَاتِلٍ, مُطْلَقًا, وَقِيلَ: يَقْتُلُ بِهِ مُسْلِمًا, وَيَجُوزُ بَيْعُ السَّقَمُونْيَا1 وَنَحْوِهِ. وَفِي بَيْعِ عَلَقٍ لِمَصِّ دَمٍ وَدِيدَانٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ وَمَا يُصَادُ عليه كبومة شباشا2 وَجْهَانِ "م 3 و 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3 و 4" قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ عَلَقٍ لِمَصِّ دَمٍ وَدِيدَانٍ لِصَيْدِ سَمَكٍ وَمَا يُصَادُ عَلَيْهِ كَبُومَةٍ شَبَاشَا وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3" بَيْعُ الْعَلَقِ لِمَصِّ دَمٍ وَبَيْعُ الدِّيدَانِ لِصَيْدِ سَمَكٍ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْتُ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4" بَيْعُ مَا يُصَادُ عَلَيْهِ كَبُومَةٍ شَبَاشَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ في الحاوي الكبير.
وَيَجُوزُ بَيْعُ طَيْرٍ لِقَصْدِ صَوْتِهِ, قَالَهُ الْجَمَاعَةُ"*", وَعِنْدَ شَيْخِنَا: إنْ جَازَ حَبْسُهُ, وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَقِيلٍ "م 5" وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يَصِحُّ إجارة ما قصد صوته, كَدِيكٍ وَقُمْرِيٍّ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَصِحُّ إجَارَةُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَغَنَمٍ وَدَجَاجٍ وَبُلْبُلٍ وَقُمْرِيٍّ. وَفِي الْفُنُونِ: يُكْرَهُ. وَفِي بَيْعِ هِرٍّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, صَحَّحَهُ الناظم. "مسألة 5" قوله: ويجوز بيع طير لقصد1 صوته ذكره جماعة, وعند شَيْخِنَا يَجُوزُ إذَا جَازَ حَسْبُهُ. وَفِيهِ احْتِمَالَانِ لابن2 عَقِيلٍ انْتَهَى, قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: فَأَمَّا حَبْسُ الْمُتَرَنِّمَاتِ مِنْ الْأَطْيَارِ, كَالْقَمَارِيِّ وَالْبَلَابِلِ, لِتَرَنُّمِهَا فِي الْأَقْفَاصِ, فَقَدْ كَرِهَهُ أَصْحَابُنَا, لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاجَاتِ إلَيْهِ, لَكِنَّهُ مِنْ الْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَرَقِيقِ الْعَيْشِ, وَحَبْسُهَا تَعْذِيبٌ, فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَدَّ الشَّهَادَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ, ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَقَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا أَصْحَابُنَا وَسَمَّوْهُ سَفَهًا, انْتَهَى. فَقَطَعَ فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي بِالْمَنْعِ وَأَنَّ عَلَيْهِ الْأَصْحَابَ, وَهُوَ قَوِيٌّ, وَقَالَ فِي بَابِ الصَّيْدِ: نَحْنُ نَكْرَهُ حَبْسَهُ لِلتَّرْبِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّفَهِ, لِأَنَّهُ يَطْرَبُ بِصَوْتِ حَيَوَانٍ صَوْتُهُ حُنَيْنٌ إلَى الطَّيَرَانِ وَتَأَسُّفٌ عَلَى التَّخَلِّي فِي الْفَضَاءِ. "*" تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُ طير لقصد1 صَوْتِهِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "قُلْت": مِنْ الْجَمَاعَةِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ المصنف
وَمَا يَعْلَمُ الصَّيْدَ أَوْ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَفِيلٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَعُقَابٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَشَاهِينَ وَنَحْوِهَا رِوَايَتَانِ, فَإِنْ جَازَ فَفِي فَرْخِهِ وبيضه وجهان "م 6 - 8" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6 - 8" قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ الْهِرِّ وَمَا يَعْلَمُ الصَّيْدَ أَوْ1 يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَفِيلٍ وَفَهْدٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَعُقَابٍ وَشَاهِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ رِوَايَتَانِ, فَإِنْ جَازَ فَفِي فَرْخِهِ وَبَيْضِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6" بَيْعُ الْهِرِّ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يَجُوزُ وَيَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي3 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ, وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ. والرواية الثانية لا يَصِحُّ الْبَيْعُ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَصَاحِبُ الْهَدْيِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْهِرِّ, فِي أصح الروايتين, للنهي الصحيح عن بيعه4.
وإن لم يقبل الفيل وَالْفَهْدُ التَّعْلِيمَ لَمْ يَجُزْ, كَأَسَدٍ وَذِئْبٍ وَدُبٍّ وغراب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" بَيْعُ مَا يَعْلَمُ الصَّيْدَ, كَمَا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ, هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ, وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اخْتَارَ الصِّحَّةَ هُنَا اخْتَارَهَا فِي الْهِرِّ, إلَّا صَاحِبَ الْهَدْيِ وَالْفَائِقِ وَابْنَ رَجَبٍ, وَأَظُنُّ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ, فَإِنَّهُمْ اخْتَارُوا عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْهِرِّ, لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ: وَمَا يَعْلَمُ الصَّيْدَ مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَفِيلٍ, وَإِلَى آخره, وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْفِيلُ أَوْ الْفَهْدُ التَّعْلِيمَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَأَسَدٍ إلَى آخِرِهِ, فَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ تَعْلِيمَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَتَعْلِيمُ الْفِيلِ لِلرُّكُوبِ وَالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِمَا, وَتَعْلِيمُ غَيْرِهِ لِلصَّيْدِ, إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ تَعْلِيمَ الْفِيلِ لِلصَّيْدِ, وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الْأُولَى, فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَعْهَدْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا يُصَادُ بِهِ, وَلِشَيْخِنَا عَلَيْهِ كَلَامٌ فِي حَوَاشِيهِ. "الْمَسْأَلَةُ 8 الثَّالِثَةُ" إذَا قُلْنَا يَصِحُّ الْبَيْعُ, فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُ فِرَاخِهِ وَبَيْضِهِ أَمْ لا؟ أطلق
قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَنَسْرٍ وَنَحْوِهَا, وَقَالَ: وَنِمْرٍ, وَيَأْتِي فِي الصَّيْدِ, وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدُ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْفُهُودِ وَجُلُودِهَا وَجِلْدِ النِّمْرِ. وَكَذَا بَيْعُ قِرْدٍ لِلْحِفْظِ "م 9" وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ, قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ بَيْعِ الْقِرْدِ وَشِرَائِهِ فَكَرِهَهُ, وَيَجُوزُ بَيْعُ عَبْدٍ جَانٍ, في المنصوص, كمرتد, فلجاهل أرشه وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ "قُلْت": وَعَلَى قِيَاسِهِ وَلَدُ الْفَهْدِ الصَّغِيرِ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْبَيْضِ. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ فِيهِمَا إذَا كَانَ الْبَيْضُ يُنْتَفَعُ بِهِ, بِأَنْ يَصِيرَ فَرْخًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: إنْ قَبِلَ التَّعْلِيمَ جَازَ, عَلَى الْأَشْهَرِ, كَالْجَحْشِ الصَّغِيرِ, قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ لنجاسته, ورده الشارح, وهو كما قال. "المسألة مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَكَذَا بَيْعُ قِرْدٍ لِلْحِفْظِ" يَعْنِي أَنَّ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ الَّذِي فِي سِبَاعِ الْبَهَائِمِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ, وَظَاهِرُ مَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 إطْلَاقُ الْخِلَافِ كَالْمُصَنِّفِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ "قُلْت": هُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ أَقْبَلُ لِلتَّعْلِيمِ مِمَّا تَقَدَّمَ, وَعُمُومَاتُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ تَقْتَضِي ذَلِكَ, وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كَرَاهَةَ بَيْعِ الْقِرْدِ. وَقَالَ فِي آدَابِ الرِّعَايَتَيْنِ: يُكْرَهُ اقْتِنَاءُ قِرْدٍ لِأَجْلِ اللَّعِبِ, وَقِيلَ: مُطْلَقًا, انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يُكْرَهُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَيْرِ اللَّعِبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عبدوس في تذكرته.
مَسْأَلَةِ مُرْتَدٍّ احْتِمَالُ ثَمَنِهِ وَمَرِيضٍ, وَقِيلَ: غَيْرُ مَأْيُوسٍ. وَفِي مُتَحَتِّمٍ قَتْلُهُ لِمُحَارَبَةٍ وَلَبَنِ آدَمِيَّةٍ وَقِيلَ: أَمَةٍ وَجْهَانِ "م 10 و 11". قَالَ أَحْمَدُ: أكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10 و 11" قَوْلُهُ: وَفِي مُتَحَتِّمِ الْقَتْلِ لِلْمُحَارَبَةِ وَلَبَنِ آدَمِيَّةٍ وَقِيلَ: أَمَةٍ وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُتَحَتِّمِ الْقَتْلَ لِلْمُحَارَبَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ والحاوي الكبير.
لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَبِيعَ لَبَنَهَا, وَاحْتَجَّ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَضَوْا فِيمَنْ غَرَّ بِأَمَةٍ بِضَمَانِ الْأَوْلَادِ, وَلَوْ كَانَ لِلَّبَنِ قِيمَةٌ لَذَكَرُوهُ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ عِنْدَهُ أَمَةُ رَهْنٍ فَسَقَتْ وَلَدَهُ لَبَنًا وُضِعَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ. وَفِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ نَظَرٌ, قَالَهُ القاضي والمنتخب والأشهر المنع"*" وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ, قَالَ الْقَاضِي: إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ, لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ, انْتَهَى. وَهُوَ قَوِيٌّ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ: ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا إلَى تَحْرِيمِ بَيْعِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ, وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْكَرَاهَةَ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَصِحُّ مِنْ الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفَائِقِ. "*" تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَفِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ نَظَرٌ, قَالَهُ الْقَاضِي وَالْمُنْتَخَبِ يَعْنِي نَذْرَ تَبَرُّرٍ لَا نَذْرَ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ, قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ, انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ بَيْعُهُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي
جواز بيع المصحف "وهـ" وكراهته "وم ش" وَتَحْرِيمِهِ رِوَايَاتٌ "م 12" فَإِنْ حَرُمَ قُطِعَ بِسَرِقَتِهِ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ, وَلَوْ وَصَّى ببيعه لم يبع, نص ـــــــــــــــــــــــــــــQحَوَاشِيهِ: وَلَا تَرَدُّدَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: قُلْت: إنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ, وَهُوَ الصواب "المسألة 12" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُصْحَفِ وَكَرَاهَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ روايات. انتهى. إحْدَاهُنَّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ فِي بَيْعِهِ رُخْصَةً, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ, صَحَّحَهُ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُ "قُلْت": وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ, وَلَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ3. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ" يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ, وَذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدَهُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَإِنْ حَرُمَ قُطِعَ بِسَرِقَتِهِ, قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَأَخِّرِينَ: هَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ, وَصَوَابُهُ فَإِنْ جَازَ قُطِعَ بِسَرِقَتِهِ, وَإِنْ حرم لم يقطع, انتهى, وهو
عَلَيْهِمَا, وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بَيْعُ التَّعَاوِيذِ أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ, وَالتَّعْلِيمُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ بَيْعِ التَّعَاوِيذِ. وَفِي الْقِرَاءَةِ فِيهِ بِلَا إذْنٍ وَلَا ضَرَرً وَجْهَانِ "م 13" وَجَوَّزَهُ أحمد لمرتهن, وعنه. وفيه: يُكْرَهُ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُعْجِبُنِي بِلَا إذْنِهِ. وَيَلْزَمُ بَذْلُهُ لِحَاجَةٍ وَقِيلَ: مُطْلَقًا, وَقِيلَ عَكْسُهُ, كَغَيْرِهِ. وَإِجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ "م 14" وَكَذَا إبْدَالُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا قَالَ, "1اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّحْرِيمَ مَعَ الصِّحَّةِ, وَهُوَ أَوْلَى, وَفِي عِبَارَتِهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ قَالَ: وَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَكَرَاهَتِهِ وَتَحْرِيمِهِ. مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ حَرُمَ, وَهُوَ التَّحْرِيمُ الثَّانِي, يَعْنِي مَعَ الصِّحَّةِ1", وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَفِي الْقِرَاءَةِ فِيهِ بِلَا إذْنٍ وَلَا ضَرَرٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي باب الرهن "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3, فَإِنَّهُمَا قَالَا: "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ رَهْنُهُ, قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا رَهَنَ مُصْحَفًا لَا يَقْرَأُ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ, انْتَهَى. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُعْجِبُنِي بِلَا إذْنِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَجُوزُ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ, اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ جَوَّزَ الْقِرَاءَةَ فِيهِ لِلْمُرْتَهِنِ, وَقَدْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالتِّسْعِينَ: تَجِبُ إعَارَةُ الْمُصْحَفِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَى الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَلَمْ يَجِدْ مُصْحَفًا غَيْرَهُ, وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي كَلَامٍ مُفْرَدٍ لَهُ: أَنَّ الْأَصْحَابَ عَلَّلُوا قَوْلَهُمْ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ, فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَقُّ النَّظَرِ لِاسْتِخْرَاجِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ إذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ, وَعَلَى صَاحِبِهِ بَذْلُهُ لِذَلِكَ, انْتَهَى. وَهُنَا يَقْوَى الْجَوَازُ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ. "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَإِجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ. انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَاتِ التي
وَشِرَاؤُهُ وَالْأَصَحُّ لَا يَحْرُمَانِ "م 15" رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تَبِيعُوا الْمَصَاحِفَ ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْبَيْعِ, فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ فِي الْإِجَارَةِ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَكَذَا إبْدَالُهُ وَشِرَاؤُهُ, وَالْأَصَحُّ لَا يُحَرَّمَانِ, انْتَهَى. انْتَفَى التَّحْرِيمُ مِنْ إطْلَاقِ الْخِلَافِ, وَبَقِيَ رِوَايَةُ الْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ والبلغة والحاويين والفائق وغيرهم. إحْدَاهُمَا لَا يُكْرَهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, فَقَدْ رَخَّصَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي شِرَائِهَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الشِّرَاءِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ كَرَاهَةَ الشِّرَاءِ, وَعَدَمَ كَرَاهَةِ الْإِبْدَالِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يُكْرَهُ, قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمُبَادَلَةِ هَلْ هِيَ بَيْعٌ أَمْ لَا رِوَايَتَيْنِ, وَأَنْكَرَ الْقَاضِي ذَلِكَ وَقَالَ: هِيَ بَيْعٌ, بِلَا خِلَافٍ, وَإِنَّمَا أَجَازَ أَحْمَدُ إبْدَالَ الْمُصْحَفِ بِمِثْلِهِ, لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرَّغْبَةِ عَنْهُ وَلَا عَلَى الِاسْتِبْدَالِ بِعِوَضٍ دُنْيَوِيٍّ بِخِلَافِ أَخْذِ ثَمَنِهِ, ذَكَرَهُ فِي القاعدة الثالثة والأربعين بعد المئة
وَلَا تَشْتَرُوهَا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: وَدِدْت أَنَّ الأيدي تقطع فِي بَيْعِهَا, وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ أَنَّهُمَا كَرِهَا بَيْعَهَا وَشِرَاءَهَا. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَهُ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَعَنْهُ وَعَنْ جَابِرٍ ابْتَعْهَا وَلَا تَبِعْهَا1. قَالَ الْقَاضِي: وَيَجُوزُ وَقْفُهُ وَهِبَتُهُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَاحْتَجَّ بِنُصُوصِ أَحْمَدَ, وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ "هـ ق" وَيَجُوزُ نَسْخُهُ بِأُجْرَةٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ, فَفِيهِ لِمُحْدِثٍ بِلَا حَمْلٍ وَلَا مَسٍّ رِوَايَتَانِ "م 16" وَكَذَا كَافِرٌ, وَفِي النِّهَايَةِ: يُمْنَعُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ الله أَنَّ الْمَصَاحِفَ يَكْتُبُهَا النَّصَارَى, عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ2, وَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ مِنْ كَتَبَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالنَّصَارَى. وَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كُتَّابِ الْمُصْحَفِ, عَنْ الْبَغَوِيِّ, عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: نَصَارَى الْحِيرَةِ كَانُوا يَكْتُبُونَهَا, لِقِلَّةِ مَنْ كَانَ يَكْتُبُهَا, قِيلَ لَهُ: يُعْجِبُك هَذَا؟ قَالَ: لَا, مَا يُعْجِبُنِي, قَالَ فِي الْخِلَافِ: يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَهُ فِي حَالِ كِتَابَتِهِمْ. وَقَالَ في الجامع: ظاهره: كراهته ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ نَسْخُهُ بِأُجْرَةٍ, وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ ففيه3 لِمُحْدِثِ بِلَا مَسٍّ وَلَا حَمْلٍ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. إحْدَاهُمَا يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ, وَلِلْمَجْدِ: احْتِمَالٌ بِالْجَوَازِ لِلْمُحْدِثِ دُونَ الْجُنُبِ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الرِّعَايَةِ, وَحَكَاهُنَّ أَوْجُهًا, وَقِيلَ: هُوَ كَالتَّقْلِيبِ, وَقِيلَ: لا يجوز وإن جاز التقليب بالعود.
لِذَلِكَ, وَكَرِهَهُ لِلْخِلَافِ, وَقَالَ: وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ يَكْتُبُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَا يَحْمِلُهُ, وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ "م 17" أَنَّهُ يَجُوزُ, لِأَنَّ مَسَّ القلم للحرف كمس العود للحرف, وَيَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ تَقْلِيبُ الْوَرَقِ بِعُودٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَيَتَوَجَّهُ مِنْ الْمَنْعِ تَخْرِيجُ: لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ بِأُجْرَةٍ, لِاخْتِصَاصِ كَوْنِ فَاعِلِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ, وَكَرِهَهُ ابْنُ سِيرِينَ كَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ, قَالَ أَحْمَدُ: نَفْسُ مَا فِي الْمُصْحَفِ يُكْتَبُ كَمَا فِي الْمُصْحَفِ, يَعْنِي لَا يُخَالِفُ حُرُوفَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ, وَقَالَ بَعْدَ كَلَامِ أَحْمَدَ: إنَّمَا اخْتَارَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى كَتْبِهِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ فَلَمْ تَحْسُنْ مُخَالَفَتُهُ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا تُبَاعُ كُتُبُ الْعِلْمِ, وَكَرِهَهُ "م" وَقِيلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي كَافِرٍ وَفِي النِّهَايَةِ يُمْنَعُ1 وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ الله أن المصاحف2 تكتبها النصارى ... قال3: يُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَا إذَا كَتَبَهُ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا حَمْلٍ, وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. انْتَهَى, وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْكَافِرِ عَلَى كِتَابَةِ الْمُصْحَفِ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ, وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَيْضًا وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ, قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: يُعْجِبُك أَنْ تَكْتُبَ النَّصَارَى الْمَصَاحِفَ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فَأُخِذَ مِنْ ذلك رواية بالمنع, انتهى "قلت": رواية المنع
لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا مُحْتَاجٌ. وَيَصِحُّ شِرَاءُ كُتُبِ زَنْدَقَةٍ وَنَحْوِهَا لِيُتْلِفَهَا, ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَزَادَ: لَا خَمْرٍ لِيُرِيقَهَا, لِأَنَّ فِي الْكُتُبِ مَالِيَّةُ الْوَرَقِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَبْطُلُ بِآلَةِ اللَّهْوِ, وَسَقَطَ حكم مالية الخشب وَفِي جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِدُهْنٍ نَجِسٍ رِوَايَتَانِ "م 18" نقل الجماعة: ما لم يمسه بيده, ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَقِّ الْكَافِرِ أَقْوَى مِنْ رِوَايَةِ الْمَنْعِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "*" تَنْبِيهٌ يُحْتَمَلُ أن قوله "وكذا1 في كافر "لَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُجَرَّدَ إخْبَارٍ, وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ عِنْدَهُ, وَتَقْدِيرُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ الْمُطْلَقَتَانِ فِي جَوَازِ نَسْخِ الْمُحْدِثِ مُطْلَقَتَانِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ مِنْ الْكَافِرِ, فَلِذَلِكَ صححنا الخلاف وبينا المذهب, والله أعلم. "المسألة 18" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ الِاسْتِصْبَاحِ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ رِوَايَتَانِ انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَمُخْتَصَرِ ابن تميم والشرح3 وشرح ابن منجا والمذهب الأحمد
يَأْخُذُهُ بِعُودٍ. وَخُرِّجَ مِنْهُ جَوَازُ بَيْعِهِ, كَبَيْعِهِ لكافر عالم به, في رواية الرَّابِعُ" الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ. فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ السَّمَكِ فِي الْمَاءِ "و" وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ "و" وَقِيلَ: لَا يَأْلَفُ الرُّجُوعَ, وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ وَأَنَّهُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ, وَأَنْكَرَهُ مَنْ لَمْ يُحَقِّقْ, فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ وَمَكَانُهُ مُغْلَقٌ أَوْ أَخْذُ سَمَكٍ فِي مَاءٍ مِنْ مَكَان لَهُ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَمْ يَسْهُلْ أَخْذُهُ لَمْ يَجُزْ, لِعَجْزِهِ فِي الْحَالِ وَالْجَهْلِ بِوَقْتِ تَسْلِيمِهِ, وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: بَلَى, وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ بجهالته, وإلا فوجهان "م 19" وصححه بعضهم فِي الْأُولَى, لِقِصَرِ الْمُدَّةِ, وَلَا بَيْعُ مَغْصُوبٍ إلَّا لِغَاصِبِهِ "و" وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ قَادِرٍ عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQوالرعاية الصغرى "1والحاويين والفائق وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التصحيح والخلاصة والرعاية الكبرى1" قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ, وَنَصَرَهَا فِي الْمُغْنِي2, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. "مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ يَعْنِي الطَّيْرَ وَمَكَانُهُ مُغْلَقٌ أَوْ أَخْذُ سَمَكٍ فِي مَاءٍ مِنْ مَكَان لَهُ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ فَلَمْ يَسْهُلْ أَخْذُهُ لَمْ يَجُزْ. وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: بَلَى وَإِلَّا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا طَالَتْ الْمُدَّةُ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ وَلَكِنْ بِتَعَبٍ وَمَشَقَّةٍ فَهَذَا مَحَلُّ الْوَجْهَيْنِ, قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يصح والحالة هذه, اختاره القاضي.
"وهـ" وَكَذَا آبِقٌ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في موضع "وهـ" وَكَذَا آبِقٌ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي في موضع "وهـ م" وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ. وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ الْفَسْخُ. وَيَصِحُّ بَيْعُ النَّحْلِ بِكِوَارَتِهِ1 أَوْ فِيهَا مُفْرَدًا, فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا, وَالْأَكْثَرُ إذَا شُوهِدَ دَاخِلًا, قَالَ جَمَاعَةٌ: لَا بِمَا فِيهَا مِنْ نَحْلٍ وعسل, وظاهر كلام بعضهم صحته "الْخَامِسُ" مَعْرِفَتُهُ, فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِرُؤْيَةٍ مُقَارِنَةٍ لَهُ أَوْ لِبَعْضِهِ إنْ دَلَّتْ عَلَى بَقِيَّتِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَرُؤْيَةُ أَحَدِ وَجْهَيْ ثَوْبٍ خَامٍ2 تَكْفِي, لَا مَنْقُوشٍ وَلَا بَيْعُ الْأُنْمُوذَجِ, بِأَنْ يُرِيَهُ صَاعًا وَيَبِيعَهُ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ جنسه, وقيل: ضبط ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" لَوْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ فِي تَحْصِيلِهِ جَازَ بَيْعُهُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ, وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ, وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خلاف فضعيف, والله أعلم.
الْأُنْمُوذَجِ كَذِكْرِ الصِّفَاتِ. نَقَلَ جَعْفَرٌ فِيمَنْ يَفْتَحُ جِرَابًا وَيَقُولُ: الْبَاقِي بِصِفَتِهِ, إذَا جَاءَهُ عَلَى صِفَتِهِ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ, وَاحْتَجَّ بِهِ الْقَاضِي عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لِنَوْعٍ مِنْ الْعَرْضِ عُرِفَ فِي الْمُعَامَلَةُ فَهُوَ كَالْوَصْفِ, وَالشَّرْطُ كَالثَّمَنِ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَمَا عَرَفَهُ بِلَمْسِهِ أَوْ شَمِّهِ أَوْ ذَوْقِهِ فَكَرُؤْيَتِهِ, وَعَنْهُ: وَيَعْرِفَ صِفَةَ الْمَبِيعِ تَقْرِيبًا, فَلَا يَصِحُّ شِرَاءُ غَيْرِ جَوْهَرِيٍّ جَوْهَرَةً, وَقِيلَ: وَشَمُّهُ وَذَوْقُهُ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ رُؤْيَةٌ سَابِقَةٌ بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ظَاهِرًا, وَقِيلَ: بِغَيْرِ ظَنِّ بَقَاءِ مَا اصْطَرَفَا بِهِ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ بِصِفَةٍ تَكْفِي فِي السَّلَمِ ق فَيَصِحُّ بَيْعُ أَعْمَى وَشِرَاؤُهُ, كَتَوْكِيلِهِ "و" وَعَنْهُ: أَوْ لَا يَكْفِي "خ" وَعَنْهُ: وَبِغَيْرِ صِفَةٍ "وهـ" اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي مَوْضِعٍ, وَضَعَّفَهُ أَيْضًا, هَذَا إنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ, وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ, رِوَايَةً وَاحِدَةً, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, فَعَلَيْهَا: لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَلَهُ قَبْلَهَا فَسْخُ الْعَقْدِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَإِمْضَائِهِ. وَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمَوْتٍ وَجُنُونٍ, وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ, بِخِلَافِ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ صِفَةٍ, لَا مُطْلَقًا "هـ ق" عَلَى التَّرَاخِي إلَّا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ سَوْمٍ وَنَحْوِهِ, لَا بِرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ, وَعَنْهُ: عَلَى الْفَوْرِ, وَعَلَيْهَا مَتَى أَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ رَدِّهِ فَلَا أَرْشَ, فِي الْأَصَحِّ, فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ, وَفِي الرِّعَايَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ بِعُمُومِ كَلَامِهِ إذَا اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الْمَبِيعِ هَلْ يَتَحَالَفَانِ أَوْ قَوْلُ الْبَائِعِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَسَيَأْتِي, وَعِنْدَ م قول البائع وَبَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اعْتِبَارًا بِلَفْظِهِ, وَالثَّانِي لَا, وَحَكَاهُ شَيْخُنَا عَنْ أَحْمَدَ, كَالسَّلَمِ الْحَالِّ. وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ إنْ كَانَ مِلْكَهُ "م 20" فَعَلَى الْأَوَّلِ حُكْمُهُ كَالسَّلَمِ, ويعتبر قبضه أو ثمنه في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 20" قَوْلُهُ: وَبَيْعُ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ يَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ اعْتِبَارًا بِلَفْظِهِ, وَالثَّانِي: لَا, وَحَكَاهُ شَيْخُنَا عَنْ أَحْمَدَ, كَالسَّلَمِ الْحَالِّ, وَالثَّالِثُ: يَصِحُّ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ, انْتَهَى. أَحَدُهَا: يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: صَحَّ الْبَيْعُ, فِي الْأَقْيَسِ, انْتَهَى. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى السَّلَمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, وَحَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رِوَايَةً, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ, لِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ, "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَصِحُّ إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ, وَإِلَّا فَلَا, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ3 حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِيَمْضِيَ وَيَشْتَرِيَهُ وَيُسَلِّمَهُ. "تَنْبِيهٌ" كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فِي الْعِبَارَةِ يَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوُجُوهِ أَوْ الْأَوْجُهِ, لَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ, لِأَنَّهُ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ مَا قُلْنَا وَلَكِنْ سَبَقَ الْقَلَمُ مِنْهُ أَوْ من الكاتب, والله أعلم.
الْمَجْلِسِ, فِي وَجْهٍ. وَفِي آخَرَ: لَا "م 21" فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ ثَمَنِهِ, وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُعْتَبَرُ, وَهُوَ أَوْلَى, لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ, وَجَوَّزَ شَيْخُنَا بَيْعَ الصِّفَةِ وَالسَّلَمِ حَالًا إنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ, قَالَ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: "لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك" 1 فَلَوْ لَمْ يجز السَّلَمُ حَالًا لَقَالَ: لَا تَبِعْ هَذَا, سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَهُ أَوْ لَا, وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ لِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَالرِّبْحِ, فَيَبِيعُهُ بِسِعْرٍ, وَيَشْتَرِيهِ بِأَرْخَصَ, وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ, وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدْ لَا وَقَدْ لَا تَحْصُلُ لَهُ تِلْكَ السِّلْعَةُ إلَّا بِثَمَنٍ أَعْلَى مِمَّا تَسَلَّفَ فَيَنْدَمُ, وَإِنْ حَصَلَتْ بِسِعْرٍ أرخص من ذلك ندم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ حُكْمُهُ كَالسَّلَمِ وَيُعْتَبَرُ قَبْضُهُ أَوْ ثَمَنُهُ فِي الْمَجْلِسِ, فِي وَجْهٍ, وَفِي آخَرَ: لَا, انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وغيرهم وجزم به في الوجيز. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي أَوَّلِ بَابِ السَّلَمِ, فَإِنَّهُ قَالَ: الثَّالِثُ مَا لَفْظُهُ لَفْظُ الْبَيْعِ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى السَّلَمِ, كَقَوْلِهِ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا مِنْ صِفَتِهِ كَذَا وَكَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ, وَلَا يَكُونُ مَوْجُودًا وَلَا مُعَيَّنًا, فَهَذَا سَلَمٌ, وَيَجُوزُ التَّفَرُّقُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ, اعْتِبَارًا بِاللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى, انْتَهَى. وَلَكِنْ يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ "بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ" أَنَّ الْقَبْضَ يَحْصُلُ فِي الْمَجْلِسِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: ظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ ثَمَنِهِ, وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُعْتَبَرُ, وَهُوَ أَوْلَى, لِيَخْرُجَ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ, انْتَهَى. وَهُوَ كَمَا قَالَ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَنَى بِظَاهِرِ الْمُسْتَوْعِبِ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ.
الْمُسَلِّفُ. إذْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ هُوَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ, فَصَارَ هَذَا مِنْ نَوْعِ الْمَيْسِرِ وَالْقِمَارِ وَالْمُخَاطَرَةِ, كَبَيْعِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ يُبَاعُ بِدُونِ ثَمَنِهِ, فَإِنْ حَصَلَ نَدِمَ الْبَائِعُ, وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي. وَأَمَّا مُخَاطَرَةُ التِّجَارَةِ فَيَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِقَصْدِ أَنْ يَبِيعَهَا بِرِبْحٍ وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ, فَهَذَا الَّذِي أَحَلَّهُ اللَّهُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا يَصِحُّ اسْتِصْنَاعُ سِلْعَةٍ, لِأَنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ عنده على غير وجه السلم, وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ ثَوْبٍ نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى أَنْ يُنْسَجَ بَقِيَّتُهُ, لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ سَلَمٌ فِي أَعْيَانٍ, وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْبَغْلَ, فَبَانَ فَرَسًا, لَمْ يَصِحَّ. وَقِيلَ: لَهُ الْخِيَارُ, وَفِي الِانْتِصَارِ: مَعَ مَعْرِفَةِ مُشْتَرٍ بِجِنْسِهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَجْهُولٍ مُفْرَدٍ كَحَمْلٍ "ع" وَهُوَ بَيْعُ الْمَضَامِينِ وَهُوَ الْمَجَرُ قِيلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا "م 22" وَلَبَنٍ فِي ضرع "م" وقال شيخنا: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 22" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَجْهُولٍ مُفْرَدٍ كحمل, وهو بيع المضامين
بَاعَهُ لَبَنًا مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ وَاشْتَرَطَ كَوْنَهُ مِنْ هَذِهِ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ جَازَ, وَاحْتَجَّ بِمَا فِي الْمُسْنَدِ1 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسْلَمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ, قَالَ: فَإِذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَقَالَ أَسْلَمْت إلَيْك فِي عَشْرَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرِ هَذَا الْحَائِطِ جَازَ, كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: ابْتَعْت مِنْك عَشَرَةَ أَوْسُقٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَلَكِنَّ التَّمْرَ يَتَأَخَّرُ2 قَبْضُهُ إلَى كَمَالِ صَلَاحِهِ, هَذَا لَفْظُهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْمِسْكُ فِي فَارَتِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ, وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ وَاحْتِمَالُ: يَجُوزُ, لِأَنَّهَا وِعَاءٌ لَهُ تَصُونُهُ وَتَحْفَظُهُ, فَيُشْبِهُ مَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ, وَتُجَّارُ ذَلِكَ يَعْرِفُونَهُ فِيهَا, فَلَا غَرَرَ, واختاره في الهدي3, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ الْمَجَرُ قِيلَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقِيلَ بِكَسْرِهَا انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. إذْ الْأَصْحَابُ لَيْسَ لَهُمْ فِي هَذَا الْكَلَامِ, وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ, وَإِنَّمَا مَرْجِعُهُ إلَى اللُّغَةِ. وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ لَمَّا لَمْ يَرَ أَنَّ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ, لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ قَوِيٌّ فِي نَفْسِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ اللُّغَةِ اخْتَلَفُوا فِي الرَّاجِحِ مِنْهُمَا, وَهُوَ بَعِيدٌ. "تَنْبِيهٌ" تَزِيدُ شَيْئًا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ, قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ: الْمَجَرُ بِسُكُونِ الْجِيمِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْقُتَيْبِيُّ: هُوَ بِفَتْحِهَا, وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ. فَيَصِيرُ فِيهِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ, مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي اثْنَيْنِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَعَبْدٌ مُبْهَمٌ فِي أَعْبُدَ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ: يَصِحُّ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ ثَبَتَ لِلثِّيَابِ عُرْفٌ وَصِفَةٌ صَحَّ إطْلَاقُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا, كَالنُّقُودِ, أَوْمَأَ إلَيْهِ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَا: يَصِحُّ بَيْعُ عَبْدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. وَلَا هَؤُلَاءِ الْعَبِيدَ إلَّا وَاحِدًا مُبْهَمًا, وَلَا عَطَاءَ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ, وَلَا رُقْعَةَ بِهِ, وَعَنْهُ: بَيْعُهَا بِعَرْضٍ مَقْبُوضٍ, قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَالُ عَلَى رَجُلٍ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ, وَالْعَطَاءُ مَعِيبٌ. وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي بَيْعِهَا بِعَرْضٍ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَا بَيْعُ الْمَعْدِنِ وَحِجَارَتِهِ وَالسَّلَفُ فِيهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ أَحْمَدُ فِي مَنْ يَتَقَبَّلُ الْآجَامَ1 أَوْ الطَّرْحَ لَا يَدْرِي مَا فِيهِ: أَشَرُّ مَا يَكُونُ, وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَلَا مُلَامَسَةً وَمُنَابَذَةً, نَحْوُ أَيَّ ثَوْبٍ لَمَسْته أَوْ نَبَذْته أَوْ إنْ لَمَسْت أَوْ نَبَذْت هَذَا فَهُوَ بِكَذَا. وَلَا صُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ, وَعَنْهُ يَجُوزُ بِشَرْطِ جَزِّهِ فِي الْحَالِ "وم". وَلَا فُجْلٍ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَلْعِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهِ, إلَّا لُقْطَةً لُقْطَةً, نَصَّ عَلَيْهِ, إلَّا مَعَ أَصْلِهِ, وَجَوَّزَ ذَلِكَ شَيْخُنَا وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا "وم" لِقَصْدِ الظَّاهِرِ غَالِبًا. وَلَا ثَوْبٍ مَطْوِيٍّ. وَيَصِحُّ بَيْعُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ الْمُسْتَتِرَةِ فِي أَكْمَامِهَا, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: عَلَى الْمَشْهُورِ عَنْهُ, سَوَاءٌ كَانَ فِي إبْقَائِهِ فِيهِ صَلَاحٌ ظَاهِرٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ, وإنما نهى الشارع عن بيع الغرر2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَخَّصَ فِي الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ, قَالَ شَيْخُنَا: وَبَعْضُهُ مَعْدُومٌ. وَيَصِحُّ بَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ إنْ عَلِمَا زِيَادَتَهَا عَلَيْهِ, وَقِيلَ: وَمِنْ صُبْرَةِ بَقَّالِ الْقَرْيَةِ, وَلَوْ تَلِفَتْ إلَّا قَفِيزًا فَهُوَ الْمَبِيعُ, وَلَوْ فَرَّقَ الْقُفْزَانَ فَبَاعَهُ أَحَدَهَا مبهما فاحتمالان"م 23" أظهرهما يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 23" قوله: ولو فرق القفزان1 ثُمَّ بَاعَهُ أَحَدَهَا مُبْهَمًا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي الصِّحَّةُ, لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْخِلَافِ صِحَّةَ إجَارَةِ عَيْنٍ مِنْ أَعْيَانٍ مُتَقَارِبَةِ النَّفْعِ, لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَفَاوَتُ كَالْأَعْيَانِ, انْتَهَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ "قُلْتُ": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كانت متساوية الأجزاء.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الصُّبْرَةُ: الْكَوْمَةُ الْمَجْمُوعَةُ مِنْ الطَّعَامِ سُمِّيَتْ صُبْرَةً لِإِفْرَاغِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ, وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّحَابِ فَوْقَ السَّحَابِ: صَبِيرٌ. وَإِنْ بَاعَ ذِرَاعًا مُبْهَمًا مِنْ أَرْضٍ أَوْ ثَوْبٍ لَمْ يَصِحَّ, فِي الْأَصَحِّ, بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, لِأَنَّهُ لَا مُعَيَّنًا وَلَا مَشَاعًا, إلَّا أَنْ يَعْلَمَا ذَرْعَ الْكُلِّ فَيَصِحُّ مَشَاعًا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الثَّوْبِ: إنْ نَقَصَهُ الْقَطْعُ فَلَا, وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَيْعِ خَشَبَةٍ فِي سَقْفٍ وَفَصٍّ فِي خَاتَمٍ الْخِلَافُ, وَإِنْ بَاعَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ وَعَيَّنَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِابْتِدَاءَ وَلَمْ يُعَيِّنْ الِانْتِهَاءَ لَمْ يَصِحَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَمِثْلُهُ: بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ الَّذِي يَلِينِي, قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. وَإِنْ اسْتَثْنَى مِنْ حَيَوَانٍ يُؤْكَلُ رَأْسُهُ وَجِلْدُهُ وَأَطْرَافُهُ صَحَّ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَحْدَهُ, لِعَدَمِ اعتياده1 وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اسْتِبْقَاءٌ وَهُوَ يُخَالِفُ الْعَقْدِ الْمُبْتَدَأِ, لِجَوَازِ اسْتِبْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ إلَى رَفْعِهِ الْمُعْتَادِ. وَبَقَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُرْتَدَّةِ, وَلِصِحَّةِ بَيْعِ الْوَرَثَةِ أَمَةً مُوصًى بِحَمْلِهَا, لَا بَيْعِ الْحَمْلِ. فَإِنْ أَبَى ذَبْحَهُ لَمْ يُجْبَرْ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَلَهُ قِيمَتُهُ, قَالَهُ أَحْمَدُ: نَقَلَ حَنْبَلٌ مِثْلَهُ. وَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ بِعَيْبٍ يَخْتَصُّ هَذَا الْمُسْتَثْنَى, ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ, وَيَتَوَجَّهُ: لَا, وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يَذْبَحْهُ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ, وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ, كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ2, ولعله مرادهم,
وَمِثْلُهُ إنْ اسْتَثْنَى حَمْلًا مِنْ حَيَوَانٍ, أَوْ أَمَةٍ, أَوْ رِطْلًا مِنْ اللَّحْمِ, أَوْ الشَّحْمِ, أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ, أَوْ صَاعًا مِنْ ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ, وَقِيلَ: أَوْ شَجَرَةٍ, لَمْ يَصِحَّ, في ظاهر المذهب"*" "وهـ ش" كَاسْتِثْنَاءِ الشَّحْمِ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ. نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَشِنْدِيّ فِي حَمْلٍ, وَذَكَرَهُ أَبُو الْوَفَاءِ الْمَذْهَبُ فِي رِطْلٍ مِنْ اللَّحْمِ, وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي آصُعٍ مِنْ بُسْتَانٍ, كَاسْتِثْنَاءِ جُزْءٍ مَشَاعٍ مَعْلُومٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَلَوْ فَوْقَ ثُلُثِهَا "م" وَكَبَيْعِ صُبْرَةٍ بِأَلْفٍ إلَّا بِقَدْرِ رُبْعِهِ لَا مَا يُسَاوِيهِ, لِجَهَالَتِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي: إلَّا بِقَدْرِ رُبْعِهِ, مَعْنَاهُ إلَّا رُبْعَهَا, لِأَنَّهُ إذَا بَاعَهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَكُلُّ رُبْعٍ بِأَلْفٍ, فَكَأَنَّهُ بَاعَ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ. وَيَصِحُّ بَيْعُ حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ أَوْ لَحْمِهِ أَوْ جِلْدِهِ. وَفِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ لَحْمٍ فِي جِلْدٍ أَوْ مَعَهُ اكتفاء برؤية الجلد, بل بيع رءوس ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَثْنَى ... صَاعًا مِنْ ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ, وَقِيلَ: أَوْ شَجَرَةٍ, لَمْ يَصِحَّ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, انْتَهَى. فَقَدَّمَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ صَاعٍ مِنْ شَجَرَةٍ يَصِحُّ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ وَشَرْحِهِ, وَقَاسَهَا عَلَى سَوَاقِطِ الشَّاةِ, وَهِيَ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ, وَالطَّرِيقَةُ الْأُخْرَى هِيَ كَاسْتِثْنَاءِ صَاعٍ مِنْ ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ رَزِينٍ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ والمحرر والرعايتين والوجيز والحاوي الصغير وغيرهم.
وَسُمُوطٍ1. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَيَوَانٍ مَذْبُوحٍ: يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ جِلْدِهِ جَمِيعًا, كَمَا قَبْلَ الذَّبْحِ, كَقَوْلِ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ, كَمَا يَعْلَمُهُ إذَا رَآهُ حَيًّا, وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْفُقَهَاءِ, ظَانًّا أَنَّهُ بَيْعُ غَائِبٍ بِدُونِ رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ, قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ وَحْدَهُ وَالْجِلْدِ وَحْدَهُ. وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وأبا بكر فِي سَفَرِ الْهِجْرَةِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ شَاةً وَاشْتَرَطَا لَهُ رَأْسَهَا وَجِلْدَهَا وَسَوَاقِطَهَا وَكَذَلِكَ كَانَ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَتَبَايَعُونَ2. "السَّادِسُ" مَعْرِفَةُ الثَّمَنِ, فَلَا يَصِحُّ بِرَقَمٍ مَجْهُولٍ, أَوْ بِمَا يَنْقَطِعُ سِعْرُهُ, أَوْ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ, عَلَى الْأَصَحِّ فيهن, وصححه شيخنا بثمن المثل, كنكاح, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنَّهُ مَسْأَلَةُ السِّعْرِ, وَأَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ وَمِنْ جَهَالَةِ الثَّمَنِ: بِعْنِي هَذَا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ أَرْهَنَ بِثَمَنِهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي عَلَيَّ هَذَا. وَلَا بِمِائَةٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً, وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى إسْلَامِ ثَمَنٍ فِي جِنْسَيْنِ, وَصَحَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ مُنَاصَفَةً, وَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ "وهـ" وَلَا بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ "و" وَقِيلَ: يَصِحُّ, فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كُلِّهِ, وَلَا بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ وَهُنَاكَ نُقُودٌ, وَالْأَصَحُّ يَصِحُّ, وَلَهُ الْغَالِبُ, فَإِنْ عَدِمَ لَمْ يَصِحَّ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ, وَلَهُ الْوَسَطُ, وَعَنْهُ: الْأَدْنَى, وَلَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ عِشْرِينَ نَسِيئَةً, فِي الْمَنْصُوصِ, مَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى أَحَدِهِمَا, وَيَصِحُّ بِوَزْنِ صَنْجَةٍ1 لَا يَعْلَمَانِ وزنها, وصبرة, في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَحَّحَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الثَّانِيَةِ, وَمِثْلُهُ: مَا يَسَعُ هَذَا الْكَيْلَ, وَنَصُّهُ: يَصِحُّ, "ش وم" بِمَوْضِعٍ فِيهِ كَيْلٌ مَعْرُوفٌ. وَيَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ, لَا مِنْهَا, فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ بَاعَهُ مِنْ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ, لِتَسَاوِي أَجْزَائِهَا, بِخِلَافِ: مِنْ الدَّارِ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ, لِاخْتِلَافِ أَجْزَائِهَا, ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إذَا بَاعَهُ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلُّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ لَمْ يصح, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ1 كُلَّهَا وَلَا قَدْرًا مَعْلُومًا, بِخِلَافِ أَجَّرْتُك دَارِي كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ, يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ فَقَطْ, لِلْعِلْمِ بِهِ وَبِقِسْطِهِ من الأجرة. وَيَصِحُّ بَيْعُ دُهْنٍ فِي ظَرْفٍ مَعَهُ مُوَازَنَةُ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا, مَعَ عِلْمِهِمَا بِمَبْلَغِ كُلٍّ مِنْهُمَا, وَإِلَّا فَوَجْهَانِ, وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إنْ عَلِمَا زِنَةَ الظَّرْفِ "م 24" وَإِنْ احْتَسَبَ بِزِنَةِ الظَّرْفِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ مَبِيعًا وَعَلِمَا مَبْلَغَ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحَّ, وَإِلَّا فَلَا, لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ, أَوْ بَاعَهُ جُزَافًا بِظَرْفِهِ أَوْ دُونَهُ صَحَّ, وَإِنْ بَاعَهُ إيَّاهُ فِي ظَرْفِهِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَطْرَحَ مِنْهُ وَزْنَ الظَّرْفِ صح "وهـ م ش" قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: إذَا بَاعَهُ جَامِدًا فِي ظَرْفِهِ كَدَقِيقٍ وَطَعَامٍ مُوَازَنَةً عَلَى شَرْطِ حَطِّ الظَّرْفِ, فِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ لَهُمْ, وَذَكَرَ أَيْضًا قَوْلَ حَرْبٍ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَبِيعُ الشَّيْءَ فِي الظَّرْفِ مِثْلَ قُطْنٍ فِي جَوَالِيقَ2 فَيَزِنُهُ ويلقي للظرف كذا وكذا؟ , قال: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ, وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ, ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَكَيْنَا عَنْ الْقَاضِي بِخِلَافِ ذَلِكَ, وَلَمْ أَجِدْهُ ذَكَرَ إلَّا قَوْلَ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ إذَا بَاعَهُ معه, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 24" قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ دُهْنٍ وَنَحْوِهِ فِي ظَرْفٍ مَعَهُ مُوَازَنَةُ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِمَبْلَغِ كُلٍّ مِنْهُمَا, وَإِلَّا فَوَجْهَانِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا عَلِمَا زِنَةَ الظَّرْفِ, انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ, وَقَدَّمَاهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرعاية الكبرى والحاوي الكبير.
وَإِنْ اشْتَرَى سَمْنًا أَوْ زَيْتًا فِي ظَرْفٍ فَوَجَدَ فِيهِ رُبًّا صَحَّ فِي الْبَاقِي بِقِسْطِهِ, وَلَهُ الْخِيَارُ, وَلَمْ يَلْزَمْهُ بَدَلُ الرُّبِّ. وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بَيْنَهُمَا, أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ, أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا, أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا, صَحَّ فِيمَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: لَا, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الصِّحَّةَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَمَتَى صَحَّ فَقِيلَ بِالثَّمَنِ, وَالْأَشْهَرُ يُقَسَّطُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ, وَالْخَمْرُ قِيلَ يُقَدَّرُ خَلًّا, كَالْحُرِّ عَبْدًا, وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ لَهَا قِيمَةٌ عِنْدَهُ "م 25 و 26" وعند صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 25 و 26" قوله: وإن1 بَاعَهُ عَبْدًا بَيْنَهُمَا, أَوْ عَبْدَهُ وَعَبْدَ غَيْرِهِ, أَوْ عَبْدًا وَحُرًّا, أَوْ خَلًّا وَخَمْرًا, صَحَّ ثم قال: ومتى صح فقيل2 بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَالْأَشْهَرُ بِقِسْطِهِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ, وَالْخَمْرُ قِيلَ يُقَدَّرُ خَلًّا, كَالْحُرِّ يُقَدَّرُ عَبْدًا. وَقِيلَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ لَهَا3 قيمة عنده, انْتَهَى, ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 25" إذَا بَاعَهُ ذَلِكَ وَقُلْنَا يَصِحُّ, فَهَلْ يَأْخُذُ مَا صَحَّ بَيْعُهُ كُلَّهُ أَوْ يُقَسِّطُهُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ, ثُمَّ قَالَ: وَالْأَشْهَرُ يقسط4, وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَقِيلَ: يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا, وَإِتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فِيهِ نَظَرٌ, قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي بَابِ الضَّمَانِ: يَصِحُّ الْعَقْدُ بِكُلِّ الثمن أو برد, قال ابن رجب فِي آخِرِ الْفَوَائِدِ: وَهَذِهِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ, اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِمَنْ كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ وَإِنَّ بَعْضَ الْعُقُودِ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ, فَيَكُونُ قَدْ دَخَلَ عَلَى بَدَلِ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ خَاصَّةً كَمَا يَقُولُ فِيمَنْ أَوْصَى لِحَيٍّ وميت يعلم
التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: إنْ عَلِمَا بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ, وَكَذَا إنْ تَفَرَّقَا وَإِنْ لَمْ يَتَفَرَّقْ وَكِيلَاهُمَا فِي صَرْفٍ أَوْ سَلَمٍ عَنْ قَبْضِ بَعْضِهِ وَلَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا تُجْهَلُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ, فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِكَذَا فَوَجْهَانِ, بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ أَوْ جَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِّ "م 27" وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْتَهُ: إنَّ الْوَصِيَّةَ كُلَّهَا لِلْحَيِّ, انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَأْخُذُ عَبْدَ الْبَائِعِ بِقِسْطِهِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدَيْنِ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا الْأَشْهَرُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ وَالْكِتَابَةِ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ أَنَّ الثَّمَنَ يُقَسَّطُ عَلَى عَدَدِ الْمَبِيعِ لَا الْقِيمَةِ, ذَكَرَاهُ فِيمَا إذَا بَاعَ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لِغَيْرِهِ, كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ, قَالَ فِي آخِرِ الْفَوَائِدِ: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا, وَلَا أَظُنُّهُ يَطَّرِدُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 26" هَلْ يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا, كَالْحُرِّ يُقَدَّرُ عَبْدًا؟ أَوْ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ. أَحَدُهُمَا: يُقَدَّرُ خَلًّا وَيُقَوَّمُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا1 عِنْدَ أَهْلِهَا, قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: قُلْت: إنْ قُلْنَا نَضْمَنُ لَهُمْ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ, وَأَيْضًا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ ضَعِيفٌ جِدًّا, وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فِيهِ شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا تُجْهَلُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا لَمْ يَصِحَّ. فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِكَذَا فَوَجْهَانِ, بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ2 الْمَنْعِ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ أَوْ جَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِّ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وغيرهم, قال في
باعه بمائة ورطل خمر فسد. وفي الانتصار بتخريج صحة الْعَقْدِ فَقَطْ عَلَى رِوَايَةٍ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ سُلِّمَ أَنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ فِي الْجَمِيعِ فَلِأَنَّ الْخَمْرَ لَا قِيمَةَ لَهَا فِي حَقِّنَا بِالِاتِّفَاقِ, وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِ الْبَدَلُ بَلْ يَبْقَى الْعَقْدُ بِالْمِائَةِ وَيَبْقَى الرِّطْلُ شَرْطًا فَاسِدًا, فَيَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ, وَدَخَلَ عَلَى الْكُلِّ فَفَسَدَ كُلُّهُ, قَالَ: وَلَا يَلْزَمُ إذَا اشْتَرَى دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ, فَإِنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ كُلَّهُ, قَالَ وَلَا يَلْزَمُ إذَا اشْتَرَى دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ, فَإِنَّ الْعَقْدَ يَفْسُدُ كُلَّهُ, لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَتَى قُوبِلَ بِالدِّرْهَمِ مِنْ حَيْثُ الْمُقَابَلَةُ وَزْنًا يُقَدَّرُ شَرْعًا فَيَبْطُلُ, فَيَبْقَى الثَّوْبُ ربا فيفسد العقد, وإن باع عبده وعبد غيره ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّلْخِيصِ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ, وَإِنْ قُلْنَا الْعِلَّةُ جَهَالَةُ الثَّمَنِ فِي الْحَالِّ صَحَّ الْبَيْعُ, وَعَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ يَدْخُلُ الرَّهْنُ وَالْهِبَةُ وَالنِّكَاحُ وَنَظَائِرُهَا. انْتَهَى. فَالْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ عَلَى ذَلِكَ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ فِي الْمَعْلُومِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا عَلَّلَ بِهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, لِمَا علله به صاحب التلخيص والمصنف. "تَنْبِيهٌ" أَطْلَقَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْجَهَالَةَ, وَحَرَّرَ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ: مَجْهُولًا تُجْهَلُ قِيمَتُهُ مُطْلَقًا, يَعْنِي بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا, وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ: مَجْهُولًا لَا تَطْمَعُ فِي قِيمَتِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا, فَإِنَّهُمْ صَوَّرُوا الْمَجْهُولَ بِالْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَإِنْ جُمِعَ بَيْنَ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ وَقِيلَ يَتَعَذَّرُ عِلْمُ قِيمَتِهِ فَذَكَرَ ذَلِكَ قَوْلًا, وَالصَّحِيحُ مَا قُلْنَاهُ, وَاَللَّهُ أعلم.
بِإِذْنِهِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ صَحَّ, فِي الْمَنْصُوصِ, فَيَسْقُطُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ. وَمِثْلُهُ بَيْعُ عَبْدَيْهِ لِاثْنَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدٌ, أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُمَا, وَفِيهَا فِي الْمُنْتَخَبِ وَجْهٌ عَلَى عَدَدِهِمَا, فَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهَا, وَمِثْلُهَا الْإِجَارَةُ. وَإِنْ جَمَعَ مَعَ بَيْعٍ إجَارَةً أَوْ صَرْفًا أَوْ خُلْعًا1 صَحَّ فِيهِنَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً, وَبَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ يَصِحُّ النِّكَاحُ, فِي الْأَصَحِّ, وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ "م 28" وَبَيْنَ كِتَابَةٍ وَبَيْعٍ يَبْطُلُ الْبَيْعُ, فِي الْأَصَحِّ, وَفِي الْكِتَابَةِ وَجْهَانِ "م 29" وَقِيلَ: نَصُّهُ: صحتها, ويقسط على قيمتهما, وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"المسألة 28" قَوْلُهُ: إنْ جُمِعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ صَحَّ فِي النِّكَاحِ, فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ. 4 أَحَدُهُمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ آخر, وجزم به في المنور. "المسألة 29" قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ, فِي الْأَصَحِّ, وَفِي الْكِتَابَةِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ5
تَأَخَّرَ قَبَضَ فِيمَا يُعْتَبَرُ لَهُ فَفُسِخَ الْعَقْدُ فَفِي فَسْخِ الْآخَرِ مَا سَبَقَ "السَّابِعُ" أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ حَتَّى الْأَسِيرِ, أَوْ مَأْذُونًا فِيهِ وَقْتَ إيجَابِهِ وَقَبُولِهِ, فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مُعَيَّنٍ لَا يَمْلِكُهُ لِيَشْتَرِيَهُ وَيُسَلِّمَهُ, وَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِمَالِ غَيْرِهِ أَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ قَالَهُ شَيْخُنَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ, وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي طَلَاقِ زَوْجَةِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَيَقِفُ على الإجازة "وهـ" قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ فِي الْحَالِّ "هـ" وَعَنْهُ: صِحَّةُ تصرف غاصب ـــــــــــــــــــــــــــــQالمحرر وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ. وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ. قَالَ فِي الْفُصُولِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَالشَّارِحُ: وَهَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ؟ يَنْبَنِي عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. أَحَدُهُمَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْحَاوِيَيْنِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ, وفي الكبرى في موضع آخر.
وَالرِّوَايَاتُ فِي عِبَادَتِهِ, وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ فِي ذِمَّتِهِ صَحَّ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ فِي الْعَقْدِ, وَقِيلَ: أَوْ سَمَّاهُ, ثُمَّ إنْ أَجَازَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ مَلَكَهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ, وَقِيلَ: الْإِجَازَةِ, وَإِلَّا لَزِمَ مَنْ اشْتَرَاهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لَهُ, كَمَا لَوْ لَمْ يَنْوِ غَيْرَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ سَمَّاهُ فَأَجَازَهُ لَزِمَهُ, وَإِلَّا بَطَلَ, وَيَحْتَمِلُ إذَنْ: يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ, وَقَدَّمَهُ فِي التلخيص هـ" إلْغَاءً لِلْإِضَافَةِ. وَإِنْ قَالَ: بِعْته مِنْ زَيْدٍ, فَقَالَ: اشْتَرَيْت لَهُ, بَطَلَ, وَيَحْتَمِلُ يَلْزَمُهُ إنْ أَجَازَهُ, وَإِنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ بَعْدَ إجَازَتِهِ صَحَّ مِنْ الْحُكْمِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَيُتَوَجَّهُ كَالْإِجَازَةِ. وَفِي الْفُصُولِ فِي الطَّلَاقِ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَنَّهُ يُقْبَلُ الِانْبِرَامُ وَالْإِلْزَامُ بِالْحُكْمِ, وَالْحُكْمُ لَا يُنْشِئُ الْمِلْكَ بَلْ يُحَقِّقُهُ. وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا يَمْلِكُهُ غَيْرُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي واختار الشيخ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وُقُوفَهُ عَلَى الْإِجَازَةِ, وَمِثْلُهُ شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَإِنْ ظَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَبَانَ وَارِثًا أَوْ وكيلا فروايتان ذكرهما أبو المعالي وغيره "م 30" وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ, كَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا. وعنه يصح "وهـ ق" ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَذَكَرَهُ قَوْلًا لَنَا, وَقَالَ: جَوَّزَ أَحْمَدُ إصْدَاقَهَا, وَقَالَهُ جَدُّهُ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى نَفْعِهَا, وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ: يَبِيعُ ضَيْعَتَهُ الَّتِي بِالسَّوَادِ وَيَقْضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"المسألة 30" قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَبَانَ وَارِثًا أَوْ وَكِيلًا فَرِوَايَتَانِ. ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ, انْتَهَى. أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ, وَالْمُغْنِي1 فِي آخِرِ الْوَقْفِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ الْبَيْعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: صَحَّ, عَلَى الْأَظْهَرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 فِي بَابِ الرَّهْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, قَالَ الْقَاضِي: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ بَاشَرَ امْرَأَةً بِالطَّلَاقِ يَعْتَقِدُهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتْ امْرَأَتَهُ, أَوْ وَاجَهَ بِالْعِتْقِ مَنْ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتُهُ, فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْحُرِّيَّةِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. "قُلْت": قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَأْتِي تَصْحِيحُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَحَلِّهَا, وَلِلشَّيْخِ زَيْنِ الدِّينِ بْنِ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ قَاعِدَةٌ بِذَلِكَ فِيمَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كان يملكه.
دَيْنَهُ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: يُعْطِيهَا مِنْ صَدَاقِهَا؟ قَالَ: امْرَأَتُهُ وَغَيْرُهَا بِالسَّوَادِ, لَكِنْ يُسَلِّمُهَا إلَيْهَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَبِيعُ مِنْهُ وَيَحُجُّ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي, أَوْ قَالَ: دَعْهُ. وَعَنْهُ: يَصِحُّ الشِّرَاءُ, وَعَنْهُ: لِحَاجَتِهِ وَعِيَالِهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَمْقُت السَّوَادَ وَالْمَقَامَ فِيهِ, كَالْمُضْطَرِّ يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. وَتَجُوزُ إجَارَتُهَا. وَعَنْهُ: لَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, كَرِبَاعِ مَكَّةَ, قَالَ جَمَاعَةٌ: أَقَرَّ عُمَرُ1 الْأَرْضَ فِي أَيْدِي أَرْبَابِهَا بِالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ أُجْرَةً لَهَا فِي كُلٍّ عَامٍ, وَلَمْ يُقَدِّرْ مُدَّتَهَا, لِعُمُومِ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ اجْتِمَاعِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ: إنَّ الْخَرَاجَ: عَلَى أَرْضِ الصُّلْحِ إذَا أَسْلَمَ أَهْلُهَا سَقَطَ عَنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ, لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجِزْيَةِ عَنْ رِقَابِهِمْ, وَيَجِبُ الْعُشْرُ, كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِبَنِي تَغْلِبَ2. وَهَذَا الْخَرَاجُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الْأُجْرَةِ عَنْ الْأَرْضِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونُ أُجْرَةً وَهِيَ إجَارَةٌ إلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ؟ قِيلَ: إنَّمَا لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا فِي أَمْلَاكِ الْمُشْرِكِينَ أَوْ فِي حُكْمِ أَمْلَاكِهِمْ فَجَائِزٌ, أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَمِيرَ لَوْ قَالَ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى الْقَلْعَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَلَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ, صَحَّ وَإِنْ كَانَتْ جَعَالَةً بِجُعَلٍ مَجْهُولٍ, كَذَا هَذَا لَمَّا فَتَحَ عُمَرُ السَّوَادَ وَامْتَنَعَ مِنْ قِسْمَتِهِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَوَقَفَهُ3 عَادَ بِمَعْنَاهُ الْأَوَّلِ, فَصَارَتْ فِي حكم أملاك المشركين, فصح ذلك فيها, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ أُجْرَةً لَمْ تُؤْخَذْ عَنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ, لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجَارَةُ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ, قِيلَ: لَهُ الْمَأْخُوذُ هُنَاكَ عَنْ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّ الْأُجْرَةَ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ, فَالْمَنْفَعَةُ بِالْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا النَّخْلُ أَكْثَرُ, كَذَا قَالَ. وَقِيلَ لَهُ: لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ أُجْرَةً لَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ الدُّخُولَ فِيهَا, وَقَدْ كُرِهَ ذَلِكَ قِيلَ: إنَّمَا كَرِهَ أَحْمَدُ ذَلِكَ لِمَا شَاهَدَهُ فِي وَقْتِهِ, لِأَنَّ السُّلْطَانَ كَانَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ, وَيَضْرِبُ وَيَحْبِسُ, وَيَصْرِفُهُ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ. وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ كَلَامِهِ إلَى الْخَرَاجِ الَّذِي أُمِرَتْ الصَّحَابَةُ بِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ, وَجَوَّزَهَا فِي التَّرْغِيبِ مُؤَقَّتَةً, لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يُقَدِّرْ الْمُدَّةَ لِلْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ, احْتَمَلَ فِي وَاقِعَةٍ كُلِّيَّةٍ. قَالَ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَخْذُ شَيْءٍ مِمَّنْ وَقَعَ بِيَدِهِ مِنْ آبَائِهِ, وَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِي غَلَّتَهُ, لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتٍ, وَالْمُزَارَعَةُ أَوْلَى, وَالْمُؤَثِّرُ بِهَا أَحَقُّ, قَالَ شَيْخُنَا: بِلَا خِلَافٍ. وَبَيْعُ بِنَاءٍ لَيْسَ مِنْهَا وَغَرْسٍ مُحْدَثٍ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ الْمَنْعَ, لِأَنَّهُ تَبَعٌ, وَهُوَ ذَرِيعَةٌ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْبِنَاءِ, وَجَوَّزَهُ فِي غَرْسٍ, وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ بَيْعَ الْمَسَاكِنِ مُطْلَقًا. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: أَوْصَى بِثُلُثِ مِلْكِهِ وَلَهُ عَقَارٌ فِي السَّوَادِ؟ قَالَ: لَا تُبَاعُ أَرْضُ السَّوَادِ إلَّا أَنْ تُبَاعَ آلَتُهَا. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ الْمَنْعَ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ, وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَإِنْ أَعْطَى إمَامٌ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ وَقَفَهَا فَقِيلَ: يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي النَّوَادِرِ: لَا "م 31" وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ حَنْبَلٍ: مَثَلُ السَّوَادِ كَمَنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى رَجُلٍ أَوْ عَلَى وَلَدِهِ لَا يَحِلُّ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا عَلَى مَا وَقَفَ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَلَوْ جاز تخصيص قوم بأصلها لَكَانَ مَنْ افْتَتَحَهَا أَحَقَّ, مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ لِلْإِمَامِ الْبَيْعَ, لِأَنَّ فِعْلَهُ كَحُكْمٍ وَأَنَّهُ يَصِحُّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ, كَبَقِيَّةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُعْجِبُنِي بَيْعُ مَنَازِلِ السَّوَادِ وَلَا أَرْضِهِمْ, قِيلَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ السُّلْطَانُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ, يَصْرِفُهُ كَيْفَ شَاءَ إلَّا الصُّلْحَ لَهُمْ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا جَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيْئًا صَارَ ذَلِكَ حُكْمًا بَاقِيًا فِيهَا دَائِمًا, فَإِنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْغَانِمِينَ, وَلَيْسَ غَيْرُهُمْ مُخْتَصًّا بِهَا وَفُتِحَ بَعْضُ الْعِرَاقِ صُلْحًا وَالْحِيرَةُ وَأُلَّيْسَا وَبِانِقْيَاءُ وَأَرْضُ بَنِي صَلُوبَا. وَلَا يُمْلَكُ مَاءٌ عِدٌّ2 وَكَلَأٌ وَمَعْدِنٌ جار بملك الأرض قبل حيازته "وهـ" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 31" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْطَى الْإِمَامُ هَذِهِ الْأَرْضَ لِأَحَدٍ أَوْ وَقَفَهَا عَلَيْهِ فَقِيلَ: يَصِحُّ. وَفِي النَّوَادِرِ لَا, انْتَهَى. يَعْنِي بِهِ أَرْضَ مَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَفِي حُكْمِ الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ: وَلَهُ إقْطَاعُ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَالدُّورِ وَالْمَعَادِنِ إرْفَاقًا لَا تَمْلِيكًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 فِي بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ: وَحُكْمُ إقْطَاعِ هَذِهِ الْأَرْضِ حُكْمُ بَيْعِهَا, وَقُدِّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَا يُخَصُّ أَحَدٌ بِمِلْكِ شَيْءٍ مِنْهَا, وَلَوْ جَازَ تَخْصِيصُ قَوْمٍ بِأَصْلِهَا لَكَانَ الَّذِينَ فَتَحُوهَا أَحَقَّ بِهَا "قُلْت": وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَلَكِنْ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يَصِحُّ ذلك.
فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ "وهـ" كَأَرْضٍ مُبَاحَةٍ "ع" فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعٍ بَلْ مُشْتَرٍ أَحَقُّ بِهِ, وَعَنْهُ: يَمْلِكُهُ فَيَجُوزُ1, لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ أَرْضِهِ كَالنِّتَاجِ "وش م" فِي أَرْضٍ عَادَةُ رَبِّهَا يَنْتَفِعُ بِهَا لَا أَرْضِ بُورٍ, وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا فِي مُقَطَّعٍ مَحْسُوبٍ عَلَيْهِ يُرِيدُ تَعْطِيلَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ زَرْعٍ وَبَيْعِ2 الْمَاءِ, وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي الْكَلَأِ وَنَحْوِهِ إذَا نَبَتَ لَا عَامَيْنِ "و" فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَدْخُلُ الظَّاهِرُ مِنْهُ فِي بَيْعٍ إلَّا بِشَرْطِهِ, قَالَ: بِحُقُوقِهَا أَوْ لَا, صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ احْتِمَالًا: يَدْخُلُ, جَعْلًا لِلْقَرِينَةِ الْعُرْفِيَّةِ كَاللَّفْظِ, وَلَهُ الدُّخُولُ لِرَعْيِ كَلَأٍ وَأَخْذِهِ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُحَطْ عَلَيْهَا بِلَا ضَرَرٍ, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ, وَعَنْهُ: مُطْلَقًا, نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: عَكْسُهُ, وَكَرِهَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالتَّبْصِرَةِ, فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَمْلِكُ بِأَخْذِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ عَدَمَهُ, وَخَرَّجَهُ رِوَايَةً مِنْ أَنَّ النَّهْيَ يَمْنَعُ التَّمَلُّكَ وَيُحَرِّمُ مَنْعَهُ, وَالطُّلُولُ الَّتِي يَجْنِي مِنْهَا النَّحْلُ كَالْكَلَأِ وَأَوْلَى, وَنَحْلُ رَبِّ الْأَرْضِ أَحَقُّ, فَلَهُ مَنْعُ غَيْرِهِ إنْ أَضَرَّ بِهِ, ذكره شيخنا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولايصح بيع ماقصد به الحرام
فصل: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا قُصِدَ بِهِ الْحَرَامُ كَعَصِيرٍ لِمُتَّخِذِهِ خَمْرًا, قَطْعًا, نَقَلَ الْجَمَاعَةُ: إذَا عَلِمَ, وَقِيلَ: أَوْ ظَنَّا, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا كَانَ عِنْدَك يُرِيدُهُ لِلنَّبِيذِ فَلَا تَبِعْهُ, إنَّمَا هُوَ عَلَى قَدْرِ الرَّجُلِ, قال أحمد:
أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهُوا بَيْعَ الْعَصِيرِ وَسِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ, لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ,1 قَالَهُ أَحْمَدُ, قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ يَقْتُلُ بِهِ, وَيَكُونُ لَا يَقْتُلُ بِهِ, وَإِنَّمَا هُوَ ذَرِيعَةٌ, لَهُ أَوْ الْحَرْبِيِّ, وَمَأْكُولٍ وَمَشْمُومٍ لِمَنْ يَشْرَبُ عَلَيْهِمَا الْمُسْكِرَ, وَأَقْدَاحٍ لِمَنْ يَشْرَبُهُ فِيهَا, وَجَوْزٍ لِقِمَارٍ, وَأَمَةٍ وَأَمْرَدَ لِوَاطِئِ دُبُرٍ وَيَصِحُّ بَيْعُ مَنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُسَلِّمَ مَبِيعًا أَوْ ثَمَنًا, ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ قُبَيْلَ الْجِهَادِ وَمَنْ اُتُّهِمَ بِغُلَامِهِ فَدَبَّرَهُ فَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يُحَالُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَ فَاجِرًا مُعْلِنًا, وَهَذَا كَمَا نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَجُوسِيِّ تُسْلِمُ أُخْتُهُ يُحَالُ بَيْنَهُمَا إذَا خَافُوا عَلَيْهِ يَأْتِيهَا, قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَاتَ وَتَرَكَ سُيُوفًا؟. قَالَ: لَا تُبَاعُ بِبَغْدَادَ وَتُبَاعُ بِالثَّغْرِ. وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ نَدْبٌ. وَفِي الْمَنْثُورِ: مَنَعَ مِنْهُ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْفِتَنِ غَالِبًا, وَيَحْرُمُ فِيهَا. وَلَا بَيْعُ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ بِلَا حَاجَةٍ, وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: مَرِيضٌ وَنَحْوُهُ بِنِدَائِهَا الثَّانِي, وَعَنْهُ الْأَوَّلِ وَعَنْهُ أَوْ الْوَقْتِ, قَدَّمَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ, وَهِيَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالرِّوَايَتَيْنِ وَالتَّرْغِيبِ: بِالزَّوَالِ. وَقِيلَ: وَبِنِدَاءِ صَلَاةٍ غَيْرِهَا وَإِنْ تَضَيَّقَ وَقْتُهَا فَوَجْهَانِ "م 32" وَقِيلَ: إنْ لم تلزم أحدهما ـــــــــــــــــــــــــــــQالمسألة -32: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَضَيَّقَ وَقْتُهَا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي إذَا ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَبَاعَ أَوْ اشْتَرَى قَبْلَ فِعْلِهَا يَصِحُّ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ, أَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: الْبُطْلَانُ أَقْيَسُ, قَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْجُمُعَةِ: وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُ صَلَاةٍ فَكَذَا حُكْمُهُ فِي التَّحْرِيمِ وَالِانْعِقَادِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ
لم تحرم عَلَيْهِ, قَالَ فِي الْفُصُولِ: يَحْرُمُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَيَأْثَمُ فَقَطْ, كَالْمُحْرِمِ يَشْتَرِي صَيْدًا مِنْ مُحِلٍّ, ثَمَنُهُ حَلَالٌ لِلْمُحِلِّ وَالصَّيْدُ حَرَامٌ عَلَى الْمُحْرِمِ, كَذَا قَالَ. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الكل, وَيَحْرُمُ وَاحِدُ شِقَّيْهِ, كَهُوَ, وَتَحْرُمُ مُسَاوَمَةٌ وَمُنَادَاةٌ, وَلَا تَحْرُمُ بَاقِي الْعُقُودِ, وَاخْتِيَارُ إمْضَاءِ الْبَيْعِ, فِي الْأَصَحِّ. وَلَا بَيْعُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِكَافِرٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ, كَنِكَاحٍ وَاسْتِرْقَاقٍ "هـ" وَعِنْدَهُ: يُؤْمَرُ بِبَيْعِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ, وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ رِوَايَةً, وَلَهُ رَدُّهُ بِعَيْبٍ, كَمَا يَرِثُهُ, زَادَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ مِلْكُ الْوَارِثِ مِلْكُ بَقَاءٍ لَا مِلْكُ ابْتِدَاءٍ وَقَالَ: لِهَذَا يَبْنِي حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِهِ وَيَرُدُّ بِالْعَيْبِ, وَإِنْ عَتَقَ بِالشِّرَاءِ فَرِوَايَتَانِ "م 33" وَإِنْ وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ فَوَجْهَانِ, وَقِيلَ: إنْ سُمِّيَ الْمُوَكِّلُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقْتَضِي ذَلِكَ, وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِانْعِقَادِ النَّافِلَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ, وَالصَّحِيحُ فِيهَا عدم الانعقاد, فكذا هنا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ مَعَ التَّحْرِيمِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَشْهَرُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامٍ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ "المسألة 33" قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ شِرَاءِ الْكَافِرِ عَبْدًا مُسْلِمًا: وَإِنْ عَتَقَ بِالشِّرَاءِ فَرِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي1
العقد صَحَّ "م 34" وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ كَفَّرَ بِالْعِتْقِ وكل من يشتريه له ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "إحْدَاهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَوَاخِرِ الْعِتْقِ: وَإِنْ اشْتَرَى الْكَافِرُ أَبَاهُ الْمُسْلِمَ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَعَتَقَ, انْتَهَى, وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَمَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ "قُلْت". وَهُوَ الصَّوَابُ. وَيُغْتَفَرُ هَذَا الزَّمَنُ الْيَسِيرُ لِأَجْلِ الْعِتْقِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ, لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَقَالَ: نَصَّ عليه, وقدمه الناظم. "المسألة 34" قَوْلُهُ: وَإِنْ وَكَّلَهُ مُسْلِمٌ فَوَجْهَانِ, وَقِيلَ, إنْ سُمِّيَ الْمُوَكِّلُ فِي الْعَقْدِ صَحَّ3 وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالنَّظْمِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ قَوِيٌّ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْت لِمُوَكِّلِي, صَحَّ, وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُعَيِّنْ, لَمْ يَصِحَّ, وَفِيهِ احتمال
وَيُعْتِقُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَا يَبِيعُ آبِقًا, وَيَصِحُّ أن يوكل فيه من هو بيده وَيَحْرُمُ سَوْمُهُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ مَعَ الرِّضَى صَرِيحًا, وَقِيلَ: أَوْ ظَاهِرًا, وَقِيلَ: أَوْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ, وَقِيلَ: وَلَا يَصِحُّ, كَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ عَلَيْهِ زَمَنَ خِيَارٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَإِنْ رَدَّهُ أَوْ بَذَلَ لِمُشْتَرٍ أَكْثَرَ مِمَّا اشْتَرَاهَا فَوَجْهَانِ "م 35 و 36" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"المسألة 35 وَ 36" قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ سَوْمُهُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ مَعَ الرِّضَا صَرِيحًا, وَقِيلَ: أَوْ ظَاهِرًا, وَقِيلَ: أَوْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ, كَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ عَلَيْهِ زَمَنَ خِيَارٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَإِنْ رَدَّهُ أَوْ بَذَلَ لِمُشْتَرٍ بِأَكْثَرِ مِمَّا اشْتَرَاهَا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى"-35: لَوْ رَدَّهُ فَهَلْ تَحْرُمُ الْمُسَاوَمَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف, ولم تظهر لِي صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ لَوْ سَاوَمَ شَخْصًا سِلْعَةً وَرَدَّهُ مِنْ بَيْعِهَا صَرِيحًا وَقُلْنَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّوْمُ لَوْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ فَهَلْ يَحْرُمُ السَّوْمُ إذَا رَدَّهُ؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادَهُ فَاَلَّذِي يَقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مُسَاوَمَةُ الثَّانِي مَعَ رَدِّهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا أَنْ يَقُولَ لَهُ: أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهَا بِثَمَنِهَا, أَوْ يَعْرِضُ عَلَيْهِ سِلْعَةً يَرْغَبُ فِيهَا الْمُشْتَرِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَعْقِدَ مَعَهُ, فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ فالصحيح أن ذلك ملحق بالبيع والشراء, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَعِبَارَتُهُ لَا تُعْطِي ذَلِكَ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" لَوْ بَدَّلَ لِمُشْتَرٍ سِلْعَةً بِأَكْثَرِ مِمَّا اشْتَرَاهَا فَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, قَالَ بَعْضُهُمْ: فَإِنْ بَدَّلَ لِلْمُشْتَرِي أَجْنَبِيٌّ مِنْ الْبَيْعِ سِلْعَةً بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا فَفِي جَوَازِ ذَلِكَ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. "قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ عَدَمُ3 التَّحْرِيمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ, وَلَمْ يَظْهَرْ لِي مَعْنَى هَذِهِ المسألة أيضا, ولا رأيتها
وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ بِالسِّلْعَةِ وَأَخْذُ الزِّيَادَةِ أَوْ عِوَضِهَا. وَقَسَّمَ فِي عُيُونِ المسائل السوم كالخطبة على خطبة أخيه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْطُورَةً "1إلَّا مَا تَقَدَّمَ عَنْ بَعْضِهِمْ1", ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ ذَكَرَ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كُلِّهِ هُنَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ, وَهُوَ كَمَا قَالَ. "تَنْبِيهَانِ" "*" أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ "كَشِرَائِهِ وَبَيْعِهِ عَلَيْهِ زَمَنَ خِيَارٍ" أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارَيْنِ لَا غَيْرُ, أَعْنِي خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَخِيَارَ الشَّرْطِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْ تَعَالِيلِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ النَّوَوِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ: وَمَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ إلَى قَوْلٍ بِأَنَّهُ عَامٌّ فِي الْحَالَيْنِ, يَعْنِي مُدَّةَ الْخِيَارِ وَبَعْدَهَا وَلَوْ لَزِمَ الْعَقْدُ, قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا, وَهُوَ أَظْهَرُ, لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْفَسْخِ بِنَفْسِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ إذا. رَغِبَ فِي رَدِّ السِّلْعَةِ الْأُولَى عَلَى بَائِعِهَا فَإِنَّهُ يَتَسَبَّبُ إلَى رَدِّهَا بِأَنْوَاعٍ مِنْ الطُّرُقِ الْمُقْتَضِيَةِ لِضَرُورَةٍ وَلَوْ بِالْإِلْحَاحِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ, وَمَا أَدَّى إلَى ضَرَرِ الْمُسْلِمِ كَانَ مُحَرَّمًا, انْتَهَى. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ, فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ الْبَغْدَادِيَّةِ, وَأَجَابَ بِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ مِثْلِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِ الْخِيَارِ وَعَدَمِهِ, فَمَا أَطْلَقَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَيْدُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا أَظُنُّ, وَأَبُو حَكِيمٍ وَصَاحِبُهُ السَّامِرِيُّ, وَأَسْعَدُ بْنُ مُنَجَّى وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمْ, وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ, وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي كِتَابِ إبْطَالِ التَّحْلِيلِ1". "*" التَّنْبِيهُ الثاني" قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ وَيَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْمِلْكِ بِبَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرهِمَا بَيْنَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ, انْتَهَى هَذَا المذهب, وعليه الأصحاب. قال الموفق: قال أصحابنا
وَإِنْ حَضَرَ بَادٍ لِبَيْعِ شَيْءٍ بِسِعْرِ يَوْمِهِ جَاهِلًا بِسِعْرِهِ وَقَصَدَهُ حَاضِرٌ يَعْرِفُ السِّعْرَ وَعَنْهُ: أَوْ لَا وَبِالنَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ هَذَا الشَّرْطَ حَرُمَ وَبَطَلَ, رَضُوا أَوْ لَا, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَا. وَعَنْهُ: مِثْلُهُ إنْ قَصَدَ الْحَاضِرُ أَوْ وُجِّهَ بِهِ إليه ليبيعه, نقله ابن هانئ. ونقل الْمَرُّوذِيُّ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ, جَزَمَ بِهِمَا الْخَلَّالُ. وَإِنْ أَشَارَ حَاضِرٌ عَلَى بَادٍ وَلَمْ يُبَاشِرْ لَهُ بَيْعًا لَمْ يُكْرَهْ "م" وَيُتَوَجَّهُ إنْ اسْتَشَارَهُ وَهُوَ جَاهِلٌ بِالسِّعْرِ لَزِمَهُ بَيَانُهُ, لِوُجُوبِ النُّصْحِ, وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرْهُ فَفِي وُجُوبِ إعْلَامِهِ إنْ اعْتَقَدَ جَهْلَهُ بِهِ نَظَرٌ, بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ النُّصْحِ عَلَى اسْتِنْصَاحِهِ؟ وَيُتَوَجَّهُ وُجُوبُهُ, وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ لَا يُخَالِفُ هَذَا. وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ لَهُ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يَشْتَرِي لَهُ. وَيَحْرُمُ وَيَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْمِلْكِ بِبَيْعٍ وَقِسْمَةٍ وَغَيْرِهِمَا, كَأَخْذِهِ بِجِنَايَةٍ بَيْنَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ, رَضُوا أَوْ لَا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: قَبْلَ الْبُلُوغِ إلَّا بِعِتْقٍ وَافْتِدَاءِ أَسِيرٍ, وَعَنْهُ: وَفِيهِمَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ, قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْعِتْقِ, لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْحَضَانَةِ, وَيَبْطُلُ بَيْعٌ وَنَحْوُهُ, وَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْبَيْعِ عَدَمُ النَّسَبِ. وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ مِنْ السَّبْيِ عَلَى أَنَّهُمَا أختان فإذا ليست بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَّا الْخِرَقِيَّ: فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَمَّةُ مَعَ ابْنِ أَخِيهَا, وَالْخَالَةُ مَعَ ابْنِ أُخْتِهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ اخْتِصَاصُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ بِذَلِكَ, نَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقِيلَ: ذَلِكَ مَخْصُوصٌ بالأبوين, ولم يذكر المصنف هذين القولين
قَرَابَةٌ؟ قَالَ: إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ, قُلْت: بِإِقْرَارِهِمَا, قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا, قُلْت: فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُمَا إلَى الْمُقَسِّمِ قَالَ: لَمْ يَلْزَمْهُ قُلْت: اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ مَعَهَا أُمُّهَا فَتَخَلَّى عَنْ الْأُمِّ بِبَلَدِ الرُّومِ لِيَكُونَ أَثْمَنَ لِابْنَتِهَا قَالَ: هَذِهِ يُطْمَعُ فِي إسْلَامِهَا, وَكَرِهَ أَنْ يُخَلِّيَ عَنْهَا. قُلْت: فَإِنْ تَهَاوَنَ فِي تَعَاهُدِهَا رَجَاءَ أَنْ تَهْرُبَ؟ فَقَالَ: هَذَا قَدْ اشتهى أن تهرب, وكأنه كرهه وَبَيْعُ التَّلْجِئَةِ وَالْأَمَانَةِ وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَا بَيْعًا لَمْ يَلْتَزِمَاهُ بَاطِنًا بَلْ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ دَفْعًا لَهُ بَاطِلٌ. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ: كَهَازِلٍ. وَفِيهِ وَجْهَانِ "م 37" فَفِي الِانْتِصَارِ يُقْبَلُ منه بقرينة, قال في الرعاية ومن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 37" وَقَوْلُهُ: وَبَيْعُ التَّلْجِئَةِ وَالْأَمَانَةِ بَاطِلٌ كَهَازِلٍ. وَفِيهِ وَجْهَانِ "انْتَهَى" "أَحَدُهُمَا" هُوَ بَاطِلٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَبِعَهُ فِي الْأُصُولِيَّةِ: الْمَشْهُورُ الْبُطْلَانُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ. "تَنْبِيهَانِ" "*" الْأَوَّلُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ "كَهَازِلٍ, وَفِيهِ وَجْهَانِ" أَنَّ فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ وَالْأَمَانَةِ وَجْهَيْنِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: إنَّ بَيْعَ التَّلْجِئَةِ وَالْأَمَانَةِ بَاطِلٌ, وَهُوَ أَنْ يُظْهِرَا بَيْعًا لَمْ يَلْتَزِمَاهُ بَاطِنًا بَلْ خَوْفًا مِنْ ظَالِمٍ دَفْعًا لَهُ عَنْهُ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1, وَالشَّارِحُ, وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا: وَمَنْ خَافَ أَنْ يَضِيعَ مَالُهُ أَوْ يُنْهَبَ أَوْ يُسْرَقَ أَوْ يُغْصَبَ أَوْ يُؤْخَذَ ظُلْمًا صَحَّ بيعه,
خَافَ ضَيْعَةَ مَالِهِ, أَوْ نَهْبَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ غَصْبَهُ أَوْ أَخْذَهُ ظُلْمًا صَحَّ بَيْعُهُ, وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَ شَهَادَةً فَقَالَ: اشْهَدُوا أَنِّي أَبِيعُهُ أَوْ أَتَبَرَّعُ بِهِ خَوْفًا وَتَقِيَّةً أَنَّهُ يَصِحُّ "م" فِي التَّبَرُّعِ, قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ اسْتَوْلَى عَلَى مِلْكِ رَجُلٍ بِلَا حَقٍّ فَطَلَبَهُ صَاحِبُهُ فَجَحَدَهُ أَوْ مَنَعَهُ إيَّاهُ حَتَّى يَبِيعَهُ إيَّاهُ فَبَاعَهُ إيَّاهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَهَذَا مُكْرَهٌ1 بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنْ أَسَرَّا الثَّمَنَ أَلْفًا بِلَا عَقْدٍ, ثُمَّ عَقَدَا بِأَلْفَيْنِ فَفِي أَيِّهِمَا الثَّمَنُ وَجْهَانِ "م 38" وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: اشترني من زيد ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَطَعَ الْأَصْحَابُ بِالْأَوَّلِ, وَلَمْ نَطَّلِعْ عَلَى مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَى الْمُشْتَرِي, وَكَلَامُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ الثَّانِي لَيْسَ فِي بَيْعِ التلجئة والأمانة, والله أعلم. "*" الثَّانِي: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ, وَهُوَ كَوْنُهُ جَعَلَ الْقِيَاسَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْهَازِلُ أَصْلًا لِلْمَقِيسِ وَهُوَ التَّلْجِئَةُ وَالْأَمَانَةُ, وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ, لِأَنَّ التَّلْجِئَةَ وَالْأَمَانَةَ هُمَا الْأَصْلُ, لِكَوْنِهِمَا لَا خِلَافَ فِيهِمَا, وَالْهَازِلُ فِيهِ الْخِلَافُ, وَإِنَّمَا يُقَاسُ عَلَى الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ الْخِلَافُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي2, فَإِنَّ التَّلْجِئَةَ وَالْأَمَانَةَ قَاسَهُمَا عَلَى الْهَازِلِ, لَكِنْ الشَّيْخُ قَطَعَ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْهَازِلِ, فَقَاسَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَهُ, وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ. وَالْمُصَنِّفُ حَكَى الْخِلَافَ فِي الْهَازِلِ, وَهُوَ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ, فَحَصَلَ مَا حَصَلَ, وَلَوْ قَالَ: "وَقَالَ الشَّيْخُ كَهَازِلٍ وَفِيهِ وَجْهَانِ" سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ, وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ. "مَسْأَلَةٌ 38" قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسَرَّا الثَّمَنَ أَلْفًا بِلَا عَقْدٍ ثُمَّ عَقَدَاهُ بِأَلْفَيْنِ فَفِي أَيِّهِمَا الثَّمَنُ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ "أَحَدُهُمَا" الثَّمَنُ مَا أَسَرَّاهُ, قَطَعَ به ناظم المفردات وقال: بنيتهما عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرُ, وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ الْقَاضِي "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ قريب
فَإِنِّي عَبْدُهُ, فَاشْتَرَاهُ, فَبَانَ حُرًّا, لَمْ تَلْزَمْهُ الْعُهْدَةُ, حَضَرَ الْبَائِعُ أَوْ غَابَ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, كَقَوْلِهِ: اشْتَرِ مِنْهُ عَبْدَ هَذَا وَيُؤَدَّبُ هُوَ وَبَائِعُهُ, لَكِنْ مَا أَخَذَ الْمُقِرُّ غَرِمَهُ, نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَسَأَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ رَجُلٍ يُقِرُّ بِالْعُبُودِيَّةِ حَتَّى يُبَاعَ, قَالَ: يُؤْخَذُ الْبَائِعُ وَالْمُقِرُّ بِالثَّمَنِ, فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ غَابَ أُخِذَ الْآخَرُ بِالثَّمَنِ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَيُتَوَجَّهُ هَذَا فِي كُلِّ غَارٍّ, وَلَوْ كَانَ الْغَارُّ أُنْثَى حُدَّتْ, وَلَا مَهْرَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ, وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَرَهَنَهُ فَتَوَجَّهَ كَبَيْعٍ, وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ إلَّا رِوَايَةُ ابْنِ الحكم, وقال بها أبو بكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: يحرم التسعير ويكره الشراء به
فصل: يَحْرُمُ التَّسْعِيرُ, وَيُكْرَهُ الشِّرَاءُ بِهِ وَإِنْ هَدَّدَ مَنْ خَالَفَهُ حَرُمَ وَبَطَلَ, فِي الْأَصَحِّ, مَأْخَذُهُمَا هَلْ الْوَعِيدُ إكْرَاهٌ؟ وَيَحْرُمُ: بِعْ كَالنَّاسِ. وَفِيهِ وجه "وم" وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا إلْزَامَهُمْ الْمُعَاوَضَةَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ "ش" وَأَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِيهِ, لِأَنَّهَا مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ لحق الله, فهي أولى من تكميل الْحُرِّيَّةِ قَالَ: وَلِهَذَا حَرَّمَ "هـ" وَأَصْحَابُهُ مَنْ يَقْسِمُ بِالْأَجْرِ الشَّرِكَةَ لِئَلَّا يَغْلُوَ عَلَى النَّاسِ, فمنع البائعين والمشترين والمتواطئين1 ـــــــــــــــــــــــــــــQمن المعاطاة وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الثَّمَنُ مَا أَظْهَرَاهُ, قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ, قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ, كَالنِّكَاحِ, وَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا2
أَوْلَى, وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ "1وَحُرِّمَ غَيْرُهُ "م ر" وَأَلْزَمَ بِصَنْعَةِ الْفِلَاحَةِ لِلْجُنْدِ, وَكَذَا بَقِيَّةُ الصِّنَاعَةِ1" وَأَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا ذَلِكَ, لِأَنَّ مَصْلَحَةَ النَّاسِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِهَا, كَالْجِهَادِ وَطَلَبِ الْعِلْمِ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنَا, وَكَرِهَ أَحْمَدُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ مِنْ مَكَان أُلْزِمَ النَّاسُ بِهِمَا فِيهِ, لَا الشِّرَاءَ مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ, وَكَرِهَ الشِّرَاءَ بِلَا حَاجَةٍ مِنْ جَالِسٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَمِنْ بَائِعٍ مُضْطَرٍّ وَنَحْوِهِ, قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: لِبَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِهِ. وَيَحْرُمُ الِاحْتِكَارُ فِي الْمَنْصُوصِ فِي قُوتِ آدَمِيٍّ وَعَنْهُ: وَمَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ, وَعَنْهُ: أَوْ يَضُرُّهُمْ ادِّخَارُهُ بِشِرَائِهِ فِي ضِيقٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ: مِنْ بَلَدِهِ لَا جَالِبًا, وَالْأَوَّلُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ إذَا لَمْ يَحْتَكِرْ, وَكَرِهَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيهِ. وَيَصِحُّ شِرَاءُ مُحْتَكِرٍ. وفي الترغيب احتمال وَفِي كَرَاهَةِ التِّجَارَةِ فِي الطَّعَامِ إذَا لَمْ يرد الحكرة2 روايتان "م 39" قال القاضي: يكره إن تربص به ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 39" قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ التِّجَارَةِ فِي الطَّعَامِ إذَا لَمْ يُرِدْ الِاحْتِكَارَ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ جَلَبَ شَيْئًا, أَوْ اسْتَغَلَّهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ, أَوْ اشْتَرَاهُ زَمَنَ الرُّخْصِ, وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ إذَنْ, أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ بَلَدٍ كَبِيرٍ كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهَا, فَلَهُ حَبْسُهُ حَتَّى يَغْلُوَ. وَلَيْسَ مُحْتَكِرًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَتَرْكُ ادِّخَارِهِ لِذَلِكَ أَوْلَى, انْتَهَى. "قُلْت": إنْ أَرَادَ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَتَأْخِيرِهِ مُجَرَّدَ الْكَسْبِ فَقَطْ كُرِهَ, وَإِنْ أَرَادَهُ لِلتَّكَسُّبِ وَنَفْعِ النَّاسِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْقَاضِي وَصَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. فَهَذِهِ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّه.
السِّعْرَ لَا جَالِبًا يَبِيعُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَنْبَلٌ: الْجَالِبُ أَحْسَنُ حَالًا وَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَحْتَكِرْ. قَالَ, أَحْمَدُ, لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَمَنَّى الْغَلَاءَ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَيُجْبَرُ الْمُحْتَكِرُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ "ش" فَإِنْ أَبَى وَخِيفَ التَّلَفُ فَرَّقَهُ الْإِمَامُ وَيَرُدُّونَ مِثْلَهُ, وَيُتَوَجَّهُ: قيمته, وكذا سلاح لحاجة قاله شَيْخُنَا وَلَا يُكْرَهُ ادِّخَارُ قُوتِ أَهْلِهِ وَدَوَابِّهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: سَنَةً وَسَنَتَيْنِ وَلَا يَنْوِي التِّجَارَةَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يُضَيِّقَ: وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ حَدِيثَ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَحْرَزَ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَةٍ.1 وَمَنْ ضَمِنَ مَكَانًا لِيَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ فِيهِ وَحْدَهُ كُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ, وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ زيادة بلا حق, ذكره شَيْخُنَا. قَالَ أَحْمَدُ: اسْتَغْنِ عَنْ النَّاسِ فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُ, الْغِنَى مِنْ الْعَافِيَةِ وَدَعَا لِعَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ قَالَ لِأَبِيهِ: أَلْزِمْهُ السُّوقَ وَجَنِّبْهُ أَقْرَانَهُ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا تَرَى مَكَاسِبَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: اُنْظُرُوا إلَى هَذَا الْخَبِيثِ, يريد أن يفسد على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّاسِ مَعَايِشَهُمْ. وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إنَّ لِي كِفَايَةً, قَالَ: الْزَمْ السُّوقَ تَصِلْ بِهِ الرَّحِمَ وَتَعُدْ بِهِ عَلَى نَفْسِك. وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ تَدَعَ الْعَمَلَ وَتَنْتَظِرَ مَا بِيَدِ النَّاسِ, وَقَالَ عَمَّنْ فَعَلَ هَذَا: هُمْ مُبْتَدِعَةٌ قَوْمُ سُوءٍ يُرِيدُونَ تَعْطِيلَ الدُّنْيَا. وَقَدْ أَجَازَ التَّوَكُّلَ لِمَنْ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الصِّدْقَ, قَالَهُ الْمَرْوَزِيُّ, وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَطْمَعْ مِنْ آدَمِيٍّ أَنْ يَجِيئَهُ بِشَيْءٍ رَزَقَهُ اللَّهُ وَكَانَ مُتَوَكِّلًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الشروط في البيع
باب الشروط في البيع مدخل ... بَابُ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ وَهِيَ قِسْمَانِ: صَحِيحٌ لَازِمٌ, فَإِنْ عَدِمَ فَالْفَسْخُ أَوْ أَرْشُ فَقْدِ الصِّفَةِ. وَقِيلَ: مَعَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ, كَالتَّقَايُضِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ. قَالَهُ أَحْمَدُ, وَالرَّهْنُ وَالضَّمِينُ الْمُعَيَّنَيْنِ, وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لِمَصْلَحَةٍ, وَيَلْزَمُ بِتَسْلِيمِ رَهْنِ الْمُعَيَّنِ إنْ قِيلَ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: هَلْ يَبْطُلُ بَيْعٌ لِبُطْلَانِ رَهْنٍ فِيهِ لِجَهَالَةِ1 الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ, فِيهِ احْتِمَالَانِ, وَكَوْنُ الْعَبْدِ كَاتِبًا وَخَصِيًّا وَفَحْلًا, وَالْأَمَةِ بِكْرًا أَوْ حَائِضًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَالدَّابَّةِ هَمْلَاجَةً أَوْ لَبُونًا "*" وَالْفَهْدِ صَيُودًا, والأرض خراجها كذا, ذكره القاضي. وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تنبيه: قوله في الشروط الصحيحة: والدَّابَّةُ هَمْلَاجَةً أَوْ لَبُونًا, انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ قَطَعَ بِصِحَّةِ شَرْطِ كَوْنِ الدَّابَّةِ لَبُونًا, وَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَرْطُ كَوْنِهَا لَبُونًا, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وهو أشهر. ولم يذكره المصنف.
ابْنُ شِهَابٍ: إنْ لَمْ تَحِضْ فَإِنْ كَانَتْ صغيرة فليس عيبا فَإِنَّهُ يُرْجَى زَوَالُهُ, لِأَنَّهُ الْعَادَةُ, بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ, لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَحِضْ طَبْعًا فَفَقْدُهُ يَمْنَعُ النَّسْلَ, وَإِنْ كَانَ لِكِبَرٍ فَعَيْبٌ, لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ. وَكَذَا نَقْدُ ثَمَنٍ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولًا غَائِبًا مَعَ الْبُعْدِ "م" وَإِنْ شَرَطَ ثَيِّبًا أَوْ كَافِرَةً وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوْ كَافِرًا فَلَمْ يَكُنْ فَلَا فَسْخَ, كَاشْتِرَاطِ الْحُمْقِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَحْوِهِ, وَقِيلَ: بَلَى, وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: إنْ شَرَطَ كَافِرًا فَلَمْ يَكُنْ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَإِنْ شَرَطَ أَمَةً سَبْطَةً فَبَانَتْ جَعْدَةً فَلَا رَدَّ, لِأَنَّهُ لَا عَيْبَ, بِخِلَافِ العكس, وإن شرطها حاملا1 أَوْ الطَّيْرَ مُصَوِّتًا أَوْ يَبِيضُ أَوْ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةِ كَذَا أَوْ يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ فَوَجْهَانِ "م 1 - 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 1 - 6" قوله: وإن شرطها حاملا1 أَوْ الطَّيْرَ مُصَوِّتًا أَوْ2 يَبِيضُ أَوْ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةِ كَذَا أَوْ يُوقِظُهُ لِلصَّلَاةِ فَوَجْهَانِ انْتَهَى, اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذا شرطها حاملا1 وَفِيهَا مَسْأَلَتَانِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا كَانَتْ أَمَةً وشرطها حاملا1 فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4
وَلَوْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ وَصَدَقَهُ بِلَا شَرْطٍ فَلَا خيار, ذكره أبو الخطاب في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي أَوَاخِرِ التَّصْرِيَةِ "قُلْت" وهو أولى وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَصِحُّ, وَصَحَّحَهُ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَاحِبُ المنور. "المسألة الثانية" إذا كانت دابة وشرطها حاملا2 فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ1 وَنَصَرَاهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ الْبُطْلَانُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ, وَجَزَمَ بِهِ "4فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ "قُلْت": وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَةِ لَا الدَّابَّةِ, بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ, لَكِنْ يَبْقَى حُكْمُ الدَّابَّةِ الْحَامِلِ لَمْ يَذْكُرْهُ4". "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3" إذَا شَرَطَ الطَّائِرَ مُصَوِّتًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَشَرْحِ ابْنِ منجا "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: صَحَّ فِي أَصَحِّ الوجهين, وقدمه في الكافي5
الْمُصَرَّاةِ1. وَيُتَوَجَّهُ عَكْسُهُ. وَشَرْطُ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ فاسد, وإن شرط حائلا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُقْنِعِ2 "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: هَذَا الْأَشْهَرُ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا الْأَقْوَى, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ "قُلْت": قَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الهادي الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-4: إذَا شَرَطَ الطَّائِرَ يَبِيضُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الشَّرْحِ3 "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4: الْأَوْلَى الصِّحَّةُ "قُلْت": هِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, وَقَدْ جَعَلَهَا مِثْلَهَا بَلْ هِيَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. "الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ" إذَا شَرَطَ أَنَّهُ يَجِيءُ مِنْ مَسَافَةِ كَذَا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: صَحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ2 وإدراك الغاية وغيرهم
فُسِخَ فِي الْأَمَةِ, وَقِيلَ: وَغَيْرِهَا. وَيَصِحُّ شَرْطُ الْبَائِعِ نَفْعَ الْمَبِيعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً, عَلَى الْأَصَحِّ, غَيْرَ الْوَطْءِ, وَاحْتَجَّ فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ بِشِرَاءِ عُثْمَانَ مِنْ صُهَيْبٍ أَرْضًا وَشَرَطَ وَقْفَهَا عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ, وَكَحَبْسِهِ عَلَى ثمنه والانتفاع به, والأشهر لَا يَنْتَفِعُ وَقِيلَ: يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلى بائعه ليستوفي المنفعة, ذكره شيخنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَشْهَرُهُمَا بُطْلَانُهُ "الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ" إذَا شَرَطَ أَنْ يُوقِظَهُ لِلصَّلَاةِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: الْأَشْهَرُ الْبُطْلَانُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: بَطَلَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ1 وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الحاويين "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, وَنَسَبَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ إلَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ قَالَ فِي الْكَافِي2: إنْ شَرَطَ فِي الدِّيكِ أَنَّهُ يَصِيحُ فِي وَقْتٍ مِنْ اللَّيْلِ صَحَّ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يَصِحُّ, انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ: هَلْ هِيَ كَالْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا؟ أَوْ هَذِهِ أقوى في البطلان وهي3 طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ الصَّوَابُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ شَرْطُ الْبَائِعِ نفع المبيع مدة معلومة, على الأصح, غير الْوَطْءِ. وَكَحَبْسَةِ عَلَى ثَمَنِهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ, وَالْأَشْهَرُ: لَا يَنْتَفِعُ, انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ
قَالَ: وَإِنْ شَرَطَ تَأْخِيرَ قَبْضِهِ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ لَمْ يَجُزْ, وَلِلْبَائِعِ إجَارَتُهُ وَإِعَارَتُهُ كَعَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ, وَإِنْ تَلِفَ ضَمِنَهُ مُشْتَرٍ, وَيَضْمَنُ النَّفْعَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ إنْ فَرَّطَ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, وَاخْتَارَ الْقَاضِي ضَمَانَهُ مُطْلَقًا بِمَا نَقَصَهُ الْبَائِعُ لِأَجَلِ الشَّرْطِ. وَإِنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ كَحَمْلِ الْمَبِيعِ وَحَصَادِهِ صَحَّ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَمْ يَصِحَّ جَمْعُهُ شَرْطَيْنِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَنْهُ وَلَوْ كَانَا مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَقْدِ, وَيَصِحُّ مِنْ مقتضاه بلا خلاف. وَإِنْ رَضِيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ وَهُوَ كَأَجِيرٍ, فَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ أَوْ استحق فللمشتري عوض ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَوَاشِيهِ: لَعَلَّ صَوَابَهُ: "وَالْأَشْهَرُ يَنْتَفِعُ" بِإِسْقَاطِ لَا, وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا فِي الْمُغْنِي1 مِنْ التعليل, ولم يظهر لي ما2 قَالَ, وَلَوْ كَانَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ مَا قَالَ الْمُحَشِّي لَقَالَ: وَالِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْأَشْهَرِ "ظَاهِرٌ بَلْ عِبَارَتُهُ أَنَّ فِي جَوَازِ الِانْتِفَاعِ وَجْهَيْنِ مَعَ شَرْطِ حَبْسِهِ عَلَى ثَمَنِهِ وَأَنَّ الْأَشْهَرَ لا ينتفع. "مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ شرطين منهما, ويصح إذا كانا من مُقْتَضَاهُ وَإِنْ رَضِيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فَقَالَا: وَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي نَفْعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ مَقَامَهُ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ فَلَهُ ذَلِكَ, وَإِنْ أَرَادَ بَذْلَ الْعِوَضِ عن ذلك لم يلزم المشتري
ذَلِكَ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك عَلَى أَنْ تَنْقُدَنِي ثَمَنَهُ إلَى ثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ, صَحَّ. نَصَّ عَلَيْهِ, وَانْفَسَخَ, وَقِيلَ بَطَلَ بِفَوَاتِهِ. وَيَصِحُّ شَرْطُ رَهْنِ الْمَبِيعِ عَلَى ثَمَنِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ, فَيَقُولُ: بِعْتُكَهُ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِيهِ بِثَمَنِهِ: وَإِنْ قَالَ: إنْ أَوْ إذَا رَهَنْتَنِيهِ فَقَدْ بِعْتُك, فَبَيْعٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ, وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: إنْ قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي, لَمْ يَصِحّ الْبَيْع, وَإِنْ قَالَ: إذَا رَهَنْتَنِيهِ عَلَى ثَمَنه وَهُوَ كَذَا فَقَدْ بِعْتُك, فَقَالَ اشْتَرَيْت وَرَهَنْته عِنْدَك عَلَى الثَّمَنِ, صَحَّ الشِّرَاءُ وَالرَّهْنُ, وَبَيْعُ الْعُرْبُونِ عَلَى الْأَصَحِّ, ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبُولُهُ, وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ لم1 يَلْزَمُ الْبَائِعَ بَذْلُهُ, وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ احْتَمَلَ الجواز واحتمل أن لا يجوز, انتهيا: "أَحَدُهُمَا" يَجُوزُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا يجوز ولا يصح.
وهو دفع بعض ثمنه ويقول: إنْ أَخَذْته أَوْ جِئْت بِالْبَاقِي وَقِيلَ: وَقْتَ كَذَا وَإِلَّا فَهُوَ لَك, وَكَذَا إجَارَتُهُ. "الْقِسْمُ الثَّانِي" فَاسِدٌ يَحْرُمُ اشْتِرَاطُهُ, كَتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ, نَحْوُ بِعْتُك إنْ حَبَّيْتَنِي بِكَذَا أَوْ إنْ رَضِيَ زَيْدٌ, فَلَا يَصِحَّانِ, وَعَنْهُ: صِحَّةُ عَقْدِهِ, وَحَكَى عَنْهُ صِحَّتَهُمَا م اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي كُلِّ العقود والشروط التي لم1 تُخَالِفُ الشَّرْعَ, لِأَنَّ إطْلَاقَ الِاسْمِ يَتَنَاوَلُ الْمُنَجَّزَ وَالْمُعَلَّقَ وَالصَّرِيحَ وَالْكِنَايَةَ, كَالنَّذْرِ, وَكَمَا يَتَنَاوَلُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْعَجَمِيَّةِ, وَقَدْ نَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ فِيمَنْ بَاعَ شَيْئًا وَشَرَطَ إنْ بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ جَوَازَ الْبَيْعِ وَالشَّرْطَيْنِ, وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ وَلُزُومِهِ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ شَيْخُنَا عَنْهُ نَحْوَ عِشْرِينَ نَصًّا عَلَى صِحَّةِ هَذَا الشَّرْطِ, وَأَنَّهُ يَحْرُمُ الْوَطْءُ لِنَقْصِ الْمِلْكِ, وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ أَنْ يَتَسَرَّى بِهَا لَا لِلْخِدْمَةِ, قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ, وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ فِي شَرْطِ الْعِتْقِ بِخَبَرِ جَابِرٍ2 وَقَالَ: إنَّمَا هَذَا شَرْطٌ وَاحِدٌ, وَالنَّهْيُ إنَّمَا هُوَ عَنْ شَرْطَيْنِ, وَنَقَلَ حَرْبٌ مَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ: لَا بَأْسَ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ, قَالَ حَرْبٌ: وَمَذْهَبُهُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ بِعْتُك عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَ وَلَا تهب شرط واحد, وقد فسر3 أَحْمَدُ الشَّرْطَيْنِ بِهَذَيْنِ وَنَحْوِهِمَا, فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ, فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ وَاحِدٍ, وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطٍ, ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ, وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ لَا, قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا إذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ إذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخْتهَا: إنَّهُ يَصِحُّ, كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ, وَهُوَ فَسْخٌ عَلَى الْأَصَحِّ, قَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي1 فِي الْإِقْرَارِ: فَإِنْ قَالَ: بِعْتُك بِأَلْفٍ إنْ شِئْت فَشَاءَ لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ: يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ مُوجِبِ الْعَقْدِ, لِأَنَّ الْإِيجَابَ إذَا وُجِدَ كَانَ الْقَبُولُ إلَى مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي, وَيَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ2. وَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ عَقْدِ سَلَفٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ صَرْفٍ لِلثَّمَنِ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ, عَلَى الْأَصَحِّ, قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ, وَعَنْهُ: بَلْ هُوَ نَسِيئَةٌ بِكَذَا, وَبِنَقْدِ بِكَذَا, وَعَنْهُ هَذَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ اشْتَرَاهُ بِكَذَا إلَى شَهْرٍ كُلُّ جُمُعَةٍ دِرْهَمَانِ؟ قَالَ: هَذَا بَيْعَتَانِ فِي بَيْعٍ, وَرُبَّمَا قَالَ: بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ, وَإِنْ شَرَطَ مُنَافٍ مُقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: فِي الْعَقْدِ وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ كَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفَاسِدِ هَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي النِّكَاحِ نَحْوُ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ وَلَا يُعْتِقَهُ, أَوْ إنْ أَعْتَقَهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ, أَوْ لَا خَسَارَةَ عَلَيْهِ, أَوْ إنْ نَفَقَ وَإِلَّا رَدَّهُ, أَوْ شَرَطَ رَهْنًا فَاسِدًا أَوْ خِيَارًا أو أجلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَجْهُولَيْنِ, أَوْ نَفْعَ بَائِعٍ وَمَبِيعٍ إنْ لَمْ يَصِحَّا, أَوْ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِهِ بِلَا انْتِفَاعٍ, أَوْ فِنَاءَ الدَّارِ لَا بِحَقِّ طَرِيقِهَا, صَحَّ الْعَقْدُ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, كَعَوْدِ الشَّرْطِ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ, نَحْوُ بِعْتُكَهُ عَلَى أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهِ فُلَانٌ, يَعْنِي غَيْرَ الْمُشْتَرِي, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ: لَا, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَلَا أَثَرَ لِإِسْقَاطِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْعَقْدِ, وَعَلَى الصِّحَّةِ لِلْفَائِتِ غَرَضُهُ, وَقِيلَ: لِجَاهِلِ فَسَادِ الشَّرْطِ الْفَسْخُ أَوْ أَرْشُ نَقْصِ الثَّمَنِ بِإِلْغَائِهِ, وَقِيلَ: لَا أَرْشَ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَفِي صِحَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ رِوَايَتَانِ "م 8" فَإِنْ صَحَّ فَأَبَى أُجْبِرَ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ كَالنَّذْرِ, وَقِيلَ: هُوَ حَقٌّ لِلْبَائِعِ فَيُفْسَخُ, نَقَلَ الْأَثْرَمُ: إنْ أَبَى عِتْقَهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِنْ أَمْضَى فَلَا أَرْشَ, فِي الْأَصَحِّ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ شَرْطِ الْعِتْقِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ "إحْدَاهُمَا" يصح, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ, قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ الْأَقْوَى, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكَفَّارَاتِ: الْمَذْهَبُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ جَوَازُ ذَلِكَ وَصِحَّتُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَصِحُّ, قَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكَفَّارَاتِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْوَجِيزِ, لِأَنَّهُ مناف لمقتضى البيع.
وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَإِسْقَاطُهُ؟ عَلَى الْخِلَافِ "*" قِيلَ: وَشَرْطُ الْوَقْفِ مِثْلُهُ, وَتُعْتَبَرُ مُقَارَنَةُ الشَّرْطِ, ذكره في الِانْتِصَارِ, وَيُتَوَجَّهُ كَنِكَاحٍ. وَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا أَوْ كُلِّ عَيْبٍ فَاسِدٍ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فِيهِنَّ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ: لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَثْبُتُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يُسْقَطُ قَبْلَهُ, كَالشُّفْعَةِ, وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, وَعَنْهُ: يَبْرَأُ إنْ لَمْ يَكْتُمْهُ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إنْ عَيَّنَهُ صَحَّ, وَمَعْنَاهُ نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ: لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِالْعُيُوبِ كُلِّهَا, لِأَنَّهُ مُرْفَقٌ فِي الْبَيْعِ كَالْأَجَلِ وَالْخِيَارِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: الْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا أَنْ نَنْصُرَ الصِّحَّةَ, كَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ وَذَكَرَهُ أَيْضًا هُوَ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً, فَهَذِهِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ "*" وَفِيهِ فِي عَيْبٍ بَاطِنٍ وَجُرْحٍ لَا يُعْرَفُ غَوْرُهُ احْتِمَالَانِ "م 9 وَ 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهَانِ" "*" الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: "وَهَلْ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَإِسْقَاطُهُ, عَلَى الْخِلَافِ, يَعْنِي أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ أَوْ لَهُ, وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ. "*" الثَّانِي قَوْلُهُ: فَهَذِهِ خَمْسُ رِوَايَاتٍ, كَذَا فِي النُّسَخِ, قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: صَوَابُهُ أَرْبَعُ روايات, وهو الظاهر. "مسألة 9 - 10" قَوْلُهُ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ, وَفِيهِ فِي عَيْبٍ بَاطِنٍ وَجُرْحٍ لَا يُعْرَفُ غَوْرُهُ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ الْعَيْبُ الْبَاطِنُ كَالظَّاهِرِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" هُوَ كَالْعَيْبِ الظَّاهِرِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَالْعَيْبُ الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كلام الأصحاب, وهو الصواب
وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بِهِ وَأَنَّهُ بَرِيءٌ منه صح. وَإِنْ بَاعَهُ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَ أَكْثَرَ فَعَنْهُ: يَبْطُلُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَعَنْهُ: يَصِحُّ "م 11" فَلِمُشْتَرِيهِ فَسْخُهُ, مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ الْبَائِعُ زَائِدًا, وَأَخَذَهُ بِثَمَنِهِ وَقَسَّطَ الزَّائِدَ, فَإِنْ رَضِيَ بِالشَّرِكَةِ فَفِي البائع وجهان "م 12" وإن بان أقل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ جُرْحٍ لَا يُعْرَفُ غَوْرُهُ فَهَلْ هُوَ كَالْعَيْبِ الظَّاهِرِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَالْعَيْبِ الظَّاهِرِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, وَكَلَامُ ابْنِ حَمْدَانَ يَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ أَيْضًا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ, وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ يَكُونُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَلَمْ نَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا الْخِلَافِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهُ أَرْضًا أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَ أَكْثَرَ1 فَعَنْهُ: يَبْطُلُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. إحْدَاهُمَا: يَبْطُلُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ, قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَوْلَى, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ بِالشَّرِكَةِ فَفِي الْبَائِعِ وَجْهَانِ, انتهى. يعني: هل له
فَالرِّوَايَتَانِ "م 13" فَإِنْ أَخَذَهُ بِقِسْطِهِ فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ, وَإِلَّا فَلَا, وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى مُعَاوَضَةٍ, وَيَصِحُّ فِي الصُّبْرَةِ, وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. وَقِيلَ: بَلَى إنْ بَانَ أَقَلَّ وَالزَّائِدُ مَشَاعًا لِصَاحِبِهِ وينقص من الثمن بالقسط. ـــــــــــــــــــــــــــــQخِيَارُ الْفَسْخِ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. "أَحَدُهُمَا" لَهُ الْفَسْخُ, قَالَ الشَّارِحُ: أُولَاهُمَا لَهُ الْفَسْخُ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا خِيَارَ له, وظاهر تعليل الشيخ ترجيحه. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ أَقَلَّ فَالرِّوَايَتَانِ, انْتَهَى. مَنْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَطْلَقَ فِي هَذِهِ, وَمَنْ قَدَّمَ هُنَاكَ أَوْ صَحَّحَ فَعَلَ هُنَا كَذَلِكَ, وَقَدْ عَلِمْت الْحُكْمَ هُنَاكَ, فَكَذَا هُنَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مسألة.
باب بيع الأصول والثمار
باب بيع الأصول والثمار مدخل ... باب بيع الأصول والثمار إذَا بَاعَ دَارًا شَمِلَ مَا اتَّصَلَ بِهَا لِمَصْلَحَتِهَا, كَبَابٍ مَنْصُوبٍ, وَرَفٍّ مَسْمُورٍ, وَرَحًى مَنْصُوبَةٍ, وَخَابِيَةٍ, مَدْفُونَةٍ, وَمَعْدِنٍ جَامِدٍ, وَعَنْهُ: وَجَارٍ وَقِيلَ: وَمِفْتَاحٍ وَحَجَرِ رَحَى فَوْقَانِيٍّ دُونَ مُودَعٍ فِيهَا كَحَجَرٍ وَكَنْزٍ وَمُنْفَصِلٍ كَدَلْوٍ وَقُفْلٍ, فَإِنْ طَالَتْ مُدَّةُ نَقْلِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَعَيْبٌ, وَالْأَصَحُّ تَثْبُتُ الْيَدُ عَلَيْهَا, وَالْخِلَافُ فِي أَرْضٍ بِهَا زَرْعُ الْبَائِعِ. وَإِنْ تَرَكَهُ لَهُ وَلَا ضَرَرَ فَلَا خِيَارَ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَوْ قَالَ تَرَكْته لَهُ فَفِي كَوْنِهِ تَمْلِيكًا وَجْهَانِ, وَلَا أُجْرَةَ مُدَّةِ نَقْلِهِ, وَقِيلَ: مَعَ الْعِلْمِ, وَقِيلَ: بَلَى, وَيَنْقُلُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ, فَلَا يَلْزَمُ لَيْلًا وَجَمَعَ الْحَمَّالِينَ وَيُسَوِّي الْحَفْرَ, وَإِنْ لَمْ يَنْضَرَّ مُشْتَرٍ بِبَقَائِهِ فَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ. "م 1" وإن باع أو رهن أرضا بحقها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَيُسَوِّي الْحَفْرَ, وَإِنْ لَمْ يَنْضَرَّ مُشْتَرٍ بِبَقَائِهِ فَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَإِنْ لَمْ يَنْضَرَّ بِبَقَاءِ الْحَفْرِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ, وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ, فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَلَيْهِ تَسْوِيَتُهُ إنْ أَضَرَّ عَرَّقَهُ بِالْأَرْضِ, كَالْقُطْنِ وَالذُّرَةِ وَنَحْوِهِمَا, وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ أَرْضَ الْمُشْتَرِي بَقَاؤُهُ فَهَلْ لَهُ إجْبَارٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. فَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا. "أَحَدُهُمَا" لَهُ إجْبَارُهُ "قُلْت: " وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ "قُلْت": وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبَةٌ مِمَّا إذَا غَرَسَ الْغَاصِبُ أَوْ بَنَى, فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَلْعُ, فَلَوْ وَهَبَهَا لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ, كُلْفَةَ ذَلِكَ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى إبْقَائِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ؟ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ1 الوجهين, وقريب منها في الصداق2.
شَمِلَ غَرْسَهَا وَبِنَاءَهَا, كَذَا إنْ أَطْلَقَ, وَقِيلَ: لَا, كَثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ, وَالْفَرْقُ أَنَّهَا تُرَادُ لِلنَّقْلِ, وَلَيْسَتْ مِنْ حُقُوقِهَا. وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلْبَائِعِ تَبْقِيَتُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ يَتْبَعُهَا فِي الرَّهْنِ كَالْبَيْعِ إذَا قُلْنَا يَدْخُلُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ, لِضَعْفِهِ, وَكَذَا الْوَصِيَّةُ. وَفِي بِنَاءٍ فِي بُسْتَانٍ الْوَجْهَانِ. وَلَا تَدْخُلُ مَزَارِعُ الْقَرْيَةِ إلَّا بِذِكْرِهَا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1: أَوْ قَرِينَةٌ, وَهُوَ أَوْلَى, وَشَجَرُهَا بَيْنَ بُنْيَانِهَا, وَأُصُولٌ بِقَوْلِهَا كَمَا تَقَدَّمَ, وَلَا يَدْخُلُ زَرْعٌ وَبَذْرٌ, وَإِنْ بَاعَهُ شَجَرَةً فَلَهُ تَبْقِيَتُهَا فِي أَرْضِ الْبَائِعِ كَالثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: وَيَثْبُتُ حَقُّ الِاخْتِيَارِ وَلَهُ الدُّخُولُ لِمَصَالِحِهَا. وَإِنْ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرًا بَدَا ثَمَرُهُ أَوْ نَخْلًا تَشَقَّقَ طَلْعُهُ, وَعَنْهُ: بَلْ أُبِّرَ فَالزَّرْعُ وَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ بِلَا أُجْرَةٍ يَأْخُذُهُ أَوَّلَ وَقْتٍ أَخَذَهُ حَسَبَ الْعَادَةِ, زَادَ الشَّيْخُ: وَلَوْ كَانَ بَقَاؤُهُ خَيْرًا لَهُ, وَقِيلَ: عَادَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ المشتري, وقيل: يلزمه قطع الثمرة "وهـ" لتضرر الأصل. زَادَ الشَّيْخُ: كَثِيرًا, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ طَلْعُهُ لِمُشْتَرٍ "هـ" وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَاطِ بَذْرٍ تَبَعًا وَجْهَانِ, وَقِيلَ: إنْ ذَكَرَ قدره ووصفه صح "م 2" والبذر إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ طَلْعُهُ لِمُشْتَرٍ, وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَاطِ بَذْرٍ تَبَعًا وَجْهَانِ, وَقِيلَ: إن ذكر قدره ووصفه صح, انتهى.
بَقِيَ أَصْلُهُ فَكَشَجَرٍ, وَإِلَّا كَزَرْعٍ, عِنْدَ الْقَاضِي, وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَدْخُلُ "م 3" وَأَطْلَقَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْبَذْرَ لَا يَدْخُلُ, لأنه مودع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ مُطْلَقًا, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ دَخَلَ تَبَعًا, كَالْحَمْلِ وَكَالنَّابِتِ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَقَطَعَ بِهِ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ, إنْ ذَكَرَ قَدْرَهُ وَوَصَفَهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا, وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَالْبَذْرُ إنْ بَقِيَ أَصْلُهُ فَكَشَجَرٍ, وَإِلَّا كَزَرْعٍ عِنْدَ الْقَاضِي, وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَدْخُلُ, انْتَهَى. وَكَذَا3 قَالَ فِي الْفَائِقِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ. قَوْلُ الْقَاضِي هُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, وَقَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ لَا أَعْلَمُ مَنْ اخْتَارَهُ غَيْرَهُ.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ فِي بَذْرٍ وَزَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ: قِيلَ: يَتْبَعُ الْأَرْضَ, وَقِيلَ: لَا, وَيُؤْخَذُ الْبَائِعُ بِأَخْذِهِ إنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ, وَإِنْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي دُخُولَهُ أَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ به ومثله يجهل فله الفسخ. وَقَصَبُ سُكَّرٍ كَزَرْعٍ, وَقِيلَ كَفَارِسِيٍّ, فَعُرُوقُهُ لِمُشْتَرٍ, وَهُوَ كَثَمَرَةٍ, وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ جَوْزٌ, وَيَصِحُّ شَرْطُ بَائِعٍ مَا لِمُشْتَرٍ وَلَوْ قَبْلَ تَأْبِيرٍ "م" وَلِبَعْضِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْمَالِكِيِّ, وَلَهُ تَبْقِيَتُهُ إلَى جِذَاذِهِ مَا لَمْ يُشْرَطْ قَطْعُهُ, وَلِكُلِّ وَاحِدٍ السَّقْيُ مِنْ مَالِهِ لِمَصْلَحَتِهِ وَقِيلَ: لِحَاجَةٍ, وَإِنْ ضَرَّ صَاحِبَهُ, وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي بُدُوِّ الثَّمَرَةِ, وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ مِنْ وَاهِبٍ ادَّعَى شَرْطَ ثَوَابٍ. وَمَا بَدَا مِنْ ثَمَرَةِ نَوْعٍ وَقِيلَ: وَجِنْسٍ قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ مِنْ بُسْتَانٍ لِبَائِعٍ, وَمَا لَمْ يَبْدُ لِمُشْتَرٍ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةً: كُلُّهُ لِلْبَائِعِ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ, كَشَجَرَةٍ. فَلَوْ أَبَّرَ الْكُلَّ إلَّا نَخْلَةً فَأَفْرَدَهَا بِالْبَيْعِ فَفِي أَيِّهِمَا لَهُ وَجْهَانِ "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: فَلَوْ أَبَّرَ الْكُلَّ إلَّا نَخْلَةً فَأَفْرَدَهَا بِالْبَيْعِ فَفِي أَيِّهِمَا لَهُ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" تَكُونُ ثَمَرَةُ هَذِهِ النَّخْلَةِ لِلْمُشْتَرِي, لِأَنَّهَا لَمْ تُؤَبَّرْ, وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي, وَلَا يَكُونُ تَبَعًا لِلَّذِي أُبِّرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مِمَّنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَبَّرَ بَعْضَهُ فَبَاعَ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ وَحْدَهُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي, وَقِيلَ: بَلْ لِلْبَائِعِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَلَوْ أَبَّرَ بَعْضَ الْحَائِطِ فَأَفْرَدَ بِالْبَيْعِ مَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَلِلْمَبِيعِ حكم نفسه, ولا
وفي الواضح: فيما لم يبد من ثَمَرَةِ شَجَرَةٍ لِمُشْتَرٍ, وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ, كَحُدُوثِ طَلْعٍ بَعْدَ تَأْبِيرِهَا أَوْ بَعْضِهَا, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, لِأَنَّهُ لَا اشْتِبَاهَ, لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُمَا, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا فَرْقَ, وَقِيلَ: مَا ثَمَرَتُهُ فِي نَوْرِهِ ثُمَّ يَتَنَاثَرُ عَنْهُ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ قَالَ الشَّيْخُ: وَعِنَبٌ أَوْ ثَمَرَتُهُ فِي قِشْرَتِهِ, كَجَوْزٍ وَلَوْزٍ يَمْتَنِعُ دُخُولُهُ بِتَنَاثُرِ نَوْرِهِ وَتَشَقُّقِ قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَالطَّلْعِ, لَا بِظُهُورِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي جَوْزٍ وَلَوْزٍ ; وَقَالَ: وَلَا يَلْزَمُ الرُّمَّانُ وَالْمَوْزُ وَالْحِنْطَةُ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ لَا يَتْبَعُ الْأَصْلَ, لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِظُهُورِهِ, وَطَلْعُ الْفُحَّالِ يُرَادُ لِلتَّلْقِيحِ, كَالْإِنَاثِ, وَقِيلَ: لِلْبَائِعِ لِأَكْلِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ, وَمَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ كَوَرْدٍ وَنَرْجِسٍ وَبَنَفْسَجٍ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَرَقِ لِلْمُشْتَرِي, وَقِيلَ: وَرَقُ التُّوتِ الْمَقْصُودِ كَثَمَرِهِ, وَيَجُوزُ بَيْعُ الْكَثْرِ, وَهُوَ الطَّلْعُ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثمر قبل بدو صلاحه, ورطبة1 وزرع قبل اشْتِدَادِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ, وَعَنْهُ: أَوْ الْعَزْمُ, إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بأصله ـــــــــــــــــــــــــــــQيَتْبَعُ غَيْرَهُ. وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّهُ يَتْبَعُ لِلَّذِي أُبِّرَ, فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ, بَلْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ, كَمَا لَوْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ, وَرَدَّ هَذَا التَّخْرِيجَ فِي الْمُغْنِي2, وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي. وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ بأنه للبائع: ليس بشيء. وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ وَيَكُونُ لِلْبَائِعِ, وَهُوَ تَخْرِيجُ الْقَاضِي "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ, وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ, والله أعلم.
وَقِيلَ: لَا, كَبَيْعِهِ لِمَالِكِ الْأَصْلِ, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 5 و 6" وَقِيلَ: إطْلَاقُهُ كَشَرْطٍ, قَدَّمَهُ في الروضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ 5 وَ 6" قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَمَرٍ قبل بدو صلاحه, ورطبة وزرع قبل اشتداده, نَصَّ عَلَيْهِ, إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْحَالِ ... إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَصْلِهِ, وَقِيلَ: لَا, كَبَيْعِهِ لِمَالِكِ الْأَصْلِ, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا بَاعَ ذَلِكَ لِمَالِكِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
وَالْحَصَادُ وَاللَّقَاطُ عَلَى الْمُشْتَرِي, وَيَصِحُّ شَرْطُهُ عَلَى البائع خلافا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5" بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَالِكِ الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ الزَّرْكَشِيّ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ3 مِنْ الْمَذْهَبِ, صَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْمُقْنِعِ وَجَمَاعَةٍ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6" بَيْعُ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ لِمَالِكِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ3, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَصِحُّ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ6 وَغَيْرِهِ. قَدْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ, وَكَذَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَدَّمَ هُنَا ما صحح خلافه في التي قبلها.
لِلْخِرَقِيِّ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَمْ أَجِدْ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ, وَفِي الْإِرْشَادِ1: فِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ, فَإِنْ بَطَلَ ففي2 العقد روايتان "*" وكذا الْجِذَاذُ, وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَزَارِعَ لِغَيْرِ رَبِّ الْمَالِ, وَكَذَا لَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ, وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَبِيعُ الزَّرْعَ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ, وَكَذَا نَقَلَ: لَا يَبِيعُ3 عَمَلَهُ قَبْلَ ظُهُورِ زَرْعٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِعِمَارَتِهِ, قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ أَوْ فَسَخَاهَا بِحَقٍّ فَلَهُ قِيمَةُ حَرْثِهِ, وَإِنْ أَخَّرَ الْقَطْعَ مَعَ شَرْطِهِ حَتَّى صَلُحَ الثَّمَرُ وَطَالَتْ الْجِزَّةُ وَاشْتَدَّ الْحَبُّ فَسَدَ الْعَقْدُ, في ظاهر المذهب, وهو والزيادة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَالْحَصَادُ وَاللَّقَاطُ عَلَى الْمُشْتَرِي, وَيَصِحُّ شَرْطُهُ عَلَى الْبَائِعِ, خِلَافًا لِلْخِرَقِيِّ. وَفِي الْإِرْشَادِ1 فِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ, فَإِنْ بَطَلَ فَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ ذَكَرَهُ الْإِرْشَادُ فَقَالَ: فَإِنْ بَاعَهُ رَطْبَةً وَاشْتَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ جَزَّهَا لَمْ يَجُزْ, وَقِيلَ: وَإِذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؟ أَوْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبُطْلَانِ الشَّرْطِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, انْتَهَى. فَحَكَى فِي الْأَوَّلِ قَوْلَيْنِ, وَفِي الثَّانِي رِوَايَتَيْنِ, وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمُذْهَبِ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يَصِحُّ الْبَيْعُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, وَصَاحِبُ الْإِرْشَادِ حَكَى رِوَايَةً بَعْدَ الصِّحَّةِ, فَلَيْسَ الْخِلَافُ هُنَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ, وَإِنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ على صفته في الإرشاد1.
لِلْبَائِعِ, وَعَنْهُ: لَهُمَا, فَتُقَوَّمُ الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَبَعْدَ الزِّيَادَةِ, وَعَنْهُ: لَا يَفْسُدُ, وَالزِّيَادَةُ لَهُمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: لِلْمُشْتَرِي, وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقَانِ بِهَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وُجُوبًا, وَقِيلَ: نَدْبًا, وَعَنْهُ: يَفْسُدُ إنْ أَخَّرَهُ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ, وَعَنْهُ: يَفْسُدُ لِقَصْدِ حِيلَةٍ, ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى رُطَبًا عَرِيَّةً فَأَتْمَرَ وَيُتَوَجَّهُ تَقْيِيدُ الصِّحَّةِ بِالْمُسَاوَاةِ, وَحَيْثُ بَطَلَ الْبَيْعُ زَكَّاهُ الْبَائِعُ, وَحَيْثُ صَحَّ فَإِنْ اتفقا على التَّبْقِيَةِ جَازَ وَزَكَّاهُ الْمُشْتَرِي, وَإِنْ قُلْنَا الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِمَا إنْ بَلَغَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابًا, وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى الْخُلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ, وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَطْعِ أَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ فَسَخْنَا الْبَيْعَ "هـ ر" لِأَنَّ إلْزَامَ الْبَائِعِ بِالتَّبْقِيَةِ يَضُرُّ بِنَخْلِهِ, وَتَمْكِينُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَطْعِ يَضُرُّ بِالْفُقَرَاءِ, وَيَعُودُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ وَيُزَكِّيهِ, وَفِي إلْزَامِ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْقِيَةِ إنْ بَذَلَهَا الْبَائِعُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ, لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ لَهُ, وَالثَّانِي: لَا, لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غرض صحيح "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا بَاعَ ثَمَرًا قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَأَخَّرَهُ حَتَّى صَلُحَ وَقُلْنَا يَصِحُّ الْبَيْعُ: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْقَطْعِ أَوْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ فَسَخْنَا الْبَيْعَ, وَفِي الْتِزَامِ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْقِيَةِ إنْ بَذَلَهَا الْبَائِعُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ, لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا شَرَطَهُ لَهُ. وَالثَّانِي لَا, لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ, لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ, لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ "قُلْت": وَالصَّوَابُ أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ, فَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي قَطْعِهِ لَمْ يَلْزَمْ بِالتَّبْقِيَةِ, لِأَنَّ حَقَّهُ مُقَدَّمٌ, وَإِلَّا أُلْزِمَ, لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ. وَفِي تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ ما يؤيد هذا, والله أعلم.
هَذَا كُلُّهُ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ فِيمَا يُقْطَعُ قَبْلَ كَمَالِهِ لِحَاجَةٍ عُشْرُهُ رَطْبًا, فَأَمَّا إنْ قُلْنَا يَخْرُجُ يَابِسًا فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ, ذَكَرَهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ, وَإِنْ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَكَمَبِيعٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ لَا يَفْسُدُ, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَإِنْ أَخَّرَ قَطْعَ خَشَبٍ, مَعَ شَرْطِهِ فَزَادَ فَقِيلَ: الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ: الْكُلُّ, وَقِيلَ: لِلْمُشْتَرِي, وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: الزِّيَادَةَ لَهُمَا, اخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَ قَطْعَ خَشَبٍ مَعَ شَرْطِهِ فَزَادَ فَقِيلَ: الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ, وَقِيلَ: الْكُلُّ وَقِيلَ: لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: الزِّيَادَةَ لَهُمَا, اخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ, انْتَهَى. قَدَّمَ فِي الْفَائِقِ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ وَالزِّيَادَةَ لِلْبَائِعِ فَقَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى خَشَبًا لِيَقْطَعَهُ فَتَرَكَهُ فَنَمَا وَغَلُظَ فَالزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: هِيَ لِصَاحِبِ الْخَشَبِ, انْتَهَى. فَنَسَبَ إلَى الْبَرْمَكِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ, وَأَنَّهُ الْمَنْصُوصُ, وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ, وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ رَجَبٍ الِاشْتِرَاكَ فِي الزِّيَادَةِ عَنْ الْبَرْمَكِيِّ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْكُلَّ لِلْبَائِعِ, اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْخَرَزِيُّ فَقَالَ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَالْكُلُّ لِلْبَائِعِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْكُلَّ لِلْمُشْتَرِي اختاره
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ بَطَّةَ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ قَوْلِ الْخَرَزِيِّ: قُلْت: وَيَتَخَرَّجُ الِاشْتِرَاكُ, فَوَافَقَ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ. تَنْبِيهٌ: تَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ: الِانْفِسَاخُ اخْتَارَهُ الْخَرَزِيُّ, وَعَدَمُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ, فَعَلَى الْأَوَّلِ الْكُلُّ لِلْبَائِعِ, وَعَلَى الثَّانِي اُخْتُلِفَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: الِاشْتِرَاكُ فِيهَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ الْبَرْمَكِيُّ. والثاني: هِيَ لِلْمُشْتَرِي, اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ, وَالثَّالِثُ: هِيَ لِلْبَائِعِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَنَسَبَهُ إلَى النَّصِّ, وَاخْتِيَارُ الْبَرْمَكِيِّ, قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الدَّائِمِ تِلْمِيذُ صَاحِبِ الْفَائِقِ: الزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ, ذَكَرَهُ فِي تَعْلِيقَتِهِ, فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ الْفَائِقِ حَصَلَ مِنْهُ سَبْقُ قَلَمٍ فِي قَوْلِهِ الْبَرْمَكِيُّ, وَإِنَّمَا هُوَ الْعُكْبَرِيُّ, وَأَمَّا الْبَرْمَكِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ الِاشْتِرَاكَ فِي الزِّيَادَةِ, ذَكَرَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّمَانِينَ الْمُصَنِّفُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل: وإذا طاب أكل الثمر وظهر نضجه جاز بيعه بشرط التبقية
فَصْلٌ: وَإِذَا طَابَ أَكْلُ الثَّمَرِ وَظَهَرَ نُضْجُهُ جاز بيعه بشرط التبقية و1مطلقا. وَفِي التَّرْغِيبِ وَقَالَ بِظُهُورِ مَبَادِئِ الْحَلَاوَةِ, وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ سَقْيُهُ مُطْلَقًا, وَلِمُشْتَرِيهِ, تَعْجِيلُ قَطْعِهِ, وَلَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ جَذِّهِ, لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْقَبْضِ مَا يُمْكِنُ, فَكَفَى لِلْحَاجَةِ الْمُبِيحَةِ لِبَيْعِ الثَّمَرِ بعد بدو صلاحه, وعنه: لا, اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو بَكْرٍ وَإِذَا بَدَا صَلَاحُ بَعْضِ نَوْعٍ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: غُلِّبَ. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي شَجَرِهِ بَيْعُ جَمِيعِهِ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَبُسْتَانٌ, وَعَنْهُ: وَمَا قَارَبَهُ, وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَسَاتِينِ رِوَايَتَيْنِ, وَعَنْهُ: الْجِنْسُ كَالنَّوْعِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: وَبَقِيَّةُ الْأَجْنَاسِ الَّتِي تُبَاعُ جُمْلَةً عَادَةً. وَإِنْ أَفْرَدَ بِالْبَيْعِ مَا لَمْ يَصْلُحْ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ, وَفِيهِ وَجْهٌ, وَمَا تَلِفَ مِنْ ثَمَرٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُسْتَبْقَى بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إلَى وَقْتٍ. وقال في الكافي1 وَالْمُحَرَّرِ: وَزَرْعٍ "وم" مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ تَتِمَّةِ صَلَاحِهِ, فَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فَإِذَا تَرَكَهُ فَرَّطَ فَضَمِنَهُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ. وَفِيهِ نَظَرٌ, وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: إنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَهُوَ اشْتِدَادُ حَبِّهِ فَلَوْ تَرَكَهُ إلَى حِينِ حَصَادِهِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إذا أتلف2 الباقلاء وَالْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا فَلَنَا وَجْهَانِ, الْأَقْوَى يُرْجَعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ كَمَسْأَلَتِنَا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إنَّمَا الجوائح في النخل بأمر سماوي, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: وَلِصٍّ وَنَحْوِهِ قَبْلَ قَطْعِهِ, وَعَنْهُ: قَدْرُ الثُّلُثِ, جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, قِيلَ: قِيمَةً, وَقِيلَ: ثَمَنًا, وَقِيلَ: قَدْرًا "م 9" بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَتَسْلِيمِهِ فَمِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ, لِأَنَّهُ لَمْ يحصل قَبْضٌ تَامٌّ, لِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُؤْنَةَ, إلَى تَتِمَّةِ صَلَاحِهِ كَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ, وَاحْتَجَّ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ, لِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِعَطَشٍ ضَمِنَهَا الْبَائِعُ, وَالْمَقْبُوضُ لَا يَبْقَى بَعْدَ قَبْضِهِ ضَمَانٌ عَلَى بَائِعِهِ وَلِأَنَّ الْقَبْضَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ مَكِيلًا لَيْلًا فَكَالَهُ لَيْلًا لَمْ يَكُنْ كَيْلُهُ قَبْضًا, وَيُوضَعُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ التَّالِفِ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, وَأَبْطَلَ فِي النِّهَايَةِ الْعَقْدَ كَتَلَفِ الْكُلِّ, وَلَا جَائِحَةَ فِي مُشْتَرًى مَعَ أَصْلِهِ, وَكَذَا إنْ فَاتَ وَقْتُ أَخْذِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَضْعُهَا عَنْهُ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا ثُبُوتَهَا فِي زَرْعٍ مُسْتَأْجَرٍ وَحَانُوتٍ نقص نفعه عن العادة, وأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ فِي الْجَائِحَةِ: وَعَنْهُ: قُدِّرَ الثُّلُثُ. قِيلَ: قِيمَةٌ, وَقِيلَ: ثُمُنًا, وَقِيلَ: قَدْرًا, انْتَهَى "أَحَدُهَا" يُعْتَبَرُ قَدْرُ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابْن رَزِين وَغَيْرهمْ. "وَالْوَجْه الثَّانِي" يُعْتَبَرُ قَدْرُ الثُّلُثِ بِالْقِيمَةِ, قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ. "الْوَجْهُ الثَّالِثُ" يُعْتَبَرُ قَدْرُ ثُلُثِ الثَّمَنِ, فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ فتح الله تصحيحها.
خِلَافُ مَا رَوَاهُ عَنْ أَحْمَدَ, وَحَكَمَ بِهِ أَبُو الْفَضْلِ بْنُ حَمْزَةَ فِي حَمَّامٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا: قِيَاسُ نُصُوصِهِ وَأُصُولِهِ إذَا عَطَّلَ نَفْعَ الْأَرْضِ بِآفَةٍ انْفَسَخَتْ فِيمَا بَقِيَ كَانْهِدَامِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَا جَائِحَةَ فِيمَا تَلِفَ مِنْ زَرْعِهِ, لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَمْ يَبِعْهُ إيَّاهُ, وَلَا يُنَازِعُ فِي هَذَا مَنْ فَهِمَهُ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ آدَمِيٌّ فَسَيَأْتِي فِي إتْلَافِ الْمَكِيلِ قَبْلَ قَبْضِهِ1, وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا بِأَنَّهُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي, لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتْبَعَ الْآدَمِيَّ بِالْغُرْمِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: الْمَسْأَلَةُ أَخَذَتْ شَبَهًا مِنْ الْمُتَمَيِّزِ وَغَيْرِهِ فَعَمِلْنَا بِهِمَا فَضَمَّنَّاهَا: الْبَائِعَ بِالْجَائِحَةِ وَالْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَهَا آدَمِيٌّ. وَمَا لَهُ أَصْلٌ يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ كَقِثَّاءٍ فَكَالشَّجَرِ, وَثَمَرُهُ كَثَمَرِهِ, فِيمَا تَقَدَّمَ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, لَكِنْ لَا يُؤَخِّرُ الْبَائِعُ اللُّقَطَةَ الظَّاهِرَةَ, ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَإِنْ تَعَيَّبَ فَالْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ, وَقِيلَ: لَا يُبَاعُ إلَّا لُقَطَةً لُقَطَةً, كَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَجَوَّزَهُ مُطْلَقًا تَبَعًا لِمَا بَدَا كَثَمَرٍ, وَصَلَاحِ قِثَّاءٍ وَخِيَارٍ وَنَحْوِهِ أَكْلُهُ عَادَةٌ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: تَنَاهَى عِظَمُهُ. وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا شَمِلَ لِبَاسَهُ الْمُعْتَادَ فَقَطْ, إلَّا بِشَرْطٍ, وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي مَزَارِعِ الْقَرْيَةِ أَوْ قَرِينَةٍ, وَاخْتَارَ فِي شِرَاءِ أَمَةٍ مِنْ غَنِيمَةٍ يَتْبَعُهَا مَا عَلَيْهَا, مَعَ عِلْمِهِمَا بِهِ, وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ لَا, فَإِنْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي مَا لَهُ فَإِنْ قَصَدَهُ اُعْتُبِرَ عِلْمُهُ وَشُرُوطُ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَذَكَرَهُ نَصُّ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيُّ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ أَصْحَابِنَا, نَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو الْحَارِثِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ إذَا كَانَ إنَّمَا قَصَدَ الْعَبْدَ كَانَ المال قل أو كثر تبعا له. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ قِيلَ: يَمْلِكُ لَمْ يُعْتَبَرْ, وَإِلَّا اُعْتُبِرَ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَزَادَ: إلَّا إذَا كَانَ قَصْدُهُ الْعَبْدَ فَلَا, وَلَهُ الْفَسْخُ بِعَيْبِ مَالِهِ, كَهُوَ, وَقِيلَ: لَا, وَمِقْوَدُ دَابَّةٍ وَنَعْلُهَا وَنَحْوُهُمَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بَيْعٍ, كلبس عبد, وفي الترغيب: وأولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الخيار
باب الخيار مدخل ... باب الخيار لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ إلَّا فِي بَيْعٍ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَصَلُحَ بِمَعْنَاهُ وَإِجَارَةٍ, وَقِيلَ: لَا تَلِي مُدَّتُهَا الْعَقْدَ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبْضٌ, كَصَرْفٍ وَسَلَمٍ. وَفِي الْأَصَحِّ: وَقِسْمَةٍ, وَقِيلَ: وَمُسَاقَاةٍ وَمُزَارَعَةٍ وَسَبْقٍ, وَلِمُحِيلٍ وَشَفِيعٍ أَخْذٌ بِهَا. وَفِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ "م 1" وَالْأَصَحُّ لَا يَثْبُتُ فِيمَا تَوَلَّاهُ وَاحِدٌ كَأَبٍ, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رِوَايَةً: لَا يثبت خيار مجلس في بيع وعقد معاوضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهَا فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ والرعايتين والحاويين والفائق وتجريد العناية. وغيرهم. "أَحَدُهُمَا" لَا خِيَارَ لَهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ: الظَّاهِرُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالزَّرْكَشِيُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ كَغَيْرِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ.
ولكل من البيعين, الخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما عرفا, ولو كرها أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" إذَا قُلْنَا لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي فَهَلْ يَثْبُتُ لِلْبَائِعِ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ لَهُ أَيْضًا, "قُلْت" وَهُوَ قَوِيٌّ, مُرَاعَاةً لِلْعِتْقِ, وَقِيلَ: يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُشْتَرِي, قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ, فَإِنَّ ظَاهِرَهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْمُشْتَرِي, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الِاخْتِصَاصَ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَفِي سُقُوطِ حَقِّ صَاحِبِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ كَرِهَا, عَائِدٌ إلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ, أَيْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ, وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى التَّفَرُّقِ فَهِيَ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ, وَنَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا "قُلْت": الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ كَرِهَا عَائِدٌ إلَى التَّفَرُّقِ لَا إلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا, وَيُقَوِّيهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِأَبْدَانِهِمَا عُرْفًا, وَالْعُرْفُ إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّفَرُّقِ لَا فِي عَدَمِ التَّفَرُّقِ, وَأَيْضًا فَإِنِّي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ نَصَّ عَلَى مَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ التَّفَرُّقِ, بَلْ عُمُومُ كَلَامِهِمْ ذَلِكَ, وَإِنَّمَا حَكَوْا الْخِلَافَ فِي الْإِكْرَاهِ عَلَى التَّفَرُّقِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي, فَقَطَعَ بِأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَا مَعًا بَطَلَ خِيَارُهُمَا, وَإِذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ خِيَارُ صَاحِبِهِ, وَفِي بُطْلَانِ خِيَارِ الْمُكْرَهِ وَجْهَانِ, وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ, وَمُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ, وَيَكُونُ قَوْلُهُ, "وَلَوْ كَرِهَا" عَائِدًا إلَى الْمَفْهُومِ, وَالتَّقْدِيرُ فَلَوْ تَفَرَّقَا عُرْفًا وَلَوْ كَرِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا الْخِيَارُ. بَقِيَ هَذِهِ الطريقة التي تبع بها
تَسَاوَقَا بِالْمَشْيِ أَوْ فِي سَفِينَةٍ, وَلِهَذَا لَوْ أقبضه فِي الصَّرْفِ وَقَالَ: امْشِ مَعِي لِأُعْطِيَك وَلَمْ يَتَفَرَّقَا جَازَ, نَقَلَهُ حَرْبٌ, وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ المكره وجهان "م 2" ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبَ الْمُغْنِي, هَلْ هِيَ الْمَذْهَبُ أَمْ لَا؟ وَعِنْدَهُ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ, سَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا, كَمَا تَقَدَّمَ. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعَيْنِ الْخِيَارُ مَا لم يتفرقا بأبدانهما عرفا ولو كَرِهَا وَفِي بَقَاءِ خِيَارِ الْمُكْرَهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي حُصُولِ الْفُرْقَةِ بِالْإِكْرَاهِ طَرِيقَيْنِ: "أَحَدُهُمَا" وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي1 قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ أَجْوَدُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيمَا إذَا أُكْرِهَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا, فَقِيلَ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِهِ مُطْلَقًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, وَقِيلَ: لَا يَحْصُلُ بِهِ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَبْقَى الْخِيَارُ فِي مَجْلِسٍ زَالَ عَنْهُمَا الْإِكْرَاهُ فِيهِ حَتَّى يُفَارِقَاهُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ فِيمَا إذَا أُكْرِهَ أَحَدُهُمَا: احْتَمَلَ بُطْلَانَ الْخِيَارِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَنْقَطِعُ الْخِيَارُ, وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: إنْ أَمْكَنَهُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بَطَلَ خِيَارُهُ, وَإِلَّا فَلَا, وَهُوَ احتمال في التلخيص. الطَّرِيقُ الثَّانِي" إنْ حَصَلَ الْإِكْرَاهُ لَهُمَا انْقَطَعَ خِيَارُهُمَا قَوْلًا وَاحِدًا, وَإِنْ حَصَلَ لِأَحَدِهِمَا فَالْخِلَافُ, وَهِيَ طَرِيقَةٌ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ, إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ عَرَفْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ, فَكَذَا الصَّحِيحُ هنا, والله أعلم.
وينقطع بموته لا بجنونه, وَلَا يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ خِيَارٌ, وَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ بِإِفَاقَتِهِ. وَفِي الشَّرْحِ1: إنْ خَرِسَ وَلَمْ تُفْهَمْ إشَارَتُهُ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَوَلِيُّهُ مَقَامُهُ. وَيَسْقُطُ خِيَارُ مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: اخْتَرْ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَتَحْرُمُ الْفُرْقَةُ خَشْيَةَ الِاسْتِقَالَةِ عَلَى الْأَصَحِّ, فَإِنْ أَسْقَطَاهُ سَقَطَ, وَعَنْهُ: لَا, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَعَنْهُ فِي الْعَقْدِ, وَيَسْقُطُ بَعْدَهُ. وَيَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْعَقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً, وَعَنْهُ: وَمُطْلَقًا, فَتَبْقَى إلَى قَطْعِهَا وَإِنْ شَرَطَهُ حِيلَةً لِيَرْبَحَ فِيمَا أَقْرَضَهُ لَمْ يَجُزْ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَا يَثْبُتُ إلَّا فِي بَيْعٍ وَصُلْحٍ بمعناه وقسمة. وقال ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ رَدٌّ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ دُخُولَهُ فِي سَلَمٍ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ قَبْضِهِمَا, وَإِجَارَةٍ, وَقِيلَ: وَلَوْ وَلِيَتْ مُدَّتُهَا الْعَقْدَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَضَمَانٌ وَكَفَالَةٌ, وَقَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَثْبُتُ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ, وَقَالَ شَيْخُنَا: يَجُوزُ فِي كُلِّ الْعُقُودِ. وَإِنْ شَرْطَاهُ إلَى الْغَدِ سَقَطَ بِأَوَّلِهِ, وَعَنْهُ آخِرُهُ, وَإِلَى الظُّهْرِ إلَى الزَّوَالِ, كَالْغُدُوِّ, وَقِيلَ: الْغُرُوبُ كَالْعِشَاءِ. والعشي والعشية من الزوال وذكرهما الجوهري مِنْ الْغُرُوبِ إلَى الْعَتَمَةِ, كَالْعِشَاءِ, وَأَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ الْعِشَاءَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ, وَالْمَسَاءُ وَالْغُبُوقُ مِنْ الْغُرُوبِ, وَالْغَدْوَةُ وَالْغَدَاةُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ, كَالصَّبُوحِ, وَالصَّبَاحُ خِلَافُ الْمَسَاءِ, وَالْإِصْبَاحُ نَقِيضُ الْإِمْسَاءِ, وَظَاهِرُ اللُّغَةِ أَنَّ الْبُكْرَةَ كَالْغُدْوَةِ وَالْآصَالُ مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ: إنْ صَلَّى مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ قَالَ: أَصْبَحَ عَبْدُك فُلَانٌ, وَمِنْ الزَّوَالِ إلَى آخِرِ النَّهَارِ قَالَ: أَمْسَى عَبْدُك فُلَانٌ. وَسَبَقَ الظَّرْفُ فِي الْمَوَاقِيتِ, وَيُتَوَجَّهُ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ فِي الأصح. وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا1 وَيَوْمًا لَا, فَقِيلَ يَبْطُلُ, وَقِيلَ: يَصِحُّ, وَقِيلَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ "م 3" وَإِنْ شَرْطَاهُ أَوْ أَجَّلَا فِي سَلَمٍ أَوْ بيع إلى حصاد لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ: وَإِنْ شَرَطَاهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا, فَقِيلَ: يَبْطُلُ, وَقِيلَ: يَصِحُّ, وَقِيلَ: فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ, انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: احتمال في المغني, وهو قوي
يصح, على الأصح, كَشَرْطِهِ مُبْهَمًا فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَفِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ, وَأَوَّلُهُ مُنْذُ الْعَقْدِ, وَقِيلَ: التَّفَرُّقُ. وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ صح, وإن أطلق فوجهان "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْقَوْلُ الثَّانِي" قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" أَصَحُّ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالثَّالِثَ فِي الكافي1, وهو ظاهر المغني2 والشرح3, وتأتي نظيرتها في آخر الوديعة4. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ صَحَّ, وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ وَأَطْلَقَ, لَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ مَعَهُ وَلَا نَفَاهُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّارِحُ, قَالَ فِي الْفَائِقِ: اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْحَاوِي الكبير,
وَإِنْ قَالَ: دُونِي, لَمْ يَصِحَّ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, وَيَكُونُ تَوْكِيلًا لِأَحَدِهِمَا فِي الفسخ, وقيل: للموكل إن شرطه لنفسه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَجَزَمَ بِهِ في الكافي1.
وَجَعَلَهُ وَكِيلًا, وَيَلْزَمُ بِمُضِيِّ مُدَّتِهِ, فِي الْأَصَحِّ, وَلَهُ الْفَسْخُ, وَأَطْلَقَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَصْحَابُ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُرَدُّ الثَّمَنُ, وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا, كَالشَّفِيعِ, وَيَتَخَرَّجُ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ لَا فَسْخَ فِي غَيْبَتِهِ حَتَّى يَبْلُغَهُ فِي الْمُدَّةِ. وَالْمِلْكُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارَيْنِ لِلْمُشْتَرِي, فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, فَيُعْتَقُ قَرِيبُهُ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ وَيُخْرِجُ فِطْرَتَهُ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ, وَعَنْهُ: إنْ فُسِخَ أَحَدُهُمَا فَالنَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ وَعَنْهُ: وكسبه للبائع, كرواية الملك له, وَقِيلَ: هُمَا لِمُشْتَرٍ إنْ ضَمِنَهُ. وَالْحَمْلُ وَقْتَ الْعَقْدِ مَبِيعٌ, وَعَنْهُ: نَمَاءٌ, فَتُرَدُّ الْأُمُّ بِعَيْبٍ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ, قَطَعَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ, فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ أَوْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ في المنتخب في الصداق "م 5" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَالْحَمْلُ وَقْتَ الْعَقْدِ مَبِيعٌ, فَعَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ أَوْ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الصَّدَاقِ, انْتَهَى. يَعْنِي الْمُنْتَخَبَ الَّذِي لِوَالِدِ الشِّيرَازِيِّ. "إحْدَاهُمَا" هُوَ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ, صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ الْفَلَسِ: فَإِنْ كَانَتْ حِينَ الْبَيْعِ حَامِلًا ثُمَّ فَلِسَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَفِي وَلَدِهَا, لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْبَيْعِ فَقَدْ بَاعَ عَيْنَيْنِ: وَقَدْ رَجَعَ فِيهِمَا, انْتَهَى. "قُلْت": وهو الصواب,
وَتَصَرُّفُ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ مُحَرَّمٌ لَا يَنْفُذُ, أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ, وَقِيلَ: إلَّا إنْ قِيلَ الْمِلْكُ لَهُ وَالْخِيَارُ لَهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1: أَوْ لهما. وليس فَسْخًا, عَلَى الْأَصَحِّ, كَإِنْكَارِهِ شَرْطَ الْخِيَارِ, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي مُحَرَّمٌ لَا يَنْفُذُ, وَعَنْهُ: بَلَى, كَمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَعَنْهُ: مَوْقُوفٌ, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: لَهُ التَّصَرُّفُ وَيَكُونُ رِضًا بِلُزُومِهِ, وَإِنْ سُلِّمَ فَلِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهُ, قَالَ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْمِلْكِ قُلْنَا بِانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ, وَقَالَ غَيْرُهُ. وَفِي تَصَرُّفِهِ مَعَ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ, بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَى "م6" "*" وتصرف المالك منهما بإذن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لِلْحَمْلِ حُكْمًا "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ لَا حُكْمَ لَهُ, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: وُرُودُ الْعُقُودِ عَلَى الْحَامِلِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَاقِ, قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمٌ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ وَيَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الْعِوَضِ, وَإِنْ قُلْنَا لَا حُكْمَ لَهُ لَمْ يَأْخُذْ قِسْطًا, وَكَانَ بَعْدَ وَضْعِهِ كَالنَّمَاءِ الْمُنْفَصِلِ, وَمَالَا إلَى أَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ, قَالَا: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَجْزَاءِ لَا حُكْمُ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ, فَيَجِبُ رَدُّهُ مَعَ الْعَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا لا حكم له وهو الأصح انتهى. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَفِي تَصَرُّفٍ مَعَ الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ, بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَى, انْتَهَى: إحْدَاهُمَا يَنْفُذُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابن رزين.
وَتَصَرُّفِ وَكِيلِهِمَا نَافِذٌ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا, وَبِالْعِتْقِ, وَقِيلَ وَالْوَقْفُ, وَقِيلَ: إنْ دَلَّ التَّصَرُّفُ عَلَى الرضى. وَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي وَوَطْؤُهُ وَلَمْسُهُ بِشَهْوَةٍ وَسَوْمُهُ إمْضَاءٌ, قَالَ أَحْمَدُ: وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَ عَرْضِهِ, وَعَنْهُ: لا, كتقبيل الْجَارِيَةِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا, وَقِيلَ: بِشَهْوَةٍ, فِي الْمَنْصُوصِ. وَفِي اسْتِخْدَامِهِ, وَقِيلَ: لَا لِتَجْرِبَةٍ رِوَايَتَانِ "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَنْفُذُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَلِلْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ احْتِمَالَانِ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "بِنَاءً عَلَى دَلَالَةِ التَّصَرُّفِ عَلَى الرِّضَا" اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ التَّصَرُّفَ مِنْ الْبَائِعِ أَوَالْمُشْتَرِي دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَا, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا, وقدموه وصححوه في مسائل. "مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِخْدَامِهِ وَقِيلَ: لَا لِتَجْرِبَةٍ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمحرر والشرح2 والرعاية الكبرى:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ, قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1: لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ خِيَارُهُ, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: بَطَلَ خِيَارُهُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى, وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ اسْتَخْدَمَ الْمَبِيعَ لِلِاسْتِعْلَامِ لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ, فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَخْدَمَهُ لِغَيْرِ الِاسْتِعْلَامِ أَنَّهُ يَبْطُلُ, وَعِبَارَةُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ كَذَلِكَ. "تَنْبِيهٌ" أَدْخَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَا إذَا اسْتَخْدَمَهُ لِلتَّجْرِبَةِ, وكذلك صاحب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ, وَكَذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَذَكَرَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِي اسْتِخْدَامِهِ لِلتَّجْرِبَةِ قَوْلًا مُؤَخَّرًا وَالْمُقَدِّمُ خِلَافَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ, وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا, قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّجْرِبَةِ لِلْمَبِيعِ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَنْظُرَ سَيْرَهَا, أَوْ الطَّحْنِ عَلَيْهَا لِيَعْلَمَ قَدْرَ طَحْنِهَا, أَوْ اسْتِخْدَامِ الْجَارِيَةِ فِي الْغَسْلِ وَالطَّبْخِ وَالْخَبْزِ, لَا يَبْطُلُ الْخِيَارُ, رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ تَجْرِبَتُهُ وَاخْتِبَارُهُ بِرُكُوبٍ وَطَحْنٍ وَحَلْبٍ وَغَيْرِهَا. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ: وَتَصَرُّفُهُ بِكُلِّ حَالٍ رِضًا إلَّا لِتَجْرِبَةٍ, وَقَالَ الشَّارِحُ: فأما ما يستعلم به البيع, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَخْتَبِرَ فَرَاهَتَهَا, وَالطَّحْنِ عَلَى الرَّحَى لِيَعْلَمَ قَدْرَهُ, وَنَحْوِ ذَلِكَ, فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا, وَلَا يَبْطُلُ بِهِ الْخِيَارُ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ إلَّا بِمَا تَحْصُلُ بِهِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ, وَجَعَلَ فِي الْكَافِي2, مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ, وَقَطَعَ فِي تَجْرِبَةِ الْمَبِيعِ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ, "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ وَالِاخْتِبَارِ يَسْتَوِي فِيهِ الْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ, وَلَا تَشْمَلُهُ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ, وَمَنْشَأُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ حَرْبًا نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا غَسَلَتْ رَأْسَهُ أَوْ غَمَزَتْ رِجْلَهُ أَوْ طَبَخَتْ يَبْطُلُ خِيَارُهُ, فَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: مَا قُصِدَ بِهِ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ تَجْرِبَةُ الْمَبِيعِ لَا يُبْطِلُ الْخِيَارَ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِيَعْلَمَ سَيْرَهَا, وَمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ ذَلِكَ يُبْطِلُ, كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ لِحَاجَتِهِ, انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, بَلْ الْغَالِبُ لَا يَكُونُ الْخِيَارُ إلَّا لِلتَّرَوِّي وَلِمَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ, وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالتَّجْرِبَةِ, وَالْمَقْصُودُ أَنَّ إدْخَالَ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ إطْلَاقِهِمَا فِيهِ نَظَرٌ, وَالرِّوَايَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا لَا تُقَاوِمُ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى, بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْدَامِ لِلتَّجْرِبَةِ, وَأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ لِلتَّجْرِبَةِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ وَإِنْ قِيلَ فيه قول المصنف, والله أعلم.
وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ, كخياره فِي الْأَشْهَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 8" فَإِنْ بَطَلَ أَوْ أَمْضَى فَالثَّمَنُ, وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا فَمِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ. أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ. وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَمَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهَا وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ, وَفَرَّقَ بِأَنَّ هُنَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ, وَفِي مَسْأَلَةِ الْخِلَافِ: كُلُّهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى رِوَايَةٍ, وَإِنْ قُلْنَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ رَجَعَ بِأَرْشِ عَيْبِهَا. وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يُورَثُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: كَالشَّرْطِ, وفي خيار صاحبه وجهان "م 9" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَبْطُلُ خِيَارُ الْبَائِعِ كَخِيَارِهِ فِي الْأَشْهَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْهَادِي وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: "إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ وَلَهُ الْفَسْخُ وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ, وَحَكَاهُ فِي الْفُصُولِ فِي مَوْضُوعٍ عَنْ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَخِيَارُ الْمَجْلِسِ لَا يُوَرِّثُ, نَصَّ عَلَيْهِ كَالشَّرْطِ, وَفِي خِيَارِ صَاحِبِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وأطلقهما في الكافي2 والشرح4:
وَخِيَارُ الشَّرْطِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ لَا يُورَثُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْمَيِّتِ, نَصَّ عَلَيْهِ, كَخِيَارِ الرُّجُوعِ فِي هِبَةِ وَلَدِهِ, وَلِأَنَّ مَعْنَى الْخِيَارِ تَخَيُّرُهُ بَيْنَ فَسْخٍ وَإِمْضَاءٍ, وَهُوَ صِفَةٌ ذَاتِيَّةٌ كَالِاخْتِيَارِ, فَلَمْ يُورَثْ, كَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلِهَذَا لَا تَصِحُّ الْمُصَالَحَةُ عَلَى الْخِيَارِ بِمَالٍ, وَلَوْ أَخَذَ قِسْطًا مِنْ الْمَالِ لَصَحَّ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ, كَخِيَارِ الْمُجْبَرَةِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ, وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ, وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ حِلِّ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ رِوَايَةً كَالْحَيِّ, نقله ابن منصور, كخيار قبول الْوَصِيَّةِ لَهُ, وَإِلَّا حَلَّ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةً: لَا يُورَثُ حَدُّ قَذْفٍ وَلَوْ طَلَبَهُ مَقْذُوفٌ كَحَدِّ زِنَا. وَمَنْ بَاعَ بِشَرْطٍ فَمَاتَ مُشْتَرٍ لَزِمَ, إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ رَدَّهُ, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ عَتَقَ, نَصَّ عَلَيْهِ, كَالتَّدْبِيرِ, وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ. وَتَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا وَقَالَ: وَعَلَى قِيَاسِ الْمَسْأَلَةِ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ بِسَبَبٍ يُزِيلُ مِلْكَهُ عَنْ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ, وَقِيلَ: يُعْتَقُ فِي موضع يحكم له بالملك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَبْطُلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبْطُلُ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي "قُلْت": وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا لَا خِيَارَ لَهُ, فَهَلْ يَثْبُتُ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ, عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى.
باب خيار التدليس والغبن
باب خيار التدليس والغبن مدخل ... بَابُ خِيَارِ التَّدْلِيسِ وَالْغَبْنِ يَثْبُتُ بِكُلِّ تَدْلِيسٍ يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ, كَتَسْوِيدِ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدِهِ, وَتَحْمِيرِ الْوَجْهِ وَجَمْعِ مَاءِ الرَّحَى, وَاللَّبَنِ فِي ضَرْعِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ, وَإِنْ حَصَلَ بِلَا تَدْلِيسٍ فَوَجْهَانِ "م 1" وَقِيلَ: وَكَذَا تَسْوِيدُ كَفِّ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبِهِ, وَعَلْفِ شَاةٍ, وَمَتَى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ خُيِّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُنْذُ عَلِمَ, وَقِيلَ: بَعْدَهَا عَلَى الْفَوْرِ: يُخَيَّرُ مُطْلَقًا, مَا لَمْ يَرْضَ, كَبَقِيَّةِ التَّدْلِيسِ, بَيْنَ إمْسَاكِهَا وَفِي التَّنْبِيهِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَمَالَ إلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ: مَعَ الْأَرْشِ, وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَغَيْرُهُ وَرَدَّهَا مَعَ صَاعِ تَمْرٍ سليم ولو زادت ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ بِلَا تَدْلِيسٍ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى: "أَحَدُهُمَا" لَا خِيَارَ لَهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَثْبُتُ كَفِعْلِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَاقْتَصَرَ, عَلَيْهِ فِي الْفَائِقِ, وقطع به الْكَافِي1, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
قِيمَتُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ إنْ حَلَبَهَا, وَقِيلَ: إنْ ردها بها, وقيل: أَوْ قَمْحٌ, فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّمْرُ فَقِيمَتُهُ مَوْضِعَ الْعَقْدِ, قَالَ الشَّيْخُ: كَعَيْنٍ أَتْلَفَهَا, عَلَيْهِ قِيمَتُهَا, فَظَاهِرُهُ مَا يَأْتِي مِنْ الْخِلَافِ, وَيُقْبَلُ رَدُّ اللَّبَنِ بِحَالِهِ بَدَلَ التَّمْرِ, كَرَدِّهَا بِهِ قَبْلَ الْحَلْبِ, وَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالتَّصْرِيَةِ, وَقِيلَ: وَلَوْ تَغَيَّرَ, وَقِيلَ: لَا, مُطْلَقًا, وَلَا خِيَارَ إنْ زَالَ الْعَيْبُ أَوْ صَارَ لَبَنُهَا عَادَةً, نَصَّ عَلَيْهِ فِي شِرَاءِ أَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ فَطَلُقَتْ, قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا رَجْعِيًّا, وَإِنْ فِي طَلَاقٍ بائن فيه عدة احتمالين, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ فِي حُمْرَةِ الْخَجَلِ أَوْ التَّعَبِ, وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا حَصَلَ التَّدْلِيسُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ, كَتَسْوِيدِ شَعْرِهَا لِشَيْءٍ حَصَلَ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ, وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْخِيَارِ فِي حُمْرَةِ الْخَجَلِ وَالتَّعَبِ, وَمَالَا إلَيْهِ, وَقَطَعَا بِثُبُوتِ الْخِيَارِ في غيرهما, وهو الصواب
وَتُرَدُّ الْمُصَرَّاةُ مِنْ أَمَةٍ وَأَتَانٍ, فِي الْأَصَحِّ, مَجَّانًا, لِأَنَّهُ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ عَادَةً, كَذَا قَالُوا, وَلَيْسَ بِمَانِعٍ. وَيُحَرَّمُ كَتْمُ الْعَيْبِ, ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْعُلَمَاءِ, وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُوَ نَصُّ أَحْمَدَ وَيَصِحُّ, وَعَنْهُ: لَا, نَقَلَ حَنْبَلٌ: بَيْعُهُ مَرْدُودٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَذَا لَوْ أَعْلَمَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمَا قَدْرَ عَيْبِهِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَأَنَّهُ يَجُوزُ عِقَابُهُ بِإِتْلَافِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ, وَقَالَ: أَفْتَى بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: أَتَيْت صَيْرَفِيًّا بِدِينَارٍ فَقَالَ: لَهُ وَضَيْعَةً, فَأَتَيْت بِهِ آخَرَ فَأَخَذَهُ, عَلَى أَنْ أُبَيِّنَهُ لَهُ؟ قَالَ: لَا ليس عليك. وقيل لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَدْخُلُ بِشَيْءٍ إلَى بِلَادٍ إنْ كَانَ مَغْشُوشًا اشْتَرَوْهُ وَإِلَّا فَلَا, قَالَ: إنْ كَانُوا يَأْخُذُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَعْلَمُونَ غِشَّهُ فَجَائِزٌ, وَإِنْ كُنْت لَا تَأْمَنُ أَنْ يَصِيرَ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ فَلَا, نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ, وَيُتَوَجَّهُ إنْ ظَنَّ مَعْرِفَتَهُ لِشُهْرَتِهِ جَازَ. وَإِذَا عَلِمَ مَبْلَغَ شَيْءٍ فَبَاعَهُ صُبْرَةً لِجَاهِلٍ بِقَدْرِهِ فَعَنْهُ: يكره, فيقع لازما, وعنه: يحرم, فله الرد "م 2" وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, مَا لَمْ يَعْلَمْ البائع بقدره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2": قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ مَبْلَغَ شَيْءٍ فَبَاعَهُ صُبْرَةً لِجَاهِلٍ بِقَدْرِهِ فَعَنْهُ: يُكْرَهُ, فَيَقَعُ لَازِمًا, وَعَنْهُ يَحْرُمُ فَلَهُ الرَّدُّ, انْتَهَى: "إحْدَاهُمَا" يُكْرَهُ, اختارها القاضي في المجرد وصاحب الفائق.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى: يَبْطُلُ. قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَمِثْلُهُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ, كَمَا لَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْغَبْنِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي, وَقَدَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ: لَا, لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْعِلْمِ الْبَائِعُ, بِدَلِيلِ الْعَيْبِ لَوْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ جَازَ, وَمَعَ عِلْمِهَا يَصِحُّ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ فِي الْمَكِيلِ, نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إذَا عَرَفَا كَيْلَهُ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يشتريه حتى يكتاله, نقل المروذي وابن حسان1 التَّحْرِيمَ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ بَيْنَهُمَا كُرُّ طَعَامٍ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا شِرَاءَ نَصِيبِ الْآخَرِ: يَجُوزُ وَلَا يُسَمَّى كَيْلًا, فَإِنْ سَمَّاهُ كَالَ, وَإِنْ تَلَقَّى الرُّكْبَانُ وَالْمَنْصُوصُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ فَاشْتَرِي مِنْهُمْ وغبنوا, وعنه: أو لا, أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَحْرُمُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ والرعاية وغيرهما.
باعهم, فلهم الخيار. وعنه: يبطل, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَلِمَنْ زَايَدَهُ مَنْ لَا يُرِيدُ شِرَاءً لِيَغُرَّهُ إذَا غَبِنَ, وَقِيلَ: بِمُوَاطَأَةِ الْبَائِعِ, وَهُوَ النَّجْشُ, وَعَنْهُ: يَبْطُلُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, كَمَا لَوْ نَجَشَ الْبَائِعُ أَوْ وَاطَأَ, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 3" وَعَنْهُ: يَقَعُ لَازِمًا, فَلَا فَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا, ذَكَرَهَا فِي الِانْتِصَارِ فِي الْفَاسِدِ هَلْ يَنْقُلُ الْمِلْكَ؟ وَإِنْ أَخْبَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَهُ الْخِيَارُ. وَفِي الْإِيضَاحِ: يَبْطُلُ مَعَ عِلْمِهِ, وَقَوْلُهُمْ فِي النَّجْشِ: لِيَغُرَّ الْمُشْتَرِيَ, لَمْ يَحْتَجُّوا لِتَوَقُّفِ الْخِيَارِ عَلَيْهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ, وَأَطْلَقُوا الْخِيَارَ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ, لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى النَّجْشِ, فَيَكُونُ الْقَيْدُ مُرَادًا, وَيُشْبِهُ مَا إذَا خَرَجَ وَلَمْ يَقْصِدْ التَّلَقِّيَ, وَسَبَقَ الْمَنْصُوصُ الْخِيَارَ, وَيَثْبُتُ عَلَى الْأَصَحِّ لِمُسْتَرْسِلٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ فِي النَّجْشِ: وَعَنْهُ يَبْطُلُ النَّجْشُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, كَمَا لَوْ نَجَشَ الْبَائِعُ أَوْ وَاطَأَ, فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ: "أَحَدُهُمَا" لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَقَالَ: هَذَا الْمَشْهُورُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَبْطُلُ الْبَيْعُ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ النَّجْشِ, كَمَا لَوْ زَادَ فِيهَا الْبَائِعُ أَوْ وَاطَأَ عَلَيْهِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَوْ زَادَ زَيْدٌ بِإِذْنِهِ, فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ, وَقَدَّمَهُ في المحرر.
جَاهِلٍ بِالْقِيمَةِ إذَا غَبِنَ وَفِي الْمُذْهَبِ: أَوْ جَهِلَهَا لِعَجَلَتِهِ, وَعَنْهُ: وَلِمُسْتَرْسِلٍ إلَى الْبَائِعِ لَمْ يُمَاسِكْهُ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَذَكَرَهُ الْمُذْهَبُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّهُ غَالٍ وَأَنَّهُ مَغْبُونٌ فِيهِ, قَالَ أَحْمَدُ: اشْتَرِ وَمَاكِسْ, قَالَ: وَالْمُسَاوَمَةُ أَسْهَلُ مِنْ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ, لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَا يَأْمَنُ الْهَوَى, وَنَصُّ أَحْمَدَ: الْغَبْنُ عَادَةً, وَقِيلَ: الثُّلُثُ, وَقِيلَ: السُّدُسُ, وَالْغَبْنُ مُحَرَّمٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ, وَحَرَّمَهُ فِي الْفُنُونِ, وَأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: أَكْرَهُهُ, وَفِي مُفْرَدَاتِهِ يَتَخَرَّجُ الْبُطْلَانُ بِالْغَبْنِ, لِقَوْلِهِ: النَّهْيُ يَدُلُّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى الْفَسَادِ. وَهَلْ غَبْنُ أَحَدِهِمَا فِي مَهْرٍ مثله كبيع أو لا فسخ؟ فيه احتمالان فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ, ثُمَّ فَرَّقَ وَقَالَ: لِهَذَا لَا يُرَدُّ الصَّدَاقُ عِنْدَهُمْ. وَفِي وَجْهٍ لَنَا: بِعَيْبٍ يَسِيرٍ وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ بِذَلِكَ "م 4" وَيَحْرُمُ تَغْرِيرُ مُشْتَرٍ بِأَنْ يَسُومَهُ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ قَرِيبُهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ: وَإِنْ دَلَّسَ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى مُؤَجِّرٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى اسْتَأْجَرَهُ بِدُونِ الْقِيمَةِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَقَوْلِهِ وَأَنَّهُ كَالْغِشِّ وَالتَّدْلِيسِ سَوَاءٌ, ثُمَّ سَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ, وَنَصُّهُ: مَنْ قَالَ عِنْدَ العقد لا خلابة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَهَلْ غَبْنُ أَحَدِهِمَا فِي مَهْرِ مثله كبيع أو لا فسخ؟ فيه احتمالان فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ, ثُمَّ فَرَّقَ وَقَالَ: وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ الصَّدَاقُ عِنْدَهُمْ. وَفِي وَجْهٍ لَنَا: بِعَيْبٍ يَسِيرٍ, وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ بِذَلِكَ, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا غَبْنَ فِي ذَلِكَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَالْقَوْلُ بِثُبُوتِ الْغَبْنِ قِيَاسًا على البيع.
فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ خَلَبَهُ خِلَافًا لِلشَّيْخِ وَغَيْرِهِ, لِخَبَرِ حِبَّانَ1 أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لَهُ: "إذَا بَايَعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ, وَلَك الْخِيَارُ ثَلَاثًا" 2 وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ, وَلِهَذَا جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ بِلَا شَرْطٍ, كَذَا قَالُوا. وَهَلْ لِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يَغْبِنُ كَثِيرًا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ "م 5" والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَهَلْ لِلْإِمَامِ جَعْلُ عَلَامَةٍ تَنْفِي الْغَبْنَ عَمَّنْ يَغْبِنُ كَثِيرًا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ: "أَحَدُهُمَا" لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَيَكُونُ مُقْتَدِيًا بِصَاحِبِ الشَّرِيعَةِ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ, قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَمَنْ تَبِعَهُ: فَإِنْ قَالَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا خِلَابَةَ, فَقَالَ أَحْمَدُ: أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ خَلَبَهُ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلَبَهُ فَلَيْسَ لَهُ خِيَارٌ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ خِيَارٌ وَيَكُونُ خَاصًّا بِاَلَّذِي قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, انْتَهَى. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَكُونُ ذَلِكَ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي, كَمَا تَقَدَّمَ, فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
باب خيار العيب
باب خيار العيب مدخل ... باب خيار العيب وَهُوَ مَا نَقَصَ قِيمَةَ الْمَبِيعِ عَادَةً, وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: نَقِيصَةٌ يَقْتَضِي الْعُرْفُ سَلَامَةَ الْمَبِيعِ عَنْهَا غَالِبًا, كَزِنَا بَالِغٍ عَشْرًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَشُرْبُهُ وَسَرِقَتُهُ وَإِبَاقُهُ وَبَوْلُهُ فِي فِرَاشِهِ, وَقِيلَ: مِنْ بَوْلِ كَبِيرٍ وَتَكَرُّرٌ وَفِي الْوَاضِحِ: بَالِغٌ, وَقِيلَ: وَمُمَيِّزٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْكُلِّ, وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ وَزَادَ: وَتَكَرُّرٌ, وَحُمْقٌ, نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ: إنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَرُدُّ مِنْ الْحُمْقِ الشَّدِيدِ "هـ" قَالَ الْأَصْحَابُ: وَالْحُمْقُ مِنْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ارْتِكَابُ الْخَطَإِ عَلَى بَصِيرَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: وَحُمْقٌ شَدِيدٌ وَاسْتِطَالَةٌ عَلَى النَّاسِ, وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ بَانَ الْعَبْدُ طَوِيلَ اللِّسَانِ عَلَى النَّاسِ أَوْ أَحْمَقَ مَلَكَ الرَّدَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ أَنْ يُؤَدَّبَ, وَرُبَّمَا تَكَرَّرَ مِنْهُ فَيَصِيرُ كَالزِّنَا, وَلِأَنَّ الْأَحْمَقَ قَدْ يَضَعُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْعَادَةَ, وَخِصَاءٌ وَبَخَرٍ وَبَرَصٍ وَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَكَلَفٍ2 وَعَوَرٍ وَحَوَلٍ وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَقَرَعٍ, وَتَحْرِيمٍ عَامٍّ, كَمَجُوسِيَّةٍ, وَحَمْلِ أَمَةٍ دُونَ بَهِيمَةٍ, وَكَوْنِ ثَوْبٍ غَيْرِ جَدِيدٍ مَا لَمْ يَبِنْ أَثَرَ اسْتِعْمَالِهِ, ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ, وَعَدَمِ خِتَانٍ فِي عَبْدٍ كَبِيرٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ. وقال الشيخ: ليس من بلد الكفر, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الثُّيُوبَةِ وَمَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ وَالْكُفْرُ وَجْهَانِ "م 1 و 2" وَقِيلَ: وَفِسْقٌ بِاعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ, وَتَغْفِيلٍ وَلَيْسَ عُجْمَةُ لِسَانٍ وَفَأْفَاءٌ وَتِمْتَامٌ وَقَرَابَةٌ وَإِرْثٌ وألثغ وعدم حيض - في المنصوص عليه - عَيْبًا. وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ عَقِيمٌ فِيهِ وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْحَامِلِ: هَلْ يَخْتَصُّ الْعُقُمُ بِمَنْعِ الْحَمْلِ وَلَا يَمْنَعُ الْحَيْضَ؟ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ هَذَا, وَمَتَى حَكَمْنَا أَنَّهَا عَقِيمٌ لَمْ يَصِحَّ الحيض منها: وفي الانتصار: ليس عيبا مع بقاء القيمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1-2: قَوْلُهُ: وَفِي الثُّيُوبَةِ وَمَعْرِفَةِ الْغِنَاءِ وَالْكُفْرِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ الثُّيُوبَةُ عَيْبٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ بِعَيْبٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وغيرهم "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هِيَ عَيْبٌ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ ظَهَرَتْ ثَيِّبًا مَعَ إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَهُوَ عَيْبٌ "قُلْت": وَهَذَا ضَعِيفٌ "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ مَعْرِفَةُ الْغِنَاءِ وَظُهُورُ الرَّقِيقِ كَافِرًا عَيْبٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ بِعَيْبٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ, جَزَمَ بِهِ فِي الكافي4 والمغني5 والشرح6 والرعاية وغيرهم.
وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: كَوْنُ الدَّارِ يَنْزِلُهَا الْجُنْدُ عَيْبٌ, وَعِبَارَةُ الْقَاضِي: وَجَدَهَا بِمَنْزِلَةٍ قَدْ نَزَلَهَا الْجُنْدُ, قَالَا: أَوْ اشْتَرَى قَرْيَةً فَوَجَدَ فِيهَا سَبُعًا أَوْ حَيَّةً عَظِيمَةً تُنْقِصُ الثَّمَنَ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: وَجَدَهَا كَانَ السُّلْطَانُ نَزَلَهَا لَيْسَ عَيْبًا, مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ ظُلْمٌ يَمْنَعُ مِنْهُ الدِّينُ وَتَحْسِمُ مَادَّتَهُ سِيَاسَةُ الْعَدْلِ, وَتَجْوِيزُ عَوْدِهِ مُتَوَهِّمٌ, وَنَقْصُ الْقِيمَةِ بِهِ عَادَةً إنْ غَبِنَ لِذَلِكَ الثُّلُثَ وَكَانَ مُسْتَسْلِمًا فَلَهُ الْفَسْخُ لِلْغَبْنِ لَا لِلْعَيْبِ, وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ الْفَسْخُ لِهَذَا الْأَمْرِ الْمُتَرَدِّدِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَبَقٌّ وَنَحْوُهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ بِالدَّارِ, وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ فِي زَمَنِنَا, وَقَرَعٌ شَدِيدٌ مِنْ كَبِيرٍ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ, وَكَوْنُهُ أَعْسَرَ, وَالْمُرَادُ لَا يَعْمَلُ بِالْيَمِينِ عَمَلَهَا الْمُعْتَادَ. وَإِلَّا فَزِيَادَةُ خَيْرٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَيْسَ بِعَيْبٍ, لِعَمَلِهِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ, خِلَافًا لِشُرَيْحٍ, قَالَ شَيْخُنَا: وَالْجَارُ السُّوءُ عَيْبٌ. فَمَتَى اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ أَوْ عَالِمًا عَيْبَهُ وَلَمْ يَرْضَ أَمْسَكَهُ, وَالْمَذْهَبُ: لَهُ أَرْشُهُ, وَعَنْهُ: إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ فَلَا يَلْزَمُ, قَالَ: وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِهِ كَالصَّفْقَةِ إذَا تَفَرَّقَتْ, وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شاء البائع؟ فيه احتمالان "م 3" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ عَيْبٌ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْغِنَاءُ الْأَمَةُ عَيْبٌ, وَكَذَا الكفر. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: فَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا,. وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْسَكَهُ, وَالْمَذْهَبُ لَهُ أَرْشُهُ, وَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ أَوْ حَيْثُ شاء البائع؟ فيه احتمالان,
وَفِي الِانْتِصَارِ وَمُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ, كَصُدَاعٍ وَحُمَّى يَسِيرَةٍ, وَآيَاتٍ فِي الْمُصْحَفِ, لِلْعَادَةِ, كَغَبْنٍ يَسِيرٍ, وَلَوْ مِنْ وَلِيٍّ, قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَوَكِيلٌ, وَقَالَ فِي وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ: لَوْ كَثُرَ الْغَبْنُ بَطَلَ. وَقَالَ أَيْضًا: يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمَا, وَذَكَرَ أَيْضًا الْفَسْخَ بعيب ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَأْخُذُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ, لِأَنَّهُ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ, قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَأْخُذُهُ مِنْ حَيْثُ شَاءَ الْبَائِعُ, وَقَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ, فَقَالَ: لَا يَجِبُ كَوْنُهُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ, فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ فَسْخُ الْعَقْدِ فِي مِقْدَارِ الْعَيْبِ وَالرُّجُوعُ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ, وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ إسْقَاطُ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْجُزْءِ الْفَائِتِ الَّذِي تَعَذَّرَ تَسْلِيمُهُ, وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ, وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَرْشَ فَسْخٌ أَوْ إسْقَاطٌ لِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ مُعَاوَضَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فَسْخًا أَوْ إسْقَاطًا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقَدْرِهِ مِنْ الثَّمَنِ, وَيَسْتَحِقُّ جُزْءًا مِنْ عَيْنِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَائِهِ, بِخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا إنَّهُ مُعَاوَضَةٌ, انْتَهَى. "قُلْت": قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ الْأَرْشَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ مِنْ الْمَبِيعِ, وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ: إذَا قُلْنَا: هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ الْفَائِتِ, فَهَلْ هُوَ عِوَضٌ عَنْ الْجُزْءِ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ قِيمَتِهِ؟ ذَهَبَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْقِيمَةِ, وَذَهَبَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ وَابْنُ الْبَنَّا إلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ الْعَيْنِ الْفَائِتَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذلك جواز الْمُصَالَحَةِ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا: الْمَضْمُونُ الْعَيْنُ, فَلَهُ الْمُصَالَحَةُ عَنْهَا بِمَا شَاءَ, وَإِنْ قُلْنَا: الْقِيمَةُ, لَمْ يَجُزْ أَنْ يُصَالِحَ عنها بأكثر من جنسها, انتهى
يَسِيرٍ, وَأَنَّ الْمَهْرَ مِثْلُهُ, فِي وَجْهٍ, وَأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ, كَدِرْهَمٍ فِي عَشَرَةٍ بِالشَّرْطِ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا: لَا فَسْخَ بِعَيْبٍ أَوْ غَبْنٍ يَسِيرٍ وَأَنَّ الْكَثِيرَ يَمْنَعُ الرُّشْدَ وَيُوجِبُ السَّفَهَ وَالرُّجُوعَ عَلَى وَلِيٍّ وَوَكِيلٍ, وَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ لَهُ الْفَسْخُ غَبِنَ أَمْ لَمْ يَغْبِنْ قَالَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ: مَنْ اشْتَرَى مُصْحَفًا فَوَجَدَهُ يَنْقُصُ الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ لَيْسَ هَذَا عَيْبًا, لَا يَخْلُو الْمُصْحَفُ مِنْ هَذَا. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي بَعْدَ هَذَا النَّصِّ قَالَ لِأَنَّهُ كَغَبْنٍ يَسِيرٍ, قَالَ: وَأَجْوَدُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ عَادَةً مِنْ ذَلِكَ, كَيَسِيرِ التُّرَابِ وَالْعَقْدِ فِي الْبُرِّ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ أُجْرَةِ النَّاسِخِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ, وَإِلَّا فَلَا أُجْرَةَ لِمَا وَضَعَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ, وَعَلَيْهِ نَسْخُهُ فِي مَكَانِهِ, وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَهُ بِذَلِكَ مِنْ الْكَاغَدِ, وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ, بَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ وَغَرَامَةُ الْكَاغَدِ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: يَسِيرُ عَيْبٍ مَبِيعٍ كَالْكَثِيرِ, وَهُوَ نِسْبَةُ قَدْرِ النَّقْصِ إلَى قِيمَتِهِ صَحِيحًا, فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِنِسْبَتِهِ, وَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِلَا رِضًا وَحُضُورِ الْآخَرِ, وَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ. وَلَا يَرُدُّ نَمَاءً مُنْفَصِلًا إلَّا لِعُذْرٍ, كَوَلَدِ أمة, وقيل: يجوز, بيعها1 دُونَ وَلَدِ حُرٍّ, وَعِنْدَ الشَّيْخِ: أَوْ دُونَ حمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حُرٍّ, وَعَنْهُ: يَرُدُّ النَّمَاءَ مِنْ عَيْنِهِ, وَعَنْهُ: مُطْلَقًا, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَمِثْلُهُ الْمُتَّصِلُ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ: لَهُ أرشه إن رده,"*" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فِي النَّمَاءِ الْمُتَّصِلِ: وَفِي الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ صَبْغِهِ وَنَسْجِهِ لَهُ أَرْشُهُ إنْ رَدَّهُ, كَذَا فِي النُّسْخَةِ. وَصَوَابُهُ "لَهُ أَرْشُهُ لَا رَدُّهُ" صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي, نَبَّهَ عليه شيخنا, وهو واضح, والمعنى يساعده.
وَعَنْهُ لَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ لِمُشْتَرٍ وَهَبَهُ بَائِعٌ ثَمَنًا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ, كَمَهْرٍ, فِي رِوَايَةٍ, وَخِيَارُ الْعَيْبِ كَخُلْفٍ فِي الصِّفَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَعَلَى الْمَذْهَبِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى رَدِّهِ أَوْ أَرْشِهِ, لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ. وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ, كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ, فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ, وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي التَّرْغِيبِ: وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نقصه الحادث عنده "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ عَابَ الْمَبِيعَ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ كَقَطْعِ ثَوْبٍ وَوَطْءِ بِكْرٍ, فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ, وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَرَدَّهُ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي1 وَالشَّرْحِ2 وغيرهم.
وَلَوْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ: كَزَوَالِهِ قَبْلَ رده. وإن زَالَ بَعْدَهُ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ "م 5" وَنَصُّهُ: لَهُ رده بلا أرش إذا دلس ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ, قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى1: هَذِهِ الصَّحِيحَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وأبو الخطاب في خلافه وغيرهم. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ: عَلَيْهَا الْأَصْحَابُ, زَادَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُهُمَا, وَاخْتَارَهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَالْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ, وَنَصَرَهَا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3, وَمَالَ إلَيْهَا الشَّارِحُ وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ, وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُدَلَّسْ الْعَيْبُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَ بَعْدَهُ يَعْنِي بَعْدَ رَدِّهِ فَفِي رُجُوعِ مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, أَشْبَهَ مَا لَوْ زَادَ الْبَيْعُ, وهو ظاهر
الْبَائِعُ الْعَيْبَ, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ, وَلَهُ رَدُّ ثَيِّبٍ وَطِئَهَا, عَلَى الْأَصَحِّ, مَجَّانًا, وَلِهَذَا لَهُ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً بِلَا إخْبَارٍ, قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَعَنْهُ: بِمَهْرِ مِثْلِهَا, وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي كَالْعَيْبِ قَبْلَهُ فِيمَا ضَمَانُهُ عَلَى الْبَائِعِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لَا أَرْشَ إلَّا أَنْ يُتْلِفَهُ آدَمِيٌّ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ, وَالْعَيْبُ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ مُشْتَرٍ. وَعَنْهُ: عُهْدَةُ الْحَيَوَانِ ثَلَاثَةُ أيام, وعنه: سنة1. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي لَهُ الرجوع.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: وَبَعْدَهَا, وَالْمَذْهَبُ لَا عُهْدَةَ, قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَصِحُّ فِيهِ حَدِيثٌ. وَإِنْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ فَلَهُ الْأَرْشُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ, ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَعَنْهُ, إنْ أَعْتَقَهُ فِي وَاجِبٍ وَحُكِيَ مُطْلَقًا, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَمْ يَمْنَعْ عَيْبَهُ الْإِجْزَاءُ صَرَفَهُ فِي الرِّقَابِ, وَيُحْتَمَلُ لَا أَرْشَ, كَقَرِيبٍ عَتَقَ, لِأَنَّ الْقَصْدَ عِتْقُهُ, وَيَتَخَرَّجُ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَنْ يَفْسَخَ وَيَغْرَمَ الْقِيمَةَ, وَعَنْهُ: لَا أَرْشَ لَهُ لِمَا بَاعَهُ, فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ فَلَهُ رَدُّهُ أَوْ أَرْشُهُ, أَوْ إنْ أَخَذَ مِنْهُ أَرْشَهُ فَلَهُ الْأَرْشُ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ بَاعَهُ مُشْتَرٍ لِبَائِعِهِ لَهُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي, ثُمَّ لِلثَّانِي رَدُّهُ عَلَيْهِ, وَفَائِدَتُهُ اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ, وَيُحْتَمَلُ هُنَا لَا رَدَّ, وَإِنْ فَعَلَهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ أَوْ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَوْ عَرَضَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ اسْتَغَلَّهُ فَلَا, ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى1 وَالْقَاضِي, وَاخْتَلَفَ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ, وَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ, وَهُوَ أَظْهَرُ, لِأَنَّهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى الرِّضَا فَمَعَ الْأَرْشِ كَإِمْسَاكِهِ2, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, قَالَ: وَذَكَرَ فِي التَّنْبِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ, فَقَالَ: وَالِاسْتِخْدَامُ وَالرُّكُوبُ لَا يَمْنَعُ أَرْشَ الْعَيْبِ إذَا ظَهَرَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ, وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ إنَّمَا نَصَّ أَنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْأَرْشَ وَإِنْ اُحْتُلِبَ الْمَبِيعُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَوْ رَكِبَهَا لِسَقْيِهَا أَوْ عَلْفِهَا. وَقَالَ في المغني3: إن استخدم لَا لِلِاخْتِبَارِ بَطَلَ رَدُّهُ بِالْكَثِيرِ, وَإِلَّا فَلَا. قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنَّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا فَبَانَ مَعِيبًا فَاسْتَخْدَمَهُ بِأَنْ يَقُولَ: نَاوِلْنِي الثَّوْبَ, بَطَلَ خِيَارُهُ. فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ: مَنْ يَقُولُ هَذَا؟ أَوْ: مِنْ أَيْنَ أَخَذُوا هَذَا؟ لَيْسَ هَذَا بِرِضًا حَتَّى يَكُونَ شَيْءٌ يُبَيِّنُ وَيُطَوِّلُ. قَالَ: وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ فِي بُطْلَانِ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالِاسْتِخْدَامِ رِوَايَتَانِ, فَكَذَا يَخْرُجُ هُنَا, وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَلَهُ أَرْشُ الْبَاقِي, وَعَنْهُ: وَرَدَّهُ بِقِسْطِهِ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ, وَفِي أَرْشِ الْمَبِيعِ الرِّوَايَتَانِ, وَنَصُّ أَحْمَدَ: لَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ مَعَ تَدْلِيسِهِ, وَلَهُ الْفَسْخُ فِي رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مُطْلَقًا, للضرورة. وعنه: له الأرش, وقيل: من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَيْرِ جِنْسِهِ عَلَى مُدِّ عَجْوَةٍ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُفْسَخُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَيَأْخُذُ الْجَيِّدَ رَبُّهُ وَيَدْفَعُ الرَّدِيءَ. وَإِنْ صَبَغَهُ أَوْ نَسَجَهُ فَالْأَرْشُ, وَعَنْهُ: وَالرَّدُّ, وَيَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الزِّيَادَةِ, وَلَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى بَذْلِ عِوَضِهَا عَلَى الْأَصَحِّ, وَلَا الْمُشْتَرِي عَلَى قَبُولِهِ, فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْلَمُ عَيْبُهُ إلَّا بِكَسْرِهِ وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ, فَعَنْهُ: لَهُ الْأَرْشُ, وَعَنْهُ: لَهُ رَدُّهُ: وَخَيَّرَهُ الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا "م 6" وَفِي رد أرش ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَعْلَمْ عَيْبُهُ إلَّا بِكَسْرِهِ, وَلِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ كَجَوْزِ الْهِنْدِ, فعنه: له الأرش, وعنه: له رده, وخيره الْخِرَقِيُّ بَيْنَهُمَا, انْتَهَى. "إحْدَاهُنَّ" هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَرَدِّ مَا نَقَصَ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْأَرْشِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ, وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ1 وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يتعين له الأرش قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَهِيَ وَجْهٌ فِي الْمُذْهَبِ, وَتَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: لَهُ رَدُّهُ, وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ, وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَرْشُ إذَا زَادَ فِي الْكَسْرِ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ, وَإِنْ لَمْ يَزِدْ خُيِّرَ, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الشَّرْحِ1 وَغَيْرِهِ, وَعَنْهُ لَيْسَ لَهُ رَدٌّ وَلَا أَرْشٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يشترط البائع سلامته,
الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زَادَ عَلَى قَدْرِ الِاسْتِعْلَامِ وَجْهَانِ "م 7 و 8" وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِمَكْسُورِهِ قِيمَةٌ, كَبَيْضِ دَجَاجٍ, رَجَعَ بِالثَّمَنِ, وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ شرط سَلَامَتِهِ. وَإِنْ اشْتَرَيَا شَيْئًا فَبَانَ مَعِيبًا فَرَضِيَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ رَدُّ نَصِيبِهِ, كَشَرْطِهِمَا الْخِيَارَ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَكَشِرَاءِ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ, وَعَنْهُ: لَا, كَمَا لَوْ وَرِثَاهُ, وَقِيَاسُ الْأَوَّلِ لِلْحَاضِرِ مِنْهُمَا نقد نصف ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ. "مَسْأَلَةٌ 7 وَ 8" قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ أَرْشِ الْكَسْرِ الْمُسْتَعْلَمِ بِهِ وَالرَّدِّ إنْ زاد على قدر الاستعلام وجهان فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا لَا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ يُرَدُّ أَرْشُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. "أَحَدُهُمَا" يُرَدُّ أَرْشُ الْكَسْرِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ, وَالشَّيْخُ فِي مُقْنِعِهِ2 وَغَيْرُهُمَا. "والوجه الثاني" له الرد بلا أرش قال القاضي: عندي لَهُ الرَّدُّ بِلَا أَرْشٍ عَلَيْهِ لِكَسْرِهِ, لِأَنَّهُ حصل بطريق استعلام الْعَيْبِ, وَالْبَائِعُ سَلَّطَ عَلَيْهِ, انْتَهَى. وَقِيلَ: يَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي, عَلَى مَا تَقَدَّمَ, ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وغيره.
ثَمَنِهِ وَقَبْضُ نِصْفِهِ, وَإِنْ نَقَدَ كُلَّهُ قَبَضَ نِصْفَهُ, وَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ, ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ وَغَيْرِهَا, وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ قَالَ: بِعْتُكُمَا, فَقَالَ أحدهما: قبلت, جاز, وإن سَلَّمْنَا فَلِمُلَاقَاةِ فِعْلِهِ مِلْكُ غَيْرِهِ, وَهُنَا لَاقَى فِعْلُهُ مِلْكَ نَفْسِهِ, ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ وَقَالَ: لَيْسَتْ الشَّرِكَةُ عَيْبًا, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَشَرِكَةُ الْمُشْتَرِيَيْنِ زَالَتْ بِالرَّدِّ وَشَرِكَةُ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي حكم الرد, وحكم الشيء ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا كَسَرَهُ كَسْرًا يُمْكِنُ اسْتِعْلَامُهُ بِدُونِهِ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هَذَا كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا غَابَ عِنْدَهُ, عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا, قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ, وَقَدْ عَلِمْت الْمَذْهَبَ فِيمَا تَقَدَّمَ فَكَذَا فِي هَذِهِ. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ: حُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي, وَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ رَدِّهِ وَأَرْشِ الْكَسْرِ, وَأَخْذِ الثَّمَنِ, وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ الْعَيْبِ, وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا أَرْشُ الْعَيْبِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ, انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: حُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا غَابَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي, عَلَى مَا تَقَدَّمَ, نَعَمْ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي فِي الَّذِي قَبْلَهُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْكَسْرِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الزَّائِدُ عَلَى اسْتِعْلَامِ الْمَبِيعِ؟ عَلَى تَرَدُّدٍ, انْتَهَى. "قُلْت": يُشْبِهُ مَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَبَاعَهُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَنْقَصَ مِمَّا قَدَّرَهُ لَهُ وَقُلْنَا يَصِحُّ وَيَضْمَنُ النَّقْصَ, فَإِنَّ فِي قَدْرِهِ وَجْهَيْنِ: هَلْ هُوَ بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ؟ أَوْ بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ؟ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَكَالَةِ, وَتَقَدَّمَ1 نَظِيرُهَا فِي زَكَاةِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فِيمَا إذَا ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ وفحش.
لَا يَسْبِقُهُ, كَالْمَعْلُولِ لَا يَسْبِقُ عِلَّتَهُ, وَالرَّدُّ وُضِعَ سَبَبًا لِنَقْلِ الْمِلْكِ, فَلَا عِبْرَةَ بِحُصُولِ الشَّرِكَةِ بِهِ ضَرُورَةً, كَفَوَاتِ الزَّوْجِيَّةِ بِقَتْلِ مَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ. وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ أَوْ طَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً, فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ, فَعَنْهُ: يَرُدُّهُمَا, وَعَنْهُ: وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ, وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ: وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صحيح مفردا ولا رد1 بعض شيء "م 9 و 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9 وَ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَطَعَامًا فِي وِعَاءَيْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ صَفْقَةً فَوَجَدَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَبَى الْأَرْشَ فَعَنْهُ: يَرُدُّهُمَا وَعَنْهُ: وَأَحَدُهُمَا بِقِسْطِهِ مِنْ ثَمَنِهِ, وَعَنْهُ: يَتَعَيَّنُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَعِيبَيْنِ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّ صَحِيحٍ مُفْرَدًا وَلَا رَدَّ بَعْضِ شَيْءٍ, انْتَهَى اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا اشْتَرَى شَيْئَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَوَجَدَهُمَا مَعِيبَيْنِ وَأَبَى الْأَرْشَ فَهَلْ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا وَأَخْذُ أَرْشَ الْآخَرِ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. إحْدَاهُمَا لَيْسَ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ رَدُّ أَحَدِهِمَا بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا وَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا أَمْ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ العيب؟ أطلق الخلاف.
وإن حرم التفريق كأخوين, أَوْ نَقَصَ كَمِصْرَاعَيْ بَابٍ تَعَيَّنَ رَدُّهُمَا, وَمِثْلُهُ بَيْعُ جَانٍ لَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ يُبَاعَانِ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهُ, وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي فِي قِيمَتِهِ, فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ, فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ, وَعَنْهُ: الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بحسب جوابه "م 11" ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُنَّ: لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّهُمَا. وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ, قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوقِ الزِّرْيَرانِيَّةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَهُ رَدُّ الْعَيْبِ وَحْدَهُ وَرَدُّهُمَا مَعًا, قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثالثة ليس له إلا رد المعيب فَقَطْ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1, وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وَعَنْهُ يَتَعَيَّنُ ", وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ2 فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ, والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا عِنْدَ مَنْ حَدَثَ الْعَيْبُ, فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ عَلَى الْبَتِّ, وَعَنْهُ: الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ بِحَسَبِ جَوَابِهِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 والمقنع7 والتلخيص والبلغة والشرح8 وشرح ابن منجا والرعاية الكبرى والفائق
وَعَنْهُ: عَلَى الْعِلْمِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: يَتَحَالَفَانِ, وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا قَوْلَ أَحَدِهِمَا قَبْلُ, وَقِيلَ: بِيَمِينِهِ, وَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرُدَّهُ, نَقَلَهُ مُهَنَّا, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ, قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, فِي الْأَظْهَرِ, وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ, وَهِيَ أَنْصَفَهُمَا, وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ ومنتخب الآدمي, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ, فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ, وَجْهًا وَاحِدًا, لِأَنَّ الْأَصْلَ اشتغال ذمة البائع, ولم تثبت براءتها, انتهى
وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إنَّ الْمَبِيعَ لَيْسَ الْمَرْدُودَ 1قال في المغني2 هُنَا إنْ جَاءَ لِيَرُدَّ السِّلْعَةَ بِخِيَارٍ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا سِلْعَتَهُ فَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ, لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ فَسْخِ الْعَقْدِ وَالرَّدُّ فِي الْعَيْبِ بِخِلَافِهِ 1 وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الشَّرْطِ, نَصَّ عليهما, وقول المشتري في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ, وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أو قرض أو غَيْرِهِ وَجْهَانِ "م 12" وَلِبَائِعِ عَبْدٍ بِأَمَةٍ رَدُّهَا بِعَيْبٍ وَأَخْذُهُ عَبْدَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لِعِتْقِ مُشْتَرٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنٍ مُعَيَّنٍ بِالْعَقْدِ, وَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثَابِتٍ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ مُعَيَّنٍ حَالَ الْعَقْدِ, وَقَبَضَهُ الْبَائِعُ, ثُمَّ أَحْضَرَهُ وَبِهِ عَيْبٌ, وَادَّعَى أَنَّهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي, وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهِ, وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا, فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ, لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ, وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي, أَوْ قَبَضَهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ, مِمَّا هُوَ فِي ذِمَّتِهِ, ثُمَّ اخْتَلَفَا كَذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ, فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ أَوْ الْقَابِضِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ, وَهُوَ الْقَابِضُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ, مَعَ يَمِينِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلٌ مِنْ الظَّاهِرِ مَعَهُ, وَالظَّاهِرُ مَعَ الْبَائِعِ, لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مَعِيبٌ, وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ, جَزَمَ بِهِ السَّامِرِيُّ وَالزَّرِيرَانِيُّ فِي فَرُوقَيْهِمَا, وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي بَابِ أَحْكَامِ الْقَبْضِ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ, وَصَحَّحَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي بَابِ السَّلَمِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَبْلَ الْقَرْضِ بِفَصْلٍ: وَلَوْ قَالَ الْمُسَلِّمُ: هَذَا الَّذِي أَقَبَضْتنِي وَهُوَ مَعِيبٌ, فَأَنْكَرَ أَنَّهُ هَذَا, قُدِّمَ قَوْلُ الْقَابِضِ, انْتَهَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ, وَهُوَ الدَّافِعُ, لِأَنَّهُ قَدْ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ. "تَنْبِيهٌ" هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ طَرِيقَةُ السَّامِرِيِّ وَالزَّرِيرَانِيِّ فِي فَرُوقَيْهِمَا, وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ: لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ: هَذَا الثَّمَنُ وَقَدْ خَرَجَ مَعِيبًا, وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي, فَفِيهِ طَرِيقَانِ: "أَحَدُهُمَا" إنْ قُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, وَهُوَ الدَّافِعُ, لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ, وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ, وَإِنْ قُلْنَا لَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ: "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا, لِأَنَّهُ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ. "وَالثَّانِي" قَوْلُ الْقَابِضِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ, وَالْأَصْلُ اشْتِغَالُهَا بِهِ, إلَّا أَنْ تَثْبُتَ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ, وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. "وَالطَّرِيقُ الثَّانِي" إنْ قُلْنَا النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ, فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا, لِأَنَّهُ ثَبَتَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ, وَلَمْ تَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ, وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِمَّا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي السِّلْعَةِ: "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ, لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ, وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ, وَيَدَّعِي عَلَيْهِ ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ "وَالثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ, لِأَنَّهُ مُنْكِرُ التَّسْلِيمَ, وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي تَعَالِيقِهِ, وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا, نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ, وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الصَّرْفِ. وَفَرَّقَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا, فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ, وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ, فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي, لِمَا تَقَدَّمَ, وَهَذَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْبَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ مَعِيبًا. أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْعَيْبِ, فَقَدْ فَسَخَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنُ, فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ, صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْلِيسِ, فِي الْمُغْنِي, مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْآخَرُ, وَالْأَصْلُ مَعَهُ, وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ الْخِيَارُ إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَبِيعُ, فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ, لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ, وَقَدْ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ هَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ, وَقَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ, فَهُوَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَأَنْكَرَ الْمُعْتَزِلَةُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُقَرَّ بِهَا, فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ, انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَوَائِدِ. فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قد صححت.
باب الخيار في البيع بتخيير الثمن والإقالة
بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ مدخل ... بَابُ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ بِتَخْيِيرِ الثَّمَنِ وَالْإِقَالَةِ يثبت في التولية, ك: وليتكه أَوْ بِعْتُكَهُ, بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِرَقْمِهِ الْمَعْلُومِ. وَالشَّرِكَةُ: بَيْعُ بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ, نَحْوَ أَشْرَكْتُك فِي ثُلُثِهِ وَنَحْوِهِ. وَأَشْرَكْتُك يَنْصَرِفُ إلَى نِصْفِهِ, وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَهُ الْآخَرُ عَالِمًا"*" بِشَرِكَةِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبِهِ الرُّبْعُ, وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالْأَصَحُّ يَصِحُّ, فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ, وَقِيلَ: نِصْفَهُ, وَقِيلَ: وَنِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ إنْ أُجِيزَ, وَلَوْ قَالَ أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَفِي أَخْذِهِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ احْتِمَالَانِ "م 1" فَلَوْ شركه أحدهما فنصف نصيبه أو ثلثه. وَالْمُرَابَحَةُ بَيْعُهُ بِثَمَنِهِ وَرِبْحٍ مَعْلُومٍ, وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنْ أَرْبَحَ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ دِرْهَمًا, كُرِهَ, فِي الْمَنْصُوصِ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَاحْتَجَّ بِكَرَاهَةِ ابن عمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَهُ الْآخَرُ عَالِمًا" كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ 1إنْ قَالَهُ لِآخَرَ1 عَالِمٌ, أَوْ قَالَهُ آخَرُ وَالسِّيَاقُ يَدُلُّ عَلَيْهِ. "مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ أَشْرِكَانِي فَأَشْرَكَاهُ مَعًا فَفِي أَخْذِهِ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَهُ الثُّلُثُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ. "وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي" لَهُ النِّصْفُ, قَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه.
وَابْنِ عَبَّاسٍ, وَنَقَلَ أَبُو النَّضْرِ: هُوَ الرِّبَا, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ, وَنَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ. كَأَنَّهُ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ لَا يَصِحُّ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ جَهِلَ مُشْتَرٍ ثَمَنَهُ عِنْدَ عَقْدِ لَمْ يَصِحَّ. وَالْمُوَاضَعَةُ: عَكْسُهَا, وَيُكْرَهُ فِيهَا مَا يُكْرَهُ فِيهَا, وَلَوْ قَالَ: الثَّمَنُ مِائَةٌ, بِعْتُك بِهِ, وَوَضِيعَةُ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ حَطَّ مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةً فَيَلْزَمُهُ تِسْعُونَ, وَقِيلَ: مِنْ أَحَدَ عَشَرَ, كَعَنْ كُلٍّ, وَلِكُلٍّ. وَقِيلَ: تِسْعُونَ وَتِسْعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ, وَحَكَاهُ الْأَزَجِيُّ رِوَايَةً, وَيُعْتَبَرُ لِلْأَرْبَعَةِ عِلْمُهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ, وَمَتَى بَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ حَطَّ الزِّيَادَةَ, وَيَحُطُّ فِي الْمُرَابَحَةِ قِسْطَهَا, وَيُنْقِصُهُ فِي الْمُوَاضَعَةِ, أَوْ بَانَ مُؤَجَّلًا أَخَذَ بِهِ مُؤَجَّلًا, وَلَا خِيَارَ فِيهِنَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَعَنْهُ: فِي مُؤَجَّلٍ يَأْخُذُ بِهِ حَالًّا أَوْ يَفْسَخُ. وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْغَلَطَ وَأَنَّ الثَّمَنَ أَكْثَرُ مِمَّا أخبر, فعنه: يقبل قوله, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, فَيُخَيَّرُ مُشْتَرٍ, وَلَهُ يَمِينُ بَائِعٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الْبَيْعِ أَنَّ شِرَاءَهَا أَكْثَرُ, وَعَنْهُ: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ يَصْدُقُ, وَعَنْهُ: بِبَيِّنَةٍ, وَعَنْهُ: لَا "م 2" وَلَا يَحْلِفُ مشتر بدعوى بَائِعٍ عَلَيْهِ عَلِمَ الْغَلَطَ, وَخَالَفَ الشَّيْخُ, وَإِنْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِهَا عَالِمًا بِهِ لَزِمَهُ, وَخَرَّجَهُ الْأَزَجِيُّ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ مِمَّنْ حَابَاهُ أَوْ أَرَادَ بَيْعَ الصَّفْقَةِ بِقِسْطِهَا مِنْ الثَّمَنِ قِيمَةٌ بَيَّنَ فِي تَخْيِيرِ الثَّمَنِ, فَإِنْ كَتَمَ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ نَصِيبِهِ مِمَّا اشْتَرَيَاهُ واقتسماه مرابحة مطلقا, وعنه عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْغَلَطَ, وَأَنَّ الثمن أكثر مما أخبر, فعنه: يقبل قوله, اخْتَارَهُ, الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي. وَعَنْهُ: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ بِصِدْقٍ, وَعَنْهُ: بِبَيِّنَةٍ, وَعَنْهُ: لَا, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيّ. "إحْدَاهُنَّ" يُقْبَلُ قَوْلَ الْبَائِعِ, وعليه أكثر الأصحاب, منهم الخرقي والقاضي وَأَصْحَابُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْقِيَاسُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُقْبَلُ قَوْلُ مَعْرُوفٍ بِالصِّدْقِ, وَإِلَّا فَلَا "قُلْت": وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا, وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ" لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ, وَقَدَّمَاهُ وَنَصَرَاهُ وَحَمَلَ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ" لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ قَامَ بِبَيِّنَةٍ حَتَّى يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي, وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثَّمَنِ, وَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ, فَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَإِنْ أَقَامَ ببينة لإقرارها بكذبها.
وَهَلْ يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 3", وَكَذَا أرش جناية عَلَيْهِ "م 4", وَقِيلَ: لَا يَحُطُّهَا. وَإِنْ أَخَذَ نماء أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَهَلْ يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ أَوْ يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انتهى. وأطلقهما الشارح: أَحَدُهُمَا" يُخْبِرُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ, يَعْنِي يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَقَالَ: هُوَ أَوْلَى, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْفُصُولِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَحُطُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ وَكَذَا أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ يَعْنِي فِيهِ أَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهُ, يَعْنِي فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا: يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ وَهُوَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَقَالَ هُوَ أَوْلَى وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَانْتَصَرَ لَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ الْمُنَوِّرِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَحُطُّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي, اختاره أبو الخطاب, قاله
اسْتَخْدَمَ أَوْ وَطِئَ لَمْ يَجِبْ بَيَانُهُ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ كَنَقْصِهِ, وَفِي رُخْصِهِ احْتِمَالٌ: يُبَيِّنُهُ ; وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَقَصَّرَهُ لَا بِنَفْسِهِ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بِهِ. وَلَا يَجُوزُ: تَحَصُّلٌ بِعِشْرِينَ, فِي الْأَصَحِّ, وَمِثْلُهُ أُجْرَةُ مَتَاعِهِ وَكِيلِهِ وَوَزْنِهِ, قَالَ الْأَزَجِيُّ: وعلف الدابة, وذكر الشيخ: لا, قال أَحْمَدُ: إذَا بَيَّنَ فَلَا بَأْسَ, وَلَا يُقَوِّمُهُ ثُمَّ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً, وَبَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ أَسْهَلُ مِنْهُ, لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أخبر بعشرة أو بالحال, ونصه: يحط الربح مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي وَيُخْبِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ "*" فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْبَرَ بِالْحَالِّ. وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ بَيَّنَ وَلَمْ يَضُمَّ خَسَارَةً إلَى ثَمَنٍ ثَانٍ. وَلَوْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ لِرَغْبَةٍ تَخُصُّهُ كَحَاجَةٍ إلَى إرْضَاعٍ لَزِمَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِالْحَالِّ, وَيَصِيرُ كَالشِّرَاءِ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَجْلِ الْمَوْسِمِ الَّذِي كَانَ حَالَ الشِّرَاءِ, ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ. وَلَوْ اشْتَرَى ثِيَابًا وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّارِحُ, وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ, وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وقدمه في الخلاصة وغيره. "تَنْبِيهَاتٌ" "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ أَخْبَرَ بعشرة أو بالحال, ونصه: يحط الربح من الثَّمَنِ الثَّانِي وَيُخْبِرُ أَنَّهُ عَلَيْهِ بِمَا بَقِيَ. انْتَهَى. مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي المقنع2 وغيره: اختاره أصحابنا.
قَصَّارٍ وَأَنْ يَرْقُمَ ثَمَنَهَا عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يَرْقُمَهَا بِنَفْسِهِ, لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا صَنَعَ الْقَصَّارُ, ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ, وَزِيَادَةُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ وَنَقْصُهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ: وَأَجَلٍ أَوْ خيار زمن الخيارين يلحق, وَقِيلَ: لَا, وَبَعْدَهُمَا لَا, عَلَى الْأَصَحِّ, كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ. وَهِبَةُ مُشْتَرٍ لِوَكِيلٍ بَاعَهُ كَزِيَادَةٍ, وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ, وَإِنْ بَاعَا شَيْئًا مُرَابَحَةً فَثَمَنُهُ بِحَسَبِ مِلْكِهِمَا, كَمُسَاوَمَةٍ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَحَنْبَلٌ: عَلَى رَأْسِ مَالَيْهِمَا وَخَرَّجَ أَبُو بَكْرٍ مِثْلَهُ فِي مُسَاوَمَةٍ كَشَرِكَةِ اخْتِلَاطٍ, وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ رَأْسُ ماله والربح نصفان. وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ , فَتَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ, وَلَا اسْتِبْرَاءَ قَبْلَهُ "*" وَبَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ, لَا مِنْ وَارِثِهِ, وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ كَيْلٍ وَوَزْنٍ, وَلَا شُفْعَةَ, وَيُعْتَبَرُ مِثْلُ الثَّمَنِ, وَعَنْهُ: بَيْعٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ فَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ فِي وَجْهٍ "*" وَفِي الِانْتِصَارِ: وَقَبْلَ قَبْضِهِ, لعدم تَعَلُّقِ غَيْرِهِ بِهِ, وَفِيهِ: يَصِحُّ فِي احْتِمَالٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" الثاني: 1قَوْلِهِ: وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ فَتَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا اسْتِبْرَاءَ قَبْلَهُ. أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ, نَظَرًا لِأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَمَتَهُ أَوْ وَهَبَهَا وَنَحْوَهُ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا, حَيْثُ انْتَقَلَ الْمِلْكُ, وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ, وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ1"2 فَقَالَ: وَلَا اسْتِبْرَاءَ بِفَسْخٍ "1وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ, وَإِلَّا لَزِمَ, وَعَنْهُ: إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ", انْتَهَى. فَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا لَيْسَ هُوَ الْمَذْهَبُ, بَلْ الْمَذْهَبُ كَمَا قُلْنَا, وَحَمَلَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ بَعْدُ, وَاَللَّهُ أعلم "*" الثَّالِثُ1: قَوْلُهُ, بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهَا فَسْخٌ: وعنه: بيع, اختاره في التنبيه,
بِإِضَافَتِهَا إلَى جُزْءٍ كَالْيَدِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ, وَيَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ. وَفِي تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ وَجْهَانِ "م 5" وَفَارَقَ الرَّدَّ بالعيب لأنه يعتمد مردودا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَنْعَكِسُ ذَلِكَ إلَّا مِثْلَ الثَّمَنِ فِي وَجْهٍ, انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ تَجُوزُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الثَّمَنِ, وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ, وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ إلَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ, وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ فِي الْإِقَالَةِ: وَيَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ, وَفِي تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إنْ قِيلَ فَسْخٌ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إذَا كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَفِي جَوَازِ الْإِقَالَةِ مَعَ كَوْنِهَا فَسْخًا وَجْهَانِ, أَصْلُهُمَا الرِّوَايَتَانِ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ الْخِيَارُ, انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَبْطُلُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالتَّلَفِ, قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَوَائِدِ: لَوْ تَلِفَتْ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ, عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ, وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1, وَقِيلَ إنْ قِيلَ هِيَ فَسْخٌ صَحَّتْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ. قَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَفِي التَّلْخِيصِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا بَعْدَ التَّلَفِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ. وَتَابَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: قلت: وَتَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الثَّمَنِ مَعَ بَقَاءِ الْمُثَمَّنِ. فَتُلَخَّصُ أَنَّهَا تَصِحُّ مَعَ تَلَفِ الْمُثَمَّنِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي في موضع
وفي المستوعب والرعاية عَلَى أَنَّهَا فَسْخُ النَّمَاءِ لِلْبَائِعِ مَعَ ذِكْرِهِمَا أَنَّ نَمَاءَ الْمَعِيبِ لِلْمُشْتَرِي, وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَالْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْإِقَالَةَ "2فَسْخٌ لِلْعَقْدِ2" مِنْ حِينِهِ, وَهَذَا أَظْهَرُ, وَإِنْ قَالَ: أَقِلْنِي. ثُمَّ غَابَ فَأَقَالَهُ, لَمْ يَصِحَّ, لِاعْتِبَارِ رِضَاهُ, وَقَدَّمَ في الانتصار: يصح على الفور. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ خِلَافِهِ: إنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي: لَا تَصِحُّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي غَزْلٍ وَكِيلٍ: الْإِقَالَةُ لَمَّا افْتَقَرَتْ إلَى الرِّضَا وَقَفَتْ1 عَلَى الْعِلْمِ, وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الِانْتِصَارِ لَا تَلْزَمُ مُشْتَرِيًا, وَتَبْقَى بِيَدِهِ أَمَانَةً, كَوَدِيعَةٍ. وَفِي التَّعْلِيقِ: يَضْمَنُهُ, فَيَتَوَجَّهُ: تَلْزَمُهُ الْمُؤْنَةُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ فِي مَعِيبٍ, وَفِي ضَمَانِهِ النَّقْصَ خِلَافٌ في المغني2, وَإِنْ قِيلَ الْإِقَالَةُ بَيْعٌ يَتَوَجَّهُ عَلَى مُشْتَرٍ والله أعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الخيار لاختلاف المتبايعين
باب الخيار لاختلاف المتبايعين مدخل ... باب الخيار لاختلاف المتبايعين إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٍ صُورَةً, وَكَذَا حُكْمًا, لِسَمَاعِ بَيِّنَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي, بِاتِّفَاقِنَا, فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَهُ إلَّا بِكَذَا, ثُمَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا بِكَذَا, وَالْأَشْهَرُ يَذْكُرُ كُلٌّ مِنْهُمَا إثْبَاتًا وَنَفْيًا, يَبْدَأُ بِالنَّفْيِ, وَعَنْهُ: الْإِثْبَاتُ, ثُمَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ, وَقِيلَ: يَفْسَخُهُ حَاكِمٌ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ. وَمَنْ نَكَلَ - قَالَ بَعْضُهُمْ: أَوْ نَكَلَ مُشْتَرٍ عَنْ إثْبَاتٍ - قُضِيَ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ بَائِعٍ مَعَ يَمِينِهِ, وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ الْمَنْصُوصِ, كَاخْتِلَافِهِمَا بَعْدَ قَبْضِهِ, وَفَسْخِ الْعَقْدِ, فِي الْمَنْصُوصِ وَعَنْهُ مُشْتَرٍ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: قَوْلَ الْبَائِعِ أَوْ يَتَرَادَّانِ, قِيلَ: فَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً؟ قَالَ: كَذَلِكَ, وَإِذَا فُسِخَ الْعَقْدُ انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا, وَقِيلَ: مَعَ ظُلْمِ الْبَائِعِ ظَاهِرًا, وَقِيلَ: وَبَاطِنًا فِي حَقِّ الْمَظْلُومِ. وَمَنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ بِمَنْزِلَتِهِ, وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ "م 1" ويغرم المشتري القيمة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا فَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ وفي قدره وصفته, وإن تعيب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" يَتَحَالَفَانِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أصح الروايتين التَّحَالُفُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِينَ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَوْلَى, وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ, وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَتَحَالَفَانِ, وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَتَقْنُهُمَا. "تَنْبِيهٌ" قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ وَمِنْ تَابَعَهُمَا: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْرَعَ التَّحَالُفُ وَلَا الْفَسْخُ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُسَاوِيَةً لِلثَّمَنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي, وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ, لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ, لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِهِ الرُّجُوعُ إلَى مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي, وَإِنْ كَانَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ فَلَا فَائِدَةَ لِلْبَائِعِ فِي الْفَسْخِ, فَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا4 يُشْرَعَ لَهُ الْيَمِينُ وَلَا الْفَسْخُ, لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْرَعَ لِتَحْصِيلِ الْفَائِدَةِ للمشتري, انتهى.
ضَمَّ أَرْشَهُ إلَيْهِ, وَكَذَا كُلُّ غَارِمٍ, وَقِيلَ: وَلَوْ وَصَفَهُ بِعَيْبٍ, كَمَا لَوْ ثَبَتَ الْعَيْبُ فَادَّعَى غَاصِبُهُ تَقَدُّمَهُ عَلَى غَصْبِهِ, فِي الْأَصَحِّ, وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فِي صِفَتِهِ وَفِي رَدِّهِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُقَدَّمُ قَوْلُ مُعِيرٍ فِيهِمَا, مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ: يُصَدَّقُ غَاصِبٌ فِي قِيمَةٍ وَصِفَةٍ وَتَلَفٍ, وَعَمِلَ شَيْخُنَا بِالِاجْتِهَادِ فِي قِيمَةِ الْمُتْلَفِ, فَتُخْرَصُ الصُّبْرَةُ, وَاعْتُبِرَ فِي مُزَارِعٍ أَتْلَفَ مُغَلِّ سَنَتَيْنِ1 بِالسِّنِينَ الْمُعْتَدِلَةِ, وَفِي رِبْحِ مُضَارِبٍ بِشِرَاءِ رُفْقَتِهِ مِنْ نَوْعِ مَتَاعِهِ وَبَيْعِهِمْ فِي مِثْلِ سِعْرِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أُخِذَ نَقْدُ الْبَلَدِ ثُمَّ غَالَبَهُ, وَعَنْهُ: الْوَسَطُ, اخْتَارَهُ أَبُو الخطاب, وعنه: الأقل "*" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهَانِ": "*" الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الثمن أخذ نقد البلد ثم غالبه, وعنه: الْوَسَطُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, وَعَنْهُ: الْأَقَلُّ, انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فِي حِكَايَتِهِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ نَظَرَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ النُّقُودُ وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا, بَلْ مَتَى كَانَ بَعْضُهَا أَغْلَبَ رَوَاجًا تَعَيَّنَ إذَا لَمْ نَقُلْ بِالتَّحَالُفِ, وَإِنْ اسْتَوَتْ في الرواج أخذ الوسط, أي في
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَيَتَحَالَفَانِ "*" وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شرط صحيح أو فاسد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيمَةِ, وَعَنْهُ: الْأَقَلُّ, أَيْ قِيمَةً, انْتَهَى. مَا قَالَهُ الْمُحَشِّي مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ, لَكِنْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقُودُ مُخْتَلِفَةٌ رُجِعَ إلَى أَوْسَطِهَا, قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ: نَصَّ عَلَيْهِ, فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى الرِّوَايَةَ مِنْ هُنَا, لَكِنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي2 لَمَّا ذَكَرَ النَّصَّ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا كَانَ هُوَ الْأَغْلَبُ وَالْمُعَامَلَةُ بِهِ أَكْثَرُ, وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَيْهِ مَعَ التَّسَاوِي, انْتَهَى. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ مَا قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ: إجْرَاءٌ عَلَى ظَاهِرِهِ, فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ, وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَقْدٌ غَالِبٌ, فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. "*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَحَالَفَانِ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: ظَاهِرُ هَذِهِ
أَوْ قَدْرِ ذَلِكَ فَعَنْهُ: التَّحَالُفُ, وَعَنْهُ: قَوْلُ منكره, كمفسد للعقد "م 2 - 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِبَارَةُ تَحَالُفُهُمَا مَعَ الرُّجُوعِ إلَى الْغَالِبِ أَوْ الْوَسَطِ أَوْ الْأَقَلِّ, وَلَمْ أَجِدْ بِذَلِكَ قَائِلًا, وَلَا هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي, فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَقُولُ بِالرُّجُوعِ إلَى شَيْءٍ مِنْ النُّقُودِ لَا يَرَى التَّحَالُفَ, بَلْ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ, انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا وَزِيَادَةً, وَتَقْدِيرُهُ: "وقال القاضي: يتحالفان "قالوا: وفي قوله: "ويتحالفان" زيادة1 ونقص قبل2 "الْوَاوُ, وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْقَاضِي, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبِهَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ قَدْرِ ذَلِكَ فَعَنْهُ: التَّحَالُفُ, وَعَنْهُ: قَوْلُ مُنْكَرِهِ كَمُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ, انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "إحْدَاهُمَا" يَتَحَالَفَانِ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُحَرَّرِ والرعايتين
نَصَّ عَلَيْهِ, فِي دَعْوَى عَبْدٍ عُدِمَ الْإِذْنُ ودعوى الصغر. وفيه وجه. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ, قَالَ ابْنُ منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِي أَجَلًا وَشَرْطًا, عَلَى الْأَظْهَرِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْهَادِي "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ فَاسِدٍ غَيْرِ مُبْطِلٍ لِلْعَقْدِ فَهَلْ يَتَحَالَفَانِ أَوْ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيه؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1, وَجَزَمَ بِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَقَطَعَ بِهِ الشارح أو قدمه, والرواية الثانية يتحالفان "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ" قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرُ ذَلِكَ, لَعَلَّ مُرَادَهُ قَدْرُ الْأَجَلِ, لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَسْأَلَةَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَى هَذَا, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ لَفْظَ "أَوْ أَجَلُ" سَقَطَ مِنْ الْكَاتِبِ بَعْدَ قَوْلِهِ "أَوْ فَاسِدٍ" وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ "أَوْ قَدْرُ ذَلِكَ" وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا وَمِمَّا يُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ ذَلِكَ عَقِيبَهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَجَلٍ أَوْ قَدْرِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ صَحِيحٍ, عَلَى مَا تَقَدَّمَ, وَإِنْ كَانَتْ الْإِشَارَةُ رَاجِعَةً إلَى الشَّرْطِ الصَّحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ العبارة فيمكن حمله على ما قلناه
الِانْتِصَارِ: فِي مُدِّ عَجْوَةٍ لَوْ اخْتَلَفَا فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْبَائِعِ مُدَّعِي فَسَادَهُ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَنَصُّهُ: قَوْلُ بَائِعٍ, وَقِيلَ: بِتَحَالُفِهِمَا, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا, كَثَمَنِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا, وَفِي عَيْنِهِ قِيلَ كَذَلِكَ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قَوْلُ البائع, وقيل: بالتحالف "م 5 و 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5 و 6" قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَنَصُّهُ: قَوْلُ الْبَائِعِ, وَقِيلَ: يَتَحَالَفَانِ, وَفِي عَيْنِهِ قِيلَ كَذَلِكَ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ قَوْلُ الْبَائِعِ, وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ, انْتَهَى, ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَحَالَفَانِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ, مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يَتَحَالَفَانِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا, وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا أَقْيَسُ وَأَوْلَى إنْ شَاءَ الله تعالى. وقال في
ثُمَّ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يُرَدُّ إلَيْهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: يُرَدُّ, كَمَا لَوْ2 لَمْ يَدَّعِهِ, قَالَ: وَلَا يَطْلُبُهُ2 الْبَائِعُ إنْ بَذَلَ ثَمَنَهُ "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQالتلخيص هَذَا أَقْيَسُ, قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ الْمُزَارَعَةِ وَفِي بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الْبَيْعِ تَحَالَفَا, ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي التَّلْخِيصِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" إذَا اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ بِأَنْ قَالَ: بِعْتنِي هَذَا؟ قَالَ: بَلْ هَذَا, فَهَلْ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ يَتَحَالَفَانِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِيهِ. "أَحَدُهُمَا" يَتَحَالَفَانِ هُنَا وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, وَهِيَ طَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ والبلغة وَالشَّرْحِ3 وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" وَهُوَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا هُوَ الطَّرِيقُ الثَّانِي, وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ "مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِالتَّحَالُفِ وَتَحَالَفَا فَمَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ مَبِيعًا إنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَفِي الْمُنْتَخَبِ لَا يُرَدُّ. وفي المغني1 يرد
وَإِلَّا فُسِخَ, وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَيْعَ الْأَمَةِ لَمْ يَطَأْهَا الْبَائِعُ هِيَ مِلْكٌ لِذَلِكَ, نَقَلَهُ جَعْفَرٌ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِجُحُودِهِ, وَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ خِلَافٌ خَرَّجَهُ فِي النِّهَايَةِ مِنْ الطَّلَاقِ, وَلَوْ ادَّعَى الْبَيْعَ وَدَفَعَ ثمنها قال بل زوجتك وَقَبَضْت الْمَهْرَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى إبَاحَةِ الْفَرْجِ لَهُ, وَيَقْبَلُ دَعْوَى النِّكَاحِ بِيَمِينِهِ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلًا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْبَيْعَ بِيَمِينِهِ, وَيَأْتِي عَكْسُهَا فِي أَوَائِلِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ, وَذَكَرَهَا الشَّيْخُ1 أَوَاخِرَ إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ. وَإِنْ تَشَاحَّا فِي التَّسْلِيمِ وَالثَّمَنُ عَيْنٌ جُعِلَ بَيْنَهُمَا عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ الْمَبِيعَ ثُمَّ الثَّمَنَ, وَقِيلَ: مَعًا, وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ, وَقِيلَ: أَيُّهُمَا تَلْزَمُهُ الْبُدَاءَةَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, وَعَنْهُ: الْبَائِعُ, وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَنَصُّهُ: لَا يَحْبِسُ الْمَبِيعَ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا, وَخَالَفَ الشَّيْخُ, واختاره في الانتصار "م 8" وإن كان ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمَا لَوْ لَمْ يَدَّعِهِ, قَالَ: وَلَا يَطْلُبُهُ إنْ بَذَلَ ثَمَنَهُ, انْتَهَى, مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي2 هُوَ الصَّحِيحُ, وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَا بَلْ هَذَا الثَّوْبُ, وَتَحَالَفَا, وَالْعَبْدُ بِيَدِ بَائِعِهِ, لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ ثَمَنَهُ فَيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَهُ وَيُقِرَّ الثَّوْبَ بِيَدِهِ وَيَرُدَّ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ "قُلْت" وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَى الْمُشْتَرِي فَلَهُ أخذ العبد به, انتهى. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَنَصُّهُ: لَا يَحْبِسُ الْمَبِيعَ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَخَالَفَ الشَّيْخُ, وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ, انْتَهَى الْمَنْصُوصُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ, وَتَابَعَ الشَّيْخُ جماعة على ما اختاره.
عَرَضًا بِعَرَضٍ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْبَائِعِ, بِلَا خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَثْبُتُ شَرْعًا لَا شَرْطًا, وَفِيهِ: يَضْمَنُ نَفْعَهُ, وَمَنْ سَلَّمَهُ قَالَ. إنْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ مُشْتَرٍ, وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ. وَإِذَا ظَهَرَ عُسْرُ مُشْتَرٍ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ مَطْلُهُ فَلَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ, كَمُفْلِسٍ وَكَمَبِيعٍ نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: لَا يَكُونُ مُفْلِسًا إلَّا أَنْ يُفَلِّسَهُ الْقَاضِي أَوْ يَبِينُ أَمْرُهُ فِي النَّاسِ, وَطَلَبَ الْبَائِعُ مَا بَاعَ فَلَهُ ذَلِكَ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: إنْ قَبَضَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ فَلَهُ الْفَسْخُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَ شُرُوطَ الْمُفْلِسِ, قَالَ: وَإِنْ قَارَنَ الْإِفْلَاسَ الْعَقْدُ وَلَمْ يُعْلَمْ لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ سَلَّمَ فَهُوَ كَالْكِتَابَةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهَا, وَلَهُ الْفَسْخُ دَوَامًا, فَلَوْ اشْتَرَى حَالَ الْحَجْرِ لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ سَلَّمَ فَرُبَّمَا حَدَثَ بِهِ قُدْرَةٌ وَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْحَجْرِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا, وَإِنْ غَيَّبَ مَالَهُ مَسَافَةَ قَصْرٍ, وَقِيلَ: وَدُونَهَا, وَقِيلَ: فِيهَا, يُحْجَرُ عَلَيْهِ, فَلَهُ الْفَسْخُ, وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَقِيلَ: يَأْخُذُ الْمَبِيعَ, وَقِيلَ: نِصْفَهُ "م 9" وَقِيلَ: لَا يَسْتَحِقُّ مُطَالَبَةً بِثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ مَعَ خِيَارِ شَرْطٍ, ومثله المؤجر ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْضَرَ نِصْفَ ثَمَنِهِ فَقِيلَ: يَأْخُذُ الْمَبِيعُ, "1وَقِيلَ: نِصْفَهُ, انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ أَحْضَرَ نِصْفَ الثَّمَنِ فَهَلْ يَأْخُذُ الْمَبِيعَ1" كُلَّهُ؟ أَوْ نِصْفَهُ؟ أَوْ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا حَتَّى يَزِنَ الْبَاقِي؟ أَوْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَيَرُدَّ مَا أَخَذَهُ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا, انْتَهَى
بِالنَّقْدِ فِي الْحَالِّ, وَلَهُ الْفَسْخُ لِلْخُلْفِ فِي الصفة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": أَخْذُ الْمَبِيعِ كُلِّهِ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْبَائِعِ, وَأَخْذُ النِّصْفِ فِيهِ أَيْضًا ضَرَرٌ بِالتَّشْقِيصِ, فَالْأَظْهَرُ إذَنْ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَكْمُلَ الثَّمَنُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَهُوَ بِالْخِيرَةِ فِي دَفْعِ نِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي مَعَهُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ أَبْقَاهُ حَتَّى يُكَمِّلَهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْأَخْذِ أَخْذُ النِّصْفِ أَصَحُّ مِنْ أَخْذِ الْكُلِّ, لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهٌ" فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: "أَحَدُهُمَا" إطْلَاقُ الْخِلَافِ, وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ مِنْ ابْنِ حَمْدَانَ, فَلَيْسَ هُنَا اخْتِلَافُ تَرْجِيحٍ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ, وَقَدْ تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَةِ1. "الثَّانِي" أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَمْدَانَ, بَلْ تَرَكَ مَا هُوَ أَصَحُّ مِمَّا ذَكَرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
باب التصرف في المبيع وتلفه
باب التصرف في المبيع وتلفه مدخل ... باب التصرف في المبيع وتلفه مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ, نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: الْمَطْعُومُ مِنْهُمَا وَعَنْهُ: الْمَطْعُومُ, وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: أَوْ عَدَدٌ, وَالْمَشْهُورُ: أَوْ ذَرْعٌ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ "و" وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "عِ" وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ لَا فِي مَسْأَلَةِ نَقْلِ الْمِلْكِ زَمَنَ الْخِيَارِ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: مِلْكُ الْبَائِعِ فِيهِ قَائِمٌ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْمُشْتَرِي, وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ وَغَيْرُهُ, وَيَلْزَمُ بِالْعَقْدِ, وَقِيلَ: فِي قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَرِطْلٍ مِنْ زُبْرَةٍ يَقْبِضهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ, وَلِهَذَا نَقُولُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكِيلَا أَوْ يَزِنَا, كَذَا قَالَ. فَيُتَّجَهُ إذًا فِي نَقْلِ الْمِلْكِ رِوَايَتَا الْخِيَارِ, قَالَ: وَلَا يُحِيلُ بِهِ قَبْلَهُ. وَإِنْ غَيْرَ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ كَهُمَا, فِي رِوَايَةٍ, وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَا بِإِجَارَةٍ قَبْلَ قَبْضِهِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ مِنْ بَائِعِهِ, وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قبض ثمنه وجهان "م 1" ويصح عتقه, قولا واحدا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي رَهْنِهِ وَهِبَتِهِ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا أَوْ مَذْرُوعًا وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَهَلْ يَصِحُّ رَهْنُهُ وَهِبَتُهُ بِلَا عِوَضٍ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ "1الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْكَافِي4 فِي الْهِبَةِ: وَلَا يَجُوزُ هِبَةُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ1", وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 فِي الرهن حيث
, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "عِ" قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: وَالْوَصِيَّةُ بِهِ وَالْخُلْعُ عَلَيْهِ, قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ: وَتَزْوِيجِهِ, وَجَوَّزَ شَيْخُنَا التَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ, وَخَرَّجَهُ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ, وَجَوَّزَ التَّصَرُّفَ بِغَيْرِ بَيْعٍ وَبَيْعِهِ لِبَائِعِهِ, وَيَجْعَلُ عِلَّةَ النَّهْيِ تَوَالِي الضَّمَانَيْنِ, بَلْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِهِ, لِسَعْيِ بَائِعه فِي فَسْخِهِ مَعَ الرِّبْحِ أَوْ أَدَّاهُ إنْ لَمْ يَسْعَ لِدَيْنِهِ. وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ, وَفِي الْمَكِيلِ رِوَايَتَانِ "م 2" ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ, وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ, وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: إن لم يحضر هذا المشتري الكيل ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ: وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمَبِيعِ غَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَبْلَ قَبْضِهِ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ: قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إجَارَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ, وَقَطَعَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَلَا هِبَتُهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ فِيهِمَا, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ أَيْضًا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ قَدْ قُبِضَ صَحَّ رَهْنُهُ. وَنُقِلَ فِي الْقَوَاعِدِ أَنَّ الْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ ذَكَرَا فِي الرَّهْنِ: أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: يَصِحُّ رَهْنُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ, انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ صِحَّةُ رَهْنِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَابِ الرَّهْنِ, وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهٌ آخَرُ بِجَوَازِ رَهْنِهِ عَلَى غَيْرِ ثَمَنِهِ, نَقَلَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ: "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا لعلمهما قدره جاز, وفي المكيل روايتان, انْتَهَى ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ شَاهَدَ كَيْلَهُ قَبْلَ شِرَائِهِ رِوَايَتَيْنِ فِي شِرَائِهِ بِلَا كَيْلٍ ثَانٍ, وَخَصَّهُمَا فِي التَّلْخِيصِ بِالْمَجْلِسِ, وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ, وَأَنَّ الْمَوْزُونَ مِثْلُهُ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ, وَزَادَ: وَقِيلَ: إنْ رَأَى كَيْلَهُ
فَلَا إلَّا بِكَيْلٍ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَيُفَرِّغُهُ مِنْ الْمِكْيَالِ ثُمَّ يَكِيلُهُ, وَإِنْ أَعْلَمَهُ بِكَيْلِهِ ثم باعه بِهِ لَمْ يَجُزْ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَكَذَا جُزَافًا, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَالْمَبِيعُ بِصِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ كَذَلِكَ, وَمَا عَدَاهُ كَعَبْدٍ وَصُبْرَةٍ وَشَبَهِهَا فَالْمَذْهَبُ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ, كَأَخْذِهِ شُفْعَةً, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَطْعُومًا, وَفِي طَرِيقَةِ بعض أصحابنا رواية يجوز في ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمَجْلِسِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ تَقَابَضَا مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا جُزَافًا لِعِلْمِهِمَا قَدْرَهُ جَازَ. وَعَنْهُ فِي الْمَكِيلِ لَا يَجُوزُ قَبْضُهُ جُزَافًا, انْتَهَى. فَقُدِّمَ الْجَوَازُ فِي الْمَكِيلِ أَيْضًا. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَإِنْ اشْتَرَى طَعَامًا مُكَايَلَةً لَا صُبْرَةً وَكَانَ قَدْ شَهِدَ كَيْلَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ اشْتَرَى شَيْئًا شَاهَدَ كَيْلَهُ فَهَلْ يَصِحُّ قَبْضُهُ بِذَلِكَ الْكَيْلِ وَيَكْفِي؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَعَنْهُ: إنْ رَأَى كَيْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ, انْتَهَى. "قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ, وَلَا بُدَّ مِنْ كَيْلٍ ثَانٍ, وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ سَلَمٌ وَعَلَيْهِ سَلَمٌ مِنْ جِنْسِهِ: لَوْ قَالَ أَنَا أَقْبِضُهُ لِنَفْسِي وَخُذْهُ بِالْكَيْلِ الَّذِي تُشَاهِدُهُ فَهَلْ يَجُوزُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَهُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّلَمِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ بِالصِّحَّةِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَصَحَّحَ النَّاظِمُ عَدَمَ الصِّحَّةِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي, وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ3 إذَا قَبَضَهُ جُزَافًا هَلْ تَكُونُ يَدُهُ يَدَ أَمَانَةٍ أَوْ يَضْمَنُهُ؟ وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ الْمُصَنِّفُ هناك.
"1الْعَقَارِ فَقَطْ, وَعَنْهُ: لَا, مُطْلَقًا, وَلَوْ ضَمِنَهُ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَشَيْخُنَا وَجَعَلَهَا طَرِيقَةَ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ, وَأَنَّ عَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُ أَحْمَدَ, لِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَرَةِ وَالْمُسْتَأْجَرِ فِي الْعَيْنِ, مَعَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُمَا وَعَكْسُهُ كَالصُّبْرَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَوْ شَرَطَ قَبْضَهُ, لِصِحَّتِهِ كَسَلَمٍ وَصَرْفٍ, وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ: إنْ تَمَيَّزَ لَهُ الشِّرَاءُ بِعَيْنِهِ وَيَأْمُرُ الْبَائِعُ بِقَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمُتَعَيِّنَانِ بِالصَّرْفِ قِيلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ, وَقِيلَ: لَا, لِقَوْلِهِ: "إلَّا هَاءٌ وَهَاءٌ"2, وَمَا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ فِيهِ إذَا تَلِفَ أَوْ بَعْضُهُ قبل قبضه1" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"1مِنْ الْبَائِعِ, وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ, وَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي بَاقِيهِ أَوْ يَنْفَسِخُ؟ فِيهِ رِوَايَتَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَإِنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ, وَلَهُ الْإِمْضَاءُ وَمُطَالَبَةُ الْمُتْلِفِ بِبَدَلِهِ, فَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِمِثْلِهِ, نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ: بِقِيمَتِهِ, وَمُرَادُهُمْ إلَّا الْمُحَرَّرُ بِبَدَلِهِ, وَقِيلَ: إنْ أَتْلَفَهُ بَائِعُهُ انْفَسَخَ. وَلَوْ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ بِطَعَامٍ أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ تَلِفَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ غَرِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِلْبَائِعِ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَأَخَذَ مِنْ الشَّفِيعِ مِثْلَ الطَّعَامِ, وَمَا جَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مِنْ ضَمَانِهِ إذَا لَمْ يَمْنَعْهُ الْبَائِعُ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَظَاهِرُهُ تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ أَوَّلًا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ. وَقَالَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَغَيْرِهِ لَيْسَ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ وَغَيْرِهِ, كَذَا قَالَ وَلَمْ أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ, وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي أَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَسْقُطُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ: إنَّهَا دَيْنٌ لَا يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهِ اسْتِهْلَاكُ الْمَالِ, فَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ, كَبَعْدِ التَّمَكُّنِ, وَكَدَيْنِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ, وَعَكْسُهُ ثَمَنُ الْمَبِيعِ الْهَالِكِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَنَفَقَةُ الْأَقَارِبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِيهَا: مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي ضَمَانِهِ إمْكَانَ الْأَدَاءِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ, وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي تَصَرُّفِهِ فِي صُبْرَةِ الْمَكِيلِ مَعَ ضَمَانِهِ لَهَا رِوَايَتَيْنِ, وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكَيْلٍ وَقَبَضَهُ بِلَا كَيْلٍ ضَمِنَهُ مَعَ مَنْعِ تَصَرُّفِهِ, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ نَصَرَ جَوَازَ التَّصَرُّفِ فِي الْمُتَعَيِّنِ, قَالَ: وَلَا يَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ1" قَبْلَ قَبْضِهِ, وإن سلمنا فلأنه عقد معاوضة, تسليم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِإِزَاءِ تَسْلِيمٍ, وَلَوْ أَفْلَسَ بِالثَّمَنِ ثَبَتَ الْفَسْخُ, "1قَالَ: وَالزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَتَقَسَّطُ الثَّمَنُ عَلَيْهَا, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَبِقَدْرِ1" حُدُوثِهَا قُبَيْلَ الْعَقْدِ قَالَ: وَلَا نُسَلِّمُ رَدَّهُ بِتَعَيُّبِهِ بِعَيْبٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ مُقَابَلَةُ تَسْلِيمٍ بِتَسْلِيمٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فِي بَقِيَّتِهِ وَلَوْ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ, لِاسْتِقْرَارِهِ, وَالثَّمَنُ الَّذِي لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُثَمَّنِ, وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ, لِاسْتِقْرَارِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوَاهُ: اشْتَرَى شَاةً بِدِينَارٍ فَبَلَعَتْهُ إنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ الدِّينَارُ بِالتَّعْيِينِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ انْفَسَخَ هُنَا, وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَنْفَسِخْ, وَكُلُّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ, كَبَيْعٍ, وَجَوَّزَ شَيْخُنَا الْبَيْعَ وَغَيْرَهُ, لِعَدَمِ قَصْدِ الرِّبْحِ, وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ: كَبَيْعٍ, لَكِنْ يَجِبُ بِتَلَفِهِ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ وَلَا فَسْخَ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَهُمَا فَسْخَ نِكَاحٍ, لِفَوْتِ بَعْضِ الْمَقْصُودِ, كَعَيْبِ مَبِيعٍ, وَقِيلَ: لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ "م 3" فيضمنه. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَمَا لَا يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ وَعِتْقٍ وَصُلْحٍ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ قِيلَ: كَبَيْعٍ, وَقِيلَ: لَهُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيمَا لَا يَنْفَسِخُ, انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" هُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَهْرِ غَيْرِ الْمُتَعَيِّنِ, ورده في المغني2 وغيره.
الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: بَلْ ضَمَانُهُ كَبَيْعٍ. وَإِنْ تَعَيَّنَ مِلْكُهُ فِي مَوْرُوثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ غَنِيمَةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبْضُهُ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, بِلَا خَوْفٍ, لعدم ضَمَانِهِ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ, كَمَبِيعٍ مَقْبُوضٍ, وَكَوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا, وَقِيلَ: وَصِيَّةٍ, وَقِيلَ: وَإِرْثٍ كَبَيْعٍ. وَفِي الْإِفْصَاحِ عَنْ أَحْمَدَ: مَنَعَ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي إرْثٍ وَغَيْرِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنَعَ تَصَرُّفَهُ فِي غَنِيمَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا "عِ" وَيَأْتِي حُكْمُ قَرْضٍ وَعَارِيَّةٍ كَوَدِيعَةٍ, وَيَضْمَنُهَا مُسْتَعِيرٌ. وَقَبْضُ مَا يُنْقَلُ بِنَقْلِهِ, وَمَا يُتَنَاوَلُ بِتَنَاوُلِهِ, وَالْعَقَارُ وَنَحْوُهُ بِتَخْلِيَتِهِ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ, وَمَا قُدِّرَ بِكَيْلٍ وَغَيْرِهِ بِتَوْفِيَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ, بِحُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ نَائِبِهِ, وَنَصُّهُ: زَلْزَلَةُ الْمَكِيلِ مَكْرُوهَةٌ وَيَصِحُّ اسْتِنَابَةُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقِيلَ: لَا قَبْضُهُ, قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ ظَرْفُهُ كَيَدِهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بدليل تنازعهما ما فيه, وقيل: لا "وش" وَنَصُّ أَحْمَدَ: صِحَّةُ قَبْضِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ, وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: وَمَتَى قَبَضَهُ مُشْتَرٍ فَوَجَدَهُ زَائِدًا مَا لَا يُتَغَابَنُ بِهِ أَعْلَمَهُ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: بِرَدِّهِ, وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ, وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ, لِفَسَادِهِ, وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ "م 4" وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ. وَمُؤْنَةُ توفية العوضين ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَبَضَهُ مُصَدِّقًا لِبَائِعِهِ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ بَرِئَ عَنْ عُهْدَتِهِ, وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ لِفَسَادِهِ, وَفِيهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ فَأَقَلَّ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَا انْفَرَدَ بائعه
عَلَى بَاذِلِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قبض البائع له عليه "*" ومؤنة ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ فَحَضَرَ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ مُصَدِّقًا لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِهَذَا الْقَبْضِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ, وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نَقْصِهِ, انْتَهَى. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَكَالَهَا لَهُ وَأَفْرَدَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ خُذْ هَذَا حَقُّك فَقَبَضَهَا بِذَلِكَ مُصَدِّقًا لَهُ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ جُزَافٌ مَا اسْتَحَقَّ قَبْضَهُ كَيْلًا, وَلَسْنَا نُرِيدُ بِقَوْلِنَا الْقَبْضُ فَاسِدٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الدَّافِعِ عَمَّا دَفَعَهُ, وَإِنَّمَا نُرِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْقَابِضِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ نُقْصَانِهِ, وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِذَلِكَ الْقَبْضِ, انْتَهَى. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ عِنْدَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الصُّبْرَةِ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي النِّهَايَةِ أُجْرَةُ نَقْلِهِ بَعْدَ قبض البائع له عليه, قال
المتعين على المشتري إذا قلنا كَمَقْبُوضٍ, وَأَطْلَقَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, قَالَ: لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا يَضْمَنُ النَّقَّادُ خَطَأً, فِي الْمَنْصُوصِ. وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ: عَمْدًا قَبْضٌ, لَا غَصْبُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ إنْ قَبِلَهُ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا أَمْ يَنْفَسِخُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ؟ وَكَذَا مُتَّهَبٌ بِإِذْنِهِ هَلْ يَصِيرُ قَابِضًا؟ وَفِيهِ فِي غَصْبِ عَقَارٍ: وَلَوْ اسْتَوْلَى وَأَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَائِعِهِ صَارَ قَابِضًا, وَيَصِحُّ قَبْضُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْبَائِعِ, وَحَرَّمَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي غَيْرِ مُتَعَيِّنٍ, وَغَصْبُ بَائِعٍ ثَمَنًا أَوْ بِلَا إذْنِهِ لَيْسَ قَبْضًا إلَّا مَعَ الْمُقَاصَّةِ, وَعَنْهُ: قَبْضُ الْكُلِّ بِتَخْلِيَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ, نَصَرَهُ القاضي وغيره. وَيَحْرُمُ تَعَاطِيهِمَا بَيْعًا فَاسِدًا, فَلَا يَمْلِكُ بِهِ, لِأَنَّهُ نِعْمَةٌ وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ, وَخَرَّجَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ طَلَاقٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ, وَهُوَ كَمَغْصُوبٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: كَمَقْبُوضٍ لِلسَّوْمِ, وَمِنْهُ خَرَّجَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: لَا يَضْمَنُهُ, وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَرْبٌ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ, فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ. وَقَدْ نقل حرب وغيره فيمن قال بعني هذا فقال خذه بما شئت ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَعَلَّهُ: بَعْدَ بَذْلِ الْبَائِعِ لَهُ, وَمَا قَالَ ظَاهِرٌ1 فِي أَنَّ نَقْلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا بَذَلَهُ الْبَائِعُ لَهُ, وَلَكِنْ الْمَنْقُولُ فِي النِّهَايَةِ وَتَعْلِيقِ الْقَاضِي: أُجْرَةُ نَقْدِهِ "بِالدَّالِ" فَاخْتَلَطَتْ مَعَ الْهَاءِ, فَظَنَّ النَّاسِخُ أَنَّهَا لَامٌ, وَالصَّوَابُ نَقْدُهُ. فَإِنَّ عِنْدَ الْقَاضِي وَصَاحِبِ النِّهَايَةِ أَنَّ أُجْرَةَ النَّقْدِ إنْ كَانَ قَبْلَ قبض البائع فهي على المشتري, وإن كَانَ بَعْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ, وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ وَعَلَّلَهُ, وَبِذَلِكَ يَصِحُّ كَلَامُ المصنف وينتظم1.
فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ: هُوَ مِنْ مَالِ بائعه, لأنه ملكه حتى يقطع ثمنه, ونقل حَنْبَلٌ: إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ, وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ, فِيمَنْ قَالَ بِعَيْنِهِ فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ: يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بعد لم يملكه "م 5" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَذَكَرُوا فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ يَعْنِي فِي ضَمَانِ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ نَقَلَ حَرْبٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُمَا عَدَمَهُ, فَإِنْ قَبَضَهُ بِثَمَنٍ مُسْتَقِرٍّ ضَمِنَهُ بِهِ, إنْ صَحَّ بَيْعُ مُعَاطَاةٍ, وَقَدْ نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِيمَنْ قَالَ بعني هذا فقال خذه بما شئت فأخذه فَمَاتَ بِيَدِهِ قَالَ: هُوَ مِنْ مَالِ بَائِعِهِ, لِأَنَّهُ مَلَكَهُ حَتَّى يَقْطَعَ ثَمَنَهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا ضَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْطَعْ ثَمَنَهُ أَوْ قَطَعَ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ فيمن قال بعنيه1 هَذَا فَقَالَ خُذْهُ بِمَا شِئْت فَأَخَذَهُ فَمَاتَ بِيَدِهِ: يَضْمَنُهُ رَبُّهُ هَذَا بَعْدُ لَمْ يَمْلِكْهُ. انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ حَكَى فِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَيْنِ, سَوَاءٌ أَخَذَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ أَوْ بِدُونِهِ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ, وَصُحِّحَ الضَّمَانُ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَلَى وَجْهِ الْبَدَلِ وَالْعِوَضِ, فَهُوَ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ, انْتَهَى. "قُلْت": ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الأصحاب في المقبوض على وجه السوم ثلاثة صُوَرٍ: "الْأُولَى" أَنْ يُسَاوِمَ إنْسَانًا فِي ثَوْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَيَقْطَعَ ثَمَنَهُ ثُمَّ يَقْبِضَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ فَإِنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَيَتْلَفَ, فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَضْمَنُ إنْ صَحَّ بَيْعُ الْمُعَاطَاةِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ, وَقَطَعَ بِالضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى2: يَضْمَنُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ بِذَلِكَ. وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ إيماء إلى ذلك. "الثَّانِيَةُ" لَوْ سَاوَمَهُ وَأَخَذَهُ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ ثَمَنِهِ فيتلف
قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَنَّهُ يُخَرَّجُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ خِيَارٍ عَلَى قولنا لا يملكه. وقال تضمينه منافعه كَزِيَادَةٍ وَأَوْلَى, وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ "م 6" وَوَلَدُهُ كَهُوَ, لَا وَلَدُ جَانِيَةٍ وَضَامِنَةٍ وَشَاهِدَةٍ وَمُوصًى بِهَا وَحَقٍّ جَائِزٍ وَضَامِنِهِ1. وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ إنْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِيهِ سَرَّى, "2وفي طريقة بعض أصحابنا وولد مُوصًى بِعِتْقِهَا لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِهَا, وَإِنَّمَا الْمُخَاطَبُ الْمُوصَى إلَيْهِ2", وَيَضْمَنُهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ بِقِيمَتِهِ, قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ تَرَاضَوْا بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ الْقِيمَةُ, كَمَا تَرَاضَوْا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ, أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَفِي ضَمَانِهِ رِوَايَتَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: "إحْدَاهُمَا" يَضْمَنُهُ الْقَابِضُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ فِي بَابِ الضَّمَانِ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3: فَهُوَ مَضْمُونٌ, بِغَيْرِ خِلَافٍ, نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ قَابِضِهِ كَالْعَارِيَّةِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَضْمَنُهُ. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: هُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وَمَا يَقْبِضُهُ الْأَجِيرُ. "الثَّالِثَةُ" لَوْ أَخَذَهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ لِيُرِيَهُ أَهْلَهُ إنْ رَضُوهُ اشْتَرَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ فَتَلِفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ, قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى4: هَذَا أَظْهَرُ عَنْهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فَقَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ, فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ, انْتَهَى. وَعَنْهُ: يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَسَوْمُ إجَارَةٍ كَبَيْعٍ فِي الِانْتِصَارِ, انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت حُكْمَ الْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ فِي الْبَيْعِ, فَكَذَا يَكُونُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ
حَيْثُ يَجِبُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى, فَيَجِبُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى, لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا, فَالْفَسَادُ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْحِلِّ وَعَدَمِهِ فَقَطْ, كَمَا لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ, فَإِذَا اسْتَوَيَا فِيهِ فَكَذَا فِي قَدْرِهِ, وَهَذِهِ نُكْتَةٌ حَسَنَةٌ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ يَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى لَا الْقِيمَةِ كَنِكَاحٍ وَخُلْعٍ, حَكَاهُ الْقَاضِي فِي الْكِفَايَةِ وَفِي الْفُصُولِ: يَضْمَنُهُ بِالثَّمَنِ, وَالْأَصَحُّ بِقِيمَتِهِ, كَمَغْصُوبٍ, وَفِيهِ فِي أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ أَنَّهَا كَبَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ الْمُسَمَّى اسْتَحَقَّ ثَمَنَ الْمِثْلِ وَهُوَ الْقِيمَةُ, كَذَا تَجِبُ قِيمَةُ الْمِثْلِ لِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي تَصَرُّفِ الْعَبْدِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أَوْ مِثْلُهُ يَوْمَ تَلَفِهِ, وَخَرَّجَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِيهِ وَفِي عَارِيَّةٍ كَمَغْصُوبٍ. وَقَالَهُ فِي الْوَسِيلَةِ, وَقِيلَ: لَهُ حَبْسُهُ عَلَى قَبْضِ ثَمَنِهِ, وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وجهان "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمْ يُخَالِفْهُ الْمُصَنِّفُ, وَلَا نَقَلَ غَيْرَهُ عَنْ غيره. "مسألة 7" قوله في المقبوض بِعَقْدٍ فَاسِدٍ: وَفِي ضَمَانِ زِيَادَتِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وأطلقهما في المحرر والنظم والقواعد الفقهية. "2أحدهما: يضمنها وهو الصحيح. قال في الرعاية الكبرى وله مطلقا نماؤه المتصل والمنفصل2" وَأُجْرَتُهُ مُدَّةَ قَبْضِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَأَرْشُ نَقْصِهِ, وَقِيلَ: هُوَ أُجْرَتُهُ, وَزِيَادَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ أَمَانَةٌ عَلَى وَجْهَيْنِ, انْتَهَى وَقَالَ فِي الصُّغْرَى وَنَمَاؤُهُ وَأُجْرَتُهُ وَأَرْشُ نَقْصِهِ لِمَالِكِهِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ, لِنَفْعِهِ, وَضَمَانِهِ إنْ تَلِفَ بِقِيمَتِهِ, وَزِيَادَتُهُ أَمَانَةٌ, انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الزُّبْدَةِ الضَّمَانَ أَيْضًا, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يضمنها. فهذه سبع مسائل قد صححت.
وفي المغني1 والترغيب وَغَيْرِهِمَا: إنْ سَقَطَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَهَدَرٌ. وَقَالَهُ الْقَاضِي, وَعِنْدَ أَبِي الْوَفَاءِ يَضْمَنُهُ, وَيَضْمَنُهُ ضَارِبُهُ, وَمَتَى ضَرَبَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلِلْبَائِعِ مِنْ الْغُرَّةِ قِيمَةُ الولد والبقية لورثته. والله تعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الربا
باب الربا مدخل ... باب الرِّبَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ مُطْلَقًا, نَصَّ عَلَيْهِ, كَدَارِ الْبَغْيِ, لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْإِمَامِ عَلَيْهِمَا, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَالْبَاغِي مَعَ الْعَادِلِ كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْحَرْبِيِّ, لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُ مَالَ صَاحِبِهِ بِالْإِتْلَافِ, فَهِيَ كَدَارِ حَرْبٍ, كَذَا قَالَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْجِهَادِ وَالْمُحَرَّرِ: إلَّا بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ لَا أَمَانَ بَيْنَهُمَا, وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي دَارِ حَرْبٍ, وَلَمْ يُقَيِّدْهَا فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرِهَا بِعَدَمِ الْأَمَانِ وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ: لَا يَحْرُمُ فِي دار حرب, وأقرها شيخنا على ظاهرها, و"1عنه: لَا رِبَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُكَاتَبِهِ, كَعَبْدِهِ, فَعَلَى الْمَنْعِ فَلَوْ زَادَ الْأَجَلُ وَالدَّيْنُ جَازَ, فِي احْتِمَالٍ1". وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حَدِيثِ الرَّقَبَةِ2: مَالُ كَافِرٍ مُصَالَحٍ مُبَاحٌ بِطِيبِ نَفْسِهِ, وَالْحَرْبِيُّ يُبَاحُ أَخْذُهُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ, وَقَالَ: كُلُّ شَرْطٍ يُعْتَبَرُ فِي مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ يُعْتَبَرُ فِي مُعَامَلَةِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ, وَالْمَذْهَبُ: لَا يَحْرُمُ رِبَا الْفَضْلِ إلَّا فِي بَيْعِ كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ, قَالَ أَحْمَدُ: قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَلَّا, كَتَمْرَةٍ بِتَمْرَةٍ أَوْ بِتَمْرَتَيْنِ, لِأَنَّهُ مَالٌ يَجُوزُ بَيْعُهُ, وَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ مَكِيلًا بِهِ فَيُكَالُ, وَإِنْ خَالَفَ عَادَةً, كَمَوْزُونٍ, فَالْعِلَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَوْنُهُ مَكِيلَ جِنْسٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْكَيْلُ بِمُجَرَّدِهِ عِلَّةٌ, وَالْجِنْسُ شَرْطٌ فِيهِ وَقَالَ: أَوْ اتِّصَافُهُ بِكَوْنِهِ مَكِيلَ جِنْسٍ هُوَ الْعِلَّةُ, وَفِعْلُ الْكَيَّالِ شَرْطٌ, أَوْ نَقُولُ: الْكَيْلُ أَمَارَةٌ, وَالْحُكْمُ عَلَى الْمَذْهَبِ إيجَابُ الْمُمَاثَلَةِ, مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ إبَاحَةُ بَيْعِ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ بعضها ببعض مطلقا و"1التحريم لِعَارِضٍ, وَعَلَى رِوَايَةِ الطَّعْمِ الْحُكْمُ تَحْرِيمُ بَيْعِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُطْلَقًا1" إلَّا مَعَ وُجُودِ التَّسَاوِي, لِلْحَاجَةِ, وَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَجُوزُ اسْتِلَامُ النَّقْدَيْنِ فِي الْمَوْزُونِ, وَبِهِ أُبْطِلَتْ الْعِلَّةُ, لِأَنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ شَمَلَهُمَا إحْدَى عِلَّتَيْ رِبَا الْفَضْلِ يَحْرُمُ النَّسَاءُ فِيهِمَا, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يَحْرُمُ سَلَمُهُمَا فِيهِ, فَلَا يَصِحُّ, وَإِنْ صَحَّ فَلِلْحَاجَةِ, وَأَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْقِيَاسَ الْمَنْعُ, وإنما جاز للمشقة, ولها تأثير, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِاخْتِلَافِ مَعَانِيهَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا ثَمَنٌ وَالْآخَرَ مُثَمَّنٌ, وَلِاخْتِلَافِهِمَا فِي صِفَةِ الْوَزْنِ, لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهَذَا دُونَ هَذَا, فَحَصَلَا فِي حُكْمِ الْجِنْسَيْنِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَعَنْهُ: فِي النَّقْدَيْنِ وَالْمَطْعُومِ لِلْآدَمِيِّ, وَعَنْهُ: فِيهِمَا وَمَطْعُومٌ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَشَيْخُنَا, فَعَلَيْهِمَا الْعِلَّةُ فِي النَّقْدَيْنِ الثَّمَنِيَّةُ, وَهِيَ عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَصْلُحُ التَّعْلِيلُ بِهَا فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ, وَنُقِضَتْ طَرْدًا بِالْفُلُوسِ, لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ, وَعَكْسًا بِالْحُلِيِّ, وَأُجِيبُ لِعَدَمِ النَّقْدِيَّةِ الْغَالِبَةِ, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: ثُمَّ يَجِبُ أَنْ يَقُولُوا إذا نفقت1 حَتَّى لَا يُتَعَامَلَ إلَّا بِهَا أَنَّ فِيهَا الرِّبَا, لِكَوْنِهَا ثَمَنًا غَالِبًا. وَقَالَ فِي التَّمْهِيدِ: إنَّ مِنْ فَوَائِدِهَا أَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ جِنْسٌ آخَرُ يُجْعَلُ ثَمَنًا, فَتَكُونُ تِلْكَ عِلَّتَهُ, فَتُبَاعُ بَيْضَةٌ بِبَيْضَةٍ وَبِبَيْضَتَيْنِ, وَخِيَارَةٌ وَبِطِّيخَةٌ وَرُمَّانَةٌ بِمِثْلِهَا, وَنَحْوُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا, وَنَقَلَ مُهَنَّا وَغَيْرُهُ أَنَّهُ كَرِهَ بَيْضَةً بِبَيْضَةٍ وَقَالَ: لَا يَصْلُحُ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ, لِأَنَّهُ طَعَامٌ, وَجَوَّزَ شَيْخُنَا بَيْعَ الْمَصُوغِ الْمُبَاحِ بِقِيمَتِهِ حَالًّا, وَكَذَا نِسَاءٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ كَوْنَهَا ثَمَنًا. وَمَا خَرَجَ عَنْ الْقُوتِ "*" بِالصَّنْعَةِ كَنَشًا فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ, وَإِلَّا فَجِنْسٌ بِنَفْسِهِ, فَيُبَاعُ خُبْزٌ بِهَرِيسَةٍ, وَجَوَّزَ بَيْعَ مَوْزُونٍ رِبَوِيٍّ بالتحري, للحاجة "وم" وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ أَخِيرًا قَصْرَهُ عَلَى الْأَعْيَانِ السِّتَّةِ, لِخَفَاءِ الْعِلَّةِ. وَلَا رِبَا فِي مَاءٍ, فِي الْأَصَحِّ, لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا, وَعَدَمِ تَمَوُّلِهِ عَادَةً, وعلى المذهب فيما لا يوزن لصناعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَنْ كَلَامِ شَيْخِهِ: "وَإِنَّمَا خَرَجَ عن القوت "صوابه" وما خرج عن
روايتان "م 1" وقال القاضي: يحرم مَعَ قَصْدِ وَزْنِهِ. وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ "م 2 و 3" وَإِنْ جاز وكانت نافقة فوجهان, ـــــــــــــــــــــــــــــQالقوت "وهو في الاختيارات كذلك. "مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَذْهَبِ فِيمَا لَا يُوزَنُ لصناعته روايتان, انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِيمَا لَا يُقْصَدُ وَزْنُهُ, انْتَهَى. وَذَلِكَ مِثْلُ الْمَعْمُولِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ وَالْحَرِيرِ وَنَحْوِهِ كَالْخَوَاتِمِ وَالْأَصْطَالِ وَالْإِبَرِ وَالسَّكَاكِينِ وَالثِّيَابِ وَالْأَكْسِيَةِ وَنَحْوِهَا. "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ التَّفَاضُلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ: مَا قُصِدَ وَزْنُهُ كَالْأَسْطَالِ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ أَوْجَهُ, وَقَالَهُ فِي الْكَافِي1 فِي الْمَوْزُونِ. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ, وَهَذِهِ هِيَ الصَّحِيحَةُ عَلَى تَخْرِيجِ الْمُصَنِّفِ, فَإِنَّهُ خَرَّجَهَا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا: وَقَدْ صَحَّحْنَا هُنَا الصِّحَّةَ, فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إذَا كَانَتْ نَافِقَةً فَوَجْهَانِ.
وكذا الزكاة م 4" وَلَمْ يُوجِبْهَا "م" وَوَافَقَهُ "هـ" فِي كَاسِدَةٍ, وَالرِّوَايَتَانِ فِي السَّلَمِ فِيهَا, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْجَوَازَ, وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنْعَ, وَحَنْبَلٌ يكره "م 5" ـــــــــــــــــــــــــــــQوهي: "مسألة 3" وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ, جَزَمَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَجُوزُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُمْ: سَوَاءٌ كَانَتْ نَافِقَةً أَوْ كَاسِدَةً, بِيعَتْ بِأَعْيَانِهَا أَوْ بِغَيْرِ أَعْيَانِهَا, انْتَهَى. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَكَذَا الزَّكَاةُ. يَعْنِي إذَا كَانَتْ نَافِقَةً هَلْ تَلْحَقُ بِالْأَثْمَانِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا أَمْ لَا؟ قَالَ الْمَجْدُ: فِيهَا الزَّكَاةُ إذَا كَانَتْ أَثْمَانًا رَائِجَةً, أَوْ لِلتِّجَارَةِ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا, فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَالْفُلُوسُ عَرَضٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ نَافِقَةٌ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَالْفُلُوسُ ثَمَنٌ فِي وَجْهٍ فَلَا تُزَكَّى, وَقِيلَ: سِلْعَةٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ رَائِجَةٌ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَا زَكَاةَ فِي فُلُوسٍ, وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِبُ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَكَانَتْ رَائِجَةً. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَالْفُلُوسُ ثَمَنٌ فَلَا تُزَكَّى. وَقِيلَ: بَلْ سِلْعَةٌ فَتُزَكَّى إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَهِيَ رَائِجَةٌ. وَكَذَا قَالَ فِي الْكُبْرَى ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْفُلُوسِ إذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهَا نِصَابًا وَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُهُ لِأَنَّهُمَا أَثْمَانٌ "قُلْت": وَيُحْتَمَلُ الْوُجُوبُ أَيْضًا, وَإِنْ قُلْنَا هِيَ عَرُوضٌ فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَلَا تُزَكَّى, انْتَهَى, وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَالرِّوَايَتَانِ فِي السَّلَمِ فِيهَا, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ الْجَوَازَ, وَعَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنْعَ, وَحَنْبَلٌ يَكْرَهُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ثُمَّ قَالَ: قُلْت: هَذَا إنْ قُلْنَا هِيَ سِلْعَةٌ. انْتَهَى. اخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ الْفُلُوسَ عَرُوضٌ بِكُلِّ حَالٍ, وَاخْتَارَهُ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الطَّالِبَانِيُّ مِنْ الْأَصْحَابِ, ذَكَرَهُ عَنْهُ ابن رجب في
وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ أَبِي حَرْبٍ: الْفُلُوسُ بِالدَّرَاهِمِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ فَضْلًا لا يجوز. وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ إلَّا كَيْلًا حَالَةَ الْعَقْدِ, وَمَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ إلَّا وَزْنًا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَيَجُوزُ فِي وَجْهٍ جُزَافًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ, وَهُوَ أَظْهَرُ كَمَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ جُزَافًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَصُّهُ: لَا, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "م 6" وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ فَضَالَةَ1 ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَتِهِ, وَهِيَ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ بِيَسِيرٍ, فَعَلَيْهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا, وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الطَّالِبَانِيِّ, وَاخْتَارَهُ وَتَأَوَّلَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ "قُلْت": جَزَمَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ أَنَّهَا عَرَضٌ أَيْضًا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ: الْفُلُوسُ النَّافِقَةُ أَثْمَانٌ, وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, قَالَهُ ابْنُ رَجَبٍ, وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُبْهِجِ أَنَّهَا أَثْمَانٌ بِكُلِّ حَالٍ, فَعَلَى هَذَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَثْمَانِ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا وَعَدَمِهِ, وَتَوَقَّفَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا فَقَالَ: أَنَا مُتَوَقِّفٌ عَنْ الْفُتْيَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, نَقَلَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي طَبَقَاتِهِ "قُلْت": الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ السَّلَمِ فِيهَا, لِأَنَّهَا إمَّا عَرَضٌ وَإِمَّا ثَمَنٌ, لَا تَخْرُجُ عن ذلك. "2فإن قلنا: إنها عرض جاز السلم فيها وإن قلنا إنها ثمن فالصحيح من المذهب جواز السلم في الأثمان2", وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْأَثْمَانِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِجِنْسِهِ إلَّا كَيْلًا حَالَةَ الْعَقْدِ وَمَوْزُونٍ بِجِنْسِهِ إلَّا وَزْنًا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَيَجُوزُ فِي وَجْهٍ جُزَافًا بِغَيْرِ جِنْسِهِ, وَهُوَ أَظْهَرُ, كَمَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ جُزَافًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَصُّهُ: لَا, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا بَاعَ مَكِيلًا بِمَكِيلٍ, أَوْ مَوْزُونًا بِمَوْزُونٍ, جُزَافًا, وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ, فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وجها ونصا. فالوجه
وَبِمَا لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ1 وَاحْتَجَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي خَبَرِ جَابِرٍ عَنْ بَيْعِ الصُّبَرِ بِالصُّبَرِ مِنْ الطَّعَامِ2 لَا يَدْرِي مَا كَيْلُ هَذَا وَمَا كَيْلُ هَذَا, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا وَجْهَ لِلتَّعْلِيقِ بِالتَّفَاضُلِ, فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّ الْمُجَازَفَةَ فِي الطَّعَامِ جُعِلَ طَرِيقًا بِالْخَبَرِ, كَالنَّسِيئَةِ وَالْمُصَارَفَةِ وَالْمُسَاوَاةِ, فَتَصِيرُ طُرُقُ الرِّبَا عِنْدَنَا أَرْبَعَةً. وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً بِجِنْسِهَا وَعَلِمَا كَيْلَهُمَا وَتَسَاوِيهِمَا صَحَّ, وَإِنْ باعها3 بِهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ, فَكِيلَتَا فَكَانَتَا سَوَاءً, صَحَّ, واختار شيخنا في الاعتصام بالكتاب والسنة ما ذكره عن مالك أنه الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ إنَّهُ أَظْهَرُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ جُزَافًا, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِلَافِ, وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى5: لَا خَيْرَ فِيمَا يُكَالُ بِمَا يُكَالُ جُزَافًا, وَلَا فِيمَا يُوزَنُ بِمَا يُوزَنُ جُزَافًا, اتَّفَقَتْ الْأَجْنَاسُ أَوْ اخْتَلَفَتْ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: يَحْرُمُ وَهُوَ أَظْهَرُ, وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ "قُلْت": الْمَنْصُوصُ هُوَ الْمَذْهَبُ, لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُذْهَبِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَإِنْ كَانَ اخْتَارَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وغيرهم.
يَجُوزُ بَيْعُ الْمَوْزُونَاتِ الرِّبَوِيَّةِ بِالتَّحَرِّي, لِلْحَاجَةِ, وَمَرَدُّ الْكَيْلِ عُرْفُ الْمَدِينَةِ, وَالْوَزْنِ عُرْفُ مَكَّةَ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعُرْفُهُ بِمَوْضِعِهِ, وَقِيلَ: إلَى شَبَهِهِ هُنَاكَ, وَقِيلَ: الْوَزْنُ, وَالْمَائِعُ مَكِيلٌ, زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي اللَّبَنِ وَجْهَانِ, وَأَنَّ الزُّبْدَ مَكِيلٌ, وَأَنَّ فِي السَّمْنِ وَجْهَيْنِ, وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ الْعَسَلَ مَوْزُونًا, قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: وَيَجُوزُ التَّعَامُلُ بِكَيْلٍ لَمْ يُعْهَدْ. وَالْجِنْسُ: مَا شَمِلَ أَنْوَاعًا, كَتَمْرٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَمِلْحٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ: وَالْأَبَازِيرُ جِنْسٌ, وَفُرُوعُ الْأَجْنَاسِ أَجْنَاسٌ, كَأَدِقَّةٍ وَأَدْهَانٍ وَخُلُولٍ وَأَلْبَانٍ وَلُحْمَانٍ, وَعَنْهُ: اللَّبَنُ, وَخَلِّ تَمْرٍ, وَخَلِّ عِنَبٍ, وَاللَّحْمُ, جِنْسٌ وَخَرَجَ مِنْهَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْأَدْهَانَ الْمَائِعَةَ جِنْسٌ, وَأَنَّ الْفَاكِهَةَ كَتُفَّاحٍ وَسَفَرْجَلٍ جِنْسٌ. وَعَنْهُ: اللَّحْمُ ثَلَاثَةٌ, لَحْمُ أَنْعَامٍ وَطَيْرٍ وَدَوَابِّ الْمَاءِ. وَعَنْهُ: وَرَابِعٌ لَحْمٌ وَحْشٍ, وَاللَّحْمُ وَالْكَبِدُ وَالْقَلْبُ وَنَحْوُهَا أَجْنَاسٌ, وَقِيلَ: الرُّءُوسُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ, وَقِيلَ: لَا, وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمٍ بِشَحْمٍ مُتَفَاضِلًا, لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ, وَلِهَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا حَنِثَ, كَذَا قَالَ, وَفِي الشَّحْمِ والألية وجهان "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَفِي الشَّحْمِ وَالْأَلْيَةِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي هَلْ هُمَا جِنْسَانِ أَوْ جِنْسٌ وَاحِدٌ. "أَحَدُهُمَا" هُمَا جِنْسَانِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وغيره, قال الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ ما قدمه الناظم, واختاره الشيخ
وَيَحْرُمُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَقْصُودُ اللَّحْمِ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَأْكُولٌ, وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ "م 8" قَالَ شَيْخُنَا: يَحْرُمُ به نسيئة عند جمهور الفقهاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَفَّقُ وَقَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ أَبْيَضُ فِي الْحَيَوَانِ يَذُوبُ بِالْإِذَابَةِ وَيَصِيرُ دُهْنًا فَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ, قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ: لَيْسَ بِشَيْءٍ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ, مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَأْكُولٍ, وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى, وَالْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَجَامِعِهِ الصَّغِيرِ, وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ الصَّغِيرِ, وَغَيْرِهِمْ, انْتَهَى وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَجُوزُ, قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي, انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: صَحَّحَهُ الْمَجْدُ
ويجوز بيع رطب وعنب بِمِثْلِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, خِلَافًا لِأَبِي حَفْصٍ وَابْنِ شِهَابٍ, كَمَا لَوْ لَمْ يَصِرْ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا, وَدَقِيقُهُ بِدَقِيقِهِ إنْ اسْتَوَيَا فِي النُّعُومَةِ, خِلَافًا لِمَا قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ, وَيُبَاعُ كَيْلًا كَسَوِيقٍ بِمِثْلِهِ, وَقِيلَ: وَزْنًا, وَخُبْزٌ بِمِثْلِهِ, قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: لَا فَطَيْرٌ بِخَمِيرٍ, وَلَحْمٌ بِمِثْلِهِ, نص عليه, ومنع منه ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِهِ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, وَيَأْتِي كَلَامُهُ1 فِي الْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3. تَنْبِيهَانِ: "الْأَوَّلُ" قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: بَنَى الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اللحم هَلْ هُوَ جِنْسٌ أَوْ أَجْنَاسٌ, وَصَرَّحَ أَبُو الْخَطَّابِ أَنَّهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الصَّوَابُ, انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: وَفِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ, وَلَكِنْ قَالَ فِي الْكَافِي2: وَإِنْ بَاعَ الْحَيَوَانَ بِلَحْمٍ مَأْكُولٍ غَيْرِ أَصْلِهِ وَقُلْنَا هُمَا أَصْلٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجُزْ, وَإِلَّا جَازَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4: احْتَجَّ مَنْ مَنَعَهُ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَبِأَنَّ اللَّحْمَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ, وَمَنْ أَجَازَهُ قَالَ: مَالُ الرِّبَا بَيْعٌ بِغَيْرِ أَصْلِهِ وَلَا جِنْسِهِ فَجَازَ, كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِالْأَثْمَانِ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: وَعَنْهُ: اللَّحْمُ أَجْنَاسٌ بِاخْتِلَافِ أُصُولِهِ, فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ, وَفِي غَيْرِهِ وَجْهٌ, فَبُنِيَ الْخِلَافُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّحْمَ أَجْنَاسٌ. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اللَّحْمِ, فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجُزْ, وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ أَجْنَاسٌ جَازَ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ, انْتَهَى. "الثَّانِي" قَوْلُهُ: "وَقِيلَ: وَغَيْرُ مَأْكُولٍ ". هَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ وصاحب المستوعب وغيرهما
الْخِرَقِيُّ رُطَبًا, وَيُعْتَبَرُ نَزْعُ عَظْمِهِ, فِي الْأَصَحِّ, كَتَصْفِيَةِ عَسَلٍ, لِأَنَّ الشَّمْعَ مَقْصُودٌ, وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ, وَالنَّوَى فِي التَّمْرِ غَيْرُ مَقْصُودٍ, فَهُوَ كَخُبْزٍ بِخُبْزٍ وَخَلٍّ بِخَلٍّ, وَإِنْ كَانَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِلْحٌ وَمَاءٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ. وَفِي زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَجْهَانِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ روايتين "م 9" ويجوزان بمخيض. فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, وَفِي الْأَصَحِّ عَصِيرُهُ بِجِنْسِهِ وَلَوْ مَطْبُوخَيْنِ, وَقِيلَ: إنْ اسْتَوَيَا فِي عَمَلِ نَارٍ وَبِتُفْلِهِ الْخَالِي مِنْهُ وَإِلَّا فَمُدُّ عَجْوَةٍ, وَنَحْوُ خَلٍّ وَدِبْسٍ بِمِثْلِهِمَا, لَا نَوْعٌ بِآخَرَ, وَلَا خَلُّ عِنَبٍ بِخَلِّ زَبِيبٍ, لِأَنَّ فِي أحدهما ماء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَفِي زُبْدٍ بِسَمْنٍ وَجْهَانِ, وَذَكَرَ ابن عقيل روايتين, انتهى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ: ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ خِلَافَ مَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ, وَيُمْكِنُ أَنَّهُ ذَكَرَهُمَا تَارَةً وَجْهَيْنِ وَتَارَةً رِوَايَتَيْنِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَرَدَّهُ فِي الْمُغْنِي1. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ جَائِزٌ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي المذهب وغيره.
وَيَحْرُمُ بَيْعُ حَبٍّ جَيِّدٍ بِمُسَوَّسٍ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, لِنَقْصِ الْكَيْلِ بِخُلُوِّهِ مِنْ طَعَامٍ, بَلْ يَصِحُّ بِخَفِيفٍ مَعَ نَقْصِ الطَّعْمِ, لِكَوْنِهِ مَلَأَ الْكَيْلَ, قَالَ: وَعَفَنُهُ بِسَلِيمِهِ يَحْتَمِلُ كَذَلِكَ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَالْعَفِنَةُ فِي نُقْصَانِ الْأَكْلِ طَرَأَ عَلَيْهَا, وَيَحْرُمُ حَبٌّ بِدَقِيقِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِسَوِيقِهِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَزْنًا, وَعَلَّلَ أَحْمَدُ الْمَنْعَ بِأَنَّ أَصْلَهُ كَيْلٌ فَيَتَوَجَّهُ مِنْ الْجَوَازِ بَيْعُ مَكِيلٍ وَزْنًا وَمَوْزُونٍ كَيْلًا, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَكَذَا نُصُوصُهُ فِي خُبْزٍ بِحَبِّهِ وَدَقِيقِهِ, وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ الْمَنْعَ, لِأَنَّ فِيهِ مَاءً, وَعَلَّلَهُ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّهُمَا إذَا صَارَا خُبْزًا كَانَ أَكْثَرَ من هذا, وجزم بِالْجَوَازِ فِي الْأَوَّلِ, وَأَنَّهُ لَا يُنَاقِضُ أَصْلَنَا, لِأَنَّ الدَّقِيقَ مَوْزُونٌ, كَالْحَيَوَانِ عَدَدًا, فَإِذَا ذُبِحَ صَارَ وَزْنًا, وَيَحْرُمُ نِيئُهُ بِمَطْبُوخِهِ وَأَصْلُهُ بِعَصِيرِهِ, كَزَيْتُونٍ بِزَبِيبٍ, وَفِيهِ نَقَلَ مُهَنَّا: يُكْرَهُ, وَخَالِصُهُ أَوْ مَشُوبُهُ بِمَشُوبِهِ عَلَى مُدِّ عَجْوَةٍ, وَرُطَبُهُ بِيَابِسِهِ, وَمُزَابَنَةٌ إلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْعَرَايَا وَهُوَ بَيْعُ الرُّطَبِ, وَعَنْهُ الْمَوْهُوبُ لِبَائِعِهِ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ فِي نَخْلِهِ بِمَآلِهِ يَابِسًا بِتَمْرٍ مِثْلِهِ, وَعَنْهُ: بِتَمْرٍ مِثْلِ رُطَبِهِ كَيْلًا يَقْضِيهِ بِهِ بَائِعُهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا وَقَبْضِ مُشْتَرٍ بِالتَّخْلِيَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ, وَعَنْهُ: وَفِيهَا لِفَقِيرٍ مُحْتَاجٍ إلَى أَكْلِ الرُّطَبِ. وَقَالَ في التنبيه والمحرر: أو أكل الثمر, وَقِيلَ: وَتُعْتَبَرُ حَاجَةُ بَائِعٍ إلَى بَيْعِهَا, وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ بَيْعَهَا لِوَاهِبِهَا, لِئَلَّا يُدْخِلَ رَبُّ العرية حائطه, ولغيره لحاجة 1أَكْلٍ, وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ. وَفِي جَوَازِهَا فِي بَقِيَّةِ التَّمْرِ وَجْهَانِ "م 10" وَقِيلَ: يَجُوزُ فِي عنب, وجوزها شيخنا في الزرع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ فِي الْعَرِيَّةِ: وَفِي جَوَازِهَا فِي بقية الثمر وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ والرعايتين والحاويين والفائق وغيرهم.
وَتَحْرُمُ الْمُحَاقَلَةُ, وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ بِمُشْتَدٍّ فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ. وَفِي بَيْعِهِ بِمَكِيلٍ غَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ "م 11" وَيَصِحُّ بِغَيْرِ مَكِيلٍ, وَخَصَّ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ الْخِلَافَ بِالْحَبِّ. وَبَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ, وَمَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غير جنسهما, كمد عجوة ودرهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اختاره ابن حامد وابن عقيل وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" يَصِحُّ وَيَجُوزُ: قَالَهُ الْقَاضِي, وَهُوَ مُقْتَضَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدَ مَنْ اعتاده. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ وَتَحْرُمُ الْمُحَاقَلَةُ وَهِيَ بَيْعُ الْحَبِّ الْمُشْتَدِّ, فِي سُنْبُلِهِ بِجِنْسِهِ, وَفِي بَيْعِهِ بِمَكِيلٍ غَيْرِ جِنْسِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا فِي الْمُغْنِي4 فِي بَابِ الرِّبَا عِنْدَ مَسْأَلَةِ: وَالْبُرُّ وَالشَّعِيرُ جِنْسَانِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ, فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يجوز بيع المحاقلة. واقتصر عليه.
بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِمُدَّيْنِ, فَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَسَاوِي الْقِيمَةِ أَوْ مَعَهُ لِكَوْنِهِمَا مِنْ شَجَرَةٍ وَنَقْدٍ وَاحِدٍ فَاحْتِمَالَانِ "م 12" وَعَنْهُ: يجوز إن لم يكن المفرد مِثْلَ الَّذِي مَعَهُ غَيْرُهُ فَأَقَلَّ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي مَوْضِعٍ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ الَّذِي مَعَهُ مَقْصُودًا, كَالسَّيْفِ الْمُحَلَّى, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ, وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِضَّةٌ لَا يَقْصِدُ غِشَّهَا بِخَالِصَةٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ, فَإِنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ جَازَ, وَعَنْهُ: لَا. وَفِي الْإِرْشَادِ1: هِيَ أَظْهَرُهُمَا, لِأَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ وَتَلِفَ لَمْ يَدْرِ بِمَ يَرْجِعُ, وَلَوْ بَاعَ بُرًّا بِشَعِيرٍ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ بِقَصْدِ تحصيله منع, على الأصح, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ وَبَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ, وَمَعَهُ أَوْ مَعَهُمَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِمَا, كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بِمُدَّيْنِ, فَإِنْ عُلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ تَسَاوِي الْقِيمَةِ أَوْ مَعَهُ لِكَوْنِهِمَا مِنْ شَجَرَةٍ وَنَقْدٍ وَاحِدٍ فَاحْتِمَالَانِ, انْتَهَى. هَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رجب في قواعده. انتهى "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ, لِإِطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ, وَصَحَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَعَنْهُ: يَجُوزُ إنْ زَادَ الْمُفْرَدُ أَوْ اسْتَوَيَا قَدْرًا وَمَعَهُمَا. غَيْرُهُمَا مِنْ رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَأَخْبَرَ بَعْضُهُمْ وَأَهْمَلَ بَعْضُهُمْ التَّسَاوِي. وَفِيهِ نَظَرٌ, انْتَهَى. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَصِحُّ, وَذَكَرَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ وجهين وقال: أحدهما: الجواز لتحقق التساوي. الثَّانِي: الْمَنْعُ, لِجَوَازِ أَنْ يَعِيبَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ, انْتَهَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْجَوَازَ أَقْيَسُ وَتَعْلِيلَ الثاني ضعيف.
وَإِلَّا فَلَا, وَكَذَا تُرَابٌ يَظْهَرُ أَثَرُهُ. وَفِي بَيْعِ شَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا, أو لبن شاة فِيهَا لَبَنٌ, أَوْ دِرْهَمٍ فِيهِ نُحَاسٌ بِنُحَاسٍ, أَوْ بِمِثْلِهِ. أَوْ نَوًى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوَاهُ, وَنَحْوِهِ, رِوَايَتَانِ "م 13" وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعٍ مِنْهُ أَوْ نَوْعَيْنِ, فَقِيلَ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ, وَعَنْهُ: فِي النَّقْدِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ, اختاره صاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ بِمِثْلِهَا, أَوْ لَبَنٍ بِشَاةٍ فِيهَا لَبَنٌ أو درهم فيه نحاس بنحاس, أو بمثله أَوْ نَوًى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى, وَنَحْوِهِ, رِوَايَتَانِ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّوَى بِتَمْرٍ فِيهِ نَوًى, وَاللَّبَنِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ, وَالصُّوفِ بِنَعْجَةٍ عَلَيْهَا صُوفٌ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ وَيَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ, فِي بَعْضِ الصُّوَرِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, قَالَ فِي الْكَافِي1: وَيَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ ذَاتِ صُوفٍ بِمِثْلِهَا وَجْهًا وَاحِدًا "قُلْت": وهذا مما لا3 شَكَّ فِيهِ, وَكَذَا بَيْعُ شَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ بِمِثْلِهَا وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهَادِي. وَقَالَ, ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: يَجُوزُ بَيْعُ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِشَاةٍ ذَاتِ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ, وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَوًى بِتَمْرٍ بِنَوَاهُ, قَالَ الشَّارِحُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ: يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا أَوْ مُتَسَاوِيًا انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَلَعَلَّ الْمَنْعَ يَتَنَزَّلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرِّبَوِيُّ مَقْصُودًا, وَالْجَوَازُ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ, وقد صرح بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْقَصْدِ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, وَيَشْهَدُ لَهُ تَعْلِيلُ الْأَصْحَابِ كُلِّهِمْ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ تَابِعٌ غير مقصود, "قلت": وهو الصواب.
التَّنْبِيهِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ "م 14" وَيُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ كُلِّ جِنْسَيْنِ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا نَقْدًا الْحُلُولُ وَالْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَيَحْرُمُ مُدَبَّرٌ بِمِثْلِهِ بِجِنْسِهِ أَوْ شَعِيرٌ وَنَحْوُهُ نَسِيئَةً, وَكَذَا إنْ صَرَفَ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ بِنَقْدٍ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا اختاره ابن عقيل وشيخنا, وذكره رواية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي بَيْعِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَالصُّوفِ بِمِثْلِهِمَا نَظَرٌ, إذْ الْمَذْهَبُ الصِّحَّةُ فِي ذَلِكَ, كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 فِي الثَّانِيَةِ, وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِمَا ضَعِيفٌ جِدًّا, فِيمَا يَظْهَرُ, لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ تَبَعًا, وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ نَوْعَيْ جِنْسٍ مُخْتَلِفَيْ الْقِيمَةِ بِنَوْعٍ مِنْهُ أَوْ نَوْعَيْنِ, فَقِيلَ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ, وَعَنْهُ: فِي النَّقْدِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ, اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. "رِوَايَةُ" الْجَوَازِ هِيَ الصَّحِيحَةُ, اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُمْ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ الْأَقْوَى عِنْدِي, وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ. وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ اخْتَارَهُ الْقَاضِي, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَجْهَانِ, وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ. وَرِوَايَةُ أَنَّهَا كَمُدِّ عَجْوَةٍ فِي النُّقُودِ لَا فِي غَيْرِهَا, لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اختارها.
وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَفِي النَّسَاءِ رِوَايَتَانِ "م 15" وَذَكَرَهُمَا جَمَاعَةٌ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الْعِلَّةِ, أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ رِبَوِيٍّ. وَمَا جَازَ تَفَاضُلُهُ كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ يَجُوزُ النَّسَاءُ فِيهِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ابْنَ الْعَاصِ بِابْتِيَاعِ بَعِيرٍ بِبَعِيرَيْنِ وَثَلَاثَةٍ نَسِيئَةً لِيُنْفِذَ جَيْشًا1, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فَإِنْ قِيلَ: لَعَلَّهُ ابْتَاعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لَا فِي ذِمَّتِهِ, لِأَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ الصَّدَقَةِ, قُلْنَا: إنَّمَا ابْتَاعَ فِي ذِمَّتِهِ, وَلِلْإِمَامِ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ, وَيَقْضِيهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَكَذَا أَجَابَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْمَالُ لَا يَثْبُتُ فِي مَالٍ, وَالدَّيْنُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الذِّمَمِ, وَمَتَى أُطْلِقَتْ الْأَعْوَاضُ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَمِ, وَلَوْ عُيِّنَتْ الدُّيُونُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ مَكِيلٍ بِمَوْزُونٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَفِي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذهب والمغني2 والكافي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابن منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ, قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ, وَصَحَّحَهُ فِي التصحيح.
أَعْيَانِ أَمْوَالٍ لَمْ يَصِحَّ, فَكَيْفَ إذَا أُطْلِقَتْ؟ فَعَلَى هَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْجِنْسُ شَرْطٌ مَحْضٌ, فَلَمْ يُؤَثِّرْ قِيَاسًا عَلَى كُلِّ شَرْطٍ, كالإحصان مع الزنا, وعنه: يحرم. فِعْلَةُ النَّسَاءِ الْمَالِيَّةِ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ إنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ, فَالْجِنْسُ أَحَدُ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ, فَأَثَّرَ, وَعَنْهُ: مُتَفَاضِلًا, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَمَتَى حَرُمَ, فَإِنْ كَانَ مَعَ أَحَدِهِمَا نَقْدٌ, فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ نَسِيئَةً جَازَ, وَإِنْ كَانَ نَقْدًا وَالْعِوَضَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةٌ لَمْ يَجُزْ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ يَحْرُمُ رِبَا فَضْلٍ, لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن تصارفا ذهبا بفضة عينا بعين
فصل: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَهَبًا بِفِضَّةٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَوْ بِوَزْنٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ خَبَّرَ صَاحِبَهُ فَوَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَطَلَ, قَالَ الشَّيْخُ. كَقَوْلِهِ: بِعْتُك هَذَا الْبَغْلَ فَإِذَا هُوَ حِمَارٌ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ لَازِمًا, وَعَنْهُ: لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ الْبَدَلِ, وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: بَطَلَ, وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ جَعْفَرٌ وَابْنُ الْحَكَمِ, وَالْأَشْهَرُ: لَهُ قَبُولُهُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ فِي الْمَجْلِسِ, وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جَعَلَا أَرْشَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ, لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ, كَبَيْعِ بُرٍّ بِشَعِيرٍ فَيَجِدُ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَيَأْخُذُ أَرْشَهُ دِرْهَمًا بَعْدَ التَّفَرُّقِ, وَلَهُ رَدُّهُ وَلَا بَدَلَ لَهُ, لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ, إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ: لَا تَتَعَيَّنُ النُّقُودُ. وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ: لَهُ رَدُّهُ وَبَدَلُهُ, وَلَمْ يُفَرَّقْ في العيب, وإن تصارف ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ, لِأَنَّ الْمَجْلِسَ كَحَالَةِ الْعَقْدِ, فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ, وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ, فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ: لَهُ بَدَلُهُ, لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْأَوَّلِ,
كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ, فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ إنْ بُذِلَ لَهُ, وَلَهُ أَخْذُ أَرْشٍ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَعَنْهُ: ليس له بدله, فيفسخ أو يمسك في الْجَمِيعِ, وَلَا أَرْشَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ "م 16" وَيُعْتَبَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ فِي الصَّرْفِ: وَإِنْ تَصَارَفَا ذَلِكَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ صَحَّ. فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا عَيْبًا فَلَهُ بَدَلُهُ, وَلَهُ الرِّضَا بِعَيْبٍ مِنْ جِنْسِهِ, فَإِنْ تَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ جِنْسِهِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ غَيْرُهُ فَعَنْهُ: لَهُ بَدَلُهُ,. وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ, وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ, فيفسخ أو يمسك في الجميع, ولا أرش بَعْدَ التَّفْرِقَةِ, انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" لَيْسَ لَهُ بَدَلُهُ, "1فيفسخ أو يمسك في الجميع ولا أرش2 بَعْدَ التَّفْرِقَةِ1", قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَهُ بَدَلُهُ, 1وَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ1, وَلَهُ أَخْذُ الْأَرْشِ 3بَعْدَ التَّفَرُّقِ3" وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ فِي الذِّمَّةِ وَتَفَرَّقَا ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمَا مَا قَبَضَهُ مَعِيبًا مِنْ جِنْسِهِ فَالصَّرْفُ صَحِيحٌ, ثُمَّ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ, فَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَهَلْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَبْطُلُ, وهو الصحيح, اختاره الخرقي والخلال والقاضي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ, فَعَلَى هَذِهِ الرَّاوِيَةِ لَهُ الْبَدَلُ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ, فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَهُ بَطَلَ الْعَقْدُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَبْطُلُ الْعَقْدُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَإِنْ اخْتَارَ الْإِمْسَاكَ فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ, لَكِنْ إنْ طَلَبَ مَعَهُ الْأَرْشَ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْجِنْسَيْنِ, عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا هُوَ الْمُحَقَّقُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَهُ الْأَرْشُ, على الرواية الثانية لا الأولى, انتهى.
قَبْضُ الْبَدَلِ فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ. وَإِنْ تَصَارَفَا ما يجب فيه التماثل فَكَذَلِكَ, وَقِيلَ: وَفِي الْأَرْشِ, وَهُوَ سَهْوٌ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَبْطُلَ كُلُّ عَقْدِ صَرْفٍ إنْ تَخَايَرَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَحْصُلَ التَّعْيِينُ قَبْضًا فِي الصَّرْفِ, وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ غَيْرُ التَّسْلِيطِ بِالْقَوْلِ مَعَ تَعْيِينِ الثَّمَنَيْنِ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ اُخْتُصَّ بِشُرُوطٍ. وَلَهُ التَّوْكِيلُ فِي قَبْضٍ فِي صَرْفٍ وَنَحْوِهِ مَا دَامَ مُوَكِّلُهُ بِالْمَجْلِسِ, لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِهِ. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: إنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ بِالْمَجْلِسِ هَلْ يَقُومُ وَارِثُهُ فِي قَبْضٍ حَتَّى يَبْقَى الْعَقْدُ؟ الصَّحِيحُ لَا يَبْقَى, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَخْرِيجُ فِي الْوَكِيلِ. وَيَجُوزُ اقْتِضَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ, عَلَى الْأَصَحِّ, إنْ حَضَرَ أَحَدُهُمَا, وَالْآخَرُ فِي الذِّمَّةِ مُسْتَقِرٌّ بِسِعْرِ يَوْمِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي بَيْعِ الْإِبِلِ بِالْبَقِيعِ1, وَلِأَنَّهُ قَضَاءٌ, فَكَانَ بِالْمِثْلِ, لَكِنْ هُنَا بِالْقِيمَةِ, لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ, وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 17" وَإِنْ كَانَا فِي ذِمَّتَيْهِمَا فَاصْطَرَفَا, فَنَصُّهُ: لا يصح, وخالفه شيخنا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ فِي الْمُقَاصَّةِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ حُلُولُهُ؟ على وجهين, انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَالزَّرْكَشِيُّ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. أَحَدُهُمَا لَا يُشْتَرَطُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" يُشْتَرَطُ, قَالَ فِي الْوَجِيزِ: حَالًّا. فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مسألة.
وَمَنْ وَكَّلَ غَرِيمَهُ فِي بَيْعِ سِلْعَةٍ وَأَخْذِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهَا فَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ, فَنَصُّهُ: لَا يَأْخُذُ, وَيُتَوَجَّهُ كَشِرَاءِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَمَنْ عَلَيْهِ دِينَارٌ فَبَعَثَ إلَى غَرِيمِهِ دِينَارًا وَتَتِمَّتُهُ دَرَاهِمُ. أَوْ أَرْسَلَ إلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ, فَقَالَ لِلرَّسُولِ: خُذْ حَقَّك مِنْهُ دَنَانِيرَ, فَقَالَ الَّذِي أَرْسَلَ إلَيْهِ: خُذْ صِحَاحًا بِالدَّنَانِيرِ, لَمْ يَجُزْ, لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ فِي الصَّرْفِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلِهَذَا لَوْ بَعَثَ الْمُدَّيْنِ مَعَ الرَّسُولِ بِغَيْرِ نَقْدٍ عَلَيْهِ رَهْنًا أَوْ قَضَاءً, فَذَهَبَ, فَمَنْ الْبَاعِثُ. وَمَتَى صَارَفَهُ فَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ مِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ مِنْهُ بِلَا مُوَاطَأَةٍ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْمَجْلِسِ, وَمَنَعَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى إلَّا أَنْ يَمْضِيَ لِيُصَارَفَ غَيْرَهُ فَلَمْ يَسْتَقِمْ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وغيره: ما يعجبني إلا أن يمضي فَلَمْ يَجِدْ, وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: مِنْ غَيْرِهِ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَإِنْ شَرَطَ شَرْطًا فِي صَرْفٍ, نَحْوَ إنْ خَرَجَ رَدِيئًا رَدَدْته, فَقَالَ أَحْمَدُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يَجُوزُ, وَقَالَ: مَكْرُوهٌ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو الْحَارِثِ: إنْ تَصَارَفَا فَخَرَجَ فِي الدَّرَاهِمِ رَدِيءٌ لَهُ مَا لَمْ يُشْتَرَطْ وَالدَّرَاهِمُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ, فَلَا تُبَدَّلُ, وَإِنْ بَانَتْ مَغْصُوبَةً بَطَلَ, وَمَعِيبَةً مِنْ جِنْسِهَا لَهُ الرَّدُّ, وَمِنْ غَيْرِهِ يَبْطُلُ, وَعَنْهُ: لَا يَتَعَيَّنُ, فَتُبَدَّلُ مَعَ غَصْبٍ وَعَيْبٍ, وَإِنْ نَذَرَ صَدَقَةً بِدِرْهَمٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَتَعَيَّنُ, فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ, وَيَضْمَنُهُ عَلَى الْأَوَّلِ, وَسَلَّمَ الْحَنَفِيَّةُ التَّعْيِينَ فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ, قَالُوا: لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي ذَلِكَ حُكْمُ الْقَبْضِ, وَفِي غَيْرِهِ الثمن حكم العقد يأتي عقبه. وَتَجُوزُ مُعَامَلَةٌ بِمَغْشُوشِ جِنْسِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ, وَكَرِهَهُ أَبُو الْمَعَالِي لِغَيْرِهِ, وَيَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَهُمَا فِي ضَرْبِهِ, وَجَوَّزَ أَبُو الْمَعَالِي الْمُعَامَلَةَ إنْ اشْتَهَرَ قَدْرُهُ, وَإِنْ جُهِلَ وَغِشُّهُ مَقْصُودٌ يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ مَازَجَ لَا فِي الذِّمَّةِ, وَغَيْرُ الْمَقْصُودِ بَاطِنًا يَجُوزُ مُعَيَّنًا إنْ لَمْ يُمَازِجْ, قَالَ شَيْخُنَا: الْكِيمْيَاءُ غِشٌّ, وَهِيَ تَشْبِيهُ الْمَصْنُوعِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِ بِالْمَخْلُوقِ, بَاطِلَةٌ فِي الْعَقْلِ, مُحَرَّمَةٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ, ثَبَتَ عَلَى الرُّوبَاصِ1 أَوْ لَا, وَيَقْتَرِنُ بِهَا كَثِيرًا السِّيمِيَاءُ, الَّتِي هِيَ مِنْ السِّحْرِ وَالزُّجَاجُ مَصْنُوعٌ لَا مَخْلُوقٌ. وَمَنْ طَلَبَ زِيَادَةَ2 الْمَالِ بِمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُوقِبَ بِنَقِيضِهِ, كَالْمُرَابِي, وَهِيَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا مِنْهُ, وَلَوْ كَانَتْ حَقًّا مُبَاحًا لَوَجَبَ فِيهَا خُمُسٌ أَوْ زَكَاةٌ, وَلَمْ يُوجِبْ عَالِمٌ فِيهَا شَيْئًا. وَالْقَوْلُ بِأَنَّ قَارُونَ عَلِمَهَا بَاطِلٌ, وَلَمْ يَذْكُرْهَا وَيَعْمَلْهَا إلَّا فَيْلَسُوفٌ أَوْ اتِّحَادِيٌّ أَوْ مَلِكٌ ظالم. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا نَسِيئَةً أَوْ بِثَمَنٍ لَمْ يَقْبِضْهُ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ, وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْأَكْثَرُ, ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: نَقْدًا, وَلَمْ يَقُلْهُ أَحْمَدُ وَالْأَكْثَرُ, وَلَوْ بَعْدَ حِلِّ أَجَلِهِ, نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِي, بَطَلَ الثَّانِي "1نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ, لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا, وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ, وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ1" إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ فِي نَفْسِهِ أَوْ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ ثَمَنِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ: بِعَرَضٍ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, أَوْ يَشْتَرِيه بِمِثْلِ ثَمَنِهِ, أَوْ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِيهِ, لَا مِنْ وَكِيلِهِ, وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ: إنْ وَجَدَهُ مَعَ آخَرَ يَبِيعُهُ بِالسُّوقِ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ؟ قَالَ: لَا, لَعَلَّهُ دَفَعَهُ ذَاكَ إلَيْهِ يَبِيعُهُ. وَتُوُقِّفَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَا إذَا نَقَصَ فِي نَفْسِهِ, وَحَمَلَهُ فِي الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ نَقْصَهُ أَقَلُّ مِنْ النَّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ, فَتَكُونُ عِلَّةُ الْمَنْعِ بَاقِيَةً, وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْعَيِّنَةِ, وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَجُوزُ قِيَاسًا, وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ: لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا, وَكَذَا فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: الْقِيَاسُ صِحَّةُ الْبَيْعِ, وَمُرَادُهُمْ أَنَّ الْقِيَاسَ خُولِفَ لِدَلِيلٍ رَاجِحٍ, فَلَا خِلَافَ إذًا فِي الْمَسْأَلَةِ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ الْأَوَّلُ إذا كان بتاتا بلا مُوَاطَأَةَ, وَإِلَّا بَطَلَا, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ "وهـ م" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ هَذَا, إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ إذَا قَصَدَ بِالْأَوَّلِ الثَّانِيَ يَحْرُمُ, وَرُبَّمَا قُلْنَا بِبُطْلَانِهِ. وَقَالَ أَيْضًا يحتمل1 إذَا قَصَدَا أَنْ لَا يَصِحَّا, وَإِنْ سَلَّمَ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ خَلَا عَنْ ذَرِيعَةِ الرِّبَا. وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: بِئْسَ مَا شَرَيْت وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْت2. أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ. قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ فَعَلَهَا: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُكْتَبَ عَنْهُ الْحَدِيثُ. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْوَرَعِ, لِأَنَّهُ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ, مَعَ أَنَّهُ ذُكِرَ عَنْ قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَبْطَلَ جِهَادَهُ, أَنَّهَا أَوْعَدَتْ عَلَيْهِ. وَمَسَائِلُ الْخِلَافِ لَا يَلْحَقُ فِيهَا الْوَعِيدُ, وَعَكْسُ الْعَيِّنَةِ مِثْلُهَا, نَقَلَهُ حَرْبٌ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَجُوزُ بِلَا حِيلَةٍ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَبِيعُ الشَّيْءَ بِمَ يَجِدُهُ يُبَاعُ أَيَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِالنَّقْدِ قَالَ: لَا, وَلَكِنْ بِأَكْثَرَ لَا بَأْسَ, وَلَوْ احْتَاجَ إلَى نَقْدٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَهِيَ التَّوَرُّقُ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ كَانَ لَا يُرِيدُ بَيْعَ الْمَتَاعِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ مِنْك هُوَ أَهْوَنُ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ بَيْعَهُ فَهُوَ الْعَيِّنَةُ, وَإِنْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ, وَهِيَ الْعَيِّنَةُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَكَرِهَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ لَا يَبِيعَ الرَّجُلُ إلَّا نَسِيئَةً, مَعَ جَوَازِهِ, وَمَنْ بَاعَ غَرِيمَهُ بِزِيَادَةٍ لِيَصْبِرَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ, وَلَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا نَسِيئَةً حَرُمَ أَخْذُهُ عَنْ ثَمَنِهِ مَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً, لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ, قَالَهُ أَحْمَدُ, وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا لِحَاجَةٍ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ مُطْلَقًا, وَقَالَ: قِيَاسُ مَسْأَلَةِ الْعَيِّنَةِ أخذ غير جنسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ قَطْعُ دِرْهَمٍ وَقِطْعَةٍ وَدِينَارٍ وَكَسْرُهُ وَلَوْ بِصِيَاغَةٍ, وَإِعْطَاءُ سَائِلٍ إلَّا الرَّدِيءَ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمْ إلَّا مِنْ بَأْسٍ1, وَهُوَ خَبَرٌ ضَعِيفٌ, وَبِأَنَّهُ فَسَادٌ فِي الْأَرْضِ, وَعَنْهُ: كَرَاهَةُ التَّنْزِيَةِ, قَالَهُ الْقَاضِي, وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي, قَالَ: وَالْبَأْسُ أَنْ يُخْتَلَفَ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ هَلْ هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ فَيُكْسَرُ لِهَذَا الْمَعْنَى, وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَكْسِرُ الزُّيُوفَ وَهُوَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ2. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الدَّرَاهِمِ عِنْدَ الضَّرْبِ. وَقَدْ نَهَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ الْكَسْرِ, لِمَا عَلَيْهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى, فَيَتَنَاثَرُ عِنْدَ الْكَسْرِ, قَالَ: وَيُكْرَهُ نَثْرُهَا عَلَى الرَّاكِبِ, لِوُقُوعِهَا تَحْتَ أَرْجُلِ الدَّوَابِّ, كَذَلِكَ قَالَ: وَلَمْ يَضْرِبْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ الدَّرَاهِمَ وَإِنَّمَا ضُرِبَتْ عَلَى عَهْدِ الْحَجَّاجِ, قَالَهُ أَحْمَدُ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ مَعَهُ دِينَارٌ, فَقِيلَ لَهُ: هُوَ رَدِيءٌ أَوْ جَيِّدٌ, فَجَاءَ بِهِ رَجُلًا فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ رَدِيءٌ: لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ فِي الْوَزْنِ بِحَبِّ الشَّعِيرِ, قَدْ يتفاضل: يعير ثم يوزن به. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب السلم والتصرف في الدين
باب السلم والتصرف في الدين مدخل ... باب السلم والتصرف في الدين يَصِحُّ بِلَفْظِهِ وَلَفْظِ السَّلَفِ وَالْبَيْعِ بِشُرُوطٍ: أَحَدُهَا ضَبْطُ صِفَاتِهِ, كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ, وَالْمَذْهَبُ: وَمَزْرُوعٍ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَحَيَوَانٍ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ, وَفِي معدود كفواكه وبقول وجلود ورءوس وبيض روايتان "م 1 - 3" السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ وفيما خلطه مقصود متميز كثياب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَفِي مَعْدُودٍ كَفَوَاكِهَ وَبِقَوْلٍ وَجُلُودٍ وَرُءُوسٍ وَبَيْضٍ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, ذَكَرَ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْإِرْشَادِ1 وَالْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا يَصِحُّ فِي مَعْدُودٍ مُخْتَلِفٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا أَرَى السَّلَمَ فِي الرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تذكرته, وصححه في تصحيح المحرر. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْبَيْضِ أم لا؟ أطلق الخلاف, والحكم فيه
مَنْسُوجَةٍ مِنْ نَوْعَيْنِ وَخِفَافٍ وَنُشَّابٍ وَنَبْلٍ وَرِمَاحٍ, وَقِيلَ: وَقِسِيٍّ وَجْهَانِ "م 4 و 5" لَا جَوْهَرَ ونحوه ويصح في جبن وخل وتمر ولبن وخبز ـــــــــــــــــــــــــــــQكَالْحُكْمِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا, وَتَقَدَّمَ كَلَامُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْجُلُودِ وَالرُّءُوسِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا يَصِحُّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَوْلَى, وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ فِي مَكَان آخَرَ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي التَّبْصِرَةِ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. "مَسْأَلَةٌ 4, 5" قَوْلُهُ: وَفِيمَا خَلْطُهُ مَقْصُودٌ مُتَمَيِّزٌ كَثِيَابٍ مَنْسُوجَةٍ مِنْ نَوْعَيْنِ وَخِفَافٍ وَنُشَّابٍ وَنَبْلٍ وَرِمَاحٍ, وَقِيلَ: وَقِسِيٍّ وَجْهَانِ, انْتَهَى. مَسْأَلَتَانِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ المنسوجة من نوعين أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قطع به في المغني5 والوجيز وغيرهما,
وَلَحْمٍ وَلَوْ مَعَ عَظْمِهِ, وَيُعْتَبَرُ مَوْضِعُ لَحْمٍ مِنْ الْحَيَوَانِ كَلَحْمِ فَخْذٍ أَوْ جَنْبٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: السَّلَمُ فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ, وَيُسَمَّى مَاعِزٌ غَثٌّ أَوْ سَمِينٌ. وَيَصِحُّ فِي شَحْمٍ, قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنَّهُ يَخْتَلِفُ, قَالَ: كُلُّ سَلَفٍ يَخْتَلِفُ, وَسَكَنْجَبِينٍ1 وَنَحْوِهَا, لِأَنَّ خَلْطَهُ لِمَصْلَحَتِهِ, وَلَبَنٍ2 فِيهِ مَاءٌ يَسِيرٌ وَدُهْنِ بَنَفْسَجٍ وَوَرْدٍ وَنَحْوِهَا. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا فِي لَبَنٍ حَامِضٍ, لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَلَا يَنْضَبِطُ, ولا ما خلطه3 مالا4 ينفعه كَمَا فِي لَبَنٍ وَمِشٍّ5 فِي ذَهَبٍ, أَوْ لَا يَتَمَيَّزُ كَنَقْدٍ مَغْشُوشٍ وَمَعَاجِينَ وَنَدٍّ6 وَغَالِيَةٍ7, وَفِيهَا فِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ, وَحَيَوَانٍ حَامِلٍ وَأَمَةٍ وَوَلَدِهَا, لِنُدْرَةِ جَمْعِهِمَا الصِّفَةَ, وَقِيلَ: وَلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَمَشْوِيٍّ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي لُؤْلُؤٍ وَنَحْوِهِ وَخَلِفَاتٍ8 وَمَعَاجِينَ مَنْعٌ فِي الْكُلِّ, ثم تسليم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْكَافِي9 وَالشَّرْحِ10 وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْخِفَافِ وَالنُّشَّابِ وَالنَّبْلِ الْمُرَيَّشِ
فِي اللُّؤْلُؤِ, ثُمَّ تَسْلِيمٌ فِي الْكُلِّ. وَفِي شَهْدٍ وَعَقِيقٍ وَآنِيَةٍ مُخْتَلِفَةِ الرَّأْسِ وَالْوَسَطِ وَجْهَانِ "م 6 - 8" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّمَاحِ أَمْ لَا يَصِحُّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ ذَلِكَ حُكْمُ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ نَوْعَيْنِ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ, وَقَدَمَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التي قبلها. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَفِي شَهْدٍ وَعَقِيقٍ وَآنِيَةٍ مُخْتَلِفَةِ الرَّأْسِ وَالْوَسَطِ وَجْهَانِ, انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الشَّهْدِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" هَلْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْعَقِيقِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِمَا. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 8" هَلْ يَصِحُّ فِي الْآنِيَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الرُّءُوسِ وَالْأَوْسَاطِ أَمْ لَا يَصِحُّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
الثَّانِي" ذِكْرُ مَا يَخْتَلِفُ بِهِ ثَمَنُهُ غَالِبًا, كَقَدْرِهِ وَنَوْعِهِ وَبَلَدِهِ وَحَدَاثَتِهِ وَجَوْدَتِهِ وَضِدِّهِمَا, وَيَذْكُرُ فِي الْأَصَحِّ مَا يُمَيِّزُ مُخْتَلِفَ النَّوْعِ, وَسِنَّ الْحَيَوَانِ وَذُكُورَتَهُ وَأُنُوثَتَهُ وَسِمَنَهُ وَهُزَالَهُ, وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا, وَهَلْ الْآلَةُ أُحْبُولَةٌ أَوْ كَلْبٌ أَوْ فَهْدٌ أَوْ صَقْرٌ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ: لَا يُشْتَرَطُ هَذَا, لِأَنَّهُ يَسِيرٌ, قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الرَّقِيقِ ذِكْرُ سِمَنٍ وَهُزَالٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَتَبَايَنُ بِهِ الثَّمَنُ فَهَذَا أَوْلَى, وَالطُّولُ بِالشِّبْرِ مُعْتَبَرٌ فِي الرَّقِيقِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فَإِنْ كَانَ رَجُلًا ذَكَرَ طَوِيلًا أَوْ رَبْعًا أَوْ قَصِيرًا. وَفِي ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ1 وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَنَحْوِهَا وجهان "م 9" وفي عيون المسائل: يعتبر ذكر الوزن في الطير ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الْكَبِير وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وغيرهم. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُضْبَطُ بِارْتِفَاعِ حَائِطِهِ وَدُورٍ أَسْفَلَهُ وَأَعْلَاهُ "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَفِي ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَالْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ وَنَحْوِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْكُحْلِ وَالدَّعَجِ وَثِقَلِ الْأَرْدَافِ وَوَضَاءَةِ الْوَجْهِ, وَكَوْنِ الْحَاجِبَيْنِ مَقْرُونَيْنِ وَالشَّعْرِ سَبْطًا أَوْ جَعْدًا أَوْ أَشْقَرَ, أَوْ أَسْوَدَ, وَالْعَيْنِ زَرْقَاءَ, وَالْأَنْفِ أَقْنَى, فِي صِحَّةِ السلم وجهان, انتهى.
كَالْكُرْكِيِّ وَالْبَطِّ, لِأَنَّ الْقَصْدَ لَحْمُهُ وَيَنْزِلُ الْوَصْفُ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ بِلُغَةٍ يَفْهَمُهَا غَيْرُهَا لِيَرْجِعَ إلَيْهِمْ عِنْدَ التَّنَازُعِ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَيَذْكُرُ فِي الْعَسَلِ الْمَكَانَ بَلَدِيٌّ جَبَلِيٌّ, وَالزَّمَانَ رَبِيعِيٌّ خَرِيفِيٌّ, وَاللَّوْنَ, لَا قِدَمَهُ وَحَدَاثَتَهُ. وَلَا يَصِحُّ شرط الأجود, وفي الأردأ وجهان "م 10" وَلَهُ أَخْذُ نَوْعٍ آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ, كَدُونِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذَلِكَ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: قَالَهُ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا, قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُمَا, وَيَذْكُرُ الثُّيُوبَةَ وَالْبَكَارَةَ, وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجُعُودَةِ وَالسُّبُوطَةِ, انْتَهَى. وَاخْتَارَ الِاشْتِرَاطَ فِي الْجَمِيعِ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ ذَلِكَ, وَيَصِحُّ السَّلَمُ بِدُونِ ذِكْرِهِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْخِصَالِ. "مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الْأَجْوَدِ, وَفِي الْأَرْدَأِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ والمستوعب وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لِأَنَّ طَلَبَ الْأَرْدَأِ مِنْ الْأَرْدَأِ عِنَادٌ فلا يثور فيه نزاع. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ, وَصَحَّحَهُ
شَرْطِهِ مِنْ نَوْعِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُهُ. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, كَغَيْرِ جِنْسِهِ, نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ. وَنَقَلَ فِيهِ جَمَاعَةٌ: يَأْخُذُ أَدْنَى, كَشَعِيرٍ عَنْ بُرٍّ بِقَدْرِ كَيْلِهِ, وَلَا يَرْبَحُ مَرَّتَيْنِ, وَاحْتَجَّ بِابْنِ عَبَّاسٍ1, وَبِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ, وَيَلْزَمُهُ أَخْذُ أَجْوَدَ مِنْ نَوْعِهِ, فِي الْأَصَحِّ كَشَرْطِهِ وَلَوْ تَضَرَّرَ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ. وَحَكَى رِوَايَةً, نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ: لَا يَأْخُذُ فَوْقَ صِفَتِهِ بَلْ دُونَهَا, وَيَجُوزُ دَفْعُ عِوَضِ زِيَادَةِ الْقَدْرِ لَا الْجُودَةِ وَلَا الرَّدَاءَةِ. وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا فَلَهُ أَرْشُهُ أَوْ رَدُّهُ. "الثَّالِثُ" ذِكْرُ قَدْرِهِ بِالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ أَسْلَفَ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ عَلَى غَلَّةٍ بِحُكْمِ أَنَّهُ إذَا حَلَّ دَفَعَ الْغَلَّةَ بِأَنْقَصَ مِمَّا تُسَاوِي بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ: هَذَا سَلَفٌ بِنَاقِصٍ عَنْ السِّعْرِ بِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ, فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَبِيعَهُ بِسِعْرِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ أَوْ بِزِيَادَةٍ دِرْهَمٍ فِي الْغَرَارَةِ أَوْ نَقْصِ دِرْهَمٍ فِيهَا. وَفِي الْبَيْعِ بِالسِّعْرِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ, الْأَظْهَرُ جَوَازُهُ, لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ وَلَا غَرَرَ, وَلِأَنَّ قِيمَةَ الْمِثْلِ الَّتِي تَرَاضَيَا بِهَا 2أَوْلَى مِنْ قِيمَةِ مِثْلٍ لم يتراضيا بها2, وَمَنْ قَالَ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ فَإِذَا تَرَاضَيَا بِهِ جَازَ. وَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِي مَكِيلٍ وَزْنًا وَفِي مَوْزُونٍ كَيْلًا رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ "م 11" فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أو ميزانه أو ذراعه وليس لها ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه وتجريد العناية, وهو الصواب. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِي مَكِيلٍ وزنا وموزون كيلا روايتان,
عُرْفٌ لَمْ يَصِحَّ, كَقَوْلِهِ: فِي مِثْلِ هَذَا الثَّوْبِ, وَإِلَّا صَحَّ, وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَصَحِّ وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ "م 12" وَأَطْلَقَ أَبُو الخطاب روايتين في صحة عقد بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ, وَيُسَلَّمُ فِي مَعْدُودٍ غَيْرِ حَيَوَانٍ يتقارب عددا. وعنه: وزنا, مطلقا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْصُوصَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْعَامَّةِ, انْتَهَى. "قُلْت": مِنْهُمْ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالْخُلَاصَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْبُلْغَةِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَصِحُّ, زَادَهَا الشَّارِحُ فِي مَتْنِ الْمُقْنِعِ2, وَاخْتَارَهَا هُوَ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. "مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ مِكْيَالَ رَجُلٍ أَوْ مِيزَانَهُ أَوْ ذِرَاعَهُ وَلَيْسَ لَهَا عُرْفٌ لَمْ يَصِحَّ, وَإِلَّا صَحَّ. وَلَا يَتَعَيَّنُ فِي الْأَصَحِّ, وَفِي فَسَادِ الْعَقْدِ وجهان, انتهى وأطلقهما في التلخيص والزركشي. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وَابْنِ رَزِينٍ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لا يصح.
وَعَنْهُ: عَكْسُهُ. "الرَّابِعُ" ذِكْرُ أَجَلٍ مَعْلُومٍ. نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لَهُ وَقَعَ فِي الثَّمَنِ عَادَةً, قَالَهُ أَصْحَابُنَا كَشَهْرٍ, وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ, وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ, لِأَنَّهُ بَاعَ مَجْهُولًا لَا يَمْلِكُهُ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ, فَرَخَّصَ فِيهِ لِحَاجَةِ الْمُفْلِسِ, وَلَا حَاجَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ, وَهَذَا إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَجَلِ فِي الْجُمْلَةِ, مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: هُوَ مُعْتَمَدُ الْمَسْأَلَةِ وَسِرُّهَا. وَفِي الْوَاضِحِ: قَدَّرَهُ أَصْحَابُنَا بِشَهْرٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ حَالًّا, مِنْ نَقْلِ أَبِي طَالِبٍ: أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: لَا يَحْتَاجُ إلَى أَجَلٍ, وَهُوَ قِيَاسٌ, وَلَكِنْ إلَى أَجَلٍ أَحَبُّ إلَيَّ, وَهِيَ مَعَ بَقِيَّةِ النُّصُوصِ تَدُلُّ عَلَى الْأَجَلِ الْقَرِيبِ. وَحَمَلَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ, كَذَا قَالَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ, لِإِطْلَاقِ الْأَمْرِ بِالْأَجَلِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ فِي شَهْرِ كَذَا وَتَأْجِيلُهُ بِشَهْرٍ رُومِيٍّ وَنَيْرُوزَ وَنَحْوِهِ, وَقِيلَ: يَصِحُّ تَوْقِيتُهُ بِجُمَادَى, وَيَنْزِلُ عَلَى الْأَوَّلِ, وَلَوْ قَالَ: إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ, حل بأوله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا مَعْلُومًا صَحَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: إنْ بين قسط كل أَجَلٍ وَثَمَنَهُ. وَإِنْ أَسْلَمَ ثَمَنًا فِي جِنْسَيْنِ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يُبَيِّنَ ثَمَنَ كُلِّ جِنْسٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ, وَمِثْلُهُ ثَمَنَيْنِ فِي جِنْسٍ, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد, وَقِيلَ: يَجُوزُ, فَيَرْجِعُ إنْ تَعَذَّرَ بِقِسْطِهِمَا. وَإِنْ أَتَاهُ بِالسَّلَمِ أَوْ غيره قبل محله ولا ضرر في أخذه1 لَزِمَهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَنَقَلَ بَكْرٌ وَحَنْبَلٌ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ: لَا يَلْزَمُهُ, وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ, لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ فَيَرِقُّ, وَلِأَنَّ بَقَاءً فِي مِلْكِهِ حَقٌّ لَهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ. وَذَكَرَ فِي الْمَذْهَبِ فِيهِ يَلْزَمُهُ مَعَ ضَرَرٍ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ, وَأَطْلَقَهُ فِيهِ أَحْمَدُ وَالْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُسَلَّمِ فِيهِ إنْ كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أَوْ حَدِيثُهُ لَزِمَهُ قَبْضُهُ وَإِلَّا فَلَا, وَجَزَمَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَتْلَفُ أَوْ يَتَغَيَّرُ قَدِيمُهُ أَوْ حَدِيثُهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ, لِلضَّرَرِ, وَيَتَوَجَّهُ تَخَرُّجُ رِوَايَةِ: لَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ دَيْنِ الْكِتَابَةِ أَوْ أَوْلَى, ولهذا في لزومه فيه مع ضرر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِلَافٌ, يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ قَاسُوا اللُّزُومَ عَلَى لُزُومِهِ أَخْذَ زِيَادَةٍ فِي الصِّفَةِ, وَسَبَقَ فِيهِ خِلَافٌ, وَإِنْ أَبَى بَرِئَ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمَكْفُولِ بِهِ, وَالْمَشْهُورُ: يَرْفَعُهُ إلَى حَاكِمٍ فَيَنُوبُ عَنْهُ فِي قَبْضِهِ وَيْحُكُمْ بِعِتْقِهِ, نَقَلَ حَرْبٌ: إنْ أَبَى مَوْلَاهُ الْأَخْذَ مَا أَعْلَمُ زَادَهُ إلَّا خَيْرًا. وَقَالَ فِيهِ1 حَدِيثٌ يُرْوَى, قُلْت: حَدِيثُ عُثْمَانَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ لَهُ: ضَعْهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ, وَخَلَّى سَبِيلَهُ2. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فِي مَكَانِ تَسْلِيمِهِ, نَقَلَهُ حَرْبٌ, وَقَدَّرَ أَجَلَهُ, وَالْأَصَحُّ: وَحُلُولُهُ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَقَلَ حَرْبٌ: إذَا اخْتَلَفَا فِي أَجَلِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ. "الْخَامِسُ" غَلَبَةُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مَحِلِّهِ, وَإِنْ عُدِمَ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ عَيَّنَ نَاحِيَةً تَبْعُدُ فِيهَا آفَةٌ, فَإِنْ أَسْلَمَ فِي نِتَاجٍ مِنْ فَحْلِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ غَنِيِّهِ وَنَحْوِهِ أَوْ فِي ثَمَرَةِ بُسْتَانٍ بِعَيْنِهِ أَوْ زَرْعِهِ لَمْ يَصِحَّ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ: يَصِحُّ إنْ بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ اُسْتُحْصِدَ, وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ3, وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ: إنْ أَمِنَ عَلَيْهَا الْجَائِحَةَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً, فَعَنْهُ: يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا, وَعَنْهُ: لَا, وَأَنَّ عَلَيْهَا يَشْتَرِطُ عَدَمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ, وَإِنْ تَعَذَّرَ أَوْ بَعْضُهُ وَقِيلَ: أَوْ انْقَطَعَ وَتَحَقَّقَ بَقَاؤُهُ فَلَهُ الصَّبْرُ أَوْ فَسْخُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ, وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الْمَوْجُودَ أَوْ بَدَلَهُ, وَقِيلَ: يَنْفَسِخُ بِالتَّعَذُّرِ, وَقِيلَ: إنْ تَعَذَّرَ بَعْضُهُ فَسَخَ الكل أو صبر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"السَّادِسُ" قَبْضُ الثَّمَنِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وهل يشترط معرفة قدره وصفته أم تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ "م 13" وَيَقَعُ الْعَقْدُ بِقِيمَةِ مِثْلِيٍّ, لِأَنَّهُ قَدْ يَضْمَنُهُ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ, وَهُوَ رِبًا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِ, وَكَذَا الْأُجْرَةُ. وَيَصِحُّ إسْلَامُ عَرَضٍ1 فِي عَرَضٍ أَوْ فِي ثمن, على ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" يُشْتَرَطُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ, وَتَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ, وَهُوَ ظاهر كلام الخرقي, لأنه لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شُرُوطِ السَّلَمِ, وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَاخْتَارَهُ ابن عبدوس في تذكرته.
الْأَصَحِّ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَبِالْمَنَافِعِ كَمَسْأَلَتِنَا وَيُسَلَّمُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَصِحُّ فِي عَيْنِ كَذَا أَوْ شَجَرَةٍ نَابِتَةٍ. وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً فَبِيعَ بِلَفْظِ سَلَمٍ فَيَقْبِضُ ثَمَنَهُ فِيهِ, وَذَكَرَ فِي التَّبْصِرَةِ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِنْ الشَّرْطِ. وَيَجِبُ الْوَفَاءُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَهُ أَخْذُهُ فِي غَيْرِهِ إنْ رَضِيَا لَا مَعَ أُجْرَةِ حَمْلِهِ إلَيْهِ, قَالَ الْقَاضِي: كَأَخْذِ بَدَلِ السَّلَمِ, وَيَصِحُّ شَرْطُهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ, وَعَنْهُ: لَا, وَعَنْهُ: لَا فِي غَيْرِهِ, فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْوَفَاءِ كَبَرٍّ أَوْ بَحْرٍ اُشْتُرِطَ ذِكْرُهُ. وقال القاضي: لا. ويوفي بأقربه له1 وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ لَا لَهُ1 مَعَ الْغَرِيمِ لَا الضَّامِنِ, وَعَنْهُ: لَا, ذَكَرَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ, وَفِي بَعْضِهِ روايتان "م 14" ولا يشترط قبض الثمن أَوْ بَدَلِهِ إنْ تَعَذَّرَ فِي مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ, خلافا لأبي الخطاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِي السَّلَمِ. وَفِي بعضه روايتان, انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْكَافِي4 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وغيرهم,
وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَا يُشْتَرَطُ فِي ثَمَنٍ, لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُ رَدُّ الثَّمَنِ الْمَوْجُودِ فَإِنْ أَخَذَ بَدَلَهُ ثَمَنًا وَهُوَ ثَمَنٌ فَصَرْفٌ, وَإِلَّا فَبَيْعٌ, يَجُوزُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى. وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الكبرى وغيرهم.
فصل: يصح بيع الدين المستقر من الغريم لا من غيره
فَصْلٌ: يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ يَحِقُّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ "م 15" وَعَنْهُ: يصح منهما. قاله شيخنا, نص ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ, وَفِي رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ بِحَقٍّ لَهُ رِوَايَتَانِ فِي الِانْتِصَارِ, ذَكَرَهُمَا فِي الْمُشَاعِ, "قُلْت": الصَّوَابُ صِحَّةُ رَهْنِهِ عِنْدَ مَدِينٍ, وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: يَجُوزُ رَهْنُ مَا يَصِحُّ بَيْعُهُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أَثْنَاءِ بَابِ الرَّهْنِ: فصل, ولا يصح رهن دين بحال.
عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ, وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ صَاحِبِهِ, كَدَيْنِ السَّلَمِ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ فِيهِ, اخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ, لَكِنْ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ فَقَطْ لِئَلَّا يَرْبَحَ فِيمَا لَمْ يَضْمَنْ, قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي بَدَلِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ, وَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ, وَجَوَازُ التَّصَرُّفِ لَيْسَ مُلَازِمًا لِلضَّمَانِ, فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ أَحْمَدَ, وَكَالثَّمَنِ, لَكِنْ مَنَعَهُ أَحْمَدُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ, وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ عَبَّاسٍ, وَأَحْمَدُ تَبِعَهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّنْزِيهِ أَوْ إذَا أَخَّرَ قَبَضَ مَا يُعْتَبَرُ قَبْضُهُ فِي رِبَا النَّسِيئَةِ, وَهَذَا الثَّانِي أَشْبَهُ بِنُصُوصِهِ وَأُصُولِهِ, وَهُوَ مُوجَبُ الدَّلِيلِ, لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ, وَلِأَنَّ بَيْعَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَائِعِهِ, فَلَا قَبْضَ, لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي قَبْضِهِ مِنْهُ ثُمَّ رَدِّهِ إلَيْهِ, وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: أَنَّهُ كَرِهَ لِمُقْرِضِ بُرٍّ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهِ شَعِيرًا إلَّا مِثْلَ كَيْلِهِ. وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ "م 16" لَا رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ بَعْدَ فَسْخِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَإِنْ بَاعَهُ بِدَيْنٍ لَمْ يَجُزْ, وَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ إنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ نَسِيئَةً أَوْ بِمَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ, وَإِلَّا فَلَا, وَقِيلَ: بَلَى. وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ دين لغير غريم, ونقل حرب يصح "وم" وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا رِوَايَتَيْنِ فِيهِ وَفِي بَيْعِهِ مِنْ غيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَفِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَجْهَانِ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ مِنْ الْبُيُوعِ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ, وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِهَا, وَلَمْ يَزِدْ, انْتَهَى. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" يَصِحُّ, وهو ظاهر كلامه في المنور.
وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ, وَيَدُهُ قِيلَ: يَدُ أَمَانَةٍ, وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ, لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عوض عما له "م 17" وفي طريقة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَمَنْ قَبَضَ دَيْنًا جُزَافًا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي قَدْرِهِ مَعَ يَمِينِهِ, وَيَدُهُ قِيلَ: يَدُ أَمَانَةٍ, وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ لِمَالِكِهِ, لِأَنَّهُ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّهُ عِوَضٌ عَمَّا لَهُ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا يَضْمَنُهُ, وَقَدْ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي طَرِيقَتِهِ كَمَا حَكَاهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَضْمَنُهُ, لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي1 فِي تَعْلِيلِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ فِي مَسْأَلَةِ الْكِيسِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ قَالَ خُذْ مِنْ هَذَا الْكِيسِ قَدْرَ حَقِّك فَفَعَلَ لَمْ يَكُنْ قَابِضًا حَقَّهُ قَبْلَ وَزْنِهِ, وَبَعْدَهُ وَجْهَانِ, وَمَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ يَكُونُ كَالْمَقْبُوضِ لِلسَّوْمِ, وَالْكِيسُ وَبَقِيَّتُهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ, كَالْوَكِيلِ, انْتَهَى. فَحُكِمَ بِأَنَّ قَدْرَ حَقِّهِ مَعَ عَدَمِ الصِّحَّةِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ, وَأَنَّ الزَّائِدَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ, وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ, وَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ مِنْ غَيْرِ تفصيل. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ قَبْلَ أَنْ يَزِنَهُ أَوْ بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ أَيْضًا.
بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي ضَمَانِ الرَّهْنِ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَيْنًا وَقَالَ خُذْ حَقَّك مِنْهَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهَا وَلَا يَضْمَنُهَا بِتَلَفِهَا. قَالَ: وَمَنْ قَبَضَ دَيْنَهُ ثُمَّ بَانَ لَا دَيْنَ لَهُ ضمنه ش" قَالَ: وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ عَيْنًا ثُمَّ بَانَ أَنْ1 لَا دَيْنَ لَهُ بَطَلَ الْبَيْعُ "هـ" قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخْذِ مَالِ غَيْرِهِ لَمْ يُبَادِرْ إلَى إيجَابِ ضَمَانِهِ حَتَّى يُفَسِّرَ صِفَتَهُ أَعُدْوَانًا أَمْ مُبَاحًا, وَإِنْ بَادَرْنَا فَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ عَدَمُ1 صِفَةِ الْعُدْوَانِيَّةِ, كَالْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ إلَى أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ عَدَمِهِ, وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وجهان "م 18" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي قَدْرِ حَقِّهِ قَبْلَ اعْتِبَارِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4, وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي التَّلْخِيصِ وَمَنْ تَبِعَهُ "أَحَدُهُمَا" يَجُوزُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ مِنْهُ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه عند كلام الخرقي في الصبرة. وَالْوَجْهُ "الثَّانِي" لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَالْحَالَةُ هذه, واختاره القاضي في المجرد,
وإن قبضه بما قدره ثم ادعى مَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ "م 19" قَالَ جَمَاعَةٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَلَكِنْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ مَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ كَالَهُ فِي غَيْبَتِهِ, وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ, وَتَقَدَّمَ لَفْظُ الْقَاضِي وَابْنِ حَمْدَانَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْبَيْعِ, وَاقْتَصَرَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ هُنَاكَ, وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ1, فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَوْعَ تكرار, والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَهُ بِمَا قَدَّرَهُ ثُمَّ ادَّعَى بِمَا يُغْلَظُ بِمِثْلِهِ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَظْهَرِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى
وَإِنْ وَجَدَ زِيَادَةً فَمَضْمُونَةٌ فِي يَدِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَالْمَذْهَبُ مَنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ, بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ, وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ "م 20" وكذا: اعزله وضارب به, ونقل ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى غَلَطًا مُمْكِنًا عُرْفًا, صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيح الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِ "قُلْت": وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ مَعَ صِدْقِهِ وَأَمَانَتِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 20" قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ مِنْ أَذِنَ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ1 أَوْ صَرْفِهِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ2 لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَبْرَأْ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ, بَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى شِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ, وَبَنَاهُ فِي النِّهَايَةِ عَلَى قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, وَفِيهِمَا رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ شِرَاءَهُ لِلْغَيْرِ مِنْ نَفْسِهِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ3. وَفِيهِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ, فَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا, وَأَمَّا مَسْأَلَةُ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِنَابَةِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْقَبْضِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: صَحَّ, فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ, وَقَدَّمَهُ المصنف في باب التصرف في المبيع4,
مَنْصُورٍ: لَا يَجْعَلُهُ مُضَارَبَةً, إلَّا أَنْ يَقُولَ ادْفَعْهُ إلَى زَيْدٍ ثُمَّ يَدْفَعُهُ إلَيْك. وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ: أَسْلِفْ أَلْفًا فِي ذِمَّتِك فِي طَعَامٍ, فَفَعَلَ, ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي قَضَائِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ, فَقَدْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ ذَلِكَ الْغَيْرِ, وَوَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ, وَإِنْ قَالَ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا, صَحَّ وَكَانَ قَرْضًا, وَذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْوَسِيلَةِ فِيهِ رِوَايَتَيْ قَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ, وَظَاهِرِ التَّبْصِرَةِ: يَلْزَمُهُ إنْ قَالَ: عَنِّي فَقَطْ, وَإِنْ قَالَهُ لِغَيْرِ غَرِيمِهِ صَحَّ إنْ قَالَ: عَنِّي, وَإِلَّا فَلَا, وَنَصَرَ الشريف: يصح, وجزم به الحلواني. وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ: اشْتَرِ لَك بِهِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ, لَمْ يَصِحَّ, لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ, وَيَتَوَجَّهُ فِي صِحَّتِهِ الرِّوَايَتَانِ بَعْدَهَا, وَإِنْ قَالَ: لِي, صَحَّ, ثُمَّ إنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك, لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ, وَلَهُ رِوَايَتَانِ "م 21" وإن قال: لي, ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَكِنْ لَمْ يَحْكِ فِيهَا هُوَ وَغَيْرُهُ إلَّا قولين, وقدمه في الرعاية وغيره, فبناه فِي النِّهَايَةِ عَلَيْهَا أَوْ أَعْلَمُ ذَلِكَ, فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي إلْحَاقِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا عَلَى رِوَايَةِ الصِّحَّةِ بِالشِّرَاءِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكَّلِهِ. "أَحَدُهُمَا" يَلْحَقُ بِقَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ "قُلْت": وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ يَلْحَقُ بِشِرَائِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِغَيْرِهِ, وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي "مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: وَإِنْ دَفَعَ نَقْدًا لِغَرِيمِهِ وَقَالَ: اشْتَرِ لَك مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ صَحَّ. ثُمَّ إنْ قَالَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك, لَمْ يَصِحَّ لِنَفْسِهِ, وَلَهُ, رِوَايَتَانِ, انتهى. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ قَدْرَ حَقِّك وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ اقْبِضْهُ لِنَفْسِك, صَارَ لِلْأَمْرِ, وَفِي قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ الْوَجْهَانِ, وَالنَّصُّ أَنَّهُ يَصِحُّ قَبْضُ الْوَكِيلِ من نفسه لنفسه, وهو أشهر وأظهر,
: لك, صح, على الْأَصَحِّ. وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ قَدْرًا وَصِفَةً وَحَالًّا وَمُؤَجَّلًا "1لَا حَالًّا وَمُؤَجَّلًا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي فِي وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ الظُّفْرِ1" تَسَاقَطَا, أَوْ قُدِّرَ الْأَقَلُّ, وَعَنْهُ: بِرِضَاهُمَا, وَعَنْهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا, وَعَنْهُ: لَا, كَمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنُ سَلَمٍ. وَفِي الْفُرُوعِ: أَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ وَفِي الْمُغْنِي: مَنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ مِنْ جِنْسِ وَاجِبِ نَفَقَتِهَا لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ مَعَ عُسْرَتِهَا, لِأَنَّ قضاء الدين فيما فضل. وَمَنْ أَرَادَ قَضَاءَ دَيْنٍ عَنْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ رَبُّهُ أَوْ أُعْسِرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أجنبي لم يجبرا وفيه احتمال: ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ. وَقَالَ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ: وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي بِهَذَا الْمَالِ مِثْلَ مَا لَك عَلَيَّ مِنْ الطَّعَامِ, ثُمَّ قَالَ: خُذْهُ لِنَفْسِك, صَحَّ الشِّرَاءُ دُونَ الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ, انْتَهَى. فَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ, وَظَاهِرُهُ صِحَّةُ الْقَبْضِ لِلْمُوَكِّلِ, وَهُوَ صَحِيحٌ. وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ, مَعَ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ, أَوْ يَكُونُ أَوَّلًا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ, فَإِذَا قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: اقْبِضْهُ لِنَفْسِك, لَمْ يَصِحَّ, وَهَلْ يَمْلِكُ قَبْضَهُ لِمُوَكِّلِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ, وَهُوَ أَوْلَى, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْضُهُ لِمُوَكِّلِهِ, والله أعلم.
كَوَكِيلِهِ وَكَتَمْلِيكِهِ الزَّوْجَ وَالْمَدْيُونَ, وَمَتَى نَوَى مَدْيُونٌ وَفَاءَ دَيْنِهِ, وَإِلَّا فَمُتَبَرِّعٌ. وَإِنْ وَفَّاهُ حَاكِمٌ قَهْرًا كَفَتْ نِيَّتُهُ إنْ قَضَاهُ مِنْ مَدْيُونٍ, وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ "م 22" وَإِنْ رَدَّ بَدَلَ عَيْنٍ نَوَى, ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ, وَإِنْ أَبْرَأَ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ أَجَّلَهُ أَوْ أَسْقَطَهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَفَا عَنْهُ بَرِئَ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ "م" فِي الْمَنْصُوصِ, وَلَوْ رَدَّهُ الْمُبْرَأُ "هـ" وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ, كَالْقَوَدِ وَالشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْخِيَارِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ, لَا تَمْلِيكٍ كهبة العين, ويأتي في الْمُغْنِي1 فِي إبْرَائِهَا لَهُ مِنْ الْمَهْرِ, هَلْ هُوَ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ؟ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: لَا يَصِحُّ بِهِ, وَإِنْ صَحَّ اُعْتُبِرَ قَبُولُهُ, وفي الموجز والإيضاح: لا تصح هِبَةٌ إلَّا فِي عَيْنٍ. وَفِي الْمُغْنِي: إنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَحْنَثْ, لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ, قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَطِيَّةِ مَعَ اقْتِضَائِهِمَا وُجُودَ مُعَيَّنٍ, وَهُوَ مُنْتَفٍ لِإِفَادَتِهِمَا لِمَعْنَى الْإِسْقَاطِ هُنَا, قَالَ: وَلِهَذَا لو وهبه دينه هبة حقيقة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 22" قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ رَبِّ دَيْنٍ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى يَعْنِي إذَا قَضَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ الْحَاكِمُ إذَا قَضَى عَنْهُ قَهْرًا "أَحَدُهُمَا" لَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ قَبْضِ دَيْنِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, كَمَا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ الْأَصِيلِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَلْزَمُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ هَذَا الْوَجْهِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ
لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَانْتِفَاءِ شَرْطِ الْهِبَةِ, وَمِنْ هُنَا امْتَنَعَ هِبَتُهُ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ, وَامْتَنَعَ إجْزَاؤُهُ عَنْ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ حَقِيقَةِ الْمِلْكِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ أَبْرَأَ مَرِيضٌ مِنْ دَيْنِهِ وَهُوَ كُلُّ مِلْكِهِ فَفِي بَرَاءَتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثُلُثَيْهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ, وَتَصِحُّ مَعَ 1جَهْلِ الْمُبْرِئِ, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُبْرَأُ, زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَظَنَّ الْمُبْرِئُ جَهْلَهُ بِهِ, وَعَنْهُ: إنْ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ2 بِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ جَهِلَاهُ, وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ, كَبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ3, ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ "4كَمَا لَوْ كَتَمَهُ رَبُّهُ خَوْفًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يُبْرِئْهُ4", وَمِنْ صُوَرِ الْمَجْهُولِ الْإِبْرَاءُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَبْرَأَ أَحَدَهُمَا, قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ, وَأَنَّهُ يَصِحُّ, وَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ, كَطَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ إحداهما, يعني ثم يقرع على المذهب وَفِي "4صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وجهان4" "م 23" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 23" قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْ شَيْءٍ لَا يَعْتَقِدُهُ وَجْهَانِ, انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ, نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَأَنْتِ فِي حِلٍّ, لِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَمْلِيكًا فَكَتَعْلِيقِ الْهِبَةِ, وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ: هُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ, وَالتَّعْلِيقُ مَشْرُوعٌ في الإسقاط المحض فقط "وهـ" وَذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ وَزَادَ: وَتُنَافِيهِ الجهالة, فإن ضَمَّ التَّاءَ فَوَصِيَّةٌ, وَجَعَلَ أَحْمَدُ رَجُلًا فِي حِلٍّ مِنْ غَيْبَتِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعُودَ, وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ الشَّرْطَ, فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ, وَأَخَذَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَعُودَ رِوَايَةً فِي صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ, وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ, وَاحْتَجَّ بِنَصِّهِ الْمَذْكُورِ هنا أنه وصية ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةٌ فَفِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, وَهُوَ قِيَاسُ الْأَصْلِ الَّذِي بَنَاهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ. "تَنْبِيهٌ" قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ لَوْ بَاعَ مَالًا لِمُوَرِّثِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ حَيٌّ وَكَانَ قَدْ مَاتَ وَانْتَقَلَ مِلْكُهُ إلَيْهِ, فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَدْخَلَهَا فِي الْقَوَاعِدِ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ "قُلْت": الصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ صِحَّةُ الْبَيْعِ, صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 فِي بَابِ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ, وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ, وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ هُنَاكَ. وَقَالَ الْقَاضِي: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ مَنْ بَاشَرَ امْرَأَةً بِالطَّلَاقِ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ, أَوْ وَاجَهَ بِالْعِتْقِ مَنْ يَعْتَقِدُهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَتُهُ, انْتَهَى, وَقَدْ أَطْلَقَ أَيْضًا الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ2, وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ
وَأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وَالْقَاضِيَ قَالَا: لَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَوْتِ الْمُبْرِئِ, وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ, لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ, فَقِيلَ: التَّعْلِيقُ كَقَوَدٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ وَخِيَارِ شَرْطٍ, قَالَ: وَحَدِّ قَذْفٍ كَذَا قَالَ: قَالَ وَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ, قَبْلَ وُجُوبِهِ, ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ, لِقَوْلِهِ: لَا طَلَاقَ وَلَا عِتْقَ فِيمَا لَا يُمْلَكُ1. وَالْإِبْرَاءُ فِي مَعْنَاهُمَا, وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ, وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ الشَّرْعَ نَزَّلَ الدين منزلة العين الموجودة في الحيز2 بِدَلِيلٍ, وَبِأَنَّهُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيقِ. وَلَا يَصِحُّ مَعَ إبْهَامِ الْمَحِلِّ كَأَبْرَأْت أَحَدَ غَرِيمَيَّ, وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إسْقَاطٌ. وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِسْقَاطِ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ ثُمَّ سَقَطَ, إذْ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ, وَصَارَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ: مَلَّكْتُك نَفْسَك, وَمَنَعَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ, وَقَالَ: الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ تَمْلِيكٌ أَيْضًا. وَفِي مُسْلِمٍ3 أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ الصَّحَابِيَّ قَالَ لِغَرِيمِهِ: إنْ وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ, وَأَعْلَمَ بِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَابْنَهُ عُبَادَةَ وَهُمَا تَابِعِيَّانِ فَلَمْ يُنْكِرَاهُ وَهَذَا مُتَّجِهٌ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ ضَرِيبَةٍ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهَا وَاحِدٌ - فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ, وَلَهُ الْأَخْذُ منه, جزم به ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: لَا, كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ قَابِضِهِ تَعَيَّنَ حَقُّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ, لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ, لِأَنَّهُ قَدْرُ حَقِّهِ, وَإِنَّمَا شَارَكَهُ لِثُبُوتِهِ مُشْتَرَكًا, مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا لَوْ أَخْرَجَهُ الْقَابِضُ بِرَهْنٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ يَدِهِ, كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَعَدِّيهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, وَيَضْمَنُهُ, وَهُوَ وَجْهٌ فِي النَّظَرِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَيَتَوَجَّهُ مِنْ عَدَمِ تَعَدِّيهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ, وَفِي التَّفْرِقَةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ, وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ, أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ, فَوَجْهَانِ, وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ "م 24 - 26" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَة 24 - 26 قَوْلُهُ: وَمَا قَبَضَهُ مِنْ دَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بِإِرْثٍ أَوْ إتْلَافٍ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ, وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بَعْدَ تَأْجِيلِ شَرِيكِهِ حَقَّهُ, أَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ, فَوَجْهَانِ, وَنَصُّهُ فِي شَرِيكَيْنِ وَلِيَا عَقْدَ مُدَايَنَةٍ لِأَحَدِهِمَا أَخْذُ نَصِيبِهِ, انْتَهَى. ثَلَاثُ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ, هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمِيرَاثِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. أحدهما: "1هو كالميراث ونحوه وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ: هذا ظاهر المذهب وقال في الفائق: وإن كان بعقد فلشريكه حصته على أصح الروايتين. والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه. المسألة الثانية: لو أجل أحدهما حقه فهل يشارك من لم يؤجل كالميراث ونحوه أم لا؟ أطلق الخلاف: أحدهما: هو كالميراث ونحوه فله الرجوع وهو الصحيح قال في المغني1"2
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ "م 27" فَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَيُشَارِكُهُ, لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ أَصْلُهُ, وَلَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ صَحَّ فِي نَصِيبِهِ, وَلَوْ صَالَحَ بِعَرَضٍ أَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ دَيْنِهِ فَقَطْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَلِلْغَرِيمِ التَّخْصِيصُ مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إكْرَاهُهُ على تقديمه. قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الدَّيْنُ أَوَّلُهُ هم وآخره حزن1, قال بعضهم: كان ـــــــــــــــــــــــــــــQ"2الشرح3: والأولى أن له الرجوع. والوجه الثاني: لا يشاركه فيما قبضه ذكره القاضي نقله عنه في المغني4 المسألة الثالثة- 26: لو قبضه بإذن شريكه فهل للآخر أن يشاركه فيما قبض أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا:2" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يُخَاضُ فِي الْأَصَحِّ, وَاخْتَارَهُ النَّاظِمُ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُشَارِكُهُ كَالْمِيرَاثِ. "مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ وَفِي دَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "قُلْت": الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالدَّيْنِ الَّذِي بِعَقْدٍ, بَلْ هُوَ مِنْ جُمْلَتِهِ, فَإِنَّ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ عَقْدٍ, وَكَذَا الْقَرْضُ, فَفِي كَلَامِهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ رَأَيْته فِي بَعْضِ النُّسَخِ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ, فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ, وَغَالِبُهَا ليس فيها ذلك, والصواب جعله
يُقَالُ: الدَّيْنُ هَمٌّ بِاللَّيْلِ وَذُلٌّ بِالنَّهَارِ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُذِلَّ عَبْدًا جَعَلَ فِي عُنُقِهِ دَيْنًا, وَكَانَ يُقَالُ: الْأَذِلَّاءُ أَرْبَعَةٌ: النَّمَّامُ وَالْكَذَّابُ وَالْفَقِيرُ وَالْمِدْيَانُ, وَكَانَ يُقَالُ: لَا هَمَّ إلَّا هَمُّ الدَّيْنِ, وَلَا وَجَعَ إلَّا وَجَعُ الْعَيْنِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ1. وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْمُسْتَدِينُ تَاجِرُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ. وَقَالَ2 عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: الدَّيْنُ وِقْرٌ3 طَالَمَا حَمَلَهُ الْكِرَامُ. وَلَوْ تَبَارَآ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ بِمَكْتُوبٍ فَادَّعَى اسْتِثْنَاءَهُ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ قُبِلَ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِي مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ بِأَيِّهِمَا يَعْمَلُ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ إذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فقد عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِعَقْدٍ فَكَذَا, أَيْ هَذِهِ, فَهَذِهِ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ صُحِّحَتْ فِي هَذَا الْبَابِ.
باب القرض
باب القرض مدخل ... بَابُ الْقَرْضِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ, نَصَّ عَلَيْهِ, يَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَرَقِيقٍ وَجْهَانِ1 "م 1 و 2" وقيل: عبد لا جارية, وقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 1 و 2" قوله: يَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَرَقِيقٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي فِي غَيْرِ مَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ كَالْجَوَاهِرِ وَالرَّقِيقِ وَنَحْوِهِمَا, فَشَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ قَرْضُ كُلِّ عَيْنٍ يَصِحُّ بَيْعُهَا وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا كَالْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ قَرْضُهُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا, فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَرُدُّ الْمُقْتَرِضُ الْقِيمَةَ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ, قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ هَلْ يَرُدُّ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ يَأْتِيَانِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَيُمْكِنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْوَاجِبِ في بدل غير المكيل والموزون, فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ, لَمْ يَجُزْ قرض
فِي غَيْرِ مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ وَجْهَانِ وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِمُقَدَّرٍ مَعْرُوفٍ وَوَصْفُهُ شَرْطٌ, وَسَأَلَهُ أَبُو الصَّقْرِ: عَيْنٌ بَيْنَ أَقْوَامٍ لَهُمْ نَوَائِبُ فِي أَيَّامٍ يُقْتَرَضُ الْمَاءُ مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبِ الْخَمِيسِ لِيُسْقَى بِهِ لِيُرَدَّ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مَحْدُودًا يُعْرَفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ لَا بأس وإلا أكرهه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَوَاهِرِ وَمَا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ سَلَمًا, لِتَعَذُّرِ رَدِّ مِثْلِهَا, وَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ, جَازَ قَرْضُهُ, لِإِمْكَانِ رَدِّ الْقِيمَةِ, انْتَهَى. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ يَصِحُّ قَرْضُ الرَّقِيقِ إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَصِحُّ قَرْضُ آدَمِيٍّ فِي الْأَظْهَرِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابْن رَزِين وَغَيْرهمْ. "وَالْوَجْه الثَّانِي" يصح مطلقا, قال ابن عقيل في العمد: أجود المذاهب عندي وأصحها مذهب ذا وهو جواز قرض الآدمي ذكوره وإناثه. انتهى وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي عَبْدٍ لَا جَارِيَةٍ, وَهُوَ احتمال في المغني, قال ابن عقيل في موضع: ولهذا منعنا من قرض الإماء وإن صح قرض سائر الأموال لأجل ما فيه من استباحة الأبضاع. انتهى
وَيَتِمُّ بِقَبُولِهِ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَمْلِكُ, وَقِيلَ: وَيَثْبُتُ مِلْكُهُ بِقَبْضِهِ, كَهِبَةٍ, وَلَهُ الشِّرَاءُ بِهِ مِنْ مُقْرِضِهِ, نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَيَلْزَمُ مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ بِقَبْضِهِ, وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يصادف ذِمَّةً لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ, ذَكَرَهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ1 وَالْفَائِقِ, وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: يَصِحُّ قَرْضُ الْأَمَةِ لِمَحْرَمِهَا, وَجَزَمَ أَنَّهُ لَا يصح لغير محرمها. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مَكِيلٌ وَمَوْزُونٌ بِقَبْضِهِ, وَفِي غَيْرِهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. "قُلْت": حُكْمُ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ, حَيْثُ صَحَّحْنَا قَرْضَهُ, وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ لَمْ يَذْكُرْهَا. "إحْدَاهُمَا" لَا يَلْزَمُ إلَّا بِقَبْضِهِ أَيْضًا كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ "قُلْت": وَهُوَ قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي فِي الْهِبَةِ, فَإِنَّ صَاحِبَ الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفِ وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَدَّمُوا فِي الْهِبَةِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ فَكَذَا يَكُونُ هُنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: إنَّ الْمُقْتَرِضَ يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ, فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ, وَأَنَّهُ يَكُونُ جَائِزًا لا2 لَازِمًا, وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَشْتَرِطُ فِي لُزُومِهِ قَبْضُهُ, بَلْ حَيْثُ تَمَيَّزَ لَزِمَ, وَهُوَ قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْهِبَةِ"3 وعلى الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْهِبَةِ: الْأَكْثَرِ3", قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَقَدَّمَهُ فِي
الِانْتِصَارِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ, وَفِي الْمُوجَزِ: يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ, وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ عَيْنِهِ, بَلْ يَثْبُتُ بَدَلُهُ فِي ذِمَّتِهِ حَالًّا وَلَوْ أَجَّلَهُ, وَخَالَفَ شَيْخُنَا وَذَكَرَهُ وَجْهًا, وَيَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ, فِي الْأَصَحِّ, قَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, قَالَ أحمد: القرض حال1 ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُغْنِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ, فَكَذَا يَكُونُ فِي الْقَرْضِ, وَقَدْ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ: يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْقَرْضِ إذا كان معينا3, فَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ فِي الْمُتَمَيِّزِ, وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالرِّوَايَتَيْنِ فِي الْقَرْضِ غَيْرَ الْمُصَنِّفِ, وَقَدْ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: الْقَرْضُ وَالصَّدَقَةُ والزكاة وغيرهما فيه طريقان. "أَحَدُهُمَا" لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ, رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُجَرَّدِ وَالْمُبْهِجِ, وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ. "وَالثَّانِيَةُ" لَا يَمْلِكُ الْمُبْهَمَ بِدُونِ الْقَبْضِ, بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ فِيهِ بِالْعَقْدِ, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ, إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا فِي الْمُعِينِ رِوَايَتَيْنِ كَالْهِبَةِ, انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ يَقُولُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ, وَيَحْتَمِلُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ اللُّزُومَ وَعَدَمَهُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَاعْلَمْ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَصْحَابِ يَجْعَلُ الْقَبْضَ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ مُعْتَبَرًا لِلُزُومِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا, وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي4 وَالتَّلْخِيصِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَغَيْرِهِمْ, فَهَذَا مُوَافِقٌ لما قلنا. والله أعلم.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ, وَإِنْ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ قَبُولُ الْمِثْلِيِّ وَقِيلَ: وَغَيْرِهِ, فَإِنْ كَانَ فلوسا أو مكسرة فحرمها السلطان وقيل ولو1 لَمْ يَتَعَامَلُوا بِهَا فَلَهُ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: وَقْتَ فسدت, والخلاف فيما إذا كان ثمنا, وَقِيلَ: يَوْمَ الْخُصُومَةِ, وَقِيلَ: إنْ رَخُصَتْ فَلَهُ الْقِيمَةُ, كَاخْتِلَافِ الْمَكَانِ, وَنَصُّهُ: يَرُدُّ مِثْلَهُ, وَإِنْ شَرَطَ رَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَوْ بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمٍ هو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ "1قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِيمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ, لِأَنَّهُ يُفْضِي أَنْ يَجِدَ الْبَائِعُ وَالْمُقْرِضُ عَيْبًا بِالدِّرْهَمِ فَيُطَالِبَانِ الْمُشْتَرِيَ وَالْمُسْتَقْرِضَ فَيُطَالِبَا بِهَا, فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهَا مُطَالِبًا وَمُطَالَبًا, وَلَا يَجُوزُ1" وَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ مُطْلَقًا فَإِنْ أَعْوَزَهُ فَقِيمَتُهُ إذَنْ وَيَرُدُّ قيمة جوهر ونحوه يوم قبضه, وفيما عداهما وَجْهَانِ "م 4" وَإِنْ اقْتَرَضَ خُبْزًا أَوْ خَمِيرًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ مُطْلَقًا, فَإِنْ أَعْوَزَهُ فَقِيمَتُهُ إذَنْ2 وَيَرُدُّ قِيمَةَ جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ وَفِيمَا عَدَاهُمَا وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي مِنْ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيرهم.
عَدَدًا وَرَدَّ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ جَازَ, نقله الجماعة. وعنه: لا. وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا, كَتَعْجِيلِ نَقْدٍ لِيُرَخِّصَ عَلَيْهِ فِي السِّعْرِ, وَكَاسْتِخْدَامِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ, نقله الجماعة, وفي فساد القرض ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَرُدُّ الْقِيمَةَ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَسْهِيلِ الْبَعْلِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي والرعايتين والزبدة وشرح ابن رزين وغيرهم. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ بِصِفَاتِهِ, وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ "قُلْت": وَيُعَضِّدُهُ كَوْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ بَكْرًا فَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ الْقِيمَةَ4, والله أعلم. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا انْتَهَى, قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا فِي النُّسَخِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ "شَرْطُ قَرْضٍ" بِالْإِضَافَةِ وَحَذْفِ الْوَاوِ, انْتَهَى. والذي يظهر أن
رِوَايَتَانِ "م 5" وَإِنْ فَعَلَهُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ أَعْطَى أَجْوَدَ أَوْ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ جَازَ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَحَرَّمَ الْحَلْوَانِيُّ أَخْذَ أَجْوَدَ مَعَ الْعَادَةِ, وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَهُ بِلَا عَادَةٍ سَابِقَةٍ حَرُمَ, عَلَى الْأَصَحِّ, إلَّا أَنْ يَنْوِيَ احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ أَوْ مكافأته, نص عليه, وكذا غريمه, فلو اسْتَضَافَهُ حَسَبَ لَهُ مَا أَكَلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيَتَوَجَّهُ: لَا, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ, وَقِيلَ عِلْمُهُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا كشرطه, وقيل: لا "م 6" ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّيْنَ فِي الْأَصْلِ أَوْلَى, وَأَنَّ مُرَادَهُ بِالشَّرْطِ غَيْرُ الَّذِي جَرّ نَفْعًا كَمَا إذَا نَافَاهُ وَنَحْوَهُ, وَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا لَا تَفِي الْعِبَارَةُ بما قال. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ شَرْطٌ وَقَرْضٌ جَرَّ نَفْعًا, كَتَعْجِيلِ نَقْدٍ لِيُرَخِّصَ عَلَيْهِ فِي السِّعْرِ, وَكَاسْتِخْدَامِهِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَفِي فَسَادِ الْقَرْضِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "إحْدَاهُمَا" يَفْسُدُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَفْسُدُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَارَنَهَا شَرْطٌ فَاسِدٌ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2, بَلْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: يحرم ذلك, ولم يتعرضوا لفساد العقد. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: وَقِيلَ عِلْمُهُ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا كَشَرْطِهِ وَقِيلَ: لَا, انْتَهَى إنْ كَانَتْ النُّسَخُ بِالْوَاوِ فِي قَوْلِهِ, وَقِيلَ عِلْمُهُ, فَيَكُونُ الْمُقَدَّمُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُ ذَلِكَ, إذْ الْإِتْيَانُ بِوَاوٍ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ شَيْءٍ, وَلَكِنْ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ, وَقِيلَ: لَا. فَيَكُونُ فِي الْعِبَارَةِ نَوْعُ خَفَاءٍ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ طَرِيقَةً, وأن المقدم التحريم
وَإِنْ قَضَاهُ صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ أَقَلَّ لِعِلَّةِ الْفَضْلِ لَمْ يَجُزْ, وَإِلَّا جَازَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وشرط نقص كشرط زيادة, وَقِيلَ: لَا, وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ فِيمَا لَا رِبَا فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُطْلَقًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَلِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ عِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ تُشْبِهُ هَذِهِ الْعِبَارَةَ, وَإِنْ كَانَتْ النُّسَخُ بِالْفَاءِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ مُطْلَقًا, وَيَكُونُ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ مَخْصُوصًا بِغَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, وَكَذَا إنْ كَانَتْ الْوَاوُ زَائِدَةً, وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ نَذْكُرُ الصَّحِيحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَنَقُولُ: "الْقَوْلُ الْأَوَّلُ" اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَهُوَ قِيَاسُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" هُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ, وَقَالُوا: لِأَنَّهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَانَ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْوَفَاءِ, فَهَلْ يَسُوغُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ؟ وَعَلَّلُوهُ بِتَعَالِيلَ جَيِّدَةٍ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ, وَقِيلَ: إنْ زَادَهُ مَرَّةً فِي الْوَفَاءِ فَزِيَادَةُ مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ مُحَرَّمَةٌ ذَكَرَهُ فِي النَّظْمِ, قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إنْ زَادَ مَرَّةً لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْخُذَ في المرة الثانية, قولا واحدا, انتهى.
وَفِي قَرْضِ غَرِيمِهِ لِيَرْهَنَهُ بِهِمَا رِوَايَتَانِ "م 7". وَكَذَا شَرْطُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ "م 8" وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وإلا حرم. وعنه: أكرهه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَفِي قَرْضِ غَرِيمِهِ لِيَرْهَنَهُ بِهِمَا رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَعْطِنِي رَهْنًا وَأُعْطِيك مَالًا تَعْمَلُ فِيهِ وَتَقْضِينِي, جَازَ, وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَجَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَرِوَايَةُ الْبُطْلَانِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ, وَرِوَايَةُ الْجَوَازِ نَقَلَهَا مُهَنَّا, وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ عَدَمَ الصِّحَّةِ, لِأَنَّهُ يَجُرُّ نَفْعًا "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ سَاغَ وَإِلَّا فَلَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ وَكَذَا شَرْطُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدٍ آخَرَ, يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ "إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ, هُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الهداية والمستوعب والمقنع4 والرعايتين والحاويين
إنْ كَانَ لِبَيْعٍ وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ, وَإِنْ كَانَ لِيَنْتَفِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُؤَخِّرُ دَفْعَهَا لَمْ يَصِحَّ1, أَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَوْ ادْفَعْ إلَيَّ أَرْضَك أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ. وَلَوْ أقرض غريمه لِيُوَفِّيَهُ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا جَازَ, نَقَلَهُ مُهَنَّا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ. وَإِنْ أَقْرَضَ أَكَّارَهُ فِي شِرَاءِ بَقَرٍ أَوْ بَذْرٍ, أَوْ قَالَ: أَقْرِضْنِي أَلْفًا أَوْ ادْفَعْ إلَيَّ أَرْضَك أَزْرَعْهَا بِالثُّلُثِ بِلَا شَرْطٍ, حَرُمَ عِنْدَ أَحْمَدَ, وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ, وَكَرِهَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي الْأَوِّلَةِ, وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ وَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ فَفَاسِدٌ, لَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ2 وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَالْفَائِقِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى, قُلْت: وَفِيهِ قُوَّةٌ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ, وَعَدَمُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ. فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ قَدْ صُحِّحَتْ, ولله الحمد والمنة.
تَسْمِيَةُ الْمِثْلِ, وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ, لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَلَوْ أَقْرَضَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ بُرٌّ مَا يَشْتَرِيه بِهِ يُوَفِّيهِ إيَّاهُ فَقَالَ سُفْيَانُ: مَكْرُوهٌ, أَمْرٌ بَيِّنٌ, قَالَ أَحْمَدُ: جَوَّدَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ, وَفِي الْمُغْنِي1: يَجُوزُ. وَلَوْ جَعَلَ جُعَلًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ بِجَاهِهِ صَحَّ, لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ فَقَطْ لَا كَفَالَتِهِ عَنْهُ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, لِأَنَّهُ ضَامِنٌ, فَيَكُونُ قَرْضًا جَرَّ نَفْعًا وَمَنَعَ الْأَزَجِيُّ. وَلَوْ اقْتَرَضَ بِبَلَدٍ فَطَلَبَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ بَدَلَهُ لَزِمَهُ, إلَّا مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَقِيمَتُهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ فَيَلْزَمُهُ إذًا قِيمَتُهُ فِيهِ فَقَطْ, وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّيْخُ أَنَّ مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَطُلِبَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَا يَلْزَمُهُ, لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَمْلُهُ إلَيْهِ, وَذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الْأَثْمَانِ: يَلْزَمُهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْأَثْمَانُ مِمَّا لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ فَيَلْزَمُهُ, فَإِنْ بَذَلَهُ1 لَهُ الْمُقْتَرِضُ وَلَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ لَزِمَ قَبُولُهُ مَعَ أَمْنِ الْبَلَدِ وَالطَّرِيقِ, وَبَدَلُ الْمَغْصُوبِ التَّالِفُ2 ذَكَرَ مِثْلَهُ, قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْرِضَ وَلَا يَعْلَمَهُ بِحَالِهِ إلَّا مَا يَقْدِرُ أَنْ يُؤَدِّيَهُ3. وَكُرِهَ الشِّرَاءُ بِدَيْنٍ وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ إلَّا الْيَسِيرَ, وَمَا أحب أن يقترض بجاهه لإخوانه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الرهن
باب الرهن مدخل ... باب الرهن يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ بَيْعُهُ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَصَحَّ تَبَرُّعُهُ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: لِوَلِيٍّ رَهْنُهُ عِنْدَ أَمِينٍ لِمَصْلَحَةٍ, كَحَلِّ دَيْنٍ عَلَيْهِ مَعَ الْحَقِّ وَبَعْدَهُ, وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَقَبْلَهُ, وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ لَا مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ, بِكُلِّ دَيْنٍ وَاجِبٍ أَوْ مَآلُهُ إلَيْهِ, وَنَفْعُ إجَارَةٍ فِي الذِّمَّةِ. وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَصِحُّ, وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي الترغيب "م 1" وغيره ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ بِمُسَلَّمٍ فِيهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَصِحُّ, وَفِيهِ بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ رِوَايَتَانِ فِي التَّرْغِيبِ, انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ.
وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ, وَقِيلَ: وَجُعْلٌ قَبْلَ العمل ودية قبل الحول وجهان, كدين كتابة, وفيه في الموجز روايتان, "م 2 - 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ, قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَزَاهُ فِي الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ إلَى اخْتِيَارِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي الرَّهْنِ, نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ "الثَّانِيَةُ" يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ, وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ: وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمَانِ فِي السلم والقرض "قلت" وهذا هو الصواب. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَفِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَعَارِيَّةٍ, وَقِيلَ: وجعل قبل العمل, ودية قبل الحول, وجهان كَدَيْنِ كِتَابَةٍ وَفِيهِ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ كَالْعَارِيَّةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, قَالَ فِي الْكَافِي3: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ الرَّهْنُ عَلَى عَوَارِي الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ وَنَحْوِهَا, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ الرَّهْنُ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ "قُلْت": وَهُوَ أَوْلَى. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3" الرَّهْنُ عَلَى الدِّيَةِ قَبْلَ الْحَوْلِ, يَعْنِي الَّتِي عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْتَمِلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدِيَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ, أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ "كَعَارِيَّةٍ" فَيَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا, وَيَرُدُّهُ كَوْنُهُ أَدْخَلَ بَيْنَهُمَا مَسْأَلَةً قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يكون
ولا يصح بعهدة مبيع وعين ومنفعتها. وتصح عين يجوز بيعها, وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ "وَجُعِلَ" وَهُوَ الصَّوَابُ, فَيَكُونُ قَدْ قَدَّمَ فِيهِمَا حُكْمًا مِثْلَ حُكْمِ الْجُعَلِ قَبْلَ الْعَمَلِ, وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ, وَلَكِنْ لِأَجْلِ الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ نَذْكُرُ الْمَسْأَلَةَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا فَنَقُولُ: ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيهَا قَوْلَيْنِ: "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ "وَجُعِلَ" وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحَ جَعَلَا حُكْمَ الْجُعَلِ وَالدِّيَةِ وَاحِدٌ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يَصِحُّ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ صَحَّ الرَّهْنُ بِدَيْنٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ, انْتَهَى. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4" دَيْنُ الْكِتَابَةِ هَلْ يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ, وَحَكَاهُمَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا, فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزُّبْدَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ, وَالشِّيرَازِيِّ فِي الْإِيضَاحِ, وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي3, وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ, قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالشَّارِحُ, وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ, وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ "قُلْت": فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافَ نَظَرٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمَجْدَ فِي مُحَرَّرِهِ, أَوْ نَقُولُ: قَوْلُهُ
غير مكاتب, فإن صح مكن من الْكَسْبِ كَمَا كَانَ, وَمَا أَدَّاهُ رَهْنٌ مَعَهُ . وَإِنْ رَهَنَ ذِمِّيٌّ عِنْدَ مُسْلِمٍ خَمْرًا بِيَدِ ذِمِّيٍّ لَمْ يَصِحَّ, فَإِنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ حَلَّ وَيَقْبِضُهُ أَوْ يُبْرِئُ, أَوْمَأَ إلَيْهِ. وَيَحْرُمُ رَهْنُ مَالِ يَتِيمٍ لِفَاسِقٍ, وَمِثْلُهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ, ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَيَتَوَجَّهُ: إنْ خَرَجَ بِفِسْقِهِ عَنْ الْأَمَانَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمْ, وَأَنَّ الْكَافِرَ فِي رَهْنِهِ مِنْهُ وَتَوْكِيلِهِ فِيهِ مِثْلُهُ وَأَوْلَى, بِدَلِيلِ عَامِلِ الزَّكَاةِ, وَاللُّقَطَةِ. وَفِي ثَمَرٍ وزرع قبل بدو1 صلاحه بشرط التبقية وعبد مسلم وَمُصْحَفٍ لِكَافِرٍ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ "م 5 و 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"كَدَيْنِ كِتَابَةٍ" لَا يَقْتَضِي إطْلَاقَ الْخِلَافِ, وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَةُ خِلَافٍ مِنْ غَيْرِ إطْلَاقِهِ, وَهُوَ بَعِيدٌ, وَقِيلَ: جَازَ أَنْ يُعَجِّزَ الْكَاتِبُ نَفْسَهُ لم يصح وإلا صح. "مَسْأَلَةٌ 5 - 7" قَوْلُهُ: وَفِي ثَمَرٍ وَزَرْعٍ قَبْلَ بُدُوِّ1 صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ وَعَبْدٌ مُسْلِمٌ وَمُصْحَفٌ لِكَافِرٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى, فِي ذَلِكَ مَسَائِلُ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5" هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وغيره, وصححه في التصحيح وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمَا. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ رَهَنَهَا قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهَا
وما يفسد قبل الأجل إن صَحَّ رَهْنُهُ فِي الْمَنْصُوصِ بِيعَ وَجُعِلَ ثَمَنُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQبِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ صَحَّ, فِي الْأَصَحِّ, إنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَا التَّرْكَ, وَكَذَا الْخِلَافُ إنْ أَطْلَقَا, فتباع إذن على القطع, ويكون الثمر رَهْنًا, وَإِنْ رَهْنًا بِدَيْنٍ حَالٍّ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ, وَتُبَاعُ لِذَلِكَ, انْتَهَى. "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ صِحَّتَهُ بِمُؤَجَّلٍ يَحِلُّ عِنْدَ جَوَازِ بَيْعِهِ. وَلَمْ أَرَهُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6" هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهَادِي وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ مُسْلِمٍ عَدْلٍ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي3, وَالشَّارِحُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: اخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: ويصح في كل عين يَجُوزُ بَيْعُهَا, وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَة"-7: هَلْ يَصِحُّ رَهْنُ الْمُصْحَفِ لِكَافِرٍ أَمْ لَا ; أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَيَكُونُ بِيَدِ عَدْلٍ مُسْلِمٍ إنْ جَوَّزْنَا بَيْعَهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ, كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ رَهْنُهُ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْفَائِقِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ, فَإِنَّهُمَا
رَهْنًا, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ رَهَنَ وَغَابَ وَخَافَ الْمُرْتَهِنُ فَسَادَهُ أَوْ ذَهَابَهُ فَلِيَأْتِ السُّلْطَانَ حَتَّى يَبِيعَهُ, كَمَا أَرْسَلَ ابْنُ سِيرِينَ إلَى إيَاسِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يَأْذَنُ لَهُ فِي بَيْعِهِ, فَإِذَا بَاعَهُ حَفِظَهُ حَتَّى يَجِيءَ صَاحِبُهُ فَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِأَسْرِهِ, حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ يَقْضِيهِ مَا عَلَيْهِ. وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا, عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ, وَهَلْ يُؤَجِّرُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 8" وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ "*" يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كبيعه "م 9 - 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَا عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لِكَافِرٍ ثُمَّ قَالَا وَكَذَا الْمُصْحَفُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ وَالشَّرِيكُ فِي الْمُشَاعِ بِيَدِ أَحَدِهِمَا. أَوْ غَيْرِهِمَا عَدَّلَهُ الْحَاكِمُ, وَهُوَ يُؤَجِّرُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لِلْحَاكِمِ إجَارَتُهُ كَمَا لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" لَهُ إجَارَتُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ والوجيز وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَهُوَ قَوِيٌّ, لِأَنَّا إنَّمَا أَجَزْنَا لِلْحَاكِمِ التَّعْدِيلَ لِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ حَقٌّ فِيهِ, وَقَدْ حَصَلَ لَهُمَا التَّنَازُعُ, وَأَمَّا الْإِجَارَةُ فَمَحْضُ1 حَقِّ الرَّاهِنِ, لَكِنْ يُقَالُ فِي الْأَوَّلِ: زَادَهُ الْحَاكِمُ خَيْرًا, لِأَنَّهُ عَدَّلَهُ بِإِجَارَةٍ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 9-10 قَوْلُهُ: وَإِنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ يُمْكِنُ, قِسْمَتُهُ فَوَجْهَانِ كَبَيْعِهِ, انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-9 إذَا كَانَ لَهُ نِصْفُ دَارٍ مَثَلًا مُشَاعًا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بُيُوتٍ وَتَنْقَسِمُ فَرَهَنَ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا, فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أطلق الخلاف فيه.
وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ. وإن اقتسما فوقع لغيره فهل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ, وَصَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّخْلِيصِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ, وَحَكَى فِي الشَّرِيكِ احْتِمَالَيْنِ عَنْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَصِحُّ رَهْنُ حَقِّهِ مِنْ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ تَنْقَسِمُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ, وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ فَاحْتِمَالَانِ, وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ صَحَّ, وَقِيلَ: إنْ لَزِمَ الرَّهْنُ بِالْعَقْدِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا, انْتَهَى. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "مِنْ مُعَيَّنٍ فِيهِ لَعَلَّهُ" فِي مُشَاعٍ "قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ, وَلَيْسَ كَمَا قَالَ, وَإِنَّمَا هُوَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَقَدْ مَثَّلْنَا صُورَتَهُ, وَكَلَامُهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ, وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ, وَقَوْلُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ: قَوْلُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ. أَيْ الْمُشَاعُ لَيْسَ كَذَلِكَ, وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بَيْعُ هَذِهِ الْحِصَّةِ مِنْ هَذَا البيت قبل القسمة. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10" بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا وَالْحَالَةُ مَا تَقَدَّمَ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم.
يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ "*" وَجْهَانِ "م 11" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, انْتَهَى. "قُلْت": لَعَلَّ الْخِلَافَ فِي الرَّهْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ بيعه وعدمها, وهو ظاهر كلام المصنف. تَنْبِيهَاتٌ "*" الْأَوَّلُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ "أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ" رَهْنَ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْقِسْمَةِ عِنْدَ شَرِيكِهِ, وَيَبْقَى مَا كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى, وَلَمْ أَجِدْهُ مَذْكُورًا, وَالْعِبَارَةُ لَا تُسَاعِدُهُ, وَقَدْ قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْقِسْمَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَيْ هَلْ يَلْزَمُ الْغَيْرَ الَّذِي وَقَعَ لَهُ الْمُعَيَّنُ الْمَرْهُونُ أَنْ يَبْذُلَهُ لِشَرِيكِهِ لِيَرْهَنَهُ كَمَا كَانَ أَوْ يَرْهَنَهُ هُوَ لِشَرِيكِهِ, انْتَهَى, وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ, وَقَوْلُهُ: "يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ" بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ "2فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضْمَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ أَمْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ2" الصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ اللُّزُومِ, وَقَدْ وَافَقَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ لَهُ عَلَى الثَّانِي وَوَافَقْنَا عَلَى الأول. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَسَمَا يَعْنِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, وَقُلْنَا يَصِحُّ فَوَقَعَ لِغَيْرِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ بَذْلُهُ أَوْ رَهْنُهُ لِشَرِيكِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَقَعَ الْمَرْهُون لِشَرِيكِ الرَّاهِنِ فِي الْقِسْمَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ بَذْلُهُ لِيَكُونَ رهنا أم لا؟ أطلق الخلاف.
وَيَصِحُّ رَهْنُ أَمَةٍ دُونَ وَلَدِهَا, وَعَكْسُهُ, وَيُبَاعَانِ. وشرط خلوة محرمة فاسد وحده واستئجار شيء ليرهنه ورهن المعار بِإِذْنِ رَبِّهِ بَيَّنَ الدَّيْنَ أَوْ لَا, وَلَهُ الرَّجْوُ قَبْلَ إقْبَاضِهِ, كَقَبْلِ الْعَقْدِ, وَقَدَّمَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا, كَبَعْدِهِ, خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ فِيهِ, فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ في الترغيب بأكثرهما"*", ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ, لِكَوْنِهِ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, أَشْبَهَ مَا لَوْ بَانَ مُسْتَحَقًّا, وَهُوَ ظَاهِرُ كلام القاضي. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَرْهَنُ مَا صَارَ لَهُ عِنْدَ الشَّرِيكِ عَلَى مَا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ على حاله. "*" الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ لِيَرْهَنَهُ وَرَهْنُ الْمُعَارَ بِإِذْنِ رَبِّهِ. فَإِنْ بِيعَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمِثْلِهِ لَا بِمَا بِيعَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وقطع في المحرر واختاره في الترغيب
وَيَضْمَنُهُ مُسْتَعِيرٌ فَقَطْ, وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ فِي مُسْتَأْجِرٍ مِنْ مُسْتَعِيرٍ, وَلَا يَلْزَمُ إلَّا فِي حَقِّ الرَّاهِنِ إذَا قَبَضَهُ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: الْمَذْهَبُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ مَنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ. وَيَحْرُمُ نَقْلُهُ عَنْهُ مَعَ بَقَاءِ حَالِهِ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا, وَيَضْمَنُهُ مُرْتَهِنٌ بِغَصْبِهِ فِي الْأَصَحِّ يَزُولُ بِرَدِّهِ, وَأَنَّ نِيَابَتَهُ بَاقِيَةٌ وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ"*", وَصِفَةُ قَبْضِهِ كَمَبِيعٍ, وَيُعْتَبَرُ فِيهِ إذْنُ وَلِيِّ أَمْرٍ, وَعَنْهُ: لِوَرَثَتِهِ إقْبَاضُهُ مِنْهُ وَثَمَّ غَرِيمٌ لَمْ يَأْذَنْ. وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِنَحْوِ إغْمَاءٍ وَخَرَسٍ, فَإِنْ رَهَنَهُ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ غَصْبًا فَكَهِبَتِهِ إيَّاهُ, وَيَزُولُ ضَمَانُهُ, فَإِنْ أَخَذَهُ الرَّاهِنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ نِيَابَةً لَهُ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: وَلَوْ غَصْبًا زَالَ لُزُومُهُ, فَإِنْ رَدَّهُ إلَيْهِ عَادَ, وَإِنْ أَجَّرَهُ أَوْ أَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِن أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَلُزُومُهُ بَاقٍ, اخْتَارَهُ في ـــــــــــــــــــــــــــــQبِأَكْثَرِهَا, انْتَهَى. هَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَغَيْرُهُ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ قَطْعًا, وَهُوَ كَمَا قَالَ, وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَسْتَحِقُّ الرَّاهِنُ الزَّائِدَ وَهُوَ مِلْكُ غَيْرِهِ؟ "*" الثَّالِثُ " قَوْلُهُ: وَلَا يَزُولُ بِرَدِّهِ مِنْ سَفَرٍ, انْتَهَى. لَا مَعْنَى لِلسَّفَرِ هُنَا, وَصَوَابُهُ بِرَدِّهِ مِنْ نَفْسِهِ, أَيْ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِهِ فَتَعَدَّى فِيهِ ثُمَّ زَالَ تَعَدِّيهِ لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ بِذَلِكَ, صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ, نَبَّهَ عليه ابن نصر الله.
الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَفِي الِانْتِصَارِ هُوَ الْمَذْهَبُ, كَالْمُرْتَهِنِ, وَعَنْهُ: لَا, نَصَرَهُ الْقَاضِي, وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ, فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الْمُرْتَهِنُ عَادَ بِمُضِيِّهَا, وَلَوْ سَكَنَهُ بأجرته بِلَا إذْنِهِ فَلَا رَهْنَ, نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إنْ أَكْرَاهُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ لَهُ فَإِذَا رَجَعَ صَارَ رَهْنًا وَالْكِرَاءُ لِلرَّاهِنِ, وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: الْبَسْهُ, لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ يَأْخُذُ الْقَضَاءَ, وَعَنْهُ. رَهْنُ الْمُعَيَّنِ يَلْزَمُ بِالْعَقْدِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ, وَفِي التَّعْلِيقِ: هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا, فَمَتَى أَبَى الرَّاهِنُ تَقْبِيضَهُ أُجْبِرَ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا مَقْبُوضًا. وَإِنْ وَهَبَهُ أَوْ رَهَنَهُ وَنَحْوَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ صَحَّ وَبَطَلَ الرَّهْنُ, وَإِنْ زَادَ دَيْنُ الرَّهْنِ لَمْ يَجُزْ, لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَرْهُونٌ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: كَالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ. وَتَجُوزُ زِيَادَةُ الرَّهْنِ تَوْثِقَةً, وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا تَجُوزُ تَقْوِيَةُ الرَّهْنِ بِشَيْءٍ آخَرَ بَعْدَ عَقْدِ الرَّهْنِ, وَلَا بَأْسَ بِالزِّيَادَةِ فِي الدَّيْنِ عَلَى الرَّهْنِ الْأَوَّلِ, كَذَا قَالَ. وَإِنْ بَاعَهُ بِإِذْنٍ بَعْدَ حِلِّ الدَّيْنِ أَوْ بِشَرْطِ رَهْنِ ثَمَنِهِ مَكَانَهُ صَحَّ وَصَارَ رَهْنًا, فِي الْأَصَحِّ "2وَبِدُونِهِمَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ, وَقِيلَ: لَا, وَيُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ ثَمَنِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَهُوَ رَهْنٌ, وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا فِي الْأَصَحِّ2" وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّةَ الشَّرْطِ, وَذَكَرَهُ فِي الترغيب, وأن الثواب في الهبة كذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ, فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تصرف الراهن جاهلا برجوعه فوجهان "م 12 - 13" وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ, وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ, نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ, أَوْ1 إنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ, فَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: وَلَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا إذَا أَذِنَ فِيهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ, فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي الْبَيْعِ ثُمَّ رَجَعَ جَازَ, لَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ, وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "أَحَدُهُمَا" يُقْبَلُ قَوْلُهُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي.2 وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُقْبَلُ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ ثَالِثٌ, ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَ مِثْلَ ذَلِكَ, ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْوَكَالَةِ فَقَالَ: قَالَ شَيْخُنَا: لَوْ بَاعَ أَوْ تَصَرَّفَ فَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ, انْتَهَى. ثُمَّ وَجَدْته فِي الْفُصُولِ, قَطَعَ بِمَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13" إذَا ثَبَتَ رُجُوعُهُ وَتَصَرُّفُ الرَّاهِنِ جَاهِلًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي3, وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَقَالَا: بِنَاءً عَلَى تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ, انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ, فَكَذَا هُنَا, فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الرَّاهِنِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ مَنْ بَنَاهُ, وَالْمُصَنِّفِ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْوَكَالَةِ أَيْضًا, لَكِنْ قَالَ: اخْتَارَ الْأَكْثَرُ الِانْعِزَالَ, عَلَى ما يأتي هناك, ويكفينا تصحيح
فَاسِدٌ, وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ "*" وَقِيلَ: إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ وَقِيلَ إنْ سَقَطَ بِهِ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فالرويتان إلا جعل. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ بَنَاهُ عَلَى الْوَكَالَةِ, لَكِنْ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ في الوكالة أنه لا ينعزل قبل علمه. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَكُلُّ شَرْطٍ وَافَقَ مُقْتَضَاهُ لَمْ يُؤَثِّرْ, وَإِنْ لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ, نَحْوَ كَوْنِ مَنَافِعِهِ لَهُ, وَإِنْ جَاءَهُ بِحَقِّهِ فِي مَحِلِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ أَوْ لَا يَقْبِضُهُ, فَهُوَ فَاسِدٌ. وَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَا بَيْعٍ, انْتَهَى. أَحَالَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ, يَعْنِي فِيمَا إذَا شَرَطَ فِيهِ مَا لَمْ يَقْتَضِهِ أَوْ نَافَاهُ, وَقَدْ قَدَّمَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ الصِّحَّةَ1 فَقَالَ: صَحَّ الْعَقْدُ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ لَا, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, انْتَهَى, فَيَكُونُ الْمَذْهَبُ هُنَا الصِّحَّةُ, وَلَيْسَ هَذَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. "إحْدَاهُمَا" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَصِحُّ, وَهِيَ الْمَذْهَبُ, عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ, وَنَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ فِيمَا إذَا شَرَطَ مَا يُنَافِيه, وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ يَفْسُدَ الرَّهْنُ. وَقِيلَ: إنْ شَرَطَا الرَّهْنَ مُؤَقَّتًا, أَوْ رَهْنَهُ يَوْمًا وَيَوْمًا لَا, فَسَدَ الرَّهْنُ, وَهَلْ يَفْسُدُ بِسَائِرِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ, بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ, وَنَصَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ صِحَّتَهُ, انْتَهَى, وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ "وَقِيلَ: إنْ نَقَصَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فَسَدَ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ, وَقِيلَ: إنْ سَقَطَ بِهِ دَيْنُ الرَّهْنِ فَسَدَ وَإِلَّا فالروايتان ". انتهى. مراده بالروايتين الروايتان الْمُتَقَدِّمَتَانِ اللَّتَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. وَأَحَالَهُمَا عَلَى
الْأَمَةِ فِي يَدِ أَجْنَبِيٍّ عَزَبٍ, لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ: يَبْطُلُ, بِخِلَافِ الْبَيْعِ, لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ ثُمَّ إذَا بَطَلَ وَكَانَ فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا, لِانْفِرَادِهِ عَنْهُ, كَمَهْرٍ فِي نِكَاحٍ, احتمالان "م 14" ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ فَذَكَرَ فِي مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ ثَلَاثَ طُرُقٍ "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْخِلَافِ كُلِّهِ ثُمَّ إذَا بَطَلَ وَكَانَ فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِهِ لِأَخْذِهِ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا, لِانْفِرَادِهِ عَنْهُ, كَمَهْرٍ في نِكَاحٍ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي إذَا بَاعَهُ شَيْئًا بِشَرْطِ رَهْنٍ, وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ مَا لَمْ يَقْتَصَّهُ أَوْ نَافَاهُ, وَقُلْنَا يَبْطُلُ, فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ, هَذَا مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَبْطُلُ "قُلْت": وهو ظاهر كلام الأصحاب. الثَّانِي: يَبْطُلُ, لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, ثُمَّ رَأَيْته فِي الْفُصُولِ ذَكَرَ الِاحْتِمَالَيْنِ, فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْفُصُولِ, فَإِنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُلْنَا الرَّهْنُ بَاطِلٌ فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ بِحَقٍّ مُسْتَقِرٍّ بَطَلَ الرَّهْنُ وَأُلْحِقَ بِحَالِهِ, وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي بَيْعٍ فَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ فَهَلْ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؟ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَبْطُلَ, لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ يَنْفَرِدُ عَنْ الْبَيْعِ. وَيَحْتَمِلُ أن1يَبْطُلَ الْبَيْعُ, لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ حَظًّا مِنْ الثَّمَنِ, وَذَلِكَ الْقَدْرُ النَّاقِصُ مَجْهُولٌ, وَالْمَجْهُولُ إذَا أُضِيفَ إلَى مَعْلُومٍ أَوْ حُطَّ مِنْهُ جُهِلَ الكل, وجهالة الثمن تفسد البيع, انتهى.
فصل: ويحرم عتقه على الأصح
فصل: وَيَحْرُمُ عِتْقُهُ, عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ أقر به فكذبه وقيل: أو وقفه1, وَقِيلَ: أَوْ أَقَرَّ بِبَيْعِهِ أَوْ غَصْبِهِ أَوْ جِنَايَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ, كَإِقْرَارِهِ بِنَسَبٍ مُطْلَقًا, أَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي وَطْئِهِ, وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَقَوْلُ وَارِثِهِ فِي إذْنِهِ فِيهِ أَوْ ضَرَبَهُ بِلَا إذْنِهِ فِيهِ لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ رهنا, وقيل إن أقر بطل
مَجَّانًا, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يَصِحُّ بَيْعُ الراهن له "وهـ" وَيَلْزَمُهُ, وَيَقِفُ لُزُومُهُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ. وَإِنْ ادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ وَأَمْكَنَ, وَأَقَرَّ مُرْتَهِنٌ بِإِذْنِهِ وَبِوَطْئِهِ وَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ, وَإِلَّا فَلَا, وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ عتق معسر, اختاره أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةً. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ مُعْسِرًا اسْتَسْعَى الْعَبْدَ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ تُجْعَلُ رَهْنًا, وَقِيلَ: إنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ لَمْ يُقْبَلْ كَعَبْدِ بَيْعٍ, وَكَإِقْرَارِهِ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ كَانَ جَنَى بِيعَ أَوْ أَنَّهُ1 بَاعَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ فَيُعْتَقُ كَإِبْرَائِهِ, ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ, وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ فَأَرْشُ الْبِكْرِ فَقَطْ. كَجِنَايَتِهِ, وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ بَعْدَ لُزُومِهِ قُبِلَ فِي حَقِّهِ وَيَحْتَمِلُ وَحَقِّ مُرْتَهِنٍ, وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ عِتْقِهِ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ. وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِلَا إذْنٍ, قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: أَلَهُ أَنْ يَطَأَ؟ قَالَ: لَا, وَاَللَّهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ دُونَ تَسْلِيمِهَا, وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَذَكَرَهُ عَنْ أَحْمَدَ. وَفِي غَرْسِهِ الْأَرْضَ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ احْتِمَالَانِ "م 15" وَلَا يَمْنَعُ مِنْ سَقْيِ شَجَرَةٍ وَتَلْقِيحٍ وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ عَلَى إنَاثٍ قَطَعَ بِهِ فِي2 الْمُذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ مرهونة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَفِي غَرْسِهِ الْأَرْضَ وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَسُوغُ لِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ وَالِاحْتِمَالُ "الثَّانِي" له منعه, لأنه تصرف في الجملة.
ومداواة وَفَصْدٍ وَنَحْوِهِ, بَلْ مَنْ قَطَعَ سِلْعَةً فِيهَا خَطَرٌ. وَيَمْنَعُ مِنْ خِتَانِهِ إلَّا مَعَ دَيْنٍ مؤجل يبرأ قبل أجله. قَالَ الشَّيْخُ: وَلِلْمُرْتَهِنِ مُدَاوَاةُ مَاشِيَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ فَيَتَوَجَّهُ: وكذا غيرها. وفي الترغيب وغيره: يمنع من1 كُلَّ تَصَرُّفٍ قَوْلًا وَفِعْلًا. وَنَمَاؤُهُ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ صُوفًا وَلَبَنًا وَكَسْبُهُ وَمَهْرُهُ وَأَرْشُ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ رَهْنٌ فَإِنْ أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ قِصَاصًا أَوْ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَاقْتَصَّ بِلَا إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَزِمَ سَيِّدَهُ أَوْ وَارِثَهُ أَرْشُهَا فِي الْمَنْصُوصِ, رَهْنًا, وَهَلْ لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَأَجْنَبِيٍّ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَمَوْرُوثِهِ؟ فِي الْأَصَحِّ, فِيهِ وَجْهَانِ "م 16" وَقِيلَ: يُقْتَصُّ بِإِذْنٍ, وَحَكَاهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً. وَإِنْ عَفَا سَيِّدٌ عَنْ مَالٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا يَصِحُّ, وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَهَلْ لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ كَأَجْنَبِيٍّ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ, أَمْ لَا, كَمَوْرُوثِهِ, فِي الْأَصَحِّ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ هُوَ السَّيِّدُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُمْ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ, لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ لَهُمْ, وَهُمْ مُهْتَمُّونَ فِي إسْقَاطِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ, وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَهُمْ ذَلِكَ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِمْ, أَشْبَهَ مَا لَوْ جُنِيَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ عَفَوْا عَنْهُ عَلَى مَالٍ صَحَّ في الأصح, وبقي رهنا, انتهى.
حَقِّهِ فَيَرْهَنُ الْجَانِي بَدَلَهُ, فَإِذَا انْفَكَّ اسْتَرَدَّهُ, وَإِنْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ الْبَدَلِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى عَافٍ احْتِمَالَانِ "م 17" وَإِنْ أَسْقَطَ مُرْتَهِنٌ أَرْشًا أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ, وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 18" وَمُؤْنَتُهُ وَأُجْرَةُ مَخْزَنِهِ وَكَفَنِهِ وَرَدِّهِ مِنْ إبَاقِهِ عَلَى مَالِكِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ بِنِيَّةِ الرجوع فلا شيء له "*" وحكى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَإِنْ عَفَا سَيِّدٌ عَنْ مَالٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا يَصِحُّ, وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ فِي حَقِّهِ فَيَرْهَنُ الْجَانِي بَدَلَهُ, فَإِذَا انْفَكَّ اسْتَرَدَّهُ, وَإِنْ اسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْ الْبَدَلِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى عَافٍ احْتَمَلَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ. "أَحَدُهُمَا" يَرْجِعُ الْجَانِي وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ عَلَى الْعَافِي وَهُوَ الرَّاهِنُ, لِأَنَّ مَالَهُ ذَهَبَ فِي قَضَاءِ دَيْنِ الْعَافِي, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي حَقِّ الْجَانِي مَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الضَّمَانِ, وَإِنْ اسْتَوْفَى بِسَبَبٍ كَانَ مِنْهُ حَالَ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَنَى إنْسَانٌ عَلَى عَبْدِهِ ثُمَّ رَهَنَهُ لِغَيْرِهِ فَتَلِفَ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ. "مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْقَطَ مُرْتَهِنٌ أَرْشًا أَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ لَمْ يَسْقُطْ, وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ "أَحَدُهُمَا" يَسْقُطُ حَقُّهُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَسْقُطُ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ أَسْقَطَ وَأَبْرَأَ مِنْ شَيْءٍ لَا يَمْلِكُهُ. "*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِنْ أَنْفَقَ المرتهن عليه بنية الرجوع فلا شيء
جَمَاعَةٌ رِوَايَةً كَإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ, فَإِنْ تَعَذَّرَ رَجَعَ إنْ أَشْهَدَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ أو نفقة مثله, وإلا فروايتان "م 19" ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ1 يَعْنِي إذَا قَدَرَ عَلَى إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ الْحَاكِمِ, وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ الْإِذْنُ وَلَمْ يُشْهِدْ, مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ صَاحِبِ الْقَوَاعِدِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ, وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ, وَأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ, وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 19" قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحَكَى جَمَاعَةٌ رِوَايَةً: كَإِذْنِهِ وَإِذْنِ الْحَاكِمِ, فَإِنْ تَعَذَّرَ رَجَعَ إنْ أَشْهَدَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَ أَوْ نَفَقَةِ مِثْلِهِ, وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ, انْتَهَى, يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ إذْنُ الرَّاهِنِ أَوْ إذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَشْهَدْ, فَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ أَمْ لا؟ أطلق الخلاف. "إحْدَاهُمَا" يَرْجِعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا, قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالسَّبْعِينَ, وَإِذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِإِطْعَامٍ أَوْ كِسْوَةٍ إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ حَيَوَانًا فَفِيهِ طَرِيقَانِ, أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ, يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ, كَمَا قَدَّمَهُ, قَالَ: كذلك قال القاضي في المجرد والروايتين
وَكَذَا حُكْمُ حَيَوَانٍ مُؤَجَّرٍ أَوْ مُودَعٍ "م 20 - 21" ولو عمر في دار ارتهنها ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ: الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ الرُّجُوعُ, وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ "وَالطَّرِيقُ الثَّانِي" أَنَّهُ يَرْجِعُ, رِوَايَةً وَاحِدَةً, انتهى. والرواية "الثانية" لا يرجع. "مَسْأَلَةٌ 20 - 21" قَوْلُهُ: وَكَذَا حُكْمُ حَيَوَانٍ مُؤَجَّرٍ أَوْ مُودَعٍ. يَعْنِي لَا يُنْفِقُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّهِ إنْ قَدَرَ, فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِذْنُ الْحَاكِمِ, فَإِنْ تَعَذَّرَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَالْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ, وَهُوَ مُطْلَقٌ, وَقَدْ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" الْإِنْفَاقُ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمُؤَجَّرِ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, فَكَذَا هَذِهِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ فَفِي الرُّجُوعِ الرِّوَايَتَانِ, يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ.
رَجَعَ بِآلَتِهِ وَقِيلَ: وَبِمَا يَحْفَظُ بِهِ مَالِيَّةَ الدَّارِ, وَأَطْلَقَ فِي النَّوَادِرِ: يَرْجِعُ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِيمَنْ عَمَّرَ وَقْفًا بِالْمَعْرُوفِ لِيَأْخُذَ عِوَضَهُ أَخَذَهُ مِنْ مُغِلِّهِ. وَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَيَحْلُبَ حَيَوَانًا, عَلَى الْأَصَحِّ, بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: مَعَ غَيْبَةِ رَبِّهِ, وَلَا يُنْهِكُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَيَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ, وَبِإِذْنِ الرَّاهِنِ يَجُوزُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ قَرْضٍ, نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: أَوْ جُهِلَتْ الْمَنْفَعَةُ, وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ الثَّمَرَةِ بِإِذْنِهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَسْكُنُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ, وله ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا, وَقَالَ هَنَّادٌ: مُقْتَضَى طَرِيقَةِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَرْجِعُ رِوَايَةً وَاحِدَةً, قَالَ: ثُمَّ إنَّ الأكثرين اعتبروا هنا استئذان الْحَاكِمِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّهْنِ, وَاعْتَبَرُوهُ أَيْضًا فِي الْمُودَعِ وَاللُّقَطَةِ. وَفِي الْمُغْنِي إشَارَةٌ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْكُلِّ فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ, وَأَنَّ الْإِنْفَاقَ بِدُونِ إذْنِهِ يُخَرَّجُ عَلَى الْحِلَافِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ, وَلِذَلِكَ اعْتَبَرُوا الْإِشْهَادَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" الْإِنْفَاقُ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ أَيْضًا: وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِئْذَانُ مَالِكِهِ رَجَعَ, وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَطَرِيقَانِ: "أَحَدُهُمَا" أَنَّهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ, وَأَوْلَى, لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ حُرْمَةً فِي نَفْسِهِ, فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَضَاءِ الدُّيُونِ أَحْيَانَا, وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي. "وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَرْجِعُ, قَوْلًا وَاحِدًا, وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُحَرَّرِ مُتَابَعَةً لِأَبِي الْخَطَّابِ, انْتَهَى. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ, وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ صَاحِبِ الْقَوَاعِدِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, وَأَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ اعْتَبَرُوا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ فِي الْحَيَوَانِ الْمُودَعِ وَالْمُؤَجَّرِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ, والله أعلم.
أجرة مِثْلِهِ. وَإِذَا حَلَّ الْحَقُّ وَالْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ وَكِيلٌ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي قِيمَتِهِ وَجْهَانِ "م 22" بِإِذْنِ مُرْتَهِنٍ, وَقِيلَ: وَرَاهِنٍ, بِأَغْلَبِ نَقْدِ الْبَلَدِ, فَإِنْ تَسَاوَتْ فَقِيلَ: بِالْأَحَظِّ, وقيل: بجنس الدين "م 23" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 22" قَوْلُهُ: وَإِذَا حَلَّ الْحَقُّ وَالْمُرْتَهِنُ أَوْ الْعَدْلُ وَكِيلٌ فِي بَيْعِهِ بَاعَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي قِيمَتِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا جَنَى عَلَى الرَّهْنِ وَأُخِذَتْ قِيمَتَهُ فَجُعِلَتْ رَهْنًا مَكَانَهُ هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ بَيْعُهُ كَأَصْلِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" لَهُ بَيْعُهُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, كَأَصْلِهِ, ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحَ نَقَلَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَهُ بَيْعُهُ, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِإِذْنٍ مُتَجَدِّدٍ, وَلَهُ قُوَّةٌ. "تَنْبِيهٌ" حَمَلَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ بِقِيمَتِهِ لَا بِمَا أُخِذَ مِنْ الْقِيمَةِ عِوَضًا عَنْ الرَّهْنِ كَمَا قُلْنَا. وَقَالَ: فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مَنْ يَشْتَرِيهِ لَمْ يَبِعْهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ, بَلْ يُتْرَكُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ رَاغِبٌ يَشْتَرِيه بِقِيمَتِهِ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ بَيْعِ مَالِ الْمُفْلِسِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا بِثَمَنِهِ الْمُسْتَقِرِّ, انْتَهَى. "قُلْت": مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى النَّقْلِ فِي الْمَسْأَلَةِ, وَمَا قَالَهُ فِيهِ عُسْرٌ, لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِذَلِكَ, فَيَحْصُلُ الضَّرَرُ, وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ, بَلْ يُبَاعُ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إذَا وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 23" قَوْلُهُ: بِأَغْلَبِ نَقْدِ الْبَلَدِ, فَإِنْ تَسَاوَتْ فَقِيلَ: بِالْأَحَظِّ, وقيل
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ عَزَلَهُ الرَّاهِنُ, وَصَحَّ عَزْلُهُ فِي الْمَنْصُوصِ, لَمْ يَبِعْهُ, وَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ بِالْوَفَاءِ أَوْ الْبَيْعِ, فَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ أَوْ عُزِّرَ. فَإِنْ أَصَرَّ بَاعَهُ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ وَثَمَنُهُ بِيَدِ الْعَدْلِ أَمَانَةٌ, وَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِمَا فِي تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ, فَيَرْجِعُ عَلَى رَاهِنِهِ, وَهُوَ عَلَى الْعَدْلِ, وَقِيلَ: يُصَدَّقُ عَلَى رَاهِنِهِ, وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ, وَلَا يَنْفَكُّ بعضه حتى يقضي الدين ـــــــــــــــــــــــــــــQبجنس الدين انتهى, 1وأطلقهما في الشرح2 أحدهما يباع بجنس الدين3, وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُبَاعُ إلَّا بِالْأَحَظِّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ تَسَاوَتْ النُّقُودُ بَاعَهُ بِجِنْسِ الْحَقِّ لِأَنَّهُ أَحَظُّ, انْتَهَى. كَذَا قَالَ, وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْأَحَظِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ, أَوْ أَرَادَ: إذَا لَمْ يَحْصُلْ زِيَادَةٌ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ, فَإِنْ كَانَ أَرَادَ هَذَا الْأَخِيرَ فَهُوَ متفق عليه.
كُلَّهُ, تَلِفَ بَعْضُهُ أَوْ لَا, نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ رَهَنَهُ عِنْدَ اثْنَيْنِ فَوَفَّى أَحَدُهُمَا أَوْ رَهَنَهُ اثْنَانِ شَيْئًا فَوَفَّاهُ أَحَدَهُمَا انْفَكَّ فِي نَصِيبِهِ, كَتَعَدُّدِ الْعَقْدِ, وَقِيلَ: لَا, وَنَقَلَهُ مُهَنَّا في الثانية, وإذا قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٍ فَعَمَّا نَوَاهُ, فَإِذَا طَلَقَ فَإِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ, وَقِيلَ: بِالْحِصَصِ. وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ, نَحْوَ رَهَنْتُك هَذَا, قَالَ: وَالْآخَرُ, قُبِلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ كَقَدْرِ الْحَقِّ وَعَيْنِ الرَّهْنِ, لِأَنَّهُ لَا ظَاهِرَ وَلَا عَادَةَ, وَعَنْهُ: فِي الْمَشْرُوطِ يَتَحَالَفَانِ, وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ, وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَبَضَهُ مِنْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ, فَلَوْ قَالَ: رَهَنْتَنِيهِ, وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْتنِيهِ أَوْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةٌ, فَوَجْهَانِ "م 24" وَإِنْ ادَّعَى الراهن تلفه بعد قبض الْمُرْتَهِنِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْبَيْعِ قُبِلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. وَإِنْ قَالَ فِي الْمَشْرُوطِ: رَهَنْتُك عصيرا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 24" قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ رَهَنْتَنِيهِ. وَقَالَ الرَّاهِنُ: غَصَبْتنِيهِ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. وأطلقهما في الرعاية الكبرى وأطلقهما1 في الْفَائِقِ فِي الْأُولَى, فَذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بعضهن بعضا. "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْغَصْبِ, وقدمه في الفائق في
قال خَمْرًا, قُبِلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ, وَعَنْهُ: الْمُرْتَهِنُ, وَجَعَلَهَا الْقَاضِي كَخُلْفٍ فِي حُدُوثِ عَيْبٍ, وَإِنْ قَالَ: أَرْسَلْت زَيْدًا لِتَرْهَنَهُ بِعِشْرِينَ وَقَبَضَهَا, فَصَدَّقَهُ, قُبِلَ قول الراهن بعشرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْغَصْبِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ فِي الْوَدِيعَةِ. "الْوَجْهُ الثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الْأَقْوَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي أَنَّهُ رَهْنٌ وَلَيْسَ بِغَصْبٍ, انْتَهَى. "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مَا يُرْهَنُ عَلَيْهِ, لِأَنَّ بِقَرِينِهِ الدَّيْنُ يُقَوِّي قَوْلَهُ فِي الرَّهْنِ, وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَصْبِ, وَالْعَارِيَّةِ الْوَدِيعَةِ, وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ أَيْضًا عَدَمُ الرَّهِينَةِ, لَكِنْ يَتَقَوَّى جَانِبُهَا بِوُجُودِ الدَّيْنِ عَلَى الرَّاهِنِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل: والرهن بيد المرتهن أمانة
فصل: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ وَلَوْ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ, كَبَعْدِ الْوَفَاءِ, وَإِنْ تَعَدَّى فَكَوَدِيعَةٍ, وَفِي بَقَاءِ الرَّهِينَةِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أَمَانَةً وَاسْتِيثَاقًا فَيَبْقَى أَحَدُهُمَا وَجْهَانِ "م 25" وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 25" قَوْلُهُ: وَالرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَمَانَةٌ, فَإِنْ تَعَدَّى فَكَوَدِيعَةٍ, وَفِي بَقَاءِ الرَّهِينَةِ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ أمانة واستيثاقا فيبقى إحداهما وجهان, انتهى.
كَدَفْعِ عَبْدٍ يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَكَحَبْسِ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ بَعْدَ الْفَسْخِ عَلَى الْأُجْرَةِ, بخلاف حبس البائع المتميز على ثمنه, فإنه يَسْقُطُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِتَلَفِهِ, لِأَنَّهُ عِوَضُهُ, وَالرَّهْنُ لَيْسَ بِعِوَضِ الدَّيْنِ, لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ بِتَفَاسُخِهِمَا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ "م 26" وَقَالَ: الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ أَنَّهَا عَيْنٌ مَحْبُوسَةٌ فِي يَدِهِ بِعَقْدٍ عَلَى اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ لَهُ عليه, ولم يقيد المبيع بالمتميز, وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ, وَقِيلَ: وَالرَّدِّ, وَقَالَ أحمد في مرتهن ادعى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أحدهما" بقاء الرهنية "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قِيَاسًا عَلَى تَعَدِّيهِ فِي الْوَكَالَةِ, عَلَى مَا يَأْتِي. وَقَدْ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: لَوْ تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فِيهِ زَالَ ائْتِمَانُهُ وَبَقِيَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَمْ تَبْطُلْ تَوْثِقَتُهُ. وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ احْتِمَالًا بِبُطْلَانِ الرَّهْنِ, وَفِيهِ بُعْدٌ, لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ, وَحَقٌّ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الرَّاهِنِ, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" زَوَالُ الرَّهِينَةِ, وَهُوَ الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. "مَسْأَلَةٌ 26" قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, بِخِلَافِ حبس البائع المتميز على ثمنه, فإنه يسقط فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِتَلَفِهِ, لِأَنَّهُ عِوَضٌ, وَالرَّهْنُ لَيْسَ بِعِوَضٍ, لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَسْقُطُ بِتَفَاسُخِهِمَا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ, انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" يَسْقُطُ حَقُّهُ بِتَلَفِ الْبَيْعِ الْمُتَمَيِّزِ الْمَحْبُوسِ عَلَى ثَمَنِهِ, وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ حَبْسِ الصَّانِعِ الثَّوْبَ عَلَى الْأُجْرَةِ, وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا الضَّمَانُ, فَكَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِتَلَفِ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ قوي
ضَيَاعَهُ: إنْ اتَّهَمَهُ أَحْلَفَهُ وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّفْهُ, وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ بِحَادِثٍ ظَاهِرٍ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحَادِثِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ, وَكَذَا وَكِيلٌ أَوْ وَصِيٌّ بِجُعْلٍ وَمُضَارِبٍ, وَفِيهِ فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ فِي رَدٍّ. وَالْأَصَحُّ: وَأَجِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ, وَيُقْبَلُ قَوْلُ وَكِيلٍ وَوَصِيٍّ مُتَبَرِّعَيْنِ, وَمُودَعٍ فِي الرَّدِّ مَعَ يَمِينِهِ وَفِيهِمَا وَجْهٌ, وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي1 فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِم} [النساء: 6] ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ, وَلَمْ يُخَالِفْهُ, وَالتَّلَفُ مَعَ يَمِينِهِ وَفِيهِمَا رواية, إذا ثبت الحادث الظاهر ولو باستفاضة2, وَكَذَا حَاكِمٌ. وَفِي التَّذْكِرَةِ: إنَّ مَنْ قُبِلَ قَوْلُهُ مِنْ الْأُمَنَاءِ فِي الرَّدِّ لَمْ يَحْلِفْ. وَفِي الرَّهْنِ رِوَايَةٌ: يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَعَارَهُ أَوْ مَلَّكَهُ غَيْرَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي وَصِيٍّ رِوَايَةٌ فِي الرَّدِّ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَكَذَا مُودَعٌ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيلَةِ, وَعَنْهُ: إنْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ, وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا, وَعَنْهُ: أَوْ تَلِفَتْ مِنْ بَيْنِ مَالِهِ, وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكِيلٍ قَوْلٌ, وَهُوَ قِيَاسُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ, وَلَا ضَمَانَ بِشَرْطٍ, وَعَنْهُ: "الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ" وَعَقْدٌ فَاسِدٌ كَصَحِيحٍ فِي ضَمَانٍ وَعَدَمِهِ, وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ الرَّدُّ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ لِيُشْهِدَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ إنْ حَلَفَ, وَإِلَّا فَلَا, وَفِيهِ احْتِمَالٌ "م 27" وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَنَحْوُهُ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ, وَإِلَّا أَخَّرَ "م 28" كَدَيْنٍ بِحُجَّةٍ, ذكره أصحابنا, ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 27" قَوْلُهُ: وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ الرَّدُّ وَقُبِلَ قَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ لِيُشْهِدَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَا, وَفِيهِ احْتِمَالٌ, انْتَهَى. أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْوَكَالَةِ: وَكُلُّ أَمِينٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ وَطَلَبٍ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يُشْهِدَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يَحْلِفُ, وَإِلَّا لَمْ يُؤَخِّرْهُ لِذَلِكَ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ, وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَهُ. "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يُشْهِدَ, "قُلْت": وَهُوَ قَوِيٌّ, خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ, وَمَحِلُّهُمَا إذَا قَبِلْنَا قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ, كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. "مَسْأَلَةٌ 28" قَوْلُهُ: وَكَذَا مُسْتَعِيرٌ وَنَحْوُهُ لَا حُجَّةَ عَلَيْهِ, وَإِلَّا أَخَّرَ, انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا, خِلَافًا وَمَذْهَبًا, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِيهَا, فَكَذَا فِي هَذِهِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, كَالْمُصَنِّفِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى:
يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْوَثِيقَةِ بَلْ الْإِشْهَادُ بِأَخْذِهِ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَا يَجُوزُ لِحَاكِمٍ إلْزَامُهُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ مَا قَبَضَهُ مُسْتَحَقًّا فَيَحْتَاجُ إلَى حُجَّةٍ بِحَقِّهِ, وَكَذَا تَسْلِيمُ بَائِعِ كِتَابٍ ابْتِيَاعُهُ إلَى مُشْتَرٍ, وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ حَتَّى يُزِيلَ الْوَثِيقَةَ, وَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْحَقِّ الِاحْتِيَاطُ بِالْإِشْهَادِ, وَعَنْهُ: فِي الْوَدِيعَةِ يَدْفَعُهَا بِبَيِّنَةٍ إذَا قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ, قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ هَذَا لِلْوُجُوبِ, كَالرَّهْنِ وَالضَّمِينِ, وَكَالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ مَعَ وُرُودِ النَّصِّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: حَمْلُهُ على ظاهره للوجوب أَشْبَهُ, وَيَكُونُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ أَوْجَبَ الشَّهَادَةَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ. وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ فَلَهُ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْلِيمُهُ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْ فِدَاؤُهُ, وَهُوَ رَهْنٌ, وَإِنْ نَقَصَ الْأَرْشُ عَنْ قِيمَتِهِ فَهَلْ يُبَاعُ بِقَدْرِهِ أَوْ كُلِّهِ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْأَرْشِ رَهْنٌ1؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 29" ـــــــــــــــــــــــــــــQلا يؤخره, ثم قال: قلت: بلى. "مَسْأَلَةٌ 29" قَوْلُهُ: وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ فَلَهُ بَيْعُهُ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ تَسْلِيمُهُ, وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ, أَوْ فِدَاؤُهُ وَهُوَ رَهْنٌ, فَإِنْ نَقَصَ الْأَرْشُ عَنْ قِيمَتِهِ فَهَلْ يُبَاعُ بِقَدْرِهِ أَوْ كُلِّهِ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْأَرْشِ رَهْنٌ بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يُبَاعُ بِقَدْرِهِ وَبَاقِيهِ رَهْنٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وقدمه في الخلاصة
وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنٍ وَنَوَى الرُّجُوعَ فروايتان "م 30" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: 3بِيعَ مِنْهُ3 بِقَدْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ, وَبَاقِيهِ رَهْنٌ, إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ فَيُبَاعُ الْكُلُّ وَيُجْعَلُ بَقِيَّةُ الثَّمَنِ رَهْنًا, انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُبَاعُ جَمِيعُهُ وَيَكُونُ بَاقِي ثَمَنِهِ رَهْنًا, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْحَاوِيَيْنِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: يُبَاعُ بِقَدْرِ الْجِنَايَةِ, فَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِالتَّشْقِيصِ بِيعَ كُلُّهُ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْجَمَاعَةِ, وَمَحِلُّ الْجَمَاعَةِ, وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 30" قَوْلُهُ: وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِلَا إذْنٍ وَنَوَى الرُّجُوعَ, فَرِوَايَتَانِ, انْتَهَى. إذَا اخْتَارَ الْمُرْتَهِنُ فِدَاهٌ أَوْ فِدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ فَهَلْ لَهُ الرجوع أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ5 والرعايتين والحاويين والفائق والزركشي وغيرهم.
وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهُ رَهْنًا بِفِدَائِهِ مَعَ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ "م 31" وَإِنْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَالْخَصْمُ سَيِّدُهُ فَإِنْ أَخَّرَهُ لِغَيْبَةٍ أَوْ عُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْمُرْتَهِنُ, وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ حُدَّ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ لَا1 وَالْمَذْهَبُ يُحَدُّ, قاله القاضي, وَرَقَّ وَلَدُهُ, فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ الْحَظْرَ وادعاه فلا يفدي ولده إن ـــــــــــــــــــــــــــــQإحداهما: يَرْجِعُ, قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرُهُمْ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقُوا الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ, انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ2 أَنَّ مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ, لَهُ الرُّجُوعُ, فَكَذَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَرْجِعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا, وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ اسْتِئْذَانُهُ فَلَا رُجُوعَ, انْتَهَى. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 31" قَوْلُهُ: وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَهُ رَهْنًا بِفِدَائِهِ مَعَ دَيْنِهِ الْأَوَّلِ فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, قَالَ فِي الْفَائِقِ: جاز, في أصح الوجهين, وقدمه الزركشي.
وَطِئَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ, وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 32" وَيَجِبُ الْمَهْرُ, وَقِيلَ: وَمَعَ إذْنِهِ لِمُكْرَهَةٍ وَكَمُفَوِّضَةٍ, وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي عَقْدٍ. وَلَهُ بَيْع مَا جَهِلَ رَبُّهُ1 إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي إذْنِ حَاكِمٍ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَخْذِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ عَدَمِهِ رِوَايَتَانِ كَشِرَاءِ وَكِيلٍ "م 33 - 35" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 32" قَوْلُهُ وَلَوْ وَطِئَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَةَ حُدَّ. فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ الْحَظْرَ وَادَّعَاهُ فَلَا يَفْدِي وَلَدَهُ, إنْ وَطِئَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ, وَإِلَّا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ مَعَ جَهْلِهِ فَهَلْ يَفْدِي وَلَدَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: هَذَا الصَّحِيحُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي2, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَفْدِيهِ بِقِيمَتِهِ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4, وصححه في الرعاية الكبرى. "مَسْأَلَةٌ 33 - 35" قَوْلُهُ: وَلَهُ بَيْعُ مَا جَهِلَ رَبُّهُ إنْ أَيِسَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَالصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي إذْنِ حَاكِمٍ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ وَأَخْذِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ مَعَ عَدَمِهِ رِوَايَتَانِ, كَشِرَاءِ وَكِيلٍ, انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 33" إذَا قُلْنَا لَهُ بَيْعُهُ فَهَلْ يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 34" هَلْ له أخذ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ إذْنِ الحاكم أم لا؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ الْخِلَافَ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 35" الْمَسْأَلَةُ الْمَقِيسُ عَلَيْهَا وَهِيَ شِرَاءُ الْوَكِيلِ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: لَا يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَلَوْ بَاعَهَا الْحَاكِمُ وَوَفَّاهُ جَازَ, انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ, انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ إذَا جُهِلَ بِذَاكَ الْوَدَائِعُ جَوَازَ التَّصْدِيقِ بِهَا دُونَ إذْنِ حَاكِمٍ, قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَا الرُّهُونُ, وَذَكَرَ نُصُوصًا فِي ذَلِكَ, قُلْت: الصَّوَابُ اسْتِئْذَانُ الْحَاكِمِ فِي بَيْعِهِ إنْ كَانَ أَمِينًا, وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْحَاكِمَ يَنْظُرُ فِي أَمْوَالِ الْغُيَّابِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الدَّعَاوَى فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي: 3ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَنْ الْغَائِبِ وَيَبِيعُ مَا لَهُ, انْتَهَى. وَالصَّوَابُ أَيْضًا أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا عُدِمَ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ ثَمَنِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ شِرَاءِ الْوَكِيلِ فَلَمْ يَظْهَرْ لِي صُورَتُهَا, فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَيْءٍ أَوْ بَيْعِهِ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ فَيَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ وَتَلَفِهِ4, وَقَدَّمَ صِحَّةَ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ, وَأَنَّهُ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ, فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ هَذَا فَفِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ, أَوْ يُقَالُ: لَمْ يُطْلِقْ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ, أَوْ يَكُونُ مُرَادُهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي الشِّرَاءِ فَاشْتَرَى مِنْ نَفْسِهِ لِمُوَكِّلِهِ, فَإِنْ كَانَ أَرَادَ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ نَفْسِهِ, وَالصُّورَةُ الْأُولَى أَوْلَى, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ, وصححنا ما يسر الله تصحيحه منها.
باب الضمان
باب الضمان مدخل ... باب الضمان وَهُوَ الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ وَيُعْتَبَرُ رِضَاهُ فَقَطْ, أَوْ مُفْلِسٍ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ, فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا عَدَمُ تَصَرُّفِهِ فِي ذِمَّتِهِ, وَقِيلَ: وَسَفِيهٍ, وَيُتْبَعُ1 بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ, وَعَنْهُ: وَمُمَيِّزٍ وَعَنْهُ وَعَبْدٍ, فَيُطَالِبُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ, وَفِي مُكَاتَبٍ وَجْهَانِ "م 1" مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بقائه, وقد لَا يَبْقَى, وَهُوَ دَيْنُ الْمَيِّتِ, وَعَنْهُ: الْمُفْلِسُ فِي الرِّوَايَةِ. وَمَا قَدْ يَجِبُ بِلَفْظِ ضَمِينٍ وكفيل وقبيل وحميل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 1" قوله: وفي مكاتب وجهان, انتهى. يعني هَلْ يَصِحُّ ضَمَانُ الْمُكَاتَبِ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا, وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ جَائِزٍ تَبَرُّعُهُ سِوَى الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ, انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ صَحَّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ وَتَبَرُّعُهُ بِمَالِهِ صَحَّ ضَمَانُهُ, فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ مِنْهُ, وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ, وَهُوَ الذي قدمه في المغني2 والشرح3
وصبي وَزَعِيمٍ, وَنَحْوِهِ لَا أُؤَدِّي أَوْ أَحْضُرُ, وَيُتَوَجَّهُ: بَلْ بِالْتِزَامِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ فِي مَسَائِلَ, كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي النَّذْرِ, وَقَوْلُهُ فِي الِانْتِصَارِ فِيمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ بِنَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ: إذَا بُذِلَ لَهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ, بِخِلَافِ الضَّمَانِ فَإِنَّهُ أَتَى فِيهِ بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ, وَهُوَ قَوْلُهُ: ضَمِنْت لَك مَا عَلَيْهِ, أَوْ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ, فَلِهَذَا لَزِمَهُ, فَنَظِيرُهُ هُنَا: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ عَنْك إنْ أَمَرْتنِي, فَإِذَا أُمِرَ لَزِمَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ بِكُلِّ لَفْظٍ فُهِمَ مِنْهُ الضمان عرفا, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ. قَالَ في الحاويين:"1وغيره: ومن صح تصرفه بنفسه صح ضمانه انتهى فظاهر هذا الصحة لأن تصرفه يصح بنفسه قال ابن رزين1" وَيُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْقِنِّ. وَقِيلَ: يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ, وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرُهُ, وَقَدَمَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ. وَأَطْلَقُوا الْوَجْهَيْنِ إذَا كَانَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. "تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ5, أَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ضَمَانُهُ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, فَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ضَمَانِ الْعَبْدِ الْقِنِّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. فَالْمُكَاتَبُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى, أَوْ يُقَالُ: لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِهِ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ لَمْ نُصَحِّحْ الضَّمَانَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ, لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبَ عَجْزِهِ, بِخِلَافِ الْقِنِّ, والله أعلم..
وَيَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِمَا لِمَنْعِهِ الزَّكَاةَ عَلَيْهِمَا وَصِحَّةِ هِبَتِهِ لَهُمَا, وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ لَوْ قَالَ: الْتَزَمْت وَتَكَفَّلْت بِالْمُطَالَبَةِ دُونَ أَصْلِ الدَّيْنِ لَمْ يَصِحَّ "و" وفي الانتصار وَغَيْرِهِ لَا ذِمَّةَ ضَامِنٍ, لِأَنَّ شَيْئًا لَا يَشْغَلُ مَحَلَّيْنِ, وَلِرَبِّهِ مُطَالَبَتُهُمَا مَعًا وَأَحَدِهِمَا, ذَكَرَهُ شيخنا, وغيره المذهب "وهـ ش" حَيَاةً وَمَوْتًا, قَالَ أَحْمَدُ: يَأْخُذُ مَنْ شَاءَ بِحَقِّهِ, فَإِنْ بَرِئَ الْمَدْيُونُ بَرِئَ ضَامِنُهُ, وَلَا عَكْسُ. وَلَوْ ارْتَدَّ ضَامِنٌ وَلَحِقَ هُوَ أَوْ ذِمِّيٌّ بِدَارِ حَرْبٍ "هـ", وَلَوْ اقْتَرَضَ أَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا فَنَصُّهُ لَا شَيْءَ لَهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُسْلِمْ هُوَ فَلَهُ قِيمَتُهَا, وَقِيلَ: أَوْ يُوَكِّلُ ذِمِّيًّا يَشْتَرِيهَا, وَلَوْ أَسْلَمَ ضَامِنُهَا بَرِئَ وَحْدَهُ, وَلَوْ أَسْلَمَهُ فِيهَا فَلَهُ أَرْشُ مَالِهِ, وَإِنْ أُبْرِئَ أَحَدُ ضَامِنِيهِ بَرِئَ وَحْدَهُ وَإِنْ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ لَمْ يَصِحَّ, بَلْ أَخَذَ كَفِيلَيْنِ بِالْآخَرِ, فَلَوْ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا بَرِئَ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ بِهِ لَا مِنْ إحْضَارِ مَكْفُولٍ بِهِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ مُفْلِسٍ وَمَجْنُونٍ, فَلَوْ مَاتَ لَمْ يُطَالَبْ فِي الدَّارَيْنِ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَدَيْنُ مَيِّتٍ وَضَامِنٍ وَكَفِيلٍ, فَيَبْرَأُ الثَّانِي بِإِبْرَاءِ الْأَوَّلِ, وَلَا عَكْسُ, وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ, وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ, ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ
إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ, وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ روايتان "م 2" وكل دين صح أخذ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى الدَّيْنَ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ, وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ, ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ, وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ضَمِنَ بِلَا إذْنٍ, وَالثَّانِي ضَمِنَ بِإِذْنٍ, رَجَعَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ, وَلَمْ يَرْجِعْ الأول على أحد, على الأظهر, انتهى. أحدهما: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جُمْلَةِ مَسَائِلَ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ نَاوِيًا لِلرُّجُوعِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ أَمْ لَا؟ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَنَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ, وَلَوْ كَانَ غَيْرَ ضَامِنٍ فَرُجُوعُ الضَّامِنِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْلَى, فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ, وَهُوَ بَعِيدٌ,"3لأنه إذا لم ينو الرجوع3 فَإِنْ نَوَى التَّبَرُّعَ لَمْ يَرْجِعْ قَوْلًا وَاحِدًا. وَإِنْ أَطْلَقَ ذَاهِلًا عَنْ النِّيَّةِ وَعَدِمَهَا فَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ, فَانْتَفَى كَوْنُهُ لَمْ يَنْوِ أَوْ ذَهَلَ, فَمَا بَقِيَ إلَّا أنه نوى الرجوع,
رَهْنٌ بِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَضَمَانُ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ, وَعَنْهُ: وَدَيْنُ كِتَابَةٍ ضَمِنَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: حُرٌّ لِسَعَةِ تَصَرُّفِهِ, لَا أَمَانَةٌ كَوَدِيعَةٍ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهَا, وَإِنَّمَا عَلَى الْمَالِكِ أَنْ يَقْصِدَ الْمَوْضِعَ فَيَقْبِضَهَا, وَعَنْهُ صِحَّتُهُ, حَمَلَهُ عَلَى تَعَدِّيهِ, كَتَصْرِيحِهِ بِهِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ عُهْدَةِ بَيْعٍ وَهُوَ ثَمَنُهُ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَنْ الْآخَرِ, وَفِي دُخُولِ نَقْضِ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي ضَمَانِهَا وَرُجُوعِهِ بِالدَّرَكِ مَعَ. اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ ببطلانه وجهان "م 3, 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ, وَعُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّضْهُ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي1 فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ. وَقَدْ حَرَّرْت مَسْأَلَةَ مَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ فِي هَذَا الْمَكَانِ مِنْ الْإِنْصَافِ2 تَحْرِيرًا شَافِيًا, وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. "تَنْبِيهٌ" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ أَحَدٌ فِي الضَّمَانِ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ, لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا أَذِنَ وَاحِدٌ, وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: وَلَعَلَّهُ "إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ أَذِنَ" فَسَقَطَتْ لَفْظَةُ "كُلٍّ" مِنْ الْكَاتِبِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا خِلَافَ فِيهَا, وَقَوْلُهُ: "وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ إذَا أَذِنَ أَحَدٌ" وهو موافق لما في المغني1 وغيره. "مَسْأَلَةٌ 3, 4" قَوْلُهُ: وَفِي دُخُولِ نَقْضِ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي ضَمَانِهَا أَيْ الْعُهْدَةِ وَرُجُوعِهِ بِالدَّرَكِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِبُطْلَانِهِ وَجْهَانِ, انتهى. فيه مسألتان:
وَإِنْ بَاعَ بِشَرْطِ ضَمَانِ دَرَكِهِ إلَّا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ ضَمِنَ دَرْكَهُ مِنْهُ أَيْضًا لَمْ يَعُدْ صَحِيحًا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَيَصِحُّ ضَمَانُ نَقْصِ صَنْجَةٍ وَيَرْجِعُ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ, وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فِي حَقِّ الضَّامِنِ, وَضَمَانِ مَا لَمْ يجب. وفي المغني1 في الرهن قبل وُجُوبِهِ احْتِمَالٌ, وَلَهُ إبْطَالُهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ, فِي الْأَصَحِّ وَيَصِحُّ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَأَنَا ضَامِنُهُ, وَإِنْ قَالَ: وَأَنَا وَرُكْبَانُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ وَأَطْلَقَ, ضَمِنَ وَحْدَهُ بِالْحِصَّةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ بِهَا أَوْ الْجَمِيعِ, وَإِنْ رَضُوا لَزِمَهُمْ, وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ قَالُوا: ضَمِنَاهُ لَك, فَبِالْحِصَّةِ, وَإِنْ قال: كل واحد منا ضامنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" هَلْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ ضَامِنِ الْعُهْدَةِ نَقْضُ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي, أَعْنِي إذَا بَنَى ونقضه المستحق فإن الأنقاض للمشتري ويرجع بقيمة2 التَّالِفِ عَلَى الْبَائِعِ, فَهَلْ يَدْخُلُ هَذَا فِي ضَمَانِ الْعُهْدَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي ضَمَانِهِمَا3 وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَدْخُلُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5, فَإِنَّهُمَا لَمْ يَضْمَنَاهُ إلَّا إذَا ضَمِنَ مَا يَحْدُثُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ" هَلْ يَرْجِعُ بِالدَّرَكِ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِبُطْلَانِهِ أم لا؟ أطلق الخلاف فيه:
لَك, فَالْجَمِيعُ, وَكَذَا ضَمَانُهُمْ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ, وَمَنْ قَضَى كُلَّهُ أَوْ حِصَّتَهُ رَجَعَ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَطْ, لِأَنَّهُ أَصْلٌ مِنْهُمْ لَا ضَامِنَ عَنْ الضَّامِنِ الْآخَرِ, وَمَا أَعْطَيْت فلانا علي1 وَنَحْوَهُ وَلَا قَرِينَةَ قُبِلَ مِنْهُ, وَقِيلَ: لِلْوَاجِبِ, وَمِنْهُ ضَمَانُ السُّوقِ, وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ مَا يَلْزَمُ التَّاجِرَ مِنْ دَيْنٍ وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ, قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ: وَيَجُوزُ كِتَابَتُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِاعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ "قلت": وهو الصواب, لاعتقاده
وَالشَّهَادَةُ بِهِ لِمَنْ لَمْ يَرَ جَوَازَهُ, لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ. وَإِنْ جَهِلَ الْحَقَّ أَوْ رَبُّهُ أَوْ غَرِيمُهُ صَحَّ إنْ آلَ إلَى الْعِلْمِ, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ رَبِّهِ, وَقِيلَ: وَغَرِيمِهِ, وَلَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ بَعْضَ الدَّيْنِ, وَصَحَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, وَيُفَسِّرُهُ وَكَذَا قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا نَعْرِفُ الرِّوَايَةَ فِيهِ عَنْ إمَامِنَا, فَيُمْنَعُ, وَقَدْ سَلَّمَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ لِجَهَالَتِهِ حَالًا وَمَآلًا وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّةَ ضَمَانِ حَارِسٍ وَنَحْوِهِ وَتُجَّارِ حَرْبِ مَا يَذْهَبُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ الْبَحْرِ, وَأَنَّ غايته ضمان ما لم يجب. وَضَمَانُ الْمَجْهُولِ كَضَمَانِ السُّوقِ, وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ الضَّامِنُ مَا يَجِبُ عَلَى التُّجَّارِ لِلنَّاسِ مِنْ الدُّيُونِ, وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وَلِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْوَاحِدَةَ الْمُمْتَنِعَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ التي ينصر بعضها ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذِبَ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا, ثُمَّ وَجَدْته فِي الرِّعَايَةِ الكبرى قال: أصحهما لا يرجع.
بَعْضًا تَجْرِي مَجْرَى الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فِي مُعَاهَدَتِهِمْ, فَإِذَا شُرِطُوا عَلَى أَنَّ تُجَّارَهُمْ يَدْخُلُونَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذُوا لِلْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَمَا أَخَذُوهُ كَانُوا ضَامِنِينَ لَهُ وَالْمَضْمُونُ يُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِ التُّجَّارِ جَازَ ذَلِكَ كَمَا تَجُوزُ نَظَائِرُهُ, لِهَذَا لَمَّا قَالَ الْأَسِيرُ الْعُقَيْلِيُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ, عَلَامَ أَخَذْتنِي وَسَابِقَةَ الْحَاجِّ يَعْنِي نَاقَتَهُ قَالَ: "بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك مِنْ ثَقِيفٍ" 1, فَأَسَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْعُقَيْلِيَّ وَحَبَسَهُ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مِنْ حُلَفَائِهِ مَقْصُودَهُ, قَالَ: وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ إذَا أَخَذُوا مَالًا لِتُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُطَالِبَهُمْ بِمَا ضَمِنُوهُ وَيَحْبِسَهُمْ عَلَى ذَلِكَ, كَالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ.. وَيَصِحُّ ضَمَانُ حَالٍّ مُؤَجَّلًا, نُصَّ عَلَيْهِ, وَيَصِحُّ عَكْسُهُ, فِي الْأَصَحِّ مُؤَجَّلًا, وَقِيلَ: حَالًّا وَلِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِتَخْلِيصِهِ, فِي الْأَصَحِّ إذَا طُولِبَ, وَقِيلَ: أَوْ لَا إذَا ضَمِنَهُ بِإِذْنِهِ, وَقِيلَ أَوْ لَا, وَإِذَا قَضَى عَنْهُ بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ, وَهُوَ ظَاهِرٌ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: هَلْ مَلَّكَهُ شَيْئًا؟ إنَّمَا ضَمِنَ عَنْهُ, كَالْأَسِيرِ يَشْتَرِيهِ, أَلَيْسَ كُلُّهُمْ قَالَ يَرْجِعُ؟ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَوْ أَحَالَ بِهِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا قَضَى, أَوْ قَدْرِ دَيْنِهِ, مُطْلَقًا, نُصَّ عَلَيْهِ, اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ, لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ} [الطلاق: من الآية6] وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ بِهِ فِي الْأُمِّ, لِكَوْنِهَا أَحَقَّ بِرَضَاعِهِ, وَكَإِذْنِهِ فِي ضَمَانِهِ أَوْ قَضَائِهِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَظْهَرُ فِيهَا كَذَبْحِ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فِي مَنْعِ الضَّمَانِ وَالرُّجُوعِ, لِأَنَّ القضاء هنا إبراء, كتحصيل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الرُّجُوعُ, لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ..
الإجزاء بالذبح ولو تعيب مَضْمُونٌ - أَطْلَقَهُ شَيْخُنَا, وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِقَادِرٍ فَأَمْسَكَ الضَّامِنَ وَغَرِمَ شَيْئًا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَنْفَقَهُ فِي حَبْسٍ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ, قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَا يَرْجِعُ بِمُؤَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ حَتَّى يَحِلَّ, وَلَا مَعَ إنْكَارِ الْآخَرِينَ الْقَضَاءَ, لِتَصَرُّفِهِ بِالشَّرْعِ, فَيَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ, وَالْوَكِيلُ يَتْبَعُ لَفْظَ الْأَمْرِ وَيَرْجِعُ مَعَ تَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ, فِي الْأَصَحِّ, وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدْيُونِ إنْ قَضَى بِإِشْهَادٍ, وَالْأَصَحُّ أَوْ بِحَضْرَتِهِ, وَإِلَّا فَلَا, وَفِي رُجُوعِهِ بِشَاهِدٍ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَشَهَادَةِ عَبِيدٍ وَالرَّدِّ بِفِسْقٍ بَاطِنٍ احْتِمَالَانِ "م 5". وَفِي شَاهِدٍ وَدَعْوَاهُ مَوْتَهُمْ وَأَنْكَرَ الإشهاد وجهان "م 6 - 7". وإن قضى الضامن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ مَعَ تَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ, فِي الْأَصَحِّ, وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدْيُونِ إنْ قَضَى بِإِشْهَادٍ, وَالْأَصَحُّ: أَوْ بِحَضْرَتِهِ, وَإِلَّا فَلَا, وَفِي رُجُوعِهِ بِشَاهِدٍ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ وَشَهَادَةِ عَبِيدٍ وَالرَّدِّ بِفِسْقٍ بَاطِنٍ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 والنظم في الجميع3. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَوْ أَشْهَدَ فَمَاتُوا أَوْ غَابُوا رَجَعَ, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ الرُّجُوعُ مَعَ مَوْتِ الشُّهُودِ وَغَيْبَتِهِمْ إذَا صَدَّقَهُ الْمَضْمُونُ عَنْهُ عَلَى ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ إذَا كَانَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَمَاتَ أَوْ غَابَ, وَقُلْنَا يُقْبَلُ وَيُرْجَعُ بِشَهَادَتِهِ إذَا كَانَ حَاضِرًا, وَالْمُصَنِّفُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي.1 "مَسْأَلَةٌ 6, 7" قَوْلُهُ وَفِي شَاهِدٍ وَدَعْوَاهُ مَوْتَهُمْ فأنكر الإشهاد, وجهان, انتهى, فيه مسألتان.
ثانيا ففي رجوعه بِالْأَوَّلِ لِلْبَرَاءَةِ بِهِ بَاطِنًا أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ "م 8". وإذا قال ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: إذَا أَشْهَدَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَقَالَا: إذَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا. "أَحَدُهُمَا" لَا رُجُوعَ لَهُ بِذَلِكَ وَلَا يَكْفِي, قُطِعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَكْفِي ذَلِكَ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ, وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَيَحْلِفُ, وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ, لِأَنَّ مِنْ قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ قَبُولَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ مَعَ الْيَمِينِ فِي الْمَالِ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَالُ, وَهُنَا كَذَلِكَ, فَعَلَى هَذَا فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْءٌ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَشْهَدَ وَمَاتُوا وَأَنْكَرَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ الْإِشْهَادَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الضَّامِنِ وَيُرْجَعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَوْ ادَّعَى مَوْتَ الشُّهُودِ وَأَنْكَرَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "أَحَدُهُمَا" يُرْجَعُ, إذْ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُتَعَذِّرٌ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُرْجَعُ, لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِشْهَادِ, وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ يَدَّعِيهِ "قُلْت": الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ مِنْ صِدْقِ الْمُدَّعِي وَغَيْرِهِ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَضَى الضَّامِنُ ثَانِيًا فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَوَّلِ لِلْبَرَاءَةِ مِنْهُ بَاطِنًا أَوْ الثَّانِي احْتِمَالَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَنَظْمِ الزَّوَائِدِ. "أَحَدُهُمَا" يَرْجِعُ بِمَا قَضَاهُ ثَانِيًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَقَالَا: هَذَا أَرْجَحُ, وَقَدَّمَهُ ابن رزين في شرحه
الْمَضْمُونُ لَهُ لِلضَّامِنِ بَرِئْت إلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يَقُلْ: إلَيَّ فَهُوَ مُقِرٌّ بقبضه, لَا أَبْرَأْتُك, وَقَوْلُهُ لَهُ: وَهَبْتُك الْحَقَّ تَمْلِيكٌ لَهُ, فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدْيُونِ, وَقِيلَ: إبْرَاءٌ, فَلَا. فَصْلٌ وَتَصِحُّ كَفَالَتُهُ بِرِضَاهُ بِإِحْضَارِ مَنْ لَزِمَهُ حَقٌّ, حَضَرَ أَوْ غَابَ, وَقِيلَ: بِإِذْنِهِ مُعَيَّنٌ, وَقِيلَ: وَأَحَدُ هَذَيْنِ, وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} , [يوسف: 66] الْآيَةَ, فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَثْبُتْ عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ1 هُنَا شَيْءٌ, قِيلَ: بَلْ عَلَيْهِ حَقٌّ, لِأَنَّهُ إذَا دَعَا وَلَدَهُ لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ, وَقِيلَ: لَا تَنْعَقِدُ بِحَمِيلٍ وَقَبِيلٍ, وَعَيْنٍ مَضْمُونَةٍ كَضَمَانِهَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَإِحْضَارُ وَدِيعَةٍ وَكَفَالَةٍ بِزَكَاةٍ وَأَمَانَةٍ, لِنَصِّهِ فِيمَنْ قَالَ: ادْفَعْ ثَوْبَك إلَى هَذَا الرَّفَّاءِ2 فَأَنَا ضَامِنُهُ لَا يَضْمَنُ حتى يثبت ـــــــــــــــــــــــــــــQوالاحتمال الثاني يرجع بما قضاه أولا. وهذان الاحتمالان طريقة موجزة3 فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِيهَا أَنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً, وَكَأَنَّهُ تَبِعَ عِبَارَةَ مَنْ أَطْلَقَهَا, وَإِلَّا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا قَدَّمَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي, لِأَنَّ كَلَامَ مَنْ أَطْلَقَ مُحْتَمِلٌ لَهُمَا, وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَلَيْسَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ فَائِدَةٌ والله أعلم..
أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ, وَيَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ إنْ كَفَلَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ طُولِبَ بِهِ, وَقِيلَ: بِهِمَا وإلا فلا وإن كفل بجزء شائع مِنْ إنْسَانٍ أَوْ عُضْوٍ وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ, وَقِيلَ: وَجْهُهُ فَقَطْ فَوَجْهَانِ "م 9 - 11" وَلَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ قود, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 9 - 11" قوله: وإن كفل بجزء شائع "1مِنْ إنْسَانٍ1" أَوْ عُضْوٍ وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ, وَقِيلَ: وَجْهُهُ فَقَطْ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى, ذكر ثلاث مسائل. مسألة الكفالة بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ وَمَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ بِعُضْوٍ, وَمَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ بِوَجْهِهِ. "أَمَّا مَسْأَلَةُ 9" الْكَفَالَةِ بِالْجُزْءِ الشَّائِعِ فَهَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِمَا, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي. "4وَأَمَّا مَسْأَلَةُ 10" الْكَفَالَةِ بِعُضْوٍ غَيْرَ الْوَجْهِ فَهَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ "أَحَدُهُمَا" تَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ والمذهب والمستوعب والخلاصة4"
أو بزوجة,. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, قَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ بِبَعْضِ الْبَدَنِ, انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْحَيَاةُ تَبْقَى مَعَهُ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ تَصِحَّ, وَإِنْ كَانَتْ لَا تَبْقَى كَرَأْسِهِ وَكَبِدِهِ وَنَحْوِهِمَا صَحَّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 والشرح3 وَغَيْرِهِمَا, قَالَ فِي الْكَافِي: قَالَ غَيْرُ الْقَاضِي: إنْ كَفَلَ بِعُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ وَالظَّهْرِ صَحَّ, وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى1". "وَأَمَّا مَسْأَلَةُ 11" الْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ فَقَطْ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا, وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ, مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. قَالَ الْقَاضِي: لَا تَصِحُّ بِبَعْضِ الْبَدَنِ, وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَوْلِ, وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ إنَّمَا هُوَ الْكَفَالَةُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ, فَلِذَلِكَ قَالَ: فَقَطْ. "تَنْبِيهٌ" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ, وَفِيهِ نَظَرٌ, لَا سِيَّمَا مَسْأَلَةُ الْوَجْهِ فَقَطْ, إذْ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهِ ضَعِيفٌ جِدًّا, فَمَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ فِيهِ, وَالْأَحْسَنُ فِي الْعِبَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ كَفَلَ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فَوَجْهَانِ, وَيَصِحُّ بِعُضْوٍ. وَقِيلَ: لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ مَعَهُ, وَقِيلَ: وجهه فقط, والله أعلم.
أَوْ شَاهِدٍ. وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقٍ ضَمَانٌ وَكَفَالَةٌ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ وَتَوْقِيتِهِمَا وَجْهَانِ "م 12 و 13". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةُ 12 و 13" قَوْلُهُ وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ وَتَوْقِيتِهِمَا وَجْهَانِ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12" لَوْ عُلِّقَ الضَّمَانُ أَوْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْفَائِقِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ والشريف أبو جعفر وَغَيْرُهُمَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَنَقَلَ مهنا الصحة في كفيل به, وجزم3 فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْكَفَالَةِ عَلَى شَرْطٍ وَتَوْقِيتِهَا فِي بَابِ الْكَفَالَةِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13" تَوْقِيتُ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ تَوْقِيتِهِمَا حُكْمُ تَعْلِيقِهِمَا بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ خِلَافًا وَمَذْهَبًا, لَكِنْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَسْأَلَةِ التَّوْقِيتِ, وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ الصِّحَّةِ, وَهُوَ أَقْيَسُ, لِأَنَّهُ وَعَدَ مَعَ تَقْدِيمِهِ الصِّحَّةَ فِي تَعْلِيقِهِمَا, وَاَللَّهُ أعلم.
فَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِغَيْرِهِ أَوْ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ كَفَلَهُ شَهْرًا فَوَجْهَانِ "م 14" وَنَقَلَ مُهَنَّا الصِّحَّةَ فِي كَفِيلٍ بِهِ, وَإِنْ قَالَ: أُبْرِئُ الْكَفِيلَ وَأَنَا كَفِيلٌ فَسَدَ الشَّرْطُ, فِي الْأَصَحِّ, فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ, وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ, وَمَتَى أَحْضَرَهُ قال في الْمُسْتَوْعِبِ, وَلَمْ يَكُنْ حَائِلٌ بَرِئَ, نُصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: وَيَبْرَأُ مِنْهُ, وَقِيلَ: إنْ امْتَنَعَ أَشْهَدَ, وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَجِدْ حَاكِمًا, وَكَذَا قَبْلَ أَجَلِهِ, وَلَا ضَرَرَ, وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ, وَقِيلَ: مَعَ ضَرَرٍ, وَقِيلَ: يَبْرَأُ بِبَقِيَّةِ الْبَلَدِ, وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ وَفِيهِ سُلْطَانٌ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: إنْ كَانَ الْمَكْفُولُ فِي حَبْسِ الشَّرْعِ فَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِيهِ بَرِئَ, وَلَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ مِنْهُ إلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ, "1وَيُمَكِّنُهُ الْحَاكِمُ مِنْ إخْرَاجِهِ لِيُحَاكِمَ غَرِيمَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ, هَذَا مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ1, كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا, وَفِي طريقة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" لَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا وَتَقْدِيرُهُ "وَفِي صِحَّةِ تَعْلِيقِ ضَمَانٍ وَكَفَالَةٍ بِشَرْطٍ", فَقَوْلُهُ "بِشَرْطٍ" نَقْصٌ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ, وَالتَّعْلِيقُ لَا يَكُونُ إلَّا بِشَرْطٍ هُنَا. وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْحَقِّ مِثَالُ تَعْلِيقِهِمَا بِسَبَبِ الْحَقِّ, الْعُهْدَةُ وَالدَّرَكُ, وَمَا لَمْ يَجِبْ وَلَمْ يُوجَدْ سَبَبُهُ, وَقَوْلُهُ: إنْ أَقْرَضْت فُلَانًا كَذَا فَضَمَانُهَا عَلَيَّ أَوْ مَا أَعْطَيْته فَأَنَا ضَامِنُهُ, فَهَذَا تَعَلَّقَ بِشَرْطٍ, لَكِنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَقِّ, فَذَلِكَ يَصِحُّ. "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: فَلَوْ تَكَفَّلَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِغَيْرِهِ أَوْ كَفِيلٌ بِهِ أَوْ كَفَلَهُ شَهْرًا فَوَجْهَانِ, انْتَهَى, وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِمَا وَتَوْقِيتِهِمَا لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ هُنَا: قَوْلُ الْقَاضِي, وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَقْيَسُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ, وَاخْتَارَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الانتصار وغيرهما
بَعْضِ أَصْحَابِنَا: فَإِنْ قِيلَ دَلَالَتُهُ عَلَيْهِ وَإِعْلَامُهُ بِمَكَانِهِ لَا يُعَدُّ تَسْلِيمًا, قُلْنَا: بَلْ يُعَدُّ, وَلِهَذَا إذَا دَلَّ عَلَى الصَّيْدِ مُحْرِمًا كَفَرَ, وَإِذَا تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ غَابَ نُصَّ عَلَيْهِمَا وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ رَدُّهُ, أَوْ مَضَى زَمَنٌ عَيَّنَهُ لِإِحْضَارِهِ الدَّيْنَ لَزِمَهُ الدَّيْنُ أَوْ عِوَضُ الْعَيْنِ, وَفِي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ, كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَلْزَمُهُ إنْ امْتَنَعَ بِسُلْطَانٍ, وَأُلْحِقَ بِهِ مُعْسِرٌ وَمَحْبُوسٌ, وَنَحْوُهُمَا, لِاسْتِوَاءِ الْمَعْنَى, وَالسَّجَّانُ كَالْكَفِيلِ, قَالَهُ شَيْخُنَا. وَمَتَى أَدَّى مَا لَزِمَهُ ثُمَّ قدر على المكفول فظاهر كَلَامِهِمْ أَنَّهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِ كَضَامِنٍ, وَأَنَّهُ لَا يُسَلِّمُهُ إلَى الْمَكْفُولِ لَهُ ثُمَّ يَسْتَرِدُّ مَا أَدَّاهُ, بِخِلَافِ مَغْصُوبٍ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ مَعَ بَقَائِهِ, لِامْتِنَاعِ بَيْعِهِ. وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ, أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ, بَرِئَ الْكَفِيلُ "م 15" لَا بِمَوْتِ الكفيل ـــــــــــــــــــــــــــــQالصحة, وَهُوَ الصَّحِيحُ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين وغيرهما الصحة في المسألة الأولى. "مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِهِ فِي الْمَنْصُوصِ أَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ بِفِعْلِ اللَّهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ, أَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ بَرِئَ الْكَفِيلُ, انْتَهَى. إذَا تَلِفَتْ الْعَيْنُ الْمَكْفُولَةُ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيِّ وَنَحْوِهِمَا فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ كَمَا لَوْ مَاتَ أَوْ لَا يَبْرَأُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" يَبْرَأُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ
أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ, وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَوْلِهِمْ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْكَفِيلِ أَوْ الْمَكْفُولِ, فَدَلَّ أَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ, بِخِلَافِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ, قُلْنَا: وَكَذَا إذَا مَاتَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ, فَهُمَا سِيَّانِ. وَمَنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ صُدِّقَ خَصْمُهُ, وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ "م 16". وَمَنْ كَفَلَهُ اثْنَانِ فسلمه أحدهما في المنصوص أو كفل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبْرَأُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ سَلَّمَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ عِوَضَهَا, وَقِيلَ: إلَّا أَنْ تَتْلَفَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يضمنها, وفيه احتمال, انتهى.. "مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَفَلَ أَوْ ضَمِنَ ثُمَّ قَالَ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَقٌّ, صُدِّقَ خَصْمُهُ, وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرعاية, وأطلقهما في الكافي4 وقال: مضى5 تَوْجِيهِهِمَا فِي الرَّهْنِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ بِالرَّهْنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا هُنَاكَ. أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ الْيَمِينُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قدمه في المغني6 والشرح7
لَهُمَا فَأَبْرَأَهُ أَحَدُهُمَا بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ وَمَنْ عَلَيْهِمَا مِائَةٌ فَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا نِيَّةَ, فَقِيلَ: إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْأَصْلِ أَوْ الضمان, وقيل بينهما نصفان "م 17". وإن أحال عليهما ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَا: هَذَا أَوْلَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَمِينَ عَلَيْهِ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 "مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَيْهِمَا مِائَةٌ فَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَقَضَاهُ أَحَدُهُمَا نِصْفَهَا أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا نِيَّةَ فَقِيلَ: إنْ شَاءَ صَرَفَهُ إلَى الْأَصْلِ أَوْ الضَّمَانِ, وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ, انْتَهَى. هُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي, وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ ضَمِينٌ كَانَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبَرِّئُ مِنْ الْقِسْمَيْنِ, وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا صَرَفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ, عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ, قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالشَّرْحِ7 وَغَيْرِهِمَا, وَقِيلَ: يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا بِالْحِصَصِ. وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِثْلُ هَذِهِ, بَلْ هِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا, فَإِنَّ أَحَدَ الضَّامِنِينَ إذَا قَضَى نِصْفَهَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ أبرأه
لِيَقْبِضَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ صَحَّ, وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجْهًا: لَا كَحَوَالَتِهِ عَلَى اثْنَيْنِ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ, وَإِنْ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْمِائَةِ بَقِيَ عَلَى الْآخَرِ خَمْسُونَ أَصَالَةً. وَإِنْ ضَمِنَ ثَالِثٌ عَنْ أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا, وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْآخَرِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 18" وَإِنْ ضَمِنَ مَعْرِفَتَهُ أُخِذَ بِهِ, نَقَلَهُ أَبُو طالب. ومتى أحال رب الحق أَوْ أُحِيلَ أَوْ زَالَ الْعَقْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ, وبطل الرهن ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَضْمُونُ لَهُ مِنْ نِصْفِهَا وَأَطْلَقَ كَانَ لَهُ صَرْفُهُ إلَى مَا أَرَادَ, وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَاضِحٌ, وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَذَكَّرْ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ, فَتَابَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 هُنَا, وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَبْيَضَّ هَذَا الْجُزْءَ, وَلَعَلَّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ تِلْكَ فَرْقًا لَمْ يُحَرِّرْهُ, فَإِنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي2 ذَكَرَ هُنَا احْتِمَالَيْنِ, وَقَطَعَ هُنَاكَ, لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُغْنِي لَمْ يَشْتَرِطْ فِي كِتَابِهِ مَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 18" قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَمِنَ ثَالِثٌ عَنْ أَحَدِهِمَا الْمِائَةَ بِأَمْرِهِ وَقَضَاهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا, وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بها على الآخر؟ فيه روايتان, انتهى
وَيَثْبُتُ لِوَارِثِهِ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي بَقَاءِ الضَّمَانِ, وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيهَا يَبْرَأُ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ رَقَّ وَسَقَطَ الضَّمَانُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَالَهُ فِي سَلَمٍ بِهِ رَهْنٌ حَبَسَهُ بِرَأْسِ مَالِهِ, جَعَلَهُ أَصْلًا لِحَبْسِ رَهْنٍ بمهر المثل بالمتعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآخَرِ أَيْضًا, لِأَنَّهُ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ وَنَوَى الرُّجُوعَ, فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَرِيبَةٌ مِنْ مَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا, وَأَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ, وَهِيَ مَا إذَا ضَمِنَ الضَّامِنُ آخَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنْ قَضَاهُ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ إذَا كَانَ وَاحِدٌ أَذِنَ, وَإِلَّا فَفِي الرُّجُوعِ رِوَايَتَانِ, وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ الصَّحِيحَ لَهُ الرُّجُوعُ, وَأَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ شَيْئًا, عَلَى الصَّحِيحِ, فَكَذَا هَذِهِ, هَذَا مَا يَظْهَرُ لِي, بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ الضَّامِنَ الثَّالِثَ ضَامِنٌ عَنْهُ خمسين بِالْأَصَالَةِ, فَهُوَ ضَامِنٌ أَوَّلٌ, وَخَمْسِينَ بِالضَّمَانِ هُوَ فِيهَا ضَامِنٌ ثَانٍ, فَهِيَ كَتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْخَمْسِينَ الَّتِي ضَمِنَهَا الشَّرِيكُ. فَهَذِهِ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ.
باب الحوالة
باب الحوالة مدخل ... باب الحوالة تصح بلفظها أو بمعناها الْخَاصِّ بِرِضَا الْمُحِيلِ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَعِلْمِ الْمَالِ, وَفِي مَذْرُوعٍ وَمَعْدُودٍ وَجْهَانِ "م 1" وَاسْتِقْرَارُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ, نُصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: وَالْمُحَالُ بِهِ, جَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ. فَلَا يَصِحَّانِ فِي دَيْنِ سَلَمٍ وفي رأس ماله بعد فسخه وجهان "م 2" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ تَصِحُّ بِلَفْظِهَا أَوْ مَعْنَاهَا الْخَاصِّ بِرِضَا الْمُحِيلِ بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَعِلْمِ الْمَالِ, وَفِي مَذْرُوعٍ وَمَعْدُودٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمَالِ وَأَنْ يَكُونَ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ, فَفِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ الْوَجْهَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: إنَّمَا يَصِحُّ فِي دَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ. وَأَطْلَقَا فِي إبِلِ الدِّيَةِ الْوَجْهَيْنِ. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ فِي الْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: تَجُوزُ الْحَوَالَةُ بِكُلِّ مَا صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ, وَهُوَ مَا يُضْبَطُ بِالصِّفَاتِ, سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِثْلٌ كَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ وَالثِّمَارِ, أَوْ لَا مِثْلَ لَهُ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ, قَالَ النَّاظِمُ: يَصِحُّ فِيمَا فِيهِ السَّلَمُ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي الْإِبِلِ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ قَرْضُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ, انْتَهَى. "قُلْت": قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ, وَصَحَّحْنَاهَا هناك3, فليراجع.. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحَّانِ فِي دَيْنِ سَلَمٍ, وفي رأس ماله بعد فسخه وجهان,
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ فِي لُحُوقِ الزِّيَادَةِ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مُنَزَّلٌ كَمَوْجُودٍ, لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ وَالْحَوَالَةِ عَلَيْهِ وَبِهِ. وَلَا يَصِحُّ عَلَى دَيْنِ كِتَابَةٍ وَلَوْ حَلَّ فِي الْمَنْصُوصِ, وَمَهْرٍ وَأُجْرَةٍ بِالْعَقْدِ, وفيهن بها وجهان "م 3". ومتى رضي ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ فِي الْبَيْعِ: وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ مَعَ الْمَدْيُونِ وَعَلَيْهِ بِحَالٍ فِي دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ, وَكَذَا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ فَسْخِهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ أَيْضًا. وَقِيلَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ, انْتَهَى. فَقَدَّمَ عَدَمَ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, ثُمَّ وَجَدْته فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ, عَلَى مَا يَظْهَرُ لِي, قَالَ: وَمُسْتَنَدِي عُمُومُ عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ أَوْ جُمْهُورِهِمْ, لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَشْتَرِطُ فِي الدَّيْنِ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِرًّا, وَهَذَا مُسْتَقِرٌّ, وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَصِحُّ فِي كل دين عدا كذا, ولم يذكروا1 هَذَا فِي الْمُسْتَثْنَى, وَهَذَا دَيْنٌ, فَصَحَّتْ الْحَوَالَةُ بِهِ وَعَلَيْهِ عَلَى الْعِبَارَتَيْنِ, انْتَهَى. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عَلَى دَيْنِ كِتَابَةٍ, وَمَهْرٍ وَأُجْرَةٍ بالعقد, وَفِيهِنَّ بِهَا وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ فِي الْحَوَالَةِ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ وَالْمَهْرِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ: يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ بِدَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ وَعَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ. وَقَالَ
المحتال برئ محيله, ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحَاوِيَيْنِ: وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُسْتَقِرٌّ عَلَى مُسْتَقِرٍّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: إنَّ مَا يَصِحُّ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُسْتَقِرٌّ, فِي الْأَشْهَرِ, عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَخْتَصُّ صِحَّتُهَا بِدَيْنٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ, وَيُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عَلَى مُسْتَقِرٍّ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِغَيْرِ مُسْتَقِرٍّ وَلَا غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ, فَلَا تَصِحُّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ, عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: تَصِحُّ حَوَالَةُ الْمُكَاتَبِ لِسَيِّدِهِ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَيَبْرَأُ الْعَبْدُ وَيَعْتِقُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ, انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: الدُّيُونُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: دَيْنُ سَلَمٍ, وَدَيْنُ كِتَابَةٍ, وَمَا عَدَاهُمَا وَهُوَ قِسْمَانِ: مُسْتَقِرٌّ وَغَيْرُ مُسْتَقِرٍّ, كَثَمَنِ الْبَيْعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ, فَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِدَيْنِ السَّلَمِ وَلَا عَلَيْهِ, وَتَصِحُّ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ عَلَى الصَّحِيحِ دُونَ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ, وَيَصِحَّانِ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ مُسْتَقِرِّهَا وَغَيْرِ مُسْتَقِرِّهَا. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مُسْتَقِرٍّ بِحَالٍ, وإليه ذهب.
وكذا إن رضي وجهله أَوْ ظَنَّهُ مَلِيئًا فَبَانَ مُفْلِسًا, نُصَّ عَلَيْهِ, وعنه: يرجع, كشرطها, وكما لَوْ بَانَ مُفْلِسًا بِلَا رِضًا, وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أُجْبِرَ عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى قَبُولِهَا عَلَى مَلِيءٍ بِمَالِهِ, وَقَوْلُهُ وَبِدَيْنِهِ فَقَطْ, وَيَبْرَأُ بِهَا مُحِيلُهُ وَلَوْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ جَحَدَ أَوْ مَاتَ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: إذَا أَجْبَرَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: وَلَا بِمَا لَيْسَ بِمُسْتَقِرٍّ, وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ, وَتَبِعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالسَّامِرِيُّ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: يُشْتَرَطُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ, فَإِنْ أَحَالَ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ أَوْ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ صَحَّ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْكَافِي2: يُشْتَرَطُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ, وَلَا يُعْتَبَرُ اسْتِقْرَارُ الْمُحَالِ بِهِ, فَلَوْ أَحَالَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِصَدَاقِهَا, أَوْ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ, أَوْ أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِنَجْمٍ قَدْ حَلَّ, صَحَّ فِي ذَلِكَ, وَإِنْ أَحَالَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ السَّيِّدُ وَالْحَالَةُ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يَصِحَّ, انْتَهَى, مُلَخَّصًا, وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَوَالَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى دين مستقر"3وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ وَقَالَ: نُصَّ عَلَيْهِ3", وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْرَارُ الْمُحَالِ بِهِ, كَمَا هُوَ مُخْتَارُ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَغَيْرِهِ, وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ الَّذِي فِي التَّلْخِيصِ, وَكَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ, "3وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ3", وَإِنْ كَانَ اخْتِيَارُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ اشْتِرَاطَ اسْتِقْرَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْمُحَالِ بِهِ, كَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْحَلْوَانِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالسَّامِرِيِّ وَالْفَخْرِ بْنِ تَيْمِيَّةَ وَأَبِي الْمَعَالِي وَابْنِ حَمْدَانَ وَصَاحِبِ الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَتَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ عِدَّةَ طُرُقٍ, والله أعلم.
حَاكِمٌ, فَيَتَوَجَّهُ قَبْلَهُ مُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ, وَذَكَرَ أَبُو حَازِمٍ وَابْنُهُ أَبُو يَعْلَى: لَا, كَتَعْيِينِهِ كِيسًا فَيُرِيدُ غَيْرَهُ, قَالَ أَبُو يَعْلَى: وَالْوَكَالَةُ فِي الْإِيفَاءِ يَحْرُمُ امْتِنَاعُهُ وَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِهَا بَلْ مُطَالَبَتُهُ, وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْمُحَالِ عَلَيْهِ, وَمَتَى صَحَّتْ فَرَضِيَا بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ تَعْجِيلِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ أَوْ عِوَضِهِ جَازَ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ الْأُولَى فَظَاهِرُهُ منع عوضه, ونقل سِنْدِيٌّ فِيمَنْ أَحَالَهُ عَلَيْهِ بِدِينَارٍ فَأَعْطَاهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا لَا يَنْبَغِي إلَّا مَا أَعْطَاهُ وَإِذَا أُحِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ أَحَالَ بِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى فُسِخَ الْبَيْعُ بِخِيَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ, كَأَخْذِ الْبَائِعِ بحقه عرضا1, وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهَاتٌ"2 "الْأَوَّلُ" أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ فِي الْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ بِالْعَقْدِ, فَإِنَّ فِيهِمَا قَوْلًا كبيرا بجواز الحوالة3 عَلَيْهِمَا, قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمَا, وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهِ تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ. "الثَّانِي" فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ مَعَ تَقْدِيمِهِ أَوَّلًا اشْتِرَاطَ اسْتِقْرَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُحَالِ بِهِ نَظَرٌ. "الثَّالِثُ" قَوْلُ الْمُصَنِّفِ "وَفِيهِنَّ بِهَا وَجْهَانِ" صَوَابُهُ "وَفِيهَا بِهِنَّ وَجْهَانِ" يَعْنِي وَفِي الْحَوَالَةِ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ وَالْمَهْرِ والأجرة وجهان, والله أعلم.
بَلَى, كَمَا لَوْ بَانَ بَاطِلًا, بِبَيِّنَةٍ أَوْ اتِّفَاقِهِمَا, فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَجْهَانِ "م 4" وَأَبْطَلَ الْقَاضِي الْحَوَالَةَ بِهِ لا عليه, لتعلق الحق بثالث, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَإِذَا أُحِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ أَحَالَ بِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى فُسِخَ الْبَيْعُ بِخِيَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ الْحَوَالَةُ, وَقِيلَ: بَلَى, فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَلَى الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ: "أَحَدُهُمَا" يَبْطُلُ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَبْطُلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: فَعَلَى وَجْهِ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَبْضُ, فَإِنْ فَعَلَ اُحْتُمِلَ أَنْ لَا يَقَعَ عَنْ الْمُشْتَرِي, لِأَنَّ الْحَوَالَةَ انْفَسَخَتْ فَبَطَلَ الْإِذْنُ الَّذِي كَانَ ضَمِنَهَا. وَاحْتُمِلَ أَنْ يَقَعَ عَنْهُ, لِأَنَّ الْفَسْخَ وَرَدَ عَلَى خُصُوصِ جِهَةِ الْحَوَالَةِ دُونَ مَا تَضَمَّنَهُ الْإِذْنُ, فَيُضَاهِي تَرَدُّدَ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَمْرِ, إذَا فُسِخَ الْوُجُوبُ هَلْ يَبْقَى الْجَوَازُ؟ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا بَقَاؤُهُ, وَإِذَا صَلَّى الْفَرْضَ قَبْلَ وَقْتِهَا انْعَقَدَ نَفْلًا, انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: هَذَا يَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةٍ, وَهِيَ إذَا بَطَلَ الْوَصْفُ هَلْ يَبْطُلُ الْأَصْلُ أَمْ لَا؟ وَيَرْجِعُ إلَى قَاعِدَةٍ, وَهِيَ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ هَلْ يَبْطُلُ الْعُمُومُ؟ فِيهِ خِلَافٌ, ذَكَرَهَا فِي الْقَوَاعِدِ الأصولية, انتهى.
وَكَذَا إنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَوْلِهِ: أَحَلْتُك أَوْ أَحَلْتُك بِدَيْنِي وَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ, فَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ, وَقِيلَ: مُدَّعِي الْحَوَالَةِ, كَقَوْلِهِ أَحَلْتُك بِدَيْنِك "م 5 وَ 6".وَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: أَحَلْتنِي بِدَيْنِي عَلَى بَكْرٍ وَاخْتَلَفَا فِي جريان لفظ الحوالة فقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5 وَ 6" قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَوْلِ أَحَلْتُك أَوْ أَحَلْتُك بِدَيْنِي. وَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ, فَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ, وَقِيلَ: مُدَّعِي الْحَوَالَةِ, كَقَوْلِهِ أَحَلْتُك بِدَيْنِك, انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5" إذَا اتَّفَقَا عَلَى قَوْلِهِ أَحَلْتُك, وَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْمُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ, وَأَنْكَرَ الْآخَرُ, فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ, وَأَطْلَقَهَا فِي المغني1 والكافي2 والمقنع3 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ, صَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6" لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قَوْلِهِ أَحَلْتُك بِدَيْنِي, وقال أحدهما: المراد به
يُصَدَّقُ عَمْرٌو, جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ, فَلَا يَقْبِضُ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ, لِعَزْلِهِ بِالْإِنْكَارِ, وَفِي طَلَبِ1 دَيْنَهُ مِنْ عَمْرٍو وَجْهَانِ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الْحَوَالَةَ بَرَاءَةٌ, وَمَا قَبَضَهُ وَهُوَ قَائِمٌ لِعَمْرٍو أَخَذَهُ, فِي الْأَصَحِّ, وَالتَّالِفُ مِنْ عَمْرٍو, وَقِيلَ يُصَدَّقُ زيد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَكَالَةُ, فَفِي أَيِّهِمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ وَجْهَانِ, وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, خِلَافًا وَمَذْهَبًا, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, فَكَذَا يَكُونُ فِيهَا, لَكِنْ قَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى هُنَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مدعي الحوالة, وفيه قوة..
فيأخذ من بكر "م 7, 8" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7 و 8" قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: أَحَلْتنِي بِدَيْنِي عَلَى بَكْرٍ, وَاخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ, فَقِيلَ: يُصَدَّقُ عَمْرٌو, جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ, فَلَا يَقْبِضُ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ, لِعَزْلِهِ بِالْإِنْكَارِ, وَفِي طَلَبِ دَيْنِهِ مِنْ عَمْرٍو وَجْهَانِ, لِأَنَّ دَعْوَى الْحَوَالَةِ بَرَاءَةٌ وَمَا قَبَضَهُ وَهُوَ قَائِمٌ لِعَمْرٍو أَخَذَهُ فِي الْأَصَحِّ وَالتَّالِفُ مِنْ عَمْرٍو, وَقِيلَ: يُصَدَّقُ زَيْدٌ فَيَأْخُذُ مِنْ بَكْرٍ, انتهى ذكر مسألتين. مسألة الْأُولَى-7: إذَا اخْتَلَفَا فِي جَرَيَانِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ وَمَعْنَاهُ هَلْ جَرَى بَيْنَهُمَا لَفْظُ الْحَوَالَةِ أَوْ غَيْرُهُ بِدَلِيلِ عَكْسِهَا, وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَبِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا, نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا, فَإِذَا قَالَ الْمُحِيلُ وَهُوَ عَمْرٌو لِلْمُحْتَالِ وَهُوَ زَيْدٌ: إنَّمَا وَكَّلْتُك فِي الْقَبْضِ لِي بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ. وَقَالَ زَيْدٌ: بَلْ أَحَلْتنِي بِدَيْنِي عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ بَكْرٌ, فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ وَهُوَ عَمْرٌو, أَوْ قَوْلُ الْمُحْتَالِ وَهُوَ زَيْدٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, أَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. "أَحَدُهُمَا" الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ وَهُوَ عَمْرٌو, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَهُوَ زَيْدٌ, لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَحْلِفُ الْمُحِيلُ وَيَبْقَى حَقُّهُ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ, قَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَا يَقْبِضُ الْمُحْتَالُ وَهُوَ زَيْدٌ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَكْرٌ, لِعَزْلِهِ بِالْإِنْكَارِ, وَفِي طَلَبِ دَيْنِهِ مِنْ عَمْرٍو وَهُوَ الْمُحِيلُ وَجْهَانِ, وَهِيَ: "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8" وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" لَهُ طَلَبُهُ مِنْهُ, لِإِنْكَارِهِ الْحَوَالَةَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3
وَلَوْ قَالَ زَيْدٌ: وَكَّلْتنِي, وَقَالَ عَمْرٌو: أَحَلْتُك, فَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأُولَى قَوْلَ عَمْرٍو رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ زَيْدٍ, وَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأُولَى قَوْلَ زَيْدٍ رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ عَمْرٍو "م 9" وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَوْلِهِ أَحَلْتُك أَوْ أَحَلْتُك بِدَيْنِي, وَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُرَادُ بِهِ الْوَكَالَةُ فَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ, وَقِيلَ: مُدَّعِي الْحَوَالَةِ كَقَوْلِهِ أَحَلْتُك بِدَيْنِك. قَالَ شَيْخُنَا: والحوالة عَلَى مَالِهِ فِي الدِّيوَانِ إذْنٌ فِي الِاسْتِيفَاءِ فقط, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ, لِأَنَّ دَعْوَى الْحَوَالَةِ بَرَاءَةٌ وَهُوَ مُدَّعِيهَا. مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ زَيْدٌ: وَكَّلْتنِي, وَقَالَ عَمْرٌو: أَحَلْتُك, فَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأُولَى قَوْلَ عَمْرٍو رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ زَيْدٍ, وَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأُولَى قَوْلَ زَيْدٍ رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ عَمْرٍو, انْتَهَى. فَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى, وَكَذَا يَكُونُ فِي هَذِهِ, لَكِنَّ التَّرْجِيحَ يَخْتَلِفُ, لِأَنَّهَا عَكْسُهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ, فَقَدْ قُطِعَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: أَنَّ الْقَوْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ, وَهُوَ زَيْدٌ, وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا رَجَّحُوا قَوْلَ عُمَرَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَوْ قَالَ زَيْدٌ: وَكَّلْتنِي, وَقَالَ عَمْرٌو: أَحَلْتُك, فَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأَوَّلِ قَوْلَ عَمْرٍو رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ زَيْدٍ, فَإِذَا حَلَفَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ وَكِيلٌ رَجَعَ عَلَى عَمْرٍو, وَفِي رُجُوعِ عَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ وَجْهَانِ, وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ فَقَدْ مَلَكَهُ, وَإِنْ كَانَ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْهُ وَيَرْجِعْ بِدَيْنِهِ عَلَى عَمْرٍو, وَمَنْ رَجَّحَ فِي الْأَوَّلِ قَوْلَ زَيْدٍ رَجَّحَ هُنَا قَوْلَ عَمْرٍو, فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ, وَإِذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَحَالَهُ قَبَضَ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ بِالْوَكَالَةِ عَلَى قوله, وبالحوالة عَلَى قَوْلِ عَمْرٍو, وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا, انْتَهَى. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ قَدْ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ فِي هذا الباب..
وَلِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ وَمُطَالَبَةُ مُحِيلِهِ وَإِحَالَةُ مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ عَلَيْهِ وَكَالَةً, وَمَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ عَلَى مِثْلِهِ وَكَالَةً فِي اقْتِرَاضٍ1, وَكَذَا مَدِينٌ عَلَى بَرِيءٍ فَلَا يصارفه2, نُصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ إنْ رَضِيَ البريء بالحوالة صار ضامنا يلزمه الأداء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الصلح وحكم الجوار
باب الصلح وحكم الجوار مدخل ... باب الصلح وحكم الجوار إذَا أَقَرَّ لَهُ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فَوَهَبَ أَوْ أَسْقَطَ بَعْضَهُ وَطَلَبَ بَاقِيَهُ صَحَّ, لَا بِلَفْظِ الصُّلْحِ, عَلَى الْأَصَحِّ, لِأَنَّهُ هَضْمٌ لِلْحَقِّ, خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ, أَوْ جَعَلَهُ شَرْطًا فِي الْأَصَحِّ, كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الْمَدْيُونُ حَقَّهُ بِدُونِهِ, وَيَصِحُّ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ مَعَ إنْكَارٍ وَلَا بَيِّنَةَ, وَكَذَا مِنْ وَلِيٍّ, وَقِيلَ: لَا. قَطَعَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ, وَيَصِحُّ عَمَّا ادَّعَى عَلَى مُوَلِّيهِ وَبِهِ بَيِّنَةٌ, وَقِيلَ: أَوْ لَا. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُؤَجَّلِ بِبَعْضِهِ حَالًّا لَمْ يَصِحَّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَفِي الْإِرْشَادِ1 وَالْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا شَيْخُنَا, لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ هُنَا, وَكَدَيْنِ الْكِتَابَةِ, جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ, وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ, قَالَ: لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا, فَدَلَّ أَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَهُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ, وَالْأَشْهَرُ عَكْسُهُ, وَنَقَلَ ابْنُ ثَوَابٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ بِرِبْحٍ إلَى أَجَلٍ: عَجِّلْ لِي وَأَضَعُ عَنْك, قَالَ: مَنْ أَخَذَ دَرَاهِمَهُ بِعَيْنِهَا فَلَا بَأْسَ, وَكُرِهَ أَكْثَرُ. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ هَذِهِ الصُّورَةِ, فَقَالَ: كَذَا يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَهُ يَضَعُ مِنْهُ مَا شَاءَ2. قُلْت: مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: هُوَ رِبًا3. وَلَوْ وَضَعَ بَعْضَ الْحَالِّ وَأَجَّلَ بَاقِيَهُ صَحَّ الْإِسْقَاطُ, وَعَنْهُ: لَا, كَالتَّأْجِيلِ عَلَى الْأَصَحِّ, لِأَنَّهُ وَعْدٌ, وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عن مئة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صِحَاحٍ بِخَمْسِينَ مُكَسَّرَةٍ هَلْ هُوَ إبْرَاءٌ مِنْ الْخَمْسِينَ وَوَعْدٌ فِي الْأُخْرَى؟. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ حَقٍّ كَدِيَةِ خَطَإٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ غَيْرَ مِثْلِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لَمْ يَصِحَّ, وَصَحَّحَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ, كَعَرَضٍ وَكَالْمِثْلِيِّ, وَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ تَأْجِيلُ الْقِيمَةِ, قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: إنْ صَالَحَ عَنْ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ بِالتَّلَفِ بِمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ رِوَايَةً: يَصِحُّ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا رِوَايَةً بِتَأْجِيلِ الْحَالِّ فِي الْمُعَاوَضَةِ لَا التبرع "وهـ", وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ بَيْتٍ أَقَرَّ بِهِ عَلَى سُكْنَاهُ سَنَةً أَوْ بِنَاءِ غَرْفَةٍ لَهُ فَوْقَهُ, أَوْ ادَّعَى رِقَّ مكلف, أو زوجية امرأة, فأقرا1 لَهُ بِعِوَضٍ, لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ بَذَلَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَدَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيُقِرَّ بِهِ "*" فَقِيلَ يَجُوزُ كَبَذْلِ الْمُدَّعَى رِقُّهُ, وَفِي إنَابَتِهَا بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَجْهَانِ وَقِيلَ: لَا. "م 1 و 2". وَلَوْ قَالَ: أُقِرُّ بِدَيْنِي وخذ مائة, صح إقراره, لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِنْ بَذَلَتْهُ الزَّوْجَةُ لِيُقِرَّ بِهِ" فِي فَهْمِهِ غُمُوضٌ, وَالْمَعْنَى لِيُقِرَّ لَهَا أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ, وَلَا يُفْهَمُ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ كلامه إلا بتقدير, والله أعلم. "مسألة 1 - 2" قوله: ولو ادعى زوجية امرأة فأقرا2 لَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ بَذَلَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَدَفَعَتْ لَهُ مَالًا لِيُقِرَّ بِهِ فَقِيلَ: يَجُوزُ, كَبَذْلِ الْمُدَّعَى رِقُّهُ, وَفِي إبَانَتِهَا بِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى3 وَجْهَانِ, وَقِيلَ: لا, انتهى. ذكر مسألتين:
الصُّلْحُ, وَالْمُصَالَحَةُ بِنَقْدٍ عَنْ نَقْدِ صَرْفٌ, وَبِعَرَضٍ, أَوْ عَنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ عَرَضِ بَيْعٌ, وَيَصِحُّ بِلَفْظِ الصُّلْحِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ والفصول. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى" إذَا ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَأَقَرَّتْ لَهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ, وَإِنْ بَذَلَتْ الزَّوْجَةُ الْعِوَضَ لِيُقِرَّ لَهَا بِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ أَوْ لِيُقِرَّ لَهَا بِالطَّلَاقِ فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَالْأَحْسَنُ فِي الْعِبَارَةِ, "فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا "؟ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ, لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا بِالصِّحَّةِ فِي دَفْعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعُبُودِيَّةُ مَالًا صُلْحًا عَنْ دَعْوَاهُ, وَلَمْ يَذْكُرُوا دَفْعَ الْمَرْأَةِ إلَيْهِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2" إذَا بَذَلَتْ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ مَالًا لِيُقِرَّ4 بِأَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ وَيَكُفَّ نَفْسَهُ عَنْهَا فَفَعَلَ وَقُلْنَا يَصِحُّ, فَهَلْ تَبِينُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ, وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. "أَحَدُهُمَا" تَبِينُ مِنْهُ بِأَخْذِ الْعِوَضِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ نِكَاحِهَا فَكَانَ خُلْعًا, كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالزَّوْجِيَّةِ فَخَالَعَهَا. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا تَبِينُ بِذَلِكَ, لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ طَلَاقٌ ولا خلع "قلت": وهو
وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ, وَعَنْ دَيْنٍ يَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا, وَيَحْرُمُ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاوَضَةِ, وَبِشَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ يَحْرُمُ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ, وَبِمَنْفَعَةٍ كَسُكْنَى وَخِدْمَةِ إجَارَةٍ. وذكر صَاحِبُ التَّعْلِيقِ وَالْمُحَرَّرِ: لَوْ صَالَحَ الْوَرَثَةُ مَنْ وَصَّى لَهُ بِخِدْمَةٍ أَوْ سُكْنَى أَوْ حَمْلِ أَمَتِهِ "م" بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ جَازَ لَا بَيْعًا "وهـ م". وَلَوْ صَالَحَ عَنْ عَيْبِ مَبِيعٍ بِشَيْءٍ صَحَّ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ زَالَ الْعَيْبُ فَلَوْ صالحت عنه المرأة بتزويجها صح, وأرشه ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا. وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ شَيْءٌ.
مَهْرُهَا "1وَرَجَعَتْ إنْ زَالَ بِأَرْشِهِ لَا بِمَهْرِهَا1". وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ مَجْهُولٍ يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ بِمَعْلُومٍ, نُصَّ عَلَيْهِ, بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ, فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ كَبَرَاءَةٍ مِنْ مَجْهُولٍ, وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ, لِعَدَمِ الْحَاجَةِ, كَالْبَيْعِ, وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ, وَظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ2 وَغَيْرِهِ "وَم" وَخَرَّجَ فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا فِي صُلْحِ الْمَجْهُولِ وَالْإِنْكَارِ مِنْ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْمَجْهُولِ عَدَمَ الصِّحَّةِ, وَخَرَّجَهُ فِي التَّبْصِرَةِ مِنْ الْإِبْرَاءِ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ, وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَعْيَانٍ مَجْهُولَةٍ, لِكَوْنِهِ إبْرَاءً, وَهِيَ لَا تَقْبَلُهُ, وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ فَسَكَتَ أَوْ أَنْكَرَ وَهُوَ يَجْهَلُهُ ثُمَّ صَالَحَ بِمَالٍ صَحَّ, وَهُوَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْمُدَّعِي بَيْعٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ وَيُرَدُّ مَعِيبُهُ وَيُفْسَخُ الصُّلْحُ, فَإِنْ صَالَحَ بِبَعْضِ عَيْنِ الْمُدَّعِي فَهُوَ فِيهِ كَمُنْكِرٍ, وَفِيهِ خِلَافٌ, وَهُوَ لِلْآخَرِ إبْرَاءٌ, فَلَا شُفْعَةَ وَلَا رَدَّ, وَفِي الْإِرْشَادِ1: يَصِحُّ هَذَا الصُّلْحُ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ, لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُلْجِئٌ إلَى التَّأْخِيرِ بِتَأْخِيرِ خَصْمِهِ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَظَاهِرُهُ لَا يَثْبُتُ فِيهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ إلَّا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ مِنْ شُفْعَةٍ عَلَيْهِ وَأَخْذِ زِيَادَةٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ, وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى قَوْلِ "2أَحْمَدَ: إذَا صَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ بِتَأْخِيرٍ جَازَ, وَعَلَى قَوْلِ2" ابْنِ أَبِي مُوسَى: الصُّلْحُ جَائِزٌ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ "م" وَمَعْنَاهُ ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ الصُّلْحُ بِالنَّسِيئَةِ, ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةً مِنْهَا: يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ صُلْحًا بِتَأْخِيرٍ, فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يُطَالِبْهُ بِالْبَقِيَّةِ, وَإِنْ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا فَحَرَامٌ عَلَيْهِ مَا أَخَذَ, وَلَا يَشْهَدُ لَهُ إنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ, نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُدَّعَى دَيْنٌ صَحَّ, وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُنْكِرَ وَكَّلَهُ فَوَجْهَانِ "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: وَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْمُنْكِرِ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُدَّعَى دَيْنٌ صَحَّ, وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ الْمُنْكِرَ وَكَّلَهُ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ والحاويين, وهو
وَيَرْجِعُ مَعَ الْإِذْنِ, وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ وَجْهَانِ "م 4". وَلَوْ قَالَ: صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ, فَفِي كَوْنِهِ مُقِرًّا بِهِ وَجْهَانِ "م 5". وَلَوْ صَالَحَ الْأَجْنَبِيُّ لِيَكُونَ الْحَقُّ لَهُ مَعَ تَصْدِيقِهِ لِلْمُدَّعِي فَهُوَ شِرَاءُ دَيْنٍ أَوْ مَغْصُوبٍ, تَقَدَّمَ بيانه1. وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ قَوَدٍ, وَلَمْ يُفَرَّقُوا بَيْنَ إقرار ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ مَعَ الْإِذْنِ, وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ وَجْهَانِ, انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَرْجِعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَشَرْحِ ابن منجى قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَظْهَرُهُمَا لَا يَرْجِعُ, وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَرَجَعَ إنْ كَانَ إذْنٌ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَرْجِعُ. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَبِعَهُ: خَرَّجَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ, عَلَى الروايتين فيما إذا قضى دينه الثابت3 بِغَيْرِ إذْنِهِ, قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا التَّخْرِيجُ لَا يَصِحُّ, وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا, قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا التَّخْرِيجُ بَاطِلٌ, انْتَهَى. فَقَدْ لَاحَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ شَيْءٌ. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ, فَفِي كَوْنِهِ مُقِرًّا بِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: مِنْ عِنْدِهِ, قُلْت: وَإِنْ قَالَ صَالِحْنِي عَنْ الْمِلْكِ الَّذِي تَدَّعِيهِ فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, فَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ, فَحِينَئِذٍ يَبْقَى فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ على مصطلحه, خصوصا ولم
وَإِنْكَارٍ, قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: يَجُوزُ عَنْ قَوَدٍ وَسُكْنَى دَارٍ وَعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بِيَعُ ذَلِكَ, لِأَنَّهُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ. وَقَالَهُ فِي الْفُصُولِ فِي فُصُولِ صُلْحِ الْإِنْكَارِ, وَأَنَّ الْقَوَدَ لَهُ بَدَلٌ هُوَ الدِّيَةُ كَالْمَالِ, وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي فُصُولِ الْإِنْكَارِ قَالَ إنْ أَرَادَا بَيْعَهَا مِنْ الْغَيْرِ صَحَّ, وَمِنْهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ "وم" فَإِنَّهُ مَعْنَى الصُّلْحِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ, وَأَنَّهُ يَتَخَرَّجُ فِيهِ كَالْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ, وَأَنَّهُ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ الْمَجْهُولِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فِي صُبْرَةٍ أَتْلَفَهَا جَهْلًا كَيْلِهَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَالْمَنْعُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَصِحُّ بِمَا يَثْبُتُ مَهْرًا, وَيَصِحُّ بِفَوْقِ دِيَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَصِحُّ عَلَى جِنْسِ الدِّيَةِ إنْ قِيلَ مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ, وَلَمْ يَخْتَرْ الْوَالِي شَيْئًا إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْجِنْسِ مِنْ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ, حَذَرًا مِنْ الرِّبَا, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا, وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَفِي الْمُفْرَدَاتِ مُصَالَحَتُهُ بِفَوْقِ دِيَةٍ لَيْسَتْ مِنْ ثُلُثِهِ, وَمَعَ جَهَالَتِهِ تَجِبُ دية أو أرش الجرح, وَمَعَ خُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا قِيمَتُهُ, لِأَنَّهُ ليس بيع. وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ1 فَبَانَ عِوَضُهُ مُسْتَحَقًّا رجع ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْزُهُ إلَى صَاحِبِ الرِّعَايَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اطَّلَعَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ, وَأَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ, فَأَطْلَقَهُ, وَهُوَ بَعِيدٌ لَا سِيَّمَا وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ قَدْ صَرَّحَ أَنَّهُ هُوَ خَرَّجَ الْوَجْهَيْنِ, وَلَمْ نَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غَيْرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ, وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ الصواب أنه لا يكون مقرا بذلك.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهَا, وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ مَعَ إنْكَارٍ, لِأَنَّهُ فِيهِ بيع."*" ولا يصح صلح بعوض عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَارٍ فَبَانَ عِوَضُهُ مُسْتَحَقًّا رَجَعَ بِهَا, وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ مَعَ إنكار لأنه فيه1 بَيْعٌ, انْتَهَى, ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إدْخَالُ صُلْحِ الْإِنْكَارِ فِي ذَلِكَ, وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالدَّارِ فِيهِ عَلَى الْمُقَدَّمِ عِنْدَهُ, وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الرجوع بِالدَّارِ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ لَا غَيْرُ, وَأَمَّا صُلْحُ الْإِنْكَارِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ إذَا بَانَ عِوَضُهُ مستحقا بالدعوى أو بقيمة2 الْمُسْتَحَقِّ, وَهُوَ اخْتِيَارُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, نَبَّهَ عليه شيخنا في حواشيه وأطنب فيها
خِيَارٍ, وَلَا عَنْ حَدِّ قَذْفٍ, لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْعِوَضُ, أَوْ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ وَشُفْعَةٌ. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: الشُّفْعَةُ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ, وَفِي سُقُوطِهَا بِهِ وَجْهَانِ "م 6 وَ 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6 وَ 7" قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ, ... شفعة ... وفي سقوطها به "1وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: تسقط, وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ1" فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ, فِي الْأَصَحِّ, قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَتَسْقُطُ, فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا تَسْقُطُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ, قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَتَسْقُطُ فِي وَجْهٍ. "*" تَنْبِيهٌ: الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ "وَفِي سُقُوطِهَا" بِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ, المؤنث في سُقُوطِهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الشُّفْعَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الثَّلَاثَةِ, وَهِيَ الْخِيَارُ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالشُّفْعَةُ, وَهُوَ كَمَا قَالَ, لَكِنْ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَى مَسْأَلَةِ
وَلَا عَنْ/ شَهَادَةٍ أَوْ سَارِقًا أَوْ شَارِبًا1 ليطلقه.. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِيَارِ, وَهِيَ قِيَاسُ الشُّفْعَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ "وَفِي سُقُوطِهِمَا" بِالتَّثْنِيَةِ, كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, فَيَعُودُ الضَّمِيرُ إلَى حَدِّ الْقَذْفِ وَالشُّفْعَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَصَحِّ, وَكَذَا الْخِلَافُ فِي سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ, فَدَلَّ كَلَامُ هَؤُلَاءِ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ كَالشُّفْعَةِ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ مُفْرَدًا, مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَشْهُورٌ أَكْثَرُ مِنْ الشُّفْعَةِ, إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي سُقُوطِ الْحَدِّ وَجْهَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا في الخلاصة والمقنع2 والمحرر والفائق وغيرهم, بناهما3 فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي4 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ. وَفِيهِ رِوَايَتَانِ, فَإِنْ قُلْنَا: لِلَّهِ, لَمْ يَسْقُطْ, وَإِلَّا سَقَطَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ, فَيَسْقُطُ هُنَا عَلَى الصَّحِيحِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ, فِي الْأَصَحِّ, وَكَذَا الْخِلَافُ فِي سُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ. وَقِيلَ: إنْ جُعِلَ حَقُّ آدَمِيٍّ سَقَطَ وَإِلَّا وَجَبَ, انْتَهَى. "5وَالْمُصَنِّفُ قَالَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْعِوَضُ, أَوْ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ, فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ مَحَلَّ الْحُكْمِ إذَا قُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ حَقِّ آدَمِيٍّ5". "وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ 7" أُخْرَى قَدْ صُحِّحَتْ أَيْضًا, وَعَلَى تَقْدِيرِ تَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ أَوْ جَمْعِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ, وَأَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ هَلْ هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ؟ يكون
فصل: من صولح بعوض على إجراء ماء معلوم في ملكه صح
فَصْلٌ: مَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِهِ, كَتَضَرُّرِهِ أَوْ أَرْضِهِ, وَعَنْهُ: لَا, قِيلَ: لِضَرُورَةٍ, وقيل: حاجة وَلَوْ مَعَ, حَفْرٍ "م 8" وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ إجْرَاءِ نَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ, نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ: إذَا أَسَاحَ عَيْنًا تَحْتَ أَرْضٍ فَانْتَهَى حَفْرُهُ إلَى أَرْضٍ لِرَجُلٍ أَوْ دَارٍ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ظَهْرِ الْأَرْضِ وَلَا بَطْنِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَضَرَّةٌ, وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ" 1 هَذَا لِلْجَارِ الْقَرِيبِ لَا يُمْنَعُ, وَمَتَى صَالَحَهُ بِعِوَضٍ فَإِنْ كَانَ مع بقاء ملكه عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQفي إطلاقه الخلاف فيه نظر ظاهر, 2إذ هو قَدْ قَدَّمَ2 فِي الْقَذْفِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ.. مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَمَنْ صُولِحَ بِعِوَضٍ عَلَى إجْرَاءِ مَاءٍ مَعْلُومٍ فِي مِلْكِهِ صَحَّ, وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِهِ كَتَضَرُّرِهِ, أَوْ أَرْضِهِ, وَعَنْهُ: لَا, فَقِيلَ: لِضَرُورَةٍ, وَقِيلَ: حَاجَةٍ وَلَوْ مَعَ حَفْرٍ, انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَحْرُمُ فَهَلْ الْمُجَوِّزُ لِذَلِكَ الضَّرُورَةُ أَوْ الْحَاجَةُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 والحاوي الكبير, وقدمه في الفائق. والوجه الثَّانِي: يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, فَإِنَّهُمَا إنما حكيا الروايتين مع الحاجة..
فَإِجَارَةٌ, وَإِلَّا فَبَيْعٌ, وَلَا يُعْتَبَرُ بَيَانُ عُمْقِهِ, وَيُعْلَمُ قَدْرُ الْمَاءِ بِتَقْدِيرِ السَّاقِيَّةِ, وَمَاءِ مَطَرٍ بِرُؤْيَةِ مَا يَزُولُ عَنْهُ الْمَاءُ أَوْ مِسَاحَتِهِ, وَيُعْتَبَرُ فِيهِ تَقْدِيرُ مَا يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ لَا قَدْرُ الْمُدَّةِ, لِلْحَاجَةِ, كَالنِّكَاحِ. وَلِمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرِ الصُّلْحُ عَلَى سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ لَا عَلَى مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحٍ, وَفِيهِ عَلَى أَرْضٍ بِلَا ضَرَرٍ احْتِمَالَانِ "م 9" وَلَا يُحْدِثُ سَاقِيَّةً فِي وقف, ذكره القاضي وابن عقيل, وقالا: لأنه لا يملكها, كالمؤجرة, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: وَلِمُسْتَأْجِرٍ وَمُسْتَعِيرٍ الصُّلْحُ عَلَى سَاقِيَةٍ مَحْفُورَةٍ لَا عَلَى مَاءِ الْمَطَرِ عَلَى سَطْحٍ, وَفِيهِ عَلَى الْأَرْضِ بِلَا ضَرَرٍ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُصَالِحَا غَيْرَهُمَا عَلَى إجْرَاءِ مَاءِ سَطْحٍ يَمُرُّ فِي أَرْضَيْهِمَا الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ يَجْعَلُ لِصَاحِبِ السَّطْحِ رَسْمًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ, فَرُبَّمَا ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ ذَلِكَ بَعْدَ تَطَاوُلِ الْمُدَّةِ, ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَدَّمَ ذَلِكَ, بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِجَارَةَ والإعارة لم تقع على ذلك ألبتة3 وَلَا تَنَاوَلَاهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُمَا فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ لَا فِي مُطْلَقِ الْإِعَارَةِ. "وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي" يَجُوزُ, لِأَنَّهُمَا مَالِكَانِ الْمَنَافِعَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَهُوَ بَعِيدٌ, وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَهُ فِي الْمُغْنِي1 "قُلْت": وَيُحْتَمَلُ الجواز
وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ, لِأَنَّهَا لَهُ, وَلَهُ التَّصَرُّفُ مَا لَمْ يَنْتَقِلْ, الْمِلْكُ, فَدَلَّ أَنَّ الْبَابَ وَالْخَوْخَةَ وَالْكُوَّةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي مُؤَجَّرَةٍ, وَفِي مَوْقُوفَةٍ الْخِلَافُ, أَوْ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا, وَهُوَ أَوْلَى, لِأَنَّ تَعْلِيلَ الشَّيْخِ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا لَمْ يَفِدْ, وَظَاهِرُهُ لَا يَعْتَبِرُ المصلحة وإذن الحاكم, بل عدم الضَّرَرِ وَأَنَّ إذْنَهُ يُعْتَبَرُ لِدَفْعِ الْخِلَافِ, وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْوَقْفِ1, وَفِيهِ إذْنُهُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْمَأْذُونِ الْمُمْتَازِ بِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ, فَلِمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْلَى, وَهُوَ مَعْنَى نَصِّهِ فِي تَجْدِيدِهِ لِمَصْلَحَةٍ, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ, كَالْحَكُّورَةِ2, وعمله3 حُكَّامُ أَصْحَابِنَا بِالشَّامِ, حَتَّى صَاحِبُ الشَّرْحِ فِي الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ4, وَقَدْ زَادَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَغَيَّرَا بِنَاءَهُ, ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَزَادَ فِيهِ أَبْوَابًا, ثُمَّ الْمَهْدِيُّ ثُمَّ الْمَأْمُونُ, نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ أَدْخَلَ بَيْتًا فِي الْمَسْجِدِ أَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ؟ قَالَ: لَا إذَا أَذِنَ, قَالَ الْحَارِثِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ5 الزِّيَادَةَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَخَبَرِ عَائِشَةَ "لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ" قَالَ: إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا فَيَطَّرِدُ فِي سَائِرِ الْأَوْقَافِ بِالْأَوْلَى وَالْأَحْرَى. . وَإِنْ صُولِحَ عَلَى سَقْيِ أَرْضِهِ مِنْ نَهْرِهِ أَوْ عَيْنِهِ يَوْمًا وَنَحْوَهُ حرم لعدم ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْإِجَارَةِ دُونَ الْإِعَارَةِ, وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْإِعَارَةِ إذَا كَانَتْ مُدَّةً وَقُلْنَا يَتَعَيَّنُ بتعينها, وإلا فالجواز ضعيف جدا..
ملكه, وقيل: لا, للحاجة, وكسبهم مِنْهُمَا تَبَعًا. وَإِنْ صُولِحَ عَلَى مَمَرٍّ فِي مِلْكِهِ أَوْ فَتْحِ بَابٍ فِي حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ خَشَبٍ عَلَيْهِ أَوْ عُلُوِّ بَيْتٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَوْ إذَا بَنَى وَكَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا صَحَّ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي وَضْعِ خَشَبٍ أَوْ بِنَاءِ مَعْلُومٍ يَجُوزُ إجَارَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً, وَيَجُوزُ صُلْحًا أَبَدًا, وَمَتَى زَالَ فَلَهُ إعَادَتُهُ مُطْلَقًا, وَرَجَعَ بِأُجْرَةِ مُدَّةِ زَوَالِهِ عَنْهُ, وَالصُّلْحُ عَلَى زَوَالِهِ أَوْ عَدَمِ عَوْدِهِ, قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ, فَإِذَا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْجِدَارِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِ خشبه, قال: وهو الأشبه, لإعارته2 لِذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ حُكْمِ الْعُرْفِ, لِأَنَّ الْعُرْفَ وَضْعُهَا لِلْأَبَدِ وَهُوَ كَإِعَادَةِ الْأَرْضِ لِلدَّفْنِ لِمَا كَانَ يُرَادُ, لِإِحَالَةِ الْأَرْضِ لِلْأَجْسَامِ لَمْ يَمْلِكْ الرُّجُوعَ قَبْلَ ذَلِكَ, ثُمَّ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِحُكْمٍ لِعُرْفٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ إلَى حِينِ نَفَاذِ الْخَشَبِ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِيهِ, كَالزَّرْعِ إلَى حَصَادِهِ, لِلْعُرْفِ, أَوْ يُجَدِّدَ إجَارَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ, وَهِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ بِالدَّوَامِ بِلَا عَقْدٍ, لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى تَمْلِيكِ الْمُؤَجِّرِ مَا يُفْضِي إلَى الْقَلْعِ, وَهُوَ زِيَادَةٌ لِلْأُجْرَةِ, فَيُلْجِئَهُ إلَى الْقَلْعِ, كَمَا لَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّهُ يَتْرُكُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ, لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُسْتَأْجَرُ لِذَلِكَ إلَّا لِلتَّأْبِيدِ, وَمَعَ التَّسَاكُتِ3 لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَإِنْ حَصَلَ غُصْنُ شَجَرَتِهِ فِي هَوَاءِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ فَإِنْ أَبَى فَلَهُ إزَالَتُهُ بِلَا حُكْمٍ, قَالَهُ أَصْحَابُنَا, وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: يَقْطَعُهُ هُوَ؟ قال: لا, يقول لصاحبه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَتَّى يَقْطَعَ. وَفِي إجْبَارِهِ وَضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهِ وَجَوَازِ صُلْحِهِ بِعِوَضٍ وَفِي التَّبْصِرَةِ: مَعَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الزِّيَادَةِ بِالْأَذْرُعِ وَقِيلَ: مَعَ يُبْسِهِ أَوْ جَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهُ, وَجْهَانِ "م 10 - 13" قَالَ أَحْمَدُ فِي جَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا: لا أدري. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10-13: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ غُصْنُ شَجَرَتِهِ فِي هَوَاءِ غَيْرِهِ لَزِمَهُ إزَالَتُهُ, فَإِنْ أَبَى فَلَهُ إزَالَتُهُ بِلَا حُكْمٍ, وَفِي إجْبَارِهِ وَضَمَانِ مَا تلف, به وجواز صلحه1 بعوض, وَقِيلَ مَعَ يُبْسِهِ أَوْ2 جَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهُ, وَجْهَانِ. انْتَهَى, فِيهِ مَسَائِلُ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10" إذَا امْتَنَعَ مِنْ إزَالَةِ ذَلِكَ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْإِزَالَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي النَّظْمِ وَالْفَائِقِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يُجْبَرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي, فَعَلَى هَذَا يُكْتَفَى بِإِزَالَةِ صَاحِبِ الْهَوَاءِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُجْبَرُ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4, وَقُطِعَ بِهِ فِي فُصُولِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 11" هَلْ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ إنْ أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَضْمَنُ "قُلْت": وَهُوَ ضَعِيفٌ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 12" لَوْ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِعِوَضٍ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 والمحرر والشرح4
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَكْحُولٍ مَرْفُوعًا: فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَطْعِ مَا ظَلَّلَ أَوْ أَكْلِ ثَمَرِهَا1. وَعِرْقُهَا فِي أَرْضِهِ كَغُصْنٍ, وَقِيلَ عَنْهُ: وَتَضَرُّرُ وَصُلْحُ مَنْ مَالَ حَائِطُهُ أَوْ زَلَقَ مِنْ خَشَبِهِ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ كَغُصْنٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ. وَفِي الْمُبْهِجِ فِي الْأَطْعِمَةِ ثَمَرَةُ غُصْنٍ فِي هَوَاءِ طَرِيقٍ عام للمسلمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: اللَّائِقُ بمذهبنا صحته, واختاره ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, 4وَاخْتَارَ/ الْقَاضِي أَنَّهُ4 لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْغُصْنُ عَلَى مُجَرَّدِ الْهَوَاءِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُصُولِ: أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ. "الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 13" لَوْ جَعَلَ الثَّمَرَةَ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهُ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ, وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ: "وَجَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهُ" يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ, وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ "وَقِيلَ: مَعَ يُبْسِهِ" لَكِنَّهُ بَعِيدٌ, بَلْ لَا يَصِحُّ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي 3وَالشَّرْحِ2. "أَحَدُهُمَا" لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. قَالَ في الرعاية الكبرى: جاز, في الأصح.
وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ أَوْ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ إلَى دَرْبٍ نَافِذٍ, فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ, وَحُكِيَ عنه: يجوز بلا ضرر, ذكره فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ, وَفِي سُقُوطِ نِصْفِ الضَّمَانِ بِتَآكُلِ أَصْلِهِ وَجْهَانِ "م 14" وَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُ بِإِذْنِ إمَامٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَأَمْكَنَ عُبُورُ مَحْمَلٍ, وَقِيلَ: وَرُمْحٌ قَائِمًا بِيَدِ فَارِسٍ, وَقِيلَ: وَكَذَا دُكَّانٌ, مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُجَوِّزُوا حَفْرَ الْبِئْرِ وَالْبِنَاءِ, وَكَأَنَّهُ لِمَا فِيهِمَا مِنْ الدَّوَامِ, وَيُتَوَجَّهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ تَخْرِيجٌ, وَيَحْرُمُ إلَى هَوَاءِ جَارِهِ أَوْ دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ, وَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْ مَعْلُومِهِ بِعِوَضٍ, فِي الْأَصَحِّ وَيَحْرُمُ فَتْحُ بَابٍ فِي ظَهْرِ دَارِهِ فِي دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ إلَّا لِغَيْرِ الِاسْتِطْرَاقِ, فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا, وَيَصِحُّ صُلْحُهُ عَنْهُ, وَيَجُوزُ فِي دَرْبٍ نَافِذٍ, وَيَجُوزُ نَقْلُ بَابِهِ فِي دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ إلَى أَوَّلِهِ بِلَا ضَرَرٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ, وَقِيلَ: لَا مُحَاذِيًا لِبَابِ غَيْرِهِ, ويحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَصِحُّ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي جَعْلِ الثَّمَرَةِ بَيْنَهُمَا: لَا أَدْرِي, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ: وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي أن ذلك إباحة لا صلح.. "مَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ جَنَاحٍ, وَنَحْوِهِ إلَى دَرْبٍ نَافِذٍ, وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ, وَفِي سُقُوطِ نِصْفِ الضَّمَانِ بِتَأَكُّلِ أَصْلِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى "أَحَدُهُمَا" لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ بَلْ يَضْمَنُ الْكُلَّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ لِمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا النِّصْفَ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ يَضْمَنُ بِهِ الْبَعْضَ فَضَمِنَ بِهِ الْكُلَّ, لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ فِي الضَّمَانِ, انْتَهَى. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: قال الأصحاب وبأن النصف2 عُدْوَانٌ فَأَوْجَبَ كُلَّ الضَّمَانِ, انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِ هؤلاء أنه يضمن الجميع وهو الصواب
إلَى صَدْرِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ, بِلَا إذْنِ مَنْ فَوْقَهُ, وَقِيلَ: وَأَسْفَلَ مِنْهُ, وَتَكُونُ إعَارَةً فِي الْأَشْبَهِ, وَجَوَّزَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى إنْ سَدَّ الْأَوَّلَ, وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ يَعْقُوبُ, وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ فِي جِدَارٍ لِجَارٍ أَوْ لَهُمَا حَتَّى بِضَرْبِ وَتَدٍ وَلَوْ بِسُتْرَةٍ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَحَمَلَ الْقَاضِي نَصَّهُ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ النَّفَقَةُ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى السُّتْرَةِ عَلَى سُتْرَةٍ قَدِيمَةٍ فَانْهَدَمَتْ, وَاخْتَارَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وُجُوبَهَا مُطْلَقًا عَلَى نَصِّهِ, وَلَهُ وُضِعَ خَشَبٌ, فِي الْمَنْصُوصِ, بِلَا ضَرَرٍ, نُصَّ عَلَيْهِ, لِضَرُورَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: لِحَاجَةٍ, نُصَّ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَاجَةَ, وَأَطْلَقَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُمَا, كَعَدَمِهَا دَوَامًا, بِخِلَافِ خَوْفِ سُقُوطِهِ, وَلِرَبِّهِ هَدْمُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ, وَمَنْ لَهُ حَقُّ مَاءٍ يَجْرِي عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَمْ يَجُزْ لِجَارِهِ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ لِيَمْنَعَ الْمَاءَ وَلَا لَهُ تَعْلِيَتُهُ لِكَثْرَةِ ضَرَرِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, وَلَهُ الِاسْتِنَادُ إلَيْهِ أَوْ إسْنَادُ قُمَاشِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: فِي مَنْعِهِ احْتِمَالَانِ, وَلَهُ الْجُلُوسُ فِي ظِلِّهِ وَنَظَرُهُ فِي ضَوْءِ سِرَاجِهِ , نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَسْتَأْذِنُهُ أَعْجَبُ إلَيَّ, فَإِنْ مَنَعَهُ حَاكَمَهُ, وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: يَضَعُهُ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ إيشِ يَسْتَأْذِنُهُ؟ قَالَ شَيْخُنَا: الْعَيْنُ وَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي لَا قِيمَةَ لَهَا عَادَةً لَا يَصِحُّ أَنْ يَرِدَ عَلَيْهَا عَقْدُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ, اتِّفَاقًا كَمَسْأَلَتِنَا, وَهَلْ جِدَارُ مَسْجِدٍ كَجَارٍ أَوْ يُمْنَعُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي" أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا النِّصْفَ..
وَجْهَانِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ تَرْكٌ لِلْخَبَرِ1, وَهُوَ فِي مَالِكٍ2 مُعَيَّنٌ, فَمَنْعُهُ فِي جِدَارِ جَارِهِ أَوْلَى, وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّهُ لَا يَضَعُ "م 15" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَهَلْ جِدَارُ الْمَسْجِدِ كَجَارٍ أَوْ يُمْنَعُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَقِيلَ: وَجْهَانِ, وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّهُ لَا يَضَعُ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا" الْمَنْعُ مِنْهُ, وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فِي حَائِطِ الْجَارِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" حُكْمُهُ حُكْمُ جِدَارِ الْجَارِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي كِتَابِ المقنع4 والحاويين, وهو المذهب عند ابن منجا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَاخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ وَقَالَ: بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ جِدَارِ الْجَارِ بالوضع عليه..
وَمَتَى وَجَدَهُ أَوْ بَنَاهُ أَوْ مَسِيلَ مَائِهِ في حق غيره فَالظَّاهِرُ وَضْعُهُ بِحَقٍّ, وَلَهُ أَخْذُ عِوَضٍ عَنْهُ. وَإِنْ انْهَدَمَ جِدَارُهُمَا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعَمِّرَ مَعَهُ الْآخَرُ أُجْبِرَ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا كَنَقْضِهِ عِنْدَ خَوْفِ سُقُوطِهِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُمَا, كَبِنَاءِ حَاجِزٍ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا, لَكِنْ لِشَرِيكِهِ بِنَاؤُهُ, فَإِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ1 الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ نِصْفَ قِيمَةِ تَأْلِيفِهِ, فِي الْأَشْهَرِ, كَمَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ, وَإِنْ بَنَاهُ بِغَيْرِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِ رَسْمِ طَرْحِ خَشَبٍ حَتَّى يَدْفَعَ نِصْفَ قِيمَةِ حَقِّهِ, وَعَنْهُ: مَا يَخُصُّهُ لغرامة لأنه نَائِبُهُ مَعْنًى, وَيَلْزَمُهُ قَبُولُهَا, فَيَمْتَنِعُ إذَنْ نَقْضُهُ عَلَى الْأَوَّلِ, وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَوْ نَقَضَهُ لِأَنَّهُ2 غير نائبه وله طلب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَفَقَتَهُ مَعَ إذْنٍ, وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ عَلَى الْأُولَى الْخِلَافُ. وَإِنْ بَنَيَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالنَّفَقَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَهُ لِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْهِ1 لِآخَرَ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحَمِّلُهُ مَا احْتَاجَ لَمْ يَصِحَّ, وَلَوْ وَصَفَا الْحِمْلَ فَالْوَجْهَانِ "م 16" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِيهِ بِنِيَّةِ رُجُوعٍ عَلَى الْأُولَى الْخِلَافُ, انْتَهَى يَعْنِي الْخِلَافَ الَّذِي فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ, وَالْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ, وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا قُلْنَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ شَرِيكِهِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ, وَامْتَنَعَ وَتَعَذَّرَ إجْبَارُهُ, أَوْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ كَذَلِكَ وَعَمَّرَ الشَّرِيكُ وَنَوَى الرُّجُوعَ, صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا. "مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَيَا جِدَارًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالنَّفَقَةُ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ ثُلُثَهُ لِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْهِ لِآخَرَ, وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُحَمِّلُهُ مَا احْتَاجَ, لَمْ يَصِحَّ, وَلَوْ وَصَفَا الْحِمْلَ فَالْوَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا شَاءَ لَمْ يَجُزْ, لِجَهَالَةِ الْحِمْلِ, وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَكُونَ بينهما نصفين جاز, انتهى.
وكذا بئر وقناة لهما ونحوهما وماء مَعْدِنٍ جَارٍ عَلَى مَا كَانَ مُطْلَقًا. وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى بِنَاءِ حَائِطِ بُسْتَانٍ فَبَنَى أَحَدُهُمَا, فَمَا تَلِفَ مِنْ الثَّمَرَةِ بِسَبَبِ إهْمَالِ الْآخَرِ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ, قَالَهُ شَيْخُنَا, وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: قَوْمٌ لَهُمْ فِي قَنَاةٍ حَقٌّ فَعَجَزُوا عَنْهَا فَأَعْطَوْهَا رَجُلًا لِيُعَمِّرَهَا لَهُمْ وَلَهُ مِنْهَا الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ؟ قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ, وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ, وَإِنْ أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَ قَرْيَةَ قَوْمٍ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا وَيَأْخُذَهَا كَذَا وَكَذَا, فَقَالَ: لَا أَدْرِي. وَإِنْ هَدَمَ أَحَدُهُمَا جِدَارَهُمَا لَزِمَتْهُ إعَادَتُهُ, وَقِيلَ: لِحَاجَةٍ فَقَطْ. وَفِي إجْبَارِ الْمُمْتَنِعِ لِبِنَاءِ السُّفْلِ بِطَلَبِ الْآخَرِ رِوَايَاتٌ, الثَّالِثَةُ يُجْبَرُ صَاحِبُهُ وَيَنْفَرِدُ بِهِ "م 17 و 18" وَعَنْهُ: يُشَارِكُهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ فِيمَا يَحْمِلُهُ, وَمَنْ له طبقة ثالثة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ, وَهُوَ ضَعِيفٌ. "تَنْبِيهٌ" لَمْ يَظْهَرْ لِي عَوْدُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إلَى أَيِّ مسألة, فإنه أتى بهما معرفين. مَسْأَلَةٌ 17 وَ 18" قَوْلُهُ: وَفِي إجْبَارِ الْمُمْتَنِعِ لِبِنَاءِ السُّفْلِ بِطَلَبِ الْآخَرِ رِوَايَاتٌ, الثَّالِثَةُ يُجْبَرُ صَاحِبُهُ وَيَنْفَرِدُ بِهِ, انْتَهَى فِي ضِمْنِ هَذَا الْكَلَامِ مَسْأَلَتَانِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 17" هَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ بِنَاءِ السُّفْلِ بِطَلَبِ الْآخَرِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ
فِي اشْتِرَاكِ الثَّلَاثَةِ فِي بِنَاءِ السُّفْلِ, ثُمَّ الاثنان في الوسط الروايتان "م 19 و 20" ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1 وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يُجْبَرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: أُجْبِرَ, فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُجْبَرُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 18" إذَا قُلْنَا يُجْبَرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, فَهَلْ يَنْفَرِدُ بِالْبِنَاءِ أَوْ يُشَارِكُهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ, "2وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ2". إحْدَاهُمَا" يَنْفَرِدُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ1, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُشَارِكُهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِيمَا يَحْمِلُهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا امْتَنَعَ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَفِي إجْبَارِ الْمُمْتَنِعِ لِبِنَاءِ السُّفْلِ بِطَلَبِ الْآخَرِ رِوَايَاتٌ. "إحْدَاهُنَّ" لَا يُجْبَرُ. "وَالثَّانِيَةُ" يُجْبَرُ وَيُشَارِكُهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ وَيُجْبَرُ إنْ امْتَنَعَ "وَالثَّالِثَةُ" يُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ وَيَنْفَرِدُ بِهِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي, فَإِذَا جَمَعْت الرِّوَايَاتِ وَجَعَلْتهَا مَسْأَلَةً وَاحِدَةً كَانَتْ ثَلَاثًا, وَإِذَا جَعَلْتهَا مَسْأَلَتَيْنِ كَانَتْ أَرْبَعَ رِوَايَاتٍ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 19 وَ 20" قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ طَبَقَةٌ ثَالِثَةٌ فِي اشْتِرَاكِ الثَّلَاثَةِ فِي بِنَاءِ السُّفْلِ ثُمَّ الِاثْنَانِ فِي الْوَسَطِ الرِّوَايَتَانِ, يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ تَقَدَّمَتَا قَرِيبًا حكما ومذهبا, وقد
فَإِنْ بَنَى رَبُّ الْعُلْوِ فَفِي مَنْعِهِ رَبَّ السُّفْلِ الِانْتِفَاعَ بِالْعَرْصَةِ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ احْتِمَالَانِ "م 21" وَيَلْزَمُ الْأَعْلَى بِنَاءُ سُتْرَةٍ تَمْنَعُ مُشَارَفَةَ الأسفل, نقله ابْنُ مَنْصُورٍ. وَقِيلَ: وَيُشَارِكُهُ, كَاسْتِوَائِهِمَا. وَمَنْ أَحْدَثَ فِي مِلْكِهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ كَحَمَّامٍ وَكَنِيفٍ وَرَحًى وَتَنُّورٍ فَلَهُ مَنْعُهُ, كَابْتِدَاءِ إحْيَائِهِ, بِإِجْمَاعِنَا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَكَدَقٍّ وَسَقْيٍ يَتَعَدَّى إلَيْهِ, بِخِلَافِ طَبْخِهِ فِي دَارِهِ وَخُبْزِهِ, لِأَنَّهُ يَسِيرٌ, وَعَنْهُ: لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ, كَتَعْلِيَةِ دَارِهِ, فِي ظَاهِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, وَلَوْ أَفْضَى إلَى سَدِّ الْفَضَاءِ عَنْ جَارِهِ, قَالَهُ شَيْخُنَا, وَقَدْ احْتَجَّ أَحْمَدُ بِالْخَبَرِ "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ" 1 فيتوجه منه ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا, فَهَذِهِ كَذَلِكَ وَفِي ضِمْنِهَا مَسْأَلَتَانِ. "مَسْأَلَةٌ 19" اشْتِرَاكُ الثَّلَاثَةِ. "مَسْأَلَةٌ 20" اشْتِرَاكُ الِاثْنَيْنِ. وَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ. "مَسْأَلَةٌ 21" قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَى رَبُّ العلو ففي منعه رب السفل الانتفاع بالعرصة قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ احْتِمَالَانِ, انْتَهَى. وَهُمَا مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. "أَحَدُهُمَا" لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ عَمَّرَهُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فَلَهُ فِي الْأَصَحِّ مَنْعُ صَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ سُكْنَاهُ قَبْلَ وَزْنِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَامَةِ, وَقَالَ فِيمَا إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً, وَاحِدٌ فَوْقَ وَاحِدٍ. وَإِنْ قُلْنَا لَا ; يُجْبَرُ صَاحِبُ السُّفْلِ فَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ بِنَاؤُهُ وَمَنْعُ صَاحِبِ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ وَزْنِ الْقِيمَةِ أَوْ بَعْضِهَا, "4انْتَهَى قَدْ يُقَالُ ظاهره: أن له منعه الانتفاع بالعرصة4".
مَنْعُهُ, وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْأَدَبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مِنْ حَقِّ الْجَارِ عَلَى الْجَارِ أَنْ لَا يَرْفَعَ الْبُنْيَانَ عَلَى جَارِهِ لِيَسُدَّ عَلَيْهِ الرِّيحَ" 1 قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ خَوْفًا مِنْ نَقْصِ أُجْرَةِ مِلْكِهِ, بِلَا نِزَاعٍ, كَذَا قَالَ. وَفِي الْفُنُونِ: مَنْ أَحْدَثَ فِي دَارِهِ دِبَاغَ الْجُلُودِ أَوْ عَمَلَ الصِّحْنَاةِ2, هَلْ يُمْنَعُ؟ يُحْتَمَلُ الْمَنْعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ, 3وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ ضَرَرَ الْبَدَنِ, بَلْ يَتَعَدَّى إلَى الْإِضْرَارِ بِالْعَقَارِ بِنُقْصَانِ أُجْرَةِ الدُّورِ, وَفِيهَا أَيْضًا: هَلْ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ قَنَاةً فِي مِلْكِهِ تَنِزُّ إلَى حِيطَانِ النَّاسِ؟ جَوَّزَهُ قَوْمٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ3. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ, لِأَنَّهُ لَوْ أَوْقَدَ نَارًا فِي يَوْمِ رِيحٍ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَجُزْ, لِئَلَّا يُفْضِيَ إلَى حَمْلِهَا إلَى مِلْكِ4 غَيْرِهِ, فَكَذَا هُنَا. قَالَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ: وَمَنْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ فَلَحِقَ رَبَّ الْأَرْضِ مِنْ دُخُولِهِ ضَرَرٌ, رَوَى حَنْبَلٌ أَنَّ سَمُرَةَ كَانَ لَهُ نَخْلٌ فِي حَائِطِ أَنْصَارِيٍّ, فَآذَاهُ بِدُخُولِهِ, فَشَكَاهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ لِسَمُرَةَ "بِعْهُ" فَأَبَى, فَقَالَ "نَاقِلْهُ" فَأَبَى, فَقَالَ "هَبْهُ لِي وَلَك مِثْلُهُ فِي الْجَنَّةِ" فَأَبَى, فَقَالَ "أَنْتَ مُضَارٌّ اذهب فاقلع نخله" 5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ, فَهَذِهِ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ صححت.
قَالَ أَحْمَدُ: كُلَّمَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ يُمْنَعُ مِنْهُ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ, وَلَا يَضُرُّ بِأَخِيهِ إذَا كَانَ مُرْفِقًا لَهُ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا مُحْتَجًّا بِهَذَا الْخَبَرِ, وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ عَنْ سَمُرَةَ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمَاتَ سَمُرَةُ سَنَةَ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ, وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ سَمُرَةَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ: لَا, قَالَ شَيْخُنَا: الضِّرَارُ مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَشَاقَّةَ وَالْمَضَارَّةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ أَوْ عَلَى فِعْلِ ضَرَرٍ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فَمَتَى قَصَدَ الْإِضْرَارَ وَلَوْ بِالْمُبَاحِ أَوْ فَعَلَ الْإِضْرَارَ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ فَهُوَ مُضَارٌّ وَأَمَّا إذَا فَعَلَ الضَّرَرَ الْمُسْتَحِقَّ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالِانْتِفَاعِ بِهِ لَا لِقَصْدِ الْإِضْرَارِ فَلَيْسَ بِمُضَارٍّ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ النَّخْلَةِ الَّتِي كَانَتْ تَضُرُّ صَاحِبَ الْحَدِيقَةِ لَمَّا طَلَبَ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُعَاوَضَةَ عَنْهَا بِعِدَّةِ طُرُقٍ فَلَمْ يَفْعَلْ, فَقَالَ "إنَّمَا أَنْتَ مُضَارٌّ" 1 ثُمَّ أَمَرَ بِقَلْعِهَا, قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الضِّرَارَ مُحَرَّمٌ لَا يَجُوزُ تَمْكِينُ صَاحِبِهِ مِنْهُ, والله أعلم.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب التفليس
باب التفليس مدخل ... باب التفليس الْفَلَسُ: لُغَةً الْعَدَمُ, وَالْمُفْلِسُ الْمُعْدَمُ, وَمِنْهُ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ "مَنْ تَعُدُّونَ الْمُفْلِسَ فِيكُمْ؟ "1 وَمِنْهُ قَوْلُهُ "أَفْلَسَ بِالْحُجَّةِ إذَا عَدِمَهَا" وَشَرْعًا: مَنْ لَزِمَهُ أَكْثَرُ مِمَّا لَهُ يَحْرُمُ طَلَبٌ وَحَجْرٌ وَمُلَازَمَةٌ بِدَيْنٍ حَالٍّ عَجَزَ عَنْ وَفَاءِ بَعْضِهِ, لِلْآيَةِ, وَكَذَا بِمُؤَجَّلٍ, فَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا يَحِلُّ قَبْلَ مُدَّتِهِ وَعَلَى الْأَصَحِّ وَبَعْدَهَا, كَجِهَادٍ وَأَمْرٍ مَخُوفٍ. وفي الواضح: وحج فلغريمه منعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَتَّى يَأْتِيَ بِرَهْنٍ أَوْ كَفِيلٍ مَلِيءٍ وَلَا يَمْلِكُ تَحْلِيلَهُ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَهُ مَنْعُ عَاجِزٍ حَتَّى يُقِيمَ كَفِيلًا بِبَدَنِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ, وَمِنْ مَالِهِ قَدْرُ1 دَيْنِهِ الْحَالِّ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ, وَيَتَعَيَّنُ دَفْعُهُ بِطَلَبِهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ فِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْمَدِينِ: يَجِبُ أَدَاءُ الدَّيْنِ عِنْدَ طَلَبِهِ, وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ يَجِبُ إذَنْ عَلَى الْفَوْرِ, وَقِيلَ: وَقَبْلَهُ, وَيُهْمَلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ, اتِّفَاقًا, لَكِنْ إنْ خَافَ غَرِيمُهُ مِنْهُ احْتَاطَ عَلَيْهِ بِمُلَازَمَتِهِ أَوْ كَفِيلٍ أَوْ تَرْسِيمٍ عَلَيْهِ, قَالَهُ شَيْخُنَا: وَكَذَا لَوْ طَلَبَ تَمْكِينَهُ مِنْهُ مَحْبُوسٌ أَوْ مُوَكَّلٌ فِيهِ, وَإِنْ أَبَى حُبِسَ, وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ إخْرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ2 لَهُ أَمْرُهُ أَوْ يُبْرِئَهُ غَرِيمُهُ, وَإِنْ لَمْ يُبْرِئْهُ وَصَحَّ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَمْرُهُ أَخْرَجَهُ, وَلَمْ يَسَعْهُ حَبْسُهُ, نَقَلَ ذَلِكَ حَنْبَلٌ, فَإِنْ أَصَرَّ ضُرِبَ, ذَكَرَهُ فِي المنتخب وغيره, وكذا قال في الفصول3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرِهِ: يَحْبِسُهُ, فَإِنْ أَبَى عَزَّرَهُ, قَالَ: وَيُكَرِّرُ حَبْسَهُ وَتَعْزِيرَهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ, كَقَوْلِنَا فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ, قَالَ شَيْخُنَا: نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ/ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ, وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا, لَكِنْ لَا يُزَادُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ التَّعْزِيرِ إنْ قِيلَ: يَتَقَدَّرُ وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ وَيَقْضِيَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يَلْزَمُهُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُحْبَسُ, وَإِنْ لَمْ يَقْضِهِ بَاعَ حَاكِمٌ وَقَضَاهُ, وَظَاهِرُهُ: يَجِبُ, نَقَلَ حَرْبٌ إذَا تَقَاعَدَ بِحُقُوقِ النَّاسِ يُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُقْضَى. وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ دَيْنٌ حَالٌّ يُقَدَّرُ عَلَيْهِ بِلَا سَفَرٍ لَمْ يَتَرَخَّصْ, فِي الْأَصَحِّ, وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَوْ يَحِلَّ فِي سَفَرِهِ فَقِيلَ: لَهُ السَّفَرُ وَالْقَصْرُ وَالتَّرَخُّصُ, لِكَيْ لَا يُحْبَسَ قَبْلَ طَلَبِهِ1 كَحَبْسِ الْحَاكِمِ, وَقِيلَ: لَا, إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ, لِئَلَّا يَمْنَعَ بِهِ وَاجِبًا, وَقِيلَ: إنْ سَافَرَ وَكِيلٌ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ "م 1". وقد قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ دَيْنٌ حَالٌّ يقدر عليه بلا سفر لم يترخص, في الْأَصَحِّ, وَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ أَوْ يَحِلَّ فِي سَفَرِهِ فَقِيلَ: لَهُ السَّفَرُ وَالْقَصْرُ وَالتَّرَخُّصُ لِئَلَّا يُحْبَسَ قَبْلَ طَلَبِهِ كَحَبْسِ الْحَاكِمِ, وَقِيلَ: لَا, إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ لِئَلَّا يَمْنَعَ بِهِ وَاجِبًا, وَقِيلَ: إنْ سَافَرَ وَكِيلٌ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَهُ السَّفَرُ وَالْقَصْرُ وَالتَّرَخُّصُ, لِمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ فِي قَضَائِهِ, لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي أنه لا2 يسافر, ذكر هذين
ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى مِنْ إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ: الْحَبْسُ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ, وَأَوَّلُ مَنْ حَبِسَ عَلَى الدَّيْنِ شُرَيْحٌ الْقَاضِي, وَمَضَتْ السُّنَّةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ عَلَى الدُّيُونِ وَلَكِنْ يَتَلَازَمُ الْخَصْمَانِ, فَأَمَّا الْحَبْسُ الَّذِي هُوَ الْآنَ عَلَى الدَّيْنِ لَا أَعْرِفُ أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, وَذَلِكَ أَنَّهُ يُجْمَعُ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ بموضع يضيق عَنْهُمْ غَيْرُ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ, وَرُبَّمَا رَأَى بَعْضُهُمْ عَوْرَةَ بَعْضٍ, وَإِنْ كَانُوا فِي الصَّيْفِ آذَاهُمْ الْحَرُّ, وَفِي الشِّتَاءِ آذَاهُمْ الْقُرُّ, وَرُبَّمَا يُحْبَسُ أَحَدُهُمْ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ, وَرُبَّمَا يَتَحَقَّقُ الْقَاضِي أَنَّ ذَلِكَ الْمَحْبُوسَ لَا جُدَّةَ لَهُ, وَأَنَّ أَصْلَ حَبْسِهِ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الحيلة من أن ذلك الكاتب ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَجْهَيْنِ ابْنُ عَقِيلٍ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ, وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ قَصْرِ الصَّلَاةِ, وَكَذَا ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ "قُلْت": وَيُحْتَمَلُ بِنَاءُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْهُ عَلَى وُجُوبِ الدَّفْعِ قَبْلَ الطَّلَبِ,"1 فإن قلنا: يجب لم يكن له الترخص وإلا ترخص والصحيح من المذهب أنه لا يجب الدَّفْعِ قَبْلَ الطَّلَبِ1" وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" إنْ سَافَرَ وَكِيلٌ فِي الْقَضَاءِ قَبْلَهُ لَمْ يَتَرَخَّصْ. "تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْآخَرَ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هَذَا الْقَوْلُ مِنْ مَفْهُومِ مَسْأَلَةٍ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا, وَهُوَ أَنَّهُ إذَا سَافَرَ وَوَكَّلَ من يقضي مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَسَافَرَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَهَلْ يَتَرَخَّصُ أَمْ لَا؟ قَدَّمَ أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ, بِدَلِيلِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ, وَاَللَّهُ أعلم..
لِلْحُجَّةِ عَلَيْهِ كَتَبَ مَا لَمْ يَعْلَمْ لِجَهْلِهِ فَأَسْجَلَ1 فِيهِ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْمَلَاءَةِ, وَأَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ, وَهَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ, وَأَنَّهُ قَدْ وَكَّلَ فُلَانًا الْمُدِيرَ2 وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَعْرِفْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَا الْمَقْصُودُ بِهِ, فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] وَقَالَ {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: 282] وَقَالَ {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282] فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا قَدْ حَدَثَ فِي الْإِسْلَامِ, وَلَقَدْ حَرَصْت مِرَارًا عَلَى فَكِّ ذَلِكَ فَحَالَ دُونَهُ مَا قَدْ اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْهُ, وَأَنَا فِي إزَالَتِهِ حَرِيصٌ. هَذَا كَلَامُهُ. وَلَا عُذْرَ بِفَوْتِ رُفْقَةٍ وَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ أَقَرَّ بِالْقُدْرَةِ فَادَّعَى إعْسَارًا وَأَمْكَنَ عَادَةً قُبِلَ, وَلَيْسَ لَهُ إثْبَاتُهُ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَبَسَهُ بِلَا إذْنِهِ, فَدَلَّ أَنَّ حَاكِمًا لَا يَثْبُتُ بِسَبَبِ نَقْضِ حكم3 حاكم آخر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَنْقُضُهُ بَلْ مِنْ حُكْمٍ, وَيُوَافِقُهُ قَوْلَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ فِي الْأَعْذَارِ: إنْ كَانَ قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ عِنْدِي, وَحَكَمَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ الزَّوَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ بِإِرَاقَةِ دَمِ شَمْسِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ جَمَالِ الدِّينِ الْبَاجِرْبَقِيُّ2 وَإِنْ تَابَ وَأَسْلَمَ, ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ حَكَمَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ سُلَيْمَانُ الْمَقْدِسِيُّ بِحَقْنِ دَمِهِ بَعْدَ أَنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ عَدَاوَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ, وَنَفَّذَ حُكْمَهُ الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ الْأَذْرَعِيُّ, فَقَالَ الزَّوَاوِيُّ: أَنَا مُقِيمٌ عَلَى حُكْمِي, فَاخْتَفَى الْبَاجِرْبَقِيُّ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْحُكَّامِ. وَيُقْضَى دَيْنُ الْغَرِيمِ بِمَالٍ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ, ذَكَرَهُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ وغيره عن أحمد, قال شيخنا: لأنه لا3 تَبْقَى شُبْهَةٌ بِتَرْكِ وَاجِبٍ, وَكُلُّ الْخَلْقِ عَلَيْهِمْ وَاجِبَاتٌ مِنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَقَرِيبِهِ وَقَضَاءِ دَيْنِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ, فَتَرْكُ ذَلِكَ ظُلْمٌ مُحَقَّقٌ, وَفِعْلُهُ بِشُبْهَةٍ غَيْرُ مُحَقَّقٍ, فَكَيْفَ يَتَوَرَّعُ عَنْ ظُلْمٍ مُحْتَمَلٍ بِظُلْمٍ مُحَقَّقٍ؟ وَلِهَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يُحِبُّ الْمَالَ يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ وَيُؤَدِّي بِهِ أَمَانَتَهُ, وَيَصُونُ به نفسه, ويستغني به عن الخلق. وَمَنْ مَطَلَ غَرِيمَهُ حَتَّى أَحْوَجَهُ إلَى الشِّكَايَةِ فَمَا غَرِمَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَزِمَ الْمُمَاطِلَ, وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا أَرَى بَيْعَ السَّوَادِ فِي حج ولا غيره. وإن ادعى الإعسار حلف وخلي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحْبَسُ, إلَى ظُهُورِ إعْسَارِهِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: إلَى أَنْ يَثْبُتَ, وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ كَمَنْ عُرِفَ بِمَالٍ أَوْ دَيْنِهِ عَنْ عِوَضٍ أَخَذَهُ, كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ, فَيُحْبَسُ, إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِتَلَفِ مَالِهِ, وَيَحْلِفُ مَعَهَا, فِي الْأَصَحِّ, أَوْ بِبَيِّنَةٍ خَبِيرَةٍ بِبَاطِنِهِ بِعُسْرَتِهِ, وَلَمْ يَحْلِفْ, فِي الْأَصَحِّ, لِئَلَّا يَكُونَ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ, وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى1 عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: يَحْلِفُ مَعَ بَيِّنَتِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ, لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِالظَّاهِرِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ حَلَفَ أَنَّهُ قَادِرٌ حَبَسَهُ, وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ عَلَيْهِمَا وَخُلِّيَ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: يُحْبَسُ إنْ عُلِمَ لَهُ مَا يَقْضِي. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ عُرِفَ بِمَالٍ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ مَلِيءٌ بِهِ وَحَلَفَ غَرِيمُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ حُبِسَ. وَفِي الْمُغْنِي1: إذَا حَلَفَ أَنَّهُ ذُو مَالٍ حُبِسَ. وَفِي الْكَافِي2: يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عُسْرَتَهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَا يَحْلِفُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمَطْلُوبُ تَلَفًا أَوْ إعْسَارًا أَوْ يَسْأَلُ سُؤَالَهُ فَتَكُونُ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةً, فَإِنْ كَانَ لَهُ بِبَقَاءِ مَالِهِ أَوْ قُدْرَتِهِ بَيِّنَةٌ فَلَا كَلَامَ, وَإِلَّا فَيَمِينُهُ بِحَسْبِ جَوَابِهِ, كَسَائِرِ الدَّعَاوَى, وَهَذَا أَظْهَرُ, وَهُوَ مُرَادُهُمْ, لِأَنَّهُ ادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَأَنْكَرَهُ, وَمَتَى لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ فَطَلَبَهَا فَنَكَلَ لَمْ يُحْبَسْ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, وَإِنْ لَمْ يُحَلِّفْهُ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ حَبْسِهِ.. قَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا: فَإِذَا حُبِسَ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ حُقُوقِهِ عَلَيْهَا شَيْءٌ قَبْلَ الْحَبْسِ يَسْتَحِقُّهَا عَلَيْهَا بَعْدَ الْحَبْسِ, كَحَبْسِهِ فِي دَيْنِ غَيْرِهَا, فَلَهُ إلْزَامُهَا مُلَازَمَةَ بَيْتِهِ وَلَا يَدْخُلُ إلَيْهِ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ, فَإِنْ خَافَ3 أَنْ تَخْرُجَ مِنْهُ بِلَا إذْنِهِ فَلَهُ أَنْ يسكنها حيث لا يمكنها الخروج, كما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَوْ سَافَرَ عَنْهَا أَوْ حَبَسَهُ غَيْرُهَا, وَلَا يَجِبُ حَبْسُهُ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ, بَلْ الْمَقْصُودُ تَعْوِيقُهُ عَنْ التَّصَرُّفِ حَتَّى يُؤَدِّيَ ذَلِكَ, فَيَجُوزُ حَبْسُهُ فِي دَارٍ وَلَوْ فِي دَارِ نَفْسِهِ, بِحَيْثُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْخُرُوجِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ وَتُرَسَّمَ هِيَ عَلَيْهِ إذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ, وَهَذَا أَشْبَهُ بِالسُّنَّةِ, فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْغَرِيمَ بِمُلَازَمَةِ غَرِيمِهِ وَقَالَ لَهُ "مَا فَعَلَ أَسِيرُك" 1 وَإِنَّمَا الْمُرَسَّمُ وَكِيلُ الْغَرِيمِ فِي الْمُلَازَمَةِ, فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ مَنْ يَحْفَظُ امْرَأَتَهُ غَيْرُ2 نَفْسِهِ, وَأَمْكَنَ أَنْ يَحْبِسَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ, فَتَمْنَعَهُ هِيَ مِنْ الْخُرُوجِ, وَيَمْنَعَهَا هُوَ مِنْ الْخُرُوجِ, فَعَلَ ذَلِكَ, فَإِنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَبْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ, وَلَهَا عَلَيْهِ حَبْسَهُ فِي دَيْنِهَا, وَحَقُّهُ عَلَيْهَا أَوْكَدُ, فَإِنَّ حَقَّ نَفْسِهِ فِي الْمَبِيتِ ثَابِتٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا, بِخِلَافِ حَبْسِهَا لَهُ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ إعْسَارِهِ, لَا يَكُونُ حَبْسُهُ مُسْتَحَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ حَبْسُ الْعَاجِزِ لَا يَجُوزُ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] وَلِأَنَّ حَبْسَهَا لَهُ عُقُوبَةٌ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ, وَحَبْسُهُ لَهَا حَقٌّ يَثْبُتُ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ, وَلَيْسَ بِعُقُوبَةٍ, بَلْ حَقُّهُ عَلَيْهَا كَحَقِّ الْمَالِكِ عَلَى الْمَمْلُوكِ, وَلِهَذَا كَانَ النِّكَاحُ بِمَنْزِلَةِ الرِّقِّ وَالْأَسْرِ لِلْمَرْأَةِ. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: النِّكَاحُ رِقٌّ, فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يَرِقُّ كَرِيمَتَهُ3. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: الزَّوْجُ سَيِّدٌ فِي كتاب الله وقرأ قوله: {وَأَلْفَيَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} 1 [يوسف:25] وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ عَوَانٍ عِنْدَكُمْ" 2 وَالْعَانِي: الْأَسِيرُ, وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا مِنْ الْحَبْسِ أَعْظَمُ مِمَّا تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ, إذْ غَايَةُ الْغَرِيمِ أَنْ يَكُونَ كَالْأَسِيرِ, وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَعَ حَبْسِهَا فِي مَنْزِلِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا مَتَى شَاءَ, فَحَبْسُهُ لَهَا دَائِمًا يَسْتَوْفِي فِي حَبْسِهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهَا, وَحَبْسُهَا لَهُ عَارِضٌ إلَى أَنْ يُوفِيَهَا حَقَّهَا. وَالْحَبْسُ الَّذِي يَصْلُحُ لِتَوْفِيَةِ الْحَقِّ مِثْلُ الْمَالِكِ لِأَمَتِهِ, بِخِلَافِ الْحَبْسِ إلَى أَنْ يُسْتَوْفَى الْحَقُّ, فَإِنَّهُ مِنْ جِنْسِ حَبْسِ الْحُرِّ لِلْحُرِّ, وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْغَرِيمُ مَنْعَ الْمَحْبُوسِ مِنْ تَصَرُّفٍ يُوفِي بِهِ الْحَقَّ, وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ حَوَائِجِهِ إذَا احْتَاجَ الْخُرُوجَ مِنْ الْحَبْسِ مَعَ مُلَازَمَتِهِ لَهُ, وَلَيْسَ عَلَى الْمَحْبُوسِ أَنْ يَقْبَلَ مَا يَبْذُلُهُ لَهُ الْغَرِيمُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَّةٌ فِيهِ. وَيَمْلِكُ الرَّجُلُ مَنْعَ امْرَأَتِهِ مِنْ الْخُرُوجِ مُطْلَقًا إذَا قَامَ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ, وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ, وَبِهَذَا وَغَيْرِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهَا وَيَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ أَكْثَرَ مِمَّا لَهَا أَنْ تُلْزِمَهُ وَتَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ حَبْسِهِ, فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ مُلَازَمَتِهَا, وَهَذَا حَرَامٌ بِلَا رَيْبٍ. وَلَا يُنَازِعُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ حَبْسَ الرَّجُلِ إذَا تَوَجَّهَ تَتَمَكَّنُ مَعَهُ امْرَأَتُهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ, وَإِسْقَاطُ حَقِّهِ عَلَيْهَا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ لأحد من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وُلَاةِ الْأُمُورِ وَالْحُكَّامِ فِعْلُ ذَلِكَ, حُرَّةً عَفِيفَةً كَانَتْ أَوْ فَاجِرَةً, فَإِنَّ مَا يُفْضِي إلَى تَمْكِينِهَا مِنْ الْخُرُوجِ إسْقَاطٌ لِحَقِّهِ, وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَا سِيَّمَا وَذَلِكَ مَظِنَّةٌ لِمُضَارَّتِهَا لَهُ أَوْ فِعْلِهَا لِلْفَوَاحِشِ إلَى أَنْ قَالَ: فَرِعَايَةُ مِثْلِ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَالِحِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إهْمَالُهَا, قَالَ: وَهِيَ إنَّمَا تَمْلِكُ مُلَازَمَتَهُ, وَمُلَازَمَتُهُ تَحْصُلُ بِأَنْ تَكُونَ هِيَ وَهُوَ فِي مَكَان وَاحِدٍ, وَلَوْ طَلَبَ مِنْهَا الِاسْتِمْتَاعَ فِي الْحَبْسِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُوفِيَهُ ذَلِكَ, لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهَا, وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِالْحَبْسِ أَوْ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُلَازِمُهُ حَتَّى يُوفِيَهُ حَقَّهُ, وَلَوْ لَازَمَهُ فِي دَارِهِ جَازَ, فَإِنْ قِيلَ: فَهَذَا يُفْضِي إلَى أَنْ يَمْطُلَهَا وَلَا يُوفِي, فَالْجَوَابُ: أَنَّ تَعْوِيقَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ هُوَ الْحَبْسُ, وَهُوَ كَافٍ فِي الْمَقْصُودِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ امْتِنَاعُهُ عَنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ قَادِرٌ وَامْتَنَعَ ظُلْمًا, عُوقِبَ بِأَعْظَمَ مِنْ الْحَبْسِ بِضَرْبٍ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ, كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرُهُمْ, لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ" 1 وَالظَّالِمُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ, فَإِنَّ الْعُقُوبَةَ تُسْتَحَقُّ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ مُحَرَّمٍ, وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ" 2 وَمَعَ هَذَا لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ الَّذِي عَلَى امْرَأَتِهِ, بَلْ يَمْلِكُ حَبْسَهَا فِي مَنْزِلِهِ. وَأَمَّا تَمْكِينُ مِثْلِ هَذَا يَعْنِي الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْوَفَاءِ ظُلْمًا مِنْ فَضْلِ الْأَكْلِ وَالنِّكَاحِ فَهَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ, فَإِنَّهُ مِنْ نَوْعِ التَّعْزِيرِ, فَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُعَزِّرَهُ بِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ, إذْ التَّعْزِيرُ لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مُعَيَّنٍ, وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي تَنَوُّعِهِ وَقَدْرِهِ إذَا لَمْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ, وَلَكِنْ الْمَحْبُوسُونَ عَلَى حُقُوقِ النِّسَاءِ لَيْسُوا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ, فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَقْصُودُ بِحَبْسِهِمَا جَمِيعًا إمَّا لِعَجْزِ أَحَدِهِمَا عَنْ حِفْظِ الْآخَرِ أَوْ لِشَرٍّ يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ, وَأَمْكَنَ أَنْ تَسْكُنَ فِي مَوْضِعٍ لَا تَخْرُجُ مِنْهُ, وَهُوَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا, مِثْلُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي رِبَاطِ نِسَاءٍ أَوْ بَيْنَ نِسْوَةٍ مَأْمُونَاتٍ فَعَلَ ذَلِكَ, فَفِي الْجُمْلَةِ لَا يجوز "1حبسه لها1" وَتَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ, بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ, بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقَّيْنِ وَرِعَايَةِ الْمَصْلَحَتَيْنِ, لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ ذَهَابُهَا مَظِنَّةً لِلْفَاحِشَةِ, فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِيرُ حَقًّا لِلَّهِ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الزَّوْجُ. وَفِي إنْظَارِ الْمُعْسِرِ فَضْلٌ عَظِيمٌ, وَأَبْلَغُ الْأَخْبَارِ فِيهِ2 عَنْ بُرَيْدَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلُهُ صَدَقَةٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ فَأَنْظَرَهُ فَلَهُ بِكُلِّ يَوْمٍ مِثْلَيْهِ صَدَقَةٌ" 3 رَوَاهُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ, فَذَكَرَهُ, إسْنَادٌ جَيِّدٌ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ نُفَيْعٍ أَبِي دَاوُد وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ بُرَيْدَةَ. وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمُعَيَّنٍ لَهُ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ, أَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ, فَكَذَّبَهُ, قُضِيَ مِنْهُ, وَإِنْ صَدَّقَهُ فَوَجْهَانِ "م 2" وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ للمدين, لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمُعَيَّنٍ لَهُ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ, أَوْ قَالَ: لِزَيْدٍ, وَكَذَّبَهُ, قُضِيَ مِنْهُ, وَإِنْ صَدَّقَهُ فَوَجْهَانِ, انتهى.
لَا يَدَّعِيهِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا لَا يُعْتَبَرُ لَهَا تَقَدُّمُ دَعْوَى, وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ لِإِقْرَارِ رَبِّ الْيَدِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي, لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ.. وَيَحْرُمُ أَنْ يَحْلِفَ مُعْسِرٌ لَا حَقَّ عَلَيْهِ وَبِتَأَوُّلٍ نُصَّ عَلَيْهِ, وَمَنْ سَأَلَ عَنْ غَرِيبٍ وَظَنَّ إعْسَارَهُ شَهِدَ. وَإِنْ وَفَّى مَالَهُ بِبَعْضِ دَيْنِهِ لَزِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِطَلَبِ غُرَمَائِهِ, وَالْأَصَحُّ: أَوْ بَعْضِهِمْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ زَادَ دَيْنُهُ عَلَى الْمَالِ وَقِيلَ: أَوْ هُوَ مِنْ الْحَاكِمِ. وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ نَافِذٌ, نُصَّ عَلَيْهِ, مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إنْ أَضَرَّ بِغَرِيمِهِ, ذَكَرَهُ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ. وَقِيلَ: لَا يَنْفُذُ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ, وَذَكَرَهُ أَيْضًا1 رِوَايَةً. وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ: مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَيَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: الشَّيْءُ الْيَسِيرُ, وَقَضَاءُ دَيْنِهِ أَوْجَبُ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَهُ مَنْعُ ابْنِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مَالِهِ بِمَا يَضُرُّهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ تصدق ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَكُونُ لِزَيْدٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ, وَيَحْلِفُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ مُضَارَبَةً قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ إنْ صَدَّقَهُ زَيْدٌ أَوْ كَانَ غَائِبًا. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَكُونُ لَهُ, وَهُوَ قَوِيٌّ, وَالصَّوَابُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذلك إلى القرائن خوفا من التهمة.
وَأَبَوَاهُ فَقِيرَانِ: رُدَّ عَلَيْهِمَا, إلَّا لِمَنْ دُونَهُمَا, لِلْخَبَرِ1, وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ, نُصَّ عَلَيْهِ, إلَّا فِي ذِمَّتِهِ, وَعَنْهُ: وَعِتْقٌ كَتَدْبِيرٍ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَصَدَقَةٌ بِيَسِيرٍ. وَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ قُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ, وَنَقَلَ مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ إنْ تَصَرَّفَ قَبْلَ طَلَبِ رَبِّ الْعَيْنِ لَهَا جَازَ, لَا بَعْدَهُ. وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ لِغَرِيمٍ بِكُلِّ الدَّيْنِ فَوَجْهَانِ "م 3". وَمِنْ دَيْنِهِ ثَمَنُ مَبِيعٍ وَجَدَهُ وَلَوْ هَزَلَ, وَقِيلَ: وَنَسِيَ صَنْعَةً وَقِيلَ: أَوْ صَارَ الْحَبُّ زَرْعًا وَعَكْسُهُ, أَوْ النَّوَى شَجَرًا, وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ حَجْرِهِ جَاهِلًا بِهِ, وَقِيلَ: أَوْ عَالِمًا, فَلَهُ أَخْذُهُ بحقه, لتعيينه كَوَدِيعَةٍ, وَقِيلَ: بِحَاكِمٍ, بِنَاءً عَلَى تَسْوِيغِ الِاجْتِهَادِ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ فِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ: وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ لِغَرِيمٍ بِكُلِّ الدَّيْنِ فَوَجْهَانِ, انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ بَاعَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِكُلِّ الدَّيْنِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا يَصِحُّ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ, وَلِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَصِحُّ بَيْعُ ذَلِكَ, لِرِضَاهُمَا بِهِ "قُلْت": يَتَوَجَّهُ الصِّحَّةُ إنْ عُلِمَ الدين, وإلا فلا.
مُتَرَاخِيًا, وَقِيلَ: فَوْرًا. وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: وَعَلَى الْأَصَحِّ أَوْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلَوْ مَعَ بَذْلِ غَرِيمٍ ثَمَنَهُ, نُصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ الْمُفْلِسُ: إنَّمَا لَك ثَمَنُهُ فَأَنَا أَبِيعُهُ وَأُعْطِيك, فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ, نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُفْلِسُ, أَوْ بَرِئَ مِنْ بَعْضِ ثَمَنِهِ, أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ بَعْضِهِ بِتَلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ, وَعَنْهُ: وَلَوْ أَنَّهُ عَيْنَانِ, أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ شُفْعَةٍ, فِي الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: مَعَ طَلَبِهِ, أَوْ جِنَايَةٌ أَوْ رَهْنٌ, أَوْ تَغَيَّرَ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ, أَوْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ, أَوْ وَطِئَ الْبِكْرَ, وَفِيهِ وَجْهٌ, وَقِيلَ: أَوْ الثَّيِّبَ, أَوْ صَبَغَهُ, أَوْ قَصَّرَهُ, فِي وَجْهٍ فِيهِمَا, كَنَقْصِهِ بِهِمَا, فِي الْأَصَحِّ, فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ. وَفِي الْمُوجَزِ: إنْ أَحْدَثَ صَنْعَةً كَنَسْجِ غَزْلٍ وَعَمَلِ الدُّهْنِ صَابُونًا فَرِوَايَتَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَأْخُذُهُ, وَعَنْهُ: بَلَى, قَالَ: وَيُشَارِكُهُ الْمُفْلِسُ فِي الزِّيَادَةِ.. وَلَوْ أَفْلَسَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى مِلْكِهِ, "1فَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ, وَقِيلَ: بَلَى إنْ رَجَعَ بِفَسْخٍ, وَقِيلَ: مُطْلَقًا1", فَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا, فَقِيلَ: الْبَائِعُ الْأَوَّلُ, لِسَبْقِهِ, وَقِيلَ: يُقْرَعُ "م 4 وَ 5" وَيَأْخُذُهُ بزيادة منفصلة ومتصلة, نص عليه. وقال جَمَاعَةٌ: الْمُنْفَصِلَةُ لِلْمُفْلِسِ, وَالْمُتَّصِلَةُ تُمْنَعُ. وَفِي الْإِرْشَادِ2 وَالْمُوجَزِ: تُمْنَعُ مُتَّصِلَةً, وَفِي مُنْفَصِلَةٍ رِوَايَتَانِ, وَهُمَا فِي التَّبْصِرَةِ. وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى يُمْنَعُ الولد الرجوع في "3ولد, و3" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 4 و 5" قوله: وَلَوْ4 أَفْلَسَ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَى مِلْكِهِ, فَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ, وَقِيلَ: بَلَى إنْ رَجَعَ بِفَسْخٍ, وَقِيلَ: مُطْلَقًا, فَلَوْ اشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَقِيلَ: الْبَائِعُ الْأَوَّلُ, لِسَبْقِهِ, وَقِيلَ: يُقْرَعُ, انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 4" إذَا أَفْلَسَ بَعْدَ رُجُوعِ السِّلْعَةِ إلَى مِلْكِهِ, فَهَلْ لَهُ بِهَا الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ أَوْ يَرْجِعُ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ وَإِلَّا فَلَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيِّ, وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ فِي الْكَافِي7 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَهُ الرُّجُوعُ. قَالَ الناظم: عاد الرجوع على القوي,
إنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَكَذَا عِنْدَ الرجوع فوجهان "م 6 و 7" والأصح: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هُوَ كَعَوْدِ الْمَوْهُوبِ إلَى الِابْنِ بَعْدَ زَوَالِهِ هَلْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. "قُلْت": الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا, لِأَنَّهُ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" لَهُ الرُّجُوعُ إنْ عَادَتْ السِّلْعَةُ إلَيْهِ بِفَسْخٍ, كَالْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْخِيَارِ وَنَحْوِهِ, وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ كَبَيْعٍ1 وَهِبَةٍ وَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَرْجِعْ, وَهُوَ قَوِيٌّ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 5" إذَا قُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ فَاشْتَرَاهَا ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ أَوْ يُقْرَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ الثَّانِي؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" يَخْتَصُّ بِهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِسَبْقِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا, وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ. "قُلْت": وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهَا الْبَائِعُ الثَّانِي وَيَكُونَ الْقَوْلُ بِالرُّجُوحِ مَخْصُوصًا بِغَيْرِ الْبَيْعِ.. "مَسْأَلَةٌ 6 وَ 7" قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَكَذَا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى, شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ. "مَسْأَلَةٌ 6" مَا إذَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ. "وَمَسْأَلَةٌ 7" مَا إذَا حَدَثَ حَمْلٌ وَوُجِدَ عِنْدَ الرُّجُوعِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَبْنَى الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ, وَالْمُنْفَصِلَةَ لَا تَمْنَعُ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِيهِمَا, فَعَلَى هَذَا هَلْ يَلْحَقُ الْحَمْلُ بِالْمُتَّصِلَةِ أَوْ الْمُنْفَصِلَةِ؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ, فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِالْمُتَّصِلَةِ مَنَعَ الرُّجُوعَ وَمَنْ أَلْحَقَهُ بِالْمُنْفَصِلَةِ لَمْ يَمْنَعْ, وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى, وَفِي الثَّانِيَةِ إذَا كَانَتْ حائلا عند البيع
لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَلْعِ غَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ, فيضمن غريم نقصا حصل به, ويسوي ـــــــــــــــــــــــــــــQحَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ, لَا أَنَّهَا تَكُونُ حَامِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ مُتَّصِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ لَمْ يَمْنَعْ الرُّجُوعَ, كَالسِّمَنِ, وَإِنْ كَانَ حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: وَالْحَمْلُ كَالسِّمَنِ, فَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَوَجْهَانِ, وَمَعَ الرُّجُوعِ لَا أَرْشَ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَإِنْ كَانَتْ حَائِلًا عِنْدَ الْبَيْعِ حَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فَهُوَ كَالسِّمَنِ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ, انْتَهَى. وَقَطَعَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَهِيَ حَامِلٌ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ, وَكَذَا قَطَعَ: لَوْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْبَيْعِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ. وَقَالَ الشيخ الموفق والشارح: لَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَأَفْلَسَ وَهِيَ حَامِلٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ قَدْ زَادَ بِكِبَرٍ وَكَثُرَتْ قِيمَتُهَا بِسَبَبِهِ فَيَكُونُ مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ, وَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ وَضْعِهَا فَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِمَا بِكُلِّ حَالٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. قَالَ الشَّيْخُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّا إنْ قُلْنَا لَا حُكْمَ لِلْحَمْلِ فَهُوَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ, وَإِنْ قُلْنَا لَهُ حُكْمٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, فَإِنْ كَانَ هُوَ وَالْأُمُّ قَدْ زَادَا بِالْوَضْعِ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ, وَإِنْ لَمْ يَزِيدَا جَازَ الرُّجُوعُ فِيهِمَا, وَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ خَرَجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَيْنَيْنِ تَلِفَ بَعْضُ أَحَدِهِمَا, وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ الْبَيْعِ حَائِلًا وَحَامِلًا عِنْدَ الرُّجُوعِ وَزَادَتْ قِيمَتُهَا فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ, وَإِنْ أَفْلَسَ بَعْدَ الْوَضْعِ فَزِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ وَجَدَهَا حَامِلًا انْبَنَى عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ هَلْ لَهُ حُكْمٌ فَيَكُونُ زِيَادَةً مُنْفَصِلَةً يُتَرَبَّصُ بِهِ حَتَّى تَضَعَ, أَوْ لَا حُكْمَ لَهُ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ, انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ مُلَخَّصًا, وَقَدْ اخْتَارَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّ الْحَامِلَ فِي الْمَبِيعِ وَغَيْرِهِ كَأَحَدِ عَيْنَيْنِ, فَنُلَخِّصُ أَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ, وَأَنَّ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ جَعَلَ الْحَمْلَ عِنْدَ الرُّجُوعِ كَالسِّمَنِ. وَاخْتَارَ أَنَّهُ يَتْبَعُ فِي الرُّجُوعِ, وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ: إن الحمل كالسمن, فمرادهم والله أعلم
حَفْرًا, وَإِنْ أَبَى قَلْعَهُ فَلِلْبَائِعِ فِي الْأَصَحِّ أَخْذُهُ وَقَلْعُهُ وَضَمَانُ نَقْصِهِ, وَإِنْ أَبَى فَلَا رُجُوعَ وَيَرْجِعُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي أَرْضٍ, وَهَلْ يُبَاعُ الْغَرْسُ مُفْرَدًا أَوْ الْجَمِيعَ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ على القيمة؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 8" وَلَوْ كَانَ ثَمَنُهُ مُؤَجَّلًا أخذه عند الأجل, وقيل: في الحال, وَقِيلَ: يُبَاعُ. وَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ قَرْضِهِ أَوْ غَيْرَهُ فَكَمَبِيعٍ, وَكَذَا عَيْنًا مُؤَجَّرَةً, وَقِيلَ: وَلَوْ مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ وَكَذَا مُكْرٍ نَفْسَهُ. وَرُجُوعُ الْبَائِعِ فَسْخٌ لِلْمَبِيعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمَبِيعِ وَلَا إلَى الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ, فَلَوْ رَجَعَ فِيمَنْ أَبَقَ صَحَّ وَصَارَ لَهُ, فَإِنْ قَدَرَ أَخَذَهُ, وَإِنْ تَلِفَ فَمِنْ مَالِهِ وَإِنْ بَانَ تَلَفُهُ حِينَ اسْتَرْجَعَهُ بَطَلَ اسْتِرْجَاعُهُ. وَإِنْ رَجَعَ فِي مَبِيعٍ اشْتَبَهَ بِغَيْرِهِ قُدِّمَ تَعْيِينُ الْمُفْلِسِ, لِإِنْكَارِهِ دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ, وَإِنْ مَاتَ بَائِعٌ مَدِينًا فَمُشْتَرٍ أَحَقُّ بِطَعَامٍ وَغَيْرِهِ, وَلَوْ قبل قبضه, نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا تَجَدَّدَ بَعْدَ الْبَيْعِ, سَوَاءٌ بَقِيَ حَمْلًا إلَى الرُّجُوعِ أَوْ لَا, فَشَمِلَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةَ, وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ حَمْلًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَمَوْلُودًا عِنْدَ الرُّجُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى, وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمَا مُطْلَقًا, وَأَنَّ الشَّيْخَ فَصَّلَ التَّفْصِيلَ الْمُتَقَدِّمَ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: وَهَلْ يُبَاعُ الْغَرْسُ مُفْرَدًا أَوْ الْجَمِيعَ وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ, وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا. أَحَدُهُمَا" يُبَاعُ الْجَمِيعُ, قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُبَاعُ الْغِرَاسُ مُفْرَدًا, قَدَّمَهُ في الرعاية الكبرى.
فصل: يلزم الحاكم قسمة ماله على الغرماء إذا كان من جنس الدين
فصل: يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قِسْمَةُ مَالِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ وَإِلَّا بَاعَهُ "1عَلَى الْفَوْرِ1", لِأَنَّ ذِمَّتَهُ لَمْ تَخْرَبْ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ بِلَا إذْنِهِ, وَلَا يُبَاعُ إلَّا بِثَمَنِ مِثْلِهِ الْمُسْتَقِرِّ فِي وَقْتِهِ أَوْ أَكْثَرَ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وغيره وَيُسْتَحَبُّ إحْضَارُهُ وَغُرَمَائِهِ وَبَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ فِي سُوقِهِ, وَيَبِيعُ أَوَّلًا أَقَلَّهُ بَقَاءً وَأَكْثَرَهُ كُلْفَةً, وَنَفَقَتُهُ أَدْنَى نَفَقَةِ مِثْلِهِ2 وَكِسْوَتُهُ وَعِيَالِهِ مِنْ ماله حتى يقسم, ذكر3 الشَّيْخُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَا كَسْبٍ, وَيَتْرُكُ لَهُمْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَسْكَنٍ لَا سَعَةَ فِيهِ وَخَادِمٍ لَيْسَا نَفِيسَيْنِ, نُصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَلَا عَيْنَ مَالِ غَرِيمٍ وَآلَةَ حِرْفَةٍ, وَمَا يُتَّجَرُ بِهِ إنْ عَدِمَهَا, وَنُصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: وَفَرَسٌ يَحْتَاجُ رُكُوبَهَا. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَدَابَّةٌ يَحْتَاجُهَا, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: يُبَاعُ الْكُلُّ إلَّا الْمَسْكَنَ وَمَا يُوَارِيهِ مِنْ ثِيَابٍ, وَخَادِمًا يَحْتَاجُهُ, وَأُجْرَةَ الْمُنَادِي وَنَحْوِهِ, وَلَا مُتَبَرِّعَ مِنْ الثَّمَنِ, وَقِيلَ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إمْكَانِهِ, وَإِنْ عَيَّنَا مُنَادِيًا غَيْرَ1 ثِقَةٍ رَدَّهُ, بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَرْهُونِ, فَإِنْ اخْتَلَفَ تَعْيِينُهُمَا ضَمَّهُمَا إنْ تَبَرَّعَا, وَإِلَّا قَدَّمَ مَنْ شَاءَ, وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ بِرَهْنٍ لَازِمٍ, وَلَمْ يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ كَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ بِاللُّزُومِ وَعَنْهُ: إذَا مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ أَفْلَسَ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ, وَلَمْ يُعْتَبَرْ وُجُودُ قَبْضِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَخْتَصُّ بِثَمَنِ الرَّهْنِ, وَعَلَى الْأَصَحِّ, وَذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ, لِعَدَمِ رِضَاهُ بِذِمَّتِهِ, بِخِلَافِ مَوْتِ بَائِعٍ وُجِدَ مَتَاعُهُ وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عِنْدَهُ بِثَمَنِهِ, وَيُشَارِكُ الْمُرْتَهِنُ بِالْفَضْلِ, وَصَاحِبُ الْعَيْنِ أَوْ مُسْتَأْجِرُهَا يَأْخُذُهَا وَيُقَسَّمُ الْبَاقِيَ بِقَدْرِ دُيُونِ غُرَمَائِهِ, وَلَا يَلْزَمُهُمْ بَيَانُ أَنْ لَا غَرِيمَ سِوَاهُمْ, وَيَلْزَمُ الْوَرَثَةَ بَيِّنَةٌ تُشْهَدُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُمْ, ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهَا, لِئَلَّا يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ مَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ. ثُمَّ إنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ لَمْ2 يُنْقَضْ وَيُرْجَعْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ "3بِقَدْرِ حِصَّتِهِ3" وَفِي الْمُغْنِي: قِسْمَةٌ بَانَ الْخَطَأُ فِيهَا كَقَسْمِهِ أَرْضًا أَوْ مِيرَاثًا ثُمَّ بَانَ شَرِيكٌ أَوْ وَارِثٌ, قَالَ الْأَزَجِيُّ: فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ اقْتَسَمَهَا غَرِيمَاهُ نِصْفَيْنِ ثُمَّ ظَهَرَ ثَالِثٌ دَيْنُهُ كَدَيْنِ أَحَدِهِمَا رُجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِثُلُثِ مَا قَبَضَهُ, وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ أَتْلَفَ مَا قَبَضَهُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الثَّالِثَ يَأْخُذُ مِنْ الْآخَرِ ثُلُثَ مَا قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ, وَأَصْلُ هَذَا مَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَارِثَيْنِ بِوَارِثٍ, فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا فِي يده ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا كَانَ ابْنًا وَهُمَا ابْنَانِ, كَذَا قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ مَا قَبَضَهُ "1بِحِصَّتِهِ, وَيَتَوَجَّهُ كَمَفْقُودٍ رَجَعَ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِهِ وَتَلَفِهِ. وَفِي فَتَاوَى1" الشَّيْخِ: لَوْ وَصَلَ مَالُ الْغَائِبِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً عَلَيْهِ2 أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا, وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً "3أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا أَيْضًا3" إنْ طَالَبَا جَمِيعًا اشْتَرَكَا, وَإِنْ طَالَبَ أَحَدُهُمَا اُخْتُصَّ بِهِ, لِاخْتِصَاصِهِ بِمَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ وَعَدَمَ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ, وَمُرَادُهُ: وَلَمْ يُطَالِبْ أَصْلًا, وَإِلَّا شَارَكَهُ, مَا لَمْ يَقْبِضْهُ, وَلَا مُشَارَكَةَ فِيهِ بِمَا ادَّانَهُ بَعْدَ حَجْرِهِ, وَذَكَرَ فِي الْمُبْهِجِ فِي جَاهِلٍ بِهِ وَجْهَيْنِ, أَوْ أَقَرَّ بِهِ, وَعَنْهُ: بَلَى إنْ أَضَافَ إلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ ادَّانَهُ4 عَامِلٌ قَبْلَ قِرَاضِهِ: قَالَهُ شَيْخُنَا, وَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ, وَيُشَارِكُهُمْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجْرِهِ وَبَعْدَهُ. وَلَا يَحِلُّ دَيْنٌ بِفَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ إذَا وَثَّقَ الْوَرَثَةُ الْأَقَلَّ مِنْ تَرِكَةٍ أَوْ دَيْنٍ, فَيَخْتَصُّ بِهِ الْحَالُّ, وَعَنْهُ: يَحِلُّ, فَيُشَارِكُ بِهِ, وقيل على الأول في موته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَلْ فِي تَرْكِهِ حِصَّتَهُ لِيَأْخُذَهُ إذَا حَلَّ دَيْنُهُ؟ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ الْحَالُّ؟ أَوْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا, وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِمَوْتٍ وَلَوْ قَتَلَهُ رَبُّهُ لَا بِفَلَسٍ, وَعَنْهُ: بَلَى إنْ عُدِمَ التَّوْثِيقُ, وَعَنْهُ: لَا يَحِلُّ بِهِمَا, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ كَدَيْنِهِ وَفِي التَّلْخِيصِ: وَكَذَا فِي حِلِّهِ بِجُنُونٍ وَفِي الِانْتِصَارِ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِمْ وَذَكَرَهُ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الْحَوَالَةِ, فَإِنْ كَانَتْ مَلِيَّةً وَإِلَّا وَثَّقُوا. وَلَوْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ, وَيَضْمَنُ الْإِمَامُ لِلْغُرَمَاءِ, وَاحْتُمِلَ حِلُّهُ, وَذَكَرَهُمَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, وَذَكَرَهُمَا فِي التَّعْلِيقِ, لِعَدَمِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ "م 9" وَلِهَذَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ الْأَرَاضِيَ وَإِنْ كَانَتْ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ, وَلَوْ كَانَتْ لِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجُزْ. وَفِي الْفُنُونِ: لَوْ تَعَلَّقَ بِالْأَعْيَانِ لَمَا اسْتَحَقَّ مَنْ طَرَأَ حَقُّهُ بِوُقُوعِهِ فِي بِئْرٍ حَفَرَهَا لِمَيِّتٍ حَالَ الْحَيَاةِ, كَالرَّهْنِ, وَلَمَا سَقَطَ الْحَقُّ بالبراءة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ اُحْتُمِلَ انْتِقَالُهُ, وَيَضْمَنُ الْإِمَامُ لِلْغُرَمَاءِ وَاحْتُمِلَ حِلُّهُ, وَذَكَرَهُمَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, وَذَكَرَهُمَا فِي التَّعْلِيقِ, لِعَدَمِ وَارِثٍ مُعَيَّنٍ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَحِلُّ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي: إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ حَلَّ الدَّيْنُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ وَقَدْ عُدِمَ هُنَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ "قُلْت": وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. "وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي" انْتِقَالُهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ, وَيَضْمَنُ الْإِمَامُ لِلْغُرَمَاءِ إلَى أَنْ يَحِلَّ الدَّيْنُ, وَهَذَا كَالْمُتَعَذِّرِ فِي هَذَا الزَّمَانِ, فالاعتماد على القول الأول..
وَفِي الِانْتِصَارِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي ذِمَّةِ مَيِّتٍ وَالتَّرِكَةُ رَهْنٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الدَّيْنُ وَإِنْ قَلَّ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ نَظَرًا لَهُ. وَإِنْ ضَمِنَهُ ضَامِنٌ وَحَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَحِلَّ عَلَى الْآخَرِ, وَهَلْ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ رَبِّ الْحَقِّ بِقَبْضِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يبرئه؟ فيه وَجْهَانِ "م 10". وَإِنْ أَبَى مُفْلِسٌ أَوْ وَارِثٌ الْحَلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ لَمْ يَحْلِفْ الْغُرَمَاءُ, وَيَلْزَمُ إجْبَارُ مُحْتَرِفٍ عَلَى الْكَسْبِ فِيمَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ لِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ, كَوَقْفٍ وَأُمِّ وَلَدٍ, فِي الْأَصَحِّ, لَا فِي لُزُومِ حَجٍّ وَكَفَّارَةٍ, وَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ, كَقَبُولِ هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَتَزْوِيجٍ حَتَّى أُمِّ وَلَدٍ وَخَلْعٍ وَرَدِّ مَبِيعٍ وَإِمْضَائِهِ. وَفِيهِ وَجْهٌ مَعَ الْأَحَظِّ, وَأَخْذُ دِيَةٍ عَنْ قَوَدٍ, فَعَلَى الْأُولَى يَبْقَى الْحَجْرُ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ إلَى الوفاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَمِنَهُ ضَامِنٌ وَحَلَّ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَحِلَّ عَلَى غَيْرِهِ وَهَلْ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ رَبِّ الْحَقِّ بِقَبْضِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ يُبَرِّئُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَهُ ذَلِكَ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ فِي بَابِ الضَّمَانِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ نَوْعُ شَبَهٍ بِمَسْأَلَةِ السَّلَمِ وَالْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ إذَا أَتَى أَصْحَابُهُ بِالْحَقِّ قَبْلَ مَحَلِّهِ إلَى رَبِّهِ, وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي قَبْضِهِ, فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
وَلَوْ طَلَبُوا إعَادَتَهُ لِمَا بَقِيَ بَعْدَ فَكِّ الْحَاكِمِ لَمْ يُجِبْهُمْ, وَإِذَا أُعِيدَ وَقَدْ ادَّانَ شَارَكَ غُرَمَاءُ الْحَجْرِ الثَّانِي الْأَوَّلَ, وَلَوْ فَلَّسَهُ الْقَاضِي ثُمَّ ادَّانَ لَمْ يُحْبَسْ, لِأَنَّ أَمْرَهُ قَدْ وَضَحَ, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ, وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ مَجَّانًا وَجَبَتْ1 عَلَى مُوجِبِ الْعَمْدِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ وَإِلَّا سَقَطَتْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَ الْأَكْثَرُ: لَا يَصِحُّ مَجَّانًا, وَالْخِلَافُ فِي سَفِيهٍ وَوَارِثٍ مَعَ دُيُونٍ مُسْتَغْرِقَةٍ, وَمَرِيضٍ, وَيَصِحُّ مِنْهُ فِي ثُلُثِهِ, وَلَا يَصِحُّ عَفْوُهُمْ عَنْ الدِّيَةِ, فِي الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: لِلْمُفْلِسِ الْعَفْوُ مَجَّانًا, نُصَّ عَلَيْهِ, وَلَا يَجُوزُ مُلَازَمَتُهُ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: وَالْإِشْرَافُ على تصرفه والله سبحانه وتعالى أعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلد السابع
المجلد السابع تابع لكتاب البيوع باب الحجر مدخل ... باب الْحَجْرِ وَهُوَ لُغَةً: الْمَنْعُ، وَشَرْعًا الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِحَجْرٍ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ لِحَظِّهِمْ، وَمَنْ دَفَعَ إلَيْهِمْ مَالَهُ بَيْعًا أَوْ قَرْضًا رَجَعَ بِعَيْنِهِ وَإِنْ أَتْلَفُوهُ لَمْ يَضْمَنُوا، وَقِيلَ: مَجْنُونٌ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ سَفِيهٌ جُهِلَ حَجْرُهُ، وَيَلْزَمُهُمْ أَرْشُ جِنَايَةٍ وَضَمَانُ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِمْ، وَمَنْ أَعْطَوْهُ مَالًا ضَمِنَهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ وَلِيُّهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ لِيَحْفَظَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا إنْ أَخَذَ مَغْصُوبًا لِيَحْفَظَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ أَوْدَعَهُمْ أَوْ أَعَارَهُمْ أَوْ عَبْدًا مَالًا فَأَتْلَفُوهُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ سَفِيهٍ وَعَبْدٍ، فَقِيلَ: بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَضَمَانِ عَبْدٍ، وَقِيلَ: وَسَفِيهٍ "م 1 و 2" وإن تم ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 1-2: قَوْلُهُ "وَإِنْ أَوْدَعَهُمْ أَوْ أَعَارَهُمْ" يَعْنِي الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ أَوْ عَبْدًا مَالًا فَأَتْلَفُوهُ، أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ سَفِيهٍ وَعَبْدٍ، فَقِيلَ: بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، وَضَمَانِ عَبْدٍ، وَقِيلَ: وَسَفِيهٍ، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: إذَا أَوْدَعَ الصَّبِيَّ أَوْ الْمَجْنُونَ أَوْ السَّفِيهَ أَوْ الْعَبْدَ مَالًا فَأَتْلَفُوهُ فَهَلْ يَضْمَنُونَهُ أَمْ لَا؟ أَمْ يَضْمَنُ الْعَبْدُ وَحْدَهُ؟ أَمْ هُوَ وَالسَّفِيهُ؟ ذَكَرَ فِيهِ أَقْوَالًا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَمَّا الصَّبِيُّ إذَا أَتْلَفَ الْوَدِيعَةَ فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَطْلَقَهُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب والتلخيص والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1. قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: قَالَ غَيْرُ الْقَاضِي مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَضْمَنُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا يَضْمَنُ، وَإِلَيْهِ صَارَ الْقَاضِي أَخِيرًا، ذَكَرَهُ عَنْهُ وَلَدُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ سِوَاهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَكْرُوسٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهُوَ أَصَحُّ
لصغير خمس عشرة سنة أَوْ أَنْزَلَ أَوْ نَبَتَ شَعْرٌ خَشِنٌ حَوْلَ قبله، نقله ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدِي، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَاخْتَارَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنِ شِهَابٍ، وَلَمْ يُورِدْ الشَّرِيفَانِ أَبُو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وَأَبُو الْمَوَاهِبِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاسِمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَدَّادُ سِوَاهُ، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ فِي مَوْضِعٍ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ السَّفِيهَ بِالصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْمَجْدُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَجَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ إتْلَافَ السَّفِيهِ الْوَدِيعَةَ هَدَرٌ، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِأَنَّهُ كَالْبَالِغِ الرَّشِيدِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِلْحَاقُهُ بِالرَّشِيدِ أَقْرَبُ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. الثَّانِي: أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا الْعَبْدَ بِالصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفَانِ أَبُو جَعْفَرٍ وَالزَّيْدِيُّ وَابْنُ بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ: إنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ إذَا أَتْلَفَ الوديعة، واختاره الحارثي، ورد غيره. الثَّالِثُ: الْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ. الرَّابِعُ: الْعَارِيَّةُ كَالْوَدِيعَةِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-2: إذَا تَلِفَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهِمَا بِتَفْرِيطِ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ فَهَلْ يَضْمَنَانِ أَمْ لا؟ أطلق الخلاف.
الجماعة، وحكي فِيهِ رِوَايَةٌ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ وَرَشَدَا بِلَا حُكْمٍ، فُكَّ حَجْرُهُمَا بِلَا حُكْمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَقِيلَ فِي صَغِيرٍ، وَسَوَاءٌ رَشَّدَهُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ نُوزِعَ فِي الرُّشْدِ فَشَهِدَ شَاهِدَانِ قُبِلَ، لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَمَعَ عَدَمِهَا لَهُ الْيَمِينُ عَلَى وَلِيِّهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ رُشْدُهُ، وَلَوْ تَبَرَّعَ وَهُوَ تَحْتَ الْحَجْرِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُشْدِهِ نَفَذَ، وتزيد جارية بحيض، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 فِي السَّفِيهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفَائِقِ فِي السَّفِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنَانِ، وَاخْتَارَهُ القاضي في السفيه.
وَعَنْهُ: لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهَا بِغَيْرِهِ، وَنَقَلَهَا جَمَاعَةٌ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هِيَ قَوْلٌ أَوَّلٌ، وَحَمْلُهَا دَلِيلُ إنْزَالِهَا، وَقَدْرُهُ أَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلٍ، وَلَا يَنْفَكُّ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ لِرُشْدِهَا أَيْضًا تَزَوُّجُهَا وَتَلِدُ أَوْ تُقِيمُ سَنَةً مَعَ زَوْجٍ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ فَقِيلَ: يَدُومُ، وَقِيلَ مَا لَمْ تُعَنِّسْ "م 3". وَالرُّشْدُ: إصْلَاحُ الْمَالِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالدِّينُ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِمَذْهَبِنَا، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: وَدَوَامًا، وَهُوَ أَنْ يَتَصَرَّفَ مِرَارًا فَلَا يُغْبَنُ غَالِبًا، وَلَا يَصْرِفُهُ فِي حَرَامٍ أَوْ غَيْرِ فَائِدَةٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ التَّبْذِيرَ وَالْإِسْرَافَ مَا أَخْرَجَهُ فِي الحرام، لقوله1: "لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا لُقْمَةٌ فَوَضَعَهَا الرَّجُلُ فِي فِي أَخِيهِ لَمْ يَكُنْ إسْرَافًا" قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَوْ صَدَقَةٌ تَضُرُّ بِعِيَالِهِ، أَوْ كَانَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَثِقْ بِإِيمَانِهِ عَائِلَتُهُ وَقَالَ شَيْخُنَا: أَوْ مُبَاحٌ2 قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْمَصْلَحَةِ. وَقَالَ القاضي: يجب إنكار صرفه في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ لِرُشْدِهَا تَزَوُّجُهَا وَتَلِدُ وَتُقِيمُ سَنَةً مَعَ زَوْجٍ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، فَلَوْ لم تَتَزَوَّجْ فَقِيلَ: يَدُومُ وَقِيلَ3: مَا لَمْ تُعَنِّسْ"، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَدُومُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَدُومُ مَا لَمْ تُعَنِّسْ. قَالَ الْقَاضِي: عِنْدِي أَنَّهَا إذَا لَمْ تَتَزَوَّجْ يَدْفَعُ إلَيْهَا مَا لَهَا إذَا عَنَّسَتْ وَبَرَزَتْ لِلرِّجَالِ قُلْت: وَهُوَ الصواب، واقتصر عليه في الكافي4.
الْمُحَرَّمِ، فَإِنْ أَسْرَفَ فِي إنْفَاقِهِ فِي الْمَلَاذِّ أَوْ الشَّهَوَاتِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْفَقْرَ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفًا، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ السَّرَفِ الْمَنْهِيِّ عنه، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي التَّبْذِيرِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إنْفَاقُ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقٍّ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ1. قَالَ الزَّجَّاجُ: فِي غَيْرِ طَاعَةٍ. وَالثَّانِي: الْإِسْرَافُ الْمُتْلِفُ لِلْمَالِ {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} [الإسراء: 27] لِأَنَّهُمْ يُوَافِقُونَهُمْ فِيمَا يَدْعُونَهُمْ إلَيْهِ وَيُشَارِكُونَهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ {وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} [الإسراء: 27] أَيْ: جَاحِدًا لِنِعَمِهِ، قَالَ: وَهَذَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ الْمُسْرِفَ كَفُورٌ لِلنِّعْمَةِ: وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيُؤْنَسُ رُشْدُهُ، قَالَ أَحْمَدُ إذَا أُنِسَ مِنْهُ رُشْدًا أَعْطَاهُ مَالَهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْطِهِ. ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ قَوْلُ الْجَمَاعَةِ، وَأَنَّ الْغُلَامَ بِالْبُلُوغِ يَمْلِكُ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ، وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ أَنَّ وَصِيًّا سَأَلَهُ أَنَّ الْيَتِيمَ يُرِيدُ مَالَهُ وَهُوَ مُفْسِدٌ وَرَفَعَنِي إلَى الْوَالِي وَأَبْلَغَ قَالَ: إنْ لَمْ تَقْدِرْ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ فَأَعْطِهِ. وَزَمَنُ الِاخْتِبَارِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَقِيلَ: لَا، لِلْجَارِيَةِ، لِنَقْصِ خِبْرَتِهَا بِالْخَفَرِ، وَعَنْهُ: بعده، فيهما، وبيع الاختبار وشراؤه صحيح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وولي صغير ومجنون أب رشيد
فصل:.وَوَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَبٌ رَشِيدٌ، قِيلَ: عَدْلٌ، وَقِيلَ: وَمَسْتُورٌ "م 4" ثُمَّ وَصِيُّهُ وَلَوْ بِجُعْلٍ وَثَمَّ مُتَبَرِّعٌ، ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ كَذَلِكَ مَعَ ثبوت ولايته، ـــــــــــــــــــــــــــــQ.مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ "وَوَلِيُّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ أَبٌ رَشِيدٌ، قيل: عدل، وقيل: ومستور،" انتهى:
نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَقْبِضُ لِلصَّبِيِّ إلَّا الْأَبُ أَوْ وَصِيٌّ وَقَاضٍ، وَعَنْهُ: يَلِي الْجَدُّ فَفِي تَقْدِيمِهِ عَلَى وَصِيِّهِ وَجْهَانِ "م 5".وَقَالَ شَيْخُنَا لَوْ وَصَّى مَنْ فِسْقُهُ ظَاهِرٌ إلَى عَدْلٍ وَجَبَ إنْفَاذُهُ، كَحَاكِمٍ فَاسِقٍ حَكَمَ بِعَدْلٍ وَكَصِحَّةِ وَصِيَّةِ الْفَاسِقِ بِثُلُثِهِ "ع". ثُمَّ حَاكِمٍ، ومرادهم فيه الصفات الْمُعْتَبَرَةُ وَإِلَّا أَمِينٌ يَقُومُ بِهِ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ فِي حَاكِمٍ عَاجِزٍ كَالْعَدَمِ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ عِنْدَهُ مَالٌ يُطَالِبُهُ الْوَرَثَةُ: فَيَخَافُ مِنْ أَمْرِهِ: تُرَى أَنْ يُخْبِرَ الْحَاكِمَ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ؟ قَالَ: أَمَّا حُكَّامُنَا هَؤُلَاءِ الْيَوْمَ فَلَا أَرَى أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا يَدْفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا، تَرْجَمَهُ الْخَلَّالُ: الرَّجُلُ بِيَدِهِ مَالٌ فَيَمُوتُ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ: وَلِيُّهُمَا الْأَبُ مَا لَمْ يُعْلَمْ فِسْقُهُ، فَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَسْتُورِ الْحَالِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ: وِلَايَةَ الْأَبِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَوَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ الْأَبُ ثُمَّ الْوَصِيُّ الْعَدْلَانِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي3: وَمَنْ شَرْطِ ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ الْعَدَالَةُ، بِلَا خِلَافٍ، فَظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. مَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ: يَلِي الْجَدُّ، فَفِي تَقْدِيمِهِ عَلَى وَصِيِّهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيِّ، كَالْأَبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قدمه في الرعايتين والحاويين، وهو الصواب.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ كَانَ الْقَاضِي جَهْمِيًّا زَوَّجَ وَالِي الْبَلَدِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا إنْ مَاتَ الْمُودِعُ وَلَهُ صَبِيٌّ فَكَأَنَّهُ أَوْسَعَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُسْتَوْدَعَ إلَى رَجُلٍ مَسْتُورٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى عَدَمِ الْحَاكِمِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يَرُدُّ عَلَى الْمَرْأَةِ شَيْئًا تُعْطَى نَصِيبُهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَلْيُتَصَدَّقْ بِهِ، فَظَاهَرَهُ حَاكِمٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَنَقَلَ أَيْضًا فِيمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ قَرَابَتُهُ لَا يُعْطِيهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَقَالَ: لَا بَيِّنَةَ، كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ قَاضِيكُمْ لَا بَأْسَ بِهِ فَأَعْطِهِ، قَالَ: لَا قَاضِيَ لَنَا، قَالَ: إنْ لَمْ تَخَفْ تَبَعَةً مِنْ وَارِثٍ فَتَصَدَّقْ بِهِ. وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ عَمَّنْ لَهُ عَلَى رجل شيء فمات وله ورثة صِغَارٌ كَيْفَ أَصْنَعُ فَقَالَ: إنْ كَانَ لَهُمْ وَصِيٌّ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْ كَانَتْ لَهُمْ أُمٌّ مُشْفِقَةٌ دُفِعَ إلَيْهَا. وَفِي إيلَاءِ كَافِرٍ عدل في دينه مال ولده الكافر وجهان "م 6" وَإِذَا سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَزِمَ الْحَاكِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ وَلِيُّهُ، وَقِيلَ: أَوْ أَبُوهُ، وَقِيلَ: وَلِيُّهُ الْأَوَّلُ، كَبُلُوغِهِ سَفِيهًا. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَلِي عَلَى أَبَوَيْهِ الْمَجْنُونَيْنِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: أَرَى أَنْ يَحْجُرَ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا أَسْرَفَ يَضَعُهُ فِي الْفَسَادِ وَشِرَاءِ الْمُغَنِّيَاتِ. وَقِيلَ: إنْ زَالَ الْحَجْرُ بِرُشْدِهِ بِلَا حُكْمٍ عَادَ بِالسَّفَهِ وَيُسْتَحَبُّ إظْهَارُ حَجْرِ سَفِيهٍ، وَفَلِسٍ، وَيُفْتَقَرُ زَوَالُهُمَا وَقِيلَ: سَفَهٌ إلَى حُكْمٍ، فِي الأصح، ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثاني: يقدم الوصي عليه. مَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَفِي إيلَاءِ كَافِرٍ عَدْلٍ فِي دِينِهِ مَالَ وَلَدِهِ الْكَافِرِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ: أَحَدُهُمَا: يَلِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ: وَيَلِي الْكَافِرُ الْعَدْلُ فِي دِينِهِ مَالَ وَلَدِهِ، عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وهو الصواب.
كَابْتِدَائِهِمَا، وَفِي سَفَهٍ وَجْهُ ابْتِدَاءٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ وَأَنَّهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي حَجْرِ فَلِسٍ، وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ لِمُوَلِّيهِ إلَّا بِمَا فِيهِ حَظُّهُ، فَيَلْزَمُهُ قَبُولُ وَصِيَّةٍ لَهُ بِقَرِيبٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ حُرِّمَ. وَلَهُ بَيْعُ عَقَارِهِ لِمَصْلَحَةٍ، وَقِيلَ: بَلْ لِضَرُورَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ، وَقِيلَ بِزِيَادَةِ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فِي ثَمَنِهِ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ مَا بَاعَهُ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، فَبَاعَهُ الْوَلِيُّ وَحَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهِ، ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ قِيمَتَهُ وَقْتَ بَيْعِهِ مِائَتَانِ، فَيَتَوَجَّهُ فِيهَا كَنَظِيرِهَا فِي أَوَّلِ بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ. وَلَهُ تَزْوِيجُ رَقِيقِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ لِخَوْفِ فَسَادٍ، وَعَنْهُ: لَا يُزَوِّجُ أَمَةً لِتَأَكُّدِ حَاجَتِهِ إلَيْهَا، وَهِبَتُهُ بِعِوَضٍ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَكِتَابَتُهُ، وَفِيهَا فِي التَّرْغِيبِ لِغَيْرِ حَاكِمٍ، وَعِتْقُهُ بِمَالٍ، وَعَنْهُ: وَمَجَّانًا لِمَصْلَحَةٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَنْ تُسَاوِي أَمَتُهُ وَوَلَدُهَا مِائَةً وَأَحَدُهُمَا مِائَةً، وَإِذْنُهُ فِي تِجَارَةٍ وَالسَّفَرِ بِمَالِهِ، خِلَافًا لِلْمُجَرَّدِ والمغني1 والكافي2. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلِيهِ، وَإِنَّمَا يَلِيهِ الْحَاكِمُ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَلِي مَالَ مُوَلِّيَتِهِ عَلَى قياس قولنا: لا يباشر عقدها لمسلم. تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: "وَلَهُ ... السَّفَرُ بِمَالِهِ خِلَافًا لِلْمُجَرَّدِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي"، انْتَهَى. ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ سَافَرَ بِهِ لِتِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ السَّفَرُ لِلتِّجَارَةِ يَجُوزُ بِلَا نِزَاعٍ فِي الْمَوَاضِعِ الْآتِيَةِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا سَافَرَ بِهِ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ، فَهَذَا الَّذِي خَالَفَ فِيهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا، وَكَلَامُهُ مُطْلَقٌ وليس بمراد.
وَلَهُ بَيْعُهُ نِسَاءً وَقَرْضُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا لمصلحته، جزم به ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّانِي: قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ أَحْكَامِ وَدِيعَةِ مَالِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ1: "وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَجُوزُ إيدَاعُهُ، لِقَوْلِهِمْ: يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَلِهَذَا جَازَ مَعَ إمْكَانِ قَرْضِهِ أَنْ يَمْلِكَهُ الشَّرِيكُ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، دُونَ الْقَرْضِ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، الْوَدِيعَةُ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظٍ"، انْتَهَى، مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى جَوَازِ إيدَاعِ الْمَوْلَى مَالَ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَرْضُهُ، بِدَلِيلِ مَا قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّ الشَّرِيكَ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ يَمْلِكُ إيدَاعَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَرْضُهُ، فَذِكْرُهُ لِلرِّوَايَتَيْنِ هُنَا إنَّمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِشْهَادِ لِجَوَازِ إيدَاعِ مَالِ الصَّغِيرِ وَعَدَمِ جَوَازِ قَرْضِهِ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ فِي جَوَازِ إيدَاعِ مَالِ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا يَأْتِي هُنَاكَ2 مُحَرَّرًا مُصَحَّحًا، لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّصْحِيحِ لَا هنا، والله أعلم.
فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا. وَفِي الْمُغْنِي1 يُقْرِضُهُ لحاجة سفر أو خوف عليه أَوْ غَيْرِهِمَا، وَقِيلَ بِرَهْنٍ، 2 وَفِي "الْمُذْهَبِ" وَغَيْرِهِ يُقْرِضُهُ بِرَهْنٍ، وَسِيَاقُ كَلَامِهِمْ لِحَظِّهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي قَرْضِهِ بِرَهْنٍ2 زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَإِشْهَادٍ رِوَايَتَانِ. وَلَهُ إيدَاعُهُ مَعَ إمْكَانِ قَرْضِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَظَاهِرُهُ مَتَى جَازَ قَرْضُهُ جَازَ إيدَاعُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ يَجُوزُ إيدَاعُهُ، لِقَوْلِهِمْ يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ، وَقَدْ يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَلِهَذَا جَازَ مَعَ إمْكَانِ قَرْضِهِ، أَنَّهُ يَمْلِكُهُ الشَّرِيكُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، دُونَ الْقَرْضِ، لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، الْوَدِيعَةُ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظٍ، لَا سِيَّمَا إنْ جَازَ لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ، فَلِهَذَا يَتَوَجَّهُ فِي الْمُودَعِ رِوَايَةً، وَيَتَوَجَّهُ أَيْضًا فِي قَرْضِ الشَّرِيكِ رِوَايَةً. وَفِي الكافي3: لا يودعه إلا لحاجة، وأنه4 يقرضه لحظه بِلَا رَهْنٍ، وَأَنَّهُ إنْ سَافَرَ أَوْدَعَهُ، وَقَرْضُهُ أَوْلَى، وَلَا يُقْرِضُهُ لِمَوَدَّةٍ وَمُكَافَأَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ فِي شِرَاءِ عَقَارٍ بِهِ وَدَفْعِهِ مُضَارَبَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِبَعْضِ رِبْحِهِ وَقِيلَ: بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ بِأَقَلِّهِمَا، وَإِنْ اتَّجَرَ بِنَفْسِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَتَعْلِيمُهُ الْخَطَّ وَمَا يَنْفَعُهُ وَمُدَاوَاتُهُ بِأُجْرَةٍ "5 بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَتُعْتَبَرُ5" الْمَصْلَحَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَحَمْلُهُ بِأُجْرَةٍ لِيَشْهَدَ الْجَمَاعَةُ، قَالَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُجَرَّدِ، وَإِذْنُهُ فِي تَصَدُّقِهِ بِيَسِيرٍ، قَالَهُ فِي المذهب، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالتَّضْحِيَةُ لَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، مَعَ كَثْرَةِ مَالِهِ، وَيَحْرُمُ صَدَقَتُهُ مِنْهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ عَنْ أَحْمَدَ: تَجِبُ الْأُضْحِيَّةُ، لِقَوْلِهِ: لِلْوَصِيِّ التَّضْحِيَةُ عَنْ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ، فَدَلَّ أَنَّهَا كَزَكَاةٍ وَفِطْرَةٍ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ، كَصَدَقَةٍ. وَعَلَّلَ فِي الْفُصُولِ عَدَمَ التَّضْحِيَةِ بِالتَّبَرُّعِ، وَلَهُ الْإِذْنُ لِصَغِيرَةٍ فِي لَعِبٍ بِلُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ، وَشِرَاؤُهَا بِمَالِهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: بِمَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَلِيَّ تَخْلِيصُ حَقِّ مُوَلِّيهِ إلَّا بِرَفْعِهِ إلَى وَالٍ يَظْلِمُهُ، فَقَدْ يُقَالُ: يَرْفَعُهُ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَرَّ الظُّلْمَ إلَى نَفْسِهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا، لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْوَالِي الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ، مَضَرَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ عَدْلِهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا "م 7". قَالَ: وَلَوْ مَاتَ مَنْ يَتَّجِرُ لِيَتِيمِهِ، وَلِنَفْسِهِ بِمَالِهِ وَقَدْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يُعْرَفْ لِمَنْ هُوَ لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَهُمَا "هـ" وَلَمْ يُوقَفْ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا "ش" بَلْ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُقْرَعُ، فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَ، وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ وَلَوْ أَفْسَدَهَا دَفَعَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، فَلَوْ أَفْسَدَهَا أَطْعَمَهُ مُعَايَنَةً، وَلَوْ أَفْسَدَ كِسْوَتَهُ سَتَرَ عَوْرَتَهُ فَقَطْ فِي بَيْتٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ وَلَوْ بِتَهْدِيدٍ، وَمَتَى أَرَاهُ النَّاسَ أَلْبَسَهُ، فَإِذَا عَادَ نُزِعَ عَنْهُ. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا: الْمَجْنُونُ يُقَيَّدُ بِالْحَدِيدِ إذَا خَافُوا عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا مَا لَمْ تُخَالِفْهُ عَادَةٌ وَعُرْفٌ، فِي مَصْلَحَةٍ وَتَلَفٍ لَا قول وارثه ويحلف غير حاكم، على الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَالِيَ تَخْلِيصُ حَقِّ مُوَلِّيهِ إلَّا بِرَفْعِهِ إلَى وَالٍ يَظْلِمُهُ فَقَدْ يُقَالُ: يَرْفَعُهُ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي جَرَّ الظُّلْمَ إلَى نَفْسِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ رَدُّ الْمَغْصُوبِ إلَّا بِكُلْفَةٍ عَظِيمَةٍ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا، لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْوَالِي الظَّالِمِ عَلَى ظُلْمٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ، مَضَرَّتُهُ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَةِ عَدْلِهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا"، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ رَفْعُهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه الآن، والله أعلم.
وَلَهُ تَزْوِيجُ سَفِيهٍ بِلَا إذْنِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ "م 8". وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفِي لُزُومِهِ تَعْيِينَ الْمَرْأَةِ وَجْهَانِ "م 9" وَيَتَقَيَّدُ بمهر المثل، ويحتمل لزومه زيادة إذن فيها، كتزويجه بِهَا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي: تَبْطُلُ هِيَ للنهي عنها، فلا تلزم أحدا "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَلَهُ تَزْوِيجُ سَفِيهٍ بِلَا إذْنِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي إجْبَارِهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي النِّكَاحِ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ زَوَّجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ، لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَمَلَكَهُ الْوَلِيُّ، كَالْبَيْعِ، وَلِأَنَّهُ مَحْجُوزٌ عَلَيْهِ أَشْبَهَ الصَّغِيرَ وَالْمَجْنُونَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكَ تَزْوِيجَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ، فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى النِّكَاحِ، كَالرَّشِيدِ وَالْعَبْدِ الْكَبِيرِ، وَمَالًا إلَى هَذَا الِاحْتِمَال وَنَصَرَاهُ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْأَكْثَرَ سَوَّغُوا إجْبَارَهُ عَلَى ذَلِكَ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَأَنَّ الشَّيْخَ وَمَنْ تَابَعَهُ نَصَرُوا عَدَمَ الْإِجْبَارِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "وإن أذن له ففي لزومه تعيين المرأة وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: الْوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرْأَةَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ مُطْلَقًا، وَنَصَرَاهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ لَهُ وَهُوَ قَوِيٌّ قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَزَوَّجَ مَنْ تُقَارِبُهُ فِي الْكُلْفَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ المثل". مَسْأَلَةٌ-10: قَوْلُهُ: وَيَتَقَيَّدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَيَحْتَمِلُ لُزُومُهُ زيادة إذن فيها لتزويجه بها
وَإِنْ عَضَلَهُ اسْتَقَلَّ، وَإِنْ عَلِمَهُ يُطَلِّقُ اشْتَرَى لَهُ أَمَةً. وَفِي إجْبَارِ السَّفِيهِ الْخِلَافُ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي تَفْوِيضِ الْبُضْعِ "م 11". وَإِنْ تَزَوَّجَ بِلَا إذْنِهِ لِحَاجَةٍ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَيُكَفِّرُ بِصَوْمٍ، كَمُفْلِسٍ. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ. وَإِنْ فُكَّ حَجْرُهُ قُبِلَ تَكْفِيرُهُ وَقُدِّرَ أَعْتَقَ، وَيَسْتَقِلُّ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ مَقْصُودُهُ. وَلَا يَحِلُّ لِلْوَلِيِّ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ إلَّا الْأَقَلُّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْ كِفَايَتِهِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: إذَا قَدَّرَهُ حَاكِمٌ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ وَجْهَانِ مَعَ فَقْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ غِنَاهُ، وَحَكَاهُ رِوَايَةً. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: يَأْكُلُ فَقِيرٌ وَمَنْ يَمْنَعُهُ عَنْ مَعَاشِهِ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِيَسَارِهِ، عَلَى الأصح. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِثْلَهُ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ، وَنَصُّهُ فِيهِ: يَأْكُلُ بِمَعْرُوفٍ. وَعَنْهُ أَيْضًا: إذَا اشْتَرَطَ، قِيلَ لَهُ: فَيَقْضِي دَيْنَهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت. قَالَ شَيْخُنَا. لَا يَقْدَمُ بِمَعْلُومِهِ بِلَا شَرْطٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ1 أُجْرَةَ عَمَلِهِ مَعَ فَقْرِهِ، كَوَصِيِّ الْيَتِيمِ. وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ مُوَافَقَتُهُ عَلَى الأجرة، والوكيل ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: وَالثَّانِي: تَبْطُلُ هِيَ لِلنَّهْيِ عَنْهَا، فَلَا تَلْزَمُ أَحَدًا، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ. مَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَفِي إجْبَارِ السَّفِيهِ الْخِلَافُ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ فِي تَفْوِيضِ الْبُضْعِ"، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْإِجْبَارِ هُنَا إجْبَارُهُ عَلَى التَّسَرِّي2، لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ عَقِيبَهُ، وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ إجْبَارَهُ عَلَى النِّكَاحِ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ، فَأَحَالَ الْخِلَافَ على الأول، والله أعلم.
يُمْكِنُهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ يَقُومَانِ بِأَمْرِهِ: يَأْكُلَانِ بِالْمَعْرُوفِ، كَأَنَّهُمَا كَالْأَجِيرِ وَالْوَكِيلِ، قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا النَّفَقَةُ لِلْوَكِيلِ. وَلَا يَحْجُرُ حَاكِمٌ عَلَى مُقَتِّرٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَاخْتَارَ الْأَزَجِيُّ: بَلَى. قَالَ الْأَزَجِيُّ: فِي الْإِقْرَارِ لِحَمْلٍ1: إذَا خَرَجَ أُجْبِرَ الْمُقِرُّ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ إلَى الْوَلِيِّ وَيَبْرَأُ. لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ شَرْعًا. وَقَالَ أَيْضًا: الْحَمْلُ لَا يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا مِنْ نَاحِيَةِ التَّصَرُّفِ، فَلَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ لَهُ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا وَلِيَّ لِحَمْلٍ فِي مَالٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ خَرَجَ مَيِّتًا وَكَانَ عَزَاهُ إلَى إرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ عَادَتْ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي وَمَوْرُوثِ الطِّفْلِ. وَقَدْ أَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي مَدِينٍ مَاتَ: أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ دَيْنُهُ فَلِلْحَاكِمِ بِطَلَبِ رَبِّهِ بَيْعُ عَقَارِهِ بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَيَكْتُبُ أَنَّهُ بَاعَهُ فِي دَيْنِهِ الثَّابِتِ عِنْدَهُ، وَلَا يَعُوقُهُ الْحَمْلُ. وَلِرَشِيدَةٍ التَّبَرُّعُ مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِ زَوْجٍ. وَعَنْهُ: لَا، صَحَّحَهَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَعَنْهُ: بِزِيَادَةٍ عَلَى الثُّلُثِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَلِامْرَأَتِهِ وَنَحْوِهَا الصَّدَقَةُ مِنْ بَيْتِهِ بِيَسِيرٍ، لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْخَاصَّةِ2، وَلِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ الْعُرْفُ وَيُشَكَّ فِي رِضَاهُ، أَوْ يَكُونَ بَخِيلًا وَيُشَكَّ فِي رِضَاهُ فَلَا يَجُوزُ، وَعَنْهُ: لَا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، كَهُوَ، وَكَمَنْ يُطْعِمُهَا بِفَرْضٍ وَلَا تعلم رضاه، ولم يفرق أحمد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: من أذن لعبده أو موليه في تجارة صح
فَصْل: مَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ فِي تِجَارَةٍ صَحَّ وَانْفَكَّ حَجْرُهُ فِي قَدْرِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَوَكِيلٍ وَوَصِيٍّ فِي نَوْعٍ، وَتَزْوِيجِ مُعَيَّنٍ، وَبَيْعِ عَيْنِ مَالِهِ، وَالْعَقْدُ الْأَوَّلُ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا مَنْعُ فَكِّ حَجْرِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ انْفَكَّ لَمَا تُصُوِّرَ عَوْدُهُ وَلَمَا اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَبْدِ بِإِذْنِهِ لَهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ، وَلَكَانَ: فَكَكْت عَنْك، مُطْلَقًا فِي التَّصَرُّفِ، لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمُقْتَضَى، كَقَوْلِهِ: مَلَّكْتُك، بَدَلَ: بِعْتُك. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: إنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي نَوْعٍ وَلَمْ يَنْهَ عن غيره ملكه وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُضَارِبٍ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيهِ: لِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ، وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْعَبْدِ حَتَّى يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْهُ، وَيَتَعَلَّقَ دَيْنُهُ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: قَدْرُ قِيمَتِهِ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِهِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ لِغَيْرِهِ، وَلِهَذَا لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بعد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَصَرُّفُهُ فِي بَيْعِ خِيَارٍ يُفْسَخُ إمْضَاءً بِذِمَّةِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ، وَيَنْعَزِلُ وَكِيلُهُ بِعَزْلِ سَيِّدٍ لِمَأْذُونٍ كَوَكِيلٍ وَمُضَارِبٍ، لَا كَصَبِيٍّ وَمُكَاتَبٍ، وَمُرْتَهِنٍ "1أَذِنَ لِرَاهِنٍ1" فِي بَيْعٍ. وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ، كَجِنَايَتِهِ. وَعَنْهُ: بِهِمَا. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: بِذِمَّتِهِ. وَنَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ: يُؤْخَذُ السَّيِّدُ بِمَا ادَّانَ لِمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ فَقَطْ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا ادَّانَ فَعَلَى سَيِّدِهِ، وَإِذَا جَنَى فَعَلَى سَيِّدِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ. إنْ أَذِنَ لَهُ مُطْلَقًا لَزِمَهُ كُلَّمَا ادَّانَ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِنَوْعٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ اسْتِدَانَةً فَبِرَقَبَتِهِ، كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ، وَإِنْ بَاعَهُ سَيِّدُهُ شَيْئًا لَمْ يَصِحَّ. وَقِيلَ: بَلَى. وَقِيلَ وَعَلَيْهِ دَيْنُ قَدْرِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ، وَلَوْ رَآهُ يَتَّجِرُ فَسَكَتَ كَتَزْوِيجِهِ وَبَيْعِهِ مَالَهُ، وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُهُ بِرَقَبَتِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَعَنْهُ بِذِمَّتِهِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ أَعْتَقَهُ فَعَلَى مَوْلَاهُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي كُلِّ تِجَارَةٍ لَمْ يَتَوَكَّلْ لِغَيْرِهِ، وَتَوْكِيلُهُ كَوَكِيلٍ، وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ وَفِي عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ خلاف في الانتصار "م 12". واختصائه2 وَنَحْوُهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ دَيْنُهُ، وَفِي صِحَّةِ شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سيده وامرأته وزوج ربة المال وجهان. م 13 - 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-12: قَوْلُهُ فِي تَصَرُّفَاتِ الرَّقِيقِ: "وَلَا يُؤَجِّرُ نَفْسَهُ، وَفِي عَبِيدِهِ وَبَهَائِمِهِ خِلَافٌ، فِي الِانْتِصَارِ"، انْتَهَى. وَالصَّوَابُ الْجَوَازُ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً، وَإِلَّا فلا ; والله أعلم. مَسْأَلَةٌ-13-15: قَوْلُهُ فِي أَحْكَامِ الرَّقِيقِ: وَفِي صِحَّةِ شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ وَامْرَأَتِهِ وَزَوْجِ رَبَّةِ الْمَالِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. شَمَلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-13: إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي المغني1 و"2الشرح3 في أحكام المضاربة، و"المحرر" "والرعاية الصفرى" و"الحاويين" والفائق2" وغيرهم: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ أَيْضًا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ في النظم، و"2تصحيح الحرر2" وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-14: إذَا اشْتَرَى امْرَأَةَ سَيِّدِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ: وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَإِنْ اشْتَرَى زَوْجَةَ سَيِّدِهِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ وَقَالَا: حُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا قُلْت: الصَّوَابُ هُنَا صِحَّةُ الشِّرَاءِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-15: لَوْ اشْتَرَى زَوْجُ صَاحِبَةَ الْمَالِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ اشْتَرَى بِمَالِ سَيِّدَتِهِ زَوْجَهَا، وَأَطْلَقَهُ فِي المغني6 والشرح5، وشرح ابن رزين7 وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي4، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رزين، وقد علمت الصحيح في
فَإِنْ صَحَّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ: يَعْتِقُ، وَقِيلَ: يباع فيه "م 16" ومثله مضارب "م 17". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَكَذَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ. تَنْبِيهٌ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَنَّ الَّذِي اشْتَرَاهَا زَوْجَةَ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الْمُضَارِبُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذِهِ مَسْأَلَةَ الْمُضَارِبِ، وَأَنَّ الْأَشْهَرَ فِيهَا كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ. مَسْأَلَةٌ-16: قَوْلُهُ: فَإِنْ صَحَّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقِيلَ: يَعْتِقُ، وَقِيلَ: يُبَاعُ فِيهِ، انْتَهَى. يَعْنِي، إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَلْ يَعْتِقُ أَوْ يُبَاعُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَعْتِقُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: إذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِإِذْنِهِ صَحَّ وَعَتَقَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ وَمَا فِي يَدِهِ وَقُلْنَا يَتَعَلَّقُ الدَّيْنُ بِرَقَبَتِهِ فَعَلَيْهِ دَفْعُ قِيمَةِ5 الْعَبْدِ الَّذِي عَتَقَ إلَى الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ الَّذِي أَتْلَفَهُ عَلَيْهِمْ بِالْعِتْقِ، انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَحَكَمُوا بِأَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ لَا عَلَى السَّيِّدِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَعْتِقُ، وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِلَا إذْنِهِ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَعَتَقَ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِيعَ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ عِتْقُهُ مُطْلَقًا، انْتَهَى. فَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ. مَسْأَلَةٌ-17: قَوْلُهُ: "وَمِثْلُهُ مُضَارِبٌ"، يَعْنِي أَنَّ فِيهِ الخلاف والأحكام التي في العبد
وَالْأَشْهَرُ يَصِحُّ، كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ وَشِرَائِهِ مَنْ حلف لا يملكه. ويضمن ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَأْذُونِ لَهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ أَوْ زَوْجَ صَاحِبَةِ الْمَالِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، منهم أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ صِحَّةُ الشِّرَاءِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي الْكَافِي1 وَاحْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ3، وَأَطْلَقَ احْتِمَالَيْنِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5. تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَالْأَشْهَرُ كَمَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ وَشِرَاءَهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ، انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَنْ نَذَرَ رَبُّ الْمَالِ عِتْقَهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ، فَاشْتَرَاهُ الْعَامِلُ، وَقَدْ قَطَعَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ بِصِحَّةِ شِرَاءِ الْمُضَارِبِ مَنْ نَذَرَ رَبُّ الْمَالِ عِتْقَهُ، "6وَيَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَوْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالرَّحِمِ صَحَّ وَعَتَقَ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ صَادَفَ مَنْ كَانَ الْمَالِكُ نَذَرَ عِتْقَهُ6"، أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ قَبْلَ الْمِلْكِ عَلَيْهِ، وَقُلْنَا بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ. وَقَالَ فِي
مُضَارِبٌ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: مَعَ عِلْمِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، قَالَ: لِأَنَّ الْأُصُولَ قَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فِي بَابِ الضَّمَانِ كَالْمَعْذُورِ، وَكَمَنْ رَمَى إلَى صَفِّ الْمُشْرِكِينَ، وَكَمَنْ وَطِئَ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ، فَإِنَّهُ إنْ عَلِمَ بِالْفَسَادِ لَزِمَهُ بِكُلِّ وَطْأَةٍ مَهْرٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَمَهْرٌ وَاحِدٌ. وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ، وَعَنْهُ: قِيمَتُهُ، فَفِي الْحَطِّ عَنْهُ قِسْطُهُ مِنْهَا وَجْهَانِ "م 18"، ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ الشِّرَاءُ إلَّا مَا نَذَرَ رَبُّ الْمَالِ عِتْقَهُ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شِرَائِهِ، وَقُلْنَا: يَصِحُّ التَّعْلِيقُ، انْتَهَى. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ شِرَاءِ مَنْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهُ فَلَمْ أَرَهَا، وَقَدْ حَكَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهَا مِثْلُ مَنْ نَذَرَ عِتْقَهُ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ مَا قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ. الثَّانِي: دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ تَمْثِيلِهِ لَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ زَوْجَةَ رَبِّ الْمَالِ أَوْ زَوْجَ صَاحِبَةِ الْمَالِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُصُولِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعُوا بِالصِّحَّةِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ: وَقَالُوا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ زَوْجًا وَزَوْجَةً، لِعَدَمِ إتْلَافِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ الْخِلَافُ، انْتَهَى. فَإِنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ "وَمِثْلُهُ مُضَارِبٌ" يَعْنِي فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، لَا فِي شِرَاءِ زَوْجَةِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ زَوْجِ رَبَّةِ الْمَالِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي مَا إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ زَوْجَ رَبَّةِ الْمَالِ هِيَ مِثْلُ مَا إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ بِالرَّحِمِ وَلَكِنْ يُفَارِقُهَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا إذَا اشْتَرَى زَوْجَ رَبَّةِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-18: قَوْلُهُ: "وَيَضْمَنُ ثَمَنَهُ، وَعَنْهُ: قِيمَتُهُ، فَفِي الْحَطِّ عَنْهُ قِسْطُهُ مِنْهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهَلْ يَسْقُطُ عَنْ الْعَامِلِ قِسْطُهُ مِنْهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يُحَطُّ عَنْ الْعَامِلِ قِسْطُهُ مِنْهَا، اخْتَارَهُ فِي التَّلْخِيصِ. فَقَالَ: وَهَلْ يُحَطُّ عَنْ الْمُضَارِبِ قِسْطُهُ مِنْهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يحط، انتهى، وجزم به في
وَقِيلَ: يَصِحُّ مَوْقُوفًا، وَقَالُوا: يَصِحُّ شِرَاؤُهُ زَوْجًا وَزَوْجَةً لِعَدَمِ إتْلَافِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، وَفِي الْوَسِيلَةِ الْخِلَافُ. وَلَا يَبْطُلُ إذْنُهُ بِإِبَاقِهِ، فِي الْأَصَحِّ، كتدبير واستيلاد، وفيه بكتابة وحرية وأسر خلاف فِي الِانْتِصَارِ وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: يَزُولُ مِلْكُهُ بِحُرِّيَّةٍ وَغَيْرِهَا، كَحَجْرٍ عَلَى سَيِّدِهِ "م 19" وَلَيْسَ إبَاقُهُ فُرْقَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ هَدِيَّةُ مَأْكُولٍ وإعارة دابة وَعَمَلُ دَعْوَةٍ وَنَحْوُهُ بِلَا سَرَفٍ، وَمَنَعَهُ الْأَزَجِيُّ، كَهِبَةِ نَقْدٍ وَكِسْوَةٍ، وَنِكَاحِهِ، وَكَمُكَاتَبٍ، فِي الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَجَوَّزَهُ لَهُ فِي الْمُوجَزِ، وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ: لَا يَتَوَسَّعُ فِيهِ. وَلِغَيْرِ الْمَأْذُونِ الصَّدَقَةُ مِنْ قُوتِهِ بِمَا لَا يَضُرُّهُ. وَعَنْهُ: لَا، وَيَأْتِي فِي الْوَلِيمَةِ1: هَلْ لَلشَّرِيك الصَّدَقَةُ؟ وَمَا كَسَبَهُ عَبْدٌ غَيْرُ مُكَاتَبٍ فَلِسَيِّدِهِ، وَفِي ملكه ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحَطُّ عَنْهُ. مَسْأَلَةٌ-19: قَوْلُهُ: "وَلَا يبطل إذنه بإباقه، في الأصح، كتدبير واستيلاد، وَفِيهِ بِكِتَابَةٍ وَحُرِّيَّةٍ وَأَسْرٍ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ يَزُولُ مِلْكُهُ بِحُرِّيَّةٍ وَغَيْرِهَا، كَحَجْرٍ عَلَى سَيِّدِهِ" انْتَهَى. ذَكَرَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ عِنْدَهُ، وَالصَّوَابُ عَدَمُ بُطْلَانِ إذْنِهِ بِذَلِكَ، وَمَسْأَلَةٌ الْحُرِّيَّةِ قَرِيبَةٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْوَكَالَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ، فَكَذَا هَذِهِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ4.
بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَقِيلَ: وَغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ، فَإِنْ لَمْ يملك واختاره الأصحاب فهو لسيده "م 20" يَعْتِقُهُ وَلَا يَتَسَرَّى مِنْهُ، وَلَا بِهِ، وَلَا يُكَفِّرُ. وَإِنْ مَلَكَ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ عَقِيلٍ انْعَكَسَ ذَلِكَ. وَجَوَّزَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ تَسْرِيَةً عَلَيْهِمَا. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد وَجَعْفَرٌ: يَتَسَرَّى مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ؟ قَالَ. نَعَمْ. وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يَتَسَرَّى بِلَا إذنه، وله التسري بِإِذْنِ وَرَثَةِ مَفْقُودٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ، ويتوجه: لا. وفي الانتصار: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-20: قَوْلُهُ: "وَفِي مِلْكِهِ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ، وَقِيلَ: وَغَيْرِهِ، رِوَايَتَانِ، فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ1 وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يَمْلِكُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: "اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ"2 قُلْت: مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ فِي هَذَا الْبَابِ: هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَحَّحَهَا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهِيَ أَظْهَرُ، قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ: وَيَمْلِكُ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَغَيْرِهِ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَوْ مُلِّكَ مَلَكَ فِي الْأَقْيَسِ انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وغيره.
إنْ مَلَكَ اشْتَرَى مِنْهُ وَاقْتَرَضَ وَقَضَى وَغَرِمَ مَا أَتْلَفَهُ بِرِضَاهُ، وَلَا يُطَالِبُهُ، كَالْأَبِ، وَإِنْ تَسَرَّى بِإِذْنِهِ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: إطْلَاقُهُ لِلْخِلَافِ، مَعَ قَوْلِهِ عَنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ "اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ " فَمَا اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ حَتَّى يُطْلِقَ الْخِلَافَ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَارُوا إحْدَاهُمَا عَلَى زَعْمِهِ، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي المقدمة. الثَّانِي: كَوْنُهُ قَالَ "اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ " مَعَ اخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُتَقَدِّمِينَ، لَكِنْ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شَاقِلَا مِنْ أَعْظَمِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فَسَبَقَ الْقَلَمُ فَسَقَطَتْ لَفْظَةُ "أَكْثَرُ " أَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْكَاتِبِ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ "اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ " وَاَلَّذِي نَقَلَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ إنَّمَا اخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، لَا أَنَّهُ اخْتَارَ أَنَّهُ يَمْلِكُ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ عَنْهُ فِي المغني1 والشرح2 وذكرا3 لَفْظَهُ، وَلَعَلَّ لَهُ اخْتِيَارَيْنِ، لَكِنْ لَمْ نَرَ أحدا من الأصحاب عزا ذلك إليه.
كَنِكَاحٍ، وَقِيلَ: لَا. وَحَكَى رِوَايَةً، وَلَوْ بَاعَهُ وَلَهُ سُرِّيَّةٌ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، كَامْرَأَتِهِ، وَهِيَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ، نَقَلَهُ حَرْبٌ. وَيُكَفِّرُ بِإِطْعَامٍ بِإِذْنِهِ. وَقِيلَ: وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ، وَفِيهِ بِعِتْقٍ رِوَايَتَانِ "م 21" فَإِنْ جَازَ وَأَطْلَقَ فَفِي عِتْقِهِ نَفْسَهُ وَجْهَانِ "م 22" وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ التَّكْفِيرَ بِصَوْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّنْبِيهُ 1 الثَّانِي: قَوْلُهُ "بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ وَقِيلَ: وَغَيْرِهِ" فَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي تَمْلِيكِ سَيِّدِهِ لَهُ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ، قَالَ في التلخيص: وأصحابنا لم يقيدوا الروايتين2 بِتَمْلِيكِ السَّيِّدِ، بَلْ ذَكَرُوهُمَا مُطْلَقًا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ إذَا مَلَكَ، قَالَ فِي الْفَوَائِدِ3: عَلَيْهِ كلام الأكثرين. مَسْأَلَةٌ-21: قَوْلُهُ: "وَيُكَفِّرُ بِإِطْعَامٍ بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ: وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ، وَفِيهِ بِعِتْقٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ تَكْفِيرُهُ بِالْعِتْقِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَعَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ يَمْلِكُ بِتَمْلِيكِهِ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَا يَجُوزُ. مَسْأَلَةٌ-22: قَوْلُهُ: "فَإِنْ جَازَ وَأَطْلَقَ فَفِي عِتْقِهِ نَفْسَهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَالْفِقْهِيَّةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير في كفارة الظهار:
نص عليه. وَقِيلَ: إنْ حَلَفَ بِإِذْنِهِ، وَكَذَا النَّذْرُ، وَلَهُ التَّنَفُّلُ بِهِ بِلَا مَضَرَّةٍ، وَلَهُ مُعَامَلَةُ عَبْدٍ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ كَوْنُهُ مَأْذُونًا لَهُ، خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ. نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ عَبْدٍ ثَوْبًا فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَقَالَ الْعَبْدُ: أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي فِي التِّجَارَةِ، قَالَ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ فَمَنْ بَايَعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ. وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قَدِمَ وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ فَاشْتَرَاهُ النَّاسُ مِنْهُ، فَقَالَ: أَنَا غَيْرُ مَأْذُونٍ لِي فِي التِّجَارَةِ، قَالَ: هُوَ عَلَيْهِ فِي ثَمَنِهِ، كَانَ مَأْذُونًا لَهُ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ، وَلَوْ أَنْكَرَ السَّيِّدُ إذْنَهُ فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ عَلِمَ بِتَصَرُّفِهِ لَمْ يُقْبَلْ وَلَوْ قَدْرَ صَدَقَةٍ، فَتَسْلِيطُهُ عُدْوَانٌ مِنْهُ فَيَضْمَنُ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: التُّجَّارُ أَتْلَفُوا أَمْوَالَهُمْ1 لَمَّا لَمْ يَسْأَلُوا الْمَوْلَى، إذْ الْأَصْلُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْحَجْرُ، وَسَكَتَ بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْحَجْرُ، فَلَمْ يَغُرَّهُمْ، بَلْ الْبَائِعُ اغْتَرَّ لَمَّا قَدِمَ وَلَمْ يَسْأَلْ. فَإِنْ قِيلَ: يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ أَمْوَالِهِمْ لِثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلِهَذَا مَنَعْنَا مِنْ ثُبُوتِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْإِذْنِ الشَّائِعِ، لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ، قِيلَ: هَذَا نَظَرٌ إلَى الْحُكْمِ وَالْمَصَالِحِ، وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى الْأَسْبَابِ، وَإِلَّا أَدَّى إلَى إطْرَاحِهَا. وَيَثْبُتُ الْحَجْرُ الْخَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَكَذَا نَقُولُ في حق أهل قباء، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَيُجْزِئُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: جَازَ ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي بكر. والوجه الثاني: لا تجزئه.
سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْإِطْلَاقُ شَائِعًا، فَكَذَا الْحَجْرُ، ولهذا بنى أهل قباء على صلاتهم1. وَهُوَ الْمُطَالِبُ بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِتَمَحُّضِ نِيَابَتِهِ، وَإِنْ تَلِفَ نَقْدٌ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ بَطَلَ، وَإِلَّا لَزِمَ السَّيِّدَ، فَفِي دَفْعِ الْعَبْدِ لَهُ بِلَا إذْنٍ جَدِيدٍ خِلَافٌ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا يُطَالِبُ بِثَمَنٍ، كَوَكِيلٍ. وَلَا يُعَامَلُ صَغِيرٌ إلَّا فِي مِثْلِ مَا يُعَامَلُ بِهِ مِثْلُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا فِي نَحْوِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ، وَلِلْمُعْتَقِ بَعْضُهُ وَطْءُ أَمَةٍ مَلَكَهَا بِجُزْئِهِ الْحُرِّ، وَالْأَصَحُّ بِلَا إذن والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهَذِهِ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً قَدْ أُطْلِقَ فِيهَا الخلاف، وصحح أكثرها.
باب الوكالة
باب الوكالة ممن تصح الوكالة ... بَابُ الْوَكَالَةِ تَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ مَا سَيَمْلِكُهُ أَوْ طَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا لَمْ يَصِحَّ، إذْ الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالِ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ إنْ قَالَ: إنْ تَزَوَّجْتُ هَذِهِ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي طَلَاقِهَا، وَإِنْ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَبْدَ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ فِي عِتْقِهِ، صَحَّ، إنْ قُلْنَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُمَا عَلَى مِلْكِهِمَا، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى. فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ فِي إيجَابِ نِكَاحٍ، إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ، وَفِي قبوله وجهان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1: قَوْلُهُ: "فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ فِي إيجَابِ نِكَاحٍ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ، وَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي النِّكَاحِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ قَبُولُهُ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَصَحُّهُمَا3 يَصِحُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْقَاضِي، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا إلَّا ابْنَ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَلَا يُوَكَّلُ فَاسِقٌ فِي نِكَاحٍ. انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ4، فَحَصَلَ التكرار. تنبيه: قوله: "5إلا على رواية" يعني بها: رواية عدم اشتراط عدالة الوالي5".
وَوَكَالَةُ مُمَيِّزٍ فِي طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ، وَفِيهِ فِي الرِّعَايَةِ رِوَايَتَانِ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، وَفِيهِ فِي الْمُذْهَبِ لِنَفْسِهِ رِوَايَتَانِ، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ عَبْدِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ، وفيه في نكاح بلا إذن وجهان "م 2". وَهُمَا فِي سَفِيهٍ "م 3" وَلَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فيما يملكه وحده، كطلاق، كسفيه،. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1على ما يأتي في باب أركان النكاح "2" "1". مسألة-2: قَوْلُهُ: "وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ عَبْدِ غَيْرِهِ3 بِإِذْنٍ، وَفِيهِ فِي نِكَاحٍ بِلَا إذْنٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي النِّكَاحِ، وَالْفَائِقِ فِي صِحَّةِ قَبُولِهِ النِّكَاحَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْإِيجَابِ وَلَا الْقَبُولُ، قَالَ الشَّارِحُ: وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْوَجِيزِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحَّانِ مِنْهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ الْقَبُولُ دُونَ الْإِيجَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي6. مَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَهُمَا فِي سَفِيهٍ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي النِّكَاحِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ فِيهِمَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وجزم
وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ إنْسَانٌ عَبْدًا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ: أَوْ لا؟ روايتان "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ دُونَ إيجَابِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: إنْ قُلْنَا يَتَزَوَّجُ السَّفِيهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ فِي إيجَابِهِ وَقَبُولِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ وَهَلْ يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ إنْسَانٌ عَبْدًا فِي شِرَاءِ نَفْسِهِ مِنْ سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ: أَوْ لَا؟ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَكَذَا حَكَاهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ4 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، الصَّحِيحُ الصِّحَّةُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ والخلاصة وغيرهم. والرواية الثانية: لا يصح.
وَكَذَا "1تَوْكِيلُهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ سَيِّدِهِ غَيْرِ نَفْسِهِ1" "م 5". "1وَفِي الْمُغْنِي2: وَلَا يَتَوَكَّلُ مُكَاتَبٌ بِلَا جُعْلٍ إلَّا بِإِذْنٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يتوكل1" واجد للطول في قبول نِكَاحِ أَمَةٍ لِمُبَاحٍ لَهُ، وَغَنِيٍّ لِفَقِيرٍ فِي قَبُولِ زَكَاةٍ، لِأَنَّ سَلْبَهُمَا الْقُدْرَةِ تَنْزِيهٌ، وَيُوَكِّلُ مُفْلِسٌ وَيَتَوَكَّلُ فِيمَا يَصِحُّ مِنْهُ، وَيُوَكِّلُ مُكَاتَبٌ، وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ الْوَكِيلِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي "3مَسْأَلَةِ: تَصَدَّقْ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْك3" وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ وَكَّلَ زَيْدًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ مُوَكِّلَهُ لَمْ يَصِحَّ. وَتَصِحُّ بِكُلِّ قَوْلٍ يُفِيدُ الْإِذْنَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: إذَا قَالَ: بِعْ هَذَا، لَيْسَ بِشَيْءٍ، حَتَّى يَقُولَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ، وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى التَّأْكِيدِ، لِنَصِّهِ عَلَى انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِاللَّفْظِ وَالْمُعَاطَاةِ، كَذَا الوكالة. وقال ابن عقيل: هذا دأب ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: وَقَوْلُهُ: "وَكَذَا تَوْكِيلُهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مِنْ سَيِّدِهِ غَيْرِ نَفْسِهِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَغَيْرِهِ، وَنَصَرَهُ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَمَنْ وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ، فَظَاهِرُهُ دُخُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِحَسَبِ6 الشَّارِحِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ ابْنُ رزين
شَيْخِنَا أَنْ يَحْمِلَ نَادِرَ كَلَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَظْهَرِهِ وَيَصْرِفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ لَفْظٍ رِوَايَةٌ وَنُصَحِّحُ الصَّحِيحَ، قَالَ الْأَزَجِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى هَذَا، لِئَلَّا يَصِيرَ الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَدَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي عَلَى انْعِقَادِهَا بِفِعْلٍ دَالٍّ كَبَيْعٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ أَوْ خَيَّاطٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَكَالْقَبُولِ، مُوَقَّتَةً وَمُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَوَصِيَّةٍ وَإِبَاحَةِ أَكْلٍ وَقَضَاءٍ وَإِمَارَةٍ، وَكَتَعْلِيقِ تَصَرُّفٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي تَعْلِيقِ وَقْفٍ بِشَرْطٍ: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ تَوْكِيلٍ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ وَأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ تَصَرُّفٍ، وَقِيلَ: لَا تَعْلِيقُ فَسْخِهَا فَوْرًا وَتَرَاخِيًا بِقَوْلٍ، وَالْأَصَحُّ: وَفِعْلٌ دَالٌّ فِيمَا لَا تَدْخُلُهُ نِيَابَةٌ، كَظِهَارٍ وَلِعَانٍ وَيَمِينٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَشَهَادَةٍ وَعِبَادَةٍ بَدَنِيَّةٍ مَحْضَةٍ، وَمَعْصِيَةٍ، وَيَصِحُّ: أُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِي مِنْ مَالِك. وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ، كَشَرِكَةٍ وَجَعَالَةٍ، تَبْطُلُ بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ كَانَ قَالَ: كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَقَدْ وَكَّلْتُكَ، انْعَزَلَ بِكُلَّمَا وَكَّلْتُكَ فَقَدْ عَزَلْتُكَ، فَقَطْ، وَهِيَ الْوَكَالَةُ الدَّوْرِيَّةُ، وَهُوَ فَسْخٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ، وَبِمَوْتِهِ وَحَجْرِ سَفَهٍ وَجُنُونٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَإِقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِقَبْضِ مَا وُكِّلَ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ وَكِيلًا فِي خُصُومَةٍ، وَكَذَا شَرِكَةٌ وَمُضَارَبَةٌ. وَلَا تَبْطُلُ وَكَالَةٌ بِإِغْمَاءٍ وَطَلَاقٍ، وَلَا بِسُكْرٍ، فَإِنْ فَسَقَ بِهِ بَطَلَتْ فِيمَا يُنَافِيهِ، وَحُرِّيَّةُ عَبْدِ غَيْرِهِ. وَفِي جحدها من أحدهما، وقيل: عمدا، وبيع عبده وحريته، وبيع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَبْدِ غَيْرِهِ وَتَعَدِّي وَكِيلٍ، كَلُبْسِ ثَوْبٍ، وَجْهَانِ "م 6 - 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-6-10: قَوْلُهُ: "وَفِي جَحْدِهَا مِنْ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: عمدا، وبيع عبده وحريته، وبيع عبد غيره، وَتَعَدِّي وَكِيلٍ، كَلُبْسِ ثَوْبِهِ، وَجْهَانِ" انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: لَوْ جَحَدَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ1 فَهَلْ هُوَ عَزْلٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِيمَا إذَا جَحَدَ التَّوْكِيلَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ إنْ تَعَمَّدَ الْجَحْدَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَعِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ جَارٍ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ طَرِيقَةٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-7: لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصغرى والحاويين وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-8: لَوْ وَكَّلَ عَبْدَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَالْحُكْمُ فِيهَا كَاَلَّتِي قبلها خلافا ومذهبا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ قُلْت: يَتَوَجَّهُ أَنْ تَبْطُلَ فِيمَا إذَا بَاعَهُ دُونَ مَا إذَا أَعْتَقَهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت: أَوْ وَهَبَهُ أَوْ كَاتَبَهُ، يَعْنِي أَنَّهُ كَبَيْعِهِ، وَقَدَّمَ الْبُطْلَانَ هُنَا كَمَا قَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-9: لَوْ وَكَّلَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَبَاعَهُ سَيِّدُهُ فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ بَعْدَ تَوْكِيلِهِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا، قَالَهُ الشيخ أيضا والشارح والمصنف وغيرهم. "1فائدة: لو عبد غيره بإذن سيده ثم عتق، لم ينعزل. قاله في الرعاية الكبرى وجزم به في المغني2 وغيره. قلت: يتوجه البطلان. ولم يذكر المصنف هذه المسألة1". الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ-10: لَوْ تَعَدَّى الْوَكِيلُ فَلَبِسَ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ، فَهَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ وَيَنْعَزِلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالتَّلْخِيصِ والشرح وشرح ابن منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: نَفَذَ تَصَرُّفُهُ، فِي الْأَصَحِّ" انْتَهَى. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الِاسْتِئْمَانِ، فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَزُلْ الْآخَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي نظرياته وغيره، وجزم به
وبالردة فيه الخلاف وكذا توكيله "م 11 - 14" وإن لم يبطل بتعديه، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَمَنْ تَابَعَهُ: أَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ. وَهَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ إنْ أَتْلَفَ بِتَعَدِّيهِ "1عين ما1" وكل فيه بطلت الوكالة، وإن كان"1عين ما1" تَعَدَّى فِيهِ بَاقِيَةٌ لَمْ تَبْطُلْ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحِ وَالْمُصَنَّفِ وَغَيْرِهِمْ قُلْت: وَهُوَ مُرَادُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مَحَلُّ وِفَاقٍ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ مِنْ الْوَكِيلِ تَقْتَضِي فَسَادَ الْوَكَالَةِ لَا بُطْلَانَهَا، فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ وَيَصِيرُ مُتَصَرِّفًا بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ-11-14: قَوْلُهُ: "وَبِالرِّدَّةِ فِيهِ الْخِلَافُ، وَكَذَا تَوْكِيلُهُ" انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَرْبَعِ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-11: هَلْ تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِرِدَّةِ الْوَكِيلِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3 وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ: لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ بِرِدَّةِ الْوَكِيلِ وَإِنْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-12: هَلْ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ أَمْ لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه من
صَارَ ضَامِنًا، فَإِذَا تَصَرَّفَ كَمَا قَالَ وَكَّلَهُ بَرِئَ بِقَبْضِهِ الْعِوَضَ، فَإِنْ رُدَّ بِعَيْبٍ صَارَ مضمونا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ: هَلْ يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصْلُهُمَا هَلْ يَنْقَطِعُ مِلْكُهُ وَتَصَرُّفُهُ أَوْ يَكُونُ مَوْقُوفًا. انْتَهَى، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ تَبْطُلْ الْوَكَالَةُ فِيمَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ، فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي مَالِهِ فَيَنْبَنِي عَلَى تَصَرُّفِ نَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَمْ يَبْطُلْ توكيله "3وإن قلنا: هو موقوف، فوكالته موقوفة، وإن قلنا: يبطل تصرفه، بطل توكليه3" انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ بَعْدَ رِدَّتِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-13: لَوْ وَكَّلَهُ ثُمَّ ارْتَدَّا مَعًا فَهَلْ تَبْطُلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يعطى حكمه لو انفرد بالردة4 كَمَا تَقَدَّمَ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-14: تَوْكِيلُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، هَذَا ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ حَالَ رِدَّتِهِ وَعَدَمِهَا، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ بعد5 إن حكوا الخلاف في ارتداد الموكل5 كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ وُكِّلَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَفِيهِ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ" انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. تَنْبِيهٌ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ "وَبِالرِّدَّةِ فِيهِ الْخِلَافُ وَكَذَا تَوْكِيلُهُ"
وَيَبْطُلُ بِتَلَفِ الْعَيْنِ، وَدَفْعِهِ عِوَضًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَاقْتِرَاضُهُ كَتَلَفِهِ، وَلَوْ عُزِلَ عَوَّضَهُ وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ؟ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ: وَذَكَرَ شَيْخُنَا: أَنَّهُ أَشْهَرُ أَمْ لَا يَصِحُّ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 15" وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا تَضْمِينُهُ. قَالَ: شَيْخُنَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ الَّذِي تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي كَلَامِهِ، وَأَطْلَقَهُ، وهو ظاهر عبارته، لكن يشكل عَلَى هَذَا كَوْنُ الْأَصْحَابِ جَعَلُوا الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُرْتَدِّ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ ممنوع منه1، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي بَابِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الموفق وغيره. وقال ابن منجا: إنَّ الْمَذْهَبَ الْوَقْفُ، فَحِينَئِذٍ يَبْقَى فِي إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِكَوْنِهِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ الْخِلَافُ، الْخِلَافَ الَّذِي فِي تَصَرُّفِ الْمُرْتَدِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُقَوِّيهِ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ، لَمَّا ذَكَرُوا ذَلِكَ وَأَحَالُوهُ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَعَدَمِهَا، وَأَيْضًا لَوْ أَرَادَ الْخِلَافَ الَّذِي قَبْلَهُ لَقَالَ: "وَكَذَا الرِّدَّةُ وَتَوْكِيلُهُ" لَكِنْ يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، فِيمَا يَظْهَرُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهَا، أَوْ يُقَالُ: هِيَ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَغَيْرُهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، فَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ إنَّمَا قَصَدَ حِكَايَةَ الْخِلَافِ وَإِحَالَةَ الصَّحِيحِ عَلَى الْأَصْلِ، كَمَا هِيَ عَادَتُهُ، "3لَا أَنَّهُ3" قَصَدَ إطْلَاقَ الْخِلَافِ، وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أعلم. مَسْأَلَةٌ-15: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ؟ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ أَشْهَرُ، أَمْ لَا يَصِحُّ4؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ والشرح7،
لَا يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَالَ فِي تَضْمِينِ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ الْأُجْرَةَ: نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا ضَمِنَ رَجَعَ عَلَى الْغَارِّ، فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ، وَذَكَرَ وَجْهًا: يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ لا بالعزل. "وهـ م" قَالَ شَيْخُنَا. لَوْ بَاعَ أَوْ تَصَرَّفَ فَادَّعَى أَنَّهُ عَزَلَهُ قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ، فَلَوْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً بِبَلَدٍ آخَرَ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ فَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ قَبْلَ الْعِلْمِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ، وَإِلَّا كَانَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ. وَلَوْ حَكَمَ قَبْلَ هَذَا الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ حَاكِمٌ لَا يَرَى عَزْلَهُ قَبْلَ الْعِلْمِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَهُ ذَلِكَ نَفَذَ وَالْحُكْمُ النَّاقِضُ لَهُ مَرْدُودٌ، وإلا وجوده كعدمه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَشَرْحِ الْمَجْدِ وَشَرْحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يَنْعَزِلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: انْعَزَلَ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَشْبَهُ بِأُصُولِ الْمُذْهَبِ، وَقِيَاسٌ لِقَوْلِنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْآخَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وغيرهم. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَنْعَزِلُ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي الْحَارِثِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَحَلُّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ بَاقِيًا فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ، أَمَّا إنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِعِتْقٍ أَوْ بَيْعٍ انْفَسَخَتْ الْوَكَالَةُ، وجزم به، قلت: وهو قوي.
وَالْحَاكِمُ الثَّانِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْعَزْلَ قَبْلَ الْعِلْمِ، أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَرَهُ، أَوْ رَآهُ وَلَمْ يَرَ نَقَضَ الْحُكْمَ الْمُتَقَدِّمَ، فَحُكْمُهُ كَعَدَمِهِ. وَقَبْضُ الثَّمَنِ مِنْ وَكِيلِهِ دَلِيلُ بَقَاءِ وَكَالَتِهِ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَيَتَوَجَّهُ خِلَافٌ، وَلَا يَنْعَزِلُ مُودَعٌ قَبْلَ عِلْمِهِ، خِلَافًا لِأَبِي الخطاب فما بيده، أَمَانَةٌ وَأَنَّ مِثْلَهُ مُضَارِبٌ. وَمَنْ قِيلَ لَهُ: اشْتَرِ كَذَا بَيْنَنَا1، فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ: نَعَمْ، فَقَدْ عَزَلَ نَفْسَهُ، فَيَكُونُ لَهُ وَلِلثَّانِي، وَيَبْطُلُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهِ بِقُبْلَةٍ خِلَافٌ، كَرَجْعَةٍ، وَعِتْقِ عَبْدٍ بتدبيره وكتابته ودلالة رجوعه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: "وَتَبْطُلُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهِ بِقُبْلَةٍ خِلَافٌ، كَرَجْعَةٍ وعتق عبد بتدبيره وكتابته ودلالة2 رُجُوعِهِ" انْتَهَى. أَحَالَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي الْقُبْلَةِ فِي إبْطَالِ الْوَكَالَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقُبْلَةِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهَا، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهَا، فَكَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي طَلَاقِهَا بِتَقْبِيلِهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ: "وَعِتْقِ عَبْدٍ بِتَدْبِيرِهِ" إلَى آخِرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: "3فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ "وَتَبْطُلُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ عَلَى الْأَصَحِّ" لَا عَلَى قَوْلِهِ3" "كَرَجْعَةٍ " إذْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ الْوَكَالَةِ فِي العتق بالتدبير والكتابة،
لَا بِبَيْعِهِ فَاسِدًا أَوْ سُكْنَاهُ، وَلَهُ التَّوْكِيلُ إنْ جَعَلَهُ لَهُ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، كَمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ أَوْ يَعْجِزُ عَنْهُ. وَقِيلَ. فِي زَائِدٍ عَنْ عَمَلِهِ، أَوْ قِيلَ لَهُ: اصْنَعْ أَوْ تَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْت، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا سَبَقَ يَسْتَنِيبُ نَائِبًا فِي الْحَجِّ لمرض، "هـ ش" وَيَتَعَيَّنُ أَمِينٌ إلَّا مَعَ تَعْيِينِ مُوَكِّلٍ، وَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا، وَكَذَا حَاكِمٌ وَوَصِيٌّ وَمُضَارِبٌ وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحِ غَيْرِ مُجْبَرٍ, وَقِيلَ يَجُوزُ: وَوَكِّلْ عنك وكيل وكيله، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَلِكَ دَلَالَةُ الْحَالِ عَلَى رُجُوعِهِ، وَتَقْدِيرُهُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ بِوَطْئِهِ وَعِتْقِ عَبْدِهِ بِتَدْبِيرِهِ، يَعْنِي تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ بتدبيره على الأصح، كالوطء، والله أعلم. الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا: "وَلَهُ التَّوْكِيلُ إنْ جَعَلَهُ لَهُ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، ثُمَّ قَوْلُهُ: "وَكَذَا حَاكِمٌ وَوَصِيٌّ وَمُضَارِبٌ وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحٍ1 فِي غَيْرِ مُجْبَرٍ" انْتَهَى، ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ أَنَّ
وَقِيلَ: وَوَكِّلْ عَنِّي، وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ "م 16" والأصح: له عزل وكيل وكيله. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَلِيَّ غَيْرُ الْمُجْبَرِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَقَدْ قَالَ فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ1: "وَوَكِيلُهُ كَهُوَ وقيل: لا يوكل غير مجبر بلا إذن إلَّا حَاكِمٌ" انْتَهَى. فَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ لَهُ الْوَكَالَةَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُجْبَرٍ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، فَحَصَلَ التَّنَاقُضُ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ حَرَّرْتُ ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ2. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَوَلِيٌّ فِي نِكَاحٍ غَيْرَ مُجْبَرٍ" الْأَحْسَنُ فِي الْعِبَارَةِ أَنْ يَقُولَ: وَوَلِيٌّ غَيْرُ مُجْبَرٍ فِي نِكَاحٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تقديما وتأخيرا وزيادة مَسْأَلَةٌ-16: قَوْلُهُ: "وَوَكِّلْ عَنْك وَكِيلَ وَكِيلِهِ. وَقِيلَ: وَوَكِّلْ عَنِّي وَإِنْ أُطْلِقَ ذَلِكَ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ: وَكِّلْ، وَلَمْ يَقُلْ: عَنْك، وَلَا: عَنِّي، فَهَلْ يَكُونُ وَكِيلُ الْمُوَكِّلِ أَوْ وَكِيلُ الْوَكِيلِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ وَكِيلًا لِلْمُوَكِّلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الحادية والستين، وهو الصواب.
وَكَذَا: أَوْصِ إلَى مَنْ يَكُونُ وَصِيًّا لِي، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا: لَا يَصِحُّ، لِعَدَمِ إذْنِ الْمُوصِي حِينَ إمْضَاءِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا يُوصِي الْوَكِيلُ مُطْلَقًا، وَعَلَى مَا فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِمَا، وإن استناب حاكم من غَيْرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ فَقَدْ أَحْسَنَ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ الِاسْتِنَابَةُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ إذَا لَمْ يُمْنَعْ إنْ جَازَ لَهُ الْحُكْمُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَقْلِيدِ غَيْرِ إمَامِهِ، وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى أَنَّهُ هَلْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ، كَتَوْكِيلِ2 مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ، وَأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ الأول؟. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ وَكِيلًا لِلْوَكِيلِ قُلْت: وَهُوَ بعيد.
وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي الْخُصُومَةِ، يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ1، نَقَلَهُ حَرْبٌ وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي2 خُصُومَةٍ قَبْضٌ وَلَا إقْرَارٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ، مُطْلَقًا نَصَّ عَلَيْهِ، كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِقَوَدٍ وَقَذْفٍ، وَكَالْوَلِيِّ، وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا يَمِينٌ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ "م 17" وَلَهُ إثْبَاتُ وَكَالَتِهِ مَعَ غيبة موكله، في الأصح، وإن قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-17: قَوْلُهُ: "وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي خُصُومَةٍ قَبْضٌ وَلَا إقْرَارٌ عَلَى مُوَكِّلِهِ، مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ بِقَوَدٍ وَقَذْفٍ، وَكَالْوَلِيِّ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا3 يَمِينٌ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ" انْتَهَى، لَيْسَ هَذَا الْمَنْعُ وَالتَّسْلِيمُ عائدا إلى الإقرار على الموكل إذا
أجب خصمي عَنِّي، اُحْتُمِلَ كَخُصُومَةٍ، وَاحْتُمِلَ بُطْلَانُهَا "م 18" وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ عَلِمَ ظُلْمَ مُوَكِّلِهِ فِي الْخُصُومَةِ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ. فَظَاهِرُهُ: يَصِحُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ، فَلَوْ ظَنَّ ظُلْمَهُ جَازَ، وَيَتَوَجَّهُ الْمَنْعُ، وَمَعَ الشَّكِّ يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ، وَلَعَلَّ الْجَوَازَ أَوْلَى، كَالظَّنِّ، فَإِنَّ الْجَوَازَ فِيهِ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْحُكْمُ مَعَ الرِّيبَةِ فِي الْبَيِّنَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً} [النساء: 105] تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ غَيْرِهِ فِي إثْبَاتِ حَقٍّ أَوْ نَفْيِهِ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي1 فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمُنْكِرِ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ صِدْقُ الْمُدَّعِي، فَلَا يحل دعوى ما لم يعلم ثبوته2. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَذِنَ لَهُ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا، عَلَى مَا يَأْتِي3. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الْيَمِينَ إذَا أَذِنَ لَهُ فِيهَا، وَلَكِنَّ الْمَذْهَبَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي اليمين، وقطع به المصنف وغيره مَسْأَلَةٌ-18: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ: أَجِبْ خَصْمِي عَنِّي، احتمل" أنها "كخصومة،
وَجَزَمَ ابْنُ الْبَنَّا فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ، "1لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقَطْعِ الْخُصُومَةِ، وَلَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِهِ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ1" ففي خصومة وجهان "م 19" وفي الوسيلة: لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِحَالٍ، نص ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحْتَمَلَ بُطْلَانَهَا" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ، وَإِلَّا فَهِيَ إلَى الْخُصُومَةِ أَقْرَبُ. مَسْأَلَةٌ-19: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي الْقَبْضِ فَفِي خُصُومَةٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِهِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْخُصُومَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ مِيلُ صَاحِبِ الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ وَكِيلًا في الخصومة، وقال الشيخ الموفق والشارح: وَيَحْتَمِلُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ عَالِمًا بِجَحْدِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ أَوْ مَطْلِهِ كَانَ تَوْكِيلًا فِي تَثْبِيتِهِ وَالْخُصُومَةُ فِيهِ، لِعِلْمِهِ بِوُقُوفِ الْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا، بَلْ هُوَ الصَّوَابُ، وَيُزَادُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى القرائن والعرف، والله أعلم.
عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِعَيْبٍ فِيمَا بَاعَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ: لَا، فَلَا يَرُدُّهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ فَفِي رَدِّهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَجْهَانِ "م 20" "1وَإِنْ وَكَّلَ اثْنَيْنِ لَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ بِلَا إذْنٍ، وَقِيلَ: إن وكلهما في خصومة انفرد، للعرف1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-20: قَوْلُهُ: "وَإِنْ رُدَّ بِنُكُولِهِ فَفِي رَدِّهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا بَاعَ شَيْئًا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ وَقُلْنَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَنَكَلَ عَنْهَا وَرُدَّ عَلَيْهِ لِنُكُولِهِ فَهَلْ يُرَدُّ عَلَى الْمُوَكِّلِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُرَدُّ عَلَى مُوَكِّلِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ بل على الوكيل2.
فصل: ويقبل إقراره بكل تصرف وكل فيه
فَصْلٌ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِكُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ، وَعَنْهُ: قَوْلُ مُوَكِّلِهِ فِي النِّكَاحِ، لِاعْتِبَارِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عن أصحابنا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَأَصْلِ الْوَكَالَةِ، وَيَحْلِفُ مَعَ تَصَرُّفِهِ لَوْ بَاشَرَهُ شُرِعَتْ الْيَمِينُ فِيهِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ، وَإِطْلَاقُهُمْ: وَلَا فِي صَرْفِهِ فِي وُجُوهٍ عُيِّنَتْ لَهُ مِنْ أُجْرَةٍ لَزِمَتْهُ، وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ وَكِيلَهُ نِصْفُ مَهْرٍ إلَّا بشرط، "1لتعلق حُقُوقِ الْعَقْدِ بِالْمُوَكِّلِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ، كَضَمَانِ وَكِيلٍ فِي الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ مَقْصُودُ الْبَائِعِ، وَالْعَادَةُ تَعْجِيلُهُ وَأَخْذُهُ مِمَّنْ تَوَلَّى الشِّرَاءَ1"، وَمِثْلُهُ إنْكَارُ مُوَكِّلِهِ وَكَالَتَهُ، فَلَا يَحْلِفُ، نَصَّ عَلَيْهِ، 1"وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ فِي الِاقْتِرَاضِ وَيَلْزَمُ مُوَكِّلَهُ طَلَاقُهَا"1، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: إنْ قَالَ: بِعْته، أَوْ قَالَ: وَقَبَضْت ثَمَنَهُ قُبِلَ قَوْلِ مُوَكِّلِهِ، وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكِّلٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُنْتَخَبِ وَالْمُغْنِي2. وَلَوْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ وَكَالَتَهُ فِي بَيْعٍ وَصَدَّقَ بَائِعٌ بِهَا "3لَزِمَ وَكِيلَهُ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ, وَظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِهِ كَمَهْرٍ, أَوْ لَا يَلْزَمُهُ3" لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ هُنَا بِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ, وَهُوَ أَظْهَرُ "م 21" وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ فِي بَيْعٍ تَقْلِيبُهُ عَلَى مُشْتَرٍ إلا بحضرته, ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيُعْتَبَرُ لِصِحَّةِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَطْ تسمية موكل، ذكره في الانتصار والمنتخب والمغني" انْتَهَى. سَيَأْتِي فِي أَرْكَانِ النِّكَاحِ4 أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَعَزَاهُ إلَى الترغيب، ويأتي تحريرها هناك. مَسْأَلَةٌ-21: قَوْلُهُ: "وَلَوْ أَنْكَرَ مُوَكِّلُهُ وَكَالَتَهُ فِي بَيْعٍ وَصَدَّقَ بَائِعٌ بِهَا لَزِمَ وَكِيلَهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ، وَظَاهِرِ كَلَامِ غَيْرِهِ كَمَهْرٍ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ هُنَا بِتَرْكِ الْبَيِّنَةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى قُلْت: الصَّوَابُ مَا قال المصنف أنه أظهر.
وَإِلَّا ضَمِنَ, ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ, وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ, ولا بيعه بِبَلَدٍ آخَرَ, فِي الْأَصَحِّ فَيَضْمَنُ, وَيَصِحُّ وَمَعَ مُؤْنَةِ نَقْلٍ: لَا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَلَا1 قَبْضُ ثَمَنِهِ. وَإِنْ تَعَذَّرَ قَبْضُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ, كَظُهُورِ مَبِيعِهِ مُسْتَحَقًّا أَوْ مَعِيبًا كَحَاكِمٍ وَأَمِينَةٍ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ: يَمْلِكُهُ بِقَرِينَةٍ, وَقِيلَ: مُطْلَقًا, فَلَا يُسَلِّمُهُ قَبْلَهُ, وَكَذَا وَكِيلٌ فِي شِرَاءٍ فِي قَبْضِ مَبِيعٍ, وَإِنْ أَخَّرَ تَسْلِيمَ ثَمَنِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَهُ, فِي الْمَنْصُوصِ, وَحُقُوقُ الْعَقْدِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُوَكِّلٍ, لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ قَرِيبُ وَكِيلٍ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ اشْتَرَى وَكِيلٌ فِي شِرَاءٍ فِي الذِّمَّةِ فَكَضَامِنٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مُوَكِّلَهُ فِي الْعَقْدِ فَضَامِنٌ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ، وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ يُضَمِّنُهُ، "وَهـ ش" قَالَ: وَمِثْلُهُ الْوَكِيلُ فِي الْإِقْرَاضِ، وَلَيْسَ لَهُ الْبَيْعُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ وَتَوْلِيَةُ طَرَفَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، كَأَبِ الصغير. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِهِ وَآخَرَ فِي شِرَائِهِ، وَمِثْلُهُ نِكَاحٌ وَدَعْوَى. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ فِي الدَّعْوَى: الَّذِي يَقَعُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ: لَا يَصِحُّ، لِلتَّضَادِّ، وَفِي وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ. وَمُكَاتَبِهِ وَجْهَانِ "م 22" وَذَكَرَ الأزجي الخلاف في الأخوة والأقارب، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-22: قَوْلُهُ: "وَفِي وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصغرى والحاويين والفائق وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، فَهُوَ كَشِرَاءِ الْوَكِيلِ مِنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ
عنه: يَبِيعُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا زَادَ ثَمَنُهُ فِي النِّدَاءِ، وَقِيلَ: أَوْ وَكَّلَ بَائِعًا، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَقِيلَ: هُمَا، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالًا: لَا يُعْتَبَرَانِ، لِأَنَّ دِينَهُ وَأَمَانَتَهُ تَحْمِلُهُ عَلَى الْحَقِّ، وَرُبَّمَا زَادَ، وَكَذَا شِرَاؤُهُ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَكَذَا حَاكِمٌ وَأَمِينُهُ وَنَاظِرٌ وَوَصِيٌّ وَمُضَارِبٌ، وَلِعَبْدِهِ وَغَرِيمِهِ عِتْقُ نَفْسِهِ وَإِبْرَائِهَا بِوَكَالَتِهِ الْخَاصَّةِ لَا بِالْعَامَّةِ. وَفِيهِ قَوْلٌ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ، "1كَبَيْعِ وَكِيلٍ مِنْ نَفْسِهِ، وَفَرَّقَ الْأَزَجِيُّ1" بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَصَدَّقْ بِهِ، بِأَنَّ. إطْلَاقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى إعْطَاءِ الْغَيْرِ، لِأَنَّهُ مِنْ التَّفَعُّلِ، وَتَوْكِيلُ زَوْجَةٍ فِي طَلَاقٍ كَعَبْدِهِ فِي عِتْقٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ، فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا لَزِمَهُ مَا لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ ولم يرده ولا يرده موكله. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ الْوَكِيلِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 هُنَا الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَصْلٍ الْمَسْأَلَةِ وَحَكَاهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَنْ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مِنْ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ نَفْسِهِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ هُنَا، هَذَا مَا يَظْهَرُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ في المقنع4.
وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ الْمَالِ فَفُضُولِيٌّ، وَإِنْ جَهِلَ عَيْبَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ، وَأَخْذُ سَلِيمٍ إلَّا فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ، فَفِي رَدِّهِ وَجْهَانِ "م 23" فَإِنْ مَلَكَهُ فَلَهُ شِرَاؤُهُ إنْ عَلِمَ عَيْبَهُ قَبْلَهُ، وَإِنْ أَسْقَطَ خِيَارَهُ فَحَضَرَ مُوَكِّلُهُ وَرَضِيَ بِهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: عَلَى وَجْهٍ، وَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ لَزِمَ الْوَكِيلَ، وَقِيلَ: الْمُوَكِّلَ، وَلَهُ أَرْشُهُ فِيهِ2 وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ جَهِلَ عَيْبَهُ وَقَدْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وقال: إذا اشتراه. مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ؟ لِأَنَّ الْعَيْبَ إنَّمَا يُخَافُ مِنْهُ نَقْصُ الْمَالِيَّةِ، فَإِذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلثَّمَنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْضَى بِهِ، أَمْ لَا يَقَعُ عَنْ الْمُوَكِّلِ؟ فِيهِ وجهان، فإن ادعى بائعه علم موكله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-23: قَوْلُهُ: "وَأَمَّا إنْ جَهِلَ عَيْبَهُ3 لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَهُ رَدُّهُ قَبْلَ إعْلَامِ مُوَكِّلِهِ، وَأَخْذُ سَلِيمٍ إلَّا فِي شِرَاءٍ مُعَيَّنٍ، فَفِي رَدِّهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَهُ الرَّدُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَشَرْح ابْن رَزِين وَغَيْرهمْ. وَالْوَجْه الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: هَذَا أَوْلَى، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَرُدُّهُ، فِي الْأَظْهَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ قُلْت: وهو الصواب.
الْغَائِبِ بِعَيْبِهِ وَرِضَاهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ، وَرَدَّهُ وَأَخَذَ حَقَّهُ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ: يَقِفُ عَلَى حَلِفِ مُوَكِّلِهِ. وَكَذَا قَوْلُ غَرِيمٍ لِوَكِيلٍ غَائِبٍ فِي قَبْضِ حَقِّهِ: أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك، أَوْ: قَبَضَهُ. وَيُحْكَمُ بِبَيِّنَةٍ إنْ حُكِمَ على غائب وَإِنْ حَضَرَ1 الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 24". وَفِي النِّهَايَةِ: يَطَّرِدُ فيه2 رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ، وَفِي اسْتِيفَاءِ حَدٍّ3 وَقَوَدٍ وَسَائِرِ حَقٍّ مَعَ غَيْبَةِ مُوَكِّلٍ وَحُضُورِ وَكِيلِهِ، وَحَكَاهُمَا غَيْرُهُ فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ، اخْتَارَهَا ابْنُ بطة، ورضاء موكل غائب بمعيب "4عزله عن رده4"، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-24: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَضَرَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَ الْبَائِعَ فَهَلْ يَصِحُّ الرَّدُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ والشرح5 وشرح ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ الرَّدُّ، وَهُوَ بَاقٍ لِلْمُوَكِّلِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، فَيُجَدِّدُ الْمُوَكِّلُ الْعَقْدَ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: يَصِحُّ الرَّدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ" انْتَهَى قُلْت: الصَّوَابُ إنْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْإِخْبَارِ انْبَنَى عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْإِخْبَارِ لم يصح الرد، والله أعلم.
ولا يصح. بَيْعُهُ نَسَاءً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ غَالِبِهِ، كَنَفْعٍ وَعَرَضٍ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُوجَزِ، وَكَمَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ ثَلْجٍ فِي الصَّيْفِ، وَفَحْمٍ فِي الشِّتَاءِ فَخَالَفَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، كَقَوْلِهِ: كَيْفَ شِئْت، كَمُضَارِبٍ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ يَبِيعُ وَكِيلٌ حَالًا بِنَقْدِ مِصْرِهِ وَغَيْرِهِ لَا نَسَاءً وَفِي الِانْتِصَارِ يُحْتَمَلُ يَلْزَمُهُ النَّقْدُ أَوْ مَا نَقَصَ وَإِنْ ادَّعَيَا إذْنًا فِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِمَا أَوْ فِي الشِّرَاءِ بِكَذَا قُبِلَ قَوْلُهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُضَارِبِ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَا شَيْءٌ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيهِ. وَقِيلَ: لَا، فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ كَاذِبًا فِي دَعْوَاهُ حَلَّ وَإِلَّا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ بَاطِنًا لِيَحِلَّ، فَإِنْ قَالَ: بِعْتُكَهُ إنْ كَانَ لِي، أَوْ: إنْ كُنْت أَذِنْت فِي شِرَائِهِ بِكَذَا، فَقِيلَ: يَصِحُّ، لِعِلْمِهِمَا وُجُودَ الشَّرْطِ، كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ عَلِمَا وُجُودَهُ لَا يُوجِبُ وُقُوفَ الْبَيْعِ وَلَا شَكًّا فِيهِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، لِتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ "م 25" وَفِي الْفُصُولِ: أَصْلُ هَذَا إنْ كَانَ غدا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-25: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ فِي أَنَّهُ أَذِنَ لَهُمَا فِي الْبَيْعِ نَسَاءً: "لَوْ قَالَ: بِعْتُكَهُ إنْ1 كَانَ لِي، أَوْ إنْ كُنْت أَذِنْت فِي شِرَائِهِ بِكَذَا، فَقِيلَ: يَصِحُّ، لِعِلْمِهِمَا وُجُودَ الشَّرْطِ، كَبِعْتُك هَذِهِ الْأَمَةَ إنْ كَانَتْ أَمَةً، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ عَلِمَا وُجُودَهُ لَا يُوجِبُ وُقُوفَ الْبَيْعِ" فَلَا يُؤَثِّرُ "شَكًّا فِيهِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، لتعليقه بشرط".
من رمضان ففرض. وَإِلَّا فَنَفْلٌ. وَإِنْ لَمْ يَبِعْ أَذِنَ حَاكِمٌ لَهُ فِي بَيْعِهِ أَوْ بَاعَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ: وَلَا يَسْتَوْفِيهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَقِيلَ: يَبِيعُهُ وَيَأْخُذُ مَا غَرِمَهُ مِنْ ثَمَنِهِ "1وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بَاعَ حَاكِمٌ1" وَفِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ لَا يَحِلُّ، وَهَلْ يَقِرُّ بِيَدِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ كَذَّبَ الْبَائِعُ الْوَكِيلَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لِغَيْرِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ صُدِّقَ، فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ عِلْمَهُ حَلَفَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ كَانَ الشِّرَاءُ فِي الذِّمَّةِ وَادَّعَى أَنَّهُ يَبْتَاعُ بِمَالِ الْوَكَالَةِ فَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ فَقِيلَ: يَبْطُلُ، كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا، وَكَقَوْلِهِ: قَبِلْت النِّكَاحَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيُنْكِرُ الْوَكَالَةَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، فَإِذَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ: مَا أَذِنَ لَهُ، لَزِمَ الْوَكِيلَ، "1وَفِي التَّبْصِرَةِ: كُلُّ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ نَسَاءً1"، وَبَيْعُهُمَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا2 وَشِرَاؤُهُمَا بأكثر قيل: كفضولي، نص عليه، فإن تلف. فضمن ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَظَاهِرُ الْكَافِي5 إطْلَاقُ الْخِلَافِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي5، وَمَالَ إلَيْهِ هُوَ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وذكر المصنف كلامه في الفصول.
الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى مُشْتَرٍ لِتَلَفِهِ عِنْدَهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ ضَمَانِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا، قِيلَ: لَا يُغْبَنُ بِهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا "م 26 و 27" وعلى الصِّحَّةِ لَا يَضْمَنُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ وَصَبِيٌّ لِنَفْسِهِ، وَيُحْتَمَلُ فِيهِ: يَبْطُلُ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَيَصِحُّ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ، وَقِيلَ: مِنْ جِنْسِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا يَلْزَمُهُ الفسخ، لزيادة مدة خيار، وفيه وجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-26-27: قَوْلُهُ: "وَبَيْعُهُمَا بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا وَشِرَاؤُهُمَا بأكثر قيل: كفضولي، نص عليه، فإن تلف فَضَمَّنَهُ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي، كَتَلَفِهِ عِنْدَهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَنَصَّ عَلَيْهِ مَعَ ضَمَانِهِ زِيَادَةً وَنَقْصًا، وَقِيلَ: لَا يُغْبَنُ عَادَةً، وَقِيلَ: مُطْلَقًا" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-26: إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ زِيَادَةً فَهَلْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ كَفُضُولِيٍّ أَوْ يَصِحُّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَغَيْرِهِمَا. قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ: قَالَهُ الْأَكْثَرُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: هُوَ كَفُضُولِيٍّ. وَالصَّحِيحُ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ انْتَهَى. وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، نَصَّ عَلَيْهَا، وَصَحَّحَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ أُصُولُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الموفق وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ قُلْت وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَنْزِعُ إلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي4. تَنْبِيهٌ: سَوَّى الْمُصَنِّفُ بَيْنَ مَا إذَا بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ نَقْصًا وَبَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْهُ زِيَادَةً، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ1 حَيْثُ قَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الصِّحَّةَ، وَقَطَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ بِعَدَمِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: الثَّالِثُ: الْفَرْقُ، كما تقدم.
وَهَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بِشَرْطِ خِيَارٍ له؟ وقيل: مطلقا، وتزكية بينة ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-27: إذَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ وَالنَّقْصَ، وَأَطْلَقَ فِي قَدْرِهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: هُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ مَا بَاعَ بِهِ وَثَمَنِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحُ: هَذَا أَقْيَسُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ قَدْرُ مَا بَيْنَ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ وَمَا لَا يَتَغَابَنُونَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا إذَا لَمْ يفرط، وهو الصواب.
خَصْمِهِ، وَالْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا؟ فيه وجهان "م 28 - 30" وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 28-30: قَوْلُهُ: "وَهَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بشرط الخيار لَهُ؟ وَقِيلَ: مُطْلَقًا وَتَزْكِيَةُ بَيِّنَةِ خَصْمِهِ وَالْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. شَمَلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-28: هَلْ لِلْوَكِيلِ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ وُكِّلَ فِي بَيْعٍ لَمْ يَشْتَرِطْ لِلْمُشْتَرِي خِيَارًا، وَإِنْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ، وَهَلْ لَهُ شَرْطُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُوَكِّلِهِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فِي خِيَارِ الشَّرْطِ صِحَّةُ ذَلِكَ وَيَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُوَكِّلِهِ أَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ أَيْضًا: إنْ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَهُوَ لِمُوَكِّلِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ، وَإِنْ قَالَ: لِي، فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ قَالَ: لِي وَحْدِي، أَوْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِمَا؟ لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ شَرْطُهُ لِغَيْرِهِمَا إنْ قُلْنَا لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ. وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ رَأَى فِي شَرْطِهِ الْخِيَارَ مَصْلَحَةً كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-29: هَلْ يُسَوَّغُ لِلْوَكِيلِ تَزْكِيَةُ بينة خصمه أم لا؟ أطلق الخلاف: أَحَدُهُمَا: يَسُوغُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، بَلْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ تَعْدِيلِ الْخَصْمِ لِبَيِّنَةِ خَصْمِهِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّامِنَةِ مِنْ بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَوَصْفِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-30: هَلْ يُسَوَّغُ لِلْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ بَانَ مُسْتَحَقًّا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُسَوَّغُ لَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُسَوَّغُ قُلْت: وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ، والصواب في ذلك الرجوع إلى
شرط الخيار فلموكله. وَإِنْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ فَلَهُمَا، وَلَا يَصِحُّ لَهُ1 فَقَطْ، وَيَخْتَصُّ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَيَخْتَصُّ بِهِ مُوَكِّلُهُ إنْ حَضَرَهُ وَحَجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ، وَصِحَّةِ تَوْكِيلٍ في إقرار وصلح وبيع ما استعمله، مع أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ ولزوم فسخه لزيادة في المجلس وبيعه ثانيا إنْ فُسِخَ وَبِيعَ بَدَلَهُ وَجْهَانِ. وَفِي طَرِيقَةِ بعضهم وذكره في المحرر: توكيله في إقرار إقرار "م31،36"، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَبُعْدِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَنَحْوِهِ سَاغَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِلشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ تَعَالِيلُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ. مَسْأَلَةٌ 31-36: قَوْلُهُ: "وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلٍ2 فِي إقْرَارٍ وصلح وبيع ما استعمله مع أنه يضمنه إنْ تَلِفَ3 وَلَا يَضْمَنُ ثَمَنَهُ، وَلُزُومُ فَسْخِهِ لزيادة في المجلس وبيعه ثانيا إن فسخ وَبِيعَ بَدَلَهُ وَجْهَانِ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ تَوْكِيلُهُ4 فِي إقْرَارِ إقْرَارٍ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-31: هَلْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ فِي الْإِرْشَادِ5 وَلَوْ جَعَلَ إلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ عَلَيْهِ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني6 والكافي7 والشرح8
وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يُعْتَبَرُ تَعْيِينُ مَا يُقِرُّ بِهِ وإلا رجع في تفسيره إلى الموكل. قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ وَكِيلَ الْخُصُومَةِ يَمْلِكُ الطعن في الشهود ومدافعتهم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ. لِأَنَّهُ إثْبَاتُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ بِالْقَوْلِ، فجاز التوكيل فيه، كالبيع. انتهى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَأْتِي ذِكْرُهُمْ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-32: هَلْ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي الصُّلْحِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَظَاهِرُ الْإِرْشَادِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ، وَتَبِعَهُ فِي التَّلْخِيصِ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ. يَصِحُّ إجْمَاعًا، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فِي الْحَاجَةِ إلَى التَّوْكِيلِ فِيهِ" انْتَهَى. قُلْت بَلْ هُوَ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-33: هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ مَا اسْتَعْمَلَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ4 شَيْءٍ فَتَعَدَّى فِيهِ بِاسْتِعْمَالِهِ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ الِاسْتِئْمَانِ، فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا: لَمْ يَزُلْ الْآخَرُ. وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ إذَا تَعَدَّى وَجْهَيْنِ، وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الْعَزْلِ، وَذَكَرْنَا مَنْ اخْتَارَ كل قول، فليعاود5. والوجه الثاني: لا يصح.
وَسَمَاعَ الْبَيِّنَةِ لِضَرُورَةِ الْمُخَاصَمَةِ1، وَيَلْزَمُهُ طَلَبُ الْحَظِّ لموكله. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-34: هَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ فَسْخُ الْعَقْدِ لِزِيَادَةٍ حَصَلَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا: لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمُزَايِدَ قَدْ لَا يَثْبُتُ عَلَى الزِّيَادَةِ، فَلَا يَلْزَمُ الْفَسْخُ بِالشَّكِّ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: قُلْت: وَيُحْتَمَلُ لُزُومُهُ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الثَّمَنِ أَمْكَنَ تَحْصِيلُهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ جَاءَتْهُ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَالنَّهْيُ يُتَوَجَّهُ إلَى الَّذِي زَادَ لَا إلَى الْوَكِيلِ" انْتَهَى. قُلْت: وَالنَّفْسُ تميل إليه. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ-35: هَلْ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَكِيلِ لَهُ ثَانِيًا إنْ فَسَخَ الْعَقْدَ مِثْلَ أَنْ يَظْهَرَ فِيمَا بَاعَهُ مَا يُوجِبُ الرَّدَّ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَوْ يَفْسَخُ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا؟ أَوْ يَفْسَخُ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَحْوِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِذَلِكَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ-36: هَلْ لِلْوَكِيلِ بَيْعُ بَدَلِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ لَوْ أَتْلَفَ مُتْلِفٌ مَا وُكِّلَ فِيهِ وَأَخَذَ بدله: أحدهما: له ذلك ويصح.
وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ: دَلِيلُ الْعُرْفِ فِي إبْطَالِ بيعه بدون ثمن المثل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ1 فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى الرَّهْنِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ الْمَأْذُونِ لَهُ بَيْعُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَذَكَرْنَا أَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحَ نَقَلَا عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَهُ بَيْعُهُ، وَاقْتَصَرَا عَلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ. تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ 3: قَوْلُهُ: "وَفِي صِحَّةِ تَوْكِيلٍ" الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ "وَصِحَّةُ تَوْكِيلٍ" بِإِسْقَاطِ لَفْظَةِ "فِي" وَوُجِدَ عَلَى الْهَامِشِ "الظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا لَفْظَةَ فِي" وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ وَجْهَانِ انْتَهَى. وقول المصنف: "ولا يضمن" الْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ الْقَدِيمَةِ "لَا يَضْمَنُ" بِإِسْقَاطِ "الْوَاوِ" وَمَكَانُهَا بَيَاضٌ، وَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ: الظَّاهِرُ أَنَّ فِي هَذَا الْبَيَاضِ وَاوًا وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَنَبَّهَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ. الثَّانِي 3: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي الْإِقْرَارِ وَالصُّلْحِ نَظَرٌ، مَعَ قَطْعِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ بِالصِّحَّةِ، لَا سِيَّمَا فِي الصُّلْحِ. وَقَدْ قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: يَصِحُّ فِيهِ إجْمَاعًا. الثَّالِثُ 3: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: "وَبَيْعُ مَا اسْتَعْمَلَهُ" إذَا تَعَدَّى بِاسْتِعْمَالِهِ هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادُهُ فَقَدْ قَالَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ: وَفِي تَعَدِّي وَكِيلٍ كَلُبْسِ ثَوْبٍ وَجْهَانِ، فَحَصَلَ مِنْهُ تَكْرَارٌ فِيمَا يظهر.
ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ بِالطَّبْعِ يَرْغَبُ فِي بَيْعِهِ بِفَوْقِ ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَمَعَ هَذَا لَوْ قَدَرَ الْوَكِيلُ على بَيْعِهِ بِزِيَادَةٍ فَبَاعَ بِالْمِثْلِ لَزِمَ الْبَيْعُ الْمُوَكِّلَ بِلَا خِلَافٍ، فَبَطَلَتْ قَرِينَةُ الْعُرْفِ إذًا، كَذَا قَالَ، وَيُشْبِهُ هَذَا مَنْ وَكَّلَ فِي الصَّدَقَةِ بمال هل له دفعه ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعُ1: قَوْلُهُ: "وَلُزُومُ فَسْخِهِ لِزِيَادَةٍ فِي الْمَجْلِسِ وَجْهَانِ" مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ "وَلَا يَلْزَمُهُ الْفَسْخُ لِزِيَادَةِ مُدَّةِ خِيَارٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ" فَقَدَّمَ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ خِيَارِ الشَّرْطِ، وَبِتِلْكَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ تَعْلِيلِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ شُمُولُ الْخِيَارَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَمْ نَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: وَإِنْ بَاعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَحَضَرَ مَنْ يُزِيدُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَلَمْ نر المسألة في غير هذه الكتب والله أعلم. الْخَامِسُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْإِقْرَارِ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ قَالَ بِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهِ، وَقَدْ قَاسُوهُ عَلَى الْبَيْعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الْإِقْرَارِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ: التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ انْتَهَى. وَلَنَا قَوْلُ إنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِ إقْرَارٌ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْفَخْرُ فِي طَرِيقَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وغيرهم. قال في الرعاية الصغرى: وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ إقْرَارٌ، فِي الْأَصَحِّ انْتَهَى. قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيهِ. أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ فِيهِ إقْرَارًا، قَوْلًا وَاحِدًا، أَوْ يُقَالُ: الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ هُنَاكَ إذَا قُلْنَا: يَصِحُّ التَّوْكِيلُ، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَصِحُّ، كَانَ إقرارا، والله أعلم.
إلَى مُسْتَحِقٍّ غَيْرُهُ أَحَقُّ؟ وَيَتَوَجَّهُ الْفَرْقُ، لِأَنَّ الْقَصْدَ غَالِبًا مَعَ الْإِطْلَاقِ الصَّدَقَةُ عَلَى مُسْتَحِقٍّ لَا طَلَبُ الْأَحَقِّ، هُنَا بِالْعَكْسِ، وَنَصْرُ هَذَا فِي طَرِيقَتِهِ إبْطَالُ الْبَيْعِ فِي بَيْعِهِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ تَثْبُتُ بِمَا هُوَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ بِالْبَيْعِ، وَهَذَا سَهْوٌ. وَفِي النَّوَادِرِ تَنَازَعَا فِي كِتَابٍ وَبَيْنَهُمَا عَارِفٌ فَحَكَّمَاهُ فَوَكَالَةٌ بِإِقْرَارٍ مُعَلَّقَةٌ بِشَرْطٍ فَتَصِحُّ، لَا حُكْمٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ولا يصح توكيله في كل قليل وكثير
فصل: وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ زَادَ الْأَزَجِيُّ: بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَأَنَّ مِثْلَهُ وَكَّلْتُكَ فِي شِرَاءِ مَا شِئْتَ مِنْ الْمَتَاعِ الْفُلَانِيِّ، وَأَنَّهُ إنْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِمَا إلَيَّ مِنْ التصرفات احتمل البطلان، واحتمل الصحة. كَمَا لَوْ نَصَّ عَلَى الْإِفْرَادِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، كَبَيْعِ مَالِهِ أَوْ الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ مَا شَاءَ منه. قال المروذي: بعث. بِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي حَاجَةٍ، وَقَالَ: كُلُّ شَيْءٍ تَقُولُهُ عَلَى لِسَانِي فَأَنَا قُلْتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي بِعْ مِنْ مَالِي مَا شِئْتَ، لَهُ بَيْعُ كُلِّ مَالِهِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي بِعْ مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْتَ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، فَلَا يَبِيعُهُمْ إلَّا وَاحِدًا وَلَا الْكُلَّ، لِاسْتِعْمَالِ هَذَا فِي الْأَقَلِّ غَالِبًا، وَقَالَ: وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، كَذَا قَالَ، وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْمُوصَى إلَيْهِ1: تَصَدَّقْ مِنْ مَالِي، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ إنْ وَكَّلَهُ فِي أَحَدِ شَيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ كَطَلَاقِ وَعِتْقِ إحْدَاهُمَا لَمْ يَصِحَّ، لِجَهَالَةِ الْوَكَالَةِ. وَإِنْ قال: اشتر عبدا أو ما شئت. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَقِيلَ: إنْ ذَكَرَ نَوْعَهُ، وَعَنْهُ: وَقَدْرَ ثَمَنِهِ، وَقِيلَ: أَقَلَّهُ وَأَكْثَرَهُ "م 37" وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي شِرَاءَ عَبْدٍ. مُسْلِمٍ، عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، لِجَعْلِهِ الْكُفْرَ عَيْبًا. وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ يَنْقُدُ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ صَحَّ، في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-37: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا أَوْ مَا شِئْتَ، فَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَقِيلَ: إنْ ذَكَرَ نوعه، وعنه: وقدر ثمنه، وقيل: أقله وأكثره" انتهى. الصحيح من الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ حَتَّى يَذْكُرَ النَّوْعَ وَقَدْرَ الثَّمَنِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، قَالَهُ في التلخيص، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِ: وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ، بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رَجُلَيْنِ، قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ: إنَّهُ جَائِزٌ، وَأَعْجَبَهُ، وَقَالَ: هَذَا تَوْكِيلٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إذَا أَطْلَقَ وَكَالَتَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي سَائِرِ حُقُوقِهِ، وَجَازَ بَيْعُهُ عَلَيْهِ وَابْتِيَاعُهُ لَهُ، وَكَانَ خَصْمًا فيما يدعيه لموكله ويدعي عليه بعد2 ثُبُوتَ وَكَالَتِهِ عَنْهُ انْتَهَى. وَقِيلَ: يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ أَوْ قَدْرُ الثَّمَنِ انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ: "وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي شِرَاءَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ، لِجَعْلِهِ الكفر عيبا" انتهى. ظَاهِرُهُ: أَنَّ غَيْرَ ابْنِ عَقِيلٍ يُجَوِّزُ شِرَاءَ الْكَافِرِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ بِعَيْبٍ عِنْدَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَيَتَعَيَّنُ شِرَاءُ مُسْلِمٍ.
الْأَصَحِّ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِعَكْسِهِ فَخَالَفَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَقْدُ مَعَ فَقِيرٍ وَقَاطِعِ طَرِيقٍ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَيَتَعَيَّنُ مَكَانَ عَيْنِهِ لِغَرَضٍ وَمُشْتَرٍ، وَقَالَ الشيخ. إلَّا مَعَ قَرِينَةٍ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ بِكَذَا حَالًا أَوْ1 لَا يَبِيعُ بِكَذَا نَسَاءً فَخَالَفَ فِي حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَ بِدِينَارٍ فَوَجْهَانِ "م38" وَبِدِرْهَمٍ وَعَرَضٍ فَالْأَصَحُّ لَا يَبْطُلُ فِي زَائِدٍ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الدِّرْهَمُ بِآخَرَ، لَهُ عَمَلٌ بِظَنِّهِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ حكما، ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-38: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِدِرْهَمٍ فَبَاعَهُ بِدِينَارٍ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
الْقَاضِي وَإِنْ قَالَ: اشْتَرِ هَذَا بِمِائَةٍ، صَحَّ بِأَقَلَّ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، بِخِلَافِ لَا تَشْتَرِهِ إلَّا بِهَا، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ، وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ فَفِيمَا دُونَ الْخَمْسِينَ وَجْهَانِ "م 39". وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِيهِ بِأَقَلَّ أَوْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا يُسَاوِيهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا،. صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ: فُضُولِيٌّ وَإِنْ بَقِيَ مَا يُسَاوِيهِ فَفِي بَيْعِ الْآخَرِ وَجْهَانِ "م 40". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 39: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لَا بِخَمْسِينَ فَفِيمَا دُونَ الْخَمْسِينَ وَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الْكَافِي1 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قَالَ اشْتَرِهِ بِمِائَةٍ وَلَا تَشْتَرِهِ بِخَمْسِينَ فَلَهُ شِرَاؤُهُ بِمَا فَوْقَ الْخَمْسِينَ، لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى دَلَالَةِ الْعُرْفِ انْتَهَى. فَدَلَّ كُلٌّ2 مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ بِدُونِ الْخَمْسِينَ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَهُوَ الصواب، لأنه مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمَا دُونَ الْخَمْسِينَ جَازَ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ" انْتَهَى. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ الصِّحَّةَ. مَسْأَلَةٌ-40: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدًا بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى مَا يُسَاوِيهِ بِأَقَلَّ أَوْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا: يُسَاوِيهِ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا، صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ، كَفُضُولِيٍّ وَإِنْ بَقِيَ5 مَا يُسَاوِيهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 والفائق وغيرهم:
وفي عيون المسائل. إنْ سَاوَى كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ دِينَارٍ صَحَّ لِلْمُوَكِّلِ لَا لِلْوَكِيلِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يُسَاوِي نِصْفَ دِينَارٍ فَرِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا يَصِحُّ، وَيَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ، لِخَبَرِ عُرْوَةَ1. وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ كَشَرْطِهِ عَلَى وَكِيلٍ فِي بَيْعٍ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَمْ تَصِحَّ الْوَكَالَةُ. وَوَكِيلُهُ فِي خُلْعٍ بِمُحَرَّمٍ كَهُوَ، فَلَوْ خَالَعَ بِمُبَاحٍ صَحَّ بِقِيمَتِهِ2، وَإِنْ أَمَرَ بِبَيْعِ عَبْدٍ فَبَاعَ بَعْضَهُ بِثَمَنِ كُلِّهِ صَحَّ، وَلَهُ3 بَيْعُ بَقِيَّتِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، إنْ "4لَمْ يَبِعْ4" بَقِيَّتَهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَقِيلَ عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَصِحُّ بَيْعُهُ إنْ كَانَتْ الْبَاقِيَةُ تُسَاوِي الدِّينَارَ. قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِحَدِيثِ عُرْوَةَ5. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَدَّمَهُ قُلْت، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا ظَاهِرُ حَدِيثِ عُرْوَةَ لَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّاةَ الَّتِي أَتَى بِهَا عُرْوَةَ تُسَاوِي دِينَارًا، وَإِنَّمَا أَتَى بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَلَكِنْ يَرُدُّهُ كَوْنُهُ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ شَاةٍ بِدِينَارٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي6 وَكَذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ. وَقَالَ فِي الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ مِنْ الْقَوَاعِدِ: لَوْ بَاعَ أحدهما: بدون إذنه ففيه طريقان:
وَيَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ عَبْدَيْنِ وَبَعْضُ صُبْرَةٍ لَمْ يُؤْمَرْ بِالْبَيْعِ صَفْقَةً، وَإِنْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ لَمْ يَصِحَّ شِرَاءُ اثْنَيْنِ مَعًا، وَيَصِحُّ شِرَاءُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أُمِرَ بِهِمَا، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ "1وَإِنْ وَكَّلَ فِي1" قَبْضِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ لَمْ يُصَارَفْ، وَإِنْ أَخَذَ رَهْنًا أَسَاءَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَإِنْ عَيَّنَ قَبْضَهُ مِنْ زَيْدٍ تَعَيَّنَ أَوْ وَكِيلُهُ، وَإِنْ قَالَ حَقِّي الَّذِي قِبَلَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَمِنْهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ، وَإِنْ قَالَ اقْبِضْهُ الْيَوْمَ لَمْ يَقْبِضْهُ غَدًا، وَلِوَكِيلِهِ فِي شِرَاءِ حِنْطَةٍ أَوْ طَعَامٍ شِرَاءُ بُرٍّ فَقَطْ، لِلْعَادَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، لا دقيقه "هـ". وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَشْتَرِي خُبْزَ بُرٍّ مَعَ وُجُودِهِ، لِلْعَادَةِ، وَمَنْ أَمَرَ بِدَفْعِ ثَوْبٍ إلَى قَصَّارٍ مُعَيَّنٍ فَدَفَعَهُ وَنَسِيَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ الْمَالِكُ فَدَفَعَهُ إلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ عَيْنَهُ وَلَا اسْمَهُ وَلَا دُكَّانَهُ ضَمِنَهُ، لِتَفْرِيطِهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إذَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ، وَإِنْ وَكَّلَ مُودَعًا أَوْ غَيْرَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِإِشْهَادٍ وَقِيلَ: وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَقَضَاهُ بِدُونِهِ ضَمِنَ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إنْ كَذَّبَهُ، وَعَنْهُ: لَا، مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، كَقَضَائِهِ بِحَضْرَتِهِ وَوَكِيلٍ فِي إيدَاعٍ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الثَّانِيَةِ رِوَايَةً، وَإِنْ قَالَ: أَشْهَدْت فَمَاتُوا، أَوْ أَذِنْت فِيهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، أَوْ قَضَيْت بِحَضْرَتِك، صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ، لِلْأَصْلِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْأُولَى لَا، وَأَنَّ فِي الثَّانِيَةِ الْخِلَافَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ. وَيَجُوزُ تَوْكِيلُهُ بِجُعْلٍ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً، أَوْ يُعْطِيهِ مِنْ الْأَلْفِ شيئا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَخْرُجُ عَلَى تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ صحيح، وجها واحدا، وهو المنصوص" انتهى.
مَعْلُومًا، لَا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ1 وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ مُعَيَّنٍ فَفِي الصحة خلاف "م 41" وبعه2 "3بكذا فَمَا زَادَ لَك، قَالَ أَحْمَدُ: هَلْ هَذَا إلَّا كَالْمُضَارَبَةِ، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا3"4 وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً إنْ صَحَّ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ قَبْلَ تَسْلِيمِ ثمنه؟ يتوجه الخلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-41: قَوْلُهُ: "وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِجَعْلٍ مَعْلُومٍ أَيَّامًا مَعْلُومَةً أَوْ يُعْطِيهِ مِنْ الْأَلْفِ شَيْئًا مَعْلُومًا، لَا مِنْ كُلِّ ثَوْبٍ كَذَا لَمْ يَصِفْهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ ثَمَنَهُ، وَإِنْ عَيَّنَ الثِّيَابَ الْمُعَيَّنَةَ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ مُعَيَّنٍ فَفِي الصحة خلاف" انتهى: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لا يصح.
وَفِي الْمُغْنِي1: يَسْتَحِقُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَيْهِ "م 42". وَيَفْسُدُ بِجُعْلٍ مَجْهُولٍ. وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ بِالْإِذْنِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَإِنْ ادَّعَى وَكَالَةً فِي قَبْضِ حَقٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ تَقْبِيضُهُ مَعَ تَصْدِيقِهِ، وَلَا الحلف مع تكذيبه، كدعوى وصية، وعكسه ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-42: قوله: "وبعه بكذا فما زاد لك" صَحِيحٌ ... "وَيَسْتَحِقُّهُ بِبَيْعِهِ نَسِيئَةً إنْ صَحَّ، وَهَلْ يستحقه قبل تسليم ثمنه؟ يتوجه الخلاف. وفي المغني1: يستحقه ما لم يشترط عليه". قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ الْجُعْلُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ انْتَهَى، وَقَالَهُ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرِهِ قُلْت الصَّوَابُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَّا إذَا قُلْنَا لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ بِقَوْلِ الموكل أو بقرينة فلا يستحقه حتى يتسلم3 الثَّمَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي وَقْتِ مِلْكِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ هَلْ هُوَ بِالظُّهُورِ؟ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، أَوْ بِالْقِسْمَةِ؟ وَقَالَ شَيْخُنَا: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ هَلْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ؟ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَفِي قَبْضِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَ عدم الجواز.
دَعْوَاهُ مَوْتَ رَبِّ الْحَقِّ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ وَحْدَهُ وصدقه وإن ادعى. أَنَّهُ مُحْتَالٌ فَأُولَى الْوَجْهَيْنِ كَالْوَكَالَةِ "م 43" وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ، فَلَا يُطَالِبُهُ وَتُعَادُ لِغَائِبٍ مُحْتَالٍ بَعْدَ دَعْوَاهُ، فَيُقْضَى بِهَا لَهُ إذَنْ وَمَتَى أَنْكَرَ رَبُّ الْحَقِّ الْوَكَالَةَ حَلَفَ وَرَجَعَ عَلَى الدَّافِعِ إنْ كَانَ دَيْنًا، وَهُوَ عَلَى الْوَكِيلِ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ تَعَدِّيهِ، وإن كان عينا أخذها. وَلَا يَرْجِعُ مَنْ ضَمَّنَهُ بِهَا عَلَى الْآخَرِ، وَمَتَى لَمْ يُصَدِّقْ الدَّافِعُ الْوَكِيلَ رَجَعَ عَلَيْهِ، ذكره شيخنا "و" قال: ومجرد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-43: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُحْتَالٌ فَأَوْلَى الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ كَالْوَكَالَةِ" انْتَهَى، هَذَا الْوَجْهُ الَّذِي قَالَ إنَّهُ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ: هَذَا الْوَجْهُ أَشْبَهُ وَأَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ ابْنُ مُصَنِّفِ الْمُحَرَّرِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِوَالِدِهِ: أَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الدَّفْعِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَوَلَدَ الْمَجْدُ لَهُ زَوَائِدَ عَلَى شَرْحِ الْهِدَايَةِ الَّتِي لِوَالِدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْهَا. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1: لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي جَوَازِ مَنْعِ الْوَكِيلِ كَوْنُ الدَّافِعِ لَا يَبْرَأُ. وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا، وَالْعِلَّةُ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ إلَى الْوَارِثِ كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا، وَالدَّفْعُ إلَيْهِ يُبْرِئُ، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ هُنَا، فَإِلْحَاقُهُ بِالْوَكِيلِ أَوْلَى. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ مَعَ التَّصْدِيقِ وَالْيَمِينُ مَعَ الْإِنْكَارِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَزِمَهُ ذَلِكَ، فِي الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وغيرهم.
التَّسْلِيمِ لَيْسَ تَصْدِيقًا قَالَ: وَإِنْ صَدَّقَهُ ضَمِنَ أَيْضًا، وَفِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، بل نصه "وم" لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يَتَبَيَّنْ صِدْقُهُ فَقَدْ غَرَّهُ، نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ بَعَثَ رَجُلًا إلَى مَنْ لَهُ عِنْدَهُ دَرَاهِمُ أَوْ ثِيَابٌ يَأْخُذُ1 دِرْهَمًا أَوْ ثَوْبًا فَأَخَذَ أَكْثَرَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَاعِثِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الرَّسُولِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ. وَمَنْ أُخْبِرَ بِتَوْكِيلٍ وَظَنَّ صِدْقَهُ تَصَرَّفَ وَضَمِنَ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إذَا تَصَرَّفَ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْخَبَرِ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَعَدَمِهَا، وَإِسْقَاطِ التُّهْمَةِ فِي شَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَبُولُ الْهَدِيَّةِ إذَا ظَنَّ2 صِدْقَهُ وَأَذِنَ الْغُلَامُ فِي دُخُولِهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ. وَلَوْ شَهِدَ بِالْوَكَالَةِ اثْنَانِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا قَدْ عَزَلَهُ لَمْ تَثْبُتْ الْوَكَالَةُ، وَيَتَوَجَّهُ: بَلَى، كَقَوْلِهِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّتِهَا، وَكَقَوْلِ وَاحِدٍ غَيْرِهِمَا، وَلَوْ أَقَامَا الشَّهَادَةَ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى الْوَكِيلِ فَشَهِدَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَ هَذَا. الرَّجُلَ فِي كَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَ أَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ هَذَا وَأَنَا أَتَصَرَّفُ عَنْهُ ثَبَتَتْ وَكَالَتُهُ، وَعَكْسُهُ مَا أَعْلَمُ صِدْقَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَ قِيلَ فَسِّرْ، وَمَنْ قَصَدَ بَيَانَ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ رَتَّبَهُ عليه ولم يتعرض لجميع شروطه وموانعه3، لِأَنَّهُ عَسِرٌ إذْ الْقَصْدُ بَيَانُ اقْتِضَاءِ السَّبَبِ لِلْحُكْمِ فَلَوْ قَالَ: أَعْطِ هَذَا لِلْفُقَرَاءِ أَوْ نحوهم استأذنه في عدوه وفاسق. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً الْخِلَافُ فِيهَا مُطْلَقٌ.
وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ كَذَا وَكَذَا عُدَّ لُكْنَةً وَعِيًّا، وَلَوْ قَالَ: مَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ فَاقْطَعْهُ1 حَسُنَ أَنْ يُرَاجِعَهُ فِيمَنْ سَعَى لَهُ فِي مَصْلَحَةٍ عَظِيمَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْسُنْ التَّقْيِيدُ مِنْهُ، وَكَذَا قَوْلُ الطَّبِيبِ: اشْرَبْهُ لِلْإِسْهَالِ فَعَرَضَ ضَعْفٌ شَدِيدٌ أَوْ إسْهَالٌ، ذَكَرَ ذلك شيخنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الشركة
كتاب الشركة أقسام الشركة وأحكامها أقسام الشركة - القسم الأول: المضاربة ... كِتَابُ 1 الشَّرِكَةِ لَا تُكْرَهُ مُشَارَكَةُ كِتَابِيٍّ إنْ وَلِيَ الْمُسْلِمُ التَّصَرُّفَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: ذِمِّيٍّ، وَكَرِهَهُ الْأَزَجِيُّ، كَمَجُوسِيٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَتُكْرَهُ مُعَامَلَةٌ مِنْ مَالِهِ حَلَالٍ وَحَرَامٍ يُجْهَلُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ غَلَبَ الْحَرَامُ، وَقِيلَ: أَوْ جَاوَزَ ثُلُثَهُ. وَإِنْ خُلِطَ زَيْتٌ حَرَامٌ بِمُبَاحٍ تَصَدَّقَ بِهِ، هَذَا مُسْتَهْلَكٌ، وَالنَّقْدُ يُتَحَرَّى، قَالَهُ أَحْمَدُ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ و2النَّوَادِرِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الزَّيْتِ: أَعْجَبُ إلَيَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ، هَذَا غَيْرُ الدَّرَاهِمِ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِي الدَّرَاهِمِ تَحْرُمُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْحَلَالُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عَدِيِّ فِي الصَّيْدِ3، وَعَنْهُ أَيْضًا: إنَّمَا قُلْتُهُ فِي دِرْهَمٍ حَرَامٍ مَعَ آخَرَ، وَعَنْهُ: فِي عَشَرَةٍ فَأَقَلَّ لَا تَجْحَفُ بِهِ، وَاخْتَارَ الْأَصْحَابُ لَا يَخْرُجُ قَدْرَ الْحَرَامِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: ثُمَّ لَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّ مِنْ الْوَرَعِ تَرْكُهُ، وَفِي الْخِلَافِ فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي الطَّاهِرَةِ بِالنَّجِسَةِ ظَاهِرُ مَقَالَةِ أَصْحَابِنَا يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَأَبَا عَلِيٍّ النَّجَّادَ وَأَبَا إِسْحَاقَ: يتحرى في عشرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَاهِرَةٍ فِيهَا إنَاءٌ نَجِسٌ، لِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الدَّرَاهِمِ فِيهَا دِرْهَمٌ حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَتْ عَشَرَةٌ أَخْرَجَ قَدْرَ. الْحَرَامِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ امْتَنَعَ مِنْ جَمِيعِهَا. قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ هَذَا حَدًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الِاعْتِبَارُ بِمَا كَثُرَ عَادَةً، وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: قَدْ قُلْتُمْ إذَا اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ حَرَامٌ بِدَرَاهِمَ يَعْزِلُ قَدْرَ الْحَرَامِ وَيَتَصَرَّفُ فِي الْبَاقِي ; فَقَالَ: إنْ كَانَ لِلدِّرْهَمِ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا وَإِلَّا عَزَلَ قَدْرَ الْحَرَامِ وَتَصَرَّفَ فِي الْبَاقِي، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا فَهُوَ شَرِيكٌ مَعَهُ، فَهُوَ يَتَوَصَّلُ إلَى مُقَاسَمَتِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ مَالٌ لِلْفُقَرَاءِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قِيَاسُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُتَحَرَّى فِي الْمَسْلُوخَتَيْنِ، لِأَنَّهُ قَالَ فِي دِرْهَمٍ غَصْبٍ اخْتَلَطَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ: يُعْزَلُ قَدْرُ الْحَرَامِ وَيَتَصَرَّفْ فِيمَا بَقِيَ، وَلَمْ يُتَحَرَّ فِي الدَّرَاهِمِ، وَمَتَى جُهِلَ قَدْرُهُ تَصَدَّقَ بِمَا يَرَاهُ حَرَامًا، قَالَهُ أَحْمَدُ، فَدَلَّ أَنَّهُ يَكْفِيهِ الظَّنُّ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ أَحْمَدُ: "1لَا تَبْحَثْ عَنْ شَيْءٍ مَا لَمْ تَعْلَمْ فَهُوَ خَيْرٌ1"، وَبِأَكْلِ الْحَلَالِ تُطَمْئِنُ الْقُلُوبُ وَتَلِينُ وَيُعْتَبَرُ فِي الشَّرِكَةِ الْعَاقِدَانِ كَوَكَالَةٍ. وَأَقْسَامُهَا الصَّحِيحَةُ أَرْبَعَةٌ. أَحَدُهَا: الْمُضَارَبَةُ: وَهِيَ دَفْعُ مَالِهِ الْمَعْلُومِ، لَا صُبْرَةِ نَقْدٍ وَلَا أَحَدِ كِيسَيْنِ سَوَاءٌ إلَى مَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ لَهُ أَوْ لِعَبْدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ مَعَ عَمَلٍ مِنْهُ كَنِصْفِ رِبْحِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: مِنْ أحد الشريكين فيها عمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَدَنٍ وَمِنْ الْآخَرِ مَالٌ هُوَ أَعْيَانٌ تَتَمَيَّزُ بِالْعَمَلِ عَلَيْهَا، وَيَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهَا بِبَعْضِ نَمَائِهَا، فَظَاهِرُهُ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمَالِ وَقْتَ الْعَقْدِ، فَإِنْ قَالَ: وَرِبْحُهُ بَيْنَنَا، فَنِصْفَانِ، وَإِنْ قَالَ: لَك وَالْأَصَحُّ: أَوْ لِي ثُلُثُهُ صَحَّ، وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ، وَإِنْ أُتِيَ مَعَهُ بِرُبُعِ عُشْرِ الْبَاقِي وَنَحْوِهِ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ اخْتَلَفَا لِمَنْ الْمَشْرُوطُ فَلِلْعَامِلِ، وَإِنْ قَالَ: خُذْهُ فَاتَّجِرْ بِهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِي، فَإِبْضَاعٌ، وَإِنْ قَالَ: لَك، فَقَرْضٌ1، وَإِنْ قَالَ: خُذْهُ مُضَارَبَةً وَرِبْحُهُ لِي أَوْ قَالَ: لَك، فَسَدَتْ وَلَا تَصِحُّ هِيَ وَشَرِكَةُ عِنَانٍ2 بِعَرَضٍ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَفِي الصِّحَّةِ بِمَغْشُوشَةٍ وَفُلُوسٍ نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ: أَوْ لَا وَجْهَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي فُلُوسٍ نَافِقَةٍ رِوَايَتَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1: قَوْلُهُ: "وَفِي الصِّحَّةِ بِمَغْشُوشَةٍ وَفُلُوسٍ نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ: أَوْ لَا وَجْهَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي فُلُوسٍ نَافِقَةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، ذَكَرُوهُ فِي الْمُضَارَبَةِ، والكافي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير وشرح4 ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ4 فِي الْمَغْشُوشَةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 فِي الْفُلُوسِ وَقَالَا: حُكْمُ المغشوش حكم المعروض7، وقد قالا: لا
وَلَا أَثَرَ هُنَا، وَفِي الرِّبَا وَغَيْرِهِمَا لِغِشٍّ1 يسير لمصلحته، كَحَبَّةِ فِضَّةٍ وَنَحْوِهَا فِي دِينَارٍ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ: الصِّحَّةُ بِقِيمَةِ2 عَرَضٍ وَقْتَ الْعَقْدِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَصِحُّ، وَقِيلَ فِي الْأَظْهَرِ يَصِحُّ بِمِثْلِيٍّ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَالْمَنْصُوصُ: وَبِعْ هَذَا وَمَا حَصَلَ مِنْ3 ثَمَنِهِ فَقَدْ ضَارَبْتُك بِهِ، لِأُضَارِبَ بِدَيْنِي عَلَى زَيْدٍ فَأَقْبِضُهُ، وَيَصِحُّ: اقْبِضْهُ وَضَارِبِ بِهِ، وَبِوَدِيعَتِي عِنْدَك وَاقْبِضْهَا مِنْ فُلَانٍ وَضَارِبِ بِهَا، وَضَارِبِ بِعَيْنِ مَالِي الَّذِي غَصَبْته مِنِّي، وَقِيلَ: لَا يَزُولُ ضَمَانُهُ إلَّا بِدَفْعِهِ ثمنا، ولا يعتبر قبض رأس المال، ويكفي مباشرته، وقيل: يعتبر نطقه. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَصِحُّ بِالْعُرُوضِ، فِي ظَاهِرِ الْمُذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: قُلْت: إنْ عُلِمَ قَدْرُ الْغِشِّ وَجَازَتْ الْمُعَامَلَةُ صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ قُلْنَا الْفُلُوسُ مَوْزُونَةٌ كَأَصْلِهَا أَوْ أَثْمَانٌ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الصِّحَّةُ فِيهَا، وَفِي الْمَغْشُوشَةِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ الْفُلُوسِ. تَنْبِيهٌ 4: قَوْلُهُ: "نَافِقَتَيْنِ وَقِيلَ: أَوْ لَا" يَعْنِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا نَافِقَتَيْنِ، أَمَّا الْمَغْشُوشَةُ فَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِيهَا صَرِيحًا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَمْدَانَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُتَعَامِلًا بِهَا، وَأَمَّا الْفُلُوسُ فَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّفَاقِ فِيهَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَغَيْرُهُ، وَحَكَاهُ فِي الشرح5 وغيره قولا كالمصنف.
وَتَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ وَلَوْ سَمَّى لِعَامِلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ. وَمُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ، قِيلَ: مِثْلُهَا، وَقِيلَ: مِنْ ثُلُثِهِ، كَأَجِيرٍ "م2" وَيَصِحُّ فِيهِنَّ شَرْطُ الْعَامِلِ عَمَلَ الْمَالِكِ مَعَهُ أَوْ عَبْدِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: مَعَ عِلْمِ عَمَلِهِ وَدُونَ النِّصْفِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي عَبْدِهِ، كَبَهِيمَتِهِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ أَعْطَى رَجُلًا مُضَارَبَةً عَلَى أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْمَوْصِلِ فَيُوَجَّهُ إلَيْهِ1 بِطَعَامٍ فَيَبِيعُهُ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ وَيُوَجَّهُ إلَيْهِ إلَى الْمَوْصِلِ قَالَ: لَا بَأْسَ إذَا كَانُوا تَرَاضَوْا عَلَى الرِّبْحِ، وَلَا يَضُرُّ عَمَلُ الْمَالِكِ بِلَا شَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِرَجُلٍ: اعْمَلْ مَعِي، فَمَا كَانَ مِنْ رِبْحٍ فَبَيْنَنَا، صَحَّ، نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد. وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا، عَلَى الْأَصَحِّ، فَلَوْ قَالَ: فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ2 فَهُوَ قرض3 فَمَضَى وَهُوَ مَتَاعٌ فَلَا بَأْسَ إذَا بَاعَهُ كان قرضا4، نقله مهنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَتَصِحُّ مِنْ مَرِيضٍ وَلَوْ سَمَّى لِعَامِلِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِهِ، وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَمُسَاقَاةٌ وَمُزَارَعَةٌ، قِيلَ: مِثْلُهَا، وَقِيلَ: مِنْ ثُلُثِهِ، كَأَجِيرٍ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تُحْسَبُ الْمُحَابَاةُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مِنْ الثُّلُثِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْمُضَارَبَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6.
وَيَصِحُّ: إذَا انْقَضَتْ السَّنَةُ فَلَا تَشْتَرِ، وَفِيهِ احتمال. وَلِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَقْبِضَ وَيُحِيلَ وَيُؤَجِّرَ وَعَكْسُ ذَلِكَ، وَيَرُدُّ بِعَيْبٍ لِلْحَظِّ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ شَرِيكُهُ وَيُقِرُّ بِهِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَلَوْ بَعْدَ فَسْخِهَا، وَيُسَافِرُ بِهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ صَحَّحَهَا الْأَزَجِيُّ: وَيَرْهَنُ وَيَرْتَهِنُ وَيُقَابِلُ1، فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَعَنْهُ: بِإِذْنٍ2، وَإِنْ سَافَرَ وَالْغَالِبُ الْعَطَبُ ضَمِنَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: وَفِيمَا3 لَيْسَ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَيَأْتِي فِي الْمُودَعِ4، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي وَلِيِّ يَتِيمٍ يَتَّجِرُ مَوْضِعَ أَمْنٍ، وَيَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ، وَمَتَى لَمْ يَعْلَمَا5 بِخَوْفِهِ أو بفلس مشتر لم يضمنا، ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي شِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، وَلَهُ شِرَاءُ مَعِيبٍ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ، وَلَا يُبْضِعُ1، عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْإِيدَاعِ وَفِي المبهج والزراعة2 روايتان "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-3: قوله: "وفي الإيداع. وفي المبهج والزراعة3 رِوَايَتَانِ"، يَعْنِي هَلْ لَهُ أَنْ يُودِعَ أَمْ لَا؟ وَحَكَاهُمَا جَمَاعَةٌ وَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي6 والشرح5: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِيدَاعَ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ. قَالَ الناظم7: وَهُوَ أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ: وَلَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ قُلْت: وهو ضعيف مع الحاجة.
وَلَوْ اشْتَرَى خَمْرًا جَاهِلًا ضَمِنَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ منصور، وَلَا يَمْلِكُ "1دَفْعَهُ مُضَارَبَةً1"، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ تَوْكِيلِهِ، وَلَا أُجْرَةَ لِلثَّانِي عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَبِّهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلِ مَعَ جَهْلِهِ، كَدَفْعِ غَاصِبٍ وَإِنْ مَعَ عِلْمِهِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إنْ تعذر رده، و1إنْ كَانَ شِرَاؤُهُ بِعَيْنِ الْمَالِ، وَذَكَرُوا وَجْهًا: إنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ أَنَّهُ لِلثَّانِي، وَلَا خُلْطَةَ بِغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ بِمَالِ نَفْسِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَمُهَنَّا، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ، فَيَدْخُلُ فِيمَا أَذِنَ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَلَا الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَالِ، وَكَذَا بِثَمَنٍ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ، كَشِرَائِهِ بِفِضَّةٍ وَمَعَهُ ذَهَبٌ أَوْ عَكْسُهُ، وَلَا أَخْذُ سَفْتَجَةٍ2 بِهِ وَلَا دَفْعُهَا، فَإِنْ قَالَ: اعْمَلْ بِرَأْيِك، وَرَأَى مَصْلَحَةً، جَازَ الْكُلُّ، فلو كان مضاربا بالنصف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَدَفَعَهُ لِآخَرَ بِالرُّبُعِ عَمِلَ بِذَلِكَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ: وَيَجُوزُ أَخْذُ سَفْتَجَةٍ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَالِاسْتِدَانَةُ وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَالزِّرَاعَةُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَقَرْضُهُ وَقِيلَ وَكَذَا مُكَاتَبَةُ رَقِيقٍ وَعِتْقُهُ بِمَالٍ وَتَزْوِيجُهُ، وَالْمُذْهَبُ: لَا، إلَّا بِإِذْنٍ، كَتَبَرُّعٍ1 وَنَحْوِهِ، نقل حنبل: يتبرع ببعض الثمن لمصلحة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وله أن يضارب لآخر فإن أضر بالأول حرم
فصل: وَلَهُ أَنْ يُضَارِبَ لِآخَرَ فَإِنْ أَضَرَّ بِالْأَوَّلِ حُرِّمَ، فَإِنْ خَالَفَ وَرَبِحَ رَدَّ نَصِيبَهُ مِنْهُ فِي شَرِكَةِ الْأَوَّلِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَاخْتَارَ شيخنا لا يرده1، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَعَمَلِهِ فِي مَالِهِ أَوْ إيجَارِ نَفْسِهِ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إذَا اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ فَقَدْ صَارَ أَجِيرًا لَهُ وَلَا يُضَارِبُ لِغَيْرِهِ، قِيلَ: فَإِنْ كَانَتْ لَا تَشْغَلُهُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، لَا بُدَّ مِنْ شُغْلٍ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَلَّى مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ بِأُجْرَةٍ غَرِمَهَا. وَلَهُ الِاسْتِئْجَارُ لِلنِّدَاءِ عَلَى الْمَتَاعِ وَمَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ لِيَأْخُذَ أُجْرَتَهُ بِلَا شَرْطٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَبَذْلُهُ خِفَارَةً وَعُشْرًا عَلَى الْمَالِ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا أُنْفِقُ عَلَى الْمَالِ فَعَلَى الْمَالِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْبَذْلِ لِمُحَارِبٍ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ عَيَّنَ لِمُضَارَبَةٍ بَلَدًا أَوْ مَتَاعًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: عَامَ الْوُجُودِ، أَوْ نَقْدًا، أَوْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي مِنْهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ جَمَعَهُمَا. وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي1: لَا جَمَعَهُمَا، تَعَيَّنَ. وَلِلْمُضَارِبِ النَّفَقَةُ بِشَرْطٍ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَوَكِيلٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: أَوْ عَادَةً فَإِنْ شَرَطَهَا مُطْلَقَةً فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ وَالْكِسْوَةُ، وَنَصُّهُ مِنْ الْمَأْكُولِ فَقَطْ، وَظَاهِرُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ سَفَرُهُ وَيَحْتَاجَ تَجْدِيدُهَا2 فَلَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُنْفِقُ عَلَى مَعْنَى ما كان ينفق على نفسه4 غَيْرَ مُتَعَدٍّ وَلَا مُضِرٍّ بِالْمَالِ، وَلَوْ لَقِيَهُ ببلد أذن في السفر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ فَأَخَذَهُ فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ، فِي وَجْهٍ. وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ، فِي رِوَايَةٍ في "الفصول"، والمذهب أنه يملكها ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهان الأول: قوله: "ولو لقيه ببلد1 أَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ إلَيْهِ وَقَدْ نَضَّ الثَّمَنُ كُلُّهُ فَقَبَضَهُ مِنْهُ فَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ فِي وَجْهٍ" انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُقَدَّمَ: لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي رُجُوعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثمنها ويعزر بوطئه، نقله ابن منصور. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَلَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا قَرْضًا، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ اعْتِبَارَ تَسْمِيَةِ ثَمَنِهَا" انْتَهَى. اعْلَمْ: أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي فَاشْتَرَى جَارِيَةً صَحَّ التَّسَرِّي وَمَلَكَهَا وَصَارَ ثَمَنُهَا قَرْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَة يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ. فَإِنْ شَرَطَ الْمُضَارِبُ أَنْ يَتَسَرَّى مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ. يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُضَارِبُ جَارِيَةً مِنْ الْمَالِ إذَا أَذِنَ لَهُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ: يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَأَجَازَ لَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتِيَارِي مَا نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَ هَذِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَعِنْدِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْمَالَ فِي ذِمَّتِهِ، وعلى هذا يحمل1 قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ له ذلك لاستباح البضع بغير ملك يَمِينٍ وَلَا عَقْدِ نِكَاحٍ انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ، فَنَقْلُ صَاحِبِ الْفُصُولِ لَا يُنَافِي الْمُذْهَبِ، أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ أَطْلَقَ الرِّوَايَةَ بِالْجَوَازِ إذَا أَذِنَ لَهُ. وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى قَالَ يَجُوزُ وَيَكُونُ ثَمَنُهَا دَيْنًا عَلَيْهِ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ رواية الأثرم وإبراهيم كرواية يعقوب
وَقِيلَ: يُحَدُّ قَبْلَ الرِّبْحِ، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ: إنْ ظَهَرَ رِبْحٌ عُزِّرَ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَقِيمَتُهَا إنْ أَوْلَدَهَا، وَإِلَّا حُدَّ عَالِمًا، وَنَصُّهُ: يُعَزَّرُ، وَلَا يَطَأُ رَبُّهُ الْأَمَةَ وَلَوْ عَدِمَ الرِّبْحَ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ: يَشْتَرِي جَارِيَةً أَوْ يَكْتَسِي وَيَأْكُلُ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا إلَّا أَنْ يَقُولَ: كُلُّ شَيْءٍ تَأْخُذُ مِنْ مُضَارَبَتِك. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ ضَارَبَ لِآخَرَ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي طَرِيقِهِ فَعَلَيْهِمَا بِالْحِصَصِ، وَإِنْ تَلِفَ بعض المال قبل تصرفه ـــــــــــــــــــــــــــــQمُبَيِّنَةً لِرِوَايَتِهِمَا، وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ اخْتَارَ الْحَمْلَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَلَامُ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، فَابْنُ عَقِيلٍ لَمْ يُثْبِتْ رِوَايَةً مُخَالِفَةً لِلْحُكْمِ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، بَلْ1 قَالَ: كَأَنَّهُ جَعَلَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَالْمُصَنِّفُ أَثْبَتَ رِوَايَةً فِي الْفُصُولِ بِأَنَّ لَهُ التَّسَرِّي بِإِذْنِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِرِوَايَةٍ، بَلْ مُجَرَّدُ احْتِمَالٍ لِكَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، وَرِوَايَةُ الْأَثْرَمِ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَيَعْقُوبَ مَنْقُولَاتٌ فِي غَيْرِ الْفُصُولِ، فَكَوْنُ الْمُصَنِّفِ يَخُصُّ الرِّوَايَةَ بِالْفُصُولِ إمَّا مِنْ نَقْلِ الرِّوَايَةِ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِيهِ نَظَرٌ فِيمَا يَظْهَرُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ كلامه في رواية الأثرم2 عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّمَلُّكِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا يَشْتَرِي بِهِ جَارِيَةً لَهُ، فَلَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ الثَّمَنُ، وَيَصِيرُ الثَّمَنُ كَالْهِبَةِ، وَلَيْسَ دُخُولُ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ مَوْقُوفًا عَلَى كَوْنِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ انتهى.
فباقيه رأس المال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإن تَلِفَ أَوْ تَعَيَّبَ أَوْ خَسِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ نَزَلَ سِعْرُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: وَقَبْلَهُ جَبْرُ الْوَضِيعَةِ مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ قَبْلَ قِسْمَتِهِ نَاضًّا أَوْ تَنْضِيضَه مَعَ مُحَاسَبَتِهِ، "1نَصَّ عَلَيْهِمَا1". وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ: إذَا احْتَسَبَا وَعَلِمَا مَا لَهُمَا، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ، وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْتَحِقَّ رِبْحَ رِبْحِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا حَالَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ2 احْتَسَبَا زَكَاةَ الْمُضَارِبِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ مَالَهُ فِي الْمَالِ، وَالْوَضِيعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَأُحِبُّ3 أَنْ لَا يُحَاسِبَ نَفْسَهُ، يَكُونُ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْمَالِ، كَالْوَصِيِّ لَا يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ يَكُونُ مَعَهُ غَيْرُهُ. قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ رَبُّ الْمَالِ بِحِسَابِ الْمَالِ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، لِلتُّهْمَةِ، وَلَا تَخْتَصُّ الْمُفَاضَلَةُ بِمَكَانِ الْعَقْدِ. وَفِي "التَّرْغِيبِ": هَلْ تَسْتَقِرُّ بِمُحَاسَبَةٍ دُونَ قِسْمَةٍ وَقَبْضٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَفِيهِ "4فِي مُضَارَبَةٍ4" فَيَخْرُجُ مِثْلُهُ إذَا نَضَّ، فَلَوْ كَانَ مِائَةً فَخَسِرَ عَشَرَةً ثُمَّ أَخَذَ رَبُّهُ عَشَرَةً نَقَصَ بِهَا وَقِسْطُهَا5 مِمَّا خَسِرَ دِرْهَمٌ وَتِسْعٌ، وَلَوْ رَبِحَ فِي الْمِائَةِ عِشْرِينَ فَأَخَذَهَا فَقَدْ أَخَذَ سُدُسَهُ، فَنَقَصَ رَأْسُ الْمَالِ سُدُسَهُ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَقِسْطُهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِنْ الرِّبْحِ مَهْرٌ وَثَمَرَةٌ وَأُجْرَةٌ وَأَرْشٌ وَكَذَا نِتَاجٌ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ لَمْ يَخْلِطْهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ، وَإِنْ أَذِنَ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ نَضَّ1 جَازَ. وَلَوْ تَلِفَ الْمَالُ ثُمَّ اشْتَرَى سِلْعَةً لِلْمُضَارَبَةِ فَكَفُضُولِيٍّ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهَا أَوْ تَلِفَ هُوَ وَالسِّلْعَةُ فَالثَّمَنُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، وَلِرَبِّ السِّلْعَةِ مُطَالَبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ، وَيَرْجِعُ بِهِ الْعَامِلُ، وَإِنْ أَتْلَفَهُ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَرْجِعْ رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَهُوَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ. لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ قَالَ: وَإِنْ أَتْلَفَهُ انْفَسَخَتْ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ، وَمَنْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَ الرِّبْحَ لِلْآخَرِ، ثُمَّ إنْ كَانَ تَلَفُهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا وَإِلَّا فَهِيَ فِي قَدْرِ ثَمَنِهَا، وَلَوْ قُتِلَ الْعَبْدُ فَالْأَمْرُ لِرَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ فَالْمُضَارَبَةُ بِحَالِهَا كَبَذْلِ2 الْبَيْعِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى قِيمَتِهِ رِبْحٌ، وَيُحْتَمَلُ لِرَبِّ الْمَالِ، لِعَدَمِ عَمَلٍ مِنْ الْعَامِلِ، قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، كَبَيْعِهِ بَعْضَ السِّلَعِ وَمَعَ ربح القود إليهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويحرم قسمة الربح والعقد باق إلا باتفاقهما
فصل: وَيَحْرُمُ قِسْمَةُ الرِّبْحِ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا، وَأَنْ يَأْخُذَ الْمُضَارِبُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمَذْهَبُ: يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْهُ بِظُهُورِهِ، كَالْمَالِكِ، وَكَمُسَاقَاةٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: بِالْقِسْمَةِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِالْمَالِ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يُسَاوِيهِ فَأَعْتَقَهُمَا رَبُّ الْمَالِ عِتْقًا وَلَمْ يَضْمَنْ لِلْعَامِلِ شَيْئًا، ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ فَعَتَقَ لَزِمَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ، وَعَنْهُ: بِالْمُحَاسَبَةِ وَالتَّنْضِيضِ وَالْفَسْخِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَسْتَقِرُّ لشرطه1 وَرِضَاهُ بِضَمَانِهِ وَفِي عِتْقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَجْهَانِ "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَفِي عِتْقِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: "2وَلَوْ لَمْ2" يَظْهَرْ رِبْحٌ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَاعْلَمْ: أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بَعْدَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فَهَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمِلْكِ بِالظُّهُورِ وَعَدَمِهِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَأَبُو الْفُتُوحِ الْحَلْوَانِيُّ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ وابن منجا، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وغيرهم. قال
وإتلاف الْمَال كَقَسْمِهِ، فَيَغْرَمُ نَصِيبَهُ، وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُضَارِبٍ فِي أَنَّهُ رَبِحَ أَمْ لَا، وَكَذَا قَدْرُهُ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ فِيهِ رِوَايَاتٍ كَعِوَضِ كِتَابَةٍ، الثَّالِثَةُ يَتَحَالَفَانِ، وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بِقَوْلِ رَبِّ الْمَالِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفًا أَوْ خَسَارَةً قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ كَذِبًا أَوْ نِسْيَانًا لَمْ يُقْبَلْ، كَدَعْوَاهُ اقْتِرَاضًا1 تَمَّمَ بِهِ رَأْسَ الْمَالِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد وَمُهَنَّا: إذَا أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا كُنْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ عَتَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَسَرَى إلَى بَاقِيهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا مَا مَلَكَ انْتَهَى. وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ، قُلْت: وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَعْتِقُ مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءٌ ظَهَرَ رِبْحٌ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا؟ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهِ غَيْرُ تَامٍّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ. تَنْبِيهٌ: ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْحَابَ مُتَّفِقُونَ إذَا ظَهَرَ رِبْحٌ فِي هَذِهِ المسألة على أَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْمُضَارِبَ هَلْ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ مَعَ ظُهُورِ الرِّبْحِ فِي عِتْقِهِ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مِلْكِ الْعَامِلِ حِصَّتَهُ بِالظُّهُورِ وَعَدَمِهِ كَانَ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ الصَّحِيحُ من المذهب أنه يملكها2 بِالظُّهُورِ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَالَ: الْمُذْهَبُ يَمْلِكُهَا بِالظُّهُورِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ عَائِدٌ إلَى قَوْلِ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ وَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، لِأَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي3 فِيمَا يَظْهَرُ، فَاخْتِيَارُ أبي بكر لا يقاوم قول جمهور
أُعْطِيكَ مِنْ رَأْسِ مَالِكِ، يُصَدَّقُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَخَرَجَ بِبَيِّنَةٍ. وَيَضْمَنُ ثَمَنًا مُؤَجَّلًا مَجْحُودًا "1لَا بَيِّنَةَ بِهِ1" لَا حَالًا، وَلَوْ قَضَى بِالْمُضَارَبَةِ دَيْنَهُ ثُمَّ اتَّجَرَ بِوَجْهِهِ2 وأعطى رب الْمَالِ نِصْفَ الرِّبْحِ فَنَقَلَ صَالِحٌ، أَمَّا الرِّبْحُ فَأَرْجُو إذَا كَانَ هَذَا مُتَفَضِّلًا عَلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ بَعْدَ الرِّبْحِ فِيمَا شَرَطَ لِلْمُضَارِبِ، كَقَبُولِهِ فِي صِفَةِ خُرُوجِهِ عَنْ يَدِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ قَوْلَ3 مُضَارَبَةٍ وَأَنَّهُ إنْ جَاوَزَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ رَجَعَ إلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إلَّا مَا يُتَغَابَنُ بِهِ، وَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ خَارِجٌ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قَالَ: دَفَعْته مُضَارَبَةً، قَالَ: قَرْضًا، وَلَهُمَا بَيِّنَتَانِ، فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ. وَقَالَ: وَعَنْ أَحْمَدَ فِي مِثْلِ هَذَا فِيمَنْ ادَّعَى مَا فِي كِيسٍ وَادَّعَى آخَرُ نِصْفَهُ رِوَايَتَانِ. إحْدَاهُمَا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. وَالثَّانِيَةُ لِأَحَدِهِمَا رُبُعُهُ وَلِلْآخَرِ ثلاثة أرباعه. وَلَوْ طَلَبَ مُضَارِبٌ بَيْعًا مَعَ بَقَاءِ قِرَاضِهِ وَفَسَخَهُ فَأَبَى رَبُّ الْمَالِ أُجْبِرَ مَعَ رِبْحٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَوَّلًا، فَعَلَى تَقْدِيرِ الْخَسَارَةِ يُتَّجَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ، وَلَوْ انْفَسَخَ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرَضٌ فَاخْتَارَ الْمَالِكُ تَقْوِيمَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَصْحَابِ حَتَّى يُطْلِقَ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، لَكِنَّ الشَّيْخَ قَالَ: إنْ ظَهَرَ فِيهِ رِبْحٌ فَوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْعَامِلِ مَتَى يَمْلِكُ الرِّبْحَ، فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالْقِسْمَةِ لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ بِالظُّهُورِ فَوَجْهَانِ، عَدَمُ الْعِتْقِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْعِتْقُ قَوْلُ الْقَاضِي انْتَهَى. وَالْأَصْحَابُ تَابَعُوا الْقَاضِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مَلَكَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ ارْتَفَعَ السِّعْرُ لَمْ يُطَالِبْهُ بِقِسْطِهِ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ قَصَدَ رَبُّ الْمَالِ الْحِيلَةَ لِيَخْتَصَّ بِالرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ الْعَامِلُ اشْتَرَى خَزًّا فِي الصَّيْفِ لِيَرْبَحَ فِي الشِّتَاءِ أَوْ يَرْجُوَ دُخُولَ مَوْسِمٍ أَوْ قَفَلٍ وَأَنَّ حَقَّهُ يَبْقَى فِي الرِّبْحِ، قَالَ الْأَزَجِيُّ: أَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحِيَلَ لَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ لَزِمَ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يكن ربح أو أسقط حقه منه فلا، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ "م 5". وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ فَصَارَ دَنَانِيرَ أَوْ بِالْعَكْسِ فَكَعَرَضٍ1، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ قُلْنَا هُمَا2 شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْأَشْيَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا فَرْقَ، لِقِيَامِ كُلِّ وَاحِدٍ مَقَامَ الْآخَرِ، فَعَلَى هَذَا يَدُورُ الْكَلَامُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ صِحَاحًا فَنَضَّ قِرَاضُهُ أَوْ مُكَسَّرَةً لَزِمَ الْعَامِلَ رَدُّهُ إلَى الصِّحَاحِ، فَيَبِيعُهَا بِصِحَاحٍ أَوْ بِعَرَضٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنًا لَزِمَهُ تَقَاضِيهِ مُطْلَقًا، نَصَّ عليه، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَلَوْ انْفَسَخَ مُطْلَقًا وَالْمَالُ عَرَضٌ فَاخْتَارَ الْمَالِكُ تَقْوِيمَهُ وَدَفَعَ حِصَّتَهُ مَلَكَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ لَزِمَ الْمُضَارِبَ بَيْعُهُ، وقيل: إن لم يكن ربح أو أسقط حَقَّهُ مِنْهُ3 فَلَا، فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ فَفِي اسْتِقْرَارِهِ بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: يَسْتَقِرُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَقِرُّ بِالْفَسْخِ.
فِي قَدْرِهِ، وَلَا يَلْزَمُ وَكِيلًا، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى حَالِهِ إنْ فَسَخَ بِلَا إذْنِهِ، قَالَ: وَكَذَا شَرِيكٌ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ شِرَاءُ الْمَالِ لِنَفْسِهِ أَوْ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ، وَعَنْهُ: بَلَى، صَحَّحَهَا الْأَزَجِيُّ، كَمُكَاتَبِهِ، فَعَلَيْهَا يَأْخُذُ بِشُفْعَةٍ، وَكَذَا مُضَارِبٌ مَعَ رِبْحٍ، وَالْأَصَحُّ فِي الْمَنْصُوصِ: وَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمُضَارَبَةِ، قَالَ أَحْمَدُ: إنْ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَمَنْ اشْتَرَى نَصِيبَ شَرِيكِهِ صَحَّ، إلا أن من علم مَبْلَغَ شَيْءٍ لَمْ يَبِعْهُ صُبْرَةً، وَإِلَّا جَازَ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ الْمَنْعَ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، وَعَلَّلَهُ فِي النِّهَايَةِ بِعَدَمِ التَّعْيِينِ فِيهِمَا وَإِنْ مَاتَ مُضَارِبٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: غَيْرَ فَجْأَةٍ وَجَهِلَ بَقَاءَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ فِي تَرِكَتِهِ، عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَخْفَاهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَكَأَنَّهُ غَاصِبٌ، فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ، وَقِيلَ: كوديعة فهي1 فِي تَرِكَتِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِيهَا فِي التَّرْغِيبِ: إلَّا2 أَنْ يَمُوتَ فَجْأَةً، وَزَادَ فِي التَّلْخِيصِ: أَوْ بِوَصِيٍّ3 إلَى عَدْلٍ وَيَذْكُرُ جِنْسَهَا، كَقَوْلِهِ قَمِيصٌ فَلَمْ يُوجَدْ، وَإِنْ مَاتَ وَصِيٌّ وَجَهِلَ بَقَاءَ مَالِ مُوَلِّيهِ فَيَتَوَجَّهُ كَذَلِكَ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَقْرِيرَ وَارِثِهِ فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَلَا يَبِيعُ عَرَضًا بِلَا إذْنِهِ، فَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ وَيَقْسِمُ الرِّبْحَ وَوَارِثُ الْمَالِكِ كَهُوَ فَيَتَقَرَّرُ مَا لِمُضَارِبٍ وَيُقَدَّمُ عَلَى غَرِيمٍ وَلَا يَشْتَرِي وَهُوَ فِي بَيْعٍ، وَاقْتِضَاءُ دَيْنٍ كَفَسْخِهَا وَالْمَالِكُ حَيٌّ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُضَارَبَةَ وَالْمَالُ عِوَضٌ4 فَمُضَارَبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ الْمُضَارِبُ، إلَّا أَنَّهُ صَرَفَ الذَّهَبَ بِالْوَرِقِ فَارْتَفَعَ الصَّرْفُ اسْتَحَقَّ لَمَّا صَرَفَهَا، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَلَوْ دَفَعَ عَبْدَهُ أَوْ دَابَّتَهُ إلَى مَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا بِجُزْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ ثَوْبًا يَخِيطُهُ أَوْ غَزْلًا يَنْسِجُهُ وَنَحْوَهُ5 بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهُ جَازَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَمِثْلُهُ حَصَادُ زَرْعِهِ وَطَحْنُ قَمْحِهِ وَرَضَاعُ رَقِيقِهِ، وَكَذَا بيع متاعه بجزء من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِبْحِهِ. وَاسْتِيفَاءُ مَالٍ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ وَنَحْوَهُ وكذا غزوه بدابة بجزء من1 السَّهْمِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ، وَأَبُو دَاوُد: يَجُوزُ، وحمله القاضي على مدة1 مَعْلُومَةٍ، كَأَرْضٍ بِبَعْضِ الْخَارِجِ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ قَفِيزِ الطَّحَّانِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: مَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى رِوَايَةِ الْمُضَارَبَةِ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهُ لَيْسَ شَرِكَةً نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَرْبٍ، وَأَنَّ مِثْلَهُ الْفَرَسُ بِجُزْءٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الْحَصَادِ هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمُقَاطَعَةِ، وَعَنْهُ: وَلَهُ مَعَهُ جُعْلُ نَقْدٍ مَعْلُومٍ لِعَامِلٍ قَالَ أَبُو دَاوُد: بَابُ الرَّجُلِ يُكْرِي دَابَّتَهُ عَلَى النِّصْفِ وَبِالسَّهْمِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ أَبُو النَّضْرِ2، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو زُرْعَةَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: نَادَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَخَرَجْت إلَى أَهْلِي فأقبلت3 وَقَدْ خَرَجَ أَوَّلُ صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَفِقْت فِي الْمَدِينَةِ أُنَادِي مَنْ يَحْمِلُ رَجُلًا لَهُ سَهْمُهُ؟ فَنَادَى شَيْخٌ مِنْ الْأَنْصَارِ: لَنَا سَهْمُهُ عَلَى أَنْ نَحْمِلَهُ عَقَبَةً وَطَعَامُهُ مَعَنَا. قُلْت: نَعَمْ. قَالَ: فَسِرْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. قَالَ: فَخَرَجْت مَعَ خَيْرِ صَاحِبٍ، حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا فَأَصَابَنِي قَلَائِصُ فَسُقْتُهُنَّ حَتَّى أَتَيْته. إلَى أَنْ. قَالَ: إنَّمَا هِيَ غَنِيمَتُك الَّتِي شَرَطْت. قَالَ: خُذْ قَلَائِصَك يَا ابْنَ أَخِي فَغَيْرَ سَهْمِك أَرَدْنَا4. عَمْرٌو تَفَرَّدَ عَنْهُ أَبُو زُرْعَةَ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وقوله غير سهمك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَرَدْنَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُشْبِهُ أَنَّ مَعْنَاهُ إنَّمَا أَرَدْت مُشَارَكَتَك فِي الْأَجْرِ. وَعَنْهُ: وَلَهُ دَفْعُ دَابَّتِهِ أَوْ نَخْلِهِ لِمَنْ1 يَقُومُ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ نَمَائِهِ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَالْمَذْهَبُ لَا، لِحُصُولِ نَمَائِهِ بِغَيْرِ عَمَلِهِ، وَبِجُزْءٍ مِنْهُ يَجُوزُ مُدَّةً معلومة، ونماؤه ملك لهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: الثاني شركة العنان
فصل: الثَّانِي شَرِكَةُ الْعِنَانِ وَهِيَ: أَنْ يَشْتَرِكَا بِمَالَيْهِمَا الْمَعْلُومَيْنِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُمَا بِمَصِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ1 مِنْهُمَا لَهُمَا، وَلَوْ اشْتَرَكَا فِي مُخْتَلَطٍ بَيْنَهُمَا شَائِعًا صَحَّ إنْ عَلِمَا قَدْرَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا. وَيُغْنِي لَفْظُ الشَّرِكَةِ عَلَى الْأَصَحِّ عَنْ إذْنٍ صَرِيحٍ بِالتَّصَرُّفِ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا قَالَهُ فِي الْفُصُولِ. وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ مَالَيْهِمَا لِتَقْرِيرِ2 الْعَمَلِ. وَتَحْقِيقُ الشَّرِكَةِ إذَنْ كَمُضَارَبَةٍ، قَالَ3 أَحْمَدُ: إنَّمَا تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ عَلَى شَيْءٍ حَاضِرٍ، وَقِيلَ: أَوْ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً لِيَعْمَلَا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَوْ أَحَدُهُمَا لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ رِبْحِ مَالِهِ، وَبِقَدْرِهِ إبْضَاعٌ وَبِدُونِهِ لَا يَصِحُّ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَلَا يُعْتَبَرُ خَلْطُهُمَا، لِأَنَّ مَوْرِدَ عَقْدِ الشَّرِكَةِ وَمَحَلِّهِ الْعَمَلُ، وَالْمَالُ تَابِعٌ، لَا الْعَكْسُ، وَالرِّبْحُ نَتِيجَةُ4 مَوْرِدِ الْعَقْدِ قَالَ وَالْعَمَلُ يصير معلوما بإعلام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الربح، ويتوجه: "1أو لا1" كَجَعَالَةٍ، وَإِنْ تَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْخَلْطِ فَمِنْهُمَا كَنَمَائِهِ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ2 بِالْكَلَامِ، كَخَرْصِ ثِمَارٍ، فَكَذَا الشركة، احتج به أحمد، قاله3 شَيْخُنَا، وَعَنْهُ: مِنْ رَبِّهِ, وَيُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا بِعَيْنٍ وَدَيْنٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا4، فِي وَجْهٍ. وَفِي آخَرَ. فِي نَصِيبِهِ "م 6" وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ: "وَيُقْبَلُ إقْرَارُ أَحَدِهِمَا: بِعَيْنٍ وَدَيْنٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا، فِي وَجْهٍ5، وَفِي آخَرَ فِي نَصِيبِهِ" انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي خِصَالِهِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهَلْ هُوَ إلَّا وَكِيلٌ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُقْبَلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ وُكِّلَ فِيهِ، وَهَذَا كَذَلِكَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي6 وَالْمُغْنِي7 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ8 وَالشَّرْحِ8 والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي أَيْضًا وغيره: وإن أقر ببقية ثمن المبيع9 أَوْ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِأَجْرِ الْمُنَادِي أَوْ الْحَمَّالِ وَأَشْبَاهِ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ، لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَكَانَ لَهُ ذَلِكَ، كَتَسْلِيمِ المبيع9 وأداء ثمنه انتهى.
مضارب "م 7" وَفِي حَبْسِ غَرِيمٍ مَعَ مَنْعِ الْآخَرِ مِنْهُ1 رِوَايَتَانِ "م 8" وَلَهُ تَأْخِيرُ حَقِّهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَقِيلَ: وَحَقُّ الْآخَرِ، وَيَضْمَنُهُ، وَفِي تَقَاسُمِ دَيْنٍ في ذمم لا ذمة روايتان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ: "وَكَذَا مُضَارِبُ"، يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ إقرار"2المضارب حكم إقرار أحد2" شريكي العنان خلافا وَمَذْهَبًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَالصَّوَابُ هُنَا أَيْضًا الْقَبُولُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ عَدَمُهُ. مَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَفِي حَبْسِ غَرِيمٍ مَعَ3 مَنْعِ الْآخَرِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. إحْدَاهُمَا: لَهُ ذَلِكَ قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ فِي تَرْكِهِ هَلَاكُ مَالِ مَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ، وَهُوَ وَاضِحٌ جِدًّا، وَأَيْضًا فَاَلَّذِي يُرِيدُ حَبْسَهُ لَهُ عِنْدَهُ حَقٌّ قَطْعًا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ حَبْسِهِ؟. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَقَدْ مَثَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالْقَاتِلِ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ قَتْلَهُ وَمَنَعَ مِنْهُ الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ حَتَّى يَتَّفِقَ عَلَيْهِ انْتَهَى قُلْتُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْقَتْلِ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ. مَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "وَفِي تَقَاسُمِ دَيْنٍ فِي ذِمَمٍ لَا ذِمَّةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي5: هَذَا الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: لَا يَصِحُّ، فِي الْأَظْهَرِ، قَالَ فِي
فَإِنْ تَكَافَّتْ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ مِنْ الْحَوَالَةِ عَلَى مِلْءِ وُجُوبِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَالشَّرِيكُ كَمُضَارِبٍ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَيُمْنَعُ مِنْهُ، وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِي حِصَّتِهِ وَفِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، ويتخرج الصحة من شراء رب المال وَإِنْ عَزَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ تَصَرَّفَ الْمَعْزُولُ فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ، وَلَوْ قَالَ: فَسَخْت الشَّرِكَةَ، انْعَزِلَا1، وَعَنْهُ: إنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا لَمْ يَنْعَزِلْ كُلٌّ مِنْهُمَا حَتَّى يَنِضَّ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ، وَالرِّبْحُ يَدْخُلُ ضِمْنًا، وَحَقُّ الْمُضَارِبِ أَصْلِيٌّ وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مَعَ صَاحِبِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، فَإِنْ كَانَ فَمَا2 اُدُّعِيَ تَلَفُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وإلا قبل "م 10،11". ـــــــــــــــــــــــــــــQتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُقْسَمُ، عَلَى الْأَشْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ3. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَاخْتَارَهُ الشيخ تقي الدين، وقدمه في الرعايتين.. مسألة-10 , 11 قَوْلُهُ: "وَهَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجِيرٌ مَعَ صَاحِبِهِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، فَإِنْ كَانَ فَمَا اُدُّعِيَ تَلَفُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، قَالَهُ4 فِي الترغيب، وإلا قبل" انتهى. فيه مسألتان:
وَيُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّ الْيَدِ1 أَنَّ مَا بِيَدِهِ لَهُ، وَقَوْلُ مُنْكِرِ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ عَلِمَ عُقُوبَةَ سُلْطَانٍ بِبَلَدٍ بِأَخْذِ مَالٍ فَسَافَرَ فَأَخَذَهُ ضَمِنَهُ، لِتَعْرِيضِهِ لِلْأَخْذِ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي مَا لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهُ إلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ، كَنَقْلِ طَعَامٍ بِنَفْسِهِ أَوْ غُلَامِهِ أَوْ دَابَّتِهِ، جَازَ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، كَدَارِهِ، وَعَنْهُ: لَا، لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِ الْعَمَلِ فِيهِ، لِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَصِيبِهِمَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَيَحْرُمُ عَلَى شَرِيكٍ فِي زَرْعٍ فَرْكُ شَيْءٍ مِنْ سُنْبُلِهِ يَأْكُلُهُ بِلَا إذْنٍ، وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ، وَلَوْ كَتَبَ رَبُّ الْمَالِ لِلْجَابِي وَالسِّمْسَارِ وَرَقَةً لِيُسَلِّمَهَا إلَى الصَّيْرَفِيِّ الْمُتَسَلِّمِ مَالَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ فَخَالَفَ، ضَمِنَ، لِتَفْرِيطِهِ، وَيُصَدَّقُ الصَّيْرَفِيُّ مَعَ يَمِينِهِ، وَالْوَرَقَةُ شَاهِدَةٌ لَهُ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-10: وَمَسْأَلَةُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَكُلٌّ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ، فَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ صُدِّقَ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ ادَّعَى هَلَاكَهُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ لَمْ يَضْمَنْهُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً وَحَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ هَلَكَ بِهِ انْتَهَى، فَصَحَّحَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ هَلَكَ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا: وَتَصَرُّفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ فِي نَصِيبِهِ وَالْوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ انْتَهَى، وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ. وَقَالَ أَيْضًا: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينٌ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلَا تَعَدٍّ، وَمَا يُدْعَى هَلَاكُهُ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ يُخَرَّجُ عَلَى تَرَدُّدِ الْأَصْحَابِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَجِيرًا مَعَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا؟ فَمَنْ قَالَ: هُوَ أَجِيرٌ، خُرِّجَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ سبقتا، ومن قال: ليس بأجير، قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ خَفَاءِ السَّبَبِ، لِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ عَسِيرٌ، وَمَا يَدَّعِيهِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيُكَلَّفُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، ثُمَّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِذَلِكَ السَّبَبِ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى، فَكَلَامُهُ فِي التَّلْخِيصِ كَكَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ، كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، يدل عليه كلامه في التلخيص.
العادة، ذكره شيخنا.
القسم الثالث والرابع
القسم الثالث والرابع ... الثَّالِثُ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ: وَهِيَ: أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَمِهِمَا بِجَاهِهِمَا شَيْئًا يَشْتَرِكَانِ فِي رِبْحِهِ، عَيَّنَا جِنْسَهُ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ وَقْتَهُ أَوْ لَا، فَلَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ: مَا اشْتَرَيْت مِنْ شَيْءٍ فَبَيْنَنَا، صَحَّ، وَالْمِلْكُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَهُمَا كَشَرِيكَيْ عِنَانٍ. وَهَلْ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا بَيْنَهُمَا أَمْ بِالنِّيَّةِ1 كَوَكِيلٍ؟ فِيهِ وجهان، ويتوجه في عنان مثله، وقطع جماعة بالنية "م12". الرَّابِعُ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ: وَهِيَ: أَنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا يَتَقَبَّلَانِ فِي ذِمَمِهِمَا مِنْ عَمَلٍ قَالَ أَحْمَدُ: الشَّرِكَةُ عِنْدَنَا بِالْكَلَامِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَعَمَّارًا وَسَعْدًا اشْتَرَكُوا قَالُوا مَا أَصَبْنَا مِنْ شَيْءٍ2 فَبَيْنَنَا3. وَمَا تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا فَفِي ضَمَانِهِمَا ويلزمهما عمله، وذكره الشيخ احتمالا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-12: قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ: "وَهَلْ مَا يَشْتَرِيهِ أَحَدُهُمَا: بَيْنَهُمَا أَمْ بِالنِّيَّةِ كَوَكِيلٍ؟ فِيهِ وجهان، ويتوجه في عنان مثله، وقطع جماعة بالنية" انتهى. قال فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُمَا فِي كُلِّ التَّصَرُّفِ وَمَا لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا كَشَرِيكَيْ الْعِنَانِ، وَقَالَ فِي شَرِيكَيْ الْعِنَانِ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمِينُ الْآخَرِ وَوَكِيلُهُ، وَإِنْ قَالَ لِمَا بِيَدِهِ هَذَا لِي أَوْ لَنَا أَوْ اشْتَرَيْته مِنْهَا لِي أَوْ لَنَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ، سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ خَسِرَ" انْتَهَى. فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَلِكَ هُوَ الصواب في شركة العنان، والله أعلم. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ "وَذَكَرَ الشَّيْخُ احْتِمَالًا" انْتَهَى، الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشَّيْخِ إنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي لَا عن نفسه، فالاحتمال للقاضي لا للشيخ.
وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِمَا فِي يَدِهِ عَلَيْهِمَا، وَيَصِحُّ مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنْعَةِ، فِي الْأَصَحِّ. وَالشَّرِكَةُ وَالْوَكَالَةُ فِي تَمَلُّكٍ مُبَاحٍ، فِي الْأَصَحِّ، كَالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ، وَلَوْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَالْأَصَحُّ أَوْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا، وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ اشْتَرَكَا بِدَابَّتَيْهِمَا لِيَحْمِلَا عَلَيْهِمَا مَا تَقَبَّلَا حَمْلَهُ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ، وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي أُجْرَةِ عَيْنِ الدَّابَّتَيْنِ أَوْ أَنْفُسِهِمَا إجَارَةً خَاصَّةً لَمْ يَصِحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَتَصِحُّ شَرِكَةُ شُهُودٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَلِلشَّاهِدِ أن يقيم. مَقَامَهُ إنْ كَانَ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ عَلَى شَهَادَتِهِ بِعَيْنِهِ فَالْوَجْهَانِ، وَصَحَّ جَوَازُهُ، وَلِلْحَاكِمِ إكْرَاهُهُمْ، لِأَنَّ لَهُ نَظَرًا لِلْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ أَيْضًا: إنْ اشْتَرَكُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَصَّلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمْ، بِحَيْثُ إذَا كَتَبَ أَحَدُهُمْ وَشَهِدَ شَارَكَهُ الْآخَرُ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَهِيَ شَرِكَةُ الْأَبَدَانِ، تَجُوزُ حَيْثُ تَجُوزُ الْوَكَالَةُ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا تَجُوزُ فَفِيهِ وَجْهَانِ، كَشَرِكَةِ الدَّلَّالِينَ، وَمُوجَبُ الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ وَالْأَجْرِ، وَإِنْ عَمِلَ وَاحِدٌ أَكْثَرَ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ طَالَبَ بِالزِّيَادَةِ. وَلَوْ اشْتَرَكَ1 ثلاثة لواحد دابة ولآخر رواية2 وَثَالِثٌ يَعْمَلُ صَحَّ فِي قِيَاسٍ نَصَّهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ عَلَى شَرْطِهِمْ، وَكَذَا أَرْبَعَةٌ، لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ وَآخَرَ رَحًى وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ وَرَابِعٍ يَعْمَلُ، وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ فَاسِدَتَانِ وَلِلْعَامِلِ الْأُجْرَةُ، وَعَلَيْهِ لِرُفْقَتِهِ أُجْرَةُ آلَتِهِمْ، وَقِيلَ: إنْ قَصَدَ السَّقَّاءُ أَخْذَ الْمَاءِ فلهم، ومن استأجر من الأربعة ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَكَرَ صَحَّ، وَالْأُجْرَةُ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ أَوْ أَرْبَاعًا، "1كَتَوْزِيعِ الْمَهْرِ، وَإِنْ تَقَبَّلَ الْأَرْبَعَةُ الطَّحْنَ فِي ذِمَمِهِمْ صَحَّ، وَالْأُجْرَةُ أَرْبَاعًا1"، وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى رُفْقَتِهِ2 لِتَفَاوُتِ قَدْرِ الْعَمَلِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ قَالَ آجِرْ3 عَبْدِي وَأُجْرَتُهُ بَيْنَنَا فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الدَّلَّالِينَ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ وَكَالَةٍ، وَهِيَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا تَصِحُّ، كَآجِرْ دَابَّتَك وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا، وَفِي الْمُوجَزِ: تَصِحُّ. وَقَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ قِيلَ: لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ، وَهُوَ مَعْنَى الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَتَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ مَعَ الْعِلْمِ بِالشَّرِكَةِ إذْنٌ لَهُمْ. قَالَ: وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ جَازَ، فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، كَالْمُبَاحِ، وَلِئَلَّا تَقَعَ مُنَازَعَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي رَجُلٍ يَأْخُذُ ثَوْبًا يَبِيعُهُ فَيُعْطِيهِ آخَرَ يَبِيعُهُ وَيُنَاصِفُهُ الْكِرَاءَ: الْكِرَاءُ لِبَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا اشْتَرَكَا فِيمَا أَصَابَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ فِي الْإِجَارَةِ جَوَازُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إذَا قَالَ: أَنَا أَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَتَعْمَلُهُ أَنْتَ وَالْأُجْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَةٌ: "4قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد هَذَا نَصٌّ مِنْهُ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاكِ الدَّلَّالِينَ، فَإِنَّ بَيْعَ الدَّلَّالِ وَشِرَاءَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَاطَةِ الْخَيَّاطِ وَنِجَارَةِ النَّجَّارِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ الْمُشْتَرِكِينَ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَسْتَنِيبَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ، وَإِنَّمَا مَأْخَذُ الْمَانِعِينَ كَالْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ، وَسَائِرَ الصِّنَاعَاتِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا: مَحَلُّ الْخِلَافِ الِاشْتِرَاكُ فِي الدَّلَالَةِ الَّتِي فِيهَا عَقْدٌ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ النِّدَاءِ وَالْعَرْضِ وَإِحْضَارِ الدُّيُونِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، والله أعلم4".
بَيْنَنَا، جَازَ، جَعْلًا لِضَمَانِ الْمُتَقَبِّلِ كَالْمَالِ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ الْمَنْعُ بِمُقْتَضَى مَذْهَبٍ فِي شَرِكَةِ الْأَبَدَانِ وَالْوُجُوهِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُسَوَّغُ فيه الاجتهاد، قاله شيخنا.
فصل: وربح كل شركة على ما شرطا
فصل: وربح كل شركة على ما شرطا وَلَوْ تَفَاضَلَا وَمَا لَهُمَا سَوَاءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ: عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، لِئَلَّا يَأْخُذَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَالْوَضِيعَةُ عَلَى الْمَالِ1، نُصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ شَرَطَا لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا رِبْحًا مَجْهُولًا أَوْ مِثْلَ مَا شَرَطَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ أَوْ مَعْلُومًا وَزِيَادَةَ دِرْهَمٍ أَوْ2 إلَّا دِرْهَمًا أَوْ رِبْحَ نِصْفِهِ أَوْ قَدْرَ مَعْلُومٍ أَوْ سُفْرَةٍ أَوْ عَامٍ أَوْ أَهْمَلَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ، وَإِنْ شَرَطَ فَاسِدًا لَا يَعُودُ بِجَهَالَةِ رِبْحٍ، كَوَضِيعَةِ3 مَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى صَاحِبِهِ، أَوْ لُزُومِ الْعَقْدِ أَوْ خِدْمَةٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ أُخْرَى أَوْ شَرْطِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ إنْ أَعْجَبَهُ أَخَذَهُ بِثَمَنِهِ أَوْ الِارْتِفَاقِ بِالسِّلَعِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ العقد، نص عليه وَعَنْهُ: لَا. وَلَا ضَمَانَ فِي مُضَارَبَةٍ فَاسِدَةٍ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أو عليهما4، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهَا كَسْبٌ نَادِرٌ وَغَرَامَةٌ كلقطة وضمان مال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صح، وإن دخل فيه1 فَشَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ فَاسِدَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ شَرَطَ أَنْ يَشْتَرِكَا فِي كُلِّ مَا ثَبَتَ لَهُمَا أَوْ عَلَيْهِمَا كَشَرْطٍ فَاسِدٍ، كَمَا سَبَقَ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَقُولَ: أَنْتَ شَرِيكٌ لِي فِي كُلِّ مَا يَحْصُلُ لِي بِأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ، لَنَا فِيهَا رِوَايَتَانِ، الْمَنْصُورُ: لَا يَصِحُّ "2وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهُ كَشَرْطٍ فَاسِدٍ2"، وَإِذَا فَسَدَ فَرِبْحُ الْمُضَارَبَةِ لِلْمَالِكِ، وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَلَوْ خَسِرَ. وَرِبْحُ شَرِكَةِ عِنَانٍ وَوُجُوهٍ بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، وَأُجْرَةُ مَا تَقَبَّلَاهُ فِي الْأَبَدَانِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَرْجِعُ كل واحد على الآخر "3في الثلاثة3" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: إنْ فَسَدَ لَا بِجَهَالَةِ الرِّبْحِ وَجَبَ الْمُسَمَّى، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ، وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا "1فِي الْفَاسِدَةِ1" نَصِيبَ الْمِثْلِ، فَيَجِبُ مِنْ الرِّبْحِ جُزْءٌ جَرَتْ2 بِهِ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، لِأَنَّهَا عِنْدَهُ مُشَارَكَةٌ لَا مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ، وَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُرْوَةَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ ففضولي، ونقله 3وَهُوَ أَظْهَرُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ ثُمَّ نَقَدَهُ وَرَبِحَ ثُمَّ أَجَازَهُ فَلَهُ الْأُجْرَةُ، فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ لَهُ4 فَلَا، وَعَنْهُ: لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ. وَفِي الْمُغْنِي5: مَا لَمْ يَحُطَّ بِالرِّبْحِ، وَنَقَلَهُ صالح، وأنه كان يذهب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّ الْمَالِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ هَذَا بَعْدُ، وَعَنْهُ: لَهُ الْأَقَلُّ أَوْ مَا شَرَطَهُ، وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقَانِ بِهِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا، وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ: إنْ أَجَازَهُ بِقَدْرِ الْمَالِ وَالْعَمَلِ، وَجَعَلَ مِثْلَهُ مَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ الْغَيْرِ أَوْ قَامَ بِعَيْنٍ فَسَخَتْ1 أَوْ زَرَعَ أَرْضًا فَتَبَيَّنَ هِيَ أَوْ بَعْضُهَا لِغَيْرِهِ أَوْ الْفَلَاحُ الْأَوَّلُ حَرَثَهَا، وَقَالَ: كَذَا جَعَلَهُ عُمَرُ لَمَّا أَقْرَضَ أَبُو مُوسَى لِابْنِهِ2 وَأَخَذَهُ3 مِنْ بَيْتِ الْمَالِ4. وَفِي "الْمُوجَزِ" فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ مَعَ الرِّبْحِ5: وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ قَالَ: اتَّجِرْ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، ضَمِنَ النَّقْدَ، لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَفِي الْمَنْفَعَةِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ، وَفِي الْفُصُولِ: لَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: وَبِعْهُ، فَعِنْدَ شَيْخِنَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْأَصَحُّ توكيل "م13". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-13: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ: اتَّجِرْ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، ضَمِنَ النَّقْدَ، لِأَنَّهُ قَرْضٌ، وَفِي الْمَنْفَعَةِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الْفُصُولِ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ بِهِ كَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: وَبِعْهُ، فَعِنْدَ شَيْخِنَا مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْأَصَحُّ تَوْكِيلٌ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا خَالَفَ وَتَعَدَّى هَلْ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ أَيْضًا، كَالنَّقْدِ، لِتَعَدِّيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ تَعَدَّى الْمُضَارِبُ الشَّرْطَ أَوْ فَعَلَ مَا لَيْسَ لَهُ فِعْلُهُ أَوْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ ضَمِنَ الْمَالَ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ، وَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ، وَعَنْهُ: لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ انْتَهَى. فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب المساقاة والمزارعة
باب المساقاة والمزارعة مدخل ... باب المساقاة والمزارعة يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْعَاقِدِ جَائِزَ التَّصَرُّفِ، وَتَصِحُّ بِلَفْظِهِمَا، وَمَعْنَاهُ عَلَى كُلِّ شَجَرٍ مَعْلُومٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ: مَقْصُودٌ لَا كَصَنَوْبَرٍ، وَقَالَ: أَوْ يُقْصَدُ وَرَقُهُ أَوْ زَهْرُهُ، بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ، وَعَنْهُ: عَلَى نَخْلٍ وَكَرْمٍ فَقَطْ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَعَلَى ثَمَرٍ بَدَا وَلَمْ يَكْمُلْ بِجُزْءٍ مِنْهُ. وَمِثْلُهُ مُزَارَعَةٌ، وَالْمَنْصُوصُ وَعَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرِهِ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ: وَبِجُزْءٍ مِنْهُ وَمِنْهُمَا، كَالْمُزَارَعَةِ وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمُنَاصَبَة، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَالْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَشَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ: وَلَوْ كَانَ مَغْرُوسًا وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِنَاظِرٍ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ، وَأَنَّ لِحَاكِمٍ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ، وَالْحُكْمُ بِهِ مِنْ جِهَةِ عِوَضِ الْمِثْلِ وَلَوْ لَمْ يُقِمْ به1 بَيِّنَةً، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ، وَيَتَوَجَّهُ اعْتِبَارُ بَيِّنَةٍ. وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيمَا بِيَدِهِ بِالْوَقْفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَقُومَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ، لَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِالْوَقْفِ، حَتَّى يَثْبُتَ الْمِلْكُ. وَلَوْ عَمِلَا فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ، وَقِيلَ: لَا، كَمُسَاقَاةِ2 أَحَدِهِمَا الْآخَرَ بِنِصْفِهِ فَفِي أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1: قوله: "وَلَوْ عَمِلَا "3فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا3" نِصْفَيْنِ وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ، وَقِيلَ: لَا، كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا: الْآخَرَ بِنِصْفِهِ فَفِي أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَصِحُّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ الْأُجْرَةُ قِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ وَغَيْرِهَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَلَوْ سَاقَى أحد الشريكين شريكه وجعل الثمرة بينهما
وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا، وَيُعْتَبَرُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ فِي مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ، فَإِنْ جَعَلَاهَا إلَى1 الْجُذَاذِ أَوْ إدراكها فوجهان "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQنِصْفَيْنِ الْمُسَاقَاةُ2 فَاسِدَةٌ، فَإِذَا عَمِلَ فِي الشَّجَرِ بِنَاءً عَلَى هَذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِرِضَاهُ بِالْعَمَلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا وَجْهًا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَرَدَّاهُ. قُلْت مَا قَدَّمَاهُ وَنَصَرَاهُ هُوَ الصَّوَابُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاهِلًا فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَا: فَأَمَّا إنْ سَاقَى شَرِيكَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مَعًا فَفَاسِدَةٌ وَالثَّمَرَةُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، فَإِنْ كان ل أحدهما: فَضْلٌ، فَإِنْ كَانَ قَدْ شُرِطَ فَضْلٌ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ اسْتَحَقَّ مَا فَضَلَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ إلا3 عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَيُعْتَبَرُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ فِي مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ، فَإِنْ جَعَلَاهَا4 إلَى الْجُذَاذِ أَوْ إدْرَاكِهَا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ هُنَا، بَلْ الصِّحَّةُ هُنَا أَوْلَى مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ جَعَلَهَا مِثْلَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَإِطْلَاقُ المصنف الخلاف فيه نظر.
وَكَذَا مُدَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ الْكَمَالَ "م 3" فَإِنْ لَمْ يصرح ففي أجرة عَمَلِهِ وَجْهَانِ "م4" وَتَنْفَسِخُ كَوَكَالَةٍ، فَمَتَى انْفَسَخَتْ بعد ظهورها فللعامل حقه وعليه بقية ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَكَذَا مُدَّةٌ مُحْتَمِلَةٌ الْكَمَالَ" انْتَهَى، يعني لو جعلا مدة قد تَكْمُلُ فِيهَا وَقَدْ لَا تَكْمُلُ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَقْوَى، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا. مَسْأَلَةٌ-4: قَوْله: "فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فَفِي أُجْرَةِ عَمَلِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَهُ الْأُجْرَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ منجا في شرحه.
مَا عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ، وَإِنْ فَسَخَهَا هُوَ فلا شيء له، وإن فسخها غَيْرُهُ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، كَجَعَالَةٍ، لَا كَمُضَارَبَةٍ، وَفِيهَا فِي الِانْتِصَارِ، كَمُسَاقَاةٍ. وَقِيلَ: لَازِمٌ1، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، فَلَوْ مَاتَ الْعَامِلُ أَوْ هَرَبَ فَوَارِثُهُ كَهُوَ، فَإِنْ أَبَى اسْتَأْجَرَ حَاكِمٌ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ اقْتَرَضَ2 عَلَيْهِ إنْ هَرَبَ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ، فَإِنْ فَسَخَ وَقَدْ صَلُحَتْ فَلَهُ الشِّرَاءُ، وَلَهُ الْبَيْعُ هُوَ عَنْ3 نَفْسِهِ، وَحَاكِمٌ عَنْ عَامِلٍ، وَبَقِيَّةُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بَاعَ حَاكِمٌ نَصِيبَ عَامِلٍ وَمَا يَلْزَمُهُ يُسْتَأْجَرُ عَنْهُ، وَالْبَاقِي لِوَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ، فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَقِيلَ وَهَارِبٍ وَجْهَانِ "م 5" ولا بيع4 إلا بشرط القطع، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا أُجْرَةَ لَهُ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ. تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: عَكَسَ الْمُصَنِّفُ فَوَائِدَ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قلنا إنها عقد جائز ولازم، فَجَعَلَ فَوَائِدَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا جَائِزَةٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَازِمَةٌ، وَفَوَائِدَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا جَائِزَةٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الْكَاتِبِ حِينَ التَّبْيِيضِ، لِأَجْلِ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ أَوْ شَيْءٍ كَانَ عَلَى الْحَاشِيَةِ أَوْ سَبَقَهُ قَلَمٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "5 مَسْأَلَةٌ-5- 5": الثَّانِي: قَوْلُهُ: فِيمَا إذا مات العامل أو هرب: "إن6 لَمْ تَصْلُحْ فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَقِيلَ: وَهَارِبٍ، وَجْهَانِ" انْتَهَى. فَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ، يَعْنِي إذَا مَاتَ العامل وأبى الورثة العمل وتعذر الاستئجار
وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ عَامِلٍ وَحْدَهُ، وَفِي شِرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ وَجْهَانِ "م 6". وَإِنْ عَمِلَ الْمَالِكُ أَوْ اسْتَأْجَرَ أَوْ اقْتَرَضَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ، وإن عجز ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِ وَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ الْعَقْدَ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ. وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا لَمْ تَظْهَرْ لَا فِيمَا إذَا لَمْ تَصْلُحْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ نَبَّهَ عَلَى مَا قُلْنَا، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَوَّلَ عَدَمُ الصَّلَاحِ بِعَدَمِ الظُّهُورِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَنَقُولُ: إذَا فُسِخَ قَبْلَ الظُّهُورِ فَهَلْ لِلْعَامِلِ الَّذِي مَاتَ أُجْرَةٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف فيه، و1أطلقه فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 والهادي والشرح3 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَهُ الْأُجْرَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ 5: قَدْ صُحِّحَتْ. مَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَحْدَهُ، وَفِي شِرَاءِ الْمَالِكِ لَهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ4، وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هُنَاكَ: يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِصَاحِبِ الشَّجَرِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، واختاره في
عَنْهَا وَنَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ، وَإِنْ قَدَرَ فَالْخِلَافُ، وتنفسخ بموت عامل إن كانت على الْعَيْنِ وَلَوْ بَانَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى غَاصِبِهِ. وَاخْتَارَ فِي التَّبْصِرَةِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ عَامِلٍ، لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ مَالِكٍ، مَأْخُوذٌ مِنْ إجَارَةٍ. وَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الزَّرْعِ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ أَنَّهُ الْعَامِلُ وَيُقِرُّ1 الْعَمَلَ2 مِنْ الْآخَرِ، وَفِي مَنْعِ الْمُزَارَعَةِ رِوَايَةٌ حَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ أَحَلُّ مِنْ الْإِجَارَةِ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَغْرَمِ وَالْمَغْنَمِ، وَلَا تَصِحُّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَالْأَرْضُ لَهُمَا أَوْ منهما، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِمَا هُنَاكَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ هُنَاكَ، فَلْيُعَاوَدْ، والله أعلم.
وَعَنْهُ: تَصِحُّ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمْ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى عَامِلٍ كَبَذْرِهِ فَرِوَايَتَانِ، فِي الْوَاضِحِ "م 7". وَإِنْ كَانَ مِنْ ثَالِثٍ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْبَقَرُ مِنْ رَابِعٍ فَفِي الصِّحَّةِ تَخْرِيجٌ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً وَاخْتَارَهُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ، وَفِي الْأَرْبَعَةِ خَبَرُ مُجَاهِدٍ1، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، لِأَنَّهُ2 جَعَلَ فِيهِ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْبَذْرِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، بِهَذَا ضَعَّفَهُ، وَقِيلَ لِعَبْدِ الرحمن بن مهدي: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، فَقَالَ: أَحْسَنَ3، مِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يُحَدَّثُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْمَاءُ فَقَطْ فَرِوَايَتَانِ "م 8"، واحتج للمنع بالنهي عن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ: فَإِنْ رَدَّ عَلَى عَامِلٍ كَبَذْرَةِ فَرِوَايَتَانِ، فِي الْوَاضِحِ" انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ قُلْت: وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ حَيْثُ اشْتَرَطُوا ذَلِكَ. والرواية الثانية: يصح مَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا: الْمَاءُ فَرِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَظْمِهَا وَغَيْرِهِمْ.
بَيْعِ الْمَاءِ1، فَدَلَّ عَلَى2 أَنَّهُ إنْ جَوَّزَهُ جَازَ بَيْعُهُ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ الْجَوَازَ، مِنْهُمْ حَرْبٌ، وَسَأَلَهُ3: مَنْ لَهُ شُرْبٌ فِي قَنَاةٍ هَلْ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَاءَ؟ فَلَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ. وهي كمساقاة في صحتهما4 بلفظ إجارة وجهان "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيح الْمُحَرَّرِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. مَسْأَلَةٌ-9: قوله: "وفي صحتهما"7 عني الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ بِلَفْظِ إجَارَةٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُقْنِعِ8 وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ والنظم وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالُوا: هَذَا أَقْيَسُ، وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، "9وجزم به في الوجيز9". وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ والمستوعب والخلاصة،
فصل: وعلى العامل ما فيه صلاح ثمر وزرع
فصل: وَعَلَى الْعَامِلِ مَا فِيهِ صَلَاحُ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ، كسقي وطريقة1 وَتَلْقِيحٍ وَتَشْمِيسٍ وَإِصْلَاحِ مَكَانِهِ وَآلَةِ حَرْثٍ وَبَقَرِهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى2 وَالشَّيْخُ: وَبَقَرُ دُولَابٍ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: وَالْفَأْسُ النُّحَاسُ تَقْطَعُ الدَّغَلَ فَلَا يَنْبُتُ، وَهُوَ مَعْنًى فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ، وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا يحفظه كسد حائط3 وَحَفْرِ نَهْرٍ وَبِئْرٍ وَدُولَابٍ وَشِرَاءِ مَا يُلَقِّحُ بِهِ وَمَاءٍ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَتَيْنِ فِي بَقَرِ حَرْثٍ وَسِنَايَةٍ4 وَمَا يُلَقِّحُ بِهِ. وَالْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا، وَفِي الْمُوجَزِ فِيهِ وَفِي دِيَاسٍ وَتَذْرِيَةٍ وَحِفْظِهِ بِبَيْدَرِهِ5 رِوَايَتَا جُذَاذٍ، وَهُوَ عَلَيْهِمَا عَلَى الْأَصَحِّ بِحِصَّتِهِمَا، إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْعَامِلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مِنْهُ صِحَّةَ شَرْطِ كُلِّ وَاحِدٍ مَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضَهُ، لَكِنْ يُعْتَبَرُ مَا يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا مَعْلُومًا. وَفِي الْمُغْنِي6: وَأَنْ يَعْمَلَ الْعَامِلُ أَكْثَرَ الْعَمَلِ، وَالْأَشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ، ففي العقد روايتان "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: إن صحت بلفظهما كانت إجارة. مَسْأَلَةٌ-10: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَحَدُهُمَا مَا عليه على7 الآخر: والأشهر يفسد الشَّرْطَ، فَفِي الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي المستوعب والرعايتين
وذكر أَبُو الْفَرَجِ تَفْسُدُ بِشَرْطِ خَرَاجٍ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى عَامِلٍ، وَيُكْرَهَانِ لَيْلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاللِّقَاطُ كَحَصَادٍ. وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ، وَهُوَ كَمُضَارِبٍ فِي قَبُولٍ وَرَدٍّ وَمُبْطِلٍ لِلْعَقْدِ وَجُزْءٍ مَشْرُوطٍ، وَفِي الْمُوجَزِ: إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا شَرَطَهُ لَهُ صُدِّقَ عَامِلٌ. وَفِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنْ خَانَ فَمُشْرِفٌ يَمْنَعُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَامِلٌ مَكَانَهُ، وَأُجْرَتُهُمَا مِنْ الْعَامِلِ وَإِنْ اُتُّهِمَ فَفِي الْمُغْنِي1: يَحْلِفُ، وَفِي غَيْرِهِ: لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ "م 11" قَالَ: وإن لم يقع النفع به لعدم بطشه أقيم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُفْسِدُ الْعَقْدَ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُفْسِدُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا إذَا اقْتَرَنَ بِالْعَقْدِ شَرْطٌ فَاسِدٌ. مَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اُتُّهِمَ" يَعْنِي الْعَامِلَ "فَفِي الْمُغْنِي: يَحْلِفُ، وَفِي غَيْرِهِ: لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ" انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَبَيْنَ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى مَا إذَا اُتُّهِمَ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ "4أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَادُّعِيَ عَلَيْهِ4"، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَغَيْرُهُ لَا يُخَالِفُهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ يُوَافِقُهُ عَلَيْهِ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا اُتُّهِمَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ، فَلِذَلِكَ قَالَ: لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ، وَلَا فِي كَلَامِهِمْ مَا يَنْفِي الْيَمِينَ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ "4أَوْ فِي أثنائه4"، هذا
مُقَامَهُ أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ، وَشَرْطُ أَخْذِ مِثْلِ بَذْرِهِ وَاقْتِسَامِ الْبَاقِي فَاسِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ "و" وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الْمُضَارَبَةِ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا أَخْذَهُ أَوْ بَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ، قَالَ: يَلْزَمُ مَنْ اعْتَبَرَ الْبَذْرَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فَاسِدٌ. وَقَالَ أَيْضًا: يَجُوزُ، كَالْمُضَارَبَةِ، وَكَاقْتِسَامِهِمَا مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكَلَفِ، "1وَيُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ جِنْسِ الْبَذْرِ وَلَوْ تَعَدَّدَ، وَقَدْرُهُ1". وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ تَقْدِيرُ الْمَكَانِ وَتَعْيِينُهُ، وَإِنْ شَرَطَ إنْ سَقَى سَيْحًا أَوْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالرُّبْعُ، وَبِكُلْفَةٍ وَحِنْطَةٍ فَالنِّصْفُ، لَمْ يَصِحَّ، كَمَا زَرَعْت مِنْ شَعِيرٍ فَلِي رُبْعُهُ، وَمِنْ حِنْطَةٍ فَنِصْفُهُ، أَوْ زَارِعَتُك أَوْ سَاقِيَتُك هَذَا بِالنِّصْفِ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِالرُّبْعِ، وَكَنِصْفِ هَذَا النَّوْعِ وَرُبْعِ الْآخَرِ وَيَجْهَلُ الْعَامِلُ قَدْرَهُمَا، وَلَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ وَإِلَّا الربع، في المنصوص فيها3. وقيل: يصح، كـ: ما زَرَعْت مِنْ شَيْءٍ فَلِي نِصْفُهُ. وَإِنْ آجَرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ فَكَجَمْعِ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وإن كان ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا يَظْهَرُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5: حُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِيمَا يُرَدُّ، لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ ائْتَمَنَهُ، فَأَشْبَهَ الْمُضَارِبَ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ ضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُشَارِفُهُ، كَالْوَصِيِّ" انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّنَافِي الْقَوْلُ الثَّانِي: أَصْوَبُ مَعَ يَمِينِ الْعَامِلِ إنْ اتَّهَمَهُ فِيمَا عَمِلَهُ بِغَيْرِ أَمِينٍ، وَاَللَّهُ أعلم.
حِيلَةً فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ، وَالْمَذْهَبُ لَا. ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ أَوْ هُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12". وَإِنْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ فَتَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: سَوَاءٌ صَحَّتْ أَوْ لَا، فَمَا ذَهَبَ مِنْ الشَّجَرِ ذَهَبَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْعِوَضِ. وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضٍ وَشَجَرٍ فِيهَا، قَالَ أَحْمَدُ: أَخَافُ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لَمْ يُثْمِرْ، وَذَكَرَ أَبُو عُبَيْدٍ تَحْرِيمَهُ "عِ" وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَقِيلٍ تَبَعًا وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ، لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ضَمِنَ حَدِيقَةَ أُسَيْدَ بْنِ حُضَيْرٍ لَمَّا مَاتَ ثَلَاثَ سِنِينَ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ1. رَوَاهُ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّهُ وَضَعَ الْخَرَاجَ عَلَى أَرْضِ الْخَرَاجِ، وَهُوَ أُجْرَةٌ، وَقَالَهُ مَالِكٌ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَجَوَّزَ شَيْخُنَا إجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ "2كَأَرْضٍ لِزَرْعٍ وَإِنْ مَا اسْتَوْفَاهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَالْمُسْتَعِيرُ بِلَا عِوَضٍ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ2" بِالْعِوَضِ بخلاف بيع السنين، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ آجَرَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ فَكَجَمْعٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَإِنْ كَانَ حِيلَةً فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ، وَالْمَذْهَبُ لَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي عَقْدٍ ثَانٍ فَهَلْ تَفْسُدُ أَوْ هُمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَحْدَهَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْسُدَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، إذَا فَعَلَا ذَلِكَ حِيلَةً عَلَى شِرَاءِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا فَلَا يَصِحُّ، سَوَاءٌ جَمَعَا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ أَوْ عَقَدَا أحدهما: قبل الآخر، وهو الصواب.
فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا أُجْرَةَ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْعَادَةِ فَالْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ، لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ كَجَائِحَةٍ وَاشْتِرَاطِ عَمَلِ الْآخَرِ حَتَّى يُثْمِرَ بِبَعْضِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَالسِّيَاجُ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَتْبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرَطَ، قَالَ: وَمَا طُلِبَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ، وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ، وَعَلَى الْعَقَارِ عَلَى رَبِّهِ مَا لَمْ يَشْرِطْهُ1 عَلَى مُسْتَأْجِرٍ، وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا فَالْعَادَةُ. وَمَتَى فَسَدَ الْعَقْدُ فَالثَّمَرَةُ وَالْبَذْرُ لِرَبِّهِ وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَكَذَا الْعُشْرُ، وَإِنْ صَحَّتْ لَزِمَ الْمُقْطِعَ عُشْرُ نَصِيبِهِ، وَمَنْ قَالَ الْعُشْرُ كُلُّهُ عَلَى الْفَلَّاحِ فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنْ أَلْزَمُوا الْفَلَّاحَ بِهِ فَمَسْأَلَةُ الظَّفَرِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْحَقُّ ظَاهِرٌ، فَيَأْخُذُهُ، وَقِيلَ: إنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا الثَّمَرَةُ فَفِي الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ، وَحُكْمُ بَذْرَيْنِ مِنْهُمَا كَمَالَيْ عِنَانٍ. وَفِي إيجَارِ أَرْضِهِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ خارج منها روايتان "م 13". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-13: قَوْلُهُ: "وَفِي إيجَارِ أَرْضِهِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ خَارِجٍ مِنْهَا رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ4.
وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَحَمَلَ الْقَاضِي الْجَوَازَ عَلَى الذِّمَّةِ، والمنع على أنه مِنْهُ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَعَنْهُ: رُبَّمَا تَهَيَّبَتْهُ وَلَا يُكْرَهُ بِنَقْدٍ وَعَرَضٍ، وَيَجُوزُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْ الْخَارِجِ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، فَإِنْ صَحَّ إجَارَةً أَوْ مُزَارَعَةً فَلَمْ يُزْرَعْ نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ، فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فِيهِ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَسُمِّيَتْ إجَارَةً فَأَجْرُ الْمِثْلِ، وَقِيلَ: قِسْطُ الْمِثْلِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَشْرِطُ عَلَى الْأَكَّارِ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي غَيْرِ الْحَرْثِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ. وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ: يُشَارِطُهُ عَلَى كِرَاءِ الْبُيُوتِ وَمَا أُحْدِثَ مِنْ عِمَارَةٍ فِيهَا وَفِي الْأَرْضِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ الْأَكَّارُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ هَلْ يَطِيبُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَا عَمِلَهُ؟ قَالَ: إذَا شَرَطَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ، قَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ شَيْئًا مأكولا ولا غيره. وقال فيما يُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْفَلَّاحِ لِلْمُقْطِعِ: وَالْعُشْرُ وَالدِّيَاسَةُ ونحو ذلك إن كانت لو دفعت ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَهُ، وَقَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. والرواية الثانية: لا يصح، اختاره الْقَاضِي "1وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ1" وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: لَا يَصِحُّ. وَفِي الْأَظْهَرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي نِهَايَتِهِ، وَمَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ. فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
مُقَاسَمَةً قُسِمَتْ أَوْ جَرَتْ بِمِقْدَارٍ فَأَخَذَ قَدْرَهُ فَلَا بَأْسَ، قَالَ: وَهَدِيَّتُهُ لَهُ إنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ الْإِقْطَاعِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْسِبَهَا مِمَّا لَهُ عِنْدَهُ أَوْ لَا يَأْخُذُهَا. وَمَا سَقَطَ مِنْ حَبٍّ وَقْتَ حَصَادٍ فَنَبَتَ عَامًا آخَرَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَجْهٌ: لَهُمَا، وَفِي الرِّعَايَةِ: لِرَبِّ الْأَرْضِ مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا، وَقِيلَ: لَهُ حُكْمُ عَارِيَّةٍ، وَقِيلَ حُكْمُ غَصْبٍ، وَكَذَا نَصَّ فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا1 فَحَصَدَ وَبَقِيَ يَسِيرٌ فَصَارَ سُنْبُلًا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ لِيَجْعَلَ بِهَا شَوْكًا أَوْ دَوَابَّ فَتَنَاثَرَ بِهَا حَبٌّ أَوْ نَوًى فَلِمُسْتَعِيرٍ، وَلِلْمُعِيرِ إجْبَارُهُ عَلَى قَلْعِهِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِنَصِّ أَحْمَدَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ. وَاللِّقَاطُ مُبَاحٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَحْرُمُ مَنْعُهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ حَصَدَ زَرْعَهُ فَسَقَطَ سُنْبُلٌ فَلَقَطَهُ قَوْمٌ، يُقَاسِمُهُمْ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ لَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ إذَا أَخَذَ السُّلْطَانُ حَقَّهُ فَعَلَى صَاحِبِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْمَسَاكِينَ مِمَّا يَصِيرُ لَهُ2 لِقَوْلِهِ: {وَآتُوا حَقَّهُ} [الأنعام:141] وَالْحَصَادُ أَنْ لَا يَمْنَعَ الرَّجُلَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِعِلْمِ صَاحِبِ الزَّرْعِ، وَنَقَلَ أَيْضًا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَزْرَعَةَ أَحَدٍ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَرَ بَأْسًا بِدُخُولِهِ يَأْخُذُ كَلَأً وَشَوْكًا، لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرًا وَعُرْفًا وعادة والله تعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الإجارة
باب الإجارة تعريف الإجارة وبما تنعقد ... باب الإجارة وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، عَلَى النَّفْعِ، يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَانْتِفَاعُهُ تَابِعٌ لَهُ، وَقَدْ قِيلَ: هِيَ خِلَافُ الْقِيَاسِ، وَالْأَصَحُّ لَا، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُخَصِّصْ الْعِلَّةَ1 لَا يُتَصَوَّرُ عِنْدَهُ مُخَالِفَةُ قِيَاسٍ صَحِيحٍ، وَمَنْ خَصَّصَهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ الشَّيْءُ خِلَافَ الْقِيَاسِ إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ مَوْجُودًا فِيهِ وَيَخْلُفُ الْحُكْمُ عَنْهُ. تَنْعَقِدُ بِلَفْظِهَا وَمَعْنَاهُ إنْ2 أَضَافَهُ إلَى الْعَيْن3، وَكَذَا إلَى النَّفْعِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي لَفْظِ الْبَيْعِ وجهان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَفِي لَفْظِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ لِلطُّوفِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ: وَأَمَّا لَفْظُ الْبَيْعِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الدَّارِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْمَنْفَعَةِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَالَ فِي قَاعِدَةٍ لَهُ فِي تَقْرِيرِ الْقِيَاسِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ: والتحقيق أن
قال شيخنا: بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ شَبِيهٌ بِهِ. وَفِي التَّلْخِيصِ مُضَافًا إلَى النَّفْعِ، نَحْوَ بِعْتُك نَفْعَ هَذِهِ الدَّارِ شَهْرًا، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، نَحْوَ بِعْتُكهَا شَهْرًا "1وَمُضَافًا إلَى النَّفْعِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ1" وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ نَفْعٍ كَمَبِيعٍ بِعُرْفٍ، كَسُكْنَى، فَلَا يُعْمَلُ فِيهَا حِدَادَةً وَلَا قِصَارَةً وَلَا دَابَّةً، وَالْأَشْهَرُ: وَلَا مَخْزَنًا لِلطَّعَامِ. قِيلَ لِأَحْمَدَ: يَجِيءُ إلَيْهِ زُوَّارٌ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَ الْبَيْتِ بِذَلِكَ؟ قَالَ: رُبَّمَا كَثُرُوا وَأَرَى أَنْ يُخْبِرَ، وَقَالَ: إذَا كَانَ يَجِيئُهُ الْفَرْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ: لَهُ إسْكَانُ ضَيْفٍ وَزَائِرٍ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَجِبُ ذِكْرُ السُّكْنَى وَصِفَتِهَا وَعَدَدِ مَنْ يَسْكُنُهَا وَصِفَتِهِمْ إنْ اخْتَلَفَتْ الْأُجْرَةُ، وَخِدْمَةُ آدَمِيٍّ شَهْرًا أَوْ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ. وَفِي النَّوَادِرِ وَالرِّعَايَةِ: يَخْدُمُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ اسْتَحَقَّهُ لَيْلًا وَحَمْلٌ مَعْلُومٌ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ، فَلَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ كِتَابًا فَوَجَدَ الْمَحْمُولَ إلَيْهِ غَائِبًا فَلَهُ الْأَجْرُ لِذَهَابِهِ وَرَدِّهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ إنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا فَالْمُسَمَّى فَقَطْ وَيَرُدُّهُ، نَقَلَ حَرْبٌ: إنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَوْ وَكِيلًا لِيَحْمِلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْكُوفَةِ فَلَمَّا وَصَّلَهَا لَمْ يَبْعَثْ لَهُ وَكِيلُهُ بِمَا أَرَادَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ هُنَا إلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَرَفَا الْمَقْصُودَ انْعَقَدَتْ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَرَفَ بِهَا الْمُتَعَاقِدَانِ مَقْصُودَهُمَا، وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ، فَإِنَّ الشارع لم يحد حدا لألفاظ الْعُقُودِ، بَلْ ذَكَرَهَا مُطْلَقَةً انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، وَاخْتَارَهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْبَيْعِ، وَفِي وَجْهٍ فدل2 أَنَّ الْمُقَدَّمَ الصِّحَّةُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ.
ثَمَّ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا جَوَابٌ عَلَى أحد القولين، والآخر: له الأجرة في ذهابه ومجيئه، فإن جاء1 والوقت لَمْ يَبْلُغْهُ فَالْأُجْرَةُ لَهُ، وَيَسْتَخْدِمُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ. وَمَعْرِفَةُ مَرْكُوبٍ كَمَبِيعٍ, وَمَا يَرْكَبُ بِهِ, وَكَيْفِيَّةُ سَيْرِهِ, وَقَدَّمَ فِيهِ2 فِي التَّرْغِيبِ: لَا, وَفِي"3 ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ3" وَجْهَانِ "م2". وَفِي الْمُوجَزِ: يُعْتَبَرُ نَوْعُهُ, وَرَاكِبٌ كَمَبِيعٍ, وَقِيلَ: بِرُؤْيَةٍ, وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُ4 ذِكْرُ تَوَابِعِهِ الْعُرْفِيَّةِ, كَزَادٍ وَأَثَاثٍ وَنَحْوِهِ, وَلَهُ حَمْلُ مَا نَقَصَ عَنْ مَعْلُومِهِ, وَقِيلَ: لا بأكل معتاد وفاقاً لأحد قولي الشافعي والترغيب وَغَيْرِهِمَا2 وَمَعْرِفَةُ حَامِلِ خَزَفٍ أَوْ زُجَاجٍ وَنَحْوِهِ, فِي الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: مُطْلَقًا وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَا يُدِيرُ دُولَابًا وَرَحًى, وَاعْتَبَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَعْرِفَةِ محمول, واكتفى ابن عقيل و"5الترغيب وَغَيْرُهُمَا5" بِذِكْرِ وَزْنِهِ مِمَّا شِئْت, وَمَعْرِفَةُ أَرْضٍ لِحَرْثٍ, وَمَعْرِفَةُ الْأُجْرَةِ, فَهِيَ فِي الذِّمَّةِ كَثَمَنٍ, والمعينة كمبيع. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "مَعْرِفَةُ مَرْكُوبٌ كَمَبِيعٍ وَفِي ذُكُورِيَّتِهِ وَأُنُوثِيَّتِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي6 وَالْكَافِي7 وَالشَّرْحِ8 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ، وابن عقيل في
وَتَصِحُّ بِمَنْفَعَةٍ1 وَتَصِحُّ فِي أَجِيرٍ وَظِئْرٍ بِطَعَامِهِمَا وَكِسْوَتِهِمَا، وَهُمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ كَزَوْجَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وعنه: كمسكين في كَفَّارَةٍ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، وَعَنْهُ: فِي أَجِيرٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي دَابَّةٍ بِعَلَفِهَا. وَيُسْتَحَبُّ عِنْدَ فِطَامٍ إعْطَاؤُهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ اكْتَرَى لِمُدَّةِ غَزَاتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا جَازَ، "2وَعَنْهُ: لَا2". وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَقِيلَ بَعْدَ الْأَوَّلِ رِوَايَتَانِ "م3" فَإِنْ صَحَّ فَفَسَخَ بَعْدَ دُخُولِ الثاني وقال القاضي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفُصُولِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. مَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَلَوْ اكْتَرَى دَارًا كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، وَقِيلَ بَعْدَ الْأَوَّلِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْمُحَرَّرِ. إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَالشَّيْخَانِ انْتَهَى، قَالَ النَّاظِمُ: يَجُوزُ فِي الْأُولَى، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ فِي الْكَافِي5: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ6 من أصحابنا بالبطلان، قال الشارح: والقياس
وَالْمُحَرَّرُ: إلَى تَمَامِ يَوْمٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ: أَوْ قبله وقال أيضا، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ، لِأَنَّ الْعَقْدَ تَنَاوَلَ جَمِيعَ الأشهر، وذلك مجهول انتهى.
وَأَبُو الْخَطَّابِ وَشَيْخُنَا: بَلْ قَبْلَهُ، وَقَالَ "1أَيْ الشَّيْخُ1" أَوْ تَرَكَ التَّلَبُّسَ بِهِ فَلَا أُجْرَةَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى دَخَلَ الشَّهْرُ الثَّانِي فَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ قَالَ شَهْرًا بِكَذَا وَمَا زَادَ بِكَذَا صَحَّ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَلَوْ قَالَ شَهْرًا بِكَذَا وَمَا زَادَ بِكَذَا صَحَّ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي: وَجْهَانِ" انْتَهَى، الظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا فِي قَوْلِهِ "وَمَا زَادَ بِكَذَا" فَإِنَّ هذا2 الْحُكْمَ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِكَذَا وَمَا بَعْدَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، كَمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، فعلى هذا يقدر وما زاد فله بكل5 يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ كَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ والشارح وغيرهما.
وَلَوْ قَالَ: إنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ أَوْ رُومِيًّا فَبِكَذَا، أَوْ إنْ خِطْتَهُ غَدًا أَوْ فَارِسِيًّا فَبِكَذَا، لَمْ يَصِحَّ، عَلَى الْأَصَحِّ وَكَذَا إنْ زرعتها براً1 فَبِخَمْسَةٍ وَذُرَةٍ بِعَشْرَةٍ وَنَحْوِهِ. وَتَجِبُ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ، وَلَهُ الْوَطْءُ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ رِوَايَةً، وَتُسْتَحَقُّ بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ أَوْ بِفَرَاغِ عَمَلٍ لِمَا بيد مستأجر أو بذلها2 وَعَنْهُ: قَدْرُ مَا سَكَنَ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى تَرْكِهَا لِعُذْرٍ، وَمِثْلُهُ تَرْكُهُ تَتِمَّةَ عَمَلِهِ، وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ كَقَوْلِ الْقَاضِي، وَلَهُ الطَّلَبُ بِالتَّسْلِيمِ، ولا يستقر إلا بمضي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا: وَإِنْ اكْتَرَى شَهْرًا مُعَيَّنًا بِدِرْهَمٍ وَمَا زَادَ فَبِحِسَابِهِ صَحَّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ فِيمَا زَادَ مِنْ الشُّهُورِ، وَإِنْ قَالَ آجَرْتُك هَذَا الشَّهْرَ بِدِرْهَمٍ وَمَا بَعْدُ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمَيْنِ فَوَجْهَانِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَتَأَوَّلَ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ هُوَ جَائِزٌ عَلَى الزَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: والظاهر عن "3أحمد خلاف ذلك قال في الهداية3": الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي رَجَعَ إلَى مَا فِيهِ الْإِشْكَالُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَعِنْدِي أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ مَا إذَا آجَرَهُ عَيْنًا لِكُلِّ شَهْرٍ بِكَذَا، يَعْنِي الَّتِي تَقَدَّمَتْ.
الْمُدَّةِ، بِلَا نِزَاعٍ، فَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لعمل في الذمة فوجهان "م 5". ويجوز تَأْجِيلُهَا، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعًا فِي الذِّمَّةِ وَقِيلَ: وَيَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَا تَحِلُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ مُؤَجَّلَةً بِمَوْتٍ وإن حل دين؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَلَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بِلَا نِزَاعٍ، فَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ لِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1. وَإِنْ بَذَلَ تَسْلِيمَ عَيْنٍ وَكَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يُمْكِنُ الِاسْتِيفَاءُ فِيهَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ2 الْأَجْرُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي" انْتَهَى، وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ، وَلَمْ يَخْتَرْ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي، "3وَجَزَمَ فِي الْكَافِي4 بِمَا اخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ بِبَذْلِ التَّسْلِيمِ3"، وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يُفْصِحَ بِاخْتِيَارِ الْأَصْحَابِ إنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ، وَاَللَّهُ أعلم.
لِأَنَّ حِلَّهَا مَعَ تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَلَيْسَ لِنَاظِرِ وَقْفٍ وَنَحْوِهِ تَعْجِيلُهَا كُلِّهَا إلَّا لِحَاجَةٍ، وَلَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الْآنَ، كَمَا يُفَرِّقُونَ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا بِيعَتْ وَوُرِثَتْ، فَإِنَّ الْحَكْرَ مِنْ الِانْتِقَالِ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْوَارِثَ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ بَائِعٍ وَتَرْكُهُ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِمْ. وَلَا أُجْرَةَ بِبَذْلِ عَيْنٍ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ، فَإِنْ تَسَلَّمَهَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، لِتَلَفِ الْمَنْفَعَةِ بِيَدِهِ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ فَلَا أُجْرَةَ، وَفِي التَّعْلِيقِ: يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، فَيَجِبُ أَنْ نَقُولَ مِثْلَهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَعَلَى أَنَّ الْقَصْدَ فِيهَا الْعِوَضُ، فَاعْتِبَارُهَا بِالْأَعْيَانِ أَوْلَى. وَفِي الرَّوْضَةِ: هَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِي الْإِجَارَةِ أَمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَهِيَ الصَّحِيحَةُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ أَعْطَى ثَوْبَهُ قَصَّارًا أَوْ خَيَّاطًا بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ اسْتَعْمَلَ حَمَّالًا أَوْ شَاهِدًا وَنَحْوَهُ جَازَ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ، فِي الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِمُنْتَصِبٍ، كَتَعْرِيضِهِ1 بِهَا، وَكَدُخُولِ حَمَّامٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةِ مَلَّاحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ما حرم بيعه فإجارته مثله
فصل: مَا حُرِّمَ بَيْعُهُ فَإِجَارَتُهُ مِثْلُهُ، إلَّا الْحُرَّ وَالْحُرَّةَ، وَيَصْرِفُ بَصَرَهُ فِي النَّظَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْوَقْفُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَلَا يَنْعَقِدُ إلَّا عَلَى نَفْعٍ مُبَاحٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ يُسْتَوْفَى دُونَ الْأَجْزَاءِ، كَإِجَارَةِ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا أَوْ كِتَابٍ لِلنَّظَرِ، وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ، وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ "م 6" وَحُلِيٍّ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِ: يُكْرَهُ بِجِنْسِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ لَهُ: فَثَوْبٍ يَلْبَسُهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ، وَحَيَوَانٍ، وَقِيلَ: حَتَّى كَلْبٍ لِصَيْدٍ وَحِرَاسَةٍ، وَشَجَرٍ لِنَشْرِ ثِيَابٍ وَقُعُودٍ بِظِلِّهِ، وَبَقَرٍ لِحَمْلٍ وَرُكُوبٍ وَغَنَمٍ لِدِيَاسِ زَرْعٍ، وَبَيْتٍ فِي دَارٍ وَلَوْ أَهْمَلَ اسْتِطْرَاقَهُ، وَآدَمِيٍّ لِقَوَدٍ أَوْ إرَاقَةِ خَمْرٍ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِيهَا، وَيَحْرُمُ حَمْلُهَا لِشُرْبٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِثْلُهَا مَيْتَةٌ لِطَرْحٍ أَوْ أَكْلٍ وتحرم إجارة دار لِبَيْعِهِ وَنَحْوِهِ، شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا، وَغِنَاءٍ وَفَحْلٍ لِنَزْوٍ، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ "وم" وَكَرِهَهُ أحمد لهما، زاد حرب: جدا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَفِي الْمُصْحَفِ الْخِلَافُ. وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي بَيْعِهِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الرِّوَايَاتِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وتقدم تحرير ذَلِكَ1، وَأَنَّ الصَّحِيحَ لَا يَصِحُّ، هَكَذَا هُنَا، فَلْيُرَاجِعْ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: وَإِجَارَتُهُ كَبَيْعِهِ، فَحَصَلَ التَّكْرَارُ. وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ "وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَانِ" إحْدَاهُمَا كَبَيْعِهِ وَالثَّانِيَةُ لَيْسَ كَبَيْعِهِ، فَيَجُوزُ، وَإِنْ مَنَعْنَا الْبَيْعَ لِعَدَمِ رَغْبَتِهِ عَنْهُ مُطْلَقًا.
قِيلَ: فَاَلَّذِي يُعْطَى وَلَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا؟ فَكَرِهَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَقِيلَ لَهُ: أَلَا يَكُونُ مِثْلَ الْحَجَّامِ يُعْطَى وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ؟ فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى فِي مِثْلِ هَذَا شَيْئًا كَمَا بَلَغَنَا فِي الْحَجَّامِ1، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَالَ هَذَا مُقْتَضَى النَّظَرِ تُرِكَ فِي الْحَجَّامِ، وَحَمَلَ فِي الْمُغْنِي2 كَلَامَ أَحْمَدَ هَذَا عَلَى الْوَرَعِ لَا التَّحْرِيمِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ أَنَزَاهُ عَلَى فَرَسِهِ فَنَقَصَ ضَمِنَ نَقْصَهُ، وَنَفْعٍ مَغْصُوبٍ وَأَرْضٍ سَبِخَةٍ لِزَرْعٍ، قَالَ فِي الْمُوجَزِ: وَحَمَامٍ لِحَمْلِ الْكُتُبِ لِتَعَدِّيهِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَهُوَ أَوْلَى، وَأَنَّهُ تَصِحُّ إجَارَةُ هِرٍّ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمٍ لِلصَّيْدِ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي بَيْعِهَا الْخِلَافَ، وَشَمْعٍ لِيُشْعِلَهُ وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا مِثْلَ كُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ، فَمِثْلُهُ فِي الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَنَافِعِ، وَمِثْلُهُ كُلَّمَا أَعْتَقْت عَبْدًا مِنْ عَبِيدِك فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَدَدَ وَالثَّمَنَ، وَهُوَ إذْنٌ فِي الِانْتِفَاعِ بِعِوَضٍ، وَاخْتَارَ جَوَازَهُ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ حَائِزٌ، كَالْجَعَالَةِ، وَكَقَوْلِهِ أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ، أَوْ مَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا وَمَنْ أَلْقَى كَذَا فَلَهُ كَذَا، وَجَوَازُ إجارة ماء قناة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُدَّةً، وَمَاءِ فَائِضِ بِرْكَةٍ رَأَيَاهُ وَإِجَارَةِ حَيَوَانٍ لِأَخْذِ لَبَنِهِ قَامَ بِهِ هُوَ أَوْ رَبُّهُ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَعَلَفهَا فَكَاسْتِئْجَارِ الشَّجَرِ، وَإِنْ عَلَفَهَا رَبُّهَا وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي لَبَنًا مُقَدَّرًا فَبَيْعٌ مَحْضٌ، وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ اللَّبَنَ مُطْلَقًا فَبَيْعٌ أَيْضًا، وَلَيْسَ هَذَا بِغَرَرٍ، لِأَنَّ الْغَرَرَ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الْقِمَارِ الَّذِي هُوَ الْمَيْسِرُ، وَهُوَ أَكْلُ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، كَبَيْعِ الْآبِقِ وَالشَّارِدِ. قَالَ: وَالْمَنَافِعُ وَالْفَوَائِدُ تَدْخُلُ فِي عُقُودِ التَّبَرُّعِ سَوَاءً كَانَ الْأَصْلُ مُحْتَبَسًا بِالْوَقْفِ أَوْ غَيْرَ مُحْتَبَسٍ، كَالْعَارِيَّةِ وَنَحْوِهَا، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فِي مَنِيحَةِ الشَّاةِ، وَهُوَ عَارِيَّتُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِلَبَنِهَا، كَمَا يُعِيرُهُ الدَّابَّةَ لِرُكُوبِهَا، وَلِأَنَّ هَذَا يَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَهُوَ بِالْمَنَافِعِ أَشْبَهُ، فَإِلْحَاقُهُ بِهَا أَوْلَى، وَلِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِعَقْدِ الْإِجَارِةِ عَلَى زَرْعِ الْأَرْضِ هُوَ عَيْنٌ مِنْ الْأَعْيَانِ، وَهُوَ وَمَا يُحْدِثُهُ مِنْ الْحَبِّ بِسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، وَكَذَا مُسْتَأْجِرُ الشَّاةِ لِلَبَنِهَا مَقْصُودُهُ مَا يُحْدِثُهُ اللَّهُ مِنْ لَبَنِهَا بِعَلَفِهَا وَالْقِيَامِ عَلَيْهَا، فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَالْآفَاتُ وَالْمَوَانِعُ الَّتِي تَعْرِضُ لِلزَّرْعِ أَكْثَرُ مِنْ آفَاتِ اللَّبَنِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الْجَوَازُ وَالصِّحَّةُ. قَالَ: وَكَظِئْرٍ، وَمِثْلُهَا نَفْعُ بِئْرٍ وَفِي الْمُبْهِجِ وَغَيْرِهِ مَاءُ بِئْرٍ. وَفِي الْفُصُولِ لَا يَسْتَحِقُّ بِالْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِحِيَازَتِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ غَارَ مَاءُ دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ فَلَا فَسْخَ، لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي الْإِجَارَةِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَمْلِكُ عَيْنًا وَلَا يَسْتَحِقُّهَا بِإِجَارَةٍ إلَّا نَفْعَ بِئْرٍ فِي مَوْضِعٍ مُسْتَأْجَرٍ، وَلَبَنَ ظِئْرٍ [فإنهما] يدخلان1 تَبَعًا، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ الْمَاءَ لَمْ يَجُزْ مَجْهُولًا وَإِلَّا جَازَ. ويكون على أصل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِبَاحَةِ، وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أو يلزمه أحدهما بعقده على الآخر واعتبار رُؤْيَةِ مُرْتَضِعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 7،10". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-7-10: قَوْلُهُ: "وَهَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ أَوْ يلزمه أحدهما: بعقده على الآخر واعتبار رؤية مُرْتَضِعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ وَجْهَانِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-7: هَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الرَّضَاعَةِ اللَّبَنُ أَوْ الْحَضَانَةُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحَضَانَةُ، وَهِيَ خِدْمَةُ الْوَلَدِ، وَحَمْلُهُ، وَوَضْعُ الثَّدْيِ فِي فِيهِ، وَأَمَّا اللَّبَنُ فَيَدْخُلُ تَبَعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ تَبَعٌ يَسْتَحِقُّ إتْلَافَهُ بِالرَّضَاعَةِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، وَيَكُونُ اللَّبَنُ تَبَعًا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِصَالِ: لَبَنُ الْمُرْضِعَةِ يَدْخُلُ في عقد الإجارة، وإن كان يهلك2 بِالِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَعِ انْتَهَى. قلت: ويحتمله كلام صاحب المقنع، وغيره، "3وكذا المصنف وغيره، حيث قالوا: يعقد على نفع العين دون إجارائها إلَّا فِي الظِّئْرِ، وَنَقْعِ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا3" وصرح به
وَقِيلَ: الْحَضَانَةُ تَتْبَعُ لِلْعُرْفِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ. وَيُعْتَبَرُ محل رضاع، ورخص أَحْمَدُ فِي مُسْلِمَةٍ تُرْضِعُ طِفْلًا لِنَصَارَى بِأُجْرَةٍ، لا لمجوسي، وسوى ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَا تُسْتَحَقُّ بعقد الإجارة عين إلا في "1موضعين؛ لبن الظئر ونقع البئر1"، فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ تَبَعًا، وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْعَقْدُ وَقَعَ عَلَى اللَّبَنِ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الْأَشْبَهُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6] "2وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ2"، قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَالْمَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ اللَّبَنُ، قَوَّى ذَلِكَ بِعَشْرَةِ وُجُوهٍ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْهَدْيِ، قَالَ الناظم: وفي الأجود3 المقصود بالعقد درها4 ... والإرضاع لا حضن ومبدأ مقصد5 انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي6 فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ على ما يذهب إجراؤه بالانتفاع به "7إلا في الظئر7" يَجُوزُ الرَّضَاعُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَدْعُوهُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَقَوْلُهُمْ، إلَّا فِي الظِّئْرِ وَنَقْعِ الْبِئْرِ يَدْخُلُ تَبَعًا يَعُودُ قَوْلُهُ تَبَعًا إلَى نَقْعِ الْبِئْرِ لا إلى الظئر ومال إليه ابن منجا فِي شَرَحَ الْمُقْنِعِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لِجَوَازِ هَلَاكِ الْعَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ فِي الظِّئْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-8-9: إذَا عَقَدَ عَلَى أَحَدِهِمَا هَلْ يَلْزَمُهَا8 الْآخَرُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف، وفيه مسألتان.
أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا، لِاسْتِوَاءِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. ومن أعطى صيادا أجرة ليصيد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ: أَحَدُهُمَا: تَلْزَمُهَا الْحَضَانَةُ أَيْضًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت: الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، فَيُعْمَلُ بِهِمَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: وَهِيَ الثَّالِثَةُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلْحَضَّانَةِ فَهَلْ يَدْخُلُ الرَّضَاعُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهَا الرَّضَاعُ أَيْضًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا، قَالَ فِي "التَّلْخِيصِ": لَمْ يَلْزَمْهَا وَجْهًا وَاحِدًا انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ أَقْوَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَى الْعُرْفِ، وَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَمِلَ بِهَا. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-10: هَلْ تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ الْمُرْتَضِعِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ أَمْ تَكْفِي صِفَتُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: تَكْفِي صِفَتُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ3 وَالْفَائِقِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَاَللَّهُ أعلم.
لَهُ سَمَكًا لِيَخْتَبِرَ بَخْتَهُ فَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَعْمَلَ له بشبكته، قاله أَبُو الْبَقَاءِ. وَمَنَعَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ إجَارَةَ نَقْدٍ أَوْ شَمْعٍ لِلتَّجَمُّلِ، وَثَوْبٍ لِتَغْطِيَةِ نَعْشٍ، وَمَا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، كَرَيَاحِينَ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَتُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ، بَلْ عَنْبَرٍ، لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ، وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِحِجَامَةٍ، كَفَصْدٍ، وَيُكْرَهُ لِلْحُرِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَكْلُهُ، وَعَنْهُ يَحْرُمُ، وَاخْتَارَ فِي التَّعْلِيقِ: عَلَى سَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ، وَكَذَا أَخْذُهُ بِلَا شَرْطٍ، وَجَوَّزَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ لغير حر. وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ، قَالَ ابن الجوزي: على المنصوص، وفي مدة روايتان "م11" لَا لِخِدْمَةٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إعَارَتُهُ وَلَا إجَارَةُ مُشَاعٍ مُفْرَدًا، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ العكبري وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، كَشَرِيكِهِ، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَيَتَخَرَّجُ لَنَا مِنْ عَدَمِ1 إجَارَةِ الْمُشَاعِ أَنْ لَا يَصِحَّ رَهْنُهُ، وَكَذَلِكَ هبته، ويتوجه: ووقفه، قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَتَجُوزُ إجَارَةُ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ فِي الذِّمَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: عَلَى الْمَنْصُوص، وَفِي مدة روايتان" انتهى، يعني في جواز "2إجارته لعمل2" غَيْرِ الْخِدْمَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ. إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ. وقال في المغني أيضا المصراة4 هَذَا أَوْلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثانية: لا يجوز ولا يصح.
وَالصَّحِيحُ صِحَّةُ رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ وَهِبَتِهِ، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ، وَالْمُرَادُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَإِلَّا فَفِي بَيْعِهِ خِلَافٌ ذَكَره ابْنُ حَزْمٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ فِي مُشَاعٍ مِنْ غَرْسٍ. وَهَذَا التَّخْرِيجُ خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ سِنْدِيٍّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشَاعِ وَرَهْنُهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجَّرَ، لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلْمَنَافِعِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ، وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م12". وَكَذَا وَصِيَّةٌ بِمُنْفَعِهِ، وَلَا امْرَأَةٍ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا ذَاتُ زوج أو إنها مؤجرة قبل نكاح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1 تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: لَا لِخِدْمَةٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إعَارَتُهُ انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إعَارَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ لِذِمِّيٍّ لِلْخِدْمَةِ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ فِي الْعَارِيَّةِ: إعَارَةُ كُلِّ ذِي نَفْعٍ جَائِزٌ منتفع بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمُحْرِمٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ انْتَهَى. فَقَطَعَ هُنَا: أَنَّ إعَارَتَهُ كَإِجَارَتِهِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْعَارِيَّةِ الْجَوَازُ، وَمَا مَنَعَ إلَّا صَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، ثُمَّ وَجَّهَ مِنْ عِنْدِهِ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ، فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ1". مَسْأَلَة-12: قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ: وَهَلْ مِثْلُهُ إيجَارُ حَيَوَانٍ وَدَارٍ لِاثْنَيْنِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: هُوَ كَإِجَارَةِ الْمُشَاعِ، جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْوَجِيزِ، وفرضها في الحيوان والدار كالمصنف4، وفرضها في المغني2 والشرح3
ويحرم على أذان وإمامة صلاة وتعليم قرآن وَنِيَابَةِ حَجٍّ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ "م13" وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: يَجُوزُ لِحَاجَةٍ، وَاخْتَارَهُ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا كَأَخْذِهِ بِلَا شَرْطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "وش" وَمَنَعَ فِي إمَامَةٍ وَكَذَا مَالِكٌ إلَّا فِي إمَامَةٍ تَبَعًا لِأَذَانٍ. وَكَجَعَالَةٍ1 وَقَالَ الشَّيْخُ: فِيهَا وَجْهَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْجُعْلُ فِي حَجٍّ كَأُجْرَةٍ، وَنَصُّهُ: الْجَوَازُ عَلَى الرُّقْيَةِ "و" لِأَنَّهَا مُدَاوَاةٌ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ بَعْضِهِمْ، مَنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ لَمْ يُجَوِّزْ إيقَاعَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ، كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَقِرَاءَةٍ، وَالِاسْتِئْجَارُ يُخْرِجُهَا عن ذلك، ومن جوزه فلأنه نَفْعٌ يَصِلُ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَسَائِرِ النَّفْعِ، وَجُوِّزَ إيقَاعُهَا غَيْرَ عِبَادَةٍ فِي هَذِهِ الْحَالِ، لِمَا فِيهَا مِنْ النَّفْعِ. قَالَ: وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَلْ رزق ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّارِ فَقَطْ، يَعْنِي إذَا كَانَتْ لِوَاحِدٍ وَآجَرَهَا لِاثْنَيْنِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيجَارُ الْحَيَوَانِ وَالدَّارِ لِاثْنَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ هُنَا وَإِنْ مَنَعْنَا الصِّحَّةَ فِي الْمُشَاعِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَعَلَيْهِ العمل. مَسْأَلَةٌ-13: قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى أَذَانٍ وَإِمَامَةِ صَلَاةٍ وَتَعْلِيمِ قُرْآنٍ وَنِيَابَةِ حَجٍّ، وَفِي حَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: هُمَا مُلْحَقَانِ بِمَا قَبْلَهُمَا، فَتَحْرُمُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرعايتين والحاوي الصغير، وصححه الناظم.
لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ لِلَّهِ أُثِيبَ، وَمَا1 يَأْخُذُهُ رِزْقٌ لِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ فِي آخِرِ الْجِهَادِ2، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ خَرَجَ الْأَذَانُ عَنْ كَوْنِهِ قُرْبَةً لَمْ يَقَعْ صَحِيحًا، وَقَدْ قُلْتُمْ يَقَعُ بِهِ الْإِجْزَاءُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قُرْبَةٌ، فَقَالَ: الْحُكْمُ3 بِصِحَّتِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ قُرْبَةً، كَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ يَصِحُّ، وَلَيْسَ بِقُرْبَةٍ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْخِيَاطَةِ بِأَنَّهُمَا يَقَعَانِ قُرْبَةً وَغَيْرَ قُرْبَةٍ، وَالْأَذَانُ شَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ قُرْبَةً، كَالصَّلَاةِ، وَيَجُوزُ عَلَى حِسَابٍ وَخَطٍّ، وَفِي الْمُبْهِجِ: لَا مُشَاهَرَةٍ. وَتَحْرُمُ أُجْرَةٌ وَجَعَالَةٌ عَلَى مَا لا يتعدى نفعه، كصوم وصلاة خلفه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجُوزُ الرِّزْقُ عَلَى مُتَعَدٍّ. وَفِي التَّذْكِرَةِ: فِي غَزْوٍ1 لَا، كَأَخْذِ الرِّزْقِ فِي بِنَاءٍ وَنَحْوِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْخِصَالِ وَالتَّلْخِيصِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ، نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْخُذَ مَا يَحُجُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ لِيَحُجَّ، لَا أَنْ يَحُجَّ لِيَأْخُذَ، فَمَنْ يُحِبُّ إبْرَاءَ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ رُؤْيَةَ الْمَشَاعِرِ يَأْخُذُ لِيَحُجَّ، وَمِثْلُهُ كُلُّ رزق أخذ على عمل صالح، ففرق2 بَيْنَ مَنْ يَقْصِدُ الدِّينَ، وَالدُّنْيَا وَسِيلَتُهُ، وَعَكْسِهِ، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ عَكْسَهُ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ من خلاق، قال: وحجه عن غير ليستفضل3 مَا يُوفِي دَيْنَهُ الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ، لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، وَيَتَوَجَّهُ فِعْلُهُ لِحَاجَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَاهَانَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَحُجُّ بِهِ أَيَحُجُّ عَنْ غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَفِي الْغُنْيَةِ: إنْ فَرَّطَ فِيهِ حَتَّى افْتَقَرَ فَعَلَيْهِ الْخُرُوجُ بِبَدَنِهِ مُفْلِسًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَكَسَّبَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَسْأَلْ النَّاسَ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: أَخْذُ الْأُجْرَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْقُرْبَةِ، بِدَلِيلِ الرِّزْقِ، فَقَالُوا: الرِّزْقُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّهُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ "4وَلَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ4". وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا قَالَ: عِبَادَاتٌ، فَاعْتَبَرَ لَهَا الْإِخْلَاصَ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ قَادِحَةً فِي الإخلاص ما استحقت الغنائم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسُلِبَ الْقَاتِلُ، وَكَذَا أَخْذُ مُؤَذِّنِينَ وَقُضَاةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَقَالَ: تَجُوزُ الْأُجْرَةُ عَلَى ذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ بِلَا خِلَافٍ، كَتَفْرِقَةِ الصَّدَقَةِ وَلَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ، وَاَلَّذِي هُوَ مَحْضُ الْقُرْبَةِ مَا كَانَ بِالْإِهْدَاءِ، فَأَمَّا الذَّبْحُ فَهُوَ تَقْرِيبٌ لَهَا إلَى الفقراء. وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا مَعْلُومَةً لَا يُظَنُّ عَدَمُهَا فِيهَا، وَإِنْ طَالَتْ، وَقِيلَ: إلَى سَنَةٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ، وَقِيلَ: ثَلَاثِينَ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْعَاقِدِ وَلَوْ مُدَّةً لَا يُظَنُّ فِنَاءُ الدُّنْيَا فِيهَا، وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: فِي السَّلَمِ الشَّرْعُ يُرَاعِي الظَّاهِرَ، أَلَا تَرَى لَوْ اشْتَرَطَ أَجَلًا تَفِي بِهِ مُدَّتُهُ صح، ولو اشترط مئتين1 أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصِحَّ، وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا، أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غيرها، وظن التسليم في وقته المستحق، أو لَمْ تَكُنْ، فَإِنْ كَانَتْ مَرْهُونَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فوجهان "م 14". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ هُنَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشيخ موفق، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وشرح ابن رزين وغيرهم. مَسْأَلَةٌ-14: قَوْلُهُ: "وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْعَيْنِ مُدَّةً وَسَوَاءٌ وَلِيَتْ الْعَقْدَ أَوْ لَا أَوْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَظَنَّ التَّسْلِيمَ فِي وَقْتِهِ المستحق، أو لم تكن، فإن كانت مرهونة وَقْتَ الْعَقْدِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَجَّرَهُ شَيْئًا مُدَّةً لَا تَلِي الْعَقْدَ صَحَّ إنْ أَمْكَنَ تَسْلِيمُهُ فِي أَوَّلِهَا، سَوَاءٌ كَانَ فَارِغًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَوْ مُؤَجَّرًا. قُلْت: فَإِنْ كَانَ مَا آجَرَهُ مَرْهُونًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَا وَقْتَ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْأُجْرَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ تَسْلِيمَهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ ظاهر
وَقَوْلُنَا: وَظَنَّ التَّسْلِيمَ، كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ أَمْكَنَ التَّسْلِيمُ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِمَنْ عَلَّلَ فِي مَنْعِ إجَارَةِ الْمُضَافِ بِأَنَّهُ لا يمكن تسليمه في الْحَالِ، كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ، قَالُوا: إنَّمَا تُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ عِنْدَ وُجُوبِهِ، كَالسَّلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ حَالَ الْعَقْدِ، قَالُوا: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مَشْغُولَةً أَوْ لَا، لما ذكرنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَدَاخِلٌ فِي عُمُومِ كَلَامِهِمْ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِحَالِ الرَّاهِنِ، بِأَنْ يَكُونَ قَادِرًا أَوْ بَاذِلًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ وَقْتَ الْحُلُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهِمَا، بَلْ هُوَ اسْتَنْبَطَهُمَا وَخَرَّجَهُمَا، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِ، فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي التَّرْجِيحِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَتَّى يُطْلَقَ الْخِلَافُ فِيهَا، بَلْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمْ كَلَامٌ فِيهَا، وَلَمْ نَرَ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ إلَّا لِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ: الْمَقِيسُ عَلَيْهِ وَالْمُشَابِهُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي التَّرْجِيحِ فِيهَا، لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ إذَا خَرَّجَ مَسْأَلَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْرِيجِهَا عَلَى أَصْلٍ مشهور في المذهب، والله أعلم.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ أَوْ فِي الْفُصُولِ: لَا يَتَصَرَّفُ مَالِكُ الْعَقَارِ فِي الْمَنَافِعِ بِإِجَارَةٍ وَلَا إعَارَةٍ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَاسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، لِأَنَّهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ، فَلَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُ الْمَالِكِ فِي مَحْبُوسٍ بِحَقٍّ، لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ، فَمُرَادُ الْأَصْحَابِ مُتَّفِقٌ، وَهُوَ أَنَّهُ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمُؤَجِّرِ، وَيُعْتَبَرُ التَّسْلِيمُ وَقْتَ وُجُوبِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ. وَأَفْتَى جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ اطَّلَعَ عَلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الترجيح، وهو بعيد، والمعتمد عليه الأول.
وَهَذَا وَاضِحٌ، وَلَمْ أَجِدْ مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَمِنْ الْعَجَبِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ1 إنَّ الَّذِي يَخْطُرُ بِبَالِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ، كَذَا قَالَ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا من جندي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَرَسَهَا قَصَبًا ثُمَّ انْتَقَلَ الْإِقْطَاعُ عَنْ الْجُنْدِيِّ: إنَّ الْجُنْدِيَّ الثَّانِيَ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْأُولَى وَإِنَّهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ لَهُ فِيهَا الْقَصَبُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَيْسَ لِوَكِيلٍ مُطْلَقُ الْإِيجَارِ مُدَّةً طَوِيلَةً، بَلْ الْعُرْفُ، كَسَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُك شَهْرًا، لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: صِحَّتُهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَابْتِدَاؤُهُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، وَلَوْ آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ سَنَةً فَشَهْرٌ بِالْعَدَدِ ثَلَاثِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي نَذْرٍ وَصَوْمٍ، وَبَاقِيهَا بِالْأَهِلَّةِ، وَعَنْهُ: الْجَمِيعُ بِالْعَدَدِ، وَكَذَا مَا اُعْتُبِرَتْ1 الْأَشْهُرُ فِيهِ، كَعِدَّةٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا فِي نَذْرٍ، وَعِنْدَ شيخنا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلى مثل تلك الساعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: والإجارة أقسام
فصل: وَالْإِجَارَةُ أَقْسَامٌ: عَيْنٌ مَوْصُوفَةٌ فِي الذِّمَّةِ، فَيُشْتَرَطُ صِفَاتُ سَلْمٍ، وَمَتَى غُصِبَتْ أَوْ تَلِفَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ لَزِمَهُ بَدَلُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِلْمُكْتَرِي الْفَسْخُ، وَتَنْفَسِخُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ إنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَيْنٌ مُعَيَّنَةٌ، فَهِيَ كَمَبِيعٍ، وَتَنْفَسِخُ بِتَعْطِيلِ نَفْعِهَا ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ: وَمَا مَضَى، وَيَسْقُطُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ، فَيَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا بِعَيْنِهِ فَمَاتَ أَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ: فَهُوَ عُذْرٌ يُعْطِيهِ بِحِسَابِ مَا رَكِبَ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: لَا فَسْخَ بِمَوْتِ مُرْضِعٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقِيلَ: لَا فَسْخَ بِهَدْمِ دَارٍ، فَيُخَيَّرُ، وَلَهُ الْفَسْخُ بِعَيْبٍ أَوْ بَانَتْ مَعِيبَةً، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتُ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يَزُلْ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَوْ الْأَرْشُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَإِلَّا وَرَدَ ضَعْفُهُ عَلَى أَصْلِ أَحْمَدَ بَيِّنٌ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَوْ احْتَاجَتْ الدَّارُ تَجْدِيدًا فَإِنْ جَدَّدَ وَإِلَّا فَسَخَ، وَلَهُ إجْبَارُهُ عَلَى التَّجْدِيدِ، وَقِيلَ: بَلَى، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ مُدَّةَ تَعْطِيلِهَا، أَوْ أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَأْخُذَ بِقَدْرِهَا الْمُدَّةَ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ، أَوْ جَعَلَهَا أُجْرَةً، لَمْ يَصِحَّ وَمَتَى أَنْفَقَ بإذن على الشرط أو بنى1 رَجَعَ بِمَا قَالَ مُؤَجِّرٌ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ فِي الْإِذْنِ مُسْتَأْجِرٌ كَإِذْنِ حَاكِمٍ فِي نَفَقَتِهِ عَلَى جِمَالٍ هَرَبَ مُؤَجِّرُهَا، وَلَوْ غُصِبَتْ وَإِجَارَتُهَا لِعَمَلٍ فَالْفَسْخُ أَوْ الصَّبْرُ وَمُدَّةٌ فَالْفَسْخُ أَوْ الْإِمْضَاءُ وَأَخْذُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ صَاحِبِهَا إنْ ضُمِنَتْ مَنَافِعُ غَصْبٍ، وَإِلَّا نَفْسَخُ، وَفِي الِانْتِصَارِ: تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مِلْكِهِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ وَطْءُ مُزَوَّجَةٍ وَحُدُوثُ خَوْفٍ عَامٍّ، كَغَصْبٍ، لَا2 خَاصٍّ، وَلَوْ غَصَبَهَا الْمُكْرِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مُطْلَقًا، نص عليه، وقيل: كغصب غيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثَّالِثُ: عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ، كَخِيَاطَةٍ1، وَيُشْتَرَطُ ضَبْطُهُ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ2، وَيَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ عَقِيبَ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَرَكَ مَا يَلْزَمُهُ قَالَ شَيْخُنَا: بِلَا عُذْرٍ فَتَلِفَ بِسَبَبِهِ ضَمِنَ، وَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ، فَإِنْ مَرِضَ أَوْ هَرَبَ اكْتَرَى مَنْ "3يَعْمَلُ عَمَلَهُ3" فَإِنْ شَرَطَ مُبَاشَرَتَهُ فَلَا وَلَا4 اسْتِنَابَةَ إذَنْ. نقل حرب فيمن دفع إلى خياط5 ثوبا ليخيطه فقطعه ودفعه إلى خياط5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
آخَرَ قَالَ: لَا، إنْ فَعَلَ ضَمِنَ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَصْدُ فِيهِ كَنَسْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَا الْمُكْتَرِيَ قَبُولُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ فَلَهُ الْفَسْخُ. وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِ مَحَلِّ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ، وَيُشْتَرَطُ تَقْدِيرُ نَفْعٍ بِعَمَلٍ أَوْ مُدَّةٍ، فَإِنْ جَمَعَهُمَا2 مِثْلُ اسْتَأْجَرْتُك لِخِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ3 الْيَوْمَ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: بَلَى، كَجَعَالَةٍ، وَفِيهَا وَجْهٌ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَإِنْ اشْتَرَطَ تَعْجِيلَ الْعَمَلِ فِي اقْتِضَاءٍ مُمْكِنٍ فَلَهُ شَرْطُهُ، وَلَا فَسْخَ بِمَوْتٍ، وَعَنْهُ: بَلَى بِمَوْتِ مُكْتِرٍ لَا قَائِمَ مَقَامَهُ، كَبُرْءِ ضِرْسٍ اكْتَرَى لِقَلْعِهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَلَا بِعُذْرٍ لِمُكْتَرٍ كَمُكْرٍ. وَيَصِحُّ بَيْعُ عَيْنٍ مُؤَجَّرَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَلِمُشْتَرٍ يَجْهَلُهُ الْفَسْخُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ الْأَرْشِ، قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ عَيْبٌ. وَفِي الِانْفِسَاخِ بِشِرَاءِ4 مُسْتَأْجِرٍ أو إرثه5 روايتان "م15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-15: قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ الْعَيْنِ الْمَأْجُورَةِ: "وَفِي الِانْفِسَاخِ بِشِرَاءِ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ إرْثِهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي6 وَالْكَافِي7 وَالْمُقْنِعِ8 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ والشرح8 والفائق وغيرهم:
ولو آجرها لِمُؤَجِّرِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَمْ تَنْفَسِخْ صَحَّ، وَإِلَّا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا تَنْفَسِخُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، "1وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ1". وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَنْفَسِخُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: انْفَسَخَتْ، فِي الْأَصَحِّ.
وَلَوْ آجَرَ وَلِيٌّ مُوَلِّيَهُ أَوْ مَالَهُ، وَقِيلَ: وَلَوْ مُدَّةً يَعْلَمُ فِيهَا بُلُوغَهُ، أَوْ سَيِّدٌ عَبْدًا ثُمَّ بَلَغَ وَعَتَقَ، أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفُ ثُمَّ مَاتَ، لَمْ تَنْفَسِخْ، وَلِلْبَطْنِ الثَّانِي حِصَّتُهُ، كَعَزْلِ الْوَلِيِّ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ، وَكَمِلْكِهِ الْمُطْلَقِ ذكره الشيخ وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وقيل: ينفسخ فيرجع فِي الْأُجْرَةِ1 مُسْتَأْجِرٌ عَلَى مُؤَجِّرٍ قَابِضٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَوْ آجَرَ ... الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَنْفَسِخْ ... وَقِيلَ تَنْفَسِخُ" انْتَهَى قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ إذَا آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَنْفَسِخُ، جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ أَيْضًا، وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الصحيح ; لأن الطبقة الثانية تستحق العين منافعها2 تَلَقِّيًا عَنْ الْوَاقِفِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ أَيْضًا فِي قَوَاعِدِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ فِي ثُبُوتِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ نَظَرًا ; لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا فَرَضَهُ فِيمَا إذَا آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَكُونُ النَّظَرُ لَهُ مَشْرُوطًا، وَهَذَا مَحَلُّ تَرَدُّدٍ، أعني إذا آجر بمقتضى النظر
وَرَثَتِهِ، وَقِيلَ فِيهَا: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ الْعَتِيقُ عَلَى مُعْتِقِهِ بِحَقِّ مَا بَقِيَ، كَمَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا عَلَى مُسْتَأْجِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِيمَا آجَرَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ. وَتَجُوزُ إجَارَةُ الْإِقْطَاعِ كَمَوْقُوفٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ وَلَمْ يَزَلْ يؤجر من ـــــــــــــــــــــــــــــQالمشروط له هل يلحق بالناظر1 الْعَامِّ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ من أصحابنا المتأخرين من ألحقه بالناظر1 الْعَامِّ انْتَهَى. فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوَجْهُ الثَّانِي، وَهُوَ الِانْفِسَاخُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالدَّلِيلِ وَكَثْرَةِ الْأَصْحَابِ وَتَحْقِيقِهِمْ، وَأَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ لَيْسَ هُوَ الْمَذْهَبَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ، فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ منجا والفائق والزركشي وتجريد العناية وغيرهم.
زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ، وَلَمْ أَعْلَمْ عَالِمًا منع.
فصل: ويعتبر كون المنفعة للمستأجر
فصل: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، فَلَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبِ الْمُؤَجِّرِ لَمْ يَصِحَّ، قَالَهُ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ، وَلَهُ الْإِعَارَةُ لِقَائِمٍ مَقَامَهُ، وَفِي ضَمَانِ مُسْتَعِيرٍ وَجْهَانِ "م 16". وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كَرَاكِبٍ فِي طُولٍ وَقِصَرٍ، وَقِيلَ: لَا، كَمَعْرِفَةٍ بِالرُّكُوبِ، فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ شَرَطَ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ صَحَّ الْعَقْدُ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: وَالشَّرْطُ، وَمِثْلُهُ شَرْطُ زَرْعِ بُرٍّ فَقَطْ، وَلَهُ إجَارَتُهَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِهِ وَلَوْ1 بِزِيَادَةٍ2. وَعَنْهُ: إنْ جَدَّدَ عِمَارَةً وَلَوْ قبل قبضها. وفيه وجه، وقيل فيه من مؤجر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-16: قَوْلُهُ: "وَلَهُ الْإِعَارَةُ لِقَائِمٍ مَقَامَهُ، وَفِي ضَمَانِ مُسْتَعِيرٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا ضَمَانَ "3على المستعير3" مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي باب العارية، قلت: فيعايا بها4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي إجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْعَيْنَ الْمَأْجُورَةَ: "وَلَهُ إجَارَتُهَا، عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ قبل قبضها. وفيه وجه، "5وقيل فيه5" من مؤجر" انتهى. فقدم المصنف أن
وإذا اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ مَا شَاءَ أَوْ1 غَرْسِهِ أَوْ وَغَرْسِهِ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، كَازْرَعْ مَا شِئْت، وَإِنْ قَالَ: لِزَرْعٍ، فَوَجْهَانِ، وَكَذَا الْغِرَاسُ "م17". وَإِنْ أَطْلَقَ وَتَصْلُحُ لِزَرْعٍ وَغَيْرِهِ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ أَطْلَقَ، أَوْ1 إنْ قَالَ: انْتَفِعْ بِهَا بِمَا شِئْت، فله زرع وغرس وبناء، وإذا ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمُسْتَأْجِرِ إجَارَةَ الْمَأْجُورِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ وَجْهًا بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُطْلَقًا، وَهَذَا الْوَجْهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ بِالْجَوَازِ لِلْمُؤَجِّرِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، قَالَا: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَلْ يَصِحُّ مِنْ بَائِعِهِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَذْهَبُ عَدَمَ الْجَوَازِ عِنْدَ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْبِنَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ الصَّوَابُ، إلَّا أَنْ يَتَوَقَّفَ الْمَأْجُورُ عَلَى تَمَيُّزٍ، فَالصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ، كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. مَسْأَلَةٌ-17: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ مَا شَاءَ أَوْ غَرْسِهِ أَوْ وَغَرْسِهِ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، كَازْرَعْ مَا شِئْت وَإِنْ قَالَ: لِزَرْعٍ، فَوَجْهَانِ، وَكَذَا الْغِرَاسُ" انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْخِلَافُ فِيهِمَا مُطْلَقٌ، مَسْأَلَةُ الزَّرْعِ وَمَسْأَلَةُ الغرس والحكم واحد:
اكترى لزرع بر فله زرع ما1 دُونَهُ ضَرَرًا مِنْ جِنْسِهِ، كَشَعِيرٍ وَبَاقِلَّا، لَا فَوْقَهُ كَقُطْنٍ وَدَخَنٍ، فَإِنْ فَعَلَ فَنَصُّهُ لُزُومُ الْمُسَمَّى، مَعَ تَفَاوُتِهِمَا2 فِي أَجْرِ الْمِثْلِ، وَأَوْجَبَ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ أَجْرَ الْمِثْلِ خَاصَّةً، وَمِثْلُهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ أَشَقَّ، وَيَجُوزُ مِثْلُهَا، وَمَنَعَهُ الشَّيْخُ، وَلَوْ جَازَ الْمَكَانُ أَوْ زَادَ عَلَى الْمَحْمُولِ فَالْمُسَمَّى مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِمَا3 قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ، وَتَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، كَسَوْطٍ فِي حَدٍّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَهُوَ بِيَدِ رَبِّهَا بِلَا سَبَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ اكْتَرَى لِزَرْعٍ وأطلق زرع ما شاء انتهى.
وَمَنْ اكْتَرَى زَوْرَقًا فَزَوَاهُ مَعَ زَوْرَقٍ لَهُ فَغَرِقَا ضَمِنَ، لِأَنَّهَا مُخَاطَرَةٌ، لِاحْتِيَاجِهَا إلَى الْمُسَاوَاةِ كَكِفَّةِ الْمِيزَانِ، كَمَا لَوْ اكْتَرَى ثَوْرًا لِاسْتِقَاءِ ماء فجعله فدانا لاستقاء الماء فتلف1 ضَمِنَ، وَإِنْ آجَرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صَحَّ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ الصِّحَّةَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا، وَقِيلَ: لَا، كَظَنِّهِ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ "م18". وَإِنْ ظَنَّ وُجُودَهُ بِالْأَمْطَارِ وَزِيَادَةِ الْأَنْهَارِ صَحَّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ، كَالْعِلْمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، وَمَتَى زَرَعَ فَغَرِقَ أَوْ تَلِفَ أَوْ لَمْ يُنْبِتْ فَلَا خِيَارَ، وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ زَرْعُهَا لِغَرَقِهَا فَلَهُ الخيار، وكذا لقلة ماء قبل زرعها أو بعده، أو عابت بعرق3 يَعِيبُ بِهِ بَعْضُ الزَّرْعِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَوْ بَرْدٍ أَوْ فَأْرٍ أَوْ عُذْرٍ. قَالَ: فَإِنْ أَمْضَى فَلَهُ الْأَرْشُ، كَعَيْبِ الْأَعْيَانِ، وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ الْقِسْطُ قَبْلَ الْقَبْضِ، ثُمَّ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَى كَمَالِهِ، قَالَ: وَمَا لَمْ يَرْوِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ، اتِّفَاقًا، وَإِنْ قَالَ في الإجارة4 مقيلا أو مراحا5 أو أطلق، لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، وقدمه في التلخيص. مَسْأَلَةٌ-18: قَوْلُهُ: "وَإِنْ آجَرَ أَرْضًا بِلَا مَاءٍ صَحَّ فَإِنْ أَطْلَقَ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ الصِّحَّةَ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهَا، وَقِيلَ: لَا، كَظَنِّهِ إمْكَانَ تَحْصِيلِهِ" انْتَهَى. الصَّحِيحُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقَدَّمَهُ فِي الشرح6، وهو الصواب.
لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ عَقْدٌ، كَأَرْضِ الْبَرِّيَّةِ وَمَنْ اكْتَرَى لِنَسْجٍ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ كُحْلٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ حِبْرٌ وَخُيُوطٌ وَكُحْلٌ، كَأَرْضٍ لِزَرْعٍ، وَقِيلَ: يلزم المستأجر، وقيل يتبع به1 الْعُرْفَ، وَالْمَشْيُ الْمُعْتَادُ قُرْبَ الْمَنْزِلِ لَا يَلْزَمُ2 رَاكِبًا ضَعِيفًا أَوْ امْرَأَةً، وَفِي غَيْرِهِمَا وَجْهَانِ "م 19". وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ مَا يَتَوَقَّفُ النَّفْعُ عَلَيْهِ، كَتَوْطِئَةِ مَرْكُوبٍ عَادَةً، وَزِمَامِهِ وَرَحْلِهِ وَشَدِّ مَحْمَلٍ وَرَفْعٍ وَحَطٍّ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ، لَا مَحْمَلٍ ومظلة وَوِطَاءٍ فَوْقَ الرَّحْلِ وَحَبْلِ قِرَانٍ بَيْنَ الْمَحْمَلَيْنِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعِدْلٍ لِقُمَاشٍ عَلَى مُكْرٍ إنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ. وَفِي الْمُغْنِي3: إنْ كَانَتْ عَلَى تَسْلِيمِ الرَّاكِبِ الْبَهِيمَةَ لِيَرْكَبَهَا لِنَفْسِهِ فَالْكُلُّ عَلَيْهِ، وَأَنَّ الدَّلِيلَ لَا يَلْزَمُ مُكْرٍ، وَقِيلَ: بَلَى، فِي الذِّمَّةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ رزين في شرحه. مَسْأَلَةٌ-19: قَوْلُهُ: "وَالْمَشْيُ الْمُعْتَادُ قُرْبَ الْمَنْزِلِ لَا يَلْزَمُ رَاكِبًا ضَعِيفًا أَوْ امْرَأَةً، وَفِي غَيْرِهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فِيهِ لَزِمَ الرَّاكِبَ الْقَوِيَّ في5 الْأَقْيَسُ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا، لِغَيْرِ ذَوِي الهيئات، كالفلاحين والعرب والتركمان ونحوهم.
عُيُونِ الْمَسَائِلِ، لِأَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ يُوَصِّلَهُ، وَيَلْزَمُهُ حَبْسُهَا لَهُ لِنُزُولِهِ لِحَاجَةٍ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَسَنَةٌ رَاتِبَةٌ، وَتَبْرِيكُ بَعِيرٍ لِشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ، وَفِيهِ لِمَرَضٍ طَارِئٍ وَجْهَانِ "م20". وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ تَفْرِيغُ الدَّارِ مِنْ فِعْلِهِ، كَبَالُوعَةٍ وَقُمَامَةٍ، وَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ تَسْلِيمُهَا مُنَظَّفَةً، وَتَسْلِيمُ الْمِفْتَاحِ، وَهُوَ أَمَانَةٌ مَعَ مكتر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-20: قَوْلُهُ: "وَيَلْزَمُهُ حَبْسُهَا لِنُزُولِهِ لِحَاجَةٍ، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: وَسَنَةٌ رَاتِبَةٌ، وَتَبْرِيكُ بَعِيرٍ لِشَيْخٍ وَامْرَأَةٍ، وَفِيهِ لِمَرَضٍ طَارِئٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جماعة.
فصل: من استؤجر مدة فأجير خاص
فصل: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ مُدَّةً فَأَجِيرٌ خَاصٌّ لَا تُضْمَنُ جِنَايَتُهُ، فِي الْمَنْصُوصِ، إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ، قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ يَفْرُطَ وَلَا يَسْتَنِيبَ، وَلَهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا بِسُنَنِهَا1 وَالْعِيدِ، وَإِنْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ فَأَضَرَّ مُسْتَأْجِرَهُ فَلَهُ قِيمَةُ مَا فَوَّتَهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا عَمِلَهُ لِغَيْرِهِ وَقَالَ الْقَاضِي: بِالْأَجْرِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرِهِ وَمِنْ قَدْرِ نَفْعِهِ بِعَمَلٍ فَأَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ كَزَلَقِ حَمَّالٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ دَابَّتِهِ، وَطَبَّاخٍ وَخَبَّازٍ وَحَائِكٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ إنْ عَمِلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ أَوْ يَدُهُ عَلَيْهِ فَلَا، وَمَا تَلِفَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا تَعَدِّيهِ لَا يَضْمَنُهُ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ. وَقَالَ فِي المحرر: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا مَا عَمِلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ، وَعَنْهُ: لَهُ أُجْرَةُ بِنَاءٍ، وَعَنْهُ: وَمَنْقُولُ عَمَلِهِ فِي بَيْتِ رَبِّهِ. وَفِي الْفُنُونِ: لَهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا، لِأَنَّ وَضْعَهُ النَّفْعَ فِيمَا عَيْنُهُ لَهُ كَالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ، كَدَفْعِهِ إلَى الْبَائِعِ غِرَارَةً1 وَقَالَ: ضَعْ الطَّعَامَ فِيهَا، فَكَالَهُ فِيهَا، كَانَ ذَلِكَ قَبْضًا، لِأَنَّهَا كَيَدِهِ، وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَيَا طَعَامًا فِي غِرَارَةِ أَحَدِهِمَا كَانَ لَهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُشْتَرَكٌ خَاصًّا فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ، وَإِنْ اسْتَعَانَ وَلَمْ يَعْمَلْ فَلَهُ الْأَجْرُ2 لِأَجَلِ ضَمَانِهِ، لَا لِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ وَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ حَبَسَهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ غَيْرَ مَعْمُولٍ، وَلَا أُجْرَةَ وَقِيمَتُهُ مَعْمُولًا، وَيَلْزَمهُ أُجْرَتُهُ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي صِفَةِ عَمَلِهِ ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَمِثْلُهُ تَلَفُ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ مَوْضِعَ تَلَفِهِ وَلَهُ أُجْرَتُهُ إلَيْهِ3، وَكَذَا عَمَلُهُ غَيْرَ صِفَةِ شَرْطِهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: لَهُ الْمُسَمَّى إنْ زَادَ الطُّولُ وَحْدَهُ وَلَمْ يَضُرَّ الْأَصْلَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَإِنْ نَقَصَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَبِلَ: بِحِصَّتِهِ مِنْهُ، وَقِيلَ لَا أُجْرَةَ لَهُ4 وَيَضْمَنُ كَنَقْصِ الْأَصْلِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ صَبْغُهُ5 مِنْهُ فَلَهُ حَبْسُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّهِ أَوْ قَصَّرَهُ فَوَجْهَانِ وَفِي الْمَنْثُورِ: إنْ خَاطَهُ أَوْ قصره وعزله6 فَتَلِفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ نَارٍ فَمِنْ مَالِكِهِ وَلَا أُجْرَةَ، لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ، كَقَفِيزٍ مِنْ صبرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ أَفْلَسَ مُسْتَأْجِرُهُ ثُمَّ جَاءَ بَائِعُهُ يَطْلُبُهُ فَلِلصَّانِعِ1 حَبْسُهُ، وَإِنْ أَخْطَأَ قَصَّارٌ وَدَفَعَهُ إلَى غَيْرِ رَبِّهِ ضَمِنَهُ، فَإِنْ قَطَعَ قَابِضَهُ بِلَا عِلْمٍ غَرِمَ أَرْشَ قَطْعِهِ، كَدَرَاهِمَ أَنْفَقَهَا، وَعَنْهُ: لَا، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْقَصَّارِ بِثَوْبِهِ، فَإِنْ تَلِفَ ضمنه، وعنه: لا، كعجزه2 عَنْ دَفْعِهِ. وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ وَلَا خَتَّانٍ وَلَا طَبِيبٍ وَلَا بَيْطَارٍ عُرِفَ حِذْقُهُمْ وَلَمْ تَجْنِ أَيْدِيهِمْ، خَاصًّا كَانَ أَوْ مُشْتَرَكًا، لِأَنَّ مَا أُذِنَ فِيهِ لَا تُضْمَنُ سِرَايَتُهُ، كَحَدٍّ وَقَوْدٍ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اقْطَعْ قَطْعًا3 لَا يَسْرِي، وَيُمْكِنُ "4أَنْ يُقَالَ دُقَّ4" دَقًّا لَا يَخْرِقُهُ، وَلِأَنَّ الْفَصْدَ وَنَحْوَهُ فَسَادٌ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ جُرْحٌ فَقَدْ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، ثُمَّ مَا يَطْرَأُ مِنْ فَسَادِ عَاقِبَتِهِ وَصَلَاحِهَا لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ بَلْ إلَى الْآمِرِ، وَالْآمِرُ أَذِنَ فِي قِصَارَةٍ سَلِيمَةٍ فَأَتَاهُ بِمُخْرِقَةٍ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ، وَاخْتَارَ فِي الْفُنُونِ أَنَّ هَذَا فِي الْمُشْتَرَكِ، لِأَنَّهُ الْغَالِبُ فِي5 هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَلْقِ رُءُوسِ يَوْمًا فَجَنَى عَلَيْهَا بِجِرَاحَةٍ لَا يَضْمَنُ، كَجِنَايَتِهِ فِي قِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ، وَنِجَارَةٍ، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ كَانَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ6 خَاصًّا أَوْ مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ، وَيُعْتَبَرُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي ذلك وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَطْعِ سِلْعَةٍ1 وَنَحْوِ ذَلِكَ إذْنُ مُكَلِّفٍ أَوْ وَلِيٍّ، وَإِلَّا ضَمِنَ، لِعَدَمِ الْإِذْنِ. وَاخْتَارَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ: لَا يَضْمَنُ، لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ، وَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ. وَلَا رَاعٍ لَمْ يَتَعَدَّ بِنَوْمٍ وَغَيْبَتِهَا عَنْهُ وَغَيْرِهِ وَإِنْ عَقَدَ فِي الرَّعْيِ عَلَى مُعَيَّنَةٍ تَعَيَّنَتْ. وَفِي الْأَصَحِّ، فَلَا يُبْدِلُهَا، وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا تَلِفَ. وَإِنْ عَقَدَ عَلَى مَوْصُوفٍ ذَكَرَ نَوْعَهُ وَكِبَرَهُ وَصِغَرَهُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا عَدَدَهُ، وَيُحْمَلُ عَلَى الْعَادَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ2 رَعْيُ سِخَالِهَا، وَإِنْ ضَرَبَ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ قدر العادة، أو معلم صبيا أو والد وَلَدَهُ، أَوْ زَوْجٌ امْرَأَتَهُ، أَوْ مُكْتَرٍ دَابَّةً، لَمْ يَضْمَنْ، فِي الْمَنْصُوصِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَأَبُو بِكْرٍ فِي الزَّوْجِ، وَسُقُوطُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ يحتمل وجهين "م 21" لا أبيه3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-21: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ضَرَبَ سُلْطَانٌ رَعِيَّتَهُ قَدْرَ العادة أو معلم صبيا أو والد ولده أَوْ زَوْجٌ امْرَأَتَهُ أَوْ مُكْتَرٍ دَابَّةً لَمْ يَضْمَنْ، فِي الْمَنْصُوصِ ... وَسُقُوطُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ4 يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ" انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إحداهما5: لَا يَسْقُطُ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهُ بإذن سيده، فهو ممنوع منه متعد6 شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ حَقُّ مَنْعِهِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْقُطُ، وَهُوَ قوي، لإذن سيده، لكنه مأثوم7 قطعا، مع عدم الجهل والله أعلم.
وَقِيلَ: إنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ فَقَلَعَ عَيْنَهُ فَفِيهَا وَجْهَانِ، وَإِنْ ادَّعَى إبَاقَ الْعَبْدِ أَوْ مَرَضَهُ أَوْ شُرُودَ الدَّابَّةِ أَوْ مَوْتَهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ أَوْ فِيهَا أَوْ تَلِفَ الْمَحْمُولُ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَعَنْهُ: قَوْلُ رَبِّهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 فِي صُورَةِ الْمَرَضِ إنْ جَاءَ بِهِ صَحِيحًا، وَخَرَّجَ فِي التَّرْغِيبِ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ فِي الْمُدَّةِ رِوَايَتَيْنِ مِنْ دَعْوَى رَاعٍ تَلَفَ شَاةٍ، وَاخْتَارَ فِي الْمُبْهِجِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى هَرَبِهِ أَوَّلَ الْمُدَّةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُقْبَلُ وَأَنَّ فِيهِ بَعْدَهَا رِوَايَتَيْنِ، وَلَهُ فِي تَلَفِ2 الْمَحْمُولِ أُجْرَةُ مَا حَمَلَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ كَالْبَيْعِ، "3نَصَّ عَلَيْهِ3"، وَكَذَا الْمُدَّةُ وَعَلَى التَّخَالُفِ4 إنْ كَانَ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمَنْفَعَةِ، وَفِي أَثْنَائِهَا5 بِالْقِسْطِ. وَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَانِعٍ أَنَّهُ فَعَلَ خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ قَبُولَ قوله ولا أجرة، ونص أحمد: قول صانعه، لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ بِخِلَافِ وَكِيلٍ "م22" وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَعَنْهُ: يعمل بظاهر الحال، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-22: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَانِعٍ أَنَّهُ فَعَلَ خِلَافَ مَا أَمَرَهُ بِهِ فَاخْتَارَ الشَّيْخُ قبول قوله، ولا أجرة، ونص أحمد: قول صَانِعِهِ، لِئَلَّا يَغْرَمَ نَقْصَهُ مَجَّانًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ رَبِّهِ، بِخِلَافِ وَكِيلٍ" انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَجِيرِ، في أصح الروايتين، قال الشيخ في
بِالتَّخَالُفِ1. وَفِي الْمُحَرَّرِ: إنْ ادَّعَى عَلَى خَيَّاطٍ أنه فصل2 خِلَافَ مَا أَمَرَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَةِ الِانْتِفَاعِ3 فَلِلْمُؤَجِّرِ الِاعْتِرَاضُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ، وَإِذَا انْقَضَتْ رَفَعَ يَدَهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الرَّدُّ، وَمُؤْنَتُهُ فِي الْأَصَحِّ كَمُودَعٍ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ: بَلَى، بِالطَّلَبِ كَعَارِيَّةٍ، لَا مُؤْنَةِ الْعَيْنِ، فَعَلَى الْأَصَحِّ لَا يَضْمَنُ3 تَالِفًا أَمْكَنَهُ رَدُّهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَلْزَمُهُ رَدُّهُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِطَلَبِهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَيَضْمَنُهُ مَعَ إمْكَانِهِ، قَالَ: وَمُؤْنَتُهُ عَلَى رَبِّهِ وَقِيلَ: عَلَيْهِ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يَلْزَمُهُ رَدُّهُ بِالشَّرْطِ، وَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ مؤنة البهيمة عادة مدة كونها بيده. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُقْنِعِ4: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْخَيَّاطِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَقَطَعَ بِهِ، وَكَذَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. فَهَذِهِ اثنتان وعشرون مسألة في هذا الباب.
باب الجعالة
باب الْجَعَالَةِ وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ مَعْلُومًا كَأُجْرَةٍ، كَمَنْ رَدَّ عَبْدِي أَوْ بَنَى لِي هَذَا فَلَهُ كَذَا أَوْ مِائَةٌ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ، لَا تَعْلِيقًا مَحْضًا، أَوْ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْمِائَةِ، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِسْقَاطِ أَقْوَى، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَوْ مَجْهُولًا لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، كَرُبْعِ الضَّالَّةِ لِمَنْ يَعْمَلْ لَهُ. وَفِي التَّلْخِيصِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ: أَوْ يُخْبِرُهُ أَنَّ رَبَّهُ جَعَلَهُ، وَيُصَدِّقُهُ رَبُّهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: وَلَوْ لِلْعَامِلِ، حَتَّى مَعَ جَهَالَةِ عَمَلٍ، وَمُدَّةٍ، كَرَدِّ عَبْدٍ وَلَوْ إلَى وَارِثِهِ وَلُقَطَةٍ: وَبِنَاءِ حَائِطٍ وَإِصَابَتِهِ بِهَذَا السَّهْمِ، أَوْ إنْ كَانَ صَوَابُهُ أَكْثَرَ لَا، وَإِنْ أَخْطَأَ لَزِمَهُ كَذَا، وَفِي شَرْحِ الْحَارِثِيِّ: إنْ كَانَ لِلْعَامِلِ اسْتَحَقَّ الْجَعْلَ لِلْوَعْدِ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ سَهْوٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَّارَةِ وَقْتَ الْوُجُوبِ لِوُجُوبِ الْعِتْقِ أَوْ لَا، لِلتَّرْتِيبِ، وَمَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إذَا دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِرْهَمًا، فَإِذَا دَخَلَ الدَّارَ ثَبَتَ لَهُ الدِّرْهَمُ فِي ذِمَّتِهِ، فَلَا يَسْقُطُ، وَقَوْلُهُ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَتِي كَمَنْ رَدَّهَا، فَمَنْ فَعَلَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِقَوْلِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اسْتَحَقَّهُ، كَدَيْنٍ، وَإِلَّا حُرِّمَ. نَقَلَ حَرْبٌ فِي اللُّقَطَةِ: إنْ وَجَدَ بَعْدَ مَا سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ، وَإِلَّا رَدَّهَا وَلَا جَعْلَ لَهُ، وَفِي أَثْنَائِهِ يَسْتَحِقُّ حِصَّةَ تَمَامِهِ، وَالْجَمَاعَةُ تَقْتَسِمُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ عَيَّنَ عِوَضًا مَلَكَهُ بِنَفْسِ الْعَمَلِ، فَلَوْ تَلِفَ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَإِنْ رَدَّهُ مِنْ نِصْفِ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ، أَوْ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَبْدِي، فَرَدَّ أَحَدَهُمَا فَنِصْفُهُ، وَإِنْ رَدَّهُ مَنْ أَبْعَدَ فَالْمُسَمَّى، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ جَاعِلِهِ فِي قدره1 وَالْمَسَافَةِ كَأَصْلِهِ وَقِيلَ بِالتَّحَالُفِ، وَمَعَ جَهَالَتِهِ لَهُ أجرة مثله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ فِي آبِقٍ: الْمُقَدَّرُ شَرْعًا، وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا بِلَا شَرْطٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَنَصَّهُ فِيمَنْ خَلَّصَ مَتَاعًا: يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِهِ، بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ. وَيَسْتَحِقُّ بِرَدِّ آبِقٍ مُطْلَقًا لِئَلَّا يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ يَشْتَغِلَ بِالْفَسَادِ دِينَارًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَعَنْهُ: أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِنْ خَارِجِ المصر، وعنه: ومنه1 عَشَرَةٌ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الرِّوَايَةُ، قَالَهُ الْخَلَّالُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الصَّحِيحَةَ من خارج المصر دينارا، أو2عشرة. وَنَقَلَ حَرْبٌ: لَا يَسْتَحِقُّهُ إمَامٌ، لِأَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ رَدُّهُ عَلَى رَبِّهِ، وَعَنْهُ: وَلَا غَيْرُهُ، اخْتَارَ الشَّيْخُ، وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّ جَعْلًا، كَرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ بَابٍ سَمَّاهُ أَوْ هَرَبِهِ مِنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بِنِيَّةِ رُجُوعِهِ، وَفِي جَوَازِ اسْتِخْدَامِهِ بِهَا رِوَايَتَانِ فِي الْمُوجَزِ والتبصرة "م1". وَمَنْ وَجَدَ آبِقًا أَخَذَهُ، وَهُوَ أَمَانَةٌ، وَمَنْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ أَخَذَهُ، وَلِنَائِبِ إمَامٍ بَيْعُهُ لِمَصْلَحَةٍ، فَلَوْ قَالَ: كُنْت أَعْتَقْته، فَوَجْهَانِ "م2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ فِي رَدِّ الْآبِقِ: "وَفِي جَوَازِ استخدامه بها روايتان في الموجز، وَالتَّبْصِرَةِ" انْتَهَى. قُلْت وَحَكَاهُمَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ فِي الْكِفَايَةِ أَيْضًا، كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَكَذَا فِي هَذَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، يَعْنِي فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ، فِيمَا إذَا وَجَدَ آبِقًا: "وَلِنَائِبِ الْإِمَامِ بَيْعُهُ لِمَصْلَحَةٍ، فَلَوْ قَالَ" يَعْنِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQسَيِّدَهُ "كُنْت أَعْتَقْته، فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى الْقَدِيمَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ فَعَلَيْهِ يَكُونُ ثَمَنُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتَا.
باب السبق
باب السبق يَجُوزُ بِلَا عِوَضٍ، مُطْلَقًا. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: بِغَيْرِ حَمَامٍ، وَقِيلَ: وَطَيْرٍ، وَكَرِهَ أَبُو بَكْرٍ الرَّمْيَ عَنْ قَوْسٍ فَارِسِيَّةٍ. يُقَالُ: رَمَى عَنْ الْقَوْسِ و"1على الْقَوْسِ1" وَبِهَا لُغَةٌ. وَفِي كَرَاهَةِ اللَّعِبِ غَيْرَ مُعِينٍ عَلَى عَدُوٍّ وَجْهَانِ "م1". وَفِي الْوَسِيلَةِ: يُكْرَهُ الرَّقْصُ وَاللَّعِبُ كُلُّهُ وَمَجَالِسُ الشِّعْرِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ لَعِبُهُ بِأُرْجُوحَةٍ وَنَحْوِهَا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ اللَّعِبِ، وفي النصيحة للآجري: من وثب وثبة مزحا2 وَلَعِبًا بِلَا نَفْعٍ فَانْقَلَبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ عَصَى وَقَضَى الصَّلَاةَ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا: يَجُوزُ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِلَا مَضَرَّةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ الْمَعْرُوفُ بِالطَّابِ وَالنَّقِيلَةِ، وَقَالَ: كُلُّ فِعْلٍ أَفْضَى إلَى الْمُحَرَّمِ كَثِيرًا حَرَّمَهُ الشارع إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَقَالَ: وَمَا أَلْهَى وَشَغَلَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ جِنْسُهُ، كَبَيْعٍ وَتِجَارَةٍ وغيرهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَفِي كَرَاهَةِ لَعِبٍ غَيْرِ مُعِينٍ عَلَى عَدُوٍّ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ قَصْدٌ حَسَنٌ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَشْيَاءَ تَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَكُلُّ مَا سُمِّيَ لَعِبًا مَكْرُوهٌ إلَّا مَا كَانَ مُعِينًا عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُكْرَهُ.
وَيُسْتَحَبُّ بِآلَةِ حَرْبٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالثِّقَافُ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَلَّمَ بِسَيْفٍ حَدِيدٍ بَلْ بِسَيْفٍ خَشَبٍ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يُشِرْ أَحَدُكُمْ بِحَدِيدٍ" 1 وَإِذَا أَرَادَ بِهِ غَيْظَ الْعَدُوِّ لَا التَّطَرُّفَ فَلَا بَأْسَ، وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ تَأْدِيبُ فَرَسِهِ وَمُلَاعَبَةِ أَهْلِهِ وَرَمْيِهِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: "كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ ابْنُ آدَمَ بَاطِلٌ" ثُمَّ اسْتَثْنَى هَذِهِ الثَّلَاثَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ2. وَالْمُرَادُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ، وَمِنْهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ3 مِنْ لَعِبِ الْحَبَشَةِ بِدَرَقِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَتَوَثُّبِهِمْ بِذَلِكَ عَلَى هَيْئَةِ الرَّقْصِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ وَهِيَ تَنْظُرُ إلَيْهِمْ، وَدَخَلَ عُمَرُ فَأَهْوَى إلَى الْحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُمْ يَا عُمَرُ". وَقَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ وَنَظَرَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَتْحِ خَيْبَرَ حَجَلَ يَعْنِي مَشَى عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ إعْظَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ4، وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ الرَّقْصَ، وَلَا يَنْفِي الْكَرَاهَةَ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إسْنَادِهِ إلَى الثَّوْرِيِّ مَنْ لَا يُعْرَفُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ1: لَوْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لِمَنْ جَعَلَهُ أَصْلًا لَهُ فِي الرَّقْصِ، فَإِنَّ هَذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْحَبَشَةِ تَعْظِيمًا لِكُبَرَائِهَا، كَضَرْبِ الجوك عَنْ التُّرْكِ، فَجَرَى جَعْفَرٌ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ، وَفَعَلَهَا مَرَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا بِسَنَةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ الْمَذْكُورِ: فِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّ جَمِيعَ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ مَحْظُورَةٌ، وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْخِلَالَ مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّمَ مِنْهَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إذَا تَأَمَّلْتهَا وَجَدْتهَا مُعِينَةً عَلَى حَقٍّ أَوْ ذَرِيعَةً إلَيْهِ، وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَاهَا مَا كَانَ مِنْ الْمُثَاقَفَةِ بِالسِّلَاحِ وَالشَّدِّ عَلَى الْأَقْدَامِ وَنَحْوِهِمَا، مِمَّا يَرْتَاضُ بِهِ الْإِنْسَانُ فَيَقْوَى بِذَلِكَ بَدَنُهُ، وَيَتَقَوَّى بِهِ عَلَى مُجَالَدَةِ الْعَدُوِّ. فَأَمَّا سَائِرُ مَا يَتَلَهَّى بِهِ الْبَاطِلُونَ مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ وَسَائِرِ ضُرُوبِ اللَّعِبِ، مِمَّا لَا يُسْتَعَانُ بِهِ فِي حَقٍّ، فَمَحْظُورٌ كُلُّهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ وَجَوَارٍ مَعَهَا يَلْعَبْنَ بِالْبَنَاتِ، وَهِيَ اللَّعِبُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَاهُنَّ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ2، وَكَانَتْ لَهَا أُرْجُوحَةٌ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ3، وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَأَظُنُّهُ فِي الصَّحِيحِ، فَيُرَخَّصُ فِيهِ لِلصِّغَارِ مَا لَا يُرَخَّصُ فِيهِ لِلْكِبَارِ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ فِي زَمَّارَةِ الرَّاعِي4، ويتوجه: وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْعِيدِ وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أَيَّامِ مِنًى يُدَفِّفَانِ وَيَضْرِبَانِ وَيُغَنِّيَانِ مَا تَقَاوَلَتْ بِهِ الْأَنْصَارُ يَوْمَ بُعَاثٍ فَانْتَهَرَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: أَبِمِزْمَارِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعْهُمَا فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ" 1. وَرَوَى أَحْمَدُ2 حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِعَائِشَةَ: "هَذِهِ قَيْنَةُ بَنِي فُلَانٍ، تُحِبِّينَ أَنْ تَغَنِّيَك؟ " قَالَتْ: نَعَمْ فَأَعْطَاهَا طَبَقًا فَغَنَّتْهَا، فَقَالَ: "قَدْ نَفَخَ الشَّيْطَانُ فِي مَنْخَرَيْهَا" إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، فَيُحْمَلُ عَلَى غِنَاءٍ مُبَاحٍ. وَيَحْرُمُ بِعِوَضٍ إلَّا فِي إبِلٍ وَخَيْلٍ وَسِهَامٍ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا، وَطَيْرٍ مُعَدَّةٍ لِأَخْبَارِ الْأَعْدَاءِ، وَقَدْ صَارَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ فَصَرَعَهُ، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ عَادَ مِرَارًا، فَأَسْلَمَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ غَنَمَهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ3 عَنْ مُوسَى بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: مُرْسَلٌ جَيِّدٌ، وَأَنَّهُ مُتَّصِلٌ ضَعِيفٌ وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ4: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُقْرِي، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ شَيْخُنَا: إسْنَادٌ جَيِّدٌ، وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ السَّبْقَ فِيهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إظْهَارَ الْحَقِّ، وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَعَ الْكُفَّارِ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ، فهو في معنى الثلاثة وجنسها جهاد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهِيَ مَذْمُومَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَخْرُ وَالظُّلْمُ. وَالصِّرَاعُ وَالسَّبْقُ بِالْأَقْدَامِ وَنَحْوُهُمَا طَاعَةٌ إذَا قُصِدَ بِهِ نَصْرُ الْإِسْلَامِ وَأَخَذَ السَّبْقَ عَلَيْهِ أَخَذَ بِالْحَقِّ، فَالْمُغَالَبَةُ الْجَائِزَةُ تَحِلُّ بِالْعِوَضِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يَنْفَعُ فِي الدِّينِ، كَمَا فِي مُرَاهَنَةِ أَبِي بَكْرٍ1، اخْتَارَ ذَلِكَ شَيْخُنَا. وَقَالَ: إنَّهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ، وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الرِّهَانِ فِي الْعِلْمِ، وِفَاقًا لِلْحَنَفِيَّةِ، لِقِيَامِ الدِّينِ بِالْجِهَادِ وَالْعِلْمِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ السبق في ريش2 الْحَمَامِ: مَا سَمِعْنَا، وَكَرِهَهُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَخْتَصُّ جَوَازُ السَّبْقِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ: الْحَافِرُ، فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي حَافِرٍ. وَالْخُفُّ فَيَعُمُّ كُلَّ ذِي خُفٍّ. وَالنَّصْلُ، فَيَخْتَصُّ النُّشَّابَ وَالنَّبْلَ. وَلَا يَصِحُّ السَّبْقُ وَالرَّمْيُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَعَ الْجَعْلِ وَعَدَمِهِ، كَذَا قَالَ، وَلِتَعْمِيمِهِ وَجْهٌ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ تَعْمِيمُ النَّصْلِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَحْرِيمَ الرَّهْنِ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ "عِ" وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا مُبَاحًا، وَهُوَ تَمْلِيكٌ بِشَرْطِ سَبْقِهِ، فَلِهَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ الْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ شَرَطَ أَنَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَصْحَابِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ، أَوْ قَالَ: إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ كَذَا وَلَا أَرْمِي أَبَدًا، أَوْ شَهْرًا، بَطَلَ الشَّرْطُ، وَقِيلَ: وَالْعَقْدُ، فَلِغَيْرِ مُخْرِجِهِ بِسَبْقِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَعِنْدَ شيخنا: يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَرْطُهُ لِلْإِسْنَادِ وَشِرَاءُ قَوْسٍ وَكِرَاءُ الْحَانُوتِ وَإِطْعَامُ الْجَمَاعَةِ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى الرَّمْيِ، وَتَعْيِينِ الْمَرْكُوبِينَ بِالرُّؤْيَةِ، وَتَسَاوِيهِمَا فِي ابْتِدَاءِ عَدْوٍ، وَانْتِهَائِهِ، وَاتِّحَادِهِمَا نَوْعًا، وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْغَنِيمَةِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَتَسَاوِيهِمَا فِي النَّجَابَةِ وَالْبُطْءِ وَتَكَافُئِهِمَا وَتَعْيِينِ رُمَاةٍ يُحْسِنُونَهُ، وَإِنْ عَقَدُوا قَبْلَ التَّعْيِينِ عَلَى أَنْ يَقْتَسِمُوا بَعْدَ الْعَقْدِ بِالتَّرَاضِي جَازَ، لَا بِقُرْعَةٍ، وَإِنْ بَانَ بَعْضُ الْحِزْبِ كَثِيرَ الْإِصَابَةِ أَوْ عَكْسَهُ، فَادَّعَى ظَنَّ خِلَافِهِ، لَمْ يُقْبَلْ، وَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا فِي عَدَدِ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ وَصِفَتِهَا وَأَحْوَالِ الرَّمْيِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي عَدَدِ الرُّمَاةِ وَجْهَانِ "م 2". وَفِي الْمُوجَزِ: وَالرَّمْيِ مُتَسَاوِيَانِ، لَا يَكُونُ بَعْضُهُمْ صُلْبًا، وَالْآخَرُ رخوا، ومسافة بقدر معتاد، والمركوبين1 دون الرَّاكِبِينَ وَكَذَا الْقَوْسَيْنِ، وَلَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمَا بَلْ جِنْسُهُمَا. وَفِي النَّوْعِ وَصِحَّةِ شَرْطِ مَا لَا يتعين ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَيُعْتَبَرُ تَسَاوِيهِمَا فِي عَدَدِ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ وَصِفَتِهَا وَأَحْوَالِ الرَّمْيِ، وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ فِي عَدَدِ الرُّمَاةِ وَجْهَيْنِ" انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الرُّمَاةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاحْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، والحاوي الصغير.
وجهان "م3،4" وَيُبْدَلُ مُنْكَسِرٌ مُطْلَقًا، وَلَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-3-4: قَوْلُهُ: "وَلَا يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمَا" يَعْنِي الْقَوْسَيْنِ "بَلْ جِنْسُهُمَا، وَفِي النَّوْعِ وَصِحَّةِ شَرْطِ مَا لَا يَتَعَيَّنُ وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-3: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْقَوْسَيْنِ أَنْ يَكُونَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَا مِنْ نَوْعَيْنِ كَقَوْسٍ عَرَبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ، فَلَا يَصِحُّ بَيْنَ عَرَبِيٍّ وَفَارِسِيٍّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ والمستوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: هَذَا قَوْلُ غَيْرِ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ2. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-4: لَوْ اشْتَرَطُوا شَرْطًا لَا يَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَوْ شَرَطَا تَعْيِينَ قَوْسَيْنِ وَنَحْوَهُ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ لَوْ شَرَطَا شَرْطًا لَا يَصِحُّ، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِطَا3 أَنَّ السَّابِقَ يُطْعِمُ السَّبْقَ أَصْحَابَهُ أَوْ غَيْرَهُمْ، لَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ فِيهَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ فِيهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لَكِنْ لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: لَوْ عقد النضال جماعة ليتفاضلوا5 حِزْبَيْنِ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَذَكَرَ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الجواز.
زاد في الترغيب: مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَيَبْدَأُ بِالرَّمْيِ مِنْ قَرْعٍ، وَقَدَّمَ الْقَاضِي: مَنْ لَهُ مَزِيَّةٌ بِبَذْلِ السَّبْقِ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْمُبْتَدِئِ بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَسَبَقَ مُخْرِجُهُ أَوْ جَاءَا مَعًا أَخَذَهُ فَقَطْ، وَهُوَ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ سَبَقَ مَنْ لَمْ يُخْرِجْ أَخَذَهُ، وَيَحْرُمُ الْعِوَضُ مِنْهُمَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ لَا يُخْرِجُ شَيْئًا، يُكَافِئُهُمَا مَرْكُوبًا وَرَمْيًا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَحْرَزَهُمَا وَإِنْ سَبَقَاهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ1 وَأَحَدُهُمَا يُحْرِزُهُمَا، وَمَعَ الْمُحَلِّلِ سَبْقُ الْآخَرِ فَقَطْ لَهُمَا، نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مَعْنَى ذَلِكَ2 بِالْعَدْلِ وَيَكْفِي مُحَلِّلٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ، لِدَفْعِ الْحَاجَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: بَلْ أَكْثَرُ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لَا مُحَلِّلَ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِالْعَدْلِ مِنْ كَوْنِ السَّبْقِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَبْلَغُ فِي تَحْصِيلِ مَقْصُودِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ بَيَانُ عَجْزِ الْآخَرِ وَأَنَّ الْمَيْسِرَ وَالْقِمَارَ مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ لِمُجَرَّدِ الْمُخَاطَرَةِ، بَلْ لِأَنَّهُ أَكْلٌ لِلْمَالِ بِالْبَاطِلِ أَوْ لِلْمُخَاطَرَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لَهُ، وَضَعَّفَ جَمَاعَةٌ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمُحَلِّلِ3، لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَسَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ فِيهِ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، مِنْ قَوْلِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: إنْ سَمَحَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِالْإِعْطَاءِ فَلَا إثْمَ، قَالَ: وَلَوْ جَعَلَهُ الْأَجْنَبِيُّ لِأَحَدِهِمَا إنْ غَلَبَ دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ ظُلْمٌ، وَلَوْ قال المخرج: من سبق أو صلى4، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَهُ عَشَرَةٌ لَمْ يَصِحَّ إذَا كَانَا اثْنَيْنِ، فَإِنْ زَادَا، أَوْ قَالَ: وَمَنْ صَلَّى فَلَهُ خَمْسَةٌ، صَحَّ، وَكَذَا عَلَى التَّرْتِيبِ لِلْأَقْرَبِ إلَى السَّابِقِ، وَهِيَ جَعَالَةٌ، فَإِنْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْفَسْخُ فَقَطْ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: يَجُوزُ عَلَى هَذَا فَسْخُهُ وَامْتِنَاعُهُ مِنْهُ وَزِيَادَةُ عِوَضِهِ، زَادَ غَيْرُهُ: وَأَخْذُهُ بِهِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا، وَقِيلَ: لَازِمٌ، فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ، لَكِنْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُعَيَّنِينَ. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ: لَا يَلْزَمُ فِي حَقِّ الْمُحَلِّلِ، لِأَنَّهُ مَغْبُوطٌ، كَمُرْتَهِنٍ. وَوَارِثٍ رَاكِبٍ كَهُوَ، ثُمَّ مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ، وَإِنْ قُلْنَا جَائِزَةٌ فوجهان "م5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَوَارِثُ رَاكِبٍ كَهُوَ ثُمَّ مَنْ أَقَامَهُ حَاكِمٌ، وَإِنْ قُلْنَا جَائِزَةٌ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ الْوَارِثُ كَالْمَيِّتِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي كلام1 كثير من الأصحاب، لقطعهم بفسخها2 بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جائز، كما قطع به الشيخ في المقنع3 وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَارِثُهُ كَهُوَ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ الْحَاكِمُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ صَاحِبِ الْبُلْغَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي4، وَقَطَعَ بِهِ، لَكِنْ جَعَلَ الْوَارِثَ بِالْخِيرَةِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَإِنْ عُدِمَ الْوَارِثُ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ" انْتَهَى، فَأَطْلَقَ الْعِبَارَةَ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ كَالْوَارِثِ عَلَى الْقَوْلِ بِاللُّزُومِ وَالْجَوَازِ، وَلَعَلَّ هَذَا المذهب.
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ عِوَضِهِ في الحال وَإِنْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، بِخِلَافِ أَجْرِهِ، بَلْ يَبْدَأُ بِتَسْلِيمِ عَمَلٍ. وَالسَّبْقُ بِالرَّأْسِ فِي مُتَمَاثِلِ عُنُقِهِ، وَفِي مُخْتَلِفِهِ وَإِبِلٍ بِكَتِفٍ. وَفِي الْمُحَرَّرِ الْكُلُّ بِالْكَتِفِ، وَقِيلَ: بِالْقَدَمِ، قَالَ الشَّيْخُ: وَلَا تَصِحُّ بِأَقْدَامٍ مَعْلُومَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَنْضَبِطُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْأَوَّلُ، وَزَادَ بِالرَّأْسِ فِي الْخَيْلِ، قَالَ: وَكَذَا ابْتِدَاءُ الْمَوْقِفِ. وَيَحْرُمُ جَنْبُهُ مَعَ فَرَسِهِ أَوْ وَرَاءَهُ فَرَسًا1 يُحَرِّضُهُ عَلَى الْعَدْوِ، وَجَلَبُهُ، وَهُوَ أَنْ يَصِيحَ بِهِ فِي وَقْتِ سِبَاقِهِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُكْرَهَانِ. وَالسَّبْقُ فِي الرَّمْيِ بِالْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ، وَهِيَ إمَّا مُبَادَرَةٌ: بِأَنْ يَجْعَلَا السَّبْقَ لِمَنْ سَبَقَ إصَابَتَيْنِ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً، مَعَ تَسَاوِيهِمَا فِي الرَّمْيِ، أَوْ مُفَاضَلَةً: بِأَنْ يَجْعَلَاهُ لِمَنْ فَضَلَ الْآخَرَ بِإِصَابَتَيْنِ مِنْ عِشْرِينَ رَمْيَةً، وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ إصَابَةٍ نَادِرَةٍ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: يُعْتَبَرُ إصَابَةٌ مُمْكِنَةٌ، وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْغَرَضِ قَدْرًا وَصِفَةً وَلَوْ وَقَعَ السَّهْمُ مَوْضِعَهُ بَعْدَ أَنْ أَطَارَتْهُ الرِّيحُ اُحْتُسِبَ بِهِ، فَإِنْ شَرَطَ إصَابَةً مُقَيَّدَةً وَشَكَّ فِيمَا لَوْ بَقِيَ مَوْضِعَهُ فلا، وإن عرض ما ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: جَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عَقْدٌ جَائِزٌ، وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ3، وَلَعَلَّ الْمَيِّتَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ لَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ، قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
يمنع ككسر1 قوس أو قطع [وتر] أَوْ2 رِيحٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يُحْتَسَبْ عَلَيْهِ، وَحُكِيَ وجه، والأشهر: ولا له. ويكره مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْهُمَا وَعَيْبُ الْمُخْطِئِ، وَحَرَّمَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَيَتَوَجَّهُ: يَجُوزُ مَدْحُ الْمُصِيبِ وَيُكْرَهُ عَيْبُ غَيْرِهِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي شَيْخ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ مَدْحُ الْمُصِيبِ مِنْ الطَّلَبَةِ وَعَيْبُ غَيْرِهِ لِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب العارية
باب العارية شروط العارية ... بَابُ الْعَارِيَّةِ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمُعِيرِ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ شَرْعًا، وَأَهْلِيَّةُ مُسْتَعِيرٍ لِلتَّبَرُّعِ لَهُ، وَيَتَوَجَّهُ فِي مَالِ صَغِيرٍ كَقَرْضِهِ، وَتَجُوزُ إعَارَةُ ذِي نَفْعٍ جَائِزٍ يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ إلَّا الْبُضْعَ وَمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهُ لِمَحْرَمٍ، وَقِيلَ: وَكَلْبًا لِصَيْدٍ وَفَحْلًا لِضِرَابٍ، وَقِيلَ: وَأَمَةً شَابَّةً لِغَيْرِ مَحْرَمٍ أَوْ امْرَأَةً، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْكَافِي1. وَالْأَشْهَرُ: يُكْرَهُ. وَفِي الْمُغْنِي2: إنْ خَلَا أَوْ نَظَرَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِشَوْهَاءَ3 أَوْ كَبِيرَةٍ، وَيَجُوزُ لَهُمَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إلَّا الْبَرْزَةَ وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَعَبْدًا مُسْلِمًا لِكَافِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ كَإِجَارَةٍ، وَقِيلَ فِيهِ بِالْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا، وَقِيلَ: تجب أي العارية مع غنى ربه، اختاره4 شَيْخنَا. وَيُكْرَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ لِخِدْمَةٍ وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ، وعنه: إن عين مدة تعينت، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: وَمَعَ إطْلَاقِهِ لَا يَرْجِعُ قَبْلَ انْتِفَاعِهِ، قَالَ الْقَاضِي: الْقَبْضُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا، وَقَالَ: يَحْصُلُ بِهَا الْمِلْكُ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهَا. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي الْوَفَاءِ فِي ضَمَانِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَيِّنِ بِالْعَقْدِ: الْمِلْكُ أَبْطَأُ حُصُولًا وَأَكْثَرُ شُرُوطًا مِنْ الضَّمَانِ، لِسُقُوطِ الضَّمَانِ بِإِبَاحَةِ الطَّعَامِ بِتَقْدِيمِهِ، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ بِعَارِيَّةِ الْعَيْنِ وَلَا مِلْكَ، فَإِذَا حَصَلَ بِالتَّعْيِينِ هُنَا الْإِبْطَاءُ فَأَوْلَى حُصُولُ الْأَسْرَعِ، وَهُوَ الضَّمَانُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَمْلِكُ مَكِيلًا وَمَوْزُونًا بِلَفْظِهَا، وَلَوْ سَلَّمَ وَيَكُونُ قَرْضًا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ وَبِالْقَبْضِ، وَفِي الِانْتِصَارِ لَفْظُ الْعَارِيَّةِ فِي الْأَثْمَانِ قَرْضٌ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ اسْتَعَارَهَا لِلنَّفَقَةِ فَقَرْضٌ، وَقِيلَ. لَا يَجُوزُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ مِنْحَةُ لَبَنٍ هُوَ الْعَارِيَّةُ، وَمِنْحَةُ وَرِقٍ هُوَ الْقَرْضُ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ خِلَافًا فِي صِحَّةِ إعَارَةِ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ لِلتَّجَمُّلِ وَالزِّينَةِ، وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ سَفِينَةٍ لِمَتَاعٍ فِي اللُّجَّةِ حَتَّى تَرْسُوَ، وَحَائِطِ لخشب2 حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ بِلَا إذْنِهِ، وَفِي الْحَائِطِ احْتِمَالٌ: يَرْجِعُ إنْ ضَمِنَ النَّقْصَ، وَكَذَا أرض لدفن ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا رُجُوعَ لِمُعِيرِ ... حَائِطِ الْخَشَبِ حَتَّى يَسْقُطَ فَلَا يُرَدَّانِ3". انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْخَشَبِ مَكَانَهَا إذَا سَقَطَ، كَمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ والمحرر والشرح4 وشرح ابن منجا والرعايتين
مَيِّتٍ حَتَّى يَبْلَى، وَقِيلَ: وَيَصِيرُ رَمِيمًا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُخْرِجُ عِظَامَهُ وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ، وَلَا أُجْرَةَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِزَرْعٍ لَا يَقْصِلُ وَيَتْرُكُ حَتَّى يُحْصَدَ وَلِغَرْسٍ أَوْ بِنَاءٍ وَشَرْطِ قَلْعِهِ عِنْدَ رُجُوعِهِ أَوْ فِي وَقْتِ قَلْعِهِ فِيهِ مَجَّانًا، وَإِلَّا فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ قَلْعُهُ، وَيَضْمَنُ نَقْصَهُ، خِلَافًا لِلْحَلْوَانِيِّ فِيهِ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إلَّا مَعَ شَرْطِ الْقَلْعِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ: إلَّا مَعَ إطْلَاقِهِ، وَيَلْزَمُهُ بِشَرْطِهَا، وَمِثْلُهُ غَرْسُ مُشْتَرٍ وَبِنَاؤُهُ لِفَسْخٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا يَأْخُذُهُ وَلَا يَقْلَعُهُ، وَقِيلَ: إنْ أَبَى الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ وَمُشَارَكَتَهُ بِالنَّقْصِ أَوْ أَبَى دَفْعَ قِيمَتِهِ رَجَعَ أَيْضًا، وَالْمَبِيعُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمُسْتَعِيرٍ فَقَطْ "وَش" ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي فِي الشُّرُوطِ فِي الرَّهْنِ، لِتَضَمُّنِهِ إذْنًا، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَلَا أُجْرَةَ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: لَوْ غَارَسَهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالْغَرْسَ بَيْنَهُمَا فَلَهُ أَيْضًا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِي الْفَاسِدِ وَجْهٌ كَغَصْبٍ، لِأَنَّهُمْ أَلْحَقُوهُ بِهِ فِي الضَّمَانِ، وِفَاقًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، ولا يقال لرب الأرض قيمتها فقط ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالْقَاضِيَ وَابْنَ عَقِيلٍ، فِي آخَرِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي بِهِ صَاحِبَ الْمُغْنِي1 فِي الصُّلْحِ لَهُ إعَادَتُهُ إلَى الْحَائِطِ، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ اللَّائِقُ بِالْمَذْهَبِ، لِأَنَّ السَّبَبَ مُسْتَمِرٌّ، فَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مُسْتَمِرًّا انْتَهَى. وَلَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى كَلَامِ الْحَارِثِيِّ "2أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهُ2"، فَلِذَلِكَ جَزَمَ بالحكم تبعا لغيره، والله أعلم.
"هـ م"، وَمُسْتَأْجِرٌ كَمُسْتَعِيرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ فِيهِ أَخْذَهُ بِقِيمَتِهِ. زَادَ فِي التَّلْخِيصِ: كَمَا فِي عَارِيَّةٍ مُؤَقَّتَةٍ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَفَ مَا بَنَاهُ أَوْ لَا، مَعَ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا اسْتِئْجَارَ دَارٍ يَجْعَلُهَا مَسْجِدًا، فَإِنْ لم يترك بالأجرة فيتوجه أن لا1 يَبْطُلَ بِالْوُقُوفِ مُطْلَقًا، وَتَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ كَلَامُهُ في الْفُنُونِ. وَهُوَ هُنَا أَوْلَى، وَقَالَ مَعْنَاهُ شَيْخُنَا، فإنه قال فيمن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
احْتَكَرَ أَرْضًا بَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ بَنَى وَقْفَهُ عَلَيْهِ: مَتَى فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَانْهَدَمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْبِنَاءُ زَالَ حُكْمُ الْوَقْفِ وَأَخَذُوا أَرْضَهُمْ فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمَا دَامَ الْبِنَاءُ قَائِمًا فِيهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، كَوَقْفِ عُلُوِّ رَبْعٍ1 أَوْ دَارٍ مَسْجِدًا، فَإِنَّ وَقْفَ عُلُوِّ ذَلِكَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ السُّفْلِ، كَذَا وَقْفُ الْبِنَاءِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ مُلَّاكِ الْأَرْضِ، وَإِنْ شَرَطَ فِي إجَارَةٍ "2بَقَاءَ غَرْسٍ فَكَإِطْلَاقِهِ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ وَلَوْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَ2" بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ، فَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، وقيل: يصح إن سكت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زرع بقاؤه بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله، وذكر القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط تركه1 بالأجرة "م1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ فِيهَا وَشَرَطَ قَلْعَهُ بَعْدَهَا صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيُتِمَّ أَوْ سَكَتَ فَسَدَ، وَإِنْ زَرَعَ فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَقِيلَ يَصِحُّ إنْ سَكَتَ، فَإِذَا تَمَّتْ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَقِيلَ كَفَرَاغِهَا وَفِيهَا زَرْعٌ بقاؤه بتفريط مكتر فهو كغاصب، ولربه نقله، وذكر القاضي أنه يلزمه، وقيل: كمبقى بلا تفريط تركه بالأجرة" انتهى، وهذان القولان على2 الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فِيمَا إذَا سَكَتَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ الْمُبْقَى بتفريط المستأجر، قدمه في الرعاية الكبرى فَقَالَ: فَإِذَا فَرَغَتْ الْمُدَّةُ وَالزَّرْعُ بَاقٍ فَهُوَ كَمُفَرِّطٍ، وَقِيلَ: لَا انْتَهَى. قُلْت: وَمَا قَدَّمَهُ هُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْمُبْقَى بِلَا تَفْرِيطٍ، فَيُتْرَكُ بِالْأُجْرَةِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اكْتَرَى مُدَّةً لِزَرْعِ مَا يَتِمُّ" قَالَ شَيْخُنَا كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مَا لَا يَتِمُّ، بِزِيَادَةٍ "لَا" بَعْدَ "مَا" دَلِيلُ قَوْلِهِ وَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهُ لِيَتِمَّ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِزَرْعٍ مُنَوَّنٌ، و "مَا" نَافِيَةٌ، وَقَوْلُهُ "تَرَكَهُ بِالْأُجْرَةِ" هُنَا نَقْصٌ، وَتَقْدِيرُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "يَلْزَمُ تركه" "فيلزم" هو النقص.
وله أجرة مثله في إجارة، وهنا قَالَ الْأَكْثَرُ: لَهُ أُجْرَةٌ فِي زَرْعٍ مِنْ رُجُوعِهِ، فَخَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ فِي غَرْسٍ وَبِنَاءٍ، وَقِيلَ: وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ فِي مَسْأَلَةِ السَّفِينَةِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ فِيمَا سِوَى أَرْضٍ لِلدَّفْنِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ التَّصَرُّفُ بِمَا لَا يَضُرُّهُمَا، وَلِرَبِّهَا1 دُخُولُهَا لِمَصْلَحَتِهَا خَاصَّةً، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ الْبَيْعَ فَفِي إجْبَارِ الْآخَرِ مَعَهُ وَجْهَانِ "م2" وَلَوْ حَمَلَ سَيْلٌ بَذْرًا فَنَبَتَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَحَمَلَهُ غَرْسًا كَغَرْسِ شَفِيعٍ، وَقِيلَ: فِيهِ، وَقِيلَ: وَفِي زَرْعٍ كغاصب. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَلِرَبِّ الْأَرْضِ التَّصَرُّفُ بِمَا لَا يَضُرُّهُمَا، وَلِرَبِّهَا دُخُولُهَا لِمَصْلَحَتِهَا خَاصَّةً، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ الْبَيْعَ فَفِي إجْبَارِ الْآخَرِ مَعَهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أُجْبِرَ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُجْبَرُ، صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ والنظم وتجريد العناية.
فصل: العارية المقبوضة مضمونة
فَصْلٌ: الْعَارِيَّةُ الْمَقْبُوضَةُ مَضْمُونَةٌ، نُصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ النَّفْعَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ. بِخِلَافِ عَبْدٍ مُوصًى بِنَفْعِهِ، وَقَاسَهَا جَمَاعَةٌ عَلَى "1الْمَقْبُوضِ عَلَى1" وَجْهِ السَّوْمِ، فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ مُخَرَّجَةٍ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ خِلَافًا: لَا يَضْمَنُ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِيهِ وَعَنْهُ: بَلَى إنْ شَرَطَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَشَيْخُنَا، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَشْرِطْ نَفْيَهُ جَزَمَ بِهِ في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّبْصِرَةِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ، وَلَا يُضْمَنُ وَقْفٌ بِلَا تَفْرِيطٍ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَأَصْحَابِهِ. وَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ جُزْؤُهَا بِانْتِفَاعٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ الْوَلَدِ أَوْ الزِّيَادَةِ لَمْ يَضْمَنْ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي وَلَدِ مُؤَجَّرَةٍ الْوَدِيعَةٍ الْوَجْهَانِ، وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَلَا يَضْمَنُ رَائِضٌ وَوَكِيلٌ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعِيرٍ، وَيَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ كَمُسْتَأْجِرٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ إلَّا بِمَنْفَعَةٍ مَعْهُودَةٍ، وَيُؤَجِّرُ بِإِذْنٍ، وَقِيلَ: وَبِدُونِهِ إنْ عَيَّنَ مُدَّةً، وَلَا يَضْمَنُ مُسْتَأْجِرٌ مِنْهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَالْأُجْرَةُ لِرَبِّهَا، وَقِيلَ: لَهُ، وَفِي جَوَازِ إعَارَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ؟ "م3" وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَصِحُّ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَلَوْ سَمِعَ مَنْ يقول أردت من ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -3: قَوْلُهُ: "وَفِي جَوَازِ إعَارَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَجْهَانِ، أَصْلُهُمَا هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ" انتهى. فنتكلم أولا على أصل الوجهين وبه1 يُعْرَفُ الصَّحِيحُ مِنْهُمَا فِي جَوَازِ إعَارَةِ الْمُسْتَعِيرِ وَعَدَمِهِ، فَنَقُولُ: نَفْسُ الْإِعَارَةِ هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ، فِيهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا الناظم:
يعيرني كَذَا فَأَعْطَاهُ كَفَى، لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَا عَقْدٌ، وَسَهْمُ فَرَسٍ لِغَزْوٍ لَهُ كَحَبِيسٍ وَمُسْتَأْجَرٍ، وَعَنْهُ: لِمَالِكِهِ، وَسَهْمُ فَرَسٍ مَغْصُوبٍ كَصَيْدٍ جَارِحٍ1 وَيُعْطِي نَفَقَةَ الْحَبِيسِ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَمَنْ قَالَ: مَا أَرْكَبُهَا إلَّا بِأُجْرَةٍ قَالَ رَبُّهَا مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: هِيَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَمَسُّ بِالْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَلَيْسَ بِإِعَارَةٍ، وَقَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ يَسْتَفِيدُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِي الشَّيْءِ، كَمَا يَسْتَفِيدُهُ فِيهِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَالْإِبَاحَةُ رَفْعُ الْحَرَجِ مِنْ تَنَاوُلِ مَا لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ، فَالتَّنَاوُلُ مُسْتَنِدٌ إلَى الْإِبَاحَةِ، وَفِي الْأَوَّلِ مُسْتَنِدٌ إلَى الملك، وَقَالَ فِي تَعْلِيلِ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ لَوْ مُلِكَتْ بِمُجَرَّدِ الْإِعَارَةِ لَا يَسْتَقِلُّ الْمُسْتَعِيرُ بِالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ، كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ بِعَقْدِ الإجارة، انتهى.
آخُذُ لَهَا أُجْرَةً وَلَا عَقْدَ بَيْنَهُمَا فَعَارِيَّةٌ، ولو أركب دابته منقطعا لله لم يَضْمَنْ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَكَذَا رَدِيفٌ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ نِصْفَ الْقِيمَةِ. يُقَالُ: رَدِفْته بِكَسْرِ الدَّالِ أَرْدَفُهُ1 بِفَتْحِهَا إذَا رَكِبْت خَلْفَهُ، وَأَرْدَفْتُهُ أَنَا، وَأَصْلُهُ مِنْ رُكُوبِهِ عَلَى الرِّدْفِ، وَهُوَ الْعَجُزُ، وَيُقَالُ رِدْفٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَرَدِيفٌ. وَلَوْ سَلَّمَ شَرِيكٌ شَرِيكَهُ الدَّابَّةَ فَتَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ ولا تعد، بأن ساقها ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ: هِيَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ، لَمْ يُجَوَّزْ لَهُ الْإِعَارَةُ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَنْ قَالَ: هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، أَجَازَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ عَدَمُ جَوَازِ إعَارَتِهَا عَلَى كِلَا2 الْوَجْهَيْنِ، فَفِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، وَقَالُوا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَا يَمْتَنِعُ هِبَةُ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَعَدَمُ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَصَحَّحَ فِي النَّظْمِ عَدَمَ الْجَوَازِ أَيْضًا مَعَ إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهَا هِبَةَ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةَ مَنْفَعَةٍ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ4 الْجَوَازُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ، وَتَابَعَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: أَصْلُ هَذَا مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ6، وَقَالَ عَنْ الْوَجْهِ الثَّانِي: يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ اللُّزُومِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ7، انتهى.
فَوْقَ الْعَادَةِ وَنَحْوَهُ، لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ كَعَارِيَّةٍ إنْ كَانَ عَارِيَّةً وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ رَدَّهَا إلَى مَنْ عُرِفَ بِقَبْضِهَا عَادَةً كَزَوْجَةٍ أَوْ سَائِسٍ خِلَافًا لِلْحَلْوَانِيِّ1 فِيهِ بَرِئَ، وَإِلَّا فَلَا، كَإِصْطَبْلِ مَالِكِهَا وَغُلَامِهِ، وَخَالَفَ فِيهِ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، وَظَاهِرُ تَقْدِيمِ الْمُسْتَوْعِبِ يَبْرَأُ بربها ووكيله فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: قَطَعَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ بِجَوَازِ إعَارَةِ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ إذَا قِيلَ بِلُزُومِهَا وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا، انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي2 عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ، وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ مَنَعُوا مِنْ الْإِعَارَةِ وَلَمْ يَبْنُوا، وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مسائل قد صحت.
وَإِذَا قَالَ: أَعَرْتنِي، وَآجَرْتنِي، قَالَ: بَلْ1 غَصَبْتنِي، أَوْ قَالَ: أَعَرْتُك، قَالَ: آجَرَتْنِي وَالْبَهِيمَةُ تَالِفَةٌ، أَوْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّهَا قُبِلَ قَوْلِ الْمَالِكِ، وَكَذَا: أَعْرَتْنِي، قَالَ: أَوْدَعْتُك، صُدِّقَ الْمَالِكُ، فَيَضْمَنُ مَا انْتَفَعَ، وَلَوْ قَالَ: آجَرْتُك، قَالَ: أَعَرْتنِي عَقِيبَ الْعَقْدِ، قُبِلَ قَوْلِ الْقَابِضِ، فَلَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ، وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ، فِي الْأَصَحِّ فِي مَاضِيهَا، وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. وَقِيلَ: الْمُسَمَّى، وَقِيلَ: أَقَلُّهُمَا، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ زَرْع عَارِيَّةً وَقَالَ رَبُّهَا إجَارَةً ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَكَذَا فِي الْأُجْرَةِ: أَعَرْتنِي أو2آجرتني، قَالَ: غَصَبْتنِي، وَقِيلَ: إنْ قَالَ: أَوْدَعْتنِي، قَالَ غصبتني، فوجهان والله تعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الوديعة
بَابُ الْوَدِيعَةِ وَهِيَ وَكَالَةٌ فِي الْحِفْظِ، فَيُعْتَبَرُ أَرْكَانُهَا، وَيَنْفَسِخُ بِمَوْتٍ وَجُنُونٍ وَعَزْلٍ، كَوَكَالَةٍ، وَيَلْزَمُهُ حِفْظُهَا فِي حِرْزٍ مِثْلِهَا عُرْفًا، كَسَرِقَةٍ، وَإِنْ عَيَّنَهُ رَبُّهَا فَأَحْرَزَهَا بِمِثْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ بِلَا حَاجَةٍ كَالْبَسِ الْخَاتَمَ فِي خِنْصَرٍ فَلَبِسَهُ فِي بِنْصِرٍ لَا عَكْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَقِيلَ: بَلَى، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ، وَقِيلَ بِمِثْلِهِ كَدُونِهِ، وَقِيلَ فِيهِ: إنْ رَدَّهُ إلَيْهِ فَلَا، وَإِنْ نَهَاهُ عَنْ إخْرَاجِهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا عِنْدَ الْخَوْفِ، وَيَحْرُمُ لِغَيْرِهِ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَإِنْ قَالَ: لَا تُخْرِجْهَا وَإِنْ خِفْت عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَقِيلَ إنْ وَافَقَهُ أَوْ خَالَفَهُ ضَمِنَ، كَإِخْرَاجِهَا لِغَيْرِ خَوْفٍ، وَإِنْ تَرَكَ عَلَفَ الدَّابَّةِ ضَمِنَ، وَقِيلَ: لَا كَلَا تَعْلِفْهَا، وَإِنْ حُرِّمَ. وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ لَزِمَهُ، وَقِيلَ بِقَبُولِهِ، وَيُعْتَبَرُ حَاكِمٌ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا وَإِنْ عَيَّنَ جَيْبَهُ ضَمِنَ فِي كُمِّهِ وَيَدِهِ، لَا عَكْسِهِ، وَإِنْ عَيَّنَ كُمَّهُ فَفِي يَدِهِ أَوْ عَيَّنَ يَدَهُ فَفِي كمه وجهان "م 1 و 2" وإن جاءه ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1-2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَيَّنَ كُمَّهُ فَفِي يَدِهِ أَوْ عَيَّنَ يَدَهُ فَفِي كُمِّهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: لَوْ قَالَ: اُتْرُكْهَا فِي كُمِّك فَتَرَكَهَا فِي يَدِهِ فَتَلِفَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ:
بالسوق وَأَمَرَهُ بِحِفْظِهَا بِبَيْتِهِ فَتَرَكَهَا عِنْدَهُ إلَى مُضِيِّهِ لِمَنْزِلِهِ ضَمِنَ، وَقِيلَ: لَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَمَتَى أَطْلَقَ، فَتَرَكَهَا بِجَيْبِهِ أَوْ يَدِهِ، أَوْ شَدَّهَا فِي كُمِّهِ أَوْ عَضُدِهِ وَقِيلَ: مِنْ جَانِبِ الْجَيْبِ أَوْ تَرَكَ فِي كُمِّهِ ثَقِيلًا بِلَا شَدٍّ، أَوْ تَرَكَهَا فِي وَسَطِهِ وَحَرَّزَ عَلَيْهِ سَرَاوِيلَ، لَمْ يَضْمَنْ. وَضَمَّنَهُ فِي الْفُصُولِ فِي جَيْبٍ وَكُمٍّ، عَلَى رِوَايَةِ أَنَّ الطَّرَّارَ1 لَا يَقْطَعُ وَذَكَرَ إنْ تَرَكَهُ فِي رَأْسِهِ وَغَرَزَهُ فِي عِمَامَتِهِ أَوْ تَحْتَ قَلَنْسُوَتِهِ احْتَمَلَ أَنَّهُ حِرْزٌ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ أَوْ مَالَ رَبِّهَا عَادَةً، كَزَوْجَةٍ وَخَادِمٍ وَفِي الرَّوْضَةِ: وَوَلَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَمْ يَضْمَنْ، فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِلَيْهِ مِيلُ الْمُصَنِّفِ فِي كتابيه3، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي2، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-2: عَكْسُهَا مَا لَوْ قَالَ اُتْرُكْهَا فِي يَدِك فَتَرَكَهَا فِي كُمِّهِ، حُكْمُهَا حُكْمُ الَّتِي قَبْلَهَا، خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الْيَدَ أَحَرَزُ مِنْ الْكُمِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْيَدُ أَحْرَزُ عِنْدَ الْمُغَالَبَةِ، وَالْكُمُّ أَحْرَزُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُغَالَبَةِ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهَا فِي يَدِهِ فَشَدَّهَا فِي كُمِّهِ فِي غَيْرِ حَالِ الْمُغَالَبَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عند المغالبة ضمن.
الْمَنْصُوصِ، كَوَكِيلِ رَبِّهَا، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَا وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ وَلَا خَوْفَ وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْمُوجَزِ: وَالْغَالِبُ السَّلَامَةُ، زَادَ فِي عيون المسائل والانتصار: كأب ووصي فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا، نُصَّ عَلَيْهِ، لَا لِمُسْتَأْجِرٍ لِحِفْظِ شَيْءٍ سَنَةً لِمِلْكِهِ، مَنَافِعَهُ، وَلَهُ "1مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ1" بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَيَتَوَجَّهُ كَنَظَائِرِهِ، وَقِيلَ: مَعَ غِيبَةِ رَبِّهَا أَوْ وَكِيلِهِ إنْ كَانَ أَحْرَزَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ "م 3". ويلزمه مؤنته، وفي مؤنة رد من بعد خِلَافٍ فِي الِانْتِصَارِ "م 4". وَإِنْ لَمْ يُسَافِرْ بِهَا أَوْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ سَلَّمَهَا أَحَدَهُمَا ثُمَّ حاكما، وفي لزومه قبولها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا، فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ مَا أَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ،. وَقِيلَ: مَعَ غَيْبَةِ رَبِّهَا أَوْ وَكِيلِهِ إنْ كَانَ أَحْرَزَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْمِلُهَا مَعَهُ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: لَا يُسَافِرُ بِهَا إلَّا إذَا كَانَ الْغَالِبُ السَّلَامَةَ. انْتَهَى، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا مَعَ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ السَّفَرُ بِهَا. مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَيَلْزَمُهُ مؤنته، وفي مؤنة رد من بعد خلاف فِي الِانْتِصَارِ" انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ اللُّزُومُ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ، بَلْ أَطْلَقُوا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ المصنف.
وَقَبُولَ مَغْصُوبٍ وَدَيْنِ غَائِبٍ وَجْهَانِ "م 5". وَقِيلَ: أَوْ لِثِقَةٍ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ رِوَايَةً، كَتَعَذُّرِ حَاكِمٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي النَّوَادِرِ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْإِيدَاعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِخَوْفِهِ عَلَيْهَا، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِيمِ لَا الْمُسَافِرِ، وَإِنْ أَوْدَعَهَا، بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَهَا وَقَرَارُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَلِمَ الثَّانِي فَعَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ الثَّانِي إنْ جَهِلَ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، كَمُرْتَهِنٍ، فِي وَجْهٍ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ مِنْ تَوْكِيلِ الْوَكِيلِ: لَهُ الْإِيدَاعُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ دَفَنَهَا بِمَكَانٍ وَأَعْلَمَ سَاكِنَهُ فَكَإِيدَاعِهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ، وَإِنْ تَعَدَّى فِيهَا بِانْتِفَاعِهِ أَوْ أَخَذَهَا لَا لِإِصْلَاحِهَا كَنَفَقَةِ أَوْ شَهْوَةِ رُؤْيَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا وَفِيهِمَا وَجْهٌ أَوْ كَسْرِ خَتْمِهَا أَوْ حَلِّهِ وَفِي الثَّلَاثَةِ رِوَايَةٌ أَوْ جَحَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ، أَوْ مَنَعَهَا بَعْدَ طَلَبِ طَالِبِهَا شَرْعًا وَالتَّمَكُّنِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهَا، وفي أُجْرَةِ مَا مَضَى خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ، ضَمِنَ وَكَذَا إنْ خَلَطَهَا بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ وَإِنْ تَمَيَّزَ فَلَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْبَغَوِيّ: وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ، ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي المنثور عن أحمد، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِهِ" أَيْ الْحَاكِمِ "قَبُولَهَا وقبول مغصوب ودين غَائِبٍ وَجْهَانِ" وَكَذَا مَالٌ ضَائِعٌ انْتَهَى، ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ يُشْبِهُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الْأَصَحُّ اللُّزُومُ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ وَالْمَغْصُوبِ وَالدَّيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَالُ فِي يَدِ ثِقَةٍ قَادِرٍ فَإِنَّهُ يُضَعِّفُ اللُّزُومَ الْحَاكِمُ، وَاَللَّهُ أعلم.
قَالَ: لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِهِ، وَجَزَمَ بِهِ1 فِي المبهج في الوكيل، كوديعته، في أحد الوجهين "م 6" وَإِنْ لَمْ يَدْرِ أَيَّهمَا ضَاعَ ضَمِنَ2، نقله البغوي، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَإِنْ أَخَذَ دِرْهَمًا ثُمَّ رَدَّهُ ضمنه، في الأصح، وعنه: وغيره، وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَكَذَا إنْ خَلَطَهَا بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ" يَعْنِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِتَعَدِّيهِ بِخَلْطِهَا بِغَيْرِ مُتَمَيِّزٍ "وَإِنْ تَمَيَّزَ فَلَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْبَغَوِيّ: وَإِنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ، وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَنْثُورِ عَنْ أَحْمَدَ،. وَجَزَمَ بِهِ في المبهج في الوكيل، كوديعته في أحد الوجهين" انتهى. "3يعني: إذا دعى4 في الوديعة بالخلط. والظاهر: أنه أراد بقوله: كوديعته في أحد الوجهين3" إذَا خَلَطَ وَدِيعَةَ شَخْصٍ بِوَدِيعَتِهِ الْأُخْرَى خَلْطًا لَا يَتَمَيَّزُ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ خَلَطَ إحْدَى وَدِيعَتَيْ زَيْدٍ بِالْأُخْرَى بِلَا إذْنِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ انْتَهَى. وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قُلْت: وَإِنْ أُودَعَهُ كِيسَيْنِ فَخَلَطَهُمَا بِلَا إذْنٍ ضَمِنَ انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 أَنْ يَضْمَنَهُمَا، فَإِنَّهُمَا قَالَا: إذَا خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ غَيْرِهِ ضَمِنَهَا، وَقَالَا لَمَّا نَصَرَا هَذَا الْقَوْلَ: وَلَنَا أَنَّهُ خَلَطَهَا بِمَالِهِ خَلْطًا لَا يَتَمَيَّزُ، فَوَجَبَ ضَمَانُهَا انْتَهَى. قُلْت وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ ضَمِنَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي تَعْلِيلِ مَا إذَا خَلَطَهَا بِمَالِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَمَيَّزُ: وَلِأَنَّهُ إذَا خَلَطَهَا بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ فَقَدْ فوت على نفسه إمكان ردها، والله أعلم.
إنْ رَدَّ بَدَلَهُ مُتَمَيِّزًا، وَعَنْهُ: أَوْ غَيْرُهُ، وَكَذَا إنْ أَذِنَ فِي أَخْذِهِ مِنْهَا فَرَدَّ بَدَّلَهُ بِلَا إذْنِهِ، وَمَتَى جَدَّدَ لَهُ اسْتِئْمَانًا أَوْ أَبْرَأهُ بَرِيءَ، فِي الْأَصَحِّ، كَرَدِّهِ إلَيْهِ، أَوْ إنْ خُنْت ثُمَّ تَرَكْت فَأَنْتَ أَمِينِي، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَفِيهِ وَجْهٌ: يَضْمَنُ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي، كَمُلْتَقِطٍ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْغِيبِ "م 7" وَإِنْ خَرَقَ فَوْقَ الْمَسْدُودِ فَأَرْشُ الْكِيسِ، وَإِنْ قَالَ اسْتَخْدِمْهُ فَفَعَلَ صَارَ عَارِيَّةً، وَإِنْ ادَّعَى إذْنَهُ فِي دَفْعِهَا لِفُلَانٍ وَأَنَّهُ دَفَعَ قَبْلُ، فِي الْمَنْصُوصِ، خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: وَافَقُوا إنْ أَقَرَّ بِإِذْنِهِ، وَقِيلَ ذَلِكَ كَوَكَالَةٍ بِقَضَاءِ دَيْنٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عليه1 للمالك غير الْيَمِينِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالْقَبْضِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ ادَّعَى1 الرَّدَّ إلَى رَسُولٍ مُوَكَّلٍ وَمُودِعٍ فَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ ضَمِنَ، لِتَعْلِيقِ الدَّفْعِ بِثَالِثٍ، وَيُحْتَمَلُ: لا، وإن أقر وقال قصرت لترك ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ: "وَفِيهِ وَجْهٌ: يَضْمَنُ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي كَمُلْتَقِطٍ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي التَّرْغِيبِ" انْتَهَى وَكَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ اللُّقَطَةَ بِنِيَّةِ التَّعَدِّي فِيهَا، كَمَا لَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ بِذَلِكَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، يَعْنِي صَاحِبَ الْمُقْنِعِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِقَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي التَّضْمِينِ بِمُجَرَّدِ اعْتِقَادِ الْكِتْمَانِ، وَيُخَالِفُ الْمُودَعَ فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ نَوَى الْمُلْتَقِطُ اخْتِزَالَهُ أَوْ تَمَلُّكَهُ فِي الْحَالِ أَوْ كَتَمَهُ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَإِنْ عَرَفَهُ بَعْدُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ انتهى.
الْإِشْهَادِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ لَوْ وَكَّلَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَضَاهُ فِي غَيْبَتِهِ وَتَرَكَ الْإِشْهَادَ ضَمِنَ، لِأَنَّ مَبْنَى الدَّيْنِ عَلَى الضَّمَانِ، وَيَحْتَمِلُ إنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فَتَرَكَهُ ضَمِنَ، كَذَا قَالَ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ تُودِعنِي ثُمَّ ثَبَتَتْ1 لَمْ يُقْبَلُ دَعْوَى رَدٍّ وَتَلَفٍ، فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِهِمَا مُتَقَدِّمًا جُحُودُهُ لَمْ تُسْمَعْ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَبَعْدَهُ تُسْمَعُ بِرَدٍّ، وَالْأَصَحُّ وَبِتَلَفٍ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِمَا فِي: مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ: لَك وَدِيعَةٌ، ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ الْبَقَاءِ، ثُمَّ عَلِمَ تَلَفَهَا، أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا فَأَنْكَرَهُ وَرَثَتُهُ فَوَجْهَانِ "م 8 و 9" وَدَعْوَاهُ الرد إليهم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَقَرَّ وَقَالَ قَصَّرْت لِتَرْكِ الْإِشْهَادِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ" انْتَهَى، هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ وَلَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، لِأَنَّهُ قد قدم حكمها2، والله أعلم. مسألة-8-9: "وَلَوْ قَالَ لَك وَدِيعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ الْبَقَاءِ ثُمَّ عَلِمَ تَلَفَهَا أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا فَأَنْكَرَهُ وَرَثَتُهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: لَوْ قَالَ: لَك وَدِيعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى ظَنَّ الْبَقَاءِ ثُمَّ عَلِمَ تَلَفَهَا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 عِنْدَ قَوْلِ الخرقي، وإن قال: له عِنْدِي عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ثُمَّ قَالَ وَدِيعَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ قُلْت: وَيَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ إلَى حال المودع والرجوع إلى القرائن.
أو دعوى ورثته الرد إلى ربها تُقْبَلُ بِبَيِّنَةٍ. وَلَوْ تَلِفَتْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَدِّهَا فَقِيلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَهَا رَبُّهَا "م 10". وَيَعْمَلُ بخط أبيه على كيس لفلان، في ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ-9: الثَّانِيَةُ لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ إلَى رَبِّهَا "1فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ1" فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ قَبِلْنَا قَوْلَهُ فِي الرَّدِّ فِي حَيَاةِ صَاحِبِهَا فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَيَحْتَمِلُ إلَى الرُّجُوعِ إلَى حَالِ الْمُودَعِ. مَسْأَلَةٌ-10: قَوْلُهُ: "وَلَوْ تَلِفَتْ عِنْدَ وَرَثَتِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَدِّهَا فَقِيلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَهَا رَبُّهَا" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ2، قَالَ فِي الْقَاعِدَة الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَالْمَشْهُورُ الضَّمَانُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ: ذَكَرَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا، قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ إلَّا الْمُصَنِّفُ، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ قُلْت قَدْ ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الكبرى وشرح ابن منجا وغيرهم.
الْأَصَحِّ، كَخَطِّهِ بِدَيْنٍ لَهُ، فَيَحْلِفُ، وَفِي عَكْسِهِ1 وجهان "م 11". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ: يَضْمَنُهَا إنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا صَاحِبَهَا، جَزَمَ بِهِ الْمُحَرَّرُ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. تَنْبِيهٌ: ظَهَرَ مِنْ نَقْلِ مَا تَقَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرًا، لِكَوْنِ الْأَصْحَابِ عَلَى الضَّمَانِ مُطْلَقًا، أَوْ مَعَ جَهْلِ رَبِّهَا، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا اخْتَارَهُ وَيُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ الْحَارِثِيِّ الْمُتَقَدِّمُ، فَمَا حَصَلَ اخْتِلَافٌ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْأَصْحَابِ في المسألة، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَيَعْمَلُ بِخَطِّ أَبِيهِ عَلَى كِيسٍ لِفُلَانٍ، فِي الْأَصَحِّ، كَخَطِّهِ بِدَيْنٍ لَهُ، فَيَحْلِفُ، وَفِي عَكْسِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَجَدَ خَطَّ أَبِيهِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ فَهَلْ يَعْمَلُ بِهَذَا الْخَطِّ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَعْمَلُ بِهِ وَيَكُونُ تَرِكَةً مَقْسُومَةً، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْمَلُ بِهِ وَبِدَفْعٍ إلَى مَنْ هُوَ مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ: الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الدَّفْعِ إلَى مَنْ هُوَ مَكْتُوبٌ بِاسْمِهِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ "4قَاطِعًا بِهِ، وَنَصَرَهُ4" وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَارِثِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَالْكِتَابَةُ بِالدُّيُونِ عَلَيْهِ كَالْكِتَابَةِ الْوَدِيعَةِ، كَمَا قَدَّمْنَا، حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ السَّامِرِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أولى من خطه بدين له. تَنْبِيهٌ: "5قَوْلُهُ "كَخَطِّهِ بِدَيْنٍ لَهُ فَيَحْلِفُ5" قَالَ الشيخ في المغني6
وأستاذ1 الدَّارِ وَالْكَاتِبِ وَدَفْتَرُهُ وَنَحْوُهُمَا وُكَلَاءُ كَالْأَمِيرِ2 فِي هَذَا، وَإِنْ اسْتَعْمَلَ كَاتِبًا خَائِنًا أَوْ عَاجِزًا أَثِمَ بِمَا أَذْهَبَ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ، لِتَفْرِيطِهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُ الْمُودِعِينَ نَصِيبَهُ من مكيل أو موزون ينقسم وهو معنى ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّارِحِ فِي أَقْسَامِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَغَيْرِهِمَا: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ، مِثْلُ أَنْ يَجِدَ بِخَطِّهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ، أَوْ يَجِدُ فِي زورمانج3 أَبِيهِ دَيْنًا لَهُ عَلَى إنْسَانٍ وَيَعْرِفُ مِنْ أَبِيهِ الْأَمَانَةَ وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ انْتَهَى. فَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ لَا يَكْتُبُ إلَّا حَقًّا، وَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَبِيهِ إلا الأمانة وَيُتَصَوَّرُ الْيَمِينُ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَوْا عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ وَرَدَّ الْيَمِينَ، فَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَسْتَحِقُّوا مَا كَتَبَ بِهِ أَبُوهُمْ، فِيمَا يَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَذَا لَوْ أَقَامُوا شَاهِدًا وَيَحْلِفُونَ مَعَهُ، أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَجْهُولٍ أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ، فَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى قَدْرِ مَا وُجِدَ مَكْتُوبًا من أبيهم، على قول.
قَوْلِ بَعْضِهِمْ: لَا يَنْقُصُ بِتَفْرِقَةٍ لَزِمَهُ دَفْعُهُ، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي إلَّا بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ، وَفَرَضَ فِي التَّبْصِرَةِ الْمَسْأَلَةَ فِي عَيْنٍ يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَوْدِعَ مُطَالَبَةُ غَاصِبِهَا، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ، وَمِثْلُهُ مُرْتَهِنٌ وَمُسْتَأْجِرٌ وَمُضَارِبٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِيهِ مَعَ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ: لَا يَلْزَمُهُ، وَلَوْ سُلِّمَ وَدِيعَةً كُرْهًا لَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَضَمَّنَهُ أَبُو الْوَفَاءِ إنْ فَرَّطَ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَعِنْدَ أَبِي الْوَفَاءِ إنْ ظَنَّ أَخْذَهَا مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ كَانَ دَالًّا وَيَضْمَنُ، وَفِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ: يَضْمَنُ الْمَالَ بِالدَّلَالَةِ، وَهُوَ الْمُودَعُ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: مَنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ وَنَادَى بِتَهْدِيدِ مَنْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَلَمْ يَحْمِلْهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ "1أَوْ عَيَّنَهُ وَتَهَدَّدَهُ وَلَمْ يَنَلْهُ بِعَذَابٍ أَثِمَ وَضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا "م 12 و 13" ومن أخر ردها1" بعد طلبها بلا عذر ضمن، ويمهل لأكل ونوم ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-12-13: قَوْلُهُ: "وَإِنْ صَادَرَهُ السُّلْطَانُ لَمْ يَضْمَنْ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَضَمَّنَهُ أَبُو الْوَفَاءِ إنْ فَرَّطَ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ، وَعِنْدَ أَبِي الْوَفَاءِ إنْ ظَنَّ أَخْذَهَا مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ كَانَ دَالًّا وَيَضْمَنُ، وَفِي الْخِلَافِ وَالِانْتِصَارِ يَضْمَنُ الْمَالَ بِالدَّلَالَةِ، وَهُوَ الْمُودَعُ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: مَنْ صَادَرَهُ سُلْطَانٌ وَنَادَى بِتَهْدِيدِ مَنْ لَهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَلَمْ يَحْمِلْهَا إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَتَهَدَّدَهُ وَلَمْ يَنَلْهُ بِعَذَابٍ أَثِمَ وَضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا" انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ. مَسْأَلَةٌ-12: مَا إذَا صَادَرَهُ السُّلْطَانُ. وَمَسْأَلَةٌ-13: مَا إذَا أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا، فَمَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الثَّانِيَةِ قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْفَائِقِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ قَهْرًا أَوْ دَفَعَهَا إلَيْهِ مُكْرَهًا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ سَأَلَهُ عَنْهَا وَرَّى عَنْهَا، وَإِنْ ضَاقَ النُّطْقُ عَنْهَا جَحَدَهَا وَتَأَوَّلَ أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ، وَكَذَا إنْ أُحْلِفَ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَهُ جَحْدُهَا وكتمها. انتهى.
وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ بِقَدْرِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَخَّرَ لِكَوْنِهِ فِي حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ إلَى قَضَاءِ غَرَضِهِ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ عَلَى وَجْهٍ، وَاخْتَارَهُ الْأَزَجِيُّ، فَقَالَ: يَجِبُ الرَّدُّ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ سببا للتلف، فلم أر ـــــــــــــــــــــــــــــQقال الحارثي: وإذا قيل التواعد لَيْسَ إكْرَاهًا فَتَوَعَّدَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى سَلَّمَ فَجَوَابُ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ وُجُوبُ الضَّمَانِ وَلَا إثْمَ، وَفِيهِ بَحْثٌ، وَإِذَا قِيلَ إنَّهُ إكْرَاهٌ فَنَادَى السُّلْطَانُ إنَّ مَنْ لَمْ يَحْمِلْ وَدِيعَةَ فُلَانٍ عُمِلَ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَحَمَلَهَا مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ أَثِمَ وَضَمِنَ، وَبِهِ أَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي فَتَاوِيهِمَا، وَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الْيَمِينِ وَلَا بُدَّ حَلَفَ مُتَأَوِّلًا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَهُ جَحْدُهَا، فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ مِنْهُ وَجَبَ الضَّمَانُ، لِلتَّفْرِيطِ، وَإِنْ حَلَفَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ أَثِمَ، وَفِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْفَتَاوَى قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ مَعَ إمْكَانِ التَّأْوِيلِ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَّمَهُ بِذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ. ثُمَّ وَجَدْتُ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ1: يُكَفِّرُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ فَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، كَمَا لَوْ أكره عَلَى إيقَاعِ الطَّلَاقِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ بَحْثٌ، وَحَاصِلُهُ إنْ كَانَ الضَّرَرُ الْحَاصِلُ بِالتَّغْرِيمِ كَثِيرًا يُوَازِي الضَّرَرَ فِي صُورَةِ الْإِكْرَاهِ فَهُوَ إكْرَاهٌ لَا يَقَعُ، وَإِلَّا وَقَعَ عَلَى الْمَذْهَبِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ2: وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يَسْقُطُ ضَمَانٌ بِخَوْفِهِ مِنْ وُقُوعِ طَلَاقٍ، بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا اقْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا، وَهُوَ تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى.
نَصًّا، وَيَقْوَى عِنْدِي: يَضْمَنُ، لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جَازَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَى وَكِيلِهِ فَتَمَكَّنَ وَأَبَى ضَمِنَ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَكِيلُهُ، وَإِنْ مَنَعَهُ أَوْ مَطَلَهُ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ ادَّعَى رَدًّا أَوْ تَلَفًا لَمْ يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَمَانَةِ بِهِ، وَمَنْ أَخَّرَ دَفْعَ مَالٍ أُمِرَ بِدَفْعِهِ بِلَا عُذْرٍ ضَمِنَ، وَقِيلَ: لَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي، بِنَاءً عَلَى اخْتِصَاصِ الْوُجُوبِ بِأَمْرِ الشَّرْعِ. وَإِنْ قَالَ: هَذَا وَدِيعَةٌ الْيَوْمَ لَا غَدًا وَبَعْدَهُ يَعُودُ وَدِيعَةً فَقِيلَ: لَا وَدِيعَةَ، وَقِيلَ: بَلَى فِي الْيَوْمِ، وَقِيلَ: وَبَعْدَ غَدٍ "م 14". وإن أمره برده في غد وبعده1 تَعَيُّنُ رَدُّهُ، وَمَنْ اسْتَأْمَنَهُ أَمِيرٌ عَلَى مَالِهِ فَخَشِيَ مِنْ حَاشِيَتِهِ إنْ مَنَعَهُمْ مِنْ عَادَتِهِمْ الْمُتَقَدِّمَةِ لَزِمَهُ فِعْلُ مَا يُمْكِنُهُ، وَهُوَ أَصْلَحُ لِلْأَمِيرِ مِنْ تَوَلِّيهِ غَيْرَهُ فَيَرْتَعَ مَعَهُمْ لَا سِيَّمَا2 وَلِلْأَخْذِ شُبْهَةٌ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ هَذَا وَدِيعَةٌ الْيَوْمَ لَا غَدًا وَبَعْدَهُ يَعُودُ وَدِيعَةً فَقِيلَ: لَا وَدِيعَةَ، وَقِيلَ: بَلَى فِي الْيَوْمِ، وَقِيلَ: وَبَعْدَ غَدٍ" انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: هِيَ وَدِيعَةٌ عَلَى الدَّوَامِ، نَقَلَهُ الْحَارِثِيُّ. قُلْت: وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِمَّا إذَا شَرَطَ فِي الْخِيَارِ يَوْمًا لَهُ وَيَوْمًا لَا، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخِلَافَ، وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ3. فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب الغصب
باب الغصب مدخل ... باب الغصب وَهُوَ اسْتِيلَاءٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ قَهْرًا1 ظُلْمًا، كَأُمِّ وَلَدٍ وَعَقَارٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ لَا بِدُخُولِهِ فَقَطْ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي غَصْبِ مَا يُنْقَلُ نقله2 وَفِي التَّرْغِيبِ إلَّا فِي رُكُوبِهِ دَابَّةً وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشٍ، وَيَرُدُّ كَلْبًا يُقْتَنَى لَا قِيمَتَهُ. وَفِي الْإِفْصَاحِ: يَضْمَنُهُ وَيَرُدُّ خَمْرَ ذِمِّيٍّ مَسْتُورَةً، وَعَنْهُ: وَقِيمَتَهَا، وَقِيلَ: ذِمِّيٌّ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لا يردها وأنه يلزم إراقتها إن حد3 وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُهُ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ تَعْزِيرُ مُرِيقِهِ، وَيَأْتِي فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ4. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ يُقِرُّونَ عَلَى شُرْبِهِ وَاقْتِنَائِهِ، لِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِمْ بِالشُّرْبِ وَلَا يُقِرُّونَ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّا لَا نَعْرِضُ لَهُمْ، فَأَمَّا أَنْ نُقِرَّهُمْ فَلَا، ثُمَّ يَبْطُلُ بِالْمَجُوسِ يُقِرُّونَ عَلَى نِكَاحِ الْمَحَارِمِ الْمَجُوسِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَمِيرَاثٍ، وَالْمُسْلِمُ يُقَرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ عَلَى الْخَمْرِ لِلتَّخْلِيلِ وَجُلُودِ الْمَيْتَةِ لِلدِّبَاغِ وَالزَّيْتِ النَّجِسِ لِلِاسْتِصْبَاحِ، ثُمَّ لَا يَضْمَنُ مَنْ أَتْلَفَهُ، وَقَالَ هُوَ والترغيب وغيرهما: يرد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخَمْرَ الْمُحْتَرَمَةَ، وَيَرُدُّ مَا تَخَلَّلَ بِيَدِهِ لَا مَا أُرِيقَ فَجَمَعَهُ آخَرُ فَتَخَلَّلَ، لِزَوَالِ يَدِهِ هُنَا، وَسَبَقَ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ1 أَنَّ الْأَشْهَرَ أَنَّ لَنَا خَمْرًا مُحْتَرَمَةً، وَفِي رَدِّ صَيْدِهِ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا أَوْجُهٌ "م 1 و 2". ومثله فرس "م 3 و 4". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1-2: قَوْلُهُ: "وَفِي رَدِّ صَيْدِهِ أَوْ أُجْرَتِهِ أَوْ هُمَا أَوْجُهٌ" انْتَهَى، شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: إذَا غَصَبَ جَارِحًا وَصَادَ بِهِ فَهَلْ يَرُدُّ الصَّيْدَ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْجَارِحُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ: أحدهما: يَرُدُّهُ: فَيَكُونُ لِمَالِكِ الْجَارِحَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: فَلِرَبِّهِ، فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَيْضًا أُجْرَةُ مُدَّةِ اصْطِيَادِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-2 وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ، قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ: هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَلَا أُجْرَةَ لِرَبِّهِ مُدَّةَ اصْطِيَادِهِ، فِي الْأَظْهَرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ في صيد العبد. مسألة-3-4: قَوْلُهُ: "وَمِثْلُهُ فَرَسٌ" انْتَهَى. أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي صيد الفرس، هل هو لربها
وَيَرُدُّ صَيْدَ عَبْدٍ، وَفِي أُجْرَتِهِ الْوَجْهَانِ "م 5". قِيلَ: وَكَذَا أُحْبُولَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: ربح الدراهم لمالكها، ويسقط عمل الغاصب. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ لِلْغَاصِبِ؟ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ لِمَالِكِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: فَلِرَبِّهِ، فِي الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ في المغني1 والشرح2 وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ قَوِيٌّ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيُّ الدِّينِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا غَصَبَ فَرَسًا وَكَسَبَ عَلَيْهِ مَالًا أن يجعل3 الْكَسْبَ بَيْنَ الْغَاصِبِ وَمَالِكِ4 الدَّابَّةِ عَلَى قَدْرِ نَفْعِهِمَا، بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الرَّاكِبِ وَمَنْفَعَةُ الْفَرَسِ ثُمَّ يُقْسَمُ الصَّيْدُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُجْعَل لِرَبِّ الْفَرَسِ الثُّلُثَانِ وَلِلْغَاصِبِ الثُّلُثُ، قِيَاسًا عَلَى الْغَنِيمَةِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: شَمِلَ قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فَرَسٌ مَسْأَلَتَيْنِ: مَا تَقَدَّمَ، وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-4: أُجْرَتُهُ مُدَّةَ اصْطِيَادِهِ هَلْ تَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ أُجْرَةِ الْجَارِحِ الَّذِي صَادَ بِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَيَرُدُّ صَيْدَ عَبْدٍ، وَفِي أُجْرَتِهِ الْوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي بِهِمَا الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الْجَارِحِ وَالْفَرَسِ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا، لَكِنْ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَتُهُ تَحْتَهُ إذا قلنا بضمان النافع انتهى.
وَفِي رَدِّ جِلْدِ مَيْتَةٍ وَلَوْ دَبَغَهُ غَاصِبُهُ1 وجهان، وقيل: ولو طهر "م 6 و 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-6-7: قَوْلُهُ: "وَفِي جِلْدِ مَيْتَةٍ وَلَوْ دَبَغَهُ غَاصِبُهُ وَجْهَانِ، وَقِيلَ وَلَوْ طَهُرَ" انْتَهَى، فِيهِ الْمَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: إذَا غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ وَلَمْ يدبغه غاصبه فهل يجب رده أَمْ لَا إذَا قُلْنَا لَا يَطْهُرُ؟ وَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَأَوْجُهٌ: الرَّدُّ وَعَدَمُهُ وَالثَّالِثُ: إنْ قُلْنَا يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي يَابِسٍ رَدَّهُ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَتْلَفَهُ فَهَدَرٌ، وَإِنْ دبغه وقلنا يطهر رده "2وقال في الرعاية الصغرى والحاوي الصغير وفي رد جلد لميتة وجهان، وإن دبغ فطهر، رَدَّهُ2" انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي رَدِّهِ مُطْلَقًا إذَا غَصَبَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ قَالَ فِي المغني4 والشرح3 وشرح ابن منجا والحاوي5: الْوَجْهَانِ هُنَا مَبْنِيَّانِ عَلَى طَهَارَتِهِ بِالدَّبْغِ وَعَدَمِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَطْهُرُ وَجَبَ رَدُّهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَطْهُرُ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ، وَقَطَعُوا بِذَلِكَ، وَقَدَّمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي الْكَافِي6 فَقَالَ: وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى طَهَارَتِهِ بِالدَّبَّاغِ، إنْ قُلْنَا يَطْهُرُ وَجَبَ رَدُّهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَطْهُرُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ، كَكَلْبِ الصَّيْدِ انْتَهَى. وَقَدَّمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ أَيْضًا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، فَتَلَخَّصَ لَنَا أَنَّا إذَا قُلْنَا يَطْهُرُ بِالدَّبْغِ وَدَبَغَهُ رَدَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعُوا بِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَحَكَى تَبَعًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ قَوْلًا بِعَدَمِ
قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا التمار الدابة إذا أَصَابَهَا إنْسَانٌ مَيْتَةً يَأْخُذُ ذَنَبَهَا؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ قَدْ تَرَكَهَا صَاحِبُهَا. احْتَجَّ بِهِ فِي الْخِلَافِ عَلَى طَهَارَةِ شَعْرِهَا. وَلَا تَثْبُتُ يَدٌ عَلَى بُضْعٍ، فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا، وَلَا يَضْمَنُ نَفْعَهَا1، خِلَافًا لِعُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي أَمَةٍ حَبَسَهَا، كَمَا يَضْمَنُ بَقِيَّةَ مَنَافِعِهَا، وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ، وَفِيهِ: لَوْ خَلَا بِهَا لَزِمَهُ مَهْرٌ، وَاحْتَجَّ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ وَقِيلَ كَبِيرٌ بِغَصْبِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَفِي ثِيَابِهِ الَّتِي لَمْ يَنْزِعْهَا عنه وأجرته ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّدِّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ، عَلَى مَا يَأْتِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجْهِ الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْبُغْهُ هَلْ يَجِبُ رَدُّهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يَجِبُ رَدُّهُ، بِنَاءً عَلَى مَا بَنَاهُ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابن منجا وَالْحَارِثِيُّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَطَعُوا بِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا، إنْ لَمْ يَطْهُرْ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ، وَكَذَا حُكْمُ مَا قبل الدبغ إذا لم يطهر بالدبغ5، وَالصَّوَابُ أَنَّا إنْ قُلْنَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ في اليابسات يجب رده انتهى.
مُدَّةَ حَبْسِهِ وَإِيجَارِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ وَجْهَانِ "م 8-10" وَلَوْ اسْتَخْدَمَهُ كَرْهًا لَزِمَتْهُ أُجْرَتُهُ1 وَلَوْ مَنَعَهُ الْعَمَلَ وَلَوْ عَبْدًا فَلَا، وَيَتَوَجَّهُ بَلَى فِيهِمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي مَنْفَعَةِ حُرٍّ وَجْهَانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تَلْزَمُهُ بِإِمْسَاكِهِ، لِعَدَمِ تَلَفِهَا تَحْتَ يَدِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَضْمَنُهُ إذَا أَمْسَكَهُ، لِأَنَّ الْحُرَّ فِي يد نفسه، ومنافعه تلفت معه، كما لَا يَضْمَنُ نَفْسَهُ وَثَوْبَهُ الَّذِي عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ، فَإِنَّ يَدَ الْغَاصِبِ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ وَمَنْفَعَتُهُ بمنزلته. ويلزمه رده "2إن بعده2" ورد مغصوب بزيادته مطلقا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-7: إذَا دَبَغَهُ غَاصِبُهُ وَقُلْنَا لَا يَطْهُرُ، فَهَلْ يَجِبُ رَدُّهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ إلَّا إذَا قُلْنَا يَنْتَفِعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَقَدْ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ دَبَغَهُ فَفِي رَدِّهِ الْوَجْهَانِ الْمُبَيَّنَانِ أَيْضًا، إنْ قِيلَ بِالطَّهَارَةِ وجب رده3، لأنه مال4: فَأَشْبَهَ الْخَمْرَ الْمُتَخَلَّلَةَ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، لِصَيْرُورَتِهِ مَالًا بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ الْمُتَخَلَّلَةِ، فَإِنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِيهَا، وَفِي هَذَا الْفَرْقِ بَحْثٌ، فَإِنْ قِيلَ بِعَدَمِ الطَّهَارَةِ لَمْ يَجِبْ، لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ، فَتَجِبُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدَّبْغِ انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ-8-10: قَوْلُهُ: "وَلَا يَضْمَنُ حُرٌّ وَقِيلَ: كَبِيرٌ بِغَصْبِهِ. وَفِي الْأَصَحِّ، وَفِي ثِيَابِهِ الَّتِي لَمْ يَنْزِعْهَا عَنْهُ وَأُجْرَتِهِ مُدَّةَ حَبْسِهِ وَإِيجَارِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى، فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلُ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: هَلْ يَضْمَنُ الثِّيَابَ الَّتِي عَلَيْهِ أم لا؟ أطلق الخلاف، وأطلقه في
وَفِي مَسْأَلَةِ السَّاجَةِ تَخْرِيجٌ فِي الِانْتِصَارِ "وهـ" فإن قال ربه دعه ـــــــــــــــــــــــــــــQالمقنع1 والشرح1 وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَا حُكْمُ الحلية التي2 عَلَيْهِ. أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْفَائِقِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْوَجِيزِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ حَبْسِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَعَلَيْهِ دَلَّ نَصُّهُ انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-10: حُكْمُ إيجَارِ الْمُسْتَأْجِرِ لَهُ حُكْمُ إجَارَتِهِ6 مُدَّةَ حَبْسِهِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا قُلْت بَلْ هُنَا أَوْلَى بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ صَحَّ غَصْبُهُ صَحَّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مُسْتَأْجِرُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْحُرِّ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مِنْ آخَرَ إذَا قُلْنَا لَا تَثْبُتُ يد
وَأَعْطِنِي أُجْرَةَ رَدِّهِ إلَى بَلَدِ غَصْبِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ، فَإِنْ رَقَعَ بِهِ سَفِينَةً لَمْ تُقْلِعْ فِي اللُّجَّةِ، وَقِيلَ: مَعَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَالِ الْغَيْرِ، جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَإِنْ خَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَخِيفَ ضَرَرُ آدَمِيٍّ، وَقِيلَ: تَلَفُهُ كَغَيْرِهِ بِقَلْعِهِ، فَالْقِيمَةُ، فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا لِغَاصِبِهِ فَأَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يُذْبَحُ المعد لِلْأَكْلِ "م 11" وَإِنْ مَاتَ رَدَّهُ. وَقِيلَ: وَلَوْ آدَمِيًّا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: الْحَيَوَانُ أَكْثَرُ حُرْمَةً من بقية المال، ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ، وَإِنْ قُلْنَا تَثْبُتُ صَحَّ انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَاطَ بِهِ جُرْحَ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ وَخِيفَ ضَرَرُ آدَمِيٍّ وَقِيلَ تَلَفُهُ. فَالْقِيمَةُ، فَإِنْ كَانَ مَأْكُولًا لِغَاصِبِهِ فَأَوْجُهٌ، الثَّالِثُ: يُذْبَحُ الْمُعَدُّ لِلْأَكْلِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا1 الشَّارِحُ: أَحَدُهُمَا2: يُذْبَحُ وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْكَافِي3 وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُذْبَحُ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ2 وَشَرْحِ ابْنِ منجا. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ مُعَدًّا لِلْأَكْلِ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَالدَّجَاجِ وَنَحْوِهَا ذُبِحَ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ حَسَنٌ.
وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ مَنْعُ مَائِهِ مِنْهُ، وَلَهُ قَتْلُهُ دَفْعًا عَنْ مَالِهِ، قِيلَ: لَا عَنْ نَفْسِهِ. وَإِنْ بَنَى فِي الْأَرْضِ أَوْ غَرَسَ لَزِمَهُ الْقَلْعُ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلٌ: وَالتَّسْوِيَةُ وَالْأَرْشُ والأجرة، فإن كانت آلات الْبِنَاءِ عَنْ الْمَغْصُوبِ فَأُجْرَتُهَا مَبْنِيَّةٌ، وَإِلَّا أُجْرَتُهَا، فَلَوْ أَجَّرَهَا فَالْأُجْرَةُ بِقَدْرِ قِيمَتِهَا. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ يَبْنِي فِيهَا وَيُؤَجِّرُهَا: الْغَلَّةُ عَلَى النِّصْفِ، وَنَصُّهُ: الثَّمَرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، واختار الشيخ: له، ونقل1 ابْنُ مَنْصُورٍ: يَكُونُ شَرِيكًا بِزِيَادَةِ بِنَاءٍ، وَلَا يَمْلِكُ أَحَدُهُمَا بِقِيمَتِهِ، وَفِي الْبِنَاءِ قَوْلٌ، وَلَا غَرَضَ صَحِيحَ فِي نَقْضِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً فِيهِ: لَا يَلْزَمُهُ وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ، وَرَوَى الْخَلَّالُ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: "لَهُ مَا نَقَصَ" 2 قَالَ أَبُو يَعْلَى الصغير: هذا منعنا من القياس. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ جَعْفَرٌ فِيهِمَا لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ وَزَادَ: وَتَرْكُهُ بِأُجْرَةٍ، وَإِنْ وَهَبَهَا لَهُ، وَفِي الْقَلْعِ غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يُجْبَرْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م12" وَإِنْ زَرَعَ وَحَصَدَهُ فالأجرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-12: قوله: "وإن وهبا1 لَهُ" يَعْنِي لَوْ وَهَبَ الْغَاصِبُ لِرَبِّ الْأَرْضِ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ كُلْفَةَ ذَلِكَ وَفِي الْقَلْعِ غَرَضٌ صَحِيحٌ لَمْ يُجْبَرْ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ انْتَهَى يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وَهَبَهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ إنْ أَرَادَ الْقَلْعَ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْبَرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَدَّمَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ فِي نَظِيرَتِهَا فِي الصَّدَاقِ عَدَمَ اللُّزُومِ، فَكَذَا هُنَا، وَيَأْتِي أَيْضًا هُنَاكَ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْبَرُ، إذْ لَا ضَرَرَ لَهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي نظيرتها في الصداق، على ما يأتي:
ونقل حرب: كما لم يَحْصُدْ، فَيُخَيِّرُ رَبَّ الْأَرْضِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِنَفَقَتِهِ، وَعَنْهُ: بِقِيمَتِهِ زَرْعًا، فَلَهُ أُجْرَةُ أَرْضِهِ إلَى تَسْلِيمِهِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا، نَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ وَنَقَلَ مُهَنَّا: بِأَيِّهِمَا شَاءَ، وَيُزَكِّيهِ إنْ أَخَذَهُ قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 13" وَبَيْنَ تَرْكِهِ إلَى حَصَادِهِ بِأُجْرَتِهِ، وَقِيلَ: لِلْغَاصِبِ بِالْأُجْرَةِ، وَقِيلَ: لَهُ قَلْعُهُ إنْ ضَمِنَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ زَرَعَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ وَالْعَادَةُ بِأَنَّ مَنْ زَرَعَ فِيهَا لَهُ نَصِيبٌ مَعْلُومٌ وَلِرَبِّهَا نَصِيبٌ: قَسَمَ مَا زَرَعَهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، كَذَلِكَ قَالَ، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا من الآخر أن يزرع معه أو يهايئه1 " فَأَبَى فَلِلْأَوَّلِ الزَّرْعُ فِي قَدْرِ حَقِّهِ بِلَا أُجْرَةٍ، كَدَارٍ بَيْنَهُمَا فِيهَا بُنْيَانٌ سَكَنَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وغيره أنه لرب2 الأرض، كالحمل لرب الأم، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-13: قَوْلُهُ: "وَيُزَكِّيهِ إنْ أَخَذَهُ قَبْلَ وُجُوبِهَا3 وَإِلَّا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي وَإِنْ أَخَذَهُ بَعْدَ وُجُوبِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: أَحَدُهُمَا: يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ قُلْت: وَهَذَا الصَّحِيحُ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ، لِأَنَّهُ مِلْكُهُ إلَى حِينِ أَخْذِ رَبِّ الْأَرْضِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُزَكِّيهِ آخِذُهُ، وَهُوَ مُقْتَضَى النُّصُوصِ4، وَاخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُمْ اخْتَارُوا أَنَّ الزَّرْعَ مِنْ أَصْلِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ، ولكن المذهب الأول.
لَكِنَّ الْمَنِيَّ لَا قِيمَةَ لَهُ، بِخِلَافِ الْبَذْرِ1، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَهَلْ الرُّطَبَةُ وَنَحْوُهَا كَزَرْعٍ أَوْ غرس؟ فيه احتمالان. م 14" وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ طَمُّهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ أَبْرَأهُ2 رَبُّهَا وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: أَوْ مَنَعَهُ فَوَجْهَانِ "م 15" وَإِنْ زال اسمه كنسج غزل، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-14: قَوْلُهُ: "وَهَلْ الرُّطَبَةُ وَنَحْوُهَا كَزَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 والشرح والفائق والقواعد الفقهية والزركشي وغيره. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَالزَّرْعِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ: لِأَنَّهُ زَرْعٌ لَيْسَ لَهُ فَرْعٌ قَوِيٌّ، فَأَشْبَهَ الْحِنْطَةَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قُلْت وَكَلَامِ غَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْغِرَاسِ، اخْتَارَهُ النَّاظِمُ فَقَالَ: وَكَالْغَرْسِ فِي الْأَقْوَى الْمُكَرَّرِ جَزُّهُ مَسْأَلَةٌ-15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ طَمُّهَا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ أَبْرَأهُ رَبُّهَا وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: أَوْ مَنَعَهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ والشرح5 وشرح ابن منجا وَالْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ طَمَّهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه وغيره.
وَطَحْنِ حَبٍّ وَنَجْرِ خَشَبَةٍ وَضَرْبِ مَطْبُوعٍ وَطِينٍ لبنا1 وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ قَصَّرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ وَشَوَاهُ2 رَدَّهُ وَنَقَصَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَأَخَذَ الْقَاضِي عَدَمَ مِلْكِهِ مِنْ ذَبْحِ السَّارِقِ لَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُهُ بِعِوَضِهِ قَبْلَ تَغْيِيرِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِي جَعْلِ حَدِيدٍ سُيُوفًا: يُقَوَّمُ فَيُعْطِيهِ الثَّمَنَ عَلَى الْقِيمَةِ حَدِيثَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الزَّرْعِ: "أَعْطُوهُ ثَمَنَ بَذْرِهِ" 3 وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: يَصِيرُ شَرِيكًا بِزِيَادَتِهِ، ذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ غَصَبَ حَبًّا فَزَرَعَهُ أَوْ بَيْضًا فَجَعَلَهُ تَحْتَ دَجَاجَةٍ فَفَرَّخَ أَوْ نَوَى فَغَرَسَهُ وَفِي الِانْتِصَارِ أَوْ غُصْنًا فَصَارَ شَجَرَةً رَدَّهُ وَنَقَصَهُ، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ كَمَا قبله. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَبِعَهُ فِي التَّلْخِيصِ: وَإِنْ غَصَبَ دَارًا و4 حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا فَأَرَادَ الْغَاصِبُ طَمَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِضَى الْمَالِكِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا أَبْرَأهُ الْمَالِكُ مِنْ ضَمَانِ مَا تَلِفَ بِهَا انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أَصْلُ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ هَلْ الرِّضَى الطَّارِئُ كَالْمُقَارِنِ لِلْحَفْرِ أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْمُقَارِنِ انْتَهَى. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ: فله طمها، مطلقا، وإن سخط ربها "5فأوجه الْمَنْعُ5" وَالْإِثْبَاتُ، وَالثَّالِثُ: إنْ أَبْرَأهُ مِنْ ضَمَانِ ما يتلف بها6
فصل: ويلزمه ضمان نقصه
فَصْلٌ: وَيَلْزَمُهُ ضَمَانُ نَقْصِهِ، وَلَوْ بِنَبَاتِ لِحْيَةِ أَمْرَدَ أَوْ قَطْعَ ذَنَبَ حِمَارٍ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ رَقِيقًا أَوْ بَعْضَهُ بِمُقَدَّرٍ "1وَلَوْ شَعْرًا مِنْ حر1" بمقدر مِنْ قِيمَتِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، وَفِيهَا رِوَايَةٌ: بِمَا نَقَصَ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالتَّرْغِيبِ وَشَيْخُنَا، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالْمَذْهَبُ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا بِقِيمَتِهِ مَا بَلَغَتْ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَبْلُغُ بِهَادِيَةِ حُرٍّ، وَقِيلَ: بِأَكْثَرِهِمَا، كَغَصْبِهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ فِي3 عَيْنِ خَيْلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ رُبْعُ قِيمَتِهَا، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَخَصَّ فِي الرَّوْضَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ بِعَيْنِ الْفَرَسِ، وَأَنَّ عَيْنَ غَيْرِهَا بِمَا نَقَصَ، وَأَحْمَدُ قَالَهُ فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ، وَكَذَا قَالَهُ عُمَرُ4، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ نقصه كبر ابتل وعفن فقيل: يلزمه5 أَرْشُهُ، وَقِيلَ: بَدَلُهُ، وَخَيَّرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَخَبَرُهُ في الهداية بين بدله أو يصبر ليستقر فبأخذه وأرشه "م 16". ـــــــــــــــــــــــــــــQوصح فِي وَجْهٍ فَلَا، زَادَ فِي الْكُبْرَى رَابِعًا: وَهُوَ إنْ كَانَ غَرَضُهُ فِيهِ صَحِيحًا لِدَفْعِ ضَرَرٍ وَخَطَرٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا، وَخَامِسًا: وَهُوَ إنْ تَرَكَ تُرَابَهَا فِي أَرْضِ غَيْرِ رَبِّهَا فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى، لِغَرَضٍ صَحِيحٍ انتهى. مَسْأَلَةٌ-16: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ نَقْصُهُ كَبُرٍّ ابْتَلَّ وَعَفِنَ، فَقِيلَ: أَرْشُهُ، وَقِيلَ: بَدَلُهُ وَخَيَّرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَخَيَّرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بَيْنَ بَدَلِهِ أو يصبر ليستقر فيأخذه وأرشه" انتهى:
وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ سِعْرٍ كَسَمِينٍ هَزِلَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ وَعَنْهُ: يَلِي، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى كَعَبْدٍ خَصَاهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: مَعَ تَلَفِهِ، وَلَا مَرَضًا عَادَ بِبُرْءٍ، وَنَصُّهُ: يَضْمَنُ، كَزِيَادَةٍ فِي يَدِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ عَادَ مِثْلُهَا من جنسها، كسمن مرتين أو صنعة أخرى، وَقِيلَ: أَوْ جِنْسَيْنِ كَسِمَنٍ وَتَعَلُّمٍ، فَوَجْهَانِ "م 17 و 18"، وَيَضْمَنُ جِنَايَةَ الْمَغْصُوبِ وَإِتْلَافَهُ مَالَ رَبِّهِ، ولرب الجناية ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ بَدَلُهُ كَمَا فِي الْهَالِكِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَالشِّيرَازِيِّ، وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَالشَّرِيفِ الزَّيْدِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَكْرُوسٍ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ: لِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَهَا النُّقْصَانَ إنْ كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ وَخِيفَ الزِّيَادَةُ فِي الْبَاقِي فَلَهُ بَدَلُهُ، كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ، وَكَذَا قَالَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ: يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ مِثْلِهِ وَبَيْنَ تَرْكِهِ حَتَّى يَسْتَقِرَّ فَسَادُهُ فَيَأْخُذَهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَشَرْحِ ابن منجا والرعاية الصغرى والحاوي الصغير والوجيز4 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ لَا بَأْسَ بِهِ" انْتَهَى، قُلْت وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ وَأَصَحُّهَا. مَسْأَلَةٌ 17-18: قَوْلُهُ: "فَإِنْ عَادَ مثلها من جنسها، كسمن مرتين أو صنعة
مُطْلَقًا الْقَوَدُ، وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ جِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ، لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ، وَإِنْ خَلَطَهُ "1بِمَا لَا1" يَتَمَيَّزُ كَزَيْتٍ وَنَقْدٍ بِمِثْلِهِمَا لَزِمَهُ مِثْلُهُ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأُخْرَى، فَوَجْهَانِ انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-17: إذَا عَادَ مِثْلُ الزِّيَادَةِ الَّتِي ذَهَبَتْ مِنْ جنسها، مثل أن كانت قِيمَتُهُ مِائَةً فَزَادَتْ إلَى أَلْفٍ لِسِمَنٍ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ هَزِلَ فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ ثُمَّ سَمِنَ فَزَادَتْ إلَى أَلْفٍ، فَهَلْ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ الْأُولَى أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قال الحارثي: هذا المذهب، لنصه4 فِي الْخَلْخَالِ يُكْسَرُ، قَالَ: يُصْلِحُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَهُوَ أَحَدُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ الشَّيْخ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا أَقْيَسُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهَا، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: ضَمِنَهَا، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-18: لَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً غَيْرَ الصَّنْعَةِ الَّتِي نَسِيَهَا عِنْدَ الْغَاصِبِ، فَهَلْ يَضْمَنُهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالْحُكْمُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا قُلْت: وَيَتَوَجَّهُ الضَّمَانُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ كَزَيْتٍ وَنَقْدٍ بمثلهما لزمه مثله منه" انتهى. أخل5 المصنف بقول6 كَثِيرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ من حيث شاء، واختاره
وَفِي الْوَسِيلَةِ: وَالْمُوجَزِ: قَسَّمَ ثَمَنَهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهِمَا، وَإِنْ خَلَطَهُ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ بِدُونِهِ أَوْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَشَرِيكَانِ بِقَدْرِ حَقِّهِمَا، كَاخْتِلَاطِهِمَا مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَا تَعَذَّرَ تَمْيِيزُهُ كَتَالِفٍ، وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ فِي زَيْتٍ بِزَيْتٍ عَلَى الشَّرِكَةِ، فَلَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ بِاثْنَيْنِ لِآخَرَ فَتَلِفَ اثْنَانِ فَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ نِصْفَانِ، يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ "م 19"، وَإِنْ صَبَغَ ثَوْبًا فَشَرِيكَانِ بِقَدْرِ قيمتهما وزيادة قيمة أحدهما لمالكه، والنقص ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَقَالَ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ1: وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَالَ فِي الْوَسِيلَةِ وَالْمُوجَزِ: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ قِيمَتِهَا" انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الشَّرِكَةُ، كَمَا في الأول، لكن يباع، ويقسم الثمن عَلَى الْحِصَّةِ، كَذَا أَطْلَقَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي تَعْلِيقِهِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ بَكْرُوسٍ وَغَيْرُهُمْ فِي رُءُوسِ مَسَائِلِهِمْ حَتَّى قَالُوا بِهِ2 فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَأَظُنّهُ قَوْلَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْكَبِيرِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَأَمَّا إجْرَاءُ هَذَا الْوَجْهِ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَوَاهٍ جِدًّا، لِأَنَّهَا قِيَمُ الْأَشْيَاءِ، وَقِسْمَتُهَا مُمْكِنَةٌ، فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي الْبَيْعِ؟ وَرَدَّهُ بِرَدٍّ حَسَنٍ. مَسْأَلَةٌ-19: قَوْلُهُ: "فَلَوْ اخْتَلَطَ دِرْهَمٌ بِاثْنَيْنِ لِآخَرَ فَتَلِفَ اثْنَانِ فَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ نِصْفَانِ: يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. هَذَانِ الْوَجْهَانِ وَجَّهَهُمَا الْمُصَنِّفُ مِنْ عِنْدِهِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي: قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ. قُلْت: الصَّوَابُ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّالِفُ لِصَاحِبِ الدِّرْهَمَيْنِ، فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمِ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُون التَّالِفُ لِهَذَا دِرْهَمٌ، وَلِهَذَا دِرْهَمٌ، فَيَخْتَصُّ صَاحِبُ الدِّرْهَمَيْنِ بِالْبَاقِي، فَتَسَاوَيَا، فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ ذَلِكَ.
عَلَى الْغَاصِبِ1، وَيُمْنَعُ طَالِبُ قَلْعِ الصَّبْغِ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لَا، مَعَ ضَمَانِهِ النَّقْصَ، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُهُ رَبُّ الثَّوْبِ، كَبِنَاءٍ، وَيَلْزَمُهُ قَبُولُ الصَّبْغِ هِبَةً، كَنَسْجِ غَزْلٍ، وَقِيلَ: لَا، كَمَسَامِيرَ سَمَّرَ بها بابا، في الأصح، ويضمن مكيلا و2 مَوْزُونًا تَلِفَ أَوْ أَتْلَفَهُ بِمِثْلِهِ، وَعَنْهُ: بِقِيمَتِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ أَيْضًا الْقِيمَةَ فِي نَقْرَةٍ وَسَبِيكَةٍ وَعِنَبٍ وَرُطَبٍ، كَمَا فِيهِ صِنَاعَةٌ مُبَاحَةٌ لَا مُحَرَّمَةٌ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِقِيمَةِ مِثْلِهِ يَوْمَ تَعَذَّرَ، وَعَنْهُ: يَوْمَ غَصْبِهِ، وَقِيلَ: أَكْثَرُهُمَا إلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَوْمَ تَلَفِهِ وَعَنْهُ: يَوْمَ قَبَضَ بَدَلَهُ، وَقِيلَ: أَكْثَرُهُمَا، وَعَنْهُ: يَوْمَ الْمُحَاكَمَةِ، وَإِنْ غَرِمَهَا ثُمَّ قَدَرَ عَلَيَّ الْمِثْلِ لَمْ يَرُدَّ الْقِيمَةَ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَضْمَنُ غَيْرُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ تَلَفِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، عَنْهُ: يَوْمَ غَصْبِهِ، "3وَعَنْهُ: أَكْثَرُهُمَا3" وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: وَيَحْتَمِلُ الْقُرْعَةَ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَجْهَيْنِ، لأنا متحققون أن الدراهم لواحد
فِي مَغْصُوبٍ بِمِثْلِهِ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَاحْتَجَّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] وَعَنْهُ: وَمَعَ قِيمَتِهِ، وَعَنْهُ: غَيْرُ حَيَوَانٍ بِمِثْلِهِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "1وَعَنْهُ: لَا يَبْلُغُ بِقِيمَةِ رَقِيقٍ يَوْمَ أَتْلَفَهُ دِيَةَ حُرٍّ1" وَفِي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ: فَيَنْقُصُ عَنْهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِغَيْرِ الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَبِغَيْرِ الْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ، لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ كَسَرَ خَلْخَالًا يُصْلِحُهُ وَيَعْتَبِرُ الْقِيمَةَ بِبَلَدِ غَصْبِهِ، وَعَنْهُ: تَلَفُهُ مِنْ غَالِبِهِ، وَجَزَمَ بِهِ في الكافي2، لأنه موضع الضمان وَإِنْ نَسَجَ غَزْلًا أَوْ عَجَنَ دَقِيقًا فَقِيلَ: مِثْلُهُ، وَقِيلَ: أَوْ الْقِيمَةُ "م 20" وَيُقْبَلُ قَوْلُ غَاصِبِهِ فِي تَلَفِهِ، فِي الْأَصَحِّ، فَيُطَالِبُهُ مَالِكُهُ بِبَدَلِهِ، وَقِيلَ: لَا، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ، وَلَا قصاص في ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمَا لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَيْنَا فَأَخْرَجْنَاهُ بِالْقُرْعَةِ، كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، فَمَنَّ اللَّهُ بِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ شُبْرُمَةَ لَمْ يَقُولَا بِالْقُرْعَةِ، فَلَمْ يعرجا عليها. مَسْأَلَةٌ-20: قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَسَجَ غَزْلًا أَوْ عَجَنَ دَقِيقًا فَقِيلَ: مِثْلُهُ، وَقِيلَ: أَوْ الْقِيمَةُ" انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ عِوَضُهُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: هُوَ أَوْلَى عِنْدِي انْتَهَى، وَيَحْتَمِلُهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الْمُتَقَدِّمُ، بَلْ هو ظاهره
الْمَالِ، مِثْلُ شَقِّ ثَوْبِهِ، وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ وَمُوسَى: يُخَيَّرُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَلَوْ غَصَبَ جَمَاعَةٌ مُشَاعًا فَرَدَّ وَاحِدٌ سَهْمَ وَاحِدٍ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ حَتَّى يُعْطِيَ شُرَكَاهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ صَالَحُوهُ عَنْهُ بِمَالٍ. نَقَلَهُ حَرْبٌ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ بَيْعُ الْمُشَاعِ، وَلَوْ زَكَّاهُ رَبُّهُ رَجَعَ بِهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْمَعَالِي: لَا، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، كَمَنْفَعَةٍ، وَإِنْ أَبَقَ مَغْصُوبٌ فَلِرَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ، لِلْحَيْلُولَةِ، كَمُدَبَّرٍ، لَا لِفَوَاتِهِ، فَلَوْ رَجَعَ لَزِمَهُ رَدُّهُ بِزِيَادَتِهِ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ، لَا زِيَادَةَ مُنْفَصِلَةَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: إنَّهُ إذَا أَخَذَ الْقِيمَةَ لَا يَمْلِكُهَا، وَإِنَّمَا حَصَّلَ بِهَا الِانْتِفَاعَ فِي مُقَابَلَةِ مَا فَوَّتَهُ الْغَاصِبُ، فَمَا اجْتَمَعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ، كَقِيمَةِ الْمُدَبَّرِ عِنْدَهُمْ وَكَأَخْذِ بَدَلِ ضَوْءِ عَيْنَيْهِ مِمَّنْ أَذْهَبَهُ، فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ ثُمَّ عَادَ الضَّوْءُ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، كَمَا يضمن شهود طلاق وعتق رجعوا لِلتَّفْوِيتِ. وَفِي حَبْسِهِ لِيَرُدَّ الْقِيمَةَ عَلَيْهِ وَجْهَانِ "م 21" وَإِنْ تَخَمَّرَ عَصِيرٌ فَقِيلَ: قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: مِثْلُهُ "م 22" وَإِنْ تَخَلَّلَ رَدَّهُ وَنَقَصَ قِيمَةَ1 العصير. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-21: قَوْلُهُ: "وَفِي حَبْسِهِ لِيَرُدَّ الْقِيمَةَ عَلَيْهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهَلْ لِلْغَاصِبِ حَبْسُ الْعَيْنِ لِاسْتِرْدَادِ الْقِيمَةِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فاسدا هل يحبس المشتري المبيع2 عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْبِسُ، بَلْ يُدْفَعَانِ إلَى عَدْلٍ لِيُسَلِّمَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَالَهُ" انْتَهَى قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْلَى. مَسْأَلَةٌ-22: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَخَمَّرَ عَصِيرٌ فَقِيلَ: قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: مِثْلُهُ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْعَصِيرِ، لِأَنَّ الْخَلَّ عَيْنُهُ، كَحَمَلٍ صَارَ كَبْشًا، وَإِنْ غَلَاهُ غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ، وَكَذَا نَقْصُهُ، وَيَحْتَمِلُ: لَا، لِأَنَّهُ مَاءٌ، وَإِنْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَسَقَطَ مَيِّتًا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقِيلَ: بَلَى، قِيلَ: بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَقِيلَ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ "م 23" وَمَا يَصِحُّ إجَارَتُهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي قَضَايَا وَفِيهَا انْتِفَاعٌ، وَنَقَلَ ابن الحكم: لا مطلقا، وظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَيْسَ بِالْجَيِّدِ انْتَهَى قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، لِأَنَّ لَهُ مِثْلًا، وَقَدْ بَقِيَ فِي حُكْمِ التَّالِفِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي المغني2 والشرح1 وشرح ابن منجا وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخٍ كَالْمُقْنِعِ، وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ قُلْت: وَفِي إطلاق المصنف الخلاف نظر ظاهر، بل "3الصواب تقديم أخذ3" المثل والله أعلم. مَسْأَلَةٌ-23: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَسَقَطَ مَيِّتًا لَمْ يَضْمَنْهُ، وَقِيلَ: بَلَى، قِيلَ: بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَقِيلَ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ" انْتَهَى. يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ هَلْ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ بِعُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ؟ أطلق الخلاف، وأطلقه الحارثي في شرحه،
المبهج التفرقة واختاره بَعْضُهُمْ، وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرَ مَا نَقَلَ عَنْهُ. نَقُلْ1 ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ زَرَعَ بِلَا إذْنٍ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ بِقَدْرِ مَا اسْتَعْمَلَهَا إلَى رَدِّهِ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ رَدِّ قِيمَتِهِ، وَقِيلَ: وَبَعْدَهَا مَعَ بَقَائِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَضْمَنُ رَائِحَةَ مِسْكٍ وَنَحْوِهِ، وَخِلَافًا لِلِانْتِصَارِ لَا نَقْدًا لِتِجَارَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيَحْتَمِلُ الضَّمَانَ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ، قَالَ الحارثي: وهو أقيس.
فصل: ومن أخذه من غاصبه ولم يعلم ضمنه
فَصْلٌ: وَمَنْ أَخَذَهُ مِنْ غَاصِبِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ ضَمِنَهُ، كَغَاصِبِهِ، وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِمَا لَمْ1 يَلْتَزِمْ ضَمَانَهُ فَيَرْجِعُ مُودِعٌ وَنَحْوُهُ بِقِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ، وَكَذَا مُرْتَهِنٌ وَمُتَّهِبٌ فِي الْأَصَحِّ، وَمُسْتَأْجِرٌ بِقِيمَتِهِ، وَعَكْسُهُ مشتر ومستعير، ويأخذ مستأجر وَمُشْتَرٍ1 مِنْ غَاصِبٍ مَا دَفَعَا إلَيْهِ، وَيَأْخُذُ مشتر نفقته وعمله من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَائِعٍ غَارٍّ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ: يَرْجِعُ مُشْتَرٍ1 بِمَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ وَفِيهِ: لَا يُطَالِبُ بِالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ2. قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ: وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى أَطْفَالِ غَاصِبِ وَصِيِّهِ مَعَ عِلْمِهِ لَمْ يَرْجِعْ، وَإِلَّا رَجَعَ لِأَنَّ الْمُوصِيَ غَرَّهُ3، وَإِنْ أَحْبَلَ مُشْتَرٍ أَمَةً جَاهِلًا فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَيَلْزَمُهُ فِدَاؤُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ يَوْمَ وَضْعِهِ، وَعَنْهُ: يَوْمَ مُطَالَبَتِهِ بِقِيمَتِهِ، وَعَنْهُ: بِمِثْلِهِ فِي قِيمَتِهِ وَعَنْهُ: بأيهما شاء وعنه: بمثله في صفاته4 تَقْرِيبًا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَيَرْجِعُ بِنَقْصِ وِلَادَةٍ وَمَنْفَعَةٍ فَائِتَةٍ وَفِدَاءِ وَلَدٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ رِوَايَةً، وَكَذَا مَهْرٌ وَأُجْرَةُ نَفْعٍ فِي بَيْعٍ وَعَارِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَعَنْهُ: لَا، لِحُصُولِ نَفْعٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، كَقِيمَتِهَا5 وَبَدَلِ أَجْزَائِهَا وَأَرْشِ بَكَارَةٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ، وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ الْكُلِّ لِغَاصِبِهِ6، وَيَرْجِعُ غَاصِبُهُ عَلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآخِذِ بِمَا لَا يَرْجِعُ بِهِ الْآخِذُ عَلَيْهِ لَوْ ضَمِنَهُ الْمَالِكُ، وَإِنْ عَلِمَ بِالْغَصْبِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَنْ عَبْدٍ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ فَسَلَّمَهُ رَجُلٌ مَالًا مُضَارَبَةً بِأَمْرِ السَّيِّدِ فَسَلَّمَهُ الْعَبْدُ رَجُلًا لِيَشْتَرِيَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ، قَالَ: يَرْجِعُ بِهِ صَاحِبُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ، فَقُلْتُ لَهُ: ذَهَبَ الْمَالُ، قَالَ: يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ، قُلْتُ: فَيَكُونُ حُرًّا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَظَاهِرُهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا عَلَى مَنْ الْقَرَارُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَتَلَهَا غَاصِبٌ بِوَطْئِهِ فَالدِّيَةُ، نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ بَائِعَهُ غَصَبَهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ صَدَّقَاهُ اسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ عَلَى مُشْتَرٍ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ عِتْقُهُ إنْ صَدَّقَهُ مَعَهُمَا، وَيَرِثُهُ وَارِثُهُ ثُمَّ مُدَّعٍ وَلَا وَلَاءَ. وَلَوْ قُلِعَ غَرْسُ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنَاؤُهُ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ رَجَعَ بِالْغَرَامَةِ عَلَى الْبَائِعِ، وَعَنْهُ: لِرَبِّهَا قَلْعُهُ إنْ ضَمِنَ نَقْصَهُ ثُمَّ يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَائِعِ، وَمَنْ بَنَى فِيمَا يَظُنُّهُ مِلْكَهُ جَازَ نَقْضُهُ لِتَفْرِيطِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ مَا اشْتَرَاهُ رَدَّ بَائِعُهُ مَا قَبَضَهُ، وَقِيلَ: إنْ سَبَقَ الْمِلْكُ الشِّرَاءَ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ أَطْعَمَهُ لِغَيْرِ عَالِمٍ بِغَصْبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ لِدَابَّتِهِ اسْتَقَرَّ ضَمَانُهُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ قَالَ هُوَ لِي، وَعَنْهُ: عَلَى آكِلِهِ، كَآكِلِهِ بِلَا إذْنِهِ، وَكَعَالِمٍ، وَكَذَا إنْ أَطْعَمَهُ لِرَبِّهِ، وَعَنْهُ لَا يَبْرَأُ، وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ صَدَقَةٍ، وَعَنْهُ: يَبْرَأُ، جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ، لِعَوْدِهَا إلَى مِلْكِهِ، وَإِنْ أَخَذَهُ وَدِيعَةً وَنَحْوَهَا لَمْ يَبْرَأْ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: بَلَى، كَعَارِيَّةٍ، وَلَوْ أَبَاحَهُ لِلْغَاصِبِ فَأَكَلَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَمِنَ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّ غَيْرَ الطَّعَامِ كَهُوَ فِي ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ فِي مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ يَبْقَى الضَّمَانُ، بِدَلِيلٍ مَا لَوْ قَدَّمَ لَهُ شَوْكَهُ الَّذِي غَصَبَهُ مِنْهُ فَسَجَرَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، لَوْ اتَّجَرَ بِالنَّقْدِ فَرِبْحُهُ لِرَبِّهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُرْوَةَ بْنِ الْجَعْدِ1 قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْفُنُونِ وَالتَّرْغِيبِ وَإِنْ صَحَّ الشِّرَاءُ نَقَلَ حَرْبٌ فِي خَبَرِ عُرْوَةَ: إنَّمَا جاز لأن النبي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَّزَهُ لَهُ، وَعَنْهُ: يَتَصَدَّقُ بِهِ، وَكَذَا إنْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: بِنِيَّةِ نَقْدِهِ، وَعَنْهُ: رِبْحُهُ لَهُ، وَلَهُ الْوَطْءُ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، فَعَلَى هَذَا إنْ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْ شُبْهَةٍ بِيَدِهِ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَهَا. وَقَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ. وَإِنْ جَهِلَ رَبُّهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ أَوْ عَلِمَهُ وَيَشُقُّ دَفْعُهُ إلَيْهِ وَهُوَ يَسِيرٌ كَحَبَّةٍ فَسَلَّمَهُ إلَى حَاكِمٍ بَرِئَ، وَلَهُ الصَّدَقَةُ عَلَى الْأَصَحِّ بِهِ، وَبِشَرْطِ ضَمَانِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يُعْجِبُنِي الصَّدَقَةُ بِهِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَنَقَلَ أَيْضًا: عَلَى فُقَرَاءِ مَكَانِهِ إنْ عَرَفَهُ، لِأَنَّ دِيَةَ قَتِيلٍ يُوجَدُ عَلَيْهِمْ، وَنَقَلَ صَالِحٌ، أَوْ بِقِيمَتِهِ، وَلَهُ شِرَاءُ عَرَضٍ بِنَقْدٍ. وَلَا تَجُوزُ مُحَابَاةُ قَرِيبٍ وَغَيْرِهِ، نُصَّ عَلَيْهِمَا، وَظَاهِرُ نَقْلِ حَرْبٍ فِي الثَّانِيَةِ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا غَيْرَ الصَّدَقَةِ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ: يَتَصَدَّقُ أَوْ يَشْتَرِي بِهِ كُرَاعًا1 وَسِلَاحًا يُوقَفُ، وَهُوَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَسَأَلَهُ جَعْفَرٌ عَمَّنْ بِيَدِهِ أَرْضٌ أَوْ كَرْمٌ لَيْسَ أَصْلُهُ طَيِّبًا وَلَا يُعْرَفُ رَبُّهُ، وَقَالَ: يُوقِفُهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَمَسْأَلَةُ الْمَرُّوذِيِّ عَمَّنْ مَاتَ وَكَانَ يَدْخُلُ فِي أُمُورٍ تُكْرَهُ فَيُرِيدُ بَعْضُ وَلَدِهِ التَّنَزُّهَ، فَقَالَ: إذَا أَوْقَفَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ عَلَيْهِ؟ وَاسْتَحْسَنَ أَنْ يُوقِفَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَيَتَوَجَّهُ: عَلَى أَفْضَلِ الْبِرِّ. قَالَ شَيْخُنَا: يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ، وَقَالَهُ فِي وَدِيعَةٍ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ: قَالَهُ الْعُلَمَاءُ، وَأَنَّهُ مَذْهَبُنَا "وهـ م"2 وَهَذَا3 مُرَادُ أَصْحَابِنَا، لِأَنَّ الْكُلَّ صَدَقَةٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَالَ: لَيْسَ لِصَاحِبِهِ إذَا عَرَفَ رَدَّ الْمُعَاوَضَةِ، لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا شَرْعًا، لِلْحَاجَةِ4، كَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلِيَّ لَهُ وَلَا حَاكِمَ، مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مَذْهَبَ أَحْمَدَ وَقْفُ الْعَقْدِ لِلْحَاجَةِ، لِجَهْلِ الْمَالِكِ، وَلِغَيْرِ حَاجَةٍ الرِّوَايَتَانِ، وَقَالَ فِيمَنْ اشْتَرَى مَالَ مُسْلِمٍ مِنْ التَّتَرِ لَمَّا دَخَلُوا الشَّامَ: إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ صَرَفَ فِي الْمَصَالِحِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَعْطَى مُشْتَرِيَهُ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ لَهَا إلَّا بِنَفَقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، كَمَا رَجَّحْته فِيمَنْ اتَّجَرَ بِمَالِ غَيْرِهِ وَرَبِحَ، وَنَصَّ فِي وَدِيعَةٍ تَنْتَظِرُ كَمَالَ مَفْقُودٍ وَأَنَّ جَائِزَةَ الْإِمَامِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ الصَّدَقَةِ. قَالَ الْقَاضِي: إنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّ عَيْنَهُ مَغْصُوبٌ فَلَهُ قَبُولُهُ، وَسَوَّى ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ بَيْنَ وَدِيعَةٍ وَغَصْبٍ، وَذَكَرَهُمَا الْحَلْوَانِيُّ كَرَهْنٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ دِرْهَمٌ مُبَاحٌ فَفِي النَّوَادِرِ يَأْكُلُ عَادَتَهُ لَا مَا لَهُ عَنْهُ غُنْيَةٌ، كَحَلْوَاءَ وفاكهة.
فصل: من أتلف محترما لمعصوم ومثله يضمنه ضمنه
فَصْلٌ: مَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ فَقِيلَ: يَضْمَنُ "1مُكْرِهُهُ، كَدَفْعِهِ1" مُكْرَهًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ إتْلَافًا، وَقِيلَ: الْمُكْرَهُ كَمُضْطَرٍّ "م 24" وَيَرْجِعُ فِي الْأَصَحِّ مَعَ جَهْلِهِ، وَقِيلَ: وَعِلْمِهِ، لِإِبَاحَةِ إتْلَافِهِ وَوُجُوبِهِ، بِخِلَافِ قَتْلٍ، وَلَمْ يَخْتَرْهُ، بِخِلَافِ مُضْطَرٍّ، وَهَلْ لِرَبِّهِ طَلَبُ مُكْرِهِهِ؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-24: قَوْلُهُ: "وَمَنْ أَتْلَفَ مُحْتَرَمًا لِمَعْصُومٍ وَمِثْلُهُ يَضْمَنُهُ ضَمِنَهُ، فَإِنْ أُكْرِهَ فَقِيلَ: يَضْمَنُ مُكْرِهُهُ. وَقِيلَ: كَمُضْطَرٍّ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ. الْقَوْلُ بِأَنَّ مُكْرِهَهُ يَضْمَنُهُ قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي كِتَابِهِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَالْمُضْطَرِّ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى إتْلَافِهِ ضَمِنَهُ، يَعْنِي الْمُبَاشِرَ، وَقَطَعَ بِهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ القول بأنه كمضطر2. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَارِثِيُّ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ، فهذه ثلاثة أقوال.
فِيهِ وَجْهَانِ "م 25" فَإِنْ طَالَبَهُ رَجَعَ عَلَى الْمُتْلِفِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ وَقِيلَ: الضَّمَانُ بَيْنَهُمَا، وَلَا ضَمَانَ مَعَ إذْنِهِ، وَعَيَّنَ ابْنُ عَقِيلٍ الْوَجْهَ الْمَأْذُونَ فِيهِ مَعَ غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَقَالَ فِي الْفُنُونِ فِي الْمُجَلَّدِ التَّاسِعِ عَشَرَ مُحْتَجًّا عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ1 الْحَيَوَانِ آكَدُ مِنْ الْمَالِ: لَوْ أَذِنَ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ فَقَتَلَهُ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَثِمَ، وَلَوْ أَذِنَ فِي إتْلَافِ مَالِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَالْمَأْثَمُ وَلَا كَفَّارَةَ، وَقَالَ بَعْدَ هَذَا بِنَحْوِ نِصْفِ كُرَّاسَةٍ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ: يُمْنَعُ مِنْ تَصْنِيعِ الْحَبِّ وَالْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ السَّبِخَةِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَسَبَقَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فِي الْأَشْهَرِ دَفْنُ شَيْءٍ مَعَ الْكَفَنِ. وَإِنْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدٍ أَوْ فَتَحَ قَفَصًا عَنْ طَائِرٍ ثُمَّ ذَهَبَ ضَمِنَهُ2. وَفِي الْفُنُونِ: إنْ كَانَ الطَّيْرُ متألفا فلا كذكاة متأنس3 ومتوحش، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-25: قَوْلُهُ: "وَهَلْ لِرَبِّهِ طَلَبُ مُكْرِهِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ لِمَالِكِهِ مُطَالَبَةُ مُكْرِهِهِ إذا كان المكره بفتح الراء عالما4 وَقُلْنَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ مُطَالَبَتُهُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ قلت: وهو ضعيف جدا.
دَفَعَ مِبْرَدًا إلَى عَبْدٍ فَبَرَدَ قَيْدَهُ فَفِي تَضْمِينِ دَافِعِهِ وَجْهَانِ "م 26" وَلَا يَضْمَنُ دَافِعُ مِفْتَاحٍ إلَى لِصٍّ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ غَرِمَ1 بِسَبَبِ كَذِبٍ عَلَيْهِ عِنْدَ2 وَلِيِّ أَمْرٍ فَلَهُ تغريم الكاذب. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-26: قَوْلُهُ: "وَإِنْ دَفَعَ مِبْرَدًا إلَى عَبْدٍ فَبَرَدَ قَيْدَهُ فَفِي تَضْمِينِ دَافِعِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَحَكَاهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ احْتِمَالَيْنِ، وَأَطْلِقُوهُمَا، أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ وهو ضعيف.
وَإِنْ حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ بِرِيحٍ أَلْقَتْهُ أَوْ شَمْسٌ فَوَجْهَانِ "م 27 و 28" وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُهُ بِرِيحٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقْصَدٍ، ولو حبس مالك ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 27-28: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ لِرِيحٍ أَلْقَتْهُ أَوْ شَمْسٍ فَوَجْهَانِ" انتهى، ذكر مسألتين.
دَوَابَّ فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ والمغني والترغيب، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-27: إذَا حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ فَذَهَبَ بِرِيحٍ أَلْقَتْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1، وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَنَصَرَاهُ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَضْمَنُ، وَقَدَّمَهُ في التلخيص. قُلْت قَطَعَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَوْضِعٍ، وَاخْتَارَ الضَّمَانَ فِي آخِرِ. الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ-28: لَوْ ذَابَ بِشَمْسٍ هَلْ يَضْمَنُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 وَالْكَافِي2 وَنَصَرَاهُ، وجزم به ابن رزين.
وَقِيلَ: بَلَى، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ فَتَحَ حِرْزًا فَجَاءَ آخَرُ فَسَرَقَ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَتَوَجَّه فِيمَنْ حَبَسَهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ1 أَنْ يَضْمَنَهُ بِالتَّسَبُّبِ، وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وَلَيْسَتْ يده عليها فروايتان "م 29" ويضمن بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ وَلَوْ بِنَفْحٍ2 بِرِجْلٍ، نُصَّ عَلَيْهِ ومن ضربها إذن فرفسته فمات ضمنه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ، فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا: لَا يَضْمَنُ: وَاخْتَارَ في موضع آخر الضمان. مَسْأَلَةٌ-29: قَوْلُهُ: "وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ وليست يده عليها فروايتان" انتهى، وأطلقهما في3 الْمُسْتَوْعِبُ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحُ5 وَالْفَائِقُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ. إحْدَاهُمَا: يَضْمَنُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالْعُمْدَةِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُمْ، وَلِإِطْلَاقِهِمْ الضَّمَانَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ مُطْلَقًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّمَانِينَ وَقَالَ: هَذَا الْمَنْصُوصُ، وَذَكَرَ الْمَنْصُوصَ6 في ذلك.
ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ، وَتَرْكُهُ طِينًا فِيهَا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عَمُودًا أَوْ حَجَرًا أَوْ كِيسَ دَرَاهِمَ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَبِإِسْنَادِ خَشَبَةٍ إلَى حَائِطٍ، وَبِاقْتِنَاءِ كَلْبٍ عَقُورٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ إلَّا لِدَاخِلِ بَيْتِهِ بِلَا إذْنِهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْكَلْبُ إذَا كَانَ مُوثَقًا لَمْ يَضْمَنْ مَا عَقَرَ، وَيَضْمَنُ بِاقْتِنَاءِ سِنَّوْرٍ تَأْكُلُ فِرَاخًا عَادَةً، مَعَ عِلْمِهِ، كَالْكَلْبِ، وَلَهُ قَتْلُهَا بِأَكْلِ لَحْمٍ وَنَحْوِهِ، كَالْفَوَاسِقِ. وَفِي الْفُصُولِ: حِينَ أَكْلِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِهِ، كَصَائِلٍ، وَإِنْ سَقَى مِلْكَهُ أَوْ أَجَّجَ فِيهِ نَارًا ضَمِنَ إنْ أَفْرَطَ أَوْ فَرَّطَ، والمراد: لا بطريان ريح، ولهذا [قال] فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ أَجَّجَهَا عَلَى سَطْحِ دَارِهِ فَهَبَّتْ الرِّيحُ فَأَطَارَتْ الشَّرَرَ1 لَمْ يَضْمَنْ، لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُفْرِطْ، وَهُبُوطُ الرِّيحِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي طَرِيقٍ فَبَالَتْ، أَوْ رَمَى فِيهَا قشر بطيخ لأنه في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَضْمَنُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، ذَكَرَهُ القاضي في المجرد، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، "2قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَمَّا الْآمِدِيُّ فَحَمَلَ الْمَنْعَ عَلَى حَالَةِ ضِيقِ الطَّرِيقِ وَسَعَتِهِ، وَالْمَذْهَبُ عَنْهُ الْجَوَازُ مَعَ السَّعَةِ وَعَدَمِ الْإِضْرَارِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ جَعَلَ الْمَذْهَبَ الْمَنْعَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَخَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ: الرَّبْطُ عُدْوَانٌ بِكُلِّ حَالٍ انتهى2".
غَيْرِ مِلْكِهِ، فَهُوَ مُفْرِطٌ، وَظَاهِرُهُ: لَا يَضْمَنُ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا، وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ لَمْ يَضْمَنْ، وَعَلَّلَهُ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ نَفْعٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَمَوَاتٍ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَكَذَا حُكْمُ الْبِنَاءِ فِيهَا مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرَهَا لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ. نَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ فِي الْمَسْجِدِ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالطَّرِيقِ، وَنَقَلَ عَبْدُ الله: أكره الصلاة فيه. إلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ إمَامٍ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي بُنِيَتْ فِي الطَّرِيقِ تُهْدَمُ، وَسَأَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: يَزِيدُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: لَا يُصَلَّى فِيهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْأَنْهَارِ، قَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَسَأَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ سَابَاطٍ فَوْقَهُ مَسْجِدٌ، أَيُصَلَّى فِيهِ؟ قَالَ لَا يُصَلَّى فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَالطَّرِيقُ أَمَامَهُ، قَالَ: أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ، وَلَكِنَّ طَرِيقَ مَكَّةَ يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَنَحَّى عَنْ الطَّرِيقِ وَيُصَلِّيَ يمنة الطريق ونقل ابن مشيش عن1 ساباط فوق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَسْجِدٍ: لَا يُصَلَّى فِيهِ إذَا كَانَ مِنْ الطريق. قال الشَّيْخُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إذْنُ الْإِمَامِ فِي الْبِنَاءِ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْحَفْرِ، لِدَعْوِي الْحَاجَةِ إلَى الْحَفْرِ لِنَفْعِ الطَّرِيقِ وَإِصْلَاحِهَا وَإِزَالَةِ الطِّينِ وَالْمَاءِ مِنْهَا، فَهُوَ كَتَنْقِيَتِهَا، وَحَفْرِ هَدَفِهِ1 فِيهَا، وَقَلْعِ حَجَرٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ2، وَوَضْعِ الْحَصَى فِي حُفْرَةٍ فِيهَا لِيَمْلَأَهَا، وَتَسْقِيفِ سَاقِيَةٍ فِيهَا، وَوَضْعِ حجر في طين3 فِيهَا لِيَطَأَ النَّاسُ عَلَيْهِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُبَاحٌ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُعْتَبَرَ إذْنُ الْإِمَامِ فِيهَا، لِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ لَا تعم. وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَيَّدَ سُقُوطُ الضَّمَانِ إذَا حَفَرَهَا فِي مَكَان مَائِلٍ عَنْ الْقَارِعَةِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ حَاجِزًا يُعْلَمُ بِهِ لِيُتَوَقَّى، وَإِنْ حَفَرَهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَلَوْ فِي فِنَائِهِ وَتَصَرَّفَ وَارِثُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِذْنُ إمَامٍ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَكِيلِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ النَّافِذَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِحَاكِمٍ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُهُ لِلْمَصْلَحَةِ، وَجَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا حَفْرَ بِئْرٍ لِنَفْسِهِ فِي فِنَائِهِ بِإِذْنِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ لَمْ يَسُدَّ بِئْرَهُ سَدًّا يَمْنَعُ مِنْ التَّضَرُّرِ بِهَا ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا، وَكَذَا بَسْطُ حَصِيرٍ وَتَعْلِيقُ قِنْدِيلٍ وَنَحْوُهُ بِمَسْجِدٍ، وَالْأَكْثَرُ لَا يَضْمَنُ كَوَضْعِهِ حَصًى فِيهِ، وَالْأَصَحُّ وَقُعُودُهُ فِيهِ وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَرِيقٍ وَاسِعٍ، وَفِعْلُ عَبْدِهِ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ أَعْتَقَهُ أَوْ لَا وَيَضْمَنُ سُلْطَانٌ آمِرٌ وَحْدَهُ، وَإِنْ حَفَرَهَا حُرٌّ بِأُجْرَةٍ أَوْ لَا وَثَبَتَ عِلْمُهُ أَنَّهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ نُصَّ عَلَيْهِ ضَمِنَ الْحَافِرُ، نَصُّهُ: هُمَا وَإِنْ جَهِلَ فَالْآمِرُ وَقِيلَ: الْحَافِرُ، وَيَرْجِعُ إنْ مَالَ حَائِطُهُ إلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَعَلِمَ بِهِ وَلَيْسَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعَلِمَ لَمْ يَضْمَنْ وَقِيلَ: بَلَى، كَبِنَائِهِ مَائِلًا كَذَلِكَ، وَعَنْهُ إنْ طَالَبَهُ مُسْتَحِقٌّ بِنَقْضِهِ وَأَمْكَنَهُ ضَمِنَ، ولا "1تضمن عاقلة1" ما لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَإِنْ أَبْرَأهُ وَأَلْحَقَ لَهُ فَلَا، وَإِنْ طُولِبَ أَحَدُ الْمُشْتَرَكِينَ ففي حصته وجهان "م 30"، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-30: قَوْلُهُ: "فِيمَا إذَا مَالَ حَائِطُهُ وَإِنْ طولب أحد الشريكين ففي حصته وَجْهَانِ" انْتَهَى قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: احْتَمَلَ وجهين:
ومثله خوف سقوطه بتشققه عرضا، وَيَضْمَنُ بِجَنَاحٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعٍ وَقَدْ طولب بنقضه، لحصوله1 بِفِعْلِهِ. وَلَا يَضْمَنُ وَلِيُّ فَرَّطَ، بَلْ مُوَلِّيهِ ذكره في المنتخب، ويتوجه عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُلْزِمُهُ بِحِصَّتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
فصل: ولا يضمن ما أتلفت البهيمة صيد حرم وغيره
فَصْلٌ: وَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ الْبَهِيمَةُ صَيْدَ حرم وغيره، وأطلقه الأصحاب ويتوجه إلا الضارية1، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ، وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِإِمْسَاكِهَا ضَمِنَهُ إنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِهَا. وَفِي الْفُصُولِ: مَنْ أَطْلَقَ كَلْبًا عَقُورًا أَوْ دَابَّةً رُفُوسًا أَوْ عَضُوضًا عَلَى النَّاسِ وَخَلَّاهُ فِي طَرِيقِهِمْ2 وَمَصَاطِبِهِمْ وَرِحَابِهِمْ فَأَتْلَفَ مَالًا أَوْ نَفْسًا ضَمِنَ، لِتَفْرِيطِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ لَهُ طَائِرٌ جَارِحٌ كَالصَّقْرِ وَالْبَازِي فَأَفْسَدَ طُيُورَ النَّاسِ وَحَيَوَانَاتِهِمْ. وَفِي الِانْتِصَارِ أَنَّ الْبَهِيمَةَ الصَّائِلَةَ يَلْزَمُ مَالِكَهَا وَغَيْرَهُ إتْلَافُهَا، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إذَا عُرِفَتْ الْبَهِيمَةُ بِالصَّوْلِ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهَا قَتْلُهَا، وَعَلَى الْإِمَامِ وَعَلَى غَيْرِ الْإِمَامِ إذَا صَالَتْ، عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ، وَمَنْ وَجَبَ قَتْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَضْمَنْ، كَمُرْتَدٍّ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَهِيمَةٌ لَا يَدَ عَلَيْهَا ظَاهِرَةٌ وَلَوْ كانت مغصوبة، لظاهر الخبر3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَلَّلَ الْأَصْحَابُ الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَا تَفْرِيطَ مِنْ الْمَالِكِ، وَلَا ذِمَّةَ لَهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهَا، وَلَا قَصْدَ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، بِخِلَافِ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ وَالْعَبْدِ، وتبين ذلك أنهم ذَكَرُوا جِنَايَةَ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ، وَأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُهَا، قَالُوا: لِأَنَّ جِنَايَتَهُ تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ فَضَمِنَهَا، لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ فِي يَدِ الْمَغْصُوبِ، فَهَذَا التَّخْصِيصُ وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فِي الْبَهِيمَةِ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي جِنَايَاتِ الْبَهَائِمِ: لَوْ نَقَبَ لِصٌّ وَتَرَكَ النَّقْبَ فَخَرَجَتْ مِنْهُ الْبَهِيمَةُ ضَمِنَهَا وَضَمِنَ مَا تَجْنِي بِإِفْلَاتِهَا وَتَخَلِّيهَا، وَقَدْ يَحْتَمِلُ إنْ جَازَهَا وَتَرَكَهَا بِمَكَانٍ ضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِتَرْكِهَا فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا بِمَكَانِهَا وَقْتَ الْغَصْبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي نَقْلِ التُّرَابِ مِنْ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ: إنْ أَرَادَهُ الْغَاصِبُ وَأَبَى الْمَالِكُ فَلِلْغَاصِبِ ذَلِكَ مَعَ غَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ أَنْ كَانَ نَقَلَهُ إلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، فَيَنْقُلُهُ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَكَانِ، أَوْ كَانَ طَرَحَهُ فِي طَرِيقٍ فَيَضْمَنُ مَا يَتَجَدَّدُ بِهِ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَى آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ وَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ، مِثْلُ أَنْ كَانَ نَقَلَهُ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ أَوْ طَرَفِ الْأَرْضِ الَّتِي حَفَرَهَا، وَيُفَارِقُ طَمَّ الْبِئْرِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ غَرَضٍ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ ضَمَانَ جِنَايَةِ الْحَفْرِ، زَادَ ابْنُ عَقِيلٍ ولعله معنى كلام بعضهم أو جناية العثر1 بالتراب. وَيَضْمَنُ سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ مُتَصَرِّفٌ فِيهَا، وَقِيلَ: إنْ اجْتَمَعُوا ضَمِنَ رَاكِبٌ، وَقِيلَ: وَقَائِدٌ جِنَايَتَهَا، وَعَنْهُ: حَتَّى بِرِجْلِهَا، كَكَبْحِهَا وَنَحْوِهِ، وَلَوْ لِمَصْلَحَةٍ، وكوطئها بها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ فِيهِ: لَا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ نَفَحَتْ بِهَا، لِأَنَّهُ لَا1 يَقْدِرُ عَلَى حَبْسِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَعَنْهُ: يَضْمَنُ سَائِقٌ جِنَايَةَ رِجْلِهَا، وَلَا ضَمَانَ بِذَنَبِهَا، فِي الْأَصَحِّ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ نَفَرَهَا أَوْ نَخَسَهَا ضَمِنَ وَحْدَهُ, وَيَضْمَنُ جِنَايَةَ وَلَدِهَا، فِي الْمَنْصُوصِ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا إنْ فَرَّطَ، نَحْوَ أَنْ يَعْرِفَهُ شَمُوسًا2، وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ لَيْلًا، نُصَّ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، عَنْهُ: مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَفِي "الْوَاضِحِ": وَالْمَالُ بِمَوْضِعٍ لَا يُنْسَبُ وَاضِعُهُ إلَى تَفْرِيطٍ، إلَّا إنْ نُقِلَتْ3 بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَابْنُ هَانِئٍ وَالْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَلَا يَضْمَنُ نَهَارًا وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: إلَّا أَنْ تُرْسَلَ بِقُرْبِ مَا تُتْلِفهُ عَادَةً، وَمَنْ طَرَدَ دَابَّةً مِنْ مَزْرَعَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ، إلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ وَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمَزَارِعُ صَبَرَ لِيَرْجِعَ عَلَى رَبِّهَا، وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا وَلَهُ مُنْصَرَفٌ غَيْرُ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَهَا فَهَدَرٌ، وَالْحَطَبُ عَلَى الدَّابَّةِ إذَا خَرَقَ ثَوْبَ آدَمِيٍّ بَصِيرٍ عَاقِلٍ يَجِدُ مُنْحَرَفًا فَهَدَرٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مستدبرا فصاح بها4 مُنَبِّهًا لَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَمَنْ كَسَرَ أَوْ أَتْلَفَ آلَةَ لَهْوٍ وَلَوْ مَعَ صَبِيٍّ نُصَّ عَلَيْهِ أَوْ كَسَرَ إنَاءَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ إنَاءً فِيهِ خَمْرٌ يُؤْمَرُ بِإِرَاقَتِهَا قَدَرَ1 يُرِيقُهَا بِدُونِهِ "2أَوْ عَجَزَ2"، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ لَمْ يَضْمَنْ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، كَصَلِيبٍ وَخِنْزِيرٍ، وَعَنْهُ3: يَضْمَنُ غَيْرَ آلَةِ لَهْوٍ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مِنْهَا دُفًّا. وَنَقَلَ مُثَنَّى: يَكْسِرُهُ فِي مِثْلِ الْمَيِّتِ، وَلَا يَضْمَنُ مُخَزِّنًا لِلْخَمْرِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: بَلَى، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَلَا يَضْمَنُ كِتَابًا فِيهِ أَحَادِيثُ رَدِيئَةٌ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: فَجَعَلَهُ كَآلَةِ لَهْوٍ، ثُمَّ سَلَّمَهُ عَلَى نَصِّهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ. فِي سِتْرٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ، وَنَصَّ عَلَى تَخْرِيقِ الثِّيَابِ السُّودِ، فَيَتَوَجَّه فِيهِمَا رِوَايَتَانِ تَخْرِيجًا، وَلَا حُلِيًّا مُحَرَّمًا عَلَى الرِّجَالِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ. وَاحْتَجَّ فِي الْفُنُونِ فِي آلَةِ لَهْوٍ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إعْدَامُ الْآيَةِ مِنْ كُتُبِ الْمُبْتَدِعَةِ، لِأَجْلِ مَا هِيَ فِيهِ، وَإِهَانَةٍ لِمَا وُضِعَتْ لَهُ وَلَوْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُهَا. وَكَمُرْتَدٍّ يَجُوزُ بَيْعُهُ، أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَضْمَنَ آلَةَ لَهْوٍ يَرْغَبُ فِي مَادَّتِهَا، كَعُودٍ وداقورة، كإناء نقد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ عُثْمَانَ وَالصَّحَابَةَ أَحْرَقَتْ الْمَصَاحِفَ1 وَلَمْ تَغْرَمْ قِيمَةَ الْمَالِيَّةِ لِأَجْلِ التَّأْلِيفِ، وَاحْتَجَّ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَبِتَحْرِيقِهِمْ مُصْحَفَ ابْنِ مَسْعُودٍ2، وَبِتَحْرِيقِ عِجْلِ بَنِي إسْرَائِيلَ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الشِّطْرَنْجَ مِنْهَا، نَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْ الْعُقُوبَةِ الْمَالِيَّةِ إتْلَافُ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ3 فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَإِرَاقَةُ عُمَرَ اللَّبَنَ الَّذِي شِيبَ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ4، وَأَنَّ الصَّدَقَةَ بِالْمَغْشُوشِ أَوْلَى مِنْ إتْلَافِهِ، وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ: تَحْرِيقُ أَمَاكِنِ الْمَعَاصِي وَهَدْمُهَا، كَمَا حَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الضِّرَارِ وَأَمَرَ بِهَدْمِهِ5، فَمَشَاهِدُ الشِّرْكِ الَّتِي تَدْعُو سَدَنَتَهَا إلَى اتِّخَاذِ مَنْ فِيهَا أَنْدَادًا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْهَدْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ تَحْرِيقَ عُمَرَ مَكَانَ الْخَمْرِ، وَتَحْرِيقَهُ قَصْرَ سَعْدٍ لَمَّا احْتَجَبَ فِيهِ6، وَهَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيقِ تَارِكِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ لَوْلَا مَا فِيهَا مِنْ النِّسَاء وَالذُّرِّيَّةِ7. وَمَنْ وَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ مَالُ غَيْرِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ كُسِرَتْ مَجَّانًا، وإن لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يفرط ضمن رب المال كسرها، فإن بذل رَبُّهَا بَدَلَهُ فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ وَجْهَانِ "م 31". وَإِنْ تَلِفَتْ حَامِلٌ أَوْ حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَبِيخٍ عَلِمَ رَبُّهُ ذَلِكَ عَادَةً1 ضَمِنَ، وَقِيلَ: لَا اخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ، لِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا تَتَضَرَّرُ بِهِ، وَكَرِيحِ دُخَانٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ صَاحِبُ سُعَالٍ وَضِيقِ نَفَسٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ. ومن غر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-31: قَوْلُهُ: "وَمَنْ وَقَعَ فِي مِحْبَرَتِهِ مَالُ غَيْرِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ كُسِرَتْ مَجَّانًا، وَإِنْ يفرط ضمن رب المال كسرها، فإن بذل رَبُّ الْمَالِ بَدَلَهُ فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْفُصُولِ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بالضرر. والوجه الثاني: لا يلزمه. 1 تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَلِفَتْ حَامِلٌ أَوْ حَمْلُهَا مِنْ رِيحِ طَبِيخٍ عَلِمَ رَبُّهُ ذَلِكَ عَادَةً ضَمِنَ، وَقِيلَ: لَا، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ لِأَنَّ مِنْهُنَّ مَنْ لَا تَتَضَرَّرُ بِهِ، وَكَرِيحِ دُخَانٍ يَتَضَرَّرُ بِهِ صَاحِبُ سُعَالٍ وَضِيقِ نَفَسٍ" انْتَهَى. فِي قَوْلِهِ "اخْتَارَهُ فِي "الْفُنُونِ" نَظَرٌ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ هَذَا الْكَلَامَ بِعَيْنِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدِّيَاتِ2 عَنْ الْفُنُونِ، وَلَمْ يَحْكِ إلَّا احْتِمَالَيْنِ مُطْلَقَيْنِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، فَقَالَ: قَالَ فِي الْفُنُونِ: إنْ شَمَّتْ حَامِلٌ رِيحَ طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَ فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ عَلِمُوا وَكَانَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةَ الرَّائِحَةِ تَقْتُلُ احْتَمَلَ الضَّمَانَ، لِلْإِضْرَارِ، وَاحْتَمَلَ لَا، لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ، وَكَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بِهَا صاحب السعال وَضِيقِ النَّفَسِ لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ انْتَهَى
بِكَثْرَةِ رِبْحٍ فِي بَلَدٍ وَأَمْنِ طَرِيقٍ لَمْ يَضْمَنْ وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ، لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْأَمْنُ بَعْدَ الْفَزَعِ، وَالْعَاقِلُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مُتَّكِلًا. وَفِي الِانْتِصَارِ فِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ الْغَصْبِ: هِيَ مُشْكِلَةٌ إلَّا أَنَّا نَقُولُ فَرَّطَ فِي قُنْعِهِ بقوله: وَمَنْ نَوَى جَحْدَ حَقٍّ عَلَيْهِ أَوْ بِيَدِهِ فِي حَيَاةِ رَبِّهِ فَثَوَابُهُ لَهُ وَإِلَّا فَلِوَرَثَتِهِ، نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ، وَمَنْ نَدِمَ وَرَدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا غَصَبَهُ بَرِئَ مِنْ إثْمِهِ لَا مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ، نَقَلَهُ حَرْبٌ. وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لَهُ مُطَالَبَتُهُ، لِتَفْوِيتِهِ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَيَاتَهُ كَمَا لَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ فَرَدَّهُ "1وَارِثُهُ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ حَبَسَهُ عِنْدَ وَقْتِ حَاجَتِهِ كَمُدَّةِ شَبَابِهِ ثُمَّ رَدَّهُ فِي مَشِيبِهِ فَتَفْوِيتُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ يَفْتَقِرُ إلَى جَزَاءٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَظُنُّ وَالْقَاضِي أَيْضًا مَعْنَى رِوَايَةِ حَرْبٍ: "بَرِئَ مِنْ إثْمِ ذَلِكَ" بَرِئَ مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ وَبَقِيَ إثْمُ مَا أَدْخَلَ عَلَى قَلْبِ مَالِكِهِ مِنْ أَلَمِ الْغَصْبِ وَمَضَرَّةِ الْمَنْعِ مِنْ مِلْكِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ1"، فَلَا يَزُولُ إثْمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّوْبَةِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ بِالضَّمَانِ وَالْقَضَاءِ بِلَا تَوْبَةٍ يَزُولُ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَيَبْقَى مُجَرَّدُ حَقِّ اللَّهِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ ادَّانَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهُ فَعَجَزَ: هَذَا أَسْهَلُ مِنْ الَّذِي اخْتَانَ وَإِنْ مَاتَ عَلَى عَدَمِهِ، فَهَذَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ، قَالَ شَيْخُنَا: يُرْجَى أَنْ يَقْضِيَهُ اللَّهُ عَنْهُ2. وَقَالَ جَدُّهُ: لَا يُطَالَبُ بِهِ فِي الدُّنْيَا ولا الآخرة وقاله ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَيْسَ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِيَاره، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ اطَّلَعَ لَهُ عَلَى مَكَان فِي الْفُنُونِ آخَرَ، وَهُوَ بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَهَذِهِ إحْدَى وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ ولله الحمد.
أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ وِفَاقٌ، وَسَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَلِلْمَظْلُومِ الِاسْتِعَانَةُ بِمَخْلُوقٍ فَبِخَالِقِهِ أَوْلَى، فَلَهُ الدُّعَاءُ "2بِمَا آلَمَهُ2" بِقَدْرِ مَا مُوجِبُهُ أَلَمُ ظُلْمِهِ، لَا عَلَى مَنْ شَتَمَهُ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ بِالْكُفْرِ وَلَوْ كَذَبَ عَلَيْهِ لَمْ يَفْتَرِ عَلَيْهِ، بَلْ يَدْعُو اللَّهَ بِمَنْ يَفْتَرِي عَلَيْهِ نظيره، وكذا إن أفسد عليه دينه. قَالَ: وَمَنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِاخْتِيَارِهِ وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فَلَمْ يَسْتَوْفِهِ حَتَّى مَاتَ طَالَبَ بِهِ وَرَثَتَهُ وَإِنْ عَجَزَ هُوَ وَوَرَثَتُهُ فَالْمُطَالَبَةُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْأَشْبَهِ، كَمَا فِي الْمَظَالِمِ لِلْخَبَرِ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَخِيهِ مَظْلَمَةٌ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ" 3 لِأَنَّهَا لَوْ انْتَقَلَتْ لَمَا اسْتَقَرَّ لِمَظْلُومٍ حَقٌّ فِي الْآخِرَةِ، وَالْإِرْثُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ، كَمَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ بِالْوَارِثِ، فَلَوْ مَاتَ مَنْ لَهُ عَصَبَةٌ بَعِيدَةٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ لَمْ يَرِثْهُ فِي الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي حَقِّ اللَّهِ، وَالْعَبْدُ مَشْرُوطٌ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ، وَالْمَجْهُولُ وَالْمَعْجُوزُ عَنْهُ كَالْمَعْدُومِ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا تَعَذَّرَ رَبُّ اللُّقَطَةِ: "هِيَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ". قَالَ أَحْمَدُ: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا عَلَى مَنْ ظَلَمَهُ فَمَا صَبَرَ، يُرِيدُ أَنَّهُ انْتَصَرَ {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى:43] وَأَجْرُهُ أَعْظَمُ وَيُعِزُّهُ الله4 ولا يذله والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الشفعة
باب الشفعة مدخل ... باب الشفعة تَثْبُتُ بِمِلْكِ الرَّقَبَةِ لَا الْمَنْفَعَةِ، كَنِصْفِ دَارٍ مُوصًى بِهَا بِنَفْعِهَا فَبَاعَ الْوَرَثَةُ نِصْفَهَا فَلَا شُفْعَةَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا فِيمَنْ اكْتَرَى نِصْفَ حَانُوتِ جَارِهِ: لِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ مِنْ الثَّانِي وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُهُ، فَلَا تَكْفِي الْيَدُ وَسَبْقُهُ، وَتَثْبُتُ لِشَرِيكٍ حَتَّى مُكَاتَبٍ. وَقِيلَ: وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إنْ مَلَكَهُ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ: وَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ وَجَبَتْ هِيَ وَالْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا، فَعَلَى هَذَا: الْأَصَحُّ يُؤْخَذُ بِهَا مَوْقُوفٌ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنَّمَا تَثْبُتُ فِي عَقَارٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَجِبُ قِسْمَتُهُ، وَعَنْهُ: أَوْ لَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا، وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ، إلَّا فِي مَنْقُولٍ يَنْقَسِمُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يُؤْخَذُ غَرْسٌ وَبِنَاءٌ تَبَعًا، وَقِيلَ: وَزَرْعٌ وَثَمَرَةٌ، وَقَيَّدَ الشَّيْخُ الثَّمَرَةَ بِالظَّاهِرَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يَدْخُلُ تَبَعًا، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ اشْتَرَاهُ وَفِيهِ طَلْعٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فَأَبَرّه لَمْ يَأْخُذْ الثَّمَرَةَ بَلْ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِحِصَّتِهِ كَشِقْصٍ وَسَيْفٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ أَخَذَ الْأَصْلَ بِحِصَّتِهِ، وَقِيلَ: وَتَثْبُتُ لِجَارٍ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مَعَ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ، وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: الشُّفْعَةُ لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا شِرْكًا لَمْ يَقْتَسِمُوا فَإِذَا صُرِفَتْ الطُّرُقُ وَعُرِفَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ. وَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ لَهَا طريق في درب لا ينفذ فقيل: لا شُفْعَةَ فِيهِ بِالشَّرِكَةِ فِيهِ فَقَطْ، وَقِيلَ: بَلَى، وَالْأَشْهَرُ: يَجِبُ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ غَيْرُهُ أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابِهِ إلَى شَارِعٍ "م 1". وَإِنْ كَانَ نَصِيبُ مُشْتَرٍ فَوْقَ حَاجَتِهِ فَفِي زائد وجهان "م 2" وكذا دهليز ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ بِيعَتْ دَارٌ لَهَا طَرِيقٌ في درب لا ينفذ فقيل: لا شفعة فِيهِ بِالشَّرِكَةِ فِيهِ1 فَقَطْ، وَقِيلَ: بَلَى، وَالْأَشْهَرُ: يَجِبُ إنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي طَرِيقٌ غَيْرُهُ أَوْ أَمْكَنَ فَتْحُ بَابِهِ إلَى شَارِعٍ" انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا، "4صَحَّحَهُ فِي الْفَائِقِ وَغَيْرِهِ4"، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ فِي الطَّرِيقِ بِالشَّرِكَةِ فِي الدَّرْبِ فَقَطْ مَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَذَكَرَاهُ احْتِمَالًا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ نَصِيبُ مُشْتَرٍ فَوْقَ حَاجَتِهِ فَفِي زَائِدٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ. أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الزائد، اختاره القاضي وابن عقيل.
جَارٍ وَصَحْنُهُ "م 3"، وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ شِرَائِهِ فَتَحَالَفَا أَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتُهُمَا فَلَا شُفْعَةَ، وَلَوْ قُدِّمَ مَنْ لَا يَرَاهَا لِجَارٍ إلى حاكم لم يحلف، وإن أَخْرَجَهُ خَرَجَ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ يَمِينَهُ هُنَا عَلَى الْقَطْعِ، وَمَسَائِلُ الِاجْتِهَادِ ظَنِّيَّةٌ، وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ عَلَى الْوَرَعِ، وَأَنَّ لِلْمُشْتَرِي الِامْتِنَاعَ بِهِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ بَاطِنًا. وَقَالَ شَيْخُنَا: تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عَامَلَ حِيلَةً رِبَوِيَّةً هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا عَلَيْهِ إلَّا رَأْسُ مَالِهٍ: نَقَلَهُ حَرْبٌ وَيَثْبُتُ وَفِي شِقْصٍ مَبِيعٍ، وَقِيلَ: وَلَوْ مَعَ خِيَارِ مَجْلِسٍ وَشَرْطٍ، وَقِيلَ: شُرِطَ لِمُشْتَرٍ ثَبَتَ قَدْرُ ثَمَنِهِ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ، وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ مُشْتَرٍ فِي جَهْلِهِ بِهِ وَفِي قَدْرِهِ وَفِي أَنَّهُ أَحْدَثَ الْغَرْسَ وَالْبِنَاءَ، وَيُقَوَّمُ عَرَضٌ مَوْجُودٌ. فَإِنْ قَالَ ثَمَنُهُ مِائَةٌ وَقَامَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ بِمِائَتَيْنِ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِائَةٍ، فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ كَذِبًا فَوَجْهَانِ "م 4" بما اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِيٍّ وَقِيمَةِ غيره ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا شُفْعَةَ فِيهِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ كَمَا قَالَا. مَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَكَذَا دِهْلِيزُ جَارٍ وَصَحْنُهُ" انْتَهَى. وَقَالَهُ أَيْضًا الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ "2في المقيس عليه2". مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ مِائَةً وَقَامَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ بِمِائَتَيْنِ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِائَةٍ فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ كَذِبًا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في الهداية، والمذهب
وَقْتَ لُزُومِهِ، وَلَوْ تَعَيَّبَ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَعَنْهُ: يَوْمَيْنِ، وَعَنْهُ مَا رَأَى حَاكِمٌ، نَقَلَ صَالِحٌ: لِلْمَاءِ حِصَّتَهُ "1مِنْ الثَّمَنِ1" وإلا لما اشتراها المشتري، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي الْغَلَطِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَ فِي الْمُرَابَحَةِ ثُمَّ4 قَالَ غَلِطْت بَلْ هُنَا أَوْلَى، لِأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِكَذِبِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْأَقْوَى، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ بناء على المخبر5 فِي الْمُرَابَحَةِ إذَا قَالَ غَلِطْت انْتَهَى. أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَبِلُوا قَوْلَهُ فِي دَعْوَاهُ الْغَلَطَ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَصَحَّحَ قَبُولَ قَوْلِهِ هُنَا فِي التَّصْحِيحِ والنظم، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي6 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْمُرَابَحَةِ: إنْ كَانَ الْبَائِعُ مَعْرُوفًا بِالصِّدْقِ قُبِلَ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا، قَالَ الْحَارِثِيُّ: فَيَخْرُجُ مِثْلُهُ هُنَا، قَالَ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ أَبِي الْإِلْحَاقَ بِمَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي أَنَّ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ، لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّ الذَّرَائِعَ مَحْسُومَةٌ، وَهَذَا فَتَحَ بَابَ الِاسْتِدْرَاكِ لِكُلِّ قَوْلٍ يُوجِبُ حَقًّا، ثُمَّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ كَانَ فِيهَا أَمِينًا حَيْثُ رُجِعَ إلَيْهِ فِي الْإِخْبَارِ فِي الثمن، وليس المشتري أميناً7 لِلشَّفِيعِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَصْمُهُ، فَافْتَرَقَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي انْتَهَى.
وَلَا تَسْقُطُ حِصَّةُ الْمَاءِ مِنْ الثَّمَنِ، وَفِي رُجُوعِ شَفِيعٍ بِأَرْشٍ عَلَى مُشْتَرٍ عَفَا عَنْهُ بائع وجهان "م 5" وإن دفع مَكِيلًا بِوَزْنٍ أَخَذَ مِثْلَ كَيْلِهِ، كَقَرْضٍ. وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي وَزْنُهُ، إذْ الْمَبْذُولُ فِي مُقَابَلَةِ الشِّقْصِ، وَقَدْرُ الثَّمَنِ مِعْيَارُهُ لَا عِوَضُهُ، وَإِنْ أَقَامَ شَفِيعٌ وَمُشْتَرٍ بَيِّنَةً بِثَمَنِهِ احْتَمَلَ تَعَارُضُهُمَا وَالْقُرْعَةُ، وَقِيلَ: بَيِّنَةُ شَفِيعٍ "م 6" وَلَوْ أنكر الشراء1 حلف فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَفِي رُجُوعِ شَفِيعٍ بِأَرْشٍ عَلَى مُشْتَرٍ عَفَا عَنْهُ بَائِعٌ وَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ عَفَا الْبَائِعُ عَنْ الأرش فرجوع2 الشَّفِيعِ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَقُلْت: إنْ رَدَّ الْبَائِعُ الْعِوَضَ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ فَالشَّفِيعُ أَوْلَى بِهِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَرْجِعُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا بِأَخْذِ الشَّفِيعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، ثُمَّ وَجَدْته فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَارِثِيِّ قَطَعُوا بذلك، فلله الحمد. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَرْجِعُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ ابن حمدان في ذكر الخلاف، وإطلاقه5، وَفِيهِ نَظَرٌ. مَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَقَامَ شَفِيعٌ ومشتر بينة بثمنه احتمل تعارضهما والقرعة، وقيل: بَيِّنَةُ شَفِيعٍ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وأبو القاسم الزيدي وصاحب
نَكَلَ أَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً أَخَذَهُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ، فَإِنْ أَصَرَّ فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يأخذه حاكم الْوَجْهَانِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي يُقَالُ اقْبِضْهُ أَوْ أَبْرِئْهُ مِنْهُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: فِي إنْكَارِ مشتر وجه "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْخِرَقِيِّ، الْمُصَنِّفُ هُنَا يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ فِي الْمُقْنِعِ1، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ وَهُوَ احْتِمَالُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُسْتَعْمَلَانِ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَأَطْلَقَ الْأَقْوَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَوَجَّهَ الْحَارِثِيُّ قَوْلًا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَالَ: قَوْلُ الْأَصْحَابِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ فِي بَيِّنَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي حَيْثُ قَدَّمُوا بَيِّنَةَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ بِزِيَادَةٍ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي الْمُشْتَرِي هُنَا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ انتهى. مسألة-7: قوله ولو أنكر الشراء4 حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً أَخَذَهُ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ، فَإِنْ أَصَرَّ فَفِي بَقَائِهِ بِيَدِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ الْوَجْهَانِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي يقال أقبضه أو أبرئه منه. وفي مختصر ابْنِ رَزِينٍ. فِي إنْكَارِ مُشْتَرٍ وَجْهٌ" انْتَهَى. قَوْلُ الْقَاضِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ: وَالْقَوْلُ بِإِبْقَاءِ الثَّمَنِ فِي يَدِهِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ قَوِيٌّ، فَبَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَهُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَأْخُذُهُ لَا أَعْلَمُ مَنْ اخْتَارَهُ، وأطلق الأقوال في المغني5،
وَلَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ "م 8". وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يَأْخُذُهُ بِثَمَنِهِ، فَلَوْ أُعْسِرَ بِهِ وُثِّقَ، وَيَأْخُذُ مَلِيءٌ أَوْ مَنْ كَفَلَهُ مَلِيءٌ بِمُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ، نُصَّ عليه وإن حل بموت شفيع أو ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. مَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَلَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ2 لِمُوَلِّيهِ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ" انْتَهَى قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي الطِّفْلِ أَوْ لِهَذَا الطِّفْلِ وَلَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةٌ لم تثبت الشفعة5 في أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لِلطِّفْلِ، وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِإِقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ. وَالثَّانِي: تَثْبُتُ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لَهُ فَصَحَّ إقْرَارُهُ به "6كما يصح إقراره6" بِعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَالتَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ لَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ7. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي الطِّفْلِ فَهُوَ كَالْغَائِبِ، وَقَالَ فِي الْغَائِبِ: يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَالْغَائِبُ عَلَى حجته إذا قدم، وقبل: لا شفعة فيهما8 انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْكَافِي9: فَهُوَ كَالْغَائِبِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ فِي الْغَائِبِ: أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بإذن الحاكم انتهى.
مُشْتَرٍ فَعَلَى الْمَيِّتِ، وَإِنْ مَضَى ثُمَّ عَلِمَ فكحال "1ذكره في الانتصار في حل دين مؤجل بموت1" ويملكه بمطالبته، وَقِيلَ: وَقَبْضِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: بِلَفْظٍ يَقْتَضِي أَخْذَهُ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحُكْمَ تَارَةً وَدَفَعَ ثَمَنَهُ مَا لَمْ يَصْبِرْ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ إنْ عَجَزَ فُسِخَ، وَقِيلَ: حَاكِمٌ، وَقِيلَ: بَانَ بُطْلَانُهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ إنْ صَحَّ بَيْعُ غَائِبٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: الْأَصَحُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَمَلُّكِهِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَهُ حَبْسُهُ عَلَى ثَمَنِهِ، لِأَنَّ الشُّفْعَةَ قَهْرِيٌّ، وَالْبَيْعَ عَنْ رِضًى، وَتُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي خِيَارِ شَرْطٍ، وَكَذَا خيار مجلس من جهة شفيع بعد2 نملكه، لنفوذ3 تَصَرُّفُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ تَمَلُّكِهِ كَإِرْثٍ، وَكَذَا اعْتِبَارُ رُؤْيَةِ شِقْصٍ، نَظَرَ إلَى كَوْنِهِ قَهْرِيًّا أَوْ بَيْعًا، وَيَتَخَرَّجُ فِي الْكُلِّ كَذَلِكَ نَظَرًا إلى الجهتين، وإن4 أَبِي مُشْتَرٍ قَبْضَهُ مِنْ بَائِعٍ أُجْبِرَ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَأْخُذُهُ شَفِيعٌ مِنْ بَائِعٍ، وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ5 وَحْدَهُ بِالْبَيْعِ وَجَبَتْ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا6 فِي ثَمَنِهِ وَتَحَالَفَا، وَعُهْدَته عَلَيْهِ، وَفِي غَيْرِهَا عَلَى7 مشتر، وقيل: لا شفعة ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَجِبُ فِي مُنْتَقِلٍ بِلَا عِوَضٍ، وَفِي عِوَضِ غَيْرِ مَالٍ كَنِكَاحٍ وَخَلْعٍ وَدَمٍ عَمْدٍ رِوَايَتَانِ "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "وَلَا تَجِبُ فِي مُنْتَقِلٍ" إلَيْهِ "بلا عوض"، وفيما جعل عوضه غير1 المال "كنكاح2 وَخَلْعٍ" وَصُلْحٍ عَنْ "دَمِ عَمْدٍ3 رَاوِيَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ الشَّرْحِ4 الْإِطْلَاقُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ فِي وَجْهَيْنِ. إحْدَاهُمَا: لَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْكَافِي5: لَا شُفْعَةَ فِي، ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي وأكثر أصحابه، قال ابن منجا في شرحه: هذا6 أَوْلَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَالُوا بِانْتِفَاءِ الشُّفْعَةِ مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وأبو علي7 ابن شِهَابٍ وَالْقَاضِي أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي يَعْقُوبُ وَالشَّرِيفَانِ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ الزَّيْدِيُّ وَابْنُ بَكْرُوسٍ وَالْمُصَنِّفُ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَلِهَذَا قَدَّمَهُ فِي الْمَتْنِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي8 وَالشَّرْحِ9 وشرح الحارثي وغيرهم.
وَعَلَى قِيَاسِهِ: مَا أَخَذَهُ أُجْرَةً أَوْ ثَمَنًا فِي سَلَمٍ أَوْ عِوَضًا فِي كِتَابَةٍ "م 10" فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: فِيهِ الشُّفْعَةُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى1، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. مَسْأَلَةٌ-10: قَوْلُهُ: "وَعَلَى قِيَاسِهِ مَا أَخَذَهُ أُجْرَةً أَوْ ثَمَنًا فِي سَلَمٍ أَوْ عِوَضًا فِي كِتَابَةٍ" انْتَهَى. يَعْنِي: أَنَّهُ مِثْلُ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَأَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ مِنْ ذَلِكَ، فَكَذَا يَكُونُ فِي هَذَا، وَقَطَعَ بأنه مثله في الرعاية الكبرى، قَالَ فِي الْكَافِي2: وَمِثْلُهُ مَا اشْتَرَاهُ الذِّمِّيُّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَطَرَدَ أَصْحَابُنَا الوجهين في الشقص3 الْمَجْعُولِ أَجْرُهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَلَكِنْ نَقُولُ: الْإِجَارَةُ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ، فَيَبْعُدُ طَرْدُ الْخِلَافِ إذَنْ، فَالصَّحِيحُ عَلَى أَصْلِنَا جَرَيَانُ الشُّفْعَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ الشِّقْصُ جُعْلًا فِي جَعَالَةٍ فَكَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، وَطَرَدَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِنَفْيِ الشُّفْعَةِ فِيهِ، وَهُوَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ، وَلَا أَعْلَمُ لِذَلِكَ وَجْهًا، وَحَكَى بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِيمَا قَرَأْتُ عَلَيْهِ طَرْدَ الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا فِي الْمَجْعُولِ رَأْسَ مَالٍ فِي السَّلَمِ، وَهُوَ أَيْضًا بَعِيدٌ، فَإِنَّ السَّلَمَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ. وَهُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ قَالَ: إذَا تَقَرَّرَ مَا قُلْنَا فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الكتابة فلو عجز المكاتب4 بَعْدَ الدَّفْعِ هَلْ تَجِبُ الشُّفْعَةُ إذَا؟ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نَعَمْ. وَالثَّانِي: لا، وهو أولى. انتهى
وَجَبَتْ، فَقِيلَ: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ، وَقِيلَ: بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ "م 11"، وَإِنْ تَحَيَّلَ لِإِسْقَاطِهَا لَمْ تَسْقُطْ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ الْحِيَلِ فِي إبطال ذلك ولا في إبطال حَقِّ مُسْلِمٍ، وَيَحْرُمُ بَعْدَ وُجُوبِهَا اتِّفَاقًا، قَالَهُ شَيْخُنَا، فَلَوْ أَظْهَرَ ثَمَنَهُ مِائَةً وَكَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْ ثَمَانِينَ دَفَعَ إلَيْهِ "1عِشْرِينَ، وَلَوْ بَاعَهُ بِصُبْرَةٍ نَقْدًا وَبِجَوْهَرَةٍ دَفَعَ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ1" فَقِيمَةُ الشِّقْصِ، وَسَأَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ: دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْبِنَاءِ لِئَلَّا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِيهَا شُفْعَةٌ، قَالَ: جَائِزٌ قُلْت: فَأَرَادَ الْمُشْتَرِي قِسْمَةَ الْبِنَاءِ وَهَدْمَهُ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، يُعْطِي نصف قيمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَجَبَتْ فَقِيلَ يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ وَقِيلَ بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ مُقَابِلِهِ مِنْ مَهْرٍ وَدِيَةٍ، وَحَكَاهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ2: وَقَالَ غَيْرُ الْقَاضِي: يَأْخُذُهُ بِالدِّيَةِ وَمَهْرِ الْمِثْلِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ اخْتِيَارُ غَيْرِ الْقَاضِي مِنْ الْأَصْحَابِ وفيه نظر.
فصل: وهي على الفور
فَصْلٌ: وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ، فَتَسْقُطُ بِتَرْكِهَا بِلَا عُذْرٍ، وَإِنْ أَشْهَدَ وَقْتَ عِلْمِهِ فَلَا، ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَهُ مَعَ إمْكَانِهِ1 "2أَوْ قَدَرَ عَلَى إشْهَادِ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورِي الْحَالِ أَوْ أَخْبَرَاهُ فَلَمْ يَطْلُبْ تَكْذِيبًا2" أَوْ قَدَرَ مُعَذِّرٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَمْ يَفْعَلْهُ أَوْ نَسِيَ الْمُطَالَبَةَ أَوْ الْبَيْعَ أَوْ جَهِلَهَا أَوْ ظَنَّ المشتري زيدا فبان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غيره أو قال بكم اشتريت أو اشتريت رَخِيصًا أَوْ جَهِلَهَا حَتَّى بَاعَ حِصَّتَهُ فَوَجْهَانِ، وكذا لو لم يشهد وبادر بمضي معتاد "م 12-23". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-12-23: قَوْلُهُ: "وَهِيَ عَلَى الْفَوْرِ فَتَسْقُطُ بِتَرْكِهَا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ أَشْهَدَ وَقْتَ عِلْمِهِ فَلَا، ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَهُ مَعَ إمْكَانِهِ أو قدر على إشهاد عدل أو مستوري الْحَالِ أَوْ أَخْبَرَاهُ فَلَمْ يَطْلُبْ تَكْذِيبًا أَوْ قَدَرَ مَعْذُورٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَمْ يَفْعَلْهُ أَوْ نَسِيَ الْمُطَالَبَةَ أَوْ الْبَيْعَ أَوْ جَهِلَهَا أَوْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي زَيْدًا فَبَانَ غَيْرَهُ أَوْ قَالَ بكم اشتريت أو اشتريت رخيصا أو جهلها حَتَّى بَاعَ حِصَّتَهُ1 فَوَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَبَادَرَ بِمُضِيِّ مُعْتَادٍ انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-12: إذَا أَخَّرَ الطَّلَبَ مَعَ إمْكَانِهِ وَكَانَ قَدْ أَشْهَدَ وَقْتَ عِلْمِهِ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي النَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ2 بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ، إذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. تَنْبِيهٌ: حَكَى الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ السُّقُوطَ قَوْلُ الْقَاضِي، قال
والأصح: لَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ حَمَّامٍ وَطَعَامٍ وَنَافِلَةٍ، وَنَقَلَ ابن منصور: لا بد ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَارِثِيُّ: وَلَمْ يَحْكِهِ أَحَدٌ عَنْ الْقَاضِي سِوَاهُ وَاَلَّذِي عَرَفْت مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي خِلَافُهُ، وَنَقَلَ كَلَامَ الْقَاضِي مِنْ كُتُبِهِ ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي حَكَاهُ فِي الْمُغْنِي1 عَنْهُ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ وليس بالمسألة نبهت2 عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا لِنَقْلِ الْوَجْهِ الذي أراده انتهى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-13: إذَا قَدَرَ عَلَى إشْهَادِ عَدْلٍ فَلَمْ يُشْهِدْهُ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3: وَإِنْ وَجَدَ عَدْلًا فَأَشْهَدَهُ أَوْ لَمْ يُشْهِدْهُ لَمْ تَسْقُطْ الشُّفْعَةُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ وَجَدَ عَدْلًا وَاحِدًا فَفِي الْمُغْنِي1 إشْهَادُهُ وَتَرْكُ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ، قَالَ: وَهُوَ سَهْوٌ، فَإِنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ معمول بها مع يمين4 الطَّالِبِ، فَيَتَعَيَّنُ اعْتِبَارُهَا انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، فَهَذَا الْمَذْهَبُ، أَعْنِي أَنَّهَا تَثْبُتُ بِإِشْهَادِ عَدْلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-14: لَوْ قَدَرَ عَلَى إشْهَادِ مَسْتُورَيْ الْحَالِ فَلَمْ يُشْهِدْهُمَا فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. قُلْت قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّهَا لا تسقط بعد5 إشْهَادِهِمَا، لِأَنَّ وُجُودَهُمَا كَعَدَمِهِمَا6 شَهَادَةً، لِأَنَّ شَهَادَةَ مَسْتُورَيْ الْحَالِ لَا تُقْبَلُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فَهِيَ كَالْفَاسِقَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ الْقَبُولِ، لَكِنْ لِنُدْرَةِ وُجُودِ الْعَدْلَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا يَنْبَغِي أَنْ يُشْهِدَهُمَا وَلَوْ لَمْ نَقْبَلْهُمَا، وَلَا تَبْطُلُ شفعته، والله أعلم.
مِنْ طَلَبِهِ حِينَ يَسْمَعُ حَتَّى يُعْلَمَ طَلَبُهُ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ وَلَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ-15: لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ وَاحِدٌ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ: أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذهب والمستوعب والخلاصة والمقنع1 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْقُطُ، ذَكَرَهُ الْآدَمِيُّ وَالْمَجْدُ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْجَرْحِ والتعديل، و4الرِّسَالَةِ هَلْ يُقْبَلُ فِيهَا خَبَرٌ أَمْ يَحْتَاجُ إلَى اثْنَيْنِ انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي ظَهَرَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَبْنِيَّيْنِ عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُنَاكَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَانِ، وَهُنَا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَاحِدٌ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ هُنَاكَ: الْمَذْهَبُ لَا يُقْبَلُ إلَّا اثْنَانِ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَهُنَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُوَ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ-16: لَوْ أَخْبَرَهُ مَسْتُورَا الْحَالِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُمَا فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْقُطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي إشهادهما، على ما تقدم.
يختص بالمجلس، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ-17: لَوْ قَدَرَ مَعْذُورٌ عَلَى التَّوْكِيلِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ-18: لَوْ نَسِيَ الْمُطَالَبَةَ أَوْ الْبَيْعَ أَوْ جَهِلَهَا3 فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ، وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4: إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ نِسْيَانًا أَوْ الْبَيْعَ أَوْ تَرَكَهُ جَاهِلًا بِاسْتِحْقَاقِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5، وَقَاسَهُ هُوَ وَالشَّيْخُ4 فِي الْمُغْنِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَفِيهِ نظر. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْقُطُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قال الحارثي: وهو الصحيح، قال: ويحسن بناء6 الْخَلَاصُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ إذَا أَمْكَنَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ جَهْلًا بِمِلْكِهَا الْفَسْخَ انْتَهَى. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ سُقُوطُ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ بِذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ-19: لَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ جَهْلًا بِأَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْقِطٌ فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهُ سَقَطَتْ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُهُ، فَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وغيرهم، وهو الصواب.
عَلَى التَّرَاخِي، كَخِيَارِ عَيْبٍ، وَتَسْقُطُ بِتَكْذِيبِهِ عَدْلَيْنِ، لا بدلالته في البيع، ورضاه به، وضمان ثمنه وتسليمه عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ. تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ وَلَكِنْ ذَكَرْنَاهَا لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي كَلَامِهِ، وَلَا يَضُرُّنَا ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ-20: وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ فَلَمْ يُطَالِبْ بِهَا فَبَانَ غَيْرَهُ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ فَقَالَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ. تَنْبِيهٌ: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ، مَعَ قَطْعِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَدَمِ اخْتِيَارِ أَحَدٍ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ فِيمَا اطلعنا عليه من الكتب. المسألة العاشرة-21: لو قال4 بِكَمْ اشْتَرَيْت أَوْ اشْتَرَيْت رَخِيصًا فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ قُلْت: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ مَعَ عِلْمِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْقُطُ. الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ-22: لَوْ جَهِلَهَا حَتَّى بَاعَ فَهَلْ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ أَمْ لا؟ أطلق
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي2 فِي الْمُجَرَّدِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ-23: لَوْ لَمْ يُشْهِدْ وَلَكِنْ بَادَرَ بِمُضِيٍّ مُعْتَادٍ فَهَلْ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِهِ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ والوجيز وغيرهما. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَسْقُطُ، بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ، قَالَ الْقَاضِي: إنْ سَارَ عَقِبَ عِلْمِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ احْتَمَلَ أَنْ لَا تَبْطُلَ شُفْعَتُهُ انْتَهَى. "6وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ6" وَالْمُنَوِّرِ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ.
وَالْأَصَحُّ: وَلَوْ دَعَا بَعْدَهُ لَهُ فِي صَفْقَتِهِ أو بالمغفرة و1 نَحْوِهِ، وَلَا بِإِسْقَاطِهَا قَبْلَهُ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَلَا بتوكيله فيه لأحدهما، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: لِوَكِيلِ بَائِعٍ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، ومثله وصي وحاكم، حصته فوجهان ولو ترك الولي شفعة2 موليه3 فنصه4: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ مَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ وَجْهَيْنِ وَكَذَا حَكَاهُمَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ عَنْ حِكَايَةِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ5 لَهُمَا وَجْهَيْنِ: إنَّمَا هُمَا رَاوِيَتَانِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ احْتِمَالَانِ أَوْرَدَهُمَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالِاحْتِمَالَانِ إنَّمَا أَوْرَدَهُمَا فِي الْإِشْهَادِ عَلَى السَّيْرِ لِلطَّلَبِ، وَذَلِكَ مُغَايِرٌ لِلْإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَبِ حِينَ الْعِلْمِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عِنْدَ إمْكَانِهِ أَيْ إمْكَانِ السَّيْرِ لِلطَّلَبِ مُوَاجَهَةً فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُ الْخِلَافِ، وَإِذْ6 الطَّلَبُ الْأَوَّلُ متلقى7 عن الخلاف في الطلب الثاني. انتهى. "8 الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ" انْتَهَى لَيْسَ هَذَا بِاخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ الْمُطَالَبَةِ سَاعَةَ يَعْلَمُ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُطَالِبْ بِالشُّفْعَةِ فِي وَقْتِ عِلْمِهِ بالبيع فلا شفعة له8" انتهى.
لَا تَسْقُطُ، وَقِيلَ بَلَى، وَقِيلَ: مَعَ عَدَمِ الْحَظِّ "م 24". وَلَوْ أَخَذَ بِهَا وَلَاحَظَ لَمْ يَصِحَّ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِلَّا اسْتَقَرَّ أَخْذُهُ. وَلَوْ قَسَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ لِغَيْبَتِهِ، فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ ذلك، في أحد الوجهين "م 25" أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-24: قَوْلُهُ: "وَلَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ شُفْعَةَ مُوَلِّيهِ فَنَصُّهُ: لَا تَسْقُطُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ: مَعَ عَدَمِ الْحَظِّ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا تَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِذَا عَفَا وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ شُفْعَتِهِ لَمْ تَسْقُطْ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ عِنْدِي وَإِنْ كَانَ الْأَصْحَابُ عَلَى خِلَافِهِ، لِنَصِّهِ فِي خُصُوصِ المسألة على ما بينا انتهى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَسْقُطُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ الْأَخْذُ بِهَا إذَا كَبُرَ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَكَانَ يُفْتِي بِهِ، نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو حَفْصٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إنْ كَانَ فِيهَا حَظٌّ لَمْ تَسْقُطْ وَإِلَّا سَقَطَتْ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَتَبِعَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1. مَسْأَلَةٌ-25: قَوْلُهُ: "وَلَوْ قَسَمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ لِغَيْبَتِهِ فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ ذَلِكَ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ" انْتَهَى. ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ الْجَوَازُ، وَيَأْتِي لَفْظُهُ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ2. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ فِي هذه المسألة: جزم به3 في
قَاسَمَ1 وَكِيلَهُ أَوْ هُوَ لِإِظْهَارِهِ لَهُ زِيَادَةَ ثَمَنٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ وَنَحْوِهِ، ثُمَّ بَنَى وَغَرَسَ، ثُمَّ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ2، فَهِيَ بَاقِيَةٌ، وَلِرَبِّهِمَا3 أَخْذُهُمَا4 وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآمِدِيُّ الْبَغْدَادِيُّ، وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهَا بِالْقَلْعِ، فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَبِي أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ حِينَ تَقْوِيمِهِ، أَوْ قَلْعِهِ5 وَضَمِنَ نَقْصَهُ مِنْ الْقِيمَةِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: أَوْ أَقَرَّهُ بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ أَبِي فَلَا شُفْعَةَ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَلَا يقلعه. وَنَقَلَ سِنْدِيٌّ: أَلَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَمْ قِيمَةُ النَّقْصِ؟ قَالَ: لَا، قِيمَةُ الْبِنَاءِ، وَقَالَ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ قِيمَةَ النَّقْصِ، وَأَنْكَرَهُ وَرَدَّهُ وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا كَغَاصِبٍ، وَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ بَقَاءِ زَرْعِ مُشْتَرٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَخَذَهَا وَلَزِمَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا، وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَ بَعْضِ الشِّقْصِ، فَإِنْ تَلِفَ بَعْضُهُ أَخَذَ بَاقِيَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَبَاعَ بَابَهَا أَوْ هَدَمَهَا فَبَقِيَتْ بِأَلْفٍ أَخَذَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ بِالْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، نُصَّ عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقْسِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، وَالْقِسْمَةُ هُنَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ انْتَهَى. قُلْت: وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ وَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا غَابَ وَلِيُّ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا هَلْ يَقْسِمُهُ الْحَاكِمُ أَمْ لَا؟ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَيَأْتِي تَصْحِيحُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَإِنْ كَانَ تَلَفُهُ سَمَاوِيًّا1 لَزِمَهُ أَخْذُهُ بِجَمِيعِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا وَسَيْفًا فَلَهُ أَخْذُ الشِّقْصِ بِحِصَّتِهِ "2مِنْ الثَّمَنِ2"، فَيَقْسِمُ ثَمَنَهُمَا عَلَى قِيمَتِهِمَا، نُصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لا شفعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: إذا تعدد المشتري فصفقتان له أخذ إحداهما
فَصْلٌ: إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَصَفْقَتَانِ لَهُ أَخْذُ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ، فَإِنْ أَخَذَ بِثَانِيهِمَا فَفِي مُشَارَكَةِ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَوْجُهٌ، الثَّالِثُ إنْ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ أَوَّلِهِمَا شَارَكَهُ "م26". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-26: قَوْلُهُ: "إذَا تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي فَصَفْقَتَانِ لَهُ أَخْذُ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ، فَإِنْ أَخَذَ بِثَانِيهِمَا فَفِي مُشَارَكَةِ الْمُشْتَرِي فِيهِ أَوْجُهٌ: الثَّالِثُ: إنْ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ أَوَّلِهِمَا شَارَكَهُ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَ الْأَوْجُهَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2. أَحَدُهَا يُشَارِكُهُ الْمُشْتَرِي فِي شُفْعَتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: إنْ عَفَا الشَّفِيعُ عَنْ الْأَوَّلِ شَارَكَهُ فِي الثَّانِي، وَإِنْ أَخَذَ بِهِمَا جميعا لم يشاركه.
وإن تعدد البائع أو المبيع فوجهان م 27، 28". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-27-28: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ أَوْ الْمَبِيعُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. شَمِلَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-27: إذَا تَعَدَّدَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَاحِدٌ بِأَنْ بَاعَ اثْنَانِ نَصِيبَهُمَا مِنْ وَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً، فَهَلْ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ أَحَدِهِمَا أَوْ لَا1 يَأْخُذُ إلَّا الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، حَتَّى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ، لِتَوَقُّفِ نَقْلِ الْمِلْكِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعَيْنِ عَلَى عَقْدٍ، فَمِلْكُ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا، كَمَا لَوْ كَانَا مُتَعَاقِبَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي اثْنَانِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ في الخلاصة والمقنع3 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3 وَنَصَرَاهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ التَّرْكُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَرُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْفُنُونِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-28: إذَا تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ بأن5 باع شقصين6 مِنْ مَكَانَيْنِ لِوَاحِدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلْ لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا: بِالشُّفْعَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ التَّرْكُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ في المحرر والرعاية:
وَقِيلَ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُنُونِ، وَقَاسَهُ عَلَى تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، لِأَنَّهُ يُثَنِّي الْإِيجَابَ، وَهُنَا يُثَنَّى الْقَبُولُ، بِخِلَافِ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ تثنية العقد بالمعقود عليه، وإن قبل نِصْفَهُمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَهُ كُلًّا1 مِنْهُمَا بكذا فقبل أحدهما بثمنه ففي الصحة خلاف في الانتصار "م29،30". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3، وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ، وَغَيْرُهُمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْكُلِّ أَوْ التَّرْكُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. تَنْبِيهٌ: قَدْ بَانَ لَك أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرًا لِاخْتِيَارِ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ لِأَحَدِهِمَا، وَقُوَّتِهِ ومن حيث المعنى، والله أعلم. مسألة-29-30: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَبِلَ نِصْفَهُمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَ كُلًّا مِنْهُمَا بِكَذَا فَقَبِلَ أَحَدَهُمَا بِثَمَنِهِ فَفِي الصِّحَّةِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ" انْتَهَى. ذَكَرَهُ في رد أحد
وإن قبل أحد مشتريين نصفه بِنِصْفِ ثَمَنٍ صَحَّ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ قَبِلَ جَمِيعَ مَا أَوْجَبَهُ لَهُ1، وَكَذَا مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ، وَيَتَوَجَّهُ الْوَجْهُ. وَلَوْ اشْتَرَى وَكِيلُهُمَا مِنْ زَيْدٍ شِقْصًا أَوْ بَاعَ مِلْكَيْهِمَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ أَوْ بِهِمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م31،32"، فَإِنْ اجْتَمَعَ شُفَعَاءُ فهي على قدر2 ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَبِيعِينَ بِالْعَيْبِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-29: لَوْ أَوْجَبَ الْبَائِعُ شقصين3 مِنْ مَكَانَيْنِ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي نِصْفَهُمَا بِنِصْفِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ حَكَى فِي الِانْتِصَارِ خِلَافًا فِي ذَلِكَ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إيجَابٍ فِي الْمَجْلِسِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ قَطَعَ فِي الْكَافِي4 فِي الْخَلْعِ فِيمَا إذَا قَالَ: بِعْتُك عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ بِأَلْفٍ فَقَالَ: قبلت5 وَاحِدًا بِثُلُثِ الْأَلْفِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَهَذِهِ قريبة منهما. المسألة الثانية-30: لو باع شيئين3 صَفْقَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكَذَا فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا: بِثَمَنِهِ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ أَمْ لَا؟ حَكَى فِي الِانْتِصَارِ خِلَافًا فِي ذَلِكَ قُلْت: الصواب هنا الصحة. مسألة-31-32: قَوْلُهُ: "وَلَوْ اشْتَرَى وَكِيلُهُمَا مِنْ زَيْدٍ شِقْصًا أَوْ بَاعَ مِلْكَيْهِمَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ أَوْ بهما؟ فيه وجهان" انتهى. وفيه مسألتان:
ملكهم، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فَدَارَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، نِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ، فَبَاعَ رَبُّ الثُّلُثِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ، فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ، لِرَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلسُّدُسِ وَاحِدٌ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ، وَعَنْهُ: عَلَى عَدَدِهِمْ، وَلَا يُرَجِّحُ أَقْرَبُ وَلَا قَرَابَةٌ، وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ أَوْ غَابَ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُ كُلِّهِ أو تركه فقط، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-31: "إذَا اشْتَرَى وَكِيلُ اثْنَيْنِ مِنْ زَيْدٍ شِقْصًا "1أَوْ بَاعَ مِلْكَيْهِمَا، فَهَلْ يُعْتَبَرُ به أو بهما؟ فيه وجهان" انتهى1". الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-32: لَوْ بَاعَ وَكِيلُهُمَا مِلْكَيْهِمَا، فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِالْوَكِيلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمْ بِالْمُوَكَّلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِهِمَا، لِأَنَّ وَكِيلَهُمَا بِمَنْزِلَتِهِمَا أَشْبَهَ بِمَا لَوْ بَاشَرَ الْعَقْدَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِذَا قُلْنَا الِاعْتِبَارُ بِالْمُوَكَّلَيْنِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأُولَى وَهُنَا فِي الثَّانِيَةِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: لَوْ كَانَتْ دَارٌ لِثَلَاثَةٍ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمْ شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَهُمَا لِرَجُلٍ فَلِشَرِيكِهِمَا الشُّفْعَةُ فِيهِمَا، وَهَلْ لَهُ أَخْذُ أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ دُونَ الْآخِرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَعَلَّلَاهُمَا، وَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الثَّانِيَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ اشْتَرَى وَكِيلُ اثْنَيْنِ مِنْ زَيْدٍ شِقْصًا فِي عَقْدٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ بِهِ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي؟ قُلْت: يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا انْتَهَى. وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ الْأُولَى، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا فِي الْمَذْهَبِ، فَحِينَئِذٍ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَجَدَ نَقْلًا وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي التَّرْجِيحِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُقَدَّمَةِ4 فَهَذِهِ اثنتان وثلاثون مسألة في هذا الباب.
وَلَا يُؤَخِّرُ بَعْضَ ثَمَنِهِ لِيَحْضُرَ الْغَائِبُ، فَإِنْ أَصَرَّ فَلَا شُفْعَةَ، وَالْغَائِبُ عَلَى حَقِّهِ، وَلَا يُطَالِبُهُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ غَلَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا أَخَذَ بِحِصَّتِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَفَا لِيُلْزِمَ بِهِ1 غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَتَصَرُّفُ مُشْتَرٍ بَعْدَ طَلَبِ الشِّقْصِ مِنْهُ بَاطِلٌ، مُطْلَقًا، وَيَصِحُّ قَبْلَهُ، فَإِنْ وَقَفَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَنَحْوَهُ وَقِيلَ: أَوْ رَهَنَهُ، سَقَطَتْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا، وَيُفْسَخُ تَصَرُّفُهُ وَثَمَنُهُ لَهُ حَتَّى لَوْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا. وَفِي الْفُصُولِ عَنْهُ: لَا، لِأَنَّهُ شَفِيعٌ وَضَعَّفَهُ بِوَقْفِ غَصْبٍ أَوْ مَرِيضٍ مَسْجِدًا، وَإِنْ بَاعَهُ وَنَحْوَهُ أَخَذَهُ بِثَمَنِ أَيِّ الْبَيْعَيْنِ شاء. وقال ابن أبي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُوسَى1: مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ، وَيَرْجِعُ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ بِمَا أَعْطَاهُ، وَإِنْ آجَرَهُ انْفَسَخَتْ مِنْ وَقْتِ أَخْذِهِ، وَقِيلَ: بَلْ لَهُ الْأُجْرَةُ، وَفِيهَا فِي الْكَافِي2 الْخِلَافُ فِي هِبَةٍ، وَإِنْ نَمَى بِيَدِهِ نَمَاءً مُتَّصِلًا كَشَجَرَةٍ كَبُرٍّ وَطَلْعٍ لَمْ يُؤَبَّرْ تَبِعَهُ فِي الْعَقْدِ وَالْفَسْخِ وَإِلَّا فَهُوَ لِمُشْتَرٍ إلَى الْجُذَاذِ بِلَا أُجْرَةٍ لِأَنَّ الشَّفِيعَ كَمُشْتَرٍ، وَكَذَا زَرْعُهُ لَهُ إلَى حَصَادِهِ. وَقِيلَ: بِأُجْرَةٍ، فَيَتَوَجَّه تَخْرِيجٌ فِي الثَّمَرَةِ، وَإِنْ فَسَخَ الْبَيْعَ بِإِقَالَةٍ وَفِيهِ رِوَايَةٌ، أَوْ عَيْبٍ فِي الشِّقْصِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ. وَإِنْ فَسَخَ الْبَائِعُ لِعَيْبٍ فِي ثَمَنِهِ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ، وَإِلَّا اسْتَقَرَّتْ، وَلِلْبَائِعِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ شِقْصِهِ، وَيَتَرَاجَعُ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ فِي الْأَصَحِّ بِمَا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ، فَيَرْجِعُ دَافِعُ الْأَكْثَرِ بِالْفَضْلِ. وَلَا شُفْعَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى كَافِرٍ وَالْبَائِعُ مُسْلِمٌ، فَإِنْ تَبَايَعَ كَافِرَانِ بِخَمْرٍ شِقْصًا فَلَا شُفْعَةَ، فِي الْأَصَحِّ، كَخِنْزِيرٍ، بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا هَلْ هي مال لهم والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب إحياء الموات
باب إحياء الموات وَهِيَ الْأَرْضُ الدَّائِرَةُ1 الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا مُلِكَتْ، وَكَذَا إنْ مَلَكَهَا مَنْ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَبَادَ، كَحَرْبِيٍّ وَآثَارِ الرُّومِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ، نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِي أَرْضٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ لَيْسَ فِيهَا مَزَارِعُ وَلَا عُيُونٌ وَأَنْهَارٌ تَزْعُمُ كُلُّ قَرْيَةٍ أَنَّهَا لَهُمْ فِي حَرَمِهِمْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِهَؤُلَاءِ وَلَا لِهَؤُلَاءِ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُمْ أَحْيَوْهَا، فَمَنْ أَحْيَاهَا فَلَهُ، وَمَعْنَاهُ نَقْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ مَلَكَهَا مَنْ لَهُ حُرْمَةٌ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ تُمْلَكْ، لِأَنَّهَا فَيْءٌ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: مَعَ الشَّكِّ فِيهِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يُعَقِّبْ أَقْطَعَهُ الْإِمَامُ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُهُ مُحْيِيهِ. قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلَا يَمْلِكُ مُسْلِمٌ بِإِحْيَاءِ أَرْضِ كَفَّارَةٍ صُولِحُوا عَلَيْهَا. وَيَمْلِكُ الْمُحْيِي بِحِيَازَتِهِ بِحَائِطٍ مَنِيعٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: مَعَ إجْرَاءِ مَاءٍ أَوْ عِمَارَتِهِ عُرْفًا لِمَا يُرِيدُهُ لَهُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وإن لم ينصب بابا على بيت، وَيَمْلِكُهُ بِغَرْسٍ وَإِجْرَاءِ مَاءٍ، نُصَّ عَلَيْهِمَا، أَوْ مَنْعِ مَاءٍ لَا بِحَرْثٍ وَزَرْعٍ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: فَإِنْ كَرَبَ3 حَوْلَهَا قَالَ: لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ حَتَّى يُحِيطَ وَيَمْلِك4 بِدُونِ إذْنِ إمَامٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْوَاضِحِ، وَيَمْلِكُ بِهِ ذمي، وفي المنصوص. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لَا فِي دَارِنَا، وَقِيلَ: وَمِثْلُهُ حَرْبِيٌّ، وَلَا يَمْلِكُ بِهِ مَوَاتَ بَلَدِهِ كُفَّارٌ صُولِحُوا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ، وَلَا مَا قَرُبَ مِنْ عَامِرٍ وَتَعَلَّقَ بِمَصْلَحَتِهِ، كَطُرُقِهِ وَفِنَائِهِ وَمَسِيلِ مَائِهِ وَمَرْعَاهُ وَمُحْتَطَبِهِ وَحَرِيمِهِ، وَلَا يُقْطِعُهُ إمَامٌ، لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ، وَقِيلَ: لِمِلْكِهِ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ مِلْكٌ بِهِ أُقْطِعَ، وعنه: لا. وَإِنْ وَقَعَ فِي الطَّرِيقِ نِزَاعٌ وَقْتَ الْإِحْيَاءِ فَلَهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ، لِلْخَبَرِ1، وَلَا تَغَيُّرَ بَعْدَ وَضْعِهَا، لِأَنَّهَا لِلْمُسْلِمِينَ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَ ابْنُ بَطَّةَ أَنَّ الْخَبَرَ فِي أَرْبَابِ مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ أَرَادُوا قِسْمَتَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ حَاجَتِهِمْ. وَلَا يُمْلَكُ مَا نَضَبَ مَاؤُهُ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ، وَلَا مَعْدِنٌ ظَاهِرٌ، كَقَارٍ وَمِلْحٍ، وَلَا بَاطِنٌ ظَهَرَ، كَحَدِيدٍ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَكَذَلِكَ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَا يُقْطِعُهُ إمَامٌ، كَظَاهِرٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ جَوَازَهُ، وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَع الزُّبَيْرَ نَخْلًا. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّخْلُ مَالٌ ظَاهِرٌ كَمَعْدِنٍ ظَاهِرٍ، فَيُشْبِهُ إنَّمَا أَعْطَاهُ ذَلِكَ مِنْ الْخُمْسِ الَّذِي هُوَ سَهْمُهُ. وَلَهُ إقْطَاعُ مَوْضِعٍ بِقُرْبِ السَّاحِلِ يَصِيرُ مَاؤُهُ مِلْحًا، وَالْأَصَحُّ وَيَمْلِكُهُ مُحْيِيهِ، وَيَمْلِكُ الْمُحْيَا بِمَا فِيهِ حَتَّى مَعْدِنٍ جَامِدٍ ظَاهِرًا كَانَ أَوْ بَاطِنًا، وَعَنْهُ: وَجَارٍ وَكَلَأٍ، وَيَلْزَمُهُ بَذْلُ فَاضِلِ مَائِهِ لِبَهَائِمِ غَيْرِهِ إنْ لَمْ تَجِدْ مَاءً مُبَاحًا وَلَمْ يُنَضَّرْ بِهَا وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي اتِّصَالَهُ بِمَرْعًى، ويلزمه لزرع غيره، على الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا لِزَرْعِ نَفْسِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: إلَّا أَنْ يُؤْذِنَهُ بِالدُّخُولِ أَوْ لَهُ فِيهِ مَاءُ السَّمَاءِ فَيَخَافُ عَطَشًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمْنَعَهُ، قَالَ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ فَضْلَ مَاءٍ لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ1. وَفِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ مَنْعُهُ فَضْلَ مَائِهِ لِيَسْقِيَ بِهِ، لِلْخَبَرِ2، وَمَتَى لَمْ يَلْزَمْهُ بَاعَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، وَيَحْرُمُ مُقَدَّرًا بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ "م" أَوْ بِالرَّيِّ أَوْ جُزَافًا، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَالَ: إنْ بَاعَ آصُعًا مَعْلُومَةً مِنْ سَائِحٍ جَازَ، كَمَاءِ عَيْنٍ، لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ، وَإِنْ بَاعَ كل الماء لم يجز، لاختلاطه بغيره. قَالَ جَمَاعَةٌ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا بِمَوَاتٍ لِلسَّابِلَةِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِي شُرْبٍ وَسَقْيٍ وَزَرْعٍ، وَيُقَدَّمُ آدَمِيٌّ ثُمَّ حَيَوَانٌ، وَإِنْ حَفَرَهَا فِيهِ لِارْتِفَاقِهِ كَعَادَةِ مَنْ انْتَجَعَ أَرْضًا فَهُوَ أَحَقُّ مَا أَقَامَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَلْزَمُهُ بَذْلُ فَاضِلِهِ لِشَارِبِهِ3 فَقَطْ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ، وَإِنْ رَحَلَ فَسَابِلَةٌ، فَإِنْ عَادَ فَفِي اخْتِصَاصِهِ وَجْهَانِ "م 1" وإن حفرها تملكا أو بملكه الحي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَفَرَهَا لِارْتِفَاقِهِ كَعَادَةِ مَنْ انْتَجَعَ أَرْضًا فَهُوَ أَحَقُّ مَا أَقَامَ، وَإِنْ رَحَلَ فَسَابِلَةٌ، فَإِنْ عَادَ فَفِي اخْتِصَاصِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فِيهِمَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، في الأحكام السلطانية.
مَلَكَهَا، فِي الرِّعَايَةِ: فِي الْأَقْيَسِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: إنْ احْتَاجَتْ طَيًّا فَبَعْدَهُ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَحَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ نِسْبَةً إلَى عَادٍ، وَلَمْ يُرِدْ عَادًا بِعَيْنِهَا، وَعِنْدَ شَيْخِنَا هِيَ الَّتِي أُعِيدَتْ خَمْسُونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ. وَالْبَدِيُّ النِّصْفُ، نُصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: الْعَادِيَّةُ الَّتِي لَمْ تَزُلْ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ دُخُولُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: وَالْعَادِيُّ الْقَدِيمَةُ وَعَنْهُ: قَدْرُ الْحَاجَةِ، وَقِيلَ: أَكْثَرُهُمَا، وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: إنْ حَفَرَهَا فِي مَوَاتٍ فَحَرِيمُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً فَخَمْسُونَ، وَحَرِيمُ عَيْنٍ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ: قَدْرُ الْحَاجَةِ وَحَرِيمُ الشَّجَرِ مَدُّ1 أَغْصَانِهَا، وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي عَمَلِهِ فِي مَعْدِنِهِ وَالْخَارِجُ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ صَحَّ، لِقَوْلِ أَحْمَدَ: بِعْهُ بِكَذَا فَمَا زَادَ فَلَكَ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ2: فِيهِ نَظَرٌ، لِكَوْنِهِ هِبَةَ مَجْهُولٍ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَلْفًا مِمَّا لَقِيَ مُنَاصَفَةً وَالْبَقِيَّةُ لَهُ، فَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَيَخْتَصُّ بِهَا، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ، قَالَ السَّامِرِيُّ: رَأَيْته بِخَطِّ أَبِي الْخَطَّابِ عَلَى نُسْخَةِ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. قَالَ مَحْفُوظٌ يَعْنِي نَفْسَهُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ إذَا عَادُوا كَانُوا أَحَقَّ بها، لأنها مِلْكُهُمْ بِالْإِحْيَاءِ، وَعَادَتُهُمْ أَنْ يَرْحَلُوا كُلَّ سَنَةٍ ثُمَّ يَعُودُونَ، فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُمْ عَنْهَا بِالرَّحِيلِ انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَهُمْ أَوْلَى بِهَا، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَنَا، فَوَجْهَانِ "م 2". وَمَوَاتُ الْعَنْوَةِ كَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُهُ مُحْيِيهِ وَيَقَرُّ بِيَدِهِ بِخَرَاجِهِ، كَذِمِّيٍّ أَحْيَاهُ، وَعَنْهُ: عَلَى ذِمِّيٍّ أَحْيَا غَيْرَ عَنْوَةٍ عشر ثمره وزرعه، وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ بِهِ مَوَاتَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ وَجْهَانِ "م 3". وَمَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا، كَحَفْرِ بِئْرٍ لَمْ يَصِلْ مَاؤُهَا نَقَلَهُ حَرْبٌ أَوْ سَقْيِ شَجَرٍ مُبَاحٍ وَإِصْلَاحِهِ وَلَمْ يَرْكَبْهُ، أَوْ أَقْطَعَ له، لم يملكه، وهو ووارثه أو من ينقله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَلَوْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي عَمَلِهِ فِي مَعْدِنِهِ وَالْخَارِجُ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ صَحَّ وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ أَلْفًا مِمَّا لَقِيَ1 مُنَاصَفَةً وَالْبَقِيَّةُ لَهُ، فَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ مَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَنَا، فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَظْهَرُهُمَا الصِّحَّةُ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَمْ يُورَدْ لِلْقَاضِي سِوَاهُ، وَذَكَرَ فِيهِ نَصَّ أَحْمَدَ إذَا قَالَ: صف4 لي هذا على أن لك "5ثلثه أو ربعه5" أَنَّهُ يَصِحُّ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَمَالَ إلَيْهِ في المغني6. إذا قال صف هَذَا عَلَى أَنَّ لَك ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً. مَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ مَوَاتَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ.
إلَيْهِ أَحَقُّ بِهِ، وَلَا يَبِيعُهُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِحْيَاءَ أُمِرَ بِهِ أَوْ تَرَكَهُ، وَيُمْهَلُ بِطَلَبِهِ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةً، فَإِنْ بَادَرَ غَيْرُهُ فَأَحْيَاهُ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: أَوْ قبلها ففي ملكه وجهان "م4". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْحَقُّ فِي مَوَاتِ عَرَفَةَ. وَقَالَ فِي مَوَاتِ الْحَرَمِ: فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ عَنْوَةٌ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَإِنْ قِيلَ صَلُحَ جَازَ إحْيَاؤُهُ، وَمِنْ شُيُوخِنَا مَنْ حَكَى احْتِمَالَ وَجْهَيْنِ، وَهُمَا مَنْقُولَانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا انْتَهَى، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَرَمَ فُتِحَ عَنْوَةً. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ قُلْت: لَوْ قِيلَ يَمْلِكُ بِالْإِحْيَاءِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَاجُّ أَلْبَتَّةَ إنْ وُجِدَ لَكَانَ لَهُ وجه، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَيُمْهَلُ بِطَلَبِهِ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةً، فَإِنْ بَادَرَ غَيْرُهُ فَأَحْيَاهُ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: أَوْ قَبْلَهَا فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 والتلخيص والمحرر والشرح3 وشرح ابن منجا، وَالْحَارِثِيُّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُذْهَبِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
ويتوجه مِثْلُهُ فِي نُزُولِهِ عَنْ وَظِيفَةٍ لِزَيْدٍ، هَلْ يَتَقَرَّرُ غَيْرُهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ نَزَلَ عَنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامَةِ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَنْزُولُ وَيُوَلِّي مَنْ إلَيْهِ الْوِلَايَةُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّوْلِيَةَ شَرْعًا. وَمَنْ أَخَذَ مِمَّا حَمَاهُ إمَامٌ عُزِّرَ "ش" فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِمُخَالَفَتِهِ، وَلَهُ نَظَائِرُ وَلَمْ يَذْكُرُوا ضَمَانًا، فَظَاهِرُهُ لَا ضَمَانَ "وش" لِبَقَاءِ إبَاحَتِهِ وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِلْمُخَالَفَةِ، وَمَا أَقَطَعَهُ1 إمَامٌ لِمَنْ يُحْيِيهِ كَمُتَحَجِّرٍ، وَيُسَمَّى تَمَلُّكًا2، لِمَآلِهِ إلَيْهِ، وَلَهُ إقْطَاعُ غَيْرِ مَوَاتٍ تَمْلِيكًا وَانْتِفَاعًا، لِلْمَصْلَحَةِ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ مَوَاتًا لِدَابَّةٍ يَحْفَظُهَا أَوْ غَازٍ وَضَعِيفٍ مَا لَمْ يُضَيِّقْ، وَلِإِمَامٍ غَيْرِهِ نَقْضُهُ، كَهُوَ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3، وَفِي مِلْكِهِ بِإِحْيَاءٍ وَجْهَانِ "م5". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَالَ النَّاظِمُ: هُوَ بَعِيدٌ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "قَبْلَ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ"، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ، وَتَقْدِيرُهُ قَبْلَ فَرَاغِ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ حَتَّى يُغَايِرَ قَوْلَ الشَّيْخِ. وَقَالَ شَيْخُنَا "4فِي حَوَاشِيهِ4": وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ قَبْلَ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ مِنْ الْقَوْلِ، فَيَكُونُ هَذَا قَوْلًا، وَمَا ذَكَرَهُ الشيخ قولا. و"مدة" مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالْمَذْهَبُ غَيْرُ قَوْلِ الشَّيْخِ، وَعَلَى الأول يكون قدم حكما. مَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ مَوَاتًا وَلِإِمَامٍ غَيْرِهِ نَقْضُهُ، كَهُوَ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا حَمَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي مِلْكِهِ بِإِحْيَاءٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالرِّعَايَةِ:
مقامه1 أو مقام سابق إلى معدن ففي إزالته وجهان "م7، 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلسَّابِقِ الْجُلُوسُ عَلَى الْأَصَحِّ مَا2 بَقِيَ قُمَاشُهُ، وَعَنْهُ، إلَى اللَّيْلِ، وَفِي افْتِقَارِهِ إلَى إذْنٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ، هُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّمَانِينَ انتهى. مسألة-7-8: قَوْلُهُ: "وَلَهُ التَّظْلِيلُ بِغَيْرِ بِنَاءٍ، كَبَارِيَةٍ وَنَحْوِهَا، فإن طال مقامه أو مقام سابق إلى مَعْدِنٍ فَفِي إزَالَتِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-7: إذَا طَالَ مُقَامُهُ فِي الْجُلُوسِ فَهَلْ يُزَالُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ والشرح وشرح ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُزَالُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ اللَّائِقُ بِأُصُولِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا بِالْإِقْطَاعِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُزَالُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَهُمْ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: مَنَعَ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
مقامه1 أو مقام سابق إلى معدن ففي إزالته وجهان "م7، 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلسَّابِقِ الْجُلُوسُ عَلَى الْأَصَحِّ مَا2 بَقِيَ قُمَاشُهُ، وَعَنْهُ، إلَى اللَّيْلِ، وَفِي افْتِقَارِهِ إلَى إذْنٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْتَقِرُ إلَى إذْنٍ، هُوَ رِوَايَةٌ حَكَاهَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّمَانِينَ انتهى. مسألة-7-8: قَوْلُهُ: "وَلَهُ التَّظْلِيلُ بِغَيْرِ بِنَاءٍ، كَبَارِيَةٍ وَنَحْوِهَا، فإن طال مقامه أو مقام سابق إلى مَعْدِنٍ فَفِي إزَالَتِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-7: إذَا طَالَ مُقَامُهُ فِي الْجُلُوسِ فَهَلْ يُزَالُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ والشرح وشرح ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُزَالُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ اللَّائِقُ بِأُصُولِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا بِالْإِقْطَاعِ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُزَالُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا عِنْدَهُمْ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: مَنَعَ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-8: إذَا طَالَ مُقَامُ السَّابِقِ إلَى مَعْدِنٍ فَهَلْ يُزَالُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُمْنَعُ وَلَا يُزَالُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مَا دَامَ أَخْذًا قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَصَحُّهُمَا لَا يُمْنَعُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي4: يُمْنَعُ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ مَعَ ضِيقِ الْمَكَانِ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ قُلْت: وَغَيْرُ ابْنِ عَقِيلٍ وَلَيْسَ هَذَا دَاخِلًا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَعَلُوا حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا حُكْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَرَّحَ به صاحب المستوعب، وابن منجا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: يُزَالُ مِنْ الْمَعْدِنِ دُونَ الْجُلُوسِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا. قُلْت: وَيَتَوَجَّهُ الْعَكْسُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ: فَصَحَّحَا أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْمَعْدِنِ، وَقَدَّمَا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إطَالَةِ الْجُلُوسِ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إطَالَةِ الْجُلُوسِ، وَأَطْلَقَ الخلاف من منعه من "5إطالة الجلوس، وجزم بالمنع5" من الإطالة في المعدن، والله أعلم.
وَقِيلَ فِي مَعْدِنٍ: مَنْ أَخَذَ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُنِعَ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إنْ أَخَذَهُ لِتِجَارَةٍ هايأ إمام بينهما، لِحَاجَةِ الْمُهَايَأَةِ وَالْقُرْعَةِ وَتَقْدِيمِ مَنْ يَرَى وَالْقِسْمَةِ "م 9" وَفِي النَّصِيحَةِ: مَنْ عَمِلَ يَوْمَهُ فِي مَعْدِنٍ ثُمَّ انْصَرَفَ فَجَاءَ غَيْرُهُ مِنْ الْغَدِ ليعمل فيه لم يملك منعه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "لِحَاجَةِ الْمُهَايَأَةِ وَالْقُرْعَةِ وَتَقْدِيمِ مَنْ يَرَى وَالْقِسْمَةِ" انْتَهَى. هَذَا الْكَلَامُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ "وَقِيلَ: إنْ أَخَذَهُ لِتِجَارَةٍ هَايَأَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا" إلَّا أَنَّهُ ابْتِدَاءُ مَسْأَلَةٍ، يَعْنِي أَنَّ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ طَرِيقَةً، وهي إن أخذ
قَالَ أَحْمَدُ فِي حَوَانِيتِ السُّوقِ: يَسْتَأْذِنُ إلَّا مَنْ فَتَحَ بَابَهُ وَجَلَسَ لِلتِّجَارَةِ. سَبَقَ إلَى مَعْدِنٍ مُبَاحٍ أَوْ مَنْبُوذٍ رَغْبَةً عَنْهُ أَوْ وَجَدَ عَنْبَرَةً عَلَى السَّاحِلِ وَمَنْ سَبَقَ إلَى مَعْدِنٍ مُبَاحٍ أَوْ مَنْبُوذٍ رَغْبَةً عَنْهُ أَوْ وَجَدَ عَنْبَرَةً عَلَى السَّاحِلِ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا أَخَذَهُ وَإِنْ سَبَقَ اثْنَانِ اقْتَرَعَا، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الْإِمَامُ، وَقِيلَ: بِقِسْمَةِ مَعْدِنٍ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي منبوذ وكذا إلى الطريق، وجزم الأدمي الْبَغْدَادِيُّ بِالْقِسْمَةِ، وَلِمَنْ فِي أَعْلَى مَاءٍ مُبَاحٍ السَّقْيُ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى1 كَعْبِهِ ثُمَّ يُرْسِلهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ، نُصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ مُسْتَقِلَّةً سَدّهَا إذَا سَقَى حَتَّى يَصْعَدَ إلَى الثَّانِي، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَيُقَدَّمُ أحد مستويين2 ـــــــــــــــــــــــــــــQلِتِجَارَةٍ هَايَأَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَخَذَ لِحَاجَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْمُهَايَأَةُ وَالْقُرْعَةُ وَتَقَدُّمُ مَنْ يَرَى وَالْقِسْمَةُ قَالَ الْقَاضِي: إنْ أَخَذَ لِلتِّجَارَةِ هَايَأَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا بِالْيَوْمِ أَوْ السَّاعَةِ بِحَسَبِ مَا يَرَى، وَإِنْ كَانَ لِلْحَاجَةِ فَاحْتِمَالَاتٌ. أَحَدُهُمَا: الْقُرْعَةُ. وَالثَّانِي: يُنَصِّبُ مَنْ يَأْخُذُ لَهُمَا ثُمَّ يَقْسِمُ. وَالثَّالِثُ: يُقَدِّمُ مَنْ يَرَاهُ أَحْوَجَ وَأَوْلَى انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا، قُدِّمَ، فَإِنْ أَخَذَ فَوْقَ حَاجَتِهِ مُنِعَ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: إنْ أَخَذَهُ لِتِجَارَةٍ هَايَأَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَخَذَهُ لِحَاجَةٍ فَأَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: الْمُهَايَأَةُ وَالْقُرْعَةُ وَتَقْدِيمُ مَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ وَأَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَأْخُذُهُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى. وَهَذِهِ أَوْجُهُ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ، فَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمًا، وَهُوَ أَنَّهُ مَنْ أَخَذَ فَوْقَ حَاجَتِهِ يُمْنَعُ، وَلَكِنْ تُصَحَّحُ على هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَحَدُ الْأَوْجُهِ، وَالصَّوَابُ مِنْهَا نَصْبُ الْإِمَامِ مَنْ يَأْخُذُهُ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَعْدَلُ الأقوال، والله أعلم.
بِقُرْعَةٍ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَفِي الْمَنْعِ مِنْ إحْيَاءِ مَوَاتٍ أَقْرَبَ إلَى أَوَّلِ الْمَاءِ وَجْهَانِ "م 10". وَلَا يُسْقَى قَبْلَهُمْ، وَمَنْ سَبَقَ إلَى قَنَاةٍ لَا مَالِكَ لَهَا فَسَبَقَ آخَرُ إلَى بَعْضِ أَفْوَاهِهَا مِنْ فَوْقَ أَوْ أَسْفَلَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا سَبَقَ إلَيْهِ، وَلِمَالِكِ أَرْضٍ مَنْعُهُ الدُّخُولَ بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ رُسُومُهَا فِي أَرْضِهِ وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَضْيِيقَ مَجْرَى قَنَاةٍ فِي أَرْضِهِ خَوْفَ لِصٍّ، لِأَنَّهُ لِصَاحِبِهَا، نُصَّ عَلَى الْكُلِّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى عمارتها إلا في الأرض فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ، يَعْنِي عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَقَدْ ذَكَرَ إجْبَارَ عُمَرَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ على إجراء الماء ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-10: قَوْلُهُ: "وَفِي الْمَنْعِ مِنْ إحْيَاءِ مَوَاتٍ أَقْرَبَ إلَى أَوَّلِ الْمَاءِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابن رزين في شرحه وغيره. والوجه الثاني: لَهُمْ مَنْعُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ إيراد "المقنع" انتهى.
فِي أَرْضِهِ1 كُلَّمَا2 كَانَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ3 وَفِيهِ ضَرَرٌ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ. فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ السُّلْطَانُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي نَهْرٍ لِضَيَاعٍ: أَكْرَهُ الْأَشْجَارَ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ فِيمَنْ غَصَبَ حَقَّهُ مِنْ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ: لِلْبَقِيَّةِ أَخْذُ حَقِّهِمْ، وَنَقَلَ مُثَنَّى: مَنْ سُدَّ لَهُ الْمَاءُ لِجَاهِهِ أَفَأَسْقِي مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ تَرْكِي لَهُ يَرُدُّهُ عَلَى مَنْ يَسُدُّ عَنْهُ؟ فَأَجَازَهُ بِقَدْرِ حاجتي. وَمَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ فَلَاةٍ لِعَجْزِهِ أَوْ انْقِطَاعِهَا مَلَكَهَا مُسْتَنْقِذُهَا: وَقِيلَ، لَا، كَعَبْدٍ، وَتَرْكِ مَتَاعٍ عَجْزًا، فَيَرْجِعُ بِنَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ مَتَاعٍ. وَفِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي إلْقَائِهِ خَوْفَ غَرَقٍ وَجْهَانِ "م 11" وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-11: قَوْلُهُ: "وَمَنْ تَرَكَ دَابَّةً بِمَهْلَكَةٍ أَوْ فَلَاةٍ لِعَجْزِهِ أَوْ انْقِطَاعِهَا مَلَكَهَا مُسْتَنْقِذُهَا وَقِيلَ: لَا، كَعَبْدٍ، وَتَرْكِ مَتَاعٍ عَجْزًا فَيَرْجِعُ بِنَفَقَةٍ وَأُجْرَةِ مَتَاعٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي إلْقَائِهِ خَوْفَ غَرَقٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَلْقَى مَتَاعَهُ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ الْغَرَقِ فَهَلْ مِلْكُهُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَا يَمْلِكُهُ عليه أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ4 فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: مِلْكُهُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَا يملكه من أخذه، قال الحارثي5: نَصُّ أَحْمَدَ فِي الْمَتَاعِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا يُلْقِيهِ رُكَّابُ السَّفِينَةِ مَخَافَةَ الْغَرَقِ بَاقٍ عَلَى ملكه انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهُ آخِذُهُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، وَمَالَا إلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي اللُّقَطَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، ذَكَرَ فِي آخِرِ اللُّقَطَةِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، فَهَذِهِ إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
باب اللقطة
باب اللقطة مدخل ... باب اللقطة يَحْرُمُ الْتِقَاطُ مُمْتَنِعٍ عَنْ سَبْعٍ صَغِيرٍ، كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَبِغَالٍ وَكَلْبٍ وَظِبَاءٍ وَطَيْرٍ وَحُمُرٍ أَهْلِيَّةٍ، وَخَالَفَ الشَّيْخُ فِيهَا وَفِي طَيْرٍ مُسْتَوْحِشَةٍ وَيَضْمَنُهُ، كَغَاصِبٍ، وَنَصُّهُ وَقَالَهُ أَبُو بَكْرٍ: يَضْمَنُ ضَالَّةً مَكْتُومَةً بِالْقِيمَةِ مَرَّتَيْنِ، لِلْخَبَرِ1، وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهِ إلَى نَائِبِ إمَامٍ أَوْ بِأَمْرِهِ بِرَدِّهِ مَكَانَهُ، كَجَائِزٍ الْتِقَاطُهُ، وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ يَرْجِعْ، لِتَعَدِّيهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَلَا يَبْرَأُ مِنْ أَخْذٍ مِنْ نَائِمٍ شَيْئًا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لَهُ، وَلِنَائِبِ إمَامٍ أَخْذُهُ لِلْحِفْظِ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ، وَلَا تَكْفِي فِيهِ الصِّفَةُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: وَلِغَيْرِهِ بِمَوْضِعٍ مَخُوفٍ، وَلَهُ الْتِقَاطُ غَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ مُمْتَنِعٍ بِنَفْسِهِ، كَخَشَبَةٍ كَبِيرَةٍ، وَعَنْهُ: وَنَحْوِ شَاةٍ، وَعَنْهُ وَعَرْضٍ ذَكَرَهَا أَبُو الفرج إذا أمن نفسه وقوي عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَكَغَاصِبٍ، وَالْأَفْضَلُ تَرْكُهُ، وَقِيلَ2 عَكْسُهُ بمضيعة، وخرج وجوبه إذن. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَهُ الْتِقَاطُ غَيْرِهِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ بِنَفْسِهِ، وَعَنْهُ: وَنَحْوُ شَاةٍ، وَعَنْهُ: وَعَرَضٍ" انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا: أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ نَحْوِ الشَّاةِ كَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ، وإلا فلا،
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَعْرِضُ لَهَا، وَلِأَحْمَدَ1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: "وَلَا تَسْأَلَنَّ أَحَدًا شَيْئًا وَلَا تَقْبِضْ أَمَانَةً وَلَا تَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ" وَيَفْعَلُ الْحَظَّ لِمَالِكِهِ، وَلَهُ أَكْلُ حَيَوَانٍ وَمَا يُخْشَى فَسَادُهُ بِقِيمَتِهِ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا. وَفِي الْمُغْنِي2 يَقْتَضِي قَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يُمْلَكُ عَرْضٌ فَلَا يأكل، وله ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْعُرُوضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمَذْهَبُ جَوَازُ الْتِقَاطِ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا، وَتَقْدِيرُهُ "وَعَنْهُ: لَا نَحْوُ شَاةٍ، وَعَنْهُ: وَعَرَضٌ" لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا صَدَّرَهُ فِي أول المسألة بقوله: "غير ممتنع بنفسه" و3قوله: "كَخَشَبَةٍ كَبِيرَةٍ" يَعْنِي لَهُ الْتِقَاطُهَا، وَلَمْ يَحْكِ فيه خلافا وفيه نظر. بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَجَمَاعَةٌ: إنَّ أَحْجَارَ الطَّوَاحِينِ الْكِبَارَ وَالْقُدُورَ الضَّخْمَةَ وَالْأَخْشَابَ الْكِبَارَ مُلْحَقَةٌ بِالْإِبِلِ مِنْ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ الْتِقَاطُهَا، قَالُوا: بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ الْإِبِلِ مِنْ وُجُوهٍ، وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ وَلَا حَكَاهُ قَوْلًا، "4وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا، وَقَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوَّلَ الْبَابِ5 يَحْرُمُ الْتِقَاطُ مُمْتَنِعٍ عَنْ سَبْعٍ صَغِيرٍ ... وَخَالَفَ الشَّيْخَ ... فِي طَيْرٍ مُسْتَوْحِشَةٍ". فَكَوْنُهُ جَعَلَ كَلَامَ الشَّيْخِ قَوْلًا مُؤَخَّرًا فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُقَدَّمُ لِمَا يَذْكُرُ. وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الشَّيْخَ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الصُّيُودِ الْمُتَوَحِّشَةِ الَّتِي إذَا تُرِكَتْ رَجَعَتْ إلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ عَجَزَ عَنْهَا صَاحِبُهَا فَلَمْ يَخُصَّ الطَّيْرَ بِذَلِكَ بَلْ بِالصَّيُودِ كُلِّهَا، وَعَلَّلَهَا بِعِلَلٍ قَوِيَّةٍ جِدًّا، فَقَالَ: لِأَنَّ تَرْكَهَا أَضْيَعُ لَهَا مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَالْمَقْصُودُ حِفْظُهَا لِصَاحِبِهَا لَا حِفْظُهَا فِي نَفْسِهَا، وَلَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ حِفْظُهَا فِي نَفْسِهَا لَمَا جَازَ الْتِقَاطُ الْأَثْمَانِ، فَإِنَّ الدِّينَارَ دِينَارٌ أَيْنَمَا كَانَ انْتَهَى، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّارِحُ وَالْحَارِثِيُّ وقطعوا به4".
بَيْعُهُ وَحِفْظُ ثَمَنِهِ، وَهُوَ كَلُقَطَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْثَرُ تَعْرِيفَهُ، وَعَنْهُ: يَبِيعُ كَبِيرًا حَاكِمٌ، وَعَنْهُ: مَعَ وُجُودِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَا يَبِيعُ بَعْضَ حيوان. وَأَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ بِأَكْلِهِ بِمَضْيَعَةٍ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ ذَبْحِهِ لِأَنَّهُ يُطْلَبُ. وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَتَصَرَّفُ قَبْلَ الْحَوْلِ فِي شَاةٍ وَنَحْوِهَا بِأَكْلٍ وَغَيْرِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُعَرِّفُ الشَّاةَ، وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَيَرْجِعُ بِنَحْوِ نَفَقَتِهِ بِنِيَّتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1: نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ طَائِرٌ يَرْجِعُ بِعَلَفِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَطَوِّعًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا مَعَ تَرْكِ التَّعَدِّي، فَإِنْ تَعَدَّى لَمْ يُحْتَسَبْ لَهُ، وَيَلْزَمْهُ تَعْرِيفُ الْجَمِيعِ، نَصَّ عَلَيْهِ، نَهَارًا حَوْلًا مُتَوَالِيًا فِي أُسْبُوعٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: ثُمَّ مَرَّةً كُلَّ أُسْبُوعٍ فِي شَهْرٍ، ثُمَّ مَرَّةً فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَقِيلَ: عَلَى الْعَادَةِ عَلَى الْفَوْرِ بِالنِّدَاءِ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: مِنْ رَبِّهَا، وَعِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ: مِنْهَا، كَمَا لَوْ رَأَى تَجْفِيفَ عِنَبٍ وَنَحْوِهِ وَاحْتَاجَ غَرَامَةً، وَقِيلَ: مِنْهَا إنْ لَمْ يَمْلِكْ، وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، فِي مَجَامِعِ النَّاسِ، وَيُكْرَهُ فِي مَسْجِدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَجُوزُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلرَّجُلِ "لَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْكَ" 1 وَقَالَهُ ابْنُ بَطَّةَ فِي إنْشَادِهَا، وَلَا يَصِفُهُ بَلْ: مَنْ ضَاعَ مِنْهُ نَفَقَةٌ أَوْ شَيْءٌ، وَقِيلَ: لُقَطَةُ صَحْرَاءَ بِقَرْيَةٍ. وَيَمْلِكُ اللُّقَطَةَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ الصَّحِيحَ فِي الْمَذْهَبِ، عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: إنْ اخْتَارَهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْوَاضِحِ، وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُ نَحْوَ شَاةٍ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: يَمْلِكُ الْأَثْمَانَ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَلَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ، وَعَنْهُ: لَا، فَيُعَرِّفُهُ أَبَدًا، نَقَلَهُ طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَلَهُ دَفْعُهُ لِحَاكِمٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا، وَتُتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ مِنْ اللُّصُوصِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ رَبَّهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِي اللُّقَطَةِ: يَبِيعُهُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ بِشَرْطِ ضَمَانِهِ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَيْنِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي صَبِيٍّ فَرَطَ وَبَلَغَ فَإِذَا تصدق بها أجحف بماله، تصدق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهَا مُتَفَرِّقَةً، وَعَنْهُ: لَا تُمَلَّكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا، وَعَنْهُ: يَتَمَلَّكُ فَقِيرٌ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْقُرْبَى، فَإِنْ أَخَّرَ تَعْرِيفَهُ بَعْضَهُ سَقَطَ، فِي الْمَنْصُوصِ، كَالْتِقَاطِهِ بِنِيَّةِ تَمَلُّكِهِ، وَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ رِوَايَتَا الْعُرُوضِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ أَوْ ضَاعَتْ فَعَرَّفَهَا الثَّانِي مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَوْ أَعْلَمَهُ وَقَصَدَ بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ فَقِيلَ: يَمْلِكُهُ، وَقِيلَ: لا "م 21" كَأَخْذِهِ مَا لَمْ يُرِدْ تَعْرِيفَهُ، فِي الْأَصَحِّ نَوَى تَمَلُّكَهُ أَوْ كَتْمَهُ أَوْ لَا وَلَيْسَ خوفه أن ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-1- 2: قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَخَّرَهُ أَيْ التَّعْرِيفَ لِعُذْرٍ أَوْ ضَاعَتْ فَعَرَّفَهَا الثَّانِي: مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَوْ أَعْلَمَهُ وَقَصَدَ بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ فَقِيلَ: يَمْلِكُهُ، وَقِيلَ: لَا" انْتَهَى فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا أَخَّرَ التَّعْرِيفَ عَنْ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَرَّفَهَا فَهَلْ يَمْلِكُهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ وَلَا يَمْلِكُهَا بِهِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُهَا بِهَذَا التَّعْرِيفِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا ضَاعَتْ اللُّقَطَةُ مِنْ الْمُلْتَقِطِ الْأَوَّلِ، وَوَجَدَهَا آخَرُ فَعَرَّفَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ أَوْ أَعْلَمُهُ بِهَا وَقَصَدَ بِتَعْرِيفِهَا لِنَفْسِهِ وَعَرَّفَهَا فَهَلْ يَمْلِكُهَا بِتَعْرِيفِهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 والفائق:
يَأْخُذَهَا سُلْطَانٌ جَائِرٌ أَوْ يُطَالِبَهُ بِأَكْثَرَ عُذْرًا فِي تَرْكِ تَعْرِيفِهَا، فَإِنْ أَخَّرَ لَمْ يَمْلِكْهَا إلَّا بَعْدَهُ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا حَتَّى يَمْلِكَهَا بِلَا تَعْرِيفٍ، وَلِهَذَا جَزَمَ بِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بَعْدَهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ خَوْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: تَبْقَى بِيَدِهِ فَإِذَا وَجَدَ أَمْنًا عَرَّفَهَا حَوْلًا، وَلَا يُعَرِّفُ مَا لَا تَتْبَعُهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَلَوْ كَثُرَ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هِمَّتُهُ كَتَمْرَةٍ وَكِسْرَةٍ وَشِسْعٍ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَصَدَقَتُهُ بِهِ أَوْلَى، وَلَهُ أَخْذُهُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ، وَقِيلَ: مُدَّةً يُظَنُّ طَلَبَ رَبِّهِ لَهُ، وَقِيلَ: دُونَ نِصَابِ سَرِقَةٍ، وَقِيلَ: دُونَ قِيرَاطٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَدَلِهِ، خِلَافًا لِلتَّبْصِرَةِ، وَكَلَامُهُمْ فِيهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِي التَّمْرَةِ يَجِدُهَا أَوْ يُلْقِيهَا عُصْفُورًا يَأْكُلُهَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أَيُطْعِمُهَا صَبِيًّا أَوْ يَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: لَا يَعْرِضُ لَهَا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ1، وَيَنْتَفِعُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ، وَقِيلَ: يُعَرِّفُهُ سَنَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهَا، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُهَا، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: وَيُشْبِهُ هَذَا مَنْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا إذَا سَبَقَهُ غَيْرُهُ إلَى مَا تَحَجَّرَهُ فَأَحْيَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ انْتَهَى. قُلْت: قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُهَا فِي الْبَابِ الَّذِي قبله.
فصل: لقطة فاسق كعدل
فصل: لُقَطَةُ فَاسِقٍ كَعَدْلٍ، وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَيْهِ، وَكَذَا ذِمِّيٌّ، وَقِيلَ: تُدْفَعُ لِعَدْلٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَتَعَذُّرِ حِفْظِهَا مِنْهُ، وَإِذَا عَرَّفَ وَلِيُّ سَفِيهٍ وَصَبِيٍّ وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ: وَمَجْنُونٍ مَا الْتَقَطُوهُ مَلَكُوهُ، وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ حِفْظُهَا وَتَعْرِيفُهَا وَإِنْ تَلِفَ بِيَدِ أَحَدِهِمْ وَفَرَّطَ ضَمِنَ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي صَبِيٍّ كَإِتْلَافِهِ، وَكَعَبْدٍ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ: لَا، وَمُكَاتَبٌ كَحُرٍّ، وَلُقَطَةُ مُعْتَقِ بَعْضِهِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: تَدْخُلُ هِيَ وَكَسْبٌ نَادِرٌ كَهَدِيَّةٍ فِي مُهَايَأَةٍ1، وَلِعَبْدٍ أَنْ يَلْتَقِطَ وَيُعَرِّفَ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، لِأَنَّهُ فِعْلٌ حِسِّيٌّ، كَاحْتِطَابِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ، وَفِي مِلْكِهِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ مَلَكَهُ وَأَتْلَفَهُ فَفِي ذِمَّتِهِ، وَإِلَّا فِي رَقَبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي زَادِ الْمُسَافِرِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فِي ضَمَانِهِ إذَا أَتْلَفَ مَالًا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ. وَالثَّانِي: فِي ذِمَّتِهِ وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ2 وَإِذَا خَرَقَ3 ثَوْبَ رَجُلٍ هُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ، وَلَهُ إعْلَامُ سَيِّدِهِ الْعَدْلِ، وَلِسَيِّدِهِ الْعَدْلِ أَخْذُهُ وَتَرْكُهُ لِيُعَرِّفَهُ وَيَحْرُمُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا قَبْلَ مَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا، وَيُشْهِدُ عَلَيْهَا دُونَ صِفَاتِهَا، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا وَكَذَا لَقِيطٌ، وَقِيلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْزَمُهُ: لِئَلَّا يَسْتَرِقَّهُ، فَلَوْ تَرَكَهُ فَلَا وِلَايَةَ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَمَنْ وَصَفَهُ وَقِيلَ: وَظُنَّ صِدْقُهُ أَخَذَهُ، وَلَوْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ شِرَاءٍ لَا قَبْلَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ وَالتَّبْصِرَةِ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى: لَا بَأْسَ، وَإِنْ وَصَفَهُ أَحَدُ مُدَّعِيَيْنِ حَلَفَ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَمِثْلُهُ وَصَفَهُ مَغْصُوبًا وَمَسْرُوقًا، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ: إذَا اخْتَلَفَ الْمُؤَجِّرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي دِفْنِ فِي الدَّارِ مَنْ وَصَفَهُ فَهُوَ لَهُ، وَقِيلَ: لَا، كَوَدِيعَةٍ وَعَارِيَّةٍ وَرَهْنٍ وَغَيْرِهِ، لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ، وَلَا تَتَعَذَّرُ الْبَيِّنَةُ، وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِالْتِقَاطِ عَبْدٍ. وَقِيلَ: لَا، فَإِنْ أَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ أَخَذَهُ مِنْ وَاصِفِهِ، وَيَضْمَنُهُ مَعَ تَلَفِهِ، وَقِيلَ: وَلَهُ تَضْمِينُ الدَّافِعِ بِلَا حَاكِمٍ، وَيَتَعَيَّنُ بِدَفْعِ بَدَلِهِ إلَى واصفه، ويرجع عليه في الأولة1، مَا لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِمِلْكِهِ، وَلَوْ وَصَفَهُ اثْنَانِ فَقِيلَ: يُقْسَمُ، وَقِيلَ: يَحْلِفُ مَنْ قَرَعَ "م 3" وَمَتَى وَصَفَهُ بَعْدَ أَخْذِ الْأَوَّلِ فَلَا شيء للثاني. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَة-3: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَفَهُ اثْنَانِ فَقِيلَ: يُقْسَمُ، وَقِيلَ: يَحْلِفُ مَنْ قَرَعَ" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَهِيَ الْأَخِيرَةُ: أَحَدُهُمَا: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ فِي الْقَاعِدَةِ الثامنة والتسعين، وغيرهم.
وقال أبو يعلى الصغير: إنْ زَادَ فِي الصِّفَةِ احْتَمَلَ تَخْرِيجُهُ عَلَى بَيِّنَةِ النِّتَاجِ وَالنِّسَاجِ، فَإِنْ رَجَّحْنَا بِهِ رَجَّحْنَا هُنَا. وَيَأْخُذُ اللُّقَطَةَ رَبُّهَا بِزِيَادَتِهَا قَبْلَ مِلْكِهَا، وَلَا يَضْمَنُ مُلْتَقِطٌ إذَنْ نَقْصَهَا وَلَا هِيَ إنْ تَلِفَتْ أَوْ ضَاعَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ كَأَمَانَةٍ وَالْمُنْفَصِلَةُ لَهُ بَعْدَهُ، فِي الْأَصَحِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَانِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ اللُّقَطَةِ يَوْمَ عَرَفَ رَبَّهَا، وَقِيلَ: يَوْمَ تَصَرُّفِهِ، وَقِيلَ: يَوْمَ غَرِمَ بَدَلَهَا، وَعَنْهُ: لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا بَعْدَ مِلْكِهَا، وَقِيلَ: وَلَا يَرُدُّهَا. وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى رَبِّهَا، ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ، لِتَبَرُّعِهِ. وَمَعْنَاهُ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ فِي عَدَمِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: عَلَيْهِ، وَضَمَانُهَا بِمَوْتِهِ كَوَدِيعَةٍ، وَقِيلَ بِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَوَارِثُهُ كهو، ومن أخذ متاعه وترك بدله فلقطة، وهل يَتَصَدَّقُ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ أَوْ يَأْخُذُ حَقَّهُ أو بإذن حاكم؟ فيه أوجه "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهَا، وَهَذَا الصَّحِيحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْقُرْعَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ، وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، كَمَا لَوْ تَدَاعَيَا الْوَدِيعَةَ، قَالَ الشَّارِحُ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِأُصُولِنَا فِيمَا إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الكافي1، وَالْمُغْنِي2 وَصَحَّحَهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: هَذَا أَقْيَسُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةُ-4: قَوْلُهُ: "ومن أخذ متاعه وترك بدله فلقطة، وهل يَتَصَدَّقُ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ أَوْ يَأْخُذُ حَقَّهُ أو بإذن حاكم؟ فيه أوجه" انتهى.
وَقِيلَ: مَعَ قَرِينَةِ سَرِقَةٍ لَا يُعَرِّفُهُ، وَفِيهِ الْأَوْجُهُ، وَيُتَوَجَّهُ جَعْلُ لُقَطَةِ مَوْضِعٍ غَيْرِ مَأْتِيٍّ كَرِكَازٍ وَإِنْ وَجَدَ فِي حَيَوَانٍ نَقْدًا أَوْ دُرَّةً فَلُقَطَةٌ لِوَاجِدِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لِبَائِعٍ ادَّعَاهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُشْتَرٍ أَنَّهُ أَكَلَهُ عِنْدَهُ فَلَهُ، وَإِنْ وَجَدَ دُرَّةً غَيْرَ مَثْقُوبَةٍ1 فِي سَمَكَةٍ فَلِصَيَّادٍ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ ابتلاعها من معدنها والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَتَابَعَهُ الشَّارِحُ: الْقَوْلُ يَأْخُذُ حَقَّهُ بِنَفْسِهِ أَقْرَبُ إلَى الرِّفْقِ بِالنَّاسِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا أَقْوَى عَلَى أَصْلِ مَنْ يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّفْظِ، أَمَّا عَلَى التَّوَقُّفِ فَلَا يُكْتَفَى بِمِثْلِ هَذَا، قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ، وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، يَعْنِي بِهِ الشَّيْخَ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَقِيلَ: يَتَصَدَّقُ بِهِ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَأْخُذُهُ بِإِذْنِ حَاكِمٍ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ مُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْأَصْحَابِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
باب اللقيط
بَابُ اللَّقِيطِ وَهُوَ طِفْلٌ مَنْبُوذٌ، وَقِيلَ: أَوْ مُمَيِّزٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ فِي أَحْكَامِهِ، وَقِيلَ إلَّا فِي قَوَدٍ، وَمِثْلُهُ دَعْوَى قَاذِفِ رِقِّهِ، وَبِبَلَدِ كُفْرٍ كَافِرٌ، وَقِيلَ: مُسْلِمٌ وَقِيلَ: مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ فِيهِ، وَمَا وُجِدَ فَوْقَهُ أَوْ مَشْدُودًا إلَيْهِ أَوْ تَحْتَهُ ظَاهِرًا فَلَهُ، وَفِي مَدْفُونٍ عِنْدَهُ طَرِيًّا أَوْ بِقُرْبِهِ وَجْهَانِ "م 1 و 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-1: قَوْلُهُ: "وَفِي مَدْفُونٍ عِنْدَهُ طَرِيًّا أَوْ بِقُرْبِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا وَجَدَهُ مَدْفُونًا عِنْدَهُ وَالدَّفْنُ طَرِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ لِلطِّفْلِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ والمقنع1 والشرح وشرح ابن منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ لَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَجْهًا أَنَّهُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الدَّفْنُ طَرِيًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وَلَعَلَّهُمْ اعْتَمَدُوا عَلَى إطْلَاقِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْمُصَنِّفِ هُنَا4، وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ إذَا كَانَ طَرِيًّا، والله أعلم.
وقيل: إن وجد رقعة فِيهَا أَنَّهُ لَهُ فَلَهُ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ حَاضِنُهُ وَهُوَ وَاجِدُهُ، وَعَنْهُ: بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَكَذَا حِفْظُهُ لِمَالِهِ، وَإِنْ أَنْفَقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِيَّتِهِ الْخِلَافُ "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQالمسألة -2: إذَا وَجَدَهُ مَطْرُوحًا بِقُرْبِهِ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ والكافي1 والمقنع2 وشرح ابن منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْفَائِقِ وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ لَهُ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُلْقَى قَرِيبًا مِنْهُ وَبَيْنَ الْمَدْفُونِ عِنْدَهُ فَالْمُلْقَى قَرِيبًا لَهُ دُونَ الْمَدْفُونِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَطَعَ بِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَقْتَضِيهِ إيرَادُهُ فِي الْمُغْنِي3. قُلْت: قَدَّمَ فِي الْكَافِي1 وَالنَّظْمِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَدْفُونَ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُلْقَى، كَمَا تَقَدَّمَ، فَدَلَّ كَلَامُهُمَا أَنَّ الْمُلْقَى أَقْوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى مِلْكِهِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الْمَدْفُونِ وَصَحَّحَا فِي الْمُلْقَى أَنَّهُ لَهُ. مَسْأَلَةُ-3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَنْفَقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِيَّتِهِ الْخِلَافُ" انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا نَوَى الرُّجُوعَ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَتَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ إذا
وَلَا يَلْزَمُهُ، وَاخْتَارَ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: لَا يَرْجِعُ، وَفِيهِمَا: لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ الزكاة، وَمَا حُكِيَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ مَعَ إذْنِ حَاكِمٍ سَهْوٌ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي إنْفَاقِ الْمُودَعِ مِنْ الْوَدِيعَةِ عَلَى وَلَدِ رَبِّهَا الْغَائِبِ إذْنُ حَاكِمٍ، لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ عِنْدَهُ إثْبَاتُ حَاجَتِهِ لِعَدَمِ مَالِهِ وَعَدَمِ نَفَقَةٍ مَتْرُوكَةٍ بِرَسْمِهِ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ غَابَ رَبُّهَا1 فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ إلَى الْقَاضِي فَقَدَّمَتْ صَاحِبَ الْوَدِيعَةِ إلَى الْقَاضِي فَقَضَى لَهَا بِالنَّفَقَةِ، ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ، قَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إنَّمَا هَذَا حِينَئِذٍ دَافِعُ حَقٍّ. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ مَاتَ وَلَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مَالٌ وَخَلَّفَ وَرَثَةً صِغَارًا: يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: لَا يَضْمَنُ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ لَهُ: يَقْضِي دَيْنَهُ؟ قَالَ: لَا، النَّفَقَةُ عَلَى الصَّبِيَّانِ ضَرُورَةٌ وَمَعَ عَدَمِ مَالِهِ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ وَارِثُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى عَالِمٍ بِهِ وَلِلْإِمَامِ قَتْلُ قَاتِلِهِ أَوْ دِيَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَشْهَرُ يُنْتَظَرُ رُشْدُ مَقْطُوعٍ طَرَفُهُ، وَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ لِنَفَقَةٍ مَعَ فَقْرِهِ وَجُنُونِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا وَجْهَانِ "م 4 و 5"، وَلَا يُقَرُّ بيد فاسق، وقيل: غير أمين، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْفَقَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَاخْتَارَ فِي الموجز والتبصرة أنه لا "2كما نقله المصنف، وقال في القاعدة الخامسة والسبعين: ومنها: نفقة اللقيط، خرجها بعض الأصحاب عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا واجباً عن غيره بنية الرجوع، قال: ومنهم من قال: يَرْجِعُ2" هُنَا، قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ الْمُغْنِي، لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى اللَّقِيطِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى بَيْتِ المال انتهى. مسألة-4-5: قَوْلُهُ: "وَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ لِنَفَقَةٍ مَعَ فَقْرِهِ وَجُنُونِهِ، ومع أحدهما وجهان" انتهى شمل مسألتين:
وفيه وجه كلقطة، وَقِيلَ: وَمِثْلُهُ سَفِيهٌ. وَلَا رَقِيقٍ، فَإِنْ أَذِنَ سيده فهو نائبه ولا رجوع، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-4: إذَا كَانَ فَقِيرًا صَغِيرًا فَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ هُنَاكَ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ هُنَا، وَبِهِ جَزَمَ الشَّارِحُ هنا وفي الفصول والمغني2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ، وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ3 فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ نَصِّ أَحْمَدَ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1 فِي بَعْضِ النُّسَخِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-5: إذَا كَانَ مَجْنُونًا فَهَلْ لِلْإِمَامِ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ أَمْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وشرح ابن منجا: أَحَدُهُمَا: تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قُلْت: الصَّوَابُ إنْ كَانَتْ إفاقته قريبة5 لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ، وَإِلَّا صَحَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا كَافِرٍ، وَاللَّقِيطُ مُسْلِمٌ وَهُوَ كَمُسْلِمٍ فِيهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ وَفِي بَدَوِيٍّ مُنْتَقِلٍ فِي الْمَوَاضِعِ وَجْهَانِ "م 6" وَلَا وَاجِدٍ فِي الْحَضَرِ يَنْقُلُهُ، وَقِيلَ: إلَى بَدْوٍ1، وَيَجُوزُ عَكْسُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَنْ وَجَدَ بِفَضَاءٍ خَال نَقَلَهُ حَيْثُ شَاءَ، وَيُقَدَّمُ مُوسِرٌ وَمُقِيمٌ وَفِي التَّرْغِيبِ: وَبَلَدِيٌّ، وقيل: وكريم وظاهر عدالة على ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-6: قَوْلُهُ: "وَفِي بَدَوِيٍّ مُنْتَقِلٍ إلَى الْمَوَاضِعِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يُقَرُّ بِيَدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ والمنور وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا أَقْوَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَرُّ بِيَدِهِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
ضِدِّهِمْ، وَيُقْرَعُ مَعَ التَّسَاوِي، وَقِيلَ: يُسَلِّمُهُ حَاكِمٌ أَحَدَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا، وَيُقَدَّمُ رَبُّ يَدٍ وَلَا بَيِّنَةَ، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ "م 7" وَيُقْرَعُ فِي الْيَدَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ قَهْرًا وَسَأَلَ يَمِينَهُ فَيَتَوَجَّهُ يَمِينُهُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا كَطَلَاقٍ، وَيُقَدَّمُ وَاصِفُهُ مَعَ عَدَمِهِمَا. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالْمُبْهِجُ وَالْمُنْتَخَبُ وَالْوَسِيلَةُ: لَا يُقَدَّمُ وَاصِفُهُ، وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ أَصْحَابِنَا لِتَأَكُّدِهِ، لِكَوْنِهِ دَعْوَى نَسَبٍ1، وَلِلْغِنَى بِالْقَافَةِ وَإِلَّا سَلَّمَهُ حَاكِمٌ مَنْ شَاءَ، فَلَا مُهَايَأَةَ، وَلَا تَخْيِيرَ لِلصَّبِيِّ، وَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ سَقَطَ، وَقِيلَ: لَا يُسَلِّمُهُ حَاكِمٌ، وَيُقْرِعُ، وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَجْهُولٍ نَسَبُهُ بِأَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ وَلَدُ أَمَتِهِ وَقَالَتْ فِي مِلْكِهِ وَقِيلَ أَوْ لَا فَهُوَ لَهُ، وَكَذَا إنْ ادَّعَى رِقَّهُ وَهُوَ طِفْلٌ أَوْ مَجْنُونٌ لَيْسَ بِيَدِ غَيْرِهِ بَلْ يَدِهِ وَلَيْسَ وَاجِدَهُ، فَهُوَ لَهُ، وَلَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ نَسَبَهُ ثَبَتَ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ بِنَسَبِهِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مدعيه امرأة فتثبت حريته، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-7: قَوْلُهُ: "وَيُقَدَّمُ رَبُّ يَدٍ وَلَا بَيِّنَةَ، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْلِفُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَنَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هو الصحيح، قلت: وهو الصواب.
وَإِنْ كَانَ رَجُلًا غَرِيبًا فَرِوَايَتَانِ، وَفِي مُمَيِّزٍ وَجْهَانِ، مَأْخَذُهُمَا صِحَّةُ إسْلَامِهِ "م 8 و 9" وَإِنْ أَنْكَرَ بَالِغًا عَاقِلًا فَلَا1 وَلَوْ عَادَ أُقِرَّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إذَا رَأَيْنَا عَبْدًا بِيَدِ رَجُلٍ فادعى أنه حر الأصل قبل، ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-8-9: قَوْله: "وَلَوْ ادَّعَى أَجْنَبِيٌّ نَسَبَهُ ثَبَتَ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِ سَيِّدِهِ وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلًا غَرِيبًا فَرِوَايَتَانِ، وَفِي مُمَيِّزٍ وَجْهَانِ، مَأْخَذُهُمَا صِحَّةُ إسْلَامِهِ انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ غَرِيبٌ نَسَبَهُ فَهَلْ يَثْبُتُ وَيُلْحَقُ بِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُلْحَقُ بِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَسْلَمَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ حَرْبٍ ثُمَّ هَاجَرَ إلَيْنَا أَوْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ أَوْ ذِمَّةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ وَادَّعَى نَسَبَ لَقِيطٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لَحِقَ بِهِ" انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّقُوا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُلْحَقُ بِهِ قُلْت: إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ بِذَلِكَ لَحِقَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: إذَا ادَّعَى رِقَّ مُمَيِّزٍ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُمَيِّزِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَقَالَ: مَأْخَذُهُمَا صِحَّةُ إسْلَامِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ إسْلَامِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالُوا: هَذَا الْمَذْهَبُ، فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ هُنَا بِالْحُرِّيَّةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَبِنَاءً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَلَنَا هُنَاكَ قَوْلٌ بِعَدَمِ صِحَّةِ إسْلَامِهِ، فَكَذَا هُنَا، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ هُنَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ. تَنْبِيهٌ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضْمَارٌ وَتَقْدِيرُهُ "وَفِي قَبُولِ قَوْلِ مُمَيِّزٍ: إنِّي حُرٌّ وَجْهَانِ" فاختصر ذلك وقال: وفي مميز وجهان.
أما مع سكوته فيجوز، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَيُقِرَّ، وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مُنَافٍ قُبِلَ، وَقِيلَ فِي لَقِيطٍ لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَإِنْ كَانَ تَصَرَّفَ بِبَيْعٍ وَنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: فِيمَا عَلَيْهِ، وَمَتَى كَذَّبَهُ مُدَّعٍ سَقَطَ، ثُمَّ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِآخَرَ وَجْهَانِ "م 10" وَإِنْ بَلَغَ فَقَالَ: إنَّهُ كَافِرٌ، فَمُرْتَدٌّ، وَقِيلَ: يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَوْ يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-10: قَوْلُهُ وَمَتَى كَذَّبَهُ مُدَّعٍ سَقَطَ، ثُمَّ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِآخَرَ وَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِزَيْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ، ثُمَّ إنْ أَقَرَّ بِهِ لِعَمْرٍو وَقُلْنَا بِقَبُولِ الْإِقْرَارِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَفِي قَبُولِهِ لَهُ وَجْهَانِ، ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ يُنَاقِضُ اخْتِيَارَهُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ. وَقَوْلُ الْحَارِثِيِّ: وَهُوَ يُنَاقِضُ اخْتِيَارَهُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ" لَيْسَ بِسَدِيدٍ، فَإِنَّ الْعَالِمَ يَكُونُ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي مَسْأَلَةٍ ذَاتِ خِلَافٍ وَيُفَرِّعُ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي لَمْ يَخْتَرْهُ، فَيَخْتَارُ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الْمُفَرَّعِ قَوْلًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَالْفُقَهَاءُ قَاطِبَةً عَلَى ذَلِكَ، إذَا عَلِمَ فَقَدَّمَ الشَّارِحُ قَبُولَ إقْرَارِهِ ثَانِيًا، وَنَصَرَهُ كَالشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي1، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ عَدَمَ الْقَبُولِ، وَهُوَ قَوِيُّ فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ قَدْ صححت في هذا الباب.
باب الوقف
باب الوقف مدخل ... بَابُ الْوَقْفِ يَصِحُّ بِفِعْلٍ دَالٍّ عَلَيْهِ عُرْفًا، كَمَنْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً وَأَذَّنَ فِيهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ أَذَّنَ فِيهِ وَأَقَامَ وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَجَعْفَرٌ وَجَمَاعَةٌ، وَلَوْ نَوَى خِلَافَهُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَعَنْهُ: بِقَوْلٍ فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَصَرِيحُهُ: وَقَفْت أَوْ حَبَسْت أَوْ سَبَّلْت. وَكِنَايَتُهُ: تَصَدَّقْت أَوْ حَرَّمْت أَوْ أَبَّدْت، فَيَصِحُّ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ أَوْ إقْرَانِهِ أَحَدَ أَلْفَاظِهِ الْخَمْسَةِ بِهَا أَوْ حُكْمَهُ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: إذَا جَعَلَ عُلْوَ مَوْضِعٍ أَوْ سُفْلَهُ مَسْجِدًا صَحَّ، وَكَذَا وَسَطُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْتِطْرَاقًا، كَبَيْعِهِ، فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ الِاكْتِفَاءُ بِلَفْظٍ يُشْعِرُ بِالْمَقْصُودِ، وَهُوَ أَظْهَرُ عَلَى أَصْلِنَا، فَيَصِحُّ: جَعَلْت هَذَا لِلْمَسْجِدِ أَوْ فِيهِ، وَنَحْوُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ، وَصُحِّحَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ وَقْفُ مَنْ قَالَ قَرْيَتِي الَّتِي بِالثَّغْرِ لِمَوَالِي الَّذِينَ بِهِ وَلِأَوْلَادِهِمْ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ: إذَا قَالَ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ: جَعَلْنَا هَذَا الْمَكَانَ مَسْجِدًا أَوْ وَقْفًا، صَارَ مَسْجِدًا وَوَقْفًا بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُكْمِلُوا عِمَارَتَهُ، وَإِذَا قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ: جَعَلْت مِلْكِي لِلْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، صَارَ بِذَلِكَ حَقًّا لِلْمَسْجِدِ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْوَقْفَ زِيَادَةً عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَلَا يُغَيِّرَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ، بَلْ إذَا غَيَّرَهُ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أُلْزِمَ بِإِعَادَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى مِثْلِ مَا كَانَ وَبِضَمَانِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ، وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ إلْزَامُهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى عُوقِبَ بِحَبْسٍ وَضَرْبٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ الْمَدِينَ يُعَاقَبُ بِذَلِكَ، فَكَيْفَ بِمَنْ امْتَنَعَ مِنْ فِعْلِ وَاجِبٍ مَعَ تَقَدُّمِ ظُلْمٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ تَمْلِيكًا لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، أَيْ لِلْمُسْلِمِينَ لِنَفْعِهِمْ بِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، لَا يَمْلِكُ، لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي الْإِقْرَارِ لَهُ وَجْهَيْنِ، كَالْحَمْلِ وَقَدْ يُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ: الْمَوْهُوبُ لَهُ كُلُّ آدَمِيٍّ مَوْجُودٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: الْمَوْهُوبُ لَهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ. فَلَا يَصِحُّ لِجِدَارٍ وَلَا بَهِيمَةٍ، وَيَصِحُّ لِعَبْدٍ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهَذَا لَا يُخَالِفُهُ، وَيَتَوَجَّهُ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى حَمْلِ صِحَّةِ الْهِبَةِ وَأَوْلَى، لصحتها لعبد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ نَاظِرِهِ "ش" لِتَعَذُّرِ1 الْقَبُولِ كَحَالَةِ الْوَقْفِ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ أَبَّدْت صَرِيحٌ، وَأَنَّ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً أَوْ مُؤَبَّدَةً أَوْ لَا تُبَاعُ كِنَايَةٌ. وَلَا يَصِحُّ فِي الذِّمَّةِ بَلْ فِي مُعَيَّنٍ جَائِزٍ بَيْعُهُ دَائِمٍ نَفْعُهُ مَعَ بَقَائِهِ كَإِجَارَةٍ، وَلَوْ مَشَاعٌ إذَا قَالَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْمٍ، قَالَهُ أَحْمَدُ. ثُمَّ يُتَوَجَّهُ أَنَّ الْمَشَاعَ لَوْ وَقَفَهُ مَسْجِدًا ثَبَتَ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الْحَالِ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ مُتَعَيِّنَةٌ هُنَا، لِتَعْيِينِهَا طَرِيقًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَوْقُوفِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ. لَا أُمَّ وَلَدٍ وَرَيَاحِينَ وَشَمْعَ، وَاعْتَبَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَوْزِيُّ بَقَاءً مُتَطَاوِلًا أَدْنَاهُ عُمْرُ الْحَيَوَانِ وَلَا قِنْدِيلَ نَقْدٍ عَلَى مَسْجِدٍ، فَيُزَكِّيهِ رَبُّهُ وَقِيلَ: يَصِحُّ فِيهِ فَيُكْسَرُ وَيُصْرَفُ لِمَصْلَحَتِهِ، وَعَنْهُ: وَلَا حُلِيٍّ لِتَحَلٍّ، وَعَنْهُ: وَلَا مَنْقُولَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَجُوزُ وَقْفُ سِلَاحٍ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَفِي نَقْدٍ لِتَحَلٍّ وَوَزْنٍ فَقَطْ وَجْهَانِ "م1" وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا يَصِحُّ، وَإِنْ أَطْلَقَ بَطَلَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا إجَارَتُهُ1 "م2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-1: قَوْلُهُ: "وَفِي نَقْدٍ لِتَحِلَّ وَوَزْنٍ فَقَطْ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: "وَنَقْلَ الْجَمَاعَةُ لَا يَصِحُّ" "2وهو الصحيح" وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: عَدَمُ الصِّحَّةِ أَصَحُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، قِيَاسًا عَلَى الْإِجَارَةِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: إنْ وَقَفَهَا لِلزِّنَةِ فَقِيَاسُ قَوْلِنَا فِي الْإِجَارَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ. مَسْأَلَةُ-2: قَوْلُهُ: "وَكَذَا إجَارَتُهُ، يَعْنِي أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ الْمُطْلَقَيْنِ إنْ أَجَرَهَا لِلتَّحَلّ أَوْ الْوَزْنِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ6 والتلخيص والشرح وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَتَجُوزُ إجَارَةُ النَّقْدِ لِلْوَزْنِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ: وَتَجُوزُ إجَارَةُ نَقْدٍ لِلْوَزْنِ، وَاقْتَصَرُوا عليه، فظاهر كلامهم أنه لا
وعند القاضي إن أطلق فقرض. نقل جَمَاعَةٌ فِيمَنْ وَقَفَ الدَّارَ وَلَمْ يَحُدَّهَا قَالَ: وإن لم يحدها إذا كانت معروفة. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يَصِحُّ وَقْفُ الْمُصْحَفِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً: وَفِي الْجَامِعِ وَقْفُ الْمَاءِ قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْته عَنْ وَقْفِ الْمَاءِ فَقَالَ: إنْ كَانَ شَيْئًا اسْتَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ جَازَ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى وَقْفِ مَكَانِهِ. وَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ يملك، لا على حربي ـــــــــــــــــــــــــــــQيَجُوزُ لِلتَّحَلِّي، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ خَرَجَ كَلَامُهُمْ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي النَّقْدِ عَدَمُ التَّحَلِّي بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ كَمَا تَرَى، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ "وَكَذَا إجَارَتُهُ" لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ، بَلْ عَلَى أَنَّ فِيهِ خِلَافًا فِي الْجُمْلَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لَمُصْطَلَحِهِ في مسائل كثيرة.
وَمُرْتَدٍّ، وَحُمِلَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ إذَنْ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ، وَفِيهِمَا نِزَاعٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عقيل والحارثي لحمل1 "وم" كَوَصِيَّةٍ لَهُ "و" وَعَبْدٍ وَقِيلَ: يَصِحُّ لَهُ، وفي مكاتب وجهان "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-3: قوله: "وفي مكاتب وجهان" انتهى. يعني هَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَمْ لَا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رزين وغيرهم.
وَفِي وَقْفِ أَحَدِ هَذَيْنِ، وَعَلَيْهِ وَجْهٌ، وَمَسْجِدٍ، لجهالته، ومعدوم أصلا، كـ: وقفته1 عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ، وَصَحَّحَهُ فيه في المغني2 "وم" لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْحَارِثِيُّ أَنْ يَمْلِكَ، لِحُصُولِ مَعْنَاهُ فَيَصِحُّ لِعَبْدٍ وَبَهِيمَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، وَلَا عَلَى نَفْسِهِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ. ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي موسى وابن عقيل وأبو المعالي وشيخنا، ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثاني: يصح، اختاره الحارثي. تنبيهان: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ3: "وَلَا" يَصِحُّ الْوَقْفُ "عَلَى نَفْسِهِ وَعَنْهُ: يَصِحُّ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْمَعَالِي وَشَيْخُنَا" انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: "اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَابْنُ عَقِيلٍ" تَابِعٌ فِيهِ لِلشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا مَاتَ كَانَ عَلَى الْمَسَاكِينِ كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَكُنْ وَقْفًا صَحِيحًا وَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ فَإِذَا تُوُفِّيَ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ" انْتَهَى. وَكَذَلِكَ الْمُصَحَّحُ فِي الْفُصُولِ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا إذَا قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى نَفْسِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْوَقْفَ صَحِيحٌ وَفَرَّعَ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَكَرَ فَصْلًا فِيهِ بَعْضُ فُرُوعٍ مِنْ المسألة ثم قال: وقد
كَشَرْطِ غَلَّتِهِ لَهُ أَوْ لِوَلَدِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَمَتَى حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ ظَاهِرًا، وَأَنَّ فِيهِ فِي الْبَاطِنِ الْخِلَافَ. وَفِي "فَتَاوَى أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ" فِيمَا إذَا حَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ وَأَنْفَذَهُ شَافِعِيٌّ لِلْوَاقِفِ نَقْضُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الصَّحِيحَ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ نَقْضُهُ فِي الْبَاطِنِ فَقَطْ، بِخِلَافِ صَلَاتِهِ بِالْمَسْجِدِ وَحْدَهُ حَيَاتَهُ لِعَدَمِ الْقُرْبَةِ وَالْفَائِدَةِ فِيهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQرُوِيَ عَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ بَاطِلٌ لَا أَعْرِفُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَكُونُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا عَلَيْهِ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ1 بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ مِنْ بَيْعٍ، وَغَيْرِهِ وَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ إلَى وَرَثَتِهِ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ1 أَصَحُّ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِعِلَلٍ جَيِّدَةٍ، فَهَذَا لَفْظُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّذْكِرَةِ، فَفِي نَقْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَلَامُهُ فِي الْفُصُولِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ مُوهِمٌ، لِكَوْنِهِ ذكر كل رواية في فصل، وذكر"2رواية الصحة في الفصل الأول؛ فالظاهر أنه نظر في الأول ولم ينظر2" فِي الثَّانِي: وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ وُجِدَ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ. الثَّانِي 3: قَوْلُهُ: "وَيَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: مِلْكٌ لِلَّهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ، وَيُزَوِّجُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ لَا يُزَوِّجُهَا وَيُلْزِمُهُ بِطَلَبِهِمَا مَصْرُوفَةً فِي مِثْلِهَا" انْتَهَى. هُنَا سَقَطَ بَيْنَ قَوْلِهِ: "بِطَلَبِهَا" وَقَوْلِهِ: "مَصْرُوفَةً"، وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا وَطِئَ الْأَمَةَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ وَوَلَدُهُ حُرٌّ إنْ أَوْلَدَهَا وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَقِيمَتُهَا فِي تَرِكَتِهِ مَصْرُوفَةٌ فِي مِثْلِهِ انْتَهَى. فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصٌ بِمِقْدَارِ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَهُ في ذلك، والله أعلم.
وَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى بِرٍّ، كَقَرَائِبَ مِنْ مسلم أو ذمي، نص عليه، وَكَمَسَاجِدَ وَنَحْوِهَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا صَحَّ وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا لِأَنَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُ يَعُودُ نَفْعُهُ إلَيْهِمْ، وَالْحَجُّ وَالْغَزْوُ، وَقِيلَ: وَمُبَاحٌ، وَقِيلَ: وَمَكْرُوهٌ، لَا كِتَابَةَ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ، وَلَا كَنِيسَةَ وَبَيْعَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِيهِمَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ، كَمَارٍّ بِهِمَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ وَالرِّعَايَةِ، وَمَارٍّ بِهَا مِنْهُمْ، وَقَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 فِي بِنَاءِ بَيْتٍ يَسْكُنُهُ الْمُجْتَازُ مِنْهُمْ، وَفِيهِ وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِمْ: يَصِحُّ عَلَى أَهْلِ الذمة، كالمسلمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْوَاضِحِ "1مِنْ ذِمِّيٍّ1" عَلَيْهِمْ وَعَلَى بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ، وَوَصِيَّةٍ كَوَقْفٍ لِلْكُلِّ، وَقِيلَ: مِنْ كَافِرٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِمِّيَّةٍ لَزِمَهُ، وَذَكَرَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: يَصِحُّ لِلْكُلِّ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ رِوَايَةٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي صِحَّتُهَا بِحُصْرٍ وَقَنَادِيلَ. وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةِ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا، فَلِهَذَا قَالَ: لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ أَوْ الْجَهْلَ شَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَمْ يَصِحُّ، فَلَوْ وَصَّى لِأَجْهَلِ النَّاسِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَالَ: لَوْ حَبَسَ الذِّمِّيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ شَيْئًا عَلَى مَعَابِدِهِمْ لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِينَ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْحُكْمُ إلَّا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، قَالَ: وَمِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ أَنْ لَا يُعَاوِنُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ، فَكَيْفَ يُعَاوَنُونَ بِالْحَبْسِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَكْفُرُونَ فِيهَا؟. وَعَلَّلَ فِي الْمُغْنِي2 الْوَصِيَّةَ لِمَسْجِدٍ بِأَنَّهُ قُرْبَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ صِحَّتُهَا لِعِمَارَةِ قُبُورِ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ أَوْصَى لِمَا لَا مَعْرُوفَ فِيهِ وَلَا بِرَّ كَكَنِيسَةٍ أَوْ كَتْبِ التَّوْرَاةِ لَمْ يَصِحَّ، وَأَبْطَلَ ابْنُ عَقِيلٍ وَقْفَ سُتُورٍ لِغَيْرِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكَعْبَةِ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، فَيُصْرَفُ لِمَصْلَحَتِهِ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لَا يَنْعَقِدُ، وَأَفْتَى أَبُو الْخَطَّابِ بِصِحَّتِهِ وَيُنْفَقُ ثَمَنُهَا عَلَى عِمَارَتِهِ وَلَا يُسْتَرُ، لِأَنَّ الْكَعْبَةَ خُصَّتْ بِذَلِكَ كَالطَّوَافِ1. وَشَرْطُ اسْتِحْقَاقِهِ مَا دَامَ ذِمِّيًّا لَاغٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الْفُنُونِ، لِأَنَّهُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِهِ دُونَ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ شَرْطُهُ لَهُمْ حَالَ الْكُفْرِ، وَأَيُّ فَرْقٍ؟ وَيَصِحُّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ، قَالَ شَيْخُنَا: فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ جَمَّاعًا لِلْمَالِ وَلَمْ يَتَخَلَّقْ بِالْأَخْلَاقِ الْمَحْمُودَةِ وَلَا تَأَدَّبَ بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ غَالِبًا أَوْ فَاسِقًا لَمْ يَسْتَحِقَّ، لَا آدَابَ وَضْعِيَّةٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ لِلْغَنِيِّ مُجَرَّدُ السُّكْنَى، وَلَمْ يَعْتَبِرُ الْحَارِثِيُّ الْفَقْرَ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: لَا يَصِحُّ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَا رَأَيْت صُوفِيًّا عَاقِلًا إلَّا سَلْمًا الْخَوَّاصَ، وَقَالَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَصَوَّفَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ لَمْ يَأْتِ الظُّهْرُ إلَّا وَجَدْته أَحْمَقَ. وَلَا يَصِحُّ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَكَذَا مُؤَقَّتًا، فَإِنْ صَحَّ فَبَعْدَهُ كَمُنْقَطِعٍ، وَقِيلَ: يلغو توقيته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَقِيلَ: لَا، وَإِنْ شَرَطَ فَاسِدًا كَخِيَارٍ فِيهِ وَتَحْوِيلِهِ وَتَغْيِيرِ شَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ، وَخَرَجَ مِنْ الْبَيْعِ صِحَّتُهُ، وَيَلْزَمُ بِإِيجَابِهِ، وَعَنْهُ: بِإِخْرَاجِهِ عَنْ يَدِهِ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ1، فَلَوْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ سَلَّمَهُ ليد غيره ثم ارتجعه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يَخْتَلِفُ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ يَدِهِ أَنَّهُ يَقَعُ بَاطِلًا وَقِيلَ: إذَا كَانَ عَلَى آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ اشْتَرَطَ قَبُولَهُ، كَهِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: فَأَخْذُ رَيْعِهِ قَبُولٌ، وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ فِي غَيْرِ1 الْمُعَيَّنِ احْتِمَالًا: يَقْبَلُهُ نَائِبُ إمَامٍ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى ثَلَاثَةٍ ثُمَّ عَلَى2 الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ أَوْ رَدَّ فَنَصِيبُهُ لِلْبَاقِي، فَإِنْ مَاتُوا أَوْ رَدُّوا فَلِلْفُقَرَاءِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا رَدَّ ثُمَّ قَبِلَ هَلْ يَعُودُ؟ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَقِيلَ: كَمُنْقَطِعِ الِابْتِدَاءِ وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَهُوَ أَصَحُّ، كَتَعَذُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِفَوْتِ وَصْفٍ فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: إذا وقف على جهة منقطعة ولم يزد صح
فصل: إذَا وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ مُنْقَطِعَةٍ وَلَمْ يَزِدْ 1 صح، ويصرف بعدها إلى ورثته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَسَبًا بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ، وَعَنْهُ: إلَى عَصَبَتِهِ، وَعَلَيْهِمَا يَكُونُ وَقْفًا، وَعَنْهُ: مِلْكًا، وَقِيلَ: عَلَى فُقَرَائِهِمْ، وَعَنْهُ: يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ، وَعَنْهُ: لِلْفُقَرَاءِ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمَا وَقْفٌ، وَعَنْهُ: يَرْجِعُ إلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ الْحَيِّ، وَنَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ قَبْلَ وَرَثَتِهِ لِوَرَثَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إنْ وَقَفَ عَلَى عَبِيدِهِ لَمْ يَسْتَقِمْ، قُلْت: فَيُعْتِقُهُمْ قَالَ: جَائِزٌ فَإِنْ مَاتُوا وَلَهُمْ أَوْلَادٌ فَلَهُمْ وَإِلَّا فَلِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِيعَ وَفُرِّقَ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَكَذَا إنْ وَقَفَهُ وَلَمْ يَزِدْ1. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِيهَا، وَفِي: تَصَدَّقْت بِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: وَإِنْ قَالَ: وَقَفْته، وَلَمْ يَزِدْ، صَحَّ، فِي الصَّحِيحِ عِنْدَنَا، وَإِنْ وَقَفَ على جهة باطلة ثم صحيحة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صُرِفَ إلَيْهَا، وَقِيلَ: مَعَ بَقَاءِ الْبَاطِلَةِ، وَمَعْرِفَةُ انْقِرَاضِهَا مَصْرِفُ الْمُنْقَطِعِ، وَخُرِّجَ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بُطْلَانُ مُنْقَطِعِ وَسَطِهِ أَوْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ أَوْ هما. وَيَمْلِكُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، فَيَنْظُرُ فِيهِ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ، وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ، وَيُزَوِّجُهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِغَيْرِهِ1 وَلَا يَتَزَوَّجُهُ، وَيَفْدِيهِ، وَعَنْهُ: هُوَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَنْظُرُ فِيهِ وَيُزَوِّجُهُ حَاكِمٌ وَيَتَزَوَّجُهُ، وَجِنَايَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَقِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ. وَقِيلَ: لَا يُزَوِّجُهَا، وَيَلْزَمُهُ بِطَلَبِهَا مَصْرُوفَةٌ فِي مِثْلِهَا وَقِيلَ: مَصْرُوفَةٌ لِلْبَطْنِ الثَّانِي إنْ تَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ وَاقِفِهِ، فَدَلَّ عَلَى خِلَافٍ. وَفِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهَا أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ وَاقِفِهِ3 لَا مِنْ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ، فَلَهُمْ الْيَمِينُ مَعَ شَاهِدِهِمْ، لِثُبُوتِ الْوَقْفِ مَعَ امْتِنَاعِ بَعْضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مِنْهَا، وَإِنْ سَرَقَهُ أَوْ نَمَّاهُ فَإِنْ مَلَكَهُ الْمُعَيَّنُ قُطِعَ، وَإِلَّا فلا، في الأصح فيهما، لا بوقفه4 على غير معين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَصَحُّ يُخْرِجُ الْمُعَيَّنُ فِطْرَتَهُ عَلَى الْأَوْلَى، كَعَبْدٍ اشْتَرَى مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِخِدْمَةِ الْوَقْفِ، لِتَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَبْطُلُ بِقَتْلِهِ قَوَدًا لَا بِقَطْعِهِ، وَإِنْ قُتِلَ فَالظَّاهِرُ لَا قَوَدَ، كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، وَلَا يَعْفُو عَنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ قَطَعَ طَرَفَهُ فَلِلْعَبْدِ الْقَوَدُ، وَإِنْ عَفَا فَأَرْشُهُ فِي مِثْلِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ: كَنَفْعِهِ، كَجِنَايَةٍ بِلَا تَلَفِ طَرَفٍ، وَيُعَايَا بِهَا بِمَمْلُوكِ لَا مَالِكَ لَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ وُقِفَ عَلَى خِدْمَةِ الْكَعْبَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ، وَعَنْهُ: لَا يَزُول مِلْكُ وَاقِفِهِ، فَتَلْزَمُهُ الْخُصُومَةُ فِيهِ وَمُرَاعَاتُهُ، وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ مَوْقُوفٍ، وَيُتَوَجَّهُ عِتْقُ مَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، عَلَى رِوَايَةٍ يَمْلِكُهُ وَاقِفُهُ وَيَنْظُرُ حَاكِمٌ فِيمَا لَا يَنْحَصِرُ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ فَقَامَ بِأَمْرِهَا وَتَصَدَّقَ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ؟ فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِلَا شَرْطٍ وَإِنْ شَرَطَهُ1 لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ فوجهان "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-4: قَوْلُهُ: "وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ لِغَيْرِهِ2 أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لَهُ عَزْلُهُ أَمْ لَا؟:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ عَزْلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: فَإِنْ قَالَ وَقَفْت كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ زَيْدٌ، أَوْ عَلَى أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوْ قَالَ عَقِبَهُ وَجَعَلْته نَاظِرًا فِيهِ أَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لَهُ، صَحَّ، وَلَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ، وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ لِزَيْدٍ فَقَالَ: جَعَلْت نَظَرِي لَهُ أَوْ فَوَّضْت إلَيْهِ مَا أَمْلِكُهُ مِنْ النَّظَرِ أَوْ أَسْنَدْته إلَيْهِ، فَلَهُ عَزْلُهُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ انْتَهَى. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ، كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ، وَبِهِ قَالَ هِلَالُ الرَّأْيِ1 مِنْ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى، فَعَلَيْهِ لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ مِنْ جِهَتِهِ وَيَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ يَمْلِكُ عَزْلَهُ مَتَى شَاءَ، لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ، فَكَانَ مَنْصُوبُهُ نَائِبًا عَنْهُ، كَمَا فِي الْمِلْكِ المطلق، وله2 الْوَصِيَّةُ بِالنَّظَرِ، لِأَصَالَةِ الْوِلَايَةِ إذَا قِيلَ بِنَظَرِهِ لَهُ أَنْ يَنْصِبَ وَيَعْزِلَ أَيْضًا كَذَلِكَ انْتَهَى.
وَلِلنَّاظِرِ بِالْأَصَالَةِ النَّصَبُ وَالْعَزْلُ، وَكَذَا لِلنَّاظِرِ بِالشَّرْطِ إن جاز للوكيل ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ ذَكَرَ إذَا شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ، ثُمَّ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ أَوْ أَسْنَدَهُ. وَالْحَارِثِيُّ ذَكَرَ إذَا كَانَ النَّظَرُ لِلْوَاقِفِ فَلَهُ نَصْبُ غَيْرِهِ وَعَزْلُهُ وَقَطَعَ بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "أَوْ غَيْرِهِ"1 لَمْ يَظْهَرْ مَعْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا، وَتَقْدِيرُهُ وَإِنَّ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالنَّقْصُ هُوَ" ثُمَّ جَعَلَهُ لِفُلَانٍ" وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا إنْ جَعَلْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقُلْنَا هُوَ مَعْطُوفٌ على قَوْلِهِ: "لِنَفْسِهِ"، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ: وَإِنْ شَرَطَهُ لِغَيْرِهِ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ:" وَمَنْ شَرَطَ نَظَرَهُ لَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ" وَلَا يَتَأَتَّى عَوْدُهُ إلَى النَّاظِرِ بِالشَّرْطِ إذَا كَانَ غَيْرَ الْوَاقِفِ، لِأَنَّهُ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
التَّوْكِيلُ وَلَا يُوصِي بِهِ، وَمَنْ شَرَطَهُ لَهُ إنْ مَاتَ فَعَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَكَمَوْتِهِ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْغَالِبِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ. لَا، وَلَوْ قَالَ: النَّظَرُ1 بَعْدَهُ لَهُ2، فَهَلْ هُوَ كذلك أو المراد بعد نظره؟ يتوجه وجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-5: قَوْلُهُ: "وَمَنْ3 شَرَطَهُ لَهُ إنْ مَاتَ فَعَزَلَ نَفْسَهُ أَوْ فَسَقَ فَكَمَوْتِهِ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ لِلْغَالِبِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ: لَا، وَلَوْ قَالَ: النَّظَرُ بَعْدَهُ لَهُ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ بَعْدَ نَظَرِهِ؟ يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: "النَّظَرُ بَعْدَهُ لَهُ" كَقَوْلِهِ: "النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ4 لَهُ" والله أعلم.
وَلِلنَّاظِرِ التَّقْرِيرُ فِي الْوَظَائِفِ، ذَكَرُوهُ فِي نَاظِرِ الْمَسْجِدِ، وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّهُ يُقَرِّرُ فِي الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ الْإِمَامُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ على نصبه1 إلَّا بِشَرْطٍ، وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ، أَطْلَقَهُ الأصحاب، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ مَعَ حُضُورِهِ1، فَيُقَرِّرُ حَاكِمٌ فِي وَظِيفَةٍ خَلَتْ2 فِي غَيْبَتِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الْقِيَامِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَدَوَامِ نَفْعِهِ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي تَوْلِيَةِ الْأَئِمَّةِ مَعَ الْعَبْدِ، لِمَنْعِهِمْ غَيْرَهُمْ التَّوْلِيَةَ، فَنَظِيرُهُ مَنْعُ الْوَاقِفِ التَّوْلِيَةَ لِغَيْبَةِ النَّاظِرِ، وَلَوْ سَبَقَ تَوْلِيَةُ نَاظِرٍ غَائِبٍ قُدِّمَتْ، وَلِلْحَاكِمِ النَّظَرُ العام، فيعترض عليه إنْ فَعَلَ مَا لَا يُسَوِّغُ، وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ أَوْ أَصَرَّ3 مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قَدَحَ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ، عَلَى الْخِلَافِ المشهور "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-6: قَوْلُهُ: "وَلَهُ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ تَفْرِيطِهِ أَوْ تُهْمَتِهِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، وَمَنْ ثَبَتَ فِسْقُهُ أَوْ أَصَرَّ مُتَصَرِّفًا بِخِلَافِ الشَّرْطِ الصَّحِيحِ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ قَدَحَ فِيهِ، فَإِمَّا أَنْ يَنْعَزِلَ أَوْ يُعْزَلَ4 أَوْ يُضَمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ، عَلَى الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ" انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي النَّاظِرِ الْإِسْلَامُ، وَالتَّكْلِيفُ، وَالْكِفَايَةُ في التصرف، والخبرة
ثُمَّ إنْ صَارَ هُوَ أَوْ الْوَصِيُّ أَهْلًا عاد كما لو صرح به، وَكَالْمَوْصُوفِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَمَتَى فَرَّطَ سَقَطَ مِمَّا لَهُ بِقَدْرِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْوَاجِبِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْعَامِلِ يَسْتَحِقُّ مَالَهُ إن كان معلوما، فإن قصر فترك ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ، وَالْقُوَّةُ عَلَيْهِ، وَيُضَمُّ إلَى الضَّعِيفِ قَوِيٌّ أَمِينٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَكَانَتْ تَوْلِيَتُهُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ النَّاظِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ الْعَدَالَةِ فِيهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْته، وَإِنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ مِنْ الْوَاقِفِ وَهُوَ فَاسِقٌ أَوْ كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ فَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَصِحُّ، وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَصِحَّ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ وَيَنْعَزِلُ إذَا فَسَقَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمِنْ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِسْقِ الطَّارِئِ دُونَ الْمُقَارِنِ1 لِلْوِلَايَةِ، وَالْعَكْسُ أَنْسَبُ، فَإِنَّ فِي حَالِ الْمُقَارَنَةِ مُسَامَحَةٌ لِمَا يُتَوَقَّعُ مِنْهُ بِخِلَافِ حَالَةِ الطَّرَيَانِ انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا يَجْعَلُ الْوَاقِفُ النظر له أو لكونه أحق بذلك "2عند عدم ناظر، فهو بِذَلِكَ؛2" رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً عَدْلًا كَانَ أَوْ فَاسِقًا، لِأَنَّهُ يَنْظُرُ لِنَفْسِهِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَقِيلَ: يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ أَمِينٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَمَّا الْعَدَالَةُ فَلَا تُشْتَرَطُ، وَلَكِنْ يُضَمُّ إلَى الْفَاسِقِ عَدْلٌ، ذَكَرَهُ ابن أبي موسى والسامري، وغيرهما5، لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ وَحِفْظِ الْوَقْفِ انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى شَخْصٍ وَطَرَأَ عَلَيْهِ الْفِسْقُ هَلْ يُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ أَوْ يَنْعَزِلُ؟ قولين، قدم المصنف فيه الضم، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى خِلَافِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَا إذَا شَرَطَ لَهُ النَّظَرَ بَعْدَ فُلَانٍ فَفَسَقَ فلان أنه كموته، فدل أنه ينعزل.
بَعْضَ الْعَمَلِ لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا قَابَلَهُ، وَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةٍ مِنْهُ اسْتَحَقَّهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ لِزِيَادَةٍ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا فَأُجْرَةُ مِثْلِهِ. فَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا فِي الدِّيوَانِ وَعَمِلَ بِهِ جَمَاعَةٌ فَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِأَخْذِ الْجَارِي عَلَى عَمَلِهِ فَلَهُ جَارِي مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ مِنْ وَقْتِ نَظَرِهِ فِيهِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ أَطْلَقَ النَّظَرَ لِحَاكِمٍ شَمِلَ أَيَّ حَاكِمٍ كَانَ، سَوَاءٌ كان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَذْهَبُهُ مَذْهَبَ حَاكِمِ الْبَلَدِ زَمَنَ الْوَاقِفِ أَوْ لَا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظَرٌ إذَا انْفَرَدَ، وَهُوَ بَاطِلٌ، اتِّفَاقًا، وَلَوْ فَوَّضَهُ حَاكِمٌ لَمْ يَجُزْ لِآخَرَ نَقْضُهُ، وَلَوْ وَلَّى كُلٌّ مِنْهُمَا شَخْصًا قَدَّمَ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَحَقَّهُمَا، وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ لِوَاقِفٍ شَرْطُ النَّظَرِ لِذِي مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ دَائِمًا، وَمَنْ وَقَفَ عَلَى مُدَرِّسٍ وَفُقَهَاءَ فَلِلنَّاظِرِ ثُمَّ لِلْحَاكِمِ تَقْدِيرُ أَعْطِيَتِهِمْ، فَلَوْ زَادَ النَّمَاءُ فَهُوَ لَهُمْ، وَالْحُكْمُ بِتَقْدِيمِ مُدَرِّسٍ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ، لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا يَعْتَدُّ بِهِ قَالَ بِهِ وَلَا بِمَا يُشْبِهُهُ، وَلَوْ نفذه حاكم1 لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفُذَ حُكْمُ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِحُكْمِهِ مَسَاغٌ، وَالضَّرُورَةُ وَإِنْ أَلْجَأَتْ إلَى تَنْفِيذِ حُكْمِ الْمُقَلِّدِ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا وَقَفَ عَلَى حَدِّ التَّقْلِيدِ، وَلَمْ يَتَجَاسَرْ عَلَى قَضِيَّةٍ لَوْ نَزَلَتْ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَجَمَعَ لَهَا أَهْلَ الشُّورَى، وَبُطْلَانُهُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى الشَّرْطِ وَلِلْعُرْفِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ، وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْحُكْمِ، لِأَنَّ النَّمَاءَ لَمْ يُخْلَقْ، وَلَيْسَ هَذَا كَحُكْمِهِ أَنَّ مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ كَذَا حَيْثُ يَنْفُذُ فِي حَاضِرٍ وَمُسْتَقْبَلٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ نَظَرٌ فِي مُوجِبِ عَقْدِ الْوَقْفِ، وَلَيْسَ التَّقْدِيرُ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْمُطْلَقِ، وَلَيْسَ تَقْدِيرُ النَّاظِرِ أَمْرًا حَتْمًا كَتَقْدِيرِ الْحَاكِمِ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ زِيَادَتُهُ وَنَقْصُهُ لِلْمَصْلَحَةِ. وَإِنْ قِيلَ إنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يَزْدَادُ وَلَا يَنْقُصُ بِزِيَادَةِ النَّمَاءِ وَنَقْصِهِ كَانَ بَاطِلًا، لِأَنَّهُ لَهُمْ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمْ وَلَوْ تَفَاوَتُوا فِي الْمَنْفَعَةِ، كَالْإِمَامِ وَالْجَيْشِ فِي الْمَغْنَمِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يُسَوِّي فِي قَسْمِ الْفَيْءِ، لَكِنْ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى التَّفْضِيلِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقَيِّمُ وَنَحْوُهُ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ، وَلِهَذَا يَحْرُمُ أَخْذُهُ فَوْقَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِلَا شَرْطٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ شَيْخُنَا، وَجَعَلَ الْإِمَامَ وَالْمُؤَذِّنَ كَالْقَيِّمِ، بِخِلَافِ الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِ وَالْفُقَهَاءِ فَإِنَّهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي مُدَرِّسٍ وَفُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةٍ وَإِمَامٍ وَقَيِّمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَتَا عَامِلِ زَكَاةٍ الثَّمَنُ أَوْ الْأُجْرَةُ, قَالَ: وَلَوْ عَطَّلَ مُغِلٌّ وَقْفَ مَسْجِدٍ سَنَةً تَقَسَّطَتْ الْأُجْرَةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ عَلَيْهَا وَعَلَى السَّنَةِ الْأُخْرَى لِتَقُومَ الْوَظِيفَةُ فِيهِمَا، فَإِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ التَّعْطِيلِ، وَلَا يُنْقِصُ الْإِمَامُ بِسَبَبِ تَعَطُّلِ الزَّرْعِ بَعْضَ الْعَامِ. فَقَدْ أَدْخَلَ مُغِلَّ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ، وَأَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَّا فِي زَمَنِنَا فِيمَا نَقَصَ عَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ كُلَّ شَهْرٍ أَنَّهُ يُتَمِّمُ مِمَّا بَعْدُ، وَحَكَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْدَ سِنِينَ، وَرَأَيْت غَيْرَ وَاحِدٍ لَا يَرَاهُ، وَقَالَ: وَمَنْ لَمْ يَقُمْ بِوَظِيفَتِهِ غَيَّرَهُ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَقُومُ بِهَا إذَا لَمْ يَتُبْ الْأَوَّلُ وَيَلْتَزِمْ بِالْوَاجِبِ. وَيَجِبُ أَنْ يُوَلَّى فِي الْوَظَائِفِ وَإِمَامَةِ الْمَسَاجِدِ الْأَحَقُّ شَرْعًا، وَأَنْ يَعْمَلَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عَمَلٍ وَاجِبٍ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وِلَايَةُ الْإِمَامَةِ طَرِيقُهَا الْأَوْلَى لَا الْوَاجِبُ1، بِخِلَافِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالنِّقَابَةِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَاضَى النَّاسُ بِإِمَامٍ يُصَلِّي فِيهِمْ صَحَّ، وَلِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ عِنْدَ كَثِيرٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ وَهِيَ الْجَوَامِعُ إلَّا مَنْ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ، لِئَلَّا يَفْتَاتَ عَلَيْهِ فِيمَا وَكَلَ إلَيْهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ رَضُوا بِغَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ كُرِهَ وَصَحَّ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ غَابَ مَنْ وَلَّاهُ فَنَائِبُهُ أَحَقُّ، ثُمَّ مَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، لِتَعَذُّرِ إذْنِهِ، وَتَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِ إلَى هَذَا الْإِمَامِ مَا لَمْ يُصْرَفْ عَنْهُ، لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ مَا وُلِّيَ الْقِيَامَ بِهِ2، وَيُعْمَلُ بِرَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ فِي الصَّلَاةِ، لَا تَجُوزُ مُعَارَضَتُهُ فِيهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ "3الْمُؤَذِّنُ بِهِمَا فِي الْوَقْتِ وَالْأَذَانِ3"، وَأَقَلُّ مَا يُعْتَبَرُ فِي هَذَا الْإِمَامِ الْعَدَالَةُ وَالْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ وَالْعِلْمُ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَفِي جَوَازِ كَوْنِ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ عَبْدًا فِيهِ4 رِوَايَتَانِ، فَدَلَّ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنْ جَازَ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ، فَكَذَا الْعَدَالَةُ وَغَيْرُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ:" وَفِي جَوَازِ أَنَّ كَوْنَ الْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ عَبْدًا فِيهِ رِوَايَتَانِ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ جَازَ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ فَكَذَا الْعَدَالَةُ وغيرها" انتهى. إنما ذكر المصنف هذا هنا1 فِي مَعْرِضِ بَحْثٍ، وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ فِي الْجُمُعَةِ، وَلَنَا رِوَايَةٌ بِالْجَوَازِ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا جَوَازَ وِلَايَتِهِ لِلْإِمَامَةِ وَصِحَّتَهَا. الثَّانِي: قَوْلُهُ2: "وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ يُحَرِّمُ الْوُضُوءَ مِنْ زَمْزَمَ، فَعَلَى نَجَاسَةِ3 الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ، وَقِيلَ: لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ، وَأَنَّهُ لَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ فِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ4 وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهَا" انْتَهَى. قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ5 فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ هُنَاكَ قَالَ: وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَ النَّهْيِ اخْتِيَارُ الْوَاقِفِ وَشَرْطُهُ، فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ لَوْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَمْ يَحْرُمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ" انْتَهَى. فَهُنَاكَ لَمْ يَعْزُ الْوَجْهَيْنِ، "6بَلْ قَالَ: "اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ"، فَنَسَبَهُ إلَيْهِمْ6"، وَهُنَا عَزَاهُمَا إلَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يتعين مصرف7 الْوَقْفِ، وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، مَعَ إطْلَاقِهِ لِلْخِلَافِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا هناك، والله أعلم.
وقال شَيْخُنَا: قَدْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَ مَنْ لَا تجوز تَوْلِيَتُهُ، وَلَيْسَ لِلنَّاسِ أَنْ يُوَلُّوا عَلَيْهِمْ الْفُسَّاقَ، وَإِنْ نَفَذَ حُكْمُهُ أَوْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهَا، لَمْ يَتَنَازَعُوا أَنَّهُ لا ينبغي توليته. وَمَا بَنَاهُ أَهْلُ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ مِنْ الْمَسَاجِدِ فَالْإِمَامَةُ لِمَنْ رَضُوهُ، لَا اعْتِرَاضَ لِلسُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَيْسَ لَهُمْ صَرْفُهُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ إنْ غَابَ، وَلَهُمْ انْتِسَاخُ كِتَابِ الْوَقْفِ وَالسُّؤَالُ عَنْ حَالِهِ، وَاحْتَجَّ شَيْخُنَا بِمُحَاسَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ1، مَعَ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ صَرْفِهَا وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَهُنَا أَوْلَى، وَنَصُّهُ: إذا كان متهما ولم يرضوا به، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَصْبُ الْمُسْتَوْفِي الْجَامِعَ لِلْعُمَّالِ الْمُتَفَرِّقِينَ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ مَصْلَحَةُ قَبْضِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ إلَّا بِهِ وَجَبَ. وَقَدْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ لِقِلَّةِ1 الْعُمَّالِ، وَمُبَاشَرَةُ الْإِمَامِ وَالْمُحَاسَبَةُ بِنَفْسِهِ، كَنَصْبِ الْإِمَامِ لِلْحَاكِمِ، وَلِهَذَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَدِينَةِ يُبَاشِرُ الْحُكْمَ وَاسْتِيفَاءَ الْحِسَابِ بِنَفْسِهِ، وَيُوَلِّي مَعَ الْبُعْدِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَسَجَّلَ كِتَابَ الْوَقْفِ مِنْ الْوَقْفِ، كَالْعَادَةِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَوَلَدُهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ قِيمَتُهُ عَلَى وَاطِئِهِ مَصْرُوفَةً فِي مِثْلِهِ كَقِيمَةِ أَصْلِهِ الْمُتْلَفِ وَمِنْ زَوَاجٍ2 أَوْ زِنًى وَقْفٌ، وَقِيلَ: الْوَلَدُ وَقِيمَتُهُ مِلْكٌ لَهُ، كَنَفَقَةٍ وَمَهْرٍ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ لِلْأَمَةِ، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ مَلَكَ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَنَفَقَتُهُ مِنْهُ مَعَ عَدَمِ شَرْطٍ، ثُمَّ نَفَقَةُ حَيَوَانٍ مِنْ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَتَجِبُ عِمَارَتُهُ بِحَسَبِ الْبُطُونِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ غَيْرُهُ لَا تَجِبُ، كَالطَّلْقِ، وَتَقَدَّمَ عِمَارَتُهُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا حَسَبُ الْإِمْكَانِ، بَلْ قَدْ يَجِبُ، وَلِلنَّاظِرِ الِاسْتِدَانَةُ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ حَاكِمٍ، لِمَصْلَحَةٍ، كَشِرَائِهِ لِلْوَقْفِ نَسِيئَةً أَوْ بِنَقْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ، وَيَتَوَجَّه فِي قَرْضِهِ مالا كولي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويرجع إلى شرطه في تقديم وتسوية
فصل: وَيُرْجَعُ إلَى شَرْطِهِ فِي تَقْدِيمٍ وَتَسْوِيَةٍ وَجَمْعٍ وَضِدِّ ذَلِكَ، وَاعْتِبَارِ وَصْفٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَدَمِهِ وَعَدَمِ إيجَارِهِ1 أَوْ قَدْرِ الْمُدَّةِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لُزُومَ الْعَمَلِ بِشَرْطٍ مُسْتَحَبٍّ خَاصَّةً، وَذَكَرَهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ وَيَعْذُرُ غَيْرَهُ، فَبَذْلُ الْمَالِ فِيهِ سَفَهٌ وَلَا يَجُوزُ، وَأَيَّدَهُ الْحَارِثِيُّ بِنَصِّهِ الْآتِي فِي شَرْطِ أُجْرَةٍ لِلنَّاظِرِ2. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ قَدَّرَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَلَهُ أَكْثَرُ إنْ اسْتَحَقَّهُ بِمُوجَبِ الشَّرْعِ، وَقَالَ: الشَّرْطُ الْمَكْرُوهُ بَاطِلٌ، اتِّفَاقًا، وَقِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ طَائِفَةٌ وَقَفَ عَلَيْهَا مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً، كَالصَّلَاةِ فِيهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يُحْتَمَلُ إنْ عَيَّنَ مَنْ يُصَلِّي فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَوْ يُدَرِّسُ الْعِلْمَ اخْتَصَّ، وَإِنْ سَلِمَ فَلِأَنَّهُ لَا يَقَعُ التَّزَاحُمُ بِإِشَاعَتِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فَهُوَ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ تُرَادُ لَهُ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ تَسْوِيَةً بَيْنَ فُقَهَاءَ كَمُسَابَقَةٍ. قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ نُصُوصُهُ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ. يَعْنِي فِي الْفَهْمِ وَالدَّلَالَةِ، لَا فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ، مَعَ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ لَفْظَهُ وَلَفْظَ الْمُوصِي وَالْحَالِفِ وَالنَّاذِرِ وَكُلِّ عَاقِدٍ يُحْمَلُ عَلَى عَادَتِهِ فِي خِطَابِهِ وَلُغَتِهِ الَّتِي يَتَكَلَّمُ بِهَا وَافَقَتْ لُغَةَ الْعَرَبِ أَوْ لُغَةَ الشَّارِعِ أَوْ لَا، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى صَلَاةٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ جِهَادٍ غَيْرِ شَرْعِي وَنَحْوِهِ لَمْ يَصِحَّ. وَالْخِلَافُ فِي الْمُبَاحِ، كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ لَا يَخْرُجُ مِثْلُهُ هُنَا لِأَنَّهُ بِفِعْلٍ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ، وَلَا يَجُوزُ اعْتِقَادُ غَيْرِ المشروع مشروعا وقربة وطاعة، . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاِتِّخَاذُهُ دِينًا، وَالشُّرُوطُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا إذَا لَمْ يُفْضِ1 ذَلِكَ إلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَقْصُودِ الشَّرْعِيِّ، وَلَا تَجُوزُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى بَعْضِهَا مَعَ فَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِهَا، قَالَ: وَمَنْ شَرَطَ فِي الْقُرُبَاتِ أَنْ يُقَدِّمَ فِيهَا الصِّنْفَ الْمَفْضُولَ فَقَدْ شَرَطَ خِلَافَ شَرْطِ اللَّهِ، كَشَرْطِهِ فِي الْإِمَامَةِ تَقْدِيمَ غَيْرِ الْأَعْلَمِ، فَكَيْفَ إذَا شَرَطَ أَنْ يَخْتَصَّ بِالصِّنْفِ الْمَفْضُولِ؟ وَالنَّاظِرُ مُنَفِّذٌ لِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ، لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ شُرُوطًا، وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِلَ فَاسِقٌ وَشِرِّيرٌ وَمُتَجَوِّهٌ2 وَنَحْوُهُ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا تَوَجَّهَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ فِي فُقَهَاءَ وَنَحْوِهِمْ، وَفِي إمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ الْخِلَافُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَلَامِ شَيْخِنَا فِي مَوْضِعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ فَاسِقٌ فِي جِهَةٍ دِينِيَّةٍ كَمَدْرَسَةٍ وَغَيْرِهَا، مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَعُقُوبَتُهُ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ؟ وَإِنْ نُزِّلَ مُسْتَحِقٌّ تَنْزِيلًا شَرْعِيًّا لَمْ يَجُزْ صرفه بلا موجب شرعي، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِمَحْضَرٍ لِوَقْفٍ فِيهِ شُرُوطٌ ثُمَّ ظَهَرَ كِتَابُ وَقْفٍ غَيْرُ ثَابِتٍ وَجَبَ ثُبُوتُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ إنْ أَمْكَنَ. وَإِنْ شَرَطَ لِلنَّاظِرِ3 إخْرَاجَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَإِدْخَالَ مَنْ شَاءَ مِنْ غَيْرِهِمْ بَطَلَ، لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَاهُ، لَا قَوْلَهُ: يُعْطِي مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَيَمْنَعُ مَنْ شاء، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِتَعْلِيقِهِ اسْتِحْقَاقَهُ بِصِفَةٍ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: الْفَرْقُ لَا يَتَّجِهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: كُلُّ مُتَصَرِّفٍ بِوِلَايَةٍ إذَا قِيلَ يَفْعَلُ مَا شَاءَ فَإِنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ: حَتَّى لَوْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِفِعْلِ مَا يَهْوَاهُ وَمَا يَرَاهُ مُطْلَقًا فَشَرْطٌ بَاطِلٌ، لِمُخَالَفَتِهِ الشَّرْعِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا مُبَاحًا، وَهُوَ بَاطِلٌ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، حَتَّى لَوْ تَسَاوَى فِعْلَانِ عُمِلَ بِالْقُرْعَةِ1، وَإِذَا قِيلَ هُنَا بِالتَّخْيِيرِ فَلَهُ وَجْهٌ. قَالَ: وَعَلَى النَّاظِرِ بَيَانُ الْمَصْلَحَةِ، فَيَعْمَلُ بِمَا ظَهَرَ، وَمَعَ الِاشْتِبَاهِ إنْ كَانَ عَالِمًا عَادِلًا سَوَّغَ2 لَهُ اجْتِهَادُهُ، قَالَ: وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مَنْ قَسَّمَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَحَرَّى الْعَدْلَ وَيَتْبَعُ مَا هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، اسْتَفَادَ الْقِسْمَةَ بِوِلَايَةٍ، كَإِمَامٍ وَحَاكِمٍ، أَوْ بِعَقْدٍ كَالنَّاظِرِ وَالْوَصِيِّ، وَيَتَعَيَّنُ مَصْرِفُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقِيلَ: إنْ سُبِّلَ مَاءٌ لِلشُّرْبِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ، فَشُرْبُ مَاءٍ لِلْوُضُوءِ يُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ وَأَوْلَى. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي الْفَرَسِ الْحَبِيسِ: لَا يُعِيرُهُ وَلَا يُؤَجِّرُهُ إلَّا لِنَفْعِ الْفَرَسِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْكَبَهُ فِي حَاجَةٍ إلا لتأديبه وجمال للمسلمين ورفعة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَهُمْ أَوْ غَيْظَةٍ لِلْعَدُوِّ، وَتَقَدَّمَ وَجْهٌ: يَحْرُمُ الوضوء من زمزم، فعلى نجاسة الْمُنْفَصِلِ وَاضِحٌ وَقِيلَ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ لَوْ سَبَّلَ مَاءً لِلشُّرْبِ فِي كَرَاهَةِ الْوُضُوءِ مِنْهُ وَتَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ فِي "فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ" وَغَيْرِهَا1، وَعَنْهُ خُرُوجُ بُسُطِ مَسْجِدٍ وَحُصُرِهِ لِمَنْ يَنْتَظِرُ الْجِنَازَةَ، وَسُئِلَ عَنْ التَّعْلِيمِ بِسِهَامِ الْغَزْوِ فَقَالَ: هَذَا مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَالَ: أَخَافُ أَنْ تُكْسَرَ2، وَلَهُ رُكُوبُ الدَّابَّةِ لِعَلَفِهَا، نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ، وَإِنْ شَرَطَ لِنَاظِرِهِ أُجْرَةً فَكُلْفَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَبْقَى أُجْرَةُ مِثْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ: مِنْ الْوَقْفِ، وَقِيلَ لِشَيْخِنَا: فَلَهُ الْعَادَةُ بِلَا شَرْطٍ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا يُقَابِلُ عَمَلَهُ. وَمَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْوَقْفِ هَلْ هُوَ كإجارة، أو جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يُوجِبُ الْعَقْدَ عُرْفًا، أَوْ هُوَ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ هو الأخير "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-7: قَوْلُهُ: "وَمَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْوَقْفِ هل هو كإجارة أو"كـ "جعالة واستحق ببعض العمل لأنه يوجب العقد عُرْفًا ; أَوْ هُوَ كَرِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَ هُوَ الْأَخِيرَ" انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَلْ رزق
قال: ومن أكل المال بالباطل1 قَوْمٌ لَهُمْ رَوَاتِبُ أَضْعَافُ حَاجَاتِهِمْ وَقَوْمٌ لَهُمْ جهات معلومها كبير2 يَأْخُذُونَهُ وَيَسْتَنِيبُونَ بِيَسِيرٍ. وَقَالَ أَيْضًا: النِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ مِثْلَ مُسْتَنِيبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ كَالْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ، وَيَلْزَمُ تَعْمِيمُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّسْوِيَةُ إنْ أَمْكَنَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ، وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وَفِيهِ نَظَرٌ، وَعَنْهُ: وَإِنْ وَصَّى فِي أَهْلِ سِكَّتِهِ وَهُمْ أهل دربه التفضيل لحاجة. ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْإِعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ، وَالْمُوصَى بِهِ أَوْ الْمَنْذُورُ لَهُ لَيْسَ كَالْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: وَلَا يُقَالُ إنَّ مِنْهُ مَا يُؤْخَذُ أُجْرَةً عَنْ عَمَلٍ كَالتَّدْرِيسِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّا نَقُولُ أَوَّلًا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ أُجْرَةٌ مَحْضَةٌ، بَلْ هُوَ رِزْقٌ وَإِعَانَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأَمْوَالِ انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيُّ الدِّينِ أَخَذَ اخْتِيَارَهُ مِنْ هَذَا، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، "3وَاخْتَارَ الشَّيْخُ حَامِدُ بْنُ أَبِي الْحَجَرِ أَنَّهُ كَالْإِجَارَةِ، ذَكَرَهُ وَلَدُ الْمُصَنِّفِ فِي الطَّبَقَاتِ3". تَنْبِيهُ: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "النِّيَابَةُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزَةٌ وَلَوْ عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ إذَا كَانَ مِثْلَ مُسْتَنِيبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ فِي4 ذَلِكَ مفسدة راجحة" انتهى.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ وَنَقَلَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا الْمَرُّوذِيُّ التَّسْوِيَةَ، وَيُعْتَبَرُ سُكْنَاهُ وقت وصية، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي: أَوْ طَرَأَ إلَيْهِ بَعْدَهَا، وَقِيلَ: هُمَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ طَرِيقُهُمْ بِدَرْبِهِ، وَعَنْهُ: فِيمَنْ وَصَّى، فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ يَنْظُرُ أَحْوَجَهُمْ، وإن لم يمكن1 ابْتِدَاءٌ كَفَى وَاحِدٌ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ، وَقِيلَ: فِي الْوَاحِدِ رِوَايَتَانِ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصِ إعْطَاءُ فَقِيرٍ أَكْثَرَ مِنْ زَكَاةٍ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَصْنَافِهَا أَوْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ اقْتَصَرَ عَلَى صِنْفٍ، كَزَكَاةٍ، وَقِيلَ: لَا، قَالَ فِي الْخِلَافِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَصَّى بِثُلُثِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ: يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ. فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ يُعْتَبَرُ فيها لفظ الموصي، وأوامر الله يعتبر ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ مَغْلِيٌّ: صَوَابُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَفْسَدَةٌ رَاجِحَةٌ، كَذَا هُوَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ" انْتَهَى قُلْت: لَوْ قِيلَ: وَقَدْ يكون في2 مثل ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ، لَكَانَ أَوْلَى، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: لَعَلَّهُ مَصْلَحَةٌ انْتَهَى. لَكِنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ "3ثُمَّ وَجَدْت الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ قَالَ فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ وَبِكُلِّ حَالٍ، فَالِاسْتِخْلَافُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ الْمَشْرُوطَةِ جَائِزٌ، وَلَوْ نَهَى الْوَاقِفُ عَنْهُ، إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذلك مفسدة راجحة3".
فِيهَا الْمَقْصُودُ، بِدَلَالَةِ أَنَّ الْمُوصِي لِلْمَسَاكِينِ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ، وَالْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَةِ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى غَيْرِ الْمَسَاكِينِ وَإِنْ كَانُوا مَنْصُوصًا عَلَيْهِمْ، وَلَوْ قَالَ: أُعْتِقُ عَبْدِي لِأَنَّهُ أَسْوَدُ، لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ، وَعَكْسُهُ أَمْرُ اللَّهِ قَالَ: وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى هَذَا فِي الرَّجُلِ يَجْعَلُ الشَّيْءَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ هَلْ يُعْطَى مِنْهُ فِي السَّبِيلِ؟ قَالَ: لَا، وَيُعْطَى الْمَسَاكِينُ كَمَا1 أَوْصَى وَقَالَ الْقَاضِي عَنْ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ: أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ فِيمَنْ وَصَّى أَنْ يُفَرَّقَ فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ هَلْ يُفَرَّقُ عَلَى قَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ؟ فَقَالَ: يُنْظَرُ إلَى أَحْوَجِهِمْ، قَالَ: وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ اعْتَبَرَ الْحَاجَةَ وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْعَدَدَ، كَذَا قَالَ الْقَاضِي، مَعَ أَنَّ النَّصَّ فِي فُقَرَاءِ مَكَّةَ وَهُمْ مُعَيَّنُونَ، وَقِيلَ لِكُلِّ صِنْفٍ ثُمُنٌ، إنْ افْتَقَرَ شَمِلَهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ ذَكَرَ الْفُقَرَاءَ أَوْ الْمَسَاكِينَ أَعْطَى الْآخَرَ. وَفِيهِ وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي قَدْ يَعْرَى عَنْ فَائِدَةٍ، فَاعْتُبِرَ لَفْظُهُ. وَفِي "الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ": يَعْمَلُ وَالِي الْمَظَالِمِ فِي وَقْفٍ عَامٍّ بِدِيوَانِ حَاكِمٍ أَوْ سَلْطَنَةٍ أَوْ كِتَابٍ قَدِيمٍ يَقَعُ فِي النَّفْسِ صِحَّتُهُ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى ولده أو ولد غيره ثم الفقراء فالذكر كأنثى، نص عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ1، وَفِي شُمُولِهِ وَلَدَ بَنِيهِ الْمَوْجُودَ وَعَنْهُ: وَمَنْ سَيُوجَدُ وَفِي وَصِيَّةٍ قَبْلَ موت موص روايتان "م 5،8". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-8- 9: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غيره ثم الفقراء فالذكر كأنثى، نص عليه وَفِي شُمُولِهِ وَلَدَ بَنِيهِ الْمَوْجُودَ وَعَنْهُ: وَمَنْ سَيُوجَدُ وَفِي وَصِيَّةٍ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-8: هَلْ يَشْمَلُ وَلَدَ بَنِيهِ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ2: أَحَدُهُمَا: يَشْمَلُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُنَادِي، قَالَ الْحَارِثِيُّ: الْمَذْهَبُ دُخُولُهُمْ. وَقَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الخلال وأبو بكر عبد العزيز وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي فِيمَا عَلَّقَهُ بِخَطِّهِ عَلَى ظَهْرِ خِلَافِهِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُونَ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي بَابِ الْوَصَايَا وَالْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَدْخُلُونَ بِدُونِ قَرِينَةٍ، قَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. تَنْبِيهٌ: قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ سَيُوجَدُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وقالا: نص عليه، والحاوي الصغير.
وَالْأَصَحُّ مُرَتَّبًا، كَبَطْنٍ بَعْدَ بَطْنٍ، أَوْ الْأَقْرَبَ فالأقرب، أو الأول ونحوه، وقيل: يشمل وَلَدَ بَنَاتِهِ وَلَوْ كَانَ وَلَدَ فُلَانٍ قَبِيلَةً أو قال أولادي وأولادهم فلا ترتيب، وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ عَمَّنْ وَقَفَ شَيْئًا فَقَالَ هَذَا لِفُلَانٍ حَيَاتَهُ وَلِوَلَدِهِ. قَالَ: وَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ، فَإِذَا مَاتَ فَلِوَلَدِهِ، وَلَوْ قَالَ وَلَدِي فَإِذَا انْقَرَضَ وَلَدُهُ فَالْفُقَرَاءُ شَمِلَهُ، وَقِيلَ: لَا، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ عَقِبِهِ وَلَا قَرِينَةَ لَمْ يَشْمَلْ وَلَدَ بَنَاتِهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَمَنْ يَنْتَسِبُ إلَيَّ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَقُلْ لِصُلْبِي، وَقِيلَ: إنْ قَالَهُ شَمِلَ وَلَدَ بِنْتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَّرَهَا يَشْمَلُهُ أَيْضًا، وَهِيَ الصَّحِيحَةُ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَابْنُ الْمُنَادِي كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الحارثي في "1شرحه وشرح ابن منجا1" وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-9: حُكْمُ مَا إذَا أَوْصَى لِوَلَدِ غَيْرِهِ فِي دُخُولِ وَلَدِ بَنِيهِ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا. "2 تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ: شَمِلَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: "وَعَنْهُ وَمَنْ سَيُوجَدُ" لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ: أَحَدُهُمَا: يَشْمَلُهُ، فَيَسْتَحِقُّ مَعَ مَنْ كَانَ مَوْجُودًا، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ قُلْنَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ، وَهُوَ الظاهر2".
لِصُلْبِهِ فَقَطْ، وَعَنْهُ: يَشْمَلُهُمْ غَيْرَ وَلَدِ وَلَدِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ، يَشْمَلُ فِي الذُّرِّيَّةِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي وَلَدِ وَلَدِهِ. وَتَجَدُّدُ حَقِّ حَمْلٍ بِانْفِصَالِهِ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ، كَمُشْتَرٍ، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: يُسْتَحَقُّ مِنْ زَرْعٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْحَصَادَ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُسْتَحَقُّ قَبْلَ حَصَادِهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: الثَّمَرَةُ لِلْمَوْجُودِ عِنْدَ التَّأْبِيرِ أَوْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، وَيُشْبِهُ الْحَمْلَ إنْ قَدِمَ إلَى ثَغْرٍ موقوف عليه فيه2 أَوْ خَرَجَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ فِيهِ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، وَقِيَاسُهُ مَنْ نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهِ، وَاخْتَارَ3 شَيْخُنَا يُسْتَحَقُّ بِحِصَّتِهِ مِنْ مُغِلِّهِ وَإِنَّ مَنْ جَعَلَهُ كَالْوَلَدِ فَقَدْ أَخْطَأَ. وَإِنَّ لِوَرَثَةِ إمَامِ مَسْجِدٍ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي أَرْضِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْفَلَّاحُ غَيْرَهُ، وَلَهُمْ مِنْ مُغِلِّهِ بِقَدْرِ مَا بَاشَرَهُ مَوْرُوثُهُمْ مِنْ الْإِمَامَةِ4، وَبَنَى فُلَانٌ لِذُكُورِهِمْ5، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانُوا قَبِيلَةً شَمِلَ النِّسَاءَ، وَلَا يَدْخُلُ مَوْلَى بني ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هَاشِمٍ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُمْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ حَقِيقَةً1 "2كَمَا أَنَّ الْمُنْعِمَ لَيْسَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ وَالْمَجُوسِيَّ لَيْسَ بِأَهْلِ كِتَابٍ حَقِيقَةً2"، فَلَا يَشْمَلُهُمَا الْإِطْلَاقُ، وَكَمَا لَوْ وَصَّى لِأَنْسَابِهِ لَمْ يَشْمَلْ الْمُرْضِعَ وَالْمُرْتَضِعَ. فَالْأَحْكَامُ قَدْ تَلْحَقُ وَإِنْ لَمْ تَلْتَحِقْ بِالْحَقِيقَةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ قَالَ: أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ، فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ، وَقِيلَ: أَفْرَادٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ إذَا قُوبِلَ جَمْعٌ بِجَمْعٍ اقْتَضَى مُقَابَلَةَ الْفَرْدِ مِنْهُ بِالْفَرْدِ مِنْ مُقَابَلَةِ لُغَةٍ فَعَلَى هَذَا الْأَظْهَرُ اسْتِحْقَاقُ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَالِدُهُ3 أَخَذَ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذْ هُوَ فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَلَمْ يَدْرِ ما يقول، ولهذا لو انتفت4 الشُّرُوطُ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى أَوْ بَعْضِهِمْ لَمْ تُحْرَمْ الثَّانِيَةُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ فِيهِمْ "عِ" وَلَا فَرْقَ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقَوْلُ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ يَعُمُّ وَمَا اسْتَحَقَّهُ وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مَعَ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، اسْتَحَقَّهُ أَوَّلًا تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ، وَلِصِدْقِ الْإِضَافَةِ بِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، وَلِأَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَ الْعَامَّةِ الشَّارِطِينَ وَيَقْصِدُونَهُ، لِأَنَّهُ يَتِيمٌ لَمْ يَرِثْ هُوَ وَأَبُوهُ مِنْ الْجَدِّ، وَلِأَنَّ فِي صُورَةِ الْإِجْمَاعِ يَنْتَقِلُ مَعَ وُجُودِهِ الْمَانِعُ إلَى وَلَدِهِ، وَلَكِنْ هنا هل يعتبر موت الوالد؟. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا مَا اسْتَحَقَّهُ فَمَفْهُومٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، وَقَدْ تَنَاوَلَهُ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ، فَعَلَى قَوْلِ شَيْخِنَا إنْ قَالَ1: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَنَحْوَهُ فَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ، مَعَ أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، فَإِنْ زَادَ عَلَى أَنَّهُ إنْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَلَهُ وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ عَنْ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَعَنْ وَلَدِ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ2 الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ فَلَهُ مَعَهُمْ مَا لِأَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، فَهُوَ صَرِيحٌ فِي تَرْتِيبِ الْأَفْرَادِ. وَقَالَ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَلَمْ يَزِدْ شَيْئًا. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا نِزَاعٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَا مُشَارَكَةَ. وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِدَرَجَتِهِ وَالْوَقْفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبُطُونِ فَهَلْ هُوَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لِبَطْنِهِ مِنْهُمْ كَالْمُرَتَّبِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ "م 10" فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-10: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ3 غَيْرِ وَلَدٍ لِدَرَجَتِهِ وَالْوَقْفَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْبُطُونِ، فَهَلْ هُوَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ لبطنه4 منهم كالمرتب5؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 والفائق والحاوي الصغير وغيرهم:
يَذْكُرْ الشَّرْطَ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُ عن غير ولد لدرجته فهل نصيبه لأهل الْوَقْفِ أَوْ لِبَطْنِهِ؟ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الوقف، فيه احتمالات "م 11". وَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ بِحَالٍ، وَقَوْلُهُ من مات عن ولد فنصيبه لولده، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَكُونُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ، فَوُجُودُ هَذَا الشَّرْطِ كَعَدَمِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِهِ الْبَطْنُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ، فَيَسْتَوِي فِيهِ إخْوَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ وَبَنُو بَنِي عَمِّ أَبِيهِ، لِأَنَّهُمْ فِي الْقُرْبِ سَوَاءٌ، قَدَّمَهُ النَّاظِمُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، حَتَّى يَبْقَى لِهَذَا الشَّرْطِ فَائِدَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةُ-11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْهُ عَنْ غير ولد لدرجته فهل نصيبه لأهل الوقف أَوْ لِبَطْنِهِ؟ وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؟ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ1" انْتَهَى، وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهَا: يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ كُلِّهِمْ وَإِنْ كَانُوا بُطُونًا، وَحَكَمَ بِهِ التَّقِيُّ سُلَيْمَانُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ بَطْنِهِ، سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَالًا أَوْ قُوَّةً، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً فَمَاتَ أَحَدُهُمَا: عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الثَّانِي: عَنْ ابْنَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ وَتَرَكَ أَخَاهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَعَمَّهُ وَابْنًا لِعَمِّهِ الْحَيِّ فَيَكُونُ نَصِيبُهُ بَيْنَ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْمَيِّتِ وَابْنِ عَمِّهِ الْحَيِّ، ولا يستحق العم الحي شيئا.
يَشْمَلُ الْأَصْلِيَّ وَالْعَائِدَ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْأَصْلِيَّ، لِأَنَّ والديهما لو كانا حَيَّيْنِ اشْتَرَكَا فِي الْعَائِدِ، فَكَذَا وَلَدُهُمَا. وَلَوْ قَالَ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ، ثُمَّ نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا فَمَاتَتْ وَلَهَا أَوْلَادٌ فَقَالَ شَيْخُنَا: مَا اسْتَحَقَّتْهُ قبل موتها لهم، ويتوجه: لا "م 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَخْتَصُّ بِهِ1 أَهْلُ بَطْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لَهُ فِي الْحَالِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ لِابْنِ أَخِيهِ وَابْنِ عَمِّهِ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ، وَلَا شَيْءَ لِعَمِّهِ الْحَيِّ وَلَا لِوَلَدِهِ. "2 فَائِدَةُ: صُورَةِ النَّصِيبِ الْعَائِدِ وَالْأَصْلِيِّ، إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَدٌ آخَرُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُ أَبِيهِ الْأَصْلِيِّ إلَى وَلَدِهِ، وَأَمَّا مَا عَادَ إلَى أَبِيهِ مِنْ نَصِيبِ أَخِيهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ هَذَا الْوَلَدُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مِنْ نَصِيبِهِ؟ أَمْ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْوَلَدُ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ بَقِيَّةُ الطَّبَقَةِ؟ لِأَنَّ أَبَاهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّهُ بِمُسَاوَاتِهِ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ، وَابْنُهُ لَيْسَ بِمُسَاوٍ لِلْمَيِّتِ فِي الدَّرَجَةِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَنَصِيبُ أَبِيهِ هُوَ مَا اسْتَحَقَّهُ أَبُوهُ بِالْإِحَالَةِ دُونَ هَذَا الْعَائِدِ، هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَرَجَّحَ الثَّانِيَ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، لِمَا ذَكَرْنَا، والله أعلم2". مسألة-12: قوله: "لو3 قَالَ أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ فَقَطْ ثُمَّ نسلهم وعقبهم ثم الفقراء على أن من مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لَهُ فَمَاتَ أَحَدُ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَتَرَكَ بِنْتًا فماتت ولها أولاد، فقال
"1وَلَوْ قَالَ1": وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ ثُمَّ نَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، عَمَّنْ لَمْ يُعْقِبْ وَمَنْ أَعْقَبَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَقِبُهُ، لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ غَيْرَهُ، وَاللَّفْظُ يَحْتَمِلُهُ، فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَطْعًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ نُفُوذُ حُكْمٍ بِخِلَافِهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ عَادَتُهُ حُضُورُ الدَّرْسِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الْمَبِيتِ فِيهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَقَدْ قِيلَ لِلْقَاضِي فِي اعتبار العادة في الحيض لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ مُعْتَبَرَةً فِي ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَكْفِي، تَكَرُّرُهُ مَرَّتَيْنِ وَلَا أَكْثَرَ، لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهَذَا الْقَدْرِ عَادَةً، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ بَاتَ فِي الْجَامِعِ لَيْلَتَيْنِ لَا يُقَالُ إنَّ الْعَادَةَ بَيْتُوتَتُهُ فِي الْجَامِعِ، وَإِذَا حَضَرَ مَجْلِسَ الْفِقْهِ مَرَّتَيْنِ لَا يُقَالُ إنَّ عَادَتَهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْفِقْهِ، وَكَوْنُهُ مَأْخُوذًا مِنْ الْعَوْدِ لَا يُوجِبُ اعْتِبَارَ الِاشْتِقَاقِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِنْهُ، كَمَا أَنَّ الدَّابَّةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ يَدِبُّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ مَا دَبَّ عَلَى الْأَرْضِ يُسَمَّى دَابَّةً، فَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْعَادَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُعَاوَدَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ بِالْمَرَّتَيْنِ، "2وَلَا يُوجَدُ بِالْمَرَّةِ2"، وَأَمَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQشَيْخُنَا: مَا اسْتَحَقَّتْهُ قَبْلَ مَوْتِهَا لَهُمْ، وَيُتَوَجَّهُ: لَا" انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ مَا وَجَّهَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَنَّ أَوْلَادَهَا لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا، لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُعْطِ مِنْ وَلَدِ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ إلَّا الْأَوْلَادَ وَأَوْلَادَ الْأَوْلَادِ، ثُمَّ خَصَّ أَوْلَادَ الظَّهْرِ بَعْدَهُمَا بِالْوَقْفِ، وَأَوْلَادُ هَذِهِ الْبِنْتِ لَيْسُوا مِنْ أَوْلَادِ الظَّهْرِ، وَهِيَ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ. وَقَوْلُهُ: "عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا وَإِنْ سَفَلَ3 فَنَصِيبُهُ لَهُ" يَعْنِي أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وأولادها ليسوا منهم، والله أعلم.
مَنْ بَاتَ بِمَسْجِدٍ دَفْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَالُ بِأَنَّ مَعْنَى الْعَادَةِ وُجِدَ فِي حَقِّهِ وَهُوَ الْمُعَاوَدَةُ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُطْلَقْ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَلَبَ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنْهُ وَهُوَ الْبَيْتُوتَةُ فِي غَيْرِهِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْعَادَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ مَا قَبْلَهَا، فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِالْمُعَاوَدَةِ، لِوُجُودِ مَعْنَى الِاسْمِ فِيهِ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ دَابَّةٌ لِكُلِّ مَا دَبَّ، لَكِنْ غَلَبَ عَلَى بَعْضِ الْحَيَوَانِ، فتركنا الاشتقاق لأجله. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَسَكَتَ عَنْ الثَّالِثِ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ مَنَعَ الثَّالِثَ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا، وَنَقَلَهُ حَرْبٌ، وَكَذَا وَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ الْفُقَرَاءُ هَلْ يَشْمَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ؟ وَقِيلَ: يَشْمَلُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ تَعَقَّبَ شَرَطَ جَمْلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ. وَفِي الْمُغْنِي وَجْهَانِ فِي أَنْت حَرَامٌ1 وَوَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاسْتِثْنَاءٌ كَشَرْطٍ، في المنصوص، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: وَالْجَمْلُ مِنْ جِنْسٍ، وَكَذَا مُخَصَّصٌ مِنْ صِفَةٍ وَعَطْفِ بَيَانٍ وَتَوْكِيدٍ وَبَدَلٍ وَنَحْوِهِ، وَالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، نَحْوُ: عَلَى أَنَّهُ "1وَبِشَرْطِ أَنَّهُ1"، وَنَحْوُهُ كَشَرْطٍ، لِتَعَلُّقِهِ بِفِعْلٍ لَا بِاسْمٍ، وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِوَاوٍ وَفَاءٍ وَثُمَّ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَقَرَابَتُهُ وَلَدُهُ وَوَلَدُ أَبِيهِ وَجَدُّهُ وَجَدُّ أَبِيهِ، وَعَنْهُ: وَأَكْثَرُ إلَى الْأَبِ الْأَدْنَى، وَعَنْهُ: ثَلَاثَةُ آبَاءٍ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ مِنْهُمْ مَنْ يَصِلُهُ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: إنْ وَصَلَ أَغْنِيَاءَهُمْ أُعْطُوا وَإِلَّا الْفُقَرَاءُ أَوْلَى، وَأَخَذَ مِنْهُ الْحَارِثِيُّ عَدَمَ دُخُولِهِمْ فِي كُلِّ لَفْظٍ عَامٍّ، وَقِيلَ: وَكَذَا قَرَابَةُ أُمِّهِ، وَعَنْهُ: وَإِنْ وَصَلَهُمْ شَمِلَهُمْ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُهُ قَرَابَةُ غَيْرِهِ أَوْ الْفُقَهَاءُ وَيَصِلُ بَعْضَهُمْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَنَقَلَ مَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَابْنُهُ كَأَبِيهِ فِي أَقْرَبِ قَرَابَتِهِ أَوْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ، وَأَخُوهُ لِأَبِيهِ أَوْ أَبَوَيْهِ كَجَدِّ أَبٍ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ ابْنُهُ وَأَخُوهُ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ جَدٌّ وَإِخْوَةٌ لِأَبِيهِ كَأُمِّهِ إنْ شَمِلَهُ قَرَابَتُهُ، وَكَذَا أَبْنَاؤُهُمَا وَلِأَبَوَيْهِ أَوْلَى، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةُ: كَأَخِيهِ لِأَبِيهِ لِسُقُوطِ الْأُمُومَةِ، كَنِكَاحٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَأَبُوهُ أَوْلَى مِنْ ابْنِ ابْنِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: ابْنُ ابْنِهِ، وَأَنَّ مَنْ قُدِّمَ قُدِّمَ وَلَدُهُ إلَّا الْجَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي إخْوَتِهِ، وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ، وَيَسْتَوِي جَدَّاهُ وَعَمَّاهُ، كَأَبَوَيْهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ لِأَبِيهِ، وَإِنْ قَالَ: لِجَمَاعَةٍ أَوْ لِجَمْعٍ مِنْ الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَثَلَاثَةٌ، وَيُتَمَّمُ بِمَا بَعْدَ الدَّرَجَةِ الْأُولَى، وَيَشْمَلُ أَهْلَ الدَّرَجَةِ وَلَوْ كَثُرُوا، وَيُتَوَجَّهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَمَاعَةٍ اثْنَانِ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُفْرَدٌ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: أَقَلُّ الْجَمْعِ فِيمَا لَهُ تَثْنِيَةٌ خَاصَّةً ثَلَاثَةً. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَجِبُ حُضُورُ وَاحِدٍ الرَّجْمَ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدِي اثْنَانِ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ، وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ فِي لَفْظِ الْجَمْعِ اثْنَانِ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ "عِ". وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ1 فِي الْخَبَرِ التَّاسِعِ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم:4] أَيْ زَاغَتْ عَنْ الْحَقِّ وَعَدَلَتْ، وَإِنَّمَا قَالَ قُلُوبُكُمَا لِأَنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا جَمَاعَةٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: الْعَرَبُ تَقُولُ وَضَعَا رِحَالَهُمَا، يُرِيدُونَ رَحْلَيْ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَلَفْظُ النِّسَاءِ ثَلَاثَةٌ، عَلَى ظَاهِرِ مَا سَبَقَ، وَسَبَقَ كَلَامُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا إذَا ظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَقَدْ احْتَجَّ بِالْآيَةِ قَالَ: وَالنِّسَاءُ إنَّمَا يَكُنَّ فَوْقَ الثَّلَاثَةِ، كَذَا قَالَ. وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَآلُهُ2 وَقَوْمُهُ وَنِسَاؤُهُ كَقَرَابَتِهِ، وَقِيلَ: كَذِي رَحِمِهِ، وَهُمْ قَرَابَةُ أَبَوَيْهِ أَوْ وَلَدِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي مُجَاوَزَتُهُ لِأَبٍ رَابِعٍ، وَأَنَّ وَلَدَهُ لَيْسَ بِقَرَابَتِهِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَخْتَصُّ مَنْ يَصِلُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَوْ جَاوَزَ أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، وَأَنَّ الْقَرَابَةَ تُعْطِي أَرْبَعَةَ آبَاءٍ فَمَنْ دُونَ. وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّ قَوْمَهُ وَأَهْلَ بيته كقرابة أبويه، وأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَرَابَةَ قَرَابَةُ أَبِيهِ إلَى أَرْبَعَةِ آبَاءٍ وَعَنْهُ: أَزْوَاجُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، ذَكَرَهَا شَيْخُنَا، وَقَالَ: فِي دُخُولِهِنَّ فِي آلِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ الدُّخُولَ، وَأَنَّهُ قَوْلُ الشَّرِيفِ. وَلَفْظُ أَهْلِ بَيْتِهِ يُضَارِعُ آلَهُ، وَأَنَّ الشَّخْصَ يَدْخُلُ فِيهِمَا لَا فِي أَهْلِهِ، لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُؤْهِلُ بَيْتَهُ لَا نَفْسَهُ، وَظَاهِرُ الْوَسِيلَةِ أَنَّ لَفْظَ الْأَهْلِ كَالْقَرَابَةِ، وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ أَنَّهُمْ نِسَاؤُهُ، وَعِتْرَتُهُ عَشِيرَتُهُ، وَقِيلَ: ذُرِّيَّتُهُ، وَقِيلَ: وَلَدُهُ وَوَلَدُهُ، وَقِيلَ: قَرَابَتُهُ كَآلِهِ وَأَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوَلِ، وَعَصَبَتُهُ وَارِثُهُ بِهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ: فِيهَا وَفِي قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ. وَالْعَزَبُ وَالْأَيِّمُ غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ، وَقِيلَ: الْعَزَبُ لِرَجُلٍ، وَالْأَيِّمُ لِامْرَأَةٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: الْأَيَامَى النِّسَاءُ الْبُلَّغُ، وَمَنْ فَارَقَتْ زَوْجَهَا أَرْمَلَةٌ، وَقِيلَ: وَكَذَا الرَّجُلُ1 أَرْمَلُ. وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: الصَّغِيرَةُ لَا تُسَمَّى أَيِّمًا وَلَا أَرْمَلَةً عُرْفًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ صِفَةٌ لِلْبَالِغِ، وَالثُّيُوبَةُ زَوَالُ الْبَكَارَةِ، قَالَهُ الشَّيْخُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ بِزَوْجِيَّةٍ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَإِخْوَتِهِ وَعُمُومَتِهِ لِذَكَرٍ، وَأُنْثَى كَعَانِسٍ وَبِكْرٍ، وَيُتَوَجَّهُ وجه، وتناوله لبعيد كولد ولد2 وقال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُقَالُ رَجُلٌ أَيِّمٌ وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ وَرَجُلٌ أَرَمَلُ وَامْرَأَةٌ أَرْمَلَةٌ، وَرَجُلٌ بِكْرٌ وَامْرَأَةٌ بِكْرٌ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجَا، وَرَجُلٌ ثَيِّبٌ وَامْرَأَةٌ ثَيِّبٌ1 إذَا كَانَا قَدْ تَزَوَّجَا. قَالَ: وَالْقَوْمُ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ} [الحجرات: 11] الآية "وش" سُمُّوا قَوْمًا لِقِيَامِهِمْ بِالْأُمُورِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ. وَالرَّهْطُ: لُغَةً مَا دُونَ الْعَشَرَةِ مِنْ الرِّجَالِ خَاصَّةً، وَلَا وَاحِدَ مِنْ لَفْظِهِ وَالْجَمْعُ أَرْهُطٌ وَأَرْهَاطٌ وَأَرَاهِطُ وَأَرَاهِيطُ. وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: الرَّهْطُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إلَى الْعَشَرَةِ، وَكَذَا قَالَ: النَّفَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى عَشَرَةٍ، وَمَوَالِيهِ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ تَحْتُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ فَوْقُ، وَمَتَى عَدِمَ مَوَالِيَهُ فَقِيلَ: لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، وَقِيلَ: لِوَارِثِهِ بِوَلَاءٍ، وَقِيلَ: مُنْقَطِعٌ "م 13" وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي عَصَبَتِهِ إلَّا مَعَ عدم مواليه ابتداء. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-13: قَوْلُهُ: "وَمَوَالِيهِ مِنْ فَوْقُ وَمِنْ تَحْتُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ فَوْقُ وَمَتَى عَدِمَ مَوَالِيَهُ فَقِيلَ: لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، وَقِيلَ: لِوَارِثِهِ بِوَلَاءٍ، وَقِيلَ: مُنْقَطِعٌ" انْتَهَى. أَحَدُهَا: يَكُونُ لِعَصَبَةِ مَوَالِيهِ، قدمه في الرعايتين.
وَجِيرَانُهُ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَعَنْهُ: مُسْتَدَارُ أَرْبَعِينَ، وَعَنْهُ: ثَلَاثِينَ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْطِيَ إلَّا الْجَارَ الْمُلَاصِقَ، وَقِيلَ: الْعُرْفُ. وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَهْلِ قَرْيَتِهِ أَوْ قَرَابَتِهِ أَوْ إخْوَتِهِ لَمْ يَشْمَلْ مُخَالِفَ دِينِهِ بِلَا قَرِينَةٍ، وَقِيلَ: يَشْمَلُ وَقْفَ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ، كَشُمُولِهِ كَافِرًا مُخَالِفًا دِينَهُ إنْ وَرِثَهُ. وَالْعُلَمَاءُ حَمَلَةُ الشَّرْعِ، وَقِيلَ: مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ وَلَوْ أَغْنِيَاءً، وَهَلْ يَخْتَصُّ مَنْ يَصِلُهُ كَقَرَابَتِهِ؟ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مَنْ عَرَفَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فُقَهَاءَ وَمُتَفَقِّهَةً كَعُلَمَاءَ، وَلَوْ حَفِظَ أَرْبَعِينَ حَدِيثًا، لَا بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ وَالْقُرَّاءُ الْآنَ حُفَّاظُهُ. وَالصَّبِيُّ وَالْغُلَامُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ، وَمِثْلُهُ الْيَتِيمُ بِلَا أَبٍ، وَلَوْ جُهِلَ بَقَاءُ أَبِيهِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يُعْطَى مَنْ لَيْسَ لَهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَبٌ يُعْرَفُ، قَالَ: وَلَا يُعْطَى كَافِرٌ، فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ وَقْفٍ عَامٍّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قال1 ـــــــــــــــــــــــــــــQوالقول الثاني: لوارثه بالولاء، وهو أعم "2من القول الأول2". وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْآخِرِ قُلْت: وَهُوَ الصواب، وقطع به في الرعاية الكبرى، بعد3 عَصَبَةِ الْمَوَالِي وَقِيلَ: هُوَ لِمَوَالِي الْعَصَبَةِ، قَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ، قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ لِمَوَالِي أَبِيهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ.
بَعْضُهُمْ: وَلَا يَشْمَلُ وَلَدَ الزِّنَا، لِأَنَّ الْيُتْمَ1 انْكِسَارٌ يَدْخُلُ عَلَى الْقَلْبِ بِفَقْدِ الْأَبِ، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ بَلَغَ: خَرَجَ مِنْ حَدِّ الْيُتْمِ1. ويتوجه أن أعقل النَّاس الزهاد. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَيْسَ مِنْ الزُّهْدِ تَرْكُ مَا يُقِيمُ النَّفْسَ وَيُصْلِحُ أَمْرَهَا وَيُعِينُهَا عَلَى طَرِيقِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّهُ زُهْدُ الْجُهَّالِ وَإِنَّمَا هُوَ تَرْكُ فُضُولِ الْعَيْشِ وَمَا لَيْسَ بِضَرُورَةٍ فِي بَقَاءِ النَّفْسِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: الْإِسْرَافُ فِي الْمُبَاحِ هُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَهُوَ مِنْ الْعُدْوَانِ الْمُحَرَّمِ، وَتَرْكُ فُضُولِهَا مِنْ الزُّهْدِ الْمُبَاحِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْهُ مُطْلَقًا كَمَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ اللَّحْمِ أَوْ الْخُبْزِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ لُبْسِ الْكَتَّانِ وَالْقُطْنِ أَوْ النِّسَاءِ فَهَذَا جَهْلٌ وَضَلَالٌ، وَاَللَّهُ أَمَرَ بِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَالشُّكْرِ لَهُ، وَالطَّيِّبُ: مَا يَنْفَعُ وَيُعِينُ عَلَى الْخَيْرِ، وَحَرَّمَ الْخَبِيثَ، وَهُوَ مَا يَضُرُّ فِي دِينِهِ. وَالشَّابُّ وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ إلَى ثَلَاثِينَ وَقِيلَ وخمسة، والكهل مِنْهَا إلَى خَمْسِينَ، وَالشَّيْخُ مِنْهَا إلَى سَبْعِينَ. وَفِي الْكَافِي وَالتَّرْغِيبِ: إلَى آخِرِ الْعُمْرِ، ثُمَّ الْهَرِمُ. وَأَبْوَابُ الْبِرِّ الْقُرْبِ، وَأَفْضَلُهَا الْغَزْوُ، يُبْدَأُ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ، وَالرِّقَابُ وَالْغَارِمُونَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنُ السَّبِيلِ مَصَارِفُ الزَّكَاةِ، فَتُعْطَى فِي فِدَاءِ الْأَسْرَى لِمَنْ يَفْدِيهِمْ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ يُوَفَّى مَا اُسْتُدِينَ فِيهِمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ تارة يستدين ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَهْلِ الزَّكَاةِ ثُمَّ يَصْرِفُهَا لِأَهْلِ الدَّيْنِ1، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّرْفَ وَفَاءً كَالصَّرْفِ أَدَاءً قَالَ: وَيُعْطِي مَنْ صَارَ مُسْتَحِقًّا قَبْلَ قِسْمَةِ الْمَالِ كَزَكَاةٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ أَنَّ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ أَرَاك اللَّهُ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: الْبِرُّ وَالْقُرْبَةُ لِفَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ، وُجُوبًا، وَالْأَصَحُّ: لَا، كَفُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ، مَعَ أَنَّ قَرِيبًا لَا يَرِثُهُ2 أَحَقُّ، فَيَبْدَأُ بِهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلِهَذَا فِي وُجُوبِ وَصِيَّتِهِ لَهُمْ الْخِلَافُ، فَدَلَّ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا كَهِيَ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَاءِ الَّذِي يُسْقَى فِي السَّبِيلِ: يَجُوزُ لِلْأَغْنِيَاءِ الشُّرْبُ3 مِنْهُ. قِيلَ لِأَحْمَدَ: أَوْصَى بِمَالٍ فِي السَّبِيلِ فَدَفَعَ إلَى قَرَابَةٍ لَهُ فِي الثَّغْرِ يَغْزُو بِهِ وَلَعَلًّ فِي الثَّغْرِ أَشْجَعَ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا لَمْ يُعْطَ الْمَالَ كُلَّهُ أَيَأْخُذُهُ؟ فَلَمْ يَرَ بِأَخْذِهِ بَأْسًا، قِيلَ لَهُ: بَعَثَ بِمَالٍ لِقَرَابَةٍ لَهُ بِالثَّغْرِ يَغْزُو بِهِ تَرَى لَهُ يَرُدُّهُ أَوْ يَقْبَلُهُ؟ قَالَ: الْقَرَابَةُ غَيْرُ الْبَعِيدِ، وَإِذَا بَعَثَ إلَيْهِ بِمَالٍ وَقَدْ كَانَ أَشْرَفَتْ نَفْسُهُ فَلَا بَأْسَ بِرَدِّهِ، وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ رَدَّهُ، قِيلَ لَهُ: أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا يَشْتَرِي بِهِ فَرَسًا يَغْزُو بِهِ وَيَدْفَعُ بَقِيَّتَهُ إلَيْهِ فَغَزَا ثُمَّ مَاتَ، قَالَ: هُوَ لَهُ يُورَثُ عَنْهُ. وَسَبِيلُ الْخَيْرِ لِمَنْ أَخَذَ مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: يعم فيدخل فيه الغارم للإصلاح، قالا4: وَيَجُوزُ لِغَنِيٍّ قَرِيبٍ وَيَشْمَلُ جَمْعَ مُذَكَّرٍ سَالِمٍ كالمسلمين، وضميره الأنثى، وقيل: لا، كعكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَشْرَافُ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، قَالَ: وَأَهْلُ الْعِرَاقِ كَانُوا لَا يُسَمُّونَ شَرِيفًا إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَغَيْرِهِمْ لَا يُسَمُّونَ إلَّا مَنْ كَانَ عَلَوِيًّا، قَالَ: وَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَيْهِ الشَّارِعُ حُكْمًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِيُتَلَقَّى حَدُّهُ مِنْ جِهَتِهِ. وَالشَّرِيفُ فِي اللُّغَةِ خِلَافُ الْوَضِيعِ وَالضَّعِيفِ، وَهُوَ الرِّيَاسَةُ وَالسُّلْطَانُ، وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ بَيْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقَّ الْبُيُوتِ بِالتَّشْرِيفِ صَارَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ شَرِيفًا، فَلَوْ وَصَّى لِبَنِي هَاشِمٍ لَمْ يَدْخُلْ مَوَالِيهِمْ، نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَحَنْبَلٌ. قَالَ فِي الْخِلَافِ: لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا لَفْظُ1 الْمُوصِي، وَلَفْظُ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلْت مِنْ السُّكَّرِ2 لِأَنَّهُ حُلْوٌ لَمْ يَعُمَّ غَيْرَهُ مِنْ الْحَلَاوَاتِ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَبْدِي حُرٌّ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ من العبيد، ولو قال الله: حرمت المسكر3 لِأَنَّهُ حُلْوٌ عَمَّ جَمِيعَ الْحَلَاوَاتِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ اعْتِقْ عَبْدَك لِأَنَّهُ أَسْوَدُ عَمَّ. وَالْوَصِيَّةُ كَالْوَقْفِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، نَقَلَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ طَعَامًا هَلْ يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ دَفْعُ قِيمَتِهِ؟ قَالَ: لَا إلَّا مَا أَوْصَى، وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ وِفَاقًا، قَالَ أَحْمَدُ: وَالْوَصَايَا يُنْتَهَى فيها إلى ما أوصى به الموصي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ وَصَّى فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: صَيَّرْت دَارِي هَذِهِ لِوَلَدِ أَخِي وَوَلَدِ أُخْتِي عَلَى أَنْ يَسْكُنُوهَا يَنْفُذُ فِي ثُلُثِهِ عَلَى مَا سَمَّى، وَنَصَّ فِيمَنْ أَوْصَى بِصَدَقَةٍ فِي أَبْوَابِ بَغْدَادَ يُفْعَلُ، وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ اعْتِقُوا رَقَبَةً وَلَوْ كَافِرَةً لَا يُعْتَقُ إلَّا مُسْلِمٌ، وَنَصَّ فِيمَنْ أَوْصَى بِكَفَّارَاتٍ غَدَاءً وَعَشَاءً أَعْجَبُ إلَيَّ كَمَا أَوْصَى. وَلَوْ أَوْصَى فِي الْمَسَاكِينِ لَمْ يَجُزْ فِي غَزْوٍ وَغَيْرِهِ، بَلْ يُعْطَى الْمَسَاكِينُ كَمَا أَوْصَى، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: مَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ فَلَهُ إيجَارُهُمَا، أَوْمَأَ إلَيْهِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ وَصَّى لِأَجْنَبِيٍّ وَلَهُ قَرَابَةٌ"1لَا يَرِثُهُ1" مُحْتَاجٌ يُرَدُّ إلَى قَرَابَتِهِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا رِوَايَةً: لَهُ ثُلُثُهَا، وَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثَاهَا، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَأَبُو طَالِبٍ وَالْجَمَاعَةُ الْأَوَّلَ، كَمَا وَصَّى، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَجَازَ وَصِيَّةَ الَّذِي أَعْتَقَ2. وَالْأَصَحُّ دُخُولُ وَارِثِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لِقَرَابَتِهِ، خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ، وَمَنْ لَمْ يُجِزْ مِنْ الْوَرَثَةِ بَطَلَ فِي نَصِيبِهِ، وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ فَأُنْثَى، وَالْعَبْدُ ذَكَرٌ، وَقِيلَ: أَوْ أُنْثَى، وَفِي خُنْثَى غَيْرِ مُشْكِلٍ وَجْهَانِ "م 14"، وَلَوْ أَوْصَى بِأُضْحِيَّةٍ أُنْثَى أَوْ ذَكَرٍ فَضَحَّوْا بِغَيْرِهِ خَيْرًا مِنْهُ3 جَازَ، وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بزيادة خير في المخرج. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-14: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ فَأُنْثَى، وَالْعَبْدُ ذَكَرٌ، وَقِيلَ: أَوْ أُنْثَى، وَفِي خُنْثَى غير مشكل وجهان" انتهى.
فصل: ويحرم بيعه
فصل: وَيَحْرُمُ بَيْعُهُ، وَكَذَا الْمُنَاقَلَةُ نَقَلَهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ لَا يَسْتَبْدِلُ بِهِ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ وَلَا يُبَاعُ إلَّا أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَجَوَّزَهُمَا شَيْخُنَا لِمَصْلَحَةٍ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ الْهَدْيِ1، وَذَكَرَهُ وَجْهًا فِي الْمُنَاقَلَةِ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أحمد، ونقل ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ الْخُنْثَى غَيْرُ الْمُشْكِلِ يُعْطَى حُكْمَ مَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِهِ، إنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ أُنْثَى كَانَ أُنْثَى، وَإِنْ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ ذكر كَانَ ذَكَرًا، فَيَصِحُّ إعْطَاؤُهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْحُكْمِ الَّذِي حَكَمْنَا عَلَيْهِ بِهِ، وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يَكُنْ خُنْثَى مِنْ الذُّكُورِ أَوْ الْإِنَاثِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ لَا فِي الْخُنْثَى غَيْرِ الْمُشْكِلِ، "2وَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أُنْثَى عَنْ عَبْدٍ، فَخُنْثَى بِطَرِيقِ أَوْلَى2": أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ فِيمَا إذَا وَصَّى بِعِتْقِ أَمَةٍ أَوْ عَبْدٍ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ اشْتَغَلَتْ بِمُعَيَّنٍ، وَهَذَا لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ، فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ إلَّا بِمُتَحَقِّقٍ، ثُمَّ "2وَجَدْت الْحَارِثِيَّ قَطَعَ بِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ بِعَبْدٍ2" انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثاني: يجزئ. فَائِدَةٌ جَلِيلَةٌ: قَوْلُهُ: "وَيَلِيهِ حَاكِمٌ، وَقِيلَ: نَاظِرُهُ" انْتَهَى. مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ جَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ، وَاخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَقَوَّاهُ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَاعْلَمْ: أَنَّ الْوَقْفَ حَيْثُ أَجَزْنَا بَيْعَهُ وأردناه،3 فمن يلي بيعه لا يخلو إما4 أن يكون
صَالِحٌ: نَقْلُ الْمَسْجِدِ لَمَنْفَعَةٍ لِلنَّاسِ، وَنَصُّهُ1: تَجْدِيدُ بِنَائِهِ لِمَصْلَحَتِهِ، وَعَنْهُ بِرِضَى جِيرَانِهِ، وَعَنْهُ يَجُوزُ شراء دور مكة لمصلحة عامة، فَيُتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ قَالَ شَيْخُنَا: جَوَّزَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ تَغْيِيرَ صُورَتِهِ لِمَصْلَحَةٍ، كَجَعْلِ الدُّورِ حَوَانِيتَ وَالْحُكُورَةَ الْمَشْهُورَةَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بِنَاءٍ بِبِنَاءٍ وَعَرْصَةٍ بِعَرْصَةٍ وَقَالَ فِيمَنْ وَقَفَ كُرُومًا عَلَى الْفُقَرَاءِ يَحْصُلُ عَلَى جِيرَانِهَا بِهِ ضَرَرٌ: يُعَوِّضُ عَنْهُ بِمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْجِيرَانِ، وَيَعُودُ الْأَوَّلُ مِلْكًا وَالثَّانِي وَقْفًا. وَيَجُوزُ نَقْضُ مَنَارَتِهِ وَجَعْلُهَا فِي حَائِطِهِ لِتَحْصِينِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْجِدٍ فِيهِ خَشَبَتَانِ لَهُمَا ثُمْنٌ تَشَعَّثَ وَخَافُوا سُقُوطَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ، كَالْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ وَالْمَدَارِسِ وَالْفُقَرَاءِ والمساكين ونحو ذلك،
أَتُبَاعَانِ1 وَيُنْفَقُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَيُبْدَلُ مَكَانَهُمَا جِذْعَيْنِ؟ قَالَ: مَا أَرَى بِهِ بَأْسًا، وَاحْتَجَّ بِدَوَابِّ الْحَبْسِ الَّتِي لَا يُنْتَفَعُ بِهَا تُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثمنها في الحبس، قال في الفنون2: لَا بَأْسَ بِتَغْيِيرِ حِجَارَةِ الْكَعْبَةِ إنْ عَرَضَ لَهَا مَرَمَّةٌ، لِأَنَّ كُلَّ عَصْرٍ احْتَاجَتْ فِيهِ إلَيْهِ قَدْ فُعِلَ، وَلَمْ يَظْهَرْ نَكِيرٌ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ الْآلَةُ لَمْ يَجُزْ، كَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ3 مَقَامَهُ، وَلَا يَنْتَقِلُ النُّسُكُ مَعَهُ، كَآيِ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ نَقْلُهَا عَنْ سُورَةٍ هِيَ فِيهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تُوضَعْ إلَّا بِنَصِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: "ضَعُوهَا فِي سُورَةِ كَذَا" 4. قَالَ: وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: مَوَاضِعُ الْآيِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَنَفْسِ الْآيِ، وَلِهَذَا حَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّةَ التَّغْيِيرِ فِي إدْخَالِ الْحَجَرِ إلَى الْبَيْتِ5، وَيُكْرَهُ نَقْلُ حِجَارَتِهَا عِنْدَ عِمَارَتِهَا إلَى غَيْرِهَا، كَمَا لَا يَجُوزُ صَرْفُ تُرَابِ الْمَسَاجِدِ لِبِنَاءٍ فِي غَيْرِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُعَلَّى أَبْنِيَتُهَا زِيَادَةً عَلَى مَا وُجِدَ مِنْ عُلُوِّهَا وَأَنَّهُ يُكْرَهُ الصَّكُّ فِيهَا وَفِي أَبْنِيَتِهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَيُتَوَجَّهُ جَوَازُ الْبِنَاءِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْلَا الْمُعَارِضُ فِي زَمَنِهِ لَفَعَلَهُ، كَمَا فِي خَبَرِ عَائِشَةَ5، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ: يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الصَّوَابِ لِأَجْلِ قَالَةِ النَّاسِ، وَرَأَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تَرْكَهُ أَوْلَى لِئَلَّا يَصِيرَ مَلْعَبَةً لِلْمُلُوكِ وَكُلُّ وَقْفٍ تَعَطَّلَ نَفْعُهُ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ بِخَرَابٍ أَوْ غيره ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الَّذِي يلي بيعه
بِضِيقِ مَسْجِدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ خَرِبَتْ مَحَلَّتُهُ، نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بِيعَ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. نَقَلَ جَمَاعَةٌ: لَا يُبَاعُ إلَّا أَنْ لَا يُنْتَفَعَ مِنْهُ بِشَيْءٍ لَا يَرُدُّ شَيْئًا. وَفِي الْمُغْنِي1: إلَّا أَنْ يَقِلَّ فَلَا يُعَدَّ نَفْعًا، وَقِيلَ: أَوْ أَكْثَرُ نَفْعِهِ، نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي فَرَسٍ كَبِرَ وَضَعُفَ أَوْ ذَهَبَتْ عَيْنُهُ، فَقُلْت: دَارٌ أَوْ ضَيْعَةٌ ضَعُفُوا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهَا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِمَنْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَقِيلَ: أَوْ خِيفَ تَعَطُّلُ نَفْعِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: أَوْ أَكْثَرُهُ قَرِيبًا. سَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ: يُبَاعُ إذَا عَطِبَ إذَا فَسَدَ؟ قَالَ: إي وَاَللَّهَ يُبَاعُ إذَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ التَّلَفُ وَالْفَسَادُ، وَالنَّقْصُ. بَاعُوهُ وَرَدُّوهُ فِي مِثْلِهِ، وَسَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ: إنْ أَخَذَ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا فَعَتَقَ فِي يَدِهِ وَتَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ، قَالَ: يُحَوَّلُ إلَى مِثْلِهِ. وَكَذَا فِي التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ: لَوْ أَشْرَفَ عَلَى كَسْرٍ أَوْ هَدْمٍ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ أُخِّرَ لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ بِيعَ، وَقَوْلُهُمْ "بِيعَ" أَيْ يَجُوزُ نَقْلُهُ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ مَا قالوه للاستثناء مما لا يجوز، وإنما يجب ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَاكِمُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، منهم صاحب الرعاية في كتاب
لِأَنَّ الْوَلِيَّ يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْمَصْلَحَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ: وَلِأَنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْوَقْفِ بِمَعْنَاهُ، فَوَجَبَ كَإِيلَادِ أَمَةٍ مَوْقُوفَةٍ أَوْ قَتْلِهَا وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا، وَمَعَ الْحَاجَةِ يَجِبُ بِالْمِثْلِ، وَبِلَا حَاجَةٍ يَجُوزُ بِخَيْرٍ مِنْهُ، لِظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ، وَلَا يَجُوزُ بِمِثْلِهِ، لِفَوَاتِ التَّعْيِينِ بِلَا حَاجَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَلَوْ أَمْكَنَ بَيْعُ بَعْضِهِ لِيُعَمَّرَ بِهِ بَقِيَّتُهُ بِيعَ، وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ، وَلَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ. وَالْمُرَادُ مَعَ اتِّحَادِ الْوَاقِفِ، كَالْجِهَةِ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ عَيْنَيْنِ كَدَارَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَكَذَا عَيْنًا وَاحِدَةً وَلَمْ تُنْقَصْ الْقِيمَةُ بِالتَّشْقِيصِ2، فَإِنْ نَقَصَتْ تُوُجِّهَ الْبَيْعُ فِي قِيَاسِ الْمُذْهَبِ كَبَيْعِ وَصِيٍّ لِدَيْنِ أَوْ حَاجَةِ صَغِيرٍ، بَلْ هَذَا أَسْهَلُ، لِجَوَازِ تَغْيِيرِ صِفَاتِهِ لِمَصْلَحَةٍ وَبَيْعِهِ عَلَى قَوْلٍ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ بِيعَ، وَشَرْطُهُ إذَنْ فَاسِدٌ، فِي الْمَنْصُوصِ، نقله حرب، وعلله بأنه ضرورة ومنفعة ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفِ، وَالْحَارِثِيُّ، وَالزَّرْكَشِيُّ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ، وَقَالَ: نص عليه، وغيرهم، وقدمه المصنف وغيره.
لهم، ويتوجه عَلَى تَعْلِيلِهِ لَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ عِنْدَ تَعَطُّلِهِ. ويليه حاكم، وقيل: ناظره. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ: يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي كِتَابِ الْبَيْعِ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: إذَا تَعَطَّلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفُ فَإِنَّ النَّاظِرَ فِيهِ يَبِيعُهُ وَيَشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ تُرَدُّ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ انْتَهَى، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيَتَوَلَّى الْبَيْعَ نَاظِرُهُ الْخَاصُّ، حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ فَقَالَ: يَبِيعُهُ النَّاظِرُ فِيهِ. وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَكُونُ الْبَائِعُ الْإِمَامَ أَوْ نَائِبَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ فَقَالَ: وَنَاظِرُهُ شَرْعًا يَلِي عَقْدَ بَيْعِهِ ... وَقِيلَ: إنْ تَعَيَّنَ مالك النفع يعقد1 وقدمه في الرعاية الكبرى فقال: فلناظره الْخَاصِّ بَيْعُهُ، وَمَعَ عَدَمِهِ2 يَفْعَلُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، قُلْت: إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: بَلْ يَفْعَلُهُ مُطْلَقًا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ كَالْوَقْفِ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ: حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ فَقَالَ: فَإِنْ تَعَطَّلَتْ مَنْفَعَتُهُ فَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَبَيْنَ بيعه وصرف ثمنه في مثله انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ الْبَنَّاءِ فِي الْخِصَالِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّى فِي الْخُلَاصَةِ، وَابْنُ أَبِي الْمَجْدِ1 فِي مُصَنَّفِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فَقَالَ: وَمَا تَعَطَّلَ نَفْعُهُ فَلِمَنْ وُقِفَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ، قُلْت: إنْ مَلَكَهُ، وَقِيلَ: بَلْ لِنَاظِرِهِ بَيْعُهُ بشرط" انتهى، قدمه في الحاوي الصغير.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يَلِيهِ الْحَاكِمُ، جَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ فَقَالَ: وَإِذَا خَرِبَ الْوَقْفُ وَلَمْ يَرُدَّ شَيْئًا أَوْ خَرِبَ الْمَسْجِدُ وَمَا حَوْلَهُ وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَلِإِمَامٍ بَيْعُهُ وَصَرْفُ ثَمَنِهِ فِي مِثْلِهِ انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَاخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَنَصَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ، وَقَوَّاهُ بِأَدِلَّةٍ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَسْتَبِدُّ بِهِ دُونَ نَاظِرِهِ الخاص، والله أعلم. وهذا مما1 حَكَمْنَا بِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ عُدِمَ النَّاظِرُ الْخَاصُّ فَقِيلَ: يَلِيهِ الْحَاكِمُ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالْحَارِثِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَذَكَرَهُ نَصَّ أَحْمَدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ; وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قطع به الزَّرْكَشِيّ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، قُلْتُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، حَيْثُ أَطْلَقُوا أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَبِيعُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ2 عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ، وَإِلَّا فَلَا، اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ قُلْت: وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، أَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَلِيهِ إذَا قُلْنَا يَمْلِكُهُ. تَنْبِيهٌ: تَلَخَّصَ لَنَا مِمَّا تَقَدَّمَ طُرُقٌ فِيمَنْ يَلِي الْبَيْعَ، لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يخلو إما أن يكون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَيْهَا فَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: يَلِيهِ الْحَاكِمُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ. وَالثَّانِي: يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ، وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ كثيرة. وإن كان على غير1 سبل الْخَيْرَاتِ فَفِيهِ طُرُقٌ: أَحَدُهَا 2: يَلِيهِ النَّاظِرُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمَجْدِ فِي مُحَرَّرِهِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَعَزَاهُ إلَى نَصِّ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارِ الْأَصْحَابِ. الثَّانِي: يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّاءِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. الثَّالِثُ: يَلِيهِ الْحَاكِمُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْحَلْوَانِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ. الرَّابِعُ: يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْحَاكِمُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي التَّلْخِيصِ. الْخَامِسُ: هَلْ يَلِيهِ النَّاظِرُ3 الْخَاصُّ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ النَّاظِمِ. السَّادِسُ: هَلْ يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ أَوْ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ؟ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، أَوْ النَّاظِرُ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَهُوَ طَرِيقَةُ الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. السَّابِعُ: هَلْ يَلِيهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ؟ أَوْ النَّاظِرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في الحاوي الصغير.
وَمَصْرِفُهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ بَعْضِ مِثْلِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَقَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، كَجِهَتِهِ وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي1 عَلَى ظَاهِرِ الْخِرَقِيِّ أَوْ نَفْعِ غيره، ونقل أَبُو دَاوُد فِي الْحَبِيسِ: أَوْ يُنْفَقُ ثَمَنُهُ عَلَى الدَّوَابِّ الْحُبْسِ وَيَصِيرُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ لِلثَّانِي فَقَطْ، وَعَنْهُ: لَا يُبَاعُ مَسْجِدٌ، فَتُنْقَلُ آلَتُهُ لمسجد آخر اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَعَنْهُ: وَلَا يُبَاعُ غيره، اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّامِنُ: طَرِيقَتُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ: هَلْ يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ إنْ كَانَ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ؟ أَوْ الْحَاكِمُ؟ حَكَاهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ، فِيهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرٌ خَاصٌّ فَهَلْ يَلِيهِ الْحَاكِمُ؟ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَذَكَرَهُ نَصَّ أَحْمَدَ، أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ؟ وَهُوَ الْمُقَدَّمُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَوْ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ، وَاخْتَارَهُ، فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. التَّاسِعُ: هَلْ يَلِيهِ الْحَاكِمُ مُطْلَقًا؟، وَهُوَ الْمُقَدَّمُ، أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ. الْعَاشِرُ: يَلِيهِ النَّاظِرُ الْخَاصُّ إنْ كَانَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَلْ يَلِيهِ الْحَاكِمُ؟ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مُطْلَقَيْنِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْفَائِقِ. فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ طَرِيقَةً، ثِنْتَانِ2 فِيمَا هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْخَيْرَاتِ، وَعَشْرٌ فِي غَيْرِهَا. وَإِنَّمَا أَطَلْت فِي ذَلِكَ لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا وَتَقْدِيمِ الْمُصَنِّفِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ قويا لكن المذهب خلافه والله أعلم
الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ، لَكِنْ يُنْقَلُ إلَيْهِ، نَقَلَ جَعْفَرٌ فِيمَنْ جَعَلَ خَانًا فِي السَّبِيلِ وَبَنَى بِجَنْبِهِ مَسْجِدًا فَضَاقَ أَيُزَادُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: لَا. قِيلَ: فَإِنْ تُرِكَ لَيْسَ يَنْزِلُ فِيهِ قَدْ عُطِّلَ، قَالَ: يُتْرَكُ عَلَى مَا صير له، ولا يجوز نقله مَعَ إمْكَانِ عِمَارَتِهِ دُونَ الْأُولَى بِحَسَبِ النَّمَاءِ، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنَّ جَمَاعَةً أَفْتَوْا بِخِلَافِهِ وَغَلَّطَهُمْ، وَلَهُ بَيْعُ بَعْضِهَا وَصَرْفُهَا فِي عِمَارَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَمَنْ وَقَفَ عَلَى ثَغْرٍ فَاحْتُلَّ صُرِفَ فِي ثَغْرٍ مِثْلِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى قَنْطَرَةٍ فَانْحَرَفَ الْمَاءُ: يُرْصَدُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ. وَفِي رَفْعِ مَسْجِدٍ أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ رَفْعَهُ وَجَعْلَ تَحْتَ سُفْلِهِ سِقَايَةً وحانوتا وجهان، وجوازه ظاهر كلامه "م 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-15: قَوْلُهُ: "وَفِي رَفْعِ مَسْجِدٍ أَرَادَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ رَفْعَهُ وَجَعْلَ تَحْتَ1 سُفْلِهِ سِقَايَةً وَحَانُوتًا وَجْهَانِ، وَجَوَازُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْجِهَادِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَقَالَ: فَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ مَسْجِدٍ رفعه عن
وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَةِ مَسْجِدٍ جَازَ صَرْفُهُ لِمِثْلِهِ وَفَقِيرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: بَلَى لِمِثْلِهِ. اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَيْضًا: وَفِي سَائِرِ الْمَصَالِحِ وَبِنَاءِ مَسَاكِنَ لِمُسْتَحِقِّ رَيْعِهِ الْقَائِمِ بِمَصْلَحَتِهِ، قَالَ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ رَيْعَهُ يَفْضُلُ عَنْهُ دَائِمًا وَجَبَ صَرْفُهُ، لِأَنَّ بَقَاءَهُ فَسَادٌ وإعطاءه فوق مَا قَدَّرَهُ الْوَاقِفُ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُ، كَغَيْرِ مَسْجِدِهِ، وَقَالَ: وَمِثْلُهُ وَقْفُ غَيْرِهِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ مَعْنَاهُ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِ الناظر صرف الفاضل. وَيَحْرُمُ غَرْسُ شَجَرَةٍ فِي مَسْجِدٍ، وَتُقْلَعُ، قَالَ أَحْمَدُ: غُرِسَتْ بِغَيْرِ حَقٍّ، ظَالِمٌ غَرَسَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ وَفِي الْإِرْشَادِ1 وَالْمُبْهِجِ: يُكْرَهُ، وَإِنْ وقف ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضِ وَجَعْلَ سُفْلِهِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ رُوعِيَ أَكْثَرُهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ" انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ فِعْلُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَوَّلُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: نَصَّ أَحْمَدُ فِي مَسْجِدٍ أَرَادَ أَهْلُهُ إنْشَاءَ كَذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى انْتَهَى. فَاخْتَارَ تَأْوِيلَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَرَدَّ بَعْضُ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ هَذَا التَّأْوِيلَ مِنْ وجوه كثيرة، وهو كما قال.
وَهِيَ فِيهِ وَعَيَّنَ مَصْرِفَهَا اُتُّبِعَ وَإِلَّا كَمُنْقَطِعٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: فِي مَصَالِحِهِ، وَإِنْ فَضَلَ فَلِجَارِهِ أَكْلُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلِغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لِلْفَقِيرِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَإِنْ بَنَى أَوْ غرس ناظر في وقف توجه أنه له إنْ أَشْهَدَ، وَإِلَّا لِلْوَقْفِ. وَيُتَوَجَّهُ فِي أَجْنَبِيٍّ: لِلْوَقْفِ بِنِيَّتِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَدُ الْوَقْفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا، كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهُ بِمَالِهِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ "م 16". وَيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى الْبِنَاءِ بِلَا حُجَّةٍ، وَيَدُ أَهْلِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَابِتَةٍ عَلَى مَا فِيهَا بِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ، وَإِلَّا مَعَ بينة باختصاصه ببناء ونحوه وتحليته بذهب وفضة "وش" وقيل: يكره، "وم". وَلِلْحَنَفِيَّةِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّدْبُ، قَالُوا: وَيَضْمَنُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ، وَاحْتَجُّوا بِتَذْهِيبِ الْوَلِيدِ لِلْكَعْبَةِ لَمَّا بَعَثَ إلَى وَالِيهَا خَالِدٍ الْقَسْرِيِّ، وَيَحْرُمُ حَفْرُ بِئْرٍ فِيهِ وَلَا تُغَطَّى بِالْمُغْتَسَلِ، لِأَنَّهُ لِلْمَوْتَى وَتُطَمُّ نقل ذلك المروذي. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-16: قَوْلُهُ: "وَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ نَاظِرٌ في وقف توجه أنه له إن أشهد، وَإِلَّا لِلْوَقْفِ، وَيُتَوَجَّهُ فِي أَجْنَبِيٍّ لِلْوَقْفِ1 بِنِيَّتِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا: يَدُ الْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْمُتَّصِلِ بِهِ مَا لَمْ تَأْتِ حُجَّةٌ تَدْفَعُ مُوجِبَهَا، كَمَعْرِفَةِ كَوْنِ الْغَارِسِ غَرَسَهُ بِمَالِهِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ غَصْبٍ" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ مَا لَمْ يَأْتِ بحجة تدل على خلاف ذلك.
وَفِي الرِّعَايَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَكْرَهْ حَفْرَهَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت: بَلَى إنْ كُرِهَ الْوُضُوءُ فِيهِ. وَفِي صِحَّةِ بَيْعٍ فِيهِ "و" وَتَحْرِيمِهِ "خ" وَعَمَلِ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ، نَفَعَ الْمَسْجِدَ أَوْ لَا، رِوَايَتَانِ "م 17 - 19". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-17-19: قَوْلُهُ: "وَفِي صِحَّةِ بَيْعٍ فِيهِ" يَعْنِي الْمَسْجِدَ "وَتَحْرِيمِهِ، وَعَمَلِ صَنْعَةٍ كَخِيَاطَةٍ، نَفَعَ الْمَسْجِدَ أَوْ لَا، رِوَايَتَانِ" انْتَهَى، فِيهِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 17: هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، "1وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى1": وَفِي صِحَّتِهِمَا وَجْهَانِ، مَعَ التَّحْرِيمِ: إحْدَاهُمَا لَا يَصِحُّ: قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعِ بُطْلَانِ الْبَيْعِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي كِتَابِهِ قَبْلَ الْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ: وَيَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ، لِلْخَبَرِ2، وَلَا يَصِحَّانِ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا انْتَهَى. قُلْت: قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَنَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ صِحَّتَهُ وَجَوَازَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخَرِ الِاعْتِكَافِ3، لِأَنَّهُ قَدَّمَ عَدَمَ الْجَوَازِ، ثُمَّ قال وقيل: إن حرم ففي صحته وجهان انْتَهَى، وَهُوَ طَرِيقَتُهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، وَهُوَ قَوِيٌّ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ قُبَيْلَ بَابِ السَّلَمِ، وَلَكِنْ قَطَعُوا بِالْكَرَاهَةِ، وَصَحَّحُوا الْبَيْعَ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا أَنَّهُ سَوَاءٌ قُلْنَا يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَنَى الْخِلَافَ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ، فَإِنْ قُلْنَا يَحْرُمُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الِاعْتِكَافِ، فَإِنَّهُ هُنَاكَ قَدَّمَ التَّحْرِيمَ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: إنْ حَرُمَ ففي صحته وجهان انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَحَلُّ الْخِلَافِ عِنْدَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-18: هَلْ يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ وَالْإِفْصَاحِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالشَّارِحُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ، وَغَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَنَعَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ جَوَازَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ1، وَهَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا حُكْمًا فِي مَكَان وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي آخَرَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِي آخَرِ كِتَابِ الْبَيْعِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 قَبْلَ كِتَابِ السَّلَمِ بِيَسِيرٍ: وَيُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَاجْتِنَابِ النجاسة: ويسن أن يصان المسجد عن "4البيع والشراء فيه. نص عليه. المسألة الثالثة: -19: هل يجوز فيه عمل الصنعة كالخياطة ونحوها أم لا يجوز؟ أطلق الخلاف فيه: إحداهما: لا يحرم. قال في الرعاية الكبرى: يسن أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ4" عَمَلِ صَنْعَةٍ. نَصَّ عليه، وإن نفعه5 صَانِعُهَا بِكَنْسٍ أَوْ رَشٍّ أَوْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُجَنَّبُ الْمَسْجِدُ عَمَلَ الصَّنْعَةِ وَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ يخدمه6، قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْآدَابِ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ الْمَسْجِدُ عَنْ كُلِّ عَمَلِ صَنْعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي المستوعب وغيره: سواء كان الصانع يراعي الْمَسْجِدَ بِكَنْسٍ أَوْ رَشٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى. قَالَ حَرْبٌ: سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الْعَمَلِ فِي الْمَسْجِدِ نَحْوِ الْخِيَاطَةِ وَغَيْرِهِ، فَكَأَنَّهُ كَرَاهَةٌ لَيْسَ بِذَلِكَ التَّشْدِيدِ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَكْتُبُ بِالْأُجْرَةِ فِيهِ قَالَ: أَمَّا الْخَيَّاطُ وَشِبْهُهُ فَلَا يُعْجِبُنِي، إنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: مَا يُعْجِبُنِي مِثْلُ الْخَيَّاطِ وَالْإِسْكَافِ وَشِبْهُهُ، وَسَهَّلَ فِي الْكِتَابَةِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: خَصَّ الْكِتَابَةَ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَحْصِيلِ عِلْمٍ، فَهِيَ فِي مَعْنَى الدَّارِسَةِ، وَهَذَا يُوجِبُ التَّقْيِيدَ بِمَا لَا يَكُونُ تَكَسُّبًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ كُلَّ يَوْمٍ انْتَهَى، وَظَاهِرُ مَا نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَتَكَسَّبَ بِالصَّنْعَةِ التَّسْهِيلُ فِي الْكِتَابَةِ مُطْلَقًا انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَاَللَّهُ أعلم، "1وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ2 أَنَّهُ يجوز للمعتكف أن يتكسب بالصنعة1" فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ احْتَاجَ الْخِيَاطَةَ لِلُبْسِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ إطْلَاقُ الخلاف وقد ذكرته. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ. قَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ: تَكْرَهُ الْخَيَّاطِينَ فِي الْمَسَاجِدِ؟ قَالَ: إي لَعَمْرِي شَدِيدًا، وَكَذَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَرِوَايَةُ حَرْبٍ الْكَرَاهَةُ، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْمَسَاجِدِ العمل والصنائع كالخياطة والخرز والحلج والتجارة3 وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ إذَا كَثُرَ، وَلَا يُكْرَهُ إذَا قَلَّ، كَرَقْعِ ثَوْبِهِ وَخَصْفِ نَعْلِهِ انْتَهَى. قلت: هو أعدل الأقوال والله أعلم.
وَتَحْرِيمِ إقَامَةِ حَدٍّ بِهِ وَجْهَانِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ "م 20". واتخاذه طريقا وَوَضْعِ النَّعْشِ فِيهِ لَا النَّسْخِ، وَأَوْمَأَ إذَا لَمْ يَتَكَسَّبْ بِهِ، وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ تعليم الكتابة فيه1 بِلَا ضَرَرٍ لَهُ. وَفِي النَّوَادِرِ: لَا يَجُوزُ. وَأَفْتَى فِي الْفُنُونِ بِإِخْرَاجِهِمْ، وَاسْتَثْنَى فَقِيهًا يَدْرِي مَا يُصَانُ عَنْهُ فَقِيرًا، قَالَ: وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَبْقَى فِي الْمَسْجِدِ خوخة إلا سدت إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-20: قوله: "و2 تَحْرِيمِ إقَامَةِ حَدٍّ فِيهِ وَجْهَانِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ" انْتَهَى. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ يُضْرَبَ فِيهِ الْحَدُّ وَلَا يُقَامَ حَدٌّ، لَعَلَّهُ يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ قُبَيْلَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ فِي الْمَسْجِدِ حَدٌّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَانَ عَنْ إقامة حد فيه، وَكَذَا قَالَ فِي الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَيُجَنَّبُ الْمَسْجِدُ إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ3 فِي كِتَابِ الْحُدُودِ: وَلَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إقَامَةُ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْمَسَاجِدِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ، لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ4، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هذا الباب.
خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ" 1 وَإِنَّمَا خَصَّهُ لِسَابِقَتِهِ، وَتَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ لِبَعْضِ الْعَرَبِ، وَكَانَ لَهَا حِفْشٌ فِي الْمَسْجِدِ، أَيْ بَيْتٌ صَغِيرٌ، وَكَانَتْ تَأْتِينَا فَتَحَدَّثُ عِنْدَنَا، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا أُحِبُّ أَنْ يضرب فيه أحد وَلَا يُقَامَ3 حَدٌّ، لَعَلَّهُ يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَمَنَعَ شَيْخُنَا اتِّخَاذَهُ طَرِيقًا، قَالَ: وَالِاتِّخَاذُ وَالِاسْتِئْجَارُ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَقُعُودِ صَانِعٍ وَفَاعِلٍ فِيهِ لِمَنْ يَكْتَرِيه4، كَبِضَاعَةٍ لِمُشْتَرٍ لَا يَجُوزُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ الرَّجُلِ يَخِيطُ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ الْمَسْجِدَ مَعَاشًا وَلَا مَقِيلًا وَلَا مَبِيتًا، إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ، وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ الْمَسْجِدِ يَكُونُ فِي طَرِيقٍ قَرِيبٍ مِنْهُ أَمُرُّ فِيهِ؟ قَالَ: لَا يَتَّخِذُ طَرِيقًا مِثْلُ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَمُرُّونَ فِيهِ، قُلْت: فَإِنْ كَانَ يَوْمُ مَطَرٍ يُمَرُّ فِيهِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ ضَرُورَةٌ يَضْطَرُّ إلَيْهِ مِثْلُ الْمَطَرِ نَعَمْ، وَيُكْرَهُ فِيهِ كَثْرَةُ حَدِيثِ لَاغٍ "و" وَدُنْيَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مَسْجِدُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَاصَّةً لَا يُنْشَدُ فِيهِ شِعْرٌ وَلَا يُمَرُّ فِيهِ بِلَحْمٍ، كَرَامَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أَرَى لِرَجُلٍ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ إلَّا أَنْ يُلْزِمَ نَفْسَهُ الذِّكْرَ وَالتَّسْبِيحَ، فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ إنَّمَا بُنِيَتْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَيُكْرَهُ رَفْعُ صَوْتٍ "و" بِغَيْرِ عِلْمٍ وَنَحْوِهِ "م" وَلَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ "هـ"، وَنَوْمُ غَيْرِ مُعْتَكِفٍ، وَنَصُّهُ: وَمَا لَا يُسْتَدَامُ كَمَرِيضٍ وَضَيْفٍ وَمُجْتَازٍ، وَعَنْهُ: مَنْعُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُسْتَدَامٍ وَعَنْهُ: يَجُوزُ "وش"، وَعَنْهُ يُكْرَهُ مَقِيلًا وَمَبِيتًا، وَمَنَعَهُمَا شَيْخُنَا لِغَنِيٍّ. وَفِي الْمَبْسُوطِ لِلْحَنَفِيَّةِ: يُكْرَهُ إلَّا لِمُعْتَكِفٍ. وَفِي الْمُحِيطِ: لِلْحَاجَةِ إلَى حِفْظِ مَتَاعِ الْمَسْجِدِ، وَيُبَاحُ أَنْ يُغْلَقَ أَبْوَابُهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ مَنْ يُكْرَهُ دُخُولُهُ إلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَهُوَ مِنْ أُغْلِقَ الْبَابُ فَهُوَ مُغْلَقٌ، وَغُلِقَ فَهُوَ مَغْلُوقٌ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ. وَكَرِهَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَاخْتَارَ مَشَايِخُهُمْ كَقَوْلِنَا وَنَصَّ أَحْمَدُ، قَالَ أَحْمَدُ: يُخْرَجُ الْمُعَبِّرُ لَا الْقَصَّاصُ، وَقَالَ: يُعْجِبُنِي قَاصٌّ إذَا كَانَ صَدُوقًا، وَمَا أَحْوَجَ النَّاسَ إلَيْهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَمَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَحْدَثُوا مِنْ وَضْعِ الْأَخْبَارِ فَلَا أَرَاهُ، وَلَوْ قُلْت إنَّهُ يَسْمَعُهُمْ الْجَاهِلُ فَلَعَلَّهُ يَنْتَفِعُ، وَكَرِهَ مَنْعَهُمْ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: مَا أَنْفَعَهُمْ لِلْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ عَامَّةُ حَدِيثِهِمْ كَذِبًا. وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: حَدَّثَنِي شُجَاعُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: لَقِيَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَأَنَا أُرِيدُ مَجْلِسَ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ، فَقَالَ لِي: وَأَنْتَ أَيْضًا يَا شُجَاعُ ارْجِعْ، فَرَجَعَتْ، قَالَ إبْرَاهِيمُ: لَوْ كَانَ فِي هَذَا خَيْرٌ لَسَبَقَ إلَيْهِ الثَّوْرِيُّ وَوَكِيعٌ وَأَحْمَدُ وَبِشْرٌ. وَفِي الْغُنْيَةِ: قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ حُضُورُ الْقَاصِّ، لِأَنَّ الْقِصَصَ بِدْعَةٌ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ مِنْ الصَّحَابَةِ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ الْجَامِعِ1 إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ واليقين فحضور مجلسه أفضل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ صَلَاتِهِ. فَأَمَّا قِرَاءَتُهُمْ لِلتَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا فَنَقَلَ ابن هانئ أنه سئل عنه فقال1: هَذِهِ مَسْأَلَةُ مُسْلِمٍ؟ وَغَضِبَ، وَظَاهِرُهُ الْإِنْكَارُ، وَحَرَّمَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَالْقَاضِي وَذُكِرَ أَنَّ2 ابْنَ هُرْمُزَ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ يَفْعَلُهُ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَطَّةَ. وَمَنْ جَعَلَ سُفْلَ بَيْتِهِ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِسَطْحِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ3 لَا، وَأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ السَّطْحَ مَسْجِدًا انْتَفَعَ بِأَسْفَلِهِ، لِأَنَّ السَّطْحَ لَا يحتاج إلى أسفل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الهبة
باب الهبة مدخل ... بَابُ الْهِبَةِ وَهِيَ تَبَرُّعُ الْحَيِّ بِمَا يُعَدُّ هِبَةً عُرْفًا، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 فِي الصَّدَاقِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْعَفْوِ وَالتَّمْلِيكِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي عَفْوٍ وَجْهَانِ. وَفِي الْمُذْهَبِ أَلْفَاظُهَا: وَهَبْت وَأَعْطَيْت وَمَلَكْت. وَفِي الِانْتِصَارِ أَطْعَمْتُكَهُ كَوَهَبْتُكَهُ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا2، وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ رَدُّ الْهَدِيَّةِ وَإِنْ قُلْت. وَيُكَافِئُهُ أَوْ يَدْعُو لَهُ، وَيُتَوَجَّهُ: إنْ لَمْ يَجِدْ دَعَا لَهُ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: "لَا تردوا الهدية". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَكَى أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى عَنْ وَهْبٍ قَالَ: تَرْكُ الْمُكَافَأَةِ مِنْ التَّطْفِيفِ، وَقَالَهُ مُقَاتِلٌ، وَكَذَا اخْتَارَ شَيْخُنَا فِي رَدِّ الرَّافِضِيِّ أَنَّ مِنْ الْعَدْلِ الْوَاجِبِ مُكَافَأَةَ مَنْ لَهُ يَدٌ أَوْ نِعْمَةٌ لِيَجْزِيَهُ بِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تُقْبَلُ هَدِيَّةُ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَذَكَرُوهُ فِي الْغَنِيمَةِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي الْمُشْرِكِ: أَلَيْسَ يُقَالُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ وَقَبِلَ؟ وَقَدْ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ1. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِيهَا ثلاثة أقوال2: أحدها: أن أخبار3 الْقَبُولِ أَثْبَتُ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَاسِخَةٌ. وَالثَّالِثُ: قَبِلَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَبُولُهُ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ ضَعِيفٌ أَوْ مَنْسُوخٌ. وَقِيلَ: الْهِبَةُ تَقْتَضِي عِوَضًا وَقِيلَ: مَعَ عُرْفٍ، فَلَوْ أَعْطَاهُ لِيُعَاوِضَهُ أَوْ لِيَقْضِيَ لَهُ حَاجَةً فَلَمْ يَفِ فَكَالشَّرْطِ وَاخْتَارَهُ شيخنا. وإن شرطه معلوما صحت، كعارية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: بِقِيمَتِهَا بَيْعًا وَعَنْهُ: هِبَةً، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، كَنَفْيِ ثَمَنٍ، وَكَمَجْهُولٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِيهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَيُرْضِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ رَدَّهَا بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ فَقِيمَتُهَا يَوْمَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَافِئَهُ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى رَبُّهَا شَرْطَ الْعِوَضِ أَوْ الْبَيْعِ فَأَنْكَرَهُ فَوَجْهَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-1: قَوْلُهُ: "فَإِنْ ادَّعَى رَبُّهَا شَرْطَ الْعِوَضِ أَوْ الْبَيْعِ فَأَنْكَرَهُ1 فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ شَرَطَ الْعِوَضَ فَأَنْكَرَهُ الْمُتَّهِبُ أَوْ قَالَ: وَهَبَتْنِي مَا بِيَدِي فَقَالَ: بَلْ بِعْتُكَهُ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ إذَا حلف؟ فيه وجهان. قلت الهبة من الآدمي2 تَقْتَضِي عِوَضًا هُوَ الْقِيمَةُ إذَا قَبِلَهُ، فَإِنْ مات رجع إن شاء انتهى.
وَتَصِحُّ هِبَةُ جَائِزٍ بَيْعُهُ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ أَحْمَدُ: مَا جَازَ بَيْعُهُ جَازَ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالرَّهْنُ، وَقَالَ إذَا وَقَفَ أَوْ وَصَّى بِأَرْضٍ مُشَاعَةٍ احْتَاجَ أَنْ يَحُدَّهَا كُلَّهَا، وكذا البيع وَالصَّدَقَةُ هُوَ عِنْدِي وَاحِدٌ. وَهِبَةُ مَجْهُولٍ تَعَذَّرَ عِلْمُهُ كَصُلْحٍ، وَقَالَ فِي الْكَافِي1: وَكَلْبٌ وَنَجَاسَةٌ يُبَاحُ نَفْعُهَا، نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أَهْدَى إلَى رَجُلٍ كَلْبَ صَيْدٍ: تَرَى لَهُ أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: هَذَا خِلَافُ الثَّمَنِ، هَذَا عِوَضٌ مِنْ شَيْءٍ، فَأَمَّا الثَّمَنُ فَلَا، وَقِيلَ: وَجِلْدُ مَيْتَةٍ، وَقِيلَ: وَمَجْهُولٌ عِنْدَ مُتَّهَبٍ، وَغَيْرُ مَقْدُورٍ، كَوَصِيَّةٍ. وَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ2 هِبَةُ مَعْدُومٍ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ أَبِي عَبْدَةَ: سُئِلَ عَنْ الصَّدَقَةِ بِثُلُثِ دَارٍ غَائِبَةٍ عَلَى رَجُلٍ مُشَاعَةٍ، وَحَدِّ الدَّارِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، قَالَ: جَائِزٌ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يُعَرِّفَ الدَّارَ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: إذَا قَالَ ثُلُثُ ضَيْعَتِي لِفُلَانٍ بِلَا قِسْمَةٍ جَازَ إذَا كَانَتْ تُعْرَفُ، وَلَا مُعَلَّقَةً بِشَرْطٍ غَيْرِ الْمَوْتِ، وَلَا مُؤَقَّتَةً، خِلَافًا لِلْحَارِثِيِّ فيهما، إلا في العمري، كقوله: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَطَعَ فِي الْكَافِي3 بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا الْهِبَةُ، هَذَا مَا يَظْهَرُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، كَمَا قَالَ فِي الْكَافِي3، وَقَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ: حَكَاهُ فِي الكافي3 وغير واحد.
أَعْمَرْتُكَ أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ جَعَلَتْهُ لَك عُمْرَك أَوْ عُمْرِي أَوْ مَا بَقِيت أَوْ حَيَاتَك، فَيَصِحُّ وَيَصِيرُ لِلْمُعَمَّرِ وَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ، كَتَصْرِيحِهِ1، وَنَقَلَ يَعْقُوبُ وَابْنُ هَانِئٍ: مَنْ يُعَمَّرُ الْجَارِيَةَ أَيَطَأُ؟ قَالَ: لَا أَرَاهُ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْوَرَعِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَهَا تَمْلِيكَ الْمَنَافِعِ، وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ رَجُلًا أَعْمَرَ فَرَسًا حَيَاتَهُ، فَخَاصَمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ" 2 وَالْإِنْسَانُ إنَّمَا يَمْلِكُ الشَّيْءَ عُمْرَهُ، فَقَدْ وَقَّتَهُ بِمَا هُوَ مُؤَقَّتٌ بِهِ فِي الْحَقِيقَةِ، فَصَارَ كَالْمُطْلَقِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَالنَّهْيُ إذَا كَانَ صِحَّةُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ضَرَرًا عَلَى مُرْتَكِبِهِ لَمْ تُمْنَعْ صِحَّتُهُ، كَطَلَاقِ الْحَائِضِ، وَصِحَّةُ الْعُمْرَى ضَرَرٌ، لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ. وَإِنْ شَرَطَ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَوْ إلى غيره فهي4 الرُّقْبَى أَوْ رُجُوعُهُ مُطْلَقًا إلَيْهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: صِحَّتُهُ كَالْعَقْدِ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ" 5 وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ: "مَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَلِوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ" نَقَلَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ6. وَسُكْنَاهُ أَوْ غَلَّتُهُ أَوْ خِدْمَتُهُ لَك أَوْ منحتكه عارية، نقله الجماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى فُلَانٍ فَإِذَا مَاتَ فَلِوَلَدِي أَوْ لِفُلَانٍ فكما [لو] قَالَ، إذَا مَاتَ فَهُوَ لِوَلَدِهِ أَوْ لِمَنْ أَوْصَى لَهُ الْوَاقِفُ لَيْسَ يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا، إنَّمَا هُوَ لِمَنْ وَقَفَهُ يَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ، مِثْلُ السُّكْنَى، وَالسُّكْنَى مَتَى شَاءَ رَجَعَ فِيهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الرُّقْبَى وَالْوَقْفِ: إذَا مَاتَ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ بِخِلَافِ السُّكْنَى وَنَقَلَ: الْعُمْرَى وَالرُّقْبَى وَالْوَقْفُ مَعْنًى وَاحِدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ شَرْطٌ لَمْ يَرْجِعْ إلَى وَرَثَةِ الْمُعَمِّرِ، وَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ لَهُ حَيَاتَهُ رَجَعَ، وَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أُعْمِرَهُ وَإِلَّا رَجَعَ إلَى وَرَثَةِ الأول ويقدم إذا وقفت1 الْوَقْفُ. وَتَصِحُّ بِالْعَقْدِ، وَهَلْ يَمْلِكُهَا بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَتَانِ "م 2" وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ النَّمَاءُ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ إنْ اتَّصَلَ الْقَبْضُ, وَيَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-2: قَوْلُهُ: "وَتَصِحُّ بِالْعَقْدِ، وَهَلْ يَمْلِكُهَا بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَفِي الِانْتِصَارِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَمْلِكُهَا بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَمَنْ تَابَعَهُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَيْسَ الْقَبْضُ بِرُكْنٍ فِيهَا، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الِانْتِصَارِ، "2قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَجْعَلُ الْقَبْضَ مُعْتَبَرًا لِلُزُومِهَا وَاسْتِمْرَارِهَا لَا لِانْعِقَادِهَا وَإِنْشَائِهَا، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ في انتصاره، وصاحب التلخيص، وغيرهم انتهى2".
بِقَبْضِهَا بِإِذْنِ وَاهِبٍ، وَعَنْهُ: مُتَمَيِّزٌ بِالْعَقْدِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ الْمَذْهَبُ، وَيُعْتَبَرُ، إذْنُ وَاهِبٍ فِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي صِحَّةِ قَبْضِهِ بِلَا إذْنِهِ رِوَايَتَانِ. وَيَلْزَمُ فِي كُلِّ ما بيد متهب بالعقد، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى قَبْضُهَا فِيهِ، وَعَنْهُ: وَإِذْنُهُ فِيهِ1 وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي إذْنِهِ أَوْ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَعَنْهُ: لَا، وَيَبْطُلُ إذْنُهُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَوَارِثُ وَاهِبٍ يَقُومُ مَقَامَهُ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ، كَمُتَّهَبٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَقْبِضُ أَبٌ لِطِفْلٍ مِنْ نَفْسِهِ. وَالْأَصَحُّ: لَا يَحْتَاجُ قَبُولًا، وَفِي قَبْضِ وَلِيِّ غَيْرِهِ مِنْ نَفْسِهِ رِوَايَتَا شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ. وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فيه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى الْقَبْضِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا بِقَبْضِهِ، وَفِيمَا عَدَاهُ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَذْهَبُنَا أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمَوْهُوبِ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَالْعَبْدُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ ثُمَّ قُبِضَ وَقُلْنَا يُعْتَبَرُ فِي هِبَتِهِ الْقَبْضُ فَفِطْرَتُهُ عَلَى الْوَاهِبِ، وَكَذَا صَرَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ الْقَبْضَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْهِبَةِ، كَالْإِيجَابِ فِي غَيْرِهَا، وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ، وَقِيلَ: يَقَعُ الْمِلْكُ مُرَاعًى، فَإِنْ وُجِدَ الْقَبْضُ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ كان
فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً. قَالَ فِي الْفُنُونِ: بَلْ عَارِيَّةٌ يَضْمَنُهُ "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْمَوْهُوبِ بِقَبُولِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ، وَحُكِيَ عَنْ ابن حامد، وفرع عليه حكم الفطرة. مَسْأَلَةُ-3: قَوْلُهُ: "قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: يُعْتَبَرُ لِقَبْضِ الْمَشَاعِ إذْنُ الشَّرِيكِ فِيهِ، فَيَكُونُ نِصْفُهُ مَقْبُوضًا تَمَلُّكًا، وَنِصْفُ الشَّرِيكِ أَمَانَةً، قَالَ فِي الْفُنُونِ1: بَلْ عَارِيَّةٌ يَضْمَنُهُ" انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ قَطَعَ بِهِ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ: يَكُونُ نِصْفُ الشَّرِيكِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، فَزَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الْأَصْحَابِ إنَّهُ لَا يَقْبِضُهُ، إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ هُنَا ذَلِكَ فَيَقْوَى كَوْنُهُ أَمَانَةً، "2لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِإِذْنِهِ فَهُوَ أَمَانَةٌ2"، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ حَيْثُ قَبَضَهُ "2أَعْنِي بَعْدَ الشَّرِكَةِ أَوْ يَكُونُ انْتَقَلَ إلَيْهِمَا مَعًا بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ2" فَيَقْوَى الضَّمَانُ، حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، والله أعلم.
فصل: يجب التعديل في عطية أولاده
فصل: يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ، وَقِيلَ: لِصُلْبِهِ، وَذَكَرَ الْحَارِثِيُّ: لَا وَلَدَ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ وَعَنْهُ لَا فِي نَفَقَةٍ كَشَيْءٍ تَافِهٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو يَعْلَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الصَّغِيرُ: كَشَيْءٍ يَسِيرٍ، وَعَنْهُ: بَلَى مَعَ تَسَاوِي فَقْرٍ أَوْ غِنًى بِقَدْرِ إرْثِهِمْ مِنْهُ. وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي: وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ كَتَسْوِيَةٍ فِي وَجْهٍ بَيْنَ أَبٍ وَأُمٍّ وَأَخ وَأُخْتٍ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَعَنْهُ: الْمُسْتَحَبُّ ذَكَرٌ كَأُنْثَى، كَنَفَقَةٍ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُنُونِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ أَحَدًا مِنْ وَلَدِهِ فِي طَعَامٍ وَغَيْرِهِ وَكَانَ يُقَالُ: يَعْدِلُ بَيْنَهُمْ فِي الْقُبَلِ، فَدَخَلَ فِيهِ نَظَرُ وَقْفٍ وَاحْتَجَّ بِهِ الْحَارِثِيُّ عَلَى وُجُوبِهِ مَعَ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِبَعْضِهِمْ، وَالْأَصَحُّ هُنَا: لَا، وَمِثْلُهُمْ بَقِيَّةُ أَقَارِبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ وَغَيْرِهِ، وَزَعَمَ الْحَارِثِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمُونَ كَالْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ سَهْوٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِ لَا تُمْكِنُهُ التَّسْوِيَةُ بِالرُّجُوعِ وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: إنْ خَالَفَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يَعُمَّهُمْ بِالنِّحْلَةِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِي ذِمِّيٍّ نَحَلَ بَعْضَ وَلَدِهِ فَمَاتَ الْمَنْحُولُ وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ كَيْفَ حَالُهُ فِي هَذَا الْمَالِ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي الشِّرْكِ. وَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ أَوْ فَضَّلَهُ وَقِيلَ: لِغَيْرِ مَعْنًى فِيهِ سَوَّى بِرُجُوعٍ، لَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ غَيْرَهُ فِي رِوَايَةِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْأَشْهَرُ: وَكَذَا بِإِعْطَاءٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا فِي مَرَضِهِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ: لَا يَنْفُذُ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ: يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ تَبَيَّنَّا لُزُومَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: لِوَرَثَتِهِ الرُّجُوعُ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو حَفْصٍ وَشَيْخُنَا. وَحُكِيَ عَنْهُ بُطْلَانُهَا، اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: قَوْلُهُمْ لَوْ حُرِّمَ لَفَسَدَ، والتحريم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَقْتَضِي الْفَسَادَ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي أُخْرَى، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَيْنِ وَلَهُ التَّخْصِيصُ بِإِذْنٍ، ذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، وَلَهُ تَمَلُّكُهُ بِلَا حِيلَةٍ، قَدَّمَهُ الْحَارِثِيُّ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَأْكُلَ منه شيئا. وَلَا يُكْرَهُ قَسَمُ حَيٍّ مَالَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُعْجِبُنِي، فَإِنْ حَدَثَ وَلَدٌ سَوَّى نَدْبًا، قَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ، وَقِيلَ: وُجُوبًا، قَالَ أَحْمَدُ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُسَوِّي، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي1، وَتُسْتَحَبُّ التَّسْوِيَةُ: ذَكَرٌ كَأُنْثَى فِي وَقْفٍ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا بَأْسَ، قِيلَ: فَإِنْ فَضَّلَ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي عَلَى وَجْهِ الْأَثَرَةِ إلَّا لِعِيَالٍ بِقَدْرِهِمْ وَقِيلَ: بَلْ كَهِبَةٍ، وَقِيلَ: وَبِمَنْعِهَا، وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْحَارِثِيُّ. وَلَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ وَصَّى بِوَقْفِهِ2 فعنه: كهبة، فيصح بالإجارة3، وَعَنْهُ: لَا، إنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ "م 4" فَعَلَيْهَا لَوْ سَوَّى بَيْنَ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ فِي دَارٍ لَا يملك غيرها فردا فثلثها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-4: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَقَفَ ثُلُثَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْوُرَّاثِ أَوْ أَوْصَى بِوَقْفِهِ فَعَنْهُ: كَهِبَةٍ فَيَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، وَعَنْهُ: لَا، وَإِنْ قِيلَ هِبَةٌ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ فِي ثُلُثِهِ، وَهِيَ أَشْهَرُ" انْتَهَى. الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: هِيَ الصَّحِيحَةُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: هِيَ أَشْهَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنَصَّهُمَا، وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وغيره وأكثر الأصحاب انتهى.
وَقْفٌ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَثُلُثَاهَا مِيرَاثٌ، وَإِنْ رَدَّ ابْنُهُ فَلَهُ ثُلُثَا الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِبِنْتِهِ ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَإِنْ رَدَّتْ فَلَهَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ إرْثًا وَلِابْنِهِ نِصْفُهُمَا وَقْفًا وَسُدُسُهَا إرْثًا، لِرَدِّ الْمَوْقُوفِ عليه، وكذا له1 لو رد التسوية ولبنته ثُلُثُهُمَا وَقْفًا، وَعَلَى الْأُولَى عَمَلُك فِي الدَّارِ كَثُلُثَيْهَا عَلَى الثَّانِيَةِ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ زَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ. وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ وَاهِبٍ فِي هِبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالْقِيمَةِ، وَعَنْهُ: وَلَوْ أَبًا وَعَنْهُ، فِيهِ: يَرْجِعُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ، كَتَزْوِيجٍ وَفَلَسٍ، أَوْ مَا يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْمُتَّهَبِ مُؤَبَّدًا أَوْ مُوَقَّتًا، فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ رَجَعَ إلَّا أَنْ يرجع مجددا، وفيه بفسخ وجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQقال ابن منجا وَالْحَارِثِيُّ فِي شَرْحَيْهِمَا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، قَالَهُ الْقَاضِي، نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْضًا، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: أَنَّهُ كَالْهِبَةِ، فَيَصِحُّ بِالْإِجَازَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَوْ وَقَفَ الثُّلُثَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَارِثٍ أَوْ وَصَّى أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَزِمَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ: إنْ أُجِيزَ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ، كَالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ قُلْنَا هُوَ لله صح، وإلا فلا. مَسْأَلَةُ-5: قَوْلُهُ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي الْهِبَةِ لِوَلَدِهِ: وَفِيهِ بِفَسْخٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وشرح ابن منجا والحارثي والنظم والرعايتين
وَقِيلَ: إنْ وَهَبَ وَلَدَيْهِ فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا1 مِنْ الْآخَرِ فَفِي رُجُوعِهِ فِي الْكُلِّ وَجْهَانِ، وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ فَاحْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ "م 6"، وَفِي زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ، رِوَايَتَانِ "م 7"، وَفِي رجوع امرأة فيما وهبته زوجها ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَهُ الرُّجُوعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ، صَحَّحَهُ4 فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، قَالَهُ الْحَارِثِيُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهَذَا فِي الْإِقَالَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ فَيَمْتَنِعُ حَقُّهُ مِنْ الرُّجُوعِ، قَالَهُ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: مَسْأَلَةُ-6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الرُّجُوعِ فَاحْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ" انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: أَظْهَرُهُمَا لَا يَسْقُطُ لِثُبُوتِهِ لَهُ بِالشَّرْعِ، كَإِسْقَاطِ الْوَلِيِّ حَقَّهُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَقَدْ يَتَرَجَّحُ سُقُوطُهُ، لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ مُجَرَّدُ حَقِّهِ، بِخِلَافِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ لِلَّهِ وَلِلْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا يَأْثَمُ بِعَضْلِهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ" انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَيْسَ كَإِسْقَاطِ الْوَلِيِّ حَقَّهُ مِنْ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَيَأْتِي نَظِيرَتُهَا فِي الْحَضَانَةِ5. مَسْأَلَةُ-7: قَوْلُهُ: "وَفِي زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغني6،
بمسألته وقيل: أو لا، رِوَايَتَانِ "م 8". وَقِيلَ: تَرْجِعُ: إنْ وَهَبَتْهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ فَلَمْ يَنْدَفِعْ، أَوْ عِوَضٍ أَوْ شَرْطٍ فلم ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: وَفِي مَنْعِ الْمُتَّصِلَةِ صُورَةً وَمَعْنًى رِوَايَتَانِ، زَادَ فِي الْكُبْرَى: كَسِمَنٍ وَكِبَرٍ وَحَبَلٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يُمْنَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّمَانِينَ بَعْدَ إطْلَاقِ الرِّوَايَتَيْنِ: وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ" انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُمْنَعُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ. وَقَالَ فِي الْكَافِي3: الْخِلَافُ هُنَا كَالْخِلَافِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَقَدَّمَ فِي الْمُفْلِسِ عَدَمَ الرُّجُوعِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فَقَالَ: وَيُشَارِكُ الْمُتَّهِبُ بِالْمُتَّصِلَةِ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الرُّجُوعِ: لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ لِلزِّيَادَةِ انْتَهَى. فَاخْتَلَفَا لِمَنْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ الرجوع. مَسْأَلَةُ-8: قَوْلُهُ: "وَفِي رُجُوعِ امْرَأَةٍ فِيمَا وَهَبَتْهُ زَوْجَهَا بِمَسْأَلَتِهِ وَقِيلَ: أَوْ لَا، رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وأطلقهما في المغني والمحرر وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَهَا الرُّجُوعُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَجَزَمَ بِهِ في المنور
يَحْصُلُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لم تبرئني فأبرأته صح، وهل ترجع؟ ثالثها ترجع إن طلقها، ذكره شيخنا وغيره "م 9"، وإن اختلفا في حدوث ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَوَاعِدِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ بِمَا وَهَبَتْ زَوْجَهَا بِمَسْأَلَتِهِ، عَلَى الْأَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّيْخُ فِي الْكَافِي1، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ "3وَقَالَ: إنَّهُ أَظْهَرُ3"، وَغَيْرُهُمْ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْهُ ضَرَرٌ مِنْ طَلَاقٍ وَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الرُّجُوعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "بِمَسْأَلَتِهِ وَقِيلَ أَوْ لَا". فَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ إذَا وَهَبَتْهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَتِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الْوَجْهَيْنِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقِيلَ: لَهَا الرُّجُوعُ أَيْضًا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ2 والرعاية الكبرى. مَسْأَلَةُ-9: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إن لم تبرئني فأبرأته صح، وهل ترجع؟ ثَالِثُهَا تَرْجِعُ إنْ طَلَّقَهَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ" انْتَهَى. قُلْت: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَاخِلَةٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنَّ رُجُوعَهَا هُنَا آكَدُ وَأَوْلَى، والله أعلم.
زِيَادَةٍ فَوَجْهَانِ "م 10". وَالْمُنْفَصِلَةُ لِابْنٍ، وَقِيلَ: لِأَبٍ، وَلَا تُمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَنَقْصِهِ1، وَفِيهَا فِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ، وَإِنْ وَهَبَهُ2 مُتَّهِبٌ لِابْنِهِ فَفِي رُجُوعِ أَبِيهِ وَعَدَمِهِ وَرُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ ابْنُهُ احْتِمَالَانِ "م 11 و 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-10: قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِ زِيَادَةٍ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَمْنَعُهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِمُوَافَقَةِ دَعْوَاهُ الْأَصْلَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلَدِ فِي حُدُوثِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ. مسألة-11-12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَهَبَهُ مُتَّهِبٌ لِابْنِهِ فَفِي رُجُوعِ أَبِيهِ وَعَدَمِهِ وَرُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ ابْنُهُ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ احْتِمَالَانِ، إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 11: إذَا وهبه3 الْمُتَّهِبُ لِابْنِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ فَهَلْ يَرْجِعُ الْجَدُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ الْجَدُّ الرُّجُوعَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَشَرْحِهِ5 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالشَّارِحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالتَّلْخِيصِ والرعايتين والحاوي الصغير وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْأَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الرُّجُوعُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ كَمَا قال، وأبو الخطاب وهم انتهى.
وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَرْجِعُ جَدٌّ، فِي وجه، ورجوعه بِقَوْلِهِ، عَلِمَ الْوَلَدُ أَوْ لَا، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَجُوزُ عَتْقُهَا حَتَّى يَرْجِعَ فِيهَا وَيَرُدَّهَا إلَيْهِ، إذَا قَبَضَهَا أَعْتَقَهَا، فَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ قَبْضِهِ وَأَنَّهُ يَكْفِي، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي قَبْضِهِ مَعَ قَرِينَةٍ وَجْهَيْنِ وَكَذَا بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ وَلَا يَنْفُذُ، وَلَيْسَ الْوَطْءُ بِمُجَرَّدِهِ رُجُوعًا، وَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ مُطْلَقًا، مَا لَمْ يَضُرَّهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: مَا لَمْ يُجْحِفْ بِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الكافي1، وفيه: وما لم يعطه ولدا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَدْ ظَهَرَ لَك بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرًا ظَاهِرًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-12: إذَا رَجَعَ الِابْنُ فِي هِبَتِهِ الَّتِي وَهَبَهَا أَبُوهُ لَهُ فَهَلْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا رَجَعَ إلَى وَلَدِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ والمستوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ. تَنْبِيهٌ: قَدْ لَاحَ لَك أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطلاق المصنف الخلاف نظرا، والله أعلم.
آخر، ونقله الشالنجي، واحتج بأنه حِينَ أَخَذَهُ صَارَ لَهُ فَيَعْدِلُ بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: لَهُ تَمَلُّكُهُ كُلِّهِ، وَقِيلَ: بَلْ مَا احْتَاجَهُ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: يَأْكُلُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ إلَّا أَنْ يُفْسِدَهُ فَلَهُ الْقُوتُ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ1 قَبْلَ تَمَلُّكِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَيَقْدَحُ فِي أَهْلِيَّتِهِ لِأَجْلِ الْأَذَى سِيَّمَا بِالْحَبْسِ. وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يَمْلِكُ إحْضَارَهُ مَجْلِسَ حُكْمٍ، فَإِنْ حَضَرَ فَادَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لَمْ يُحْبَسْ، وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، مَعَ قَوْلٍ أَوْ نِيَّةٍ، وَيُتَوَجَّهُ: أَوْ قَرِينَةٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ رِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى حُصُولِ مِلْكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَيَصِحُّ بَعْدَهُ، وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ مَعَ غِنَاهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْبَى عَلَيْهِ، نَقَلَ الْأَثْرَمُ: وَلَوْ كُنْت أَنَا لَجَبَرْته عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ، وَعَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك" 2 وَهَلْ يَثْبُتُ لِوَلَدِهِ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: لَا، "م 13". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-13: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَثْبُتُ لِوَلَدِهِ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ أَوْ قِيمَةُ مُتْلَفٍ أَوْ غَيْرُهُ؟ فِيهَا وَجْهَانِ، وَنَصُّهُ: لَا" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لِوَلَدِهِ الدَّيْنُ وَنَحْوُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يَقُولُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ وانتفاء المطالبة،
وَإِنْ ثَبَتَ فَفِي مِلْكِهِ إبْرَاءَ نَفْسِهِ نَظَرٌ، قاله القاضي، وذكر غيره لا يملكه، كإبرائه لِغَرِيمِهِ "م 14" وَقَبْضِهِ مِنْهُ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمْ يَمْلِكْهُ. وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِ ابْنِهِ فَأَنْكَرَ رجع على غريمه، وهو على الأب "1نَقَلَهُ مُهَنَّا1" فَظَاهِرُهُ لَا يَرْجِعُ إنْ أَقَرَّ الِابْنُ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِيمَنْ قَتَلَ ابْنَهُ إنْ قُلْنَا الدِّيَةُ لِوَارِثٍ طَالَبَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّ الْمُبَاحَ يَحْرُمُ إتْلَافُهُ عَبَثًا وَلَا يَضْمَنُهُ، فَإِنْ مات ففي أخذه عين2 ماله ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُصَنِّفُ" انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِيمَا إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ ابْنِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ، ذَكَرَهُ فِي بَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الْبَنَّا، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ النَّصَّ. قُلْت: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5: يَحْتَمِلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّصُّ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْلُهُ: "إذَا مَاتَ الْأَبُ بَطَلَ دَيْنُ الِابْنِ، وَقَوْلُهُ: "مَنْ أَخَذَ مِنْ مَهْرِ ابْنَتِهِ شَيْئًا فَأَنْفَقَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ بَعْدِهِ، عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ لَهُ وَإِنْفَاقَهُ إيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ. انْتَهَى. مَسْأَلَةُ-14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ثَبَتَ فَفِي مِلْكِهِ إبْرَاءَ نَفْسِهِ نَظَرٌ، قَالَهُ القاضي، وذكر غيره لا يملكه، كإبرائه لغريمه" انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَمْلِكُ الْأَبُ إسْقَاطَ دَيْنِ الِابْنِ عَنْ نَفْسِهِ انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْمِلْكِ لِذَلِكَ، كَمَا قَالَهُ غَيْرُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أيضا.
وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يُنْقَدْ ثَمَنُهُ رِوَايَتَانِ "م 15" وَمَا قَضَاهُ فِي مَرَضِهِ أو وصى بقضائه فمن رأس ماله، وَإِلَّا لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ، وَنَصُّهُ: يَسْقُطُ، كَحَبْسِهِ بِهِ، فَلَا يَثْبُتُ، كَحَيَاتِهِ، وَيَطْلُبُهُ بِنَفَقَتِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ. وَعَيْنٌ فِي يَدِهِ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: مَا حَازَهُ لَا يَأْخُذُهُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ إذَا حَازَهُ لِنَفْسِهِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ أَعْطَى بَعْضَ وَلَدِهِ مَالًا لِيُسَوِّيَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ اقْتَرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ قَالَ: مَا وَجَدُوهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ مَالُهُمْ عَلَيْهِ، وَمَا اسْتَهْلَكَهُ فَلَا يَكُونُ لِلْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِمْ دَيْنٌ، وَكَانَ قَالَ1 قَبْلَ ذَلِكَ: يَسْقُطُ عَنْ الْمَيِّتِ دَيْنُ وَلَدِهِ، وَالْأُمُّ كَأَبٍ فِي تَسْوِيَةٍ فَقَطْ، نص عليه. وفي الإفصاح ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ-15: قَوْلُهُ: "فَإِنْ مَاتَ فَفِي أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ: أَوْ بَعْضُهُ وَلَمْ يُنْقَدْ ثَمَنُهُ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ: إحْدَاهُمَا: لَهُ الْأَخْذُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ قَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 أَنَّ الْأَبَ إذَا مَاتَ يَرْجِعُ الِابْنُ فِي تَرِكَتِهِ بِدَيْنِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ" انْتَهَى. قُلْت: إذَا كَانَ فِي الدَّيْنِ فَفِي الْعَيْنِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى، قَالَ فِي الْكَافِي: قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهَذَا إذَا صَارَ إلَى الْأَبِ بِغَيْرِ تَمْلِيكٍ وَلَا عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَأَمَّا إنْ صَارَ إلَيْهِ بِنَوْعٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الثُّبُوتِ، وَهُوَ بَعِيدٌ. فَهَذِهِ خَمْسَ عَشْرَةَ مسألة قد صححت.
والواضح وغيرهما: ورجوع، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَهُ فِي الْمُوجَزِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ وَالشَّيْخُ، وَقِيلَ: وَتَمْلِكُ، وَنُصُوصُهُ: لَا تَتَمَلَّكُ وَلَا تَتَصَدَّقُ، قَالَ: وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ مِنْهُ، وَيُتَوَجَّهُ رِوَايَةً مُخَرَّجَةً وَمِنْ رِوَايَةِ ثُبُوتٍ وِلَايَةٌ لِجَدٍّ وَإِجْبَارُهُ أَنْ يَكُونَ كَأَبٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا لَمْ يُخَالِفْ "عِ" كَالْعُمْرِيَّتَيْنِ1. وَهَدِيَّةٌ كَهِبَةٍ، وَكَذَا صَدَقَةٌ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَحَنْبَلٌ: لَا رُجُوعَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْهَدِيَّةِ قَبُولٌ، لِلْعُرْفِ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ. وَوِعَاءُ هَدِيَّةٍ كَهِيَ، مَعَ عُرْفٍ، وَمَنْ أَهْدَى لِيُهْدَى إلَيْهِ أَكْثَرُ فَنَقَلَ صَالِحٌ أَنَّ أَبَاهُ ذَكَرَ قَوْلَ الضَّحَّاكِ: لَا بَأْسَ بِهِ لِغَيْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَنَقَلَ أَبُو الحارث فيمن سأله2 الْحَاجَةَ فَسَعَى مَعَهُ فِيهَا فَيُهْدِي لَهُ قَالَ: إنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ الْبِرِّ وَطَلَبَ الثَّوَابَ كَرِهْته لَهُ، وَنَقَلَ صَالِحٌ فِيمَنْ رَدَّ الْوَدِيعَةَ فَيُهْدِي لَهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لِأَدَاءِ أَمَانَتِهِ لم يقبل، إلا أن يكافئه. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ: لَا يَنْبَغِي لِلْخَاطِبِ إذَا خَطَبَ لِقَوْمٍ أَنْ يَقْبَلَ لَهُمْ هَدِيَّةً، فَهَاتَانِ رِوَايَتَانِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا التَّحْرِيمَ، قَالَ: وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ الْأَكَابِرِ، قَالَ: وَرَخَّصَ فِيهِ بَعْضُ المتأخرين، جعله من باب الجعالة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: "بَابُ الْهَدِيَّةِ لِلْحَاجَةِ" ثُمَّ رُوِيَ مِنْ رِوَايَةِ الْقَاسِمِ وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: "مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ1 الرِّبَا" 2. وَكَانَ الزَّجَّاجُ3 أَدَّبَ الْقَاسِمَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ فَلَمَّا تَوَلَّى الْوَزَارَةَ كَانَ وَظِيفَتُهُ عَرْضَ الْقِصَصِ وَقَضَاءَ الْأَشْغَالِ وَيُشَارِطُ وَيَأْخُذُ مَا أَمْكَنَهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُنْتَظِمِ: يَجِبُ عَلَى الْوُلَاةِ إيصَالُ قِصَصِ أَهْلِ الْحَوَائِجِ، فَإِقَامَةُ مَنْ يَأْخُذُ الْجُعْلَ عَلَى هَذَا حَرَامٌ، فَإِنْ كَانَ الزَّجَّاجُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي هَذَا فَهُوَ جَهْلٌ، وَإِلَّا فَحِكَايَتُهُ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ، فَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ قِلَّةِ الْفِقْهِ. وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الوصايا
كتاب الوصايا أحكام الوصايا وأقسامها ... كِتَابُ الْوَصَايَا تَصِحُّ مُطْلَقَةً وَمُقَيَّدَةً مِنْ مُكَلَّفٍ، قال في الكافي1: ما2 لم يعاين الموت "وش" قَالَ: لِأَنَّهُ لَا قَوْلَ لَهُ، وَالْوَصِيَّةُ قَوْلٌ، وَلَنَا خِلَافٌ، هَلْ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ الْمِلْكَ أَوْ مَا دَامَ مُكَلَّفًا أَوْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَة-1: قَوْلُهُ: "وَلَنَا خِلَافٌ هَلْ تُقْبَلُ التَّوْبَةُ مَا لَمْ يُعَايِنْ الْمِلْكَ أَوْ مَا دَامَ مُكَلَّفًا أَوْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: تُقْبَلُ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ3 فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِ اللَّطَائِفِ: فَمَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُغَرْغِرَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَقَدَّمَهُ، لِأَنَّ الرُّوحَ تُفَارِقُ الْقَلْبَ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ فَلَا يَبْقَى لَهُ نِيَّةٌ وَلَا قَصْدٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُقْبَلُ مَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَلَكَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ خَرَّجَ ابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتَى تَنْقَطِعُ مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ مِنْ النَّاسِ؟ قَالَ: "إذَا عَايَنَ" يَعْنِي الْمِلْكَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي مُهْلَةٍ5 مِنْ التَّوْبَةِ مَا لَمْ يَأْتِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ يَقْبِضُ رُوحَهُ، فَإِذَا نَزَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَلَا تَوْبَةَ حِينَئِذٍ" وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ مَا لَمْ يَنْزِلْ سُلْطَانُ الْمَوْتِ6". وَرَوَى فِي كتاب الموت6 عن أبي موسى قَالَ: "إذَا عَايَنَ الْمَيِّتُ الْمَلَكَ ذَهَبَتْ الْمَعْرِفَةُ". وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آداب "الرعايتين"،
وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ1: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْت لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ" مَعْنَى بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ بَلَغَتْ الرُّوحُ، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ2 إمَّا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ الْخَطَّابِيِّ: وَالْمُرَادُ قَارَبَتْ بُلُوغَ الْحُلْقُومِ، إذْ لَوْ بَلَغَتْهُ حَقِيقَةً لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَقِيلَ: غَيْرِ سَفِيهٍ، وَمَنْ بَالِغٍ عَشْرًا، فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي مُمَيِّزٍ روايتان "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQو"نهاية الْمُبْتَدِينَ فِي أُصُولِ الدِّينِ"، وَالْمُصَنِّفُ فِي "الْآدَابِ الكبرى" و"الوسطى"، وَالشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ كُتَيْلَةُ فِي كِتَابِ "الْعُدَّةِ". وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ مَا دَامَ مُكَلَّفًا، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَالصَّوَابُ قَبُولُهَا مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا وَإِلَّا فَلَا. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ3 الَّذِي يَلِي هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَمُوتُ سَرِيعًا، وَتَأْتِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ اسْتِطْرَادًا فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ، وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ حمدان وغيره. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ وَفِي مُمَيِّزٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا لَمْ يُجَاوِزْ الْعَشْرَ، وَأَطْلَقَهُمَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ في
لَا مِنْ مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، نَصَّ عليه، كقادر، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ، وَقِيلَ: بَلَى، كَأَخْرَسَ، وَكَذَا إقْرَارُهُ، وَنَصُّهُ: يَصِحُّ بِخَطِّهِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِ وَرَثَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، وَعَكَسَهُ خَتْمِهَا وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهَا، فَيُخَرَّجُ فيهما1 روايتان. ونقل ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْحِيحِ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الْغُلَامِ لِدُونِ عَشْرٍ وَلَا إجَازَتُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ والرعايتين والنظم و"شرح ابْنِ رَزِينٍ" وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي "تَذْكِرَتِهِ"، قَالَ الْحَارِثِيُّ وَتَبِعَهُ فِي "الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ": هَذَا الْأَشْهَرُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: تَصِحُّ وَصِيَّةُ الصَّبِيِّ إذَا عقل. قال الشيخ في العمدة2: وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ الصَّبِيِّ إذَا عَقَلَ، وَقَطَعَ بِهِ الْبَعْلِيُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي3 وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَمْ أَجِدْ هَذِهِ مَنْصُوصَةً عَنْ أحمد.
أَبُو دَاوُد فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا وَمَعَهُ إخْوَةٌ فَقَالَ وَصِيَّتِي عَلَى مِثْلِ وَصِيَّتِك: لَيْسَ ذَا بِشَيْءٍ، وَنَقَلَ أَيْضًا: مَا أَدْرِي، ثُمَّ قَالَ لِلسَّائِلِ: مَنْ وَرِثَهُ؟ قَالَ: أَنَا، قال: فأنفذها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَتَوَجَّهُ الصِّحَّةُ مَعَ عِلْمِهِ مَا فِيهَا، وَإِلَّا فالروايتان. وَتَصِحُّ مِمَّنْ لَا وَارِثَ لَهُ، وَقِيلَ: وَمَعَ ذِي رَحِمٍ بِمَالِهِ، وَعَنْهُ: بِثُلُثِهِ، فَعَلَى الْأَوْلَى لَوْ وَرِثَهُ زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَرَدَّ بَطَلَتْ بِقَدْرِ فَرْضِهِ مِنْ ثُلُثَيْهِ، فَيَأْخُذُ الْوَصِيُّ الثُّلُثَ ثُمَّ ذُو الْفَرْضِ مِنْ ثُلُثَيْهِ ثُمَّ يُتَمِّمُ الْوَصِيَّةَ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: لَا يُتَمِّمُ كَوَارِثٍ بِفَرْضٍ وَرَدَّ، وَعَلَيْهَا: بَيْتُ الْمَالِ جِهَةُ مَصْلَحَةٍ لَا وَارِثَ، وَلَوْ وَصَّى أَحَدُهُمَا لِآخَرَ1 فَلَهُ عَلَى الْأُولَى كُلُّهُ إرْثًا وَوَصِيَّةً، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثُلُثُهُ وَصِيَّةً ثُمَّ فَرْضُهُ والبقية لبيت المال. وَتُسْتَحَبُّ مَعَ غِنَاهُ عُرْفًا. وَقَالَ الشَّيْخُ مَعَ فضله عن غنى ورثته بِخُمُسِهِ، وَقِيلَ: بِثُلُثِهِ. وَفِي "الْإِفْصَاحِ" يُسْتَحَبُّ بِدُونِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: بِخُمُسِهِ لِمُتَوَسِّطٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ مَنْ مَلَكَ فَوْقَ أَلْفٍ: إلَى ثُلُثِهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَثِيرٌ أَلْفَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْصَى بِالْخُمُسِ وَلَمْ يُضَيِّقْ عَلَى وَرَثَتِهِ2 وَإِنْ كَانَ مَالٌ كَثِيرٌ فَبِالرُّبُعِ أَوْ الثُّلُثِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: دُونَ أَلْفٍ فَقِيرٌ لَا يُوصِي بِشَيْءٍ. قَالَ أَصْحَابُنَا: فَقِيرٌ، وَيُكْرَهُ لِفَقِيرٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَارِثُهُ مُحْتَاجٌ، قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: رَوَاهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. وَأَطْلَقَ فِي "الْغُنْيَةِ" اسْتِحْبَابَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ لِقَرِيبٍ3 فَقِيرٍ لَا يَرِثُ، فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلِمِسْكِينٍ4 وَعَالِمٍ ودين قطعه عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّبَبِ الْقَدَرُ، وَضَيَّقَ الْوَرَعُ عَلَيْهِمْ الْحَرَكَةَ فِيهِ، وانقلب السبب عندهم فتركوه، ووثقوا بالحق وانساقت1 أَقْسَامُهُمْ إلَيْهِ بِلَا تَبِعَةٍ وَلَا عُقُوبَةٍ، طُوبَى لِمَنْ أَنَالَهُمْ أَوْ خَدَمَهُمْ أَوْ أَمَّنَ عَلَى دُعَائِهِمْ أَوْ أَحْسَنَ الْقَوْلَ فِيهِمْ، لِأَنَّهُمْ أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ، فَهَلْ يُدْخَلُ عَلَى الْمَلِكِ إلَّا بِخَاصَّتِهِ؟. وَكَذَا قَيَّدَ فِي "الْمُغْنِي"2 اسْتِحْبَابَهَا لِقَرِيبٍ بِفَقْرِهِ، مَعَ أَنَّ دَلِيلَهُ يَعُمُّ، وَعَنْهُ: تَجِبُ لِقَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ "3اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ3" وَفِي "التَّبْصِرَةِ عَنْهُ: وَلِلْمَسَاكِينِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ، وَسَبَقَ قَبْلَ الْفَصْلِ الْآخِرِ فِي الْوَقْفِ4 مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا، وَلَا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ بِثُلُثِهِ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي "التَّبْصِرَةِ": يُكْرَهُ، وَعَنْهُ: فِي صِحَّتِهِ مِنْ كُلِّ مَالِهِ، نَقَلَهُ 5حَنْبَلٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، كَالرَّدِّ، وَعَنْهُ: وَقَبْلَهُ فِي مَرَضِهِ1 خَرَّجَهَا الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ مِنْ إذْنِ الشَّفِيعِ فِي الشِّرَاءِ، ذَكَرَهُ فِي "النَّوَادِرِ"، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ "الرِّعَايَةِ" وَشَيْخُنَا، وَهِيَ تَنْفِيذٌ لِصِحَّتِهَا بِلَفْظِهَا وَبِقَوْلِهِ أَمْضَيْت، فَلَا يَرْجِعُ مُجِيزُ وَالِدٍ، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُوصِي، وَيَلْزَمُ بِغَيْرِ قَبُولِهِ وَقَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ سَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ، وَمَعَ كَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى مُجِيزِهِ، وَمَعَ جَهَالَةِ الْمُجَازِ، وَيُزَاحَمُ بِمُجَازٍ لِثُلُثِهِ لِلَّذِي لَمْ يُجَاوِزْهُ لِقَصْدِهِ تَفْضِيلَهُ، كَجَمَلِهِ الزَّائِدِ لِثَالِثٍ، وَكَوَصِيَّةٍ بمائة وبمائتين2 وثلاثمائة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَنِصْفٌ وَثُلُثٌ مِنْ خَمْسَةٍ، لِرَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْآخَرِ سَهْمَانِ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. أَجَازُوا أَوْ رَدُّوا، بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ بِمَالِهِ وَبِمِثْلِهِ لِوَاحِدٍ وَبِمَالِهِ لِآخَرَ إنْ سَلَّمَ، لِعَدَمِ تَصَوُّرِ صِحَّةِ الزَّائِدِ، وَالنِّصْفُ يَصِحُّ إنْ أَجَازُوا، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ يُقَسَّمُ الْمَالُ مَعَ الْإِجَازَةِ، وَالثُّلُثُ مَعَ الرَّدِّ ثُلُثَانِ وَثُلُثٌ، وَيَأْتِي فِي عَمَلِ الْوَصَايَا1، وَعَنْهُ: هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَأَطْلَقَهَا أَبُو الْفَرَجِ، وَخَصَّهَا فِي الِانْتِصَارِ بِالْوَارِثِ، فَيَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَلَا يُزَاحِمُ بِمُجَاوِزٍ لِثُلُثِهِ، لِبُطْلَانِهِ. وَإِجَازَتُهُ فِي مَرَضِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي احْتِمَالٍ فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ ثُلُثِهِ، كَمُحَابَاةِ صَحِيحٍ فِي بَيْعِ خِيَارٍ ثُمَّ مَرِضَ زَمَنَهُ وَأَذِنَ فِي قَبْضِ هِبَةٍ، لَا خِدْمَتِهِ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا مَتْرُوكًا، وَمَنْ أَجَازَهَا بِجُزْءٍ مُشَاعٍ وَقَالَ: ظَنَنْت قِلَّةَ الْمَالِ، قُبِلَ، لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَحَلَفَ وَرَجَعَ بِزَائِدٍ عَلَى ظَنِّهِ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُجَازُ عَيْنًا أَوْ مَبْلَغًا مُقَدَّرًا وَظَنَّ بَقِيَّةَ الْمَالِ كَثِيرًا وَفِيهِ وَجْهٌ، قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت قيمته ألفا فبان أكثر قبل، وليس نقضا2 لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، قَالَ: وَإِنْ أَجَازَ وَقَالَ: أَرَدْت أَصْلَ الْوَصِيَّةِ، قُبِلَ، وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي وَصِيَّتِهِ، نَحْوُ فَسَخْت، أَوْ هُوَ لِوَرَثَتِي، أَوْ مَا أَوْصَيْت بِهِ لِزَيْدٍ فَلِعَمْرٍو، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو ولم يرجع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَبَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: لِلثَّانِي، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ يُؤْخَذُ بِآخِرِ الْوَصِيَّةِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لِلْأَوَّلِ، وَأَيُّهُمَا مَاتَ فَهُوَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ وَصَّى بِثُلُثِهِ ثُمَّ بِثُلُثِهِ لِآخَرَ فَمُتَغَايِرَانِ، وَفِي الرَّدِّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنهمَا. وَلَوْ رَهَنَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ أَوْجَبَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَلَمْ يُقْبَلْ أَوْ عَرَضَهُ لِبَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَصَّى بِبَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ خَلَطَهُ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ أَوْ أَزَالَ اسْمَهُ أَوْ زَالَ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ فَرُجُوعٌ، كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ، وَقِيلَ: لَا، كَإِيجَارِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَلُبْسِهِ وَسُكْنَاهُ، وَكَوَصِيَّتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ فَيَتْلَفُ أَوْ يَبِيعُهُ ثُمَّ يَمْلِكُ مَالًا، وَإِنْ جَحَدَهُ أَوْ خَلَطَ بِصُرَّةِ مُوصًى بِقَفِيزٍ مِنْهَا بِغَيْرِهَا بِخَيْرٍ وَقِيلَ: مُطْلَقًا، أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أَوْ1 الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَهُ أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ2 أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ بَنَى أَوْ غرس فوجهان "م 3 - 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3-5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ جَحَدَهُ أَوْ خَلَطَ صُبْرَةَ مُوصٍ بِقَفِيزٍ مِنْهَا بِغَيْرِهَا بِخَيْرٍ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، أَوْ عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا أَوْ الْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَهُ أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-3: إذَا جَحَدَ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ5 والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا والحارثي وغيرهم:
وذكرهما ابن رزين في وطئه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِرُجُوعٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1، وَهُوَ الصَّوَابُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ رُجُوعٌ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَيَّدَ الْخِلَافَ بِمَا إذَا عَلِمَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-4: إذَا خَلَطَ الصُّبْرَةَ الْمُوصَى بِقَفِيزٍ مِنْهَا بِغَيْرِهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنْ أَوْصَى بِطَعَامٍ فَخَلَطَهُ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3 "5وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ5" وشرح الحارثي، وصححه في الخلاصة، "6ولكن لم يقيدوه6" بِالْخَيْرِيَّةِ، بَلْ أَطْلَقُوا، فَشَمِلَ الْخَيْرِيَّةَ وَغَيْرَهَا، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي فَقَالُوا: سَوَاءٌ كَانَ دُونَهُ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا، اختاره صاحب التلخيص7 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي، وَيَأْتِي كَلَامُهُمَا، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ مفهوم إيراد القاضي في المجرد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. وَصَرَّحُوا بِالْخَيْرِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِيمَا إذَا "1لم يتمزوا في موضع آخر إذَا1" خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ وَقَالَ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْخَلْطَ هَلْ هُوَ اسْتِهْلَاكٌ أَوْ اشْتِرَاكٌ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ اشْتِرَاكٌ لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا وَإِلَّا كَانَ رُجُوعًا" انْتَهَى. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْخَلْطَ اشْتِرَاكٌ، فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ وَصَّى بِقَفِيزٍ مِنْهَا ثُمَّ خَلَطَ بِخَيْرٍ مِنْهَا فَقَدْ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا، وَزَادَ فِي الْكُبْرَى: قُلْت: إنْ خَلَطَهَا بِأَرْدَأَ مِنْهَا صِفَةً فَقَدْ رَجَعَ، وَإِنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا فِي الصِّفَةِ فَلَا انْتَهَى. "5وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ ثُمَّ خَلَطَهَا بِغَيْرِهَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا إلَّا أَنْ يَخْلِطَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا فَيَكُونُ رُجُوعًا انْتَهَى5". تَنْبِيهٌ: تَلَخَّصَ أَنَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ والشرح "5وابن رزين5" وابن منجا وَالْحَارِثِيَّ وَغَيْرَهُمْ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُجُوعًا، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ الْبَعْضُ بِالْخَيْرِيَّةِ وَلَا عَدَمِهَا، وَقَيَّدَهُ الْبَعْضُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْإِطْلَاقُ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي: الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّقْيِيدِ وَعَدَمِهِ، وقيده صاحب التلخيص6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ بِالْخَيْرِيَّةِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قدمه المصنف لكن7 فِي تَقْدِيمِ الْمُصَنِّفِ الْخَيْرِيَّةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، مَعَ أَنَّ الَّذِينَ أَطْلَقُوا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِينَ قَيَّدُوا أقل، وهو صاحب التلخيص6 وتبعه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQابن حمدان وصاحب الحاوي نظر1 والله أعلم. بل الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَجْعَلَ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَيُقَدِّمَهُ، وَيَجْعَلَ التَّقَيُّدَ بِالْخَيْرِيَّةِ طَرِيقَةً مؤخره2 عَكْسَ مَا عَمِلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ صَاحِبَ التَّلْخِيصِ وَتَرَجَّحَ عِنْدَهُ فَقَدَّمَهُ: الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ-5: إذَا عَمِلَ الثَّوْبَ قَمِيصًا وَالْخُبْزَ فَتِيتًا أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ ضَرَبَ النَّقْرَةَ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي3 وَالنَّظْمِ فِي الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ رُجُوعًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ فِيمَا إذَا جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا وَنَسَجَ الْغَزْلَ4 وَنَحْوَهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُقْنِعُ5، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي غَيْرِ البناء والغرس، وقدمه في الكافي6 في7 غيرهما، وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ فِيهِمَا، وَصَحَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ فِيمَا إذَا أَزَالَ اسْمَهُ فَطَحَنَ الْحَبَّ وَنَسَجَ الْغَزْلَ أَنَّهُ رُجُوعٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ رُجُوعًا، اختاره أبو الخطاب، وقدمه في "الهداية" و"المذهب" و"المستوعب" وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي "الْخُلَاصَةِ": لَا يَكُونُ رُجُوعًا، في الأصح.
وَإِنْ بَنَى فِيهَا وَارِثٌ وَخَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَقِيلَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: لَا "م 6" وَيَضْمَنُ مَا نَقَضَهَا1. وَإِنْ جَهِلَ الْوَصِيَّةَ فَلَهُ قِيمَتُهُ غَيْرُ مَقْلُوعٍ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ عِمَارَةً ففي أخذها وجهان "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ وَإِنْ بَنَى فِيهَا وَارِثٌ وَخَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَقِيلَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُوصَى لَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَارِثُ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ يَعْلَمْ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهِ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ الدَّارِ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ عِمَارَتِهِ، قُلْت: الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ يَرْجِعُ عليه بالأرش، قولا واحدا، ولذا لم يذكره2 الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ بِنَاءٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ: "وَإِنْ زَادَ فِيهِ عِمَارَةً يَعْنِي الْمُوصِي فَفِي أَخْذِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغني3 والمقنع4 والشرح5 وشرح ابن منجا وَالْحَارِثِيِّ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَأْخُذُ نَمَاءً مُنْفَصِلًا، وَفِي مُتَّصِلٍ وَجْهَانِ، وَهِيَ كَبَيْعٍ فِيمَا يَتْبَعُ الْعَيْنَ، وَنَقَلَ ابْنُ صَدَقَةَ1 فِيمَنْ وَصَّى بِكَرْمٍ وفيه حمل2 فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَ يوم وصى به له فيه حمل2 فَهُوَ لَهُ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ سَقْيُ ثَمَرَةٍ مُوصَى بِهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَ هَذِهِ الثَّمَرَةِ إلَى الْمُوصَى لَهُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَإِنْ قَالَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلَهُ وَصِيَّةُ عَمْرٍو فَقَدِمَ فِي حَيَاتِهِ وقيل وبعدها فله والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب تبرع المريض
باب تبرع المريض مدخل ... بَابُ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ تَبَرُّعُهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي التَّيَمُّمِ: أَوْ غَيْرُ مَخُوفٍ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَمُحَابَاةٍ، وَقِيلَ: وَكِتَابَةٍ، كَوَصِيَّةٍ. وَاخْتَلَفَ فِيهَا كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ بِكِتَابَتِهِ، وَإِطْلَاقُهَا بِقِيمَتِهِ، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ مِنْ مُفْلِسٍ رِوَايَةً: يَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَلَوْ عَلَّقَ صَحِيحٌ عِتْقَ عَبْدِهِ فَوُجِدَ شَرْطُهُ فِي مَرَضِهِ فَمِنْ ثُلُثِهِ، فِي الْأَصَحِّ. وَالْمَخُوفُ: كَبِرْسَامٍ1، وَوَجَعِ قَلْبِ وَرِئَةٍ، وَإِسْهَالٍ لَا يَسْتَمْسِكُ أَوْ مَعَهُ دَمٌ، وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ زَحِيرٌ، وَحُمَّى مُطْبِقَةٌ وَقُولَنْجُ، وَهَيَجَانُ صَفْرَاءَ أَوْ بَلْغَمٌ، وَرُعَافٌ أَوْ قِيَامٌ دَائِمٌ، وَابْتِدَاءُ فَالِجٍ، وَمَا قَالَهُ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ، وَقِيلَ: أَوْ وَاحِدٌ، لِعَدَمٍ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ الْمَخُوفُ عُرْفًا أَوْ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ، وَالْمَرَضُ الْمُمْتَدُّ، كَسُلٍّ وَجُذَامٍ. فَإِنْ قُطِعَ صَاحِبُهُ وَعَنْهُ: أَوْ لَا فَمِنْ ثُلُثِهِ، وَالْحَاضِرُ الْتِحَامَ قِتَالٍ أَوْ هَيَجَانَ بَحْرٍ، أَوْ وُقُوعَ طَاعُونٍ، أَوْ هُوَ أَسِيرُ مَنْ عَادَتُهُ الْقَتْلُ، وَعَنْهُ: أَوْ لَا، أَوْ قَدِمَ لِيَقْتُلَ أَوْ حُبِسَ لَهُ، كَمَرِيضٍ، وَعَنْهُ: لَا، وَالْحَامِلُ عِنْدَ الطَّلْقِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ، لِنِصْفِ سَنَةٍ، كَمَرِيضٍ، حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ نِفَاسِهَا، وَالْأَشْهَرُ مَعَ أَلَمٍ لَا بَعْدَ مُضْغَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: إلَّا مَعَ أَلَمٍ، وَحُكْمُ مَنْ ذُبِحَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَهِيَ أَمْعَاؤُهُ لَا خَرْقُهَا وَقَطْعُهَا فَقَطْ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ كَمَيِّتٍ فِي حُكْمِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الْحَرَكَةِ فِي الطِّفْلِ، وَفِي الْجِنَايَةِ، وَقَالَ هُنَا: لَا حُكْمَ لِعَطِيَّتِهِ وَلَا لِكَلَامِهِ، وَمُرَادُهُ أَنَّهُ كَمَيِّتٍ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَيْضًا فِي فَتَاوِيهِ إنْ خَرَجَتْ حَشْوَتُهُ وَلَمْ تَبْنِ "2ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهُ، وَرِثَهُ وَإِنْ أُبِينَتْ2" فَالظَّاهِرُ يَرِثُهُ، لِأَنَّ الْمَوْتَ زَهُوقُ النَّفْسِ وَخُرُوجُ الرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلِأَنَّ الطِّفْلَ يَرِثُ وَيُوَرَّثُ بِمُجَرَّدِ اسْتِهْلَالِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدُلُّ عَلَى حَيَاةٍ أَثْبَتَ مِنْ حَيَاةِ هَذَا3. وَظَاهِرُ هَذَا مِنْ الشَّيْخِ أَنَّ مَنْ ذُبِحَ لَيْسَ كَمَيِّتٍ مَعَ بَقَاءِ رُوحِهِ، وَيَأْتِي فِي الْجِنَايَةِ4 فِي أَنَّ قَطْعَ حَشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ قَتْلٌ، وَمَنْ جُرِحَ مُوحِيًا5 فَكَمَرِيضٍ، مَعَ ثَبَاتِ عَقْلِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ فَسَدَ عَقْلُهُ وَقِيلَ: أَوْ لَا لَمْ يَصِحَّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ وَغَرِيقٍ وَمُعَايَنٍ كَمَيِّتٍ. وَهَذَا يُوَافِقُ مَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ فِي الْجِنَايَةِ، وَسَيَأْتِي4، وَيَصِحُّ مُعَاوَضَةُ مَرِيضٍ بِثَمَنِ مِثْلِهِ، وَعَنْهُ مَعَ وَارِثٍ بإجازة، اختاره في الانتصار، لفوات ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَقِّهِ مِنْ الْمُعَيَّنِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ أَجَّرَ الْمَوْقُوفَ لِأَجْنَبِيٍّ كَفُضُولِيٍّ، وَمِثْلُهَا وَصِيَّتُهُ لِكُلِّ وَارِثٍ بِمُعَيَّنٍ بِقَدْرِ حَقِّهِ، وَيَصِحُّ وَقْفُهُ كَذَلِكَ بِالْإِجَازَةِ1 لِأَنَّهُ تَحْبِيسٌ وَلَا يَحْصُلُ مِنْ الْإِرْثِ. وَيُتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي جُمْلَةٍ كَهِبَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ وَاحِدًا فِي الَّتِي قَبْلَهَا صَحَّ وَهُنَا يُعْتَبَرُ إجَازَتُهُ وَلَا يُؤَثِّرُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ، فَلَوْ مَاتَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ لِوَاقِفٍ وَالْوَقْفُ مُنْجِزٌ صَحَّ فِي ثُلُثِهِ، عَلَى الْأَشْهَرِ، وَهَلْ لِمَرِيضَةٍ تَزَوَّجَتْ بِدُونِ مَهْرِهَا نَقْصُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ لَيْسَ لَهَا، كَإِجَارَتِهَا نَفْسَهَا بِمُحَابَاةٍ "م 1" وَيَتَوَجَّهُ فِيهَا كَمَهْرٍ وَزِيَادَةِ مَرِيضٍ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ ثُلُثِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يَسْتَحِقُّهَا، صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: كَوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَهَلْ لِمَرِيضَةٍ تَزَوَّجَتْ بِدُونِ مَهْرِهَا نَقْصُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، جَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ: لَيْسَ لَهَا، كَإِجَارَتِهَا نَفْسَهَا بِمُحَابَاةٍ" انْتَهَى. قَالَ فِي "الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى": وَمَنْ تَزَوَّجَ مَرِيضَةً بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا فَهَلْ لَهَا مَا نَقَصَ؟ قُلْت: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ" انْتَهَى: وَهُمَا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ، فَإِذَنْ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ حَمْدَانَ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا تَخْرِيجًا من عنده لا أنهما للأصحاب.
قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَهُ لُبْسُ نَاعِمٌ وَأَكْلُ طَيِّبٍ لِحَاجَتِهِ، وَإِنْ فَعَلَهُ لِتَفْوِيتِ الْوَرَثَةِ مُنِعَ، وَفِيهِ: يَمْنَعُهُ إلَّا بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَعَادَتِهِ، وَسَلَّمَهُ أَيْضًا، لِأَنَّهُ لَا يُسْتَدْرَكُ، كَإِتْلَافِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَابْنُ شِهَابٍ، قَالَ: لِأَنَّ حَقَّ وَارِثِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِ مَالِهِ، وَلَوْ قَضَى بَعْضَ غُرَمَائِهِ وَتَفِي تَرِكَتُهُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ صَحَّ، وَنَصُّهُ: مُطْلَقًا، وَلَا يَبْطُلُ تَبَرُّعُهُ بِإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ فِي الْمَنْصُوصِ، وَلَوْ بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمُحَابَاةٍ عبدا قيمته ثلاثون بعشرة فلم يُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلَهُ ثُلُثُهُ بِالْعَشَرَةِ وَثُلُثُهُ بِالْمُحَابَاةِ، لِنِسْبَتِهِمَا1 مِنْ قِيمَتِهِ، فَصَحَّ2 بِقَدْرِ النِّسْبَةِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ لِنِسْبَةِ الثُّلُثِ مِنْ الْمُحَابَاةِ فَصَحَّ بِقَدْرِ النِّسْبَةِ. اخْتَارَهُ فِي "المغني"3 و"المحرر"4، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي سِوَى الْخِيَارِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ عَشَرَةٌ أَوْ يُفْسَخُ، وَلَوْ كَانَ وَارِثًا صَحَّ الْبَيْعُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي ثُلُثِهِ، وَلَا مُحَابَاةَ، وَعَلَى الثَّالِثَةِ يَدْفَعُ بَقِيَّةَ قِيمَتِهِ عِشْرِينَ أَوْ يُفْسَخُ، وَلَوْ أَفْضَى إلَى إقَالَةٍ فِي سَلَمٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ بِأَفْضَلَ تَعَيَّنَتْ الْوُسْطَى، كَبَيْعِهِ قَفِيزَ حِنْطَةٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ بِقَفِيرِ حِنْطَةٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، أَوْ سَلَفِهِ عَشَرَةً فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ ثُمَّ أَقَالَهُ وَقِيمَتُهُ ثَلَاثُونَ فِي مَرَضِهِ، وَلَوْ حَابَى أَجْنَبِيًّا أَخَذَ شَفِيعُهُ الْوَارِثُ بالشفعة، في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"5إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ لَيْسَ لَهَا إلَّا مَا سَمَّى، كَمَا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَاَللَّهُ أعلم5".
فصل: من وهب أو وصى لوارث فصار غير وارث عند الموت صحت
فصل: مَنْ وَهَبَ أَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ اعْتِبَارًا بالموت فلو وهب مريض ماله لزوجته وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ عَمِلَتْ بِالْجَبْرِ، لِقَطْعِ الدَّوْرِ، فَتَقُولُ: صَحَّتْ هِبَتُهُ فِي شَيْءٍ، وَرَجَعَ إلَيْهِ بِإِرْثِهِ نِصْفُهُ، يَبْقَى لِوَرَثَتِهِ الْمَالُ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ، اُجْبُرْ الْمَالَ بِنِصْفِ شَيْءٍ وَقَابِلْ وَابْسُطْ الشَّيْئَيْنِ وَنِصْفًا خَمْسَةً، فَالشَّيْءُ الَّذِي صَحَّتْ فِيهِ الْهِبَةُ خُمُسَا الْمَالِ، فَلِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ مَالِهِ، وَلِوَرَثَتِهَا خُمُسُهُ.1 وَلَوْ أَعْتَقَ ذَا رَحِمٍ أَوْ أَعْتَقَ أَمَةً وَتَزَوَّجَهَا عتق وترثه، في المنصوص، ـــــــــــــــــــــــــــــQ"2 تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَمَنْ وَهَبَ أَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ فَصَارَ غَيْرَ وَارِثٍ عِنْدَ الْمَوْتِ صَحَّتْ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ اعْتِبَارًا بِالْمَوْتِ" انْتَهَى، نَاقَضَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ فَقَالَ: وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيًّا أَوْ عَكْسَهُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ، عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى، ثُمَّ قَالَ: "وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ" انْتَهَى. فجعل الْعَطِيَّةَ كَالْإِقْرَارِ، فَاعْتَبَرَ حَالَةَ الْإِقْرَارِ، وَجَعَلَ الْهِبَةَ وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْعَطِيَّةِ فِي بَابِ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ كَالْوَصِيَّةِ، فَاعْتَبَرَ الْمَوْتَ، وَهَذَا الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَكَانَ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ تَبَرُّعِ الْمَرِيضِ عَقِبَ الْمَسْأَلَةِ، لِيُعْلَمَ أَنَّ فِيهَا خِلَافًا، لَا يَقْطَعُ فِي مَكَان بِشَيْءٍ وَيَقْطَعُ بِضِدِّهِ فِي غيره، والله أعلم2".
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَيَرِثُهُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ مِنْ مَدْيُونٍ وَقِيلَ بَلَى وَيُبَاعُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَتَرَكَ ابْنًا عَتَقَ ثُلُثُهُ عَلَى الْمَيِّتِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَوَرِثَ بِثُلُثِهِ الْحُرِّ ثُلُثَ سُدُسِ بَقِيَّتِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَّةُ ثُلُثَيْهِ يَرِثُهَا الِابْنُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَيَصِحُّ ظَاهِرًا، وَيُحَرَّمُ تَزْوِيجُهُ أَمَتَهُ الْمُعْتَقَةَ حَتَّى تبرأ، ولو أعتق أمة قيمتها مِائَةٌ وَلَهُ مِائَتَانِ وَنَكَحَهَا بِمِائَةٍ مَهْرِ مِثْلِهَا، صَحَّ عِتْقُهُ وَنِكَاحُهُ1، وَقِيلَ: وَلَهَا الْمَهْرُ، وَفِي إرْثِهَا الْوَجْهَانِ، وَيُحَرَّمُ وَطْءُ مُتَّهَبٍ حَتَّى يَبْرَأَ أَوْ يَمُوتَ. وَفِي "الْخِلَافِ": لَهُ التَّصَرُّفُ، وَفِي "الِانْتِصَارِ": وَالْوَطْءُ. وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي صحته ذا رحم2 أَوْ مَلَكَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَوَرِثَا، فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، فَلَوْ اشْتَرَى ابْنُهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَيُسَاوِي أَلْفًا فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى وَارِثِهِ صَحَّ وَعَتَقَ عَلَى وَارِثِهِ، وَإِنْ دَبَّرَ ابْنُ عَمِّهِ عَتَقَ، وَالْمَنْصُوصُ: لَا يَرِثُ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ فِي آخِرِ حَيَاتِي عَتَقَ. وَالْأَشْهَرُ: يَرِثُ، وَلَيْسَ عِتْقُهُ وَصِيَّةً لَهُ، فَهُوَ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِمَوْتِ قَرِيبِهِ لَمْ يَرِثْهُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ، وَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، وَلَوْ ادَّعَى الْهِبَةَ أَوْ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ قُبِلَ قَوْلُهُمْ، نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ وَهَبْتنِي زمن كذا صحيحا فأنكروا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قُبِلَ قَوْلُهُ. وَلَوْ كَانَ مَهْرُهَا عَشَرَةَ آلَافٍ فَقَالَتْ فِي مَرَضِهَا مَا لِي عَلَيْهِ إلَّا سِتَّةٌ فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ، نَقَلَهُ ابْنُ إبْرَاهِيمَ.
فصل: إذا عجز ثلثه عن عطايا ووصايا بدئ بالعطايا الأول فالأول
فصل: إذَا عَجَزَ ثُلُثُهُ 1 عَنْ عَطَايَا وَوَصَايَا بُدِئَ بِالْعَطَايَا الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ثُمَّ بِالْوَصَايَا مُتَقَدِّمُهَا وَمُتَأَخِّرُهَا سَوَاءٌ، فَلَوْ تَبَرَّعَ بِثُلُثِهِ ثُمَّ اشْتَرَى أَبَاهُ صَحَّ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَيُعْتَقُ عَلَى وَارِثِهِ وَلَمْ يَرِثْ، وَعَنْهُ: وَيُقَسَّمُ2 بَيْنَ الْكُلِّ بِالْحِصَصِ مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: يقدم العتق. وَتُخَالِفُ الْعَطِيَّةُ الْوَصِيَّةَ فِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ فِيهَا، وَيَقْبَلُهَا عِنْدَ وُجُودِهَا، وَيَثْبُتُ مِلْكُهُ مِنْ حِينِهَا، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ تَبَيَّنَّا ثُبُوتَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ مِنْهَا3 بِحَسَبِ خُرُوجِهِ. وَنَمَاؤُهَا يَتْبَعُهَا. فَلَوْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَكَسَبَ قَبْلَ مَوْتِهِ مثل قيمته دخله الدور. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَنَقُولُ أَبَدًا عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلِلْوَرَثَةِ شَيْئَانِ مِثْلَا مَا عَتَقَ مِنْهُ، وَلَهُ مِنْ كَسْبِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ هُنَا مِثْلُهُ، فَصَارَ الْعَبْدُ وَقِيمَتُهُ يَعْدِلُ "1أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ، فَالشَّيْءُ إذَنْ نِصْفُ الْعَبْدِ، فَيُعْتَقُ نِصْفُهُ، وَلَهُ نِصْفُ كَسْبِهِ، وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُمَا. وَالْعَطِيَّةُ كَالْوَصِيَّةِ إلَّا فِي1" أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْمَذْكُورَةِ. وَيَخْرُجُ وَصِيُّهُ ثُمَّ وَارِثُهُ لَا حَاكِمَ فِي الْمَنْصُوصِ ثُمَّ حَاكِمُ الْوَاجِبِ، كَحَجٍّ وَغَيْرِهِ، وَمِثْلُهُ وَصِيَّةٌ بِعِتْقٍ فِي كَفَّارَةٍ تَخْيِيرٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، وَتَبَرُّعُهُ مِنْ ثُلُثِ بَاقِيهِ، وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ فِي حَجٍّ لَمْ يُوصِ بِهِ وَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ2 مِنْ الثُّلُثِ. وَنَقَلَ عَنْهُ: مِنْ كُلِّهِ مَعَ عِلْمِ وَرَثَتِهِ، وَنَقَلَ عَنْهُ فِي زَكَاةٍ: مِنْ كُلِّهِ مَعَ صَدَقَةٍ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ عَلَى الْحَجِّ. وَنَقَلَ ابْنُ صَدَقَةَ فِيمَنْ أَوْصَتْ3 فِي مَرَضِهَا لِزَوْجِهَا بِمَهْرِهَا: هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، قِيلَ فَأَوْصَتْ وَهِيَ صَحِيحَةٌ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً جَازَ، قَالَ اللَّهُ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ} [النساء: 4] فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مِنْ ماله بإذن أجزأ، وإلا فوجهان "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَخْرَجَهُ مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنٍ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. قَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا: "وَيُخْرِجُ وَصِيُّهُ ثُمَّ وَارِثُهُ ... ثُمَّ حَاكِمٌ الْوَاجِبَ كَحَجٍّ وَغَيْرِهِ" فَالْمُخْرِجُ لِلْوَاجِبِ عَلَى الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عَلَى التَّرْتِيبِ، فَلَوْ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِخْرَاجِ جَازَ، وإن أخرجه بغير إذنه وهي مسألة
وَفِي الْخِلَافِ وَقَدْ قِيلَ لَهُ1: لَا يَجُوزُ له2 إخراج الزَّكَاةِ حَيًّا بِلَا أَمْرِهِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا يُعْجِبُنِي يَأْخُذُ دَرَاهِمَ لِيَحُجَّ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَبَرِّعًا بِحَجٍّ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَالْمَعْنَى فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّهُ لَا يَخْلُفُ الْمَيِّتَ، بِخِلَافِ الْوَارِثِ، فَإِنْ قَالَ أَدُّوا الْوَاجِبَ مِنْ ثُلُثَيْ وَقِيلَ: أَوْ قَالَ: حُجُّوا أَوْ تَصَدَّقُوا بُدِئَ بِهِ، فَإِنْ نَفَذَ ثُلُثُهُ سَقَطَ تَبَرُّعُهُ، وَقِيلَ: يَتَزَاحَمَانِ فِيهِ، وَبَاقِي الْوَاجِبِ مِنْ ثُلُثَيْهِ، وَقِيلَ: مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، فَيَدْخُلُهُ الدَّوْرُ، فَلَوْ كَانَ الْمَالُ ثَلَاثِينَ وَالتَّبَرُّعُ عَشَرَةً وَالْوَاجِبُ عَشَرَةً جُعِلَتْ تَتِمَّةُ الْوَاجِبِ شَيْئًا يَكُنْ الثُّلُثُ عَشَرَةً إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَالتَّبَرُّعِ، لِلْوَاجِبِ خَمْسَةٌ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ، فَاضْمُمْ الشَّيْءَ إلَيْهِ يكن ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفِ فَهَلْ يُجْزِئُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَإِنْ أَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ عَنْ مَيِّتٍ زَكَاةً تَلْزَمُهُ بِإِذْنِ وَصِيِّهِ أَوْ وَارِثِهِ أَجْزَأَتْهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا الْوَارِثُ ثُمَّ وَصِيٌّ بِإِخْرَاجِهَا وَلَمْ يَعْلَمْهُ، وَكَذَا الْحَجُّ وَالْكَفَّارَةُ وَنَحْوُهُمَا انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ فِي ذَلِكَ. قُلْت: أَمَّا إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ جَازَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَيَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ3 اخْتَارَهُ "4ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَهِيَ آخِرُ مَسْأَلَةٍ بَيَّضَهَا فِيهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ4"، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا قَالَ، وَالصَّوَابُ الْإِجْرَاءُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الشَّيْءُ خَمْسَةً وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ، يَعْدِلُ الْوَاجِبُ عَشَرَةً، فَيَكُونُ الشَّيْءُ سِتَّةً، وَلِلتَّبَرُّعِ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ شِئْت خُذْ حِصَّةَ الْوَاجِبِ مِنْ الثُّلُثِ "1ثُمَّ اُنْسُبْ كُلًّا مِنْ حِصَّةِ التَّبَرُّعِ وَالْوَرَثَةِ مِنْ الْبَاقِي، فَخُذْ مِنْهُمْ تَتِمَّةَ الْوَاجِبِ1" بِقَدْرِ النِّسْبَةِ، أَوْ اُنْسُبْ تَتِمَّتَهُ مِنْ الْبَاقِي وَخُذْ بِقَدْرِهَا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَمَنْ مَاتَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ لَزِمَهُ أَنْ يُوصِيَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، كَذَا قَالَ، وَيَتَوَجَّهُ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَعْلَمَ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ واجب. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَأْتِي فِي بَابِ الْوِلَايَةِ2 مَا يُشَابِهُ ذَلِكَ، وقد أطلق المصنف الخلاف فيه أيضا.
فصل: إذا أعتق مريض بعض عبد بقيته له أو لغيره
فصل: إذَا أَعْتَقَ مَرِيضٌ بَعْضَ عَبْدٍ بَقِيَّتُهُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ كُلَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ، وَيَدْفَعُ قِيمَةَ حَقِّ شَرِيكِهِ، وَعَنْهُ: يُسَرَّى فِي الْمُنْجَزِ خَاصَّةً، وَعَنْهُ: لَا سِرَايَةَ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ عَتَقَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ، وَقِيلَ: كُلُّهُ، لِأَنَّ رَدَّ الْوَرَثَةِ هُنَا لَا فَائِدَةَ لَهُمْ فِيهِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ إذَا وَهَبَ عَبْدًا وَأَقْبَضَهُ فَمَاتَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ، فَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، قَالُوا: وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْت ثُلُثَهُمْ أَقْرَعَ، وَلَوْ قَالَ أَعْتَقْت الثُّلُثَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ1 مِنْهُمْ فَكَمَا قَالَ، وَلَا قُرْعَةَ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ عَتَقَ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ، وَتَتِمَّةُ الثُّلُثِ مِنْ الْبَاقِي، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، فَيَضْرِبُ قِيمَةَ مَنْ قَرَعَ فِي ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَنْسُبُ قِيمَتَهَا مِمَّا بَلَغَ، فَيُعْتَقُ مِنْهُ بنسبته، وإن استغرقها دين عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِيعَا، وَعَنْهُ: يُعْتَقُ الثُّلُثُ، فَإِنْ الْتَزَمَ وَارِثُهُ وبقضائه فوجهان "م 3". ولو أعتق أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ وَتَسَاوَتْ قِيمَتُهَا وَخَلَّفَ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَبِي أَعْتَقَ هَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ أَعْتَقَ1 هَذَا عَتَقَ ثُلُثُهُمَا، وَلِكُلِّ ابْنٍ سُدُسُ الَّذِي عَيَّنَهُ وَنِصْفُ الْآخَرِ، وَكَذَا لَوْ عَيَّنَ الْأَصْغَرُ عِتْقَ أَحَدِهِمَا وَأَطْلَقَهُ الْأَكْبَرُ وَخَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ خَرَجَتْ لِلْمُعَيَّنِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ فَقَطْ. وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَهُ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، كَعِتْقِهِ أَحَدَهُمْ فَإِنْ خَرَجَتْ لِلْمَيِّتِ مَاتَ حُرًّا وَتَتِمُّ الثُّلُثُ بِقُرْعَةٍ بَيْنَ الْبَاقِينَ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِأَحَدِهِمَا فَهُمَا تَرِكَتُهُ فَيُعْتَقُ ثُلُثُ قِيمَتِهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ: يَقْرَعُ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ وَيَسْقُطُ حُكْمُ الْمَيِّتِ، كَعِتْقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الثَّانِي، ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْت سالما فغانم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُمَا بِيعَا فَإِنْ الْتَزَمَ وَارِثُهُ بِقَضَائِهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي: فَفِي نُفُوذِ عِتْقِهِمَا وَجْهَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ غَنِيًّا فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَالَا4: وَقِيلَ أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ إذَا تَصَرَّفَ الْوَرَثَةُ فِي التَّرِكَةِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَقَضَى الدَّيْنَ هَلْ ينفذ؟ فيه وجهان انتهى، وحكى5 الوجهين في الكافي6 احتمالين:
حُرٌّ قُدِّمَ سَالِمٌ، وَلَوْ زَادَ وَقْتَ عِتْقِي لَهُ لِئَلَّا يَرِقَّانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُنَفَّذُ عِتْقُهُمَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَقَضَى مَنْ عَيَّنَ مَا خَلَّفَ يَصِحُّ وَاسْتَحَقَّ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُنَفَّذُ عِتْقُهُمَا، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّرِكَةَ تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ: لَوْ تَصَرَّفُوا فِيهَا نُفِّذَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ النُّفُوذِ يُنَفَّذُ الْعِتْقُ خَاصَّةً، وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي نُفُوذِ عِتْقِهِمْ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ مَعَ الْعِلْمِ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الْكَافِي1 مَأْخَذَهُمَا أَنَّ حُقُوقَ الْغُرَمَاءِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ هَلْ يَمْلِكُ الْوَرَثَةُ إسْقَاطَهُمَا بِالْتِزَامِهِمْ الْأَدَاءَ مِنْ عِنْدِهِمْ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
باب الموصى له
باب الموصى له لمن تصح الوصية ... بَابُ الْمُوصَى لَهُ تَصِحُّ لِمَنْ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ وَلِأَهْلِ الذِّمَّةِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَالْمُذْهَبُ: وَلِحَرْبِيٍّ، كَالْهِبَةِ "ع" وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَصِحُّ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ وَدَارِ حَرْبٍ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَلِمُكَاتَبِهِ وَلِمُدَبَّرِهِ، وَيُقَدَّمُ عِتْقُهُ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِعَبْدِهِ1 الْقِنِّ بِمُشَاعٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُعْتَقُ بَعْضُهُ وَيَمْلِكُ مِنْهَا بِقَدْرِهِ، وَلِأُمِّ وَلَدِهِ، كَوَصِيَّتِهِ أَنَّ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ وَقْفٌ عَلَيْهَا مَا دَامَتْ عَلَى وَلَدِهَا، نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا فَفَعَلَتْ وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا "م 1" كوصية بعتق أمته على شرطه، ولعبده بمعين، كمشاع، فعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ: "وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ تَزْوِيجِهَا فَفَعَلَتْ وَأَخَذَتْ الْوَصِيَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ: لَا" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ قَوْلُ، الْخِرَقِيِّ إذَا وَصَّى لِعَبْدِهِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، قَالَ فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ قَبْلَ آخِرِهِ بِقَرِيبٍ مِنْ كُرَّاسَيْنِ: قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا يَعْنِي إلَى زَوْجَتِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ تَرُدُّ الْمَالَ إلَى وَرَثَتِهِ" انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ4: وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا رَدَّهُ إذَا تَزَوَّجَ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَتَزَوَّجَتْ رَدَّتْهُ إلى ورثته، نقله أبو الحارث" انتهى. فَقِيَاسُ هَذَا النَّصِّ أَنَّ أُمَّ وَلَدِهِ تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ مِنْ الْوَصِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ، وَتَبْطُلُ الوصية بردها، واختاره الحارثي، وهو الصواب.
كَمَا لَهُ، وَعَنْهُ: يَشْتَرِي1 وَيُعْتِقُ، وَالْمَذْهَبُ: لَا يَصِحُّ "م 2". وَعَنْهُ: مَنْعُهَا "2كَقِنٍّ زَمَنَهَا2"، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ لَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِرَقَبَتِهِ، وَيُعْتَقُ بِقَبُولِهِ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِلَّا بِقَدْرِهِ، وَيَصِحُّ لِعَبْدٍ إنْ مَلَكَ. وَفِي الْوَاضِحِ: أَوْ لَا، وَهِيَ لِسَيِّدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ حُرًّا وَقْتَ مَوْتِ مُوصٍ، وَإِنْ عَتَقَ بَعْدَهُ وَقَبْلَ قَبُولِهِ فَالْخِلَافُ، وَلَا يَصِحُّ لِعَبْدِ وَارِثِهِ وَقَاتِلِهِ مَا لَمْ يَصِرْ حُرًّا وَقْتَ نقل الملك، ويصح لمكاتب وارثه، ولحمل علم وجوده حين الوصية، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ أَمَتِهِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَمَاتَ فَقَالَتْ لَا أَتَزَوَّجُ عَتَقَتْ. فَإِذَا تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُهَا، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرَدَّ إلَى الرِّقِّ، قَالَ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَنَصَرَهُ. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَبْقَى عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا قِيمَتُهَا، مُرَاعَاةً لِلْحَقَّيْنِ، وَلَمْ أَرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَتَصِحُّ لِعَبْدِهِ بِمُعَيَّنٍ، كَمُشَاعٍ، فَعَنْهُ: كَمَا لَهُ، وَعَنْهُ: يَشْتَرِي وَيُعْتِقُ، وَالْمَذْهَبُ: لَا يَصِحُّ" انْتَهَى. الْمَذْهَبُ عَدَمُ الصِّحَّةِ، بِلَا إشْكَالٍ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَصَرَّحَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ ابْنُ أَبِي مُوسَى فَمَنْ بَعْدَهُ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ هَلْ3 يَكُونُ كَمَا لَهُ أَوْ يَشْتَرِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيُعْتِقُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَشْتَرِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيُعْتِقُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي "الْكَافِي"4 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يكون كما له.
بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ "1لِدُونِ سِتَّةِ1" أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ حَيًّا، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ وَلَا وَطْءَ فَوَجْهَانِ، مَا لَمْ تُجَاوِزْ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ "م 3". وَكَذَا لَوْ وَصَّى بِهِ، وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِكَ ذَكَرٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَكَذَا فَكَانَا فَلَهُمَا مَا شَرَطَ، وَلَوْ كَانَ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك فَلَا، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا بَعْضُ حَمْلِهَا لَا كُلُّهُ، وَقِيلَ: يَصِحُّ لِمَنْ تَحَمَّلَ، وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ قَالَ لِجَارِي أَوْ قَرِيبِي2 فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ يَصِحُّ، كَقَوْلِهِ أَعْطُوا ثُلُثَيْ أَحَدِهِمَا، في الأصح، فقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَيَصِحُّ ... لِحَمْلٍ عَلِمَ وُجُودَهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ حَيًّا، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ وَلَا وَطْءَ فَوَجْهَانِ، مَا لَمْ يُجَاوِزْ مُدَّةَ أَكْثَرِ الْحَمْلِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ3 وشرح ابن منجا وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ إذَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَتَصِحُّ لِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَبْلَهَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ3، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ، إذَا الْكِتَابُ الَّذِي شَرَحَهُ حَكَى الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَذُهِلَ عن كلام المتن، وقدمه في الخلاصة.
يعينه الورثة، وقيل: بقرعة "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ، لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِي وُجُودِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُحُوقِ النَّسَبِ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ. مَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ أَوْ قَالَ لِجَارِي أَوْ قَرِيبِي فُلَانٍ بِاسْمٍ مُشْتَرَكٍ لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ، كَقَوْلِهِ أَعْطُوا ثُلُثَيْ أَحَدِهِمَا، فِي الْأَصَحِّ فَقِيلَ: يُعَيِّنُهُ الْوَرَثَةُ، وَقِيلَ: بِقُرْعَةٍ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَحَدُهُمَا: يُعَيِّنُهُ الْوَرَثَةُ، وَقَطَعَ به في الرعاية الكبرى.
وجزم ابن رزين بِصِحَّتِهَا لِمَجْهُولٍ وَمَعْدُومٍ وَبِهِمَا، وَجَزَمَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ، وَاحْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ إحْدَاهُمَا، فَعَلَى الْأُولَى لَوْ قَالَ عَبْدِي غَانِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مِائَةٌ، وَلَهُ عَبْدَانِ بِهَذَا الِاسْمِ، عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ، وَلَا شَيْءَ لَهُ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ وَحَنْبَلٌ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ هِيَ لَهُ "1مِنْ ثُلُثِهِ1"، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ وَصَّى بِبَيْعِ عَبْدِهِ لِزَيْدٍ "2أَوْ لِعَمْرٍو أَوْ2" لِأَحَدِهِمَا صَحَّ، لَا مُطْلَقًا، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ هُوَ حُرٌّ فَوَهَبَهُ الْخِدْمَةَ أَوْ رَدَّ عَتَقَ مُنْجَزًا، وَذَكَرَ الشيخ لا، وإن قتل الوصي الموصي ولو خطأ بطلت، وَلَا تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ لَهُ بَعْدَ جَرْحِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: فِيهِمَا رِوَايَتَانِ، وَمِثْلُهَا التَّدْبِيرُ، فَإِنْ جَعَلَ عتقا بصفة فوجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQوالقول الثاني: "3يعين الْقُرْعَةُ3"، قَطَعَ بِهِ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَتَلَ الْوَصِيُّ الموصي ولو خطأ بطلت، ولا تبطل وصيته لَهُ بَعْدَ جَرْحِهِ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: فِيهِمَا رِوَايَتَانِ، ومثلها التدبير فإن جعل عتقا نِصْفُهُ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى الْكَلَامُ عَنْ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ: إذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ ففيه طريقان: أحدهما: بناؤه على الروايتين "4 إن قلنا: هو عتق بصفة، عتق، وإن قلنا: وصية، لم يعتق. وهي طريقة ابن عقيل وغيره. والطريقة الثانية: لا يعتق عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ4" وَهِيَ، طَرِيقَةُ الْقَاضِي، لِأَنَّهُ لَمْ يعلقه على موته بقتله إياه" انتهى.
وَتَصِحُّ لِمَسْجِدٍ، وَيُصْرَفُ فِي مَصْلَحَتِهِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ مِتُّ فَبَيْتِي لِلْمَسْجِدِ أَوْ فَأَعْطُوهُ مِائَةً من مالي له توجه صحته، وَتَصِحُّ بِمُصْحَفٍ لِيُقْرَأَ فِيهِ، وَيُوضَعُ بِجَامِعٍ أَوْ مَوْضِعٍ حَرِيزٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَتَصِحُّ1 لِفَرَسٍ حَبِيسٍ مَا لَمْ يُرِدْ تَمْلِيكَهُ، فَإِنْ مَاتَ فَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِفَرَسٍ حَبِيسٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِ عَبْدِ زَيْدٍ فَتَعَذَّرَ، أَوْ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِأَلْفٍ أَوْ عَبْدِ زَيْدٍ بِهَا، فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِ، فَاشْتَرَوْهُ بِدُونِهَا، وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِ نَسَمَةٍ بِأَلْفٍ فَأَعْتَقُوا نَسَمَةً بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَهُمْ عِتْقُ2 أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ، فِي الْأَصَحِّ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَإِنْ قَالَ أَرْبَعَةٌ بِكَذَا جَازَ الْفَضْلُ بَيْنَهُمْ3 مَا لَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا مَعْلُومًا، نَصَّ عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَيْسَتْ هَذِهِ عَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إذَا قَتَلَ الْمُوصَى لَهُ الْمُوصِي بَعْدَ وَصِيَّتِهِ بَطَلَتْ، وَكَذَلِكَ التَّدْبِيرُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: وَمَنْ قَتَلَ مَنْ وَصَّى لَهُ بِشَيْءٍ أَوْ مَنْ دَبَّرَهُ بَطَلَا، فَقَدَّمَا ذَلِكَ وَأَطْلَقَا. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْعِتْقِ، وَالْقَوْلُ بِعِتْقِهِ ضَعِيفٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5: وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ جِنَايَتِهِ وَقَبْلَ اسْتِيفَائِهَا عَتَقَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ أَوْ لِلْقِصَاصِ، لِأَنَّ صِفَةَ الْعِتْقِ وُجِدَتْ فِيهِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَهُ انْتَهَى. وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ. فَهَذِهِ خَمْسُ مسائل.
وَلَوْ وَصَّى بِعِتْقِهِ وَوَصِيَّةٍ فَأَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ أَخَذَ الْعَبْدُ الْوَصِيَّةَ، نَقَلَ صَالِحٌ مَعْنَاهُ، وَلَوْ وَصَّى بعتق عبد بألف اشترى بِثُلُثِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ، وَلَوْ وَصَّى بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِلْغَزْوِ بِمُعَيَّنٍ وَبِمِائَةٍ نَفَقَةً لَهُ فَاشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْهُ فَبَاقِيهِ نَفَقَةٌ لَا إرْثٌ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَتَصِحُّ لِفَرَسِ زَيْدٍ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَيَصْرِفُهُ فِي عَلَفِهِ. وَلَوْ وَصَّى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ وَبِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ جِيرَانِهِ وَزَيْدٌ مِنْهُمْ لَمْ يُشَارِكْهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَلِقَرَابَتِهِ وَلِلْفُقَرَاءِ: لِقَرِيبٍ فَقِيرٍ سَهْمَانِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ حُكْمِ كُلِّ صُورَةٍ إلَى الْأُخْرَى وَلَوْ وَصَّى لَهُ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِهِ فَنِصْفَانِ، كُلُّهُ وَلِلَّهِ، وَقِيلَ فِيهِ: كُلُّهُ لَهُ. وَقِيلَ فِي الْأُولَى كَأَحَدِهِمْ، كُلُّهُ وإخوته، في وجه، وَلَوْ وَصَّى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ فَنِصْفُهُ لِلْحَيِّ، وَقِيلَ: كُلُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ: بَيْنَهُمَا، كَالْمَنْصُوصِ فِي: لَهُ وَلِجِبْرِيلَ أَوْ الْحَائِطُ، وَلَهُ وَلِلرَّسُولِ فَنِصْفُ الرَّسُولِ فِي الْمَصَالِحِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: لا قبول ولا رد لموصى له في حياة الموصي
فَصْلٌ: لَا قَبُولَ وَلَا رَدَّ لِمُوصَى لَهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي، وَلَا رَدَّ بَعْدَ قَبُولِهِ. وفيه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجْهٌ فِيمَا كُيِّلَ أَوْ وُزِنَ، وَقِيلَ: وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَكَمُتَحَجِّرٍ مَوَاتًا. وَيَبْطُلُ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْمُوصِي أَوْ1 رَدِّهِ بَعْدَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ قَبْلَ قَبُولِهِ وَرَدِّهِ فَوَارِثُهُ كَهُوَ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَإِنْ طَلَبَهُ وَارِثٌ بِأَحَدِهِمَا وَأَبَى2 حُكِمَ عَلَيْهِ بِرَدٍّ، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُ بِلَا قَبُولٍ، كَخِيَارٍ، وَقَبُولُ الْوَصِيَّةِ كَهِبَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ: هُمَا وَاحِدٌ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا: يَمْلِكُهَا بِلَا قَبُولِهِ، كَمِيرَاثٍ. وَفِي الْمُغْنِي3: وَطْؤُهُ قَبُولٌ، كَرَجْعَةٍ وَبَيْعِ خِيَارٍ، وَمَتَى رَدَّ أَوْ قَالَ لَا أَقْبَلُهُ فَتَرِكَةٌ4 وَلَيْسَ لَهُ تَخْصِيصُ أَحَدٍ، وَنَصِيبُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِمَّنْ يُمْكِنُ تَعْمِيمُهُمْ لِلْوَرَثَةِ، وَيَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ، وَنَمَاءٌ مُنْفَصِلٌ مُنْذُ قَبِلَهُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فَهُوَ قَبْلَهُ لِلْوَرَثَةِ فَيُزَكُّوهُ، وَقِيلَ: لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ مُنْذُ مَاتَ الْمُوصِي فَيُزْكِيهِ، وَعَنْهُ: نَتَبَيَّنُهُ إذَا قَبِلَهُ، وَعَلَيْهِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَوْ قَبِلَهُ وَارِثُهُ كَانَ مِلْكًا لِمَوْرُوثِهِ، وَيَثْبُتُ حُكْمُهُ، وَتَبْطُلُ بِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ، مُطْلَقًا. وَإِنْ تَلِفَ غَيْرُهُ فَلِلْوَصِيِّ كُلُّهُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: ثُلُثُهُ إن ملكه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَبُولِهِ، وَيُقَوَّمُ بِسِعْرِهِ وَقْتَ الْمَوْتِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ فِي "الْمُجَرَّدِ"1 عَلَى أَقَلِّ صِفَاتِهِ إلَى الْقَبُولِ عَلَى الْأَخِيرِ، وَعَلَى أَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ أَوْ لِلْمَيِّتِ يَوْمَ الْقَبُولِ سِعْرًا وَصِفَةً. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَقْتَ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُ يَعْتَبِرُ قِيمَةَ تَرْكِهِ2 الْأَقَلَّ مِنْ مَوْتٍ إلَى قَبْضِ وَارِثٍ، وَيَحْتَمِلُ وَقْتَ مَوْتٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ إلَّا مَالٌ غَائِبٍ أَوْ دَيْنٌ أَخَذَ ثُلُثَ الْمُعَيَّنِ. وَفِي الْأَصَحِّ، وَمِنْ بَقِيَّتِهِ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا يَحْصُلُ إلَى كَمَالِهِ، وَمِثْلُهُ الْمُدَبَّرُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَنْجِيزِ عِتْقِ ثُلُثِهِ تَسْلِيمُ ثُلُثَيْهِ إلَى الْوَرَثَةِ وَتَسْلِيطُهُمْ عَلَيْهِمَا مَعَ تَوَقُّعِ عِتْقِهِمَا بِحُضُورِ الْمَالِ، وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ، قَالَ: وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَحَدِ أَخَوَيِّ الْمَيِّتِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ، فَهَلْ يَبْرَأُ عَنْ نَصِيبِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِ نَصِيبِ أَخِيهِ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَالنَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ يَتْبَعُ الْعَيْنَ، وَإِنْ تَلِفَ بَعْضُ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ فَلَهُ بَقِيَّتُهُ، وَقِيلَ: ثُلُثُهَا، كَثُلُثِ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ اسْتَحَقَّ مِنْهُمْ اثْنَانِ، وَقِيلَ: لَهُ الْبَاقِي أَيْضًا، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِثُلُثِ صُبْرَةِ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَتَلِفَ ثُلُثَاهَا فَلَهُ الْبَاقِي، وَقِيلَ: ثُلُثُهُ. وَمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يُعْتِقَهُ وَارِثُهُ، فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ، وَكَسْبُهُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْعِتْقِ إرْثٌ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَهُ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي مُوصًى بِوَقْفِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: الْمُوصِي بِعِتْقِهِ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ، وَلَهُ حُكْمُ الْمُدَبَّرِ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الموصى به
باب الموصى به أحكام الموصى به ... بَابُ الْمُوصَى بِهِ يُعْتَبَرُ إمْكَانُهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَاخْتِصَاصُهُ بِهِ، فَلَوْ وَصَّى بِمَالٍ غَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ مَلَكَهُ بَعْدُ، وَتَصِحُّ بِمَا يَعْجِزُ عَنْ تَسْلِيمِهِ، وَبِإِنَاءِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَبِزَوْجَتِهِ، وَوَقْتُ فَسْخِ النِّكَاحِ فِيهِ الْخِلَافُ، وَبِمَا تَحْمِلُ شَجَرَتُهُ أَبَدًا أَوْ إلَى مُدَّةِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ السَّقْيُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ تَسْلِيمَهَا، بِخِلَافِ مُشْتَرٍ فَإِنْ تَحَصَّلَ شَيْءٌ فَلَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَمِثْلُهُ بِمِائَةٍ لَا يَمْلِكُهَا إذْنٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ وَصَّى بِمَا تَحْمِلُ هَذِهِ الْأَمَةُ أَوْ هَذِهِ النَّخْلَةُ، لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِمَعْدُومٍ، وَالْأَشْهَرُ: وَبِحَمْلِ أَمَتِهِ، وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، قِيلَ: يَدْفَعُ أُجْرَةَ حَضَانَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ بَطَلَتْ، وَبِمُبَاحٍ نَفْعُهُ كَزَيْتٍ نَجِسٍ، وَلَهُ ثُلُثُهُ، وَقِيلَ: كُلُّهُ مَعَ أَقَلِّ مَالٍ لَهُ غَيْرُهُ، وَكَذَا كلب الصيد، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحِفْظُ مَاشِيَةٍ وَزَرْعٌ، وَقِيلَ: وَبُيُوتٌ، وَالْأَصَحُّ وَتَرْبِيَةُ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا1، وَإِنْ لَمْ يَصِدْ بِهِ أَوْ يَصِيدُ إنْ احْتَاجَهُ، أَوْ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ إنْ حَصَلَ فَخِلَافٌ "م 1". وَفِي الْوَاضِحِ: الْكَلْبُ ليس مما يملكه، وفي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَصِحُّ لِمِلْكِ الْيَدِ الثَّابِتِ لَهُ، كَخَمْرٍ تَخَلَّلَ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ فِي يَدِهِ خَمْرٌ وَرِثَ عَنْهُ، فَلِهَذَا يُوَرَّثُ الْكَلْبُ، نَظَّرَا إلَى الْيَدِ حِسًّا، وَتَصِحُّ بِمَجْهُولٍ كَعَبْدٍ وَشَاةٍ2 وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُهُ لغة، وقيل: عرفا، واختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَبِمُبَاحٍ نَفْعُهُ كَكَلْبِ صَيْدٍ وَحِفْظِ مَاشِيَةٍ وَزَرْعٌ، وَقِيلَ: وَبُيُوتٌ، وَالْأَصَحُّ وَتَرْبِيَةُ صَغِيرٍ لِأَحَدِهَا، وَإِنْ لَمْ يَصِدْ بِهِ أَوْ يَصِيدُ إنْ احْتَاجَهُ أَوْ لِحِفْظِ مَاشِيَةٍ وَزُرُوعٍ إنْ حَصَلَ فَخِلَافٌ" انْتَهَى، وَذَكَرَ الْخِلَافُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 احْتِمَالَيْنِ مُطْلَقَيْنِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: أَحَدُهُمَا: تَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَجَعَلَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْكَلْبَ الْكَبِيرَ الَّذِي لَا يصيد به لهوا5 كَالْجَرْوِ الصَّغِيرِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَجَزَمَ بِالْكَرَاهَةِ فِي آدَابِ الرِّعَايَتَيْنِ قُلْت: الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَصِيدَ وَلَا أَعُدُّهُ لِلصَّيْدِ بَعِيدٌ، وَيَدُلُّ عليه الحديث6.
الشَّيْخُ، فَشَاةٌ عَنَدَةَ أُنْثَى كَبِيرَةٌ، وَبَعِيرٌ وَثَوْرٌ عِنْدَهُ لِلذَّكَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَفِي الْخِلَافِ الشَّاةُ اسْمٌ لِجِنْسِ الْغَنَمِ يَتَنَاوَلُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَوْ حَلَفَ لَا أَكَلْت لَحْمَ شَاةٍ فَأَكَلَ لَحْمَ جَدْيٍ حَنِثَ. وَقَالَ أَيْضًا: الشَّاةُ اسْمٌ لِلْأُنْثَى، فَقِيلَ لَهُ: بَلْ لِلْأُنْثَى وَالذَّكَرِ، فَقَالَ: هَذَا خِلَافُ اللغة. والدابة خيل وبغال وحمير، فَتَقَيَّدَ يَمِينُ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةً بِهَا وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ فِي وَصِيَّةٍ بِدَابَّةٍ يُعْتَبَرُ عُرْفُ الْبَلَدِ، وَحِصَانٌ وَجَمَلٌ ذَكَرٌ، وَنَاقَةٌ وَبَقَرَةٌ أُنْثَى. وَفِي التَّمْهِيدِ فِي الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ: الدَّابَّةُ لِلْفَرَسِ عُرْفًا، وَالْإِطْلَاقُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَقَالَهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ أُصُولِيٍّ، يَعْنِي نَفْسَهُ، قَالَ: لِنَوْعِ قُوَّةٍ فِي الدَّبِيبِ، لِأَنَّهُ ذُو كَرٍّ وَفَرٍّ، وَإِنْ قَالَ مِنْ عَبِيدِي فَعَنْهُ: يُعِينُهُ الورثة، وعنه: القرعة "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُحَرَّمُ، وَهُوَ أَقْوَى فِيمَا لَمْ يرد الصيد به ألبتة. مَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ مِنْ عَبِيدِي، فَعَنْهُ: يُعَيِّنُهُ الْوَرَثَةُ، وَعَنْهُ: الْقُرْعَةُ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ: أَحَدُهُمَا: يُعْطِيهِ الْوَرَثَةُ مَا شَاءُوا، وَهُوَ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ،
وَفِي "التَّبْصِرَةِ" هُمَا فِي لَفْظٍ احْتَمَلَ مَعْنَيَيْنِ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِمَا، وَقَوْلُهُ أَعْتِقُوا عَبْدًا فَمُجْزِئٌ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَنَقَلَ صَالِحٌ بِثَمَنٍ وَسَطٍ، وَأَحَدُ عَبِيدِي كَوَصِيَّةٍ، وَقِيلَ مُجْزِئٌ عَنْ كَفَّارَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ الْقُرْعَةَ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لِلْعَبِيدِ تَعْيِينُ عِتْقِ أَحَدِهِمْ، فَإِنْ هَلَكُوا إلَّا وَاحِدًا تَعَيَّنَ وَصِيَّةً، وَقِيلَ: بِقُرْعَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: يَشْتَرِي، كَعَبْدٍ مِنْ مَالِي، وَكَالْمَنْصُوصِ فِي أَعْطُوهُ مِائَةً مِنْ أَحَدِ كِيسَيْ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا شَيْءٌ، وَإِنْ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجْهَانِ "م 3". وَإِنْ قَتَلُوا1 بَعْدَ مَوْتِهِ غَرِمَ قَاتِلُهُ لَهُ قِيمَةَ وَاحِدٍ بِقُرْعَةٍ وَاخْتِيَارِ الْوَرَثَةِ، وَإِنْ وَصَّى بِكَلْبٍ أَوْ2 طَبْلٍ فَلَهُ المباح، وإلا لم يصح، وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِقَوْسٍ وَلَهُ أَقْوَاسٌ وَلَا قَرِينَةَ فَلَهُ قَوْسٌ نُشَّابٌ، وَقِيلَ: وَوَتَرُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي "التَّرْغِيبِ"، وَقِيلَ: كَأَحَدِ عَبِيدِهِ، وَقِيلَ: غَيْرُ قَوْسِ بُنْدُقٍ، وَقِيلَ: مَا يُرْمَى بِهِ عادة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعْطِي وَاحِدًا بِالْقُرْعَةِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي موسى وصاحب المحرر وغيرهم. مَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بَطَلَتْ، وَقِيلَ: يَشْتَرِي وَإِنْ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَوْصَى لَهُ بِعَبْدٍ وَلَمْ يَمْلِكْهُ ثُمَّ مَلَكَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ3 وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَالْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، كَمَنْ وَصَّى لعمرو بعبد ثم ملكه.
وَلَوْ وَصَّى مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ صَرَفَ مِنْ ثُلُثِهِ مَئُونَةَ1 حجة بعد حجة2 رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى يُنَفِّذَ، وَعَنْهُ: مَئُونَةُ حَجَّةٍ وَبَقِيَّتُهُ إرْثٌ، وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بَعْدَ حَجِّهِ لِلْحَجِّ أَوْ سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَكْفِ الْأَلْفُ أَوْ الْبَقِيَّةُ فَمِنْ حيث يبلغ، وعنه: يُعَانُ بِهِ فِي حَجَّةٍ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ وَإِنْ قَالَ حَجَّةٌ بِأَلْفٍ فَكُلُّهُ لِمَنْ يَحُجُّ عَيَّنَهُ أَوْ لَا، وَقِيلَ: الْبَقِيَّةُ إرْثٌ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، وَإِنْ أَبَى الْمُعَيَّنُ الْحَجَّ فَقِيلَ: يَبْطُلُ، وَقِيلَ: فِي حَقِّهِ "م 4" كَقَوْلِهِ بِيعُوا عَبْدِي لِفُلَانٍ3 وَتَصَدَّقُوا بِثَمَنِهِ، فَلَمْ يُقْبَلْ4، وَكَمَا لو لم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-4: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَبَى الْمُعَيَّنُ الْحَجَّ فَقِيلَ: تَبْطُلُ، وَقِيلَ. فِي حَقِّهِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ مِنْ أَصْلِهَا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُقْنِعِ، فِي إحْدَى نُسْخَتَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ، وَصَحَّحَهُ الْحَارِثِيُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَبْطُلُ فِي حَقِّهِ لَا غَيْرَ وَيَحُجُّ عَنْهُ بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ أُجْرَةٍ وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمُقْنِعِ6: لَمْ يُعْطِهِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي حَقِّهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي7 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي8 وَالشَّرْحِ6،
يَقْدِرْ الْمُوصَى لَهُ بِفَرَسٍ فِي السَّبِيلِ عَلَى الخروج، نقله أبو طالب، ويحج غيره بِأَقَلِّ مَا يُمْكِنُ نَفَقَةً أَوْ أُجْرَةً، وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ، كَالْفَرْضِ، وَكَقَوْلِهِ حُجُّوا عَنِّي، وَلَهُ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ، وَلَوْ قَالَهُ مَنْ عَلَيْهِ حَجٌّ صُرِفَتْ الْأَلْفُ كَمَا سَبَقَ، وَحُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ الْفَاضِلِ عَنْ نَفَقَةِ الْمِثْلِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْفَرْضِ. وَفِي الْفُصُولِ: مَنْ وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِكَذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ مَا عَيَّنَ زَائِدًا عَلَى النَّفَقَةِ، لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ جَعَالَةٍ، وَاخْتَارَهُ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْحَجِّ، وَمَنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ صَحَّ، وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إنْ وَصَّى بِأَلْفٍ يَحُجُّ بِهَا صَرَفَ فِي كل حجة قدر نفقته حتى ينفد1، وَلَوْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ، فَمَا فَضَلَ لِلْوَرَثَةِ، وَلَوْ قَالَ: يَحُجُّ عَنِّي زَيْدٌ بِأَلْفٍ، فَمَا فَضَلَ وَصِيَّةً لَهُ إنْ حَجَّ، وَلَا يُعْطِي إلَى أَيَّامِ الْحَجِّ، قَالَهُ أَحْمَدُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: اشْتَرَى بِهِ مَتَاعًا يَتَّجِرُ بِهِ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ2، قَدْ خَالَفَ، لَمْ يَقُلْ اتجر به. ولا يصح أن يحج ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَصَرَاهُ، وَذَكَرَ فِي النَّظْمِ قَوْلًا: إنَّ بَقِيَّةَ الْأَلْفِ لِذِي حَجٍّ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُوصِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُوصِي قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الإسلام فإن غير3 الْمُعَيِّنُ يُقَامُ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ وَالْبَقِيَّةُ لِلْوَرَثَةِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا، والله أعلم.
وَصِيٌّ بِإِخْرَاجِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ: لِأَنَّهُ مُنَفِّذٌ، كَقَوْلِهِ: تَصَدَّقَ عَنِّي بِهِ1، لَا يَأْخُذُ مِنْهُ، وَكَمَا لَا يَحُجُّ عَلَى دَابَّةٍ مُوصَى بِهَا فِي السَّبِيلِ وَلَا يَحُجُّ وَارِثٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: بَلَى إنْ عَيَّنَهُ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نَفَقَتِهِ. وَفِي "الْفُصُولِ": إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ جَازَ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: وَصَّى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ، قَالَ: لَا، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَلَوْ وَصَّى بِحِجَجٍ2 نَفْلًا فَفِي صِحَّةِ صَرْفِهَا فِي عَامٍ وَجْهَانِ "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-5: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَّى بِحِجَجٍ نَفْلًا فَفِي صِحَّةِ صَرْفِهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ صَرْفُ ذَلِكَ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالسَّامِرِيُّ، نَقَلَهُ عَنْهُمْ الْحَارِثِيُّ وَقَالَ: وَهُوَ أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَالَ: إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ إلَى ثَلَاثَةٍ فِي عَامٍ وَاحِدٍ صَحَّ، وَأَحْرَمَ النَّائِبُ بِالْفَرْضِ أَوَّلًا إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضٌ" انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فَقَالَ: لَوْ وَصَّى بِثَلَاثِ حِجَجٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى ثَلَاثَةٍ يَحُجُّونَ عَنْهُ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّ إنْ كَانَتْ نَفْلًا انْتَهَى. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ حُكْمِ قَضَاءِ الصَّوْمِ3: وَحَكَى أَحْمَدُ عَنْ طَاوُسٍ جَوَازَ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عَنْهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَيُجْزِئُ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ، قَالَ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ، قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِثَلَاثِ4 حِجَجٍ جَازَ صَرْفُهَا إلَى ثلاثة
وَلَوْ وَصَّى بِدَفْنِ كُتُبِ الْعِلْمِ لَمْ تُدْفَنْ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: مَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا بَأْسَ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ: تُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ، قَالَ الْخَلَّالُ: الْأَحْوَطُ دَفْنُهَا، وَلَوْ وَصَّى بِإِحْرَاقِ ثُلُثِ مَالِهِ صَحَّ وَصُرِفَ فِي تَجْمِيرِ الْكَعْبَةِ وَتَنْوِيرِ الْمَسَاجِدِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ هُوَ أَوْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي التُّرَابِ يُصْرَفُ فِي تَكْفِينِ الْمَوْتَى، وَفِي الْمَاءِ يُصْرَفُ فِي عَمَلِ سُفُنٍ لِلْجِهَادِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إمَّا مِنْ عِنْدِهِ أَوْ حِكَايَةً عَنْ الشَّافِعِيِّ ولم يخالفه لو: أن رجلا وَصَّى بِكُتُبِهِ مِنْ الْعِلْمِ لِآخَرَ وَكَانَ فِيهَا كُتُبُ الْكَلَامِ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْوَصِيَّةِ، لِأَنَّهُ ليس من العلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَحُجُّونَ عَنْهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ نَائِبَهُ مِثْلُهُ وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ، ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ اسْتِنَابَةِ الْمَعْضُوبِ مِنْ بَابِ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الصَّوْمِ" انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَسْتَحْضِرْ تِلْكَ الْحَالَ مَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ خِلَافَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَارِثِيُّ، وَلَعَلَّ له قولين، والله أعلم.
فصل: إذا وصى بثلثه عم
فصل: إذَا وَصَّى بِثُلُثِهِ عَمَّ، وَعَنْهُ: يَعُمُّ الْمُتَجَدِّدَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ أَوْ قَوْلِهِ: بِثُلُثَيْ يَوْمَ أَمُوتُ، وَدِيَتُهُ1 مُطْلَقًا لَهُ، كَصَيْدٍ وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي أُحْبُولَةٍ نَصَبَهَا، خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ بِهَا شَيْءٌ فَيَتَوَجَّهُ فِي ضَمَانِ الْمَيِّتِ الْخِلَافُ، وَسَبَقَ فِي الْغَصْبِ2 ضَمَانُهُ بِبِئْرٍ حَفَرَهَا فِي فِنَائِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَالَهُ مَنْ قَالَ يَمْلِكُ صَيْدًا وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ في أحبولة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَصَبَهَا، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ، قَالَ أَحْمَدُ: قَضَى النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ1. وَعَنْهُ: هِيَ لِوَرَثَتِهِ، قَالَ: لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ موته. ولو وصى بمنفعة أمته أبدا و2 لِآخَرَ بِرَقَبَتِهَا أَوْ بَقَائِهَا تَرِكَةً صَحَّ، وَلِمَالِكِ رَقَبَتِهَا بَيْعُهَا، كَعِتْقِهَا، وَقِيلَ: وَعَنْ كَفَّارَتِهِ كَعَبْدٍ مُؤَجَّرٍ، فَيَبْقَى انْتِفَاعُ رَبِّ الْوَصِيَّةِ بِحَالِهِ، وَقِيلَ: يتبع3 لِمَالِكِ نَفْعِهَا، وَقِيلَ: لَا، وَفِي كِتَابَتِهَا الْخِلَافُ وله قيمتها وَوَلَدُهَا وَقِيمَتُهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَقِيلَ: هُنَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فِيمَنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ أَمَتِهِ أَبَدًا: وَلِمَالِكِ رَقَبَتِهَا بَيْعُهَا كَعِتْقِهَا، وَقِيلَ: وَعَنْ كَفَّارَتِهِ: فَيَبْقَى انْتِفَاعُ رَبِّ الْوَصِيَّةِ بِمَنْفَعَتِهَا بِحَالِهِ، وَقِيلَ: يتبع4 لِمَالِكِ نَفْعِهَا، وَقِيلَ: لَا5، وَفِي كِتَابَتِهَا الْخِلَافُ" انتهى.
بمنزلتها، وعليهما تخرج لو لم يقتص1 مِنْ قَاتِلِهَا وَعَفَا2 هَلْ يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ؟ وَإِنْ جَنَتْ سَلَّمَهَا هُوَ أَوْ فَدَاهَا مَسْلُوبَةً، وَلَا يَطَأُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، وَلِمَالِكِ نَفْعِهَا خِدْمَتُهَا حَضَرًا وَسَفَرًا وَإِجَارَتُهَا وَإِعَارَتُهَا، وَقِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى وَارِثِهَا إنْ قَتَلَهَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ قَتَلْت فَرَقَبَةٌ بِثَمَنِهَا مَقَامَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لِمَالِكِ النَّفْعِ، قَالَ: وَهُوَ أَوْلَى، وَقِيلَ: يَجِدُ بِوَطْئِهِ وَوَلَدُهُ قِنٌّ، وَتَزْوِيجُهَا إلَيْهِمَا، وَيَجِبُ بطلبهما3 ووليها مالك الرقبة، وقيل: هما. ـــــــــــــــــــــــــــــQالظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي جَوَازِ بَيْعِهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ بَيْعِهَا، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، فَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ مِنْ وَجْهَيْنِ، والله أعلم.
وفي مهرها ونفقتها وجهان "م 6 و 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-6-7: قَوْلُهُ: "وَفِي مَهْرِهَا وَنَفَقَتِهَا وَجْهَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-6: مَهْرُهَا هَلْ يَكُونُ لِمَالِكِ نَفْعِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَظَاهِرُ "الشرح"1 إطلاق الخلاف، وكذا ابن منجا فِي شَرْحِهِ: أَحَدُهُمَا: لِمَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لِمَالِكِ نَفْعِهَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمَا: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: وهو لمالك نفعها، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ فِي الْفَائِقِ: هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-7: نَفَقَتُهَا هَلْ تَجِبُ عَلَى مَالِكِ نَفْعِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ مَذْهَبًا لِأَحْمَدَ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَابْنُ بَكْرُوسٍ3 وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ عَلَى مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ في
ونفعها بعد الوصي لِوَرَثَتِهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي هِبَةِ نَفْعِ دَارِهِ وَسُكْنَاهَا شَهْرًا وَتَسْلِيمِهَا، وَقِيلَ: لِوَرَثَةِ الْمُوصِي، وَهَلْ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ثَمَنِهَا مِنْ ثُلُثِهِ؟ أَوْ مَا قِيمَتُهَا بِنَفْعِهَا وبدونه؟ فيه وجهان "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQالخلاصة و"المحرر" و"النظم" و"تجريد الْعِنَايَةِ" وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يَكُونُ فِي كَسْبِهَا فَإِنْ عَدِمَ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي "الْمُغْنِي"1 وَالشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ فَقِيلَ فِي بَيْتِ الْمَالِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ عَنْ الْقَوْلِ بِكَوْنِهِ فِي كَسْبِهَا: هُوَ رَاجِعٌ إلَى إيجَابِهَا عَلَى صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ انْتَهَى. وَلِهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ إلَّا وَجْهَيْنِ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ ذكر ثلاثة أوجه، وَأَطْلَقَهَا2 فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 والمقنع4 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ثَمَنِهَا مِنْ ثُلُثِهِ؟ أَوْ مَا قِيمَتُهَا بِنَفْعِهَا وَبِدُونِهِ؟ فيه وجهان" انتهى أطلقهما فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ6 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَعْتَبِرُ جَمِيعَهَا مِنْ الثُّلُثِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ في التصحيح، وقدمه في "الرعايتين" و"الحاوي الصغير" و"الفائق" و"شرح الحارثي" وغيرهم.
وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِهَا وَقْتًا فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ وَحْدَهُ مِنْ ثُلُثِهِ، لِإِمْكَانِ تَقْوِيمِهِ مُفْرَدًا "م 9". وَيَصِحُّ بَيْعُهَا، وَيَصِحُّ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْوَلَاءِ لِسَيِّدِهِ، وَبِالْمُكَاتَبِ وَهُوَ كَمُشْتَرِيهِ، وَيَصِحُّ بِهِ لِزَيْدٍ وَبِدِينِهِ لِعَمْرٍو، وَيُعْتَقُ بِأَدَائِهِ وَيَمْلِكُهُ زَيْدٌ بِعَجْزِهِ، فَتَبْطُلُ وَصِيَّةُ عَمْرٍو مُطْلَقًا فِيمَا بَقِيَ، وَإِنْ قال ضعوا نَجْمًا فَمَا شَاءَ وَارِثُهُ، وَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ مَا عَلَيْهِ وَمِثْلُ نِصْفِهِ وُضِعَ فَوْقَ نِصْفِهِ وَفَوْقَ رُبُعِهِ، وَإِنْ قَالَ مَا شَاءَ فَالْكُلُّ، وَقِيلَ: لَا، كَمَا شَاءَ مِنْ مَالِهَا، وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَصِحُّ بِمَالِ الْكِتَابَةِ وَالْعَقْلِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، وَإِنْ وَصَّى بِكَفَّارَةِ أَيْمَانٍ فَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةٌ، نقله حنبل والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُقَوَّمُ بِمَنْفَعَتِهَا ثُمَّ تُقَوَّمُ مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ، فَيَعْتَبِرُ مِمَّا بَيْنَهُمَا، اخْتَارَهُ1 الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ في الخلاصة والنظم. مَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَصَّى بِنَفْعِهَا وَقْتًا فَقِيلَ كذلك، وقيل: يعتبر وحده من ثلثه، لإمكان تَقْوِيمِهِ مُنْفَرِدًا" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنْ وَصَّى بِمَنْفَعَتِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا مِنْ الثُّلُثِ، لِأَنَّ عَبْدًا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ اُعْتُبِرَتْ الْمَنْفَعَةُ فَقَطْ مِنْ الثُّلُثِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فَقَالَ: هَذَا الصَّحِيحُ عِنْدِي. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
باب عمل الوصايا
باب عمل الوصايا مدخل ... بَابُ عَمَلِ الْوَصَايَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِمِثْلِ نصيب وارث عينه فله مثل1 نَصِيبُهُ مَضْمُومًا إلَى الْمَسْأَلَةِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ وَلَوْ لَمْ يَرِثْهُ مُوصٍ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لِمَانِعٍ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَلَهُ كَأَقَلِّهِمْ نَصِيبًا مَضْمُومًا، فَمَعَ ابْنٍ نِصْفٌ، وَمَعَ زَوْجَةٍ تُسْعٌ، وَكَذَا وَصِيَّتُهُ بِنَصِيبِهِ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُ كَلَامِهِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ اعْتِبَارُهُ، فَنَحْمِلُهُ عَلَى الْمَجَازِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَصَّى بِمَالِهِ صَحَّ، مَعَ تَضَمُّنِهِ الْوَصِيَّةَ بِنَصِيبِ الْوَرَثَةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ وَصَّى بِحَقِّهِ كَدَارِهِ وَبِمَا يَأْخُذُهُ مِنْ إرْثِهِ. وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِي التَّوْلِيَةِ بِعْتُكَهُ بِمَا اشْتَرَيْته بِهِ، لِلْعُرْفِ، فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ فِي بِعْتُكَهُ بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ عَبْدَهُ وَيَعْلَمَانِهِ، وَقَالُوا: يَصِحُّ، وَظَاهِرُهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرْضًا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَا، لِاسْتِدْعَاءِ التَّوْلِيَةِ الْمِثْلَ، وَإِنْ قَالَ كَأَعْظَمِهِمْ فَلَهُ مِثْلُهُ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَإِنْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَلَدِهِ وَلَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِ بِنْتٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ. وَبِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لَوْ كَانَ، فَلَهُ مِثْلُ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا، فَمَعَ ابْنَيْنِ الرُّبُعُ، وَمَعَ أَرْبَعَةٍ السُّدُسُ، فَصَحَّحَ مَسْأَلَةَ عَدَمِ الْوَارِثِ ثُمَّ وُجُودِهِ، ثُمَّ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى، ثُمَّ اقْسِمْ مَا ارْتَفَعَ عَلَى مَسْأَلَةِ وُجُودِهِ، فَمَا خَرَجَ أَضِفْهُ، إلَى مَا ارْتَفَعَ، وَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَاقْسِمْ مَا ارْتَفَعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَكَذَا الْعَمَلُ لَوْ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ وَارِثٍ لَوْ كَانَ، فَلَوْ خَلَّفَ خَمْسَةَ بَنِينَ وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أحدهم إلا بمثل نصيب ابن سادس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَوْ1 كَانَ، فَاضْرِبْ مَسْأَلَةَ عَدَمِهِ خَمْسَةً، فِي مَسْأَلَةِ وُجُودِهِ سِتَّةً، يَكُنْ ثَلَاثِينَ، فَاقْسِمْهُ عَلَى مَسْأَلَةِ2 الْوُجُودِ، لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسَةٌ، وَعَلَى الْعَدَمِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ، فَقَدْ وَصَّى بِسِتَّةٍ وَاسْتَثْنَى خَمْسَةً، فَلَهُ سَهْمٌ يُضَافُ إلَى الثَّلَاثِينَ ذَكَرَهُ أبو الخطاب، ومعناه للشيخ و"المحرر" وَغَيْرِهِمَا، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ "الْمُقْنِعِ"3 الْمَقْرُوءَةِ أَرْبَعَةُ بَنِينَ وَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ سَادِسٍ لَوْ كَانَ، قَالَهُ صَاحِبُ "النَّظْمِ". وَإِنْ عَلَى هَذَا يَصِحُّ أَنَّهُ وَصَّى بِالْخَمْسِ إلَّا السُّدُسَ، كَذَا قَالَ، مَعَ قَوْلِهِ فِي النُّسَخِ الْمَعْرُوفَةِ: أَرْبَعَةٌ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ خَامِسٍ لَوْ كَانَ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ2 سَادِسٍ لَوْ كَانَ، عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرُوا أَوْصَى لَهُ4 بِالسُّدُسِ إلَّا السُّبُعَ، فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَكَذَا قَالَ الْحَارِثِيُّ إنَّهُ قياس ما ذكروه، وإن قولهم أَوْصَى بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ صَحِيحٌ، بِاعْتِبَارِ أَنَّ لَهُ نَصِيبَ الْخَامِسِ الْمُقَدَّرِ غَيْرَ مَضْمُومٍ، وَإِنَّ النصيب المستثنى هو السدس، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ "5الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: "أَوْصَى لَهُ بِالسُّدُسِ إلَّا السُّبُعَ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ مِنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ" انتهى. فقوله "له سهمان "6من اثنين وأربعين6" سَبْقَةُ قَلَمٍ وَالصَّوَابُ سَهْمٌ مُزَادٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ، أَوْ يُقَالُ لَهُ سَهْمَانِ مُزَادَانِ عَلَى أربعة وثمانين فإنها تصح من ذلك5".
وَهُوَ طَرِيقَةُ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَا قَالَهُ الْحَارِثِيُّ صَحِيحٌ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي نُسْخَةٍ مَقْرُوءَةٍ عَلَى الشَّيْخِ: أَرْبَعَةٌ، أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ خَامِسٍ لَوْ كَانَ، فَقَدْ أَوْصَى لَهُ بِالْخُمُسِ إلَّا السُّدُسَ. وَيُوَافِقُ هَذَا قَوْلَ ابْنُ رَزِينٍ فِي ابْنَيْنِ وَوَصَّى بِمِثْلِ نَصِيبِ ثَالِثٍ لَوْ كَانَ الرُّبُعُ1، وَإِلَّا مِثْلَ نَصِيبِ رَابِعٍ لَوْ كَانَ سَهْمٌ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ. وَلَوْ وَصَّى بِضَعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَمِثْلَاهُ، وَبِضَعْفَيْهِ2 بثلاثة أَمْثَالِهِ وَبِثَلَاثَةِ أَضْعَافِهِ أَرْبَعَةُ أَمْثَالِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: ضِعْفَاهُ مِثْلَاهُ وَثَلَاثَةُ أَضْعَافِهِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ. وَلَوْ وَصَّى بِحَظٍّ أَوْ قِسْطٍ أَوْ نَصِيبٍ أَوْ جُزْءٍ أَوْ شَيْءٍ أَعْطَاهُ وَارِثَهُ مَا يَتَمَوَّلُ، وَبِثُلُثِهِ إلَّا حَظًّا أَعْطَى مَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَبِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ سُدُسُهُ، وَلَوْ كَانَ عَائِلًا مَضْمُومًا إلَيْهِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَقِيلَ: سُدُسُهُ كُلُّهُ، أَطْلَقَهُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ، وَأَطْلَقَهُ في "المحرر" و"الروضة"، وَعَنْهُ: لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ مَضْمُومًا إلَيْهَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَعَنْهُ: لَهُ مِثْلُ أَقَلِّهِمْ مَضْمُومًا إلَيْهَا، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: عَلَيْهِمَا لَا يُزَادُ عَلَى السُّدُسِ. وَقَالَ الشَّيْخُ: إنْ صَحَّ فِي لُغَةٍ أَوْ أَثَرٍ أَنَّهُ السُّدُسُ فَكَسُدُسِ مُوصَى بِهِ، وَإِلَّا فكجزء. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ "وَعَنْهُ: لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ مَضْمُومًا إلَيْهَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ" لَيْسَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِاخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، وَإِنَّمَا هِيَ رِوَايَةٌ مُؤَخَّرَةٌ ذَكَرَهَا وَقَدَّمَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ: فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ أَعْطَى السُّدُسَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى: يُعْطِي سَهْمًا مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْفَرِيضَةُ" انتهى.
فصل: وإن وصى بجزء معلوم
فصل: وَإِنْ وَصَّى بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ كَثُلُثٍ فَخُذْهُ مِنْ مَخْرَجِهِ وَاقْسِمْ الْبَقِيَّةَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَصِحَّ ضَرَبْت الْمَسْأَلَةَ أَوْ وَفِّقْهَا لِلْبَقِيَّةِ فِي الْمَخْرَجِ، فَتَصِحُّ مِمَّا بَلَغَ، ثُمَّ مَا لِلْوَصِيِّ مَضْرُوبٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ أَوْ وَقْفِهَا أَوْ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ فِي بَقِيَّةِ الْمَخْرَجِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ فِي وَقْفِهِ، وَكَذَا إنْ وَصَّى بِأَجْزَاءٍ تَعْبُرُ الثُّلُثَ وَأُجِيزَتْ، وَإِنْ رُدَّتْ أَخَذْتهَا مِنْ مَخْرَجِهَا فَجَعَلْتهَا ثُلُثَ الْمَالِ، فَإِذَا وَصَّى بِنِصْفٍ وَرُبُعٍ وَلَهُ ابْنَانِ فَأَجَازَا صَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ رَدَّا جَعَلْت الثُّلُثَ ثَلَاثَةً وَلِلِابْنَيْنِ سِتَّةٌ وَإِنْ أَجَازَا لِأَحَدِهِمَا ضَرَبْت مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ تَكُنْ1 اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ. لِلْمَجَازِ لَهُ سَهْمٌ مِنْ مَسْأَلَتِهِ فِي الْأُخْرَى، وَكَذَا مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ، وَالْبَاقِي لِلِابْنَيْنِ وَإِنْ أَجَازَ ابْنٌ لَهُمَا وَرَدَّ الْآخَرُ فَلَهُ سَهْمُهُ مِنْ الْإِجَازَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، وَلِمَنْ رَدَّ سَهْمَهُ مِنْ الرَّدِّ فِي الْإِجَازَةِ وَالْبَاقِي لِلْوَصِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ أَجَازَ وَاحِدٌ لِوَاحِدٍ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ فَاعْمَلْ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ وَخُذْ مِنْ الْمُجِيزِ لِمَنْ أَجَازَ لَهُ مَا يَدْفَعُهُ بِإِجَازَتِهَا لَهُ، فَإِنْ انْكَسَرَ فَابْسُطْ الْكُلَّ مِنْ جِنْسِهِ، وَلَوْ عَبَرَتْ الْوَصَايَا الْمَالَ فَكَمَسْأَلَةِ عَائِلَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَنِصْفٌ وَثُلُثَانِ مِنْ سَبْعَةٍ فَالْمَالُ يُقَسَّمُ مَعَ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا وَالثُّلُثُ مَعَ الرَّدِّ، وَمَالٌ2 وَنِصْفُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ فِيمَنْ وَصَّى بِمَالِهِ لِوَارِثِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ وَأُجِيزَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ ثُلُثُهُ، ومع الرد هل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَلَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِمَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِثُلُثِهِ وَلَهُ ابْنَانِ فَأَجَازَا فَالْمَالُ أَرْبَاعًا، لِزَيْدٍ نِصْفٌ وَرُبُعٌ، وَلِعَمْرٍو رُبُعٌ، وَإِنْ رَدَّا فَالثُّلُثُ كَذَلِكَ وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ. وَإِنْ أَجَازَا لِزَيْدٍ فَلِعَمْرٍو رُبُعُ الثُّلُثِ وَالْبَقِيَّةُ لِزَيْدٍ، أَعْطَى لَهُ وَصِيَّتَهُ أَوْ الْمُمْكِنَ مِنْهَا، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، كَالْإِجَازَةِ لَهُمَا، وَإِنْ أَجَازَا لِعَمْرٍو فَلَهُ تَتِمَّةُ الثُّلُثِ، وَقِيلَ: تَتِمَّةُ الرُّبُعِ، وَلِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثُّلُثِ، وَإِنْ أَجَازَ ابْنٌ لَهُمَا أَخَذَا مَا مَعَهُ أَرْبَاعًا، وَإِنْ أَجَازَ لِزَيْدٍ أَخَذَ مَا مَعَهُ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ، وَإِنْ أَجَازَ لِعَمْرٍو أَخَذَ نِصْفَ تَتِمَّةِ الثُّلُثِ، وَقِيلَ: نِصْفُ تَتِمَّةِ الرُّبُعِ، وَقِيلَ: الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ.
فصل: وإن وصى لزيد بعبد قيمته مائة ولعمرو بثلث ماله ... الخ
فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو بثلث ماله ... الخ ... فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِعَمْرٍو بِثُلُثِ مَالِهِ وَمَالُهُ غَيْرُ الْعَبْدِ مِائَتَانِ فَلِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ، وَلِعَمْرٍو رُبُعُهُ وَثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ، وَمَعَ الرَّدِّ لِزَيْدٍ نِصْفُهُ، وَلِعَمْرٍو سُدُسُهُ وَسُدُسُ الْمِائَتَيْنِ. وَطَرِيقُهُ أَنْ تُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا وَصَّى لَهُ بِقَدْرِ نِسْبَةِ الثُّلُثِ إلَى مَجْمُوعِهِمَا، وَقِيلَ: يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ1 مَا لَهُمَا فِي الْإِجَارَةِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ: لِزَيْدٍ رُبُعُ الْعَبْدِ وَخُمُسُهُ، وَلِعَمْرٍو عَشَرَةٌ وَنِصْفُ عُشْرِهِ وَخُمُسُ الْمِائَتَيْنِ. وَطَرِيقُهُ أَنْ تَنْسُبَ الثُّلُثَ إلَى الْحَاصِلِ لَهُمَا مَعَ الْإِجَازَةِ، فَتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ النِّسْبَةِ. وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ وَبِمِائَةٍ لِعَمْرٍو وَبِتَمَامِ ثُلُثٍ آخَرَ عَلَيْهَا لِبَكْرٍ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ بَكْرٍ وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ جَاوَزَ المائة فأجيز، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نفذ، وإن رد فلكل نصف1 وصيته، في اخْتِيَارِ الشَّيْخِ. وَقِيلَ: إنْ جَاوَزَ مِائَتَيْنِ فَلِزَيْدٍ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ، وَلِعَمْرٍو مِائَةٌ، وَلِبَكْرٍ نِصْفُ الزَّائِدِ، وَإِنْ جَاوَزَ مِائَةً فَلِزَيْدٍ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ، وَبَقِيَّةُ الثُّلُثِ لِعَمْرٍو مَعَ مُعَادَتِهِ بِبَكْرٍ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ وصية بكر هنا "م 1". وَلَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ وَلِآخَرَ بِتَمَامِ الثُّلُثِ فَهَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْمُوصِي أَلْقَيْت قِيمَتَهُ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا بِدُونِهِ، ثُمَّ الْبَقِيَّةُ للتمام، وَلَوْ وَصَّى لِوَارِثٍ وَغَيْرِهِ بِثُلُثَيْهِ اشْتَرَكَا مَعَ الْإِجَازَةِ وَمَعَ الرَّدِّ عَلَى الْوَارِثِ الْآخَرِ2 الثُّلُثَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَصَّى بِثُلُثِهِ لِزَيْدٍ، وَبِمِائَةٍ لِعَمْرٍو، وَبِتَمَامِ ثُلُثٍ آخَرَ عَلَيْهَا3 لِبَكْرٍ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ بَطَلَتْ وَصِيَّةُ بَكْرٍ وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ جاوز المائة فأجيز نفذ، وإن رد فلكل نِصْفٍ وَصِيَّتُهُ، فِي اخْتِيَارِ الشَّيْخِ، وَقِيلَ إنْ جَاوَزَ مِائَتَيْنِ فَلِزَيْدٍ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ، وَلِعَمْرٍو مِائَةٌ، وَلِبَكْرٍ نِصْفُ الزَّائِدِ، وَإِنْ جَاوَزَ مِائَةً فَلِزَيْدٍ نِصْفُ وَصِيَّتِهِ، وَبَقِيَّةُ الثُّلُثِ لِعَمْرٍو مَعَ مُعَاوَدَتِهِ بِبَكْرٍ، وَقِيلَ: تَبْطُلُ وَصِيَّةُ بَكْرٍ هُنَا" انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ هُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ4 وَالنَّظْمِ والرعايتين والحاوي الصغير والفائق وغيرهم. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَصَحُّ مَا قَالَ الْقَاضِي، "5وَصَحَّحَهُ الْمُحَرَّرُ فِيمَا إذَا جَاوَزَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ5". وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ، "5فَوَافَقَ الْمَجْدُ الْقَاضِي فِيمَا إذَا جَاوَزَ الثُّلُثُ مِائَتَيْنِ، وَخَالَفَهُ فِيمَا إذَا جَاوَزَ المائة، فأبطلها5".
وَقِيلَ: نِصْفُهُ كَوَصِيَّتِهِ لَهُمَا بِثُلُثَيْهِ وَالرَّدُّ عَلَى الْوَارِثِ، وَإِنْ رَدُّوا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ1 لَا وَصِيَّتَهُ عَيَّنَا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: لِلْآخَرِ، وَقِيلَ: لَهُ السُّدُسُ، وَإِنْ أُجِيزَ لِلْوَارِثِ فَلَهُ الثُّلُثُ، وكذا الأجنبي، وقيل: السدس. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن وصى لزيد بثلث ماله ولعمرو بمثل نصيب أحد ابنيه
فصل: وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ فَقِيلَ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ مَعَ الْإِجَازَةِ، كَانْفِرَادِهِمَا، وَالسُّدُسُ مَعَ الرَّدِّ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وَقِيلَ: لِعَمْرٍو كَابْنٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الثلث "م 2". وهو ثلث الباقي تُسْعَانِ، وَفِي الرَّدِّ لَهُمَا الثُّلُثُ عَلَى الْخَمْسَةِ، وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةُ زَيْدٍ بِثُلُثِ بَاقِي الْمَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لِعَمْرٍو الثُّلُثُ، وَلِزَيْدٍ ثُلُثُ الْبَاقِي مع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِعَمْرٍو بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ ابْنَيْهِ فَقِيلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ مَعَ الْإِجَازَةِ، كَانْفِرَادِهِمَا، وَالسُّدُسُ مَعَ الرَّدِّ، وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ، وَقِيلَ لِعَمْرٍو كَابْنٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الثُّلُثِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لِصَاحِبِ النَّصِيبِ ثُلُثُ الْمَالِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَعِنْدَ الرَّدِّ يقسم الثلث بَيْنَ الْوَصِيَّيْنِ نِصْفَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لِصَاحِبِ النَّصِيبِ مِثْلُ مَا يَحْصُلُ لِابْنٍ وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي وَذَلِكَ التُّسْعَانِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ، وَعِنْدَ الرَّدِّ يُقَسَّمُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا على خمسة، وهو احتمال في
الْإِجَازَةِ، وَمَعَ الرَّدِّ الثُّلُثُ عَلَى خَمْسَةٍ، وَعَلَى الثَّانِي فِيهِ دَوْرٌ، لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ كُلٍّ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَنَصِيبِ ابْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَاجْعَلْ الْمَالَ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَنَصِيبًا، فَالنَّصِيبُ لِعَمْرٍو، وَلِزَيْدٍ ثُلُثُ الْبَاقِي سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَهُوَ النَّصِيبُ. وَبِالْبَابِ تَضْرِبُ مَخْرَجَ كُلِّ وَصِيَّةٍ فِي الْأُخْرَى تَكُنْ تِسْعَةً، أَلْقِ مِنْهَا دَائِمًا وَاحِدًا مِنْ مَخْرَجِ الْوَصِيَّةِ بِالْجَبْرِ1 فَالنَّصِيبُ سَهْمَانِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ شِئْت قُلْت لِلِابْنَيْنِ سَهْمَانِ، ثُمَّ تَقُولُ: هَذَا مَالٌ ذَهَبَ ثُلُثُهُ فَزِدْ عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِهِ فَيَصِيرُ ثَلَاثَةً، ثُمَّ زِدْ مثل نصيب ابن لوصيه النَّصِيبُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً وَبِالْجَبْرِ خُذْ مَالًا وَأَلْقِ مِنْهُ نَصِيبًا وَثُلُثُ بَاقِيهِ يَبْقَى ثُلُثُ مَالٍ إلَّا ثُلُثَيْ نَصِيبٍ يَعْدِلُ نَصِيبَيْنِ، اُجْبُرْ وَقَابِلْ وَابْسُطْ مِنْ جِنْسِ الْكَسْرِ، ثُمَّ اقْلِبْ فَاجْعَلْ الْمَالَ ثَمَانِيَةً وَالنَّصِيبَ اثْنَيْنِ. وَإِنْ وَصَّى لَهُ بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ إلَّا رُبُعَ الْمَالِ فَمَخْرَجُ الْكَسْرِ أَرْبَعَةٌ، زِدْهُ رُبُعَهُ يَصِيرُ خَمْسَةً ; فَهُوَ النَّصِيبُ، وَزِدْ عَلَى عَدَدِ الْبَنِينَ وَاحِدًا، وَاضْرِبْهُ فِي مَخْرَجِ الْكَسْرِ يَصِرْ سِتَّةَ عَشَرَ، فَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ، وَإِنْ شِئْت قُلْت فُضِّلَ كُلُّ ابْنٍ بِرُبُعٍ، فَلِكُلِّ ابْنٍ رُبُعٌ يَبْقَى رُبُعٌ اقْسِمْهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، فَلَهُ نِصْفُ ثمن سهم من ستة عشر. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا أَصَحُّ بِلَا مِرْيَةٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: وَالتَّفْرِيعُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ، فَفِي هَذَا الْبَابِ ثلاث مسائل.
وَلَوْ قَالَ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ، فَالْبَاقِي بَعْدَهُ مَالٌ إلَّا نَصِيبًا، زِدْهُ رُبُعَهُ، اُجْبُرْ وَقَابِلْ فَيَصِيرُ مَالًا وَرُبُعًا وَأَرْبَعَةَ أَنْصِبَاءٍ وَرُبُعًا، اُبْسُطْ مِنْ جِنْسِ الْكَسْرِ يَصِيرُ خَمْسَةَ أَمْوَالٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ "1نَصِيبًا، فَاجْعَلْ الْمَالَ سَبْعَةَ عَشَرَ1"، وَالنَّصِيبُ خَمْسَةً، فَالْوَصِيَّةُ اثْنَانِ، وَلَوْ قَالَ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَالْبَاقِي بَعْدَهَا أَنْصِبَاءُ بَنِيهِ ثَلَاثَةً، فَأَلْقِ رُبُعَهَا مِنْ نَصِيبِ الْوَصِيِّ يَبْقَى رُبُعُهُ هُوَ الْوَصِيَّةُ، زِدْهُ عَلَى أَنْصِبَاءِ الْوَرَثَةِ2 وَابْسُطْهَا أَرْبَاعًا، فَلَهُ سَهْمٌ مِنْ ثلاثة عشر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الموصى إليه
بَابُ الْمُوصَى إلَيْهِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى رَشِيدٍ عَدْلٍ وَلَوْ رَقِيقٍ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: تَصِحُّ إلَى مُمَيِّزٍ، وَعَنْهُ مُرَاهِقٍ، وَمِثْلُهُ سَفِيهٌ، وَإِلَى فاسق ويضم إليه أمين إن أمكن الحفظ بِهِ، وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فِي فِسْقٍ طَارِئٍ فَقَطْ، وقيل: عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِلَى فَاسِقٍ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ "1إن أمكن الحفظ به، وذكرها2 جماعة في فِسْقٍ طَارِئٍ فَقَطْ، وَقِيلَ عَكْسُهُ" انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْفَاسِقَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ1"، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّرَيَانِ وَعَدَمِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَى فَاسِقٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ، كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ: تَصِحُّ إلَى فَاسِقٍ وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ، قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ طَرَأَ فِسْقُهُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا، وَهُوَ:" وَعَنْهُ: وَإِلَى فَاسِقٍ" فَلَفْظَةُ" وَعَنْهُ" سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قوله: "وذكرها جماعة في
وَتَصِحُّ إلَى عَاجِزٍ، خِلَافًا لِلتَّرْغِيبِ، وَيُضَمُّ إلَيْهِ أَمِينٌ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ إبْدَالَهُ، وَفِي الْكَافِي1: لِلْحَاكِمِ إبْدَالُهُ، وَلَا نَظَرَ لِحَاكِمٍ مَعَ وَصِيٍّ خَاصٍّ كَافٍ. قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ وَصَّى إلَيْهِ بِإِخْرَاجِ حَجِّهِ: وِلَايَةُ الدَّفْعِ وَالتَّعْيِينِ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ عِ وَإِنَّمَا لِلْوَلِيِّ الْعَامِّ الِاعْتِرَاضُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ أَوْ فِعْلِهِ مُحَرَّمًا، فَظَاهِرُهُ: لَا نَظَرَ وَلَا ضَمَّ مَعَ وَصِيٍّ مُتَّهَمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ إذَا كَانَ الْوَصِيُّ مُتَّهَمًا: لَمْ يُخْرَجْ مِنْ يَدِهِ وَيُجْعَلْ مَعَهُ آخَرَ، وَنَقَلَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى: إنْ كَانَ مُتَّهَمًا ضُمَّ إلَيْهِ رَجُلٌ يَرْضَاهُ أَهْلُ الْوَقْفِ بِعِلْمِ مَا جَرَى، وَلَا تُنْزَعُ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ، وَتَرْجَمَهُ الْخَلَّالُ: هَلْ لِلْوَرَثَةِ ضَمُّ أَمِينٍ مَعَ الْوَصِيِّ2 الْمُتَّهَمِ؟ ثُمَّ إنْ ضَمَّهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ تَوَجَّهَ جَوَازُهُ، وَمِنْ الْوَصِيِّ فِيهِ نَظَرٌ، بِخِلَافِ ضَمِّهِ مَعَ الْفِسْقِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِي ابْتِدَاءِ الْحَجْرِ عَلَى رَشِيدٍ بَذَرَ مَالَهُ أَنَّهُ مَالٌ يُخْشَى ضَيَاعُهُ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ، فَجَازَ لِلْحَاكِمِ حِفْظُهُ، كَمَا لَوْ وَجَدَ مَالَ غَيْرِهِ فِي مَضْيَعَةٍ، أَوْ3 رَأَى الْحَاكِمُ الْوَصِيَّ يَبْذُرُ مَالَ اليتيم. وَيَعْتَبِرُ إسْلَامَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي كَافِرًا فَوَجْهَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQفِسْقٍ طَارِئٍ" فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: "وَذَكَرَهَا" عَائِدٌ إلَى الرِّوَايَةِ، وَهُوَ وَاضِحٌ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمَذْهَبُ كَمَا قُلْنَا، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، ثُمَّ وَجَدْت شَيْخَنَا قَالَ. إنَّهُ عَطَفَ عَلَى مُمَيِّزٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَعَنْهُ: يَصِحُّ إلَى مُمَيِّزٍ وَإِلَى فَاسِقٍ" وَهُوَ حَسَنٌ، لَكِنْ خَلَلٌ بَيْنَ ذلك المراهق والسفيه. مَسْأَلَةٌ-1: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي كَافِرًا فَوَجْهَانِ" انتهى. يعني هل تصح وَصِيَّةُ الْكَافِرِ "4إلَى كَافِرٍ4" أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف، وأطلقه في
وَتُعْتَبَرُ الشُّرُوطُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَالْوَصِيَّةِ، وَقِيلَ: وَبَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يَكْفِي عِنْدَ الْمَوْتِ، وَقِيلَ: وَعِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَيُضَمُّ أَمِينٌ. وَمَنْ وَصَّى إلَى وَاحِدٍ ثُمَّ إلَى آخَرَ وَلَمْ يَعْزِلْ الْأَوَّلَ اشْتَرَكَا، نَصَّ على ذلك، ولا ينفرد أحدهما بتصرف ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الفصول" و"المغني"1 و"الكافي"2 و"البلغة" و"المحرر" و"الشرح3" و"النظم" و"الرعايتين" و"الحاوي الصغير" والزركشي وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ إذَا كَانَ عَدْلًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبدوس ومنتخب الآدمي وغيرهم4، وقدمه ابن منجا فِي شَرْحِهِ وَابْنُ رَزِينٍ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ الْمَجْدُ: وَجَدْته بِخَطِّهِ" انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إلَى كَافِرٍ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ: وَلَا تَصِحُّ إلَّا5 إلَى مُسْلِمٍ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا الْعَدْلَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ، فَحَيْثُ اشْتِرَاطُنَا الْعَدَالَةِ فِي الْمُسْلِمِ فَفِي الْكَافِرِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ نَشْتَرِطْهَا فِي الْمُسْلِمِ فَيَحْتَمِلُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْكَافِرِ، وَهُوَ أَوْلَى، وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ، وَأَمَّا أَنْ نَشْتَرِطَ الْعَدَالَةَ فِي الْمُسْلِمِ وَلَمْ نَشْتَرِطْهَا فِي الْكَافِرِ فَبَعِيدٌ جِدًّا، بَلْ لا يصح.
لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَخَذَ بَعْضَ الْمَالِ دُونَهُ وَقَالَ لَا أَدْفَعُهُ إلَيْك، فَقَالَ: إنَّمَا عَلَيْهِ الْجَهْدُ، فَلْيَجْتَهِدْ فِيمَا ظَهَرَ لَهُ، وَمَا غَابَ عَنْهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ، قِيلَ: فَيُرْفَعُ أَمْرُهُمَا إلَى الْحَاكِمِ وَيَبْرَأُ مِنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. وَمَنْ وَجَدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ: أَوْ غَابَ لَزِمَ ضَمُّ أَمِينٍ، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمَا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ وَجْهَانِ "م 2". وَإِنْ حَدَثَ عَجْزٌ لِضَعْفٍ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ فَقِيلَ: يضم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-2: قَوْلُهُ: "وَمَنْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ: أَوْ غَابَ لَزِمَ1 ضَمُّ أَمِينٍ، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمَا فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ عَزْلَهُمَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: ولو ماتا5 جَازَ إقَامَةُ وَاحِدٍ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمَا مَا يُوجِبُ عَزْلَهُمَا جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ بَدَلَهَا وَاحِدًا، فِي الْأَصَحِّ. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى: وَإِنْ مَاتَا جَازَ أَنْ يُقِيمَ الْحَاكِمُ بَدَلَهُمَا6 وَاحِدًا، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَإِنْ تَغَيَّرَ حَالُهُمَا فَلَهُ نَصْبُ وَاحِدٍ، وَقِيلَ: لَا يُنَصِّبُ إلَّا اثْنَيْنِ" انْتَهَى. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ يَكْفِي وَاحِدٌ" انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ، هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِوَاحِدٍ أَوْ لُزُومِ اثْنَيْنِ فيما يظهر، والله أعلم.
أَمِينًا، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ "م 3" وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الصَّرْفُ وَلَا عَجْزَ لَمْ يَجُزْ. قال في الأحكام السلطانية في العامل: فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَاظِرٌ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ مما1 يصح فيه الاشتراك فإن لم يجر2 بِهِ عُرْفٌ كَانَ عَزْلًا لِلْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ وَصَّى إلَيْهِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ أَوْ يَحْضُرَ فُلَانٌ أَوْ إنْ مَاتَ فَفُلَانٌ صَحَّ، وَيَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا عِنْدَ الشَّرْطِ، ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، أَوْ هُوَ وَصِيٌّ سَنَةً ثُمَّ عَمَّرَ، وَلِلْخَبَرِ: "أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ" 3. وَالْوَصِيَّةُ كَالتَّأْمِيرِ. وَيَتَوَجَّهُ: لَا، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِنَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهِيَ كَالْوَكَالَةِ فِي الْحَيَاةِ، وَلِهَذَا هَلْ لِلْمُوصِي أَنْ يُوصِيَ وَيَعْزِلَ مَنْ وَصَّى إلَيْهِ؟ وَلَا يَصِحُّ إلَّا4 فِي مَعْلُومٍ، وَلِلْمُوصِي عَزْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَالْوَكِيلِ، فَلِهَذَا لَا يُعَارِضُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: إذَا قَالَ الْخَلِيفَةُ: الْإِمَامُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ فِي حَيَاتِي أَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَالْخَلِيفَةُ فُلَانٌ صَحَّ، وَكَذَا فِي الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ-3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَدَثَ عَجْزٌ لِضَعْفٍ أَوْ عِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةِ عَمَلٍ وَنَحْوِهِ فَقِيلَ: يَضُمُّ أَمِينًا، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ" انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ وُجُوبُ ضَمِّ أَمِينٍ هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: مَتَى عَجَزَ الْعَدْلُ عَنْ النَّظَرِ لِعِلَّةٍ وَنَحْوِهَا ضُمَّ إلَيْهِ أَمِينٌ وَلَمْ يَنْعَزِلْ، إجْمَاعًا انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهُ ضَمُّ أَمِينٍ، من غير إيجاب.
وَإِنْ قَالَ: فُلَانٌ وَلِيُّ عَهْدِي، فَإِنْ وُلِّيَ ثُمَّ مَاتَ فَفُلَانٌ بَعْدَهُ، لَمْ يَصِحَّ لِلثَّانِي، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ إذَا وُلِّيَ وَصَارَ إمَامًا حَصَلَ التَّصَرُّفُ وَالنَّظَرُ وَالِاخْتِيَارُ إلَيْهِ، فَكَانَ الْعَهْدُ إلَيْهِ فِيمَنْ يَرَاهُ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا جُعِلَ الْعَهْدُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَتَغَيُّرِ صِفَاتِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ لِلْمَعْهُودِ إلَيْهِ إمَامَةٌ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ وَلِيُّ الْأَمْرِ وِلَايَةَ حُكْمٍ أَوْ وَظِيفَةٍ بِشَرْطِ شُغُورِهَا أَوْ بِشَرْطٍ فَوُجِدَ الشَّرْطُ بَعْدَ مَوْتِ وَلِيِّ الْأَمْرِ وَالْقِيَامِ مَقَامَهُ أَنَّ وِلَايَتَهُ تَبْطُلُ، وَأَنَّ النَّظَرَ وَالِاخْتِيَارَ لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْحَابَ اعْتَبَرُوا وِلَايَةَ الْحُكْمِ بِالْوَكَالَةِ فِي مَسَائِلَ، وَأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عِتْقًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطٍ بَطَلَ بِمَوْتِهِ، قَالُوا: لِزَوَالِ مِلْكِهِ، فَتَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُهُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: وَلِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّرْطِ يَقْتَضِي الْحَيَاةَ، وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقًا مُنْجَزًا بِشَرْطٍ فَوُجِدَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَلَّقِ لَمْ يُعْتَقْ، إذَا بَطَلَ الْعِتْقُ وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ، وَلِهَذَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى إبْطَالِ الشَّرْطِ بَطَلَ2 فَهَا هُنَا أَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ عَمْرٍو إنْ قُمْت فَأَنْتَ وَعَبْدِي زَيْدٍ حُرَّانِ فَبَاعَهُ ثُمَّ قَامَ أَوْ قَالَ: إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي زَيْدٍ حُرٌّ فَأَبَانَهَا ثُمَّ قَامَتْ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ زَيْدٌ. وَقَالَ صَاحِبُ "الرِّعَايَةِ": يُحْتَمَلُ عتقه وعدمه. وَلِلْوَصِيِّ قَبُولُهَا حَيَاةَ الْمُوصِي وَبَعْدَ مَوْتِهِ وَيُعْتَبَرُ قَبُولُهَا، وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِيهِمَا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: إذَا وَجَدَ حَاكِمًا، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ، وَعَنْهُ: لَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَعَنْهُ: وَلَا قَبْلَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: إنْ قَبِلَهَا ثُمَّ غير فيها الموصي؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا إذَا غَيَّرَ فِيهَا، وَمَا أَنْفَقَهُ وَصِيٌّ مُتَبَرِّعٌ بِمَعْرُوفٍ فِي ثُبُوتِهَا مِنْ يَتِيمٍ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ إلَّا فِي مَعْلُومٍ يَمْلِكُهُ الْمُوصِي، كَالْوَكَالَةِ، كَقَضَاءِ دَيْنِهِ، وَتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ، وَالنَّظَرِ لِصِغَارِهِ، وَحَدُّ قَذْفِهِ يَسْتَوْفِيهِ لِنَفْسِهِ لَا لِلْمُوصَى لَهُ، لَا بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ مَعَ رُشْدِ وَارِثِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ فِي وَكَالَةٍ عَامَّةٍ، كَبَيْعِ مَالِهِ وَصَرْفِهِ فِي كَذَا وَتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ أَطْفَالِهِ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ كَالْأَبِ لِلْمَصْلَحَةِ، كَمُضَارَبَةٍ، يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ فِيمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَجَاوَزُهُ. فَإِنْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ وَأَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ فَهَذَا وَصِيٌّ فِي جَمِيعِ أَمْرِهِ، يَبِيعُ وَيَشْتَرِي إذَا كَانَ نَظَرًا لَهُمْ، وَإِنْ وَصَّاهُ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ جَحَدُوا وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَفِي جَوَازِ قَضَائِهِ بَاطِنًا وَتَكْمِيلِ ثُلُثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ رِوَايَتَانِ "م 4 و 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-4-5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَصَّاهُ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ جَحَدُوا وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَفِي جَوَازِ قَضَائِهِ بَاطِنًا وَتَكْمِيلِ ثُلُثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-4: إذَا وَصَّى بِقَضَاءِ دَيْنِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَوْ جَحَدُوا وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَهَلْ يُسَوَّغُ قَضَاؤُهُ بَاطِنًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُسَوَّغُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، قال ابن منجا في شرحه: هذا المذهب،
وقيل له في رواية أَبِي دَاوُد مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ فِي الدَّيْنِ: أَيَحِلُّ لَهُ إنْ لَمْ يُنَفِّذْهُ؟ قَالَ: لَا، فَإِنْ فَرَّقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ جَهِلَ مُوصَى لَهُ فَتَصَدَّقَ هُوَ أَوْ حَاكِمٌ بِهِ ثُمَّ ثَبَتَ لَمْ يَضْمَنْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي حَبْسِ الْبَقِيَّةِ لِيُعْطُوهُ مَا عِنْدَهُمْ أَوْ يُعْطِيهِمْ وَيُطَالِبَهُمْ بِالثُّلُثِ رِوَايَتَانِ "م 6" وَمَعَ بَيِّنَةٍ في لزوم قضائه بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَنْهُ: لَا يَقْضِيهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِمْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَعَنْهُ: يَقْضِيهِ إنْ أَذِنَ فِيهِ حَاكِمٌ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ-5: إذَا أَوْصَى بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ إخْرَاجَ ثُلُثِ مَا بِأَيْدِيهِمْ أَوْ جَحَدُوا وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ فَهَلْ يُكْمِلُ الثُّلُثَ مِمَّا فِي يَدِهِ أَوْ يُخْرِجُ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ فَقَطْ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُخْرِجُهُ كُلَّهُ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُخْرِجُ ثُلُثَ مَنْ فِي يده، قال الشيخ وتبعه الشارح: وَيُمْكِنُ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ، فَالْأُولَى مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ جِنْسًا وَاحِدًا، وَالثَّانِيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ أَجْنَاسًا، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَتَعَلَّقُ بِثُلُثِ كُلِّ جِنْسٍ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا. مَسْأَلَةٌ-6: قَوْلُهُ: "وَفِي حَبْسِ الْبَقِيَّةِ لِيُعْطُوهُ مَا عِنْدَهُمْ أَوْ يُعْطِيهِمْ وَيُطَالِبَهُمْ بِالثُّلُثِ الرِّوَايَتَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَحْبِسُ الْبَقِيَّةَ عِنْدَهُ لِيُعْطُوهُ مَا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وعليه الأكثر قال3 فِي الْفُصُولِ، وَنَصَرَ شَيْخُنَا الْمَنْصُورُ عِنْدَنَا4، وَهُوَ أن يحبس الباقي بعد إخراج
حَاكِمٍ وَقَالَ الشَّيْخُ: فِي جَوَازِهِ رِوَايَتَانِ، مَا لم يوافقه وارثه المكلف "م 7" وَفِي بَرَاءَةِ الْمَدِينِ بَاطِنًا بِقَضَائِهِ دَيْنًا يَعْلَمُهُ على الميت الروايتان "م 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ، فَإِنْ أَخْرَجُوهُ وَإِلَّا رَدَّهُ إلَيْهِمْ" انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعْطِيهِمْ وَيُطَالِبُهُمْ "1بالثلث، اختاره أبو بكر في "التنبيه" فقال فيه: لا يحبس الباقي بل يسلمه إليهم وَيُطَالِبُهُمْ1" بِثُلُثِ مَا فِي أَيْدِيهِمْ انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: قَطَعَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، بَلْ الَّذِي حَكَاهُ الْأَصْحَابُ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ: تَكْمِيلُ الثُّلُثِ مِمَّا فِي يَدِهِ، وَإِخْرَاجُ ثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ، وَيَحْبِسُ الْبَاقِيَ لِيُخْرِجُوا ثُلُثَ مَا بِأَيْدِيهِمْ، وَمَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ لَا يَخْرُجُ عَمَّا قَالُوهُ. مَسْأَلَةٌ-7: قَوْلُهُ: "وَمَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ فِي لُزُومِ قَضَائِهِ بِلَا حَاكِمٍ رِوَايَتَانِ، وَعِنْدَ الشَّيْخِ هُمَا فِي الْجَوَازِ دُونَ اللُّزُومِ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ الْوَارِثُ الْمُكَلَّفُ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ الْحَاكِمُ، بَلْ تَكْفِي الشَّهَادَةُ عِنْدَ الْمُوصَى إلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ: لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ بِدُونِ حُضُورِ حَاكِمٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ. مَسْأَلَةٌ-8: قَوْلُهُ: "وَفِي بَرَاءَةِ الْمَدِينِ بَاطِنًا بِقَضَائِهِ دَيْنًا يَعْلَمُهُ عَلَى الْمَيِّتِ الرِّوَايَتَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ إذَا كَانَ يَعْلَمُ وَيَبْرَأُ بَاطِنًا أَمْ لَا؟ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ
قِيلَ لَهُ: وَصِيٌّ جَعَلَهُ الْوَرَثَةُ بِبَيْتٍ وَأَغْلَقُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ حَتَّى أَشْهَدَ لَهُمْ وَخَرَجَ منها، قال: لا يجوز له يجد1 جَهْدَهُ وَلَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِمْ، قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: تُوُفِّيَ وَتَرَكَ وَرَثَةً وَغُرَمَاءَ، قَالَ: لَا يَدْفَعُ الْمَالَ إلَيْهِمْ حَتَّى يَحْضُرَ الغرماء. وَلِلْمَدِينِ دَفْعُ الدَّيْنِ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ إلَيْهِ وَإِلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَلَا يَقْبِضُهُ عَيْنًا، وَإِلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ، وَقِيلَ: أَوْ لِلْوَصِيِّ، وَإِنْ صَرَفَ أَجْنَبِيٌّ الْمُوصَى بِهِ لِمُعَيَّنٍ وَقِيلَ: أَوْ لِغَيْرِهِ فِي جِهَتِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَإِنْ وَصَّاهُ بِإِعْطَاءِ مُدَّعٍ دَيْنًا بِيَمِينِهِ نَقَدَهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ، بِبَيِّنَةٍ، وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَنَقَلَ: يُقْبَلُ مَعَ صِدْقِ الْمُدَّعِي، وَنَقَلَ صَالِحٌ: أَنَّهُ أوصى أن لفوران2 عَلَيَّ نَحْوَ خَمْسِينَ دِينَارًا وَهُوَ يَصْدُقُ فِيمَا قَالَ يَقْضِي مِنْ غَلَّةِ الدَّارِ ثُمَّ يُعْطِي وَلَدُ صَالِحٍ كُلَّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ "3عَشَرَةَ دَرَاهِمَ3"4. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ5 فِيمَنْ وَصَّاهُ بدفع مهر امرأته: لم ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالتَّعْرِيفِ، وَهُمَا الْمَذْكُورَتَانِ فِيمَا إذَا جَحَدَ الْوَرَثَةُ دَيْنًا يَعْلَمُهُ الْمُوصَى إلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا. وَالصَّوَابُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ بَاطِنًا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَدْفَعُ إلَى مَنْ له الدين من الموصى
يَدْفَعْهُ مَعَ غَيْبَةِ الْوَرَثَةِ. وَإِذَا قَالَ: ضَعْ ثُلُثِي حَيْثُ شِئْت أَوْ أَعْطِهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَنْ شِئْت، لَمْ يُبَحْ لَهُ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: مَعَ عَدَمِ قَرِينَةٍ، وَكَذَا وَلَدُهُ وَوَارِثُهُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَبَاحَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مَنْع ابْنِهِ، وَذَكَرَ آخَرُونَ: وَأَبِيهِ، وَلَمْ يَزِيدُوا، وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مَنْعِ مَنْ يُمَوِّنُهُ وَجْهًا، وَلَوْ قَالَ: تَصَدَّقْ مِنْ مَالِي احْتَمَلَ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وَاحْتَمَلَ مَا قَلَّ وَكَثُرَ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنًا عَيَّنَهُ، ذَكَرَهَا فِي التَّمْهِيدِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَقَلِّ الْوَاجِبِ "م 9". وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ بِحَفْرِ بِئْرٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ في السبيل، فقال: لا أقدر، فَقَالَ الْمُوصِي: افْعَلْ مَا تَرَى، لَمْ يَجُزْ حَفْرُهَا بِدَارِ قَوْمٍ لَا بِئْرَ لَهُمْ، لِمَا فيه من تخصيصهم، نقله ابن هانئ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبِنَاءِ مَسْجِدٍ فَلَمْ يَجِدْ عَرْصَةً لَمْ يَجُزْ شِرَاءُ عَرْصَةٍ يَزِيدُهَا فِي مَسْجِدٍ صَغِيرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ: تَدْفَعُ هَذَا إلَى يَتَامَى فُلَانٍ فَإِقْرَارٌ بِقَرِينَةٍ وَإِلَّا وَصِيَّةٌ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَلِلْوَصِيِّ بَيْعُ عَقَارٍ لِوَرَثَةٍ كِبَارٍ أَبَوْا بَيْعَهُ الْوَاجِبَ أَوْ غَابُوا أَوْ لَهُمْ وَلِصِغَارٍ وَلِلصِّغَارِ حَاجَةٌ وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَبِيعُ بِقَدْرِ دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ1 وحصة صغار، ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَيْهِ أَوْ الْوَرَثَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الدَّفْعُ، وإلا جاز وبرئ باطنا. مَسْأَلَةٌ-9: قَوْلُهُ: "وَلَوْ قَالَ تَصَدَّقْ مِنْ مَالِي احْتَمَلَ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وَاحْتَمَلَ مَا قَلَّ وَكَثُرَ، لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ مُعَيَّنًا عَيَّنَهُ، ذَكَرَهَا فِي التَّمْهِيدِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى أَقَلِّ الْوَاجِبِ" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ وَالْعُرْفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ ذَلِكَ. الْقَوْلُ الثَّانِي: أقوى، والأحوط القول الأول.
قِيلَ لِأَحْمَدَ: بَيْعُ الْوَصِيِّ الدُّورَ عَلَى الصِّغَارِ يَجُوزُ؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ نَظَرًا لَهُمْ لَا عَلَى كِبَارٍ يُؤْنَسُ مِنْهُمْ رُشْدٌ، هُوَ كَالْأَبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي النِّكَاحِ، قِيلَ لَهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثْبَتَ وَصِيَّتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي؟ قَالَ: إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ. وَمَنْ مَاتَ بِبَرِّيَّةٍ وَلَا حَاكِمَ وَلَا وَصِيَّ فَلِمُسْلِمٍ حَوْزُ تَرِكَتِهِ وَبَيْعُ مَا يَرَاهُ، وَقِيلَ: إلَّا الْإِمَاءَ، وَيُكَفِّنُهُ مِنْهَا ثُمَّ مِنْ عِنْدِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَاهُ وَلَا حَاكِمَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ أَوْ أَبَاهَا رَجَعَ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، كَإِمْكَانِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ مَعَ إذْنِهِ "م 10 و 11" والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة-10-11: قَوْلُهُ: "وَمَنْ مَاتَ بِبَرِّيَّةٍ وَلَا حَاكِمَ وَلَا وَصِيَّ فَلِمُسْلِمٍ حَوْزُ تَرِكَتِهِ وَبَيْعُ مَا يَرَاهُ وَيُكَفِّنُهُ مِنْهَا ثُمَّ مِنْ عِنْدِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إنْ نَوَاهُ وَلَا حَاكِمَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ إذْنُهُ أَوْ أَبَاهَا رَجَعَ، وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ، كَإِمْكَانِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ أو لم ينو مع إذنه" انتهى. أطلق الخلاف في المقيس عليه، وشمل مسألتين: المسألة الأولى-10: إذا أمكنه استئذان حاكم ولم يستأذنه فهل يرجع بما تكلف عليه من كفن وغيره إذَا نَوَى الرُّجُوعَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه: أحدهما: يرجع إذا نوى الرجوع قلت: وهو الصواب، وقواعد المذهب تقتضيه، بل هو أولى ممن أدى حقا واجبا عن غيره. والوجه الثاني: لا يرجع إذا لم يستأذن الحاكم مع إمكانه. المسألة الثانية-11: إذا استأذن الحاكم في صرف ذلك فصرفه ولم ينو الرجوع فهل له الرجوع بذلك أم لا؟ أطلق الخلاف. أحدهما: يرجع ويكفي إذن الحاكم، وهو الصواب. والوجه الثاني: لا يرجع، وهو قوي، وهي شبيهة بما إذا أدى حقا واجبا عن غيره ولم ينو الرجوع ولا التبرع، وإنما ذهل عن ذلك، وفيها خلاف، والصحيح من المذهب عدم الرجوع، لكن إذن الحاكم هنا يقوي الرجوع. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
المجلد الثامن
المجلد الثامن كتاب الفرائض مدخل أسباب الإرث ... كتاب الفرائض أَسْبَابُ الْإِرْثِ: نِكَاحٌ وَرَحِمٌ وَوَلَاءُ عِتْقٍ. وَعَنْهُ: وَعِنْدَ عَدَمِهِنَّ بِمُوَالَاةٍ، وَهِيَ الْمُؤَاخَاةُ، وَمُعَاقَدَةٌ، وَهِيَ الْمُحَالَفَةُ، وَإِسْلَامُهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَالْتِقَاطُهُ، وَكَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يَرِثُ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ، وَقِيلَ: بَلَى عِنْدَ عَدَمٍ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا أَدْرِي. فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ: يُنْفِقُ عَلَى الْمُنْعِمِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: لَا، وَفِي الْخَبَرِ مَا يَدُلُّ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَحَسَّنَهُ عَنْ بُنْدَارٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أبر؟ قال: "أمك ثم أمك ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أُمَّك ثُمَّ أَبَاك ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَسْأَلُ رَجُلٌ مَوْلَاهُ مِنْ فَضْلٍ هُوَ عِنْدَهُ فَيَمْنَعُهُ إيَّاهُ إلَّا دُعِيَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَضْلُهُ الَّذِي مَنَعَهُ شُجَاعٌ أَقْرَعَ" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ1. 2 هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الْعَبْدَ يَرِثُ مَوْلَاهُ الَّذِي تَقَدَّمَ 3، لِخَبَرِ 4 عَوْسَجَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا إلَّا عَبْدًا هُوَ أَعْتَقَهُ، فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِيرَاثَهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، قَالَ: وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مِيرَاثُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَعَوْسَجَةُ وَثَّقَهُ أَبُو زُرْعَةَ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي حَدِيثِهِ: لا يصح. وَالْوَرَثَةُ ذُو فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ، وَذُو رَحِمٍ، عَلَى الأصح فيه. فذو الفرض عشرة: زوجان. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأُمٌّ وَجَدَّةٌ وَبَنَاتُ صُلْبٍ وَبَنَاتُ ابْنٍ وَكُلُّ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَقَدْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ مِنْ غير أبيه بموت أمه عنهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي عَدَدِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِالْأَخَوَاتِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مِنْ الْأَبِ إذَا انْفَرَدْنَ، فَإِنَّهُنَّ أَصْحَابُ فُرُوضٍ، بِلَا نِزَاعٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُنَّ وَلَكِنَّهُ قَالَ: وَكُلُّ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ لِأُمٍّ. فَقَالَ شَيْخُنَا: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَتَقْدِيرُهُ: وَأَخٌ لِأُمٍّ وَكُلُّ أُخْتٍ فَبِهَذَا يَجْمَعُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ فِي عَدَدِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ: "وَكُلُّ أَخٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَقَدْ يُعَصِّبُ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ بِمَوْتِ أُمِّهِ عَنْهُمَا". انْتَهَى. تَابَعَ فِي ذَلِكَ صاحب الوجيز وفيه
وتارة أب وجد لِأَبٍ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ مَعَ عَدَمِ وَلَدٍ وَوَلَدِ ابْنٍ، وَالرُّبُعُ مَعَ الْوُجُودِ؛ وَلِلزَّوْجَةِ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ نِصْفُ حَالَيْهِ فِيهِمَا، وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ السُّدُسُ بِالْفَرْضِ مَعَ ذُكُورِ الْوَلَدِ وَإِنْ نَزَلُوا، وَبِالتَّعْصِيبِ مَعَ عَدَمِهِمْ، وَبِفَرْضٍ وَتَعْصِيبٍ مَعَ إنَاثِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ ابْنِهِ، وَلِلْجَدِّ مَعَ وَلَدِ أَبَوَيْنِ أَوْ أَبٍ كَأَخٍ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ أَحَظَّ لَهُ أَخَذَهُ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ بَعْدَهُ الْأَحَظُّ مِنْ مُقَاسَمَةٍ، كَأَخٍ، أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ سُدُسُ الْجَمِيعِ. فَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَتُسَمَّى مُرَبَّعَةَ الْجَمَاعَةِ لِإِجْمَاعِهِمْ1 أَنَّهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ غَيْرُ السُّدُسِ أَخَذَهُ وَسَقَطَ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبِ، وَالْمَذْهَبُ: إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، لِتَكْدِيرِ أُصُولِ زَيْدٍ2، فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ. وَقِيلَ: لِأَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ سَأَلَ عَنْهَا رَجُلًا اسْمُهُ أَكْدَرُ3، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: ونظمها بعضهم: ـــــــــــــــــــــــــــــQنَظَرٌ، إذْ الْأُمُّ إذَا مَاتَتْ عَنْهُمَا لَا يَرِثَانِ مِنْهَا إلَّا بِكَوْنِهِمَا أَوْلَادًا لَهَا لَا بِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَخَا الْآخَرِ لِأُمِّهِ، غَايَتُهُ أَنَّهُمَا أَخٌ وَأُخْتٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبٍ، وَالْإِرْثُ مِنْ الْأُمِّ، وَالتَّعْصِيبُ إنَّمَا حَصَلَ لِكَوْنِهِمْ أَوْلَادًا لَا لِكَوْنِهِمْ إخْوَةً لِأُمٍّ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يذكر ذلك الأكثر.
ما فرض أربعة توزع بينهم ميراث هم ... مِيرَاثُ مَيِّتِهِمْ بِفَرْضٍ وَاقِعِ فَلِوَاحِدٍ ثُلُثُ الْجَمِيعِ وَثُلُثُ مَا ... يَبْقَى لِثَانِيهِمْ بِحُكْمٍ جَامِعِ وَلِثَالِثٍ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُلُثُ الَّذِي ... يَبْقَى وَمَا يَبْقَى نَصِيبُ الرَّابِعِ وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ وَجَدٌّ: لِلزَّوْجِ نِصْفٌ، وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ، وَلِلْجَدِّ سُدُسٌ، وَلِلْأُخْتِ نِصْفٌ، ثُمَّ يُقْسَمُ نَصِيبُ الْأُخْتِ وَالْجَدِّ أَرْبَعَةً مِنْ تِسْعَةٍ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَتَصِحُّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ، وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ، وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ، وَلَا عَوْلَ، وَلَا فَرْضَ لِأُخْتٍ مَعَهُ ابْتِدَاءً فِي غَيْرِهَا. فَإِنْ عَدِمَ الزَّوْجُ فَمِنْ تِسْعَةٍ، وَهِيَ الْخَرْقَاءُ، لِكَثْرَةِ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا، فَكَأَنَّهُ خَرَقَهَا، وَهِيَ سَبْعَةٌ، وَتَرْجِعُ إلَى سِتَّةٍ، فَلِهَذَا تُسَمَّى الْمُسَدَّسَةَ وَالْمُسَبَّعَةَ وَالْمُثَلَّثَةَ، وَالْعُثْمَانِيَّة؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ قَسَمَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ1، وَالْمُرَبَّعَةَ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ جَعَلَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ، وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ2، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَالْمُخَمَّسَةَ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدٌ وَابْنُ عَبَّاسٍ، عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ؛ وَالشَّعْبِيَّةَ وَالْحَجَّاجِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْحَجَّاجَ امْتَحَنَ بِهَا الشَّعْبِيَّ فَأَصَابَ فَعَفَا عَنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ عَدِمَ الْجَدُّ سُمِّيَتْ الْمُبَاهَلَةَ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ1. وَوَلَدُ الْأَبِ إذَا انْفَرَدُوا مَعَهُ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ، فَإِنْ اجْتَمَعَ الْجَمِيعُ قَاسَمُوهُ، ثُمَّ أَخَذَ عَصَبَةُ وَلَدِ الْأَبَوَيْنِ نَصِيبَ وَلَدِ الْأَبِ، وَتُسَمَّى الْمُعَادَةَ، وَتَأْخُذُ أُنْثَاهُمْ تَمَامَ فَرْضِهَا، وَالْبَقِيَّةُ لِوَلَدِ الْأَبِ، فَجَدٌّ وَأُخْتَانِ لِجِهَتَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، ثُمَّ تَأْخُذُ الَّتِي لِأَبَوَيْنِ نَصِيبَ الَّتِي لِأَبٍ، وَهِيَ امْرَأَةٌ حُبْلَى قَالَتْ لِوَرَثَةٍ: إنْ أَلِدُ أُنْثَى لَمْ تَرِثْ وَأُنْثَيَيْنِ أَوْ2 ذَكَرًا الْعُشْرُ وَذَكَرَيْنِ السُّدُسُ. وَجَدٌّ وَأُخْتَانِ لِجِهَتَيْنِ وَأَخٌ لِأَبٍ، لِلْجَدِّ ثُلُثٌ، وَلِلَّتِي لِأَبَوَيْنِ نِصْفٌ، يَبْقَى سُدُسٌ لَهُمَا وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَمَعَهُمْ أُمٌّ لَهَا سُدُسٌ، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلِلَّتِي لِأَبَوَيْنِ نِصْفٌ، وَالْبَاقِي لَهُمَا، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَهِيَ مُخْتَصَرَةُ زَيْدٍ، وَمَعَهُمْ أَخٌ آخَرُ مِنْ تِسْعِينَ, وَهِيَ تِسْعِينِيَّةُ زَيْدٍ. هَذَا الْعَمَلُ كُلُّهُ فِي الْجَدِّ عَمَلُ زَيْدٍ3 وَمَذْهَبُهُ4، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ وَعَلَى مَعْنَاهُ متبعا له. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وللأم السدس مع ولد أو ولد ابن
فَصْلٌ: وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ مَعَ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ؛ لِأَنَّهُ وَلَدٌ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا، وَابْنُ الْأَخِ لَيْسَ بِأَخٍ، أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ إخْوَةٍ أَوْ أَخَوَاتٍ وَإِنْ سَقَطَا بِأَبٍ لَا بِمَانِعٍ فِيهِمَا، وَالثُّلُثُ مَعَ عَدَمِهِمْ، فَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِلْزَامِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ إنْ جَعَلَ لِلْأُمِّ ثُلُثًا وَالْبَاقِي لَهُمَا فَهُوَ1 إنَّمَا يُدْخِلُ النَّقْصَ عَلَى مَنْ يَصِيرُ عَصَبَةً بِحَالٍ، وَإِنْ جَعَلَ لِلْأُمِّ سُدُسًا فَلَا يَحْجُبُهَا إلَّا بِثُلُثِهِ، وَهُوَ لَا يَرَى الْعَوْلَ. وَلَهَا فِي زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ ثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي السَّبَبِ الْمُدْلَى بِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ، وَامْتَازَ الْأَبُ بِالتَّعْصِيبِ بِخِلَافِ الْجَدِّ، وَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَهَا الثُّلُثُ كَامِلًا2، وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ3، قَالَ فِي الْمُغْنِي4: وَالْحُجَّةُ مَعَهُ لَوْلَا إجْمَاعُ الصحابة5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ انْقَطَعَ نَسَبُ وَلَدِهَا وَتَعْصِيبُهُ مِنْ أَبِيهِ لَا مِنْ أُمِّهِ؛ لِكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ أَوْ ادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ وَأُلْحِقَ بِهَا وَرِثَتْ1 أُمُّهُ وَذُو الْفَرْضِ مِنْهُ فَرْضَهُمْ، وَعَصَبَتُهُ بَعْدَ ذُكُورِ وَلَدِهِ وَإِنْ نَزَلَ عَصَبَةُ أُمِّهِ فِي الْإِرْثِ، وَيَرِثُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ مَعَ بِنْتِهِ لَا أُخْتِهِ، وَيُعَايَا بِهَا، وَنَقَلَ حَرْبٌ: وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ. وَرَوَى أَحْمَدُ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَتَبَ كِتَابًا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى "أَنْ يَعْقِلُوا مَعَاقِلَهُمْ وَيَفْدُوا عَانِيَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ". وَلِأَحْمَدَ3 مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ: "الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ". وَعَنْهُ: أُمُّهُ عَصَبَتُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا، فَإِنْ عَدِمَتْ فَعَصَبَتُهَا، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ وَلَحِقَهُ انْجَرَّ إلَيْهِ4، وَعَنْهُ: يُرَدُّ عَلَى ذي فرض، فإن عدم ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: أَخَلَّ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِإِحْدَى الْعُمَرِيَّتَيْنِ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَأَبَوَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا سَهْوًا، فَإِنَّ تَعْلِيلَهُ يُعْطِي أَنَّهُ ذَكَرَهَا، أَوْ يَكُونُ تَرَكَهَا وَتُقَاسُ عَلَى الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، 5ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّهَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ تسمى زوجا، وهو أولى، والله أعلم 56.
فَعَصَبَتُهَا عَصَبَتُهُ، فَلَوْ مَاتَ ابْنُ ابْنِ مُلَاعَنَةٍ عَنْ أُمِّهِ وَجَدَّتِهِ الْمُلَاعَنَةِ فَلِأُمِّهِ الْجَمِيعُ عَلَى الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ الثُّلُثُ وَالْبَقِيَّةُ لِلْجَدَّةِ، وَيُعَايَا بِهَا، وَلَيْسَتْ الْمُلَاعَنَةُ عَصَبَةً لِوَلَدِ بِنْتِهَا. وَظَاهِرُ اخْتِيَارِ الْآجُرِّيِّ: تَرِثُ هِيَ وَذُو الْفَرْضِ فَرْضَهُمْ وَمَا بَقِيَ لِمَوْلَاهَا إنْ كَانَتْ مَوْلَاةً وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَا يُورَثُ تَوْأَمُ مُلَاعَنَةٍ وَزِنًا وَفَرْدُهُمَا بِإِخْوَةٍ لِأَبٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَقِيلَ: في ولد ملاعنة. وَلِلْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ إنْ تَحَاذَيْنَ وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِهِنَّ، وَمَنْصُوصُهُ أَنَّ الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تُشَارِكُ القربى من جهة الأب. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّابِعُ: قَوْلُهُ: " وَلِلْجَدَّةِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ إنْ تَحَاذَيْنَ، وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِهِنَّ، وَمَنْصُوصُهُ أَنَّ الْبُعْدَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تُشَارِكُ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ ". انْتَهَى. الْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وغيرهم، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْمَنْصُوصُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ، وَلَمْ يَعْزِ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ. إلَّا إلَى الْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تذكرته، قال
وَلَا يَرِثُ غَيْرُ ثَلَاثٍ: أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أَبِي الْأَبِ، وَإِنْ عَلَوْنَ أُمُومَةً، وَقِيلَ وَأُبُوَّةً إلَّا مُدْلِيَةً بِغَيْرِ وَارِثٍ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَتَرِثُ أُمُّ الْأَبِ، والجد1 مَعَهُمَا كَالْعَمِّ، وَعَنْهُ: لَا، فَعَلَيْهَا لِأُمِّ أُمٍّ مَعَ الْأَبِ وَأُمِّهِ السُّدُسُ وَقِيلَ: نِصْفُهُ مُعَادَةً، وَتَرِثُ الْجَدَّةُ بِقَرَابَتَيْهَا، وَعَنْهُ: بِأَقْوَاهُمَا، فَلَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمَّتِهِ فَجَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمِّ وَلَدَيْهِمَا وَأُمُّ أَبِي أَبِيهِ، وَبِنْتَ خَالَتِهِ جَدَّتُهُ أُمُّ أُمِّ أُمٍّ، وَأُمُّ أُمِّ أَبٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل: ولبنت صلب فصل: ولبنت صلب النصف
فصل: ولبنت صلب فصل: ولبنت صلب النصف ... فَصْلٌ: وَلِبِنْتِ صُلْبٍ النِّصْفُ ثُمَّ هُوَ لِبِنْتِ ابْنٍ، ثُمَّ لِأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ مُنْفَرِدَاتٍ لَمْ يُعَصَّبْنَ، وَلِثِنْتَيْنِ مِنْ الْجَمِيعِ فَأَكْثَرَ لَمْ يعصبن الثلثان. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: تُشَارِكُهَا، فِي الْأَشْهَرِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبُ، لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي 2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابن منجى وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 9/55. 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 18/55-5
وَلِبِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ مَعَ بِنْتِ صُلْبٍ السُّدُسُ مَعَ عَدَمِ مُعَصِّبٍ، وَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ بِهِ، فَإِنْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ؛ لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وَمَا انْتَفَعَ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمَا. وَكَذَا الْأُخْتُ لِأَبٍ فَأَكْثَرَ مَعَ أُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ، فَأُمُّهَا الْقَائِلَةُ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ: إنْ أَلِدُ ذَكَرًا فَأَكْثَرَ لَمْ يَرِثْ، وَكَذَا بنت1 ابْنُ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ. وَعَلَى هَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ، وَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ بِسُدُسِ الْأُخْتِ، فَإِنْ عَصَّبَهَا أَخُوهَا فَهُوَ الْأَخُ الْمَشْئُومُ، لِأَنَّهُ ضَرَّهَا وَمَا انْتَفَعَ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا. فَإِنْ أَخَذَ الثُّلُثَيْنِ بَنَاتُ صُلْبٍ أَوْ بَنَاتُ ابْنٍ أَوْ هُمَا سَقَطَ مَنْ دُونِهِنَّ إنْ لَمْ يُعَصِّبْهُنَّ ذَكَرٌ بِإِزَائِهِنَّ أَوْ أَنْزَلُ مِنْ بَنِي الِابْنِ. لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى، وَلَا يُعَصِّبُ ذَاتَ فَرْضٍ أَعْلَى مِنْهُ، وَكَذَا أَخَوَاتٌ لِأَبٍ2 مَعَ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْصِبُهُنَّ إلَّا أَخُوهُنَّ؛ لِلذَّكَرِ مِثْلَيْ الْأُنْثَى، وَالْأُخْتُ فَأَكْثَرُ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ عَصَبَةٌ. وَلِوَاحِدٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مِنْ وَلَدِ3 أُمٍّ سُدُسٌ، وَلِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُلُثٌ بالسوية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَسْقُطُ جَدٌّ بِأَبٍ، وَأَبْعَدُ بِأَقْرَبَ، وَوَلَدُ ابْنٍ بِهِ، وَكُلُّ جَدَّةٍ بِالْأُمِّ، وَوَلَدُ الْأَبَوَيْنِ بِابْنٍ، وَابْنِ ابْنٍ، وَأَبٌ وَوَلَدُ الْأَبِ بِهِمْ وَبِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ. وَعَنْهُ: يَسْقُطُ وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَبِ بِجَدٍّ، وَهُوَ أَظْهَرُ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، كَأَبِي حَفْصٍ الْبَرْمَكِيِّ وَالْآجُرِّيِّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ وَالْآجُرِّيِّ، وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الْآجُرِّيُّ مِنْ أَعْيَانِ "أَعْيَانِ" أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَقُولُ بِقَوْلِ زَيْدٍ1: لَيْسَ الْجَدُّ أَبًا؛ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ" 1، ضَعَّفَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا2. وَيَسْقُطُ بِهِ ابْنُ أَخٍ وَوَلَدُ الْأُمِّ بِوَلَدٍ وَوَلَدِ ابْنٍ وَأَبٍ وَجَدٍّ. وَمَنْ لَا يَرِثُ لَا يُحْجَبُ، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَخٍ مَمْلُوكٍ وَابْنِ أَخٍ حُرٍّ: الْمَالُ لِابْنِ أَخِيهِ، لَا يُحْجَبُ مَنْ لَا يَرِثُ، رُوِيَ عَنْ عمر وعلي3 رضي الله عنهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب العصبة
باب العصبة مدخل ... باب العصبة أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ الِابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ، ثُمَّ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، وَإِنْ عَلَا مَعَ عَدَمِ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، ثُمَّ هُمَا ثُمَّ بَنُوهُمَا وَإِنْ نَزَلُوا، ثُمَّ عَمٌّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ، ثُمَّ عَمُّ أَبِيهِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ، ثُمَّ عَمُّ جَدِّهِ ثُمَّ بَنُوهُ كَذَلِكَ، لَا يَرِثُ بَنُو أَبٍ أَعْلَى مَعَ بَنِي أَبٍ أَقْرَبَ، وَلَوْ نَزَلُوا، نَصَّ عَلَيْهِ. فَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً وَأَبُوهُ بِنْتَهَا، فَوَلَدُ الْأَبِ عَمٌّ، وَوَلَدُ الِابْنِ خَالٌ، فَيَرِثُهُ خَالُهُ هَذَا دُونَ عَمٍّ لَهُ، وَلَوْ خَلَّفَ الْأَبُ أَخًا وَابْنَ ابْنِهِ هَذَا، وَهُوَ أَخُو زَوْجَتِهِ وَرِثَهُ دُونَ أَخِيهِ، ويعايا بها. ويقال أيضا: ورثت زوجة ثمناً1 وَأَخُوهَا الْبَاقِيَ، فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ سَبْعَةً وَرِثُوهُ سَوَاءً، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ نَكَحَ الْأُمَّ فَوَلَدُهُ عَمُّ وَلَدِ الِابْنِ وَخَالُهُ. وَإِنْ نَكَحَ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ أُمَّ الْآخَرِ فَهُمَا الْقَائِلَتَانِ: مَرْحَبًا بِابْنَيْنَا وَزَوْجَيْنَا 2وَابْنَيْ زَوْجَيْنَا2، وَوَلَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَمُّ الْآخَرِ. وَأَوْلَى وَلَدُ كُلِّ أَبٍ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ حَتَّى فِي أُخْتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ مَعَ بِنْتٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ اسْتَوَوْا قُدِّمَ مَنْ لِأَبَوَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ، حَتَّى فِي أُخْتٍ لأبوين وأخ
لِأَبٍ مَعَ بِنْتٍ، فَإِنْ عَدِمَ عَصَبَةَ النَّسَبِ وَرِثَ الْمُعْتَقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ مَوْلَاهُ، وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِي ابْنِهِ بِحَالٍ، ثُمَّ الرَّدُّ، ثُمَّ الرَّحِمُ، وَعَنْهُ: تَقْدِيمُهُمَا1 عَلَى الْوَلَاءِ، وَعَنْهُ: الرَّدُّ بَعْدَ الرَّحِمِ. وَمَتَى انْفَرَدَ الْعَصَبَةُ أَخَذَ الْمَالَ، وَيَبْدَأُ بِالْفُرُوضِ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَصَبَةِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ سَقَطَ، كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَإِخْوَةٍ لِأَبٍ وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ مَعَهُنَّ أَخُوهُنَّ، وَكَذَا لَوْ كَانُوا وَلَدَ أَبَوَيْنِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: يَشْتَرِكُونَ فِي الثُّلُثِ، وَتُسَمَّى الْمُشَرَّكَةَ وَالْحِمَارِيَّةَ، لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ التَّشْرِيكُ2، وَرُوِيَ الْإِسْقَاطُ، فَقِيلَ: هَبْ أَنَّ الْأَبَ كَانَ حِمَارًا3. وَلَوْ كَانَ مَكَانَهُمْ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ عَالَتْ إلَى عَشَرَةٍ، وَتُسَمَّى ذَاتَ الْفُرُوخِ؛ لِكَثْرَةِ عَوْلِهَا، وَالشُّرَيْحِيَّةَ، لِحُدُوثِهَا زَمَنَ شُرَيْحٍ، فَسَأَلَهُ الزَّوْجُ فَأَعْطَاهُ النِّصْفَ فَقَالَ: مَا أَعْطَيْت النِّصْفَ وَلَا الثُّلُثَ، وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ لَهُ إذَا رَأَيْتَنِي ذَكَرْتَ حُكْمًا جَائِرًا4، وَإِذَا رَأَيْتُك ذَكَرْتُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رَجُلًا فَاجِرًا، إنَّك تَكْتُمُ الْقَضِيَّةَ وَتُشِيعُ الْفَاحِشَةَ. وَابْنَا عَمِّ أَحَدِهِمَا زَوْجٌ أَوْ أَخٌ لِأُمٍّ لَهُ فَرْضُهُ وَالْبَقِيَّةُ لَهُمَا، فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَاهَا نِصْفَيْنِ وَبِنْتَيْنِ أَثْلَاثًا. وَثَلَاثُ إخْوَةٍ لِأَبَوَيْنِ أَصْغَرُهُمْ زَوْجٌ لَهُ ثُلُثَانِ وَلَهُمَا ثُلُثٌ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ ... وَكُلُّهُمْ إلَى خَيْرٍ فَقِيرُ فَحَازَ الْأَكْبَرَانِ هُنَاكَ ثُلُثًا ... وَبَاقِي المال أحرزه الصغير ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتًا وَرِثَاهَا نِصْفَيْنِ وَبِنْتَيْنِ أَثْلَاثًا". انْتَهَى. هَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَالصَّوَابُ فَمَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ نَفْسِهِ أَوْ بِنْتَ عَمِّهِ، وَهُوَ مَحَلُّ مَا قَالَ مِنْ الْقِسْمَةِ، لَا مَنْ نَكَحَ بِنْتَ عَمِّ غَيْرِهِ، فَإِنَّ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا قَالَ، بَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ الرُّبُعُ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْعَمِّ، فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَهْوٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَسْقُطُ إخْوَةُ الْأُمِّ بِمَا يُسْقِطُهَا، فَبِنْتٌ وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ لِابْنِ الْعَمِّ الَّذِي لَيْسَ أَخًا لِأُمٍّ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَقُولُ بِقَوْلِ عَطَاءٍ، أَخْطَأَ سَعِيدٌ؛ لِلِابْنَةِ النِّصْفُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ. وَمَنْ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجٍ وَلَدًا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَلَهُ خَمْسَةُ ذُكُورٍ فَوَلَدَتْ مِنْهُ مِثْلَهُمْ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِثْلَهُمْ 1 [ثُمَّ مَاتَتْ] 1 ثُمَّ مَاتَ وَلَدُهَا الْأَوَّلُ وَرِثَ خَمْسَةٌ نِصْفًا وَخَمْسَةٌ ثُلُثًا وخمسة سدسا، ويعايا بها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب أصول المسائل والعول والرد
باب أصول المسائل والعول والرد مدخل ... بَابُ أُصُولِ الْمَسَائِلِ وَالْعَوْلِ وَالرَّدِّ وَهِيَ سَبْعَةٌ، فَنِصْفَانِ أَوْ نِصْفٌ وَالْبَقِيَّةُ مِنْ اثْنَيْنِ، فَزَوْجٌ وَأُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ تُسَمَّى الْيَتِيمَتَانِ; لِأَنَّهُمَا فَرْضَانِ مُتَسَاوِيَانِ وُرِّثَ بِهِمَا الْمَالُ، وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا. وَثُلُثَانِ أَوْ ثُلُثٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ هُمَا مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَرُبُعٌ أَوْ ثُمُنٌ وَالْبَقِيَّةُ أَوْ مَعَ النِّصْفِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَمِنْ ثَمَانِيَةٍ وَلَا نُعَوِّلُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ. وَنِصْفٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ سُدُسٌ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى عَشَرَةٍ، وَتُسَمَّى عَوْلَ تِسْعَةِ الْغَرَّاءِ؛ لِأَنَّهَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمُبَاهَلَةِ فَاشْتُهِرَ الْعَوْلُ بِهَا. وَالْمُبَاهَلَةُ زَوْجٌ وَأُخْتٌ وَأُمٌّ؛ لِأَنَّ عُمَرَ شَاوَرَ الصَّحَابَةَ فِيهَا، فَأَشَارَ الْعَبَّاسُ بِالْعَوْلِ، وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ إلَّا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَكِنْ لَمْ يُظْهِرْ النَّكِيرَ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ دَعَا إلَى الْمُبَاهَلَةِ، وَقَالَ: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ، إنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالَجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَلْ فِي الْمَالِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا، إذَا ذَهَبَ النِّصْفَانِ فَأَيْنَ مَحَلُّ الثُّلُثِ؟ وَاَيْمُ اللَّهِ لَوْ قَدَّمُوا مَنْ قَدَّمَ اللَّهُ وَأَخَّرُوا مَنْ أَخَّرَ اللَّهُ مَا عَالَتْ مَسْأَلَةٌ قَطُّ. فَقِيلَ لَهُ: لِمَ لَا أَظْهَرْت هَذَا زَمَنَ عُمَرَ؟ قَالَ: كَانَ مَهِيبًا فَهِبْتُهُ1. وَرُبُعٌ مَعَ ثُلُثَيْنِ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ سُدُسٌ مِنْ اثني عشر، وتعول على الْأَفْرَادِ إلَى سَبْعَةَ عَشَرَ، كَثَلَاثِ زَوْجَاتٍ وَجَدَّتَيْنِ وأربع أخوات لأم وثمان ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ، وَهِيَ أُمُّ الْأَرَامِلِ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ نِسَاءٌ، فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ سَبْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَلِكُلِّ امْرَأَةٍ دِينَارٌ، وَيُعَايَا بِهَا. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: 1وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ1: قُلْ لِمَنْ يَقْسِمُ الْفَرَائِضَ وَاسْأَلْ ... إنْ سَأَلْت الشُّيُوخَ وَالْأَحْدَاثَا مَاتَ مَيْتٌ عَنْ سَبْعَ عَشْرَةَ ... أُنْثَى مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى فَحُزْنُ التُّرَاثَا أَخَذْت هَذِهِ كَمَا أَخَذْت ... تِلْكَ عَقَارًا وَدِرْهَمًا وَأَثَاثًا وَثُمُنٌ مَعَ سُدُسٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: إحْدَى وَثَلَاثِينَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ2 كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَتُسَمَّى الْبَخِيلَةَ لِقِلَّةِ عَوْلِهَا، وَالْمِنْبَرِيَّةَ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ: صَارَ ثُمُنُهَا تِسْعًا3. وَفُرُوضٌ مِنْ جِنْسٍ تَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ فَقَطْ وَهِيَ أُمٌّ وَإِخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْفَرْضُ الْمَالَ، وَلَا عَصَبَةَ رُدَّ الْبَاقِي على كل فرض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَدْرِهِ إلَّا زَوْجًا وَزَوْجَةً، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: لَا رَدَّ، وَعَنْهُ: عَلَى وَلَدِ أُمٍّ مَعَهَا أَوْ جَدَّةٍ مَعَ ذِي سَهْمٍ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إلَّا قَوْلَهُ مَعَ ذِي سَهْمٍ، فَإِنْ رُدَّ عَلَى وَاحِدٍ أَخَذَ الْكُلُّ، وَيَأْخُذُ الْجَمَاعَةُ مِنْ جِنْسٍ كَبَنَاتٍ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ فَخُذْ عَدَدَ سِهَامِهِمْ مِنْ أَصْلِ سِتَّةٍ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ كُلَّهَا تَخْرُجُ مِنْ سِتَّةٍ إلَّا الرُّبُعَ وَالثُّمُنَ، وَهُمَا فَرْضُ الزَّوْجَيْنِ، وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِ الرَّدِّ، فَإِنْ انْكَسَرَ شَيْءٌ صَحَّحْت وَضَرَبْت فِي مَسْأَلَتِهِمْ لَا فِي السِّتَّةِ، فَجَدَّةٌ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَأُمٌّ وَأَخٌ لِأُمٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَأُمٌّ وَبِنْتٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَأُمٌّ وَبِنْتَانِ مِنْ خَمْسَةٍ. فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ قُسِّمَ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّدِّ، كَوَصِيَّةٍ مَعَ إرْثٍ، فَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَزَوْجٌ أَوْ هُمَا وَزَوْجَةٌ وَأُمٌّ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَهُمَا أَوْ جَدٌّ ثَانٍ وَزَوْجَةٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَزَوْجٌ وَأُمٌّ وَبِنْتٌ أَوْ زَوْجَةٌ وَجَدَّةٌ وَأُخْتٌ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ، وَمَكَانُهُ زَوْجَةٌ، مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ، وَمَعَ الْبِنْتِ بِنْتًا مِنْ أَرْبَعِينَ، وَتُصَحَّحُ مَعَ كَسْرٍ كَمَا يَأْتِي. وَإِنْ شِئْت صَحِّحْ مَسْأَلَةَ الرَّدِّ ثُمَّ زِدْ عَلَيْهَا لِفَرْضِ الزَّوْجِيَّةِ لِلنِّصْفِ مَثَلًا وَلِلرُّبُعِ ثُلُثًا، وَلِلثُّمُنِ سُبُعًا، وَابْسُطْ مِنْ مَخْرَجِ كَسْرٍ؛ لِيَزُولَ، وَأَبَوَانِ وَبِنْتَانِ مِنْ سِتَّةٍ، ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَتْ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ ذَكَرًا فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتًا وَجَدًّا وَجَدَّةً مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، تُوَافِقُ مَا مَاتَتْ عَنْهُ الْأُخْتُ بِالْأَنْصَافِ، فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأُولَى مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ الثَّانِيَةِ تِسْعَةً، وَمِنْ الثَّانِيَةِ مَضْرُوبٌ فِي وَفْقِ مَا مَاتَتْ عَنْهُ وَهُوَ سَهْمٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى فَقَدْ خَلَّفَتْ أُخْتًا وَجَدَّةً وَجَدًّا لِأُمٍّ لَا يَرِثُ، وَتَصِحُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ تُوَافِقُ مَا مَاتَتْ عَنْهُ بِالْأَنْصَافِ، فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى يَكُنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَمِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَتَانِ وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ عَنْهَا يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ1 لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ قَالَ لَهُ: أَبَوَانِ وَبِنْتَانِ لَمْ تُقْسَمْ التَّرِكَةُ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ وَخَلَّفَتْ مَنْ خَلَّفَتْ، فَقَالَ: الْمَيِّتُ الْأَوَّلُ ذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَعَلِمَ أَنَّهُ عَرَفَهَا، فَقَالَ لَهُ: كَمْ سِنُّك؟ فَفَطِنَ يَحْيَى أَنَّهُ اسْتَصْغَرَهُ، فَقَالَ: سِنُّ مُعَاذٍ لَمَّا وَلَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم اليمن 2، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَةَ الْمَأْمُونِيَّةِ وَلَيْسَ هُوَ مَحَلَّهَا وَلَكِنْ ذَكَرَهَا اسْتِطْرَادًا وَإِنَّمَا مَحَلُّهَا الْمُنَاسَخَاتُ وَلِذَلِكَ ذَكَرَهَا هُنَاكَ فِي مَحَلِّهَا وَلَعَلَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا، وَإِلَّا لَمَا ذَكَرَهَا فِي الْمُنَاسَخَاتِ فَإِنَّ مِنْ شَأْنِهِ الِاخْتِصَارَ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَإِنَّمَا فِيهِ تَكْرَارٌ لا غير.
وَسِنُّ عَتَّابِ بْنِ أُسَيْدٍ1 لَمَّا وَلَّاهُ مَكَّةَ، فاستحسن جوابه وولاه القضاء2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب تصحيح المسائل والمناسخات وقسم التركات
باب تصحيح المسائل والمناسخات وقسم التركات مدخل ... بَابُ تَصْحِيحِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنَاسَخَاتِ وَقَسْمِ التَّرِكَاتِ إذَا انْكَسَرَ سَهْمُ فَرِيقٍ عَلَيْهِ ضَرَبْتَ عَدَدَهُ إنْ بَايَنَ سِهَامَهُ أَوْ وَفِّقْهُ لَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إنْ عَالَتْ، وَيَصِيرُ لِوَاحِدِهِمْ مَا كَانَ لِجَمَاعَتِهِمْ أَوْ وَفِّقْهُ. وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَى فَرِيقَيْنِ فَأَكْثَرَ ضَرَبْتَ أَحَدَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ، أَوْ أَكْثَرِ الْمُتَنَاسِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ1 الْأَقَلُّ جُزْءًا2 مِنْ الْأَكْثَرِ كَنِصْفِهِ أَوْ وَفْقِهِمَا أَوْ بَعْضَ الْمُبَايِنِ فِي بَعْضِهِ إلَى آخِرِهِ، وَوَفِّقْ الْمُتَوَافِقَيْنِ كَسِتَّةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ فِي كُلِّ الْآخَرِ، ثُمَّ وَفِّقْهَا فِيمَا بَقِيَ، ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَعَوِّلْهَا إنْ عَالَتْ، فَمَا بَلَغَ فَمِنْهُ تَصِحُّ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ مَضْرُوبٌ فِي الْعَدَدِ الَّذِي ضَرَبْتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى جُزْءَ السَّهْمِ، فَمَا بَلَغَ فَلَهُ إنْ كَانَ وَاحِدًا، وَتَقْسِمُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ. وَمَتَى تَبَايَنَ3 أَعْدَادُ الرُّءُوسِ أَوْ الرُّءُوسُ وَالسِّهَامُ كَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَثَلَاثِ جَدَّاتٍ وَخَمْسِ أَخَوَاتٍ لِأُمٍّ سُمِّيَتْ صَمَّاءَ، وَأَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَخَمْسِ جَدَّاتٍ وَسَبْعِ بَنَاتٍ وَتِسْعِ أَخَوَاتٍ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الِامْتِحَانِ؛ لِأَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ؛ لِضَرْبِ الْأَعْدَادِ بَعْضِهَا فِي بَعْضِهَا أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ ثم في المسألة، وليس في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَرَثَةِ صِنْفٌ يَبْلُغُ عَدَدُهُمْ عَشَرَةً. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل من مات من ورثة ميت قبل قسم تركته وورثه
فَصْلٌ مَنْ مَاتَ مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ قَبْلَ قسم تركته وَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ كَالْمَيِّتِ الْأَوَّلِ كَعَصَبَةٍ لَهُمَا قِسْمَتُهَا عَلَى مَنْ بَقِيَ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْ وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ غَيْرَهُ كَإِخْوَةٍ لَهُمْ بَنُونَ صَحَّحْت الْأُولَى وَقَسَمْت سَهْمَ الْمَيِّتِ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ وَصَحَّحْت، كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَرِثُوا الثَّانِيَ كَإِرْثِهِمْ لِلْأَوَّلِ صَحَّحْت وَقَسَمْت سَهْمَ الثَّانِي عَلَى مَسْأَلَتِهِ، فَإِنْ انْقَسَمَتْ صَحَّتَا مِنْ الْأُولَى، وَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ ضَرَبْت مَسْأَلَتَهُ أَوْ وَفِّقْهَا لِسِهَامِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، ثُمَّ مَنْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ مَضْرُوبٌ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ وَفْقِهَا، وَمَنْ لَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ مَضْرُوبٌ فِي سِهَامِ الْمَيِّتِ الثَّانِي أَوْ وَفْقِهَا، فَزَوْجَةٌ وَبِنْتٌ وَأَخٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ عَمِّهَا وَبِنْتٌ وَزَوْجٌ فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، وَصَحَّتَا مِنْ ثَمَانِيَةٍ. وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أُمًّا لِلْبِنْتِ الْمَيِّتَةِ كَانَتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، تُوَافِقُ سِهَامَهَا بِالرُّبُعِ، فَتَضْرِبُ رُبُعَهَا ثَلَاثَةً فِي الْأُولَى أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَلَوْ خَلَّفَتْ الْبِنْتُ بِنْتَيْنِ عَالَتْ إلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَتَضْرِبُهَا فِي الْأُولَى، لِمُبَايَنَتِهَا لِمَهَامِّهَا الْأَرْبَعَةِ، تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً، وَتَعْمَلُ فِي مَيِّتٍ ثَالِثٍ فَأَكْثَرَ كَعَمَلِك فِي الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ. وَاخْتِصَارُ الْمُنَاسَخَاتِ أَنْ تُوَافِقَ سِهَامَ الْوَرَثَةِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ بجزء، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَنِصْفٍ وَخُمُسٍ وَجُزْءٍ مِنْ عَدَدٍ أَصَمَّ كَأَحَدَ عَشَرَ، فَتَرُدُّ الْمَسَائِلَ إلَى الْجُزْءِ وَسِهَامَ كُلِّ وَارِثٍ إلَيْهِ، وَإِنْ قِيلَ أَبَوَانِ وَابْنَتَانِ لَمْ يُقْسَمْ حَتَّى مَاتَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ اُحْتِيجَ إلَى السُّؤَالِ عَنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ1 فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَالْأَبُ جَدٌّ أَبُو أَبٍ وَارِثٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَتَصِحَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَهُوَ أَبُو أُمٍّ، وَتَصِحَّانِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَتُسَمَّى الْمَأْمُونِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُونَ سَأَلَ يَحْيَى بْنَ أَكْثَمَ عَنْهَا فَقَالَ: مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ؟ فَعَلِمَ فهمه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل إذا أمكن نسبة سهم كل وارث من المسألة بجزء
فَصْلٌ إذَا أَمْكَنَ نِسْبَةُ سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ مِنْ الْمَسْأَلَةِ بِجُزْءٍ، فَلَهُ مِنْ التَّرِكَةِ كَنِسْبَتِهِ، وَلَوْ قَسَمْت التَّرِكَةَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَضَرَبْت الْخَارِجَ بِالْقَسْمِ فِي سَهْمِ كُلِّ وَارِثٍ خَرَجَ حَقُّهُ، وَلَوْ ضَرَبْت سَهْمَ كُلِّ وَارِثٍ فِي عَدَدِ التَّرِكَةِ أَوْ وَفْقِهَا وَقَسَمْت الْمُرْتَفِعَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ أَوْ وَفْقِهَا خَرَجَ حَقُّهُ. وَإِنْ أَرَدْت الْقِسْمَةَ على قراريط الدنيا2 وجعلتها كتركة معلومة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَمِلْت كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَجْمَعُ السِّهَامَ مِنْ الْعَقَارِ، كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ مِنْ قَرَارِيطِ الدُّنْيَا1 وَتَقْسِمُهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ شِئْت أَخَذْتهَا مِنْ مَخْرَجِهَا وَقَسَمْتهَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَنْقَسِمْ وَافَقْت بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ ضَرَبْت الْمَسْأَلَةَ أَوْ وَفْقَهَا فِي مَخْرَجِ سِهَامِ الْعَقَارِ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يُضْرَبُ فِي السِّهَامِ الْمَوْرُوثَةِ، مِنْ الْعَقَارِ أَوْ وَفْقِهَا، فَمَا بَلَغَ فَانْسُبْهُ مِنْ مَبْلَغِ سِهَامِ الْعَقَارِ، وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ يُضْرَبُ فِي مَسْأَلَتِهِ أَوْ وَفْقِهَا فَإِنْ أَخَذَ بَعْضُهُمْ بِإِرْثِهِ نَقْدًا مَعْلُومًا قَسَمْتَهُ عَلَى سِهَامِهِ وَضَرَبْت الْخَارِجَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ التَّرِكَةُ. وَلَك ضَرْبُ مَا أُخِذَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الزَّوْجِ تَخْرُجُ التَّرِكَةُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ فِي النِّسْبَةِ بَعْدَ الْفَصْلِ الثَّانِي: "وَلَك ضَرْبُ مَا أُخِذَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الزَّوْجِ خَرَجَ التَّرِكَةُ". انْتَهَى. في هذا الكلام نظر ظاهر2 وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِ الْأُخْرَى وَعَلَى سِهَامِهِ، إذْ الْمَسْأَلَةُ قَدْ يَكُونُ فِيهَا زَوْجٌ، وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ تَبِعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فِي ذلك،
ولك ضربه فِي سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ 1وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ. وَإِنْ أُخِذَ عَرَضًا فَطَرِيقُ قِيمَتِهِ قِسْمَةُ النَّقْدِ عَلَى سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ1، فَتَضْرِبُ الْخَارِجَ عَلَى سِهَامِ الْآخِذِ مِنْ سِهَامِ الْبَقِيَّةِ، فَخُذْ بِالنِّسْبَةِ مِنْ النَّقْدِ وَإِنْ أُخِذَ عَرَضًا وَنَقْدًا فَأَلْقِ النَّقْدَ مِنْ النَّقْدِ وَاضْرِبْ سِهَامَهُ فِي الْبَقِيَّةِ وَاقْسِمْهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْخَارِجُ حَقُّهُ، فَأَلْقِ النقد منه والبقية قيمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQلَكِنَّ صَاحِبَيْ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ صَوَّرَا صُورَةً فِيهَا زَوْجٌ، وَأُعْطِيَ الزَّوْجُ فِي عَمَلِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الطَّلَاقِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا قَاعِدَةً كُلِّيَّةً، سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا زَوْجٌ أَوْ زَوْجَةٌ أَوْ غَيْرُهُمَا، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ سَهْوٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَلَك ضَرْبُهُ" أَيْ ضَرْبُ مَا أُخِذَ "فِي سِهَامِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ". انْتَهَى. لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ حُكْمٌ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا وَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَقِسْمَتُهُ عَلَى سِهَامِهِ ": فَمَا خَرَجَ فَهُوَ بَاقِي التَّرِكَةِ. وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَلَا يَصِحُّ الْكَلَامُ إلَّا بِهِ.
وَمَنْ قَالَ: إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ لِلْأَكْبَرِ دِينَارٌ وَلِلثَّانِي دِينَارَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلرَّابِعِ أَرْبَعَةٌ، ولكل منهم بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي فَتَرِكَتُهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا. وَلَوْ قَالَ- لِمَنْ قَالَ1: أُوصِ: إنَّمَا يَرِثُنِي امْرَأَتَاك وَجَدَّتَاك وَأُخْتَاك وَعَمَّتَاك وَخَالَتَيْك، فَقَدْ نَكَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَدَّتَيْ2 الْآخَرِ أُمَّ أُمِّهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَلَوْ قَالَ إنَّمَا يَرِثُنِي أَرْبَعَةُ بَنِينَ، لِلْأَكْبَرِ وَلِلثَّانِي دِينَارَانِ وَلِلثَّالِثِ ثَلَاثَةٌ وَلِلرَّابِعِ أَرْبَعَةٌ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي فَتَرِكَتُهُ سِتَّةَ عَشَرَ دِينَارًا". انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: "وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي سَهْوٌ، فَإِنَّ الْأَكْبَرَ إذَا أَخَذَ دِينَارًا وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً، فَإِذَا أَخَذَ الثَّانِي دِينَارَيْنِ وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قَدْ أَخَذَ أَرْبَعَةً، فَإِذَا أَخَذَ الثَّالِثُ ثَلَاثَةً وَخُمُسَ الْبَاقِي يَكُونُ قد أخذ أربعة، 3 فلم يبق إلا أربعة3 وهي نَصِيبُ الرَّابِعِ، فَمَا أَخَذَ إلَّا الْبَاقِيَ لَا غَيْرَهُ، وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ الرَّابِعَ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَصَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ بَعْدَمَا أَخَذَ خُمُسَ الْبَاقِي إلَّا الرَّابِعَ فَإِنَّ لَهُ الْبَاقِيَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَاتِبِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَيْسَ فِي بَابِ ذَوِي الْأَرْحَامِ شَيْءٌ مِمَّا نحن بصدده.
وَأُمَّ أَبِيهِ، فَأَوْلَدَ الْمَرِيضُ كُلًّا مِنْهُمَا بِنْتَيْنِ فَهُمَا مِنْ أُمِّ أَبِ الصَّحِيحِ عَمَّتَا الصَّحِيحِ، وَمِنْ أُمِّ أُمِّهِ خَالَتَاهُ، وَقَدْ كَانَ أَبُو الْمَرِيضِ نَكَحَ أُمَّ الصَّحِيحِ فَأَوْلَدَهَا بِنْتَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ. قَالَ أَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] الْآيَةَ: وَذَلِكَ إذَا قَسَمَ الْقَوْمُ الْمِيرَاثَ، فَقَالَ حِطَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَسَمَ لِي أَبُو مُوسَى بِهَذِهِ الْآيَةِ وَفَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ، قَالَ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، كَانَتْ قَبْلَ الْفَرَائِضِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّهُ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ فَقَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: أَطْعِمْ مِنْهَا1، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ2، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا مُسْتَحَبٌّ، وَأَنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَمْوَالِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَكَمِ سَأَلَ أَحْمَدَ عَنْهَا فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ أَبِي مُوسَى يُعْطِي قَرَابَةَ الْمَيِّتِ مَنْ حَضَرَ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ: لَا حَاجَةَ لِي بِالْمِيرَاثِ، اقْتَسَمَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ، وَيُوقَفُ سَهْمُهُ، قَالَهُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عنه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ذوي الأرحام
باب ذوي الأرحام مدخل ... بَابُ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَرِثُونَ بِالتَّنْزِيلِ، وَعَنْهُ: عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ، فَوَلَدُ بَنَاتِ الصُّلْبِ وولد بنات الابن1، وَوَلَدُ الْأَخَوَاتِ كَأُمَّهَاتِهِنَّ، وَبَنَاتُ الْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَبَنَاتُ بَنِيهِمْ، وَوَلَدُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ كَآبَائِهِمْ، وَأَبُ الْأُمِّ وَالْخَالُ وَالْخَالَةُ كَالْأُمِّ، وَأَبُ أُمِّ أَبٍ وَأَبُ أُمِّ أُمٍّ وَأَخَوَاهُمَا وَأُخْتَاهُمَا وَأُمُّ أَبِ جَدٍّ بِمَنْزِلَتِهِمْ، وَالْعَمَّاتُ وَالْعَمُّ مِنْ الْأُمِّ كَالْأَبِ، وَعَنْهُ: كَالْعَمِّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَعَنْهُ: الْعَمَّةُ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَجَدٍّ، فَعَلَى هَذِهِ الْعَمَّةُ لِأُمٍّ وَالْعَمُّ لِأُمٍّ كَالْجَدَّةِ أُمِّهِمَا. وَهَلْ عَمَّةُ الْأَبِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ كَالْجَدِّ أَوْ كَعَمِّ الْأَبِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ كَأَبِي الْجَدِّ؟ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهَا2 تُدْلِي بِالْجَدِّ أَوْ بِأَخِيهِ أَوْ بِأَبِيهِ3 وَهَلْ عَمُّ الْأَبِ مِنْ الْأُمِّ وَعَمَّةُ الْأَبِ لِأُمٍّ كَالْجَدِّ، أَوْ كَعَمِّ الْأَبِ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْ كَأُمِّ الْجَدِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ، وَلَيْسَا كَأَبِي الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُمَا فَتَجْعَلُ نَصِيبَ كُلِّ وَارِثٍ لِمَنْ أَدْلَى بِهِ، فَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِوَارِثٍ وَاسْتَوَتْ مَنْزِلَتُهُمْ مِنْهُ بِلَا سَبْقٍ كَأَوْلَادِهِ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَإِخْوَتِهِ الْمُفْتَرِقِينَ وَأَدْلَوْا بِأَنْفُسِهِمْ فَنَصِيبُهُ لَهُمْ كَإِرْثِهِمْ مِنْهُ، لَكِنَّ الذَّكَرَ كَأُنْثَى، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: إلَّا الْخَالَ وَالْخَالَةَ، وَعَنْهُ: يُفَضَّلُ الذَّكَرُ إلَّا فِي ولد ولد الأم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَدْلَوْا إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ جَعَلْتُهُ كَمَيِّتٍ اقْتَسَمُوا إرْثَهُ، وَفِي تَفْضِيلِ الذَّكَرِ الْخِلَافُ، فَثَلَاثُ خَالَاتٍ وَعَمَّاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ كَأَبَوَيْنِ، خَلَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ أَخَوَاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ1، فَثُلُثٌ لِلْخَالَاتِ أَخْمَاسٌ، وَثُلُثَانِ لِلْعَمَّاتِ كَذَلِكَ، وَتَصِحُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، بِضَرْبِ ثَلَاثَةٍ فِي خَمْسَةٍ، وَثَلَاثُ بَنَاتِ عُمُومَةٍ، الْمَالُ لِلَّتِي مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَثَلَاثَةُ أَخْوَالٍ لِذِي الْأُمِّ سُدُسٌ، وَالْبَقِيَّةُ لِذِي الْأَبَوَيْنِ، وَيُسْقِطُهُمْ أَبُو أُمٍّ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: خَالَةُ الْأَبِ كَأُخْتِهَا الْجَدَّةِ أُمُّ الْأَبِ، وَتَقَدَّمَ هَلْ الْعَمَّةُ كَأَبٍ أَمْ لَا؟. وَلَمَا أَسْقَطَتْ الْأُمُّ أُمَّهَاتِ الْأَبِ كَأُمَّهَاتِهَا عُلِمَ أَنَّ كُلَّهُنَّ يُدْلِينَ بِالْأُمُومَةِ، فَالْعَجَبُ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ قَرَابَتَيْ الْأَبِ مِنْ جَانِبَيْ أُمِّهِ وَأُمِّهِ كَجِهَتَيْنِ، وَجِهَةُ الْأُمُومَةِ مَعَ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ كَجِهَةٍ، وَإِنْ أَدْلَى جَمَاعَةٌ بِجَمَاعَةٍ قَسَمْت الْمَالَ بَيْنَ الْمُدْلَى بِهِمْ، ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُدْلَى بِهِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ، وَلِبِنْتِ بِنْتٍ نِصْفُ أُمِّهَا، وَلِبِنْتِ بِنْتٍ أُخْرَى نِصْفُ أُمِّهِمَا، وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَمِلْت بِهِ، فَثَلَاثُ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُفْتَرِقِينَ لِبِنْتِ الْأَخِ لِلْأُمِّ سُدُسٌ وَالْبَقِيَّةُ لِلَّتِي لِلْأَبَوَيْنِ كَآبَائِهِنَّ، وَأَوْلَاهُمْ الْقَرِيبُ مِنْ الْوَارِثِ وَلَوْ بَعُدَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ نُزِّلَ كُلُّ وَاحِدٍ حَتَّى يَلْحَقَ بِمَنْ يُدْلَى بِهِ، ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَسْقَطَ الْقَرِيبُ، كَبِنْتِ1 بِنْتِ2، بِنْتٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ، الْمَالَ لِلْأُولَى، وَخَالَةِ أَبٍ وَأُمِّ أَبِي أُمٍّ الْمَالَ لِلثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا كَأُمٍّ، وَالْأُخْرَى كَجَدَّةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: الْإِرْثُ لِلْجِهَةِ الْقُرْبَى مُطْلَقًا. وَفِي الرَّوْضَةِ: ابْنُ بِنْتٍ وَابْنُ أُخْتٍ لِأُمٍّ لَهُ السُّدُسُ وَلِابْنِ الْبِنْتِ النِّصْفُ، وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ بِالرَّدِّ، وَفِيهَا أَنَّ الْعَمَّةَ كَأَبٍ، وقيل: كبنت. وَالْجِهَاتُ: الْأُبُوَّةُ وَالْأُمُومَةُ وَالْبُنُوَّةُ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُ بِنْتِ عَمَّةٍ3 لِبِنْتِ بِنْتِ أَخٍ، وَقِيلَ: وَالْأُخُوَّةُ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُهَا مَعَ بُعْدِهَا لِبِنْتِ أَخٍ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَالْعُمُومَةُ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إسْقَاطُهَا لِبِنْتِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ4. وَعَنْهُ: كُلُّ وَلَدٍ لِلصُّلْبِ جِهَةٌ، وَعَنْهُ: كُلُّ وَارِثٍ جِهَةٌ، فَعَمَّةٌ وَابْنُ خَالٍ5 لَهُ ثُلُثٌ وَلَهَا الْبَقِيَّةُ، وَمَعَهُمَا خَالَةُ أُمٍّ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْمَذْهَبُ: يَسْقُطُ بِهَا ابْنُ الْخَالِ وَلَهَا سُدُسٌ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمَّةِ، وَخَالَةُ أُمٍّ وَخَالَةُ أَبٍ الْمَالُ لَهُمَا كَجَدَّتَيْنِ، وَتُسْقِطُهُمَا أُمُّ أَبِي أُمٍّ، عَلَى هذه الرواية، والمذهب: تسقط هي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَدْلَى ذُو رَحِمٍ بِقَرَابَتَيْنِ وَرِثَ بِهِمَا كَشَخْصَيْنِ1، وَحُكِيَ عَنْهُ: بِأَقْوَاهُمَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَخَذَ فَرْضَهُ بِلَا حَجْبٍ وَلَا عَوْلٍ، وَالْبَقِيَّةُ لَهُمْ، كَانْفِرَادِهِمْ، وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ وَذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْوَاضِحِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ كَمَا يُقْسَمُ بَيْنَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ، فَزَوْجَةٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ وَبِنْتُ أَخٍ لِأَبٍ، لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَقِيَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ. وَعَلَى الثَّانِي: هِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ؛ لِبِنْتِ الْبِنْتِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُخْرَى ثَلَاثَةٌ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ، بِضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ، وَيَعُولُ أَصْلُ سِتَّةٍ خَاصَّةً إلَى سَبْعَةٍ، كَخَالَةٍ وَبِنْتَيْ أُخْتَيْنِ مِنْ الْأُمِّ وَبِنْتَيْ أُخْتَيْنِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، وَكَأَبِي أُمٍّ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ، وَثَلَاثِ بَنَاتٍ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ مُفْتَرَقَاتٍ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ميراث الحمل
باب ميراث الحمل مدخل ... بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ مَنْ مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ الْقِسْمَةَ وُقِفَ لَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ إرْثِ وَلَدَيْنِ1 مُطْلَقًا. فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَهُ، وهل يجزئ فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ من عنده من موته؛ لحكمنا له بالملك ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ أَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا أَوْ لَيْسَ حَيًّا؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْمَعَالِي قُبَيْلَ الملك التام "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "فَإِذَا وُلِدَ أَخَذَهُ، وَهَلْ يَجْرِي فِي حَوْلِ الزَّكَاةِ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ من عنده من موته، لحكمنا له بالملك ظَاهِرًا، حَتَّى مَنَعْنَا بَاقِيَ الْوَرَثَةِ أَوْ أَذِنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ فِي مَسْأَلَةِ زَكَاةِ مَالِ الصَّبِيِّ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ مَيِّتًا، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَيْسَ حَمْلًا أَوْ لَيْسَ حَيًّا، فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُمَا2 أَبُو الْمَعَالِي قُبَيْلَ الْمِلْكِ التَّامِّ". انْتَهَى. الصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْمَجْدُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي فِطْرَةِ الْجَنِينِ: لَمْ تَثْبُتْ لَهُ أَحْكَامُ لَدَيْنَا إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَمِنْهَا مِلْكُهُ بِالْمِيرَاثِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الجملة، ولكن هل يثبت له الملك 3 بمجرد موت مورثه، ويتبين ذلك بخروجه حياً أم لم يثبت له الملك3.
قَالَ: وَلَوْ وَصَّى لِحَمْلٍ وَمَاتَ فَوَضَعَتْ لِدُونِ ستة أشهر وقبل وَلِيُّهُ مِلْكَ الْمَالِ، وَهَلْ يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَبُولِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تُوطَأُ فَوَضَعَتْ لِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ وَقُلْنَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ فَفِي وُجُوبِ زَكَاةِ مَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهَانِ، وَمَا بَقِيَ لِمُسْتَحِقِّهِ، وَيَأْخُذُ مَنْ لَا يَحْجُبُهُ إرْثَهُ كَجَدٍّ وَمَنْ يُنْقِصُهُ شَيْئًا الْيَقِينُ، وَمَنْ سَقَطَ بِهِ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا. وَيَرِثُ وَيُورَثُ إنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا. وَعَنْهُ: وَبِصَوْتِ غَيْرِهِ، وَالْأَشْهَرُ: وَبِرَضَاعٍ وَحَرَكَةٍ طَوِيلَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا تُعْلَمُ بِهِ حَيَاتُهُ، لَا بِمُجَرَّدِ حَرَكَةٍ وَاخْتِلَاجٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: وَلَوْ عُلِمَ مَعَهُمَا حَيَاةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ اسْتِقْرَارُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يَتَحَرَّكُ بَعْدَ ذَبْحِهِ شديدا، وهو كميت. وقال القاضي وأصحابه ـــــــــــــــــــــــــــــQحَتَّى يَنْفَصِلَ حَيًّا؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ فِي أَوَّلِ الْقَاعِدَةِ: الْحَمْلُ هَلْ لَهُ1 حُكْمٌ قَبْلَ انْفِصَالِهِ أَمْ لَا؟ حَكَى الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ، قَالُوا: وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ حُكْمًا. انْتَهَى. تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي مِنْ التَّفَارِيعِ2 بَعْدَ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ أعلم.
وَجَمَاعَةٌ: وَتَنَفَّسَ، وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ: إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا تَحَرَّكَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ، وَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ خَرَجَ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ جُهِلَ مُسْتَهِلٌّ مِنْ تَوْأَمَيْنِ إرْثُهُمَا مُخْتَلِفٌ عُيِّنَ بِقُرْعَةٍ. وَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ لَمْ يَرِثْهُ؛ لِحُكْمِ أَحْمَدَ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: وَهُوَ أَظْهَرُ "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ1، فَحَصَلَ مِنْهُ تَكْرَارٌ، وَلَكِنْ هنا زيادات على ذلك. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْجَنِينَ تَنَفَّسَ أَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ فَهُوَ حَيٌّ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ فِي هَذَا الْبَابِ: إذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ صَارِخًا بَعْدَ انْفِصَالِهِ جَمِيعَهُ وَرِثَ وَوَرَّثَ، وَإِنْ لَمْ يَصْرُخْ بَلْ عَطَسَ أَوْ بَكَى أَوْ ارْتَفَعَ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ تَحَرَّكَ أَوْ تَنَفَّسَ لَمْ يَكُنْ كَالِاسْتِهْلَالِ. انْتَهَى. فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي2 التَّنَفُّسِ وَالتَّحَرُّكِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَلَوْ مَاتَ كَافِرٌ عَنْ حَمْلٍ مِنْهُ لَمْ يَرِثْهُ، لِحُكْمِ أَحْمَدَ بِإِسْلَامِهِ قَبْلَ وَضْعِهِ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ: يَرِثُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ". انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَصَرَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ بِأَدِلَّةٍ جَيِّدَةٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ، وَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ: إنَّهُ أَظْهَرُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي في بعض كتبه، وهو الصواب.
وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بَعْدَ وَضْعِهِ وَيَرِثُهُ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ أَحْمَدَ إذَا مَاتَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يَرِثْهُ وَحَمَلَهُ عَلَى وِلَادَتِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ. وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ كَافِرٍ غَيْرِهِ فَأَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ وَضْعِهِ. وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بحر فأحبلها فقال السيد: إن كَانَ1 حَمْلُك ذَكَرًا فَأَنْتَ وَهُوَ قِنَّانِ، وَإِلَّا فَحُرَّانِ، فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدُ ذَكَرًا لَمْ أَرِثْ وَلَمْ يَرِثْ وَإِلَّا وَرِثْنَا. وَمَنْ خَلَّفَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَامْرَأَةَ أَبٍ حَامِلًا فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدُ أُنْثَى وَرِثْت لَا ذَكَرًا. وَمَنْ خَلَفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً، فَفِي الْمُغْنِي2: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ، وذكر غيره: يحرم ليعلم أحامل "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: "وَمَنْ خَلَفَ وَرَثَةً وَأُمًّا مُزَوَّجَةً فَفِي الْمُغْنِي2: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَطَأَ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَحْرُمُ، لِيُعْلَمَ أَحَامِلٌ أَمْ لَا؟ ". انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ التَّحْرِيمُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ. فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
فَإِنْ وَطِئَ، وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ فَأَتَتْ بِهِ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَرِثْهُ، قَالَ أَحْمَدُ: يَكُفُّ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُفَّ فَجَاءَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا أَدْرِي هو أخوه أم لا؟. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب ميراث المفقود
باب ميراث المفقود مدخل ... باب ميراث المفقود مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ لِغَيْبَةٍ ظَاهِرُهَا السَّلَامَةُ كَأَسْرٍ وَتِجَارَةٍ وَسِيَاحَةٍ اُنْتُظِرَ بِهِ تَتِمَّةَ تِسْعِينَ سَنَةً مُنْذُ وُلِدَ، وَعَنْهُ: أَبَدًا، فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ، كَغَيْبَةِ ابْنِ تِسْعِينَ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَعَنْهُ: أَبَدًا حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ. وَعَنْهُ: زَمَنًا لَا يَعِيشُ مِثْلَهُ غَالِبًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً1 مُنْذُ وُلِدَ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: يَحْتَمِلُ عِنْدِي أَرْبَعَ سِنِينَ لِقَضَاءِ2 عُمَرَ3، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَهْلَكَةٍ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا هَلَاكَهُ كَمَفْقُودٍ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ فِي مَفَازَةٍ مُهْلِكَةٍ كَالْحِجَازِ أَوْ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ فَسَلِمَ قَوْمٌ دُونَ قَوْمٍ اُنْتُظِرَ تَتِمَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ. وَعَنْهُ: مَعَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَعَنْهُ: هُوَ كَالْقِسْمِ قَبْلَهُ، وَفِي الْوَاضِحِ: وَعَنْهُ: زَمَنًا لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ قَالَ: وَحَدَّهَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ بِتِسْعِينَ، وَقِيلَ: بِسَبْعِينَ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي عَبْدٍ مَفْقُودٍ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْحُرِّ. وَنَقَلَ مُهَنَّا وأبو طالب في الأمة على النصف. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُزَكَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لِمَا مَضَى، نَصَّ عَلَيْهِ. فَإِنْ مَاتَ مُورِثُهُ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ أَخَذَ كُلُّ وَارِثٍ الْيَقِينَ وَوُقِفَ الْبَاقِي، فَاعْمَلْ مَسْأَلَةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مَوْتِهِ ثُمَّ اضْرِبْ إحْدَاهُمَا أَوْ وَفِّقْهَا فِي الْأُخْرَى، وَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا، أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ تَنَاسَبَتَا، وَيَأْخُذُ الْيَقِينَ الْوَارِثُ مِنْهُمَا، وَمَنْ سَقَطَ فِي إحْدَاهُمَا لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا. وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَنْ نَصِيبِهِ، كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، لِلزَّوْجِ ثُلُثٌ، وللأم سدس، وللجد تسعة1، مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ رَدِّ الْمَوْقُوفِ لَهُ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ قِسْمَةِ نَصِيبِهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِثْلَيْ الْأُخْتِ يَبْقَى تِسْعَةٌ، كَذَا ذَكَرَ في الشرح روايتين، والمعروف وجهان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَلِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الصُّلْحُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى نَصِيبِهِ، كَأَخٍ مَفْقُودٍ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ، مَسْأَلَةُ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ، لِلزَّوْجِ ثلث، وللأم سدس، وللجد تسعة2، مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، وَلِلْأُخْتِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ، تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى رِوَايَةِ رَدِّ الْمَوْقُوفِ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى رِوَايَةِ قِسْمَةِ نَصِيبِهِ مِمَّا وُقِفَ عَلَى وَرَثَتِهِ وَهِيَ سِتَّةٌ، لِأَنَّهُ وَرِثَ مِثْلَيْ الْأُخْتِ، يَبْقَى تِسْعَةٌ، كَذَا ذَكَرَ فِي الشَّرْحِ3 رِوَايَتَيْنِ، وَالْمَعْرُوفُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا مَاتَ مَيِّتٌ يَرِثُهُ الْمَفْقُودُ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ إلَى كل وارث اليقين
ولهم الصلح عَلَى كُلِّ الْمَوْقُوفِ إنْ حَجَبَ أَحَدًا، وَلَمْ يَرِثْ أَوْ كَانَ أَخًا لِأَبٍ عَصَّبَ أُخْتَهُ مَعَ زَوْجٍ وَأُخْتٍ لِأَبَوَيْنِ. وَقِيلَ: تَعْمَلُ مَسْأَلَةَ حَيَاتِهِ، وَتَقِفُ نَصِيبَهُ إنْ وَرِثَ. وَفِي أَخْذِ ضَمِينٍ مِمَّنْ مَعَهُ زِيَادَةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَجْهَانِ "م 2". وَمَتَى بَانَ حَيًّا يَوْمَ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ فَلَهُ حَقُّهُ وَالْبَاقِي لِمُسْتَحِقِّهِ، وَإِنْ بَانَ مَيِّتًا فَالْمَوْقُوفُ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1: وَكَذَا إن جهل وقت موته.. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُوقِفُ الْبَاقِيَ، فَإِنْ قَدَّمَ أَخْذَ نَصِيبِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ فَهَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَالِهِ أَوْ يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَةِ الْمَفْقُودِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ، قال في الفائق: هو قول2 غَيْرُ صَاحِبِ الْمُغْنِي فِيهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ أَيْضًا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ فِي مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وقدمه في الرعايتين. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَفِي أَخْذِ ضَمِينٍ مِمَّنْ مَعَهُ زِيَادَةٌ مُحْتَمَلَةٌ وَجْهَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِعَمَلِ مَسْأَلَةِ حَيَاتِهِ وَوَقْفِ نَصِيبِهِ إنْ وَرِثَ، وأطلقهما في المحرر والحاوي الصغير:
وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ تَرَبُّصِهِ وَلَمْ يَبْنِ حَالُهُ، فَقِيلَ: مَا وُقِفَ لَهُ لِوَرَثَتِهِ إذَنْ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ فَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ، وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَيُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَقِيلَ: يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُقْضَى وَلَا يُنْفَقُ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وغيرهم "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ ضَمِينٌ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُؤْخَذُ. مَسْأَلَةٌ -3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ تَرَبُّصِهِ وَلَمْ يَبْنِ حَالُهُ، فَقِيلَ: مَا وُقِفَ لَهُ لِوَرَثَتِهِ إذَنْ، كَبَقِيَّةِ مَالِهِ، فَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنُهُ فِي مُدَّةِ تَرَبُّصِهِ، وَقِيلَ وَجَزَمَ بِهِ في الكافي1 صححه فِي الْمُحَرَّرِ: وَيُنْفَقُ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَقِيلَ: يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْأَوَّلِ، فَلَا يُقْضَى وَلَا يُنْفَقُ، جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُجَرَّدِ وَالتَّهْذِيبِ وَالْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِمْ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: يُقَسَّمُ مَالُهُ بَعْدَ انْتِظَارِهِ. وَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَعْدُومِ مِنْ حِينِ فَقْدِهِ أَوْ لَا يَثْبُتُ إلَّا مِنْ حِينِ إبَاحَةِ أَزْوَاجِهِ وَقِسْمَةِ مَالِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ مَاتَ لَهُ فِي مُدَّةِ انْتِظَارِهِ مَنْ يَرِثُهُ فَهَلْ يُحْكَمُ بِتَوْرِيثِهِ مِنْهُ أَمْ لَا؟ وَنَصَّ عَلَيْهِ يُزَكَّى مَالُهُ بَعْدَ مُدَّةِ انْتِظَارِهِ، مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةٌ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِأَحْكَامِ الْمَوْتَى إلَّا بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. انْتَهَى. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ وغيرهما، وهو الصحيح، وقدمه في
وَمَتَى قَدِمَ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ مَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، وَالتَّالِفُ مَضْمُونٌ فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا، إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لَهُمْ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ "م 4". وَإِنْ حَصَلَ لِأَسِيرٍ مِنْ وَقْفٍ تَسَلَّمَهُ وَحَفِظَهُ وَكِيلُهُ وَمَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَعْدَهُ جَمِيعًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ: وَيَكْفِي وكيله. والمشكل نسبه كمفقود. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَنَاهُمَا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ. مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَمَتَى قَدِمَ بَعْدَ قَسْمِ مَالِهِ أَخَذَ مَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، وَالتَّالِفُ مَضْمُونٌ، فِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا، إنَّمَا قُسِمَ بِحَقٍّ لَهُمْ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ" انْتَهَى. الرِّوَايَةُ الْأُولَى: هِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهَا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، كَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ، وَقَدَّمَهَا في الرعاية الكبرى.
وَمَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي، ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا، فَيُعَيِّنُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرَى الْقَافَةَ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا مَدْخَلَ لِلْقُرْعَةِ فِي النَّسَبِ. عَلَى مَا يَأْتِي. ولا يرث ولا يوقف، ويصرف نصيب ابن لِبَيْتِ الْمَالِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ الْقَاضِي، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْقَاضِي: يَعْزِلُ مِنْ التَّرِكَةِ مِيرَاثَ ابْنٍ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا، قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ: لَا وَقْفَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رُجِيَ زَوَالُ الْإِشْكَالِ "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَمَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا، فَيُعَيِّنُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَوَارِثُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ أَرَى الْقَافَةَ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ وَلَا يَرِثُ ولا يوقف، ويصرف نصيب ابن لبيت المال، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ الْقَاضِي، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْقَاضِي يَعْزِلُ مِنْ التَّرِكَةِ مِيرَاثَ ابْنٍ يَكُونُ مَوْقُوفًا فِي بَيْتِ الْمَالِ، لِلْعِلْمِ بِاسْتِحْقَاقِ أَحَدِهِمَا، قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ: لَا وَقْفَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا رُجِيَ زَوَالُ الْإِشْكَالِ". انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ: وَمَنْ افْتَقَرَ نَصِيبُهُ إلَى قَائِفٍ فَهُوَ فِي مُدَّةِ إشْكَالِهِ كَالْمَفْقُودِ. انْتَهَى. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا لِأَجْلِ الْمِيرَاثِ، فَمَنْ قُرِعَ اسْتَحَقَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
باب ميراث الخنثى
باب ميراث الخنثى مدخل ... بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى وَهُوَ مَنْ لَهُ شَكْلُ ذَكَرِ رَجُلٍ وَفَرْجِ امْرَأَةٍ، فَإِنْ بَالَ أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ ذَكَرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَكْسُهُ أُنْثَى، وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ: هَلْ يُعْتَبَرُ السَّبْقُ فِي الِانْقِطَاعِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي التَّبْصِرَةِ: يُعْتَبَرُ أَطْوَلُهُمَا خُرُوجًا، وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ؛ لِأَنَّ بَوْلَهُ يَمْتَدُّ وَبَوْلَهَا يَسِيلُ. وَقَدَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ الْكَثْرَةَ عَلَى السَّبْقِ. وَقَالَ هُوَ وَالْقَاضِي: إنْ خَرَجَا1 مَعًا حُكِمَ لِلْمُتَأَخِّرِ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ أَوْ احْتَلَمَ مِنْهُ أَوْ أَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهِ، لِجَوَازِ كَوْنِهِ خِلْقَةً زَائِدَةً، وَإِنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الرَّجُلِ فَبَالِغٌ بِلَا إشْكَالٍ يَأْخُذُ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ فَيُعْمَلَ بِمَا ظهر من ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَقَالَ: هَلْ يُعْتَبَرُ السَّبْقُ فِي الِانْقِطَاعِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. هَذَا مِنْ كَلَامِ أَبِي الْفَرَجِ، وَالْمَذْهَبُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: "وإن خرجا معا اعتبر أكثرهما".
عَلَامَةِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، كَنَبَاتِ لِحْيَتِهِ أَوْ تَفَلُّكِ1 ثَدْيَيْهِ، وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ سُقُوطِهِمَا. وَبُلُوغِهِ بِالسِّنِّ أَوْ الْإِنْبَاتِ، وَكَذَا إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِهِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِهِ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهَا فَوَجْهَانِ "م 1". وَإِنْ وُجِدَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَلَا ذَكَرَ ولا أنثى وفي البلوغ وجهان "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَبُلُوغُهُ بِالسِّنِّ أَوْ الْإِنْبَاتِ، وَكَذَا إنْ حَاضَ مِنْ فَرْجِهِ وَأَنْزَلَ مِنْ ذَكَرِهِ، فإن وجد أحدهما فوجهان". انتهى. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ بِذَلِكَ، قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَمًا عَلَى الْبُلُوغِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْصُلُ بِهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِنْزَالَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وُجِدَا مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ فَلَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى، وَفِي الْبُلُوغِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْصُلُ بِهِ الْبُلُوغُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "فَلَا ذَكَرَ وَلَا أُنْثَى " يَعْنِي لَيْسَ هَذَا علامة للذكر ولا علامة
وَقِيلَ: إنْ اشْتَهَى أُنْثَى فَذَكَرٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَفِي الْجَامِعِ: لَا فِي إرْثٍ وَدِيَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْغَيْرِ حَقًّا، وَقِيلَ: أَوْ انْتَشَرَ بَوْلُهُ عَلَى كَثِيبِ رَمْلٍ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: تُعَدُّ أَضْلَاعُهُ، فَسِتَّةَ عَشَرَ أَضْلَاعُ ذَكَرٍ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ أُنْثَى. فَإِنْ مَاتَ أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ وَوَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا فَلَهُ نِصْفُ إرْثِهِمَا، كَوَلَدِ الْمَيِّتِ مَعَهُ بِنْتٌ وَابْنٌ، لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُ: تُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ أنثى وتضرب إحداهما أو وفقها في الأخرى وَاجْتَزِئْ بِإِحْدَاهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا أَوْ بِأَكْثَرِهِمَا إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلْأُنْثَى، وَإِلَّا فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ إمَّا ذَكَرٌ وإما أنثى. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "فَإِنْ مَاتَ أَوْ بَلَغَ بِلَا أَمَارَةٍ وَوَرِثَ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ وَرِثَ بِهِمَا فَلَهُ نِصْفُ إرْثِهِمَا، كَوَلَدِ الْمَيِّتِ مَعَهُ بِنْتٌ وَابْنٌ، لَهُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِلْبِنْتِ سَهْمَانِ. وَقَالَ الْأَكْثَرُ: تُعْمَلُ المسألة على أنه ذكر ثم أنثى، وتضرب إحْدَاهُمَا أَوْ وَفْقَهَا فِي الْأُخْرَى، إلَى آخِرِهِ. مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَوْلُ الثَّانِي، اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ 2 وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمْ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: تُعْمَلُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ ثُمَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى إلَى آخِرِهِ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَلَيْسَ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَنَحْوِهِمْ شيء مما نحن بصدده، والله أعلم.
تَنَاسَبَتَا، وَاضْرِبْهَا فِي الْحَالَيْنِ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مَضْرُوبٌ فِي الْأُخْرَى أَوْ وَفِّقْهَا، وَاجْمَعْ مَا لَهُ مِنْهُمَا إنْ تَمَاثَلَتَا. وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَيْنِ فَأَكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أَحْوَالِهِمْ، كَإِعْطَائِهِمْ الْيَقِينَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَكَالْمَفْقُودِينَ، وَقِيلَ: حَالِّينَ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تُقْسَمُ التَّرِكَةُ وَلَا يُوقَفُ مَعَ خُنْثَى مُشْكِلٍ، عَلَى الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب ميراث الغرقى ونحوهم
باب ميراث الغرقى ونحوهم مدخل ... بَابُ مِيرَاثِ الْغَرْقَى وَنَحْوِهِمْ. إذَا عُلِمَ مَوْتُ مُتَوَارِثَيْنِ مَعًا فَلَا إرْثَ، وَإِنْ جُهِلَ السَّابِقُ بِالْمَوْتِ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَ عَيْنُهُ وَرِثَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ الْمَيِّتِ مَعَهُ؛ لِئَلَّا يَدُورَ فَيُقَدِّرَ أَحَدَهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَيُوَرِّثَ الْآخَرَ مِنْهُ ثُمَّ يَقْسِمَ إرْثَهُ مِنْهُمَا عَلَى وَرَثَتِهِ الْأَحْيَاءِ، ثُمَّ يَعْمَلَ بِالْآخِرِ كَذَلِكَ. فَلَوْ جُهِلَ مَوْتُ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا عَتِيقُ زَيْدٍ وَالْآخَرُ عَتِيقُ عَمْرٍو كَانَ مَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمُعْتَقِ الْآخَرِ. زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَابْنُهُمَا خَلَّفَ امْرَأَةً أُخْرَى وَأُمًّا وَخَلَّفَتْ ابْنًا مِنْ غَيْرِهِ وَأَبًا، فَتَصِحُّ مَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ، لِزَوْجَتِهِ الْمَيِّتَةِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ سُدُسٌ، وَلِابْنِهَا الْحَيِّ مَا بَقِيَ، رَدَدْت مَسْأَلَتَهَا إلَى وَفْقِ سِهَامِهَا بِالثُّلُثِ اثْنَيْنِ، وَلِابْنِهِ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ، لِأُمِّ أَبِيهِ1 سُدُسٌ، وَلِأَخِيهِ لِأُمِّهِ سُدُسٌ، وَمَا بَقِيَ لِعَصَبَتِهِ، فَهِيَ مِنْ سِتَّةٍ، تُوَافِقُ سِهَامَهُ بِالنِّصْفِ، فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ اثْنَيْنِ2، ثُمَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ، تَكُنْ مِائَتَيْنِ وَثَمَانِيَةً وَثَمَانِينَ، وَمِنْهَا تَصِحُّ، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَمَسْأَلَةُ الزَّوْجِ مِنْهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَمَسْأَلَةُ الِابْنِ مِنْهَا مِنْ سِتَّةٍ، دَخَلَ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَتِهِ، فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ تَكُنْ مِائَةً وَأَرْبَعَةً وأربعين، ومسألة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الِابْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ، فَمَسْأَلَةُ أُمِّهِ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا مُوَافَقَةَ وَمَسْأَلَةُ أَبِيهِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، فَاجْتَزِئْ بِضَرْبِ وَفْقِ سِهَامِهِ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةً تَكُنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَكَذَا لَوْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نُسِيَ. وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إنَّمَا لَمْ تَجْزِ الْقُرْعَةُ؛ لِعَدَمِ دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي النَّسَبِ، وَقَالَ الْوَنِّيُّ1: يَعْمَلُ بِالْيَقِينِ وَيَقِفُ مَعَ الشَّكِّ. وَإِنْ ادَّعَى وَرَثَةُ كُلِّ مَيِّتٍ سَبْقَ الْآخَرِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ تَعَارَضَتْ تَحَالَفَا، وَلَمْ يَتَوَارَثَا، نَصَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: بَلَى. وَخَرَّجُوا مِنْهَا الْمَنْعَ فِي جَهْلِهِمْ الْحَالَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَةُ وَقُلْنَا يُقْسَمُ قُسِمَ بَيْنَهُمَا مَا اخْتَلَفَا فِيهِ نِصْفَيْنِ، وَيَرِثُ مَنْ شُكَّ فِي وَقْتِ مَوْتِهِ مِمَّنْ عُيِّنَ وَقْتُهُ، وَقِيلَ: لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ميراث المطلقة
باب ميراث المطلقة مدخل ... باب ميراث المطلقة مَنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ فِي غَيْرِ مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ لَمْ يَتَوَارَثَا، وَتَرِثُهُ فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ، وَفِي مَرَضٍ مَخُوفٍ وَلَمْ يَمُتْ وَلَمْ يَصِحَّ، بَلَى لُسِعَ أَوْ أُكِلَ. وَإِنْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا كَمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ابْتِدَاءً أَوْ بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا أَوْ عَلَّقَهَا عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ شَرْعًا أَوْ عَقْلًا فَفَعَلَتْهُ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ خِلَافًا لِلْمُنْتَخَبِ فِيهَا أَوْ عَلَّقَ إبَانَةَ ذِمِّيَّةٍ أَوْ أَمَةٍ عَلَى إسْلَامٍ وَعِتْقٍ أَوْ عَلِمَ أَنَّ سَيِّدَهَا عَلَّقَ عِتْقَهَا لِغَدٍ فَأَبَانَهَا الْيَوْمَ، أَوْ وَطِئَ عَاقِلًا وَقِيلَ مُكَلَّفًا حَمَاتَهُ أَوْ عَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى مَرَضِهِ 1أَوْ عَلَى فِعْلٍ لَهُ فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ عَلَى تَرْكِهِ نَحْوُ لَأَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْك فَمَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ أَوْ وَكَّلَ فِي صِحَّتِهِ مَنْ يُبِينُهَا متى شاء فأبانها في مرضه،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَرِثْهَا. وَتَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، نَقَلَهُ [وَاخْتَارَهُ] الْأَكْثَرُ مَا لَمْ تَرْتَدَّ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَرِوَايَتَانِ "م 1" فَلَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا ثُمَّ مات صح، عَلَى الْأَصَحِّ فَتَرِثُهُ الْخَمْسُ، وَعَنْهُ: رُبُعُهُ لَهَا وَالْبَقِيَّةُ لَهُنَّ إنْ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ، وَإِلَّا فَلِثَلَاثٍ سَوَابِقَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَهَا أَرْبَعٌ فَهَلْ تَرِثُهُ الثَّمَانِ أَوْ الْمَبْتُوتَاتُ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَوْ مَاتَتْ فَحَقُّهَا لِلْجُدُدِ فِي عَقْدٍ وَإِلَّا فَلِلسَّابِقَةِ إلَى كَمَالِ أَرْبَعٍ بِالْمَبْتُوتَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلَ فِي الطَّلَاقِ الْمُتَّهَمِ فِيهِ فِي مَرَضِهِ: "لَمْ يَرِثْهَا وَتَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مَا لَمْ تَرْتَدَّ، فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَرِوَايَتَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي إذَا طَلَّقَهَا طَلَاقًا مُتَّهَمًا فِيهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَرِثَتْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ تَرْتَدَّ، فإن ارتدت لَمْ تَرِثْهُ، فَإِنْ عَادَتْ أَسْلَمَتْ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. إحْدَاهُمَا: لَا تَرِثُهُ أَيْضًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَصَحَّحَهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَرِثُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَوْ كَانَ مَوْضِعَهَا أَرْبَعٌ فَهَلْ تَرِثُهُ الثَّمَانِ أَوْ الْمَبْتُوتَاتُ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ". مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا بَعْدَ الْمَبْتُوتَةِ هَلْ تَرِثُهُ الْخُمُسَ أَخْمَاسًا أَوْ تَرِثُ الْمَبْتُوتَةُ رُبُعَ مِيرَاثِ الزَّوْجَاتِ وَالْبَاقِي لَهُنَّ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لِلْخُمُسِ أَخْمَاسًا، فَكَذَا يَكُونُ للثمان على المقدم.
وَعَنْهُ: لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ بَعْدَ عِدَّتِهَا، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَفِي بَائِنٍ قَبْلَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ، وَكَذَا عِدَّةُ وَفَاةٍ، وَقِيلَ: طَلَاقٌ، وَتَكْمِلَةُ مَهْرٍ، وَعَنْهُ: لَا عِدَّةَ فَقَطْ، وَعَنْهُ: لَا يَكْمُلُ فقط. وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا كَتَعْلِيقِهِ إبَانَتَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى فِعْلٍ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَتَفْعَلُهُ عَالِمَةً بِهِ أَوْ أَبَانَهَا بِسُؤَالِهَا فِيهِ فَكَصَحِيحٍ، وَعَنْهُ: كَمُتَّهَمٍ، صَحَّحَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَيْخُنَا، كَمَنْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: وَإِنْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَمْ تَرِثْهُ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ، وَحَسَّنَ الشَّيْخُ فِي قَوْلِهِ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ إنْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهَا فِيهِ فَأَبَتْ لَمْ يَتَوَارَثَا، فَإِنْ قَذَفَهَا فِي صِحَّتِهِ وَلَاعَنَهَا فِي مَرَضِهِ وَقِيلَ: لِلْحَدِّ لَا لِنَفْيِ وَلَدٍ أَوْ عَلَّقَ إبَانَتَهَا عَلَى فِعْلٍ لَهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ فَفَعَلَتْهُ فِي مَرَضِهِ وَرِثَتْهُ، عَلَى الْأَصَحِّ. وجزم جماعة لا ترثه في الأولة. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِشَهْرٍ فَجَاءَ فِي مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ "2 و 3" وَالزَّوْجُ فِي إرْثِهَا إذَا قَطَعَتْ نِكَاحَهَا منه كَفِعْلِهِ، وَكَذَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وذكره الشيخ قياس المذهب، والأشهر: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ: " وَفِي بَائِنٍ قَبْلَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ ". مُرَادُهُ بِهِمَا اللَّتَانِ فِي إرْثِ الْمَبْتُوتَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ، وَقَدَّمَ أَنَّهَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَكَذَا هَذِهِ. وَقَوْلُهُ: "وَكَذَا عِدَّةُ وَفَاةٍ " مَبْنِيٌّ عَلَيْهِمَا أَيْضًا، فَإِنْ قُلْنَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ، وَإِلَّا فلا. مسألة 2 – 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ في مرضه أو بشهر فجاء
لَا، وَكَذَا خَرَّجَ الشَّيْخُ فِي بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ. وَإِنْ أَكْرَهَ ابْنُ وَارِثٍ عَاقِلٍ وَلَوْ نَقَصَ إرْثُهُ أَوْ انْقَطَعَ زَوْجَةَ أَبِيهِ الْمَرِيضِ عَلَى فَسْخِ نِكَاحِهَا وَعَنْهُ: وَلَوْ طَاوَعَتْهُ لَمْ يُقْطَعْ إرْثُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأَةٌ وَارِثَةً غيرها أو لم يتهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَرَضِهِ فَرِوَايَتَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ زَيْدٍ كَذَا فَفَعَلَهُ فِي مَرَضِهِ فَهَلْ تَرِثُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا: لَا تَرِثُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا صححه الشارح وغيره، وهو الصواب: والرواية الثانية: ترثه. المسألة الثانية: إذا علق طلاقها بشهر فجاء1 الشهر في مرضه فهل ترثه أم لا؟ أطلق الخلاف فيه. إحداهما: لا ترثه، وهو الصحيح، قدمه في الكافي2 والمغني3، وصححه أيضا في المقنع4 والشرح5 وشرح ابن منجى وغيرهم، وجزم به الوجيز وغيره، وقدمه في المحرر وغيره، وهذه المسألة عدم الإرث فيها أولى من المسألة التي قبلها. والرواية الثانية: ترثه، قلت: وهو ضعيف، لعدم التهمة، وفي إطلاق المصنف نظر في هذه، فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب.
وَالِاعْتِبَارُ بِالتُّهْمَةِ حَالَ الْإِكْرَاهِ، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ: إنْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْإِرْثَ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ تَرِثْهُ، فِي الْأَصَحِّ. فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ: لَوْ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ مُضَارَّةً لِيُنْقِصَ إرْثَ غَيْرِهَا وَأَقَرَّتْ بِهِ لَمْ تَرِثْهُ، وَمَعْنَى كَلَامِ شَيْخِنَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: تَرِثُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ بِالثُّلُثِ، قَالَ: وَلَوْ وَصَّى بِوَصَايَا أُخَرَ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ يَأْخُذُ النِّصْفَ فَهَذَا الْمَوْضِعُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمَفْسَدَةَ إنَّمَا هِيَ فِي هَذَا. وَمَنْ جَحَدَ إبَانَةً ادَّعَتْهَا امْرَأَتُهُ لَمْ تَرِثْهُ إنْ دَامَتْ عَلَى قَوْلِهَا. وَإِنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ لَا يَرِثُهُ بَعْضُهُنَّ لِجَهْلِ عَيْنِهَا أَخَرَجَ الْوَارِثَاتُ بِالْقُرْعَةِ، وَلَوْ قَتَلَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تَرِثْهُ، لِخُرُوجِهَا مِنْ حَيِّزِ التَّمَلُّكِ وَالتَّمْلِيكِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَيُتَوَجَّهُ خِلَافٌ، كَمَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَيَأْتِي فِي دُخُولِ دِيَةٍ فِي وَصِيَّةٍ1, إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ميراث أهل الملل والقاتل
باب ميراث أهل الملل والقاتل مدخل ... باب ميراث أهل الملل والقاتل لَا يَرِثُ كَافِرٌ مُسْلِمًا وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرًا، وَيَتَوَارَثَانِ بِالْوَلَاءِ؛ لِثُبُوتِهِ، وَعَنْهُ: لَا تَوَارُثَ، فَعَلَيْهَا يَرِثُ عَصَبَةُ سَيِّدِهِ الْمُوَافِقِ لِدِينِهِ وَوَرَّثَ شَيْخُنَا الْمُسْلِمَ مِنْ ذِمِّيٍّ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَرِيبُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ، وَلِوُجُوبِ نَصْرِهِمْ وَلَا يَنْصُرُونَنَا وَلَا مُوَالَاةَ، كمن آمن ولم يهاجر ننصره1 وَلَا وَلَاءَ لَهُ، لِلْآيَةِ2، فَهَؤُلَاءِ لَا يَنْصُرُونَنَا وَلَا هُمْ بِدَارِنَا لِنَنْصُرَهُمْ دَائِمًا، فَلَمْ يَكُونُوا يَرِثُونَ وَلَا يُورَثُونَ، وَالْإِرْثُ كَالْعَقْلِ، وَقَدْ بَيَّنَ في قوله {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} في الأحزاب [الآية: 6] أَنَّ الْقَرِيبَ الْمُشَارِكَ فِي الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ أَوْلَى مِمَّنْ لَيْسَ بِقَرَابَةٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا مُهَاجِرًا. وَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ تَوَارَثُوا، وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْهِجْرَةُ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَالْآيَةُ فِيهِ، إلَّا مَنْ لَهُ هُنَاكَ نُصْرَةٌ وَجِهَادٌ بِحَسَبِهِ فَيَرِثُ. وَفِي الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ أَنَّ اللَّهَ حَكَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا هَاجَرُوا أَنْ لَا يَتَوَارَثُوا إلَّا بِالْهِجْرَةِ، فَلَمَّا كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ رَدَّ اللَّهُ الْمِيرَاثَ عَلَى الأولياء هاجروا أو لم يهاجروا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: كَانَ التَّوَارُثُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ بِالْحِلْفِ وَالنُّصْرَةِ، ثُمَّ نُسِخَ إلَى الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ بِقَوْلِهِ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] فَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ مَعَ وُجُودِ النَّسَبِ، ثُمَّ نُسِخَ بِالرَّحِمِ وَالْقَرَابَةِ، قَالَ: فَهَذَا نُسِخَ مَرَّتَيْنِ، كَذَا رَوَاهُ عكرمة. وإن أسلم كافر قبل قسم1 إرْثِ قَرِيبٍ مُسْلِمٍ وَرِثَهُ، وَعَنْهُ: لَا، صَحَّحَهَا جَمَاعَةٌ، كَقِنٍّ عَتَقَ قَبْلَ قِسْمَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْكُفْرُ مِلَلٌ مُخْتَلِفَةٌ، فَلَا يَتَوَارَثُونَ مَعَ اخْتِلَافِهَا، وَعَنْهُ: ثَلَاثَةٌ: الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة وَدِينُ غَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ: كُلُّهُ مِلَّةٌ فَيَتَوَارَثُونَ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَاخْتَارَ صَاحِبُهُ الْأُولَى. وَيَتَوَارَثُ حَرْبِيٌّ وَمُسْتَأْمَنٌ، وَذِمِّيٌّ وَمُسْتَأْمَنٌ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَرِثُ مُسْتَأْمَنًا وَرَثَتُهُ بِحَرْبٍ؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ فِي حُكْمِ ذِمِّيٍّ. وَقِيلَ: حَرْبِيٍّ. نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ يَمُوتُ هُنَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَكَذَا ذِمِّيٌّ وَحَرْبِيٌّ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هُوَ الْأَقْوَى فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ قِيَاسُهُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: اخْتَارَ الْأَكْثَرُ: لَا، وذكره أبو الخطاب في التهذيب اتفاقا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَرِثُ مُرْتَدٌّ أَحَدًا، فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَالرِّوَايَتَانِ، وَإِنْ قُتِلَ عَلَيْهَا أَوْ مَاتَ فَمَالُهُ فَيْءٌ، وَعَنْهُ: لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ1، وَلِأَنَّ رِدَّتَهُ كَمَرَضِ مَوْتِهِ، وَعَنْهُ: مِنْ أَهْلِ دينه الذي اختاره. وَالدَّاعِيَةُ إلَى بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ مَالُهُ فَيْءٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَهْمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ غَيْرُ دَاعِيَةٍ، وَهُمَا فِي غُسْلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِي الْجَهْمِيِّ إذَا مَاتَ فِي قَرْيَةٍ لَيْسَ فِيهَا إلَّا نَصَارَى مَنْ يَشْهَدُهُ؟ قَالَ: أَنَا لَا أَشْهَدُهُ، يَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهَا عَلَى نَقْلِ يَعْقُوبَ وَغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ بِمَثَابَةِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِي وَفَاتِهِ وَمَالِهِ ونكاحه، قال: وقد2 يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ أَنَّهُ إنْ تَوَلَّاهُ مُتَوَلٍّ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ فِي مَالِهِ وَمِيرَاثِهِ أَهْلَهُ وَجْهَانِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَةَ الْمَيْمُونِيِّ، نَقَلَ: أَنَا لا أشهد الجهمية3 ولا الرافضة4، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَشْهَدُهُ مَنْ شَاءَ، قَدْ تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذِي الدَّيْنِ وَالْغُلُولِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ1. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِبَاحَةَ لَا الْإِنْكَارَ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُقَلِّدِ غَيْرِ الدَّاعِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ، كَالْفَاسِقِ بِالْفِعْلِ. وَالزِّنْدِيقُ وَهُوَ الْمُنَافِقُ كَمُرْتَدٍّ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: وَآكَدٌ، حَيْثُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ، فَالْمُرَادُ إذَا لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ نَقْبَلْهَا، وَذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا تَابَ فِي قَتْلِهِ وَأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ بِكَفِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ بِإِظْهَارِ الشَّهَادَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ لَهُ بِبَاطِنِهِمْ2، وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَلْ جِهَادُهُمْ بِالْكَلَامِ أَمْ بِالسَّيْفِ وَأَوْرَدَ عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ، فَأَجَابَ أَنَّهُ إذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَظْهَرُوهُ، فَإِنْ لَمْ1، فَإِنَّهُ أُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِظَاهِرِهِمْ وَلَا يَبْحَثَ عَنْ سِرِّهِمْ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا كَانَ أَوَّلًا، ثُمَّ نَزَلَ: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} [الأحزاب:61] فَعُلِمَ أَنَّهُمْ إنْ أَظْهَرُوهُ كَمَا كَانُوا قُتِلُوا. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ2 فِي هَذِهِ الْآيَةِ: مَعْنَى الْكَلَامِ: الْأَمْرُ، أَيْ هَذَا الْحُكْمُ فِيهِمْ سُنَّةُ اللَّهِ، أَيْ سَنَّ فِي الَّذِينَ يُنَافِقُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَيُرْجِفُونَ بِهِمْ أَنْ يُفْعَلَ بِهِمْ هَذَا. وَقَالَ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ وَقَدْ أُغْرِيَ بِهِمْ فَقِيلَ لَهُ {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73] . وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَرِثُ وَيُورَثُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ تَرِكَةِ مُنَافِقٍ شَيْئًا وَلَا جَعَلَهُ فَيْئًا، فَعُلِمَ أَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النُّصْرَةِ الظَّاهِرَةِ، قَالَ: وَاسْمُ الْإِسْلَامِ يَجْرِي عَلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ "ع". وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَغَيْرِهِ: قَدْ يُسَمَّى مَنْ فَعَلَ بَعْضَ الْمَعَاصِي مُنَافِقًا؛ لِلْخَبَرِ3، وَقَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ هَانِئٍ سَأَلَ أَحْمَدَ عَمَّنْ4 5لَا يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ أَحْمَدُ5: وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ؟ فَبَيَّنَ أَنَّهُ غَالِبٌ فِي حَالِ الإنسان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: مِنْ أَحْكَامِ النِّفَاقِ، قَطْعُ الْإِرْثِ وَتَحْرِيمُ النِّكَاحِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَثْبُتُ فِيمَنْ ارْتَكَبَ الْمَعَاصِيَ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُوصَفَ بهذا الاسم، وحمل الخبر على التغليظ. وَإِنْ أَسْلَمَ مَجُوسِيٌّ أَوْ حَاكَمَ إلَيْنَا وَرِثَ بِقَرَابَتَيْهِ، وَعَنْهُ: بِأَقْوَاهُمَا. وَكَذَا مُسْلِمٌ بِوَلَدِ ذَاتِ1 مَحْرَمٍ وَغَيْرِهَا بِشُبْهَةٍ تُثْبِتُ النَّسَبَ. وَفِي الْمُغْنِي2: وَكَذَا مَنْ يَجْرِي مَجْرَى الْمَجُوسِ مِمَّنْ يَنْكِحُ ذَاتَ مَحْرَمٍ. وَلَا إرْثَ بِنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ وَلَا بِنِكَاحٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ كَافِرٌ لَوْ أَسْلَمَ، فَلَوْ أَوْلَدَ بِنْتَهُ بِنْتًا بِتَزْوِيجٍ فَخَلَّفَهُمَا وَعَمًّا فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْبَقِيَّةُ لِعَمِّهِ، فَإِنْ مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَهُ فَالْمَالُ لِلصُّغْرَى؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْكُبْرَى فَلَهَا ثُلُثُ نِصْفٍ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَ الصُّغْرَى فَوَلَدَتْ بِنْتًا وَخَلَّفَ مَعَهُنَّ عَمًّا فَلِبَنَاتِهِ الثُّلُثَانِ وَمَا بَقِيَ لَهُ، وَلَوْ مَاتَتْ3 بَعْدَهُ بِنْتُهُ الْكُبْرَى فَلِلْوُسْطَى النِّصْفُ؛ لِأَنَّهَا بِنْتٌ، وَمَا بَقِيَ لَهَا وَلِلصُّغْرَى؛ لِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ، فَيَصِحُّ مِنْ أربعة4، فَهَذِهِ بِنْتُ بِنْتٍ وَرِثَتْ مَعَ بِنْتٍ فَوْقَ السُّدُسِ، وَلَوْ مَاتَتْ بَعْدَهُ الْوُسْطَى فَالْكُبْرَى أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، وَالصُّغْرَى بِنْتٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ، فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ، وَمَا بَقِيَ لَهُمَا بِالتَّعْصِيبِ. فَإِنْ مَاتَتْ الصُّغْرَى بَعْدَهَا فَأُمُّ أُمِّهَا أُخْتٌ لأب، فلها الثلثان، وما بقي
لِلْعَمِّ، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ بِنْتُهُ الصُّغْرَى فَلِلْوُسْطَى بِأَنَّهَا أُمٌّ السُّدُسُ، وَحَجَبَتْ نَفْسَهَا، وَلَهُمَا الثُّلُثَانِ بِأَنَّهُمَا أُخْتَانِ لِأَبٍ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَمِّ، 1وَلَا تَرِثُ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّهَا جَدَّةٌ مَعَ أُمٍّ، فَهَذِهِ جَدَّةٌ حَجَبَتْ أُمًّا وَوَرِثَتْ مَعَهَا. وَمَنْ حَجَبَ بِنَفْسِهِ عُمِلَ بِهِ2. وَلَا يَرِثُ مُكَلَّفٌ أَوْ غَيْرُهُ انْفَرَدَ أَوْ شَارَكَ بِقَتْلِ مَوْرُوثِهِ وَلَوْ بِسَبَبٍ إنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ أَوْ دِيَةٌ أَوْ كَفَّارَةٌ، وَإِلَّا وَرِثَ، فَلَا تَرِثُ مَنْ شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ مِنْ الْغُرَّةِ شَيْئًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ فَمَاتَ لَمْ يَرِثْهُ، وَأَنَّهُ إنْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ فَصَدَهُ أَوْ بط سلعته3 لحاجته فوجهان وأن فِي الْحَافِرِ احْتِمَالَيْنِ، وَمِثْلُهُ نَصْبُ سِكِّينٍ وَوَضْعُ حَجَرٍ وَرَشُّ مَاءٍ وَإِخْرَاجُ جَنَاحٍ. وَفِي إرْثِ باغ عادلا روايتان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَأَنَّهُ إنْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ فَصَدَهُ أَوْ بَطَّ سِلْعَتَهُ لِحَاجَتِهِ فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ طَرِيقَةٍ مُؤَخَّرَةٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، والمذهب ما قدمه، وهو عدم الإرث. مَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَفِي إرْثِ بَاغٍ عَادِلًا رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَرِثُهُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ "قُلْت": وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا فِي الهداية، وليس بالصريح في
وَجَزَمَ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ: لَا يَرِثُهُ، وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَفِي عَكْسِهِ رِوَايَةٌ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، فَلِهَذَا عَنْهُ رِوَايَةٌ: لَا يَرِثُ قَاتِلٌ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إنْ جَرَحَهُ الْعَادِلُ لِيَصِيرَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ وَرِثَهُ، لَا إنْ تَعَمَّدَ قَتْلَهُ ابْتِدَاءً، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَذَكَرَ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ أَحَدَ طَرِيقَيْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَرِثُ مَنْ لَا قَصْدَ لَهُ مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مَنْ يُتَّهَمُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْوَفَاءِ، وَنَصُّ أَحْمَدَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُظْهِرُ الْجُنُونَ لِيَقْتُلَهُ، وَقَدْ يُحَرِّضُ عَاقِلٌ صَبِيًّا، فحسمنا المادة، كالخطإ، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمَا إدْخَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وَالْكَافِي2 وَقَالَ: هُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَمْنَعُ الْإِرْثَ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْمُذْهَبِ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 فِي قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَنَصَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، فَهَذِهِ مسألة واحدة.
باب ميراث المعتق بعضه
باب ميراث المعتق بعضه مدخل ... باب ميراث المعتق بعضه لَا يُورَثُ رَقِيقٌ، وَكَذَا لَا يَرِثُ، 1نَصَّ عَلَيْهِ1. وَعَنْهُ: بَلَى، عِنْدَ عَدَمٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَأَبُو الْبَقَاءِ فِي النَّاهِضِ. وَإِنْ هَايَأَ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ سَيِّدَهُ أَوْ قَاسَمَهُ فِي حَيَاتِهِ فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا لِوَرَثَتِهِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُحْجَبُ بِقَدْرِ حُرِّيَّةِ بَعْضِهِ، وَكَسْبُهُ بِهَا لِوَرَثَتِهِ ثُمَّ لِمُعْتَقٍ بَعْضِهِ. فَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ وَعَمٌّ، لِلْبِنْتِ الرُّبُعُ وَلِلْأُمِّ الرُّبُعُ، يَحْجُبُهَا2 عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا عَصَبَةٌ نِصْفُهُ حُرٌّ، كَابْنٍ، فَهَلْ يَأْخُذُ النِّصْفَ أَوْ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذِي الْفَرْضِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "فَبِنْتٌ نِصْفُهَا حُرٌّ وَأُمٌّ وَعَمٌّ، لِلْبِنْتِ الرُّبُعُ، وَلِلْأُمِّ الرُّبُعُ يَحْجُبُهَا3 عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ، وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَمِّ سَهْمَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ، فَلَوْ كَانَ مَكَانَهَا عَصَبَةٌ نِصْفُهُ حُرٌّ كَابْنٍ فَهَلْ يَأْخُذُ النِّصْفَ أَوْ نِصْفَ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ أَوْ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذَوِي الْفَرْضِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ. أَحَدُهَا: يَسْتَحِقُّ نِصْفَ مَا يَسْتَحِقُّهُ بِكَمَالِ حُرِّيَّتِهِ مَعَ ذَوِي الْفَرْضِ، فَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ هُنَا رُبُعًا وَسُدُسًا مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حُرًّا كَانَ يستحق خمسة أسداسه، وهو نصف وثلث،
فَإِنْ لَمْ يُنْقَصْ ذُو الْفَرْضِ بِالْعَصَبَةِ، كَجَدَّةٍ مَكَانَ الْأُمِّ، فَلَهُ النِّصْفُ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِمَا نِصْفُ الْبَقِيَّةِ بَعْدَ فَرْضِهَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فَرْضٌ يَسْقُطُ بِحُرِّيَّتِهِ كَابْنٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَأُخْتٌ وَعَمٌّ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَهَا نِصْفُ الْبَقِيَّةِ فَرْضًا، وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي1: لَهَا النِّصْفُ، ابْنَانِ نِصْفُ أَحَدِهِمَا حُرٌّ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا تَنْزِيلًا لَهُمَا وَخِطَابًا بِأَحْوَالِهِمَا. وَقِيلَ: أَثْلَاثًا، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ وَقِسْمَةً لِإِرْثِهِمَا، كَالْعَوْلِ. فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُمَا حُرًّا فَفِي المستوعب لهما2 ثلاثة أرباع المال. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ بِنِصْفِ حُرِّيَّتِهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الصحيح، 3وهو الذي3 ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ بَعْدَ إطْلَاقِ الْخِلَافِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي بَعْدَ رُبُعِ الْأُمِّ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي: وَفِيهِ بُعْدٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وهو بعيد.
وَقِيلَ: تَنْزِيلُهُمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ، فَبِنِصْفِهِمَا نِصْفُهُ، وَقِيلَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ "م 2 و 3" كابن وللأم معهما سدس، وللزوجة ثمن. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّالِثُ، لَهُ نِصْفُ الْمَالِ كَامِلًا، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِيهِ. مسألة – 2- 3: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ نِصْفُهُمَا حُرًّا يَعْنِي نِصْفَ الِابْنَيْنِ فَفِي الْمُسْتَوْعِبِ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ وَقِيلَ تَنْزِيلُهُمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ، فَبِنِصْفِهِمَا نِصْفُهُ، وَقِيلَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا، جَمْعًا لِلْحُرِّيَّةِ". انتهى. اعلم أنه إذا كان عَصَبَتَانِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ فَهَلْ تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا في الهداية والمقنع1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ. أَحَدُهُمَا: لَا تَكْمُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ3، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُصُولِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ فَيَكُونُ لَهُمَا الْمَالُ كُلُّهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنِهَايَتِهِ
ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ لِلِابْنِ النِّصْفُ، وَلَا شَيْءَ لِابْنِهِ، عَلَى الْأَوْسَطِ، وَلَهُ عَلَى الأول الربع، وعلى الثالث النصف. جدة حُرَّةٌ وَأُمٌّ نِصْفُهَا حُرٌّ، لِلْأُمِّ سُدُسٌ، وَلِلْجَدَّةِ نِصْفُ سُدُسٍ، وَمَعَ نِصْفِ حُرِّيَّتِهَا1 لَهَا رُبُعُ سُدُسٍ عَلَى الْأَوَّلِ، وَنِصْفُ سُدُسٍ عَلَى الثَّالِثِ، ولا شيء لها على الأوسط. ـــــــــــــــــــــــــــــQإدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ: رَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالسَّامِرِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا: جَمْعُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا فَيَكْمُلُ لَهُمَا حُرِّيَّةُ ابْنٍ وَهُوَ مَأْخَذُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ كَمَالِ الْحُرِّيَّةِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لَا فِي نِصْفِهِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ نِصْفَهُ لِمُزَاحَمَةِ أَخِيهِ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَالِ، وَهُوَ يُضِيفُ حَقَّهُ مَعَ كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ، فَلَمْ يَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ. انْتَهَى. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّهْذِيبِ: قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ جَمْعُ الْحُرِّيَّةِ. قَالَ شَيْخُهُ الْوَنِّيُّ: هَذَا أَقْيَسُ وَأَوْلَى، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِأَحْوَالٍ، أَوْ مَيَّزَ لَهُمَا حُرِّيَّةً وَرِقًّا فَقَطْ، فَلَهُمَا بِحُرِّيَّتِهِمَا الْمَالُ فَبِنِصْفِهَا نِصْفُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَالِ بِالْأَحْوَالِ وَالْخِطَابِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ، وَقَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2، 3وَمَالَ إلَيْهِ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُمَا نِصْفُهُمَا بِتَنْزِيلِهِمَا حُرِّيَّةً ورقا فقط.
أم وأخوان بأحدهما رق، لها ثلث1، وَحَجَبَهَا أَبُو الْخَطَّابِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ، فَبِنِصْفِهَا عَنْ نِصْفِ سُدُسٍ. وَيُرَدُّ عَلَى ذِي فَرْضٍ وَعَصَبَةٍ لَمْ تَرِثْ بِقَدْرِ نِسْبَةِ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُمَا، فَلِبِنْتٍ نِصْفُهَا حُرٌّ النِّصْفُ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ، وَلِابْنٍ مَكَانَهَا النِّصْفُ بِالْعُصُوبَةِ وَالْبَقِيَّةُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلِابْنَيْنِ نِصْفُهُمَا حُرَّانِ لَمْ يُوَرِّثْهُمَا الْمَالَ الْبَقِيَّةُ مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ. وَلِبِنْتٍ وَجَدَّةٍ نِصْفُهُمَا حُرٌّ الْمَالُ نِصْفَيْنِ بِفَرْضٍ وَرَدٍّ، وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِمَا الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا بِقَدْرِ فَرْضِهِمَا، وَمَعَ حُرِّيَّةِ ثُلُثِهِمَا الثلثان بينهما والبقية لبيت المال. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ -3: أُخْرَى قَدْ صُحِّحَتْ، وَالتَّفْرِيعُ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ، فَهَذِهِ ثَلَاثٌ، وَفِي التفريع مسألتان فيكمل خمس.
باب الولاء
باب الولاء مدخل ... باب الولاء مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقًا نَدْبًا أَوْ بَعْضَهُ فَسَرَى أَوْ وَاجِبًا أَوْ سَائِبَةً أَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ أَوْ حَلَفَ بِهِ فَحَنِثَ وَلَوْ بِرَحِمٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ كِتَابَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَفِيهِمَا قَوْلٌ فَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ زَوْجَةٍ عَتِيقَةٍ وَسُرِّيَّةٍ وَعَلَى مَنْ لَهُ أَوْ لَهُمْ وَلَاؤُهُ كَمُعْتَقَيْهِ وَمُعْتَقَيْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا. وَعَنْهُ فِي الْمُكَاتَبِ: إنْ أَدَّى إلَى الْوَرَثَةِ فَوَلَاؤُهُ لَهُمْ، وَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَجْهٌ: لِلْوَرَثَةِ. وَفِي الْمُبْهِجِ: إنْ أَعْتَقَ كُلُّ الْوَرَثَةِ الْمُكَاتَبَ نَفَذَ وَالْوَلَاءُ لِلرِّجَالِ، وَفِي النِّسَاءِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ وَهُوَ: أَعْتَقْتُك سَائِبَةً، أَوْ: لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، أَوْ فِي وَاجِبٍ لا ولاء عليه، اختاره الأكثر. ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيه: قوله: وَعَنْهُ فِي مُعْتَقِ سَائِبَةٍ. وَهُوَ: "أَعْتَقْتُك سَائِبَةً ... أولا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، أَوْ فِي وَاجِبٍ، لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ". انْتَهَى. قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا أَنَّ لَهُ الْوَلَاءَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: أَصَحُّهُمَا الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ عِنْدَ كَفَّارَتِهِ أَوْ نَذْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَيْهِمْ هِيَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي والشريف أبو جعفر
فَفِي عَقْلِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي "م 1" وَمَالُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْهُ: يُرَدُّ وَلَاؤُهُ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ يَلِي عِتْقَهُمْ الْإِمَامُ. وَعَنْهُ: لِلسَّيِّدِ، وَقِيلَ: وَكَذَا عتقه برحم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ بِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ فِيمَا أَعْتَقَهُ سَائِبَةً أَوْ قَالَ لَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك، وَقِيلَ: لَهُ الْوَلَاءُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ غَيْرِهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ: لَا وَلَاءَ لَهُ فِي السَّائِبَةِ. انْتَهَى. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْخِلَافُ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْخِلَافَ، وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ. مَسْأَلَةٌ – 1: إذَا قُلْنَا أَنْ لَا وَلَاءَ لَهُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ " فَفِي عَقْلِهِ لِكَوْنِهِ مُعْتَقًا، وَانْتِفَاءِ الْوَلَاءِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ، قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَعْقِلُ، كَالْحُرِّ أَصَالَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُعْقَلُ عَنْهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ ذِكْرِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ1: وَمَنْ أُعْتِقَ مِنْ الزَّكَاةِ رَدَّ مَا رَجَعَ مِنْ وَلَايَةٍ فِي عِتْقِ مِثْلِهِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: فِي الصَّدَقَاتِ، وَهَلْ يَعْقِلُ عَنْهُ، فِيهِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا هُنَاكَ. وَقَدَّمَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَنَصَرَهُ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَابِ قِسْمَةٍ كفيء
وَلَوْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ، فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وتركه ببيت المال وجهان فِي التَّبْصِرَةِ "م 2". وَمَنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ بَاعَهُ فَوَلَاؤُهُ لِمَوْلَاهُ الْأَوَّلِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَمَنْ أَبُوهُ عَتِيقٌ وَأُمُّهُ حُرَّةٌ الْأَصْلُ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، كَعَكْسِهَا، وَعَنْهُ: بَلَى: لِمَوْلَى أَبِيهِ. وَلَا وَلَاءَ عَلَى مَنْ أَبُوهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ وَأُمُّهُ عَتِيقَةٌ، وَحُكِيَ عَنْهُ: بَلَى لِمَوْلَى أُمِّهِ. وَمَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، إلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ وَارِثُهُ فِي وَاجِبٍ، وَلَهُ تَرْكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْعِتْقُ أَطْعَمَ أَوْ كَسَا، وَيَصِحُّ عِتْقُهُ، وَقِيلَ: بِوَصِيَّةٍ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا: الْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ. وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فَهَلْ يُجْزِئُهُ؟ كَإِطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ، أَمْ لَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، فِيهِ وَجْهَانِ "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَةِ، وَهِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا، فَإِنَّهُ قَالَ هنا: أو في واجب. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَلَّ عَنْ رَقَبَةٍ فَفِي الصَّدَقَةِ بِهِ وَتَرْكِهِ بِبَيْتِ الْمَالِ وَجْهَانِ فِي التَّبْصِرَةِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُتَصَدَّقُ بِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مَا لَا شَكَّ فِيهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُتْرَكُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا الْوَجْهِ إذَا كَانَ بَيْتُ الْمَالِ مُنْتَظِمًا، وَهُوَ الْحَقُّ. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَبَرَّعَ بِعِتْقِهِ عَنْهُ وَلَا تَرِكَةَ فهل يجزئه كإطعام وكسوة، أم
وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ، الثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ "م 4" قَالَ أَبُو النَّضْرِ: قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعِتْقِ عن ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا؟ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْوَلَاءُ، وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ الْعِتْقِ عَنْهُ، فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الإجزاء فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا فِيمَا إذَا أُعْتِقَ عَبْدُهُ عَنْ مَيِّتٍ بِلَا أَمْرِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، فَظَاهِرُهُ الْإِجْزَاءُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ: لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ زَيْدٍ الْحَيِّ أَوْ بَكْرٍ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَالْوَلَاءُ لَهُ دُونَهُمَا، وَعَنْهُ: إنْ كَانَ بِعِوَضٍ فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ لَهُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ بِلَا إذْنٍ فَالْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ قَالَ فِي الْكُبْرَى عَنْ الْقَوْلِ الْأَخِيرِ: وَهُوَ أَوْلَى. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ عَنْ الْمُعْتِقِ، وَإِلَّا أَنْ يُعْتِقَهُ عَنْ مَيِّتٍ فِي وَاجِبٍ عَلَيْهِ فَيَقَعَانِ لِلْمَيِّتِ، فَفِي هَذَا الْكَلَامِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ عُمُومٌ؛ لِيَشْتَمِلَ مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ: الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ، كَالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ. مَسْأَلَةٌ -4: قَوْلُهُ: "وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ فَأَوْجُهٌ، وَالثَّالِثُ يُجْزِئُهُ فِي إطْعَامٍ وَكِسْوَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ مَيِّتٍ وَفِي وَاجِبٍ وَقَعَا لِلْمَيِّتِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: وَلَاؤُهُ فَقَطْ لِلْمُعْتِقِ". انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. وَكَلَامُهُ أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْإِطْعَامَ وَالْكِسْوَةَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْإِجْزَاءُ فِي الْجَمِيعِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ المصنف "لو
الْمَيِّتِ: إنْ وَصَّى بِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ، وَإِلَّا لِلْمُعْتِقِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ في الرجل يعتق عن الرجل: فالولاء لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَالْأَجْرُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا وَصَّى لِرَجُلٍ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ فَزَادَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِهٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ هَذِهِ الرَّقَبَةُ جَمِيعُهَا عَنْ الْمَيِّتِ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ مِنْ الْوَلَاءِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَيَّرَهُ لِلْمَيِّتِ بِإِعْطَاءِ الْمَالِ، فَدَلَّتْ نُصُوصُهُ أَنَّ الْعِتْقَ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ، إلَّا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَفِي مُقَدِّمَةِ الْفَرَائِضِ لِأَبِي الْخَيْرِ سَلَامَةَ بْنِ صَدَقَةَ الْحَرَّانِيِّ1: إنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلِأَيِّهِمَا الْوَلَاءُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: فَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُعْتَقِ عَنْهُ، فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَتَقَ حَيًّا كَانَ الْمُعْتَقُ عَنْهُ أَوْ مَيِّتًا، وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: مَنْ أَعْتَقَهُ عَنْ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ فَالْعِتْقُ لِلْمُعْتِقِ، كَالْوَلَاءِ وَيَحْتَمِلُ: لِلْمَيِّتِ الْمُعْتَقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْقُرَبَ يَصِلُ ثَوَابُهَا إلَيْهِ، وَمَنْ قِيلَ لَهُ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي أَوْ عَنِّي مَجَّانًا أَوْ عَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفَعَلَ قَبْلَ فِرَاقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ، كإطعامه وعنه: والكسوة. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخْرَجَ أَجْنَبِيٌّ وَاجِبًا عَنْ مَيِّتٍ بِغَيْرِ إذْنِ الولي في ذلك" فِي آخِرِ بَابِ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فيه وتكلمنا على ذلك هناك2.
ذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى1: لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَيُعْتِقَهُ هُوَ، وَنَقَلَهُ مُهَنَّا، وَعَلَى الْأَوَّلِ: يُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ مَا لَمْ يَكُنْ قَرِيبَهُ، وَيَلْزَمُهُ عِوَضُهُ بِالْتِزَامِهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَنْفِهِ2، وَعَنْهُ: الْعِتْقُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ عِوَضَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: اعْتِقْهُ عَنْ كَفَّارَتِي وَلَك عَلَيَّ مِائَةٌ، فَأَعْتَقَهُ، عَتَقَ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ، وَتَلْزَمُهُ الْمِائَةُ، وَالْوَلَاءُ لَهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ قَالَ: اعْتِقْهُ عَنِّي بِهَذَا الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ، مَلَكَهُ وَعَتَقَ كَالْهِبَةِ، وَالْمِلْكُ يَقِفُ عَلَى الْقَبْضِ فِي هِبَةٍ بِلَفْظِهَا لَا بِلَفْظِ الْعِتْقِ، بِدَلِيلِ: اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي3، يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ، وَيَجُوزُ جَعْلُهُ قَابِضًا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ: بِعْتُك أَوْ وَهَبْتُك هَذَا الْعَبْدَ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي: هُوَ حُرٌّ، عَتَقَ، وَنُقَدِّرُ الْقَبُولَ حُكْمًا، وَكَلَامُ غَيْرِهِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ عِتْقِهِ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ: أَعْتِقْهُ وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، أَوْ أُعْتِقُهُ عَنْك وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ لَزِمَهُ ثمنه والأصح أن العتق وولاءه للمعتق4. وَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاجِبٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ: أَقْبَلُهُ عَلَى دِرْهَمٍ فَلَغْوٌ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ويتوجه وجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَالَ كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ: اعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ، فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَلَوْ قَالَ كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ: اعْتِقْ عَبْدَك الْمُسْلِمَ عَنِّي وَعَلَيَّ ثَمَنُهُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقُ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَيُعْتَقُ وَلَهُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ كَالْمُسْلِمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا يصح، صححه الناظم. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرُهُمْ، وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ، فَهَذِهِ خمس مسائل في هذا الباب.
فصل ولا ترث امرأة بولاء إلا عتيقها وعتيقه وأولادهما ومن جروا ولاءه والمنصوص.
فصل وَلَا تَرِثُ امْرَأَةٌ بِوَلَاءٍ إلَّا عَتِيقَهَا وَعَتِيقَهُ وَأَوْلَادَهُمَا وَمَنْ جَرُّوا وَلَاءَهُ وَالْمَنْصُوصُ. وَعَتِيقَ أَبِيهَا إذَا كَانَتْ مُلَاعَنَةً، وَعَنْهُ: تَرِثُ بِنْتُ الْمُعْتَقِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَعَنْهُ: مَعَ عَدَمِ عَصَبَةٍ، وَعَنْهُ: تَرِثُ مَعَ أَخِيهَا فَلَوْ اشْتَرَى هُوَ وَأُخْتُهُ أَبَاهُمَا فَعَتَقَ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَعْتَقَهُ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ بَعْدَ أَبِيهِ وَرِثَهُ ابْنُهُ لَا بِنْتُهُ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَرِثَاهُ أَثْلَاثًا.
وَمَنْ نَكَحَتْ عَتِيقَهَا فَأَحْبَلَهَا فَهِيَ الْقَائِلَةُ: إنْ أَلِدُ أُنْثَى فَلِيَ النِّصْفُ وَذَكَرًا الثُّمُنُ وَإِنْ لَمْ أَلِدْ فَالْجَمِيعُ. وَلَا يَرِثُ بِهِ ذُو فَرْضٍ غَيْرَ سُدُسٍ لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ مَعَ ابْنٍ أَوْ جَدٍّ مَعَ إخْوَةٍ، حَيْثُ فُرِضَ فِي النَّسَبِ، وَاخْتَارَ أَبُو إِسْحَاقَ سُقُوطَهُمَا مَعَ ابْنٍ، وَيُجْعَلُ جَدٌّ كَأَخٍ وَإِنْ كَثُرُوا، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: هُوَ أَقْيَسُ. وَفِي الِانْتِصَارِ رُبَّمَا حَمَلْنَا تَوْرِيثَ أَبٍ سُدُسًا بِفَرْضٍ مَعَ ابْنٍ عَلَى رِوَايَةِ تَوْرِيثِ بِنْتِ الْمَوْلَى، فَيَجِيءُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَرِثُ قَرَابَةُ الْمَوْلَى بِالْوَلَاءِ عَلَى نحو ميراثهم. ولا يجوز بيع الولاء وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، وَإِنَّمَا يَرِثُ بِهِ أَقْرَبُ عَصَبَةِ السَّيِّدِ إلَيْهِ يَوْمَ مَوْتِ عَتِيقِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ "أَعْطِهِ أَكْبَرَ خُزَاعَةَ"1 لَيْسَ أَكْبَرَهُمْ سِنًّا وَلَكِنَّهُ أَقْرَبُهُمْ إلَى خُزَاعَةَ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَلَا وَقْفُهُ، فَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ عَنْ ابْنَيْنِ ثُمَّ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ فَإِرْثُهُ لِابْنِ سَيِّدِهِ، وَلَوْ خَلَّفَ أَحَدُ ابْنَيْهِ ابْنًا وَالْآخَرُ أَكْثَرَ ثُمَّ مَاتَ عَتِيقُهُ فَإِرْثُهُ لَهُمْ بِعَدَدِهِمْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُورَثُ الْوَلَاءُ كَالْمَالِ، لَكِنْ لِلْعَصَبَةِ، فَلِابْنِ الِابْنِ نِصْفُ الْإِرْثِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: فِي الْأُولَى، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي الثَّانِيَةِ، وَمَنْ خَلَّفَتْ ابْنًا وَعَصَبَةً غَيْرَهُ وَعَتِيقًا فَوَلَاؤُهُ لِابْنِهَا وَعَقْلُهُ عَلَى عَصَبَتِهَا، فَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَادَ1 بَنُوهَا فَوَلَاؤُهُ لِعَصَبَتِهَا، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: لِعَصَبَةِ بَنِيهَا2، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْوَلَاءِ يُورَثُ، ثُمَّ لِعَصَبَةِ بَنِيهَا، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ، وَسَيَأْتِي مِنْ الْعَاقِلَةِ وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ اخْتَصَمَا فِي مَوَالِي صَفِيَّةَ، فَقَضَى عُمَرُ بِالْعَقْلِ عَلَى عَلِيٍّ والميراث للزبير3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في جر الولاء ودوره
فصل في جر الولاء ودوره ... فصل في جر الولاء ورده وَمَنْ ثَبَتَ لَهُ وَلَاءٌ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ، فَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَوْلَدَهَا فَوَلَاءُ وَلَدِهَا لِمَوْلَى أُمِّهِ، فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ إلَى مُعْتِقِهِ، وَلَا يَعُودُ إلَى مَوْلَى أُمِّهِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِ مُكَاتَبٍ مَيِّتٍ إنَّهُ أَدَّى وَعَتَقَ لِيَجُرَّ الْوَلَاءَ وَإِنْ عَتَقَ الْجَدُّ قَبْلَهُ لَمْ يَجُرَّهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، مَعَ مَوْتِ الْأَبِ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ عَتَقَ الْأَبُ جَرَّهُ، وَإِنْ اشْتَرَى الِابْنُ أَبَاهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلَهُ وَلَاؤُهُ وَوَلَاءُ إخْوَتِهِ، وَيَبْقَى وَلَاءُ نَفْسِهِ لِمَوْلَى أُمِّهِ، كَمَا لَا يَرِثُ نَفْسَهُ. فَلَوْ أَعْتَقَ هَذَا الِابْنُ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ الْعَتِيقُ أَبَا مُعْتِقِهِ، ثَبَتَ لَهُ وَلَاؤُهُ، وَجَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِ، فَصَارَ وَلَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَعْتَقَ حَرْبِيٌّ عَبْدًا كَافِرًا فَسَبَى سيده فأعتقه. فلو سَبَى الْمُسْلِمُونَ الْعَتِيقَ الْأَوَّلَ فَرُقَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَوَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ثَانِيًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقِيلَ: أَوَّلًا، وَقِيلَ: لَهُمَا، وَلَا يَنْجَرُّ مَا لِلْأَوَّلِ إلَى الْأَخِيرِ قَبْلَ رِقِّهِ ثَانِيًا مِنْ وَلَاءِ وَلَدٍ وَعَتِيقٍ، وَكَذَا عَتِيقٌ ذِمِّيٌّ، وَقِيلَ: أَوْ مُسْلِمٌ. وَإِذَا اشْتَرَى ابْنٌ1 وَبِنْتُ مُعْتَقَةٍ أَبَاهُمَا نِصْفَيْنِ فَقَدْ عَتَقَ، وَوَلَاؤُهُ لَهُمَا، وَجَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ وَلَاءِ صَاحِبِهِ، وَيَبْقَى نِصْفُهُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ وَرِثَاهُ أَثْلَاثًا بِالنَّسَبِ، وَإِنْ مَاتَتْ الْبِنْتُ بَعْدَهُ وَرِثَهَا أَخُوهَا بِالنَّسَبِ، فَإِذَا مَاتَ فَلِمَوْلَى أُمِّهِ النِّصْفُ، وَلِمَوْلَى أُخْتِهِ النِّصْفُ، وَهُمْ الْأَخُ وَمَوْلَى الْأُمِّ، فَلِمَوْلَى أُمِّهَا النِّصْفُ وَهُوَ الرُّبُعُ، يَبْقَى الرُّبُعُ وَهُوَ الْجُزْءُ الدَّائِرُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْأَخِ وَعَادَ إلَيْهِ، فَيَكُونُ لِمَوْلَى أُمِّهِ، وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ: وَقِيلَ لِمَوْلَى أُمِّهِ ثُلُثَانِ، وَلِمَوْلَى أُمِّهَا ثُلُثٌ، وَلَا تَرِثُ الْبِنْتُ مِنْ عَتِيقِ أَبِيهَا مَعَ أَخِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ، وَأَخْطَأَ فِيهَا خَلْقٌ، قَالَهُ في الترغيب والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الإقرار بمشارك في الميراث
باب الإقرار بمشارك في الميراث مدخل ... بَابُ الْإِقْرَارِ بِمُشَارِكٍ فِي الْمِيرَاثِ إذَا أَقَرَّ كُلُّ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ أَنَّهُ وَاحِدٌ، بِوَارِثٍ لِلْمَيِّتِ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَتِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُشَارِكٍ أَوْ مُسْقِطٍ فَصَدَّقَ أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَوْ مَعَ مُنْكِرٍ لَهُ لَا يَرِثُ لِمَانِعِ رِقٍّ وَنَحْوِهِ، وَيَثْبُتُ إرْثُهُ مَعَ عَدَمِ مَانِعِ رِقٍّ وَنَحْوِهِ فِيهِ وَارِثُهُ. وَقِيلَ: لَا يَرِثُ مُسْقِطٌ، اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ سِوَى الْقَاضِي، وَأَنَّهُ الصَّحِيحُ، فَقِيلَ: نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَالِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ: لَا يَرِثُ مُسْقِطٌ، اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ سِوَى الْقَاضِي. يَكُونُ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ، أَوْ يَكُونُ ببيت المال". انتهى. 1 يعني: إذا قلنا: لا يرث مسقط. فهل يَكُونُ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ، أَوْ يَكُونُ بِبَيْتِ المال1؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْفَائِقِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: لَا يَرِثُ الِابْنُ إذَنْ. قُلْت: وَهَلْ نَصِيبُهُ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُقَرُّ بِيَدِ الْمُقِرِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهِيَ قَرِيبَةُ النِّسْبَةِ بِمَا إذَا أَقَرَّ لِكَبِيرٍ عَاقِلٍ بِمَالٍ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَقُولُ أَنَا لَا أَسْتَحِقُّهُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ؛ لِكَوْنِ الوجهين إنما خرجهما صاحب
وَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى الْمُعْتَقِ إذَا كَانَا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتًا صَحَّ لِإِرْثِهَا بِفَرْضٍ وَرَدٍّ. وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِابْنٍ لِلْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِ فَصَدَّقَهُ نَائِبُ إمَامٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ مَنْصِبُ الْوَرَثَةِ، قَالَ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ لَهُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ لَا وَارِثَ لَهُ، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ أَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ غَيْرِ وَارِثٍ لِرِقٍّ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَا وَإِلَّا فَلَا، فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرَّيْنِ الْوَارِثَيْنِ، وقيل: لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ تَرْجِيحُ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْخِلَافَ قَوِيٌّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ أَخَذَ نِصْفَ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ". انْتَهَى. فِي أَخْذِهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَكُونُ الْمُقِرُّ بِهِ لَا يَسْتَحِقُّ نِصْفَ ذَلِكَ وَلَا نِصْفَ التَّرِكَةِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ، وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ للميت ولد.
جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ أَخًا وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثُوهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرِثُهُ الْأَخُ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 2". وَفِي الِانْتِصَارِ خِلَافٌ مَعَ كَوْنِهِ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ أَبِي المقر، أو معروف النسب. ولو مَاتَ الْمُقِرُّ وَخَلَفُهُ وَالْمُنْكِرُ فَإِرْثُهُ بَيْنَهُمَا، فَلَوْ خَلَفَهُ فَقَطْ وَرِثَهُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إقْرَارَهُ لَهُ كَوَصِيَّةٍ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ فِي وَجْهٍ، وَثُلُثَهُ فِي آخر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَإِلَّا فيثبت نسبه من المقرين الوارثين، وقيل: لا، جَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَغَيْرُهُ، فَلَوْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ أَخًا وَمَاتَ الْمُقِرُّ عَنْ بَنِي عَمٍّ وَرِثُوهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرِثُهُ الْأَخُ، وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ وَلَدِ الْمُقِرِّ الْمُنْكِرِ لَهُ تَبَعًا فَتَثْبُتُ الْعُمُومَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُقِرِّ تَبَعًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْحَاوِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ.
وَقِيلَ: الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ صَدَّقَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا بَلَغَ وَعَقِلَ ثَبَتَ نَسَبُهُ، فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ إرْثُ غَيْرِ الْمُقِرِّ اُعْتُبِرَ تَصْدِيقُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْهُ إنْ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى أَبِيهِمَا بِدَيْنٍ أَوْ نَسَبٍ ثَبَتَ فِي حق ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إقْرَارَهُ لَهُ كَوَصِيَّةٍ، فَيَأْخُذُ الْمَالَ فِي وَجْهٍ، وَثُلُثَهُ فِي آخَرَ، وَقِيلَ: الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ". انْتَهَى. هَذَا الْخِلَافُ طَرِيقَةٌ مُؤَخِّرَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ حُكْمًا في المسألة غير ذلك.
غَيْرِهِمْ، إعْطَاءً لَهُ حُكْمَ شَهَادَةٍ وَإِقْرَارٍ، وَفِي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ. وَفِي الْهِدَايَةِ: إنْ أَقَرَّ بعضهم لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ تَزَوَّجَ سِرًّا فَأَرَادَ سَفَرًا فَقَالَ لِبَعْضِ قَرَابَتِهِ: لِي فِي السِّرِّ امْرَأَةٌ وَوَلَدٌ، ثُمَّ سَافَرَ فَمَاتَ، فَأَتَتْ امْرَأَتُهُ بِصَبِيٍّ فَقَالَتْ [إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَ] إنَّهُ ابْنُهُ، وَلَهَا شَاهِدَانِ غَيْرُ عَدْلَيْنِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ مَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةً لَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ مِثْلُ مَا أَقَرَّ ابْنُ زَمْعَةَ1، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ لِقَرَابَتِهِ وَلَا وَصِيَّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِعَدْلَيْنِ. وَمُرَادُهُ: أَقَرَّ بَعْضُهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ غَيْرُهُ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إنْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَخٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ عَلَى مَنْ نَفَاهُ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ أَخٌ لِلْجَمِيعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يدفع ذلك؛ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمَا الرِّوَايَتَانِ". انْتَهَى. مُرَادُهُ بِالرَّاوِيَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا فِيمَا إذَا أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِنَسَبِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَفِي ثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ رِوَايَتَانِ. وَهُمَا فِي إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، قَالَ الْقَاضِي: وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي عَدَالَتِهِمَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ فِي التَّمَامِ. انْتَهَى كَلَامُهُ فِي الْفَائِقِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ من عدالتهما.
عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ فِي ابْنِ أَمَةِ: "زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ"1. وَلَمْ يَدْفَعْ دَعْوَى عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ أَخَذَ الْفَاضِلُ بِيَدِ الْمُقِرِّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ، أَوْ كُلُّهُ2 إنْ سَقَطَ بِهِ. فَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ بِأَخٍ فَلَهُ ثُلُثُ مَا بِيَدِهِ، نَقَلَهُ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ فَلَهَا خُمُسُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ ابْنُ ابْنٍ بِابْنٍ أَخَذَ مَا بِيَدِهِ، وَلَوْ خَلَّفَ أَخًا لِأَبٍ وَأَخًا لِأُمٍّ فَأَقَرَّ الْأَخُ لِأَبٍ بِأَخٍ لِأَبَوَيْنِ أَخَذَ مَا بِيَدِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ الْأَخُ لِأُمٍّ فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَطَرِيقُ الْعَمَلِ فِي جَمِيعِ الْبَابِ أَنْ تَضْرِبَ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ وَتُرَاعِيَ الْمُوَافَقَةَ وَتُعْطِيَ الْمُقِرَّ سَهْمَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ، فَمَا فَضَلَ فَلِلْمُقِرِّ بِهِ، فَلَوْ خَلَّفَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخَوَيْنِ فَصَدَّقَهُ أَخُوهُ فِي أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ فَصَارُوا ثَلَاثَةً، مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، لِلْمُقِرِّ رُبُعٌ، وَلِلْمُنْكِرِ ثُلُثٌ، وَلِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ إنْ جَحَدَ الرَّابِعُ وَإِلَّا فَكَالْمُقِرِّ وَالْبَقِيَّةُ لِلْمَجْحُودِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا يَأْخُذُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنْكِرِ إذَا صَدَّقَ إلَّا رُبُعَ مَا بِيَدِهِ، وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ؛ لِلْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ، وللمجحود سهم، وللآخرين سهمان بينهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن خلف ابنا فأقر بأخوين بكلام متصل ثبت نسبهما
فصل وَإِنْ خَلَّفَ ابْنًا فَأَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ ثبت نسبهما، وقيل: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اخْتَلَفَا وَلَمْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ فَلَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَكُذِّبَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي ثَبَتَ نَسَبُ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَلَهُ نِصْفُ مَا بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ، وَإِنْ أُكْذِبَ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ وَهُوَ مُصَدِّقٌ بِهِ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّلَاثَةِ، وَقِيلَ: يَسْقُطُ نَسَبُ الْأَوَّلِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ مِنْ إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ. وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ بِهِ ابْنُهُ فَفِي تَكْمِيلِ إرْثِهَا وَجْهَانِ "م 3". وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ إنْكَارِهِ ثَبَتَ إرْثُهَا، وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: مات أبي وأنت أخي، فقال: هو أَبِي وَلَسْت بِأَخِي، فَالْمَالُ لَهُمَا، وَقِيلَ: لِلْمُقِرِّ، وَقِيلَ: لِلْمُقِرِّ بِهِ، وَكَذَا: مَاتَ أَبُونَا وَنَحْنُ ابْنَاهُ. وَإِنْ قَالَ: مَاتَ أَبُوك وَأَنَا أَخُوك، فَكُلُّهُ لِلْمُنْكِرِ، وَإِنْ قَالَ: مَاتَتْ زَوْجَتِي وَأَنْتَ أَخُوهَا فَأَنْكَرَهُ الزَّوْجِيَّةَ قُبِلَ إنْكَارُهُ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَقَرَّ فِي مَسْأَلَةِ عَوْلٍ بِمَنْ يُزِيلُهُ كَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ أَقَرَّتْ إحْدَاهُمَا بِأَخٍ فَاضْرِبْ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ فِي الْإِنْكَارِ سِتَّةً وَخَمْسِينَ، وَاعْمَلْ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُنْكِرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ، وللمقرة سبعة، وللأخ تسعة فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِلْمَيِّتِ لَزِمَهُ مِنْ إرْثِهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُنْكِرُ فَأَقَرَّ بِهِ ابْنُهُ فَفِي تَكْمِيلِ إرْثِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. أَحَدُهُمَا: يَكْمُلُ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَعْتَقِدُ أَنَّ وَالِدَهُ ظَلَمَهَا بِإِنْكَارِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكْمُلُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلِلْأَخِ تِسْعَةٌ. انْتَهَى. تَبِعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ، وتبعه ابن نصر الله،
صَدَّقَهَا الزَّوْجُ فَهُوَ يَدَّعِي أَرْبَعَةً، وَالْأَخُ يَدَّعِي أربعة عشر، فاقسم التسعة على مدعاهما، لِلزَّوْجِ سَهْمَانِ وَلِلْأَخِ سَبْعَةٌ، وَمَعَ أُخْتَيْنِ لِأُمٍّ مِنْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ، وَلِوَلَدِ الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ، وَلِلْمُنْكِرَةِ مِثْلُهُ، وَلِلْمُقِرَّةِ ثَلَاثَةٌ، يَبْقَى مَعَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ لِلْأَخِ سِتَّةٌ، تَبْقَى سَبْعَةٌ لَا مُدَّعِيَ لَهَا، فَتُقِرُّ بِيَدِ الْمُقِرَّةِ، وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَالِ، وَقِيلَ: يُقْسَمُ بَيْنَ الْمُقِرَّةِ والزوج وولد الأم باحتمال استحقاقهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَ بِيَدِهَا سِتَّةَ عَشَرَ، وَيَقْتَضِي إقْرَارُهَا أَنَّ لَهَا مِنْهُ سَبْعَةً، وَلِلزَّوْجِ سَهْمَانِ، لَكِنَّ الزَّوْجَ بِإِنْكَارِ الْأَخِ لَا يَسْتَحِقُّ السَّهْمَيْنِ، فَكَيْفَ تَدْفَعُهُمَا إلَى غَيْرِ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِمَا لَهُ. انْتَهَى. قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ السَّهْمَيْنِ مِنْ حِصَّةِ الْأُخْتِ، وَلَا يَدَّعِيهِمَا أَحَدٌ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَالْأُخْتُ تَدَّعِي بِإِقْرَارِهَا أَنَّ لِلْأَخِ مِنْ الْمِيرَاثِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ، فَكَانَ أَوْلَى بِهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَيْضًا الْمُقِرُّ بِهِ يَدَّعِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَالسَّهْمَانِ لَا يَدَّعِيهِمَا أَحَدٌ، فَكَانَا لَهُ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
كتاب العتق
كتاب العتق مدخل * ... كِتَابُ الْعِتْقِ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُوَ أَحَبُّهَا إلَى اللَّهِ وَأَفْضَلُ الرِّقَابِ أنفسها عند أهلها وأغلاها1 ثَمَنًا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ2 كَافِرَةً "وم" وَخَالَفَهُ أَصْحَابُهُ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ أَحْمَدَ، لَكِنْ يُثَابُ عَلَى عِتْقِهِ "ع" 3. قَالَ فِي الْفُنُونِ: لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، وَاحْتَجَّ بِهِ وَبِرِقِّ الذُّرِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ بَلْ مِحْنَةٌ وَبَلْوَى. وَعِتْقُ ذَكَرٍ أَفْضَلُ وَعَنْهُ: أُنْثَى لِأُنْثَى، وَعَنْهُ: أَمَتَيْنِ4 كَعِتْقِهِ رَجُلًا، وَعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا زَوْجٌ، فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَبْدَأَ بِالرَّجُلِ قَبْلَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَرْأَةِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1، وَهُوَ ثَابِتٌ إلَى ابْنِ مَوْهَبٍ، وَابْنُ مَوْهَبٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ مَعِينٍ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَسَنُ الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ2 وَقَدْ رَوَاهُ: لَا يُعْرَفُ هَذَا الْخَبَرُ إلَّا بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ شَيْخُنَا: وَتَزْوِيجُهُ بِهَا وَعِتْقُهُ مَنْ انْعَقَدَ سَبَبُ حُرِّيَّتِهَا أَفْضَلُ، وَيُتَوَجَّهُ فِي الثَّانِيَةِ عَكْسُهُ. وَيُسْتَحَبُّ عِتْقُ وَكِتَابَةُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ، وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ كِتَابَتُهُ وَعَنْهُ: الْأُنْثَى، كَخَوْفٍ مُحَرَّمٍ، فَإِنْ ظَنَّ حَرُمَ وَصَحَّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَيُتَوَجَّهُ كَمَنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِقَصْدِ الْحَرَامِ. وَيَنْعَقِدُ بِصَرِيحِهِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ عَتَقَ مُطْلَقًا. وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْعِتْقِ وَالْحُرِّيَّةِ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ، وَعَنْهُ: بِنِيَّةِ وُقُوعِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْفُنُونِ عَنْ الْإِمَامِيَّةِ: لَا يَنْفُذُ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ الْقُرْبَةَ، قَالَ: وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى اعْتِبَارِ النِّيَّةِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوهُ عِبَادَةً، وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَا عِتْقَ مَعَ نِيَّةِ عِفَّتِهِ وَكَرَمِ خُلُقِهِ وَنَحْوِهِ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: هُوَ كَطَلَاقٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ وَالتَّعْلِيقِ، وَدَعْوَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ صَرِيحِهِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهُمَا فِي اللَّفْظِ وَالنِّيَّةِ. نَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى فِيمَنْ كَتَبَ إلَى آخَرَ اعْتِقْ جَارِيَتِي يُرِيدُ يَتَهَدَّدُهَا قَالَ: أَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبِيعَهَا. وَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، وَجَزَمَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَا يُقْبَلُ حُكْمًا. وَيَنْعَقِدُ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّةٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: أَوْ دَلَالَةِ حال، نحو خليتك وَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ، وَأَطْلَقْتُك. وَهَلْ: لَا سَبِيلَ، أَوْ لَا سُلْطَانَ، أَوْ لَا مِلْكَ، أَوْ لَا رِقَّ، أَوْ لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك، أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك، وَأَنْتَ لِلَّهِ، وَأَنْتِ سَائِبَةٌ، وَأَنْتَ مَوْلَايَ، صَرِيحٌ أَوْ كناية؟ فيه روايتان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ "وَهَلْ لَا سَبِيلَ، أَوْ لَا سُلْطَانَ، أَوْ لَا مِلْكَ، أَوْ لَا رِقَّ، أَوْ لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، أَوْ مَلَّكْتُك نَفْسَك، أَوْ فَكَكْت رَقَبَتَك، وَأَنْتَ لِلَّهِ، وَأَنْتِ سَائِبَةٌ وَأَنْتَ مَوْلَايَ، صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْكَافِي1 وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ2 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فِي أَكْثَرِ الألفاظ التي ذكرها المصنف:
وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ: وَهَبْتُك لِلَّهِ، صَرِيحٌ، وَسَوَّى الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ: أَنْتَ لِلَّهِ. وَفِي الْمُوجَزِ: هي، ورفعت يدي عنك إلَى اللَّهِ، كِنَايَةٌ. وَهَلْ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ حَرَامٌ، كِنَايَةٌ أَوْ لَغْوٌ؟ فِيهِ روايتان "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: ذَلِكَ صَرِيحٌ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: لَا خِدْمَةَ لِي عَلَيْك، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَفِيهِ بُعْدٌ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: كِنَايَةٌ، صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَصَحَّحَهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا سَبِيلَ، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ، كِنَايَةٌ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِ: لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك، وَأَنْتَ لِلَّهِ، صَرِيحٌ، وَقَالَ هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك: كِنَايَةٌ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَقَالَ: وَمِنْ الْكِنَايَةِ، لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَلَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَفَكَكْت رَقَبَتَك، وَمَلَّكْتُك نَفْسَك، وَأَنْتَ مَوْلَايَ، وَأَنْتَ سَائِبَةٌ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ: لَا مِلْكَ، وَلَا رِقَّ لِي عَلَيْك، وَأَنْتَ لِلَّهِ، صَرِيحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ. انْتَهَى. وَقَطَعَ فِي الْإِيضَاحِ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك، وَأَنْتَ لِلَّهِ، كِنَايَةٌ، وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا سلطان، وأنت لله1 سَائِبَةٌ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك، وَلَا رِقَّ لِي، وَأَنْتَ لِلَّهِ، صَرِيحٌ، وَقَالَ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِي ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ، وَهِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْإِيضَاحِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ فِي الْوَاضِحِ وَكَلَامَ الْقَاضِي وغيره وكلامه في الموجز. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَهَلْ قَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أو حرام، كناية أو لغو؟ فيه
وفي الانتصار: وكذا: اعتدي، وأنه يَحْتَمِلُ مِثْلُهُ فِي لَفْظِ الظِّهَارِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي طَلَاقِ الْأَمَةِ، وَعَنْهُ: لَا تَطْلُقُ المرأة إذا أضاف إليها الحرية "وهـ" وَإِنْ قَالَ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ: أَنْتَ ابْنِي، لَمْ يُعْتَقْ، فِي الْأَصَحِّ، كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُك، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَلِأَمَتِهِ: أَنْتَ ابْنِي، وَلِعَبْدِهِ: أَنْتِ بِنْتِي، وَإِنْ أَمْكَنَ وَلَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ1 عَتَقَ؛ لِجَوَازِ كَوْنِهِ وَطْءَ شُبْهَةٍ، وَقِيلَ: لَا؛ لِكَذِبِهِ شَرْعًا، وَمِثْلُهُ لِأَصْغَرَ: أَنْتَ أَبِي. وَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَيْهِ وَافَقَهُ فِي دِينِهِ أَوْ لَا، عَتَقَ، وَعَنْهُ: عَمُودُ النَّسَبِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا نفقة لغيرهم. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQرِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: كِنَايَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنَظْمِهِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وقدمه ابن رزين3 في قوله: أنت حرام. والرواية الثانية: هما لغو. قدمه ابْنُ رَزِينٍ3 فِي شَرْحِهِ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَصَحَّحَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فِي قوله: أنت حرام، وأطلق4 الروايتين في قوله: أنت طالق.
الِانْتِصَارِ: لَنَا فِيهِ خِلَافٌ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: لَا نَفَقَةَ لِغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّهُ آكَدُ مِنْ التَّعْلِيقِ. فَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مِلْكِهِ عَتَقَ بِمِلْكِهِ لَا بِتَعْلِيقِهِ، قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ عَتَقَ بِرَحِمٍ: لَا يَمْلِكُ بَائِعُهُ اسْتِرْجَاعَهُ لِفَلَسِ مُشْتَرٍ، وَرَجَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا عِتْقَ بِمِلْكٍ، وَعَنْهُ: إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ لَمْ يُعْتَقْ، وَفِي إجْبَارِهِ عَلَى عِتْقِهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى1 "م 3" وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ حَمْلٌ حتى يُولَدَ فِي مِلْكِهِ حَيًّا، فَلَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ بِأَمَتِهِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ جَدِّهِ فَهَلْ هُوَ مَوْرُوثٌ عَنْهُ أَوْ حُرٌّ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ، وَاحْتَجَّ فِي الْفُنُونِ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعُقُودِ آكَدُ بِتَمَلُّكِ الرَّحِمِ، وَكَافِرٌ لِمُسْلِمٍ بِإِرْثٍ، وَأَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ الِاسْتِدَامَةُ، وَلَا يُعْتَقُ فِي الْمَنْصُوصِ وَلَدُهُ وَلَوْ نَزَلَ مِنْ زِنًا، وَمِثْلُهُ أَبُوهُ مِنْ زِنًا، ذكره في التبصرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ: إنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ لَمْ يُعْتَقْ، وَفِي إجْبَارِهِ عَلَى عِتْقِهِ رِوَايَتَانِ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى". انْتَهَى. هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى، وَلَيْسَتْ الرِّوَايَتَانِ: مُطْلَقَتَيْنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ، بَلْ الْمُقَدَّمُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَابْنُ أَبِي مُوسَى ذَكَرَ رِوَايَتَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْإِجْبَارَ وَعَدَمَهُ لَيْسَا فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَإِنَّمَا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي مُوسَى، فَيَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الْعِتْقِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ.
وَيُعْتَقُ حَمْلٌ وَحْدَهُ بِعِتْقِهِ، وَيَتْبَعُ أُمَّهُ بِعِتْقِهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَاحْتِمَالَانِ "م 4". وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَجْهَيْنِ، وَوَجْهُ دُخُولِهِ شُمُولُ اسْمِهَا لَهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ شَمِلَ1 الْأَشْجَارَ، أَوْ بِشَجَرَةٍ شَمِلَ الْأَغْصَانَ، فَإِنْ دَخَلَ، فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْحَمْلَ، فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ؛ لِرُجُوعِهِ عَمَّا دَخَلَ تَحْتَ إطْلَاقِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، كَاسْتِثْنَائِهِ بِلَفْظِهِ "م 5" كَعُضْوٍ، بِخِلَافِ عَبْدَيْنِ، فَتُقَوَّمُ حَامِلًا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَيُعْتَقُ حَمْلٌ وَحْدَهُ بِعِتْقِهِ2 وَيَتْبَعُ أُمَّهُ بِعِتْقِهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَاحْتِمَالَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ أَقَرَّ بِالْأَمَةِ لِشَخْصٍ فَهَلْ يَدْخُلُ الْحَمْلُ فِي الْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟ ذَكَرَ احْتِمَالَيْنِ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ وَجْهَيْنِ، قَالَ فِي التَّخْلِيصِ: لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي جَارِيَةٌ، فَهَلْ يَدْخُلُ الْجَنِينُ فِي الْإِقْرَارِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَدْخُلُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ، وَدُخُولُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَدْخُلُ تَبَعًا كَالْعِتْقِ. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "فَإِنْ دَخَلَ فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْحَمْلَ" يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِدُخُولِ الْحَمْلِ فِي الْإِقْرَارِ، فَقَالَ الْمُقِرُّ لَمْ أُرِدْ إدْخَالَهُ "فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ؛ لِرُجُوعِهِ عَمَّا دَخَلَ تَحْتَ إطْلَاقِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، كَاسْتِثْنَائِهِ بلفظه". انتهى. الْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ، بَلْ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَالْقَوْلُ الأول ضعيف.
وقيل: كل منهما منفردا، وإن أَعْتَقَهُ ثُمَّ هِيَ قُدِّمَ، وَلَا سِرَايَةَ مِنْهُ، وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ، كَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا مِثْلُهُ، وَلِهَذَا قَاسَ1 فِي الرَّوْضَةِ الْكِتَابَةَ عَلَى الْعِتْقِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ فِيهِمَا حَتَّى يُوضَعَ حَيًّا. وَإِنْ أُعْتِقَ مِنْ حَمْلِهَا لِغَيْرِهِ كَالْمُوصَى بِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يُعْتَقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَلَا يُعْتَقُ رَحِمٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا مَحْرَمٌ بِرَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، قَالَ: عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهُوَ حُرٌّ" 2، فَالرَّضَاعَةُ لَيْسَتْ بِرَحِمٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنْ يُبَاعَ، وَعَنْ أَحْمَدَ: يُكْرَهُ بَيْعُ أَخِيهِ لِرَضَاعٍ، وَقَالَ: يَبِيعُ أخاه!. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَوْ حَرْقِهِ عَتَقَ، فِي الْمَنْصُوصِ، بِلَا حُكْمٍ "م" قَالَ جَمَاعَةٌ: لَا مُكَاتَبَ، لَا بِضَرْبِهِ وَخَدْشِهِ. وَفِي اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَجْهَانِ "م 6 - 7" وَلَوْ زَادَ ثَمَنُهُ بِجَبٍّ أَوْ خَصْيٍ فَيُتَوَجَّهُ حَلُّ الزيادة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 6- 7: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ: "وَفِي اعْتِبَارِ الْقَصْدِ وَثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 6: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي التَّمْثِيلِ الْقَصْدُ أَمْ لَا، أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قال في الفائق: لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَصْدَ غَيْرُ ابْنِ عَقِيلٍ. قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: لَا نَعْرِفُ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ، قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ فِي ذَلِكَ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، 1وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ1. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 7: هَلْ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ إذَا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالتَّمْثِيلِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ، 1وَهُوَ الصَّحِيحُ1، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ في الرعايتين والفائق.
فصل ومن أعتق بعض عبده غير شعر ونحوه عتق كله،
فصل وَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ غَيْرَ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ عَتَقَ كُلُّهُ، وَإِنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْهُ مُوسِرٌ بِقِيمَةِ حَقِّ شَرِيكِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ فِطْرٍ1، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُغْنِي2: مُقْتَضَى نَصِّهِ لَا يُبَاعُ لَهُ أَصْلُ مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ أَوْ مَلَكَهُ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الْمُذْهَبِ، وَعَنْهُ: أَوْ قَهْرًا كَإِرْثٍ، عَتَقَ كُلُّهُ عَلَيْهِ، لِلْخَبَرِ3، وَلِأَنَّ الرِّقَّ لا يتجزأ، كنكاح. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ وَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُصْرَفُ فِي رِقَابٍ، قَالَ: وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، قَالَ في الفائق: قلت: واختاره ابن الزاغوني.
فَلَوْ قَالَ إمَامٌ لِأَسِيرٍ: أَرَقَقْت1 نِصْفَك، لَمْ يصح وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ وَقْتَ عِتْقِهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ2 وَجْهٌ: يَوْمَ تَقْوِيمِهِ، وَيُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُعْتِقِ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. فَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَهَا فَوَجْهَانِ "م 8" وَلَهُ نِصْفُ القيمة، قاله أحمد: لا قيمة النصف. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَعْتَقَ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ كُلَّهُ أَوْ نَصِيبَهُ مِنْهُ مُوسِرٌ بِقِيمَتِهِ ... عَتَقَ كُلُّهُ، لِلْخَبَرِ ... وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ ... وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، فَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكُهُ قَبْلَهَا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَهَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الفائق. والوجه الثاني: لا يصح.
وَيُعْتَقُ عَلَى الْمُوسِرِ بِبَعْضِهِ بِقَدْرِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَالْمُعْسِرُ يُعْتَقُ حَقُّهُ فَقَطْ، بِخِلَافِ الْقِيَاسِ، أَوْ لِضَرَرِ الْغَيْرِ، وَعَنْهُ: كُلُّهُ. وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي بقيته1، نصره في الانتصار، واختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَشَيْخُنَا فِي كَوْنِهِ قَبْلَ أَدَائِهَا كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالسِّرَايَةُ بِعِتْقِ كَافِرٍ شِرْكًا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ "م 9 و 10". وَيَسْرِي إلَى شِقْصِ شَرِيكٍ رَهْنًا وَقِيمَتُهُ مَكَانَهُ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَكَذَا مكاتبا أو مدبرا، وقيل: إذا بطلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 9- 10: قَوْلُهُ عَلَى رِوَايَةِ الِاسْتِسْعَاءِ: "وَيُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّتِهِ ... وَفِي كَوْنِهَا قَبْلَ أَدَائِهَا كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ وَالسِّرَايَةُ بِعِتْقِ كَافِرٍ شِرْكًا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 9: هَلْ يَكُونُ قَبْلَ الْأَدَاءِ كَحُرٍّ أَوْ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِسْعَاءِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالزَّرْكَشِيُّ: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ الْأَحْرَارِ، فَلَوْ مَاتَ وَبِيَدِهِ مَالٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ مَا بَقِيَ فِي السِّعَايَةِ، والباقي إرث، وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى أَحَدٍ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: يُعْتَقُ كُلُّهُ وَيُسْتَسْعَى فِي قِيمَةِ بَاقِيهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ جَمِيعَ السِّعَايَةِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ، فَلَوْ مَاتَ كَانَ لِلشَّرِيكِ مِنْ مَالِهِ مِثْلُ مَا لَهُ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالسِّعَايَةِ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وقدمه ابن رزين في شرحه.
وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكٍ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا، وَعَنْهُ: بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَنْ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهُ وَبَقِيَّتُهُ لِآخَرَ فَأَعْتَقَ مُوسِرَانِ مِنْهُمْ حَقَّهُمَا مَعًا تَسَاوَيَا فِي ضَمَانِ الْبَاقِي وَوَلَائِهِ، وَقِيلَ: بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا. وَمَنْ قَالَ أَعْتَقْت نَصِيبَ شَرِيكِي، فَلَغْوٌ، وَلَوْ قَالَ: أَعْتَقْت النِّصْفَ انْصَرَفَ إلَى مِلْكِهِ ثُمَّ سَرَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ نَصِيبَهُ. وَنَقَلَ ابن منصور فِي دَارٍ بَيْنَهُمَا قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعْتُك نِصْفَ هَذِهِ الدَّارِ لَا يَجُوزُ، إنَّمَا لَهُ الرُّبُعُ مِنْ النِّصْفِ حَتَّى يَقُولَ نَصِيبِي. وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا نِيَّةَ فَفِي صرفه إلى نصيب ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 10: لَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ حِصَّتَهُ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ فَهَلْ يَسْرِي إلَى1 الْجَمِيعِ أَمْ لا؟ وأطلق الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ2 وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَسْرِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: يَسْرِي إلَى سَائِرِهِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْرِي، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ كَمَا قال، وإطلاق المصنف الخلاف فيه شيء.
مُوَكِّلِهِ أَمْ نَصِيبِهِ أَمْ إلَيْهِمَا احْتِمَالَاتٌ فِي الْمُغْنِي1 "م 11" وَأَيُّهُمَا سَرَى عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ حَقَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِمَا، وَلَا وَلَاءَ لَهُمَا، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ لَهُ وَضَمِنَ حَقَّ شَرِيكِهِ، وَإِلَّا فَلِبَيْتِ الْمَالِ، وَحَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلسِّرَايَةِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا عَتَقَ حَقُّهُ فَقَطْ، وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا لَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَمَعَ عَدَالَتِهِمَا وَثُبُوتِ الْعِتْقِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ يَحْلِفُ مَعَ شَهَادَةِ كُلِّ واحد وَيُعْتَقُ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا وَيُعْتَقُ نِصْفُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يُصَدَّقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ" يَعْنِي: أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ لِشَرِيكِهِ "فَأَعْتَقَ نِصْفَهُ وَلَا نِيَّةَ، فَفِي صَرْفِهِ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ أَمْ نَصِيبِهِ أَمْ إلَيْهِمَا احْتِمَالَاتٌ فِي الْمُغْنِي1". انْتَهَى. أَحَدُهَا: يُصْرَفُ2 إلَى نَصِيبِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَالثَّانِي: يُصْرَفُ إلَى نَصِيبِ مُوَكِّلِهِ؛ 3لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِيهِ فَهُوَ كَنَصِيبِهِ3 وَيَزِيدُ بِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالتَّوْكِيلِ لِلْعِتْقِ. وَالثَّالِثُ: يُصْرَفُ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَكَّلَهُ بَقِيَ فِي يَدِهِ كُلُّهُ، وَلَيْسَ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ أَوْلَى بِالْعِتْقِ مِنْ الْآخَرِ، هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي تَعْلِيلِ الِاحْتِمَالَاتِ، وَتَعْلِيلُ الِاحْتِمَالِ الثَّالِثِ أقوى من الثاني.
وَذَكَرَهُ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ، وَلَا شَهَادَةَ لِخَصْمٍ1 عَلَى خَصْمِهِ. وَأَيُّهُمَا اشْتَرَى حَقَّ الْآخَرِ عَتَقَ مَا اشْتَرَى، وَقِيلَ: جَمِيعُهُ. وَإِذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ الْمُوسِرِ: إذَا أَعْتَقْت نَصِيبَك فَنَصِيبِي حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ عَتَقَ الْبَاقِي بِالسِّرَايَةِ مَضْمُونًا، وَقِيلَ: يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا، كَالْأَصَحِّ فِي قَوْلِهِ: فَنَصِيبِي حُرٌّ مَعَ نَصِيبِك أَوْ قَبْلَهُ، وَقِيلَ فِي قَبْلِهِ: يُعْتَقُ جَمِيعُهُ بِالشَّرْطِ، وَيَضْمَنُ حَقَّ شَرِيكِهِ، وَمَعَ عُسْرَتِهِمَا2 يُعْتَقُ عَلَيْهِمَا. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إنْ صَلَّيْت مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ، فَصَلَّتْ كَذَلِكَ، عَتَقَتْ، وَقِيلَ: لَا، جَزَمَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي؛ لِبُطْلَانِ الصِّفَةِ بِتَقْدِيمِ الْمَشْرُوطِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ أَقْرَرْت بِك لِزَيْدٍ فَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَهُ، فَأَقَرَّ بِهِ لَهُ، صَحَّ إقْرَارُهُ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ: إنْ أَقْرَرْت بِك لَهُ فَأَنْتَ حر ساعة إقراري، لم يصحا.
فصل يصح من حر وفي عبد وجهان تعليق عتق رقيق يملكه،
فصل يصح من حر وفي عبد وجهان تعليق عتق رقيق يملكه، ... فصل يَصِحُّ مِنْ حُرٍّ وَفِي عَبْدٍ وَجْهَانِ "م 12" تعليق عتق رقيق يملكه، نحو: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 12: قَوْلُهُ فِي تَعْلِيقِ عِتْقِ رَقِيقٍ تَمَلَّكَهُ3: "يَصِحُّ مِنْ حُرٍّ، وَفِي عَبْدٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 في النسخ الخطية: "بملكه".
مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَقْصُودٌ مِنْ الْمِلْكِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَفَرَّقَ أَحْمَدُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ لِلَّهِ، وَلَا فِيهِ قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ، كَتَعْلِيقِهِ حُرِّيَّةَ عَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ بِكَلَامِهِ، ثُمَّ يَمْلِكُهُ [ثُمَّ] يُكَلِّمُهُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ قَالَ: أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا، فَوَجْهَانِ "م 13" فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ معا فقيل: يعتقهما، ـــــــــــــــــــــــــــــQيَعْنِي هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعَبْدِ عِتْقَ رَقِيقٍ يَمْلِكُهُ فِيمَا يَأْتِي كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْحُرِّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى والنظم غيره. 2وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ 2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ كَالْحُرِّ. مَسْأَلَةٌ – 13: قَوْلُهُ: "وَعَلَى الْأَوَّلِ" يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِشَرْطٍ "لَوْ قَالَ أَوَّلُ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَ وَاحِدٍ شَيْئًا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، ذَكَرَا ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْهُ غَيْرُهُ، ويصدق على ما تقدم على غيره.
وعكسه، وقيل: أحدهما بِقُرْعَةٍ "م 14" وَنَقَلَهُ مُهَنَّا فِي: أَوَّلُ غُلَامٍ أَوْ امْرَأَةٍ يَطْلُعُ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ طَالِقٌ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ لَفْظَهَا: أَوَّلُ مَنْ يَطْلُعُ مِنْ عَبِيدِي. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنُ رَزِينٍ فِي الطَّلَاقِ: وَلَوْ عَلَّقَهُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فَقُمْنَ مَعًا طُلِّقْنَ، وَفِي مُنْفَرِدَةٍ بِهِ وَجْهٌ، كَذَا قَالَا، وَلَوْ قَالَ: آخَرُ، فَالْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ مُنْذُ مَلَكَهُ، وَكَسْبُهُ لَهُ. وَيَحْرُمُ وَطْءُ الْأَمَةِ حَتَّى يَشْتَرِيَ بَعْدَهَا غَيْرَهَا، وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ. فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ فَكَأَوَّلٍ، وَقَوْلُهُ لِعَبْدِ غَيْرِهِ: أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ، لَمْ يُعْتَقْ ولو رضي سيده، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ غَيْرُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 14: قَوْلُهُ: "فَإِنْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَعًا فَقِيلَ: يُعْتِقُهُمَا1، وَعَكْسُهُ، وَقِيلَ: أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ". انْتَهَى. أَحَدُهُمْ: يُعْتَقَانِ. وَالثَّانِي: لَا يُعْتَقَانِ، وَفِيهِ قُوَّةٌ. وَالثَّالِثُ: يُعْتَقُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: نَصَّ عليه، وقدمه في المغني2 والشرح3 وقالا4: هذا قياس قول الإمام أحمد.
وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ، أَوْ إذَا وَلَدْت وَلَدًا، فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا فَفِي عِتْقِ الثَّانِي رِوَايَتَانِ "م 15" وَإِنْ جُهِلَ أَوَّلُ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ، وَعَنْهُ: هُمَا، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ مَعْنَاهُمَا أَنَّ أَمَدَ مَنْعِ السَّيِّدِ مِنْهُمَا1 هَلْ هُوَ الْقُرْعَةُ أَوْ الِانْكِشَافُ؟ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: لَا يُعْتَقُ وَلَدٌ حَدَثٌ، كَتَعْلِيقِهِ بِمِلْكِهِ. وَإِنْ قَالَ: آخَرُ، فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا فَالرِّوَايَتَانِ "م 16" وَحَمْلُ المعتقة بصفة وَقْتَ التَّعْلِيقِ أَوْ الصِّفَةِ وَقِيلَ أَوْ فِيمَا بَيْنَهُمَا يَتْبَعُهَا فِي الْعِتْقِ لَا فِي الصِّفَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ: "وَمَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ حُرٌّ أَوْ إذَا وَلَدْت وَلَدًا فَوَلَدَتْ مَيِّتًا ثُمَّ حَيًّا فَفِي عِتْقِ الثَّانِي رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَقُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعْتَقُ الْحَيُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ: آخَرُ فَوَلَدَتْ حَيًّا ثُمَّ مَيِّتًا فَالرِّوَايَتَانِ" يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَأَطْلَقَهُمَا في المحرر والنظم والرعايتين:
وَلَهُ وَطْءُ مُدَبَّرَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُعْتَقُ وَلَدُهُمَا مِنْ غَيْرِهِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَقَطْ بِمَنْزِلَتِهِمَا لَا مَا وَلَدَتَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَبْلَ تَدْبِيرٍ وَإِيلَادٍ، وَإِنْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِمُدَبَّرَةٍ وَوَلَدِهَا أُقْرِعَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ فِي حَمْلٍ بَعْدَ تَدْبِيرٍ: كَحَمْلِ مُعْتَقَةٍ بِصِفَةٍ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَتْبَعُ، وَفِيهِ: هَلْ يَبْطُلُ حُكْمُ عِتْقِ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ بِمَوْتِهِمَا قَبْلَ سَيِّدٍ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُمَا، اخْتَلَفَ كَلَامُهُ، وَيَظْهَرُ الْحُكْمُ فِي وَلَدِهِمَا. وَفِي قَبُولِ قَوْلِ وَارِثٍ حُدُوثُهُ قَبْلَ التدبير كموروث أو القرعة وجهان "م 17"،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يُعْتَقُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الشرح1 وغيره. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعْتَقُ، وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ وَمَا قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. مَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: "فِي قَبُولِ قَوْلِ وَارِثٍ حُدُوثُهُ" يَعْنِي حُدُوثَ الْحَمْلِ "قَبْلَ التَّدْبِيرِ كَمَوْرُوثٍ أَوْ الْقُرْعَةِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَتْ الْمُدَبَّرَةُ: حَمَلْت بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَيَتْبَعُنِي، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ: بَلْ قبله، فلا
ويتوجهان في ولد مُكَاتَبَةٍ "م 18". وَوَلَدُ مُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ كَهُوَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا، وَمِنْ غَيْرِهَا كالأم. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُتْبَعُ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُمْ أَوْ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، 1وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وَعَلَّلَهُ بِمُوَافَقَةِ قَوْلِهِمْ الْأَصْلَ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ، مَعَ أَيْمَانِهِمْ مُكَفِّرٌ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَلَمْ يُفْهَمْ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا تَرْجِيحُهُ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ القول الثاني1: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ كَمَوْرُوثِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ قَوْلُ مَنْ تَقَعُ لَهُ الْقُرْعَةُ، كَقَوْلِهِ فِيمَا إذا تداعى3 الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ مَعًا فِي الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنْ فِيهِ نَوْعُ تُهْمَةٍ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "كَمَوْرُوثٍ " يَعْنِي أَنَّ الْمَوْرُوثَ وَهُوَ الَّذِي دَبَّرَهَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ الْوَلَدَ كَانَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. مَسْأَلَةٌ - 18: قَوْلُهُ: "وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَلَدِ مُكَاتَبَةٍ" يَعْنِي: إذَا ادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَقَالَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَلْ بَعْدَهَا. قُلْت: وَالْإِلْحَاقُ وَاضِحٌ، وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُدَبَّرَةِ صَحِيحٌ حَيْثُ قُلْنَا يَتْبَعُ فِي التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يَتْبَعُ مُكَاتَبًا وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: إلَّا بِشَرْطٍ، وَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَهَلْ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؟ فِيهِ وجهان "م 19" فلو تزوج أمة سيده ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 19: قَوْلُهُ: "وَلَا يَتْبَعُ مُكَاتَبًا وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، وَيَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَتِهِ، وَهَلْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في المذهب، 1والمقنع 2 والمحرر والحاوي الصغير: أحدهما: تصير به أم الولد، نص عليه. قال الشيخ الموفق: هذا الْمُذْهَبِ1. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الهداية وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ: وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ صاحب المحرر.
ثُمَّ مَلَكَهَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي أَنَّ الْوَلَدَ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ يَدَهُ دَلِيلُ الْمِلْكِ، قَالَهُ فِي المنتخب. وفي الترغيب وجهان، وَيَتْبَعُ الْمُكَاتَبَةَ مَا وَلَدَتْهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ قِنًّا. وَإِنْ عَتَقَتْ بِغَيْرِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ لَمْ تُعْتَقْ كَمَوْتِهَا فَيُرَقُّ وَقِيلَ: يَبْقَى مُكَاتَبًا، وَنَصُّهُ: يُعْتَقُ، كَعِتْقِهِ بِإِعْتَاقِهِ وَحْدَهُ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ فَاتَ كَسْبُهُ عَلَيْهَا، وَوَلَدُ بِنْتِهَا كَهِيَ، وَوَلَدُ ابْنِهَا وَوَلَدُ مُعْتَقٍ بَعْضِهَا كَأَمَةٍ. وَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ بِمِائَةٍ أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِمِائَةٍ فَقَبِلَ1 عَتَقَ وَلَزِمَتْهُ مِائَةٌ وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا2 أَنْتَ حُرٌّ عَلَى مِائَةٍ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي مِائَةً. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: شَرْطٌ لَازِمٌ بِلَا قَبُولِهِ كَبَقِيَّةِ الشُّرُوطِ، وَعَنْهُ: يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ مَجَّانًا، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك مِائَةٌ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَوْلُهُ لِأَمَتِهِ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تُزَوِّجِينِي نَفْسَك، كَقَوْلِهِ: عَلَى مِائَةٍ، وَإِنْ أَبَاهُ لَزِمَتْهَا الْقِيمَةُ، وَقِيلَ: تُعْتَقُ بِقَبُولِهَا مَجَّانًا، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا تُعْتَقُ إلَّا بالأداء. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي سنة، فقيل: كقوله: على مئة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ "م 20". وهل للسيد بيعها؟ فيه روايتان "م 21". نقل حرب: لا بأس ببيعها من ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -20: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أن تخدمني سنة، فقيل: كقوله على مئة، وَقِيلَ: يُعْتَقُ بِلَا قَبُولٍ وَتَلْزَمُهُ الْخِدْمَةُ". انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِيهِ قُوَّةٌ، قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّرْحُ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي: وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: يُعْتَقُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يُعْتَقُ. وَقَدَّمَا فِي: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَنَّهُ يُعْتَقُ مَجَّانًا، فَخَالَفَ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يُعْتَقْ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. مَسْأَلَةٌ – 21: قَوْلُهُ: "وَهَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ"، يَعْنِي بَيْعَ الْخِدْمَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ، "وَنَقَلَ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا مِنْ الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ". انْتَهَى. ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ بَعْدَهُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: إحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ جَوَازَ بَيْعِ الْمَنَافِعِ، لَكِنْ على التأبيد.
الْعَبْدِ أَوْ مِمَّنْ شَاءَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَذَكَرُوا صِحَّتَهُ فِي الْوَقْفِ، وَهَذَا مِثْلُهُ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد1: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَعْتَقَتْ سَفِينَةَ وَشَرَطَتْ عَلَيْهَا خِدْمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَاشَ، وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ2. وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِ الْبَائِعِ خِدْمَةَ الْمَبِيعِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ. وَلَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ في يده ففي صحته روايتان،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، نَصَّ عَلَيْهِ. قُلْت: وهو الصواب، وهو موافق لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، بَلْ يَصِحُّ إيجَارُهَا لِغَيْرِ نَفْسِهِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعِ الْإِجَارَةُ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ جَوَازَ بَيْعِ الْمَنَافِعِ مُدَّةً، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ نَظِيرَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَطَ الْبَائِعُ نَفْعًا مَعْلُومًا فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ إجَارَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ وَإِعَارَتُهُ مُدَّةَ اسْتِثْنَائِهِ، كَالْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ إذَا بِيعَتْ، وَلَمْ يَذْكُرُوا صحة بيعها، والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا هَلْ هُوَ مُعَاوَضَةٌ أو تعليق؟ "م 22". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 22: قَوْلُهُ: "وَلَوْ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِمَالٍ بِيَدِهِ فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا هَلْ هُوَ مُعَاوَضَةٌ أَوْ تَعْلِيقٌ؟ ". انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ: صَحَّ، عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 فِي الْوَلَاءِ: وَإِنْ اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ من سَيِّدِهِ بِعِوَضٍ حَالٍّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَبِيعُ مَالَهُ بِمَالِهِ، فَهُوَ مِثْلُ الْمَكَاسِبِ سَوَاءٌ، وَالسَّيِّدُ هُوَ الْمُعْتِقُ لَهُمَا، فَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ عَلَيْهِمَا. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَجْرَاهُ في المغني1 على ظاهره، واختار الصحة.
وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتَنِي مِائَةً1 فَأَنْتَ حُرٌّ فَتَعْلِيقٌ مَحْضٌ، لَا يُبْطِلُهُ مَا دَامَ مِلْكُهُ، وَلَا يُعْتَقُ بِإِبْرَاءٍ، بَلْ بِدَفْعِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَا فَضَلَ عَنْهَا لِسَيِّدِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ، إذْ لَا مِلْكَ لَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ، فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ "م 23 - 25". وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْأُولَى إنْ قَالَهُ لِصَغِيرٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: جَعَلْت عِتْقَك إلَيْك أو خيرتك، وَنَوَى تَفْوِيضَهُ إلَيْهِ، فَأَعْتَقَ نَفْسَهُ فِي الْمَجْلِسِ، عَتَقَ، وَيُتَوَجَّهُ: كَطَلَاقٍ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِنِي مِنْ سَيِّدِي بِهَذَا الْمَالِ وَأَعْتِقْنِي، فَفَعَلَ، عَتَقَ وَلَزِمَ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِ الْقَاضِي. مَسْأَلَة - 23 – 25: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتَنِي مِائَةً فَأَنْتَ حُرٌّ ... فَلَا يُعْتَقُ بِإِبْرَاءِ بَلْ يَدْفَعُهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَمَا فَضَلَ عَنْهَا لِسَيِّدِهِ، وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مِلْكِهِ، إذْ لَا مِلْكَ لَهُ ... ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَعْطَيْتنِي مِائَةً2 فَأَنْتِ طَالِقٌ2، فَأَتَتْ بِمِائَةٍ مَغْصُوبَةٍ فَفِي وُقُوعِهِ احْتِمَالَانِ، فِي التَّرْغِيبِ، وَالْعِتْقُ مِثْلُهُ، وَأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ يَجْرِي فِي الْفَاسِدَةِ إذَا صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ. انتهى. ذكر ثلاث مسائل: مسألة – 23: الطلاق، 2 ومسألة -24: العتق2، وَمَسْأَلَةٌ – 25: التَّعْلِيقُ فِي الْفَاسِدَةِ. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْعِتْقِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِإِعْطَائِهِ مَغْصُوبًا، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْمُعَلِّقِ تَمَلُّكُ الْمِائَةِ، والله أعلم.
مُشْتَرِيَهُ الْمُسَمَّى، وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ النُّقُودُ، وَإِلَّا بَطَلَا، وَعَنْهُ: أَجْبُنُ عَنْهُ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ صَرَّحَ الْوَكِيلُ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْعَبْدِ وَقَعَ عَنْهُ وَعَتَقَ، وَإِنْ لَمْ1 يصرح، احْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَقَعَ عَنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَنْهُ لَعَتَقَ، وَالسَّيِّدُ لَمْ يرض بالعتق.
فصل من قال: مماليكي أو رقيقي أو كل مملوك أو عبد أملكه حر،
فصل مَنْ قَالَ: مَمَالِيكِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ، شَمِلَ مُكَاتَبِيهِ وَمُدَبَّرِيهِ وَأُمَّ وَلَدِهِ، وَكَذَا أَشْقَاصُهُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: بِنِيَّةٍ، كَشِقْصٍ فَقَطْ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَعَبْدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ، "هـ" مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ وُجُودِ دَيْنٍ. وَإِنْ عَلَّقَ بِشَرْطٍ قَدَّمَهُ أَوْ أَخَّرَهُ فَسَوَاءٌ إنْ صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالْمِلْكِ، ذَكَرَهُ الشيخ في فتاويه. وإن قال: عبدي حر1، أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ، وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنًا، شَمِلَ الْكُلَّ لَا أَحَدَهُمْ بِقُرْعَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَالْمُرَادُ إنْ كَانَ عَبْدًا مُفْرَدًا لِذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَإِنْ كَانَ لِذَكَرٍ فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ أُنْثَى إلَّا إنْ اجْتَمَعَا تَغْلِيبًا. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ لِخَدَمٍ لَهُ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ: أَنْتُمْ أَحْرَارٌ، وَكَانَتْ مَعَهُمْ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا: إنَّهَا تعتق. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَمَنْ قَالَ مَمَالِيكِي أَوْ رَقِيقِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ شَمِلَ مُكَاتَبُوهُ وَمُدَبَّرُوهُ". انْتَهَى. كَذَا فِي النُّسَخِ، وصوابه مكاتبيه ومدبريه؛ لأنه مفعول.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ: وَكَذَا إنْ قَالَ: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ قَالَ: أَحَدُ عَبْدَيَّ أَوْ عَبِيدِي أَوْ بَعْضُهُمْ حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِهِ أَوْ عَيَّنَهُ وَنَسِيَهُ أَوْ أَدَّى1 أَحَدُ مُكَاتَبِيهِ وَجُهِلَ، أَقْرَعَ أَوْ وَارِثُهُ وَعَتَقَ وَاحِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ بَانَ لِنَاسٍ أَنَّ عَتِيقَهُ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ، وَيَبْطُلُ عِتْقُ الْآخَرِ، وَقِيلَ: لَا، كَالْقُرْعَةِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ. وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقْت هَذَا، لَا بَلْ هَذَا، عَتَقَا، وَكَذَا إقْرَارُ وَارِثٍ، وَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا بِشَرْطٍ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَهُ قَبْلَهُ عَتَقَ الْبَاقِي، كَقَوْلِهِ لَهُ وَلِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِبَهِيمَةٍ: أَحَدُهُمَا حُرٌّ، عَتَقَ وَحْدَهُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: يُقْرَعُ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلٌّ لِلْعِتْقِ وَقْتَ قَوْلِهِ، وَكَذَا الطَّلَاقُ. وَإِنْ قال: إن كان هذا الطائر غرابا فعبدي حُرٌّ، وَقَالَ آخَرُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَلَمْ يَعْلَمَاهُ، فَلَا عِتْقَ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ: يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِقُرْعَةٍ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ الْمُشْتَرَى، وَقِيلَ: إنْ تَكَاذَبَا "م 26" وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 26: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا الطائر غرابا فعبدي حر وقال آخر إن لَمْ يَكُنْ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَلَمْ يَعْلَمَاهُ، فَلَا عِتْقَ، فَإِنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ: يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، وَقِيلَ: يُعْتَقُ الْمُشْتَرَى، وَقِيلَ: إنْ تَكَاذَبَا". انْتَهَى. أَحَدُهَا: يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَيْضًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالنَّظْمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ لَمْ يتكاذبا.
نَظِيرَتِهَا فِي النِّكَاحِ أَحْكَامُ الطَّلَاقِ بَاقِيَةٌ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا الْوَطْءُ إلَّا مَعَ اعْتِقَادِ أَحَدِهِمَا خَطَأَ الْآخَرِ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، نَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَلْيَتَّقِيَا الشُّبْهَةَ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إمْسَاكُهُ عَنْ تَصَرُّفِهِ فِي الْعَبِيدِ كَوَطْئِهِ وَلَا حِنْثَ، وَاخْتَارَ أَبُو الْفَرَجِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا: بَلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، فَيُقْرَعُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي الْمَنْصُوصَ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْعِتْقِ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُعْتَقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، ذَكَرَاهُ فِي مِيرَاثِ الْوَلَاءِ وَجَرَّهُ وَدَوَّرَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي النِّهَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُعْتَقُ الَّذِي اشْتَرَاهُ إنْ تَكَاذَبَا، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا عَبْدَ الْآخَرِ فَقِيلَ: يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقِيلَ: إنَّمَا يُعْتَقُ إذَا تَكَاذَبَا، وَإِلَّا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالصَّوَابُ عِتْقُ الْمُشْتَرَى إنْ تَكَاذَبَا. فَهَذِهِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هذا الباب.
باب التدبير
باب التدبير مدخل ... بَابُ التَّدْبِيرِ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ، وَيَصِحُّ مِمَّنْ تَصِحُّ وَصِيَّتُهُ مِنْ ثُلُثِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مِنْ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِيهِ عِتْقٌ، وَعَنْهُ: فِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا، نَحْوُ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ. وَمُقَيَّدًا، نَحْوُ: إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ عَامِي هَذَا أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ قَالَا لِعَبْدِهِمَا: إنْ مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِمَوْتِهِمَا جَمِيعًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا شَيْءٌ، وَلَا يَبِيعُ وَارِثُهُ حَقَّهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: إذَا مات أحدهما فنصيبه حر، فإن أرادا1: أَنَّهُ حُرٌّ بَعْدَ آخِرِهِمَا مَوْتًا فَإِنْ جَازَ تَعْلِيقُ الْحُرِّيَّةِ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا عَلَيْهِمَا، وَإِلَّا عَتَقَ نَصِيبُ الْآخَرِ مِنْهُمَا بِالتَّدْبِيرِ، وَفِي سِرَايَتِهِ إنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُهُ الرِّوَايَتَانِ. وَصَرِيحُهُ وَكِنَايَتُهُ كَالْعِتْقِ، وَلَفْظُهُ صَرِيحٌ، وَيَبْطُلُ هُوَ وَعِتْقٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ بِمَوْتِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ، نَحْوُ: إنْ خَدَمْتنِي سَنَةً فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَمُوتُ السَّيِّدُ قَبْلَ مُضِيِّهَا، وَإِنْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ، فَشَاءَ حَيَاةَ سَيِّدِهِ فقط، صار مدبرا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَمَتَى شِئْت، وَإِذَا شِئْت. وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي إذَا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، فَفِي صحته وعتقه روايتان "م 1 و 2". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 1- 2: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ فَفِي صِحَّتِهِ وَعِتْقِهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-1: لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، فَهَلْ يَصِحُّ وَيُعْتَقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ، وَالنَّظْمِ فِي التَّدْبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ وَلَا يُعْتَقُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ: بَنَى طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ هَلْ هُوَ تَعْلِيقٌ بِصِفَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ؟ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ صَحَّ تَقْيِيدُهَا بِصِفَةٍ أُخْرَى تُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ قُلْنَا عِتْقٌ بِصِفَةٍ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا لَوْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، لَمْ يُعْتَقْ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي إشَارَتِهِ.
وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ. فَإِنْ صَحَّ وأبرئ من الخدمة عَتَقَ مِنْ حِينِهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ سَنَةٍ. فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ1 الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَإِنْ كَانَتْ لِابْنِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ فَكَبِرَ وَاسْتَغْنَى عَنْ رَضَاعٍ عَتَقَ، وَقِيلَ: عَنْ إطْعَامِهِ وَتَنْجِيَتِهِ، نَقَلَ مُهَنَّا: لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ، قُلْت: حَتَّى يحتلم؟ قال: لا دون الاحتلام. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا2 الْخِلَافَ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَذَكَرَ عِلَّتَهُ وَقَالَ: وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْعَقْدَ تَدْبِيرًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْفِي ذَلِكَ، وَلَهُمْ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِيهِ أَرْبَعُ طُرُقٍ ذُكِرَتْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 2: لَوْ قَالَ اُخْدُمْ زَيْدًا سَنَةً بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيُتَوَجَّهَانِ فِي وَصِيَّةٍ لِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ". انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، فَكَذَا فِي هَذِهِ، مَعَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ وَصِيَّتِهِ لَهُ بِمُشَاعٍ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَصَايَا، وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التوجيه. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِبِيعَةٍ وَهُمَا كَافِرَانِ فَأَسْلَمَ فَفِي لُزُومِهِ الْقِيمَةَ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فَمَنْ بَعْدَهُ: إحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ وَيُعْتَقُ مَجَّانًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِبَقِيَّةِ الْخِدْمَةِ؛ لِتَعَذُّرِهَا بَعْدَ إسلامه.
وَالرِّوَايَتَانِ فِي: إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ "م 4" وَعَلَى الصِّحَّةِ لَا يَمْلِكُ وَارِثُهُ1 بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ، كَالْمُوصَى بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ: يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَمَا كَسَبَ قَبْلَهَا لِلْوَرَثَةِ، وَلَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِرُجُوعِهِ فِيهِ، وَإِبْطَالُهُ. وَبَيْعُهُ ثُمَّ شِرَاؤُهُ كَعِتْقٍ مُعَلَّقٍ بِصِفَةٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الِانْتِصَارِ وَالْوَاضِحُ: لَهُ فَسْخُهُ، كَبَيْعِهِ، ويتوجه في طلاق، وعنه: بلى، كوصية، فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ فِي حَمْلٍ لَمْ يُوجَدْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدِي فَأَنْتَ حُرٌّ". انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت أَيْضًا الصحيح منهما، والله أعلم.
وَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ "م 5" لَا بَعْدَ وَضْعِهِ، وَالرِّوَايَتَانِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِصَرِيحِ التَّعْلِيقِ أَوْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَرْجِعُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ. وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 6". وله بيعه إن لم يوص1 به،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "فَإِنْ رَجَعَ فِي حَامِلٍ فَفِي حَمْلِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا. مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَرْجِعْ إنْ قُلْنَا تَعْلِيقٌ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ، وَقَالُوا بَعْدَ حِكَايَةِ الْوَجْهَيْنِ: بِنَاءً عَلَى مَا إذَا جَحَدَ الْمُوصِي الْوَصِيَّةَ هَلْ يَكُونُ رُجُوعًا أَمْ لَا؟ وَالصَّحِيحُ أَنَّ جَحْدَ الْوَصِيَّةِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا أَيْضًا، وَقَدَّمَ ابْنُ رَجَبٍ فِي فَوَائِدِ قَوَاعِدِهِ أَنَّ جُحُودَهُ لِلتَّدْبِيرِ لَا يَكُونُ رُجُوعًا. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ رُجُوعًا بِنَاءً عَلَى الوجه الذي في الوصية. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَلَهُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُوصِ بِهِ". انْتَهَى. هَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا إذْ لَا قَائِلَ بِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِ تَبَعًا لِابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَلَعَلَّهُ " وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ". بِزِيَادَةِ وَاوٍ قَبْلَ لَفْظَةِ " إن " وبراء بدل الواو في
وَعَنْهُ: فِي الدَّيْنِ، وَعَنْهُ: وَلِحَاجَةٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وعنه: لا تباع الأمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQيُوصِ، يَعْنِي وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُدَبَّرُ بِالْبَيْعِ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَقَالَ صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَلَهُ بَيْعُهُ لَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمُدَبَّرِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا. انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا فَيُقَدَّرُ بما يصح الكلام به، والله أعلم. الثَّانِي: قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَعَنْهُ: فِي الدَّيْنِ، وعنه: ولحاجة، اختاره الخرقي". انتهى.
وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ أَوْ دَبَّرَ الْحَمْلَ ثُمَّ بَاعَ أُمَّهُ فَكَاسْتِثْنَائِهِ فِي الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَهُ بَيْعُ الْعَبْدِ فِي الدَّيْنِ، وَفِي بَيْعِهَا فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ دَبَّرَ مُوسِرٌ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ لَمْ يَسْرِ، وَقِيلَ: يَصِيرُ مُدَبَّرًا، وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ مدبر كافر بِيعَ عَلَيْهِ إنْ أَبَى إزَالَةَ مِلْكِهِ عَنْهُ، كَمَا لَوْ أَسْلَمَ مُكَاتَبُهُ وَعَجَزَ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ إنْ اسْتَدَامَ تَدْبِيرُهُ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا، وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يُعْتَقَ بِمَوْتِهِ. وَإِذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ الْقِنُّ فَحُكْمُهُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: تَصِحُّ كِتَابَتُهُ وَتَكْفِي، وَوَارِثُهُ مِثْلُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ فَكَالثَّانِي، وَإِنْ أَسْلَمَ حَلَّتْ لَهُ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، وَعَنْهُ: تُسْتَسْعَى فِي قِيمَتِهَا ثُمَّ تُعْتَقُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا تُعْتَقُ بِإِسْلَامِهَا. وَإِنْ كَاتَبَ مُدَبَّرَهُ أَوْ دَبَّرَ مُكَاتَبَهُ فَأَدَّى عَتَقَ وَكَسْبُهُ لَهُ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ عَتَقَ بِمَوْتِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، وَإِلَّا عَتَقَ بقدره وباقيه مكاتب بقسطه، ـــــــــــــــــــــــــــــQإنَّمَا اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ رِوَايَةَ جَوَازِ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ، فَقَالَ: وَلَهُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا تُبَاعُ الْمُدَبَّرَةُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى الْأَمَةُ كَالْعَبْدِ. انْتَهَى. فَحَصَلَ الْخَلَلُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نِسْبَةُ الرِّوَايَةِ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ، وَالْخِرَقِيُّ إنَّمَا أَجَازَهُ فِي الدَّيْنِ، وَالْحَاجَةُ أَعَمُّ مِنْ الدَّيْنِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ رِوَايَتَيْنِ. وَالثَّانِي: إطْلَاقُ الْبَيْعِ يَشْتَمِلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالْخِرَقِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ ترجيح، والله أعلم.
وَكُلُّ كَسْبِهِ إذَا عَتَقَ أَوْ بِقَدْرِ عِتْقِهِ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَهُ، كَلُبْسِهِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: مَا لَا بُدَّ مِنْ لُبْسِهِ، وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمُدَبَّرُ أَنَّهُ كَسَبَهُ 1بَعْدَ مَوْتِهِ1 وَأَمْكَنَ، لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ وَلَدِهِ، وَكَذَا إنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ ثُمَّ كَاتَبَهَا أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ أَوْلَدَهَا، لَكِنْ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ مُطْلَقًا. وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَ مُكَاتَبَهُ فَمَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَهُ. وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ: إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ، وَقِيلَ: فَسْخٌ، كَعِتْقِهِ2 فِي كَفَّارَةٍ "م 7" وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِالْإِيلَادِ، وَقِيلَ: وَبِالْكِتَابَةِ إنْ قُلْنَا هُوَ وَصِيَّةٌ. وَإِنْ جَنَى بِيعَ، وَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ تَدْبِيرُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ فَبَاقِيهِ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ إنْ وَفَّى ثُلُثُهُ بِهَا، وَإِنْ أَوْجَبْت الْقَوَدَ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ لَمْ يُعْتَقْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَعِتْقُهُ مُكَاتَبَهُ قِيلَ: إبْرَاءٌ مِمَّا بَقِيَ، وَقِيلَ: فَسْخٌ كَعِتْقِهِ فِي كَفَّارَةٍ". انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ الثَّانِي، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمَا: إذَا أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ برئ وعيق5؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ خَلَتْ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَدَّاهُ، فَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِهِ بَرِئَ مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْكِتَابَةِ فِيمَا بَقِيَ، لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ كَالْأَدَاءِ. انْتَهَى. فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
باب الكتابة
باب الكتابة مدخل ... باب الكتابة وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ مَعَ كَسْبِ عَبْدِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَأَسْقَطَهَا فِي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ، وَعَنْهُ: وَاجِبَةٌ بِطَلَبِهِ بِقِيمَتِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَ فِي الرَّوْضَةِ الْإِبَاحَةَ. وَتَصِحُّ مِنْ جَائِزٍ بَيْعُهُ، وَلَوْ مِنْ بَعْضِ عَبْدِهِ حَتَّى الْمُمَيَّزِ. وَفِي الْمُوجَزِ، وَالتَّبْصِرَةِ: ابْنِ عَشْرٍ أَوْ شِرْكًا بِلَا إذْنٍ، وَيَمْلِكُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَدْرِهِ، وَعَنْهُ: يَوْمًا وَيَوْمًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَيَعْتِقُ طِفْلٌ وَمَجْنُونٌ بِأَدَاءٍ مُعَلَّقٍ صَرِيحٍ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 1". وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا مَعَ قَبُولِهِ1، ذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَإِذَا أَدَّيْته فَأَنْتَ حر. وفي الترغيب وجه هُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: يَشْتَرِطُ قَوْلَهُ: وَقِيلَ: أَوْ نِيَّتَهُ. وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِعِوَضٍ مُبَاحٍ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ مُنَجَّمٌ نَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ، يُعْلَمُ لِكُلِّ نَجْمٍ قِسْطُهُ وَمُدَّتُهُ، تَسَاوَتْ أَوْ لَا، وَقِيلَ: وَنَجْمٌ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: وَعَبْدٌ مُطْلَقٌ كَمَهْرٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي تَوْقِيتِهَا بِسَاعَتَيْنِ أَمْ يُعْتَبَرُ مَا لَهُ وَقْعٌ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، فِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَيَعْتِقُ طِفْلٌ وَمَجْنُونٌ بِأَدَاءٍ مُعَلَّقٍ صَرِيحٍ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَعْتِقُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْفَائِقِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: الْمَذْهَبُ لَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ، خِلَافًا لِمَا قَالَ الْقَاضِي. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَتَضَمَّنُ مَعْنَى الصفة، اختاره القاضي. مَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا قُلْنَا لَا تَصِحُّ إلَّا مُنَجَّمَةً: "فِي تَوْقِيتِهَا بِسَاعَتَيْنِ أَمْ يُعْتَبَرُ مَا لَهُ وَقْعٌ فِي الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ؟ " فِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ. انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةُ، وَلَكِنَّ الْعُرْفَ والعادة، والمعنى:
وَفِي الْمُغْنِي1: لَا تَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلَةٌ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، فَدَلَّ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي كِتَابَةِ مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ كِتَابَةً حَالَّةً وَجْهَانِ، وَتَصِحُّ عَلَى مَالٍ قَدَّمَ ذَلِكَ أَوْ أَخَّرَهُ، وَخِدْمَةٍ، فَإِذَا أَدَّى مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ فَقَبَضَهُ هُوَ أَوْ وَلِيُّ مَجْنُونٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَالْأَصَحُّ: أَوْ بَعْضُ وَرَثَتِهِ الْمُوسِرُ مِنْ حَقِّهِ لِإِسْقَاطِ كُلِّ حَقِّهِ عَتَقَ، فَقِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ عَلَى قَاتِلِهِ وَعَنْهُ: يَعْتِقُ بِمِلْكِهِ وَفَاءَ فِدْيَتِهِ لِوَرَثَتِهِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ انْفَسَخَتْ، وَتَرِكَتُهُ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَا تَنْفَسِخُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، فَفِي كَوْنِهِ حَالًّا أَمْ عَلَى نُجُومِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 3". وَفِي عِتْقِهِ بِالِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ "م 4" وَإِنْ بَانَ بِعِوَضٍ دفعه عيب فله ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ، لَكِنَّ السلم أضيق، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ انْفَسَخَتْ وَتَرِكَتُهُ لِسَيِّدِهِ، وَعَنْهُ: لَا تَنْفَسِخُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، فَفِي كَوْنِهِ حَالًّا أَمْ عَلَى نُجُومِهِ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ إذَا مَاتَ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ، الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّوَثُّقُ مِنْ الْوَرَثَةِ يَحِلُّ، وَلَيْسَ هُنَا تَوَثُّقٌ فِي الظَّاهِرِ فَإِنْ وُجِدَ وَارِثٌ وَوُثِّقَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ، قِيَاسًا عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ يَكُونُ حَالًّا. مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَفِي عِتْقِهِ بِالِاعْتِيَاضِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَعْطَاهُ مَكَانَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ شَيْئًا عِوَضًا عَنْهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الكبرى:
أَرْشُهُ أَوْ عِوَضُهُ بِرَدِّهِ وَلَمْ يَزُلْ عِتْقُهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: كَبَيْعٍ، وَلَوْ أَخَذَ سَيِّدُهُ حَقَّهُ ظَاهِرًا ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَانَ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَعْتِقْ، وَإِنْ ادَّعَى تَحْرِيمَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ، وَإِلَّا حَلَفَ الْعَبْدُ ثُمَّ يَجِبُ أَخْذُهُ ويعتق به ثم يلزمه رده إلَى مَالِكِهِ إنْ أَضَافَهُ إلَى مَالِكٍ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ سَيِّدُهُ. وَلَهُ قَبْضُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَتَعْجِيزُهُ، وَفِي تَعْجِيزِهِ قَبْلَ أَخْذِ ذَلِكَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، والاعتبار بقصد السيد "م 5" وفائدته، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَعْتِقُ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْمَعْنَى مَا فَسَّرْتُهَا بِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 قَالَا: وَإِنْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ النُّقُودِ بِحِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ جَازَ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ صَالَحَهُ عَنْ الدَّرَاهِمِ بِدَنَانِيرَ وَنَحْوِهِ، لَمْ يَجُزْ التَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْمُصَالَحَةُ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ مِنْ شَرْطِهِ التَّأْجِيلُ فَلَمْ تَجُزْ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ؛ وَلِأَنَّهُ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، فَهُوَ كَدَيْنِ السَّلَمِ، قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ. انْتَهَى. وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّلَمِ فَوَافَقَا مَا اخْتَرْنَاهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ما قاله القاضي. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَلَهُ قَبْضُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَتَعْجِيزُهُ، وَفِي تَعْجِيزِهِ قَبْلَ أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الدَّيْنِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ". انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ دَيْنٌ وَقَدْ حَلَّ نَجْمٌ وَدَفَعَ الْمُكَاتَبُ إلَيْهِ مَالًا. قُلْت: الصَّوَابُ لَيْسَ لَهُ تَعْجِيزُهُ قَبْلَ الْأَخْذِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ دَيْنِهِ الْآخَرِ وَتَعْجِيزُهُ. تَنْبِيهٌ: فِي قَوْلِهِ "وَالِاعْتِبَارُ بِقَصْدِ السَّيِّدِ" نَظَرٌ، إذْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ قَضَى
يَمِينُهُ عِنْدَ النِّزَاعِ، وَيَمْلِكُ كَسْبَهُ وَنَفْعَهُ وَالْإِقْرَارَ وَكُلَّ تَصَرُّفٍ يُصْلِحُ مَالَهُ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَيَتَعَلَّقُ دَيْنُهُ بِذِمَّتِهِ، زَادَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ، لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ، فَلَيْسَ مِنْ السَّيِّدِ غُرُورٌ، بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ. وَإِنْ حَبَسَهُ وَيَقْتَضِي كَلَامُ الشَّيْخِ: أَوْ مَنَعَهُ مُدَّةً فَفِي لُزُومِهِ أَجْرَهَا أَوْ إنْظَارِهِ مِثْلَهَا أَوْ أرفقهما بمكاتبه أوجه "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQبَعْضَ دَيْنِهِ أَوْ أُبْرِئَ مِنْهُ وَبِبَعْضِهِ رَهْنٌ أَوْ كَفِيلٌ كَانَ عَمَّا نَوَاهُ الدَّافِعُ أَوْ الْمُبْرِئُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ، بِلَا نِزَاعٍ، فَقِيَاسُ هَذَا أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ، لَا إلَى سَيِّدِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَإِنْ حَبَسَهُ وَيَقْتَضِي كَلَامُ الشَّيْخِ أَوْ مَنَعَهُ مُدَّةً فَفِي لُزُومِهِ أَجْرَهَا أَوْ إنْظَارِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَرْفَقِهِمَا بِمُكَاتَبِهِ أَوْجُهٌ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهَا فِي الْكَافِي1 وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ أَجْرُهَا، جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ مِثْلَ الْمُدَّةِ، وَلَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَبْسِهِ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهَ الثَّالِثَ: يَلْزَمُهُ أَرْفَقُ الْأَمْرَيْنِ بِالْمُكَاتَبِ مِنْ إنْظَارِهِ أَوْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَهُوَ الصواب، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تذكرته.
وله السفر كغريم وَأَخْذِ الصَّدَقَةِ، وَيَصِحُّ شَرْطُ تَرْكِهِمَا، عَلَى الْأَصَحِّ، كَالْعَقْدِ، فَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ، وَقِيلَ: لَا بِسَفَرٍ كَإِمْكَانِهِ رَدَّهُ. وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ نَوْعِ تِجَارَةٍ، وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ كَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ لِعَجْزِهِ لَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ. وَلِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، وَفِيهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ احتمالان "م 7" وإلا لَمْ يَجُزْ. وَيُكَفِّرُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، كتبرع وقرض ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَلِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، وَفِيهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ احْتِمَالَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ مُكَاتَبَةٍ لِسَيِّدِهِ أَمْ النَّفَقَةُ عَلَى أُمِّهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ عَلَى أُمِّهِ، وَلَيْسَ لِلْأَبِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَنَفَقَةُ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ عَلَيْهَا دُونَ أَبِيهِ الْمُكَاتَبِ، وكذا في الحاوي الصغير. والاحتمال الثاني: للمكاتب النفقة عليه.
وَتَزَوُّجٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: لَهُ ذَلِكَ لَا لَهَا، وَتَسَرٍّ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، وَعَنْهُ: عكسه، وكذا حجه بماله ما لم يحل نَجْمٌ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَأَطْلَقَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وقالوا: نص عَلَيْهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَطَعَ الْمُصَنِّفُ بِجَوَازِ نَفَقَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ مِنْ أَمَةٍ لِسَيِّدِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يَتْبَعُهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةِ سَيِّدِهِ بِلَا شَرْطٍ، ثُمَّ قَالُوا: " وَيُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَوَلَدِهِ التَّابِعِ لَهُ " فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَى غَيْرِ التَّابِعِ لَهُ، وَهَذَا لَا يَتْبَعُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَطَعَ بِالنَّفَقَةِ وَأَطْلَقَ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا قُلْنَا يَتْبَعُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَيُكَفِّرُ بِمَالِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.... وَعَنْهُ: الْمَنْعُ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، وَكَذَا حَجُّهُ بِمَالِهِ ما لم يحل نجم، وقيل: مطلقا، وأطلقه فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَقَالُوا نَصَّ عَلَيْهِ". انْتَهَى. فظاهره أنه قدم أنه لا1 يَحُجُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَقَالَ فِي الِاعْتِكَافِ: "وَلَهُ أَنْ يَحُجَّ بِلَا إذْنٍ، نَصَّ عَلَيْهِ ... وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: يَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِمَّا قَدْ جَمَعَهُ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ" وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ، أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَعَنْهُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا". انْتَهَى. فَقَدَّمَ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَقَدَّمَ فِيمَا إذَا حَجَّ بِإِذْنِهِ الْجَوَازَ سَوَاءٌ حَلَّ نَجْمٌ أَوْ لَا. وَقَالَ: "أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ" وَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ تَقْيِيدَهُ بِعَدَمِ حُلُولِ نَجْمٍ، وَعَدَمِ حَجِّهِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، فَحَصَلَ الْخَلَلُ من وجهين:
ونقل ابن منصور إن شرط السَّيِّدُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ وَلَا يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَالْخُرُوجُ، وَإِنْ شَرَطَ الْخِدْمَةَ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا، نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَسْتَمْتِعُ بِجَارِيَتِهِ وَيَسْتَخْدِمُهَا وَيَتَصَرَّفُ بِمَشِيئَتِهِ إلَّا بِتَبَرُّعٍ. وَفِي بَيْعِهِ نِسَاءً، وَلَوْ بِرَهْنٍ وَهِبَتِهِ بِعِوَضٍ وَرَهْنِهِ وَمُضَارَبَتِهِ وَقَوَدِهِ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى بَعْضِهِ وَحْدَهُ وَمُكَاتَبَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَعِتْقِهِ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوَدِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ بِلَا إذْنٍ وَجْهَانِ "م 8 - 16"، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدِهِمَا: كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَقَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ خِلَافَهُ. الثَّانِي: كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي الْكِتَابَةِ تَقْيِيدَ الْجَوَازِ بِعَدَمِ1 حُلُولِ نَجْمٍ، وَقَدَّمَ فِي الِاعْتِكَافِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا، ثُمَّ قَالَ مِنْ عِنْدِهِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ جَوَازُ حَجِّهِ بِلَا إذْنٍ مَا لَمْ يَحِلَّ نَجْمٌ، وَقَدْ حَرَّرْت ذَلِكَ فِي الْإِنْصَافِ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْكِتَابَةِ. الثَّالِثُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا فِي قَوْلِهِ فِي التَّكْفِيرِ: "وعنه: عكسه2" والنقص: لفظة "مطلقا" وتقديره: "وعنه عكسه3 مُطْلَقًا "إذْ لَوْ لَمْ تَرِدْ هَذِهِ لَحَصَلَ التكرار أذ4 عَكْسُ الْمَنْعِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَهُوَ الْجَوَازُ، وَقَدْ قَدَّمَهُ أَوَّلًا، فَإِذَا زِدْنَا لَفْظَةَ " مُطْلَقًا " انْتَفَى التَّكْرَارُ، وَتَكُونُ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءٌ أَذِنَ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَنْقُولِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -8 – 16: قَوْلُهُ: "وَفِي بَيْعِهِ نساء ولو برهن وهبته بعوض ورهنه
وقيل: يزوج أمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمُضَارَبَتِهِ وَقَوَدِهِ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى عبده وَحْدَهُ وَمُكَاتَبَتِهِ وَتَزْوِيجِهِ وَعِتْقِهِ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوَدِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرْفِهِ بِلَا إذْنٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسَائِلَ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - 8: هَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ نَسَاءً بِرَهْنٍ وَبِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِلْقَاضِي مِنْ الْمُضَارِبِ، وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ بِرَهْنٍ أَوْ ضَمِينٍ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 9: هَلْ لَهُ أَنْ يَهَبَ بِعِوَضٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي6، وَقَدْ قَطَعَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفَائِقِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَهَبَ وَلَوْ بِثَوَابٍ مَجْهُولٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، إذَا كَانَ فيه مصلحة، والله أعلم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - 10: هَلْ لَهُ أَنْ يُرْهِنَ أَوْ يُضَارِبَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ1 وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِيهِمَا، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ فِي الرَّهْنِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ - 11: هَلْ لَهُ الْقَوَدُ مِنْ بَعْضِ رَقِيقِهِ الْجَانِي عَلَى عَبْدِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أحدهما: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وبه قطع صَاحِبُ الْهِدَايَةِ5 وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ6 وشرح ابن منجا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ - 12: هَلْ لَهُ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى رَقِيقِهِ كَالْحُرِّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ: "وَلِسَيِّدٍ مكلف عالم به، والأصح حر". انتهى. فصحح2 اشْتِرَاطُ الْحُرِّيَّةِ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى الرَّقِيقِ، وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا نَاقَضَ فِيهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَوَّلِ الْكِتَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ احتمال في المقنع4، ورواية في الخلاصة. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ – 13: هَلْ لَهُ مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِ أَمْ لَا؟ [أَطْلَقَ] الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ مَوْقُوفٌ، كَقَوْلِهِ فِي الْمُعْتَقِ الْمُنَجَّزِ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ - 14: هَلْ لَهُ تَزْوِيجُ رَقِيقِهِ أَمْ لَا: أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: لَهُ6 تَزْوِيجُ الْأَمَةِ دُونَ الْعَبْدِ، حَكَاهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِمَا، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ -15: هَلْ لَهُ عِتْقُ رَقِيقِهِ بِمَالٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ والحاوي الصغير والفائق وغيرهم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: ليس له ذلك إلا بإذن سيده، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْكَافِي3: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الرَّقِيقَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَوَّلُ ضَعِيفٌ، وَقَطَعَ4 بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَلَنَا5 وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ عِتْقَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَطَلَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّرِيفِ في خلافه4، 6ويحتمل أنه موقوف على إجازة السيد، كتصرف الفضولي، حكاه الشيخ موفق الدين في "المغني"6 7. قال القاضي: هذا قياس المذهب. 6 لقولنا في ذوي الأرحام: إنهم موقوفون6، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ – 16: هَلْ يَسُوغُ لَهُ قَوَدُهُ لِنَفْسِهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَى طَرَفِهِ بِلَا إذْنٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا يَقْتَصُّ لِنَفْسِهِ مِنْ عُضْوٍ وَقِيلَ: أَوْ جُرْحٍ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهِ، فِي الأصح، وكذا قال في الفائق.
وَلَهُ تَعْزِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ زوج، ذكره في عيون المسائل، وَلِسَيِّدِهِ الْقَوَدُ مِنْهُ، وَوَلَاءُ مَنْ يُعْتِقُهُ وَيُكَاتِبُهُ 1بإذن لسيده1، وقيل: له إنْ عَتَقَ. وَلَهُ تَمَلُّكُ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ بِهِبَةٍ ووصية وكسبهم له، ولا يبعهم، فَإِنْ عَجَزَ رُقُّوا مَعَهُ، وَإِنْ عَتَقَ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَلَوْ بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ عَتَقُوا، لَا بِعِتْقِ السَّيِّدِ إيَّاهُمْ. وَفِي شِرَائِهِمْ بِلَا إذْنِهِ وجهان "م 17" ومثله الْفِدَاءُ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ يفديه بقيمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا، إذْ قَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: إنَّ الْعَبْدَ إذَا وَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ لَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ، فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى، ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَهُ هُنَاكَ طَلَبُهُ وَلَا يَقْتَصَّ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ يُقَالُ أَيْضًا: الْمُكَاتَبُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِهِ شَائِبَةُ الْحُرِّيَّةِ وَهِيَ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا، فُرُوعِي طَلَبُهَا، فَيَقْوَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: "وَفِي شِرَائِهِمْ بلا إذنه وجهان". انتهى. يَعْنِي فِي شِرَاءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالرَّحِمِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْفَائِقِ وغيرهم:
وَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ 1عَلَى سَيِّدِهِ1، ذَكَرَهُ في الانتصار والترغيب، فإن عجز عتقوا. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهَرُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَهُ شِرَاءُ ذِي رَحِمِهِ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْخِرَقِيُّ، قَالَهُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ.
فصل يصح شرط وطء مكاتبته
فصل يَصِحُّ شَرْطُ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ، كَرَاهِنٍ يَطَأُ بِشَرْطٍ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ، وَعَنْهُ: لَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَمَتَى وَطِئَ بِلَا شَرْطٍ عُزِّرَ عَالِمٌ فَقَطْ، وَيَلْزَمُهُ مَهْرُهَا، كَأُجْرَةِ خدمتها، وقيل: إن طاوعته فلا. ويجوز بيعه، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَمُشْتَرِيهِ يَقُومُ2 مَقَامَ مُكَاتَبِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي مُدَبَّرٍ كَذَلِكَ، كَعَبْدٍ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِ عَتَقَ دُونَ وَلَدِهِ، وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَإِلَّا عَادَ قنا، وجهل مشتريه كتابته كعيب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْ الْمُكَاتَبَيْنِ الْآخَرَ صَحَّ شِرَاءُ الْأَوَّلِ وَحْدَهُ، فَإِنْ جَهِلَ أَسْبَقُهُمَا بَطَلَا، وقيل: أبطلا. وَيَلْزَمُ سَيِّدَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ. وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ لَزِمَهُ فِدَاءُ نَفْسِهِ بِقِيمَتِهِ فَقَطْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ، وَقِيلَ: يَتَحَاصَّانِ، فَإِنْ أَدَّى مُبَادِرًا وَلَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ عَتَقَ وَاسْتَقَرَّ الْفِدَاءُ، وَالْفِدَاءُ عَلَى سَيِّدِهِ إنْ قَتَلَهُ وَكَذَا إنْ أَعْتَقَهُ، وَيَسْقُطُ فِي الْأَصَحِّ إنْ كَانَتْ عَلَى سَيِّدِهِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ عَجَزَ وَجِنَايَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ تَعْجِيزُهُ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَفَدَاهُ، وَإِلَّا بِيعَ فِيهَا قِنًّا، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: جِنَايَتُهُ فِي رَقَبَتِهِ بِفِدْيَةٍ1 إنْ شَاءَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهِ أَقُولُ، وَيَجِبُ فِدَاءُ جِنَايَتِهِ مُطْلَقًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِهَا، وَعَنْهُ: جِنَايَتُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَعَنْهُ: وسيده بالأرش كله. وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، فَيُقَدِّمُهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ، 2فَلِهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ مَالٌ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ تَعْجِيزُهُ، بِخِلَافِ الْأَرْشِ وَدَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَعَنْهُ: تتعلق برقبته2 فتتساوى الأقدام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ، وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِفَوَاتِ الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ، وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ هَلْ يقدم دين الأجنبي على السيد كحال الحياة أم يتحاصان؟ فيه روايتان، وهل يضرب سيده بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ مَعَ غَرِيمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ إنْ أَدَّى بَعْضَ كِتَابَتِهِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ يُحْتَسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ وَيَعْتِقُ، وَلَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا إلَّا السَّيِّدُ بِعَجْزِ الْعَبْدِ، بِأَنْ يَحُلَّ نَجْمٌ فَلَمْ يُؤَدِّهِ، وَعَنْهُ: لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَحُلَّ نَجْمَانِ، وَعَنْهُ: لَا يَعْجِزُ حَتَّى يَقُولَ قَدْ عَجَزْتُ. وَفِي أَسِيرٍ1 كَافِرٍ وَاحْتِسَابِهِ على المكاتب بالمدة عند الكافر ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَجَزَ عَنْ دُيُونِ مُعَامَلَةٍ لَزِمَتْهُ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ، فَيُقَدِّمُهَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ ... ، وَعَنْهُ: تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ... وَيَشْتَرِكُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالْأَرْشِ بَعْدَ مَوْتِهِ. لِفَوْتِ الرَّقَبَةِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ دَيْنَ الْمُعَامَلَةِ، وَلِغَيْرِ الْمَحْجُورِ تَقْدِيمُ أَيِّ دَيْنٍ شَاءَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهُ بعد موته هل يقدم دين الأجنبي على السَّيِّدِ كَحَالِ الْحَيَاةِ2 أَمْ يَتَحَاصَّانِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وهل يضرب سيده بدين معاملة مع غريم؟ فيه وجهان". انتهى.
وَجْهَانِ "م 18 - 19" وَلَهُ الْفَسْخُ بِلَا حُكْمٍ، كَرَدٍّ بِعَيْبٍ1 وَيَلْزَمُهُ إنْظَارُهُ ثَلَاثَةً2، كَبَيْعِ عَرَضٍ، وَمِثْلُهُ مال غائب دون مسافة قصر يرجو قُدُومَهُ وَدَيْنُ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ وَمُودِعٍ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِيفَاؤُهُ3 فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ في غيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْجَمَاعَةُ طَرِيقَةٌ فِي الْمُذْهَبِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ الْخِلَافِ المطلق. مَسْأَلَةٌ - 18 – 19: قَوْلُهُ: "وَفِي أَسِيرٍ كَافِرٍ وَاحْتِسَابِهِ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْمُدَّةِ عِنْدَ الْكَافِرِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -18: قَوْلُهُ: "وَفِي أَسِيرٍ كَافِرٍ"، يَعْنِي إذَا أَسَرَ الْمُكَاتَبُ كَافِرًا وَحَلَّ عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ مَا يَقْتَضِي تَعْجِيزَهُ لَوْ كَانَ مُطْلَقًا فَهَلْ يَمْلِكُ سَيِّدُهُ تَعْجِيزَهُ وَفَسْخًا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. تَنْبِيهٌ: لَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ هَذِهِ، فَإِنْ قُلْنَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ لَهُ تَعْجِيزُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ بِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعْجِيزُهُ، والذي يظهر أن هذه المسألة هي تلك4 بِعَيْنِهَا وَفَائِدَتُهَا مَا قُلْنَا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهَا الْأَكْثَرُ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا الثَّانِيَةَ، وَلَعَلَّهُ رَأَى هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي كِتَابٍ وَتِلْكَ فِي آخَرَ، وَاَللَّهُ أعلم بمراده.
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ بَعْدَ حُلُولِ نَجْمٍ وَلَا قَبْلَهُ مَعَ قُدْرَةِ عَبْدٍ عَلَى الْأَدَاءِ، كَبَيْعٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ غَابَ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَفْسَخْ، وَيَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمِ الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْغَائِبُ؛ لِيَأْمُرَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ يُثْبِتَ عَجْزَهُ فَحِينَئِذٍ يُفْسَخُ، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ: لِلْعَبْدِ فَسْخُهَا، كَمُرْتَهِنٍ، وَكَاتِّفَاقِهِمَا، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: لَا؛ لِحَقِّ اللَّهِ، وَيَمْلِكُ قَادِرٌ عَلَى كَسْبٍ تَعْجِيزَ نَفْسِهِ، فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً، وَلَمْ يَعْتِقْ بِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لِلْإِرْقَاقِ، فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهِ، فلا فسخ لسيد، ولهذا يحرم أن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مَبْنِيًّا عَلَى الرَّاوِيَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي تَعْجِيزِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ حَتَّى يَقُولَ قَدْ عَجَزْتُ، فَلَوْ كَانَ أَسِيرًا فَهَلْ يَمْلِكُ تَعْجِيزَهُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَمْ لَا؟ وَقَالَ شَيْخُنَا: مَعْنَاهُ إذَا أَسَرَهُ كَافِرٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ بِسَبَبِ ذَلِكَ. وَقَالَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: إذَا قَامَ فِي أَسْرِ الْكَافِرِ مُدَّةً ثُمَّ أُطْلِقَ فَهَلْ يَحْتَسِبُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَجْلِ الْعَجْزِ أَمْ لَا عِبْرَةَ بِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَقَالَهُ غَيْرُهُ فِي الثَّانِيَةِ 1وَأَصْلَحَ بَعْضُهُمْ " أَسِيرَ " بِأَسْرٍ بِحَذْفِ الْيَاءِ، وَقِيلَ: إنَّهُ وُجِدَ فِي بعض النسخ كذلك1. الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ – 19: هَلْ يَحْتَسِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِمُدَّةِ حَبْسِهِ عِنْدَ الْكَافِرِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْتَسِبُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْتَسِبُ عَلَيْهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي4 فَقَالَ: وَإِنْ قَهَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ فَحَبَسُوهُ لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدَ إنْظَارُهُ؛ لِأَنَّ الحبس من غير جهته. انتهى.
يَتَزَوَّجَ أَمَةً مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حُرَّةٍ أَوْ صَبْرِهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُهُ، فَيَفْسَخُ السَّيِّدُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي فَسْخِهَا بِجُنُونِ مُكَاتَبٍ وَجْهَانِ. وَمَنْ مَاتَ وَفِي وَرَثَتِهِ زَوْجَةٌ لِمُكَاتَبِهِ أو ورث زوجته المكاتبة انفسخ نكاحها، فَيُعَايَا بِهَا، وَقِيلَ: حَتَّى يَعْجِزَ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ انْتِقَالَ مَا يُقَابِلُهُ إلَى الْوَرَثَةِ، فَعَلَى هَذِهِ الْوَصِيَّةِ بِمُعَيَّنٍ وَالْكِتَابَةُ تَمْنَعُ الِانْتِقَالَ، فَلَا فَسْخَ، وَعَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ، وَيَلْزَمُهُ إذَا أَدَّى مُكَاتَبُهُ إيتَاءَهُ رُبُعَ كِتَابَتِهِ تَعْجِيلًا أَوْ وَضْعًا بِقَدْرِهِ، وَيَلْزَمُ1 الْمُكَاتَبَ قَبُولُ جِنْسِهَا، وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ، وَقِيلَ: بَلْ مِنْهَا، فَإِنْ أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَعَنْهُ: أَوْ أَكْثَرَ كِتَابَتِهِ وَعَجَزَ لَمْ يَعْتِقْ، وَلِسَيِّدِهِ الْفَسْخُ، فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي عتقه بالنقاص2 رِوَايَتَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَجْزَ، وَقَالَ: لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ النُّجُومِ أَوْ أَدَّاهُ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ مِثْلُ النُّجُومِ عَتَقَ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: وَعَنْهُ: يَعْتِقُ بِمِلْكِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهَا إنْ لَزِمَ إيتَاءُ رُبُعٍ وَفِي الرَّوْضَةِ رِوَايَةٌ وَقَدَّمَهَا: لَا يَجِبُ إيتَاءُ الرُّبُعِ وأن الأمر في الآية للاستحباب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل إذا اختلفا في قدر مال الكتابة أو جنسه أو أجله قبل قول السيد،
فصل إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ أَجَلِهِ قُبِلَ قَوْلُ السَّيِّدِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَالْعَقْدِ وَقَدْرِ الْأَدَاءِ، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، كَعِتْقِهِ بِمَالٍ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مِثْلُهَا، وَعَنْهُ: يَتَحَالَفَانِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا بِقَوْلِ الْآخَرِ فَسَخَاهُ، إلَّا مَعَ حُصُولِ الْعِتْقِ فَلَا يَرْتَفِعُ، فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا أَدَّاهُ، وَإِنْ قَالَ: قَبَضْتهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ زَيْدٌ، عَتَقَ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ، وَلَوْ فِي مَرَضِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ الثَّانِيَةُ. وَإِنْ كَاتَبَ عَبِيدَهُ صَفْقَةً بِعِوَضٍ وَاحِدٍ صَحَّ، بِخِلَافِ قَوْلِ ثَلَاثَةٍ لِبَائِعٍ: اشْتَرَيْت أَنَا زَيْدًا وَهَذَا عَمْرًا وَهَذَا بِكْرًا بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَسَّمَ بَيْنَهُمْ بِقَدْرِ قِيمَتِهِمْ يَوْمَ الْعَقْدِ، وَأَيُّهُمْ أَدَّى قِسْطَهُ عَتَقَ، وَقِيلَ: بِعَدَدِهِمْ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكُلَّ، وَإِذَا أَدَّوْا وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَدَاءَ الْوَاجِبِ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَمْ عُدَّتِهِمْ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ فَقَدْ دَخَلُوا فِي الْكِتَابَةِ أَيْضًا. وَمَنْ قَبِلَ كِتَابَةً عَنْ نَفْسِهِ وَغَائِبٍ صَحَّ، كَتَدْبِيرٍ، فَإِنْ أَجَازَ الْغَائِبُ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْكُلُّ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَيَتَوَجَّهُ كَفُضُولِيٍّ وَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلَهُمَا كِتَابَةُ عَبْدِهِمَا عَلَى تَسَاوٍ وَتَفَاضُلٍ، وَلَا يُؤَدِّ إلَيْهِمَا إلَّا بِقَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، فَإِنْ خَصَّ أَحَدَهُمَا بِالْأَدَاءِ لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبَهُ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِإِذْنٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي ذِمَّتِهِ. 1 قَالَ الْقَاضِي عَنْ الْأَوَّلِ: وَطَرْدُهُ دَيْنٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ أحدهما لصاحبه أن يقبض نصيبه أن فما2 قَبَضَهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَرْجِعُ الشَّرِيكُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمَسْأَلَتِنَا1. وَإِذَا كَاتَبَ ثَلَاثَةٌ عَبْدًا فَادَّعَى الْأَدَاءَ إلَيْهِمْ فَأَنْكَرَهُ أَحَدُهُمْ شَارَكَهُمَا فِيمَا أَقَرَّا بِقَبْضِهِ، وَنَصُّهُ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ. وَفِي الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالرَّوْضَةِ. وَمَتَى حَرُمَ الْعِوَضُ أَوْ جُهِلَ أَوْ شُرِطَ مَا يُنَافِيهَا وَفَسَدَتْ بِفَسَادِ الشَّرْطِ فِي وَجْهٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، وَلَا يَعْتِقُ بِالْإِبْرَاءِ بَلْ بِالْأَدَاءِ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ إنْ أَتَى بِالتَّعْلِيقِ. وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ فِيهَا وَيَجِبُ الْإِيتَاءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 20 - 24". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 20 – 24: قَوْلُهُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ: "وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَجُنُونِهِ وَالْحَجْرِ وَيَتْبَعُ الْوَلَدُ وَالْكَسْبُ فِيهَا وَيَجِبُ الْإِيتَاءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. فِيهِ مَسَائِلُ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -20: هَلْ تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ: أَحَدُهُمَا: تَنْفَسِخُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْفَسِخُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 21: هَلْ تَنْفَسِخُ بِالْجُنُونِ وَالْحَجْرِ لِلسَّفَهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَنْفَسِخُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْفَسِخُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: وَهُوَ الْأَوْلَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 22: هَلْ يَتْبَعُ الْوَلَدُ فِيهَا كَالصَّحِيحَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَتْبَعُهَا، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شرحه: هذا أقيس وأصح.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتْبَعُهَا، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1 وَغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ: إنْ قُلْنَا هُوَ جُزْءٌ مِنْهَا تَبِعَهَا، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ كَسْبٌ فَوَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى سَلَامَةِ الْأَكْسَابِ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ – 23: هَلْ يَتْبَعُ الْكَسْبُ فِيهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: مَا فَضَلَ عَنْ الْأَدَاءِ فِيهَا لِسَيِّدِهِ 2فَلَا يَتْبَعُ2، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مَا فَضَلَ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ، قَالَ الْقَاضِي: مَا فِي يد المكاتب وما يكسبه4 وَمَا يَفْضُلُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْأَدَاءِ فَهُوَ لَهُ. انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي كَالْمُتَنَاقِضِ، فَإِنَّهُمَا قَطَعَا بِأَنَّ لِسَيِّدِهِ أَخْذَ مَا مَعَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَمَا فَضَلَ بَعْدَهُ، وَقَالَا قَبْلَ ذَلِكَ: وَفِي تَبَعِيَّةِ الْكَسْبِ وَجْهَانِ، وَلَعَلَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ – 24: هَلْ يَجِبُ الْإِيتَاءُ فِيهَا كَالصَّحِيحَةِ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ5 وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ3،
وكذا جعل من أولدها أم وَلَدِهِ "م 25" وَفِيهِ وَجْهٌ فِي الصِّحَّةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: بُطْلَانُهَا بِعِوَضٍ مُحَرَّمٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هي كالصحيحة في ذلك. مَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: بَعْدَ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا تَقَدَّمَ: "وَكَذَا جَعْلُ مَنْ أَوْلَدَهَا أُمَّ وَلَدِهِ" يَعْنِي: جَعْلَ مَنْ أَوْلَدَهَا الْمُكَاتَبُ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ وَقُلْنَا فِي الصَّحِيحَةِ: إنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، فهل تصير أم ولد في الفاسدة1 أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي "الرِّعَايَتَيْنِ"، و"النظم"، و"الحاوي"، و"الفائق"، وغيرهم1: أَحَدُهُمَا: تَصِيرُ2 أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ كَالصَّحِيحَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِيرُ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي جَعْلِ مَنْ أَوْلَدَهَا الْمُكَاتَبُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ أُمَّ وَلَدٍ، فَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الباب.
باب أحكام أمهات الأولاد
باب أحكام أمهات الأولاد مدخل ... باب أحكام أمهات الأولاد إذَا أَوْلَدَ حُرٌّ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَمَتَهُ، وَعَنْهُ: أَوْ أَمَةَ غَيْرِهِ، بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَا بِزِنًا، ثُمَّ مَلَكَهَا. وَعَنْهُ حَامِلًا، وَعَنْهُ: وَوَطِئَهَا حَالَ حَمْلِهَا، وَقِيلَ عَنْهُ: فِي ابْتِدَاءٍ أَوْ وَسَطٍ، فَوَضَعَتْ مَا يَصِيرُ بِهِ نَفْسًا وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَأَبُو الْحَارِثِ: يُغَسَّلُ السِّقْطُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ2: فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ يَوْمٍ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتُعْتَقُ الْأَمَةُ إذَا دَخَلَ فِي الْخَلْقِ الرَّابِعِ، وَقَدَّمَ فِي الْإِيضَاحِ: سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَجَزَمَ فِي الْمُبْهِجِ: مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ لَمْ تَضَعْ وَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا فِي بَطْنِهَا عَتَقَتْ، وَأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ؛ لِمَا فِي بَطْنِهَا، حَتَّى يُعْلَمَ، وَتُعْتَقُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَابْنُ أَبِي حَرْبٍ فِيمَنْ أَوْلَدَ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ: لَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْمُنْتَخَبِ: أَنَّ هَذِهِ أَصْلٌ لِمُحَرَّمَةٍ لِاخْتِلَافِ دِينٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. وَفِي إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جهلا وجهان "م 1". وحكم أم الولد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَفِي إثْمِ وَاطِئِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ جَهْلًا وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا إثْمَ عَلَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ الْحَقُّ، وَكَيْفَ يُؤْثَمُ الْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ، وَاَللَّهُ أَكْرَمُ3 مِنْ أَنْ يُؤْثِمَهُ مَعَ جَهْلِهِ.
كَالْأَمَةِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، لَا فِي بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ وَوَقْفٍ وَوَصِيَّةٍ بِهَا وَعَنْهُ: يُحَدُّ قَاذِفُهَا، وَعَنْهُ: إنْ كَانَ لَهَا ابْنٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَهُ، كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ1. وَعَنْهُ: يُكْرَهُ بيعها، فقيل: لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ "م 2" وَهَلْ هَذَا الْخِلَافُ شبهة؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَأْثَمُ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ وَجْهَ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّهُ فَرَّطَ فِي عَدَمِ السُّؤَالِ والعلم بذلك، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَعَنْهُ: يُكْرَهُ بَيْعُهَا، فَقِيلَ: لَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ ذِكْرِ الرِّوَايَةِ: فَتُعْتَقُ بِوَفَاةِ سَيِّدِهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ، وَبَعْضُهَا مَعَ عَدَمِ سَعَتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَكَسَائِرِ رَقِيقِهِ. انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: إذَا أَوْلَدَهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ، إلَّا أَنْ نَقُولَ: لَهُ بَيْعُهَا، فَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: إذَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ، وَقِيلَ: إنْ جَازَ بَيْعُهَا لَمْ تُعْتَقْ، فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أنها لا3 تُعْتَقُ، وَلَوْ قُلْنَا بِجَوَازِ بَيْعِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ وَالْحَاوِي، وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا الْمُصَنِّفُ إلَّا قَوْلًا وَاحِدًا بِهَذِهِ الصيغة.
فِيهِ نِزَاعٌ، وَالْأَقْوَى شُبْهَةٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا: وَأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ لَوْ وَطِئَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ هَلْ يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ أَوْ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ؟ أَمَّا التَّعْزِيرُ فَوَاجِبٌ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ: يَجُوزُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ لَا يَرْفَعُهُ وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَأَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ وَابْنُ بَطَّالٍ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْإِجْمَاعَ على أنه لا يجوز. وكلما جنت1 فَدَاهَا سَيِّدُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْفِدَاءِ أَوْ دُونَهَا، وعنه بالأرش كله، كقن في رواية و2أَنَّهَا إنْ تَكَرَّرَتْ بَعْدَ الْفِدَاءِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهَا، قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَتُعْتَقُ بِقَتْلِهَا سَيِّدِهَا، وَلِوَلِيِّهِ الْقَوَدُ، وَيَلْزَمُهَا مَعَ اخْتِيَارِ الْمَالِ وَالْقَتْلِ خَطَأً الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَتِهِ، وَعَنْهُ: قِيمَتُهَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: فِي قَتْلِ الْخَطَإِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ آخَرِ جُزْءٍ مَاتَ مِنْ الْمَقْتُولِ عَتَقَتْ وَوَجَبَ الضَّمَانُ. وَمَنْ وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ أُدِّبَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِ، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ مَهْرِهَا لِشَرِيكِهِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ: إنْ كَانَتْ بِكْرًا فَقَدْ نَقَصَ مِنْهَا، فَعَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَالثَّيِّبُ لَمْ تُنْقَصُ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ، وَإِنْ أَحْبَلَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ، وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا، وَعَنْهُ: وَنِصْفُ مَهْرِهَا، وَعَنْهُ: [وَ] قِيمَةُ الْوَلَدِ، ثُمَّ إنْ وَطِئَ شَرِيكُهُ فَأَحْبَلَهَا لَزِمَهُ مَهْرُهَا، وَإِنْ جَهِلَ إيلَادَ الْأَوَّلِ أَوْ أَنَّهَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَهُ فَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَيَفْدِيهِمْ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِلَّا فَهُمْ رقيق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا لَمْ يَسْرِ اسْتِيلَادُهُ، وَهَلْ وَلَدُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 3" وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، مَنْ مات منهما عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، فِي الْأَصَحِّ، مَضْمُونًا، وَقِيلَ: مَجَّانًا. وَإِنْ كَاتَبَا أَمَتَهُمَا، ثُمَّ وَطِئَاهَا فَلَهَا الْمَهْرُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ1 وَمُكَاتَبَةٌ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُهَا مُكَاتَبًا، وَلَهَا الْمَهْرُ، وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ روايتان "م 4" وقيل: لشريكه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: فِيمَا وَطِئَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَوْلَدَهَا: "وَقِيلَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَسِرْ اسْتِيلَادُهُ، وَهَلْ وَلَدُهُ حُرٌّ أَوْ نِصْفُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. أَحَدُهُمَا: الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرٌّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، ثُمَّ وَجَدْت الزَّرْكَشِيّ قَالَ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا أَصَحُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: نِصْفُهُ حُرٌّ لَا غَيْرُ، يعني إذا كان الواطئ له نصفها. مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَاتَبَا أَمَتَهُمَا فَوَطِئَهَا أَحَدُهُمَا وَوَلَدَتْ مِنْهُ: "فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبَةٌ وَيَلْزَمُهُ لِشَرِيكِهِ نِصْفُهَا مُكَاتَبًا، وَلَهَا الْمَهْرُ، وَفِي نِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَغْرَمُ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ، قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ فِي الْمُذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ الصواب.
نِصْفُ قِيمَتِهَا قِنًّا وَنِصْفُ مَهْرِهَا، وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَنِصْفُهَا مُكَاتَبٌ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَسْرِي اسْتِيلَادُ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ فَيَقُومُ عَلَى الْمُوسِرِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ وَلَدَتْ وَأُلْحِقَ بِهِمَا فَأُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا وَكِتَابَتُهَا بحالها. وإن وطئ حر أو والده أَمَةً لِأَهْلِ غَنِيمَةٍ هُوَ مِنْهُمْ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ فَالْمَهْرُ؛ فَإِنْ أَحَبْلَهَا فَأُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهُ حُرٌّ، وَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَعَنْهُ: وَمَهْرُهَا، وَعَنْهُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ، وَكَذَا الْأَبُ يُوَلِّدُ جَارِيَةَ وَلَدِهِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ هُنَا: لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَيُعَزَّرُ فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ تَحْبَلْ، وَعَنْهُ: يُحَدُّ، قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَنْوِ، تَمَلُّكَهُ. وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَفِي الْحَدِّ رِوَايَتَانِ "م 5" وَيُحَدُّ عَلَى الْأَصَحِّ بوطئه أمة أبيه وأمه عالما تحريمه، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَغْرَمُ شَيْئًا، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ: إنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ وَطِئَهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ، فِي الْمَنْصُوصِ" يَعْنِي إذَا أَوْلَدَ أَمَةَ ابْنِهِ بَعْدَ وَطْءِ ابْنِهِ "وَفِي الْحَدِّ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى في باب الهبة وقال: 3كحد وطء3 ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ4 بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَقَدَّمَ فِيهِ أنه يحد.
وَلَا يَلْحَقُهُ وَلَدٌ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ: يَلْحَقُهُ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَعْمَلُ بِهِ فَاشْتَرَى بِهِ أَمَةً فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا وَأَوْلَدَهَا مَضَى عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ عليه بالمال ويلحقه الولد. وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ حَرُمَ بَيْعُ الْوَلَدِ وَيُعْتِقُهُ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ: يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ شَيْخُنَا: يُسْتَحَبُّ، وَفِي وُجُوبِهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَب أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ1 أَيْضًا: يَعْتِقُ وَأَنَّهُ يَحْكُمُ بِإِسْلَامِهِ، وَهُوَ يَسْرِي كَالْعِتْقِ، وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا تَزَوَّجَ بِكْرًا فَدَخَلَ بِهَا فَإِذَا هِيَ حبلى، قال ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا حَدَّ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا حَيْثُ قَالُوا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا إذَا كون2 الِابْنُ، يَطَأُهَا أَمْ لَا، مِنْهُمْ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَصَاحِب الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: عَلَيْهِ الْحَدُّ، قَالَ الْمُسْتَوْعِبُ: حُكْمُهُ حكم 6 وطء أمته، أو أمه من الرضاعة بملك اليمين، وقدم فيهما أنه يحد. قال في "الرعاية الكبرى" في كتاب الحدود: ومن6 وطئ أَمَةِ ابْنِهِ وَلَمْ يَنْوِ تَمَلُّكَهَا بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ ابْنُهُ وَطِئَهَا، وَقِيلَ: أَوْ كَانَ عُزِّرَ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ وَطِئَهَا حُدَّ الْأَبُ مَعَ علمه به. انتهى.
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْهَا وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَك فَإِذَا وَلَدَتْ فَاجْلِدُوهَا وَلَهَا الصَّدَاقُ وَلَا حَدَّ لَعَلَّهَا اُسْتُكْرِهَتْ" حَدِيثُ أَبِي مُوسَى1. وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ2: بَابُ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَجِدُهَا حُبْلَى: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ خَالِدٍ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْمَعْنِيِّ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ - قَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ: مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ اتَّفَقُوا - يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ3، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً بِكْرًا فِي سِتْرِهَا، فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا فَإِذَا هِيَ حُبْلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا وَالْوَلَدُ عَبْدٌ لَك فَإِذَا وَلَدَتْ"، قَالَ الْحَسَنُ: "فَاجْلِدْهَا"، وَقَالَ ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ. "فَاجْلِدُوهَا"، أَوْ قَالَ: "فَحُدُّوهَا". قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَتَادَةُ عن سعيد بن يزيد عن ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُسَيِّبِ، وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَرْسَلُوهُ. 1 عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2. وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ بَصْرَةَ بْنَ أَكْثَمَ نَكَحَ امْرَأَةً، وَكُلُّهُمْ قَالَ فِي حَدِيثِهِ: جَعَلَ الْوَلَدَ عَبْدًا لَهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُعَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ بَصْرَةُ نَكَحَ امْرَأَةً، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ، وَزَادَ: وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَحَدِيثُ ابْنِ جُرَيْجٍ أَتَمُّ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالَ بِهِ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، كَذَا قَالَ. وَفِي الْهُدَى: قِيلَ: لَمَّا كَانَ وَلَدَ زِنًا وَقَدْ غَرَّتْهُ مِنْ نَفْسِهَا وَغَرِمَ صَدَاقَهَا أَخْدَمَهُ وَلَدَهَا وَجَعَلَهُ لَهُ كَالْعَبْدِ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَقَّهُ عُقُوبَةً لِأُمِّهِ عَلَى زِنَاهَا وَغُرُورِهَا، وَيَكُونُ خَاصًّا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم 2وبذلك الولد2 وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَقِيلَ: كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ يُسْتَرَقُّ الْحُرُّ فِي الدِّينِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقِيلَ: بَصْرَةُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَا يَصِحُّ فِي تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَامِلِ خَبَرٌ غير خبر أبي الدرداء 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَمَاتَ فَقِيلَ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَقِيلَ: لَا "م 6" فَعَلَيْهِ الْوَلَاءُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَمَنْ قَالَ يَدُكٍ أُمُّ وَلَدِي، أَوْ لِوَلَدِهَا: يَدُك ابْنِي، صَحَّ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي طَلَاقِ جُزْءٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -6: قَوْلُهُ: "وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلَمْ يَقُلْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَمَاتَ، فَقِيلَ: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، وَقِيلَ: لَا". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفَائِقِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ هُنَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَغَيْرِهِمْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ: أَحَدُهُمَا: تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى آخِرَ الْبَابِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ. فَهَذِهِ سِتُّ مسائل في هذا الباب.
كتاب النكاح
كتاب النكاح مدخل * ... كِتَابُ النِّكَاحِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ، جَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ، فِي الْوَطْءِ، وَالْأَشْهَرُ مُشْتَرَكٌ، وَقِيلَ: حَقِيقَةٌ فِيهِمَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِي الْإِثْبَاتِ لَهُمَا، وَفِي النَّهْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْ بَعْضِهِ، وَالْأَمْرُ بِهِ أَمْرٌ بِكُلِّهِ، فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْكَلَامِ. وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ، كَالْإِجَارَةِ، لَا فِي حُكْمِ الْعَيْنِ. "هـ" وَفِيهَا قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: مَا ذَكَرُوهُ مِنْ مَالِيَّةِ الْأَعْيَانِ وَدَعْوَاهُمْ أَنَّ الْأَعْيَانَ مَمْلُوكَةٌ؛ لِأَجْلِهَا1 يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لِلَّهِ، وَإِنَّمَا تُمْلَكُ التَّصَرُّفَاتُ، وَلَوْ سَلِمَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ فَلِمِلْكِهِ إتْلَافُهَا، وَلَا ضَمَانَ، بِخِلَافِ مِلْكِ النِّكَاحِ. يَلْزَمُ مَنْ خَافَ الزِّنَا. وَيَتَوَجَّهُ: مَنْ عَلِمَ وُقُوعَهُ بِتَرْكِهِ، وَعَنْهُ: وَذَا الشَّهْوَةِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ أَبِي مُوسَى. وَالْمَنْصُوصُ: حَتَّى لِفَقِيرٍ. وَجَزَمَ فِي النَّظْمِ: لَا يَتَزَوَّجُ فَقِيرٌ إلَّا ضَرُورَةً، وَكَذَا قَيَّدَهَا ابْنُ رَزِينٍ بِالْمُوسِرِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ: يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ نِزَاعٌ فِي مذهب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَكْتَفِي بِمَرَّةٍ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: بَلَى لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: الْمُتَبَتِّلُ الَّذِي لَمْ يَتَزَوَّجْ قَطُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، قَالَ: عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِهِ. وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِعَقْدٍ اسْتِغْنَاءٌ بِالْبَاعِثِ الطَّبِيعِيِّ، بِخِلَافِ أَكْلِ مُضْطَرٍّ. وَجْهَانِ فِي الْوَاضِحِ "م 1". قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَسَرٍّ وَجْهَانِ "م 2" قَالَ أَحْمَدُ: إنْ خَافَ الْعَنَتَ أَمَرْتُهُ يَتَزَوَّجُ، وَإِنْ أَمَرَهُ وَالِدَاهُ أَمَرْتُهُ يَتَزَوَّجُ، وَاَلَّذِي يحلف ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِعَقْدٍ اسْتِغْنَاءٌ بِالْبَاعِثِ الطَّبِيعِيِّ ... وَجْهَانِ فِي الْوَاضِحِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ عِنْدِي يَقْتَضِي إيجَابُهُ شَرْعًا، كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ تَمَلُّكُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَتَنَاوُلُهُمَا، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ فِي نُكَتِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ: وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَالْوَاجِبُ هُوَ الْعَقْدُ، وَأَمَّا نَفْسُ الِاسْتِمْتَاعِ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجِبُ، بَلْ يُكْتَفَى فِيهِ بِدَاعِيَةِ الْوَطْءِ، وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْوَطْءَ فَإِنَّمَا هُوَ لِإِيفَاءِ حَقِّ الزَّوْجَةِ لَا غَيْرُ. انْتَهَى. قُلْت: إيجَابُ الْعَقْدِ فَقَطْ قَرِيبٌ مِنْ الْعَبَثِ، بَلْ الْوَاجِبُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِمْتَاعُ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُ النِّكَاحِ، لَا لِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَسَرٍّ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، قَالَ: الزَّرْكَشِيّ: وَهَلْ يَنْدَفِعُ بِالتَّسَرِّي؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: وَيُجْزِئُ عَنْهُ التَّسَرِّي، فِي الْأَصَحِّ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَاَلَّذِي يظهر الاكتفاء. انتهى. وهو الصواب.
بِالطَّلَاقِ لَا يَتَزَوَّجُ أَبَدًا إنْ أَمَرَهُ أَبُوهُ تَزَوَّجَ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لَهُمَا إلْزَامُهُ بِنِكَاحِ من لا يريدها، 1 فلا يكون عاقاً، كأكل ملا يريد1. وَفِي اسْتِحْبَابِهِ لِغَيْرِهِمَا رِوَايَتَانِ "م 3" وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَحُكِيَ عَنْهُ: يَلْزَمُ، وَهُوَ وَجْهٌ فِي التَّرْغِيبِ. وَلَا يَلْزَمُ نِكَاحُ أَمَةٍ، قَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالشَّيْخُ: يُبَاحُ وَالصَّبْرُ عَنْهُ أَوْلَى، لِلْآيَةِ2. وَفِي الْفُصُولِ: فِي وُجُوبِهِ الْخِلَافُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ: فِيهِ احْتِمَالَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ، ثُمَّ قَالَ: وَيَشْهَدُ لِسُقُوطِ النِّكَاحِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] . انْتَهَى. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوُجُوبَ سَقَطَ مَعَ خَوْفِ الْعَنَتِ، وَإِنْ لم يسقط مع غيره. انتهى3. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَفِي اسْتِحْبَابِهِ لِغَيْرِهِمَا رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي لِغَيْرِ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَصَاحِبُ الشَّهْوَةِ يَدْخُلُ فِيهِ الْعِنِّينُ وَمَنْ ذَهَبَتْ شَهْوَتُهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ: إحْدَاهُمَا لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ يُبَاحُ فِي حَقِّهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ النِّكَاحِ، وابن عقيل في التذكرة، وابن البنا وغيرهم، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ ومنوره.
وَأَوْجَبَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَأَنَّ الْمُخَالِفَ اسْتَحَبَّهُ، فَلِهَذَا جَوَابُهُ عَنْ الْآيَةِ: مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ صَارَ كَالْمَسْكُوتِ عَنْهُ، وَنَفْلُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى نَفْلِ الْعِبَادَةِ، عَلَى الْأَصَحِّ "ش" 1قَالَ: وَإِطْلَاقُ الْأَمْرِ بِالصَّوْمِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ1. وَذَكَرَ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْمُهَنَّا أَنَّ النِّكَاحَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى، كَالْجِهَادِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي وُجُوبَهُ عَلَى الْأَعْيَانِ، تَرَكْنَاهُ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، وَمَنَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ تتلقى من الشَّرْعِ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مِنْ الْكَافِرِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ عِمَارَةِ الدُّنْيَا، كَعِمَارَةِ الْمَسَاجِدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَكَذَا الْعِتْقُ يَصِحُّ مِنْ الْمُسْلِمِ عِبَادَةً، وَمِنْ الْكَافِرِ وَلَيْسَ بِعِبَادَةٍ. وَقِيلَ لَهُ: لَا يَكُونُ الِاشْتِغَالُ بِهِ أَوْلَى مِنْ الْعِبَادَةِ كَالتَّسَرِّي، فَقَالَ: التَّسَرِّي لَمْ يُوضَعْ لِلنِّكَاحِ، كَذَا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْخِصَالِ لَهُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ.
وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ: لَا يَتَزَوَّجْ وَلَا يَتَسَرَّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: وَلَا يَطْلُبْ الْوَلَدَ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يَتَزَوَّجْ وَلَوْ خَافَ "م 4"، يَجِبُ عَزْلُهُ إنْ حَرُمَ نِكَاحُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ، ذَكَرَهُ فِي الفصول. وَيُسْتَحَبُّ نِكَاحُ دَيِّنَةٍ وَلُودٍ بِكْرٍ حَسِيبَةٍ جَمِيلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ، قِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ، كَمَا لَوْ لَمْ تُعِفُّهْ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ "م 5" فَإِنَّهُ قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَلَهُ النِّكَاحُ بِدَارِ حَرْبٍ ضَرُورَةً وَبِدُونِهَا وَجْهَانِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: لَا يَتَزَوَّجْ وَلَا يَتَسَرَّى إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ، وَقَالَ: وَلَا يَطْلُبْ الْوَلَدَ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يَتَزَوَّجْ وَلَوْ خَافَ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ فِي نُكَتِهِ: لَيْسَ لَهُ النِّكَاحُ سَوَاءٌ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ أَمْ لَا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 فِي آخِرِ الْجِهَادِ: وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ مَا دَامَ أَسِيرًا، وَأَمَّا الَّذِي يَدْخُلُ إلَيْهِمْ بِأَمَانٍ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ التَّزَوُّجُ، فَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ أُبِيحَ لَهُ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ وَلْيَعْزِلْ عَنْهَا وَلَا يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فَعَلَى تَعْلِيلِ أَحْمَدَ لَا يَتَزَوَّجْ إلَّا مُسْلِمَةً، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَلَا يَطَأْ زَوْجَتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً، فَإِنَّهُ عَلَّلَ وَقَالَ، مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ لِئَلَّا يُسْتَعْبَدَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُبَاحُ لَهُ النِّكَاحُ مَعَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَيُسْتَحَبُّ نِكَاحُ دَيِّنَةٍ وَلُودٍ بِكْرٍ حَسِيبَةٍ جَمِيلَةٍ ... قِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ ... وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ". انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ عند
يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ، لَيْتَهُ إذَا تَزَوَّجَ ثِنْتَيْنِ يُفْلِتُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَصَدَ بِهِ النَّسْلَ؛ لِقَوْلِهِ: "تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا" 1؛ وَأَرَادَ أَحْمَدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى فَقَالَ: يَكُونُ لَهُمَا لَحْمٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَ يُقَالُ: لَوْ قِيلَ لِلشَّحْمِ أَيْنَ تَذْهَبُ؟ لَقَالَ: أُقَوِّمُ الْعِوَجَ، وَكَانَ يُقَالُ: مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلْيَسْتَجِدْ شَعْرَهَا، فَإِنَّ الشَّعْرَ وَجْهٌ، فَتَخَيَّرُوا أَحَدَ2 الْوَجْهَيْنِ، وَكَانَ يُقَالُ: النِّسَاءُ لَعِبٌ3. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَيَّرَ مَا4 يَلِيقُ بِمَقْصُودِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُذْكَرَ لَهُ مَا يُصْلَحُ لِلْمَحَبَّةِ، فَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ: حَسَنٌ فِي كُلِّ عَيْنٍ مَا تود إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْبِكْرَ مِنْ بَيْتٍ مَعْرُوفٍ بِالدِّينِ وَالْقَنَاعَةِ. وَأَحْسَنُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً إلى العشرين، ويتم نشو5 الْمَرْأَةِ إلَى الثَّلَاثِينَ، ثُمَّ تَقِفُ إلَى الْأَرْبَعِينَ، ثم تنزل. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، قَالَ ابْنُ خُطَيْبٍ السُّلَامِيَّةُ: جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ اسْتَحَبُّوا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ. انْتَهَى. وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ والمستوعب
وَلَا يَصْلُحُ مِنْ الثَّيِّبِ مَنْ قَدْ طَالَ لُبْثُهَا مَعَ رَجُلٍ. وَأَحْسَنُ النِّسَاءِ التُّرْكِيَّاتُ، وَأَصْلَحُهُنَّ الْجَلَبُ الَّتِي لَمْ تَعْرِفْ أَحَدًا، وَلْيَعْزِلْ عَنْ الْمَمْلُوكَةِ إلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ جَوْدَةَ دِينِهَا وَقُوَّةَ مَيْلِهَا إلَيْهِ، وَلْيَحْذَرْ الْعَاقِلُ إطْلَاقَ الْبَصَرِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ تَرَى غَيْرَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ الْعِشْقُ فَيُهْلِكُ الْبَدَنَ وَالدِّينَ، فَمَنْ اُبْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَلْيَتَفَكَّرْ فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ. قَالَ ابْنُ مسعود: إذا أعجبت أحدكم امرأة فليذكر مناتنها1، وَمَا عِيبَ نِسَاءُ الدُّنْيَا بِأَعْجَبَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [البقرة: 25] وإياك والاستكثار من النساء فإنه 2 يسبب الْهَمَّ2. وَمِنْ التَّغْفِيلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الشَّيْخُ صَبِيَّةً. وَأَصْلَحُ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ أَنْ يَمْنَعَ الْمَرْأَةَ مِنْ الْمُخَالَطَةِ لِلنِّسَاءِ، فَإِنَّهُنَّ يُفْسِدْنَهَا عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا يُدْخِلَ بَيْتَهُ مُرَاهِقُ وَلَا يَأْذَنُ لَهَا في الخروج. لا حمقاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يزيد على نكاح واحدة، 3قال الناظم: واحدة أقرب إلى العدل3. فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا أَشْهَرُ. انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ: يَقْتَرِضُ وَيَتَزَوَّجُ، لَيْتَهُ إذَا تَزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ يُفْلِتُ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابن
وله - جزم جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ - قَبْلَ الْخِطْبَةِ نَظَرُ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، كَرَقَبَةٍ وَقَدَمٍ، وَقِيلَ: وَرَأْسٍ وَسَاقٍ، وَعَنْهُ: وَجْهٌ فَقَطْ، وَعَنْهُ: وَكَفٍّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَاسِرَةً، وَلَهُ تَكْرَارُهُ وَتَأَمُّلُ الْمَحَاسِنِ بِلَا إذْنٍ. وَيَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ مُسْتَامَةٍ رَأْسًا وَسَاقًا، وَعَنْهُ: سِوَى عَوْرَةِ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: كَمَخْطُوبَةٍ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقَلِّبَهَا إذَا أَرَادَ الشِّرَاءَ، مِنْ فَوْقِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهَا لَا حُرْمَةَ لها. قال القاضي: أجاز1 تَقْلِيبُ الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ بِمَعْنَى لَمْسِهِ مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ. وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهَا وَعَلَى عَجُزِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، وَيَكْشِفُ عَنْ سَاقِهَا2، وَكَذَا ذَاتُ مَحْرَمٍ، وَهِيَ إلَيْهِ، وَكَذَا عَبْدُهَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَجْهًا وَكَفًّا، وَمِثْلُهُ غَيْرُ ذِي إرْبَةٍ. وَعَنْهُ: الْمَنْعُ فِيهِمَا، نَقَلَهُ فِي الْعَبْدِ ابْنُ هَانِئٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يَنْظُرُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ مُشْتَرَكَةً؛ لِعُمُومِ مَنْع النَّظَرِ إلَّا مِنْ عَبْدِهَا وَأَمَتِهِ، وَقَدْ عَلَّلُوا مَنْعَ النِّكَاحِ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحِلُّ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ. وَقَالُوا أَيْضًا: مَا حَرَّمَ الْوَطْءَ حَرَّمَ دَوَاعِيَهُ، يُؤَيِّدُهُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا. وَقِيلَ: مَمْسُوحٌ وَخَصِيٌّ كَمَحْرَمٍ، وَنَصُّهُ: لَا. وَفِي الانتصار الخصي يكسر ـــــــــــــــــــــــــــــQعَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى كُلْفَةِ ذَلِكَ مَعَ تَوَقَانِ النَّفْسُ إلَيْهِ، وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ مَفْسَدَةٌ أَعْظَمُ مِنْ فِعْلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
النَّشَاطَ، وَلِهَذَا يُؤْتَمَنُ عَلَى الْحَرِيمِ. وَلِلشَّاهِدِ نَظَرُ وَجْهِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا، وَكَذَا لِمَنْ يُعَامِلُهَا، وَنَصُّهُ: وَكَفَّيْهَا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُمَا يَنْظُرَانِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ فِي الْبَائِعِ يَنْظُرُ كَفَّيْهَا وَوَجْهَهَا: إنْ كَانَتْ عَجُوزًا رَجَوْت، وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً تُشْتَهَى أَكْرَهُ ذَلِكَ. وَلِلطَّبِيبِ1 النَّظَرُ لِلْحَاجَةِ وَلَمْسُهُ. وَفِي الْفُرُوعِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَطِبَّ ذِمِّيًّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ، عَلَى احْتِمَالٍ. وَقَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ، وَنَهَى عَنْ أَخْذِ دَوَاءٍ مِنْ كَافِرٍ لَا يَعْرِفُ مُفْرَدَاتِهِ، قَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَخْلِطُوهُ سُمًّا أَوْ نَجِسًا، وَأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَيْهِ فِي دَوَاءٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْ فَلَا حَرَجَ، وَكَرِهَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَأَنْ يَسْتَطِبَّهُ بِلَا ضَرُورَةٍ. سَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ2: عَنْ الْكَحَّالِ يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ وَقَدْ انْصَرَفَ مَنْ عِنْدَهُ: هَلْ هِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا؟ قَالَ: أَلَيْسَ هِيَ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، قَالَ: إنَّمَا الْخَلْوَةُ فِي الْبُيُوتِ. وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَمَرِيضَةٍ فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ وغيرهما كطبيب، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَحْمَدُ فِي الشَّكِّ فِي بُلُوغِهَا: يَنْظُرُ إلَيْهَا مَنْ يَنْظُرُ إلَى الرَّجُلِ: قَدْ تَسَاهَلُوا فِي أَكْثَرَ مِنْ ذَا، أَرَأَيْت إنْ كَانَ بِهَا شَيْءٌ يُرِيدُ عِلَاجًا؟ وَلِحَالِقٍ لِمَنْ لَا يُحْسِنُ حَلْقَ عَانَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. وَلِمُمَيَّزٍ بِلَا شَهْوَةٍ نَظَرُ غَيْرِ مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ، وَذُو الشَّهْوَةِ كَمَحْرَمٍ، وَعَنْهُ: كَأَجْنَبِيٍّ، وَمِثْلُهُ ابْنَةُ تِسْعٍ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ رِوَايَةً عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إذَا بَلَغَتْ الْحَيْضَ فَلَا تَكْشِفْ إلا وجهها ويدها "1. وَنَقَلَ جَعْفَرٌ فِي الرَّجُلِ عِنْدَهُ الْأَرْمَلَةُ وَالْيَتِيمَةُ: لَا يَنْظُرُ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِنَظَرِ الْوَجْهِ بِلَا شَهْوَةٍ. وَلِلْمَرْأَةِ مَعَ امْرَأَةٍ وَرَجُلٍ مَعَ رَجُلٍ وَلَوْ أَمْرَدَ نَظَرُ غَيْرِ الْعَوْرَةِ، وَعَنْهُ: مَنْعُ كَافِرَةٍ مِنْ مُسْلِمَةِ مِمَّا لَا يَظْهَرُ غالبا، وعنه: كأجنبي، وتقبلها2 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِضَرُورَةِ، وَكَذَا امْرَأَةٌ مَعَ رَجُلٍ، أَطْلَقَهُ أَصْحَابُنَا، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: يَحْرُمُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُنَّ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ لَمْ يُجِبْ بِالتَّخْصِيصِ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ. وَقَالَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ: يَجُوزُ لَهُنَّ، رِوَايَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ فِي الْحُرْمَةِ وَالتَّحْرِيمِ، فَجَازَ مُفَارَقَتُهُنَّ بَقِيَّةِ النِّسَاءِ فِي هذا القدر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِي مَسَائِلَ الْأَثْرَمِ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: حَدِيثُ نَبْهَانَ1 عِنْدَك لِأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَدِيثُ فَاطِمَةَ2 لِسَائِرِ النَّاسِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَظْهَرَ اسْتِحْسَانَهُ وَلَمْ يَقُلْ نَعَمْ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: فَرْضُ الْحِجَابِ مُخْتَصٌّ بِهِنَّ، فُرِضَ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ، لَا يَجُوزُ كَشْفُهُمَا لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَلَوْ مُسْتَتِرَاتٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ الْبِرَازِ. وَجَوَّزَ جَمَاعَةٌ - وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً - نَظَرَ رَجُلٍ مِنْ حُرَّةٍ مَا لَيْسَ بِعَوْرَةِ صَلَاةٍ، وَالْمَذْهَبُ: لَا، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: ظُفُرُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ فَلَا يَبِينُ مِنْهَا شَيْءٌ وَلَا خُفُّهَا، فَإِنَّ الْخُفَّ يَصِفُ الْقَدَمَ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَجْعَلَ لِكُمِّهَا زِرًّا عِنْدَ يَدِهَا لَا يَبِينُ مِنْهَا شَيْءٌ. وَيَجُوزُ غَيْرُ عَوْرَةِ صَلَاةٍ مِنْ أَمَةٍ وَمَنْ لَا تشتهى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي تَحْرِيمِ تَكْرَارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهَانِ "م 6" وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَنْظُرُ مِنْ أَمَةٍ وَمَنْ لَا تُشْتَهَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ لَمْ تَخْتَمِرْ الْأَمَةُ فَلَا بَأْسَ، وَقِيلَ: الْأَمَةُ وَالْقَبِيحَةُ كَالْحُرَّةِ وَالْجَمِيلَةِ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يَنْظُرُ إلَى الْمَمْلُوكَةِ، كَمْ مِنْ نَظْرَةٍ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا الْبَلَابِلَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا تَنْتَقِبُ الْأَمَةُ، وَنَقَلَ أَيْضًا: تَنْتَقِبُ الْجَمِيلَةُ، وَكَذَا نَقَلَ ابْنُ حَامِدٍ الْخِفَافَ، قَالَ الْقَاضِي: يُمْكِنُ حَمْلُ مَا أَطْلَقَهُ عَلَى مَا قَيَّدَهُ. وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ، وَمَنْ اسْتَحَلَّهُ كَفَرَ "ع" قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَصُّهُ: [وَخَوْفُهَا] وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ قَوْلَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَمْرَدِ إلَى الْكُلِّ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي كَرَاهَتِهِ إلَى أَمْرَدَ وَجْهَانِ في الترغيب وغيره "م 7" وحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِ تَكْرَارِ نَظَرِ وَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَتَكْرَارُ النَّظَرِ يَدُلُّ عَلَى أَمْرٍ زَائِدٍ، وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، لَا يَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ. مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بشهوة ... ونصه: مع خوفها ... فعلى الأول:
ابْنُ عَقِيلٍ - وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ - النَّظَرَ مع شهوة تَخْنِيثٍ وَسِحَاقٍ وَدَابَّةٍ يَشْتَهِيهَا وَلَا يَعِفُّ عَنْهَا، وكذا الخلوة. ولأحد الزَّوْجَيْنِ نَظَرُ كُلِّ صَاحِبِهِ وَلَمْسُهُ، كَدُونِ سَبْعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ الشَّهْوَةَ عَادَةً. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي الرَّجُلِ يَضَعُ الصَّغِيرَةَ فِي حِجْرِهِ وَيُقَبِّلُهَا: إنْ لَمْ يَجِدْ شَهْوَةً فَلَا بَأْسَ، وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ1 تَغْسِيلُ غَيْرِ بالغ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كَرَاهَتِهِ إلَى أَمْرَدَ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَمُرَادُهُ إنْ كَانَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَأْمَنَ ثَوْرَانِ الشَّهْوَةِ، فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي البداية والمذهب والمستوعب والمقنع2 وغيرهم، وَقَالَ أَبُو حَكِيمٍ وَغَيْرُهُ: وَلَكِنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، قُلْت: وَهُوَ مُرَادُ غَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَأَمَّا تَكْرَارُ النَّظَرِ فَمَكْرُوهٌ. وَقَالَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُحَرَّمٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَمَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ أَوْ دَاوَمَهُ، وَقَالَ لَا أَنْظُرُ لِشَهْوَةٍ فَقَدْ كَذَبَ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الْقَاضِي: نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ مَكْرُوهٌ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ: النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ مَكْرُوهٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ. الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَخَافَ مِنْ النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ، فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ: يُكْرَهُ، وَهَلْ يُحَرَّمُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّرْغِيبِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: يجوز
وقيل: يكره للزوجين نظر فرج "وش" وَقِيلَ: عِنْدَ وَطْءٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ الْأَكَابِرُ بِالنَّوْمِ لِتَجَدُّدِ مَا لَا يَصْلُحُ فِيهِ، وَيَتَوَجَّهُ خِلَافُهُ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يُخَالِفُهُ "فِرَاشٌ لِلزَّوْجِ وَفِرَاشٌ لِلْمَرْأَةِ وَثَالِثٌ لِلضَّيْفِ وَرَابِعٌ لِلشَّيْطَانِ" 1 وَكَذَا سَيِّدٌ مَعَ سُرِّيَّتِهِ، وَيَحْرُمُ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِمَحْرَمٍ غَيْرِهِمَا، وَيَتَوَجَّهُ: يُكْرَهُ، فَإِنْ زَوَّجَهَا2 نَظَرَ غَيْرَ عَوْرَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: كَمَحْرَمٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: كَأَمَةِ غَيْرِهِ. وفي الترغيب وغيره: يكره نظر ـــــــــــــــــــــــــــــQلِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا أَمِنَ ثَوَرَانَهَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فَقَالَ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا يَجُوزُ، كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّهْوَةُ مُنْتَفِيَةً لَكِنْ يَخَافُ ثَوَرَانَهَا. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ: إذَا كَانَ الْأَمْرَدُ جَمِيلًا يَخَافُ الْفِتْنَةَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَيْهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَنَصُّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ خَوْفَ الشَّهْوَةِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْإِبَاحَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَذَلِكَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كَرَاهَةُ مُجَالَسَةِ الْغُلَامِ الْحَسَنِ الْوَجْهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَحْرُمُ نَظَرُ الْأَمْرَدِ لِشَهْوَةٍ، وَيَجُوزُ بِدُونِهَا مَعَ أَمْنِهَا، وَقِيلَ: وَخَوْفِهَا. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصغير: وإن خاف ثورانها فوجهان.
عَوْرَتِهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ لا يديمه وفي نهاية الأزجي: يعرض1 ببصره عنها؛ لأنه يدل على الدناءة2. وَلَيْسَ صَوْتُ الْأَجْنَبِيَّةِ عَوْرَةً، عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِسَمَاعِهِ وَلَوْ بِقِرَاءَةٍ. وَاللَّمْسُ قِيلَ: كَالنَّظَرِ، وَقِيلَ: أَوْلَى، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا "م 8". وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِلْكُلِّ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِحَيَوَانٍ يَشْتَهِي المرأة أَوْ تَشْتَهِيهِ، كَالْقِرْدِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخُنَا وَقَالَ: الْخَلْوَةُ بِأَمْرَدَ حَسَنٍ وَمُضَاجَعَتُهُ كَامْرَأَةٍ وَلَوْ لِمَصْلَحَةِ تَعْلِيمٍ وَتَأْدِيبٍ، وَالْمُقِرُّ مُوَلِّيهِ عِنْدَ مَنْ يُعَاشِرُهُ كَذَلِكَ. وَمَلْعُونٌ دَيُّوثٌ، وَمَنْ عُرِفَ بِمَحَبَّتِهِمْ أَوْ مُعَاشَرَةٍ بَيْنَهُمْ مُنِعَ مِنْ تعليمهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَاللَّمْسُ، قِيلَ: كَالنَّظَرِ، وَقِيلَ: أَوْلَى، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا". انْتَهَى. الْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 فِي التَّحْرِيمِ بِالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ اللَّمْسَ الَّذِي هُوَ أَبْلَغُ مِنْهُ لَا يُؤَثِّرُ. انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا أَعْلَمُ مَنْ اخْتَارَهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَيَحْتَمِلُ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى النَّاظِرِ وَاللَّامِسِ، إنْ كَانَ التَّأْثِيرُ بِهِمَا عِنْدَهُ سَوَاءً فهما كذلك، وإلا فاللمس
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ فِي الْأَمْرَدِ: هُوَ أَشَدُّ فِتْنَةً مِنْ الْعَذَارَى، فَإِطْلَاقُ الْبَصَرِ مِنْ أَعْظَمِ الْفِتَنِ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَكَانَ عَاقِلًا، وَعَنْ أَشْيَاخِ أَهْلِ الشَّامِ قَالَ: مَنْ أَعْطَى أَسْبَابَ الْفِتْنَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَوَّلًا لَمْ يَنْجُ مِنْهَا آخِرًا، وَإِنْ كَانَ جَاهِدًا1. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْأَمْرَدُ يَنْفُقُ2 عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَهُوَ شَبَكَةُ الشَّيْطَانِ فِي حَقِّ النَّوْعَيْنِ. وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مُصَافَحَةَ النِّسَاءِ، وَشَدَّدَ أَيْضًا حَتَّى لِمَحْرَمٍ، وَجَوَّزَهُ لِوَالِدٍ، وَيَتَوَجَّهُ: وَلِمَحْرَمٍ، وَجَوَّزَ أَخْذَ يَدِ عَجُوزٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَشَوْهَاءَ، وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: يُقَبِّلُ ذَوَاتَ الْمَحَارِمِ مِنْهُ؟ قَالَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ مِنْ غَزْوٍ فَقَبَّلَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا3. لَكِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ عَلَى الْفَمِ أَبَدًا، الْجَبْهَةِ وَالرَّأْسِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَطْنِ رَجُلٍ لَا تَحِلُّ لَهُ قَالَ: لَا يَنْبَغِي إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: تَضَعُ يدها على صدره؟ قال: ضرورة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل يحرم تصريح أجنبي بخطبة معتدة؛ وله التعريض لغير مباحة برجعة.
فصل يَحْرُمْ تَصْرِيحُ أَجْنَبِيٍّ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ؛ وَلَهُ التَّعْرِيضُ لِغَيْرِ مُبَاحَةٍ بِرَجْعَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْمُبَاحَةُ بِعَقْدٍ إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ فَرِوَايَتَانِ وَإِلَّا حَلَّا "م 9" وَإِجَابَتُهَا كَهُوَ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُفْرَدَاتِ: إنْ دَلَّتْ حَالٌ عَلَى اقْتِرَانِهَا كَمُتَحَابَّيْنِ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَنَعْنَا مِنْ تَعْرِيضِهِ فِي الْعِدَّةِ. وَالتَّعْرِيضُ: إنِّي فِي مِثْلِك رَاغِبٌ، وَتُجِيبُهُ: مَا يُرْغَبُ عَنْك، وَنَحْوُهُمَا. وَيَحْرُمُ - وَقِيلَ: يُكْرَهُ - خِطْبَتُهُ عَلَى خِطْبَةِ مُسْلِمٍ لَا كَافِرٍ، كَمَا لَا يَنْصَحُهُ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، إنْ أُجِيبَ صريحا، ويصح العقد على الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ فِي التَّصْرِيحِ بِالْخِطْبَةِ: "وَالْمُبَاحَةُ بِعَقْدٍ إنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ فَرِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيرهم:
كَالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ تَخْرِيجٌ، وَفِي تَعْرِيضٍ رِوَايَتَانِ "م 10" فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُجِيبَ أَمْ لَا فَوَجْهَانِ "م 11" وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ جوازه، ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. مَسْأَلَةٌ -10: قوله: "وتحريم خطبته على خطبة مسلم 1 ... إنْ أُجِيبَ صَرِيحًا ... وَفِي تَعْرِيضٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفَائِقِ والزركشي وغيرهم: أَحَدُهُمَا: حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ أُجِيبَ صَرِيحًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إبَاحَةُ خِطْبَتِهَا. مَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أُجِيبَ أَمْ لَا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
فَإِنْ رُدَّ أَوْ أُذِنَ جَازَ، وَأَشَدُّ تَحْرِيمًا مَنْ فَرَضَ لَهُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى الصَّدَقَاتِ أَوْ غَيْرِهَا مَا يَسْتَحِقُّهُ فَنَحَّى مَنْ يُزَاحِمُهُ، أَوْ يَنْزِعُهُ مِنْهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَالتَّعْوِيلُ فِي رَدِّهِ وَإِجَابَتِهِ إلَى وَلِيِّ الْمُجْبَرَةِ1. وَفِي الْمُغْنِي2: إنْ لَمْ تُكْرَهْ وَإِلَّا فَإِلَيْهَا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيِّ3 مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: " فَلَقِيتُ عُثْمَانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّعْيَ مِنْ الْأَبِ لِلْأَيِّمِ فِي التَّزْوِيجِ وَاخْتِيَارِ الْأَكْفَاءِ جَائِزٌ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَيَتَوَجَّهُ: بَلْ يُسْتَحَبُّ. وَيُسْتَحَبُّ الْعَقْدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَسَاءً بِخُطْبَةِ ابن مسعود4 وكان الإمام أحمد إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا انْصَرَفَ، وَيُجْزِئُ أَنْ يَتَشَهَّدَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: خُطْبَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ بِالْآيَاتِ الثَّلَاثِ الْمَشْهُورَةِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالنِّكَاحِ، وَنَهَى عَنْ السِّفَاحِ، فَقَالَ مُخْبِرًا وَآمِرًا: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْفَائِقِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، وهو ظاهر كلامه في العمدة.
وَفِي الْغُنْيَةِ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَوْ الْخَمِيسِ وَالْمَسَاءُ بِهِ أَوْلَى. وَالْخُطْبَةُ قَبْلَ الْعَقْدِ، فَإِنْ أُخِّرَتْ جَازَ، وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهَا {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] الْآيَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا1: يُجْزِئُ التَّشَهُّدُ، وَقَوْلُ: بَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَعَلَيْكُمَا، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَعَافِيَةٍ. وَعِنْدَ زَفِّهَا: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جبلتها عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل كان للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج بأي عدد شاء
فصل كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَيِّ عَدَدٍ شَاءَ، فَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية [الأحزاب: 50] . نَاسِخَةً. وَفِي الرِّعَايَةِ: إلَى أَنْ نَزَلَ: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] فَتَكُونُ نَاسِخَةً. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ. يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تُهَاجِرْ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ. وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّهُ شَرَطَ فِي قَرَابَاتِهِ فِي الْآيَةِ لَا الْأَجْنَبِيَّاتِ، فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ نَسْخَهُ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ. وَكَذَا بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَزَمَنَ إحْرَامٍ، وَأَطْلَقَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ وَجْهَيْنِ، وَمِثْلُهُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بِجَوَازِهِ لَهُ، وَعَنْهُ: الْوَقْفُ. وَلَهُ بِلَا مَهْرٍ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ فِيهِ وَفِي وَلِيٍّ وَشُهُودٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَهَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْوِتْرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12" وَفِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَجَبَ عَلَيْهِ الضُّحَى. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا غَلَطٌ، وَالْخَبَرُ "ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ"1 مَوْضُوعٌ، وَلَمْ يَكُنْ يُدَاوِمُ2 عَلَى الضُّحَى بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ بِسُنَّتِهِ. وَوَجَبَ عَلَيْهِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَقِيلَ: نُسِخَ، وَتَخْيِيرُ نِسَائِهِ بَيْنَ فِرَاقِهِ وَالْإِقَامَةِ مَعَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وُجُوبُ التَّسْوِيَةِ فِي الْقَسْمِ، كَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ قوله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأحزاب: 51] ، نَزَلَتْ مُبِيحَةٌ تَرْكَ ذَلِكَ. وَفِي الْمُنْتَقَى احْتِمَالَانِ. وَفِي الْفُنُونِ وَالْفُصُولِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْكَارُ الْمُنْكَرِ إذَا رَآهُ وَغَيَّرَهُ فِي حَالٍ3، ومنع من الرمز4 بِالْعَيْنِ وَالْإِشَارَةِ بِهَا، وَإِذَا لَبِسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ أن ينزعها حتى يلقى العدو. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 12: قَوْلُهُ فِي الْخَصَائِصِ: "وَهَلْ وَجَبَ عَلَيْهِ السِّوَاكُ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْوِتْرُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ ثلاث مسائل أطلق فيها الخلاف: أحدها: كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْعُدَّةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ كُتَيْلَهَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وُجُوبُ السِّوَاكِ اختيار القاضي وابن عقيل.
وَوَجَدْت فِي كِتَابِ الْهَدْيِ1 لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي هذا الزمان أن من لبس لَأْمَةَ الْحَرْبِ وَنَحْوَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ وَيَلْزَمُهُ، وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا أُشِيرَ عَلَيْهِ بِتَرْكِ الْحَرْبِ بَعْدَ أَنْ لَبِسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ "مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَةَ الْحَرْبِ ثُمَّ يَنْزِعَهَا حَتَّى يُنْجِزَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدُوِّهِ" 2 وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا لَمْ يُخَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَهَذَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَعْيِينِ الْجِهَادِ فِي الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ خَاصَّةً. وَكَذَا الْخَطُّ وَالشِّعْرُ وَتَعَلُّمُهُمَا. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ صُرِفَ عَنْ الشِّعْرِ كَمَا أُعْجِزَ عَنْ الْكِتَابَةِ، قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْتَمِعَ الصَّرْفُ وَالْمَنْعُ، وَقَوْلُهُ "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ" 3 وَغَيْرُ هَذَا لَيْسَ بِشِعْرٍ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَوْزُونٌ بِلَا قَصْدٍ. وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْعَرُوضِ وَالْأَدَبِ عَلَى أَنَّ الشِّعْر لَا يَكُونُ شِعْرًا إلَّا بِالْقَصْدِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجَزِ هَلْ هُوَ شَعْرٌ أَمْ لَا؟ وَمُنِعَ مِنْ نِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ، كَالْأَمَةِ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: تُبَاحُ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ مُشْرِكَةً، وَسَبَقَ فِي الزَّكَاةِ حُكْمُ الصَّدَقَةِ4. وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ الْوِصَالُ. وَخُمُسُ الْخُمُسِ، قَالَ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي السِّوَاكِ فِي بابه.
الْمُغْنِي1: وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَصَفِيُّ الْمَغْنَمِ، وَدُخُولُ مَكَّةَ مُحِلًّا سَاعَةً. وَجَعَلَ تَرِكَتَهُ صَدَقَةً، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا يُمْنَعُ مِنْ الْإِرْثِ، وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ2 أَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ3 لَمْ تَشْمَلْهُ، وَاحْتَجَّ بِالسِّيَاقِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، فَقِيلَ لَهُ: فَلَوْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِثَهُ كَمَا مَاتَتْ بَنَاتُهُ الثَّلَاثُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ؟ فَقَالَ: الْخِطَابُ فِي الْآيَةِ لِلْمَوْرُوثِ دُونَ الْوَارِثِ، فَلَا يَلْزَمُ إذَا دَخَلَ أَوْلَادُهُ فِي كَافِ الْخِطَابِ؛ لِكَوْنِهِمْ مُوَرَّثِينَ أَنْ يَدْخُلُوا إذَا كَانُوا وَارِثِينَ، فَقِيلَ لَهُ: فَفِي آيَةِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ: {وَلَكُمْ} {وَلَهُنَّ} [النساء: 12] ؟ فَقَالَ: لَمْ تَمُتْ إلَّا خَدِيجَةُ بِمَكَّةَ قَبْلَ نُزُولِهَا وَزَيْنَبُ الْهِلَالِيَّةُ بِالْمَدِينَةِ، وَمِنْ أَيْنَ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَانَتْ نَزَلَتْ، وَأَنَّهَا خَلَّفَتْ مَالًا؟ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ شُمُولِ أَحَدِ الْكَافَيْنِ لَهُ شُمُولُ الْأُخْرَى. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي وَصِيَّةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بِمَالِهِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ" 4 قَالَ: الْخَبَرُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرِثُ وَلَا يَعْقِلُ بِالْإِجْمَاعِ، فَثَبَتَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ أَخْذَ الْوَارِثِ إذَا خَلَا الْمَالُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْمُوصَى له مستحق للمال، فما خلا. وَأَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ. وَيَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَهُ طَلَبُ ذَلِكَ، وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَوَّزَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ نِكَاحَ مَنْ فَارَقَهَا فِي حَيَاتِهِ. وَهُنَّ أَزْوَاجُهُ دُنْيَا وَأُخْرَى، وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ - بِمَعْنَى فِي حُكْمِ الْأُمَّهَاتِ - فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى قَرَابَتِهِنَّ "ع". وَالنَّجِسُ مِنَّا طَاهِرٌ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَغَيْرِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا: لَا. وَسَاوَى الْأَنْبِيَاءَ فِي مُعْجِزَاتِهِمْ، وَانْفَرَدَ بِالْقُرْآنِ وَالْغَنَائِمِ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا، وَالنَّصْرُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَبُعِثَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَكُلُّ نَبِيٍّ إلَى قَوْمِهِ، وَمُعْجِزَتُهُ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَانْقَطَعَتْ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ بِمَوْتِهِمْ. وَتَنَامُ عَيْنَاهُ لَا قَلْبُهُ، فَلَا نَقَضَ بِالنَّوْمِ مُضْطَجِعًا، وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَأَمَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: هَذِهِ الرُّؤْيَةُ رؤية بالعين حقيقة. ذكره القاضي عياض. وللبخاري1 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: "فَوَاَللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَلَا خُشُوعُكُمْ" قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ: مَا كَانَتْ لِأَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ. رَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ2 أَنَّ رَجُلًا أَغْضَبَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَرْزَةَ: أَلَا أَقْتُلُهُ؟ فَأَذْهَبَتْ كَلِمَتِي غَضَبَهُ، فَقَالَ: أَتَفْعَلُ لَوْ أَمَرْتُك؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: لَا وَاَللَّهِ، مَا كَانَ لِبَشَرٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالدَّفْنُ فِي الْبُنْيَانِ مُخْتَصٌّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: لِئَلَّا يُتَّخَذَ قَبْرُهُ مَسْجِدًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: لِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا قَوْلُهُ: "يُدْفَنُ الْأَنْبِيَاءُ حَيْثُ يَمُوتُونَ" 2. رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ3 عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا: "لَمْ يُقْبَرْ إلَّا حَيْثُ قُبِضَ". وَالثَّانِي: لِئَلَّا تَمَسَّهُ أَيْدِي الْعُصَاةِ وَالْمُنَافِقِينَ. قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَزِيَارَةُ قَبْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] لَا تُهْدِ لِتُعْطَى أَكْثَرَ: هَذَا الْأَدَبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً وَأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: خُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَاجِبَاتٍ وَمَحْظُورَاتٍ وَمُبَاحَاتٍ وَكَرَامَاتٍ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد4 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَيَنْهَى عَنْهَا، فَلِذَا ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ، ذكره ابن الجوزي في ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الْخَصَائِصِ: رُوِيَ ... عَنْ أَبِي بَكْرٍ مَرْفُوعًا: "لَمْ يُقْبَرْ إلَّا حَيْثُ قُبِضَ"، انْتَهَى. صَوَابُهُ: "لَمْ يُقْبَرْ نَبِيٌّ" بِزِيَادَةِ "نَبِيٌّ". فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ مَنَّ اللَّهُ تعالى بتصحيحها.
النَّاسِخِ، وَلِأَحْمَدَ1 مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ. وَرَوَى ابْنُ عَطِيَّةَ الْخَبَرَيْنِ، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ كَانَ خَاصًّا بِهِ، وَكَذَا أَجَابَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقَالَ أَيْضًا: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَخْصُوصًا بِوُجُوبِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَجَائِزٌ فِعْلُ الْوَاجِبَاتِ بَعْدَ الْعَصْرِ. وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد2 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي جَالِسًا فوضع يده على رأسه، فَقَالَ: "مَا لَك يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ " قُلْت حُدِّثْتُ "أَنَّك قُلْتَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ" قَالَ: "أَجَلْ وَلَكِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ" فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ "وش"، وَحَمْلُهُ عَلَى الْعُذْرِ لَا يَصِحُّ؛ لِعَدَمِ الْفَرْقِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ إنْ كَانَ لِنَبِيٍّ مَالٌ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ، وَقِيلَ لِلْقَاضِي: الزَّكَاةُ طُهْرَةٌ وَالنَّبِيُّ مُطَهَّرٌ، فَقَالَ: بَاطِلٌ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ، ثُمَّ بِالْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ مُطَهَّرُونَ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ مال لزمتهم الزكاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب أركان النكاح وشروطه
باب أركان النكاح وشروطه مدخل ... باب أركان النكاح وشروطه لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ بِلَفْظِ زَوَّجْتُ أَوْ أَنْكَحْتُ، وَتَزَوَّجْتُهَا، أَوْ قَبِلْتُ هَذَا النِّكَاحَ، أَوْ رَضِيتُهُ، وَلَوْ هَازِلًا وَتَلْجِئَةً1، وَقِيلَ وَبِكِنَايَةٍ2 وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُ خَرَّجَ صحته بكل لفظ يقتضي3 التَّمْلِيكَ، وَخَرَّجَهُ هُوَ فِي "عُمَدِ الْأَدِلَّةِ" مِنْ جَعْلِهِ عِتْقَ أَمَتِهِ مَهْرَهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ. وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ عَقْدٍ، وَأَنَّ الشَّرْطَ بَيْنَ النَّاسِ مَا عَدُّوهُ شَرْطًا، فَالْأَسْمَاءُ تُعْرَفُ حُدُودُهَا تَارَةً بِالشَّرْعِ، وَتَارَةً بِاللُّغَةِ، وَتَارَةً بِالْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ الْعُقُودُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ - وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ - انْعِقَادَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، كَعَاجِزٍ، وَلَا يَلْزَمُ عَاجِزًا تَعَلُّمُهَا، فِي الْأَصَحِّ. فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبِلْتُ أَوْ تَزَوَّجْتُ، أَوْ قَالَ الْخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: أَزَوَّجْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلِلْمُتَزَوِّجِ أَقَبِلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، صَحَّ فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، وَاخْتَارَ ابْنُ عقيل: لا، في الثانية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ كِتَابَةٍ. وَإِنْ أَوْجَبَ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ، كَمَوْتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي إغْمَائِهِ وَجْهَانِ "م 1". وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنْ أَشَارَ الولي إلى الزوجة أَوْ سَمَّاهَا أَوْ وَصَفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ، أَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي، وَلَهُ وَاحِدَةٌ لَا أَكْثَرُ وَلَوْ سَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا، صَحَّ، وَعَكْسُهُ الْحَمْلُ وَزَوَّجْتُك فُلَانَةَ، وَلَمْ يَقُلْ بِنْتِي. وَمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً فَأَوْجَبَ لَهُ النِّكَاحَ فِي غَيْرِهَا فَقَبِلَ يَظُنُّهَا مَخْطُوبَتَهُ لَمْ يَصِحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ رِضَاءُ الزَّوْجَيْنِ. وَيُزَوِّجُ الْأَبُ خَاصَّةً صَغِيرًا أَذِنَ أَوْ كَرِهَ - وَذَكَرَ الْقَاضِي: فِي إجْبَارِهِ مراهقا نظر1. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَوْجَبَ ثُمَّ جُنَّ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ، كَمَوْتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي إغْمَائِهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ الْإِغْمَاءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالرِّعَايَةِ وَالْفَائِقِ وغيرهم.
وَيَتَوَجَّهُ كَأُنْثَى أَوْ كَعَبْدٍ مُمَيِّزٍ. وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ قُبِلَ، ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَكَذَا بَالِغًا مَجْنُونًا فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ مَعَ شَهْوَةٍ وَقِيلَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ - امْرَأَةٌ، وَفِي أَرْبَعٍ وَجْهَانِ "م 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ. قُلْت: وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَبْطُلَ إذَا أَفَاقَ سَرِيعًا. مَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَيُزَوِّجُ الْأَبُ خَاصَّةً صَغِيرًا أَذِنَ أَوْ كَرِهَ ... امْرَأَةً، وَفِي أَرْبَعٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: لَا يُزَوِّجْهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ. قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجْهُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ تَزْوِيجُهُ بِأَرْبَعٍ. قَالَ الْقَاضِي فِي الجامع الكبير: له تزويج ابنه
ويزوجها حاكم لحاجة وَظَاهِرُ الْإِيضَاحِ لَا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 3" وَفِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ حَاجَةَ نِكَاحٍ فَقَطْ، وَأَطْلَقَ غَيْرُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: وَكَذَا وَلِيٌّ غَيْرُ أَبٍ فِي تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ. وَفِي الْمُذْهَبِ: يُزَوِّجُونَ مُطْبَقًا لِشَهْوَةٍ. وَيَقْبَلُ النِّكَاحَ لِلصَّغِيرِ كَمَجْنُونٍ: وَلَهُ أَنْ يُفَوِّضَهُ إلَيْهِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ وَطَلَاقُهُ. وَيُزَوِّجُ وَيُجْبِرُ2 عَبْدَهُ الصَّغِيرَ لَا الْكَبِيرَ، فِي الْأَصَحِّ فيهما، والمنع ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّغِيرِ بِأَرْبَعٍ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وله تزويجهما - يعني الصغير وَالْمَجْنُونَ - بِوَاحِدَةٍ وَبِأَرْبَعٍ إذَا رَأَى فِيهِ مَصْلَحَةً. انْتَهَى قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، قُلْت وَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، بَلْ مَفْسَدَةٌ، وَالرَّقِيقُ يَقُومُ بِذَلِكَ، وَهُوَ أَقَلُّ كُلْفَةً فِي الْغَالِبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 3: قَوْلُهُ: "وَيُزَوِّجُهَا حَاكِمٌ لِحَاجَةٍ ... وَإِلَّا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي الْمَجْنُونِ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَحْتَاجَا إلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ عن المجنون: وهو أظهر. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ تَزْوِيجُهُمَا مُطْلَقًا. قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَهُ تَزْوِيجُ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ، قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ نَظَرٌ، إذْ الْأَوْلَى التَّقْدِيمُ فِيهِمَا، كَمَا قُلْنَا، وَاَللَّهُ أعلم.
فِي الصَّغِيرِ رِوَايَةٌ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَإِنَّمَا مَلَكَهُ نِيَابَةً، كَتَزْوِيجِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. وَمِنْ الْفَرْقِ أَنَّ أَمَتَهُ لَوْ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ بَاعَهَا انْفَسَخَ، وَلَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ النِّكَاحِ عِنْدَهُمْ، وَعَلَى رِوَايَةٍ لَنَا كَذَا قَالَ، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي: لَا فَرْقَ. وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ مُطْلَقًا. وَابْنَتَهُ قَبْلَ كَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ، وَكَذَا مَجْنُونَةٌ بَالِغَةً أَوْ ثَيِّبًا فِي الْأَصَحِّ لَا ثَيِّبًا مُكَلَّفَةً، وَيُجْبِرُ فِي اخْتِيَارِ الْأَكْثَرِ بِكْرًا بَالِغَةً لَا ثَيِّبًا بَعْدَ تِسْعٍ، وَقِيلَ: وَقَبْلَهَا، وَعَنْهُ: يُجْبِرُ الثيب،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ مُطْلَقًا، وَبِنْتَهُ قَبْلَ كَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ، وَكَذَا مَجْنُونَةٌ، بَالِغَةً أَوْ ثَيِّبًا فِي الْأَصَحِّ". صَوَابُهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - وَكَذَا مجنونة بكراً لابالغةً، فَإِنَّهُ قَابَلَهَا بِالثَّيِّبِ، وَأَيْضًا الْبِكْرُ أَعَمُّ، فَيَشْمَلُ الْبَالِغَةَ وَغَيْرَهَا. أَوْ يُقَالُ: فِيهِ حَذْفٌ، تَقْدِيرُهُ: أَوْ بِكْرًا بَالِغَةً، وَيَكُونُ دُونَ الْبُلُوغِ بِطَرِيقٍ أولى، والأول أولى1.
وَعَنْهُ: الْبِكْرَ، وَقِيلَ: لَا يُجْبِرُهُمَا وَحُكِيَ رِوَايَةٌ. وَلِلصَّغِيرَةِ بَعْدَ التِّسْعِ إذْنٌ صَحِيحٌ1. نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، فَفِي إجْبَارِهَا وَتَزْوِيجِ وَلِيِّهَا بِإِذْنِهَا الرِّوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: لَا إذْنَ لَهَا، كَمَالٍ. وَيَحْتَمِلُ فِي ابْنِ تِسْعٍ يُزَوَّجُ بِإِذْنِهِ، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَبِنْتٍ،.. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإن سلمنا فلا مصلحة له، وإذنه ضيق1، لَا يَكْفِي صَمْتُهُ. وَلَا وِلَايَةَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَقِيلَ لَا يُجْبِرُ وَلِيٌّ مُجْبِرٌ مَجْنُونَةً لَا يُجْبِرُهَا لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً. فَإِنْ أُجْبِرَتْ امْرَأَةٌ فَهَلْ يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِهَا كُفُوًا؟ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، ذكره شيخنا "وش" أو تعيينه؟ فيه وَجْهَانِ "م 4". نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ أَرَادَتْ الجارية ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "فَإِنْ أُجْبِرَتْ امْرَأَةٌ، فَهَلْ يُؤْخَذُ بتعيينها كفئاً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، أَوْ تَعْيِينِهِ؟ فيه وجهان" انتهى: أحدهما: يؤخذ بتعيينها كفئاً، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وبه قطع في "المغني"2 و"البلغة"، و"الشرح"3، و"الرعاية الصغرى"، و"الحاوي الصَّغِيرِ"، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي "الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى".
رَجُلًا وَأَرَادَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ اتَّبَعَ هَوَاهَا. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: أَنَّ الْجَدَّ يُجْبِرُ كَالْأَبِ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يُجْبِرُ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ حُرَّةً، وَالْأَصَحُّ إلَّا الْمَجْنُونَةَ مَعَ شَهْوَةِ الرِّجَالِ كَحَاكِمٍ فِي الْأَصَحِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجْهًا: حَاكِمٌ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: وَلِيُّهَا. وَفِي الْمُغْنِي1: يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَ الْأَطِبَّاءِ تَزُولُ عِلَّتُهَا بِالتَّزْوِيجِ كَالشَّهْوَةِ، وَعَنْهُ: لَهُمْ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَالْحَاكِمِ وَيُفِيدُ الْحِلُّ وبقية أحكام ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ الْوَلِيِّ. قُلْت: وَيَتَوَجَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْأَبِ وَغَيْرِهِ، فَيُؤْخَذُ بِتَعْيِينِ الْأَبِ دُونَ غَيْرِهِ. وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُجْبَرَةِ، وَلَا يَكُونُ إلَّا الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا يُجْبِرْ بَقِيَّةُ الْأَوْلِيَاءِ حرة ... وعنه: لهم تزويج صغيرة كالحاكم"
النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَكَذَا الْإِرْثُ، وَفِي الْفُصُولِ: لَا. نقل أبو داود في يتيمة ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجَ الصغيرة وإن منعنا غيره من الْأَوْلِيَاءِ، وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَكَذَا صَاحِبُ الْفُصُولِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَصَالِحِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى مُوَافِقٍ عَلَى ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ: وَعَنْهُ: لَهُمْ تَزْوِيجُ صَغِيرَةٍ كَالْأَبِ. فَسَبَقَ الْقَلَمُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ وَشَيْخُنَا فِي حَوَاشِيهِمَا، وَذَكَرَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لِلْحَاكِمِ تَزْوِيجُ الْغُلَامِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهُ فَقَالَ: هَذَا التَّعْلِيلُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ المصنف، قال شيخنا: والمرجح الأول.
زُوِّجَتْ قَبْلَ أَنْ تُدْرِكَ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا هَلْ يَتَوَارَثَانِ؟ قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافٌ، قَالَ قَتَادَةُ: لَا يَتَوَارَثَانِ، وَمِثْلُهُ كُلُّ نِكَاحٍ لُزُومُهُ مَوْقُوفٌ، وَلَفْظُ الْقَاضِي: فَسْخُهُ مَوْقُوفٌ. وَكُلُّ نِكَاحٍ صِحَّتُهُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، فَالْأَحْكَامُ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ، وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: فِي صَغِيرٍ مِثْلِهَا، وَأَخَذَ فِي الخلاف المنع1 فِيهَا مِنْ نَصِّهِ فِيهِ، وَإِذَا نَصَّ فِي ابْنِ الِابْنِ، وَهُوَ يُمْكِنُهُ الْخَلَاصُ فَبِنْتُ الِابْنِ أَوْلَى، وَقَاسَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَيْهَا، فَدَلَّ عَلَى التَّسْوِيَةِ. وَنَقَلَ عَنْهُ صَالِحٌ فِي صَغِيرٍ زَوَّجَهُ عَمُّهُ قَالَ: إنْ رَضِيَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فُسِخَ. وَإِذْنُ الثَّيِّبِ - بِوَطْءٍ فِي قُبُلٍ، وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِزِنًا، قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِثَيِّبٍ دَخَلَا، وَعَنْهُ: زَوَالُ عُذْرَتِهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بوطء دبر - ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النُّطْقِ، وَلَوْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْبِكْرُ الصِّمَاتُ، وَلَوْ بَكَتْ، وَنُطْقُهَا أَبْلَغُ، وَقِيلَ: يعتبر مع غير أب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل ويشترط الولي، فلا تزوج نفسها ولا غيرها، فتزوج بإذنها نطقا أمتها من يزوجها،
فصل وَيُشْتَرَطُ الْوَلِيُّ، فَلَا تُزَوِّجُ نَفْسَهَا وَلَا غَيْرَهَا، فَتُزَوِّجُ بِإِذْنِهَا نُطْقًا أَمَتَهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا، وَعَنْهُ: أَيُّ رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ. وَعَنْهُ: هِيَ، تَعْقِدُهُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ صِحَّةُ تَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهَا وَلِغَيْرِهَا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا، وَبِدُونِهِ كَفُضُولِيٍّ، فَيُطَلِّقُ، فَإِنْ أَبَى، فَسَخَهُ حَاكِمٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَهَلْ ثَبَتَ بِنَصٍّ فَيَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَتَانِ "م 5" وَعَنْهُ: لَهَا أَنْ تَأْمُرَ رَجُلًا يُزَوِّجُهَا. وَعَنْهُ: وَتُزَوِّجُ نَفْسَهَا، ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ باطل" 1 لا يجوز حمله على المصير ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَلِيِّ: لَوْ زَوَّجَتْ نفسها بدون إذن ولي فـ"كفضولي فَيُطَلِّقْ فَإِنْ أَبَى فَسَخَهُ الْحَاكِمُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهَلْ ثَبَتَ بِنَصٍّ فَيَنْقُضُ حُكْمَ مَنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَنْقُضُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرُوهُ، وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ.
إلَى الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مِنْ الْقَوْلِ لَا يجوز تَأْكِيدُهُ قَالُوا: كَذَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ: ابْنُ قتيبة وغيره. وعتيقتها كأمتها اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي الْحَجَرِ1 وَشَيْخُنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ إنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ وَقُلْنَا تَلِي عَلَيْهَا، في رواية، فلو عضلت المولاة زوج وليها فَفِي إذْنِ سُلْطَانٍ وَجْهَانِ "م 7" فِي التَّرْغِيبِ. وفي أخرى: لا تلي"م 6"، فَيُزَوِّجُ بِدُونِ إذْنِهَا أَقْرَبُ عَصَبَتِهَا ثُمَّ السُّلْطَانُ، وَيُجْبِرُ مَنْ يُجْبِرُ الْمُوَلَّاةَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمُعْتَقَةُ في ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْقُضُ، خَرَّجَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ قَوْلُ الإصطخري من الشافعية. مسألة -6: قوله: "وعتيقتها كأمتها2 فِي رِوَايَةٍ ... وَفِي أُخْرَى: لَا تَلِي". انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: هِيَ كَالْأَمَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ: هَذَا أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي الْحَجَرِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ، لَا تَلِي نِكَاحَهَا وَإِنْ وَلِيَتْ نِكَاحَ أَمَتِهَا. مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَعَتِيقَتُهَا كَأَمَتِهَا إنْ طَلَبَتْ وَأَذِنَتْ وَقُلْنَا تَلِي عليها في رواية، فلو عضلت المولاة زوج وليها ففي إذن سلطان وجهان". انتهى.
الْمَرَضِ هَلْ يُزَوِّجُهَا قَرِيبُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَشَرْطُ الْوَلِيِّ كَوْنُهُ عَاقِلًا ذَكَرًا مُوَافِقًا فِي دِينِهَا حُرًّا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: يَلِي عَلَى ابْنَتِهِ، ثُمَّ جَوَّزَهُ بِإِذْنِ سَيِّدٍ. وَفِي عيون المسائل فِي شَهَادَتِهِ، أَمَّا الْقَضَاءُ وَوِلَايَتُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَصِحَّا، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَالْقَضَاءُ مَنْصِبٌ شَرِيفٌ وَالْوِلَايَةُ تَسْتَدْعِي نَظَرًا دَائِمًا لَيْلًا وَنَهَارًا فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ. وَفِي الرَّوْضَةِ، هَلْ لِلْعَبْدِ وِلَايَةٌ عَلَى الْحُرَّةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، قَالَ: وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى ابْنَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا. قِيلَ: عَدْلًا، وَقِيلَ: مَسْتُورَ الْحَالِ "م 8" وَعَنْهُ: وَفَاسِقًا كسلطان، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَسْتَأْذِنُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. مَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ فِي شُرُوطِ الْوَلِيِّ: "قِيلَ: عَدْلًا، وقيل مستور الحال". انتهى.
وَخَالَفَ فِيهِ أَبُو الْخَطَّابِ، وَعَنْهُ: وَصَبِيًّا1، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: رَشِيدًا. وَفِي الْوَاضِحِ: عَارِفًا بِالْمَصَالِحِ لَا شَيْخًا كَبِيرًا جَاهِلًا بِالْمَصْلَحَةِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ مُفَرِّطًا فِيهَا أَوْ مقصر، ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَكْفِي مَسْتُورُ الْحَالِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ في الرعايتين والحاوي الصغير.
وَمَعْنَاهُ فِي الْفُصُولِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْعَضْلَ مَانِعًا وَإِنْ لَمْ يَفْسُقْ بِهِ؛ لِعَدَمِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّفَقَةِ، وَشَرْطُ الْوَلِيِّ الْإِشْفَاقُ، وَفِي زَوَالِهَا بِإِغْمَاءٍ وَعَمًى وَجْهٌ، لَا بِسَفَهٍ، وَإِنْ جُنَّ أَحْيَانَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَقْلُهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ أَحْرَمَ اُنْتُظِرَ، نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ فِي مَجْنُونٍ وَيَبْقَى وَكِيلُهُ، وَقِيلَ: هَلْ هِيَ لِأَبْعَدَ أَوْ حَاكِمٍ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَكَذَا إنْ أحرم وكيل ثم حل. وَأَحَقُّ وَلِيٍّ بِنِكَاحِ حُرَّةٍ أَبُوهَا ثُمَّ أَبُوهُ وَإِنْ عَلَا، ثُمَّ ابْنُهَا، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَأَخَذَهُ فِي الِانْتِصَارِ مِنْ نَقْلِ حَنْبَلٍ: الْعَصَبَةُ فِيهِ مَنْ أَحْرَزَ الْمَالَ. ثُمَّ أَخُوهَا لِأَبَوَيْهَا، ثُمَّ لِأَبِيهَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ، وَعَنْهُ: هُمَا سَوَاءٌ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَمِثْلُهُ تَحَمُّلُ الْعَقْلِ وَصَلَاةُ الْمَيِّتِ، وَابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٍ لِأُمٍّ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ أَوْلَى، فَإِنْ زَوَّجَ الْأَخُ لِلْأَبِ كَانَ جَائِزًا، ثُمَّ بَنُوهُمَا كَذَلِكَ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةِ نسيب كَالْإِرْثِ. وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ، وَعَنْهُ: عَلَيْهَا يُقَدَّمُ الْأَخُ عَلَى الْجَدِّ، وَعَنْهُ: سَوَاءٌ، ثُمَّ الْوَلِيُّ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَتِهِ، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ أَبُو الْمُعْتَقَةِ عَلَى ابْنِهَا، ثُمَّ السُّلْطَانُ أو نائبه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَالْقَاضِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْأَمِيرِ فِي هَذَا. وَعَنْهُ: أَوْ وَالِي الْبَلَدِ وَكَبِيرُهُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَعَنْهُ: أَوْ مَنْ أَسْلَمَتْ عَلَى يَدِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: تَزْوِيجُ الْأَيَامَى فَرْضُ كِفَايَةٍ "ع"، فَإِنْ أَبَاهُ حَاكِمٌ إلَّا بِظُلْمٍ كَطَلَبِهِ جُعْلًا لَا يَسْتَحِقُّهُ صَارَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَقِيلَ: تُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهَا، وَقِيلَ: لَا تَتَزَوَّجُ، كِلَاهُمَا لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَالصَّحِيحُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: يُزَوِّجُهَا ذُو السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، كَالْعَضْلِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ1 ذَلِكَ وَكَّلَتْ. وَعَنْهُ: ثَمَّ عَدْلٌ. وَوَلِيُّ الْأَمَةِ حَتَّى الْآبِقَةِ سَيِّدُهَا وَلَوْ مُكَاتَبًا فَاسِقًا، وَتُجْبَرُ غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ، وَفِيهَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ وَجْهٌ، وَيُعْتَبَرُ فِي مُعْتَقٍ بَعْضُهَا إذْنُهَا وَإِذْنُ مَالِكِ الْبَقِيَّةِ، كَأَمَةٍ لِاثْنَيْنِ. وَيَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا زوجتكها، ولا يبعضها، قاله في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ. وَلَا يَلِي مُسْلِمٌ نِكَاحَ كَافِرَةٍ غَيْرِ أَمَتِهِ وَأَمَةِ مُوَلِّيهِ إلَّا سُلْطَانٌ، وَلَا كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ غَيْرِ نَحْوِ أُمِّ ولده وذكر ابن عقيل: وَبِنْتِهِ فِي وِلَايَةِ فَاسِقٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا يَلِي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ غَيْرَ نَحْوِ أُمِّ وَلَدِهِ". انْتَهَى. قَطَعَ بِذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي خِصَالِهِ، وَقِيلَ: لَا يَلِي نِكَاحَ ذَلِكَ أَيْضًا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُمَا قَالَا: يَلِيهِ، فِي وَجْهٍ، فَدَلَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ مَعَ قُوَّتِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ والمذهب والمستوعب والخلاصة الرعايتين والحاوي وغيرهم.
وَيَلِي كَافِرٌ بِشُرُوطٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي مُسْلِمٍ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ، وَهَلْ يُبَاشِرُ تَزْوِيجَ مُسْلِمٍ حَيْثُ زَوَّجَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ حَاكِمٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 9" وَقِيلَ: لَا يَلِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَعَلَى قِيَاسِهِ: لَا يَلِي مَالَهَا، قَالَهُ الْقَاضِي. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي شَهَادَتِهِمْ: يَلِيهِ، وَفِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي وِلَايَةِ الْفَاسِقِ: لَا يَلِيهِ كَافِرٌ إلَّا عَدْلٌ فِي دِينِهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا فَلِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْقَدْحِ فِي نَسَبِ 1نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ1، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْمَالِ. فَإِنْ عَضَلَ أَقْرَبُ أَوْلِيَاءِ حُرَّةٍ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا بِكُفْءٍ رَضِيَتْهُ بِمَا صَحَّ مَهْرًا، وَيَفْسُقُ بِهِ إنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ تَكَرَّرَ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ: "وَيَلِي كَافِرٌ بِشُرُوطٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي مُسْلِمٍ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ الْكَافِرَةِ مِنْ كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ، وَهَلْ يُبَاشِرُ تَزْوِيجَ مُسْلِمٍ حَيْثُ زَوَّجَهُ أَوْ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ أَوْ حَاكِمٌ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهَا: يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْقِدُهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يَعْقِدُهُ حَاكِمٌ بِإِذْنِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى، قُلْت: وَفِيهِ خُرُوجٌ مِنْ الْخِلَافِ.
مُنْقَطِعَةً، زَوَّجَ الْأَبْعَدُ، وَعَنْهُ: الْحَاكِمُ، وَعَنْهُ: فِي الْعَضْلِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَجْهٌ: لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَةُ مَالٍ إلَيْهِ بِالْغَيْبَةِ، وَالْغَيْبَةُ مَا لَا تُقْطَعُ إلَّا بِكُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: مَسَافَةُ قَصْرٍ، وَعَنْهُ: مَا تَصِلُ الْقَافِلَةُ مَرَّةً فِي سَنَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابٌ أَوْ لَا يَصِلُ جَوَابُهُ. وَقِيلَ: مَا تَسْتَضِرُّ بِهِ الزَّوْجَةُ، وَقِيلَ: فَوْتُ كُفْءٍ رَاغِبٍ. وَمَنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ كَمَحْبُوسٍ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ كَبَعِيدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فإن زوج الأبعد بدون ذلك فكفضولي، وإن تزوج لغيره فقيل: لا يصح، كذمته1 وَقِيلَ: كَفُضُولِيٍّ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا طَلَاقٌ كَفُضُولِيٍّ "م 10". وَمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عليه فأجازه فوجهان "م 11". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْغَيْبَةِ: "فَإِنْ زوج الأبعد بدون ذلك فكفضولي، وإن تزوج لِغَيْرِهِ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ، كَذِمِّيَّةٍ، وَقِيلَ: كَفُضُولِيٍّ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا طَلَاقٌ كَفُضُولِيٍّ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَصُورَةُ الْمُسْلِمَةِ لَوْ تَزَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ لِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ قُلْت: هِيَ إلَى مَسْأَلَةِ الْفُضُولِيِّ أَقْرَبُ، فَتُعْطَى حُكْمَهَا، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَصِحُّ، وَإِنْ صَحَّ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ. مَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَمَنْ زَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ فَمَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي إذَا زَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ أَمَةَ غَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهَا مَنْ تَحْرُمُ عليه، كأخيها
وَوَكِيلُهُ كَهُوَ، فَإِنْ زَوَّجَ نَفْسَهُ فَفُضُولِيٌّ. وَلَا يكفي إذنها لِمُوَكِّلِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ: لَا يُوَكِّلُ غَيْرَ مُجْبَرٍ بِلَا إذْنٍ إلَّا حَاكِمٌ وَقِيلَ: وَلَا مُجْبِرٍ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ لِغَيْرِ مُجْبَرٍ، وَقِيلَ: وَلَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ مَنَعَتْ الْوَلِيَّ مِنْ التَّوْكِيلِ امْتَنَعَ. وَيَتَقَيَّدُ وَكِيلٌ أَوْ وَلِيٌّ مُطْلَقٌ بِالْكُفْءِ إنْ اشْتَرَطَ، ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ قَالَ زَوِّجْ أَوْ اقْبَلْ مِنْ وَكِيلِهِ زَيْدٍ أَوْ أَحَدِ وَكِيلَيْهِ فَزَوَّجَ أَوْ قَبِلَ مِنْ وكيله عمرو لم يصح ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَعَمِّهَا وَنَحْوِهِمَا، فَأَجَازَهُ، فَهَلْ يَصِحُّ كَالْفُضُولِيِّ أَوْ لَا يَصِحُّ هُنَا، وَإِنْ صَحَّ فِي الْفُضُولِيِّ؟ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ النِّكَاحَ هُنَا لَا يَصِحُّ، وَإِنْ صَحَّ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَهُ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّ حَالَةَ التَّزْوِيجِ هُنَا كَانَ مَنْ مَلَكَهَا غَيْرَ وَلِيٍّ أَلْبَتَّةَ، والله أعلم. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَوَكِيلُهُ كَهُوَ.. وَقِيلَ لَا يُوَكِّلُ غير مجبر بلا إذن إلا حاكم". انتهى. ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ1 أَنَّ ظَاهِرَ مَا قَدَّمَ هُنَاكَ عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ، وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هُنَاكَ.
ويقول لوكيل الزوج: زوجت بنتي أو مولاتي فلانة لفلان، أو زوجت موكلك فلانا فلانة ولا يقول: منك، فيقول: قبلت تزويجها أو نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ في الترغيب"م12". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 12: قَوْلُهُ: "وَيَقُولُ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي أو مولاتي فلانة لفلان أو زوجت موكلك فلانا فلانة، ولا يقول: منك، فيقول: قبلت تَزْوِيجَهَا أَوْ نِكَاحَهَا لِفُلَانٍ، فَلَوْ لَمْ يَقُلْ لِفُلَانٍ فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الرعاية الكبرى: إنْ قَالَ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ وَنَوَى أَنَّهُ قَبِلَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ صَحَّ. قُلْت: يَحْتَمِلُ ضِدَّهُ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ. انْتَهَى. وَالصَّوَابُ مَا قَدَّمَهُ في الرعاية. وقال المصنف في الوكالة1: "يعتبر لِصِحَّةِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَطْ تَسْمِيَةُ مُوَكَّلٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُنْتَخَبِ، وَالْمُغْنِي"وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ مَعَ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي آخِرِ جَامِعِ الْأَيْمَانِ2: وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ. انْتَهَى. وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَطَعَ فِيهَا الْمُصَنِّفُ بِحُكْمٍ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ1، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَنْوِيَ أَنَّ ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ، كَمَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ في الترغيب في مسألة القبول.
وَقِيلَ: يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ فِي إيجَابِهِ، كَقَبُولِهِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ "م 13" وَوَصِيَّهُ فِيهِ كَهُوَ، وَقِيلَ: لَا يُجْبِرُ وَلَا يُزَوِّجُ مَنْ لَا إذْنَ لَهَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ وَصِيَّةٌ بِهِ، وعنه: لَا تَصِحُّ مَعَ عَصَبَةٍ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَهَلْ لِلْوَصِيِّ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ يُوَكِّلُ؟ فِي التَّرْغِيبِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَفِي النَّوَادِرِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ. وَإِنْ تَزَوَّجَ صَغِيرٌ بِوَصِيَّةٍ كَأُنْثَى، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ فِي تَزْوِيجِ صَغِيرٍ بِوَصِيَّةٍ فِيهِ. وَفِي الْخِرَقِيِّ: أَوْ وَصِيٌّ نَاظِرٌ لَهُ في التزويج، وظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 13: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ يَصِحُّ تَوْكِيلُ فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ فِي إيجَابِهِ، كَقَبُولِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ الْوَكِيلِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ، كَمُوَكِّلِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَالَا: هَذَا أَوْلَى، وَهُوَ الْقِيَاسُ. انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ فِي الْقَبُولِ كَالْإِيجَابِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: اخْتَارَهُ أَصْحَابُنَا إلَّا ابْنَ عَقِيلٍ. انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا قَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوِكَالَةِ5، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فيها أيضا، فحصل التكرار.
كَلَامِ الْقَاضِي وَالْمُحَرَّرِ: الْوَصِيُّ مُطْلَقًا، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا، وَأَنَّهُ قَوْلُهُمَا إنَّ وَصِيَّ الْمَالِ يُزَوِّجُ الصَّغِيرَ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، كَمَا لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُزَوِّجُهُ بَعْدَ أَبِيهِ، وَقِيلَ: حَاكِمٌ. وَإِنْ اسْتَوَى وَلِيَّا حُرَّةٍ فَأَيُّهُمَا زَوَّجَ صَحَّ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ أَفْضَلَ ثُمَّ أَسَنَّ ثُمَّ الْقُرْعَةِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُقَدِّمُ أَعْلَمَ ثُمَّ أَسَنَّ ثُمَّ أَفْضَلَ ثُمَّ يُقْرِعُ، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُ مَنْ قُرِعَ فَزَوَّجَ صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَاحِدٍ تَعَيَّنَ، وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيَّانِ لِاثْنَيْنِ وَجَهِلَ السَّابِقَ فَسَخَهُمَا الْحَاكِمُ، وَنَصُّهُ: لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، وَقِيلَ: لَا1، وَعَنْهُ: النِّكَاحُ مَفْسُوخٌ، ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَعَنْهُ: يُقْرَعُ، فَمَنْ قُرِعَ فَعَنْهُ: هِيَ لَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَعَنْهُ: يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا "م 14" وَعَلَى الْأَصَحِّ: ويعتبر2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 14: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ وَجُهِلَ السَّابِقُ: "وَعَنْهُ يُقْرَعُ، فَمَنْ قُرِعَ فَعَنْهُ: هِيَ لَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَعَنْهُ يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ: إحْدَاهُمَا يُجَدِّدُ الْقَارِعُ عَقْدَهُ بِإِذْنِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ النَّجَّادُ: مَنْ خرجت له القرعة جدد نكاحه. انتهى.
طَلَاقُ صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَبَى فَحَاكِمٌ، وَقِيلَ: إنْ جهل وقوعهما مَعًا بَطَلَا، كَالْعِلْمِ بِهِ. وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَهُ وَنَسِيَ فَقِيلَ كَجَهْلِهِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: يَقِفُ لنعلمه1 "م 15" وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا بِالسَّبْقِ لَمْ يُقْبَلْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُقَدَّمُ أَصْلَحَ الْخَاطِبِينَ مُطْلَقًا، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ. وَفِي النَّوَادِرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَارَ لوليته شابا حسن الصورة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى هِيَ لِلْقَارِعِ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ: ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الرِّوَايَتَيْنِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَمَالَ إلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْمُصَنِّفُ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي النَّقْلِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّجَّادِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قَوْلَيْنِ لَهُ، أَوْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ غَلَطٌ، أَوْ يَكُونَا اثْنَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَلِمَ سَبْقَهُ وَنَسِيَ فَقِيلَ كَجَهْلِهِ، وَعِنْدَ أبي بكر يقف لنعلمه". انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا إشْكَالَ فِي جَرَيَانِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَذَا أَجْرَاهُمَا فِيهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ اخْتَارَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الرعاية الكبرى.
وَلِوَلِيٍّ مُجْبِرٍ فِي طَرَفَيْ الْعَقْدِ تَوَلِّيهِمَا، كَتَزْوِيجِ عَبْدِهِ الصَّغِيرِ بِأَمَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ، وَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ، فيكفي: زوجت فُلَانًا فُلَانَةَ، أَوْ تَزَوَّجْتُهَا إنْ كَانَ هُوَ الزَّوْجَ، وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَعَنْهُ: بَلْ يُوَكِّلُ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: لَا 1ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: يُوَلِّيهِ طَرَفَيْهِ1 إمَامٌ أَعْظَمُ، كَوَالِدٍ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَيْنِ فِي تَوْلِيَةِ طَرَفَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: تَوْلِيَةُ طَرَفَيْهِ يَخْتَصُّ بِمُجْبِرٍ. وَمَنْ قَالَ: قَدْ جَعَلْت عِتْقَ أَمَتِي صَدَاقَهَا، أَوْ عَكَسَ، أَوْ جَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ، أَوْ قَدْ أَعْتَقَهَا وَجَعَلْتُ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، أَوْ عَلَى أَنَّ عِتْقَهَا صَدَاقُهَا، أَوْ عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك وَعِتْقِي صَدَاقُك، نَصَّ عَلَيْهِمَا، مُتَّصِلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، صَحَّ بِشَهَادَةٍ، وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ، مَعَ قَوْلِهِ: وَتَزَوَّجْتهَا. فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ عِتْقِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أَوْ تُسْتَسْعَى؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 16" نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَعَنْهُ: لا يصح، اختاره جماعة، وتستأنف نِكَاحًا بِإِذْنِهَا2، فَإِنْ أَبَتْ لَزِمَهَا قِيمَتُهَا، وَقَطَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا جَعَلَ عِتْقَ أَمَتِهِ صَدَاقَهَا: "فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا يَوْمَ عِتْقِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَهَلْ يَنْتَظِرُ الْقُدْرَةَ أَوْ تُسْتَسْعَى؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، قَالَ الْقَاضِي: أَصْلُهُمَا الْمُفْلِسُ إذَا كَانَ لَهُ حِرْفَةٌ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الِاكْتِسَابِ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فيه. انتهى. والصحيح من
بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. وَإِنْ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا عَلَى تَزَوُّجِهِ بِهَا بِسُؤَالِهِ أَوْ لَا، عَتَقَ مَجَّانًا. وَإِنْ قَالَ: اعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي عَلَى أَنْ أُزَوِّجَك ابْنَتِي لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا بِالشَّرْطِ، كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَنْ أَبِيعَك عَبْدِي؛ وَلِأَنَّهُ غَرَّهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَضْمَنُ كُلُّ غَارٍّ فِي مَالٍ حَتَّى أَتْلَفَ الْمَغْرُورُ مَالَهُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ مِلْكَهُ عَلَى بدل لم يسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُجْبَرُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَهَلْ تُنْظَرُ إلَى الْمَيْسَرَةِ أَوْ تُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصْلُهُمَا فِي الْمُفْلِسِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَ الْقَاضِي، فَتَلَخَّصَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ قَالُوا: أَصْلُهَا الْمُفْلِسُ، وَالصَّحِيحُ فِي الْمُفْلِسِ الْإِجْبَارُ، فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ الإجبار هنا، وهو الصواب.
فصل الشرط الرابع: بينة، احتياطا للنسب، خوف الإنكار، وتكفي مستورة
فصل الشَّرْطُ الرَّابِعُ: بَيِّنَةٌ، احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، خَوْفَ الْإِنْكَارِ، وَتَكْفِي مَسْتُورَةٌ، وَقِيلَ: إنْ ثَبَتَ بِهَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ يَثْبُتُ بِهَا مَعَ اعْتِرَافٍ مُتَقَدِّمٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ تَابَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَكَمَسْتُورٍ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: وَإِعْلَانُهُ أَيْضًا، وَعَنْهُ إعْلَانُهُ فَقَطْ، وَعَنْهُ: أَحَدُهُمَا، ذَكَرَهُنَّ شَيْخُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِي شَهَادَةِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الولي وجهان "م 17". وفي متهم لِرَحِمٍ رِوَايَتَانِ "م 18" وَعَنْهُ: وَفَاسِقَةٌ، وَأَسْقَطَهَا أَكْثَرُهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ فِي الشَّهَادَةِ: "وَفِي شَهَادَةِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ الْوَلِيِّ وَجْهَانِ"، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَنْعَقِدُ، فِي رِوَايَةٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَنْعَقِدُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْعَقِدُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَفِي مُتَّهِمٍ لِرَحِمٍ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا يَنْعَقِدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التصحيح، وصححه أيضا في
وَذَكَرَهَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَخَذَهَا فِي الِانْتِصَارِ مِنْ رِوَايَةِ مُثَنَّى. سُئِلَ أَحْمَدُ: إذَا تَزَوَّجَ بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ هَلْ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ؟ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَفْسُدُ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ. وَأَخَذَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْهَا1 عَدَمَ اعْتِبَارِ الْعَدَالَةِ فِي الْوَلِيِّ، وَقِيلَ: وَكَافِرَةٌ مَعَ كُفْرِ الزَّوْجَةِ، وَقَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَعَنْهُ: تُسَنُّ فِيهِ، كَعَقْدِ غَيْرِهِ، فَتَصِحُّ بِدُونِهَا، قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَكْتُمُوهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، ذكر ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ فِي بَابِ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي مَوَاضِعِ الشَّهَادَةِ. وَالرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ: يَنْعَقِدُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ لِلْآدَمِيِّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَنْعَقِدُ، فِي رِوَايَةٍ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُقَدَّمَ يَنْعَقِدُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا: وَفِي ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ ابْنَيْ أَحَدِهِمَا أَوْ أَبَوَيْهِمَا أَوْ أَبَوَيْ أَحَدِهِمَا وَكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ مِنْ الْوَلِيِّ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا هُنَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنُ مُنَجَّى وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي ابْنَيْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا، وَبَعْضُهُمْ عَمَّمَ الرَّحِمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ ثَمَانِ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ قَدْ صُحِّحَتْ وَلِلَّهِ الحمد.
بعضهم إجماعا"ع" وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يُبْطِلُهُ التَّوَاصِي بِكِتْمَانِهِ، وعنه: بلى، اختاره أبو بكر. وَلَا تُشْتَرَطُ الْكَفَاءَةُ، فَلَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهُمْ صَحَّ، وَكَذَا بِرِضَى بَعْضِهِمْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَلِمَنْ لَمْ يَرْضَ الْفَسْخُ مُتَرَاخِيًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: لَا فَسْخَ لِأَبْعَدَ. وَعَنْهُ: هِيَ شَرْطٌ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِبَيْعِهِ مَالَهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ، مَعَ أَنَّ الْمَالَ أَخَفُّ من النكاح؛ لدخول البذل1 فِيهِ وَالْإِبَاحَةِ وَالْمُحَابَاةِ، وَيُحْكَمُ بِالنُّكُولِ فِيهِ، وَبِأَنَّ منعها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَزْوِيجِ نَفْسِهَا لِئَلَّا يَضَعَهَا فِي غَيْرِ كُفْءٍ، فَبَطَلَ الْعَقْدُ؛ لِتَوَهُّمِ الْعَارِ، فَهُنَا أَوْلَى؛ وَلِأَنَّ لِلَّهِ فِيهَا نَظَرًا؛ وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا زَوَّجَهَا بِلَا كُفْءٍ يَكُونُ فَاسِقًا. وَلَوْ زَالَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَهَا الْفَسْخُ، كَعِتْقِهَا تَحْتَ عَبْدٍ، وَقِيلَ: لَا، كَطَوْلِ حُرَّةٍ مَنْ نَكَحَ أَمَةً، وَكَوَلِيِّهَا، وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ، وَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَهُ وَلِيُّ وَلَدٍ، وَأَنَّهُ إنْ طَرَأَ نَسَبٌ فَاسْتَلْحَقَ شَرِيفٌ مَجْهُولَةً أَوْ طَرَأَ صَلَاحٌ فَاحْتِمَالَانِ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إذَا شرب المسكر تخلع منه ليس لها بكفء. وَالْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالنَّسَبُ، وَهُوَ الْمَنْصِبُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْيَسَارُ، حَسَبُ مَا يَجِبُ لَهَا، وَقِيلَ: تَسَاوِيهِمَا فِيهِ، وَالصِّنَاعَةِ، فِي الْأَشْهَرِ عَنْهُ "وش" وَلِأَصْحَابِهِ فِي الْيَسَارِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا يُعْتَبَرُ فِي أَهْلِ الْمُدُنِ، فَلَا تُزَوَّجُ عَفِيفَةٌ بِفَاجِرٍ، وَلَا حُرَّةٌ بِعَبْدٍ، وَعَنْهُ: وَلَا عَتِيقٌ وَابْنُهُ بِحُرَّةِ الْأَصْلِ، وَلَا مُوسِرَةٌ بِمُعْسِرٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُتَوَلِّيًا، وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَا بِنْتُ تَانِئٍ وَهُوَ رَبُّ الْعَقَارِ بِحَائِكٍ، وَلَا بِنْتُ بَزَّازٍ بِحَجَّامٍ، وَلَا عَرَبِيَّةٌ بِعَجَمِيٍّ "وش" فِي الْكُلِّ، وَعَنْهُ: وَلَا قُرَشِيَّةٌ بِغَيْرِ قُرَشِيٍّ، وَلَا هَاشِمِيَّةٌ بِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ "وش" وَقِيلَ: نَسَّاجٌ كَحَائِكٍ، وَعَنْهُ: لَيْسَ وَلَدُ الزِّنَا كُفُوًا لِذَاتِ نَسَبٍ كَعَرَبِيَّةٍ، وَإِنَّ الْمَوْلَى كُفُوٌ لِمَوْلَاةٍ لَا لِمَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهَا. وَمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ لَا يُشَارِكُونَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ، نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: "مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" 1 ... ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الصَّدَقَةِ، وَلَمْ يَكُنْ1 عِنْدَهُ هَذَا هَكَذَا1 في التزويج، ونقل مهنا: إنه كفء لَهُمْ2، ذَكَرَهُمَا فِي الْخِلَافِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَا سَبَقَ أَنَّ غَيْرَ الْمُنْتَسِبِ إلَى الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ الْمَشْهُورِينَ لَيْسَ كُفُوًا لِلْمُنْتَسِبِ إلَيْهِمَا، وَأَنَّ مَنْ بِهِ عَيْبٌ مُثَبِّتٌ لِلْفَسْخِ لَيْسَ كُفُوًا لِلسَّلِيمَةِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْفَسْخُ، فَلَهُمْ فِيهِ وَفِي تَأْثِيرِ رِقِّ الْأُمَّهَاتِ وَجْهَانِ، وَأَنَّ الْحَائِكَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ كُفُوًا لِبِنْتِ الْخَيَّاطِ وَنَحْوِهِ، وَلَا الْمُحْتَرِفَ لِبِنْتِ الْعَالِمِ، وَلَا الْمُبْتَدِعَ لِلسُّنِّيَّةِ. وَعَنْهُ الْكَفَاءَةُ الدِّينُ وَالنَّسَبُ "وهـ" اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقِيلَ: النَّسَبُ "وم". وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا: إذَا قُلْنَا هِيَ 3حَقٌّ لِلَّهِ3 اُعْتُبِرَ الدِّينُ فَقَطْ، قَالَ: وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيهِ تَسَاهُلٌ وَعَدَمُ تَحْقِيقٍ، كَذَا قَالَ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي امْرَأَةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: يُخَيَّرُ مُعْتَقٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ، وَذَكَرَهُ عَنْ "ش". وَفِي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ: يَبْطُلُ بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَةِ: إذَا اسْتَغْنَى عَنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ بِحُرَّةٍ بَطَلَ، قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَوْلُهُمْ: لَا أصل له4، أَيْ لَا حَسَبَ. وَلَا فَضْلَ، أَيْ لَا مَالَ. وَلَا تُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ بِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ "ش"، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَلَا الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا، وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي شَهَادَةِ الْفَاسِقِ فِي النِّكَاحِ: لَا تُعْتَبَرُ الشَّهَادَةُ عَلَى رِضَى الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ رِضَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَلِيِّ أُقِيمَ مَقَامَ رِضَاهَا، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الْعَدَالَةِ بَاطِنًا، وَكَلَامُ شَيْخِنَا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ، قَالَ: وَفِي الْمُذْهَبِ خِلَافٌ شَاذٌّ: يشترط الإشهاد على إذنها. قال: وَلَا يُزَوِّجُهَا الْعَاقِدُ نَائِبُ الْحَاكِمِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ لَا بِوَكَالَةِ الْوَلِيِّ حَتَّى يَعْلَمَ إذْنَهَا، وَإِنْ ادَّعَى الزَّوْجُ إذْنَهَا صُدِّقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ؛ لِتَمْكِينِهَا لَهُ. وَأَطْلَقَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ تُصَدَّقُ الثَّيِّبُ؛ لِأَنَّهَا تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا ظَاهِرًا، بِخِلَافِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا بِلَا إذْنِهَا، كَذَا قَالَ، وَهُوَ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِبِكْرٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَقُلْنَا يُجْبِرُهَا، وَيَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْوَلِيِّ إذْنُهَا كَذَلِكَ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا قَوْلَهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ الْإِذْنَ فَأَنْكَرَ وَرَثَتُهُ صُدِّقَتْ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ إذْنَهَا فَزَوَّجَهَا فَإِنْ أَجَازَتْ مَا ذَكَرَهُ صَحَّ، وَإِلَّا حَلَفَتْ وَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، قَالَ: وَاَلَّذِي أَرَاهُ لِلْوَلِيِّ الْإِشْهَادَ، لِئَلَّا تُنْكِرَ فَيَحْتَاجَ إلَى بينة. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب المحرمات في النكاح
باب المحرمات في النكاح مدخل ... بَابُ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ يَحْرُمُ أَبَدًا بِالنَّسَبِ سَبْعٌ: الْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَإِنْ عَلَتْ، وَبِنْتُهُ وَلَوْ مَنْفِيَّةً بِلِعَانٍ، وَبِنْتُ ابْنِهِ وَبَنَاتُهُمَا مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ1 وَإِنْ نَزَلْنَ. وَأُخْتُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَبِنْتُهَا. وَبِنْتُ ابْنِهَا. وَبِنْتُ كُلِّ أَخٍ وَبِنْتُهَا. وَبِنْتُ ابْنِهِ وَبِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلْنَ. وَعَمَّتُهُ وَخَالَتُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَإِنْ عَلَتَا لَا بَنَاتُهُمَا. وَتَلْخِيصُهُ يَحْرُمُ كُلُّ نَسِيبَةٍ سِوَى بِنْتِ عَمَّةٍ وَعَمٍّ وَبِنْتِ2 خَالَةٍ وخال المذكورات في الأحزاب الآية3. وَتَحْرُمُ عَمَّةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ لِدُخُولِهِمَا فِي عَمَّاتِهِ، وَعَمَّةُ الْعَمِّ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهَا عَمَّةُ أَبِيهِ، لَا لِأُمٍّ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ وَتَحْرُمُ خَالَةُ الْعَمَّةِ لِأُمٍّ لَا خَالَةُ الْعَمِّ لِأَبٍ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَعَمَّةُ الْخَالَةِ لِأُمٍّ أَجْنَبِيَّةٍ لَا لِأَبٍ؛ لِأَنَّهَا عَمَّةُ الْأُمِّ. وَيَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ: وَيَرْجِعُ فِي حَلِيلَةِ الِابْنِ مِنْ الرَّضَاعَةِ إلَى قَوْلِهِ: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ" 4 وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: نِكَاحُ ابْنِ الرَّجُلِ مِنْ لَبَنِهِ بِمَنْزِلِهِ نِكَاحِ ابْنِهِ مِنْ صُلْبِهِ، تَأَوَّلْت فِيهِ: "يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُم مِنْ النَّسَبِ" وَحَدِيثُ أَبِي الْقُعَيْسِ5. وقال شيخنا: ولم يقل الشارع: ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَحْرُمُ بِالْمُصَاهَرَةِ، فَأُمُّ امْرَأَتِهِ بِرَضَاعٍ أَوْ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْهُ وَبِنْتُ امْرَأَتِهِ بِلَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمْنَ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا بِالنَّسَبِ، وَلَا نَسَبَ وَلَا مُصَاهَرَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ فَلَا تَحْرِيمَ. وَيَحْرُمُ بِالصِّهْرِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ، وَقِيلَ: لَا، وَنَقَلَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: لَا يُعْجِبُنِي. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْحَلَالَ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ2، وَالْحَرَامُ مُبَايِنٌ لِلْحَلَالِ، بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا يُوسُفَ سُئِلَ عَمَّنْ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ: هَلْ لِأَبِيهِ3 نَظَرُ شَعْرِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا أَعْجَبَ هَذَا 4بِشَبَهِهِ بالحلال4، وَقَاسُوهُ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي بِنْتِهِ مِنْ الزِّنَا: عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْحَقَ أَوْلَادَ الزِّنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ5، يُرْوَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَقَدْ قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ وَقَالَ: "احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ" 6، وَاحْتَجَّ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ فِعْلٌ يُوجِبُ تَحْرِيمًا، كَالرَّضَاعِ إذَا غَصَبَ لَبَنَهَا وَأَرْضَعَ طِفْلًا نَشَرَ الْحُرْمَةَ، وَكَالْوَطْءِ فِي دُبُرٍ وَحَيْضٍ، وَكَالْمُتَغَذِّيَةِ بِلَبَنٍ ثَارَ بِوَطْئِهِ، وَهُوَ لَبَنُ الْفَحْلِ، فَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ مائه أولى. وكما تحرم بنت ملاعنة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَجُوسِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ وَمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا مَعَ عَدَمِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ: لَا يَنْشُرُ فِي وَجْهٍ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَنْشُرُ وَاعْتُبِرَ فِي مَوْضِعِ التَّوْبَةِ حَتَّى فِي اللِّوَاطِ. وَحَرَّمَ بِنْتَهُ مِنْ زِنًا وَأَنَّ وَطْأَهُ بِنْتَهُ غَلَطًا لَا يَنْشُرُ، لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَّخِذْهَا زَوْجَةً. وَلَمْ يُعْلِنْ نِكَاحًا أَرْبَعٌ زَوْجَةُ أَبِيهِ وَكُلُّ جَدٍّ وَلَوْ بِرَضَاعٍ، وَزَوْجَةُ ابْنِهِ كَذَلِكَ وَإِنْ نَزَلَ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَ نِكَاحُ الْأَبِ الْكَافِرِ فَاسِدًا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا "ع" دُونَ بَنَاتِهِنَّ وَأُمَّهَاتِهِنَّ. وَفِي عَقْدٍ فَاسِدٍ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ. وَتَحْرُمُ أُمُّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّاتُهَا كَذَلِكَ بِالْعَقْدِ، وَبِنْتُ زَوْجَتِهِ وَبِنْتُ ابْنِهَا كَذَلِكَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ وَإِنْ نَزَلْنَ، بِالدُّخُولِ، وَقِيلَ: فِي حِجْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَهُنَّ الرَّبَائِبُ. لَا زَوْجَةَ رَبِيبِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُنُونِ. فَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ أُبِحْنَ. وَعَنْهُ يَحْرُمْنَ بِالْمَوْتِ وَالْخَلْوَةِ. فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لا يوطأ مثلها فوجهان "م 1". وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3
الْمُذْهَبِ هُوَ كَنِكَاحٍ. وَفِيهِ بِشُبْهَةٍ وَجْهَانِ. وَالزِّنَا كَغَيْرِهِ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ بِأَنَّ الْحَرَامَ قَدْ عُمِلَ حِينَ أَمَرَ سَوْدَةَ أَنْ تَحْتَجِبَ مِنْ ابْنِ أَمَةِ1 زَمْعَةَ2. وَفِي تَحْرِيمِهِنَّ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَمْسٍ وَخَلْوَةٍ وَنَظَرِ فَرْجٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ، وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَابْنُ هَانِئٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ إذَا كُنَّ لِشَهْوَةٍ، رِوَايَتَانِ "م 2 و 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي في خلافه فِي وَطْءِ الصَّغِيرَةِ، وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الصَّغِيرَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ فِيهِمَا. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَفِي الْمُذْهَبِ هُوَ كَنِكَاحٍ، وَفِيهِ بِشُبْهَةٍ وَجْهَانِ، وَالزِّنَا كَغَيْرِهِ"، انْتَهَى. هَذَا كُلُّهُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ؛ لِكَوْنِهِ جَعَلَ وَطْءِ الزِّنَا كَوَطْءِ الْحَلَالِ، وَحَكَى فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمُ الْمُصَاهَرَةِ كَالْوَطْءِ الْحَلَالِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وقدمه المصنف وغيره. مسألة – 2- 3: قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِهِنَّ بِمُبَاشَرَةٍ وَلَمْسٍ وَخَلْوَةٍ وَنَظَرِ فَرْجٍ ... مِنْهَا أَوْ مِنْهُ إذَا كُنَّ3 لِشَهْوَةٍ روايتان". انتهى. ذكر مسائل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 2: إذَا بَاشَرَ امْرَأَةً أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا أَوْ خَلَا بِهَا أَوْ فَعَلَتْهُ هِيَ لِشَهْوَةٍ فَهَلْ يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِيمَا إذَا بَاشَرَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ: إحْدَاهُمَا: لَا يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَحَوَاشِي ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِالْمَرْأَةِ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَمَنْ بَاشَرَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لَمْ تَثْبُتْ حُرْمَةٌ، فِي الْأَظْهَرِ، وَقَالَ: وَلَا يَثْبُتُ بِالْخَلْوَةِ شَيْءٌ، وَالثُّبُوتُ بِهَا مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ وَقَبْلَ الْوَطْءِ فَرِوَايَتَانِ، أَنَصُّهُمَا وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي مَوْضِعٍ، وَفِي الْخِصَالِ وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ ثُبُوتُ تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَفِي الْجَامِعِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَثْبُتُ. انْتَهَى. وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ بِالْمُبَاشَرَةِ مِنْ الْحُرَّةِ، وَأَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ وَالْخَلْوَةِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَالَا: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا الرِّوَايَتَيْنِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى الصواب. انتهى.
وَيَحْرُمُ بِوَطْءِ غُلَامٍ مَا يَحْرُمُ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ كَمُبَاشَرَةٍ، قَالَ ابْنُ الْبَنَّا وَابْنُ عَقِيلٍ: وَكَذَا دَوَاعِيهِ. وَتَحْرُمُ الْمُلَاعَنَةُ أَبَدًا عَلَى الْمَلَاعِنِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: حِلَّهَا بِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ الْأَظْهَرُ، وَعَنْهُ بنكاح جديد أو ملك يمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 3: إذَا لَمَسَهَا أَوْ لَمَسَتْهُ لِشَهْوَةٍ هَلْ يَنْشُرُ ذَلِكَ الْحُرْمَةَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَنْشُرُ، بَلْ هِيَ أَوْلَى بِعَدَمِ النَّشْرِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ لِشَهْوَةٍ، وَصَحَّحَهُ ابن نصر الله في حواشيه.
وَمَتَى لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ كَبَعْدِ إبَانَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا حَدَّ، وَفِي التَّحْرِيمِ السابق وجهان "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَمَتَى لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ كَبَعْدِ إبَانَةٍ أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ فَلَا حَدَّ، وَفِي التَّحْرِيمِ السَّابِقِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ فِي بَابِ اللِّعَانِ: وَإِنْ أَبَانَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى الزَّوْجَةِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُرِيدُ نَفْيَهُ فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ، فَمَتَى لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدِهَا انْتَفَى وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ، وَفِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ لِعَانُهَا بَعْدَ الْوَضْعِ كَانَ لَهُ لِعَانُهَا قَبْلَهُ، كَالزَّوْجَةِ. وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ عِنْدَهُ لَا يَنْتَفِي فِي حَالِ الْحَمْلِ، ثُمَّ قَالَا: وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي نَفْيِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ. انْتَهَى. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَتَأَبَّدُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي2، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ فِيهِ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ، كَمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْإِبَانَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
فصل يحرم جمعه بنكاح بين أختين.
فصل يَحْرُمُ جَمْعُهُ بِنِكَاحٍ بَيْنَ أُخْتَيْنِ. وَبَيْنَ امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا وَإِنْ عَلَتَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ، بِأَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً وَابْنُهُ أُمَّهَا فَيُولَدُ لِكُلِّ مِنْهُمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِنْتٌ. وَبَيْنَ عَمَّتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ أُمَّ رَجُلٍ والآخر أمه فيولد لكل مِنْهُمَا بِنْتٌ. وَبَيْنَ خَالَتَيْنِ بِأَنْ يَنْكِحَ كُلٌّ مِنْهُمَا ابْنَةَ الْآخَرِ. وَبَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ نِكَاحُهُ، قَالَ أَحْمَدُ: خَالُ أَبِيهَا بِمَنْزِلَةِ خَالِهَا وَلَوْ رَضِيَتَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَخَالَفَ فِيهِ شَيْخُنَا؛ لأن تفريق الملك كجمع النِّكَاحَ1، وَلَمْ يَعْرِفْ هُوَ قَوْلَهُ هُنَا، وَفِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِرَضَاعٍ، عَنْ أَحَدٍ، لَكِنْ قَالَ: مَنْ لَمْ يُحَرِّمْ بِنْتَ امْرَأَتِهِ مِنْ النَّسَبِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِي حِجْرِهِ فَكَيْفَ يُحَرِّمْ ابْنَتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ؟ قَالَ: وَمَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ كَذَبَ. فَإِنْ تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ مَعًا, بَطَلَا. وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا أَوْ وَقَعَ فِي عِدَّةِ الْأُخْرَى بَطَلَ. فَإِنْ جَهِلَ فَسَخَا، وَعَنْهُ: الْأَوْلَى الْقَارِعَةُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ تَقْتَرِعَانِ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: لَا؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ: وَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُ جَمْعِهِ بَيْنَهُمَا فِي وَطْءِ مِلْكِ الْيَمِينِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ. وَهَلْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْهِ وَعَمَّتَيْهِ أَوْ بِنْتَيْ خَالَيْهِ أو خالتيه أم
لَا؟ كَجَمْعِهِ بَيْنَ مَنْ كَانَتْ زَوْجَةَ رَجُلٍ وبنته من غيرها؟ فيه روايتان "م 5" وَحَرَّمَهُ فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ قِيَاسًا، يَعْنِي عَلَى الْأُخْتَيْنِ. وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ بِنْتًا وَوَطِئَ أَمَةً فَأَلْحَقَ وَلَدَهَا بِهِمَا فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ بِالْأَمَةِ وَبِالْبِنْتَيْنِ فَقَدْ تَزَوَّجَ أُمَّ رَجُلٍ وَأُخْتَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَإِنْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ وَطْءِ إحْدَاهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُخْرَى، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ، فَإِذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ الْمَوْطُوءَةَ بِتَزْوِيجٍ أَوْ إزَالَةِ مِلْكِهِ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ، لَا بِتَحْرِيمٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بكتابة ورهن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يُكْرَهُ جَمْعُهُ بَيْنَ بِنْتَيْ عَمَّيْهِ وَعَمَّتَيْهِ أَوْ بِنْتَيْ خَالَيْهِ أَوْ خَالَتَيْهِ أَمْ لَا؟ ... فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالزَّرْكَشِيُّ: إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، وقدمه في الرعاية وغيره. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُكْرَهُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي3، وهو الصواب، والمذهب على ما اصطلحناه.
وَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَجْهَانِ "م 6" فَإِنْ عَادَتْ إلى ملكه تركهما حتى يحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ: "وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِتَحْرِيمِهَا بِكِتَابَةٍ وَرَهْنٍ وَبَيْعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي الْكِتَابَةِ، قَطَعَ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 أَنَّ الْأُخْتَ لَا تُبَاحُ إذَا رَهَنَهَا أَوْ كَاتَبَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ3، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ رَهَنَهَا أَوْ كَاتَبَهَا أَوْ دَبَّرَهَا لَمْ تَحِلَّ أُخْتُهَا، وَقَطَعَ بِهِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْأَشْهَرُ فِي الرَّهْنِ، وَقَالَ: ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ الِاكْتِفَاءُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الِاسْتِرْجَاعُ، كَهِبَتِهَا لِوَلَدِهَا وَبَيْعِهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ. انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ أَنَّ كِتَابَتَهَا تَكْفِي، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ فِي الْجَمِيعِ حِينَ قَالَا: فَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا لَمْ تحل الْأُخْرَى حَتَّى يُحَرِّمَ الْمَوْطُوءَةَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْفَعَهُ وَحْدَهُ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَبَيْعٌ بِشَرْطِ خِيَارٍ". انْتَهَى. قَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ هَذَا مِنْهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ التَّفْرِيقِ، عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نِزَاعٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ هُنَا لِلْحَاجَةِ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فِي غَيْرِهِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَبِعَهُ ابْنُ رَجَبٍ: وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ تَحْرِيمَ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَخْرُجَ الْأُولَى عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بُنِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي التَّفْرِيقِ لَزِمَ أَنْ لَا يجوز التفريق بغير العتق فيما
أَحَدَهُمَا، فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ بَلْ أَيَّتُهُمَا شَاءَ. وَأَنَّهَا إنْ عادت بعد وَطْءِ أُخْتِهَا فَأُخْتُهَا الْمُبَاحَةُ، وَلَوْ خَالَفَ أَوَّلًا فَوَطِئَهُمَا وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ تَرَكَهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا، وَأَبَاحَ الْقَاضِي وَطْءَ الْأُولَى بَعْدَ اسْتِبْرَاءِ الثانية. ـــــــــــــــــــــــــــــQدُونَ الْبُلُوغِ، وَبَعْدَهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا هُنَا إلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا لَزِمَ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأَمَةِ بِلَا مُوجِبٍ. انْتَهَيَا. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "فَإِنْ عَادَتْ إلَى مِلْكِهِ تَرَكَهَا حَتَّى تَحْرُمَ إحْدَاهُمَا، فِي ظَاهِرِ نُصُوصِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ أُخْتِهَا فَهِيَ الْمُبَاحَةُ، وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ بَلْ أَيَّتُهُمَا شَاءَ". انْتَهَى. ظَاهِرُ نُصُوصِهِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَرْبَعِينَ: هَذَا الْأَشْهَرُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: إذَا عَادَتْ بَعْدَ وَطْءِ الْأُخْرَى فَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ اجْتِنَابُهَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا وَإِنْ عَادَتْ قَبْلَ وَطْءِ الْأُخْرَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ وَكَثِيرٍ من الأصحاب أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ. انْتَهَى. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْمُغْنِي، وَكَذَا ذَكَرَ مَا اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: هَذَا إذَا عَادَتْ إلَيْهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَجِبُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ، أَمَّا إنْ وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَرْكُ أُخْتِهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا. انْتَهَى. وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ.
وَلَوْ مَلَكَ أُخْتَيْنِ مُسْلِمَةً وَمَجُوسِيَّةً فَلَهُ وَطْءُ الْمُسْلِمَةِ، ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ صَحَّ، وَلَا يَطَؤُهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجَةِ فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَجْهَانِ قَبْلَهَا وَهَلْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَهُوَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 7". وَفِي صِحَّةِ نِكَاحِ أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ رِوَايَتَانِ "م 8" فَإِنْ صَحَّ لَمْ يَطَأْ الزَّوْجَةَ حَتَّى يُحَرِّمَ السُّرِّيَّةَ، وَعَنْهُ: تَحْرِيمُهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ تَحْرِيمِ سُرِّيَّتِهِ ثُمَّ رَجَعَتْ السُّرِّيَّةِ إلَيْهِ، لَكِنَّ النكاح يكون بحاله. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اشْتَرَى أُخْتَ زَوْجَتِهِ صَحَّ وَلَا يَطَأْهَا فِي عِدَّةِ الزَّوْجَةِ، فَإِنْ فَعَلَ فَالْوَجْهَانِ قَبْلَهَا". انْتَهَى. مُرَادُهُ بِالْوَجْهَيْنِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ قَبْلَهَا فِيمَا إذَا حَرَّمَهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ بَيْعٍ، فِيمَا يَظْهَرُ، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "وَهَلْ دَوَاعِي الْوَطْءِ كَهُوَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُكْرَهُ وَلَا يُحَرَّمُ، وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُحَرَّمَ، أَمَّا إذَا قُلْنَا إنَّ الْمُبَاشَرَةَ لِشَهْوَةٍ كَالْوَطْءِ فِي تَحْرِيمِ الْأُخْتَيْنِ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى فَلَا إشْكَالَ. انْتَهَى. وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 أَنَّ حُكْمَ الْمُبَاشَرَةِ مِنْ الْإِمَاءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ وَالنَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَحْرِيمِ أُخْتِهَا كَحُكْمِهِ فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ، وَقَالَا: الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ ثَابِتٌ، فَلَا تَحْرُمُ إلَّا بِالْوَطْءِ فَقَطْ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ إبَاحَةَ الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ إلَى الفرج لشهوة، وهذا الصحيح. مَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَفِي صِحَّةِ نِكَاحِ أُخْتِ سُرِّيَّتِهِ روايتان". انتهى. وأطلقهما في المذهب:
وَإِنْ أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْتُهَا فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَائِهَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ الرِّوَايَتَانِ "م 9" وَلَهُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا، فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ جَمَعَ1 مُحَلَّلَةً وَمُحَرَّمَةً فِي عَقْدٍ، فَفِي صِحَّتِهِ فِي الْمُحَلَّلَةِ رِوَايَتَانِ "م10". وَمَنْ تَزَوَّجَ أُمًّا وَبِنْتًا فِي عَقْدٍ، فَسَدَ فِي الْأُمِّ، وَقِيلَ: والبنت. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَلَا يَطَأْ حَتَّى يُحَرِّمَ الْأَمَةَ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. مَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَعْتَقَ سُرِّيَّتَهُ ثُمَّ تزوج أختها في مدة استبرائها ففي صحة الْعَقْدِ الرِّوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَالنِّكَاحُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ كَالنِّكَاحِ قَبْلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ: "وَمَنْ جَمَعَ مُحَلَّلَةً وَمُحَرَّمَةً فِي عَقْدٍ3 وَاحِدٍ فَفِي صِحَّتِهِ في المحللة رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ فِيمَنْ تَحِلُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَالْمَنْصُوصُ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي التصحيح وتجريد العناية. وبه
فصل ويحرم جمع حر فوق أربع نسوة وعبد فوق ثنتين.
فصل وَيَحْرُمُ جَمْعُ حُرٍّ فَوْقَ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَعَبْدٌ فَوْقَ ثِنْتَيْنِ. وَلِمَنْ نِصْفُهُ فَأَقَلُّ غَيْرُ حُرِّ جَمْعُ ثَلَاثٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ ثِنْتَيْنِ. وَفِي الْفُنُونِ: قَالَ فَقِيهٌ: شَهْوَةُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ شَهْوَةِ الرَّجُلِ تِسْعَةَ أَجْزَاءٍ، فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ: لَوْ كَانَ هَذَا مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَرْبَعٍ وَيَنْكِحُ مَا شَاءَ مِنْ الْإِمَاءِ، وَلَا تَزِيدُ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ، وَلَهَا مِنْ الْقَسْمِ الرُّبُعُ، وَحَاشَا حِكْمَتُهُ أَنْ يُضَيِّقَ عَلَى الْأَحْوَجِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ "فُضِّلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا مِنْ اللَّذَّةِ، أَوْ قَالَ: مِنْ الشَّهْوَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلْقَى عَلَيْهِنَّ الحياء"1 ومن طلق واحدة من نهاية ـــــــــــــــــــــــــــــQقَطَعَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر.
جَمْعِهِ حَرُمَ تَزْوِيجُهُ بَدَلَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، بِخِلَافِ مَوْتِهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَكَذَّبَتْهُ، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا، وَبَدَلُهَا، فِي الْأَصَحِّ. وَلَا تَسْقُطُ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ وَنَسَبُ الْوَلَدِ، بَلْ الرَّجْعَةُ. وَإِنْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي الْعِدَّةِ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي وَطْءِ أَرْبَعٍ غَيْرِهَا أَوْ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ وَجْهَانِ "م 11". وَمَنْ وطئت بشبهة حرم نكاحها في العدة. وهل للواطئ نكاحها في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَطِئَ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا حَرُمَ فِي الْعِدَّةِ نِكَاحُ أُخْتِهَا وَلَوْ أَنَّهَا زَوَّجَتْهُ ... وَفِي وَطْءِ1 أَرْبَعٍ غَيْرِهَا، أَوْ الْعَقْدِ عَلَيْهِنَّ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ في المغني2 والشرح3 والزركشي واختاره.
عِدَّتِهِ؟ فَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ، ذَكَرَهَا شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ: لَا، ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 قِيَاسَ الْمَذْهَبِ، وَمُرَادُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ مَنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَسْأَلَةَ الْقِيَامِ بِالْمَنْعِ، كَمَا ذكره الشيخ، وفي القياس نظر، وَعَنْهُ: إنْ لَزِمَتْهَا عِدَّةٌ مِنْ غَيْرِهِ حُرِّمَ، وَإِلَّا فَلَا، وَهِيَ أَشْهَرُ "م 12" وَعَنْهُ: إنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً مِنْ زَوْجٍ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَوَطِئَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا. وَالزَّانِيَةُ مُحَرَّمَةٌ حَتَّى تَعْتَدَّ وتتوب، نص عليهما. وفي الانتصار: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجُوزُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَرْبَعِ حَتَّى يَسْتَظْهِرَ بِالزَّانِيَةِ حَمْلًا، وَاسْتَبْعَدَهُ الْمَجْدُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هَلْ لِأَجْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ خَمْسٍ، فَيَكْفِي فِيهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ، وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ. انتهى. مَسْأَلَةٌ- 12: قَوْلُهُ: "وَمَنْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ حُرِّمَ نِكَاحُهَا فِي الْعِدَّةِ، وَهَلْ لِلْوَاطِئِ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ؟ فَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ4 شَيْخُنَا، وَاخْتَارَهَا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَعَنْهُ: لَا. ذَكَرَهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي5 قِيَاسَ الْمَذْهَبِ ... وَعَنْهُ إنْ لَزِمَتْهَا عدة
ظَاهِرُ نَقْلِ حَنْبَلٍ فِي التَّوْبَةِ: لَا، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ نَكَحَهَا غَيْرُهُ، ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَعَنْهُ: وَيَتُوبُ الزَّانِي إنْ نَكَحَهَا، ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَالتَّوْبَةُ كَغَيْرِهَا، وَنَصُّهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ الدِّعَايَةِ رُوِيَ عن عمر وابن عباس1. وَيَحْرُمُ نِكَاحُ كَافِرٍ مُسْلِمَةً وَلَوْ وَكِيلًا، وَنِكَاحُ مُسْلِمٍ وَلَوْ عَبْدًا كَافِرَةً، إلَّا حُرَّةً كِتَابِيَّةً، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَشَيْخُنَا، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَذَبَائِحِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ، وَقِيلَ: تَحْرُمُ حربية، وعنه: وتباح أمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمن غيره حرم وإلا فلا، وهي أشهر". انْتَهَى. الَّذِي قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَهِيَ أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي الْعُدَّةِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْحَابُ، كَأَنَّهُ مَا عَدَا أَبَا مُحَمَّدٍ. انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى الَّتِي اخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ صَحَّحَهَا النَّاظِمُ، فَتَتَقَوَّى هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِاخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْمُحَقِّقِينَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ تَحْرِيمُهَا عَلَى الْوَاطِئِ وَذَكَرَهَا فِي الْمُغْنِي3 قِيَاسَ الْمَذْهَبِ، وَالرِّوَايَةُ الَّتِي قَبْلَهَا أقوى وأولى.
وَتَحِلُّ مُنَاكَحَةُ وَذَبِيحَةُ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ، عَلَى الْأَصَحِّ، قِيلَ: هُمَا فِي بَقِيَّةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ. وَفِيمَنْ دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ وَجْهٌ، فَيُقَرُّ بِجِزْيَةٍ وَيَتَوَجَّهُ: وَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِهِ هُنَا. وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ كِتَابِيٌّ فَاخْتَارَ دِينَهُ فَالْأَشْهَرُ تَحْرِيمُ مُنَاكَحَتِهِ وَذَبِيحَتِهِ، وَعَنْهُ: لَا فِي الْأَوِّلَةِ، وَيُحَرِّمَانِ1 مِمَّنْ شَكَّ فِيهِ مَعَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ، وَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي2، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ كِتَابِيَّيْنِ فَالتَّحْرِيمُ، وَقِيلَ عَنْهُ: لَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 عَلَى الثَّانِيَةِ فِي التي قبلها، واختاره شيخنا اعتبارا ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَفِيمَنْ دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَالزَّبُورِ وَجْهٌ، فَيُقَرُّ بِجِزْيَةٍ"، يَعْنِي فِيهَا وَجْهٌ4 بِإِبَاحَةِ مُنَاكَحَتِهِمَا. وَحِلِّ ذَبَائِحِهِمَا، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يقر بجزية، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.
بِنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي عَامَّةِ أَجْوِبَتِهِ، وَأَنَّهُ مَذْهَبٌ "هـ م"، وَالْجُمْهُورُ أَنَّ قَوْلَ أَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ النَّسَبِ، بَلْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا إلَّا فِيمَا يُشْتَهَرُ مِنْ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَلَا يَنْكِحُ مَجُوسِيٌّ كِتَابِيَّةً، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: وَلَا كِتَابِيٌّ مَجُوسِيَّةً. وَتَحْرُمُ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ إلَّا لِخَوْفِهِ عَنَتَ الْعُزُوبَةِ لِحَاجَةِ الْمُتْعَةِ أَوْ مَرَضًا، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، أَوْ الْخِدْمَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا جماعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَيَعْجِزُ عَنْ طَوْلِ حُرَّةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالُ مُؤْمِنَةٍ؛ لِظَاهِرِ الْآيَةِ1، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَثَمَنُ أَمَةٍ، وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ: وَحُرَّةٌ كِتَابِيَّةٌ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَ أَحْمَدُ الْحُرَّةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَ أَمَةٍ وَلَا غَيْرَ خَوْفِ الْعَنَتِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا تَحْرُمُ إذَا عُدِمَ الشَّرْطَانِ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَالطَّوْلُ بِمِلْكِهِ مَالًا حَاضِرًا، 2وَقِيلَ: إنْ رَضِيَتْ دُونَ مَهْرِهَا أَوْ بِتَأْجِيلِهِ لَزِمَهُ، وَقِيلَ: فِي الْأَوِّلَةِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي3، مَا لَمْ يُجْحَفْ بِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ2: مَا لَمْ يُعَدَّ سَرَفًا. وَحُرَّةٌ لَا تُوطَأُ لِصِغَرٍ4 أَوْ غَيْبَةٍ كَعَدَمٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، وكذا مريضة. 5نص عليه5 وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. وَفِيهِ: مَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ أَوْلَى مِنْ أَمَةٍ؛ لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَوْلَى مِنْ جَمِيعِهِ، فَإِنْ لَمْ تُعِفُّهْ فَثَانِيَةٌ ثُمَّ ثَالِثَةٌ ثُمَّ رَابِعَةٌ، وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَفِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا بِيَسَارِهِ أَوْ نِكَاحِهِ حُرَّةً وَفِي التَّرْغِيبِ: أَوْ زَالَ خَوْفُ عَنَتٍ روايتان "م 13 و 14" وفي المنتخب: ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 13- 14: قَوْلُهُ: "وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً بِشَرْطِهِ فَفِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهَا بِيَسَارِهِ أَوْ نِكَاحِهِ حُرَّةً وَفِي التَّرْغِيبِ أَوْ زَوَالِ خَوْفِ عَنَتٍ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فيها في
يكون طلاقا لَا فَسْخًا، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ إذَا تَزَوَّجَ حُرَّةً عَلَى أَمَةٍ يَكُونُ طَلَاقًا لِلْأَمَةِ؛ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا1. قَالَ أَبُو بكر: مسألة إسحاق مفردة. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ2 فِيمَا إذَا نَكَحَ حُرَّةً، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 13: إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً وَفِيهِ الشَّرْطَانِ قَائِمَانِ ثُمَّ أَيْسَرَ. فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: إحْدَاهُمَا: لَا يَبْطُلُ، وَهُوَ الصحيح، قال الزركشي: هذا المذهب والمنصوص الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَبْطُلُ، خَرَّجَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ صِحَّةِ نِكَاحِ حُرَّةٍ عَلَى أَمَةٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَلَا يُطْلِقُ الْخِلَافَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 14: إذَا نَكَحَ حُرَّةً عَلَى أَمَةٍ فَهَلْ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَيُفْسَخُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الخلاف. إحداهما: لَا يَبْطُلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ في الوجيز.
وَلِعَبْدٍ نِكَاحُ إمَاءٍ مُطْلَقًا، وَمِثْلُهُ مُكَاتَبٌ وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ، مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ وَغَيْرَهُ عَلَّلُوا مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ بِالْمُسَاوَاةِ، فَيَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيهِمَا أَوْ فِي الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حُرَّةٍ حُرٌّ بِشَرْطِهِ أَوْ عَبْدٌ جَازَ، وَعَنْهُ: لَا، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ صَحَّ عَلَى الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَصِحُّ فِي الْحُرَّةِ. وَفِي الْمُوجَزِ فِي عَبْدٍ رِوَايَةٌ عَكْسُهَا، وكذا في التبصرة، لفقد الْكَفَاءَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ صَحَّ فِيهِمَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُذْهَبِ. وَكِتَابِيٌّ وَفِي الْوَسِيلَةِ: وَمَجُوسِيٌّ. وَفِي الْمَجْمُوعِ: وَكُلُّ كَافِرٍ كَمُسْلِمٍ فِي نِكَاحِ أَمَةٍ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: فَإِنْ اُعْتُبِرَ فِيهَا الْإِسْلَامُ اُعْتُبِرَ فِي الْكِتَابِيِّ كَوْنُهَا كتابية. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَبْطُلُ، قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَقَدْ قَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً قَدْ صححت في هذا الباب.
فصل لا ينكح عبد سيدته، ولا سيد أمته، ولحر نكاح أمة والده، دون أمة ولده في الأصح فيهما،
فَصْلٌ لَا يَنْكِحُ عَبْدٌ سَيِّدَتَهُ، وَلَا سَيِّدٌ أَمَتِهِ، وَلِحُرٍّ نِكَاحُ أَمَةِ وَالِدِهِ، دُونَ أَمَةِ وَلَدِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَمِثْلُهُ حُرَّةٌ نَكَحَتْ عَبْدَ وَلَدِهَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَيَحِلَّانِ لَهُمَا مَعَ رِقٍّ. وَيَصِحُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ شُبْهَةً تُسْقِطُ الْحَدَّ، لَكِنْ لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
تَجْعَلُ الْأَمَةَ أُمَّ وَلَدٍ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ. وَإِنْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ وَلَدُهُ الْحُرُّ. وَفِي الْأَصَحِّ: أَوْ مُكَاتَبُهُ الزَّوْجَ الْآخَرَ أَوْ بَعْضَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ. فَلَوْ بَعَثَتْ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ: حُرِّمْتُ عَلَيْك وَنَكَحْتُ غَيْرَك وَعَلَيْك نَفَقَتِي وَنَفَقَةُ زَوْجِي، فَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ ابْنَ عَمِّهَا. وَمَنْ حَرَّمَ نِكَاحَهَا حَرَّمَ وَطْأَهَا بملك اليمين، وجوزه شيخنا، كأمة كتابية. وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ خُنْثَى مُشْكِلٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إذَا قَالَ: أَنَا رَجُلٌ، لَمْ يَنْكِحْ إلَّا النِّسَاءَ، وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. فَلَوْ عَادَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَلَهُ نِكَاحُ مَا عَادَ إلَيْهِ، فِي الْأَصَحِّ، فَلَوْ كَانَ نَكَحَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ مِنْ امْرَأَةٍ خَاصَّةٍ. وَلَا يَحْرُمُ فِي الْجَنَّةِ زِيَادَةُ الْعَدَدِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الشروط في النكاح
باب الشروط في النكاح مدخل ... باب الشروط في النكاح إذا شرطت في العقد قاله في المحرر، وَقَالَ حَفِيدُهُ: أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ "م 1" وَأَنَّ عَلَى هَذَا جَوَابَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَتَسَرَّى، قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ إنْ تزوج عليها1 فلها تَطْلِيقُهَا، صَحَّ، فَإِنْ خَالَفَهُ فَلَهَا الْفَسْخُ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَزِيَادَةِ مَهْرٍ أَوْ نَقْدٍ مُعَيَّنٍ، وَشَرْطِ ترك سفره بعبد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "إذَا شَرَطْت فِي الْعَقْدِ قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَالَ حَفِيدُهُ: أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ" انْتَهَى، الَّذِي قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ: وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَمَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَقَوْلُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ وَمُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَعَلَى هَذَا جَوَابُ أَحْمَدَ فِي مَسَائِلِ الْحِيَلِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ وَالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ يَتَنَاوَلُ ذَلِكَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ كَمَا قَالَ الْمَجْدُ: إذَا شَرَطَ لَهَا فِي الْعَقْدِ، قَالَ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِذَلِكَ الِاحْتِرَازُ عَمَّا شَرَطَ بَعْدَ الْعَقْدِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَحْمَدَ. انْتَهَى. فَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، فَلِذَلِكَ عَزَاهُ إلَى صاحب المحرر.
مُسْتَأْجَرٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ طَرِيقَةً: لَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ، كَهَذِهِ الصُّورَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ خَدَعَهَا فَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ لَمْ يُكْرِهَا. وَيَصِحُّ شَرْطُ طَلَاقِ ضَرَّتِهَا، فِي رِوَايَةٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ: بَاطِلٌ "م 2" وَالْأَشْهَرُ: وَمِثْلُهُ بَيْعُ أَمَتِهِ. قال في عيون المسائل وغيرها: وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 2: قوله: "وَيَصِحُّ شَرْطُ1 طَلَاقِ ضَرَّتِهَا، فِي رِوَايَةٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَقِيلَ بَاطِلٌ". انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، 2قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْفَخْرُ ابن تيمية2
شَرَطَتْ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا إذَا أَرَادَتْ انْتِقَالًا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ تَصَرُّفٍ فِي الزَّوْجِ بِحُكْمِ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، كَمَا لَوْ شَرَطَتْ أَنْ تَسْتَدْعِيَهُ إلَى النِّكَاحِ، وَقْتَ حَاجَتِهَا وَإِرَادَتِهَا، وَهُنَا شَرَطَتْ التَّسْلِيمَ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَكَان مَخْصُوصٍ، وَاقْتَصَرَتْ بِالشَّرْطِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهَا عَلَى بَعْضِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُمْتَنَعٍ، كَمَا بَيَّنَّا أَنَّ الشَّرْعَ قَصَرَ تَصَرُّفَهُ عَلَى مَكَان وَعَدَدٍ، فَلَا يَخُصُّ الشَّرْعُ الزَّوْجَةَ بِالتَّصَرُّفِ فِي الزَّوْجِ بِحَالٍ، كَذَا قَالَ، وَيُتَوَجَّهُ: لَا تَبْعُدُ صِحَّةُ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ شَرْطِهَا طَلَاقَ ضَرَّتِهَا، وَأَنَّ ظَاهِرَ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالشُّرُوطِ وَالْمَعَانِي يَدُلُّ عَلَيْهِ. قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ شَرَطَ لَهَا أَنْ يُسْكِنَهَا بِمَنْزِلِ أَبِيهِ فَسَكَنَتْ ثُمَّ طَلَبَتْ سُكْنَى مُنْفَرِدَةً وَهُوَ عَاجِزٌ: لَا يَلْزَمُهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، بَلْ لَوْ كَانَ قَادِرًا فَلَيْسَ لَهَا عِنْدَ "م" وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا غَيْرُ مَا شَرَطَتْ لَهَا، كَذَا قَالَ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ صِحَّةُ الشَّرْطِ فِي الْجُمْلَةِ، بِمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا بِعَدَمِهِ، لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِحَقِّهَا لِمَصْلَحَتِهَا لَا لِحَقِّهِ لِمَصْلَحَتِهِ حَتَّى يَلْزَمَ فِي حَقِّهَا، وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مَنْ شَرَطَتْ دَارَهَا فِيهَا أَوْ فِي دَارِهِ لزم، وسيأتي. إن شاء الله تعالى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْقَوْلُ ببطلانه احتمال في المغني2 والشرح1، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ كَغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ، والصواب، والله أعلم.
وَقَالَ فِي الْهَدْيِ1 فِي قِصَّةِ بَنِي هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ لَمَّا اسْتَأْذَنُوا أَنْ يُزَوِّجُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ قَالَ فِيهِ: إنَّهُ تَضَمَّنَ هَذَا مَسْأَلَةَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّهُ يُؤْذِي فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَيَرِيبُهَا، وَيُؤْذِيهِ وَيَرِيبُهُ. وَأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ [إنَّمَا] زَوَّجَهُ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ فِي الْعَقْدِ، وَفِي ذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِهْرَهُ الْآخَرَ بِأَنَّهُ حَدَّثَهُ فَصَدَّقَهُ، وَوَعَدَهُ فَوَفَّى لَهُ، تَعْرِيضٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ قَدْ جَرَى مِنْهُ وَعْدٌ لَهُ بِذَلِكَ، فَحَثَّهُ عَلَيْهِ2، قَالَ فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَشْرُوطَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَإِنْ عَدِمَهُ يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ، فَقَوْمٌ لَا يُخْرِجُونَ نِسَاءَهُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ أَوْ الْمَرْأَةَ مِنْ بَيْتٍ لَا يُزَوَّجُ الرَّجُلُ عَلَى نِسَائِهِمْ ضَرَّةً، وَيَمْنَعُونَ الْأَزْوَاجَ مِنْهُ، أَوْ يُعْلَمُ عَادَةً أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُمَكِّنُ مِنْ إدْخَالِ الضَّرَّةِ عَلَيْهَا، كَانَ ذَلِكَ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا، وَهَذَا مُطَّرِدٌ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَحْمَدَ أَنَّ الشَّرْطَ الْعُرْفِيَّ كَاللَّفْظِيِّ، وَلِهَذَا أَوْجَبُوا الْأُجْرَةَ عَلَى مَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ، الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ. وَقَالَ أَيْضًا: وَقَالَ "م"، أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ: إذَا لَمْ يُنْفِقْ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يُعْسِرُونَ وَيَحْتَاجُونَ، فَقَالَ: لَيْسَ النَّاسُ الْيَوْمَ كَذَلِكَ. إنَّمَا تَزَوَّجَتْهُ رَجَاءَ الدُّنْيَا3 يَعْنِي أَنَّ نِسَاءَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كُنَّ يُرِدْنَ الدَّارَ الْآخِرَةَ، وَالنِّسَاءُ اليوم رجاء الدنيا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَصَارَ هَذَا الْعُرْفُ كَالْمَشْرُوطِ1، وَالشَّرْطُ الْعُرْفِيُّ فِي أَصْلِ مَذْهَبِهِ كَاللَّفْظِيِّ. وَمَتَى بَانَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الشَّرْطِ. نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا وَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا يُرَدُّ عَلَيْهَا الْمَالُ إذَا تَزَوَّجَ2، وَأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا مَالًا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ تَرُدُّ الْمَالَ إلَى ورثته. وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيَّتَهُ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ وَلِيَّتَهُ فَأَجَابَهُ وَلَا مَهْرَ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدَ، كَشَرْطِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَهُوَ شِغَارٌ، وَيَصِحُّ مَعَ مهر مستقل غير قليل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حِيلَةً بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مَعَ قَوْلِهِ: وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مَهْرُ الْأُخْرَى فَقَطْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ يَصِحُّ مَعَهُ بِتَسْمِيَتِهِ، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا وَاخْتَارَهُ أَنَّ بُطْلَانَهُ لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ المهر. وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ أَنَّهُ مَتَى أَحَلَّهَا لِلْأَوَّلِ طَلَّقَهَا، أَوْ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، كَشَرْطِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَكَذَا نِيَّتُهُ أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَهَا إلَى مُدَّةٍ، وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ، وَقَطَعَ الشَّيْخُ فِيهَا بِصِحَّتِهِ مَعَ النِّيَّةِ، وَنَصُّهُ: وَالْأَصْحَابُ خِلَافُهُ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيهَا: هُوَ شَبِيهٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِالْمُتْعَةِ، لَا، حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ مَا حَيِيَتْ. وَفِي النَّوَادِرِ: دَلَالَةُ الْحَالِ فِيهَا الرِّوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: النَّهْيُ عَنْهَا تَنْزِيهٌ، وَيُكْرَهُ تَقْلِيدُ مُفْتٍ بِهَا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ، أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَمْ أَجِدْ فِيهِ خِلَافًا، بَلْ وَطْءُ الشُّبْهَةِ، وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ بَطَّةَ أَنَّهَا كَالزِّنَا. وَتَزْوِيجُهَا الْمُطَلِّقُ ثَلَاثًا لِعَبْدِهِ1 بِنِيَّةِ هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ مِنْهَا لِيَفْسَخَ النِّكَاحَ كَنِيَّةِ الزَّوْجِ. وَمَنْ لَا فُرْقَةَ بِيَدِهِ لَا أَثَرَ لِنِيَّتِهِ. وَفِي الْفُنُونِ فِيمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَتَأَسُّفِهِ عَلَى طَلَاقِهَا: حِلُّهَا بَعِيدٌ فِي مَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّهُ يَقِفُ عَلَى زوج وإصابة، ومتى زوجها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ تَأَسُّفِهِ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ بِالنِّكَاحِ إلَّا التَّحْلِيلُ، وَالْقَصْدُ عِنْدَنَا يُؤَثِّرُ فِي النِّكَاحِ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا: إذَا تَزَوَّجَ الْغَرِيبُ بِنِيَّةِ طَلَاقِهَا إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يَصِحَّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ إذَا اتَّفَقَا فَإِنْ اعْتَقَدَتْ ذَلِكَ بَاطِنًا وَلَمْ تُظْهِرْهُ صَحَّ فِي الْحُكْمِ وَبَطَلَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى. وَيَصِحُّ النِّكَاحُ إلَى الْمَمَاتِ. وَفِي الْوَاضِحِ: نِيَّتُهَا كَنِيَّتِهِ، وَمَنْ عَزَمَ عَلَى تَزْوِيجِهِ بِالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَوَعَدَهَا سِرًّا كَانَ أَشَدَّ تَحْرِيمًا مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ "ع" لَا سِيَّمَا وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا مَا تَحَلَّلُ بِهِ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَمَتَى شَرَطَ نَفْيَ الْحِلِّ فِي نِكَاحٍ أَوْ عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ عَلَى شَرْطٍ فَسَدَ الْعَقْدُ، عَلَى الْأَصَحِّ، كَالشَّرْطِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِي تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ، وَالْأَنَصُّ مِنْ كَلَامِهِ جَوَازُهُ، كَالطَّلَاقِ، قَالَ: وَالْفَرْقُ بِأَنَّ هَذَا مُعَاوَضَةٌ أَوْ إيجَابٌ، وَذَاكَ إسْقَاطٌ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ، وَبِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِنَذْرِ التَّبَرُّرِ وبالجعالة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَإِنْ شَرَطَ عَدَمَ1 مَهْرٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ قِسْمَةٍ لَهَا أَقَلِّ مِنْ ضَرَّتِهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ وَطْءٍ وَنَحْوَهُ فَسَدَ الشَّرْطُ لَا الْعَقْدُ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ: يَفْسُدُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا تَزَوَّجَ النَّهَارِيَّاتِ أَوْ اللَّيْلِيَّاتِ لَيْسَ مِنْ نِكَاحِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَحَنْبَلٌ: إذَا تَزَوَّجَ عَلَى شَرْطٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُقِيمَ جَدَّدَ النِّكَاحَ. وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ: ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ وَلَا يُنْفِقَ أَوْ إنْ فَارَقَ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ رِوَايَتَيْنِ، يعني في صحة العقد، واختاره2 شيخنا، 3بنفي مهر3 وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ، كَمَا فِي مَذْهَبِ "م" وَغَيْرِهِ، لِحَدِيثِ الشِّغَارِ4. وَقِيلَ بِعَدَمِ وَطْئِهِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ تَوَقُّفَهُ فِي الشَّرْطِ، قَالَ شَيْخُنَا: فَيَخْرُجُ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَ صِحَّتَهُ، كَشَرْطِهِ تَرْكَ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَفَرَّقَ الْقَاضِي بِأَنَّ لَهُ مُخَلِّصًا، لِمِلْكِهِ طَلَاقَهَا. وَأَجَابَ شَيْخُنَا: بِأَنَّ عَلَيْهِ الْمَهْرَ، وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ سَوَّى بَيْنَهُمَا، فَإِنْ صَحَّ وَطَلَبَتْهُ فَارَقَهَا وَأَخَذَ الْمَهْرَ، وَهُوَ فِي مَعْنَى الخلع، فإن وجبت الفرقة ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَبَتْ هُنَا، وَأَنَّ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْفَائِتِ غَرَضُهُ الْجَاهِلِ بِفَسَادِهِ الْفَسْخَ بِلَا شَيْءٍ، كَالْبَيْعِ وَأَوْلَى. وَإِنْ شَرَطَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا أَوْ إنْ جَاءَهَا بِالْمَهْرِ فِي وَقْتِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ "م 3" وَعَنْهُ: صِحَّتُهُمَا، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّتَهُمَا فِي شرط الخيار، قَالَ: وَإِنْ بَطَلَ الشَّرْطُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَقْدُ بِدُونِهِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الشُّرُوطِ الْوَفَاءُ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ مَقْصُودٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا تَعْلِيقُ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ فِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الثَّانِيَةِ1 رِوَايَةً: يَفْسُدُ الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ قِسْطًا، فَبِتَأْخِيرِهِ عَنْ أَجَلِهِ يحصل مجهولا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَرَطَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِيهِ خِيَارًا، أَوْ إنْ جَاءَ بِالْمَهْرِ وَقْتَ كَذَا وَإِلَّا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا2، فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4، وَالْمُغْنِي5 فِي الثَّانِيَة، وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدين فيما إذا شرط الخيار.
وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ1: يَصِحُّ "م 4" وَإِنْ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 فِي الْأُولَى. مَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: يَصِحُّ". انْتَهَى. قُلْت: قَطَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 فِي الصَّدَاقِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: صِحَّةُ الصَّدَاقِ مَعَ بُطْلَانِ الْخِيَارِ، وَصِحَّتُهُ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهِ، وبطلان الصداق. 4وقدم ابن رزين في بطلان الصداق، والصواب ما قطع به في "المغني"4 وقدمه ابن رزين أيضا، والله أعلم.
فصل وإن شرطها مسلمة، أو زوجتك هذه المسلمة فبانت كتابية، فله الفسخ.
فصل وَإِنْ شَرَطَهَا مُسْلِمَةً، أَوْ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْمُسْلِمَةَ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَلَهُ الْفَسْخُ. فَإِنْ عُكِسَ أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ وَقِيلَ: أَوْ ظَنَّهَا بِكْرًا فَبَانَتْ بِخِلَافَةِ فَوَجْهَانِ "م 5، 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 5 – 6: قَالَهُ: "فَإِنْ عُكِسَ" يَعْنِي لَوْ شَرَطَهَا كَافِرَةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذِهِ الْكَافِرَةَ فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً "وَلَمْ تُعْرَفُ بِتَقَدُّمِ5 كُفْرٍ فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 5: لَوْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، أَوْ قال زوجتك هذه ـــــــــــــــــــــــــــــQ5 في النسخ الخطية "بتقديم"، والمثبت من "ط".
وَإِنْ شَرَطَ بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً أَوْ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَعَنْهُ: لَهُ الْفَسْخُ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وشيخنا "وم ق" وعنه: لا "وهـ ق" "م 7" وَفِي الْإِيضَاحِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ في شرط ـــــــــــــــــــــــــــــQالْكَافِرَةَ فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ بَعِيدٌ. تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ كَانَ يُقَدِّمُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ، لَا أَنَّهُ يُطْلِقُ الْخِلَافَ، كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ قَدَّمَ هُنَاكَ عَدَمَ الْفَسْخِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 6: لَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ فَبَانَتْ كَافِرَةً، فَالْحُكْمُ فِيهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ فِي الْكَافِي1 وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَيَكُونُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحَ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا على هذا. مَسْأَلَةُ – 7: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَرَطَ بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً أَوْ نَسِيبَةً أَوْ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَثْبُتُ
بِكْرٍ، إنْ لَمْ يَمْلِكْهُ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الْمَهْرَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ بَقِيَّةَ الشُّرُوطِ. وَفِي الْفُنُونِ فِي شَرْطِ بِكْرٍ يَحْتَمِلُ فَسَادُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ لَنَا قَوْلًا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى صِفَةٍ فَبَانَتْ بِخِلَافِهَا بَطَل الْعَقْدُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ، وَإِنْ غَرَّتْهُ وَقَبَضَتْهُ وَإِلَّا سَقَطَ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَهْرٍ "م". وإن شرط أمة فبانت حرة، أَوْ صِفَةً فَبَانَتْ أَعْلَى، فَلَا فَسْخَ، فِي الْأَصَحِّ وَفِي التَّرْغِيبِ: يَفْسَخُ إنْ شَرَطَ مُسْلِمَةً فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، أَوْ ثَيِّبًا فَبَانَتْ بِكْرًا، وَإِنْ شَرَطَهَا وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ مُقَارَنَتَهُ أَوْ ظَنَّهَا حرة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفَسْخُ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَعَنْهُ: لَهُ الْفَسْخُ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَشَيْخِنَا، وَعَنْهُ: لَا. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْسَاكِ، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّاظِمُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْبِكْرِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ غَرَّتْهُ بِنَسَبٍ أَوْ صِفَةٍ، مِثْلُ أَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ أَوْ هَاشِمِيَّةٌ فَتَبَيَّنَ دُونَ ذَلِكَ، أَوْ عَلَى أَنَّهَا بَيْضَاءُ فَتَبِينُ سَوْدَاءَ، أَوْ أَنَّهَا طَوِيلَةٌ فَتَبِينُ قَصِيرَةً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَلَا خِيَارَ لَهُ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا فَبَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا خيار له، وقيل: له الخيار. فإن
فَبَانَتْ أَمَةً، فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ، كَعِلْمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ، فَلَهُ الْخِيَارُ وَبَنَاهُ فِي الْوَاضِحِ عَلَى الْكَفَاءَةِ، وَلِمَنْ يُبَاحُ له الخيار إلا أن ـــــــــــــــــــــــــــــQشَرَطَهَا نَسِيبَةً أَوْ جَمِيلَةً أَوْ طَوِيلَةً أَوْ شَرَطَ نَفْيَ عَيْبٍ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ النِّكَاحُ ونحوه فوجهان. انتهى. 1تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَرَطَهَا ... أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ، كَعِلْمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ، فَلَهُ الْخِيَارُ". انْتَهَى. فَظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَهَا أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مُشْكَلٌ جِدًّا، وَالْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ إنَّمَا هُوَ إذَا شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ إذَا شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً، فَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْمَقِيسُ عَلَى كَلَامِهِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً أَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ يَقُولُ أَبُو بَكْرٍ: إنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَلَهُ الْخِيَارُ: فَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا، بَلْ هُوَ سَاقِطٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَقْطًا، أَوْ حَصَلَ سَهْوًا وَأَنَّا لَمْ نَفْهَمْ كَلَامَهُ، والله أعلم1.
يظنها عتيقة، وقدم في التَّرْغِيبِ: أَوْ يَظُنُّهَا حُرَّةً، وَقِيلَ: لَا فَسْخَ كَعَبْدٍ وَيَنْعَقِدُ الْوَلَدُ حُرًّا، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَمَا يَنْعَقِدُ وَلَدُ الْقُرَشِيِّ قُرَشِيًّا بِاعْتِقَادِهِ، وَيَفْدِيهِ، وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: هُوَ بِدُونِهِ رَقِيقٌ، وَهُوَ كَوَلَدِ مَغْصُوبَةٍ، وَيَفْدِيهِ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَقِيلَ: بِرَقَبَتِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ، وَيَرْجِعَانِ عَلَى الْغَارِّ، كَأَمْرِهِ بِإِتْلَافِ مَالِ غَيْرِهِ غَرَّهُ1 بِأَنَّهُ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ مَعَ شَرْطٍ، وَقِيلَ: مُقَارِنٌ. وَفِي الْمُغْنِي2: وَمَعَ إبْهَامِهِ بِقَرِينَةِ حُرِّيَّتِهَا، وَفِيهِ: وَلَوْ أَجْنَبِيًّا، كَوَكِيلِهَا، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ إطْلَاقُ نُصُوصِهِ، وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَقَالَهُ فِيمَا إذَا دَلَّسَ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَلِمُسْتَحِقِّهِ مُطَالَبَةُ الْغَارِّ ابْتِدَاءً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَوَلَدُهُمَا بَعْدُ عَبْدٌ. وَفِي لُزُومِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ ورجوعه به الروايتان "م 8 و 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQ3وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: "وَبَنَاهُ فِي الْوَاضِحِ عَلَى الكفاءة". وهذا لا يلائم المسألة3. مسألة – 8- 9: قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ ورجوعه به الروايتان"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. يَعْنِي بِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اللَّتَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الدُّخُولِ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 هُنَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 8: هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْمُسَمَّى، بِنَاءً عَلَى الْوُجُوبِ فِي النكاح الفاسد، وقدمه المصنف هناك. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 9: هَلْ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَرْجِعُ بِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ: كُنْتُ أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَلِيٍّ ثُمَّ هِبْتُهُ، وَكَأَنِّي أَمِيلُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ، فَحَدِيثُ عَلِيٍّ فِيهِ الرُّجُوعُ بالمهر، وحديث عمر بعدمه5.
وَإِنْ كَانَتْ الْغَارَّةُ، فَفِي تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهَا أَوْ رقبتها وَجْهَانِ "م 10" وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يَرْجِعُ عليها؛ لأنه لم يغره أحد. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِيسَتَاهُمَا اللَّتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَحِينَئِذٍ فِي قوله "فيه1 الرِّوَايَتَانِ " نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأُولَيَيْنِ هُمَا اللَّتَانِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَاللَّتَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ هُمَا مُسْتَقِلَّتَانِ، وَهُمَا كَالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ، وَالْمُصَنِّفُ قَدْ صَحَّحَ الرُّجُوعَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَرَطَهَا حُرَّةً فَبَانَتْ أَمَةً فَإِنْ لَمْ تُبَحْ لَهُ فَبَاطِلٌ كَعِلْمِهِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ فَلَهُ الْخِيَارُ". انْتَهَى. النَّقْلُ هُنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ بِالصِّحَّةِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، وَكَيْفَ يَصِحُّ نِكَاحُ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ؟ وَإِنَّمَا الْمَحْكِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا إذَا شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا أَوْ حَصَلَ سَهْوٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةُ فَفِي تَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهَا أَوْ رَقَبَتِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: يَخْرُجُ فِيهَا4 وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى دَيْنِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِذِمَّتِهِ؟ وَكَذَا قَالَ ابْنُ رزين والزركشي. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، يَفْدِيهِ سَيِّدُهُ أَوْ يُسَلِّمُهُ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي أَحْكَامِ الرَّقِيقِ آخِرِ الْحَجْرِ5. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي الْأَمَةِ: إذَا خَالَعَتْ زَوْجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا يَتْبَعُهَا بِهِ إذَا عَتَقَتْ، كَذَا هُنَا. وَقَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَإِنْ كَانَتْ الْأَمَةُ هِيَ الْغَارَّةَ تَعَلَّقَتْ الْعُهْدَةُ بِذِمَّتِهَا أو برقبتها.
وَلَا مَهْرَ فِي الْأَصَحِّ لِمُكَاتَبَةٍ غَارَّةٍ؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ، وَوَلَدُهَا مُكَاتَبٌ، فَيَغْرَمُ أَبُوهُ قِيمَتَهُ لَهَا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا يَجِبُ لَهَا الْبَعْضُ فَيَسْقُطُ، وَوَلَدُهَا يَغْرَمُ أَبُوهُ قَدْرَ رِقِّهِ، نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ ادَّعَتْ أَنَّ مَوْلَاهَا أَعْتَقَهَا أَيَقْبَلُ قَوْلَهَا وَيَنْكِحُهَا؟ قَالَ: لَا، حَتَّى يَسْأَلَهُ أَوْ تَقُومَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ، وَلَوْ أَوْهَمَتْهُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ فَظَنَّهُ فَوَطْؤُهُ شُبْهَةٌ، أَوْ أَوْهَمَهُ سَيِّدُهَا بِهِ فَلَا مَهْرَ، وَإِنْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ، وَتُعَزَّرُ عَالِمَةٌ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ جَهِلَ فَسَادُ نِكَاحٍ لِتَغْرِيرِ غَارٍّ كَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ فَالْمَهْرُ عَلَى الْغَارِّ، وَإِنْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَلَمْ يَكُنْ خُيِّرَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ شَرَطَتْ صِفَةً فَبَانَتْ أَقَلَّ فَلَا فَسْخَ إلَّا شرط حرية، وقيل: ونسب 1لم تَحِلُّ بِكَفَاءَةٍ1، وَقِيلَ فِيهِ: وَلَوْ مُمَاثِلًا. وَفِي الجامع الكبير: وغيرهما واختاره شيخنا "وم" كشرطه، وأولى؛ لملكه طلاقها. وَمَنْ عَتَقَتْ، وَعَنْهُ: أَوْ بَعْضُهَا تَحْتَ عَبْدٍ، وَعَنْهُ: أَوْ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ، وَعَنْهُ: وَلَيْسَ فِيهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهَا، وَعَنْهُ: أَوْ تَحْتَ حُرٍّ، وَجَزَمَ في الترغيب: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: إذَا قُلْنَا: إنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَيْنِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّف الْخِلَافَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَهُنَا أَطْلَقَ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كلام المصنف عدم البناء.
أَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ مُعْتَقٍ بَعْضِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَلَوْ ارْتَدَّ بِلَا حَاكِمٍ مَا لَمْ تَرْضَاهُ أَوْ تُعْتَقُ أَوْ يَطَأُ طَوْعًا وَلَيْسَ طَلَاقًا، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ فَتَقُولُ فَسَخْتُهُ أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي وَطَلْقَتُهَا كِنَايَةٌ عَنْ الْفَسْخِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ لَهَا الْفَسْخَ تَحْتَ حُرٍّ، وَإِنْ كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا1؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ رَقَبَتَهَا وَبُضْعَهَا، فَلَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا بِاخْتِيَارِهَا، وَتَمْلِيكُ الْعَتِيقِ2 رَقَبَتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ أَقْوَى مِنْ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ فِيمَا لَمْ يُعْتِقْهُ وَيَسْرِي فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، وَقَدْ اسْتَوْفَى الزَّوْجُ الْمَنْفَعَةَ بِالْوَطْءِ، فَلَمْ يَسْقُطْ لَهُ حَقٌّ، كَمَا لَوْ طَرَأَ رَضَاعٌ أَوْ حُدُوثُ عَيْبٍ مِمَّا يُزِيلُ النِّكَاحَ أَوْ يَفْسَخُهُ. وَأَنَّهُ إنْ شَرَطَ عَلَيْهَا دَوَامَ النِّكَاحِ تَحْتَ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَرَضِيَتْ لَزِمَهَا، وَأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْعِتْقَ بِشَرْطٍ. وَإِنْ ادَّعَتْ الْجَهْلَ بِعِتْقِهِ، قِيلَ: يَجُوزُ جَهْلُهُ، وَقِيلَ: لا يخالفها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظَاهِرٌ "م 11" فَلَا فَسْخَ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَذَا لَا فَسْخَ إنْ ادَّعَتْ جَهْلَ مِلْكِ الْفَسْخِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ فِيهِمَا: بَلَى، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَعَلَيْهِمَا وَطْءُ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ، وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، وَلَا خِيَارَ بِعِتْقِهِمَا مَعًا، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، كَاحْتِمَالٍ فِي الْوَاضِحِ فِي عِتْقِهِ وَحْدَهُ، بِنَاءً عَلَى غِنَاهُ عَنْ أَمَةٍ بِحُرَّةٍ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَجْهًا إنْ وَجَدَ طَوْلًا، وَذَكَرَ الشَّيْخُ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ: لَا خِيَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِيهِ لَا فِيهَا، قَالَ: فَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً مُطْلَقًا فَبَانَتْ أَمَةً فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا مُطْلَقًا فَبَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَكَذَا فِي الِاسْتِدَامَةِ، كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ادَّعَتْ جَهْلًا بِعِتْقِهِ قِيلَ: يَجُوزُ جَهْلُهُ، وَقِيلَ: لَا يُخَالِفُهَا ظَاهِرًا" انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَمِثْلُهَا يَجْهَلُهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الباب.
وَمَنْ زَوَّجَ مُدَبَّرَةً لَهُ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، قِيمَتُهَا مِائَةٌ بِعَبْدٍ عَلَى مِائَتَيْنِ مَهْرًا ثُمَّ مَاتَ عَتَقَتْ، وَلَا فَسْخَ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِئَلَّا يَسْقُطَ الْمَهْرُ أَوْ يَتَنَصَّفَ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَرِقُّ بَعْضَهَا، فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ. وَمَنْ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ وَلَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ فَلَا حكم لوليها1. وَتُخَيَّرُ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ بَلَغَتْ سِنًّا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا وَعَقَلَتْ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ بِنْتَ سَبْعٍ. وَيَقَعُ طَلَاقُهُ الْبَائِنُ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَقِيلَ: إنْ لم تفسخ. وفي الترغيب في وُقُوعِهِ وَجْهَانِ. وَإِنْ عَتَقَتْ مُعْتَدَّةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ عَتَقَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَلَهَا الْفَسْخُ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ. وَمَتَى فَسَخَتْ الْمُعْتَقَةُ بَعْدَ دُخُولِهَا فَالْمُسَمَّى، ثُمَّ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلسَّيِّدِ، وَلَا مَهْرَ قَبْلَهُ، وَنَقَلَ مِنْهَا: بَلْ نِصْفُهُ لَهُ وَإِلَّا الْمُتْعَةُ، حَيْثُ تَجِبُ لِوُجُوبِهِ لَهُ، فَلَا يسقط بفعل غيره، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب العيوب في النكاح
باب العيوب في النكاح مدخل ... بَابُ الْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ إذَا بَانَ مَجْبُوبًا أَوْ1 لَمْ يَبْقَ مَا يَطَأُ بِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ دَعْوَاهُ الْوَطْءَ بِبَقِيَّتِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا، فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ بَانَ عِنِّينًا لَا يُمْكِنُهُ [الْوَطْءُ] بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ لَهَا الْفَسْخَ، وَالْمَذْهَبُ تَأْجِيلُهُ سَنَةً مُنْذُ تَرَافُعِهِ، وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا اعْتَزَلَتْهُ فَقَطْ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِيهَا فَسَخَتْ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ عُنَّتَهُ فَقِيلَ: يُؤَجَّلُ، وَعَنْهُ: لِلْبِكْرِ، وَالْأَصَحُّ: لَا، وَيَحْلِفُ، فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ أَبَى أُجِّلَ، وَقِيلَ: تُرَدُّ الْيَمِينُ. وَإِنْ ادَّعَى وَطْأَهَا مَعَ إنْكَارِ عُنَّتِهِ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَّةٍ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَفِي قَدْرِهَا وَجْهَانِ "م 1" وَالْأَصَحُّ وَلَوْ فِي حَيْضٍ وَإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ، فَلَيْسَ بِعِنِّينٍ، وَإِنْ أَنْكَرَتْ وَقَالَتْ: أَنَا بِكْرٌ وَلَهَا بَيْنَهُ أجل، وتحلف لدعواه عودة2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَقَرَّتْ بِمَرَّةٍ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَفِي قَدْرِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَذَكَرَهُمَا احْتِمَالَيْنِ فِي الْمُجَرَّدِ: أَحَدُهُمَا: يَكْفِي تَغْيِيبُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ مِنْ الْمَقْطُوعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالزَّرْكَشِيُّ. قُلْت: قَدْ حَكَمَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ كَالْحَشَفَةِ، فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، فَلْيَكُنْ هَذَا مِثْلَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ إيلَاجُ بَقِيَّتِهِ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه "قلت": والأول أقوى وأولى.
بَكَارَتِهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِزَوَالِهَا لَمْ يُؤَجَّلْ، وَيَحْلِفُ لِدَعْوَاهَا زَوَالَ عُذْرَتِهَا بِغَيْرِ مَا ادَّعَاهُ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ بِعُنَّتِهِ وَأَجَّلَ وَادَّعَى وَطْأَهَا فِي الْمُدَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَاهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ ثُبُوتِ عُنَّتِهِ وَتَأْجِيلِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا، وَعَنْهُ: قَوْلُهُ، وَعَنْهُ: تُخَلَّى مَعَهُ وَيُخْرِجُ مَاءَهُ عَلَى شَيْءٍ، فَإِنْ قَالَتْ لَيْسَ مَنِيًّا فَإِنْ ذَابَ بِنَارٍ فَمَنِيٌّ، وَبَطَلَ قَوْلُهَا، وَإِلَّا قَوْلُهُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ ادَّعَتْ عُنَّتَهُ فَأَنْكَرَ أُجِّلَ، فَإِنْ تَمَّتْ سَنَةٌ فَادَّعَى وَطْأَهَا فَأَنْكَرَتْ فَالرِّوَايَاتُ. وَفِي زَوَالِ عُنَّتِهِ بِوَطْئِهِ غَيْرَهَا أَوْ وَطْئِهَا فِي نِكَاحِ مُتَقَدِّمٍ أَوْ فِي1 دُبُرٍ وَجْهَانِ "م 2" لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي إمْكَانِ طَرَيَانِهَا، عَلَى مَا فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى مَا فِي الْمُغْنِي2، ولو أمكن؛ لأنه بمعناه "م2"، فلهذا جزم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَفِي زَوَالِ عُنَّتِهِ بِوَطْئِهِ غَيْرَهَا أَوْ وَطْئِهَا فِي نِكَاحِ مُتَقَدِّمٍ أَوْ فِي دُبُرٍ وَجْهَانِ؛ لِاخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي إمْكَانِ طَرَيَانِهَا، عَلَى مَا فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى مَا فِي الْمُغْنِي، وَلَوْ أَمْكَنَ، لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ". انْتَهَى. قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ وَطِئَ غَيْرَهَا أَنَّ الْعُنَّةَ لَا تَزُولُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ من المذهب.
بِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ. وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضُرِبَتْ لَهُ مُدَّةٌ، عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا الْقَاضِي "م 3". وَهَلْ يَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْعُنَّةَ تَزُولُ بِذَلِكَ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَيَخْرُجُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهَا تَزُولُ بِفِعْلِ ذَلِكَ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عبدوس في تذكرته، فإنه قال: وَتَزُولُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي فَرْجٍ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يُمْكِنُ طَرَيَانُهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا لَوْ تَعَذَّرَ الْوَطْءُ فِي إحْدَى الزَّوْجَيْنِ1 أَوْ يُمْكِنُ فِي الدُّبُرِ دُونَ غَيْرِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَإِنْ وَطِئَ غَيْرَهَا أَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ أَوْ فِي نِكَاحٍ آخَرَ لَمْ تَزُلْ عُنَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَطْرَأُ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: تَزُولُ. انْتَهَى. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَعَلَّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَصَوُّرِ طَرَيَانِ الْعُنَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ لِلْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهَا لَا تَطْرَأُ، وَكَلَامُهُمَا هُنَا يَدُلُّ عَلَى طَرَيَانِهَا. انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجَةُ مَجْنُونٍ عُنَّتَهُ ضَرَبَتْ لَهُ الْمُدَّةَ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا الْقَاضِي". انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الْوَطْءِ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَأَمَّا إذَا قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ فَهُنَا لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ من جهته، فيوافق ما قاله القاضي.
فَلَا يَفْسَخُ لِوَلِيٍّ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ بَانَتْ مَسْدُودَةَ الْفَرْجِ بِحَيْثُ1 لَا يَسْلُكُهُ الذَّكَرُ لِرَتْقٍ أَوْ قَرَنٍ أَوْ عَفَلٍ أَوْ فَتْقًا بِانْخِرَاقِ السَّبِيلَيْنِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَوْ وُجِدَ اخْتِلَاطُهُمَا لِعِلَّةٍ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ أَكْثَرُ أَوْ بَانَ بأحدهما جذام أو برص أو جنون وَلَوْ أَفَاقَ. وَفِي الْوَاضِحِ: جُنُونٌ غَالِبٌ، وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ إغْمَاءٌ، لَا أَغِمَاءَ مَرِيضٍ لَمْ يدم، يثبت الخيار. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَهَلْ يَبْطُلُ بِحُدُوثِهِ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ". انْتَهَى. لَعَلَّهُ أَرَادَ إذَا حَدَثَ بِهَا جُنُونٌ فَهَلْ يَبْطُلُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ بِذَلِكَ فَلَا يَفْسَخُ الْوَلِيُّ أَوْ لَا يَبْطُلُ فَيَفْسَخُ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ، عَلَى مَا يأتي قريبا4.
فصل وفي ثبوت الخيار بالبخر
فصل وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْبَخَرِ، وَهُوَ نَتْنُ الْفَمِ وَنَتْنٌ يَثُورُ فِي الْفَرْجِ عِنْدَ الْوَطْءِ وَانْخِرَاقِ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ، وَرَغْوَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ، وَاسْتِطْلَاقِ بَوْلٍ وَنَجْوٍ وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ فِيهِ وَبَاسُورٍ وَنَاصُورٍ واستحاضة وخصاء وسل ووجاء ووجدان أحدهما خنثى مُشْكِلًا أَوْ لَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَخَصَّهُ فِي الْمُغْنِي3 بِالْمُشْكِلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ، وَوِجْدَانِ أَحَدِهِمَا بالآخر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ وَحُدُوثُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَفِي الْمُوجَزِ: وَبَوْلِ كَبِيرَةٍ1 فِي الْفِرَاشِ، وَالْقَرَعِ فِي الرأس وله ريح منكرة، وجهان "م 4 - 20". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 4 – 20: قَوْلُهُ: "فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ بِالْبَخَرِ.....، وَانْخِرَاقِ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ، وَرَغْوَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ، وَاسْتِطْلَاقِ بَوْلٍ، وَنَجْوٍ، وَقُرُوحٍ سَيَّالَةٍ فِيهِ، وَبَاسُورٍ، وَنَاصُورٍ، واستحاضة، وخصاء، وسل، ووجاء، ووجدان أحدهما خنثى مُشْكِلًا أَوْ لَا.... وَوِجْدَانِ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ، وَحُدُوثُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ.... وَالْقَرَعِ فِي الرأس وله ريح منكرة وجهان" انتهى ذَكَرَ هُنَا سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي أَكْثَرِهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُ فِي 2الْمُغْنِي3 فِي كَوْنِهِ خُنْثَى، وَوِجْدَانِ أَحَدِهِمَا بِصَاحِبِهِ مِثْلَ عَيْبِهِ وَالْبَخَرِ2، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِيمَا سِوَى الْخِصَاءِ وَالسُّلِّ وَالْوِجَاءِ، وأطلقه في البلغة إلا4 فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِيمَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا مِثْلَهُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْخِصَاءِ وَالسُّلِّ وَالْوِجَاءِ، وَإِذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ: أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ 5إلَّا فِي الْبَخَرِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقَرَعِ5، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ إلَّا فِي انْخِرَاقِ مخرج البول والمني، 6واختاره أبو البقاء، وابن القيم في الجميع. وصححه الناظم في غير ما إذا حدث العيب بعد العقد6. 5وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي غَيْرِ مَا إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ عَيْبًا بِهِ مِثْلُهُ، أَوْ حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ5، وَقَطَعَ فِي الْكَافِي7 بِثُبُوتِهِ بِالْخَرْقِ بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ ومني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُنَوِّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي1. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَمْسِكُ بَوْلَهُ وَلَا نَجْوَهُ، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: فَيَخْرُجُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ بِهِ بَاسُورٌ وَنَاصُورٌ وَقُرُوحٌ سَيَّالَةٌ فِي الْفَرْجِ، قَالَ أَبُو حَفْصٍ: وَالْخِصَاءُ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ. وَقَالَ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إذَا وُجِدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى فَلَهُ الْخِيَارُ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ بِالِاسْتِحَاضَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقَةِ الْجَدِيدِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُجَرَّدِ، قَالَهُ النَّاظِمُ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كلام الْخِرَقِيُّ فِيهِ، وَصَحَّحَ فِي الْمُذْهَبِ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِي الْبَخَرِ وَاسْتِطْلَاقِ الْبَوْلِ وَالنَّجْوِ، وَالْبَاسُورِ وَالنَّاسُورِ وَالْقُرُوحِ السَّيَالَةِ فِي الْفَرْجِ، وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ، وَحُدُوثِ هَذِهِ الْعُيُوبِ بَعْدَ الْعَقْدِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْعُيُوبَ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي غَيْرِ مَا أَطْلَقَ فِيهِ الْخِلَافُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي غَيْرِ حُدُوثِ الْعَيْبِ 2وَغَيْرِ مَا أَطْلَقَا فِيهِ الْخِلَافُ2 بَعْدَ الْعَقْدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي حَفْصٍ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِالْبَخَرِ مَعَ كَوْنِهِ عَيْبًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا يَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْ النَّاظِمِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ الْقَدِيمِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ في
وذكر ابن عقيل فِي بَخَرٍ رِوَايَتَيْنِ وَذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ فِي وُجُودِ عَيْبٍ بِهِ مِثْلُهُ. وَكَذَا إنْ تَغَايَرَتْ، والأصح ثبوته. قال بعض الأطباء: ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافِ، وَابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ الْبَنَّا، وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ، وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ، أَعْنِي بِاخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ فِيمَا إذَا حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِانْخِرَاقِ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْمَنِيِّ وَالْبَوْلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالشَّارِحِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَدَمُ الثُّبُوتِ بِالِاسْتِحَاضَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ2: قَوْلُهُ: "وَوِجْدَانِ أَحَدُهُمَا خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ لَا"، يَعْنِي إذَا كَانَ مُشْكِلًا وَقُلْنَا بِجَوَازِ نِكَاحِهِ أَوْ غَيْرَ مُشْكِلٍ، فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمُشْكِلَ وَغَيْرَ الْمُشْكِلِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: "وَخَصَّهُ فِي الْمُغْنِي بِالْمُشْكِلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ عَكْسُهُ". قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَالْمُغْنِي3 يُخَالِفُ مَا قاله المصنف عَنْهُمَا، فَإِنَّهُ قَالَ: وَفِي الْبَخَرِ وَكَوْنِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ خُنْثَى وَجْهَانِ. انْتَهَى. فَأَطْلَقَ الْخُنْثَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُشْكِلٍ أَوْ مُشْكِلًا، وَصَحَّ نِكَاحُهُ فِي وَجْهٍ. انْتَهَى. فَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُمَا مُخَالِفٌ لِمَا فِيهِمَا، كَمَا ترى، وخصه في المذهب بكونه مشكلاً.
يستعمل لِلْبَخَرِ السِّوَاكُ، فَيَأْخُذُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَرَقَ آسٍ مَعَ زَبِيبٍ مَنْزُوعِ الْعَجَمِ بِقَدْرِ الْجَوْزَةِ، وَاسْتِعْمَالُ الْكَرَفْسِ، وَمَضْغُ النَّعْنَاعِ جَيِّدٌ فِيهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالدَّوَاءُ الْقَوِيُّ لِعِلَاجِهِ أَنْ يَتَغَرْغَرَ بِالصَّبْرِ كُلَّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى الرِّيقِ وَوَسَطَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ، وَيَتَمَضْمَضُ بِالْخَرْدَلِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أُخَرُ، يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يَتَغَيَّرُ فَمُهُ، إلَى أَنْ يَبْرَأَ. وَإِمْسَاكُ الذَّهَبِ فِي الْفَمِ يُزِيلُ الْبَخَرَ. وَفِي الرَّوْضَةِ إنْ انْتَشَرَ ذَكَرُ خَصِيٍّ فَتَأَتَّى 1الْوَطْءُ بِهِ1 لم يكن عيبا2 وَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ، كَفَقْدِ مَاءِ امْرَأَةٍ، وَإِلَّا فَعَيْبٌ كَجَبٍّ. وَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ، كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهَلْ يُحَطُّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقَدْرِ النَّقْصِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيلَ لِشَيْخِنَا: لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا؟ قِيلَ: قَدْ عُلِمَ أَنَّ عُيُوبَ الْفَرْجِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْوَطْءِ لَا يُرْضَى بِهَا فِي الْعَادَةِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالنِّكَاحِ الْوَطْءُ، بِخِلَافِ اللَّوْنِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ، فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ، وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَ رِضًا مُطْلَقًا، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً، فَبَانَتْ بدونها، فإن شَرَطَ فَقَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ3 الْفَسْخَ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ "م"، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالشَّرْطُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا، فَفِي الْبَيْعِ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِسَلِيمٍ مِنْ الْعُيُوبِ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَرْضَ بِمَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا. وَالْعَيْبُ الَّذِي يَمْنَعُ كَمَالَ الْوَطْءِ لَا أَصْلَهُ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا مَا أَمْكَنَ مَعَهُ الْوَطْءُ وَكَمَالُهُ فَلَا تَنْضَبِطُ فِيهِ1 أَغْرَاضُ النَّاسِ، وَالشَّارِعُ قَدْ أَبَاحَ النَّظَرَ بَلْ أَحَبَّهُ2 إلَى الْمَخْطُوبَةِ، وَقَالَ: "فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا" 3 وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ الرُّؤْيَةَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهَا النِّكَاحُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَجِبُ، وَيَصِحُّ النِّكَاحُ بِدُونِهَا. وَلَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ أَنْ يَصِفُوا الْمَرْأَةَ الْمَنْكُوحَةَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ نِكَاحُهَا بِلَا رُؤْيَةٍ وَلَا صِفَةٍ، وَيَلْزَمُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، قَالَ: وَهَذَا الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ أَنَّ النِّسَاءُ يَرْضَى بِهِنَّ فِي الْعَادَةِ فِي الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْأَمْوَالَ لَا يَرْضَى بِهَا عَلَى الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ إذْ الْمَقْصُودُ بِهَا التَّمَوُّلُ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْمُصَاهَرَةُ وَالِاسْتِمْتَاعُ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ، فَهَذَا فَرْقٌ شَرْعِيٌّ مَعْقُولٌ فِي عُرْفِ النَّاسِ. أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ لِاشْتِرَاطِهِ صِفَةً فَبَانَتْ بخلافها وبالعكس، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِلْزَامُهُ بِمَا لَمْ يَرْضَ بِهِ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ، وَلَوْ قَالَ ظَنَنْتُهَا أَحْسَنَ مِمَّا هِيَ أَوْ مَا ظَنَنْت فِيهَا هَذَا وَنَحْوُ ذَلِكَ كَانَ هُوَ الْمُفَرِّطُ، حَيْثُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَهَا، وَلَا أَرْسَلَ مَنْ رَآهَا، وَلَيْسَ مِنْ الشَّرْعِ وَالْعَادَةِ أَنْ تُوصَفَ لَهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا تُوصَفُ الْإِمَاءُ [فِي السَّلَمِ] فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صَانَ الْحَرَائِرَ عَنْ ذَلِكَ، وَأَحَبَّ سِتْرَهُنَّ، وَلِهَذَا نُهِيَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَعْقِدَ نِكَاحَهَا، فَإِذَا كُنَّ لَا يُبَاشِرْنَ الْعَقْدَ فَكَيْفَ يُوصَفْنَ؟ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ، يَرَاهُ مَنْ شَاءَ، فَلَيْسَ فِيهِ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَالْمَرْأَةُ إذَا فَرَّطَ الزَّوْجُ فَالطَّلَاقُ بِيَدِهِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ1 مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا فِي قَطْع يَدٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ عَمًى أَوْ خَرَسٍ أَوْ طَرَشٍ وَكُلِّ عَيْبٍ يَفِرُّ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْهُ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ مِنْ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ: يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْإِطْلَاقُ إلَى السَّلَامَةِ، فَهُوَ كَالْمَشْرُوطِ عُرْفًا، وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ هُشَيْمٍ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى بَعْضِ السِّعَايَةِ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَكَانَ عَقِيمًا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَعْلَمْتهَا أَنَّك عَقِيمٌ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَعْلِمْهَا ثُمَّ خَيِّرْهَا2. وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إذَا تَزَوَّجَهَا برصاء أو عمياء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَدَخَلَ بِهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ1. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ2 عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ3: خَاصَمَ رَجُلٌ إلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ: إنَّ هَؤُلَاءِ قَالُوا إنَّا نُزَوِّجُك أَحْسَنَ النَّاسِ، فَجَاءُونِي بِامْرَأَةٍ عَمْيَاءَ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: إنْ كَانَ دَلَّسَ لَك بِعَيْبٍ لَمْ يَجُزْ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: يُرَدُّ النِّكَاحُ مِنْ كُلِّ دَاءٍ عُضَالٍ. وَاخْتَارَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ رَدَّ الْمَرْأَةَ بِمَا تُرَدُّ بِهِ الْأَمَةُ فِي الْبَيْعِ، حَكَاهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ. وَفِي الْمُغْنِي4: إنْ وَجَدَهَا مَجْبُوبٌ رَتْقَاءَ فَلَا خِيَارَ لَهُمَا؛ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِمْتَاعِ بِعَيْبٍ نَفْسِهِ، وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ إنْ لَمْ يَطَأْ لِنَضْوَتِهَا فَكَرَتْقَاءَ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَلَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ الشَّيْخُوخَةَ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ يُفْسَخُ بِهِ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَوْ بَانَ عَقِيمًا فَلَا خِيَارَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُبَيِّنَ لَهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا كَانَ بِهِ جُنُونٌ أَوْ وَسْوَاسٌ أَوْ تَغَيُّرٌ فِي عَقْلٍ وَكَانَ يَعْبَثُ وَيُؤْذِي رَأَيْتُ أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُقِيمُ عَلَى هَذَا. 5وَلَا خيار بغير ذلك5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَخِيَارُ شَرْطٍ وَعَيْبٍ وَفِيهِ وَجْهٌ مُتَرَاخٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَلَوْ زَادَ أَوْ ظَنَّهُ يَسِيرًا أَوْ وُجِدَتْ مِنْهُ دَلَالَةُ الرِّضَا مَعَ عِلْمِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ. وَلَا يَسْقُطُ فِي عُنَّةٍ بِلَا قَوْلٍ، فَيَسْقُطُ بِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا. وَلَا فَسْخَ إلَّا بِحُكْمٍ فَيُفْسَخُ أَوْ يَرُدُّهُ إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَفِي الْمُوجَزِ: يَتَوَلَّاهُ هُوَ. وَإِنْ فَسَخَ مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلَاعِنِينَ بَعْدَ غَيْبَتِهِمَا فَفِي الِانْتِصَارِ الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا "م 21" وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُطْلَقُ عَلَى عنين، ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَلَا يَسْقُطُ خِيَارٌ فِي عُنَّةٍ بِلَا قَوْلٍ، فَيَسْقُطُ بِهِ". انْتَهَى. تَابَعَ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ، وَتَابَعَهُ أَيْضًا صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ، فَقَطَعُوا بِذَلِكَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ بُطْلَانُ الْخِيَارِ بِمَا يَدُلُّ على1الرضا، من1 وَطْءٍ أَوْ تَمْكِينٍ أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَى، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَمْ نَجِدْ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لِغَيْرِ الْجَدِّ. انْتَهَى. وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْقَوْلَ، وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْهُ. مَسْأَلَةُ – 21: قَوْلُهُ: "وَلَا فَسْخَ إلَّا بِحُكْمٍ، فَيُفْسَخُ أَوْ يُرَدُّ2 إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ. وَفِي الْمُوجَزِ يَتَوَلَّاهُ هُوَ، وَإِنْ فَسَخَ مَعَ غَيْبَتِهِ أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَلَاعِنِينَ بَعْدَ غيبتهما ففي الانتصار الصحة وعدمها". انتهى:
كَمُولٍ1، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَا تَحْرُمُ أَبَدًا، وَعَنْهُ: بَلَى، كَلِعَانٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْحَاكِمُ لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخُ، وَإِنَّمَا2 يَأْذَنُ وَيْحُكُمْ بِهِ، فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ قد أَوْ فَسْخٍ فَعَقَدَ أَوْ فَسَخَ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فعله، وفيه الخلاف، لَكِنْ إنْ عَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ فَسَخَ بِلَا حُكْمٍ فَأَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ. وَخَرَّجَ شَيْخُنَا بِلَا حُكْمٍ فِي الرِّضَا بِعَاجِزٍ عَنْ الْوَطْءِ كَعَاجِزٍ عَنْ النَّفَقَةِ، وَمَتَى زَالَ الْعَيْبُ فَلَا فَسْخَ. وَكَذَا إنْ عُلِمَ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَمَنَعَهُ فِي الْمُغْنِي فِي عِنِّينٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُصْرَاةِ، وَيُتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ مِثْلُهُ. وَلَا مَهْرَ بِفَسْخٍ فِيهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا بَعْدَهُ الْمُسَمَّى، كما لو طرأ3 الْعَيْبُ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: عَلَى الْأَظْهَرِ، وَقِيلَ عَنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي فَسْخِ الزَّوْجِ لِشَرْطٍ أَوْ عَيْبٍ قَدِيمٍ، وَقِيلَ فِيهِ: يُنْسَبُ قَدْرُ نَقْصِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَجْلِ ذَلِكَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ كَامِلًا، فَيَسْقُطُ مِنْ الْمُسَمَّى بِنِسْبَتِهِ، فَسَخَ أو أمضى. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الأصحاب. والقول الآخر: لا يصح.
وقاسه في الخلاف على المبيع1 الْمَعِيبِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: مُسَمًّى بِلَا حَقٍّ، وَمِثْلٌ لِسَابِقٍ، وَالْخَلْوَةُ كَهِيَ فِيمَا لَا خِيَارَ فِيهِ. وَيَرْجِعُ، عَلَى الْأَصَحِّ، عَلَى الْغَارِّ، وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ فِي2 عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ "م 22" وَمِثْلُهَا فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ لَوْ زَوَّجَ امرأة فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا، وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ. وَتُجَهَّزُ زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قبل الدخول ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 22: قَوْلُهُ: "وَيَرْجِعُ، عَلَى الْأَصَحِّ، عَلَى الْغَارِّ، وَالْمَذْهَبُ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ فِي3 عَدَمِ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، إذَا أَنْكَرَ الْوَلِيُّ عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَلَا بَيِّنَةَ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ في الرعايتين والحاوي الصغير: فإن أنكر الغار4 عِلْمَهُ بِهِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ وَحَلَفَ بَرِئَ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَيْبُ جُنُونًا، وَقِيلَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْوَلِيُّ مِمَّا يَخْفَى عَلَيْهِ أَمْرُهَا كَأَبَاعِدِ الْعَصَبَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، إلَّا أنه فصل بين عيوب الفرج وغيرها، فسوي5 بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ كُلِّهِمْ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا. انْتَهَى. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ المطلقين للمصنف، وأطلقها الزركشي.
أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا رُجُوعَ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْفَسْخُ. وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيُّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ أَهْلٌ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ مَعَ جَهْلِهِ بِهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَعَكْسُهُ وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ إذَنْ أَوْ يَنْتَظِرُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 23" وَفِي الرِّعَايَةِ الْخِلَافُ إنْ أَجْبَرَهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ، وَصَحَّحَهُ فِي الْإِيضَاحِ مَعَ جَهْلِهِ، وَتُخَيَّرُ. وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ بِمَعِيبَةٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ فِي تَزْوِيجِ مَجْنُونٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ بِمِثْلِهِ وَمَلَكَ الْوَلِيُّ الْفَسْخَ إنْ صَحَّ وَجْهَانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ يَلْزَمُهَا الْمَنْعُ1 مِنْ مَجْبُوبٍ. فَإِنْ اخْتَارَتْ الْكَبِيرَةُ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا لَمْ تُمْنَعْ، وَقِيلَ: بَلَى، كَمَجْنُونٍ وَمَجْذُومٍ وَأَبْرَصَ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: وَلِبَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ الْمَنْعُ، كَغَيْرِ الْكُفْءِ، وَإِنْ عَلِمَتْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ حَدَثَ بِهِ، لَمْ يُجْبِرْهَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ فِي ابْتِدَائِهِ لَا في2 دوامه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 23: قَوْلُهُ: "وَلَا يُزَوِّجُ وَلِيٌّ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ أَهْلٌ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ صَحَّ [مَعَ] جَهْلِهِ بِهِ، وَقِيلَ: مُطْلَقًا، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَهَلْ لَهُ الْفَسْخُ إذًا أَوْ يَنْتَظِرُهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْتَظِرُهَا. فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ، بِتَعْدَادِ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ.
باب نكاح الكفار
باب نكاح الكفار مدخل ... بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَهُوَ صَحِيحٌ حُكْمُهُ كَنِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَنُقِرُّهُمْ عَلَى فَاسِدِهِ إذَا اعْتَقَدُوا حِلَّهُ وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا، وَعَنْهُ: إلَّا عَلَى مَا لَا مَسَاغَ لَهُ عِنْدَنَا، كَنِكَاحِ ذَاتِ مَحْرَمٍ، وَمَجُوسِيٍّ كِتَابِيَّةً، فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا، وَإِنْ أَتَوْنَا بَعْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ أُذِنَ، كَعَقْدِهِ فِي عِدَّةٍ فَرَغَتْ أَوْ بِلَا شُهُودٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، أَوْ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ عَلَى أُخْتٍ مَاتَتْ أُقِرَّا. نَقَلَ مُهَنَّا: مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ عَلَيْهِ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْت لِعَطَاءٍ: أَبَلَغَك أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ؟ قَالَ: مَا بَلَغَنَا إلَّا ذَاكَ. وَابْنُ جُرَيْجٍ أَيْضًا يَرْوِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ قِصَّةً أُخْرَى. وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحْرُمُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَعَنْهُ: مَعَ تَأْيِيدِ مَفْسَدَةٍ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ. فَلَوْ نَكَحَ بِنْتَهُ أَوْ مَنْ هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَمِنْ كَافِرٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "فَلَوْ نَكَحَ بِنْتَهُ أَوْ مَنْ هِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، ومن كَافِرٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةٍ كَافِرٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ
وَفِي حُبْلَى مِنْ زِنًا، وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا وَجْهَانِ "م 2 و 3" وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ طَرَأَ الْمُفْسِدُ كعدة من وطئ شبهة لم يؤثر. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرعاية الكبرى. مسألة – 2- 3: قَوْلُهُ: "وَفِي حُبْلَى مِنْ زِنًا، وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 2: إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ حُبْلَى مِنْ زِنًا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 3: إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ أَوْ إلَى مُدَّةٍ هُمْ فِيهَا، فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير وغيرهم:
وَلَوْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَحْرَمَ وَأَسْلَمَ الْآخَرَانِ لَمْ تَتَنَجَّزْ الْفُرْقَةُ، وَفِيهِ: لَوْ تَحَاكَمُوا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ إلَّا إذَا عَقَدَ كَمُسْلِمٍ، إلَّا فِي الْوَلِيِّ لَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُ، وَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي الشُّهُودِ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ اسْتَدَامَ نِكَاحَ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهُ لَمْ يُقِرَّا عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ وَطِئَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا، وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَا أَهْلُ ذِمَّةٍ، فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي1. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُقَرُّونَ. وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا أَخَذَتْهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ، فَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا وَجْهَانِ "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: 2يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ في الخلاصة2 و3المغني4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ7 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ3. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا. مَسْأَلَةٌ - 4: قَوْلُهُ: "وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا أُخِذَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَقَبَضَهُ اسْتَقَرَّ فَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَمْرٌ خَلًّا وَطَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ أَمْ لَا وجهان" انتهى:
وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بنصف مثله احْتِمَالَانِ "م 5". وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ وَجَبَ حِصَّةُ "م 6" مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُ كَيْلٌ وَوَزْنٌ بِهِ، وَفِي مَعْدُودٍ قِيلَ بِعَدِّهِ، وَقِيلَ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَلَهَا مَهْرُ المثل، وعنه: لا شيء لَهَا فِي خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مِنْ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ مَهْرًا قَبَضَتْهُ، كَذَا في الروضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما يَرْجِعُ بِذَلِكَ1. قُلْت: الصَّوَابُ رُجُوعُهُ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فِي الْحَالَيْنِ أَعْنِي حَالَةَ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ وَحَالَةَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْجَمِيعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: "وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ". قُلْت: الصَّوَابُ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ، وَتَقَدَّمَ لَهُ نظيرها في الغصب وغيره. مسألة - 6: قوله: "ولو قبضت بعضه وجب حصة ما بقي من مهر المثل وتعتبر الحصة فيما يدخل كيل ووزن به، وفي معدود قيل بعده، وقيل بقيمته عندهم". انتهى. أحدهما: يعتبر قدر الحصة فيما يدخله العد بعده، وهو الصحيح، قطع به ابن عبدوس في تذكرته، وقدمه في المحرر والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. والوجه الثاني: يعتبر بقيمته2 عند أهله، قال الشيخ الموفق وتبعه الشارح: ولو
فصل وإن أسلم الزوجان معا،
فصل وَإِنْ أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا، وَقِيلَ: أَوْ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ، بَقِيَ نِكَاحُهُمَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرُ الْكِتَابِيَّيْنِ قبل الدخول ـــــــــــــــــــــــــــــQأَصْدَقَهَا عَشْرَ زِقَاقِ خَمْرٍ مُتَسَاوِيَةً فَقَبَضَتْ بَعْضَهَا وَجَبَ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً اُعْتُبِرَ ذَلِكَ بِالْكَيْلِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَالثَّانِي يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا، فَإِنْ أَصْدَقَهَا عَشْرَ خَنَازِيرَ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِهَا، وَالثَّانِي يُعْتَبَرُ بِقِيمَتِهَا1. وَإِنْ أَصْدَقَهَا كَلْبًا وَخِنْزِيرَيْنِ وَثَلَاثَ زِقَاقٍ خَمْرٍ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا يُقَسَّمُ عَلَى قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ، وَالثَّانِي يُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الْأَجْنَاسِ فَيُجْعَلُ لِكُلِّ جُزْءٍ ثُلُثُ الْمَهْرِ، وَالثَّالِثُ يُقَسَّمُ عَلَى الْعَدَدِ كُلِّهِ فَيُجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سدس المهر. انتهى. تَنْبِيهٌ: قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا لَا مَهْرَ لَهَا فِيمَا إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ 2وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ2 وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: هُوَ اخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ: الْخِرَقِيُّ وَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرِهِمْ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَذْهَبُ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وتجريد العناية.
انْفَسَخَ، وَلَا مَهْرَ، وَعَنْهُ: لَهَا نِصْفُهُ، وَعَنْهُ: إنْ سَبَقَهَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، فَلَوْ ادَّعَتْ سَبَقَهُ فَعَكْسُهُ قُبِلَ قَوْلُهَا. وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْنَا مَعًا فلا فسخ فعكسه1 فَوَجْهَانِ "م 7" وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَجَهِلَ فَلَهَا نصفه، وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ 2لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ2 لَمْ تطالبه، ومع قبضها لا يرجع به. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: تَفَرُّعًا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ: "فَلَوْ ادعت سبقه فعكسه قبل قولها، وإن قال أسلمنا معا فلا فسخ فعكسه1 فوجهان". انتهى. وأطلقهما في الفصول وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، فَظَاهِرُ الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ4 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْجَامِعِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابن رزين وغيرهم.
فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَفَ الْأَمْرُ على1 فَرَاغِ الْعِدَّةِ. فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِيهَا بَقِيَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسْخَهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ، وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ فِي الْحَالِ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ بَقَاءَ نِكَاحِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تَنْكِحْ غَيْرَهُ، وَالْأَمْرُ إلَيْهَا، وَلَا حُكْمَ لَهُ عَلَيْهَا، وَلَا حَقَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَسْتَفْصِلْ، وَهُوَ مَصْلَحَةٌ مَحْضَةٌ، وَكَذَا عِنْدَهُ إنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا، وَأَنَّهَا مَتَى أَسْلَمَتْ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الْعِدَّةِ فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ اخْتَارَ. وَقَالَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا: إنَّمَا نزل تحريم المسلمة على الكافر بعد ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الوجيز، وهو الصواب.
صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَلَمَّا نَزَلَ التَّحْرِيمُ أَسْلَمَ أَبُو الْعَاصِ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ زَيْنَبُ1، وَلَا ذِكْرَ للعدة فِي حَدِيثٍ، وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَكَذَا أَيْضًا لَمْ يُنَجِّزْ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْفُرْقَةَ فِي حَدِيثٍ، وَلَا جَدَّدَ نِكَاحًا وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي يَهُودِيٍّ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، قِيلَ لَهُ: لَمْ يَكُنْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فَاعْتَزَلَتْهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ أَتُزَوَّجُ؟ قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافٌ. فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَطِئَ وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِيهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا. وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: بَلَى إنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ فِيهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي السَّابِقِ، وَقِيلَ: قَوْلُهُ، كَاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهَا بَعْدَهُ فَقَالَتْ فِيهَا فَقَالَ بَعْدَهَا. وَلَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ، وَإِلَّا فَسَدَ، فَفِي الْحَدِّ إذًا وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، كَهُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحٍ فلاعن ثم بان فساده "م 8 و 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 8، 9: قَوْلُهُ: "وَلَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ صَحَّ لِعَانُهُ، وَإِلَّا فَسَدَ، فَفِي الْحَدِّ إذًا وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، كَهُمَا فِيمَنْ ظَنَّ صِحَّةَ نِكَاحٍ، فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 8: إذَا لَاعَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ فَسَدَ، وَهَلْ يُحَدُّ إذًا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُحَدُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِّعَانِ، وَلَكِنْ مَنَعَ مَانِعٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثاني: يحد.
وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا. وَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ، وَالْمَهْرُ يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا، وَيَتَنَصَّفُ بِرِدَّتِهِ، وَفِيهِ بِرِدَّتِهِمَا مَعًا وَجْهَانِ "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَا كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ ثُمَّ لَاعَنَ وَلَمْ يُسْلِمْ، وَأَمَّا إذَا لَاعَنَ وَهُمَا كَافِرَانِ فَإِنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ1 وَقَالَ "اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ". الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 9: إذَا ظَنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ فَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ، فَهَلْ يَصِحُّ لِعَانُهُ فَلَا يُحَدُّ؟ أَمْ لَا يَصِحُّ فَيُحَدُّ؟ أَطْلَقَ الخلاف: أَحَدُهُمَا: لَا يُحَدُّ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ بِصِحَّةِ اللِّعَانِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَعَلَى هَذَا لَا يُحَدُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحَدُّ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ لَوْ قَذَفَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يُحَدُّ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَسَادَ النِّكَاحِ ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ اللِّعَانِ، وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ أَعَمُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِلْمِ بِالْفَسَادِ قَبْلَ اللِّعَانِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ فِي الِارْتِدَادِ: "وَالْمَهْرُ يَسْقُطُ بِرِدَّتِهَا وَيَتَنَصَّفُ بِرِدَّتِهِ، وَفِيهِ بِرِدَّتِهِمَا مَعًا وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَطَعَ به في الوجيز وصححه
وَهَلْ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ تَقِفُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 11" وَاخْتَارَ شيخنا كَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ وَقَفَتْ سَقَطَتْ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ بِرِدَّتِهَا. وَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَ وَلَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ، فَفِي الْمَهْرِ وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ خِلَافٌ فِي الانتصار "م 12". ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ: الْأَظْهَرُ التَّنْصِيفُ. مَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَهَلْ تَتَنَجَّزُ الْفُرْقَةُ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ تَقِفُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 وَالْهَادِي وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيرهم: أَحَدُهُمَا: تَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَنَصَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَشَارِحِ الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّبْدَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ -12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ وَطِئَهَا أَوْ طَلَّقَ وَلَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ فَفِي الْمَهْرِ وَوُقُوعِ طَلَاقِهِ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ". انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْمَهْرِ، وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَقَدْ قَطَعَ الشيخ الموفق
وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَوْ تَمَجَّسَ كِتَابِيٌّ تَحْتَهُ كِتَابِيَّةٌ، فَكَالرِّدَّةِ. وَإِنْ تَمَجَّسَتْ دُونَهُ فَوَجْهَانِ "م 13". وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ مُسْلِمًا أَوْ مسلمة والآخر بدار الحرب لم ينفسخ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا بِوُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يُسْلِمَا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ. مَسْأَلَةٌ – 13: قَوْلُهُ: "وَإِنْ انْتَقَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أو تمجس كتابي تحته كتابية، فكالردة، وإن تَمَجَّسَتْ دُونَهُ فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ والرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم: أَحَدُهُمَا: هُوَ1 كَالرِّدَّةِ أَيْضًا، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: النِّكَاحُ بِحَالِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3. قُلْت: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ نِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ لِلْكِتَابِيِّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النِّكَاحُ بِحَالِهِ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْكِتَابِيَّةَ إذَا تَمَجَّسَتْ لَا تُقَرُّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ كَالرِّدَّةِ، وَهُوَ الصواب.
فصل وإن أسلم وتحته امرأة وأختها ونحوها فأسلمتا معه اختار واحدة
فصل وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ امْرَأَةٌ وَأُخْتُهَا وَنَحْوُهَا فَأَسْلَمَتَا مَعَهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً: وَإِنْ كَانَتَا أُمًّا وَبِنْتًا حُرِّمَتْ الْأُمُّ أَبَدًا، وَالْبِنْتُ إنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا، والمهر للأم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَإِنْ أَسْلَمَ وَقَدْ نَكَحَ فَوْقَ أَرْبَعٍ مُطْلَقًا فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَمْسَكَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ بَقِيَّتَهُنَّ، 1وَلَوْ مُتْنَ أَوْ الْبَعْضُ، وَفِي حَالِ إحْرَامِهِ وَجْهَانِ "م 14" لِلْخَبَرِ "أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ"2 1 وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى مَنْ يُحِبُّهَا فَيُفْضِي إلَى تَنْفِيرِهِ، وَيَكْفِي نَحْوُ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ تَرَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ اخْتَرْتُ هَذِهِ لِلْفَسْخِ، وَلَوْ أَسْقَطَ " اخْتَرْتُ " فَظَاهِرُ كَلَامِ بعضهم يلزمه فراق بقيتهن "وم" والمهر لمن انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ، قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ، وَعِدَّةُ الْمَتْرُوكَاتِ مُنْذُ اخْتَارَ. وَقِيلَ: مُنْذُ أَسْلَمَ، فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ أُجْبِرَ بِحَبْسٍ ثُمَّ تَعْزِيرٍ، قَالَ الشَّيْخُ: كَإِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَهُنَّ النَّفَقَةُ حَتَّى يَخْتَارَ. فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً فَقَدْ اخْتَارَهَا، فِي الْأَصَحِّ، كَوَطْئِهَا، وَفِيهِ وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ كَرَجْعَةٍ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ لَفْظَ الْفِرَاقِ هُنَا لَيْسَ طَلَاقًا وَلَا اخْتِيَارًا، لِلْخَبَرِ3، فَإِنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا كَانَ طَلَاقًا وَاخْتِيَارًا. وَإِنْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى فَوَجْهَانِ "م 15" فَإِنْ طلق الكل ثلاثا تعين أربع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -14: قَوْلُهُ: "أَمْسِكْ أَرْبَعًا ... وَفِي حَالِ إحْرَامِهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ الِاخْتِيَارُ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. مَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ظَاهَرَ أَوْ آلَى فَوَجْهَانِ". انتهى. وأطلقهما في الهداية
بِالْقُرْعَةِ، وَلَهُ نِكَاحُ الْبَقِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا قُرْعَةَ، ويحرمن إلا بعد زوج. وَإِنْ وَطِئَ الْكُلَّ1 تَعَيَّنَ الْأُوَلُ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ فَقِيلَ: يَلْزَمُ الْكُلَّ عِدَّةُ وَفَاةٍ، وَقِيلَ: الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ "م 16" وترثه أربع بقرعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهُرُ الْوَجْهَيْنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَالْجَامِعِ وَابْنُ عَقِيلٍ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ اخْتِيَارًا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي4، قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَمُخْتَارَةٌ. وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَطَلَاقُهُ وَوَطْؤُهُ اخْتِيَارٌ لِإِظْهَارِهِ وَإِيلَاؤُهُ، فِي وجه. مَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ: "وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ فَقِيلَ يَلْزَمُ الْكُلَّ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَقِيلَ الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ:
وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَلَسْنَ كِتَابِيَّاتٍ مَلَكَ إمْسَاكًا وفسخا في مسلمة خاصة. وله تعجيل الإمساك مُطْلَقًا، وَتَأْخِيرُهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَعِدَّتُهُنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فَقِيلَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ: مُنْذُ اخْتَارَ "م 17" وَيَلْزَمُ نِكَاحُ أَرْبَعٍ فأقل مسلمات بفراغ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا، عَلَى الْجَمِيعِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُنَّ الْأَطْوَلُ مِنْهَا أَوْ عِدَّةُ طَلَاقٍ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ1، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ وَالْأَوْلَى وَقَالَ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ ضَعِيفٌ جِدًّا، بَلْ لَوْ قِيلَ: إنَّهُ خَطَأٌ، لَاتَّجَهَ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ. مَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ وَلَسْنَ كِتَابِيَّاتٍ مَلَكَ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مسلمة خاصة وله تعجيل الإمساك مطلقا وتأخيره حتى تنقضي عدة البقية أو يسلمن،
عِدَّةِ الْبَقِيَّةِ، وَلَا يَصِحُّ فَسْخُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لم يتقدمها1 إسلام أربع، وقيل: يوقف. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ وَقَدْ اخْتَارَ أَرْبَعًا فَعِدَّتُهُنَّ مُنْذُ أَسْلَمَ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: مُنْذُ اخْتَارَ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا، حُكْمُهُنَّ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُسْلِمْنَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّبْدَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَعْتَدِدْنَ مُنْذُ اخْتَارَ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أولى.
فصل وإن أسلم وتحته إماء فأسلمن معه أو في العدة مطلقا اختار إن جاز له نكاحهن وقت اجتماع إسلامه بإسلامهن،
فصل وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مُطْلَقًا اخْتَارَ إنْ جَازَ لَهُ نِكَاحُهُنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ بِإِسْلَامِهِنَّ، وَإِلَّا فَسَدَ، وَإِنْ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ اُعْتُبِرَ عَدَمُ الطَّوْلِ، وَخَوْفُ العنت وقت إسلامه، قاله في الترغيب، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُنَّ بَعْدَهُ ثُمَّ عَتَقَتْ وَأَسْلَمَ الْبَقِيَّةُ اخْتَارَ مِنْ الْكُلِّ، وَإِنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ وَلَوْ بَعْدَهُنَّ وَقِيلَ: بَلْ قَبْلَهُنَّ، وَهِيَ تُعِفُّهُ تَعَيَّنَتْ، كَحُرَّةٍ تَحْتَهُ تُعِفُّهُ وَإِمَاءٌ فَأَسْلَمَتْ مُطْلَقًا فَسَدَ نِكَاحُ غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُعْتَقْنَ ثُمَّ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ فَكَالْحَرَائِرِ. وَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدٌ تَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ اخْتَارَ ثِنْتَيْنِ، وَكَذَا إنْ عَتَقَ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ، أَوْ أسلمن ثم عتق ثم أسلم، لزمه نِكَاحُ أَرْبَعٍ؛ لِثُبُوتِ خِيَارِهِ حُرًّا. وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ فَأَسْلَمَتَا فهل تتعين الأوليان؟ فيه وجهان "م 18". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ" يَعْنِي: الْعَبْدَ "فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ فَأَسْلَمَتَا فَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ الْأَرْبَعِ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 فَإِنَّهُمَا قَالَا: اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَتَعَيَّنَانِ. فَهَذِهِ ثمان عشرة مسألة في هذا الباب.
باب الصداق
باب الصداق مدخل ... باب الصداق تُسْتَحَبُّ تَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ، وَكَرِهَ فِي التَّبْصِرَةِ تَرْكَهَا. وَيُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُ وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى مُهُورِ أَزْوَاجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبَنَاتِهِ عَنْ أربعمائة إلى خمس مائة1 وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يُزَادُ عَلَى مَهْرِ بناته أربع مائة2. وَكُلُّ مَا صَحَّ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً صَحَّ مَهْرًا وَإِنْ قَلَّ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلِنِصْفِهِ قِيمَةٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَهُ أَوْسَطُ النُّقُودِ ثُمَّ أَدْنَاهَا. وَفِي مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ، وَقِيلَ: وَمَنْفَعَةُ حر – ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
روايتان "م 1" وفي المذهب والتبصرة والترغيب الروايتان في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 1: قَوْلُهُ: "وَفِي مَنْفَعَتِهِ الْمَعْلُومَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً ... رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَفُصُولِهِ، وَصَاحِبُ الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، وَقَدْ لَاحَ لَك بِهَذَا أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ شَيْئًا، وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ الصحة.
مَنْفَعَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، ثُمَّ ذَكَرُوا عَنْ أَبِي بَكْرٍ يَصِحُّ فِي خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ كَبِنَاءِ الْحَائِطِ لَا خِدْمَتِهَا فِيمَا شَاءَتْ شَهْرًا. وَلَا يَضُرُّ جَهْلٌ يَسِيرٌ أَوْ غَرَرٌ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي الْأَصَحِّ. فَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شِرَائِهِ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ صَحَّ، فِي الْمَنْصُوصِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ شِرَاؤُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَهَا قِيمَتُهُ، وَكَذَا عَلَى دَيْنٍ سُلِّمَ وَغَيْرِهِ، وَمَعْدُومٍ لَهُ كَآبِقٍ وَمَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَقَصِيدَةٍ لَا يُحْسِنُهَا يَتَعَلَّمُهَا ثُمَّ يُعَلِّمُهَا، وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ، كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ وَرَدِّ عَبْدِهَا أَيْنَ كَانَ وَخِدْمَتِهَا سَنَةً فِيمَا شَاءَتْ وَمَا يثمر شجره ونحوه ومتاع بيته. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرُهُمْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَنَافِعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَأَطْلَقُوا الْمَنْفَعَةَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْعِلْمِ، وَإِنَّمَا قَيَّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ، ثُمَّ قَالُوا: وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ فِي خِدْمَةٍ مَعْلُومَةٍ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً، كَرَدِّ عَبْدِهَا الْآبِقِ أَوْ خِدْمَتِهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ أَرَادَتْ سَنَةً. فَقَيَّدَ الْمَنْفَعَةَ بِالْعِلْمِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَفِي مَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَقِيلَ الْمُقَدَّرَةُ، رِوَايَتَانِ وَقِيلَ: إنْ عَيَّنَّا الْعَمَلَ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. فَتُلَخَّصُ ثَلَاثُ طُرُقٍ، والمختار منها طريقة أبي بكر.
وَحُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدٍ وَهُمَا تَفْوِيضُ الْمَهْرِ، وَتَفْوِيضُ الْبُضْعِ تَزْوِيجُهُ مَنْ يُجْبِرُهَا أَوْ تَأْذَنُ لِوَلِيِّهَا فِي تَزْوِيجِهَا بِلَا مَهْرٍ أَوْ مُطْلَقًا بِلَا شَرْطٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حُكْمِهَا فَاشْتَطَّتْ عَلَيْهِ: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إذا أكثرت. وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ، كَدَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَأَطْلَقَ، وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ، كَمَوْصُوفٍ، وَكَمَا لَوْ عَيَّنَ ثُمَّ نَسِيَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ "م 2 و 3" فَلَهَا فِي الْمُطْلَقِ وَسَطُ رقيق البلد ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 2 و 3: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا أَوْ مِنْ عَبِيدِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالشَّيْخِ ... وَظَاهِرُ نَصِّهِ صِحَّتُهُ ... اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ". انْتَهَى. شَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 2: إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب والكافي1 والمقنع2 وغيرهم.
نَوْعًا وَقِيمَةً، كَالسِّنْدِيِّ بِالْعِرَاقِ؛ لِأَنَّ أَعْلَى1 الْعَبِيدِ التُّرْكِيُّ وَالرُّومِيُّ، وَالْأَدْنَى الزِّنْجِيُّ وَالْحَبَشِيُّ، وَالْأَوْسَطُ السِّنْدِيُّ والمنصوري، ولها واحد2 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ اخْتَارَهُ 3الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْجَامِعِ، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. وَنَصَرَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَاخْتَارَهُ3 ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 3: إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا أَصْدَقَهَا بِهِمَا مِنْ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ جَمَاعَةً قَالُوا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيهَا، وَجَمَاعَةً قَالُوا بِالصِّحَّةِ فِيهَا، وَجَمَاعَةً وَهُمْ الْأَكْثَرُ فَرَّقُوا فَقَالُوا: لَا يَصِحُّ فِي الْأُولَى وَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ إيهاما وجهالة، والله أعلم.
مِنْ عَبِيدِهِ بِالْقُرْعَةِ [نَقَلَهُ مُهَنَّا] وَعَنْهُ: وَسَطُهُمْ، وَقِيلَ: مَا اخْتَارَتْ، وَقِيلَ: هُوَ كَنَذْرِهِ عِتْقَ أَحَدِهِمْ، ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ الصِّحَّةَ فِي عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ. وَفِي لُزُومِهَا قِيمَةَ الْوَسَطِ إنْ صَحَّ أَوْ الْمَوْصُوفَ وَجْهَانِ "م 4". وَثَوْبٌ مَرْوِيٌّ1 وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ، لَا ثَوْبَ مُطْلَقٍ؛ لِأَنَّ أَعْلَى2 الْأَجْنَاسِ وَأَدْنَاهَا مِنْ الثِّيَابِ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَثَوْبٌ من ثيابه ونحوه، كعبد من ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 4: قوله: "وَفِي لُزُومِهَا قِيمَةَ الْوَسَطِ3 إنْ صَحَّ، أَوْ الموصوف وجهان" يعني: إذا أصدقها عبداً مطلقاً، أو من عبيده، وقلنا: يصح، ولها الْوَسَطِ3، أَوْ أَصْدَقَهَا مَوْصُوفًا وَجَاءَ بِقِيمَتِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ قِيمَةِ الْوَسَطِ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ " قَبُولِ " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهَا أَخْذُ الْقِيمَةِ فِيهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالنَّظْمِ، وَبِهِ قَطَعَ الشِّيرَازِيُّ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شرحه هذا المذهب. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
عبيده "م 5, 6" وَمَنَعَ فِي الْوَاضِحِ فِي غَيْرِ عَبْدٍ مُطْلَقٍ، وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي فَرَسٍ أَوْ ثَوْبٍ. وَقَالَ: كُلُّ مَا جَهِلَ دُونَ جَهَالَةِ مَهْرَ الْمِثْلِ صَحَّ. وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ: إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْسِ إبِلٍ أَوْ عَشْرٍ صَحَّ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا عِتْقَ أَمَتِهِ صَحَّ، 1لَا طَلَاقَ1 ضَرَّتِهَا، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، فَإِنْ فَاتَ فَمَهْرُهَا، وَقِيلَ: مَهْرُ مِثْلِهَا، وَكَذَا جَعْلُهُ إلَيْهَا سَنَةً، وَقِيلَ: يَسْقُطُ بِفَوْتِهِ. نَقَلَ مُهَنَّا: إنْ قَالَ أَتَزَوَّجُ بِك وَأُطَلِّقُ امْرَأَتِي فَطَلَّقَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَوْ قَالَ أَتَزَوَّجُك عَلَى طَلَاقِهَا وَهُوَ مَهْرُك: لَا يَجُوزُ هَذَا. وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ، أَوْ أَلْفًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا، فَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا، وَنَصُّهُ: يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى، وَكَذَا أَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا وَأَلْفَيْنِ بِهِ ونحوه "م 7 - 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 5، 6: قوله: "وثوب مروي2 وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مُطْلَقٍ ... وَثَوْبٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَنَحْوُهُ كَعَبْدٍ مِنْ عَبِيدِهِ". انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: مَسْأَلَةُ -5: ثوب مروي2. وَمَسْأَلَةُ -6: ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهِ. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَكَذَا يَكُونُ في المقيس، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 7 – 9: قَوْلُهُ "وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا، وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ، أَوْ أَلْفًا إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا، فَعَنْهُ: يَصِحُّ وَعَنْهُ: لَا، وَنَصُّهُ يَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى، وَكَذَا أَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ دَارِهَا، وَأَلْفَيْنِ بِهِ وَنَحْوُهُ". انْتَهَى. ذكر مسائل:
فصل وإن أصدقها تعليم قرآن لم يصح،
فصل وَإِنْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ قُرْآنٍ لَمْ يَصِحَّ، كَالْمَنْصُوصِ فِي كِتَابِيَّةٍ، وَفِيهَا فِي الْمُذْهَبِ يَصِحُّ بِقَصْدِهَا الِاهْتِدَاءَ بِهَا، وَعَنْهُ: بَلَى، ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 7: إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ كَانَ أَبُوهَا حَيًّا وَأَلْفَيْنِ مَعَ مَوْتِهِ فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ هَذَا أَوْلَى، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: بَطَلَ فِي الْمَشْهُورِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ، خَرَّجَهَا الْأَصْحَابُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 8: إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَأَلْفَيْنِ مَعَهَا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ1: هِيَ قِيَاسُ الَّتِي قَبْلَهَا، وَاخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ تَصِحَّ، عَلَى الْأَصَحِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهِيَ رِوَايَةٌ مخرجة، قال في الهداية والحاوي الصغير وَغَيْرِهِمَا: نَصَّ أَحْمَدُ فِي الْأُولَى عَلَى وُجُوبِ مهر المثل، وفي الثانية على صحة
الْأَظْهَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، فَتَعَيَّنَ، وَقِيلَ: وَالْقِرَاءَةُ، فَإِنْ تَعَلَّمَتْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ عَلَّمَهَا ثُمَّ سَقَطَ رَجَعَ بِالْأُجْرَةِ، مَعَ تَنْصِيفِهِ بِنِصْفِهَا. وَإِنْ طَلَّقَهَا وَلَمْ يُعَلِّمْهَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا يَلْزَمُهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ سَمَاعُهُ بِلَا حَاجَةٍ. وَفِي الْمُذْهَبِ أَصْلُهُ هَلْ صَوْتُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَعَنْهُ: يُعَلِّمُهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ عَلَّمَهَا وَقَالَتْ غَيْرَهُ قبل قولها، وقيل: قوله. وَفِي الْوَاضِحِ بَقِيَّةُ الْقُرَبِ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ تَخْرُجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا مِنْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ مُبَدَّلٌ مُحَرَّمٌ. وَإِنْ تَزَوَّجَ نِسَاءً بِأَلْفٍ صَحَّ، وَقَسَّمَ بِقَدْرِ مُهُورِ مِثْلِهِنَّ، وَقِيلَ: بِعَدَدِهِنَّ. وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً، كَقَوْلِهِ: بَيْنَهُنَّ، وَكَذَا الْخُلْعُ، وَقِيلَ: بِمُهُورِهِنَّ الْمُسَمَّاةِ، وَمَعَ فَسَادِ عَقْدِ بَعْضِهِنَّ فِيهِ الْخِلَافُ، وَقِيلَ: مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي التَّرْغِيبِ مع صحة العقود. ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّسْمِيَةِ، فَيَخْرُجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قَالَ أَصْحَابُنَا: تَخْرُجُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَ فِي الْبُلْغَةِ عَدَمَ التَّخْرِيجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْبُلْغَةِ وَحَمَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُلَّ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأُخْرَى، وَتَقَدَّمَ حُكْمُ التَّخْرِيجِ فِي الْخِطْبَةِ، وَتَلَخَّصَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الْفَرْقُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 9: إذَا أَصْدَقَهَا أَلْفَيْنِ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا وَأَلْفًا إنْ لَمْ يُخْرِجْهَا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الصحة والله أعلم. والرواية الثانية يصح.
وَإِنْ شَرَطَهُ مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلَهُ، صَحَّ1، وَمَحَلُّهُ الْفُرْقَةُ، وَعَنْهُ: حَالًّا، وَعَنْهُ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكُلُّ مَوْضِعٍ خَلَا الْعَقْدُ عَنْ ذِكْرِهِ حَتَّى بِتَفْوِيضِهَا بُضْعَهَا أَوْ مَهْرَهَا أَوْ فَسَدَتْ تَسْمِيَتُهُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعَنْهُ: يَجِبُ بِالْعَقْدِ بِشَرْطِ الدُّخُولِ، وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى مِثْلُ مَغْصُوبٍ أَوْ قِيمَتِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ بَاعَهُ رَبُّهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ، وَعَنْهُ: مِثْلُ خَمْرٍ خَلًّا، وَعَنْهُ: يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِتَسْمِيَةٍ مُحَرَّمَةٍ، كَخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ وَحُرٍّ يُعَلِّمَانِهِ، وَتَعَلُّمِ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَخَرَّجَ عَلَيْهَا فِي الْوَاضِحِ فَسَادَهُ بِتَفْوِيضٍ، كَبَيْعٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْإِيضَاحِ. وَقِيلَ: زَوَّجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَوْهُوبَةَ بِلَا مَهْرٍ2 إكْرَامًا لِلْقَارِئِ، كَتَزْوِيجِهِ أَبَا طَلْحَةَ عَلَى إسْلَامِهِ3، قَالَ الشَّيْخُ: وَنُقِلَ عَنْهُ جَوَازُهُ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ أَكْرَهُهُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُونَ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا، يَضَعُونَهُ عَلَى هَذَا، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْحَدِيثِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِمَا رَوَى ابْنُ مَنْصُورٍ أَقُولُ: وَإِنْ بَانَ حُرًّا صَحَّ، وَلَهَا قِيمَتُهُ. وكذا إن بان أحدهما، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: قِيمَتُهُمَا، وَإِنْ بَانَ نِصْفُهُ مُسْتَحَقًّا أَوْ أَصْدَقَهَا أَلْفَ ذِرَاعٍ فَبَانَ تِسْعُمِائَةٍ خُيِّرَتْ بَيْنَ أَخْذِهِ وَقِيمَةِ الْفَائِتِ وَبَيْنَ قِيمَةِ الْكُلِّ. وَإِنْ بَانَ خَمْرًا فَمِثْلُهُ، وَقِيلَ: قِيمَتُهُ، وَقَدَّمَ فِي الْإِيضَاحِ: مَهْرَ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لَا يَلْزَمُهُ فِيهِنَّ، وَكَذَا قَالَ فِي مَهْرٍ مُعَيَّنٍ تَعَذَّرَ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهِ، وَأَنَّ الْكُلَّ قَالُوا: لَهَا بَدَلُهُ، وَقَالَ: إنْ لَمْ يَحْصُلُ لَهَا مَا أَصَدَقَتْهُ لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ لَازِمًا، وَإِنْ أُعْطِيت بَدَلَهُ، كَالْبَيْعِ، وَأَوْلَى، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَا أَلْزَمَ بِهِ الشَّارِعُ أَوْ الْتَزَمَهُ، وَقَالَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ: هَذَا ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ، فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِامْتِنَاعِ الْعَقْدِ بِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَمْلِكَ الْمَرْأَةُ الْفَسْخَ، فَإِنَّهَا لَمْ تَرْضَ وَلَمْ تُبِحْ فَرْجَهَا إلَّا بِهَذَا، وَهُمْ يَقُولُونَ: الْمَهْرُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ أَصْلِيٍّ فَيُقَالُ: كُلُّ شَرْطٍ فَهُوَ مَقْصُودٌ، وَالْمَهْرُ أَوْكَدُ مِنْ الثَّمَنِ، لَكِنْ الزَّوْجَانِ مَعْقُودٌ عَلَيْهِمَا، وَهُمَا عَاقِدَانِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُمَا عَاقِدَانِ غَيْرُ مَعْقُودٍ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا يَقْتَضِي إذَا فَاتَ فَالْمَرْأَةُ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْمُطَالَبَةِ بِالْبَدَلِ، كَالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ، لَكِنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ وَهُمَا الزَّوْجَانِ بَاقِيَانِ، فَالْفَائِتُ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَالْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِطُ بُطْلَانَهُ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا إنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ. وَأَمَّا إلْزَامُهُ بِعَقْدٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا أَلْزَمَهُ الشَّارِعُ أَنْ يَعْقِدَهُ فَمُخَالِفٌ لِأُصُولِ الشَّرْعِ وَالْعَدْلِ. وَإِنْ بَانَ الْمَهْرُ الْمُعَيَّنُ بِالْعَقْدِ أَوْ عِوَضُ الْخُلْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُنَجَّزُ مَعِيبًا أَوْ نَاقِصًا صِفَةً شُرِطَتْ فِيهِ فَكَمَبِيعٍ، وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ الْوَاجِبُ إبْدَالُهُ. وَإِنْ أَصْدَقَهَا مِائَةً لَهَا وَمِائَةً لِأَبٍ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ أَوْ شَرَطَ1 لَهُ صَحَّتْ2 التَّسْمِيَةُ، فَإِنْ تَنَصَّفَ بَعْدَ قَبْضِهِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ، وَقِيلَ: إلَّا فِي شَرْطِ جَمِيعِهِ لَهُ، وَكَذَا بَيْعُهُ سِلْعَتَهَا بِمِائَةٍ وَلَهُ مِائَةٌ، وَلَوْ شَرَطَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْأَبِ فَكُلُّ الْمُسَمَّى لَهَا، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي الْأَبِ رِوَايَةٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ زَوَّجَ بِنْتَهُ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا صَحَّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يُتَمَّمُ، كَبَيْعِهِ بَعْضَ مَالِهَا بِدُونِ ثَمَنِهِ لِسُلْطَانٍ يَظُنُّ بِهِ حِفْظَ الْبَاقِي، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَقِيلَ: لِثَيِّبٍ كَبِيرَةٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إلَّا أَنْ تَرْضَى بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ قَبْلَ لُزُومِ الْعَقْدِ. وَإِنْ زَوَّجَهَا بِهِ وَلِيُّ غَيْرِهِ بِإِذْنِهَا صَحَّ، وَلَا يَنْقُضُهُ أَحَدٌ، وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ، وَنَصُّهُ: الولي،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: تَتِمَّتُهُ عَلَيْهِ كَمَنْ زَوَّجَ بِدُونِ مَا عينته لَهُ، وَيُتَوَجَّهُ كَخُلْعٍ. وَفِي الْكَافِي1: لِلْأَبِ تَفْوِيضُهَا. وَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَزْيَدَ صَحَّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: مَعَ رِضَاهُ، وَمَعَ عُسْرَتِهِ لَا يَضْمَنُهُ أَبُوهُ عَنْهُ، كَثَمَنِ مَبِيعِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى؛ لِلْعُرْفِ، وَقِيلَ: الزِّيَادَةُ. وَفِي النَّوَادِرِ نَقَلَ صَالِحٌ كَالنَّفَقَةِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى ابْنٍ، كَذَا قَالَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: النَّفَقَةُ عَلَى الصَّغِيرِ فِي مَالِهِ، قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ؟ قَالَ: إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْهُ، وَالنَّفَقَةُ تَجِبُ مَعَ الْمَنْعِ مِنْ قِبَلِهِ لَا مِنْ قِبَلِهِمْ، وَإِنْ قِيلَ لِلْأَبِ: ابْنُك فَقِيرٌ مِنْ أَيْنَ يُؤْخَذُ الصَّدَاقُ؟ فَقَالَ الْأَبُ: عِنْدِي، لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ؟ يُتَوَجَّهُ خِلَافٌ سَبَقَ2، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ غَيْرُ الأب بدون مهر مثلها بغير إذنها: "وَبِدُونِ إذْنِهَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ تَتِمَّتُهُ، وَنَصُّهُ: الْوَلِيُّ وَعَنْهُ: تَتِمَّتُهُ عَلَيْهِ". انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ النَّصَّ هُوَ عَنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَهُ، فَيَحْصُلُ التَّكْرَارُ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ قَوْلَهُ "وَنَصُّهُ الْوَلِيُّ" إنَّمَا هُوَ: وَيَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ، وَحَصَلَ فِيهِ تَصْحِيفٌ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَيَنْتَفِي التَّكْرَارُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كَقَوْلِهِ أَعْطِ هَذَا، وَلَمْ يَقُلْ: عَنِّي، وَلِلْأَبِ قَبْضُ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا، وَعَنْهُ: وَالْبِكْرُ الرَّشِيدَةُ، زَادَ فِي الْمُحَرَّرِ: مَا لَمْ تَمْنَعْهُ، فَعَلَيْهَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِقَبْضِهِ، وَتَرْجِعُ عَلَى أَبِيهَا بما بقي لا بما أنفق. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَعَلَى الْمَذْهَبِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ التَّتِمَّةُ وَيَكُونُ الْوَلِيُّ ضَامِنًا لَهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَصْرٍ اللَّهِ: لَوْ قَالَ: "وَيَضْمَنُهَا" زَالَ الْإِيهَامُ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ التَّتِمَّةُ وَلَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ منها شيء.
فصل من تزوج سرا بمهر وعلانية بغيره أخذ بأزيدهما
فصل مَنْ تَزَوَّجَ سِرًّا بِمَهْرٍ وَعَلَانِيَةً بِغَيْرِهِ أَخَذَ بِأَزْيَدِهِمَا، وَقِيلَ: بِأَوَّلِهِمَا. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ: يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ نَصَّ أَحْمَدُ مُطْلَقًا، نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: يُؤْخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ فِي بَيْعِ مِثْلِهِ. فَإِنْ قَالَ: عَقْدٌ وَاحِدٌ تَكَرَّرَ، وَقَالَتْ: عَقْدَانِ بينهما فرقة، أخذ بقولها ولها المهران. وإن اتفقا قبل العقد على مهر أخذ بِمَا عَقَدَ بِهِ، فِي الْأَصَحِّ، كَعَقْدِهِ هَزْلًا وَتَلْجِئَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ "م 10" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: " قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّفَقَا قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مهر أخذ بما عقد به في الأصح، كَعَقْدِهِ هَزْلًا وَتَلْجِئَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْبَيْعِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا اتَّفَقَا قَبْلَ عَقْدِ
وَتُلْحَقُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْأَصَحِّ فيما يقرره وَيُنَصِّفُهُ، وَخَرَجَ سُقُوطُهُ بِمَا يُنَصِّفُهُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ لِمُفَوِّضَةِ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ فَرْضِهِ، وَتَمْلِكُ الزِّيَادَةَ مِنْ حِينِهَا، نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي أَمَةٍ عَتَقَتْ فَزِيدَ1 فِي مَهْرِهَا، وَجَعَلَهَا الْقَاضِي لِمَنْ الْأَصْلُ لَهُ. وَلَيْسَتْ هَدِيَّتُهُ مِنْ الْمَهْرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقَدْ وَعَدَ بِهِ فَزَوَّجُوا غَيْرَهُ رَجَعَ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: مَا قُبِضَ بِسَبَبِ نِكَاحٍ فَكَمَهْرٍ، وَقَالَ فِيمَا كُتِبَ فِيهِ الْمَهْرُ: لَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِطَلَاقِهَا. وَإِنْ تَزَوَّجَ عَبْدٌ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ صَحَّ، وَلَهُ نِكَاحُ أَمَةٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ حُرَّةٍ جَازَ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَحْمَدَ، وَمَتَى أَذِنَ لَهُ وَأَطْلَقَ نَكَحَ وَاحِدَةً فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهَلْ زِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ؟ فِيهِ الروايتان ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبَيْعِ عَلَى ثَمَنٍ ثُمَّ عَقَدَاهُ عَلَى بَيْعِهِ، فَهَلْ الِاعْتِبَارُ بِمَا عَقَدَ بِهِ أَوْ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: الثَّمَنُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَطَعَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَقَدْ قَالَ: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وَحَكَاهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ عَنْ الْقَاضِي، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ كَالنِّكَاحِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي النِّكَاحِ أَنَّهَا تَفِي بِمَا وَعَدَتْ بِهِ وَشَرَطَتْهُ مِنْ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلا مهر السر، حَتَّى قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ: يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ، قُلْت: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي نِكَاحِ الْعَبْدِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ: "وَهَلْ زِيَادَتُهُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ في رقبته أو
وَفِي تَنَاوُلِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ "م 11" وَيَتَعَلَّقُ الْمَهْرُ بِسَيِّدِهِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ، وَعَنْهُ: بِهِمَا، وَعَنْهُ: بِذِمَّتَيْهِمَا، وَعَنْهُ: بِكَسْبِهِ، وَمِثْلُهُ النَّفَقَةُ، وَبِدُونِ إذْنِهِ بَاطِلٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقَالَ الْأَصْحَابُ: كَفُضُولِيٍّ، وَنَقَلَهُ1 حَنْبَلٌ، وَإِنْ وَطِئَ فِيهِ فَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفِي رَقَبَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: فِي ذِمَّتِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَقِيلَ: خُمُسَاهُ، وَعَنْهُ: الْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: خُمُسَاهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ2، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: تُعْطَى شَيْئًا، قُلْت: تَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عُثْمَانَ؟ قَالَ: أَذْهَبُ إلَى أَنْ تُعْطَى شَيْئًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ الْقِيَاسُ. وَيَفْدِيهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَهْرٍ وَاجِبٍ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا مَهْرَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاهِرِ، يُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ3، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُحَرَّرِ: إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذِمَّتِهِ؛ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ". انْتَهَى. يَعْنِي بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعَبْدِ فِي آخِرِ الْحِجَّةِ فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَقَدْ حَرَّرَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ، فَلْيُعَاوَدْ، وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: هُمَا اللَّتَانِ فِي أَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَلَيْسَ بِالْبَيِّنِ وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى. مَسْأَلَةٌ- 11: قَوْلُهُ: "وَفِي تَنَاوُلِ نِكَاحِ الْفَاسِدِ احْتِمَالَانِ" انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أنه لا يتناول ذلك، والله أعلم.
عَلِمَا: التَّحْرِيمَ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: أَوْ عَلِمَتْهُ هِيَ، وَالْإِخْلَالُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ سَهْوٌ. وَإِنْ زَوَّجَهُ بِأَمَتِهِ فَنَقَلَ سِنْدِيٌّ يَتْبَعُهُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَجِبُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَيَسْقُطُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ "م 12". وَإِنْ زَوَّجَهُ بِحُرَّةٍ ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهَا فَعَلَى حُكْمِ مُقَاصَّةِ الدَّيْنَيْنِ، وَإِنْ تَعَلَّقَ1 بِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ مَهْرُهَا إلَى ثَمَنِهِ، كَشِرَاءِ غَرِيمٍ عَبْدًا مدينا، وإن تعلق بِذِمَّتَيْهِمَا سَقَطَ الْمَهْرُ: لِمِلْكِهَا الْعَبْدَ، وَالسَّيِّدُ تَبَعٌ لَهُ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنُهُ، وَيَبْقَى الثَّمَنُ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، بِنَاءً عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ فَفِي سقوطه وجهان "م 13" والنصف قبل الدخول ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 12: قَوْلُهُ: "وَإِنْ زَوَّجَهُ بِأَمَتِهِ فَنَقَلَ سِنْدِيٌّ يَتْبَعُهُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ لَا يَجِبُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَيَسْقُطُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ". انْتَهَى. مَا نَقَلَهُ سِنْدِيٌّ هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَجِبُ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يَجِبُ وَيَسْقُطُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ- 13: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا زَوَّجَهُ بِحُرَّةٍ ثُمَّ بَاعَهُ لَهَا بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهَا: وَإِنْ تَعَلَّقَ
كَالْجَمِيعِ إنْ لَمْ يَسْقُطْ، فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ بَاعَهُ لَهَا بِمَهْرِهَا صَحَّ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِجَوَازِ كَوْنِهِ ثَمَنًا لِغَيْرِ هَذَا الْعَبْدِ، وَفِي رُجُوعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ الرِّوَايَتَانِ. وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ، وَمِنْ سُقُوطِ الْمَهْرِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُهُ، وَاخْتَارَ وَلَدُ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ1: إنْ تعلق بِرَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ وَسَقَطَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمِلْكٍ طَارِئٍ بَرِئَتْ ذِمَّةُ سَيِّدٍ، فَيُلْزَمُ الدُّورَ، فَيَكُونُ فِي الصِّحَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ الرِّوَايَتَانِ قَبْلَهُ، وإن جعله مهرها، ـــــــــــــــــــــــــــــQبِرَقَبَتِهِ تَحَوَّلَ مَهْرُهَا إلَى ثَمَنِهِ ... وَإِنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتَيْهِمَا سَقَطَ الْمَهْرُ ... وَقِيلَ: لَا يَسْقُطُ، بِنَاءً عَلَى مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَكَهُ، فَفِي سُقُوطِهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ أَنَّهُ يَسْقُطُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ؛ لِثُبُوتِهِ قَبْلَ أَنْ تَمْلِكَهُ، وَأَصْلُهُمَا مَنْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ مَلَّكَهُ هَلْ يَسْقُطُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. فَأَفْصَحَ أَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَهْرِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْعَبْدِ، وَأَنَّ الْمُقَدَّمَ فِيهِمَا السُّقُوطُ وَقَدَّمَ السُّقُوطَ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطُ. تَنْبِيهَاتٌ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: "إنْ بَاعَهُ لَهَا بِمَهْرِهَا صَحَّ.... وَفِي رُجُوعِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِهِ أَوْ بِجَمِيعِهِ الرِّوَايَتَانِ". انْتَهَى. مُرَادُهُ بِهِمَا اللَّتَانِ يَأْتِيَانِ قَرِيبًا2 فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا وَقَدْ أطلقهما أيضا، ويأتي تصحيحهما هناك
بَطَلَ الْعَقْدُ، كَمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ عَلَى رَقَبَةِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى الِابْنِ لَوْ مَلَكَهُ، إذْ نُقَدِّرُهُ لَهُ قَبْلَهَا، بِخِلَافِ إصْدَاقِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَنْفَسِخْ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، نَقَلَ مُهَنَّا: إذَا قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ عَلَى رَقَبَتِك فَهَذَا لَا يَكُونُ أَنْ يُزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهِ، وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَخَرَجَ بِالْعَبْدِ عَيْبٌ قَالَ: ترده والمهر على مولاه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وتملك المهر بالعقد
فصل وَتَمْلِكُ الْمَهْرَ بِالْعَقْدِ، وَعَنْهُ: نِصْفَهُ. وَتَقَدَّمَ الضَّمَانُ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْبَيْعِ، وَيَتَقَرَّرُ الْمُسَمَّى حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبِقَتْلِهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ. وَفِي الْوَجِيزِ يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ نَفْسَهُ أَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُمَا، فَظَاهِرُهُ لَا يَتَقَرَّرُ إنْ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ إنْ قَتَلَتْهُ، وَبِوَطْئِهِ فِي فَرْجٍ، وَالْأَصَحُّ أَوْ دُبُرٍ، لَا فَرْجَ مَيِّتَةٍ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ، وَبِالْخَلْوَةِ، وَعَنْهُ: أَوْ لَا اخْتَارَهُ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَتَقَرَّرُ إنْ لَمْ تَمْنَعْهُ وَعَلِمَ بِهَا، وَعَنْهُ: أو لا، وليس عندهما مميز مطلقا وقيل: مسلم1 وَهُوَ مِمَّنْ يَطَأُ مِثْلُهُ، بِمَنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا. وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا، وَالْمَنْصُوصُ وَلَوْ أَنَّهُ أَعْمَى؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَدْ قَدَّمَ أَصْحَابُنَا هُنَا الْعَادَةَ عَلَى الْأَصْلِ، فَكَذَا دَعْوَى إنْفَاقِهِ، فَإِنَّ الْعَادَةَ هُنَاكَ أَقْوَى، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَيُتَوَجَّهُ مِنْ نَصِّهِ هُنَا تَخْرِيجُ رِوَايَةٍ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إذَا ادَّعَى مَهْرًا تُخَالِفُهُ الْعَادَةُ، وَتَخْرُجُ رواية هنا من قبوله هناك مطلقا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ فِيمَا يُقَرِّرُ الْمَهْرَ: "وَبِالْخَلْوَةِ، وَعَنْهُ أَوْ لَا". انْتَهَى. صَوَابُهُ وَعَنْهُ لَا، وَزِيَادَةُ " أو قبل " لا " خطأ والله أعلم.
وَيُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَطْءِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: قَوْلُ مُنْكِرِهِ، كَعَدَمِهَا، قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ، فَلَا يَرْجِعُ هُوَ بِمَهْرٍ لَا يَدَّعِيهِ وَلَا لَهَا مَا لَا تَدَّعِيهِ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَالتَّسْلِيمُ بِالتَّسْلِيمِ1، وَلِهَذَا لَوْ دَخَلَتْ الْبَيْتَ فَخَرَجَ لَمْ يَكْمُلْ، قَالَهُ قُبَيْلَ الْمَسْأَلَةِ، وَفِيهَا يَسْتَقِرُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ، كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، وَفِي الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ الْخِلَافُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهَا بَقِيَّةُ حُكْمِ وَطْءٍ، وَقِيلَ كَمَدْخُولٍ بِهَا إلَّا فِي حِلِّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِحْصَانٍ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَغَيْرُهُ: هِيَ كَمَدْخُولٍ بِهَا، وَيُجْلَدَانِ إذَا زنيا. ولو اتفقنا أنه لم يطأ لَزِمَ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُقِرُّ بِمَا يَلْزَمُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي تَنْصِيفِهِ هُنَا رِوَايَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَانِعٌ، كَإِحْرَامٍ وَحَيْضٍ وَجَبٍّ ورتق ونضاوة2 تَقَرَّرَ، وَعَنْهُ: إنْ كَانَ بِهِ، وَعَنْهُ لَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَفِي الْعِدَّةِ وَالرَّجْعَةِ وَتَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ الْخِلَافُ". انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْخَلْوَةِ، هَلْ يُقَرَّرُ الْمَهْرُ كَامِلًا أَمْ لَا؟ وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهَا تُقَرِّرُهُ كَامِلًا. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَالْخِلَافُ الَّذِي فِي الْعِدَّةِ بِالْخَلْوَةِ يَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْعِدَّةِ3 وَقَدَّمَ أَنَّهَا عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي جَوَازِ الرَّجْعَةِ بَعْدَ الْخَلْوَةِ إذَا طَلَّقَهَا يَأْتِي فِي الرَّجْعَةِ4، وَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ رَجْعَتَهَا، فِي الْمَنْصُوصِ، وَالْخِلَافُ الَّذِي فِي تَحْرِيمِ الرَّبِيبَةِ إذَا خَلَا بِأُمِّهَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ في باب المحرمات في
وَيُقَرِّرُهُ لَمْسٌ وَنَحْوُهُ لِشَهْوَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَخَرَّجَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْمُصَاهَرَةِ، قَالَهُ الْقَاضِي مَعَ خَلْوَةٍ، وَقَالَ إنْ كَانَ عَادَتُهُ تَقَرَّرَ، وَعَنْهُ: وَنَظَرَ. فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ زَوْجٍ فَوَجْهَانِ "م 14" وَيَلْحَقُهُ نَسَبُهُ. وَيَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ بِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْهُ، كَخُلْعِهِ وَتَعْلِيقِ طَلَاقِهَا عَلَى فِعْلِهَا وَتَوْكِيلِهَا فِيهِ، وَيَسْقُطُ بِفَسْخِهِ لِعَيْبٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ حُرْمَةِ جَمْعٍ، وَبِكُلِّ فُرْقَةٍ مِنْهَا مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: يَتَنَصَّفُ بِفَسْخِهَا لِشَرْطٍ، فَيُتَوَجَّهُ فِي فَسْخِهَا لِعَيْبِهِ. وَفِي فُرْقَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ كَلِعَانِهِمَا؛ وَتَخْيِيرِهَا بِسُؤَالِهَا وشرائها لَهُ رِوَايَتَانِ "م 15 - 17" وَخَرَّجَ الْقَاضِي إنْ لَاعَنَهَا في مرضه فمنه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنِّكَاحِ1 وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ فليعاود. مَسْأَلَةٌ – 14: قَوْلُهُ فِيمَا يُقَرِّرُ الصَّدَاقَ كَامِلًا: "وَيُقَرِّرُهُ لَمْسٌ وَنَحْوُهُ لِشَهْوَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: وَنَظَرٌ فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ زَوْجٍ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُقَرِّرُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِشَهْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ وَالْمُصَاهَرَةُ، وَلَا تَثْبُتُ رَجْعَةٌ وَلَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَلَا يُقَرَّرُ الْمُسَمَّى. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يقرره، ويأتي نظيرتها في أول العدد2. مَسْأَلَةٌ - 15 – 17: قَوْلُهُ: "وَفِي فُرْقَةِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا و3من أَجْنَبِيٍّ كَلِعَانِهَا وَتَخْيِيرِهَا بِسُؤَالِهَا وَشِرَائِهَا لَهُ رِوَايَتَانِ" انتهى. ذكر مسائل:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 15: إذَا تَلَاعَنَا فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كَامِلًا أَوْ نِصْفُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُقْنِعِ3: وَفُرْقَةُ اللِّعَانِ تَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَنَصَّفُ بِهَا الْمَهْرُ، وَهُوَ قَوِيٌّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 16: تَخْيِيرُهَا بِسُؤَالِهَا، كَمَا لَوْ جَعَلَ لَهَا الْخِيَارَ فِي الطَّلَاقِ، بِأَنْ قَالَ لَهَا اخْتَارِي فَاخْتَارَتْ الطَّلَاقَ، فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ يَتَنَصَّفُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إحْدَاهُمَا: لَا مَهْرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَنَصَّفُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 17: إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا، وَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ، والحاوي الصغير في موضع، وغيرهم:
وَفِي شِرَائِهِ لَهَا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: مِنْ مُسْتَحِقِّ مهرها وتخالعهما وجهان "م 18 و 19". ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَتَنَصَّفُ بِهِ الْمَهْرُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ فِي أَحْكَامِ زَوَاجِ الْعَبْدِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ هُنَاكَ، قَالَ فِي الْقَوَاعِد: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ، وَهُوَ قوي. تنبيه: قوله: "في الْمُحَرَّرِ": مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا" مِثَالُ غَيْرِ مُسْتَحَقِّهِ, أن يشتريها ممن انتقلت إليه ببيع وهبة أو وصية, فإن البائع هُنَا لَا يَقُومُ مَقَامَهَا , فَلَا تَكُونُ الْفُرْقَةُ قَدْ جَاءَتْ مِنْ مُسْتَحِقِّ الْمَهْرِ , قَالَهُ الشَّيْخُ تقي الدين في "شرحه". مَسْأَلَةٌ- 18، 19: قَوْلُهُ: "وَفِي شِرَائِهِ لَهَا وَفِي الْمُحَرَّرِ مِنْ مُسْتَحِقِّ مَهْرِهَا وَتَخَالُعُهُمَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 18: إذَا اشْتَرَى الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَتَنَصَّفُ الْمَهْرُ أَوْ يَسْقُطُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَتَنَصَّفُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ.
وَمَنْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ ثُمَّ سَقَطَ أَوْ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِفَائِتِهِ، كَعَوْدِهِ إلَيْهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَتِهَا الْعَيْنَ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ، وَعَنْهُ: لَا؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْهِبَةِ لَا يَقْتَضِي ضَمَانًا، وَعَنْهُ: مَعَ الْإِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ مَا زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْإِبْرَاءِ أَيُّهُمَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ إذَا مَضَى أَحْوَالٌ، وَهُوَ دَيْنٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي1 عَلَى أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ، وَإِنْ وَهَبَتْهُ بَعْضَهُ ثُمَّ تَنَصَّفَ رَجَعَ بِنِصْفٍ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ، وَنِصْفِ الْمَوْهُوبِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهَا2 لَهُ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ، وَنِصْفُهُ الَّذِي لَمْ يَسْتَقِرَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأُولَى لا الثانية. وفي المنتخب: عليها ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْقُطُ كُلُّهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ إنْ طَلَبَ الزَّوْجُ الشِّرَاءَ فَلَهَا الْمُتْعَةُ، وَإِنْ طَلَبَهُ سيدها فلا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 19: إذَا تَخَالَعَا فَهَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ كُلُّهُ أَوْ يَتَنَصَّفُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ3، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَتَنَصَّفُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمَا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْقُطُ كله.
احْتِمَالٌ، وَلَوْ وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ فَظَهَرَ مُشْتَرٍ عَلَى عَيْبٍ فَهَلْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ فَلَهُ أَرْشُهُ أَمْ يُرَدُّ وَلَهُ ثَمَنُهُ؟ وَفِي التَّرْغِيبِ الْقِيمَةُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِأَدَاءِ الْمَهْرِ فَالرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ، وَقِيلَ: لَهُ. وَمِثْلُهُ أَدَاءُ ثَمَنٍ ثم يفسخ بعيب، ورجوع مكاتب أُبْرِئَ مِنْ كِتَابَتِهِ بِالْإِيتَاءِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِيهِ: لَا يَرْجِعُ. وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَيَحْلِفُ. وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ: يَتَحَالَفَانِ، وَعَنْهُ: قَوْلُ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَفِي الْيَمِينِ وَجْهَانِ "م 20". فلو ادعى دونه وادعت ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا وَهَبَ الثَّمَنَ لِمُشْتَرٍ وَظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ هَلْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ أَمْ لَا؟ "فِيهِ الْخِلَافُ"، يَعْنِي بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ له، فيما يظهر. مَسْأَلَةٌ – 20: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ قُبِلَ قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ..... وَعَنْهُ: قَوْلُ مُدَّعِي مَهْرِ الْمِثْلِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَفِي الْيَمِينِ1 وَجْهَانِ". انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْيَمِينَ2، فَيَخْرُجُ وُجُوبُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ4 وشرح ابن منجى إطلاق الخلاف أيضا:
فوقه، رد إليه. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ1 أَوْ وَصْفِهِ فَالرِّوَايَتَانِ لَكِنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ؛ لِئَلَّا يُمَلِّكَهَا مَا تُنْكِرُهُ، وَقِيلَ: إنْ قُبِلَ قَوْلُهَا فَمَا عَيَّنَتْهُ، وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ: إنْ عَيَّنَتْ أُمِّهَا وَعَيَّنَ أَبَاهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَ أَبُوهَا؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِمِلْكِهَا لَهُ، وَإِعْتَاقُهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ يَتَحَالَفَانِ، وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهَا أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا. وَفِي الْوَاضِحِ: يَتَحَالَفَانِ، كَبَيْعٍ، وَلَهَا الْأَقَلُّ مِمَّا ادَّعَتْهُ أو مهر ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَحْلِفُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ الْيَمِينُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَقَدَّمَهُ، ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي2: إذَا ادَّعَى أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ رُدَّ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا يَمِينًا، وَالْأَوْلَى أَنْ يَتَحَالَفَا فَإِنَّ مَا يَقُولُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُحْتَمِلٌ لِلصِّحَّةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ، إلَّا بِيَمِينٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَالْمُنْكِرِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى؛ وَلِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا فِي عَدَمِ الظُّهُورِ، فَشُرِعَ التَّحَالُفُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَجْدَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْخِلَافِ، وَأَنَّ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي لَمْ يَسْتَحْضِرْ الْخِلَافَ حَالَةَ التَّصْنِيفِ، إذْ الْخِلَافُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَنَّفَ الْمُغْنِي قَبْلَهُ ثُمَّ اطلع على الخلاف. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِهِ أَوْ وَصْفِهِ فَالرِّوَايَتَانِ" يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ قَرِيبًا، وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، فكذلك هنا.
مِثْلِهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي جِنْسِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالثَّانِيَةُ: قِيمَةُ مَا يَدَّعِيهِ هُوَ. وَإِنْ ادَّعَتْ التَّسْمِيَةَ فَأَنْكَرَ قُبِلَ فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فِي رِوَايَةٍ، و1عنه: قَوْلُهُ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا "م 21". فَلَوْ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ فَفِي تَنَصُّفِهِ أَوْ الْمُتْعَةِ الْخِلَافُ وَعَلَى الْأَوِّلَةِ يَتَنَصَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَسْتَقِرُّ بِهِ، وَقَوْلُهَا فِي قَبْضِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: قَوْلُهُ، بِنَاءً عَلَى2: كَانَ لَهُ عَلَيَّ1 وَقَضَيْتُهُ3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 21: قَوْلُهُ: "وَإِنْ ادَّعَتْ التَّسْمِيَةَ فَأَنْكَرَ قُبِلَ فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: قَوْلُهُ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا" انْتَهَى. يَعْنِي بِقَوْلِهِ "قُبِلَ" أَيْ قَوْلُهَا فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ " قَوْلُهَا " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ: إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي تَسْمِيَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ، وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ يَنْزِعُ إلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فَلَوْ طَلَّقَ وَلَمْ يَدْخُلْ فَفِي تنصفه أو المتعة الخلاف"، يعني: على الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ التَّسْمِيَةِ، وَمُرَادُهُ بِالْخِلَافِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُفَوِّضَةِ الْآتِي في المسألة الثانية والثالثة والثلاثين4.
فصل وإذا قبضت المسمى المعين ثم تنصف فله نصفه حكما،
فصل وَإِذَا قَبَضَتْ الْمُسَمَّى الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْمًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ اخْتَارَ مِلْكَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُهُمَا اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِيمَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، فَعَلَى هَذَا مَا يُنْمِي قَبْلَهُ لَهَا، وَبَيْنَهُمَا عَلَى نَصِّهِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَلَا يَتَصَرَّفُ. وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ، لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الواهب "م 22 - 24" وَلَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ زِيَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ، عَلَى الأصح، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 22 – 24: قَوْلُهُ: "وَإِذَا قَبَضَتْ الْمُسَمَّى الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ فَلَهُ نِصْفُهُ حُكْمًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ اخْتَارَ مِلْكَهُ ... فَعَلَى هَذَا مَا يَنْمِي قَبْلَهُ لَهَا، وَبَيْنَهُمَا عَلَى نَصِّهِ، وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ عَفَا فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ وَيَصِحُّ عَلَى الثَّانِي، وَلَا يَتَصَرَّفُ. وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 22: إذَا قَبَضَتْ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ ثُمَّ تَنَصَّفَ، فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يدخل في ملكه حكماً1، كَالْمِيرَاثِ وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ، إلَّا إذَا اخْتَارَ مِلْكَهُ. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ لَهَا لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ، عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ لَعَلَّ أَصْلَهُمَا إسْقَاطُ الشَّفِيعِ الشُّفْعَةَ قبل البيع. انتهى.
كَمُتَّصِلَةٍ، وَفِيهَا تَخْرِيجٌ مِنْ مُنْفَصِلَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ في الترغيب وأطلق ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالصَّحِيحُ أَنَّ إسْقَاطَ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يُسْقِطُهَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 23: لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا فَعَلَى الْمَنْصُوصِ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَهَذَا مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 24: لَوْ طَلَّقَ ثُمَّ عَفَا، فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَصِحُّ وَلَا يَتَصَرَّفُ وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ؛ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ خِيَارِ الْبَيْعِ وَخِيَارِ الْوَاهِبِ، لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَتَصَرَّفُ، وَهَذَا الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ يُطْلِقْ فِيهَا الْخِلَافَ، بَلْ قَدَّمَ فِيهَا حكما. والله أعلم.
فِي الْمُوجَزِ رِوَايَتَيْنِ فِي النَّمَاءِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَهَا نَمَاؤُهُ بِتَعْيِينِهِ، وَعَنْهُ: بِقَبْضِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ الْفُرْقَةِ عَلَى أَدْنَى صِفَةٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ. وَفِي الْكَافِي1: أَوْ التَّمْكِينِ مِنْهُ، فَإِنْ قُلْنَا: يُضْمَنُ الْمُتَمَيِّزُ بِالْعَقْدِ اُعْتُبِرَتْ صِفَتُهُ وَقْتَهُ، وَذَكَرَ فِي التَّرْغِيبِ الْمَهْرَ الْمُعَيَّنَ قَبْلَ قَبْضِهِ هَلْ هُوَ بِيَدِهِ أَمَانَةٌ أَوْ مَضْمُونٌ فَمُؤْنَةُ دَفْنِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَبَنَى عَلَيْهِمَا التَّصَرُّفَ وَالنَّمَاءَ وَتَلَفَهُ، وَعَلَى ضَمَانِهِ هَلْ هُوَ ضَمَانُ عَقْدٍ بِحَيْثُ يَنْفَسِخُ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَبْقَى فِي تقدير المالية يوم الإصداق أو ضمان يد2، بحيث تَجِبُ الْقِيمَةُ يَوْمَ تَلَفِهِ كَعَارِيَّةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْقَاضِيَ وَجَمَاعَةً قَالُوا: مَا يَفْتَقِرُ تَوْقِيتُهُ إلَى مِعْيَارٍ ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا، كَبَيْعٍ، وَالْوَجْهَانِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَإِنْ دَفَعَتْهُ زَائِدًا لَزِمَهُ، وَإِنْ فَاتَ بِتَلَفٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ بِدَيْنٍ أَوْ شُفْعَةٍ أَوْ انْتَقَلَ تَعَيَّنَ قِيمَةُ حَقِّهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَتَى تَنَصَّفَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بالنكاح فأيهما يقدم؟ فيه وجهان "م 25". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 25: قَوْلُهُ: "وَمَتَى تَنَصَّفَ قَبْلَ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالنِّكَاحِ فَأَيُّهُمَا يُقَدِّمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: أَحَدُهُمَا: يُقَدِّمُ حَقَّ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَإِنْ زَادَ مِنْ وَجْهٍ وَنَقَصَ مِنْ وَجْهٍ كَعَبْدٍ صَغِيرٍ كَبُرَ وَمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ صِيَاغَةً أُخْرَى، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ، وَكَذَا حَمْلُ أَمَةٍ، وَفِي الْبَهِيمَةِ زِيَادَةٌ مَا لَمْ يَفْسُدْ اللَّحْمُ، وَالزَّرْعُ وَالْغَرْسُ نَقْصٌ لِلْأَرْضِ. وَلَا أَثَرَ لِمَصُوغٍ كَسَرَتْهُ وَأَعَادَتْهُ كَمَا كَانَ، أَوْ أَمَةٍ سَمُنَتْ ثُمَّ هَزِلَتْ ثُمَّ سَمُنَتْ، وَفِيهِمَا فِي الْمُغْنِي1 وَجْهَانِ، وَلَا لِارْتِفَاعِ سُوقٍ، وَلَا لِنَقْلِهَا الْمِلْكَ فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ بِيَدِهَا، وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ بِمَا فِيهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْقِيمَةَ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ خِلَافُهُ، وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فَزِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ، وَكَذَا مَا أُبِّرَ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لَا تَتَمَيَّزُ، فَفِي لُزُومِهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ وَلُزُومُهُ قَبُولَ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا وَجْهَانِ "م 26 و 27" وله ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي، يُقَدِّمُ حَقَّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا قُلْنَا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا انْتَقَلَ إلَيْهَا صداقا. مسألة 26 – 27: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَصْدَقَهَا أَمَةً حَامِلًا فَوَلَدَتْ لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زاد زيادة لا تتميز، ففي لزومها نصف قِيمَتِهِ، وَلُزُومُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا وَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 26: إذَا أَصْدَقَهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ وَقُلْنَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ يَلْزَمُهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2
نصف مِثْلِيٍّ، وَيَحْتَمِلُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي نِصْفِ مُكَاتَبٍ، كَبَيْعِهِ، وَكَإِجَارَةٍ وَتَزْوِيجٍ، وَكَتَدْبِيرٍ إنْ رَجَعَ فِيهِ بِقَوْلٍ، فَيَرْجِعُ فِيهِ أَوْ فِي الْقِيمَةِ، لِلنَّقْصِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ1 وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَحَالَةُ الِانْفِصَالِ قَدْ زَادَ فِي مِلْكِهَا. وَمَالَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا عَيْنَيْنِ. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنَّ لَهُ مِنْهُ بِمِقْدَارِ نِصْفِ قِيمَتِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "لَمْ يَرْجِعْ فِي نِصْفِهِ إنْ قُلْنَا لَا يُقَابِلُهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَهُوَ بَعْضُ مَهْرٍ زَادَ زِيَادَةً لا تتميز". أَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّ لَنَا خِلَافًا: هَلْ يُقَابِلُ الْحَمْلُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ2 فَيُرَاجَعْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 27: هَلْ يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ الْأَرْضِ بِنِصْفِ زَرْعِهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ قَبُولُ نِصْفِ3 ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ المسألة في باب الغصب6.
وفي لزومها رد نصفه قبل تقبيض هبة وَرَهْنٍ وَفِي مُدَّةِ خِيَارِ بَيْعٍ وَجْهَانِ "م 28". وَلَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنْ لَمْ يَتَمَلَّكْهُ بِإِرْثٍ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَةَ النِّصْفِ؟ أَمْ حَقَّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ وَيَبْقَى ملك المحرم ضرورة؟ أم هما سواء فيخيران1؟ فَإِنْ أَرْسَلَهُ بِرِضَاهَا غَرِمَ لَهَا وَإِلَّا بَقِيَ مُشْتَرَكًا2؟ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَنْبَنِي عَلَى حُكْمِ الصيد المملوك بين محل ومحرم. و3فيه الأوجه "م 29". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 28: قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِهَا رَدَّ نِصْفِهِ قَبْلَ تقبيض هبة ورهن وفي مدة خيار بيع, وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَلَا تُجْبَرُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَقَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: تُجْبَرُ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الثَّلَاثِ، وَتُسْتَدْرَكُ ظَلَامَتُهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُهَا الرُّجُوعُ فِي الثَّلَاثِ، فَتَفْسَخُ الْعَقْدَ. مَسْأَلَةٌ- 29: قَوْلُهُ: "وَلَوْ أَصْدَقَهَا صَيْدًا ثُمَّ طَلَّقَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِإِرْثٍ فَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَإِلَّا فَهَلْ يُقَدِّمُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَيُرْسِلُهُ وَيَغْرَمُ لَهَا 6قِيمَةَ النِّصْفِ؟ أَمْ حَقَّ الْآدَمِيِّ فَيُمْسِكُهُ ويبقى ملك المحرم ضرورة؟ أم هما سواء فيخيران7 فإن أرسله برضاها غرم لها6 وإلا بَقِيَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا؟ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ يَنْبَنِي على حكم الصيد
وإن نقصت صِفَتُهُ فَكَذَلِكَ أَوْ نِصْفُهُ نَاقِصًا، وَعَنْهُ: مَعَ أَرْشِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ قَدَّمَهَا: نِصْفُهُ بِأَرْشِهِ بِلَا تَخْيِيرٍ. وَإِنْ أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا وَنَحْوَهُ فَبَذَلَ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا "م 30". وَإِنْ تَلِفَ الْمَهْرُ أَوْ نقص بيدها وثبت أنه بعد تنصفه ضمنته1، كَتَلَفِهِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ، وَكُلُّ فَسْخٍ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: هُوَ كَتَلَفِهِ فِي يَدِهِ قَبْلَ طَلَبِهَا لَهُ. وَإِنْ فَاتَ النِّصْفُ مُشَاعًا فَلَهُ النِّصْفُ الْبَاقِي، وَكَذَا مُعَيَّنًا مِنْ الْمُتَنَصَّفِ. وَفِي الْمُغْنِي2: لَهُ نِصْفُ الْبَقِيَّةِ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْفَائِتِ أَوْ مِثْلُهُ، وَإِنْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى فِي الذِّمَّةِ فَكَالْمُعَيَّنِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ مُطْلَقًا، وَيَعْتَبِرُ فِي تَقْوِيمِهِ صفته يوم قبضه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَمْلُوكِ بَيْنَ مُحِلٍّ وَمُحْرِمٍ. وَفِيهِ الْأَوْجُهُ". انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِرْسَالِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَحَقُّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَدَخَلَ مِلْكُ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ ضمنا ضرورة، والله أعلم. مَسْأَلَةٌ -30: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَصْدَقَهَا ثَوْبًا فَصَبَغَتْهُ أَوْ أَرْضًا فَبَنَتْهَا وَنَحْوَهُ3 فَبَذَلَ قِيمَةَ زِيَادَتِهِ لِتَمَلُّكِهِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي لَا". انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُوَ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاوي الصغير.
وفي وجوب رده بعينه وجهان "م 31". وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، فَإِذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ صَحَّ عَفْوُ مَالِكِ التَّبَرُّعِ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّهِ، وَلَا عَفْوَ لِلْأَبِ، كَعَفْوِهِ عَنْ مَهْرِ ابْنِهِ الرَّاجِعِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْسِبْهُ إيَّاهُ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ الْأَبُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ، واختاره شيخنا، قيل1: وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ فَيَعْفُو عَنْ نِصْفِ مَهْرِ ابْنَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ الْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ. وَفِي المغني2 والكافي3: بشرط ـــــــــــــــــــــــــــــQ4وَالْقَوْلُ الْآخَرُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. مَسْأَلَةٌ -31: قَوْلُهُ: "وَفِي وُجُوبِ رَدِّهِ بِعَيْنِهِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي والصغير4: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَنَصَرَاهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ ذَلِكَ.
الْبَكَارَةِ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُوجَزِ. وَبِكْرٌ بَالِغَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُهُ هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ؟ وَعَلَى هَذَا وَلَوْ دَخَلَ بِهَا1 مَا لَمْ تَلِدْ أَوْ تَمْضِي سَنَةٌ بِبَيْتِهِ، وَأَنَّ عَلَى هَذَا يَنْبَنِي مِلْكَهُ لِقَبْضِ صَدَاقِ ابْنَتِهِ الْبَالِغِ الرَّشِيدَةِ، وَقِيلَ: يَمْلِكُهُ فِي الْبِكْرِ، وَقَدَّمَ اعْتِبَارَ كَوْنِهِ دَيْنًا، فَلَا يَعْفُو عَنْ عَيْنٍ، فَيَصِحُّ بِلَفْظِ الْهِبَةِ والتمليك فقط، وفي القبول الخلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِيمَا إذَا عَفَا مَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: "وَفِي الْقَبُولِ الْخِلَافُ". يَعْنِي هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبُولُ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ الدَّيْنِ. وَفِيهِ قَوْلَانِ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ السَّلَمِ2. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ قُلْنَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ هِبَةٌ وَالْمَذْهَبُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ، وَإِنْ قُلْنَا مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ اُشْتُرِطَ الْقَبُولُ، قَالَ بَعْضُهُمْ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لخروج عفو الأب.
وسواء فيه عفوه وعفوها، ولم يقيد1 فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِصِغَرٍ وَكِبَرٍ وَبَكَارَةٍ وَلَا ثُيُوبَةٍ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: الْوَلِيُّ فِي حق الصغيرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإذا وجب مهر المثل فلها المطالبة بفرضه
فصل وَإِذَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَبِهِ، وَقِيلَ: لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ "م 32" وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهَا مِنْهُ قَبْلَ فَرْضِهِ، وعنه: لا، لجهالته ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 32: قَوْلُهُ: "إذَا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَهَا المطالبة بفرضه، قال جماعة: 2وبه2 وقيل: لا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ". انْتَهَى. ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ فِي الْمُفَوِّضَةِ وَنَحْوِهَا: أَحَدُهُمَا: لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ، كَالْمُطَالَبَةِ بِفَرْضِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كلام جماعة كثيرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في "ص"، وفي "ح": "به". 3 10/145. 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 21/259-260.
وَإِنْ وَقَفَ1 فِي وُجُوبِهِ عَلَى الدُّخُولِ فَكَالْعَفْوِ عَمَّا انْعَقَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِ. وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرٍ وَإِلَّا فَرَضَهُ الْحَاكِمُ بِقَدْرِهِ. فَإِذَا فَرَضَهُ لَزِمَهَا فَرْضُهُ، كَحُكْمِهِ، فَدَلَّ أَنَّ ثُبُوتَ سَبَبِ2 وَالْمُطَالَبَةِ كَتَقْدِيرِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةِ وَنَحْوِهِ حُكْمٌ "م"3 فَلَا يُغَيِّرُهُ حَاكِمٌ آخَرُ "م" مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ السَّبَبُ، كَيُسْرِهِ فِي النَّفَقَةِ أَوْ عُسْرِهِ. وَمَا قَرَّرَهُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ، وَمَا أَسْقَطَهُ أَسْقَطَهُ إلَى غَيْرِ مُتْعَةٍ، وَعَنْهُ: يُقَرِّرُ الْمَوْتُ نِصْفَهُ قَبْلَ تَسْمِيَتِهِ وَفَرْضِهِ. وَمَا نِصْفُهُ فَعَنْهُ: بِنِصْفِهِ، وَعَنْهُ: إنْ وَجَبَ؛ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ وَجَبَ لِفَقْدِهَا سَقَطَ إلَى الْمُتْعَةِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَعَنْهُ: سُقُوطُهُمَا إلَى الْمُتْعَةِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ "م 33 - 35". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 33، 35: قَوْلُهُ فِيمَا يُكَمِّلُ الْمَهْرَ: وَيُسْقِطُهُ وَيُنَصِّفُهُ فِي الْمُفَوِّضَةِ: "وَمَا قَرَّرَهُ الْمُسَمَّى قَرَّرَهُ، وَمَا أَسْقَطَهُ أَسْقَطَهُ ... وَمَا نَصَّفَهُ فَعَنْهُ يُنَصِّفُهُ، وَعَنْهُ: إنْ وَجَبَ؛ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ وَإِنْ وَجَبَ لِفَقْدِهَا سَقَطَ إلَى الْمُتْعَةِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَعَنْهُ: سُقُوطُهُمَا إلَى الْمُتْعَةِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ". انْتَهَى. شَمِلَ كَلَامُهُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 33: إذَا طَلَّقَ الْمُفَوِّضَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَخْلُو، إمَّا أن يكون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَفْوِيضُ بُضْعٍ أَوْ تَفْوِيضُ مَهْرٍ، فَإِنْ كَانَ تَفْوِيضُ بُضْعٍ فَهَلْ لَهَا الْمُتْعَةُ فَقَطْ أَوْ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: هَذَا أَصَحُّ عِنْدِي، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ3 وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ3 وَغَيْرِهِمْ. 4وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ المثل. قدمه في "الخلاصة"، و"الرعايتين"، و"نهاية ابن رزين"4، وَغَيْرِهِمْ. وَقَطَعَ بِهِ فِي "الْمُنَوِّرِ". قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَضْعَفُهَا. وَإِنْ كَانَ تَفْوِيضَ مَهْرٍ وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 34: فَهَلْ يَسْقُطُ إلَى الْمُتْعَةِ أَوْ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الزَّرْكَشِيّ. إحْدَاهُمَا: يَجِبُ نِصْفُ مَهْرٍ الْمِثْلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كلام الخرقي وغيره، وبه قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِي مَوْضِعٍ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَمَتَى فُرِضَ فَكَالْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: يَسْقُطُ وَتَجِبُ الْمُتْعَةُ، فَإِنْ دَخَلَ فَلَا مُتْعَةَ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لِكُلِّ مطلقة. 1 أي: المتعة تجب1، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي مَوْضِعٍ وَقَالَ: كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ2، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْعَمَلُ عِنْدِي عَلَيْهِ لَوْلَا تَوَاتُرُ الرِّوَايَاتِ بِخِلَافِهِ، وَعَنْهُ: إلا المدخول بها ولها مسمى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُتْعَةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَقَالَ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: هَذَا أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ – 35: لَوْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا فَاسِدًا، وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ تَجِبُ لَهَا الْمُتْعَةُ فَقَطْ أَمْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ: إحْدَاهُمَا: تَجِبُ الْمُتْعَةُ فَقَطْ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ. اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ لَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فَإِنْ دَخَلَ فَلَا مُتْعَةَ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ ... وَعَنْهُ إلَّا الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَهَا مُسَمًّى". انْتَهَى. تَابَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَعَنْهُ: يَجِبُ لِلْكُلِّ إلَّا لمن دخل بها، 5وسمي مهرها5 انتهى. قال الشيخ
وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَحْبِسِهِ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ مَتَاعٌ إلَّا الَّتِي لم يَدْخُلْ بِهَا وَقَدْ فَرَضَ لَهَا1، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا. وَفِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ المثل قبل الفرقة وَجْهَانِ "م 36" وَذَكَرَ الْقَاضِي: لَهَا حَبْسُ رَهْنٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُتْعَةِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: بِحَالِهَا وَقِيلَ: هُمَا، فَأَعْلَاهَا خَادِمٌ، وَأَدْنَاهَا كِسْوَةٌ تُجْزِئُهَا لِصَلَاتِهَا، وَعَنْهُ: يُقَدِّرُهَا حَاكِمٌ، وَعَنْهُ: هِيَ بِقَدْرِ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا. وَمَهْرُ الْمِثْلِ مُعْتَبَرٌ بِمَنْ يُسَاوِيهَا فِي الصِّفَاتِ الْحَسَنَةِ وَالْمَالِ وَالْبَلَدِ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ نِسَائِهَا، كأم وخالة وعمة، اختاره الأكثر، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQتَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ: صَوَابُهُ إلَّا مَنْ سَمَّى مَهْرَهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا زَيْغٌ حَصَلَ مِنْ قَلَمِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، قَالَ الزبريراني2: وَقَدْ وَجَدْت مَا يَدُلُّ عَلَى كَلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ. انْتَهَى. وَتَابَعَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ صاحب الرعايتين والحاوي. مَسْأَلَةٌ – 36: قَوْلُهُ: "وَفِي سُقُوطِ الْمُتْعَةِ بِهِبَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَجْهَانِ". انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ قطع به بن رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ.
مِنْ نِسَاءِ عَصَبَتِهَا مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا وَحْدَهَا، فَإِنْ عَدِمَ الْكُلُّ فَأَشْبَهِهَا مِنْ نِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا زِيدَ وَنُقِصَ بِقَدْرِهِ، وَتُعْتَبَرُ عادتهم، وقيل: لا1 فِي تَأْجِيلِ مَهْرٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُهُورُهُنَّ أُخِذَ الوسط الحال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وللمرأة مسمى لها أو مفوضة منع نفسها حتى تقبض كل مهرها الحال،
فصل وَلِلْمَرْأَةِ مُسَمًّى لَهَا أَوْ مُفَوِّضَةً مَنْعَ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ كُلَّ مَهْرِهَا الْحَالِّ، وَقِيلَ: أَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَتُسَافِرُ بِلَا إذْنِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَهَا النَّفَقَةُ، وَعَلَّلَ الإمام أحمد وجوب النفقة بأن الْحَبْسَ مِنْ قِبَلِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا نَفَقَةَ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، فَإِنْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا تَبَرُّعًا فَدَخَلَ أَوْ خَلَا لَمْ تَمْلِكْ الْمَنْعَ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَلَا نَفَقَةَ، وَعَكْسُهُ ظُهُورُهُ مَعِيبًا بَعْدَ قَبْضِهِ وَتَسْلِيمِ نَفْسِهَا. وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَقِيلَ: لَا يُفْسَخُ، كَمَنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً عُسْرَتَهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ: قَبْلَ الدُّخُولِ "م 37 و 38" ونقل ابن منصور: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 37، 38: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ فَقِيلَ لَا يُفْسَخُ، كَمَنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً عُسْرَتَهُ فِي الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ قَبْلَ الدُّخُولِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 37: إذَا أَعْسَرَ بِالْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ إذَا كَانَ حَالًّا أَمْ لا2؟ أطلق الخلاف: ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في الأًصل: "أولم".
تزوج مفلسا ولم تعلم المرأة لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ عِنْدِي عَرَضٌ وَمَالٌ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ فَلَا فَسْخَ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَكِنْ لَهَا مَنْعُ نفسها. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُقْنِعِ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ: هَذَا الْمَشْهُورُ في1 الْمَذْهَبِ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَرَجَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَهَا الْفَسْخُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ, وَهُوَ قَوِيٌّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 38: إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمقنع والهادي والنظم وغيرهم: أَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَهَا الْفَسْخُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: إنْ
وَالْمَنْعُ وَالْفَسْخُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ، وَقِيلَ: لَا، وَلَا يَفْسَخُ إلَّا حَاكِمٌ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ افْتَرَقَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْأَصَحُّ وَلَوْ بِهِ فَلَا مَهْرَ، وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ بِمَوْتٍ، وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ، وَتَقَرُّرِهِ بِخَلْوَةٍ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَسْتَقِرُّ بِهِ، وَإِنْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمُسَمَّى، وَعَنْهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ، وَكَذَا الْخَلْوَةُ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُذْهَبِ رِوَايَةٌ: لَا شَيْءَ بِهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَقِيلَ: لَا يَكْمُلُ. وَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ مَنْ نِكَاحُهَا فَاسِدٌ قَبْلَ طَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ، فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ فَسَخَهُ حَاكِمٌ، وَظَاهِرُهُ لَوْ زَوَّجَهَا قَبْلَ فَسْخِهِ لم يصح مطلقا "م" وَمِثْلُهُ نَظَائِرُهُ. فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ فُرْقَةٍ رِوَايَتَانِ فِي الْإِرْشَادِ1، وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ، بِلَا وَلِيٍّ أَوْ2 بِدُونِهِمَا "م 39". وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَعْسَرَ بَعْدَ الدُّخُولِ انْبَنَى عَلَى مَنْعِ نَفْسِهَا لِقَبْضِ صَدَاقِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ إنْ قُلْنَا لَهَا ذَلِكَ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَإِلَّا فَلَا وَهِيَ طَرِيقَتُهُ في المغني3 وشرح ابن منجى. مَسْأَلَةٌ – 39: قَوْلُهُ فَإِنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِلَا شُهُودٍ فَفِي تَزْوِيجِهَا قَبْلَ فُرْقَةٍ رِوَايَتَانِ فِي الْإِرْشَادِ، وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِدُونِهِمَا. انْتَهَى: إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ هَذَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ.
تَعْلِيقِ ابْنِ الْمُنَى فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا فَاسِدًا لَا يَجُوزُ صَحِيحٌ حَتَّى تَقْضِيَ بِفَسْخِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا؛ فَلِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَالْحَرَامُ فِي حُكْمِ الْعَدَمِ. وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَبَدَلِ مُتْلَفٍ، وَكَذَا الْمُكْرَهَةُ عَلَى الزِّنَا فِي قُبُلٍ وَلَوْ مِنْ مَجْنُونٍ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَعَنْهُ: الْمَهْرُ لِلْبِكْرِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ: مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَأَطْلَقَ شَيْخُنَا رِوَايَةً أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِمُكْرَهَةٍ، وَاخْتَارَهَا، وَأَنَّهُ خَبِيثٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: وَلَا بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الْبُضْعُ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ عَلَى زَوْجٍ أَوْ شَبَهِهِ فَيَمْلِكُهُ بِهِ. وَفِي دُبُرٍ وَأَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ "م 40 و 41" وَفِي الِانْتِصَارِ: ولمطاوعة، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -40 و 41: قَوْلُهُ: "وَفِي دُبُرٍ وَأَمَةٍ أَذِنَتْ وَجْهَانِ". انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -40: إذَا وَطِئَ فِي الدُّبُرِ فَهَلْ يَجِبُ بِهِ مَهْرٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كَالْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ، قَطَعَ بِهِ فِي المحرر.
ويسقط، وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لِذَاتِ مَحْرَمٍ، وَعَنْهُ: تُحَرَّمُ بِنْتُهَا، كَلِوَاطٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِخِلَافِ مُصَاهَرَةٍ؛ لِأَنَّهُ طَارِئٌ، قَالَ الشَّيْخُ: وَرَضَاعٍ. وَلَوْ وَطِئَ مَيِّتَةً لَزِمَهُ الْمَهْرُ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: لَوْ لَمْ يَبْطُلْ الْإِحْرَامُ بِالْمَوْتِ لَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ إذَا طُيِّبَ، فَقَالَ: إنَّمَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهَا يَتَعَلَّقُ بِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ، وَبِالْمَوْتِ يَزُولُ، وَالْمَنْعُ لِحَقِّ اللَّهِ، لَا يَزُولُ بِالْمَوْتِ، وَلِأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بَقَاءُ التَّحْرِيمِ. وَيَزُولُ الضَّمَانُ بِالْمَالِ، كَمَا أن كسر عظم الميت مُحَرَّمٌ وَلَا ضَمَانَ، وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ مُحَرَّمٌ وَلَا مَهْرَ وَلَا حَدَّ. فَسَوَّى الْقَاضِي بَيْنَ الْمَهْرِ وَالْحَدِّ فِي النَّفْيِ، فَقَدْ يُتَوَجَّهُ مِنْهُ اسْتِوَاؤُهُمَا، فَيَثْبُتُ فِي هَذَا مَا ثَبَتَ فِي هَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 41: لَوْ أَذِنَتْ الْأَمَةُ فِي الْوَطْءِ فوطئها فهل يجب المهر بذلك؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَيَكُونُ لِلسَّيِّدِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهَا وَوَطِئَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ، وَلَوْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً وَأَذِنَتْ، وَإِذْنُ الْأَمَةِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَلَيْسَتْ مُسْتَحِقَّةً لِلْمَهْرِ حَتَّى يَسْقُطَ بِإِذْنِهَا فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، بَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ هَذَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا مَهْرَ لَهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي صحته بعد، والله أعلم.
وَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ وَالزِّنَا، لَا بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْوَطْءِ فِي الشُّبْهَةِ لَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا فِي الْكِتَابَةِ: يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَوَطْئِهِ مُكَاتَبَتَهُ إنْ اسْتَوْفَتْ مَهْرًا عَنْ الْوَطْءِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الِانْتِصَارِ2 وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي1: لَا يَتَعَدَّدُ فِي نِكَاحٍ فاسد. وقاله في التعليق، كدخولها3 عَلَى أَنْ تَسْتَحِقَّ مَهْرًا. وَفِيهِ بِكُلِّ وَطْءٍ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ مَهْرٌ إنْ عُلِمَ فَسَادُهُ، وإلا مهر واحد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِيهِ: فِي الْكِرْهَةِ1: لَا يَتَعَدَّدُ لِعَدَمِ التَّنْقِيصِ، كنكاح، وكاستواء موضحة. وفيه: لَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ فَلَهَا الْمَهْرُ وَلَوْ سَكَتَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إسْقَاطًا. وَلَوْ اعْتَرَفَ بِنِكَاحٍ أَوْ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ مِنْهَا فَمَهْرُ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَمَنْ نِكَاحُهَا بَاطِلٌ إجْمَاعًا كَمُكْرَهَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَةَ الثَّالِثَةَ: لَا مَهْرَ لِمُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ. وَمَنْ دَفَعَ غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَأَذْهَبَ عُذْرَتَهَا لَزِمَهُ أَرْشُ بَكَارَتِهَا، وَعَنْهُ: مَهْرُ الْمِثْلِ، وَخَرَّجَ مِنْهَا فِي الزَّوْجِ كَذَلِكَ، وَالْمَذْهَبُ: نِصْفُ الْمُسَمَّى. وَإِنْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "2وَإِنْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ2 مَنْ دَخَلَ بِهَا فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ فَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ". انتهى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي اسْتِحْقَاقِهَا ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ الْأَوَّلَ كَانَ مُسْتَحَقًّا لَهَا مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، لَمْ يَتَجَدَّدْ اسْتِحْقَاقُهُ يَوْمَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ، فَلَمْ يَتَجَدَّدْ لَهَا إلَّا مَهْرٌ وَنِصْفُ، نَعَمْ حَلَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ لِثَلَاثَةِ أَزْوَاجٍ، وَلَيْسَ بِكَبِيرِ أَمْرٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ، قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ صَدَاقَ الْأُولَى كَانَ مُؤَجَّلًا، وَمَحِلُّهُ الْمَوْتُ أَوْ الطَّلَاقُ، عِنْدَ الْأَصْحَابِ، فَمَا اسْتَحَقَّتْ قَبْضَهُ إلَّا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً في هذا الباب.
باب وليمة العرس
باب وليمة العرس مدخل ... باب الوليمة العرس تُسْتَحَبُّ بِالْعَقْدِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَلَوْ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: ذَكَرَ أَحْمَدُ أَنَّهَا تَجِبُ وَلَوْ بِهَا، لِلْأَمْرِ1. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: السُّنَّةُ أَنْ يَكْثُرَ لِلْبِكْرِ. وَيَجِبُ فِي الْأَشْهَرِ عنه، قاله في الإفصاح إجابة داع2 مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ إنْ عَيَّنَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَالْمَنْصُوصُ: وَمَكْسَبُهُ طَيِّبٌ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ سُئِلَ فِيمَنْ عِنْدَهُ الْمُخَنَّثُونَ يَدْعُو بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْسُوا عِنْدَهُ: فَخَيَّرَ، نَقَلَهُ بَكْرٌ. وَمَنَعَ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ ظَالِمٍ وَفَاسِقٍ وَمُبْتَدِعٍ وَمُفَاخِرٍ بِهَا، أَوْ فِيهَا مُبْتَدِعٌ يَتَكَلَّمُ بِبِدْعَتِهِ، إلَّا لِرَادٍّ عَلَيْهِ، وَكَذَا مُضْحِكٌ بِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ، وَإِلَّا أُبِيحَ الْقَلِيلُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ عَلِمَ حُضُورَ الْأَرْذَالِ وَمَنْ مُجَالَسَتُهُمْ تُزْرِي بِمِثْلِهِ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُ، وَيَأْتِي ما ذبح لغير الله3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: الْإِجَابَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَقِيلَ: مُسْتَحَبَّةٌ، وَعَنْهُ: إنْ دَعَاهُ مَنْ يَثِقُ1 بِهِ فَإِجَابَتُهُ أَفْضَلُ. وَيُسْتَحَبُّ ثَانِيَ مَرَّةٍ، وَيُكْرَهُ فِي الثَّالِثَةِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ أَحَبَّ أَجَابَ فِي الثَّانِي، وَلَا يُجِيبُ فِي الثَّالِثِ. وَإِجَابَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ دَعَا الْجَفَلَى، نَحْوَ أَذِنْت لِمَنْ شَاءَ، قِيلَ بِجَوَازِهِمَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ "م 1 و 2". وَقِيلَ لَهُ فِي رواية أبي داود: تجيب دعوة ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة – 1، 2: قَوْلُهُ: "وَإِجَابَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ دَعَا الْجَفَلَى، نَحْوَ أَذِنْت لِمَنْ شَاءَ، قِيلَ بِجَوَازِهِمَا، وَقِيلَ: يُكْرَهُ" انتهى. ذكر مسألتين: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى -1: إجَابَةُ الذِّمِّيِّ هَلْ تُكْرَهُ أَوْ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تُكْرَهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُكْرَهُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجِبُ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ، وَلَكِنْ يَجُوزُ، قَالَ فِي الْكَافِي2: وَتَجُوزُ إجَابَتُهُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ دَعَاهُ الذِّمِّيُّ فَلَا بَأْسَ بِإِجَابَتِهِ، انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَخَرَّجَ الزَّرْكَشِيّ مِنْ رِوَايَةِ عَدَمِ جَوَازِ تَهْنِئَتِهِمْ وَعِيَادَتِهِمْ عَدَمَ الْجَوَازِ هنا.
الذِّمِّيِّ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ: يَأْكُلُ عِنْدَ الْمَجُوسِيِّ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ مَا لَمْ يَأْكُلْ مِنْ قُدُورِهِمْ، وَنَصُّهُ إبَاحَةُ بَقِيَّةِ الدَّعَوَاتِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: تُكْرَهُ دَعْوَةُ الْخِتَانِ، وَاسْتَحَبَّ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَغَيْرُهُ1 الْجَمِيعَ، كَإِجَابَتِهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَبَاحَهَا فِي الْمُوجَزِ وَالْمُحَرَّرِ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ومثنى: تجب، ونقل المروذي وَغَيْرُهُ أَنَّهُ وَكَّدَ إجَابَةَ الدَّعْوَةِ وَسَهَّلَ فِي الْخِتَانِ، وَعَنْهُ: غَيْرُ الْوَلِيمَةِ، أَسْهَلُ وَأَخَافُهُ، وَاسْتَحَبَّ فِي الْغُنْيَةِ إجَابَةَ وَلِيمَةِ عُرْسٍ، وَكَرِهَ حُضُورَ غَيْرِهَا إنْ كَانَ كَمَا وَصَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُمْنَعُ2 الْمُحْتَاجُ وَيَحْضُرُ الْغَنِيُّ3. قَالَ: وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ وَالْعِلْمِ التَّسَرُّعُ إلَى إجابة الطعام والتسامح؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 2: إذَا دَعَا الْجَفَلَى هَلْ تُكْرَهُ الْإِجَابَةُ أَوْ تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6: لَمْ تَجِبْ وَلَمْ تُسْتَحَبَّ، انْتَهَى. فيحتمل القولين. والوجه الثاني: تباح.
لِأَنَّهُ فِيهِ ذِلَّةٌ وَدَنَاءَةٌ وَشَرَهٌ، لَا سِيَّمَا الْحَاكِمُ، وَيَأْتِي ذَلِكَ1. وَيَحْرُمُ فِطْرُ مَنْ صَوْمُهُ وَاجِبٌ، وَيُفْطِرُ مُتَطَوِّعٌ، وَقِيلَ: إنْ جَبَرَ قَلْبَ دَاعِيهِ، وَيُعْلِمُهُمْ بِصَوْمِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ نَصُّهُ: يَدْعُو وَيَنْصَرِفُ وَيَأْكُلُ مُفْطِرٌ إنْ شَاءَ، قَالَهُ أَحْمَدُ، وَفِي الْوَاضِحِ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وُجُوبُهُ وِفَاقًا لِلْأَصَحِّ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَفِي مُنَاظَرَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ: لَوْ غَمَسَ أُصْبُعَهُ فِي مَاءٍ وَمَصَّهَا حَصَلَ بِهِ إرْضَاءُ الشَّرْعِ وَإِزَالَةُ الْمَأْثَمِ بِإِجْمَاعِنَا، وَمِثْلُهُ لَا يُعَدُّ إجَابَةً عُرْفًا، بَلْ اسْتِخْفَافًا بِالدَّاعِي. وَيَحْرُمُ أَخْذُ طَعَامِ، فَإِنْ عَلِمَ بِقَرِينَةٍ رِضَا مَالِكِهِ فَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ، وَيَتَوَجَّهُ: يُبَاحُ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ مَعَ ظَنِّهِ رِضَاهُ. وَيَغْسِلُ يَدَيْهِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ قَبْلَهُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي "وش" وَأَطْلَقَهَا جَمَاعَةٌ، وَاسْتَحَبَّهُ فِي الْمُذْهَبِ بَعْدَمَا لَهُ غَمَرٌ2 "وم" وَيُكْرَهُ بِطَعَامٍ، وَلَا بَأْسَ بِنُخَالَةٍ، وَغَسَلَهُ فِي الْإِنَاءِ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَ [يُكْرَهُ] بِدَقِيقِ حِمَّصٍ وَعَدَسٍ وَبَاقِلَاءَ وَنَحْوَهُ، وفي المغني3 في خبر4 الملح: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي مَعْنَاهُ مَا يُشْبِهُهُ، كَدَقِيقِ الْبَاقِلَاءِ، وَنَحْوَهُ مَا يُجْلَى، وَالْغَسْلُ لِمَا يُفْسِدُهُ الصَّابُونُ وَالْخَلُّ، لِلْخَبَرِ، وَيَلْعَقُ قَبْلَهُ أَصَابِعَهُ أَوْ يَلْعَقُهَا وَيَعْرِضُ الْمَاءَ لِغَسْلِهِمَا، وَتَقَدُّمُهُ بِقُرْبِ طَعَامِهِ، وَلَا يَعْرِضُهُ1. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَيُسَمِّي، وَيَأْكُلُ بِيَمِينِهِ، وَيَحْمَدُ إذا فرغ، وقيل: يجبن2، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ. وَفِي الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ: "فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ"3، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ زَادَ: "الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، عِنْدَ الْأَكْلِ كَانَ حَسَنًا، فَإِنَّهُ أَكْمَلُ، بِخِلَافِ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ: لَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ جَعَلَ عِنْدَ كُلِّ لُقْمَةٍ يُسَمِّي وَيَحْمَدُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَأْكُلُ بِالسُّرُورِ مَعَ الْإِخْوَانِ، وَبِالْإِيثَارِ مَعَ الْفُقَرَاءِ، وَبِالْمُرُوءَةِ مَعَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَأَكْلٌ وَحَمْدٌ خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ. وَيَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، مِمَّا يَلِيهِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالطَّعَامُ نَوْعٌ وَاحِدٌ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَا بَأْسَ وَهُوَ وَحْدَهُ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَيَخْلَعُ نَعْلَيْهِ. وَيُكْرَهُ عَيْبُ طَعَامِ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغَنِيَّةِ، وَنَفْخُهُ فيه وقال الآمدي: لا وهو حار. وأكله4. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَارًّا، وَفِعْلُ مَا يَسْتَقْذِرُهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَرَفْعُ يَدِهِ قَبْلَهُمْ بِلَا قَرِينَةٍ، وَمَدْحُ طَعَامِهِ وَتَقْوِيمُهُ، وَحَرَّمَهُمَا فِي الْغَنِيَّةِ. 1وَفِي الْمِنْهَاجِ وَحْدَهُ وَلَا يَسْتَأْذِنُهُمْ فِي تَقَدُّمِهِ1، وَتَنَفُّسِهِ2 فِي إنَاءٍ وَأَكْلِهِ من وسطه وأعلاه، 3قال أحمد3. وأكله4 ومتكئا، وفي الغنية: وعلى الطريق. وقرانه في التمر، قيل: مطلقا، وقيل: مع شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ "م 3" قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَشَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ قِرَانُ مَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِتَنَاوُلِهِ إفْرَادًا. نَقَلَ مُهَنَّا: أَكْرَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْخُبْزَ عَلَى الْمَائِدَةِ، وَسُفْيَانُ يَكْرَهُ أَنْ تُوضَعَ الْقَصْعَةُ الَّتِي عَلَى الْخِوَانِ عَلَى الرَّغِيفِ، لِأَنَّهُ مِنْ زي العجم، وحرم الآمدي وضعه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَقِرَانُهُ فِي التَّمْرِ قِيلَ: مُطْلَقًا، وَقِيلَ: مَعَ شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ"، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يُكْرَهُ الْقِرَانُ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ شَرِيكٍ لَمْ يَأْذَنْ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ السَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ كُتُبِهِمَا، وَالنَّاظِمُ وَالْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِمَا. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي فِي أُصُولِ الْفِقْهِ: لَا يُكْرَهُ الْقِرَانُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يُكْرَهُ إذَا أَكَلَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَهْلِهِ أَوْ مَنْ أَطْعَمَهُمْ ذَلِكَ، انْتَهَى. قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشيرازي وابن حمدان قولان آخران.
تَحْتَهَا، وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ، وَذَكَرَ مَعْمَرٌ أَنَّ أَبَا أُسَامَةَ قَدَّمَ لَهُمْ طَعَامًا 1فَكَسَّرَ الْخُبْزَ1، قَالَ أحمد لئلا يعرفوا كم يأكلون. وَلَهُ قَطْعُ لَحْمٍ بِسِكِّينٍ، وَالنَّهْيُ لَا يَصِحُّ، قاله الإمام أحمد، واحتجوا بنهي ضعيف2 على الكراهة، 3وعلى قول3 فَيَتَوَجَّهُ هُنَا مِثْلُهُ "وش" بِلَا حَاجَةٍ. قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ: تَرْكُ الْخِلَالِ يُوهِنُ الْأَسْنَانَ4، وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَيُّوبَ مَرْفُوعًا قَالَ: "حَبَّذَا الْمُتَخَلِّلُونَ مِنْ الطَّعَامِ، وَتَخَلَّلُوا مِنْ الطَّعَامِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَى الْمَلَكِ الَّذِي عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَجِدَ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحَ الطَّعَامِ"5 قَالَ الْأَطِبَّاءُ: وَهُوَ نَافِعٌ أَيْضًا لِلِّثَةِ وَمِنْ تغير النكهة. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَنَاهَدَ6 فِي الطَّعَامِ وَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ، لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يَفْعَلُونَ هَذَا، وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ: لَا يَتَصَدَّقُ بِلَا إذْنٍ، وَيَجُوزُ أَكْلُهُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُؤْذِيهِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ مَعَ خَوْفِ تُخَمَةٍ، وَكَرِهَ شَيْخُنَا أَكْلَهُ حَتَّى يُتْخَمَ، وَحَرَّمَهُ أَيْضًا، وَحَرَّمَ أيضا الإسراف، وهو مجاوزة الحد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ أَحْمَدُ فِي أَكْلِهِ قَلِيلًا: مَا يُعْجِبُنِي، وَقَالَ: مَا أَرَى أَنَّهُ يَجِدُ مِنْ قَلْبِهِ رِقَّةً وَهُوَ يَشْبَعُ، وَقَالَ: يُؤْجَرُ فِي تَرْكِ الشَّهَوَاتِ. وَمُرَادُهُ. مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ، وَقَالَ لِإِنْسَانٍ يَأْكُلُ مَعَهُ: كُلْ وَلَا تَحْتَشِمْ، فَإِنَّ الْأَكْلَ أَهْوَنُ مِمَّا يُحْلَفُ عَلَيْهِ. وَلَا يُكْرَهُ 1شُرْبُهُ قَائِمًا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ2، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا1، وَسَأَلَهُ صَالِحٌ عَنْ شُرْبِهِ قَائِمًا فِي نَفَسٍ وَنَائِمًا، قَالَ: أَرْجُو، وَيَتَوَجَّهُ كَأَكْلٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ قَائِمًا، وَيَتَوَجَّهُ كَشُرْبٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الشُّرْبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ، وَاخْتِنَاثَ الْأَسْقِيَةِ، وَهُوَ قَلْبُهَا، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ ظِلٍّ وَشَمْسٍ، وَالنَّوْمُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَعَلَى سَطْحٍ غَيْرِ مُحَجَّرٍ، وَاسْتَحَبَّ الْقَائِلَةَ نِصْفَ النَّهَارِ وَالنَّوْمَ إذَنْ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَيَجْتَهِدُ فِي الِانْتِبَاهِ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَجَوَازُهُ أظهر "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 4: قَوْلُهُ: "وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ، كَإِطْعَامِ سَائِلٍ وَسِنَّوْرٍ وَتَلْقِيمٍ: وَتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ يَحْتَمِلُ كَلَامُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَجَوَازُهُ أَظْهَرُ"، انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى: الْأَوْلَى جَوَازُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: يُكْرَهُ أَنْ يُلْقِمَ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ عَلَى مِلْكِ صَاحِبِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: مِنْ الْآدَابِ أَنْ لَا يُلْقِمَ أَحَدًا يَأْكُلُ مَعَهُ إلَّا بِإِذْنِ مالك الطعام، قال في
وَإِذَا شَرِبَ نَاوَلَهُ الْأَيْمَنُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: وَكَذَا في غسل يده. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآدَابِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ، لَكِنَّ الْأَدَبَ وَالْأَوْلَى الْكَفُّ عَنْ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى طَعَامِهِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ بَعْضِ الضَّيْفَانِ مَا لَدَيْهِ وَنَقْلُهُ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ، لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لِفَاعِلِ ذَلِكَ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّ جَلِيسِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَالْقَرِينَةُ تَقُومُ مَقَامَ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: كُنْت أَقُولُ: لَا يَجُوزُ لِلْقَوْمِ أَنْ يُقَدِّمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَلَا السِّنَّوْرَ، حَتَّى وَجَدْت فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَدِيثَ أَنَسٍ5 فِي الدُّبَّاءِ، انْتَهَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ5 أخرج البخاري "2092" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه, قال أنس بن مالك: فذهبت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ذلك الطعام, فقرب إلى رسول الله خبزا ومرقا, فيه دباء وقديد, فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة. قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ.
فصل ويحرم أكله بلا إذن صريح أو قرينة، كدعائه إليه.
فصل وَيُحَرَّمُ أَكْلُهُ بِلَا إذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةِ، كَدُعَائِهِ إلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ مِنْ بَيْتِ1 قَرِيبِهِ أَوْ2 صَدِيقِهِ وَلَمْ يَحْرُزْهُ عَنْهُ، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ النَّضْرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ: يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي آخِرِ الْغَصْبِ فِيمَنْ كَتَبَ مِنْ مِحْبَرَةِ غَيْرِهِ: يَجُوزُ فِي حَقِّ مَنْ3 يَنْبَسِطُ إلَيْهِ وَيَأْذَنُ لَهُ عُرْفًا، وَلَيْسَ الدُّعَاءُ إذْنًا لِلدُّخُولِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، خِلَافًا لِلْمُغْنِي4. وَفِي الْغُنْيَةِ: لَا يَحْتَاجُ بَعْدَ تَقْدِيمِ5 الطَّعَامِ إذْنًا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ بِالْأَكْلِ بِذَلِكَ، فَيَكُونُ الْعُرْفُ إذنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا، وَحَكَى هَلْ لِلسَّبْقِ1 بِالْقَوْلِ أَوْ الْبَابِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 5" ثُمَّ أَقْرَبُهُمَا، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3: جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ عَكْسُهُ. وَفِي الْمُقْنِعِ4 وَالْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا، وَقِيلَ: الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا، ثم يقرع "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -5: قَوْلُهُ: "فَإِنْ دَعَاهُ اثْنَانِ قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا، وَحَكَى هَلْ السَّبْقُ بِالْقَوْلِ أَوْ الْبَابِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: السَّبْقُ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَلَا سِيَّمَا في المغني2 والشرح4 الرعاية وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: السَّبْقُ بِالْبَابِ، قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ شَيْءٌ وَلَكِنْ أَتَى فِي إطْلَاقِ الْخِلَافِ بِصِيغَةِ التمريض، والصواب الأول. مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "ثُمَّ أَقْرَبُهُمَا، قَالَ فِي الْمُغْنِي والكافي: جوارا ثم رحما.
وَإِنْ عَلِمَ ثُمَّ مُنْكَرًا يَقْدِرُ يُغَيِّرُهُ حَضَرَ وَغَيَّرَهُ، وَإِلَّا امْتَنَعَ، وَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ حُضُورِهِ أَزَالَهُ، فَإِنْ عَجَزَ خَرَجَ، وَخَرَجَ أَحْمَدُ مِنْ وَلِيمَةٍ فِيهَا آنِيَةُ فِضَّةٍ، فَقَالَ الدَّاعِي: نُحَوِّلُهَا، فَلَمْ يَرْجِعْ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ خُيِّرَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَنْصَرِفُ، وَقَالَهُ أَحْمَدُ، وَإِنْ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَى قَوْلٍ أَوْ رِوَايَةٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ. فَإِنْ سَتَرَ الْجُدُرَ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ، فَعَنْهُ: يُحَرَّمُ، وَعَنْهُ: يكره، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَفِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ عَكْسُهُ. وَفِي الْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدِّمُ أَسْبَقَهُمَا ثُمَّ أَدْيَنَهُمَا ثُمَّ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا، وَقِيلَ: الْأَدْيَنُ بَعْدَ الْأَقْرَبِ جِوَارًا، ثُمَّ يَقْرَعُ، انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ قَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْهَادِي. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَالْكَافِي1 وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ: فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا بَابًا، زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَتَقَدَّمَ إجَابَةُ الْفَقِيرِ مِنْهُمَا، وَزَادَ فِي الْكَافِي1: فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا رَحِمًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَدْيَنَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا. وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَفِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: أَدْيَنُ ثُمَّ أَقْرَبُ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا ثُمَّ قَارَعَ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَنْظُرُ أَقْرَبَهُمَا دَارًا فَيُقَدِّمُ فِي الْإِجَابَةِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: فَإِنْ اسْتَوَيَا أَجَابَ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا، فَإِنْ اسْتَوَيَا قَدَّمَ أَدْيَنَهُمَا، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ تَقْدِيمُ الْأَدْيَنِ ثُمَّ الْأَقْرَبِ جِوَارًا ثُمَّ رَحِمًا ثُمَّ قرعة.
ففي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجْلِهِ وَجْهَانِ، "م 7 و 8" وَنَقَلَ ابن هانئ وغيره: ما كان فِيهِ شَيْءٌ مِنْ زِيِّ الْعَجَمِ وَشَبَهِهِ فَلَا يَدْخُلُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا بَأْسَ أَنْ لا يدخل، قال: لا لريحان1 مُنَضَّدٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْعَجَمِ لِلتَّحْرِيمِ، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: لَا يَشْهَدُ عُرْسًا فِيهِ طَبْلٌ أَوْ مُخَنَّثٌ أَوْ غِنَاءٌ أَوْ تَسَتُّرُ الْحِيطَانِ، وَيَخْرُجُ لِصُورَةٍ عَلَى الْجِدَارِ، وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَالْفَضْلُ: لَا لِصُورَةٍ عَلَى سِتْرٍ لَمْ يَسْتُرْ بِهِ الْجُدُرَ. وَفِي تَحْرِيمِ دُخُولِهِ مَنْزِلًا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ ولبثه فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة - 7 -8: قَوْلُهُ: "فَإِنْ سُتِرَ الْجُدُرُ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ فَعَنْهُ: يُحَرَّمُ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، فَفِي جَوَازِ خُرُوجِهِ لِأَجْلِهِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 7: إذَا سُتِرَ الْجُدُرُ بِغَيْرِ حَرِيرٍ وَصُورَةِ حَيَوَانٍ فَهَلْ يُحَرَّمُ ذَلِكَ أَمْ يُكْرَهُ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2، وَالشَّرْحِ3 فِي مَوْضِعٍ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحَرَّمُ.
وجهان "م 9 و 10". وَلَهُ دُخُولُ بَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا، وَعَنْهُ: يكره، وعنه: مع صور1، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ تَحْرِيمُ دُخُولِهِ مَعَهُمَا. وَقَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّهَا كَالْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ، وَقَالَ: وَلَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، وَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ، لِأَنَّا صَالَحْنَاهُمْ عَلَيْهِ2، وَالْعَابِدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الغافلين أعظم أجرا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ وَاضِحٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 8: إذَا قُلْنَا: يُكْرَهُ فَهَلْ يَجُوزُ خُرُوجُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ 3أَمْ لَا3؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عُذْرًا فِي الْخُرُوجِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ عُذْرًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْوَاجِبُ لَا يُتْرَكُ لِمَكْرُوهٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: أَظْهَرُهُمَا لَا يُخَرَّجُ. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَإِذَا حَضَرَ فَرَأَى سُتُورًا مُعَلَّقَةً لَا صُوَرَ عَلَيْهَا فَهَلْ يَجْلِسُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، أَصْلُهُمَا هَلْ هُوَ حَرَامٌ أَمْ مَكْرُوهٌ؟ فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُخَالِفَةٌ لِظَاهِرِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ على القول بالكراهة. مسألة – 9، 10: قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِ دُخُولِهِ مَنْزِلًا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَلُبْثِهِ فِيهِ وَجْهَانِ" انتهى. ذكر مسألتين:
وَيُحَرَّمُ شُهُودُ عِيدٍ لِيَهُودَ أَوْ نَصَارَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان: 72] نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَقَالَهُ الْآمِدِيُّ، وَتَرْجَمَهُ الْخَلَّالُ بِالْكَرَاهَةِ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْمَنْعِ أَنْ يَفْعَلَ1 كَفِعْلِهِمْ، قَالَهُ شَيْخُنَا، لَا يَبِيعُ لَهُمْ فِيهَا، نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا، وَخَرَّجَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ رِوَايَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ فِي حَمْلِ التِّجَارَةِ إلَى دَارِ حَرْبٍ، وَأَنَّ مِثْلَهُ مُهَادَاتُهُمْ لِعِيدِهِمْ، وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِكَرَاهَةِ التِّجَارَةِ وَالسَّفَرِ إلَى أَرْضِ كُفْرٍ وَنَحْوَهُ. وقال شيخنا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 9: هَلْ يُحَرَّمُ دُخُولُهُ مَنْزِلًا فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُحَرَّمُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَنَصَرَاهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحَرَّمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 10: هَلْ يُحَرَّمُ لُبْثُهُ فِي مَنْزِلٍ فِيهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، حَيْثُ قَالُوا: إذَا رَأَى ذَلِكَ خَرَجَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحَرَّمُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالُوا: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَنَصَرُوهُ، وَهُوَ الصحيح
أَيْضًا: لَا يُمْنَعُ مِنْهُ إذَا لَمْ يُلْزِمُوهُ بِفِعْلٍ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ، وَيُنْكِرُ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِهِ. قَالَ: وَيُحَرَّمُ بَيْعُ مَا يَعْمَلُونَ بِهِ كَنِيسَةً أَوْ تِمْثَالًا وَنَحْوَهُ، قَالَ: وَكُلُّ مَا فِيهِ تَخْصِيصٌ لِعِيدِهِمْ وَتَمْيِيزٌ لَهُ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ، وَالتَّشَبُّهُ بِالْكُفَّارِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ "ع". قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي إجَابَةُ هَذِهِ الْوَلِيمَةِ، قَالَ: وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ وَالزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ1 لَمْ يَجُزْ لِبْسُهَا، فَكَيْفَ بِمَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي عِبَادَاتِهِمْ وَشَرَائِعِ دينهم؟ بل ليس لمسلم أن يخص2 مَوَاسِمَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا يَخُصُّونَهَا بِهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُجِيبَ دَعْوَةَ مُسْلِمٍ فِي ذَلِكَ، وَيُحَرَّمُ الْأَكْلُ وَالذَّبْحُ، وَلَوْ أَنَّهُ فَعَلَهُ، لِأَنَّهُ اعْتَادَهُ وَلِيُفْرِحَ أَهْلَهُ، وَيُعَزَّرُ إنْ عَادَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي التَّطَوُّعِ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ يَوْمَ عَرَفَةَ إذَا صَادَفَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَمِنْ عَادَتِهِ صِيَامُهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: إنْ صَامَهُ مُفْرَدًا فَهَذَا لَا يَتَعَمَّدُ صَوْمَهُ خَاصَّةً، إنَّمَا كُرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْجُمُعَةَ، وَكَذَا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَصُومُهُ، وَكَذَا قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ3: مَا أُحِبُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْحَلْوَاءَ وَاللَّحْمَ لِمَكَانِ النَّيْرُوزِ، لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْأَعَاجِمِ، إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ وَقْتًا كَانَ يَفْعَلُ هَذَا فِيهِ، قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ من فضل النفقة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَوْمَ النَّيْرُوزِ، لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْظِيمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِذَا وَافَقَ عَادَةً فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، فَلِهَذَا جَازَ وَمِثْلُهُ هُنَا مُنِعَ مِنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُنْفَرِدًا تَشَبُّهًا بِيَوْمِ الْعِيدِ، فَإِذَا صَادَفَ عَادَةً فَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَلَا يُلْزِمُ عَلَى هَذَا1 يَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الصَّوْمَ، كَزَمَنِ لَيْلٍ وَحَيْضٍ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ يَقْبَلُ الصَّوْمَ، وَهُوَ الْفَرْضُ، وَلِأَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِأَنَّ الصَّوْمَ إذَا وَافَقَ عَادَةً جَازَ وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، بِدَلِيلِ الْخَبَرِ "لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ"2. قَالَ ابْنُ هَانِئٍ: رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَعْطَى 3ابْنَهُ دِرْهَمًا يَوْمَ النَّيْرُوزِ3 وَقَالَ: اذْهَبْ بِهِ إلَى الْمُعَلِّمِ، وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ الْمُسْلِمِ يُعَلِّمُ وَلَدَ الْمَجُوسِيِّ وَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي. وَأَمَّا مَوْسِمٌ خَاصٌّ، كَالرَّغَائِبِ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ، فَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يُكَرِّهُ، وَكَرِهَهُ شَيْخُنَا، وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ بِزِيِّ الْأَعَاجِمِ، قَالَ: وَقَدْ كَرِهَ طَوَائِفُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالسَّلَفِ كَأَنَسٍ وَالْحَسَنِ وَأَحْمَدَ صَوْمَ أَعْيَادِهِمْ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ تَعْظِيمٍ لَهَا، فَكَيْفَ بِتَخْصِيصِهَا بِنَظِيرِ مَا يَفْعَلُونَهُ؟ بَلْ نَهَى أَئِمَّةُ الدِّينِ عَمَّا ابْتَدَعَهُ النَّاسُ، كَمَا يَفْعَلُونَهُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَوْ فِي رَجَبٍ وَلَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الصَّلَاةِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالزِّينَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ بِأَعْيَادِ الْمُشْرِكِينَ؟ وَالنَّاهِي عَنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُطِيعٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالْمُجَاهِدُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِطَعَامٍ غيره، وسبق في اللباس التشبه أيضا. وَيُكْرَهُ النِّثَارُ1 وَالْتِقَاطُهُ، وَعَنْهُ إبَاحَتُهُمَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، كَقَوْلِ الْمُضَحِّي: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي، هَذِهِ نُهْبَةٌ لَا تُؤْكَلُ. وَفَرَّقَ ابن شهاب وغيره بأنه بذبحه أزال2 مِلْكُهُ، وَالْمَسَاكِينُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَالنَّثْرُ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِهِ أَحَبُّ إلَى صَاحِبِهِ، وَيَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ أَوْ وَقَعَ فِي حجره، وقيل بقصد. وَلَا يُكْرَهُ دُفٌّ فِي عُرْسٍ، وَالْمَنْصُوصُ: وَنَحْوَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: وَإِنَّ أَصْحَابَنَا كَرِهُوهُ فِي غَيْرِ عُرْسٍ، وَكَرِهَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِ عُرْسٍ وَخِتَانٍ، وَيُكْرَهُ لِرَجُلٍ لِلتَّشَبُّهِ، وَيُحَرَّمُ كُلُّ مَلْهَاةٍ سِوَاهُ، كَمِزْمَارٍ وَطُنْبُورٍ وَرَبَابٍ وَجُنْكٍ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: سَوَاءٌ اُسْتُعْمِلَتْ لِحُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ، وَسَأَلَهُ3 ابْنُ الْحَكَمِ عَنْ النَّفْخِ فِي الْقَصَبَةِ كَالْمِزْمَارِ قَالَ: أَكْرَهُهُ. وَفِي الْقَضِيبِ4 وَجْهَانِ "م 11" وَفِي الْمُغْنِي5: لَا يُكْرَهُ إلَّا مَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -11: قَوْلُهُ: "وَفِي الْقَضِيبِ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. يَعْنِي هل يحرم اللعب بالقضيب أم لا:
تَصْفِيقٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوَهُ، وَكَرِهَ أَحْمَدُ الطَّبْلَ لِغَيْرِ حَرْبٍ، وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِ، لِتَنْهِيضِ طِبَاعِ الْأَوْلِيَاءِ وَكَشْفِ صُدُورِ الْأَعْدَاءِ، وَلَيْسَ عَبَثًا، وَقَدْ أَرْسَلَ اللَّهُ الرِّيَاحَ وَالرُّعُودَ قبل الغيث، والنفخ في الصور 1قبل البعث1. وَضَرْبُ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ، وَالْحَجِّ: الْعَجُّ وَالثَّجُّ2. وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ الصَّوْتَ فِي عُرْسٍ، وَكَذَا الدُّفُّ، قَالَ الشَّيْخُ: لِنِسَاءٍ، وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ التَّسْوِيَةُ، قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: مَا تَرَى لِلنَّاسِ الْيَوْمَ تَحَرُّكَ الدُّفِّ فِي إمْلَاكٍ أَوْ بِنَاءٍ بِلَا غِنَاءٍ، فَلَمْ يَكْرَهْ ذَاكَ. وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ: يَكُونُ فِيهِ جَرْسٌ، قَالَ: لَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا بَأْسَ بِالصَّوْتِ وَالدُّفِّ فِيهِ وَأَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ الطَّبْلَ، وَهُوَ الْكُوبَةُ، نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ3 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: الطَّبْلُ لَيْسَ فِيهِ رُخْصَةٌ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي مَنْ أَتْلَفَ آلَةَ لَهْوٍ: الدُّفُّ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ، لِأَمْرِ الشَّارِعِ، بِخِلَافِ الْعُودِ وَالطَّبْلِ فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ وَالتَّلَهِّي بِهِ بِحَالٍ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْقَصَائِدِ قَالَ: أَكْرَهُهُ، وَقَالَ: بدعة لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُحَرَّمُ، بَلْ يُكْرَهُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحَرَّمُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. فَهَذِهِ إحدى عشرة مسألة في هذا الباب.
يُجَالَسُونَ، وَكَرِهَ التَّغْبِيرَ1، وَنَهَى عَنْ اسْتِمَاعِهِ وَقَالَ: بِدْعَةٌ وَمُحْدَثٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ يُوسُفُ: لَا يَسْتَمِعُهُ، وَقِيلَ: هُوَ بِدْعَةٌ؟ قَالَ: حَسْبُك. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ مَنَعَ مِنْ اسْمِ البدعة عليه ومن تحريمه، لأنه2 شِعْرٌ مُلَحَّنٌ3 كَالْحِدَاءِ، وَالْحَدْوِ لِلْإِبِلِ وَنَحْوَهُ، وَاحْتَجَّ قَبْلَ هَذَا بِكَرَاهَةِ أَحْمَدَ لَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ4 إذَا سَمِعَهُ زَالَ عَقْلُهُ حُرِّمَ، وَإِنْ كَانَ تَارَةً وَتَارَةً لَمْ يَكْرَهْ، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ، وَيَتَوَجَّهُ: يُكْرَهُ، قَالَ: وَالْوُعَّاظُ الْمُنْشِدُونَ لِغَزَلِ الْأَشْعَارِ وَذِكْرِ الْعُشَّاقِ كَالْمُغَنِّي وَالنَّائِحِ يَجِبُ تَعْزِيرُهُمْ، لِأَنَّهُمْ يُهَيِّجُونَ الطِّبَاعَ. وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَلَانِسِيُّ أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ عَنْ الصُّوفِيَّةِ: لَا أَعْلَمُ أَقْوَامًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ، قِيلَ: إنَّهُمْ يَسْتَمِعُونَ5 وَيَتَوَاجَدُونَ، قَالَ: دَعُوهُمْ يَفْرَحُونَ مَعَ اللَّهِ سَاعَةً، قِيلَ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَمُوتُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُغْشَى عَلَيْهِ، فَقَالَ: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر: 47] وَلَعَلَّ مُرَادَهُ سَمَاعُ الْقُرْآنِ، وَعَذَّرَهُمْ لِقُوَّةِ الوارد، كما عذر يحيى القطان 6 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْغَشْيِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ لِإِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيِّ1 وَقَدْ سَمِعَ عِنْدَهُ كَلَامَ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَرَأَى أَصْحَابَهُ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْت مِثْلَهُمْ، وَلَا سَمِعْت فِي عِلْمِ الْحَقَائِقِ مِثْلَ كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ، وَلَا أَرَى لَك صُحْبَتَهُمْ، وَقَدْ نَهَى عَنْ كِتَابَةِ كَلَامِ مَنْصُورِ بْنِ عَمَّارٍ2 وَالِاسْتِمَاعِ لِلْقَاصِّ بِهِ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: لِئَلَّا يُلْهُونَهُ عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لَا غَيْرُ، وَأَنْكَرَ3 الْآجُرِّيُّ وَابْنُ بَطَّةَ وَغَيْرُهُمَا هَذَا السَّمَاعَ. وَفِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ تَحْرِيقُ4 الثِّيَابِ فِي حَقِّ الْمُتَوَاجِدِ عِنْدَ السَّمَاعِ، قَالَ: وَيَجُوزُ سَمَاعُ الْقَوْلِ بالقضيب، ويكره الرقص. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب عشرة النساء
باب عشرة النساء مدخل ... باب عشرة النساء يَلْزَمُ الزَّوْجَيْنِ الْعِشْرَةُ بِالْمَعْرُوفِ، وَاجْتِنَابُ تَكَرُّهِ بَذْلِهِ1 لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ الْمُعَاشَرَةُ الْحَسَنَةُ وَالصُّحْبَةُ الْجَمِيلَةُ. قَالُوا: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي، لِهَذِهِ الْآيَةِ2 وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُ تَحْسِينُ الْخُلُقِ وَالرِّفْقُ، وَاسْتَحَبَّهُمَا فِي الْمُغْنِي3. وَاحْتِمَالُ الْأَذَى، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19] قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ4: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رُبَّمَا رُزِقَ مِنْهَا وَلَدًا فَجُعِلَ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. قَالَ: وَقَدْ نَدَبَتْ الْآيَةُ إلَى إمْسَاكِ الْمَرْأَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَهَا، وَنَبَّهْت عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْلَمُ وُجُوهَ الصَّلَاحِ فَرُبَّ مَكْرُوهٍ عَادَ مَحْمُودًا، وَمَحْمُودٍ عَادَ مَذْمُومًا. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَجِدُ مَحْبُوبًا لَيْسَ فِيهِ مَا يَكْرَهُ، فَلْيَصْبِرْ عَلَى مَا يَكْرَهُ لِمَا يُحِبُّ، وَأَنْشَدُوا في هذا المعنى: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عَنْ صَدِيقِهِ ... وَعَنْ بَعْضِ مَا فِيهِ يَمُتْ وَهُوَ عَاتِبٌ وَمَنْ يَتَتَبَّعْ جَاهِدًا كُلَّ عَثْرَةٍ ... يَجِدْهَا وَلَا يَسْلَمْ لَهُ الدَّهْرَ صَاحِبُ1 وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: مُعَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ بِالتَّلَطُّفِ مَعَ إقَامَةِ الْهَيْبَةِ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْلِمَهَا قَدْرَ مَالِهِ فَتَتَبَسَّطُ فِي الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا احْتَقَرَتْهُ، وَرُبَّمَا نَفَرَتْ، وَلَا يُفْشِي إلَيْهَا سِرًّا يَخَافُ مِنْ إذَاعَتِهِ، وَلَا يُكْثِرُ مِنْ الْهِبَةِ لَهَا، فَرُبَّمَا اسْتَوْثَقَتْ ثُمَّ نَفَرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا جَمَاعَةً أَطْلَعُوا نِسَاءَهُمْ عَلَى الْأَسْرَارِ، وَسَلَّمُوا إلَيْهِنَّ الْأَمْوَالَ، لِقُوَّةِ مَحَبَّتِهِمْ لَهُنَّ، وَالْمَحَبَّةُ تَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا مَلُّوا أَرَادُوا الْخَلَاصَ فَصَعُبَ عَلَيْهِمْ، فَصَارُوا كَالْأَسْرَى. وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَمْرٍ حَتَّى يُدَبِّرَ الْخُرُوجَ مِنْهُ، وَلْيَكُنْ لِلرَّجُلِ بَيْتٌ وَلِلْمَرْأَةِ بَيْتٌ، وَلَهُ فِرَاشٌ وَلَهَا فِرَاشٌ، وَلَا يَلْقَاهَا إلَّا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ بَيْنَهُمَا، لِتَتَهَيَّأَ لَهُ، فَالْبُعْدُ وَقْتَ النَّوْمِ أَصْلٌ عَظِيمٌ، لِئَلَّا يَحْدُثَ مَا يُنَفِّرُ، وَعَلَى قِيَاسِهِ اللِّقَاءُ وَقْتَ الْأَوْسَاخِ. قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ نَامَ2 إلَى جَانِبِ مَحْبُوبِهِ فَرَأَى مِنْهُ مَا يَكْرَهُ سَلَاهُ3. وَحَكَى أَنَّ كِسْرَى نَظَرَ يَوْمًا إلَى مَطْبَخِهِ وَكَيْفَ تُسْلَخُ فِيهِ4 الْغَنَمُ فَعَافَتْهُ نَفْسُهُ، وَبَقِيَ أَيَّامًا لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ، فَشَكَا ذَلِكَ إلَى بَزَرْجَمْهَرْ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ، الْعِظَامُ عَلَى الْخِوَانِ، وَالْمَرْأَةُ عَلَى الْفِرَاشِ. وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ: فَإِنَّ عُيُوبَ جَسَدِ الْإِنْسَانِ كَثِيرَةٌ، وَلِهَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَقُولُ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَرَّدَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِيَرَاهُ الْآخَرُ، وَخُصُوصًا الْعَوْرَاتِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمَّا زَوَّجَ أَسْمَاءَ بْنَ خَارِجَةَ ابْنَتَهُ دَخَلَ عَلَيْهَا لَيْلَةَ بِنَائِهَا فَقَالَ: يَا بُنَيَّةَ إنْ كَانَ النِّسَاءُ أَحَقَّ بِتَأَدُّبِك1 فَلَا بُدَّ مِنْ تَأْدِيبِك كُونِي لِزَوْجِك أَمَةً يَكُنْ لَك عَبْدًا، وَلَا تَقْرَبِي مِنْهُ جِدًّا فَيَمَلُّك أَوْ تَمَلِّيهِ، وَلَا تُبَاعِدِي مِنْهُ فَتَنْقُلِي عَلَيْهِ، وَكُونِي لَهُ كَمَا قُلْت لِأُمِّك: خُذِي الْعَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي ... وَلَا تَنْطِقِي فِي سَوْرَتِي حِينَ أَغْضَبُ وَلَا تَنْقُرِينِي نَقْرَةَ الدُّفِّ مَرَّةً ... فَإِنَّك لَا تَدْرِينَ كَيْفَ الْمُغَيَّبُ فَإِنِّي رَأَيْت الْحُبَّ فِي الْقَلْبِ وَالْأَذَى ... إذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثْ الْحُبُّ يَذْهَبُ2 وَلْيَكُنْ غَيُورًا. قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ" قِيلَ: أَفَرَأَيْت الْحَمْوَ؟ قَالَ: "الْحَمْوُ الْمَوْتُ" 3. وَقَالَ: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"4. قَالَ الشَّاعِرُ: لَا يَأْمَنَنَّ عَلَى النِّسَاءِ أَخٌ أَخًا ... مَا فِي الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَمِينُ إنَّ الْأَمِينَ وَإِنْ تَحَفَّظَ جُهْدَهُ ... لَا بُدَّ أَنَّ بنظرة سيخون 5 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد -عَلَيْهِمَا السَّلَامُ- لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ، لَا تُكْثِرْ الْغَيْرَةَ عَلَى أَهْلِك مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ فَتَرْمِي بِالشَّرِّ مِنْ أَجْلِك وَإِنْ كَانَتْ بَرِيئَةً. وَيَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْحُرَّةِ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَنَصُّهُ: بِنْتُ تِسْعٍ، بِطَلَبِهِ فِي بَيْتِهِ. وَتَسَلُّمُهَا إنْ بَذَلَتْهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَتْ بَيْتَهَا فَفِيهِ أَوْ1 بَيْتَهُ، وَلَا لُزُومَ مَعَ مَا يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيُرْجَى زَوَالُهُ، كَإِحْرَامٍ وَمَرَضٍ وَصِغَرٍ، وَلَوْ قَالَ: لَا أَطَأُ. وَفِي حَائِضٍ احْتِمَالَانِ "م 1" بَلْ نِضْوَةُ الْخِلْقَةِ، فَلَوْ خَشِيَ عَلَيْهَا اسْتَمْتَعَ كَحَائِضٍ. وَتُقْبَلُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ فِي ضِيقِ فَرْجِهَا وَقُرُوحٍ به، وعبالة ذكره2 ونحوه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَفِي حَائِضٍ احْتِمَالَانِ"، يَعْنِي هَلْ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا إلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَتْ حَائِضًا أَوْ يُنْتَظَرُ طُهْرُهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُ التَّسْلِيمُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي3، فِي بَابِ الْحَالِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ. قُلْت: وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ، بَلْ لَوْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ لَاتُّجِهَ، أَوْ يَنْظُرُ إلى قرينة الحال، 5وهو الصواب5.
وَتَنْظُرُهُمَا وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا، لِلْحَاجَةِ، وَمَتَى امْتَنَعَتْ قَبْلَ الْمَرَضِ ثُمَّ حَدَثَ فَلَا نَفَقَةَ، وَلَوْ أَنْكَرَ أَنَّ وَطْأَهُ يُؤْذِيهَا لَزِمَتْهَا الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ اسْتَمْهَلَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ إمْهَالُهُ الْعَادَةَ، لَا لِعَمَلِ الْجَهَازِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَفِي الْغُنْيَةِ: إنْ اسْتَمْهَلَتْ هِيَ وَأَهْلُهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ إجَابَتُهُمْ مَا يَعْلَمُ بِهِ التَّهَيُّؤَ مِنْ شِرَاءِ جَهَازٍ وَتَزَيُّنٍ. وَوَلَّى مَنْ بِهِ صِغَرٌ أَوْ جُنُونٌ مِثْلَهُ. وَتُسَلَّمُ الْأَمَةُ كَمَا تَقَدَّمَ لَيْلًا، وَكَذَا نَهَارًا بِشَرْطٍ أَوْ بِبَذْلِ السَّيِّدِ، فَإِنْ بَذَلَهُ وَقَدْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ "م 2". وَلِلزَّوْجِ حَتَّى الْعَبْدِ السَّفَرُ بِلَا إذْنِهَا وَبِهَا مَا لَمْ تَشْرُطْ بَلَدَهَا أَوْ تَكُنْ أَمَةً، وَفِي مِلْكِ السَّيِّدِ لَهُ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ صَحِبَهُ أم لا وجهان "م 3"، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: "وَيُسَلِّمُ الْأَمَةَ لَيْلًا، وَكَذَا نَهَارًا بِشَرْطٍ أَوْ بِبَذْلِ1 السَّيِّدِ، فَإِنْ بَذَلَهُ وَقَدْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَوَجْهَانِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ تَسْلِيمُهَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا، وهو قوي. مَسْأَلَةٌ – 3: قَوْلُهُ: "وَلِلزَّوْجِ حَتَّى الْعَبْدِ السَّفَرُ بِلَا إذْنِهَا وَبِهَا مَا لَمْ تَشْتَرِطْ بَلَدَهَا أَوْ تَكُنْ أَمَةً، وَفِي مِلْكِ السَّيِّدِ لَهُ بِلَا إذْنِ زَوْجٍ صَحِبَهُ أَمْ لَا وَجْهَانِ"، انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَأَطْلَقَهُمَا في النظم:
وَعَلَيْهِمَا1 يَنْبَنِي لَوْ بَوَّأَهَا مَسْكَنًا لِيَأْتِيَهَا الزَّوْجُ فِيهِ هَلْ يَلْزَمُهُ؟ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ2. وَلَهُ السَّفَرُ بِعَبْدِهِ الْمُزَوَّجِ، وَاسْتِخْدَامُهُ نَهَارًا، وَإِنْ قُلْنَا: النفقة والمهر3 فِي كَسْبِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ. وَلَوْ قَالَ السيد: يُمْسِكُهَا، قَالَ زَوَّجْتنِيهَا وَجَبَ تَسَلُّمُهَا لِلزَّوْجِ، وَتَحِلُّ لَهُ، لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا، وَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ مَهْرِهَا، وَيَحْلِفُ لِثَمَنٍ زَائِدٍ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا مَهْرَ وَلَا ثَمَنَ، وَلَا يَمِينَ عِنْدَهُ عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّهُ لَا يَرَاهَا فِي نِكَاحٍ، وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ مِثْلَهُ إلَّا فِي الْيَمِينِ، وَقَالَ: وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا عَنْهَا قَضَى عَلَيْهِ وَثَبَتَ مَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ4 مِنْ بَيْعٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ، وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَهُوَ حُرٌّ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ، وَنَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ، وَنَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ قُلْنَا: لَا تَحِلُّ لَهُ فَهَلْ هِيَ على مالكها السابق أم في كسبها؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، 5وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، نَقَلَهُ الْمَجْدُ5، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ جِدًّا، وَلَا سيما إذا لم يصحبه، 5وصححه في6 تَصْحِيحُ الْمُحَرَّرِ. قَالَ الْمَجْدُ: قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي في التعليق، وهو الصواب5.
فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي كَسْبِهَا، فَإِنْ مَاتَتْ فَلِلْبَائِعِ مِنْهُ قَدْرُ ثَمَنِهَا وَبَقِيَّتُهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا، وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ الْوَاطِئِ مَاتَتْ حُرَّةً وَوَرِثَهَا وَلَدُهَا وَوَرِيثُهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِهَا أَخْذُ قَدْرِ ثَمَنِهَا، لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ رَجَعَ الْبَائِعُ فَصَدَّقَهُ لَمْ يُقْبَلْ فِي إسْقَاطِ حُرِّيَّةِ وَلَدٍ وَاسْتِرْجَاعِهَا إنْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وَيُقْبَلُ فِي غَيْرِهِمَا، وَإِنْ رَجَعَ الزَّوْجُ ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ، 1قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ: ذَكَرَهَا الشَّيْخُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ مَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ1. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ تَحَالَفَا، فَإِذَا تَحَالَفَا فَلَا مَهْرَ وَلَا ثَمَنَ، وَتُرَدُّ إلَى سَيِّدِهَا، قِيلَ: تَرْجِعُ إلَيْهِ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي السِّلْعَةِ إذَا أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي وَتَعَذَّرَ الثَّمَنُ، فَيَحْتَاجُ السَّيِّدُ أَنْ يَقُولَ: فَسَخْت الْبَيْعَ وَتَعُودُ مِلْكًا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَقِيلَ: تَرْجِعُ رُجُوعَ مَنْ لَزِمَهُ دَيْنٌ فَلَمْ يَقْضِهِ، فَيَبِيعُهَا وَيَسْتَوْفِي حَقَّهُ، وَمَا فَضَلَ تَحَيَّلَ فِي رَدِّهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا الْبَائِعُ عَلَى بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَفَسَخَ الْبَيْعَ لِتَعَذُّرِ الثَّمَنِ وَاسْتَرْجَعَهَا وَكَانَ صَادِقًا حَلَّتْ لَهُ، وَإِلَّا حَلَّتْ ظَاهِرًا. وَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ فِي قُبُلٍ وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْعَجِيزَةِ. وقال ابن الجوزي في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَصُونُ: كَرِهَ الْعُلَمَاءُ الْوَطْءَ بَيْنَ1 الْأَلْيَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، كَذَا قَالَا، مَا لَمْ يَضُرَّ أَوْ يَشْغَلُ عَنْ فَرْضٍ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّورِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ، كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ2. وَلَا تَطَوُّعَ بِصَلَاةٍ وَصَوْمٍ إلَّا بِإِذْنِهِ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَأَنَّهَا تُطِيعُهُ فِي كُلِّ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ الطَّاعَةِ. وَيُحَرَّمُ وَطْؤُهُ فِي دُبُرٍ، فَإِنْ تَطَاوَعَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَيُعَزَّرُ عَالِمُ تَحْرِيمِهِ. وَلَيْسَ لَهَا اسْتِدْخَالُ ذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ بِلَا إذْنِهِ، بَلْ الْقُبْلَةُ وَاللَّمْسُ لِشَهْوَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي اسْتِدْخَالِهِ: لا يجوز، لأن الزوج يملك ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَقْدَ وَحَبْسَهَا. وَيُحَرَّمُ عَزْلُهُ بِلَا إذْنِ حُرَّةٍ وَسَيِّدِ أَمَةٍ، وَقِيلَ: وَأَذِنَهَا، وَقِيلَ: يُبَاحُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ عَكْسُهُ وَلَا إذْنَ لِسَرِيَّتِهِ، وَفِي أُمِّ ولد وجهان، في الترغيب "م 4". وَعَلَيْهِ الْوَطْءُ فِي كُلِّ ثُلُثِ سَنَةٍ مَرَّةً إنْ قَدَرَ، وَقِيلَ: الْعُرْفُ، وَيَبِيتُ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ عِنْدَ الْحُرَّةِ بِطَلَبِهَا1، وَالْأَمَةُ مِنْ سَبْعٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ مِنْ ثَمَانٍ، وَلَهُ الِانْفِرَادُ فِي الْبَقِيَّةِ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَبِيتُ وَحْدَهُ مَا أُحِبُّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ، وَقَالَهُ فِي سَفَرِهِ وَحْدَهُ، وَعَنْهُ: لَا يُعْجِبُنِي، وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ أَيُّوبَ بْنِ النَّجَّارِ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ فِي الْعَزْلِ: "وَلَا إذْنَ لِسَرِيَّتِهِ، وَفِي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ"، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ جَوَازُ الْعَزْلِ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْإِمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تستأذن ولا تستأذن الأمة ضعيف جداً.
عَنْ طَيِّبِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] مَرْفُوعًا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَعَنَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَبَتِّلِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: لَا نَتَزَوَّجُ، وَالْمُتَبَتِّلَاتِ اللَّاتِي يَقُلْنَ ذَلِكَ، وَرَاكِبَ الْفَلَاةِ وَحْدَهُ، وَالْبَائِتَ وَحْدَهُ. طَيِّبٌ قِيلَ: لَا يَكَادُ يُعْرَفُ، وَلَهُ مَنَاكِيرُ، وَذَكَرَ الْعُقَيْلِيُّ: وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ لِأَحَدِهِمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِطَلَبِهَا، وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مُولٍ، وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ صَحِيحُ الْمَذْهَبِ. وَالْمُدَّةُ مِنْ تَرْكِهِ، وَيُعْلَمُ قَصْدُ الْإِضْرَارِ بِقَرَائِنَ، وَعَنْهُ: لَا يُفَرَّقُ، وَفِي الْمُغْنِي1: هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا، وَكَذَا لَوْ ظَاهَرَ وَلَمْ يُكَفِّرْ، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُ وَطْءٌ وَلَا مَبِيتٌ إنْ لَمْ يَتْرُكْهُمَا ضِرَارًا، وَلَمْ يَعْتَبِرْ ابْنُ عَقِيلٍ قَصْدَ2 الْإِضْرَارِ بِتَرْكِهِ الْوَطْءَ كَالْمَبِيتِ، قَالَ: وَكَلَامُ أَحْمَدَ غَالِبًا يَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْقَصْدِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ، وَخُرِّجَ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي قَصْدِ الْإِضْرَارِ عَلَى الْغَالِبِ، كَذَا قَالَ، فَيَلْزَمُهُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْإِيلَاءِ، وَأَمَّا إذَا اُعْتُبِرَ قَصْدُ الْإِضْرَارِ فَالْإِيلَاءُ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الْإِضْرَارِ، فَيَكْفِي وَلَوْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدُهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: خَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ قَوْلًا: لَهَا الْفَسْخُ بِالْغَيْبَةِ الْمُضِرَّةِ بِهَا، وَلَوْ لَمْ يكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَفْقُودًا، كَمَا لَوْ كُوتِبَ فَلَمْ يَحْضُرْ بِلَا عُذْرٍ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي امْرَأَةِ مَنْ عُلِمَ خَبَرُهُ كَأَسِيرٍ وَمَحْبُوسٍ: لَهَا الْفَسْخُ بِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ مِنْ مَالِهِ وَإِلَّا فَلَا "ع" قَالَ شَيْخُنَا: لَا إجْمَاعَ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَطْءُ لِعَجْزٍ كَالنَّفَقَةِ وَأَوْلَى، لِلْفَسْخِ بِتَعَذُّرِهِ "ع" فِي الْإِيلَاءِ. وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ، وَقَالَ أَيْضًا: حُكْمُهُ كَعِنِّينٍ. وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ فَأَبَى بِلَا عُذْرٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، قِيلَ: إنْ وَجَبَ الْوَطْءُ "م 5" وَقِيلَ: أَوْ لَا. وَفِي التَّرْغِيبِ ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْبَيْتُوتَةِ مَا يَزُولُ مَعَهُ ضَرَرُ الْوَحْشَةِ، ويحصل معه الأنس المقصود بالزوجية، بلا2 تَوْقِيتَ، فَيَجْتَهِدُ الْحَاكِمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَإِنْ سَافَرَ فَوْقَ نِصْفِ سَنَةٍ وَطَلَبَتْ قُدُومَهُ فَأَبَى بِلَا عُذْرٍ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: إنْ وَجَبَ الْوَطْءُ، وَقِيلَ: أَوْ لَا، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَهَا ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ الْوَطْءِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهَا الْفَسْخُ إلَّا إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْوَطْءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وذكر المصنف ما نقله في الترغيب.
فصل تستحب التسمية عند الوطء،
فصل تُسْتَحَبُّ التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْوَطْءِ، وَقَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا" 1. وَلِأَبِي دَاوُد2 عَنْ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ رؤي – أو3 كَلِمَةً غَيْرَهَا- فِيكُمْ الْمُغَرِّبُونَ"؟ ، قُلْت: وَمَا الْمُغَرِّبُونَ؟ قَالَ: "الَّذِينَ تُشْرِكُ فِيهِمْ الْجِنُّ". وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْمُرَادُ أَمْرُهُمْ إيَّاهُمْ بِالزِّنَا، فَجَاءَ أَوْلَادُهُمْ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ4. وَتَغْطِيَةُ رَأْسِهِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ تَخَلِّيهِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَأَنْ لَا يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهَا، قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عَطَاءٍ: كُرِهَ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي عِلَّةِ مَنْعِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْبَوْلِ هَلْ هُوَ لِلْخَارِجِ النَّجِسِ أَوْ لِكَشْفِ الْعَوْرَةِ نَحْوَهَا؟ فَمَنْ عَلَّلَ بِالْأَوَّلِ أَبَاحَ الْوَطْءَ نَحْوَهَا، وَالثَّانِي يَمْنَعُهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَنْ كَعْبٍ: إنَّهُ كَرِهَ الْوَطْءَ فِي السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا تَجْرِي عَلَى كَفِّ الرَّحْمَنِ، وَقَالَ فِي خَبَرٍ غَيْرِ ثَابِتٍ عَنْ مَكْحُولٍ: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاخِرَ وَالنَّاخِرَةَ إلَّا عِنْدَ الْوِقَاعِ1. ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ فِي أَحْكَامِ الْوَطْءِ. وَتُكْرَهُ كَثْرَةُ الْكَلَامِ، وَنَزْعُهُ قَبْلَ فَرَاغِهَا، وَمُتَجَرِّدِينَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا سُتْرَةَ عَلَيْهِمَا، احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ مَرْفُوعًا: "إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ وَلَا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ3". وَاحْتَجَّ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى تَحْرِيمِ التَّعَرِّي خَلْوَةً، مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِلْكَرَاهَةِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ سِتْرَهَا عَنْ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ، وَالْخَلْوَةِ دُونَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ لَا يجب سترها4 عَنْهُمَا. وَتُحَرَّمُ خَلْوَةً، بِدَلِيلِ النَّهْيِ عَنْهُ حَالَ الْجِمَاعِ، فَيَكُونُ مُحَرَّمًا أَيْضًا، وَكَذَا تَحَدُّثُهُ بِهِ، وَحَرَّمَهُ فِي الْغُنْيَةِ وَالْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ فِي كِتَابِهِ، وَهُوَ أَظْهَرُ. وَحَرَّمَ فِي أَسْبَابِ الْهِدَايَةِ إفْشَاءَ السِّرِّ. وَحَرَّمَ فِي الرِّعَايَةِ، إفْشَاءَ السِّرِّ الْمُضِرِّ، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ "إنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلُ يُفْضِي إلَى امْرَأَتِهِ وتفضي إليه ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَنْشُرُ أَحَدُهُمَا سِرَّ صَاحِبِهِ" 1 وَكَذَا بِمَرْأَى أَحَدٍ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُحَرَّمُ وَلَوْ رَضِيَا وَيُحَرَّمُ جَمْعُهُ بَيْنَهُمَا فِي مَسْكَنٍ، وَيَجُوزُ بِرِضَاهُمَا، كَنَوْمِهِ بَيْنَهُمَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ، وَجَوَّزَ فِي الْمُغْنِي2 وَالتَّرْغِيبِ جَعْلَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي بَيْتِ سَكَنِ مِثْلِهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يُحَرَّمُ مَعَ اتِّحَادِ الْمَرَافِقِ، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ فَظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ الْمَنْعُ، إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ فَقَطْ، لِثُبُوتِ حَقِّهَا، كَالْجِمَاعِ3، وَالسَّرِيَّةُ لَا حَقَّ لَهَا فِي الِاسْتِمْتَاعِ، وَهَذَا مُتَّجَهٌ. وَيَجُوزُ نَوْمُ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ بِلَا جِمَاعٍ بِحَضْرَةِ مَحْرَمٍ لَهَا، لِنَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ فِي طُولِ الْوِسَادَةِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ لَمَّا بَاتَ عِنْدَهَا فِي عَرْضِهَا4. وَلَهُ إلْزَامُهَا بِتَرْكِ مُحَرَّمٍ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ. فِي الْمَذْهَبِ. وَغَسْلِ حَيْضٍ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي ذِمِّيَّةٍ، فَفِي وَطْئِهِ بِدُونِهِ وجهان "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6-: قَوْلُهُ: "وَلَهُ إلْزَامُهَا ... بِغُسْلِ حَيْضٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي ذِمِّيَّةٍ5، فَفِي وَطْئِهِ بِدُونِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ وَطْؤُهَا بِدُونِ الْغُسْلِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِأَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَصَحُّ، وهو ظاهر كلامه
وعلى الأول في النية له والتسمية والتعبد به لو أسلمت وجهان "م 7 و 8". ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 حَيْثُ قَالَا: وَلِلزَّوْجِ إجْبَارُ زَوْجَتِهِ عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً، لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِاسْتِمْتَاعَ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لَهُ، 3لَكِنَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِجْبَارِ، ومحل الخلاف على القول بعدمه3. مسألة -7،8: قَوْلُهُ: "وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّيَّةِ لَهُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالتَّعَبُّدُ بِهِ لَوْ أَسْلَمَتْ وَجْهَانِ"، انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 7: 3إذَا قُلْنَا: لَهُ إلْزَامُهَا3، فَهَلْ تَجِبُ النِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ فِيهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبَانِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ: وَفِي اعْتِبَارِ التَّسْمِيَةِ فِي غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ وَجْهَانِ، وَيَصِحُّ مِنْهَا الْغُسْلُ بِلَا نِيَّةٍ، وَخُرِّجَ ضِدَّهُ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهِمَا، وَقَدْ قَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ أَنَّ غُسْلَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ، قَالَ ابن تميم: واعتبر الدينوري في تكفير4 الْكَافِرِ بِالْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ النِّيَّةَ، وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ هُنَا، قال في القواعد الأصولية: وَيَحْسُنُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ بِالْفُرُوعِ أَمْ لَا؟ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْحَيْضِ5 أَنَّ أَبَا الْمَعَالِي قَالَ: لَا نِيَّةَ لِلْكَافِرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ، لِعَدَمِ تَعَذُّرِهَا مَآلًا، بِخِلَافِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّهَا تُعِيدُهُ إذَا أَفَاقَتْ وَأَسْلَمَتْ، وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي فِي الْكَافِرَةِ: إنَّمَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ، فَيَجِبُ عَوْدُهُ إذَا أَسْلَمَتْ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَلِّيَ بِهِ، انتهى.
وَهَلْ مُنْفَصِلُهُ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مَانِعًا؟ أَوْ طَهُورٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 9". ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 8: هَلْ لَهَا أَنْ تَتَعَبَّدَ بِهِ لَوْ أَسْلَمَتْ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْمَعَالِي، عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَعَبَّدَ بِهِ، وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَّزَ لَهَا ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ- 9: قَوْلُهُ: "وَهَلْ مُنْفَصِلُهُ طَاهِرٌ لِكَوْنِهِ أَزَالَ مَانِعًا؟ أَوْ طَهُورٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ قُرْبَةً؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ"، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ عُبَيْدَانَ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي غُسْلٍ فِي الْحَيْضِ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ: إحداهما: هو طاهر غير3 مُطَهِّرٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ طَهُورٌ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ مُطْلَقًا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ طَهُورٌ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي مَاءِ غُسْلِ الْحَيْضِ رِوَايَتَانِ، وَقَالَ فِي مَاءِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ وَجْهًا وَاحِدًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ لَزِمَهَا الْغُسْلُ مِنْهُ بِطَلَبِ الزَّوْجِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ. قُلْت: أَوْ السَّيِّدِ، فَطَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدُهُمَا أَوْ طلبه وقلنا: لا يجب فطهور.
وقيل: ومن الجنابة طاهر. وَفِي غُسْلِ جَنَابَةٍ رِوَايَتَانِ "م 10". وَفِي أَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَقِيلَ: وَتَنَظُّفٌ وَجْهَانِ كَأَكْلِ مُؤْذٍ رِيحُهُ "م 11 و 12" وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ فيه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -10: قَوْلُهُ: "وَفِي غُسْلِ جَنَابَةٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى غُسْلِ الْجَنَابَةِ، عَلَى الْأَصَحِّ، كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالنَّجَاسَةِ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ، انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ جَلِيٌّ وَاضِحٌ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَصَّهُمَا فِي الْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمَا بِالذِّمِّيَّةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ -11، 12: قَوْلُهُ: "وَفِي أَخْذِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ ... وَجْهَانِ كَأَكْلِ مُؤْذٍ رِيحُهُ" انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 11: هَلْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى أَخْذِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ إذا طالا أم لا؟
وتمنع ذِمِّيَّةٌ مِنْ سُكْرٍ، فِي الْأَصَحِّ، كَبَيْعَةٍ وَكَنِيسَةٍ، وَعَنْهُ: وَدُونَهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: وَمِثْلُهُ لَحْمُ خِنْزِيرٍ. وَلَا تُكْرَهُ عَلَى وَطْءٍ فِي صَوْمِهَا. نَصَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 فِي الشَّعْرِ. أَحَدُهُمَا: لَهُ إجْبَارُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ إذَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَكَذَلِكَ الْأَظْفَارُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى أَخْذِ ذَلِكَ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: إنْ طَالَ الشَّعْرُ وَالظُّفْرُ وَجَبَ إزَالَتُهُمَا، وَإِلَّا فَلَا، وقيل في التنظيف والاستحداد وجهان، انتهى. تَنْبِيهٌ: حَكَى الْمُصَنِّفُ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، وَحَكَاهُمَا فِي الْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 12: إذَا أَكَلَتْ مَا يُؤْذِي رِيحُهُ فَهَلْ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ4 فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابن رزين في شرحه وغيره. والوجه الثاني: لَا تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ بُعْدٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَأْكُلَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ لَا يَتَأَذَّى به.
عَلَيْهِ، وَلَا إفْسَادِ صَلَاتِهَا وَسُنَّتِهَا. وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَيُحَرَّمُ بِلَا إذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا قَامَ بِحَوَائِجِهَا كُلِّهَا وَإِلَّا لَا بُدَّ لَهَا، قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَبَسَتْهُ بِحَقِّهَا: إنْ خَافَ خُرُوجَهَا بِلَا إذْنِهِ أَسْكَنَهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَحْفَظُهَا غَيْرُ نَفْسِهِ حُبِسَتْ مَعَهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حِفْظِهَا أَوْ خِيفَ حُدُوثُ شَرٍّ أُسْكِنَتْ فِي رِبَاطٍ وَنَحْوَهُ، وَمَتَى كَانَ خُرُوجُهَا مَظِنَّةً لِلْفَاحِشَةِ صَارَ حَقًّا لِلَّهِ "تَعَالَى" يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ رِعَايَتُهُ، وَيُسْتَحَبُّ إذْنُهُ فِي خُرُوجِهَا لِمَرَضِ مَحْرَمٍ أَوْ مَوْتِهِ، وَأَوْجَبَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِلْعِيَادَةِ، وَقِيلَ: أَوْ نسيب وقيل: لها زِيَارَةُ أَبَوَيْهَا، كَكَلَامِهِمَا وَلَا يَمْلِكُ مَنْعَهُمَا مِنْ زِيَارَتِهَا، فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَلْزَمُهَا طَاعَةُ أَبَوَيْهَا فِي فِرَاقٍ وَزِيَارَةٍ وَنَحْوَهُ، بَلْ طَاعَةُ زَوْجِهَا أَحَقُّ. وَلَيْسَ عَلَيْهَا عَجْنٌ وَخَبْزٌ وَطَبْخٌ وَنَحْوَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْجُوزَجَانِيِّ، وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا الْمَعْرُوفَ "مِنْ" مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ، وَخَرَّجَ أَيْضًا الْوُجُوبَ مِنْ نَصِّهِ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ وُجُوبُ الْخِدْمَةِ عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ عَلَى فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِخِدْمَةِ الْبَيْتِ كُلِّهَا1. وَقَالَ أبو ثور: عليها أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَخْدُمَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. وَيَصِحُّ تَزْوِيجُ مُسْتَأْجَرَةٍ لِرَضَاعٍ، وَقِيلَ: يَمْلِكُ الْفَسْخَ إنْ جَهِلَهُ، وَلَهُ الوطء، وقيل: لا، إن أضر1 بلبن. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل القسم مستحق على غير طفل، فيلزمه التسوية بين زوجاته،
فصل الْقَسْمُ مُسْتَحَقٌّ عَلَى غَيْرِ طِفْلٍ، فَيَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ، حَتَّى حَائِضٍ وَمَعِيبَةٍ وَرَتْقَاءَ وَمُظَاهِرٍ مِنْهَا وَمَنْ سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَأْمُونَةٍ وَكِتَابِيَّةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَصَغِيرَةٍ قِيلَ: تُوطَأُ2، وَقِيلَ: مميزة "م 13" فِي الْقَسْمِ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَالنَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ، وَنَصُّهُ: لَا بَأْسَ. وَقَالَ فِي الْجِمَاعِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدَعَهُ عَمْدًا يُبْقِي نَفْسَهُ، لِتِلْكَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: أَوْ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا، وَالْأَمَةُ نِصْفُ حُرَّةٍ، وَالْعِتْقُ3 بَعْضُهَا بِالْحِسَابِ. وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ، وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قِيلَ: يَتِمُّ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ، وَقِيلَ: يَسْتَوِيَانِ بِقَطْعٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -13: قَوْلُهُ فِي الْقَسْمِ: "فَيَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ،....حَتَّى حَائِضٍ...." وَكَذَا "صَغِيرَةٌ قِيلَ: تُوطَأُ، وَقِيلَ: مُمَيِّزَةٍ" انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُحَرَّرِ وتذكرة ابن عبدوس والرعايتين وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، 4وَهُوَ أَوْلَى، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمَبِيتِ لَيْسَ هُوَ الْوَطْءُ وَحْدَهُ، بَلْ وَالْأُنْسُ وَنَحْوَهُ، والمميزة محتاجة إليه كغيرها4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 بعدها في الأصل: "مثلها". 3 في "ط": "والعتق". 4 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط".
استدراك "م 14" وفي المغني1 والترغيب: وإن عتقت بعد نوبتها، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 14: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ، وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قِيلَ: يَتِمُّ لِلْحُرَّةِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ، وَقِيلَ: يَسْتَوِيَانِ بِقَطْعٍ أَوْ اسْتِدْرَاكٍ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَإِنْ عَتَقَتْ فِي ابْتِدَاءِ مُدَّتِهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا لَيْلَةً أُخْرَى، وَإِنْ كَانَ بعد انقضاء مدتها استؤنف3 الْقَسْمَ مُتَسَاوِيًا، وَلَمْ يَقْضِ لَهَا مَا مَضَى، لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَصَلَتْ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ حَقِّهَا، وَإِنْ عَتَقَتْ وَقَدْ قَسَمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهُمَا تَسَاوَيَا، انْتَهَى. وَمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَزَادَ: إنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا بَدَأَ بِهَا أَوْ بِالْحُرَّةِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي4: فَإِنْ عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا أَضَافَ إلَى لَيْلَتِهَا أُخْرَى، وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ مُدَّتِهَا استأنف5 القسم متساويا. انتهى. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي عِبَارَتِهِ ابْنَ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتَيْهِ، أَعْنِي أَنَّ الْأَمَةَ إذَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQعَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ لَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ، وَإِذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ فِيهَا الْخِلَافُ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلِأَمَةٍ عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ كَقَسْمِهَا1، و 2 إذا أعتقت2 وَفِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ3 يُتِمُّهَا عَلَى الرِّقِّ، انْتَهَى، بِعَكْسِ4 مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ حَمْدَانَ، وَجَعَلَ لَهَا إذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ قَسَمَ حُرَّةً، وَاذَا عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ حُرَّةٍ مَسْبُوقَةٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى الرِّقِّ، وَرَأَيْت بَعْضَ الْأَصْحَابِ صَوَّبَ ذَلِكَ، وَأَصْلُ هَذَا مَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي نَوْبَتِهَا أَوْ نَوْبَةِ5 الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَهَا قَسْمُ حُرَّةٍ، وَإِنْ عَتَقَتْ فِي نَوْبَةِ الْحُرَّةِ وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ فَوَجْهَانِ، فَالْمُصَنِّفُ وَابْنُ حَمْدَانَ جَعَلَا الضَّمِيرَ الْمُنْفَصِلَ فِي قَوْلِهِ: "6 وَهِيَ المتقدمة6" وَهِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ، عَائِدًا إلَى الْأَمَةِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ جَعَلَهُ عَائِدًا إلَى الْحُرَّةِ، وَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ، وَقَدْ صَوَّبَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ عَوْدَ الضَّمِيرِ إلَى الْحُرَّةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ، وَخَطَأُ مَا قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي7، وَكَذَلِكَ فِي الْمُغْنِي8 وَالشَّرْحِ9، وَلِلْقَاضِي مُحِبِّ الدِّينِ بْنِ نَصْرِ اللَّهِ الْبَغْدَادِيِّ صَاحِبُ الْحَوَاشِي عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كُرَّاسَةٌ عَلَى كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: قَوْلُ شارح المحرر أقرب إلى الصواب.
اقتصرت على يومها زاد فِي التَّرْغِيبِ: بَدَأَ بِهَا أَوْ بِالْحُرَّةِ. وَيَطُوفُ بِمَجْنُونٍ مَأْمُونٍ وَلِيُّهُ وُجُوبًا، لَا بِطِفْلٍ، وَيُحَرَّمُ تَخْصِيصٌ بِإِفَاقَتِهِ، وَإِنْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَفِي قَضَاءِ يَوْمِ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَجْهَانِ "م 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: "وَإِنْ عَتَقَتْ بَعْدَ نَوْبَتِهَا اقْتَصَرَتْ عَلَى يَوْمِهَا"، كَذَا فِي النُّسَخِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ تَصْحِيفٌ فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِنَّمَا هُوَ " عَلَى نَوْبَتِهَا "، وَهُوَ الظَّاهِرُ، إذْ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لقال: "على ليلتها". مَسْأَلَةٌ – 15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ أَفَاقَ فِي نَوْبَةِ وَاحِدَةٍ فَفِي قَضَاءِ يَوْمِ جُنُونِهِ لِلْأُخْرَى وَجْهَانِ" انْتَهَى.
وَعِمَادُ الْقَسْمِ اللَّيْلُ لِمَنْ مَعَاشُهُ نَهَارًا وَالنَّهَارُ يَتْبَعُهُ، وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْتِيَهُنَّ وَأَنْ يَدْعُوَهُنَّ إلَى مَنْزِلِهِ، وَيُسْقِطَ حَقَّ مُمْتَنِعَةٍ، وَلَهُ دُعَاءُ الْبَعْضِ، وَقِيلَ: يَدْعُو الْكُلَّ، أَوْ يَأْتِي الْكُلُّ، فَعَلَى هَذَا لَيْسَتْ الْمُمْتَنِعَةُ نَاشِزًا، وَالْحَبْسُ كَغَيْرِهِ، إلَّا أَنَّهُ إنْ دَعَاهُنَّ لَمْ يَلْزَمْ مَا لَمْ يَكُنْ سَكَنُ مِثْلِهِنَّ. وَمَتَى بَدَأَ بِمَبِيتٍ عِنْدَ وَاحِدَةٍ أَوْ سَفَرٍ بِهَا بِلَا قُرْعَةٍ أَثِمَ وَقَضَى، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا زَمَنَ سَيْرِهِ، وَيَقْضِي مَعَ الْقُرْعَةِ مَا تَعَقَّبَهُ السَّفَرُ أَوْ تَخَلَّلَهُ مِنْ إقَامَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ: إنْ لَزِمَهُ إتْمَامُ صَلَاةٍ، وَقِيلَ: وَزَمَنُ سَيْرِهِ، وَقِيلَ: فِي سَفَرِ نَقْلَةٍ، وَقِيلَ: فِي2 سَفَرٍ قَصِيرٍ، كَإِقَامَةٍ، وَسَوَاءٌ عَنَّ لَهُ سَفَرٌ أَبْعَدُ مِنْهُ أَوْ لَا. وَيَدْخُلُ فِي نَوْبَتِهَا إلَى غيرها ليلا لضرورة، و3نهارا لحاجة، كعيادة ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَقْضِي، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقْضِي.
مَرِيضٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِيهِمَا لِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ أَوْ لمرض، فَيُدَاوِيهَا، وَفِي قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا نَهَارًا وَجْهَانِ "م 16". وَإِنْ لَبِثَ وَلَوْ ضَرُورَةً أَوْ وَطِئَ قَضَاهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: لَا يَقْضِي وَطْئًا بِزَمَنِهِ الْيَسِيرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِيمَنْ دَخَلَ نَهَارًا لِحَاجَةٍ ولبث وجهان، و1أنه لَا1 يَقْضِي لَيْلَةَ صَيْفٍ عَنْ لَيْلَةِ شِتَاءٍ، وَلَهُ قَضَاءُ أَوَّلِ لَيْلٍ عَنْ آخِرِهِ وَعَكْسُهُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ زَمَنُهُ، وَيَخْرُجُ نَهَارَ2 لَيْلٍ قَسَمَ: وَأَوَّلُ لَيْلٍ وَآخِرُهُ، وَإِلَّا قَضَى الْكَثِيرَ أَوْ غَابَ مِثْلُهُ عَنْ الْأُخْرَى. وَإِنْ سَافَرَتْ بِلَا إذْنِهِ، أَوْ أَبَتْ الْمَبِيتَ أَوْ السَّفَرَ مَعَهُ، فَلَا قَسْمَ وَلَا نَفَقَةَ، وَقِيلَ: لَهَا النَّفَقَةُ، "3وقيل لها النفقة3" بالوطء. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ: "وَفِي قُبْلَةٍ وَنَحْوِهَا نَهَارًا وَجْهَانِ" انْتَهَى، يَعْنِي هَلْ يَقْضِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَقْضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى قَضَاءِ الْجِمَاعِ لَا غَيْرُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَإِنْ بَعَثَهَا لِحَاجَتِهِ بَقِيَا، وَفِيهِمَا لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ وجهان، وقيل: ببقاء1 النفقة "م 17". وَمَنْ تَزَوَّجَ بِكْرًا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا خَالِصَةً، ثم دار، و 2إن كانت ثيبا2 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْضِي، كَالْجِمَاعِ، وَهُوَ الْعَدْلُ. مَسْأَلَةٌ – 17: قَوْلُهُ: "وَإِنْ بَعَثَهَا لِحَاجَتِهِ بَقِيَا، وَفِيهِمَا لِحَاجَتِهَا بِإِذْنِهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ بِبَقَاءِ النَّفَقَةِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى والنظم والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم: أحدهما5: يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ وَالنَّفَقَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَقَطَعَ بِهِ صَاحِبُ الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَالْخِرَقِيُّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطَانِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ فِي مَكَانَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَبْقَى وَحْدَهَا، احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ4، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قُلْت: وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي، وَأَطْلَقَهَا الزَّرْكَشِيّ وصاحب تجريد العناية.
ثَلَاثًا، وَإِنْ شَاءَتْ وَقِيلَ: أَوْ هُوَ سَبْعًا، فَعَلَ، وَقَضَى الْكُلَّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: الْفَاضِلُ لِلْبَقِيَّةِ، وَقِيلَ: الْأَمَةُ نِصْفُ حُرَّةٍ. وَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ امْرَأَتَانِ كُرِهَ وَبَدَأَ بِالدَّاخِلَةِ أَوَّلًا، وَيَقْرَعُ لِلتَّسَاوِي. وَفِي التَّبْصِرَةِ: يَبْدَأُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا أَقْرَعَ، وَإِنْ سَافَرَ بِمَنْ قُرِعَتْ دَخَلَ حَقُّ الْعَقْدِ فِي قَسْمِ السَّفَرِ 1إنْ كَانَ السَّفَرُ يَسْتَغْرِقُهُ1، فَيَقْضِيهِ لِلْأُخْرَى، فِي الْأَصَحِّ، بَعْدَ قُدُومِهِ، وَقِيلَ: يَقْضِيهِ لَهُمَا. وَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً وَقْتَ قَسْمِهَا أَثِمَ، وَيَقْضِيهِ مَتَى نَكَحَهَا، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَيَجُوزُ بِنَاءُ الرَّجُلِ بِامْرَأَتِهِ فِي السَّفَرِ، وَرُكُوبُهَا مَعَهُ عَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ الْجَيْشِ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل لها هبة قسمها بلا مال لضرة بإذنه، ولو أبت الموهوب لها،
فصل لَهَا هِبَةُ قَسْمِهَا بِلَا مَالٍ لِضَرَّةٍ بِإِذْنِهِ، وَلَوْ أَبَتْ الْمَوْهُوبُ لَهَا، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَإِذْنُ سَيِّدِ أَمَةٍ، لِأَنَّ وَلَدَهَا لَهُ، أَوْ لَهُ فَيَجْعَلُهُ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَالَتْ: خُصَّ بِهَا مَنْ شِئْت، الْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَمْلِكَهُ، لِأَنَّهُ يُوَرِّثُ الْغَيْظَ، بِخِلَافِ تَخْصِيصِهَا1 وَاحِدَةً، وَقِيلَ: لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً، فَقِيلَ: يَطَأُ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثالثة، وَقِيلَ لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ2 لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ "م 18" وَيَقْسِمُ لَهَا مِنْ حِينِ رُجُوعِهَا وَلَوْ فِي بَعْضِ لَيْلَةٍ، ولا يقضيه إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 18: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ: لَهُ نَقْلُهُ لِيَلِيَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، فَلَوْ وَهَبَتْ رَابِعَةٌ لَيْلَتَهَا ثَانِيَةً فَقِيلَ: يطأ ثانية ثم أولى ثم ثانية ثم ثَالِثَةً، وَقِيلَ: لَهُ وَطْءُ الْأُولَى أَوَّلًا، ثُمَّ يُوَالِي لِلثَّانِيَةِ لَيْلَتَهَا وَلَيْلَةَ الرَّابِعَةِ" انْتَهَى. قُلْت: إنْ وَهَبَتْ الرَّابِعَةُ الثَّانِيَةَ لَيْلَتَهَا وَكَانَ قَدْ وَصَلَ فِي الدَّوْرِ إلَى الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَبِيتُ وَيَطَأُ بَعْدَ الثَّالِثَةِ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ:
عَلِمَ بَعْدَ تَتِمَّتِهَا، وَلَهَا بَذْلُ قَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِيُمْسِكَهَا، وَالرُّجُوعُ لِتَجَدُّدِ الْحَقِّ، وَفِي الْهَدْيِ1: يَلْزَمُ وَلَا مُطَالَبَةَ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، كَمَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَالْأَمْوَالِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْمُنَافِقِ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ. كَذَا قَالَ. وَإِنْ قَسَمَ لِثِنْتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ، ثُمَّ تَجَدَّدَ حَقُّ رَابِعَةٍ، بِأَنْ رَجَعَتْ فِي هِبَةٍ، أَوْ عَنْ نُشُوزٍ، أَوْ بِنِكَاحٍ، وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ، ثُمَّ رُبْعُ الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ لِلرَّابِعَةِ، وَبَقِيَّتُهُ لِلثَّالِثَةِ، فَإِذَا كَمُلَ الحق ابتدأ التسوية. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ هَذَا بِلَا نِزَاعٍ فِي الْمُذْهَبِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا بَعْدَ فَرَاغِهَا فَتَسْتَحِقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَيَدُورُ عَلَى الْأُولَى ثُمَّ الثَّانِيَةِ، وَالصَّوَابُ ثُمَّ الثَّالِثَةِ ثُمَّ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ، وَهُوَ الْعَدْلُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ نَقْلُ لَيْلَةِ الرَّابِعَةِ لِيَلِيَ ليلة الموهوبة فيبيت ليلة2 ثَانِيَةً قَبْلَ الْمَبِيتِ عِنْدَ الثَّالِثَةِ. قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ ظُلْمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثُمَّ نَكَحَ وَفَّاهَا حَقَّ عَقْدِهِ ثُمَّ لَيْلَةً لِلْمَظْلُومَةِ ثُمَّ نِصْفَ لَيْلَةٍ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ يَبْتَدِئُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا يَبِيتُ1 نِصْفَهَا بَلْ لَيْلَةً، لِأَنَّهُ حَرَجٌ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ أَبَانَ الْمَظْلُومَةَ ثُمَّ نَكَحَهَا وَقَدْ نَكَحَ جَدِيدَاتٍ تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ. وَلَا قَسْمَ لِإِمَائِهِ مُطْلَقًا، فَيَفْعَلُ مَا شَاءَ، وَلَوْ أَخَذَ مِنْ زَمَنِ زَوْجَاتِهِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَكِنْ يُسَوِّي فِي حِرْمَانِهِنَّ. فَإِنْ نَشَزَتْ بِأَنْ مَنَعَتْهُ حَقَّهُ أَوْ أَجَابَتْهُ مُتَبَرِّمَةً وَعَظَهَا ثُمَّ يَهْجُرُهَا فِي الْكَلَامِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُحَرَّرِ: وَالْمَضْجَعِ، ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ2 كَلَامُ أَحْمَدَ بِالْهَجْرِ بِالْكَلَامِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ هُنَاكَ، وَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. وَفِي الْوَاضِحِ يَهْجُرُهَا فِي الْفِرَاشِ، فإن أضاف إليه الهجر في4 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكَلَامِ وَدُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ عَلَيْهَا جَازَ 1وَكُرِهَ، ثُمَّ يَضْرِبُهَا غَيْرَ شَدِيدٍ، عَشْرَةً فَأَقَلَّ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وهو حسبه2، قاله في الانتصار1، و1عنه: لَهُ ضَرْبُهَا أَوَّلًا1، وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: "إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ". وَلَا يَمْلِكُ تَعْزِيرَهَا فِي حَقِّ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -. وَنَقَلَ مُهَنَّا هَلْ يَضْرِبُهَا عَلَى تَرْكِ زَكَاةٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. وَفِيهِ ضَعْفٌ، لِأَنَّهُ نُقِلَ عَنْهُ: يَضْرِبُهَا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَمْلِكُهُ، وَلَا يَنْبَغِي سُؤَالُهُ لِمَ ضَرَبَهَا، قَالَهُ أَحْمَدُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ إبْقَاءً لِلْمَوَدَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتْرُكَهُ عَنْ الصَّبِيِّ لِإِصْلَاحِهِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إلَّا أَنْ يُجَاهِدَ. وَلِمُسْلِمٍ5 عَنْهَا، فِي خُرُوجِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي اللَّيْلِ إلَى الْبَقِيعِ وَأَخْفَاهُ مِنْهَا: وَخَرَجَتْ فِي أَثَرِهِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ثُمَّ رفع يديه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَتْ: ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْت، فَأَسْرَعَ فَأَسْرَعْت، فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْت، فَأَحْضَرَ فَأَحْضَرْت وَالْإِحْضَارُ الْعَدْوُ فَسَبَقْته فَدَخَلْت، فَدَخَلَ فَقَالَ مَا لَكِ يَا عَائِشُ حَشْيَا رَابِيَةً؟ قُلْت: لَا شَيْءَ، قَالَ: "لَتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرَنِّي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، فَأَخْبَرْته، فَلَهَدَنِي في صدري لهدة1 أوجعتني، ثم قال: "أظننت2 أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْك وَرَسُولُهُ؟ ". حَشْيَا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورٌ، وَالْحَشَا الرَّبْوُ وَالنَّهِيجُ الَّذِي يَعْرِضُ لِلْمُسْرِعِ فِي مَشْيِهِ وَالْمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ النَّفَسِ وَتَوَاتُرِهِ، وَرَابِيَةً أَيْ مُرْتَفِعَةَ الْبَطْنِ، وَلَهَدَنِي بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَيُرْوَى بِالزَّايِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ، يُقَالُ: لَهَدَهُ بِتَخْفِيفِ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ دَفَعَهُ وَيُقَالُ: لَهَزَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِجَمِيعِ كَفِّهِ فِي صَدْرِهِ، وَيَقْرُبُ مِنْهُمَا لَكَزَهُ وَوَكَزَهُ. وَيَمْنَعُ مِنْهَا مَنْ عَلِمَ بِمَنْعِهِ حَقَّهَا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ، وَيُحْسِنَ عِشْرَتَهَا، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي" 3 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ4 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: "استوصوا بالنساء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعٍ فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ اسْتَمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ" وَلِمُسْلِمٍ1: "وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا" وَلِأَحْمَدَ2 مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ: "فَدَارِهَا تَعِشْ بِهَا". وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ: سَمِعْت الْقَاضِيَ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ: خَمْسَةٌ تَجِبُ عَلَى النَّاسِ مُدَارَاتُهُمْ: الْمَلِكُ الْمُسَلَّطُ، وَالْقَاضِي الْمُتَأَوِّلُ، وَالْمَرِيضُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْعَالِمُ لِيُقْتَبَسَ مِنْ عِلْمِهِ. فَاسْتَحْسَنْت ذَلِكَ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا تَغْلُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ3: مَنْ لَمْ يُقِرَّ بِقَلِيلِ مَا يَأْتِي بِهِ السَّفِيهُ أَقَرَّ بِالْكَثِيرِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَتَى أَمْسَكَ عَنْ الْجَاهِلِ عَادَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَقْلِ مُوَبِّخًا لَهُ عَلَى قُبْحِ مَا أَتَى بِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ الْخَلْقُ لَائِمِينَ لَهُ عَلَى سُوءِ أَدَبِهِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يُجِيبُهُ، وَمَا نَدِمَ حَلِيمٌ4 وَلَا سَاكِتٌ. فَإِنْ شِئْت فَاجْعَلْ سُكُوتَك أَجْرًا وَاحْتِقَارًا، أَوْ سَبَبًا لِمُعَاوَنَةِ النَّاسِ لَك وَلِئَلَّا تَقَعَ فِي إثْمٍ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ وَنَقَلَ أَيْضًا: أَنْ يَحْتَمِلَ مِنْ النَّاسِ مَا يَكُونُ إلَيْهِ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْعَرَبُ تَقُولُ: صَبْرُك عَلَى أَذَى مَنْ تَعْرِفُهُ خَيْرٌ لَك مِنْ اسْتِحْدَاثِ مَنْ لَا تَعْرِفُهُ. وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ هَذَا الْمَعْنَى، وَحَدَّثَ رَجُلٌ لِأَحْمَدَ مَا قِيلَ فِي الْعَافِيَةِ عشرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي التَّغَافُلِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: الْعَافِيَةُ عَشْرَةُ أَجْزَاءٍ كُلُّهَا فِي التَّغَافُلِ. وَفِي السُّنَنِ1 مِنْ أَوْجُهٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا". وَلِأَحْمَدَ2: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرٍ عَنْ يَسَارٍ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ مُحْصِنٍ أَنَّ عَمَّةً لَهُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "ذَاتَ زَوْجٍ أَنْتِ؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فَانْظُرِي أَيْنَ أَنْتِ مِنْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ جَنَّتُك وَنَارُك" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ. وَلِابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ3 وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ" وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَحَبُّ الْأَشْيَاءِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَرْبَعَةٌ: الْقَصْدُ عِنْدَ الْحِدَّةِ وَلَعَلَّهُ الْجِدَّةُ قَالَ: وَالْعَفْوُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، وَالْحِلْمُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَالرِّفْقُ بِعِبَادِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ. وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَضَائِلُ مَشْهُورَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: اجْتَمَعَتْ الْحُكَمَاءُ عَلَى أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَهِيَ: لَا تَحْمِلَنَّ عَلَى قَلْبِك مَا لَا يُطِيقُ وَلَا تَعْمَلْ عَمَلًا لَيْسَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ، وَلَا تَثِقَنَّ بِامْرَأَةٍ، وَلَا تَغْتَرَّ بِالْمَالِ وَإِنْ كَثُرَ. فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا جَوْرَ صَاحِبِهِ أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ قُرْبَ ثِقَةٍ يُشْرِفُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِمَا، وَيَكْشِفُ عَنْهُمَا1 كَمَا يَكْشِفُ عَنْ عَدَالَةٍ وإفلاس من خبرة2 بَاطِنَةٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ: وَيَلْزَمُهُمَا الْحَقُّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ وَتَشَاقَّا بَعَثَ حَكَمَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، عَدْلَيْنِ. وَفِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: ذَكَرَيْنِ. وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ وَجْهَانِ "م 19 و 20" وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُعْتَبَرُ اجتهاد، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 19، 20: قَوْلُهُ فِي الْحَكَمَيْنِ: "وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَالْفِقْهِ4 وَجْهَانِ" انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 19: هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْحَكَمَيْنِ الْحُرِّيَّةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْحُرِّيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: حُرَّيْنِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْوَجِيزِ وَجَمَاعَةٍ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي الشُّرُوطِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3: وَقَالَ الْقَاضِي: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا حُرَّيْنِ، قَالَ: وَالْأَوْلَى إنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْحُرِّيَّةُ، وَإِنْ كَانَا حَكَمَيْنِ اُعْتُبِرَتْ، انْتَهَى. وَقَدَّمَ هَذَا فِي الْكَافِي6، وَيَأْتِي لَفْظُهُ في المسألة التي بعدها.
وإن مثله مَا يُفَوِّضُهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعِينٍ جُزْئِيٍّ كَقِسْمَةٍ، وَمِنْ أَهْلِهِمَا أَوْلَى، يُوَكِّلُهُمَا الزَّوْجَانِ فِي فِعْلِ الْأَصْلَحِ مِنْ جَمْعٍ وَتَفْرِيقٍ1 بِعِوَضٍ وَدُونَهُ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا إبْرَاءٌ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ وَكِيلُهَا بَرِئَ فِي الْخُلْعِ فَقَطْ، وَإِنْ شَرَطَا مَا لَا ينافي نِكَاحًا لَزِمَ ذَلِكَ2، وَإِلَّا فَلَا، كَتَرْكِ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ، وَلِمَنْ رَضِيَ الْعَوْدَ، وَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى التَّوْكِيلِ، وَعَنْهُ: بَلَى بِعِوَضٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَبَيَا جَعَلَهُ الْحَاكِمُ لِلْحَكَمَيْنِ، اخْتَارَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ وشيخنا، وهو ظاهر كلام الخرقي ولا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -20: هَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا فَقِيهَيْنِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِ فِي الشُّرُوطِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُشْتَرَطُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا عَالِمَيْنِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ، انْتَهَى. قُلْت: أَمَّا اشْتِرَاطُ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَنْ غَيْرِ نِزَاعٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَدْ 4جَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ4. وَقَالَ فِي الْكَافِي5: وَمَتَى كَانَا حَاكِمَيْنِ اشْتَرَطَ كَوْنَهُمَا فَقِيهَيْنِ، وَإِنْ كَانَا وَكِيلَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَا عَامِّيَّيْنِ، انْتَهَى. وَهَذَا الثَّانِي ضَعِيفٌ. فَهَذِهِ عِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هذا الباب.
يَنْقَطِعُ نَظَرُهُمَا بِغَيْبَةِ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْأَوْلَى، وَقِيلَ: وَالثَّانِيَةُ وَيَنْقَطِعُ بِجُنُونِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا، عَلَى الْأَوْلَى فَقَطْ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ عَلَى الْمَجْنُونِ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَالثَّانِيَةُ، لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ بَقَاءُ الشِّقَاقِ وَحُضُورُ التَّدَاعِيَيْنِ، وَهُوَ شَرْطٌ، والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الخلع
باب الخلع مدخل ... بَابُ الْخُلْعِ يُبَاحُ لِسُوءِ عِشْرَةٍ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَتُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ إلَيْهِ، وَاخْتَلَفَ كَلَامُ شَيْخِنَا فِي وُجُوبِهِ وَأَلْزَمَ بِهِ بَعْضُ حُكَّامِ الشَّامِ الْمَقَادِسَةُ الْفُضَلَاءُ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا كَرِهَتْهُ حَلَّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ " 1 قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمُخْتَلِعَاتِ: "هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ" 2. وَقَالَ عُمَرُ: احْبِسْهَا وَلَوْ فِي بَيْتِ الزِّبْلِ3. وَالْمَذْهَبُ: يُكْرَهُ وَيَصِحُّ وَحَالُهُمَا مُسْتَقِيمَةٌ، وَعَنْهُ: يُحَرَّمُ وَلَا يَصِحُّ. وَاعْتَبَرَ شَيْخُنَا خَوْفَ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْوَاجِبِ {أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} . فلا يجوز انفرادهما به4، لقراءة حمزة {إلا أن يُخَافَا} [البقرة: 229] بِالضَّمِّ، وَلَا يَصِحُّ "هـ" مَعَ مَنْعِهِ حَقَّهَا وَظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ مِنْهُ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا إنْ قِيلَ هو طلاق، وقيل: بائنا إن صح الخلع4 بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِظُلْمِهِ لِتَخْتَلِعَ لَمْ يُحَرَّمْ "وهـ ش" وَلَنَا نِزَاعٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَلَهُ قَصْدُهُ مَعَ زَانِيَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ "م ق". وَيَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَأَنْ يَتَوَكَّلَ فِيهِ وَبَذْلُهُ لِعِوَضِهِ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ زَوْجَةٍ، وَالْأَصَحُّ: وَعَيَّرَهَا إنْ سَمَّى عِوَضَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَضَمِنَهُ، كَبَذْلِ أَجْنَبِيٍّ عِوَضًا فِي افْتِدَاءِ أَسِيرٍ، لَا كَإِقَالَةٍ، وَكَذَا خَلَعَهَا بِمَالِهِ، وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ: طَلِّقْ1 بِنْتِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ مَهْرِهَا، فَفَعَلَ بَانَتْ وَلَمْ يَبْرَأْ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى جَهْلِ الزَّوْجِ وَإِلَّا خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ، وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُ: طَلَّقْتهَا إنْ بَرِئْت مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ. وَلَا يَبْطُلُ الْإِبْرَاءُ بِدَعْوَاهَا السَّفَهَ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ وَلَيْسَتْ تَحْتَ الْحَجْرِ، وَيَتَوَجَّهُ: بَلَى مَعَ بَيِّنَةٍ. وَقَالَ: وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ وَوَلَدَتْ عِنْدَهُ وَمَالُهَا بِيَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ لَمْ يُصَدِّقْ أَبُوهَا2 أَنَّهَا كَانَتْ سَفِيهَةً تَحْتَ حَجْرِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ، وَإِنْ خَالَعَتْهُ مُمَيِّزَةٌ وَسَفِيهَةٌ أَذِنَ وَلِيُّهُمَا أَوْ لَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِذْنُ فِي تَبَرُّعٍ3، وَجُعِلَ طَلَاقًا وَقَعَ رَجْعِيًّا، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَخُلْعُ وَلِيُّهَا بِمَالِهَا كَأَجْنَبِيٍّ، وَقِيلَ: يَصِحُّ لِأَبٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْمُبْهِجِ، نَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِيمَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ1 صَغِيرًا بِصَغِيرَةٍ وَنَدِمَ أَبَوَاهُمَا هَلْ تَرَى فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَسْخِهِمَا وَطَلَاقِهِمَا عَلَيْهِمَا شَيْءٌ؟ قَالَ: فِيهِ اخْتِلَافٌ وَأَرْجُو. وَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهُ قَوْلَانِ، وَالْعَمَلُ عِنْدِي عَلَى جَوَازِ ذلك منهما عليهما. وَخُلْعُ الْأَمَةِ1 كَاسْتِدَانَتِهَا يَصِحُّ2 بِإِذْنِ سَيِّدٍ وَقِيلَ: وَدُونَهَا. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، فَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا3، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ يَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا4 "م 1" كفوق مهرها بإذن مطلق، وكذا مكاتبة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -1: قَوْلُهُ: "وَخُلْعُ الْأَمَةِ كَاسْتِدَانَتِهَا، يَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدٍ، وَقِيلَ: وَبِدُونِهَا، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، فَعَنْهُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهَا، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ تَتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهَا" انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ5، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصغير. وَالرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَانَةِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، بَلْ هِيَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ إذَا وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْحَجْرِ أَنَّ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَنَّهَا تَتْبَعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ5: إنْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ تَعَلَّقَ بذمتها، وإن وقع على 7عين فيقياس7 المذهب أنه لا شيء له
وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ، عِنْدَ الْقَاضِي، وقاله1 أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ: كَمُكَاتَبٍ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ "م 2". وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الْخُلْعِ وَالْمُفَادَاةِ، وَكَذَا الفسخ، وقيل: كناية. وفي الواضح وجه: لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةٌ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْعَيْنَ، فَيَكُونُ رَاضِيًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ بُطْلَانُ الْخُلْعِ، عَلَى الْمَشْهُورِ، لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، انْتَهَى. وَهُوَ وَاضِحٌ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَقِيلَ وَدُونَهَا" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الصَّوَابَ "وَقِيلَ وَدُونَهُ" بِضَمِيرِ مُذَكَّرٍ وَأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْإِذْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ -2: قَوْلُهُ: "وَمَنْ صَحَّ خُلْعُهُ قَبَضَ عِوَضَهُ، عِنْدَ القاضي. وقاله2 أَحْمَدُ فِي الْعَبْدِ كَمُكَاتَبٍ، وَقِيلَ: يَقْبِضُهُ وَلِيٌّ وَسَيِّدٌ" انْتَهَى. قَوْلُ الْقَاضِي قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: هَذَا أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْبُلْغَةِ وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب
وَكِنَايَتُهُ نَحْوَ الْإِبَانَةِ وَالتَّبْرِئَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: صَرِيحُهُ الخلع أو الفسخ أو الفداء أو بارأتك1، وَهُوَ بِصَرِيحِ طَلَاقٍ أَوْ نِيَّتُهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ، 2وَعَنْهُ: مُطْلَقًا2، وَقِيلَ عَكْسُهُ، قَالَ شَيْخُنَا. وَعَلَيْهِ دَلَّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ، وَمُرَادُهُ مَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي كَانَ يَذْهَبُ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ صَحَّ عَنْهُ: مَا3 أَجَازَهُ4 الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ5، وَصَحَّ عَنْهُ: الْخُلْعُ تَفْرِيقٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ6، وَعَنْهُ بِصَرِيحِ خُلْعٍ7 فَسْخٌ لَا يَنْقُصُ عَدَدًا، وَعَنْهُ عَكْسُهُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ، وَلَا يَقَعُ بِمُعْتَدَّةٍ مِنْ خُلْعٍ طَلَاقٌ، وَلَوْ وَاجَهَهَا بِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إلَّا إنْ قُلْنَا: هُوَ طَلْقَةٌ، وَيَكُونُ بِلَا عِوَضٍ. وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ8، كَشَرْطِ خِيَارٍ، وقيل: يلزمه قدر ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي9 وَالْمُقْنِعِ10 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمُوَافِقٌ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، لكونهما محجورا عليهما.
مَهْرِهَا1 وَقِيلَ: يَصِحُّ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِلَا عِوَضٍ. وإن خالع بلا عوض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ الرَّجْعَةِ فِيهِ، فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَهْرِهَا". انْتَهَى. صَوَابُهُ: "وَقِيلَ يَلْزَمُهَا"، بِتَأْنِيثِ الضَّمِيرِ ; لِأَنَّ الْمَذْهَبَ يَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْغُو الْمُسَمَّى وَيَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ إلَى الشَّخْصِ السَّائِلِ، فيعم كل سائل من المرأة والأجنبي.
أَوْ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ لَمْ يَصِحَّ، فَيَقَعُ رَجْعِيًّا بِنِيَّةِ طَلَاقٍ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَجَعَلَهُ شَيْخُنَا كَعَقْدِ الْبَيْعِ حَتَّى فِي1 الْإِقَالَةِ، وأنه لا يجوز إذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كان فسخا بلا عوض "ع" وَاخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ جَوَازُهُ. وَإِنْ تَخَالَعَ كَافِرَانِ بِمُحَرَّمٍ يَعْلَمَانِهِ ثُمَّ1 أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ قَبْضِهِ لَغَا، وَقِيلَ: لَهُ قِيمَتُهُ، وَقِيلَ: مَهْرُ مِثْلِهَا. وَيُكْرَهُ بأكثر مما أعطاها، 2نص عليها2، وَعَنْهُ: يُحَرَّمُ وَيَرُدُّ الزِّيَادَةَ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن جعلا عوضه ما لا يصح مهرا لجهالة أو غرر
فصل وَإِنْ جَعَلَا عِوَضَهُ مَا لَا يَصِحُّ مَهْرًا لجهالة أو غرر 3 فَقَالَ4 أَبُو بَكْرٍ: لَا يَصِحُّ، وَإِنَّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ أَنَّهُ كَالْمَهْرِ، وَالْمَذْهَبُ يَصِحُّ، فَيَجِبُ فِي ظَاهِرِ نَصِّهِ الْمُسَمَّى، فَفِي حَمْلِ شَجَرَةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مَا فِي بَطْنِهَا أَوْ مَا فِي يَدِهَا مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ مَتَاعٍ وَنَحْوِهِ مَا يَحْصُلُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ وَجَبَ فِيهِ وَفِيمَا يجهل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُطْلَقًا، 1كَثَوْبٍ وَعَبْدٍ مُطْلَقٍ مَا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ، وَقِيلَ: يَجِبُ فِيمَا يَجْهَلُ1 مُطْلَقًا مَهْرُهَا، وَفِيمَا قَدْ يَتَبَيَّنُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُهُ فَمَهْرُهَا، وَالْأَصَحُّ: وَإِنْ لَمْ تَغُرَّهُ كَحَمْلِ أَمَةٍ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَصِحُّ فِي الْكُلِّ بِمَهْرِهَا، وَعَلَى رِوَايَةٍ صِحَّتُهُ بِلَا عِوَضٍ يَجِبُ الْمُسَمَّى، كَمَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ، لِمَا بَانَ عَدَمُهُ، وَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا؟ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّتِهِ بِلَا عِوَضٍ، قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، إلَّا الْغَارَةَ كَمَسْأَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْمَتَاعِ، فَيَجِبُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، وَمَا يُسَمَّى مَتَاعًا، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْغَارَةِ2: لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ، وَإِنْ قُلْنَا فِي عَبْدٍ مُطْلَقٍ: لَهُ الْوَسَطُ فِي الْمَهْرِ، فَلَهُ هُنَا. وَإِنْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بَانَتْ بِمُسَمَّى عَبْدٍ يَصِحُّ تَمْلِيكُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ أَعْطَتْهُ مَعِيبًا أَوْ دُونَ الْوَسَطِ فَلَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ، وَإِنْ بَانَ مَغْصُوبًا لَمْ تَطْلُقْ، كَتَعْلِيقِهِ3 عَلَى هَرَوِيٍّ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا، وَلَوْ كَانَ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ أَوْ الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ بَانَتْ وَلَوْ بَانَ مَعِيبًا أَوْ مَرْوِيًّا، وَقِيلَ: لَهُ الرَّدُّ وَأَخْذُ الْقِيمَةِ بِالصِّفَةِ سَلِيمًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي رُجُوعِهِ بِأَرْشِهِ وَجْهَانِ. وَأَنَّهُ لَوْ بَانَ مُسْتَحِقَّ الدَّمَ فَقُتِلَ فَأَرْشُ عَيْبِهِ، وَقِيلَ: قِيمَتِهِ، وَأَنَّهُ إنْ بَانَ الْمَوْصُوفُ مَعِيبًا طَالَبَهَا بِسَلِيمٍ، وَإِنْ بَانَ مغصوبا أو حرا لم تطلق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: بَلَى، وَلَهُ قِيمَتُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا فَقَالَ: لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ فَبَانَ حُرًّا أَوْ مَغْصُوبًا أَوْ بَعْضُهُ، صَحَّ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ مَا خَرَجَ، وَقِيلَ: وَكَذَا إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَإِنْ قَالَ هَذَا الْمَغْصُوبَ فَوَجْهَانِ، ثُمَّ إنْ وَقَعَ فَرَجْعِيٌّ، وَقِيلَ: بَائِنٌ، وَعَلَيْهَا قِيمَتُهُ، وَإِنْ عَلَّقَهُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ الْخَمْرَ فَأَعْطَتْهُ فَرَجْعِيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وإن خالع برضاع ولده مدة معينة صح، فإن ماتت أو مات الولد رجع،
فصل وَإِنْ خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ، قِيلَ: بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ1، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ: بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ "م 3 و 4"، وإن أطلق فحولان أو بقيتهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة: 3 – 4: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً صَحَّ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ رَجَعَ، قِيلَ: رَجَعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ، وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً أَوْ يَوْمًا بِيَوْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقِيلَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 3: إذَا خَالَعَ بِرَضَاعِ وَلَدِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ثُمَّ مَاتَتْ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فَهَلْ يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 والشرح4 5 والكافي6.
وَكَذَا بِنَفَقَتِهِ، وَفِي اعْتِبَارِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا وَجْهَانِ "م 5" ويصح بنفقتها، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 4: إذَا قُلْنَا: يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَمْ يَوْمًا بِيَوْمٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا الصَّحِيحُ. قُلْت: وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَحِقُّهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: "وَكَذَا بِنَفَقَتِهِ، وَفِي اعْتِبَارِ قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ صَحَّ الْإِطْلَاقُ فَلَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ: 1 أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا وَصِفَتُهَا1 وقطع به في المغني2 والشرح3، وهذا الصَّحِيحُ، وَيَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْخِلَافِ وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: لَا يُعْتَبَرُ قَدْرُهَا وَصِفَتُهَا، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ حَيْثُ كان ثم عادة.
فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: إنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ، وَفِيهِ روايتان، وجزم به في الْفُصُولِ وَإِلَّا فَخَلَعَ بِمَعْدُومٍ. وَإِنْ خَالَعَ حَامِلًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ حَمْلِهَا صَحَّ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا لَهُ حَتَّى تَفْطِمَهُ، نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: إذَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَهْرِهَا، أَوْ1 نَفَقَتِهَا وَلَهَا ولد ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: "وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: إنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَجَزَمَ بِهِ الْفُصُولِ" انْتَهَى. مُرَادُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، مُجَرَّدُ حِكَايَةِ رِوَايَتَيْنِ، لَا أَنَّهُ أَطْلَقَهُمَا، لِأَنَّهُ قَدْ قدم في كتاب
فَلَهَا النَّفَقَةُ عَلَيْهِ1 إذَا فَطَمَتْهُ، لِأَنَّهَا قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِمَّا يَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ، فَإِذَا فطمته فلها طلبه بنفقته، وكذا السكنى. وَتُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ مِنْهُمَا، فَيَقُولُ: خَلَعْتُك أَوْ فَسَخْت أَوْ فَادَيْت عَلَى كَذَا، فَتَقُولُ: قَبِلْت أَوْ رضيت، وقيل: وتذكره، فإن قالت: اخلعني ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ إلَّا إذَا تَسَلَّمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَقَالَ: "وَمَتَى تَسَلَّمَ مَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ مَنْعِ من يلزمه تسلمها لو بذلته" انتهى.
بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ، أَوْ طَلِّقْنِي كَذَلِكَ، أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، فَقَالَ عَلَى الْفَوْرِ وَقِيلَ: أَوْ التَّرَاخِي، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: فِي الْمَجْلِسِ، وَقَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، فِي إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ خَالَعْتُك أَوْ طَلَّقْتُك، 1وَقِيلَ1: وذكر الألف، طلقت وَاسْتَحَقَّهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَعَنْهُ: إنْ قَالَتْ: اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ، فَأَخَذَهُ وَسَكَتَ، بَانَتْ، وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ إجَابَتِهَا، وَقِيلَ: يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، فَيَمْتَنِعُ مِنْ قَبْضِ الْعِوَضِ لِيَقَعَ رَجْعِيًّا. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي: خَلَعْتُك، أَوْ اخْلَعْنِي، وَنَحْوَهُمَا، عَلَى كَذَا، يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ، إنْ قُلْنَا فَسَخَ بِعِوَضٍ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ فَسْخٌ مِنْهُ مُجَرَّدٌ فَكَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولٌ وَلَا عوض، فتبين لقوله فسخت أو خلعت. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي2: قَوْلُهُ: "وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِقَوْلِهِ إنْ بَذَلْت لِي كَذَا فَقَدْ خَلَعْتُك" انْتَهَى. قَطَعَ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْخُلْعِ عَلَى شَرْطٍ، وَقَالَ فِي بَابِ الشُّرُوطِ فِي الْبَيْعِ: وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِشَرْطٍ، ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ: لَا، قَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا أَجَّرَهُ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ: إذَا مَضَى شَهْرٌ فَقَدْ فَسَخْتهَا، إنَّهُ يَصِحُّ، كَتَعْلِيقِ الْخُلْعِ، وَهُوَ فَسْخٌ، عَلَى الْأَصَحِّ، انْتَهَى. فَقَدَّمَ هُنَا أَنَّهُ يَصِحُّ، وَذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَلَمْ يصح تعليقه بشرط، كالبيع، انتهى.
وَلَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْفِدَاءِ، وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ1 بِقَوْلِهِ: إنْ بَذَلْت لِي كَذَا2، فَقَدْ خَلَعْتُك. قَالَ شَيْخُنَا وَقَوْلُهَا: إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ كَذَا أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهُ، كَإِنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَأَوْلَى وَلَيْسَ فِيهِ النِّزَاعُ فِي تَعْلِيقِ الْبَرَاءَةِ بِشَرْطٍ، أَمَّا لَوْ الْتَزَمَ دَيْنًا لَا عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ، كَإِنْ تَزَوَّجْت فَلَكَ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ، أَوْ جَعَلْتُ لَك فِي ذِمَّتِي أَلْفًا، لَمْ يَلْزَمْهُ، عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَتْ: مِنْ الْآنَ إلَى شَهْرٍ3، فَطَلَّقَهَا قَبْلَهُ اسْتَحَقَّهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي مَهْرَ مِثْلِهَا، وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِهِ، فَقَالَ: خَلَعْتُك، فَإِنْ كَانَ طَلَاقًا اسْتَحَقَّهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، وَقِيلَ: خَلَعَ بِلَا عِوَضٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَصِحُّ وَلَهُ الْعِوَضُ، لِأَنَّ الْقَصْدَ أن تملك نفسها بالطلقة، وحصل بالخلع. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: "وَيَصِحُّ بِنَفَقَتِهَا"4 أَطْلَقَ النَّفَقَةَ، فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَمْ لَا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: وَصَرَّحَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْخُلْعُ عَلَى نفقة الحائل5 التي تحيض، والآيسة6. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَهُ مأخذان، وذكرهما 7وأطال7، وَحَمَلَ شَيْخُنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الأصحاب.
وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ إنْ كَانَ طَلَاقًا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ "م 6". فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ "م 7". وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَلَك أَلْفٌ، فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَوْ اثْنَتَيْنِ اسْتَحَقَّهُ، وَقِيلَ: إنْ قَالَ ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ فَثَلَاثَةٌ1. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، بَانَتْ بالأولة، وقيل: بالكل وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: "وَعَكْسُ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ إنْ كَانَ طَلَاقًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ قَالَتْ اخْلَعْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ: طَلَّقْتُك اسْتَحَقَّهَا إنْ قُلْنَا: الْخُلْعُ طَلَاقٌ، وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ غَيْرُ طَلَاقٍ هَلْ يَسْتَحِقُّهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: أَحَدُهُمَا: لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يستحقها. مَسْأَلَةٌ – 7: قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ فَفِي وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا احْتِمَالَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ رَجْعِيًّا وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ طَلَاقٌ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ شَيْئًا أَلْبَتَّةَ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَنَحْوَهُ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بَانَتْ بِالْأُولَى، وَقِيلَ بِالْكُلِّ". انْتَهَى
ذَكَرَهُ عَقِبَ الثَّانِيَةِ بَانَتْ بِهَا وَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَلَغَتْ الثَّالِثَةَ، وَإِنْ قَالَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا بِهَا، وَلَوْ وَصَفَ طَلْقَةً بِبَيْنُونَةٍ وَقُلْنَا بِهِ لِعَدَمِ التَّحْرِيمِ التَّامِّ وَإِنْ لَمْ يَصِفْهَا فَوَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَقِيلَ: بَائِنٌ بِثَلَاثَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعَهُ بِوَاحِدَةٍ استحقه، وقيل: ثلثة1 إن جهلت. ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَ أَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ مَاشِيًا عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ سَهْوٌ، وَالصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ: طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: ثَلَاثًا، نُبِّهَ عَلَى معنى ذلك في القواعد الأصولية. 2وهو واضح2.
وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً: أَنْتِ طَالِقٌ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ، فَقَبِلَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ وَأَجْرَاهُ1 فِي الْمُغْنِي2 كَإِنْ أَعْطَيْتنِي بَانَتْ واستحقه، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولِهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَنَصُّهُ1: يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَقِيلَ: يَقَعُ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: وَالثَّانِيَةِ "م 8" وَخُرِّجَ مِنْ نَظِيرَتِهِنَّ فِي الْعِتْقِ عَدَمُهُ2 فِيهِنَّ، وَلَا يَنْقَلِبُ بَائِنًا بِبَذْلِهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَقِيلَ: بَلَى فِي الْأُولَتَيْنِ، قَالَ شَيْخُنَا مَعَ أَنَّ " عَلَى " لِلشَّرْطِ اتِّفَاقًا. وَفِي الْمُغْنِي3: لَيْسَتْ لَهُ وَلَا لِمُعَاوَضَةٍ، لِعَدَمِ صِحَّةِ بعتك ثوبي على دينار. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 8: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ ابْتِدَاءً: أَنْتِ طَالِقٌ بألف، أو على ألف، أو وعليك ألف ... وَلَمْ تَقْبَلْ، فَنَصُّهُ: يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَقِيلَ: يَقَعُ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: وَالثَّانِيَةُ" انْتَهَى. ظَاهِرُهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 إطْلَاقُ الخلاف في الثانية: أحدها: يَقَعُ رَجْعِيًّا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ6، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنَوَّرِ الْآدَمِيِّ وَمُنْتَخَبِهِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ، انْتَهَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ عَنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ فِي الْجَمِيعِ حَتَّى تَقْبَلَ، حَكَاهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ التَّخْرِيجُ الَّذِي خَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: تَطْلُقُ، إلَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَلَا تَطْلُقُ فِيهَا حَتَّى تَقْبَلَ، وَهِيَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ " وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ، فَلَا تَطْلُقُ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ، وَعَلَى أَلْفٍ " حَتَّى تَقْبَلَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ1. وَنَقَلَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَمَنْ تَابَعَهُ أَنَّ الْقَاضِيَ فِي الْمُجَرَّدِ قَالَ: لَا تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِ " عَلَى أَلْفٍ " حَتَّى تَقْبَلَ، انْتَهَى. هَذَا نَقْلُ الأصحاب في المسألة على التحرير. تَنْبِيهٌ: ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ نَقْلَ الْمُصَنِّفِ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِمَا نُقِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ الْخِلَافِ، لِأَنَّهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَجْعِيًّا، وَهُوَ قَوْلُهُ " بِأَلْفٍ "، وَلَمْ يُوقِعْ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " عَلَى أَلْفٍ " أَوْ " وَعَلَيْك أَلْفٌ " حَتَّى تَقْبَلَ، وَأَوْقَعَهُ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ رَجْعِيًّا، وَلَمْ يُوقِعْهُ فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى تَقْبَلَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا، وَهُوَ لَفْظَةُ " لَا " بَعْدَ الْقَوْلِ، وَبِهِ يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، فَتَقْدِيرُهُ " وَقِيلَ: لَا يَقَعُ فِي الْأُولَى، وَقِيلَ: وَالثَّانِيَةِ " فَلَفْظَةُ " لَا " سَقَطَتْ مِنْ الْكَاتِبِ، فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْحَاوِي، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ، أَعْنِي الْقَوْلَ الثَّانِيَ، وَمُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، أَعْنِي الْقَوْلَ الثَّالِثَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُصَنِّفِ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُحَرَّرِ، فَإِنَّهُ وَجَدَ نُسْخَةً قُرِئَتْ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَعَلَيْهَا خَطُّهُ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي الصورة الأولى، فعلى
وإن قالت له امْرَأَتَاهُ: طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ، فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، بَانَتْ بِقِسْطِهَا، وَإِنْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: رَجْعِيٌّ "م 9" وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِهِ عَلَى أَنْ لَا تُطَلِّقَ ضَرَّتِي، أَوْ أَنْ تُطَلِّقَهَا، صَحَّ شرطه1 2 وعوضه2، فإن ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ النُّسْخَةِ تَطْلُقُ فِي قَوْلِهِ " بِأَلْفٍ " رَجْعِيًّا، وَلَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَهُمَا قَوْلُهُ " عَلَى أَلْفٍ " أَوْ " وَعَلَيْك أَلْفٌ " وَهُوَ مُشْكِلٌ، إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ عَنْ الْقَاضِي وَلَا غيره في قوله " وعليك ألف "، فلذلك3 لَمَّا قُرِئَ هَذَا الْمَكَانُ عَلَى الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ بْنِ تَيْمِيَّةَ كَشَطَ لَفْظَةَ " لَا " فَبَقِيَ. وَقَالَ الْقَاضِي: تَطْلُقُ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْحَاوِي عَنْهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ، وَلَوْ اعْتَذَرَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُحَرَّرِ قُلْنَا: لَمْ يُتَابِعْهُ فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ، فَحَصَلَ بِذَلِكَ الْخَلَلُ، وَعَلَى مَا قَدَّرْنَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَيُوَافِقُ كَلَامَ الْأَصْحَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى تَخْبِيطٌ فِي هَذَا الْمَكَانِ، رَأَيْت بَعْضَ الْأَصْحَابِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَا وقع للمصنف ولصاحب المحرر. مَسْأَلَةٌ – 9: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَتَاهُ: طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بَانَتْ بِقِسْطِهَا، وَإِنْ قَالَتْهُ إحْدَاهُمَا فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: رَجْعِيٌّ" انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: هُوَ رَجْعِيٌّ لَا شَيْءَ لَهُ4، لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5، قَالَ فِي الْمُغْنِي6: قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا لا يلزم الباذلة هنا شيء، انتهى.
لَمْ يَفِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَصَحِّ الْأَقَلَّ1 مِنْهُ أو المسمى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ الْقَاضِي: هِيَ كَالَّتِي قَبْلَهَا، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَمْ يَفِ اسْتَحَقَّ فِي الْأَصَحِّ الأقل منه أو المسمى". قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: صَوَابُهُ " مِنْهُ وَمِنْ الْمُسَمَّى " وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا بِعِوَضٍ، فَإِذَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ رَجَعَ إلى ما رضي بكونه، 6عوضاً وهو المسمى إن كان أقل من الألف6 وَإِلَّا 7فَلَهُ الْأَلْفُ7؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ عِوَضًا عَنْهَا وَعَنْ شَيْءٍ آخَرَ، فَإِذَا جُعِلَ كُلُّهُ عنها كان أحظ له.
فصل إذا قال: متى، أو إذا، أو إن أعطيتني، أو أقبضتني ألفا، فأنت طالق، لزم من جهته،
فصل إذَا قَالَ: مَتَى، أَوْ إذَا، أَوْ إنْ أَعْطَيْتنِي، أَوْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ، خِلَافًا لِشَيْخِنَا، كَالْكِتَابَةِ عِنْدَهُ، وَوَافَقَ على شرط محض، كإن قدم زيد، وقال2:في التَّعْلِيقِ الَّذِي يَقْصِدُ بِهِ إيقَاعَ الْجَزَاءِ: إنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَازِمَةً فَلَازِمٌ وَإِلَّا فَلَا3، فَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ قبل القبول ولا الكتابة4 وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: التَّعْلِيقُ لَازِمٌ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ. وَتَبِينُ بِعَطِيَّتِهِ ذَلِكَ فَأَكْثَرَ، وَإِذْنِهِ بِإِحْضَارِهِ وَإِذْنِهَا فِي قَبْضِهِ وَمِلْكِهِ وَإِنْ تَرَاخَى، وَالْمُرَادُ تُعْطِيهِ بحيث يمكنه قبضه5، كما في المنتخب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ فِي إنْ أَقَبَضْتنِي فَأَحْضَرَتْهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يملكه فيقع بائنا، أم لا فيقع2 رجعيا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ "م 10" وَقِيلَ: يَكْفِي عَدَدٌ يُنْفِقُ3 بِرَأْسِهِ4 بِلَا وَزْنٍ، لِحُصُولِ الْمَقْصِدِ فَلَا تَكْفِي وَازِنَةٌ نَاقِصَةٌ عَدَدًا كَذَلِكَ، وَالسَّبِيكَةُ لَا تُسَمَّى دَرَاهِمَ. وَإِنْ قَالَ لِرَشِيدَتَيْنِ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ، فقبلته إحداهما، طلقت في الأصح بقسطها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 10: قَوْلُهُ: "فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ بائنا أم لا فيقع رجعيا؟ فيه. احتمالان" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ لَهَا: مَتَى أَوْ إذَا أَوْ إنْ أَعْطَيْتنِي أَوْ أَقَبَضْتنِي أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَ مِنْ جِهَتِهِ ... فَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلْ يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ بَائِنًا أَمْ لَا يَمْلِكُهُ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، مَعَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَهُوَ أَوْلَى، لِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ: وَتَبِينُ بِعَطِيَّتِهِ ذَلِكَ فَأَكْثَرَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ نَذْكُرُ الصَّحِيحَ مِنْهُمَا: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ بَائِنًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فَإِذَا أَحْضَرَتْهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَذِنَتْ فِي قَبْضِهِ عَلَى فَوْرٍ أَوْ تَرَاخٍ بَانَتْ مِنْهُ بِطَلْقَةٍ وَمَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَكَذَا قَالَ فِي الصُّغْرَى، وَلَمْ يَقُلْ " وَمَلَكَهُ " وَكَذَا قَالَ فِي الْحَاوِي وَلَمْ يَقُلْ "مَلَكَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ"، وَهُوَ مراد، والله أعلم.
وَإِنْ قَالَهُ لِرَشِيدَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ، وَزَادَ: إنْ شِئْتُمَا، فَقَالَتَا: قَدْ شِئْنَا، طَلُقَتْ الرَّشِيدَةُ بِقِسْطِهَا مِنْهُ، عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ يُقَسِّطُ بقدر مهريهما1، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ "م 11" وَالْمُمَيِّزَةُ تَطْلُقُ رَجْعِيَّةً كَسَفِيهَةٍ، وَعَنْهُ: لَا مَشِيئَةَ لِمُمَيِّزَةٍ، كَدُونِهَا. فَلَا طَلَاقَ2 إنْ خَالَعَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِزَائِدٍ عَلَى إرْثِهِ، وَقِيلَ: وَعَلَى مَهْرِهَا، فَلِلْوَرَثَةِ مَنْعُهُ. وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَوْصَى أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِشَيْءٍ أَخَذَتْهُ إنْ كَانَ دُونَ إرْثِهَا، وَإِنْ حَابَاهَا فِي الْخُلْعِ فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَإِنْ خَالَعَ وَكِيلَهُ مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَ لَهُ فَأَكْثَرَ أَوْ وَكِيلَهَا مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَتْهُ لَهُ فَأَقَلَّ صَحَّ، وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا أَوْ نَقَصَ وَكِيلُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ بَائِنًا بَلْ رَجْعِيًّا، وهو ضعيف. مَسْأَلَةٌ – 11: قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ لِمُكَلَّفَةٍ وَمُمَيِّزَةٍ: أَنْتُمَا طَالِقَتَانِ بِأَلْفٍ إنْ شِئْتُمَا فَقَالَتَا قَدْ شِئْنَا طَلُقَتْ الرَّشِيدَةُ بِقِسْطِهَا مِنْهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، وعند ابن حامد يقسط3 بِقَدْرِ مَهْرَيْهِمَا، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ ذَكَرَ الشَّيْخُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: فِي الْمُقَدَّرِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ، وَقِيلَ: يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ وَكِيلُهَا1، لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الْعَقْدَ لَهَا لَا مُطْلَقًا وَلَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ "م 12 - 15". وَخُلْعُ وَكِيلِهِ بِلَا مَالٍ لَغْوٌ، وقيل: يصح إن صَحَّ2 بِلَا عِوَضٍ، وَإِلَّا رَجْعِيًّا، وَيَصِحُّ مِنْ وكيلها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -12 15: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَالَعَ وَكِيلَهٌ مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَ لَهُ فَأَكْثَرَ أَوْ وَكِيلَهَا مُطْلَقًا بِمَهْرِهَا أَوْ بِمَا قَدَّرَتْهُ لَهُ فَأَقَلَّ صَحَّ، وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا أَوْ نَقَصَ وَكِيلُهُ فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَقِيلَ: فِي الْمُقَدَّرِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مِنْ وَكِيلِهِ: وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةَ، وَقِيلَ: يَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا: وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ وَكِيلُهَا، لِأَنَّهُ3 يَقْبَلُ الْعَقْدَ لَهَا لَا مُطْلَقًا وَلَا لِنَفْسِهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى – 12: وَلَوْ وَكَّلَ الزَّوْجُ فِي خُلْعِ امْرَأَتِهِ مُطْلَقًا، فَخَالَعَ بِمَهْرِهَا فَأَزْيَدَ، صَحَّ، وَإِنْ نَقَصَ صَحَّ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ، عَلَى الصَّحِيحِ، اخْتَارَهَا ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَيَّرَ بَيْنَ قَبُولِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ رَدِّهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِلْقَاضِي وَأَبِي الخطاب، ولم يذكره المصنف، وقيل: يجب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَهْرُ مِثْلِهَا، وَهَذَا احْتِمَالٌ لِلْقَاضِي أَيْضًا، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ، قَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَصَحَّحَهُ، وإليه ميل الشيخ والشارح، وهو ظاهر1 قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي، وَأَطْلَقَ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ – 13: لَوْ عَيَّنَ لَهُ الْعِوَضَ فَنَقَصَ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْخُلْعُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَابْنُ الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ ; وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ وَيَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِالنَّقْصِ، قَالَ فِي الْفَائِدَةِ الْعِشْرِينَ: هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا المذهب، وجزم به فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْوَكَالَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ- 14، وَالرَّابِعَةُ- 15: لَوْ وَكَّلَتْ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ فَخَالَعَ بمهرها فما دون أو بما عينته فما دون، صح. ولزم الوكيل الزيادة3، عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6. وَقَالَ الْقَاضِي: عليها
وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدَ بَلَدٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ "م 16" وَتَوَلِّي الْوَكِيلِ فِيهِ لِطَرَفَيْهِ كَنِكَاحٍ. 1وَإِذَا1 تَخَالَعَا تَرَاجَعَا بِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، كَوُقُوعِهِ بِلَفْظِ طَلَاقٍ، وَعَنْهُ: تَسْقُطُ بِالسُّكُوتِ عَنْهَا، إلَّا نفقة العدة وما خولع ببعضه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَى وَكِيلِهَا، لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ2. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ وَتَبْطُلَ الزِّيَادَةُ، يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلَا غَيْرَهُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ فِي الْمُعَيَّنِ، وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ، وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: إذَا وَكَّلَتْهُ وَأَطْلَقَتْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مِقْدَارُ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ، وَقَالَ فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى مَا عَيَّنَتْ لَهُ: يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الزِّيَادَةُ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّاءِ: يَلْزَمُهَا أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ الْمُسَمَّى. مَسْأَلَةٌ – 16: قَوْلُهُ: "وَإِنْ خَالَفَ جِنْسًا أَوْ حُلُولًا أَوْ نَقْدَ بَلَدٍ فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ" انْتَهَى. عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ هُنَا، قَالَ فِي الْكَافِي3 وَالرِّعَايَةِ: لَا يَصِحُّ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْقِيَاسُ أَنْ4 يَلْزَمَ الْوَكِيلَ الَّذِي أُذِنَ فِيهِ، وَيَكُونَ لَهُ مَا خَالَعَ بِهِ، وَرَدَّهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ. فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ. وَمِنْ كِتَابِ الْبَيْعِ إلَى هُنَا ثَمَانُمِائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً عَلَى التحرير.
وَإِنْ ادَّعَى مُخَالَعَتَهَا بِمِائَةٍ فَأَنْكَرَتْهُ أَوْ قَالَتْ: خَالَعَكَ غَيْرِي، بَانَتْ وَتَحْلِفُ لِنَفْيِ الْعِوَضِ، وَإِنْ اعْتَرَفَتْ وَقَالَتْ ضَمِنَهُ غَيْرِي أَوْ فِي ذِمَّتِهِ قال في ذمتك لزمها. وإن اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ عِوَضِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ قُبِلَ قَوْلُهَا، وَعَنْهُ: قَوْلُهُ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَهْرَ، وَخَرَجَ التَّحَالُفُ إنْ لَمْ1 يَكُنْ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَهُ الْمَهْرُ. وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ أَبَانَهَا وَبَاعَهُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ، لِأَنَّ غَرَضَهُ مَنْعُهُ فِي مِلْكِهِ، كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ: إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ زَوْجَتِي طَالِقٌ، بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ، لِحِنْثِهِ وَانْعِقَادِهَا وَحِلِّهَا فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَعَنْهُ: لَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَهُ أَيْضًا قَوْلًا، وَعَنْهُ: فِي الْعِتْقِ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ2 قَبْلَ الْعَوْدِ، جَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي كِتَابِهِ الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ فِيهِ وَفِي الطَّلَاقِ، وَخَرَّجَ جَمَاعَةٌ مِثْلَهُ فِي الطَّلَاقِ. وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: وأولى، وذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ الْجَوْزِيِّ رِوَايَةً، وَاخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ. وَكَذَا: إنْ بِنْتِ مِنِّي ثُمَّ تَزَوَّجْتُكِ1 فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَبَانَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا2، وَفِي التَّعْلِيقِ احْتِمَالٌ: لَا يَقَعُ، كَتَعْلِيقِهِ بِالْمِلْكِ. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا: إنْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ تَغْلِيظًا عَلَيْهَا فِي أَنْ لَا تَعُودَ إلَيْهِ فَمَتَى عَادَتْ إلَيْهِ في العدة أو بعدها طلقت. وَيُحَرَّمُ الْخُلْعُ حِيلَةً لِإِسْقَاطِ يَمِينِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَقَعُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ بَطَّةَ فِي مُصَنَّفٍ لَهُ فِيهَا، وَذَكَرَ عَنْ الْآجُرِّيِّ ذَلِكَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَاحْتَجَّ بِأَشْيَاءَ، مِنْهَا قَوْلُ عُمَرَ: الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ، رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْإِفْرَادِ مَرْفُوعًا، وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ: إنَّهُ مُحَرَّمٌ عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي: هَذَا يُفْعَلُ حِيلَةً عَلَى إبْطَالِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ، وَالْحِيَلُ خِدَاعٌ لَا تُحِلُّ مَا حَرَّمَ الله، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQـــــــــــــــــــــــــــــQفي"ر": "إن ثبت متى لم أتزوجك". ليست في "ر". في "ر": "تعلقه". طبع بعنوان: إبطال الحيل. وأخرجه بهذا اللفظ البيهقي في "السنن الكبرى" 10/31 من حديث ابن عمر مرفوعاً، وفي 10/32 من حديث عمر موقوفاً: اليمين أثمة أو مندمة. 10/321.
فَلَوْ اعْتَقَدَ الْبَيْنُونَةَ فَفَعَلَ مَا حَلَفَ فَكَمُطَلِّقٍ مُعْتَقِدٍ أَجْنَبِيَّةً فَتَبِينُ امْرَأَتَهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: خُلْعُ الْيَمِينِ هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَوْ لَغْوًا وَهُوَ أَقْوَى؟ فِيهِ نِزَاعٌ، لِأَنَّ قَصْدَهُ ضِدَّهُ كَالْمُحَلِّلِ، وَشَذَّ فِي الرِّعَايَةِ فَقَالَ: يُحَرَّمُ الْخُلْعُ حِيلَةً وَيَقَعُ فِي الْأَصَحِّ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَصَدَ الْمُحَلِّلُ التَّحْلِيلَ وَقَصَدَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا مُحَرَّمًا كَبَيْعِ عَصِيرٍ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، فَيُقَالُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا قِيلَ فِي الْأُخْرَى1. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ إعْلَامُ الْمُسْتَفْتِي بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَهْلًا لِلرُّخْصَةِ، كَطَالِبٍ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الرِّبَا فَيَدُلُّهُ إلَى مَنْ يَرَى التَّحَيُّلَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ والخلع بعدم وقوع الطلاق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلد التاسع
المجلد التاسع كتاب الطلاق مدخل * ... بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطلاق يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهَا1، وَعَنْهُ: لَا1، وَعَنْهُ: يُحَرَّمُ، وَيُسْتَحَبُّ لِتَرْكِهَا صَلَاةً وَعِفَّةً وَنَحْوَهُمَا، كَتَضَرُّرِهَا2 بِالنِّكَاحِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ لِعِفَّةٍ، وَعَنْهُ: وَغَيْرِهَا، فَإِنْ تَرَكَ حَقًّا لِلَّهِ فَهِيَ كَهُوَ فَتَخْتَلِعُ، وَالزِّنَا لَا يَفْسَخُ نِكَاحًا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يُسْكِرُ زَوْجَ أُخْتِهِ يُحَوِّلُهَا إلَيْهِ، وَعَنْهُ أَيْضًا، أَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَيَجِبُ فِي الْمُوَلَّى وَالْحَكَمَيْنِ وَعَنْهُ: لَا، وَعَنْهُ: وَلِأَمْرِ أَبِيهِ، وَعَنْهُ: الْعَدْلِ. فَإِنْ أَمَرَتْهُ أُمُّهُ فَنَصُّهُ: لا يعجبني طلاقه، ومنعه شيخنا منه3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَصَّ فِي بَيْعِ السَّرِيَّةِ: إنْ خِفْت عَلَى نَفْسِك فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ. وَكَذَا نَصَّ فِيمَا إذَا مَنَعَاهُ1 مِنْ التَّزْوِيجِ. وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ حَتَّى كِتَابِيٍّ وَسَفِيهٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَكَذَا مُمَيِّزٌ يَعْقِلُهُ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: ابْنُ عَشْرٍ، وَعَنْهُ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ، وَعَنْهُ: لَا يَقَعُ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ، وَعَنْهُ: لِأَبٍ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ فَقَطْ الطَّلَاقُ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هِيَ أَشْهَرُ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَكَذَا سَيِّدُهُمَا، وَقَاسَ فِي الْمُغْنِي2 عَلَى الْحَاكِمِ يُطَلِّقُ عَلَى صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ بِالْإِعْسَارِ وَيُزَوِّجُ الصَّغِيرَ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَمْلِكُهُ غَيْرُ أَبٍ إنْ مَلَكَ تَزْوِيجَهُ، وَأَظُنُّهُ قَوْلَ ابْنِ عَقِيلٍ وَلَمْ يَحْتَجَّ الشَّيْخُ لِلْمَنْعِ، بَلْ قَالَ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. وَطَلَاقُ مُرْتَدٍّ مَوْقُوفٌ، وَإِنْ تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ فَبَاطِلٌ، وَتَزْوِيجُهُ بَاطِلٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ كَرَجْعَتِهِ3 وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ، وَأَخَذَهُ4 أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ رِوَايَةِ5 عَدَمِ إقْرَارِ وَلَدِهِ زَمَنَ ردته بجزية، وقيل: يصح مرتد لمرتدة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتُعْتَبَرُ إرَادَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ، فَلَا طَلَاقَ لِفَقِيهٍ يُكَرِّرُهُ وَحَاكٍ عَنْ نَفْسِهِ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، حَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَغَيْرِهِ، وَنَائِمٍ وَزَائِلِ الْعَقْلِ، وَلَوْ ذَكَرَ الْمُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ الْمَجْنُونَ لَمَّا أَفَاقَ أَنَّهُ طَلَّقَ وَقَعَ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا فِيمَنْ جُنُونُهُ بِذَهَابِ مَعْرِفَتِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَأَمَّا الْمُبَرْسَمُ وَمَنْ بِهِ نِشَافٌ فَلَا يَقَعُ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَنَّ الْمُبَرْسَمَ وَالْمُوَسْوِسَ إنْ عَقَلَ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ، وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ مَنْ غَضِبَ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ1 أَوْ غُشِيَ عَلَيْهِ، قَالَ شَيْخُنَا: بِلَا رَيْبٍ، ذَكَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْ لَا، وَيَقَعُ مِنْ غَيْرِهِ. فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّ أَبَا مُوسَى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْمِلُهُ، فَوَجَدَهُ غَضْبَانَ فَحَلَفَ لا يحملهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَفَّرَ الْحَدِيثَ1. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ، فغضب حتى احمرت وجنتاه أو2 احمر وَجْهُهُ قَالَ: "مَا لَك وَلَهَا؟ دَعْهَا ... " الْحَدِيثُ متفق عليه3 من حديث زيد بن خالد4. وَجْنَتَاهُ مُثَلَّثُ الْوَاوِ: مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْخَدَّيْنِ. وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ لَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِمْ فِي الْخُرُوجِ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَّبُوا الْبَابَ، فَخَرَجَ مُغْضَبًا. الْحَدِيثَ5، وَلِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ6، وَلِأَنَّهُ مِنْ بَاطِنٍ كَالْمَحَبَّةِ الْحَامِلَةِ عَلَى الزِّنَا، وَعِنْدَ شَيْخِنَا إنْ غَيَّرَهُ وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ لَمْ يَقَعْ، لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ فَأَوْقَعَهُ وَهُوَ يَكْرَهُهُ لِيَسْتَرِيحَ مِنْهُ، فَلَمْ يَبْقَ لَهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ، فَهُوَ كَالْمُكْرَهِ، وَلِهَذَا لَا يُجَابُ دُعَاؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ نَذْرُ الطَّاعَةِ فِيهِ. وَفِي صحة حكمه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخِلَافُ. وَإِنَّمَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهَا يَزُولُ1 بِالْكَفَّارَةِ، وَهَذَا إتْلَافٌ. وَرَوَى أَحْمَدُ2: لَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ فِي إغْلَاقٍ. قَالَ فِي رِوَايَةِ حنبل: يريد3 الْغَضَبَ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: أَظُنُّهُ الْغَضَبَ، وَهَذَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْمُكْرَهِ4 يَدُلُّ5 عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ لَا تَنْعَقِدُ، وَيَخُصُّ ظَاهِرُ الدَّلِيلِ بِهَذَا، أَمَّا الْغَضَبُ يَسِيرًا فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فَيَقَعُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ نَذْرُ الْغَضَبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، لِظَاهِرِ قِصَّةِ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجَمِيِّ الَّتِي أَفْتَاهَا الصَّحَابَةُ فِي قَوْلِهَا هِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ وَكَذَا6، وَعَلَيْهِ حَمَلَ صَاحِبُ المحرر حكمه للزبير7. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِمَنْ اخْتَارَ هَذَا أَنْ يَحْمِلَ الْأَخْبَارَ الْمَذْكُورَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا، كَظَاهِرِ خَبَرِ زَيْدٍ، فَلِأَنَّهُ مَعْصُومٌ، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ حُكْمُهُ مَعَهُ، أَمَّا لَوْ طَلَّقَ غَيْرَهَا أَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِهِ صَحَّ، وَفِي الْفُنُونِ: مِنْ دَقِيقِ الْوَرَعِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَنْ لَا يَقْبَلَ الْبَذْلَ فِي اهْتِيَاجِ الطَّبْعِ وَهُوَ كَبَذْلِ السَّكْرَانِ، وَقَلَّ أَنْ يَصِحَّ رَأْيٌ مَعَ فَوْرَةِ طَبْعٍ مِنْ حُزْنٍ أَوْ سُرُورٍ أَوْ حَقْنِ الْخُبْثِ أَوْ غَضَبٍ، فَإِذَا بَذَلَ فِي فَوْرَةِ ذَلِكَ يَعْقُبُهُ النَّدَمُ، وَمِنْ هُنَا لَا يَقْضِي غَضْبَانُ. وَإِذَا أَرَدْت عِلْمَ ذَلِكَ فَاخْتَبِرْ نَفْسَك. وَقَدْ نَدِمَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى إحْرَاقِهِ بِالنَّارِ، وَالْحَسَنُ عَلَى الْمُثْلَةِ، فَمِنْ هُنَا وَجَبَ التَّوَقُّفُ إلَى حِينِ الِاعْتِدَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مِنْ الذُّنُوبِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْقَلْبِ الْغَضَبُ، وَإِنَّمَا يَنْشَأُ مِنْ اعْتِقَادِ الْكِبْرِ عَلَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّهْيَ عَنْهُ1، وَإِذَا كَظَمَهُ عَجْزًا عَنْ التَّشَفِّي احْتَقَنَ فِي الْبَاطِنِ، فَصَارَ حِقْدًا يُثْمِرُ الْحَسَدَ وَالطَّعْنَ فِيهِ. وَفِي الْبُخَارِيِّ بَابُ إذَا لَطَمَ الْمُسْلِمُ يَهُودِيًّا عِنْدَ الْغَضَبِ ثُمَّ رَوَى قِصَّةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمَّا سَمِعَ الْيَهُودِيَّ يَقُولُ: وَاَلَّذِي اصطفى موسى على البشر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَغَضِبَ فَلَطَمَهُ وَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ1، وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ الْغَضَبِ فَقَالَ لِرَجُلٍ: "لَا تَغْضَبْ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَالْمُحَالُ لَا يُنْهَى عَنْهُ، وَمَا حُرِّمَ لَا يَمْنَعُ تَرَتُّبَ الْأَحْكَامِ مَعَ وُجُودِ الْعَقْلِ، كَالْخَمْرِ، وَظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِهِ إنْ عُذِرَ فَكَسُكْرٍ عُذِرَ فِيهِ، وَإِلَّا كَبَنْجٍ، وَظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ فِعْلٍ وَرَدٍّ مع غضب. والله أعلم. وَيَقَعُ مِمَّنْ زَالَ عَقْلُهُ بِسُكْرٍ مُحَرَّمٍ وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَشَيْخُنَا وَقَالَ: كَمُكْرَهٍ لَمْ يَأْثَمْ، فِي الْأَصَحِّ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: كُنْت أَقُولُ: يَقَعُ حَتَّى تَبَيَّنْتُهُ فَغَلَبَ عَلَيَّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الَّذِي لَا يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا أَتَى خَصْلَةً وَاحِدَةً، وَاَلَّذِي يَأْمُرُ بِهِ أَتَى ثِنْتَيْنِ: حَرَّمَهَا عَلَيْهِ وَأَحَلَّهَا لِغَيْرِهِ، وَعَنْهُ الْوَقْفُ وَهُوَ مَنْ يَخْلِطُ فِي كَلَامِهِ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ ثَوْبَهُ أَوْ هَذَى، وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا3: أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ قَدْ يَفْهَمُ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ، قَالَ شَيْخُنَا: وَزَعَمَ طَائِفَةٌ4 مِنْ أَصْحَابِ م ش وَأَحْمَدَ4 أَنَّ النِّزَاعَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّشْوَانِ الَّذِي قَدْ يَفْهَمُ وَيَغْلَطُ، فَأَمَّا الَّذِي تَمَّ سُكْرُهُ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ مَا يَقُولُ: فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَالْأَئِمَّةُ الْكِبَارُ جَعَلُوا النِّزَاعَ فِي الْجَمِيعِ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي أَقْوَالِهِ وَكُلِّ فِعْلٍ يُعْتَبَرُ الْعَقْلُ لَهُ، وَعَنْهُ: فِي حَدٍّ، وَعَنْهُ: وَقَوْلُ كَمَجْنُونٍ، وَغَيْرِهِمَا كَصَاحٍ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ فيما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَسْتَقِلُّ بِهِ كَعِتْقِهِ وَقَتْلِهِ كَصَاحٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا تَصِحُّ عِبَادَتُهُ، قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا تُقْبَلُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَتُوبَ، لِلْخَبَرِ1، وَقَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَالْبَنْجُ وَنَحْوَهُ كَجُنُونٍ، لِأَنَّهُ لَا لَذَّةَ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يَقَعُ لِتَحْرِيمِهِ، وَلِهَذَا يُعَزَّرُ قَالَ شَيْخُنَا: قَصْدُ إزَالَةِ الْعَقْلِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ مُحَرَّمٍ2، وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ تَدَاوَى بِبَنْجٍ فَسَكِرَ لَمْ يَقَعْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ ظُلْمًا وَعَنْهُ: مِنْ سُلْطَانٍ بِإِيلَامِهِ3 بِضَرْبِهِ أَوْ حَبْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَوْ لِوَلَدِهِ، وَيَتَوَجَّهُ أَوْ وَالِدِهِ وَنَحْوَهُ أَوْ أَخْذِ مَالٍ يَضُرُّهُ، أَوْ هَدَّدَهُ بِأَحَدِهَا4 قَادِرٌ يَظُنُّ إيقَاعَهُ فَطَلَّقَ تَبَعًا لِقَوْلِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ يَضُرُّهُ بِلَا تَهْدِيدٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ، لَمْ يقع، وعنه: إن هدد بقتل5، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ، فَإِكْرَاهٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ: إحراق من يؤلمه إكراه6. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَاضِحِ، قَالَ الْقَاضِي الْإِكْرَاهُ يَخْتَلِفُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: لَا يَقَعُ مِنْ مُكْرَهٍ بمضر لا1 شتم وَتَوَعُّدٍ لِسُوقَةٍ2، وَإِنْ سَحَرَهُ لِيُطَلِّقَ فَإِكْرَاهٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ إكره3 عَلَى مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَوَجْهَانِ م 1 و 2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 و 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَرَكَ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ أَوْ أُكْرِهَ عَلَى مُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 إذَا تَرَكَ الْمُكْرَهُ التَّأْوِيلَ بِلَا عُذْرٍ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. إحْدَاهُمَا: لَا يَقَعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ، وَيَأْتِي كَلَامُ الزركشي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: إنْ نَوَى الْمُكْرَهُ ظُلْمًا غَيْرَ الظَّاهِرِ نفعه تأويله، وإن ترك6 ذَلِكَ جَهْلًا أَوْ دَهْشَةً لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ بِلَا عُذْرٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا نِزَاعَ عِنْدَ الْعَامَّةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الطَّلَاقَ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَلِابْنِ حَمْدَانَ احْتِمَالٌ بِالْوُقُوعِ والحالة هذه، انتهى.
وَفِي الِانْتِصَارِ: هَلْ يَقَعُ لَغْوًا أَوْ يَقَعُ بِنِيَّةِ طَلَاقٍ فَقَطْ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَكَذَا عِتْقُهُ وَيَمِينُهُ وَنَحْوَهُمَا، وَعَنْهُ: تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهَا غَيْرَهَا، وَلَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ الْوَعِيدُ إكْرَاهًا لَكُنَّا مُكْرَهِينَ عَلَى الْعِبَادَاتِ فَلَا ثَوَابَ، لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ1: إنَّنَا مُكْرَهُونَ عَلَيْهَا، وَالثَّوَابُ بِفَضْلِهِ لَا مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ عِنْدَنَا، ثُمَّ الْعِبَادَاتُ تُفْعَلُ لِلرَّغْبَةِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَيَقَعُ بَائِنًا فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، نَصَّ عَلَيْهِ كَحُكْمٍ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَكْشِفُ خَافِيًا أَوْ يُنْفِذُ وَاقِعًا، وَنَقَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَدْ قَامَ مَقَامَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ فِي أَحْكَامِهِ كُلِّهَا، وَعَنْهُ: يَقَعُ إنْ اعْتَقَدَ صِحَّتَهُ، اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّلْخِيصِ. وَيَجُوزُ فِي حَيْضِ، وَكَذَا عِتْقٌ2 فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ وَتَعْلِيلِهِ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ سَلَّمَ فَلِإِسْقَاطِهِ حَقَّ الْبَائِعِ، وَلَا يَلْزَمُ نِكَاحَ الْمُرْتَدَّةِ والمعتدة، فإنه كمسألتنا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَعَنْهُ: يَقَعُ فِي بَاطِلٍ إجْمَاعًا، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَلَا يَقَعُ فِي نِكَاحٍ فُضُولِيٍّ قَبْلَ إجَازَتَهُ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إنْ تَزَوَّجَ عبد بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ -2: إذَا أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ بِمُبْهَمَةٍ فَطَلَّقَ مُعَيَّنَةً فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْوُقُوعَ هُنَا أَقْوَى مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا، فَإِنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْمُبْهَمَةِ إلَى مُعَيَّنَةٍ يَدُلُّ عَلَى نَوْعِ إرَادَةٍ. والله أعلم.
إذْنٍ فَطَلَّقَ سَيِّدُهُ جَازَ طَلَاقُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا1، وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا لَمْ يَجُزْ. وَإِنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَةً ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: لَا أَعْرِفُ رِوَايَةً، وَإِنْ سَلَّمَ فَلِلْإِجْمَاعِ بَعْدُ، وَقَالَ حَفِيدُهُ عَنْ بَعْضِ مُحَقِّقِي أَصْحَابِهِ: إنْ بَقِيَ مُجْتَهِدٌ يُفْتِي بِهِ وَقَعَ وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ: هَلْ يَمْنَعُ بَقَاءَ حُكْمِ خِلَافٍ سَبَقَ وَعَلَى إبْقَاءِ الْعَمَلِ بِمَذَاهِبِ الْمَوْتَى، وَلَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَقَدْ بَنَى أَحْمَدُ مَذْهَبَهُ فِي أَحْكَامِ الْعُقُودِ عَلَى الِاجْتِهَادِ، فَأَسْقَطَ مَهْرَ مَجُوسِيَّةٍ تَحْتَ أَخِيهَا أَوْ أَبِيهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: السنة لمريده
فصل السُّنَّةُ لِمُرِيدِهِ: إيقَاعُ وَاحِدَةٍ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْ فِيهِ، ثُمَّ يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، وَإِنْ طَلَّقَ مَدْخُولًا بِهَا فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ حَرَّمَ وَوَقَعَ.
نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَكَذَا أَنْتِ طَالِقٌ فِي آخَرِ طُهْرَكِ وَلَمْ يَطَأْ فِيهِ، وَكَلَامُ الْكُلِّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا مُبَاحٌ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْقُرُوءِ الْأَطْهَارُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: تَحَمُّلُهَا مَاءَهُ فِي مَعْنَى وَطْءٍ، قَالَ: وَكَذَا وَطْؤُهَا فِي غَيْرِ قُبُلٍ، لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ، فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ، وَتُسْتَحَبُّ رَجْعَتُهَا. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: تَجِبُ، وَعَنْهُ: فِي حَيْضٍ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ. وَطَلَاقُهَا فِي الطُّهْرِ الْمُتَعَقِّبِ لِلرَّجْعَةِ بِدْعَةٌ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَعَنْهُ: يَجُوزُ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: وَيَلْزَمُهُ وَطْؤُهَا. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ فَقَامَتْ حَائِضًا فَفِي الِانْتِصَارِ مُبَاحٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: بِدْعِيٌّ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ إنْ عَلَّقَهُ بِقُدُومِهِ فَقَدِمَ فِي حَيْضِهَا فبدعة، ولا إثم م3. وإن طلقها ثلاثا "1وقيل1": ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ فَقَامَتْ حَائِضًا فَفِي الِانْتِصَارِ: مُبَاحٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَدَّعِي. وَفِي الرِّعَايَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ: إنْ عَلَّقَهُ بِقُدُومِهِ فَقَدِمَ فِي حَيْضِهَا فَبِدْعَةٌ وَلَا إثْمَ فيه، انتهى. قطع2 في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى بِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مَا كَانَ عَلَّقَهُ وَهِيَ حَائِضٌ أَنَّهُ يُحَرَّمُ وَيَقَعُ، انْتَهَى. قُلْت: يَحْتَمِلُ إنْ عَلِمَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَهِيَ حَائِضٌ حُرِّمَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَنْبَنِيَ ذَلِكَ عَلَى عِلَّةِ الطَّلَاقِ في الحيض، فأكثر الأصحاب قالوا: العلة
أَوْ ثِنْتَيْنِ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فِي طُهْرٍ فَأَكْثَرَ وَقَعَ وَيُحَرَّمُ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: فِي الطُّهْرِ لَا الْأَطْهَارِ، وَعَنْهُ: لَا يُحَرَّمُ، اخْتَارَهُ الخرقي، وقدمه في الروضة وَغَيْرِهَا، فَعَلَيْهَا: يُكْرَهُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: هُوَ طَلَاقُ السُّنَّةِ، وَلَا بِدْعَةَ بَعْدَ رَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ، وَقَدَّمَ فِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةَ1 تَحْرِيمِهِ حَتَّى تَفْرُغَ الْعِدَّةُ هـ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَاجَعَ2، قَالَ: لِأَنَّهُ طُولُ الْعِدَّةِ، وَأَنَّهُ مَعْنَى نَهْيهِ: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} [البقرة: 231] . وَلَمْ يُوقِعْ شَيْخُنَا طَلَاقَ حَائِضٍ وَفِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ، وَأَوْقَعَ مِنْ ثَلَاثٍ مَجْمُوعَةٍ أَوْ مُفَرَّقَةٍ قَبْلَ رَجْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدًا فَرَّقَ بَيْنَ الصورتين3 وَحَكَاهُ فِيهَا عَنْ جَدِّهِ، لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إذَنْ فَلَا يَصِحُّ4، وَكَالْعُقُودِ الْمُحَرَّمَةِ لِحَقِّ اللَّهِ، وَمَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ "5فِي مَسْأَلَةِ النَّهْيِ5" وُقُوعَهُ فِي حَيْضٍ، لِأَنَّ النَّهْيَ لِلْفَسَادِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَنْعِ الطَّلَاقِ فِيهِ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ، فَعَلَى هَذَا: يَكُونُ بِدْعِيًّا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْعِلَّةُ تَطْوِيلُ الْعِدَّةِ مَعَ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ، فَلَا يَكُونُ بِدْعِيًّا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْعِلَّةُ كَوْنُهُ فِي زَمَنِ رَغْبَةٍ عَنْهَا، فَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ بِدْعِيًّا، وَهَذَانِ الِاحْتِمَالَانِ قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِهِمَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.
وَقَالَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ1 فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ: إنما جعله2 لِإِكْثَارِهِمْ مِنْهُ، فَعَاقَبَهُمْ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْهُ"3 لِمَا عَصَوْا بِجَمْعِ الثَّلَاثِ3"، فَيَكُونُ عُقُوبَةً لِمَنْ لَمْ يَتَّقِ اللَّهِ، مِنْ التَّعْزِيرِ الَّذِي يَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ، كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ"4 لَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ مِنْهَا وَأَظْهَرُوهُ سَاغَتْ الزِّيَادَةُ عُقُوبَةً، ثُمَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ إنْ كَانَتْ لَازِمَةً مُؤَبَّدَةً كَانَتْ حَدًّا، كَمَا يَقُولُهُ مِنْ يَقُولُهُ فِي جَلْدِ الثَّمَانِينَ فِي الْخَمْرِ4"، وَمَنْ يَقُولُ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ بِمَنْ جَمَعَهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهَا إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ كَانَتْ تَعْزِيرًا، وَمَتَى كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ اتَّفَقَتْ النُّصُوصُ وَالْآثَارُ، لَكِنَّ فِيهِ عُقُوبَةً بِتَحْرِيمِ مَا تُمْكِنُ إبَاحَتُهُ لَهُ، وَهَذَا كَالتَّعْزِيرِ بِالْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَهُوَ أَجْوَدُ5 مِنْ الْقَوْلِ بِوُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ عُقُوبَةً، لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ مُحَرَّمٌ يَعْلَمُ قَائِلُهُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَإِذَا أَفْضَى إيقَاعُ الثَّلَاثِ إلَى التَّحْلِيلِ كَانَ تَرْكُ إيقَاعِهَا خَيْرًا مِنْ إيقَاعِهَا، وَيُؤْذَنُ لَهُمْ فِي التَّحْلِيلِ، وَلَعَلَّ إيقَاعَ بَعْضِ مَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِالْحَلِفِ بِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ، فَإِنَّ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّكْفِيرِ وَالْإِمْضَاءِ، فَإِذَا قَصَدَ عُقُوبَتَهُ لِئَلَّا يَفْعَلَ ذَلِكَ أَمَرَ بِالْإِمْضَاءِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِابْنِهِ: أَفْتَيْتُك بقول الليث، وإن عدت, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ مَالِكٍ. عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ إمَامٌ فِي الْفِقْهِ وَالدِّينِ، فَرَأَى سَائِغًا لَهُ أَنْ يُفْتِيَ ابْنَهُ ابْتِدَاءً بِالرُّخْصَةِ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى فِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ أَفْتَاهُ بِالشِّدَّةِ، وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ هُوَ التَّعْزِيرُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِالشَّدِيدِ، إمَّا فِي الْإِيجَابِ وَإِمَّا فِي التَّحْرِيمِ فَإِنَّ الْعُقُوبَةَ بِالْإِيجَابِ كَالْعُقُوبَةِ بِالتَّحْرِيمِ. وَحَدِيثُ رُكَانَةَ1 ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ، وَلَيْسَ فِيهِ إذَا أَرَادَ الثَّلَاثَ بَيَانُ حُكْمِهِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ جَوَازَ إلْزَامِهِ بِالثَّلَاثِ يَكُونُ قَدْ عَمِلَ بِمُوجَبِ دَلَالَةِ الْمَفْهُومِ، وَقَدْ يَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ لِاسْتِحْقَاقِ التَّعْزِيرِ بِجَمْعِ الثَّلَاثِ، فَيُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَغْتَاضُ عَلَيْهِ كَمَا اغْتَاضَ عَلَى ابْنِ عُمَرَ لَمَّا طَلَّقَ فِي الْحَيْضِ2، لَكِنَّ التَّعْزِيرَ لِمَنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَكَانُوا قَدْ عَلِمُوا النَّهْيَ عَنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ. وَالْعَجْزُ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ ضِدَّ الْكَيِّسِ3 يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ فَيُوقِعُ بِهِ وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ، قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَمَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لِمَنْ صام في السفر4 أن يعيد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِامْتِنَاعِهِ مِنْ قَبُولِ الرُّخْصَةِ1. وَكَثِيرًا مَا يَكُونُ النِّزَاعُ وَاقِعًا فِيمَا يُسَوَّغُ2 فِيهِ الْأَمْرَانِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَالَ: إنَّ مِنْ ذَلِكَ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، لِوَلِيِّ الْأَمْرِ مَنْعُ النَّاسِ مِنْهُ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً، وَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ فِي ذَلِكَ. وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ، وَمَنْ بَانَ حَمْلُهَا مُطْلَقًا، وَعَنْهُ: يَلِي، مِنْ جِهَةِ الْعَدَدِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُطَلِّقَ حَائِضًا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَعَنْهُ: سُنَّةُ الْوَقْتِ تَثْبُتُ لِحَامِلٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، فَلَوْ قَالَ لَهَا3: أَنْتِ طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ طَلُقَتْ بِالْوَضْعِ، وَعَلَى الْأُولَى لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةٌ، وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةٌ، وَقَعَتَا، وَيُدَيَّنُ بِنِيَّتِهِ فِي غَيْرِ آيِسَةٍ4 إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: لَا، وَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ5 م 4. وَإِنْ قَالَهُ لمن هما لها6 فواحدة في الحال، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَلَا سُنَّةَ وَلَا بِدْعَةَ لِغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا وَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ وَمَنْ بَانَ حَمْلُهَا. ثُمَّ قَالَ: لَوْ قَالَ لِإِحْدَاهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ طَلْقَةٌ، وَلِلْبِدْعَةِ طَلْقَةٌ، وَقَعَتَا، وَيُدَيَّنُ بِنِيَّتِهِ فِي غَيْرِ آيِسَةٍ إذَا صَارَتْ مِنْ أَهْلِ ذلك. وفي الحكم وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي: إذَا قَالَ: أَرَدْت طَلَاقَهَا في زمن يصير طلاقها7 فِيهِ لِلسُّنَّةِ إنْ قَالَ: لِلسُّنَّةِ، أَوْ لِلْبِدْعَةِ إنْ قَالَ: لِلْبِدْعَةِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي، وأطلقهما في
وواحدة في ضد حالها، إذَنْ. وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا1 لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ وَقَعَتْ إذَنْ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى، لِتَبْعِيضِ كُلِّ طَلْقَةٍ، وَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذَنْ، وَإِنْ نَوَى تَأَخُّرَ ثِنْتَيْنِ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ م 5 وَإِنْ قَالَ: لِمَنْ هُمَا لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ، طَلُقَتْ إنْ كَانَتْ فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ وَإِلَّا بِوُجُودِهِ، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا أشبه بمذهب4 أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِمَا يَحْتَمِلُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَالْبِدْعَةِ نِصْفَيْنِ وَقَعَتْ إذًا عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الثَّالِثَةِ فِي ضِدِّ حَالِهَا إذًا، وَإِنْ نَوَى تَأَخُّرَ ثِنْتَيْنِ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّارِحُ: هَذَا أَظْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ كلامه بأخف مما6 يلزمه حالة
قَالَ: لِلْبِدْعَةِ1 فَبِالْعَكْسِ، وَفِي الثَّلَاثِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَعَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ. وَالْقُرُوءُ: الْحِيَضُ، فَيَقَعُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ بِالْحَائِضِ، وَعَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ يَقَعُ إذَنْ إلَّا حَائِضًا لَمْ يدخل بها، وفي صغيرة وجهان م 6. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِطْلَاقِ قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لِلْبِدْعَةِ فَبِالْعَكْسِ، وَفِي الثَّلَاثِ الرِّوَايَتَانِ. يَعْنِي: اللَّتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ ثَلَاثًا، هَلْ هُوَ لِلْبِدْعَةِ أَمْ لَا؟ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يُحَرَّمُ، وَقَالَ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ فَعَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ، يَعْنِي: فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: وَعَنْهُ: فِي الطُّهْرِ لَا الْأَطْهَارِ، وَقَدَّمَ الْوُقُوعَ وَالتَّحْرِيمَ ورواية ثالثة: بعدم التحريم. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَالْقُرُوءُ الْحِيَضُ فَيَقَعُ بِتَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ بِالْحَائِضِ، وَعَلَى أَنَّهَا الْأَطْهَارُ يَقَعُ إذًا إلَّا حائضا لم يدخل بها، وفي صغيرة وجهان، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ طَلْقَةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَطْلُقُ إلَّا في طهر بعد حيض متجدد4.
وَأَقْبَحُهُ وَأَسْمَجُهُ كَقَوْلِهِ لِلْبِدْعَةِ، وَأَحْسَنُهُ وَأَجْمَلُهُ وَأَقْرَبُهُ وَأَعْدَلُهُ وَأَكْمَلُهُ وَأَتَمُّهُ وَأَسَنُّهُ كَالسُّنَّةِ، فَإِنْ نَوَى: أَحْسَنَ أَحْوَالِك وَأَقْبَحَهَا كَوْنَك مُطَلَّقَةً وَقَعَ إذَنْ، كَقَوْلِهِ طَلْقَةٌ حَسَنَةٌ قَبِيحَةٌ1. وَإِنْ نَوَى بِأَحْسَنِهِ زمن البدعة لشبهه بخلقها القبيح أو بأقبحه زَمَنَ السُّنَّةِ لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ م 7. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى بِأَحْسَنِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ لشبهه بخلقها القبيح أو بأقبحه زمن السنة لِقُبْحِ عِشْرَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ: إنْ قَالَ: فِي أَحْسَنِ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ: أَرَدْت طَلَاقَ الْبِدْعَةِ، وَفِي أَقْبَحِ الطَّلَاقِ وَنَحْوَهُ: أَرَدْت طَلَاقَ السُّنَّةِ، قُبِلَ فِي الْأَغْلَظِ عَلَيْهِ، وَدُيِّنَ فِي الْأَخَفِّ، وَهَلْ يُقْبَلُ حُكْمًا؟ خُرِّجَ فيه وجهان، انتهى. أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى شَيْءٍ فَيُعْمَلُ به.
وَيُحَرَّمُ تَطْلِيقُ وَكِيلِ مُطَلِّقٍ وَقْتَ بِدْعَةٍ، وَفِي وقوعه وَجْهَانِ م 8 قَالَ فِي الْمُغْنِي1: الزَّوْجُ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ مَحَلِّهِ، وَلَمْ يُعَلِّلْ الْأَزَجِيُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ إلَّا بِمُخَالَفَةِ أَمْرِ الشَّارِعِ، فَإِنْ أَوْقَعَهُ وَقْتَ بِدْعَةٍ أَوْ ثَلَاثًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَقَعُ، وَيَتَوَجَّهُ عدمه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَيُحَرَّمُ، وَفِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ: أَحَدُهُمَا: يُحَرَّمُ وَيَقَعُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِمْ: لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ مَتَى شَاءَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحَرَّمُ وَلَا يَقَعُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَهُوَ قَوِيٌّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ وَكِيلًا فِيهِ شَرْعًا. تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَطْرٍ بَعْدَ كلام الأزجي: فإن3 أوقعه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقْتَ1 بِدْعَةٍ أَوْ ثَلَاثًا فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَقَعُ، وَيَتَوَجَّهُ2 عَدَمُهُ، انْتَهَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ، وَهُوَ أَوْلَى، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَيَكُونَ زَادَ الثَّلَاثَ، فَيَحْصُلُ فِي كَلَامِهِ خَلَلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وُقُوعِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُنَا قَدَّمَ الْوُقُوعَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَرَّحَ أَوَّلًا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ، وَهُنَا لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ صَرِيحًا، وَإِنَّمَا قَالَ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَذَكَرَ مِنْ عِنْدِهِ تَوْجِيهًا، وَإِنْ أَعَدْنَاهُ إلَى كَلَامِ الْأَزَجِيِّ انْتَفَى ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ ثَمَانِي مَسَائِلَ في هذا الباب.
باب صريح الطلاق وكنايته
باب صريح الطلاق وكنايته مدخل ... بَابُ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتُهُ وَصَرِيحُهُ لَفْظُ الطَّلَاقِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُ بِغَيْرِ أَمْرٍ وَمُضَارِعٍ. وَعَنْهُ: أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وم1 وَقِيلَ: وَطَلَّقْتُك كِنَايَةٌ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِنْشَاءَ وَالْخَبَرَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ إنْشَاءٌ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْأَمْرِ أَنَّ الْعُقُودَ الشَّرْعِيَّةَ بِلَفْظِ الْمَاضِي أَخْبَارٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هَذِهِ الصِّيَغُ إنْشَاءٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا هِيَ الَّتِي أَثْبَتَتْ2 الْحُكْمَ وَبِهَا تَمَّ، وَهِيَ أَخْبَارٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي فِي النَّفْسِ، فَإِنْ فَتَحَ تَاءَ أَنْتِ طَلُقَتْ3، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الْوَفَاءِ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْخِلَافِ لَوْ قَالَتْهُ لِمَنْ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا قُلْت لِي وَلَمْ أَقُلْ لَك مِثْلَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ لَهَا مِثْلَهُ، طَلُقَتْ، وَلَوْ عَلَّقَهُ، وَلَوْ كَسَرَ التَّاءَ تَخَلَّصَ وَبَقِيَ مُعَلَّقًا، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ ثُمَّ قَالَ: وَلَهُ جَوَابٌ آخَرُ يَقُولُهُ بِفَتْحِ التَّاءِ فَلَا يَجِبُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَلَهُ التَّمَادِي إلَى قُبَيْلِ4 الْمَوْتِ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ شَيْءٌ، لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ بِالْقَرِينَةِ، فَزَوَّجْتُك بِفَتْحِ التَّاءِ وَنَحْوَهُ يَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ، وقيل5: من عامي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الرِّعَايَةِ: يَصِحُّ جَهْلًا أَوْ عَجْزًا، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَفِي الْوَاضِحِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ الْفِرَاقُ وَالسَّرَاحُ كَالطَّلَاقِ، وَقِيلَ: وَكَذَا الْإِطْلَاقُ، فَيَقَعُ بِصَرِيحِهِ"1جدا وهزل1"، وَعَنْهُ. بِنِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةِ غَضَبٍ أَوْ سُؤَالِهَا وَنَحْوَهُ. فَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرًا2 فَغَلِطَ أَوْ أَنْ يَقُولَ: إنْ قُمْت فَتَرَكَ الشَّرْطَ وَلَمْ يُرِدْ طَلَاقًا أَوْ نَوَى بِطَالِقٍ مِنْ وَثَاقٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَابِقٍ لَمْ تَطْلُقْ، وَيُدَيَّنُ بَاطِنًا، وَعَنْهُ: لَا، كَهَازِلٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الْحُكْمِ وَلَا قَرِينَةَ رِوَايَتَانِ م 1 وَقِيلَ فِي نِكَاحٍ سابق يقبل إن وجد. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَ ظَاهِرًا فَغَلِطَ3 أَوْ أَنْ يَقُولَ: إنْ قُمْت فَتَرَكَ الشَّرْطَ، وَلَمْ يرد طلاقا، أو نوى بـ: طالق مِنْ4 وَثَاقٍ أَوْ مِنْ نِكَاحٍ سَابِقٍ لَمْ تَطْلُقْ، وَيُدَيَّنُ بَاطِنًا، وَعَنْهُ لَا ... ، وَفِي الْحُكْمِ، وَلَا قَرِينَةَ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ6 وَشَرْحِ ابن منجا إلَّا فِي قَوْلِهِ: أَرَدْت أَنْ أَقُولَ: إنْ قُمْت فَتَرَكْت الشَّرْطَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ فِي الأخيرة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت إن قمت، وقيل: لا يقبل م 2 وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ1 إنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى أَنَّ مَعَهُ شَرْطًا آخَرَ، وَأَوْقَعَهُ فِي الْفُنُونِ وَغَيْرُ2 وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ لَا فُقَهَاءُ الْبَصْرَةِ، وَقَالَ: لَيْسَ فِي الْأُصُولِ قَبُولُ قَوْلِ إنْسَانٍ فِي رَدِّ قَوْلِ شَاهِدَيْنِ، كَمَا لو أقر أنه3 ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وقطع به في الوجيز وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ إرَادَةِ الشَّرْطِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَفِي الْكَافِي4: إلَّا فِي قَوْلِهِ: أَرَدْت أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ مِنْ زَوْجٍ كَانَ قبلي و5كَانَ كَذَلِكَ فَأَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَانِ، وَقَدَّمَهُ فِي الشرح6 إلا في إرادة الشرط. الرواية الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ فِي الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: أنت طالق ثم قال: أردت إن قمت، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي7: يُخَرَّجُ فِيهِمَا8 رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ والمذهب وغيرهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكِيلُ فُلَانٍ أَوْ يَبِيعُ1 ثُمَّ ادَّعَى عَزْلًا أَوْ خِيَارًا. وَإِنْ ضَرَبَهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا وَنَحْوَهُ وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك، فَنَصُّهُ: صَرِيحٌ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُهُ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ 3، 4، كَقَوْلِهِ بعد فعل مِنْهَا أَوْ قَوْلِهِ: أَنْتِ عَاقِلَةٌ هَذَا طَلَاقُك، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ أَطْعَمَهَا أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُقْبَلُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ يَعْنِي وَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ به في المغني3 وشرح ابن منجا والوجيز وغيرهم، وفرق ابن منجا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا. مَسْأَلَةٌ 3 و 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَرَبَهَا أَوْ أَخْرَجَهَا مِنْ دَارِهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَطْعَمَهَا وَنَحْوَهُ وَقَالَ: هَذَا طَلَاقُك، فَنَصُّهُ صَرِيحٌ، فَإِنْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُهُ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، وَعَنْهُ كِنَايَةٌ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3: إذَا فَعَلَ بِهَا مَا قَالَ المصنف وقال: هذا طلاقك، فهل هذا4 صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ: إحْدَاهُمَا: هُوَ صَرِيحٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ، واختاره ابن حامد وغيره، وجزم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَقَاهَا فَفِي كَوْنِهِ كَالضَّرْبِ وَجْهَانِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَا شَيْءَ، وَقَعَ، فِي الْأَصَحِّ، وعكسه أنت طالق أو لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُقْنِعِ1 وَالْكَافِي2 وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والرعايتين والحاوي الصغير وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كِنَايَةٌ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْقَاضِي: يَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ حَتَّى يَنْوِيَهُ، وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحُ وَنَصَرَاهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الْخِلَافِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4: عَلَى الْمَنْصُوصِ لَوْ نَوَى أَنَّهُ سَبَبُ طَلَاقِك فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي فِيمَا إذَا لطمها فقال: هذا طَلَاقُك إنَّهُ كِنَايَةٌ مُحْتَمَلٌ بِالتَّقْدِيرِ5 الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ سَبَبُ طلاقك6، انتهى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةً أَوْ لَا فَوَجْهَانِ م 5. وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا: شَرِكْتُك مَعَهَا أَوْ أَنْتِ مِثْلُهَا أَوْ كَهِيَ، فَعَنْهُ كِنَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَصُّهُ: صَرِيحٌ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهَا إيلَاءٌ إن حلف بالله ولو نواه م 6، 7. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا تَطْلُقُ، وَهُوَ الصحيح، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1، وَالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَزَادَا3 غَيْرَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَا وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا: شَرِكْتُك مَعَهَا، أَوْ أَنْتِ مَعَهَا، أَوْ كَهِيَ، فَعَنْهُ: كِنَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَنَصُّهُ: صَرِيحٌ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهَا إيلَاءٌ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَلَوْ نَوَاهُ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، فَهَلْ هُوَ صَرِيحٌ في الضرة أو كناية؟ أطلق الخلاف: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا بِشَيْءٍ يَبِينُ وَقِيلَ أو لا، فعنه: صريح، نصره ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: هُوَ صَرِيحٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب، نص عليه، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الظِّهَارِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِيهِمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كِنَايَةٌ فِيهِمَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7: مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً فِي الثَّانِيَةِ: إحْدَاهُمَا: يَكُونُ صَرِيحًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَكُونُ كِنَايَةً، فَإِنْ نَوَاهُ كَانَ مُولِيًا، وَإِلَّا فَلَا، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلًا: لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا مِنْ الضَّرَّةِ مُطْلَقًا، وَهَذَا الْقَوْلُ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَيْضًا. تَنْبِيهٌ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً أَوْ صَرِيحًا، أَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مُطْلَقًا فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْخِلَافِ المطلق، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَعَنْهُ كناية م 8. وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إقراره بخطه، وفيه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَتَأْخِيرُ الْمُصَنِّفِ لَهُ فِي الذِّكْرِ عَنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ شَيْءٌ، بَلْ الْأَوْلَى أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَلْحَقَهُ بِالْخِلَافِ الْمُطْلَقِ أَوْ يُقَدِّمَهُ عليه. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَتَبَ صَرِيحَ طَلَاقِهَا بِشَيْءٍ يَبِينُ وَقِيلَ: أَوْ لَا، فَعَنْهُ: صَرِيحٌ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ، انْتَهَى. هَاتَانِ الرِّوَايَتَانِ خَرَّجَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ1، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ4 وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: هُوَ صَرِيحٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: أَدْخَلَهُ الْأَصْحَابُ فِي الصَّرِيحِ وصححه في التصحيح5. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَقَعَ، عَلَى الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كِنَايَةٌ، فَلَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعِيدٌ وَإِنْ كان عليه الأكثر.
وجهان م 9 ويتوجه عليهما صِحَّةُ الْوِلَايَةِ بِالْخَطِّ، وَصِحَّةُ الْحُكْمِ بِهِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: مَا تَقُولُونَ فِي الْعُقُودِ وَالْحُدُودِ وَالشَّهَادَاتِ؟ هَلْ تَثْبُتُ بِالْكِتَابَةِ؟ قِيلَ: الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ تَثْبُتُ، وَهِيَ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَثْبُتَ جَمِيعُهَا، لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الصَّرِيحِ وَيَحْتَمِلُ لَا، لِأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لَهَا فَقَوِيَتْ، وَلِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ كِنَايَةٌ فَضُعِّفَ1، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَدْرِي أَرَادَ صِحَّتَهَا بِالْكِنَايَةِ أَوْ يُثْبِتُهَا فِي الظَّاهِرِ، وَيَتَوَجَّهُ: هُمَا. ولا يقع بكتايته2 عَلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ خَطٌّ كَمَاءٍ3 ونحوه. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَغْوٌ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ بِخَطِّهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِخَطِّهِ شَيْءٌ، وَإِنْ نَوَاهُ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَطَّ بِنُطْقٍ لَيْسَ إقْرَارًا شَرْعِيًّا، فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ الِاعْتِرَافُ، وَهُوَ إظْهَارُ الْحَقِّ لَفْظًا. وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي، ثُمَّ قَالَ فِي الْكُبْرَى: قُلْت: هُوَ إظْهَارُ الْمُكَلَّفِ الرشيد المختار ما عليه لفظا أو كتابة4 فِي الْأَقْيَسِ، أَوْ إشَارَةً أَوْ عَلَى مُوَكَّلِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ أَوْ مَوْرُوثِهِ بِمَا يُمْكِنُ صِدْقُهُ فِيهِ، انْتَهَى. فَصَحَّحَ هُنَا أَنَّهُ لَيْسَ إقْرَارًا شَرْعِيًّا، وَقَالَ فِي الْإِقْرَارِ: إنَّهُ إقْرَارٌ فِي الْأَقْيَسِ، وَتَابَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ. كَمَنْ وَجَدَ خَطَّ أَبِيهِ بدين عليه أو له، على
الْمُغْنِي1 وَجْهٌ2، وَإِنْ نَوَى تَجْوِيدَ خَطِّهِ3 أَوْ غُمَّ أَهْلُهُ قَبِلَ حُكْمًا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ وَقَصَدَ الْقِرَاءَةَ4 فَفِي قَبُولِهِ حُكْمًا الْخِلَافُ فِي التَّرْغِيبِ. وَيَقَعُ مِنْ أَخْرَسَ وَحْدَهُ بِإِشَارَةٍ، فَلَوْ فَهِمَهَا الْبَعْضُ فَكِنَايَةٌ، وَتَأْوِيلُهُ مع صريح كالنطق، وكنايته5 طَلَاقٌ، وَإِنْ قَالَ: الْعَجَمِيُّ: بهشتم، وَقَعَ مَا نواه، فإن زاد: بسيار، فَثَلَاثٌ، وَفِي الْمُذْهَبِ مَا نَوَاهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى مَا نَوَاهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مِثْلَ كَلَامٍ عَرَبِيٍّ، وَإِنْ قَالَهُ عَرَبِيٌّ أَوْ نَطَقَ6 عَجَمِيٌّ بِلَفْظِ طَلَاقٍ وَلَمْ يَفْهَمَاهُ لَمْ يَقَعْ، وَقِيلَ: بَلَى بِنِيَّةٍ مُوجِبَةٍ عِنْدَ أَهْلِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ: مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ غير مكلف، ويقع طلاقه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا تَقَدَّمَ. وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَرَفَ خَطَّهُ. وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل وكناياته الظاهرة: أنت خلية، وبريئة، وبائن، وبتة، وبتلة، والحرج.
فصل وَكِنَايَاتُهُ الظَّاهِرَةُ: أَنْتِ خَلِيَّةٌ، وَبَرِيئَةٌ، وَبَائِنٌ، وَبَتَّةٌ، وبتلة، والحرج. وجعل أبو جعفر: مخلاة كـ: خلية، وقيل: ابنتك كـ: بائن. وَالْخَفِيَّةُ: اُخْرُجِي، وَاذْهَبِي، وَذُوقِي، وَتَجَرَّعِي، وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ، واعتزلي،
وَلَا حَاجَةَ لِي بِك1 وَمَا بَقِيَ شَيْءٌ، وَأَغْنَاك اللَّهُ، وَنَحْوَهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَلَّقَك، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: إذَا2 قَالَ: فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ: إنْ كَانَ يُرِيدُ أَيْ3 دُعَاءً يَدْعُو بِهِ فَأَرْجُو أَنَّهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ. فَلَمْ يَجْعَلْهُ شَيْئًا مَعَ نِيَّةِ الدُّعَاءِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَعَ نِيَّةِ الطَّلَاقِ أَوْ الْإِطْلَاقِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ صَرِيحٌ أَوْ لِلْقَرِينَةِ، وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قَالَ شَيْخُنَا فِي إنْ أَبْرَأْتنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أَبْرَأَك اللَّهُ، مِمَّا تَدَّعِي النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَبْرَأُ فَطَلَّقَ قَالَ: يَبْرَأُ، فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ، وَظَهَرَ أَنَّ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ قَوْلَيْنِ: هَلْ يَعْمَلُ بِالْإِطْلَاقِ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ، أَمْ تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ؟ وَنَظِيرُ ذَلِكَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ بَاعَك، أَوْ قَدْ أَقَالَك وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي: حَبْلُك عَلَى غَارِبِك، وَتَزَوَّجِي مَنْ شِئْت، وَحَلَلْت لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا سَبِيلَ أَوْ لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك، وَغَطِّي شَعْرَك وَتَقَنَّعِي، فَعَنْهُ ظَاهِرَةٌ، كَأَنْتِ حُرَّةٌ وَأَعْتَقْتُك، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، لِأَنَّ النِّكَاحَ رِقٌّ، وَعَنْهُ خَفِيَّةٌ م 10 كقوله: اعتدي م، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي: حَبْلُك عَلَى غاربك، و: تزوجي من شئت، و: حللت للأزواج، و: لا سبيل أو لا سلطان لي عليك، و: غطي شعرك، و: تقنعي فَعَنْهُ: ظَاهِرَةٌ.... وَعَنْهُ: خَفِيَّةٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الخمسة4 الأول، وفي
واستبرئي، و: الحقي بِأَهْلِك م1، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِنَّ، وَجَعَلَ أَبُو بكر: لا حاجة لي فيك، و: باب الدار لك مفتوح، كأنت بائن. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: الْخَمْسُ الْأُوَلُ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرعايتين والزيدة4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَاخْتَارَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا سُلْطَانَ لِي عَلَيْك و: حللت لِلْأَزْوَاجِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تذكرته أن: حبلك على غاربك و: تزوجي من شئت و: حللت لِلْأَزْوَاجِ مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك وَلَا سُلْطَانَ عَلَيْك5 خَفِيَّةٌ. تنبيه: حكم قوله: غطي شعرك، و: تقنعي حكم ما تقدم، خلافا ومذهبا.
وَفِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ م 11 وَلَا يَقَعُ بكناية ولو ظاهرة، وفيها رواية اختارها أَبُو بَكْرٍ إلَّا بِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ لِلَفْظٍ، وَقِيلَ أوله. وفي الرعاية: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَفِي الْفِرَاقِ وَالسَّرَاحِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي: إذَا قُلْنَا: إنَّهُمَا لَيْسَا صَرِيحَيْنِ هَلْ هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْخَفِيَّةِ؟ أَطْلَقَ الخلاف فيهما. أَحَدُهُمَا: هُمَا مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا مِنْ الظَّاهِرَةِ، قَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ، وَأَنَا أَسْتَبْعِدُ هَذَا مِنْهُ، لِكَوْنِهِ يَقْطَعُ بِهِ مَعَ قَطْعِ صَاحِبِ الْمُغْنِي بِخِلَافِهِ، وَلَمْ يَحْكِهِ، وَلَعَلَّ فِي النُّسْخَةِ غلطا.
أَوْ قَبْلَهُ، وَعَنْهُ وَمَعَ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ، قَطَعَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَوْ بَعْدَ سُؤَالِهَا إيَّاهُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيمَا كَثُرَ قَوْلُهُ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، نَحْوَ اُخْرُجِي، فَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ أَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ لَمْ يَقْبَلْ حُكْمًا مَعَ سُؤَالِهَا أَوْ خُصُومَةٍ وَغَضَبٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَقَعُ بِالظَّاهِرَةِ ثَلَاثٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَعَنْهُ: مَا نَوَى، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا الرِّوَايَاتُ1 فِي: أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَلْبَتَّةَ، أَوْ بِلَا رَجْعَةٍ، وَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةٌ2 بَائِنَةٌ أَوْ بَتَّةٌ فَرَجْعِيَّةٌ، وَعَنْهُ: بَائِنَةٌ، وَعَنْهُ ثَلَاثٌ، كَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً ثَلَاثًا، وَفِي الْفُصُولِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي: أنت طالق ثلاثا واحدة: يقع
وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ وَصَفَ الْوَاحِدَةَ بِالثَّلَاثِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَفَ الثَّلَاثَ بِالْوَاحِدَةِ فَوَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَلَغَا الْوَصْفَ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَيَقَعُ بِالْخَفِيَّةِ1 وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً، فَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ فِي غَيْرِ: أَنْتِ وَاحِدَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ وَقَعَ. وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ "2أَوْ لَسْتِ2" لِي امْرَأَةً. فَعَنْهُ: لَغْوٌ، وَالْأَصَحُّ كِنَايَةٌ، فَلَوْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ م 12 وكلي واشربي قِيلَ: كِنَايَةٌ، وَالْأَصَحُّ لَا، نَحْوَ: اُقْعُدِي، وَأَنْتِ مَلِيحَةٌ أَوْ قَبِيحَةٌ. وَإِنْ قَالَ: أَنَا مِنْك طَالِقٌ، فَلَيْسَ بِكِنَايَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ، كَحَذْفِهِ مِنْك. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي امْرَأَةٌ أو لست، فَعَنْهُ: لَغْوٌ، وَالْأَصَحُّ كِنَايَةٌ، فَلَوْ أَقْسَمَ بِاَللَّهِ فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ3، فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. تَوَقَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ وَقَالَ: مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْإِنْشَاءَاتِ هَلْ تُؤَكِّدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ؟ أَمْ لَا يُؤَكِّدُ إلَّا الْخَبَرُ فَتَتَعَيَّنُ خَبَرِيَّةً هَذَا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: ذَلِكَ كِنَايَةٌ ولو أقسم بالله، انتهى. وهو الصواب.
وَفِي: أَنَا مِنْك بَائِنٌ، أَوْ: حَرَامٌ، أَوْ بَرِيءٌ. وَجْهَانِ م 13 وَكَذَا مَعَ حَذْفِهِ مِنْك بالنية، في احتمال. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي: أَنَا مِنْك بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَرِيءٌ وَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَابْنُ رَزِينٍ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَا مِنْك بَرِيءٌ، وَهِيَ مِثْلُهُمَا فِي الْحُكْمِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ لَغْوٌ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي قَوْلِهِ: أَنَا مِنْك بَرِيءٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ كِنَايَةٌ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي الْجَمِيعِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي الْأَوَّلَيْنِ. تَنْبِيهٌ مَنْشَأُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَتَوَقَّفَ، قَالَ ابْنُ حامد: يتخرج على وجهين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 10/372. 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/263.
فصل وإن قال: أنت علي حرام أو: ما أحل الله علي حرام، أو الحل علي حرام، فظهار.
فصل وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ: مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَظِهَارٌ. وَعَنْهُ: يَمِينٌ، وَعَنْهُ: طَلَاقٌ بَائِنٌ، حَتَّى نَقَلَ الْأَثْرَمُ وَحَنْبَلٌ: الْحَرَامُ ثَلَاثٌ حَتَّى لَوْ وَجَدْت رَجُلًا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ عَلَيْهِ1 وَهُوَ يرى أنها ـــــــــــــــــــــــــــــQ (1) ليست في (ر) .
وَاحِدَةٌ فَرَّقْت بَيْنَهُمَا، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ كَرَاهَةُ الْفُتْيَا فِي الْكِنَايَاتِ الظَّاهِرَةِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ1، وَعَنْهُ: كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ. وإن نوى شيئا، فعنه: نيته، ونقل الجماعة وَهُوَ الْأَشْهَرُ: ظِهَارٌ م 214 فَإِنْ نَوَى ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا فَظِهَارٌ، وَإِنْ قَالَهُ لِمُحَرَّمَةٍ بِحَيْضٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى شَيْئًا فَعَنْهُ: نِيَّتُهُ، وَنَقْلُ الْجَمَاعَةِ - وَهُوَ الْأَشْهَرُ - ظِهَارٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ. مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ: إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ كَمَا قَالَ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ: هَذَا الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4،
وَنَحْوِهِ وَنَوَى أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ بِهِ فَلَغْوٌ، وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْخَبَرَ، وَيَحْتَمِلُ إنْشَاءَ التحريم، ذكره الشيخ، ويتوجه كَإِطْلَاقِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ، وَإِنْ قَالَ: أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، أَوْ طَلَاقًا، فَعَنْهُ ظِهَارٌ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ، وَالْمَذْهَبُ طَلَاقٌ بِالْإِنْشَاءِ، وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ مَعَ التَّعْرِيفِ رِوَايَتَانِ م 15 وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد "1فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ1": مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ يَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ إنْ دَخَلْت لَك فِي خَيْرٍ أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوغيرهم. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَقَعُ مَا نَوَاهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ الثَّلَاثِ مَعَ التَّعْرِيفِ رِوَايَتَانِ. يَعْنِي: إذَا قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَعْنِي بِهِ الطَّلَاقَ بِالتَّعْرِيفِ وَقُلْنَا: هُوَ طَلَاقٌ فَهَلْ يَقَعُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً؟ أَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. أحداهما: يَكُونُ ثَلَاثًا، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ والرعايتين وقال: إن
شَرٍّ وَالرَّجُلُ مَرِيضٌ، يَعُودُهُ؟ قَالَ: لَا، وَلَا يُشَيِّعُ جِنَازَتَهُ، أَخَافُ أَنَّهُ ثَلَاثٌ وَلَا أُفْتِي بِهِ. وَلَوْ نَوَى فِي: حَرَّمْتُك عَلَى غَيْرِي، فَكَطَلَاقٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ: فِرَاشِي عَلَيَّ حَرَامٌ، فَإِنْ نَوَى امْرَأَتَهُ فَظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى فِرَاشَهُ فَيَمِينٌ، نَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ وَإِنْ قَالَ: كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَالْخَمْرِ، لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ1، وَقِيلَ: لَا الظِّهَارُ، جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، لِإِبَاحَتِهِ بِحَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فظهار، وعنه: يمين. وإن قال: حلفت بالطلاق2، وَكُذِّبَ، دُيِّنَ وَلَزِمَهُ حُكْمًا، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا:. وَإِنْ سُئِلَ أَطْلَقْت امْرَأَتَك؟ قَالَ: نَعَمْ، أَوْ أَلَك امْرَأَةٌ؟ قَالَ: قَدْ طَلَّقْتهَا، يُرِيدُ الْكَذِبَ، وَقَعَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: حُكْمًا كَقَوْلِهِ: كُنْت طَلَّقْتهَا وَإِنْ قِيلَ لَهُ: خَلَّيْتهَا؟ قَالَ: نعم، فكناية. وَمَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٌ: ثُمَّ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِإِقْرَارِهِ3 لِمَعْرِفَةِ مُسْتَنَدِهِ، وَيُقْبَلُ بِيَمِينِهِ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ فِي إقْرَارِهِ ذَلِكَ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ مِثْلُهُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك، فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ تَمْلِكُ ثلاثا. ـــــــــــــــــــــــــــــQحُرِّمَتْ الرَّجْعِيَّةُ، وَذَكَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ نَقْلَ أَبِي طَالِبٍ: فِي أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا فَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا يُخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِ: بِأَنَّ الرَّجْعَةَ مُحَرَّمَةٌ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، جَزَمَ به في الوجيز والمنور.
وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً، أَفْتَى بِهِ أَحْمَدُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، قَطَعَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ وَالتَّبْصِرَةِ، كَقَوْلِهِ: اخْتَارِي، وَعَنْهُ، فِيهِ: غَيْرُ مُكَرِّرٍ ثَلَاثًا، وَكَقَوْلِهِ: وَطَلِّقِي نَفْسَك، وَعَنْهُ، فِيهِ: ثَلَاثٌ بِنِيَّتِهِمَا1 لَهَا، كَقَوْلِهِ فِي الْأَصَحِّ طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَتَطْلُقُ بِنِيَّتِهَا2، وَقِيلَ أَوْ لَا وَنَصُّهُ: وَمُتَرَاخِيًا، وَنَصُّهُ أَنْ اخْتَارِي مُخْتَصَّةً بِالْمَجْلِسِ مَا لَمْ يَشْتَغِلَا بِقَاطِعٍ. وعنه: على الفور، وخرج فيهما العكس. و: طلقي نَفْسَك هَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 16 وذلك توكيل ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 16: قوله: و: طلقي نَفْسَك هَلْ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، رَجَّحَهُ الشيخ في الكافي3،
يبطل برجوعه، ولو وكلها بِعِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ، وَيُرَدُّ الْوَكِيلُ وَيَقَعُ بِإِيقَاعِ الوكيل بصريح، أو كناية بينة. وفي وقوعه بكناية بينة مِمَّنْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحِ، وَجْهَانِ م 17. وَكَذَا عَكْسُهُ فِي التَّرْغِيبِ م 18. وَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا: اخترت بنية1، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُغْنِي2، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَخْتَصُّ بِالْمَجْلِسِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. مَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَيَقَعُ بِإِيقَاعِ الْوَكِيلِ بِصَرِيحٍ أَوْ كِنَايَةٍ، وَفِي وُقُوعِهِ بِكِنَايَةٍ بِنِيَّتِهِ3 مِمَّنْ وَكَّلَ فِيهِ بِصَرِيحٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك، فَطَلُقَتْ بِالْكِنَايَةِ، بَلْ جَعَلَهَا ابْنُ حَمْدَانَ مِثْلَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ إلَّا بِالصَّرِيحِ. مَسْأَلَةٌ 18: قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ فِي التَّرْغِيبِ. يَعْنِي: أَنَّهُ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ فَطَلَّقَ بِالصَّرِيحِ. وَالصَّوَابُ هُنَا الْوُقُوعُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ. فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
حَتَّى تَقُولَ: نَفْسِي أَوْ أَبَوَيَّ أَوْ الْأَزْوَاجَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَوَاحِدَةٌ، وَنَفْسَهَا ثَلَاثٌ، وَعَنْهُ: إنْ خَيَّرَهَا فَقَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي ثَلَاثًا وَقَعَتْ، وَإِنْ أَنْكَرَ قَوْلَهَا قُبِلَ قَوْلُهُ، وَمَنْ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهَا. وَتُقْبَلُ دَعْوَى الزَّوْجِ فِي أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ إيقَاعِ وَكِيلِهِ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، ونص أحمد1 ذكره في المجرد والفصول فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَالْأَزَجِيُّ، فِي عَزْلِ الْمُوَكَّلِ لَهُ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا قَالَ: وَكَذَا دَعْوَى عِتْقِهِ2 وَرَهْنِهِ وَنَحْوَهُ. وَمَنْ وَكَّلَ فِي ثَلَاثٍ فَأَوْقَعَ وَاحِدَةً أَوْ عَكْسَهُ فَوَاحِدَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ خُيِّرَ مِنْ ثَلَاثٍ مَلَكَ ثِنْتَيْنِ فَأَقَلَّ، وَلَا يَمْلِكُ بِالْإِطْلَاقِ تَعْلِيقًا. وَإِنْ وُكِّلَا فِي ثَلَاثٍ فَطَلَّقَ وَاحِدٌ وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أَكْثَرَ فَوَاحِدَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ صَحَّ طَلَاقُ مُمَيِّزٍ صَحَّ تَوْكِيلُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ: وَتَخْيِيرُ مُمَيِّزَةٍ وَإِلَّا فَلَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَتَمْلِكُ بِطَلَاقِكِ بِيَدِكِ وَوَكَّلَتْكِ فِي الطَّلَاقِ مَا تَمْلِكُ بِالْأَمْرِ، فَلَا يَقَعُ بِقَوْلِهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ مِنِّي طَالِقٌ أَوْ طَلَّقْتُك، وَقِيلَ: بَلَى بِنِيَّةٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: صِفَةُ طَلَاقِهَا طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ أَنَا مِنْك طَالِقٌ، وَإِنْ قَالَتْ: أَنَا طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ وَيَبْطُلُ الْخِيَارُ وَالْأَمْرُ إنْ لَمْ يُكَرِّرْهُمَا برده اليوم الأول، خلافا للحلوإني، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَجْنَبِيُّ كَهِيَ، وَالْمَذْهَبُ إلَّا أَنَّهُ مُتَرَاخٍ. وَإِنْ وَهَبَهَا لِنَفْسِهَا1 أَوْ لِغَيْرِهَا فَرَدَّتْ فَلَغْوٌ، وَعَنْهُ: رَجْعِيَّةٌ، وَإِنْ قَبِلَتْ فَرَجْعِيَّةٌ، وَعَنْهُ: بَائِنَةٌ، وَعَنْهُ: ثَلَاثٌ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: مَا نَوَاهُ. وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ وَاهِبٍ وَمَوْهُوبٍ، وَيَقَعُ أَقَلُّهُمَا2، وَعَنْهُ: لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةٌ فِي الْهِبَةِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ وَبِالْأَمْرِ وَالْخِيَارِ الطَّلَاقَ فِي الْحَالِ وَقَعَ، وَإِنْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ فَلَغْوٌ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً كَهِبَةٍ وَجْهَانِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: وَهُمَا كَخَائِنٍ يُؤَدَّبَانِ وَلَا قَطْعَ ويحبسان حتى يظهرا توبة. وَمَنْ طَلَّقَ فِي قَلْبِهِ لَمْ يَقَعْ، نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَلْفِظْ بِهِ أَوْ يُحَرِّكْ لِسَانَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَيَتَوَجَّهُ كَقِرَاءَةِ صلاة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ما يختلف به عدد الطلاق
باب ما يختلف به عدد الطلاق مدخل ... باب ما يختلف به عدد الطلاق الطَّلَاقُ بِالرِّجَالِ، فَيَمْلِكُ حُرٌّ ثَلَاثًا، وَعَبْدٌ ثِنْتَيْنِ، وَلَوْ طَرَأَ رِقُّهُ، كَلُحُوقِ ذِمِّيٍّ بِدَارِ حَرْبٍ فَاسْتُرِقَّ وَكَانَ قَدْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ وَقُلْنَا: يَنْكِحُ عَبْدٌ حُرَّةً نَكَحَ هُنَا، "1وَلَهُ طَلْقَةٌ1"، ذَكَرَهُ2 الشَّيْخُ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. وَعَنْهُ: الطَّلَاقُ بِالنِّسَاءِ، فَيَمْلِكُ زَوْجُ حُرَّةٍ ثَلَاثًا، وَزَوْجُ أَمَةٍ ثِنْتَيْنِ، فَيُعْتَبَرُ الطَّرَيَانِ بِالْمَرْأَةِ. وَمُعْتَقُ بَعْضُهُ كَحُرٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي الْكَافِي3: كَقِنٍّ. فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ يَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ وَنَحْوَهُ فَصَرِيحٌ، فِي الْمَنْصُوصِ، مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مَحْلُوفًا بِهِ يَقَعُ وَاحِدَةً، مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، وَعَنْهُ: ثَلَاثٌ: وَفِي الرَّوْضَةِ، هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَلَهُ نِسَاءٌ وَلَا نِيَّةَ وَحَنِثَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَفَعَلَ وَقَعَ بِالْكُلِّ أَوْ بِمَنْ بَقِيَ. قَالَ: وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأَفْعَلَنَّ، وَلَمْ يَذْكُرْ4 الْمَرْأَةَ، فَالْحُكْمُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ تَحْتَهُ زَوْجَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَفَعَلَ المحلوف عليه وقع أيضا، كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ قَالَ: فُلَانَةُ طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ، فَمَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى، لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لِامْرَأَةٍ. وَفِي الْوَاضِحِ: أَنْتِ1 طَلَاقٌ كَأَنْتِ الطَّلَاقُ، وَمَعْنَاهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا بِأَنْتِ طَالِقٌ لَزِمَتْهُ كَنِيَّتِهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا، وَعَنْهُ وَاحِدَةٌ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ، كَنِيَّتِهَا بِأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً، فِي الْأَصَحِّ، فَعَلَى الثَّانِيَةِ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، وَصَادَفَ قَوْلُهُ: ثَلَاثًا مَوْتَهَا أَوْ قَارَنَهُ، وَقَعَ وَاحِدَةً. وَعَلَى الْأَوِّلَةِ ثَلَاثًا، لِوُجُودِ الْمُفَسِّرِ فِي الْحَيَاةِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَثَلَاثٌ. وَإِنْ أَرَادَ الْمَقْبُوضَتَيْنِ فَثِنْتَانِ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَكَذَا فَوَاحِدَةٌ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ الطَّلَاقِ أَوْ غَايَتَهُ أَوْ مُنْتَهَاهُ أَوْ كَأَلْفٍ أَوْ عَدَدَ الْحَصَى أَوْ التُّرَابِ أَوْ الْمَاءِ أَوْ الرِّيحِ وَنَحْوَهُ أَوْ يَا مِائَةَ طَالِقٍ، فَثَلَاثٌ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً، نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَأَلْفٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَيَأْثَمُ بِالزِّيَادَةِ. وَلَوْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا فَفِي الحكم الخلاف م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى كَأَلْفٍ فِي صُعُوبَتِهَا فَفِي الْحُكْمِ الْخِلَافُ، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي غَيْرِ مَا مَسْأَلَةٍ تَقَدَّمَتْ فِيمَا إذَا احتمل تأويله ذلك:
وَإِنْ قَالَ: أَشَدَّهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ وَنَحْوَهُ فَوَاحِدَةٌ. وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي مِلْءِ الْبَيْتِ، وَفِي أَقْصَاهُ أَوْ أَكْثَرِهِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: أَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ م 2 و 3 وَفِي آخِرِ الْمُجَلَّدِ التَّاسِعَ عشر من الفنون: أن بعض ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ عَلَى رَأْيٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. مَسْأَلَةٌ 2 و 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَشَدَّهُ أَوْ أَغْلَظَهُ أَوْ أَطْوَلَهُ أَوْ أَعْرَضَهُ أَوْ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ عِظَمَهُ3 وَنَحْوَهُ فَوَاحِدَةٌ، وَيَقَعُ مَا نَوَاهُ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي مِلْءِ الْبَيْتِ، وَفِي أَقْصَاهُ أَوْ أَكْثَرِهِ أَوْجُهٌ، ثَالِثًا أَكْثَرُهُ ثَلَاثٌ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي4 فِي مَكَان، والكافي5 والمقنع6 والهادي والبلغة،
أَصْحَابِنَا قَالَ فِي أَشَدِّ الطَّلَاقِ كَأَقْبَحِ الطَّلَاقِ يقع1 طلقة في الْحَيْضِ أَوْ ثَلَاثٌ، عَلَى احْتِمَالِ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّهُ كَيْفَ يُسَوِّي بَيْنَ أَشَدِّ الطَّلَاقِ وَأَهْوَنِ الطَّلَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ2 فِي مَوْضِعٍ، وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا أَشْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَقَالَ: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَتَبِعَهُ فِي الشَّرْحِ4 فِي مَوْضِعٍ، وَقَطَعَ بِهِ5 ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْأَصْحَابِ وَالْمُغْنِي، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، لِمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: كَوْنُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ يَقْطَعَانِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَقْطَعَانِ بِوُقُوعِ وَاحِدَةٍ فِيهَا وَالْكُلُّ فِي وَرَقَةٍ عَجِيبٌ مِنْهُمَا! وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 3: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أقصى الطَّلَاقِ فَهَلْ تَطْلُقُ6 ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصغير:
وَلَوْ أَوْقَعَ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ: جَعَلْتهَا ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ اسْتِئْنَافَ طَلَاقٍ بَعْدَهَا فَوَاحِدَةٌ، ذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةً بَلْ هَذِهِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ لَا بَلْ هَذِهِ، طَلُقَتَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَهَذِهِ طَالِقٌ وَقَعَ بِالثَّالِثَةِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ، كَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ، وَقِيلَ: يَقْرَعُ بَيْنَ الْأُولَى وَبَيْنَ الْأُخْرَيَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: هَذِهِ وَهَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَقَعَ بِالْأُولَى وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ، كَهَذِهِ بَلْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ وَقِيلَ: يَقْرَعُ بَيْنَ الْأُولَيَيْنِ وَالثَّالِثَةِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَثِنْتَيْنِ، وَعَنْهُ: ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ بِالْحَاسِبِ وَبِغَيْرِهِ قِيلَ: طَلْقَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ، وَقِيلَ: بِهِمَا وَاحِدَةٌ، وَقِيلَ ثلاث، وقيل: بعامي م 4 ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: تطلق ثلاثا، وهو الصحيح، كـ: منتهاه وَغَايَتِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَهُوَ الصواب. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، كَأَشَدِّهِ وَأَعْرَضِهِ وَأَطْوَلِهِ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: طَلْقَةً فِي ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ بِالْحَاسِبِ وَبِغَيْرِهِ، قِيلَ: طَلْقَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ "3وَقِيلَ بِهِمَا وَاحِدَةٌ3"، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ، وَقِيلَ: بِعَامِي، انتهى:
ويلزمه مَا نَوَاهُ. فَإِنْ نَوَى مُوجِبَ حِسَابِهِ وَجَهِلَهُ فَوَجْهَانِ م 5. وَإِنْ قَالَ: بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ، وَجَهِلَ عَدَدَهُ فَطَلْقَةٌ، وَقِيلَ: بِعَدَدِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْكَافِي1، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مَنْ لَهُمْ عُرْفٌ فِي هَذَا اللَّفْظِ أَوْ لَا، قَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ4 كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ مِمَّنْ عُرْفُهُمْ أَنَّ فِي هُنَا بِمَعْنَى مَعَ وَقَعَ بِهِ ثَلَاثٌ، لِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِمْ، والظاهر أنه5 إرادته انتهى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا مِنْ الْعَامِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ. وَقَوْلُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ: الْفَرْقُ قَوْلٌ خَامِسٌ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ، فَإِنْ نَوَى بِمُوجَبِ حِسَابِهِ وَجَهْلِهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَصَحُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٌ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الخلاصة والمحرر والرعايتين،
فصل وجزء طلقة كهي،
فصل وَجُزْءُ طَلْقَةٍ كَهِيَ، فَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَيْهَا فَطَلْقَةٌ وَكَذَا نِصْفُ وَثُلُثُ وَسُدُسُ طَلْقَةٍ، "1وَكُلُّ1" مَا لَا يَزِيدُ إذَا جُمِعَ عَلَى وَاحِدَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: ثَلَاثٌ. وَلَوْ قَالَ: نِصْفَ طَلْقَةٍ ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ فَوَاحِدَةٌ. وَلَوْ كَرَّرَ الْوَاوَ فَثَلَاثٌ. وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ خَمْسَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ2 أَوْ أَرْبَعَةَ أَثْلَاثٍ3 وَنَحْوَهُ فَثِنْتَانِ، وقيل: واحدة، كنصفي ثنتين أو ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ: وَإِنْ قَالَ: وَاحِدَةً فِي اثْنَتَيْنِ لَزِمَ الْحَاسِبَ ثِنْتَانِ، وغيره ثلاث، ولم يفصل.
نِصْفِ ثِنْتَيْنِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي نِصْفِ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ1 بِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ، وَالْأَوَّلُ مُطْلَقٌ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ ثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ، وَيَتَوَجَّهُ مثلها ثلاثة أرباع ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ أَوْ خَمْسَةَ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أثلاث ونحوه فثنتان، وقيل: واحدة، كنصفي ثنتين أَوْ نِصْفِ ثِنْتَيْنِ، انْتَهَى. فِي هَذَا الْقِيَاسِ نَظَرٌ وَاضِحٌ، لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْقَطْعُ بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ نِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ، وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ، وَالْمَنْقُولُ فِيهَا أَنَّهَا تطلق ثنتين، على
ثِنْتَيْنِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يَقَعُ ثِنْتَانِ. وَإِنْ قَالَ: لأربع: أوقعت "1عليكن أو1" بينكن نَصَّ عَلَيْهِ طَلْقَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَقَعَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ طَلْقَةٌ، وَعَنْهُ: ثنتان، في الصورة الثانية، وثلاث في الثالثة أو2الرابعة، كَقَوْلِهِ طَلْقَتكُنَّ ثَلَاثًا، وَإِنْ قَالَ: خَمْسًا فَعَلَى الْأُولَى ثِنْتَانِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الثَّمَانِ، وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ، وَإِنْ قَالَ: بَيْنَكُنَّ طَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ فَثَلَاثٌ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ عَلَى الْأُولَى. وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا مُعَيَّنًا أَوْ مَشَاعًا أَوْ مُبْهَمًا أَوْ عُضْوًا طَلُقَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِصِحَّتِهِ فِي الْبَعْضِ، بِخِلَافِ زَوَّجْتُك بَعْضَ وَلِيَّتِي، وَعَنْهُ وكذا الروح3، اختاره أبو بكر، ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا حَصَلَ مِنْ الْكَاتِبِ أَوْ مِنْ تَخْرِيجٍ سَقَطَ وَشَبَهِهِ وَتَقْدِيرُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ إلَى آخِرِهِ فَثِنْتَانِ كَنِصْفَيْ ثِنْتَيْنِ، وَقِيلَ: واحدة كنصف ثنتين.
وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَكَذَا1 الحياة. وقال أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ: إنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ2 وَحَرَامٌ بِذَكَرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ، فَبِذَلِكَ أَقُولُ، وَقِيلَ: تطلق بسن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى وَيَصِحُّ الْحُكْمُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَّقَ جُزْءًا مِنْهَا مُعَيَّنًا أَوْ مَشَاعًا أَوْ مُبْهَمًا أَوْ عُضْوًا طَلُقَتْ، نَصَّ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهِ فِي الْبَعْضِ، بِخِلَافِ زَوَّجْتُك بَعْضَ وَلِيَّتِي، وَعَنْهُ وَكَذَا الرُّوحُ3، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذَا: أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ: رُوحُك طَالِقٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: فَإِنْ قَالَ: رُوحُكِ طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وتجريد العناية وغيرهم، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَحَكَاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى أَبِي بَكْرٍ، مَعَ نَقْلِهِ عَنْهُ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ قَالَ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَحْمَدَ: إنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ وَعِتْقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ بِذَكَرِ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَالرُّوحِ وَبِذَلِكَ أَقُولُ فَصَرَّحَ بِأَنَّ اخْتِيَارَهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَنَقْلَهُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَلَكِنْ حَكَى في
وَظُفْرٍ وَشَعْرٍ، وَقِيلَ وَسَوَادٍ وَبَيَاضٍ وَلَبَنٍ وَمَنِيٍّ، كَدَمٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَلَا تَطْلُقُ بِدَمْعٍ أَوْ عِرْقٍ أَوْ حَمْلٍ وَنَحْوَهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: هَلْ يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إلَى صِفَةٍ1 كَسَمْعٍ2 وَبَصَرٍ إنْ قُلْنَا: تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ صَحَّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا، وَالْعِتْقُ كَطَلَاقٍ، وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ شَهْرًا أَوْ بِهَذَا الْبَلَدِ، صَحَّ، وَتُكْمِلُ، بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْعُقُودِ. وَإِنْ قَالَ: يَدُك طَالِقٌ وَلَا يَدَ لَهَا3 أَوْ إنْ قُمْت فَهِيَ طَالِقٌ4 فَقَامَتْ وَقَدْ قُطِعَتْ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الكل م 6، 7. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي5 عَلَى نَقْلِ أَبِي بَكْرٍ وَاخْتِيَارِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ فِي المستوعب: توقف أحمد فيها، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي6 وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: يَدُك طَالِقٌ وَلَا يَدَ أَوْ إن قمت فهي طالق,
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَامَتْ وَقَدْ قُطِعَتْ فَوَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى عُضْوٍ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهَا جُمْلَةُ تَسْمِيَةٍ لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَهُ الْقَاضِي، أَوْ عَلَى الْعُضْوِ، لِحَقِيقَةِ اللَّفْظِ ثُمَّ يُسَرِّي تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَبَنَى عَلَيْهِمَا الْمَسْأَلَةَ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: وَفِي الِانْتِصَارِ هَلْ يَقَعُ وَيَسْقُطُ الْقَوْلُ بِإِضَافَتِهِ إلَى صِفَةٍ كَسَمْعٍ وَبَصَرٍ؟ إنْ قُلْنَا تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، صَحَّ، وَإِنْ قُلْنَا بِالسِّرَايَةِ فَلَا، انْتَهَى. فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالسِّرَايَةِ "1أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ، وَهِيَ أَصْلٌ لِلْمَسْأَلَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَبَنَاهَا عَلَيْهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالسِّرَايَةِ1". الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7: الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرَحَهُ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، بِنَاءً عَلَى التَّعْبِيرِ بِالْبَعْضِ عَنْ الْكُلِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَطْلُقُ، بِنَاءً عَلَى السِّرَايَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْأُولَى، وَلَا تَطْلُقُ فِي الثانية.
وإذا1 قال لِمَدْخُولٍ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ لَزِمَهُ الْعَدَدُ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَأْكِيدًا مُتَّصِلًا أَوْ إفْهَامًا، وَيَتَوَجَّهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَجْهٌ كَإِقْرَارٍ. وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي قَوْلِهِ: اعْتَدِّي اعْتَدِّي فَأَرَادَ الطلاق هي تطليقه، ولو نوى بالثالثة2 تَأْكِيدَ الْأَوِّلَةِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ أَتَى بِشَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ صِفَةٍ عَقِبَ جُمْلَةٍ اخْتَصَّ بِهَا، بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَا يَنْفَعُهُ، وَإِنْ كَرَّرَهُ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِبَلْ فَثِنْتَانِ. وَعَنْهُ فِي طَلْقَةٍ بَلْ طَلْقَةٌ أَوْ طَالِقٌ بَلْ طَالِقٌ: وَاحِدَةٌ، وَأَوْقَعَ أبو بكر وابن الزاغوني فِي طَلْقَةٍ بَلْ ثِنْتَيْنِ ثَلَاثًا، وَنَصُّهُ: ثِنْتَانِ. وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا بَانَتْ بِأَوَّلِ طَلْقَةٍ ولغا الزائد. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: فَهِيَ طَالِقٌ فِيهِ الْتِفَاتٌ. وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فَأَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّهُ قَدْ خَاطَبَهَا بِقَوْلِهِ يَدُك أَوْ إنْ قُمْتِ، "3ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الضَّمِيرَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى اليد، وهو الصواب3".
وَإِنْ قَالَ: طَلْقَةً قَبْلَهَا أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ فَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، قُطِعَ بِهِ فِي: قَبْلَ طَلْقَةٍ، فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَزَادَ بَعْدَ طَلْقَةٍ: وَالْأَصَحُّ ثِنْتَانِ، قِيلَ: مَعًا، كَمَعَهُمَا أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْ فَوْقَهَا أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ وَضِدَّهُمَا، وَقِيلَ: مُتَعَاقِبَتَيْنِ، فَتَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى، وَهُوَ أَشْهَرُ، وتوقف أحمد م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ، فَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَالْأَصَحُّ ثِنْتَانِ، قِيلَ: مَعًا، وَقِيلَ: مُتَعَاقِبَتَيْنِ، فَتَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى، وَهُوَ أَشْهَرُ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ، انْتَهَى. مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي ونصره في الشارح3 وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي أَنَّهَا تَبِينُ بِطَلْقَةٍ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ أَبِي خَطَّابٍ تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ مَعًا فِي قَوْلِهِ قَبْلَهَا طَلْقَةٌ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ، زَادَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ تَطْلُقُ: ثِنْتَيْنِ مَعًا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ، وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 والمحرر إطلاق الخلاف في هذه الأخيرة.
وإن أراد في: بعجها طلقة، سأوقعها، ففي الحكم روايتان. وفي الروضة: لا يقبل حكما. وَفِي بَاطِنٍ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فَثَلَاثٌ مَعًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَبِينُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِالْأُولَى1، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ، وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ. وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: كَمَا أَخَذْنَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ تَجِيءُ مِنْ تَقْدِيمِ الْفُقَرَاءِ فِي {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] ، أَنَّهَا تُوجِبُ التَّرْتِيبَ، وَهَذَا سَهْوٌ. وَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ2 أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ فَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ فِي بَعْدَهَا طَلْقَةً سَأُوقِعُهَا فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرعاية الكبرى وحكاهما وجهين: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ فِي رِوَايَةٍ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ يُقْبَلُ. والرواية الثانية: لا يقبل.
قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ م 10 وَكَذَا الْوَاوُ وَثُمَّ م 11 وَإِنْ غَايَرَ الْحُرُوفَ لَمْ يُقْبَلْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكَّدَ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ فَفِي قَبُولِهِ فِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: قُبِلَ مِنْهُ، لِمُطَابَقَتِهَا لَهَا فِي لَفْظِهَا، وَقَطَعَ بِهِ3 وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ. مَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَاوُ وَثُمَّ، انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ يَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَاوُ كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ الْفَاءُ بَدَلَ الْوَاوِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا حُكْمَ الْوَاوِ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الْفَاءِ وَثُمَّ، وَنَبَّهَ عليه أيضا ابن نصر الله.
وتقبل نية التأكيد فِي أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، وَمَعَ الْوَاوِ احْتِمَالَانِ م 12. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ فَوَاحِدَةٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَكْثَرَ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ، وَظَاهِرُ جَزْمِهِ فِي التَّرْغِيبِ إنْ أَطْلَقَ تَكَرَّرَ، وَالْمُعَلَّقُ كَالْمُنَجَّزِ فِي ذَلِكَ، فَلَوْ قَالَ: إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَوْ أَخَّرَ الشرط، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ: وَيُقْبَلُ نِيَّةُ التَّوْكِيدِ فِي أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ أَنْتِ مُسَرَّحَةٌ، وَمَعَ الْوَاوِ احْتَمَلَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ: أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
أَوْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِالْجَزَاءِ، أَوْ فَأَنْتِ طَالِقٌ طلقة معها طلقتان أو مع ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يُقْبَلُ، كَقَوْلِهِ كَذِبًا وَمَيْنًا، وَأَقْوَى وَأَقْفَرَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
طَلْقَتَيْنِ: فَقَامَتْ، فَثَلَاثٌ. وَلَوْ أَتَى بَدَلَ الْوَاوِ بِالْفَاءِ أَوْ ثُمَّ لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَقُومَ، فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ بِمَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِلَّا فَثَلَاثٌ. وَفِي الْمُغْنِي1 عَنْ الْقَاضِي تَطْلُقُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا طَلْقَةً مُنْجَزَةً، كَذَا قَالَ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ أَنَّ ثُمَّ كَسَكْتَةٍ لِتَرَاخِيهَا، فَيَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ مَعَهَا طَلْقَةٌ فَقَطْ، فَيَقَعُ بالمدخول "2بها إذن ثنتان2"، وَطَلْقَةٌ بِالشَّرْطِ، وَيَقَعُ بِغَيْرِهَا إنْ قَدَّمَ الشَّرْطَ الثَّانِيَةَ، وَالثَّالِثَةُ لَغْوٌ، وَالْأُولَى مُعَلَّقَةٌ، وَإِنْ أَخَّرَهُ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ وَالْبَاقِي لَغْوٌ. وَفِي الْمُذْهَبِ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ أَنَّ الْقَاضِيَ أَوْقَعَ وَاحِدَةً فَقَطْ فِي الْحَالِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنْجَزِ، لِأَنَّ اللُّغَةَ لَمْ تُفَرِّقْ، وَأَنَّهُ إنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ فَطَلْقَةٌ مُنْجَزَةٌ، وَإِنْ قدمه لم يقع إلا طلقة بالشرط. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الاستثناء في الطلاق
باب الاستثناء في الطلاق مدخل ... بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ فِي طَلَاقِهِ، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، وَمُطْلَقَاتِهِ1 وَإِقْرَارِهِ، وَقِيلَ: وَالْأَكْثَرُ. وَفِي النِّصْفِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ رِوَايَتَيْنِ م 1 وَذَكَرَ ابْنُ هبيرة الصحة ظاهر المذهب، وَجَازَ الْأَكْثَرُ، إنْ سَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: 42] ، لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ فِي طَلَاقِهِ. خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَمُطْلَقَاتِهِ وَإِقْرَارِهِ، وَقِيلَ: وَالْأَكْثَرُ، وَفِي النِّصْفِ2 وَجْهَانِ، وَذَكَرَ3 أَبُو الْفَرَجِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ رِوَايَتَيْنِ، انْتَهَى وَذَكَرَهُمَا أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ7 وَالنَّظْمِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: الصِّحَّةُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْإِرْشَادِ8 وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ في التذكرة في الطلاق
لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَدَدِ، وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِيهَا أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ بِالصِّفَةِ1، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَخْصِيصٌ وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْكُلُّ، نَحْوَ: اُقْتُلْ مَنْ فِي الدَّارِ إلَّا بَنِي تَمِيمٍ، أَوْ2 إلَّا الْبِيضَ، فَيَكُونُونَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ أَوْ بِيضًا، فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ اثْنَتَانِ، وَإِنْ قَالَ: إلَّا ثِنْتَيْنِ "3أَوْ اسْتَثْنَى ثَلَاثَةً مِنْ خَمْسَةٍ فَثَلَاثٌ، كَإِلَّا ثَلَاثًا، وَإِنْ صَحَّ الْأَكْثَرُ فَثِنْتَانِ. وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ3" إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِمَا: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مثل4 عَلَى الْأَظْهَرِ، قَالَ النَّاظِمُ: الْفَسَادُ أَجْوَدُ. وَنَقَلَهُ أَبُو الطَّيِّبِ الشَّافِعِيُّ5 عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، قَالَ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا، وَنَصَرَهُ شَارِحُهُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَسْقَلَانِيُّ6 وَمُخْتَصَرِ مُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ، وَهُوَ شَيْخُنَا صَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ الْقَاضِي عِزُّ الدِّينِ، لَكِنْ خَالَفَ ذَلِكَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ فِي فُصُولِ الْإِقْرَارِ: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزٌ فِيمَا لَمْ يَبْلُغْ النِّصْفَ وَالثُّلُثَ، وَبِهِ أَقُولُ، انْتَهَى، فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثُّلُثِ لَا يَصِحُّ، وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا مِنْ الأصحاب، ولا نسبوه إليه. والله أعلم.
وَاحِدَةً أَوْ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا. أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَقِيلَ: يَقَعُ ثَلَاثٌ، كَعَطْفِهِ بِغَيْرِ وَاوٍ لِلتَّرْتِيبِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَسِوَى شَيْخِنَا، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ م 2 - 11 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 - 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ أَوْ إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً أَوْ إلَّا طَالِقًا أَوْ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَقِيلَ: يَقَعُ ثَلَاثٌ، كَعَطْفِهِ1 بِغَيْرِ وَاوٍ لِلتَّرْتِيبِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَسِوَى شَيْخِنَا، وَقِيلَ ثِنْتَانِ، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2 إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا رُبْعَ طَلْقَةٍ فَهَلْ يَقَعُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّارِحِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْفُصُولِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3 إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ والمحرر،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وهو الصحيح، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 والمقنع2 والنظم وغيرهم، واختاره القاضي مما3 نَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَ فِي الْكَافِي4 أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ وَشَبَهَهُ لَا يَصِحُّ، فَعَلَيْهِ يَقَعُ ثَلَاثًا، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ أَيْضًا فِيمَا قَرَّرَهُ مِنْ الْقَاعِدَةِ أَوَّلَ الْبَابِ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ اسْتَثْنَى مِنْ اسْتِثْنَاءٍ بَاطِلٍ شَيْئًا بَطَلَا، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ مَا بَعْدَ الْبَاطِلِ إلَى مَا5 قَبْلَهُ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ فِي الرِّعَايَةِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ6 وَالْمُحَرَّرِ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ، وَاسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ صَحِيحٌ، عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ فِي الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَوَّلَ الْبَابِ، وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ والشارح وغيرهما: لا يصح
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَجَزْنَا صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 5 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْوَاحِدَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ وَاحِدَةً، فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي وَيَصِحُّ الْأَوَّلُ، قَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِي مَعْنَاهُ إثْبَاتُ طَلْقَةٍ فِي حَقِّهَا، لِكَوْنِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا فَيُقْبَلُ ذَلِكَ فِي إيقَاعِ طلاقه وإن لم يقبل في نفيه. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 6 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إلَّا طَلْقَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ الشَّارِحُ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ يَعُودُ إلَى الْكُلِّ، وَقَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِوُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ لَا يَعُودُ إلَّا إلَى الْأَخِيرَةِ، فَعَلَى قَوْلِهِمَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَمَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي3 لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ، انْتَهَى. ولكن قال4 ابن منجا في شرحه: هذا المذهب.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّ الْقَاضِيَ اخْتَارَهُ أَيْضًا. الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ 7 لَوْ قَالَ: أنت طالق و2طالق وَطَالِقٌ إلَّا طَالِقًا فَهَلْ3 تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُحَرَّرِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِهِمَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ؛ وَأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ، وَيُقَدَّرُ لَهُ تَقْدِيرٌ يَصِحُّ بِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ 8 وَالثَّامِنَةُ 9 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَثِنْتَيْنِ إلَّا ثِنْتَيْنِ أَوْ إلَّا وَاحِدَةً، فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِمَا، وَأَطْلَقَهُ فِي الْأُولَى ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْأُولَى ثَلَاثًا، وَقَطَعَ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَيْنِ، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِ، وَقَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ، وَأَنَّ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ يُصَيِّرُ الْجُمْلَتَيْنِ جُمْلَةً وَاحِدَةً، وَأَبْدَى الشَّيْخُ فِي المغني5 والشارح احتمالين في المسألة الثانية: أَحَدُهُمَا: مَا قَالَهُ الْقَاضِي. وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ، وَقَدَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وُقُوعَ الثَّلَاثَةِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِيهَا، لَكِنْ قَالَ: وُقُوعُ اثْنَتَيْنِ أَقْيَسُ قُلْت: الصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَوِيًّا. الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ 10 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا واحدة، فهل تطلق
وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، "1وَإِلَّا وَاحِدَةً1". "2فثنتان وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ3 ثَلَاثًا وَاسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ3" إلَّا وَاحِدَةً لَمْ يُدَيَّنْ، خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّهُ لا اعتبار في صريح النطق. ـــــــــــــــــــــــــــــQثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي5، قَالَ ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ اثْنَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَهُ أَيْضًا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، لِكَوْنِهِ جَعَلَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ عَائِدًا إلَى الْكُلِّ. الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ 11 لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً فَهَلْ تَطْلُقُ ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ فِي الْفُصُولِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي أَوَّلَ الْبَابِ فِي القاعدة التي ذكراها.
عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَكَذَا نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الأربع ففي الحكم روايتان م 12 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَذَكَرَ وجهه في الفصول، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1، وصححه في المغني2. مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَكَذَا نِسَائِي الْأَرْبَعُ طَوَالِقُ وَاسْتَثْنَى وَاحِدَةً بِقَلْبِهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَرْبَعُ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا، فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَطَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيّ وَالْمُنَوِّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثانية: لا يقبل، اختاره ابن حامد.
وَفِي التَّرْغِيبِ: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ، لَمْ يَصِحَّ، عَلَى الْأَشْبَهِ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ وَأَوْقَعَ، وَيَصِحُّ أَرْبَعَتُكُنَّ إلَّا فُلَانَةَ طَوَالِقُ. وَإِنْ اسْتَثْنَى مَنْ سَأَلَتْهُ طَلَاقَهَا دُيِّنَ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَنِسَائِي الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَا يجوز إخراجه ويحتمل قبوله، قاله1 الْقَاضِي بِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ. وَإِنْ قَالَتْ: طَلِّقْ نِسَاءَك2 فَقَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ طَلُقَتْ أَيْضًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُقْصَرُ عَلَى سَبَبِهِ، وَلَنَا فِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ، وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ، لِأَنَّ السَّبَبَ يَدُلُّ عَلَى نِيَّتِهِ. وَيُعْتَبَرُ للاستثناء ونحوه3 اتصال معتاد، قاله4 الْقَاضِي: وَغَيْرُهُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ بِهِ. وَقِيلَ: وَبَعْدَهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5. وَفِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا م 13 وَقَالَ: دَلَّ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ اتِّصَالٌ مُعْتَادٌ، قاله6 الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَنِيَّتُهُ قَبْلَ تَكْمِيلِ مَا أَلْحَقَهُ به، وقيل:
كَلَامُ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ، وَاحْتَجَّ بِالْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ1 فِي الْأَيْمَانِ، وَقَالَ: فِي الْقُرْآنِ جُمَلٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَعْدَهُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2. وَفِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، انْتَهَى، مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهَذَا الْمَذْهَبُ، انْتَهَى، مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي. وَقَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ مُتَقَدِّمُو أَصْحَابِهِ، وَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ فَصْلٌ يَسِيرٌ بِالنِّيَّةِ3 وَبِالِاسْتِثْنَاءِ وَجَزَمَ بِمَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَقَالَا فِي آخِرِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَّا مُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ، وَقَالَا فِي الْإِقْرَارِ4: وَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ
قَدْ فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِهَا بِكَلَامٍ آخَرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقالتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} [آل عمران: 73] إلَى قَوْلِهِ: {هُدَى اللَّهِ} [آل عمران:73] . فُصِلَ بَيْنَ أَبْعَاضِ الْكَلَامِ الْمَحْكِيِّ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَهُ نَظَائِرُ. وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَمَّنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ1: أَلَك2 امْرَأَةٌ سِوَى هَذِهِ؟ فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ فَسَكَتَ، فَقِيلَ: إلَّا فُلَانَةَ، قَالَ: إلَّا فُلَانَةَ فَإِنِّي لَمْ أَعْنِهَا. فَأَبَى أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمُتَّصِلًا بِالْكَلَامِ، فَإِنْ سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ فيه أو3فصل بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ إذَا سَكَتَ أَوْ عَدَلَ عَنْ إقْرَارِهِ إلَى شَيْءٍ آخَرَ اسْتَقَرَّ حُكْمُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَمْ يَرْتَفِعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي كَلَامِهِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ وينتظر ما يتم بِهِ4 كَلَامُهُ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَالْعَطْفِ الْبَدَلِ وَنَحْوَهُ، انْتَهَى. فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب الطلاق في الماضي والمستقبل
باب الطلاق في الماضي والمستقبل مدخل ... باب الطلاق في الماضي والمستقبل إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ أَوْ قَبْلَ أَنْ1 أَتَزَوَّجَك وَنَوَى وُقُوعَهُ إذَنْ وَقَعَ. وَفِي التَّرْغِيبِ أَوْ مُسْتَنِدًا2 إلَى مَا ذَكَرَ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي وَحَفِيدُهُ وَغَيْرُهُمَا3 كَإِطْلَاقِهِ فِيهِ الْخِلَافَ وَعَنْهُ: يَقَعُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي، وَعَنْهُ: يَقَعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمْسِ، وَأَوْقَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الثَّانِيَةِ خَاصَّةً، وحمله القاضي على أن4 يَتَزَوَّجُهَا فَيَبِينُ وُقُوعُهُ الْآنَ؛ وَإِنْ أَرَادَ بِطَلَاقٍ سَبَقَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَ فَقَدْ تَقَدَّمَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ، فَإِنْ قَدِمَ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَوْ مَعَهُ لَمْ يَقَعْ، وَقِيلَ يقع5 كقوله: أمس، وجزم به الحلوإني. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَجُزْءٍ تَطْلُقُ فِيهِ نَتَبَيَّنُ وُقُوعَهُ، وَإِنَّ وَطْأَهُ1 مُحَرَّمٌ، وَلَهَا الْمَهْرُ فَإِنْ خَالَعَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ بِيَوْمٍ فَأَكْثَرَ وَقَدِمَ بَعْدَ شَهْرٍ وَيَوْمَيْنِ صَحَّ الْخُلْعُ وَبَطَلَ الطَّلَاقُ، وَعَكْسُهُمَا بَعْدَ شَهْرٍ وَسَاعَةٍ، وَإِذَا لَمْ يَقَعْ الْخُلْعُ رَجَعَتْ بِالْعِوَضِ، إلَّا الرَّجْعِيَّةَ2 يَصِحُّ خُلْعُهَا، وَكَذَا حُكْمُ: قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، وَلَا إرْثَ لِبَائِنٍ، لِعَدَمِ التُّهْمَةِ. وَإِنْ قَالَ: إذَا مِتّ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ بَعْدَهُ، فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ لِمُضِيِّهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِشَهْرٍ وَقَعَ إذَنْ وَفِي التَّبْصِرَةِ: فِي جُزْءٍ يليه موته، كـ: قبيل موتي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَقَعُ مَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي يَوْمِ مَوْتِي وَجْهَانِ م 1 لِأَنَّ فُرْقَةَ الْمَوْتِ أَعْظَمُ، وَالْبِضْعُ لَا يُوَرَّثُ، بِخِلَافِ الرَّقِيقِ، قَالَ تَعَالَى: {لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً} [النساء: 19] . وَإِنْ قَالَ: أَطْوَلُكُمَا حَيَاةً طَالِقٌ فَبِمَوْتِ إحْدَاهُمَا: يَقَعُ بِالْأُخْرَى إذَنْ، وَقِيلَ: وَقْتُ يَمِينِهِ, وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ أَبِيهِ1 وَقَالَ: إذَا مَاتَ أَبِي أَوْ2 اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا: طَلُقَتْ، اخْتَارَهُ فِي الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ وَقِيلَ: لَا؛ كَقَوْلِهِ: إذَا مَلَكْتُك، فِي الْأَصَحِّ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ احْتِمَالٌ: يَقَعُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ، بِنَاءً عَلَى الْمِلْكِ هَلْ يَنْتَقِلُ زَمَنُ الْخِيَارِ. وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَوْ دَبَّرَهَا أَبُوهُ وَخَرَجَتْ مِنْ ثلاثة طلقت وعتقت معا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَلَا يَقَعُ مَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي يَوْمِ مَوْتِي وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ فِي أَوَّلِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثاني: لا تطلق.
وَإِذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَحِيلٍ عَادَةً أَوْ لِذَاتِهِ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَوْ لَا طِرْت، أَوْ صَعِدْت السَّمَاءَ، أَوْ شَاءَ الْمَيِّتُ، أَوْ قَلَبْت الْحَجَرَ ذَهَبًا، أَوْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ رَدَدْت أَمْسِ، أَوْ شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ، فَلَغْوٌ، كَحَلِفِهِ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ، وَقِيلَ: فِي الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِعَدَمِهِ كَقَوْلِهِ: لَأَصْعَدَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَصْعَدْ السَّمَاءَ وَنَحْوَهُ أَوْ لَأَشْرَبَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَشْرَبْ فِي مَسْأَلَةِ الْكُوزِ، أَوْ لَأَقْتُلَنَّهُ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَقَعَ إذَنْ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ، وَقِيلَ: فِي الْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ، وَفِي الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَقِيلَ: إنْ وَقَّتَهُ فَفِي آخِرِ وَقْتِهِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ، كَقَوْلِهِ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ، وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ مَوْتَهُ حَنِثَ، وَإِلَّا فَلَا، لِتَوَهُّمِ عَوْدِ الْحَيَاةِ الْفَائِتَةِ، وَالْعِتْقُ وَالظِّهَارُ وَالْحَرَامُ وَالنَّذْرُ كَالطَّلَاقِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا كَفَّارَةَ م 2 وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ لا فَعَلْت نَحْوَ لَأَقُومَنَّ أَوْ لَا قُمْت، يَصِحُّ بِنِيَّةِ جَاهِلٍ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ نَوَاهُ عَالِمٌ فَرِوَايَتَا أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ يُرِيدُ إنْ قُمْت وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفِ شَرْطٍ، وَتَطْلُقُ، كَقَوْلِهِ: لَقَدْ فَعَلْت كَذَا، وَتَبِعَهُ فِي التَّرْغِيبِ، "1وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ1"، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَلَغْوٌ، وَقِيلَ: يَقَعُ إذَنْ، وَقِيلَ: يَقَعُ فِي غَدٍ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السنة والشيعة واليهود، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ قِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا كَفَّارَةَ، انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا عَلَّقَهَا عَلَى مُسْتَحِيلٍ هَلْ تَكُونُ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَرَامِ وَالظِّهَارِ وَالنَّذْرِ أَمْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: هِيَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا كفارة عليه هنا.
وَالنَّصَارَى، فَفِي الدَّعَاوَى مِنْ الْحَوَاشِي تَعْلِيقُ الْقَاضِي: طَلُقَتْ ثَلَاثًا1، لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ، لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لهم، ولقصده التأكيد م 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا عَلَى مَذْهَبِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَفِي الدَّعَاوَى مِنْ حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي طَلُقَتْ ثَلَاثًا1 لِاسْتِحَالَةِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَذْهَبَ لَهُمْ، وَلِقَصْدِهِ التَّأْكِيدَ، انْتَهَى. لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَ فِيهَا نَقْلٌ غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ، وَتَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَوَابُ عن هذا2 وغيره.
فصل إذا قال: أنت طالق في هذا الشهر.
فَصْلٌ إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ فِي هَذَا الشَّهْرِ. أَوْ الْيَوْمِ وَقَعَ إذَنْ. وَإِنْ قَالَ: فِي رَجَبٍ أَوْ فِي غَدٍ فَفِي أَوَّلِهِ عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَيَطَأُ قَبْلَ
وُقُوعِهِ، وَعَنْهُ: إنْ قَالَ فِي الْحَوْلِ، فَفِي رَأْسِهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَهِيَ أَظْهَرُ. وَإِنْ أَرَادَ آخِرَ الْكُلِّ دُيِّنَ، فِي الْأَصَحِّ، وفي الحكم روايتان م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ آخِرَ الْكُلِّ دُيِّنَ، في الأصح، وفي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والكافي1 والمقنع2 وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالنَّظْمِ وَالتَّصْحِيحِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ أَبِي الْمَجْدِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: دُيِّنَ فِيهِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ.
وَإِنْ قَالَ: غَدًا أَوْ يَوْمَ كَذَا 1وَأَرَادَ آخِرَهُ فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَالْمَنْصُوصُ: لَا يُدَيَّنُ م 5. وَإِنْ قَالَ: الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَفِي أَسْبَقِهِمَا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ وَقَعَ بِآخِرِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: لَا يَقَعُ. وَكَذَا إنْ أَسْقَطَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ. وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ آخِرِهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ خُرُوجِهِ م 6 وَيَأْتِي "2إنْ شاء الله2" إنْ أَسْقَطَهُمَا، وَاحْتَجَّ بِهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَلَى ضعف قول أبي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: غَدًا أَوْ يَوْمَ كذا و3أراد آخِرَهُ فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَالْمَنْصُوصُ لَا يُدَيَّنُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ. أَحَدُهُمَا: حُكْمُهَا4 حُكْمُ الْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَالُوا: يُدَيَّنُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمَنْصُوصُ هُنَا أَنَّهُ لَا يُدَيَّنُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَمَالَ إلَيْهِ الناظم قلت: وهذا المذهب، والمنصوص7 عَنْ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ. مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْقَطَ الْأَوَّلَ وَقَعَ، قَبْلَ8: آخِرِهِ، وَقِيلَ: بَعْدَ خُرُوجِهِ،
بَكْرٍ، فَدَلَّ أَنَّهَا مِثْلُهَا وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا فَوَاحِدَةٌ فَإِنْ نَوَى فِي كُلِّ يَوْمٍ فَثِنْتَانِ، وَإِنْ نَوَى نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَبَقِيَّتَهَا غَدًا فَوَاحِدَةٌ وَقِيلَ اثْنَتَانِ: وَإِنْ قَالَ: الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أَوْ كَرَّرَ فِي ثَلَاثًا فَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، كَقَوْلِهِ: كُلَّ يَوْمٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ، بِأَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ الْيَوْمَ فَهِيَ طَالِقٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ: ثَلَاثٌ، كَقَوْلِهِ: فِي كُلِّ يَوْمٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَاحْتَجَّ غَيْرُهُ بِأَنَّ تَعَدُّدَ وَقْتِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى تَعَدُّدِهِ كَانَ عَدِيمَ الْفَائِدَةِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا مَعَ فِي لتكررها م 7 ويتوجه أن ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك الْيَوْمَ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ فِي آخِرِهِ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ بَعْدَ خُرُوجِهِ. مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا وَبَعْدَ غَدٍ أَوْ كَرَّرَ فِي ثَلَاثًا، فَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، كَقَوْلِهِ: كُلَّ يَوْمٍ، ذَكَرَهُ فِي الانتصار، وقيل: ثلاث، كقوله: في كل
يُخَرَّجَ أَنْتِ طَالِقٌ1 كُلَّ يَوْمٍ أَوْ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فِيهِ، وقيل: والزوجان حَيَّانِ، فَقِيلَ: يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ، وَقِيلَ: مِنْ أوله م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَوْمٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَقِيلَ: تَطْلُقُ ثَلَاثًا مَعَ فِي لِتَكَرُّرِهَا، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَطْلُقُ ثَلَاثًا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: تَطْلُقُ فِي الْأُولَى وَاحِدَةً وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِيهِمَا فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْأُولَى فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمُوهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَطْلَقَ الخلاف في المقنع2 وشرح ابن منجا، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ إذَا قَدِمَ زَيْدٌ فَقَدِمَ فِيهِ، وَقِيلَ: الزَّوْجَانِ حَيَّانِ، فَقِيلَ: يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِهِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ4. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقَعُ مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَجَزَمَ به ابن عبدوس في تذكرته.
وَإِنْ قَالَ: يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، فَقَدِمَ نَهَارًا، وَقَعَ: عَقِبَهُ، وَقَبْلَ: مِنْ أَوَّلِهِ م 9 وَعَلَيْهِمَا يَنْبَنِي الْإِرْثُ، وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا وَنَوَى الْوَقْتَ وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ. وَإِنْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَقَعْ، وَعَنْهُ: بَلَى، اختاره أبو بكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَقِيلَ وَالزَّوْجَانِ حَيَّانِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ أَنَّ حَيَاتَهُمَا وَمَوْتَهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ، وَفِيهِ إشْكَالٌ عَلَى التَّفْرِيعِ، فَإِنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ، فَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَاتَتْ فِي الْيَوْمِ قَبْلَ قُدُومِهِ فَظَاهِرُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ2". مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، فَقَدِمَ نَهَارًا، وَقَعَ، قِيلَ: عَقِبَهُ، وَقِيلَ: مِنْ أَوَّلِهِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَقَعُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقَعُ عَقِبَ قُدُومِهِ، قدمه في الرعايتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط". 3 10/ 415. 4 المقنع مع الشرح الكبير والأنصاف 22/ 411.
فصل وإن قال: أنت طالق إلى الحول أو الشهر، وقع بمضيه.
فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى الْحَوْلِ أَوْ الشَّهْرِ، وَقَعَ بِمُضِيِّهِ. وَعَنْهُ1: إذَنْ، كَنِيَّتِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ النِّيَّةِ، وَكَقَوْلِهِ أنت طالق إلى مكة.
وَلَمْ يَنْوِ بُلُوغَهَا مَكَّةَ. وَإِنْ قَالَ: بَعْدَ مَكَّةَ وَقَعَ إذَنْ، وَإِنْ قَالَ: فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَبِدُخُولِهِ. وَفِي آخِرِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، وَقِيلَ آخِرُهُ كَأَوَّلِ آخِرِهِ، فَيَقَعُ بِفَجْرِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَيَحْرُمُ وَطْؤُهُ فِي تَاسِعِ عِشْرِينَ، ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ. وَقِيلَ: بِأَوَّلِ لَيْلَةِ سَادِسَ عَشْرَةَ، وَفِي آخِرِ أَوَّلِهِ بِفَجْرٍ لَا بِآخِرِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهُ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ فِي آخِرِ يَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ نَوَى فِي غُرَّتِهِ أَوْ أَوَّلِهِ آخِرَهُمَا دُيِّنَ فِي الْأَظْهَرِ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، وَفِي الْمُغْنِي1: الثَّلَاثُ الْأُوَلُ تُسَمَّى غُرَرًا. وَإِنْ قَالَ: إذَا مَضَى يَوْمٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ كَانَ نَهَارًا وَقَعَ إذَا عَادَ النَّهَارُ إلَى مِثْلِ وَقْتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْلًا فَبِغُرُوبِ شَمْسِ الْغَدِ. وَإِنْ قَالَ: كُلَّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ، وَكَانَ تَلَفُّظُهُ نَهَارًا، وَقَعَ إذَنْ، وَالثَّانِيَةُ بِفَجْرِ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَكَذَا الثَّالِثَةُ، وَإِنْ قَالَ: فِي مَجِيءِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَفِي أَوَّلِ الثَّالِثِ. وَإِنْ قَالَ: إذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَقَعَ بِمُضِيِّ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، وَفِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ بِعَدَدِهِ، وَعَنْهُ: الْكُلُّ بِهِ. وَإِنْ عَرَّفَ السَّنَةَ وَفِي مُخْتَصَرِ ابن رزين أو أشار وقع بانسلاخ ذي الْحُجَّةِ. وَإِنْ قَالَ: فِي كُلِّ سَنَةٍ طَلْقَةٌ فَالْأُولَى إذَنْ وَالثَّانِيَةُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ، وَكَذَا الثَّالِثَةُ. فَإِنْ نَوَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا، وقبوله2 في هذه بنية ابتداء السنين المحرم المقبل، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَتَانِ م 10 و 11 وَلَوْ بَانَتْ وَدَامَتْ حَتَّى مَضَى الْعَامُ الثَّالِثُ لَمْ يَقَعْ بَعْدَهُ، وَلَوْ نكحها فيه أو في الثاني وقعت1 الطلقة عقب العقد. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10، 11: قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا2 قُبِلَ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَبُولُهُ فِي هَذِهِ بِنِيَّةِ ابْتِدَاءِ السِّنِينَ الْمُحَرَّمِ الْمُقْبِلِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10: وَهِيَ الَّتِي عَنَاهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَضَتْ السَّنَةُ، بِالتَّعْرِيفِ، وَأَرَادَ بِالسَّنَةِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا، فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ والمنور وتذكرة ابن عبدوس وغيرهم. و"5الرواية الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ5". "6الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ6" 11: إذَا قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ نَوَيْت ابْتِدَاءَ السِّنِينَ الْمُحَرَّمِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الرعايتين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّظْمِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي1: وَالْأَوْلَى أَنْ يُخَرَّجَ فِيهَا الرِّوَايَتَانِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. إحْدَاهُمَا: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُقْنِعِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب تعليق الطلاق بالشروط
باب تعليق الطلاق بالشروط مدخل ... بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ يَصِحُّ مَعَ تَقَدُّمِ الشرط وكعتق عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ ع أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ تَأَخَّرَ، وَعَنْهُ يَتَنَجَّزُ. وَنَقَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ فِي الْعِتْقِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَتَأَخَّرَ الْقَسَمُ، كَأَنْتِ طَالِقٌ لَأَفْعَلَنَّ، كَالشَّرْطِ، وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَلْحَقَ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا ثُمَّ قَالَ عَقِبَ الرَّابِعَةِ: إنْ قُمْت طَلُقْت ثَلَاثًا، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ مَا لا1 يَمْلِكْ بِشَرْطٍ، وَيَصِحُّ "2بِصَرِيحِهِ وَبِكِنَايَةٍ2" مَعَ قَصْدِهِ مِنْ زَوْجٍ، وَتَعْلِيقِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَتَعْلِيقِهِ عِتْقًا بِمِلْكٍ، وَالْمَذْهَبُ: لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ صِحَّةُ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: مَنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ لِعَتِيقَتِهِ: إنْ تَزَوَّجْتُك فأنت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
طَالِقٌ، أَوْ قَالَ لِرَجْعِيَّتِهِ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَأَرَادَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْأُولَيَيْنِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي الْعَتِيقَةِ قَدْ وَطِئَهَا وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ يَطَأْ. وَظَاهِرُ أَكْثَرِ كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْحَابِهِ التسوية، ويقع بوجود شرطه، نص عليه. و1قال: الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ لَيْسَا مِنْ الْأَيْمَانِ وَاحْتَجَّ بِابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ2، وَأَنَّ حَدِيثَ لَيْلَى بِنْتِ الْعَجَمِيِّ3 حَدِيثَ أَبِي رَافِعٍ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: وَكُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ، وَأَنَّهُمْ أَمَرُوهَا بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ، إلَّا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، انْفَرَدَ بِهِ. وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ بِهَذَا الْأَثَرِ عَلَى أن من حلف بالمشي إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَيْتِ اللَّهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِحَجَّةٍ وَهُوَ يُهْدِي وَمَالُهُ فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ: يُكَفِّرُ وَاحِدَةً وَأَنَّ فِيهِ: أَعْتِقِي جَارِيَتَك؛ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِيهِ يُجْزِئُ عَنْهُ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الْأَثْرَمُ مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ الْحُمْرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُمَا تَفَرَّدَا بِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ فِيهِ، وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمَا فِيهِ: أَمَّا الْجَارِيَةُ فَتُعْتَقُ. فَكَأَنَّ الرَّاوِيَ اخْتَصَرَهُ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إنْ أَرَادَ الْجَزَاءَ بِتَعْلِيقِهِ كَرِهَ الشَّرْطَ أَوْ لَا، وَكَذَا عِنْدَهُ الْحَلِفُ بِهِ وَبِعِتْقٍ وَظِهَارٍ وَتَحْرِيمٍ، وَأَنَّ عَلَيْهِ دَلَّ كَلَامُ أَحْمَدَ. وَقَالَ: نَقَلَ حَرْبٌ أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَنْ وُقُوعِ الْعِتْقِ. وَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ يُخَرِّجُهُ أَصْحَابُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ1 رِوَايَةً، قَالَ شَيْخُنَا: كَمَا سَلَّمَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْحَالِفَ بِالنَّذْرِ لَيْسَ نَاذِرًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ إسْلَامَهُ أَوْ كُفْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِنْ قَصَدَ الْكُفْرَ تُنْجَزُ وَمَا لَزِمَ مُنْجَزًا مَعَ تَعْلِيقِهِ أَبْلَغُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا إذَا قَصَدَ الْيَمِينَ بِهِ مُعَلَّقًا لَا يَلْزَمُ فَذَاكَ أَوْلَى، فَعَلَى هَذَا إذَا حَنِثَ فَإِنَّهُ فِي الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَخْتَرْهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَفِي غيره مبني على نذره، فيكفر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا الْتَزَمَ ذَلِكَ بِمَا يُحْدِثُهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَكُونُ مُوفِيًا لِمُوجَبِ عَقْدِهِ، وَلَا يَجِيءُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ مَنْ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ عَيْنًا فِي الْحَلِفِ بِنَذْرِ الطَّاعَةِ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا تَطْلُقُ*, قَبْلَهُ ذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى قَوْلِ أَبِي ذَرٍّ: أَنْتَ حُرٌّ إلَى الْحَوْلِ. وَعَنْهُ: بَلَى مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ، وَخَصَّهَا شَيْخُنَا بِالثَّلَاثِ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُصَيِّرُهُ كَمُتْعَةٍ، وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: تَطْلُقُ إذَنْ، قِيلَ لَهُ: فَتَتَزَوَّجُ فِي: قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يُمْسِكُ عَنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَمُوتَ، وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ تَحْرِيمَهُ وَجْهًا. فَإِنْ قَالَ: عَجَّلْت مَا عَلَّقْتُهُ، لَمْ يَتَعَجَّلْ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ فَلَمْ يَمْلِكْ تَغْيِيرَهُ، وَقِيلَ: بَلَى، وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ دَيْنٌ. وَإِنْ قَالَ: سَبَقَ لِسَانِي بِالشَّرْطِ وَأَرَدْت التَّنْجِيزَ وَقَعَ إذَنْ. فَإِنْ فَصَلَ بَيْنَ الشَّرْطِ وَحُكْمِهِ بِمُنْتَظِمٍ، نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةٌ إنْ قُمْت لَمْ يَضُرَّ، وَقِيلَ: يَقْطَعُهُ، كَسَكْتَةٍ وَتَسْبِيحَةٍ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَرِيضَةً نَصْبًا وَرَفْعًا وَقَعَ بِمَرَضِهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وأدوات الشرط المستعملة غالبا
فَصْلٌ وَأَدَوَاتُ الشَّرْطِ الْمُسْتَعْمَلَةُ غَالِبًا: إنْ وَإِذَا وَمَتَى وَمَنْ وَأَيُّ،
وَكُلَّمَا، وَهِيَ1 وَحْدَهَا لِلتَّكْرَارِ، وَقِيلَ: وَمَتَى، وَتَعُمُّ مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ ضَمِيرَهُمَا، وَكُلُّهَا بِلَا لَمْ وَنِيَّةُ الْفَوْرِ أَوْ قَرِينَتُهُ لِلتَّرَاخِي، وَمَعَ لَمْ لِلْفَوْرِ، إلَّا أَنَّ مَعَ عَدَمِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَفِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلَى الشَّخْصِ وَمَنْ وَإِذَا وَجْهَانِ م 1 - 3 وَيَتَوَجَّهَانِ فِي مهما، فإن اقتضت فورا فهي في التكرار كمتى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 - 3: قَوْلُهُ: وَفِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلَى الشَّخْصِ، مَنْ وَإِذَا وَجْهَانِ، انْتَهَى، يَعْنِي، أَنَّ هَذِهِ الْأَدَوَاتِ الثَّلَاثَ هَلْ هِيَ عَلَى الْفَوْرِ إذَا اتصلت "2بها، لم2" يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَفِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1: إذَا اتَّصَلَتْ لَمْ بِإِذَا فَهَلْ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ والمحرر والشرح وشرح ابن منجا وتجريد العناية وغيرهم:
وَعَنْهُ: يَحْنَثُ بِعَزْمِهِ عَلَى التَّرْكِ، جَزَمَ بِهِ في الروضة، لأنه أمر موقوف ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: هِيَ عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هِيَ عَلَى التَّرَاخِي، قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ فِي التَّمْثِيلِ: إذَا قَالَ: إذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي، فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ أَوَّلًا ثُمَّ صَحَّحَ ثَانِيًا. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2 وَالثَّالِثَةُ 3: مَنْ وَأَيُّ الْمُضَافَةُ إلَى الشَّخْصِ، إذَا اتَّصَلَ بِهِمَا لَمْ فَهَلْ يَكُونَانِ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: هُمَا عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي 1وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وغيرهم. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُمَا عَلَى التَّرَاخِي، نَصَرَهُ النَّاظِمُ، وَقَالَ الشَّارِحُ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَنْ عَلَى التراخي إذا اتصل بها لم.
عَلَى الْقَصْدِ، وَالْقَصْدُ هُوَ النِّيَّةُ، وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ، لِعَدَمِ الْقَصْدِ، فَأَثَّرَ فِيهِ تَعْيِينُ النِّيَّةِ، كَالْعِبَادَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ إذَا نَوَى قَطْعَهَا، ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ. نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ قَالَ: مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَةٌ أَمَرَهُ بِكَفَّارَةِ ظِهَارٍ، قِيلَ: مَتَى يَحْنَثُ؟ قَالَ: إذَا عَقَدَ عَلَى خِلَافِهِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: أَوْ تَرَدُّدِهِ. فَإِذَا قَالَ إنْ قُمْت أَوْ إذَا أَوْ مَتَى أَوْ أَيُّ وَقْتٍ أَوْ مَنْ قَامَتْ أو كلما قمت1 فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَتَى قَامَتْ طَلُقَتْ. وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا فِي كُلَّمَا، وَفِي مَتَى الْوَجْهَانِ وَلَوْ قُمْنَ الْأَرْبَعُ فِيمَنْ قَامَتْ وَأَيَّتُكُنَّ قَامَتْ أَوْ مَنْ أَقَمْتهَا وَأَيَّتُكُنَّ أَقَمْتهَا طُلِّقْنَ، وَإِنْ قال: أيتكن حاضت فضراتها طوالق فقلن: قد2 حِضْنَ، أَوْ أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ، وَلَمْ يَطَأْ، طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ بِعَدَمِ وَطْءِ ضَرَّاتِهَا، وَهُنَّ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ وَطِئَ ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ ثِنْتَانِ وهما واحدة واحدة، وإن وطئ ثلاثا وَقَعَ بِمَنْ3 وَطِئَ فَقَطْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ أطلق، تقيد بالعمر. وعنه فيمن قال ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ إلَّا فِي كُلَّمَا وَفِي مَتَى الْوَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ حُكْمًا فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ المذهب لا يقتضي التكرار.
لِعَبِيدِهِ أَيُّكُمْ أَتَانِي بِخَبَرِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَجَاءَهُ بِهِ جَمَاعَةٌ عَتَقُوا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ، فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهَا، ذَكَرَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ1 وَلَمْ أَجِدْ الْأُولَى عَنْ أَحْمَدَ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ صَالِحٌ فِيمَنْ أَتَانِي، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْهَا: أَرَادَ الْكُلَّ وَعَمَّا نَقَلَهُ حَنْبَلٌ: أَرَادَ الْبَعْضَ. وَإِنْ قَالَ: إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً، فَثِنْتَانِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَاحِدَةً وَلَوْ أَتَى بَدَلَ إنْ بِكُلَّمَا فَثَلَاثٌ. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِصِفَاتٍ كَالرُّجُولِيَّةِ وَالشَّرَفِ وَالْفِقْهِ فَاجْتَمَعْنَ فِي شَخْصٍ وَقَعَ بِكُلِّ صِفَةٍ مَا عَلَّقَهُ بِهَا. وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ أَوْ فَضَرَّتُك طَلَّقَ، فَمَاتَ أَحَدُهُمْ، وَقَعَ إذَا بَقِيَ مِنْ حَيَاةِ الْمَيِّتِ مَا لَا يَتَّسِعُ لِإِيقَاعِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ2 رِوَايَةٌ: بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَا يَرِثُ بَائِنًا وَتَرِثُهُ، وَيَتَخَرَّجُ: لَا تَرِثُهُ، مِنْ تَعْلِيقِهِ فِي صِحَّتِهِ عَلَى فِعْلِهَا، فَيُوجَدُ3 فِي مَرَضِهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: فِي إرْثِهِمَا رِوَايَتَانِ، لِأَنَّ الصِّفَةَ فِي الصِّحَّةِ، وَالطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا قَبْلَ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَلَوْ أَتَى بَدَلَ إنْ بِمَتَى لَمْ، أَوْ أَيُّ وَقْتٍ، فمضى ما يمكن إيقاعه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَعَ، "1وَفِي كُلَّمَا1" ثَلَاثٌ إنْ دَخَلَ بِهَا وَمَضَى مَا يُمْكِنُ إيقَاعُهَا مُتَرَتِّبَةً، وَإِلَّا بَانَتْ بِالْأُولَى. وَأَيَّتُكُنَّ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَمَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك، قِيلَ: كَمَتَى، وَقِيلَ: كَإِنْ م 4. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَشَرْطٌ مِنْ عَامِّيٍّ كَنِيَّتِهِ، وَقِيلَ: يَقَعُ إذَنْ إنْ كَانَ وُجِدَ كَنَحْوِيٍّ، وَقِيلَ فِيهِ لَمْ يَنْوِ مُقْتَضَاهُ وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: يَقَعُ إذَنْ2 وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ، كَتَطْلِيقِهَا لِرِضَاءِ أَبِيهَا يَقَعُ، كَانَ فِيهِ رِضَاؤُهُ أَوْ سَخَطُهُ، وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمَا: يَقَعُ إذَنْ، وَلَوْ بَدَّلَ إنْ كَهِيَ. وَفِي الْكَافِي3: يَقَعُ إذَنْ، كَإِذْ، وَفِيهَا احْتِمَالٌ كَأَمْسِ وَالْوَاوِ يَقَعُ إذَنْ، لَيْسَتْ جَوَابًا، وَفِي الْفُرُوعِ كالفاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَأَيَّتُكُنَّ لَمْ أُطَلِّقْهَا، وَمَنْ لَمْ أُطَلِّقْهَا وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك، قِيلَ: كَمَتَى، وَقِيلَ: كَإِنْ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: هُنَّ كَمَتَى، فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ مُضِيِّ مَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُنَّ كَإِنْ، وَاخْتَارَهُ الشَّارِحُ فِي مَنْ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي أَيِّ الْمُضَافَةِ إلى الشخص ومن4 وإذا، إذَا اتَّصَلَ بِهِنَّ لَمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، بَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ عَيْنُ مَا تقدم أولا.
وَإِنْ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ الشَّرْطَ، أَوْ جَوَابًا لـ لو، ففي الحكم روايتان م 5-6. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5 و 6: قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ الشرط أو جوابا لـ لو1، فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قُمْت، بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ، وَأَرَادَ الشَّرْطَ دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، وَبِهِ قطع في الرعاية الكبرى. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي4 وَهُوَ الصَّوَابُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْت، كَانَ شَرْطًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: تَطْلُقُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنْ أَجْعَلَ لَهَا جَوَابًا دُيِّنَ، وَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ أَوْ جَوَابًا لِلَوْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ: لَوْ قُمْت وَأَنْتِ طَالِقٌ، لِأَنَّهُ أَرَادَ مَعَ الْوَاوِ جَوَابًا لِلَوْ، وَقَدْ قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ، طَلُقَتْ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: وَلَوْ دَخَلْت، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: "مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دخل الجنة وإن سرق وإن زنى7".
وَإِنْ قَالَ: إنْ قُمْت فَقَعَدْت، أَوْ ثُمَّ أَوْ إنْ قُمْت إذَا قَعَدْت أَوْ إنْ قُمْت إنْ قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ لِأَنَّ الْقُعُودَ شَرْطٌ يتقدم مَشْرُوطَهُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إنْ كَالْوَاوِ، بِنَاءً...... ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْت1 طَلُقَتْ، لِأَنَّ لَوْ تُسْتَعْمَلُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ لِغَيْرِ الْمَنْعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وإنهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 76] . وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الشَّرْطَ قُبِلَ، لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قُمْت، طَلُقَتْ، وَكَذَا إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ قُمْت، فَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ قُبِلَ، وَكَذَا قِيلَ فِي: وَلَوْ قُمْت، انْتَهَى. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ: إنْ قُمْت فَقَعَدْت أَوْ ثُمَّ أَوْ إنْ قُمْت إذَا قَعَدْت أَوْ إنْ قُمْت إنْ قَعَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقْعُدَ ثُمَّ تَقُومَ، انْتَهَى. هَذَا الْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ، وَغَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، بَلْ الصَّوَابُ فِيهِمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَقُومَ ثُمَّ تَقْعُدَ، عَلَى التَّرْتِيبِ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَلَقَدْ تَتَبَّعْت كَلَامَهُمْ فَلَمْ أَجِدْ أحدا قال ذلك، بل صرحوا بخلافه.
عَلَى أَنَّ فِيهِ عُرْفًا، وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي الْفَاءِ وَثُمَّ رِوَايَةً كَالْوَاوِ، وَبِالْوَاوِ كَإِنْ قُمْت وَقَعَدْت أَوْ لَا قُمْت وَقَعَدْت تَطْلُقُ بِوُجُودِهِمَا، وَعَنْهُ: أَوْ أَحَدُهُمَا، كَإِنْ قُمْت وَإِنْ قَعَدْت، وَكَالْأَصَحِّ، فِي لَا قُمْت وَلَا قَعَدْت، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا، وَأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ حِنْثُهُ، وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا أَجْنَبْت مِنْك جَنَابَةً فَإِنْ اغْتَسَلْت مِنْ حَمَّامٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَجْنَبَ ثَلَاثًا وَاغْتَسَلَ مَرَّةً فِيهِ فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: ثَلَاثًا، كَفِعْلٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ مَعَ كُلِّ جَنَابَةٍ، كَمَوْتِ زَيْدٍ وَقُدُومِهِ، وَإِنْ أَسْقَطَ الْفَاءَ مِنْ جَزَاءٍ مُتَأَخِّرٍ فَشَرْطٌ، وَقِيلَ: بِنِيَّتِهِ، وَإِلَّا وَقَعَ إذَنْ، كَالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ، فَإِنْ أَرَادَ الشرط فالروايتان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1الثاني: قوله: وإن أراد الشرط، فالروايتان. يعني: فيما إذا أسقط الفاء من جزاء متأخر وقلنا: لا يكون شرطا إذا لم ينو، وقال: أردت الشرط، ففيه الروايتان اللتان فيما إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ قُمْت. بِالْوَاوِ، وأراد الشرط. المسألة التي تقدمت هذه1".
فصل إذا قال: إذا حضت فأنت طالق وقع بأوله.
فَصْلٌ إذَا قَالَ: إذَا حِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ بِأَوَّلِهِ. نَقَلَ مُهَنَّا تَطْلُقُ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، لِتَحْرِيمِ مُبَاشَرَتِهَا ظَاهِرًا فِيهِ، وَفِي: قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، وَكُلُّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَمَنُ الطَّلَاقِ، فِي الْأَصَحِّ، وَلِمَنْعِ الْمُعْتَادَةِ مِنْ الْعِبَادَةِ ع. وَفِي الِانْتِصَارِ وَالْفُنُونِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ بِتَبَيُّنِهِ بِمُضِيِّ أَقَلِّهِ، وَمَتَى بَانَ غَيْرَ حَيْضٍ لم "1تطلق به1"، وَيَقَعُ فِي إذَا حِضْت حَيْضَةً بِانْقِطَاعِهِ، وَقِيلَ: وَغُسْلُهَا، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً مِنْ أَوَّلِ حيضة مستقبلة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَوْ كَانَ قَالَ: كُلَّمَا فَرَغَتْ عِدَّتُهَا فِيهَا بِأَوَّلِ حَيْضَةٍ رَابِعَةٍ، وَطَلَاقُهُ فِي الثَّانِيَةِ مُبَاحٌ، وَيَقَعُ فِي إذَا طَهُرَتْ بِأَوَّلِ طُهْرٍ مُسْتَقْبَلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّنْبِيهِ قَوْلٌ حَتَّى تَغْتَسِلَ. وَإِنْ قَالَ: إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَتْ حَيْضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَقَعَ لِنِصْفِهَا، وَفِي وُقُوعِهِ ظَاهِرًا بِمُضِيِّ دَمِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أَوْ لِنِصْفِ الْعَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ م 7 وَقِيلَ فيها كالمسألتين الأوليين. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إذَا حِضْت نِصْفَ حَيْضَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَمَضَتْ1 حَيْضَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ2 وَقَعَ لِنِصْفِهَا، وَفِي وُقُوعِهَا ظَاهِرًا بِمُضِيِّ دَمِ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ أَوْ لِنِصْفِ الْعَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ3 هُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ بِمُضِيِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ وَنِصْفٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ بِمُضِيِّ نِصْفِ الْعَادَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ وصححه.
وَإِنْ قَالَ: إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَادَّعَاهُ طَلُقَتَا بِإِقْرَارِهِ. وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ طَلُقَتْ كقوله: إن أضمرت بغضي، "1فأنت طالق1" فَادَّعَتْهُ، بِخِلَافِ دُخُولِ الدَّارَ، وَفِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ م 8 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ حِضْت فَأَنْتِ وَضَرَّتُك طَالِقَتَانِ فَادَّعَاهُ طَلُقَتَا بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ طَلُقَتْ....، وَفِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في
وعنه: تطلق ببينة، كالضرة، فَيَخْتَبِرْنَهَا بِإِدْخَالِ قُطْنَةٍ فِي الْفَرْجِ زَمَنَ دَعْوَاهَا الْحَيْضَ، فَإِنْ ظَهَرَ دَمٌ فَهِيَ حَائِضٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ: إنْ أَخْرَجَتْ عَلَى خِرْقَةٍ دَمًا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَحَكَاهُ عَنْ الْقَاضِي. وَإِنْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَادَّعَتَاهُ طَلُقَتَا إنْ صَدَّقَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا وَإِنْ قَالَهُ لِأَرْبَعٍ فَادَّعَيْنَهُ1 وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ، وَإِنْ كَذَّبَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ وَحْدَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. أَحَدُهُمَا: تَحْلِفُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ الْخِرَقِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إذَا أَنْكَرَتْ النِّكَاحَ، وَتَحْلِفُ إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا، انْتَهَى. وهو مذكورة4 فِي الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَحْلِفُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الكافي5.
وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا حَاضَتْ إحْدَاكُنَّ أَوْ أَيَّتُكُنَّ حَاضَتْ فَضَرَّاتُهَا طَوَالِقُ فَادَّعَيْنَهُ، وَصَدَّقَهُنَّ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَإِنْ صَدَّقَ وَاحِدَةً لَمْ تَطْلُقْ بَلْ ضَرَّاتُهَا طَلْقَةً طَلْقَةً، وَإِنْ صَدَّقَ ثِنْتَيْنِ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً وَالْمُكَذِّبَتَانِ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ صَدَّقَ ثَلَاثًا طُلِّقْنَ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ وَالْمُكَذَّبَةُ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً طَلُقَتَا بِحَيْضَتَيْنِ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: بِحَيْضَةٍ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَالْأَشْهَرُ بِشُرُوعِهِمَا، وَقِيلَ: لا طلاق كمستحيل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل إذا علقه بالحمل فولدت بعد أكثر مدة الحمل لم يقع.
فصل إذَا عَلَّقَهُ بِالْحَمْلِ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ لَمْ يَقَعْ. وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَقَعُ مُنْذُ حَلَفَ، وَكَذَا بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَطَأْ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لَهَا فَأَكْثَرَ مُنْذُ وَطِئَ لَمْ يَقَعْ، فِي الْأَصَحِّ، وَنَصُّهُ: يَقَعُ إنْ ظَهَرَ لِلنِّسَاءِ أَوْ خَفِيَ فَوَلَدَتْهُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا. وَقَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ رَجْعِيَّةً مُبَاحَةً مُنْذُ حَلَفَ، وَعَنْهُ: بِظُهُورِ حَمْلٍ، وَيَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ مَوْجُودَةٍ.
نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ، وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي حَامِلًا فَعَكْسُ الَّتِي قَبْلَهَا. وَيُحَرَّمُ الْوَطْءُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى يَظْهَرَ حَمْلٌ أَوْ تَسْتَبْرِئَ أَوْ تَزُولَ الرِّيبَةُ، وَإِنْ قَالَ: إذَا حَمَلْت لَمْ يَقَعْ إلَّا بِحَمْلٍ مُتَجَدِّدٍ، وَلَا يَطَأُ حَتَّى تَحِيضَ ثُمَّ يَطَأُ كُلَّ طُهْرٍ مَرَّةً، وَعَنْهُ: يَجُوزُ أَكْثَرَ. وَإِنْ عَلَّقَ طَلْقَةً إنْ كَانَتْ حَامِلًا بِذَكَرٍ وَطَلْقَتَيْنِ بِأُنْثَى فَوَلَدَتْهُمَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَاسْتَحَقَّا مِنْ وَصِيَّةٍ. وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ حَمْلُك أَوْ مَا فِي بَطْنِك فَوَلَدَتْهُمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَلَا وَصِيَّةَ، وَلَوْ أَسْقَطَ مَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَإِذَا عَلَّقَهُ عَلَى الْوِلَادَةِ فَأَلْقَتْ مَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَقَعَ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِهَا، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ، وَإِنْ شَهِدَ بِهَا النِّسَاءُ وَقَعَ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، قِيلَ: لَا، كَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ مَا غَضِبَ أَوْ لَا غَضِبَ1 فَثَبَتَ بِبَيِّنَةِ مَالٍ لَمْ تَطْلُقْ، ذَكَرَهُ فِي الفصول والمنتخب والمستوعب والمغني2، وقيل: بلى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَالَ: إنْ وَلَدْت ذَكَرًا فَوَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ فَثَلَاثٌ بِمَعِيَّةٍ فَسَبَقَ أَحَدُهُمَا: بِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ طَلُقَتْ بِهِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّانِي. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَتَطْلُقُ بِهِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَنَقَلَ بَكْرٌ هِيَ وِلَادَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ: وَفِيهَا نَظَرٌ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: هَذَا عَلَى نِيَّةِ الرَّجُلِ إذَا أَرَادَ بِذَلِكَ تَطْلِيقَةً، وَإِنْ كَانَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالثَّانِي مِنْ حَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ1، فَلَا يُمْكِنُ ادِّعَاءُ أَنْ تَحْبَلَ بِوَلَدٍ بَعْدَ وَلَدٍ، قَالَهُ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي الْحَامِلِ لَا تَحِيضُ وَفِي الطَّلَاقِ بِهِ الْوَجْهَانِ إلَّا أَنْ نَقُولَ: لَا تَنْقَضِي به عدة فتقع الثلاث، وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيهان2: الأول: قوله: فثلاث بمعية، فسبق أحدهما. كذا في النسخ. صوابه: فإن سبق أحدهما. الثاني: قوله: وفي الطلاق بت الوجهان. لعله أراد بهما المذهب، وقول ابن حامد المتقدمان قريبا.
فِي الْأَصَحِّ إنْ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ، لِثُبُوتِ وَطْئِهِ بِهِ، فَتَثْبُتُ الرَّجْعَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوَطْءِ الْمُحَصِّلِ لِلرَّجْعَةِ، وَمَتَى أَشْكَلَ السَّابِقُ فَطَلْقَةٌ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَعْيِينُهُ بِقُرْعَةٍ، قَالَهُ الْقَاضِي وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا مَعًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدًا فَوَجْهَانِ م 9، وَإِنْ وَلَدَتْ اثْنَتَيْنِ وَزَادَ: لِلسَّنَةِ، فَطَلْقَةٌ بِطُهْرِهَا ثُمَّ أُخْرَى بَعْدَ طُهْرٍ مِنْ حيضة، ذكره القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا مَعًا فَثَلَاثٌ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَلَدًا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ ثَلَاثًا، كَالْأَوَّلِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَطْلُقُ وَاحِدَةً، اختاره في المحرر قلت: وهو الصواب.
فصل إذا قال: إذا طلقتك فأنت طالق,
فَصْلٌ إذَا قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ, ثُمَّ أَوْقَعَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِالْقِيَامِ ثُمَّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَامَتْ وَقَعَ ثِنْتَانِ فِيهِمَا، وَإِنْ زَادَ: ثُمَّ إذَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ نَجَّزَهُ فَوَاحِدَةٌ بِالْمُبَاشَرَةِ وَاثْنَتَانِ بِالْوُقُوعِ وَالْإِيقَاعِ. وقال
الْقَاضِي: التَّعْلِيقُ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَيْسَ تَطْلِيقًا، وإن نوى إذا طلقتك طلقت ولم أرد عقد صفة، دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ م 10. وَالطَّلَاقُ الْوَاقِعُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ يُوقِعْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقَعَ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِقِيَامٍ ثُمَّ بِطَلَاقِهِ لَهَا فَقَامَتْ فَوَاحِدَةٌ، وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا وَقَعَ ثَلَاثٌ. وَلَوْ كَانَ بَدَلَهُ كُلَّمَا طَلَّقْتُك فَثِنْتَانِ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَقَعُ الْمُعَلَّقَةُ. وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا طَلَّقْت ضَرَّتَك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ مِثْلَهُ لِلضَّرَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأَوِّلَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ طَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالْأَوِّلَةُ ثِنْتَيْنِ بِالْمُبَاشَرَةِ، وَوُقُوعُهُ بِالضَّرَّةِ تَطْلِيقٌ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِيهَا طَلَاقًا بِتَعْلِيقِهِ طَلَاقَهَا ثَانِيًا، وَإِنْ طَلَّقَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً، وَمِثْلُ الْمَسْأَلَةِ: إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت حَفْصَةَ فَعَمْرَةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: إذَا قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَوْقَعَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِالْقِيَامِ ثُمَّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَقَامَتْ وَقَعَتْ ثِنْتَانِ فِيهِمَا، وَإِنْ نوى1 إذا طلقتك طلقت ولم أرد عقد صفة دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُقْبَلُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَإِرَادَةُ مَا قَالَهُ احْتِمَالٌ بَعِيدٌ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يقبل، لأنه محتمل لما قال.
طَالِقٌ ثُمَّ إنْ أَوْ كُلَّمَا طَلَّقْت عَمْرَةَ فَحَفْصَةُ طَالِقٌ فَحَفْصَةُ كَالضَّرَّةِ، وَعَكْسُهَا قَوْلُهُ لِعَمْرَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَحَفْصَةُ طَالِقٌ ثُمَّ لِحَفْصَةَ إنْ طَلَّقْتُك فَعَمْرَةُ طَالِقٌ، فَحَفْصَةُ هُنَا كَعَمْرَةَ هُنَاكَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: أَرَى متى طلقت عَمْرَةُ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ أَنْ يَقَعَ عَلَى حَفْصَةَ أُخْرَى بِالصِّفَةِ فِي حَقِّ عَمْرَةَ فَيَقَعُ الثَّلَاثُ عَلَيْهِمَا. وَإِنَّ قَوْلَ أَصْحَابِنَا فِي: كُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوُجِدَ رَجْعِيًّا يَقَعُ ثَلَاثٌ، يُعْطِي اسْتِيفَاءَ الثَّلَاثِ فِي حَقِّ عَمْرَةَ، لِأَنَّهَا طَلُقَتْ طَلْقَةً بِالْمُبَاشَرَةِ وَطَلْقَةً بِالصِّفَةِ وَالثَّالِثَةَ بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي طَلَاقِ عَمْرَةَ الْمُعَلَّقِ بِطَلَاقِ حَفْصَةَ. وَإِنْ عَلَّقَ ثَلَاثًا بِتَطْلِيقٍ يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ ثُمَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً طَلُقَتْ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثًا. وَإِنْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، قِيلَ: مَعًا، وَقِيلَ: يَقَعُ الْمُعَلَّقُ، وَقِيلَ: الْمُنْجَزُ، ثُمَّ تَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَصْحَابِنَا م 11 وَأَوْقَعَ ابْنُ عَقِيلٍ المنجز، وألغى غيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، قِيلَ: معا، وقيل: يقع1 المعلق، وقيل:
وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ. وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ أَبَنْتُك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك أَوْ إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، فَفِي التَّرْغِيبِ: تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ، وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ، وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ فِي الثانية والثالثة: يقعان معا م 12. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُنْجَزُ ثُمَّ تَتِمَّتُهَا مِنْ الْمُعَلَّقِ. وَفِي التَّرْغِيبِ اخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَصْحَابِنَا، انْتَهَى. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بِالسُّرَيْجِيَّةِ1، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَوْلُ الثَّالِثُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَقَعُ الْمُنْجَزُ ثُمَّ يُتَمَّمُ مِنْ الْمُعَلَّقِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَالْمُنَوِّرِ، وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُصَنِّفِ عَنْ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، فَعَلَى هَذَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً، وَقِيلَ: تَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا، فَيَقَعُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا ثَلَاثٌ، وَقِيلَ: يَقَعُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقَةُ، فَيَقَعُ أَيْضًا بِالْمَدْخُولِ بها وغيرها ثلاث. مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا: وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك وَطْئًا مُبَاحًا أَوْ إنْ أَبَنْتُك أَوْ فَسَخْت نِكَاحَك أَوْ إنْ ظَاهَرْت مِنْك أَوْ إنْ رَاجَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا، فَفِي التَّرْغِيبِ تَلْغُو صِفَةُ الْقَبْلِيَّةِ وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ، وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ4 أَنَّهُمَا يقعان معا انتهى. قطع5 به في
وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا طَلَّقْت وَاحِدَةً فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ وَاثْنَتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةً فَأَرْبَعَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ مَعًا أَوَّلًا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ: سَبْعَةَ عَشَرَ، وَقِيلَ: عِشْرُونَ، وَقِيلَ: أَرْبَعَةٌ، وَقِيلَ: عَشْرَةٌ، كَإِنْ بَدَّلَ كُلَّمَا لِعَدَمِ تَكْرَارِهَا، وَأَرْبَعَةٌ هُنَا أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ إنْ طُلِّقْنَ مَعًا، وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا فِي تَدَاخُلِ الصِّفَاتِ. وَإِنْ قَالَ: إذَا أَتَاك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ كَتَبَ إلَيْهَا إذَا أَتَاك كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا وَقِيلَ أَوْ أَتَى مَوْضِعُ الطَّلَاقِ مِنْهُ وَلَمْ يَنْمَحِ ذِكْرُهُ طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَفِي الحكم روايتان م 13. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَوْلُهُ وَفِي إلْغَاءِ الطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ الْوَجْهَانِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَعَدَمَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ1، وَهُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَتَوَجَّهُ الْأَوْجَهُ يَعْنِي الَّتِي تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا فِي صِفَةِ الْوُقُوعِ، وقد علم الصحيح منها. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ2: إذَا أَتَاك طَلَاقِي فأنت طالق ثم كتب إذا أتاك كتابي3 فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَتَاهَا، طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ أَرَادَ بِالثَّانِي الْأَوَّلَ فَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
وَلَوْ كَتَبَ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقُرِئَ عَلَيْهَا وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 14، قَالَ أَحْمَدُ: لَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى يَشْهَدَ عِنْدَهَا شُهُودٌ عُدُولٌ شاهدان لا حامل الكتاب وحده. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ4، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَالشَّارِحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ، قَالَ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ: دُيِّنَ بَاطِنًا، وَقَالَ فِي مُنَوَّرِهِ: دُيِّنَ. مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ إذَا قَرَأْت كِتَابِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقُرِئَ عَلَيْهَا، وَقَعَ إنْ كَانَتْ أُمِّيَّةً، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقَعُ قُلْت: الصَّوَابُ الرُّجُوعُ إلَى نِيَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ يَقَعْ، لِأَنَّهَا لَمْ تَقْرَأْهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُقُوعِ الطلاق وبقاء الزوجية، فلا تزال بالاحتمال ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 10/ 505. 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 22/ 521. 4 ليست في "ط".
فصل إذا قال: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم أعاده أو علقه بشرط فيه حث أو منع،
فَصْلٌ إذَا قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ فِيهِ حَثٌّ1 أَوْ مَنْعٌ، وَالْأَصَحُّ أَوْ تَصْدِيقُ خَبَرٍ أو تكذيبه وقيل: وغيره، كطلوع
الشَّمْسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ سِوَى تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَتِهَا أَوْ حَيْضٍ وَطُهْرٍ، وَمِنَّا مَنْ لَمْ يَسْتَثْنِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَاخْتَارَ الْعَمَلَ بِعُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ وَقَصْدِهِ فِي مُسَمَّى الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ مُوجَبُ أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ وَأَنَّ مِثْلَهُ: وَاَللَّهِ لَا أَحْلِفُ يَمِينًا، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ طَلْقَةً فِي مَرَّةٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِإِعَادَتِهِ إفْهَامَهَا لَمْ يَقَعْ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهُ مَنْ عَلَّقَهُ بِالْكَلَامِ، وَأَخْطَأَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ فِيهَا كَالْأُولَى، ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ، وَإِنْ أَعَادَهُ ثَلَاثًا طَلُقَتْ1 طَلْقَتَيْنِ وَإِنْ أَعَادَهُ أَرْبَعًا طَلُقَتْ ثَلَاثًا إنْ كانت مدخولا بها. وإن قال: إن حلفت2 بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَأَعَادَهُ طَلُقَتَا طَلْقَةً طَلْقَةً، وَتَبِينُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْهُمَا، فَلَا يُطَلَّقَانِ بِقَوْلِهِ ثَالِثًا، فَإِنْ نَكَحَ الْبَائِنَ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَاخْتَارَ الشَّيْخُ لَا تَطْلُقُ، وَهُوَ مَعْنَى جَزْمِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِطَلَاقِهَا، لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ، لِأَنَّهَا بَائِنٌ، وَكَذَا جَزَمَ فِي التَّرْغِيبِ فِيمَا تُخَالِفُ الْمَدْخُولَ بِهَا غَيْرُهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَا يَصِحُّ، وَإِنَّمَا عَلَّلُوا بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ مَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ الصِّفَةُ، كَمَسْأَلَةِ الْوِلَادَةِ، فِي الْأَشْهَرِ، وَالتَّعْلِيلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، مَعَ أَنَّهُ يَتَّجِهُ عَدَمُ الْوُقُوعِ مَعَ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ لِتَأْثِيرِ الصِّفَةِ وُجُودُ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْأَشْهَرُ: بَلَى، كَالْأُخْرَى طَلْقَةً طَلْقَةً، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، كَمَا سَبَقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَبِكُلَّمَا بَدَلَ إنْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، طَلْقَةً عَقِبَ حَلِفِهِ ثَانِيًا وَطَلْقَتَيْنِ لَمَّا نَكَحَ الْبَائِنَ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا، لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ، وَفَرَضَ فِي الْمُغْنِي1 الْمَسْأَلَةَ فِي كُلَّمَا وَقَالَ مَا سَبَقَ. وَإِنْ قَالَ: كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَأَعَادَهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ قَالَ: لِمَدْخُولٍ بِهِمَا: كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا، أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، وَأَعَادَهُ، طَلُقَتَا ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: فَهِيَ أَوْ فَضَرَّتُهَا طَالِقٌ فَطَلْقَةٌ طَلْقَةٌ، وَإِنْ قال: فإحداكما طالق2 فَطَلْقَةٌ بِإِحْدَاهُمَا: تُعَيَّنُ بِقُرْعَةٍ، وَإِنْ قَالَ: إذَا حَلَفْت بِطَلَاقِ ضَرَّتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ لِلْأُخْرَى طَلُقَتْ الْأُولَى، فَإِنْ أَعَادَهُ لِلْأُولَى وَقَعَ بالأخرى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل في تعليقه بالكلام والإذن والرؤية والبشارة واللبس والقربان
فصل في تعليقه بِالْكَلَامِ وَالْإِذْنِ وَالرُّؤْيَةِ وَالْبِشَارَةِ وَاللُّبْسِ وَالْقُرْبَانِ إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: اُسْكُتِي أَوْ تَحَقَّقِي أَوْ مُرِّي وَنَحْوَهُ طَلُقَتْ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِيَمِينِهِ. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِبُدَاءَتِهِ إيَّاهَا بِهِ فَقَالَتْ: إنْ بَدَأْتُك بِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، فِي الْأَصَحِّ، ثُمَّ إنْ بَدَأَتْهُ حَنِثَ3، إنْ بَدَأَهَا انْحَلَّتْ يَمِينُهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ فَلَمْ يَسْمَعْ لِشُغْلٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَنَحْوَهُ حَنِثَ، وَإِنْ كَلَّمَتْهُ مَجْنُونًا أَوْ سَكْرَانَ أَوْ أَصَمَّ يَسْمَعُ لَوْلَا الْمَانِعُ حَنِثَ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيَّرَ لَا، وَقِيلَ: لَا السَّكْرَانَ، كَتَكْلِيمِهِ غَائِبًا1 أَوْ نَائِمًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَيِّتًا، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً، وَإِنْ كَاتَبَتْهُ أَوْ رَاسَلَتْهُ حَنِثَ، كَتَكْلِيمِهَا غَيْرَهُ وَهُوَ يَسْمَعُ تَقْصِدُهُ بِهِ، وَعَنْهُ: لَا، كَنِيَّةِ غَيْرِهِ وَإِنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ فَوَجْهَانِ م 15. وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَهُ ثَانِيًا طَلُقَتْ وَاحِدَةً، وَإِنْ قَالَهُ ثَالِثًا فَثَانِيَةٌ، رَابِعًا فَثَالِثَةٌ، وَتَبِينُ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا بِطَلْقَةٍ، وَلَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ الثَّانِيَةُ وَلَا الثَّالِثَةُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2، وقدمه في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَّقَهُ بِكَلَامِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَلَمْ يَسْمَعْ لِشُغْلٍ أَوْ غَفْلَةٍ وَنَحْوَهُ حَنِثَ، إنْ أَشَارَتْ إلَيْهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرِهِمَا، قَالَ4 فِي الشَّارِحِ: وَهَذَا أَوْلَى، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ القاضي
الْمُحَرَّرِ ثُمَّ قَالَ: وَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ بِحَيْثُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَكَلَّمَهَا طَلُقَتْ، إلَّا عَلَى قَوْلِ التميمي بحل الصفة مع البينونة فَإِنَّهَا قَدْ انْحَلَّتْ بِالثَّانِيَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهَا، وَلَا يَجِيءُ مِثْلُهُ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، لِعَدَمِ إمْكَانِ إيقَاعِهِ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ السَّابِقَةِ، فَإِمَّا أَنَّهُ1 لَا تَصِحُّ فِيهِمَا وَهُوَ أَظْهَرُ، كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِمَّا أَنْ تَصِحَّ فِيهِمَا كَمَا سَبَقَ مِنْ "2قَوْلِ أَحْمَدَ2" فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِ الْعَتِيقَةِ قَدْ وَطِئَهَا، وَالْمُطَلِّقُ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ يَطَأْ، مَعَ أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي الْعَتِيقَةِ عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ لَا يَصِحُّ. أَمَّا بُطْلَانُهُ فِي الْعَتِيقَةِ وَصِحَّتُهُ هُنَا فِيهِمَا أَوْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ وَمَسْأَلَةِ الْكَلَامِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ فَلَا وَجْهَ لَهُ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَلَا مَعْنَى يَقْتَضِيهِ، وَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِالتَّفْرِقَةِ، "3وَقَدْ3" يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ كَلَّمَهَا بِشُرُوعِهِ فِي كَلَامِهَا، وَلَا يَكُونُ حَالِفًا إلَّا بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ، وَقَدْ يُقَالُ: حَقِيقَةُ الْكَلَامِ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ، فَتُعْتَبَرُ حَقِيقَتُهُ كَالْحَلِفِ وَهَذَا حَقِيقَةُ الْيَمِينِ وَحَقِيقَةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فَيَعْمَلُ بِهِ، وَلِهَذَا سَوَّوْا بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِلَّا فَكَانَ يَتَعَيَّنُ بَيَانُ خِلَافِ الْحَقِيقَةِ وَالتَّفْرِقَةُ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَقَطْ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِمْ. وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فأنتما طالقتان ولم نحنثه ببعض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَحْلُوفِ فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا فَقِيلَ: تَطْلُقَانِ، وَقِيلَ: حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا م 16 كَقَوْلِهِ: إن كلمتما زيدا و1 كلمتما عمرا. وإن قال: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ وَلَمْ نُحْنِثْهُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ2 فَكَلَّمَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ وَاحِدًا، فَقِيلَ: تَطْلُقَانِ، وَقِيلَ: حَتَّى يُكَلِّمَا كُلًّا مِنْهُمَا، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ4 الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: طَلُقَتَا فِي الْأَظْهَرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَا جَمِيعًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَاحْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ، قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ أَوْلَى، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ:6 الْأَقْوَى لَا يَقَعُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ. تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: كَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَوَّلَ، لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ يَحْكِي اخْتِيَارَهُمْ فَيَقُولُ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، كما هو عادته. والله أعلم.
خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ ولا نية لم يحنث، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ قَاعِدَةٍ، وَهِيَ إذَا وَجَدْنَا جُمْلَةً، ذَاتَ أَعْدَادٍ مُوَزَّعَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أُخْرَى فَهَلْ يَتَوَزَّعُ أَفْرَادُ الْجُمْلَةِ الْمُوَزَّعَةِ عَلَى أَفْرَادِ الْأُخْرَى أَوْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهَا عَلَى مَجْمُوعِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى؟ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ تُوجَدَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ1 أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، فَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى فَيُقَابَلُ كُلُّ فَرْدٍ كَامِلٍ بِفَرْدٍ يُقَابِلُهُ، إمَّا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ أَوْ دَلَالَةِ2 الشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ وَإِمَّا لِاسْتِحَالَةِ مَا سِوَاهُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ أَكَلْتُمَا هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَإِذَا أَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا رَغِيفًا طَلُقَتْ لِاسْتِحَالَةِ أَكْلِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ. أَوْ يَقُولُ لِعَبْدَيْهِ: إنْ رَكِبْتُمَا دَابَّتَيْكُمَا أَوْ لَبِسْتُمَا ثَوْبَيْكُمَا أَوْ تَقَلَّدْتُمَا سَيْفَيْكُمَا أَوْ دَخَلْتُمَا بِزَوْجَتَيْكُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّانِ، فَمَتَى وَجَدَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُكُوبَ دَابَّتِهِ أَوْ لُبْسَ ثَوْبِهِ أَوْ تَقَلُّدَ سَيْفِهِ أَوْ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ3 الْعِتْقُ، لِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِهَذَا عُرْفِيٌّ، وَفِي بَعْضِهِ شَرْعِيٌّ، فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى تَوْزِيعِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ، وَمِثَالُ مَا دَلَّتْ الْقَرِينَةُ فِيهِ عَلَى تَوْزِيعِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ كَلَّمْتُمَا زيدا و5 عَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ، فَلَا تَطْلُقَانِ حَتَّى تُكَلِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا. الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى إرَادَةِ أَحَدِ التَّوْزِيعَيْنِ، فَهَلْ يُحْمَلُ التَّوْزِيعُ عِنْدَ هَذَا الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، والأشهر أنه يوزع كل فرد من
بَلَى، وَقِيلَ: إنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ خَرَجْت قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: أَوْ إنْ خَرَجْت مَرَّةً بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلا بإذني أو حتى آذَنَ لَك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَذِنَ مَرَّةً فَخَرَجَتْ عَالِمَةً بِإِذْنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: أَوْ لَا، لَمْ يَحْنَثْ. ثُمَّ إنْ خَرَجْت بِلَا إذْنٍ وَلَا نِيَّةٍ حَنِثَ، وَعَنْهُ: لَا، كَإِذْنِهِ فِي الخروج كلما شاءت، نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَفْرَادِ الْجُمْلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى إذَا أَمْكَنَ، وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ مِنْ نِسَائِهِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ. الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ خَالَفْت أَمْرِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ نَهَاهَا فَخَالَفَتْهُ وَلَا نِيَّةَ لَمْ يَحْنَثْ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ إنْ عَرَفَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، انْتَهَى. صَوَابُ1 الْقَوْلِ الثَّالِثِ: وَقِيلَ يَحْنَثُ إنْ جَهِلَ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لَا أَنَّهُ يحنث إنْ عَرَفَ ذَلِكَ، كَمَا فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ قَوِيٌّ جِدًّا، قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ2 أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ والتحقيق.
وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ أَذِنَ لَهَا بِالْخُرُوجِ مَرَّةً أَوْ مُطْلَقًا أَوْ أَذِنَ بِالْخُرُوجِ لِكُلِّ مَرَّةٍ فَقَالَ: اُخْرُجِي مَتَى شِئْت لَمْ يَكُنْ إذْنًا إلَّا لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ أَذِنَ فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَاهَا وَخَرَجَتْ فَوَجْهَانِ م 17. فَإِنْ قَالَ: إلَّا بِإِذْنِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَمْ يَحْنَثْ، وحنثه القاضي، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نهاها1 وخرجت فوجهان، انتهى. يعني إذا قال لها2 إذَا خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي وَنَحْوَهُ مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهَا فَلَمْ تَخْرُجْ حَتَّى نَهَاهَا. ثُمَّ خَرَجَتْ، فَهَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَطْلُقُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ3، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. "4وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَطْلُقُ4"، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: لَا يَقَعُ إذَا أَذِنَ لَهَا ثُمَّ نَهَى وَجَهِلَتْهُ، انْتَهَى. وليس بمناف للقول الأول
وَجَعَلَ الْمُسْتَثْنَى مَحْلُوفًا عَلَيْهِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، أَوْ لَهُ ثُمَّ بَدَا لَهَا غَيْرُهُ، حَنِثَ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ. وَمَتَى قَالَ: كُنْت أَذِنْت قُبِلَ ببينة، ويحتمل الاكتفاء بعلمه للبينة. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا رَأَيْت الْهِلَالَ أَوْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَعَ بِإِكْمَالِ الْعِدَّةِ أَوْ رؤيته، وقيل: ولو رئي قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَلَوْ نَوَى الْعِيَانَ أَوْ رُؤْيَتَهَا لَهُ قَبِلَ حُكْمًا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِقَرِينَةٍ، وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ أَوْ بِاسْتِدَارَتِهِ أَوْ ببهر ضوئه؟ فيه أقوال م 18. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 18: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ أَوْ بِاسْتِدَارَتِهِ أَوْ بِبَهْرِ ضَوْئِهِ؟ فِيهِ أَقْوَالٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3. أَحَدُهُمَا: يُقْمِرُ بَعْدَ ثَالِثَةٍ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالصَّرْصَرِيُّ فِي زَوَائِدِ الْكَافِي عَلَى الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُقْمِرُ إلَّا بِاسْتِدَارَتِهِ4. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَا يُقْمِرُ حَتَّى يَبْهَرَ ضَوْءُهُ، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَبْهَرُ ضَوْءُهُ إلَّا فِي اللَّيْلَةِ السابعة، حكاه عن أهل اللغة.
وَإِنْ قَالَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا، وَأَطْلَقَ، فَرَأَتْهُ وَلَوْ مَيِّتًا، وَقِيلَ: ومكرهة، لا خياله في ماء و1 مِرْآةٍ، وَقِيلَ: أَوْ جَالَسَتْهُ عَمْيَاءَ، وَقَعَ. وَإِنْ قَالَ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَهُ نِسَاؤُهُ مَعًا طُلِّقْنَ، وَإِنْ تَفَرَّقَ طَلُقَتْ الْأُولَى الصَّادِقَةُ، وَإِلَّا فَأَوَّلُ صَادِقَةٍ بَعْدَهَا. وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَتْنِي عِنْدَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يُطَلَّقْنَ، وَقِيلَ: مَعَ الصِّدْقِ م 19. وَإِنْ قَالَ: إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ، خِلَافًا لابن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 19: قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنْ أَخْبَرَتْنِي عِنْدَ الْقَاضِي، وَقِيلَ: يُطَلَّقْنَ، وَقِيلَ: مَعَ الصِّدْقِ، انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَخْبَرَتْنِي بِقُدُومِ أَخِي فَهِيَ طالق هل هي2 مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِهِ فَهِيَ طَالِقٌ؟ أَمْ يُطَلَّقْنَ هُنَا بِالْإِخْبَارِ مُطْلَقًا أَمْ بِالصِّدْقِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ. قَوْلُ الْقَاضِي قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، فيطلقن في الأحوال الثلاثة، لأن الخبر يَدْخُلُهُ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، وَيُسَمَّى خَبَرًا وَإِنْ تَكَرَّرَ، وَالْبِشَارَةُ الْقَصْدُ بِهَا السُّرُورُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ الصِّدْقِ وَيَكُونُ فِي الْأَوْلَى3 لَا غَيْرُ. والقول الثالث: اختاره صاحب المحرر.
البناء وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَخَرَّجَهُ1 الْحَلْوَانِيُّ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَيُقْبَلُ حُكْمًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ حُكْمًا م 20. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا لبست2 وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، سَوَاءٌ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرِبْت دَارَ أَبِيك فَأَنْتِ طَالِقٌ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، لَمْ يَقَعْ حَتَّى تَدْخُلَهَا، وَإِنْ قَالَ: إنْ قَرِبْت وَقَعَ بِوُقُوفِهَا تَحْتَ فِنَائِهَا وَلُصُوقِهَا بِجِدَارِهَا، لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا ذَلِكَ، ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ لَبِسْت ثَوْبًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى مُعَيَّنًا دُيِّنَ وَيُقْبَلُ حُكْمًا، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا فَقِيلَ كَذَلِكَ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ حُكْمًا، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ هُنَا، وَإِنْ قَبِلْنَاهُ فِي التي قبلها، واختاره القاضي
فصل إذا علقه بمشيئتها بإن أو غيرها أو أنى أو أين لم تطلق حتى تشاء ولو كارهة متراخيا،
فَصْلٌ إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا بِإِنْ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَنَّى أَوْ أَيْنَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَشَاءَ وَلَوْ كَارِهَةً مُتَرَاخِيًا، وَكَذَا حَيْثُ شِئْت، نص عليه، وكيف، وقيل: يَقَعُ وَإِنْ لَمْ تَشَأْ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ إنْ بِالْمَجْلِسِ. فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ مَشِيئَتِهَا لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، كَبَقِيَّةِ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ قَالَتْ: قد شئت إن شئت فشاء1 وإن شَاءَ أَبِي فَشَاءَ، لَمْ تَطْلُقْ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ عَلَّقَ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ تَشَاءَ ثَلَاثًا، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَاحِدَةً، فَشَاءَتْ الثَّلَاثَ أَوْ الْوَاحِدَةَ وَقَعَتْ، وَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ، لأن الاستثناء من الإثبات نفي. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ اثْنَيْنِ فَشَاءَا، وَقِيلَ: أَوْ أَحَدُهُمَا، وَقَعَ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ زَيْدٌ، وَلَا نِيَّةَ، فَشَاءَهُمَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَوْ تَعَذَّرَتْ بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ، وَحَكَى عَنْهُ أَوْ غَابَ وَحَكَاهُ فِي الْمُنْتَخَبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَقَعَا، كَقَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَمُوتُ فَيَقَعُ إذَنْ، وَقِيلَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَقِيلَ: مِنْ حَلِفِهِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ زَيْدٌ: يَقَعُ، وليس ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي كِتَابِ الْحِيَلِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ صَاحِبِ الترغيب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ
استثناء، وإن شاء مميز أو1سكران فَكَطَلَاقِهِمَا، وَإِشَارَةَ أَخْرَسَ تُفْهَمُ كَنُطْقِهِ، وَقِيلَ: إنْ خَرِسَ بَعْدَ يَمِينِهِ فَلَا، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً يَنْعَقِدُ يَمِينُهُ بِمَشِيئَتِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَقَطْ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِرِضَاءِ زَيْدٍ أَوْ مَشِيئَتِهِ أَوْ لِدُخُولِ الدَّارِ وَقَعَ إذَنْ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ لِغَدٍ وَنَحْوِهِ. وَإِنْ أَرَادَ الشَّرْطَ فِيمَا ظَاهِرُهُ التَّعْلِيلُ قُبِلَ حُكْمًا، عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ: إنْ رَضِيَ أَبُوك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَ: مَا رَضِيت، ثُمَّ قَالَ: رَضِيت، وَقَعَ، لِأَنَّهُ مُطَلِّقٌ2 فَكَانَ مُتَرَاخِيًا، ذَكَرَهُ فِي الفنون وإن قوما قالوا ينقطع بالأول. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَعَا، لِقَصْدِهِ بِهِ تَأْكِيدَ الْإِيقَاعِ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ قَوْلَ قَتَادَةَ قَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ حِينَ أَذِنَ فِيهِ، وَكَالْمَنْصُوصِ فِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، قَالَ شَيْخُنَا وَيَكُونُ مَعْنَاهُ هِيَ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ بَعْدَ هَذَا، وَاَللَّهُ لَا يَشَاؤُهُ إلَّا بِتَكَلُّمِهِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَحُكِيَ عَنْهُ: يَقَعُ الْعِتْقُ، وَعَكْسُهَا فِي التَّرْغِيبِ. وَقَالَ: يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهَانِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: الْيَمِينُ الْمُطْلَقَةُ إنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى الحلف بالله، قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا حَلَفْت فَعَلَّقَ طَلَاقًا بِشَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ لَمْ يَحْنَثْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ حَنِثَ، بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ، قَالَ: وَكَذَا مَا عَلَّقَ لِقَصْدِ الْيَمِينِ: وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ يَشَأْ أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَقَعَ، فِي الْأَصَحِّ، لِتَضَادِّ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، فَلَغَا تَعْلِيقَهُ، بِخِلَافِ الْمُسْتَحِيلِ. وَإِنْ قَالَ: إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ م 21 و 22 وكذا إن كان الشَّرْطُ نَفْيًا وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 21 و 22: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ قُمْت إن شاء الله تعالى ثُمَّ وَجَدَ1، فَإِنْ نَوَى رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ، كَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا، يَعْنِي مِثْلَ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ تَقُومِي الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ لَا يَحْنَثُ، انتهى. ذكر المصنف مسألتين: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 21: تَعْلِيقُ الْمَشِيئَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 22: تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ. وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ "2فِي الشَّرْطِ2" الْمُثْبَتِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي والمقنع والمحرر والشرح4 والحاوي وغيرهم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا تَطْلُقُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، فَقَالَ: لَا تَطْلُقُ مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ، قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَطْلُقُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَاخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ فِيهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا، وَقَالَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا طَلُقَتْ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ أَيْضًا. تَنْبِيهٌ: حَرَّرَ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذَا الْمَسْأَلَةَ وَفِي صِيغَةِ الْقَسَمِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لَا تَدْخُلِينَ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَحْوَهُ لِلْأَصْحَابِ سَبْعُ طُرُقٍ ذَكَرَهَا عَنْهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. أَحَدُهَا: الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ أَوْ بِصِيغَةِ الْجَزَاءِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَكْثَرِ1 الْمُتَقَدِّمِينَ كَأَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ، وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ وَنَحْوَهُ قَدْ تَضَمَّنَ شَيْئَيْنِ: طَلَاقًا مُلْتَزَمًا عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ، وَفِعْلًا مُلْتَزَمًا بِقَصْدِ الْحَضِّ2 عَلَيْهِ أَوْ الْمَنْعِ مِنْهُ، فَإِنْ غَلَّبْنَا جِهَةَ الطَّلَاقِ قُلْنَا: هو طلاق3 مُلْتَزَمٌ بِشَرْطِهِ، فَإِذَا وُجِدَ شَرْطُهُ صَارَ كَالطَّلَاقِ المنجز في حينه فلا ينفع4 فيه الاستثناء، وإن غَلَّبْنَا عَلَيْهِ جِهَةَ الْيَمِينِ قُلْنَا: هُوَ يَمِينٌ مِنْ الْأَيْمَانِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْحِصْنُ عَلَى فعل،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَوْ الْمَنْعُ مِنْهُ دُونَ الطَّلَاقِ، وَإِذَا كَانَ يمينا1 صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَقَدْ ذَكَرَ مَضْمُونَ هَذَا الْمَأْخَذِ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِمَا، وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فِي تَعْلِيقِهِ وَذَكَرَهُ. الطَّرِيقُ الثَّانِي: الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا فِي الْحَلِفِ2 بِالطَّلَاقِ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ دُونَ التَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ يُقْصَدُ بِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَتَّةً، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَهِيَ مُقْتَضَى كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَذَكَرَ مَا عَلَّلُوهُ بِهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ يقصد به الوقوع لم ينفع3 فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ، قَوْلًا وَاحِدًا، كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِذَا جَاءَ وَقْتُهُ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ فِيهِ. الطَّرِيقُ الثَّالِثُ: الرِّوَايَتَانِ وَرَدَتَا فِي صِيغَةِ التَّعْلِيقِ إذَا قَصَدَ رَدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ أَوْ أَطْلَقَ، وَأَمَّا إنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَذِهِ وَكَذَلِكَ4 إنْ حَلَفَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَكَذَا هِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ، وَالْمُصَنِّفُ تَابَعَ5 فِيهَا صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ، وَرَدَّهَا ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَذَكَرَ ابْنُ رَجَبٍ تَوْجِيهَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَمَأْخَذَهَا. الطَّرِيقُ الرَّابِعُ: طَرِيقَةُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ، وَهِيَ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ إذَا لَمْ يَرُدَّ الْمَشِيئَةِ إلَى الطَّلَاقِ، فَإِنْ رَدَّهَا إلَى الطَّلَاقِ فَهُوَ كَمَا لَوْ نجز
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالطَّلَاقَ، وَاسْتَثْنَى فِيهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ فَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ إلَى الْفِعْلِ دُونَ الطَّلَاقِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الطَّلَاقِ، وَإِنْ رَدَّ الْمَشِيئَةَ إلَى الْفِعْلِ نَفَعَهُ، قَوْلًا وَاحِدًا، كَمَا يَنْفَعُهُ فِي صِيغَةِ الْقَسَمِ، وَهَذِهِ تُوَافِقُ طَرِيقَةَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، إلَّا أنها مخالفة لها فِي أَنَّهُ إذَا عَادَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الطَّلَاقِ لم ينفع، كما لا1 يَنْفَعْ فِي الْمُنْجَزِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ أَيْضًا، وَهُوَ وَاضِحٌ. الطَّرِيقُ الْخَامِسُ: طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَهُوَ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ نَفْيًا لَمْ تَطْلُقْ، نَحْوَ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَلَمْ يَفْعَلْهُ، فَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا حَنِثَ، نَحْوَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ "2تُخَالِفُ الْمَذْهَبَ2" الْمَنْصُوصَ، لِأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ الشَّرْطِ الثُّبُوتِيِّ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ تَنْزِيلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ؟ وَذَكَرَ شُبْهَتَهُ. الطَّرِيقُ السَّادِسُ: طَرِيقَةُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ: عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تفصيل "3ثم ذكر3" مَا مَضْمُونُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ الَّتِي هِيَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ انْبَنَى الْحُكْمُ عَلَى عِلَّةِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُنْجَزِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَإِنْ قُلْنَا: الْعِلَّةُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةٍ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهَا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِصِفَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: دُخُولُ الدَّارِ مثلا، والأخرى: المشيئة4، وما وجدتا، فلا يحنث، وإن
وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقِيلَ: كَالَّتِي قَبْلَهَا، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ م 23. وإن علقه ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْنَا الْعِلَّةُ عَلِمْنَا بِوُجُودِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَفْظُ الطَّلَاقِ، انْبَنَى عَلَى أَصْلٍ آخَرَ، وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَتَيْنِ فَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا، مِثْلَ أن يقول: إن دخلت الدار و1 شاء زَيْدٌ، فَدَخَلَتْ وَلَمْ يَشَأْ زَيْدٌ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، كَذَا هُنَا يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَأَمَّا إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهِيَ دُخُولُ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ أَيْضًا، فَإِنْ قُلْنَا قَدْ عَلِمْنَا مَشِيئَةَ الطَّلَاقِ وَقَعَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ قُلْنَا لَمْ نَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ انْبَنَى عَلَى مَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى صِفَتَيْنِ فَوُجِدَتْ إحْدَاهُمَا، وَيُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، انتهى. الطَّرِيقُ السَّابِعُ: طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِدُونِ وُجُودِ الصِّفَةِ، فَأَمَّا مَعَ وُجُودِهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ، قَوْلًا وَاحِدًا، وَجَعَلَ مَأْخَذَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي وُقُوعِهِ قَبْلَ الصِّفَةِ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إنْ عَادَتْ إلَى الطَّلَاقِ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ الطَّلَاقَ كَمَا شَاءَ وُقُوعَ الْمُنْجَزِ، وَإِنْ عَادَتْ إلَى الْفِعْلِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ حَتَّى تُوجَدَ، وَهَذِهِ أَضْعَفُ الطُّرُقِ، وَفَسَادُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ، وَذَكَرَهُمَا، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 23: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَتَقُومِينَ أَوْ لَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقِيلَ: كَالَّتِي قَبْلَهَا، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا هَذِهِ الطُّرُقَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لَتَدْخُلِنَّ الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يحنث بحال.
بِمَحَبَّتِهَا تَعْذِيبَهَا بِالنَّارِ أَوْ بِبُغْضِهَا الْجَنَّةَ وَنَحْوَهُ فَقَالَتْ أُحِبُّ أَوْ أَبْغُضُ لَمْ تَطْلُقْ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَقُلْ بِقَلْبِك، وَقِيلَ تَطْلُقُ، وَذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً سِوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، ثُمَّ اخْتَارَ قَوْلَهُ: إنَّهَا لَا تَطْلُقُ، لِاسْتِحَالَتِهِ عَادَةً، كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت تَعْتَقِدِينَ أَنَّ الْجَمَلَ يَدْخُلُ فِي خَرْمِ الْإِبْرَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَالَتْ: أَعْتَقِدُهُ، فَإِنَّ عَاقِلًا لَا يُجَوِّزُهُ فَضْلًا عَنْ اعْتِقَادِهِ. ثُمَّ إنْ قَالَتْ: كَذَبْت، لَمْ تَطْلُقْ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ نُطْقُهَا أَوْ تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ م 24. وَلَوْ قَالَتْ أُرِيدُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ: إنْ كُنْت تريدين أَوْ إذَا أَرَدْت أَنْ أُطَلِّقَك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَظَاهِرُ الْكَلَامِ يَقْتَضِي إنَّمَا تَطْلُقُ بِإِرَادَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ1، وَدَلَالَةُ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إيقَاعَهُ لِلْإِرَادَةِ الَّتِي أَخْبَرَتْهُ بِهَا، قَالَهُ فِي الْفُنُونِ، وَأَنَّ قَوْمًا أَوْقَعُوهُ وَقَوْمًا لَا. قَالَ: وَلَوْ قَالَ: إنْ كَانَ أَبُوك يَرْضَى بِمَا فَعَلْتِيهِ فَأَنْتِ طالق، فقال: ما ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 24: قَوْلُهُ: بَعْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمَحَبَّتِهَا تَعْذِيبَهَا بِالنَّارِ أَوْ بِبُغْضِهَا الْجَنَّةَ وَنَحْوَهُ، ثُمَّ إنْ قَالَتْ: كَذَبْت لَمْ تَطْلُقْ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ نُطْقُهَا أَوْ تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، انتهى. أحدهما: يعتبر نطقها وهو الصواب. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: تَطْلُقُ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ. فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وعشرون مسألة في هذا الباب.
رَضِيت، ثُمَّ قَالَ: رَضِيت، طَلُقَتْ، لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى رِضًا مُسْتَقْبَلٍ، وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ إنْ كَانَ أَبُوك رَاضِيًا بِهِ، لِأَنَّهُ مَاضٍ. وَتَعْلِيقُ العتق كالطلاق، ويصح بالموت. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الشك في الطلاق
باب الشك في الطلاق مدخل ... باب الشك في الطلاق مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقٍ أَوْ شَرْطِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ مَعَ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
نَحْوُ لَقَدْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ الْيَوْمَ، فَمَضَى وَشَكَّ فِي فِعْلِهِ. وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ فَطَلْقَةٌ، وَلَهُ الْوَطْءُ بَعْدَ الرجعة، وعنه: يحرم، اختاره الخرقي. لشكه1 فِي حِلِّهِ بَعْدَ حُرْمَتِهِ وَإِنْ قَالَ: لِامْرَأَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، طَلَّقَ الْمَنْوِيَّةَ ثُمَّ مَنْ قُرِعَتْ: وَعَنْهُ: يُعَيِّنُهَا، وَذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ فِي الْعِتْقِ. وَلَا يَطَأُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَيْسَ هُوَ تَعْيِينًا لِغَيْرِهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَفِيهِ وَجْهٌ وَالْعِتْقُ كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي "2أَيْ إنْ وَطِئَ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ لَا يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ2" وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهُ، وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَقَعُ بِالتَّعْيِينِ بَلْ بِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ مَاتَ أَقْرَعَ وَرَثَتُهُ. وَإِنْ أَبَانَ إحْدَاهُمَا: مُعَيَّنَةً وَأُنْسِيهَا أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَذِهِ، وَجَهِلَ، فَعَنْهُ: يَجْتَنِبُهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا م 1 وَيُنْفِقُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يُقْرِعَ. فَإِنْ ذَكَرَ أَنَّ الْمُعَيَّنَةَ غَيْرُ مَنْ قُرِعَتْ طَلُقَتْ وَرُدَّتْ مَنْ قُرِعَتْ، وَلَمْ يَزِدْ ابْنُ رَزِينٍ. وَالْمُذْهَبِ: مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلَهُ: فِي رَفْعِ النِّكَاحِ الثَّانِي أَوْ تَكُنْ الْقُرْعَةُ بِحَاكِمٍ، قِيلَ لِأَنَّهَا كَحُكْمِهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّ الْحَاكِمَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْهُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ: تَطْلُقُ أَيْضًا. وَإِنْ قَالَ: لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أو حرة غدا، فماتت ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 1: قوله: وَإِنْ أَبَانَ إحْدَاهُمَا: مُعَيَّنَةً1 وَأُنْسِيهَا، أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَهَذِهِ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهَذِهِ، وَجَهِلَ، فَعَنْهُ يَجْتَنِبُهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ، وَنَقَلَ عَنْهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ هِيَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الجماعة عن الإمام أحمد هو الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ2 وَغَيْرِهِ: هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا، يَعْنُونَ أَنَّهُ يُقْرِعُ، وَمَا اختاره الشيخ مال إليه الشارح
زَوْجَةٌ1 أَوْ بَاعَ أَمَةً، فَقِيلَ: يَقَعُ بِالْبَاقِيَةِ، وَقِيلَ: يُقْرِعُ، كَمَوْتِهِمَا م 2. وَإِنْ زَوَّجَ بِنْتًا مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَتْ حَرُمْنَ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَحَنْبَلٌ وَغَيْرُهُمَا: تُخْرَجُ بِقُرْعَةٍ، قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: فَكَذَا يَجِيءُ إنْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَجُوزُ اعْتِبَارُ مَا لَوْ اخْتَلَطَ مِلْكُهُ بِمِلْكٍ لِأَجْنَبِيٍّ بِمَا لَوْ اخْتَلَطَ مِلْكُهُ بِمِلْكِهِ، لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ عَبْدُهُ بِعَبْدِ غَيْرِهِ لَمْ يُقْرِعْ، وَلَوْ أعتق ستة أَعْبُدٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَقْرَعَ، عَلَى أَنَّهُ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الرِّوَايَةَ، ثُمَّ كَلَامَ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَبَهَ وَلَدُهُ بِوَلَدِ غَيْرِهِ فَلَا قُرْعَةَ وَلَا تَعْيِينَ، قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ: الْمَنْقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا رِوَايَةُ حَنْبَلٍ، وَذَكَرَهَا قَالَ: أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ مَا ذَكَرَهُ النَّجَّادُ. وَإِنْ قَالَ: إنْ كَانَ الطَّائِرُ غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ أَقْرَعَ. وَإِنْ قَالَ: لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ اسْمُهُمَا هِنْدٌ: إحْدَاكُمَا أَوْ هِنْدٌ طَالِقٌ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ. فَإِنْ نَوَى الْأَجْنَبِيَّةَ دُيِّنَ وَيَقْبَلُ حُكْمًا بِقَرِينَةٍ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ مَاتَتْ إحداهما: فقال: فلانة طالق، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لِزَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ أَوْ حُرَّةٌ غَدًا، فَمَاتَتْ زَوْجَةٌ أَوْ بَاعَ أَمَةً، فَقِيلَ: يَقَعُ بِالْبَاقِيَةِ، وَقِيلَ: يُقْرِعُ كَمَوْتِهِمَا، انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ في تذكرته في مسألة الزوجتين
يَنْوِي الْمَيِّتَةَ؟ فَقَالَ: الْمَيِّتَةُ تَطْلُقُ؟ كَأَنَّ أَحْمَدَ أراد لا يصدق حكما. وفي الانتصار خلاف1 فِي قَوْلِهِ لَهَا وَلِرَجُلٍ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، هَلْ يَقَعُ بِلَا نِيَّةٍ؟. وَإِنْ نَادَى هِنْدًا فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ أَوْ لَمْ تُجِبْهُ وَهِيَ الْحَاضِرَةُ فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَظُنُّهَا الْمُنَادَاةَ طَلُقَتْ، وَعَنْهُ: وَتَطْلُقُ عَمْرَةُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ عَلِمَهَا غَيْرَ الْمُنَادَاةِ طَلُقَتَا إنْ أَرَادَ طَلَاقَ الْمُنَادَاةِ، وَإِلَّا طَلُقَتْ عَمْرَةُ فَقَطْ. وَإِنْ قَالَ: لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَقِيلَ وَسَمَّى زَوْجَتَهُ طَلُقَتْ، وَفِي العكس روايتان هما أصل المسائل م 3 قال ابن عقيل وغيره: العمل ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لِمَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَنْتِ طَالِقٌ، وَقِيلَ: وَسَمَّى زَوْجَتَهُ، طَلُقَتْ، وَفِي الْعَكْسِ رِوَايَتَانِ هُمَا أَصْلُ الْمَسَائِلِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ لِمَنْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً: أَنْتِ طَالِقٌ، فَظَهَرَتْ امْرَأَتُهُ، هَلْ تَطْلُقُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ، وَبَنَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ الْقَاضِي: إنَّمَا هَذَا الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ وَلَا يَطْرُدُ مَعَ الْعِلْمِ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا يَقَعُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: الْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ2، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4.
عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ. وَكَذَا الْعِتْقُ م 4 وقيل: لَا يَقَعُ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ يَا غُلَامُ أَنْتَ حُرٌّ: يَعْتِقُ عَبْدُهُ الَّذِي نَوَى وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ نَسِيَ أَنَّ لَهُ عَبْدًا أَوْ زَوْجَةً فَبَانَ لَهُ. وَإِنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ فَقِيلَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، قَالَ فِي الْفُنُونِ: لأنها تخرج المطلقة فتخرج أحد اللفظين، وقيل: لَغْوٌ، قَدَّمَهُ فِي الْفُنُونِ، كَمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ لا يدري من أيهما هو؟ م 5 ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَقَعُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَاحِبُ الْمُنَوِّرِ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: دُيِّنَ وَلَمْ يَقْبَلْ حُكْمًا. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَكَذَا الْعِتْقُ يَعْنِي أَنَّهُ كَهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ في الحكم وقاله1 أيضا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ فِي الْمَقِيسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقِيلَ: لَا يَعْتِقُ وَإِنْ طَلُقَتْ فِي الْأُولَى، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ4 مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْقَعَ بِزَوْجَتِهِ كَلِمَةً وَجَهِلَهَا وَشَكَّ هَلْ هِيَ طَلَاقٌ أَوْ ظِهَارٌ؟ فَقِيلَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الْفُنُونِ: لِأَنَّهَا تُخْرِجُ المطلقة فتخرج أحد اللفظين، وقيل: لغو، قدمه فِي الْفُنُونِ، كَمَنِيٍّ فِي ثَوْبٍ لَا يَدْرِي من أيهما هو،
وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا، يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبَّارِ، وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ حَلَفْت بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ، قَالَ: لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْتَ دَرَيْتُ أَنَا. وَحَكَى عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ ذَكَرَ رِوَايَةً1: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَرِوَايَةً أَنَّهُ لَغْوٌ، يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ فِي: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ والدم، ولا نية، لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، بَلْ هِيَ لَغْوٌ، قَدَّمَهُ فِي الْفُنُونِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ السِّتِّينَ بَعْدَ الْمِائَةِ فَقَالَ: وَالْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِيَمِينٍ لَا يَدْرِي مَا هِيَ طَلَاقٌ أَوْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يَعْلَمَ أَوْ يَسْتَيْقِنَ، وَتَوَقَّفَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَقَالَ: فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ آخَرَانِ: أَحَدُهُمَا: يُقْرِعُ، فَمَا خَرَجَ بِالْقُرْعَةِ لَزِمَهُ، قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ كُلِّ يَمِينٍ شَكَّ فِيهَا وَجَهِلَهَا. ذَكَرَهَا ابن عقيل فِي الْفُنُونِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ أَنَّهُ اُسْتُفْتِيَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَتَوَقَّفَ فِيهَا، ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْرِعُ بَيْنَ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالظِّهَارِ وَالْيَمِينِ بالله، فأي يمين وقعت2 عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا. قَالَ: ثُمَّ وَجَدْت عَنْ أَحْمَدَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَى الْقُرْعَةِ، لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ اشْتَغَلَتْ قَطْعًا إمَّا بِطَلَاقٍ أو ظهار.
لفظ محتمل، فثبت اليقين م 6. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ حَلَفَ يَمِينًا ثُمَّ جَهِلَهَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَغْوٌ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَبَّارِ وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: حَلَفْت بِيَمِينٍ لَا أَدْرِي أَيَّ شَيْءٍ هِيَ، فَقَالَ: لَيْتَ أَنَّك إذَا دَرَيْت دريت أنا، وحكى عن ابن عقيل أنه ذَكَرَ رِوَايَةً: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَرِوَايَةً أَنَّهُ لَغْوٌ، يُؤَيِّدُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الرِّوَايَةُ فِي أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، وَلَا نِيَّةَ، لِأَنَّهُ لَفْظٌ مُحْتَمَلٌ فَثَبَتَ الْيَقِينُ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَدْنَى الْكَفَّارَاتِ: لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَالْأَحْوَطُ أَعْلَاهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ
باب الرجعة
باب الرجعة مدخل ... بَابُ الرَّجْعَةِ مَنْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ مَنْ دَخَلَ بِهَا، وَالْمَنْصُوصُ أَوْ خَلَا دُونَ مَا لَهُ مِنْ الْعَدَدِ فَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهَا، وَإِنْ كَرِهَتْ بِلَا إذْنِ سَيِّدٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا مُسَافِرًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا مَنْ أَرَادَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
إصْلَاحًا وَأَمْسَكَ بِمَعْرُوفٍ، فَلَوْ طَلَّقَ إذَنْ فَفِي تَحْرِيمِهِ الرِّوَايَاتُ، وَقَالَ: الْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَهُ لَمْ يَقَعْ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْبَائِنُ. وَمَنْ قَالَ إنَّ الشَّارِعَ مَلَّكَ الْإِنْسَانَ مَا حَرَّمَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ تَنَاقَضَ. وَلِحُرٍّ رَجْعَةُ أَمَةٍ وَتَحْتَهُ حُرَّةٌ، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَصِحُّ مِمَّنْ يَصِحُّ قَبُولُهُ النِّكَاحَ بِلَفْظِ رَاجَعْتهَا وَرَجَعْتهَا وَارْتَجَعْتهَا وَأَمْسَكْتهَا وَرَدَدْتهَا1 وَنَحْوِهِ، وَلَوْ قَالَ لِلْمَحَبَّةِ أَوْ الْأَمَانَةِ وَلَا نِيَّةَ، وَقِيلَ: الصَّرِيحُ لَفْظُهَا وَفِي نَكَحْتهَا وَتَزَوَّجْتهَا. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي2: بِنِيَّةٍ وَجْهَانِ. وَفِي الْإِيضَاحِ روايتان م 1 وفي الترغيب: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ1: قَوْلُهُ: وَفِي نَكَحْتهَا أَوْ تَزَوَّجْتهَا، وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي بِنِيَّةٍ وَجْهَانِ. وَفِي الْإِيضَاحِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 والرعايتين والزبدة والنظم والحاوي الصغير وغيرهم. أَحَدُهُمَا: لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ، "5وَهُوَ الصَّحِيحُ5"، صححه في التصحيح
هل تحصل بكناية نحو أعدتك وَاسْتَدَمْتُكِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَيَمْلِكُهَا وَلِيُّ مَجْنُونٍ، وَقِيلَ: لا. ولايصح بِشَرْطٍ، نَحْوُ: كُلَّمَا طَلَّقْتُك، فَقَدْ رَاجَعْتُك. وَلَوْ عَكَسَهُ، صَحَّ وَطَلُقَتْ. وَفِيهَا مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا: إنْ لَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةُ وَجْهَانِ م 2 وَهِيَ وجه فيما ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، قَالَهُ فِي الْمُبْهِجِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَحْصُلُ الرجعة بذلك، أومأ إليه أحمد. قاله1 فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ: وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمْ: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ مَعَ نِيَّتِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَنَكَحْتهَا وَتَزَوَّجْتهَا كِنَايَةٌ. وقال في الترغيب: و4هَلْ تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِكِنَايَةٍ، نَحْوَ أَعَدْتُك أَوْ اسْتَدَمْتُكِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلَاثِينَ: إنْ اشْتَرَطْنَا الْإِشْهَادَ فِي الرَّجْعَةِ لَمْ تَصِحَّ رَجْعَتُهَا بِالْكِنَايَةِ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. وَأَطْلَقَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَوْلَى مَا ذَكَرْنَا. انْتَهَى مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِيهَا مَعَ رِدَّةِ أَحَدِهِمَا: إنْ لَمْ تَتَعَجَّلْ الْفُرْقَةَ وَجْهَانِ، انْتَهَى. إنْ قُلْنَا تَتَعَجَّلُ الْفُرْقَةَ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ لَمْ يَصِحَّ الِارْتِجَاعُ، لأنها قد بانت، وإن قلنا: لا
لها وعليها وَعَنْهُ: لَا إيلَاءَ مِنْهَا. فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، فَيُرَاجِعُ بالقول. وفي اعتبار الإشهاد روايتان م3. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَتَعَجَّلُ فَهَلْ يَصِحُّ الِارْتِجَاعُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ والمستوعب وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ. وقال ابن حامد والقاضي: الرجعة موقوفة. قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا إذَا رَاجَعَهَا بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا، انْتَهَى مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ الْإِشْهَادِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشِّيرَازِيُّ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وغيرهم، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الغاية وتجريد العناية وغيرهم.
وألزم شيخنا بإعلان الرجعة والتسريح و1 الْإِشْهَادِ كَالنِّكَاحِ وَالْخَلْعِ عِنْدَهُ، لَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْفُرْقَةِ، لِقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا} [الطلاق: 2] . وَلِئَلَّا يَكْتُمَ طَلَاقَهَا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا طَلَّقَ فَأَشْهَدَ ثُمَّ رَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ حَتَّى فَرَغَتْ الْعِدَّةُ فَإِذَا رَاجَعَ فَهِيَ رَجْعَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إذَا طَلَّقَ وَاسْتَكْتَمَ الشُّهُودَ حَتَّى فَرَغَتْ الْعِدَّةُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا حَدِيثُ عَلِيٍّ2، وَفِي التَّرْغِيبِ فِي خَلْعِهَا رِوَايَتَانِ. وَأَنَّهُ لَوْ قال لها: أنت طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، وَلَا مَهْرَ بِوَطْئِهَا مُكْرَهَةً، وَأَوْجَبَهُ أَبُو الْخَطَّابِ، قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ لَمْ يُرَاجِعْ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَحْصُلُ بِوَطْئِهَا، وَقِيلَ: بِنِيَّةٍ. وَلَا تَحْصُلُ بِمَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ سِوَى الْوَطْءِ "3فِي الْمَنْصُوصِ3"، لَا بِإِنْكَارِ الطَّلَاقِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَمَتَى وَطِئَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِهِ رَجْعَةٌ اسْتَأْنَفَ لِوَطْئِهِ وَدَخَلَ فِيهَا بَقِيَّةَ عِدَّةِ طَلَاقٍ، وَيُرَاجِعُ فِي بَقِيَّةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَعُزِيَتْ إلَى اخْتِيَارِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا فِي تَعَالِيقِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: مَحَلُّ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُبَاحَةً حَتَّى يُرَاجِعَهَا بِالْقَوْلِ وَأَنَّهُ لَا يُبَاحُ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَلَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَلَا السَّفَرُ، وَبَنَاهُمَا عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُذْهَبِ ومسبوك الذهب والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي
عِدَّةِ طَلَاقٍ فَقَطْ. وَقِيلَ فِي وُقُوعِ طَلَاقِهِ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ وَطْئِهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ أَحَبَلَهَا فَرَغَتَا فِي الْأَصَحِّ بِالْوَضْعِ، وَلَهُ فِي الْأَصَحِّ الرَّجْعَةُ مُدَّةَ الْحَمْلِ. وَإِنْ رَاجَعَهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا ملك تتمة عدده، ونقل حنبل: يَسْتَأْنِفُ الْعَدَدَ إنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ. وَإِنْ ادَّعَى رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ قَوْلِهِ لَا بَعْدَهَا، وَإِنْ سَبَقَتْهُ فَقَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ قَدْ كُنْتُ رَاجَعْتُكِ أُخِذَ بِقَوْلِهَا، وَلَوْ صَدَّقَهُ مَوْلَى أمة1، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ سَبَقَهَا، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي الدَّعَاوَى، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَلَوْ سَبَقَهَا أُخِذَ بِقَوْلِهِ في الأصح فلو تداعيا معا فقيل: يؤخذ بقولهما، وقيل: بقوله، وقيل: يقرع م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ وَاضِحٌ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِالْوَطْءِ فَكَلَامُ الْمَجْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ الْإِشْهَادَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ يُطْلِقُونَ الْخِلَافَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَمَتَى وَطِئَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِهِ رَجْعَةٌ اسْتَأْنَفَ لِوَطْئِهِ. صَوَابُهُ اسْتَأْنَفَتْ أَيْ عدة. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَلَوْ سَبَقَهَا أَخَذَ بِقَوْلِهِ، فِي الأصح، فلو تداعيا معا فقيل:
ومتى رجعت قبل كجحد1 أَحَدِهِمَا: النِّكَاحَ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ م 5. وَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى2 اعْتَدَّتْ ونكحت من أصابها ردت ـــــــــــــــــــــــــــــQيُؤْخَذُ بِقَوْلِهَا، وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ: يُقْرَعُ. انْتَهَى. أَحَدُهَا: يُؤْخَذُ بِقَوْلِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّى: هذا المذهب. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مُطْلَقًا، اختاره بعض الأصحاب. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي المحرر والزركشي. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَفِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، إذْ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الْمُحَرَّرَ، وَلَكِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ مَا اشْتَرَطَهُ الْمُصَنِّفُ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ: وَمَتَى رَجَعَتْ قِيلَ كَجَحْدِ أَحَدِهِمَا: النِّكَاحَ ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ، انْتَهَى. إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَكِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُنَافِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا قُبِلَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ تَحْتُ مِنْ الْقَبُولِ، لَا أَنَّهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ مِنْ الْقَوْلِ، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى، فَانْتَفَى مَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ نَحْتَاجُ إلى تصريح بذلك. والله أعلم.
إلَيْهِ وَلَمْ يَطَأْ حَتَّى تَعْتَدَّ، وَعَنْهُ: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي، وَكَذَا إنْ صَدَّقَاهُ. وَفِي الْوَاضِحِ الرِّوَايَتَانِ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِرَجْعَتِهَا وَأَنْكَرَاهُ رُدَّ قَوْلُهُ، وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا: قُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ، وَالْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْأَوَّلِ لَهُ إنْ صَدَّقَتْهُ وَمَتَى بَانَتْ مِنْ الثَّانِي بِمَوْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ.
فصل من طلق عدد طلاقه حرمت حتى تتزوج من يطؤها
فصل من طلق عدد طلاقه حَرُمَتْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ مَنْ يَطَؤُهَا مَعَ انْتِشَارٍ فِي الْفَرْجِ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ، وَقِيلَ: وَهُوَ ابن عشر، وقيل: ثنتي عشرة وَنَقَلَهُ مُهَنَّا وَلَوْ ذِمِّيًّا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ، وَيَكْفِي تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مَعَ جَبٍّ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: بَقِيَّتُهُ، وَالْأَصَحُّ: وَنَوْمٌ وَإِغْمَاءٌ وَجُنُونٌ وَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وَخِصَاءٌ وَعَنْهُ فِيهِ: إذَا كَانَ يُنْزِلُ، وَإِنْ مَلَكَ أَمَةً طَلَّقَهَا أَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمِ فَرْضٍ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ لَمْ يُحِلَّهَا، فِي الْمَنْصُوصِ فِي الْكُلِّ، كَوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ بَاطِلٍ أَوْ فِي رِدَّةٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ نَوَيَا الْإِحْلَالَ فَرِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ. وَتَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَمَسْجِدٍ وَلِقَبْضِ مَهْرٍ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا لِمَعْنًى فِيهَا بَلْ لحق الله ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَتَحِلُّ مُحَرَّمَةُ الْوَطْءِ لِمَرَضٍ وَضِيقِ وَقْتِ صَلَاةٍ وَمَسْجِدٍ، انْتَهَى. صَرَّحَ وَقَطَعَ أَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَسْجِدِ مُحَرَّمٌ، وَقَطَعَ ابْنُ تَمِيمٍ بكراهة الوطء فوق
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُفْرَدَاتِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ، وَقَالَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا نُسَلِّمُ، لِأَنَّ أَحْمَدَ عَلَّلَهُ بِالتَّحْرِيمِ فَنَطْرُدُهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ كَالصَّلَاةِ فِي دَارِ غَصْبٍ وَثَوْبٍ حَرِيرٍ. وَلَوْ عَتَقَ عَبْدٌ بَعْدَ طَلْقَةٍ، وَعَنْهُ: وَطَلْقَتَيْنِ، مَلَكَ تَتِمَّةَ ثَلَاثٍ، كَكَافِرٍ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي عِتْقِهِمَا مَعًا، وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ مَلَكَ التَّتِمَّةَ، وَإِنْ عَلَّقَ ثَلَاثًا بِشَرْطٍ فَوُجِدَ بَعْدَ عِتْقِهِ لزمته، وقيل: تبقى له طلقة، كتعليقها بِعِتْقِهِ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ ادَّعَتْ مُطَلَّقَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ الْغَائِبَةُ نِكَاحَ مَنْ أَحَلَّهَا لَهُ1 وَانْقِضَاءَ عِدَّتِهَا مِنْهُ وَلَمْ تَرْجِعْ قَبْلَ الْعَقْدِ نَكَحَهَا إنْ أمكن وظن صدقها. وفي الترغيب ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْجِدِ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ2، وَقَطَعَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بِجَوَازِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ وَفَوْقَ سَطْحِهِ، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
وَجْهٌ: إنْ كَانَتْ ثِقَةً. وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا وَهُوَ مَعَهَا، قَالَ: تَعِظُهُ وَتَأْمُرُهُ وَتَفْتَدِي مِنْهُ "1وَتَفِرُّ مِنْهُ1"، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ، وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تُعْلِنَهُ، هَذِهِ دَعْوَى، وَلَا تَرِثُهُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنْ قَدَرَتْ أَنْ تَقْتُلَهُ2، وَلَمْ يُعْجِبْهُ، قُلْت: فَإِنْ قَالَ اسْتَحَلَّتْ وَتَزَوَّجَهَا قَالَ: يُقْبَلُ مِنْهُ، وَالْمَرْأَةُ إذَا عُرِفَتْ بِصِدْقٍ يُقْبَلُ مِنْهَا، وَلَوْ كَذَّبَهَا الثَّانِي صُدِّقَتْ فِي حِلِّهَا لِلْأَوَّلِ، وَكَذَا دَعْوَى نِكَاحٍ حَاضِرٍ مُنْكَرٌ، فِي الْأَصَحِّ، وَمِثْلُ الْأَوِّلَةِ من جاءت حاكما3 فَادَّعَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا إنْ ظَنَّ صِدْقَهَا، كَمُعَامَلَةِ عَبْدٍ لَمْ يَثْبُتْ عِتْقُهُ، قَالَهُ شَيْخُنَا، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يَعْرِفُ، وَظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ: لَوْ اتَّفَقَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ زُوِّجَتْ، وَقَدْ ذَكَرُوا4 مَنْ بَلَّغَهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ. وَمَنْ قَالَ فِي الْعِدَّةِ رَاجَعْتهَا مِنْ شَهْرٍ، وَظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةِ لَوْ شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ ثَلَاثًا وَوُجِدَ مَعَهَا بَعْدُ5 وَادَّعَى العقد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَانِيًا بِشُرُوطِهِ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَسُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ فَلَمْ يُجِبْ: وَيَأْتِي إذَا لَمْ يَقْبَلْ إقْرَارَهَا بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا لَا يُنْكَرُ عَلَيْهَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ، فَيُتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ تَخْرِيجًا، وَلَوْ وَطِئَ مَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا حُدَّ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَحَدَ طَلَاقَهَا وَوَطِئَهَا فَشَهِدَ بِطَلَاقِهِ لَمْ يُحَدَّ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَعْرِفَتَهُ بِهِ وَقْتَ وَطْئِهِ إلَّا بإقراره به1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الإيلاء
باب الإيلاء مدخل ... باب الإيلاء وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ زَوْجٌ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَيَتَخَرَّجُ: وأجنبي، كلزومه الكفارة1، وَيَتَخَرَّجُ2: إنْ أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ، وَمِثْلُهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا كَافِرًا خَصِيًّا جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ، أَوْ مُمَيِّزًا مَعَ عَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ، كَحَبْسٍ وَمَرَضٍ، وَعَنْهُ: أَوْ لَا كَجَبٍّ وَرَتْقٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ م 1 لَا طِفْلَةٌ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، بِاَللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، لِاخْتِصَاصِ سُقُوطِ الدَّعْوَى بِهَا واختصاصها باللعان، وعنه: وبيمين ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ1: قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُبَّ فَفِي بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدْ قَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ: لَا يَصِحُّ إيلَاءُ الْعَاجِزِ عَنْ الْوَطْءِ بِجَبٍّ3 أَوْ شَبٍّ أَوْ شَلَلٍ وَنَحْوِهِمَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ يَصِحُّ، فَيَصِحُّ هُنَا وَلَا يَبْطُلُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَبْطُلُ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَعَلَى هَذَا نِيَّتُهُ إذَا قَدَرْت جَامَعْتُك، وَجَعَلَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ هناك، وهو واضح.
مُكَفِّرَةٍ، كَنَذْرٍ وَظِهَارٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ: وَبِعِتْقٍ1 وَطَلَاقٍ بِأَنْ يَحْلِفَ بِهِمَا، لِنَفْعِهَا2، أَوْ عَلَى رِوَايَةِ تَرْكِهِ ضِرَارًا، لَيْسَ كَمُولٍ3، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَلْزَمَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ يَمِينًا مُكَفِّرَةً يَدْخُلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ، وَخَرَّجَ عَلَى الْأُولَى أَنَّ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ وَصِفَتِهِ لَغْوٌ، عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي الْفَرْجِ لَا الدُّبُرِ أَبَدًا، أَوْ يُطْلِقُ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ يَنْوِيهَا، وَعَنْهُ: أَوْ هِيَ، أَوْ يَجْعَلُ غَايَتَهُ مَا لَا يُوجَدُ فِيهَا غَالِبًا، وَعَنْهُ: أَوْ مَا لَا يَظُنُّ خُلُوَّ الْمُدَّةِ مِنْهُ فَتَخْلُو، كَمَطَرٍ وَقُدُومِ زَيْدٍ. نَقَلَ عَنْهُ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ حَتَّى يَأْذَنَ فُلَانٌ أَوْ مَا دَامَ حَيًّا فَمُولٍ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي حَتَّى تُرْضِعَ صَبِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، قَالَ: لِأَنَّ كُلَّ يَمِينٍ مَنَعَتْ جِمَاعًا حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ فَمُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ عَضَلَ امْرَأَتِهِ، وَإِنْ قَالَ: حَتَّى تَحْبَلِي، وَنِيَّتُهُ حَبَلًا4 مُتَجَدِّدًا وَلَمْ يَطَأْ فَمُولٍ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ آلَى مِمَّنْ تَظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ عَكَسَهُ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَطَأْ فَمُولٍ وَإِلَّا فَالرِّوَايَتَانِ: يَعْنِي اللَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ كَمَطَرٍ وَقُدُومِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَدَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي ذلك.
يَصِحَّ الثَّانِي مِنْهُمَا فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ صَارَ مُولِيًا بِوُجُودِهِ وَقِيلَ: تُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا فِي الْحَالِ، نَحْوُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك إنْ شِئْتِ أَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ. وَإِنْ قَالَ: إلَّا بِرِضَاك، أَوْ إلَّا أَنْ تَشَائِي، فَلَا إيلَاءَ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ إنْ لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ مُولِيًا. وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك، أَوْ قُمْت، أَوْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك، لَمْ يَصِرْ مُولِيًا إذَنْ، فِي الْأَصَحِّ، وَمَتَى أَوْلَجَ الْحَشَفَةَ فِي الصُّورَةِ الْأَوِّلَةِ وَلَا نِيَّةَ حَنِثَ بِزِيَادَتِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَمَتَى أَتَى بِصَرِيحِهِ، أَوْ لَا أَدْخَلْت، وَمَعْنَاهُ حَشَفَتِي أَوْ ذَكَرِي، لَا جَمِيعَهُ، فِي فَرْجِك وَتَزِيدُ الْبِكْرُ بِقَوْلِهِ: لَا افْتَضَضْتُك. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَلَا أَبْتَنِي بِك، فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، فِيهِمَا، مِنْ عَرَبِيٍّ، لَمْ يُدَيَّنْ، وَيُدَيَّنُ مَعَ عَدَمِ قَرِينَةٍ. وَلَا كَفَّارَةَ بَاطِنًا فِي لَا جَامَعْتُك، لَا وَطِئْتُك، لَا بَاشَرْتُك، لَا بَاضَعْتُكِ، لَا بَاعَلْتُك، لَا قَرَبْتُك، لَا أَتَيْتُك، لَا أَصَبْتُك، لَا مَسِسْتُك، أَوْ لَمَسْتُك، لَا اغْتَسَلْت مِنْك، وَزَادَ جَمَاعَةٌ: لَا افْتَرَشْتُكِ، وَالْمَنْصُوصُ: وَلَا غَشَيْتُكِ، وَالْأَصَحُّ: وَلَا أَفْضَيْت إلَيْك. وَفِي الْوَاضِحِ: الإبضاع المنافع المباحة1 بِعَقْدِ النِّكَاحِ دُونَ عُضْوٍ2 مَخْصُوصٍ مِنْ فَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُتَفَقِّهَةُ وَالْمُبَاضَعَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْمُتْعَةِ بِهِ، وَالْمُتَفَقِّهَةُ تَقُولُ: مَنَافِعُ البضع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفي الْخِلَافِ أَنَّ1 الْمُلَامَسَةَ اسْمٌ لِالْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، قِيلَ لَهُ: إذَا أُضِيفَ اللَّمْسُ إلَى النِّسَاءِ اقْتَضَى ظَاهِرَ الْجِمَاعِ، كَمَا إذَا أُضِيفَ الْوَطْءُ إلَى النِّسَاءِ اقْتَضَى الْجِمَاعَ، فَقَالَ: الْوَطْءُ قَدْ اُقْتُرِنَ بِهِ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْجِمَاعِ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَسُّ وَاللَّمْسُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ، وَمَا أَشْبَهَهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِهَا فِي الْجِمَاعِ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَمَسْتُمْ ظاهر في الجس باليد، ولامستم ظَاهِرٌ فِي الْجِمَاعِ، فَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْقِرَاءَتَيْنِ كَالْآيَتَيْنِ2. وَذَكَرَ الْقَاضِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ فِي، لَا اغْتَسَلْت مِنْك، أَنَّهُ كِنَايَةٌ، وَهُوَ فِي الْحِيَلِ3 فِي الْيَمِينِ، وَالْكِنَايَةُ تَقِفُ عَلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، نَحْوِ لَا ضَاجَعْتُك، لَا دَخَلْت عَلَيْك، لَا دَخَلْت عَلَيَّ، لَا قَرِبْت فِرَاشَك، لَا بِتُّ عِنْدَك. وَلَا إيلَاءَ فِي إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ، أَوْ هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ، أَوْ لَا وَطِئْتُك فِي هَذَا الْبَلَدِ، أَوْ مَخْطُوبَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، أَوْ حَتَّى تَصُومِي نَفْلًا، أَوْ تَقُومِي، أَوْ يَأْذَنَ زَيْدٌ فَيَمُوتُ زَيْدٌ، وَعَكْسُهُ: حَتَّى تَشْرَبِي خَمْرًا، أَوْ تُسْقِطِي مَهْرَك، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، وَكَانَ ظَاهَرَ فوطئ عتق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْ الظِّهَارِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِمُولٍ، فَلَوْ وَطِئَ لَمْ يَعْتِقْ، فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَهُوَ حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ بَعْدَ مُضِيِّهِ. فَلَوْ وَطِئَ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَعْتِقْ، وَالْمُطَالَبَةُ "1فِي شَهْرٍ1" سَادِسٍ. وَإِنْ قَالَ: لَا وَطِئْتُك فِي السَّنَةِ إلَّا يَوْمًا أَوْ مَرَّةً فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ، وَيَبْقَى فَوْقَ ثُلُثِهَا، وَكَذَا لَا وَطِئْتُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا، وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: مُولٍ فِي الْحَالِ. وَإِنْ قَالَ: لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا، فَإِذَا مَضَى2 ذَلِكَ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا وَهُمَا فَوْقَ ثُلُثِ سَنَةٍ، فَفِي إيلَائِهِ وَجْهَانِ م 2. وإن قال: لأربع: لا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ – 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لَا وَطِئْتُك زَمَنًا معينا، فإذا مضى، فو الله لَا وَطِئْتُك زَمَنًا مُعَيَّنًا، وَهُمَا فَوْقَ ثُلُثِ سَنَةٍ، فَفِي إيلَائِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي3، وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِيرُ مُولِيًا. وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُولِيًا. وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ، وَهُوَ الصواب.
وَطِئْتُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ، فَيَحْنَثُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: يَبْقَى لَهُنَّ، كَمَوْتِهَا وَطَلَاقِهَا، وَقِيلَ: لَا حِنْثَ وَإِنْ بَقِيَ. وَكَذَا لَا أَطَؤُكُنَّ إنْ حَنِثَ بِوَطْءِ بَعْضِهِنَّ، فَإِنْ لَمْ يَحْنَثْ صَارَ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ إذَا وَطِئَ ثَلَاثًا، وَقِيلَ هُوَ مُولٍ مِنْهُنَّ، فَلَوْ طَلَّقَ أَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً بَقِيَ فِي الْبَاقِيَاتِ، وَعَكْسُهُ مَوْتُهَا لِعَدَمِ وَطْئِهَا، وَإِنْ قَالَ: لَا وَطِئْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ، فَكَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، إلَّا أَنَّهُ لَا حِنْثَ بِوَطْءِ ثَانِيَةٍ، وَتُقْبَلُ فِيهَا نِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ أَوْ مُبْهَمَةٌ، وَيُقْرِعُ، وَقِيلَ: يُعَيِّنُ، وَقِيلَ: يقرع مع الإطلاق..
فصل وتضرب مدة الإيلاء من اليمين أربعة أشهر،
فَصْلٌ وَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ مِنْ الْيَمِينِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي الْمُوجَزِ: لِكَافِرٍ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَعَنْهُ: الْعَبْدُ كَنِصْفِ حُرٍّ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ التَّابِعِينَ كُلِّهِمْ إلَّا الزُّهْرِيَّ وَحْدَهُ، "1وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إنَّهَا تَخْتَلِفُ مَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا: رَقِيقًا يَكُونُ عَلَى النِّصْفِ فِيمَا إذَا كَانَا حُرَّيْنِ1"، وَتُحْسَبُ عَلَيْهِ مُدَّةُ عُذْرِهِ، وَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ حُدُوثُهُ. وَعُذْرُهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ، قِيلَ: يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَحَيْضٍ، وَقِيلَ لَا م 3 فَإِنْ حدث بها استؤنفت2 المدة عند زواله، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: وَعُذْرُهَا كَصِغَرٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَإِحْرَامٍ، قِيلَ: يحسب عليه كحيض.
تبني كحيض، وهل النفاس مثله؟ فيه رِوَايَتَانِ م 4 وَقِيلَ مَجْنُونَةٌ لَهَا شَهْوَةٌ كَعَاقِلَةٍ، وَإِنْ طَلَّقَ، وَقِيلَ: وَلَوْ رَجْعِيَّةً، كَفَرَاغِ الْعِدَّةِ قَبْلَ الْمُدَّةِ، انْقَطَعَتْ1، وَإِنْ عَادَتْ إلَيْهِ وَلَوْ بِعَقْدٍ اُسْتُؤْنِفَتْ، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا أَوْ أَحَدُهُمَا: بعد الدخول. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقِيلَ: لَا، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ. أَحَدُهُمَا: لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 والشرح وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يُحْسَبُ، قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، قَالَ فِي الْوَجِيزِ: تَقْرُبُ مُدَّتُهُ مِنْ الْيَمِينِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُدَّةِ مَانِعٌ مِنْ قبلها أو من قبله. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَهَلْ النِّفَاسُ مِثْلُهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَكَذَا قَالَ فِي الْبُلْغَةِ، وَهُمَا وَجْهَانِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ7 وَشَرْحِ ابْنِ منجا والنظم،
فَلَوْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ تَسْتَأْنِفُ، أَوْ تَبْنِي لِدَوَامِ نِكَاحِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م5 فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ تَنْحَلَّ يَمِينُهُ بِفَرَاغِ مُدَّةٍ أَوْ بِحِنْثٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَزِمَ الْقَادِرُ الْوَطْءَ- بطلب زوجة يحل وطؤها ولو أمته – ولا مُطَالَبَةَ لِوَلِيٍّ وَسَيِّدٍ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ وَحُرِّمَ الْوَطْءُ، وَعَنْهُ: لَا. وَمَتَى أَوْلَجَ وَتَمَّمَ أَوْ لَبِثَ لَحِقَهُ نَسَبُهُ، وفي المهر وجهان، م 6 وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الوجي، وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحْسَبُ عَلَيْهِ كَالْحَيْضِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. مَسْأَلَةٌ – 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْلَمَا فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ تَسْتَأْنِفُ، أَوْ تَبْنِي لِدَوَامِ نِكَاحِهِ؟ فِيهِ وجهان. انتهى: إحداهما: تستأنف. وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ. والوجه الثاني: تبني. مَسْأَلَةٌ – 6: قَوْلُهُ: وَمَتَى أَوْلَجَ وَتَمَّمَ أَوْ لَبِثَ، وفي المهر وجهان. انتهى:
وَيَجِبُ الْحَدُّ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَقِيلَ وَيُعَزَّرُ جَاهِلٌ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: فَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ، وَإِنْ نَزَعَ فَلَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ، لِأَنَّهُ تَارِكٌ. وَإِنْ نَزَعَ ثُمَّ أَوْلَجَ "1فَإِنْ جهلا1" التحريم2 فَالْمَهْرُ وَالنَّسَبُ وَلَا حَدَّ وَالْعَكْسُ بِعَكْسِهِ وَإِنْ عَلِمَهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ وَالْحَدُّ وَلَا نَسَبَ، وَإِنْ عَلِمَتْهُ فَالْحَدُّ وَالنَّسَبُ وَلَا مَهْرَ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَ مِنْهَا وَيُؤَدَّبَانِ، وَقِيلَ: لَا حَدَّ فِي الَّتِي قَبَّلَهَا. وَيُتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي الثانية، ويعزير3 جَاهِلٌ فِي نَظَائِرِهِ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِي جَاهِلَيْنِ وَطِئَا أَمَتَهُمَا: يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدَّبَا. وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا. وَالرِّوَايَتَانِ فِي: إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ، فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضرة انْقَطَعَ، فَإِنْ نَكَحَهَا وَقُلْنَا تَعُودُ الصِّفَةُ عَادَ الْإِيلَاءُ، وَتَبْنِي عَلَى الْمُدَّةِ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي: إنْ وطئت ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْمَهْرُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ مَهْرٌ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَالَ: لِأَنَّهُ تابع للإيلاج.
وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَمَتَى طَلَّقَ الْحَاكِمُ هُنَا طلق على الإبهام ولا مطالبة، فإذا1 عُيِّنَتْ بِقُرْعَةٍ سَمِعَ دَعْوَى الْأُخْرَى، وَتُمْهَلُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَتَحَلُّلٍ مِنْ إحْرَامٍ وَأَكْلٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ وَنَوْمٍ عَنْ نُعَاسٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ حَاكِمٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَمُظَاهِرٌ لِطَلَبِ رَقَبَةٍ ثَلَاثَةَ أيام، لا لصومه2. بل يطلق. وقيل: يصومه3، فَيَفِي كَمَعْذُورٍ. وَقِيلَ: هَلْ تُمَكِّنُهُ أَوْ مُحَرَّمًا، وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. فَإِنْ فَاءَ وَلَوْ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَكَفَّرَ. وَقِيلَ4:- وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَطْئًا مُبَاحًا لَا فِي حَيْضٍ وَنَحْوِهِ، وَإِنْ حَنِثَ بِهِ كَدُبُرٍ وَدُونَ الْفَرْجِ، وإن حنث بهما في وجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا بِوَطْئِهَا فَفِي إيلَائِهِ الرِّوَايَتَانِ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا، وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ، فَإِنْ صَحَّ فَأَبَانَ الضَّرَّةَ انْقَطَعَ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي إنْ وَطِئْت وَاحِدَةً فَالْأُخْرَى طَالِقٌ، انْتَهَى. لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِوَطْئِهَا أُمِرَ بِالطَّلَاقِ وَحُرِّمَ الْوَطْءُ وَعَنْهُ لَا انْتَهَى. وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ هُمَا اللَّتَانِ فِي صِحَّةِ الْإِيلَاءِ بِطَلَاقٍ، وَقَدَّمَ أنه لا يصح، "5وهذا عين الصواب5".
وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ وَطِئَهَا نَائِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِهَا1 أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أَوْ كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ م 7 وَفِي الْمُذْهَبِ يَفِيءُ بِمَا يُبِيحُهَا لِزَوْجٍ أَوَّلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ وَطِئَهَا نَائِمًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا بِهَا أَوْ مَجْنُونًا وَلَمْ نُحَنِّثْ الثَّلَاثَةَ أَوْ كَفَّرَ يَمِينَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَفِي خُرُوجِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ سِتَّ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَالَ فِي الْكَافِي2: وَإِنْ وَطِئَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ لَمْ يَحْنَثْ وَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَسْقُطَ، وَإِنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا فَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَحْنَثُ، فَعَلَيْهَا هَلْ تَسْقُطُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، كَالْمَجْنُونِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ وَطِئَهَا نَاسِيًا، أَوْ فِي حَالِ جُنُونِهِ، وَقُلْنَا لَا يَحْنَثُ خَرَجَ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَقِيلَ: لَا يَخْرُجُ، وَقَدَّمَ فِيمَا إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْفَيْئَةِ. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَيَخْرُجُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي قُبُلٍ مُطْلَقًا. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيُكَفِّرُ بِوَطْءٍ وَلَوْ مَعَ إكْرَاهٍ وَنِسْيَانٍ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: وَإِنْ كَفَّرَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وقبل5 الْوَقْفُ صَارَ كَالْحَالِفِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا إذَا مَضَتْ يَمِينُهُ قَبْلَ وَقْفِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ ثُمَّ كَفَّرَ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ وَلَمْ يَصِرْ مُولِيًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَيَخْرُجُ الْمَجْنُونُ بوطئه من
وَإِنْ أَعْفَتْهُ الْمَرْأَةُ سَقَطَ حَقُّهَا، كَعَفْوِهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْعُنَّةِ، وَقِيلَ: لَا، كَسُكُوتِهَا. وَإِنْ لَمْ يف ولم تعفه أمر بالطلاق، فإن أبى فَعَنْهُ: يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَطَأَ1 وَعَنْهُ وَهُوَ أَظْهَرُ: يُفَرِّقُ حَاكِمٌ بِطَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ فَسْخٍ م 8 وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ: لَا يملك ثلاثا، وعنه: يتعين الطلاق. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِيلَاءِ وَلَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَإِنْ وَطِئَ نَاسِيًا وَقُلْنَا: يَحْنَثُ انْحَلَّتْ يَمِينُهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى الْمَجْنُونِ، وَالْجَاهِلُ كَالنَّاسِي، فَإِنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ لَمْ يَحْنَثْ وَيَخْرُجُ مِنْ الْإِيلَاءِ، وَقِيلَ: لَا يَخْرُجُ، انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ أَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَابْنَ رَزِينٍ وَغَيْرَهُمْ قَدَّمُوا فِيمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مَجْنُونًا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي المنور وغيره، وقدمه أيضا في المحرر وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ فِيمَا إذَا اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ، وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْفَيْئَةِ إذَا كَفَّرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَقَطَعَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ وَلَمْ يَصِرْ مُولِيًا وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَفِ وَلَمْ تعفه أمر بالطلاق، فإن أبى فعنه: يحبس حَتَّى يُطَلِّقَ، وَعَنْهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ: يُفَرِّقُ الْحَاكِمُ بِطَلْقَةٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ فَسْخٍ، انْتَهَى. مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ أَظْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: وَهُوَ الْقَوْلُ بِالْحَبْسِ جَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وأطلقهما في
وَعَنْهُ: الْفَسْخُ. وَإِنْ قَالَ: فَرَّقْت بَيْنَكُمَا، فَهُوَ فَسْخٌ، وَعَنْهُ: طَلَاقٌ، وَالطَّلْقَةُ1 مِنْهُمَا رَجْعِيَّةٌ، وَعَنْهُ: بَائِنَةٌ، وَعَنْهُ: مِنْ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: فُرْقَةُ حَاكِمٍ كَلِعَانٍ. وَالْعَاجِزُ عَنْ الْوَطْءِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا يفيء نُطْقًا بِلَا مُهْلَةٍ وَلَا يَحْنَثُ بِهَا، وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: فَيْئَتُهُ حَكُّهُ يَبْلُغُ بِهِ الْجَهْدَ مِنْ تَفْتِيرِ2 الشَّهْوَةِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ، الْمَجْبُوبُ: لَوْ قَدَرْت جَامَعْتهَا، وَالْمَرِيضُ: مَتَى قَدَرْت. وَمَتَى قَدَرَ فَالْمَذْهَبُ يَلْزَمُهُ أَوْ يُطَلِّقُ، وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ، وَعَنْهُ: فَيْئَتُهُ: قَدْ فِئْت إلَيْك، وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْحَلْوَانِيُّ، وَإِنْ كَانَ بِهَا عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَإِحْرَامٍ طُولِبَ عِنْدَ زَوَالِهِ، وَقِيلَ: لِمَنْ بِهَا مَانِعٌ شرعي طلبه بفيئة قول. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ ابن عبدوس في تذكرته: وآبيها4 يُحْبَسُ ثُمَّ يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ، وَهُوَ مُوَافِقٌ للقول بالحبس.
وَإِنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ قَوْلُهُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ لَهُ رَجْعَةٌ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ، فِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ م 9 وَفِيهِ احْتِمَالُ قَوْلِهَا بِنَاءً عَلَى رِوَايَةٍ فِي الْعُنَّةِ. وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا وشهد بِهِ1 امْرَأَةٌ قُبِلَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي يَمِينِهَا وجهان م 10 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى بَقَاءَ الْمُدَّةِ أَوْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ قُبِلَ قَوْلُهُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فَهَلْ لَهُ رَجْعَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ؟ فِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ رَجْعَتُهَا، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ شَهِدَتْ بِهِ امْرَأَةٌ قُبِلَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي يَمِينِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا، لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الْعِنِّينِ: فَإِنْ شَهِدْنَ بِمَا قَالَتْ أُجِّلَ سَنَةً. وَلَمْ يَذْكُرْ يَمِينًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تَشْهَدُ، فَلَا تَجِبُ الْيَمِينُ مَعَهَا، انْتَهَى. وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَحْلِفُ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَدَّمَ عَدَمَ الْيَمِينِ، وَهُوَ المذهب.
وفي يمين الْمُصَدَّقِ رِوَايَتَانِ م11. وَالْإِيلَاءُ مُحَرَّمٌ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، وَكَانَ هُوَ وَالظِّهَارُ1 طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَذَكَرَهُ آخَرُونَ فِي ظِهَارِ الْمَرْأَةِ مِنْ الزَّوْجِ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وقتادة رضي الله عنهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَفِي يَمِينِ الْمُصَدَّقِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي مَنْ قُلْنَا يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الْيَمِينُ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ أَصَحُّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب الظهار
باب الظهار مدخل ... باب الظهار وَهُوَ مُحَرَّمٌ، فَمَنْ شَبَّهَ امْرَأَتَهُ أَوْ عُضْوًا مِنْهَا، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ، بِبَعْضِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا، بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ، وَقِيلَ: مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، فَهُوَ مُظَاهِرٌ، وَلَوْ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ، وَاعْتَقَدَ الْحِلَّ كَمَجُوسِيٍّ، نَحْوُ أَنْتِ أَوْ يَدُك أَوْ وَجْهُك عَلَيَّ1 كَظَهْرِ أَوْ يَدِ2 أَوْ بَطْنِ أُمِّي أَوْ عَمَّتِي أَوْ خَالَتِي أَوْ حَمَاتِي، وَلَا يُدَيَّنُ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ أَوْ عَكْسُهُ لَزِمَا. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَوْ مِنِّي أَوْ مَعِي كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي، وَأَطْلَقَ، فَظِهَارٌ، وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ3 وَالْمُغْنِي4، وَإِنْ نَوَى: فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ م 1. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ أُمِّي أَوْ كَهِيَ أَوْ مِثْلُهَا، وَأَطْلَقَ، فَلَا ظِهَارَ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ1: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ، أَوْ عِنْدِي، أَوْ مِنِّي، أَوْ مَعِي، كَأُمِّي أَوْ مِثْلُ أُمِّي5، أَوْ أَطْلَقَ، فَظِهَارٌ، وَإِنْ نَوَى: فِي الْكَرَامَةِ وَنَحْوِهَا دُيِّنَ، وَفِي الْحُكْمِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ والرعاية.
وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ الْمَنْصُوصُ، وَإِنْ قَالَ: كَظَهْرِ رَجُلٍ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، فَظِهَارٌ وَعَنْهُ: فِي الرَّجُلِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَعَكَسَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعَنْهُ فِيهِمَا: يَمِينٌ. وَعَنْهُ: لَغْوٌ. وَفِي ظَهْرِ بَهِيمَةٍ وَجْهَانِ م 2 وَالشَّعْرُ وَنَحْوُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالرِّيقُ وَالدَّمُ وَالرُّوحُ لَغْوٌ، كَوَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأُمِّي امْرَأَتِي أَوْ مِثْلُهَا، وَفِي الْمُبْهِجِ أَنَّهُ1 كَطَلَاقٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ قَالَ: أمه امرأته، أو أخته زوجته، لا فعل2 كذا، وفعله، لزمه كفارة يمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: أَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ حَتَّى يَنْوِيَهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لا يقبل. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي ظَهْرِ بَهِيمَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ4: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ في الشرح والرعايتين.
وَأَنَا مُظَاهِرٌ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ، أَوْ الْحَرَامُ، لَغْوٌ وَفِيهِ مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَجْهَانِ، كَأَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رجل م 3 - 5 ـــــــــــــــــــــــــــــQوالوجه الثاني: يكون مظاهرا. مَسْأَلَةٌ 3 - 5: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: أَنَا مُظَاهِرٌ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ، أَوْ الْحَرَامُ، فَلَغْوٌ، وَمَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَجْهَانِ كَأَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ، انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسَائِلَ، أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ، الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عليه، فالمقيس هي: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 3: وَهِيَ مَا إذَا قَالَ: أَنَا مُظَاهِرٌ، أَوْ عَلَيَّ الظِّهَارُ، أَوْ الْحَرَامُ، أَوْ يَلْزَمُنِي الظِّهَارُ، أَوْ الْحَرَامُ، مَعَ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ، هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ يَكُونُ فِي الظِّهَارِ ظِهَارًا، أَوْ فِي الْحَرَامِ حَرَامًا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، لِأَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، فَصَحَّ بِالْكِنَايَةِ كَالطَّلَاقِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لَغْوٌ مُطْلَقًا، لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا وَرَدَ بِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِيهِ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُهُ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ، كَالْيَمِينِ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4 وَالثَّالِثَةُ 5: لَوْ قَالَ: أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ، أَوْ كَظَهْرِ رَجُلٍ فَهَلْ هُوَ ظِهَارٌ أَوْ لَغْوٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3، وَنَقَلَ بَكْرٌ فِي أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِظِهَارٍ، قَدَّمَهُ فِي الرعايتين. قال في الحاوي الصغير: فليس
وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا، وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ م 6 و 7 وَنَقَلَ بَكْرٌ فِي أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْخَبَرَ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ1 ضَعِيفٌ، عَلَى أَنَّهُ قِيلَ: أَرَادَ بِهِ النَّظَرَ، أَوْ2 نَحْمِلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: الْحَرَامُ يلزمه. وَلَا ظِهَارَ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ، وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: كَفَّارَةُ ظِهَارٍ، وَيَتَخَرَّجُ: لَغْوٌ، كَاَلَّتِي بَعْدَهَا. وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَالتَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ، قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ أَعْتَقَهَا فَهُوَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ، وَيَتَزَوَّجُهَا إنْ شاء. وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا فَعَنْهُ: ظِهَارٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بكر وابن أبي موسى، ـــــــــــــــــــــــــــــQمُظَاهِرًا، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: فَلَغْوٌ، وَفِيهِمَا كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ ظِهَارٌ مَعَ النِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَيُتَوَجَّهُ الْوَجْهَانِ إنْ نَوَى بِهِ طَلَاقًا وَأَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ، انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: إذَا نَوَى بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الطلاق هل يكون طلاقا أم لا؟. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا بِالنِّيَّةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ كِنَايَةً مِنْ قَوْلِهِ اُخْرُجِي وَنَحْوُهُ. وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7: هَلْ يَقُومُ الْعُرْفُ مَقَامَ الْقَرِينَةِ وَيَكُونُ قَرِينَةً أَمْ لَا؟ وَجَّهَ الْوَجْهَيْنِ فِيهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعُرْفَ قَرِينَةٌ. والله أعلم.
فَتُكَفِّرُ إنْ طَاوَعَتْهُ وَإِنْ اسْتَمْتَعَتْ بِهِ أَوْ عَزَمَتْ فَكَمُظَاهِرٍ، وَالْمَذْهَبُ: لَا ظِهَارَ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ قَبْلَ التَّمْكِينِ م 8 وَقِيلَ: بَعْدَهُ وَالتَّمْكِينُ قَبْلَهَا، وَقِيلَ: لَا، نَقَلَ صَالِحٌ: لَهُ أَنْ يَطَأَ قَبْلَ أَنْ تُكَفِّرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ، قَالَ أَحْمَدُ: الظِّهَارُ يَمِينٌ فَتُكَفِّرُ كَالرَّجُلِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: الظِّهَارُ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ وَفِي الْمُحَرَّرِ: ويحرم عليها ابتداء قبلة ونحوها، يَعْنِي كَمُظَاهَرٍ، وَعَنْهُ: كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَعَنْهُ: لَغْوٌ، وَإِنْ عَلَّقَتْهُ1 بِتَزَوُّجِهَا فَكَذَلِكَ، ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا أَحْمَدُ، إنَّمَا سُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: ظِهَارٌ. وَقَطَعَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَقِيلَ لَهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: هَذَا ظِهَارٌ قَبْلَ النِّكَاحِ وَعِنْدَكُمْ لَا يَصِحُّ، قُلْنَا: يَصِحُّ عَلَى إحْدَى الروايتين، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا، فَعَنْهُ: ظِهَارٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَتُكَفِّرُ إنْ طَاوَعَتْهُ، وَإِنْ اسْتَمْتَعَتْ بِهِ، فَكَمُظَاهِرٍ، وَالْمَذْهَبُ: لَا ظِهَارَ، وَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهُ قَبْلَ التَّمْكِينِ، انْتَهَى. الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ بِلَا رَيْبٍ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِقُوَّةِ دَلِيلِ الرِّوَايَةِ عِنْدَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، فَلِقُوَّتِهِ أَتَى بِذَلِكَ، لِمُقَاوَمَتِهِ المذهب
وَإِنْ قُلْنَا: لَا فَالْخَبَرُ أَفَادَ الْكَفَّارَةَ، وَصِحَّتُهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَبْلَهُ، بقيت الكفارة. وذكر1 ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّ قِيَاسَهُ قَوْلُهَا أَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ عَلَيْهِ تَحْرِيمٌ عَلَيْهَا. وَإِنْ نَجَزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَنَصُّهُ يَصِحُّ وَلَمْ يَطَأْ إنْ تَزَوَّجَ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَطَلَاقٍ. وَذَكَرَهُ، شَيْخُنَا رِوَايَةً م 9 وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يَمِينٌ، وَالطَّلَاقُ حَلُّ عَقْدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ. وَكَذَا إنْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا م 10. احْتَجَّ أَحْمَدُ بأنه قول عمر2. فإن نوى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَجَزَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَنَصُّهُ: يَصِحُّ وَلَمْ يَطَأْ إنْ تَزَوَّجَ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَطَلَاقٍ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً، انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: صَحَّ فِي الْأَشْهَرِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا بأن قال: إذا تزوجت فلانة فهي عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوُهُ انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، فَكَذَا
إذَنْ، فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ م11. وَكَذَا قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَنَوَى بِهِ أَبَدًا1، وفي الترغيب وجه: أو أطلق م12. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُونُ فِي هَذِهِ. مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى إذَنْ فَفِي الْحُكْمِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَنَحْوُهُ منجزا وادعى "2أنه نوى2" أَنَّهَا عَلَيْهِ مُحَرَّمَةٌ إذَنْ فَهَلْ يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ كَنَظَائِرِهِ. أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ ادَّعَى مُمْكِنًا ظَاهِرًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ. مَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَنَوَى أَبَدًا. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجَّهَ: أَوْ أَطْلَقَ، انْتَهَى. جَعَلَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَالَ: لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ عَلَّقَهُ بِتَزَوُّجِهَا صَحَّ، فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَطَأْ حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ونوى أبدا، وإن نوى في الحال فلغو3، وَإِنْ أَطْلَقَ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. فَقَطَعَ بِمَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ.
فصل ويصح من زوج يصح طلاقه،
فَصْلٌ وَيَصِحُّ مِنْ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ، قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فَإِنَّ أَحْمَدَ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، وَفِي الْمُوجَزِ: مُكَلَّفٌ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: وَلَوْ كَافِرًا كَجَزَاءِ صَيْدٍ، وَيُكَفِّرُ بِمَالٍ فَقَطْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَعْتِقُ1، بِلَا نِيَّةٍ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ الْعِتْقُ مِنْ مُرْتَدٍّ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَيَعْتِقُ، لِأَنَّهُ2 مِنْ فَرْعِ النِّكَاحِ أَوْ قَوْلٌ3 مُنْكَرٌ وَزُورٌ، وَالذِّمِّيُّ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَيَصِحُّ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْكَفَّارَةِ، فَصَحَّ مِنْهُ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ، وَصَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ مِنْ وَكِيلٍ فِيهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ ظِهَارُ صَبِيٍّ وَلَا إيلَاؤُهُ وَلَوْ صَحَّ طَلَاقُهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ. وَفِي الْمُذْهَبِ: فِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ ظِهَارُهُ، لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الزُّورِ، وَحُصُولِ التَّكْفِيرِ4 وَالْمَأْثَمِ، وَإِيجَابِ مَالٍ أَوْ صَوْمٍ، قَالَ: وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَصِحُّ رِدَّتُهُ وَإِسْلَامُهُ، وَذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ لرفع الدعوى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصِحُّ مِنْ مُرْتَدَّةٍ، وَيَصِحُّ مُطْلَقًا1 وَمُؤَقَّتًا. فَإِنْ وَطِئَ فِيهِ كَفَّرَ، وَإِنْ فَرَغَ الْوَقْتُ فَلَا، وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ، فَإِذَا وُجِدَ فَمُظَاهِرٌ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. فَإِنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ بِحَرَامٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ وَحَنِثَ لَزِمَهُ وَخَرَّجَ شَيْخُنَا عَلَى أُصُولِ أَحْمَدَ وَنُصُوصِهِ عَدَمَهُ فِي غَيْرِ ظِهَارٍ، وَمُطْلَقًا إنْ قَصَدَ الْيَمِينَ، وَاخْتَارَهُ، وَمَثَّلَ بِالْحِلِّ عَلَيَّ حَرَامٌ لَأَفْعَلَنَّ، أَوْ إنْ فَعَلْته فَالْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ الْحَرَامُ يَلْزَمُنِي لَأَفْعَلَنَّ، أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَالْحَرَامُ يَلْزَمُنِي، وَإِنَّ صِيغَةَ الْقَسَمِ وَالتَّعَلُّقِ يَمِينٌ اتِّفَاقًا، وَإِنَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ وُقُوعَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ بِكَثِيرٍ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ قَصْدَهُ الْحَضُّ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّكْذِيبُ، وَهُوَ مُؤَكِّدٌ لِذَلِكَ، فَالْجَزَاءُ أَكْرَهُ إلَيْهِ مِنْ الشرط2، وَإِنَّهُ إنْ قَصَدَهُ وَقَعَ طَلَاقًا أَوْ غَيْرَهُ، وَلَا يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ اتِّفَاقًا، وَلَيْسَ بِيَمِينٍ، وَلَا حَالِفًا شَرْعًا وَلُغَةً، بَلْ عُرْفًا حَادِثًا كَالْعُرْفِ الْحَادِثِ فِي الْمُنْجَزِ. , وَقَالَ: إذَا حَلَفَ بِالْحَرَامِ وَأَطْلَقَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ عِنْدَ هـ وش وَأَحْمَدَ، وَعِنْدَ م طَلَاقٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ قَالَ: أُمُّهُ زَوْجَتُهُ لَأَفْعَلَنَّ3 كَذَا، يَمِينٌ، وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ حَاصِلَهُ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ وَتَحْلِيلُ الْحَرَامِ، وَهُوَ كُفْرٌ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: هُوَ كَافِرٌ. وإن قال: أنت عليّ1 حَرَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا ظِهَارَ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِابْنِ شَاقِلَا وَابْنِ بَطَّةَ وَابْنِ عَقِيلٍ. وَإِنْ كَرَّرَ ظِهَارَهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهِ فَكَفَّارَةٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَعَنْهُ: بِعَدَدِهِ إنْ أَرَادَ اسْتِئْنَافًا، وَعَنْهُ: بِعَدَدِهِ، وَعَنْهُ: فِي مَجَالِسَ. وَإِنْ ظَاهَرَ مِنْ نِسَائِهِ فَعَنْهُ: كَفَّارَةٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، كَيَمِينٍ بِاَللَّهِ، وَعَنْهُ: كَفَّارَاتٌ، وَعَنْهُ: بِكَلِمَاتٍ وَهُوَ الْمُذْهَبُ، وَعَنْهُ: فِي مَجَالِسَ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي كَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، يَعْنِي بفعل أو أفعال. ويحرم وطء من ظاهر2 مِنْهَا قَبْلَ تَكْفِيرِهِ، وَعَنْهُ: لَا إنْ كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَيَحْرُمُ دَوَاعِيهِ عَلَيْهِمَا، كَمُرْتَدَّةٍ، وَعَنْهُ: لَا، نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هِيَ أَظْهَرُهُمَا، وَتَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ بِالْعَوْدِ وَهُوَ الْوَطْءُ، ثُمَّ لَا يَطَأُ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَيَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا بِعَزْمِهِ عَلَى وَطْءٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ قَبْلَهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ عَزَمَ فَيَقِفُ مُرَاعًا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ. قَالَ فِي الْخِلَافِ فِي الصَّوْمِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُكْرَهَةِ: وَلَا يَلْزَمُ الْمُظَاهِرَ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْكَفَّارَةَ تجب بالعزم، وذلك مما لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ، فَلِهَذَا لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: الْعَوْدُ الْعَزْمُ، وَذَكَرَهُ1 ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً، فَتَثْبُتُ بِهِ وَلَوْ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ، وَعَنْ الْقَاضِي: لَا. , وَإِنْ بَانَتْ قَبْلَ الْعَوْدِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مُطْلَقًا ارْتَدَّ أَوْ لَا فَظِهَارُهُ بِحَالِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إنْ اشْتَرَاهَا، وَقِيلَ: تَسْقُطُ وَيَطَأُ مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَيَتَخَرَّجُ: بِلَا كَفَّارَةٍ، كَظِهَارِهِ2 مِنْ أَمَتِهِ، وَنَصُّهُ: تَلْزَمُ مَجْنُونًا بِوَطْئِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا، وَأَنَّهُ كَالْيَمِينِ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، كَإِيلَاءٍ، فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ حَنِثَ فَقَدْ عَادَ، وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: إنْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ نَائِمًا وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَا عَوْدَ وَلَا كَفَّارَةَ. وَدُعَاءُ أَحَدِهِمَا: الْآخَرَ بِمَا يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ كَأَبِي وَأُمِّي وَأَخِي وَأُخْتِي كَرِهَهُ أَحْمَدُ وقال: لا يعجبني ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل في كفارته ونحوها
فَصْلٌ فِي كَفَّارَتِهِ وَنَحْوِهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ عِتْقُ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ. وَفِي الْكَافِي3: غَيْرُ مَرْجُوٍّ زَوَالُهُ، أَوْ يَخَافُ زِيَادَتَهُ أَوْ بُطْأَهُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ أَوْ لِشَبَقٍ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِضَعْفِهِ عَنْ مَعِيشَةٍ تَلْزَمُهُ، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لِضَعْفٍ عَنْهُ أَوْ كَثْرَةِ شُغْلٍ أَوْ شِدَّةِ حَرٍّ أَوْ شَبَقٍ، فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَكَذَا كَفَّارَةُ قَتْلٍ إلَّا فِي إطْعَامٍ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَفَّارَةُ وَطْءٍ فِي رَمَضَانَ وَالْيَمِينُ فِي مَكَانِهِمَا. وَيَعْتَبِرُ وَقْتَ وُجُوبِهَا كَحَدٍّ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَقَوَدٍ وَإِمْكَانِ الْأَدَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى زَكَاةٍ، فَلَوْ أَعْسَرَ مُوسِرٌ قَبْلَ تَكْفِيرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ صَوْمٌ، قَالَ أَحْمَدُ: قَدْ وَجَبَ الْإِطْعَامُ، وَإِنْ أَيْسَرَ مُعْسِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ، وَعَنْهُ: بَلَى إنْ أَيْسَرَ قَبْلَ صَوْمِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ أَغْلَظَ حَالِهِ، وَقِيلَ: وَفِيهِ، وَيُجْزِئُهُ الْعِتْقُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: هُوَ وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ أَوْلَى. وَفِي الْمُذْهَبِ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: لَا يُجْزِئُهُ عِتْقٌ، وَعَنْهُ: إنْ حَنِثَ عَبْدٌ وَعَتَقَ وَأَيْسَرَ فَلَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَخَرَّجَ مِثْلَهُ فِي حُرٍّ مُعْسِرٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ، وَكَذَا فِي الِانْتِصَارِ، وَاحْتَجَّ بِنَقْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ عَدِمَ الْهَدْيَ ثُمَّ وَجَدَهُ يَصُومُ، قَالَ: فَأَوْجَبَهُ، وَذَكَرَ الْمُبْهِجِ وَابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً1: يعتبر وقت الأداء، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تَلْزَمُ الرَّقَبَةُ إلَّا لِمَالِكِهَا، فَلَوْ اشْتَبَهَ عَبْدُهُ بِعَبِيدِ1 غَيْرِهِ أَمْكَنَهُ الْعِتْقُ، بِأَنْ يُعْتِقَ الرَّقَبَةَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَ الرِّقَابِ، فَيُعْتِقُ مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ، هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي اشْتِبَاهِ الْأَوَانِي، أَوْ مَنْ يُمْكِنُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، لَا هِبَةً. وَفِي زِيَادَةٍ غَيْرِ مُجْحِفَةٍ وَجْهَانِ، كَالْمَاءِ م 13، فاضلا عما يحتاج من أدنى مَسْكَنٍ صَالِحٍ لِمِثْلِهِ2، وَخَادِمٍ، لِكَوْنِ مِثْلِهِ لَا يَخْدُمُ نَفْسَهُ أَوْ عَجْزِهِ، وَمَرْكُوبٍ، وَعَرَضٍ بَذَلَهُ3، وَكُتُبِ عِلْمٍ، وَثِيَابِ تَجَمُّلٍ، وَكِفَايَتِهِ دَائِمًا، وَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي زِيَادَةٍ غَيْرِ مُجْحِفَةٍ وَجْهَانِ، كَالْمَاءِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ تُجْحِفُ بِمَالِهِ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُجْحِفْ بِمَالِهِ يَلْزَمُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ. تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُطْلِقْ الْخِلَافَ هُنَا لِكَوْنِهِ قال: كالماء وهو قد
يمونه، ورأس ماله كذلك، ووفاء دين وهـ م وفيه رواية وش لَا مَالَ يَحْتَاجُهُ لِأَكْلِ الطَّيِّبِ وَلُبْسِ نَاعِمٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، لِعَدَمِ عِظَمِ الْمَشَقَّةِ، ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ أَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِنَسِيئَةٍ لِغَيْبَةِ مَالِهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ لِكَوْنِهِ دَيْنًا، لَزِمَهُ، فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ تُبَعْ جَازَ الصَّوْمُ، وَقِيلَ: لَا، وَقِيلَ: فِي غَيْرِ ظِهَارٍ، لِلْحَاجَةِ، لِتَحْرِيمِهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ. وَلَا يُجْزِئُ فِيهِنَّ، وَفِي نَذْر الْعِتْقِ الْمُطْلَقِ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ. وَعَنْهُ: تُجْزِئُ فِي غَيْرِ قَتْلِ1 رَقَبَةٍ، قِيلَ: كَافِرَةٌ، وَقِيلَ: كِتَابِيَّةٌ، وَقِيلَ: ذِمِّيَّةٌ م 14 وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ: مَنْعَ حَرْبِيَّةٍ وَمُرْتَدَّةٍ اتِّفَاقًا، ويتوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا، وَهُوَ اللُّزُومُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا وَأَحَالَهَا عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَاتِ وَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَيَّنَ فِيهَا الْمَذْهَبَ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ الْمَذْهَبُ هُنَا كَالْمَذْهَبِ هُنَاكَ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ، وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ الْعَادِمُ لِلْمَاءِ إذَا وَجَدَهُ بزيادة على ثمن مثله مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ فِي غَيْرِ قَتْلِ رَقَبَةٍ، قِيلَ: كَافِرَةٌ، وَقِيلَ: كِتَابِيَّةٌ، وَقِيلَ: ذِمِّيَّةٌ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4: وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ ذِمِّيَّةٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: تُجْزِئُ الْكَافِرَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ، انْتَهَى.
فِي نَذْرِ عِتْقٍ مُطْلَقٍ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ فِعْلِ مَنْذُورٍ وَقْتَ نَهْيٍ، وَمِنْ مَنْعِهِ زَوْجَةً مِنْ "1حَجَّةِ نَذْرٍ1" بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَالْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ. وَيَشْتَرِطُ السَّلَامَةَ مِنْ عَيْبٍ مُضِرٍّ بِالْعَمَلِ ضَرَرًا بَيِّنًّا، كَعَمًى، وَشَلَلِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَطْعِ أُصْبُعِ سَبَّابَةٍ أَوْ وُسْطَى، أَوْ أُنْمُلَةِ إبْهَامٍ أَوْ هُوَ2، وَقِيلَ فِيهِنَّ: مِنْ يَدٍ، أَوْ قَطْعِ خِنْصَرٍ وَبِنْصَرٍ مِنْ يَدٍ، وَعَنْهُ: إنْ كَانَتْ أُصْبُعُهُ مَقْطُوعَةً فَأَرْجُو، هُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ. فَإِنْ أَعْتَقَ مَرِيضًا مَأْيُوسًا، وَقِيلَ: أَوْ لَا، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ نَحِيفًا عَاجِزًا عَنْ الْعَمَلِ، أَوْ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا، وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ، أَوْ مَغْصُوبًا، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُمْ النَّحِيفُ، أَوْ جَنِينًا، أَوْ مَجْنُونًا مُطْبَقًا، وَقِيلَ: أَوْ أَكْثَرَ وَقْتِهِ، وَهُوَ أَوْلَى، أَوْ أَخْرَسَ وَفِيهِ وَجْهٌ، وَأَطْلَقَ جَوَازَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْهُ: وَمَعَ فَهْمِ إشَارَتِهِ وَفَهْمِهِ لَهَا، أَوْ بِهِ صَمَمٌ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ مَعَ فَقْدِ فَهْمِ الْإِشَارَةِ. أَوْ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ، وَإِنْ عَتَقَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِعِتْقِهِ م 15 أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ اشْتَرَاهُ بشرط عتقه، وفيهما ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: الصَّوَابُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهَا ذِمِّيَّةً، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ: إحْدَى الروايتين تجزئ الكافرة، وقدمه في الرعايتين. مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: لَوْ أَعْتَقَ: مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَمْ يُجْزِئْهُ وَإِنْ عَتَقَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِعِتْقِهِ، انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَمْرُهُ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ فِي كَفَّارَةٍ، وَإِنْ صَحَحْنَا عتقه مجانا، في أحد الوجهين. قلت: الصَّوَابُ صِحَّةُ عِتْقِهِ مَجَّانًا، بِخِلَافِ مَا إذَا أعتقه عن كفارة، لأن حياته
رواية أو عتق1 بِصِفَةٍ وَنَوَاهُ عِنْدَ وُجُودِهَا بَلْ مُنْجَزًا، أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِرَحِمٍ، أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ خِدْمَةً أَوْ مَالًا، لَمْ يُجْزِئْهُ، وَجَزَمَ بِهِ2 فِي الْخِلَافِ فِيمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ أَنَّهُ يُجْزِئُ مَنْ جَهِلَ خَبَرَهُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ. وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِتَظَهُّرِهِ وَتَظَاهَرَ فَوَجْهَانِ م 16 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَشْكُوكٌ فِيهَا، وَالْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ فِي ذِمَّتِهِ بِيَقِينٍ، فَلَا يُزَالُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ مَجَّانًا، فَإِنَّهُ إنْ كَانَ حَيًّا فَقَدْ صَادَفَ مَحَلًّا، وَإِلَّا فَلَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِتَظَهُّرِهِ فَتَظَاهَرَ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِصِيغَتَيْنِ، الْأُولَى تَظَهُّرُهُ، مِنْ التَّظَهُّرِ، التَّفَعُّلِ، وَالثَّانِيَةُ التَّظَاهُرُ: وَهُوَ التَّفَاعُلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ وَرَدَ الْقُرْآنُ بِهِمَا3. وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُعَلِّقَ عِتْقَ عَبْدٍ عَلَى ظِهَارِهِ، فَإِذَا ظَاهَرَ عَتَقَ، وَإِذَا عَتَقَ فَهَلْ يُجْزِئُ عَنْ هَذَا الظِّهَارِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ بَعْدَ ظِهَارِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ الْإِجْزَاءَ فَقَالَ: أَجْزَأَهُ عَنْهَا، لِأَنَّهُ نَوَى عِتْقَهُ بَعْدَ السَّبَبِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ: وَإِنْ قَالَ: لِعَبْدِهِ: إنْ تَظَهَّرْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ثُمَّ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ، لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: الْإِجْزَاءُ لِأَنَّهُ عَتَقَ بَعْدَ
وَلَوْ نَجَزَهُ عَنْ ظِهَارِهِ. وَإِنْ تَظَاهَرَ أَوْ عَلَّقَ ظِهَارَهُ بِشَرْطٍ فَأَعْتَقَهُ قَبْلَهُ عَتَقَ وَلَمْ يجزئه. وإن أعتق مَنْ قَطَعَ أَنْفُهُ وَأُذُنَاهُ وَمَجْبُوبًا وَخَصِيًّا وَأَحْمَقَ وَأَعْرَجَ يَسِيرًا أَوْ أَعْوَرَ يُبْصِرُ بِعَيْنٍ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ قَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ، أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ جَانِيًا إنْ جَازَ بَيْعُهُمَا، أَوْ أَمَةً حَامِلًا، أَوْ مُكَاتَبًا لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ: أَوْ أَدَّى، وَعَنْهُ: عَكْسُهُ، أَوْ وَلَدَ زِنًا مَعَ كَمَالِ أَجْرِهِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، م وَأَنَّهُ يَشْفَعُ مَعَ صِغَرِهِ فِي أُمِّهِ لَا أَبِيهِ، أَوْ أَصَمَّ، خِلَافًا لِلْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ فِيهِ، أَوْ صَغِيرًا، وَعَنْهُ: لَهُ سَبْعٌ إنْ اشْتَرَطَ الْإِيمَانَ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إنْ صَامَ وَصَلَّى، وَقِيلَ: وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعًا، أَجْزَأَ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يُعْتِقُ الصَّغِيرُ، إلَّا فِي قَتْلِ الْخَطَإِ فَإِنَّهُ لا يجزئ إلا مؤمنة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالظِّهَارِ وَقَدْ نَوَى إعْتَاقَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَعَدَمُهُ، لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ لِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الشَّرْطُ، لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ، وَالنِّيَّةُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَا تُجْزِئُ؛ "1لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لها عَلَى سَبَبِهَا. زَادَ فِي الْمُغْنِي2: وَإِنْ قَالَ: لِعَبْدِهِ إنْ تَظَاهَرْت فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَالْحُكْمُ فِيهِ كَذَلِكَ1"، لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ لِعِتْقِهِ عَلَى المظاهرة، انتهى.
وأراد التي قد صلت1، ويجزئ مؤجر أو2 مَرْهُونٌ. وَفِي مُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ فِي الِانْتِصَارِ، وَفِي مَغْصُوبٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 17 و 18. وَإِنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ نَصِيبَهُ ثُمَّ مَلَكَ بَقِيَّتَهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17 و 18: قَوْلُهُ: وَفِي مُوصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ، وَفِي مَغْصُوبٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ. انْتَهَى، ذَكَرَ3 مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 17: هَلْ يُجْزِئُ عِتْقُ مَنْ أَوْصَى بِخِدْمَتِهِ أَبَدًا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا؟ ذَكَرَ فِيهِ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَالْقَوْلُ بِالْإِجْزَاءِ ضَعِيفٌ جِدًّا، ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: الْمَنْعُ أَظْهَرُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 18: هَلْ يُجْزِئُ عِتْقُ الْمَغْصُوبِ عَنْ الْكَفَّارَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ عَنْ صَاحِبِ الترغيب، واقتصر عليه: أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ وَجْهٌ، انْتَهَى. وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: أَظْهَرُهُمَا: لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ بِنَفْسِهِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْزِئُ. تَنْبِيهٌ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ قَدَّمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمًا، وَهُوَ عَدَمُ الصِّحَّةِ، قَبْلَ ذَلِكَ بِيَسِيرٍ. وَالثَّانِي كَوْنُهُ لَمْ يَعْزِ الْوَجْهَيْنِ هُنَا إلَّا إلَى صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَهُنَاكَ ذَكَرَ الْخِلَافَ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ، فَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ عَنْ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ النَّقْلَ إلَّا فِيهِ، وَظَاهِرُ الْأَوَّلِ: أَنَّ
فَأَعْتَقَهُ وَلَمْ نَقُلْ بِالِاسْتِسْعَاءِ أَجْزَأَهُ1، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَنَوَاهُ فِي الْمُبَاشَرِ، وَالسَّارِي لَمْ يُجْزِئْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: يُجْزِئُهُ، كَعِتْقِهِ بَعْضَ عَبْدِهِ ثُمَّ بَقِيَّتَهُ، أَوْ يُسَرَّى. وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَجْزَآ2، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: لَا م 19 وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ روايتين، وعند القاضي: إنْ كَانَ بَاقِيهِمَا حُرًّا أَجْزَأَهُ3، وَذَكَرَهُنَّ فِي الهدي روايات. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْخِلَافَ مَنْقُولٌ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ، "4وَذَاكَرَنِي بَعْضُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَقَالَ: الْأَوْلَى إنَّمَا هِيَ الْمَعْضُوبُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، بِدَلِيلِ السِّيَاقِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، فَعَلَى هَذَا يَزُولُ التَّكْرَارُ وَالتَّنَاقُضُ، لَكِنْ لَمْ نَرَ مَنْ اسْتَعْمَلَ هَاتَيْنِ الْعِبَارَتَيْنِ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ4". مَسْأَلَةٌ 19: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ نِصْفَيْ عَبْدَيْنِ أَجْزَآ، عِنْدَ الْخِرَقِيِّ. وَفِي الرَّوْضَةِ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: لَا، انْتَهَى. مَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ، انْتَهَى. قَالَ فِي الخلاصة: أجزأه،
فصل يلزمه تتابع الصوم،
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ تَتَابُعُ الصَّوْمِ، وَقِيلَ: وَنِيَّتُهُ، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ الْأَوِّلَةِ وَالتَّجْدِيدِ كُلِّ لَيْلَةٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 20 و 21 وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ، وَفِي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 22. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، فِيمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْهُ فِي رِوَايَتَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: إنْ كَانَ بَاقِيهمَا حُرًّا أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَلَا يُجْزِئُ نِصْفَا عَبْدَيْنِ بَاقِيهمَا رَقِيقٌ، انْتَهَى. وَقِيلَ: إنْ كَانَ بَاقِيهمَا حُرًّا أَوْ أَعْتَقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ، وَإِلَّا فَلَا، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي: وَهَذَا أَصَحُّ، وَجَزَمَ بِالثَّانِي نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي الْهَدْيِ رِوَايَاتٍ. تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ؛ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَوْ أَخْرَجَ فِي الزَّكَاةِ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ، زَادَ فِي التَّلْخِيصِ3: وَكَذَا لَوْ أَهْدَى نِصْفَيْ شَاتَيْنِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ الْهَدْيِ اللَّحْمُ، وَلِهَذَا أَجْزَأَ فِيهِ شِقْصٌ مِنْ بَدَنَةٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجْزَاءِ هُنَا، انْتَهَى. قُلْت: وَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ، وَهُمَا بِالْهَدْيِ أَقْرَبُ، لِيُجْزِئَ ذَلِكَ. وَاَللَّهُ أعلم. مَسْأَلَةٌ 20 و21: قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ تَتَابَعَ الصَّوْمُ، وَقِيلَ، وَنِيَّتُهُ، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِاللَّيْلَةِ الْأُولَى وَالتَّجْدِيدِ كُلَّ لَيْلَةٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ، وَفِي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ في الترغيب، وَيَنْقَطِعُ بِصَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَفِطْرِهِ بِلَا عُذْرٍ، وَيَقَعُ صَوْمُهُ عَمَّا نَوَاهُ، لِأَنَّهُ زَمَانٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْكَفَّارَةِ وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ يَفْسُدُ ذَلِكَ أَوْ يَنْقَلِبُ نَفْلًا؟ فِيهِ وَفِي نَظَائِرِهِ وَجْهَانِ لَا بِرَمَضَانَ وَفِطْرِ وَاجِبٍ، كَعِيدٍ وَحَيْضٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَجُنُونٍ، قَالَ جَمَاعَةٌ: وَمَرَضٍ مَخُوفٍ، وَفِي مُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي صَوْمِ الْعِيدِ يُقْطَعُ التَّتَابُعُ، لِأَنَّهُ خَلَّلَهُ بِإِفْطَارٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنْهُ، ثُمَّ سَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الصَّوْمَ، كَاللَّيْلِ. وَقِيلَ: يَنْقَطِعُ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا، كَجَاهِلٍ بِهِ، وَقِيلَ: وَبِفِطْرِهِ لِسَفَرٍ مُبِيحٍ، وَمَرَضٍ غَيْرِ مَخُوفٍ، وحامل ومرضع1 لضرر ولدهما2. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى20 الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ فِي نِيَّةِ التَّتَابُعِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 21 التَّجْدِيدُ كُلَّ لَيْلَةٍ قُلْت: قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَكْتَفِي بِاللَّيْلَةِ الْأَوِّلَةِ فِي نِيَّةِ التَّتَابُعِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، قِيَاسًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، بَلْ هُنَا أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ قَالَ: أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ أَنْ يَنْوِيَ التَّتَابُعَ، وَأَمَّا صَوْمُ كُلِّ يَوْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدٍ يَخُصُّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 22 قَوْلُهُ: وَيُبَيِّتُ النِّيَّةَ، وَفِي تَعْيِينِهَا جِهَةَ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ، انْتَهَى. قُلْت الصَّوَابُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ، فَإِنَّ الْأَصْحَابَ قَاطِبَةً قَالُوا: لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ، وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنْ يَصُومَ عَنْ نَذْرِهِ، أَوْ قَضَائِهِ، أَوْ كَفَّارَتِهِ، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الصِّيَامِ فِيمَا يُشَابِهُهَا: اخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ
وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ م 23 وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَعِيدٍ بَنَى وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: مُظَاهِرٌ أَفْطَرَ مِنْ مَرَضٍ، يُعِيدُ؟ قَالَ أَرْجُو، إنَّهُ فِي عُذْرٍ. وَسُئِلَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَمَّنْ عَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فَصَامَهُمَا إلَّا يَوْمًا أَفْطَرَهُ: أَيُعِيدُ الصوم؟ قال: بل1 يصوم يوما. وَيَنْقَطِعُ بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا، وَعَنْهُ: لَا نَهَارًا نَاسِيًا أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ، أَوْ لَيْلًا، كَغَيْرِهَا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ، وَإِلَّا انْقَطَعَ، لَا بوطئه في أثناء طعام2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 23: قَوْلُهُ: وَفِي النِّفَاسِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَنْقَطِعُ بِهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. أَحَدُهُمَا: لَا يَنْقَطِعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ، فَإِنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَاهُ فِيمَا لَا يَقْطَعُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا اكْتَفَيَا بِذِكْرِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ أَنَّهُ كَالْحَيْضِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ أَوَّلًا تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي، وَلَمْ يُرَاجِعْ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ بيضه لقدم ما قلنا. والله أعلم.
نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَعَتَقَ، وَمَنَعَهُمَا فِي الِانْتِصَارِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِطْعَامَ، لِأَنَّهُ بَدَلٌ، وَالصَّوْمُ مُبْدَلٌ، كَوَطْءِ مَنْ لَا يُطِيقُ الصَّوْمَ فِي الْإِطْعَامِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَفِي اسْتِمْتَاعِهِ بِغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ يَنْقَطِعُ إنْ أَفْطَرَ. وَمَنْ أُعْطِي مِنْ زَكَاةٍ لِحَاجَتِهِ جَازَ إعْطَاؤُهُ مِنْ طَعَامِهَا1، وَعَنْهُ: إلَّا مُكَاتَبًا وَطِفْلًا لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي فِي طِفْلٍ، وَهِيَ أَشْهَرُ عَنْهُ2 قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَزَكَاةٍ فِي رِوَايَةٍ خ نَقَلَهَا جَمَاعَةٌ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ فِي ذِمِّيٍّ تَخْرِيجٌ مِنْ عِتْقِهِ، وَخَرَّجَ الْخَلَّالُ دَفْعَهَا لِكَافِرٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَعَلَّهُ3 مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ. وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ. وَيُعْطِي مَا يُجْزِئُ فِطْرَةً مِنْ الْبُرِّ مُدٌّ وَمِنْ غَيْرِهِ مُدَّانِ لَا أَقَلُّ مُطْلَقًا وَلَا مُدٌّ مُدٌّ م وَذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَعَنْهُ: وَرِطْلَا خُبْزِ بُرٍّ عِرَاقِيَّةٍ أَوْ مَا عَلِمَ مُدًّا أَوْ ضِعْفَهُ مِنْ شَعِيرٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَدَمُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: أَنَّهُ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ: بِأَدَمِهِ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً لِكُلِّ مِسْكِينٍ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَالْوَصِيَّةِ لَهُمْ، وَعَنْهُ: وَقُوتُ بَلَدِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ: وَالْقِيمَةُ، وَغَدَاؤُهُمْ وَعَشَاؤُهُمْ بِالْوَاجِبِ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْخُنَا: بِالْوَاجِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ أَبِي داود ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَشْبِعْهُمْ، قَالَ: مَا أُطْعِمُهُمْ؟ قَالَ: خُبْزٌ وَلَحْمٌ إنْ قَدَرْت أَوْ مِنْ أوسط طعامكم وهـ م. فَلَوْ نَذَرَ إطْعَامَهُمْ؟ فَقِيلَ: مِثْلُهُ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ "1أَيْ طَعَامُ الْغَدَاءِ أَوْ الْعَشَاءِ1" قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَجِنْسَهُ إلَيْهِ، فَكَذَا صِفَةُ إخْرَاجِهِ م 24 فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ قَدَّمَ، إلَيْهِمْ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبِلُوهُ 3 فَإِنْ قَالَ: بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ م 25 وَعِنْدَ الْقَاضِي: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ أَجْزَأَ، وَاعْتُبِرَ فِي الْوَاضِحِ غَالِبُ قوت ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 24: قَوْلُهُ: فَإِنْ نَذَرَ إطْعَامَهُمْ فَقِيلَ: مِثْلُهُ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ، لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ وَجِنْسَهُ إلَيْهِ، فَكَذَا صِفَةُ إخْرَاجِهِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا نَذَرَ إطْعَامَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ مَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطْعِمَهُمْ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. مَسْأَلَةٌ 25: قَوْلُهُ: فَعَلَى المذهب2 لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِمْ مُدًّا وَقَالَ: هَذَا بَيْنَكُمْ فَقَبِلُوهُ، فَإِنْ قَالَ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ حَقَّهُ أَجْزَأَ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ قَدْرَ مَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، فَحَصَلَ الشَّكُّ فِي الْمُسَاوَاةِ في ذلك، وذمته مشغولة بِيَقِينٍ، فَلَا يُزَالُ بِهَذَا، هَذَا مَا يَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ الْإِجْزَاءَ، لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ. وَاَللَّهُ أعلم.
الْبَلَدِ1. وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا وَسَطَهُ قَدْرًا وَنَوْعًا مُطْلَقًا2 بِلَا تَقْدِيرٍ وَلَا تَمْلِيكٍ، وَأَنَّهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، كَزَوْجَةٍ، وَأَنَّ الْأَدَمَ يَجِبُ إنْ كَانَ يُطْعِمُهُ أَهْلَهُ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: التَّمْرُ وَالدَّقِيقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا سِوَاهُمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: التَّمْرُ أَعْجَبُ إلَى أَحْمَدَ. فَإِنْ رَدَّدَهَا عَلَى مِسْكِينٍ سِتِّينَ يَوْمًا فَالْمَذْهَبُ يُجْزِئُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، اخْتَارَهُ ابْنُ بَطَّةَ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَعَنْهُ عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَقَالَ لِمَنْ احْتَجَّ لِعَدَمٍ بِزَكَاةٍ وَوَصِيَّةٍ لِلْفُقَرَاءِ3 وَخُمُسِ الْخُمُسِ بِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا، وَصَحَّحَهَا أَيْضًا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَقَالَ: اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ، وَاحْتَجَّ ابْنُ شِهَابٍ بِأَنَّهُ مَالٌ4 أُضِيفَ إلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ، فَلَمْ يَجُزْ صَرْفُهُ إلَى وَاحِدٍ، كَمَا لَوْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا، أَوْ أَوْصَى لَهُمْ. وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا فِي يومين من كفارات أجزأ وعنه: عن ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: لَوْ قَدَّمَ إلَيْهِمْ مُدًّا، لَعَلَّهُ سِتِّينَ مُدًّا فَسَقَطَ لَفْظُ سِتِّينَ لِأَنَّهُ قَدْرُ الْإِطْعَامِ فِي الظِّهَارِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، فإن قال بالسوية أجزأ، والمد قدر اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَكَلَامُ الْقَاضِي الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِمْ قَدْرَ حَقِّهِمْ، وَلَكِنَّهُ مُشَاعٌ الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْطَى مِسْكِينًا فِي يَوْمَيْنِ مِنْ كَفَّارَاتٍ صَوَابُهُ فِي يوم. والله أعلم،
واحدة. وَلَا يُجْزِئُ التَّكْفِيرُ بِلَا نِيَّةٍ، لَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ. فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ يَلْزَمْهُ تَعْيِينُ سَبَبِهَا. فَإِنْ عَيَّنَهُ فَغَلِطَ أَجْزَأَهُ عَمَّا يَتَدَاخَلُ، وَهِيَ الْكَفَّارَاتُ مِنْ جِنْسٍ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَاتٌ أَسْبَابُهَا مِنْ أَجْنَاسٍ كَظِهَارٍ وَيَمِينٍ وَقَتْلٍ1 لَمْ يَشْتَرِطْ تَعْيِينَ سَبَبِهَا، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّارَاتِ كُلَّهَا مِنْ جِنْسٍ، قَالَ: وَلِأَنَّ آحَادَهَا لَا تَفْتَقِرُ إلَى تَعْيِينِ النِّيَّةِ، بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا، وَكَكَفَّارَاتٍ مِنْ جِنْسٍ، فِي الْأَصَحِّ. وَاشْتَرَطَهُ الْقَاضِي، كَتَيَمُّمِهِ لِأَجْنَاسٍ، وَكَوَجْهٍ فِي دَمِ نُسُكٍ وَدَمِ مَحْظُورٍ، وَكَعِتْقِ نَذْرٍ وَعِتْقِ كَفَّارَةٍ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. فَعَلَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ وَاحِدَةٍ نَسِيَ سَبَبَهَا بِعَدَدِ الْأَسْبَابِ، وَاخْتَارَ فِي الِانْتِصَارِ إنْ اتَّحَدَ السَّبَبُ فَنَوْعٌ وَإِلَّا فَجِنْسٌ. وَلَوْ كَفَّرَ مُرْتَدٌّ بِغَيْرِ صَوْمٍ فَنَصُّهُ: لَا يَصِحُّ، وَقَالَ القاضي: المذهب صحته. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَهَذِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب اللعان
باب اللعان مدخل ... بَابُ اللِّعَانِ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِزِنًا وَلَوْ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ فَكَذَّبَتْهُ لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ بِقَذْفِ أَجْنَبِيَّةٍ، وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِلِعَانٍ، وَلَوْ بَقِيَ سَوْطٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ زَنَتْ قَبْلَ الْحَدِّ. وَيَسْقُطُ بِلِعَانِهِ وَحَدِّهِ، ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ، وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ اللِّعَانِ وَيَثْبُتُ مُوجِبُهُمَا. وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ، قِيلَ: لَقَدْ زَنَتْ زَوْجَتِي هَذِهِ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَقِيلَ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ. وَقِيلَ: بِزِيَادَةٍ: فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا م 1 وَيُشِيرُ إلَيْهَا، فَلَا حَاجَةَ إلى تسمية ونسب ومع الغيبة يسميها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ1: قَوْلُهُ: وَصِفَةُ اللِّعَانِ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ. قِيلَ لَقَدْ زَنَتْ زَوْجَتِي هَذِهِ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَقِيلَ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ، وَقِيلَ: بِزِيَادَةٍ: فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا، انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَخِيرُ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 والشرح وشرح ابن منجا وابن رزين والرعاية الصغرى
وَيَنْسُبُهَا، وَفِي الْخَامِسَةِ: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ. ثُمَّ تَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا. وَفِي الْخَامِسَةِ: وَأَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ وَقِيلَ: فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا. وَأَخَذَ ابْنُ هُبَيْرَةَ بِالْآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَقُولُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ1 مِنْ الزِّنَا لَمِنْ الصَّادِقِينَ. ثُمَّ يُوقَفُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَيَقُولُ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ. وَالْمَرْأَةُ مِثْلُ ذَلِكَ. وَإِنْ قَذَفَهَا بِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ سَقَطَ حَقُّهُمَا بِلِعَانِهِ هـ م ولو أغفله2 فِيهِ ق وَقِيلَ لَا حَقَّ لِغَيْرِهَا. فَإِذَا نقص أحدهما: من الألفاظ الخمسة شيئا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ: ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ، لِذِكْرِ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ لَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ، وَقِيلَ: إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ، كَذَا فِي النُّسَخِ، وَصَوَابُهُ: وَإِنِّي. بِزِيَادَةِ وَاوٍ فِي أوله.
وَلَوْ آتَيَا بِأَكْثَرِهِ، وَحَكَمَ حَاكِمٌ، أَوْ بَدَأَتْ قَبْلَهُ، أَوْ قَدَّمَتْ الْغَضَبَ، أَوْ بَدَّلَتْهُ بِاللَّعْنَةِ، أَوْ قَدَّمَ اللَّعْنَةَ أَوْ أَتَى بِهِ قَبْلَ إلْقَائِهِ عَلَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ حَضْرَةِ حَاكِمٍ أَوْ نَائِبِهِ، أَوْ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَنْ يُحْسِنُهَا، وَقِيلَ: أَوْ قَدْرٌ يَتَعَلَّمُهَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ، وَالْأَصَحُّ1: أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ اللَّعْنَةُ بِالْإِبْعَادِ، أو الغضب بالسخط. وفي الترغيب: أَوْ عُدِمَتْ مُوَالَاةُ الْكَلِمَاتِ، لَمْ يَصِحَّ. وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الْخَامِسَةَ لَا تُشْتَرَطُ، فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ، لَا عَلَى الْأُولَى، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَيَصِحُّ مِنْ أَخْرَسَ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ مَفْهُومَةٍ وَعَنْهُ: لَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. وَإِنْ نَطَقَ وَأَنْكَرَ لِعَانَهُ قُبِلَ فِيمَا عَلَيْهِ، وَكَذَا إقراره بزنى. وَفِي مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ مَأْيُوسٌ مِنْ نُطْقِهِ وَجْهَانِ م 2. ولو قال: لم أرد قذفا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي مُعْتَقَلٍ لِسَانُهُ مَأْيُوسٌ مِنْ نُطْقِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمغني2 والمقنع3،
وَلِعَانًا قُبِلَ فِي لِعَانٍ فِي حَدٍّ وَنَسَبٍ فَقَطْ، وَيُلَاعَنُ لَهُمَا، وَمَنْ رَجَا نُطْقَهُ انْتَظَرَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَفَائِدَةُ مَسْأَلَةِ صِحَّةِ قَذْفِ الْأَخْرَسِ وَلِعَانِهِ أَنَّ عِنْدَنَا نَأْمُرُهُ بِاللِّعَانِ وَنَحْبِسُهُ إذَا نَكَلَ حَتَّى يُلَاعِنَ، ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحَدُّ. وَيُسَنُّ قِيَامُهُمَا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ، وَقِيلَ: أَرْبَعَةٌ، وَأَنْ يَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ عَلَى فِيهِ، وَامْرَأَةٌ يَدَهَا عَلَى فِيهَا، وَيَقُولُ: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا الْمُوجِبَةُ. وَعَذَابُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. وَهَلْ يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ؟ فِيهِ وجهان م 3، وخصهما في ـــــــــــــــــــــــــــــQوالمحرر والشرح1 وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، قَالَ فِي الْكَافِي3: هُوَ كَالْأَخْرَسِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ، وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ قَذَفَهَا وَهُوَ نَاطِقٌ ثُمَّ خَرِسَ أَوْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ مِنْهُ صَارَ كَالْأَصْلِيِّ، وَإِنْ رَجَا زَوَالُهُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ انْتَظَرْتُهُ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَقِيلَ فِي صِحَّةِ لِعَانِ مَنْ اعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَأَيِسَ منه وجهان. انتهى. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَهَلْ يُسَنُّ تَغْلِيظُهُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ؟ فيه وجهان، انتهى:
التَّرْغِيبِ بِذِمَّةٍ وَيَبْعَثُ حَاكِمٌ إلَى الْخَفْرَةِ1 مَنْ يُلَاعِنُ بَيْنَهُمَا وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ فَسْخِ الْخِيَارِ بِلَا حُضُورِ الْآخَرِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ مَعَ غَيْبَتِهَا وَتُلَاعِنُ مَعَ غَيْبَتِهِ. وَمَنْ قَذَفَ نِسَاءَهُ يُفْرِدُ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِلِعَانٍ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُ وَاحِدٌ، وَعَنْهُ: إنْ قَذَفَهُنَّ بِكَلِمَةٍ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ2 فِيمَا رَمَيْتُكُنَّ به من الزنا وتجيب كل واحدة3. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُسَنُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالشَّرْحِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسَنُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَيْضًا، فَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي6، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ، قُلْت: وَهُوَ الْأَصَحُّ دَلِيلًا.
فصل ولا يصح إلا من زوجين مكلفين،
فَصْلٌ وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ زَوْجَيْنِ مُكَلَّفَيْنِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَعَنْهُ مُسْلِمَيْنِ
حُرَّيْنِ عَدْلَيْنِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَعَنْهُ: مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ وَمُحْصَنَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مَنْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا ثُمَّ طَلَبَتْ حُدَّ، إنْ لَمْ يُلَاعِنْ إذَنْ، فَلَا لِعَانَ لِتَعْزِيرٍ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: يُلَاعِنُ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لِتَعْزِيرٍ، وَفِي الْمُوجَزِ: وَيَتَأَخَّرُ لِعَانُهَا حَتَّى تَبْلُغَ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إذَا قَذَفَ زَوْجَةً مُحْصَنَةً بِزِنًا حُدَّ بِطَلَبٍ، وَعُزِّرَ بِتَرْكٍ، وَيَسْقُطَانِ بِلِعَانٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَعَنْهُ: يُلَاعِنُ يَقْذِفُ غَيْرَ مُحْصَنَةٍ لِنَفْيِ وَلَدٍ فَقَطْ. وَفِي الْمُذْهَبِ: كُلُّ زَوْجٍ صَحَّ طَلَاقُهُ صَحَّ لِعَانُهُ، فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ: مِنْ مُسْلِمٍ عَدْلٍ. وَالْمُلَاعَنَةُ كُلُّ زَوْجَةٍ عَاقِلَةٍ بَالِغَةٍ، وَعَنْهُ: مُسْلِمَةٌ حُرَّةٌ عَفِيفَةٌ، وَإِنْ قَذَفَهَا بِزِنًا قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُلَاعِنْ، كَقَذْفِهِ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: لِنَفْيِ وَلَدٍ. وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ يَا زَانِيَةُ ثَلَاثًا لَاعَنَ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِانْتِهَاءٍ بَعْدَ قَذْفِهَا، وَإِنْ قَالَ: ثَلَاثًا: يَا زَانِيَةُ أَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الزَّوْجِيَّةِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ تَزَوَّجَهَا فَاسِدًا لَاعَنَ، لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَإِلَّا فَلَا، كَمَنْ أَنْكَرَ قَذْفَهَا وَلَهَا بَيِّنَةٌ أَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ عَنْ أَصْحَابِنَا: إنْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي الزَّوْجِيَّةِ لَاعَنَ، وَفِيهِ: لَا يَنْتَفِي وَلَدٌ بِلِعَانٍ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كولد أمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا لَاعَنَهَا لِنَفْيِ وَلَدٍ1، وَإِنْ قَذَفَهَا بلا ولد لم2 يُلَاعِنُهَا. وَمَنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُمْكِنُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ، وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الْمُغْنِي3: يَلْحَقُ بِالنِّكَاحِ مَا أَمْكَنَ، وَلَهُ نَفْيُهُ بِلِعَانٍ. وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي وَقُلْنَا لَا قَذْفَ أَوْ زَادَ مَعَهُ وَلَا أَقْذِفُك أَوْ لَمْ تَزْنِي أَوْ وَطِئَتْ مَعَ إكْرَاهٍ وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ وَجُنُونٍ لَزِمَهُ الْوَلَدُ وَلَا لِعَانَ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ. وَعَنْهُ: بَلَى لِنَفْيِ وَلَدٍ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، فَيَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ، وَكَذَا وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ. وَعَنْهُ: لَا لِعَانَ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ مَرَّةً فَأَكْثَرَ أَوْ عَفَتْ أَوْ سَكَتَتْ أَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِأَرْبَعَةٍ سِوَاهُ أَوْ قَذَفَ مَجْنُونَةً بِزِنًا قَبْلَهُ أَوْ مُحْصَنَةً فَجُنَّتْ أَوْ خَرْسَاءَ أَوْ ثُمَّ خَرِسَتْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَوْ صَمَّاءُ فَلَا لِعَانَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى وَحْدَهُ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَهُوَ يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا. نَقَلَ ابْنُ أَصْرَمَ4 فِيمَنْ رُمِيَتْ فَأَقَرَّتْ ثُمَّ وَلَدَتْ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ حَتَّى يُلَاعِنَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًا فِي جُنُونِهَا أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يُحَدَّ، وَفِي لِعَانِهِ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَجْهَانِ، وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبَ فِيمَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ: أَنَا أَجِيءُ بثلاثة شهود معي أيكون ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَاهِدًا أَمْ قَاذِفًا؟ فَقَالَ: إنْ جَاءَ بِهِمْ قَرِيبًا لَمْ يَتَبَاعَدْ فَهُوَ شَاهِدٌ رَابِعٌ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا: قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ تَتِمَّتِهِ تَوَارَثَا، وَنَصُّهُ: يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي بِلِعَانِهِ وَحْدَهُ مُطْلَقًا، كَدَرْءِ حَدٍّ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَهُ لِعَانُهَا وَنَفْيُهُ، لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ. وَإِنْ الْتَعَنَ وَنَكَلَتْ فَعَنْهُ تُخْلَى، وَعَنْهُ: تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا، وَقِيلَ: ثَلَاثًا، أَوْ تُلَاعِنُ م 4 وَقَالَ الْجُوزَجَانِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَشَيْخُنَا: تُحَدُّ، وَهُوَ قَوِيٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ الْتَعَنَ وَنَكَلَتْ، فَعَنْهُ: تُخْلَى، وَعَنْهُ: تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ، انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يُخْلَى سَبِيلُهَا، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ، قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَالرِّوَايَةُ2 الثَّانِيَةُ: تُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أَوْ تُلَاعِنَ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا وَالشِّيرَازِيُّ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمَا قُلْت: وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، لِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَيْهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الهداية والمستوعب والمغني4 والشرح.
فصل وتحصل الفرقة وإنتفاء الولد ما لم يقر به,
فَصْلٌ وَتَحْصُلُ الْفُرْقَةُ وَانْتِفَاءُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ, أَوْ تُوجَدْ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ بِتَمَامِ تَلَاعُنِهِمَا، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ، وَعَنْهُ: بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: بِالْفُرْقَةِ، اخْتَارَهُ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا، قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، فَيَنْتَفِي الْوَلَدُ، وَخَرَجَ انْتِفَاؤُهُ بِلِعَانِهِ، وَقَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ الْفُرْقَةُ بِلَا طَلَبٍ، وَيُعْتَبَرُ لِنَفْيِهِ ذِكْرُهُ فِي كُلِّ لَفْظَةٍ وَلَوْ تَضَمُّنًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ نَفَاهُ بِلِعَانٍ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَبُو بَكْرٍ ذِكْرَهُ، وَقِيلَ: مِنْهَا، وَإِنْ نَفَى حَمْلًا أَوْ اسْتَلْحَقَهُ أَوْ لَاعَنَ عَلَيْهِ مَعَ ذِكْرِهِ، وَقِيلَ أَوْ دُونَهُ لَمْ يَصِحَّ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَيُلَاعِنُ لِدَرْءِ1 حَدٍّ، وَقِيلَ: يصح، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي لِعَانِهِ. وَهِيَ فِي الْمُوجَزِ فِي نَفْيِهِ أَيْضًا. وَفِي الِانْتِصَارِ نَفْيُهُ لَيْسَ قَذْفًا، بِدَلِيلِ نَفْيِهِ حَمْلَ أَجْنَبِيَّةٍ لَا يُحَدُّ، كَتَعْلِيقِهِ قَذْفًا بِشَرْطٍ، إلَّا أَنْتِ زَانِيَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا زَنَيْت. وَإِنْ صَحَّ خَبَرٌ بِلِعَانٍ عَلَيْهِ2 فَيُحْتَمَلُ عِلْمُ وُجُودِهِ بِوَحْيٍ، ضعف أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخَبَرَ فِيهِ1، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ أَوْ بِتَوْأَمِهِ أَوْ نَفَاهُ وَسَكَتَ عَنْ تَوْأَمِهِ أَوْ هُنِّيَ بِهِ فَسَكَتَ أَوْ أَمَّنَ عَلَى الدُّعَاءِ بِهِ أَوْ أَخَّرَ نَفْيَهُ بِلَا عُذْرٍ، وَقِيلَ بَعْدَ مَجْلِسِ عِلْمِهِ أَوْ رَجَاءِ مَوْتِهِ، لَحِقَهُ وَسَقَطَ نَفْيُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي لُحُوقِ وَلَدٍ بِوَاحِدٍ فأكثر إن2 اسْتَلْحَقَ أَحَدَ تَوْأَمَيْهِ وَنَفَى الْآخَرَ وَلَاعَنَ لَهُ لَا يَعْرِفُ فِيهِ رِوَايَةً، وَعِلَّةُ مَذْهَبِهِ جَوَازُهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَكِبَهُ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَكَذَا لَمْ أَعْلَمْ بِأَنَّ لِي نَفْيَهُ أَوْ بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ بَادٍ أَوْ حَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَعَامِّيٌّ وَقِيلَ: وَفَقِيهٌ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ مِمَّنْ يَجْهَلُهُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ كَغَيْبَةٍ وَحَبْسٍ وَمَرَضٍ وَحِفْظِ مَالٍ وَذَهَابِ لَيْلٍ لَمْ يَسْقُطْ. وَفِي الْمُغْنِي3: مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ يَنْفُذُ إلَى حَاكِمٍ إنْ أَمْكَنَهُ، أَوْ يَشْهَدُ بِنَفْيِهِ، وَإِلَّا سَقَطَ. وَإِنْ كَذَّبَ4 نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ حُدَّ لِمُحْصَنَةٍ5، وَعُزِّرَ لِغَيْرِهَا، وَلَحِقَهُ، وَانْجَرَّ النَّسَبُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ إلَى جِهَةِ الْأَبِ، كَالْوَلَاءِ، وَتَوَارَثَا، فَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ، كَمَا لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ ولا يلحقه باستلحاق ورثته بعده، في ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبية: قوله: وَإِنْ كَذَّبَ4 نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ وَلِعَانِهِ, حُدَّ لمحصنة5 وعزر لغيرها, ولحقه, وانجز النسب ... وتوارثا, فيتوجب فيه وجهه, كما لايرثه إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ. انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: هَذَا تَوْجِيهٌ لَمْ يَظْهَرْ معناه, وقد توقف
الْمَنْصُوصِ، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ: لَا يُحَدُّ، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا: إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ؟ قَالَ: لَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ، لِأَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ عَنْهُ الْقَذْفَ. وَإِنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَعَنْهُ: يُحَدُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُلَاعِنْ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا. م 5 وَمَنْ نَفَى أَوْلَادًا فَلِعَانٌ وَاحِدٌ، وَالتَّوْأَمَانِ الْمَنْفِيَّانِ أَخَوَانِ لِأُمٍّ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: يتوارثان بأخوة أبوة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَوْلَانَا وَسَيِّدُنَا قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ مَغْلِي فَلَمْ يَتَّضِحْ لَهُ مَعْنَاهُ. وَلَعَلَّ لَفْظَةَ كَمَا زَائِدَةٌ، وَأَنَّ صَوَابَهُ وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ لَا يَرِثُهُ إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ أَشْبَهَ زَوَالَ التَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ، انْتَهَى، وَهُوَ كَمَا قَالَ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَفَى مَنْ لَا يَنْتَفِي وَأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَعَنْهُ: يُحَدُّ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَعَنْهُ: وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا، انْتَهَى وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُحَدُّ مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءً لَاعَنَ أَوْ لَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحَدُّ إنْ1 لَمْ يُلَاعِنْ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
باب ما يلحق من النسب
باب ما يلحق من النسب مدخل ... بَابُ مَا يُلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ مَنْ وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ مَنْ أَمْكَنَ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَوْ مَعَ غَيْبَتِهِ عِشْرِينَ سَنَةً قَالَهُ فِي الْمُغْنِي1 فِي مَسْأَلَةِ الْقَافَةِ، وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ وَيُخْفِي سَيْرَهُ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَنْقَطِعُ الْإِمْكَانُ عَنْهُ بِالْحَيْضِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لَحِقَهُ، بِأَنْ تَلِدَهُ بعد2 مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، وَدُونَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ أَبَانَهَا وَهُوَ مِمَّنْ يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ ابْنُ عَشْرٍ. وَقِيلَ: وَتِسْعٌ وَقِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، بَلْ بَالَغَ، كَمَا لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ حَتَّى يَعْلَمَ بُلُوغَهُ، لِلشَّكِّ فِي صِحَّةِ3 يَمِينِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِيرُ بَالِغًا، وَلَا يَتَقَرَّرُ بِهِ مَهْرٌ، وَلَا تَلْزَمُ عِدَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ قَوْلٌ، كَثُبُوتِ الْأَحْكَامِ بِصَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ، وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَأَنْكَرَهُ: يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ، وَأَخَذَ شَيْخُنَا مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالدُّخُولِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يُلْحَقُ بِمُطَلَّقٍ إنْ اتَّفَقَا أَنَّهُ لَمْ يَمَسَّهَا. وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَا يُلْحَقُ الْوَلَدُ حَتَّى يُوجَدَ الدُّخُولُ، وَفِي الْإِرْشَادِ4، فِي مُسْلِمٍ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ خَلَا بِزَوْجَةٍ نَصْرَانِيَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ وَلَمْ يَطَأْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُمْكِنٍ، لَحِقَهُ، فِي أَظْهَرِ الروايتين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ وَلَدَتْهُ قَبْلَ نِصْفِ سَنَةٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا، وَمُرَادُهُمْ: وَعَاشَ، وَإِلَّا لَحِقَهُ بِالْإِمْكَانِ، كَمَا بَعْدَهَا، قَالَ الْأَصْحَابُ أَوْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ مُنْذُ أَبَانَهَا أَوْ أَبَانَ حَامِلًا فَوَلَدَتْهُ ثُمَّ أَتَتْ بِآخَرَ بَعْدَ نِصْفِ سَنَةٍ، أَوْ تَزَوَّجَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ وَطَلَّقَ فِي الْمَجْلِسِ، أَوْ مَاتَ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْعَقْدِ مَسَافَةٌ لَا يَصِلُهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ فِيهَا. وَقَالَ فِي التَّعْلِيقِ وَالْوَسِيلَةِ وَالِانْتِصَارِ: وَلَوْ أَمْكَنَ وَلَا يَخْفَى السَّيْرُ كَأَمِيرٍ وَتَاجِرٍ كَبِيرٍ، وَمَثَّلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بِالسُّلْطَانِ وَالْحَاكِمِ، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ مِثْلُهُ لَمْ نَقْضِ بِالْفِرَاشِ، وَهِيَ مِثْلُهُ، وَنَقَلَ حَرْبٌ وَغَيْرُهُ فِي وَالٍ وَقَاضٍ: لَا يُمْكِنُ يَدَّعِ عَمَلَهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ لَحِقَهُ. أَوْ كَانَ خَصِيًّا، خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ فِيهَا، وَقِيلَ: أَوْ مَجْبُوبًا، قَالَ أَصْحَابُنَا: أَوْ اجْتَمَعَا. وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: أَوْ عِنِّينًا، لَمْ يَلْحَقْهُ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ قَالَ إنْ دَفَقَ فَقَدْ يَكُونُ الْوَلَدُ مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ، فَإِنْ شَكَّ فِي وَلَدِهِ فَالْقَافَةُ، وَسَأَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ خَصِيٍّ، قَالَ: إنْ كَانَ مَجْبُوبًا لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، فَإِنْ أَنْزَلَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ، وَإِلَّا فَالْقَافَةُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: مَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَا يَلْحَقُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِ، قَالَهُ فِي الْخِلَافِ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلًا: إنْ أَقَرَّتْ بِفَرَاغِ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءِ عِتْقٍ ثُمَّ ولدت بعده فوق نصف سنة، وَلَا يُقَالُ الْحُكْمُ فِي حَقِّهِمَا فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا بِنَقْضِ الْحُكْمِ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ الْحُكْمُ فِي حقها فقط، انتهى. قال ابن مغلي:
حَقِّهِ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَإِنْ حَمَلَتْ بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَوَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرِ مُدَّةِ حَمْلٍ مُنْذُ طَلَّقَ، وَقِيلَ: نِصْفُ سَنَةٍ مُنْذُ أَخْبَرَتْ بِفَرَاغِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُخْبِرْ، لَحِقَهُ، وَعَنْهُ. لَا، وَإِنْ أَخْبَرَتْ بِمَوْتِ زَوْجٍ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ لَحِقَ بِالثَّانِي مَا وَلَدَتْهُ لِنِصْفِ سَنَةٍ فأكثر فقط نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQصَوَابُهُ فِي حَقِّهَا يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ قِيلَ يَكُونُ خَاصًّا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّهَا دُونَ حَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَانَ يَمْنَعُ هُوَ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا قَبْلَ إقْرَارِهَا، فَبِإِقْرَارِهَا أُبِيحَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِذَا أَتَتْ بِالْوَلَدِ بَعْدَ إقْرَارِهَا وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا تَبَيَّنَّا فَسَادَ نِكَاحِهِ لَهَا، وَنَقَضْنَا ذَلِكَ فِي حَقِّهِ أَيْضًا، انْتَهَى. نَقَلَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ عَنْهُ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ كُلُّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَيَاضٍ مِنْ قَوْلِهِ4: "وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 ص 228.
فصل ومن أقر بوطء أمته في الفرج فولدت لمدة إمكانه لزمه ولحقه،
فَصْلٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ1، وَأَنَّهُ يُقَوِّيهِ قِصَّةُ2 عبد بن زمعة3 فلا
يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً، وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ م 1 وَقَالَ أَبُو الحسين: أو يرى القافة1، نَقَلَهُ الْفَضْلُ، وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ عَنْ زَيْدٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَنْتَفِي بِالْقَافَةِ لَا بدعوى ـــــــــــــــــــــــــــــQحَدِيثٌ صَحِيحٌ إلَى قَوْلِهِ2 عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ فَإِنَّهُ مَكَانُ حَبْرٍ وَقَعَ عَنْ الْأَصْلِ، وَقَدْ حزر3 بعضه فكتب على الهامش فليعلم ذلك. مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ فِي الْفَرْجِ فَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ إمْكَانِهِ لَزِمَهُ وَلَحِقَهُ. فَلَا يَنْتَفِي بِلِعَانٍ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ اسْتِبْرَاءً وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَفِيمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَجِبُ فِيهِ يَمِينٌ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْلِفُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحْلِفُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي يَمِينِهِ وَجْهَانِ: يَعْنِي هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَ أَمْ لَا؟ هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ فَفِي نَفْيِهِ أَنَّهُ لَيْسَ منه وجهان.
الِاسْتِبْرَاءِ، وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ الْفَضْلِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ إذَا نَفَاهُ وَأَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ وَأَقَرَّ بِالْوَطْءِ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً ثُمَّ وَلَدَتْ انتفى عنه، وإن أَقَرَّ بِالْوَطْءِ وَوَلَدَتْ لِمُدَّةِ الْوَلَدِ ثُمَّ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَنْتَفِ، لِأَنَّهُ لَزِمَهُ بِإِقْرَارِهِ، كَمَا لَوْ أَرَادَ نَفْيَ وَلَدِ زَوْجَةٍ بِلِعَانٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ، كَذَا قَالَ، وَكَذَا دُونَ الْفَرْجِ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ يَدَّعِي الْعَزْلَ أَوْ عَدَمَ إنْزَالِهِ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا مِنْهُ يَدُلُّ أَنَّهُ أَرَادَ وَلَمْ يُنْزِلْ فِي الْفَرْجِ، لِأَنَّهُ لَا رِيحَ يُشِيرُ إلَيْهَا إلَّا رَائِحَةُ الْمَنِيِّ، وَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ إنْزَالِهِ فَتَتَعَدَّى رَائِحَتُهُ إلَى مَاءِ الْمَرْأَةِ فَيَعْلَقُ بِهَا كَرِيحِ الْكُشِّ1 الْمُلَقَّحِ لِإِنَاثِ النَّخْلِ، قَالَ: وَهَذَا مِنْ أَحْمَدَ عِلْمٌ عَظِيمٌ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي أَمَةٍ تُرَادُ لِلتَّسَرِّي عَادَةً أَنَّهَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِالْمِلْكِ، وِفَاقًا لِبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَالِكِيَّةِ لِظَاهِرِ قِصَّةِ عَبْدِ بْنِ زَمْعَةَ، وَاحْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ. وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثم ولدت بعد أكثر مدة حمل فوجهان م 2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ مَرَّةً ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ حَمْلٍ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَيْ مِنْ حِينِ وَطْئِهِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْحَقُهُ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ وَطْئِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْحَقُهُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ قُلْت: بَلْ هُوَ ضَعِيفٌ.
وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ مَا بَعْدَهُ بِدُونِ إقْرَارٍ آخَرَ فَوَجْهَانِ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ م 3 وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نصف سنة لَحِقَهُ، وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا لِأَكْثَرَ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَقِيلَ: يَلْحَقُهُ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: هُوَ لَهُ، قُلْت: فِي نَفْسِهِ مِنْهُ، قَالَ: فَالْقَافَةُ م 4 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا فَفِي لُحُوقِ ما بعده بدون إقرار آخر وجهان: وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْحَقُهُ لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْحَقُهُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، فَلَا بُدَّ مِنْ إقْرَارٍ ثَانٍ مِنْهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْحَقُهُ، وَنُصُوصُهُ تَدُلُّ عَلَيْهِ، لِثُبُوتِ فِرَاشِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا ثُمَّ بَاعَهَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ فَوَلَدَتْ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا الْأَكْثَرُ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ الْمُشْتَرِي، فَقِيلَ: يَلْحَقُهُ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: هُوَ لَهُ، قُلْت: فِي نَفْسِهِ مِنْهُ؟ قَالَ فَالْقَافَةُ، انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي المقنع2.
وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ، وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ، فَقِيلَ: لِلْبَائِعِ وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ م 5 أو ادعى الْمُشْتَرِي اسْتِبْرَاءً وَتَلِدُهُ مِنْ بَعْدِهِ بِنِصْفِ سَنَةٍ فَيَكُونُ عَبْدَهُ1 إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ فَوَلَدَتْهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ لَحِقَهُ، لَا بَعْدَهَا، وَلَوْ بَاعَ وَلَمْ يُقِرَّ بِوَطْءٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِيهَا أَوْ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لَحِقَهُ، وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُشْتَرِي، وَكَذَا مَعَ كَوْنِهِ عَبْدًا لَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ: إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي النَّسَبُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَذْهَبٌ م ش فَعَلَى هَذَا هل يحتاج ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ، قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ لِلْآخَرِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِالْوَطْءِ فَقِيلَ: لِلْبَائِعِ، وَقِيلَ: يَرَى الْقَافَةَ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: هُوَ الْبَائِعُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَرَى الْقَافَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2، ذَكَرَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيُّ: وَتَجْتَنِبُ الزَّوْجَةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زوجها الطيب، قلت: وهو الصواب.
إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَالِاسْتِحْلَافُ1 قَوْلٌ ش وَالْمَشْهُورُ: لا يحلف م 6 و 7. وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ: نَصَّهُ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا ع خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ، وَفِي كَوْنِهِ كَصَحِيحٍ أَوْ كَمِلْكِ يَمِينٍ وَجْهَانِ، وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ في نكاح بلا ولي م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا بَاعَ حَتَّى اسْتَبْرَأَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا فَقَالَ: إنْ أَتَتْ بِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَلْحَقُهُ النَّسَبُ، قَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَنْتَفِي النَّسَبُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالْمَشْهُورُ لَا يَحْلِفُ. انْتَهَى كَلَامُ تَقِيِّ الدِّينِ، فَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ الِاسْتِبْرَاءَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي عَدَمَ الْوَطْءِ. وَالصَّوَابُ انْتِفَاءُ النَّسَبِ عَنْهُ وَوُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ الله عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَقْطَعُ الْفِرَاشَ، فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ: مَسْأَلَةٌ 6: انْتِفَاءُ النَّسَبِ. وَمَسْأَلَةٌ 7: وُجُوبُ الْيَمِينِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا مَسْأَلَةُ وُجُوبِ الْيَمِينِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَعَدَمِهِ، فَلْيُعَاوَدْ مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَعَقْدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِي كُلِّ نِكَاحٍ فَاسِدٍ فِيهِ شُبْهَةٌ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَقِيلَ: لَمْ يَعْتَقِدْ فَسَادَهُ، وَفِي كونه كصحيح أو كملك
وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ، وَعَنْهُ: ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ. وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ: قَوْلُ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 9 وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي الْمُغْنِي1 عَنْ الْقَاضِي، يُصَدَّقُ فيه لِتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ، وَلَا أَثَرَ لِشُبْهَةٍ مَعَ فِرَاشٍ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: تُبَعَّضُ الْأَحْكَامُ لِقَوْلِهِ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَحْمَدَ، لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزِّنَا يَحْرُمُ وَأَنَّ بِنْتَه مِنْ الزِّنَا تَحْرُمُ وَبِمَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَنَّهُ أَلْحَقَ أَوْلَادَ الْعَاهِرِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِآبَائِهِمْ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: أَمْرُهُ لِسَوْدَةِ بِالِاحْتِجَابِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ رَأَى قُوَّةَ شَبَهِهِ مِنْ الزَّانِي فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ، أَوْ قَصَدَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ لِلزَّوْجِ حَجْبَ زَوْجَتِهِ عَنْ أَخِيهَا، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ إنْ اسْتَلْحَقَ ولده من زنا ولا فراش لحقه. ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمِينٍ وَجْهَانِ، وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ يُلْحِقْهُ أَبُو بَكْرٍ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَهَلْ يَلْحَقُ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِالصَّحِيحِ أَمْ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ، فَيُعْطَى حُكْمَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْفِرَاشِ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ. مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَ وَلَدًا بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ مُطَلَّقَتِهِ أَوْ سُرِّيَّتِهِ فَشَهِدَتْ امْرَأَةٌ وَعَنْهُ ثِنْتَانِ بِوِلَادَتِهِ لَحِقَهُ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَقِيلَ: قَوْلُ الزَّوْجَةِ، ثُمَّ هَلْ لَهُ نَفْيُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَهُ نَفْيُهُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ فِيمَا يَظْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ. قلت: وهو الصواب.
وَنَصُّ أَحْمَدَ فِيهَا: لَا يَلْحَقُهُ هُنَا، وَفِي الِانْتِصَارِ: فِي نِكَاحِ الزَّانِيَةِ يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ اللَّبَّانِ1 فِي الْإِيجَازِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ وَالنَّخَعِيُّ وَإِسْحَاقَ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ابْنَ اللَّبَّانِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَلْحَقُهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، ذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَغَيْرُهُ مِثْلَ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ: يَلْحَقُهُ2 قَالَ لَمْ يُخَالِفْ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ" 3 لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدُلُّ مَعَ الْفِرَاشِ، لَكِنْ يَدُلُّ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 فِي بَابِ ادِّعَاءِ وَلَدِ الزِّنَا: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَهُوَ أَشْبَعُ5 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ بَعْدَ أَبِيهِ يُدْعَى لَهُ ادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ فَقَضَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا يَوْمَ أَصَابَهَا فَقَدْ لَحِقَ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ، وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قَسَمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ، وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ أَنْكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حرة عاهر بها فإنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُلْحَقُ، وَلَا يَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَدَّعِي لَهُ هُوَ ادِّعَاءٌ فَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ. حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، زَادَ: وَهُوَ وَلَدُ زِنًا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا، حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَذَلِكَ فِيمَا اُسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَمَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى1. عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ فِيهِ كَلَامٌ مَشْهُورٌ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: صَدُوقٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: يُعْتَبَرُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَمْ يَكُنْ الْحَدِيثُ مِنْ صَنْعَتِهِ فَكَثُرَ الْمَنَاكِيرُ فِي حَدِيثِهِ فَاسْتَحَقَّ تَرْكَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، كَذَا قَالَ، وَالصَّوَابُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ قَبْلَهُ، فَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ قَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَهُمْ إمَاءٌ بَغَايَا تَلِدُ وَقَدْ زَنَتْ فَيَدَّعِي سَيِّدُهَا الْوَلَدَ، وَيَدَّعِيهِ الزَّانِي، حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ، فَقَضَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَلَدِ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْفِرَاشِ، وَنَفَاهُ عَنْ الزَّانِي، وَقَوْلُهُ قَضَى أَنَّ كُلَّ مُسْتَلْحَقٍ إلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ مِمَّا قُسِمَ قَبْلَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ، لِأَنَّهُ صَارَ ابْنَهُ حِينَئِذٍ، فَهُوَ تَجْدِيدُ حُكْمٍ بِنَسَبِهِ، إذْ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ الْبُنُوَّةِ ثَابِتًا، وَمَا أُدْرِكَ مِنْ مِيرَاثٍ لَمْ يُقْسَمْ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ ثَبَتَ قَبْلَ قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ فَيَسْتَحِقُّ منه نصيبه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نَظِيرُ هَذَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مِيرَاثٍ قَبْلَ قَسْمِهِ، فَثُبُوتُ النَّسَبِ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِيرَاثِ، قَوْلُهُ وَلَا يُلْحَقُ إذَا كَانَ أَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ أَنْكَرَهُ يُبَيِّنُ أَنَّ التَّنَازُعَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، فَالصُّورَةُ الْأُولَى اسْتَلْحَقَهُ وَرَثَةُ أَبِيهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى لَهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ اسْتَلْحَقُوهُ وَأَبُوهُ الَّذِي يُدْعَى لَهُ كَانَ يُنْكِرُهُ، فَلَا يَلْحَقُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي لِلْوَرَثَةِ خَلَفَ عَنْهُ مُنْكِرٌ لَهُ هَذَا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ يَمْلِكُهَا. وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ أَمَةٍ لم يملكها أو من حرة عاهر بها فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ ادَّعَاهُ الْوَاطِئُ وَهُوَ وَلَدُ زَنِيَّةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ مِنْ أَمَةٍ لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً، وَأَمَّا مَا اُقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى، وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 قَبْلَهُ مِنْ حَدِيثِ سَلْمِ بْنِ أَبِي الذَّيَّالِ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنْ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ". قَالَ أَحْمَدُ فِي سَلْمٍ: ثِقَةٌ مَا أَصْلَحَ حَدِيثَهُ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ وَمَنْ يُرْوَى عَنْهُ ثِقَةٌ، لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ2، وَلَفْظُهُ فَقَدْ أَلْحَقَتْهُ بِعَصَبَتِهِ وَالْمُسَاعَاةُ الزِّنَا، تُسَمَّى مُسَاعَاةً؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْعَى لِصَاحِبِهِ فِي حُصُولِ غَرَضِهِ، فأبطل الإسلام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَلِكَ وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَلْحَقَ النَّسَبَ بِهِ. وَفِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ: وَعَفَا عَمَّا كَانَ مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِمَّنْ أُلْحِقَ بِهَا. وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 فِي بَابِ الْوَلَدِ لِلْفِرَاشِ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فُلَانًا ابْنِي، عَاهَرْت بِأُمِّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا دَعْوَةَ2 فِي الْإِسْلَامِ، ذَهَبَ أَمْرُ الْجَاهِلِيَّةِ، الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَتَبَعِيَّةُ النسب للأب عما لَمْ يَنْتَفِ مِنْهُ، كَابْنِ مُلَاعَنَةٍ، فَوَلَدُ قُرَشِيٍّ مِنْ غَيْرِ قُرَشِيَّةٍ قُرَشِيٌّ لَا عَكْسُهُ وَتَبَعِيَّةُ3 حُرِّيَّةٍ وَرِقٍّ لِلْأُمِّ ع إلَّا مِنْ عُذْرٍ لِلْعَيْبِ أَوْ غُرُورٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَدٌ4 وَيَتْبَعُ خَيْرَهُمَا دِينًا. وَقَالَهُ شَيْخُنَا. وَيَتْبَعُ مَا أَكَلَ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا، تَقَدَّمَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ الْعَيْبُ وَالْغُرُورُ5، وَذَكَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ يُوجَدُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرَّةِ6 وَهُوَ وَلَدُ الْأَمَةِ الْمُعَلَّقِ عتقها بمجيئه عبدا، كذا قال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل من أقر بطفل أو مجنون مجهول نسبه أنه ولده وأمكن لحقه،
فَصْلٌ مَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نسبه7 أنه ولده وأمكن لحقه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"1وَلَوْ أَنْكَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَيَرِثُهُ أَقَارِبُهُ وَيَرِثُهُمَا1"، وَقِيلَ: لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَةٍ، وَعَنْهُ: مُزَوِّجَةٍ وَعَنْهُ: "2لا يلحق بمن لها نسب معروف، وأيهما لَحِقَهُ لَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ، وَلَا يُلْحَقُ بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ2" رِقًّا وَدِينًا بِلَا بَيِّنَةٍ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً3 أَنَّهُ وَلَدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقِيلَ: وَكَذَا فِي حُرِّيَّتِهِ، وَإِنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ قُدِّمَ ذُو الْبَيِّنَةِ ثُمَّ السَّابِقُ، وَإِلَّا فَقَدْ تُسَاوَيَا مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ وَجْهٌ: لَا تُسْمَعُ دَعْوَى كَافِرٍ بِلَا بَيِّنَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَنْ لَهُ يَدٌ غَيْرُ يَدِ الْتِقَاطِهِ "4فَأَرَادَ غَيْرُهُ4" اسْتِلْحَاقَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ وَكَذَلِكَ الثَّانِي فَفِي تَقَدُّمِهِ بِالْيَدِ احْتِمَالَانِ، وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ، على الأصح، وتقدم امرأة هو في يدها5 عَلَى امْرَأَةٍ ادَّعَتْهُ، وَيُحْتَمَلُ التَّسَاوِي. فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي بَيِّنَةٍ أَوْ عَدَمِهَا أَرَى الْقَافَةَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَقَارِبِهِمَا إنْ مَاتَا، كَأَخٍ وَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَأَوْلَادِهِمْ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا: مع كبره، نص عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلتُّهْمَةِ، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِوَاحِدٍ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: أَوْ تَوَقَّفَتْ فِيهِ وَنَفَتْهُ عَنْ الْآخَرِ لَحِقَ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِامْرَأَتَيْنِ لَمْ يُلْحَقْ بَلْ بِرَجُلَيْنِ، فَيَرِثُ كُلًّا مِنْهُمَا إرْثُ وَلَدٍ كَامِلٍ، وَيَرِثَانِهِ إرْثَ أَبٍ وَاحِدٍ، وَلِهَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ قُبِلَا جَمِيعًا لِيَحْصُلَ لَهُ، وَإِنْ خَلَفَ أَحَدُهُمَا: فَلَهُ إرْثُ أَبٍ كَامِلٌ، وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ مِنْ الْمَيِّتِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلِأُمَّيْ أَبَوَيْهِ مَعَ أُمِّ أُمٍّ نِصْفُ سُدُسٍ، وَلَهَا نِصْفُهُ، وَإِنْ نَفَتْهُ عَنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَوْ عُدِمَتْ أَوْ اخْتَلَفَ قَائِفَانِ ضَاعَ نَسَبُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى. وَقِيلَ: يُلْحَقُ بِهِمَا، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ يُخَيَّرُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَافَةً، وَأَوْمَأَ أَنَّهُ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، ثُمَّ إنْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ بَطَلَ انْتِسَابُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ الْوَجْهَ الثَّانِيَ أَنْ يَمِيلَ بِطَبْعِهِ إلَيْهِ، لِأَنَّ الْفَرْعَ يَمِيلُ إلَى أَصْلِهِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَهُ إحْسَانٌ، لِأَنَّهُ يُغَطِّي كَتَغْطِيَةِ الطِّيبِ رِيحَ النَّجَاسَةِ، فَلَوْ قَتَلَاهُ قَبْلَ أَنْ يُلْحَقَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ رَجَعَا لِعَدَمِ قَبُولِهِ، وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: انْتَفَى عَنْهُ وَهُوَ شَرِيكُ أَبٍ، بِخِلَافِ الَّتِي بَعْدَهَا، لِبَقَاءِ فِرَاشِهِ مَعَ إنْكَارِهِ، وَكَذَا إنْ وُطِئَتْ امْرَأَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ اشْتِرَاكٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ، وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ لِنَفْسِهِ لَحِقَهُ، وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ مِثْلُهُ وَرِوَايَةٌ كَالْأَوَّلِ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِيمَنْ غَصَبَ امْرَأَةَ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى زَوْجِهَا كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ؟ مِثْلُ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَهُ إذَا ادَّعَاهُ، وَهَذَا لَا يَدَّعِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَقِيلَ: إن عدمت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْقَافَةُ1 فَهُوَ لِرَبِّ الْفِرَاشِ. وَقَالَ مَنْ لَمْ يَرَ الْقَافَةَ: لَوْ عَمِلَ بِهَا لِعَمَلٍ فِي: لَيْسَ الْوَلَدُ مِنِّي بَلْ مِنْ زِنًا فِي نَسَبٍ وَحَدٍّ. فَأَجَابَ فِي الِانْتِصَارِ: إذَا شَكَّ فِي الْوَلَدِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى: يَرَى الْقَافَةَ، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ لَحِقَ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِالزَّانِي لَمْ يُلْحَقْ بِهِ وَلَا بِزَانٍ وَلَا حَدٍّ، وَإِنْ سَلَّمْنَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْأَثْرَمُ فَالْقَافَةُ لَيْسَتْ عِلَّةً مُوجَبَةً، بَلْ حُجَّةٌ مُرَجَّحَةٌ لِشُبْهَةِ الْفِرَاشِ. فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ م 10. وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا: قَبْلَ إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بِغَيْرِهِ وَجْهَانِ م 11 وَالثَّلَاثَةُ فَأَكْثَرُ كَاثْنَيْنِ فِي الدعوى والافتراش. نص ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَنْكَرَهُ الزَّوْجُ وَلَحِقَهُ بِقَافَةٍ أَوْ انْتِسَابٍ فَفِي نَفْيِهِ بِلِعَانٍ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ. إحْدَاهُمَا: لَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَمْلِكُ ذَلِكَ، صَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حواشيه، وهذا ضعيف. مَسْأَلَةُ 11: قَوْلُهُ: وَمَنْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا: قَبْلَ4 إلْحَاقِ قَافَةٍ فَلَا قَوَدَ، فَلَوْ أَلْحَقَتْهُ بغيره فوجهان، انتهى.
عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَةٍ. وَأَوْمَأَ فِي أَكْثَرَ، وَلَمْ يُلْحِقْهُ ابْنُ حَامِدٍ بِهِمْ، وَيَكُونُ كَدَعْوَى اثْنَيْنِ وَلَا قَافَةَ، وَعَنْهُ يُلْحَقُ بِثَلَاثَةٍ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرُوا أَنَّ فِيمَا زَادَ رِوَايَتَيْنِ. وَتُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْقَائِفِ وَذُكُورِيَّتُهُ وَكَثْرَةُ إصَابَتِهِ، وَقِيلَ: وَحُرِّيَّتُهُ، وَذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ، وَيَكْفِي وَاحِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: اثْنَانِ. فَيُعْتَبَرُ مِنْهُمَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ قَالَ: كَالْمُقَوِّمِينَ، وَلَا يَبْطُلُ قَوْلُهَا بِقَوْلِ أُخْرَى وَلَا بِإِلْحَاقِهَا غَيْرَهُ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ الْقَائِفُ عَلَى الصُّورَةِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ الشَّبَهُ فِي الشَّمَائِلِ وَالْحَرَكَاتِ، كَقَوْلِ قَائِلِهِمْ: يَعْرِفُهُ مَنْ قَافَ أَوْ تَقَوَّفَا ... بِالْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَالْقَفَا وَطَرْفِ عَيْنَيْهِ إذَا تَشَوَّفَا وَإِنْ عَارَضَ قَوْلَ اثْنَيْنِ قَوْلُ ثلاثة فأكثر أو تعارض اثنان سقط الْكُلُّ، وَإِنْ اتَّفَقَ اثْنَانِ وَخَالَفَا ثَالِثًا أَخَذَ بِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ، بَيْطَارَانِ وَطَبِيبَانِ فِي عَيْبٍ، وَلَوْ رَجَعَا، فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا: لَحِقَ بِالْآخَرِ وَنَفَقَةُ الْمَوْلُودِ عَلَى الْوَاطِئِينَ، فَإِذَا أُلْحِقَ بِأَحَدِهِمَا: رَجَعَ الْآخَرُ بِنَفَقَتِهِ وَيَعْمَلُ بِقَافَةٍ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا قَوَدَ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِوُجُودِ شُبْهَةٍ مَا، وَقَوْلُ الْقَافَةِ لَيْسَ مَقْطُوعًا بِهِ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ نَصْرِ اللَّهِ قَالَ فِي حَوَاشِيهِ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَادُ بِهِ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ
ثُبُوتِ غَيْرِ بُنُوَّةٍ، كَأُخُوَّةٍ وَعُمُومَةٍ، عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: لَا؛ كَإِخْبَارِ رَاعٍ بِشَبَهٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالْفَصِيلِ لِأَنَّا وَقَفْنَا عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ، وَلِتَأَكُّدِ النَّسَبِ، لِثُبُوتِهِ مَعَ السُّكُوتِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ: أَرَى الْقُرْعَةَ وَالْحُكْمَ بِهَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَقْرَعَ فِي خَمْسِ مَوَاضِعَ1، فَذَكَرَ مِنْهَا إقْرَاعَ عَلِيٍّ فِي الْوَلَدِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ وَقَعُوا عَلَى الْأَمَةِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ2، وَلَمْ يَرَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، لِاضْطِرَابِهِ، وَلِأَنَّ الْقَافَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ3، وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ فِي الْقَافَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرٌّ بِقَوْلِ الْمُدْلِجِيِّ وَقَدْ نَظَرَ إلَى أَقْدَامِ زَيْدٍ، وَأُسَامَةَ: "إنَّ هَذِهِ أَقْدَامٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ4" وَبِخَبَرِ عَائِشَةَ: رَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ5. قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ قُرَيْشًا وُلِدَ لَهُ ابْنٌ أَسْوَدُ، فَغَمَّهُ ذَلِكَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَسَأَلَ بَعْضَ الْقَافَةِ فَقَالُوا: الِابْنُ ابْنُك، فَسَأَلَ الْقُرَشِيُّ أُمَّهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَتْ: لَسْت ابْنَ فُلَانٍ، أَبُوك فُلَانُ الْأَسْوَدُ1. وَبَلَغَنِي أَنَّ السَّارِقَ يَسْرِقُ بِمَكَّةَ فَيَدْخُلُ إلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَسْرِقُ مِنْهُ فَيَرَى قَدَمًا ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الْأَبْطُحِ فَيَقُومُ عَلَيْهِ فَيَمُرُّ بِهِ فَيَعْرِفُهُ. وَفِي كِتَابِ الْهُدَى2: الْقُرْعَةُ تُسْتَعْمَلُ عِنْدَ فِقْدَانٍ مُرَجَّحٍ سِوَاهَا مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَافَةٍ، قَالَ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ تَعْيِينُ الْمُسْتَحَقِّ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالْقُرْعَةِ، لِأَنَّهَا غَايَةُ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْجِيحِ الدَّعْوَى3، وَلَهَا دُخُولٌ فِي دَعْوَى الْأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تَثْبُتُ بِقَرِينَةٍ وَلَا أَمَارَةٍ، فَدُخُولُهَا فِي النَّسَبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الشَّبَهِ الْخَفِيِّ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْلِ الْقَائِفِ أَوْلَى. وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ، له ابن، و4للابن ابْنَانِ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: وَلَدِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ الْأَكْبَرُ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمُقِرُّ بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ وَيُعْتَقُوا، وَيَثْبُتُ نَسَبُهُمْ مِنْهُ بِصِحَّةِ5 إقْرَارِهِ بِهِ فَقَطْ، لِأَنَّ شَرْطَهُ جَهَالَةُ النَّسَبِ، فَيُصْرَفُ إقْرَارُهُ إلَى مَنْ يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا تَسَاوَوْا، وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْمُقِرِّ بِهِ، بَلْ حُرِّيَّتُهُ، لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ إقْرَارِهِ، فَيُقْرِعُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب العدد
كتاب العدد مدخل ... كِتَابُ الْعِدَّةِ يَلْزَمُ مَنْ فَارَقَتْ زَوْجًا بِمَوْتٍ وَكَذَا فِي الْحَيَاةِ وَهِيَ مِمَّنْ يُوطَأُ وَيُولَدُ لِمِثْلِهِ بَعْدَ وَطْءٍ أَوْ خَلْوَةٍ مُطَاوَعَةً عَالِمًا بِهَا وَلَوْ مَعَ مَانِعٍ، كَإِحْرَامٍ وَجَبٍّ وَرَتْقٍ، وَيَتَخَرَّجُ فِي عِدَّةٍ كَصَدَاقٍ، وَاخْتَارَ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: لَا عِدَّةَ بِخَلْوَةٍ. وَفِي تَحَمُّلِهَا مَاءَ رَجُلٍ وَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَجْهَانِ م 1 و 2 وَالنِّكَاحُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 و 2 قَوْلُهُ: وَفِي تَحَمُّلِهَا مَاءَ رَجُلٍ وَقُبْلَةٍ وَلَمْسٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1 إذَا تَحَمَّلَتْ مَاءَ رَجُلٍ فَهَلْ تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدَهُمَا: لَا تَجِبُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ الْعِدَّةُ بِذَلِكَ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي في المجرد. وقال في
الْفَاسِدُ كَصَحِيحٍ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا عِدَّةَ فِيهِ إلَّا بِوَطْءٍ مُطْلَقًا، كَبَاطِلٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ: إذَا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّ زَوْجٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشَهْوَةٍ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ. انْتَهَى، وَقَالَ فِيهَا هُنَا بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ: قُلْت: إنْ كَانَ مَاءُ زَوْجِهَا اعْتَدَّتْ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَقَدَّمَ نَظِيرَتُهَا فِي الصَّدَاقِ فِيمَا يُقَرِّرُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا فَهَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدَهُمَا: لَا تَجِبُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الأصحاب وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيه، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ تَحَمَّلَتْ مَاءَ الرَّجُلِ، وَقِيلَ: أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِلَا خَلْوَةٍ، فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. والوجه الثاني: تجب العدة بذلك.
المعتدات ست
وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ: الْحَامِلُ: فَتَعْتَدُّ مِنْ مَوْتٍ وَغَيْرِهِ بِمَا تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَعَنْهُ: غَيْرَ مُضْغَةٍ، احْتِيَاطًا بِوَضْعِهِ كُلِّهِ، لِبَقَاءِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْأُمِّ فِي الْأَحْكَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَغُسْلُهَا ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِنْ نِفَاسِهَا إنْ اُعْتُبِرَ غُسْلُهَا مِنْ حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ، وَعَنْهُ: أَوْ الْوَلَدُ الْأَوَّلُ، وَذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ أَوَّلَ النِّفَاسِ مِنْ الْأَوَّلِ وَآخِرَهُ مِنْهُ بِأَنَّ أَحْكَامَ الْوِلَادَةِ تَتَعَلَّقُ بِأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ وَانْقِضَاءَ الْعِدَّةِ يَتَعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا: بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَذَلِكَ مُدَّةُ النِّفَاسِ، كَذَا قَالَ. وَتَبِعَهُ الْأَزَجِيُّ، وَلَا تَنْقَضِي بِمَا لَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، وَعَنْهُ: مِنْ غَيْرِ طِفْلٍ، لِلُحُوقِهِ بِاسْتِلْحَاقِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ أَتَتْ بِهِ بَائِنٌ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، كَمُلَاعَنَةٍ. وَأَقَلُّ مُدَّةِ حَمْلٍ نِصْفُ سَنَةٍ، وَغَالِبُهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ، وَأَكْثَرُهَا أَرْبَعُ سِنِينَ، وَعَنْهُ: سَنَتَانِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَأَقَلُّ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ الْوَلَدُ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ يوما.
المتوفي زوجها عنها بلا حمل
الثَّانِيَةُ: الْمُتَوَفَّى زَوْجُهَا عَنْهَا بِلَا حَمْلٍ فَتَعْتَدُّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرِ لَيَالٍ بِعَشْرَةِ أَيَّامٍ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَعَشْرَةُ أَيَّامٍ، وَكَذَا نَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. الْيَوْمَ مُقَدَّمٌ قَبْلَ اللَّيْلَةِ، لَا يُجْزِئُهَا إلَّا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ، وَالْأَمَةُ بِنِصْفِهَا، وَمَنْ نِصْفُهَا حُرٌّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ. وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ رَجْعِيَّةٍ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ سَقَطَتْ وَابْتَدَأَتْ عِدَّةُ وَفَاةٍ مِنْ مَوْتِهِ، وَعَنْهُ: أَطْوَلُهُمَا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَ عِدَّةِ بَائِنٍ فَلَا عِدَّةَ، وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ إنْ وَرِثَتْ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ فَعَنْهُ: تَعْتَدُّ لِطَلَاقٍ، كَاَلَّتِي لَا تَرِثُ، وَعَنْهُ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِوَفَاةٍ، وَعَنْهُ: أَطْوَلُهُمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ م 3 وَإِنْ ارْتَابَتْ مُتَوَفًّى عَنْهَا بِأَمَارَةِ حَمْلٍ، كَحَرَكَةٍ أَوْ انْتِفَاخِ بَطْنٍ أَوْ رَفْعِ حَيْضٍ، فَهِيَ فِي عِدَّةٍ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ1، وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا قَبْلَ زَوَالِهَا بَعْدَ شُهُورِ الْعِدَّةِ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ ظَهَرَتْ2 بَعْدَ الشُّهُورِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَقِيلَ: قَبْلَ الدُّخُولِ فَوَجْهَانِ م 4 لَكِنْ إنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ لِدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ تَبَيَّنَّا فَسَادَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ فِي عِدَّةِ بَائِنٍ فَعَنْهُ: تَعْتَدُّ لِطَلَاقٍ كَاَلَّتِي لَا تَرِثُ، وَعَنْهُ: لِوَفَاةٍ، وَعَنْهُ: أَطْوَلُهُمَا، وَهُوَ الْمُذْهَبُ، انْتَهَى. مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ الْمُذْهَبِ هُوَ كَمَا قَالَ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ لَا غَيْرُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ لِلطَّلَاقِ لَا غَيْرُ. مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: فِي الْمُرْتَابَةِ: وَإِنْ ظَهَرَتْ3 يَعْنِي الريبة بَعْدَ الشُّهُورِ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَقِيلَ: قَبْلَ الدُّخُولِ، فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ4 والرعايتين والمستوعب وغيرهم.
ذات الأقراء المفارقة في الحياة ولو بطلقة ثالثة
فَصْلٌ الثَّالِثَةُ: ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْمُفَارَقَةُ فِي الْحَيَاةِ وَلَوْ بِطَلْقَةٍ ثَالِثَةٍ ع فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَوْ بَعْضُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ، وَغَيْرُهَا بِقُرْأَيْنِ، وَهِيَ الْحَيْضُ، وَلَيْسَ الطُّهْرُ عِدَّةً،
وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ، وَلَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ طَلَّقَهَا فِيهَا. وَفِي امْتِنَاعِ الرَّجْعَةِ وَحِلِّهَا لِزَوْجٍ قَبْلَ غُسْلِهَا من الثالثة روايتان م 5 وظاهر ذلك وَلَوْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ سِنِينَ، حَتَّى قَالَ بِهِ شَرِيكٌ الْقَاضِي عِشْرِينَ سَنَةً، وَذَكَرَهُ فِي الهدى إحدى الروايات عن أحمد، وعنه: بمضيّ1 وَقْتُ صَلَاةٍ، وَتَنْقَطِعُ بَقِيَّةُ الْأَحْكَامِ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ، وَجَعَلَهَا ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى الْخِلَافِ، وَعَنْهُ: الْأَقْرَاءُ: الأطهار، فتعتد بالطهر المطلق فيه ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَحِلِّ النِّكَاحِ وَسُقُوطِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى قَبْلَ الشَّكِّ، فَلَا يَزُولُ ذلك بالشك الطارئ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَفِي امْتِنَاعِ الرَّجْعَةِ وَحِلِّهَا لِزَوْجٍ قَبْلَ غُسْلِهَا مِنْ الثَّالِثَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 فِي الرَّجْعَةِ، وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي والرعاية في باب العدد:
قُرْءًا، ثُمَّ إذَا طَعَنَتْ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الْأَمَةُ فِي الثَّانِيَةِ حَلَّتْ، وَقِيلَ: بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وليس من العدة في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَهُ رَجْعَتُهَا وَلَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ حَتَّى تَغْتَسِلَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَنَصُّهُمَا عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَالشِّيرَازِيِّ وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ ارْتِجَاعُهَا، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: قَالَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَيَأْتِي لَفْظُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ والرعايتين في باب الرجعة. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ رَجْعَتُهَا وَتَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى، قَالَ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، "1وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 فِي أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِانْقِطَاعِ الدَّمِ قَبْلَ الْغُسْلِ1". وَقَالَ فِي التَّصْحِيحِ: لَهُ رَجْعَتُهَا مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: لَا تَحِلُّ حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صلاة، انتهى.
وَمَتَى ادَّعَتْ فَرَاغَهَا بِوِلَادَةٍ أَوْ أَقْرَاءٍ وَأَمْكَنَ قَبْلُ، إلَّا أَنْ تَدَّعِيَهُ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ، فَيُقْبَلُ بِبَيِّنَةٍ، كَخِلَافِ1 عَادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ، كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَغَيْرِهِمَا، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: الْبَيِّنَةُ لَهَا بِانْقِضَائِهَا فِي شَهْرٍ "2أَنْ تَشْهَدَ2" أَنَّهَا رُئِيَتْ تُصَلِّي وَتَصُومُ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا، يُرِيدُ: طُلُوعٌ إلى فرج. وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ سَبْقِ الطَّلَاقِ وَقْتَ الْحَيْضِ أَوْ الْوِلَادَةِ أَوْ الْأَشْهُرِ. وَأَقَلُّ مَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِهِ بِالْأَقْرَاءِ، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، وَلِأَمَةٍ خَمْسَةَ عَشْرَ وَلَحْظَةٌ، وَإِنْ قِيلَ: أَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشْرَ، فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، وَلِأُمِّهِ سَبْعَةَ عَشْرَ وَلَحْظَةٌ. وَإِنْ قِيلَ: الْأَقْرَاءُ الْأَطْهَارُ وَأَقَلُّهُ ثَلَاثَةَ عَشْرَ فَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلَحْظَتَانِ، وَلِأَمَةٍ أَرْبَعَةَ عَشْرَ وَلَحْظَتَانِ، وَإِنْ قِيلَ أَقَلُّهُ خَمْسَةَ عَشْرَ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَلَحْظَتَانِ، وَلِأَمَةٍ سِتَّةَ عَشَرَ وَلَحْظَتَانِ، وَلَا تُحْسَبُ3 مُدَّةُ نفاس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِمُطَلَّقَةٍ بَعْدَ الْوَضْعِ.
مفارقة في الحياة لم تحض لإياس أو صغر
الرَّابِعَةُ: مُفَارَقَةٌ فِي الْحَيَاةِ لَمْ تَحِضْ لِإِيَاسٍ أَوْ صِغَرٍ، فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِهَا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ أَوَّلُ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، وَالْأَمَةُ بِشَهْرَيْنِ، نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ؛ وَعَنْهُ بِثَلَاثَةٍ، وَعَنْهُ: بِنِصْفِهَا، وَعَنْهُ: بِشَهْرٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا بِحِسَابِهِ، وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ كَحُرَّةٍ، عَلَى الروايات وعنه: عدة مختلعة حيضة واختاره شَيْخُنَا فِي بَقِيَّةِ الْفُسُوخِ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ، فَإِنْ قِيلَ: هِيَ الْأَطْهَارُ فَفِي عَدِّهَا مَا قَبْلَ الْحَيْضِ طُهْرًا وَجْهَانِ م 6 وإن أيست في عدة ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الرَّابِعَةِ: وَعَنْهُ عِدَّةُ مُخْتَلِعَةٍ حَيْضَةٌ، انْتَهَى. الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْمَكَانَ لَيْسَ بِمَوْضِعِ ذِكْرِهَا، لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِمَنْ لَمْ تحض، وإنما موضع ذكرها فِي الثَّالِثَةِ، وَهِيَ ذَوَاتُ الْأَقْرَاءِ، فَتُذْكَرُ الرِّوَايَةُ بَعْدَ قَوْلِهِ فَتَعْتَدُّ حُرَّةٌ أَوْ بَعْضُهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ وَعَنْهُ عِدَّةُ مُخْتَلِعَةٍ، إلَى آخِرِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ. وَإِنْ حَاضَتْ صَغِيرَةٌ فِي عِدَّتِهَا ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ الْأَقْرَاءِ، فَإِنْ قِيلَ: هِيَ الْأَطْهَارُ فَفِي عَدِّهَا مَا قَبْلَ الْحَيْضِ طُهْرًا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْبُلْغَةِ والمحرر والشرح وشرح ابن منجا والنظم والرعايتين والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم:
الْأَقْرَاءِ ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ آيِسَةٍ، وَإِنْ عَتَقَتْ أَمَةٌ مُعْتَدَّةٌ أَتَمَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ، إلَّا الرَّجْعِيَّةُ فَتُتِمُّ عدة حرة، نص عليهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُحْتَسَبُ قُرْءًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ ابْتَدَأَتْ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَتَبْدَأُ حَائِضٌ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، انْتَهَى، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ هَؤُلَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِهِ قُرُوءًا، لِأَنَّ عِنْدَهُمْ الْقُرْءَ الْحَيْضُ، قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ: وَالطُّهْرُ الْمَاضِي غير معتبر2 في وجه، انتهى.
من ارتفع حيضها ولم تعلم سببه
فصل الخامس1: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَهُ، فَتَقْعُدُ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ، وَقِيلَ أَكْثَرُهَا، ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُنَا، لِظُهُورِ بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِغَالِبِ مدته. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: الْخَامِسُ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْخَامِسَةُ، كَإِخْوَانِهِ. فَإِنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: وَالْمُعْتَدَّاتُ سِتٌّ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ الثَّالِثَةُ الرَّابِعَةُ، فَيُقَدَّرُ مَا يُصَحِّحُهُ فيقال: الضرب الخامس من المعتدات.
وَفِي انْتِقَاضِ الْعِدَّةِ بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَهَا قَبْلَ التزوج وجهان م 7 وَعِدَّةُ بَالِغَةٍ لَمْ تَرَ حَيْضًا وَلَا نِفَاسًا كَآيِسَةٍ، وَعَنْهُ: كَمَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَكَذَا مُسْتَحَاضَةٌ نَاسِيَةٌ لِوَقْتِهَا، وَمَنْ لَهَا عادة أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: مَنْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا وَلَمْ تَعْلَمْ سَبَبَهُ فَتَعْتَدُّ لِلْحَمْلِ غَالِبَ مُدَّتِهِ، وَقِيلَ: أَكْثَرُهَا ثُمَّ تَعْتَدُّ كَآيِسَةٍ، كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ هُنَا، لِظُهُورِ بَرَاءَتِهَا مِنْ الْحَمْلِ بِغَالِبِ مُدَّتِهِ، وَفِي انْتِقَاضِ الْعِدَّةِ بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالرِّعَايَتَيْنِ. أَحَدُهُمَا: لَا تُنْتَقَضُ عِدَّتُهَا بِعَوْدِ الْحَيْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ، لِلْحُكْمِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَنْتَقِلُ فَتَعْتَدُّ بِالْحَيْضِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: لَيْسَ بَيْنَ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ مُنَافَاةٌ، إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ ذَكَرَ قَوْلًا بِأَنَّهَا تَعْتَدُّ للحمل أكثر مدته، وليس هذا الاحتمال
تَمْيِيزٌ عَمِلَتْ بِهِمَا، وَإِنْ عَلِمَتْ لَهَا حَيْضَةً فِي كُلِّ مُدَّةٍ كَشَهْرٍ اعْتَدَّتْ بِتَكْرَارِهَا ثَلَاثًا1 نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: الْمُسْتَحَاضَةُ النَّاسِيَةُ لِوَقْتِ حَيْضِهَا تَعْتَدُّ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ كَمَرَضٍ وَرَضَاعٍ قَعَدَتْ مُعْتَدَّةً حَتَّى تَعْتَدَّ بِحَيْضٍ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً فَتَعْتَدَّ مِثْلَهَا، وَعَنْهُ: تَنْتَظِرُ زَوَالَهُ، ثُمَّ إنْ حَاضَتْ اعْتَدَّتْ بِهِ، وَإِلَّا بِسَنَةٍ، ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ والكافي2 ـــــــــــــــــــــــــــــQلِصَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، بَلْ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ، وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْدِيرَ بِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ. الثَّانِي: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَتْ مَا رَفَعَهُ كَمَرَضٍ وَرَضَاعٍ قَعَدَتْ مُعْتَدَّةً حَتَّى تَحِيضَ أَوْ تَصِيرَ آيِسَةً، فَتَعْتَدُّ مثلها، وعنه تنتظر زواله، ثم إن حاضت اعْتَدَّتْ بِهِ وَإِلَّا بِسَنَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْكَافِي، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: لَيْسَ هَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَا فِي الْكَافِي لَا ظَاهِرًا وَلَا نَصًّا، ثم قال: قَالَ فِي الْكَافِي3: وَلَمْ تَزَلْ فِي عِدَّةٍ حَتَّى يَعُودَ الْحَيْضُ فَتَعْتَدَّ بِهِ، لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقُرُوءِ، وَالْعَارِضُ الَّذِي مَنَعَ الدَّمَ يَزُولُ، فانتظر زواله، إلا أن تصير
وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: تَعْتَدُّ سَنَةً، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إن كانت لَا تَحِيضُ أَوْ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا أَوْ صَغِيرَةً فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ فِي أَمَةٍ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لِعَارِضٍ: تَسْتَبْرِئُ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لِلْحَمْلِ، وَشَهْرٍ لِلْحَيْضِ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: إنْ عَلِمَتْ عَدَمَ عَوْدِهِ فَكَآيِسَةٍ، وَإِلَّا سَنَةً. السَّادِسَةُ: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ تَمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، وَفِي اعْتِبَارِ حُكْمٍ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ والعدة واعتبار طلاق الولي بعدها ثم تعتد بِالْأَقْرَاءِ إنْ طَلَّقَ رِوَايَتَانِ م 8 و 9. وَقَالَ ابن عقيل: لا يعتبر فسخ النكاح ـــــــــــــــــــــــــــــQآيِسَةً فَتَعْتَدَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا تَعْتَدُّ سَنَةً أَصْلًا. انْتَهَى مَسْأَلَةٌ 8 و 9: قَوْلُهُ: فِي: امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ مَا تَقَدَّمَ فِي مِيرَاثِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ، وَفِي اعْتِبَارِ حُكْمٍ بضرب المدة والعدة واعتبار طلاق الولي بعدها ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ إنْ طَلَّقَ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: هَلْ يُفْتَقَرُ إلَى رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ لِيَحْكُمَ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُفْتَقَرُ إلَى ذَلِكَ، فَيَكُونُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ حِينَ ضَرَبَهَا الحاكم،
الْأَوَّلِ، عَلَى الْأَصَحِّ، كَضَرْبِ الْمُدَّةِ، وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ الْحَاكِمُ، فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ تَزَوَّجَتْ بِلَا حُكْمٍ، وَإِذَا فَرَّقَ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ فَرَغَتْ المدة نفذ الحكم ظاهرا، فيصح طلاق ـــــــــــــــــــــــــــــQكَمُدَّةِ الْعُنَّةِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رزين. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُفْتَقَرُ إلَى ذَلِكَ، بَلْ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْغَيْبَةِ، فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعِدَّةُ حَلَّتْ لِلْأَزْوَاجِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُفْتَقَرُ لِحَاكِمٍ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَعَلَى الْأُولَى هَلْ أَوَّلُ الْمُدَّةِ مُنْذُ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ أَوْ مُنْذُ انْقَطَعَ خَبَرُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: هَلْ أَوَّلُ الْمُدَّةِ مُنْذُ غَابَ أَوْ مُنْذُ ضَرَبَهَا الْحَاكِمُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: هَلْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ طَلَاقُ الْوَلِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2. "3إحْدَاهُمَا: لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هُوَ الْقِيَاسُ3". وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُعْتَبَرُ فَسْخُ النِّكَاحِ الأول،
الْمَفْقُودِ، لِبَقَاءِ نِكَاحِهِ، وَعَنْهُ: وَبَاطِنًا، فَلَا يَصِحُّ، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا الْإِرْثُ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ قَبْلَ وَطْءِ الثَّانِي فَهِيَ لَهُ، وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ، وبعده له أخذها زوجة بِعَقْدِهِ الْأَوَّلِ. وَالْمَنْصُوصُ: وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ الثَّانِي، وَيَطَأْ بَعْدَ عِدَّتِهِ، وَلَهُ تَرْكُهَا مَعَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ: بِعَقْدٍ ثَانٍ. فَإِنْ تَرَكَهَا فَفِي أَخْذِهِ ما مهرها هو أو الثاني وفي رجوع الثاني ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْأَصَحِّ، كَضَرْبِ الْمُدَّةِ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُعْتَبَرُ طَلَاقُ وَلِيِّهِ بَعْدَ اعْتِدَادِهَا لِلْوَفَاةِ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ طَلَاقِ الْوَلِيِّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: فَيَلْزَمُهَا عِدَّتَانِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ، انْتَهَى.
عليها به روايتان 10 و 11. وقال ابْنُ عَقِيلٍ: الْقِيَاسُ لَا يَأْخُذُهُ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: الْقِيَاسُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ بِلَا خِيَارٍ، إلَّا أَنْ تَقَعَ الْفُرْقَةُ بَاطِنًا فَلِلثَّانِي. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا خِيَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ مَوْتِهَا، وَأَنَّ الْأَمَةَ كنصف حرة، كالعدة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10 و 11: قَوْلُهُ: فَإِنْ تَرَكَهَا فَفِي أَخْذِهِ ما مهرها هو أو الثاني وفي رجوع الثَّانِي عَلَيْهَا بِهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى، ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 10: إذَا تَرَكَهَا الْأَوَّلُ لِلثَّانِي فَهَلْ يَأْخُذُ مَا مَهَرَهَا هُوَ أَوْ مَا مَهَرَ الثَّانِي؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يَأْخُذُ قَدْرَ صَدَاقِهَا الَّذِي أَعْطَاهَا هُوَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَأْخُذُ صَدَاقَهَا الَّذِي أَعْطَاهَا الثاني. المسألة الثانية 11: إذا أخذ من4 الزَّوْجُ الثَّانِي الْمَهْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَدَّ الْمَهْرَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ،
وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ. وَإِنْ مَتَى ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَالْفُرْقَةُ وَنِكَاحُ الثَّانِي مَوْقُوفًا، فَإِنْ أَخَذَهَا بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَمْضَى ثَبَتَ نِكَاحُ الثَّانِي، وَجَعَلَ فِي الرَّوْضَةِ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إلَيْهَا وَأَنَّهَا1 أَيُّهُمَا اخْتَارَتْهُ رَدَّتْ عَلَى الْآخَرِ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ: وَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ بِتَفْرِيقِهِ أو تزويجها، وقيل: وبالعدة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوالرعايتين والحاوي الصغير والقواعد الفقهية وغيرهم. إحْدَاهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا، قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَهُوَ أَظْهَرُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ زَوْجَةُ الثَّانِي ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَتَرِثُهُ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَهَلْ تَرِثُ الْأَوَّلَ؟ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى. يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَعَلَى كُلٍّ تَقْدِيرُ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ، كَمَا قَالَهُ غَيْرُ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَقَوْلُهُ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: تَرِثُهُ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: صَوَابُهُ أبو حفص.
وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ وَلَمْ يَجُزْ التَّزْوِيجُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ م 12 وَمَتَى قِيلَ1: لَا تَتَزَوَّجُ فَتَزَوَّجَتْ وَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ، فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهَا حَاكِمٌ احْتَمَلَ رُجُوعُهُ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا، وَاحْتَمَلَ لَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ مَا لم يخالف نصا أو إجماعا م 13. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ مَوْتُهُ وَقْتَ الْفُرْقَةِ وَلَمْ يَجُزْ التَّزْوِيجُ فَفِي صِحَّتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. "2يعني إذا تزوجت قبل الزمان المعتبر، ثم تبين أنه كان ميتا، فهل يصح التزويج، أم لا؟ فيه وجهان2" ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قُلْت: وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيهِ، وَلَهَا نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ، لِأَنَّهُ صَادَفَ مَحَلًّا. مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَمَتَى قِيلَ: لَا تَتَزَوَّجُ فَتَزَوَّجَتْ وَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ، فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَيْهَا حَاكِمٌ احْتَمَلَ رُجُوعُهُ، لِعَدَمِ وُجُوبِهَا، وَاحْتَمَلَ لَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: لَعَلَّ مَحَلَّ الِاحْتِمَالَيْنِ إذَا أَجْبَرَهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلنِّكَاحِ بِالْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ، فَإِذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِهِ تَوَجَّهَ الِاحْتِمَالَانِ، أَمَّا لَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ وَالْإِنْفَاقِ لَمْ يَتَوَجَّهْ احْتِمَالُ الرُّجُوعِ، انْتَهَى. وَهُوَ كَمَا قَالَ
وَمَنْ ظَهَرَ مَوْتُهُ بِاسْتِفَاضَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَكَمَفْقُودٍ، وَتَضْمَنُ الْبَيِّنَةُ مَا تَلِفَ مِنْ مَالِهِ وَمَهْرِ الثَّانِي، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: إنْ عُرِفَ خَبَرُهُ بِبَلَدٍ تَرَبَّصَتْ إلَى تِسْعِينَ سَنَةً، وَمَنْ أَخْبَرَ بطلاق غائب وإنه وكيل آخر فِي نِكَاحِهِ بِهَا وَضَمِنَ الْمَهْرَ فَنَكَحَتْهُ ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ فَأَنْكَرَ فَهِيَ زَوْجَتُهُ وَلَهَا الْمَهْرُ، وَقِيلَ: كَمَفْقُودٍ، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَتَى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِسَبَبٍ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ثُمَّ بَانَ انْتِفَاؤُهُ فَكَمَفْقُودٍ، وَكَذَا إنْ كَتَمَهُ حَتَّى تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا، فَإِنْ عَلِمَتْ تَحْرِيمَهُ فَزَانِيَةٌ، وَكَأَنَّهَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ أَجَازَهُ، وَإِنْ طَلَّقَ غَائِبٌ أَوْ مَاتَ اعْتَدَّتْ مُنْذُ الْفُرْقَةِ وَإِنْ لَمْ تَحِدَّ، وَعَنْهُ: هَذَا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَتْ بِوَضْعِ حَمْلٍ، وَإِلَّا فَمِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ. وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمُطَلَّقَةٍ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ ع، وَكَذَا الزَّانِيَةُ، وَعَنْهُ: لَا عِدَّةَ بَلْ تَسْتَبْرِئُ، اختاره الحلوإني وابن رزين كأمة مزوجة واختاره شَيْخُنَا فِي الْكُلِّ، وَفِي كُلِّ فَسْخٍ وَطَلَاقِ ثَلَاثٍ، وَأَنَّ لَنَا فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَيْنِ، وَأَنَّهَا دُونَ الْمُخْتَلِعَةِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الطَّلْقَةِ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ مَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمُطَلَّقَةٍ، وَكَذَا الزَّانِيَةُ، وَعَنْهُ: لَا عِدَّةَ، بَلْ تَسْتَبْرِئُ، اخْتَارَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ، كَأَمَةٍ مُزَوَّجَةٍ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: إلَّا الْأَمَةُ غَيْرُ الْمُزَوَّجَةِ فَإِنَّهَا تَسْتَبْرِئُ بِحَيْضَةٍ، وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ كِتَابِ الْمُصَنِّفِ لَفْظَةُ غَيْرُ قاله ابن نصر الله.
الثالثة: تعتد بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ع لِخَبَرِ فَاطِمَةَ "اعْتَدِّي"،1 وَقَدْ جَاءَ تَسْمِيَةُ الِاسْتِبْرَاءِ عِدَّةً، فَإِنْ كَانَ فِيهِ نِزَاعٌ فَالْقَوْلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ مُتَوَجِّهٌ، وَنَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تُعْتَقُ بِالْمَوْتِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ، وَلَا وَجْهَ لَهُ، إنَّمَا تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ2 الْمُطَلَّقَةُ، وَلَا تُوطَأُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَفِيمَا دُونَهُ وَجْهَانِ م 14. وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِزِنًا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَالَ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ3 " لِمَنْ سَأَلَهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ4: لَا يَصِحُّ. وَإِنْ أَمْسَكَهَا يَسْتَبْرِئُهَا". وَالْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّهَا كانت وطئت. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ: وَلَا تُوطَأُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَفِيمَا دُونَهُ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي فِيمَا دُونَ الْوَطْءِ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْرُمُ.
من وطىء معتدة بشبهة أو نكاح فاسد
من وطىء معتدة بشبهة أو نكاح فاسد ... فَصْلٌ: مَنْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ، وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا مَقَامُهَا عِنْدَ الثَّانِي، فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ رَجْعَةُ الرَّجْعِيَّةِ فِي التَّتِمَّةِ، فِي
الْأَصَحِّ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلثَّانِي. وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ أحدهما: عينا1 أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ قَافَةٌ وَأَمْكَنَ، بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَلِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ بَيْنُونَةِ الْأَوَّلِ، لَحِقَهُ، وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا لَحِقَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ تَسْتَأْنِفُ عِدَّةُ الْآخَرِ كَمَوْطُوءَةٍ لِاثْنَيْنِ، وَقِيلَ فِيهَا، بِزِنًا عِدَّةٌ، وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: إنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ نِكَاحِ الثَّانِي فَلَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَفْقُودِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ مِثْلَهُ وَزَادَ؛ فَإِنْ ادَّعَيَاهُ فَالْقَافَةُ وَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا أَصَابَهَا وَيُؤَدَّبَانِ. وَمَنْ وُطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ لِلشُّبْهَةِ، وَقِيلَ: لِلشُّبْهَةِ ثُمَّ لَهُ، وَفِي رَجْعَتِهِ قَبْلَ عِدَّتِهِ وَجْهَانِ م 15. وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ، وَفِي وَطْءِ الزَّوْجِ إنْ حَمَلَتْ مِنْهُ وَجْهَانِ م 16. ومن وطئ معتدة بَائِنًا مِنْهُ بِزِنًا فَكَوَطْءِ غَيْرِهِ، وَجَعَلَهُ فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَمَنْ وَطِئَتْ امْرَأَتُهُ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ طَلَّقَ اعْتَدَّتْ لَهُ ثُمَّ لِلشُّبْهَةِ، وَقِيلَ: لِلشُّبْهَةِ ثُمَّ لَهُ، وَفِي رَجْعَتِهِ قَبْلَ2 عِدَّتِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ رَجْعَتُهَا، وَهُوَ قَوِيٌّ. مَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَتُقَدَّمُ عِدَّةُ مَنْ حَمَلَتْ مِنْهُ، وفي وطء الزوج إن حملت منه
التَّرْغِيبِ كَشُبْهَةٍ1 تَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ لِوَطْئِهِ وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْأُولَى، وَمَنْ طَلَّقَ رَجْعِيَّةً وَالْأَصَحُّ أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا أَتَمَّتْ عِدَّتَهَا، وَإِنْ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ابْتَدَأَتْ عِدَّةً، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، كَفَسْخِهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ بِعِتْقٍ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ تُتِمُّ إنْ لَمْ يَطَأْ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَأَنَّ لَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنْ رَاجَعَ وَوَطِئَ ابْتَدَأَتْ، وَكَذَا إنْ وَطِئَ فَقَطْ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ أَتَمَّتْ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بَعْدَ وَضْعِهِ، لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ، وَإِنْ نَكَحَ بَائِنًا مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَ فِيهَا قَبْلَ وَطْءٍ أَتَمَّتْ، وَعَنْهُ تَبْتَدِئُ، وَلَوْ أَبَانَهَا حَامِلًا ثُمَّ نَكَحَهَا حَامِلًا ثُمَّ طَلَّقَهَا حَامِلًا فَرَغَتْ بِوَضْعِهِ، عَلَيْهِمَا، وَلَوْ أَتَتْ بِهِ قَبْلَ طَلَاقِهِ فَلَا عدة، على الأولى. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: يَحْرُمُ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الرِّعَايَةِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ إنْ جَازَ وَطْءُ الرجعية. تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَإِنْ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ابْتَدَأَتْ عِدَّةٌ، وَعَنْهُ: تَتِمُّ إنْ لَمْ يَطَأْ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي مُخْتَصَرِ الْخِرَقِيِّ، وَلَا عَزَاهَا إلَيْهِ فِي الْمُغْنِي2، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ مُفْرَدٍ، وَلَمْ ينقل عنه فيها قولا، انتهى.
يلزم الإحداد في العدة
فَصْلٌ: يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ نَقَلَ أَبُو دَاوُد: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا وَالْمُحَرَّمَةُ يَجْتَنِبْنَ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ كُلُّ مُتَوَفًّى عَنْهَا فِي نكاح صحيح فَقَطْ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا، وَعَنْهُ وَبَائِنٌ، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ ع لَكِنْ لَا يُسَنُّ1، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ، مَعَ أَنَّهُ يَحْرُمُ فَوْقَ ثَلَاثٍ عَلَى مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ، وَقِيلَ: الْمُخْتَلِعَةُ كَرَجْعِيَّةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: لَا يَلْزَمُ بَائِنًا قَبْلَ دُخُولٍ. وَفِي جَامِعِ الْقَاضِي أَنَّ الْمَنْصُوصَ يَلْزَمُ الْإِحْدَادُ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَفِي الْهَدْيِ: الَّذِينَ أَلْزَمُوا بِهِ الذِّمِّيَّةَ لَا يُلْزِمُونَهَا بِهِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ الذِّمِّيِّ، فَصَارَ هَذَا كَعُقُودِهِمْ، كَذَا قَالَ. وَهُوَ تَرْكُ طِيبٍ كَزَعْفَرَانٍ، وَإِنْ كَانَ بِهَا سَقَمٌ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَزِينَةٍ وَحُلِيٍّ وَلَوْ خَاتَمٍ وَتَحْسِينٍ بِكُحْلٍ أَسْوَدَ بِلَا حَاجَةٍ، وَحِنَّاءٍ وَخِضَابٍ وَنَحْوِ تَحْمِيرِ وَجْهٍ، وَحَفِّهِ، وَفِيهِ قول سهو، ولبس أحمر وأصفر، وأخضر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَزْرَقَ صَافِيَيْنِ، وَدُهْنٍ مُطَيِّبٍ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَدُهْنِ وَرْدٍ. وَفِي الْمُغْنِي: وَدُهْنِ رَأْسٍ1. وَيَحْرُمُ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ، كَالْمَصْبُوغِ بَعْدَ نَسْجِهِ، وَقِيلَ: لَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إلَّا ثَوْبَ عَصَبٍ" 2 كَذَا قِيلَ، وَلَا يَحْرُمُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي الْأَصَحِّ مُلَوَّنٌ لِدَفْعِ وَسَخٍ، كَأَسْوَدَ وَكُحْلِيٍّ وَأَبْيَضَ مُعَدٍّ لِلزِّينَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَنِقَابٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، خِلَافًا لِلْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ، وَمَعَ حَاجَةٍ تُسْدَلُ كَمُحَرَّمَةٍ، وَلَا تُمْنَعُ مِنْ الصَّبِرِ إلَّا فِي الْوَجْهِ، لِأَنَّهُ يُصَفِّرُهُ فَيُشْبِهُ الخضاب، كذا3 فِي الْمُغْنِي4، فَيُتَوَجَّهُ: وَالْيَدَيْنِ، وَأَخْذُ ظُفْرٍ وَشَعْرٍ وَتَنْظِيفٌ وَغُسْلٌ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ تَحُدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا، بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَتَلْزَمُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِي مَسْكَنِهَا لَا غَيْرِهِ. فَإِنْ انْتَقَلَتْ قَهْرًا أَوْ خَوْفًا أَوْ لِحَقٍّ. وَفِي الْمُغْنِي5: أَوْ طَلَبٍ بِهِ فَوْقَ ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي قَوْلُهُ: وَفِي الْمُغْنِي وَدُهْنِ رَأْسٍ، قَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ: لَعَلَّهُ دُهْنٌ بَانَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ عَدَمَ الدَّهْنِ فِي الرَّأْسِ قُلْنَا صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّهَا تَدْهُنُ بِزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَسَمْنٍ، وَلَمْ نر ما قاله فيه، انتهى.
أُجْرَتِهِ وَفِيهِ: أَوْ لَمْ تَجِدْ إلَّا مِنْ مَالِهَا، فَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: بِقُرْبِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: حَيْثُ شَاءَتْ م 17. وَلَهُمْ نَقْلُهَا لِأَذَاهَا، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُونَ هُمْ. وَفِي التَّرْغِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: إنْ قُلْنَا: لَا سُكْنَى لَهَا فَعَلَيْهَا الْأُجْرَةُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ تحويلها منه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: إذَا انْتَقَلَتْ قَهْرًا وَنَحْوُهُ فَذَكَرَ أبو الخطاب والمستوعب وَالْمُحَرَّرِ: بِقُرْبِهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ: حَيْثُ شَاءَتْ، انْتَهَى. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ. وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقْضِيهَا، وَقِيلَ: مُطْلَقًا. وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ حنبل: تذهب بالنهار. وفيه ليلا لحاجة وَجْهَانِ م 18 وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ: مُطْلَقًا، وَنَقُلْ أَبُو دَاوُد: لَا تَخْرُجُ، قُلْت: بِالنَّهَارِ؟ قَالَ: بَلَى، لَكِنْ لَا تَبِيتُ، قُلْت: بَعْضَ اللَّيْلِ؟ قَالَ: تَكُونُ أَكْثَرَهُ بِبَيْتِهَا، فَإِنْ خَالَفَتْ أَوْ لَمْ تحد تمت العدة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 18: قَوْلُهُ: وَفِيهِ لَيْلًا لِحَاجَةٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَةٍ نَهَارًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ لَهَا ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِحَاجَةٍ، فِي الْأَشْهَرِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَهَا ذَلِكَ، فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عبدوس في تذكرته.
بِمُضِيِّ الزَّمَانِ. وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ مَعَهُ لِلنَّقْلَةِ إلَى بَلَدٍ فَمَاتَ قَبْلَ فِرَاقِ الْبَلَدِ اعْتَدَّتْ فِي مَنْزِلِهِ، وَبَعْدَهُ تُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: وَفِي الثَّانِي، كَمَا لَوْ وَصَلَتْهُ، وَكَذَا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ، وَتُخَيَّرُ لِغَيْرِ النَّقْلَةِ بَيْنَهُمَا بُعْدُ مَسَافَةِ قَصْرٍ. وَيَلْزَمُهَا الرُّجُوعُ قَبْلَهَا، وَمِثْلُهُ سَفَرُ حَجٍّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ يَلْزَمُهَا الْمُضِيُّ مَعَ الْبُعْدِ، فَتَعْتَدُّ فِيهِ. وَإِنْ أَحْرَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ: تُقَدِّمُ الْحَجَّ، وَقِيلَ: أَسْبَقُهُمَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ: هَلْ تُقَدِّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةَ أَوْ أَسْبَقَهُمَا؟ فِيهِ روايتان م 19. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 19: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْحَجُّ، وَقِيلَ: أَسْبَقُهُمَا، وَفِي الْمُحَرَّرِ: هَلْ يُقَدَّمُ مَعَ الْقُرْبِ الْعِدَّةُ أَمْ أَسْبَقُهُمَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ: وَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الحج مَعَ الْبُعْدِ وَمَعَ الْقُرْبِ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ، وَعَنْهُ: الْأَسْبَقُ لُزُومًا، زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَإِنْ خَافَتْ فِي عَوْدِهَا مَضَتْ. فَتَابَعَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَا فِي الْقُرْبِ تَقْدِيمَ الْعِدَّةِ. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ قَدَّمَتْ الْحَجَّ مَعَ الْبُعْدِ. وَقَالَ فِي الْكَافِي1: إنْ أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي حَيَاةِ زَوْجِهَا فِي بَلَدِهَا ثُمَّ مَاتَ وَخَافَتْ فَوَاتَهُ مَضَتْ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسْبَقُ، فَإِذَا اسْتَوَيَا فِي خَوْفِ الْفَوَاتِ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ. قُلْت: وَهَذَا الصَّوَابُ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: إنْ كَانَتْ قَرِيبَةً2 وَلَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ فَهَلْ تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَيَعْقُوبَ أَمْ الْحَجَّ إنْ كَانَتْ قَدْ أَحْرَمَتْ بِهِ قَبْلَ
وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتِمُّ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا م 20 إنْ عَادَتْ بَعْدَ الحج، وتتحلل لفوته بعمرة. وتعتد المبتوتة مَكَانًا مَأْمُونًا حَيْثُ شَاءَتْ، وَلَا تُفَارِقُ الْبَلَدَ، وَلَا تَبِيتُ خَارِجَ مَنْزِلِهَا، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وعنه: هي كمتوفى عنها، وإن شاء ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعِدَّةِ؟ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَقَدَّمَ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهَا تُقَدِّمُ الْعِدَّةَ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ مُسْتَحَبًّا. وَفَصَّلَ الْمَجْدُ مَا تَقَدَّمَ، انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ. وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي الْحَجِّ أَوْ كَانَتْ حَجَّةً2 فَأَحْرَمَتْ بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَخَشِيَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْشَ وَهِيَ فِي بَلَدِهَا أَوْ قَرِيبَةً يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ أَقَامَتْ لِتَقْضِيَ الْعِدَّةَ فِي مَنْزِلِهَا، وَإِلَّا مَضَتْ فِي سَفَرِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَحْرَمَتْ أَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَنْ لَمْ تَخْشَ الْفَوَاتَ فِي أَنَّهَا تُقِيمُ إذَا كَانَتْ فِي بَلَدِهَا لَمْ تَخْرُجْ، أَوْ خَرَجَتْ إلَيْهَا لَكِنَّهَا قَرِيبَةٌ يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قَدْ تَبَاعَدَتْ أَوْ لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ فَإِنَّهَا تَمْضِي. مَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَ لَزِمَهَا الْعَوْدُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمُحَرَّرِ تُخَيَّرُ مَعَ الْبُعْدِ وَتُتَمِّمُ تَتِمَّةَ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا، انْتَهَى. مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، فِي بَابِ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ، وَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ قَدَّمَهُ فِي الرعاية الكبرى
إسكانها في منزله أو غيره أن صلح1 لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلَا مَحْذُورَ لَزِمَهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهَا كَمُعْتَدَّةٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ لِعِتْقٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَلْزَمُهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ شَاءَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَسَوَّى فِي الْعُمْدَةِ بَيْنَ مَنْ يُمْكِنُ زَوْجُهَا إمْسَاكَهَا وَالرَّجْعِيَّةُ فِي نَفَقَةٍ وَسُكْنَى، وَإِنْ سَكَنَتْ عُلُوَّ دَارٍ وَسَكَنٍ بَقِيَّتِهَا وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ، أَوْ مَعَهَا مَحْرَمٌ، جَازَ. وَلَهُ الْخَلْوَةُ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَمَحْرَمُ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: وَمَعَ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَكْثَرَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَأَصْلُهُ النِّسْوَةُ الْمُنْفَرِدَاتُ هَلْ لَهُنًّ السَّفَرُ مَعَ أَمْنٍ بِلَا مَحْرَمٍ؟ قَالَ شَيْخُنَا: وَيَحْرُمُ سَفَرُهُ بِأُخْتِ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَهَا قَالَ فِي مَيِّتٍ عَنْ امْرَأَةٍ شَهِدَ قَوْمٌ بِطَلَاقِهِ ثَلَاثًا مَعَ عِلْمِهِمْ عَادَةً بِخَلْوَتِهِ بِهَا: لَا يُقْبَلُ، لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ يَقْدَحُ فِيهِمْ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يَخْلُو إذَا لَمْ يَشْتَهِ وَلَا يَخْلُو أَجَانِبُ بِأَجْنَبِيَّةٍ. وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ، لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ فَرَآهُمْ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: لَمْ أَرَ إلا خيرا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ" ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: "لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغَيَّبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ". وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ عَلَى جَمَاعَةٍ يَبْعُدُ التَّوَاطُؤُ مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَنْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ مُنِعَ مِنْ الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ، كَذَا قَالَ، وَالْأَشْهَرُ: يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ ع قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَوْ لِإِزَالَةِ شُبْهَةٍ ارْتَدَّتْ بِهَا أَوْ لِتَدَاوٍ. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَخْلُو رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَتْ لَهُ بِمَحْرَمٍ إلَّا وَكَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 لِمَنْ احْتَجَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ مُحَرَّمٌ لِمَوْلَاتِهِ بِدَلِيلِ نَظَرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْرَمِيَّةُ، بِدَلِيلِ الْقَوَاعِدِ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ. وَفِي الْمُغْنِي2 أَيْضًا: لَا يَجُوزُ إعَارَةُ أَمَةٍ جَمِيلَةٍ لِرَجُلٍ غَيْرِ مَحْرَمِهَا إنْ كَانَ يَخْلُو بِهَا أَوْ يَنْظُرُ إلَيْهَا، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، وَكَذَا فِي الشَّرْحِ، إلَّا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى عِبَارَةِ الْمُقْنِعِ3 بِالْكَرَاهَةِ، فَحَصَلَ مِنْ النَّظَرِ مَا تَرَى وَقَالَ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي، فَإِنْ كَانَتْ شَوْهَاءَ أَوْ كَبِيرَةً فَلَا بَأْسَ، لِأَنَّهَا لَا يُشْتَهَى مِثْلُهَا، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْخَلْوَةِ وَالنَّظْرَةِ كَمَا تَرَى، وَهَذَا فِي الْخَلْوَةِ غَرِيبٌ. وَفِي آدَابِ صَاحِبِ النَّظْمِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْخَلْوَةُ بِالْعَجُوزِ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَلَمْ يُغَيِّرْهُ. وَإِطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ لِعَوْرَتِهِ حُكْمٌ، فَأَمَّا مَنْ لَا عَوْرَةَ لَهُ كَدُونِ سَبْعٍ فَلَا تَحْرِيمَ، وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ فِي تَغْسِيلِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَعَكْسِهِ4، وَلَهُ إرْدَافُ مُحْرِمٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهَا مَعَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ سُوءِ الظَّنِّ خِلَافٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ إرَادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إرْدَافَ أَسْمَاءَ يَخْتَصُّ بِهِ5. وَالرَّجْعِيَّةُ كَمُتَوَفًّى عَنْهَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: كزوجة، ولو غاب من لزمته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سُكْنَى أَوْ مَنَعَ اكْتَرَاهُ حَاكِمٌ مِنْ مَالِهِ، أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ، أَوْ فَرَضَ أُجْرَتَهُ، وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهَا لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ وَلَوْ سَكَّنَتْ1 مِلْكَهَا فَلَهَا أُجْرَتُهُ، وَلَوْ سَكَّنَتْهُ أَوْ اكْتَرَتْ مَعَ حُضُورِهِ وَسُكُوتِهِ فَلَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ اكْتَرَتْهُ بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ حَاكِمٍ أَوْ بِدُونِهِ لِلْعَجْزِ رَجَعَتْ، وَمَعَ الْقُدْرَةِ الْخِلَافُ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي فِيمَنْ أَدَّى حَقًّا وَاجِبًا عَنْ غَيْرِهِ، وَالْمَذْهَبُ الرُّجُوعُ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَبِلَا إذْنِهِ تَرْجِعُ مَعَ الْعَجْزِ عَنْهَا، وَعَنْهُ: وَمَعَ الْقُدْرَةِ، انْتَهَى. فَهَذِهِ عشرون مسألة في هذا الباب.
باب الإستبراء
باب الإستبراء مدخل ... بَابُ الِاسْتِبْرَاءِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً مُطْلَقًا، حَائِلًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَحِيضُ وَلَا يَتَأَخَّرُ، حَرُمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، كَحَامِلٍ، وَعَنْهُ بِالْوَطْءِ، ذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ1، وَاخْتَارَهُ فِي الْهَدْيِ، وَاحْتَجَّ بِجَوَازِ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي جَوَازِ هَذَا نِزَاعٌ، وَعَنْهُ: بِالْوَطْءِ فِي الْمَسْبِيَّةِ، وَعَنْهُ: وَمَنْ لَا تَحِيضُ، حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُ مَالِكًا مِنْ طِفْلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، كَامْرَأَةٍ، عَلَى الأصح، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: وَطِفْلٌ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُ فِي مَسْبِيَّةٍ، ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: لَا يَلْزَمُ فِي إرْثٍ، وَفِي صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا رِوَايَتَانِ م 1 وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي بِكْرٍ كَبِيرَةٍ وَآيِسَةٍ، وَخَبَرٍ صَادِقٍ لَمْ يَطَأْ أَوْ اسْتَبْرَأَ، وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا أَعْتَقَهَا أولا أو يزوجها بَعْدَ عِتْقِهَا لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ، وَلَا يطأ، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِمْ، قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ صَغِيرَةٍ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ سَبَبَ الْإِبَاحَةِ مُتَحَقِّقٌ، وَلَيْسَ عَلَى تَحْرِيمِهَا دَلِيلٌ، فَإِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا مَعْنَى نَصٍّ، انْتَهَى. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي، ولا عبرة بقول ابن منجا في شرحه: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي تَرْجِيحُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ قَدْ صَحَّحَ عَدَمَهُ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ مَغْلِي: كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ، تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ أبي موسى، انتهى. والرواية الثانية: يَجِبُ3 اسْتِبْرَاؤُهَا، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: هُوَ ظَاهِرُ كلام الإمام
يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ بَائِعُهَا اسْتَبْرَأَ وَلَمْ يَطَأْ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 إنْ أَعْتَقَهَا وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِعَجْزِ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ رَحِمِهَا الْمُحَرَّمِ أَوْ فَكَّ أَمَتَهُ مِنْ رَهْنٍ، أَوْ أَخَذَ مِنْ عبده التاجر أمة، أو ملك زوجته. لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِبْرَاءٌ لِذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ فِي الْأَخِيرَةِ، ليعلم هل حملت في ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحْمَدَ، فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ الْبَنَّا وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. تَنْبِيهٌ قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا لَمْ يَصِحَّ، وَعَنْهُ: يُزَوِّجُهَا إنْ كَانَ بَائِعُهَا اسْتَبْرَأَ وَلَمْ يَطَأْ، صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي إنْ أَعْتَقَهَا، وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى مُلَخَّصًا. فَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بَعْدَ عِتْقِهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ، وَعَنْهُ: لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ5 وشرح ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: لَهَا نِكَاحُ غَيْرِهِ، عَلَى الْأَقْيَسِ، وَقَوَّاهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَفِي تَقْدِيمِهِ الْأَوَّلِ مَعَ اخْتِيَارِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ نَظَرٌ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا أَوْ يطلق الخلاف. والله أعلم.
الْمِلْكِ1 أَوْ لَا، وَأَوْجَبَهُ فِيهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا لِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ، قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ، قَالَ: وَمَتَى وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَأُمُّ وَلَدٍ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْوَلَدُ بَعْدَ أَنْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا، لَا لِأَقَلَّ مِنْهَا، وَلَا مَعَ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ، وَكَذَا فِي الْأَصَحِّ لَا يَلْزَمُهُ إنْ أَسْلَمَتْ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ أَوْ مُرْتَدَّةٌ، أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ رَحِمُ مُكَاتَبِهِ الْمُحَرَّمِ لِعَجْزِهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ أَمَةً حَاضَتْ عِنْدَهُ لَزِمَهُ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ فَقِيلَ: يَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَقِيلَ: تَدْخُلُ فِيهَا، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ م 2 و 3 وَيَلْزَمُ قبله، نص عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 و 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ، فَقِيلَ: تَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، وَقِيلَ: تَدْخُلُ فِيهَا، وَكَذَا إنْ طَلَّقَ بَعْدَ الدُّخُولِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ تَدْخُلُ فِي الْعِدَّةِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَكْتَفِي بِالْعِدَّةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ أَيْضًا، اخْتَارَهُ القاضي.
فَإِنْ كَانَتْ مِنْهُ فَلَهُ الْوَطْءُ فِيهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَمُبَاحَةٌ، فَلَوْ أَعْتَقَهَا قَضَتْ عِدَّةَ نِكَاحِ حَيْضَتَيْنِ، وَيَلْزَمُهَا حَيْضَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ، عَلَى الِاخْتِلَافِ لِلْعِتْقِ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَوْتِ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ بِفَسْخٍ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ، وَإِلَّا لَزِمَ، وَعَنْهُ: إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ، وَيُجْزِئُ الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَنْهُ: فِي مَوْرُوثِهِ، وَقِيلَ: لَا، وَوَكِيلُهُ كَهُوَ، وَقِيلَ: لَا. وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ يَطَؤُهَا اسْتَبْرَأَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ بِدُونِهِ، وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ أراد بيعها ونحوه فروايتان م 4، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: لَوْ اشْتَرَى مُعْتَدَّةً أَوْ مُزَوَّجَةً فَمَاتَ الزَّوْجُ فَهَلْ تَسْتَبْرِئُ بَعْدَ الْعِدَّةِ أَمْ تَكْتَفِي بِالْعِدَّةِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا، فلا حاجة إلى إعادته. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ أَمَةٍ يَطَؤُهَا اسْتَبْرَأَ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ بِدُونِهِ، وَلَا يَطَأُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ، وَإِنْ أَرَادَ بَيْعَهَا وَنَحْوَهُ فَرِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ، وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْزَمُهُ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ بَيْعِهَا، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ
فَإِنْ لَزِمَهُ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِدُونِهِ رِوَايَتَانِ م 5 وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ1، وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا، ذَكَرَهَا2 أَبُو بَكْرٍ فِي مُقْنِعِهِ، وَاخْتَارَهَا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: فَإِنْ كَانَتْ الْبَائِعَةُ امْرَأَةً؟ قَالَ: لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، وَمَا يُؤْمَنُ أَنْ تَكُونَ قَدْ جَاءَتْ بِحَمْلٍ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ وَفِي الِانْتِصَارِ إنْ اشتراها3 ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَسْقُطْ الْأَوَّلُ، فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ سُرِّيَّتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءُ نَفْسِهَا، فَإِنْ أَرَادَ تَزَوُّجَهَا أَوْ اسْتِبْرَاءً بَعْدَ وَطْئِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْئِهَا، أَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً، أَوْ فرغت عدتها من ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي حَوَاشِيهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَزِمَ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ بِدُونِهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي المحرر. والرواية الثانية: لا يصح.
زَوْجِهَا فَأَعْتَقَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا قَبْلَ وَطْئِهِ فَلَا، وَإِنْ أَبَانَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ فَاعْتَدَّتْ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا اسْتِبْرَاءَ إنْ لَمْ يَطَأْ، لِزَوَالِ فِرَاشِهِ بِتَزْوِيجِهَا، كَأَمَةٍ لَمْ يَطَأْهَا، نَقَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِي، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وُجُوبَهُ لِعَوْدِ فِرَاشِهِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُسَنُّ لِامْرَأَةٍ وَآيِسَةٍ وَغَيْرِ مَوْطُوءَةٍ. وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْ فَأَعْتَقَهَا مُشْتَرٍ قَبْلَ وَطْءٍ وَاسْتِبْرَاءٍ اسْتَبْرَأَتْ أَوْ تَمَّمَتْ مَا وَجَدَ عِنْدَ مُشْتَرٍ، وَإِنْ مَاتَ زَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا وَجُهِلَ أَسْبَقَهُمَا فَعَنْهُ: تَعْتَدُّ بِمَوْتِ آخِرِهِمَا لِلْوَفَاةِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ، والمذهب: إن كان بينهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فوق شهرين وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ جَهِلَتْ الْمُدَّةَ لَزِمَهَا أَطْوَلُهُمَا، وَلَا تَرِثُ الزَّوْجَ، وَعَنْهُ: تَعْتَدُّ أُمُّ وَلَدٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا لِوَفَاةٍ كَحُرَّةٍ وَعَنْهُ: كَأَمَةٍ. وَإِنْ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ م 6. وَإِنْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةً لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ، فِي الْأَصَحِّ. وَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ وَمَنْ تَحِيضُ بِحَيْضَةٍ لَا بِبَقِيَّتِهَا، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ شَهْرٍ فَبِحَيْضَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: تَعْتَدُّ أُمُّ وَلَدِهِ بِعِتْقِهَا أَوْ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ، وَهِيَ سَهْوٌ، وَهِيَ فِي التَّرْغِيبِ فِي عِتْقِهَا فَإِنْ ارْتَفَعَ فَكَعِدَّةٍ، وَالْآيِسَةُ وَالصَّغِيرَةُ بِشَهْرٍ، وَعَنْهُ: وَنِصْفُهُ، وَعَنْهُ: بِشَهْرَيْنِ، وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ بِثَلَاثَةٍ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ، وَهِيَ أظهر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْ مَوْرُوثَةٌ تَحْرِيمَهَا عَلَى وَارِثٍ بِوَطْءِ مَوْرُوثِهِ فَفِي تَصْدِيقِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهَذَا أَظْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُصَدَّقُ، وَهُوَ قَوِيٌّ، لِاحْتِمَالِ تُهْمَةٍ قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ كَانَ، وَإِلَّا فَلَا تُصَدَّقُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الحق.
وَتُصَدَّقُ فِي حَيْضٍ، فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ. فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي به فوجهان م 7 وَوَطْؤُهُ فِي مُدَّةِ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَقْطَعُهُ. وَلَوْ أحبلها في الحيض استبرأت بوضعه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 7: قوله: وَتُصَدَّقُ، "1فِي حَيْضٍ1" فَلَوْ أَنْكَرَتْهُ فَقَالَ أَخْبَرَتْنِي بِهِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُصَدَّقُ هُوَ، جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُصَدَّقُ هِيَ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ، إلَّا فِي وَطْئِهِ أُخْتَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ تَصْدِيقُهَا مُطْلَقًا، ويعمل بالقرائن2 إن أمكن أيضا. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي حَيْضٍ اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ، انْتَهَى. لَعَلَّهُ: وَلَوْ أَحْبَلَهَا لَا فِي حَيْضٍ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَقَالَ: وَمَا فِي النُّسَخِ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضِ حَلَّتْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الرِّعَايَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: يَعْنِي مَلَكَهَا حَائِضًا فَأَحْبَلَهَا فِي حَيْضِهَا، فَأَجْرَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالَ: الْمُرَادُ أَحْبَلَهَا فِي حَيْضٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ تَسْتَبْرِئَ بِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضَةِ حَلَّتْ إذَنْ، أَيْ فِي حَيْضَةِ الِاسْتِبْرَاءِ، لِأَنَّ مَا مَضَى حَيْضَةٌ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي الرِّعَايَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ نَصْرِ اللَّهِ أَوْلَى وَأَوْفَقُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُهُ إنْ مَلَكَهَا حَائِضًا وَوَطِئَهَا فِيهَا اسْتَبْرَأَتْ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ مَلَكَهَا طَاهِرًا فَحَاضَتْ وَوَطِئَ فِيهَا حلت،
وَلَوْ أَحْبَلَهَا فِي الْحَيْضَةِ حَلَّتْ إذَنْ، لِأَنَّ مَا مَضَى حَيْضَةٌ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: مَنْ وَطِئَ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ يُعْجِبُنِي أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَيْضَةً، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ1 اسْتِبْرَاءُ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ لَهُ نَفْيَ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ، ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ ذَكَرَهُ لَهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ2 وَقَدْ بَعَثَنِي شَيْخُنَا لِأَسْأَلَهُ عن ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ذَكَرَ الْحَيْضَةَ الثَّانِيَةَ بِالتَّعْرِيفِ، يَعْنِي حَيْضَةَ الِاسْتِبْرَاءِ، فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب
باب الرضاع
باب الرضاع مدخل ... بَابُ الرَّضَاع مَنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ حَمْلٍ لَاحِقٍ بِالْوَاطِئِ طِفْلًا. وَفِي الْمُبْهِجِ وَلَمْ يَتَقَيَّأْ، صَارَا فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ وَالْخَلْوَةِ فَقَطْ أَبَوَيْهِ وَهُوَ وَلَدُهُمَا، وَأَوْلَادُهُ وَإِنْ سَفَلُوا أَوْلَادُ وَلَدِهِمَا، وَأَوْلَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَوْ غَيْرِهِ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ، وَآبَاؤُهُمَا أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ، وَإِخْوَتُهُمَا وَأَخَوَاتُهُمَا أَعْمَامُهُ وَعَمَّاتُهُ وَأَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، وَلَا تُنْشَرُ الْحُرْمَةُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُرْتَضِعِ أَوْ فَوْقَهُ مِنْ أَخٍ وَأُخْتٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَعَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ، فَتَحِلُّ الْمُرْضِعَةُ لِأَبِي الْمُرْتَضِعِ وَأَخِيهِ مِنْ نَسَبٍ ع وَأُمُّهُ وَأُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ لِأَبِيهِ وَأَخِيهِ مِنْ رَضَاعٍ ع كَمَا يَحِلُّ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ أُخْتُهُ مِنْ أُمِّهِ ع. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَوْ ارْتَضَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى مِنْ امْرَأَةٍ صَارَتْ أُمًّا لَهُمَا، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا: أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْآخَرِ وَلَا بِأَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ بَعْدَهُ، وَلَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِ أَخَوَاتِهِ الْحَادِثَاتِ قَبْلَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَ الْآخَرِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ وَلَدَ زِنًا أَوْ مَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ صَارَ وَلَدَهَا وَقِيلَ: وَوَلَدُ الزَّانِي، وَقِيلَ: وَالْمُلَاعِنِ. وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِأَحَدِهِمَا: فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا. وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ فَقِيلَ1: إنَّهُ كَنَسَبٍ، وَقِيلَ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ هو ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مات ولم يثبت نسبه فهو ابنهما،
لِأَحَدِهِمَا: مُبْهَمًا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 فِيمَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ م 1. وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ فحملت منه فزاد لبنها في ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. قَدْ سَبَقَ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ إلَى هَذَا أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَبُو الْمَعَالِي فِي الْخُلَاصَةِ، وَغَيْرُهُمْ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْدِيرُ بِمَنْ قَالَ ذلك أولا. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْضَعَتْ بِلَبَنٍ اثْنَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ طِفْلًا، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ قَافَةٌ بِأَحَدِهِمَا: فَهُوَ ابْنُهُ، وَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَهُوَ ابْنُهُمَا، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ فَقِيلَ: كَنَسَبٍ، وَقِيلَ وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ: هُوَ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا2، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِيمَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: هُوَ كَالنَّسَبِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، فَعَلَى هَذَا يَضِيعُ نَسَبُهُ، أَوْ يُتْرَكُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، أَوْ يَكُونَ ابْنَهُمَا، كَمَا اخْتَارَهُ الْمَجْدُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لِأَحَدِهِمَا: مُبْهَمًا، اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ "3قَالَ فِي الْمُغْنِي3" وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُمَا لِتَعَذُّرِ الْقَافَةِ أَوْ لِاشْتِبَاهِهِ عَلَيْهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَيْهِمَا، تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ "4أَنْ يَكُونَ مِنْهُمَا4"، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ أَحَدِهِمَا، فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَقَارِبُهُ دُونَ أَقَارِبِ الْآخَرِ، فَقَدْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بغيرها، فحرم
أَوَانِهِ فَأَرْضَعَتْ بِهِ طِفْلًا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ لم يزد أو زاد قبل أَوَانِهِ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ انْقَطَعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَعَادَ بِحَمْلِهَا مِنْ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمَا، وَقِيلَ: لِلثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ حَتَّى وَلَدَتْ فَهُوَ لَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الثَّانِيَ، كَمَا لَوْ زَادَ. وَإِنْ ظَهَرَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ- قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ وَطْءٍ تَقَدَّمَ- لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ، فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، كَلَبَنِ بَهِيمَةٍ. قَالَ جَمَاعَةٌ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ حَقِيقَةً، بَلْ رُطُوبَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَعَنْهُ: بَلَى. فَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ، وَجْهَانِ م2 وذكرهما الحلوإني وابنه في لبن الرجل. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَمِيعُ، كَمَا لَوْ عَلِمَ أُخْتَهُ بِعَيْنِهَا ثُمَّ اخْتَلَطَتْ بِأَجْنَبِيَّاتٍ، انْتَهَى، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وابن منجا وَغَيْرُهُمْ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ، وهو إلى القول الأول أقرب. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَهَرَ لِامْرَأَةٍ لَبَنٌ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ لَمْ يَنْشُرْ الْحُرْمَةَ. وَعَنْهُ: بَلَى، فَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. اعْلَمْ أَنَّ الْمَجْدَ فِي مُحَرَّرِهِ، وَصَاحِبَ الْحَاوِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرَهُمْ، جَعَلُوا مَحَلَّ الْخِلَافِ عَلَى الْقَوْلِ بِنَشْرِ الْحُرْمَةِ بلبن المرأة التي ثاب2 مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مُطْلَقًا، أَعْنِي مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ، وهو ضعيف جدا، ويجب حمله
فصل والرضاع المحرم في الحولين فقط مطلقا
فَصْلٌ وَالرَّضَاعُ الْمُحَرَّمُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَطْ مُطْلَقًا وَقَالَ شَيْخُنَا: قَبْلَ الْفِطَامِ، وَقَالَ: أَوْ كَبِيرٌ لِحَاجَةٍ، نَحْوَ جَعْلِهِ مُحَرَّمًا خَمْسُ رَضَعَاتٍ، وَعَنْهُ: ثلاث، وَعَنْهُ: وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكْتَفِ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبِ بِبَعْضِ الْخَامِسَةِ فِيهِمَا، وَإِنْ امْتَصَّ ثُمَّ تَرَكَهُ مُطْلَقًا فَرَضْعَةٌ، وَعَنْهُ: غَيْرُ قَهْرٍ أَوْ لِتَنَفُّسٍ أَوْ مَلَّهُ، وَكَذَا إنْ انْتَقَلَ إلَى ثَدْيٍ آخَرَ أَوْ مُرْضِعَةٍ أُخْرَى، وَقِيلَ: اثْنَتَانِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ فِي الْكُلِّ: إنْ عَادَ قَرِيبًا فَوَاحِدَةٌ، وَالسَّعُوطُ وَالْوَجُورُ كَالرَّضَاعِ، عَلَى الْأَصَحِّ، فَيَحْرُمُ لَبَنُ شِيبَ بِغَيْرِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ غَلَبَ اللَّبَنُ حرم1 وَذَكَرَهُ2 فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: بَلْ3 وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ، وَجَبُنَ، فِي الْأَصَحِّ. وَيُحَرِّمُ لَبَنٌ حُلِبَ مِنْ مَيِّتَةٍ، كَحَلْبِهِ مِنْ حَيَّةٍ ثُمَّ شُرِبَ بَعْدَ مَوْتِهَا، لَا حُقْنَةً، نَصَّ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَارُ الْعَظْمِ وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، لَا حُصُولُهُ فِي الْجَوْفِ فَقَطْ، بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِخَمْرٍ، وَخَالَفَ الْخَلَّالُ فِي الْأُولَى، وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً، وَابْنُ حَامِدٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يشرب ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ اعْلَمْ ذَلِكَ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَنْشُرُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَنْشُرُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثاني: ينشر كالمرأة.
مِنْ لَبَنِهَا، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَلَا أَثَرَ لواصل1 جَوْفًا لَا يُغَذِّي كَمَثَانَةٍ وَذَكَرٍ. وَمَنْ أَبَانَ زَوْجَةً لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَتَزَوَّجَتْ طِفْلًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ طِفْلًا أَوَّلًا، ثُمَّ فَسَخَتْ نِكَاحَهُ بِسَبَبٍ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَصَارَ لَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَأَرْضَعَتْهُ بِهِ صَارَ ابْنًا لَهُمَا وَحَرُمَتْ أَبَدًا. وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ رَضِيعًا حُرًّا لَمْ يَصِحَّ، لِعَدَمِ خَوْفِ الْعَنَتِ، فَلَوْ أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ لَمْ يَحْرُمْ، وَفِيهِ وَجْهٌ. وَإِنْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً ذَاتَ لَبَنٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَصَغِيرَةً فَأَكْثَرَ، فَأَرْضَعَتْ صَغِيرَةً حَرُمَتْ أَبَدًا، وَبَقِيَ نِكَاحُ الصَّغِيرَةِ، كَإِرْضَاعِهَا بَعْدَ طَلَاقِهَا، وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا، فَإِنْ أَرْضَعَتْ الثَّانِيَةُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُمَا عَلَى الْأُولَى، كَإِرْضَاعِهِمَا مَعًا، وَعَلَى الثَّانِيَةِ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ، لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهَا مَعَهَا، ثُمَّ إنْ أَرْضَعَتْ الثَّالِثَةُ بَقِيَ نِكَاحُهَا فَقَطْ عَلَى الْأُولَى، وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْكُلِّ، وَإِنْ أَرْضَعَتْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ، وَلَهُ تَزَوُّجُهُنَّ، وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِالْكَبِيرَةِ حَرُمْنَ أَبَدًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل ومن حرمت عليه بنت رجل فأرضعت زوجته بلبنه طفلة حرمتها عليه.
فصل وَمَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ بلبنه طِفْلَةً حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ. وَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ رَجُلٍ، فَأَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً، حَرَّمَتْهَا عَلَيْهِ، وَفَسَخَتْ نِكَاحَهَا إنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ. وَإِنْ تَزَوَّجَ طِفْلَةً فَأَرْضَعَهَا زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثِ رَضْعَتَيْنِ رَضْعَتَيْنِ، أَوْ خَمْسَ أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً، ثَبَتَتْ الْأُبُوَّةُ، وَقِيلَ: لَا، كَالْأُمُومَةِ، وَلَوْ أَرْضَعَهَا خَمْسَ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ، وَهَلْ تَصِيرُ الْكَبِيرَةُ جَدَّةً؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 3 والصغيرة معها مِمَّا تَقَدَّمَ. وَمَنْ لَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ، وَهَلْ يَصِيرُ جَدًّا وَأَوْلَادُهُ إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ؛ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ، أَمْ لَا، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ لَهُ وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بخلاف الأولى، لأن التحريم فيها ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ وَأَرْضَعَهَا يَعْنِي زَوْجَتَهُ الطِّفْلَةَ خَمْسُ بَنَاتِ زَوْجَتِهِ رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ، وَهَلْ تَصِيرُ الْكَبِيرَةُ جَدَّةً؛ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تَصِيرُ جَدَّةً، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِيرُ جَدَّةً، قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الكبيرة لا تحرم بِهَذَا، لِأَنَّ كَوْنَهَا جَدَّةً يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِ ابْنَتِهَا أُمًّا، وَمَا صَارَتْ وَاحِدَةً مِنْ بَنَاتِهَا أُمًّا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْكَبِيرَةَ لَا تَحْرُمُ، وَعَلَّلَهُ بِمَا علله في المغني1".
بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ م 4. وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ رَجُلٍ وَابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الرَّجُلِ، فِي الْأَصَحِّ، لِمَا سَبَقَ. وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَفْسَدَتْ نِكَاحَهَا بِرَضَاعٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ، حَتَّى صَغِيرَةٍ دَبَّتْ فَرَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ، وَبَعْدَ الدُّخُولِ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْمُسَمَّى. وَذَكَرَ الْقَاضِي نِصْفَهُ، وَإِنْ أَفْسَدَهُ غَيْرُهَا لَزِمَهُ نِصْفُهُ قَبْلَهُ، وَكُلُّهُ بَعْدَهُ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُفْسِدِ قَبْلَهُ، فَإِنْ تَعَدَّدَ وُزِّعَ عَلَى الرضعات المحرمة، وكذا بعده، نص عليه، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ خَمْسُ بَنَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلًا رَضْعَةً رَضْعَةً فَلَا أُمُومَةَ، وَهَلْ يَصِيرُ جَدًّا وَأَوْلَادُهُ إخْوَةُ الْمُرْضِعَاتِ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ مِنْهُنَّ كَبِنْتٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا، لِأَنَّ ذَلِكَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَيْسَ لَهُ وَالتَّحْرِيمُ هُنَا بَيْنَ الْمُرْضِعَةِ وَابْنِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، بِخِلَافِ الْأُولَى، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ فِيهَا بَيْنَ الْمُرْتَضِعِ وَصَاحِبِ اللَّبَنِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: وَجْهُ عَدَمِ الصَّيْرُورَةِ يَتَرَجَّحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّ الْفَرْعِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَرْضَعَ خَمْسُ أُمَّهَاتٍ أَوْلَادَهُ طِفْلًا، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وَأَنَّهُ يَصِيرُ جَدًّا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْضَعَتْ أُمُّ رَجُلٍ وَابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ طِفْلَةً رَضْعَةً رَضْعَةً هُنَا نَقْصٌ، وَلَعَلَّهُ: وَزَوْجَتُهُ، كَمَا فِي الْكَافِي4، أَوْ زَوْجَةُ أَبِيهِ، حَتَّى يَكْمُلْنَ خمسا، نبه عليه ابن نصر الله.
وَاخْتَارَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ: لَا يَرْجِعُ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لِلرُّجُوعِ الْعَمْدُ وَالْعِلْمُ بِحُكْمِهِ، وَقَاسَ فِي الْوَاضِحِ نَائِمَةً عَلَى مُكْرَهَةٍ، وَلَهَا الْأَخْذُ مِنْ الْمُفْسِدِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَتَى خَرَجَتْ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ بِإِفْسَادِهَا أَوْ لَا أَوْ بِيَمِينِهِ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَتْهُ فَلَهُ مَهْرُهُ، وَذَكَرَهُ رِوَايَةً، كَالْمَفْقُودِ، لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ بِسَبَبٍ هُوَ تَمْكِينُهَا مِنْ وَطْئِهَا، وَضَمِنَتْهُ بِسَبَبٍ هُوَ إفْسَادُهَا، وَاحْتَجَّ بِالْمُحْتَاجَةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ إلَى الْفُرْقَةِ. قَالَ: وَالْمُلَاعَنَةُ لَمْ تُفْسِدْ النِّكَاحَ وَيُمْكِنُ تَوْبَتُهَا وَتَبْقَى مَعَهُ، مَعَ أَنَّ جَوَازَ عَضْلِ الزَّانِيَةِ يَدُلُّ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي مَهْرِهَا إذَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَهُ: وَقَالَ فِي رُجُوعِهِ بِالْمَهْرِ عَلَى الْغَارِّ2 فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمَعِيبَةٍ وَمُدَلِّسَةٍ: وَإِذَا أَفْسَدَهُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ رِوَايَتَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ، وَصَحَّحَهُ، وَأَنَّ أَكْثَرَ نُصُوصِهِ تَدُلُّ عَلَيْهِ. وَاحْتَجَّ بِالْآيَةِ3 أَنَّ لِزَوْجِ الْمُسْلِمَةِ إذَا ارْتَدَّتْ الْمَهْرَ، وَلِلْمُعَاهَدِ الَّذِي شَرَطَ رَدَّ الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تَرُدَّ الْمَهْرَ، وَالْمَنْصُوصُ الْمُسَمَّى لَا مَهْرَ الْمِثْلِ. قَالَ الْقَاضِي وجماعة: أداء المهر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَخْذُهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَتَعْوِيضُ الزَّوْجِ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَمِنْ صَدَاقٍ وَجَبَ رَدُّهُ عَلَى أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْسُوخٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَإِنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ أَوْ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِالْكُفَّارِ فَلِزَوْجِهَا مَا أَنْفَقَ، فَيَلْزَمُ الْمُهَاجِرَةَ الْمُوسِرَةَ وَإِلَّا لَزَمَنَا كَفِدَاءِ الْأَسِيرِ، لَوْلَا الْعَهْدُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ لَمَنَعَ الْمُسْلِمُ امْرَأَتَهُ مِنْ اللَّحَاقِ بِهِمْ وَلَمْ تَطْمَعْ بِهِ، فَلَزِمَنَا الْمَهْرُ لَهُ مِنْ الْمَصَالِحِ وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ لِحَاجَةٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ، لِأَنَّهُمْ نَالُوهَا بِالْعَهْدِ، فَالزَّوْجُ كَالرَّدِّ، وَلِهَذَا أَقَامَ عُثْمَانُ عَلَى رُقَيَّةَ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَسَمَ لَهُ لِتَمَكُّنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَزْوِ1 وَإِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ مَهْرَ الْمُعَاهَدِ وَأُعْطِيَهُ مَنْ ارْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ، وَهُوَ لَمْ يَحْبِسْ امْرَأَتَهُ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ فِيمَا أَتْلَفُوهُ. قَالَ: وَالْمُرْتَدَّةُ بِدُونِ هَذَا الْعَهْدِ وَالشَّرْطِ؛ فَقَدْ ذَكَرُوا مَذَاهِبَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَا مَهْرَ لَهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا إنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَمُحَارِبَةٌ، كَإِبَاقِ عَبْدِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَتْ بِدَارِنَا فَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ عَادَتْ، وَإِنْ أَبَتْ حَتَّى قُتِلَتْ فَكَمَوْتِهَا، وَقَالَ: وَالنَّسْخُ بِنَبْذِ الْعَهْدِ فِي بَرَاءَةٍ2 فِيهِ نَظَرٌ، وَكَوْنُ الرَّدِّ اسْتِحْبَابًا ضَعِيفٌ. وَمَنْ قَالَ: زَوْجَتِي أَوْ هَذِهِ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي لِرَضَاعٍ حَرُمَتْ وَانْفَسَخَ حُكْمًا، وَلَوْ ادَّعَى خَطَأً كَقَوْلِهِ ذَلِكَ لِأَمَتِهِ ثم رجع، فإن علم كذبه فلا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا مَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ صَدَّقَتْهُ، وَإِلَّا فَنِصْفُهُ، وَلَهَا بَعْدَهُ كُلُّهُ، وَقِيلَ إنْ صَدَّقَتْهُ سَقَطَ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الْمُسَمَّى، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، لَكِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَتْ ذَلِكَ وَأَكْذَبَهَا فَهِيَ زَوْجَتُهُ حُكْمًا، وَلَا يَطْلُبُ مَهْرًا قَبَضَتْهُ مِنْهُ، وَلَهَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مَا لَمْ تُطَاوِعْهُ عَالِمَةً بِالتَّحْرِيمِ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: ذَلِكَ قَبْلَ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ ظَاهِرًا، وَمَنْ ادَّعَاهَا لَمْ يُصَدَّقْ أُمَّهُ بَلْ أُمُّ الْمُنْكِرِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ شَهِدَ بِهَا أَبُوهَا لَمْ يُقْبَلْ، بَلْ أَبُوهُ، يَعْنِي بِلَا دَعْوَى. وَإِنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ1 أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ م 5. وَكَرِهَ أَحْمَدُ الارتضاع بلبن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَتْ أَمَةٌ أُخُوَّةَ سَيِّدٍ بَعْدَ وَطْءٍ لَمْ يُقْبَلْ، وَإِلَّا احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: أَظْهَرُهُمَا الْقَبُولُ فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَعَدَمِهِ فِي ثُبُوتِ الْعِتْقِ. انْتَهَى، قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ قَبُولِهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ نَوْعُ تُهْمَةٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
فَاجِرَةٍ وَمُشْرِكَةٍ، وَكَذَا حَمْقَاءَ وَسَيِّئَةِ الْخُلُقِ. وَفِي المجرد: وبهيمة وفي الترغيب: وعمياء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب النفقات
كتاب النفقات مدخل * ... كتاب النفقات يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ وَكِسْوَتُهَا وَسُكْنَاهَا بِمَا يَصْلُحُ لِمِثْلِهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيَعْتَبِرُ ذَلِكَ الْحَاكِمُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِحَالِهِمَا. فَيَفْرِضُ لِمُوسِرَةٍ مَعَ مُوسِرٍ كِفَايَتَهَا خُبْزًا خَاصًّا بِأُدُمِهِ الْمُعْتَادِ لِمِثْلِهَا، وَلَوْ تَبَرَّمَتْ بِأُدُمٍ نَقَلَهَا إلَى أُدُمٍ غَيْرِهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَفْرِضُ لَحْمًا عَادَةً الْمُوسِرِينَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا، وَأَنَّهُ أَظْهَرُ، وَقَدَّمَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَيُتَوَجَّهُ الْعَادَةُ، لَكِنْ يُخَالِفُ فِي إدْمَانِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ. وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا مِنْ حَرِيرٍ وَخَزٍّ وَجَيِّدِ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ، وَأَقَلُّهُ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَوِقَايَةٌ، وَهِيَ مَا تَضَعُهُ1 فَوْقَ الْمُقَنَّعَةِ، وَتُسَمَّى الطَّرْحَةُ، وَمُقَنَّعَةٌ وَمَدَاسٌ وَجُبَّةٌ لِلشِّتَاءِ، وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وإزار وللجلوس زلي وهو بساط من صوف ورفيع الحصر. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: وَلِلنَّوْمِ فِرَاشٌ وَلِحَافٌ وَمِخَدَّةٌ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَإِزَارٌ، انْتَهَى. لَيْسَ مَا فِي التَّبْصِرَةِ مَخْصُوصًا بِهِ، بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَمُرَادُهُمْ بِالْإِزَارِ إزَارُ النَّوْمِ، وَلِذَلِكَ ذَكَرُوهُ عَقِبَ مَا يَجِبُ لِلنَّوْمِ، كَالْمُصَنِّفِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ: وَلَا يَجِبُ لَهَا إزَارٌ لِلْخُرُوجِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وُجُوبَ الْإِزَارِ لِلنَّوْمِ إذا كانت العادة
وَفَقِيرَةٌ مَعَ فَقِيرٍ خُبْزُ خَشْكَارٍ1 بِأُدُمِهِ وَزَيْتِ مِصْبَاحٍ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَقْطَعُهَا اللَّحْمَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ كُلُّ شَهْرٍ مَرَّةً، وَقِيلَ: الْعَادَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: فِي كَمْ يَأْكُلُ الرَّجُلُ اللَّحْمَ؟ قَالَ: فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: إيَّاكُمْ وَاللَّحْمَ فَإِنَّ لَهُ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ2، قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: يَعْنِي إذَا أَكْثَرَ مِنْهُ، وَمِنْهُ: كَلْبٌ ضَارٍ. وَمَا يَلْبَسُ مِثْلُهَا وَيَنَامُ فِيهِ وَيَجْلِسُ عَلَيْهِ. وَلِلْمُتَوَسِّطَةِ مَعَ الْمُتَوَسِّطِ وَالْمُوسِرَةِ مَعَ الْفَقِيرِ وَعَكْسُهَا مَا بَيْنَ ذَلِكَ عُرْفًا. وَفِي الْمُغْنِي3 وَالتَّرْغِيبِ: لَا يَلْزَمُهُ خُفٌّ وَمِلْحَفَةٌ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: الْوَاجِبُ ليوم رطلا خبز بحسبهما بأدمه و4دَهْنًا بِحَسَبِ الْبَلَدِ. وَفِي التَّرْغِيبِ عَنْهُ: لِمُوسِرَةٍ مَعَ فَقِيرٍ أَقَلُّ كِفَايَةً وَالْبَقِيَّةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مَاعُونِ الدَّارِ، وَيُكْتَفَى بِخَزَفٍ وَخَشَبٍ، وَالْعَدْلُ مَا يَلِيقُ بِهِمَا، وَقَدَّرَ الشَّافِعِيُّ النَّفَقَةَ بِالْحَبِّ، فَعَلَى الْفَقِيرِ مُدٌّ، وَعَلَى الْمُوسِرِ مدان، لأنه أكثر واجب في كفارة، ـــــــــــــــــــــــــــــQجَارِيَةً بِالنَّوْمِ فِيهِ، كَأَرْضِ الْحِجَازِ وَنَحْوِهَا، هُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 والشرح6 وغيرهما. والله أعلم.
وَهِيَ كَفَّارَةُ الْأَذَى، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ نِصْفُهُمَا، وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا عَمَلًا بِالْعُرْفِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ بِالْوَاجِبِ؟ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ، وَاخْتَلَفُوا فِي التَّرْجِيحِ، قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ لَهَا لَمْ تَسْقُطْ، وَجْهًا وَاحِدًا. وَيَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَظَافَتِهَا مِنْ دُهْنٍ وَسِدْرٍ وَمِشْطٍ وَثَمَنِ مَاءٍ وَأُجْرَةِ قِيمَةٍ وَنَحْوِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ تَنْظِيفٍ عَلَى مُكْتِرٍ1، كَرَشٍّ وَكَنْسٍ وَتَنْقِيَةِ الْآبَارِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِفْظِ الْبِنْيَةِ كَبِنَاءِ حَائِطٍ وَتَقْيِيرِ2 الْجِذْعِ عَلَى مُكْرٍ، فَالزَّوْجُ كَمُكْرٍ، وَالزَّوْجَةُ كَمُكْتَرٍ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِيمَا يَحْفَظُ الْبِنْيَةَ دَائِمًا مِنْ الطَّعَامِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ، لَا دَوَاءً وَأُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحِنَّاءٌ وَنَحْوُهُ وَثَمَنُ طِيبٍ، وَفِيهِ وَجْهٌ فِي الْوَاضِحِ، فَإِنْ أَرَادَ مِنْهَا التَّزَيُّنَ بِهِ وَفِي الْمُغْنِي3 وَالتَّرْغِيبِ: أَوْ قَطْعِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ لَزِمَهُ، وَيَلْزَمُهَا تَرْكُ حِنَّاءٍ وَزِينَةٍ نُهِيَ عَنْهَا، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا، مَنْ مِثْلُهَا يُخْدَمُ وَلَا خَادِمَ لَهَا وَلَوْ لِمَرَضٍ خِلَافًا لِلتَّرْغِيبِ: فِيهِ لَزِمَهُ وَاحِدٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَأَكْثَرُ بِقَدْرِ حَالِهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ، وَتَجُوزُ كِتَابِيَّةٌ، فِي الْأَصَحِّ، إنْ جَازَ نَظَرُهَا، وَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ، وَتَعْيِينُ خَادِمِهَا إلَيْهِمَا وَنَفَقَتُهُ كَفَقِيرَيْنِ، مَعَ خُفٍّ وَمِلْحَفَةٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُهُ إلَيْهِ وَتَعْيِينُ خَادِمِهَا إلَيْهِمَا، انْتَهَى. يَعْنِي: أَنَّ تَعْيِينَ الْخَادِمِ إلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِلْكَهَا، فَيَكُونُ تَعْيِينُهُ إلَيْهِمَا، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لها
وَالْأَشْهَرُ سِوَى النَّظَافَةِ1، فَإِنْ كَانَ الْخَادِمُ لَهَا فَرَضِيَتْهُ فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَهَذَا نَفَقَةُ الْمُؤَجَّرِ وَالْمُعَارِ، فِي وَجْهٍ، كَذَا قَالَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَمْ أَجِدْهُ صَرِيحًا، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِي الْمُؤَجَّرِ، فَإِنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَالِكِهِ، وَأَمَّا فِي الْمُعَارِ، فَمُحْتَمَلٌ، وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْإِجَارَةِ2، وَقَوْلُهُ فِي وَجْهٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَشْهَرَ خِلَافُهُ، وَلِهَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُعَارِ، فِي بَابِهِ، وَلَا تَمْلِكُ خِدْمَةَ نَفْسِهَا لِتَأْخُذَ نفقته. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرَضِيَتْهُ فَنَفَقَتُهُ إلَيْهِ، قَالَ ابْنُ مَغْلِي: ظَاهِرُهُ أن رضاها كاف وإن لم يوافقها3 الزوج وَأَخَذَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مِنْ الْمُغْنِي4، وَلَكِنْ صَرَّحَ بَعْدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِخَادِمِهَا فَلَهُ ذَلِكَ، فَوَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ التَّخْلِيطُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: ذِكْرَهُ ذَلِكَ لَا عَلَى سَبِيلِ حِكَايَةِ خِلَافٍ. وَالثَّانِي سَهْوُهُ عَنْ اسْتِيفَاءِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ، انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَا تَخْلِيطَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ لِأَجْلِ التَّصْرِيحِ بِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَهَا فَكَلَامُهُ الْأَوَّلُ فِي التَّعْيِينِ، وَكَلَامُهُ الثَّانِي فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ، لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ كَوْنَهُ مَلَكَهَا أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ: فَرَضِيَتْهُ يَعْنِي مَعَ رِضَا الزَّوْجِ، بدليل ما تقدم. والله أعلم.
وَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لَهَا لِيُسْقِطَهُ وَقَبُولُ كِتَابِيَّةٍ؟ وَجْهَانِ م 1 و 2 وَلَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْ يُوَضِّئُ مَرِيضَةً، بِخِلَافِ رَقِيقَةٍ، ذَكَرَهُ أَبُو المعالي. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ1 و2: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لَهَا لِيُسْقِطَهُ وَقَبُولُ كِتَابِيَّةٍ؟ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى1: هَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ خِدْمَتِهِ لها ليسقطه عنه أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْبِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهَا4، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَاخْتَارَ فِي الرعاية: له ذلك فيما يتولاه5 مِثْلُهُ لَنْ يَكْفِيَهَا خَادِمٌ وَاحِدٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: هَلْ يَلْزَمُهَا قَبُولُ كِتَابِيَّةٍ أَمْ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهَا، وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ النظر وعدمه، فإن كان
فصل ويلزمه دفع القوت، لا بدله:
فَصْلٌ وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقُوتِ، لَا بَدَلُهُ: وَلَا حَبِّ كُلِّ يَوْمٍ فِي أَوَّلِهِ، وَمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ جَازَ، وَتَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بَدَنَهَا، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَمْلِكُ فَرْضَ غَيْرِ الْوَاجِبِ، كَدَرَاهِمَ مَثَلًا، إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا، فَلَا يُجْبَرُ مَنْ امْتَنَعَ. قَالَ فِي الهدي1: لَا أَصْلَ لَهُ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ، وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ، لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِغَيْرِ الرِّضَا عَنْ غَيْرِ مُسْتَقَرٍّ، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ مَعَ عَدَمِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ، فَأَمَّا مَعَ الشِّقَاقِ وَالْحَاجَةِ كَالْغَائِبِ مَثَلًا فَيُتَوَجَّهُ الْفَرْضُ2 لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَلَا يَقَعُ الْفَرْضُ بِدُونِ ذَلِكَ بِغَيْرِ الرِّضَا، قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: وَلَا يُعْتَاضُ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ وَجْهًا وَاحِدًا، لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا، وَلَا عَنْ الْمَاضِي بِخُبْزٍ وَدَقِيقٍ، لِأَنَّهُ رِبًا، وَبِغَيْرِهِمَا فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا كَمُسْلَمٍ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَكَذَا مُرَادُ أَصْحَابِنَا إذا اعتاضت عن الماضي ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَلِكَ فَالصَّحِيحُ اللُّزُومُ، لِأَنَّ3 الصَّحِيحَ جَوَازُ النَّظَرِ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْإِطْلَاقُ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ: وَقِيلَ: إنْ جَازَ نَظَرُهَا إلَى مُسْلِمَةٍ وَخَلْوَتِهَا بِهَا لَزِمَهَا قَبُولُهَا، عَلَى الْأَشْهَرِ. وَإِلَّا فَلَا، انْتَهَى. وَالْمُصَنِّفُ قَدْ صَحَّحَ قَبْلَ ذَلِكَ جَوَازَ خِدْمَةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَكَلَامُهُ هُنَا فِي اللُّزُومِ. والله أعلم.
فَلَا يَجُوزُ بِرِبَوِيٍّ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يَسْقُطُ فَرْضُهُ عَمَّنْ زَوْجَتُهُ صَغِيرَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ إلَّا بِتَسْلِيمِ وَلِيٍّ أَوْ بِإِذْنِهِ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا يَلْزَمُهُ تَمْلِيكٌ، بَلْ يُنْفِقُ وَيَكْسُو بِحَسَبِ الْعَادَةِ، فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ بِالْمَعْرُوفِ لَيْسَ هُوَ التَّمْلِيكُ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ حَقَّهَا عَلَيْك أَنْ تُطْعِمَهَا إذَا طَعِمْت وَتَكْسُوهَا إذَا اكْتَسَيْت"1. كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَمْلُوكِ2، ثُمَّ الْمَمْلُوكُ لَا يَجِبُ لَهُ التَّمْلِيكُ إجْمَاعًا، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ. وَتَلْزَمُهُ الْكِسْوَةُ أَوَّلَ كُلِّ عَامٍ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ أَوَّلَ صَيْفٍ وَشِتَاءٍ. وَفِي الْوَاضِحِ كُلَّ نِصْفِ سَنَةٍ، وَتَمَلُّكُهَا فِي الْأَصَحِّ بِقَبْضِهَا، فَإِنْ سُرِقَتْ أَوْ بُلِيَتْ فَلَا بَدَلَ، وَعَكْسُهُ إنْ بَقِيَتْ صَحِيحَةً وَدَخَلَتْ سَنَةٌ أُخْرَى فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَفِي غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا الْوَجْهَانِ وَإِنْ بَانَتْ فِيهَا أَوْ تَسَلَّفَتْ نَفَقَتَهَا رَجَعَ بِالْبَقِيَّةِ، فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِالنَّفَقَةِ، وَقِيلَ: بِالْكِسْوَةِ، وَقِيلَ: كَزَكَاةٍ مُعَجَّلَةٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَلَا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ، الْيَوْمِ إلَّا عَلَى نَاشِزٍ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَجَزَمَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا تَرْجِعُ بما وجب كيوم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي غِطَاءٍ وَوِطَاءٍ وَنَحْوِهِمَا الْوَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي: اللَّذَيْنِ فِي مِلْكِ الْكِسْوَةِ بِقَبْضِهَا، وَقَدْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَمْلِكُهَا، وَاخْتَارَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ أَنَّهَا إمْتَاعٌ، كَمَسْكَنٍ وَمَاعُونٍ، لِمُشَارَكَتِهِ لَهَا فِيهِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِهِ عَنْهُ عُرْفًا وَعَادَةً، أَشْبَهَ الْمَسْكَنَ وَالْمَاعُونَ، بِخِلَافِ النفقة والكسوة، انتهى. وهو كما قال.
وَكِسْوَةِ سَنَةٍ بَلْ بِمَا لَمْ يَجِبْ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ غَائِبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بِظُهُورِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنْ غَابَ وَلَمْ يُنْفِقْ لَزِمَهُ نَفَقَةُ الْمَاضِي. وَعَنْهُ: إنْ كَانَ فَرَضَهَا حَاكِمٌ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ1. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَوْ الزَّوْجُ بِرِضَاهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: أَنَّ أَحْمَدَ أَسْقَطَهَا بِالْمَوْتِ وَعَلَّلَ فِي الْفُصُولِ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ بِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الْكَافِي2، فَإِنَّهُ فرع عليها: لا تثبت فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مَآلُهَا إلَى الْوُجُوبِ. وَلَوْ اسْتَدَانَتْ وَأَنْفَقَتْ رَجَعَتْ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ هَاشِمٍ، وَذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ، وَيُتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِيمَنْ أَدَّى عَنْ غَيْرِهِ وَاجِبًا. وَمَنْ أَكَلَتْ مَعَهُ عَادَةً أَوْ كَسَاهَا بِلَا إذْنٍ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ سَقَطَتْ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي3: إنْ نَوَى أَنْ يَعْتَدَّ بِهَا ومتى تسلم من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا أَوْ بَذَلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيٌّ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَعَنْهُ: مَعَ عَدَمِ صِغَرِهِ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ بِالْعَقْدِ مَعَ عَدَمِ مَنْعٍ لِمَنْ يَلْزَمُهُ تَسَلُّمُهَا لَوْ بَذَلَتْهُ، وَقِيلَ: وَلِصَغِيرَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، فَعَلَيْهَا لَوْ تَسَاكَنَا بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةً لَزِمَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: دَفْعُ النَّفَقَةِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْوَطْءِ وَتَرَكَهُ أَوْ عَجَزَ عَنْهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ طِفْلٌ بِطِفْلَةٍ فَالصَّحِيحُ لَا نَفَقَةَ لِعَدَمِ الْمُوجِبِ. وَمَنْ بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَوْلِيَاؤُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَهَا النَّفَقَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ م 3 وَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسِلَهُ حَاكِمٌ وَيَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ فِي مِثْلِهِ. وَمَنْ سَلَّمَ أَمَتَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا فكحرة ولو أبى زوج، وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَمَنْ بَذَلَتْ التَّسْلِيمَ فَحَالَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَوْلِيَاؤُهَا فَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ لَهَا النَّفَقَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا، ذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا، حَيْثُ قَالُوا: وَإِنْ مَنَعَتْ تَسْلِيمَ نَفْسِهَا أَوْ مَنَعَهَا أَهْلُهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَمْنَعْهُ نَفْسَهَا، لَا مَنَعَهَا أَهْلُهَا، انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى مَانِعِهَا، لِئَلَّا تَسْقُطَ نَفَقَتُهَا مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ مِنْهَا، وَلَمْ أره، وهو قوي. والله أعلم. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَهَا النَّفَقَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. قُلْت: وهو ضعيف.
سَلَّمَهَا لَيْلًا لَزِمَهُ نَفَقَةُ النَّهَارِ وَالزَّوْجَ نَفَقَةُ اللَّيْلِ وَغِطَاءٌ وَنَحْوُهُ، وَقِيلَ: نِصْفَيْنِ، وَلَوْ سَلَّمَهَا نَهَارًا فَقَطْ لَمْ يَجُزْ. وَلَا نَفَقَةَ لِنَاشِزٍ وَلَوْ بِنِكَاحٍ فِي عِدَّةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَنْ مكنته من الوطء لا1 مِنْ بَقِيَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ فَسُقُوطُ النَّفَقَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، وَيَشْطُرُ لِنَاشِزٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا، لَا بِقَدْرِ الْأَزْمِنَةِ، وَيَشْطُرُ لِنَاشِزٍ بَعْضَ يَوْمٍ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ وَمَضَى زَمَنٌ يَقْدُمُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ وَكَذَا إسْلَامُ مُرْتَدَّةٍ وَمُتَخَلِّفَةٍ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي غَيْبَتِهِ وَالْأَصَحُّ تَعُودُ بِإِسْلَامِهَا. وَإِنْ صَامَتْ لِكَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ رَمَضَانَ وَوَقْتُهُ مُتَّسَعٌ أَوْ نَفْلًا، وَفِيهِمَا وَجْهٌ، أَوْ حَجَّتْ لِنَذْرٍ، أَوْ نَفْلًا بِلَا إذْنِهِ، فَلَا نَفَقَةَ، وَكَذَا حَبْسُهَا بِحَقٍّ أَوْ ظُلْمًا فِي الْأَصَحِّ، وهل له البيتوتة معها؟ فيه وجهان م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَعَلِمَ وَمَضَى زَمَنٌ يُقْدَمُ فِي مِثْلِهِ عَادَتْ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ، انْتَهَى. قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ سَافَرَ قَبْلَ الزِّفَافِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ بَذَلَتْهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا حَتَّى يُرَاسِلَهُ حَاكِمٌ وَيَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُ قُدُومُهُ فِي مِثْلِهِ فَذِكْرُهُ هُنَا تَكْرَارٌ، وَمَعَ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ. قَالَ: وَيَسْأَلُ لِمَ اكْتَفَى هُنَا بِعِلْمِهِ وَلَمْ يشترط مراسلة حاكم وهناك2 اشترط ذلك، انتهى. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَهَلْ لَهُ الْبَيْتُوتَةُ مَعَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا حُبِسَتْ بِحَقٍّ أَوْ ظلما. وأطلقهما في الرعاية:
وَفِي صَوْمٍ وَحَجٍّ لِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَجْهَانِ م 5 وَقِيلَ: إنْ نَذَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ قَبْلَ النِّكَاحِ فَلَهَا النَّفَقَةُ. وَنَقَلَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: تَصُومُ النَّذْرَ بِلَا إذْنِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي حَجِّ نَفْلٍ إنْ لَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهَا وَتَحْلِيلَهَا لَمْ تَسْقُطْ، وَأَنَّ فِي صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ فِي الذِّمَّةِ وَجْهَيْنِ، قَالَ فِي الْفُنُونِ: سَفَرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَهُ الْبَيْتُوتَةُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ لَهَا بِمِقْدَارِ ذَلِكَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ إذَنْ. الْمَسْأَلَةُ 5: قَوْلُهُ: وَفِي صَوْمٍ وَحَجٍّ لِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 والمقنع2 والبلغة والشرح وشرح ابن منجا وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَهَا النَّفَقَةُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ صَامَتْ أَوْ حَجَّتْ لِغَيْرِ فَرْضٍ فَلَا نَفَقَةَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا نَفَقَةَ لَهَا، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَالْوَجِيزِ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: وَأَظْهَرُهُمَا سُقُوطُهَا، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ النَّذْرُ بِإِذْنِهِ فَلَهَا النَّفَقَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الوجه الثالث الذي ذكره المصنف.
التغريب يحتمل أن تسقط فيه النفقة1، وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِفَرِيضَةٍ أَوْ مَكْتُوبَةٍ فِي وَقْتِهَا وبسنتها فلها النفقة. وفي التَّبْصِرَةِ: فِي سُقُوطِهَا فِي حَجِّ فَرْضٍ احْتِمَالٌ كَزَائِدَةٍ عَلَى الْحَضَرِ، وَفِي بَقَائِهَا فِي نُزْهَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةِ أَهْلِهَا احْتِمَالٌ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَذْلِ تَسْلِيمٍ حَلَفَ وَقُبِلَ قَوْلُهُ، وَفِي نُشُوزٍ وَأَخْذِ نَفَقَةٍ حَلَفَتْ وَقُبِلَ قَوْلُهَا. وَقَالَ الْآمِدِيُّ: إنْ اخْتَلَفَا فِي نُشُوزٍ فَإِنْ وَجَبَتْ بِالتَّمْكِينِ صُدِّقَ وَعَلَيْهَا إثْبَاتُهُ، وَإِنْ وَجَبَتْ بِالْعَقْدِ صُدِّقَتْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَنْعِ، وَلَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّمْكِينِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهَا بَعْدَهُ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِي النَّفَقَةِ قَوْلَ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الْعُرْفُ، لِأَنَّهُ تَعَارَضَ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ رَاضِيَةً، وَإِنَّمَا تُطَالِبُهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ، كَمَا لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ شَيْءٍ فَادَّعَتْ أَنَّ غَيْرَهُ عَلَّمَهَا، وَأَوْلَى، لِأَنَّ هُنَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ، قَالَ: وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ يَقْضُونَ بِالْيَدِ الْعُرْفِيَّةِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الْيَدِ الْحِسِّيَّةِ فِيمَا إذَا تَدَاعَى الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، أَوْ صانعان في متاع الحانوت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن أعسر بالقوت أو الكسوة أو ببعضهما فلها الفسخ
فَصْلٌ وَإِنْ أَعْسَرَ بِالْقُوتِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ هـ وَصَاحِبَيْهِ، وَالظَّاهِرِيَّةُ، عَلَى التَّرَاخِي أَوْ الْفَوْرِ، كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا2: يُؤَجَّلُ ثَلَاثًا، وَهُوَ أصح قولي ش، ولها المقام، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تُمَكِّنُهُ وَلَا يَحْسِبُهَا، وَنَفَقَةُ الْفَقِيرِ فِي ذِمَّتِهِ مَا لَمْ تَمْنَعْ نَفْسَهَا وش ثُمَّ إنْ أَحَبَّتْ الْفَسْخَ مَلَكَتْهُ، عَلَى الْأَصَحِّ. وَكَذَا لَوْ رَضِيَتْ عُسْرَتَهُ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ لَا، فِي الْأَصَحِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ الْمُعَيَّنَةِ مَعَ تَجَدُّدِ حَقِّهِ بِالِانْتِفَاعِ، كَتَجَدُّدِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ النَّفَقَةِ، أَمَّا إنْ أَسْقَطَتْ النَّفَقَةَ أَوْ الْمَهْرَ قَبْلَ النِّكَاحِ فَسَبَقَ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ1، وَإِنَّمَا لَمْ يَسْقُطْ لِعَدَمِ انْعِقَادِ سَبَبِهِ بِالْكُلِّيَّةِ، قَالَ فِي الْهَدْيِ2: هَذَا إنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ إجْمَاعٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا خِلَافٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِسْقَاطَيْنِ، وَسَوَّيْنَا بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ، وَقَالَ: وَاَلَّذِي تَقْتَضِيهِ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدُهَا أَنَّ الرَّجُلَ إذَا غَرَّ الْمَرْأَةَ بِأَنَّهُ ذُو مَالٍ، فَتَزَوَّجَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَظَهَرَ لَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ كَانَ ذَا مَالٍ وَتَرَكَ النَّفَقَةَ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى أَخْذِ كِفَايَتِهَا مِنْ مَالِهِ بِنَفْسِهَا أَوْ بِحَاكِمٍ، أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ عَالِمَةً بِعُسْرَتِهِ أَوْ كَانَ مُوسِرًا ثُمَّ افْتَقَرَ فَلَا فَسْخَ لَهَا، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ تُصِيبُهُمْ الْفَاقَةُ بَعْدَ الْيَسَارِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُمْ أَزْوَاجُهُمْ إلَى الْحُكَّامِ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ، كَذَا قَالَ. وَمَنْ قَدَرَ يَتَكَسَّبُ أُجْبِرَ، وَفِي التَّرْغِيبِ: عَلَى الْأَصَحِّ، وَفِيهِ: وَلِلصَّانِعِ الَّذِي لَا يَرْجُو عَمَلًا أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِذَا عمل دفع نفقة ثلاثة أيام، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا فَسْخَ مَا لَمْ يَدُمْ. وَفِي الْمُغْنِي1: لَا، وَلَوْ تَعَذَّرَ الْكَسْبُ بَعْضَ زَمَنِهِ، لِأَنَّهُ يقترض، ولو تعذر أيضا أياما، يسيرة، لزواله2 قَرِيبًا. وَإِنْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مُوسِرَةٍ أَوْ مُتَوَسِّطَةٍ أَوْ أُدُمٍ فَلَا فَسْخَ، فِي الْأَصَحِّ فِيهِ، كَنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ وَخَادِمٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي الْكُلِّ احْتِمَالٌ مَعَ ضَرَرِهَا وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، وَأَسْقَطَ الْقَاضِي زِيَادَةَ يَسَارٍ وَتَوَسُّطٍ. وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَوَجْهَانِ م 6 وَلَا فَسْخَ فِي الْمَنْصُوصِ لِوَلِيِّ أَمَةٍ رَاضِيَةٍ3 وَصَغِيرَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ، فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ. وَإِنْ مَنَعَ مُوسِرٌ بَعْضَ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ وَقَدَرَتْ عَلَى مَالِهِ أَخَذَتْ كِفَايَتَهَا وَكِفَايَةَ ولدها عرفا بلا إذنه، نص ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْسَرَ بِالسُّكْنَى فَوَجْهَانِ، يَعْنِي هَلْ لَهَا الْفَسْخُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا فَسْخَ لَهَا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ في المحرر.
عليه. وفي الروضة: القياس منعها تركناه1 لِلْخَبَرِ2. وَفِي وَلَدِهَا وَجْهٌ فِي التَّرْغِيبِ، وَلَا تَقْتَرِضُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: تُضَحِّي عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ أَيْضًا، وَمَتَى لَمْ تَقْدِرْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ أَوْ دَفَعَهَا مِنْهُ يَوْمًا بِيَوْمٍ، فَإِنْ غَيَّبَهُ وَصَبَرَ، أَوْ غَابَ مُوسِرٌ وَتَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ بِاسْتِدَانَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلَهَا فِرَاقُهُ، وَمَنَعَ الْقَاضِي، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَقِيلَ: لَا، فِي الثَّانِيَةِ، لِاحْتِمَالِ عُذْرٍ. وَفِي الْمُغْنِي3: بَلْ فِيهَا أَوْلَى، لِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ يُنْفِقُ لِطُولِ الْحَبْسِ. وَلِلْحَاكِمِ بَيْعُ عَقَارٍ وَعَرَضٍ لِغَائِبٍ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَلَا يَجُوزُ كُلُّ شَهْرٍ، لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ ثُمَّ إنْ بَانَ مَيِّتًا قَبْلَ إنْفَاقِهِ حَسَبَ عَلَيْهَا مَا أَنْفَقَتْهُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ، قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَمَبْلَغُ الْمَهْرِ فَإِنْ عَلِمَ مَكَانَهُ كَتَبَ: إنْ سَلَّمْتَ إلَيْهَا حَقَّهَا وَإِلَّا بِعْتُ عَلَيْك بِقَدْرِهِ، فَإِنْ أَبَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ بَاعَ بِقَدْرِ نِصْفِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِجَوَازِ طَلَاقِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَإِمَّا إنْ لَمْ تُوجَدْ نَفَقَةٌ ثَبَتَ إعْسَارُهُ، وَلِلْحَاكِمِ الْفَسْخُ بِطَلَبِهَا، وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَقَالَا فِي النَّفَقَةِ: وَمَا تَجِدُ مَنْ يُدِينُهَا عَلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الْغَائِبِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ الْمَانِعِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي التَّصَرُّفِ فِي الدَّيْنِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ فَبَذَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ تُجْبَرْ، وَرَفْعُ النِّكَاحِ هُنَا فَسْخٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا: فَيُعْتَبَرُ الرَّفْعُ إلَى حَاكِمٍ، فَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ فُسِخَ بِطَلَبِهَا أو فسخت بأمره وش وَلَا يَنْفُذُ بِدُونِهِ، وَقِيلَ: ظَاهِرًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَنْفُذُ مَعَ تَعَذُّرِهِ زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: مُطْلَقًا وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ طَلَاقٌ أَمَرَهُ بِطَلَبِهَا بِطَلَاقٍ أَوْ نَفَقَةٍ، فَإِنْ أَبَى طَلَّقَ عَلَيْهِ، جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ. فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مَعَ عُسْرَتِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ1 ثَالِثَةً م 7 وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَهَذَا وَالْقَوْلُ بالفسخ، وقيل: إن طلب المهلة ثلاثة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: فَإِنْ رَاجَعَ فَقِيلَ: لَا يَصِحُّ مَعَ عُسْرَتِهِ، وَقِيلَ: بَلَى، فَيُطَلِّقُ ثَانِيَةً ثُمَّ ثالثة، انتهى.
أَيَّامٍ أُجِيبَ، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ فَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ. إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُتَخَلِّفَةِ نَفَقَتُهُ. وفي المغني1: يفرق بينهما م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ، وَيُعَايَا بِهَا عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ: وَقِيلَ إنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أُجِيبَ، فَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ فَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: إلَى آخِرِ الْيَوْمِ الْمُخْتَلِفَةِ نَفَقَتُهُ. وَفِي الْمُغْنِي: يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، انْتَهَى. مَا قَالَهُ فِي الْمُغْنِي هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَوِيٌّ، وَالْقَوْلُ الأول ضعيف.
وَهِيَ فَسْخٌ فَإِنْ أَجْبَرَهُ عَلَى الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فَرَاجَعَ وَلَمْ يُنْفِقْ فَلِلْحَاكِمِ، الْفَسْخُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ وَالْفَسْخَ، وَمَذْهَبُ م يُؤَجَّلُ فِي عَدَمِ نَفَقَةِ نَحْوِ1 كُلِّ شَهْرٍ فَإِنْ انْقَضَى وَهِيَ حَائِضٌ فَحَتَّى تَطْهُرَ. وَفِي الصَّدَاقِ عَامَيْنِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، فَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْعِدَّةِ فَلَهُ ارتجاعها، ومن أمكنه أخذ دينه قهرا2 فموسر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ
فصل يلزمه لرجعية نفقة وكسوة وسكنى كزوجة،
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ لِرَجْعِيَّةٍ نَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ وَسُكْنَى كَزَوْجَةٍ، وَكَذَا لِكُلِّ بَائِنٍ حَامِلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: بِوَضْعِهِ. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ. لَا يَلْزَمُهُ، وَهِيَ سَهْوٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ: تَلْزَمُهُ النفقة، وفي السكنى روايتان، وعنه: وجوبهما لحامل3، وَعَنْهُ: لَهَا سُكْنَى، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا كَعِدَّةٍ. وَمَنْ نَفَاهُ وَلَاعَنَ فَإِنْ صَحَّ فَلَا نَفَقَةَ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ لَزِمَهُ مَا مَضَى. وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ يَظُنُّهَا حَائِلًا فَبَانَتْ حَامِلًا رَجَعَتْ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِالْعَكْسِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: إنْ نَفَى الْحَمْلَ فَفِي رُجُوعِهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ. إنْ شَهِدَ بِهِ النِّسَاءُ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يَبِنْ رَجَعَ، وَعَنْهُ: لَا، كَنِكَاحٍ تَبَيَّنَ فَسَادُهُ لِتَفْرِيطِهِ، كَنَفَقَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ، كَذَا قَالُوا، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنْ كَتَمَتْ بَرَاءَتهَا مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهَلْ نَفَقَةُ الْحَامِلِ1 لَهُ أَوْ لَهَا لِأَجْلِهِ؟ فَعَنْهُ: لَهَا، فَلَا تَجِبُ لِنَاشِزٍ وَحَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ وَفَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ، وَتَجِبُ مَعَ رِقِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، وَعَلَى غَائِبٍ، وَمُعْسِرٍ، وَلَا يُنْفِقُ بَقِيَّةَ قَرَابَةِ حَمْلٍ. وَعَنْهُ: لَهُ، فَتَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ م 9، وأوجبها شيخنا له ولها لأجله، ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 9: قوله: وهل نفقة حامل2 لَهُ أَوْ لَهَا لِأَجْلِهِ، فَعَنْهُ: لَهَا، وَعَنْهُ: لَهُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، انْتَهَى. وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْكَافِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: هِيَ للحمل، وهي الصحيح، واختارها الأكثر، وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُهُمَا، وَاخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ لَهَا مِنْ أَجْلِهِ، صَحَّحَهَا فِي التَّصْحِيحِ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي الرعايتين والنظم والحاوي الصغير وغيرهم.
وَجَعَلَهَا كَمُرْضِعَةٍ لَهُ بِأُجْرَةٍ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي مَسْأَلَةِ الرِّقِّ رِوَايَتَانِ كَحَمْلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ قُلْنَا هِيَ لَهَا فَلَا نَفَقَةَ، وَالْفَسْخُ لِعَيْبٍ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَعِنْدَ الْقَاضِي كَصَحِيحٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي حَامِلٍ مِنْ شُبْهَةٍ: وَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةٌ؟ يَلْزَمُهُ كَمُكْرَهَةٍ وَنَائِمَةٍ، لَا إنْ ظَنَّتْهُ زَوْجَهَا. وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا، كَزَانِيَةٍ، وَعَنْهُ: لَهَا سُكْنَى، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، فَهِيَ كَغَرِيمٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ مَاتَ وَهِيَ فِي مَسْكَنِهِ قُدِّمَتْ بِهِ، وَعَنْهُ: لِحَامِلٍ سُكْنَى وَنَفَقَةٌ وَكِسْوَةٌ، وَنَقَلَ الْكَحَّالُ فِي أُمِّ وَلَدٍ: تُنْفِقُ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ، مِنْ جميع المال م 10. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: نَقَلَ الْكَحَّالُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ: تُنْفِقُ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا، وَنَقَلَ جَعْفَرٌ: مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، انْتَهَى. ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا، لِقَوْلِهِ: وَلَا شَيْءَ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا وَلَكِنْ إذَا قُلْنَا إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَهَا نَفَقَةٌ، فَهَلْ ذَلِكَ مِنْ مَالِ حَمْلِهَا أَوْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ؟ ذَكَرَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَمَنْ أَحْبَلَ أَمَتَهُ وَمَاتَ فَهَلْ نَفَقَتُهَا مِنْ الْكُلِّ أَوْ مِنْ حَقِّ وَلَدِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ: فِي نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ الْحَامِلِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ. إحْدَاهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا، نَقَلَهَا حَرْبٌ وَابْنُ بُخْتَانَ. وَالثَّانِيَةُ: يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِ مَا فِي بَطْنِهَا، نَقَلَهَا الْكَحَّالُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّالِثَةُ: إنْ لَمْ تَكُنْ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَنَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ فِي عِدَادِ الْأَحْرَارِ؛ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ نَصِيبِ وَلَدِهَا، نَقَلَهَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَهِيَ مُشْكِلَةٌ جِدًّا، وَبَيَّنَ مَعْنَاهَا، وَاسْتَشْكَلَ الْمَجْدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: الْحَمْلُ إنَّمَا يَرِثُ بِشَرْطِ خروجه حيا، ويوقف1 نَصِيبُهُ، فَكَيْفَ يُتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ تَحْقِيقِ الشَّرْطِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا النَّصَّ يَشْهَدُ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ بِالْإِرْثِ مِنْ حِينِ مَوْتِ مَوْرُوثِهِ، وَإِنَّمَا خُرُوجُهُ حَيًّا يَتَبَيَّنُ بِهِ وُجُودُ ذَلِكَ، فَإِذَا حَكَمْنَا لَهُ بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ، وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لَا سِيَّمَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى أَنَّهُ يَعُودُ نَفْعُهَا إلَيْهِ، كَمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ، انْتَهَى. فَهَذِهِ عشر مسائل في هذا الباب.
باب نفقة القريب والرقيق والبهائم
باب نفقة القريب والرقيق والبهائم مدخل ... باب نفقة القريب والرقيق والبهائم تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا، وَوَلَدُهُ وَإِنْ سَفَلُوا، بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ بَعْضُهَا، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مَعَ فقرهم، إذا فضل عن نفسه وزوجته ورقيقة1 يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ2 مِنْ كَسْبِهِ وَأُجْرَةِ مِلْكِهِ وَنَحْوِهِ3، وَعَنْهُ: وَوَرَثَتُهُمْ4 بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ كَبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ، وعنه: تختص العصبة مطلقا نقلها ـــــــــــــــــــــــــــــQ"5تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا، وولده وإن سفلوا5"،......
جَمَاعَةٌ، فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَرِثَهُمْ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ فِي الْحَالِ، فَلَا تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا يَحْجُبُهُ قَرِيبٌ مُعْسِرٌ، وَعَنْهُ: بَلْ إنْ وَرِثَهُ وَحْدَهُ لَزِمَتْهُ مَعَ يَسَارِهِ، وَمَعَ فَقْرِهِ تَلْزَمُ بَعِيدًا مُوسِرًا، فَلَا تَلْزَمُ جَدًّا مُوسِرًا مَعَ أَبٍ فَقِيرٍ، وَأَخًا مُوسِرًا مَعَ ابْنٍ فَقِيرٍ عَلَى الْأَوْلَى، وَتَلْزَمُ عَلَى الثَّانِيَةِ، وَإِنْ اعْتَبَرَ وَارِثٌ1 في غير عمودي نسبه ـــــــــــــــــــــــــــــQو"2عنه: وورثهم3 بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ، وَعَنْهُ: تَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ مُطْلَقًا. تَابَعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ، فَأَدْخَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ عَمُودِيِّ النَّسَبِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُمْ، وَقَدْ صَرَّحَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ بِأَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ، وَأَخْرَجَهُمْ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، وَعَنْهُ: تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ، وَأَوْجَبَهَا جَمَاعَةٌ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ فَقَطْ، فَقَدَّمَ هُنَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ أَنَّهَا تَجِبُ لَهُمْ فَنَاقَضَ. لَا يُقَالُ كَلَامُهُ ثَانِيًا مُخَصِّصٌ لِكَلَامِهِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّا نَقُولُ: ذِكْرُهُ لِلرِّوَايَتَيْنِ بَعْدَهُ يَرُدُّ ذَلِكَ، وَسَبَبُ التَّنَاقُضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ تَابَعَ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ فِي كَلَامِهِ الْأَوَّلِ، لَكِنَّ صَاحِبَ الْمُحَرَّرِ أَخْرَجَهُمْ ثَانِيًا بِقَوْلِهِ: وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ غَيْرِ عَمُودِيِّ النَّسَبِ، وَتَابَعَ فِي كَلَامِهِ الثَّانِي ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَا نَفَقَةَ لِذِي رَحِمٍ، وَعَنْهُ: تَجِبُ لِعَمُودَيْ نَسَبِهِ، لَكِنْ ابْنُ حَمْدَانَ لَمْ يُدْخِلْ فِي كَلَامِهِ أَوَّلَ الْبَابِ ذَوِي الْأَرْحَامَ، وَالْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُمْ، فَحَصَلَ مَا حَصَلَ، هذا ما ظهر لي. والله أعلم2".
فَقَطْ لَزِمَتْ الْجَدَّ. قَالَ الشَّيْخُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ أَوْجُهًا ثَلَاثَةً، وَعَنْهُ: يُعْتَبَرُ تَوَارُثُهُمَا، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَلَا نَفَقَةَ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: تَجِبُ لِكُلِّ وَارِثٍ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا، لِأَنَّهُ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَهُوَ عَامٌّ كَعُمُومِ1 الْمِيرَاثِ فِي ذَوِي الْأَرْحَامِ، بَلْ أَوْلَى. قَالَ: وَعَلَى هَذَا مَا وَرَدَ مِنْ حَمْلِ الْخَالِ لِلْعَقْلِ، وَقَوْلُهُ: "ابْنُ أخت الْقَوْمِ مِنْهُمْ"2 وَكَانَ مِسْطَحٌ ابْنُ خَالَةِ أَبِي بَكْرٍ. فَيَدْخُلُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] ، وأوجبها جماعة لعمودي3 نَسَبِهِ فَقَطْ، وَمَنْ لَهُ وَارِثٌ4 لَزِمَتْهُمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ، إلَّا الْأَبُ5 يَخْتَصُّ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ، وَفِي الْوَاضِحِ: مَا دَامَتْ أُمُّهُ أَحَقَّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَمِثْلُهُ الْوَلَدُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: الْقِيَاسُ فِي أَبٍ وَابْنٍ أَنْ يَلْزَمَ الْأَبَ سُدُسٌ فَقَطْ، لَكِنْ تَرَكَهُ أَصْحَابُنَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ، فَأُمٌّ وَجَدٌّ أَوْ ابْنٌ وَبِنْتٌ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَأُمٌّ وَبِنْتٌ أَرْبَاعًا، وَيَتَخَرَّجُ: يَلْزَمُهُمَا ثُلُثَاهَا بِإِرْثِهِمَا فَرْضًا: وَجَدٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ سَوَاءٌ، وَلَا تَلْزَمُ أَبَا أُمٍّ مَعَ أُمٍّ وَابْنِ بِنْتٍ مَعَهَا، وَإِنْ كَانَ أحد الورثة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُوسِرًا لَزِمَهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ: الْكُلُّ، وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ1، فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، كَاتِّفَاقِ دِينِهِمَا، وَفِيهِ وَجْهٌ، وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ رِوَايَةٌ، وَعَنْهُ: فِيهِمَا غَيْرُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ. وَفِي الْمُوجَزِ فِي الثَّانِيَةِ رِوَايَةٌ: غَيْرُ وَالِدٍ. وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأَوِّلَةِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ يَلْزَمُهُ، وَقَالُوا: وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ، وَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ نَفَقَتُهُ، فَكَانَ كَالْغَنِيِّ فِي حِرْمَانِ الزكاة م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ، وَهَلْ يَلْزَمُ الْمُعْدِمُ الْكَسْبَ لِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ، عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأُولَى، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَجَزَمَ2 جَمَاعَةٌ: يَلْزَمُهُ، ذَكَرُوهُ فِي إجَارَةِ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ، وَقَالُوا: وَلِأَنَّهُ كَالْغَنِيِّ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ، نَفَقَةُ قَرِيبِهِ، وَتَسْقُطُ عَنْ أَبِيهِ نَفَقَتُهُ، فَكَانَ كَالْغَنِيِّ فِي حِرْمَانِ الزَّكَاةِ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ: أَنَّ مُرَادَهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ فِي الْأُولَى، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ النَّقْصُ فَتَجِبُ لِصَحِيحٍ مُكَلَّفٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ، وَعَنْهُ: بَلَى، انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْحِرْفَةِ لِلْإِنْفَاقِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي إجْبَارِ الْمُفْلِسِ على الكسب "3لوفاء دينه3"،
وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ، ثُمَّ التَّسَاوِي، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ وَارِثٌ، ثُمَّ التَّسَاوِي، فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ، وَقِيلَ: الْأُمُّ، وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ: فِيهِمَا سَوَاءٌ م 2 نقل أبو طالب: الابن أحق ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَأَمَّا وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى أَقَارِبِهِ مِنْ الْكَسْبِ، فَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَالْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَالْأَكْثَرُونَ، 1بِالْوُجُوبِ، قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوَالِدَيْنِ1"، "2وَالْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ، وخرج صاحب الترغيب على الروايتين كما تقدم. قال ابن نصر الله في حواشيه: جزم به الأكثر. وخرجه في التَّرْغِيبِ2" عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي اشْتِرَاطِ انْتِفَاءِ الْحِرْفَةِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، انْتَهَى. فَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ جَمَاعَةٍ بِاللُّزُومِ هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب، ولعل الْمُصَنِّفَ مَا اطَّلَعَ عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الْقَوَاعِدِ، وَإِنَّمَا رَأَى جَمَاعَةً ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إجَارَةَ الْمُفْلِسِ وَاسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ: لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إفْصَاحٌ بِالرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَنَى عَلَيْهِمَا صَاحِبُ التَّرْغِيبِ الْمَسْأَلَةَ، وَقَدْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ: فَإِنْ عَدِمَ الْحِرْفَةَ فَرِوَايَتَانِ، يَعْنِي فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، ثُمَّ الْعَصَبَةُ، ثُمَّ التَّسَاوِي، وَقِيلَ: يُقَدَّمُ وَارِثٌ ثُمَّ التَّسَاوِي، فَأَبَوَانِ يُقَدَّمُ الْأَبُ، وَقِيلَ: الْأُمُّ، وَمَعَهُمَا ابْنٌ قِيلَ: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ، وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ بَيْنَ الِابْنِ والأب في الهداية والمذهب،
بِالنَّفَقَةِ مِنْهَا وَهِيَ أَحَقُّ بِالْبِرِّ، وَالْأَوْجُهُ فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ م 3 وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا أَبٌ وابن، وقيل: سواء، ويقدم أبو أب عَلَى أَبِي أُمٍّ، وَمَعَ أَبِي أَبِي أَبٍ يَسْتَوِيَانِ: وَقِيلَ: يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالُ عَكْسِهِ، جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ فِي الْكُلِّ، وَاعْتَبَرَ فِي التَّرْغِيبِ، بِإِرْثٍ، وَأَنَّ مَعَ الِاجْتِمَاعِ يُوَزَّعُ لَهُمْ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ، وَمَنْ تَرَكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَاضِي، أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَذَكَرَ1 بَعْضُهُمْ إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ، لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِفَرْضِهِ، كَنَفَقَةِ الزوجة. وفي المحرر: وإذنه في الاستدانة. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُ الِابْنُ2 عَلَيْهِمَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي الْقُرْبِ فَالْعَصَبَةُ، انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ الْأَبَوَانِ عَلَيْهِ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ. مَسْأَلَةٌ 3: قوله: و3 الْأَوْجُهُ فِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ، انْتَهَى. قَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَكَذَلِكَ هَذِهِ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ هُنَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ. تَنْبِيهَانِ: "4أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: وَمَنْ تَرَكَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَاضِي، أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: إلَّا بِفَرْضِ حَاكِمٍ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَإِذْنُهُ فِي اسْتِدَانَةٍ، انْتَهَى. ظاهره أن في4".
وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا: وَيَسْتَدِينُ عَلَيْهِ، فَلَا يَرْجِعُ إنْ اسْتَغْنَى بِكَسْبٍ أَوْ نَفَقَةِ مُتَبَرِّعٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: يَأْخُذُ بِلَا إذْنِهِ، كَزَوْجَةٍ. نَقَلَ ابْنَاهُ وَالْجَمَاعَةُ: يَأْخُذُ مِنْ مَالِ وَالِدِهِ بِلَا إذْنِهِ بِالْمَعْرُوفِ، إذَا احْتَاجَ، وَلَا يَتَصَدَّقُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَبِلَا إذْنٍ فِيهِ خِلَافٌ. وَمَنْ لَزِمَهُ نَفَقَةُ رَجُلٍ لَزِمَهُ نَفَقَةُ امْرَأَتِهِ، وَعَنْهُ: في عمودي نسبه، وعنه: لِامْرَأَةِ أَبِيهِ، وَعَنْهُ: لَا، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْإِعْفَافِ، ولمن يعف قريبه أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1الْمُحَرَّرِ يَلْزَمُهُ بِشَيْئَيْنِ، بِفَرْضِ حَاكِمٍ وَإِذْنِهِ فِي الِاسْتِدَانَةِ، وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ وَإِنْ فَرَضَتْ، وَتَلْزَمُهُ فِي الِاسْتِدَانَةِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ. وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ حَاكِمٌ، قَالَ فِي الشَّرْحِ2: فَإِنْ فَرَضَهَا حَاكِمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ، لِأَنَّهَا تَأَكَّدَتْ بِفَرْضِهِ. وَفِي الرِّعَايَتَيْنِ: تسقط إلا إن فرضها حاكم1".
يُزَوِّجَهُ حُرَّةً تُعِفُّهُ، وَبِسُرِّيَّةٍ1، وَيُقَدَّمُ تَعْيِينُ قَرِيبٍ، وَالْمَهْرُ سَوَاءٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: التَّعْيِينُ لِلزَّوْجِ، وَلَا يَمْلِكُ اسْتِرْجَاعَ أَمَةٍ أَعَفَّهُ بِهَا مَعَ غِنَاهُ، فِي الْأَصَحِّ. وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ تَائِقٌ بِلَا يَمِينٍ، وَيُتَوَجَّهُ: بِيَمِينِهِ، وَيُعْتَبَرُ عَجْزُهُ، وَيَكْفِي إعْفَافُهُ بواحدة، ويعفه ثانيا إن ماتت2، وَقِيلَ: لَا، كَمُطَلَّقٍ لِعُذْرٍ، فِي الْأَصَحِّ، وَيَلْزَمُهُ إعْفَافُ أُمِّهِ كَالْأَبِ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ سَلَّمَ فَالْأَبُ آكَدُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّهُ3 بِالتَّزْوِيجِ وَنَفَقَتُهَا عَلَيْهِ، وَيُتَوَجَّهُ: تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ إنْ تَعَذَّرَ تَزْوِيجٌ بِدُونِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ: يَلْزَمُهُ إعْفَافُ كُلِّ إنْسَانٍ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ4 هَلْ يَلْزَمُ الْعَتِيقَ نَفَقَةُ مَوْلَاهُ؟ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ظِئْرٍ صَغِيرٍ حَوْلَيْنِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَيْسَ لِأَبِيهِ مَنْعُ أُمِّهِ مِنْ رَضَاعِهِ، وَقِيلَ: بَلَى "5إذَا كَانَتْ5" فِي حِبَالِهِ، كَخِدْمَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهَا: وَلَهَا أَخْذُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ حَتَّى مَعَ رِضَا زَوْجٍ ثَانٍ، ولو مع متبرعة. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْوَاضِحِ، وَفَوْقَهَا مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: هِيَ أَحَقُّ بِمَا يَطْلُبُ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ لَا بِأَكْثَرَ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ اسْتَأْجَرَهَا مَنْ هِيَ تَحْتَهُ لِرَضَاعِ وَلَدِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ نَفْعَهَا، كَاسْتِئْجَارِهَا لِلْخِدْمَةِ شَهْرًا ثُمَّ فِيهِ لِبِنَاءٍ، وَعِنْدَ شَيْخِنَا: لَا أُجْرَةَ مُطْلَقًا، فَيُحَلِّفُهَا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مَا أَخَذَتْ مِنْهُ. وَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِخَوْفِ تَلَفِهِ، وَلَهُ إجْبَارُ أُمِّ وَلَدِهِ مَجَّانًا، وَلِزَوْجٍ ثَانٍ مَنْعُهَا مِنْ رَضَاعِ وَلَدِهَا مِنْ الْأَوَّلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، إلَّا لِضَرُورَتِهِ، نَقَلَ مُهَنَّا: أَوْ شَرَطَهَا. وَلَا يُفْطَمُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إلَّا بِرِضَا أَبَوَيْهِ مَا لَمْ يَنْضُرْ. وَفِي الرِّعَايَةِ هُنَا: يَحْرُمُ رَضَاعُهُ بَعْدَهُمَا1 وَلَوْ رَضِيَا. وَقَالَ فِي بَابِ النَّجَاسَةِ: طَاهِرٌ مُبَاحٌ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ يُبَاحُ مِنْ امْرَأَةٍ وَفِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: الْقِيَاسُ تَحْرِيمُهُ تُرِكَ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ أُبِيحَ بَعْدَ زَوَالِهَا، وَلَهُ نَظَائِرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ إبَاحَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي التَّرْغِيبِ: لَهُ فِطَامُ رَقِيقِهِ قَبْلَهُمَا مَا لَمْ يَنْضُرْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وبعدهما ما لم تنضر الأم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَلْزَمُهُ خِدْمَةُ قَرِيبٍ لِحَاجَةٍ، كَزَوْجَةٍ، وَمَذْهَبٌ هـ تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لِذِي رَحِمِهِ بِشَرْطِ قُدْرَةِ الْمُنْفِقِ وَحَاجَةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ كَبِيرًا اُعْتُبِرَ مَعَ فَقْرِهِ عَمًى1 أَوْ زَمَانَةً، وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْمِيرَاثِ، إلَّا أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ خَاصَّةً، وَيُعْتَبَرُ عِنْدَهُ اتِّحَادُ الدِّينِ فِي غَيْرِ عَمُودَيْ نَسَبِهِ "2لَا فِيهِ2"، وَمَذْهَبٌ م تَجِبُ عَلَى الْوَلَدِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى نَفَقَةُ أَبَوَيْهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ، وَتَجِبُ عَلَى الْأَبِ فَقَطْ نَفَقَةُ أَوْلَادِهِ الْأَدْنَيْنَ فَقَطْ، فَالذَّكَرُ حَتَّى يَبْلُغَ، وَالْأُنْثَى حَتَّى تَتَزَوَّجَ، وَحَيْثُ وَجَبَتْ فَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الدِّينُ أَوْ لَا، وَمَذْهَبٌ ش تَجِبُ لِعَمُودَيْ3 النَّسَبِ خَاصَّةً مَعَ اتِّحَادِ الدِّينِ، وَاعْتُبِرَ عَجْزُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ بِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ زَمَانَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الْعَمُودِ الْأَسْفَلِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَعْلَى فَقَوْلَانِ، وَإِذَا بَلَغَ الْوَلَدُ صحيحا فلا نفقة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل يلزمه نفقة رقيقه عرفا ولو آبق وأمة ناشز
فَصْلٌ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ رَقِيقِهِ عُرْفًا وَلَوْ آبِقٌ وأمة ناشز، قاله4 ماعة: واختلف كلام ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ فِي مُكَاتَبٍ، وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ، وَكِسْوَتُهُ مُطْلَقًا، وَتَزْوِيجُهُمْ بِطَلَبِهِمْ إلَّا أَمَةً يَسْتَمْتِعُ بِهَا، فَإِنْ أَبَى أُجْبِرَ، وَتُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَا يَطَأُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَلْزَمُهُ تزويج المكاتبة بطلبه1 وَلَوْ وَطِئَهَا وَأُبِيحَ بِالشَّرْطِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّا، وَكَأَنَّ وَجْهَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمَهْرِ فَمَلَكَتْهُ كَأَنْوَاعِ التَّكَسُّبِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ، وَهُوَ أَظْهَرُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ حَقِّ السَّيِّدِ2 وَإِلْغَاءِ الشَّرْطِ، وَلَا يُكَلِّفُهُ مُشِقًّا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ مَشَقَّةٌ كَثِيرَةٌ، وَلَا يَجُوزُ تَكْلِيفُ الْأَمَةِ بِالرَّعْيِ، لِأَنَّ السَّفَرَ مَظِنَّةُ الطَّمَعِ، لِبُعْدِهَا عَمَّنْ يَذُبُّ عَنْهَا. قَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ الْحَكَمِ: كَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبَعْدَ الْأَلْفِ نُونٌ ثُمَّ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ مَكَانٌ بِقُرْبِ أُحُدٍ، قَالَ3: فَاطَّلَعَتْ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ أَغْضَبُ، كما يأسفون، ولكني ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَكَكْتهَا صَكَّةً، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ. قُلْت: يَا رَسُولَ، أَفَلَا أَعْتِقُهَا؟ قَالَ: "ائْتِنِي بِهَا" فَأَتَيْته بِهَا فَقَالَ: "أَيْنَ اللَّهُ؟ " قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ، قَالَ: "مَنْ أَنَا؟ " قَالَتْ: أَنْتَ1 رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: "أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد2. وَإِنْ خَافَ مَفْسَدَةً لَمْ يَسْتَرْعِهَا. وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ نَقْلِ أَسْمَاءَ، النَّوَى عَلَى رَأْسِهَا لِلزُّبَيْرِ نَحْوَ ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ مِنْ الْمَدِينَةِ3 أَنَّهُ حُجَّةٌ فِي سَفَرِ الْمَرْأَةِ السَّفَرَ الْقَصِيرَ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ، وَرَعْيُ جَارِيَةِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ فِي مَعْنَاهُ وَأَوْلَى، فَيُتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، وَأَمَّا كَلَامُ شَيْخِنَا وَمَعْنَاهُ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ مِثْلُ هَذَا قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَفَرٍ شَرْعًا وَلَا عُرْفًا وَلَا يُتَأَهَّبُ لَهُ أُهْبَتَهُ، وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُكَلِّفُهُ مُشِقًّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ. وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَحَكَاهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إجْمَاعًا. قَالَ: فَإِنْ أَعَانَهُ عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ" 4. وَقَالَ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ الشَّاقُّ عَلَى رقيقه ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَرَعْيُ جَارِيَةِ الْحَكَمِ5 فِي مَعْنَاهُ. صَوَابُهُ: جَارِيَةِ ابْنِ الْحَكَمِ، أَوْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ قَرِيبًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
بِالْبَيْعِ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "فَلْيَبِعْهُ" 1 لَكِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى طَرِيقِ الْوَعْظِ لَا الْإِجْبَارِ كَذَا قَالَ: وَيُرِيحُهُ وَقْتَ قَائِلَةٍ وَنَوْمٍ وَصَلَاةٍ، وَيُدَاوِيهِ وُجُوبًا، قَالَهُ جَمَاعَةٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ أَظْهَرُ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ: الْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ، فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِنَفَقَتِهِ وَمُؤْنَتِهِ، وَلِهَذَا النَّفَقَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالْمَرَضِ تَلْزَمُهُ مِنْ الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، وَيُرْكِبُهُ فِي السَّفَرِ عُقْبَةً، وَتَلْزَمُهُ إزَالَةُ مِلْكِهِ بِطَلَبِهِ وَامْتِنَاعِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ كَفُرْقَةِ زَوْجَةٍ، قَالَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي أُمِّ وَلَدٍ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. قَالَ شَيْخُنَا فِي مُسْلِمٍ بِجَيْشٍ بِبِلَادِ التَّتَارِ أَبَى بَيْعَ عَبْدِهِ وَعِتْقَهُ2 وَيَأْمُرُهُ بِتَرْكِ الْمَأْمُورِ وَفِعْلِ الْمَنْهِيِّ: فَهَرَبُهُ3 مِنْهُ إلَى بَلَدِ الْإِسْلَامِ وَاجِبٌ، فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِهَذَا، وَلَوْ كَانَ فِي طَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْعَبْدُ إذَا هَاجَرَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ حُرٌّ، وَقَالَ: وَلَوْ لَمْ تُلَائِمْ أَخْلَاقُ الْعَبْدِ أَخْلَاقَ سَيِّدِهِ لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَا لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ" 4 كَذَا. قَالَ، رَوَى أَبُو دَاوُد وغيره5 من حديث أبي ذر "فمن لم6 يلائمكم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ" وَرَوَوْا مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَيْضًا "مَنْ لَاءَمَكُمْ مِنْ مَمْلُوكِيكُمْ فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ، وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ، وَمَنْ لَا يُلَائِمُكُمْ فَبِيعُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللَّهِ" 1، "2وَهُمَا خَبَرَانِ صَحِيحَانِ2"، وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ: يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ، وَيُسَنُّ إطْعَامُهُ مِنْ طَعَامِهِ، فَإِنْ وَلِيَهُ فَمَعَهُ أَوْ مِنْهُ، وَلَا يَأْكُلُ بِلَا إذْنِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَسْتَرْضِعُ الْأَمَةَ لِغَيْرِ وَلَدِهَا بَعْدَ رِيِّهِ3، وَإِلَّا حَرُمَ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهَا بِلَا إذْنِ زَوْجٍ، كَمَا سَبَقَ، قَالَ الشَّيْخُ: لِاشْتِغَالِهَا عَنْهُ بِرَضَاعٍ وَحَضَانَةٍ وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ إذَا أَجَّرَهَا فِي مُدَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ، فَلَوْ أَجَّرَهَا فِي غَيْرِهِ يُوَجَّهُ الْجَوَازُ، وَإِطْلَاقُهُ مُقَيَّدٌ بِتَعْلِيلِهِ: وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَ تَقْيِيدُهُ بِهِ، فَأَمَّا إنْ ضَرَّ ذَلِكَ بِهَا لَمْ يَجُزْ. وَتَجُوزُ الْمُخَارَجَةُ بِاتِّفَاقِهِمَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ بَعْدَ نَفَقَتِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ قَدَّرَ خَرَاجًا بِقَدْرِ كَسْبِهِ لَمْ يُعَارَضْ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمُغْنِي4: لِعَبْدٍ مَخَارِجُ هَدِيَّةِ طَعَامٍ وَإِعَارَةِ مَتَاعٍ وَعَمَلِ دَعْوَةٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، وَأَنَّ فَائِدَةَ الْمُخَارَجَةِ ترك العمل بعد الضريبة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ1: لَهُ التَّصَرُّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى خَرَاجِهِ، وَلَوْ مَنَعَ مِنْهُ كَانَ كَسْبُهُ كُلُّهُ خَرَاجًا2 وَلَمْ يَكُنْ لِتَقْدِيرِهِ فَائِدَةٌ، بَلْ مَا زَادَ تَمْلِيكٌ مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا أَرَادَ كَذَا قَالَ. وَلِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُهُ كَوَلَدٍ وَزَوْجَةٍ. كَذَا قَالُوا. وَالْأَوْلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد3 عَنْ لَقِيطٍ، أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُ: "وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَك ضَرْبَك أَمَتَك". وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ4: "لَا يَجْلِدُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُجَامِعُهَا أَوْ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ الْيَوْمِ". وَلِابْنِ مَاجَهْ5 بَدَلَ الْعَبْدِ الْأَمَةُ. وَنَقَلَ، حَرْبٌ: لَا يَضْرِبُهُ إلَّا فِي ذَنْبٍ بَعْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلَا يَضْرِبُهُ شَدِيدًا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَضْرِبُهُ إلَّا فِي ذَنْبٍ عَظِيمٍ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا" 6. وَيُقَيِّدُهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ، وَيَضْرِبُهُ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ وَافَقَهُ وَإِلَّا بَاعَهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ" 7. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: أَصْلُ الْعَذَابِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ الْعَذْبِ، وَهُوَ الْمَنْعُ، يُقَالُ: عَذَبْتُهُ عَذْبًا إذَا مَنَعْتُهُ، وَعَذَبَ عُذُوبًا أَيْ امْتَنَعَ، وَسُمِّيَ الْمَاءُ عَذْبًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَطَشَ، وَسُمِّيَ العذاب عذابا؛ لأنه يمنع المعاقب من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُعَاوَدَةِ مِثْلِ جُرْمِهِ، وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ مِثْلِ فِعْلِهِ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُوَافِقُ مَا سَبَقَ مِنْ اخْتِيَارِ شَيْخِنَا، وَنَقَلَ غَيْرُهُ: لَا يُقَيَّدُ وَيُبَاعُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يُؤَدَّبُ فِي فَرَائِضِهِ، وَإِذَا حَمَّلَهُ مَا يُطِيقُ، قِيلَ لَهُ: فَضَرَبَ مَمْلُوكَهُ عَلَى هَذَا فَاسْتَبَاعَتْ1، وَهُوَ يَكْسُوهَا مِمَّا يَلْبَسُ وَيُطْعِمُهَا مِمَّا يَأْكُلُ، قَالَ: لَا تُبَاعُ، قِيلَ: فَإِنْ أَكْثَرَتْ أَنْ تَسْتَبِيعَ؟ قَالَ: لَا تُبَاعُ إلَّا أَنْ تَحْتَاجَ زَوْجًا فَتَقُولَ: زَوِّجْنِي، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ2 وَالتِّرْمِذِيِّ3 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ تَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ في الثالثة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: "أَعْفُو عَنْهُ سَبْعِينَ مَرَّةً" حَدِيثٌ جَيِّدٌ. وَلَا يُشْتَمُ أَبَوَاهُ الْكَافِرَانِ. لَا يُعَوِّدُ لِسَانَهُ الْخَنَا وَالرَّدَى، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ سَيِّئُ الْمَلَكَةِ1، وَهُوَ الَّذِي يُسِيءُ إلَى مَمْلُوكِهِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي الْفُنُونِ: الْوَلَدُ يَضْرِبُهُ وَيُعَزِّرُهُ2، وَأَنَّ مِثْلَهُ عَبْدٌ وَزَوْجَةٌ. وَإِنْ بَعَثَهُ لِحَاجَةٍ فَوَجَدَ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ قَضَى حَاجَتَهُ وَإِنْ صَلَّى فَلَا بَأْسَ، نَقَلَهُ صَالِحٌ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَسْجِدًا يُصَلَّى فِيهِ صَلَّى وَإِلَّا قَضَاهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يُؤَدَّبُ الْوَلَدُ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا مُزَوَّجًا مُنْفَرِدًا فِي بَيْتٍ لِقَوْلِ عَائِشَةَ لَمَّا انْقَطَعَ عَقْدُهَا وَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالنَّاسِ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتَيْ3 يَطْعَنُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَعَكْسُهُ الطَّعْنُ فِي الْمَعَانِي وَلَمَّا رَوَى ابْنُ عُمَرَ: "لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ" قَالَ ابْنُهُ بِلَالٌ: وَاَللَّهِ لَنَمْنَعَنَّ فَسَبَّهُ4 سَبًّا سَيِّئًا وَضَرَبَ فِي صَدْرِهِ5. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ السِّرِّ الْمَصُونِ: مُعَاشَرَةُ الْوَلَدِ بِاللُّطْفِ وَالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ، وَإِذَا اُحْتِيجَ إلَى ضَرْبِهِ ضُرِبَ، وَيُحْمَلُ عَلَى أَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ وَيُجَنَّبُ سَيِّئَهَا، فَإِذَا كَبُرَ فَالْحَذَرَ مِنْهُ، وَلَا يُطْلِعُهُ عَلَى كُلِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَسْرَارِ، وَمِنْ الْغَلَطِ تَرْكُ تَزْوِيجِهِ إذَا بَلَغَ، فَإِنَّك تَدْرِي مَا هُوَ فِيهِ بِمَا كُنْت فِيهِ، فَصُنْهُ عَنْ الزَّلَلِ عَاجِلًا، خُصُوصًا الْبَنَاتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُزَوِّجَ الْبِنْتَ بِشَيْخٍ أَوْ شَخْصٍ مَكْرُوهٍ. وَأَمَّا الْمَمْلُوكُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَسْكُنَ إلَيْهِ بِحَالٍ، بَلْ كُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ، وَلَا يَدْخُلُ الدَّارَ مِنْهُمْ مُرَاهِقٌ وَلَا خَادِمٌ، فَإِنَّهُمْ رِجَالٌ مَعَ النِّسَاءِ وَنِسَاءٌ مَعَ الرِّجَالِ، وَرُبَّمَا امْتَدَّتْ عَيْنُ امْرَأَةٍ إلَى غُلَامٍ مُحْتَقِرٍ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ وَالْحَاجَةَ إلَى الْوَطْءِ تَهْجُمُ عَلَى النَّفْسِ، وَلَا يُنْظَرُ فِي عِزٍّ وَلَا ذُلٍّ ولا سقوط جاه ولا تحريم. وَمَنْ غَابَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ زُوِّجَتْ، فِي الْأَصَحِّ، لِحَاجَةِ نَفَقَةٍ، وَيُتَوَجَّهُ أَوْ وَطْءٍ، عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ كَنَفَقَةٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَةَ سَيِّدٍ غَائِبٍ مَنْ يَلِي مَالَهُ، أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ بَكْرٍ، وَفِيهِ فِي أُمِّ وَلَدٍ النَّفَقَةُ إنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَجَزَ عَنْهَا وَعَجَزَتْ لَزِمَهُ عِتْقُهَا، وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَنْ أُمِّ وَلَدٍ تَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهَا، قَالَ: كَيْفَ تَتَزَوَّجُ بِلَا إذْنِهِ؟ قُلْت: غَابَ سِنِينَ فَجَاءَ الْخَبَرُ بِمَوْتِهِ فَتَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ جَاءَ السَّيِّدُ، قَالَ: الْوَلَدُ لِلْأَخِيرِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ، وَتُرَدُّ إلَى السَّيِّدِ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: الْمَفْقُودُ يَقْدَمُ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ أم ولده؟ قال: ترد إليه. وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَمَتِهِ دُونَ زَوْجِهَا، وَالْحُرَّةُ نَفَقَةُ وَلَدِهَا، مِنْ عَبْدٍ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَيَلْزَمُ الْمُكَاتَبَةَ نَفَقَةُ وَلَدِهَا، وَكَسْبُهُ لَهَا، وَيُنْفِقُ عَلَى مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ بِقَدْرِ رِقِّهِ1، وَبَقِيَّتُهَا عَلَيْهِ، قِيلَ لِأَحْمَدَ: فَإِنْ أَطْعَمَ عِيَالَهُ حَرَامًا يَكُونُ ضيعة لهم؟ قال: شديدا. وَيَلْزَمُهُ الْقِيَامُ بِمَصْلَحَةِ بَهِيمَتِهِ فَإِنْ عَجَزَ أُجْبِرَ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ2: عَلَى بَيْعٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ، فَإِنْ أَبَى فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَصْلَحَ أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الغنية: ويكره له3 إطْعَامُهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ عَلَى الْأَكْلِ، عَلَى مَا اتَّخَذَهُ النَّاسُ عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي سَفَرِ النُّزْهَةِ: قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: لَا يَحِلُّ أَنْ يُتْعِبَ دَابَّةً وَنَفْسَهُ بِلَا غَرَضٍ صَحِيحٍ، وَيَحْرُمُ تَحْمِيلُهَا مُشِقًّا وَحَلْبُهَا مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا، وَجِيفَتُهَا لَهُ، وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ، ولعن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَسَمَ أَوْ ضَرَبَ الْوَجْهَ، وَنَهَى عَنْهُ1. فَتَحْرِيمُ ذَلِكَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ، وَذَكَرُوهُ فِي ضَرْبِ الْوَجْهِ فِي الْحَدِّ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي الْوَسْمِ يُكْرَهُ، فَيُتَوَجَّهُ فِي2 ضَرْبِهِ مِثْلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَهُوَ فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ الْوَسْمُ إلَّا لِمُدَاوَاةٍ. وَقَالَ أَيْضًا: يَحْرُمُ لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ، وَيَجُوزُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ. نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يُوسَمُ وَلَا يَعْمَلُ فِي اللَّحْمِ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ خِصَاءَ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ3، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخْصِيَ شَيْئًا، وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ، كَالْآدَمِيِّ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِيهِ ع. وَفِي الْغُنْيَةِ: لَا يَجُوزُ خِصَاءُ شَيْءٍ مِنْ حَيَوَانٍ وَعَبِيدٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَأَبِي طَالِبٍ، وَكَذَلِكَ السِّمَةُ فِي الْوَجْهِ، عَلَى مَا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ لِلنَّهْيِ. وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْعَلَامَةِ فَفِي غَيْرِ الْوَجْهِ. وَنَزْوُ حِمَارٍ عَلَى فَرَسٍ يُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْخِصَاءِ، لِعَدَمِ النَّسْلِ فِيهِمَا، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يُكْرَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ يُبَاحُ خَصْيُ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، كَغَيْرِهَا، وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ أَوْ وَتَرٍ، وَجَزُّ مَعْرِفَةٍ4 وَنَاصِيَةٍ، وَفِي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ، أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ لِلْخَبَرِ5، وَعَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببعير قد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَحِقَ ظَهْرُهُ بِبَطْنِهِ فَقَالَ: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ الْعُجْمَةِ1، فَارْكَبُوهَا صَالِحَةً، وَكُلُوا لَحْمَهَا صَالِحَةً". إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2، وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: "لَوْ غُفِرَ لَكُمْ مَا تَأْتُونَ إلَى الْبَهَائِمِ لَغُفِرَ لَكُمْ كَثِيرًا". رَوَاهُ أحمد3. وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ مَا خُلِقَ لَهُ، كَالْبَقَرِ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ، وَالْإِبِلِ وَالْحُمْرِ لِلْحَرْثِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الْإِجَارَةِ، لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ، وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ لَهُ، وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ. وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ4 الْخَيْلِ، وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ فِي الْأَدْوِيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا قَالَتْ: "إنَّا لَمْ نُخْلَقْ لِهَذَا إنَّمَا خُلِقْنَا لِلْحَرْثِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ5، أَيْ أَنَّهُ مُعْظَمُ النَّفْعِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الصَّيْدِ: اخْتَلَفُوا فِي رُكُوبِ الْبَقَرِ، فَيَلْزَمُ الْمَانِعُ مَنْعَ تَحْمِيلِ الْبَقَرِ، وَالْحَرْثِ بِالْإِبِلِ وَالْحُمُرِ، وَإِلَّا فَلَمْ يَعْمَلْ بِالظَّاهِرِ وَلَا بِالْمَعْنَى. وَرَوَى أَحْمَدُ6 عَنْ سَوَادَةَ بْنِ الرَّبِيعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: "إذا رجعت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَى بَيْتِك فَمُرْهُمْ فَلْيُحْسِنُوا غَدًا رَبَاعَهُمْ، وَمُرْهُمْ فَلْيُقَلِّمُوا أَظَافِرَهُمْ وَلَا يَعْبِطُوا بِهَا ضُرُوعَ مَوَاشِيهِمْ إذَا حَلَبُوا" قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ1 شَتَمَ دَابَّةً: قال الصالحون: لا تقبل شهادته2، [من] هذه عادته. وروى أحمد ومسلم3 عن عمران4 أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَلَعَنَتْ امْرَأَةٌ نَاقَةً فَقَالَ: "خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا5 أَحَدٌ". وَلَهُمَا6 مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ لَا تُصَاحِبُنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ، فَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مُصَاحَبَتِهَا فَقَطْ، وَلِهَذَا رَوَى أَحْمَدُ7 مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ أَنْ تُرَدَّ. وَقَالَ: لَا يَصْحَبُنِي شَيْءٌ مَلْعُونٌ وَيُحْتَمَلُ مُطْلَقًا مِنْ الْعُقُوبَةِ الْمَالِيَّةُ، لِيَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ، وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ احْتِمَالٌ: إنَّمَا نَهَى لِعِلْمِهِ بِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ. وَلِلْعُلَمَاءِ كَهَذِهِ الْأَقْوَالِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إذَا لَعَنَ أَمَتَهُ أَوْ مِلْكًا8 مِنْ أَمْلَاكِهِ فَعَلَى مَقَالَةِ أَحْمَدَ يَجِبُ إخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ، فَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَيُتَصَدَّقُ بِالشَّيْءِ، لِأَنَّ المرأة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَعَنَتْ بَعِيرَهَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَصْحَبُنَا مَلْعُونٌ، خَلِّيهِ" 1 قَالَ: وَقَدْ يَجِيءُ فِي الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ ذَلِكَ وَلَعَنَهَا مِثْلَ مَا فِي الْفُرْقَةِ، وَلِمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: لَا يَكُونُ اللَّعَّانُونَ شُفَعَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ3، وَلِأَبِي دَاوُد4 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَجُلًا نَازَعَتْهُ الرِّيحُ رِدَاءَهُ فَلَعَنَهَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْعَنْهَا فَإِنَّهَا5 مَأْمُورَةٌ، وَأَنَّهُ6 مَنْ لَعَنَ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتْ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ". وَسَبَّتْ عَائِشَةُ يَهُودَ وَلَعَنَتْهُمْ لَمَّا سَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، لَا تَكُونِي فَاحِشَةً" 7، وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ8: "مَهْ يَا عَائِشَةُ، إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "الْبَذَاءُ مِنْ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ"، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلَا لَعَّانٍ وَلَا فَاحِشٍ وَلَا بَذِيءٍ". رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ9 وَصَحَّحَهُمَا. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عبدا على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَيِّدِهِ"، إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ1، أَيْ خَدَعَهُ وَأَفْسَدَهُ، وَلِأَحْمَدَ2 مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ. وَتُسْتَحَبُّ نَفَقَتُهُ عَلَى غَيْرِ حَيَوَانٍ، "3ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ3"، وَيُتَوَجَّهُ وجوبه لئلا يضيع ماله. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الحضانة
باب الحضانة مدخل ... باب الحضانة لَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلِ عَصَبَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أَوْ مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ أَوْ عَصَبَةٍ. ثُمَّ هَلْ هِيَ لِحَاكِمٍ أَوْ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 1 فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ وَأُمَّهَاتُهُ عَلَى الخال، وفي تقديمهم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ: وَلَا حَضَانَةَ إلَّا لِرَجُلِ عَصَبَةٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَارِثَةٍ أَوْ مُدْلِيَةٍ بِوَارِثٍ أَوْ عَصَبَةٍ، ثُمَّ هَلْ هِيَ لِحَاكِمٍ أَوْ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ ثُمَّ لِحَاكِمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى، وَهُمَا احْتِمَالَانِ لِلْقَاضِي، وَبَعْدَهُ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي1 وَالْهَادِي، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ2 وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْمُقْنِعِ والهادي والبلغة والشرح3 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْحَضَانَةِ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْحَاكِمِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا مُسْتَحِقِّي الْحَضَانَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُمْ فِيهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لِبَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ دُونَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْمُغْنِي4: وَهُوَ أَوْلَى، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ، وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ: هُوَ أَقْيَسُ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ فِي مَوْضِعٍ، وَصَحَّحَهُ فِي آخَرَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ في أثناء الباب، ولعله تناقض منهم!
عَلَى أَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ عَكْسِهِ وَجْهَانِ م 2. وأحق النساء بطفل أو معتوه أُمُّهُ وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلٍ، كَرَضَاعٍ قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، ثُمَّ جَدَّاتُهُ، ثُمَّ أَخَوَاتُهُ، ثُمَّ عَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ، ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ وَخَالَاتُ أَبَوَيْهِ، ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَقِيلَ: الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ بَعْدَ بَنَاتِ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ. وَتُقَدَّمُ أُمُّ أُمٍّ1 عَلَى أُمِّ أَبٍ، وَأُخْتٌ لِأُمٍّ عَلَى أُخْتٍ لِأَبٍ، وَخَالَةٌ عَلَى عَمَّةٍ، وَخَالَةُ أُمٍّ عَلَى خَالَةِ أَبٍ، وَخَالَةُ أَبٍ عَلَى عَمَّتِهِ، وَمُدْلٍ مِنْ خَالَةٍ وَعَمَّةٍ بِأُمٍّ و. وَعَنْهُ عَكْسُهُ فِي الْكُلِّ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ، لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَبِ، وَكَذَا قَرَابَتُهُ، لِقُوَّتِهِ بِهَا، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهَا هُنَا فِي مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ، وَإِنَّمَا قَدَّمَ الشَّارِعُ خَالَةُ ابْنَةَ2 حَمْزَةَ عَلَى عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ، لِأَنَّ صَفِيَّةَ لَمْ تَطْلُبْ، وَجَعْفَرٌ طَلَبَ نَائِبًا عَنْ خالتها، فقضى الشارع بها لها3 في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَةِ: فَعَلَى الثَّانِي يُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ وَأُمَّهَاتُهُ عَلَى الْخَالِ، وَفِي تَقْدِيمِهِمْ عَلَى أَخٍ مِنْ أُمٍّ أَوْ عَكْسِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 والهادي والشرح6 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا، صَحَّحَهُ فِي التصحيح.
غَيْبَتِهَا1، وَقَدَّمَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ الْخَالَةَ عَلَى الْعَمَّةِ، وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، قَالَ بَعْضُهُمْ: فَتَنَاقَضُوا، وَكَذَا قَالَهُ ش فِي الْجَدِيدِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَدِيدِ وَأَحَقُّ الرِّجَالِ أَبٌ، ثُمَّ جَدٌّ، ثُمَّ أَقْرَبُ عَصَبَةٍ، وَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَيْهِمْ، إلَّا أَنَّ الْأَبَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِ أُمَّهَاتِ الْأُمِّ وَالْجَدَّ يقدم على غير أمهات الْأَبَوَيْنِ، وَعَنْهُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى غَيْرِ أُمٍّ، وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ أُخْتٌ لِأُمٍّ وَخَالَةٌ عَلَى أَبٍ، فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُدْلِينَ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ نِسَاءِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ وَجِهَتِهِ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ عَلَى امْرَأَةٍ مع قربه، فإن تساويا فوجهان م 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 3: قوله: قيل: تُقَدَّمُ الْعَصَبَةُ1 عَلَى امْرَأَةٍ مَعَ قُرْبِهِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ هِيَ مَعَ التَّسَاوِي عَلَى هَذَا الْبِنَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقَدَّمُ هو.
وَلَا حَضَانَةَ لِعَصَبَةِ غَيْرِ مَحْرَمٍ عَلَى أُنْثَى، وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: إنْ بَلَغَتْ سَبْعًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُشْتَهَى، وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ: مُطْلَقًا، وَيُسَلِّمُهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا هُوَ، أَوْ إلَى مَحْرَمِهِ، لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَاكِمٍ، وَكَذَا قَالَ فِيمَنْ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِلْوَلَدِ غَيْرُهَا، وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ وَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْخَبَرِ2، لِعَدَمِ عُمُومِهِ، فَإِنْ أَبَتْ الْأُمُّ لَمْ تُجْبَرْ، وَأُمُّهَا أَحَقُّ، وَقِيلَ: الْأَبُ. وَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ، لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهُ الَّذِي تَحْصُلُ الْكَفَالَةُ. وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِأُمِّ وَلَدٍ فَلَهَا حَضَانَةُ وَلَدِهَا مِنْ سَيِّدِهَا، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا، لِعَدَمِ الْمَانِعِ، وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِزَوْجٍ وَسَيِّدٍ. وَفِي الْمُغْنِي3 فِي مُعْتَقِ بَعْضُهُ: قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ: يَدْخُلُ فِي مُهَايَأَةٍ. وَقَالَ فِي الْهَدْيِ4: لَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ، وَقَالَ م فِي حُرٍّ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَةٍ: هِيَ أَحَقُّ بِهِ، إلَّا أَنْ تُبَاعَ فَتَنْتَقِلَ، فَالْأَبُ أَحَقُّ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَحَادِيثِ مَنْعِ التَّفْرِيقِ5. قَالَ: وَتُقَدَّمُ بِحَقِّ حَضَانَتِهَا وَقْتَ حَاجَةِ الْوَلَدِ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ كما في البيع سواء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ، وَخَالَفَ صَاحِبُ الهدي1، قال2 لأنه لَا يُعْرَفُ أَنَّ الشَّرْعَ فَرَّقَ لِذَلِكَ، وَأَقَرَّ النَّاسَ، وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَيَانًا وَاضِحًا عَامًّا، وَلِاحْتِيَاطِ الْفَاسِقِ وَشَفَقَتِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ. وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ. قَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا أَطْلَقَهُ أَحْمَدُ وم ش وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ: وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ3 لَا تَسْقُطُ إنْ رَضِيَ4، بِنَاءً عَلَى أَنَّ سُقُوطَهَا لِمُرَاعَاةِ حَقِّ الزَّوْجِ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ إلَّا بِجَدَّةٍ وم، وَالْأَشْهَرُ: وَقَرِيبَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ: وَنَسِيبَةٍ، وَيُتَوَجَّهُ احتمال ذا5 رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وهـ، وَعَنْهُ: لَهَا6 حَضَانَةُ الْجَارِيَةِ. وَلَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ فِي الْأَصَحِّ م فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ عَادَتْ م فِي النِّكَاحِ، وَوَافَقَ فِي غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ7 مَا لَمْ تَنْكِحِي" 8 تَوْقِيتٌ لِحَقِّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ بِالنِّكَاحِ، وَعَنْهُ: فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَعْدَ الْعِدَّةِ وهـ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ وَجْهًا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَنَظِيرُهَا لَوْ وُقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ، فَمَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حق له، قاله القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ وَيُتَوَجَّهُ كَإِسْقَاطِ أَبٍ الرُّجُوعَ فِي هِبَةٍ. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ1: هَلْ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ أَوْ عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَيَنْبَنِي عَلَيْهَا: هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عَنْهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ2 عَلَيْهِ خِدْمَةٌ لِوَلَدٍ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا الْحَقُّ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا، وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؟ قَالَ: وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ وَقُلْنَا الْحَقُّ لَهَا لَزِمَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عَلَيْهَا3 فَلَهَا الْعَوْدُ إلَى طلبها، كذا قال م 4 ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَسْأَلَةِ الْخِيَارِ هَلْ يورث أم لا؟ وَيُتَوَجَّهُ كَإِسْقَاطِ أَبٍ4 الرُّجُوعَ فِي هِبَةٍ. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ: هَلْ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ أَوْ عَلَيْهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِمَا هَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا، و5ينزل عَنْهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إلَّا بِأُجْرَةٍ إنْ قُلْنَا "6الْحَقُّ لَهُ، وَإِلَّا6" عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا، وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، قَالَ: وَإِنْ وَهَبَتْ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ وَقُلْنَا: الْحَقُّ لَهَا7 لَزِمَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا الْحَقُّ عَلَيْهَا فلها العود إلى طلبها، كذا
قَالَ: هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ مَالِكٍ، كَذَا قال. وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ فَقِيلَ: لِلْمُقِيمِ، وَقِيلَ: لِلْأُمِّ، وَقِيلَ: مَعَ قُرْبِهِ م 5 و 6 ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ، انْتَهَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي يَدُلُّ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْأُمِّ مِنْ الْحَضَانَةِ بِإِسْقَاطِهَا، وَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَحَلَّ خِلَافٍ، وَإِنَّمَا مَحَلُّ النَّظَرِ أَنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ الْعَوْدَ فِيهَا هَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ يَحْتَمِلُ قَوْلَيْنِ، أَظْهَرُهُمَا لَهَا ذَلِكَ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَلَوْ يَتَّصِلُ تَبَرُّعُهَا بِهِ بِالْقَبْضِ، فَلَهَا الْعَوْدُ، كَمَا لَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا من الْقَسَمِ، انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي1: وَإِنْ تَرَكَتْ الْأُمُّ الْحَضَانَةَ مَعَ اسْتِحْقَاقِهَا لَهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ، وَلِأَنَّ أُمَّهَاتِهَا فَرْعٌ عَلَيْهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِذَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا سَقَطَ فُرُوعُهَا. وَالثَّانِي: تَنْتَقِلُ إلَى أُمِّهَا وَهُوَ أَصَحُّ، وَلِأَنَّ الْأَبَ أَبْعَدُ، فَلَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ، وَكَوْنُ2 أُمِّهَا فَرْعَهَا لَا يَقْتَضِي سُقُوطَ حَقِّهَا بِإِسْقَاطِ بِنْتِهَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ، انْتَهَى مُلَخَّصًا. مَسْأَلَةٌ 5 و 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ سَفَرًا لِحَاجَةٍ، فَقِيلَ: لِلْمُقِيمِ، وَقِيلَ: لِلْأُمِّ، وَقِيلَ: مَعَ قُرْبِهِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5: إذَا كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَهَلْ الْمُقِيمُ أَحَقُّ أَمْ الْأُمُّ3؟ أطلق الخلاف. أحدهما: المقيم منهما4 أَحَقُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ
وَالسُّكْنَى مَعَ قُرْبِهِ لِلْأُمِّ، وَقِيلَ: لِلْمُقِيمِ، وَمَعَ بعده ولا خوف للأب وم ش وَعَنْهُ: لِلْأُمِّ، وَقَيَّدَهَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ بِإِقَامَتِهَا، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ لِلْمُقِيمِ إلَّا أَنْ تَنْتَقِلَ الْأُمُّ إلَى بَلَدٍ كَانَ فِيهِ أَصْلُ النكاح. ـــــــــــــــــــــــــــــQوالمغني1 والكافي2 والشرح3 وشرح ابن منجا وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْأُمُّ أَحَقُّ مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6: إذَا كَانَ السَّفَرُ قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ فَهَلْ الْمُقِيمُ أَحَقُّ أَمْ الْأُمُّ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ. أَحَدُهُمَا: الْمُقِيمُ أَحَقُّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي والكافي4 والشرح وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْأُمُّ أَحَقُّ مُطْلَقًا، أَعْنِي سَوَاءً كَانَتْ الْمُسَافِرَةَ أو المقيمة، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَلَنَا قَوْلٌ إنَّ: الْأُمَّ أَحَقُّ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا الْمُقِيمُ أَحَقُّ فِي الْبَعِيدِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَدْ قُدِّمَ فِي
وَقَالَ صَاحِبُ الْهَدْيِ1: إنْ أَرَادَ الْمُنْتَقِلُ مُضَارَّةَ الْآخَرِ وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ، وَإِلَّا عُمِلَ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ طِفْلٍ. وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، فَلَا مُخَالَفَةَ، لَا سِيَّمَا فِي صُورَةِ الْمُضَارَّةِ، وَالْبَعِيدِ مَسَافَةَ قَصْرٍ، وَنَصُّهُ: مَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْعَوْدُ فِي يَوْمِهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا فَعَنْهُ: أَبُوهُ أَحَقُّ، وَعَنْهُ أُمُّهُ، وَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ م 7 وش فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ أُقْرِعَ. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالُ أَنَّ أُمَّهُ أَحَقُّ، كَبُلُوغِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يُخَيَّرُ ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ. وَمَذْهَبُ هـ أُمِّهِ أَحَقُّ حَتَّى يَأْكُلَ وَيَشْرَبَ وَيَلْبَسَ وَحْدَهُ فَيَكُونَ عِنْدَ أَبِيهِ، وَمَتَى أَخَذَهُ الأب لَمْ يُمْنَعْ زِيَارَةَ أُمِّهِ وَلَا هِيَ تَمْرِيضَهُ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا، وَعِنْدَهُ نهارا ليؤدبه ويعلمه ما ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ مُطْلَقًا فِي الْبَعِيدِ، وَقَطَعُوا فِي الْقَرِيبِ بِأَنَّهَا أَحَقُّ، فَهُنَاكَ قَدَّمُوا مَعَ حِكَايَتِهِمْ الْخِلَافَ، وَهُنَا قَطَعُوا. مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَ غُلَامٌ2 سَبْعَ سِنِينَ عَاقِلًا، فَعَنْهُ: أَبُوهُ أَحَقُّ، وَعَنْهُ: أُمُّهُ وَالْمَذْهَبُ: يُخَيَّرُ، انْتَهَى. الْمَذْهَبُ بِلَا شَكٍّ التَّخْيِيرُ وَالْكَلَامُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّخْيِيرِ، فَإِنَّهُ أَطْلَقَهُمَا، وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا أَنَّ الْأَبَ أَحَقُّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ النَّاظِمُ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: أَضْعَفُ الرِّوَايَاتِ الرِّوَايَةُ الَّتِي تَقُولُ: إنَّ الْأُمَّ أحق، انتهى.
يُصْلِحُهُ، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا: ثُمَّ اخْتَارَ غَيْرَهُ أَخَذَهُ. وَكَذَا إنْ اخْتَارَ أَبَدًا وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَسْرَفَ تَبَيَّنَ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ فَيُقْرَعُ أَوْ لِلْأُمِّ. وَإِنْ بَلَغَتْ أُنْثَى سَبْعًا فَعَنْهُ: الْأُمُّ أحق وهـ قَالَ فِي الْهَدْيِ1: وَهِيَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا، وَقِيلَ: تُخَيَّرُ، وَذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ رواية وقال: نص عليها وش وَالْمَذْهَبُ الْأَبُ م 8 تَبَرَّعَتْ بِحَضَانَتِهِ أَمْ لَا. وَعَنْهُ: بَعْدَ تِسْعٍ، فَإِنْ بَلَغَتْ فَعِنْدَهُ حَتَّى يتسلمها زوج وهـ وَعَنْهُ: عِنْدَهَا، وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ أَيِّمًا أَوْ الزَّوْجُ مُحْرِمًا، وَقِيلَ: إنْ حُكِمَ بِرُشْدِهَا فَحَيْثُ أَحَبَّتْ، كَغُلَامٍ. وَقَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَخَرَّجَهُ عَلَى عَدَمِ إجْبَارِهَا، وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مَأْمُونَةً، زَادَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: ثَيِّبًا، وَعَلَى الْمَذْهَبِ: لِأَبِيهَا مَنْعُهَا مِنْ الِانْفِرَادِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَوْلِيَاؤُهَا. وَيُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْ أَبَوَيْهِ، وَرَوَى ابن وهب عَنْ مَالِكٍ الْأُمُّ أَحَقُّ بِهِمَا حَتَّى يُثْغِرَا2، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ م حَتَّى يَبْلُغَا، وَلَا يَمْنَعُ أَحَدُهُمَا: الْآخَرَ3 مِنْ زِيَارَتِهَا. قَالَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ بَلَغَتْ أُنْثَى سَبْعًا، فَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ، قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَهِيَ أَشْهَرُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصَحُّ دَلِيلًا، وَقِيلَ: تُخَيَّرُ، ذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ رِوَايَةً. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهَا، وَالْمَذْهَبُ: الْأَبُ، انْتَهَى. الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بِلَا رَيْبٍ، وَالْكَلَامُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيُّهُمَا أَصَحُّ؟ الرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْ الْقَوْلُ الثَّانِي؟ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا الرِّوَايَةُ الْأُولَى، وَقَدْ اخْتَارَهَا ابْنُ الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ، فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ في هذا الباب.
فِي التَّرْغِيبِ: لَا تَجِيءُ بَيْتَ مُطَلِّقِهَا إلَّا مَعَ أُنُوثِيَّةِ الْوَلَدِ، وَلَا خَلْوَةَ لِأُمٍّ مَعَ خَوْفِهِ أَنْ تُفْسِدَ قَلْبَهَا، قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ مِثْلُهَا، وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِتَمْرِيضِهَا فِي بَيْتِهَا، وَلَهَا زِيَارَةُ أُمِّهَا إنْ مَرِضَتْ، وَغَيْرُ أَبَوَيْهِ كَهُمَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا: وَلَا يُقِرُّ بِيَدِ مَنْ لَا يَصُونُهُ وَيُصْلِحُهُ، وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ أُقْرِعَ قَبْلَ السَّبْعِ، وَخُيِّرَ بَعْدَهَا مُطْلَقًا، وَحَضَانَةُ رَقِيقٍ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا تَهَايَأَ فِيهِ سَيِّدُهُ وَقَرِيبُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب الجنايات
كتاب الجنايات مدخل * ... كتاب الجنايات وَهِيَ: عَمْدٌ يَخْتَصُّ الْقَوَدُ بِهِ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، وَخَطَأٌ. فَالْعَمْدُ أَنْ يَقْصِدَ مَنْ يَعْلَمُهُ آدَمِيًّا مَعْصُومًا بِمَا يَقْتُلُهُ غَالِبًا، مِثْلَ أَنْ يَضْرِبَهُ بِحَجَرٍ كَبِيرٍ أَوْ سَنْدَانَ1 أَوْ لَتٍّ2 وَهُوَ مَعْرُوفٌ مِنْ السِّلَاحِ أَوْ كُوذَيْنِ وَهُوَ مَا يَدُقُّ بِهِ الدَّقَّاقُ الثِّيَابَ أَوْ خَشَبَةٌ كَبِيرَةٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ فَوْقَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ لَا كَهُوَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يَقُومُ3 عَلَيْهَا بَيْتُ الشَّعْرِ، وَنَقَلَ ابْنُ مُشَيْشٍ: يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا ضَرَبَهُ بِمِثْلِ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَكُوذَيْنِ الْقَصَّارِ وَالصَّخْرَةِ وَبِمَا يَقْتُلُ مِثْلُهُ احْتَجُّوا بِهِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا4: نَاقِضُ الْعَهْدِ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لَا بِالْحَجَرِ، إجْمَاعًا. أَوْ يُكَرَّرُ ضَرْبُهُ بِصَغِيرٍ، نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، أَوْ مَرَّةً بِهِ فِي مَقْتَلٍ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ فِي الْوَاضِحِ، وَفِي الْأُولَى فِي الِانْتِصَارِ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. نَقَلَ حَرْبٌ: شِبْهُ الْعَمْدِ أَنْ يَضْرِبَهُ بِخَشَبَةٍ دُونَ عَمُودِ الْفُسْطَاطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يَقْتُلَهُ، أَوْ مَرَّةً بِهِ فِي مَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَنَحْوِهِ، وَمِثْلُهُ لَكَمَهُ5، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ قال: لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَقْصِدْ قَتْلَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، أَوْ يُلْقِيهِ مِنْ شَاهِقٍ أَوْ فِي نَارٍ أَوْ مَاءٍ يُغْرِقُهُ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ: يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ فِي نَارٍ، وَقِيلَ: لَا كَمَاءٍ فِي الْأَصَحِّ م 1 أَوْ يُكَتِّفُهُ بِحَضْرَةِ سَبْعٍ بفضاء، أو بمضيق بِحَضْرَةِ حَيَّةٍ، خِلَافًا لِلْقَاضِي فِيهِمَا، أَوْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَبْعٍ بِمَضِيقٍ، كَزُبْيَةٍ1، فَيَفْعَلُ بِهِ مَا يَقْتُلُ مِثْلَهُ أَوْ يَنْهَشُهُ سَبُعٌ أَوْ حَيَّةً يَقْتُلُ مِثْلَهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَوَجْهَانِ م 2 أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: أَوْ يُلْقِيهِ فِي نَارٍ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ فَقِيلَ: يَضْمَنُ الدِّيَةَ بِإِلْقَائِهِ فِي نَارٍ، وَقِيلَ: لَا، كَمَاءٍ، فِي الْأَصَحِّ، انْتَهَى. أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ الدِّيَةَ، قَالَ فِي الْكَافِي4: وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا أَوْ التَّخَلُّصُ مِنْهُ مُمْكِنٌ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، لِأَنَّهُ عَمَدَ الْخَطَأَ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: أو ينهشه سبع أو حية يقتل مثله غَالِبًا، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. أَحَدُهُمَا: هُوَ عَمْدٌ مَحْضٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ بِعَمْدٍ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الهداية وغيره.
بِخَنْقِهِ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ يَسُدُّ فَمَه وَأَنْفَهُ، نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إذَا غَمَّهُ حَتَّى يَقْتُلَهُ قُتِلَ بِهِ، أَوْ يَعْصِرُ خُصْيَتَيْهِ، أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَمْنَعُهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَيَتَعَذَّرُ طَلَبُهُ فَيَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ لِمُدَّةٍ يَمُوتُ فِيهَا غَالِبًا، فَلَوْ تَرَكَهُمَا قَادِرٌ فَلَا دِيَةَ، كَتَرْكِهِ شَدَّ فَصْدِهِ، أَوْ يَجْرَحُهُ بِحَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمُوتُ مِنْهُ، وَالْأَصَحُّ: وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ. نَقَلَ جَعْفَرٌ الشَّهَادَةَ عَلَى الْقَتْلِ أَنْ يَرَوْهُ وَجَأَهُ وَأَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ يَطُولُ به المرض ولا علة به1 غيره. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: أَوْ جُرْحُهُ وَتَعْقُبُهُ سِرَايَةٌ بِمَرَضٍ وَدَامَ جُرْحُهُ حَتَّى مَاتَ، فَلَا يُعَلَّقُ2 بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ. أَوْ يَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ فَيَبْقَى ضَمِنًا3 حَتَّى يَمُوتَ، وَفِيهِ وَجْهٌ، فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ م 3 أَوْ يَقْطَعُ أَوْ يَبُطُّ4 سِلْعَةَ5 أَجْنَبِيٍّ خَطِرَةً بِلَا إذْنِهِ فَيَمُوتُ، لا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: أَوْ يَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِهَا فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ، فَيَبْقَى ضَمِنًا حَتَّى يَمُوتَ، وَفِيهِ وَجْهٌ. فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي6 وَالْكَافِي7 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ:
وَلِيَّ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ لِمَصْلَحَةٍ، وَقِيلَ: لَا وَلِيَّ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ يَسْحَرُهُ بِمَا يَقْتُلُهُ غَالِبًا، أَوْ يَسْقِيهِ سُمًّا لَا يَعْلَمُ بِهِ، أَوْ يَخْلِطُهُ بِطَعَامٍ وَيُطْعِمُهُ، أَوْ بِطَعَامِ أَكَلَهُ فَيَأْكُلُهُ جَهْلًا فَيَلْزَمُهُ الْقَوَدُ، وَأَطْلَقَ ابْنُ رَزِينٍ فِيمَا إذَا ألقمه سما أو خلطه به قولين. وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّةَ لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ الَّذِي أَكَلَ مَعَهُ مِنْ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ فَقَتَلُوهَا قَوَدًا وَلَمْ يَقْتُلْهَا أَوَّلًا1، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ آكِلُهُ وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، أَوْ خَلَطَهُ بِطَعَامِ نَفْسِهِ فَأَكَلَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِهِ، فَهَدَرٌ، فَإِنْ قَالَ القاتل ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يَكُونُ عَمْدًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ حَامِدٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ عَمْدًا، بَلْ شِبْهَ عَمْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وقدمه في تجريد العناية وشرح ابن رزين2.
بِالسُّمِّ أَوْ السِّحْرِ: لَمْ أَعْلَمْهُ قَاتِلًا، أَوْ ادَّعَى جَهْلَ الْمَرَضِ، لَمْ يُقْتَلْ، وَقِيلَ: بَلَى، وَقِيلَ: وَيَجْهَلُهُ مِثْلُهُ. وَمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَتْ أَوْ رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ مَثَلًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَتْ: عَمَدْنَا قَتْلَهُ. وَفِي الْكَافِي1: وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ. وَفِي الْمُغْنِي2: وَلَمْ يَجُزْ جَهْلُهُمَا3 بِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ4، أَوْ قَالَ حَاكِمٌ أَوْ وَلِيٌّ: عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمَدْت قَتْلَهُ، لَزِمَ الْقَوَدُ، وَنَصَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُنَاظَرَاتِهِ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمْ تُلْجِئْهُ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ كَانَ فَلَيْسَ الشَّرْعُ بِوَعِيدِهِ مُلْجِئًا، لِأَنَّ وَعِيدَ الرَّسُولِ إكْرَاهٌ لَا وَعِيدَ الْبَارِئِ. وَقِيلَ: فِي قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ، كَمُزَكٍّ فَإِنَّ الْمُزَكِّيَ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ غَيْرُ مُلْجِئٍ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ: لَمْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ، بَلْ قَبُولُ شَهَادَتِهِمْ، وَيُقْتَلُ عند أبي الخطاب وغيره م 4 ولا تقبل5 بَيِّنَةٌ مَعَ مُبَاشَرَةِ وَلِيٍّ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: هما كممسك مع مباشر. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِي قَتْلِ حَاكِمٍ وَجْهَانِ، كمزك فإن المزكي لا يقتل، عند
التبصرة: إن علم الولي و1الحاكم والبينة أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ أُقَيِّدُ الْكُلَّ، وَيَخْتَصُّ مُبَاشِرًا عَالِمًا، ثُمَّ وَلِيًّا، ثُمَّ الْبَيِّنَةَ وَالْحَاكِمَ، وَقِيلَ: ثُمَّ حَاكِمًا، لِأَنَّ سَبَبَهُ أَخَصُّ مِنْ الْبَيِّنَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَاضِي ... ، وَيُقْتَلُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ، انْتَهَى. مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3، فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ، وَنَصَرَاهُ، وَكَذَلِكَ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لَا يُقْتَلُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا: وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ وَقَالُوا عَمَدْنَا الْكَذِبَ لِيُقْتَلَ أَوْ لِيُقْطَعَ فَفِي لُزُومِ الْقَوَدِ وَجْهَانِ، زَادَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَكَذَا لَوْ قَالَ الْحَاكِمُ أَوْ الْوَلِيُّ عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمَدْت قتله.
وإن لزمت دية بينة1 وَحَاكِمًا فَقِيلَ: أَثْلَاثًا، وَقِيلَ: نِصْفَيْنِ م 5 وَلَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ: عَمَدْنَا، وَبَعْضُهُمْ: أَخْطَأْنَا: فَلَا قَوَدَ على المتعمد، عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ، وَالْمُخْطِئُ مِنْ الْمُخَفَّفَةِ. وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ شَرِيكِي فَوَجْهَانِ فِي الْقَوَدِ م 6 ولو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَزِمَتْ دِيَةٌ بِبَيِّنَةٍ وَحَاكِمًا فَقِيلَ: أَثْلَاثًا، وَقِيلَ: نِصْفَيْنِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: تَلْزَمُهُمْ أَثْلَاثًا، عَلَى الْحَاكِمِ الثُّلُثُ، وَعَلَى كُلِّ شَاهِدٍ الثُّلُثُ، "2قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ، فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَدَدِهِمْ، عَلَى الصَّحِيحِ2"، جَزَمَ بِهِ فِي المغني3 والشرح4 هنا5. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَلْزَمُهُمْ نِصْفَيْنِ، عَلَى الْحَاكِمِ النِّصْفُ، وَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ النِّصْفُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَطَعَ بِذَلِكَ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ تَعَمَّدْت وأخطأ شريكي فوجهان في القود، انتهى.
قَالَ وَاحِدٌ: عَمَدْنَا، وَالْآخَرُ: أَخْطَأْنَا، لَزِمَ الْمُقِرَّ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَالْآخَرَ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ رَجَعَ وَلِيٌّ وَبَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ وَلِيٌّ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: وَبَيِّنَةٌ كَمُشْتَرَكٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ الدَّالَّ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَ وَإِلَّا1 الدِّيَةُ وَأَنَّ الْآمِرَ لا يرث. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا قَوَدَ: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقَالَ: عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ حَالَّةً3 انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمْدِيَّةِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَخْطَأَ لَا أثر له، لتكذيبه له.
فصل المذهب تقتل جماعة بواحد
فصل المذهب تقتل جماعة بواحد ... فَصْلٌ الْمَذْهَبُ يُقْتَلُ جَمَاعَةٌ بِوَاحِدٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا، فَتَلْزَمُهُمْ دِيَةٌ، وَعَلَى الْأُولَى دِيَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَشْهَرُ، كَخَطَإٍ. وَنَقَلَ ابْنُ مَاهَانَ دِيَاتٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ: إنْ قَتَلَهُ ثَلَاثَةٌ فَلَهُ قَتْلُ أَحَدِهِمْ وَالْعَفْوُ عَنْ آخَرَ وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ أَحَدِهِمْ. "2وَفِي الْفُنُونِ: أَنَا أَخْتَارُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّ شَرِكَةَ الْأَجَانِبِ تَمْنَعُ الْقَوَدَ، لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا بِظَنٍّ فَضْلًا عَنْ عِلْمٍ بِجِرَاحَةِ أَيِّهِمَا مَاتَ أَوْ بِهِمَا2"، وَإِنْ جَرَحَ وَاحِدٌ جُرْحًا وَآخَرُ مِائَةً فَسَوَاءٌ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ كَفَّهُ وَآخَرُ من مرفقه،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: الْقَاتِلُ الثَّانِي فَيُقَادُ الْأَوَّلُ، وَلَوْ انْدَمَلَا أُقَيِّدُ الْأَوَّلَ، وَكَذَا مِنْ الثَّانِي الْمَقْطُوعِ يَدُهُ مِنْ كُوعٍ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ، أَوْ ثُلُثُ دِيَةٍ؟ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَلَوْ قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ لِقَتْلِهِ، نَحْوُ إنْ ضَرَبَهُ "1كُلٌّ مِنْهُمْ سوطا في حالة1"، أو متواليا، فلا قود، وَفِيهِ عَنْ تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م7. وَإِنْ فَعَلَ أَحَدُهُمَا: فِعْلًا لَا تَبْقَى مَعَهُ حَيَاةٌ، كَقَطْعِ حَشْوَتِهِ أَوْ مَرِيئِهِ أَوْ وَدَجَيْهِ ثُمَّ ذَبَحَهُ آخَرُ قُتِلَ الْأَوَّلُ وَعُزِّرَ الثَّانِي، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّبْصِرَةِ، كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى مَيِّتٍ، فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ، وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ كَمَيِّتٍ لَوْ كان عبدا، فلا يصح بيعه، كذا جَعَلُوا الضَّابِطَ: يَعِيشُ مِثْلُهُ أَوْ لَا يَعِيشُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلُوهُ بِأَفْعَالٍ لَا يَصْلُحُ وَاحِدٌ لِقَتْلِهِ، نَحْوُ إنْ ضَرَبَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ سوطا في حالة، أو متواليا، فلا قود، وَفِيهِ عَنْ تَوَاطُؤٍ وَجْهَانِ، فِي التَّرْغِيبِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِمْ الْقَوَدُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ عَلَيْهِمْ، كَغَيْرِ التَّوَاطُؤِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَكَذَا عَلَّلَ الْخِرَقِيُّ الْمَسْأَلَتَيْنِ، مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي لَا يَعِيشُ: خَرَقَ بَطْنَهُ وَأَخْرَجَ حَشْوَتَهُ فَقَطَعَهَا فَأَبَانَهَا مِنْهُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُبِنْهَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ كَذَلِكَ، مَعَ أَنَّهُ بِقَطْعِهَا لَا يَعِيشُ فَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ كَوْنَهُ لَا يَعِيشُ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ، فَتَعْمِيمُ1 الْأَصْحَابِ لَا سِيَّمَا وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِكَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَهَذَا مَعْنَى اخْتِيَارِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ فِي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَأَنَّهُ، احْتَجَّ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ، فَدَلَّ عَلَى تَسَاوِيهِمَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَلِهَذَا احْتَجَّ بِوَصِيَّةِ عُمَرَ2، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوُجُوبِ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ، كَمَا احْتَجَّ هُنَا، وَلَا فَرْقَ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى3 وَغَيْرُهُ فِي الذَّكَاةِ كَالْقَوْلِ هُنَا فِي أَنَّهُ يَعِيشُ أَوْ لَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ أَيْضًا، فَهَؤُلَاءِ أَيْضًا سَوَّوْا بَيْنَهُمَا، وَكَلَامُ الْأَكْثَرِ عَلَى التَّفْرِقَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4: إنْ فَعَلَ مَا يَمُوتُ بِهِ يَقِينًا وَبَقِيَتْ مَعَهُ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، كَمَا لَوْ خَرَقَ حَشْوَتَهُ وَلَمْ يُبِنْهَا، فَالْقَاتِلُ الثَّانِي، لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَيَاةِ، لِصِحَّةِ وَصِيَّةِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ5، "6رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَكَمَا لَوْ جَازَ بَقَاؤُهُ، وَكَمَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ6". قَالَ: وَإِنْ أَخْرَجَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمِ الْحَيَاةِ بِأَنْ أَبَانَ، حَشْوَتَهُ أَوْ ذَبَحَهُ ثُمَّ ضَرَبَ عُنُقَهُ آخَرُ فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ رواية من مسألة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الذَّكَاةِ أَنَّهُمَا قَاتِلَانِ، وَلِهَذَا اعْتَبَرُوا إحْدَاهُمَا: بِالْأُخْرَى، وَلَوْ كَانَ فِعْلُ الثَّانِي كَلَا فِعْلٍ لَمْ يُؤَثِّرْ غَرَقُ حَيَوَانٍ فِي مَاءٍ يَقْتُلُهُ مِثْلُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَمَا صَحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ نَفْسَهُ زَهَقَتْ بِهِمَا كَالْمُقَارِنِ، وَلَا يَقَعُ كَوْنُ الْأَصْلِ "1الْخَطَرَ بَلْ الْأَصْلُ بَقَاءُ"1 عِصْمَةِ الْإِنْسَانِ عَلَى مَا كَانَ. فَإِنْ قِيلَ: زَالَ الْأَصْلُ بِالسَّبَبِ، قِيلَ وَفِي مَسْأَلَةِ الذَّكَاةِ. وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الْفِعْلَ الطَّارِئَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي التَّحْرِيمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَتَأْثِيرٌ فِي الْحِلِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ دَلِيلًا هُنَا إلَّا مُجَرَّدَ دَعْوَى أَنَّهُ كَمَيِّتٍ، وَلَا فَرْقًا مُؤَثِّرًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الذَّكَاةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ مُوجِبُ جِرَاحَةٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هَذَا أَنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَصَحِيحٍ فِي الْجِنَايَةِ مِنْهُ وَعَلَيْهِ وَإِرْثُهُ وَاعْتِبَارُ كَلَامِهِ إلَّا مَا سَبَقَ مِنْ تَبَرُّعَاتِهِ، وَسَوَاءٌ عَايَنَ مِلْكَ الْمَوْتِ أَوْ لَا. وَقَدْ ذَكَرُوا هَلْ تُمْنَعُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْمِلْكِ2 أَوْ لَا يَمْتَنِعُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْغَرْغَرَةِ؟ لَنَا أَقْوَالٌ م 8 إلَّا أَنْ يختل عقله فلا اعتبار ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: اسْتِطْرَادًا: وَقَدْ ذَكَرُوا، هَلْ يُمْنَعُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْمِلْكِ أَمْ لَا يُمْنَعُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتًا؛ أَوْ يَمْتَنِعُ بِالْغَرْغَرَةِ؟ لَنَا أَقْوَالٌ، انْتَهَى. قُلْت: قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا3، وَصَحَّحْنَاهَا هُنَاكَ، فلتراجع
لِكَلَامِهِ كَصَحِيحٍ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ قَبْلَ كِتَابِ الْعَاقِلَةِ بِنَحْوِ كُرَّاسَةٍ: مَسْأَلَةٌ فِي مَنْ قَتَلَ عَلِيلًا، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ في رجل قتل رجلا قد ذهب الرُّوحُ مِنْ نِصْفِ جَسَدِهِ، قَالَ: يَضْمَنُهُ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَنْ كَرَبَتْ1 نَفْسُهُ مِنْ الزَّهُوقِ فَمَاتَ لَهُ مَيِّتٌ أَنَّهُ يَرِثُهُ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ فَأَسْلَمَ فَإِنَّهُ مُسْلِمٌ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِهِ، وَأَنَّهُ إنْ شَخَصَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ إلَّا نَفَسٌ وَاحِدٌ فَمَاتَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّهَا، فَمَنْ قَتَلَهُ فِي تِلْكَ الْحَالِ أُقَيِّدُ بِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَايَنَ أَوْ لَا، وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ أَوْ لَا. وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ قُبَيْلَ كِتَابِ الْعَاقِلَةِ: مَنْ جُرِحَ جُرْحًا يُمَاتُ مِنْ مِثْلِهِ فَتَدَاوَى بِسُمٍّ فَمَاتَ فَالْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ، لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْجَارِحِ وَمِنْ فِعْلِ2 نَفْسِهِ، فَكِلَاهُمَا قَاتِلٌ. وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: مَنْ قَتَلَ مَيِّتًا لَا شَيْءَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاتِلًا، وَمَنْ كَسَرَهُ أَوْ جَرَحَهُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:45] ، وَهَذَا جُرْحٌ وَجَارِحٌ. وَقَالَ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40] ، وَهَذَا الْفِعْلُ بِالْمَيِّتِ سَيِّئَةٌ وَاعْتِدَاءٌ، فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ، وَأَكْثَرُ خُصُومِنَا يَرَوْنَ الْقَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ مَيِّتٍ كَفَنَهُ، وَالْحَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى بِمَيِّتَةٍ أَوْ قَذَفَ مَيِّتًا، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَإِنْ رَمَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ فَالْقَاتِلُ الثاني، وإن ألقاه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي لُجَّةٍ فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ لَزِمَ مُلْقِيَهُ الْقَوَدُ، وَقِيلَ: إنْ الْتَقَمَهُ بَعْدَ حُصُولِهِ فِيهِ قَبْلَ غَرَقِهِ، وَقِيلَ: شِبْهُ عَمْدٍ، وَمَعَ قِلَّةٍ فَإِنْ عَلِمَ بِالْحُوتِ فَالْقَوَدُ وَإِلَّا دِيَةٌ، وَإِنْ كَتَّفَهُ فِي أَرْضٍ ذَاتِ سِبَاعٍ أَوْ حَيَّاتٍ فَقَتَلَتْهُ فَالْقَوَدُ، وَقِيلَ: الدِّيَةُ، كَغَيْرِ مَسْبَعَةٍ، وَعَنْهُ: كَمُمْسِكِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا مِزَاحًا مُتَلَاعِبًا، فَيُقْتَلُ قَاتِلُهُ وَيُحْبَسُ مُمْسِكُهُ حَتَّى يَمُوتَ، وَعَنْهُ: يُقْتَلَانِ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَمِثْلُهُ أَمْسَكَهُ لِيَقْطَعَ طَرَفَهُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَكَذَا إنْ فَتَحَ فَمَهُ وَسَقَاهُ آخَرُ سُمًّا، أَوْ اتَّبَعَ رَجُلًا لِيَقْتُلَهُ فَلَقِيَهُ آخَرُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ لِيَقْتُلَهُ، وَفِيهَا وَجْهٌ: لَا قَوَدَ. وَمَنْ أَكْرَهَ مُكَلَّفًا عَلَى قَتْلِ مُعَيَّنٍ أَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ، فَالْقَوَدُ، وَفِي الْمُوجَزِ، إذَا قُلْنَا: تُقْتَلُ الْجَمَاعَةُ بِالْوَاحِدِ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمُكْرَهٍ، وَيُتَوَجَّهُ عَكْسُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْقَتْلِ بِأَخْذِ الْمَالِ فَالْقَوَدُ، وَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلِ النَّفْسِ فَلَا، وَإِنْ أُكْرِهَ أَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ لِيَقْتُلَ عَبْدَهُ فَلَا قَوَدَ، وَمَنْ أَمَرَ بِالْقَتْلِ كَبِيرًا يَجْهَلُ تَحْرِيمَهُ أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَمَرَ بِهِ سُلْطَانٌ ظُلْمًا مِنْ جَهْلٍ ظَلَمَهُ فِيهِ، لَزِمَ الْأَمْرُ، نَقَلَ مُهَنَّا: إذَا أَمَرَ رَجُلٌ صَبِيًّا أَنْ يَضْرِبَ رَجُلًا فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ فَعَلَى الَّذِي أَمَرَهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدَفْعِ سِكِّينٍ إلَيْهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ، نَقَلَهُ الْفَضْلُ. وَفِي شَرْحِ أَبِي الْبَرَكَاتِ بْنِ الْمُنَجَّى: إنْ أَمَرَ مُمَيِّزًا فلا قود. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الِانْتِصَارِ: إنْ أَمَرَ صَبِيًّا وَجَبَ عَلَى آمِرِهِ وَشَرِيكِهِ، فِي رِوَايَةٍ، وَإِنْ سَلِمَ، لَا يَلْزَمُهُمَا فَلِعَجْزِهِ غَالِبًا، وَإِنْ قَبِلَ1 مَأْمُورٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا تَحْرِيمَ الْقَتْلِ لَزِمَ الْمَأْمُورَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَيُؤَدَّبُ الْآمِرُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ يُحْبَسُ كَمُمْسِكِهِ. وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ يُقْتَلُ، وَعَنْهُ: بِأَمْرِهِ عَبْدَهُ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَنْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قُتِلَ الْمَوْلَى وَحُبِسَ الْعَبْدُ حَتَّى يَمُوتَ، لِأَنَّهُ سَوْطُ الْمَوْلَى وَسَيْفُهُ، كَذَا قَالَ عَلِيٌّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ2، وَأَنَّهُ لَوْ جَنَى بِإِذْنِهِ لَزِمَ مَوْلَاهُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، وَحَمَلَهَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى جَهَالَةِ الْعَبْدِ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ أَمَرَ عَبْدًا بِقَتْلِ سَيِّدِهِ فَقَتَلَ أَثِمَ، وَإِنَّ فِي ضَمَانِهِ قِيمَتَهُ رِوَايَتَيْنِ، وَيُحْتَمَلُ إنْ خَافَ السُّلْطَانُ قَتْلًا. وَمَنْ قَالَ لغيره اقتلني أو اجرحني ففعل فهدر، نص عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ الدِّيَةُ، وَعَنْهُ: لِلنَّفْسِ، وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَهُ عَبْدٌ ضَمِنَ لِسَيِّدِهِ بِمَالٍ فَقَطْ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قتلتك فخلاف، كإذنه م 9 و 10 وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9 و10: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَخِلَافٌ، كَإِذْنِهِ، انْتَهَى. فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَقِيسُ وَالْمَقِيسُ عَلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى9: لَوْ قَالَ: اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَهَلْ ذَلِكَ إكْرَاهٌ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، فَقَالَ: فِيهِ خِلَافٌ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ قَالَ: اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَإِكْرَاهٌ وَلَا قَوَدَ إذَنْ، وَعَنْهُ: وَلَا دِيَةَ، زَادَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْتَلَ أَوْ يَغْرَمَ الدِّيَةَ إنْ قُلْنَا: هِيَ لِلْوَرَثَةِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، فِي الصِّيَامِ: لَا إثْمَ هُنَا وَلَا كَفَّارَةَ، كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ.
الانتصار: لَا إثْمَ وَلَا كَفَّارَةَ، وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ وَحْدَهُ أَنْ اُقْتُلْ نَفْسَك وَإِلَّا قَتَلْتُك إكْرَاهٌ، كَاحْتِمَالٍ فِي اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا. وَإِنْ اشترك اثنان لا يلزم القود أحدهما: مفردا، فَعَنْهُ: يُقْتَلُ شَرِيكُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، كَمَا لَوْ أَكْرَهَ أَبًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ، وَعَنْهُ: لَا، وَالْمَذْهَبُ: يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ وَمُخْطِئٌ وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ م 11 وَمَتَى سَقَطَ الْقَوَدُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: كَمَا لَهَا فِي شَرِيكٍ سَبُعٌ، وَقِيلَ: فِي وَلِيٍّ مُقْتَصٍّ، وَدِيَةُ شَرِيكٍ مُخْطِئٍ فِي مَالِهِ، لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، عَلَى الأصح، قاله القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 10: إذَا أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهِ فَقَتَلَهُ فَفِيهَا خِلَافٌ قُلْت: قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ: لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: تَلْزَمُ الدِّيَةُ، وَعَنْهُ: لِلنَّفْسِ، وَيُحْتَمَلُ الْقَوَدُ، انْتَهَى. فَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فِي تِلْكَ. اُقْتُلْنِي، بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَفِي هَذِهِ بِصِيغَةِ الْإِذْنِ، فَيُحْتَمَلُ فِيهِ الْأَمْرُ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، كَقَوْلِهِ: أَذِنْت أَنْ تَقْتُلَنِي، فَصِيغَةُ الْأَمْرِ أَقْوَى مِنْ الْإِذْنِ فِي الْفِعْلِ. مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَكَ اثْنَانِ لَا يَلْزَمُ الْقَوَدُ أحدهما: مفردا، فعنه: يقتل شريكه، اختاره أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ: لَا، وَالْمَذْهَبُ: يَقْتُلُ غَيْرُ شَرِيكٍ نَفْسَهُ وَمُخْطِئٌ وَصَبِيٌّ وَنَحْوُهُمْ، انْتَهَى. الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَا رَيْبٍ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهِمَا عَلَى غَيْرِ الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَقْوَى وَأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
فصل وشبه العمد أن يقصد جناية لا تقتل غالبا
فَصْلٌ وَشَبَهُ الْعَمْدِ أَنْ يَقْصِدَ جِنَايَةً لَا تَقْتُلُ غَالِبًا وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِهَا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ، كَمَنْ ضَرَبَهُ فِي غَيْرِ مَقْتَلٍ بِصَغِيرٍ، أَوْ لَكَزَهُ أَوْ لَكَمَهُ، أَوْ سَحَرَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، أَوْ أَلْقَاهُ في ماء يسير، أو صاح بِصَبِيٍّ أَوْ مَعْتُوهٍ. وَفِي الْوَاضِحِ أَوْ امْرَأَةٍ، وَقِيلَ: أَوْ مُكَلَّفًا عَلَى سَطْحٍ فَسَقَطَ أَوْ اغْتَفَلَ1 عَاقِلًا بِصَيْحَةٍ فَسَقَطَ أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ فَالدِّيَةُ، نَقَلَ الْفَضْلُ فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ سِكِّينٌ فَصَاحَ بِهِ رَجُلٌ فَرَمَى بِهَا فَعَقَرَتْ رَجُلًا هَلْ عَلَى مَنْ صَاحَ بِهِ شَيْءٌ؟ قَالَ: هَذَا أَخْشَى عَلَيْهِ، قَدْ صَاحَ بِهِ. وَمَنْ أَمْسَكَ الْحَيَّةَ كَمُدَّعِي الْمَشْيَخَةِ فَقَتَلَتْهُ فَقَاتِلٌ نَفْسَهُ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ فَشِبْهُ عَمْدٍ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكَلَ حَتَّى بِشَمٍّ2 فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَ نَفْسِهِ، وَإِمْسَاكُ الْحَيَّاتِ جناية فإنه محرم، ذكره شيخنا. وَالْخَطَأُ كَرَمْيِ صَيْدٍ أَوْ غَرَضٍ أَوْ شَخْصٍ فَيُصِيبُ آدَمِيًّا لَمْ يَقْصِدْهُ، أَوْ يَنْقَلِبُ عَلَيْهِ نَائِمٌ وَنَحْوُهُ، أَوْ يَجْنِي عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ يَظُنُّهُ مُبَاحَ الدَّمِ فَيَبِينُ مَعْصُومًا، فَالدِّيَةُ. وَمَنْ قَالَ كُنْت يَوْمَ قَتْلِهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَأَمْكَنَ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ قَتَلَ فِي صَفِّ كُفَّارٍ أَوْ دَارِ حَرْبٍ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا أَوْ وَجَبَ رَمْيُ كُفَّارٍ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ فَقَصَدَهُمْ دُونَهُ فقتله فلا دية عليه، وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَلَى. وَعَنْهُ: فِي الْأَخِيرَةِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَكْسُهَا، لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ هُنَا، قَالَ: وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّ، يُصَلِّي وَيُكَفِّرُ، كَذَا هُنَا. وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ نَصَبَ سِكِّينًا وَنَحْوَهُ تَعَدِّيًا، وَلَمْ يَقْصِدْ جِنَايَةً فَخَطَأٌ، وَلَوْ قَتَلَ مَنْ أَسْلَمَ خَوْفَ الْقَتْلِ فَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ1 إنْ شَاءَ اللَّهُ تعالى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب شروط القود
باب شروط القود مدخل ... بَابُ شُرُوطِ الْقَوَدِ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَقْتُولِ مَعْصُومًا، فَكُلُّ مَنْ قَتَلَ مُرْتَدًّا أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ1 عِنْدَ حَاكِمٍ، وَالْمُرَادُ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَقَالَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ، فَهَدَرٌ، وَإِنْ بَعْدَ التَّوْبَةِ إنْ قُبِلَتْ ظَاهِرًا فَكَإِسْلَامٍ طَارِئٍ، فَدَلَّ أَنَّ طَرَفَ مُحْصَنٍ كَمُرْتَدٍّ، لَا سِيَّمَا وَقَوْلُهُمْ عُضْوٌ مِنْ نَفْسٍ وَجَبَ قَتْلُهَا فَهَدَرٌ، وَيُعَزَّرُ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ، كَمَنْ قَتَلَ حَرْبِيًّا. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَهُ تَعْزِيرُهُ، وَيُحْتَمَلُ قَتْلُ ذِمِّيٍّ، وَأَشَارَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَيْهِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، لِأَنَّ الْحَدَّ لَنَا وَالْإِمَامُ نَائِبٌ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ2: إنْ أَسْرَعَ وَلِيِّ قَتِيلٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَقَتَلَ قَاطِعَ طَرِيقٍ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا قَوَدَ، لِأَنَّهُ انْهَدَرَ دَمُهُ، وَظَاهِرُهُ: وَلَا دِيَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي3، وَكَذَا مَنْ قَطَعَ يَدَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ فَأَسْلَمَا ثُمَّ مَاتَا وَجَعَلَهُ فِي التَّرْغِيبِ كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَمَنْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَا قَبْلَ وُقُوعِهِ بِهِمَا فَهَدَرٌ، كردة4 مسلم، وقيل: تجب ديتة5، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَتَلَفِهِ بِبِئْرٍ حُفِرَتْ1 مُرْتَدًّا: وَقِيلَ: كَمُرْتَدٍّ2، لِتَفْرِيطِهِ، إذْ قَتْلُهُ لَيْسَ إلَيْهِ. وَقِيلَ: يُقْتَلُ بِهِ. وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فَلَا قَوَدَ، في الأصح، أصلهما هل يفعل به كفعله أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ، وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أَمْ قَرِيبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ؟ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَمْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 1 - 3 وَقِيلَ هَدَرٌ. وَإِنْ عَادَ إلَى الإسلام ثم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 – 3: قَوْلُهُ: وَمَنْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فَارْتَدَّ فلا قود، في الأصح، أصلهما هل يفعل بِهِ كَفِعْلِهِ أَمْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ؟ وَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ إمَامٌ أَوْ قَرِيبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَمْ لِوَرَثَتِهِ؟ وَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَوْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1: لَوْ قَطَعَ طَرَفَ مُسْلِمٍ فارتد المقطوع طرفه ثم مات3، فلا
مَاتَ فَالْقَوَدُ فِي النَّفْسِ أَوْ الدِّيَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يُتَوَجَّهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ بِرِدَّةٍ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ إنْ سَرَى الْقَطْعُ فِي الرِّدَّةِ فَلَا قَوَدَ، فَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَقِيلَ: كُلُّهَا، وَمَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ مَعْصُومٌ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ لِدَمِهِ وَتُشْتَرَطُ الْمُكَافَأَةُ حَالَةَ الْجِنَايَةِ بِأَنْ لَا يَفْضُلَهُ قَاتِلُهُ بِإِسْلَامٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ إيلَادٍ خَاصَّةً. فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَوْ ارْتَدَّ. ويتوجه احتمال بقتل ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوَدَ فِي الطَّرَفِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْوَجْهَانِ أَصْلُهُمَا هَلْ يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ أَوْ فِي النَّفْسِ فَقَطْ؛ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، كَمَا يُفْعَلُ بِهِ فِي النَّفْسِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ في شيء، لأنه صحح فيها حكما. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقَوَدِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، فَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَوْ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَصْلُهُمَا هَلْ مَالُهُ فَيْءٌ أَوْ لِوَرَثَتِهِ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا لَيْسَتْ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3: إذَا قُلْنَا بَعْدَ الْقَوَدِ، فَهَلْ يَضْمَنُ دِيَةَ الطَّرَفِ أَمْ الْأَقَلَّ مِنْهَا وَمِنْ دِيَةِ النَّفْسِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ، وَمِثَالُهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ مُرْتَدًّا، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ الطرف، وهو الصحيح من المذهب،
مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ، وَأَنَّ الْخَبَرَ فِي الْحَرْبِيِّ1 كَمَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ، وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ: حُكْمُ الْمَالِ غَيْرُ حُكْمِ النَّفْسِ، بِدَلِيلِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَالِ زَانٍ مُحْصَنٍ وَقَاتِلٍ فِي مُحَارَبَةٍ، وَلَا يُقْتَلُ قَاتِلُهُمَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ مَالَهُمَا بَاقٍ عَلَى العصمة كمال غيرهما، وعصمة دمهما زالت. وَلَا حُرٌّ بِعَبْدٍ، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ عَكْسُهُ، وَلَا مكاتب بعبده، فإن كان ذا ـــــــــــــــــــــــــــــQجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَلْزَمُهُ دِيَةُ الطَّرَفِ، لِأَنَّ الرِّدَّةَ قَطَعَتْ حُكْمَ السِّرَايَةِ، فَأَشْبَهَ انْقِطَاعَ حُكْمِهَا بِانْدِمَالِهَا أَوْ بِقَتْلِ الْآخَرِ لَهُ. تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي أَوَّلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَقْصًا بَعْدَ قَوْلِهِ فَارْتَدَّ وَالنَّقْصُ: ثُمَّ مَاتَ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ ذَلِكَ. والله أعلم.
"1رحم محرم أو قتل1" رقيق مسلم رقيقا مسلما لذمي فوجهان م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4،5: قَوْلُهُ: وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ وَلَا مكاتب بعبده، فإن كان ذا رحم محرم أَوْ قَتَلَ رَقِيقٌ مُسْلِمٌ رَقِيقًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ فَوَجْهَانِ، انْتَهَى، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى-4: لَا يُقْتَلُ الْمُكَاتَبُ بِعَبْدِهِ إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا، فَإِنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فَهَلْ يُقْتَلُ بِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. أحدهما: لا2 يُقْتَلُ بِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الأصحاب، "3وبه قطع فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. والوجه الثاني: يقتل به. المسألة الثانية- 5: لو قتل رقيق مسلم رقيقا مسلما لذمي، فَهَلْ يُقْتَلُ بِهِ، أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الرعايتين والحاوي الصغير. أحدهما: يقتل به، وهو الصحيح، وهوظاهر كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يقتل به3".
ويقتل عَبْدٌ بِعَبْدٍ مُكَاتَبٍ أَوْ لَا؟ وَعَنْهُ مَا لَمْ تَرِدْ قِيمَةُ قَاتِلِهِ، وَإِنْ كَانَا لِسَيِّدٍ فَلَا قَوَدَ، فِي إحْدَى الْوَجْهَيْنِ، قَالَهُ فِي الْمَذْهَبِ. وَذَكَرٌ بِأُنْثَى، وَعَنْهُ: مَعَ أَخْذِهِ نِصْفَ دِيَتِهِ. وَخَرَّجَ فِي الْوَاضِحِ مِنْهَا فِي عَبْدٍ بِعَبْدٍ وَفِي تَفَاضُلِ مَالٍ فِي قَوَدِ طَرَفٍ. وَكِتَابِيٌّ بِمَجُوسِيٍّ، نَصَّ عَلَيْهِ وَمُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ، وَهُوَ بِهِ وَبِمُسْتَأْمَنٍ وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدَهُ بِقَتْلِ مُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1مسألة-6: قوله: ويقتل عبد بعبد مكاتب أو لا؟ فإن كان لسيد، فلا قود في أحد الوجهين. قاله في المذهب انتهى. أحدهما: عليه القود. قلت: وهو الصحيح1"، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ صَرِيحًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا قَوَدَ. تَنْبِيهَانِ: "2أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ: يُقْتَلُ مُرْتَدٌّ بِذِمِّيٍّ وَهُوَ بِهِ وَبِمُسْتَأْمَنٍ، انْتَهَى، فَقَوْلُهُ: وَهُوَ بِهِ يَعْنِي يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُرْتَدِّ، هَذَا ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ سَهْوٌ، لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لَا يُقْتَلُ أَحَدٌ بِقَتْلِ الْمُرْتَدِّ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ، حَتَّى الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ3، ثُمَّ ظَهَرَ لِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بِهِ يَعُودُ إلَى الْمَجُوسِيِّ، يَعْنِي يُقْتَلُ الْمَجُوسِيُّ بِالذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ موهما، لكن يزول الإشكال2".
قُتِلَ لَهُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ، وَلَا يُقْتَلُ مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، وَالْأَصَحُّ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ حُرِّيَّةً. وَإِنْ قَتَلَ أَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ أسلم أو عتق مطلقا قتل بِهِ، فِي الْمَنْصُوصِ، كَجُنُونِهِ، فِي الْأَصَحِّ، وَعَدَمُ قَتْلِ مَنْ أَسْلَمَ ظَاهِرُ نَقْلِ بَكْرٍ، كَإِسْلَامِ حَرْبِيٍّ قَاتِلٍ، وَكَذَا إنْ جَرَحَ مُرْتَدٌّ ذِمِّيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ، وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ الْإِصَابَةِ مَانِعَةً مِنْ الْقَوَدِ، فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ شَيْخُنَا، كَمَا بَعْدَ الزَّهُوقِ ع. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ صِحَّتَهَا، وَأَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَزُولُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ وَجِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ. وَفَهِمَ مِنْهُ شَيْخُنَا سُقُوطَ الْقَوَدِ وَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنْ فَرَّقَا بَيْنَ الْخَطَإِ ابْتِدَاءً وَالْخَطَأَ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ، وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُ "1ابْنِ عَقِيلٍ1" بِبَقَاءِ الضَّمَانِ الْقَوَدَ. وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ شَيْخِنَا مَا يَأْتِي: لَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الرَّمْيِ قَبْلَ إصَابَةِ الصَّيْدِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ عَلَى سَبَبِهِ وَإِبَاحَةِ الصَّيْدِ، وَأَبْلَغُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ: تُسْقِطُ التَّوْبَةُ حق آدمي لا يوجب مالا وإلا سقط إلَى مَالٍ. وَإِنْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا أَوْ حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَجْرُوحُ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ، "2وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: دِيَةُ ذِمِّيٍّ لِوَارِثٍ مُسْلِمٍ وَقِيمَةُ عَبْدٍ2"، وَيَأْخُذُ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ، وَقْتَ جِنَايَتِهِ، وَكَذَا دِيَتُهُ، نَقَلَهُ حَرْبٌ، إلَّا أَنْ تُجَاوِزَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ. وَإِنْ وَجَبَ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ قَوَدٌ فَطَلَبُهُ لِلْوَرَثَةِ، عَلَى هَذِهِ، وَعَلَى الْأُخْرَى لِلسَّيِّدِ. وَمَنْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَفِي ضَمَانِهِ الخلاف. ولو رمامياه3 فَوَقَعَ السَّهْمُ بِهِمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ الْعِتْقِ ثم ماتا، ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَمَنْ جَرَحَ عَبْدَ نَفْسِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُ فِي هَذِهِ المسألة في المغني4 والشرح5
فَدِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ لِلْوَرَثَةِ، وَلَا شَيْءَ لِلسَّيِّدِ وَلَا قَوَدَ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو بَكْرٍ، كَقَتْلِهِ مَنْ عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا، فَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ وَعَتَقَ، أَوْ قَاتِلُ أَبِيهِ1 فَلَمْ يَكُنْ، فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا مُرْتَدًّا. وَقِيلَ: الدِّيَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ دِيَةُ كَافِرٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِصَابَةِ أَوْ الرَّمْيَةِ، ثُمَّ بَنَى مَسْأَلَةَ الْعَبْدِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي ضَمَانِهِ بِدِيَةٍ أَوْ قِيمَةٍ، ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِمَا مَنْ رَمَى مُرْتَدًّا أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِهِ، هَلْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ مُسْلِمٍ أَوْ هَدَرٌ؟. وَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ أَوْ مَلْفُوفًا وَادَّعَى كُفْرَهُ أَوْ رِقَّهُ أَوْ مَوْتَهُ فَالْقَوَدُ أَوْ دِيَتُهُ، فِي الْأَصَحِّ، إنْ أَنْكَرَ وَلِيُّهُمْ، وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْتِهِ وَجْهَيْنِ، وَسَأَلَ الْقَاضِي: أَفَلَا يُعْتَبَرُ بِالدَّمِ وَعَدَمِهِ؟ قَالَ: لَا، لم يعتبره الفقهاء. ويتوجه: يعتبر. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَغَيْرِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْخِلَافِ الْخِلَافَ الَّذِي سَبَقَ قَبْلَ هَذَا فِيمَا إذَا جَرَحَ حُرٌّ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قَوَدَ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ قَوْلَانِ، قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ لُزُومَ الدِّيَةِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ لُزُومَ الْقِيمَةِ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَفِي ضَمَانِهِ الْخِلَافُ يَعْنِي فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ الْخِلَافُ، لَكِنْ إنْ جَعَلْنَا الْقِيمَةَ لِلسَّيِّدِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ فَيَكُونُ الْخِلَافُ فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ أَوْ السُّقُوطِ، وهو ظاهر كلام المصنف. والله أعلم.
وَإِنْ ادَّعَى زِنَا مُحْصَنٍ بِشَاهِدَيْنِ، نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَ أَبُو طالب وغيره: أربعة، اختاره الخلال وغيره، قبل، وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ م 7 وَقِيلَ: وَظَاهِرًا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بَعْدَ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ: وَقَدْ رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلُ الرَّجُلِ حَرِيمُهُ، "فَمَنْ دَخَلَ عَلَيْك حَرِيمَك فَاقْتُلْهُ" 1. فَدَلَّ "2أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ2"، وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: إنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ4 بِذَلِكَ فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ عُمَرَ5 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَلَامُهُمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا أَوْ لا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى زِنَا مُحْصَنٍ بِشَاهِدَيْنِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ، ونقل أبو طالب وغيره أربعة، اختاره الخلال وَغَيْرُهُ، قُبِلَ، وَإِلَّا فَفِيهِ بَاطِنًا، وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ فِي الْبَاطِنِ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فِي الْبَاطِنِ قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ثُبُوتُ الْإِحْصَانِ بِشَاهِدَيْنِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الأصحاب.
وَكَذَا مَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ1 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْحَدِّ، الْأَوَّلُ، ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: لَهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ مُحْصَنًا، وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ، فِي اعْتِبَارِ إحْصَانِهِ، وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ: وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِهَا، لَهُ قَتْلُهُ؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ2 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا. وَإِنْ قَتَلَهُ فِي دَارِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دَخَلَ لِقَتْلِهِ وَأَخْذِ مَالِهٍ فَالْقَوَدُ، وَيُتَوَجَّهُ عَدَمُهُ فِي مَعْرُوفٍ بِالْفَسَادِ. وَإِنْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ دَفْعَهُ عن نفسه فالقود، وفي المذهب والكافي3: الدية، وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بدار فجرح وقتل بعضهم بعضا وجهل الحال أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشُ الْجِرَاحِ. قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ قَضَى بِهِ. وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ؟ فيه وجهان، قاله ابن حامد م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ واحد دفعه عن نفسه فالقود، وفي المذهب وَالْكَافِي: الدِّيَةُ، وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قوم اجتمعوا بدار فجرح
وَلَا يُقْتَلُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَإِنْ عَلَا بِالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَوْ اخْتَلَفَا دِينًا وَحُرِّيَّةً، وَقِيلَ: وَلَوْ وَلَدَهُ مِنْ زِنًا لَا مِنْ رَضَاعٍ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ: وَلَا يَلْزَمُ الزَّاهِدَ الْعَابِدَ، فَإِنَّ مَعَهُ مِنْ الدِّينِ وَالشَّفَقَةِ مَا يَرْدَعُهُ وَيَمْنَعُهُ1 عَنْ القتل لأن رادعه حكمي، وهو ضَعِيفٌ، وَرَادِعَ الْأَبِ طَبْعِيٌّ وَهُوَ أَقْوَى، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ، وَعَنْهُ: تُقْتَلُ أُمٌّ، وعنه: وأب كالولد بهم، على الأصح، وقيل2 يقتل "3أب أم3" بولد بنته وعكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهُ أَرْشُ الْجُرْحِ، وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ4؟ فِيهِ وَجْهَانِ، قَالَهُ ابن حامد انتهى، نقله "5عنه وكذا الشِّيرَازِيِّ5" فِي الْمُنْتَخَبِ. أَحَدُهُمَا: يُشَارِكُونَهُمْ، اخْتَرْتُهُ فِي التَّصْحِيحِ الْكَبِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا دِيَةَ عَلَيْهِمْ، وهو ظاهر كلام جماعة من الأصحاب.
وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا تُقْتَلُ أُمٌّ بِوَلَدٍ1 وَالْأَصَحُّ: وَجَدَّةٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا يَجُوزُ لِلِابْنِ قَتْلُ أَبِيهِ بِرِدَّةٍ وَكُفْرٍ بِدَارِ حَرْبٍ، وَلَا رَجْمُهُ بِزِنًا وَلَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَجْمٍ، وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ بِقَتْلٍ فِي دَارِ حَرْبٍ، فَتَجِبُ دِيَةٌ إلَّا لِغَيْرِ مُهَاجِرٍ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا؟ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا: أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ أَحْيَا نَفْسًا، ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَحَمَلَهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا قَاتِلَ لَهُ2 سِوَى الْأَوَّلِ، وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا مِنْهُ، وَذَكَرَ فِي الْقَسَامَةِ3: لَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فَذَكَرَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الْأَوَّلِ قُتِلَ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمُصَادَفَتِهِ4 الدَّعْوَى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْمُغْنِي1 فِي الْقَسَامَةِ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ الثَّانِيَ شَيْءٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ بَطَلَتْ دَعْوَاهُ الْأُولَى، ثُمَّ هَلْ لَهُ طَلَبُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَنْصُوصَ وَهُوَ رِوَايَةُ حَنْبَلٍ، وَأَنَّهُ أَصَحُّ، لِقَوْلِ عُمَرَ: أَحْيَا نَفْسًا. وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ ثُمَّ رِوَايَةَ مُهَنَّا: ادَّعَى على رجل أنه قَتَلَ أَخَاهُ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَ: إنَّمَا قَتَلَهُ فُلَانٌ، فَقَالَ فُلَانٌ: صَدَقَ أَنَا2 قَتَلْتُهُ، فَإِنَّ هَذَا الْمُقِرَّ بِالْقَتْلِ يُؤْخَذُ بِهِ، قُلْت أَلَيْسَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ؟ قَالَ: إنَّمَا هَذَا بِالظَّنِّ، فَأَعَدْت عَلَيْهِ فَقَالَ: يُؤْخَذُ الَّذِي3 أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَهُ. وَمَتَى وَرِثَ الْقَاتِلُ أَوْ وَلَدُهُ بَعْضَ دَمِهِ فَلَا قَوَدَ، فَلَوْ قَتَلَ امْرَأَتَهُ فَوَرِثَهَا أَوْ وَلَدُهُمَا، أَوْ قَتَلَ أَخَاهَا فَوَرِثَتْهُ ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثَهَا هُوَ أَوْ وَلَدُهُ، سَقَطَ، وَعَنْهُ: لَا يَسْقُطُ بِإِرْثِ الْوَلَدِ، اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ قَتَلَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَبِيهِ وَالْآخَرُ أُمَّهُ وَهِيَ فِي زَوْجِيَّةِ الْأَبِ فَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ أَبِيهِ، لِإِرْثِهِ4 ثَمَنَ أُمِّهِ، وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَثْمَانِ دِيَتِهِ لِأَخِيهِ، وَلَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ كانت بائنا فالقود عليهما. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ لِقَوْلِ عُمَرَ: أَحْيَا نَفْسًا انْتَهَى. صَوَابُهُ لِقَوْلِهِ لِعُمَرَ، بِزِيَادَةِ لَامٍ فِي أَوَّلِهِ، يَعْنِي لِقَوْلِ عَلِيٍّ لِعُمَرَ: أَحْيَا نَفْسًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ سُطُورٍ أَوْ أَكْثَرَ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ ذَلِكَ لِعُمَرَ، وَقَدْ ذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي الطُّرُقِ الْحِكْمِيَّةِ لِابْنِ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ. فَهَذِهِ ثَمَانُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
باب القود فيما دون النفس
باب القود فيما دون النفس مدخل ... باب القود فيما دون النفس مَنْ أُخِذَ بِغَيْرِهِ فِي النَّفْسِ أُخِذَ بِهِ فِيمَا دُونَهَا، وَمَنْ لَا فَلَا، وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ بَيْنَ عَبِيدٍ، "1نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَمُهَنَّا1" وَعَنْهُ: دُونَ النَّفْسِ، وَعَنْهُ: فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ حَتَّى تَسْتَوِيَ الْقِيمَةُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. "2قَالَ حَرْبٌ2" فِي الطَّرْفِ: كَأَنَّهُ مَالٌ إذَا اسْتَوَتْ الْقِيمَةُ. وَيُشْتَرَطُ الْعَمْدُ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى: أَوْ شَبَهُهُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي رِوَايَةً، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْمَوْضِعِ وَالِاسْمِ وَالصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ: فَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنٍ وَأَنْفٍ وَأُذُنٍ مَثْقُوبَةٍ أَوْ لَا، وَسِنٍّ رَبَطَهَا بِذَهَبٍ أَوْ لَا، وَشَفَةٍ وَجَفْنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ قَوِيَ بَطْشُهَا أَوْ ضَعُفَ، وَأُصْبُعٍ وَكَفٍّ وَمَرْفِقٍ وَخُصْيَةٍ، وَذَكَرٍ بِمِثْلِهِ، وَمَخْتُونٍ كَأَقْلَفَ وَفِيهِ فِي أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ م 1 و 2 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 و 2: قَوْلُهُ: وَفِيهِ فِي أَلْيَةٍ وَشَفْرٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1: هَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الْأَلْيَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابن منجا والحاوي الصغير وغيرهما: أَحَدُهُمَا: يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَبِهِ قَطَعَ
ولا تؤخذ يمين بِيَسَارٍ، وَيَسَارٌ بِيَمِينٍ وَمَا عَلَا مِنْ أُنْمُلَةٍ وَشَفَةٍ وَجَفْنٍ بِمَا سَفَلَ. وَخِنْصَرٍ بِبِنْصِرٍ، أَوْ سِنٍّ بِسِنٍّ مُخَالِفَةٍ فِي الْمَوْضِعِ، وَأَصْلِيٍّ بِزَائِدٍ وَعَكْسِهِ، بَلْ زَائِدٍ بِمِثْلِهِ مَوْضِعًا وَخِلْقَةً وَلَوْ تَفَاوَتَا قَدْرًا، وَلَا كَامِلَةُ الْأَصَابِعِ أَوْ الْأَظْفَارُ بِنَاقِصَةٍ، رَضِيَ الْجَانِي أَوْ لَا، بَلْ مَعَ أَظْفَارٍ مَعِيبَةٍ، وَقِيلَ: وَلَا بِزَائِدَةٍ أُصْبُعًا، فَإِنْ ذَهَبَتْ فَلَهُ، وَقِيلَ: وَلَا زَائِدَةٌ بِمِثْلِهَا، وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ1، وَلِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ، وَلَا صَحِيحٌ بِأَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَذَكَرٍ وَلَوْ شُلَّ أَوْ بِبَعْضِهِ شَلَلٌ كَأُنْمُلَةِ يَدٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْكَافِي2 وَالْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجْرِي فِيهَا قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: هَلْ يَجْرِي الْقِصَاصُ فِي الشَّفْرِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَجْرِي الْقِصَاصُ فِيهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، واختاره أبو الخطاب وغيره.
وَفِيهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ، وَأُذُنٍ سَمِيعَةٍ بِصَمَّاءَ، وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ، وَتَامٍّ مِنْهُمَا بِمَخْرُومٍ1 م 3 وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلِسَانٍ صَحِيحٍ بِأَخْرَسَ وَجْهَانِ، وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ، وَعَنْهُ: بَلَى، وعنه: بذكر عنين. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجْرِي فِيهِ الْقِصَاصُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، فِي الْأَظْهَرِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَفِيهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ - يَعْنِي صَحِيحَيْنِ بِأَشَلَّيْنِ - وَأُذُنٍ سَمِيعَةٍ بِصَمَّاءَ، وَأَنْفٍ شَامٍّ بِضِدِّهِ، وَتَامٍّ بِمَخْرُومٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ صَحِيحٌ بِأَشَلَّ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ ذَكَرٍ، فَأَمَّا أَخْذُ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ الصَّحِيحَيْنِ بِالْأَشَلَّيْنِ فَأُطْلِقَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَكَذَا أُطْلِقَ الْخِلَافُ في أخذ الأذن السميعة بالصماء، والأنف الشام بضده، وهو الأنف الأخشم2، وَأَخْذِ التَّامِّ مِنْهُمَا بِالْمَخْرُومِ3، فَهَذِهِ خَمْسُ مَسَائِلَ أُطْلِقَ فِيهَا الْخِلَافُ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَأَمَّا الْأَنْفُ الْأَشَمُّ بالأخشم أو الصحيح بالمخروم أو بالمستخسف5 فلا
وَلَوْ قَطَعَ صَحِيحٌ مِنْ مَقْطُوعِ الْأُنْمُلَةِ الْعُلْيَا أنملته الوسطى فله أخذ دية ـــــــــــــــــــــــــــــQيُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ، فَيُحْتَمَلُ الْقِصَاصُ وَعَدَمُهُ، انْتَهَى. وَتَابَعَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقَالَ: لَا يُعْرَفُ فِيهِ رِوَايَةٌ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: الْقِصَاصُ، وَعَدَمُهُ، فَنَسَبَهُ إلَى الْأَصْحَابِ، وَأَطْلَقَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْخِلَافَ فِي أَخْذِ الصَّحِيحَةِ بِالصَّمَّاءِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنْهُ، وَعَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ3. في أخذ الصحيح بالمستخشف4. أَحَدُهُمَا: يُؤْخَذُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ5، وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي6 وَالْكَافِي7 وَالشَّرْحِ، وهو مقتضى كلام الخرقي، واختاره القاضي: بأخذ8 الْأُذُنَ الصَّحِيحَةَ وَالْأَنْفَ الشَّامَّ بِالْأُذُنِ الصَّمَّاءِ وَالْأَنْفِ الأخشم واختار القاضي "9والشيخ عدم أخذ الأذن الصحيحة والأنف الصحيح، بالأذن والأنف المخزومين. وَاخْتَارَ الْقَاضِي9" أَيْضًا أَخْذَ الْأُذُنِ الصَّحِيحَةِ بِالْأُذُنِ الشَّلَّاءِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَقَالَ الْقَاضِي: يُؤْخَذُ في الجميع إلا في المخزوم10 خاصة،
أُنْمُلَتِهِ وَالصَّبْرُ حَتَّى تَذْهَبَ الْعُلْيَا بِقَوَدٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيَقْتَصُّ، وَلَا أَرْشَ لَهُ الْآنَ لِلْحَيْلُولَةِ بِخِلَافِ غَصْبِ مَالٍ لِسَدِّ مَالٍ مَسَدَّ مَالٍ. وَيُؤْخَذُ الْمَعِيبُ مِمَّا تَقَدَّمَ بِمِثْلِهِ وَبِصَحِيحٍ بِلَا أَرْشٍ، وَقِيلَ: بَلْ مَعَهُ، وَقِيلَ لِنَقْصِ الْقَدْرِ، كَأُصْبُعٍ، لَا الصِّفَةُ كَشَلَلٍ، وَقِيلَ: الشَّلَلُ مَوْتٌ، وذكر في الفنون أنه سَمِعَهُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْبُلْهِ الْمُدَّعِينَ لِلْفِقْهِ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِلَّا لَأَنْتَنَ وَاسْتَحَالَ كَالْحَيَوَانِ. وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ ثَبَتَ1 فَلَا قَوَدَ فِي مَيِّتٍ. وَإِنْ ادَّعَى الْجَانِي نَقْصَ الْعُضْوِ قُبِلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ اتَّفَقَا عَلَى تَقَدُّمِ صِحَّتِهِ، وَقِيلَ: قَوْلُ الْجَانِي، وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ2 عَكْسَهُ فِي أَعْضَاءٍ بَاطِنَةٍ، لِتَعَذُّرِ الْبَيِّنَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ اسْتِيفَاءٍ لَا لِوُجُوبِهِ أَمْنُ الْحَيْفِ، فَيُقَادُ فِي جِنَايَةٍ مِنْ مَفْصِلٍ أَوْ لَهَا حَدٌّ يَنْتَهِي إلَيْهِ، كَمَارِنِ الْأَنْفِ، وَهُوَ ما لان منه، وفي جرح ـــــــــــــــــــــــــــــQوقطع في المقنع3 بعدم4 الْأَخْذِ فِي الصَّحِيحَةِ بِالشَّلَّاءِ مِنْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ5.
يَنْتَهِي إلَى عَظْمٍ خَاصَّةً، كَمُوضِحَةٍ، لَا فِيمَا دُونَ مُوضِحَةٍ، وَبَعْضِ كُوعٍ، لِبُعْدِ الضَّبْطِ، قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَشَعْرٍ، وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: الْمُوضِحَةُ يُقْتَصُّ مِنْهَا؟ قَالَ: الْمُوضِحَةُ كَيْفَ يُحِيطُ بِهَا "1وَجُرْحُ قَدَمٍ وَسَاقٍ وَفَخْذٍ وَعَضُدٍ وَسَاعِدٍ1"، وَيَتَعَيَّنُ جَانِبُهَا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَيْسَ فِي عَظْمٍ قِصَاصٌ، لِأَنَّ الرَّجُلَ لَمَّا ضَرَبَ بِالسَّيْفِ عَلَى سَاعِدِ هَذَا فَقَطَعَهُ فَأَمَرَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالدِّيَةِ، لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْقِصَاصَ2، قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنه لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قِصَاصَ مِنْ غَيْرِ مَفْصِلٍ وَلَا فِي عَظْمٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا قَدْرُهُ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُقْتَصُّ مِنْ جَائِفَةٍ وَلَا مَأْمُومَةٍ، لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى الدِّمَاغِ، وَلَا مِنْ كَسْرِ فَخْذٍ وَسَاقٍ وَيَدٍ، لِأَنَّ فِيهِ مُخًّا. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَالشَّالَنْجِيُّ: الْقَوَدُ فِي اللَّطْمَةِ وَنَحْوِهَا، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الشَّعْبِيُّ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ قَالُوا: مَا أَصَابَ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا وَكَانَ دُونَ النَّفْسِ فَفِيهِ القصاص1، قال2: وكذلك أرى. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا قِصَاصَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا فِي أَدَبٍ يُؤَدِّبُهَا، فَإِذَا اعْتَدَى أَوْ جَرَحَ أَوْ كَسَرَ يُقْتَصُّ لَهَا مِنْهُ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا قَتَلَهُ بِعَصًا أَوْ خَنَقَهُ أَوْ شَدَخَ رَأْسَهُ بِحَجَرٍ، يُقْتَلُ بِمِثْلِ الَّذِي قَتَلَ بِهِ، لِأَنَّ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ. وَنَقَلَ أَيْضًا: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحِ وَالْكَسْرِ يُقَدَّرُ عَلَى الْقِصَاصِ يُقْتَصُّ مِنْهُ، لِلْأَخْبَارِ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ وَجَزَمَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، فَأَشَارَ أَنْ لَا تَلُدُّونِي قُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ " قُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: "لَا يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إلَّا لَدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إلَّا الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ3. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ الْأَصْمَعِيِّ: اللَّدُودُ مَا يَسْقِي الْإِنْسَانَ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْفَمِ، أَخْذًا مِنْ لديد الوادي، وهما جانباه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْوَجُورُ بِالْفَتْحِ فِي وَسَطِ الْفَمِ، وَالسَّعُوطُ: مَا أُدْخِلَ مِنْ أَنْفِهِ، وَاللَّدُودُ بِالْفَتْحِ: هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُلَدُّ بِهِ. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ كَصَرِيحِ الْعِبَارَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَعْزِيرِ الْمُتَعَدِّي بِنَحْوِ فِعْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فصل ويعتبر قود الجرح بالمساحة دون كثافة اللحم
فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ قَوَدُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ دُونَ كَثَافَةِ اللحم ... فَصْلٌ وَيُعْتَبَرُ قَوَدُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ، فَمَنْ أُوضِحَ بَعْضُ رَأْسِهِ وَهُوَ كَرَأْسِ الْجَانِي أَوْ أَكْثَرَ أَوْضَحَهُ فِي كُلِّهِ، وَفِي أَرْشٍ زَائِدٍ وَجْهَانِ م 4 وَفِي الْمُوجَزِ: فِيهِ وَفِي نَقْصِ أُصْبُعٍ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ أُوضِحَ كُلُّهُ وَرَأْسُ الْجَانِي أَكْبَرُ فَلَهُ قَدْرُ شَجَّتِهِ مِنْ أي الجانبين شاء، وقيل: ومنهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ قَوَدُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ دُونَ كَثَافَةِ لَحْمٍ، فَمَنْ أُوضِحَ بَعْضُ رَأْسِهِ وَهُوَ كَرَأْسِ الْجَانِي أَوْ أَكْثَرَ أَوْضَحَهُ فِي كُلِّهِ، وَفِي أَرْشٍ1 زَائِدٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ أَرْشٌ لِلزَّائِدِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ: لَا يَلْزَمُهُ أَرْشٌ لِلزَّائِدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الْأَرْشُ لِلزَّائِدِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَبَعْضُ الْأَصْحَابِ، قَالَهُ الشَّارِحُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كلام جماعة.
وَإِنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً أَوْ مُنَقِّلَةً أَوْ مَأْمُومَةً فَلَهُ قَوَدُ مُوضِحَةٍ وَفِي تَتِمَّةِ دِيَتِهَا وَجْهَانِ م 5. وَإِنْ قُطِعَ قَصَبَةُ أَنْفِهِ أَوْ مِنْ نِصْفِ ذِرَاعٍ أَوْ سَاقٍ فَلَا قَوَدَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى مِنْ مَارِنٍ وَكُوعٍ وَكَعْبٍ، وَعَلَيْهِمَا فِي أَرْشِ الْبَاقِي وَلَوْ خَطَأً وَجْهَانِ م 6 وقيل في قطع الأصابع وجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5 قَوْلُهُ: وَإِنْ شَجَّهُ هَاشِمَةً أَوْ مُنَقِّلَةً أَوْ مَأْمُومَةً فَلَهُ قَوَدُ مُوضِحَةٍ، وَفِي تَتِمَّةِ دِيَتِهَا وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ والمقنع والمحرر والشرح1 وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَقَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وقدمه في الحاوي الصغير. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ لَهُ مَا بَيْنَ دِيَةِ مُوضِحَةٍ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. مَسْأَلَةٌ 6 قَوْلُهُ: وَإِنْ قُطِعَ قَصَبَةُ أَنْفِهِ أَوْ مِنْ نِصْفِ ذِرَاعٍ أَوْ سَاقٍ فَلَا قَوَدَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: بَلَى مِنْ مَارِنٍ وَكُوعٍ وَكَعْبٍ، وَعَلَيْهِمَا فِي أَرْشِ الْبَاقِي وَلَوْ خَطَأً وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ لَهُ أَرْشٌ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الوجيز وغيره.
وَلَا أَرْشَ لِكَفٍّ وَقَدَمٍ، وَعَلَى النَّصِّ: لَوْ قُطِعَ مِنْ كُوعٍ فَتَآكَلَتْ إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ م 7. وَمَنْ قُطِعَ مِنْ مَرْفِقِهِ مُنِعَ الْقَوَدَ مِنْ الْكُوعِ، وَفِيهِ إنْ قطع من عضده وجهان م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ الْأَرْشُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي1 أَنَّ فِي قَصَبَةِ الْأَنْفِ حُكُومَةً مَعَ الْقِصَاصِ، وَقَالَ فِيمَنْ قَطَعَ نِصْفَ الذِّرَاعِ: لَيْسَ لَهُ الْقَطْعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ فِي الْمَقْطُوعِ مِنْ الذِّرَاعِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ الْكُوعِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَمَنْ جَوَّزَ لَهُ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ فَعَنْهُ2 فِي وُجُوبِ الْحُكُومَةِ لِمَا قُطِعَ مِنْ الذِّرَاعِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ: وَلَا أَرْشَ لِكَفٍّ وَقَدَمٍ، وَعَلَى النَّصِّ: لَوْ قُطِعَ مِنْ كُوعٍ فَتَآكَلَتْ إلَى نِصْفِ الذِّرَاعِ فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا قَوَدَ أَيْضًا، اعْتِبَارًا بِالِاسْتِقْرَارِ، قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرعايتين وصححه الناظم. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْتَصُّ هُنَا مِنْ الْكُوعِ، اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. مَسْأَلَةٌ 8 قَوْلُهُ: وَمَنْ قُطِعَ مِنْ مَرْفِقِهِ مُنِعَ3 الْقَوَدَ مِنْ الْكُوعِ، وَفِيهِ إنْ قُطِعَ مِنْ عَضُدِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُكْمُ مَا إذَا قُطِعَ مِنْ نِصْفِ الذِّرَاعِ أَوْ السَّاقِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا عِنْدَ الْأَصْحَابِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ، وقد
وَلَهُ قَطْعُ عَضُدِهِ فَإِنْ خِيفَ جَائِفَةٌ فَفِي مَرْفِقِهِ وَجْهَانِ م 9 وَمَتَى خَالَفَ وَاقْتُصَّ مَعَ خَشْيَةِ الْحَيْفِ أَوْ مِنْ مَأْمُومَةٍ أَوْ وَجَائِفَةٍ أو نصف ذراع ونحوه أجزأ. ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ 9 قَوْلُهُ: وَلَهُ1 قَطْعُ عَضُدِهِ، فَإِنْ خِيفَ جَائِفَةٌ فَفِي مَرْفِقِهِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي فَفِي جَوَازِ الْقَطْعِ مِنْ مَرْفِقِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ في النظم، وقدمه في الرعايتين.
وإن أوضحه فأذهب بصره أو سمعه أو شَمَّهُ أَوْضَحَهُ1، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ، وَالْأَشْهَرُ: يَسْتَعْمِلُ مَا يُذْهِبُهُ م 10 فإن خيف على العضو فالدية، وكذا الْوَجْهَانِ إنْ أَذْهَبَهُ بِلَطْمَةٍ وَنَحْوِهَا، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ أُذُنِهِ أَوْ مَارِنِهِ أَوْ شَفَتِهِ أَوْ لِسَانِهِ أَوْ حَشَفَتِهِ أَوْ سِنِّهِ أُقَيِّدُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ بِنِسْبَةِ الْأَجْزَاءِ، كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ، وَقِيلَ: لَا قود ببعض لسان. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ 10 قَوْلُهُ: وإن أوضحه فأذهب بصره أو سمعه أو شَمَّهُ أَوْضَحَهُ بِقَدْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ذَلِكَ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ، وَالْأَشْهَرُ: يَسْتَعْمِلُ مَا يُذْهِبُهُ، انتهى. الأشهر هو الصحيح من المذهب، وعليه الْأَكْثَرُ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِقُوَّةِ الْقَوْلِ بلزوم الدية.
فصل ولا قود ولا دية لما رجي عوده من عين أو منفعة
فَصْلٌ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عوده من عين أو منفعة ... فَصْلٌ لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مُدَّةٍ يقولها أهل
الْخِبْرَةِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِي سِنٍّ كَبِيرٍ وَنَحْوِهَا الْقَوَدَ فِي الْحَالِ، فَإِنْ مَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ، وَقِيلَ: هَدَرٌ، كَنَبْتِ شَيْءٍ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَلَهُ فِي غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ م 11 وَمَتَى عَادَ ذَلِكَ نَاقِصًا فَحُكُومَةٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ، فَإِنْ كَانَ أُقَيِّدُ أَوْ1 أُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ رُدَّتْ، وَلَا زَكَاةَ، كَمَالٍ ضَالٍّ، ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي. ثُمَّ إنْ عَادَ طَرَفُ جَانٍّ رَدَّ مَا أَخَذَ. وَفِي الْمُذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ: لَمْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ، ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَمَنْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بِحَالِهِ، وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ م 12. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11 قَوْلُهُ: وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِمَا رُجِيَ عَوْدُهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي مُدَّةٍ يَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ. فَإِنْ مَاتَ فِي الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ. وَلَهُ فِي غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَهُ الْقَوَدُ حَيْثُ يُشْرَعُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ له القود وهو قوي. مَسْأَلَةٌ 12 قَوْلُهُ: وَمَنْ قُطِعَ طَرَفُهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بِحَالِهِ، وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ، ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وقيل بطهارته ففي ديته وجهان، انتهى.
وإن أبان سنا1 وضع محله والتحم ففي الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ م 13 وَلَوْ رَدَّ الْمُلْتَحِمُ الْجَانِي أُقَيِّدُ ثَانِيَةً فِي الْمَنْصُوصِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ فِي عَدَمِ عَوْدِهِ وَالْتِحَامِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ ادعى اندماله وموته بغير جرحه وأمكن قبل، ـــــــــــــــــــــــــــــQقُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ حُكُومَةٍ لَا دِيَتِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كَالْأَصْلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَتُهَا، ذَكَرَهُ فِي السِّنِّ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَنِي حُكْمُهَا عَلَى وُجُوبِ قَلْعِهَا، فَإِنْ وَجَبَ فَلَا شَيْءَ، وَإِلَّا اُحْتُمِلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا، وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَعَادَ السِّنَّ فَنَبَتَ ثُمَّ قَلَعَهُ آخَرُ غَرِمَ دِيَتَهَا وَقِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ الدِّيَةُ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 13 قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَانَ سِنًّا وَضَعَ مَحَلَّهُ وَالْتَحَمَ فَفِي الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ احْتِمَالَيْنِ، وَقَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5: فَأَمَّا إنْ جَعَلَ مَكَانَهَا سِنًّا أُخْرَى أَوْ سِنَّ حَيَوَانٍ أَوْ عَظْمًا فَنَبَتَ6 وَجَبَتْ دِيَتُهَا وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ قُلِعَتْ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَمْ تَجِبْ دِيَتُهَا، لَكِنْ تَجِبُ حُكُومَةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ شَيْءٌ، انْتَهَى. فَقَدَّمَا وُجُوبَ الْحُكُومَةِ. تَنْبِيهٌ: الِاحْتِمَالَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ تَتِمَّةِ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا، وَلَيْسَتَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.
وَسِرَايَةُ الْجِنَايَةِ كَهِيَ فِي الْقَوَدِ وَالدِّيَةُ فِي النَّفْسِ وَدُونَهَا، فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَالْقَوَدُ، وَكَذَا إنْ تَآكَلَتْ أُخْرَى وَسَقَطَتْ، أَوْ الْيَدُ مِنْ الْكُوعِ، وَإِنْ شُلَّتَا بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا لُغَةً فَأَرْشُهُمَا. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا قَوَدَ بِنَقْضِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ. وَسِرَايَةُ الْقَوَدِ هَدَرٌ، لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ، بِخِلَافِ قَسَمِ الْخَطَإِ، وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَسْأَلَةِ: اُقْتُلْنِي أَوْ اجْرَحْنِي، مَعَ تَحْرِيمِ الْإِذْنِ وَالْقَطْعِ، فَهُنَا أَوْلَى. فَإِنْ اقْتَصَّ قَهْرًا مَعَ حُرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ بِآلَةٍ كَالَّةٍ أَوْ مَسْمُومَةٍ وَنَحْوِهِ لَزِمَهُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: نِصْفُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَنْ لَهُ قَوَدٌ فِي نَفْسٍ وَطَرَفٍ فَقُطِعَ صَرْفُهُ فَسَرَى أَوْ صَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فَدَفَعَهُ دَفْعًا جَائِزًا فَقَتَلَهُ هَلْ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ؟ كَمَا يُجْزِئُ إطْعَامُ مُضْطَرٍّ مِنْ كَفَّارَةٍ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لَهُ وَكَذَا مَنْ دَخَلَ مَسْجِدًا فَصَلَّى قَضَاءً وَنَوَى كَفَاهُ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ. وَلَا دِيَةَ لِجُرْحٍ قَبْلَ بُرْئِهِ فَلْيَسْتَقِرَّ بِهِ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَوْ قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْحَالِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَبَعْدَهُ، لَا الْقَوَدُ قَبْلَهُ. وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرُوحٍ عَلَى الدِّيَةِ فَعَفَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى الدِّيَةِ وَأَحَبَّ أَخْذِ الْمَالِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَقِيلَ: يَأْخُذُ دِيَةً، لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ، وَقِيلَ: لَا، لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ م 14. ويحرم الْقَوَدُ قَبْلَ بُرْئِهِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ فَعَلَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14 قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرْحٍ عَلَى الدِّيَةِ فَعَفَا عَنْ الْقَوَدِ إلَى الدِّيَةِ، وَأَحَبَّ أخذ المال قبل الاندمال فقيل: يأخذ دية، لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ، وَقِيلَ: لَا، لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَأْخُذُ دِيَةً، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَاحْتِمَالُ جروح تطرأ الأصل عدمها. والقول
بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ سِرَايَةِ الْجِنَايَةِ، فَسِرَايَتُهَا1 بَعْدَ ذَلِكَ هَدَرٌ، قَالَ أَحْمَدُ لِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَهُ الْعَفْوُ بِالْقِصَاصِ. وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِخَبَرٍ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2، وَبِأَنَّهُ تَعَجَّلَ حَقَّهُ، كَقَتْلِ مَوْرُوثِهِ. وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فَوَضَعُوا حَدِيدَةً عَلَى طَرَفِهِ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى بَانَ فَالْقَوَدُ كَالنُّفُوسِ، وَفِي الِانْتِصَارِ: لَوْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَقْطَعُ يَدًا حَنِثَ، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ إنَّ كُلًّا مِنْهُمْ قَاطِعٌ لِجَمِيعِ الْيَدِ، سَلَّمْنَا، لَكِنْ تُقْطَعُ يَدُهُ، لِأَنَّهُ قَطَعَ بَعْضَهَا وَأَعَانَ عَلَى الْبَاقِي، أَوْ يُقْطَعُ بَعْضُهَا قَوَدًا وَالْبَاقِي مُؤْنَةٌ، ضَرُورَةَ اسْتِيفَاءِ الْوَاجِبِ، وَعَنْهُ: لَا قَوَدَ، كَمَا لَوْ تَمَيَّزَتْ أفعالهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: لَا يَأْخُذُهَا، لِمَا عَلَّلَهَا بِهِ الْمُصَنِّفُ. فَهَذِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب استيفاء القود
باب استيفاء القود مدخل ... باب استيفاء القود وله شروط: أحدهما: كَوْنُ مُسْتَحِقِّهِ مُكَلَّفًا، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مجنونا حبس الجاني إلى البلوغ و1الْإِفَاقَةِ. فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ فَهَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَنَصُّهُ: يَعْفُو فِي مجنون لا صبي، وعنه: لأب- وعنه: ووصي، و2حاكم- ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا مُحْتَاجَيْنِ فَهَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَنَصُّهُ: يَعْفُو فِي مَجْنُونٍ لَا صَبِيٍّ، انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالُ وَجْهَيْنِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ3، وَأُطْلِقَ الْخِلَافُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ والبلغة وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: لَهُ الْعَفْوُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمَنْصُوصُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ، وأطلقهن في المحرر.
اسيفاؤه لَهُمَا فِي نَفْسٍ وَدُونَهَا، فَيَعْفُو إلَى الدِّيَةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَتَلَا قَاتِلَ أَبِيهِمَا أَوْ قطعا قاطعهما قهرا، وسقط حَقُّهُمَا، كَمَا لَوْ اقْتَصَّا مِمَّنْ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ، وَقِيلَ: لَا تَسْقُطُ وَلَهُمَا الدِّيَةُ، وَجِنَايَتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وعيون المسائل. الشَّرْطُ الثَّانِي: اتِّفَاقُ الْمُشْتَرَكِينَ فِيهِ1 عَلَى اسْتِيفَائِهِ، وَيُنْتَظَرُ قُدُومُ غَائِبٍ وَبُلُوغٌ وَإِفَاقَةٌ، كَدِيَةٍ، وَكَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ، بِخِلَافِ مُحَارَبَةٍ، لِتَحَتُّمِهِ، وَحَدِّ قَذْفٍ لِوُجُوبِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا، وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: وَلَا يَلْزَمُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصُّ وَلَا يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصِّغَارِ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ، وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْإِمَامِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ لَا بِحُكْمِ الْأَدَبِ قَالَ الْأَصْحَابُ: وَإِنَّمَا قَتَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ابْنَ مُلْجِمٍ حَدًّا لِكُفْرِهِ2، لِأَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ إبَاحَةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَافِرٌ، وَقِيلَ: لِسَعْيِهِ بِالْفَسَادِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَنْتَظِرْ الْحَسَنُ غَائِبًا مِنْ الْوَرَثَةِ، وَعَنْهُ: لِشَرِيكٍ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ الِانْفِرَادُ بِهِ، وَإِنْ مَاتَا فَوَارِثُهُمَا3 كَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي مُوسَى4: تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِهِ مَنْ مَنَعْنَاهُ عُزِّرَ فَقَطْ، وَحَقُّ شُرَكَائِهِ فِي تَرِكَةِ الْجَانِي، وَيَأْخُذُ وَارِثُهُ مِنْ الْمُقْتَصِّ الزَّائِدَ عَنْ حَقِّهِ، وَقِيلَ: حَقُّ شُرَكَائِهِ عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ عَنْ الجاني. وفي الواضح احتمال: يسقط ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَقُّهُمْ، عَلَى رِوَايَةِ وُجُوبِ الْقَوَدِ عَيْنًا، وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِعَفْوِ شَرِيكٍ عَنْهُ، وَبِشَهَادَتِهِ وَلَوْ مَعَ فِسْقِهِ بِعَفْوِهِ لِكَوْنِهِ أَقَرَّ بِأَنَّ نَصِيبَهُ سَقَطَ مِنْ الْقَوَدِ، وَحَقُّ الْبَاقِينَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ عَفَا أَحَدُهُمْ فَلِلْبَقِيَّةِ الدِّيَةُ، وَهَلْ يَلْزَمُهُ حَقُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ قَتَلُوهُ عَالِمِينَ بِالْعَفْوِ وَبِسُقُوطِ الْقَوَدِ بِهِ لَزِمَهُمْ الْقَوَدُ وَإِلَّا الدِّيَةُ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْعَافِي قُتِلَ وَلَوْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ أَوْ جَوَازَهُ. وَيَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَوَدَ بِقَدْرِ إرْثِهِ مِنْ مَالِهِ، وَعَنْهُ: يَخْتَصُّ الْعَصَبَةُ، ذَكَرَهَا ابْنُ الْبَنَّاءِ، وَخَرَّجَهَا شَيْخُنَا وَاخْتَارَهَا. وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً أَمْ ينتقل عن موروثه؟ فيه روايتان م 2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 قَوْلُهُ: وَهَلْ يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً أَوْ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْرُوثِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي بِذَلِكَ الْقَوَدَ هَلْ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ ابْتِدَاءً أَمْ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْرُوثِهِ؟ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَةَ بَعْدَ الْمِائَةِ: حَكَى ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي الْإِقْنَاعِ رِوَايَتَيْنِ فِي الْقِصَاصِ، هَلْ هُوَ وَاجِبٌ لِلْوَارِثَةِ ابْتِدَاءً أَوْ مَوْرُوثٌ عَنْ الْمَيِّتِ؟ انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً، لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَنْتَقِلُ الِاسْتِحْقَاقُ إلَيْهِمْ عَنْ مَوْرُوثِهِمْ. قُلْت: قَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ رِوَايَتَيْنِ فِي دِيَةِ الْمَقْتُولِ، هَلْ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ تَجِبُ بِالْمَوْتِ؟ أَوْ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ سَبَبَهَا وُجِدَ فِي حَيَاتِهِ وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ مِيرَاثٌ1، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ في الخلاصة وتصحيح المقنع2،
ومن لا وارث له فوليه الْإِمَامُ لَهُ الْقَوَدُ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ، وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ، لِأَنَّ بِنَا حَاجَةً إلَى عِصْمَةِ الدِّمَاءِ، فَلَوْ لَمْ يُقْتَلْ لَقَتَلَ كُلُّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ، قَالَا: وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ وَجْهَانِ، كَوَالِدٍ لِوَلَدِهِ وَالْأَشْهَرُ وَالِدَيْهِ، وَقِيلَ: وَعَفْوُهُ مَجَّانًا. الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يُؤْمِنَ فِي الِاسْتِيفَاءِ أَنْ يَتَعَدَّى الْجَانِي، فَلَوْ لَزِمَ الْقَوَدُ حَامِلًا أَوْ حَائِلًا فَحَمَلَتْ لَمْ تُقْتَلْ حَتَّى تَضَعَ وَتَسْقِيَهُ اللِّبَأَ، ثُمَّ إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُلْزَمُ بِرَضَاعِهِ بِأُجْرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَحَتَّى تَفْطِمَهُ لِحَوْلَيْنِ وَفِي الْمُغْنِي1: لَهُ الْقَوَدُ إنْ سُقِيَ لَبَنُ شَاةٍ، وَتُقَادُ فِي طَرَفِهَا بِالْوَضْعِ. وَفِي الْمُغْنِي2: وَسَقْيِ اللِّبَأِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَيَفْرُغُ نِفَاسُهَا. وَفِي الْبُلْغَةِ: هِيَ فِيهِ كَمَرِيضٍ، وَأَنَّهُ إنْ تَأَثَّرَ لَبَنُهَا بِالْجَلْدِ وَلَا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ، فَكَذَا يَكُونُ الْقَوَدُ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا: لَوْ عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ قَاتِلِهِ بَعْدَ الْجُرْحِ صَحَّ، وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ منجا وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ: صَحَّ عَفْوُهُ عَنْهُ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ، فَهُوَ كَمَالِهِ، انْتَهَى. إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوَدَ انْتَقَلَ عَنْ الْمَقْتُولِ إلَى الْوَارِثِ كَالدِّيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ تَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا بِصِحَّةِ عَفْوِ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقَاتِلِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ تِلْكَ وَبَيْنَ هَذِهِ المسألة فرق مؤثر. والله أعلم.
مُرْضِعَ آخَرُ، وَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ كَالْقَوَدِ. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي تَأْخِيرَ الرَّجْمِ حَتَّى تَفْطِمَهُ. وَقِيلَ: يَجِبُ. نَقَلَ الْجَمَاعَةُ: تُتْرَكُ حَتَّى تَفْطِمَهُ. وَلَا تُحْبَسُ لِحَدٍّ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، بَلْ لِقَوَدٍ وَلَوْ مَعَ غَيْبَةِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، لَا فِي مَالِ غَائِبٍ. فَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا حُبِسَتْ حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهَا، وَقِيلَ: "1يُقْبَلُ قَوْلُهَا1" بِامْرَأَةٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي التَّرْغِيبِ: لَا قَوَدَ مِنْ مَنْكُوحَةٍ مُخَالِطَةٍ لِزَوْجِهَا، وَفِي حَالَةِ الظِّهَارِ احْتِمَالَانِ م 3. وَيَضْمَنُ مقتص من حامل جنينها، واختار الشَّيْخُ إنْ عَلِمَهُ وَحْدَهُ، وَقِيلَ حَاكِمٌ مَكَّنَهُ إنْ عِلْمًا أَوْ جَهْلًا، وَإِلَّا مِنْ عِلْمٍ، وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ حَدَثَ قَبْلَ الْوَضْعِ. وَفِي الْمُذْهَبِ فِي ضَمَانِهَا وَجْهَانِ. وَيَحْرُمُ اسْتِيفَاءُ قَوَدٍ إلَّا بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ، وَفِي النَّفْسِ احْتِمَالٌ، وَاخْتَارَهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3 قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَتْ حَمْلًا حُبِسَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا، وَقِيلَ: تُقْبَلُ بِامْرَأَةٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي التَّرْغِيبِ: لَا قَوَدَ مِنْ مَنْكُوحَةٍ مُخَالِطَةٍ لزوجها. وفي حالة الظهار احتمالان، انتهى. قُلْت: الَّذِي يَقْوَى أَنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ الْمُخَالِطَةِ لِزَوْجِهَا. والله أعلم.
شَيْخُنَا وَيَقَعُ الْمَوْقِعَ، وَلَهُ تَعْزِيرُهُ، وَفِي الْمُغْنِي1: يُعَزِّرُهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يُعَزِّرُهُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ كَالْمَالِ، نَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَعَدَا بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ قَالَ: هَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، مَا لِلْحَاكِمِ هُنَا؟ وَآلَةٍ مَاضِيَةٍ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلِيُّهُ وَأَحْسَنُهُ بَاشَرَ أَوْ وَكَّلَ. وَقِيلَ: لَا يُبَاشِرُ فِي طَرَفٍ، وَقِيلَ: يُوَكِّلُ فِيهِمَا، كَجَهْلِهِ، فَإِنْ احْتَاجَ إلَى أُجْرَةٍ فَمِنْ الْجَانِي كَحَدٍّ، وَقِيلَ: مِنْهُ، وَإِنْ تَشَاحَّ جَمَاعَةٌ فِي مُبَاشَرَتِهِ أُقْرِعَ، وَقِيلَ: يُعَيِّنُ إمَامٌ. فَإِنْ اقْتَصَّ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ فَفِي جَوَازِهِ برضا ولي وجهان، وصحح في الترغيب: لا يَقَعُ قَوَدًا. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَقَعُ، وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ م 4. قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ حَدَّ زِنًا أَوْ قَذْفٍ عَلَى نَفْسِهِ بِإِذْنٍ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: فَإِنْ اقْتَصَّ جَانٍ مِنْ نَفْسِهِ ففي جوازه برضا ولي وجهان، وصحح في التَّرْغِيبِ: لَا يَقَعُ قَوَدًا. وَفِي الْبُلْغَةِ يَقَعُ، وَفِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ، صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وهو ظاهر كلامه في المغني2 والشرح3.
يسقط، بخلاف قطع سرقة. وَلَهُ أَنْ يَخْتِنَ نَفْسَهُ إنْ قَوِيَ وَأُحَسِّنُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةٍ، لِفَوَاتِ الرَّدْعِ. وَقَالَ الْقَاضِي: عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْقَطْعَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا اضْطَرَبَتْ يَدُهُ فَجَنَى عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْ الْقَاضِي عَلَى جَوَازِهِ إذْنًا، وَيُتَوَجَّهُ اعْتِبَارُهُ، وَهُوَ مُرَادُ الْقَاضِي، وَهَلْ يَقَعُ الْمَوْقِعَ؟ يُتَوَجَّهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْقَوَدِ، وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالُ تَخْرِيجٍ فِي حَدِّ زِنًا وَقَذْفٍ وَشُرْبٍ، كَحَدِّ سَرِقَةٍ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ فِي الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَهُوَ قَطْعُ الْعُضْوِ الْوَاجِبِ قَطْعُهُ، وَعَدَمُ حُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ بِجَلْدِهِ نَفْسَهُ، وَقَدْ يُقَالُ بِحُصُولِ الرَّدْعِ وَالزَّجْرِ لِحُصُولِ الْأَلَمِ وَالتَّأَذِّي بِذَلِكَ. وَلَا يُسْتَوْفَى قَوَدٌ فِي النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ الْأَصْحَابُ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِمُحَرَّمٍ فِي نَفْسِهِ، كَلِوَاطٍ وَتَجْرِيعِ خَمْرٍ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ فِي قَوَدٍ: وَحَقُّ اللَّهِ لَا يَجُوزُ فِي النَّفْسِ إلَّا بِسَيْفٍ، لِأَنَّهُ أَوْحَى1، لَا بِسِكِّينٍ وَلَا فِي طَرَفٍ إلَّا بِهَا لِئَلَّا يَحِيفَ وَأَنَّ الرَّجْمَ بِحَجَرٍ لَا يَجُوزُ بِسَيْفٍ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ كَفِعْلِهِ وَقَتْلِهِ بِسَيْفٍ، اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: أَوْ الدية بغير رضاه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ عَفَا وَقَدْ قُطِعَ مَا يَلْزَمُ بِهِ فَوْقَ دِيَةٍ فَفِي لُزُومِهِ الزَّائِدَ احْتِمَالَانِ م 5 وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَةً يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ، اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَعَنْهُ: يُفْعَلُ بِهِ كَفِعْلِهِ إنْ كَانَ فِعْلُهُ مُوجِبًا، وَعَنْهُ: أَوْ مُوجِبًا لِقَوَدِ طَرَفِهِ لَوْ انْفَرَدَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ فَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ فِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ م 6 قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فَائِدَتُهُ لَوْ عَفَا عَنْ النَّفْسِ سَقَطَ الْقَوَدُ في الطرف، لأن قطع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا وَقَدْ قُطِعَ مَا يَلْزَمُ بِهِ فَوْقَ دِيَةٍ فَفِي لُزُومِ الزَّائِدِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالزَّرْكَشِيِّ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُ الزَّائِدُ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَلْزَمُ. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا: لَا يُسْتَوْفَى الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ إلَّا بِالسَّيْفِ لَوْ فَعَلَ يَعْنِي بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ، وَأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ طَرَفَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ الْبُرْءِ فَفِي دُخُولِ قَوَدِ طَرَفِهِ فِي قَوَدِ نَفْسِهِ كَدُخُولِهِ فِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. إحْدَاهُمَا: يَدْخُلُ قَوَدُ الطَّرَفِ فِي قَوَدِ النَّفْسِ، وَيَكْفِي قَتْلُهُ، صَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَدْخُلُ، فَلَهُ قَطْعُ طَرَفِهِ ثم قتله قلت هو الصواب.
السِّرَايَةِ كَانْدِمَالِهِ، وَإِنْ فَعَلَ بِهِ الْوَلِيُّ، كفعله لم يضمنه. وَإِنْ زَادَ أَوْ تَعَدَّى بِقَطْعِ طَرَفِهِ فَلَا قَوَدَ، وَيَضْمَنُهُ بِدِيَتِهِ عَفَا عَنْهُ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَسْرِ الْقَطْعُ، وَجَزَمُوا بِهِ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ وَقَالُوا: أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، أَوْ يَقْتُلُهُ. وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَقِيلَ: كَقَطْعِ يَدِهِ، وَقِيلَ: دِيَةُ رِجْلِهِ م 7، وَإِنْ ظَنَّ وَلِيُّ دَمٍ أَنَّهُ اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ فَلَمْ يَكُنْ وَدَاوَاهُ أَهْلُهُ حَتَّى بَرَأَ، فَإِنْ شَاءَ الْوَلِيُّ دَفَعَ إلَيْهِ دِيَةَ فِعْلِهِ وَقَتْلِهِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، هَذَا رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَيَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنهم، ذكره أحمد. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ قَطَعَ يَدَهُ فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَقِيلَ: كَقَطْعِ يَدِهِ، وَقِيلَ: دِيَةُ رِجْلِهِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَجِبُ دِيَةُ رِجْلِهِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، لَا قَطْعُ مَا لَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ. وَالْقَوْلُ الثاني: هو كقطع يده فيجزئ.
فصل وإن قتل أو قطع واحد جماعة في وقت أو أكثر
فَصْلٌ وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فِي وَقْتٍ أَوْ أَكْثَرَ فَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِالْقَوَدِ اكتفاء أقيد، وإن طلب كل ولي قتله عَلَى الْكَمَالِ فَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ، وَقِيلَ: بِالسَّبْقِ، وَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ، كَمَا لَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ، فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ، وَقِيلَ: يُقَادُ
لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مَعَ الْمَعِيَّةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ كُلُّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ م 8 قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ أن يجبر لَهُ بَاقِي حَقِّهِ بِالدِّيَةِ، وَيُتَخَرَّجُ: يُقْتَلُ بِهِمْ فَقَطْ، عَلَى رِوَايَةِ يَجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ كَفَقِيرٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهُ كَخَطَإٍ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُحَارَبَةَ كَمَسْأَلَتِنَا، لِتَغْلِيبِ الْقَوَدِ فِيهَا، لِعَدَمِ وُجُوبِهِ بِقَتْلِهِ غَيْرَ مُكَافِئِهِ، وفيه: هي لله، بدليل ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ جَمَاعَةً فَرَضِيَ الْأَوْلِيَاءُ بِالْقَوَدِ اكْتِفَاءٍ أُقِيدَ، وَإِنْ طَلَبَ كُلُّ وَلِيٍّ قَتْلَهُ عَلَى الْكَمَالِ فَقِيلَ: بالقرعة، وقيل: بالسبق، وَقِيلَ: يُقَادُ لِلْكُلِّ اكْتِفَاءً مَعَ الْمَعِيَّةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: إذَا طَلَبُوا الْقَوَدَ فَفِي رِضَى كُلِّ وَاحِدٍ بِجُزْءٍ مِنْهُ، وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْأَوَّلَيْنِ الزَّرْكَشِيّ. أَحَدُهُمَا: الِاعْتِبَارُ بِالسَّبْقِ فَيُقَادُ للأول، وهو الصحيح، وبه قطع الخرقي والشيخ في الكافي1 والمقنع2 والشارح، وابن منجا فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي3: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ قَتَلَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَقْيَسُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصغير.
الْعَفْوِ، فَيَتَدَاخَلُ، وَلَوْ بَادَرَ بَعْضُهُمْ فَاقْتَصَّ بِجِنَايَتِهِ فَلِمَنْ بَقِيَ الدِّيَةُ عَلَى جَانٍ، وَفِي كِتَابِ الآدمي1 الْبَغْدَادِيِّ: وَيَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الْمُقْتَصِّ، وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ وَابْنُ رَزِينٍ: عَلَى قَاتِلِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِي تَيَمُّمِ مَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا مَاءً لِبَعْضِ بَدَنِهِ. لَوْ قَطَعَ يَمِينَيْ رَجُلَيْنِ فَقُطِعَتْ يَمِينُهُ لَهُمَا أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ دِيَةِ الْيَدِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، فَيُجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَبَعْضِ الْمُبْدَلِ، وَمَنْ رَضِيَ بِالدِّيَةِ أَخَذَهَا، وَلِمَنْ بَقِيَ الْقَوَدُ، وَيُقَدَّمُ قَوَدُ الطَّرَفِ عَلَى النَّفْسِ، وَلَا قَوَدَ فِيهِمَا حَتَّى يَنْدَمِلَ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ قَتَلَ رَجُلًا وَقَطَعَ يَدَ آخَرَ قُطِعَ ثُمَّ قُتِلَ، وَلَا يَذْهَبُ الْحَقُّ لِهَذَا إذَا كَانَ حَيًّا، وَإِنْ قُتِلَ فَهِيَ نَفْسُهُ لَيْسَ هُنَا شَيْءٌ غيرها. وَإِنْ قَطَعَ يَدَ وَاحِدٍ وَأُصْبُعَ آخَرَ قُدِّمَ رَبُّ الْيَدِ إنْ كَانَ أَوَّلًا، وَلِلْآخَرِ دِيَةُ أُصْبُعِهِ، وَمَعَ أَوَّلِيَّتِهِ يُقْتَصُّ، ثُمَّ رَبُّ الْيَدِ، فَفِي أَخْذِهِ دِيَةَ الْإِصْبَعِ الْخِلَافُ، وَإِنْ قَطَعَ يَسَارَ جَانٍ مَنْ لَهُ قَوَدٌ فِي يَمِينِهِ بِهَا2 بِتَرَاضِيهِمَا أَوْ قَالَ لَهُ أَخْرِجْ يَمِينَك فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَطًا أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تُجْزِئُ أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ، وَعِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ لَا تُجْزِئُ، وَتُضْمَنُ بِالدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا عَمْدًا لَا بَدَلًا عَنْ يَمِينِهِ فَتُهْدَرُ وَلَهُ قَطْعُ يَمِينِهِ بَعْدَ بُرْءِ الْيَسَارِ إلَّا مَعَ تَرَاضِيهِمَا، فَفِي سُقُوطِهِ إلَى الدِّيَةِ وَجْهَانِ م 9. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَلَهُ قَطْعُ يَمِينِهِ بَعْدَ بُرْءِ اليسار إلا مع تراضيهما ففي سقوطه
وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ مَجْنُونًا يَلْزَمُ قَاطِعَ يَسَارِهِ الْقَوَدُ إنْ عَلِمَهَا وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا: فَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ دُهِشَ اُقْتُصَّ مِنْ يَسَارِ الْقَاطِعِ، لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّثَبُّتِ. وَقَالَ: إنْ قَطَعَهَا1 ظُلْمًا عَالِمًا عَمْدًا فَالْقَوَدُ، وَقِيلَ: الدِّيَةُ، وَيُقْتَصُّ مِنْ يُمْنَاهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَى الدِّيَةِ وَجْهَانِ، انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُطِعَ يَسَارَ جَانٍ "2مَنْ لَهُ2" قَوَدٌ فِي يَمِينِهِ لا3 بِتَرَاضِيهِمَا وَقُلْنَا: لَا تُجْزِئُ. أَحَدُهُمَا: يَسْقُطُ إلَى الدِّيَةِ4 قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، فَكَأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ قَطْعِ الْيَمِينِ، وَإِذَا لَمْ تُجْزِ أُخِذَتْ الدِّيَةُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْقُطُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
باب العفو عن القود
باب العفو عن القود مدخل ... باب العفو عن القود يَجِبُ بِالْعَمْدِ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ، فَيُخَيَّرُ الْوَلِيُّ بَيْنَهُمَا، وَعَفْوُهُ مَجَّانًا أَفْضَلُ، ثُمَّ لَا عُقُوبَةَ عَلَى جَانٍ، لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَقَدْ سَقَطَ، كَعَفْوٍ عَنْ دِيَةِ قَاتِلٍ خَطَأً، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي قَوْلٌ فِي تَعْزِيرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: الْعَدْلُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ الْغَايَةُ، وَهُوَ الْعَدْلُ بَيْنَ النَّاسِ. وَالثَّانِي مَا يَكُونُ الْإِحْسَانُ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَهُوَ عَدْلُ الْإِنْسَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ فِي الدَّمِ1 وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ، فَإِنَّ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ عَدْلٌ، وَالْعَفْوَ إحْسَانٌ، وَالْإِحْسَانُ هُنَا أَفْضَلُ، لَكِنَّ هَذَا الْإِحْسَانَ لَا يَكُونُ إحْسَانًا إلَّا بَعْدَ الْعَدْلِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِالْعَفْوِ ضَرَرٌ، فَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ ضَرَرٌ كَانَ ظُلْمًا مِنْ الْعَافِي، إمَّا لِنَفْسِهِ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ، فَلَا يُشْرَعُ، وَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي آخِرِ الْمُحَارِبِينَ2، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَإِنْ اخْتَارَ الْقَوَدَ أَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ فَلَهُ أَخْذُهَا وَالصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي غَيْرِ الصُّلْحِ: لَا يَجِبُ شَيْءٌ، كَطَلَاقِ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ فَوْقَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ لَهُ فِي الِانْتِصَارِ. لَوْ كَانَ الْمَالُ بدل النفس في العمد لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، فَقَالَ: كَذَا نَقُولُ عَلَى رِوَايَةٍ يَجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَإِنْ اخْتَارَ الدِّيَةَ تَعَيَّنَتْ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخَذَ الدِّيَةَ فَقَدْ عَفَا عَنْ الدَّمِ، فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهَا قُتِلَ بِهِ، وَعَنْهُ: يَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا، وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ، وَعَنْهُ: بِرِضَا الْجَانِي، فَقَوَدُهُ بَاقٍ، وَلَهُ الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ. وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا أَوْ عَلَى غَيْرِ مَالٍ أَوْ عَنْ الْقَوَدِ مُطْلَقًا وَلَوْ عَنْ يَدِهِ فَلَهُ الدِّيَةُ، عَلَى الْأَصَحِّ، عَلَى الْأُولَى خَاصَّةً، وَإِنْ هَلَكَ الْجَانِي تَعَيَّنَتْ فِي مَالِهِ، كَتَعَذُّرِهِ فِي طَرَفِهِ، وَقِيلَ: تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ، وَعَنْهُ: إنْ قُتِلَ فَلِوَلِيِّ الْأَوَّلِ قَتْلُ قَاتِلِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ1، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ، كَالْقَتْلِ2 فِي مُكَابَرَةٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا فِي قَاتِلِ الْأَئِمَّةِ: يُقْتَلُ حَدًّا، لِأَنَّ فَسَادَهُ عَامٌّ أَعْظَمُ مِنْ مُحَارِبٍ. وَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ عَنْ قَوَدٍ فِي طَرَفٍ ثُمَّ قَتَلَهُ الْجَانِي قَبْلَ الْبُرْءِ فَالْقَوَدُ فِي النَّفْسِ أَوْ دِيَتُهَا، وَعِنْدَ الْقَاضِي: تَتِمَّةُ الدِّيَةِ. وَإِنْ قَالَ: لِمَنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ: عَفَوْت عَنْ جِنَايَتِك أَوْ عَنْك، بَرِئَ مِنْ الدِّيَةِ، كَالْقَوَدِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنْ قَصَدَهَا، وَقِيلَ: إنْ ادَّعَى قَصْدَ الْقَوَدِ فقط قبل وإلا برئ. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّرْغِيبِ: إنْ قُلْنَا مُوجِبُهُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ بَقِيَتْ الدِّيَةُ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَإِنْ عَفَا مَجْرُوحٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً صَحَّ، كَعَفْوِ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَعَنْهُ: فِي الْقَوَدِ إنْ كَانَ الْجُرْحُ لَا قَوَدَ فِيهِ لَوْ بَرَأَ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ عَنْ الدِّيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ لَا الْوَصِيَّةِ، وَفِيهِ يُخَرِّجُ فِي السِّرَايَةِ فِي النَّفْسِ رِوَايَاتٍ: الصِّحَّةُ، وَعَدَمُهَا، وَالثَّالِثَةُ: يَجِبُ النِّصْفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الْعَفْوِ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ، وَيَبْقَى مَا قَابَلَ السِّرَايَةَ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ. قَالَ: وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي مُوسَى إلَى صِحَّتِهِ فِي الْعَمْدِ، وَفِي الْخَطَإِ "1من ثلثه1"، فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَ: عَفَوْت عَنْ هَذَا الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبَةِ، فَعَنْهُ: يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا مِنْ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَقُلْ، وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا2 كَعَفْوِهِ عَلَى مَالٍ، وَعَنْهُ لَا، كَعَفْوِهِ عن الجناية م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 1: قوله: فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ هَذَا الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبَةِ، فَعَنْهُ: يَضْمَنُ السِّرَايَةَ بِقِسْطِهَا مِنْ الدِّيَةِ إنْ لَمْ يَقُلْ، وَمَا يَحْدُثُ كَعَفْوِهِ عَلَى مَالٍ، وَعَنْهُ: لَا، كَعَفْوِهِ عَنْ الجناية، انتهى. يعني إذا عفا المجروح عمدا أو خطأ وقلنا يصح وأطلقهما في المحرر. إحداهما: يضمن السراية بقسطها من الدية والحالة هذه قلت: وهو الصواب، لأن إرادة العفو عما يحدث مشكوك فيه، والأصل عدم الإرادة. والرواية الثانية: لا يضمن السراية، قدمه في الرعايتين والحاوي الصغير.
وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ عَلَى الْأَوْلَى وَجْهَانِ م 2 وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي عَفَوْت إلَى مَالٍ أَوْ دُونَ سِرَايَتِهَا، وَيَصِحُّ مِنْ مَجْرُوحٍ: أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي وَنَحْوِهِ مُعَلَّقًا بِمَوْتِهِ، فَلَوْ بَرَأَ بَقِيَ حَقُّهُ، بِخِلَافِ: عَفَوْت عَنْك وَنَحْوُهُ. ولا يصح عفوه مجانا1 عَنْ قَوَدِ شَجَّةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا، وَمَنْ صح عفوه فَإِنْ أَوْجَبَ الْجُرْحُ مَالًا عَيْنًا فَكَوَصِيَّةٍ، وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ ثُلُثِهِ، عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَتَعَيَّنْ قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَلِذَلِكَ صَحَّ عَفْوُ الْمُفْلِسِ مَجَّانًا، مَعَ أَنَّهُ هُوَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَجَمَاعَةٌ لَمْ يُصَحِّحُوهُ إنْ قِيلَ يَجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ. وَإِنْ أَبْرَأَ عَبْدًا مِنْ جِنَايَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِرَقَبَتِهِ لَمْ يَصِحَّ، فِي الْأَصَحِّ، كَحُرٍّ جِنَايَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَيَصِحُّ إبْرَاءُ عَاقِلَتِهِ إنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِلْمَقْتُولِ، كإبراء ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 2: قوله: وَإِنْ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ الْجُرْحَ فَفِيهِ عَلَى الْأَوْلَى وجهان، انتهى. "3الوجه الأول: يقبل قوله3" قال في المحرر: فلو قال عفوت عن هذه الجناية فلا شيء في السراية، رواية واحدة، لا إذا قال: أردت بالجناية الجراحة نفسها دون سرايتها، وقلنا بالرواية الثانية في التي قبلها فإنه يقبل منه مع يمينه، وقيل: لا يقبل، انتهى. فقدم قبول قوله، وقدمه أيضا في النظم، وصححه فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثاني: لا يقبل قوله. فهاتان مسألتان في هذا الباب.
سَيِّدٍ، كَعَفْوِهِ عَنْهَا وَلَمْ يُسَمِّ الْمُبْرَأَ. وَإِنْ وَكَّلَ فِي قَوَدٍ ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ وَكِيلُهُ ولم يعلم فلا شيء عليهما، وقيل: يضمنها1، وَالْقَرَارُ عَلَى الْعَافِي، وَقِيلَ: الضَّمَانُ عَلَى الْوَكِيلِ حَالًا، وَقِيلَ: عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَعَلَيْهِمَا إنْ كَانَ عَفَا إلَى الدِّيَةِ فَهِيَ لِلْعَافِي عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قَوَدٌ أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ فَلَهُ طَلَبُهُ وَإِسْقَاطُهُ، فَإِنْ مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ. وَاَللَّهُ أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الديات
كتاب الديات مدخل * ... كِتَابُ الدِّيَاتِ كُلُّ مَنْ أَتْلَفَ إنْسَانًا بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ، فَإِذَا أَلْقَى عَلَيْهِ أَفْعَى، أَوْ أَلْقَاهُ عَلَيْهَا، أَوْ طَلَبَهُ بِسَيْفٍ مُجَرَّدٍ وَنَحْوِهِ، فَهَرَبَ فَتَلِفَ فِي هَرَبِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعِنْدِي مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ1 إلْقَاءَ نَفْسِهِ مَعَ الْقَطْعِ بِتَلَفِهِ، لِأَنَّهُ كَمُبَاشِرٍ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ أَوْ رَوَّعَهُ بِأَنْ شَهَرَهُ فِي وَجْهِهِ، أَوْ دَلَّاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَمَاتَ، أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهُ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا مُحَرَّمًا، أَوْ وَضَعَ حَجَرًا، أَوْ قِشْرَ بِطِّيخٍ أَوْ صَبَّ مَاءً فِي فِنَائِهِ، أَوْ طَرِيقٍ2، فَتَلِفَ بِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. أَوْ رَمَى مِنْ مَنْزِلِهِ حَجَرًا أَوْ غَيْرَهُ، أَوْ حَمَلَ بِيَدِهِ رُمْحًا جَعَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ، لَا قَائِمًا فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ يَمْشِي. لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، فَأَتْلَفَ إنْسَانًا، أَوْ وَقَعَ عَلَى نَائِمٍ بِفِنَاءِ جِدَارٍ فَتَلِفَ بِهِ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ الْأَخِيرَةَ فِي الرَّوْضَةِ لَزِمَتْهُ دِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْوَاقِعُ فَهَدَرٌ، لِعَدَمِ تَعَدِّي النَّائِمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ رَشَّهُ لِيُسْكِنَ الغبار فمصلحة عامة، كحفر بئر في3 سابلة، فِيهِ رِوَايَتَانِ م 1 نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ ألقى ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ رَشَّهُ لِيَسْكُنَ الغبار فمصلحة عامة كحفر بئر في سابلة، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ يَعْنِي فِي الضَّمَانِ بِحَفْرِ ذَلِكَ. قُلْت: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الضَّمَانِ، وَقَدْ قدم المصنف ذلك في باب الغصب4 فَقَالَ: وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي سَابِلَةٍ لِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا ضَرَرَ لَمْ يَضْمَنْ مَا تَلِفَ به، وعنه:
كيسه فيه دراهم فَكَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ، وَأَنَّ كُلَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا فِيهَا لَيْسَ مَنْفَعَةٌ ضَمِنَ، وَإِنْ بَالَتْ فِيهَا دَابَّةُ رَاكِبٍ وَقَائِدٍ وَسَائِقٍ ضَمِنَهُ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ: لَا كَمَنْ سَلَّمَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَمْسَكَ يَدَهُ فَمَاتَ وَنَحْوُهُ، لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِ. وَإِنْ كَانَ واضع الحجر آخر فعثر به إنسان فوقع فِي الْبِئْرِ فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَعَنْهُ: يحال على الأول، وهو1 أشهر فضمانه على الْوَاضِعِ، كَالدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقَتْلَ عَادَةً لِمُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ مُكْرَهٍ وَعَنْهُ: عَلَيْهِمَا م 2 فَيَخْرُجُ مِنْهُ ضَمَانُ الْمُتَسَبِّبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَجَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ كَقَاتِلٍ وَمُمْسِكٍ، وَإِنْ تعدى أحدهما: خص به. وإن أعمق ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، وَعَنْهُ: يَضْمَنُ مُطْلَقًا، انْتَهَى. وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ هُنَاكَ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ هُنَا حِكَايَةَ الْخِلَافِ لَا إطْلَاقَهُ، أَوْ يَكُونَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَاضِعُ الْحَجَرِ آخر فعثر به إنسان فوقع في البئر فَقَدْ اجْتَمَعَ سَبَبَانِ مُخْتَلِفَانِ، فَعَنْهُ: يُحَالُ عَلَى الأول وهو أشهر، فضمانه على الواضع،....
بِئْرًا قَصِيرَةً ضَمِنَا التَّالِفَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَلِفَ أجير لحفر بئر بها فهدر، وكذا ـــــــــــــــــــــــــــــQوعنه: عليهما، انتهى. ما قال1: إنَّهُ أَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَعْلُومٌ. والله أعلم.
إنْ دَعَا مَنْ يَحْفِرُ لَهُ بِدَارِهٍ أَوْ بِمَعْدِنٍ فَمَاتَ بِهَدْمٍ لَمْ يَلْقَهُ أَحَدٌ، نَقَلَهُ حَرْبٌ. وَإِنْ حَفَرَ بِبَيْتِهِ بِئْرًا وَسَتَرَهُ لِيَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ، فَمَنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ فَالْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا فَلَا، كَمَكْشُوفَةٍ بِحَيْثُ يَرَاهَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ إذْنِهِ، وَقِيلَ: وَكَشَفَهَا، وَلَوْ وَضَعَ آخَرُ فِيهَا سِكِّينًا ضَمِنُوهُ بَيْنَهُمْ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَإِنْ قَرَّبَ صَغِيرًا مِنْ هَدَفٍ فَأَصَابَهُ سَهْمٌ ضَمِنَهُ الْمُقَرِّبُ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ فَأَتْلَفَ مَالًا أَوْ نَفْسًا فَجِنَايَةُ خَطَإٍ مِنْ مُرْسِلِهِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ ضَمِنَهُ أَيْضًا، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا جَنَى فَعَلَى الصَّبِيِّ، وَلَوْ كَانَ عَبْدًا فَكَغَصْبِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَعَرَفْت أَرْضُهُ بِهِ فَدِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ م 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ غَصَبَ صَغِيرًا فَتَلِفَ بِحَيَّةٍ أَوْ صَاعِقَةٍ فَدِيَتُهُ، وَإِنْ تَلِفَ بِمَرَضٍ أَوْ فَجْأَةٍ فَرِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ
وَإِنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أَوْ غَلَّهُ فَتَلِفَ بصاعقة أو حية فوجهان م 4. وَإِنْ اصْطَدَمَ رَجُلَانِ أَوْ رَاكِبَانِ أَوْ مَاشٍ أَوْ رَاكِبٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بَصِيرَانِ أَوْ ضَرِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا: فَمَاتَا أَوْ دَابَّتَاهُمَا ضَمِنَ كل واحد متلف ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ، وَأَكْثَرُهُمْ ذَكَرَهُمَا فِيمَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ: إحْدَاهُمَا: تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ: نَقَلَهَا أَبُو الصَّقْرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنْ خَرَجَ بِهِ إلَى أَرْضٍ بِهَا الطَّاعُونُ أَوْ وَبِيئَةٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَمْ أَرَهُ، قَالَ الْحَارِثِيُّ فِي الْغَصْبِ: وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَضْمَنُ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصَّاعِقَةِ وَالْمَرَضِ، وَهُوَ الْحَقُّ، انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَيَّدَ حُرًّا مُكَلَّفًا أَوْ غَلَّهُ فَتَلِفَ بِصَاعِقَةٍ أَوْ حَيَّةٍ فوجهان، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: تَجِبُ الدِّيَةُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وغيره. والوجه الثاني: لا تجب.
الْآخَرَ، وَقِيلَ: نِصْفَهُ، وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ غَلَبَتْ الدَّابَّةُ رَاكِبَهَا بِلَا تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ اصْطَدَمَا عَمْدًا وَيُقْتَلُ غَالِبًا فَهَدَرٌ، وَإِلَّا شِبْهُ عَمْدٍ، وَمَا تَلِفَ لِلسَّائِرِ مِنْهُمَا لَا يَضْمَنُهُ وَاقِفٌ وَقَاعِدٌ، فِي الْمَنْصُوصِ، وَقِيلَ: بَلَى مَعَ ضِيقِ الطُّرُقِ، وَفِي ضَمَانِ سَائِرِ مَا أَتْلَفَ لِوَاقِفٍ وَقَاعِدٍ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقٍ وَجْهَانِ م 5. وَإِنْ اصْطَدَمَ قِنَّانِ مَاشِيَانِ فَهَدَرٌ، لَا حُرٌّ وَقِنٌّ، فَقِيمَةُ قن، وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَفِي ضَمَانِ سَائِرِ مَا أَتْلَفَ لِوَاقِفٍ وَقَاعِدٍ فِي طَرِيقٍ ضِيقٍ وَجْهَانِ، انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي1 والمقنع2 والشرح وشرح ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَكَذَا فِي الرعاية الكبرى.
نِصْفُهَا فِي تَرِكَةِ حُرٍّ، وَدِيَةُ حُرٍّ وَيُتَوَجَّهُ الوجه أو نصفها في تلك القيمة. وَإِنْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَغَرِقَتَا ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مُتْلَفَ الْآخَرِ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ فَرَّطَا وَقَالَهُ2 فِي الْمُنْتَخَبِ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَلَا يَضْمَنُ المصعد منهما بل المنحدر إن لم تغلبه3 رِيحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَجْهٌ: لَا يضمن منحدر. وفي الترغيب: السفينة كدابة، و4الْمَلَّاحُ كَرَاكِبٍ، وَيَصْدُقُ5 مَلَّاحٌ فِي إنْ تَلِفَ مَالٌ بِغَلَبَةِ رِيحٍ، وَلَوْ تَعَمَّدَ الصَّدْمَ فَشَرِيكَانِ فِي إتْلَافِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَنْ فِيهِمَا، فَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا فَالْقَوَدُ، وَإِلَّا شِبْهُ عَمْدٍ6، وَلَا يَسْقُطُ فِعْلُ الْمُصَادِمِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَعَ عَمْدٍ، وَلَوْ خَرَقَهَا عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ أَوْ خَطَأً عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ. وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بِحِصَّتِهِ؟ يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا م 6. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والزركشي وغيرهم، وهو ظاهر كلام الخرقي. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَضْمَنُ مَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا بِسَفِينَةٍ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفِهِ أَوْ بحصته؟ يحتمل أوجها، انتهى.
وَإِنْ أَرْكَبَ صَبِيَّيْنِ غَيْرُ وَلِيِّهِمَا فَاصْطَدَمَا ضَمِنَ وفي الترغيب: تضمن عاقلته ديتهما، "1فإن ركبا1" فَكَبَالِغَيْنِ مُخْطِئَيْنِ، وَكَذَا إنْ أَرْكَبَهُمَا وَلِيٌّ لِمَصْلَحَةٍ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَثْبُتَانِ بِأَنْفُسِهِمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ صَلَحَا لِلرُّكُوبِ وَأَرْكَبَهُمَا مَا يَصْلُحُ لِرُكُوبِ مثلهما، وإلا ضمن، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَابَعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى، فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَنْ أَلْقَى عِدْلًا مَمْلُوءًا فِي سَفِينَةٍ فَغَرِقَتْ ضَمِنَ مَا فِيهَا أَوْ نِصْفَهُ أَوْ بِحِصَّتِهِ، قُلْت: يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا، انْتَهَى. قُلْت: هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا حَمَلَ عَلَى الدَّابَّةِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ الْمَأْجُورِ، أَوْ جَاوَزَ بِهَا الْمَكَانَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهَا إلَيْهِ وَتَلِفَتْ، أَوْ زَادَ فِي الْحَدِّ سَوْطًا فَقَتَلَهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ جَمِيعَهُ، وَقَدْ قَطَعَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ مَا فِي السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ حَجَرٍ فِيهَا، ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ الْإِجَارَةِ، وَجَعَلَهُ أَصْلًا لِمَا إذَا زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ كَامِلَةً، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2 جَعَلَ تَغْرِيقَ السَّفِينَةِ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ فِيهَا أَصْلًا فِي وُجُوبِ ضَمَانِ الْعَيْنِ كَامِلَةً إذَا جَاوَزَ بِهَا مَكَانَ الْإِجَارَةِ، أَوْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ سَوْطًا. وَكَذَلِكَ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ، بَلْ المصنف3 قَدْ ذُكِرَ4 ذَلِكَ وَغَيْرُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ مُسْتَوْفًى، وَقَدَّمَ ضَمَانَ الْجَمِيعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهِلَ هُنَا عَنْ ذَلِكَ وَتَابَعَ ابْنَ حَمْدَانَ، فَحَصَلَ الخلل من وجوه5 إطْلَاقِهِ الْخِلَافَ وَمُتَابَعَتَهُ لِابْنِ حَمْدَانَ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَيْهِ، وَابْنُ حَمْدَانَ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ وَمِنْ تَخْرِيجِهِ، وَكَوْنُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَقَدَّمَ الضَّمَانَ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ تِلْكَ الْمَسْأَلَةُ أَلْقَى حَجَرًا فَفِيهِ نَوْعُ تعد، وأما هذه
وَيَضْمَنُ كَبِيرٌ صَدْمِ الصَّغِيرِ. وَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ ضَمِنَهُ "1مَنْ أَرْكَبَ الصَّغِيرَ1"، نَقَلَ حَرْبٌ: إنْ حَمَلَ رَجُلٌ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ فَسَقَطَ ضَمِنَهُ2، إلا أن يأمره أهله بحمله. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ فَأَلْقَى فِيهَا مِنْ جِنْسِ مَا فِيهَا فَلَيْسَ فِيهِ تَعَدٍّ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ6 حُكْمُ الْحَدِّ وَغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ حَمْدَانَ خَرَّجَ الْأَوْجُهَ عَلَى الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْحَدِّ. والله أعلم.
ومن أتلف نفسه أو طرفه خطأ فهدر، كالعمد
فصل ومن3 أَتْلَفَ نَفْسَهُ أَوْ طَرَفَهُ خَطَأً فَهَدَرٌ، كَالْعَمْدِ، وَعَنْهُ: دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، لَهُ أَوْ لِوَرَثَتِهِ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَلَا تُحْمَلُ دُونَ الثُّلُثِ، فِي الْأَصَحِّ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. نَقَلَ حَرْبٌ: مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ لَا يُؤَدِّي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ الْحَجَرُ رَابِعًا ضَمِنَتْهُ الْعَاقِلَةُ أَثْلَاثًا، وَلَا قَوَدَ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْقَصْدِ غَالِبًا. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ: كَرَمْيِهِ عَنْ قَوْسٍ وَمِقْلَاعٍ وحجر عن4 يَدٍ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَفْدِيهِ الْإِمَامُ، فَإِنْ لَمْ يفعل5 فعليهم، ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 في "ط": "إن". 4 في "ط": "من". 5 ليست في الأصل.
وإن قتل أحدهم فقيل: على عاقلة صاحبيه دِيَتُهُ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا م 7، وَفِي بَقِيَّتِهَا الرِّوَايَتَانِ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ. وَإِنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ فالدية فِي أَمْوَالِهِمْ، وَعَنْهُ: عَلَى الْعَاقِلَةِ، لِاتِّحَادِ فِعْلِهِمْ، وَلَا يَضْمَنُ مَنْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَأَمْسَكَ الْكِفَّةَ، كَمَنْ أَوْتَرَ وَقَرَّبَ السَّهْمَ، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يَتَوَجَّهُ رِوَايَتَا مُمْسِكٍ. وَإِنْ وَقَعَ فِي حُفْرَةٍ ثُمَّ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٌ ثُمَّ رَابِعٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فَمَاتُوا أَوْ بَعْضُهُمْ فَدَمُ الرَّابِعِ هَدَرٌ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَيْهِمَا، وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ تَعَمَّدَ وَاحِدٌ أو كلهم ويقتل غالبا فالقود، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْمَنْجَنِيقِ، وَإِنْ قَتَلَ أحدهم فقيل: على عاقلة صاحبيه ديته، وقيل: ثلثاها، انتهى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: عَلَى صَاحِبَيْهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَتَبِعَهُ فِي الْخُلَاصَةِ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُلْغِي فِعْلَ نَفْسِهِ و2على عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ، وَالشَّيْخُ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: هَذَا أَحْسَنُ وَأَصَحُّ فِي النَّظَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الخلاصة وإدراك الغاية.
وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ: عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: نِصْفُهَا وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: دَمُهُ هَدَرٌ م 8 وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّالِثِ وقيل1: نِصْفِهَا م 9 وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فِي دية الثالث أنها على ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَإِنْ جَذَبَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ وَالثَّانِي الثَّالِثَ وَالثَّالِثُ الرَّابِعَ فَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: نِصْفُهَا، وَقِيلَ: عَلَى الْأَوَّلَيْنِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: دَمُهُ هَدَرٌ انْتَهَى. أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي دِيَةِ الثَّالِثِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَ شَيْئًا مِنْهَا، وَذَكَرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ فِي الْفُصُولِ احْتِمَالَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا2. وَالْقَوْلُ الْخَامِسُ: اخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَهُوَ أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ. مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الثَّانِي قِيلَ: عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّالِثِ، وَقِيلَ: نِصْفُهَا انْتَهَى الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ. قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ ابْنُ رَزِينٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ ثُلُثَاهَا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: تَجِبُ كَامِلَةً عَلَى الثَّالِثِ، قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي لَا شَيْءَ مِنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ عَلَى الثَّالِثِ كلها أو نصفها.
الْأَوَّلِ، وَدِيَةُ الْأَوَّلِ: قِيلَ: عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا م 10 وَفِي بَقِيَّتِهَا فِي الْكُلِّ الرِّوَايَتَانِ. وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بَلْ مَاتُوا بِسُقُوطِهِمْ وَفِي الْمُغْنِي1: أَوْ وَقَعَ2 وَشَكَّ فِي تَأْثِيرِهِ أَوْ قَتَلَهُمْ فِي الْحُفْرَةِ أَسَدٌ وَلَمْ يَتَجَاذَبُوا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ تَجَاذَبُوا فَدَمُ الْأَوَّلِ هَدَرٌ، وَعَلَيْهِ3 دِيَةُ الثَّانِي، وَعَلَى الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ، وَعَلَى الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ، وَقِيلَ: دِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَقِيلَ: وَالْأَوَّلُ، وَدِيَةُ الرَّابِعِ عَلَى الثَّلَاثَةِ. وَكَذَا إنْ ازْدَحَمَ وَتَدَافَعَ جَمَاعَةٌ عِنْدَ الْحُفْرَةِ فَسَقَطَ أَرْبَعَةٌ مُتَجَاذِبِينَ، وَعَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ قَضَى لِلْأَوَّلِ بِرُبُعِ الدِّيَةِ، وللثاني بثلثها، وللثالث بنصفها، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الرَّابِعُ يَجِبُ نِصْفُهَا عَلَى الثَّالِثِ. مَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَدِيَةُ الْأَوَّلِ قِيلَ: عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ. وَقِيلَ: ثُلُثَاهَا انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجِبُ ثُلُثَاهَا. قُلْت: وَالْقَوْلُ بِأَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ قَوِيٌّ، لأنه السبب "4في ذلك4". تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي بَقِيَّتِهَا فِي الْكُلِّ الرِّوَايَتَانِ، هُمَا الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ فِي فعل نفسه.
وَلِلرَّابِعِ بِهَا. وَجَعَلَهُ1 عَلَى قَبَائِلِ الَّذِينَ ازْدَحَمُوا. فرافع2 إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَازَهُ. وَذَهَبَ إلَيْهِ أَحْمَدُ3 وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سِتَّةً تَغَاطُّوا فِي الْفُرَاتِ فَمَاتَ وَاحِدٌ فَرُفِعَ إلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَضَى بِخُمُسَيْ الدِّيَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَبِثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ، إنْ نَامَ عَلَى سَطْحِهِ فَهَوِيَ سَقْفُهُ مِنْ تَحْتِهِ عَلَى قَوْمٍ لَزِمَهُ الْمُكْثُ، كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِيمَنْ أَلْقَى فِي مَرْكَبِهِ نَارٌ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ لَمْ يَتَسَبَّبْ، وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِدَوَامِ مُكْثِهِ أَوْ بِانْتِقَالِهِ ضَمِنَهُ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّائِبِ الْعَاجِزِ عَنْ مُفَارَقَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْعَاجِزِ عَنْ إزَالَةِ أَثَرِهَا. كَمُتَوَسِّطِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ، وَمُتَوَسِّطِ الْجَرْحَى، تَصِحُّ تَوْبَتُهُ مَعَ الْعَزْمِ وَالنَّدَمِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَاصِيًا4 بِخُرُوجِهِ مِنْ الْغَصْبِ وَمِنْهُ تَوْبَتُهُ بَعْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ الْجُرْحِ، وَتَخْلِيصُهُ صَيْدَ الحرم من الشرك، وحمله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَغْصُوبَ لِرَبِّهِ يَرْتَفِعُ1 الْإِثْمُ بِالتَّوْبَةِ وَالضَّمَانُ بَاقٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ابْتِدَاءُ الْفِعْلِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ، كَخُرُوجِ مُسْتَعِيرٍ مِنْ دَارٍ انْتَقَلَتْ عَنْ الْمُعِيرِ، وَخُرُوجِ مَنْ أَجْنَبَ بِمَسْجِدٍ وَنَزَعَ مُجَامِعٌ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ آثِمٍ اتِّفَاقًا. وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَوْبَةُ مُبْتَدِعٍ لَمْ يَتُبْ مِنْ أَصْلِهِ، تَصِحُّ، وَعَنْهُ: لَا. اخْتَارَهُ ابْنُ شَاقِلَا، وَكَذَا تَوْبَةُ الْقَاتِلِ قَدْ تُشْبِهُ هَذَا وَتَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَحَقُّ الْآدَمِيِّ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ: فَإِنَّهُ شَبَّهَهُ بِمَنْ تَابَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ إتْلَافٍ مَعَ بَقَاءِ أَثَرِ ذَلِكَ، لَكِنَّهُ قَالَ2: إنَّ تَوْبَتَهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَمْحُو جَمِيعَ ذَلِكَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الْإِثْمَ وَاللَّائِمَةَ وَالْمُعْتِبَةَ تَزُولُ عَنْهُ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَجِهَةِ الْمَالِكِ، وَلَا يَبْقَى إلَّا حَقُّ الضَّمَانِ لِلْمَالِكِ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّائِبَ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ وُجُوبِ الْقَوَدِ لَيْسَ كَالْمُخْطِئِ ابْتِدَاءً، فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَ الْمَعْذُورِ ابْتِدَاءً وَبَيْنَ3 التَّائِبِ فِي أَثْنَائِهِ وَأَثَرِهِ. وَأَبُو الْخَطَّابِ مَنَعَ أَنَّ حَرَكَاتِ الْغَاصِبِ لِلْخُرُوجِ طَاعَةٌ، بَلْ مَعْصِيَةٌ، فَعَلَهَا لِدَفْعِ أَكْثَرِ الْغَصْبَيْنِ4 بِأَقَلِّهِمَا، وَالْكَذِبُ لِدَفْعِ قَتْلِ إنْسَانٍ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْوَسَطُ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ أَضَلَّ غَيْرَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُضِلٌّ، ومن لا يرى أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إضْلَالٌ فَكَالْكَافِرِ الدَّاعِيَةِ يَتُوبُ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَذَكَرَ جَدُّهُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ الْغَصْبِ مُمْتَثِلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، إنْ جَازَ الْوَطْءُ لِمَنْ1 قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَفِيهَا رِوَايَتَانِ، وَإِلَّا تَوَجَّهَ لَنَا أَنَّهُ عَاصٍ مِنْ وَجْهٍ ممتثل من وجه
فصل ومن اضطر إلى طعام غير مضطر إليه أو شرابه فطلبه فمنعه حتى مات ضمنه
فَصْلٌ وَمِنْ اُضْطُرَّ إلَى طَعَامٍ غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ2 أَوْ شَرَابِهِ فَطَلَبَهُ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَأَخْذِهِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ عَاجِزٌ فَيَتْلَفُ أَوْ دَابَّتُهُ، قَالَهُ الشَّيْخُ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَكَذَا أَخَذَهُ تُرْسًا مِمَّنْ يَدْفَعُ بِهِ ضَرْبًا عَنْهُ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وإن أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل فوجهان م 11 وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ شَخْصٍ مِنْ هَلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ فَوَجْهَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي القواعد الأصولية. أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمْ، وَإِلَيْهِ مَالَ ابن منجا فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهُ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وجزم به في الخلاصة والمنور، وقدمه ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في النسخ الخطية، والمثبت من "ط". 3 12/102. 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 25/354.
وَهُمَا1 فِي وُجُوبِهِ وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ ضَمَانَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، فَدَلَّ أَنَّهُ مَعَ الطَّلَبِ وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ، كَمَا لَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَهُمْ عِنْدَهُ: وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُمْ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي غُزَاةٍ: لَمْ يَلْزَمْ مَنْ مَعَهُ فَضْلُ حَمْلِهِ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَذْكُرُ النَّاسَ فَإِنْ حَمَلُوهُ وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ خَرَّجُوا ضَمَانَهُ عَلَى مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى مَاتَ، وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الضَّمَانِ، وَلَكِنَّ الشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَغَيْرَهُ فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ مَنَعَهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَبَيْنَ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءَ إنْسَانٍ مِنْ هَلَكَةٍ، لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ هَلَاكُهُ بِسَبَبٍ مِنْهُ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، كَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِحَالِهِ، وَأَمَّا فِي مسألة الطعام فإنه "2منع مِنْهُ2" كَانَ سَبَبًا فِي هَلَاكِهِ، فَافْتَرَقَا. وَاَللَّهُ أعلم.
وَمَنْ أُسْقِطَتْ بِطَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ تَهْدِيدِهِ1 لِحَقِّ اللَّهِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَاتَتْ بِوَضْعِهَا أَوْ ذَهَبَ عَقْلُهَا، أَوْ اسْتَعْدَى2 إنْسَانٌ، ضَمِنَ السُّلْطَانُ وَالْمُسْتَعْدِي فِي الْأَخِيرَةِ3، فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا، كَإِسْقَاطِهَا بِتَأْدِيبٍ أَوْ قَطْعِ يَدٍ لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدٌ فِيهَا. أَوْ شُرْبِ دَوَاءٍ لِمَرَضٍ. وَإِنْ مَاتَتْ فزعا فوجهان م 12 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَتْ فَزَعًا فَوَجْهَانِ انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَرْسَلَ إلَيْهَا السُّلْطَانُ أَوْ هَدَّدَهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ وَالنَّظْمِ. أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، "6وَهُوَ أَظْهَرُ6". وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي7 وَالْمُحَرَّرِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ أَيْضًا8: فإن
قَالَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ أَحْضَرَ ظَالِمَةً عِنْدَ حَاكِمٍ لَمْ يَضْمَنْهَا، بَلْ جَنِينَهَا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: وَكَذَا رَجُلٌ مُسْتَعْدًى عَلَيْهِ. وَتَرْجَمَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ عَلَى نَصِّهِ فِي طَلَبِ سُلْطَانٍ لِرَجُلٍ يَفْزَعُ الرَّجُلَ بِالسُّلْطَانِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَمُوتُ. قَالَ فِي الفنون: إذا2 شمت حاملة ريح ـــــــــــــــــــــــــــــQاسْتَعْدَى عَلَى امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا أَوْ مَاتَتْ فَزَعًا ضَمِنَهَا الْعَاقِلَةُ إنْ كَانَ ظَالِمًا، وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
طَبِيخٍ فَاضْطَرَبَ جَنِينُهَا فَمَاتَتْ أَوْ مَاتَ، فَقَالَ حَنْبَلِيٌّ وَشَافِعِيَّانِ: إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهَا فَلَا إثْمَ وَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ عَلِمُوا وَكَانَ عَادَةً مُسْتَمِرَّةً أَنَّ الرَّائِحَةِ تَقْتُلُ احْتَمَلَ الضَّمَانَ، لِلْإِضْرَارِ، وَاحْتَمَلَ: لَا، لِعَدَمِ تَضَرُّرِ بَعْضِ النِّسَاءِ، وَكَرِيحِ الدُّخَانِ يَتَضَرَّرُ بِهَا صَاحِبُ سُعَالٍ وَضِيقِ نَفَسٍ، لَا ضَمَانَ وَلَا إثْمَ، كَذَا قَالَ وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ. وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ لِسَابِحٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ لَمْ يَضْمَنْهُ، فِي الْأَصَحِّ، كَبَالِغٍ سَلَّمَ نَفْسَهُ إلَيْهِ1، وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ بِئْرًا أَوْ يَصْعَدَ شَجَرَةً فَهَلَكَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ كَاسْتِئْجَارِهِ قَبَّضَهُ الْأُجْرَةَ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنْ أَمَرَهُ سُلْطَانٌ ضَمِنَهُ، وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَمَرَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ضَمِنَهُ، وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ: مَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ، كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ، فَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ، فَبَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مُعَاوِيَةَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ2، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: لَا يُقَالُ هذا تصرف في منفعة الصبي؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَسِيرٌ، وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ للحاجة، واطرد به العرف وعمل المسلمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ وَضَعَ شَيْئًا عَلَى عُلُوٍّ وَقِيلَ: غَيْرُ مُتَطَرِّفٍ فَرَمَتْهُ رِيحٌ أَوْ دَفَعَهَا عَنْ وُصُولِهَا إلَيْهِ ذَكَرَهَا فِي الِانْتِصَارِ فِي الصَّائِلِ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ تَدَحْرَجَ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ، وَأَنَّهُمَا فِي بَهِيمَةٍ حَالَتْ بَيْنَ مُضْطَرٍّ وَطَعَامِهِ، وَلَا تَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهَا، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب مقادير ديات النفس
باب مقادير ديات النفس مدخل ... باب مقادير ديات النفس دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ، أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ، أَوْ أَلْفَا شَاةٍ أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا، أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَهَذِهِ أُصُولُ الدِّيَةِ، إذَا أَحْضَرَ مَنْ عَلَيْهِ الدِّيَةُ أَحَدَهَا لَزِمَ قَبُولُهُ، وَعَنْهُ مِنْ الْأُصُولِ: مِائَتَا حُلَّةٍ مِنْ حُلَلِ الْيَمَنِ، نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، الْحُلَّةُ: بَرْدَانِ، إزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَفِي الْمُذْهَبِ: جَدِيدَانِ مِنْ جِنْسٍ. وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ فِي الْجُزْءِ السَّادِسِ فِي1 مُسْنَدِ عُمَرَ فِي إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ: الْحُلَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا ثَوْبَيْنِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحُلَّةُ ثَوْبَانِ: إزَارٌ وَرِدَاءٌ، وَلَا تُسَمَّى حُلَّةً حَتَّى تَكُونَ جَدِيدَةً تَحِلُّ عِنْدَ طَيِّهَا، هَذَا كَلَامُهُ، وَلَمْ يَقُلْ: مِنْ جِنْسٍ. وَعَنْهُ: الْأَصْلُ الْإِبِلُ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ زَادَ ثَمَنُهَا انْتَقَلَ عَنْهَا2 إلَى الْبَاقِي. فَيَجِبُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعَنْهُ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً: نَصَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ، وَيُتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ مَنْ حَمَّلَ الْعَاقِلَةَ كَخَطَإٍ. وَفِي الروضة رواية: العمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أثلاثا، وشبهه أرباعا1، كَمَا تَقَدَّمَ. وَالْخَلِفَةُ الْحَامِلُ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثَنَايَا2، وَقِيلَ: إلَى بَازِلِ3 عَامٍ، وَلَهُ4 سَبْعٌ، وَإِنْ تَسَلَّمَهَا بِقَوْلِ خِبْرَةٍ ثُمَّ أَنْكَرَ حَمْلَهَا رُدَّ قَوْلُهُ وَإِلَّا قُبِلَ. وَتَجِبُ فِي الْخَطَإِ أَخْمَاسًا، ثَمَانُونَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالسَّوِيَّةِ، وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ. وَيُؤْخَذُ فِي بَقَرٍ مُسِنَّاتٍ وَأَتْبِعَةٍ، وَفِي غَنَمٍ ثَنَايَا وَأَجْذِعَةٍ نِصْفَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ: أَوْ لَا، وَأَنَّهُ كَزَكَاةٍ. وَتُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ وَعَنْهُ: وَأَنْ تَبْلُغَ5 قِيمَتُهَا دِيَةَ نَقْدٍ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَاعْتَبَرُوا جِنْسَ مَاشِيَتِهِ، ثُمَّ بَلَدِهِ، فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُؤْخَذُ فِي الْحُلَلِ الْمُتَعَارَفِ بِالْيَمَنِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فَقِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ سِتُّونَ دِرْهَمًا. وَتَغْلُظُ دِيَةُ طَرَفٍ، كَقَتْلٍ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي غَيْرِ إبِلٍ. وَدِيَةُ أُنْثَى نِصْفُ دِيَةِ ذَكَرٍ. وَتُسَاوِي جِرَاحَهَا جِرَاحَهُ إلَى الثُّلُثِ وَعَنْهُ: عَلَى نِصْفِهِ كَالزَّائِدِ وَفِي الثُّلُثِ رِوَايَتَانِ م 1. وَدِيَةُ خُنْثَى مُشْكِلٍ نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وكذا جراحه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فِي جِرَاحِ الْمَرْأَةِ وَفِي الثُّلُثِ رِوَايَتَانِ، انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والحاوي الصغير والزركشي وغيرهم.
وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ نِصْفُ دِيَةِ مُسْلِمٍ، وَعَنْهُ: ثُلُثٌ، اختاره أبو محمد الجوزي، وقال: إنْ1 قَتَلَ عَمْدًا فَدِيَةُ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا جِرَاحُهُ. وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ أَوْ2 مُسْتَأْمَنٍ بِدَارِنَا، قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ آمَنُوهُ بِدَارِهِمْ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجِرَاحُهُ بِالنِّسْبَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا3: عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُسَاوِيهِ فِي ذَلِكَ، كَمَا لَوْ كَانَ دُونَهُ، وَهُوَ أَوْلَى، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا، وَالشِّيرَازِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَيُحْتَمَلُ6 كَلَامُهُ فِي الْكَافِي7 وَالْمُقْنِعِ8 فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُسَاوِي جِرَاحَهَا جِرَاحُهُ9 إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ، فَإِذَا زَادَتْ صَارَتْ عَلَى النِّصْفِ. فَظَاهِرُ قَوْلِهِ: إلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: فَإِذَا زَادَتْ صَارَتْ10 عَلَى النِّصْفِ الْمُسَاوَاةُ، وكذا كلام ابن منجا في شرحه. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَوَثَنِيٍّ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ أو مستأمن بدارنا ثمان مئة
وفي المغني1 في "2معاهد "3دية دِينِهِ3"،2" وَنِسَاؤُهُمْ كَنِصْفِهِمْ كَالْمُسْلِمِينَ. وَلَا يَضْمَنُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: مَنْ لَهُ دِينٌ لَهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: كَدِيَةِ مُسْلِمٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْ يُتْبِعُهُ. وَنِسَاءُ حَرْبٍ وَذُرِّيَّتُهُمْ وَرَاهِبٌ يَتْبَعُونَ أَهْلَ الدَّارِ وَالْآبَاءِ. وَتَغْلُظُ دِيَةُ نَفْسٍ خَطَأً. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: أَوْ عَمْدًا، جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: كَمَا يَجِبُ بِوَطْءِ صَائِمَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَفَّارَتَانِ، ثُمَّ قَالَ: تَغْلُظُ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ4 الدِّيَةَ. وَفِي الْمُفْرَدَاتِ: تَغْلُظُ عِنْدَنَا فِي الْجَمِيعِ، ثُمَّ دِيَةُ الْخَطَإِ لَا تَغْلُظُ فِيهَا. وَفِي الْمُغْنِي5 وَالتَّرْغِيبِ: وَطَرَفٌ بِثُلُثِ دِيَتِهِ بِحَرَمٍ "6جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ6" وَإِحْرَامٌ وَشَهْرٌ حرام، نقله الجماعة، وعنه: ورحم محرم، ـــــــــــــــــــــــــــــQدِرْهَمٍ، انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ ذِمِّيٌّ عَائِدٌ إلَى الْمَجُوسِيِّ، وَقَوْلُهُ مُعَاهَدٌ عَائِدٌ إلَى الْوَثَنِيِّ، لَكِنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَثَنِيِّ وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا عَاهَدَ، وَإِنْ أَعَدْنَا لَفْظَةَ ذِمِّيٍّ إلَى الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الْوَثَنِيَّ لَا يَكُونُ ذِمِّيًّا إلَّا عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ، وَلَيْسَ الْقَوْلُ مَخْصُوصًا بِهِ بَلْ بِهِ وَبِغَيْرِهِ. وَاَللَّهُ أعلم.
اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَمَاعَةٌ، وَلَمْ يُقَيِّدْ فِي التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ وَغَيْرُهُمَا الرَّحِمُ بِالْمَحْرَمِ، كَمَا قَالُوا فِي الْعِتْقِ، وَلَمْ يَحْتَجَّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا لِلرَّحِمِ إلَّا بِسُقُوطِ الْقَوَدِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِعَمُودَيْ النَّسَبِ وَقِيلَ: وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ1، تَخْرُجُ رِوَايَتَانِ، وَلَا تَدَاخُلَ، وَقِيلَ: التَّغْلِيظُ بِدِيَةٍ عَمْدٍ، وَقِيلَ: بِدِيَتَيْنِ، وَفِي الْمُبْهِجِ: إنْ لَمْ يُقْتَلْ بِأَبَوَيْهِ فَفِي لُزُومِهِ دِيَتَانِ أَمْ دِيَةٌ وَثُلُثٌ؟ رِوَايَتَانِ. وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ وَالشَّيْخِ: لَا تَغْلِيظَ كَجَنِينٍ وَعَبْدٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ الْأَظْهَرُ. وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ وَقَدَّمَ فِي الِانْتِصَارِ: أَوْ كَافِرٌ، وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَافِرًا عَامِدًا2 أُضْعِفَتْ الدِّيَةُ فِي الْمَنْصُوصِ، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ تَغْلُظُ بِثُلُثٍ. "3وَاَللَّهُ أَعْلَمُ3". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وفي كل جنين ذكر وإنثى حر
فَصْلٌ وَفِي كُلِّ جَنِينٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حُرٍّ، وَقِيلَ: وَلَوْ مُضْغَةً لَمْ تُتَصَوَّرْ، ظَهَرَ أَوْ بَعْضُهُ مَيِّتًا، وَفِيهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ فِي الِانْتِصَارِ، وَأَنَّ مِثْلَهُ لَوْ شُقَّ بَطْنُهَا فَشُوهِدَ، قَالَ أَصْحَابُنَا: وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ4 أُمِّهِ: بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أو5 خطأ، فسقط عقبها، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ بَقِيَتْ مُتَأَلِّمَةً إلَيْهِ، عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ غُرَّةٌ1 مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ، لَهَا سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ، وَقِيلَ أَوْ أَقَلُّ، لَا خُنْثَى وَلَا مَعِيبَةٌ تُرَدُّ فِي بَيْعٍ، وَلَا خَصِيٌّ وَنَحْوُهُ، فَإِنْ أَعْوَزَتْ فَالْقِيمَةُ مِنْ أَصْلِ الدِّيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَهَلْ الْمَرْعِيُّ فِي الْقَدْرِ بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْإِسْقَاطِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَمَعَ سَلَامَتِهِ وَعَيْبِهَا هَلْ تُعْتَبَرُ سَلِيمَةً أَوْ مَعِيبَةً؟ فِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالَانِ م 2. "2وَيُرَدُّ قَوْلُ كَافِرَةٍ: حَمَلْت مِنْ مُسْلِمٍ2". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ3: فِي غُرَّةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ: عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ غُرَّةٌ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ، فَإِنْ أَعْوَزَتْ فَالْقِيمَةُ مِنْ أَصْلِ الدِّيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَهَلْ الْمَرْعِيُّ فِي الْقَدْرِ بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْإِسْقَاطِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَمَعَ سَلَامَتِهِ وَعَيْبِهَا هَلْ تُعْتَبَرُ سَلِيمَةً أَوْ مَعِيبَةً فِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالَانِ، انْتَهَى. الصَّوَابُ فِيمَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ إنَّ الْمَرْعِيَّ فِي الْقَدْرِ بِوَقْتِ الْإِسْقَاطِ لَا بِوَقْتِ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ، وَالصَّوَابُ فِيمَا قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ أَنْ تُعْتَبَرَ الْأُمُّ سَلِيمَةً لِسَلَامَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَةِ الْأُمِّ مُطْلَقًا. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا خَرَجَ سَلِيمًا وَكَانَتْ أُمُّهُ مَعِيبَةً فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ سَلِيمَةً لِسَلَامَةِ الْوَلَدِ أَوْ نَعْتَبِرُهَا عَلَى صِفَتِهَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الثَّانِي، وَالصَّوَابُ الأول. والله أعلم.
"1وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ مَيْتَةٍ أَوْ عُضْوًا فَخَرَجَ مَيِّتًا وَشُوهِدَ بِالْجَوْفِ يَتَحَرَّكُ فَفِيهِ خِلَافٌ م 3. وَفِي مَمْلُوكٍ عُشْرُ قِيمَتِهَا، نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: نِصْفُ عُشْرِهَا يَوْمَ جِنَايَتِهِ نَقْدًا إذَا سَاوَتْهُمَا حُرِّيَّةٌ وَرِقًّا، وَإِلَّا فَبِالْحِسَابِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ دِينُ أَبِيهِ أَوْ هُوَ أَعْلَى مِنْهَا دِيَةً، فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَتِهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ1". وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ غُرَّةٌ سَالِمَةٌ لَهَا سَبْعُ سِنِينَ، وَعَنْهُ: بَلْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ أَوْ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ2. وَإِنْ سَقَطَ حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ فِي مِثْلِهِ كَنِصْفِ سَنَةٍ لَا أَقَلَّ، وَعَنْهُ: وَاسْتَهَلَّ، فَفِيهِ مَا فِيهِ مَوْلُودًا، وَإِلَّا فَكَمَيِّتٍ، قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: كَحَيَاةِ مَذْبُوحٍ، فَإِنَّهُ لَا حكم له3، فإن اختلفا في حياته فوجهان م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ قَوْلُ كَافِرَةٍ حَمَلْت بِهِ مِنْ مُسْلِمٍ، وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ مَيْتَةٍ أَوْ عُضْوًا فَخَرَجَ مَيِّتًا وَشُوهِدَ بِالْجَوْفِ يَتَحَرَّكُ فَفِيهِ خِلَافٌ، انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْغُرَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَحَرَكَتُهُ تَدُلُّ عَلَى حَيَاتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: فَإِنْ اختلفا في حياته4، فوجهان، انتهى. وأطلقهما في
وَفِي التَّرْغِيبِ أَوْ غَيْرِهِ: لَوْ1 خَرَجَ بَعْضُهُ حَيًّا وَبَعْضُهُ مَيِّتًا فَرِوَايَتَانِ. وَإِنْ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ وقد عتقت أو أعتق، وأعتقناه فعنه2: كجنين حر، وعنه مع سبق العتق الجناية، وعنه: كَجَنِينٍ مَمْلُوكٍ، وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ م 5 وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQالهداية والمذهب3 والمستوعب والمقنع4 والمحرر وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَهُ5 فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ في المغني6 والوجيز، والشرح في موضع، وهو عجيب منه، إذْ الْكِتَابُ الْمَشْرُوحُ7 ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي، وَذُهِلَ عَنْ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ مَغْلُوطَةً، وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. والوجه8 الثاني: القول قول مستحقي دية9 الْجَنِينِ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَلْقَتْهُ أُمُّهُ وَقَدْ عتقت أو أعتق وأعتقناه، فعنه: كجنين حر، وعنه: مع سبق العتق الجناية، وعنه: كجنين مَمْلُوكٍ، وَنَقَلَ حَرْبٌ التَّوَقُّفَ، انْتَهَى. أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ كَجَنِينِ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، وَالْحَالَةُ هذه، أطلقهما في المستوعب
أَلْقَتْهُ حَيًّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ مَعَ سَبْقِ الْعِتْقِ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا عَبْدٍ جَرَحَ ثُمَّ عَتَقَ.. وَيَرِثُ الْغُرَّةَ وَالدِّيَةَ مَنْ يَرِثُهُ كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، وَلَا يَرِثُ قَاتِلٌ وَلَا رَقِيقٌ، فَيَرِثُ عصبة سيد قاتل جنين أمته. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَافِي1. إحْدَاهُمَا: هُوَ كَجَنِينِ حُرٍّ، فَفِيهِ غُرَّةٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هُوَ كَجَنِينِ مَمْلُوكٍ،، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ، فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَهُوَ أَصَحُّ فِي الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: نَقَلَهَا3 حَرْبٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: هُوَ كَجَنِينِ حُرٍّ إنْ سَبَقَ الْعِتْقُ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا فَلَا، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ كَوْنِهِ كَجَنِينِ مَمْلُوكٍ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: أَوْ أُعْتِقَ وَأَعْتَقْنَاهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ فِي عِتْقِ الْجَنِينِ خِلَافًا هَلْ يَصِحُّ عِتْقُهُ أَوْ لَا يَصِحُّ حَتَّى يُوضَعَ؟ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ مُفْرَدًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَعَنْهُ لَا يُعْتَقُ حتى تلده حيا.
وَفِي الرَّوْضَةِ هُنَا: إنْ شَرَطَ زَوْجُ الْأَمَةِ حرية الولد كان حرا، وإلا عبدا. وَفِي جَنِينِ دَابَّةٍ مَا نَقَصَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَجَنِينِ أَمَةٍ. وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ وَلَوْ عَمْدًا وَاخْتِيرَ الْمَالُ أَوْ1 أَتْلَفَ مَالًا فَدَاهُ سَيِّدُهُ أَوْ بَاعَهُ فِي الْجِنَايَةِ، وَعَنْهُ: يَفْدِيهِ أَوْ يُسَلِّمُهُ بِهَا، وَعَنْهُ: يُخَيِّرُ بَيْنَهُنَّ، وَعَنْهُ: يَمْلِكُ بِالْعَفْوِ عَنْ قَوَدٍ، وَذَكَرَ2 ابْنُ عَقِيلٍ وَالْوَسِيلَةِ رِوَايَةً: يَمْلِكُهُ بِجِنَايَةِ عَمْدٍ، وَلَهُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ وَعِتْقُهُ، وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ لَوْ وَطِئَ الْأَمَةَ، وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهِيَ لَهُ وَوَلَدُهَا، وَهَلْ يَلْزَمُ السَّيِّدَ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ أَوْ يَبِيعُهُ حَاكِمٌ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ م 6. وله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَهَلْ3 يَلْزَمُ السَّيِّدَ بَيْعُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ أَوْ يَبِيعُهُ حَاكِمٌ فِيهِ4 رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي5 وَالْمُقْنِعِ والمحرر والشرح6 وشرح ابن منجا والزركشي وغيرهم:
التَّصَرُّفُ فِيهِ وَقِيلَ: بِإِذْنٍ، وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا، قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَعَلَى الْأَوَّلِ: كَوَارِثٍ فِي تركة. وفي المستوعب والترغيب: يَكُونُ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ. وَإِنْ فَدَاهُ فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ، وَعَنْهُ: بِكُلِّهِ، كَأَمْرِهِ بِهَا أَوْ إذْنِهِ فِيهَا، نَصَّ عَلَيْهِمَا، وَعَنْهُ: إنْ أَعْتَقَهُ عَالِمًا بِالْجِنَايَةِ، وَعَنْهُ: فِي قَوَدٍ، وقيل: أو غير عالم، وقيل أو قتله1 يَفْدِيهِ بِكُلِّهِ، وَلَوْ جَاوَزَتْ قِيمَتُهُ الدِّيَةَ، وَمَوْتُهُ عن جان مدبر ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ، فَيَبِيعُهُ الْحَاكِمُ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ. لَمْ2 يَلْزَمْهُ3 فِي الْأَصَحِّ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَلْزَمُهُ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. يَلْزَمُهُ، عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ وَالْفَائِقِ، ذَكَرُوهُ فِي الرَّهْنِ. "4فَهَذِهِ ست مسائل في هذا الباب4".
كَمُبَاشِرِ عِتْقِهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قَتَلَهُ رَجُلٌ فَهَلْ قِيمَتُهُ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ كَمَوْتِهِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ جَنَى عَلَى جَمَاعَةٍ فِي وَقْتٍ أَوْ أَوْقَاتٍ اشْتَرَكُوا بِالْحِصَصِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ تَعَلَّقَ حَقُّ مَنْ بَقِيَ بِجَمِيعِهِمْ وَقِيلَ: بِحِصَّتِهِمْ. وَإِنْ جَرَحَ حُرًّا فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ فَدَاهُ بِقِيمَتِهِ فَدَاهُ بِثُلُثَيْهِ1، لِصِحَّةِ الْعَفْوِ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ زِدْت نِصْفَهَا عَلَى الْقِيمَةِ فَيَفْدِيهِ بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَبْلَغِ. وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أُتْلِفَتْ ضَمِنَ وَشِرَاءُ وَلِيِّ قَوَدٍ لَهُ2 عفو عنه. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ديات الأعضاء ومنافعها
باب ديات الأعضاء ومنافعها مدخل ... بَابُ دِيَاتِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَلِسَانٍ وَأَنْفٍ، وَلَوْ مَعَ عِوَجِهِ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَذَكَرٍ، حَتَّى صَغِيرٍ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَشَيْخٍ فَانٍ1 ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَمَا فِيهِ مِنْهُ شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ، وَفِي أَحَدِهِمَا: نصفها، نص عليه. كعينين و2مع بَيَاضٍ يُنْقِصُ الْبَصَرَ يَنْقُصُ بِقَدْرِهِ، وَعَنْهُ: الدِّيَةُ كَامِلَةً، جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، كَحَوْلَاءَ وَعَمْشَاءَ، مَعَ رَدِّ الْمَبِيعِ بِهِمَا، وَأُذُنَيْنِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: وَأَشْرَافِهِمَا، وَهُوَ جِلْدٌ بَيْنَ الْعَذَارِ وَالْبَيَاضِ الَّذِي حَوْلَهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْوَاضِحِ وَأَصْدَافِ الْأُذُنَيْنِ، وَشَفَتَيْنِ وَلَحْيَيْنِ، وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَثُنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ، نَصَّ عَلَيْهِ: مَغْرَزُ الثَّدْيِ، وَالْوَاحِدَةُ ثُنْدُوَةٌ بِفَتْحِ الثَّاءِ بِلَا هَمْزَةٍ، وَبِضَمِّهَا مَعَ الْهَمْزَةِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الثَّدْيُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَهَذَا أَصَحُّ فِي اللُّغَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ، وَالثَّدْيُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَجَمْعُهُ أَثْدٍ وَثَدْيٌ وَثَدْيٌ بِضَمِّ الثَّاءِ وكسرها. ويدين ويد3 مرتعش كصحيح. ورجلين، وقدم أعرج4. وَيَدِ أَعْسَمَ، وَهُوَ عِوَجٌ فِي الرُّسْغِ كَصَحِيحٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ حُكُومَةً، وَأَلْيَتَيْنِ، وَهُمَا مَا عَلَا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ الْعَظْمُ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيهِمَا الدِّيَةُ إذَا قُطِعَتَا حَتَّى تَبْلُغَ الْعَظْمَ. وَأُنْثَيَيْنِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: احْتِمَالٌ وَحُكُومَةٌ لِتَنْقِيصِ ذَكَرِ، وَإِسْكَتَيْ الْمَرْأَةِ وَهُمَا شَفْرَاهَا، أَوْ أَشَلُّهُمَا. وَعَنْهُ: فِي شَفَةٍ سُفْلَى ثُلُثَا دِيَةٍ. وَفِي عُلْيَا ثُلُثُهَا1. وَفِي الْمَنْخِرَيْنِ ثُلُثَا دِيَةٍ، وَفِي الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا ثُلُثُهَا، وَعَنْهُ: فِيهِمَا دِيَةٌ، وَفِي الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا2 حُكُومَةٌ.. وَفِي الْأَجْفَانِ الْأَرْبَعَةِ دِيَةٌ، وَفِي جَفْنٍ3 رُبْعٌ. وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ دِيَةٌ، وَكَذَا أَصَابِعُ الرِّجْلَيْنِ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ دِيَةٍ. وَفِي أُنْمُلَةٍ ثُلُثُ عُشْرٍ، وَلَوْ كَانَ لَهَا ظُفْرٌ، وَالْإِبْهَامُ مِفْصَلَانِ، فَفِي كُلِّ مِفْصَلٍ نِصْفُ عُشْرٍ، وَفِي ظُفْرٍ خُمُسُ أُصْبُعٍ، نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ4. وَفِي سِنٍّ مِنْ5 صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَضِرْسِهِ وَنَابِهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ، مَا لَمْ تَعُدْ، وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ بَدَلَهَا فَحُكُومَةٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وعنه: في الكل دية، ففي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كُلِّ ضِرْسٍ بَعِيرَانِ، لِأَنَّ فَوْقَ ثَنِيَّتَيْنِ وَرَبَاعِيَتَيْنِ وَنَابَيْنِ وَضَاحِكَيْنِ وَنَاجِذَيْنِ وَسِتَّةِ طَوَاحِينَ وَأَسْفَلَ مِثْلُهَا، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: إنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَالدِّيَةُ. وَفِي حَشَفَةِ ذَكَرٍ وَحَلَمَتَيْ1 ثَدْيَيْنِ وَكَسْرِ ظَاهِرِ سِنٍّ وَهُوَ مَا2 بَيْنَ لِثَةٍ دِيَةُ الْعُضْوِ كُلِّهِ، ثُمَّ مَنْ قَلَعَ مَا فِي اللِّثَةِ وَهُوَ السَّنِخُ فَحُكُومَةٌ، قَالَهُ الشَّيْخُ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي سَنِخَةٍ3 حُكُومَةٌ، وَلَا يَدْخُلُ فِي حِسَابِ النِّسْبَةِ. وَفِي قَطْعِ بَعْضِ مَارِنٍ وَأُذُنٍ وَلِسَانٍ وَسِنٍّ وَشَفَةٍ وَحَلَمَةٍ وَأَلْيَةٍ وَحَشَفَةٍ وَأُنْمُلَةٍ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَةِ ذَلِكَ مَنْسُوبًا بِالْأَجْزَاءِ وَفِي التَّرْغِيبِ هُنَا رِوَايَةٌ: ثُلُثُ دِيَةٍ لِشَحْمَةِ أُذُنٍ. وَفِي الْوَاضِحِ: فِيمَا بَقِيَ مِنْ أُذُنٍ بِلَا نَفْعٍ الدِّيَةُ، وَإِلَّا حُكُومَةٌ. وَفِي شَلَلِ عُضْوٍ أَوْ ذَهَابِ نَفْعِهِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَى شفتين بحيث لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُطْبِقَانِ1 عَلَى الْأَسْنَانِ، قَالَ فِي الْمُغْنِي2: أَوْ اسْتَرْخَتَا فَلَمْ يَنْفَصِلَا عَنْهُمَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ. قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ: وَفِي التَّقَلُّصِ حُكُومَةٌ، وَفِي تَسْوِيدِ سِنٍّ أَبَدًا دِيَتُهَا، كَأُذُنٍ وَأَنْفٍ وَظُفْرٍ، وَعَنْهُ: ثُلُثُ دِيَتِهَا كَتَسْوِيدِ أَنْفِهِ مَعَ بَقَاءِ نَفْعِهِ قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ. وَعَنْهُ: حُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ كَلَّتْ، وَعَنْهُ: إنْ ذَهَبَ نَفْعُهَا فَدِيَةٌ، وَإِنْ اخْضَرَّتْ فَعَنْهُ: كَتَسْوِيدِهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَعَنْهُ: حُكُومَةٌ وهي أشهر م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فِي السِّنِّ، وَإِنْ اخْضَرَّتْ فَعَنْهُ كَتَسْوِيدِهَا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَخَبِ، وَعَنْهُ: حُكُومَةٌ وهو أشهر "3انتهى. وأطلقهما في المغني4، والشرح5. إحداهما: فيه حكومة، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ أَشْهَرُ3". وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ: فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أَوْ تَحَرَّكَتْ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ، انتهى.
وَفِي عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ وَبَقِيَ صُورَتُهُ1 كَأَشَلَّ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَثَدْيٍ وَذَكَرٍ وَلِسَانٍ أَخْرَسَ وَطِفْلٍ بَلَغَ أَنْ يُحَرِّكَهُ بِالْبُكَاءِ وَلَمْ يُحَرِّكْهُ وَسِنٍّ سَوْدَاءَ وَعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَثَدْيٍ بِلَا حَلَمَةٍ، وَذَكَرٍ بِلَا حَشَفَةٍ، وَقَصَبَةِ أَنْفٍ، وَشَحْمَةِ أُذُنٍ، حُكُومَةٌ. وَعَنْهُ: ثُلُثُ دِيَةٍ. وَلَوْ حَرَّكَهُ بِبُكَاءٍ فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي لِسَانِ صَغِيرٍ لَمْ يَنْطِقْ الدِّيَةُ. وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ: حُكُومَةٌ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ فِي ذَكَرٍ وَلِسَانٍ أَشَلَّ دِيَةٌ. وَلَوْ نَبَتَ سِنٌّ مِنْ صَغِيرٍ سَوْدَاءُ ثُمَّ ثَغَرَ ثُمَّ عادت سوداء فالدية، ويحتمل كَنَابِتَةٍ بَيْضَاءَ ثُمَّ عَادَتْ سَوْدَاءَ، إنْ كَانَ لعلة فالروايتان، وإلا الدية. وَفِي يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَسِنٍّ زَوَائِدَ حُكُومَةٌ، وَعَنْهُ: ثُلُثُ دِيَتِهِ: وَقِيلَ: هَدَرٌ، وَالرِّوَايَتَانِ فِي ذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ، وَعَنْهُ: الدِّيَةُ، وَعَنْهُ: لِعِنِّينٍ2. وخرج مثله3 فِي الِانْتِصَارِ فِي لِسَانِ أَخْرَسَ. وَقَدَّمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ إنْ لَمْ يُجَامِعْ بِمِثْلِهِ فَثُلُثُ دِيَةٍ، وَإِلَّا دِيَةٌ قَالَ: فِي عَيْنٍ قَاتِمَةٍ نِصْفُ دِيَةٍ., وَفِي شَلَلِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ حُكُومَةٌ، كَعِوَجِهِمَا. قَالَ الشَّيْخُ: أَوْ تَغْيِيرُ لَوْنِهِمَا، وَقِيلَ: الدِّيَةُ كَشَلَلِ يَدٍ وَمَثَانَةٍ وَنَحْوِهِمَا. وفي المذهب: وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: خُضْرَتُهَا كَتَسْوِيدِهَا، قَطَعَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ فِي الْمُنْتَخَبِ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَقَطَعَ به أيضا في الكافي4.
أَشَلَّ الْمَارِنَ وَعَوَّجَهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَيُحْتَمَلُ دِيَةٌ. وَفِي أَنْفٍ أَخَشْمَ وَأُذُنٍ صَمَّاءَ وَمَخْرُومٍ مِنْهُمَا وَأَشَلَّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَفِي الْمُحَرَّرِ: إنْ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ سَالِمٌ فِي الْعَمْدِ فَحُكُومَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي أُذُنٍ مُسْتَحْشِفَةٍ وَهِيَ الشَّلَّاءُ رِوَايَتَانِ ثلث دية أو حكومة، وكذا1 فِي أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ. وَمَنْ لَهُ يَدَانِ عَلَى كُوعِهِ2 أَوْ يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى مِرْفَقَيْهِ وَتَسَاوَيَا فَهُمَا يَدٌ، وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي أَحَدِهِمَا: نِصْفُ دِيَةٍ وَحُكُومَةٌ وَفِي نِصْفِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَمَنْ لَهُ يَدَانِ عَلَى كُوعِهِ أَوْ يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى مِرْفَقَيْهِ وَتَسَاوَيَا فَهُمَا يَدٌ، وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي أَحَدِهِمَا: نِصْفُ دِيَةٍ وَحُكُومَةٌ، انْتَهَى. هَذَا صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ: وَفِي نِصْفِ أُصْبُعٍ مِنْ أَحَدِهِمَا: خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: وَفِي قَطْعِ أُصْبُعٍ مِنْ أَحَدِهِمَا:، بِإِسْقَاطِ نِصْفِ أُصْبُعٍ3 كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ6، لِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَالْيَدِ الْوَاحِدَةِ، فَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ.
أُصْبُعٍ مِنْ أَحَدِهِمَا: خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، فَإِنْ قَطَعَ يَدًا لَمْ يُقْطَعَا وَلَا أَحَدُهُمَا.
فصل وفي كل حاسة دية كاملة
فَصْلٌ وَفِي كُلِّ حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، كَذَا عِبَارَةُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ. يُقَالُ حَسَّ وَأَحَسَّ، أَيْ عَلِمَ، وَأَيْقَنَ: وَبِأَلِفٍ أَفْصَحُ، وَبِهِمَا جَاءَ الْقُرْآنُ1، وَإِنَّمَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ الْحَاسَّةُ وَالْحَوَاسُّ الْخَمْسُ عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ2 وَالْأَشْهَرُ فِي حَسَّ3 بِلَا أَلِفٍ4 بمعنى قتل5. وَهِيَ سَمْعٌ وَبَصَرٌ وَشْمٌ وَذَوْقٌ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِيهِ حُكُومَةً. وَتَجِبُ دِيَةٌ فِي كَلَامٍ وَعَقْلٍ وَمَشْيٍ وَنِكَاحٍ6 وَأَكْلٍ وَحَدَبٍ7 فِي رِوَايَةٍ فِيهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ، وَخَالَفَ فِيهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ م 2 وصعر، بأن يضربه فيصير الوجه في جانب، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَةٌ "8فِي كَلَامٍ وَعَقْلٍ وَمَشْيٍ وَنِكَاحٍ وَأَكْلٍ8" وَحَدَبٍ فِي رِوَايَةٍ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ فِيهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ انْتَهَى.
نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ2، أَوْ لَا يَبْلَعُ رِيقَهُ، وَفِي تَسْوِيدِهِ: وَلَمْ يَزُلْ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ: أَوْ أَزَالَ لَوْنَهُ3 إلَى غَيْرِهِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَمْسِكْ غَائِطٌ أَوْ بَوْلٌ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثُلُثُ دِيَةٍ، اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَمَنْفَعَةُ الصَّوْتِ وَمَنْفَعَةُ البطش، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفُصُولِ: أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْحَدَبِ الدِّيَةُ وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الْمَشْيِ، وَأَجْرَاهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ4 وَغَيْرِهِمْ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَقَالُوا: تَجِبُ في الحدب الدية، قال في الهداية: قَالَ أَحْمَدُ فِي الْحَدَبِ الدِّيَةُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ5 إذَا كَسَرَ صُلْبَهُ فَانْحَنَى لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ، انْتَهَى. وَقَطَعَ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ، قَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ المذهب
فَلِكُلِّ وَاحِدٍ الدِّيَةُ. وَفِي الْفُنُونِ: لَوْ سَقَاهُ ذَرْقَ حَمَامٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ. وَفِي إذْهَابِ الصَّوْتِ وَفِي نَقْصِهِ إنْ عَلِمَ بِقَدْرِهِ بأن يجن1 يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا، أَوْ يُذْهِبَ ضَوْءَ عَيْنٍ، أَوْ سَمْعِ أُذُنٍ، أَوْ شَمِّ مَنْخِرٍ، أَوْ أحد المذاق الخمس. وَفِي بَعْضِ الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا، وَقِيلَ: سِوَى الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ، وَسَوَاءٌ ذَهَبَ حَرْفٌ بِمَعْنَى كَلِمَةٍ كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَمَدَ أَوْ لَا، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ2 وَجْهٌ. وَمَنْ أُمْكِنَ زَوَالُ لُثْغَتِهِ3 لِكِبَرِ صَغِيرٍ. وَفِي الْمُغْنِي4: أَوْ تَعْلِيمِ كَبِيرٍ، فَالدِّيَةُ، وَإِلَّا وُزِّعَ عَلَى كَلَامِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ كَنَقْصِ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وشم ومشي أو انحنى5 قَلِيلًا، أَوْ صَارَ مَدْهُوشًا، أَوْ فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ، أَوْ عَجَلَةٌ أَوْ لَا يَلْتَفِتُ، أَوْ لَا6 يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ، أَوْ اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أَوْ احْمَرَّ أَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ، أَوْ ذَهَبَ لَبَنُ امْرَأَةٍ، فَحُكُومَةٌ، وَقِيلَ: إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ فَالدِّيَةُ، وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي نَقْصِ بصر يزنه بالمسافة، فلو نظر الشخص على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فَنَظَرُهُ عَلَى مِائَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: لَوْ لَطَمَهُ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ فَالدِّيَةُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَمَنْ صَارَ أَلْثَغَ فَقِيلَ: دِيَةُ الْحَرْفِ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ م 3. وَإِنْ قَطَعَ رُبُعَ لِسَانٍ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَنِصْفُ دِيَةٍ، فَإِنْ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى نِصْفُ دِيَةٍ وَالْأَشْهَرُ: وَحُكُومَةٌ، وَقِيلَ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةٍ كَالثَّانِيَةِ، وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ نِصْفٌ. وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَنُطْقُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَدِيَةٌ، وَإِنْ ذَهَبَا وَاللِّسَانُ بَاقٍ فَدِيَتَانِ. وَفِي الْوَاضِحِ: إنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَدِيَةٌ، أَزَالَ نُطْقَهُ أَوْ لَمْ يُزِلْهُ: فَإِنْ عَدِمَ الْكَلَامَ بِقَطْعِهِ وَجَبَ لِعَدَمِهِ أَيْضًا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، كَذَا وَجَدْته. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: لَوْ ذَهَبَ شَمُّهُ وَسَمْعُهُ وَمَشْيُهُ وَكَلَامُهُ تَبَعًا فَدِيَتَانِ. وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ فِي دِيَتِهِ؛ فِي الْمَنْصُوصِ. وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَدِيَتَانِ، كَذَهَابِ شَمٍّ أَوْ سَمْعٍ بِقَطْعِ أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ، وَعَنْهُ1: دِيَةٌ، كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ الذَّاهِبَةِ بِنَفْعِهَا. وَإِنْ ذَهَبَ ماؤه أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَمَنْ صَارَ أَلْثَغَ فَقِيلَ: دِيَةُ الْحَرْفِ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ، انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ صَارَ أَلْثَغَ وَجَبَتْ دِيَةُ الْحَرْفِ الذَّاهِبِ. وَقِيلَ: حُكُومَةٌ، فَإِنْ حَصَلَتْ بِهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ لُثْغَةٌ أَوْ عَجَلَةٌ أَوْ ثِقَلٌ فَحُكُومَةٌ، انْتَهَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: فيه حكومة.
إحْبَالُهُ فَالدِّيَةُ، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ: إنْ ذَهَبَ نَسْلُهُ الدِّيَةُ. وَفِي الْمُغْنِي1: فِي ذَهَابِ مَائِهِ احْتِمَالَانِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَجْنِيٍّ عليه في نَقْصِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، وَفِي قَدْرِ مَا أَتْلَفَهُ الْجَانِيَانِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ بَصَرِهِ أُرِيَ أَهْلَ الْخِبْرَةِ، وَيُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ شَيْءٍ إلَى عَيْنَيْهِ وَقْتَ غَفْلَتِهِ. وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ سَمْعٍ وَشْمٍ وَذَوْقٍ اُمْتُحِنَ وَعَمِلَ بِمَا يَظْهَرُ مَعَ اليمين، وكذا عقله، ولا يحلفه، قال2 فِي التَّرْغِيبِ وَيَرُدُّ الدِّيَةَ، إنْ عَلِمَ كَذِبَهُ. وَمَنْ أَفْزَعَ إنْسَانًا أَوْ ضَرَبَهُ، فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ- وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَوْ رِيحٍ، وذكر الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ- فَعَنْهُ: عَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ. وَعَنْهُ: هَدَرٌ، وَالْمُرَادُ: مَا لَمْ يَدُمْ م4. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: إنْ دَامَ فَثُلُثُ دِيَةٍ. ومن وطئ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَفْزَعَ إنْسَانًا أَوْ ضَرَبَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ أَوْ رِيحٍ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، فَعَنْهُ: عَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ3، وَعَنْهُ هَدَرٌ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يَدُمْ انْتَهَى. الرِّوَايَةُ الْأُولَى: وَهُوَ وُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَهُوَ أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5،
أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوَعَةً وَلَا شُبْهَةَ، أَوْ امْرَأَتَهُ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ لِمِثْلِهِ. فَأَفْضَاهَا1 بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ، أَوْ بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ، وَهُوَ حَقٌّ لَهُ، أَيْ لَهُ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ. وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَصَابَ آدَمِيًّا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، فَإِنْ ثَبَتَ الْبَوْلُ فَجَائِفَةٌ، وَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُ بَكَارَةٍ فِي دية إفضاء، على الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ هَدَرٌ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. "3فهذه أربع مسائل في هذا الباب3".
وَفِي الْفُنُونِ: فِيمَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا: الْقَوَدُ واجب. لأنه قتل بفعل يقتل مثله.
فصل وفي كل واحد من الشعور فصل الدية
فصل وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ فَصْلُ الدِّيَةِ، وَهِيَ شَعْرُ رَأْسٍ وَلِحْيَةٍ وَحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ عَيْنَيْنِ، نص عليه، ونقل حنبل: كل1 شَيْءٌ مِنْ الْإِنْسَانِ فِيهِ أَرْبَعَةٌ فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِي جِلْدَةِ وَجْهٍ وَفِي حَاجِبٍ نِصْفٌ، وَفِي هَدِبٍ2 رُبُعٌ، وَفِي بَعْضِهِ بِقِسْطِهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا: حُكُومَةٌ، فَإِنْ عَادَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَبْقَى مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مَا لَا جَمَالَ فِيهِ فَالدِّيَةُ، وَقِيلَ: بِقِسْطِهِ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ، وَعَنْهُ: فِي الشَّعْرِ حُكُومَةٌ، كَالشَّارِبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ قَلَعَ جَفْنًا بِهُدْبِهِ فَدِيَةُ الْجَفْنِ فَقَطْ. وَإِنْ قَلَعَ لَحْيَيْنِ بِالْأَسْنَانِ فَدِيَةُ الْكُلِّ. وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عَلَيْهِ بَعْضُ أَصَابِعِهِ دَخَلَ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ مَا حَاذَاهَا وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَقِيَّةِ الْكَفِّ، وَقِيلَ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الْأَصَابِعِ. وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ ثُلُثُ دِيَتِهِ، شَبَّهَهُ أَحْمَدُ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ، وَعَنْهُ: حكومة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَكَرَهَا1 فِي الْمُنْتَخَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَذَا الْعَضُدُ وَكَذَا تَفْصِيلُ الرِّجْلِ. وَفِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ كَكَمَالِ2 قِيمَةِ صَيْدِ الْحَرَمِ الْأَعْوَرِ، فَإِنْ قَلَعَهَا صَحِيحٌ فَلَهُ الْقَوَدُ بِشَرْطِهِ، وَيَأْخُذُ مَعَهُ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي الْمَنْصُوصِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ، وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا قَوَدَ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ قَلَعَهَا خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ خَطَأً فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. نَقَلَ مُهَنَّا3: عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنهم قالوا: الأعور إذا فقئت4 عَيْنُهُ لَهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً5 وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا فَقَأَ عَيْنَ صَحِيحٍ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِخِلَافِهِ إلَّا إبْرَاهِيمَ6، وَقِيلَ: تُقْلَعُ عَيْنُهُ، كقتل رجل بامرأة، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْأَشْهَرُ: وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِيَةٍ، وَخَرَّجَهُ فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ. إنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَقَطْ، وَذَكَرَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ دِيَتَانِ، وَقِيلَ: عَيْنُ الْأَعْوَرِ كَغَيْرِهِ، وَكَسَمْعِ أُذُنٍ وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجُ مَنْ جَعَلَهُ كَالْبَصَرِ فِي مَسْأَلَةِ نَظَرِيَّتِهِ مِنْ خَصَاصِ بَابٍ. وَفِي يَدِ الْأَقْطَعِ أَوْ رِجْلِهِ عَمْدًا نِصْفُ الدِّيَةِ، كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ وَعَنْهُ: كمالها، وعنه: إن1 ذَهَبَتْ الْأُولَى هَدَرًا. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ ذَهَبَتْ فِي حَدٍّ فَنِصْفُ دِيَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبَتْ فِي جِهَادٍ فَرِوَايَتَانِ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ إنْ كَمُلَتْ فِيهَا الدِّيَةُ. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الشجاج وكسر العظام
باب الشجاج وكسر العظام مدخل ... باب الشجاج وكسر العظام الشَّجَّةُ: جُرْحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ، وَهِيَ عُشْرُ الْحَارِصَةِ الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تدميه. ثم البازلة الدامية الدامعة1 الَّتِي تُدْمِيهِ، ثُمَّ الْبَاضِعَةُ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ الْغَائِصَةُ فِيهِ، ثُمَّ السِّمْحَاقُ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ، وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ: الْبَاضِعَةُ بَيْنَ الْحَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ تَشُقُّ اللَّحْمَ وَلَا تُدْمِيهِ. فَهَذِهِ خَمْسٌ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَعَنْهُ: فِي الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ، وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ، وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ. رُوِيَ عَنْ زَيْدٍ2 وَلَمْ يَصِحَّ. وَخَمْسٌ فِيهَا مُقَدَّرٌ: الْمُوضِحَةُ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتُبْرِزُهُ، فَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، فَمِنْ حُرٍّ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ3، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ فِي مُوضِحَةِ وَجْهٍ عَشْرَةٌ، فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَثِنْتَانِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ، وَإِنْ أَوْضَحَهُ ثِنْتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، فَإِنْ ذَهَبَ بِسِرَايَةٍ أَوْ جِنَايَتِهِ فَالْكُلُّ وَاحِدَةٌ. وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْرُوحُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَثَلَاثٌ، فَإِنْ قَالَ الْجَانِي أَنَا خَرَقْته صُدِّقَ الْمَجْرُوحُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ مَنْ يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ. قال: وله أرشان، وفي ثالث جهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمِثْلُهُ لَوْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعِ امْرَأَةٍ فَثَلَاثُونَ، فَإِنْ قَطَعَ الرَّابِعَةَ عَادَ إلَى عِشْرِينَ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَاطِعِهَا صُدِّقَتْ، وَإِنْ خَرَقَ جَانٍ بَيْنَ مُوضِحَتَيْنِ بَاطِنًا فَقَطْ فَوَاحِدَةٌ، وَقِيلَ: ثِنْتَانِ كَخَرْقِهِ ظَاهِرًا فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمَاعَةٌ مُوضِحَةً فَهَلْ يُوضَحُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِهَا أَوْ يُوَزَّعُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. ثُمَّ الْهَاشِمَةُ الَّتِي تُوَضِّحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ فَفِيهَا عَشْرَةُ أَبْعِرَةٍ، نَصَّ عليه، فإن هشمه بمثقّل1 وَلَمْ يُوضِحْهُ فَحُكُومَةٌ، وَقِيلَ: خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ كَهَشْمِهِ، عَلَى مُوضِحَةٍ. ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ الَّتِي تُوَضِّحُ وَتَهْشِمُ وَتُنَقِّلُ عِظَامَهَا فَفِيهَا خَمْسَةَ عَشْرَ بَعِيرًا، نَصَّ عَلَيْهِ. ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ الَّتِي تَصِلُ جِلْدَةَ الدِّمَاغِ تُسَمَّى الْآمَّةُ. ثُمَّ الدَّامِغَةُ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ، فلكل منهما ثلث الدية. وَإِنْ شَجَّهُ شَجَّةً بَعْضُهَا هَاشِمَةٌ أَوْ مُوضِحَةٌ وَبَقِيَّتُهَا دُونَهَا فَدِيَةُ هَاشِمَةٍ أَوْ مُوضِحَةٍ فَقَطْ، لِأَنَّهُ لَوْ هَشَمَهُ كُلَّهُ أَوْ أَوْضَحَهُ2 لَمْ يَلْزَمْهُ فَوْقَ دِيَةٍ، وَقَدْ أَنْشَدَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: سَلَا أُمَّ عَمْرٍو وَاعْلَمَا كُنْهَ شَأْنِهِ ... وَلَا سِيَّمَا أَنْ تَسْأَلَا هَلْ لَهُ عَقْلُ هَذَا يُخَاطِبُ رَجُلَيْنِ أَيْ سَلَا أُمَّ عَمْرٍو، أَيْ هَلْ شَجُّ رَأْسِ عَمْرٍو مِنْ الْمَأْمُومَةِ وَهَلْ تُوجِبُ هَذِهِ الْجِرَاحَةُ الدِّيَةَ أَمْ لَا؟ والعقل: الدية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ رَافِعٍ الْمَخْزُومِيُّ: أَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهَ لَمَّا سِقَاؤُنَا ... وَنَحْنُ بِوَادِي عَبْدِ شَمْسٍ "1وَهِيَ شِمْ1" يُرِيدُ أَقُولُ لِعَبْدَةَ، فَرَخَّمَ، وَنَصَبَ اللَّهَ عَلَى الْإِغْرَاءِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ: أَقُولُ لِعَبْدَةَ لَمَّا وَهِيَ سِقَاؤُنَا بِوَادِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَاءِ اتَّقِ اللَّهَ وَشِمْ الْبَرْقَ. وَقَالَ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ: لَقَدْ طَافَ عَبْدُ اللَّهِ بِي الْبَيْتَ سَبْعَةً ... فَسَلَعْنَ عُبَيْدُ اللَّهِ ثُمَّ أَبَى بَكْرُ فَتَحَ الدَّالَ فِي2 عَبْدِ اللَّهِ لِلتَّثْنِيَةِ، وَالسَّلْعَنَةُ؛ ضَرْبٌ مِنْ الْمَشْيِ، كَالْهَرْوَلَةِ، وَارْتَفَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ بِفِعْلِهِ وَأَبَى بَكْرٌ مِنْ الْإِبَاءِ يُقَالُ أَبَى يَأْبَى إبَاءً. وَقَالَ الْآخَرُ: مُحَمَّدِ زَيْدًا يَا أَخَا الْجُودِ وَالْفَضْلِ ... فَإِهْمَالُ مَا أَرْجُوهُ مِنْك مِنْ الْبَسْلِ يُرِيدُ يَا مُحَمَّدُ ثُمَّ رَخَّمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدِ زَيْدًا، أَيْ أَعْطِ دِيَتَهُ، وَالْبَسْلُ: الْحَرَامُ. وَقَالَ الْآخَرُ: عَلَى صُلْبِ الْوَظِيفِ3 أَشُدُّ يَوْمًا ... وَتَحْتِي فارس بطل كميت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُرِيدُ أَشُدُّ يَوْمًا عَلَى فَارِسٍ بَطَلٍ وَتَحْتِي كميت صلب الوظيف1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وفي الجائفة ثلث الدية،
فصل وفي الجائفة ثلث الدية، وَهِيَ مَا تَصِلُ بَاطِنَ جَوْفٍ، كَبَطْنٍ وَلَوْ لَمْ يَخْرِقْ الْأَمْعَاءَ، وَظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَحَلْقٍ وَمَثَانَةٍ وَبَيْنَ2 خُصْيَتَيْنِ وَدُبْرٍ. وَإِنْ جَرَحَ جَانِبًا فَخَرَجَ مِنْ آخَرَ فَثِنْتَانِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَاحِدَةٌ. وَإِنْ جَرَحَ خَدًّا فَنَفَذَ إلَى فَمِهِ أَوْ نَفَذَ أَنْفًا أَوْ ذَكَرًا أَوْ جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ فَحُكُومَةٌ، كَإِدْخَالِهِ أُصْبُعَهُ فَرْجَ بِكْرٍ وَدَاخِلِ عَظْمِ فَخِذٍ، وَقِيلَ: جَائِفَةٌ. وَإِنْ جَرَحَ وَرِكَهُ فَوَصَلَ إلَى جَوْفِهِ أَوْ أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ قَفَاهُ فَمَعَ دِيَةِ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ حُكُومَةٌ، لِجُرْحِ3 قَفَاهُ وَوَرِكِهِ. وَمَنْ وَسَّعَ جُرْحَ جَائِفَةٍ بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: أَوْ أَحَدُهُمَا: فَجَائِفَةٌ. وَإِنْ فَتَقَ مُوضِحَةً نَبَتَ شَعْرُهَا فَجَائِفَةٌ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ انْدَمَلَتْ فَأَوْضَحَهَا آخَرُ فَقِيلَ: مُوضِحَةٌ، وَقِيلَ: حُكُومَةٌ، وَكَذَا فَتْقُ جَائِفَةٍ مُنْدَمِلَةٍ. وَذَكَرَ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ رِوَايَةَ ابْنِ مَنْصُورٍ: إنْ أَوْضَحَهُ فَبَرَأَ وَلَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ ثُمَّ أَوْضَحَهُ آخَرُ فَحُكُومَةٌ. وَإِنْ الْتَحَمَ مَا أَرْشُهُ مُقَدَّرٌ لَمْ يَسْقُطْ، وَفِي كَسْرِ ضِلْعٍ جَبْرٍ مستقيما بعير، وكذا ترقوة، نص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ، وَفِي الْإِرْشَادِ1: اثْنَانِ. وَهَلْ فِي كَسْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فَخِذٍ وَسَاقٍ وَعَضُدٍ وَذِرَاعٍ وَهُوَ السَّاعِدُ الْجَامِعُ لَعَظْمِي الزَّنْدِ بَعِيرٌ أَوْ اثنان؟ فيه روايتان م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَهَلْ فِي كَسْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ فَخِذٍ وَسَاقٍ وَعَضُدٍ وَذِرَاعٍ وَهُوَ السَّاعِدُ الْجَامِعُ لَعَظْمِي الزَّنْدِ بَعِيرٌ أَوْ اثْنَانِ، فِيهِ رِوَايَتَانِ. ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ حُكْمُهُنَّ وَاحِدٌ: إحْدَاهُمَا: فِي كُلِّ وَاحِدٍ بَعِيرَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْهَادِي وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي كَسْرِ السَّاقِ وَالْفَخِذِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: فِي كُلِّ وَاحِدٍ بَعِيرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رواية صالح، وجزم بِهِ فِي3 الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الْقَاضِي. وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي غَيْرِ الخمسة وهي الضلع والترقوتان والزندان4، وقطع أن5 في الزند6 بعيرين. فهذه أربع مسائل.
وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: فِيهَا وَفِي ضِلْعٍ حُكُومَةٌ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ كُسِرَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ: فِيهَا حُكُومَةٌ، وَإِنْ انْجَبَرَتْ. وَتَرْجَمَهُ أَبُو بكر بنقص العضو بجناية، وعنه: في الزند1 أَرْبَعَةٌ، لِأَنَّهُ عَظْمَاتُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ فِيمَا سِوَاهُ حُكُومَةٌ، كَبَقِيَّةِ الْجُرُوحِ، وَكَسْرِ الْعِظَامِ، كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وعصعص2 وعانة، وقاله في الإرشارة3 في غير ضِلْعٍ. وَالْحُكُومَةُ: أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ وَهِيَ بِهِ قَدْ بَرَأَتْ، فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ فله كنسبته "4من الدية كأن قيمته4" صَحِيحًا عَشْرَةٌ وَمَعِيبًا تِسْعَةٌ فَفِيهِ، عُشْرُ دِيَتِهِ، ولا يبلغ بحكومة محل له مُقَدَّرَةً5 عَلَى الْأَصَحِّ، كَمُجَاوَزَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْجِنَايَةُ حَالَ الْبُرْءِ فَحُكُومَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَتُقَوَّمُ حَالَهَا، وَقِيلَ: قَبِيلَ الْبُرْءِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ فِيهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُنْقِصْهُ ابْتِدَاءً، أَوْ زادته حسنا6، في الأصح. والله أعلم7. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلد العاشر
المجلد العاشر كتاب الديات فصل: باب العاقلة وما تحمله مدخل ... باب العاقلة وما تحمله سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ, نَقَلَهُ عَنْهُ حَرْبٌ, عَاقِلَةُ الْجَانِي: كُلُّ ذُكُورٍ عَصَبَةٍ1, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, نَسَبًا وَوَلَاءً, الْأَحْرَارُ الْعَاقِلُونَ الْبُلَّغُ الْأَغْنِيَاءُ, وَقِيلَ: وَمُمَيِّزٌ, وَعَنْهُ: وَفَقِيرٌ مُعْتَمِلٌ, وَلَوْ بَعُدُوا أَوْ غَابُوا. وَعَنْهُ: إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ, اخْتَارَهُ الخرقي وفي الترغيب: إلا أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ فِي الْعَاقِلَةِ, وَعَنْهُ: إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ. انْتَهَى. تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ, وَإِنَّمَا قَالَ الْخِرَقِيُّ2: وَالْعَاقِلَةُ الْعُمُومَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا, فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى": الْأَبُ وَالِابْنُ وَالْإِخْوَةُ وَكُلُّ الْعَصَبَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ, انْتَهَى. وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخِرَقِيِّ, بَلْ كَلَامُهُ إلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ أَقْرَبُ, وَهِيَ قَوْلُهُ "وَعَنْهُ3 إلَّا عَمُودَيْهِ وَإِخْوَتَهُ" فَأَخْرَجَ الْآبَاءَ وَالْأَبْنَاءَ وَالْإِخْوَةَ, فَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ الرِّوَايَةِ الْأُولَى التي ذكرها الخرقي.
يَكُونَ الِابْنُ1 مِنْ عَصَبَةِ أُمِّهِ, وَعَنْهُ: إلَّا عَمُودَيْهِ وَإِخْوَتَهُ, وَهُمْ عَصَبَتُهُ, وَعَنْهُ: إلَّا ابْنَاهُ إذَا كَانَ امْرَأَةً, نَقَلَ حَرْبٌ: الِابْنُ2 لَا يَعْقِلُ عَنْ أُمِّهِ, لِأَنَّهُ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ, وَفِي هَرَمٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَجْهَانِ "م 1" وَعَنْهُ: تعقل امرأة وخنثى بولاء, فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَحْمِلُهَا حَامِلُ جِنَايَتِهَا. وَإِنْ عَرَفَ نَسَبَ قَاتِلٍ مِنْ قَبِيلَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا لَمْ يَعْقِلُوا عَنْهُ, ذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ. وَلَا تَعَاقُلَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ كَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ, وَقِيلَ: بَلَى إنْ تَوَارَثَا. وَيَتَعَاقَلُ ذِمِّيَّانِ, وَعَنْهُ: لَا فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ فَوَجْهَانِ وفي الترغيب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ "وَفِي هَرَمٍ وَزَمِنٍ وَأَعْمَى وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. "أَحَدُهُمَا" يَحْمِلُونَ مِنْهَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ; فَأَمَّا الزَّمْنَى وَالشُّيُوخُ وَالضُّعَفَاءُ فَيَعْقِلُونَ كَمَا يَعْقِلُ غَيْرُهُمْ, وَكَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَيَعْقِلُ الْمَرِيضُ وَالضَّعِيفُ وَالشَّيْخُ, وَفِي الهرم والزمن وجهان, انتهى.
رِوَايَتَانِ "م 2". وَخَطَأُ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فِي حُكْمٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَخَطَإِ وَكِيلٍ, وَعَلَيْهَا: لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: عَلَى عَاقِلَتِهِمَا1, وَالْمُرَادُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ, كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ, كَغَيْرِ حُكْمٍ. وَكَذَا إنْ زَادَ سَوْطًا كَخَطَإٍ فِي حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ, أَوْ جَهْلًا حَمْلًا2, أَوْ بَانَ مَنْ حَكَمَا بِشَهَادَتِهِ غَيْرِ أَهْلٍ, وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَوْ عَجَزَتْ عَنْ الْجَمِيعِ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ حَالًّا, وَقِيلَ: كَالْعَاقِلَةِ, وَعَنْهُ: لَا تَحْمِلُهُ, فَإِنْ تَعَذَّرَ سقطت, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"والوجه الثاني" لا يحملون شيئا. مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ "وَيَتَعَاقَلُ ذِمِّيَّانِ, وَعَنْهُ: لَا, فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ فَوَجْهَانِ, وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": يَتَعَاقَلُونَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَتَعَاقَلُونَ. وَذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْكَافِي3, وَقَالَ: بناء على
نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, لِأَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ ابْتِدَاءً. وَقَالَ الشَّيْخُ: بَلْ تَتَحَمَّلُهَا, وَإِنْ سَلَّمَ فَمَعَ وُجُودِهِمْ, وَقِيلَ: بَلْ فِي مَالِهِ. وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَا عَاقِلَةَ لَهُ فَقِيلَ: كَمُسْلِمٍ, وَقِيلَ: فِي مَالِهِ "م 3" كَمَنْ رَمَى سَهْمًا ثُمَّ أسلم أو كفر قَبْلَ إصَابَتِهِ, فِي الْأَصَحِّ, وَكَجِنَايَةِ مُرْتَدٍّ, وَحُكِيَ وَجْهٌ. وَإِنْ تَغَيَّرَ دَيْنٌ جَارِحٌ حَالَتَيْ جُرْحٍ وَزَهُوقٍ عَقَلَتْ عَاقِلَتُهُ حَالَ الْجُرْحِ, وَقِيلَ: أَرْشُهُ, وَقِيلَ: الْكُلُّ فِي مَالِهِ, وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ ابْنِ مُعْتِقِهِ بَيْنَ جُرْحٍ أَوْ رَمْيٍ وَتَلَفٍ فكتغير دين. ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّوَايَتَيْنِ فِي تَوْرِيثِهِمْ, انْتَهَى. وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ التَّوَارُثِ, كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ وَغَيْرِهِ, وَقِيلَ: إنْ اتَّفَقَ دِينُهُمْ تَعَاقَلُوا وَإِلَّا فَلَا, قَالَ فِي الْمُغْنِي; وَلَا يَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ, وَلَا نَصْرَانِيٌّ عَنْ يَهُودِيٍّ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَاقَلَا. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ "وَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا لَا عَاقِلَةَ لَهُ فَقِيلَ: كَمُسْلِمٍ, وَقِيلَ: فِي مَالِهِ" انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَكُونُ فِي مَالِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ الْقَاضِي فِي كُتُبِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وغيرهم, وقدمه في الرعاية الكبرى.
فصل: ولا تحمل عاقلة عمدا
فَصْلٌ: وَلَا تَحْمِلُ عَاقِلَةٌ عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا لَمْ تُصَدِّقْهُ بِهِ وَلَا صُلْحًا, وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِصُلْحِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. وَقَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْعَمْدِ, بَلْ مَعْنَاهُ صَالَحَ عَنْهُ صُلْحَ إنْكَارٍ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَلَا قِيمَةَ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ, أَوْ قِيمَةَ طَرَفِهِ, وَلَا جِنَايَةً1 وَلَا دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَتُحْمَلُ الْغُرَّةُ تَبَعًا لِدِيَةِ الْأُمِّ, إلَّا2 إنْ تَأَخَّرَ مَوْتُ الْأُمِّ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ3 أَيْضًا: هَذَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ, وَقَالَ: الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ, فَقِيلَ لَهُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَعَلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةً فَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا. فَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ خَبَرُ الْمَرْأَةِ الَّتِي قَتَلَتْ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا4. قَالَ: فَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ قَضَى بِدِيَةِ الْجَنِينِ عَلَى الْجِنَايَةِ5 حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ الثُّلُثَ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً عَمْدًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ, فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالٌ: تحمل القليل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْقَوْلُ الْآخَرُ" حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِ, قَدَّمَهُ فِي المحرر.
وَعَمْدُ مُمَيِّزٍ كَمَجْنُونٍ, وَعَنْهُ: فِي مَالِهِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ: مُغَلَّظَةٌ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: فِي مَالِهِ بَعْدَ عَشْرٍ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: ما أصاب الصبي من شيء فعلى الأب1 إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ, فَإِذَا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ2, فَهَذَا رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الثُّلُثَ. وَتَحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ مُؤَجَّلًا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ, نَصَّ عَلَيْهِ كَخَطَإٍ, وَعَنْهُ: مُؤَجَّلًا كَذَلِكَ فِي مَالِ جَانٍ وَقِيلَ: حَالًّا, قَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ كَغَيْرِهِ3, وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: تَحْمِلُهُ4 حَالًّا. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا مَا دُونَ الثُّلُثِ, وَجَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَالِ جَانٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ. وَفِي الرَّوْضَةِ: دِيَةُ الْخَطَإِ فِي خَمْسِ سِنِينَ, فِي كُلِّ سنة خمسها, ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "وَقَالَ الْخِرَقِيُّ, تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ" يَعْنِي الْعَمْدَ وَالصُّلْحَ وَالِاعْتِرَافَ وَمَا دُونَ الثُّلُثِ, لَيْسَ هَذَا فِي الْخِرَقِيِّ, وَلَعَلَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ نقل صاحب
وَيَجْتَهِدُ حَاكِمٌ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ, فَيَحْمِلُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَسْهُلُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: يَحْمِلُ الْمُوسِرُ مَالِكُ نِصَابٍ عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عَنْهُ, كَالْحَجِّ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ نِصْفُ دِينَارٍ, وَالْمُتَوَسِّطُ رُبُعًا, وَفِي تَكَرُّرِهِ1 فِي الْأَحْوَالِ وَجْهَانِ "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّبْصِرَةِ, وَأَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْخِرَقِيِّ فِي غَيْرِ كِتَابَةٍ, وَإِلَّا فَهُوَ خَطَأٌ2. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَفِي تَكَرُّرِهِ1 فِي الْأَحْوَالِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُصُولِ وَالْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ.
وَيَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ كَإِرْثٍ, قَالَ أَحْمَدُ: الْأَبُ فَمَنْ دونه الأقرب فَالْأَقْرَبُ. وَفِي الْوَاضِحِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ: الْآبَاءُ ثُمَّ الْأَبْنَاءُ, وَقِيلَ مُدْلٍ بِأَبٍ كَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مُسَاوَاةِ أَخٍ لِأَبٍ "لِأَخٍ"1 لِأَبَوَيْنِ رِوَايَتَيْنِ, وَخَرَجَ مِنْهَا مُسَاوَاةُ بَعِيدٍ لِقَرِيبٍ, وَنَقَلَ الْفَضْلُ وَابْنُ مَنْصُورٍ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرْسَلَ إلَى الْمَرْأَةِ فَأَسْقَطَتْ قَالَ لِعَلِيٍّ: لَا تبرح حتى تقسمها على قومك, يقول: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا": يَتَكَرَّرُ النِّصْفُ دِينَارٍ وَالرُّبُعُ دِينَارٍ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ, عَلَى الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, فَيَجِبُ فِي كُلِّ حَوْلٍ, عَلَى الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ, وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبُعُ دِينَارٍ. قَالَ فِي الْكَافِي2: لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ عَلَى سَبِيلِ المواساة, فيتكرر بالحول كالزكاة, انتهى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَتَكَرَّرُ, 3بَلْ يُقَسَّطُ3 عَلَى الْغَنِيِّ النِّصْفُ دِينَارٍ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ, وَكَذَلِكَ الْمُتَوَسِّطُ يُقَسَّطُ عَلَيْهِ الرُّبُعُ دِينَارٍ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ, صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُصُولِ, وَأَزَالَ الْإِشْكَالَ, قَالَ فِي الْكَافِي2: لَوْ قُلْنَا يَتَكَرَّرُ لَأَفْضَى إلَى إيجَابِ أَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ الزَّكَاةِ, فَيَكُونُ مُضِرًّا, انْتَهَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5: لِأَنَّ فِي إيجَابِ زِيَادَةٍ عَلَى النِّصْفِ إيجَابًا لِزِيَادَةٍ عَلَى أَقَلِّ الزَّكَاةِ فَيَكُونُ6 مُضِرًّا, انْتَهَى. فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ, وَلَيْسَ فِي بَابِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ شَيْءٌ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ.
عَلَى قُرَيْشٍ, فَقَسَمَهَا عَلَيْهِمْ1. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَضْرِبُ عَلَى عَاقِلَةٍ مُعْتِقَةٍ فِي حَيَاةِ مُعْتِقَةٍ, بِخِلَافِ عَصَبَةِ النَّسَبِ, كَذَا قَالَ: وَنَقَلَ حَرْبٌ: وَالْمَوْلَى يَعْقِلُ عَنْهُ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ. وَتُؤْخَذُ مِنْ بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ2 قَرِيبٍ وَقِيلَ: يُبْعَثُ إلَيْهِ. فَإِنْ تُسَاوَوْا وَكَثُرُوا وُزِّعَ الْوَاجِبُ بَيْنَهُمْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَمَا أَوْجَبَ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَقَلَّ أُخِذَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ, وَثُلُثَيْهَا فَأَقَلَّ فَفِي رَأْسِ الْحَوْلِ ثُلُثٌ وَبَقِيَّتُهُ فِي رَأْسِ آخَرَ, وَإِنْ أَوْجَبَ دِيَةً فَأَكْثَرَ فَفِي كُلِّ حَوْلٍ ثُلُثٌ, وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: دِيَةُ نَفْسٍ فِي ثَلَاثٍ. وَقِيلَ: الْكُلُّ, وَإِنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ فَدِيَتُهُمَا فِي ثَلَاثٍ, كَإِذْهَابِهِ بِجِنَايَتِهِ سَمْعًا وَبَصَرًا, وَقِيلَ: فِي سِتٍّ. وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ مِنْ الزُّهُوقِ, وَفِي الْجُرْحِ مِنْ الْبُرْءِ, وَقَالَ الْقَاضِي: مِنْ الْجِنَايَةِ فِي قَتْلِ مُوحٍ وَجُرْحٍ لَمْ يَسْرِ, وَمَنْ صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ, فِي الْأَصَحِّ, وَإِنْ حَدَثَ مانع بعد الحول فقسطه وإلا سقط3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: باب كفارة القتل
فصل: باب كفارة القتل مدخل ... باب كفارة القتل تَلْزَمُ كُلُّ قَاتِلٍ وَلَوْ بِسَبَبٍ بَعْدَ مَوْتِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِكُلِّ مَقْتُولٍ بِغَيْرِ حَقٍّ, وَلَوْ مُسْتَأْمَنًا, وَقِيلَ: وَلَوْ مُضْغَةً لَمْ تُتَصَوَّرْ, فِي الْإِرْشَادِ1 إنْ جَنَى عَلَيْهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَأَكْثَرَ, فَقِيلَ: كَفَّارَةٌ, وَقِيلَ: تَتَعَدَّدُ فَيَخْرُجُ مِثْلُهُ فِي جَنِينٍ وَأُمِّهِ2, وَعَنْهُ: يَكْفِي الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ3, واختار4 الشَّيْخُ: لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ, وَعَنْهُ: وَلَا كَافِرًا, بِنَاءً عَلَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ, قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي إخْرَاجِ وَاجِبِ حَجٍّ لَا يَلْزَمُ مَجْنُونًا, وَاخْتَارَ أَنَّ قَتْلَ الْجَاهِلِيَّةِ الْمَوْءُودَةِ كَانُوا مُعْتَقِدِينَ الْحِلَّ, وَالْجَهْلُ بِالْحُكْمِ كَالْخَطَإِ, وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ صَحَّ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ عُمَرَ أَنْ يُعْتِقَ عَنْ كُلِّ مَوْءُودَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ رَقَبَةً. وَلَا تَلْزَمُ قَاتِلًا حَرْبِيًّا, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ, وَلَا قَاتِلًا نِسَاءَ حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ, وَقَوَدًا وَاحِدًا5, وَصَائِلًا وَبَاغِيًا, وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ عَلَى رِوَايَةٍ لَا ضمان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي بَابِ دُعَاءِ الْمُشْرِكِينَ: مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ, ثُمَّ قَالَ: وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ, وَلَا تَلْزَمُ فِي الْعَمْدِ, وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ بِقَوْلِهِ {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93] فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِالتَّكْفِيرِ احْتَاجَ دَلِيلًا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ نَسْخُ الْقُرْآنِ. زَادَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَأَيْنَ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى1 أَنَّهُ إذَا تَابَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ كُفْرٍ قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ, وَعَنْهُ: بَلَى, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَغَيْرُهُمَا, كَشَبَهِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَمَنْ لَزِمَتْهُ فَفِي مَالِهِ, وَقِيلَ: مَا حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ مِنْ خَطَإِ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فَفِيهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ مِنْ مَالِهِ وَلِيُّهُ, نَقَلَ مُهَنَّا2: الْقَتْلُ لَهُ كَفَّارَةٌ, وَالزِّنَا لَهُ كَفَّارَةٌ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَيْسَ بَعْدَ الْقَتْلِ شَيْءٌ أَشَدَّ مِنْ الزِّنَا. قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ الْقَتْلُ, وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي مختصر المزني في كتاب الشهادات3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: باب القسامة
فصل: باب القسامة مدخل ... باب القسامة وَهِيَ أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ, وَظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ مُوجِبٌ لِلْقَوَدِ1. وَفِي التَّرْغِيبِ عَنْهُ: عَمْدًا, وَالنَّصُّ: أَوْ خَطَأً, وَقِيلَ: لَا قَسَامَةَ في عبد و2كَافِرٍ, كَطَرَفٍ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ لَهَا اللَّوَثُ, وَهُوَ الْعَدَاوَةُ وَلَوْ مَعَ سَيِّدِ عَبْدٍ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَصَبَةُ مَقْتُولٍ, نَحْوَ مَا كَانَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَكَالْقَبَائِلِ الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ, وَنَقَلَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: عَدَاوَةٌ أَوْ عَصَبِيَّةٌ. وَعَنْهُ: أَنَّهُ3 مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى, كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ, وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ مَنْ مَعَهُ سَيْفٌ ملطخ بدم, وشهادة من لا يثبت بشهادتهم4 قَتْلٌ, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ وَشَيْخُنَا وَغَيْرُهُمْ. وَقَوْلُ الْمَجْرُوحِ فُلَانٌ جَرَحَنِي لَيْسَ لَوَثًا. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: أَذْهَبُ إلَى الْقَسَامَةِ إذَا كَانَ ثَمَّ لَطْخٌ, إذَا كَانَ ثُمَّ سَبَبٌ بَيِّنٌ, إذَا كَانَ ثَمَّ عَدَاوَةٌ, إذَا كَانَ مِثْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَفْعَلُ هَذَا. وَعَنْهُ: يُشْتَرَطُ مَعَ الْعَدَاوَةِ أَثَرُ الْقَتْلِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ كَدَمٍ مِنْ أُذُنِهِ, وَفِيهِ مِنْ أَنْفِهِ وَجْهَانِ "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ فِي الْعَدَاوَةِ أَثَرُ القتل, اختاره أبو بكر, كدم في
وَيُتَوَجَّهُ: أَوْ مِنْ شَفَتِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَيْسَ أثرا, واشترط القاضي أن لا يختلط بالعدو1 وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ ادَّعَى قَتِيلٌ عَلَى مَحَلَّةِ بَلَدٍ كَبِيرٍ يَطْرُقُهُ غَيْرُ أَهْلِهِ تَثْبُتُ الْقَسَامَةُ فِي رِوَايَةٍ. وَيُشْتَرَطُ تَكْلِيفُ الْقَاتِلِ, لِتَصِحَّ الدَّعْوَى وَإِمْكَانُ الْقَتْلِ مِنْهُ, وَإِلَّا كَبَقِيَّةِ الدَّعَاوَى وَصِفَةُ الْقَتْلِ, فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ الْحَاكِمُ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ, لِعَدَمِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَطَلَبِ الْوَرَثَةِ, وَكَذَا اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْقَتْلِ وَعَيَّنَ الْقَاتِلَ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُكَذِّبْ بعضهم بعضا 2لم يقدح2, كغيبته3 وَعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَنُكُولِهِ, فِي الْأَصَحِّ فِيهِنَّ; وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ بِقِسْطِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 2". وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ, ثُمَّ إنْ زَالَ الْمَانِعُ4 عن صاحبه حلف بقسطه, ـــــــــــــــــــــــــــــQأُذُنِهِ. وَفِيهِ مِنْ أَنْفِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "أَحَدُهُمَا" يَكُونُ لَوَثًا وَهُوَ الصَّوَابُ, كَمَا لَوْ خَرَجَ6 مِنْ أُذُنِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يكون لوثا. مَسْأَلَةٌ 2" "قَوْلُهُ". "وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أَوْ بقسطه" فيه وجهان, انتهى.
وَقِيلَ: خَمْسِينَ, وَيَأْخُذُ, وَعَلَى هَذَا إنْ1 اخْتَلَفَ التَّعْيِينُ أَقْسَمَ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ. وَمَتَى فُقِدَ اللَّوَثُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا, وَعَنْهُ: خَمْسِينَ وَبَرِئَ, وَعَنْهُ: لَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ, وَهِيَ أَشْهَرُ. وَلَا قَسَامَةَ مَعَ عَدَمِ تَعْيِينِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: نَحْوَ: قَتَلَهُ هَذَا مَعَ جَمَاعَةٍ. أَوْ قَتَلَهُ أَحَدُهُمَا, وَفِي الْمُغْنِي2 عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي ثُبُوتُهَا فِي: قَتَلَهُ زَيْدٌ وَآخَرُ لَا أَعْرِفُهُ. وَقَالَ آخَرُ: قَتَلَهُ عَمْرٌو وَآخَرُ لَا أَعْرِفُهُ, وَيُقْبَلُ تَعْيِينُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا أَعْرِفُهُ وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا قَسَامَةَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ واحد, إنما قال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ" 3: وَعَنْهُ: بَلَى, فِي غَيْرِ قَوَدٍ. وَتَجِبُ الدية, فلو ادعى على اثنين ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا". يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ5 فِي الْخِلَافِ, وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوِّرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَحْلِفُ بِقِسْطِهِ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَجَزَمَ به في الوجيز
"على" أَحَدُهُمَا لَوَثٌ حَلَفَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ وَأَخَذَ نِصْفَ الدِّيَةِ, وَالْآخَرُ إنْ حَلَفَ بَرِئَ, وَإِنْ نَكَلَ فَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ الْوَجْهَانِ, وَلَوْ1 عَيَّنَ بَعْضُهُمْ قَاتِلًا, فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا أَيْضًا, حَلَفَا عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَأَخَذَا2 نِصْفَ الدِّيَةِ. وَيَجِبُ الْقَوَدُ فِي قَسَامَةِ الْعَمْدِ بِشَرْطِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, كَسَائِرِ قَتْلِ الْعَمْدِ. قَالَ أَحْمَدُ: الَّذِي يَدْفَعُ الْقَتْلَ فِي هَذَا قَدْ يُبِيحُهُ بِأَيْسَرَ مِنْهُ, فَيُبِيحُهُ بِالظَّنِّ, فَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ بِسِلَاحٍ لِيَأْخُذَ مَتَاعَهُ أَلَيْسَ دَمُهُ هَدَرًا؟ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَنَلْهُ بِشَيْءٍ, فَكَذَا بِمَا وَقَعَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَرَفُوهُ وَيُقْسِمُونَ3 عَلَيْهِ. وَيَبْدَأُ فِي الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ ذُكُورِ الْعَصَبَةِ الْعُدُولِ أَوَّلًا نَصَّ عَلَيْهِ الْوَارِثِينَ, وَعَنْهُ: أَوْ لَا, نَصَرَهَا جماعة فقسم4 من عرف 5وجه نِسْبَةٌ5 مِنْ الْمَقْتُولِ, لَا أَنَّهُ مِنْ الْقَبِيلَةِ فَقَطْ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَسَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْلِيَاءَهُ6؟ قَالَ: فَقَبِيلَتُهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَأَقْرَبُهُمْ مِنْهُ. وَلَا تُقْسِمُ أُنْثَى, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ تُقْسِمُ فِي الْخَطَإِ, وَفِي خنثى7 وجهان "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَفِي خُنْثَى وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا في المغني8
وَلَا مُرْتَدٌّ وَقْتَ مَوْتِ1 مَوْرُوثِهِ الْحُرِّ, لِعَدَمِ إرثه ولو أسلم, بل1 بعد موته, فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ بِقَدْرِ إرْثِهِمْ وَيَكْمُلُ الْكَسْرُ وَإِنْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ حَلَّفَهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَا أَجْتَرِئُ عَلَيْهِ. النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يَحْلِفُ مِنْكُمْ خَمْسُونَ" 2 قُلْت: فَمَنْ احتج بالواحد؟ قال: يحتج بحديث معاوية, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": لَا مَدْخَلَ لَهُ, كَالنِّسَاءِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَجَزَمَ به الوجيز والمنور, وقدمه في الرعايتين.
قَصَرَهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ1, ابْنُ الزُّبَيْرِ2. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يَحْلِفُ وَلِيٌّ يَمِينًا; وَعَنْهُ: خَمْسِينَ. وَإِنْ جَاوَزُوا خَمْسِينَ حَلَفَ خَمْسُونَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا, وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَيْمَانِ فِي مَجْلِسٍ واحد فيه وجهان أصلهما الموالاة "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"والوجه الثاني": له مدخل كالرجل, فيحلف. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَيْمَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فِيهِ وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا الْمُوَالَاةُ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُعْتَبَرُ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "أَصْلُهُمَا الْمُوَالَاةُ" يَعْنِي أَنَّ الْأَيْمَانَ هل تجب الموالاة فيها أم
فَإِنْ1 اُعْتُبِرَ فَحَلَفَ ثُمَّ جُنَّ أَوْ عَزَلَ الْحَاكِمُ مَوْلَاهُ, لَا وَارِثَهُ, وَوَارِثُهُ كَهُوَ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ إنْ لَمْ يَكُنْ طَالِبٌ فَلَهُ الْحَقُّ ابْتِدَاءً, وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِ الدَّعْوَى فِي يَمِينٍ: الْمُدَّعِي. وَمَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ2 فَالْحَقُّ لِلْجَمِيعِ, وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْعَمْدَ لِذُكُورِ الْعَصَبَةِ, وَالسَّيِّدِ كَوَارِثٍ, وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ كَانُوا نِسَاءً حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ3, وَعَنْهُ: يَغْرَمُ الدِّيَةَ, وَعَنْهُ: مِنْ بيت الْمَالِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقَدَّمَ فِي الْمُوجَزِ: يَمِينًا وَاحِدَةً, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي التَّبْصِرَةِ. فَإِنْ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ وَصَحَّ فَقِيلَ: يَحْلِفُ كُلُّ واحد خمسين, وقيل: قسطه بالسوية "م 5" ـــــــــــــــــــــــــــــQلا؟ والصحيح من المذهب أنها4 لَا تَجِبُ, قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي5 والشارح6 وشرح ابن رزين وغيرهم. مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "فَإِنْ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ 7"وَصَحَّ"7 فَقِيلَ: يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ, وَقِيلَ: قَسَّطَهُ بِالسَّوِيَّةِ". انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. "أَحَدُهُمَا": يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا, وهو الصحيح, قدمه في المغني
و1فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا تَصِحُّ يَمِينُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ: مَا قَتَلْته وَلَا أَعَنْت عَلَيْهِ وَلَا تَسَبَّبْت, لِئَلَّا يَتَأَوَّلَ. وَيُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْتَ يَمِينِهِ, كَالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ, وَحُضُورُ الْمُدَّعِي, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَاهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَإِنْ نَكَلَ فَعَنْهُ كَذَلِكَ, وَعَنْهُ: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ, وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ, وَهِيَ أَظْهَرُ "م 6 و 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ2 وَنَصَرَاهُ, وَابْنُ رَزِينٍ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقِسْطِهِ وَيَكُونُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ3. "مَسْأَلَةٌ 6 و 7" قَوْلُهُ "وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْأَوْلِيَاءُ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَدَاهُ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَإِنْ نَكَلَ4 فَعَنْهُ كَذَلِكَ", وَعَنْهُ: يُحْبَسُ حَتَّى يَقْرَأَ أَوْ يحلف, وعنه: تلزمه الدية, وهي5 أَظْهَرُ, انْتَهَى. اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6": إذَا طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ وَنَكَلُوا فَهَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ, أَوْ يَحْلِفَ, أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ, وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ. "أَحَدُهُمَا"6: لَا يُحْبَسُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ7 وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي8
وَلَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أن يحلف, وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى رَدِّ الْيَمِينِ وَجْهَانِ, وَأَنَّهُمَا فِي كُلِّ نُكُولٍ عَنْ يَمِينٍ1 مَعَ الْعَوْدِ إلَيْهَا فِي مَقَامٍ آخَرَ, هَلْ لَهُ ذَلِكَ لِتَعَدُّدِ الْمَقَامِ أَمْ لَا؟ لِنُكُولِهِ مَرَّةً. وَيَفْدِي مَيِّتٌ فِي زَحْمَةٍ, كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ, مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِعُمَرَ وَعَلِيٍّ2, وَعَنْهُ: هَدَرٌ, وَعَنْهُ: فِي صَلَاةٍ لَا حَجَّ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ فِي غَيْرِ زِحَامٍ خَالِيًا. وَنُقِلَ عَنْ3 عَبْدِ اللَّهِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَدِيَهُ سُلْطَانٌ. قَالَ أبو بكر: فهذا استحباب. ـــــــــــــــــــــــــــــQوالشرح4 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ. "تَنْبِيهٌ" ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ شَيْئًا, وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" إذَا قُلْنَا لَا يُحْبَسُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ أَوْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟. أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهُوَ أَظْهَرُ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ
وَإِنْ كَانَ قَتِيلًا وَثَمَّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ1 أُخِذَ بِهِ نَقَلَهُ مُهَنَّا, وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ قَتِيلٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ؟ قَالَ: هَذَا قَسَامَةٌ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِعُمَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عُمَرَ "قِيسُوا مَا بَيْنَ الْحَيَّيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَقْرَبَ فَخُذْهُمْ بِهِ" فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أَتُغَرِّمُنَا وَتُحَلِّفُنَا؟ قَالَ: نَعَمْ, فَأَحْلَفَ خَمْسِينَ رَجُلًا بِاَللَّهِ مَا قَتَلْت وَلَا عَلِمْت قَاتِلًا. قَالَ عُمَرُ: وَهَذَا إزَالَةُ القود باليمين2, وعن أبي سعيد 3الخدري رضي الله عنه3 قَالَ: وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَرَّعَ مَا بَيْنَهُمَا, فَوُجِدَ إلَى أَحَدِهِمَا أَقْرَبَ, فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى شِبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَلْقَاهُ على أقربهما4, والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالنَّاظِمُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ, قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ.
كتاب الحدود
كتاب الحدود مدخل * ... كتاب الحدود تَحْرُمُ إقَامَةُ حَدٍّ إلَّا لِإِمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إلَّا لِقَرِينَةٍ, كَتَطَلُّبِ الْإِمَامِ لَهُ1 لِيَقْتُلَهُ, وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا ضَمَانَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلِسَيِّدٍ مُكَلَّفٍ عَالِمٍ بِهِ, وَالْأَصَحُّ حُرٌّ وَقِيلَ: ذَكَرٌ عَدْلٌ إقَامَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ عَلَى رَقِيقِهِ الْكَامِلِ رِقُّهُ, كَتَعْزِيرٍ. وَقِيلَ: غَيْرُ الْمُكَاتَبِ وَقِيلَ: وغير 2مرهونه ومستأجرة2, كأمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "وَلِسَيِّدٍ إقَامَتُهُ عَلَى رَقِيقِهِ, وَقِيلَ غَيْرُ مُكَاتَبٍ" انْتَهَى. فَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ إقَامَتَهُ عَلَى مُكَاتَبِهِ, وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُ مُتَابِعًا, وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يُقِيمُهُ عَلَيْهِ هُوَ3 الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: وَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ مُطْلَقًا عَلَى قِنٍّ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ4, قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَلَا يُقِمْ الْحَدَّ عَلَى مُكَاتَبَتِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ و5الرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم,.
مُزَوَّجَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِيهَا وَجْهٌ, وَصَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ, وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً فَالسُّلْطَانُ, وَأَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا حَتَّى تُحَدَّ وَجَعَلَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ مَرْهُونَةً, وَمُكَاتَبَةً أَصْلًا لِمُزَوَّجَةٍ, وَقِيلَ: يُقِيمُهُ وَلِيُّ امْرَأَةٍ, وَمَنْ أَقَامَهُ فَبِإِقْرَارٍ. وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ حَاكِمٌ, وَفِيهِ هُوَ وَجْهَانِ, مَعَ عِلْمِهِ بِشُرُوطِهَا1 "م 1" وَنَصُّهُ: يُقِيمُهُ بِعِلْمِهِ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ وُجُوبَ بَيْعِ رَقِيقٍ زَنَى فِي الرابعة, وفي قتله لردة وقطعه ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ "وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ حَاكِمٌ, وَفِيهِ هُوَ وَجْهَانِ مَعَ عِلْمِهِ شُرُوطَهَا", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": يَسْمَعُهَا وَيُقِيمُهُ كَالْحَاكِمِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَسْمَعُهَا وَلَا يُقِيمُهُ, قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ.
لِسَرِقَةٍ رِوَايَتَانِ "م 2" وَيَأْتِي فِي التَّعْزِيرِ1 وُجُوبُ إقَامَةِ الْحَدِّ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ شَرِيكًا لِمَنْ يُقِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْصِيَةِ أَوْ عَوْنًا لَهُ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَاحْتَجَّ بِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ, بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى وَلَا يَجْمَعَ بَيْنَ مَعْصِيَتَيْنِ. وَقَالَ شَيْخُنَا إنْ عَصَى الرَّقِيقُ عَلَانِيَةً أَقَامَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ الْحَدَّ, وَإِنْ عَصَى سِرًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ إقَامَتُهُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ سِتْرِهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ, كَمَا يُخَيَّرُ الشُّهُودُ عَلَى إقَامَةِ الْحَدِّ بَيْنَ إقَامَتِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ السِّتْرِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ, فَإِنْ تَرَجَّحَ أَنَّهُ2 يَتُوبُ سَتَرُوهُ, وَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِ إقامة الحد عليه ضرر للناس ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَفِي قَتْلِهِ لِرِدَّةٍ وَقَطْعِهِ لِسَرِقَةٍ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ, ونصروه5, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ الآدمي في منتخبه, وقدمه في الكافي. "و6الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَهُ ذَلِكَ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وتصحيح المحرر, وجزم
كَانَ فِي الرَّاجِحِ رَفْعُهُ إلَى الْإِمَامِ, وَلِهَذَا لَمْ يَقُلْ أَصْحَابُنَا إلَّا أَنَّ لَهُ إقَامَةَ الْحَدِّ بِعِلْمِهِ, وَلَمْ1 يَقُولُوا إنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ, وَذَلِكَ لِأَنَّهُ2 لَوْ وَجَبَ عَلَى مَنْ عَلِمَ من رقيقه حدا أن يقيمه عليه مَعَ إمْكَانِ اسْتِتَابَتِهِ لَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى وُجُوبِ هَتْكِ كُلِّ رَقِيقٍ, وَأَنَّهُ لَا يُسْتَرُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ, وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" 3. كَذَا قَالَ وَيُقَالُ: السَّيِّدُ فِي إقَامَتِهِ كَالْإِمَامِ, فَيَلْزَمُهُ إقَامَتُهُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَهُ كَالْإِمَامِ. وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَهُ بِدَلِيلِ الْإِمَامِ, وَإِنَّمَا قَالَ الْأَصْحَابُ: لِلسَّيِّدِ إقَامَتُهُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَوْهُ مِنْ التَّحْرِيمِ, وَيَتَوَجَّهُ مِنْ قَوْلِ شَيْخِنَا تَخْرِيجٌ فِي الْإِمَامِ, وَغَايَتُهُ تَخْصِيصُ ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ وَتَقْيِيدُ مطلقها, وهو جائز, و4لَكِنَّ الشَّأْنَ فِي تَحْقِيقِ دَلِيلِ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ. وَقِيلَ: لِوَصِيٍّ حَدُّ رَقِيقِ مُوَلِّيهِ. وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا, وَعَنْهُ: قَاعِدًا, بِسَوْطٍ لَا خَلَقٍ وَلَا جَدِيدٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلْتَكُنْ الحجارة متوسطة كالكفية5, وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ: سَوْطُ عَبْدٍ دُونَ حُرٍّ بِلَا مَدٍّ, لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا رَبْطَ, وَلَا تَجَرُّدَ بَلْ مَعَ قَمِيصٍ أَوْ اثْنَيْنِ, نَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ وَالْفَضْلُ: وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ تَجْرِيدُهُ, نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْمَيْمُونِيُّ: يُجَرَّدُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQبه في الوجيز.
وَإِنْ كَانَ السَّوْطُ مَغْصُوبًا أَجْزَأَ, عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى النَّهْيِ, لِلْإِجْمَاعِ, ذَكَرَهُ فِي التَّمْهِيدِ. وَلَا يُشَقُّ جِلْدٌ وَلَا يُبْدِي إبْطَهُ فِي رَفْعِ يَدِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيُفَرِّقُ الضَّرْبَ, وَأَوْجَبَهُ الْقَاضِي. وَيَلْزَمُ1 اتِّقَاءُ وَجْهٍ وَرَأْسٍ وَفَرْجٍ وَمَقْتَلٍ, وَإِنْ ضَرَبَ قَاعِدًا فَظُهْرُهُ وَمُقَارِبُهُ. وَلَا تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ فِي الْحُدُودِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي مُوَالَاةِ الْوُضُوءِ لِزِيَادَةِ الْعُقُوبَةِ, وَلِسُقُوطِهِ بِالشُّبْهَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ نَظَرٌ, وَمَا قَالَهُ أَظْهَرُ, وَتُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ, فَلَوْ جَلَدَهُ لِلتَّشَفِّي أَثِمَ وَيُعِيدُهُ, ذَكَرَهُ فِي الْمَنْثُورِ عَنْ الْقَاضِي, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَلَمْ يَعْتَبِرُوا نِيَّةَ مَنْ يُقِيمُهُ أَنَّهُ حَدٌّ, مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُقِيمُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ لَا يُعْتَبَرُ, وَيَأْتِي فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَلَامُ الْقَاضِي2. وَفِي الْفُصُولِ قُبَيْلَ فُصُولِ التَّعْزِيرِ: يَحْتَاجُ عِنْدَ إقَامَتِهِ إلَى نِيَّةِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَضْرِبُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, ولما وضع الله ذلك, وكذلك الحداد3 إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَوَلَّى وَأَمَّرَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا يَضْرِبُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالنِّيَّةِ أَجْزَأَتْ نِيَّتُهُ, وَالْعَبْدُ كَالْآلَةِ, قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُعْتَبَرَ نِيَّتُهُمَا, كَمَا نَقُولُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ تُعْتَبَرُ نية غاسله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَاحْتَجَّ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ لِاعْتِبَارِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ 1بِأَنَّ الصَّرْفَ إلَى1 الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ, فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّمْيِيزِ, كَالْجَلْدِ فِي الْحُدُودِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي تَتِمَّةِ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي آخِرِ الصُّلْحِ: فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ نَفْعَ الْخَلْقِ وَالْإِحْسَانَ إلَيْهِمْ, وَهَذَا هُوَ الرَّحْمَةُ الَّتِي بُعِثَ بِهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الانبياء:107] لكن للاحتياج2 إلَى دَفْعِ الظُّلْمِ شُرِعَتْ الْعُقُوبَاتُ, وَعَلَى الْمُقِيمِ لَهَا أَنْ يَقْصِدَ بِهَا3 النَّفْعَ وَالْإِحْسَانَ, كَمَا يَقْصِدُ الْوَالِدُ بِعُقُوبَةِ الْوَلَدِ, وَالطَّبِيبُ بِدَوَاءِ الْمَرِيضِ, فَلَمْ يَأْمُرْ الشَّرْعُ إلَّا بِمَا هُوَ نَفْعٌ للعباد. وعلى المؤمن أن يقصد ذلك. وَامْرَأَةٌ كَرَجُلٍ, وَتُضْرَبُ جَالِسَةً, وَتُشَدُّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَتُمْسَكُ يَدَاهَا لِئَلَّا تَنْكَشِفَ, وَفِي الْوَاضِحِ, أَسْوَاطُهَا كَذَلِكَ. وَجَلْدُ الزِّنَا أَشَدُّ, ثُمَّ الْقَذْفُ, ثُمَّ الشُّرْبُ, نَصَّ عَلَيْهَا, ثُمَّ التَّعْزِيرُ. وَلِلْإِمَامِ حَدُّهُ لِشُرْبٍ بِجَرِيدٍ وَنِعَالٍ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْبُلْغَةِ: وَأَيْدٍ, وَفِي الْوَسِيلَةِ: يَسْتَوْفِي بِالسَّوْطِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ. وَفِي الْمُوجَزِ: لَا يُجْزِئُ بِيَدٍ وَطَرَفِ ثَوْبٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يجزئ بطرف ثوب ونعل, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ حَبْسُهُ بَعْدَ حَدِّهِ1, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ, وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: مَنْ لَمْ يَنْزَجِرْ بِالْحَدِّ وَضَرَّ النَّاسَ فَلِلْوَالِي لَا الْقَاضِي حَبْسُهُ حَتَّى يَتُوبَ, وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: حَتَّى يَمُوتَ. وَيَحْرُمُ الْأَذَى بِالْكَلَامِ كَالتَّعْيِيرِ2, عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا, لِنَسْخِهِ بِشَرْعِ الْحَدِّ, كَنَسْخِ حَبْسِ الْمَرْأَةِ. وَلِأَنَّهُ يَكُونُ تَعْزِيرًا, وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَتَأْخِيرُ حَدٍّ, وَإِنْ خِيفَ مِنْ السَّوْطِ لَمْ يَتَعَيَّنْ, عَلَى الْأَصَحِّ فَيُقَامُ بِطَرَفِ ثَوْبٍ وَعُثْكُولِ3 نَخْلٍ حَسْبَمَا يَحْتَمِلُهُ. وَقِيلَ: ضَرَبَهُ بِمِائَةِ شِمْرَاخٍ, وَقِيلَ: يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَبَرْدٍ وَمَرَضٍ مَرْجُوِّ الْبُرْءِ, وَإِلَّا ضَمِنَ, وَيُؤَخَّرُ لِشُرْبٍ حَتَّى يَصْحُوَ, نَصَّ عَلَيْهِ وَلِقَطْعِ خَوْفِ التَّلَفِ. وَمَنْ مَاتَ فِي حَدٍّ وَلَوْ حَدِّ خَمْرٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, أَوْ تَعْزِيرٍ, وَلَمْ يَلْزَمْ تَأْخِيرُهُ, فَهَدَرٌ. وَإِنْ زَادَ سَوْطًا, أَوْ فِي السَّوْطِ, أَوْ اعْتَمَدَ فِي ضَرْبِهِ, فديته, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَضَرْبِهِ بِسَوْطٍ لَا يَحْتَمِلُهُ, وَإِلْقَاءِ حَجَرٍ فِي سَفِينَةٍ مِثْلُهُ لَا يُغْرِقُهَا اتِّفَاقًا, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَعَنْهُ: نِصْفُهَا وَقِيلَ: دِيَتُهُ عَلَى الْأَسْوَاطِ إن زاد على ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِذَا زَادَ سَوْطًا, فَدِيَتُهُ. وَعَنْهُ: نِصْفُهَا", انْتَهَى. قَدَّمَ وُجُوبَ الدِّيَةِ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ, و1قال فِي الْإِجَارَةِ: وَلَوْ جَاوَزَ الْمَكَانُ أَوْ زَادَ عَلَى الْمَحْمُولِ فَالْمُسَمَّى مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ, وَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ الدَّابَّةِ إنْ تَلِفَتْ, وَقِيلَ: نِصْفُهَا, كَسَوْطٍ فِي حَدٍّ, انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِ نِصْفِ الدِّيَةِ إذَا زَادَ سَوْطًا, وَهُوَ مُخَالِفٌ لما قدمه في هذا الباب.
الأربعين, وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ: إنْ وَضَعَ فِي سَفِينَةٍ كُرًّا1 فَلَمْ يَغْرَقْ ثُمَّ وَضَعَ قَفِيزًا فَغَرِقَتْ فَغَرَقُهَا بِهِمَا فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ, وَالثَّانِي بِالْقَفِيزِ, وَكَذَا الشِّبَعُ وَالرِّيُّ, وَالسَّيْرُ بِالدَّابَّةِ فَرَاسِخَ, وَالسُّكْرُ بِالْقَدَحِ أَوْ الْأَقْدَاحِ, وَذَكَرَ2 أَيْضًا عَنْ الْمُحَقِّقِينَ كَمَا يَنْشَأُ الْغَضَبُ3 بِكَلِمَةٍ بَعْدَ كَلِمَةٍ وَيَمْتَلِئُ الْإِنَاءُ بِقَطْرَةٍ بَعْدَ قَطْرَةٍ, وَيَحْصُلُ الْعِلْمُ بِوَاحِدٍ بَعْدَ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ أَرْوَتْنِي الْجَرْعَةُ, وَيَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ غَرَّقَ السَّفِينَةَ هَذَا4 الْقَفِيزُ, وَقَالَ: لَا يُقَالُ لِسَفِينَةٍ ثَقِيلَةٍ بِوَقْرِهَا عَامَ بَعْضُهَا فِي الْمَاءِ غَرِيقَةً بَعْضَ الْغَرَقِ, وَلَا يُقْلَعُ اسْمُ الْغَرَقِ إلَّا عَلَى غَمْرِ الْمَاءِ لَهَا, وَجَزَمَ أَيْضًا فِي السَّفِينَةِ بِأَنَّ الْقَفِيزَ الْمُغَرِّقَ لَهَا. وَمَنْ أمر بزيادة فزاد جهلا ضمنه الآمر, وإلا فَوَجْهَانِ "م 3" وَإِنْ تَعَمَّدَهُ الْعَادُّ فَقَطْ أَوْ أَخْطَأَ. وَادَّعَى ضَارِبٌ الْجَهْلَ ضَمِنَهُ الْعَادُّ. وَتَعَمَّدَ الْإِمَامُ الزِّيَادَةَ يَلْزَمُهُ فِي الْأَقْيَسِ, لِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ. وَقِيلَ: كَخَطَإٍ, فِيهِ الرِّوَايَتَانِ, قَدَّمَهُ الشَّيْخُ وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَمَنْ أُمِرَ بِزِيَادَةٍ فَزَادَ جَهْلًا ضَمِنَهُ الْآمِرُ, وَإِلَّا فَوَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": يَضْمَنُ الْآمِرُ أَيْضًا, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَلَا يُحْفَرُ لِمَرْجُومٍ. نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: بَلَى لِامْرَأَةٍ إلَى الصَّدْرِ إنْ رُجِمَتْ بِبَيِّنَةٍ اخْتَارَهُ في الهداية والفصول والتبصرة, وأطلق فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَابْنُ رَزِينٍ: يُحْفَرُ لَهَا, لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ, 1فَهُوَ سِتْرٌ1 بِخِلَافِ الرَّجُلِ. وَيُسْتَحَبُّ بَدْأَةَ شُهُودٍ بِهِ وَحُضُورُهُمْ, وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ, الْإِمَامُ, فَمَنْ يُقِيمُهُ. وَيَجِبُ حُضُورُهُ, وَنَقَلَ أَبُو داود: يجيء2 النَّاسُ صُفُوفًا لَا يُخْلَطُونَ3 ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قَوْلِ مَاعِزٍ: رُدُّونِي إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ قَوْمِي غَرُّونِي4, يَدُلُّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَحْضُرْ رَجْمَهُ, فَبِهَذَا أَقُولُ. وَيَجِبُ لِزِنًا حُضُورُ طَائِفَةٍ, وَاحِدٍ فَأَكْثَرَ, ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا, لِأَنَّهُ قول ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يَضْمَنُ الضَّارِبُ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, حَيْثُ كَانَ عَالِمًا عَاقِلًا, 5وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ5, وَقَدْ تقدم نظيره إذا أمره بالقتل8.
عَبَّاسٍ, رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ1 فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ} [التوبة: 66] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: الطَّائِفَةُ الْوَاحِدُ فَمَا فَوْقَهُ, وَاخْتَارَ فِي الْبُلْغَةِ: اثْنَانِ, لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ, وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ, قَالَ الزَّجَّاجُ: أَصْلُ الطَّائِفَةِ فِي اللُّغَةِ الْجَمَاعَةُ. وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِلْوَاحِدِ طَائِفَةٌ, يُرَادُ بِهِ: نَفْسُ طَائِفَةٍ. وَقَالَ أَيْضًا: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِ مَا عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ, لِأَنَّ الطَّائِفَةَ فِي مَعْنَى جَمَاعَةٍ, وَأَقَلُّ الْجَمَاعَةِ اثْنَانِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إذَا أُرِيدَ بِالطَّائِفَةِ الْوَاحِدُ كَانَ أَصْلُهَا طَائِفًا, عَلَى مِثَالٍ قَائِمٍ وَقَاعِدٍ فَتَدْخُلُ الْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْوَصْفِ, كَمَا يُقَالُ: رَاوِيَةٌ, عَلَّامَةٌ, نَسَّابَةٌ. احْتَجَّ مَنْ قَالَ: أَقَلُّ الْجَمْعِ2 اثْنَانِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] فَأَضَافَ الْفِعْلَ إلَيْهِمَا بِلَفْظِ الْجَمْعِ, وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ بِأَنَّ الطَّائِفَةَ اسْمٌ لِلْجَمَاعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: 102] وَلَوْ كَانَتْ الطَّائِفَةُ وَاحِدًا لَمْ يَقُلْ {فَلْيُصَلُّوا} وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ, وَسَبَقَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ ثَلَاثَةٌ3. وَفِي الْفُصُولِ في صلاة الخوف طائفة اسم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جَمَاعَةٍ, وَأَقَلُّ اسْمِ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْعَدَدِ ثَلَاثَةٌ. وَلَوْ قَالَ جَمَاعَةٌ لَكَانَ كَذَلِكَ. فَكَذَا إذَا قَالَ طَائِفَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّ الطَّائِفَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فِي قَوْلِهِ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} [النور: 2] لِأَنَّهُ أَوَّلُ شُهُودِ الزِّنَا. وَإِنْ رَجَعَ مَنْ أَقَرَّ بِحَدِّ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي بَعْضِهِ أَوْ هَرَبَ, فِي الْمَنْصُوصِ فِيهِ1, سَقَطَ, فَإِنْ تَمَّمَ ضَمِنَ الرَّاجِعُ فَقَطْ بِالْمَالِ, وَلَا قَوَدَ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي زِنًا يَسْقُطُ2 بِرُجُوعِهِ بِكِتَابَةٍ3, نَحْوَ مَزَحْتُ, أَوْ مَا عَرَفْتُ مَا قُلْتُ, أَوْ كُنْتُ نَاعِسًا, وَفِيهِ فِي سَارِقِ بَارِيَّة مَسْجِدٍ وَنَحْوِهَا: لَا يُقْبَلُ4 رُجُوعُهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِي الزِّنَا فَقَطْ, وَلَا يَتْرُكُ بَعْدَ بَيِّنَةٍ عَلَى الْفِعْلِ, وَعَنْهُ: أَوْ عَلَى إقراره, وقيل: يقبل رجوع مقر بمال5. وَمَنْ أَتَى حَدًّا سَتَرَ نَفْسَهُ, نَقَلَ مُهَنَّا: رَجُلٌ زَنَى يَذْهَبُ يُقِرُّ؟ قَالَ: بَلْ يَسْتُرُ نَفْسَهُ. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي إنْ شَاعَ6 رَفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ لِيُقِيمَهُ عَلَيْهِ, قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ تَعَلَّقَتْ التَّوْبَةُ بِظَاهِرٍ كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ أَظْهَرَهَا وَإِلَّا أَسَرَّ. وَمَنْ قَالَ لِإِمَامٍ: أَصَبْتُ حَدًّا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ, نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُحَدُّ مِنْ زَنَى هَزِيلًا وَلَوْ بَعْدَ سِمَنِهِ, كَذَا عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ, كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ زَنَى أُعِيدَتْ بَعْدَ بَعْثِهِ وَعُوقِبَ, ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ1, فَالْحَدُّ كَفَّارَةٌ لِذَلِكَ الذَّنْبِ, لِلْخَبَرِ2, نَصَّ عليه.
فصل: وإن اجتمعت حدود لله عز وجل فإن كان فيها قتل استوفي وحده
فَصْلٌ: وَإِنْ اجْتَمَعَتْ حُدُودٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ كَانَ فِيهَا قَتْلٌ اُسْتُوْفِيَ وَحْدَهُ, قَالَ فِي الْمُغْنِي3: لَا يُشْرَعُ غَيْرُهُ, وَإِلَّا تَدَاخَلَ الْجِنْسُ. فَظَاهِرُهُ4 لَا يَجُوزُ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ, قَالَ أَحْمَدُ: يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ مَرَّةً لَا الْأَجْنَاسُ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: 5لَا تَدَاخُلَ5 فِي السَّرِقَةِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: فَقَطْعُ وَاحِدٍ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ رِوَايَةٌ: إنْ طَالَبُوا مُفْتَرِقِينَ قَطَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذِهِ رواية صالح, و6العمل عَلَى خِلَافِهَا, ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ تَتَدَاخَلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الثَّابِتَ أَحْكَامٌ وَإِلَّا فالشيء الواحد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُعْقَلُ1 فِيهِ تَدَاخُلٌ. فَالصَّوَابُ أَنَّهَا أَحْكَامٌ, وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ الْأَئِمَّةُ, كَمَا قَالَ أَحْمَدُ في2 بَعْضُ مَا ذَكَرَهُ هَذَا مِثْلُ لَحْمِ خِنْزِيرٍ مَيِّتٍ, فَأَثْبَتَ فِيهِ تَحْرِيمَيْنِ3. وَتُسْتَوْفَى حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كُلُّهَا, وَيَبْدَأُ بِهَا مُطْلَقًا, وَبِالْأَخَفِّ وُجُوبًا. وَفِي الْمُغْنِي4: إنْ بَدَأَ بِغَيْرِهِ جَازَ, فَلَوْ زَنَى وَسَرَقَ مِرَارًا جُلِدَ مَرَّةً ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ, وَإِنْ قَتَلَ فِي مُحَارَبَةٍ قُتِلَ فَقَطْ, وَلَوْ زنى وشرب وقذف وقطع يدا قطع ثم حُدَّ لِقَذْفِهِ ثُمَّ لِشُرْبِهِ, ثُمَّ لِلزِّنَا وَقِيلَ: يُؤَخَّرُ الْقَطْعُ, وَأَنَّهُ يُؤَخَّرُ شُرْبٌ عَنْ قَذْفٍ إن قيل5 أربعون, ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْله "وَلَوْ زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يدا قطع ثم حد لقذفه ثم لشربه ثُمَّ لِلزِّنَا" انْتَهَى. إنَّمَا بَدَأَ بِقَطْعِ الْيَدِ6; لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّ آدَمِيٍّ فَقَدَّمَ, لِأَنَّهُ قَالَ: وَيَبْدَأُ بِحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مُطْلَقًا, وَإِنَّمَا قَدَّمَ حَدَّ الْقَذْفِ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا; لِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ, هَلْ هُوَ لِلَّهِ أَوْ لِلْآدَمِيِّ, فَقُدِّمَ عَلَى مَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى, وَقُدِّمَ حَدُّ الشُّرْبِ عَلَى حَدِّ الزِّنَا لِأَنَّهُ أَخَفُّ, وَقَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ: "فَلَوْ زَنَى وَسَرَقَ مرارا جلد
وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مِمَّا قَبْلَهُ, وَقِيلَ: إنْ طَلَبَ صَاحِبُ قَتْلٍ جَلْدَهُ قَبْلَ بُرْئِهِ مِنْ قَطْعٍ لِيَقْتُلَهُ فَوَجْهَانِ, وَإِنْ قَتَلَ وَارْتَدَّ أَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ قُتِلَ وَقُطِعَ لَهُمَا, وَقِيلَ لِلْقَوَدِ, قَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي1. وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَظْهَرُ لِهَذَا الْخِلَافِ فَائِدَةٌ فِي جَوَازِ الْخِلَافِ فِي اسْتِيفَائِهِ بِغَيْرِ حُضُورِ2 ولي الأمر, 3وأن3 عَلَى الْمَنْعِ هَلْ يُعَزَّرُ, وَأَنَّ الْأُجْرَةَ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمَقْتُولِ, وَأَنَّهُ هَلْ يَسْتَقِلُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ يَكُونُ كَمَنْ قَتَلَ جَمَاعَةً فَيُقْرِعُ أَوْ يُعَيِّنُ الْإِمَامَ, وَأَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ كما قيل فيمن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَرَّةً ثُمَّ قُطِعَتْ يَمِينُهُ" فَبَدَأَ بِالْجَلْدِ; لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْقَطْعِ, وَكِلَاهُمَا حَقٌّ لِلَّهِ, لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ, بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ يَدًا فَإِنَّهُ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ, فَلِذَلِكَ بَدَأَ بِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 4فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب4.
قُتِلَ لِرَجُلَيْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ استوفى الحد. وذكر ابن البنا: مَنْ قَتَلَ بِسِحْرٍ قُتِلَ حَدًّا وَلِلْمَسْحُورِ مِنْ مَالِهِ دِيَتُهُ, فَيُقَدَّمُ حَقُّ اللَّهِ. وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ أَوْ لَجَأَ حَرْبِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ بِهِ فِيهِ, كَحَيَوَانٍ صَائِلٍ مَأْكُولٍ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ, لَكِنْ لَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ: وَلَا يُكَلَّمُ, وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, زَادَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَا يُؤَاكَلُ وَلَا يُشَارَبُ لِيَخْرُجَ فَيُقَامَ عَلَيْهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُؤْخَذُ بِدُونِ الْقَتْلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ فِيهِ كَذَلِكَ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا, وَمَنْ فَعَلَهُ فِيهِ أَخَذَ بِهِ فِيهِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيمَنْ لَجَأَ إلَى دَارِهِ كَذَلِكَ. وَإِنْ قُوتِلُوا فِي الْحَرَمِ دَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ لِلْآيَةِ فِي قَوْلِهِ: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ} [البقرة: 191] قِرَاءَتَانِ فِي السَّبْعِ1, هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظَاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ فِي بَحْثِ الْمَسْأَلَةِ, وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ فِيهِ, صَحَّحَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ1, وَقَالَهُ الْقَفَّالُ2 وَالْمَرْوَزِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ مُجَاهِدًا فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ قَالُوا: الْآيَةُ مُحْكَمَةٌ, وَفِي التَّمْهِيدِ فِي النُّسَخِ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] . وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا3 أَنَّ الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ بِالْحَرَمِ مِنْ مُبَايَعَةِ الْإِمَامِ لَا تُقَاتَلُ, لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ لَهَا تَأْوِيلٌ, كَمَا امْتَنَعَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ بَيْعَةِ4 يَزِيدَ وَبَايَعُوا ابْنَ الزُّبَيْرِ, فَلَمْ يَكُنْ قِتَالُهُمْ وَنَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَيْهِمْ وَإِحْلَالُ حَرَمِ5 اللَّهِ جَائِزًا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ, وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي ذَلِكَ عَمْرُو بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَشِيعَتُهُ, وَعَارَضَ نَصَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَأْيِهِ وَهَوَاهُ فَقَالَ: "إنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا" 6. قَالَ وَالْخَبَرُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدَّمَ الْحَلَالَ فِي غَيْرِهَا حَرَامٌ فِيمَا عَدَا تِلْكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السَّاعَةَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ يُقَاتَلُ الْبُغَاةُ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بَغْيُهُمْ إلَّا بِهِ, لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ, وَحِفْظُهَا فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ إضاعتها, وذكره1 الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ, وَحُمِلَ الْخَبَرُ عَلَى مَا يَعُمُّ إتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحٌ بِدُونِ ذَلِكَ, فَيُقَالُ: وَغَيْرُ مَكَّةَ كَذَلِكَ, وَاحْتَجَّ فِي الْخِلَافِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ دُخُولُ مَكَّةَ لِحَاجَةٍ لَا تَتَكَرَّرُ إلَّا بِإِحْرَامٍ, بِالْخَبَرِ2: "وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ" 3 قَالُوا: فَلَمَّا اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى جَوَازِ الْقِتَالِ فِيهَا مَتَى عَرَضَ مِثْلُ تِلْكَ الْحَالِ عَلِمْنَا أَنَّ التَّخْصِيصَ وَقَعَ لِدُخُولِهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ, كَذَا قَالُوا, وَلَمَّا كَانَ هَذَا ضَعِيفًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ حُكْمًا وَاسْتِنْبَاطًا لَمْ يَعْرُجُوا, وَذَكَرَ مِثْلَهُمْ أَبُو بكر بن العربي في العارضة4 وَقَالَ: لَوْ تَغَلَّبَ فِيهَا كُفَّارٌ أَوْ بُغَاةٌ وَجَبَ قِتَالُهُمْ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ تَعَدَّى أَهْلُ مَكَّةَ أَوْ غَيْرُهُمْ عَلَى الرَّكْبِ دَفَعَ الرَّكْبُ كَمَا يَدْفَعُ الصَّائِلُ, وَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْفَعَ مَعَ الرَّكْبِ بَلْ يَجِبُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ, وَفِي التَّعْلِيقِ وَجْهٌ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ كَالْحَرَمِ, وَفِي مُسْلِمٍ5 عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا "إنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ وَمَا6 بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ لقتال". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تَعْصِمُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ1 لِلْعُمُومَاتِ وَلِغَزْوِ الطَّائِفِ وَإِقْرَارِهِمْ, وَتَرَدَّدَ كَلَامُ شَيْخِنَا, وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ, وَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ2, وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ, وَإِنْ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ, لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ تَمَامِ غَزْوَةِ هَوَازِنَ, وَهُمْ بَدَءُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِتَالِ, وَلَمَّا انْهَزَمُوا دَخَلَ مَلِكُهُمْ مَالِكُ بْنُ عَوْفٍ مَعَ ثَقِيفٍ فِي حِصْنِ الطَّائِفِ, فَحَارَبَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَكَانَ غَزَوْهُمْ مِنْ تَمَامِ الْغَزْوَةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا, وَفَتْحُ خَيْبَرَ كَانَ فِي صَفَرٍ, وَبَيْعَةُ الرَّضْوَانِ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ, بَايَعَهُمْ لَمَّا بَلَغَهُ3 قَتْلُ عُثْمَانَ وَأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ قِتَالَهُ. وَيَجُوزُ القتال في الشهر الحرام دفعا إجماعا4, وَإِنَّمَا بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا5 عَامِرٍ فِي سَرِيَّةٍ إلَى أَوْطَاسٍ فِي ذِي الْقَعْدَةِ, لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ6 مِنْ تَمَامِ الْغَزْوِ الَّتِي بَدَأَ الْكُفَّارُ فِيهَا بِالْقِتَالِ, قَالَ: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْمَائِدَةِ وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا وَلَا مَنْسُوخَ فِيهَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: 2] وَقَالَ فِي الْبَقَرَةِ {يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 217] الْآيَةَ, وَبَيْنَهُمَا في النزول نحو7 ثمانية أعوام. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّغْلِيظِ بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] فَأَبَاحَ قَتْلَهُمْ بِشَرْطِ انسلاخ الأشهر الحرم1 فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَتْلَهُمْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَحْرُمُ, وَإِذَا كَانَ قَتْلُ الْمُشْرِكِينَ وَهُوَ مُبَاحٌ حَرُمَ لِأَجْلِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ دَلَّ عَلَى تَغْلِيظِ الْقَتْلِ فِيهَا, كَذَا قَالَ. وَمَنْ فَعَلَ مَا يُوجِبُ حَدًّا. وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ قَوَدًا مِنْ الْغُزَاةِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ أَخَذَ بِهِ فِي دَارِنَا خَاصَّةً, قَالَ أَحْمَدُ: لَا تُقَامُ الْحُدُودُ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ. وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ إنْ زَنَى الْأَسِيرُ. أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا مَا أَعْلَمُهُ إلَّا أَنْ تُقَامَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ إذَا خَرَجَ, ونقل أبو طالب: لا يقتل3 إذَا قَتَلَ فِي غَيْرِ الْإِسْلَامِ4 لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ هُنَاكَ حُكْمٌ, كَذَا كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ. وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ النَّاسِ إذَا أَتَى حَدًّا ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ أَوْ أُسِرَ أَنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ إذَا خَرَجَ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذا 5قتل وزنى و5دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ أَوْ زَنَى أَوْ سَرَقَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ مَا أصاب هناك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حد الزنا
باب حد الزنا مدخل ... بَابُ حَدِّ الزِّنَا إذَا زَنَى مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حَتَّى يَمُوتَ. وَفِي رِوَايَةٍ: يُجْلَدُ مِائَةً قَبْلَهُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتَارَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ, وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ: "لَا" كَالرِّدَّةِ, اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ, وَابْنُ شِهَابٍ وَقَالَ عَنْ الأول: اختاره1 الأكثر "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "إذَا زَنَى مُحْصَنٌ وَجَبَ رَجْمُهُ حَتَّى يَمُوتَ, وَفِي رِوَايَةٍ يُجْلَدُ مِائَةً قَبْلَهُ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: اخْتَارَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ, وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ لَا, كَالرِّدَّةِ, اخْتَارَهُ الْأَثْرَمُ وَالْجُوزَجَانِيُّ وَابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمْ وَابْنُ شِهَابٍ, وَقَالَ عَنْ الْأَوَّلِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ," انْتَهَى. "الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" الَّتِي نَقَلَهَا الْأَكْثَرُ هِيَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هِيَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَالتَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى اخْتَارَهَا الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا, وَصَحَّحَهَا الشِّيرَازِيُّ, وَجَزَمَ بِهَا فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ, وَقَدَّمَهَا ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَنِهَايَتِهِ, وَصَاحِبِ تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْإِيضَاحِ وَالْفُصُولِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذهب,
وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ النَّفْيُ مَعَ الرَّجْمِ, لِأَنَّهُ غاية التغليظ, لِأَنَّهُ نَفْيٌ عَنْ الدُّنْيَا رَأْسًا, بِخِلَافِ الْجَلْدِ, وَآيَةُ الرَّجْمِ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 وَغَيْرِهِمَا, فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتْ فِي الْمُصْحَفِ لَاجْتَمَعَ الْعَمَلُ بِحُكْمِهَا وَثَوَابِ تِلَاوَتِهَا, فَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَجَابَ ابْنُ عَقِيلٍ فَقَالَ: إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِيَظْهَرَ بِهِ مِقْدَارُ طَاعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي الْمُسَارَعَةِ إلَى بَذْلِ النُّفُوسِ بِطَرِيقِ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْصَاءٍ لِطَلَبِ طَرِيقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ2 قُنُوعًا بِأَيْسَرِ شَيْءٍ, كَمَا سَارَعَ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ إلى ذبح ولده بمنام, والمنام أدنى طرق3 الْوَحْيِ وَأَقَلُّهَا. وَإِذَا وَطِئَ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي قُبُلِ حُرَّةٍ مُكَلَّفَةٍ فَهُمَا مُحْصَنَانِ, مُسْلِمَانِ4 أَوْ كَافِرَانِ, فَإِنْ اخْتَلَّ بَعْضُ ذَلِكَ فلا إحصان لواحد ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ7, وَشَرْحِ ابْنِ منجى وغيرهم. تَنْبِيهٌ". إتْيَانُ الْمُصَنِّفِ بِصِيغَةِ الرِّوَايَتَيْنِ كَذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ, وَلَعَلَّ قَوْلَهُ "وَفِي رِوَايَةٍ يُجْلَدُ" بِالْفَاءِ لَا بِالْوَاوِ, وَبِهِ يَتَّضِحُ الْمَعْنَى, وَلِلْمُصَنِّفِ عِبَارَةٌ كذلك في القرض8 تكلمنا عليها.
مِنْهُمَا, وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ1 بِوَطْئِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ وَنَحْوِهِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا, تَغْلِيظًا عَلَيْهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ2: يُحْصِنُ مُرَاهِقٌ بَالِغَةً, وَمُرَاهِقَةٌ بَالِغًا, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا رِوَايَةً. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ رَقِيقًا فَلَا إحْصَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا, عَلَى الْأَصَحِّ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَعَنْهُ: لَا تُحْصِنُ ذِمِّيَّةٌ مُسْلِمًا. وَسَأَلَهُ أبو طالب: امْرَأَةٌ تَزَوَّجَتْ بِخَصِيٍّ أَوْ عِنِّينٍ, يُحْصِنُهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَحُكْمُ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة كَالْمُسْلِمَةِ, وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ: لَا يُحْصِنُ الْمَجُوسِيُّ3. وَإِنْ زَنَى مُحْصَنٌ بِبِكْرٍ فَلِكُلٍّ حَدُّهُ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَيَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِقَوْلِهِ: وَطِئْتُهَا أَوْ جَامَعْتُهَا, وَالْأَشْهَرُ: أَوْ دَخَلْتُ بِهَا, لَا بِوَلَدِهِ مِنْهَا, وَاكْتَفَى فِي الْوَاضِحِ بِقَوْلِ بَيِّنَةٍ: بَاضَعَهَا, فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ: أَتَاهَا, وَنَحْوُهُ. وإن4 زَنَى حُرٌّ غَيْرُ مُحْصَنٍ جُلِدَ مِائَةً, وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ, نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ وَالْمَيْمُونِيُّ, قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَنْ "هـ" لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ تَعْزِيرًا, وَعَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ. وَالْمَذْهَبُ يُغَرَّبُ عَامًا الرَّجُلُ مَسَافَةَ قَصْرٍ, وَعَنْهُ: أَوْ أَقَلَّ, وَالْمَرْأَةُ بِمَحْرَمٍ بَاذِلٍ وَعَلَيْهَا أُجْرَتُهُ, وَقِيلَ مِنْ بَيْتِ المال إن أمكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَبِدُونِهِ لِتَعَذُّرِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: مَعَ أَمْنٍ, وَعَنْهُ: بِلَا مَحْرَمٍ, تَعَذَّرَ أَوْ لَا; لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ, ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ فِي الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ, وَتُغَرَّبُ مَسَافَةَ قَصْرٍ, نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ لِوُجُوبِهِ. كَالدَّعْوَى, وَعَنْهُ: أَقَلُّ, وَعَنْهُ: بِدُونِهِ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ تَعَذَّرَ فَامْرَأَةٌ ثِقَةٌ, وَلَوْ بِالْأُجْرَةِ. وَقِيلَ: لَا تُغَرَّبُ مَعَ تَعَذُّرِهَا, وَقِيلَ مُطْلَقًا. وَيُجْلَدُ رَقِيقٌ خَمْسِينَ, وَلَا يُغَرَّبُ, وَلَا يُعَيَّرُ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وقد يتوجه1, احْتِمَالٌ "وم" لِأَنَّ عُمَرَ نَفَاهُ, رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ2. وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: يُحْتَمَلُ قَوْلُهُ نَفَاهُ: أَبْعَدَهُ مِنْ صُحْبَتِهِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ3: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عمر وهو ابن مسلم الخلال, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ, فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ". وَرَوَى ابْنُ مَرْدُوَيْهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ عَبْدِ الله بن عمران العائذي1, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ بِزَوْجٍ, فَإِذَا أُحْصِنَتْ بِزَوْجٍ فَعَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ". وَرَوَاهُمَا الْحَافِظُ الضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ الطَّبَرَانِيِّ وَابْنِ مَرْدُوَيْهِ2 إسْنَادٌ جَيِّدٌ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ, وَلَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا فِي الضُّعَفَاءِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ: يُخْطِئُ وَيُخَالِفُ. وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِالْحِسَابِ وَيُغَرَّبُ في المنصوص بحسابه. وهل اللوطي الفاعل والمفعول به كزاني3 أَوْ يُرْجَمُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 2". وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَوْ قُتِلَ بِلَا اسْتِتَابَةٍ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا, وَأَنَّهُ لَمَّا4 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَهَلْ اللُّوطِيُّ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ كَزِنًى أَوْ يُرْجَمُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا فِيهِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" حَدُّهُ كَحَدِّ الزَّانِي سَوَاءٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, جَزَمَ بِهِ فِي
كان مَقِيسًا عَلَى الزَّانِي فِي الْغُسْلِ, كَذَلِكَ فِي الْحَدِّ, وَأَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَجِبُ وَلَا حَدَّ لِأَنَّهُ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ, بِخِلَافِ الْغُسْلِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْغُسْلِ نَفْيُ الْحَدِّ, وَأَوْلَى, ونصره ابن عقيل "وهـ" لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ, لِخُرُوجِهِ عَنْ هَيْئَةِ الْفُرُوجِ وَأَحْكَامِهَا. وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ1 إذَا قِيلَ: الْفَاعِلُ كَزَانٍ فَقِيلَ: يُقْتَلُ الْمَفْعُولُ "بِهِ"2 مُطْلَقًا, وَقِيلَ: لَا, وقيل بالفرق, كفاعل. و3قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: كُلُّ مُسْتَحْسَنٍ وَمُسْتَلَذٍّ فِي الدُّنْيَا أُنْمُوذَجُ مَا فِي الْآخِرَةِ مِنْ ثَوَابٍ, وَكُلُّ مُؤْلِمٍ وَمُؤْذٍ أُنْمُوذَجُ عِقَابٍ, فَإِنْ قِيلَ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حسن الأمرد أنموذجا لحصول مثله فِي ـــــــــــــــــــــــــــــQالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" حَدُّهُ الرَّجْمُ بِكُلِّ حَالٍ, اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ الْقَيِّمِ فِي الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ وَغَيْرِهِ, وَأَظُنُّ أَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ اخْتَارَهُ, وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ, قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي كَلَامٍ لَهُ عَلَى مَا إذَا زَنَى بِأَمَتِهِ: الصَّحِيحُ قَتْلُ اللُّوطِيِّ سَوَاءٌ كَانَ محصنا أو6 لا.
الْآخِرَةِ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أُنْمُوذَجٌ حَسَنٌ, فَإِذَا وُجِدَ مِثْلُهُ وَأَضْعَافُهُ فِي جَارِيَةٍ حَصَلَ مَقْصُودُ الْأُنْمُوذَجِ, وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنَالَ مِثْلَ هَذَا فِي الْآخِرَةِ فَيُبَاحُ مِثْلُ مَا حَظَرَ مِمَّا كَانَتْ تَشْرَئِبُّ إلَيْهِ فَيُوجَدُ الصِّبْيَانُ عَلَى هَيْئَةِ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ, وَرُبَّمَا كَانَ الْوِلْدَانُ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ جَرَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بَيْنَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَزْوِينِيِّ فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لَا يَمْتَنِعُ جِمَاعُ الْوِلْدَانِ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْشَاءُ الشَّهَوَاتِ لِذَلِكَ, فَيَكُونُ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ اللَّذَّاتِ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْأَذَى, وَلِأَجْلِ قَطْعِ النَّسْلِ, وَهَذَا قَدْ أُمِنَ فِي الْجَنَّةِ وَلِذَلِكَ أُبِيحُوا شُرْبَ1 الْخَمْرِ لَمَّا أَمِنُوا مِنْ غائلة السكر وهو إيقَاعُ الْعَرْبَدَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْعَدَاوَةِ وَزَوَالِ الْعَقْلِ. فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَيْلُ إلَى الذُّكُورِ عَاهَةٌ, وَلَمْ يُخْلَقْ هَذَا الْمَحَلُّ لِلْوَطْءِ. فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: الْعَاهَةُ هِيَ الْمَيْلُ إلَى مَحَلٍّ فِيهِ تَلْوِيثٌ وَأَذًى, فَإِذَا أُزِيلَ وَلَمْ يَكُنْ نَسْلٌ لَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ الِالْتِذَاذِ وَالْمُتْعَةِ, وَلَا وَجْهَ لِلْعَاهَةِ, انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَفِي فُنُونِ ابْنِ عَقِيلٍ أَيْضًا: سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَقَارِبُ فِي النَّارِ هَلْ يَبْقَى عَلَى طَبْعِهِ؟ فَقَالَ: قَدْ أَشَارَ إلَى تغير2 الطبع بقوله: {وَنَزَعْنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} [الحجر: 47] فَيُزِيلُ1 التَّحَاسُدَ وَالْمَيْلَ إلَى اللِّوَاطِ, وَأَخْذَ مَالِ الْغَيْرِ. وَمَمْلُوكُهُ كَأَجْنَبِيٍّ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَدُبُرُ أَجْنَبِيَّةٍ كَلِوَاطٍ, وَقَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَقِيلَ: كَزِنًا: وَإِنَّهُ لَا حَدَّ بِدُبُرِ أَمَتِهِ وَلَوْ مُحَرَّمَةً بِرَضَاعٍ. وَزَانٍ بِذَاتِ مَحْرَمٍ كَلِوَاطٍ, وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: وَيُؤْخَذُ مَالُهُ لِخَبَرِ الْبَرَاءِ2 وَأَوَّلَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى عَدَمِ وارث3, وأول4 جَمَاعَةٌ: ضَرْبَ الْعُنُقِ فِيهِ عَلَى ظَنِّ الرَّاوِي, وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ مَالُهُ, عَلَى خَبَرِ الْبَرَاءِ إلَّا رَجُلًا يَرَاهُ مُبَاحًا فَيُجْلَدُ, قُلْت: فَالْمَرْأَةُ, قَالَ: كِلَاهُمَا فِي مَعْنًى وَاحِدٍ تقتل5. وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ إنَّ خَبَرَ الْبَرَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ وَإِنَّ غَيْرَ الْمُسْتَحِلِّ كَزَانٍ, نَقَلَ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ. وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً وَلَوْ سَمَكَةً عُزِّرَ, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: كَلُوطِيٍّ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَجِبُ الْحَدُّ فِي رِوَايَةٍ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فِي رِوَايَةٍ فَلِأَنَّهُ لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فِيهِ غُسْلٌ وَلَا فِطْرٌ وَلَا كَفَّارَةٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِخِلَافِ اللِّوَاطِ, كَذَا قَالَ وَظَاهِرُهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ, وَلَوْ وَجَبَ الْحَدُّ مَعَ أَنَّهُ احْتَجَّ لِوُجُوبِ الْحَدِّ بِاللِّوَاطِ بِوُجُوبِ ذَلِكَ بِهِ, وَظَاهِرُهُ يَجِبُ ذَلِكَ, وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ, وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ, وَالتَّسْوِيَةُ أَوْلَى, مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ غَرِيبٌ. وَتُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَتَحْرُمُ, فَيَضْمَنُهَا. وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ, فَيَضْمَنُ النَّقْصَ.
فصل: ولا حد إلا بتغييب حشفة أصلية من خصي أو فحل أو قدرها لعدم,
فَصْلٌ: وَلَا حَدَّ إلَّا بِتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ خَصِيٍّ أَوْ فَحْلٍ أَوْ قَدْرِهَا لِعَدَمٍ, فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ قُبُلًا كَانَ1 أَوْ دُبُرًا, فَتُعَزَّرُ امْرَأَتَانِ تَسَاحَقَتَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ الْحَدُّ, لِلْخَبَرِ2. وَيُشْتَرَطُ انْتِفَاءُ الشُّبْهَةِ, فَلَوْ وَطِئَ امْرَأَتَهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ "فِي"3 دُبُرٍ, أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ لِمُكَاتَبِهِ فِيهَا شِرْكٌ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ فِيهِ حَقٌّ أَوْ امْرَأَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ, أَوْ مَنْزِلِهِ ظَنَّهَا امْرَأَتَهُ, أَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ إسْلَامِهِ أَوْ نُشُوءٍ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ, أَوْ تَحْرِيمِ نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجماعا, أطلقه جماعة, وقاله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شيخنا وقدمه في المغني1, وقال2 جَمَاعَةٌ: وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا حَدَّ, نَقَلَ مُهَنَّا: لَا حَدَّ وَلَا مَهْرَ بِقَوْلِهِ: إنَّهَا امْرَأَتُهُ وَأَنْكَرَتْ هِيَ, وَقَدْ أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَا, فَلَا تُحَدُّ حَتَّى تُقِرَّ أَرْبَعًا. وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِجَهْلِ الْعُقُوبَةِ إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ, لِقِصَّةِ3 مَاعِزٍ. وَإِنْ وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ أَبَدًا بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلِمَ لَمْ يُحَدَّ, وَعَنْهُ: بَلَى, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَهِيَ أَظْهَرُ, وَقِيلَ: وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُزَوَّجَةُ, وَالْأَكْثَرُ يُعَزَّرُ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يُرْجَمُ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَحَرْبٌ: يُحَدُّ وَلَا يُرْجَمُ, وَكَذَا أَمَتُهُ الْمُعْتَدَّةُ, فَإِنْ كَانَتْ مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَلَا حَدَّ, وَعَكْسُهُ مُحَرَّمَةٌ بِنَسَبٍ. وَإِنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَمُتْعَةٍ, أَوْ بِلَا وَلِيٍّ, وَشِرَاءٍ فَاسِدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ, وَقِيلَ: أَوْ قَبْلَهُ, لَمْ يُحَدَّ, وَعَنْهُ: بَلَى, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ فِي "وَطْءِ4 بَائِعٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ", وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ لَمْ يُحَدَّ, ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ, فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ, وظاهر كلامهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُخْتَلِفٌ "م 3" وَكَذَا وَطْؤُهُ بِعَقْدٍ فُضُولِيٍّ, وَعَنْهُ: يحد قبل الإجارة1, واختار ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "فَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ تَوَجَّهَ خِلَافٌ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ", انْتَهَى. يَعْنِي إذَا وَطِئَ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ, كَمَا مثله المصنف, وقلنا: يحد بعده 2قبل الحكم فهل يُحَدُّ2 بَعْدَهُ أَمْ لَا. "قُلْت": هِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيٍّ, فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَى فِي نَقْضِ حُكْمِ مَنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ وَجْهَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا, وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِمَا هُنَاكَ, فَلْيُرَاجَعْ, وَإِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يُنْقَضُ, فَلَا يُحَدُّ هُنَا, فَأَثَّرَ الْحُكْمُ شَيْئًا, وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُنْقَضُ فَيُحَدُّ هُنَا فَأَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا حَكَمَ حَنَفِيٌّ لِحَنْبَلِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ, فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَيْنِ, عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ وَمَسْأَلَةُ مَتْرُوكِ التسمية.
فِي الْمُحَرَّرِ: يُحَدُّ قَبْلَهَا إنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لا 1ينفذ بها1. وَحَكَى رِوَايَةً. وَإِنْ زَنَى بِمَيِّتَةٍ فَرِوَايَتَانِ "م 4" ونقل عبد الله: بعض2 النَّاسُ يَقُولُونَ عَلَيْهِ حَدَّانِ فَظَنَنْته3 يَعْنِي نَفْسَهُ, قال أبو بكر: هو4 قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ, وَأَظُنُّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَشَارَ إليه, و5هَذَا بِخِلَافِ طَرَفِ مَيِّتٍ لِعَدَمِ ضَمَانِ الْجُمْلَةِ, لعدم وجود قتل بخلاف الوطء. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَإِنْ زَنَى بِمَيِّتَةٍ فَرِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي6 وَالْكَافِي7 وَالْمُقْنِعِ8 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ8 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ, وَحَكَاهُمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَجْهَيْنِ. "إحْدَاهُمَا": لَا حَدَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, اخْتَارَهُ ابْنِ عَبْدُوسٌ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَالْآدَمِيُّ في منتخبه ومنوره, وغيرهما.
وَإِنْ أُكْرِهَ رَجُلٌ فَزَنَى فَنَصُّهُ: يُحَدُّ. اخْتَارَهُ1 الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: لَا, كَامْرَأَةٍ مُكْرَهَةٍ أَوْ غُلَامٍ بِإِلْجَاءٍ أَوْ تَهْدِيدٍ أَوْ مَنْعِ طَعَامٍ مَعَ اضْطِرَارٍ وَنَحْوِهِ, وَعَنْهُ: فِيهِمَا: لَا بِتَهْدِيدٍ وَنَحْوِهِ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, قَالَ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ الْفِعْلُ بَلْ الْقَوْلُ, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا الْقَتْلَ سَقَطَ عنها الدفع, كسقوط الأمر بالمعروف بالخوف. وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ وَقَدْ أَحَلَّتْهَا لَهُ عُزِّرَ بِمِائَةِ جَلْدَةٍ, وَعَنْهُ: إلَّا سَوْطًا, وَعَنْهُ: بِعَشْرٍ, وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ, فِي رِوَايَةٍ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْعَمَلُ, قَالَ أَحْمَدُ: لِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْجِلْدِ أَوْ الرَّجْمِ, وَعَنْهُ: بَلَى. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنْ ظَنَّ جَوَازَهُ لَحِقَهُ, وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ فِيهِ وَفِي حَدِّهِ, وَعَنْهُ: يُحَدُّ, فَلَا يَلْحَقُهُ كَعَدَمِ حِلِّهَا, 2وَلَوْ ظَنَّ حِلَّهَا2, نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ, قَالَ: يُحَدُّ, إلَّا أَمَةَ امْرَأَتِهِ, عَلَى خَبَرِ النُّعْمَانِ3, قُلْت: فَأَحَلَّ أَمَتَهُ لِرَجُلٍ؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ وَلَا تَكُونُ لَهُ الْأَمَةُ وَإِنْ وَطِئَهَا فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ, لِأَنَّهُ وَطِئَ عَلَى شُبْهَةٍ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ: إنَّمَا يَلْزَمُ الْوَلَدُ إذَا لَمْ يُحَدَّ. وَفِي زَادِ الْمُسَافِرِ رِوَايَةُ ابْنِ مَنْصُورٍ: الرَّجُلُ يُحِلُّ أَمَتَهُ لِرَجُلٍ أَوْ فرجها أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ, اخْتَارَهُ أَبُو بكر والناظم وقدمه في الرعايتين
الْمَرْأَةُ أَمَتَهَا لِزَوْجِهَا, حَدِيثُ النُّعْمَانِ ابْنِ بَشِيرٍ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ الْأَوْلَى حُكْمُ غَيْرِ الْأَبِ مِنْ الْقَرَابَةِ عَلَى خَبَرِ النُّعْمَانِ. وَعَنْهُ فِيمَنْ وَطِئَ أَمَةَ امْرَأَتِهِ: إنْ أَكْرَهَهَا عَتَقَتْ وَغَرِمَ مِثْلَهَا وَإِلَّا مَلَكَهَا بِمِثْلِهَا, لِخَبَرِ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ1, لِأَنَّهُ إتْلَافٌ, كَمَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ, فَمَنْ أَتْلَفَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِمَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ انْتِفَاعُ مَالِكِهِ بِهِ عَتَقَ, وَلِمَالِكِهِ قِيمَتُهُ, وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ الْأُصُولِ, قَالَهُ شَيْخُنَا, وَإِنَّ مِنْ هَذَا جِذْعَ2 مَرْكُوبِ الْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ, وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ حَكَاهَا شَيْخُنَا فَقَالَ: حَكَى عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ الْقَوْلَ بِهِ. وَإِنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بَاطِلٍ إجْمَاعًا مَعَ عِلْمِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, أَوْ زَنَى بِمَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ, أَوْ بِصَغِيرَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَقِيلَ: أَوْ لَا, وَقِيلَ: لَهَا تِسْعٌ, أَوْ بِمَجْنُونَةٍ, أَوْ بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَوْ مَلَكَهَا, أَوْ أَقَرَّ عَلَيْهَا3 فَجَحَدَتْ "هـ" كَسُكُوتِهَا "و" أَوْ بِحَرْبِيَّةٍ مُسْتَأْمَنَةٍ, وَنَصَّهُ: أَوْ نَكَحَ بِنْتَه مِنْ زِنًا, وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخِلَافُ, وَيُحْتَمَلُ حَمْلُهُ عَلَى مُعْتَقِدٍ تَحْرِيمَهُ حد4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا بِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا قَوَدٌ, فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْمُغْنِي1 أَوْ دَعَا أَمَةً مُشْتَرَكَةً فَوَطِئَ يَظُنُّهَا الْمَدْعُوَّةَ. وَإِنْ مَكَّنَتْ مُكَلَّفَةٌ مَنْ لَا يُحَدَّ2, وَقِيلَ: ابْنُ عَشْرٍ, أَوْ جَهِلَهُ. أَوْ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا. أَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ, حُدَّتْ, كَلُزُومِهَا كَفَّارَةَ رَمَضَانَ دُونَ مَجْنُونٍ. وَكَذَا يُحَدُّ رَجُلٌ وَطِئَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ نَصَّ عَلَيْهِ. فَصْلٌ وَلَا يَثْبُتُ الزِّنَى إلَّا بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُقِرَّ بِهِ حُرٌّ وَعَبْدٌ, مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ لَا, أَرْبَعَ مَرَّاتٍ, فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ "نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَفِي مختصر ابن رزين مجلس وسأله الأثرم: بمجلس3 أَوْ مَجَالِسُ" قَالَ الْأَحَادِيثُ لَيْسَتْ تَدُلُّ إلَّا عَلَى مَجْلِسٍ, إلَّا عَنْ ذَاكَ الشَّيْخِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ4. وَذَاكَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَيُصَرِّحُ بِذِكْرِ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ, وعنه: وبمن5 زَنَى وَفِي الرِّعَايَةِ أَنَّهَا أَظْهَرُ, وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أَوْ صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَهَلْ هُوَ رُجُوعٌ فلا
يُحَدُّ أَوْ يُحَدُّ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 5" وَلَا يحدون, وهما في الترغيب إن أنكروا1, وأنه لو2 صدقهم لم يقبل رجوعه. "الثَّانِي" أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ فِي مَجْلِسٍ واحد, وفيه3 رِوَايَةٌ بِزِنًا وَاحِدٍ يَصِفُونَهُ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, وَأَنَّ هَذَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ, لَمْ يُسْمَعْ أُقِيمَ حَدٌّ إلَّا بِإِقْرَارٍ, وَسَوَاءٌ أَتَوْا الْحَاكِمَ جُمْلَةً أَوْ مُتَفَرِّقِينَ, وَلَوْ صَدَّقَهُمْ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَإِنْ شَهِدُوا فِي مَجْلِسَيْنِ فَأَكْثَرَ, وَكَانُوا أَوْ بَعْضُهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ فِيهِ لِأَمْرٍ ظَاهِرٍ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَوْ خَفِيَ, كَشَكِّهِ فِي فِسْقٍ, حُدُّوا لِلْقَذْفِ, كَمَا لَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, أَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَجْبُوبًا أَوْ رَتْقَاءَ, وَعَنْهُ: لَا كَمَسْتُورِي الْحَالِ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمْ قَبْلَ وَصْفِهِ الزِّنَا, وَأَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا عَذْرَاءُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِيهَا فِي الْوَاضِحِ تَزُولُ حَصَانَتُهَا4 بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ, وَعَنْهُ: يُحَدُّ الْعُمْيَانُ خَاصَّةً. فَعَلَى الْأَوَّلِ إن كان ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 5" "قوله": "وَإِنْ5 شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِإِقْرَارِهِ فَأَنْكَرَ أَوْ صَدَّقَهُمْ مَرَّةً فَهَلْ هُوَ رُجُوعٌ فَلَا يُحَدُّ أَوْ يحد؟ فيه روايتان", انتهى. "إحْدَاهُمَا": لَا حَدَّ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَهُوَ رُجُوعٌ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": عَلَيْهِ الْحَدُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الأصحاب, ونقل المصنف كلام صاحب الترغيب.
أَحَدُهُمْ زَوْجًا لَاعَنَ, وَنَقَلَ أَبُو1 النَّضْرِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْبُوبِ أَنَّ الشُّهُودَ قَذَفَةٌ, وَقَدْ أَحْرَزُوا ظُهُورَهُمْ, فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ الشَّعْبِيِّ: الْعَذْرَاءُ. قَالَ أَحْمَدُ "قَالَ" عَنْهُ اخْتِلَافٌ, فَدَلَّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ, فَإِنْ رَجَمَهُ الْقَاضِي فَالْخَطَأُ مِنْهُ, قُلْت: فَتَرَى فِي هَذَا أَوْ فِيمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا, فَلَمْ يَسْأَلْ الْقَاضِي عَنْ إحْصَانِهِ حَتَّى رَجَمَهُ إنَّ الدِّيَةَ فِي بَيْتِ الْمَالِ, لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَيْسَ عَلَيْهِ غُرْمٌ, قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ: إذَا رجمه بشهادتهم ثم بان له كذبهم فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ الْقَوَدُ مَعَ الْعَمْدِ. قَالَ: وَإِنْ رَجَمَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ إحْصَانَهُ فَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ: إنَّ خَطَأَهُ فِي مَالِهِ أَوْ عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ أَخْطَأَ فِي النَّفْسِ, وَهَذَا أَوْلَى بِهِ عِنْدِي. وَقَدْ2 أَطْلَقَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مَجْبُوبٍ وَنَحْوِهِ قَوْلَيْنِ, بِخِلَافِ الْعَذْرَاءِ, وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبَ فِيمَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَقَدَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ, فَقَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا أَجِيءُ بِثَلَاثَةِ شُهُودٍ مَعِي, فَجَاءَ بِهِمْ يَكُونُ شَاهِدًا مَعَهُمْ, قَالَ: إنْ جَاءَ بِهِمْ قَرِيبًا وَلَمْ يَتَبَاعَدْ فَهُوَ شَاهِدٌ رَابِعٌ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا, أَحَدُهُمْ فَاسِقٌ, فَصَدَّقَهُمْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ, وَمَنْ شَهِدَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَقِيلَ: لَا يَفْسُقُ, وَخَالَفَ أَبُو الْخَطَّابِ "م 6" وَإِنْ شَهِدُوا بِزِنًا وَاحِدٍ لَكِنْ عين اثنان بيتا, أو بلدا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَمَنْ شَهِدَ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ حكم, فقيل: لا يفسق, وخالف
أَوْ يَوْمًا, وَاثْنَانِ آخَرَ, حُدُّوا لِلْقَذْفِ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَعَنْهُ: يُحَدُّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ, اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِمَا ظَاهِرُهَا الاكتفاء بشهادتهم بكونها زانية, وعنه: وأنه1 لَا اعْتِبَارَ بِالْفِعْلِ الْوَاحِدِ, وَإِنْ عَيَّنَ اثْنَانِ زَاوِيَةً مِنْ بَيْتٍ صَغِيرٍ وَاثْنَانِ أُخْرَى مِنْهُ, أَوْ قَالَ اثْنَانِ: فِي قَمِيصٍ أَبْيَضَ, أَوْ قَائِمَةٍ, وَقَالَ اثْنَانِ فِي أَحْمَرَ أَوْ نَائِمَةً, كَمُلَتْ شَهَادَتُهُمْ, وَقِيلَ: هِيَ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ2: زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً, وَقَالَ اثْنَانِ: مُكْرَهَةً, لَمْ يُقْبَلْ, فَيُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ, لِقَذْفِهَا, وَفِي حَدِّ الْأَرْبَعَةِ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَجْهَانِ "م 7" ـــــــــــــــــــــــــــــQأَبُو الْخَطَّابِ", انْتَهَى. "قُلْت" ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَفْسُقُ, لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ جَاءَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ أَنْ قَامَ الْحَاكِمُ فَهُوَ قَاذِفٌ, لِأَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَلَا صَحِيحَةٍ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ: زَنَى بِهَا مُطَاوِعَةً, وَقَالَ اثْنَانِ: مُكْرَهَةً, لَمْ يُقْبَلْ فَيُحَدُّ شَاهِدَا الْمُطَاوَعَةِ لِقَذْفِهَا, وَفِي حَدِّ الْأَرْبَعَةِ لِقَذْفِ الرَّجُلِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا"3 يُحَدُّونَ لِقَذْفِهِ, جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُحَدُّونَ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزْم بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَيَظْهَرُ لِي قُوَّةُ هَذَا الْقَوْلِ, لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّجُلِ قَدْ كَمُلَتْ, فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فَأَوْلَى أَنْ تَسْقُطَ عَنْهُمْ, والله أعلم.
وَقِيلَ: تُقْبَلُ عَلَى الرَّجُلِ فَيُحَدُّ وَحْدَهُ, اخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُحَدُّ هي وفيه: وفيه وجهان. وذكر و1فِي الْوَاضِحِ: لَا يُحَدُّ أَحَدٌ, وَإِنْ قَالَ اثْنَانِ: وَهِيَ بَيْضَاءُ, وَقَالَ اثْنَانِ غَيْرَهُ لَمْ يُقْبَلْ, لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَجْتَمِعْ عَلَى عَيْنٍ2 وَاحِدَةٍ, بِخِلَافِ السَّرِقَةِ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعُوا أَوْ أَحَدُهُمْ فَهَلْ يُحَدُّونَ أَوْ إلَّا الرَّاجِعُ وحده؟ فيه روايتان "م 8". واختار3 فِي التَّرْغِيبِ يُحَدُّ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَحْدَهُ, لأنه لا يمكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" "قَوْلُهُ:" "وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ فَرَجَعُوا أَوْ أَحَدُهُمْ 4يَعْنِي قَبْلَ الْحَدِّ4 فَهَلْ يُحَدُّونَ أَوْ إلا الراجع وحده5؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يُحَدُّ الْأَرْبَعَةُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي7 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ, وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَصَحَّحَهُ, فَقَالَ: حُدُّوا فِي الْأَظْهَرِ, وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي8: عَلَى الْجَمِيعِ الْحَدُّ, فِي أصح الروايتين, انتهى. فقد اتفق الشيخان9.
التَّحَرُّزُ بَعْدَهُ1, وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ, لَا يُحَدُّ أَحَدٌ لِتَمَامِهَا بِالْحُكْمِ, وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْحَدِّ حُدَّ وَحْدَهُ إنْ وَرِثَ حَدَّ الْقَذْفِ. وَنَقَلَ أَبُو النَّضْرِ: لَا يُحَدُّ; لِأَنَّهُ ثَابِتٌ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الشُّهُودِ أَنَّهُمْ الزُّنَاةُ بِهَا لَمْ يُحَدَّ المشهود عليه, وفي حد الأولين للزنا وللقذف أيضا روايتان "م 9 و 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُحَدُّ غَيْرُ الرَّاجِعِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ حَامِدٍ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْوَجِيزِ, وَالْآدَمِيُّ فِي مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ, وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في إدراك الغاية. مَسْأَلَةٌ 9 و 10" قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَشَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الشُّهُودِ أَنَّهُمْ الزُّنَاةُ بِهَا لَمْ يُحَدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ, وَفِي حَدِّ الْأَوَّلِينَ لِلزِّنَا وَلِلْقَذْفِ أَيْضًا رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. فِي ضِمْنِ كَلَامِهِ مَسْأَلَتَانِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9" هَلْ يُحَدُّ الْأَوَّلُونَ لِلزِّنَا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الْكَامِلَةِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ هُمْ الزُّنَاةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يُحَدُّونَ لِلزِّنَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا الْأَشْهَرُ, وَصَحَّحَهُ فِي
وَإِنْ حَمَلَتْ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سيد لم تحد, نقله الجماعة, وَعَنْهُ: بَلَى إنْ لَمْ تَدَّعِ شُبْهَةً وَفِي الْوَسِيلَةِ وَالْمَجْمُوعِ رِوَايَةٌ: وَلَوْ ادَّعَتْ. وَكَذَا حَدُّهُ لخمر برائحته. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْحِيحِ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُحَدُّونَ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "مسألة10" هَلْ يُحَدُّ لِلْقَذْفِ عَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يُحَدُّونَ, لِلْقَذْفِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيز. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُحَدُّونَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُقْنِعِ وَجَمَاعَةٍ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا: وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ كَلَامًا مَعْنَاهُ لَا يُحَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَدَّ الزِّنَا, وَهَلْ يُحَدُّ الْأَوَّلُونَ حَدَّ الْقَذْفِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ, بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا جَاءَ مَجِيءَ الشَّاهِدِ هَلْ يُحَدُّ؟ عَلَى روايتين انتهى..
وَكَذَا قِيلَ فِي قَيْئِهِ وَوُجُودِهِ سَكْرَانَ, وَقِيلَ: يُحَدُّ "م 11 و 12". وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: يُؤَدَّبُ لَهُ بِرَائِحَتِهِ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ كَحَاضِرٍ مَعَ مَنْ يَشْرَبُهُ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: يُسْتَعْمَلُ لِقَطْعِ رَائِحَةِ الْخَمْرِ الْكُسْفُرَةُ وَعِرْقُ الْبَنَفْسَجِ وَالثُّومِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ قَوِيَّةٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11 و 12" قَوْلُهُ: "وَكَذَا قِيلَ فِي قَيْئِهِ وَوُجُودِهِ سَكْرَانَ, وَقِيلَ: يُحَدُّ", انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ حُكْمُ مَا إذَا تَقَيَّأَهَا أَوْ وُجِدَ سَكْرَانَ حُكْمُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رِيحُهَا أَمْ يُحَدُّ مُطْلَقًا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: "مَسْأَلَةٌ 11" مَنْ تَقَيَّأَهَا. وَ "مَسْأَلَةٌ 12" وُجُودُ سَكْرَانَ. "إحْدَاهُمَا"1 حُكْمُهُمَا حُكْمُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رَائِحَةُ الْخَمْرِ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يُحَدُّ هُنَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْإِرْشَادِ فِي وُجُودِهِ سَكْرَانَ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إنْ لَمْ يَدَّعِ شُبْهَةً. 2فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ والله أعلم2.
باب القذف
باب القذف مدخل ... بَابُ الْقَذْفِ مَنْ قَذَفَ بِزِنًا فِي قُبُلٍ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ مُحْصَنًا وَلَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ نَصَّ عَلَيْهِ جُلِدَ الْحُرُّ ثَمَانِينَ وَالْعَبْدُ أَرْبَعِينَ وَلَوْ عَتَقَ قَبْلُ حُدَّ1, وَمُعْتَقٌ بَعْضُهُ بِحِسَابِهِ, وَقِيلَ: كَعَبْدٍ. وَمَنْ2 قَذَفَ غَيْرَ مُحْصَنٍ عُزِّرَ, وَقِيلَ: سِوَى سَيِّدٍ لِعَبْدِهِ, قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُحَدُّ. وَحُدَّ أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا بِقَذْفِهِ وَإِنْ نَزَلَ كَقَوَدٍ فَلَا يَرِثُهُ عَلَيْهِمَا, وَإِنْ وَرِثَهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ وَحُدَّ لَهُ لِتَبَعُّضِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ لا يحد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَبُ1, وَفِي أُمٍّ وَجْهَانِ, وَقِيلَ: 2لَا حَدَّ2 بِقَذْفِهِ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ, وَعَنْهُ يُحَدُّ قَاذِفُ أُمِّهِ أَوْ ذِمِّيَّةٌ لَهَا وَلَدٌ أَوْ زَوْجُ مُسْلِمٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قَذَفَ كَافِرًا لَا وَلَدَ لَهُ مُسْلِمٌ لَمْ يُحَدَّ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَيُحَدُّ بِقَذْفٍ عَلَى جِهَةِ3 الْغَيْرَةِ "بِفَتْحِ الْغَيْنِ", وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ "وم" وَأَنَّهَا عُذْرٌ فِي غَيْبَةٍ وَنَحْوِهَا, وَتَقَدَّمَ "فِي" الطَّلَاقِ4 كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ وَشَيْخِنَا لِقَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ خَدِيجَةَ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ حَمْرَاءَ الشِّدْقَيْنِ5, وَقَوْلُهُ: "إنِّي أَعْرِفُ إذَا كُنْت عَنِّي رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْت عَلَيَّ غَضْبَى"6, وَلِدُعَائِهَا وَجَعْلِهَا رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإذخر تقول: يا رب سلط علي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي, وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 وَفِيهِمَا2 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ امْرَأَةَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَتْ: وَاَللَّهِ3 إنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُرَاجِعْنَهُ وَتَهْجُرُهُ إحْدَاهُنَّ الْيَوْمَ إلَى اللَّيْلِ. فَقُلْت: قَدْ4 خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُنَّ وَخَسِرَ, أَفَتَأْمَنُ إحْدَاهُنَّ أَنْ يَغْضَبَ اللَّهُ عَلَيْهَا5 لِغَضَبِ رَسُولِهِ, فَإِذَا هِيَ قَدْ هَلَكَتْ, وَإِنَّ عُمَرَ قَالَ هَذَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبَسَّمَ. وَفِيهِ: وَكَانَ قَدْ أَقْسَمَ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حَتَّى6 عَاتَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَالْمُحْصَنُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ الْعَفِيفُ عَنْ الزِّنَا, وَقِيلَ: وَوَطْءٌ لَا يُحَدُّ بِهِ لِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ, وَقِيلَ: يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ بَاطِنِ عِفَّةٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ: لَا مُبْتَدِعٍ. وَفِي الْإِيضَاحِ: لَا فَاسِقٍ ظَهَرَ فِسْقُهُ. وَلَا يَخْتَلُّ إحْصَانُهُ بِوَطْئِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ7 وَإِحْرَامٍ قَالَهُ8 فِي التَّرْغِيبِ. وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةً بِمُتَّهَمٍ بِهَا حُدَّ, قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَفِيهِ, لا يحد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَذْفِ فَاسِقٍ, وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: عِنْدِي يُحَدُّ بِقَذْفِ الْعَبْدِ وَأَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ, لِعَدَالَتِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الزِّنَا. وَفِي اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا: لَا, قَالَهُ فِي الترغيب "م 1" فَالْغُلَامُ ابْنُ عَشْرٍ وَالْبِنْتُ بِنْتُ تِسْعٍ, وَمُطَالَبَتُهُ إذَا بَلَغَ, وَالْمُلَاعَنَةُ وَابْنُهَا وَوَلَدُ الزِّنَا كَغَيْرِهِمْ, نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا لا, قاله في الترغيب". "إحْدَاهُمَا"1: لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ أَشْهَرُ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ إذَا كَانَ ابْنَ عَشْرٍ أَوْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً, وَقَطَعَ بِهِ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَاتِهِمْ, وَالشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا, وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ, وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنَظْمِ الْمُفْرَدَاتِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهَادِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أظهر الروايتين وجوب الحد, انتهى. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ, قَالَهُ فِي الْعُمْدَةِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْمُحْصَنُ هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الْعَفِيفُ, انْتَهَى. وَقِيلَ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَرَّجَةٌ لَا مَنْصُوصَةٌ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 والكافي3 والمقنع4 والمحرر
وَمَنْ قَالَ لِمُحْصَنَةٍ: زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ, فَإِنْ فَسَّرَهُ بِدُونِ تِسْعٍ عُزِّرَ, زَادَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ رَآهُ الْإِمَامُ وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى طَلَبٍ, لِأَنَّهُ لِتَأْدِيبِهِ وَإِلَّا فَرِوَايَتَا الْبُلُوغِ. وَإِنْ قَالَ: وَأَنْتِ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَمَا ثَبَتَ وَأَمْكَنَ فَرِوَايَتَانِ "م 2", وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ, وَعَنْهُ: بَلَى, فَإِنْ قَالَتْ: أَرَدْتَ قَذْفِي الْآنَ فَأَنْكَرَ فَهَلْ يُحَدُّ أَوْ يُعَزَّرُ وَجْهَانِ "م 3". وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ إنْ أَضَافَهُ إلَى جُنُونٍ. وَفِي الترغيب: إن كان ممن يجن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَطَأُ أَوْ يُوطَأُ, وَقَدْ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ سِنَّهُمَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَمَنْ قَالَ لِمُحْصَنَةٍ زَنَيْت وَأَنْتِ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَمَا ثَبَتَ وَأَمْكَنَ فَرِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يُحَدُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: حُدَّ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ, قَالَ فِي الْوَجِيزِ: فَإِنْ قَالَ لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ: زَنَيْت وَأَنْتِ كَافِرَةٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُحَدُّ. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يحد, وعنه: بلى, فإن قالت: أردت
لَمْ يَقْذِفْهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنْ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا حِينَ قَذَفَهُ فَأَنْكَرَتْ وَعَرَّفَتْ لَهُ حالة2 جُنُونٍ وَإِفَاقَةٍ فَوَجْهَانِ. وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولَةٍ فَرِوَايَتَانِ "م 4", وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ قَذْفًا مُتَقَدِّمًا كان في صغر أو قال: زنيت ـــــــــــــــــــــــــــــQقَذْفِي الْآنَ 3فَأَنْكَرَ3 فَهَلْ يُحَدُّ أَوْ يُعَزَّرُ؟ وَجْهَانِ", انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالنَّظْمِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": لَا يُحَدُّ, بَلْ يُعَزَّرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَابْنُ الْبَنَّاءِ, قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وغيره. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يُحَدُّ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي: الْقَوْلُ قَوْلُهَا "قُلْت": وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْقَوْلَيْنِ, فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولَةٍ فَرِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. "إحْدَاهُمَا": يُحَدُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: حُدَّ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يحد, اختاره أبو بكر
مُكْرَهَةً, أَوْ قَالَ: يَا زَانِيَةُ ثُمَّ ثَبَتَ زِنَاهَا فِي كُفْرٍ لَمْ يُحَدَّ, كَثُبُوتِهِ فِي إسْلَامٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ: إنْ قَذَفَهُ بِمَا أَتَى فِي الْكُفْرِ حُدَّ, لِحُرْمَةِ الْإِسْلَامِ. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ1: رَجُلٌ رَمَى امْرَأَةً بِمَا فَعَلَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ; قَالَ: يُحَدُّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي: لَوْ قَالَ ابْنُ عِشْرِينَ لِابْنِ خَمْسِينَ زَنَيْتُ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَمْ يُحَدَّ, وَهُوَ سَهْوٌ. وَلَا يَسْقُطُ حَدٌّ بِزَوَالِ2 إحْصَانِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ "خ" حَكَمَ حَاكِمٌ بِوُجُوبِهِ "خ" 3أَوْ لَا3 "خ"4 لِأَنَّ الْحُدُودَ تُعْتَبَرُ بِوَقْتِ وُجُوبِهَا, وَكَمَا لَا يَسْقُطُ بِرِدَّتِهِ وَجُنُونِهِ. وَبِخِلَافِ فِسْقِ الشُّهُودِ قَبْلَ الْحُكْمِ لضيق الشهادة, وعلله الشَّيْخُ بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ, وَبِأَنَّ الزِّنَا نَوْعُ فِسْقٍ, وَاحْتِمَالُ وُجُودِ الْجِنْسِ أَكْثَرُ مِنْ النَّوْعِ, إلَّا أَنْ يَتَقَدَّمَ مُزِيلُهُ عَلَى الْقَذْفِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ. قِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ: لَوْ زَنَى مَقْطُوعُ الْيَدِ أَتُعَادُ بَعْدَ بَعْثِهِ وَيُعَاقَبُ؟ فَقَالَ: لَا نُرَاعِي مِثْلَ هَذَا, كَحَدِّ هَزِيلٍ بَعْدَ سِمَنِهِ, كَذَا عُقُوبَةُ الْآخِرَةِ. وَالْقَذْفُ مُحَرَّمٌ إلَّا أَنْ يَرَى امْرَأَتَهُ تَزْنِي فِي طُهْرٍ لَمْ يَطَأْ فِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَوْ دُونَ فَرْجٍ. وَفِي الْمُغْنِي5: أَوْ تُقِرَّ بِهِ فَيُصَدِّقَهَا فَيَعْتَزِلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ تَلِدَ بِمَا يُمْكِنُ أَنَّهُ مِنْ الزَّانِي, فيلزمه قذفها ونفيه. وفي المحرر وكذا لو1 وَطْؤُهَا فِي طُهْرٍ زَنَتْ فِيهِ وَظَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الزَّانِي. وَفِي التَّرْغِيبِ نَفْيُهُ2 مُحَرَّمٌ مَعَ التَّرَدُّدِ, فَإِنْ تَرَجَّحَ النَّفْيُ بِأَنْ اسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ فَوَجْهَانِ, وَاخْتَارَ جَوَازَهُ مَعَ أَمَارَةِ الزِّنَا, وَلَا وُجُوبَ وَلَوْ رَآهَا تَزْنِي, وَاحْتَمَلَ مِنْ الزِّنَا حَرُمَ نَفْيُهُ, وَلَوْ نَفَاهُ وَلَاعَنَ انْتَفَى. وَإِنْ لَمْ تَلِدْ مَا يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ أَوْ اسْتَفَاضَ زِنَاهَا أَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ ثِقَةٌ, أَوْ رَأَى رجلا3 مَعْرُوفًا بِهِ عِنْدَهَا, زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: خَلْوَةٌ, وَاعْتَبَرَ فِي الْمُغْنِي4 هُنَا اسْتِفَاضَةُ زِنَاهَا, وَقَدَّمَ لَا يَكْفِي اسْتِفَاضَةٌ بِلَا قَرِينَةٍ, فَلَهُ قَذْفُهَا, وَفِرَاقُهَا أَوْلَى, قَالَ شَيْخُنَا: إذَا قَالَ أَخْبَرَتْنِي أَنَّهَا زَنَتْ فَكَذَّبَتْهُ فَفِي كَوْنِهِ قَاذِفًا نِزَاعٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ, فَإِنْ جَعَلَ قَذْفًا أَوْ قَذَفَهَا صَرِيحًا فَلَهُ لِعَانُهَا5, وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ فَأَنْكَرَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَلَوْ أَسْقَطَتْ جَنِينًا بِسَبَبِ الْقَذْفِ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ قَذْفُهُ فَلَا عُدْوَانَ, فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ حَرُمَ قَذْفُهُ ضَمِنَهُ. وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ الْمُبَاحَ أَنْ يَرَاهَا تَزْنِي أَوْ يَظُنُّهُ وَلَا وَلَدَ, وَإِنْ وَلَدَتْ أَسْوَدَ وَهُمَا أَبْيَضَانِ أَوْ عَكَسَهُ فَلَهُ نَفْيُهُ بقرينة, وقيل: ودونها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: صريح القذف,
فصل: صريح الْقَذْفِ, يَا زَانٍ يَا عَاهِرُ, قَدْ زَنَيْتَ. زَنَى فَرْجُك وَنَحْوُهُ, وَكَذَا يَا لُوطِيُّ, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ مَعَ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ, وَعَنْهُ: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ, وَيَا مَعْفُوجٌ1, صَرِيحٌ قَالَ أَحْمَدُ: يُحَدُّ, وَقِيلَ: كِنَايَةٌ وَإِنْ فَسَّرَ يَا مَنْيُوكَةَ بِفِعْلِ زَوْجٍ فَلَيْسَ قَذْفًا, ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَزَادَ إنْ أَرَادَ بِزَانِي الْعَيْنِ أَوْ يَا عَاهِرَ الْيَدِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ2 مَعَ سَبْقِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَذْفٍ صَرِيحٍ, وَإِنْ قَالَ: لَسْت بِوَلَدِ فُلَانٍ فَقَذَفَ لِأُمِّهِ, فِي الْمَنْصُوصِ إلَّا مَنْفِيًّا بِلِعَانٍ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَبُوهُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ بِزِنَا أُمِّهِ, وَكَذَا إنْ نَفَاهُ عَنْ قَبِيلَتِهِ, وَعِنْدَ الشَّيْخِ بِالْقِيَاسِ3 لَا حَدَّ. نَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَسْتَ لِأَبِيك: يُحَدُّ, وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ كَافِرَةً, وَنَقَلَهُ مُهَنَّا لِتَمِيمِيٍّ: لَسْت مِنْهُمْ وَنَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ قَالَ: لَوْ كُنْتَ وَلَدَ فُلَانٍ مَا فَعَلَتْ كَذَا. وَلَسْتَ بِوَلَدِي كِنَايَةٌ فِي قَذْفِهَا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: صَرِيحٌ. وَإِنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِيَةُ أَوْ لِامْرَأَةٍ يَا زَانٍ فَصَرِيحٌ, كَفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا لَهُمَا4, خِلَافًا لِصَاحِبِ الرِّعَايَةِ فِي عَالِمٍ بِعَرَبِيَّةٍ, وَقِيلَ: كناية, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ لِلرَّجُلِ, وَكَذَا أَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ, أَوْ مِنْ فُلَانَةَ, فَعَلَى الْأَوَّلِ فِي فُلَانَةَ وَجْهَانِ "م 5". وَفِي زَنَتْ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ ثناهما وَجْهَانِ "م 6". وَكَذَا زَنَى بَدَنُك, قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَكَذَا الْعَيْنُ فِي التَّرْغِيبِ, وَفِي الْمُغْنِي1 وغيره: لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَكَذَا أَنْتِ أَزْنَى النَّاسِ أَوْ مِنْ فُلَانَةَ". يَعْنِي أَنَّهُ صَرِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي فُلَانَةَ وَجْهَانِ, يَعْنِي فِي قَذْفِ فُلَانَةَ وَجْهَانِ, انتهى 2وأطلقهما في المغني3 والشرح4 والمحرر الصغير2.. "أَحَدُهُمَا": لَيْسَ بِقَاذِفٍ لَهَا, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَقْيَسُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي5. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": هُوَ قَذْفٌ أَيْضًا لَهَا, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ6, وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَفِي زَنَتْ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ ثَنَاهُمَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" هُوَ صَرِيحٌ, فَيُحَدُّ بِهِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَيْسَ بِصَرِيحٍ, فَلَا يُحَدُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ, قَالَ فِي الخلاصة لم يكن قذفا, في الأصح.
وَإِنْ قَالَ: زَنَأْت1 فِي الْجَبَلِ فَصَرِيحٌ, وَقِيلَ إنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ, وَقَالَ أَرَدْتُ الصُّعُودَ فِي الْجَبَلِ, قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَبَلِ فَوَجْهَانِ "م 7", وَقِيلَ: لَا قَذْفَ وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ2 فِي لَفْظَةِ3 "عِلْقٌ" وَذَكَرَهَا شَيْخُنَا صَرِيحَةً وَمَعْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ رَزِينٍ "كُلُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عرفا". وَكِنَايَتُهُ4 وَالتَّعْرِيضُ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: قَدْ فَضَحْتِهِ, أَوْ نكست رأسه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الصُّعُودَ فِي الْجَبَلِ, قِيلَ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَبَلِ فَوَجْهَانِ" يَعْنِي هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي, وَهُوَ قَوْلُهُ, وَقِيلَ: إنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ وَقَالَ أَرَدْتُ الصُّعُودَ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": هُوَ صَرِيحٌ, وَجْهًا وَاحِدًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": حُكْمُهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا, فِيهَا الْوَجْهَانِ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي الْجَبَلِ فَوَجْهَانِ, وَقِيلَ: لَا قَذْفَ, وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهَا لَفْظَةُ "عِلْقٌ" وَذَكَرَهَا شيخنا صريحة" انتهى. وقال بعد ذلك 6بقرب من عشرين سطرا أو أكثر6: و7قال شَيْخُنَا إنَّ "عِلْقٌ" تَعْرِيضٌ, انْتَهَى. فَلَعَلَّهُ قَالَ هذا أولا ثم
أَوْ أَفْسَدْتِ فِرَاشَهُ, أَوْ يَا قَحْبَةُ يَا فَاجِرَةُ, أَوْ لِمَنْ يُخَاصِمُهُ يَا حَلَالُ ابْنَ الْحَلَالِ, مَا يَعْرِفُك النَّاسُ بِالزِّنَا, يَا نَظِيفُ1, يَا خَنِيثُ بِالنُّونِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ بِالْبَاءِ يَا عَفِيفُ, أَوْ لِعَرَبِيٍّ: يَا نَبَطِيُّ, يَا فَارِسِيُّ, يَا رُومِيُّ, أَوْ لِأَحَدِهِمْ يَا عَرَبِيُّ أَوْ مَا أَنَا بِزَانٍ أَوْ مَا2 أُمِّي بِزَانِيَةٍ, فَإِنْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ الْقَذْفِ, وَعَنْهُ: بِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ قُبِلَ, وَعَنْهُ: يُحَدُّ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ عَنْ الْخِرَقِيِّ, وَعَنْهُ: لَا يُحَدّ إلَّا بِنِيَّةٍ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. وَالْقَرِينَةُ كَكِنَايَةِ طَلَاقٍ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هُوَ قَذْفٌ بِنِيَّةٍ3, وَلَا يَحْلِفُ مُنْكِرُهَا, وَفِي قِيَامِ قَرِينَةٍ مَقَامَهَا مَا تَقَدَّمَ, وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا بِالنِّيَّةِ, وَفِي لُزُومِ إظْهَارِهَا وَجْهَانِ "م 8", وَإِنْ عَلَى أَنَّهُ صَرِيحٌ4 وَيُقْبَلُ تَأْوِيلُهُ, وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: يُحَدُّ بِالصَّرِيحِ فَقَطْ. وَإِنَّ قَوْلَهُ: أَحَدُهُمَا زَانٍ, فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا, فَقَالَ: لَا, "فَقَالَ:" لا5 قذف للآخر, وذكره6 في المفردات. ـــــــــــــــــــــــــــــQاطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ بِأَنَّهَا صَرِيحٌ, أَوْ لَهُ قولان, والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ "وَيَلْزَمُهُ الْحَدُّ بَاطِنًا بِالنِّيَّةِ, وَفِي لُزُومِ إظْهَارِهَا وَجْهَانِ" انْتَهَى. لَعَلَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ, وَهُوَ الظَّاهِرُ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إظْهَارُ النِّيَّةِ إذَا سُئِلَ عَمَّا أراد, والله أعلم.
وَإِذَا لَمْ يُحَدَّ بِالتَّعْرِيضِ عُزِّرَ, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمُ عَقْلِهِ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَجْهَانِ فِيمَنْ يُجَنُّ وَقْتًا وَيُفِيقُ وَقْتًا, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ فِي مَقْذُوفٍ: يُقْبَلُ من مطبق إفاقته طارئة, وَيَتَوَجَّهُ أَوْ يُجَنُّ وَقْتًا, وَكَذَا فِي الْخِلَافِ فِي: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ, أَوْ أَشْهَدَنِي أَنَّك زَنَيْت, فَكَذَّبَهُ فُلَانٌ. وَكَذَا لَوْ سَمِعَ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فَقَالَ: صَدَقْت, فَإِنْ زَادَ فِيمَا قُلْت فَقِيلَ, كَذَلِكَ وَقِيلَ يُحَدُّ "م 9". وَيُعَزَّرُ فِي يَا كَافِرُ, يَا فَاجِرُ, يَا حِمَارُ, يَا تَيْسُ, يَا ثَوْرُ, يَا رَافِضِيُّ, يَا خَبِيثَ الْبَطْنِ أَوْ الْفَرْجِ, يَا عَدُوَّ اللَّهِ, يَا ظَالِمُ, يَا كَذَّابُ, يَا خَائِنُ, يَا شَارِبَ الْخَمْرِ, يَا مُخَنَّثُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَقِيلَ فَاسِقٌ كِنَايَةٌ, وَمُخَنَّثٌ تَعْرِيضٌ, وَيُعَزَّرُ فِي: قَرْنَانِ2 وَقَوَّادٍ وَنَحْوِهِمَا, وَسَأَلَهُ حَرْبٌ عَنْ دَيُّوثٍ, قَالَ: يُعَزَّرُ, قُلْت: هَذَا عِنْدَ النَّاسِ أَقْبَحُ مِنْ الفرية, فسكت. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَكَذَا لَوْ سَمِعَ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا فَقَالَ صَدَقْت, فَإِنْ زَادَ3 فِيمَا قُلْت, فَقِيلَ: كَذَلِكَ, وَقِيلَ: يُحَدُّ," انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قلت": وهو الصواب.
وَفِي الْمُبْهِجِ: دَيُّوثٌ قَذْفٌ لِامْرَأَتِهِ, وَمِثْلُهُ كَشْخَانٌ1 وقرطبان, ويتوجه في مأبون كمخنث و2فِي الْفُنُونِ: هُوَ لُغَةً الْعَيْبُ يَقُولُونَ: عُودٌ مَأْبُونٌ وَالْأَبْنُ: الْجُنُونُ, وَالْأُبْنَةُ: الْعَيْبُ, ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الزَّاهِرِ, فَإِنْ كَانَ لَهُ عُرْفٌ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْفِعْلِ بِهِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ, لِأَنَّ الْأُبْنَةَ الْمُشَارَ إلَيْهَا لَا تُعْطِي أَنَّهُ يَفْعَلُ بِمُقْتَضَاهَا إلَّا3 بِقَوْلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الْفِعْلِ, كَقَوْلِهِ لِلْمَرْأَةِ: يَا شَبِقَةُ, يَا مُغْتَلِمَةُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ كِنَايَةً, وَأَنَّ مَنْ قَالَ لِظَالِمٍ بْنِ ظَالِمٍ: جَبَرَك اللَّهُ وَرَحِمَ سَلَفَك احْتَمَلَ الْمَدْحُ وَالتَّهَزِّي, وَأَنَّهُ أَظْهَرُ, فَيُعَزَّرُ. قَالَ4 شَيْخُنَا: إن "علق" تعريض. وَإِنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا حُدَّ, فِي الْمَنْصُوصِ, لِأَنَّهُ قَذَفَهُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ, قَالَهُ أَحْمَدُ وَعَكْسُهُ: مَا أَنْتَ ابْنُ فُلَانَةَ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ قَذَفَ مَنْ لَا يُتَصَوَّرُ عَادَةُ5 الزِّنَا5 مِنْهُمْ كَأَهْلِ بَلَدِهِ لَمْ يُحَدَّ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: لَيْسَ قَاذِفًا, لِأَنَّهُ لَا عَارَ, وَيُعَزَّرُ, كَسْبُهُمْ بِغَيْرِهِ, وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ أَحَدٌ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي الْمُغْنِي1 جَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ2 أَصْلًا لِقَذْفِ الصَّغِيرَةِ, مَعَ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْتَاجُ فِي التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: وَيُعَزَّرُ حَيْثُ لَا حَدَّ. وَإِنْ قَالَ: مَنْ رَمَانِي فَهُوَ ابْنُ الزَّانِيَةِ لَمْ يُحَدَّ "ع" وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي شَيْءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: الْكَاذِبُ ابْنُ الزَّانِيَةِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَمَا أَشْبَهَهُ, لِعَدَمِ التَّعْيِينِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُعَزَّرُ3, لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ, لَكِنْ يُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ, فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِ غِيبَةِ أَهْلِ قَرْيَةٍ "هـ" لَا أَحَدَ هَؤُلَاءِ, أَوْ وَصَفَ رَجُلًا بِمَكْرُوهٍ لِمَنْ لَا يَعْرِفُهُ, لِأَنَّهُ لَا يَتَأَذَّى4 غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَقَوْلِهِ فِي الْعَالِمِ مَنْ يَزْنِي وَنَحْوُهُ, إلَّا أَنْ يَعْرِفَ بَعْدَ الْبَحْثِ. وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ5 بِكَ زَنَيْتُ سَقَطَ حَقُّهَا بِتَصْدِيقِهَا وَلَمْ تَقْذِفْهُ, وَإِنْ قَالَ زَنَى بِكِ فُلَانٌ فَقَدْ قَذَفَهُمَا, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَخَرَجَ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ, فَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَقْذِفْهُ يَتَخَرَّجُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ يَقْذِفْهَا, لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مُكْرَهَةٌ أَوْ نَائِمَةٌ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ فِي الزَّوْجَةِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: خَبَرُ مَاعِزٍ6 حِينَ سَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِفُلَانَةَ, فَلَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يضربه النبي صلى الله عليه وسلم, 1لها نقله1 ابْنُ مَنْصُورٍ وَنَقَلَ مِنْهَا2: لَا يُحَدُّ لَهَا, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَوْ كَانَ قَاذِفًا لَمْ يَسْأَلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "بِمَنْ" وَإِنَّمَا هَذَا بَيَانُ الْإِقْرَارِ, وَلَوْ كَانَ قَوْلُهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي, أَوْ زَنَيْت وَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَقَدْ قَذَفَتْهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ, وَإِنْ قَالَ يَا زَانِيَةُ قَالَتْ بَلْ أَنْتَ زَانٍ حدا3, وَعَنْهُ: لَا لِعَانَ, وَتُحَدُّ هِيَ فَقَطْ, وَهُوَ سَهْوٌ عِنْدَ الْقَاضِي "4وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَقَالَ: بَلْ هَذَا5 يُعْطِي رِوَايَةً عَنْهُ أَنَّ اللِّعَانَ شهادة4".
فصل: وهو حق لآدمي,
فَصْلٌ: وَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ, فَيَسْقُطُ بِعَفْوِهِ, قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ عَنْهُ: لَا عَنْ بَعْضِهِ, وَعَنْهُ: لِلَّهِ, فَلَا يَسْقُطُ, وَعَلَيْهِمَا لَا يُحَدُّ, وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ إلَّا بِالطَّلَبِ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "ع". وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الثَّانِيَةِ: وَبِدُونِهِ. وَلَا يَسْتَوْفِيهِ بِنَفْسِهِ, خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ "ع" وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ, وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْإِمَامِ أَنَّهُ حَدٌّ. وَفِي الْبُلْغَةِ: لَا يَسْتَوْفِيهِ بِدُونِهِ, فَإِنْ فَعَلَ فَوَجْهَانِ, وَأَنَّ هَذَا فِي الْقَذْفِ الصريح, وأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غَيْرَهُ يَبْرَأُ بِهِ سِرًّا, عَلَى خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ لَا يَسْتَوْفِيهِ إلَّا الْإِمَامُ, وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ1 هَلْ تُعْتَبَرُ الْمُوَالَاةُ أَوْ النِّيَّةُ, وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ قَدَّمَ قَاذِفَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَأَقَرَّ فَقَالَ: قَدْ أَمْسَيْنَا, غَدًا نُقِيمُهُ عَلَيْهِ, فَغَابَ الْمَقْذُوفُ, فَقَالَ: لَا يُحَدُّ حَتَّى يَحْضُرَ, لَعَلَّهُ عَفَا. وَإِنْ قَالَ اقْذِفْنِي فَقَذَفَهُ عُزِّرَ, وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُحَدُّ وَصَحَّحَهُ فِي التَّرْغِيبِ عَلَى الْأَوَّلِ. وَإِنْ مَاتَ وَوَرِثَ حَدَّ الْقَذْفِ فَلِوَارِثِهِ الْمُطَالَبَةُ إذَنْ. وَإِنْ قُذِفَ مَيِّتٌ مُحْصَنٌ أَوَّلًا فَلِوَارِثِهِ الْمُحْصَنِ خَاصَّةً حَدُّ قَاذِفِهِ, وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: لَا حَدَّ بِقَذْفِ مَيِّتٍ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ في غير أمهاته, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ. وَحَقُّ الْقَذْفِ لِلْوَرَثَةِ نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: سِوَى الزَّوْجَيْنِ, وَفِي الْمُغْنِي1: للعصبة, وإن عفا بعضهم حده الباقي2 كَامِلًا. وَقِيلَ يَسْقُطُ, وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ: افْتَرَى عَلَى أَبِيهِ وَقَدْ مَاتَ فَعَفَا ابْنُهُ؟ قَالَ: جَائِزٌ. وَسَأَلَهُ الْأَثْرَمُ: أَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ رَفْعِهِ؟ قَالَ: فِي نَفْسِهِ فَإِنَّمَا هُوَ حَقُّهُ, وَإِذَا قذف أباه فهذا شيء يطلبه غيره,. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ مَاتَ بَعْدَ طَلَبِهِ مَلَكَهُ وَارِثُهُ, فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ حُدَّ لِمَنْ يَطْلُبُ مِنْهُمْ بِقِسْطِهِ وَسَقَطَ قِسْطُ مَنْ عَفَا, بِخِلَافِ الْقَذْفِ إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَبَعَّضُ, وَهَذَا يَتَبَعَّضُ1. وَمَنْ قَذَفَ أُمَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَرَ ويقتل, وعنه: إن تاب 2لم يقتل2, ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ3 4 "أَحَدُهُمَا" قَوْلُهُ: "قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: بِخِلَافِ الْقَذْفِ إذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْقَذْفَ لَا يَتَبَعَّضُ وَهَذَا يَتَبَعَّضُ", انْتَهَى. صَوَابُهُ بِخِلَافِ الْقَتْلِ, لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَبَعَّضُ مَكَانَ "الْقَذْفِ" فِي الْمَوْضِعَيْنِ, وَهُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَذَلِكَ وَهُوَ واضح4
وَعَنْهُ: كَافِرٌ بِإِسْلَامٍ, وَهِيَ مُخَرَّجَةٌ مِنْ نَصِّهِ في1 التفرقة بين الساحر الْمُسْلِمِ وَالسَّاحِرِ الذِّمِّيِّ, قَالَ فِي الْمَنْثُورِ: وَهَذَا كَافِرٌ قُتِلَ مَنْ سَبَّهُ, فَيُعَايَا بِهَا. وَقَذْفُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَقَذْفِ أُمِّهِ, وَيَسْقُطُ سَبُّهُ بِالْإِسْلَامِ, كَسَبِّ اللَّهِ, وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْمُرْتَدِّ, قَالَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. قَالَ2 شَيْخُنَا: وَكَذَا مَنْ قَذَفَ نِسَاءَهُ لِقَدْحِهِ فِي دِينِهِ, وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قَبْلَ عِلْمِهِ بَرَاءَتَهَا3 وَأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ فَتَخْرُجُ بِهَا مِنْهُنَّ وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ فِي وَجْهٍ, وَقِيلَ: لَا, وَقِيلَ: في غير مدخول بها "م 10". ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي" قَوْلُهُ "وَيَسْقُطُ سَبُّهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى, وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْمُرْتَدِّ, قَالَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ", انْتَهَى. لَيْسَ فِي هَذَا خِلَافٌ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ بَلْ قَدْ4 قَدَّمَ حُكْمًا, وَهُوَ أَنَّ سَابَّ5 اللَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ عَنْهُ حُكْمُهُ بِالْإِسْلَامِ, وَلَكِنَّ الشَّيْخَ ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا. "مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ "وَقَالَ شَيْخُنَا, وَكَذَا مَنْ قَذَفَ نِسَاءَهُ, لِقَدْحِهِ فِي دِينِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْتُلْهُمْ 6بِكَلَامِهِمْ فِي عَائِشَةَ6 لِأَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا قَبْلَ عِلْمِهِ بِبَرَاءَتِهَا وَأَنَّهَا من أمهات
وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ فَقَالَ: يَا ابْنَ كَذَا وَكَذَا إلَى آدَمَ وَحَوَّاءَ؟ فَعَظَّمَهُ جِدًّا وَقَالَ عَنْ الْحَدِّ: لَمْ يَبْلُغْنِي فيه شيء وذهب إلى حد واحد. وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ, فَحَدٌّ طَالَبُوا أَوْ بَعْضُهُمْ, فَيُحَدُّ لِمَنْ طَلَبَ, ثُمَّ لَا حَدَّ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ, وَعَنْهُ: إن طالبوا متفرقين, وَعَنْهُ: إنْ قَذَفَ امْرَأَتَهُ وَأَجْنَبِيَّةً تَعَدَّدَ الْوَاجِبُ هُنَا, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, كَمَا لَوْ لَاعَنَ امْرَأَتَهُ. وَفِي يَا نَاكِحَ أُمِّهِ, الرِّوَايَاتُ, وَنَصَّ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ, يُطَالِبُهُ. قِيلَ: إنَّمَا أَرَادَ أُمَّهُ, قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَهُ, هَذَا قَصْدٌ لَهُ. وَإِنْ قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ تَعَدَّدَ الْحَدُّ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَنْهُ: إنْ تَعَدَّدَ الطَّلَبُ, وَمَنْ أَعَادَ قَذْفَهُ قَبْلَ الْحَدِّ فَحَدٌّ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: يَتَعَدَّدُ, وَإِنْ أَعَادَهُ بعده ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُؤْمِنِينَ لِإِمْكَانِ الْمُفَارَقَةِ, فَتَخْرُجُ بِهَا مِنْهُنَّ وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ فِي وَجْهٍ, وَقِيلَ: لَا, وَقِيلَ فِي غَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا", انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ حَصَلَ مُفَارَقَةٌ لِأَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَخْرُجُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ أَوْ لَا؟ أَوْ تَخْرُجُ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ؟ حُكِيَ أَقْوَالًا, ظَاهِرُهَا إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِيهَا. "قُلْت": قَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ, وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا مُطْلَقًا, وَأَنَّ ابْنَ حَامِدٍ وَغَيْرَهُ قَالَ: يَجُوزُ نِكَاحُ مَنْ فَارَقَهَا فِي حَيَاتِهِ, فَقَالَ فِي الْخَصَائِصِ1 فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: وَحَرَّمَ عَلَى غَيْرِهِ نِكَاحَ زَوْجَاتِهِ فَقَطْ, وَجَوَّزَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ نِكَاحَ مَنْ فَارَقَهَا فِي حياته, انتهى
أَوْ بَعْدَ لِعَانِهِ فَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُحَدُّ, اخْتَارَهُ أبو بكر, والمذهب يعزر, و1عَلَيْهِمَا لَا لِعَانَ, وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ يُلَاعَنُ إلَّا أَنْ يَقْذِفَهَا بِزِنًا لَاعَنَ عَلَيْهِ مَرَّةً واعترف2 أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ, وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ يُلَاعَنُ لِنَفْيِ تَعْزِيرٍ. وَإِنْ قَذَفَهُ بِزِنًا آخَرَ بَعْدَ حَدِّهِ فَرِوَايَاتٌ, الثَّالِثَةُ يُحَدُّ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ "م 11". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ "وَإِنْ قَذَفَهُ بِزِنًا آخَرَ بَعْدَ حَدِّهِ فَرِوَايَاتٌ, الثَّالِثَةُ يُحَدُّ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ", انْتَهَى. "إحْدَاهُنَّ": يُحَدُّ مَعَ طُولِ الْفَصْلِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي3 وَالْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: حُدَّ, عَلَى الْأَصَحِّ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُحَدُّ مُطْلَقًا, قَالَ النَّاظِمُ: يُحَدُّ مَعَ قُرْبِ الزَّمَانِ فِي الْأُولَى. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ": لَا يُحَدُّ مُطْلَقًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ مَعَ قِصَرِ الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي3 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. 6فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ6.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً ثُمَّ نكحها قبل حَدِّهِ فَقَذَفَهَا فَإِنْ طَالَبَتْ بِأَوَّلِهِمَا فَحَدٌّ فَفِي الثَّانِي رِوَايَتَانِ, وَإِنْ طَالَبَتْ بِالثَّانِي فَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَاعَنَ لَمْ يُحَدَّ لِلْأَوَّلِ. وَمَنْ تَابَ مِنْ زِنًا حُدَّ قَاذِفُهُ, وَقِيلَ: يُعَزَّرُ, وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: يُحَدُّ بِزِنًا جَدِيدٍ لِكَذِبِهِ يَقِينًا, بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ عَيْنًا ثَانِيًا فَإِنَّهُ وَجَدَ منه ما وجد في الأولى. وَإِنْ قَذَفَ مَنْ أَقَرَّتْ بِهِ مَرَّةً وَفِي الْمُبْهِجِ أَرْبَعًا أَوْ شَهِدَ بِهِ اثْنَانِ أَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فَلَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا. وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَوْبَةٍ مِنْ قَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَحْوِهِمَا إعْلَامُهُ وَالتَّحَلُّلُ مِنْهُ, وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي وَعَبْدُ الْقَادِرِ, وَنَقَلَ مُهَنَّا: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْلَمَهُ, قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ, وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ, وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَظْلُومُ وَإِلَّا دَعَا لَهُ وَاسْتَغْفَرَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, قَالَ: وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَجِبُ الِاعْتِرَافُ لَوْ سَأَلَهُ فَيَعْرِضُ وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ, لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ, لِصِحَّةِ تَوْبَتِهِ. وَمَنْ جَوَّزَ التَّصْرِيحَ فِي الْكَذِبِ الْمُبَاحِ هُنَا نَظَرٌ, وَمَعَ عَدَمِ تَوْبَةٍ وَإِحْسَانِ تَعْرِيضِهِ كَذِبٌ, وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ, قَالَ: وَاخْتِيَارُ1 أَصْحَابِنَا: لَا يَعْلَمُهُ, بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَظْلِمَتِهِ, قَالَ2: وَزِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَغِيبَتِهِ, وَذَكَرَ فِي الْغُنْيَةِ: إنْ تَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ وَأَهْلِهِ وغيبته ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِعَيْبٍ خَفِيٍّ يَعْظُمُ أَذَاهُ بِهِ, فَهُنَا لَا طَرِيقَ لَهُ إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّهُ وَيَبْقَى لَهُ عَلَيْهِ مَظْلِمَةٌ مَا, فَيَجْبُرَهَا بِالْحَسَنَاتِ كَمَا يُجْبِرُ مَظْلِمَةَ الْمَيِّتِ وَالْغَائِبِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي زِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ. لَا يَصِحُّ إحلاله, لأنه مما لا1 يُسْتَبَاحُ بِإِبَاحَتِهِ ابْتِدَاءً1, قَالَ: وَعِنْدِي يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ إبَاحَتَهُ, كَالدَّمِ وَالْقَذْفِ, قَالَ: وَيَنْبَغِي اسْتِحْلَالُهُ فَإِنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ أَصْبَحَ فَتَصَدَّقَ بِعِرْضِهِ عَلَى النَّاسِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَمْ يُبَحْ, وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ لَا يَصِحُّ, وَإِذْنُهُ فِي عِرْضِهِ كَإِذْنِهِ فِي قَذْفِهِ وَهِيَ كَإِذْنِهِ فِي دَمِهِ وَمَالِهِ. وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ: رِضَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِتَوْكِيلِ الْمُدَّعِي أَسْقَطَ حَقَّهُ, فَجَازَ. قُلْنَا: لَيْسَ لَهُ إبَاحَةُ الْمُحَرَّمِ, وَلِهَذَا لَوْ رَضِيَ بِأَنْ يُشْتَمَ أَوْ يُغْتَابَ لَمْ يُبَحْ ذَلِكَ, وَتَقَدَّمَ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ2 أَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَهُ بِمِلْكِ مَحَلِّهِ. وَتَقَدَّمَ فِي الْعُمْرِيِّ3 أَنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ ضَرَرًا لَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهُ, وَمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ؟ " 4 وَأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ, فَلَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ, وَيُحْمَلُ عَلَى إسقاط حق وحد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَعْلَمَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَحَلَّلَهُ فَإِبْرَاءٌ مِنْ مَجْهُولٍ. وَفِي الْغُنْيَةِ: لَا يَكْفِي الِاسْتِحْلَالُ الْمُبْهَمُ لِجَوَازٍ, لَوْ1 عَرَفَ قَدْرَ ظُلْمِهِ لَمْ تَطْلُبْ2 نَفْسُهُ بِالْإِحْلَالِ. إلَى أَنْ قَالَ: فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَيُكْثِرُ الْحَسَنَاتِ, فَإِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ ويلزمه قبول حسناته مقابلة لجنايته عليه3, كَمَنْ أَتْلَفَ مَالًا فَجَاءَ بِمِثْلِهِ فَأَبَى قَبُولَهُ وَأَبْرَأهُ حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حد المسكر
باب حد المسكر مدخل ... باب حد المسكر كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ, نَقَلَ ذَلِكَ الْجَمَاعَةُ مُطْلَقًا, وَلَوْ لِعَطَشٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ النَّجِسِ, إلَّا لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَخَافَ تَلَفًا, وَيُقَدِّمُ بَوْلًا, وَيُقَدِّمُ عَلَيْهِمَا مَاءً نَجِسًا, وَأَبَاحَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ نَقِيعِ التَّمْرِ إذَا طُبِخَ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ1, قَالَ الْخَلَّالُ: فُتْيَاهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حنيفة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِذَا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يسكر ويصدق مختارا لحله, لمكره1, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, ذَكَرَهُمَا فِي التَّعْلِيقِ, قَالَ: كَمَا لَا يُبَاحُ لِمُضْطَرٍّ, فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ, قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ "م 1", وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَكَذَا كُلُّ مَا جَازَ فعله للمكره, ذكره القاضي وغيره. قال شَيْخُنَا: يُرَخِّصُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُكْرَهُ عَلَيْهِ2 مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ, لِحَقِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أحمد رحمه الله. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "فَإِذَا شَرِبَهُ مُسْلِمٌ مُكَلَّفٌ عَالِمًا أَنَّ كَثِيرَهُ يُسْكِرُ "وَيُصَدَّقُ"3 مُخْتَارًا لِحِلِّهِ كَمُكْرَهٍ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, فَفِي حَدِّهِ روايتان, قاله في4 الْوَاضِحِ", انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا لَا يَحِلُّ لِمُكْرَهٍ وَشَرِبَهُ مُكْرَهًا فَفِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ فِي الواضح.
وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِ مَرَّةٍ, كَحَدِّ الْقَذْفِ, وَعَنْهُ: مَرَّتَيْنِ, نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ, وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ بَقِيَّةَ الْحُدُودِ بِمَرَّتَيْنِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بِمَرَّتَيْنِ, وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إتْلَافًا, بِخِلَافِ حَدِّ السَّرِقَةِ, وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ حَدِّ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ إلَّا بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ, كَالْقَوَدِ, فَدَلَّ عَلَى رِوَايَةٍ فِيهِ, وَهَذَا مُتَّجَهٌ أو بعدلين1, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ قَوْلُهُمَا عَالِمًا تَحْرِيمَهُ مُخْتَارًا, كَدَعْوَاهُ إكراها أو جهله بسكره, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ الْحَدِّ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُرِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إطْلَاقَ الْخِلَافِ, لِلِاخْتِلَافِ فِي التَّرْجِيحِ, وَإِنَّمَا أَرَادَ حِكَايَتَهُ فِي الْجُمْلَةِ, وَقَدْ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 3 وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يُحَدُّ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ قُلْنَا يَحِلُّ لِلْمُكْرَهِ أَمْ لَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُحَدُّ الْمُكْرَهُ. اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ وَعَدَمِهِ في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم. تَنْبِيهَاتٌ: "أَحَدُهَا" ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي حَدِّهِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهَا, وَالْمَجْدُ وَابْنُ حَمْدَانَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي وَالنَّاظِمُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ حَكَوْا الْخِلَافَ فِي حَدِّهِ, لَمْ يُفَصِّلُوا, وَكَذَا الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَطَعُوا بِعَدَمِ الْحَدِّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا.
ويعزر من جهل تحريمه لقرب عهد بإسلام, ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ كَالْحَدِّ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْبُلْغَةِ: مُخْتَارًا, وَلَا يُسْأَلُ عَمَّا وَرَاءَهُ. وَفِي عُيُونِ المسائل: يثبت بعدلين يشهدان أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا, وَلَا يَسْتَفْسِرُهُمَا الْحَاكِمُ عَمَّا شَرِبَ, لِأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ يُوجِبُ الْحَدَّ فَدَلَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرَهُ الْحَاكِمُ مُوجِبًا اسْتَفْسَرَهُمَا. فَعَلَى الْحُرِّ الْحَدُّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً, وَجَوَّزَهَا شَيْخُنَا لِلْمَصْلَحَةِ وَأَنَّهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ, وَعَنْهُ أَرْبَعُونَ اخْتَارَهُ, أَبُو بَكْرٍ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمَا, وَضَرَبَ عَلِيٌّ النَّجَاشِيَّ بِشُرْبِهِ فِي رَمَضَانَ ثَمَانِينَ, ثُمَّ حَبَسَهُ, ثُمَّ عِشْرِينَ مِنْ الْغَدِ1. نَقَلَ صَالِحٌ: أَذْهَبُ إلَيْهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَغْلُظُ 2عَلَيْهِ, كَمَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ, وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ يُعَزَّرُ بِعَشْرَةٍ فَأَقَلَّ. وفي المغني23: عزره بعشرين لفطره, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" قَوْلُهُ: "وَيُعَزَّرُ مَنْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ, ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ", انْتَهَى. صَوَابُهُ: "وَلَا يُعَزَّرُ" بِزِيَادَةِ لَا, وَهُوَ فِي الْبُلْغَةِ كذلك, والمعنى يساعده.
وَالرَّقِيقُ نِصْفُهُ وَعَنْهُ: يُحَدُّ ذِمِّيٌّ لَا حَرْبِيٌّ, وَقِيلَ: إنْ سَكِرَ, وَالْمَذْهَبُ: لَا. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَوْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا, لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِالِانْقِيَادِ فِي مُخَالَفَةِ دِينِهِ. وَيُحَدُّ مَنْ احْتَقَنَ بِهَا, فِي الْمَنْصُوصِ, كَمَا لَوْ اسْتَعَطَ أَوْ عَجَنَ دَقِيقًا فَأَكَلَهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَلَمْ يَخْبِزْ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ تَمَضْمَضَ حُدَّ. وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ, وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: إنْ وَصَلَ جَوْفَهُ حُدَّ. وَيَحْرُمُ الْعَصِيرُ إذَا غَلَى, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: إذَا غَلَى أكرهه و2إنْ لَمْ يُسْكِرْ فَإِذَا أَسْكَرَ فَحَرَامٌ, وَعَنْهُ الوقف فيما نش3, والمنصوص: يَحْرُمُ مَا تَمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ, زَادَ بَعْضُهُمْ: بِلَيَالِيِهَا, وَإِذَا طُبِخَ قَبْلَ التَّحْرِيمِ حَلَّ إنْ ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وفي المغني4: أو لم يسكر. وله ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالثَّالِثُ" قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ الْعَصِيرُ إذَا غَلَى نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ إذَا غَلَى أَكْرَهُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ", انْتَهَى. صَوَابُهُ "إنْ لَمْ يُسْكِرْ" بِإِسْقَاطِ الواو.
وَضْعُ تَمْرٍ وَنَحْوِهِ فِي مَاءٍ لِتَحْلِيَتِهِ مَا لَمْ يَشْتَدَّ أَوْ تَتِمَّ ثَلَاثٌ, نَصَّ عَلَيْهِ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ أَوْ عُنَّابًا وَنَحْوَهُ لِدَوَاءٍ غَدْوَةً, وَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً, أَوْ عَشِيَّةً وَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً: هَذَا نَبِيذٌ أَكْرَهُهُ, وَلَكِنْ يَطْبُخُهُ وَيَشْرَبُهُ عَلَى الْمَكَانِ, فَهَذَا لَيْسَ نَبِيذًا. وَإِنْ غَلَى الْعِنَبُ وَهُوَ عِنَبٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد, وَيُبَاحُ فُقَّاعٌ1, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّهُ لَا يُسْكِرُ, وَيَفْسُدُ إذَا بَقِيَ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ رِوَايَةٌ: يَحْرُمُ, وَجَعَلَ أَحْمَدُ وَضْعَ زَبِيبٍ فِي خَرْدَلٍ كَعَصِيرٍ. وَأَنَّهُ إنْ صُبَّ فِيهِ 2خَلٌّ أُكِلَ2. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرَّابِعُ" قَوْلُهُ: "وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ وَعُنَّابًا وَنَحْوَهُ", انْتَهَى. قَالَ ابْنُ مُغَلِّي كَذَا وَقَعَ فِي النُّسَخِ بِأَوْ, وَإِنَّمَا هُوَ بِالْوَاوِ وَالْكَرَاهَةُ لِأَجْلِ الْخَلِيطَيْنِ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَبَوَّبَ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ بَابَ الْقَوْلِ فِي تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ وَذَكَرَهَا فِيهِ انْتَهَى وَيَظْهَرُ لِي أنه لا اعتراض على المصنف وأن
وَيُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ, كَنَبِيذٍ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ أَوْ مُذِيبٍ1 وَحْدَهُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, اخْتَارَهُ فِي التنبيه, وعنه: لا يكره, اختار2 فِي التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي3, مَا لَمْ يَحْتَمِلْ إسْكَارَهُ. وَلَهُ الِانْتِبَاذُ فِي دَبًا وَحَنْتَمٍ وَنَقِيرٍ وَمُزَفَّتٍ. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ رِوَايَةٌ: يَحْرُمُ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ. قَالَهُ الْخَلَّالُ. وَعَنْهُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْعِيَةِ, إلَّا سِقَاءً يُوكَى حَيْثُ بَلَغَ الشَّرَابُ, وَلَا يُتْرَكُ يَتَنَفَّسُ, نَقَلَهُ جَمَاعَةٌ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي إلَّا هُوَ, ونقل جماعة أنه كره السقاء الغليظ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQكَلَامَهُ فِي الْخَلِيطَيْنِ وَاضِحٌ وَتَقْدِيرُهُ إذَا نَقَعَ زَبِيبًا وَعُنَّابًا أَوْ تَمْرَ هِنْدِيٍّ وَعُنَّابًا وَنَحْوَهُ, وَهَذَا وَافٍ بِالْخَلِيطَيْنِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 4فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فِي هَذَا الباب4.
باب التعزير
باب التعزير مدخل ... باب التعزير كُلُّ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا, وَالْأَشْهَرُ وَلَا كَفَّارَةَ كَمُبَاشَرَةِ دُونِ الْفَرْجِ نَصَّ عَلَيْهِ, وَامْرَأَةٍ امْرَأَةً, وَسَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا, وَجِنَايَةٍ لَا قَوَدَ فِيهَا, وَقَذْفٍ بِغَيْرِ زِنًا. وَفِي الرِّعَايَةِ, هَلْ حَدُّ الْقَذْفِ حَقٌّ1 لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ وأن التعزير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِمَا دُونَ الْفَرْجِ مِثْلُهُ, وَقَوْلُنَا وَلَا كَفَّارَةَ فَائِدَتُهُ فِي الظِّهَارِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ وَنَحْوِهِمَا, لَا فِي الْيَمِينِ1 الْغَمُوسِ إنْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ, لِاخْتِلَافِ سَبَبِهَا وَسَبَبِ التَّعْزِيرِ يُعَزَّرُ فِيهَا الْمُكَلَّفُ وُجُوبًا, نَصَّ عَلَيْهِ فِي سَبِّ صَحَابِيٍّ, كَحَدٍّ, وَكَحَقِّ آدَمِيٍّ طَلَبَهُ. وَعَنْهُ: نَدْبًا, نَصَّ عَلَيْهِ فِي تَعْزِيرِ رَقِيقِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ, وَشَاهِدِ زُورٍ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ رِوَايَتَانِ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ تَشَاتَمَ وَالِدٌ وَوَلَدُهُ لَمْ يُعَزَّرْ الوالد لحق ولده, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُعَزَّرُ الْوَلَدُ لِحَقِّهِ. وَفِي جَوَازِ عَفْوِ وَلِيِّ الْأَمْرِ عَنْهُ الرِّوَايَتَانِ, وَلَا يَجُوزُ تَعْزِيرُهُ إلَّا بِمُطَالَبَةِ الْوَالِدِ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي قَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا يَحْتَاجُ فِي التَّعْزِيرِ إلَى مُطَالَبَةٍ, لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ لِتَأْدِيبِهِ فَلِلْإِمَامِ تَعْزِيرُهُ إذَا رَآهُ, يُؤَيِّدُهُ نَصُّهُ فِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا يَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ تَأْدِيبُهُ, وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِطَلَبِ وَارِثٍ مَعَ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُمْ لَهُ وَارِثٌ. وَقَدْ نَصَّ فِي مَوَاضِعَ عَلَى التَّعْزِيرِ, وَلَمْ يُقَيِّدْهُ, وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ إلَّا مَا تَقَدَّمَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ أَدَبِ الْقَاضِي2 إذَا افْتَاتَ خَصْمٌ عَلَى الْحَاكِمِ لَهُ تَعْزِيرُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ "ع" فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ الْمُفْتَقِرِ جَوَازَ إقَامَتِهِ إلَى طَلَبٍ, وَلِهَذَا أَجَابَ فِي الْمُغْنِي3 عَنْ قَوْلِ الْأَنْصَارِيِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الزُّبَيْرِ: إنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِك4 وَأَنَّهُ لَمْ يُعَزِّرْهُ, وَعَنْ قَوْلِ رَجُلٍ: إنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ5 بِأَنَّ لِلْإِمَامِ الْعَفْوَ عَنْهُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ6 أَنَّ عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ لَمَّا أَغْضَبَ عُمَرَ هَمَّ بِهِ, فَتَلَا عَلَيْهِ ابْنُ أَخِيهِ الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] . وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنفسه إلا أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ1, أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِوُلَاةِ الْأُمُورِ التَّخَلُّقُ بِهَذَا, فَلَا يَنْتَقِمُ لِنَفْسِهِ, وَلَا يُهْمِلُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى. ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَفِي الْمُغْنِي2: نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ رَآهُ لِمَصْلَحَةٍ أَوْ طَالَبَ آدَمِيٌّ بِحَقِّهِ وَجَبَ. وَفِي الْكَافِي3: يَجِبُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِيهِمَا الْخَبَرُ4, وَإِلَّا إنْ جَاءَ تَائِبًا فَلَهُ تَرْكُهُ وَإِلَّا وَجَبَ, وَهُوَ مَعْنَى الرِّعَايَةِ, مَعَ أَنَّ فِيهَا لَهُ الْعَفْوَ عَنْ حَقِّ اللَّهِ. وَأَنَّهُ إنْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا, وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ, فَدَلَّ أَنَّ مَا رَآهُ تَعَيَّنَ, فَلَا يُبْطِلُهُ غَيْرُهُ, وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَدْرُ تَعْزِيرِ عَيْنِهِ "م", وَخَصْلَةُ عَيْنِهَا لِعُقُوبَةِ مُحَارِبٍ كَتَعْيِينِهِ الْقَتْلَ لِتَارِكِ صَلَاةٍ أو زنديق ونحوه"و"5. وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وَيَسْقُطُ بِعَفْوِ آدَمِيٍّ حَقُّهُ وَحَقُّ السَّلْطَنَةِ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ: لَا, لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي قَذْفِ مُسْلِمٍ كَافِرًا التَّعْزِيرُ لِلَّهِ, فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ فِيمَنْ زَنَى صَغِيرًا لَمْ يَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي صَبِيٍّ قَالَ لِرَجُلٍ: يا زان: ليس قوله شيئا, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ, وَكَذَا فِي الْمُغْنِي1, وَلَا لِعَانَ, وَأَنَّهُ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ يُعَاقَبُ عَلَى الْفَاحِشَةِ تَعْزِيرًا بَلِيغًا, وَكَذَا الْمَجْنُونُ يُضْرَبُ عَلَى مَا فَعَلَ لِيَنْزَجِرَ لَكِنْ لَا عُقُوبَةَ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ. قَالَ فِي الواضح: من شرع2 فِي عَشْرٍ3 صَلُحَ تَأْدِيبُهُ فِي تَعْزِيرٍ عَلَى طهارة وصلاة, فكذا مثله4 زِنَا وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْقَاضِي, وَذَكَرَ مَا نَقَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ فِي الْغِلْمَانِ يَتَمَرَّدُونَ: لَا بَأْسَ بِضَرْبِهِمْ, وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ عَنْ الْقَاضِي: يَجِبُ ضَرْبُهُ عَلَى صَلَاةٍ. قَالَ الشَّيْخُ لِمَنْ أَوْجَبَهَا مُحْتَجًّا بِهِ: هُوَ تَأْدِيبٌ وَتَعْوِيدٌ كَتَأْدِيبِهِ عَلَى خَطٍّ وَقِرَاءَةٍ وَصِنَاعَةٍ وَشِبْهِهَا, وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ كَتَأْدِيبِ الْيَتِيمِ وَالْمَجْنُونِ وَالدَّوَابِّ فَإِنَّهُ شُرِعَ لَا لِتَرْكِ وَاجِبٍ, فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي تَأْدِيبِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَالدِّيَاتِ أَنَّهُ جَائِزٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَمَّا الْقِصَاصُ مِثْلُ أَنْ يَظْلِمَ صَبِيٌّ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونٌ مَجْنُونًا, أَوْ بَهِيمَةٌ بَهِيمَةً فَيُقْتَصُّ لِلْمَظْلُومِ مِنْ الظَّالِمِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذلك زجر عن المستقبل لكن لاستفاء1 الْمَظْلُومِ وَأَخْذِ حَقِّهِ, فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: يَفْعَلُ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ رَدْعٍ وَزَجْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ, فَفَعَلَهُ لِأَجْلِ الزَّجْرِ, وَإِلَّا لَمْ يَشْرَعْ لِعَدَمِ 2الْأَثَرِ بِهِ2 وَالْفَائِدَةُ فِي الدُّنْيَا, وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَوَلَّى ذَلِكَ لِلْعَدْلِ بَيْنَ خَلْقِهِ, فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ فِعْلُنَا نَحْنُ كَمَا قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْقِصَاصُ بَيْنَ الْبَهَائِمِ وَالشَّجَرِ وَالْعِيدَانِ جَائِزٌ شَرْعًا بِإِيقَاعِ مِثْلِ مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا, وَكَمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ البربهاري في القصاص من الحجر: لم نلب3 أُصْبُعَ الرَّجُلِ؟ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ السَّابِقِ فِي التَّعْزِيرِ أَوْ صَرِيحِهِ فِيمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْقِصَاصُ مُوَافِقٌ لِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ, وَاحْتَجَّ بِثُبُوتِهِ فِي الْأَمْوَالِ, وَبِوُجُوبِ دِيَةِ الْخَطَإِ, وَبِقِتَالِ الْبُغَاةِ الْمَغْفُورِ لَهُمْ, قَالَ: فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ الظُّلْمَ وَالْعُدْوَانَ يُؤَدَّى فِيهِ حَقُّ الْمَظْلُومِ مَعَ عَدَمِ التَّكْلِيفِ فَإِنَّهُ مِنْ الْعَدْلِ, وَحَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِهِ, وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا بَيْنَ عِبَادِهِ, كَذَا قَالَ4. وَبِتَقْرِيرِهِ5 فَإِنَّمَا يَدُلُّ فِي الْآدَمِيِّينَ. والمذهب قاله القاضي: بعشر جلدات ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَأَقَلَّ إلَّا فِي وَطْءِ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَيُعَزَّرُ حر بمائة1 إلَّا سَوْطًا, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: بِمِائَةٍ, بِلَا نَفْيٍ, وَلَهُ نَقْصُهُ2, وَعَنْهُ: وَكَذَا كُلُّ وَطْءٍ فِي فَرْجٍ, وَهِيَ أَشْهَرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ, وَعَنْهُ: أَوْ دُونَهُ, نَقَلَهُ يَعْقُوبُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا, عَلَى مَا قَدَّمُوهُ. وَاحْتَجَّ, بِأَنَّ عَلِيًّا وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَةٍ فِي لحافها فضربه مائة3. وَالْعَبْدُ بِخَمْسِينَ إلَّا سَوْطًا, وَعَنْهُ: الْكُلُّ بِعَشْرٍ فَأَقَلَّ, نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ, لِلْخَبَرِ4, وَمُرَادُهُ عِنْدَ شَيْخِنَا إلَّا فِي مُحَرَّمٍ لِحَقِّ اللَّهِ, وَعَنْهُ: بِتِسْعٍ, وَعَنْهُ: لَا يَبْلُغُ بِهِ5 الْحَدَّ, جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا, وَاسْتَثْنَى مَنْ قَدَّمَهُ مَا سَبَبُهُ الْوَطْءُ, فَعَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ رُوِيَ عَنْهُ: أَدْنَى حَدٍّ عَلَيْهِ, وَهُوَ أَشْهَرُ, نَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ. وَفِي الْفُصُولِ: حَدُّ الْعَبْدِ. وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ لَا يَبْلُغُ بِجِنَايَةٍ حَدًّا فِي جِنْسِهَا, وَيَكُونُ مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ نَصٌّ بِحَبْسٍ وَتَوْبِيخٍ, وَقِيلَ: فِي حَقِّ اللَّهِ, وَيَشْهَرُ لِمَصْلَحَةٍ, نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي شَاهِدِ زُورٍ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحْرُمُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ, وَفِي تَسْوِيدِ وَجْهٍ1 وَجْهَانِ "م 1" وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ. وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ يُحْلَقُ رَأْسُهُ2, ذَكَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ3 وَالتَّرْغِيبِ. وَذَكَرَ4 ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَرْكَبُ وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَلَا يُمَثَّلُ بِهِ, ثُمَّ جَوَّزَهُ هُوَ لِمَنْ تكرر منه, للردع, واحتج بقصة العرنيين5, وفعل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ حَلْقُ لِحْيَتِهِ, وَفِي تَسْوِيدِ وَجْهٍ6 وَجْهَانِ, وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": لَا يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي7 وَالشَّرْحِ8 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ, ذَكَرُوهُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي تَعْزِيرِ شَاهِدِ الزُّورِ, وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا عَنْ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ, قَالَ مُهَنَّا: فَرَأَيْت كَأَنَّهُ9 كَرِهَ تَسْوِيدَ الْوَجْهِ, قَالَ فِي النُّكَتِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ, انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ10 الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْأَشْخَاصِ, فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ, وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ, فَكُلُّ أَحَدٍ يَحْسِبُهُ, فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ, فَيَفْعَلُ ذَلِكَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً, ثُمَّ وَجَدْت فِي الْمُغْنِي7 وَالشَّرْحِ8 قَرِيبًا مِنْ ذلك.
الصَّحَابَةِ فِي اللُّوطِيِّ1 وَغَيْرِهِ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيهِ عَنْ عُمَرَ: يُضْرَبُ ظَهْرُهُ وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ, وَيُسَخَّمُ وَجْهُهُ, وَيُطَافُ بِهِ, وَيُطَالُ حَبْسُهُ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَهُ التَّعْزِيرُ بِحَلْقِ شَعْرٍ لَا لِحْيَةٍ وَيَصْلُبُهُ حَيًّا, وَلَا يُمْنَعُ مِنْ أَكْلٍ وَوُضُوءٍ, وَيُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ, وَلَا يُعِيدُ, كَذَا قَالَ, وَيُتَوَجَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ صَلَاةٍ. قَالَ: وَهَلْ يُجَرَّدُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ ثِيَابِهِ إلَّا بِسَتْرِ عَوْرَتِهِ؟ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي الْحَدِّ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَمْ يُقْلِعْ, ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي شَاهِدِ الزُّورِ قَالَ: فَنَصَّ أَنَّهُ يُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ, وَيُطَافُ بِهِ, وَيُضْرَبُ مَعَ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: يُعَزَّرُ بِقَدْرِ رُتْبَةِ الْمَرْمَى, فَإِنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُ بِقَدْرِ مَرْتَبَتِهِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ2 عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ فِي الْعُقُوبَةِ. وَجَزَّ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: بِمَا يَرْدَعُهُ, كَعَزْلِ مُتَوَلٍّ وَإِنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ, لَكِنْ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ لَا يَبْلُغُهُ, فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ دُونَ نِصَابٍ. وَلَا يُحَدُّ حَدَّ الشُّرْبِ بِمَضْمَضَةِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ, وَأَنَّهُ رِوَايَةٌ, وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ, وَقَدْ يُقَالُ بِقَتْلِهِ لِلْحَاجَةِ, وَإِنَّهُ يُقْتَلُ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ, وَذَكَرَهُ وَجْهًا "وم" وَنَقَلَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْأُطْرُوشُ3 فِي الدُّعَاةِ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ. وَقَالَ فِي الْخَلْوَةِ بِأَجْنَبِيَّةٍ, وَاِتِّخَاذُ الطَّوَافِ بِالصَّخْرَةِ دِينًا. وَفِي قَوْلِ الشَّيْخِ: انْذِرُوا لِي لِتُقْضَى حَاجَتُكُمْ, أَوْ اسْتَعِينُوا بِي: إنْ أَصَرَّ وَلَمْ يَتُبْ قُتِلَ, وَمَنْ تَكَرَّرَ شُرْبُهُ مَا لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَنْتَهِ بِدُونِهِ, لِلْأَخْبَارِ فِيهِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: وَلَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا جَرْحُهُ, وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ, فَيَتَوَجَّهُ أَنَّ إتْلَافَهُ أَوْلَى مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَارِيخِهِ الْمُنْتَظِمِ1 فِي سَنَةِ إحْدَى وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ, فِي خِلَافَةِ الْمُسْتَضِيءِ بِأَمْرِ اللَّهِ كَثُرَ الرَّفْضُ فَكَتَبَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إنْ لَمْ تُقَوِّ يَدَ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لَمْ يُطِقْ دَفْعَ الْبِدَعِ فَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَقْوِيَةِ يَدِي, فَأَخْبَرْت النَّاسَ بِذَلِكَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقُلْت: إنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ بَلَغَهُ كَثْرَةُ الرَّفْضِ, وَقَدْ خَرَجَ تَوْقِيعُهُ بِتَقْوِيَةِ يَدِي فِي إزَالَةِ الْبِدَعِ, فَمَنْ سَمِعْتُمُوهُ مِنْ الْعَوَامّ يَتَنَقَّصُ بِالصَّحَابَةِ فَأَخْبِرُونِي حَتَّى أَنْقُضَ دَارِهِ وَأُخَلِّدَهُ الْحَبْسَ, فَانْكَفَّ النَّاسُ. وَسَبَقَ فِي آخِرِ الْغَصْبِ2 حُكْمُ إتلاف المنكر إذا كان مالا والصدقة به3, وَانْفَرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِذَلِكَ4, كَانْفِرَادِهِ بِقَوْلِهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ: تَكَلَّمَ ابْنُ الْبَغْدَادِيِّ الْفَقِيهُ فَقَالَ: إنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَاتَلَتْ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَصَارَتْ مِنْ الْبُغَاةِ, فَتَقَدَّمَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ بِإِقَامَتِهِ مِنْ مَكَانِهِ وَوَكَّلَ بِهِ فِي الْمَخْزَنِ, وَكَتَبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الْمُسْتَضِيءَ بِأَمْرِ اللَّهِ بِذَلِكَ. فَخَرَجَ التَّوْقِيعُ بِتَعْزِيرِهِ, فَجُمِعَ الْفُقَهَاءُ, فَمَالُوا عَلَيْهِ, فَقِيلَ لِي: مَا تَقُولُ؟ فَقُلْت هَذَا رَجُلٌ لَيْسَ لَهُ علم بالنقل وقد سمع أنه جرى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قتال1 وَلَعَمْرِي إنَّهُ جَرَى قِتَالٌ وَلَكِنْ مَا قَصَدَتْهُ عَائِشَةُ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا, وَإِنَّمَا أَثَارَ الْحَرْبَ سُفَهَاءُ الْفَرِيقَيْنِ, وَلَوْلَا عِلْمُنَا2 بِالسِّيَرِ لَقُلْنَا مِثْلَ مَا قَالَ, وَتَعْزِيرُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يُقِرَّ بِالْخَطَإِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ فَيُصْفَحَ عَنْهُ. فَكَتَبَ إلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ فَوَقَّعَ: إنْ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالْخَطَإِ فَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَاوِدَ ثُمَّ يُطْلَقُ. كَذَا قَالَ, فَإِذَا كَانَ تَعْزِيرُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يُقِرَّ بِالْخَطَإِ فَكَيْفَ يَقُولُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ, لِأَنَّهُ لَا صَفْحَ مَعَ وُجُودِ تَعْزِيرِ مِثْلِهِ, وَمُرَادُهُ. يُصْفَحُ عَنْهُ بِتَرْكِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ وَإِنَّمَا جَعَلَ اعْتِرَافَ هَذَا بِالْخَطَإِ تَعْزِيرًا لِمَا فِيهِ مِنْ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ لَهُ, فَهُوَ كَالتَّعْزِيرِ بِضَرْبٍ وَكَلَامِ سُوءٍ لِغَيْرِهِ, وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَهُنَا وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ3 الِاعْتِرَافَ بِالْخَطَإِ تَوْبَةٌ, وَفِي التَّعْزِيرِ مَعَهَا خِلَافٌ. وَلَعَلَّ ابْنَ4 الْجَوْزِيِّ أَرَادَ بِنَقْضِ الدَّارِ فِي كَلَامِهِ السَّابِقِ الْمُبَالَغَةَ لَا حَقِيقَةَ الْفِعْلِ. كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ5 وَغَيْرُهُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ6 لَمَّا قَالَ الْحُطَيْئَةُ فِي الزِّبْرِقَانِ بْنِ بَدْرٍ: دَعْ الْمَكَارِمَ لَا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا وَاقْعُدْ فَإِنَّك أَنْتَ الطَّاعِمُ الكاسي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَأَلَ عُمَرُ حَسَّانَ وَلَبِيدًا فَقَالَا: إنَّهُ هَجَاهُ, فَأَمَرَ بِهِ فَرُمِيَ فِي بِئْرِ ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ شَيْئًا فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ: مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ1 ... زُغْبِ الْحَوَاصِلِ لَا مَاءٌ وَلَا شَجَرُ أَلْقَيْت كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ ... فَاغْفِرْ عَلَيْك سَلَامُ اللَّهِ يَا عُمَرُ أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي مِنْ بَعْدِ صَاحِبِهِ ... أَلْقَتْ إلَيْك2 مَقَالِيدَ النُّهَى الْبَشْرُ لَمْ يُؤْثِرُوك بِهَا إذْ قَدَّمُوك لَهَا ... لَكِنْ بِأَنْفُسِهِمْ3 كَانَتْ بِك الْأُثْرُ فَامْنُنْ عَلَى صِبْيَةٍ فِي الرَّمْلِ مَسْكَنُهُمْ ... بَيْنَ الْأَبَاطِحِ يَغْشَاهُمْ بِهَا الْغُدُرُ أَهْلِي فِدَاؤُك كَمْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ ... مِنْ عَرَضِ دَاوِيَّةٍ يَعْمَى بِهَا الْخَبَرُ4 فحينئذ كلمه فيه5 عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَاسْتَرْضَيَاهُ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ السِّجْنِ, ثُمَّ دَعَاهُ فَهَدَّدَهُ بِقَطْعِ لِسَانِهِ إنْ عَادَ يَهْجُو أَحَدًا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْفَادِرُ وَالْفَدُورُ: الْمُسِنُّ مِنْ الْوُعُولِ, وَيُقَالُ: الْعَظِيمُ وَالْجَمْعُ فُدْرٌ وَفُدُرٌ وَمَوْضِعُهَا الْمَفْدَرَةُ. مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ السِّجْنِ بِالْعِرَاقِ: هَاهُنَا تَلِينُ الصِّعَابُ وَتُخْتَبَرُ الْأَحْبَابُ. وَمَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ سِجْنٍ: هَذِهِ مَنَازِلُ الْبَلْوَى, وَقُبُورُ الْأَحْيَاءِ, وتجربة الأصدقاء, وشماتة الأعداء, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ1 فِي السِّجْنِ: خَرَجْنَا مِنْ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِهَا ... فَلَسْنَا مِنْ2 الْأَمْوَاتِ فِيهَا وَلَا الْأَحْيَا2 إذَا جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ ... فَرِحْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنْ الدُّنْيَا وَنَفْرَحُ بِالرُّؤْيَا فَجُلُّ حَدِيثِنَا ... إذَا نَحْنُ أَصْبَحْنَا الْحَدِيثُ عَنْ الرُّؤْيَا فَإِنْ حَسُنَتْ لَمْ تَأْتِ عَجْلَى وَأَبْطَأَتْ ... وَإِنْ هِيَ سَاءَتْ بَكَّرَتْ وَأَتَتْ عَجْلَى وَلَمَّا عَمِلَ مَعْنُ بْنُ زَائِدَةَ3 خَاتَمًا عَلَى نَقْشِ خَاتَمِ بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ جَاءَ بِهِ صاحب بيت المال فأخذ منه4 مَالًا ضَرَبَهُ عُمَرُ مِائَةً, وَحَبَسَهُ, وَكَلَّمَ فِيهِ فَضَرَبَهُ مِائَةً, وَكَلَّمَ فِيهِ فَضَرَبَهُ مِائَةً وَنَفَاهُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي5: لَعَلَّهُ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ فَأُدِّبَ عَلَيْهَا, أَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَخْذُ أَوْ كَانَ ذَنْبُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى جِنَايَاتٍ. "وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي الْمُبْتَدِعِ الدَّاعِيَةِ: يُحْبَسُ حَتَّى يَكُفَّ عَنْهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ عُرِفَ بِأَذَى النَّاسِ وَمَالِهِمْ حَتَّى بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَكُفَّ, حُبِسَ حَتَّى يَمُوتَ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لِلْوَالِي فِعْلُهُ لَا لِلْقَاضِي, وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِيَدْفَعَ ضَرَرَهُ, وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ مَسْأَلَةِ السَّاحِرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْعَائِنِ: لِلْإِمَامِ حَبْسُهُ وَيُتَوَجَّهُ: إن كثر مجذومون6 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَحْوُهُمْ لَزِمَهُمْ التَّنَحِّي نَاحِيَةً. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا, فَلِلْإِمَامِ فِعْلُهُ". "وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ قَتْلَ مُسْلِمٍ جَاسُوسٍ لِكُفَّارٍ "وم" وَزَادَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنْ خِيفَ دَوَامُهُ, وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ, وَعِنْدَ الْقَاضِي: يُعَنَّفُ ذُو الْهَيْئَةِ, وَغَيْرُهُ يُعَزَّرُ": وَقَالَ "ش" إنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ كَحَاطِبٍ أَحْبَبْت أَنْ يَتَجَافَى عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ: وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ. وَقِصَّةُ حَاطِبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ1 وَقَالَ عُمَرُ: قَدْ كَفَرَ. وَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: تَقَرَّبَ إلَى الْقَوْمِ لِيَحْفَظُوهُ فِي أَهْلِهِ بِأَنْ أَطْلَعَهُمْ عَلَى بَعْضِ أَسْرَارِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَيْدِهِمْ وَقَصْدِ قِتَالِهِمْ, وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لنصر2 اللَّهِ إيَّاهُ, وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ أَمْرٌ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ حُسْنَ الظَّنِّ وَقَالَ: "إنَّهُ قد صدقكم". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُتَأَوِّلِ فِي اسْتِبَاحَةِ الْمَحْظُورِ خِلَافُ حُكْمِ الْمُتَعَمِّدِ لِاسْتِحْلَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ, وَدَلَّ عَلَى أَنَّ1 مَنْ أَتَى مَحْظُورًا وَادَّعَى فِي ذَلِكَ مَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَالِبُ الظَّنِّ بِخِلَافِهِ, وَقَالَ عَنْ قَوْلِ عُمَرَ: وَهَذَا لِأَنَّهُ رَأَى صُورَةَ2 النِّفَاقِ, وَلَمَّا احْتَمَلَ قَوْلَ عُمَرَ وَكَانَ لِتَأْوِيلِهِ مَسَاغٌ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ: فِيهِ إنَّ مَنْ نَسَبَ مُسْلِمًا إلَى نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظِّهِ لَا يَكْفُرُ, بَلْ لَا يَأْثَمُ, بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ, بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ وَيُبَدِّعُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ. وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ إنَّ مَنْ كَفَّرَ مُسْلِمًا أَوْ نَفَّقَهُ مُتَأَوِّلًا وَهُوَ مِنْ أهل الاجتهاد لم3 يَلْزَمُهُ عُقُوبَةٌ. قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ: وَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْجَاسُوسَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ, فَيُقَالُ مُطْلَقًا أَوْ مَعَ التَّأْوِيلِ, فَهُوَ لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا, وَلِهَذَا لَمْ يَقَعْ تَعْزِيرٌ, هَذَا إنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَدُلَّ أَيْضًا, لِأَنَّ عُمَرَ لَمَّا طَلَبَ قَتْلَهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, أَوْ يُقَالُ: لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُقْتَضِي لِقَتْلِهِ, بَلْ ذَكَرَ الْمَانِعَ وَهُوَ شُهُودُ بَدْرٍ, فَدَلَّ عَلَى وُجُودِ الْمُقْتَضِي وَأَنَّهُ لَوْلَا الْمُعَارِضُ لَعَمِلَ بِهِ, وَهُوَ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ مَا وقع. وفي كتاب الهدي أنه كبيرة محي4 بِالْحَسَنَةِ الْكَبِيرَةِ, وَلِهَذَا قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَغَيْرِهِ: فِيهِ أَنَّ الْجَاسُوسَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ الْكَبَائِرِ لَا يُكَفَّرُونَ بِذَلِكَ وَهَذَا الْجِنْسُ1 كَبِيرَةٌ قَطْعًا, لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إيذَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُوَ كَبِيرَةٌ بِلَا شَكٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالُوا: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ" 2. قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ الْغُفْرَانُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ تَوَجَّهَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ حَدٌّ أَوْ غَيْرُهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا, وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى إقَامَةِ الْحَدِّ وَأَقَامَهُ عُمَرُ3 عَلَى بَعْضِهِمْ وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِسْطَحًا الْحَدَّ وَكَانَ بَدْرِيًّا4. وَقَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ فِي هَذَا لَيْسَ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ, وَإِنَّمَا هُوَ لِلْمَاضِي وَتَقْدِيرُهُ أَيُّ عَمَلٍ كَانَ لَكُمْ فَقَدْ غُفِرَ, وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا شَيْئَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمُسْتَقْبَلِ كَانَ جَوَابُهُ فَسَأَغْفِرُ. وَالثَّانِي أَنَّهُ كَانَ يَكُونُ إطْلَاقًا فِي الذُّنُوبِ, وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ, وَيُوَضِّحُ هَذَا أَنَّ الْقَوْمَ خَافُوا الْعُقُوبَةَ فِيمَا بَعْدُ فَقَالَ عُمَرُ: يَا حُذَيْفَةُ هَلْ أَنَا مِنْهُمْ5؟ وَكَذَا اخْتِيَارُ الْخَطَّابِيِّ أَنَّهُ لِلْمَاضِي. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ لَا نَفْيَ إلَّا فِي الزِّنَا وَالْمُخَنَّثِ. وَقَالَ الْقَاضِي: نَفْيُهُ دُونَ عَامٍ, واحتج به شيخنا وبنفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُمَرَ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ1 لَمَّا خَافَ الْفِتْنَةَ بِهِ نَفَاهُ2 مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى الْبَصْرَةِ, فَكَيْفَ مَنْ عُرِفَ ذَنْبُهُ, وَيَمْنَعُهُ الْعَزَبُ السُّكْنَى بَيْنَ مُتَأَهِّلَيْنِ وَعَكْسُهُ, وَأَنْ امْرَأَةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ شَرٌّ مِنْهُمْ, وَهُوَ الْقَوَّادَةُ, فَيَفْعَلُ وَلِيُّ الْأَمْرِ الْمَصْلَحَةَ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّمَا الْعُقُوبَةُ عَلَى ذَنْبٍ ثَابِتٍ. أَمَّا الْمَنْعُ وَالِاحْتِرَازُ فَيَكُونُ لِلتُّهْمَةِ, لِمَنْعِ3 عُمَرَ اجْتِمَاعَ الصِّبْيَانِ بِمُتَّهَمٍ بِالْفَاحِشَةِ4. وَفِي الْفُنُونِ: لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ, وَهُوَ الْحَزْمُ عِنْدَنَا, وَلَا تَقِفُ السِّيَاسَةُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ, إذْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ قَتَلُوا وَمَثَّلُوا وَحَرَّقُوا الْمَصَاحِفَ5, وَنَفَى عُمَرُ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ خَوْفَ فِتْنَةِ النِّسَاءِ1. قَالَ شَيْخُنَا: مَضْمُونُهُ جَوَازُ الْعُقُوبَةِ وَدَفْعُ الْمَفْسَدَةِ, وَهَذَا مِنْ بَابِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ, قَالَ: وَقَدْ سَلَكَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْسَعَ مِنْ هَذَا. قَالَ: وَقَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك, كَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ, نَحْوَ يَا كَلْبُ, فَلَهُ قَوْلُهُ لَهُ أَوْ تَعْزِيرُهُ, وَلَوْ لَعَنَهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَلْعَنَهُ؟ يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ لَعْنِهِ المعين. وَمَنْ لَعَنَ نَصْرَانِيًّا أُدِّبَ أَدَبًا خَفِيفًا, لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَلْعَنَهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَدَرَ مِنْ النَّصْرَانِيِّ مَا يَقْتَضِي ذلك, قال: والأربع التي من كن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ لَا قِصَاصَ فِيهِنَّ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 أَنَّ عُمَرَ قَالَ يَوْمَ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّ سَعْدًا أَرَادَ الْوِلَايَةَ وَمَا كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ, قَالَ: وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَيْ اُحْسُبُوهُ فِي عِدَادِ مَنْ مَاتَ, لَا تَعْتَدُّوا بِحُضُورِهِ, قَالَ: , وَمَنْ قَالَ لِمُخَاصَمَةِ النَّاسِ تَقْرَأُ تَارِيخَ آدَمَ وَظَهَرَ مِنْهُ مَعْرِفَتُهُمْ بِخَطِيئَتِهِ عُزِّرَ وَلَوْ كَانَ صَادِقًا. قَالَ: وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ لَفْظِهِ2 الْقَطْعُ مُتَدَيِّنًا عُزِّرَ, لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ, وَكَذَا مَنْ يَمْسِكُ الْحَيَّةَ وَيَدْخُلُ النَّارَ وَنَحْوَهُ. وَقَالَ فِيمَنْ فَعَلَ كَالْكُفَّارِ فِي عِيدِهِمْ: اتَّفَقُوا عَلَى إنْكَارِهِ, وَأَوْجَبُوا عُقُوبَةَ مَنْ يَفْعَلُهُ, قَالَ: وَالتَّعْزِيرُ عَلَى شَيْءٍ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ. وَقَالَ فِيمَنْ غَضِبَ فَقَالَ: فَمَا3 نَحْنُ مُسْلِمِينَ: إنْ أَرَادَ ذَمَّ نَفْسِهِ لِنَقْصِ دِينِهِ فَلَا حَرَجَ فِيهِ وَلَا عُقُوبَةَ. وَمَنْ قَالَ لِذِمِّيٍّ يَا حَاجُّ عُزِّرَ, لِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ قَاصِدِ الْكَنَائِسِ بِقَاصِدِ بَيْتِ اللَّهِ, وَفِيهِ تَعْظِيمٌ لِذَلِكَ, فَإِنَّهُ بمنزلة من يشبه4 أَعْيَادَهُمْ بِأَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ وَتَعْظِيمِهِمْ. وَكَذَا يُعَزَّرُ مَنْ يُسَمِّيَ مَنْ زَارَ الْقُبُورَ وَالْمَشَاهِدَ حَاجًّا, وَمَنْ سَمَّاهُ حَجًّا أَوْ جَعَلَ لَهُ مَنَاسِكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ فِي5 ذَلِكَ مَا هو من خصائص ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَجِّ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَأَنَّهُ مُنْكَرٌ, وَفَاعِلُهُ ضَالٌّ. وَمِنْ الْقِصَاصِ فِي الْكَلِمَةِ مَا رَوَى أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ حَدَّثَنَا أَبُو رَبِيعَةَ2 بْنُ كَعْبٍ, أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ كَلِمَةً كَرِهَهَا رَبِيعَةُ وَنَدِمَ "فَقَالَ": رُدَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا حَتَّى يَكُونَ قِصَاصًا, فَأَبَى ذَلِكَ3, وَأَنَّهُمَا أَخْبَرَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَبِيعَةَ "لَا تَرُدَّ عَلَيْهِ وَقُلْ غَفَرَ اللَّهُ لَك يَا أَبَا بَكْرٍ" فَقَالَ: فِي سَمَاعِ أَبِي عِمْرَانَ مِنْ رَبِيعَةَ نَظَرٌ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ عَصَّبَ رَأْسَهُ فَقَالَ "مَنْ كُنْت جَلَدْت لَهُ ظَهْرًا فَهَذَا ظَهْرِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ, وَمَنْ كُنْت شَتَمْت لَهُ عِرْضًا فَهَذَا عِرْضِي فَلْيَسْتَقِدْ مِنْهُ, وَمَنْ كُنْت أَخَذْت لَهُ مَالًا فَهَذَا مَالِي" وَهُوَ خَبَرٌ طَوِيلٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ وَابْنُ جَرِيرٍ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ3 مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ ضَعْفٌ4. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا شَتَمَ أَبَا بَكْرٍ فَلَمَّا أَكْثَرَ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضَ الشَّيْءِ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ "كَانَ مَلَكٌ يُكَذِّبُهُ فَلَمَّا رَدَدْت عَلَيْهِ وَقَعَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّيْطَانُ وَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ فِي مَجْلِسٍ يَقَعُ فِيهِ" إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَكَذَا أَبُو دَاوُد1, رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا2, وَقَدْ3 رَوَى هُوَ وَغَيْرُهُ4 أَنَّ زَيْنَبَ لَمَّا سَبَّتْ عَائِشَةَ قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُبِّيهَا5 كَذَا رَأَيْت بَعْضَهُمْ ذَكَرَهُ وَلَمْ أَجِدْهُ وَإِنَّمَا لِابْنِ مَاجَهْ6: دُونَك فَانْتَصِرِي, فَأَقْبَلْت عَلَيْهَا حَتَّى يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا, فَرَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ, وَصَدَّرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] عَنْ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ وَالثَّوْرِيُّ, وَظَاهِرُ قَوْلِ مُقَاتِلٍ وَهِشَامِ بْنِ حُجْرٍ فِي الْآيَةِ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ, لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا: لَوْ تَشَاتَمَ اثْنَانِ عُزِّرَا7, 8وَصَرَّحَتْ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ8 قَالُوا: لِأَنَّهُ أَذِيَّةٌ وَسَبٌّ فَلَا يَجُوزُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ دعي عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظُلْمًا لَهُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى ظَالِمِهِ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ عَلَيْهِ, نَحْوَ: أَخْزَاك اللَّهُ, أَوْ لَعَنَك اللَّهُ, أَوْ يَشْتُمُهُ1 بِغَيْرِ فِرْيَةٍ, نَحْوَ يَا كَلْبُ يَا خِنْزِيرُ, فَلَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى:41] فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِ لِلنَّاسِ الْبَاغِي, وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْمَخْلُوقِ مِنْ وَكِيلٍ وَوَلِيِّ أَمْرٍ وَغَيْرِهِمَا فَاسْتِعَانَتُهُ بِخَالِقِهِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الدُّعَاءُ قِصَاصٌ وَمَنْ دَعَا عَلَى ظَالِمِهِ فَمَا صَبَرَ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ الدَّاعِيَ مُنْتَصِرٌ, وَالِانْتِصَارُ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى:43] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ لَمَّا دَعَتْ عَلَى السَّارِقِ "لَا تُسَبِّخِي" أَيْ لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ2, ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ أَبِي بَكْرٍ الْأَخِيرَةَ الَّتِي رَوَاهَا أَبُو دَاوُد3, قَالَ: وَإِذَا دَعَا عَلَيْهِ بِمَا آلَمَهُ بِقَدْرِ أَلَمِ ظُلْمِهِ فَهَذَا عَدْلٌ. وَإِنْ اعْتَدَى فِي الدُّعَاءِ كَمَنْ يَدْعُو بِالْكُفْرِ عَلَى مَنْ شَتَمَهُ أَوْ أَخَذَ مَالَهُ فَذَلِكَ سَرَفٌ مُحَرَّمٌ. وَمَنْ حَبَسَ نَقْدَ غَيْرِهِ عَنْهُ مُدَّةً ثُمَّ أَدَّاهُ إلَيْهِ عُزِّرَ, فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْإِثْمَ فَلَا ضَمَانَ فِي الدُّنْيَا لِأَجْلِ الرِّبَا, وَهُنَا يُعْطِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ صَاحِبَ الْحَقِّ مِنْ حَسَنَاتِ الْآخَرِ تَمَامَ حَقِّهِ, فَإِذَا كَانَ هَذَا الظَّالِمُ لا يمكنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَعْزِيرُهُ فَلَهُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ بِعُقُوبَةٍ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَنْبُ الظَّالِمِ إفْسَادَ دِينِ الْمَظْلُومِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُفْسِدَ دِينَهُ, لَكِنْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِمَا يَفْسُدُ بِهِ دِينُهُ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِهِ. وَكَذَا لَوْ افْتَرَى عَلَيْهِ الْكَذِبَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِ الْكَذِبَ. لَكِنْ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَلَيْهِ بِمَنْ يَفْتَرِي عَلَيْهِ الْكَذِبَ نَظِيرَ مَا افْتَرَاهُ, وَإِنْ كَانَ هَذَا الِافْتِرَاءُ مُحَرَّمًا, لِأَنَّ اللَّهَ إذَا عَاقَبَهُ بِمَنْ يَفْعَلُ بِهِ ذَلِكَ لَمْ يَقْبُحْ مِنْهُ وَلَا ظُلْمَ فِيهِ, لِأَنَّهُ اعْتَدَى بِمِثْلِهِ, وَأَمَّا مِنْ الْعَبْدِ فَقَبِيحٌ لَيْسَ1 لَهُ فِعْلُهُ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُ مُوسَى {رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً} [يونس: 88] الْآيَةَ, وَدَعَا سَعْدٌ عَلَى الَّذِي طَعَنَ فِي سِيرَتِهِ وَدِينِهِ2, وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ دُعَاءَ مُوسَى بِإِذْنٍ قَالَ: وَهُوَ قَوْلٌ صَحِيحٌ, لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلِانْتِقَامِ3. وذكر في مجلس الوزير ابن هبيرة مسألة4 فَاتَّفَقَ الْوَزِيرُ وَالْعُلَمَاءُ عَلَى شَيْءٍ وَخَالَفَهُمْ فَقِيهٌ5 مَالِكِيٌّ, فَقَالَ الْوَزِيرُ: أَحِمَارٌ أَنْتَ؟ الْكُلُّ يُخَالِفُونَك وَأَنْتَ مُصِرٌّ, ثُمَّ قَالَ الْوَزِيرُ: لِيَقُلْ لِي كَمَا قُلْت لَهُ فَمَا أَنَا إلَّا كَأَحَدِكُمْ, فَضَجَّ الْمَجْلِسُ بِالْبُكَاءِ. وَجَعَلَ الْمَالِكِيُّ يَقُولُ: أَنَا الأولى بالاعتذار, والوزير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَقُولُ: الْقِصَاصُ, فَقَالَ يُوسُفُ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعِيُّ1 وَقَدْ تَوَلَّى دَرْسَ النِّظَامِيَّةِ: إذْ2 أَبَى الْقِصَاصَ فَالْفِدَاءُ. فَقَالَ الْوَزِيرُ: لَهُ حُكْمُهُ, فَقَالَ الرَّجُلُ: نِعَمُك عَلَيَّ كَثِيرَةٌ. قَالَ: لَا بُدَّ, قَالَ: عَلَيَّ دَيْنٌ مِائَةُ دِينَارٍ. فَقَالَ الْوَزِيرُ: يُعْطَى مِائَةً لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ, وَمِائَةً لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِي. ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَارِيخِهِ, فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ, وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الصُّلْحُ بِمَالٍ عَلَى حَقٍّ آدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ وَسَبٍّ. وَلِمُسْلِمٍ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ" وَذَكَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَقَوْلِ شَيْخِنَا, وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ وَصَحَّ خَبَرُ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَعَتْ عَلَى السَّارِقِ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ" 4 أَيْ لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ5. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: مَنْ قَصَدَ الْجَهْرَ فِي صَلَاةِ سِرٍّ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ يَزِيدُ فِيهَا أَذْكَارًا غَيْرَ مَسْنُونَةٍ وَنَحْوِهِ, فَلِلْمُحْتَسِبِ تَأْدِيبُهُ وَلَمَّا طَوَّلَ مُعَاذٌ الصَّلَاةَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ " 6 أَيْ مُنَفِّرٌ عَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدِّينِ, فَفِيهِ إنْكَارُ الْمَكْرُوهِ, وَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ, لَكِنْ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ التَّعْزِيرُ عَلَى إطَالَتِهَا إذَا لَمْ يَرْضَ الْمَأْمُومُونَ1, وَالِاكْتِفَاءُ فِي التعزير بالكلام. وَمَنْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ بِلَا حَاجَةٍ2: عُزِّرَ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ ذَلِكَ3 نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يُعْجِبُنِي بِلَا ضَرُورَةٍ. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا يَأْمُرُونَ فِتْيَانَهُمْ أَنْ يَسْتَعِفُّوا بِهِ. وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ: كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي مَغَازِيهِمْ, وَعَنْهُ: "يَحْرُمُ مُطْلَقًا وَلَوْ خَافَ" ذَكَرَهَا فِي الْفُنُونِ: وَإِنْ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا, لِأَنَّ الْفَرْجَ مَعَ4 إبَاحَتِهِ بِالْعَقْدِ لَمْ يُبَحْ بِالضَّرُورَةِ, فَهُنَا أَوْلَى, وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الصَّوْمَ بَدَلًا مِنْ النِّكَاحِ, وَالِاحْتِلَامُ مُزِيلًا لِشِدَّةِ الشبق مفترا5 للشهوة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَجُوزُ خَوْفَ زِنًا, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ, وَالْمَرْأَةُ كَرَجُلٍ فَتَسْتَعْمِلُ شَيْئًا مِثْلَ الذَّكَرِ وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعُ وَعَدَمُ القياس, ذكره ابن عقيل. وَلَوْ اضْطَرَّ إلَى جِمَاعٍ وَلَيْسَ مَنْ يُبَاحُ وطؤها حرم "و"1 والله أعلم.
باب السرقة
باب السرقة مدخل ... باب السرقة مَنْ سَرَقَ وَهُوَ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ وَعَنْهُ: أَوْ مُكْرَهٌ مَالًا مُحْتَرَمًا عَالِمًا بِهِ وَبِتَحْرِيمِهِ مِنْ مَالِكِهِ أَوْ نَائِبِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ وَلَوْ بِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُهُ, وَالْأَصَحُّ وَلَوْ مِنْ غَلَّةِ وَقْفٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ, وَقِيلَ: وَمِنْ غَاصِبِهِ وَسَارِقِهِ, نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَثَلَهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ, وَخَرَجَ بِهِ دَخَلَهُ أَوْ لَا, بِلَا شُبْهَةٍ. وَتَثْبُتُ1 بِعَدْلَيْنِ وَصَفَاهَا, وَالْأَصَحُّ لَا تُسْمَعُ قَبْلَ الدَّعْوَى, أَوْ إقرار مرتين ووصفها, 2بخلاف إقراره2 بالزنى3: فَإِنَّ فِي اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ "م 1" بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِحُصُولِ التَّعْيِينِ4, وَجَزَمَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَجِبُ اسْتِفْسَارُ الْحَاكِمِ الشُّهُودَ5 أَنَّهُمْ شَاهَدُوا كَالْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَالْحَبْلِ فِي الْبِئْرِ, لِأَنَّ الزِّنَا يُطْلَقُ عَلَى مَا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ, وَعَنْهُ: فِي إقْرَارِ عبد أربع مرات, نقله مهنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "إقْرَارُ مَرَّتَيْنِ وَوَصَفَهَا, بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِزِنًا فَإِنَّ فِي اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ وَجْهَيْنِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ" انْتَهَى. "قُلْت": الْإِقْرَارُ بِالزِّنَا أَوْلَى بِالتَّفْصِيلِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالسَّرِقَةِ, وَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ الصحيحة الصريحة بذلك6
لَا يَكُونُ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى سَرِقَةِ نِصَابٍ. وَفِي الْمُغْنِي1: أو قال فقدته, وَمَعْنَاهُ فِي الِانْتِصَارِ وَطَالَبَهُ هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ, أَوْ وَلِيُّهُ بِالسَّرِقَةِ لَا بِالْقَطْعِ, وَعَنْهُ, أَوْ لَمْ يُطَالِبْهُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَشَيْخُنَا كَإِقْرَارِهِ بِزِنًا بِأَمَةِ غَيْرِهِ, وَجَبَ قَطْعُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي طَلَبِهِ: وَإِنْ قُطِعَ بِدُونِهِ أَجْزَأَ. وَمَنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةِ مَالِ غَائِبٍ أَوْ شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ انْتَظَرَ حُضُورَهُ فَيُحْبَسُ, وَقِيلَ: لَا, كَإِقْرَارِهِ لَهُ بِحَقٍّ مُطْلَقٍ. قَالَ في الترغيب: غايته أقر بدين لغائب وليس2 لِلْحَاكِمِ حَبْسُهُ. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ, بِخِلَافِ السَّرِقَةِ, فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ حَقًّا فِي الْقَطْعِ فَيُحْبَسُ. وَإِنْ كَذَّبَ مُدَّعٍ نَفْسَهُ سَقَطَ قَطْعُهُ, وَسَوَاءٌ كَانَ ثَمِينًا وَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ, أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ أَوْ لَا حَتَّى أَحْجَارٌ وَلَبَنٌ وَخَشَبٌ وَمِلْحٌ, وَفِيهِ وَجْهٌ, وَفِي تُرَابٍ وَكَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرٍ, وَالْأَشْهَرُ3 وثلج, وقيل: وماء, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تنبيهان الأول" 4قوله: "وقيل وماء" انتهى. هذا يدل على أنه قدم في الماء حكما وهو صحبح وهو عدم القطع وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ4 قَطَعَ بِهِ فِي المغني5
وجهان "م 2 - 5". وفي الواضح1 في صيد مملوك محرز روايتان, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ2 وَقَالَا: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ شَاقِلَا وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ, وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ يُقْطَعُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ, قَالَهُ3 فِي الصَّحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَيَحْتَمِلُهُ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي, وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ في الروضة. مَسْأَلَةٌ 2 - 5" قَوْلُهُ: "وَفِي تُرَابٍ وَكَلَأٍ وَسِرْجِينٍ طَاهِرِ, وَالْأَشْهَرُ وَثَلْجٍ, وَقِيلَ: وَمَاءُ وَجْهَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2" التُّرَابُ هَلْ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي. "أَحَدُهُمَا": يُقْطَعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي التُّرَابِ الَّذِي يُتَدَاوَى بِهِ كَالْأَرْمَنِيِّ وَمَا يُغْسَلُ أَوْ يُصْبَغُ بِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ, اخْتَارَهُ النَّاظِمُ, وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي التُّرَابِ الَّذِي لَهُ قِيمَةٌ كَالْأَرْمَنِيِّ وَاَلَّذِي 4يُعَدُّ لِلْغَسِيلِ4 بِهِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, انْتَهَى. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3": الْكَلَأُ هَلْ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْإِيضَاحِ والمذهب والمستوعب والمغني والمحرر والحاوي والنظم.
نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا قَطْعَ فِي طَيْرٍ لِإِبَاحَتِهِ أَصْلًا. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَالْفُصُولِ: فَيَجِيءُ عَنْهُ: لَا1. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنْ2 لَمْ يتمول ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا": يُقْطَعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُقْطَعُ بِهِ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ كَلَأٍ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4": السِّرْجِينُ الطَّاهِرُ هَلْ يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي. "أَحَدُهُمَا": يُقْطَعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ عَقِيلٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يُقْطَعُ, اخْتَارَهُ النَّاظِمُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ. "الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 5": الثَّلْجُ, وَفِيهِ طَرِيقَانِ, أَصَحُّهُمَا أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ, وَأَطْلَقَهُمَا في المذهب.
عَادَةً كَمَاءٍ وَكَلَأٍ مُحَرَّزٍ, فَلَا قَطْعَ فِي إحدى الرِّوَايَتَيْنِ. وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَنَائِمٍ لَا مُكَاتَبٍ وَلَا حُرٍّ, وَقِيلَ: بَلَى مَعَ صِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ فَعَلَى الْأَوْلَى إنْ كَانَ عليه حلي. وقال جماعة: ولم يعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا": يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَا أَصْلُهُ الْإِبَاحَةُ كَغَيْرِهِ. وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي1: الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالْمِلْحِ, انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الْمِلْحِ. "وَالْوَجْهُ الثاني": لا يقطع بسرقته, اختاره القاضي. الثَّانِي" قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ صَغِيرٍ2 وَمَجْنُونٍ وَنَائِمٍ لَا مُكَاتَبٍ وَلَا حُرٍّ. وَقِيلَ: بَلَى مَعَ صِغَرِهِ أَوْ جُنُونِهِ, انْتَهَى. الصَّوَابُ: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ, مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُقْنِعِ3 وَالْكَافِي4 وَالْمُغْنِي5 وَالْمُحَرَّرِ وَالْبُلْغَةِ والنظم والرعايتين وغيرهم.
بِهِ فَفِيهِ وَفِي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ "م 6, 7" وَفِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: لَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ عَبْدٍ مُمَيِّزٍ. وَفِي الْكَافِي2: وَلَا كَبِيرٍ أَكْرَهُهُ, وَفِيهِ فِي3 التَّرْغِيبِ وَفِي عَبْدٍ نَائِمٍ وَسَكْرَان وَجْهَانِ. وَإِنْ سَرَقَ إنَاءً فِيهِ خَمْرٌ أَوْ مَاءٌ وَلَمْ يُقْطَعْ بِمَاءٍ, أَوْ صَلِيبًا أَوْ صَنَمِ نَقْدٍ لَمْ يُقْطَعْ, خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَيُقْطَعُ بِإِنَاءِ نَقْدٍ أَوْ دَرَاهِمَ بِهَا تَمَاثِيلُ. وَقِيلَ: وَلَمْ يَقْصِدْ إنْكَارًا, لَا بِآلَةِ لَهْوٍ وَكُتُبِ بِدَعٍ وَتَصَاوِيرَ وَمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ, وَعَنْهُ: وَلَمْ يَقْصِدْ سَرِقَةً4. وَفِي التَّرْغِيبِ مِثْلُهُ فِي إنَاءِ نقد. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6 و 7" قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأُولَى إنْ كَانَ عَلَيْهِ حُلِيٌّ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَفِي أُمِّ وَلَدٍ وَجْهَانِ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6" إذَا سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا وَقُلْنَا: لَا يُقْطَعُ بِهِ وَعَلَيْهِ حُلِيٌّ فَهَلْ يُقْطَعُ بِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يُقْطَعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الموفق والشارح, وقدمه ابن رزين
الْفُصُولِ فِي قُضْبَانِ الْخَيْزُرَانِ وَمَخَادِّ الْجُلُودِ الْمُعَدَّةِ لِتَغْيِيرِ1 الصُّوفِيَّةِ يُحْتَمَلُ, كَآلَةِ لَهْوٍ وَيُحْتَمَلُ الْقَطْعُ وَضَمَانُهَا. وَنِصَابُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٌ2 وَمَغْشُوشَةٌ, قَالَهُ شَيْخُنَا, أَوْ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ, كَأَحَدِهِمَا, وَعَنْهُ: كَالدَّرَاهِمِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ 3الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ3. وَفِي الْمُبْهِجِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ, وعنه ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي شَرْحِهِ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْطَعُ, قَالَ فِي الْمَذْهَبِ: قَطَعَ, فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ, وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" هَلْ يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ سَرَقَ أُمَّ وَلَدٍ مَجْنُونَةً7 أَوْ نَائِمَةً قُطِعَ, وَإِنْ سَرَقَهَا كَرْهًا فَوَجْهَانِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يُقْطَعُ, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَلَا نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهَا, فأشبهت الحرة.
ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ قِيمَتُهَا, وَفِي تَكْمِيلِهِ بِضَمِّ من1 النَّقْدَيْنِ وَجْهَانِ "م 8". وَيَكْفِي تِبْرٌ فِي الْمَنْصُوصِ. وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ النِّصَابِ حَالَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزٍ, فَلَوْ أَتْلَفَهُ فِيهِ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ ذَبْحٍ فِيهِ كَبْشًا قِيمَتُهُ نِصَابٌ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ أو قلنا هو ميتة لم يقطع وَلَوْ نَقَصَتْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ قُطِعَ. وَكَذَا لَوْ مَلَكَهُ سَارِقُهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ, وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي2: يَسْقُطُ قَبْلَ التَّرَافُعِ "م 9" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْطَعُ لِأَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ, فأشبهت القن. مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ "وَفِي تَكْمِيلِهِ بِضَمٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يُكْمِلُ النِّصَابَ بِضَمِّ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ إنْ جَعَلَا أَصْلَيْنِ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَضُمُّ قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: أَصْلُ الْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي الضَّمِّ فِي الزَّكَاةِ, انْتَهَى. "قُلْت" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُقْطَعُ هُنَا بِالضَّمِّ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِهِ في الزكاة, والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَكَذَا لَوْ مَلَكَهُ سَارِقُهُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ3 جَمَاعَةٌ وَابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ. وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي2: يَسْقُطُ قَبْلَ التَّرَافُعِ" انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَقَبْلَ التَّرَافُعِ هَلْ يمتنع القطع أم لا.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا رَفَعَ إلَيْهِ لَمْ يَبْقَ لِرَافِعِهِ عَفْوٌ, وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: قَبْلَ الْحُكْمِ, قَالَ أَحْمَدُ: تُدْرَأُ الْحُدُودُ بِالشُّبُهَاتِ. فَإِذَا صَارَ إلَى السُّلْطَانِ وَصَحَّ عِنْدَهُ1 الْأَمْرُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ وَجَبَ عَلَيْهِ إقَامَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" يَمْتَنِعُ الْقَطْعُ وَيَسْقُطُ قَبْلَ التَّرَافُعِ, 2وَهُوَ الصَّحِيحُ2, جَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ وَالْعُمْدَةِ وَالنَّظْمِ, وشرح ابن رزين والمغني3 و4الشَّرْحِ5 فَقَالَا: يَسْقُطُ قَبْلَ التَّرَافُعِ إلَى الْحَاكِمِ وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ عِنْدَهُ, وَقَالَا: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ, جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ, وَذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ, قَالَ الْمُصَنِّفُ7: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ الْمُصَنِّفِ: "وَفِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِيضَاحِ وَالْمُغْنِي يَسْقُطُ قَبْلَ التَّرَافُعِ", انْتَهَى. لَيْسَ كَمَا قَالَ عَنْ الْخِرَقِيِّ فَإِنَّ كَلَامَهُ كَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُقْطَعُ السَّارِقُ وَإِنْ وَهَبْت لَهُ السَّرِقَةَ بَعْدَ إخْرَاجِهِ, بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْقَطْعُ, سَوَاءٌ كَانَ قبل الترافع أو بعده, وأما
وَيَشْفَعُ الرَّجُلُ فِي حَدٍّ دُونَ السُّلْطَانِ, وَيَسْتُرُ عَلَى أَخِيهِ وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُ الشَّفَاعَةَ, فَلَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتُوبُ عَلَيْهِ. وَإِنْ سَرَقَ فَرْدَ خُفٍّ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا دِرْهَمَانِ وَمَعًا عَشْرَةٌ غَرِمَ ثَمَانِيَةً, الْمُتْلَفُ وَنَقْصُ التَّفْرِقَةِ, وَقِيلَ: دِرْهَمَيْنِ وَلَا قَطْعَ, وَكَذَا جُزْءًا مِنْ كِتَابٍ, ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَنَظَائِرِهِ, وَضَمَانُ مَا فِي وَثِيقَةٍ أَتْلَفَهَا إنْ تَعَذَّرَ يَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُهُ عَلَيْهِمَا. وَيُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْدِيلًا بِطَرَفِهِ دِينَارٌ مَشْدُودٌ يَعْلَمُهُ, وَقِيلَ: أَوْ يَجْهَلُهُ, صَحَّحَهُ فِي الْمَذْهَبِ, كَجَهْلِهِ قِيمَتَهُ. وَيُقْطَعُ سَارِقُ نِصَابٍ1 لِجَمَاعَةٍ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي نِصَابِ قُطِعُوا مطلقا, وعنه: يقطع من أخرج ـــــــــــــــــــــــــــــQصَاحِبُ الْإِيضَاحِ فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِهِ فِيهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا وَهَبَ لَهُ الْعَيْنَ الْمَسْرُوقَةَ نَظَرَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْقَطْعُ, فَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَالَ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ مفهومه.
نِصَابًا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُقْطَعْ بَعْضُهُمْ لِشُبْهَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا قَطْعَ وَإِنْ هَتَكَا حِرْزًا وَدَخَلَاهُ فَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْمَالَ أَوْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَقَرَّبَهُ مِنْ النَّقْبِ 1وَأَدْخَلَ الْآخَرُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ قَطْعًا, وَكَذَا إنْ وَضَعَهُ وَسَطَ النَّقْبِ1 فَأَخَذَهُ الْخَارِجُ, وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ, وَإِنْ رَمَاهُ الدَّاخِلُ خَارِجًا أَوْ نَاوَلَهُ فَأَخَذَهُ الْآخَرُ أَوَّلًا, أَوْ أَعَادَهُ فِيهِ أَحَدُهُمَا قُطِعَ الدَّاخِلُ وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: هُمَا, وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ, فَإِنْ تَوَاطَآ فَفِي قطعهما وجهان وإلا فلا قطع "م 10".
فصل: من دخل حرزا فبلع 2جوهرة وخرج
فَصْلٌ: مَنْ دَخَلَ حِرْزًا فَبَلَعَ 2جَوْهَرَةً وَخَرَجَ فقيل: يقطع, وقيل: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ "وَإِنْ نَقَبَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ الْآخَرُ فَأَخْرَجَهُ فَإِنْ تَوَاطَآ فَفِي قَطْعِهِمَا وَجْهَانِ وَإِلَّا فَلَا" انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا قَطْعَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "الْوَجْهُ الثَّانِي" يُقْطَعُ, جَزَمَ بِهِ فِي5 الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ, وصححه في النظم وغيره, وهو الصواب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ط" "فبلغ". 3 "5/363". 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "26/506". 5 ليست في "ط".
خَرَجَتْ, وَقِيلَ: لَا "م 11" وَيُقْطَعُ إنْ 1رَمَى بِهِ1 خَارِجًا أَوْ جَذَبَهُ بِشَيْءٍ, وَكَذَا إنْ أَمَرَ آدَمِيًّا غَيْرَ مُكَلَّفٍ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَرَكَهُ عَلَى دَابَّةٍ, وَقِيلَ: وَسَاقَهَا أَوْ مَاءٍ جَارٍ, وقيل: راكد فانفتح فأخرجوه أو2 عَلَى جِدَارٍ فَأَخْرَجَتْهُ رِيحٌ, أَوْ اسْتَتْبَعَ سَخْلَ شَاةٍ, وَقِيلَ: أَوْ تَبِعَهَا. وَالْأَصَحُّ: أَوْ تَطَيَّبَ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11 " قَوْلُهُ: "وَمَنْ دَخَلَ حِرْزًا فَبَلَعَ جَوْهَرَةً فَقِيلَ: يُقْطَعُ, وَقِيلَ: إنْ خَرَجَتْ, وَقِيلَ: لَا", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيّ. "أَحَدُهُمَا" يُقْطَعُ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ والمستوعب وَالْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ3. "وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" إنْ خَرَجَتْ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا, لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ فِي الْحِرْزِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "قُلْت" إتْلَافُهُ فِي الْحِرْزِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ, بَلْ فَعَلَ فِيهِ مَا هُوَ سَبَبٌ فِي الْإِتْلَافِ إنْ وُجِدَ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَتْلَفُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ, وَإِنْ خَرَجَتْ فَوَجْهَانِ, وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: إنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَا قَطْعَ, وَإِنْ خَرَجَتْ فَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْطَعُ, كما تقدم.
1فيه وخرج ريح2. وَالْأَصَحُّ1: وَلَوْ اجْتَمَعَ بَلَغَ نِصَابًا, أَوْ هَتَكَ الحرز وأخذ المال وَقْتًا آخَرَ, أَوْ أَخَذَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَخَذَ بَقِيَّتَهُ وَقَرُبَ مَا بَيْنَهُمَا, وَقِيلَ: أَوْ بَعُدَ. قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ. قَالَ: وَإِنْ عَلِمَ الْمَالِكُ بِهِ وَأَهْمَلَهُ فَلَا قَطْعَ هُنَا3. قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا يَبْنِي فِعْلَهُ كَمَا يَبْنِي عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ إنْ عَادَ4 غَدًا وَلَمْ يَكُنْ رَدَّ الْحِرْزَ فَأَخَذَ بَقِيَّتَهُ, سَلَّمَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِ سَرِقَتِهِ الثَّانِيَةِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ. وَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ ثَوْبٍ قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ إنْ قَطَعَهُ, وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ فَتَحَ أَسْفَلَ كُوَّارَةٍ5 فَخَرَجَ الْعَسَلُ شَيْئًا فَشَيْئًا قُطِعَ, وَلَوْ عَلَّمَ قِرْدًا السَّرِقَةَ فَالْغُرْمُ فَقَطْ, ذَكَرَهُ أَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَإِنْ أَخْرَجَهُ إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" يُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ فِي كَوْنِهِ يُقْطَعُ مُطْلَقًا أَوْ لَا يُقْطَعُ مُطْلَقًا, وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ إذَا خَرَجَتْ وَعَدَمِهِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ فَهُوَ مُفْزِعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِالْقَطْعِ, وَقَدَّمَ الْقَطْعَ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إلَى التَّفْرِقَةِ, وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ فِي الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ عبارته.
سَاحَةِ دَارٍ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ مِنْهَا قُطِعَ. وَعَنْهُ: إنْ كَانَ بَابُهَا مُغْلَقًا فَلَا. وَفِي الترغيب: إن فتح بابها فوجهان. وَحِرْزُ الْمَالِ مَا حُفِظَ فِيهِ عَادَةً, وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالْبَلَدِ وَعَدْلِ السُّلْطَانِ وَقُوَّتِهِ وَضِدِّهِمَا. فَحِرْزُ نَقْدٍ وَجَوْهَرٍ وَقُمَاشٍ فِي الْعُمْرَانِ فِي دَارٍ وَدُكَّانٍ وَرَاءَ غَلْقٍ وَثِيقٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: فِي قُمَاشٍ غَلِيظٍ وَرَاءَ غَلْقٍ. وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ: مَا جُعِلَ لِلسُّكْنَى وَحِفْظِ الْمَتَاعِ كَالدُّورِ وَالْخِيَامِ حِرْزٌ, سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَفْتُوحُ الْبَابِ أَوْ لَا بَابَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مَحْجَرٌ لِلْبِنَاءِ1. وَالصُّنْدُوقُ بِسَوْقِ حِرْزٍ وَثَمَّ حَارِسٌ, وَقِيلَ: أَوْ لَا. وَحِرْزُ بَقْلٍ وَقُدُورُ بَاقِلَّا وَطَبِيخٌ وَخَزَفٌ وَثَمَّ الْحَارِسُ2 وَرَاءَ الشَّرَائِحِ3. وَحِرْزُ خَشَبٍ وَحَطَبِ الْحَظَائِرِ4. وَفِي التَّبْصِرَةِ: حِرْزُ حَطَبٍ تَعْبِيَتُهُ وَرَبْطُهُ بِالْحِبَالِ وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ. وَالسُّفُنُ فِي الشَّطِّ بِرَبْطِهَا. وَالْمَاشِيَةُ الصَّيِّرُ5, وَفِي الْمَرْعَى بِرَاعٍ يَرَاهَا غَالِبًا وَإِبِلٌ بَارِكَةٌ مَعْقُولَةٌ بِحَافِظٍ حَتَّى نَائِمٍ, وَحُمُولَتُهَا بِسَائِقٍ يَرَاهَا أَوْ بِتَقْطِيرِهَا وَقَائِدٍ يَرَاهَا, وَفِي التَّرْغِيبِ: بِقَائِدٍ يَكْثُرُ الْتِفَاتُهُ وَيَرَاهَا إذَنْ إلا الأول 6محرز بقوده6, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْحَافِظُ الرَّاكِبُ فِيمَا وَرَاءَهُ كَقَائِدٍ. وَالْبُيُوتُ بِالصَّحْرَاءِ وَالْبَسَاتِينِ بِمُلَاحَظٍ, فَإِنْ كَانَتْ مُغْلَقَةً أَبْوَابُهَا فَبِنَائِمٍ, وَكَذَا خَيْمَةٌ وخَرْكَاهُ1 وَنَحْوُهُمَا, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مِنْ أَصْحَابِنَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِمٌ عَلَى الرَّحْلِ, وَإِلَّا بِمُلَاحَظٍ, وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَحِرْزُ ثِيَابٍ فِي حَمَّامٍ وَأَعْدَالٍ وَغَزْلٍ فِي سُوقٍ أَوْ خَانٍ وَمَا كَانَ مُشْتَرَكًا فِي الدُّخُولِ إلَيْهِ بِحَافِظٍ, كَقُعُودِهِ عَلَى الْمَتَاعِ. وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ. وَإِنْ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ فَنَامَ أَوْ اشْتَغَلَ فَلَا قَطْعَ. وَيَضْمَنُ. وَفِي الترغيب: إن استحفظه ربه صريحا, وفيه: و2لا تَبْطُلُ الْمُلَاحَظَةُ بِفَتَرَاتٍ وَإِعْرَاضٍ يَسِيرٍ, بَلْ بِتَرْكِهِ وَرَاءَهُ. وَحِرْزُ كَفَنٍ فِي قَبْرٍ بِمَيِّتٍ, فَلَوْ نَبَشَهُ وَأَخَذَ كَفَنًا مَشْرُوعًا قُطِعَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْوَاضِحِ مِنْ مَقْبَرَةٍ مَصُونَةٍ بِقُرْبِ الْبَلَدِ, وَلَمْ يَقُلْ فِي التَّبْصِرَةِ: "مَصُونَةٍ", وَفِي كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ فِيهِ وَجْهَانِ "م 12" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12 " قَوْلُهُ: "وَفِي كَوْنِهِ مِلْكًا لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى, يَعْنِي بِهِ الْكَفَنَ إذَا سُرِقَ. "أَحَدُهُمَا": هُوَ مِلْكٌ لِلْمَيِّتِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4, وَالْفَائِقِ في الجنائز فقال: لو كفن فعدم5 الْمَيِّتَ فَالْكَفَنُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ تُقْضَى مِنْهُ
وَعَلَيْهِمَا: هُوَ خَصْمُهُ, وَقِيلَ: نَائِبُ إمَامٍ1 كَعَدَمِهِ, وَلَوْ كَفَّنَهُ أَجْنَبِيٌّ, وَقِيلَ: هُوَ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَقِيلَ: لِمَا لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَوَارِثُهُ لَا يَمْلِكُ إبْدَالَهُ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ إذَا لَمْ يَخْلُفْ غَيْرَهُ أَوْ عَيَّنَهُ بِوَصِيَّةٍ تَعَيَّنَ كَوْنُهُ حَقًّا لِلَّهِ. 2وَفِي الِانْتِصَارِ2: وَثَوْبٌ رَابِعٌ وَخَامِسٌ مِثْلُهُ, كَطِيبٍ, وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ: وَرَابِعٌ وَخَامِسٌ وَجْهَانِ. وَحِرْزُ بَابٍ تَرْكِيبُهُ فِي موضعه وقيل: لا يقطع مسلم بسرقة3 باب4 مَسْجِدٍ كَحُصُرِهِ وَنَحْوِهَا, فِي الْأَصَحِّ, وَتَأْزِيرُهُ وَجِدَارُهُ وَسَقْفُهُ كَبَابِهِ, وَيُقْطَعُ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ, وَبِحَلْقَةِ بَابِ دَارِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: حِرْزُ بَابِ بَيْتٍ أَوْ خِزَانَةٍ بِغَلْقِهِ أَوْ غَلْقِ5 بَابِ الدَّارِ عَلَيْهِ, وَفِي سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ الْمَخِيطَةِ رِوَايَتَانِ, وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: لَا, قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ "م 13" وإن نام ـــــــــــــــــــــــــــــQديونه, انتهى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": هُوَ مِلْكٌ لِلْوَرَثَةِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِذَا أَكَلَهُ ضَبُعٌ فَكَفَنُهُ إرْثٌ, وقاله ابن تميم أيضا انتهى3, وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَزِيَادَةُ الثُّلُثِ فِي الْوَصِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ: لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَكَلَ الْمَيِّتُ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ دُونَ الْوَرَثَةِ, وَقَطْعًا بِذَلِكَ. "مَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: "وَفِي سِتَارَةِ الْكَعْبَةِ الْخَارِجَةِ الْمَخِيطَةِ رِوَايَتَانِ, وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: لَا, قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ. "إحْدَاهُمَا": لَا يُقْطَعُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ
على ردائه فِي مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ عَلَى مِجَرِّ1 فَرَسِهِ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ أَوْ نَعْلُهُ فِي رِجْلِهِ قُطِعَ سَارِقُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ سُرِقَ مَرْكُوبُهُ مِنْ تَحْتِهِ فَلَا قَطْعَ, وَفِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالٌ, وَإِنْ سَرَقَهُ بِمَالِكِهِ وَمَعَهُ نِصَابٌ فَالْوَجْهَانِ, وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: مَا كَانَ حِرْزًا لِمَالٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِآخَرَ, وَحَمَلَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَلَى قُوَّةِ سلطان2 وعدله.
فصل: ويقطع كل قريب بسرقة مال قريبه إلا عمودي نسبه,
فَصْلٌ: وَيُقْطَعُ كُلُّ قَرِيبٍ بِسَرِقَةِ مَالِ قَرِيبِهِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ, وَعَنْهُ إلَّا أَبَوَيْهِ وَإِنْ عَلَوْا, وَقِيلَ: إلَّا ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ, وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ قَطْعُ غَيْرِ أَبٍ. وَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةٍ عبد3 مِنْ سَيِّدِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَسَرِقَةِ سَيِّدٍ مِنْ مُكَاتَبِهِ, فَإِنْ مَلَكَ وَفَاءً فَيَتَوَجَّهُ الْخِلَافُ, وَفِي الِانْتِصَارِ, فِيمَنْ وَارِثُهُ حُرٌّ: يُقْطَعُ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ. وَمِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ لَهُ كَبَيْتِ الْمَالِ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ: لِأَنَّ لَهُ فِيهِ4 حَقًّا. وَغَنِيمَةٌ لَمْ تُخَمَّسْ أَوْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ لَا يقطع بسرقته منه, كغنيمة ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهَا فِي ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالشَّرْحِ7 وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُقْطَعُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ في المنور, وقدمه في ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 ليست في الأصل و"ط". 4 ليست في "ر". 5 "12/432". 6 "5/355". 7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "26/529".
مخمسة. وفي المحرر: يقطع عبد مسلم بسرقته1 مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَمِثْلُهُ سَرِقَةُ عَبْدِ وَالِدٍ وَوَلَدٍ وَنَحْوِهِمَا. قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ وَهُوَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُحَرِّزُوهُ عَنْهُ: لَمْ يُقْطَعْ. وَلَا يُقْطَعُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِهِ الْمُحَرَّزِ عَنْهُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَمَنْعِهِ نَفَقَتَهَا فَتَأْخُذُهَا, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ: أَوْ أَكْثَرُ. وَعَنْهُ: بَلَى, كَحِرْزٍ مُنْفَرِدٍ3, قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ, كَضَيْفِهِ وَصَدِيقِهِ وَعَبْدِهِ مِنْ امْرَأَتِهِ مِنْ مَالٍ مُحَرَّزٍ عَنْهُ وَلَمْ يَمْنَعْ الضَّيْفَ قُرَاهُ, حَمَلَ إطْلَاقَ أَحْمَدَ: لَا قَطْعَ عَلَى ضَيْفٍ, عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيُقْطَعُ مُسْلِمٌ بِسَرِقَةِ مَالِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ, وَهُمَا بِسَرِقَةِ مَالِهِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, وَضَمَانُ مُتْلَفٍ. وَقِيلَ: لَا يُقْطَعُ مُسْتَأْمَنٌ, كَحَدِّ خَمْرٍ وَزِنَى, نَصَّ عَلَيْهِ, بِغَيْرِ مُسْلِمَةٍ, وَسَوَّى فِي الْمُنْتَخَبِ بَيْنَهُمَا فِي عَدَمِ القطع, 4ويقطع كل منهما 5بسرقة بِمَالِ5 الْآخَرِ4. وَمَنْ سَرَقَ نِصَابًا وَادَّعَاهُ لَهُ أَوْ بَعْضَهُ لَمْ يُقْطَعْ, الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: بَلَى, بِيَمِينِهِ. وَعَنْهُ: يُقْطَعُ مَعْرُوفٌ بِسَرِقَةٍ, اخْتَارَهُ6 فِي التَّرْغِيبِ, وَكَذَا دَعْوَاهُ إذْنَهُ فِي دُخُولِهِ, وَفِي المحرر: يقطع. نقل ابن منصور: لو ـــــــــــــــــــــــــــــQالرعايتين والحاوي الصغير.
شَهِدَ عَلَيْهِ, فَقَالَ: أَمَرَنِي رَبُّ الدَّارِ أَنْ أُخْرِجَهُ, لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ, وَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي1 حد زنا, وذكر القاضي وغيره: لا2 يُحَدَّ. وَمَنْ سُرِقَ أَوْ غُصِبَ مَالُهُ فَسَرَقَ مَالَهُمَا مَعَ مَالِهِ مِنْ حِرْزٍ وَاحِدٍ لَمْ يُقْطَعْ, وَقِيلَ: بَلَى, إنْ تَمَيَّزَ, وَإِنْ سَرَقَ مَالَهُمَا مِنْ حِرْزٍ آخَرَ وَمِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ قُطِعَ, وَقِيلَ: وَلَوْ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ لِعَجْزِهِ. وَمَنْ سَرَقَ عَيْنًا فَقُطِعَ ثُمَّ سَرَقَهَا أَوْ آجَرَ أَوْ أَعَارَ دَارِهِ فَسَرَقَ مِنْهَا مَالَ مُسْتَأْجِرٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ قُطِعَ. وَفِي التَّرْغِيبِ احْتِمَالٌ إنْ قَصَدَ بِدُخُولِهِ الرُّجُوعَ, قَالَ فِي الْفُنُونِ: لَهُ الرُّجُوعُ بِقَوْلٍ لَا بِسَرِقَةٍ, عَلَى أنه يبطل بما إذا أعاره ثوبا وسرق3 ضمنه شيئا, ولا فرق.
فصل: وإذا وجب القطع قطعت يده اليمنى من مفصل كفه.
فَصْلٌ: وَإِذَا وَجَبَ4 الْقَطْعُ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ مِفْصَلِ كَفِّهِ. وَيَجِبُ, ذَكَرَ الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ حَسْمُهَا بِغَمْسِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ. قَالَ أَحْمَدُ: قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِهِ فَحَسَمَ5, وَهُوَ وَأُجْرَةُ قَاطِعٍ مِنْ مَالِهِ, وقيل: من بيت المال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسْتَحَبُّ تَعْلِيقُ يَدِهِ فِي عُنُقِهِ, زَادَ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ رَآهُ إمَامٌ. وَإِنْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ مِفْصَلِ كَعْبِهِ يُتْرَكُ عَقِبُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَحُسِمَتْ, فَإِنْ عَادَ فَعَنْهُ: يَجِبُ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى فِي الثَّالِثَةِ, وَرِجْلِهِ الْيُمْنَى فِي الرَّابِعَةِ, وَلَا تَقْرِيعَ فَيُقْطَعُ الْكُلُّ مُطْلَقًا. وَالْمَذْهَبُ: يَحْرُمُ قَطْعُهُ, فَيُحْبَسُ1 حَتَّى يَتُوبَ, كَالْمَرَّةِ الْخَامِسَةِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: يُعَذَّبُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: أَوْ يُغَرَّبُ, وَفِي الْبُلْغَةِ: يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتُوبَ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُصْعَبُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اُقْتُلُوهُ" فَقَالُوا: إنَّمَا سَرَقَ, فَقَالَ: "اقْطَعُوهُ" , ثُمَّ جِيءَ بِهِ ثَانِيَةً فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَالُوا: إنَّمَا سَرَقَ فَقَالَ: "اقْطَعُوهُ" , ثُمَّ جِيءَ بِهِ ثَالِثَةً فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَالُوا: إنَّمَا سَرَقَ فَقَالَ "اقْطَعُوهُ" , ثُمَّ جِيءَ بِهِ رَابِعَةً فَقَالَ اُقْتُلُوهُ فَقَالُوا: إنَّمَا سَرَقَ فَقَالَ "اقْطَعُوهُ" , فَأَتَى بِهِ فِي الْخَامِسَةِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَقَتَلُوهُ. فَقَالَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ: مُصْعَبٌ ضَعِيفٌ, زَادَ أَحْمَدُ: لَمْ أَرَ النَّاسَ يَحْمَدُونَ حَدِيثَهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ, رَوَى حَدِيثَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ2 وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَمُصْعَبُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ, وَقِيلَ هُوَ حَسَنٌ, وَقَتَلَهُ لِمَصْلَحَةٍ اقْتَضَتْهُ, وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ الْمَالِكِيُّ: يُقْتَلُ السَّارِقُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْخَامِسَةِ, وَقِيَاسُ قَوْلِ شَيْخِنَا إنَّهُ كَالشَّارِبِ فِي الرَّابِعَةِ يُقْتَلُ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَنْتَهِ بِدُونِهِ. فَلَوْ سَرَقَ وَيَمِينُهُ أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا, وَلَوْ كَانَ الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ, وَلَوْ كَانَ يَدُهُ الْيُسْرَى أَوْ يَدَيْهِ فَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّتَيْنِ "م 14" وَلَوْ كَانَ رِجْلَيْهِ أَوْ يُمْنَاهُمَا قُطِعَتْ يُمْنَى يَدَيْهِ, فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ سَرَقَ وَلَهُ يَدٌ يُمْنَى فَذَهَبَتْ هِيَ أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ فَقَطْ, أَوْ مَعَ رِجْلَيْهِ, أَوْ إحْدَاهُمَا, فَلَا قَطْعَ, لِتَعَلُّقِ الْقَطْعِ بِهَا, لِوُجُودِهَا, كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14" قَوْلُهُ: "فَلَوْ سَرَقَ وَيَمِينُهُ أَوْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ذَاهِبَةٌ قُطِعَ الْبَاقِي مِنْهُمَا, لَوْ كَانَ الذَّاهِبُ يَدَهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَهُ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ لِتَعْطِيلِ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ وَذَهَابِ عُضْوَيْنِ مِنْ شِقٍّ, وَلَوْ كَانَ يَدُهُ الْيُسْرَى أَوْ يَدَيْهِ فَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْعِلَّتَيْنِ" انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" لَا قَطْعَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّارِحُ: فِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ الْقَطْعُ, لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ بِالسَّرِقَةِ وَسُقُوطُ الْقَطْعِ عَنْ يَمِينِهِ لَا يَقْتَضِي قَطْعَ رِجْلِهِ, كَمَا لَوْ كَانَ الْمَقْطُوعُ يَمِينَهُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يُقْطَعُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ2 قَطْعُ يَمِينِهِ3 فَقُطِعَتْ رِجْلُهُ, كما لو كانت
فَمَاتَ; وَإِنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أَوْ يُمْنَاهُمَا فَقِيلَ: يُقْطَعُ, كَذَهَابِ يُسْرَاهُمَا وَقِيلَ: لَا, لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ المشي "م 15" ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيُسْرَى مَقْطُوعَةً. "مَسْأَلَةٌ 15" قَوْلُهُ: وَمَنْ سَرَقَ وَلَهُ يَدٌ يُمْنَى فَذَهَبَتْ هِيَ أَوْ يُسْرَى يَدَيْهِ فَقَطْ أَوْ مَعَ رِجْلَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَلَا قَطْعَ, لِتَعَلُّقِ الْقَطْعِ بِهَا, لِوُجُودِهَا, كَجِنَايَةٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ فَمَاتَ. وَإِنْ ذَهَبَتْ رِجْلَاهُ أَوْ يُمْنَاهُمَا فَقِيلَ يُقْطَعُ, كَذَهَابِ يُسْرَاهُمَا, وَقِيلَ: لَا,
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQلذهاب منفعة المشي" انتهى. 1وقال في الرعاية فإن كان أقطع الرجلين أو يمناهما فقط قطعت يمنى يديه عليهما يعني على الروايتين وقيل: بل على الثانية انتهى فقدم القطع1 2وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ "إحْدَاهُمَا": يُقْطَعُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ2 وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَوَّاهُ الشَّيْخُ فِي بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي": لَا يُقْطَعُ لِمَا عَلَّلَهُ بِهِ, قَالَ4 الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3: وَإِنْ كَانَتْ يَدَاهُ صَحِيحَتَيْنِ وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ أَوْ مَقْطُوعَةً فَلَا أَعْلَمُ فِيهَا قَوْلًا لِأَصْحَابِنَا وَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. "أَحَدُهُمَا" تُقْطَعُ يَمِينُهُ, لِأَنَّهُ سَارِقٌ لَهُ يُمْنَى فَقُطِعَتْ عَمَلًا بالكتاب والسنة, ولأنه سارق له يدان, 5فتقطع يمناه كما لو كانت المقطوع رجله. والثاني: لا يقطع منه شيء5 لِأَنَّ قَطْعَ يُمْنَاهُ يُذْهِبُ مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ مِنْ الرجلين. انتهى.
وَالشَّلَّاءُ كَمَعْدُومَةٍ فِي رِوَايَةٍ وَفِي أُخْرَى كَسَالِمَةٍ إنْ أَمِنَ تَلَفَهُ بِقَطْعِهَا وَكَذَا مَا ذَهَبَ معظم نفعها كالأصابع فإن ذهبت خنصر و1 ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "فِي الْقَوْلِ الثَّانِي, لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ", كَذَا فِي النُّسَخِ, وَلَعَلَّهُ لِذَهَابِ مَنْفَعَةِ الشِّقِّ, لِأَنَّ ذَهَابَ مَنْفَعَةِ الْمَشْيِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِقَطْعِ الْيَدِ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَابَعَ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي, فَإِنَّهُ عَلَّلَهُ بِذَلِكَ, كَمَا تَقَدَّمَ, وَيَكُونُ وَجْهُهُ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ يَضْعُفُ مَشْيُهُ, لِأَنَّ الْيَدَ الْيُمْنَى تُعِينُ عَلَى الْمَشْيِ بِالِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا وَغَيْرِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 16" قَوْلُهُ: "وَالشَّلَّاءُ كَمَعْدُومَةٍ فِي رِوَايَةٍ, وَفِي أُخْرَى كَسَالِمَةٍ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. "وَإِحْدَاهُمَا": هِيَ كَمَعْدُومَةٍ, فَلَا تُقْطَعُ, وَتُقْطَعُ رِجْلُهُ, قَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ, وَالنَّاظِمُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": هِيَ كَسَالِمَةٍ, فَيُجْزِئُ قَطْعُهُمَا مَعَ أَمْنِ تَلَفِهِ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "مَسْأَلَةٌ 17" قَوْلُهُ: "وَكَذَا مَا ذَهَبَ مُعْظَمُ نَفْعِهَا كَالْأَصَابِعِ" يَعْنِي هَلْ يُجْزِئُ قَطْعُهَا أَمْ يَنْتَقِلُ5, أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَقَدْ عَلِمْت ذَلِكَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا, وَمَنْ صَحَّحَ وَقَدَّمَ, وَهَذِهِ كَذَلِكَ.
بِنْصَرٌ أَوْ وَاحِدَةٌ سِوَاهُمَا وَقِيلَ: الْإِبْهَامُ فَقَطْ فوجهان "م 18". وَإِنْ وَجَبَ قَطْعُ يَمِينِهِ فَقَطَعَ قَاطِعٌ يَسَارَهُ بِلَا إذْنِهِ عَمْدًا فَالْقَوَدُ, وَإِلَّا الدِّيَةُ, وَاخْتَارَ1 الشَّيْخُ يُجْزِئُ وَلَا ضَمَانَ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الِانْتِصَارِ. وَأَنَّهُ يَحْتَمِلُ تَضْمِينَهُ نِصْفَ دِيَةٍ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ إنْ قُطِعَ دَهْشَةً أَوْ ظَنَّهَا تُجْزِئُ كَفَتْ وَلَا ضَمَانَ. وَيَجْتَمِعُ الْقَطْعُ وَالضَّمَانُ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَفِي الِانْتِصَارِ: يُحْتَمَلُ لَا غُرْمَ لِهَتْكِ حرز وتخريبه. وَيُقْطَعُ عَلَى الْأَصَحِّ الطَّرَّارُ الَّذِي يَبُطُّ جَيْبًا أَوْ كُمًّا وَغَيْرَهُ وَيَأْخُذُ مِنْهُ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ بَعْدَ سُقُوطِهِ نِصَابًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ حِرْزٌ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عَلَى الْأَصَحِّ, وَبَنَى فِي التَّرْغِيبِ الْقَطْعَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي كَوْنِهِ حرزا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 18" قوله: "فإن ذهب خنصر و2 بِنْصَرٌ أَوْ وَاحِدَةٌ سِوَاهُمَا, وَقِيلَ: الْإِبْهَامُ فَقَطْ فوجهان", انتهى. "أَحَدُهُمَا": 3هِيَ كَالْمَعْدُومَةِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": هِيَ كَالصَّحِيحَةِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا قطع به في المحرر3
ويقطع جاحد عارية1, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَابْنُ شَاقِلَا وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ, كَوَدِيعَةٍ, ومنتهب ومختلس وغاصب ومن سرق ثمرا2 أَوْ كَثْرًا أَوْ مَاشِيَةً مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أُضْعِفَتْ الْقِيمَةُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُمَا, اخْتَارَهُ شيخنا, وقيل: يختص التمر3 والكثر4. ـــــــــــــــــــــــــــــQ5وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. "تَنْبِيهٌ" ذَهَبَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ ذَهَابَ الْإِبْهَامِ كَذَهَابِ أُصْبُعَيْنِ, وَذَهَبَ صَاحِبُ الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ7 وَابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهَا كَأُصْبُعٍ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ نَقْصًا وَهُوَ لَفْظُهُ "إلَّا" وَتَقْدِيرُهُ: وَقِيلَ إلَّا الْإِبْهَامَ, يَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْخِلَافِ الْمُطْلَقِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ, وَهِيَ طَرِيقَتُهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ5.
وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وَكَذَا دُونَ نِصَابٍ مِنْ حِرْزٍ. سَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ عَمَّنْ يُعْفَى عَنْهُ حَدٌّ فِي سَرِقَةٍ؟ قَالَ: أَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عمرو1 إذَا دُرِئَ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ أَضْعَفْت عَلَيْهِ الْغُرْمَ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ الْإِنْكَارَ, وَأَطْلَقَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَامَ مَجَاعَةِ غَلَاءٍ, وَأَنَّهُ يَرْوِي عَنْ عُمَرَ2, قَالَ جَمَاعَةٌ: مَا لَمْ يَبْذُلْ لَهُ وَلَوْ بِثَمَنٍ غَالٍ, وفي الترغيب: ما يحيي به نفسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ3
باب حد قاطع الطريق
باب حد قاطع الطريق مدخل ... بَابُ حَدِّ1 قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ, لِيَخْرُجَ الْحَرْبِيُّ, وَلَوْ أُنْثَى, يَعْرِضُ لِلنَّاسِ بِسِلَاحٍ, وَالْأَصَحُّ وَعَصَى وَحَجَرٍ. وَفِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهٌ: وَيَدٍ, فَيَغْصِبُهُ الْمَالَ مُجَاهَرَةً, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَقِيلَ: فِي صَحْرَاءَ, وَقِيلَ: وَمِصْرَ إنْ لَمْ يُغَثْ. وَيُعْتَبَرُ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَرَّتَيْنِ كَسَرِقَةٍ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَالْحِرْزُ وَالنِّصَابُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: فِي سُقُوطِهِ بِشُبْهَةٍ كَسَرِقَةٍ وَجْهَانِ, فَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْتَلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا نُفِيَ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ, وَقِيلَ: عَامًا فَلَا يَأْوِي بِبَلَدٍ, وَعَنْهُ: يُعَزَّرُ بِمَا يَرْدَعُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُمَا, وَعَنْهُ: يُحْبَسُ, وَفِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةُ نَفْيِهِ طَلَبَهُ2, وَتُنْفَى الْجَمَاعَةُ مُتَفَرِّقَةً خلافا للتبصرة. وَمَنْ أَخَذَ مَالًا وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعَتْ حَتْمًا يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى مُرَتَّبًا وُجُوبًا, ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ, وَجَوَّزَهُ أَبُو الْخَطَّابِ, ثُمَّ أَوْجَبَهُ, لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ أَوْ الْمَوْجُودِ مِنْهُمَا, وَقِيلَ: الْمَوْجُودُ مَعَ يَدِهِ الْيُسْرَى فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ, وَحُسِمَتَا ثُمَّ خَلَّى. وَفِي الْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا: إنْ قُطِعَتْ يَمِينُهُ قَوَدًا وَاكْتَفَى بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى فَفِي إمْهَالِهِ وَجْهَانِ, وَإِنْ قُطِعَتْ يُسْرَاهُ قَوَدًا وَقُلْنَا تُقْطَعُ يُمْنَاهُ لِسَرِقَةٍ أُمْهِلَ, وَإِنْ عَدِمَ يُسْرَى يَدَيْهِ قُطِعَتْ يُسْرَى رِجْلَيْهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَتَخَرَّجُ: لَا, كَيُمْنَى يَدَيْهِ, فِي الْأَصَحِّ, وَلَا تُقْطَعُ بَقِيَّةُ أَرْبَعَةِ مُحَارِبٍ ثَانِيًا, فِي الْأَصَحِّ. وَمَنْ قَتَلَ فَقَطْ1 قُتِلَ حَتْمًا, وَلَا أَثَرَ لِعَفْوِ وَلِيٍّ وَيُعَايَا بِهَا, وَقِيلَ: حَتْمًا إنْ قَتَلَهُ لِقَصْدِ مَالِهِ, وَقِيلَ: فِي غَيْرِ مُكَافَئٍ, وَفِي اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ دَيْنًا وَحُرِّيَّةً حَتَّى لَا يُقْتَلَ وَالِدٌ وَسَيِّدٌ بِمَعْصُومٍ رِوَايَتَانِ "م 1" وَعَنْهُ: وَيُصْلَبُ. وَمَنْ قَتَلَ وَأَخَذَ الْمَالَ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ ثم صلبه, وقيل: يصلب أولا حتى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ الْمُكَافَأَةِ دَيْنًا وَحُرِّيَّةً حَتَّى لَا يُقْتَلَ وَالِدٌ وَسَيِّدٌ بِمَعْصُومٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4 وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يُقْتَلُ بِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يُقْتَلُ, عَلَى الْأَظْهَرِ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثانية": لا يقتل, وقال الزركشي: هذا أمشى5 عَلَى قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ, وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي منوره ومنتخبه.
يشتهر, وفي التبصرة. لا1 حتى يتمثل به ويتغتير2, وَقِيلَ: مُسَمَّى صَلْبٍ, وَعِنْدَ ابْنِ رَزِينٍ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, وَعَنْهُ: وَيُقْطَعُ, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, وَفِي تَحَتُّمِ قَوَدٍ فِي طَرَفٍ رِوَايَتَانِ "م 2" ويحتمل سقوطه بتحتم قتله, وذكر بعضهم هَذَا الِاحْتِمَالَ فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ تَسْقُطَ الْجِنَايَةُ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهَا, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ تَحَتُّمُ الْقَتْلِ إنْ قُلْنَا يَتَحَتَّمُ فِي الطَّرَفِ, وَهَذَا وَهْمَ, وَتَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ لِقَوَدٍ لَزِمَهُ بَعْدَ مُحَارَبَتِهِ, كَتَقْدِيمِهَا3 بِسَبْقِهَا. وَكَذَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قَتْلِهِ, لِلْمُحَارَبَةِ, وَقِيلَ: وَيُصْلَبُ, والردء4 فيها ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَفِي تَحَتُّمِ قَوَدٍ فِي طَرَفٍ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي5 والمقنع6 والمحرر وغيرهم. "إحْدَاهُمَا": لَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاؤُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يَتَحَتَّمُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الكافي7 والبلغة.
وَالطَّلِيعُ كَمُبَاشِرٍ, وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرِقَةَ كَذَلِكَ, فَرَدْءُ غَيْرِ مُكَلَّفٍ كَهُوَ, وَقِيلَ: يَضْمَنُ الْمَالَ آخِذُهُ, وَقِيلَ: قَرَارُهُ عَلَيْهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ1: مَنْ قَاتَلَ اللُّصُوصَ وَقُتِلَ قُتِلَ2 الْقَاتِلُ فَقَطْ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْآمِرُ كَرَدْءٍ, وَأَنَّهُ فِي السَّرِقَةِ كَذَلِكَ وَفِيهَا فِي الِانْتِصَارِ: الشَّرِكَةُ تَلْحَقُ غَيْرَ الْفَاعِلِ بِهِ, كَرَدْءٍ مَعَ مُبَاشِرٍ وَفِي الْمُفْرَدَاتِ إنَّمَا قَطَعَ3 جَمَاعَةٌ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ لِلسَّعْيِ بِالْفَسَادِ, وَالْغَالِبُ من السعاة قطع الطريق والتلصص بالليل و4الْمُشَارَكَةُ بِأَعْوَانٍ, بَعْضٌ يُقَاتِلُ5 أَوْ يُحْمَلُ أَوْ يَكْثُرُ أَوْ يَنْقُلُ, فَقَتَلْنَا6 الْكُلَّ أَوْ قَطَعْنَاهُمْ حَسْمًا لِلْإِفْسَادِ, وَلَوْ طَلَعَ إلَيْهِمْ عَسْكَرٌ فَأَخَذُوا رَجُلًا لَيْسَ مِنْهُمْ فَغَرِمُوهُ فَلَهُ طَلَبُهُمْ بِهِ, إنْ سَاغَ أَخْذُهُ مِنْهُمْ, قَالَهُ شَيْخُنَا. وَإِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي تُحْضِرُ النِّسَاءَ لِلْقَتْلِ تُقْتَلُ, وَعَنْهُ: نَسْخُ آيَةِ الْمُحَارِبِينَ, وَأَنَّهُ كَغَيْرِهِ فِي الْحَدِّ إلَّا فِي قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ. وَمَنْ تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الآدمي إليه, وأطلق فِي الْمُبْهِجِ: فِي حَقِّ اللَّهِ رِوَايَتَيْنِ, وَهَذَا فيمن تحت حكمنا, وفي خارجي وباغ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمُرْتَدٍّ مُحَارَبٍ الْخِلَافُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا, وَقِيلَ: تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ بِبَيِّنَةٍ, وَقِيلَ: وَقَرِينَةٍ. وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْكَافِرُ فَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ فِي كُفْرِهِ "ع" وَيَسْقُطُ حَدُّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ بِتَوْبَتِهِ1, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَقِيلَ: وَصَلَاحُ عَمَلِهِ مُدَّةً قِيلَ: قَبْلَ تَوْبَتِهِ, وَقِيلَ: قَبْلَ الْقُدْرَةِ, وَقِيلَ: قبل إقامته "م 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3 " قَوْلُهُ: "وَيَسْقُطُ حَدُّ زِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ بِتَوْبَتِهِ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: وَصَلَاحُ عَمَلِهِ مُدَّةً, قِيلَ: قَبْلَ تَوْبَتِهِ, وَقِيلَ: قَبْلَ الْقُدْرَةِ, وَقِيلَ: قَبْلَ إقَامَتِهِ", انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَسْقُطُ بتوبته2 فهل 3محل التوبة يَكُونُ3 مَحَلُّ التَّوْبَةِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَدِّ, أَوْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ, أَوْ قَبْلَ إقَامَتِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "الْقَوْلُ الْأَوَّلُ": جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ, وَقَالَ النَّاظِمُ: وَمَنْ تَابَ مِنْ حَدٍّ سِوَاهُ قُبَيْلَ أَنْ يُوَطِّدَهُ قَاضٍ فَأَسْقَطَ بِأَوْكَدَ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي": ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ": قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ فَقَالَا: وَفِي سُقُوطِ حَدِّ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالسَّارِقِ وَالْقَاذِفِ بِالتَّوْبَةِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ, وَقِيلَ: قَبْلَ تَوْبَتِهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْهَادِي وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي6 وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا, انتهى. ويحتمله كلامه في النظم.
وَفِي بَحْثِ الْقَاضِي التَّفْرِقَةَ بَيْنَ عِلْمِ الْإِمَامِ بِهِمْ أَوَّلًا, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَلَوْ فِي الْحَدِّ لَا يَكْمُلُ وَإِنَّ هَرَبَهُ فِيهِ تَوْبَةٌ لَهُ1. وَعَنْهُ: لَا يَسْقُطُ, ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ, ذَكَرَهَا ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُمَا, وَعَلَيْهِمَا: يَسْقُطُ فِي حَقِّ محارب تاب قبل القدرة, وَيُحْتَمَلُ: لَا, كَمَا قَبْلَ الْمُحَارَبَةِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِ ذِمِّيٍّ وَمُسْتَأْمَنٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي ذِمِّيٍّ, وَنَقَلَهُ فِيهِ أَبُو دَاوُد, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَنَّ فِيهِ الْخِلَافَ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: إنْ أَكْرَهَ ذِمِّيٌّ مُسْلِمَةً فَوَطِئَهَا قُتِلَ, لَيْسَ عَلَى هَذَا صُولِحُوا2, وَلَوْ أَسْلَمَ, هَذَا حَدٌّ وَجَبَ عَلَيْهِ. فَدَلَّ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ, لِأَنَّ التَّائِبَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَأَنَّهُ أَوْجَبَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَفْرِقَةٍ بَيْنَ إسْلَامٍ وَتَوْبَةٍ3, وَيَتَوَجَّهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ قَذْفِ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ حَدٌّ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: يَسْقُطُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي سُقُوطِ الْجِزْيَةِ بِإِسْلَامٍ إذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْعُقُوبَاتُ الْوَاجِبَةُ بِالْكُفْرِ, كَالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْحُدُودِ. وَفِي الْمُبْهِجِ احْتِمَالٌ يَسْقُطُ حَدُّ زِنَا ذِمِّيٍّ, وَيُسْتَوْفَى حَدُّ قَذْفٍ, قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي الرعاية الخلاف, ـــــــــــــــــــــــــــــQ4فهذه ثلاث مسائل4.
وَهُوَ مَعْنَى مَا أَخَذَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عَدَمِ إعْلَامِهِ وَصِحَّةِ تَوْبَتِهِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, مَعَ أَنَّهُمْ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ذَكَرُوا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ عَادَ إلَى الْفِسْقِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ1, وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِعَوْدِهِ إلَى الْجَلْدِ, وَأَنَّهُ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ; وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 فِي بَحْثِ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ, مَعَ تَصْرِيحِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ: لَا يَسْقُطُ, وَجَعَلَهُ أَصْلًا فِي مَسْأَلَةِ الْحُدُودِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: يَسْقُطُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَا يُوجِبُ مَالًا, وَإِلَّا سَقَطَ إلَى مَالٍ. وَفِي الْبُلْغَةِ فِي إسْقَاطِ التَّوْبَةِ فِي غَيْرِ الْمُحَارَبَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَبَعْدَهَا روايتان.
فصل: ومن صال على نفسه أو حرمته أو ماله ولو قل آدمي كافأه أم لا,
فَصْلٌ: وَمَنْ صَالَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ أَوْ مَالِهِ وَلَوْ3 قَلَّ آدَمِيٌّ كَافَأَهُ أَمْ لَا, قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ: كَمُحَارَبَةِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِ آدَمِيٍّ دَفَعَهُ بِأَسْهَلَ مَا يَظُنُّ, وَقِيلَ: يَعْلَمُ دَفْعَهُ بِهِ, وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ هَرَبٌ أَوْ احْتِمَاءٌ وَنَحْوُهُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, قَالَ أَحْمَدُ: لَا تريد قتله وضربه, لكن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ادْفَعْهُ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْته يَعْجَبُ مِمَّنْ يَقُولُ أُقَاتِلُهُ وَأَمْنَعُهُ, وَأَنَا لَا أُرِيدُ نَفْسَهُ, قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ إلَيْهِمْ أَوْ يَتْبَعَهُمْ إذَا وَلَّوْا. وَنَقَلَ الْفَضْلُ: إنْ صَارَ فِي مَوْضِعٍ نَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْك فَلَا تَتْبَعُهُ, وَقِيلَ لَهُ: الْمُنَاشَدَةُ. فَقَالَ حَدِيثَ سَلْمَانَ, وَلَمْ يُثْبِتْهُ وَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"1 وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي لُصُوصٍ دَخَلُوا عَلَيْهِ: يُقَاتِلُهُمْ أَوْ يُنَاشِدُهُمْ؟ قَالَ: قَدْ دَخَلُوا, مَا يُنَاشِدُهُمْ؟ وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ بِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ2 وَقَالَ: يَمْنَعُ مَالَهُ وَنَفْسَهُ. وَنَقَلَ ابْنُ ثَوَابٍ فِي لِصٍّ قَالَ: ضَعْ ثَوْبَك وَإِلَّا ضَرَبْتُك بِالسَّيْفِ وَلَا تَدْرِي هَلْ يَفْعَلُ أَمْ لَا, فَأَبَيْت ثُمَّ ضَرَبْته ضَرْبَةً لَا تَدْرِي يَمُوتُ مِنْهَا3 أَمْ لَا, فَهَدَرٌ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ: لَهُ دَفْعُهُ بِالْأَسْهَلِ إنْ خَافَ أَنْ يَبْدُرَهُ, قَالَ بَعْضُهُمْ4 أَوْ يَجْهَلُهُ: فَإِنْ قُتِلَ فَشَهِيدٌ, وَإِنْ قَتَلَهُ فَهَدَرٌ, وَلَا يَجُوزُ فِي حَالِ مَزْحٍ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ, وَيُقَادُ بِهِ, وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ فِي التَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ, وَيَلْزَمُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ, كَحُرْمَتِهِ, فِي الْمَنْصُوصِ وَعَنْهُ: وَلَوْ فِي فِتْنَةٍ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ عَنْهُ اثْنَانِ فِيهَا: إنْ دَخَلَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ فِيهَا, وَلَا يَلْزَمُهُ عَنْ مَالِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ, كَمَا لَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهُ مِنْ الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ, ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: فِي الثَّلَاثَةِ يَلْزَمُهُ فِي الْأَصَحِّ, وَلَهُ بَذْلُهُ, وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ, وَأَنَّ حَنْبَلًا نَقَلَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَنْصُوصُ عَنْهُ أَنَّ تَرْكَ قِتَالِهِ عَنْهُ أَفْضَلُ, وَأَطْلَقَ رِوَايَتَيْ الْوُجُوبِ فِي الْكُلِّ, ثُمَّ قَالَ: عِنْدِي يَنْتَقِضُ عَهْدُ الذِّمِّيِّ, وَالْبَهِيمَةُ لَا حُرْمَةَ لَهَا فَيَجِبُ, وَمَا قَالَهُ فِي الذِّمِّيِّ مُرَادُ غَيْرِهِ. وَفِي الْبَهِيمَةِ مُتَّجَهٌ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ يُرِيدُ الْمَالَ: أَرَى دَفْعَهُ إلَيْهِ وَلَا يَأْتِي عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا عِوَضَ مِنْهَا, وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا بَأْسَ, قَالَ الْمَرُّوذِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لَا يَغْضَبُ لِنَفْسِهِ وَلَا يَنْتَصِرُ لَهَا, فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: يَجُوزُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ, وَقِيلَ يَجِبُ. وَلِمُسْلِمٍ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْت إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي, قَالَ: "فَلَا تُعْطِهِ مَالَك" قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَاتَلَنِي, قَالَ: "قَاتِلْهُ" 2 قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلَنِي, قَالَ: "فَأَنْتَ شَهِيدٌ" , قَالَ: أَرَأَيْت إنْ قَتَلْته, قَالَ: "هُوَ فِي النَّارِ" فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَفْضَلَ3 لَا يَبْذُلُهُ إنْ لَمْ يَحْرُمْ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْغَصْبِ: لَوْ قَتَلَ دَفْعًا عَنْ مَالِهِ قُتِلَ, وَلَوْ قَتَلَ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يُقْتَلْ, وَيَتَوَجَّهُ مَعَ ضَعْفِهِ حَمْلُهُ عَلَى اليسير, كقول بعض المالكية, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا دَاخِلَ مَنْزِلِ غَيْرِهِ مُتَلَصِّصًا, نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ إنْ ظَنَّ الْعَجْزَ عَنْ قِتَالِ اللُّصُوصِ وَإِنْ هُوَ أَعْطَاهُمْ يَدَهُ تَرَكُوهُ, رَجَوْت أَنْ لَهُ تَرْكُ قِتَالِهِمْ وَإِلَّا فَلْيَدْفَعْهُمْ مَا اسْتَطَاعَ, وَيَلْزَمُهُ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ, لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ إيثَارُ الشَّهَادَةِ, وَكَإِحْيَائِهِ بِبَذْلِ طَعَامِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ مَعَ ظَنِّ سَلَامَةِ الدَّافِعِ. وَكَذَا مَالُهُ مَعَ ظَنِّ سَلَامَتِهِمَا. وذكر جماعة: يجوز وإلا حرم, وقيل و1في جَوَازُهُ عَنْهُمَا وَعَنْ حُرْمَتِهِ رِوَايَتَانِ, نَقَلَ حَرْبٌ الوقف في مال غيره, ونقل2 الترمذي وَغَيْرُهُ: لَا يُقَاتِلُهُ, لِأَنَّهُ لَمْ يُبَحْ لَهُ قَتْلُهُ لِمَالِ غَيْرِهِ, وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ وَشَيْخُنَا لُزُومَهُ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ, قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: فَإِنْ أَبَى أَعْلَمَ مَالِكَهُ, فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ إعَانَتُهُ. قَالَ شَيْخُنَا فِي جُنْدٍ قَاتَلُوا عَرَبًا نَهَبُوا أَمْوَالَ تُجَّارٍ لِيَرُدُّوهُ إلَيْهِمْ: هُمْ مُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ "قَالَ": وَمَنْ أَمَرَ لِلرِّئَاسَةِ وَالْمَالِ لَمْ يُثَبْ, يَأْثَمُ عَلَى فَسَادِ نِيَّتِهِ كَالْمُصَلِّي رِيَاءً وَسُمْعَةً, وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِ فِي كُلِّ طَاعَةٍ. وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَمْرُ بِظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ, وَعَنْهُ: بَلَى, كَإِيَاسِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي الْفُصُولِ يَضْمَنُ مَنْ قَتَلَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَالِ غَيْرِهِ. وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي بِلُزُومِ دَفْعِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَرْبِيٍّ وَذِمِّيٍّ عَنْ نَفْسِهِ وَبِإِبَاحَتِهِ عَنْ مَالِهِ وَحُرْمَتِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ وَحُرْمَتِهِ, وَإِنَّ فِي إبَاحَتِهِ عَنْ مَالِ غَيْرِهِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ لِأَجْلِهِ رِوَايَتَيْنِ, ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ. وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهَانِ فِي وُجُوبِهِ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ, وَيَرِثُهُ, جَزَمَ بِهِ أَبُو الْوَفَاءِ وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. وَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ تَقُولَ يَضْمَنُهُ إذَنْ. وَفِي الْمُغْنِي1 فِي الثَّلَاثَةِ: لِغَيْرِهِ مَعُونَتُهُ بِالدَّفْعِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ "اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا"2 وَلِئَلَّا تَذْهَبَ الْأَنْفُسُ وَالْأَمْوَالُ, وَمَا احْتَجَّ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. وَيَتَوَجَّهُ فِي الذَّبِّ عَنْ عِرْضِ غَيْرِهِ الْخِلَافُ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ النَّهْيَ عَنْ خِذْلَانِ الْمُسْلِمِ, وَالْأَمْرَ بِنَصْرِ الْمَظْلُومِ. وَرَوَى هُوَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ3 عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا: "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد4 مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ بَشِيرٍ وَفِيهِمَا جَهَالَةٌ عَنْ جَابِرٍ وَأَبِي طَلْحَةَ مَرْفُوعًا: "مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إلَّا خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْضِعٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ, وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ" وَلِأَحْمَدَ1 مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: "مَنْ أُذِلَّ عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى نَصْرِهِ أَذَلَّهُ اللَّهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وَفِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ" وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا2, وَيَأْتِي كَلَامُ شَيْخِنَا فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ3, وَلَوْ ظَلَمَ ظَالِمٌ فَنَقَلَ ابْنُ أَبِي حَرْبٍ: لَا يُعِينُهُ حَتَّى يَرْجِعَ عَنْ ظُلْمِهِ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعِينُوهُ, أَخْشَى أن يجترئ, يدعوه4 حَتَّى يَنْكَسِرَ, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ, وَسَأَلَهُ صَالِحٌ فِيمَنْ يَسْتَغِيثُ بِهِ جَارُهُ, قَالَ: يُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى صَيْحَةٍ بِاللَّيْلِ, لِأَنَّهُ لَا يدري ما يكون. وظاهر كلام الأصحاب فيهما5 خِلَافُهُ, وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الثَّانِيَةِ. قَالَ أَنَسٌ: فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ أُنَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم راجعا6 وَقَدْ سَبَقَهُمْ إلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ7. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَبَقَ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْقَوَدِ وَغَيْرِهِ أَفْضَلُ بِلَا تَفْصِيلٍ, وَهُوَ عَمَلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمِحْنَةِ وَغَيْرِهَا, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْهُ: ابْنُ أَبِي دَاوُد1 وَأَمْثَالُهُ لَا أُحْلِلْهُمْ, وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ لَوْلَا أَنَّ ابْنَ أَبِي دَاوُد دَاعِيَةٌ لَأَحْلَلْته, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ أَحَلَّ ابْنَ أَبِي دَاوُد وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ فِيمَا بَعْدُ, وَيَلْزَمُ مِنْ نَصِّهِ هُنَا أَنْ لَا يَعْفُوَ عَنْ ظَالِمٍ, لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْصُرْهُ فِي تَرْكِ الْحَرَامِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الظُّلْمِ فِي شَيْءٍ آخَرَ فَهُنَا أَوْلَى. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39] أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ تَعَدَّى وَأَصَرَّ, وَآيَاتُ الْعَفْوِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ نَادِمٌ, وَظَهَرَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ نَصِّهِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ نَصْرُهُ عَلَى ظَالِمِهِ, فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ سِيرِينَ: إنِّي وَقَعْت فِيك فَاجْعَلْنِي فِي حِلٍّ, قَالَ: لَا أُحِبُّ أَنْ أَحِلَّ لَك مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْك. وَقَالَ شَيْخُنَا إنَّ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ فَائِدَةً عَظِيمَةً, وهو أنه حمدهم على 2أنهم هم2 يَنْتَصِرُونَ عِنْدَ الْبَغْيِ عَلَيْهِمْ, كَمَا أَنَّهُمْ هُمْ يَعْفُونَ عِنْدَ الْغَضَبِ, لَيْسُوا مِثْلَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الِانْتِصَارِ وَفِعْلُهُ لِعَجْزِهِمْ أَوْ كَسَلِهِمْ أَوْ وَهَنِهِمْ أَوْ ذُلِّهِمْ أَوْ حُزْنِهِمْ, فَإِنَّ أكثر من يترك الانتصار بالحق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إنَّمَا يَتْرُكُهُ لِهَذِهِ الْأُمُورِ وَأَشْبَاهِهَا, وَلَيْسُوا مِثْلَ الَّذِي إذَا غَضِبَ لَا يَغْفِرُ وَلَا يَعْفُو, بَلْ يَتَعَدَّى أَوْ يَنْتَقِمُ حَتَّى يُكَفَّ مِنْ خَارِجٍ, كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ إذَا غَضِبُوا وَقَدَرُوا لَا يَقِفُونَ1 عِنْدَ الْعَدْلِ فَضْلًا عَنْ الْإِحْسَانِ, فَحَمِدَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ هُمْ يَنْتَصِرُونَ وَهُمْ يَغْفِرُونَ, وَلِهَذَا قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَذِلُّوا, فَإِذَا قَدَرُوا عَفَوْا, إلَى أَنْ ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي دَفْعِ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ ثم قال: ويشبه أن لا يجب مع2 مَفْسَدَةٌ تُقَاوِمُ مَفْسَدَةَ التَّرْكِ أَوْ تُفْضِي إلَى فَسَادٍ أَكْثَرَ, وَعَلَى هَذَا تَخْرُجُ قِصَّةُ ابْنِ آدَمَ3 وَعُثْمَانَ4 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَفْعِهِ إلَّا إتْلَافُ مَالِ الْغَيْرِ الظَّالِمِ أَوْ حَبْسُهُ أَوْ ضَرْبُهُ, فَهُنَا الْوُجُوبُ أَوْجَهُ, وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ {هُمْ يَنْتَصِرُونَ} , فَالِانْتِصَارُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا تَارَةً, وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا أُخْرَى, كَالْمَغْفِرَةِ سَوَاءٌ. وَمَنْ قَفَزَ5, إلَى بَلَدِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُ, كَالصَّائِلِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَقِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ رَابَطَ بِمَكَانٍ مَخُوفٍ: بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ؟ قَالَ: أَرْجُو ذَلِكَ, نَقَلَهُ الْفَضْلُ وَنَقَلَ حَرْبٌ: مَا أَحْسَنُهُ. وَمَنْ عَضَّ يَدَ غَيْرِهِ وَحَرُمَ فَجَذَبَهَا, وقال جماعة: بالأسهل, فسقطت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثَنَايَاهُ, فَهَدَرٌ, وَكَذَا مَعْنَاهُ فَإِنْ عَجَزَ دَفَعَهُ كَصَائِلٍ. وَمَنْ نَظَرَ فِي بَيْتِهِ مِنْ خُصَاصِ بَابٍ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لَكِنْ ظَنَّهُ مُتَعَمِّدًا, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ صَادَفَ عَوْرَةً مِنْ محارمه وأصر. وفي المغني1 في2 هَذِهِ الصُّورَةِ: وَلَوْ خَلَتْ مِنْ نِسَاءٍ, فَخَذَفَ عَيْنَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَتَلِفَتْ فَهَدَرٌ, وَلَا يَتْبَعُهُ, وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَدْفَعُهُ بِالْأَسْهَلِ, فَيُنْذِرُهُ أَوَّلًا, كَمَنْ اسْتَرَقَ السَّمْعَ لَمْ يَقْصِدْ أُذُنَهُ بِلَا إنْذَارٍ, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ, وَقِيلَ: بَابٌ مَفْتُوحٌ كَخُصَاصِهِ, وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: "وَإِنْ مَرَّ رَجُلٌ عَلَى بَابٍ لَا سِتْرَ لَهُ غَيْرَ مُغْلَقٍ فَنَظَرَ فَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ, إنَّمَا الْخَطِيئَةُ عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ" فِيهِ ابْنُ لَهِيعَةَ, رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ3 وَعِنْدَ ابن عقيل: أعمى سميع كبصير4. وَإِنْ عَقَرَتْ كَلْبَةٌ مَنْ قَرُبَ مِنْ أَوْلَادِهَا أَوْ خَرَقَتْ ثَوْبَهُ 5لَمْ تُقْتَلْ بَلْ تُنْقَلُ5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب قتال أهل البغي
باب قتال أهل البغي مدخل ... باب قتال أهل البغي وَهُمْ الْخَارِجُونَ عَلَى الْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ, وَلَهُمْ شَوْكَةٌ, لَا جَمْعٌ يَسِيرٌ, خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ, وَإِنْ فَاتَ شَرْطٌ فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تَتِمُّ الشَّوْكَةُ إلَّا وَفِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ, وَأَنَّهُ يَعْتَبِرُ كَوْنَهُمْ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: تَدْعُو إلَى نَفْسِهَا أَوْ إلَى إمَامِ غَيْرِهِ1 وَإِلَّا فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ. وَيَلْزَمُهُ مُرَاسَلَتُهُمْ وَإِزَالَةُ شُبْهَتِهِمْ فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا لَزِمَ الْقَادِرَ قِتَالُهُمْ, وَعِنْدَ شَيْخِنَا: الْأَفْضَلُ تَرْكُهُ حَتَّى يَبْدَءُوهُ "وم" وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِ الشَّيْخِ. وَقَالَا فِي الخوارج: له قتلهم ابتداء وتتمة قتل2 الْجَرِيحِ, وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ رِوَايَةِ عَبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ3. وَفِي الْمُغْنِي4 فِي الْخَوَارِجِ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ بُغَاةٌ, لَهُمْ حُكْمُهُمْ وَأَنَّهُ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ, كَذَا قَالَ, وَلَيْسَ بِمُرَادِهِمْ, لِذِكْرِهِمْ كُفْرَهُمْ أَوْ فِسْقَهُمْ, بِخِلَافِ الْبُغَاةِ, وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا: يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الخوارج5 والبغاة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُتَأَوِّلِينَ, وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ, وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَنُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ "م ش" وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ مَنْ صَوَّبَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ وَقَفَ, لَا أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الْمُصِيبُ وَهِيَ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِنَا وَأَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرَهُمْ رَأَى تَرْكَ قِتَالِهِمَا, وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ وَاحِدَةٍ. وَقَالَ فِي تَفْضِيلِ مَذْهَبِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى الْكُوفَةِ: أَكْثَرُ الْمُصَنَّفِينَ لِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ يَرَى الْقِتَالَ مِنْ نَاحِيَةِ عَلِيٍّ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْإِمْسَاكَ, وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ مَعَ رُؤْيَتِهِمْ لِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَنْ الشَّرِيعَةِ كَالْحَرُورِيَّةِ1 وَنَحْوِهِمْ, وَأَنَّهُ يَجِبُ, وَالْأَخْبَارُ2 فِي أَمْرِ الْفِتْنَةِ تُوَافِقُ هَذَا, فَاتَّبِعُوا النَّصَّ الصَّحِيحَ وَالْقِيَاسَ الْمُسْتَقِيمَ, وَلِهَذَا كَانَ الْمُصَنِّفُونَ لِعَقَائِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَذْكُرُونَ فِيهِ تَرْكَ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ, وَالْإِمْسَاكَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ. وَقَالَ فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ: السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ يَقُولُ أَكْثَرُهُمْ "هـ م" وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ: لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ قِتَالِ الطَّائِفَةِ الْبَاغِيَةِ, فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ ابْتِدَاءً بَلْ بِالصُّلْحِ, ثُمَّ إنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا قُوتِلَتْ. وَهَؤُلَاءِ قُوتِلُوا قَبْلَ أن يبدءوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقِتَالٍ, وَلِهَذَا كَانَ هَذَا الْقِتَالُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَمَالِكٍ قِتَالَ فِتْنَةٍ, وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ قِتَالُ الْبُغَاةِ حَتَّى يَبْدَءُوا بِقِتَالٍ, إلى أن قال شيخنا: و1لكن عَلِيٌّ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْحَقِّ مِنْ مُعَاوِيَةَ وَإِنْ بَعْضُ أَصْحَابِنَا صَوَّبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ, ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ كَقَوْلِ شَيْخِنَا: فَقَالَ: الْأَكَابِرُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْكَافَّةُ كَانُوا مُتَبَاعِدِينَ من2 ذَلِكَ, قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنَا أَيُّوبُ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: هَاجَتْ الْفِتْنَةُ وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةُ آلَافٍ, فَمَا حَضَرَ فِيهَا مِائَةٌ. وَفِي غَيْرِ كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ بَلْ لَمْ يَبْلُغُوا ثَلَاثِينَ, وَحَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ, حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ قَالَ الشَّعْبِيُّ لَمْ يَشْهَدْ الْجَمَلَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ عَلِيٍّ وَعَمَّارٍ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فَإِنْ جَاءُوا بِخَامِسٍ فَأَنَا كَذَّابٌ. وَمُرَادُهُ مِنْ الْبَدْرِيِّينَ, وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ3 فِي تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ. أَيْ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ, فَأَمَّا مَا جَرَى بَعْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ التَّخَلُّفُ عَنْ عَلِيٍّ. وَلَمَّا تَخَلَّفَ عَنْهُ سَعْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَأُسَامَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَسْرُوقٌ وَالْأَحْنَفُ مِنْ التَّابِعِينَ فَإِنَّهُمْ نَدِمُوا, فَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِيعَابِ فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ4 أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْمَوْتِ: إنِّي أَخْرُجُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْ الدُّنْيَا وَلَيْسَ فِي قَلْبِي حَسْرَةٌ إلَّا تَخَلُّفِي عَنْ عَلِيٍّ, أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ "رَوَاهُ عَنْهُ" مِنْ طُرُقٍ, وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَسْرُوقٍ1 وَغَيْرِهِ 2أَنَّهُمْ مِنْ تَخَلُّفِهِمْ "قَالُوا" ذَلِكَ, كَذَلِكَ قَالَ2. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: يَجِبُ قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ "ع" ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْقَاضِي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْخَوَارِجَ وَشِبْهَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْبَغْيِ مَتَى خَرَجُوا عَلَى الْإِمَامِ وَخَالَفُوا رَأْيَ الْجَمَاعَةِ وَجَبَ قِتَالُهُمْ بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالْإِعْذَارِ قَالَ تَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] فَإِنْ اسْتَنْظَرُوهُ مُدَّةً وَلَمْ يَخَفْ مَكِيدَةً أَنْظَرَهُمْ, وَإِلَّا فَلَا, وَلَوْ أَعْطَوْهُ مَالًا أَوْ رَهْنًا. وَقِيلَ لِلْقَاضِي: يَجُوزُ قِتَالُ الْبُغَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إمَامٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ, لِأَنَّ الْإِمَامَ إنَّمَا أُبِيحَ لَهُ قِتَالُهُمْ لِمَنْعِ الْبَغْيِ وَالظُّلْمِ, وَهَذَا مَوْجُودٌ بِدُونِ إمَامٍ. وَيَحْرُمُ قِتَالُهُمْ بِمَنْ يَقْتُلُ مُدْبِرَهُمْ, كَكُفَّارٍ, وَبِمَا يَعُمُّ إتْلَافُهُ, كَمَنْجَنِيقٍ وَنَارٍ, إلَّا لِضَرُورَةٍ, كَفِعْلِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ, وَكَذَا بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ, وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا وَمُرَاهِقٌ وَعَبْدٌ, كَخَيْلٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَيَحْرُمُ قَتْلُ مُدْبِرِهِمْ وَجَرِيحِهِمْ, وَفِي الْقَوَدِ وجهان "م 1" جزم في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُتِلَ مُدْبِرُهُمْ وَجَرِيحُهُمْ هَلْ يُقَادُ بِهِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي3 والكافي4
التَّرْغِيبِ بِأَنَّ1 الْمُدْبِرَ مَنْ انْكَسَرَتْ شَوْكَتُهُ 2لَا الْمُتَحَرِّفُ2 إلَى مَوْضِعٍ. وَفِي الْمُغْنِي3 يَحْرُمُ قَتْلُ مَنْ تَرَكَ الْقِتَالَ. وَيَحْرُمُ أَخْذُ مَالِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَيُخَلَّى أَسِيرُهُمْ بَعْدَ الْحَرْبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا, مَعَ بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ, فَإِنْ بَطَلَتْ وَيُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ "م 2", وَقِيلَ: يَجُوزُ حَبْسُهُ لِيُخَلَّى أَسِيرُنَا, وَقِيلَ: يُخَلَّى صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ وَنَحْوُهُمَا فِي الْحَالِ. وَيُكْرَهُ لَهُ قَصْدُ رَحْمَةِ الْبَاغِي بِالْقَتْلِ, وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا كَإِقَامَةِ حَدٍّ, ويتوجه احتمال: يحرم. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": يُقَادُ بِهِ, وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يُقَادُ بِهِ. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ, فَأَنْتَجَ شُبْهَةً تَمْنَعُ الْقَوَدَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَيُخَلِّي أَسِيرُهُمْ بَعْدَ الْحَرْبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا, مَعَ بَقَاءِ شَوْكَتِهِمْ, فَإِنْ بَطَلَتْ وَيُتَوَقَّعُ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْحَالِ فَوَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ, فَيَحْتَمِلُ الْخِلَافُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ, وَهُوَ الظَّاهِرُ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءَ مَسْأَلَةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ, وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّوَابُ عَدَمُ إرْسَالِ أَسِيرِهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ, وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ ما قدمه المصنف تخليتهم, والله أعلم.
ولا يضمن بغاة ما تلف حال الحرب, كَأَهْلِ الْعَدْلِ, وَعَنْهُ: بَلَى, فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ "م 3". وَهُمَا فِي تَحَتُّمِهِ بَعْدَهَا "م 4" وَيَضْمَنَانِ مَا تَلِفَ فِي غَيْرِهَا. قَالَ شَيْخُنَا فِي الْمُسْتَحِلِّ لِأَذًى: مَنْ أَمَرَهُ وَنَهَاهُ بِتَأْوِيلٍ كَمُبْتَدِعٍ وَنَحْوِهِ, يَسْقُطُ بِتَوْبَتِهِ حَقُّ الْعَبْدِ, وَاحْتَجَّ بِمَا أَتْلَفَهُ الْبُغَاةُ, لِأَنَّهُ مِنْ الْجِهَادِ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ عَلَى اللَّهِ, وَلَا حَدَّ مَعَ تَأْوِيلٍ, كَمَالٍ, وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ: يُحَدُّ. وَفِي قَبُولِ دَعْوَى دَفْعِ خَرَاجٍ إلَيْهِمْ مِنْ مُسْلِمٍ بلا بينة, وقيل: وغيره, وجهان "م 5". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَلَا يَضْمَنُ بُغَاةَ مَا تَلِفَ حَالَ الْحَرْبِ, كَأَهْلِ الْعَدْلِ, وَعَنْهُ: بَلَى, فَفِي الْقَوَدِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: قُلْت: إنْ ضَمِنَ الْمَالَ احْتَمَلَ الْقَوَدُ وَجْهَيْنِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": يَجِبُ الْقَوَدُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, تَغْلِيظًا عَلَيْهِمْ, لِكَوْنِهِمْ بُغَاةً كَالْمَالِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَجِبُ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "مَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وهما3 فِي تَحَتُّمِهِ بَعْدَهَا", انْتَهَى. يَعْنِي فِي تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بَعْدَ الْحَرْبِ. "قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ التَّحَتُّمِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 5" "قَوْلُهُ": "وَفِي قَبُولِ دَعْوَى دَفْعِ خَرَاجٍ إلَيْهِمْ مِنْ مُسْلِمٍ بِلَا بَيِّنَةٍ, وَقِيلَ: وَغَيْرُهُ, وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ
لَا جِزْيَةَ, وَفِيهَا احْتِمَالٌ بَعْدَ الْحَوْلِ. وَشَهَادَتُهُمْ وإمضاء حُكْمِ حَاكِمِهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَالتَّرْغِيبِ: الْأَوْلَى رَدُّ كِتَابِهِ قَبْلَ حُكْمِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيُؤْخَذُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ مَا لَمْ يَكُونُوا دُعَاةً, ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ وَغَيْرَهُ فَسَّقُوا الْبُغَاةَ, قَالَ: وَهَؤُلَاءِ نَظَرُوا إلَى مَنْ عَدُّوهُ بُغَاةً فِي زَمَنِهِمْ فَرَأَوْهُمْ فُسَّاقًا. وَفِي الْمُغْنِي احْتِمَالٌ: يَصِحُّ قَضَاءُ الْخَارِجِيِّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ, كَمَا لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ وَأَخَذَ جِزْيَةً وَخَرَاجًا وَزَكَاةً. وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ ذِمَّةٍ فَأَعَانُوهُمْ2 انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ, وَقِيلَ: لَا, فَفِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ "م 6" وَإِنْ ادعوا شبهة كوجوب إجابتهم فلا. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا": لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ6 وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ, صَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ ذِمَّةٍ فَأَعَانُوهُمْ انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ, وَقِيلَ: لَا, فَفِي أَهْلِ عَدْلٍ وَجْهَانِ", انْتَهَى. "قُلْت": الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَكْسَ أولى, وهو أنهم إذا
التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ, وَيَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ, فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ اسْتَعَانُوا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَأَمِنُوهُمْ فَكَعَدِمِهِ إلَّا أَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى بُغَاةٍ. وَإِنْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ وَلَمْ يَخْرُجُوا عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ لَمْ يُقَاتِلُوا, وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ, وَتَجْرِي الْأَحْكَامُ عَلَيْهِمْ كَأَهْلِ الْعَدْلِ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وسأله المروذي عن قوم من أهل البدع يتعرضون ويكفرون؟ قال ـــــــــــــــــــــــــــــQقَاتَلُوا مَعَ الْبُغَاةِ وَقُلْنَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ فَهَلْ يُنْتَقَضُ إذَا قَاتَلُوا مَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ؟ يَأْتِي الْخِلَافُ, وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ, وَلَعَلَّهُ حَصَلَ سَبْقَةُ قَلَمٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ, أَوْ يَكُونُ فَرْعَ الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِانْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ إذَا أَعَانُوا أَهْلَ الْبَغْيِ, إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَالصَّوَابُ عَدَمُ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ مَعَ أَهْلِ الْعَدْلِ, وَكَذَا لَا يُنْتَقَضُ1 إذَا قَاتَلُوا مَعَ الْبَغِيِّ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ مُكْرَهِينَ أَوْ ادَّعَوْا شُبْهَةً مَسْمُوعَةً, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
لَا تَعْرِضُوا لَهُمْ, قُلْت: وَأَيُّ شَيْءٍ تَكْرَهُ مِنْ أَنْ يَحْبِسُوا؟ قَالَ: لَهُمْ وَالِدَاتٌ وَأَخَوَاتٌ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: الْحَرُورِيَّةُ إذَا دَعَوْا إلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ إلَى دِينِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ وَإِلَّا فَلَا يُقَاتِلُونَ. وَسَأَلَهُ إبْرَاهِيمُ الْأُطْرُوشُ عَنْ قَتْلِ الْجَهْمِيَّةِ قَالَ: أَرَى قَتْلَ الدُّعَاةِ مِنْهُمْ, وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ1: يُسْتَتَابُ, فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: أَرَى ذَلِكَ إذَا جَحَدَ الْعِلْمَ, وَذَكَرَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ, قَالَ: كَانَ لَا يُقِرُّ بِالْعِلْمِ, وَهَذَا كَافِرٌ. وَقَالَ لَهُ الْمَرُّوذِيُّ: الْكَرَابِيسِيُّ2 يَقُولُ مَنْ لَمْ يَقُلْ لَفْظَهُ بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ, فَقَالَ: هُوَ الْكَافِرُ, قَالَ: مَاتَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ3 وَخَلَفَهُ حُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ وَقَالَ: كَذَبَ. هَتَكَهُ اللَّهُ الْخَبِيثَ قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: فَقَدْ أَبَانَ عَنْ بِدْعَتِهِ وَكُفْرِهِ. وَقَالَ عَنْ حَارِثٍ الْمُحَاسِبِيِّ: قَاتَلَهُ اللَّهُ, وَقَالَ: لَا يَغُرَّك خُشُوعُهُ وَلِينُهُ وَتَنْكِيسُ رَأْسِهِ فَإِنَّهُ رَجُلُ سُوءٍ, ذَاكَ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ قَدْ خَبِرَهُ, لَا تُكَلِّمْهُ, وَلَا كَرَامَةَ لَهُ, وَكَذَّبَ أَحْمَدُ دَاوُد الظَّاهِرِيَّ وَقَالَ: إنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ, وَقَالَ: لَا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ, لِقَوْلِهِ: الْقُرْآنُ مُحْدَثٌ, وَأَنْكَرَ دَاوُد, فقال أحمد: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ أَصْدَقُ مِنْهُ, لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ, قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: فَمَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ تَوْبَتَهُ. وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ بِقَوْلِ خَالِدٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَارِجِيِّ: أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ لَا1 وَبِكَفِّهِ عَنْ الْمُنَافِقِينَ2, وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ3 رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, وَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إمَامٍ أَوْ عَدْلٍ عُزِّرُوا, وَإِنْ عَرَضُوا بِذَلِكَ4 فَوَجْهَانِ "م 7" وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُبْتَدِعٍ دَاعِيَةٍ لَهُ دُعَاةٌ: أَرَى حَبْسَهُ, وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ: عَلَى الْإِمَامِ منعهم وردعهم, ولا يقاتلهم إلا أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: "وَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ إمَامٍ أَوْ عَدْلٍ عُزِّرُوا, وَإِنْ عَرَضُوا فَوَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ7 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" يُعَزَّرُونَ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُعَزَّرُونَ, قَالَ فِي الْمُذْهَبِ وَغَيْرِهِ: فَإِنْ صَرَّحُوا بِسَبِّ الْإِمَامِ عَزَّرَهُمْ, انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّعْزِيرِ بِالتَّعْرِيضِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهٌ" مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ مِنْ إطْلَاقِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ إطْلَاقِ الْخِلَافِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ, إذْ الْمُصَنِّفُ قَدْ قَدَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ حُكْمًا فِيهَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ سَبْعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
يَجْتَمِعُوا لِحَرْبِهِ فَكَبُغَاةٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي الْحَرُورِيَّةِ الدَّاعِيَةُ: تُقَاتَلُ كَبُغَاةٍ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يُقَاتَلُ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ, وَكُلُّ مَنْ مَنَعَ فَرِيضَةً فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُ حَتَّى يَأْخُذُوهَا مِنْهُ, وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ وَشَيْخُنَا وَقَالَ: أَجْمَعُوا أَنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ عَنْ شَرِيعَةٍ مُتَوَاتِرَةٍ مِنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ يَجِبُ قِتَالُهَا حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَالْمُحَارِبِينَ وَأَوْلَى, وَلِهَذَا اتَّفَقُوا أَنَّ الْبِدَعَ الْمُغَلَّظَةَ شَرٌّ مِنْ الذُّنُوبِ وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ عَنْ السُّنَّةِ1, وَأَمَرَ بِالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الْأَئِمَّةِ وظلمهم2, وأن الرافضة شَرٌّ مِنْ الْخَوَارِجِ اتِّفَاقًا. قَالَ: وَفِي قَتْلِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَنَحْوِهِمَا وَكُفْرِهِ رِوَايَتَانِ, وَالصَّحِيحُ جَوَازُ قَتْلِهِ كَالدَّاعِيَةِ وَنَحْوِهِ, وَأَنَّ مَا قَالُوهُ مِمَّا تَعْلَمُ مُخَالَفَتَهُ لِلرَّسُولِ كُفْرٌ, وَكَذَا فِعْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ فِعْلِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ كُفْرٌ أَيْضًا. وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ الْخُرُوجَ عَلَى إمَامٍ غَيْرِ عَادِلٍ وَذَكَرَا خُرُوجَ الْحُسَيْنِ عَلَى يَزِيدَ لِإِقَامَةِ الْحَقِّ, وَكَذَا قَالَ الْجُوَيْنِيُّ إذَا جَارَ وَظَهَرَ ظُلْمُهُ وَلَمْ يُزْجَرْ3 حِينَ زَجَرَ فَلَهُمْ خَلْعُهُ وَلَوْ بِالْحَرْبِ وَالسِّلَاحِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: خَلْعُهُ غَرِيبٌ. وَمَعَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يخف مفسدة أعظم منه, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنُصُوصُ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ وَأَنَّهُ بِدْعَةٌ مخالف للسنة, و1أمر بالصبر, و2أن السيف2 إذَا وَقَعَ عَمَّتْ الْفِتْنَةُ, وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ, وَسُفِكَتْ الدِّمَاءُ, وَتُسْتَبَاحُ الْأَمْوَالُ, وَتُنْتَهَكُ الْمَحَارِمُ. قَالَ شَيْخُنَا: عَامَّةُ الْفِتَنِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِهَا قِلَّةُ الصَّبْرِ, إذْ الْفِتْنَةُ لَهَا سَبَبَانِ: إمَّا ضَعْفُ الْعِلْمِ, وَإِمَّا ضَعْفُ الصَّبْرِ, فَإِنَّ الْجَهْلَ وَالظُّلْمَ أَصْلُ الشَّرِّ, وَفَاعِلُ الشَّرِّ إنَّمَا يَفْعَلُهُ لِجَهْلِهِ بِأَنَّهُ شَرٌّ, وَلِكَوْنِ نَفْسِهِ تُرِيدُهُ, فَبِالْعِلْمِ يَزُولُ الْجَهْلُ, وَبِالصَّبْرِ يُحْبَسُ الْهَوَى وَالشَّهْوَةُ, فَتَزُولُ3 الْفِتْنَةُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: مِنْ الِاعْتِقَادَاتِ الْعَامِّيَّةِ الَّتِي غَلَبَتْ عَلَى جَمَاعَةٍ مُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ, أَنْ يَقُولُوا: إنَّ يَزِيدَ كَانَ عَلَى الصَّوَابِ وَأَنَّ الْحُسَيْنَ أَخْطَأَ فِي الْخُرُوجِ عَلَيْهِ. وَلَوْ نَظَرُوا فِي السِّيَرِ لَعَلِمُوا كَيْفَ عُقِدَتْ لَهُ الْبَيْعَةُ وَأُلْزِمَ النَّاسُ بِهَا, وَلَقَدْ فَعَلَ فِي ذَلِكَ كُلَّ قَبِيحٍ, ثُمَّ لَوْ قَدَّرْنَا صِحَّةَ خِلَافَتِهِ فَقَدْ بَدَرَتْ مِنْهُ بَوَادِرُ وَكُلُّهَا تُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ, مِنْ نَهْبِ الْمَدِينَةِ, وَرَمْيِ الْكَعْبَةِ بِالْمَنْجَنِيقِ4, وَقَتْلِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ, وَضَرْبِهِ عَلَى ثَنِيَّتَيْهِ بِالْقَضِيبِ, وَحَمْلِهِ الرَّأْسَ عَلَى خَشَبَةٍ5. وَإِنَّمَا يَمِيلُ6 جَاهِلٌ بِالسِّيرَةِ عَامِّيُّ الْمَذْهَبِ يَظُنُّ أَنَّهُ يَغِيظُ بِذَلِكَ الرَّافِضَةَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةَ وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ بِتَأْوِيلٍ فَهُمْ خَوَارِجُ بُغَاةٌ فَسَقَةٌ, وَعَنْهُ: كُفَّارٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: هُوَ أَشْهَرُ, وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْإِرْشَادِ عَنْ أَصْحَابِنَا تَكْفِيرَ مَنْ خَالَفَ فِي أَصْلٍ, كَخَوَارِجٍ وَرَافِضَةٍ وَمُرْجِئَةٍ, وَذَكَرَ غَيْرُهُ رِوَايَتَيْنِ فِيمَنْ قَالَ لَمْ يَخْلُقْ اللَّهُ الْمَعَاصِيَ أَوْ وَقَفَ فِيمَنْ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ, وَفِيمَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ, وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهُ كَافِرٌ. وَفِي الْمُغْنِي: يَخْرُجُ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ اُسْتُحِلَّ بِتَأْوِيلٍ كَالْخَوَارِجِ وَمَنْ كَفَّرَهُمْ فَحُكْمُهُمْ عِنْدَهُ كَمُرْتَدِّينَ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1: هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: نُصُوصُهُ صَرِيحَةٌ عَلَى عَدَمِ كُفْرِ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا كَفَّرَ الْجَهْمِيَّةَ لَا أَعْيَانَهُمْ, قَالَ وَطَائِفَةٌ تَحْكِي عَنْهُ رِوَايَتَيْنِ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْبِدَعِ مُطْلَقًا, حَتَّى الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ الْمُفَضِّلَةِ لِعَلِيٍّ قَالَ: وَمَذَاهِبُ الْأَئِمَّةِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّفْضِيلِ2 بَيْنَ النَّوْعِ وَالْعَيْنِ وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الْحِمْصِيُّ: مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ أَخْرَجَهُمْ النَّبِيُّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مِنْ الْإِسْلَامِ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ وَالرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ, فَقَالَ, "لَا تُصَلُّوا مَعَهُمْ وَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ"3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي الصَّحَابَةِ خَيْرًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ فَوَلَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ افْتَرَى عَلَيْهِ وَكَفَرَ بِأَنْ زَعَمَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُقِرُّ الْمُنْكَرَ بَيْنَ أَنْبِيَائِهِ فِي النَّاسِ, فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبَ ضَلَالِهِمْ. وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ: مَنْ قَالَ عِلْمُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ كَفَرَ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: الْقَدَرِيُّ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ. وَفِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا مُسْتَحِلًّا كُفِّرَ وَإِلَّا فُسِّقَ, وَقِيلَ عَنْهُ يُكَفَّرُ, نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: فيمن شتمنه1 الْقَتْلَ؟ أَجْبَنُ عَنْهُ وَيُضْرَبُ, مَا أَرَاهُ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ فِي أُصُولِهِ كُفْرَ الْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ, وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ كَفَّرْنَاهُ فُسِّقَ وَهُجِرَ, وَفِي كُفْرِهِ وَجْهَانِ, وَاَلَّذِي ذَكَرَ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ وَيَعْقُوبَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ. وَقَالَ: مَنْ رَدَّ مُوجِبَاتِ الْقُرْآنِ كَفَرَ, وَمَنْ رَدَّ مَا تَعَلَّقَ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ الثَّابِتَةِ فَوَجْهَانِ, وَأَنَّ غَالِبَ أَصْحَابِنَا عَلَى كُفْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّفَاتِ, وَذَكَرَ فِي مَكَان آخَرَ: إنْ جَحَدَ أَخْبَارَ الْآحَادِ كَفَرَ, كَالتَّوَاتُرِ عِنْدَنَا تُوجِبُ الْعِلْمَ وَالْعَمَلِ. فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ الْعِلْمَ بِهَا فَالْأَشْبَهُ لَا يُكَفَّرُ, وَيُكَفَّرُ فِي2 نَحْوِ الْإِسْرَاءِ وَالنُّزُولِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّفَاتِ. وَقَالَ فِي إنْكَارِ الْمُعْتَزِلَةِ اسْتِخْرَاجَ قَلْبِهِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِعَادَتِهِ: فِي كُفْرِهِمْ بِهِ وَجْهَانِ. بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي الْقَدَرِيَّةِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّهُ صِفَةٌ لَهُ, وَعَلَى مَنْ قَالَ لَا أُكَفِّرُ مَنْ لَا يُكَفِّرُ الْجَهْمِيَّةَ. قَالَ شَيْخُنَا: قِتَالُ التَّتَارِ وَلَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ كَقِتَالِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مانعي الزكاة1, ويؤخذ مالهم وذريتهم والمتحيز2 إلَيْهِمْ وَلَوْ ادَّعَى إكْرَاهًا. وَمَنْ أَجْهَزَ عَلَى جريح لم يأثم ولو تشاهد3 ومن4 أَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئًا خُمُسُهُ وَبَقِيَّتُهُ لَهُ. وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْهُمْ مَالَ مُسْلِمٍ أَخَذَهُ رَبُّهُ, وَإِنْ جَهِلَهُ أَعْطَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ, وَهُوَ لِلْمُصَالِحِ, كَذَا قَالَ, مَعَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّافِضَةِ الْجَبَلِيَّةِ: يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِمْ فَإِنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوْهَبَ عَسْكَرَهُ مَا كَانَ فِي عَسْكَرِ الْخَوَارِجِ5, وَلِأَنَّهُمْ نَهَبُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَضْعَافَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ, ثُمَّ خَرَّجَ سَبْيَ حَرِيمِهِمْ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ, وَأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ تَسُبَّ الْخَوَارِجَ. وَفِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَسْبِ لِلْخَوَارِجِ ذُرِّيَّةً, وَلَمْ يَغْنَمْ مَالَهُمْ فَعَلِمَ أَنَّ سِيرَتَهُ وَسِيرَةَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ تُخَالِفُ سِيرَتَهُمْ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ. وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ مَنْ قَاتَلَ عَلَى مَنْعِ الزَّكَاةِ لَا يُكَفَّرُ, وَحُكْمُهُمْ كَبُغَاةٍ. وَقَالُوا فِيمَنْ قَاتَلَهُمْ الصديق رضي الله عنه: يحتمل ردتهم, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ جَحَدُوا وُجُوبَهَا. وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ أَمْرَ هَذَا الْكَافِرِ "بَابَكَ"1 لَعَنَهُ اللَّهُ لَيْسَ كَغَيْرِهِ, سَبْيُ2 النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فَوَقَعُوا عَلَيْهِنَّ فَحَمَلْنَ, فَالْوَلَدُ تَبَعٌ لِأُمِّهِ, كَذَا حُكْمُ الْإِسْلَامِ, ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا يُحَارِبُنَا وَهُوَ مُقِيمٌ فِي دَارِ الشِّرْكِ أَيُّ شَيْءٍ حُكْمُهُ؟ إذَا كَانَ هَكَذَا فحكمه حكم الارتداد. وَإِنْ اقْتَتَلَتْ طَائِفَتَانِ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ رِيَاسَةٍ فَظَالِمَتَانِ ضَامِنَتَانِ وَتَضْمَنُ, قَالَ شَيْخُنَا: فَأَوْجَبُوا الضَّمَانَ عَلَى مَجْمُوعِ الطَّائِفَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنَ الْمُتْلَفِ, وقال: وإن تقاتلا3 تَقَاصَّا; لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَالْمُعَيَّنَ سَوَاءٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ, وَقَالَ: وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ مَا نَهَبَهُ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ الْأُخْرَى تَسَاوَيَا, كَمَنْ جَهِلَ قَدْرَ الْمُحْرِمِ بِمَالِهِ أَخْرَجَ نِصْفَهُ وَالْبَاقِي لَهُ, وَمَنْ دخل للصلح4 فجهل قاتله ضمنتاه والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حكم المرتد
باب حكم المرتد مدخل ... باب حكم المرتد مَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ, قِيلَ: طَوْعًا, وَقِيلَ: وَكَرْهًا وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ "م 1" فَمُرْتَدٌّ, بِأَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ جَحَدَ صفة له 1 قَالَ فِي الْفُصُولِ: مُتَّفَقًا عَلَى إثْبَاتِهَا, أَوْ بَعْضِ كُتُبِهِ, أَوْ رُسُلِهِ, أَوْ سَبَّهُ, أَوْ رَسُولَهُ, أَوْ ادَّعَى النُّبُوَّةَ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِرَسُولِهِ وَلِمَا جَاءَ بِهِ اتِّفَاقًا. وَقَالَ: أَوْ تَرَكَ إنْكَارَ مُنْكَرٍ بِقَلْبِهِ, أَوْ جَحَدَ حُكْمًا ظَاهِرًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ, كَعِبَادَةٍ مِنْ الْخَمْسِ, أَوْ تَحْرِيمِ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ, أَوْ شَكَّ فيه ومثله لا يجهله. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَمَنْ كَفَرَ طَوْعًا وَلَوْ هَازِلًا بَعْدَ إسْلَامِهِ, قِيلَ: طَوْعًا, وَقِيلَ: وَكَرْهًا, وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ" , انْتَهَى. ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ إسْلَامِهِ طَوْعًا, فَإِنَّهُ قَالَ: كُلُّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ, انْتَهَى. "قُلْت": ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ حَيْثُ حَكَمْنَا بِإِسْلَامِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ: "وَالْأَصَحُّ بِحَقٍّ". يَنْبَغِي أن يكون هذا بلا نزاع.
شَيْخُنَا: وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ الشَّاكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ1, لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ بَلَاغِ الرِّسَالَةِ, وَأَنَّ مِنْهُ قَوْلَ عَائِشَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ يَعْلَمُهُ اللَّهُ؟ قَالَ "نَعَمْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الْجَنَائِزِ2 وَفِي أُصُولِ مُسْلِمٍ بِحَذْفِ "قَالَ", قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ كَأَنَّهَا لَمَّا قَالَتْ ذَلِكَ صَدَّقَتْ نَفْسَهَا فقال: نعم. وَحَمَلَ فِي الْفُنُونِ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ. قَالَ: وَيُحْمَلُ عَلَى قَوْلٍ من3 يَرَى أَنَّ الْعَقْلَ مُوجِبٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ لَمْ يَتَكَامَلْ لَهُ النَّظَرُ. وَقَدْ سَمِعَ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ قِرَاءَةً أَنْكَرَهَا ثُمَّ سَمِعَ قِرَاءَةً سِوَاهَا وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمَا فَقَرَآ عَلَيْهِ, فَحَسَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَأْنَهُمَا قَالَ: فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنْ التَّكْذِيبِ وَلَا إذْ كُنْت فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَدْ غَشِيَنِي ضَرَبَ فِي صَدْرِي فَفِضْت عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إلَى اللَّهِ3 فَرَقًا, فَقَالَ لِي يَا أُبَيّ أُرْسِلَ إلَيَّ أَنْ اقْرَأْ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ الْحَدِيثَ, رواه مسلم4. قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ: فِي الْإِجْمَاعِ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا, وَذَكَرَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَسَّقَهُ فَقَطْ. قَالَ: أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ "ع" قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ سَجَدَ لِشَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: أَوْ أَتَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ صَرِيحٍ فِي الِاسْتِهْزَاءِ بِالدِّينِ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيهِمْ قَاتَلَ مَعَ الْكُفَّارِ, أَوْ أَجَازَ ذَلِكَ1, وَقِيلَ: أَوْ كَذَبَ عَلَى نَبِيٍّ أَوْ أَصَرَّ فِي دَارِنَا عَلَى خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ غَيْرَ مُسْتَحِلٍّ. وَقَالَ الْقَاضِي رَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا يُكَفِّرُ جَاحِدَ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ, وَالْمُسْكِرُ كُلُّهُ كَالْخَمْرِ, وَسَيَأْتِي رِوَايَةٌ فِي الْعَدَالَةِ2. قَالَ: وَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا, لِلْخِلَافِ فِيهِ, بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ, وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ كَفَرْتُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3, وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا4: ضَلَلْتُمْ, هَذَا فِي جَاحِدِ السُّنَنِ. قَالَ وَلَمْ يُكَفِّرْهُ جُمْلَةً مِنْ التابعين والعراقيين بجحد سنة. قَالَ: وَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ قِيَاسٍ اتِّفَاقًا, لِلْخِلَافِ فِيهِ, بَلْ سُنَّةٌ ثَابِتَةٌ, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ, وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ كَفَرْتُمْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد, وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا: ضَلَلْتُمْ, هَذَا فِي جَاحِدِ السُّنَنِ. قَالَ وَلَمْ يُكَفِّرْهُ جُمْلَةً مِنْ التَّابِعِينَ والعراقيين بجحد سنة. قَالَ وَمَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَسَرَّ الْكُفْرَ فَمُنَافِقٌ كافر كعبد الله بن أبي بن سَلُولَ وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وَفِي قلبه أنه5 لا يفعل فمنافق كَقَوْلِهِ فِي ثَعْلَبَةَ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} الآية [التوبة: 75] وَهَلْ يُكَفَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شاق الله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ورسوله ورد رَسُولِ اللَّهِ فَكَفَرَ قَالَ: وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: كُلُّهُ كُفْرٌ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ وَاَلَّذِي أَقُولُ: إنَّ مَا كَانَ مِنْ النِّفَاقِ فِي الْأَفْعَالِ لَا يُكَفِّرُ وَذَلِكَ فِيمَا سَأَلَهُ إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيم عَمَّنْ لَا يَخَافُ النِّفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ فَقَالَ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَأْمَنُ النِّفَاقَ؟ 1فَبَيَّنَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي غَالِبِ حَالِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِ وَفِي مَعْنَى النِّفَاقِ الرِّيَاءُ لِلنَّاسِ1 وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ2 وَلَا يُكَفَّرُ بِهِ فَكَذَا هَذَا النِّفَاقُ أَوْ أَنَّهُ نِفَاقٌ فَهُوَ مِثْلُهُ وَلِأَحْمَدَ3 من حديث عقبة وعبد الله بن عمرو "أكثر مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا" وَالْمُرَادُ الرِّيَاءُ وَلَعَلَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ كُلُّهُ كُفْرٌ غَيْرُ نَاقِلٍ عَنْ الْمِلَّةِ كَقَوْلِ أَحْمَدَ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ وَإِلَّا فضعيف جدا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ4 لَا يُكَفِّرُ منافق أسر الكفر قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَظْهَرَ أَنَّهُ قَائِمٌ بِالْوَاجِبِ وَفِي قَلْبِهِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَنِفَاقٌ كَقَوْلِهِ فِي ثَعْلَبَةَ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [التوبة: 75] الْآيَةَ, وَهَلْ يُكَفَّرُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجْهٌ كُفْرُهُ أَنَّهُ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَرَدَّ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ فَكَفَرَ, قَالَ: وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالُوا: كُلُّهُ كُفْرٌ, لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ, وَاَلَّذِي أَقُولُ: إنَّ مَا كَانَ مِنْ النِّفَاقِ فِي الْأَفْعَالِ لَا يُكَفَّرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ لَا يكفر إلا منافق أسر الكفر, انتهى.
من أصحاب مَنْ أَخْرَجَ الْحَجَّاجَ عَنْ الْإِسْلَامِ لِأَنَّهُ أَخَافَ الْمَدِينَةَ وَانْتَهَكَ حَرَمَ اللَّهِ وَحَرَمَ رَسُولِهِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ: يَزِيدُ وَنَحْوُهُ وَنَصُّ أَحْمَدَ خِلَافُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِاللَّعْنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحُسَيْنِ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ شيخنا ظاهر كلامه: الكراهة وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ مَنْ كان مصدقا بقلبه ولسانه وفعله هَذِهِ الْخِصَالَ يَعْنِي: الْأَرْبَعَ الَّتِي مَنْ كُنَّ فيه كان منافقا خالصا قال1: لَا يُكَفَّرُ وَلَا هُوَ مُنَافِقٌ يَخْلُدُ فِي النَّارِ فَإِنَّ إخْوَةَ يُوسُفَ وَغَيْرَهُمْ جَمَعُوا هَذِهِ الْخِصَالَ. قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ: أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُنَافِقَ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ خِلَافَ مَا أَبْطَنَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمَنْ نَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْخَبَرِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ إنَّمَا مَعْنَى هذا عند أهل العلم نفاق العمل قال جماعة: المراد به1 الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ كَانُوا زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ: التَّحْذِيرُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَعْتَادَ هَذِهِ الْخِصَالَ فَيَخَافُ أَنْ يُفْضِيَ بِهِ إلَى حَقِيقَةِ النِّفَاقِ وَقَدْ ذُكِرَ مَعْنَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَوْ بَعْضِهَا فِي أَحَادِيثَ. وَلَا يَكْفُرُ مَنْ حَكَى كُفْرًا سَمِعَهُ وَلَا يَعْتَقِدُهُ وَلَعَلَّ هَذَا "ع" وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ2 فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هَنَّادٍ3 سَمِعْت يحيى بن خلف بن ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي, وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إلَّا مَنْ أَسَرَّ الْكُفْرَ لَا غَيْرَهُ, كَمَا قَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الإمام والأصحاب.
الرَّبِيعِ الطَّرَسُوسِيَّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى مَالِكِ بن أنس وأنا شاهد فقال: ما بقول فِي رَجُلٍ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: كَافِرٌ زِنْدِيقٌ خُذُوهُ فَاقْتُلُوهُ. فَقَالَ الرَّجُلُ: إنَّمَا أَحْكِي كلاما سمعته فقال: إنما1 سمعته منك. وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ تَزَيَّا بِزِيِّ كُفْرٍ مِنْ لُبْسِ غِيَارٍ وَشَدِّ زُنَّارٍ وَتَعْلِيقِ صَلِيبٍ بِصَدْرِهِ حَرُمَ وَلَمْ يُكَفَّرْ, وَفِي الْخِلَافِ: فِي إسْلَامِ كَافِرٍ بِالصَّلَاةِ ثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا2 حُكْمًا فِي الْأُصُولِ, لِأَنَّا لَوْ رَأَيْنَا رَجُلًا عَلَيْهِ زُنَّارٌ أَوْ عَسَلِيٌّ حُكِمَ بِكُفْرِهِ ظَاهِرًا, ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَقْتُولِ بِأَرْضِ حَرْبٍ: يستدل عليه بالختان والثياب. قال3: فَثَبَتَ أَنَّ لِلسِّيمَا حُكْمًا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فِي بَابِ الْحُكْمِ بِالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ, كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا, قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ هَذَا وَلَا يُسَلِّمُهُ. وَفِي الْفُصُولِ: إنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَانَ يُعَظِّمُ الصَّلِيبَ مِثْلَ أَنْ يُقَبِّلَهُ, وَيَتَقَرَّبَ بِقُرْبَانَاتِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَيُكْثِرَ مِنْ بِيَعِهِمْ وَبُيُوتِ عِبَادَاتِهِمْ, احْتَمَلَ أَنَّهُ رِدَّةٌ, لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالٌ تُفْعَلُ اعْتِقَادًا, وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ اعْتِقَادًا, لِأَنَّهُ قَدْ يَفْعَلُ ذَلِكَ تَوَدُّدًا أَوْ تُقْيَةً لِغَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا, وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ, لِأَنَّ الْمُسْتَهْزِئَ بِالْكُفْرِ يَكْفُرُ. وَإِنْ كَانَ عَلَى ظَاهِرٍ يَمْنَعُ الْقَصْدَ, فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ لِأَفْعَالٍ مِنْ خَصَائِصِ الْكُفْرِ أَنْ يَكْفُرَ, مَعَ عَدَمِ ظَاهِرٍ يَدُلُّ على عدم القصد, بل الظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَنَّهُ قَصْدٌ, وَجَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ قَبْلَ هَذَا بِأَنَّ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ امْتِهَانٌ لِلْقُرْآنِ أَوْ خَمْصٌ1 مِنْهُ أَوْ طَلَبُ تَنَاقُضِهِ, أَوْ دَعْوَى أَنَّهُ مُخْتَلِفٌ أَوْ مُخْتَلِقٌ, أَوْ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ إسْقَاطٌ لِحُرْمَتِهِ, كُلُّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كُفْرِهِ, فَيُقْتَلُ بَعْدَ التَّوْبَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مَنْ قَالَ: إنَّ الْقُرْآنَ مَقْدُورٌ عَلَى مِثْلِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ مَنَعَ قُدْرَتَهُمْ, كَفَرَ بَلْ هُوَ مُعْجِزٌ بِنَفْسِهِ, وَالْعَجْزُ شَمَلَ الْخَلْقَ. فَمَنْ ارْتَدَّ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً دُعِيَ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَيَّقَ عَلَيْهِ وَيُحْبَسَ, فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ بِسَيْفٍ, وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ فِدَاءٍ عَنْهُ, لِأَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ, وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ اسْتِتَابَتُهُ, وَعَنْهُ: وَلَا تأجيله. ورسول الكفار لا يقتل ولو2 كَانَ مُرْتَدًّا, بِدَلِيلِ رَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ3, وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ. قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي مَوْلُودٍ بِرَأْسَيْنِ فَبَلَغَ, نَطَقَ أَحَدُهُمَا بِالْكُفْرِ وَالْآخَرُ بِالْإِسْلَامِ, إنْ نَطَقَا مَعًا فَفِي أَيِّهِمَا يَغْلِبُ؟ احْتِمَالَانِ, قال: والصحيح إن تقدم الإسلام فمرتد. وَيَصِحُّ إسْلَامُ مُمَيِّزٍ عَقْلُهُ, وَرِدَّتُهُ وَعَنْهُ: لَهُ عَشْرٌ, وَقَالَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي, وَعَنْهُ: سَبْعٌ, وَعَنْهُ: حَتَّى يَبْلُغَ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ إسْلَامُهُ وَهِيَ أَظْهَرُ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُمَا, وَعَلَيْهِنَّ: يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكُفَّارِ, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَيَتَوَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ وَيُدْفَنُ بِمَقَابِرِهِمْ,. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنَّ فَرْضِيَّتَهُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى صِحَّتِهِ, كَصِحَّتِهِ تَبَعًا, وَكَصَوْمِ مَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ رَمَضَانَ, وَلَا يُقْتَلُ وَهُوَ سَكْرَانُ, إنْ صَحَّتْ رِدَّتُهُمَا حَتَّى يُسْتَتَابَا بَعْدَ بُلُوغٍ وَصَحْوٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ رِدَّةِ سَكْرَانَ وَفِي الرَّوْضَةِ: تَصِحُّ رِدَّةُ مُمَيِّزٍ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبُلَّغِ. وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ, فَإِنْ بَلَغَ مُرْتَدًّا قُتِلَ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ. قَالَ: وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ مُكَلَّفًا1, وَجَزَمَ أَنَّهُ إذَا زَنَى ابْنُ عَشْرٍ أَوْ بِنْتُ تِسْعٍ: لَا بَأْسَ بِالتَّعْزِيرِ. وَيُقْتَلُ زِنْدِيقٌ, وَهُوَ الْمُنَافِقُ, وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ أَوْ كَفَرَ بسحره أو سب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: أَوْ تَنَقَّصَهُ, وَقِيلَ: وَلَوْ تَعْرِيضًا, نَقَلَ حَنْبَلٌ: مَنْ عَرَّضَ بِشَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ الرَّبِّ فَعَلَيْهِ الْقَتْلُ, مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا, وَأَنَّهُ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَسَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ مَا الشَّتِيمَةُ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا؟ قَالَ: نَحْنُ نَرَى فِي التَّعْرِيضِ الْحَدَّ, قَالَ: فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا يَجِبُ الْحَدُّ مِنْ الشَّتِيمَةِ التَّعْرِيضَ, وَعَنْهُ: تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ كَغَيْرِهِمْ, وَعَنْهُ: لَا تُقْبَلُ إنْ تَكَرَّرَتْ ثَلَاثًا. وَفِي الْفُصُولِ عَنْ أَصْحَابِنَا فَلَا تُقْبَلُ إنْ سَبَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ إسْقَاطَهُ, وَأَنَّهُ يُقْبَلُ إنْ سَبَّ اللَّهَ, لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا, لِأَنَّ الْخَالِقَ مُنَزَّهٌ عَنْ النَّقَائِصِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ, بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ, فَإِنَّهُ مَحَلٌّ لَهَا, فَلِهَذَا افْتَرَقَا, وَعَنْهُ: مِثْلُهُمْ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ ثُمَّ ارْتَدَّ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا: وَالْخِلَافُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا مِنْ تَرْكِ قَتْلِهِمْ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ, فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنْ صَدَقَ قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ وَجَمَاعَةٌ. وَفِي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ رِوَايَةٌ: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ زِنْدِيقٍ بَاطِنًا, وَضَعَّفَهَا وَقَالَ: وَكَمَنْ تَظَاهَرَ بِالصَّلَاحِ إذَا أَتَى مَعْصِيَةً وَتَابَ1 مِنْهَا, وَأَنَّ قَتْلَ عَلِيٍّ زِنْدِيقًا لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا كَتَوْبَةِ قَاطِعِ طَرِيقٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ دَاعِيَةٍ إلَى بِدْعَةٍ مُضِلَّةٍ, وَاخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنِ شَاقِلَا, وَفِي إرْشَادِ ابْنِ عَقِيلٍ: نَحْنُ لَا نَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ مطالبا بمظالم من أضل, وظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَلَامِ غَيْرِهِ: لَا مُطَالَبَةَ. قَالَ شَيْخُنَا: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَتُوبُ عَلَى أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ أَئِمَّةِ الْبِدَعِ, وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ كَفَرَ بِبِدْعَةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: إنْ اعْتَرَفَ بِهَا, وَقِيلَ: لَا تُقْبَلُ مِنْ دَاعِيَةٍ, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ رِوَايَةً: لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ قَاتِلٍ, وَعَلَى قَبُولِهَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ عَفَا عَنْهُ هَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 3" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَعَلَى قَبُولِهَا لَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ عَفَا عَنْهُ هَلْ يُطَالِبُهُ الْمَقْتُولُ فِي الْآخِرَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الدَّاءِ وَالدَّوَاءِ. وَغَيْرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ. وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى, وَحَقُّ الْمَقْتُولِ, وَحَقُّ الْوَلِيِّ فَإِذَا أَسْلَمَ الْقَاتِلُ نَفْسَهُ طَوْعًا وَاخْتِيَارًا إلَى الْوَلِيِّ, نَدَمًا عَلَى مَا فَعَلَ, وَخَوْفًا مِنْ اللَّهِ, وَتَوْبَةً نَصُوحًا, سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ بِالتَّوْبَةِ, وَحَقُّ الْأَوْلِيَاءِ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ, وَبَقِيَ حَقُّ الْمَقْتُولِ يُعَوِّضُهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ عَبْدِهِ التَّائِبِ الْمُحْسِنِ, وَيُصْلِحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ, فَلَا يَذْهَبُ حَقُّ هَذَا, وَلَا يُبْطِلُ تَوْبَةَ هَذَا, انْتَهَى. وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ فَإِنَّهُ فَصَّلَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَاخْتَارَهُ, وهو الصواب الذي لا شك فيه.
وَمَنْ أَظْهَرَ الْخَيْرَ وَأَبْطَنَ الْفِسْقَ فَكَالزِّنْدِيقِ فِي تَوْبَتِهِ, فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَحَمَلَ رِوَايَةَ قَبُولِ تَوْبَةِ السَّاحِرِ عَلَى الْمُتَظَاهِرِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ, يُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ1 لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ بِالتَّوْبَةِ سِوَى مَا يُظْهِرُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ: تُقْبَلُ, وَهُوَ أَوْلَى فِي الْكُلِّ, لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [البقرة: 160] . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَوْبَةُ كُلِّ كَافِرٍ إتْيَانُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ إقْرَارِهِ بِمَا جَحَدَهُ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ, أَوْ قَوْلُهُ: أَنَا مُسْلِمٌ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَصَحِّ إقرار مرتد بما جحده, لِصِحَّةِ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ مُسْلِمٍ, وَمِنْهُ بِخِلَافِ تَوْبَةٍ مِنْ بِدْعَةٍ, ذَكَرَهُ فِيهَا جَمَاعَةٌ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِي الرَّجُلِ يُشْهَدُ عَلَيْهِ بِالْبِدْعَةِ فَيَجْحَدُ: لَيْسَتْ لَهُ تَوْبَةٌ, إنَّمَا التَّوْبَةُ لِمَنْ اعْتَرَفَ, فَأَمَّا مَنْ جَحَدَ فَلَا, وَعَنْهُ: يُغْنِي قَوْلُهُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ, عَنْ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ, وَعَنْهُ: مِنْ مُقِرٍّ بِهِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَكْفِي التَّوْحِيدُ مِمَّنْ لَا يُقِرُّ بِهِ كَوَثَنِيٍّ لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ1, وَلِخَبَرِ أسامة2 وقتله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ, لِأَنَّهُ مَصْحُوبٌ بِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِسْلَامُ, وَمُسْتَلْزِمٌ لَهُ, وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ 1وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ1: يَكْفِي مُطْلَقًا, وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثَيْ جُنْدُبٍ2 وَأُسَامَةَ, قَالَ فِيهِ: إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمَ بِهَا دَمَهُ, وَلَوْ ظَنَّ السَّامِعُ أَنَّهُ قَالَهَا فَرَقًا مِنْ السَّيْفِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا. وَإِنْ أُكْرِهَ ذِمِّيٌّ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ, لِأَنَّهُ ظُلْمٌ وَفِي الانتصار ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَإِنْ أُكْرِهَ حَرْبِيٌّ3 عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي النُّسَخِ, وَصَوَابُهُ وإن أكره ذمي وبعضهم أصلحها كذلك".
احْتِمَالٌ, وَفِيهِ: يَصِيرُ مُسْلِمًا بِكِتَابَةِ الشَّهَادَةِ. وَيَكْفِي جَحْدُهُ لِرِدَّتِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهَا فِي الْأَصَحِّ كَرُجُوعِهِ عَنْ حَدٍّ لَا بَعْدَ بَيِّنَةٍ بَلْ يُجَدِّدُ إسْلَامَهُ, قَالَ جَمَاعَةٌ: يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ وَفِي الْمُنْتَخَبِ الْخِلَافُ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ فِيمَنْ أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ وَأَنَا مُسْلِمٌ, قُبِلَ قَوْلُهُ, هُوَ أَكْثَرُ عِنْدِي مِنْ الشُّهُودِ, قَالَ شَيْخُنَا: اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا أَسْلَمَ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ, بَلْ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ و "هـ ش" أن من شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ, وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُقِرَّ بِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ, فَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ عَدْلٌ لَمْ يَفْتَقِرْ الْحُكْمُ إلَى إقْرَارِهِ "ع" بَلْ إخْرَاجُهُ إلَى ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ كَذِبًا, وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بِنَاءُ حُكْمٍ عَلَى هَذَا الْإِقْرَارِ, كَإِقْرَارِ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ قَدْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلِمَ أَنَّهُ لَقَّنَهُ وَأَنَّهُ فَعَلَهُ خَوْفَ الْقَتْلِ وَهُوَ إقْرَارُ تَلْجِئَةٍ, نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي الْيَهُودِيِّ إذَا قَالَ: قَدْ أَسْلَمْت أَوْ أَنَا مُسْلِمٌ يُجْبَرُ عَلَيْهِ: قَدْ عَلِمَ مَا يُرَادُ مِنْهُ. وَفِي مُفْرَدَاتِ أَبِي يَعْلَى الصَّغِيرِ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ قَالَ: أَنَا مُسْلِمٌ وَلَا أَنْطِقُ بِالشَّهَادَةِ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ, وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَرَ وَادَّعَى الْإِكْرَاهَ قُبِلَ مِنْهُ1 مَعَ الْقَرِينَةِ فَقَطْ, لِأَنَّ إنْكَارَهُ لِلرِّدَّةِ يَمْنَعُهَا, وَلَوْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِكَلِمَةِ كُفْرٍ فَادَّعَاهُ قُبِلَ مُطْلَقًا, فِي الْأَصَحِّ, لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ. وَمَنْ أَسْلَمَ وَقَالَ لَمْ أُرِدْهُ أَوْ2 لَمْ اعْتَقِدْهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ, وَعَنْهُ: بَلَى وَعَنْهُ: إنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ, وَعَنْهُ: يُقْبَلُ مِنْ صَغِيرٍ, قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَسْلِمْ وَخُذْ أَلْفًا فَأَسْلَمَ وَلَمْ يُعْطِهِ فَأَبَى الْإِسْلَامَ: يُقْتَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ, قَالَ: وَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى صَلَاتَيْنِ قُبِلَ مِنْهُ وَأُمِرَ بِالْخَمْسِ. وَعَنْ غَالِبٍ الْقَطَّانِ3 عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ ابْنَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّ أَبِي جَعَلَ لِقَوْمِهِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا, فَأَسْلَمُوا وَحَسُنَ إسْلَامُهُمْ, ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا مِنْهُمْ, أَفَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَمْ هُمْ؟ قَالَ إنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُسْلِمَهَا إلَيْهِمْ فَلْيُسْلِمْهَا, "وَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُمْ, فَإِنْ أَسْلَمُوا فَلَهُمْ إسْلَامُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمُوا قُوتِلُوا عَلَى الْإِسْلَامِ" وَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ, وَهُوَ عَرِيفٌ4 عَلَى الْمَاءِ, وإنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَسْأَلُك أَنْ تَجْعَلَ لِي الْعِرَافَةَ بَعْدَهُ, فَقَالَ "إنَّ الْعِرَافَةَ حَقٌّ, لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ عُرَفَاءَ, وَلَكِنَّ الْعُرَفَاءَ فِي النَّارِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد1 وَإِسْنَادُهُ مَنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ, قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ: إنَّ مَنْ أَعْطَى رَجُلًا عَلَى أَنْ يَفْعَلَ أَمْرًا مَفْرُوضًا عَلَيْهِ فَإِنَّ لِلْمُعْطَى ارْتِجَاعَهُ مِنْهُ, وَلَمْ يُشَارِطْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَلَّفَةَ "قُلُوبُهُمْ" عَلَى أَنْ يُسْلِمُوا فَيُعْطِيهِمْ جُعْلًا عَلَى الْإِسْلَامِ, وَإِنَّمَا أَعْطَاهُمْ عَطَايَا بأتة2 يَتَأَلَّفُهُمْ, وَفِي الْعِرَافَةِ مَصْلَحَةُ النَّاسِ, وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلرِّيَاسَةِ وَالتَّأَمُّرِ عَلَى النَّاسِ, لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ, وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ وَلَمْ يُؤَدِّ الْأَمَانَةَ فِيهِ أَثِمَ. وَلَا يَبْطُلُ إحْصَانُ قَذْفٍ وَرَجْمٍ بِرِدَّةٍ, فَإِذَا أَتَى بِهِمَا بَعْدَ إسْلَامِهِ حُدَّ, خِلَافًا لِكِتَابِ ابْنِ رزين في إحصان رجم.
فصل: والمذهب أن مال المرتد فيء من موته
فَصْلٌ: وَالْمَذْهَبُ3 أَنَّ مَالَ الْمُرْتَدِّ فَيْءٌ مِنْ مَوْتِهِ, وَعَنْهُ: مِنْ رِدَّتِهِ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ وَالطَّرِيقُ الْأَقْرَبُ. وَعَنْهُ نَتَبَيَّنُهُ مِنْهَا بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا, فَعَلَى الْأَوْلَى يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْحُسَيْنِ وَأَبُو الْفَرَجِ, وَفِي الْوَسِيلَةِ نَصَّ عَلَيْهِ. نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: يُمْنَعُ مِنْهُ, فَإِذَا قُتِلَ صَارَ فِي بَيْتِ الْمَالِ, وَاخْتَارَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّيْخُ وَقْفَ تَصَرُّفِهِ, وَأَنَّهُ يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ, كَالرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ, وَجَعَلَ فِي التَّرْغِيبِ كَلَامَ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ وَاحِدًا, وَكَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ, وَتَبِعَهُ ابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُ, وَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, لَكِنْ لَمْ يَقُولُوا يُتْرَكُ عِنْدَ ثِقَةٍ بَلْ قَالُوا: يُمْنَعُ مِنْهُ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ, فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يوقف, فإن أسلم نفذ1 وَإِلَّا بَطَلَ, وَأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْفَظُ بَقِيَّةَ مَالِهِ. قَالُوا: فَإِنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بَطَلَتْ, تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِقَطْعِ ثَوَابِهِ, بِخِلَافِ الْمَرِيضِ, وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَبْلُغْ تَبَرُّعُهُ الثُّلُثَ صَحَّ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: عَلَى الْأَوْلَى تَنْفُذُ مُعَاوَضَتُهُ وَيُقِرُّ بِيَدِهِ, وَتُوقَفُ تَبَرُّعَاتُهُ, وَتُرَدُّ بِمَوْتِهِ مُرْتَدًّا, وَعَلَى الرِّوَايَتَيْنِ يُقْضَى دَيْنُهُ وَيُنْفَقُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُتْرَكُ بِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا صِحَّةَ وَلَا نَفَقَةَ. وَلَا يُقْضَى دَيْنٌ مُتَجَدِّدٌ فِي الرِّدَّةِ, فَإِنْ أَسْلَمَ رُدَّ عَلَيْهِ2 مِلْكًا جَدِيدًا وَيَمْلِكُ بِأَسْبَابِ التَّمَلُّكِ إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ وَإِلَّا فَلَا. وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الْفُصُولِ عَلَى بَقَاءِ مِلْكِهِ, وَأَنَّ الدَّوَامَ أَوْلَى. وَعَلَى رِوَايَةٍ يَرِثُهُ مُسْلِمٌ أَوْ أَهْلُ دِينِهِ الَّذِي اخْتَارَهُ فَكَمُسْلِمٍ فِيهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ, وَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: إنْ فَعَلَهُ بِدَارِ حَرْبٍ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَلَا, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ وَالشَّيْخُ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَكَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إجْمَاعًا. قَالَ: وَإِنَّ المرتد تحت حكمنا ليس محاربا يضمن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إجْمَاعًا "وَقِيلَ هُمْ كَبُغَاةٍ". وَيُؤْخَذُ بِحَدِّ فِعْلِهِ فِي رِدَّتِهِ. نَصَّ عَلَيْهِ, كَقَبْلِهَا, وَظَاهِرُ نَقْلِ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. إنْ أَسْلَمَ فَلَا كَعِبَادَتِهِ, نَقَلَ مُهَنَّا فِي مُرْتَدٍّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَقَتَلَ بِهَا رَجُلًا مُسْلِمًا ثُمَّ عَادَ وَقَدْ أَسْلَمَ فَأَخَذَهُ وَلِيُّهُ, هَلْ عَلَيْهِ قَوَدٌ؟ فَقَالَ: قَدْ زَالَ عَنْهُ الْحُكْمُ, لِأَنَّهُ قَتَلَهُ وَهُوَ مُشْرِكٌ, وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ وَهُوَ مُشْرِكٌ, فَقِيلَ لَهُ: فَيَذْهَبُ دَمُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ مَا أَقُولُ فِي هَذَا شَيْئًا. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى إسْقَاطِ الْعِبَادَاتِ, وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْقَضَاءِ; لِأَنَّهُ أَسْقَطَ الْحَدَّ, وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَوَقَّفَ عَنْ الْقِصَاصِ وَعَنْهُ: الْوَقْفُ, وَمَتَى لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ فَهُوَ وَمَا مَعَهُ كَحَرْبِيٍّ, وَالْمَنْصُوصُ لَا يَتَنَجَّزُ جَعْلَ مَا بِدَارِنَا فَيْئًا إنْ لَمْ يَصِرْ فَيْئًا بِرِدَّتِهِ. وَإِنْ لَحِقَ زَوْجَانِ مُرْتَدَّانِ بِدَارِ حَرْبٍ لَمْ يُسْتَرَقَّا وَلَا أَوْلَادُهُمَا, كَوَلَدِ مَنْ أُسِرَ مِنْ ذِمَّةٍ, وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ, وَيَجُوزُ فِي الْمَنْصُوصِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ, اسْتِرْقَاقُ الْحَادِثِ فِي الرِّدَّةِ, وَعِنْدَ الشَّيْخِ وَالْحَمْلُ وَقْتَهَا, وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ وَيُرَقُّ أَوْ القتل؟ وفيه روايتان "م 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ "وَهَلْ يُقِرُّ بِجِزْيَةٍ أَمْ الْإِسْلَامِ ويرق, أو القتل؟ فيه روايتان"
وإن1 ارْتَدَّ أَهْلُ بَلَدٍ وَجَرَى فِيهِ حُكْمُهُمْ فَدَارُ حَرْبٍ فَيَغْنَمُ مَا لَهُمْ, وَوَلَدٌ حَدَثَ بَعْدَ الردة.
فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله
فصل: ويكفر الساحر كاعتقاد حله, وعنه: لا2, اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ, وَكَفَّرَهُ أَبُو بَكْرٍ بِعَمَلِهِ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَهُوَ أَشَدُّ تَحْرِيمًا. وَحَمَلَ ابْنُ عَقِيلٍ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي كُفْرِهِ عَلَى مُعْتَقَدِهِ, وَأَنَّ فَاعِلَهُ يفسق ويقتل ـــــــــــــــــــــــــــــQانْتَهَى. يَعْنِي بِهِ مَنْ وُلِدَ فِي حَالِ رِدَّةِ الزَّوْجَيْنِ إذَا لَحِقَا بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُلْنَا بِاسْتِرْقَاقِهِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يُقِرُّونَ بِجِزْيَةٍ, كَأَهْلِ الذِّمَّةِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُقِرُّونَ, فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي5, لِاقْتِصَارِهِمَا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ, وَهِيَ رِوَايَةُ الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ والخلاصة. وقال في المغني6 ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 ليست في "ط". 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/161". 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/162 - 163". 5 "5/327". 6 في "ق" "عمله".
حَدًّا, فَعَلَى الْأَوْلَى يُقْتَلُ. وَهُوَ مَنْ يَرْكَبُ مِكْنَسَةً فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ, وَكَذَا قِيلَ فِي مُعَزِّمٍ عَلَى الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ, و1أنه يأمرها فتطيعه1 وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ, وَقِيلَ: يُعَزَّرُ "م 5" وَقِيلَ وَلَوْ بقتل. وفي التَّرْغِيبِ: الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا, وَإِنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فَسَّقَهُ فَقَطْ إنْ قَالَ أَصَبْت بِحَدْسِي وَفَرَاهَتِي2, فَإِنْ أَوْهَمَ قَوْمًا بِطَرِيقَتِهِ أَنَّهُ يعلم الغيب فللإمام قتله لسعيه ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مَعَ حِكَايَتِهِمَا الرِّوَايَتَيْنِ: إذَا وَقَعَ أَبُو الْوَلَدِ فِي الْأَسْرِ بَعْدَ لُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ وَهُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقِرَّ بِهَا, لِانْتِقَالِهِ إلَى الْكُفْرِ بَعْدَ نُزُولِ القرآن, انتهى. قال الزركشي. وهي طريقة3, لم أرها لغيره. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ حُكْمَ السَّاحِرِ الَّذِي يَرْكَبُ الْمِكْنَسَةَ فَتَسِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ "وَكَذَا قِيلَ فِي مُعَزِّمٍ عَلَى الْجِنِّ وَيَجْمَعُهَا بِزَعْمِهِ وَأَنَّهُ يَأْمُرُهَا فَتُعْطِيه, وَكَاهِنٍ وَعَرَّافٍ, وَقِيلَ: يعزر" انتهى. يعني هل4 السَّاحِرَ وَالْكَاهِنَ وَالْعَرَّافَ هَلْ يَلْحَقُونَ بِالسَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ, أَمْ يُعَزَّرُونَ فَقَطْ؟ حَكَى فِي ذَلِكَ خِلَافًا, وَأَطْلَقَهُ, وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. "أَحَدُهُمَا": لَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ, بَلْ يُعَزَّرُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا قَوْلُ غَيْرِ أَبِي الْخَطَّابِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي البلغة: وإن كان
بِالْفَسَادِ. قَالَ شَيْخُنَا: التَّنْجِيمُ كَالِاسْتِدْلَالِ بِالْأَحْوَالِ الْفَلَكِيَّةِ عَلَى الْحَوَادِثِ الْأَرْضِيَّةِ مِنْ السِّحْرِ, قَالَ وَيَحْرُمُ إجْمَاعًا. وَأَقَرَّ أَوَّلُهُمْ وَآخِرُهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ عَنْ أَهْلِ الْعِبَادَةِ1 وَالدُّعَاءِ بِبَرَكَتِهِ مَا زَعَمُوا أَنَّ الْأَفْلَاكَ تُوجِبُهُ, وَأَنَّ لَهُمْ مِنْ ثَوَابِ الدَّارَيْنِ مَا لَا تَقْوَى الْأَفْلَاكُ أَنْ تَجْلِبَهُ. وَمَنْ سَحَرَ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ مُضِرٍّ عُزِّرَ, وَقِيلَ وَلَوْ بِقَتْلٍ. وَقَالَ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ: إنْ قَالَ سِحْرِي يَنْفَعُ وَأَقْدِرُ عَلَى الْقَتْلِ بِهِ قُتِلَ, وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ بِهِ, وَيُقَادُ مِنْهُ إنْ قَتَلَ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا, وَإِلَّا الدِّيَةُ. وَالْمُشَعْبِذُ وَالْقَائِلُ بِزَجْرِ الطَّيْرِ وَالضَّارِبُ بِحَصًى وَشَعِيرٍ وَقِدَاحٍ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إبَاحَتَهُ وَأَنَّهُ يَعْلَمُ بِهِ عُزِّرَ, وَكُفَّ عَنْهُ وَإِلَّا كُفِّرَ. وَيَحْرُمُ طَلْسَمٌ وَرُقْيَةٌ بِغَيْرِ عَرَبِيٍّ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ, وتوقف الإمام أحمد في ـــــــــــــــــــــــــــــQسِحْرًا بِسَقْيِ أَدْوِيَةٍ فَلَا يُكَفَّرُ بِذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ. إلَّا أَنْ يَقْتُلَ بِهِ فَيَجِبُ الْقَوَدُ إنْ كَانَ يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": حُكْمُهُمْ حُكْمُ السَّحَرَةِ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ, قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الْكَاهِنُ وَالْمُنَجِّمُ كَالسَّاحِرِ عند أصحابنا, وأن ابن عقيل فسقه فقط, كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَوْ عَمِلَ سِحْرًا يَدَّعِي بِهِ إحْضَارَ الْجِنِّ وَطَاعَتَهُ2 فِيمَا شَاءَ فَمُرْتَدٌّ, وَقَالَ فِي الْعَرَّافِ والكاهن وقيل: هما كالساحر.
الْحَلِّ بِسِحْرٍ, وَفِيهِ وَجْهَانِ "م 6". وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها, قال: لَا بَأْسَ. قَالَ الْخَلَّالُ: إنَّمَا كَرِهَ1 أَحْمَدُ فِعَالَهُ, وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا, كَمَا بَيَّنَهُ مُهَنَّا, وَهَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ الَّتِي يُبِيحُ فِعْلَهَا. وَلَا يُقْتَلُ سَاحِرٌ كِتَابِيٌّ, عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ اعْتَقَدُوا جَوَازَهُ, وَإِنْ قَتَلَ بِهِ أُقِيدَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَتَقَدَّمَ إنْ سَحَرَ مُسْلِمًا. وفي عيون المسائل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي الْحِلِّ بِسِحْرٍ, وَفِيهِ وَجْهَانِ," انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": يَجُوزُ, قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: تَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي الْحِلِّ, وَهُوَ إلَى الْجَوَازِ أَمْيَلُ, وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ تَأْتِيه مَسْحُورَةٌ فَيَقْطَعُهُ4 عَنْهَا, قَالَ: لَا بَأْسَ, قَالَ الخلال: إنَّمَا كَرِهَ فِعَالَهُ5 وَلَا يَرَى بِهِ بَأْسًا, كَمَا بَيَّنَهُ مُهَنَّا, وَهَذَا مِنْ الضَّرُورَةِ الَّتِي يُبِيحُ فِعْلَهَا, انْتَهَى. قَالَ فِي آدَابِ الْمُسْتَوْعِبِ: وَحِلُّ السِّحْرِ عَنْ الْمَسْحُورِ جَائِزٌ, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَجُوزُ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَيَحْرُمُ الْعَطْفُ وَالرَّبْطُ, وَكَذَا الْحِلُّ بِسِحْرٍ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْحَلُّ, وَقِيلَ: يُبَاحُ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَجُوزُ حَلُّهُ بِقُرْآنٍ أَوْ بِكَلَامٍ مُبَاحٍ غَيْرِهِ, انْتَهَى, فَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِسِحْرٍ, قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ: وَلَا بَأْسَ بِحَلِّ السِّحْرِ بِقُرْآنٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ كَلَامٍ حَسَنٍ, وَإِنْ حَلَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ السِّحْرِ فَعَنْهُ التَّوَقُّفُ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ, لِأَنَّهُ مَحْضُ نَفْعٍ لأخيه المسلم, انتهى.
أَنَّ السَّاحِرَ يُكَفَّرُ, وَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ السِّحْرِ السَّعْيُ بِالنَّمِيمَةِ وَالْإِفْسَادُ بَيْنَ النَّاسِ وَذَلِكَ شَائِعٌ عَامٌّ فِي النَّاسِ. وَنَحْوُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَرَادَتْ إفْسَادًا بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَقَالَتْ لِلزَّوْجَةِ: إنَّ زَوْجَك يُعْرِضُ عَنْك, وَقَدْ سُحِرَ, وَهُوَ مَأْخُوذٌ عَنْك, وَأَنَا أَسْحَرُهُ لَك حَتَّى لَا يُرِيدَ غَيْرَك, وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَأْخُذِي مِنْ شَعْرِ حَلْقِهِ بِالْمُوسَى ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ إذَا نَامَ, فَإِنَّ بِهَا يَتِمُّ الْأَمْرُ, وَذَهَبَتْ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ امْرَأَتَك قَدْ عُلِّقَتْ بِغَيْرِك وَعَزَمَتْ عَلَى قَتْلِك وَأَعَدَّتْ لَك مُوسَى فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ لِنَحْرِك فَأَشْفَقْت لِشَأْنِك وَلَقَدْ لَزِمَنِي نُصْحُك. فَتَنَاوَمَ الرَّجُلُ فِي فِرَاشِهِ, فَلَمَّا ظَنَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ قد نام عمدت إلى الْمُوسَى1 وَأَهْوَتْ بِهَا إلَى حَلْقِهِ لِأَخْذِ الشَّعْرِ, فَفَتَحَ الرَّجُلُ عَيْنَيْهِ فَرَآهَا فَقَامَ إلَيْهَا وَقَتَلَهَا. وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ غُلَامًا عَلَى أَنَّهُ نَمَّامٌ, فَاشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ, فَسَعَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ بِذَلِكَ, وَفِي آخِرِ الْقِصَّةِ: فَجَاءَ أَوْلِيَاؤُهَا فَقَتَلُوهُ, فَوَقَعَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. ثُمَّ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فَأَمَّا مَنْ يَسْحَرُ بِالْأَدْوِيَةِ وَالتَّدْخِينِ وَسَقْيِ شَيْءٍ مُضِرٍّ فَلَا يُكَفَّرُ وَلَا يُقْتَلُ وَيُعَزَّرُ بِمَا يَرْدَعُهُ. وَمَا قَالَهُ غَرِيبٌ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْأَذَى بِكَلَامِهِ وَعَمَلِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَكْرِ وَالْحِيلَةِ فَأَشْبَهَ السِّحْرَ, وَلِهَذَا يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ وَالْعُرْفِ أَنَّهُ2 يُؤَثِّرُ وَيُنْتِجُ مَا يَعْمَلُهُ السِّحْرُ أَوْ أَكْثَرُ, فَيُعْطَى حكمه, تسوية بين المتماثلين أو المتقاربين, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا بِقَتْلِ الْآمِرِ بِالْقَتْلِ, عَلَى رِوَايَةٍ سَبَقَتْ1, فَهُنَا أَوْلَى, أَوْ الْمُمْسِكُ 2لِمَنْ يُقْتَلُ2 فَهَذَا مِثْلُهُ, وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: يُفْسِدُ النَّمَّامُ وَالْكَذَّابُ فِي سَاعَةٍ مَا لَا يُفْسِدُ السَّاحِرُ فِي سَنَةٍ. رَأَيْت بَعْضَهُمْ حَكَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ قَالَ: النَّمَّامُ شَرٌّ مِنْ السَّاحِرِ يَعْمَلُ النَّمَّامُ فِي سَاعَةٍ مَا لَا يَعْمَلُهُ السَّاحِرُ فِي شَهْرٍ, لَكِنْ يُقَالُ: السَّاحِرُ, إنَّمَا كَفَرَ لِوَصْفِ السِّحْرِ, وَهُوَ أَمْرٌ خَاصٌّ, وَدَلِيلُهُ خَاصٌّ, وَهَذَا لَيْسَ بِسَاحِرٍ, وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ عَمَلُهُ مَا يُؤَثِّرُهُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ, إلَّا فِيمَا اخْتَصَّ بِهِ مِنْ الْكُفْرِ وَعَدَمِ قَبُولِ التَّوْبَةِ, وَلَعَلَّ هَذَا الْقَوْلَ أَوْجَهُ مِنْ تَعْزِيرِهِ فَقَطْ. فَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ الْمُمْسِكِ وَالْآمِرِ, وَسَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي التعزير3. وَمَنْ أَطْلَقَ الشَّارِعَ4 كُفْرَهُ لِدَعْوَاهُ5, غَيْرَ أَبِيهِ وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ, فَقِيلَ كَفَرَ النِّعْمَةَ, وَقِيلَ: قَارَبَ الْكُفْرَ, وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَتَيْنِ: "إحْدَاهُمَا" تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ, نَقَلَ حَنْبَلٌ: كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ, لَا يُخْرِجُ عَنْ6 الْإِسْلَامِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"وَالثَّانِيَةُ" يَجِبُ التَّوَقُّفُ وَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ الْمِلَّةِ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَابْنِ الْحَكَمِ "م 7". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَمَنْ أطلق الشارع كفره كدعواه1 غَيْرَ أَبِيهِ, وَمَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقِيلَ: كَفَرَ النِّعْمَةَ, وَقِيلَ: قَارَبَ الْكُفْرَ, وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ رِوَايَتَيْنِ. "إحْدَاهُمَا" تَشْدِيدٌ وَتَأْكِيدٌ. نَقَلَ حَنْبَلٌ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ, لَا يُخْرِجُ عَنْ الْإِسْلَامِ. "وَالثَّانِيَةُ" يَجِبُ التَّوَقُّفُ وَلَا يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ الْمِلَّةِ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رَوِيَّةِ صَالِحٍ وَابْنِ الْحَكَمِ, انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" كُفْرُ نِعْمَةٍ, وَقَالَ بِهِ طَوَائِفُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ, وَذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ2 فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَمَاعَةٍ, وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ. "وَالثَّانِي" قَارَبَ الْكُفْرَ, وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِ "مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ3 فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ4" أي جحد تصديقه بكذبهم, قال:5 وَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا إذَا اعْتَقَدَ تَصْدِيقَهُمْ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ كُفْرَ حَقِيقَةٍ, انْتَهَى. وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ حنبل, وإنَّمَا6 أَتَى بِهِ تَشْدِيدًا وَتَأْكِيدًا, وَقَدْ بَوَّبَ عَلَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بَابًا7, وَنَصَّ أَنَّ بَعْضَ الْكُفْرِ دُونَ بَعْضٍ, وَنَصَّ عَلَيْهِمَا أئمة الحديث,
وإن أسلم أبوا1 حَمْلٍ أَوْ طِفْلٍ أَوْ أَحَدِهِمَا لَا جَدِّهِ وَجَدَّتِهِ, وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ مُمَيِّزٌ لَمْ يَبْلُغْ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَمْ يَبْلُغْ عَشْرًا, فَمُسْلِمٌ, وَكَذَا إنْ سَبَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا, وَعَنْهُ: كَافِرٌ, كَسَبْيِهِ مَعَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ, وَإِنْ سُبِيَ مَعَ أَحَدِهِمَا فَمُسْلِمٌ, وَعَنْهُ: يَتْبَعُ أَبَاهُ, وَعَنْهُ: الْمَسْبِيُّ مَعَهُ مِنْهُمَا, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ. وَيَتْبَعُ سَابِيًا ذِمِّيًّا كَمُسْلِمٍ, وَقِيلَ: إنْ سَبَاهُ مُنْفَرِدًا فَمُسْلِمٌ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَالْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: يَتْبَعُ مَالِكًا مُسْلِمًا كَسَبْيٍ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَإِنْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي دَارِنَا, وَقِيلَ: أَوْ دَارِ حَرْبٍ فَمُسْلِمٌ, عَلَى الْأَصَحِّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ إلا المحرر, فيؤخذ رواية. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَلِلْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَسَالِكُ مُتَعَدِّدَةٌ, مِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مُسْتَحِلًّا, مِنْهُمْ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ, وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى التَّغْلِيظِ وَالْكُفْرِ الَّذِي لَا يَنْقُلُ عَنْ الْمِلَّةِ, مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ, قَالَ النَّخَعِيُّ: هُوَ كُفْرٌ بِالنِّعَمِ وَنَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ, وَقَالَهُ طَاوُسٌ. وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ إنْكَارُ مَنْ سَمَّى شَارِبَ الْخَمْرِ كافرا وكذلك2 أَنْكَرَ الْقَاضِي جَوَازَ إطْلَاقِ اسْمِ كُفْرِ النِّعْمَةِ عَلَى أَهْلِ الْكَبَائِرِ, وَحَكَى ابْنُ حَامِدٍ عَنْ أَحْمَدَ جَوَازَ إطْلَاقِ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ عَلَى بَعْضِ الذُّنُوبِ الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمِلَّةِ, وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الْكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا, وَيَمُرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْسِيرٍ, مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْمَعَاصِيَ لا تخرج عن الملة, انتهى ملخصا
الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ: فَهُوَ مُسْلِمٌ إذَا مَاتَ أَبَوَاهُ وَيَرِثُ أَبَوَيْهِ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ إنْ كَفَلَهُ الْمُسْلِمُونَ فَمُسْلِمٌ وَيَرِثُ الْوَلَدُ الْمَيِّتَ لِعَدَمِ تَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ, وَاخْتِلَافِ الدِّينِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ, كَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ, وَلِأَنَّهُ يَرِثُ إجْمَاعًا, فَلَا يَسْقُطُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ, وَهُوَ الْإِسْلَامُ, وَكَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ, وَلِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ حُصُولُ إرْثِهِ قَبْلَ اخْتِلَافِ الدِّينِ, كَمَا قَالَ الْكُلُّ: إنَّ الدِّينَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَالِكًا لَهُ يَوْمَ الْمَوْتِ, لَكِنْ فِي حكم المالك, كذا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقَالَ: فَإِنْ قِيلَ: نَقَلَ الْكَحَّالُ وَجَعْفَرٌ فِي نَصْرَانِيٍّ مَاتَ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ حَامِلٍ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ لَا تَرِثُ: "إنَّمَا تَرِثُ بِالْوِلَادَةِ وَحَكَمَ بِالْإِسْلَامِ, قِيلَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ هَذَا رِوَايَةَ: لَا يَرِثُ" وَإِنَّهُ الْقِيَاسُ, وَيُحْتَمَلُ التَّفْرِقَةُ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ أَحْمَدَ, لِقُوَّةِ الْمَانِعِ, لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ بِأَمْرٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إسْلَامُ أُمِّهِ, وَهُوَ حَمْلٌ, وَالْمَسْقَطُ ضَعِيفٌ, لِلْخِلَافِ فِي إسْلَامِهِ بِالْمَوْتِ, وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ لَا يَرِثُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْرِيجِ, وَلَا هَذَا الْفَرْقِ. وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْفُصُولِ إرْثَهُ, فَظَاهِرُهُ كَالطِّفْلِ. وَذَكَرَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ: فِي إرْثِ الطِّفْلِ رِوَايَتَيْنِ. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ أَنَّهُ كَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ قَسْمِ التَّرِكَةِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ بَعْدَ رِوَايَةِ الْكَحَّالِ: جَعَلَ تَجَدُّدَ الْإِسْلَامِ مَانِعًا مِنْ إرْثِهِ مَعَ كَوْنِنَا نَجْعَلُ لِلْحَمْلِ حُكْمًا فِي بَابِ الْإِرْثِ, وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنْ يُوَرَّثَ الْقَرِيبُ الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَسْمِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَسْلَمَتْ أُمُّهُ قَبْلَ الْوَضْعِ, فَإِنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَصِيرُ مُسْلِمًا بِلَا رَيْبٍ, قَالَ: وَتَعْلِيلُ ابْنِ عَقِيلٍ ضَعِيفٌ. وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ1 فِي النَّارِ, وَعَنْهُ الْوَقْفُ, وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْجَنَّةِ كَأَطْفَالِ المسلمين. ومن بلغ منهم مجنونا, واختار ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ, وَعَنْهُ الْوَقْفُ, وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الجنة" انتهى. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي2 نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: وَعَنْهُ الْوَقْفُ, وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ, انْتَهَى. فَخَالَفَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّقْلِ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ وَابْنِ الْجَوْزِيِّ, وَزَادَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُغْنِي3 أَنَّهُ نَقَلَ رِوَايَةَ الْوَقْفِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ كَتِيله فِي كِتَابِ الْعُدَّةِ: ذَكَرَ شَيْخُ مشايخي في المغني3 في4 الْجِهَادِ أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ أَوْلَادِ الْمَجُوسِ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَهُوَ ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ؟ فَقَالَ: يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "فأبواه يهودانه وينصرانه5 ويُمَجِّسَانِهِ"6 يَعْنِي أَنَّهُمَا لَمْ يُمَجِّسَاهُ فَبَقِيَ عَلَى الْفِطْرَةِ. وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم "الله أعلم بما
شَيْخُنَا تَكْلِيفَهُمْ فِي1 الْقِيَامَةِ, لِلْأَخْبَارِ2 وَمِثْلُهُمْ مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ مَجْنُونًا, فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ "م 8". وَظَاهِرُهُ يَتْبَعُ أَبَوَيْهِ بِالْإِسْلَامِ كَصَغِيرٍ, فَيُعَايَا بِهَا. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ وُلِدَ أَعْمَى أَبْكَمَ أَصَمَّ وَصَارَ رَجُلًا: وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ هُوَ مَعَ أَبَوَيْهِ وَإِنْ كَانَا مُشْرِكَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ مَا صَارَ رَجُلًا, قَالَ: هُوَ مَعَهُمَا, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلَهُمَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا وَذَكَرَ فِي الْفُنُونِ عَنْ أَصْحَابِنَا: لَا يُعَاقَبُ, قَالَ: وَإِذَا مَنَعَ حَائِلُ البعد شروط التكليف فأولى ـــــــــــــــــــــــــــــQكَانُوا عَامِلِينَ"3, وَقَالَ أَيْضًا الْإِمَامُ أَحْمَدُ, نَحْنُ نَمُرُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى مَا جَاءَتْ وَلَا نَقُولُ شَيْئًا, انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي4. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: "وَمِثْلُهُمْ مَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا, فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَوَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" هُوَ فِي النَّارِ وَإِنْ قُلْنَا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ فِي الْجَنَّةِ, وَهُوَ الظَّاهِرُ إذَا جُنَّ بَعْدَ تَكْلِيفِهِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, حَيْثُ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِسْلَامِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ كَأَطْفَالِ الْكُفَّارِ, وَلَعَلَّ الْخِلَافَ إذَا جُنَّ قَرِيبًا مِنْ الْبُلُوغِ, وَهُوَ الظَّاهِرُ, وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ, بَعْدَ بُلُوغِهِ, فِيهِ إيهَامٌ, وَالصَّوَابُ مَا قُلْنَاهُ بِحَيْثُ إنْ يَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِسْلَامِ. 5فَهَذِهِ ثَمَانُ مسائل في هذا الباب5.
فِيهِمَا, وَلِعَدَمِ جَوَازِ إرْسَالِ رَسُولٍ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ أُولَئِكَ, وَقَالَ: إنَّ عَفْوَ اللَّهِ عَنْ الَّذِي كَانَ يُعَامِلُ وَيَتَجَاوَزُ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَعَمِلَ بِخَصْلَةٍ مِنْ الْخَيْرِ. وَفِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِ: لَا يُعَاقَبُ, وَقِيلَ: بَلَى إنْ قِيلَ بِحَظْرِ الْأَفْعَالِ قَبْلَ الشَّرْعِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يُعَاقَبُ مُطْلَقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} [القيامة:36] وَهُوَ عَامٌّ, وَلِأَنَّ اللَّهَ مَا أَخْلَى عَصْرَهُ مِنْ قَائِمٍ لَهُ بِحُجَّةٍ, كَذَا قَالَ. وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ1 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِاَلَّذِي أُرْسِلْت بِهِ إلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ" قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: خَصَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لِلتَّنْبِيهِ لِأَنَّ لَهُمْ كِتَابًا, قَالَ: وَفِي مَفْهُومِهِ إنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ, قَالَ: وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ, عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 15] فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ لَا تَجِبُ عَقْلًا, وَإِنَّمَا تَجِبُ بِالشَّرْعِ, وَهُوَ بِعْثَةُ الرُّسُلِ وَأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْإِنْسَانُ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُقْطَعْ عَلَيْهِ بِالنَّارِ. قَالَ: وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُعَذَّبُ فِيمَا طَرِيقُهُ السَّمْعُ إلَّا بِقِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَسْلَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يَسْمَعْ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهًا لَمْ يَلْزَمْهُ قضاء شيء منها, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَنَّهَا لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةِ السَّمْعِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قِصَّةُ أَهْلِ قُبَاءَ حِينَ اسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ وَلَمْ يَسْتَأْنِفُوا1. وَلَوْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِفَرْضِ الصَّلَاةِ قَالُوا: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ; لِأَنَّهُ قَدْ رَأَى النَّاسَ يُصَلُّونَ فِي الْمَسَاجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ, وَذَلِكَ دَعَا إلَيْهَا, ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ, وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ, فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ. وَالْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الدِّينِ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى وَجَبَتْ شَرْعًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: عَقْلًا, وَهِيَ أَوَّلُ وَاجِبٍ لِنَفْسِهِ, وَيَجِبُ قَبْلَهَا النَّظَرُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَيْهِ, فَهُوَ أَوَّلُ وَاجِبٍ لِغَيْرِهِ, وَلَا يَقَعَانِ ضَرُورَةً, وَقِيلَ: بَلَى, وَكَذَا إنْ أُعْدِمَا2 أَوْ أَحَدُهُمَا بِلَا مَوْتٍ, كَزِنَا ذِمِّيَّةٍ وَلَوْ بِكَافِرٍ, أَوْ اشْتِبَاهِ وَلَدٍ مُسْلِمٍ بِوَلَدٍ كَافِرٍ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, قَالَ الْقَاضِي: أَوْ وُجِدَ بِدَارِ حَرْبٍ, وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِبَاهِ: تَكُونُ الْقَافَةُ فِي هَذَا؟ قَالَ: مَا أَحْسَنَهُ, وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرَا وَلَدَهُمَا وَمَاتَ طِفْلًا دُفِنَ فِي مَقَابِرِنَا, نَصَّ عليه واحتج ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَوْلِهِ "فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ" 1 قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ. كَلَقِيطٍ, وَيَتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَيَدُلُّ عَلَى خِلَافِ النَّصِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَفِي مُسْلِمٍ3 "عَلَى هَذِهِ الْمِلَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَ عَنْهُ لِسَانُهُ" وفسر أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْفِطْرَةَ فَقَالَ: الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ1 النَّاسَ عَلَيْهَا, شقي أو سعيد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِهِ الدِّينُ, مِنْ كُفْرٍ أَوْ إسْلَامٍ, قَالَ: وَقَدْ فَسَّرَ أَحْمَدُ هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ, وَذَكَرَ الْأَثْرَمُ: مَعْنَاهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ حِينَ أَخَذَهُمْ مِنْ صُلْبِ آدَمَ {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وَبِأَنَّ لَهُ صَانِعًا وَمُدَبِّرًا وَإِنْ عَبَدَ شَيْئًا غَيْرَهُ وَسَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى الْإِسْلَامِ; لِأَنَّ الْيَهُودِيَّ يَرِثُهُ وَلَدُهُ الطِّفْلُ, إجْمَاعًا, وَنَقَلَ يُوسُفُ: الْفِطْرَةُ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ الْعِبَادَ عَلَيْهَا, وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: هِيَ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ النَّاسَ عَلَيْهَا الْفِطْرَةُ الْأُولَى1؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي تَعْذِيبِ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالْكَلَامُ منه في ذلك مبني على2 مَقَالَتُهُ فِي تَفْسِيرِ الْفِطْرَةِ. ثُمَّ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْمُرَادُ بِهِ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبَوَانِ كَافِرَانِ, وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ وُلِدَ بَيْنَ كَافِرَيْنِ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ كَافِرًا, كَذَا قَالَ. وَإِنْ بَلَغَ مُمْسِكًا عَنْ إسْلَامٍ وَكُفْرٍ قُتِلَ قَاتِلُهُ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ, وَقِيلَ: يُقْتَلُ إنْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِمَا تَقَدَّمَ, لَا بِالدَّارِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَمَنْ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ لَمْ يَجُزْ تَعْزِيرُهُ, فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ, لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ الْقَتْلِ وَقَدْ سَقَطَ, وَالْحَدُّ إذَا سَقَطَ بِالتَّوْبَةِ أَوْ اُسْتُوْفِيَ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ, كَسَائِرِ الْحُدُودِ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ شَفَعَ عِنْدَهُ فِي شَخْصٍ فَقَالَ: لو جاء
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْفَعُ فِيهِ مَا قُبِلَ1, إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قُتِلَ2, لَا قَبْلَهَا, فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا, وَيَسُوغُ تَعْزِيرُهُ, وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَالِكِيَّةِ يُعَزَّرُ بَعْدَ التَّوْبَةِ. وَوَجَّهَ شَيْخُنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي مَكَان آخَرَ بِأَنْ قَتْلَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ رَسُولٌ حَقٌّ لِلَّهِ, وَقَدْ سَقَطَ فَيُعَزَّرُ لِحَقِّ الْبَشَرِيَّةِ كَتَعْزِيرِ سَابِّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْدَ إسْلَامِهِ, قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعَاقِبْهُ بِشَيْءٍ قَالَ: انْدَرَجَ حَقُّ الْبَشَرِيَّةِ فِي حَقِّ الرِّسَالَةِ, فَإِنَّ الْجَرِيمَةَ الْوَاحِدَةَ إذَا أَوْجَبَتْ الْقَتْلَ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ, عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ, وَلِهَذَا انْدَرَجَ حَقُّ اللَّهِ فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ بِعَفْوِهِ عَنْ قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ, قَالَ: وَفِي الْأَصْلَيْنِ خِلَافٌ, فَمَذْهَبُ "م": يُعَزَّرُ الْقَاتِلُ بَعْدَ الْعَفْوِ, وَمَذْهَبُ "هـ": لَا يَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ بِالْعَفْوِ, وَلِهَذَا تَرَدَّدَ مَنْ أَسْقَطَ الْقَتْلَ بِالْإِسْلَامِ, هَلْ يُؤَدَّبُ حَدًّا أَوْ تَعْزِيرًا عَلَى خُصُوصِ الْقَذْفِ وَالسَّبِّ؟ تَقَدَّمَ احْتِمَالٌ يُعَزَّرُ لِحَقِّ السَّلْطَنَةِ بَعْدَ عَفْوِ الْآدَمِيِّ, لِلتَّهْذِيبِ وَالتَّقْوِيمِ3, فَدَلَّ مِنْ التَّعْلِيلِ عَلَى تَعْزِيرِ الْمُرْتَدِّ, وَهُوَ مِنْ الْقَاضِي اعْتِبَارٌ لِلْمَصْلَحَةِ الْمُرْسَلَةِ عَلَى عَادَتِهِ. وفي الأحكام السلطانية: وأما إن4 لَمْ يَتُبْ أَوْ تَابَ وَلَمْ تُقْبَلْ ظَاهِرًا قُتِلَ فَقَطْ, جَعَلَهُ الْأَصْحَابُ أَصْلًا, لِعَدَمِ الْجَلْدِ مع الرجم 5والله أعلم5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الجهاد
كتاب الجهاد مدخل * ... كتاب الجهاد وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى مُكَلَّفٍ ذَكَرٍ حُرٍّ, فَإِنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَلْزَمُ رَقِيقًا وَلَوْ أذن له1 سيده2 صَحِيحٍ, وَلَوْ أَعْوَرَ, وَاجِدٍ وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ مَا يَحْتَاجُهُ هُوَ وَأَهْلُهُ لِغَيْبَتِهِ, وَمَعَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مَرْكُوبًا وَعَنْهُ: يَلْزَمُ عَاجِزًا بِبَدَنِهِ فِي مَالِهِ, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَشَيْخُنَا كَحَجٍّ 3عَلَى مَعْضُوبٍ3, وَأَوْلَى. وَفِي الْمُذْهَبِ قَوْلُ: يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ, وَفِي الْبُلْغَةِ: يَلْزَمُ أَعْرَجَ يَسِيرًا, وَإِذَا قَامَ بِهِ طَائِفَةٌ كَانَ سُنَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ, صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ, وَأَنَّ مَا عدا القسمين هنا سنة, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يَجِبُ الْجِهَادُ بِاللِّسَانِ, فَيَهْجُوهُمْ1 الشَّاعِرُ, قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ "اُهْجُ الْمُشْرِكِينَ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ2, وَلَهُ3 بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ كَعْبًا قَالَ له: إن الله أنزل في الشعر4 مَا أَنْزَلَ. فَقَالَ: "الْمُؤْمِنُ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ, وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ". وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ5 عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: شَكَوْنَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِجَاءَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: "اُهْجُوهُمْ كَمَا6 يَهْجُونَكُمْ". وَذَكَرَ شَيْخُنَا الْأَمْرَ بِالْجِهَادِ فَمِنْهُ بِالْقَلْبِ وَالدَّعْوَةِ وَالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَدَنِ فَيَجِبُ بِغَايَةِ مَا يُمْكِنُهُ, وَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ: الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ7 الْمَحِلُّ الثَّانِي فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِعَبْدٍ مَرَّةً ... بَلَغَا مِنْ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مكان8 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قال وعلى الرسول1 أَنْ يُحَرِّضَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ, وَيُقَاتِلَ بِهِمْ عَدُوَّهُ بِدُعَائِهِمْ وَرَأْيِهِمْ وَفِعْلِهِمْ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ الِاسْتِعَانَةُ بِهِ عَلَى الْجِهَادِ, وَيَفْعَلُ مَعَ بَرٍّ وَفَاجِرٍ يَحْفَظَانِ الْمُسْلِمِينَ, لَا مُخَذِّلٍ وَنَحْوِهِ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ" مُخْتَصَرٌ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ2. وَيُقَدَّمُ الْقَوِيُّ مِنْهُمَا, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, كُلَّ عَامٍ مَرَّةً إلَّا لِمَانِعٍ بِطَرِيقٍ, وَلَا يُعْتَبَرُ أَمْنُهَا فَإِنَّ وَضَعْهُ عَلَى الْخَوْفِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِحَاجَةٍ, وَعَنْهُ: وَمَصْلَحَةٍ كَرَجَاءِ إسْلَامٍ, نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَوْ اخْتَلَفُوا عَلَى رَجُلَيْنِ لَمْ يَتَعَطَّلْ الْغَزْوُ وَالْحَجُّ. هَذَانِ3 بَابَانِ لَا يَدْفَعُهُمَا شَيْءٌ أَصْلًا وَمَا يُبَالِي مِنْ قَسْمِ الْفَيْءِ أَوْ مِنْ4 وَلِيِّهِمَا, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: يَجِبُ الْجِهَادُ بِلَا إمَامٍ إذَا صَاحُوا النَّفِيرَ, وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: بِلَادٌ غَلَبَ عَلَيْهَا رَجُلٌ 5فَنَزَلَ الْبِلَادَ يُغْزِي بِأَهْلِهَا5, يَغْزُو مَعَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ, قُلْت: يَشْتَرِي مِنْ سَبْيِهِ؟ قَالَ: دَعْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ: الْغَزْوُ لَيْسَ مِثْلَ شِرَاءِ السَّبْيِ, الْغَزْوُ دَفْعٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لا يترك لشيء, فيتوجه في6 سبيه كمن غزا بلا إذن. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ حُصِرَ1 بَلَدُهُ أَوْ هُوَ عَدُوٌّ أَوْ اسْتَنْفَرَهُ مَنْ لَهُ اسْتِنْفَارُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ, وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِوُجُوبِهِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَتَعَيَّنُ فِي مَوْضِعَيْنِ: إذَا الْتَقَيَا, وَالثَّانِي إذَا نَزَلُوا بَلَدَهُ إلَّا لِحَاجَةِ حِفْظِ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ, وَالثَّانِي مَنْ يَمْنَعُهُ الْأَمِيرُ, وَيَلْزَمُ الْعَبْدَ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ, هَذَا فِي الْقَرِيبِ, أَمَّا مِنْ عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَعَ عَدَمِ الْكِفَايَةِ, وَلَوْ نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَالنَّفِيرِ صَلَّى وَنَفَرَ, وَمَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ يَنْفِرُ وَيُصَلِّي رَاكِبًا أَفْضَلُ, وَلَا يَنْفِرُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ, وَلَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ, نَصَّ عَلَى الثَّلَاثِ, وَنَقَلَ أَبُو داود أيضا في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَخِيرَةِ: يَنْفِرُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ وَقْتٌ, قُلْت: لَا يَدْرِي نَفِيرٌ حَقٌّ أَمْ لَا؟ قَالَ: إذَا نَادَوْا بِالنَّفِيرِ فَهُوَ حَقٌّ, قُلْت: إنَّ أَكْثَرَ النَّفِيرِ لَا يَكُونُ حَقًّا قَالَ: يَنْفِرُ يَكُونُ يَعْرِفُ مَجِيءَ عَدُوِّهِمْ كَيْفَ هُوَ. وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ عَلَى فَرَسٍ حَبِيسٍ عِنْدَهُ إبْقَاءً عَلَيْهِ فَلَا بَأْسَ, وَإِنْ تَرَكَهُ لِشُغْلِهِ بِحَاجَةٍ أَعْطَاهُ مَنْ يَنْفِرُ عَلَيْهِ, وَإِنْ لَمْ يَغْزُ عَلَيْهِ كُلَّ غَزَاةٍ لِيُرِيحَهُ فَلَا بَأْسَ, قُلْت: يَتَقَدَّمُ فِي الْغَارَةِ أَوْ يَتَأَخَّرُ فِي السَّاقَةِ؟ قَالَ: مَا كَانَ أَحْوَطَ, مَا يَصْنَعُ بِالْغَنَائِمِ إنَّمَا يُرَادُ سَلَامَةُ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ الْقَاضِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي السُّنَنِ: فِي النَّفِيرِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ. إذَا لَمْ يُسْتَغَاثُوا وَلَمْ يَتَيَقَّنُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ: لَمْ يَنْفِرُوا حَتَّى يُصَلُّوا, قَالَ: وَلَا تَنْفِرُ الْخَيْلُ إلَّا عَلَى حَقِيقَةٍ, وَيَتَوَجَّهُ أَوْ خَوْفٍ, لِلْخَبَرِ1, قَالَ: وَلَا يَنْفِرُ عَلَى غُلَامٍ آبِقٍ, لَا يَهْلَكُ النَّاسُ بِسَبَبِهِ. وَلَوْ نَادَى: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ, لِحَادِثَةٍ فَيُشَاوِرُ فِيهَا لَمْ يَتَأَخَّرْ أَحَدٌ بِلَا عُذْرٍ وَجِهَادُ الْمُجَاوِرِ مُتَعَيَّنٌ نَصَّ عَلَيْهِ إلَّا لِحَاجَةٍ, وَمَعَ التَّسَاوِي جِهَادُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفْضَلُ, وَفِي الْبَحْرِ أَفْضَلُ, وَفِي الْخَبَرِ: "لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ"2, ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الله, وإذا 3غزا فيه فأراد رجل أن3 يقيم بالساحل لم يجز ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي عَلَى كُلِّ الْمَرَاكِبِ, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد قُلْت: مَتَى يَتَقَدَّمُ الرَّجُلُ بِلَا إذْنٍ؟ قَالَ: إذَا صَارَ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ, قُلْت: إنه صار وربما تعرض العلج للرجل وللحطاب1؟ قَالَ: لَا يَتَقَدَّمُ حَتَّى يَأْمَنَ, ثُمَّ تَلَا {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] قُلْت: أَذِنَ لَهُ فِي أَرْضِ الْخَوْفِ يَتَقَدَّمُ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَدْ يَبْعَثُ الْمُبَشِّرَ وَفِي الْحَاجَةِ. قُلْت: الْمُتَسَرِّعُ يُقَدَّمُ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ؟ قَالَ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخَطِّي إلَيْهِ كَذَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ لَا يَتَلَقَّاهُ. وَسَأَلَهُ أَيْضًا: فِي الْمَرْكَبِ مِنْ يَتَعَرَّى وَمَنْ يَغْتَابُ النَّاسَ؟ قَالَ: يَغْزُو مَعَهُمْ 2وَيَأْمُرُهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ الْحَرَسَ بِالْجَرَسِ. قُلْت: فَيَحْرُسُ الرَّجُلُ مَعَهُمْ2 وَلَا يَنْتَهُونَ؟ قَالَ: يَحْرُسُ وَلَا يَضْرِبُ بِهِ. سُئِلَ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْحَرَسِ, قَالَ: الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي السَّفَرِ, فَأَمَّا أَنْ يَكُونُوا فِي الْحَرَسِ 3يُرِيدُونَ الْعَدُوَّ أَيْ عِنْدَنَا عُدَّةٌ3 فَلَا بَأْسَ. قِيلَ: يَحْرُسُ رَاجِلًا أَوْ رَاكِبًا؟ قَالَ: مَا يَكُونُ أَنْكَى, قُلْت: هُوَ حِيَالُ حصن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَحْرُسُ لَا يَخْرُجُ أَهْلُ الْحِصْنِ. قَالَ: هَذَا راكبا أفضل. وَيُسْتَحَبُّ تَشْيِيعُ غَازٍ, لَا تَلْقِيهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ هَنَّأَهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَجٌّ وَأَنَّهُ يَقْصِدُهُ لِلسَّلَامِ, وَنَقَلَ عَنْهُ فِي حَجِّ: لَا إلَّا إنْ كَانَ قَصَدَهُ أَوْ كان1 ذَا عِلْمٍ أَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ2 مَنْ يُخَافُ شَرُّهُ. وَشَيَّعَ أَحْمَدَ أُمَّةٌ3 لِحَجٍّ, وَنَقَلَ ابْنَاهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا: اُكْتُبَا اسْمَ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْنَا مِمَّنْ حَجَّ حَتَّى إذَا قَدِمَ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ. قَالَ الْقَاضِي: جَعَلَهُ مُقَابَلَةً, وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَنْ يَبْدَأَهُمْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَحْمُولٌ عَلَى صِيَانَةِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْكِبْرِ, وَفِي الْفُنُونِ: تَحْسُنُ التَّهْنِئَةُ بِالْقُدُومِ لِلْمُسَافِرِ, كَالْمَرْضَى تَحْسُنُ تَهْنِئَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ بِسَلَامَتِهِ. وَفِي نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي: تُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ الْقَادِمِ وَأَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُ أَحْمَدَ وَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَعُودُ فُلَانًا؟ قَالَ: إنَّهُ لَا يَعُودُنَا. عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. أَوْ مَانِعُ زَكَاةٍ, ذَكَرَهُ4. وَفِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ يُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْحُكْمِ. وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ الْحَكَمِ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم5 مِنْ الْحَقِّ لَأَتَوْهُمْ حَتَّى يُقَبِّلُوا رَوَاحِلَهُمْ, لِأَنَّهُمْ وفد الله في جميع الناس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَجَّاجٌ هُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ ضَعِيفٌ مُدَلِّسٌ. وَالْحَكَمُ هو ابن عتيبة1, لَمْ يَلْقَ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ بَهْجَةِ الْمَجَالِسِ: قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَلَقَّوْا الْحَاجَّ وَلَا تُشَيِّعُوهُمْ2. وَفِي قِصَّةٍ تَخَلُّفَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ3 تَهْنِئَةُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ. وَالْقِيَامُ إلَيْهِ وَمُصَافَحَتُهُ, وَإِعْطَاءُ الْبَشِيرِ, وَأَمَّا تَهْنِئَةُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ فَهُوَ4 مِنْ عُرْفٍ وَعَادَةٍ أيضا, لكن5 الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ. قَالَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ: هُوَ جَائِزٌ وَلَمْ يَقُلْ بِاسْتِحْبَابِهِ, كَمَا ذَكَرَهُ فِي النِّعْمَةِ الدِّينِيَّةِ, قَالَ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَهُ: لِيُهَنِّئَك6 مَا أَعْطَاك اللَّهُ, وَمَا مَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَيْك فَإِنَّ فِيهِ تَوْلِيَةَ النِّعْمَةِ رَبَّهَا, وَالدُّعَاءُ لِمَنْ نَالَهَا بِالتَّهَنِّي بِهَا. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ اسْتِحْبَابَ تَشْيِيعِ الْحَاجِّ وَوَدَاعِهِ وَمَسْأَلَتِهِ أَنْ يَدْعُوَ لَهُ, نَقَلَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: 7مَا سَمِعْنَا7 أَنْ يُدْعَى لِلْغَازِي إذَا قَفَلَ, وَأَمَّا الْحَاجُّ فَسَمِعْنَا "عَنْ" ابْنِ عُمَرَ وَأَبِي قِلَابَةَ8: وأن الناس ليدعون. وقال ابن أصرم: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَمِعْته يَقُولُ لِرَجُلٍ: تَقَبَّلَ اللَّهُ حَجَّك, وَزَكَّى عَمَلَك, وَرَزَقَنَا وَإِيَّاكَ الْعَوْدَ إلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ سَعْيَك, وَأَعْظَمَ أَجْرَك, وأخلف نفقتك; لأنه روي عن عمر1. وَتُكَفِّرُ الشَّهَادَةُ غَيْرَ الدَّيْنِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَغَيْرَ مَظَالِمِ الْعِبَادِ كَقَتْلٍ وَظُلْمٍ وَزَكَاةٍ وَحَجٍّ أَخَّرَهُمَا وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَجَّ يُسْقِطُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ, فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ, وَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عِرْضٍ, بِالْحَجِّ "ع". وَقَالَ الْآجُرِّيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخَبَرَ: إنَّ الشَّهَادَةَ تُكَفِّرُ غَيْرَ الدَّيْنِ2, قَالَ: هَذَا إنَّمَا هُوَ لِمَنْ تَهَاوَنَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ, أَمَّا مَنْ اسْتَدَانَ دَيْنًا وَأَنْفَقَهُ فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلَا تَبْذِيرٍ ثُمَّ لَمْ يُمْكِنْهُ قَضَاؤُهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْضِيه عَنْهُ, مَاتَ أَوْ قُتِلَ. وَتُكَفِّرُ طَهَارَةٌ وَصَلَاةٌ وَرَمَضَانُ وَعَرَفَةُ وَعَاشُورَاءُ الصَّغَائِرَ. فَقَطْ, قَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا حَجٌّ; لِأَنَّ الصَّلَاةَ وَرَمَضَانَ أَعْظَمُ مِنْهُ, وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةٌ لِلْكَبَائِرِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 أَوْ الصَّحِيحِ: "الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا" قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كِبَارَ الطَّاعَاتِ يُكَفِّرُ اللَّهُ مَا بَيْنَهُمَا لأنه لم يقل كفارة لصغار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذُنُوبِهِ, بَلْ إطْلَاقُهُ يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِرَ وَالْكَبَائِرَ قَالَ: وَقَوْلُهُ: "الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ" 1 أَيْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَمْ يُقَاوِمْهُ شَيْءٌ مِنْ الدُّنْيَا, وَقَوْلُهُ: "فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ" 2 أَيْ أَيَّامَ الْحَجِّ فَيَرْجِعُ وَلَا ذَنْبَ لَهُ, وَبَقِيَ حَجُّهُ فَاضِلًا لَهُ, لِأَنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ. وَالْمَذْهَبُ: لَا تَذْهَبُ, وَقَالَ فِي سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ: لَمَّا نَزَّهَ اللَّهَ تَعَالَى عَمَّا لا يجوز له3 نَزَّهَهُ مِنْ خَطَايَاهُ كُلِّهَا الَّتِي تَجُوزُ عَلَيْهِ. يُقَالُ: بَرِرْت أَبِي بِكَسْرِ الرَّاءِ أَبَرُّهُ بِضَمِّهَا مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ بِرًّا وَأَنَا بَرٌّ بِهِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبَارٌّ, وَجَمْعُ الْبَرِّ الْأَبْرَارُ, وَجَمْعُ الْبَارِّ الْبَرَرَةُ. وَهُوَ الْإِحْسَانُ وَفِعْلُ الْجَمِيلِ وَمَا يَسُرُّ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ عَرَفَ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظاهرة4 تعظيم قدرها بما5 في القلوب من5 الْإِيمَانُ وَهُوَ مُتَفَاضِلٌ لَا يَعْلَمُ مَقَادِيرَهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى, عَرَفَ أَنَّ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ حَقٌّ, وَلَمْ يَضْرِبْ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ, وَقَدْ يَفْعَلُ النَّوْعُ الْوَاحِدُ بِكَمَالِ إخْلَاصٍ وَعُبُودِيَّةٍ فَيُغْفَرُ لَهُ به كبائر كصاحب السجلات6, والبغي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الَّتِي سَقَتْ الْكَلْبَ فَغَفَرَ لَهَا1 كَذَا قَالَ. وَلِمُسْلِمٍ2 مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ "مَا مِنْ امْرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ". وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا "الْعُمْرَةُ إلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا, وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلَّا الْجَنَّةُ" وَعَنْهُ أَيْضًا مَرْفُوعًا "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا ولدته أمه" متفق عليهما3. وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا, قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ, وَيُسْتَحَبُّ وَلَوْ سَاعَةً نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: أَقَلُّهُ سَاعَةٌ, وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَقَامٍ بِمَكَّةَ, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا "ع", وَالصَّلَاةُ بِهَا أَفْضَلُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: فَأَمَّا فَضْلُ الصلاة فهذا4 شَيْءٌ خَاصَّةً, فَضْلٌ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ, قَالَ أَحْمَدُ إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ فَانْظُرُوا مَا عَلَيْهِ الثَّغْرُ, فَإِنَّ الْحَقَّ مَعَهُمْ. وَأَفْضَلُهُ بِأَشَدِّهَا خوفا. ويكره نقل الذرية أو5 النساء إلَيْهِ, وَنَهَى أَحْمَدُ عَنْهُ, فَذَكَرَ لَهُ أَبُو دَاوُد مَنَعَةَ طَرَسُوسَ وَغَيْرِهَا, فَكَرِهَهُ, وَنَهَى عَنْهُ, قلت: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَخَافُ عَلَيْهِ الْإِثْمَ؟ قَالَ: كَيْفَ لَا أَخَافُ وَهُوَ يَعْرِضُ بِذُرِّيَّتِهِ1 لِلْمُشْرِكِينَ, قِيلَ لَهُ: فَأَنْطَاكْيَةُ؟ قَالَ: لَا يَنْقُلُهُمْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ قَدْ أُغِيرَ عَلَيْهِمْ مُنْذُ سِنِينَ قَرِيبَةً مِنْ السَّاحِلِ, الشَّامُ كُلُّهَا إذَا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ فَلَيْسَ لِأَهْلِ خُرَاسَانَ عِنْدَهُمْ قَدْرٌ يَقُولُهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهَا بِالْعِيَالِ, قِيلَ: فَالْأَحَادِيثُ "إنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِي بِالشَّامِ"2 فَقَالَ: مَا أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِيهِ. قُلْت: فَلَعَلَّهَا فِي الثُّغُورِ؟ قَالَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَحَادِيثُ فِي الثُّغُورِ. وَذَكَرْت لَهُ مَرَّةً هَذَا أَنَّ هَذَا فِي الثُّغُورِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ: الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ أَيْنَ هِيَ؟ وَلَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ, هُمْ أَهْلُ الشَّامِ. وَقُعُودُهُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ, وَالتَّزْوِيجُ بِهِ أَسْهَلُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَنْتَقِلُ بِأَهْلِهِ إلَى مَدِينَةٍ تَكُونُ مَعْقِلًا لِلْمُسْلِمِينَ كَأَنْطَاكْيَةَ وَالرَّمْلَةِ وَدِمَشْقَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ مُوسَى: يُسْتَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ. وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ حَرُمَ قِتَالُهُ قَبْلَهَا, وَيَجِبُ ضَرُورَةً وَيُسَنُّ دَعْوَةُ مَنْ بَلَغَهُ, وَعَنْهُ: قَدْ بَلَغَتْ الدَّعْوَةُ كُلَّ أحد, فإن دعا لا بأس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ عَجَزَ عَنْ إظْهَارِ دِينِهِ بِدَارُ حَرْبٍ يَغْلِبُ فِيهَا حُكْمُ الْكُفْرِ زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ بَلَدِ بُغَاةٍ أَوْ بِدْعَةٍ كَرَفْضٍ وَاعْتِزَالٍ وَطَاقَ الْهِجْرَةَ لَزِمَتْهُ, وَلَوْ فِي عِدَّةٍ بِلَا رَاحِلَةٍ وَلَا مَحْرَمٍ, وَعَلَّلَ الْقَاضِي الْوُجُوبَ بِتَحْرِيمِ الْكَسْبِ عَلَيْهِ هُنَاكَ, لِاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ, لِأَخْذِهِمْ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَوَضْعِهِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ. قِيلَ لِلْقَاضِي: فَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ إلَى بَلَدٍ غَلَبَتْ الْبِدَعُ لِلْإِنْكَارِ؟ فَقَالَ: يَلْزَمُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلِهِ {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88] عَنْ الْقَاضِي: إنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ فَرْضًا إلَى أَنْ فُتِحَتْ مَكَّةُ, كَذَا قَالَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْحَجِّ بِمَحْرَمٍ: إنْ أَمِنَتْ1 عَلَى نَفْسِهَا مِنْ الْفِتْنَةِ فِي دِينِهَا لَمْ تُهَاجِرْ إلَّا بِمَحْرَمٍ. وَفِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ إذَا أَمْكَنَهَا إظْهَارُ دِينِهَا وَأَمِنَتْهُمْ عَلَى نَفْسِهَا لَمْ يُبَحْ إلَّا بِمَحْرَمٍ, كَالْحَجِّ, فَإِنْ لَمْ تَأْمَنْهُمْ جَازَ الْخُرُوجُ حَتَّى وَحْدَهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ. وَتُسَنُّ لِقَادِرٍ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: تَجِبُ عَلَيْهِ, وَأَطْلَقَ. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُسْتَوْعِبِ: لَا تُسَنُّ لِامْرَأَةٍ بِلَا رُفْقَةٍ, وَلَا يُعِيدُ مَا صَلَّى مَنْ لَزِمَتْهُ, وَلَا يُوصَفُ الْعَاجِزُ عَنْهَا بِاسْتِحْبَابٍ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي قَوْلِ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ1 السُّلَمِيِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَخِيهِ مُجَالِدٍ2 يُبَايِعُك عَلَى الْهِجْرَةِ. فَقَالَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ وَلَكِنْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ" 3 وَلِلْبُخَارِيِّ4: قُلْت: بَايِعْنَا عَلَى الْهِجْرَةِ, فَقَالَ "مَضَتْ الْهِجْرَةُ لِأَهْلِهَا". وَلِمُسْلِمٍ5 "إنَّ الْهِجْرَةَ مَضَتْ لِأَهْلِهَا, وَلَكِنْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْجِهَادِ وَالْخَيْرِ" قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: إنَّمَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ لِيَعْبُدَ اللَّهَ مُطْمَئِنًّا, فَلَمَّا فُتِحَتْ مَكَّةُ كَانَتْ عِبَادَةُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ, إذْ لَوْ فَسَحَ فِي الْهِجْرَةِ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ لَضَاقَتْ الْمَدِينَةُ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْ سُكَّانِهَا, كَذَا قَالَ. وَلَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي, وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: 56] أَنَّ الْمَعْنَى إذَا عُمِلَ بِالْمَعَاصِي فِي أَرْضٍ فَاخْرُجُوا مِنْهَا6. وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ7. وَهَذَا خلاف ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ظاهر1 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ"2 الْحَدِيثَ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ. وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ وَالِدٍ مُسْلِمٍ, قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ لَهُ أُمٌّ: اُنْظُرْ سُرُورَهَا, فَإِنْ أَذِنَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهَا وَإِلَّا فلا تغز. وفي الحرية وجهان "م 1" لَا جَدٌّ وَجَدَّةٌ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا تَحْضُرُنِي الْآنَ عَنْ أَحْمَدَ وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ وَاحْتِمَالٌ فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ, وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ وَاتَّفَقُوا أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ. وَإِنْ تَعَيَّنَ وَفِي الرَّوْضَةِ: أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَلَا إذْنَ. وَلَا غَرِيمَ لَا وَفَاءَ لَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ: لا يستأذن مع تأجيله, قال ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي الْحُرِّيَّةِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي3 وَالْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ, وَظَاهِرُ الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا.
أَحْمَدُ: يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ, قِيلَ لَهُ: فَكُلُّ1 الْعِلْمِ يُقِيمُ بِهِ دِينُهُ, قَالَ: الْفَرْضُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ, وَهَذَا خَاصَّةً يَطْلُبُهُ بِلَا إذْنٍ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ لَا يَأْذَنُ لَهُ أَبَوَاهُ: يَطْلُبُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يَنْفَعُهُ, الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ لَزِمَهُ التَّعَلُّمُ, وَقِيلَ: أَوْ كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ, وَقِيلَ: أَوْ نَفْلًا وَلَا يَحْصُلُ بِبَلَدِهِ فَلَهُ السَّفَرُ لِطَلَبِهِ بِلَا إذْنِ أَبَوَيْهِ. وَيَحْرُمُ بِلَا إذْنِ إمَامٍ إلَّا لِحَاجَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ2. وَفِي الْمُغْنِي وَفُرْصَةٌ يَخَافُ فَوْتَهَا, وَفِي الرَّوْضَةِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِيهِ, فَعَنْهُ: لَا يَجُوزُ, وَعَنْهُ جَوَازُهُ بِكُلِّ حَالٍ ظَاهِرًا وَخُفْيَةً وَعُصْبَةً وَآحَادًا وَجَيْشًا وَسَرِيَّةً, وَفِي الْخِلَافِ فِي الْجُمُعَةِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ: الْغَزْوُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقِيمَهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى الِانْفِرَادِ, وَلَا دُخُولُ دَارِ حَرْبٍ بِلَا إذْنِ إمَامٍ وَلَهُمْ إذَا كَانُوا مَنَعَةً فِعْلُهُ وَدُخُولُهَا بِلَا إذْنِهِ, وَمَنْ أَخَذَ مَا يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَزَاةٍ مُعَيَّنَةٍ فَالْفَاضِلُ لَهُ, وَإِلَّا فِي الْغَزْوِ. وَإِنْ أَخَذَ دَابَّةً غير عارية أو3 حبيس لغزوه4 عليها ملكها به, نقله ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا": لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُ مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ غير حر في الجهاد, وهو احتمال فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ والمنور وغيرهم.
الْجَمَاعَةُ وَمِثْلُهَا سِلَاحٌ وَغَيْرُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ الْوَقْفُ, قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَحْمِلُ وَيُعْطِي نَفَقَةً يَخْلُفُ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا فَإِذَا غَزَا فَهُوَ مِلْكُهُ, وَاحْتَجَّ بِخَبَرِ عُمَرَ1, قَالَ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ بِالنَّفِيرِ. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا يُعْطِي أَهْلَهُ إلَّا أَنْ يَصِيرَ إلَى رَأْسِ مَغْزَاهُ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عَنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: إذَا بَلَغْت وَادِي الْقُرَى2 فَهُوَ كَمَالِكٍ3, قَالَ: إذَا بَلَغَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ بَعَثَ4 لِأَهْلِهِ نَفَقَةً, وَقِيلَ: مَلَكَهُ لَا يَتَّخِذُ مِنْهُ سُفْرَةً وَلَا يُطْعِمُ أَحَدًا وَلَا يُعِيرُهُ وَلَا أَهْلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ: نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ لَا يَغْزُو عَلَى مَا لَيْسَ لَهُ, وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا إلَّا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إشْرَافِ5 نَفْسٍ, وَقِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الْمَسْأَلَةُ فِي الْحِمْلَانِ؟ فَقَالَ: أَكْرَهُ الْمَسْأَلَةَ فِي كُلِّ شيء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": الْأَبَوَانِ الرَّقِيقَانِ فِي الِاسْتِئْذَانِ كَالْحُرَّيْنِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَالزَّرْكَشِيِّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ وَقِيلَ أَوْ رَقِيقٌ لَمْ يَتَطَوَّعْ بِلَا إذْنِهِ, وَمَعَ رِقِّهِمَا فِيهِ وَجْهَانِ, فَقَدَّمَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَقِيقًا جَوَازَ التَّطَوُّعِ, وَأَطْلَقَ فيما إذا كانا رقيقين الخلاف
وَيَحْرُمُ فِرَارُ مُسْلِمِينَ وَلَوْ ظَنُّوا التَّلَفَ مِنْ مِثْلَيْهِمْ لِغَيْرِ تَحْرِيفٍ لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزٍ إلَى فِئَةٍ وَلَوْ بَعُدَتْ, وَيَجُوزُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَهُوَ أَوْلَى, مَعَ ظَنِّ التَّلَفِ بِتَرْكِهِ, وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي النَّسْخِ اسْتِحْبَابَ الثَّبَاتِ لِلزَّائِدِ, وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَنْبَأَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ قَالَ "لَا تُشْرِكْ بِاَللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُتِلْت وَحُرِّقْت, وَلَا تَعُقَّنَّ وَالِدَيْك وَإِنْ أَمَرَاك أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أهلك ومالك2, وَلَا تَتْرُكَنَّ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا, فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ, وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا, فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ, وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ, فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ تُحِلُّ سَخَطَ اللَّهِ, وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنْ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ, وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ, وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِك مِنْ طَوْلِك, وَلَا تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاك أَدَبًا, وَأَخِفْهُمْ فِي اللَّهِ" إسْمَاعِيلُ عَنْ الْحِمْصِيِّينَ حُجَّةٌ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ لَمْ يُدْرِك مُعَاذًا. وَإِنْ ظُنَّ الظَّفْرُ بِالثَّبَاتِ ثَبَتُوا, وَقِيلَ: لُزُومًا, وَإِنْ ظن الهلاك فيهما
قَاتَلُوا, وَعَنْهُ: لُزُومًا, قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُسْتَأْسَرَ1. وَقَالَ: فَلْيُقَاتِلْ أَحَبُّ إلَيَّ, الْأَسْرُ شَدِيدٌ, وَقَالَ عَمَّارٌ يَقُولُ: مَنْ اسْتَأْسَرَ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ2. فَلِهَذَا3 قَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْثَمُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ, قَالَ أَحْمَدُ: وَإِذَا أَرَادُوا ضَرْبَ عُنُقِهِ لَا يَمُدُّ رَقَبَتَهُ وَلَا يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ, فَلَا يُعْطِيهِمْ سَيْفَهُ لِيُقْتَلَ بِهِ وَيَقُولُ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ. وَلَا يَقُولُ: ابْدَءُوا بِي, وَلَوْ أُسِرَ هُوَ وَابْنُهُ لَمْ يَقُلْ قَدِّمُوا ابْنِي بَيْنَ يَدَيَّ. وَيَصْبِرُ, قَالَ: وَيُقَاتِلُ, وَلَوْ أعطوه الأمان, قد لا يقون4, وَقِيلَ لَهُ: إذَا أُسِرَ أَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ؟ قَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَقْوَى بِهِمْ, قَالَ: وَلَوْ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لَمْ يُعِنْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ, وَقِيلَ لَهُ: يَحْمِلُ الرَّجُلُ عَلَى مِائَةٍ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مَعَ فُرْسَانٍ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا يُسْتَحَبُّ انْغِمَاسُهُ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا نَهَى عَنْهُ, وَهُوَ مِنْ التَّهْلُكَةِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يَلْزَمُ ثَبَاتُ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ عَلَى الِانْفِرَادِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالنَّصِيحَةِ وَنِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَالْمُوجَزِ وَغَيْرِهَا: يَلْزَمُ وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ وَأَبُو طَالِبٍ. وَإِنْ اشْتَعَلَ مَرْكَبُهُمْ نَارًا فَعَلُوا5 مَا رَأَوْا السَّلَامَةَ فِيهِ 6وَإِلَّا خُيِّرُوا, كَظَنِّ السَّلَامَةِ6 فِي الْمَقَامِ وَالْوُقُوعِ فِي الْمَاءِ ظَنًّا مُتَسَاوِيًا, وَعَنْهُ: يَلْزَمُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُقَامُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً وَصَحَّحَهَا: يَحْرُمُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: جِهَادُ الدَّافِعِ لِلْكُفَّارِ يَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ, وَيَحْرُمُ فِيهِ الْفِرَارُ مِنْ مِثْلَيْهِمْ; لِأَنَّهُ جِهَادُ ضَرُورَةٍ لَا اخْتِيَارٍ, وَثَبَتُوا يَوْمَ أُحُدٍ وَالْأَحْزَابِ وُجُوبًا, وَكَذَا لما قدم التتار1 دِمَشْقَ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى مَرْفُوعًا "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ, فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2. وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: احْرِصْ عَلَى الْمَوْتِ تُوهَبُ لَك الْحَيَاةُ3. وَأَخَذَهُ الشَّاعِرُ فَقَالَ4: تَأَخَّرْتُ أَسْتَبْقِي الْحَيَاةَ فَلَمْ أَجِدْ ... لِنَفْسِي حَيَاةً مِثْلَ أَنْ أَتَقَدَّمَا وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْخَنْسَاءِ5: يُهِينُ النُّفُوسَ وَهَوْنُ النُّفُوسِ ... عِنْدَ الْكَرِيهَةِ أَوْقَى لها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: الْجُرْأَةُ وَالْجُبْنُ غَرَائِزُ يَضَعُهُمَا اللَّهُ حَيْثُ يَشَاءُ. فَالْجَبَانُ يَفِرُّ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ, وَالْجَرِيءُ يُقَاتِلُ عَمَّنْ لَا يَئُوبُ بِهِ إلَى رَحْلِهِ1, قَالَ الشَّاعِرُ2: يَفِرُّ جَبَانُ الْقَوْمِ عَنْ عُرْسِ3 نَفْسِهِ ... وَيَحْمِي شُجَاعُ الْقَوْمِ مَنْ لَا يُنَاسِبُهْ وَيُرْزَقُ مَعْرُوفَ الْجَوَادِ عَدُوُّهُ ... ويحرم معروف البخيل أقاربه وقال4 آخَرَ5: وَخَارِجٍ أَخْرَجَهُ حُبُّ الطَّمَعْ ... فَرَّ مِنْ الْمَوْتِ وَفِي الْمَوْتِ وَقَعْ مَنْ كَانَ يَهْوَى أَهْلَهُ فَلَا رَجَعْ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَتَمَثَّلُ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ: أَكَانَ الْجَبَانُ يَرَى أَنَّهُ ... سَيُقْتَلُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلْ وَقَدْ تُدْرِكُ الْحَادِثَاتُ الْجَبَانَ ... وَيَسْلَمُ مِنْهَا الشُّجَاعُ الْبَطَلْ6 وَمِنْ أَشْعَارِ الْجُبَنَاءِ7: أَضْحَتْ تُشَجِّعُنِي هِنْدٌ وَقَدْ عَلِمَتْ ... أَنَّ الشَّجَاعَةَ مَقْرُونٌ بها العطب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْحَرْبِ قَوْمٌ أَضَلَّ اللَّهُ سَعْيَهُمْ ... إذَا دَعَتْهُمْ إلَى نِيرَانِهَا وَثَبُوا وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلَا أَبْغِي فِعَالَهُمْ ... لَا الْقَتْلُ يُعْجِبُنِي مِنْهَا وَلَا السَّلْبُ لَا وَاَلَّذِي جَعَلَ الْفِرْدَوْسَ جَنَّتَهُ ... مَا يَشْتَهِي الْمَوْتَ عِنْدِي مَنْ لَهُ أَرَبُ وَقَالَ أَيْضًا: إنِّي أَضِنُّ بِنَفْسِي أَنْ أَجْوَدَ بِهَا ... وَالْجُودُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ السَّرَفِ مَا أَبْعَدَ الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِ الْجَبَانِ وَمَا ... أَحَلَّهُ بِالْفَتِيِّ الْحَامِي عن الشرف1.
فصل: يلزم كل أحد إخلاص النية لله عز وجل في الطاعات
فَصْلٌ: يَلْزَمُ كُلَّ أَحَدٍ إخْلَاصُ النِّيَّةِ لِلَّهِ عز وجل في الطاعات وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ, وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَا سِرًّا. قَالَ أَبُو دَاوُد: "بَابُ مَا يُدْعَى عِنْدَ اللِّقَاءِ" ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا غَزَا قَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَضُدِي وَنَصِيرِي, بِك أَحُولُ, وَبِك أَصُولُ, وَبِك أُقَاتِلُ" وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ. قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْحَوْلُ مَعْنَاهُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْحِيلَةُ, يُقَالُ: مَا لِلرَّجُلِ حَوْلٌ, وَمَا لَهُ مَحَالَةٌ, قَالَ: وَمِنْهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ, أَيْ لَا حِيلَةَ فِي دَفْعِ سُوءٍ وَلَا قُوَّةَ فِي دَرْكِ خَيْرٍ إلَّا بِاَللَّهِ, وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْمَنْعَ وَالدَّفْعَ, مِنْ قَوْلِك حَالَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ إذَا مَنَعَ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ, يَقُولُ: لَا أَمْنَعُ وَلَا أَدْفَعُ إلَّا بِك, وكان غير واحد منهم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا يَقُولُ هَذَا عِنْدَ قَصْدِ مَجْلِسِ عِلْمٍ. وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ تَعَاهُدُ خَيْلٍ وَرِجَالٍ, فَيَمْنَعُ مَا لَا يَصْلُحُ لِحَرْبٍ كَمُخَذِّلٍ يَفْنَدُ عَنْ الْغَزْوِ, وَمُرْجِفٍ يُحَدِّثُ بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَضَعْفِنَا, وَمُكَاتَبٍ بِأَخْبَارِنَا وَرَامٍ بَيْنَنَا, وَمَعْرُوفٍ بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ, وَصَبِيٍّ, ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَالْكَافِي2 وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهَا: طِفْلٌ وَنِسَاءٌ إلَّا عَجُوزًا لِمَصْلَحَةٍ, قَالَ بَعْضُهُمْ3: وَامْرَأَةً لِلْأَمِيرِ لِحَاجَتِهِ, بِفِعْلِ النَّبِيِّ4 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي مُخَذِّلٍ وَنَحْوِهِ وَلَا لِضَرُورَةٍ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ: بَلَى. وَيَحْرُمُ, وَيَتَوَجَّهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لِحَاجَةٍ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ مَعَ حُسْنِ رَأْيٍ فِينَا, زَادَ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي المحرر: وقوته بهم و5بِالْعَدُوِّ وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ: الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ, وَبَنَاهُمَا عَلَى الْإِسْهَامِ لَهُ: كَذَا قَالَ. وفي البلغة: يحرم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا لِحَاجَةٍ بِحُسْنِ الظَّنِّ. قَالَ: وَقِيلَ: إلَّا لِضَرُورَةٍ, وَأَطْلَقَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَلِفُ أَنَّهُ لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ وَلَا يُعَاوَنُونَ, وَأَخَذَ الْقَاضِي مِنْ تَحْرِيمِ الِاسْتِعَانَةِ تَحْرِيمَهَا فِي الْعِمَالَةِ وَالْكَتَبَةِ, وَسَأَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَنْ مِثْلِ الْخَرَاجِ؟ فَقَالَ: لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ فِي شَيْءٍ, وَأَخَذَ الْقَاضِي مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَوْنُهُ عَامِلًا فِي الزَّكَاةِ, فَدَلَّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ, وَالْأَوْلَى الْمَنْعُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَيْضًا, لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ مَفَاسِدُ أَوْ يُفْضِي إلَيْهَا, فَهُوَ أَوْلَى مِنْ مَسْأَلَةِ الْجِهَادِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ تَوَلَّى مِنْهُمْ دِيوَانًا لِلْمُسْلِمِينَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ; لِأَنَّهُ مِنْ الصَّغَارِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ إلَّا ضَرُورَةً. وَيَحْرُمُ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ, لِأَنَّ فِيهِ أَعْظَمَ الضَّرَرِ, و1لِأَنَّهُمْ دُعَاةٌ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لَا يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَعَنْهُ فِي الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: لَا يُغْتَرُّ بِهِمْ, فَلَا بَأْسَ فِيمَا لَا يُسَلَّطُونَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَكُونُوا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ. قَدْ اسْتَعَانَ بِهِمْ السَّلَفُ, وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ خِلَافُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَنُحَرِّمُ إعَانَتَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ إلَّا خَوْفًا وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي أَسِيرٍ لَمْ يَشْرِطُوا إطْلَاقَهُ وَلَمْ يُخِفْهُمْ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُقَاتِلُ مَعَهُمْ بِدُونِهِ. وَيُرْفَقُ بِسَيْرِهِمْ, نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَكْرَهُ السَّيْرَ الشَّدِيدَ إلَّا لِأَمْرٍ يحدث, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُعِدُّ لَهُمْ الزَّادَ, وَيُحَدِّثُهُمْ بِأَسْبَابِ النَّصْرِ وَيَتَخَيَّرُ مَنَازِلَهُمْ, وَيَتْبَعُ مَكَامِنَهَا, وَيَأْخُذُ بِعُيُونِ خَبَرِ1 عَدُوٍّ وَيُشَاوِرُ ذَا رَأْيٍ, وَيَجْعَلُ لَهُمْ عُرَفَاءَ وَشِعَارًا, وَيُسْتَحَبُّ أَلْوِيَةٌ بِيضٌ وَالْعَصَائِبُ فِي الْحَرْبِ, لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ إذَا نَزَلَتْ بِالنَّصْرِ نَزَلَتْ مُسَوَّمَةً بِهَا, نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَلِأَحْمَدَ2 عَنْ عَمَّارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ تَحْتَ رَايَةِ قَوْمِهِ. وَنَادَى بَعْضُ الصَّحَابَةِ3 فِي الْيَمَامَةِ وَغَيْرِهَا: يَا لَفُلَانٍ, وَلَمَّا كَسَعَ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيًّا, أَيْ ضَرَبَ دُبُرَهُ وَعَجِيزَتَهُ بِشَيْءٍ, قَالَ الْأَنْصَارِيُّ, يَا لَلْأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ بِفَتْحِ اللَّامِ لِلِاسْتِغَاثَةِ وَبِفَصْلِ اللَّامِ وَوَصْلِهَا فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ, دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ" فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ قَدْ فَعَلُوهَا, وَاَللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ, فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ قَالَ: دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ4. وَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ جَوَازُ الْقَتْلِ, وَتَرْكُهُ لِمُعَارِضٍ, وَيُوَافِقُهُ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} [التوبة: 73] وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ أَنَّ الْعَفْوَ كَانَ مَا لَمْ يُظْهِرُوا نِفَاقَهُمْ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَشَيْخِنَا فِي إرْثِ أَهْلِ الملل5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: فَإِنْ قِيلَ: تَرْكُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ لِأَيِّ مَعْنًى؟ قلنا1: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ, غَيْرَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ بَيَانَهُمْ, وَقَدْ كَانَ تَرْكُهُ الْحَدَّ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْفَعَةً وَقُوَّةً لِلْمُسْلِمِينَ. فَهَذِهِ 2ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لَنَا. وَذَكَرَ مِنْهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ عَقِبَ الْخَبَرِ3 الْمَذْكُورِ فِي2 بَابِ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا. وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ4 عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا بِالْجِعْرَانَةِ مُنْصَرِفُهُ مِنْ حُنَيْنٍ وَفِي ثَوْبِ بِلَالٍ فِضَّةٌ, وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبِضُ مِنْهَا وَيُعْطِي النَّاسَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اعْدِلْ, فَقَالَ: "وَيْلَكَ, وَمَنْ يَعْدِلُ إذْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ"؟. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي فَأَقْتُلُ هَذَا الْمُنَافِقَ, فَقَالَ: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي". قَالَ: هَذِهِ هِيَ الْعِلَّةُ, وَلِمُسْلِمٍ5 أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوَدَ,. وَلِأَحْمَدَ6 عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مَرْفُوعًا: "إذَا سَمِعْتُمْ مَنْ يَتَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ وَلَا تَكْنُوا" , وَإِنَّ أُبَيًّا قَالَهُ لِرَجُلٍ. وَيَجْعَلُ فِي كُلِّ جَنْبَةٍ كُفُوًا, ويصفهم ويمنعهم الفساد والتشاغل بتجارة, ويعد الصابر7 بِالْأَجْرِ وَلَا يَمِيلُ مَعَ ذِي قَرَابَةٍ أَوْ مذهب, قيل لأحمد في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآبِقِ لَا يُعْلَمُ طَرِيقُهُ: يَنْفِرُ لَهُ الْأَمِيرُ خَيْلًا؟ قَالَ: لَا, لَعَلَّهُمْ أَنْ يُعْطِبُوا, وَيَلْزَمُهُمْ الصَّبْرُ وَالنُّصْحُ وَالطَّاعَةُ, فَلَوْ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ جَمَاعَةً وَقْتَ لِقَاءِ الْعَدُوِّ فَأَبَوْا عَصَوْا, قَالَ الْآجُرِّيُّ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَوْ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ1 مِنْ رَقِيقِ الرُّومِ فَلْيَأْتِ بِهِ السَّبْيَ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَهَوْا إلَى مَا يَأْمُرُهُمْ, قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْخِلَافُ2 شَرٌّ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ, وَقَالَ: كَانَ يُقَالُ: لَا خَيْرَ مَعَ الْخِلَافِ وَلَا شَرَّ مَعَ الِائْتِلَافِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ3 عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مَرْفُوعًا "لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا" وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد بِكَرَاهَةِ تَمَّنِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ, وَظَاهِرُ النَّهْيِ التَّحْرِيمُ, نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إذَا جَاءَ الْخِلَافُ جَاءَ الْخِذْلَانُ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يُخَالِفُوهُ يَتَشَعَّبُ4 أَمْرُهُمْ, فَإِنْ كَانَ يَقُولُ: سِيرُوا وَقْتَ كَذَا وَيَدْفَعُ قَبْلَهُ دَفَعُوا مَعَهُ نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ أَحْمَدُ: السَّاقَةُ يُضَاعَفُ لَهُمْ الْأَجْرُ, إنَّمَا يَخْرُجُ فِيهِمْ أَهْلُ قُوَّةٍ وَثَبَاتٍ. وَيَحْرُمُ إحْدَاثُ شَيْءٍ كَاحْتِطَابٍ وَنَحْوِهِ وَتَعْجِيلٍ, وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْذَنَ إذَا عَلِمَ مَوْضِعَ مَخُوفٍ, قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُبَارَزَةٌ بِلَا إذْنِهِ, وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يحللهم, نص على ذلك. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْفُصُولِ: يَجُوزُ بِإِذْنِهِ لِمُبَارَزَةِ الشَّبَابِ الْأَنْصَارِيِّينَ يَوْمَ بَدْرٍ لَمَّا طَلَبَهَا عُتْبَةُ يَوْمَ بَدْرٍ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ1, وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ2 أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ بِلَا إذْنِهِ. وَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ وَفِي الْبُلْغَةِ: مُطْلَقًا سُنَّ لِلشُّجَاعِ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِهِ. وَفِي الْفُصُولِ فِي اللِّبَاسِ أَنَّهَا هَلْ تُسْتَحَبُّ لِلشُّجَاعِ ابْتِدَاءً لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُشْرِكِينَ أَمْ يُكْرَهُ لِئَلَّا يَنْكَسِرَ فَتَضْعُفُ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ, قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: يَكُونُ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَإِنْ شَرَطَ أَوْ كَانَ الْعَادَةُ أَنْ يُقَاتِلَهُ خَصْمُهُ فَقَطْ لَزِمَ, فَإِنْ انْهَزَمَ أَحَدُهُمَا وَفِي غَيْرِ الْبُلْغَةِ أَوْ أُثْخِنَ فَلِكُلِّ مُسْلِمٍ الدَّفْعُ وَالرَّمْيُ. قَالَ أَحْمَدُ وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ فِي الْقِتَالِ, وَعَلَى أَنْفِهِ, وَلَهُ لُبْسُ عَلَامَةٍ, كَرِيشِ نَعَامٍ, وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ لِشُجَاعٍ وَأَنَّهُ يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَيَجُوزُ تَبْيِيتُ عَدُوٍّ وَلَوْ مَاتَ بِهِ صَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ لَمْ يُرِدْهُمَا, وَرَمْيُهُمْ بِمَنْجَنِيقٍ نص على ذلك وقطع ماء وسابلة,. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا حَرْقَ نَحْلٍ وَتَغْرِيقَهُ, وَفِي أَخْذِ كُلِّ شَهْدِهِ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ شَيْءٌ رِوَايَتَانِ "م 2" وَيَجُوزُ عَقْرُ دَابَّةٍ لِحَاجَةِ أَكْلٍ. وَعَنْهُ: وَلِأَكْلٍ فِي غَيْرِ دَوَابِّ قِتَالِهِمْ, جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ, وَذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 إجْمَاعًا فِي دَجَاجٍ وَطَيْرٍ. وَاخْتَارَ إتْلَافَ دَوَابِّ قِتَالِهِمْ وَلَا يَدَعُهَا لَهُمْ, ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, وَعَكْسُهُ أَشْهَرُ. وَفِي الْبُلْغَةِ: يَجُوزُ قَتْلُ2 مَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ, وَلَوْ أَخَذْنَاهُ حَرُمَ قَتْلُهُ إلَّا لِأَكْلٍ وَإِنْ تَعَذَّرَ حَمْلُ مَتَاعٍ فَتُرِكَ3 وَلَمْ يُسْتَرَى فَلِلْأَمِيرِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ وَإِحْرَاقُهُ, نَصَّ عَلَيْهِمَا وَإِلَّا حَرُمَ, إذْ4 مَا جَازَ اغْتِنَامُهُ حَرُمَ إتْلَافُهُ وَإِلَّا جَازَ إتْلَافُ غَيْرِ حَيَوَانٍ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: وَلَوْ غَنِمْنَاهُ5 ثُمَّ عَجَزْنَا عَنْ نقله إلى دارنا, فقال ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 2" قوله: لَا حَرْقَ6 نَحْلٍ وَتَغْرِيقَهُ, وَفِي أَخْذِ كُلِّ شَهْدِهِ بِحَيْثُ لَا يُتْرَكُ لِلنَّحْلِ شَيْءٌ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي7 وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ8. "أَحَدُهُمَا" يَجُوزُ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي النظم.
الأمير: من أخذ شَيْئًا1 فَلَهُ, فَهُوَ لِآخِذِهِ, وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ, فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ. وَعَنْهُ: غَنِيمَةٌ, وَيَجِبُ إتْلَافُ كُتُبِهِمْ الْمُبَدَّلَةِ, ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ. وَلَنَا حَرْقُ شَجَرِهِمْ وَزَرْعِهِمْ وَقَطْعُهُ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا نَفْعٍ, وَعَنْهُ: إنْ تَعَذَّرَ قَتْلُهُمْ بِدُونِهِ أَوْ فَعَلُوهُ بِنَا وَإِلَّا حَرُمَ, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: لَا يُحْرَقُ وَلَا بَهِيمُهُ, إلَّا أَنْ يَفْعَلُوهُ بِنَا. قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُمْ يُكَافَئُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ, وَكَذَا تَغْرِيقُهُمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ, وَهَدْمُ عَامِرٍ قِيلَ هُوَ كَذَلِكَ, وَقِيلَ: يَجُوزُ "م 3" قال أحمد: لا يعجبني يلقى في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يَجُوزُ, وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ بلى2 هو قوي. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَكَذَا تَغْرِيقُهُمْ وَرَمْيُهُمْ بِنَارٍ وَهَدْمُ عَامِرٍ, قِيلَ: هُوَ كَذَلِكَ, وَقِيلَ: يَجُوزُ", انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ تَغْرِيقَهُمْ وَرَمْيَهُمْ بِالنَّارِ وَهَدْمَ عَامِرِهِمْ هَلْ هُوَ كَقَطْعِ الشَّجَرِ وَالزَّرْعِ وَنَحْوِهِمَا أَمْ تَجُوزُ هُنَا؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: "أَحَدُهُمَا": أَنَّهُ كَذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرُهُمْ. "وَالطَّرِيقُ الثَّانِي": الْجَوَازُ هُنَا, وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 بِالْجَوَازِ إذَا عَجَزُوا عَنْ أخذه بغير ذلك, وإلا لم تجز
نَهْرِهِمْ سُمٌّ, لَعَلَّهُ يَشْرَبُ مِنْهُ مُسْلِمٌ. وَيَحْرُمُ قَتْلُ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ, سَأَلَهُ1 أَبُو دَاوُد: الْمَطْمُورَةُ2 فِيهَا النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَسْأَلُهُمْ الْخُرُوجَ فَيَأْبَوْنَ, يُدْخِنُ عَلَيْهِمْ؟ فَكَرِهَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالنَّهْيِ. وَيَحْرُمُ قَتْلُ3 رَاهِبٍ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُخَالِطُ النَّاسَ, وَشَيْخٍ فان وزمن وَأَعْمَى. وَفِي الْمُغْنِي4: وَعَبْدٍ وَفَلَّاحٍ, وَفِي الْإِرْشَادِ5: وَحَبْرٍ إلَّا لِرَأْيٍ أَوْ قِتَالٍ أَوْ تَحْرِيضٍ. وَفِي الْمُغْنِي6: الْمَرْأَةُ إنْ تَكَشَّفَتْ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ شَتَمَتْهُمْ رُمِيَتْ, وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ وَكَلَامِ الْأَصْحَابِ: لَا. وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا, قِيلَ لِأَحْمَدَ: الرَّاهِبُ يُقْتَلُ إنْ خَافُوا يَدُلُّ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: لَا, وَمَا علمهم بذلك؟ فإن علموا حل دمه. وقال7 أَيْضًا: إنْ خَافُوا ذَهَبُوا بِهِ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لَا يُقْتَلُ مَعْتُوهٌ8 مِثْلُهُ لَا يُقَاتِلُ, فَإِنْ تترسوا بهم رميناهم بقصد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكُفَّارِ إنْ خِيفَ عَلَيْنَا فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: وَحَالَ الْحَرْبِ وَإِلَّا حَرُمَ, وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ جَازَ, وَإِنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ كُفْرٌ, وَفِي الدِّيَةِ الرِّوَايَتَانِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَجِبُ الرَّمْيُ وَيَكْفُرُ وَلَا دِيَةَ, قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ قَالُوا ارْحَلُوا عَنَّا وَإِلَّا قَتَلْنَا أَسْرَاكُمْ فَلْيَرْحَلُوا عَنْهُمْ.
فصل: ومن أسر أسيرا حرم على الأصح قتله
فَصْلٌ: وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حَرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامُ بِضَرْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ, 1وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ1 فِي الْمَرِيضِ, وفيه وجهان "م 4" ونقل أَبُو طَالِبٍ: لَا يُخَلِّيه وَلَا يَقْتُلُهُ, وَيَحْرُمُ قَتْلُ أَسِيرِ غَيْرِهِ, وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ لِرَجُلٍ قَتَلَهُ لِلْمَصْلَحَةِ, كَقَتْلِ بِلَالٍ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ أَسِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف أعانه عليه الأنصار2, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَمَنْ أَسَرَ أَسِيرًا حُرُمَ عَلَى الْأَصَحِّ3 قَتْلُهُ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الإمام بضربه أو غيره, و1عنه الوقف1 في المريض, وفيه وجهان" انتهى. اعْلَمْ أَنَّ الْأَسِيرَ إذَا عَجَزَ عَنْ الذَّهَابِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4, وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ, وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمَا, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وعنه التوقف فيه,
وَقَالَ: مَنْ قَتَلَ أَسِيرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَإِنْ قَتَلَ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا عَاقَبَهُ الْأَمِيرُ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ غَنِيمَةً. وَقَالَ أَبُو دَاوُد1: "بَابُ الْأَسِيرِ يُنَالُ مِنْهُ وَيُضْرَبُ" ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَنَسٍ: لَمَّا انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ إلَى بَدْرٍ, فَإِذَا هُوَ بِرَوَايَا2 قُرَيْشٍ فِيهَا عَبْدٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ, فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ: أَيْنَ أَبُو سُفْيَانَ؟ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا لِي بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ عِلْمٌ, وَلَكِنَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ جَاءَتْ, فَإِذَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ, وَذَكَرَ الْحَدِيثَ, وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ جَوَازُ ضَرْبِ الْأَسِيرِ الْكَافِرِ إذَا كان في ضربه طائل. ويختار الإمام الأصلح3 لَنَا لُزُومًا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: نَدْبًا فِي أَسْرَى مُقَاتِلَةِ أَحْرَارٍ مِنْ قَبْلٍ وَاسْتِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, بِخِلَافِ رَدِّ سِلَاحٍ, وَبِخِلَافِ مَالٍ بِلَا رِضًى غَانِمٍ, لِأَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ بِحَالٍ, فَمَا فَعَلَهُ تَعَيَّنَ, وَإِنْ تَرَدَّدَ نَظَرُهُ فَالْقَتْلُ أَوْلَى, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا لِلْإِمَامِ عمل ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي الْفُصُولِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ. "تَنْبِيهَانِ": "الْأَوَّلُ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا نَقْصًا بَعْدَ قَوْلِهِ "بِضَرْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ" وَتَقْدِيرُهُ, "وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ لِامْتِنَاعِ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ قَتَلَهُ", وَبِهَذَا صَرَّحَ الْأَصْحَابُ وَهُوَ وَاضِحٌ. "الثَّانِي" قَوْلُهُ "وَعَنْهُ الْوَقْفُ فِي الْمَرِيضِ وَفِيهِ وَجْهَانِ" ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي الْمَرِيضِ وَجْهَيْنِ: الْقَتْلُ, وَتَرْكُهُ, وَالْأَصْحَابُ قَدْ صَرَّحُوا أن فيه روايتين, وصححوا القتل,
الْمَصْلَحَةِ فِي مَالٍ وَغَيْرِهِ كَعَمَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَهْلِ مَكَّةَ1, وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُسْتَرَقُّ مَنْ عَلَيْهِ وَلَاءُ مُسْلِمٍ, بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْحَرْبِيِّ, لِبَقَاءِ نَسَبِهِ, وَقِيلَ: أَوْ وَلَاءٍ لِذِمِّيٍّ. وَلَا يُبْطِلُ اسْتِرْقَاقٌ حَقًّا لِمُسْلِمٍ, قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ لَا عَمَلَ لِسَبْيٍ إلَّا فِي مَالٍ, فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ قَوَدٍ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ, وَفِي سقوط دين من2 ذِمَّتِهِ لِضَعْفِهَا بِرِقِّهِ كَذِمَّةِ مَرِيضٍ احْتِمَالَانِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ إلَّا أَنْ يَغْنَمَ بَعْدَ إرْقَاقِهِ فَيَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ, فَيَكُونُ رِقُّهُ كَمَوْتِهِ, وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ حُلُولُهُ بِرِقِّهِ, وَإِنْ غَنِمَا مَعًا فَهُمَا لِغَانِمٍ وَدَيْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ, وَقِيلَ. إنْ زَنَى مُسْلِمٌ بِحَرْبِيَّةٍ وَأَحْبَلَهَا ثُمَّ سُبِيَتْ لَمْ تُسْتَرَقَّ, كَحَمْلِهَا مِنْهُ, وَفِي اسْتِرْقَاقِ مَنْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ جِزْيَةٌ3 رِوَايَتَانِ "م 5" وفيهم ـــــــــــــــــــــــــــــQفَيَحْتَمِلُ أَنَّ قَوْلَهُ "وَفِيهِ وَجْهَانِ" عَائِدٌ إلَى الْوَقْفِ, يَعْنِي فِي تَوَقُّفِ أَحْمَدَ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ, وَهَذَا صَحِيحٌ, لَكِنَّ كَوْنَ هَذَا مُرَادُهُ هُنَا فِيهِ بُعْدٌ, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ أَيْضًا وَتَقْدِيرُهُ "وَقِيلَ فِيهِ وَجْهَانِ" فَالنَّقْصُ قِيلَ, وَيُقَوِّي هَذَا قَوْلُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, "وَعَنْهُ: الْوَقْفُ فِيهِ" وَقِيلَ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: "تَرْكُهُ وَقَتْلُهُ", انتهى, فيكون فيه طريقان 4وهذا أولى4 فيما يظهر, والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِرْقَاقِ مَنْ "لَا تُقْبَلُ منه جزية روايتان" انتهى.
قَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يُقْبَلُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ, قَالَ فِي الْوَاضِحِ: يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مُفَادَاةٍ وَمَنٍّ كَمُرْتَدٍّ, وَزَادَ فِي الْإِيضَاحِ: أَوْ الفداء ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا": يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الصَّوَابُ, وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيِّ فِي الْإِيضَاحِ, وَقَدَّمَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي3, وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ, قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: هَذَا أَصَحُّ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. "تَنْبِيهَانِ"4 "الْأَوَّلُ" قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ "وَفِيهِمْ قَالَ الْخِرَقِيُّ. لَا يُقْبَلُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ وَزَادَ فِي الْإِيضَاحِ: أو الفداء", انتهى.
وَفِي الْمُوجَزِ رِوَايَةٌ كَالْخِرَقِيِّ وَصَحَّحَهُ وَرِوَايَةٌ: يُخَيَّرُ. وَفِي الِانْتِصَارِ رِوَايَةٌ: يُجْبَرُ الْمَجُوسِيُّ عَلَى الْإِسْلَامِ. وإن شهد الفداء فقد1 شَهِدَ خَيْرًا كَثِيرًا, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَشْهَدُهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْحَجِّ, فَإِنْ أَسْلَمُوا امْتَنَعَ الْقَتْلُ فَقَطْ, وَجَازَ الْفِدَاءُ لِيَتَخَلَّصَ بِهِ مِنْ الرِّقِّ, وَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ إلَى الْكُفَّارِ, أَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ إلَّا أَنْ تَمْنَعَهُ عَشِيرَةٌ وَنَحْوُهَا, وَنَصُّهُ: تَعْيِينُ رِقِّهِمْ وَإِنْ بَذَلُوا الْجِزْيَةَ قبلت. ولم تسترق زوجة وولد بالغ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي فِي الْخِرَقِيِّ كَاَلَّذِي2 فِي الْإِيضَاحِ مِنْ ذِكْرِ الْفِدَاءِ, 3فَلَعَلَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ مَا فِيهَا ذِكْرُ الْفِدَاءِ3, أَوْ أَرَادَ غَيْرَ الْخِرَقِيِّ فَسَبَقَ الْقَلَمَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 4"الثَّانِي" قَوْلُهُ. "فَإِنْ أَسْلَمُوا امْتَنَعَ الْقَتْلُ وَجَازَ الْفِدَاءُ, وَنَصُّهُ تَعْيِينُ رِقِّهِمْ", انتهى. مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْبُلْغَةِ, وَالْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ, قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُنَوِّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ والشرح5 والرعايتين والحاويين وغيرهم
وَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِهِ لِخَوْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَخْيِيرَ; لِأَنَّهُ لَا يَدَ عَلَيْهِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ فِي قَوَدٍ وَدِيَةٍ, لَكِنْ لَا قَوَدَ مَعَ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ, وَفِي الدية الخلاف "وش" وَغَيْرُهُ, كَبَاغٍ, أَوْ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ مَنْ قَتَلَ بِدَارِ حَرْبِ مَنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَبَانَ مُسْلِمًا, وَهَذَا أَوْلَى, لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ, بِخِلَافِ قَتْلِ الْبَاغِي, فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الكفارة "وش". وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُقِيمٌ بِمَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ قَبْلَ خُرُوجِهِ خَالِدًا لَمَّا رَجَعَ مِنْ هَدْمِ الْعُزَّى وَقَتَلَ الْمَرْأَةَ السَّوْدَاءَ الْعُرْيَانَةَ النَّاشِرَةَ الرَّأْسِ وَهِيَ الْعُزَّى, وَكَانَتْ بِنَخْلَةٍ لِقُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ, وَكَانَتْ أَعْظَمَ أَصْنَامِهِمْ1. وَبَعَثَهُ إلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَأَسْلَمُوا وَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا, فَقَالُوا: صَبَأْنَا2, صَبَأْنَا2, فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ. وَقَالَ: لَيْسَ هَذَا بِإِسْلَامٍ فَقَتَلَهُمْ, فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ مَنْ مَعَهُ, كَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَابْنِ عُمَرَ3, فَلَمَّا بَلَغَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَبْرَأُ إلَيْك مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ" مَرَّتَيْنِ4. وَبَعَثَ عَلِيًّا بِمَالٍ فَوَدَاهُمْ بِنِصْفِ الدِّيَةِ, وَضَمِنَ لَهُمْ مَا تَلِفَ5.
وَكَانَ بَيْنَ خَالِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ, فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "مَهْلًا يَا خَالِدُ, دَعْ عَنْكَ أَصْحَابِي, لَوْ كَانَ لَك أُحُدٌ ذَهَبًا ثُمَّ أَنْفَقْته فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا أَدْرَكْت غَدْوَةَ رَجُلٍ من أصحابي ولا روحته" 1. وَاحْتَجَّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا عَلَى تَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغَرْقَى مِنْ الْآخَرِ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ سَرِيَّةً إلَى قَوْمٍ مِنْ خَثْعَمَ, فَلَمَّا دَهَمَتْهُمْ الْخَيْلُ اعْتَصَمُوا بِالسُّجُودِ, فَقَتَلُوهُمْ فَوَدَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْصَافِ دِيَاتِهِمْ2 لِوُقُوعِ الْإِشْكَالِ فِيهِمْ هَلْ أَسْلَمُوا فَيَلْزَمُهُ إكْمَالُ دِيَاتِهِمْ أَمْ لَا فَلَا3 يَجِبُ شَيْءٌ؟ فَجَعَلَ فِيهِمْ نِصْفَ دِيَاتِهِمْ. وَكَذَا أَوْجَبَ الشَّرْعُ الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ السَّاقِطِ مَيِّتًا, وَالصَّاعِ فِي مُقَابَلَةِ4 لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ إنَّمَا أَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ لِأَنَّهُمْ أَعَانُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمُقَامِهِمْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَكَانُوا كَمَنْ مَاتَ بِجِنَايَةِ نَفْسِهِ وَجِنَايَةِ غَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ: الْأُمَّةُ يَقَعُ مِنْهَا التَّأْوِيلُ فِي الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ, ثُمَّ ذَكَرَ قَتْلَ أُسَامَةَ لِلرَّجُلِ الَّذِي أَسْلَمَ بَعْدَ أَنْ عَلَاهُ بِالسَّيْفِ5, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَخَبَرُ الْمِقْدَادِ1, قَالَ: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ يَحْرُمُ قَتْلُهُمْ, وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَضْمَنْ الْمَقْتُولُ, بِقَوَدٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَانَ مُتَأَوِّلًا, هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا. وَكَمَا لَا يَلْزَمُ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ. وَقَالَ أُسَيْدَ بْنُ حُضَيْرٍ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ: إنَّك مُنَافِقٌ2. وَقَالَ عُمَرُ عَنْ حَاطِبٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ3, وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الدِّخْشَنِ: إنَّهُ مُنَافِقٌ, وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ4, فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا. وَفِي الْبُخَارِيِّ5 أَنَّ بَعْضَهُمْ لَعَنَ رَجُلًا يُدْعَى حِمَارًا لِكَثْرَةِ شُرْبِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" وَلَمْ يُعَاقِبْهُ لِلَعْنِهِ لَهُ, فَالْمُتَأَوِّلُ الْمُخْطِئُ مغفور له بالكتاب6 والسنة7. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ: كَانُوا أَسْلَمُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا فَثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ الْعِصْمَةُ الْمُؤْثِمَةُ دُونَ الْمُضَمِّنَةِ, كَذُرِّيَّةِ حَرْبٍ, وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا بَعْدَ ذَلِكَ قِصَّةَ خَالِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ, وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ التَّضْمِينِ الْمُخَالِفِ عِنْدَهُ لِقِصَّةِ أُسَامَةَ, بَلْ قَالَ: إنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ كَمَا وَقَعَ مِنْ أُسَامَةَ, فَدَلَّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ, فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ: ظَاهِرُ قِصَّةِ أُسَامَةَ لَا تَضْمِينَ, وَقِصَّةُ خَالِدٍ تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ, أَنَّ التَّضْمِينَ لَيْسَ فِي الْمُسْنَدِ, وَلَا الْكُتُبِ السِّتَّةِ أَوْ يُقَالُ: قِصَّةُ خَالِدٍ فِيهَا التَّضْمِينُ وَفِي قِصَّةِ أُسَامَةَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ, وَمِثْلُ أُسَامَةَ يَعْلَمُهُ كَمَا يَعْلَمُ الْكَفَّارَةَ, وَلَمْ يُطَالِبْ إمَّا لِعُسْرَتِهِ, أَوْ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ بَيْتُ الْمَالِ وَلِلْإِمَامِ الْعَفْوُ مَجَّانًا, وَظَاهِرُ كَلَامِ شَيْخِنَا هَذَا أَنَّ مَنْ قَتَلَ بَاغِيًا فِي غَيْرِ حَرْبٍ مُتَأَوِّلًا لَا شَيْءَ فِيهِ, وَأَنَّ قَتْلَ الْبَاغِي لِلْعَادِلِ كَذَلِكَ لِلتَّأْوِيلِ, وَذُكِرَ فِي مَكَان آخَرَ قَتَلَ خَالِدٌ مَالِكَ بْنَ النُّوَيْرَةِ فَلَمْ يَقْتُلْهُ أَبُو بَكْرٍ1, كَمَا أَنَّ أُسَامَةَ لَمَّا قَتَلَ لَمْ يُوجِبْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوَدًا وَلَا دِيَةً وَلَا كَفَّارَةً, وَكَمَا أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَ بَنِي جَذِيمَةَ لَمْ يَقْتُلْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّأْوِيلِ, وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ2 أَسِيرٌ بِبَيِّنَةٍ. وَالْأَسِيرُ الْقِنُّ غَنِيمَةٌ وَلَهُ قَتْلُهُ, وَمَنْ فِيهِ نَفْعٌ لَا يُقْتَلُ كَامْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَأَعْمَى رَقِيقٍ بِالسَّبْيِ, نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: وَلَا كَفَّارَةَ وَلَا دِيَةَ فِي قَتْلِهِ. وَفِي الْوَاضِحِ: مَنْ لَا يَقْتُلُ غَيْرَ 3الْمَرْأَةِ3 وَالصَّبِيِّ يُخَيَّرُ فِيهِ بِغَيْرِ قَتْلٍ, وَفِي الْبُلْغَةِ: الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ رَقِيقٌ بِالسَّبْيِ, وَغَيْرُهُمَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ وَرِقُّهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: وَلَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ قَتْلُ أَبِيهِ وَابْنِهِ, وَمَنْ قَتَلَ أَسِيرًا غَيْرَ مَمْلُوكٍ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِيهِ, فَهَدَرٌ, وَمَتَى صَارَ لَنَا رَقِيقًا مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ حَرُمَ مُفَادَاتُهُ بِمَالٍ وَبَيْعُهُ1 لِكَافِرٍ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ, وَعَنْهُ: فِي الْبُلَّغِ2, وَعَنْهُ: غَيْرَ امْرَأَةٍ. وَيَجُوزُ مُفَادَاتُهُ بِمُسْلِمٍ, وَعَنْهُ الْمَنْعُ بِصَغِيرٍ, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَيَعْقُوبُ: لَا يُرَدُّ صَغِيرٌ وَنِسَاءٌ إلَى كُفَّارٍ. وَفِي الْبُلْغَةِ فِي مُفَادَاتِهِمَا بِمُسْلِمٍ رِوَايَتَانِ, وَلَا يُرَدُّ مُسْلِمٌ وَمُسْلِمَةٌ. وَيُكْرَهُ نَقْلُ رَأْسٍ, وَرَمْيُهُ بِمَنْجَنِيقٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي رَمْيِهِ: لَا يَفْعَلُ وَلَا يُحَرِّقُهُ. قَالَ أَحْمَدُ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَذِّبُوهُ, وَعَنْهُ إنْ مَثَّلُوا مُثِّلَ بِهِمْ, ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ شَيْخُنَا: الْمُثْلَةُ حَقٌّ لَهُمْ, فَلَهُمْ فِعْلُهَا لِلِاسْتِيفَاءِ وَأَخْذِ الثَّأْرِ, وَلَهُمْ تَرْكُهَا وَالصَّبْرُ أَفْضَلُ, وهذا حيث لا يكون في التمثيل3 "زِيَادَةٌ فِي الْجِهَادِ, وَلَا يَكُونُ نَكَالًا لَهُمْ عَنْ نَظِيرِهَا, فَأَمَّا إذَا كَانَ فِي التَّمْثِيلِ" الشَّائِعِ4 دُعَاءٌ لَهُمْ إلَى الْإِيمَانِ, أَوْ زَجْرٌ لَهُمْ عَنْ الْعُدْوَانِ, فَإِنَّهُ هُنَا مِنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ, وَالْجِهَادِ الْمَشْرُوعِ, وَلَمْ تَكُنْ الْقِصَّةُ فِي أُحُدٍ كَذَلِكَ. فَلِهَذَا كَانَ الصَّبْرُ أَفْضَلَ, فَأَمَّا5 إذَا كَانَ الْمُغَلَّبُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَالصَّبْرُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هُنَاكَ وَاجِبٌ, كَمَا يَجِبُ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِصَارُ, وَيَحْرُمُ الْجَزَعُ, هَذَا كَلَامُهُ وَكَذَا قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إنْ مَثَّلَ الْكَافِرُ بِالْمَقْتُولِ جَازَ أَنْ يُمَثَّلَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْإِجْمَاعِ قَبْلَ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خِصَاءَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ وَالتَّمْثِيلَ بِهِمْ حَرَامٌ. وَيَحْرُمُ أَخْذُهُ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَيْهِمْ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ غَرِيبٌ وَفِي نُسْخَةٍ حَسَنٌ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيِّ عن2 سُفْيَانَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْحَكَمِ عَنْ مِقْسَمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ أَرَادُوا أَنْ يَشْتَرُوا جَسَدَ3 رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ, فَأَبَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَهُمْ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ الْحَكَمِ, رَوَاهُ الْحَجَّاجُ أَيْضًا عَنْ الْحَكَمِ, قَالَ غَيْرُهُ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَالَ الْعِجْلِيُّ: جَائِزٌ الْحَدِيثُ. وَضَعَّفَ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ جِهَةِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَا: مُنْقَطِعٌ, لِأَنَّ الْحَكَمَ سَمِعَ مِنْ مِقْسَمٍ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا, وَرَوَاهُ أَحْمَدُ4 وَعِنْدَهُ: "ادْفَعُوا إلَيْهِمْ جِيفَتَهُ فَإِنَّهُ خَبِيثُ الْجِيفَةِ خَبِيثُ الدِّيَةِ" فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ شيئا, وله5 في رواية فخلى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. وَإِذَا حَصَرَ حِصْنًا لَزِمَهُ عَمَلُ المصلحة من مصابرته والموادعة بمال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْهُدْنَةِ بِشَرْطِهَا1. نَقَلَهُ2 الْمَرُّوذِيُّ وَإِنْ3 نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ حُرٍّ عَدْلٍ مُجْتَهِدٍ فِي الْجِهَادِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ جَازَ. وَفِي الْبُلْغَةِ: بِشَرْطِ صِفَاتِ الْقَاضِي إلَّا الْبَصَرَ, وَيَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِالْأَحَظِّ لَنَا, وَحُكْمُهُ لَازِمٌ, وَقِيلَ: بِغَيْرِ مَنٍّ, وقيل: في نساء وذرية, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلْإِمَامِ أَخْذُ فِدَاءٍ مِمَّنْ حُكِمَ بِرِقِّهِ أَوْ قَتْلِهِ, وَلَهُ الْمَنُّ مُطْلَقًا. وَفِي الْكَافِي1 وَالْبُلْغَةِ: يَمُنُّ عَلَى مَحْكُومٍ بِرِقِّهِ بِرِضَى غَانِمٍ. وَمَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ حُكْمِهِ فَمُسْلِمٌ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ, فَيَعْصِمُ نَفْسَهُ, وَوَلَدَهُ الصَّغِيرَ وَمَالَهُ حَيْثُ كَانَا, وَمَنْفَعَةٌ بِإِجَارَةٍ لِأَنَّهَا مَالٌ, وَحَمْلُ امْرَأَتِهِ لَا هِيَ, وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِرِقِّهَا. وَفِي الْبُلْغَةِ يَنْقَطِعُ نِكَاحُ الْمُسْلِمِ وَيُحْتَمَلُ: لَا, بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ, وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ, وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ حُكْمُهُ, فَإِنْ كَانَ بِقَتْلٍ وَسَبْيٍ عَصَمَ نَفْسَهُ لَا مَالَهُ, وَفِي اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ2 ذكرهما في الكافي1 وغيره "م 6". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ "وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ لَزِمَ حُكْمُهُ, فَإِنْ كَانَ بِقَتْلٍ وَسَبْيٍ عَصَمَ نَفْسَهُ لَا مَالَهُ3, وَفِي اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ" انْتَهَى. تَبِعَ صَاحِبُ4 الْكَافِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَعِنْدَ أَكْثَرِ5 الْأَصْحَابِ وَجْهَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. "إحْدَاهُمَا": لَا يُسْتَرَقُّونَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اختاره القاضي وغيره, وصححه في
وَإِنْ سَأَلُوا أَنْ يُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ لَزِمَهُ أَنْ يُنْزِلَهُمْ, وَخُيِّرَ, كَأَسْرَى. وَفِي الْوَاضِحِ: يُكْرَهُ. وَفِي الْمُبْهِجِ: لَا يُنْزِلُهُمْ, لِأَنَّهُ كَإِنْزَالِهِمْ بِحُكْمِنَا وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ, وَلَوْ كَانَ بِهِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَبَذَلَهَا لِعَقْدِ الذِّمَّةِ عُقِدَتْ مَجَّانًا وَحَرُمَ رِقُّهُ. وَلَوْ جَاءَنَا عَبْدٌ مُسْلِمًا وَأُسِرَ سَيِّدُهُ أَوْ غَيْرُهُ فَهُوَ حُرٌّ, وَلِهَذَا لَا نَرُدُّهُ فِي هُدْنَةٍ, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَالْكُلُّ لَهُ, وَإِنْ أَقَامَ بِدَارِ حَرْبٍ فَرَقِيقٌ, وَلَوْ جَاءَ مَوْلَاهُ بَعْدَهُ لَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ, وَلَوْ جَاءَ قَبْلَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ جاء هو مسلما1 فهو لَهُ, وَإِنْ خَرَجَ عَبْدٌ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ نَزَلَ مِنْ حِصْنٍ فَهُوَ حُرٌّ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ غَنِيمَةٌ, فَلَوْ هَرَبَ إلَى الْعَدُوِّ ثُمَّ جَاءَ بِمَالٍ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَالْمَالُ لَنَا. وَلَمَّا جَاءَ وَفْدُ ثَقِيفٍ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 وَسَأَلُوهُ أَنْ يَدَعَ لَهُمْ الطَّاغِيَةَ وَهِيَ اللَّاتُ لَا يَهْدِمُهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَأَبَى حَتَّى سَأَلُوهُ شَهْرًا فَأَبَى, فأظهروا أنهم ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّصْحِيحِ وَالْخُلَاصَةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُسْتَرَقُّونَ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ, وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْهِدَايَةِ وَمَالَ إلَيْهِ. 5فَهَذِهِ ست مسائل في هذا الكتاب5.
يُرِيدُونَ أَنْ يُسْلِمَ بِتَرْكِهَا1 جَمَاعَةٌ مِنْ سُفَهَائِهِمْ وَذَرَارِيّهِمْ وَلَا يُرَوِّعُوا قَوْمَهُمْ بِهَدْمِهَا حَتَّى يَدْخُلَهُمْ الْإِسْلَامُ, فَأَبَى إلَّا أَنْ يَبْعَثَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَهْدِمَانِهَا2, فِيهِ وُجُوبُ هَدْمِ ذَلِكَ لِمَا فِي بَقَائِهِ مِنْ الْمَفْسَدَةِ, وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ الطَّوَاغِيتِ3, قَالَ فِي الْهَدْيِ: وَهَكَذَا حُكْمُ الْمَشَاهِدِ وَمَا يُقْصَدُ بِالْعَظِيمِ وَالنَّذْرِ من الأحجار. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب قسمة الغنيمة
باب قسمة الغنيمة مدخل ... باب قسمة الْغَنِيمَةُ مَا أُخِذَ مِنْ كُفَّارٍ قَهْرًا بِقِتَالٍ وَتُمُلِّكَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ كَعِتْقِ عَبْدٍ حَرْبِيٍّ وَإِبَانَةِ امْرَأَةٍ أَسْلَمَا وَلَحِقَا بِالْجَيْشِ وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهِمَا: بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ لَا فِي فَوْرِ الْهَزِيمَةِ لِلَبْسِ الْأَمْرِ هَلْ هُوَ حِيلَةٌ أَوْ ضَعْفٌ وَفِي الْبُلْغَةِ بِاسْتِيلَاءٍ تَامٍّ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَزَادَ الْقَاضِي: مَعَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا بِمِلْكِ الْأَرْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: تَمَلُّكٍ كَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ بِالْقَصْدِ وَلَنَا تَبَايُعُهَا وَقِسْمَتُهَا فِيهَا فِي الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهَا مُلِكَتْ وَهُوَ أَنْفَعُ وَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ وَفِي الْبُلْغَةِ رِوَايَةٌ: لا تصح وَإِلَّا حُرِّمَ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَدَّ مَا اشْتَرَاهُ ابْنُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ جَلُولَاءِ لِلْمُحَابَاةِ1 فَإِنْ أَخَذَهَا عَدُوٌّ مِنْ مُشْتَرٍ فمنه نقله الجماعة وعنه: منبائعه اختاره الخرقي. وَلَا يَمْلِكُ كُفَّارٌ حُرًّا مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا, ويلزم فداؤه, كحفظهم من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْأَذَى, وَنَصُّهُ فِي ذِمِّيٍّ: إنْ اُسْتُعِينَ بِهِ, ولا فداء بخيل وسلاح و1مُكَاتَبٍ 2وَأُمِّ2 وَلَدٍ, وَمَنْ اشْتَرَاهُ رَجَعَ فِي الْمَنْصُوصِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: مَا لَمْ يَنْوِ التَّبَرُّعَ, فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنِهِ فوجهان "م 1" واختار الآجري: لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَادَةَ الْأَسْرَى وَأَهْلِ الثَّغْرِ ذَلِكَ, فَيَشْتَرِيهِمْ لِيُخَلِّصَهُمْ وَيَأْخُذَ مَا وَزَنَ لَا زِيَادَةَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ, وَيَمْلِكُونَ مَالنَا بِالْقَهْرِ, كَبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ, اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ أَوْ لا, ذكره في الانتصار و3شَيْخُنَا, وَعَنْهُ: إنْ حَازُوهُ بِدَارِهِمْ, نَصَّ عَلَيْهِ فِيمَا بَلَغَ بِهِ قُبْرُسَ يُرَدُّ إلَى أَصْحَابِهِ لَيْسَ غَنِيمَةً وَلَا يُؤْكَلُ, لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحُوزُوهُ إلَى بِلَادِهِمْ وَلَا إلَى أَرْضٍ هُمْ أَغْلَبُ عَلَيْهَا, وَلِهَذَا قِيلَ لَهُ: أَصَبْنَا فِي قُبْرُسَ مِنْ مَتَاعِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ: يُعْرَفُ وَقَالَ: أَهْلُ قُبْرُسَ كَانُوا سُبُوا فَدَخَلَ بَقِيَّتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِمْ, فَنَقَمُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ, وَقِيلَ لَهُ: غُزَاةُ الْبَحْرِ يَنْتَهُونَ إلَى قُبْرُسَ, فَيُرِيدُ الْأَمِيرُ أَنْ يَأْخُذَ خَبَرَ الرُّومِ فَيَبْعَثُ سَرِيَّةً لِيَأْخُذُوا أَعْلَاجًا مِنْ أَهْلِ قُبْرُسَ لِيَسْتَخْبِرَ4 مِنْهُمْ خَبَرَ الرُّومِ ثُمَّ يَتْرُكُهُمْ, فَمَا تَرَى 5فِي الْخُرُوجِ5 في هذه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ "فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ ثَمَنِهِ فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي, وَهُوَ قوي.
السَّرِيَّةِ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي, أَخَافُ أَنْ يَرْغَبُوا وَلَهُمْ ذِمَّةٌ, وَقِيلَ لَهُ: أَخَذُوا مَرْكَبًا لِلرُّومِ فِيهَا نَاسٌ مِنْ قُبْرُسَ فَقَالُوا: أُكْرِهْنَا عَلَى الْخُرُوجِ أَيُقْتَلُونَ؟ قَالَ: لَوْ تَرَكُوهُ كَانَ أَحْسَنَ, لَا يُقْتَلُونَ, وَقِيلَ لَهُ يُحْمَلُ مِنْ قُبْرُسَ حَجَرُ الْمِسَنِّ1 وَالْكِيرُ, وَيُحْمَلُ الْمِلْحُ مِنْ سَاحِلِهَا لِيَأْكُلَهُ فَيَفْضُلُ مِنْهُ, يَأْتِي بِهِ مَنْزِلَهُ؟ فَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ, وَعَنْهُ: لَا يَمْلِكُونَهُ وَلَوْ حَازُوهُ بِدَارِهِمْ, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ ونصره أبو الخطاب وابن شهاب وَاحْتَجَّا بِقَوْلِهِ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] قَالَ2: وَلِأَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ رَقِيقًا بِرِضَانَا بِالْبَيْعِ. عِنْدَ أَصْحَابِنَا فَهُنَا أَوْلَى, وَكَأَحَدٍ مُسْتَأْمَنٍ لَهُ بِدَارِنَا بِعَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ غَصْبٍ, وَكَحَبِيسٍ3 وَوَقَفَ, وَعَنْهُ أُمُّ الْوَلَدِ كَوَقْفٍ, صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, فَعَلَى الْأَوْلَى يَمْلِكُونَ مَا أَبَقَ وَشَرَدَ إلَيْهِمْ وَعَنْهُ: لَا, وَمَا لَمْ يَمْلِكُوهُ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَجَّانًا وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِ مَنْ هُوَ مَعَهُ أَوْ قِسْمَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْهُمْ, وَإِنْ جَهِلَ رَبَّهُ وَقَفَ أَمْرُهُ4. وَفِي التَّبْصِرَةِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِمَا لَمْ يَمْلِكُوهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِثَمَنِهِ, لِئَلَّا يُنْتَقَضُ حُكْمُ الْقَاسِمِ, وَمَا مَلَكُوهُ إنْ كَانَ أُمَّ وَلَدٍ لَزِمَ السَّيِّدَ أخذها, لكن بعد القسمة ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَسِيرِ, لِأَنَّهُ غَارِمٌ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, قَطَعَ بِهِ فِي المغني5 والشرح6, ونصراه.
بِالثَّمَنِ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَمَا سِوَاهَا لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَجَّانًا. وَيُعْمَلُ بِقَوْلِ عَبْدٍ مَأْسُورٍ هُوَ لِفُلَانٍ أَوْ بِسِيمَةِ حَبِيسٍ, نَصَّ عَلَيْهِمَا, سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: أَخَذْنَا مَرَاكِبَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ فِيهَا النَّوَاتِيَّةُ يَعْنِي الْمَلَّاحَ, فَقَالُوا هَذَا الْمَرْكَبُ لِفُلَانٍ وَهَذَا لِفُلَانٍ. قَالَ: هَذَا قَدْ عُرِفَ صَاحِبُهُ, لَا يُقَسَّمُ. فَإِنْ أَبَى أَوْ جَهِلَ رَبَّهُ قَسَّمَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ قِسْمَتُهُ. قِيلَ لِأَحْمَدَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوقِفُوهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ رَبُّهُ؟ قَالَ: إذَا عُرِفَ, فَقِيلَ هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ رَبُّهُ بِالْقُرْبِ. وَمَتَى وَجَدَهُ رَبُّهُ1 قَسَّمَهُ أَوْ شِرَاءٌ مِنْهُمْ أَخَذَهُ فِي الشِّرَاءِ بِثَمَنِهِ, وَعَنْهُ: وَفِي الْقِسْمَةِ بِقِيمَتِهِ, وَعَنْهُ فِيهَا بِثَمَنِهِ الَّذِي حُسِبَ بِهِ, ذَكَرَهُ فِي الْبُلْغَةِ, وَعَنْهُ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهِمَا, كَوِجْدَانِهِ بِيَدِ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهِ وَقَدْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ أَوْ أَسْلَمَ, وَلَوْ وَجَدَهُ رَبُّهُ بِيَدِ مَنْ أَخَذَهُ منهم مجانا أخذه بغير قيمة2, عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُمْ لَزِمَ تَصَرُّفَهُ, وَفِي أَخْذِ رَبِّهِ لَهُ مِمَّنْ بِيَدِهِ مَا تَقَدَّمَ, وَمَتَى أَحَبَّ أَخْذَ مُكَاتَبِهِ بَقِيَ عَلَى كِتَابَتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ, وإلا كان عند3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُشْتَرِيهِ عَلَى بَقِيَّةِ كِتَابَتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ: إنْ عَلِمَ رَبُّهُ بِقَسْمِهِ وَبَيْعِهِ وَلَمْ يُطَالِبْ فَهُوَ رِضَا. وَتُرَدُّ مُسْلِمَةٌ سَبَاهَا الْعَدُوُّ إلَى زَوْجِهَا وَوَلَدِهَا مِنْهُمْ كَمُلَاعَنَةٍ وَزِنًا, وَإِنْ أَبَى الْإِسْلَامَ ضُرِبَ وَحُبِسَ حَتَّى يُسْلَمَ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَقْتُلَ.
فصل: ويبدأ في قسمة الغنيمة بمن تقدم وبمستحق السلب,
فَصْلٌ: وَيُبْدَأُ فِي قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بِمَنْ تَقَدَّمَ وَبِمُسْتَحَقِّ السَّلَبِ, وَهُوَ مَنْ غَرَّرَ حَالَ الْحَرْبِ فَقَتَلَ, أَوْ أَثْخَنَ كَافِرًا مُمْتَنِعًا لَا مُشْتَغِلًا بِأَكْلٍ وَنَحْوِهِ, وَمُنْهَزِمًا, نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ: {إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16] . قَالَ أَحْمَدُ: إنَّمَا سَمِعْنَا: لَهُ سَلَبَهُ فِي الْمُبَارَزَةِ, وَإِذَا الْتَقَى الزَّحْفَانِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ: إنَّمَا يُعْطِي السَّلَبَ مَنْ بَارَزَ فَقَتَلَ قِرْنَهُ1 دُونَ مَنْ لَمْ يُبَارِزْ, وَعَنْهُ: بِشَرْطِهِ لَهُ, اخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ, وَعَنْهُ: وَأَذِنَ الْإِمَامُ, وَقِيلَ: وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الرَّضْخِ وَلَا الْمَقْتُولُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً وَنَحْوَهُمَا قَاتَلُوا. وَقَالَ شَيْخُنَا ومن العقوبة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَالِيَّةِ حِرْمَانُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّلَبَ لِلْمَدَدِيِّ لَمَّا كَانَ فِي أَخْذِهِ عُدْوَانٌ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ1. وَفِي الْفُنُونِ: يَجُوزُ أَنَّهُ يَكُونُ, قِيلَ لَهُ: عَاقِبْ مَنْ تَرَى بِحِرْمَانِ الْمَالِ. وَلَا يُخْمَسْ, وَإِنْ قَتَلَهُ اثْنَانِ فَسَلَبَهُ غَنِيمَةٌ, كَأَكْثَرِ, فِي الْأَصَحِّ, وَنَصَّهُ: غَنِيمَةٌ, وَقَالَ الْآجُرِّيُّ وَالْقَاضِي: لَهُمَا. وَإِنْ أَسَرَهُ فَقَتَلَ أَوْ رَقَّ أَوْ فَدَى فَغَنِيمَةٌ, وَقِيلَ: الْكُلُّ لِمَنْ أَسَرَهُ, وَإِنْ قَطَعَ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ يَدًا وَرِجْلًا وَقَتَلَهُ آخَرُ فَغَنِيمَةٌ, وَقِيلَ: لِلْقَاتِلِ, وَقِيلَ لِلْقَاطِعِ, كَقَطْعِ أَرْبَعَةٍ, وَإِنْ قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا فَلِلْقَاتِلِ, كَمَا لَوْ عَانَقَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ, وَقِيلَ غَنِيمَةٌ. وَالسَّلَبُ: مَا عَلَيْهِ حَتَّى مِنْطَقَةُ ذَهَبٍ, وَعَنْهُ: فِي السَّيْفِ: لَا أَدْرِي, وَدَابَّتِهِ الَّتِي قَاتَلَ عَلَيْهَا وَمَا عَلَيْهَا, وَعَنْهُ: أَوْ آخِذًا عِنَانَهَا, وَعَنْهُ: الدَّابَّةُ وَآلَتُهَا غَنِيمَةٌ, كَنَفَقَتِهِ, عَلَى الْأَصَحِّ وَكَرَحْلِهِ وَخَيْمَتِهِ وَجَنِيبِهِ2 قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَحِلْيَةِ دَابَّتِهِ. ثُمَّ يُعْطَى, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُعْطَى أُجْرَةً من جمع الغنيمة وحفظها, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَعَلَ مَنْ دَلَّهُ عَلَى مَصْلَحَةٍ كَطَرِيقٍ وَحِصْنٍ إنْ شَرَطَهُ, مِنْ الْعَدُوِّ, وَيَجُوزُ 1أَنْ يَكُونَ1 مَجْهُولًا مِنْهُمْ, لَا مِنَّا, فَإِنْ جَعَلَ لَهُ مِنْهُمْ امْرَأَةً فَمَاتَتْ أَوْ لَمْ تُفْتَحْ فَلَا شَيْءَ لَهُ, وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْفَتْحِ فَالْقِيمَةُ, وَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَهِيَ أَمَةٌ أَخَذَهَا, وَمَعَ كُفْرِهِ قِيمَتُهَا, ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ فَفِي أَخْذِهَا2 احْتِمَالَانِ "م 2" وَإِنْ فُتِحَ صُلْحًا فَقِيمَتُهَا وَالْأَشْهَرُ إنْ أَبَى إلَّا هِيَ وَلَمْ تبذل له3 فَسْخُ الصُّلْحِ, وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ: هِيَ لَهُ, لِسَبْقِ حَقِّهِ, وَلِرَبِّ الْحِصْنِ الْقِيمَةُ, وَإِنْ بُذِلَتْ مَجَّانًا أَوْ بِالْقِيمَةِ لَزِمَ أَخْذُهَا وَإِعْطَاؤُهَا لَهُ, وَالْمُرَادُ غَيْرُ حُرَّةٍ الْأَصْلُ وَإِلَّا قِيمَتُهَا.
فصل: ثم يخمس الباقي ويقسم خمسه خمسة أسهم,
فَصْلٌ: ثُمَّ يُخَمَّسُ الْبَاقِي وَيُقَسَّمُ خُمُسُهُ خَمْسَةَ أسهم, نص عليه: سهم لله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "ثُمَّ إنْ أَسْلَمَ فَفِي أَخْذِهِ احْتِمَالَانِ", انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ أَسْلَمَتْ وَهِيَ أَمَةٌ فَإِنَّهَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَافِرًا فَلَهُ قِيمَتُهَا بِلَا نِزَاعٍ, فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَذَكَرَ فِي أَخْذِهَا احْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. "أَحَدُهُمَا": لَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا. وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الْقِيمَةَ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ4 وغيرهم, لاقتصارهم على إعطائه قيمتها ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 ليست في "ر" و"ط". 4 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/131". 5 "13/59".
وَلِرَسُولِهِ مَصْرِفُهُ كَالْفَيْءِ, وَعَنْهُ: فِي الْمُقَاتِلَةِ, وَعَنْهُ: فِي كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ, وَعَنْهُ: فِي الثَّلَاثَةِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لِمَنْ يَلِي الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ وَاحْتَجَّ بِنُصُوصٍ1 وَلَمْ يَذْكُرْ سَهْمَ اللَّهِ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَعَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ جَمَعَ بَنِي مَرْوَانَ حِينَ اُسْتُخْلِفَ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ لَهُ فَدَكُ, فَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهَا وَيَعُودُ مِنْهَا عَلَى صَغِيرِ بَنِي هَاشِمٍ, وَيُزَوِّجُ مِنْهُ أَيِّمَهُمْ, وَإِنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتْهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهَا فَأَبَى, وَكَانَتْ كَذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ, ثُمَّ عَمِلَ فيها أبو بكر بذلك2, ثُمَّ عُمَرُ, ثَمّ أُقْطِعَهَا مَرْوَانُ, ثُمَّ صَارَتْ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ3. رَأَيْتُ أَمْرًا مَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ليس لي بحق, وإني أشهدكم4 أني5 قَدْ رَدَدْتُهَا عَلَى مَا كَانَتْ, حَدِيثٌ حَسَنٌ رواه أبو داود6, وأقطعها مروان ـــــــــــــــــــــــــــــQ"والاحتمال الثاني": له أخذها.
فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ1, وَذَلِكَ مِمَّا تَعَلَّقُوا بِهِ عَلَيْهِ. وَتَأْوِيلُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد2, حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إنَّ اللَّهَ إذَا أَطْعَمَ نَبِيًّا طُعْمَةً فَهِيَ لِلَّذِي يَقُومُ مِنْ بَعْدِهِ". وَرُوِيَ أَيْضًا3 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ عَنْ حَاتِمِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "لَا نُوَرِّثُ, مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ, وَإِنَّمَا هَذَا الْمَالُ لِآلِ مُحَمَّدٍ, لِنَائِبَتِهِمْ ولضيفهم4, فَإِذَا مِتُّ فَهُوَ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ مِنْ بَعْدِي" وَرَوَاهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ5 مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ, وَأُسَامَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ, وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ أَجْرِي عَلَى فِعْلِ مَنْ قَامَ مَقَامَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ الْأَئِمَّةِ جَازَ, وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ بِهَذَا السَّهْمِ مَا شَاءَ6, قَالَهُ فِي الْمُغْنِي7, وَفِي رَدِّ شَيْخِنَا عَلَى الرَّافِضِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا "وش" إنَّ اللَّهَ أضاف هذه الأموال إضافة ملك كسائر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَمْلَاكِ النَّاسِ, ثُمَّ اخْتَارَ قَوْلَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ, بَلْ أَمْرُهَا إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ, يُنْفِقُهَا فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ, فَيُثَابُ عَلَيْهَا كُلِّهَا, بِخِلَافِ مَا مَلَكَهُ اللَّهُ تعالى لعباده, فإن لهم1 صَرْفَهُ فِي الْمُبَاحِ. وَسَهْمٌ لِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ابْنَيْ2 عَبْدِ مَنَافٍ, وَقِيلَ: لِفُقَرَائِهِمْ, وَفِي تفضيل 3ذكرهم على أنثاهم3 رِوَايَتَانِ "م 3" فَإِنْ لَمْ يَأْخُذُوهُ فَفِي كُرَاعٍ وَسِلَاحٍ, كَفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ4, ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَلَا شَيْءَ لِمَوَالِيهِمْ. وَسَهْمٌ لِلْيَتَامَى, مَنْ لَا أَبَ لَهُ وَلَمْ يَبْلُغْ, وَالْأَشْهَرُ الْفُقَرَاءُ. وسهم للمساكين, فيدخل الفقير. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 3" قوله: "وفي تفضيل 3ذكرهم على أنثاهم3 رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمْ: "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ التَّفْضِيلُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَبِهِ قَطَعَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالْعُمْدَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي7 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالنَّظْمِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى, قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ في شرحه.
وسهم لأبناء السبيل, المسلمين مِنْ الْكُلِّ, فَيُعْطُوا كَزَكَاةٍ, وَيَعُمُّ بِسِهَامِهِمْ جَمِيعَ الْبِلَادِ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ: لَا يَلْزَمُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يَكْفِي وَاحِدٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ, وَمِنْ ذَوِي الْقُرْبَى إذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ, عَلَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لِمَ لَا نَقُولُ بِهِ فِي الزَّكَاةِ؟ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا إعْطَاءَ الْإِمَامِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ لِلْمَصْلَحَةِ, كَزَكَاةٍ, وَاخْتَارَ أَيْضًا أَنَّ الْخُمُسَ وَالْفَيْءَ وَاحِدٌ, يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ "وم" وَفِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ أَنَّهُ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ, وَأَنَّ عَنْ أَحْمَدَ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فإنه جعل مصرف خمس الركاز1 مَصْرِفَ الْفَيْءِ وَهُوَ تَبَعٌ2 لِخُمُسِ الْغَنَائِمِ, وَذَكَرَهُ أَيْضًا رِوَايَةً, وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهَدْيِ الْأَوَّلَ أَنَّ الْإِمَامَ يُخَيَّرُ فِيهِمْ وَلَا يَتَعَدَّاهُمْ, كَزَكَاةٍ, وَأَنَّهُ قَوْلٌ "م". ثُمَّ يُعْطِي النَّفَلَ, وَهُوَ زِيَادَةٌ عَلَى السَّهْمِ لِمَصْلَحَةٍ, فَيَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ سَرِيَّةً مِنْ جَيْشِهِ تُغِيرُ أَمَامَهُ بِالرَّابِعِ3 فَأَقَلَّ بَعْدَ الْخُمُسِ, أَوْ خَلْفَهُ إذَا قَفَلَ بِالثُّلُثِ فَأَقَلُّ بَعْدَهُ, بِشَرْطٍ, وَعَنْهُ: وَدُونَهُ. وَلَا يَعْدِلُ شَيْءٌ 4عِنْدَ أَحْمَدَ الْخُرُوجَ4 فِي السَّرِيَّةِ, مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ, لِأَنَّهُ أَنْكَى, وَأَنْ يَجْعَلَ لِمَنْ عَمِلَ ما فيه غناء جعلا, من5 نَقَبَ أَوْ صَعَدَ هَذَا الْمَكَانَ أَوْ جَاءَ بكذا فله من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْغَنِيمَةِ أَوْ مِنْهُ كَذَا, مَا لَمْ يُجَاوِزْ ثُلُثَ الْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْخُمُسِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: بِشَرْطٍ, وَتَحْرُمُ مُجَاوَزَتُهُ فِيهِمَا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: بلا شرط, و1لَوْ كَانَ خَبَّأَ عَشْرَةَ رُءُوسٍ حَتَّى نَادَى الْإِمَامُ مَنْ جَاءَ بِعَشْرَةِ رُءُوسٍ فَلَهُ رَأْسٌ فَجَاءَ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ, نَقَلَهُ أَبُو داود, وَفِي جَوَازِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا 2فَهُوَ لَهُ2 وقيل لمصلحة3 رِوَايَتَانِ "م 4" وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ: إنْ بقي ما لا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى فَمَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ, وسأله أبو داود: إن أباح الحرثي4 للناس. فقال من أخذ شيئا 5فهو له5؟ قَالَ: لَا يَفْعَلُ, هَذَا إذًا يَنْهَبُ النَّاسُ. قَالَ شَيْخُنَا: لِلْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ أَنْ يَخُصَّ طائفة بصنف كالفيء, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ "وَفِي جَوَازِ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ, وَقِيلَ: لِمَصْلَحَةٍ, رِوَايَتَانِ" يَعْنِي فِي جَوَازِ ذَلِكَ إذَا قَالَهُ الْإِمَامُ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي المغني6 والمقنع7 والشرح7. "إحْدَاهُمَا": لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ, وَحَكَى الْمُصَنِّفُ طَرِيقَةَ أَنَّ مَحِلَّ الرِّوَايَتَيْنِ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ, وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, وَكَانَ الْأَوْلَى بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْدَمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَيُصَحِّحَ الْجَوَازَ.
قَالَ: وَلَيْسَ لِلْغَانِمَيْنِ إعْطَاءُ أَهْلِ الْخُمُسِ قَدْرَهُ مِنْ غَيْرِهَا, وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا لَا يُخَمَّسُ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِيمَنْ جَاءَ بِكَذَا ثُمَّ الْبَاقِي لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ لِقَصْدِ قِتَالٍ وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ, أَوْ بُعِثَ لِمَصْلَحَةِ الْجَيْشِ أَوْ قَالَ الْإِمَامُ: يَتَخَلَّفُ الضَّعِيفُ, فَتَخَلَّفَ قَوْمٌ بِمَوْضِعٍ مُخَوَّفٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, دُونَ مَرِيضٍ عَاجِزٍ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: مَنْ شَهِدَهَا ثُمَّ مَرِضَ فَلَمْ يُقَاتِلْ أُسْهِمَ لَهُ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ. وَكَافِرٌ وَعَبْدٌ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا وَمَنْهِيٌّ عَنْ حُضُورِهِ, وَالْأَصَحُّ أَوْ بِلَا إذْنِهِ, وَفَرَسٌ عَجِيفٌ وَنَحْوُهُ, وَفِيهِ وَجْهٌ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: يُسْهَمُ لِفَرَسٍ ضَعِيفٍ وَيُحْتَمَلُ: لَا, وَلَوْ شَهِدَهَا عَلَيْهِ, وَمُخْذِلٍ وَمُرْجِفٍ وَنَحْوِهِمَا, وَلَوْ تَرَكَا ذَلِكَ وَقَاتَلَا, وَلَا يُرْضَخُ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ, وَكَذَا مَنْ هَرَبَ مِنْ اثْنَيْنِ كَافِرَيْنِ, ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ, بِخِلَافِ غَرِيمٍ وَوَلَدٍ, لِزَوَالِ إثْمِهِ بِتَعْيِينِهِ عَلَيْهِ بِحُضُورِ الصف, وذكر ابن عقيل في أسير, و1 تَاجِرٍ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ أَحْمَدُ: يُسْهَمُ لِلْمُكَارِي وَالْبَيْطَارِ ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَسِيرٍ أَوْ تَاجِرٍ رِوَايَتَيْنِ" انْتَهَى. لَيْسَ هَذَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَإِنَّمَا هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَقِيلٍ, وَالْمَذْهَبُ: يُسْهِمُ لَهُمْ. وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبْل ذَلِكَ: وَهِيَ لِمَنْ شَهِدَ الوقعة لقصد القتال ولو لم يقاتل.
وَالْحَدَّادِ وَالْخَيَّاطِ وَالْإِسْكَافِ وَالصُّنَّاعِ, وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْجِهَادِ لَمْ يَصِحَّ, فَيُسْهَمُ لَهُ, وَعَنْهُ: يَصِحُّ, وَقِيلَ: ممن لا يلزمه, فلا يسهم له1, عَلَى الْأَصَحِّ, وَقِيلَ: يُرْضَخُ وَيُسْهَمُ لِأَجِيرِ الْخِدْمَةِ2, عَلَى الْأَصَحِّ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: إذَا قَصَدَ الْجِهَادَ, وَكَذَا حَمَلَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ إسْهَامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَلَمَةَ وَكَانَ أَجِيرًا لِطَلْحَةَ, رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَمُسْلِمٌ3 عَلَى أَجِيرٍ قَصَدَ مَعَ الْخِدْمَةِ الْجِهَادَ. وَفِي الْمُوجَزِ هَلْ يُسْهَمُ لِتُجَّارِ عَسْكَرٍ وَأَهْلٍ وَسُوقَةٍ4 وَمُسْتَأْجَرٍ مَعَ جُنْدٍ كَرِكَابِيٍّ وَسَايِسٍ, أَمْ يُرْضَخُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ, وَفِي الْوَسِيلَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: لَا تَصِحُّ الثِّيَابَةُ تَبَرُّعٌ أو بأجرة, وقطع به ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَوْزِيِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ إمَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْحَاجَةِ. وَفِي الْبُلْغَةِ: لَهُمْ الْأُجْرَةُ فَقَطْ إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ, وَفِيهَا رِوَايَتَانِ. وَلَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ لَهُمْ, وَيُسْهَمُ لِمَنْ يُعْطَى مِنْ الْفَيْءِ, لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ لَهُ لِيَغْزُوَ, لَا أَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ غَزْوَةٍ, بَلْ يَقَعُ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ, وَكَذَا مَنْ يُعْطَى لَهُ مِنْ صَدَقَةٍ, لِأَنَّهُ يُعْطَاهُ مَعُونَةً لَا عِوَضًا, أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَا يُعِينُهُ بِهِ فَلَهُ فِيهِ الثَّوَابُ, وَلَيْسَ عِوَضًا, وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ مَرْفُوعًا "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شيء" خبر1 صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَصَحَّحَهُ. وَلِأَبِي دَاوُد3 بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو مرفوعا: "للغازي أجره وللجاعل4 أَجْرُهُ" وَأَجْرُ الْغَازِي وَمَنْ أَخَذَ مِنْ سَهْمِ الْفَيْءِ أَوْ مَا يُتَقَوَّى بِهِ مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا فَلَيْسَ عِوَضًا, وَفِيهِ الثَّوَابُ, لِلْخَبَرِ5, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: لَا ثَوَابَ لِغَيْرِهِ, وقد تقدم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: فيقسم للراجل سهم, وللفارس ثلاثة,
فصل: فَيُقْسَمُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ, وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةٌ, فَإِنْ كَانَ فَرَسُهُ بِرْذَوْنًا وَيُسَمَّى الْعَتِيقَ وَهُوَ نَبَطِيُّ الْأَبَوَيْنِ أَوْ هَجِينًا أُمُّهُ نَبَطِيَّةٌ وَعَكْسُهُ الْمُقْرَفُ, فَلَهُ سَهْمٌ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: سَهْمَانِ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ, وَعَنْهُ: إنْ عَمِلَ كَعَرَبِيٍّ, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ, وَعَنْهُ: لَا يُسْهَمُ لَهُ وَيُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ لِثَلَاثَةٍ, وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ خَيْلٍ, وَعَنْهُ: لِرَاكِبِ بَعِيرٍ1 سَهْمٌ, وَعَنْهُ: عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِ, وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: يُسْهَمُ لَهُ مُطْلَقًا, مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي, وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ: كَفَرَسٍ, وَقِيلَ: لَهُ وَلِفِيلٍ سَهْمُ هَجِينٍ. قَالَ أَحْمَدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّكَالَ فِي الْخَيْلِ2, سَأَلَ الْخَلَّالُ ثَعْلَبًا عَنْهُ قَالَ: إذَا كَانَ مُخَالِفَ الْقَوَائِمِ بَيَاضٌ أَوْ سَوَادٌ مُخَالِفٌ3, مِنْ جِهَةِ الطِّيَرَةِ, وَالشِّكَالُ4 الْمُوَافَقَةُ بَيَاضُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمُخَالِفُ فِي يد ورجل, وجميعا مكروها5. وَلَا بَأْسَ بِغَزْوِهِمَا عَلَى فَرَسٍ لَهُمَا, هَذَا عَقَبَةٌ وَهَذَا عَقَبَةٌ وَهَذَا عَقَبَةٌ, وَالسَّهْمُ بَيْنَهُمَا, نَقَلَهُ مُهَنَّا. وَإِنْ أَسْلَمَ أَوْ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَحِقَ مَدَدًا وَأَفْلَتَ أَسِيرًا, وَصَارَ رَجُلٌ فَارِسًا أَوْ عَكْسَهُ قَبْلَ تَقَضِّي الْحَرْبِ فكمن شهدها, وبعده, وقيل: وقبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إحْرَازِهَا لَا يُؤْثِرُ, وَلَوْ لَحِقَهُمْ عَدُوٌّ وَقَاتَلَ الْمَدَدُ مَعَهُمْ حَتَّى سَلِمُوا بِالْغَنِيمَةِ, لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَاتَلُوا عَنْ أَصْحَابِهَا, لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ فِي أَيْدِيهِمْ وَحَوَوْهَا, نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ, وَكَذَا مَنْ ذَهَبَ أَوْ مَاتَ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: لَوْ حَازُوهَا وَلَمْ تُقَسَّمْ ثُمَّ انْهَزَمَ قَوْمٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ, لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ إلَيْهِمْ حَتَّى صَارُوا عُصَاةً. وَوَارِثٌ كَمَوْرُوثِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِي الْبُلْغَةِ فِي قَبْلِ الْقِسْمَةِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ يَقْوَى عِنْدِي مَتَى قُلْنَا: لَمْ يَمْلِكُوهَا وَإِنَّمَا لَهُمْ حَقُّ التَّمَلُّكِ لَا يُورَثُ كَالشَّفِيعِ, وَيُرْضَخُ مِنْ أَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ, وَقِيلَ: مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ, وَقِيلَ: مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ لِامْرَأَةٍ وَعَبْدٍ وَمُمَيِّزٍ, وَقِيلَ: مُرَاهِقٍ, وَلَهُ التَّفْضِيلُ, وَلَا يَبْلُغُ بِالرَّضْخِ الْقِسْمَةَ. وَلِفَرَسِ سَيِّدٍ تَحْتَ عَبْدِهِ سَهْمَانِ, وَيُسْهَمُ لِكَافِرٍ كَمُسْلِمٍ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَالْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَالْأَكْثَرُ, وَالْمُعْتَقُ1 بعضه بحسابه, وعنه: يرضخ لهما, و2اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ فِي كَافِرٍ, وَيُشَارِكُ الْجَيْشُ سَرِيَّتَهُ, وَهِيَ لِلْجَيْشِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَهَدِيَّةُ كَافِرٍ لِلْإِمَامِ بِدَارِ حَرْبٍ غَنِيمَةٌ, وَعَنْهُ: لَهُ, وَقِيلَ: فَيْءٌ وَبِدَارِنَا قِيلَ لَهُ وَقِيلَ فَيْءٌ "م 5" وَبَعْضُ قواده كهو, ولأحد3 الغانمين غنيمة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5": قَوْلُهُ "وَهَدِيَّةُ كَافِرٍ لِلْإِمَامِ بِدَارِ حَرْبٍ غَنِيمَةٌ, وَعَنْهُ: لَهُ, وَقِيلَ: فَيْءٌ, وَبِدَارِنَا قِيلَ: له, وقيل: فيء", انتهى.
وَعَنْهُ: لَهُ1, وَمَا أُخِذَ مِنْ مُبَاحِهَا بِقُوَّةِ الْجَيْشِ لَهُ قِيمَةٌ فِي مَكَانِهِ شَرْعًا فَغَنِيمَةٌ بَعْدَ تَعْرِيفِ لُقَطَةٍ سَنَةً بِدَارِنَا, قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: يَعْرِفُ مَا يَتَوَهَّمُهُ لِمُسْلِمٍ وَإِلَّا فَهُوَ لَهُ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا: قِيلَ لِأَحْمَدَ: لَهُ بِطَرَسُوسَ قِيمَةٌ, قَالَ: هَذَا قَدْ حَمَلَهُ وَعُنِيَ بِهِ, أَيْ هُوَ لَهُ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ صَادَ سَمَكًا فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا بَأْسَ يَبِيعُهُ بِدَانَقٍ أَوْ2 قِيرَاطٍ وَمَا زَادَ رَدَّهُ إلَى الْمُقْسِمِ3. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: وَهَدِيَّةٌ وَمُبَاحٌ وَكَسْبُ طَائِفَةٍ غَنِيمَةٌ فِي الثَّلَاثَةِ. وَلَهُ الْقِتَالُ بِسِلَاحِهِمْ. وَفِي الْبُلْغَةِ: لِحَاجَةٍ, وَيَرُدُّهُ بَعْدَ الْحَرْبِ, وَفِي قِتَالِهِ بِفَرَسٍ وَثَوْبٍ رِوَايَتَانِ "م 6 و 7" وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: لا يركبه إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"أَحَدُهُمَا" هِيَ لِمَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي": هُوَ فَيْءٌ. "مَسْأَلَة 6, 7" قَوْلُهُ: "وَفِي قِتَالٍ بِفَرَسٍ وَثَوْبٍ رِوَايَتَانِ" انْتَهَى. ذَكَرَ: مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6" هَلْ لَهُ أَنْ يُقَاتِلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ أَمْ لَا؟. أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ والمذهب ومسبوك الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وغيرهم:
لِضَرُورَةٍ أَوْ خَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ, وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: لا بأس أن يركب الدابة1 مِنْ الْفَيْءِ وَلَا يُعْجِفُهُ2. وَمَنْ أَخَذَ مِنْهَا طَعَامًا أَوْ عَلَفًا لَا غَيْرَهُمَا فَلَهُ وَلِدَوَابِّهِ أَكْلُهُ بِلَا إذْنٍ وَلَا حَاجَةٍ, وَلِسَبْيٍ اشْتَرَاهُ, وَقِيلَ: وَلَوْ أَحْرَزَ بِدَارِ حَرْبٍ, لَا لِفَهْدٍ وكلب صيد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. "إحْدَاهُمَا": لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي3 وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَجُوزُ, قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. "قُلْت": الصَّوَابُ إنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ, ثُمَّ وَجَدْته فِي الْفُصُولِ صَحَّحَهُ فَقَالَ, وَهَذِهِ أَصَحُّ عِنْدِي, لِأَنَّ حِفْظَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ أَهَمُّ مِنْ حِفْظِ الْخَيْلِ وَالْمَالِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7" هَلْ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ ثَوْبًا مِنْ الْغَنِيمَةِ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ فِيهِ الْخِلَافُ, وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي الْفَرَسِ, خِلَافًا وَمَذْهَبًا, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ, وَعَنْهُ: يَرْكَبُ ولا يلبس, ذكرها في الرعاية. "قلت": وفيه4 قوة.
وَجَارِحٍ, وَيُرَدُّ مَا فَضَلَ مَعَهُ مِنْهُ فِي الْغَنِيمَةِ, وَعَنْهُ: لَا قَلِيلًا فِيهَا. قَالَ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ, كَطَعَامٍ أَوْ عَلَفِ يَوْمَيْنِ, وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, وَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ بَاعَهُ, وَعَنْهُ: وَقِيمَةُ أَكْلِهِ. سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: الرَّجُلُ يُضْطَرُّ فَيَشْتَرِي شَعِيرًا رُومِيًّا مِنْ رَجُلٍ فِي السِّرِّ ثُمَّ يَرْفَعُهُ إلَى الْمُقَسِّمِ؟ قَالَ: لَا, قُلْت: إذَا رَفَعَهُ إلَى صَاحِبِ الْمَقْسِمِ أَخَذَ مِنْهُ1 ثَمَنَهُ؟ قَالَ: لَا, أَلَيْسَ هُوَ حَمَلَهُ عَلَى الْبَيْعِ, وَكَرِهَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ, وَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ. وَالسُّكَّرُ وَالْمَعَاجِينُ وَنَحْوُهَا كَطَعَامٍ, وَفِي الْعَقَاقِيرِ وَجْهَانِ "م 8" وَلَا يُضَحَّى بِشَيْءٍ فِيهِ الْخُمُسُ, وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ أَوْ عكسه, لكن ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "وَعَنْهُ: لَا يَرُدُّهُ إنْ كَانَ قَلِيلًا فِيهَا". الْأَحْسَنُ أَوْ الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَفْظَةِ "فِيهَا" لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ, وَقَدْ قَالَ: وَيُرَدُّ مَا فَضَلَ مَعَهُ مِنْهُ فِي الْغَنِيمَةِ. "مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ. وَالسُّكَّرُ وَالْمَعَاجِينُ وَنَحْوُهَا كَطَعَامٍ, وَفِي الْعَقَاقِيرِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: "أَحَدُهُمَا": هُوَ كَالطَّعَامِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, بَلْ أَوْلَى, فَيُنْتَفَعُ بِهِ بِلَا إذْنٍ وَلَا حَاجَةٍ. "والوجه الثاني": ليس له أخذ ذلك.
يُعْطِيه بِلَا ثَمَنٍ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَلَا يغسل ثوبه بصابون, فإن غَسَلَ فَقِيمَتُهُ فِي الْمُقَسَّمِ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, وَلَا يُجْعَلُ فِي الْفَيْءِ ثَمَنُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ1, بَلْ بَازٍ لَا بَأْسَ بِثَمَنِهِ, نَقَلَهُ صَالِحٌ, وَيَخُصُّ الْإِمَامُ بِكَلْبٍ مَنْ شَاءَ, وَلَا يَدْخُلُ فِي غَنِيمَةٍ, وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ, قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: يَصُبُّ الْخَمْرَ وَلَا يَكْسِرُ الْإِنَاءَ, وَلَهُ دَهْنُ بَدَنِهِ لِحَاجَةٍ, وَدَابَّتَهُ, وَشُرْبُ شَرَابٍ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد: دَهْنُهُ بِزَيْتٍ لِلتَّزَيُّنِ لَا يُعْجِبُنِي, وَلَيْسَ لِأَجِيرٍ لِحِفْظِ غَنِيمَةٍ رُكُوبُ دَابَّةٍ مِنْهَا إلَّا بِشَرْطٍ. وَإِنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ وَلَوْ مُفْلِسًا, وَفِي سَفِيهٍ وَجْهَانِ فَهُوَ لِلْبَاقِي "م 9" لِأَنَّهُ مِلْكُ التَّمَلُّكِ, وَفِي مِلْكِهِ بِتَمَلُّكِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ "م 10" وَفِي الْبُلْغَةِ: إنْ أَعْرَضَ عَنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ صح, على ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَإِنْ2 أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ وَلَوْ مُفْلِسًا, وَفِي سَفِيهٍ وَجْهَانِ, فَهُوَ لِلْبَاقِي", انْتَهَى. 3أحدهما: يسقط حفه وهو ظاهر كلامه في المحرر والرعايتين والحاويين وغيرهم لأنه ملك التملك3 لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا السُّقُوطَ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَسْقُطُ, وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ تَقْتَضِيه, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ فِي الْحَجَرِ. "مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: "وَفِي مِلْكِهِ بِتَمَلُّكِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي: لَا يَمْلِكُونَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ, وَإِنَّمَا مَلَكُوا أَنْ يَتَمَلَّكُوا, وَقَالَ أَيْضًا: لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا قُسِّمَتْ بَيْنَهُمْ لَمْ يَمْلِكْ حَقَّهُ مِنْهَا إلَّا بِالِاخْتِيَارِ, وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: اخترت
الْأَصَحِّ, قَالَ: وَلَوْ قَالُوا اخْتَرْنَا الْقِسْمَةَ لَمْ يَسْقُطْ بِالْإِعْرَاضِ, وَإِنْ أَسْقَطَ الْكُلَّ فَهِيَ فَيْءٌ. وَمَنْ أَعْتَقَ مِنْهَا رَقِيقًا أَوْ كَانَ يُعْتِقُ عَلَيْهِ عِتْقٌ إنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ, وَإِلَّا1 فَكَعِتْقِهِ شِقْصًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الْإِرْشَادِ2: لَا يُعْتِقُ, وَقِيلَ بِهِ إنْ كَانَتْ أَجْنَاسًا. وَفِي الْبُلْغَةِ فِيمَنْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ ثَلَاثُ3 رِوَايَاتٍ, الثَّالِثَةُ مَوْقُوفٌ إنْ تَعَيَّنَ سَهْمُهُ فِي الرَّقِيقِ عَتَقَ وَإِلَّا فَلَا. وَالْغَالُّ وَهُوَ مَنْ كَتَمَ مَا غَنِمَهُ يَلْزَمُ تَحْرِيقُ رَحْلِهِ وَقْتَ غُلُولِهِ إنْ كان ـــــــــــــــــــــــــــــQتَمَلُّكَهَا, فَإِذَا اخْتَارَهُ مَلَكَ حَقَّهُ, قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ. "قُلْت": الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ, وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي دُخُولِهِ إلَى مِلْكِهِ الِاخْتِيَارَ, وَاَللَّهُ أعلم.
حَيًّا حُرًّا مُكَلَّفًا, وَالْمُرَادُ مُلْتَزَمًا, وَذَكَرَهُ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ, وَقِيلَ: وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ, وَلَا يُحَرِّقُ سِلَاحٌ وَمُصْحَفٌ وَنَفَقَةٌ وَدَابَّةٌ وَآلَتُهَا, وَالْأَصَحُّ: وَكُتُبُ عِلْمٍ, وَثِيَابُهُ الَّتِي عَلَيْهِ, وَقِيلَ: سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ, وَيُضْرَبُ وَلَا يُنْفَى, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: وَيُحْرَمَ سَهْمَهُ, اخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْمُصْحَفَ وَالدَّابَّةَ, وَأَنَّهُ قَوْلُ أَحْمَدَ. وَقِيلَ: يباع مصحف1 وَيُتَصَدَّقُ بِهِ, وَمَا لَمْ تُحَرِّقُهُ النَّارُ فَلَهُ, وَيُؤْخَذُ مَا غَلَّ لِلْمَغْنَمِ, فَإِنْ تَابَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَعْطَى الْإِمَامَ خُمُسَهُ وَتَصَدَّقَ بِبَقِيَّتِهِ. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: يَأْتِي بِهِ الْإِمَامَ فَيُقَسِّمُهُ فِي مَصَالِحِ المسلمين وإن من ستر على غال أو2 أخذ ما أهدي له منها أو باعه إمامه3 أو4 حاباه فَهُوَ غَالٌّ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ تحريق رحل الغال من باب5 التَّعْزِيرِ لَا الْحَدِّ الْوَاجِبِ, فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِيهِ بحسب المصلحة, وهذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَظْهَرُ. وَقِيلَ: وَسَارِقٌ مِنْهَا كَغَالٍّ, جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ سَهْمٌ أَوْ لَا. وَإِنْ دَخَلَ قَوْمٌ أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدٌ إلَى دَارِ حَرْبٍ بِلَا إذْنٍ فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٍ, وَعَنْهُ: كَغَنِيمَةٍ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ, وَعَنْهُ: لَهُمْ, فَعَلَى الْوُسْطَى بِسَرِقَةٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ "م 11" وَفِيهِ فِي الْبُلْغَةِ بِسَرِقَةٍ وَاخْتِلَاسٍ الرِّوَايَاتُ. وَمَعْنَاهُ فِي الرَّوْضَةِ, فَإِنْ كَانَ لَهُمْ مَنَعَةٌ فَالرِّوَايَتَانِ الْأُولَتَانِ, وَقِيلَ: وَالثَّالِثَةُ. وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحٌ بِسَبْيِ زَوْجَيْنِ مَعًا وَرِقِّهِمَا, وَعَنْهُ يَنْفَسِخُ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ إنْ تَعَدَّدَ السَّابِي, وَيَنْفَسِخُ بِسَبْيِ زَوْجَةٍ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: لَا, نَصَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِيِّ, وَقَدَّمَهُ فِي التَّبْصِرَةِ, كَزَوْجَةِ ذِمِّيٍّ, وَقِيلَ: أَوْ زَوْجٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ. وَهَلْ تُتَنَجَّزُ أَوْ تَقِفُ عَلَى فَوْتِ إسْلَامِهِمَا فِي الْعِدَّةِ؟ في البلغة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ "وَإِنْ دَخَلَ قَوْمٌ أَوْ وَاحِدٌ وَلَوْ عَبْدٌ دَارَ حَرْبِ بِلَا إذْنٍ فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٍ, وَعَنْهُ: هِيَ كَغَنِيمَةٍ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ, وَعَنْهُ: لَهُمْ, فَعَلَى الْوُسْطَى1 "فِيمَا أَخَذُوهُ" بِسَرِقَةٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ", انْتَهَى. ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحُ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ غَنِيمَةٌ. بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي كَلَامِهِمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الباب والله أعلم.
الْوَجْهَانِ, وَلَيْسَ بَيْعُ الزَّوْجَيْنِ الْقِنَّيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا طَلَاقًا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْبَائِعِ, قَالَ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَبَرُ بَرِيرَةَ1 لَا حُجَّةَ فِيهِ, لِأَنَّهُ قَبْلَ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 24] وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَخْفَ عَلَى ابْنِ عباس, وهو رواه2, فَكَيْفَ هَذَا إلَّا وَالْآيَةُ بَعْدَ خَبَرِ بَرِيرَةَ, قيل له: فما يرد هذا؟ قَالَ: فِعْلُ الْأَكَابِرِ مِثْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ. وَقَالَ: أَذْهَبُ إلَى خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهَا فِي الْمُشْرِكَاتِ3, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: يَكُونُ بَيْعُهَا طَلَاقًا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ4, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ, وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَقَالَتْ لِي زَوْجٌ: هِيَ عَلَيْك حَرَامٌ, وللسيد بيعهما وبيع أحدهما نقله حنبل والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب حكم الأرضين المغنومة
باب حكم الأرضين المغنومة مدخل ... باب حكم الأرضين المغنومة مَا أُخِذَ عَنْوَةً بِالسَّيْفِ فَعَنْهُ: يَصِيرُ وَقْفًا وَيَكُونُ أَرْضَ عُشْرٍ, وَعَنْهُ: يُقَسَّمُ كَمَنْقُولٍ, وَلَا يُعْتَبَرُ لَفْظٌ, وَالْمَذْهَبُ: لِلْإِمَامِ قَسْمُهَا, فَلَا خَرَاجَ, بَلْ أَرْضُ عُشْرٍ, وَوَقَفَهَا لَفْظًا. وَفِي الْمُغْنِي1: أَوْ يَتْرُكُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِخَرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ يُؤْخَذُ مِمَّنْ تُقِرُّ مَعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ كَأُجْرَةٍ, و2يلزم الْإِمَامَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ, كَالتَّخْيِيرِ فِي الْأُسَارَى. وَفِي الْمُجَرَّدِ: أَوْ يُمَلِّكُهَا لِأَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ بِخَرَاجٍ, فَدَلَّ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهَا بِغَيْرِ خَرَاجٍ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ لَمْ يَجُزْ, وَقَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ3: لِأَنَّهَا مَسْجِدٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ, وَهِيَ مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ, بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْبُلْدَانِ, وَلَمَّا قَالَ "ش" فُتِحَتْ مَكَّةُ صُلْحًا قَالَ: سَبَقَ لَهُمْ أَمَانٌ, فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ لَهُمْ عَلَى شَيْءٍ, وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُسْلَمْ. وَقِيلَ: الْأَمَانُ بِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ وَدُخُولِ دَارِهِ, فَكَيْفَ يُغْنِمُ مَالُ مُسْلِمٍ أَوْ مَالُ مَنْ بُذِلَ لَهُ الْأَمَانُ؟ قَالَ فِي الْمُغْنِي: فَمَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ وَقْفٍ وَقِسْمَةٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَفِيهِ4 فِي الْبَيْعِ: إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ صَحَّ بِحُكْمِهِ كَالْمُخْتَلِفَاتِ, وَكَذَا بَيْعُ إمَامٍ لِمَصْلَحَةٍ, لِأَنَّ فعله كالحكم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَا أُخِذَ لِذَهَابِ أَهْلِهَا خَوْفًا مِنَّا أَوْ صَالَحُونَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنَقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ فَدَارُ إسْلَامٍ, فَتَجِبُ الْجِزْيَةُ وَنَحْوُهَا, وَتَصِيرُ وَقْفًا, وَعَنْهُ: بِوَقْفِ الْإِمَامِ, فَقِبَلَهُ كَفَيْءٍ مَنْقُولٍ. وَإِنْ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا فَدَارُ عَهْدٍ, وَهِيَ مِلْكُهُمْ, وَقِيلَ: يُمْنَعُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أَوْ بَاعُوا الْمُنْكَرَ مِنْ مُسْلِمٍ مُنِعُوا إظْهَارَهُ, وَخَرَاجُهُمَا كَجِزْيَةٍ يَسْقُطُ إنْ أَسْلَمُوا أَوْ صَارَتْ لِمُسْلِمٍ, وَقِيلَ: أَوْ ذِمِّيٍّ, وَعَنْهُ: لَا يَسْقُطُ, نَقَلَهَا حَنْبَلٌ, لِتَعَلُّقِهِ بِالْأَرْضِ, كَالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ1, وَكَذَا فِي التَّرْغِيبِ, وَذَكَرَ فِيمَا صَالَحْنَاهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَنَا وَنُقِرُّهُ مَعَهُمْ بِخَرَاجٍ: لَا يسقط خراجه بإسلام وعنه: بلى, كجزية. وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ, فَيَزِيدُ وَيُنْقِصُ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ, قَالَ الْخَلَّالُ: رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ. وَعَنْهُ: إلَّا أَنَّ جِزْيَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارٌ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَعَنْهُ: يُعْمَلُ بِمَا وَظَّفَهُ عُمَرُ2, وَعَنْهُ: لَهُ الزِّيَادَةُ فِيهِ, وَعَنْهُ: جَوَازُهُمَا فِي الْخَرَاجِ خَاصَّةً, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ عُمَرَ: إنْ زِدْت عَلَيْهِمْ كَذَا فَلَا تُجْهِدْهُمْ3, إنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ مَا تُطِيقُ الْأَرْضُ. وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ فِي جِزْيَةٍ: يَجُوزُ النَّقْصُ فَقَطْ والخراج على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ماله ماء1 يَسْقِي, وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ, وَعَنْهُ أَوْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَوْ2 الدَّوَالِيبِ, وَإِنْ أَمْكَنَ إحْيَاؤُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ: أَوْ زَرَعَ مَا لَا مَاءَ لَهُ فَرِوَايَتَانِ "م 1" وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مُطْلَقًا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: مَا زَرَعَ عَامًا وَأُرِيحَ آخَرَ عَادَةً فَنِصْفُ خَرَاجٍ. وَفِي الْمُذْهَبِ مِثْلُهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ زَرْعُهُ إلَّا كَذَا. وَفِي التَّرْغِيبِ كَالْمُحَرَّرِ, وَفِيهِ: يُؤْخَذُ خَرَاجُ مَا لَمْ يُزْرَعْ, عَنْ أَقَلِّ مَا يَزْرَعُ, وَأَنَّ الْبَيَاضَ بَيْنَ النَّخْلِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا خَرَاجُهَا, وَهَذِهِ فِي التَّبْصِرَةِ, قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ يَبِسَتْ الْكُرُومُ بِجَرَادٍ أَوْ غَيْرِهِ سَقَطَ مِنْ الْخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ مِنْ النَّفْعِ, قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ النَّفْعُ بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ تَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ. وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَتِهَا أُجْبِرَ عَلَى إجَارَتِهَا أو رفع يده. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ: 1: قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ إحْيَاؤُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ وَقِيلَ: أَوْ زَرَعَ مَا لَا مَاءَ لَهُ فَرِوَايَتَانِ. انْتَهَى. إحْدَاهُمَا: لَا خَرَاجَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالرِّعَايَةِ وغيرهم. 6والرواية الثانية: عليه الخراج6.
وَالْخَرَاجُ كَدَيْنٍ. قَالَ 1الْإِمَامُ أَحْمَدُ1: يُؤَدِّيه ثُمَّ يُزَكِّي, وَلِلْإِمَامِ وَضْعُهُ عَمَّنْ لَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ, وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدْعُ خَرَاجًا, وَلَوْ تَرَكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ هَذَا, فَأَمَّا مَنْ دُونَهُ فَلَا, وَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ الْعُشْرِ أَوْ تَرَكَهُ الْخَارِصُ تَصَدَّقَ بِقَدْرِهِ. وَلَهُ رَشْوُ الْعَامِلِ وَالْهَدِيَّةُ لِدَفْعِ الظُّلْمِ فَقَطْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَانِعَ مَنْ قَدْ اُسْتُحْلِفَ بِالْأَيْمَانِ الْمُغَلَّظَةِ, فَإِنَّهُ إنْ صَانَعَهُمْ أَحْنَثَهُمْ, وَالْأَخْذُ حَرَامٌ. وَالرِّشْوَةُ مَا أَعْطَاهُ بَعْدَ طَلَبِهِ, وَالْهَدِيَّةُ ابْتِدَاءً, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ, وَهَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ؟ يأتي في هدية القاضي2 "م 2". وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ مِنْ عُشْرٍ, قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُ غَصْبٌ, وَعَنْهُ: بَلَى, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ "وَمَا فِيهَا شَجَرٌ وَقْتَ الْوَقْفِ ثَمَرُهُ الْمُسْتَقْبَلُ كَمُجَدِّدٍ فِيهِ عُشْرُ الزَّكَاةِ مَعَ خَرَاجٍ, وَقِيلَ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا عُشْرٍ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ", وَلَا خَرَاجَ عَلَى الْمَسَاكِنِ, وَكَانَ أَحْمَدُ يَخْرُجُ عَنْ دَارِهِ, لِأَنَّ بغداد كانت مزارع وقت3 فتحت ومكة فتحت عنوة "وهـ م" فيحرم بيعها ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 " قَوْلُهُ "وَهَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ؟ يَأْتِي فِي هَدِيَّةِ الْقَاضِي", انْتَهَى. "قُلْت": قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي: وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةً, فَإِنْ قَبِلَ فَقِيلَ: يُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ, لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ4, وَقِيلَ: تُرَدُّ, كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ, وَقِيلَ: تُمْلَكُ بِتَعْجِيلِهِ الْمُكَافَأَةِ. انْتَهَى, فَأَطْلَقَ الخلاف أيضا, ويأتي تحرير ذلك هناك
وإجارتها "وهـ م" كَبِقَاعِ الْمَنَاسِكِ, وَجَوَّزَهُمَا الشَّيْخُ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْبَيْعَ فَقَطْ, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِيهِ; لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ التَّقَدُّمَ عَلَى غَيْرِهِ بِهَذِهِ الْمَنْفَعَةِ, وَاخْتَصَّ بِهَا لَسَبْقِهِ وَحَاجَتِهِ, فَهِيَ كَالرِّحَابِ وَالطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ. وَالْإِقَامَةِ عَلَى الْمَعَادِنِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَنَافِعِ وَالْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي1 مَنْ سَبَقَ إلَيْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا دَامَ يَنْتَفِعُ, وَلَا يَمْلِكُ الْمُعَاوَضَةَ, وَإِنَّمَا جَازَ الْبَيْعُ لِوُرُودِهِ عَلَى الْمَحِلِّ الذي كان البائع أخص2 بِهِ مِنْ غَيْرِهِ, وَهُوَ الْبِنَاءُ, وَإِنَّمَا تُرَدُّ الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ, وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ3 الشِّرَاءُ لِحَاجَةٍ, وَإِنْ سَكَنَ بِأُجْرَةٍ فَعَنْهُ: لَا يَأْثَمُ بِدَفْعِهَا, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ, وَعَنْهُ: إنْكَارُ عَدَمِهِ, جزم به القاضي "م 3" لالتزامه, ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا ترد. "مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَإِنْ سَكَنَ فِيهَا بِأُجْرَةٍ "فَعَنْهُ" لَا يَأْثَمُ بِدَفْعِهَا, جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ, وَعَنْهُ: إنْكَارُ عَدَمِهِ, جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي", انْتَهَى. مَا قَالَهُ الشَّيْخُ هُوَ الصَّحِيحُ, وَقَطَعَ بِهِ الشَّارِحُ أَيْضًا, وَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى
قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَخْذُهُ, وَيَتَوَجَّهُ مثله فيمن عامل بعينة1 ونحوها في الزيادة عن رأس ماله, و2قَالَ شَيْخُنَا: هِيَ سَاقِطَةٌ يَحْرُمُ بَذْلُهَا وَمَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ تَرَكَ فِيهِ, لِوُجُوبِ بَذْلِهِ, وَإِلَّا حُرِّمَ, نَصَّ عَلَيْهِ, نَقَلَ حَنْبَلٌ وَغَيْرُهُ "سَوَاءٌ الْعَاكِفُ فِيهِ وَالَبَّادِ" وَأَنَّ مِثْلَهُ السَّوَادُ, كُلُّ عنوة, وعنه: صلحا "وش" فيجوزان "وش". وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقِيلَ قَدْ يَحْلِفُ3 عَلَى فَتْحِهَا عنوة أو صلحا فيفتيه بما صح عنده4, وَيَتَوَجَّهُ مِنْ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: لَا حِنْثَ لِلشَّكِّ. وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَزَارِعِهَا لِأَنَّهُ جِزْيَةُ الْأَرْضِ. وَفِي الِانْتِصَارِ عَلَى الْأَوْلَى: بَلَى "خ" كَسَائِرِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: لَا أَعْلَمُ مَنْ أَجَازَ ضَرْبَ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا سِوَاهُ, لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَضْرِبْ عَلَيْهَا شَيْئًا5 وَالْحَرَمُ كَمَكَّةَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: لَهُ الْبِنَاءُ وَالِانْفِرَادُ بِهِ, وَيُكْرَهُ أَخْذُ أَرْضٍ خراجية, 6نص عليه6 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَنْ اخْتَارَهُ, وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي هَذِهِ الأعصر.
"وم", لِأَجْلِهِ وَقِيلَ لِلْحَوَادِثِ, سَبَقَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي السَّابِعِ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ1 وَقَالَ أَبُو دَاوُد2 "بَابُ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ" حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ سُمَيْعٍ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَاقِدٍ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُعَاذٍ قَالَ: "مَنْ عَقَدَ الْجِزْيَةَ فِي عُنُقِهِ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" , إسْنَادٌ جَيِّدٌ. حَدَّثَنَا3 حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيُّ حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ بْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنِي شَبِيبُ بْنُ نُعَيْمٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ حَدَّثَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ أَرْضًا بِجِزْيَتِهَا فَقَدْ اسْتَقَالَ هِجْرَتَهُ, وَمَنْ نَزَعَ صَغَارَ كَافِرٍ مِنْ عُنُقِهِ فَجَعَلَهُ فِي عُنُقِهِ فَقَدْ وَلَّى الْإِسْلَامَ ظَهْرَهُ" قَالَ: فَسَمِعَ مِنِّي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ لِي: أَشُبَيْبٌ حَدَّثَك؟ قُلْت: نَعَمْ, قَالَ: فَإِذَا قَدِمْت فَسَلْهُ. فَلِيَكْتُبْ إلَيَّ بِالْحَدِيثِ, قَالَ: فَكَتَبَهُ لَهُ, فَلَمَّا قَدِمْت سَأَلَنِي خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ الْقِرْطَاسَ فَأَعْطَيْته, فَلَمَّا قَرَأَهُ تَرَكَ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْأَرَضِينَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ, عُمَارَةُ مَجْهُولٌ, تَفَرَّدَ عَنْهُ بَقِيَّةَ. وَفِي جَوَازِ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لِرَبِّهَا روايتان "م 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ "وَفِي جَوَازِ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لِرَبِّهَا رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ فِي التَّمَامِ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ هَلْ يَجُوزُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَتَوَلَّى تَفْرِقَةَ الْخَرَاجِ بِنَفْسِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ المنصوص منها يجوز ذلك, انتهى.
وَمَصْرِفُ خَرَاجٍ كَفَيْءٍ, وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ, لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ, لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِهِ, وَلِأَنَّ الْخَرَاجَ وَالْغَنِيمَةَ1 لِمَصَالِحِ الْمَمْلَكَةِ, لِأَنَّ بِهَا يَجْتَمِعُ الْجُنْدُ عَلَى بَابِ السُّلْطَانِ, فَيُنَفِّذُ أَوَامِرَ الشَّرْعِ, وَيَحْمِي الْبَيْضَةَ, وَيَمْنَعُ الْقَوِيَّ مِنْ الضعيف, فلو فرقه غيره تفرقوا و2زَالَتْ حِشْمَتُهُ وَطَمِعَ فِيهِ, فَجَرَّ ذَلِكَ إلَى الْفَسَادِ وَالْكُلَفِ3 الَّتِي تُطْلَبُ مِنْ الْبُلْدَانِ بِحَقٍّ أو غيره, يحرم توفير بَعْضِهِمْ, وَجَعْلُ قِسْطِهِ عَلَى غَيْرِهِ, وَمَنْ قَامَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْعَدْلِ وَتَقْلِيلِ الظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِلَّهِ فَكَالْمُجَاهَدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الدِّيوَانِ: يَعْمَلُ بِمَا وَثَّقَ بِهِ مِنْ خَطِّ أُمَنَاءِ الْكُتَّابِ فِي الرُّسُومِ وَالْحُقُوقِ, لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْمَعْهُودُ, وَيَعْمَلُ فِي اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِ الْعَامِلِ يَقْبِضُهُ, وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّوَاوِينُ أَوْ بِخَطِّهِ الْمَعْرُوفِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ إنْ أَقَرَّ به ـــــــــــــــــــــــــــــQ"قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ الْجَوَازِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ, وَكَلَامُهُمْ فِي كَوْنِ الْقَاضِي يَلِي جِبَايَتَهُ أَوْ لَا يَلِيهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. 4وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ مَا قَطَعَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ, كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَتْنِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ أَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ, وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ, مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ, مَحِلُّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ "وَهُوَ جَوَازُ تَفْرِقَةِ الْخَرَاجِ لربها روايتان" وهو واضح4.
وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ, وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: لَا, وَيَعْمَلُ فِي اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْعَامِلِ إنْ كَانَتْ خَرَاجًا إلَى بَيْتِ الْمَالِ بِإِقْرَارِ صاحب بيت المال "وأما خطه1 فَكَمَا تَقَدَّمَ, وَإِنْ كَانَتْ خَرَاجًا فِي حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ" فَبِتَوْقِيعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ, وَهُوَ حُجَّةٌ لِلْعَامِلِ فِي جَوَازِ الدَّفْعِ فَأَمَّا فِي الِاحْتِسَابِ بِهِ لَهُ فَاحْتِمَالَانِ فَإِنْ شَكَّ كَاتِبُ الدِّيوَانِ فِي التَّوْقِيعِ عَرَضَهُ عَلَى الْمُوَقِّعِ, فَإِنْ أَنْكَرَهُ لَمْ يَحْتَسِبْ بِهِ لِلْعَامِلِ, ثُمَّ إنْ أَمْكَنَ الْعَامِلُ أَنْ يَرْجِعَ رَجَعَ, وَإِنْ لَمْ يُمَكِّنْهُ فَطَلَبَ يَمِينَ الْمُوَقِّعِ, فَإِنْ أَنْكَرَ صِحَّةَ الْخَرَاجِ لَمْ يَحْلِفْ, وَإِنْ عَلِمَهُ لَمْ يَحْلِفْ فِي عُرْفِ السَّلْطَنَةِ بَلْ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ, وَمَنْ ادَّعَى دَفْعَ خَرَاجٍ وَنَفَقَةٍ وَاحْتَجَّ بِتَوْقِيعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَكَمَا تَقَدَّمَ, وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُخْرِجَ مِنْ الْمَالِ, إلَّا مَا عَلِمَ صِحَّتَهُ, وَأَنْ لَا يَبْتَدِئَ بِهِ حَتَّى يَسْتَدْعِيَ مِنْهُ, كَالشَّهَادَةِ, وَيَتَوَجَّهُ جَوَازُ الِابْتِدَاءِ بِهِ. وَالْمُسْتَدْعَى لِإِخْرَاجِ الْمَالِ مَنْ نَفَذَتْ تَوْقِيعَاتُهُ, فَإِذَا وَقَّعَ بِإِخْرَاجِ مَالٍ لَزِمَ الْأَخْذُ بِهِ, فَإِنْ اسْتَرَابَ الْمُوَقِّعُ بِإِخْرَاجِهِ فَلَهُ سُؤَالُ مِنْ أَيْنَ أَخْرَجَهُ, وَيُطَالِبُهُ بِإِحْضَارِ شَوَاهِدِ الدَّيْنِ بِهِ, وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أن يسأل الشاهد عن ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَهُوَ حُجَّةٌ لِلْعَامِلِ فِي جَوَازِ الدَّفْعِ, فَأَمَّا فِي الِاحْتِسَابِ بِهِ لَهُ فَاحْتِمَالَانِ"2, انْتَهَى, هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. 3فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب3.
سَبَبِ شَهَادَتِهِ, كَذَا قَالَ, وَالْأَشْهَرُ خِلَافُهُ, فَإِنْ أَحْضَرَهَا وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِحَّتُهَا فَلَا رِيبَةَ, وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ حِفْظِهِ لِتَقَدُّمِ عِلْمِهِ بِهَا فَقَوْلُهُ مَعْلُولٌ, وَيُخَيَّرُ الْمُوَقِّعُ فِي قَبُولِهِ مِنْهُ وَرَدِّهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ إحْلَافُهُ والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الأمان
باب الأمان مدخل ... بَابُ الْأَمَانِ يَصِحُّ مُنْجَزًا وَمُعَلَّقًا مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ مُخْتَارٍ حَتَّى عَبْدٍ أَوْ أَسِيرٍ أَوْ أُنْثَى. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: إذَا عَرَفَ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ, وَذَكَر غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَرْأَةِ بِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ. وَعَنْهُ: مُكَلَّفٌ, وَقِيلَ: يَصِحُّ لِلْأَسِيرِ مِنْ الْإِمَامِ, وَقِيلَ وَالْأَمِيرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ إشَارَةٍ, فَقُمْ, أَوْ قِفْ, أَوْ أَلْقِ سِلَاحَك, أَمَانٌ. كَمَا لَوْ أَمَّنَ يَدَهُ أَوْ بَعْضَهُ, أَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِ, أَوْ لَا تَذْهَلْ, أَوْ لَا بَأْسَ, وَقِيلَ: كِنَايَةٌ, فَإِنْ اعْتَقَدَهُ الْكَافِرُ أَمَانًا أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ وُجُوبًا, وَكَذَا نَظَائِرُهُ, قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْأَمَانِ فَظَنَّهُ أَمَانًا فَهُوَ أَمَانٌ, وَكُلُّ شَيْءٍ يَرَى الْعِلْجُ أَنَّهُ أَمَانٌ فَهُوَ أَمَانٌ, وَقَالَ: إذَا اشْتَرَاهُ لِيَقْتُلَهُ فَلَا يَقْتُلُهُ, لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ فَقَدْ آمَنَهُ. وَيَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ لِلْكُلِّ, وَمِنْ الْأَمِيرِ لِمَنْ جُعِلَ بِإِزَائِهِ, وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِقَافِلَةٍ فَأَقَلُّ, قِيلَ: لِقَافِلَةٍ صَغِيرَةٍ وحصن صغير, وأطلق في الروضة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِحِصْنٍ أَوْ بَلَدٍ, وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا أَنْ لَا يُجَارَ عَلَى الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ, وَقِيلَ لِمِائَةٍ "م 1". وَيُقْبَلُ مِنْ عَدْلٍ: إنِّي أَمَّنْته, في الأصح, كإخبارهما أنهما أَمَّنَاهُ, كَالْمُرْضِعَةِ عَلَى فِعْلِهَا, وَعِنْدَ الْآجُرِّيِّ يَصِحُّ لِأَهْلِ الْحِصْنِ وَلَوْ هَمُّوا بِفَتْحِهِ مِنْ عَبْدٍ أو امرأة أو أسير عندهم: يروى مع عُمَرَ1, وَأَنَّهُ قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ. سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: لَوْ أَنَّ أَسِيرًا فِي عَمُورِيَّةَ نَزَلَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ فَأَمَّنَ الْأَسِيرُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ: قَالَ يَرْحَلُونَ عَنْهُمْ. وَيَحْرُمُ الْأَمَانُ لِلْقَتْلِ وَالرِّقِّ, قَالَهُ الأصحاب: وفي الترغيب: ويحتمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ "وَمِنْ غَيْرِهِمَا لِقَافِلَةٍ فَأَقَلُّ, قِيلَ: لقافلة صغيرة وحصن صغير, وأطلق في الروضة لِحِصْنٍ أَوْ بَلَدٍ, وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا أَنْ لَا يُجَارَ عَلَى الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ, وَقِيلَ: لمائة", انتهى. أُطْلِقَ الْخِلَافُ فِي مِقْدَارِ الْقَافِلَةِ وَالْحِصْنِ, هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَا صَغِيرَيْنِ عُرْفًا أَوْ مِائَةً. "الْقَوْلُ الْأَوَّلُ" هُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, لِإِطْلَاقِهِمْ الْقَافِلَةَ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" وَهُوَ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْقَافِلَةِ أَوْ الْحِصْنِ مِائَةً فأقل اختاره ابن البناء.
أَنْ لَا يَصِحَّ أَمَانُ امْرَأَةٍ عَنْ الرِّقِّ. قَالَ: وَيُشْتَرَطُ لِلْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا, وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ, وَفِي جواز إقامتهم بدارنا هذه المدة بلا جزية وجهان. وَإِذَا أَمَّنَهُ سَرَى إلَى مَا مَعَهُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ: أَمَّنْتُك نَفْسَك فَقَطْ. وَمَنْ جَاءَ بِأَسِيرٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَمَّنَهُ قَبْلَ قَوْلِ الْمُنْكَرِ, وَعَنْهُ: الْأَسِيرُ, وَعَنْهُ: يُعْمَلُ بِظَاهِرِ الْحَالِ, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ أَعْلَاجٌ اسْتَقْبَلُوا سَرِيَّةً دَخَلَتْ بَلَدَ الرُّومِ فَقَالُوا: جِئْنَا مُسْتَأْمَنِينَ, قَالَ في رواية أبي داود: إن استدل عليهم1 بِشَيْءٍ, قُلْت: وَقَفُوا فَلَمْ يَبْرَحُوا وَلَمْ يُجَدِّدُوا بسلاحا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "قَالَ فِي التَّرْغِيبِ يُشْتَرَطُ لِلْأَمَانِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا, وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ, وَفِي جَوَازِ إقَامَتِهِمْ بِدَارِنَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا جِزْيَةَ وَجْهَانِ", انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ, بَلْ هُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: وَيُعْقَدُ لِرَسُولٍ وَمُسْتَأْمَنٍ وَلَا جِزْيَةَ مُدَّةَ الْأَمَانِ2, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: "بَلَى إنْ أَقَامَ سَنَةً, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا" انْتَهَى. وَلَعَلَّ صَاحِبَ التَّرْغِيبِ خَصَّ ذَلِكَ بِعَشْرِ سِنِينَ, وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَغَيْرِهِ, وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وغيرهما.
فَرَأَى لَهُمْ الْأَمَانَ. وَمَنْ أَسْلَمَ فِي حِصْنٍ أَوْ فَتَحَهُ بِأَمَانٍ وَاشْتَبَهَ حُرِّمَ قَتْلُهُمْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَرِقُّهُمْ. وَعِنْدَ أَبِي بَكْرٍ وَصَاحِبِ التَّبْصِرَةِ: يَخْرُجُ وَاحِدٌ بِقُرْعَةٍ وَيُرَقُّ الْبَاقِي, وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ لَوْ نَسِيَ أَوْ اشْتَبَهَ مَنْ لَزِمَهُ قَوَدٌ فَلَا قَوَدَ, وَفِي الدِّيَةِ بِقُرْعَةٍ الْخِلَافُ. وَيُعْقَدُ لِرَسُولٍ وَمُسْتَأْمَنٍ, وَلَا جِزْيَةَ مُدَّةَ الْأَمَانِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقَالَ أَيْضًا: وَذَلِكَ إذَا أَمَّنَهُ الْإِمَامُ, وَقِيلَ: بَلَى إنْ أَقَامَ سَنَةً وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَمَنْ جَاءَنَا وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أَوْ تَاجِرٌ وَصَدَقْته عَادَةً قُبِلَ وَإِلَّا فَكَأَسِيرٍ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِتِجَارَةٍ وَلَمْ يُشْبِهْهُمْ وَمَعَهُ آلَةُ حَرْبٍ لَمْ يُقْتَلْ1 وَحُبِسَ, وَإِنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ فِي مَرْكَبٍ أَوْ شَرَدَ إلَيْنَا دَابَّةٌ فَلِمَنْ أَخَذَهُ, وَعَنْهُ: فَيْءٌ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إنْ دَخَلَ قَرْيَةً وَأَخَذُوهُ فَهُوَ لِأَهْلِهَا. وَيَحْرُمُ دُخُولُهُ إلَيْنَا بِلَا إذْنٍ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ رَسُولًا وَتَاجِرًا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: دُخُولُهُ لِسِفَارَةٍ أَوْ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ أَمْنٌ بِلَا عَقْدٍ, لَا لِتِجَارَةٍ, عَلَى الْأَصَحِّ فِيهَا, بِلَا عَادَةٍ, نَقَلَ حَرْبٌ فِي غُزَاةٍ فِي الْبَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا تَقْصِدُ بَعْضَ الْبِلَادِ: لَمْ يَعْرِضُوا لَهُمْ. وَيُنْتَقَضُ الْأَمَانُ بِرِدَّةٍ وَبِالْخِيَانَةِ, وَإِنْ أَوْدَعَ أَوْ أَقْرَضَ مُسْتَأْمَنٌ مسلما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَالًا أَوْ تَرَكَهُ وَعَادَ لِإِقَامَتِهِ بِدَارِ حَرْبٍ, أَوْ انْتَقَضَ عَهْدُ ذِمِّيٍّ يَبْقَى أَمَانُ مَالِهِ, وَقِيلَ: يُنْتَقَضُ وَيَصِيرُ فَيْئًا, وَعَنْهُ: فِي الذِّمِّيِّ ومتى لم ينتقض فطلبه أعطيه, فإن مات فَلِوَارِثِهِ, فَإِنْ عَدِمَ فَفَيْءٌ. وَلَوْ أُسِرَ وَاسْتُرِقَّ فَقِيلَ صَارَ فَيْئًا, وَالْأَشْهَرُ يُوقَفُ "م 2". فَإِنْ عَتَقَ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَفَيْءٌ: وَقِيلَ: لِوَارِثِهِ, وَإِنْ أَطْلَقَ كُفَّارٌ أَسِيرَنَا بِشَرْطِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُمْ أَبَدًا أَوْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً أَوْ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: يَهْرُبُ: وَإِنْ لَمْ يَشْرُطُوا وَأَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ لَا الْخِيَانَةُ, وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ, وَإِنْ لَمْ يَأْمَنُوهُ فَلَهُ الْأَمْرَانِ, وَقَتَلَهُمْ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَطْلَقُوهُ فَقَدْ أَمَّنُوهُ, وَقَالَ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ أَمَّنُوهُ فَلَا. "قِيلَ لَهُ: إنَّهُ مُطْلَقٌ, قَالَ: قَدْ يَكُونُ يُطْلَقُ وَلَا يَأْمَنُونَهُ, إذَا عَلِمَ أَنَّهُمْ أَمَّنُوهُ فَلَا" يَقْتُلُ. وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا: الْأَسِيرُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْتُلَ مِنْهُمْ يَجِدُ غَفْلَةً, قَالَ: إنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يفطنوا به. وقيل له: يَسْرِقُ مِمَّنْ حُبِسَ مَعَهُ؟ قَالَ: إذَا كَانُوا يَأْمَنُونَهُ فَلَا, وَإِنْ شَرَطُوا مَالًا بِاخْتِيَارِهِ بَعَثَهُ, فَإِنْ عَجَزَ لَزِمَهُ الْعُودُ, نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, كَامْرَأَةٍ لِخَوْفِ فِتْنَتِهَا. فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ يبدأ بفداء جاهل, للخوف ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يُنْتَقَضْ فَطَلَبَهُ أُعْطِيَهُ, فَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ, فَإِنْ عَدِمَ فَفَيْءٌ وَلَوْ أُسِرَ وَاسْتُرِقَّ فَقِيلَ صَارَ فَيْئًا, وَالْأَشْهَرُ يُوقَفُ, انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ. فَهَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ في هذا الباب.
عَلَيْهِ, وَيَتَوَجَّهُ عَالِمٌ لِشَرَفِهِ وَحَاجَتِنَا إلَيْهِ وَكَثْرَةِ الضَّرَرِ بِفِتْنَتِهِ. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ عَنْ "ش" وَأَحْمَدَ: إنْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَالٍ مُخْتَارًا يَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ لَهُمْ بِهِ, قَالَ أَحْمَدُ: لَوْ قَالَ الْأَسِيرُ لِعِلْجٍ أَخْرِجْنِي إلَى بِلَادِي وَأُعْطِيك كَذَا, وَفَى لَهُ. "وَلَوْ جَاءَ" الْعِلْجُ بِأَسِيرٍ عَلَى أَنْ يُفَادِيَ بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ قَالَ: يَفْدِيه الْمُسْلِمُونَ إنْ لَمْ يُفْدَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ, وَلَا يُرَدُّ. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْخَيْلُ أَهْوَنُ مِنْ السِّلَاحِ, وَلَا يَبْعَثُ السِّلَاحَ, قَالَ: وَلَوْ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ مُسْلِمَةٌ يَطْلُبُ بِنْتَه فَلَمْ يَجِدْهَا لَمْ تُرَدَّ الْمُسْلِمَةُ مَعَهُ, وَيُرْضَى وَيُرَدُّ الرجل 1والله أعلم1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الهدنة
باب الهدنة مدخل ... بَابُ الْهُدْنَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لِآحَادِ الْوُلَاةِ عَقْدُهُ مَعَ أَهْلِ قَرْيَةٍ, وَلَا يَصِحُّ إلَّا حَيْثُ جَازَ تَأْخِيرُ الْجِهَادِ مُدَّةً مَعْلُومَةً لَازِمَةً, قَالَ شَيْخُنَا: وَجَائِزَةٌ, وَعَنْهُ عَشْرُ سِنِينَ, وَإِنْ زَادَ فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَبِمَالٍ مِنَّا لِضَرُورَةٍ. وَفِي الْفُنُونِ: لِضَعْفِنَا مَعَ الْمَصْلَحَةِ. وَقَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لِحَاجَةٍ, وَكَذَا قَالَهُ أَبُو يَعْلَى فِي الْخِلَافِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ, وَاحْتَجَّ بِعَزْمِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى بَذْلِ شَطْرِ نَخْلِ الْمَدِينَةِ1. وَفِي الْإِرْشَادِ2 وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُبْهِجِ وَالْمُحَرَّرِ: يَجُوزُ مَعَ الْمَنْعِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] وَقِيلَ: دُونَ عَامٍ. وَإِنْ قَالَ هَادَنْتُكُمْ مَا شِئْنَا أَوْ شَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَصِحَّ, فِي الْأَصَحِّ, كَقَوْلِهِ: نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا صِحَّتَهُ أَيْضًا, وَأَنَّ مَعْنَاهُ مَا شِئْنَا, وَصِحَّتُهَا مُطْلَقَةٌ, لَكِنْ جَائِزَةٌ وَيُعْمَلُ بِالْمَصْلَحَةِ, لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِنَبْذِ الْعُهُودِ الْمُطْلَقَةِ وَإِتْمَامِ الْمُوَقَّتَةِ "هـ" إلَّا بِسَبَبٍ, وَكَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي الْمُوَقَّتَةِ, وَقَالَ: كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ عَهْدٌ لَا يُصَدُّ أَحَدٌ عَنْ الْبَيْتِ, وَلَا يَخَافُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ3, فَجَعَلَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ, لِأَنَّ الْأَمَانَ لِلْحُجَّاجِ لَمْ يَكُنْ بِعَهْدٍ, وَلِأَنَّ الْبَرَاءَةَ خَاصَّةٌ بِالْمُعَاهَدِ, وَالْمَنْعَ عَنْ الْبَيْتِ عَامٌّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْقَتْلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ حُرِّمَ فِي الْبَقَرَةِ, وَفِي نَسْخِهِ نِزَاعٌ, فَإِنْ قِيلَ نُسِخَ فَلَيْسَ فِي آيَةِ الْبَرَاءَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ, وَتَحْرِيمُهُ كَانَ عَامًّا, وَلَا عَهْدَ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ, وَلِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِمَّنْ تَبْرَأَ إلَيْهِمْ مَنْ عَاهَدَهُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ, وَيَحْرُمُ قِتَالُهُمْ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ وَغَيْرِهِ, فَكَيْفَ يَكُونُ مَا أَبَاحَهُ هُوَ الْقِتَالُ فِيهِ, وَأَخَذَ صَاحِبُ الْهَدْيِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "نُقِرّكُمْ مَا أَقَرَّكُمْ اللَّهُ" 1 جَوَازَ إجْلَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُمْ, وَأَجَلَاهُمْ عُمَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ, وَإِنَّ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ, وَإِنَّهُ قَوْلٌ قَوِيٌّ2 يَسُوغُ الْعَمَلُ بِهِ لِلْمَصْلَحَةِ, قَالَ: وَلَا يُقَالُ لَمْ يَكُنْ أَهْلُ خَيْبَرَ أَهْلَ ذِمَّةٍ, بَلْ أَهْلَ هُدْنَةٍ, لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ ذِمَّةٍ, لَكِنْ3 لَمْ يَكُنْ فَرْضُ الْجِزْيَةِ نَزَلَ. وَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ هَوَازِنَ4: فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا جَعَلَا بَيْنَهُمَا أَجَلًا غَيْرَ مَحْدُودٍ جَازَ, وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْخِيَارِ, لِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ. وَإِنْ شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أَوْ إدْخَالَهُمْ الْحَرَمَ أَوْ إعْطَاءَ سِلَاحٍ أَوْ رَدَّ مُسْلِمٍ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ, وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ رَدَّ مَهْرِهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ, وَفِي فَسَادِ عَقْدِهَا, وَعَقْدِ ذِمَّةٍ بِهِ وَجْهَانِ "م 1 و 2". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1 و 2" قَوْلُهُ: "وَإِنْ شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ أَوْ إدْخَالَهُمْ الْحَرَمَ أَوْ إعْطَاءَ سِلَاحٍ أَوْ رَدَّ مُسْلِمٍ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةٍ, وَعَلَى الأصح: أو رد مهرها5, ونحو ذلك
وفي المبهج رواية: يرد مهر من شُرِطَ رَدُّهَا مُسْلِمَةً, وَنَصَرَ "لَا يَلْزَمُ" كَمَا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ: ذَكَرَ ذَلِكَ آخَرَ الْجِهَادِ: فِي فَصْلِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَالصُّلْحِ. وَقَالَ قُبَيْلَ كِتَابِ الْجِزْيَةِ: نَقَلَ جَعْفَرٌ: الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ تَجِيءُ إلَيْنَا الْيَوْمَ مُسْلِمَةً يُرَدُّ عَلَى زَوْجِهَا الْمَهْرُ, فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ حِينَئِذٍ, وَلَا تُرَدُّ الْمَرْأَةُ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ "لَا" قَالَ شَيْخُنَا: رَدُّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ عِوَضٌ عَنْ رَدِّ الْمَرْأَةِ المشروط1 رَدُّهَا مَنْسُوخٌ أَمَّا رَدُّهُ نَفْسُهُ فَلَا نَاسِخَ له, ولو2 لم تبق امرأة ـــــــــــــــــــــــــــــQفَشَرْطٌ فَاسِدٌ3 "لَا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ" وَفِي فَسَادِ عَقْدِهَا وَعَقْدِ ذِمَّةٍ بِهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. ذكر مسألتين: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1" الْهُدْنَةُ إذَا شَرَطَ فِيهَا مَا ذَكَرَ فَسَدَ الشَّرْطُ, وَهَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي الْمُغْنِي4 وَالْهِدَايَةِ وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابن منجى والحاوي وغيرهم: بناء على
يُشْتَرَطُ رَدُّهَا فَلَا يُرَدُّ مَهْرُهَا لِعَدَمِ سَبَبِهِ فإن وجد سببه و1هُوَ إفْسَادُ النِّكَاحِ فَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْسَخْ2, وَفِي لُزُومِ, مُسْلِمٍ تَزَوَّجَهَا رَدُّ مَهْرِهَا الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهَا زَوْجٌ كَافِرٌ3 إلَيْهِ روايتان وَلَمْ يَسْتَدِلَّ بِشَيْءٍ. وَقَدَّمَ فِي الِانْتِصَارِ رَدَّ الْمَهْرِ مُطْلَقًا إنْ جَاءَ بَعْدَ الْعِدَّةِ, وَإِلَّا رُدَّتْ إلَيْهِ, ثُمَّ ادَّعَى نَسْخَهُ, وَأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ: لَا يَرُدُّهُ. وَيَجُوزُ شَرْطُ رَدِّ رَجُلٍ مُسْلِمٍ لِحَاجَةٍ, وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُمْ, وَلَا يَجْبُرُهُ, وَيَأْمُرهُ سِرًّا بِقِتَالٍ وَفِرَارٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَعْرِضُ لَهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ, وَيَلْزَمُنَا حِمَايَتُهُمْ مِنْ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَقَطْ, فَلَوْ أَخَذَهُمْ أَوْ أَخَذَ4 مَالَهُمْ غَيْرُهُمَا حُرِّمَ أَخْذُنَا ذَلِكَ, فِي الْأَصَحِّ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ, قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ: إلَّا فِيمَا إذَا شَرَطَ نَقْضَهَا مَتَى شَاءَ, فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا, انْتَهَى. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي الْبَيْعِ, فَكَذَا هُنَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ, كَالْبَيْعِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2" عَقْدُ الذِّمَّةِ إذَا وَقَعَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِهَا, وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي عَقْدِ الْهُدْنَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ, خِلَافًا وَمَذْهَبًا. عِنْدَ الْأَصْحَابِ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِ مُسْلِمٍ تَزَوَّجَهَا رَدُّ مَهْرِهَا الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ إلَيْهَا زَوْجٌ كافر إليه روايتان", انتهى.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا رِوَايَةً مَنْصُوصَةً: لَنَا شِرَاؤُهُمْ مِنْ سابيهم "وهـ" وَلَنَا شِرَاءُ وَلَدِهِمْ وَأَهْلِهِمْ مِنْهُمْ, كَحَرْبٍ, وَعَنْهُ: يُحَرَّمُ, كَذِمَّةٍ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ وَلَدَهُ وَرَحِمَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَبَاعَهُ مِنْ مُسْلِمٌ وَكَافِرٍ فَقِيلَ: يَصِحُّ الْبَيْعُ, نَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: لَا بَأْسَ, فَإِنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ لَمْ يَشْتَرِ, وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ, وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ بِتَوَصُّلِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا, كَدُخُولِهِ بِغَيْرِ أَمَانٍ, فَيُرَابِيهِمْ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَالْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعِتْقِ عَلَى الْحَرْبِيِّ بِالرَّحِمِ هَلْ يَحْصُلُ أَمْ لَا, لِأَنَّهُ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. وَإِنْ سَبَى بَعْضُهُمْ وَلَدَ بَعْضٍ وَبَاعَهُ1 صَحَّ, قِيلَ لِشَيْخِنَا عَنْ سَبْيِ مَلَطْيَةَ2 مُسْلِمِيهَا وَنَصَارَاهُمْ فَحَرَّمَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ وَأَبَاحَ سَبْيَ النَّصَارَى وَذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا لَهُمْ, كَسَائِرِ الْكُفَّارِ3, لِأَنَّهُ4 لَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ, لِأَنَّهُمْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ السَّابِقَ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِالْمُحَارَبَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ, وَمَا فِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَيْنَا, وَالْإِعَانَةَ عَلَى ذَلِكَ, وَلَا يُعْقَدُ لَهُمْ إلَّا مَنْ يُقَاتِلُهُمْ, حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ, وَهَؤُلَاءِ التَّتَرُ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ عَلَى ذَلِكَ, بَلْ بَعْدَ إسْلَامِهِمْ لَا يُقَاتِلُونَ النَّاسَ عَلَى الْإِسْلَامِ, وَلِهَذَا وَجَبَ قِتَالُ التَّتَرِ حَتَّى يلتزموا شرائع الإسلام, منها الجهاد ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ, وَلِهَذَا عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُسْتَدَلَّ بِشَيْءٍ.
وَإِلْزَامُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالْجِزْيَةِ وَالصِّغَارِ, وَنُوَّابِ التَّتَرِ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ الْمُلُوكَ لَا يُجَاهِدُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُمْ تَحْتَ حُكْمِ التَّتَرِ, قَالَ: وَنَصَارَى مَلَطْيَةَ وَأَرْضِ1 الْمَشْرِقِ وَيَهُودُهُمْ لَوْ كَانَ لَهُمْ ذِمَّةٌ وَعَهْدٌ مِنْ مَلِكٍ مُسْلِمٍ يُجَاهِدُهُمْ2 حَتَّى يُسَلِّمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَأَهْلِ الْمَغْرِبِ وَالْيَمَنِ, ثُمَّ لَمْ يُعَامَلُوا أَهْلَ مِصْرَ وَالشَّامِ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْعَهْدِ, جَازَ لِأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ غَزْوُهُمْ وَاسْتِبَاحَةُ دَمِهِمْ وَمَالِهِمْ; لِأَنَّ أَبَا جَنْدَلٍ وَأَبَا بَصِيرٍ حَارَبُوا أَهْلَ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدًا3, قَالَ: وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ, لِأَنَّ الْعَهْدَ وَالذِّمَّةَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ, وَإِنْ اشْتَبَهَ أَنَّ مَا أُخِذَ مِنْ كَافِرٍ بِمُسْلِمٍ فَيَنْبَغِي الْكَفُّ, وَيَتَوَجَّهُ: يَحْرُمُ, كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي سَبْيِ مُشْتَبَهٍ يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقُهُ, قَالَ: وَمَنْ كَسَبَ شَيْئًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَهُ فَلِلْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي مَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ مِلْكَ الْغَيْرِ أَوْ عَرَفَ وَأَنْفَقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ. وَإِنْ خَافَ نَقْضَهُمْ الْعَهْدَ جَازَ نَبْذُهُ إلَيْهِمْ بِخِلَافِ ذِمَّةٍ وَيَجِبُ إعْلَامُهُمْ قَبْلَ الْإِغَارَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ صَدَرَ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ 4فَإِنْ عَلِمُوا أنها خيانة4 اغتالهم5 وإلا فوجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ سَبَبِ الْفَتْحِ, وَهُوَ مُسَاعَدَةُ قُرَيْشٍ لِحُلَفَائِهِمْ1 بَنِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ عَلَى خُزَاعَةَ حُلَفَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 قَالَ فِيهَا: إنَّ أَهْلَ الْعَهْدِ إذَا حَارَبُوا مَنْ فِي ذِمَّةِ الْإِمَامِ وَعَهْدِهِ صَارُوا حَرْبًا نَابِذِينَ لِعَهْدِهِ, وَلَهُ أَنْ يُبَيِّتَهُمْ, وَإِنَّمَا يُعْلِمَهُمْ إذَا خَافَ مِنْهُمْ الْخِيَانَةَ, وَأَنَّهُ يَنْتَقِضُ عَهْدَ الْجَمِيعِ إذَا لَمْ يُنْكِرُوا, وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَاءٍ وَذُرِّيَّةٍ تَبَعًا3 لَهُمْ. وَفِي جَوَازِ قَتْلِ رَهَائِنِهِمْ بِقَتْلِهِمْ رَهَائِنَنَا رِوَايَتَانِ "م 3". وَمَتَى مَاتَ إمَامٌ أَوْ عُزِلَ لَزِمَ مَنْ بَعْدَهُ الْوَفَاءُ بِعَقْدِهِ "م" لِأَنَّهُ عَقَدَهُ بِاجْتِهَادِهِ, فَلَا يُنْتَقَضُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ, وَقَدْ جَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَقْضَ مَا عَقَدَهُ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ نَحْوَ صُلْحِ بني تغلب, لاختلاف المصالح باختلاف الأزمنة والله سبحانه وتعالى أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَفِي جَوَازِ قَتْلِ رَهَائِنِهِمْ بِقَتْلِهِمْ رَهَائِنَنَا رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ: "إحْدَاهُمَا" يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ, وَهُوَ الصَّوَابُ, فَهَذِهِ ثلاث مسائل في هذا الباب.
باب عقد الذمة
باب عقد الذمة مدخل ... بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ عَقْدُهَا إلَّا مِنْ إمَامٍ وَنَائِبِهِ, وَقِيلَ: وَكُلُّ مُسْلِمٍ لِمَنْ بَذَلَ الْجِزْيَةَ وَالْتَزَمَ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ, وَمَنْ تَدَيَّنَ بِهِمَا كَسَامِرَةَ1 وَفِرِنْجٍ وَصَابِئَةٍ وَهُمْ نَصَارَى, وَرُوِيَ أَنَّهُمْ يَسْبِتُونَ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ إنْ انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا فَمِنْ أَهْلِهِ, وَإِلَّا فَلَا, وَالْمَجُوسُ لَا كِتَابَ لَهُمْ, فَيَجِبُ مَا لَمْ يَخَفْ غَائِلَةً, وَعَنْهُ: وَكُلُّ كَافِرٍ غَيْرِ وَثَنِيٍّ مِنْ الْعَرَبِ, وَصَرِيحُهَا أَوْ ظاهرها, ويقر على عمل كفر وعبادة وثن2. وَفِي الْفُنُونِ: لَمْ أَجِدْ أَصْحَابَنَا ذَكَرُوا أَنَّ الْوَثَنِيَّ يُقَرُّ بِجِزْيَةٍ, قَالَ: وَوُجِدَتْ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرَدَانِيِّ أَنَّ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ يُقَرُّونَ بِجِزْيَةٍ فَيُعْطِي هَذَا أَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى عَمَلِ أَصْنَامٍ يَعْبُدُونَهَا فِي بُيُوتِهِمْ, وَلَمْ يُسْمَعْ بِذَلِكَ فِي سِيرَةٍ مِنْ سِيَرِ السَّلَفِ, وَمَعَاذَ اللَّهِ إذَا قُلْنَا بِتَرْكِهِمْ أَنْ نُمَكِّنَهُمْ مِنْ عِبَادَةِ وَثَنٍ أَوْ عَمَلِ صَنَمٍ, وَلَا أَعْرِفُ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ دَلِيلًا, وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ أَخْذَهَا مِنْ الْكُلِّ. وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَعْدَ نُزُولِ الْجِزْيَةِ بَلْ كَانُوا أَسْلَمُوا. وَقَالَ فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: مَنْ أَخَذَهَا مِنْ الْجَمِيعِ أَوْ سَوَّى بَيْنَ الْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فَقَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي آيَاتٍ وَلَمْ يَقُلْ: حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ, وَخَبَرُ بُرَيْدَةَ فِيهِ: "وَإِذَا حَاصَرْت أَهْلَ حِصْنٍ"1 وَلَا حُصُونَ لِلْمُشْرِكِينَ, وَلَمْ يَدَعْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا مِنْهُمْ إلَيْهَا وَهِيَ نَزَلَتْ سَنَةَ تِسْعٍ عام تبوك آخر مغازيه, و2قَيَّدَهَا بِأَهْلِ الْكِتَابِ, وَقِيلَ: مَنْ لَمْ يَقْبَلْ الجزية من أحد أبويه واختار3 دِينَ الْآخَرَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. وَصِيغَةُ الْعَقْدِ: أَقْرَرْتُكُمْ بِالْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ, أَوْ يَبْذُلُونَ ذَلِكَ فَيَقُولُ: أَقْرَرْتُكُمْ عَلَى ذَلِكَ, أَوْ نَحْوَهُمَا, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ قَدْرِ الْجِزْيَةِ, وَفِي ذِكْرِ الِاسْتِسْلَامِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ انْتَقَلَ غَيْرُ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ إلَى دِينِهِمَا قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَلَهُ حُكْمُهُمَا, وَكَذَا بَعْدَهَا, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يُسْلِمْ قُتِلَ, وَعَنْهُ: إنْ تَمَجَّسَ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ: قَبْلَ الْبَعْثَةِ بَعْدَ التَّبْدِيلِ كَبَعْدِ الْبَعْثَةِ, وَقَدَّمَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلَوْ قَبْلَ التَّبْدِيلِ. وَإِنْ انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ إلَى غير دينه فعنه إن لم يسلم قتل, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَعَنْهُ: وَيُقَرُّ بِدِينِهِ الْأَوَّلِ, وَعَنْهُ: يُقَرُّ بِأَفْضَلَ مِنْهُ, كَمَجُوسِيٍّ تَهَوَّدَ. وَفِي الْوَسِيلَةِ وَجْهٌ: أَوْ يَهُودِيٌّ تَنَصَّرَ. وَقَالَ شَيْخُنَا: اتَّفَقُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى, لِتَقَابُلِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا, قَالَ: وَيُسَمُّونَ بهما قبل نسخ وتبديل ومؤمنين و1مُسْلِمِينَ, قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى الْيَهُودُ نَصْرَانِيًّا فَجَعَلُوهُ يَهُودِيًّا عُزِّرُوا عَلَى جَعْلِهِ يَهُودِيًّا, وَلَا يَكُونُ إلَّا2 مُسْلِمًا, وَعَنْهُ يُقَرُّ بِدِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ دُونَ الْأَوَّلِ "م 1 - 4" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1 - 4" قَوْلُهُ: "وَإِنْ انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ إلى غير دينه, فعنه: إن لم يسلم قُتِلَ, وَعَنْهُ: وَيُقَرُّ بِدِينِهِ الْأَوَّلِ, وَعَنْهُ يُقَرُّ بِأَفْضَلَ مِنْهُ, كَمَجُوسِيٍّ تَهَوَّدَ. وَعَنْهُ: يُقَرُّ بِدِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ دُونَ الْأَوَّلِ", انْتَهَى. فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1" إذَا انْتَقَلَ كِتَابِيٌّ إلى دين كتابي, مثل تهود3 نصراني أو تنصر4 يَهُودِيٌّ فَهَلْ يُقَرُّ مُطْلَقًا, أَوْ يُقَرُّ عَلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ دِينِهِ, أَوْ لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ, أَوْ لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ؟ فِيهِ رِوَايَاتٌ: "إحْدَاهُنَّ": لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ, قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: هَذَا المذهب, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الهداية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُقَرُّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ, وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ": يُقَرُّ مُطْلَقًا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ2. "وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ": يُقَرُّ عَلَى أَفْضَلِ مِنْ دِينِهِ, كَيَهُودِيٍّ تَنَصَّرَ, فِي وَجْهٍ فِي الْوَسِيلَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اتَّفَقُوا عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لِتَقَابُلِهِمَا وَتَعَارُضِهِمَا. "قُلْت": الصَّوَابُ أَنَّ دِينَ النَّصْرَانِيَّةِ أَفْضَلُ مِنْ دِينِ الْيَهُودِيَّةِ الْآنَ وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2" إذَا انْتَقَلَ الْكِتَابِيُّ إلَى دِينٍ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ, فَهَلْ يُقَرُّ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ, كَمَا لَوْ تَمَجَّسَ, أَوْ لَا يُقَرُّ مُطْلَقًا; فِيهِ رِوَايَتَانِ: "إحْدَاهُمَا": لَا يُقَرُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا, وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3, وابن منجا فِي شَرْحِهِ, وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يُقَرُّ عَلَى دِينٍ يُقَرُّ أَهْلُهُ عَلَيْهِ, وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا, فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا إسْلَامٌ أَوْ السَّيْفُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, واختاره الخلال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَاحِبُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ1 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: يُقْبَلُ مِنْهُ أَحَدُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: الْإِسْلَامُ, أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَوْ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالْمُصَنَّفِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3" إذَا انْتَقَلَ مَجُوسِيٌّ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ, فَهَلْ يُقَرُّ, أَمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ, أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ, فِيهِ رِوَايَاتٌ: "إحْدَاهُنَّ" يُقَرُّ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, نَصَّ عَلَيْهِ, قَالَ ابْنُ منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبَ, 4وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ منه إلا الإسلام4 وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ5. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ": لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ, وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَتَيْنِ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ. "قُلْت": يَنْبَغِي عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ الدَّيْنُ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ, لِأَنَّا إذَا قَبِلْنَا مِنْهُ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَلَئِنْ نَقْبَلَ مِنْهُ الدِّينَ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ بِطَرِيقٍ أَوْلَى, لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ دِينِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 4" إذَا انْتَقَلَ مَجُوسِيٌّ إلَى غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يُقَرَّ, وَهَلْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ, أَوْ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ, أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ, أَوْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ, فِيهِ روايات:
1وعلى غير الأولى: متى لم يقر وأصر عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَوَّلِ1 قُتِلَ. وَفِي استتابته وجهان "م 5" وإلا ضرب وحبس. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُنَّ" لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ فَقَطْ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ, وَالْمُغْنِي3 ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَإِذَا تَزَوَّجَ4 كِتَابِيَّةً فَانْتَقَلَتْ إلَى دِينٍ آخَرَ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ الدِّينُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ": لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ دِينُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ, أَوْ دِينُ أَهْلِ الْكِتَابِ, وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ5. "تَنْبِيهٌ" ظَهَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ نَظَرًا, كَمَا تَرَى, وَأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ يَشْمَلُ مَا لَوْ انْتَقَلَ إلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ والمجوس, وليس الأمر كذلك, والله أعلم. "مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: وَعَلَى غَيْرِ الْأَوْلَى مَتَى لَمْ يُقَرَّ وَأَصَرَّ "عَلَيْهِ" فَإِنْ كَانَ دُونَ الْأَوَّلِ قُتِلَ. وَفِي اسْتِتَابَتِهِ وَجْهَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي6 وَالشَّرْحِ5. "أَحَدُهُمَا": يُسْتَتَابُ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ, وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَمَنْ جُهِلَتْ حَالُهُ وَادَّعَى أَحَدَ الْكِتَابَيْنِ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُ, فِي الْأَصَحِّ, وَعَنْهُ: وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَذَبِيحَتُهُ, كَمَنْ أَقَرَّ بِتَهَوُّدٍ أَوْ تَنَصَّرَ مُتَجَدِّدٍ وَإِنْ كَذَّبَ نَصْرَانِيٌّ بِمُوسَى خَرَجَ مِنْ النَّصْرَانِيَّةِ لِتَكْذِيبِهِ عِيسَى وَلَمْ يُقَرَّ, لَا يَهُودِيٌّ بِعِيسَى, وَإِنْ تَزَنْدَقَ ذِمِّيٌّ لَمْ يُقْتَلْ لِأَجْلِ الْجِزْيَةِ, نَقَلَهُ عنه ابن هانئ. وَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ لِكُلِّ حَوْلٍ فِي آخِرِهِ, وَيَمْتَهِنُونَ عِنْدَهُ, وَلَا يُقْبَلُ إرْسَالُهَا لِزَوَالِ الصِّغَارِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ, وَلَا تَتَدَاخَلُ, وَلَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهِ وَلَا يَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: لِأَنَّا لَا نَأْمَنُ نَقْضَ الْأَمَانَةِ فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعِوَضِ, وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ: يَصِحُّ, وَيَقْتَضِيه الْإِطْلَاقُ. مِنْ الْمُقِلِّ دِينَارًا, أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا, أَوْ الْقِيمَةَ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِتَغْلِيبِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِيهَا. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: والمنافع, ونصف صاع جيد عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
صَاعٍ وَسَطٍ, وَالْمُتَوَسِّطُ مِثْلَاهُ, وَالْغَنِيُّ عُرْفًا, وَقِيلَ: مَنْ مَلَكَ نِصَابًا, وَحَكَى رِوَايَةً, وَعَنْهُ: مَنْ مَلَكَ عَشْرَةَ آلَافِ دِينَارٍ1 مَثَلًا الْمُتَوَسِّطُ كَذَا وَظَّفَهُ عُمَرُ2, وَتَقَدَّمَ حُكْمُ تَغْيِيرِهِ. وَفِي الْخَرَاجِ عَنْهُ خَلَفٌ, وَلَهُ أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ المسلمين ودوابهم, وفي اعتبار بيان قدرها وأيامها وَالِاكْتِفَاءِ بِهَا عَنْ الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ "م 6 و 7" وقيل: تجب بلا شرط, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6 و 7" قَوْلُهُ: "وَلَهُ أَنْ يَشْرُطَ عَلَيْهِمْ ضيافة المسلمين ودوابهم, وفي اعتبار بيان قدرها وَأَيَّامِهَا وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا عَنْ الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6": هَلْ يُعْتَبَرُ بَيَانُ قَدْرِ الضِّيَافَةِ وَأَيَّامِهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا" يُعْتَبَرُ ذَلِكَ, فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ والنظم
وَمَتَى بَذَلُوا الْوَاجِبَ حُرِّمَ التَّعَرُّضُ بِقَتْلٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ, وَيَلْزَمُ دَفْعُ قَاصِدِهِمْ بِأَذًى, وَلَا مَطْمَعَ فِي الذَّبِّ عَمَّنْ بِدَارِ حَرْبٍ. قَالَ في الترغيب: والمنفردون ببلد غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِبَلَدِنَا يَجِبُ ذَبُّ أَهْلَ الْحَرْبِ عَنْهُمْ, عَلَى الْأَشْبَهِ, وَلَوْ شَرَطْنَا أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ لَمْ يَصِحَّ. وَلَا تَلْزَمُ صَبِيًّا ومجنونا وزمنا وأعمى وشيخا فانيا وراهبا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": يَجُوزُ إطْلَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ, وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي1, قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ شَرَطَ الضِّيَافَةَ مُطْلَقًا صَحَّ فِي الظَّاهِرِ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إذَا أَطْلَقَ مُدَّةَ الضِّيَافَةِ فَالْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ, لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 7": هَلْ يُكْتَفَى بِهَا عَنْ الْجِزْيَةِ أَوْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ. "أَحَدُهُمَا": يُكْتَفَى بِهَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي4, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَنَصَرَهُ, لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهَا أَقَلَّ الْجِزْيَةِ إذَا قُلْنَا: الْجِزْيَةُ مُقَدَّرَةُ الْأَقَلِّ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُكْتَفَى بِذَلِكَ, وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ, وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ, وَابْنُ حَمْدَانَ: فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
بِصَوْمَعَةٍ, وَفِيهِ وَجْهٌ, وَلَا يَبْقَى بِيَدِهِ مَالٌ إلَّا بُلْغَتُهُ فَقَطْ, وَيُؤْخَذُ مَا بِيَدِهِ, قَالَهُ شَيْخُنَا. قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَالَنَا, كَالرِّزْقِ الَّذِي لِلدُّيُورَةِ1 وَالْمَزَارِعِ إجْمَاعًا, قَالَ: وَيَجِبُ ذَلِكَ, قَالَ: وَمَنْ لَهُ تِجَارَةٌ أَوْ زِرَاعَةٌ وَهُوَ مُخَالِطٌ أَوْ مُعَاوِنُهُمْ عَلَى دِينِهِمْ كَمَنْ يَدْعُو إلَيْهِ مِنْ رَاهِبٍ وَغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ إجْمَاعًا وَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ, وَلَا تَلْزَمُ عَبْدًا, وَعَنْهُ: لِمُسْلِمٍ, جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا. وَفِي التَّبْصِرَةِ عَنْ الْخِرَقِيِّ: تَلْزَمُ عَبْدًا مُسْلِمًا عَنْ عَبْدِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: وَالْمُكَاتَبُ عَبْدٌ, وَتَلْزَمُ مُعْتَقًا بَعْضُهُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ, وَفِي ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ رِوَايَتَانِ. مَنْصُوصَتَانِ "م 8" لَا فَقِيرًا عاجزا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: "وَفِي ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ", انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا": تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: وَإِذَا عَتَقَ لَزِمَتْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا يَسْتَقْبِلُ, سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا, هَذَا الصَّحِيحُ عَنْ أَحْمَدَ, انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ: وَيُؤْخَذُ مِمَّنْ صَارَ أَهْلًا لَهَا فِي آخَرِ الْحَوْلِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ, وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ, قَالَ الخلال: هذا قول قديم رجع عنه ووهنها2. 3"تَنْبِيهٌ" أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الذِّمِّيِّ إذَا أَعْتَقَهُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ سُطُورٌ, وَعَنْهُ: لَا جِزْيَةَ عَلَى عَتِيقٍ مُسْلِمٍ, وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا هِيَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَوَّلًا, فَيَحْصُلُ فِي الْكَلَامِ نَظَرٌ لكونه أطلق الخلاف, ثم يحكي3
عنها وفيه احتمال كَمُعْتَمَلٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ "م 9" فَإِنْ بَانَ رَجُلًا فَلِلْمُسْتَقْبِلِ, وَيَتَوَجَّهُ: وَلِلْمَاضِي فَإِنْ بَذَلَتْهَا امْرَأَةٌ لِدُخُولِ دَارِنَا مُكِّنَتْ مَجَّانًا. وَمَنْ صَارَ أَهْلًا بِآخِرِ حَوْلٍ أُخِذَ مِنْهُ بِقِسْطِهِ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ, وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لُحُوقِهِ بِمَأْمَنِهِ, وَعَنْهُ: لَا جِزْيَةَ عَلَى عَتِيقِ مسلم, وعنه: و1عَتِيقُ ذِمِّيٍّ, جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَيُلَفَّقُ من2 إفاقة مجنون ـــــــــــــــــــــــــــــQ3رِوَايَةً بِعَدَمِ الْجِزْيَةِ, فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لُزُومُ الْجِزْيَةِ, وَهِيَ الْمَذْهَبُ, كَمَا تَقَدَّمَ, فَحَصَلَ خَلَلٌ من جهة المذهب, والله أعلم3. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَفِي خُنْثَى مُشْكِلٍ وَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا": لَا تَجِبُ عَلَيْهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي4 وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ أَظْهَرُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": تَجِبُ: وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "قلت": وهو ضعيف.
حَوْلٌ, ثُمَّ تُؤْخَذُ, وَقِيلَ: فِي آخِرِهِ بِقَدْرِهَا, كَمُعْتَقٍ بَعْضُهُ, وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ, وَقِيلَ: فِيمَنْ لَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهُ فَقَطْ, وَإِنْ طَرَأَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْحَوْلِ لَمْ تَسْقُطْ, فِي الْأَصَحِّ, إلَّا بِالْإِسْلَامِ. نَصَّ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ: "مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ"1 لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ لَا أُجْرَةٌ عَنْ السُّكْنَى. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّهَا عُقُوبَةٌ, وَأَنَّ بَقَاءَ النَّفْسِ مَعَ الذُّلِّ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ, وَمَنْ عَدَّ الْحَيَاةَ مَعَ الذُّلِّ نِعْمَةً فَقَدْ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْإِصَابَةِ. وَفِي الْفُنُونِ أَيْضًا عَنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِوَضٍ عَنْ كَفِّ الْأَذَى: لَا بَأْسَ بِهِ. وَفِي الْإِيضَاحِ: لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامٍ, وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ وُجُوبَهَا وَأَنَّهَا مُرَاعَاةٌ, وَأَنَّ الْخَرَاجَ يَسْقُطُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَإِنْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهِ سَقَطَتْ, وَقِيلَ: يَجِبُ بِقِسْطِهِ, وَإِنْ تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ مَا عليهم, أو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ, أَوْ ظَهَرَ. وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ثُبُوتَهُ, أَقَرَّهُمْ, فَإِنْ جَهِلَهُ فَقِيلَ: يُعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ, وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ فَإِنْ بَانَ نَقْصٌ1 أَخَذَهُ. وَقِيلَ: يَعْقِدُهَا بِاجْتِهَادِهِ "م 10". وَيُؤْخَذُ عِوَضُ الْجِزْيَةِ زَكَاتَانِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي تَغْلِبَ, مِمَّا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ, حَتَّى مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ جِزْيَةٌ, وَفِيهِ وَجْهٌ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ تَغْيِيرُهُ, لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ, وَقَدْ عَقَدَهُ عُمَرُ معهم هكذا2, واختار ابن عقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: "وَإِذَا تَوَلَّى إمَامٌ فَعَرَفَ مَا عَلَيْهِمْ, أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ, أَوْ ظَهَرَ أَقَرَّهُمْ, فَإِنْ جَهِلَهُ فَقِيلَ: يَعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ, وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ, فَإِنْ بَانَ نَقْصٌ أَخَذَهُ, وَقِيلَ. يَعْقِدُهَا بِاجْتِهَادِهِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَعْمَلُ بِقَوْلِهِمْ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ مَعَهُمْ, اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عَقَدَ الذِّمَّةِ مَعَهُمْ عَلَى مَا يُؤَدِّي اجْتِهَادُهُ, انْتَهَى. 7فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ فِي هَذَا الْبَابِ7.
يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْمَصْلَحَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ, وَجَعَلَهُ جَمَاعَةٌ كَتَغْيِيرِ خَرَاجٍ وَجِزْيَةٍ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا. وَكَلَامُ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ يَقْتَضِي الْفَرْقَ, وَسَبَقَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ احْتِمَالًا بِقَبُولِهَا إذَا بَذَلَهَا, جَزَمَ فِي الْخِلَافِ بِالْفَرْقِ, وَبِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا, وَبِأَنَّ هَذَا لَزِمَهُمْ بِرِضَاهُمْ وَلَمْ يَرْضَوْا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ, بِخِلَافِ الْخَرَاجِ فَإِنَّهُمْ أُلْزِمُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا. وَقِيلَ: تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ, لِلْآيَةِ, وَكَحَرْبِيٍّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصُّلْحِ, وَمَصْرِفُهُ كَجِزْيَةٍ, لِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى: تضاعف عليهم الجزية, وعنه: كزكاة, لقوله فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّمَا هِيَ الزَّكَاةُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ سَوَاءٌ. وَقَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ, فَدَلَّ أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ إنْ قِيلَ هِيَ زَكَاةٌ, وَإِلَّا فَلَا, وَهُوَ أَظْهَرُ, وَيَلْحَقُ بِهِمْ مَنْ تَنَصَّرَ مِنْ تَنُوخِ وَبَهْرَاءَ, أَوْ تَهَوَّدَ مِنْ كِنَانَةَ وَحِمْيَرَ, أَوْ تَمَجَّسَ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ, وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ, وَقِيلَ: لَا, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَحَكَاهُ نَصُّ أَحْمَدَ, وَلِلْإِمَامِ الْمُصَالَحَةُ مِثْلَهُمْ لِمَنْ خُشِيَ ضَرَرُهُ بِشَوْكَتِهِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَبَاهَا إلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةٌ, نَصَّ عليه 1والله أعلم1. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب أحكام الذمة
باب أحكام الذمة مدخل ... بَابُ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَخْذُهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ وَالْحَدِّ فِيمَا يُحَرِّمُونَهُ. وَعَنْهُ إنْ شَاءَ لَمْ يَقُمْ حَدُّ زِنَا بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, وَمِثْلُهُ قَطْعُ سَرِقَةِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَيَلْزَمُ تَمْيِيزُهُمْ1 عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِلِبْسِ ثَوْبٍ يُخَالِفُ بَقِيَّةَ ثِيَابِهِمْ, كَعَسَلِيٍّ وَأَدْكَنَ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى السَّوَادِ, وَبِشَدِّ زُنَّارٍ فَوْقَ ثَوْبِ النَّصْرَانِيِّ, وَلِلْمَرْأَةِ غِيَارٌ بِالْخُفَّيْنِ, بِاخْتِلَافِ لَوْنَيْهِمَا وَأَنْ يَجْعَلُوا لِدُخُولِ الْحَمَّامِ بِرِقَابِهِمْ جُلْجُلًا, وَهُوَ الْجَرَسُ الصَّغِيرُ, أَوْ خَاتَمٌ رَصَاصٌ وَنَحْوُهُ. وَيَلْزَمُ تَمْيِيزُ قُبُورِهِمْ عَنْ قُبُورِنَا تَمْيِيزًا ظَاهِرًا, كَالْحَيَاةِ. وَأَوْلَى, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا, وَأَنْ لَا يَكْتَنُوا بِكُنْيَةِ الْمُسْلِمِينَ, كَأَبِي الْقَاسِمِ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ, وَكَذَا اللَّقَبُ, كَعِزِّ الدِّينِ وَنَحْوِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا: وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِنَصْرَانِيٍّ طَبِيبٍ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ, وَاحْتَجَّ بِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِعْلِ عُمَرُ, وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ لَا بَأْسَ بِهِ, النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأُسْقُفِ نَجْرَانَ "يَا أَبَا الْحَارِثِ أَسْلِمْ تَسْلَمْ"2 وَعُمَرُ قَالَ: يَا أَبَا حَسَّانَ3, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ: يَجُوزُ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ. وَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَلَيْهِ, وَعَنْ "م" الجواز والكراهة, لأن فيه تكبيرا وتعظيما, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَنْ يَحْذِفُوا مَقْدِمَ رُءُوسِهِمْ لَا كَعَادَةِ الْأَشْرَافِ, وَأَنْ لَا يُفَرِّقُوا شُعُورَهُمْ, وَلَهُمْ رُكُوبُ غَيْرِ خَيْلٍ بِلَا سَرْجٍ لَكِنْ عَرْضًا بِإِكَافٍ1, وَقِيلَ: يَمْنَعُهُمْ مِنْ الطَّيَالِسَةِ وَأَنَّهُمْ إنْ أَبَوْا الْغِيَارَ لَمْ يُجْبَرُوا وَنُغَيِّرُهُ نَحْنُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْ حَمْلِ سِلَاحٍ وَالْمُقَاتِلَةِ بِثِقَافٍ2 وَرَمْيٍ وَغَيْرِهِ, لِأَنَّهُ مشروط عليهم. وَتَحْرُمُ الْعِيَادَةُ وَالتَّهْنِئَةُ وَالتَّعْزِيَةُ لَهُمْ, كَالتَّصْدِيرِ وَالْقِيَامِ, وَكَمُبْتَدِعٍ يَجِبُ هَجْرُهُ. وَعَنْهُ يَجُوزُ "وهـ ش" وَعَنْهُ: لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ, كَرَجَاءِ إسْلَامٍ, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ الْآجُرِّيِّ, وَأَنَّهُ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ: يُعَادُ وَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: إنْ كان يريد 3يدعوه إلى لِلْإِسْلَامِ3 فَنَعَمْ, وَيُدْعَى بِالْبَقَاءِ, وَكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ, زَادَ جَمَاعَةٌ قَاصِدًا كَثْرَةَ الْجِزْيَةِ. وَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الدُّعَاءَ لِكُلِّ أَحَدٍ بِالْبَقَاءِ وَنَحْوِهِ, لِأَنَّهُ شَيْءٌ فُرِغَ مِنْهُ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, وَيَسْتَعْمِلُهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ, وَذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا هُنَا, رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ4 عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مِحْصَنٍ عَنْهَا قَالَتْ: تُوُفِّيَ ابْنِي فَجَزِعْت عَلَيْهِ فَقُلْت لِلَّذِي يُغَسِّلُهُ: لَا تُغَسِّلْ ابْنِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَتَقْتُلُهُ, فَانْطَلَقَ عُكَّاشَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بقولها, فتبسم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَالَ طَالَ عُمْرُهَا قَالَتْ: فَلَا أَعْلَمُ امْرَأَةً عُمِّرَتْ مَا عُمِّرَتْ. أَبُو الْحَسَنِ تَفَرَّدَ عَنْهُ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ الْإِمَامُ. وَلِمُسْلِمٍ1 مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِيَتِيمَةٍ كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ "لَقَدْ كَبِرْت لَا كَبِرَ سِنُّك" وَأَنَّهَا قَالَتْ لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَإِنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ ذَكَرَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ وَقَالَ "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَتَعْلَمِينَ أَنِّي اشْتَرَطْت عَلَى رَبِّي فَقُلْت: إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ, وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ, فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْت عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً" وَدَعَا لِأَنَسٍ بِطُولِ الْعُمُرِ2. وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا سَأَلَتْ أَنْ يُمَتِّعَهَا اللَّهُ بِزَوْجِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ وَابْنِهَا وَأَخِيهَا " إنَّكِ سَأَلْتِ اللَّهَ لِآجَالٍ مَضْرُوبَةٍ, وَآثَارٍ مَوْطُوءَةٍ, وَأَرْزَاقٍ مَقْسُومَةٍ, لَا يُعَجَّلُ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ أَجَلِهِ, وَلَا يُؤَخَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْدَ أَجَلِهِ, فَلَوْ سَأَلْتِ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ مِنْ عَذَابٍ فِي النَّارِ وَعَذَابٍ فِي الْقَبْرِ كَانَ خَيْرًا" رَوَاهُ مُسْلِمٌ3, فَلَمْ يَنْهَ وَلَمْ يَقُلْ إنَّ الدُّعَاءَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي زِيَادَةِ الْعُمُرِ, وَإِنَّمَا أَرْشَدَ إلَى الْأَفْضَلِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ. لَكِنْ رَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ4 مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ "لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إلا الدعاء, لا يزيد في العمر
إلَّا الْبِرُّ" إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ, رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ1 مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ, وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَلَمْ يَكْرَهْ أَحْمَدُ: فِدَاك أَبِي وَأُمِّي لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا2, وَكَرِهَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَك, لِمَا سَبَقَ. وَلِمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: إنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ, جَعَلَنَا اللَّهُ فِدَاءَك, وَمَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنْ الْأَشْرِبَةِ؟ وَالْحَدِيثُ وَفِدَاك بكسر الفاء وبالمد. وَتُحَرَّمُ الْبُدَاءَةُ بِالسَّلَامِ, وَفِي الْحَاجَةِ احْتِمَالٌ, نَقَلَ أَبُو دَاوُد فِيمَنْ لَهُ حَاجَةٌ إلَيْهِ: لَا يُعْجِبُنِي, وَمِثْلُهُ: كَيْفَ أَنْتَ أَوْ أَصْبَحْت أَوْ حَالُك. نَصَّ عَلَيْهِ, وَجَوَّزَهُ شَيْخُنَا, وَيَتَوَجَّهُ بِالنِّيَّةِ, كَمَا قَالَ لَهُ: الْحَرْبِيُّ تَقُولُ أَكْرَمَك اللَّهُ؟ قَالَ: نَعَمْ, يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ, وَيَجُوزُ: هَدَاك اللَّهُ, زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَطَالَ بَقَاءَك وَنَحْوَهُ. وَإِنْ سَلَّمَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ اُسْتُحِبَّ قَوْلُهُ لَهُ: رُدَّ عَلَيَّ سَلَامِي. وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمْ لَزِمَ رَدُّ: عَلَيْكُمْ أَوْ عَلَيْك وَهَلْ الْأَوْلَى الْوَاوُ؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ "م 1" وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَرُدُّ تَحِيَّتَهُ, وَأَنَّهُ يَجُوزُ: أَهْلًا أَهْلًا وَسَهْلًا, وَكَرِهَ أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1 " قَوْلُهُ: وَهَلْ الْأَوْلَى الْوَاوُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. "أَحَدُهُمَا" الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ أَوْلَى; وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَبِعَهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَاخْتَارَ أَصْحَابُنَا بِالْوَاوِ, انْتَهَى, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ
مُصَافَحَتَهُ, قِيلَ لَهُ: فَإِنْ عَطَسَ يَقُولُ لَهُ: يَهْدِيكُمْ اللَّهُ؟ قَالَ أَيَّ شَيْءٍ يُقَالُ لَهُ؟ كَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِبَّهُ كَمَا لَا يُسْتَحَبُّ بُدَاءَتَهُ بِالسَّلَامِ: وَعَنْ أَبِي مُوسَى: إنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمكُمْ اللَّهُ فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَصَحَّحَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيهِ الرِّوَايَتَانِ, قَالَ: وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْقَاضِي: يُكْرَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ, وَابْنِ عَقِيلٍ إنَّمَا نفى الاستحباب. وإن شمته2 كافر أجابه. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْهَادِي وَالْبُلْغَةِ وَالشَّرْحِ4 وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ فِي "بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ" و "أَحْكَامِ الذِّمَّةِ" لَهُ: وَالصَّوَابُ إثْبَاتُ الْوَاوِ, وَبِهِ جَاءَتْ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ, وَذَكَرَهَا الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": الْأَوْلَى عَدَمُ الْوَاوِ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْإِرْشَادِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. "قُلْت": وَتَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ, لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْمَعْصُومِ صحت بهذا وبهذا.
وَيُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا إجْمَاعًا, إلَّا فِيمَا شَرَطُوهُ فِيمَا فُتِحَ صُلْحًا عَلَى أَنَّهُ لَنَا. وَفِي لُزُومِ هَدْمِ الْمَوْجُودِ فِي عَنْوَةٍ وَقْت فَتْحِهِ1 وَجْهَانِ "م 2" وَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَحَدٌ بِجِزْيَةٍ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ, قَالَ شَيْخُنَا: وَبَقَاؤُهُ لَيْسَ تَمْلِيكًا, فَنَأْخُذُهُ لِمَصْلَحَةٍ, وَقَالَهُ أَيْضًا فِي مُشْتَبَهٍ: كَمَا لَمْ يَمْلِكْ أَهْلُ خَيْبَرَ الْمَعَابِدَ, وَكَغَيْرِهَا. وَقَالَ: لَوْ انْقَرَضَ أَهْلُ مِصْرَ وَلَمْ يَبْقَ مَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِهِمْ فَلَنَا الْعَقَارُ وَالْمَنْقُولُ وَالْمَعَابِدُ فَيْئًا. فَإِنْ عَقَدَ لِغَيْرِهِمْ ذِمَّةً فَكَعَقْدِ مُبْتَدَإٍ, فَإِنْ انْتَقَضَ فَكَمَفْتُوحٍ عَنْوَةً, وَقَالَ: وَقَدْ أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ كَنَائِسَ كَثِيرَةً مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ, وَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ, فَعَلِمَ أَنَّ هَدْمَ كَنَائِسِ الْعَنْوَةِ جَائِزٌ مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ عَلَنًا, فَإِعْرَاضُ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُمْ كَانَ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الأسباب, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَفِي لُزُومِ هَدْمِ الْمَوْجُودِ فِي عَنْوَةٍ وَقْتَ فَتْحِهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. "أَحَدُهُمَا" لَا يَلْزَمُ هَدْمُهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4, وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يلزم, قدمه ابن رزين في شرحه.
كَمَا أَعْرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْيَهُودِ حَتَّى أَجَلَاهُمْ عُمَرُ1. وَوَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا حَكَمَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ "ع". وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ ظَالِمٌ وَجَبَتْ عُقُوبَتُهُ. وَلَا يَجُوزُ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ أَنْ يَفْعَلُوا شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِ وَلِيِّ الْأَمْرِ. قَالَ فِي الْفُنُونِ فِي بَيْتٍ من بيوت نيران المجوس: هو للمجوس مهما2 بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فِي الْمَكَانِ, سَوَاءٌ كَانَ من أهل ذلك المكان أَوْ لَا, لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: "سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ"3 وَالنَّصَارَى إذَا كَانَتْ لَهُمْ بِيعَةٌ فَانْقَرَضَ أَهْلُ الصُّقْعِ وَجَاءَ قَوْمٌ مِنْ النَّصَارَى يُقِيمُونَ بِهَا لَمْ نَمْنَعْهُمْ وَلَا نُخَرِّبْهَا وَلَا تُسَلَّمْ إلَى غَيْرِهِمْ. وَهَذَا وَجْهٌ ثَالِثٌ يُمْنَعُ الْهَدْمُ, وَفِي الرِّعَايَةِ: هُوَ أَشْهَرُ, كَذَا قَالَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَا فِي السَّوَادِ مِنْ الْبِيَعِ فَمُحْدَثٌ يُهْدَمُ إلَّا الْحِيرَةَ وَبَانِقْيَا وَبَنِي صَلُوبَا, فَإِنَّهُمْ صُولِحُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يَخْرُجُوا, وَمَا كَانَ مِنْ صُلْحٍ أُقِرُّوا عَلَى صُلْحِهِمْ, وَكُلُّ مِصْرٍ مَصَّرَهُ الْعَرَبُ فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَبْنُوا فِيهِ بِيعَةً, وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ4. وَلَهُمْ رَمُّ مَا تَشَعَّثَ مِنْهَا, وَعَنْهُ: وبناؤها إذا انهدمت, وعنه: منعهما, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, قَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ, كَمَنْعِ الزِّيَادَةِ, قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فِي الْكَيْفِيَّةِ, وَقَالَ: لَا أَعْلَى وَلَا أَوْسَعَ, اتِّفَاقًا, وَقِيلَ: إنْ جَازَ بِنَاؤُهَا جَازَ بِنَاءُ بِيعَةٍ مُتَهَدِّمَةٍ بِبَلَدٍ فَتَحْنَاهُ. وَيُمْنَعُونَ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَاءٍ عَلَى جَارٍ مُسْلِمٍ لَاصِقَةٍ أَوْ لَا وَلَوْ رَضِيَ الْجَارُ, قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى, زَادَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ يَدُومُ عَلَى دَوَامِ الْأَوْقَاتِ, وَرِضَاهُ يُسْقِطُ حَقَّ مِنْ يُحَدِّثُ بَعْدَهُ, فَدَلَّ أَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ قِسْمَةَ مَنَافِعَ لَا تَلْزَمُ لِسُقُوطِ حَقِّ مَنْ يُحَدِّثُ. قَالَ شَيْخُنَا: أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ لِمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ, لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِاجْتِنَابِهِ فَمُحَرَّمٌ, وَيَجِبُ هَدْمُهُ, وَفِي مُسَاوَاتِهِ وَجْهَانِ "م 3" لَوْ مَلَكُوا مِنْهُ دَارًا عَالِيَةً أَوْ بَنَى مُسْلِمٌ عندهم دارا دونهم فلا تغيير في الأصح وبناء ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَفِي مُسَاوَاتِهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ, والنظم والرعايتين والحاويين وغيرهم "أَحَدُهُمَا" لَا يَمْنَعُونَ, قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلَا يَعْلُونَ عَلَى جَارٍ مُسْلِمٍ, وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَمْنَعُونَ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نهايته وناظمها, والآدمي في منوره.
مُتَهَدِّمَةٍ عَالِيَةٍ كَبِيعَةٍ, وَالْمُتَهَدِّمُ مِنْهَا1 ظُلْمًا كَهَدِّهِ بِنَفْسِهِ, وَقِيلَ: يُعَادُ, وَهُوَ أَوْلَى, وَلَوْ سَقَطَ هَذَا الْبِنَاءُ الَّذِي يَجِبُ إزَالَتُهُ عَلَى شَيْءٍ أَتْلَفَهُ فَيَتَوَجَّهُ الضَّمَانُ وَأَنَّهُ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ.. وَيُمْنَعُونَ وُجُوبًا إظْهَارَ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ, فَإِنْ فَعَلَا أَتْلَفْنَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَسَبَقَ أَوَّلُ الْغَصْبِ2. وَإِظْهَارُ عِيدٍ وَصَلِيبٍ وَضَرْبُ نَاقُوسٍ وَرَفْعُ صَوْتٍ بِكِتَابٍ أَوْ عَلَى مَيِّتٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَمِثْلُهُ إظْهَارُ أَكْلٍ فِي رَمَضَانَ, وَنَصَّ أَحْمَدُ: لَا يَضْرِبُونَ بِنَاقُوسٍ, وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: إظْهَارُهُ, قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: وَيُمْنَعُ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلذِّمَّةِ فِيمَا لَمْ يَظْهَرُوا, مَعَ أَنَّهُ فِي مَكَان آخَرَ "قَالَ"3: يُمْنَعُونَ مِنْ ضَرْبِ النَّاقُوسِ وَإِظْهَارِ الْخَنَازِيرِ4, 5وَظَاهِرُهُ: لَيْسَ لَهُمْ إظْهَارُ شَيْءٍ مِنْ شَعَائِرِ دِينِهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا وَقْتَ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا لِقَاءِ الْمُلُوكِ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ, وَقَالَهُ شَيْخُنَا5. وَإِنْ صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ بِجِزْيَةٍ أَوْ خَرَاجٍ لَمْ يُمْنَعُوا شَيْئًا مِمَّا تَقَدَّمَ كَأَهْلِ الْهُدْنَةِ, وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا مَصَّرَهُ الْعَرَبُ أَوْ فُتِحَ عَنْوَةً فَلَيْسَ لِلْعَجَمِ أَنْ يَضْرِبُوا فِيهِ نَاقُوسًا أَوْ يَشْرَبُوا خَمْرًا أَوْ يتخذوا فيه خنزيرا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويمنعون مقام الحجاز,
فَصْلٌ: وَيُمْنَعُونَ مَقَامَ الْحِجَازِ, وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَخَيْبَرَ وَالْيَنْبُعُ وَفَدَكُ وَمَخَالِيفُهَا1. وَقَالَ شَيْخُنَا: مِنْهُ تَبُوكُ وَنَحْوَهَا, وَمَا دُونَ الْمُنْحَنَى وَهُوَ عُقْبَةُ الصَّوَّانُ مِنْ الشَّامِ, كَمَعَّانٍ, قَالَ: وَمَنْ سَمَّى مَنْ قَصَدَ مِنْهُمْ كَنِيسَةً حَاجًّا أَوْ قَالَ حَجَّ الْمُشَاهَدُ عُزِّرَ بِمَا يَرْدَعُهُ إلَّا أَنْ يُسَمَّى حَجًّا بِقَيْدٍ كَحَجِّ الْكُفَّارِ وَحَجِّ الضَّالِّينَ. وَلَهُمْ دُخُولُهُ2 وَالْأَصَحُّ بِإِذْنِ إمَامٍ لِتِجَارَةٍ, وَلَا يُقِيمُوا بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ, وَقِيلَ: فَوْقَ أَرْبَعَةٍ إلَّا لِمَرَضٍ, فَإِنْ مَاتَ دفن به, وفيه وجه. ويمنعون دخول الحرم نص عليه, مطلقا, وقيل: إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إلَّا لِحَاجَةٍ, كَغَيْرِهِ "م 4". وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ, وَيُعَزَّرُ وَيُنْبَشُ إنْ دُفِنَ بِهِ إلَّا أَنْ يَبْلَى, وَلَمْ يستثنه في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَيَمْنَعُونَ دُخُولَ الْحَرَمِ, نَصَّ عَلَيْهِ, مُطْلَقًا, وَقِيلَ: إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: إلَّا لِحَاجَةٍ كَغَيْرِهِ", انْتَهَى. الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا, وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ فَهَلْ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لِلْحَاجَةِ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ, قَطَعَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ, وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يَجُوزُ للحاجة أيضا, اختاره ابن الجوزي وغيره.
التَّرْغِيبِ وَلَا يَدْخُلُهُ لِيُسْلِمَ فِيهِ, وَلَا تَاجِرٌ وَلَا رَسُولٌ مُطْلَقًا, وَلَا بِعِوَضٍ, فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ بَعْضَهُ مَلَكَهُ, وَقِيلَ: يَرُدُّهُ, وَقِيلَ: لَهُمْ دُخُولُهُ, وَأَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ, كَحَرَمِ الْمَدِينَةِ, فِي الْأَشْهَرِ, وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُمْنَعُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا الْحَرَمِ, لِظَاهِرِ الْآيَةِ1. وَلَيْسَ لكافر دخول مسجد. وَعَنْهُ: يَجُوزُ, كَاسْتِئْجَارِهِ لِبِنَائِهِ, ذَكَرَهُ الشَّيْخُ الْمَذْهَبُ, ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَهَا, وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ: لِمَصْلَحَةٍ, وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بِإِذْنِ مُسْلِمٍ, وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهُمَا مَعًا2, وَكَلَامُ الْقَاضِي يَقْتَضِي3: يَجُوزُ لِيَسْمَعُوا الذَّكَرَ فَتَرِقُّ قُلُوبُهُمْ وَيُرْجَى إسْلَامُهُمْ. وَاحْتَجَّ بما رواه 4أحمد و4أَبُو دَاوُد5 وَالْإِسْنَادُ جَيِّدٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَهُمْ الْمَسْجِدَ لِيَكُونَ أَرَقَّ لِقُلُوبِهِمْ, وَاشْتَرَطُوا أَنْ لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا يُجْبُوا, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يُحْشَرُوا وَلَا يُعْشَرُوا وَلَا خَيْرَ فِي دِينٍ لَا رُكُوعَ فِيهِ" وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ شَرَطَ الْمَنْعَ فِي عَقْدِ ذِمَّتِهِمْ مُنِعُوا, وَإِنْ كَانَ جنبا فوجهان "م 5" وإن قصدوا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "فَإِنْ كَانَ جُنُبًا فَوَجْهَانِ" انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي باب الغسل,
اسْتِبْدَالَهَا بِأَكْلٍ وَنَوْمٍ مُنِعُوا ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. وَلِأَحْمَدَ1 عَنْ أَسْوَدَ بْنِ عَامِرٍ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا "لَا يَدْخُلُ مَسْجِدَنَا بَعْدَ عَامِنَا هَذَا غَيْرُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَخَدَمِهِمْ" قِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ الْحَسَنُ مِنْ جَابِرٍ, وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ, فَيَكُونُ رِوَايَةً بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ "هـ" في الكل. وَتَجُوزُ عِمَارَةُ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكِسْوَتُهُ وَإِشْعَالُهُ بِمَالِ كُلِّ كَافِرٍ, وَأَنْ يَبْنِيَهُ بِيَدِهِ, ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي وَقْفِهِ عَلَيْهِ وَوَصِيَّتِهِ لَهُ, فَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْعِمَارَةُ فِي الْآيَةِ وَدُخُولُهُ وَجُلُوسُهُ فِيهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَرْفُوعُ "إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ, فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} " [التوبة: 18] الْآيَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ2 وَحَسَّنَهُ مِنْ رِوَايَةِ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ, وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ مَعْنَى الْآيَةِ: مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يتركوا3 فيكونوا أهل المسجد الحرام. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِي مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ, وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَمْنَعُونَ, "قُلْت": وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ, لِإِطْلَاقِهِمْ الْجَوَازَ, وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَخْلُو عَنْ جَنَابَةٍ, وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا مِنْهُمْ قَالَ بِاسْتِفْسَارِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَمْنَعُونَ, وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّ الْمُسْلِمَ يُمْنَعُ مِنْ اللُّبْثِ, فَهَذَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى وَأَحْرَى
وَفِي الْفُنُونِ1: الْآيَةُ وَارِدَةٌ عَلَى سَبَبٍ, وَهُوَ عِمَارَةُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ, فَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ فِيهِ فَقَطْ, لِشَرَفِهِ. وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ فِي بِنَائِهِ وَإِصْلَاحِهِ وَدُخُولِهِ وَجُلُوسِهِ فِيهِ كِلَاهُمَا مَحْظُورٌ عَلَى الْكَافِرِ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ, أَطْلَقَ وَلَمْ يَخُصَّ مَسْجِدًا, وَقَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. وَإِنْ اتَّجَرَ ذِمِّيٌّ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ فَفِي تِجَارَتِهِ إنْ بَلَغَتْ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَعَنْهُ: عشرين, وقيل: وإن قلت, و2فِي التَّبْصِرَةِ عَنْ الْقَاضِي: دِينَارًا نِصْفُ الْعُشْرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: الْعُشْرُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ, مَرَّةً فِي السَّنَةِ, وَقِيلَ: يَلْزَمُ ذِمِّيَّةً مُتَّجِرَةً بِالْحِجَازِ فَقَطْ, لِمَنْعِهَا مِنْهُ. وَعَنْهُ: يَلْزَمُ التَّغْلِبِيَّ عُشْرٌ, جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ, وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ, وَيَمْنَعُهُ دَيْنٌ, كَزَكَاةٍ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَفِي تَصْدِيقِهِ بِأَنَّ جَارِيَةً مَعَهُ أَهْلُهُ أَوْ بِنْتُهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَتَانِ "م 6". وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا عُشْرَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَسَرِيَّتِهِ. وَإِنْ اتَّجَرَ حَرْبِيٌّ إلَيْنَا وَبَلَغَتْ تِجَارَتُهُ كذمي, وقيل: نصفه, فالعشر في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ "وَفِي تَصْدِيقِهِ بِأَنَّ جَارِيَةً مَعَهُ أهله أو بنته ونحوه روايتان" انتهى.
السَّنَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْهُ: مَا لَمْ يَشْرِطْ أَكْثَرَ. وَفِي الْوَاضِحِ: الْخُمُسُ, وَذَكَرَ الشَّيْخُ: لِلْإِمَامِ تَرْكُهُ, وَذَكَر شَيْخُنَا أَنَّ أَخْذَ الْعُشُورِ مِنْ تُجَّارِ أَهْلِ الْحَرْبِ يَدْخُلُ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ وَتَقْدِيرِهَا, عَلَى الْخِلَافِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَالْآمِدِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّمَا دَخَلَ إلَيْنَا, وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ مِيرَةٍ يَحْتَاجُ إلَيْهَا. وَلَا يُعْشَرُ ثَمَنُ خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ, وَعَنْهُ: بَلَى, جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْغُنْيَةِ, وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ عُشْرُ ثَمَنِهِ, وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ مَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ, فَإِنَّ نَفْسَ الْعَيْنِ وَهُوَ الْحَلَالُ الْمُطْلَقُ1 طَعَامُ الْأَنْبِيَاءِ كَمَا فِي الْخَبَرِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ2, وَيَتَخَرَّجُ تَعْشِيرُ ثَمَنِ الْخَمْرِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ: الذِّمِّيُّ غَيْرُ التَّغْلِبِيِّ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ, وَفِي غَيْرِهَا رِوَايَتَانِ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" يُصَدَّقُ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ, ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ رَزِينٍ قَدَّمَهُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: هُوَ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُصَدَّقُ, لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ, فَأَشْبَهَتْ بهيمته, وأطلقهما في المغني3 والشرح4 والزركشي.
"إحْدَاهُمَا": لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. "وَالثَّانِيَةُ" عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْعُشْرِ فِي أَمْوَالِهِمْ, وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا إلَى غَيْرِ بَلَدِنَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: "إحْدَاهُمَا" يَخْتَصُّ بِهَا. "وَالثَّانِيَةُ" يَجِبُ فِي ذَلِكَ وَفِيمَا لَمْ يَتَّجِرُوا بِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَثِمَارِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ, قَالَ: وَأَهْلُ الْحَرْبِ إذَا دَخَلُوا إلَيْنَا تُجَّارًا بِأَمَانِ أُخِذَ مِنْهُمْ الْعُشْرُ دَفْعَةً وَاحِدَةً, سَوَاءٌ عَشَرُوا أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ إذَا دَخَلَتْ إلَيْهَا1 أَمْ لَا؟ وَعَنْهُ: إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ فُعِلَ بِهِمْ وَإِلَّا فَلَا. وَيَحْرُمُ تَعْشِيرُ الْأَمْوَالِ وَالْكُلَفِ الَّتِي ضَرَبَهَا الْمُلُوكُ عَلَى النَّاسِ "ع" ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَشَيْخُنَا, قَالَ الْقَاضِي: لَا يَسُوغُ فِيهَا اجْتِهَادٌ, وَأَفْتَى بِهِ الْجُوَيْنِيُّ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ لِلْحَاجَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَمَا جُهِلَ رَبُّهُ وَجَبَ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ, كَمَغْصُوبٍ2, عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ, وَكَذَا إنْ عُلِمَ وَأَبَوْا رَدَّهُ إلَيْهِ, لِأَنَّهُ تَقْلِيلُ الظُّلْمِ, وَهَذِهِ الْكُلَفُ دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ وَالشُّبْهَةُ لَا كَمَغْصُوبٍ, وَالتَّوَرُّعُ عَنْهَا كَالشُّبُهَاتِ, فَلَا يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ, وَلَا يَجِبُ إنْكَارُهُ, وَلَكِنْ لِوَلِيٍّ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمُهُ مَنْعَ مُوَلِّيَتِهِ مِنْ التَّزْوِيجِ مِمَّنْ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَّا مِنْهُ. وَقَالَ فِيمَنْ ضَمِنَهُ وَيَأْخُذُهُ وَيُعْطِيه الْجُنْدَ, وَيَخْفِرُ: إنْ حَرَسَ أهل الطريق ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَأَخَذَ كِفَايَتَهُ جَازَ, وَأَمَّا الضَّمَانُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْجُنْدُ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ فَدَرْكُهُ1 عَلَى غَيْرِهِ, ولكن يلزمه نصح المسافر وحفظ ماله.
فصل: وإن تحاكم إلينا ذميان فعنه يلزم الحكم, والإعداء,
فصل: وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ, وَالْإِعْدَاءُ , كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ, وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ, وَعَنْهُ: يُخَيَّرُ إلَّا فِي حَقِّ آدَمِيٍّ, وَالْأَشْهَرُ: وَفِيهِ كَمُسْتَأْمَنِينَ, فَيَحْكُمُ وَيُعَدِّي بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا "م 7" وعنه: باتفاقهما, ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ "وَإِنْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ فَعَنْهُ يَلْزَمُ الْحُكْمُ, وَالْإِعْدَاءُ كَذِمِّيٍّ وَمُسْلِمٍ وَعَنْهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ الْمِلَّةُ, وَعَنْهُ يُخَيَّرُ إلَّا فِي حَقِّ آدمي, والأشهر: وفيه كمستأمنين, فيحكم ويعدي بطلب أَحَدِهِمَا" انْتَهَى. "إحْدَاهُنَّ": يَلْزَمُ الْحُكْمُ وَالْإِعْدَاءُ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَلْزَمُهُ إنْ اخْتَلَفَتْ الملة وإلا خير. "والرواية الثالثة": إن تطالبوا2 فِي حَقِّ آدَمِيٍّ لَزِمَ الْحُكْمُ, وَإِلَّا فَهُوَ مُخَيَّرٌ, قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ أَصَحُّ عِنْدِي. وَالرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ": يُخَيَّرُ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ, وَكَذَا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ الْمَشْهُورُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 والشرح3 ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في "ط" "تقاتلوا". 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "10/491". 4 "13/250".
كَمُسْتَأْمَنِينَ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي إرْثِ الْمَجُوسِ: يُخَيَّرُ إذَا تَحَاكَمُوا إلَيْنَا وَاحْتَجَّ بِآيَةِ التَّخْيِيرِ1, وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ عَلَى الْخِلَافِ, لِأَنَّهُمْ ذِمَّةٌ, وَيَلْزَمُهُمْ حُكْمُنَا لَا شَرِيعَتُنَا هَذِهِ الشَّرِيعَةُ, وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَّبِعَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِهِمْ وَلَا يُدْعَوْنَ إلَى حُكْمِنَا أصلا2. نص على الكل. وَلَا يُحَضِّرَ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتٍ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ, وَفِيهِ وَجْهَانِ, أَوْ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ, وَلِهَذَا لَا تُكْرَهُ امْرَأَتُهُ عَلَى إفْسَادِهِ مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّهِ "م 8 و 9", وقال 3ابن عقيل3: يحتمل أن السبت ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ "قُلْت": وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ من المذهب. "مَسْأَلَةٌ 8 و 9" قَوْلُهُ "وَلَا يُحْضِرُ يَهُودِيًّا يَوْمَ سَبْتِهِ, ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ, أَيْ لِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِ, وَفِيهِ وَجْهَانِ, أَوْ مُطْلَقًا, لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ, وَلِهَذَا لَا يُكْرِهُ امْرَأَتَهُ عَلَى إفْسَادِهِ مَعَ تَأَكُّدِ حَقِّهِ" انْتَهَى, فِي ضِمْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَانِ4. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8" إذَا قُلْنَا: لَا يُحْضِرُ الْيَهُودِيَّ يَوْمَ السَّبْتِ, فَهَلْ ذَلِكَ لِأَجْلِ بَقَاءِ تَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ أَوْ مُطْلَقًا لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِ سَبْتِهِ؟ تَرَدَّدَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ: "قُلْت": الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ إحْضَارِهِ فِيهِ مُطْلَقًا, أَغْنَى سَوَاءٌ قُلْنَا بِبَقَاءِ تَحْرِيمِهِ أَوْ لِضَرَرِهِ بِإِفْسَادِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَيَحْتَمِلُ أنه لبقاء تحريمه عليهم.
مُسْتَثْنًى مِنْ عَمَلٍ فِي إجَارَةٍ. قَالَ أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: سَمِعْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ الْمُرَادِيِّ قَالَ: قَالَ يَهُودِيٌّ لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إلَى هَذَا النَّبِيِّ حتى نسأله عن هذه الآية {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الإسراء: 101] فَقَالَ: لَا تَقُلْ لَهُ نَبِيٌّ, فَإِنَّهُ لَوْ سَمِعَك لَصَارَتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ. فَسَأَلَاهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تُشْرِكُوا بِاَللَّهِ شَيْئًا, وَلَا تَسْرِقُوا, وَلَا تَزْنُوا, وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ, وَلَا تَسْحَرُوا, وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا, وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيَقْتُلَهُ, وَلَا تَقْذِفُوا مُحْصَنَةً أَوْ قَالَ: لَا تَفِرُّوا مِنْ الزَّحْفِ. شُعْبَةُ الشَّاكُّ وَأَنْتُمْ يَهُودُ عَلَيْكُمْ خَاصَّةً أَنْ لَا تَعْدُوَا فِي السَّبْتِ" فَقَبَّلَا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ, وَقَالَا: نَشْهَدُ أَنَّك نَبِيٌّ, قَالَ "فَمَا يَمْنَعُكُمَا أن تتبعاني" قالا: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9" هَلْ تَحْرِيمُ السَّبْتِ بَاقٍ مُسْتَمِرٍّ عَلَيْهِمْ إلَى الْآنَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ 2وَشَرْحِهِ وَالنَّظْمِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي بَقَاءِ تَحْرِيمِ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ انْتَهَى, قَالَ النَّاظِمُ: وَفَائِدَتُهَا3 حِلُّ صَيْدِهِ فِيهِ وَعَدَمِهِ, انْتَهَى. "قُلْت": وَكَذَا مِنْ فَائِدَتِهَا3 مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ إحْضَارِهِمْ عَلَى رَأْيٍ. "أَحَدُهُمَا" تَحْرِيمُهُ بَاقٍ عَلَيْهِمْ, 4وَيَحْمِلُهُ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ4 "قُلْت": وَظَاهِرُ حَالِهِمْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ 4وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا بَيِّنَاهُ4. "والوجه الثاني" انتفى التحريم عنهم.
دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ دَعَا أَنْ لَا يَزَالَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ نَبِيٌّ, فَإِنَّا نَخْشَى إنْ أَسْلَمْنَا أَنْ تَقْتُلَنَا يَهُودُ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَصَحَّحَهُ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَمَةَ تَكَلَّمَ فِيهِ. وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ, وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَاتِ الْمُعْجِزَاتِ وَالدَّلَالَاتِ, وَهِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ وَالطُّوفَانُ وَالْجَرَادُ وَالْقُمَّلُ وَالضَّفَادِعُ وَالدَّمُ, فِي الثَّامِنِ وَالتَّاسِعِ أَقْوَالٌ. وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ. وَإِنْ تَعَاقَدُوا عُقُودًا فَاسِدَةً ثُمَّ أَسْلَمُوا أَوْ أَتَوْنَا وَتَقَايَضُوا2 مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَمْ نَفْسَخْهُ وَنُعَامِلُهُمْ وَنَقْبِضُ ثَمَنَهُ مِنْهُمْ3 وَإِلَّا فَسَخْنَاهُ, وَقِيلَ: إنْ ارْتَفَعُوا بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمْ حَاكِمُهُمْ بِالْقَبْضِ نَفَّذَ وَهَذَا لِالْتِزَامِهِمْ بِحُكْمِهِ, لَا لُزُومِهِ لَهُمْ, كَقَوْلِ الْمَاوَرْدِيُّ, وَالْأَشْهَرُ: لَا, لِأَنَّ حُكْمَهُ لَغْوٌ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ. وَعِنْدَ "هـ" يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْكَافِرُ الْقَضَاءَ بَيْنَ أَهْلِ دِينِهِ, وَهَذَا لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ3, بَلْ قَدْ يَقَعُ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ وَزَعَامَةٍ, وَعَنْهُ: فِي الْخَمْرِ الْمَقْبُوضَةِ دُونَ ثَمَنِهَا يَدْفَعُهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَوْ وَارِثِهِ, بِخِلَافِ خِنْزِيرٍ لحرمة عينه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَسْلَمَ الْوَارِثُ فَلَهُ الثَّمَنُ, قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعَبِ وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ, لِثُبُوتِهِ قَبْلَ إسْلَامِهِ, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد وَاحْتَجَّ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ بِأَنَّهَا تُضْمَنُ وَأَنَّهَا مَالٌ لَهُمْ. قَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبنِي الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ فِي خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ وَنَحْوِهِ, وَيَحْكُمُ فِي ثَمَنِهِ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: يَسْتَحْلِفُهُمْ بِالْكَنِيسَةِ وَيَغْلُظُ عَلَيْهِمْ بِمَا يُعَظِّمُونَ بِهِ وَبِاَللَّهِ, وَإِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ وَوَجَبَتْ الْيَمِينُ لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ إلَيْهِمْ يُحَلِّفُونَهُ, وَإِنْ حَلَّفُوهُ ثُمَّ جَاءُوا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ إلَيْهِ بِأَيْمَانِهِمْ أَجُزْأَهُ. وَإِنْ تَبَايَعُوا بِرِبًا فِي سُوقِنَا مُنِعُوا, لِأَنَّهُ عَائِدٌ بِفَسَادِ نَقْدِنَا, وَكَذَا إنْ أَظْهَرُوا بَيْعَ مَأْكُولٍ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ, كَشِوَاءٍ, مُنِعُوا, ذَكَرَهُ الْقَاضِي, وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ, وَظَاهِرُهُ: لَا فِي غَيْرِ سُوقِنَا, أَيْ إنْ اعْتَقَدُوا حِلَّهُ. وَفِي الِانْتِصَارِ لَوْ اعْتَقَدُوا بَيْعَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ يَتَخَرَّجُ أَنْ يُقَرُّوا عَلَى وَجْهٍ لَنَا. وَمَنْ أَبَى بَذْلَ الْجِزْيَةِ أَوْ الصِّغَارَ قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ أَوْ الْتِزَامَ حُكْمِنَا, أَوْ قَاتَلَنَا, وَالْأَشْهَرُ: أَوْ لَحِقَ بِدَارِ حَرْبٍ مُقِيمًا بِهَا1. انْتَقَضَ عَهْدُهُ, وَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ أَوْ كِتَابَهُ أَوْ دِينَهُ أَوْ رَسُولَهُ بِسُوءٍ, أَوْ تَجَسَّسَ لِلْكُفَّارِ أَوْ آوَى جَاسُوسًا, أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا أَوْ فَتَنْهَ عَنْ دِينِهِ, أَوْ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ أَوْ زَنَى بِمُسْلِمَةٍ قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ بَلْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ أَصَابَهَا بِنِكَاحٍ, فَنَصُّهُ: يَنْتَقِضُ, وَنَصُّهُ: إنْ سَحَرَهُ فآذاه في تصرفه أو قذفه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَلَا, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا رِوَايَتَيْنِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: إنْ لَمْ تَنْقُضْهُ فِي غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَشَرَطَ وَجْهَانِ, وَإِنْ أَبَى1 مَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 10", فَإِنْ لَزِمَ أَوْ شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ "م 11" وَذَكَرَ أَيْضًا فِي مُنَاظَرَاتِهِ في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ "وَإِنْ أَبَى مَا مَنَعَ مِنْهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَلْزَمُ تَرْكُهُ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ" انْتَهَى. يَعْنِي إذَا أَبَى تَرَكَ مَا مُنِعَ مِنْهُ مِنْ عَدَمِ إظْهَارِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالصَّلِيبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِكِتَابَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, وَضَرْبَ النَّاقُوسِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَنَحْوِ ذَلِكَ, عَلَى مَا يَأْتِي2 فِي نَقْلِ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ, فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الذِّمَّةِ عَلَيْهِمْ, أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَرْطِهِ عَلَيْهِمْ؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ, هَذَا مَا ظَهَرَ لِي, وَلَكِنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ. "أَحَدُهُمَا": يَلْزَمُهُمْ تَرْكُهُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهَا عَلَيْهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَلْزَمُهُمْ إلَّا بِشَرْطِهِ عَلَيْهِمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَزِمَ أَوْ شَرَطَ تَرْكَهُ فَفِي نَقْضِهِ وَجْهَانِ, وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ" انْتَهَى. أَيْ فَفِي نَقْضِ الْعَهْدِ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَجْهَانِ, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِفِعْلِ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ الشَّارِحُ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا اخْتِيَارُ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
رَجْمِ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا: يَحْتَمِلُ لِنَقْضِ الْعَهْدِ, وَيُنْتَقَضُ بِإِظْهَارِ مَا أُخِذَ عَلَيْهِمْ سَتْرُهُ مِمَّا هُوَ دَيْنٌ لَهُمْ فَكَيْفَ بِإِظْهَارِ مَا لَيْسَ بِدَيْنٍ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْخِلَافَ مَعَ الشَّرْطِ فَقَطْ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ: يَلْزَمُ أَهْلَ الذِّمَّةِ مَا ذكر في شروط عمر1, وذكره2 ابْنُ رَزِينٍ, لَكِنْ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: مَنْ أَقَامَ مِنْ الرُّومِ فِي مَدَائِنِ الشَّامِ لَزِمَتْهُمْ هَذِهِ الشُّرُوطُ, شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ قَالَ: وَمَا عَدَا الشَّامَ فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إنْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ انْتَقَضَ الْعَهْدُ بِمُخَالَفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا, لِأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ بِمُخَالَفَةِ شَيْءٍ مِمَّا صُولِحُوا عَلَيْهِ حَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ, وَقَالَ شَيْخُنَا فِي نَصْرَانِيٍّ لَعَنَ مُسْلِمًا: تَجِبُ عُقُوبَتُهُ بِمَا يَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ ذَلِكَ. وَفِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ قَوْلٌ: يُقْتَلُ, لَكِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ, وَمَنْ نَقَضَهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ حَرْبٍ فَكَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ, وَمَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُنْتَقَضُ إنْ كَانَ مَشْرُوطًا عَلَيْهِمْ, وكذا الحكم لو لزم من غير شَرْطٍ, قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمَا, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ: وَإِنْ أَظْهَرَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ رَفَعَ صَوْتَهُ بِكِتَابَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ عِنْدَ مَوْتَاهُمْ أَوْ ضَرَبَ نَاقُوسًا بَيْنَ المسلمين أو علا 3بناءه عَلَّى3 بِنَاءَ جَارٍ مُسْلِمٍ أَوْ رَكِبَ الْخَيْلَ أَوْ حَدَّثَ فِي الْإِسْلَامِ بِيعَةً أَوْ كَنِيسَةً, أَوْ أَقَامَ بِالْحِجَازِ, أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَنَحْوَ ذَلِكَ عُزِّرَ, وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ تَرْكَ ذَلِكَ انْتَقَضَ عَهْدُ فَاعِلِهِ, وَقِيلَ: بَلْ يُعَزَّرُ, انْتَهَى.
نَقَضَهُ يُغَيِّرُهُ فَنَصُّهُ يُقْتَلُ, قِيلَ: يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ, وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ "م 12" وَذَكَرَ1 أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْنَا أَوْ ما في شروط عمر2 يَلْزَمُهُ تَرْكُهُ وَيُنْتَقَضُ بِفِعْلِهِ. وَيَحْرُمُ بِإِسْلَامِهِ قَتْلُهُ, ذكره جماعة. وفي المستوعب: رقه "وهـ ش" وَإِنْ رُقَّ ثُمَّ أَسْلَمَ بَقِيَ رِقُّهُ, وقيل: من ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 12" قَوْلُهُ: "وَإِنْ نَقَضَهُ بِغَيْرِهِ فَنَصُّهُ: يُقْتَلُ, قِيلَ: يَتَعَيَّنُ "قَتْلُهُ"3 وَالْأَشْهَرُ: يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ", انتهى. يَعْنِي إذَا انْتَقَضَ الْعَهْدُ بِغَيْرِ اللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ. "أَحَدُهُمَا": يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ, قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي": يُخَيَّرُ فِيهِ كَحَرْبِيٍّ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ "قِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ" هَذَانِ الْقَوْلَانِ تَفْسِيرٌ لِلنَّصِّ, هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ لِي, أَوْ يَكُونُ قَوْلُهُ: "وَالْأَشْهَرُ يُخَيَّرُ فِيهِ" مُقَابِلٌ لِلنُّصُوصِ, وَهُوَ مُصْطَلَحُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ, وَكَلَامُهُمْ صَحِيحٌ فِي ذَلِكَ, لَكِنْ يَبْقَى قَوْلُ الْمُصَنِّفِ "قِيلَ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ" مُفَسِّرٌ لِلنَّصِّ فَقَطْ, وَإِتْيَانُهُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نكتة, وتقدم معنى ذلك في المقدمة6.
نَقَضَ عَهْدَهُ بِغَيْرِ قِتَالِنَا1 أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ, وَالْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ الْقَتْلِ غَيْرُ السَّابِّ, وَأَنَّهُ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمُرْتَدِّ, وَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى أَنَّ ساب النبي صلى الله عليه وسلم يقتل وَلَوْ أَسْلَمَ, وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ فِي الْخِصَالِ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ صَحِيحُ الْمَذْهَبِ, وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ فِي قَذْفِ أُمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَنَّ اقْتِصَارَ السَّامِرِيِّ عَلَى هَذَا مَعَ ذِكْرِهِ الْخِلَافَ فِي تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ السَّابِّ فِيهِ خَلَلٌ, لِأَنَّهُ ذَكَرَ مَا فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْهِدَايَةِ, وَأَنَّ عَكْسَ هَذِهِ رِوَايَةٌ تَقَدَّمَتْ, ذكرها جماعة, وأنه قَدْ تَوَجَّهَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَقَعَ3 غَلَطًا مِنْ الْمُسْلِمِ لَا اعْتِقَادًا لَهُ, وَتَقَدَّمَ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَالِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَتَابَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ كَالْأَسِيرِ, وَحُمِلَ كَلَامُ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ الْإِمَامُ رَآهُ مَصْلَحَةً3, ثُمَّ ذَكَرَ الْوَجْهَيْنِ فِي مَالِهِ, وَإِنَّ سَابَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِمَيِّتٍ فَلَا يَسْقُطُ بِتَوْبَةٍ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ثَابَ بِغَيْرِ الْإِسْلَامِ, لِأَنَّهُ لَوْ 4نَقَضَ الْعَهْدَ4 بِغَيْرِ السَّبِّ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُخَيَّرْ فِيهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِيمَا إذَا قُتِلَ مَالُهُ فَيْءٌ إذَنْ, وَعَنْهُ إرْثٌ, فَإِذَنْ إنْ تَابَ قَبْلَ قَتْلِهِ دُفِعَ إلَيْهِ, وَإِنْ مَاتَ فَلِوَارِثِهِ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي ذِمِّيٍّ فَجَرَ بِمُسْلِمَةٍ: يُقْتَلُ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ أَسْلَمَ؟ قَالَ: يُقْتَلُ, هَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ, وَأَنَّ عَلَى قَوْلِنَا يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ تُشْرَعُ اسْتِتَابَتُهُ بِالْعَوْدِ إلَى الذِّمَّةِ, لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا جَائِزٌ بَعْدَ هَذَا لَكِنْ لَا تَجِبُ هَذِهِ الِاسْتِتَابَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً, وَإِنْ أَوْجَبْنَاهَا بِالْإِسْلَامِ عَلَى رِوَايَةٍ, وَأَنَّ عَلَى رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا الْخَابِيُّ يَسْقُطُ الْقَتْلُ بِإِسْلَامِ الذِّمِّيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَتَابُ كَأَسِيرٍ حَرْبِيٍّ. وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ إذَا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ اُسْتُتِيبَ, وَمَعَ هَذَا فَمَنْ يَقْبَلُهَا قَدْ يُجَوِّزُهَا وَلَا يُوجِبُهَا, لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلَمَ فَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ1, وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَتَابُ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ, وَخَرَجَ عَنْهُ فِي الذِّمِّيِّ يُسْتَتَابُ, وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ قَهَرَ مُسْلِمِينَ وَنَقَلَهُمْ إلَى دَارِ حَرْبٍ: ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ يُقْتَلُ بَعْدَ إسْلَامِهِ, وَأَنَّهُ أَشْبَهَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, كَالْمُحَارَبِ. وَلَا يُنْتَقَضُ عَهْدُ ذُرِّيَّتِهِ كَنِسَائِهِ, سَوَاءٌ2 لَحِقُوا بِدَارُ حَرْبٍ أَوْ لَا, لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْقُضُوا الْعَهْدَ, نَقَلَهُ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ, وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: بَلَى, كَحَادِثٍ بَعْدَ نَقْضِهِ بِدَارِ حَرْبٍ. 3نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ, وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا بدار حرب3, وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعُمْدَةِ: يُنْتَقَضُ فِي ذُرِّيَّتِهِ إنْ أَلْحَقَهُمْ بِدَارِ حَرْبٍ. وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ بِنَقْضِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ "م 13", وَيُنْتَقَضُ فِي هُدْنَةٍ فِي ذُرِّيَّتِهِ وَعَهْدُ مَنْ لَمْ يُنْكِرْ أَوْ لَمْ يَعْتَزِلْ عَنْهُ, أَوْ لَمْ يُخْبِرْ الْإِمَامَ. ثُمَّ إذَا أَعْلَمُوا الْإِمَامَ أَقَرَّهُمْ بِتَسْلِيمِ النَّاقِضِ أَوْ تَمْيِيزِهِمْ عَنْهُمْ, فَإِنْ أَبَى الْقَادِرُ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَكَأَسِيرٍ. وَمَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ فَادَّعَى أَنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَنْقُضْ وَأَشْكَلَ صُدِّقَ, وَمَنْ جَاءَنَا بِأَمَانٍ فَحَصَلَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ثُمَّ نَقَضَ الْعَهْدَ فَكَذِمِّيٍّ, ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَيُمْنَعُ مِنْ شِرَاءِ الْمُصْحَفِ, وَلَا يَصِحُّ. وَفِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ, وَقِيلَ: فِيهِمَا وَجْهَانِ, وَاقْتَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَسُنَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَرِهَ أَحْمَدُ بَيْعَهُ ثَوْبًا مَكْتُوبًا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ وَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ, لَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَتَخْرُجُ نَصْرَانِيَّةٌ لِشِرَاءِ زُنَّارِهَا وَلَا يَشْتَرِيه مُسْلِمٌ لَهَا. والله سبحانه أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13" قَوْلُهُ: "وَمَنْ عُلِمَ مِنْهُمْ بِنَقْضِهِ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ أَيْضًا, كَالْهُدْنَةِ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى, وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُنْتَقَضُ. فَهَذِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب الفيء
باب الفيء مدخل ... بَابُ الْفَيْءِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ كَافِرٍ بِلَا قِتَالٍ, كَجِزْيَةٍ وَخَرَاجٍ وَعُشْرٍ, وَمَا تَرَكُوهُ فزعا أو مات ولا وارث له1. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إطْلَاقُهُ دَائِمًا. وَمَصْرِفُهُ مَصَالِحُ الْإِسْلَامِ, وَقِيلَ: لِلْمُقَاتِلَةِ, فَلَا يُفْرَدُ عَبْدٌ فِي الْأَصَحِّ, بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ, وَاخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ وَشَيْخُنَا: لَا حَقَّ لِرَافِضَةٍ, وَذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ, وَعَنْهُ: خَمْسَةٌ لِأَهْلِ الْخُمُسِ وَبَقِيَّتُهُ لِلْمَصَالِحِ, اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ, وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَّمَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا, فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ, ثُمَّ خُمُسُ الْخُمُسِ, أَحَدٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا فِي الْمَصَالِحِ, وَبَقِيَّةُ خُمُسِ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِيمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي الْخَبَرِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ مَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً2, هَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهُوَ قَوْلُ "ش" وَذَهَبَ بَعْض أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ الْفَيْءَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُ الْبَاقِيَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَيَبْدَأُ بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمِّ, مِنْ الثُّغُورِ, ثُمَّ الْأَنْهَارِ وَالْقَنَاطِرِ, وَرِزْقِ قضاة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ نَفْعُهُ عَامٌّ, ثُمَّ يُقَسِّمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا الْعَبِيدَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ, وَهِيَ أَصَحُّ عَنْهُ, قَالَهُ شَيْخُنَا: وَقِيلَ: بَعْدَ الْكِفَايَةِ يَدَّخِرُ مَا بَقِيَ, وَأَعْطَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْعَبِيدَ1, ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ. قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ, وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ لَقِينَاهُ فِي أَنَّ لَيْسَ لِلْمَمَالِيكِ فِي الْعَطَاءِ حَقٌّ وَلَا لِلْأَعْرَابِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الصَّدَقَةِ. وَلَيْسَ لِوُلَاةِ الْفَيْءِ أَنْ يَسْتَأْثِرُوا مِنْهُ فَوْقَ الْحَاجَةِ كَالْإِقْطَاعِ يَصْرِفُونَهُ فِيمَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَنْ يَهْوُونَهُ, قَالَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ, وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْآجُرِّيِّ وَغَيْرِهِ, وَقَدْ قِيلَ لِأَحْمَدَ: هَؤُلَاءِ الْمَكَافِيفُ يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيوَانِ أَرْزَاقًا كَثِيرَةً تَطِيبُ لَهُمْ؟ قَالَ: كَيْفَ تَطِيبُ يُؤْثِرُونَهُمْ بِهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ ثُمَّ الْأَنْصَارِ, وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَفِي جَوَازِ تَفْضِيلِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ2 رِوَايَتَانِ "م 1" وظاهر كلامه: لا ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَفِي جَوَازِ تَفْضِيلِهِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
تَفْضِيلَ, لِفِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ جَوَازِهِ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَلَا حَقَّ لِمَنْ حَدَثَ بِهِ زَمَنٌ وَنَحْوُهُ فِي الْأَصَحِّ, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمْ, بَلْ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ, صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": يَجُوزُ لِمَعْنًى فِيهِمْ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ, انْتَهَى, "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, فَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ, وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وعلي رضوان الله عليهم أجمعين1.
وَإِنْ مَاتَ مَنْ حَلَّ عَطَاؤُهُ فَإِرْثٌ. وَلِزَوْجَةِ الْجُنْدِيِّ وَذُرِّيَّتِهِ كِفَايَتُهُمْ, وَيَسْقُطُ حَقُّ أُنْثَى يَتَزَوَّجُهَا, وإن1 بَلَغَ بَنُوهُ2 أَهْلًا لِلْقِتَالِ فُرِضَ لَهُمْ بِطَلَبِهِمْ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: وَالْحَاجَةُ إلَيْهِمْ. وَبَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ, وَيَحْرُمُ3 إلَّا بِإِذْنِ إمَامٍ, ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ, وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ, وَفِيهِ: لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ وَيُسَلِّمُهُ لِلْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي السَّرِقَةِ مِنْهُ. وَقَالَهُ شَيْخُنَا: وَأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ, وَكَذَا قَالَ فِي وَقْفٍ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ, كَمَسْجِدٍ أَوْ مُوصًى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ, قَالَ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ عَدَدٍ مَوْصُوفٍ غير ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" فَسَّرَ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ السَّابِقَةِ بِالْإِسْلَامِ, وَفَسَّرَهَا فِي الرِّعَايَةِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ الْهِجْرَةِ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ السابقة لا تختص بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ, بَلْ مَا اسْتَحَقَّ بِهِ الْفَضِيلَةَ, كَتَقَدُّمِ الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ, وَحُضُورِ مَشْهَدٍ لَمْ يَشْهَدْهُ غَيْرُهُ, كَبَدْرٍ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَنَحْوِهِمَا, وَهُوَ الصَّوَابُ, وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالسَّبْقِ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالْمُقْنِعِ6 وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ, الثَّالِثَةُ الْفَرْقُ, فَيَجُوزُ فِي السَّابِقَةِ فَقَطْ. فَفِي هَذَا الباب مسألة واحدة.
مُعِينٍ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا: نَحْوَ بَيْتِ الْمَالِ والمباحات والوقف على مطلق, سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْإِعْطَاءِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْفَرْضِ وَالتَّنْزِيلِ أَوْ غَيْرِهِ, فَإِنَّ الْمَالِكَ يَعْتَبِرُ كَوْنَهُ مُعَيَّنًا, وَلَكِنْ هُوَ مُبَاحٌ أَوْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَالْمَمْلُوكِ, بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ1, وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ: أَنَّ الْمَالِكَ غَيْرُ مُعِينٍ. وَفِي الْمُغْنِي2 فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِلَا إذْنٍ: مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ وَتَرْتِيبُهَا3, فَافْتَقَرَ إلَى إذْنِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا فِي عُمَّالِهِ: إذَا اخْتَانُوا مِنْهُ وَقَبِلُوا هَدِيَّةً وَرِشْوَةً مِمَّنْ فُرِضَ لَهُ دُونَ أُجْرَتِهِ أَوْ دُونَ كِفَايَتِهِ وَعِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ لَمْ يُسْتَخْرَجْ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ, قَالَ: وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذٌ خِيَانَةً فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ الْإِعْطَاءُ, فَهُوَ كَأَخْذِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ أَوْ الْغَرِيمِ دَيْنَهُ بِلَا إذْنٍ, فَلَا فَائِدَةَ فِي اسْتِخْرَاجِهِ وَرَدِّهِ إلَيْهِمْ, بَلْ إنْ لَمْ يَصْرِفْهُ الْإِمَامُ مَصَارِفَهُ الشَّرْعِيَّةَ لَمْ يُعَنْ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ شَاطَرَ عُمَّالَهُ4 كَسَعْدٍ وَخَالِدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ, وَلَمْ يَتَّهِمْهُمْ بِخِيَانَةِ بَيِّنَةٍ, بَلْ بِمُحَابَاةٍ اقْتَضَتْ أَنْ جَعَلَ أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ, قَالَ: وَمَنْ عَلِمَ تَحْرِيمَ بَعْضِ مَا وَرِثَهُ أو غيره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجَهِلَ قَدْرَهُ قَسَمَهُ نِصْفَيْنِ. وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ: شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ سَرَقَ خَرِيطَةً1 مِنْ بَيْتِ الْمَالِ2, فَقَالَ: لَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا لَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ, لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ, وَلَعَلَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ لحاجة وتأويل فلا يوجب رد خبره والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الأطعمة
كتاب الأطعمة مدخل * ... كتاب الأطعمة أَصْلُهَا الْحِلُّ فَيَحِلُّ قَالَ شَيْخُنَا: لِمُسْلِمٍ. وَقَالَ أَيْضًا: اللَّهُ أَمَرَنَا بِالشُّكْرِ, وَهُوَ الْعَمَلُ بِطَاعَتِهِ بِفِعْلِ الْمَأْمُورِ, وَتَرْكِ الْمَحْذُورِ, فَإِنَّمَا أَحَلَّ الطَّيِّبَاتِ لِمَنْ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى طَاعَتِهِ لَا عَلَى مَعْصِيَتِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الْآيَةُ, وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَانَ بِالْمُبَاحِ عَلَى المعصية, كمن يعطي1 الخبز واللحم لمن يشرب عليه2 الْخَمْرَ وَيَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْفَوَاحِشِ. وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] أَيْ عَنْ الشُّكْرِ عَلَيْهِ فَيُطَالَبُ3 بِالشُّكْرِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يُعَاقِبُ عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ, أَوْ فِعْلِ مَحْظُورٍ. وَفِي مُسْلِمٍ4 بَعْدَ كِتَابِ صِفَةِ النَّارِ, عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ "أَلَا إنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا, كل مال5 نَحَلْته عَبْدًا حَلَالٌ" أَيْ قَالَ اللَّهُ كُلُّ مَالٍ أَعْطَيْته عَبْدًا مِنْ عِبَادِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ كُلُّ طَعَامٍ طَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ, سَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عَنْ الْمِسْكِ يُجْعَلُ فِي الدَّوَاءِ وَيُشْرِبُهُ قَالَ: لَا بَأْسَ. وَفِي الِانْتِصَارِ: حَتَّى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَعْرٍ. وَفِي الْفُنُونِ الصَّحْنَاةُ سَحِيقُ سَمَكٍ مُنْتِنٍ في غاية الخبث. وَيُحَرَّمُ نَجَسٌ, كَمَيْتَةٍ, وَمُضِرٌّ, كَسُمٍّ. وَفِي الْوَاضِحِ: الْمَشْهُورُ أَنَّ السُّمَّ نَجَسٌ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ1 وَلَمْ يُسْتَدَلَّ لِلْأَوَّلِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: مَا يَضُرُّ كَثِيرُهُ يَحِلُّ يَسِيرُهُ. وَيَحْرُمُ مِنْ حَيَوَانِ بَرٍّ حُمْرٌ أَنَسِيَةٌ. وَمَا يَفْرِسُ بِنَابِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالْعَدَوِيِّ "وش" كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَدُبٍّ, خِلَافًا لِمُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِيهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ كَبِيرٌ, وَهُوَ سَهْوٌ, قَالَ أَحْمَدُ: إنْ لَمْ يَكُنْ نَابٌ فَلَا بأس به, ونمس وابن آوى وابن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عُرْسٍ, نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي ابْنِ عُرْسٍ: كُلُّ شَيْءٍ يَنْهَشُ بِأَنْيَابِهِ, فَمِنْ السِّبَاعِ, وَكُلُّ شَيْءٍ يَأْخُذُ بِمَخَالِبِهِ, فَمِمَّا نُهِيَ عَنْهُ, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا مِنْهُ يُعْطِي أَنَّهُ لَا تُرَاعَى فِيهِمَا الْقُوَّةُ وَأَنَّهُ أَضْعَفُ مِنْ الثَّعْلَبِ, وَأَنَّ الْأَصْحَابَ اُعْتُبِرُوا الْقُوَّةَ. وَسِنَّوْرٍ أَهْلِيٍّ. قَالَ أَحْمَدُ: أَلَيْسَ مِمَّا1 يُشْبِهُ السِّبَاعَ; قَالَ شَيْخُنَا: لَيْسَ فِي كَلَامِهِ هَذَا1 إلَّا الْكَرَاهَةُ وَجَعَلَهُ أحمد قياسا. وأنه قد2 يقال: يعمها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللَّفْظُ. وَقِيلَ: نَقَلَ حَنْبَلٌ: هُوَ سَبُعٌ. وَيَعْمَلُ بِأَنْيَابِهِ كَالسَّبُعِ. وَنَقَلَ فِيهِ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ. وَقَالَ: قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ مَسْخٌ. وَمَا يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ1. نَصَّ عَلَيْهِ. كَعِقَابٍ وَبَازٍ وَصَقْرٍ وَبَاشِقٍ وَشَاهِينِ وَحَدَأَةٍ وَبُومَةٍ. وَمَا أَمَرَ الشَّرْعُ بِقَتْلِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ تَحْرِيمًا. إذْ لَوْ حَلَّ لَقَيَّدَهُ بِغَيْرِ مَأْكَلِهِ2. وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ, نَصَّ عَلَيْهِ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ وَغَيْرُهُ: يُكْرَهُ. وَجَعَلَ فِيهِ شَيْخُنَا: رِوَايَتَيْ الْجَلَالَةِ. وَأَنَّ عَامَّةَ أَجْوِبَةِ أَحْمَدَ لَيْسَ فِيهَا تَحْرِيمٌ. وَقَالَ: إذَا كَانَ مَا يَأْكُلُهَا مِنْ الدَّوَابِّ السِّبَاعُ فِيهِ نِزَاعٌ أَوْ3 لَمْ يُحَرِّمُوهُ, وَالْخَبَرُ فِي الصَّحِيحَيْنِ4, فَمِنْ الطَّيْرِ كَنَسْرٍ وَرَخْمٍ وَلَقْلَقٍ وَعَقْعَقٍ وَغُرَابِ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعِ, وَاحْتُجَّ فِيهِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم بقتله5, وتارة بأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1يَأْكُلُ الْجِيَفَ, وَنَقَلَ فِيهِ حَرْبٌ: لَا بَأْسَ, لِأَنَّهُ1 لَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ. وَمَا تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ وَالْأَصَحُّ ذُو الْيَسَارِ, وَقِيلَ: عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَالْمُرُوءَةُ كَفَأْرَةٍ لِكَوْنِهَا فُوَيْسِقَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَحَيَّةٍ لِأَنَّ لَهَا نَابًا مِنْ السِّبَاعِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَقْرَبٍ وَقُنْفُذٍ وَوَطْوَطٍ, نَصَّ عَلَيْهِنَّ, وَعَلَّلَ 2أَحْمَدُ الْقُنْفُدَ بِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهُ2 مَسْخٌ, أَيْ لَمَّا مُسِخَ عَلَى صُورَتِهِ دَلَّ عَلَى خَبَثِهِ. قَالَهُ شَيْخُنَا. وَحَشَرَاتٍ, وَزُنْبُورٍ وَنَحْلٍ وَفِيهِمَا رِوَايَةٌ فِي الْإِشَارَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: يُكْرَهُ ذُبَابٌ وَزُنْبُورٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: في خفاش وخطاف وجهان, وكره أحمد الخشاف3 لِأَنَّهُ مَسْخٌ, قَالَ شَيْخُنَا: هَلْ هِيَ لِلتَّحْرِيمِ؟ فيه وجهان "م 1". ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مسألة 1" قوله: وكره أحمد الخشاف3 لِأَنَّهُ مَسْخٌ, قَالَ شَيْخُنَا: هَلْ هِيَ4 لِلتَّحْرِيمِ؟ فيه وجهان انتهى. "قُلْت" قَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ "أَكْرَهُ كَذَا" وَجْهَيْنِ هَلْ هُوَ لِلْكَرَاهَةِ أو التحريم, وصححنا5 ذَلِكَ فِي الْخُطْبَةِ6, وَذَكَرْنَا مَنْ قَدَّمَ وَأَطْلَقَ, وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّوَابَ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَوَانِينِ, فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمٍ أَوْ كَرَاهَةٍ عُمِلَ بِهِ, لَكِنْ هَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها
وَقَالَ جَمَاعَةٌ: ثُمَّ مَا يُشْبِهُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُسَمًّى بِاسْمِ حَيَوَانٍ خَبِيثٍ, وَإِنْ أَشْبَهَ مُبَاحًا وَمُحَرَّمًا غَلَبَ التَّحْرِيمُ, قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَإِنْ فَقَدَ الْكُلَّ حَلَّ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ, وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَقُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ: لَا أَثَرَ لِاسْتِخْبَاثِ الْعَرَبِ فَإِنْ لَمْ يُحَرِّمْهُ الشَّرْعُ حَلَّ. قَالَهُ شَيْخُنَا, وَاخْتَارَهُ وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ قَالَهُ الْخِرَقِيُّ, وَإِنَّ مُرَادَهُ مَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ, لِأَنَّهُ تَبِعَ الشَّافِعِيَّ, وَهُوَ حَرَّمَهُ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ. وَيَحْرُمُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, كَبَغْلٍ, وَسِمْعٍ: وَلَدُ ضَبُعٍ مِنْ ذِئْبٍ, وَعِسْبَارٍ: وَلَدُ ذِئْبَةٍ مِنْ ضِبْعَانٍ, وَلَوْ تَمَيَّزَ, كَحَيَوَانٍ مِنْ نَعْجَةٍ, نِصْفُهُ خَرُوفٌ وَنِصْفُهُ كَلْبٌ. قَالَهُ شَيْخُنَا: لَا مُتَوَلِّدٍ مِنْ مُبَاحَيْنِ, كَبَغْلٍ مِنْ وَحْشٍ وَخَيْلٍ. وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرٍ, كَذُبَابِ, الْبَاقِلَّا يُؤْكَلُ تَبَعًا لَا أَصْلًا, فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ, قَالَ: وَيَحْتَمِلُ كَوْنُهُ كَذُبَابٍ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي الباقلا المدود: يجتنبه أحب إلي ـــــــــــــــــــــــــــــQلَيْسَتْ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ إلَّا عِنْدَ شَيْخِهِ, وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ "لِأَنَّهُ مَسْخٌ" وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ. فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَحْرُمُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يكره. والوجه الثاني يكره.
وَإِنْ لَمْ يَتَقَذَّرْهُ فَأَرْجُو. وَقَالَ عَنْ تَفْتِيشِ التَّمْرِ الْمُدَوَّدِ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ إذَا عِلْمَهُ, وَكَرِهَ جَعْلَ النَّوَى مَعَ التَّمْرِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ. وَأَكَلَ التَّمْرَ فَجَعَلَ يَأْخُذُ النَّوَى عَلَى ظَهْرِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَيَحْرُمُ ثَعْلَبٌ وَسِنَّوْرُ بَرٍّ وَخَطَّافٌ وَذُبَابٌ. وَفِي الْمُبْهِجِ, وَذَكَرَهُ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَقِيلٍ, لِأَنَّ مَا فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سُمٌّ يَضُرُّ, وَبَقٌّ. لَا وَبَرٌ وَيَرْبُوعٌ وَأَرْنَبٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْكُلِّ, وَنَقَلَ1 عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي الثَّعْلَبِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِيهِ إلَّا عَطَاءٌ2, وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْكَ فَدَعْهُ. وَفِي هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ رِوَايَتَانِ "م 2". وَفِي غُدَافٍ وَسِنْجَابٍ وَجْهَانِ "م 3 و 4". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ "وَفِي هُدْهُدٍ وَصُرَدٍ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ5 وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يُحَرَّمَانِ, قَالَ النَّاظِمُ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَوْلَى, وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوِّرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِهِ فِي الْأُولَى. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُحَرَّمَانِ, اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "مَسْأَلَةٌ 3 و 4" قَوْلُهُ: "وَفِي غُدَافٍ وَسِنْجَابٍ وَجْهَانِ", انْتَهَى, وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ, وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ. "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 3" الْغُدَافُ, وَهُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَفَةِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ. "أَحَدُهُمَا" يحرم, صححه في الرعاية الكبرى وتصحيح المحرر, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ: لَا يُؤْكَلُ الْغُدَافُ. وَقَالَ الخلال: الغداف محرم ونسبه إلى الإمام أحمد6.
ويحل1 ما عَدَا ذَلِكَ بِلَا كَرَاهَةٍ, كَزَرَافَةٍ, فِي الْمَنْصُوصِ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ, وَضَبُعٍ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ عُرِفَ مِنْهُ أَكَلَ مَيِّتَةً فَكَجَلَّالَةٍ. وَضَبٍّ وَخَيْلٍ, وَفِي بِرْذَوْنٍ رِوَايَةٌ بِالْوَقْفِ, وَنَعَامَةٍ وَبَهِيمَةِ أَنْعَامٍ وَدَجَاجٍ وَوَحْشِيِّ بَقَرٍ وَحُمُرٌ وَظِبَاءٍ وَلَوْ تَأَنَّسَ, وَطَاوُوسٍ وَغُرَابِ زَرْعٍ وِزَاغٍ وَبَقِيَّةِ وَحْشٍ وَطَيْرٍ, نَقَلَ مُهَنَّا: يُؤْكَلُ الْأُيَّلُ: قِيلَ: إنَّهُ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ, فَعَجِبَ وَذَكَرَ الخلال إن2 الْغِرْبَانَ خَمْسَةً: الْغُدَافُ وَغُرَابُ الْبَيْنِ يَحْرُمَانِ, وَالزَّاغُ مُبَاحٌ. وَكَذَا الْأَسْوَدُ وَالْأَبْقَعُ إذَا لَمْ يَأْكُلَا الْجِيَفَ, وَأَنَّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ شَيْخُنَا فَإِذَا أَبَاحَ الْأَبْقَعَ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهِ أَثَرٌ فِي التَّحْرِيمِ, وَقَدْ سَمَّاهُ فَاسِقًا أَيْضًا, وَإِنْ حَرْبًا وَأَبَا الْحَارِثِ رَوَيَا: لَا يُنْهَى عَنْ الطَّيْرِ إلَّا ذِي الْمِخْلَبِ مَا أَكَلَ الْجِيَفَ, وَلِهَذَا عَلَّلَ فِي الحدأة بأكلها ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُحَرَّمُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 4" السِّنْجَابُ. "أَحَدُهُمَا" يُحَرَّمُ, صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يُحَرَّمُ, وَمَال الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ إليه, وهو ظاهر كلامه في الوجيز.
الجيف, فلا يكون لقتله تسميته1 فُوَيْسِقًا أَثَرٌ, كَمَذْهَبِ مَالِكٍ, لِأَنَّهُ قَدْ يُؤْمَرُ بِقَتْلِ الشَّيْءِ لِصِيَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا, وَلَوْ كَانَ قَتْلُهُ مُوجِبًا تَحْرِيمَهُ لِنَهْيٍ عَنْهُ, وَإِنْ كَانَ الصَّوْلُ عَارِضًا, كَجَلَّالَةٍ عَرَضَ لَهَا الجل2, وَفِي زَادِ الْمُسَافِرِ: لَا بَأْسَ بِالْأَسْوَدِ وَالزَّاغِ, وَلَا يُؤْكَلُ الْأَبْقَعُ, أُمِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَتْلِهِ3, وَلَا غُرَابَ الْبَيْنِ وَالْغُدَافِ, لِأَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ الْجِيَفَ..
فصل: ويحل كل حيوان بحري إلا الضفدع,
فَصْلٌ: وَيَحِلُّ كُلُّ حَيَوَانٍ بَحْرِيٍّ إلَّا الضِّفْدَعَ, نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِالنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهِ4, وَعَلَى الْأَصَحِّ وَالتِّمْسَاحَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَالْكَوْسَجُ5 وَنَحْوُهُ, وَفِي الْحَيَّةِ وَجْهَانِ "م 5" وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النِّجَادُ: وحكاه ابن عقيل عن أبي بكر ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَفِي الْحَيَّةِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يُحَرِّمُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ6 وَالْعُمْدَةِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ, وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ7. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُبَاحُ, قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ: يُبَاحُ حَيَوَانُ الْبَحْرِ جَمِيعُهُ إلَّا الضِّفْدَعَ وَالتِّمْسَاحَ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِ إبَاحَةُ الْحَيَّةِ, وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: ويباح حيوان البحر ـــــــــــــــــــــــــــــQ4 رواه النسائي "7/210" من حديث عبد الرحمن بن عثمان أن طبيبا ذكر ضفدعا في دواء عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنهى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قتله. 5 الكوسج: سمك حرطومه كالمنشار القاموس "كوسج". 6 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/206". 7 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف "27/208".
النِّجَادِ, وَمَا يَحْرُمُ نَظِيرُهُ فِي بَرٍّ كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ, وَحَكَاهُ الْحَلْوَانِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً, وَفِي الْمُذْهَبِ رِوَايَتَانِ. وَتَحْرُمُ. وَعَنْهُ: تُكْرَهُ جَلَّالَةٌ أَكْثَرُ غِذَائِهَا نَجَاسَةٌ وَلَبَنُهَا وَبَيْضُهَا حَتَّى تُحْبَسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَتُطْعَمُ الطَّاهِرَ, وَعَنْهُ: غَيْرُ طَيْرٍ أَرْبَعِينَ, وَعَنْهُ: وَالشَّاةُ سَبْعًا, وَعَنْهُ: وَالْبَقَرُ ثَلَاثِينَ, ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ وَهُوَ وَهْمٌ. وَقَالَهُ ابْنُ بَطَّةَ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَقِيلَ: الكل أربعين يوما1, وَهُوَ ظَاهِرُ رِوَايَةِ الشَّالَنْجِيِّ, وَكَرِهَ أَحْمَدُ رُكُوبَهَا, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: بَقَرَةً شَرِبَتْ خمرا أيجوز أَكْلُهَا؟ قَالَ: لَا حَتَّى يَنْتَظِرَ بِهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا: ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّةَ, حَكَاهُ2 الْقَاضِي. وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي زَادِ الْمُسَافِرِ وَزَادَ: وَفِيهِ اخْتِلَافٌ. وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا تَحْرِيمَ الْجَلَالَةِ, وَأَنَّ مِثْلَهُ خَرُوفٌ ارْتَضَعَ مِنْ كَلْبَةٍ ثُمَّ شَرِبَ لَبَنًا طَاهِرًا وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِ, وَلَهُ علف نجاسة حيوان3 لَا يُذْبَحُ أَوْ يُحْلَبُ قَرِيبًا, نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ, وَاحْتَجَّ بِكُسْبِ الْحَجَّامِ4, وَاَلَّذِينَ عَجَنُوا مِنْ آبَارِ ثَمُودَ, فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ آبَارِ ثَمُودَ. وَسَأَلَهُ مُهَنَّا عَمَّنْ نَزَلَ الْحَجَرَ أَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا أَوْ يَعْجِنُ بِهِ؟ قَالَ: لا, إلا ـــــــــــــــــــــــــــــQكله1 إلَّا الضِّفْدَعَ, وَفِي التِّمْسَاحِ رِوَايَتَانِ, فَظَاهِرُهُ أَيْضًا إبَاحَةُ الْحَيَّةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والحاويين.
من ضرورة, و1لَا يُقِيمُ بِهَا. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ نَزَلُوا مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَجَرِ أَرْضَ ثَمُودَ فَاسْتَقَوْا مِنْ آبَارِهَا وَعَجَنُوا بِهِ الْعَجِينَ, فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُهْرِقُوا مَا اسْتَقَوْا وَيَعْلِفُوا الْإِبِلَ الْعَجِينَ. وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْ الْبِئْرِ الَّتِي تَرِدُهَا النَّاقَةُ, رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَا وَجْهَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَلَى إبَاحَتِهِ مَعَ الْخَبَرِ, وَنَصَّ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ تَحْرِيمَ عَلَفِهَا مَأْكُولًا, وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا, كَغَيْرِ مَأْكُولٍ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَخَصَّهُمَا فِي التَّرْغِيبِ بِطَاهِرٍ مَحْرَمٍ, كهر. وَمَا سُقِيَ أَوْ سُمِّدَ بِنَجَسٍ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ نَجِسٌ مَحْرَمٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: طَاهِرٌ مُبَاحٌ جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ, كسقيه بعده2 بِطَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ, وَنَقَلَ جَعْفَرٌ أَنَّهُ كَرِهَ الْعُذْرَةَ, وَرَخَّصَ فِي السِّرْجِينِ, وَاسْتَحَبَّ مِنْهُ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ الطِّينِ لضرره, ونقل جعفر: كأنه لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَكْرَهْهُ, وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَكَلَهُ عَيْبٌ; لِأَنَّهُ لا يطلبه إلا من به مرض. وَكَرِهَ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْقَوْمُ حِينَ يُوضَعُ الطَّعَامُ فَيَفْجَأَهُمْ, وَالْخُبْزَ الْكِبَارَ, وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ بَرَكَةٌ وَوَضَعَهُ تَحْتَ الْقَصْعَةِ لِاسْتِعْمَالِهِ لَهُ وَحَرَّمَ الْآمِدِيُّ وَضْعَهُ وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ, وَكَرِهَهُ غَيْرُهُ, وَكَرِهَ أَصْحَابُنَا فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ, وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي1 فِي الثَّانِيَةِ, وَإِنْ فَجَأَهُمْ بِلَا تَعَمُّدِ أَكَلَ, نَصَّ عليه, وأطلق في المستوعب وغيره يكره2 إلَّا مِنْ طَعَامٍ مِنْ عَادَتِهِ السَّمَاحَةُ, وَلَا بَأْسَ بِلَحْمٍ نِيءٍ, نَقَلَهُ مُهَنَّا, وَلَحْمٍ مُنْتِنٍ, نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا: يُكْرَهُ, وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا. وَكَرِهَ أَحْمَدُ حَبًّا دِيسَ بِالْحُمْرِ وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَدُوسُوهُ بِهَا. وَقَالَ حَرْبٌ. كَرِهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً, وَهَذَا الْحَبُّ كَطَعَامِ الْكَافِرِ وَمَتَاعِهِ, عَلَى مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى وَلَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُغْسَلُ. وَكَرِهَ أَحْمَدُ أَكْلَ ثُومٍ وَنَحْوِهِ مَا لم ينضج بالطبخ, وقال: لا يعجبني, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَرِهَهُ لِمَكَانِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ. وَكَرِهَ مَاءُ بِئْرٍ بَيْنَ الْقُبُورِ وَشَوْكَهَا وَبَقْلَهَا, قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ كُلَّمَا سُمِّدَ بنجس والجلالة. وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ اللَّحْمِ, وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى غَيْرِ سُمٍّ وَنَحْوِهِ فَخَافَ تَلَفًا, نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا عَلِمَ أَنَّ النَّفْسَ تَكَادُ تَتْلَفُ, وَقِيلَ أَوْ ضَرَرًا. وَفِي الْمُنْتَخَبِ أَوْ مَرَضًا أَوْ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ, وَمُرَادُهُ يَنْقَطِعُ فَيَهْلِكُ, كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ, وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: أَوْ زِيَادَةَ مَرَضٍ, وَأَوْجَبَ الْكُسْبَ عَلَى خَائِفٍ مُحَرَّمًا. وفي الترغيب: إن خاف طول1 مَرَضَهُ فَوَجْهَانِ, وَعَنْهُ: إنْ خَافَ فِي سَفَرٍ, اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ, أَكَلَ وُجُوبًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا, وَقِيلَ: نَدْبًا, سَدَّ رَمَقَهُ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: وَلَهُ الشِّبَعُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَقِيلَ: بِدَوَامِ خَوْفِهِ, وَيُبْنَى عَلَيْهِمَا تَزَوُّدُهُ, قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ, وَجَوَّزَهُ جَمَاعَةٌ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَالْفَضْلُ: يَتَزَوَّدُ إنْ خَافَ الْحَاجَةَ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, قَالَ كَمَا يَتَيَمَّمُ وَيَتْرُكُ الْمَاءَ إذَا خَافَ, كَذَا هُنَا, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ, ويجب تقديم السؤال نقله2 أَبُو الْحَارِثِ. قِيلَ لَهُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَهُوَ مَعَ النَّاسِ؟ هَذَا أَشْنَعُ. وَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: أَيُّهُمَا أَحَبُّ إلَيْك؟ قَالَ: الصَّدَقَةُ, وَيَأْثَمُ بِتَرْكِهِ, قَالَ أحمد لسائل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قُمْ قَائِمًا لِيَكُونَ لَك عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ, قَالَ الْقَاضِي: يَأْثَمُ إذَا لَمْ يَسْأَلْ, وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا فِي الْخِلَافِ فِي الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ أَيُّهُمَا أَشَدُّ حَاجَةً, وَأَخَذَهُ شَيْخُنَا مِنْ الضِّيَافَةِ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى. وَرَوَى أَحْمَدُ1: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ سَمِعْت عَبَّادَ بْنَ شُرَحْبِيلَ وَكَانَ مِنَّا مِنْ بني غبر2 قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَأَتَيْت الْمَدِينَةَ فَدَخَلْت حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا, فَأَخَذْت سُنْبُلًا فَفَرَكْته فَأَكَلْت مِنْهُ وَحَمَلْت فِي ثَوْبِي, فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَضَرَبَنِي وَأَخَذَ ثَوْبِي, فَأَتَيْت الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَا عَلَّمْته إذْ كَانَ جَاهِلًا وَلَا أَطْعَمْته إذَا كَانَ سَاغِبًا أَوْ جَائِعًا" فَرَدَّ عَلَيَّ الثَّوْبَ وَأَمَرَ لِي بِنِصْفِ وَسْقٍ. حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 وَفِيهِ: وَأَمَرَهُ فَرَدَّ عَلَيَّ ثَوْبِي, وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَسْأَلَةِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ, قِيلَ: فَإِنْ تُوَقَّفَ؟ قَالَ: مَا أَظُنّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنْ الْجُوعِ, اللَّهُ يَأْتِيه بِرِزْقِهِ. ثُمَّ ذَكَرَ خَبَرَ أَبِي سَعِيدٍ "مَنْ اسْتَعْفَفَ أَعَفَّهُ اللَّهُ" 4 وَخَبَرَ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "تَعَفَّفْ" 5, ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَتَعَفَّفُ خَيْرٌ لَهُ, وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يَأْثَمُ, وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَإِنْ وَجَدَ مَعَ مَيْتَةٍ طَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ أَوْ صَيْدًا وَهُوَ مُحَرَّمٌ قَدَّمَ الْمَيْتَةَ. وَفِي الْفُنُونِ: قَالَ حَنْبَلِيٌّ: الَّذِي يَقْتَضِيه مَذْهَبُنَا خِلَافَ هذا, وقيل: إن لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَقْبَلْهَا نَفْسُهُ حِلًّا. وَفِي الْكَافِي1: هِيَ أَوْلَى إنْ طَابَتْ نَفْسُهُ وَإِلَّا أَكَلَ الطَّعَامَ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يُقَدِّمُهُ وَلَوْ بِقِتَالِهِ, ثُمَّ صَيْدًا, ثُمَّ مَيْتَةً, فَلَوْ عَلِمَهُ2 وَبَذَلَهُ لَهُ3 فَفِي بَقَاءِ حَالِهِ كَبَذْلِ حُرَّةٍ بُضْعَهَا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ طَوْلًا مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ, وَإِنْ بَذَلَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ3. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُلْزِمُ مُعَسِّرًا عَلَى احْتِمَالٍ, وَإِنْ وَجَدَهُمَا مُحَرَّمٌ بِلَا مَيْتَةٍ قَدَّمَ الطَّعَامَ, وَقِيلَ: يُخَيَّرُ, وَيُقَدَّمُ مُخْتَلَفًا فِيهِ. وَيَحْرُمُ أَكْلُ عُضْوِهِ "مُطْلَقًا" خِلَافًا لِلْفُنُونِ عَنْ حَنْبَلِيٍّ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامَ غَيْرِهِ فَرُبَّهُ الْمُضْطَرُّ, وَفِي الْخَائِفِ وَجْهَانِ أَحَقُّ "م 6" وَهَلْ لَهُ إيثاره؟ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامَ غيره فربه المضطر – 4في الخائف وجهان4- أَحَقُّ. وَفِي الْخَائِفِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" رُبَّهُ أَحَقُّ أَيْضًا, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ مُضْطَرًّا إلَيْهِ فِي ثَانِي الْحَالِ فَهَلْ يُمْسِكُهُ لَهُ أَوْ يَدْفَعُهُ إلَى الْمُضْطَرِّ إلَيْهِ فِي الْحَالِ؟ "قُلْت" يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, أَظْهَرُهُمَا إمْسَاكُهُ, إذْ لَا يَجِبُ الدفع عن غيره ولا إنجاؤه من
كلامهم يدل1 عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ, وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهَدْيِ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ أَنَّهُ يَجُوزُ, وَأَنَّهُ غَايَةُ الْجُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] وَلِفِعْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي فُتُوحِ الشَّامِ, وَعَدَ ذَلِكَ فِي مَنَاقِبِهِمْ, وَإِلَّا لَزِمَهُ بَذْلُ مَا لَهُ أَكْلُهُ مِنْ الْمَيْتَةِ بِقِيمَتِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَوْ فِي ذِمَّةِ مُعْسِرٍ, وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ, وَفِي زيادة لا تجحف وجهان "م 7" وفي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ قَرْضًا بِعِوَضِهِ, وَقِيلَ: مَجَّانًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا, كَالْمَنْفَعَةِ فِي الْأَشْهَرِ. وَنَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمُضْطَرِّ, ـــــــــــــــــــــــــــــQهَلَكَةٍ, إنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ حَالًا أَوْ مَآلًا, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" الْمُضْطَرُّ أَحَقُّ بِهِ, وَفِيهِ قُوَّةٌ. "تَنْبِيهٌ" قَدْ لَاحَ لَك مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ إلَى ذِكْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ, وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَّجَهُمَا, وَحِينَئِذٍ فِي إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: "وَفِي زِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ وَجْهَانِ": "أَحَدُهُمَا" لَيْسَ لَهُ بَذْلُهُ1 بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ, بَلْ يَجِبُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, وَقَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ2 فِي مَكَانَيْنِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَهُ ذَلِكَ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرُهُ: وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ لا يلزمه أكثر من ثمن مثله.
رَوَاهُ أَحْمَدُ1 مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, فَإِنْ أَبَى أَخَذَهُ بِالْأَسْهَلِ, ثُمَّ قَهْرًا وَقَاتَلَهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ ضَمِنَهُ رَبُّ الطَّعَامِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي قِتَالِهِ وَجْهَانِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ أَبَاهُ كَرِهَهُ, وَحَرَّمَهُ فِي الْإِرْشَادِ2 وَإِنْ بَذَلَهُ لَهُ3 بِفَوْقِ مَا يَلْزَمُهُ أَخَذَهُ وَأَعْطَاهُ قِيمَتَهُ, وَقِيلَ: يُقَاتِلُهُ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ قَتَلَهُ وَأَكَلَهُ, وَكَذَا مَعْصُومًا مَيِّتًا وَالْأَكْثَرُ: يُحَرَّمُ. وَفِي التَّرْغِيبِ, وَكَذَا آدَمِيًّا مُبَاحَ الدَّمِ, قَالَ فِي الْفُصُولِ فِي الْجَنَائِزِ: يُقَدَّمُ حَيٌّ اُضْطُرَّ إلَى سُتْرَةٍ لِبَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ عَلَى تَكْفِينِ مَيِّتٍ, فَإِنْ كَانَتْ السُّتْرَةُ لِلْمَيِّتِ احْتَمَلَ أَنْ يُقَدَّمَ الْحَيُّ أَيْضًا, وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ. وَمَنْ مَرَّ بِثَمَرَةِ بُسْتَانٍ لَا حَائِطَ عَلَيْهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُوجَزِ, وَلَا نَاظِرَ, وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْوَسِيلَةِ, فَلَهُ الْأَكْلُ, وَعَنْهُ: مِنْ مُتَسَاقِطٍ. وَعَنْهُ: مِنْهُمَا لِحَاجَةٍ مجانا, وعنه: لضرورة, ذكرها4 جَمَاعَةٌ كَمَجْمُوعٍ مُخَبَّى. وَعَنْهُ: وَيَضْمَنُهُ, اخْتَارَهُمَا فِي الْمُبْهِجِ وَجَوَّزَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِمُسْتَأْذِنٍ ثَلَاثًا لِلْخَبَرِ5, فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي زَرْعٍ قَائِمٍ وَشُرْبِ لَبَنِ مَاشِيَةٍ رِوَايَتَانِ "م 8" وَلَا يُحْمَلُ بِحَالٍ, وَلَا يَرْمِي شَجَرًا, نَصَّ عَلَيْهِمَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: "فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي زَرْعٍ قَائِمٍ وَشُرْبِ لَبَنِ مَاشِيَةٍ روايتان", انتهى.
وَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَ ضِيَافَةُ مُجْتَازٍ بِهِ مُسْلِمٍ, وَعَنْهُ: وَذِمِّيٍّ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ, مُسَافِرٍ وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ: وَحَاضِرٍ, وفيه وجهان للأصحاب "م 9" في قرية, ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والخلاصة والكافي1 وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" لَهُ ذَلِكَ, كَالثَّمَرَةِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ: هَذَا الْأَشْهَرُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِ, وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي لَبَنِ الْمَاشِيَةِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ, وَصَحَّحَهُ فِي الصَّحِيحِ وَالنَّظْمِ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ, قَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَهُ ذَلِكَ, فِي رِوَايَةٍ, فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ "مَسْأَلَةٌ 9". قَوْلُهُ: "وَظَاهِرُ نُصُوصِهِ: وَحَاضِرٌ, وَفِيهِ وَجْهَانِ, للأصحاب", انتهى. 4الوجه الأول4: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ5 وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْحَاضِرَ لَيْسَ كَالْمُسَافِرِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ الصَّوَابُ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" هُوَ كَالْمُسَافِرِ, فَيُعْطَى حُكْمَهُ, قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ ظَاهِرُ نصوصه.
وَفِي مِصْرَ رِوَايَتَانِ, مَنْصُوصَتَانِ "م 10" لَيْلَةً, وَالْأَشْهَرُ ويوما, فقط, نقله الْجَمَاعَةُ, وَقِيلَ: ثَلَاثَةً وَمَا فَوْقَهَا صَدَقَةٌ, فَإِنْ أَبَى فَلَهُ مُحَاكَمَتُهُ. وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ إذَا بَعَثُوا فِي السَّبِيلِ يُضَيِّفُهُمْ مَنْ مَرُّوا بِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ, فَإِنْ أَبَوْا أَخَذُوا مِنْهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَيَلْزَمُ إنْزَالُهُ فِي بَيْتِهِ لِعَدَمِ مَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ فقط, وأوجبه ابن عقيل1 فِي الْمُفْرَدَاتِ مُطْلَقًا, كَالنَّفَقَةِ. وَالضِّيَافَةُ كِفَايَتُهُ وَأَدَمٌ, وَفِي الْوَاضِحِ وَلِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ, وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ2 وَجْهٌ كَأَدَمِهِ3, وَأَوْجَبَ شَيْخُنَا الْمَعْرُوفَ عَادَةً قال: كزوجة وقريب ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 10" قَوْلُهُ: "فِي قَرْيَةٍ وَفِي مِصْرٍ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ", انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ, وَلَيْسُوا كَأَهْلِ الْقُرَى, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ": هُمْ كَأَهْلِ الْقُرَى فِي ذَلِكَ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ4, وَفِيهِ ضَعْفٌ. "تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "وَفِي الْوَاضِحِ وَلِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ كَذِمَّةٍ" كَذَا فِي النُّسَخِ, وَصَوَابُهُ كَأَدَمِهِ, يَعْنِي أَنَّ الشَّعِيرَ لِلدَّابَّةِ كَالْأَدَمِ لِلْآدَمِيِّ. 5فهذه عشرة مسائل في هذا الباب5.
وَرَفِيقٍ1. وَعَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "مَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَلَا يَصُومَنَّ تَطَوُّعًا إلَّا بِإِذْنِهِمْ" إسْنَادُهُ ضَعِيفٌ, رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ2, قَالَ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْأَضْحَى: النَّاسُ فِيهِ تَبَعٌ لِوَفْدِ اللَّهِ عِنْدَ بَيْتِهِ, وَهُمْ كَالضَّيْفِ, فَلَا يَحْسُنُ صَوْمُهُ عِنْدَ مُضِيفِهِ. وَمِنْ قَدَّمَ لِضِيفَانِهِ طَعَامًا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ قَسَمُهُ لِأَنَّهُ أَبَاحَهُ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ. وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ الطَّيِّبَاتِ بِلَا سَبَبٍ شَرْعِيٍّ فَمَذْمُومٌ مُبْتَدَعٌ, وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ الْبِطِّيخِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِكَيْفِيَّةِ أَكْلِ3 النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَبَ, ذَكَرَهُ شيخنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَابُ الذَّكَاةِ لَا يَحِلُّ حَيَوَانٌ إلَّا بِذَكَاةٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْبَحْرِيِّ أَوْ عَقْرٍ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ كَحَيَوَانِ الْبَرِّ إلَّا الْجَرَادَ وَالسَّمَكَ وَمَا لَا يَعِيشُ إلَّا فِي الْمَاءِ. وَعَنْهُ: وَمَيْتَةُ كُلِّ بَحْرِيٍّ, وَعَنْهُ: مَيْتَةُ سَمَكٍ فَقَطْ, فَيَحْرُمُ جَرَادٌ مَاتَ بِلَا سَبَبٍ. وَعَنْهُ: وَسَمَكٌ طَافٍ, وَنُصُوصُهُ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَتَقَذَّرْهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَنْ الصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ حِلَّهُ قَالَ: وَمَا يُرْوَى خِلَافُ ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ عِنْدَ قَائِلِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَا لَا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل وَالْبَاقِلَّا فَيَحِلُّ بِمَوْتِهِ, قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ "م 1". فَإِنْ حَرُمَ لَمْ يَنْجُسْ, وَعَنْهُ: بَلَى, وَعَنْهُ: مَعَ دَمٍ وَكَرِهَ الْإِمَامُ أحمد شي ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مَا لَا نفس له سائلة يجري مجرى ديدان الخل وَالْبَاقِلَّاءِ, فَيُحْمَلُ بِمَوْتِهِ, وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَالذُّبَابِ, وَفِيهِ رِوَايَتَانِ, انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ فِي حِلِّ الذُّبَابِ رِوَايَتَيْنِ, قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ: وَفِي تَحْرِيمِ الذُّبَابِ رِوَايَتَانِ. "إحْدَاهُمَا" يَحْرُمُ "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَخْبَثَاتِ, 1وَقَطْعَ بِهِ2 الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ فِي مَوْضِعٍ3, وَإِطْلَاقُ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ حِكَايَةٌ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ, قَدْ ذَكَرَ لَفْظَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ41. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يُبَاحُ, وهو بعيد.
سمك حي لا جراد. وقال ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِمَا: يُكْرَهُ عَلَى الْأَصَحِّ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الْجَرَادِ: لَا بَأْسَ بِهِ, مَا أَعْلَمُ لَهُ وَلَا لِلسَّمَكِ ذَكَاةً. وَيَحْرُمُ بَلْعُهُ حَيًّا, ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ إجْمَاعًا. وَفِي الْمُغْنِي1: يُكْرَهُ. وَلِلذَّكَاةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْعُمْدَةِ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا وَلِلنَّحْرِ شُرُوطٌ.. "أَحَدُهُمَا"2 كَوْنُهُ عَاقِلًا, لِيَصِحَّ قَصْدُ التَّذْكِيَةِ وَلَوْ مُكْرَهًا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ, وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَذَبْحِ مَغْصُوبٍ, وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ هُنَا: لَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الْأَكْلِ. وَفِي التَّعْلِيقِ: لَوْ تَلَاعَبَ بِسِكِّينٍ عَلَى حَلْقِ شَاةٍ فَصَارَ ذَبْحًا وَلَمْ يَقْصِدْ حِلَّ أَكْلِهَا لَمْ يُبَحْ. وَعَلَّلَ ابْنُ عَقِيلٍ تَحْرِيمَ مَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِصَوْلِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ أكله كما لو3 وَطِئَهُ آدَمِيٌّ إذَا قُتِلَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: كَذَبْحِهِ. وَذَكَر الْأَزَجِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا: إذَا ذَبَحَهُ لِيُخَلِّصَ مال غيره منه: يقصد الأكل لا التخلص4, لِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِهِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ5. وَذَكَرَ شَيْخُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ: لَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْأَكْلَ أَوْ قَصْدَ مُجَرَّدَ حِلِّ يَمِينِهِ لَمْ يُبَحْ, وَنَقَلَ صَالِحٌ وَجَمَاعَةٌ اعْتِبَارَ إرَادَةِ التَّذْكِيَةِ, فَظَاهِرُهُ يَكْفِي. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ بَعْضَ الْمَالِكِيَّةِ قَالَ لَهُ: الصَّيْدُ فُرْجَةً وَنُزْهَةً مَيْتَةٌ لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَكْلِ, قَالَ: وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ, قَالَ: لِأَنَّهُ عَبَثٌ مُحَرَّمٌ, وَلَا أَحَدَ أَحَقُّ, بِهَذَا مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ, حَيْثُ جَعَلَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كُلَّ خَطَرٍ فِي مَقْصُودٍ شَرْعِيٍّ يَمْنَعُ صِحَّتَهُ, وَكَذَا خَرَّجَ أَصْحَابُهُ فِي السِّكِّينِ الْكَالَّةِ, قَالَ: وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِنَا أَنَّ مَا قَتْلُهُ بِفَهْدٍ أَوْ كَلْبٍ مَغْصُوبٍ مَيْتَةٌ, لِكَوْنِ إمْسَاكِهِ وَإِرْسَالِهِ بِلَا حَقٍّ كَلَا إرْسَالٍ, كَمَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ بِسُتْرَةٍ مَغْصُوبَةٍ عُرْيَانُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِحْلَالِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ, وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَلَوْ مُمَيِّزًا. وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: لَا دُونَ عَشْرٍ وَلَوْ أُنْثَى قِنًّا, وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ الإمام أحمد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِإِطَاقَةِ الذَّبْحِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: فِي الصَّابِئَةِ رِوَايَتَانِ, مأخذهما هل هم فرقة1 مِنْ النَّصَارَى أَمْ لَا؟ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: هُمْ يَسْبِتُونَ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ, وَكُلُّ مَنْ يَصِيرُ إلَى كِتَابٍ فَلَا بَأْسَ بِذَبِيحَتِهِ. وَعَنْهُ: لَا أَقْلَفَ لَا يُخَافُ بِخِتَانِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ فِي الْأَقْلَفِ: لَا صَلَاةَ لَهُ وَلَا حَجَّ, هِيَ مِنْ تَمَامِ الْإِسْلَامِ. وَنَقَلَ فِيهِ الْجَمَاعَةُ: لَا بَأْسَ, وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ جُنُبٌ وَنَحْوُهُ, وَنَقَلَ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ: لَا بَأْسَ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَذْبَحُ الْجُنُبُ. وَنَقَلَ أَيْضًا فِي الْحَائِضِ: لَا بَأْسَ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: تَحِلُّ2 ذَكَاةُ مُرْتَدٍّ إلَى الْكِتَابِيِّينَ. وَعَنْهُ: يَحْرُمُ سَمَكٌ وَجَرَادٌ صَادَهُ مَجُوسِيٌّ وَنَحْوُهُ, صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. "الثَّانِي" الْآلَةُ, فَتَحِلُّ بِكُلِّ مُحَدِّدٍ حَتَّى حَجَرٍ وَخَشَبٍ وَقَصَبٍ إلَّا السن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالظُّفْرَ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَفِي عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ رِوَايَتَانِ, وَمِثْلُهَا سِكِّينٌ ذَهَبٌ وَنَحْوُهَا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ "م 2 - 4" وَفِي التَّرْغِيبِ: يَحْرُمُ بِعَظْمٍ وَلَوْ بِسَهْمٍ نَصْلُهُ عظم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 - 4" قَوْلُهُ: وَفِي عَظْمٍ غَيْرِ سِنٍّ وَآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ رِوَايَتَانِ, وَمِثْلُهَا سِكِّينٌ ذَهَبٌ وَنَحْوُهَا, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ, انْتَهَى, ذِكْرُ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2" إذَا كَانَتْ الْآلَةُ الَّتِي يُذْبَحُ بِهَا عَظْمًا غَيْرَ سِنٍّ فَهَلْ يَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بِهَا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" يَحِلُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1: يَقْتَضِي إطْلَاقُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إبَاحَةَ الذَّبْحِ بِهِ, قَالَ: وَهُوَ أَصَحُّ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ, قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ: وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ آلَةٍ لَهَا حَدٌّ يَقْطَعُ وَيَنْهَرُ الدَّمَ, إلَّا السِّنَّ وَالظُّفْرَ, وَقَدَّمَهُ فِي الكافي2, وقال: هو ظاهر كلامه.
"الثَّالِثُ" قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ, وَعَنْهُ: وَالْوَدَجَيْنِ, اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, وَعَنْهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا. وَفِي الْإِيضَاحِ: الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ. وفي الإشارة1: المريء والودجين. وكلامهم في ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُبَاحُ, قَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ فِي الْفَائِدَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ: وَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى عَدَمِ التَّذْكِيَةِ بِالْعِظَامِ, إمَّا لِنَجَاسَةِ بَعْضِهَا وَإِمَّا لِتَنْجِيسِهِ عَلَى مُؤْمِنِي. الْجِنِّ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3" الْآلَةُ الْمَغْصُوبَةُ هَلْ تَحْصُلُ بِهَا التَّذْكِيَةُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهَا, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "إحْدَاهُمَا" تَحْصُلُ الذَّكَاةُ بِهَا وَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى والنظم وغيره3, قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُبَاحُ لِأَنَّهُ يُبَاحُ الذَّبْحُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ, وَجَزَمَ بِهِ4 فِي الْوَجِيزِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوَّرِهِ وَمُنْتَخَبِهِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا تُبَاحُ التَّذْكِيَةُ بِهَا. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4" هَلْ تَحْصُلُ التَّذْكِيَةُ بِسِكِّينٍ ذَهَبٍ وَنَحْوِهَا أَمْ لَا؟ ذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ وَالْمُوجَزِ أَنَّهَا كَالْآلَةِ الْمَغْصُوبَةِ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ المذهب فيها
اعْتِبَارِ إبَانَةِ ذَلِكَ بِالْقَطْعِ مُحْتَمَلٌ, وَيَقْوَى عَدَمُهُ, وَظَاهِرُهُ لَا يَضُرُّ رَفْعُ يَدِهِ إنْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ عَلَى الْفَوْرِ, وَاعْتَبَرَ فِي التَّرْغِيبِ قَطْعًا تَامًّا فَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْحُلْقُومِ جِلْدَةٌ وَلَمْ يَنْفُذْ الْقَطْعُ انْتَهَى الْحَيَوَانُ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ ثُمَّ قَطَعَ الْجِلْدَةَ لَمْ يَحِلَّ. وَفِي الْكَافِي1 وَالرِّعَايَةِ: يَكْفِي قَطْعُ الْأَوْدَاجِ, فَقَطْعُ أَحَدِهِمَا مَعَ 2الْحُلْقُومِ أَوْ2 الْمَرِيءِ أَوْلَى بِالْحِلِّ, قَالَهُ شَيْخُنَا: وَذَكَرَهُ رِوَايَةً فِي الْأَوِّلَةِ. وَذَكَرَ وَجْهًا: يَكْفِي قَطْعُ ثَلَاثٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ. وَيُسَنُّ ذَبْحُ غَيْرِ إبِلٍ وَنَحْرُهَا وَفِي التَّرْغِيبِ رِوَايَةٌ: يُنْحَرُ الْبَقَرُ, وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَمَا صَعُبَ وَضْعُهُ بِالْأَرْضِ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ ذَبْحُ إبِلٍ وَعَنْهُ: وَلَا تُؤْكَلُ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ قَالَا: النَّحْرُ فِي اللَّبَّةِ3, وَالذَّبْحُ فِي الْحَلْقِ وَالذَّبْحُ وَالنَّحْرُ فِي الْبَقَرِ وَاحِدٌ, وَإِنْ ذَبَحَ مَغْصُوبًا حَلَّ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِإِبَاحَتِهِ لِلضَّرُورَةِ, بِخِلَافِ سُتْرَةِ الصَّلَاةِ, قَالَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ. وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي سِكِّينٍ غَصْبٍ "لِأَنَّهُ يباح ـــــــــــــــــــــــــــــQفَكَذَا فِي هَذِهِ "قُلْت": بَلْ هَذِهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الذَّبْحُ1 بِهَا لِلضَّرُورَةِ, فَالسُّتْرَةُ أَغْلَظُ, وَعَنْهُ: لَا, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ, وَكَذَا لَوْ أَبَانَ رَأْسًا, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي الْمَغْصُوبِ: لَا يَأْكُلُهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ, قَالَ الْقَاضِي: فَأَبَاحَهُ بَعْدَ إذْنِهِ, وَمَا سَبَقَ مِنْ الْفَرْقِ ذَكَرُوهُ فِي سِكِّينٍ غَصْبٍ" وَلَوْ اُخْتُتِنَ بِهَا أَجْزَأَهُ, لِأَنَّهُ إتْلَافٌ, كَالْعِتْقِ بِمَكَانِ غَصْبٍ وَكَتَرْكِ الْبَدَاءَةِ بقطع الأيدي في الحد. وَذَكَاةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ كَوَاقِعٍ بِبِئْرٍ وَمُتَوَحِّشٌ يَجْرَحُهُ حَيْثُ شَاءَ مِنْ بَدَنِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا, فَإِنْ أَعَانَهُ غَيْرُهُ, مِثْلُ كَوْنِ رَأْسِهِ فِي مَاءٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَحِلَّ, نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: بَلَى بجرح موح. وَإِنْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ خَطَأً فَأَتَتْ الْآلَةُ مَحَلَّ ذَبْحِهِ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَعَنْهُ: أَوْ لَا وَفِي الْمُغْنِي2: غَلَبَ بَقَاؤُهَا حَلَّ. وَفِي التَّرْغِيبِ "رِوَايَةَ": يَحْرُمُ مَعَ حَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا رَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْهُ3. وَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا فَرِوَايَتَانِ "م 5" وَمُلْتَوٍ عُنُقُهُ كَمَعْجُوزٍ عَنْهُ, قاله القاضي. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَإِنْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ خَطَأً فأتت الآلة محل ذبحه وفيه حياة مستقرة حَلَّ" وَإِنْ فَعَلَهُ عَمْدًا فَرِوَايَتَانِ, انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمقنع4 والمحرر والحاويين وغيرهم.
وَقِيلَ كَذَلِكَ: وَمَا أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ مِنْ مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ فَذَكَّاهُ وَحَيَاتُهُ يُمْكِنُ زِيَادَتُهَا, وَقَالَ شَيْخُنَا: وَقِيلَ: تَزِيدُ عَلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّ, قِيلَ: بِشَرْطِ تَحَرُّكِهِ بِيَدٍ أَوْ طَرَفِ عَيْنٍ وَنَحْوِهِ, وَقِيلَ: أَوْ لَا "م 6" وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ وَجَمَاعَةٌ: مَا عُلِمَ موته بالسبب, ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا" يُبَاحُ بِشَرْطِهِ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمَا, وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالتَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِمْ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي3 الْكَافِي4, وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ, وَغَيْرُهُمَا. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يُبَاحُ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ, وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيّ, وَقَالَ: هُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَمَفْهُومُ كلام الخرقي. مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَمَا أَصَابَهُ سَبَبُ الْمَوْتِ مِنْ مُنْخَنِقَةٍ وَمَوْقُوذَةٍ وَمُتَرَدِّيَةٍ وَنَطِيحَةٍ وَأَكِيلَةِ سَبُعٍ فَذَكَّاهُ5 وَحَيَاتُهُ6 يُمْكِنُ زِيَادَتُهَا,. حَلَّ قِيلَ: بِشَرْطِ تَحَرُّكِهِ بِيَدٍ أَوْ طَرَفِ عَيْنٍ وَنَحْوِهِ, وَقِيلَ: أَوْ لَا", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يُشْتَرَطُ وُجُودُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ, قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ: إذَا أَدْرَكَ ذَكَاةَ ذَلِكَ وَفِيهِ حَيَاةٌ يُمْكِنُ أَنْ تَزِيدَ عَلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ حَلَّ, بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَرَّكَ عِنْدَ الذَّبْحِ وَلَوْ بِيَدٍ أو رجل أو طرف عين أو قطع7 ذنب
وَعَنْهُ: لِدُونِ أَكْثَرِ يَوْمٍ, لَمْ يَحِلَّ, وَعَنْهُ: حَلَّ مُذَكًّى قَبْلَ مَوْتِهِ, ذَكَرَهُ أَبُو الْحُسَيْنِ, وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ الْبَغْدَادِيِّ تُشْتَرَطُ حَيَاةٌ يُذْهِبُهَا الذَّبْحُ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, وعنه: إن تحرك1, ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ, وَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَالْمَرُّوذِيُّ وَأَبُو طَالِبٍ وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ ذَبَحَ وَشَكَّ فِي الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَوَجَدَ مَا يُقَارِبُ الْحَرَكَةَ الْمَعْهُودَةَ فِي التَّذْكِيَةِ الْمُعْتَادَةِ حَلَّ, فِي الْمَنْصُوصِ, قَالَ: وَأَصْحَابُنَا قَالُوا: الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مَا جَازَ بَقَاؤُهَا أَكْثَرَ الْيَوْمِ, وَقَالُوا: إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا حَرَكَةُ الْمَذْبُوحِ لَمْ يَحِلَّ, فَإِنْ كَانَ التَّقْيِيدُ بِأَكْثَرِ الْيَوْمِ صَحِيحًا فَلَا مَعْنَى لِلتَّقْيِيدِ بِحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ, لِلْحَظْرِ, وَكَذَا بِعَكْسِهِ, فَإِنَّ بَيْنَهُمَا أَمَدًا بَعِيدًا, قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ مَا ظُنَّ بَقَاؤُهَا زِيَادَةً عَلَى أَمَدِ حركة المذبوح ـــــــــــــــــــــــــــــQوَنَحْوِهِ, انْتَهَى. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِيهَا حَيَاةٌ تَزِيدُ عَلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ "قُلْت" وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ تَعِيشُ زَمَنًا يَكُونُ الْمَوْتُ بِالذَّبْحِ أَسْرَعَ مِنْهُ حَلَّتْ بِالذَّبْحِ, وَأَنَّهَا مَتَى كَانَتْ مِمَّا لَا يُتَيَقَّنُ مَوْتُهَا كَالْمَرِيضَةِ وَأَنَّهَا مَتَى تَحَرَّكَتْ وَسَالَ دَمُهَا حَلَّتْ, انْتَهَى.
لمثله سوى أمد الذبح. قَالَ: وَمَا هُوَ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ كَمَقْطُوعِ الْحُلْقُومِ وَمُبَانِ الْحَشْوَةِ فَوَجَدَهَا كَعَدَمٍ1, عَلَى الْأَصَحِّ, وَمَرِيضَةٌ كَمُنْخَنِقَةٍ, وَقِيلَ: لَا يَعْتَبِرُ حَرَكَتَهَا "م 7". وَذَكَاةُ جَنِينٍ مَأْكُولٍ بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ لَمْ يَشْعُرْ2 وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ ذَبْحَهُ, وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ وَإِنْ خَرَجَ بِحَيَاةٍ مُسْتَقِرَّةٍ حَلَّ بِذَبْحِهِ, نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ3 أَنَّهُ كَمُنْخَنِقَةٍ, وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ خَرَجَ حَيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 7" قَوْلُهُ: وَمَرِيضَةٌ كَمُنْخَنِقَةٍ, وَقِيلَ: لَا تُعْتَبَرُ حَرَكَتُهَا, انْتَهَى. الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ حُكْمَ الْمَرِيضَةِ حُكْمُ الْمُنْخَنِقَةِ وَأَخَوَاتِهَا, كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ, وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ, فَكَذَا فِي هَذِهِ, وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْمُغْنِي4 وهو صريح في المسألة.
ذَبْحِهِ وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا, وَفِي قِيَاسِ الْوَاضِحِ لِابْنِ عَقِيلٍ: مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَحِلُّ جَنِينٌ بِتَذْكِيَةِ أُمِّهِ أَشْبَهُ; لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ, وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَيْدِ عُقِرَ وَوَقَعَ فِي مَاءٍ "لَا تَأْكُلُهُ لَعَلَّ الْمَاءَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ" 1 فَهَذَا تَنْبِيهٌ. وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ تَحْرِيمُهُ كَتَحْرِيمِ أَبِيهِ, وَلَوْ وَجَأَ بَطْنَ أُمِّهِ فَأَصَابَ مَذْبَحَهُ تَذَكَّى وَالْأُمُّ مَيِّتَةٌ, ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. الرَّابِعُ قَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ أَوْ إرْسَالِ الْآلَةِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ قَبْلَهُ قَرِيبًا, فَصَّلَ بِكَلَامٍ أَوْ لَا, اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ, وَعَنْهُ: مِنْ مُسْلِمٍ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَكْسَهَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ. وَعَنْهُ: هِيَ سُنَّةٌ, نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: الْآيَةَ2 فِي الْمَيِّتَةِ, وَقَدْ رَخَّصَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ مَا لَمْ يُسَمَّ عَلَيْهِ3, وَعَنْهُ: يَسْقُطُ سَهْوًا, وَذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ إجْمَاعًا, وَعَنْهُ: في الذَّبْحِ, نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَعَنْهُ: وَالسَّهْمُ, وَعَنْهُ: شَرْطٌ لِلصَّيْدِ سُنَّةٌ لِلذَّبِيحَةِ, وَعَنْهُ: بِعَرَبِيَّةٍ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا, وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ خِلَافَهُ إجْمَاعًا, لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ اللَّهَ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى قِيَاسِهِ أَدَاءُ شَهَادَةٍ وَإِيمَانٌ وَيَمِينٌ وَخُطْبَةٌ وَتَلْبِيَةٌ, وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْقَصْدَ الْعِلْمُ بِاعْتِقَادِ الْإِيمَانِ وَيَحْصُلُ بِغَيْرِ عَرَبِيَّةٍ وَبِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْمَوْعِظَةُ, وَمِنْ التَّلْبِيَةِ إجَابَةُ الدَّاعِي, وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعَجَمِيَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِلَفْظِ اللِّعَانِ وَبِلَفْظِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الحاكم لو قال أعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَمْ يَصِحَّ, وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَعَلَى أَنَّا لَا نُسَلِّمُ التَّلْبِيَةَ وَالتَّسْمِيَةَ, وَقَدْ نَصَّ عَلَى التَّسْمِيَةِ. وَلَيْسَ جَاهِلٌ كَنَاسٍ كَالصَّوْمِ, ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ, وَقِيلَ: يَكْفِي تَكْبِيرٌ وَنَحْوُهُ وَيَضْمَنُ أَجِيرٌ تَرْكَهَا إنْ حَرُمَتْ, وَاخْتَارَ فِي النَّوَادِرِ: لِغَيْرِ شَافِعِيٍّ. وَيَتَوَجَّهُ تَضْمِينُهُ النَّقْصَ إنْ حَلَّتْ. وَيُسَنُّ مَعَهَا نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: لَا, كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنْصُوصِ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ مَعَهَا شَيْئًا, وَيُشِيرُ الْأَخْرَسُ بِهَا, وَمِنْ سَمَّى عَلَى سَهْمٍ فَرَمَى بِغَيْرِهِ لَمْ يُبَحْ, كَقَطِيعٍ فَيَذْبَحَ مِنْهُ, أَوْ شَاةٍ فَيَذْبَحُ غَيْرَهَا, وَقِيلَ: بَلَى, كَآلَةِ ذَبْحٍ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِهَا عَلَى صَيْدٍ بِعَيْنِهِ لِمَشَقَّتِهِ اعْتِبَارُ تَعْيِينِ الْآلَةِ. وَيُكْرَهُ ذَبْحُهُ بِآلَةٍ كَالَّةٍ, وَحْدَهَا وَالْحَيَوَانُ يَرَاهُ, وَسَلْخُهُ, وَكَسْرُ عُنُقِهِ قَبْلَ زَهُوقِ نَفْسِهِ, وَحَرَّمَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَفْعَلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ "إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ, فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ, وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فأحسنوا الذبحة"1 في هذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْحَدِيثِ, إنَّ الْإِحْسَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍّ حَتَّى فِي حَالِّ إزْهَاقِ النُّفُوسِ نَاطِقُهَا وَبَهِيمُهَا, فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ لِلْآدَمِيِّينَ, وَالذِّبْحَةَ لِلْبَهَائِمِ, هَذَا كَلَامُهُ, وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا أَنَّ إحْسَانَ الذَّابِحِ وَاجِبٌ فِيمَا يَذْبَحُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ قَطْعُ رَأْسِهِ قَبْلَ سَلْخِهِ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يَفْعَلُ. وَيُسَنُّ تَوْجِيهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَنَقَلَ مُحَمَّدٌ الْكَحَّالُ: يَجُوزُ لِغَيْرِهَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ, وَيُسَنُّ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ, وَرِفْقُهُ بِهِ, وَتَحَامُلُهُ عَلَى الْآلَةِ بِالْقُوَّةِ, وَإِسْرَاعُهُ بِالشَّحْطِ, وَسَبَقَ مَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ. نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَكْرَهُ نَفَخَ اللَّحْمِ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1 الَّذِي لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ غِشٌّ, وَأَكْلَ غُدَّةٍ وَأُذُنَ قَلْبٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَحَرَّمَهُمَا أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو الْفَرَجِ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُذُنِ الْقَلْبِ, وَهُوَ هَكَذَا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: 2كَرِهَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2 أَكْلَ الْغُدَّةِ. الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ3. وَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ مَا يَحِلُّ لَهُ فَعَنْهُ: يَحْرُمُ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ, وَهُوَ شَحْمُ الثَّرْبِ4 وَالْكُلْيَتَيْنِ, قَالَ فِي الْوَاضِحِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَعَنْهُ: لَا5 "م 8" كَذَبْحِ حَنَفِيٍّ حَيَوَانًا فَتَبَيَّنَ حاملا ونحوه ذكره ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8" قَوْلُهُ: "فَإِنْ ذَبَحَ كِتَابِيٌّ مَا يَحِلُّ له, فعنه تحرم علينا الشحوم المحرمة
عقيل, فَلَنَا تَمَلُّكُهَا مِنْهُمْ: وَيَحْرُمُ عَلَيْنَا إطْعَامُهُمْ شَحْمًا من ذبحنا, نص عليه, لبقاء تحريمه1. وَفِي الرِّوَايَتَيْنِ لِابْنِ عَقِيلٍ: نُسِخَ فِي حَقِّهِمْ أَيْضًا. وَإِنْ ذَبَحَ مَا ثَبَتَ تَحْرِيمٌ عَلَيْهِ كَذِي الظُّفْرِ فَفِي تَحْرِيمِهِ عَلَيْنَا مَا تَقَدَّمَ, وَقِيلَ: يُحَرَّمُ, وَقِيلَ: لَا "م 9" كَظَنِّهِ تَحْرِيمَهُ عليه فلم يكن, ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَيْهِمْ, وَهُوَ شَحْمُ الثَّرْبِ وَالْكُلْيَتَيْنِ, قَالَ فِي الْوَاضِحِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَعَنْهُ: لَا" انْتَهَى. "إحْدَاهُمَا" يَحْرُمُ عَلَيْنَا ذَلِكَ, اخْتَارَهُ مَنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاخْتَارَهُ أَيْضًا أبو الحسن التميمي والقاضي. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَحْرُم, وَهُوَ الصَّحِيحُ, اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ, حَكَاهُ عَنْ الْخِرَقِيِّ فِي كَلَامٍ مُفْرَدٍ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ الْحَاوِيَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَغَيْرُهُمْ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوِّرِهِ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَقَالَ: هُوَ وَغَيْرُهُ: فِيهِ وَجْهَانِ, وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ. "مَسْأَلَةٌ 9" قَوْلُهُ: "وَإِنْ ذَبَحَ مَا ثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ كَذِي الظُّفْرِ فَفِي تحريمه علينا ما تقدم, وقيل: يحرم, وقيل: لَا", انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ طُرُقٍ: "أَحَدُهَا" وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا مِثْلُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْنِ عِنْدَهُ: "إحْدَاهُمَا" لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ بلا ريب وبه قطع في المقنع2
وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُنَا لَهُمْ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ تَحْرِيمَهَا, لِأَنَّ الْحُكْمَ لِاعْتِقَادِنَا: وَإِنْ ذَبَحَ لِعِيدِهِ أَوْ مُتَقَرِّبًا بِهِ إلَى شَيْءٍ يُعَظِّمُهُ لَمْ يَحْرُمْ, وَعَنْهُ: بَلَى, اخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنْ يَذْكُرَ عَلَيْهِ1 اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ, وَنَقَلَ عَبْدُ الله: لا يعجبني ما ذبح للزهرة وَالْكَوَاكِبِ وَالْكَنِيسَةِ وَكُلُّ شَيْءٍ ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ. وذكر الآية2. وسبق قبل3 زِيَارَةَ الْقُبُورِ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ مُعَاقَرَةِ الْأَعْرَابِ4 وَأَنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ فَيَكُونَ عِنْدَهُ مَنْهِيًّا عنه, وهو نظير الذبح عند ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَالْحَاوِيَيْنِ, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَظْهَرُ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" يَحْرُمُ, وَبِهِ قطع في الوجيز والمنور, وقدمه6 فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, فَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَطْلَقَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْخِلَافَ, وَهُنَا قَدَّمَ التَّحْرِيمَ, وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ, وَقَدَّمَ فِي الرعايتين والحاويين هناك7 عدم التحريم, وقدما8 هُنَا التَّحْرِيمَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا9.
الْقُبُورِ, وَقَدْ كَرِهَهُ أَحْمَدُ, وَحَرَّمَهُ شَيْخُنَا, وَالنَّهْيُ ظَاهِرٌ فِي التَّحْرِيمِ, وَسَبَقَ فِي الْوَلِيمَةِ الْمُفَاخَرَةُ1 بِهَا2 وَعَدَمُ ذِكْرِ الْأَكْثَرِ, هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ صِحَّةِ النَّهْيِ, وَنَظِيرُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَمَنْ ذَكَّى حَيَوَانًا فَوَجَدَ فِيهِ أَوْ فِي رَوْثِهِ جَرَادٌ أَوْ حَبًّا أَوْ سَمَكَةً فِي سَمَكَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْأَصَحِّ, وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ: الطَّافِي أَشَدُّ مِنْ هَذَا, وَقَدْ رَخَّصَ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ, وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 3 وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَحْرُمُ جَرَادٌ فِي بَطْنِ سَمَكٍ لِأَنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَرِّ, وَمَيْتَتُهُ حَرَامٌ لَا الْعَكْسُ, لِحِلِّ مَيْتَةِ صَيْدِ الْبَحْرِ, وَيَحْرُمُ بَوْلٌ طَاهِرٌ كَرَوْثِهِ, أَبَاحَهُ الْقَاضِي فِي كِتَاب الطِّبِّ, وَذَكَرَ رِوَايَةً فِي بَوْلِ الْإِبِلِ وِفَاقًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ, وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ فِيهِ: لَا, وَكَلَامُهُ فِي الْخِلَافِ يَدُلُّ عَلَى حِلِّ بَوْلِهِ وَرَوْثِهِ, فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145] الْآيَةَ: وَبِالْأَخْبَارِ الضَّعِيفَةِ "مَا أُكِلَ لَحْمُهُ فَلَا بَأْسَ بِبَوْلِهِ"4. فَقِيلَ لَهُ: هَذَا عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي شُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ؟ فَقَالَ: يَعُمُّ سَائِرَ الْأَحْوَالِ, وَلِأَنَّهُ مُعْتَادٌ تَحَلُّلُهُ كَاللَّبَنِ, وَبِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلَّحْمِ, وَكَذَا احْتَجَّ فِي الْفُصُولِ بِإِبَاحَةِ شُرْبِهِ كَاللَّبَنِ: وَدَلَّ عَلَى الْوَصْفِ قِصَّةُ الْعُرَنِيِّينَ5. وَفِي الْمُغْنِي6 إبَاحَةُ رجيع سمك ونحوه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَحِلُّ مَذْبُوحٌ مَنْبُوذٌ بِمَوْضِعٍ يَحِلُّ ذَبْحُ أَكْثَرِ أَهْلِهِ وَلَوْ جُهِلَتْ تَسْمِيَةُ الذَّابِحِ. وَهَلْ الذَّبِيحُ إسْمَاعِيلُ؟ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَهُوَ أَظْهَرُ؟ قَالَ شَيْخُنَا: هُوَ قَطْعِيٌّ, أَوْ إِسْحَاقُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: نَصْرَهُ أَصْحَابُنَا فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 15". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَة 10" قَوْلُهُ "وَهَلْ الذَّبِيحُ إسْمَاعِيلُ؟ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى, وَهُوَ أَظْهَرُ, قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ قَطْعِيٌّ أَوْ إِسْحَاقُ, اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: نَصْرَهُ أَصْحَابُنَا, فِيهِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إسْمَاعِيلُ, وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ الْقَيِّمِ وَغَيْرُهُ, وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ إسْمَاعِيلُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ. فَهَذِهِ عَشْرُ مَسَائِلَ فِي هذا الباب.
كتاب الصيد
كتاب الصيد مدخل ... كِتَابُ الصَّيْدِ وَهُوَ مُبَاحٌ لِقَاصِدِهِ, وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى, وَيُكْرَهُ لَهْوًا, وَهُوَ أَطْيَبُ مَأْكُولٍ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الزِّرَاعَةُ أَفْضَلُ مَكْسَبٍ, وَسَبَقَ أَوَّلَ الذَّكَاةِ كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ1. وَمَنْ أَدْرَكَ صَيْدًا صَادَهُ مُتَحَرِّكًا فَوْقَ حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ لِتَذْكِيَتِهِ لَمْ يُبَحْ إلَّا بِهَا, وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا, وَعَنْهُ2: دُونَ مُعْظَمِ يَوْمٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: دُونَ نِصْفِهِ, وَبِإِرْسَالِ الصَّائِدِ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ, لِعَدَمِ آلَةٍ ذَكَاةٌ, وَعَنْهُ: بِالْإِرْسَالِ لَا بِمَوْتِهِ. 3قَالَ الشَّيْخُ3: 4كَمُتَرَدِّيَةٍ بِبِئْرٍ4, وَعَنْهُ: عَكْسُهُ, وَأَبَاحَهُ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا بِالْإِرْسَالِ. قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مِنْ الذَّبْحِ فَجَعَلَ يَعْدُو مِنْهُ يَوْمَهُ حَتَّى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا فَذَكَرَ الْقَاضِي: يَحِلُّ, وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَحِلُّ, لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ عَلَى الْمَوْتِ فَصَارَ كَالْمَاءِ "م 1". وَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ الوقت لتذكيته فكميت. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: وَإِنْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ مِنْ الذَّبْحِ فَجَعَلَ يَعْدُو مِنْهُ يَوْمَهُ حَتَّى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا فَذَكَرَ الْقَاضِي يَحِلُّ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا يَحِلُّ; لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ عَلَى الْمَوْتِ فَصَارَ كَالْمَاءِ, انْتَهَى. "قُلْت" مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَاَللَّهُ أعلم.
يحل بشروط: أَحَدُهَا صَائِدٌ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ1, وَقِيلَ: بَصِيرٌ, فَلَا يَحِلُّ صَيْدٌ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِهِ مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ, أَوْ مُتَوَلِّدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ بِسَهْمَيْهِمَا أَوْ جَارِحَتَيْهِمَا, فَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ مَقْتَلَهُ عَمِلَ بِهِ, وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ, كَإِسْلَامِهِ بَعْدَ إرْسَالِهِ, وَلَوْ أَثْخَنَهُ كَلْبُ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَتَلَهُ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَرُمَ, وَيَضْمَنُهُ لَهُ. وَإِنْ صَادَ مُسْلِمٌ بِكَلْبِ مَجُوسِيٍّ لَمْ يَكْرَهْ, ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ, وَيَحِلُّ, وَعَنْهُ: لَا, كَعَكْسِهِ, وَلَوْ أَعَانَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَلْبُهُ, وَقِيلَ: وَلَمْ يَزِدْ عَدْوُ كَلْبِهِ بِزَجْرِ مُسْلِمٍ حَرُمَ. وَإِنْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ فَزَجَرَهُ مَجُوسِيٌّ فَزَادَ عَدْوُهُ أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ, أَوْ ذَبَحَ مَا أَمْسَكَهُ لَهُ مَجُوسِيٌّ بِكَلْبِهِ وَقَدْ جَرَحَهُ غَيْرَ مُوحٍ أَوْ ارْتَدَّ, أَوْ مَاتَ بَيْنَ رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ, حَلَّ. وَكَذَا إنْ أَعَانَ سَهْمَهُ رِيحٌ. قَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ: كَمَا لَوْ رَدَّهُ حَجَرٌ أَوْ غَيْرُهُ فَقَتَلَهُ. وَفِيهِ فِي الرِّعَايَةِ: فِيهِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِي ذِي نَابٍ وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَرْكِ أَكْلِهِ وَأَعَانَهُ رِيحٌ وَجْهٌ. الثَّانِي الْآلَةُ, مُحَدِّدٌ فَهُوَ كَآلَةِ ذَبْحٍ, وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَجْرَحَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, فَإِنْ قَتَلَهُ بِثِقْلِهِ كَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ شَدْخَتَهُ1. نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ, وَلَوْ قَطَعَتْ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ, أَوْ بِعَرْضِ مِعْرَاضٍ2. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ: وَلَمْ يَجْرَحْهُ, وَهُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِ, لَمْ يُبَحْ, لِأَنَّهُ وَقِيذٌ. وَكَذَا مَا قَتَلَهُ مِنْجَلٌ أَوْ سِكِّينٌ سُمِّيَ عِنْدَ نَصْبِهِ بِلَا جُرْحٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَإِلَّا حَلَّ, وَقِيلَ: يَحِلُّ مُطْلَقًا, وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ حِلُّ مَا قَبْلَهَا, وَحَيْثُ حَلَّ فَظَاهِرُهُ يَحِلُّ, وَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ مَاتَ وَهُوَ كَقَوْلِهِمْ إذَا ارْتَدَّ أَوْ مَاتَ بَيْنَ3 رَمْيِهِ وَإِصَابَتِهِ حَلَّ, وَالْحَجَرُ كَبُنْدُقَةٍ وَلَوْ خَرَقَهُ, نَقَلَهُ حَرْبٌ, فَإِنْ كَانَ لَهُ حَدٌّ كَصَوَّانٍ4 فَكَمِعْرَاضٍ. وَإِنْ قَتَلَهُ بِسَهْمٍ فِيهِ سُمٌّ, قَالَ جَمَاعَةٌ: وَظَنَّ أَنَّهُ أَعَانَهُ حَرُمَ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ أَعَانَ لَمْ يَأْكُلْ, وَلَيْسَ مِثْلُ هَذَا مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِمُرَادٍ. وَفِي الْفُصُولِ: إذَا رَمْي بِسَهْمٍ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَسْمُومٍ لَمْ يُبَحْ لَعَلَّ السُّمَّ أَعَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَارَكَ السَّهْمَ تَغْرِيقٌ بِالْمَاءِ. وَمَنْ أَتَى بِلَفْظِ الظَّنِّ كَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ فَمُرَادُهُ احْتِمَالُ الْمَوْتِ بِهِ, وَلِهَذَا عَلَّلَهُ مَنْ عَلَّلَهُ مِنْهُمْ كَالشَّيْخِ وَغَيْرِهِ بِاجْتِمَاعِ الْمُبِيحِ وَالْمُحَرَّمِ, كَسَهْمَيْ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ, وَقَالُوا: فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ السُّمَّ لَمْ يُعِنْ عَلَى قَتْلِهِ لِكَوْنِ السَّهْمِ أَرَحَى مِنْهُ فَمُبَاحٌ, وَلَوْ كَانَ الظَّنُّ مُرَادًا لَكَانَ الْأَوْلَى, فَأَمَّا إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ السُّمَّ أَعَانَ فَمُبَاحٌ, وَنَظِيرُ هَذَا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي شُرُوطِ الْبَيْعِ, فَإِنْ رَأَيَاهُ ثُمَّ عَقَدَا بَعْدَ ذَلِكَ2 بِزَمَنٍ لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ ظَاهِرًا, وَقَوْلُهُمْ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ فِيهَا وَقَدْ سَبَقَ ذَلِكَ. وَفِي الْكَافِي3 وَغَيْرِهِ: إذَا اجْتَمَعَ فِي الصَّيْدِ مُبِيحٌ وَمُحَرِّمٌ مِثْلُ أَنْ يَقْتُلَهُ بِمُثْقَلٍ وَمُحَدِّدٍ, أَوْ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ, أَوْ بِسَهْمِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ, أَوْ سَهْمٍ غَيْرِ مُسَمًّى عَلَيْهِ, أَوْ كَلْبِ مُسْلِمٍ وَكَلْبِ مَجُوسِيٍّ, أَوْ غَيْرِ مُسَمًّى عَلَيْهِ, أَوْ غَيْرِ مُعَلَّمٍ, أَوْ اشْتَرَكَا فِي إرْسَالِ الْجَارِحَةِ عَلَيْهِ, أَوْ وَجَدَ مَعَ كَلْبِهِ كَلْبًا لَا يَعْرِفُ. مُرْسِلَهُ أَوْ لَا يَعْرِفُ, أَوْ مَعَ سَهْمِهِ سَهْمًا كَذَلِكَ لَمْ يُبَحْ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ: "وَإِنْ وَجَدْت مَعَهُ غَيْرَهُ فَلَا تَأْكُلْ"4 وَبِأَنَّ الْأَصْلَ الْحَظْرُ, وَإِذَا شَكَكْنَا فِي الْمُبِيحِ رُدَّ إلَى أَصْلِهِ. وفي الترغيب: يحرم ولو مع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُرْحٍ مُوحٍ لَا عَمَلَ لِلسُّمِّ مَعَهُ, لِخَوْفِ التَّضَرُّرِ بِهِ, وَكَذَا فِي الْفُصُولِ, وَقَالَ: لَا نَأْمَنُ أَنَّ السُّمَّ تَمَكَّنَ مِنْ بَدَنِهِ بِحَرَارَةِ الْحَيَاةِ فَيَقْتُلَ أَوْ يَضُرَّ أَكْلُهُ, وَهُمَا حَرَامٌ, وَمِمَّا يُؤَدِّي إلَيْهِمَا حَرَامٌ. وَإِنْ رَمَاهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلُوٍّ أَوْ وَطِئَهُ شَيْءٌ فَمَاتَ فَالْأَشْهَرُ عَنْهُ: يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ, وَعَنْهُ: لَا بِجُرْحٍ مُوحٍ. اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَمِثْلُهُ ذَكَاةٌ "م 2 و 3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 و 3" قَوْلُهُ: "وَإِنْ رَمَاهُ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلُوٍّ أَوْ وَطِئَهُ شَيْءٌ 1فَمَاتَ فَالْأَشْهَرُ عَنْهُ: يَحْرُمُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ: ر بجرح موح اختاره الأكثر1 وَمِثْلُهُ ذَكَّاهُ", انْتَهَى. ذِكْرُ مَسْأَلَتَيْنِ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2" إذَا جَرَحَهُ جَرْحًا مُوحِيًا ثُمَّ وَقَعَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلُوٍّ أَوْ وَطِئَهُ شَيْءٌ فَمَاتَ, فَهَلْ يُبَاحُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا"3: يَحْرُمُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, قَالَ "فِي" 4الْمُذْهَبِ هُنَا4: وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ يَحْرُمُ, قال الشيخ والشارح: هذا الأشهر وصححه في التصحيح وخصال ابن البناء واختاره أبو بكر والخرقي والشيرازي وَغَيْرُهُمْ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْأَظْهَرُ وبه قطع في الكافي5 وكذالك الوجيز في باب الذكاة لكن ناقضها لكونه قطع بعدم التحريم وقدمه في إدراك الغاية1.
وَإِنْ رَمَاهُ فِي عُلُوٍّ فَوَقَعَ بِالْأَرْضِ فَمَاتَ حَلَّ, وَعَنْهُ: بِجُرْحٍ مُوحٍ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. وَإِنْ رَمَاهُ أَوْ عَقَرَهُ كَلْبُهُ وَعَلِمَ الْإِصَابَةَ فَغَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا حَلَّ, عَلَى الْأَصَحِّ, كَمَا لَوْ وَجَدَهُ بِفَمِ كَلْبِهِ أَوْ وَهُوَ يَعْبَثُ بِهِ أَوْ سَهْمُهُ فِيهِ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَقْرِهِ, وَعَنْهُ: وَجُرْحُهُ مُوحٍ, وَعَنْهُ: إنْ وَجَدَهُ فِي يَوْمِهِ, وَعَنْهُ: أَوْ مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ, حَلَّ وَإِلَّا فَلَا, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ غَابَ نَهَارًا حَلَّ, لَا لَيْلًا. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ اللَّيْلِ تَخَطُّفُ الْهَوَامِّ. وَمَتَى وَجَدَ بِهِ أَثَرًا آخَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَعَانَ فِي قَتْلِهِ حَرُمَ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَقُولُوا ظَنَّ كَسَهْمٍ مَسْمُومٍ, وَتَتَوَجَّهُ التَّسْوِيَةُ لِعَدَمِ الْفَرْقِ وَأَنَّ المراد ـــــــــــــــــــــــــــــQوالرواية الثانية: لا يحرم بل يباح قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ1: وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الصَّوَابُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ, وَاخْتَارَهُ فِي تَذْكِرَتِهِ, وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ لِكَوْنِهِ قَطَعَ بِهِ هُنَا فِي الْوَجِيزِ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3" مَسْأَلَةُ الذَّكَاةِ, وَهِيَ مَا إذَا ذَبَحَ حَيَوَانًا ثُمَّ غَرِقَ فِي مَاءٍ أَوْ تَرَدَّى مِنْ عُلُوٍّ أَوْ وَطِئَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَمَاتَ, وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَالْحُكْمِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا, عِنْدَ الْأَصْحَابِ, وقد علمت الصحيح من ذلك.
بِالظَّنِّ الِاحْتِمَالُ. وَإِنْ غَابَ قَبْلَ عَقْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ عَلَيْهِ فَفِي الْمُنْتَخَبِ أَنَّهَا كَذَلِكَ, وَهُوَ مَعْنَى الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: وَعَنْهُ: يَحْرُمُ, وَذَكَرَهَا فِي الْفُصُولِ, كما لو وجد سهمه أو كلبه ناحية, كذا قال, وتبعه في المحرر, وفيه نظر على ما ذكر هو وغيره من التسوية بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا عَلَى الْخِلَافِ "م 4" وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَحَنْبَلٍ حِلُّهُ, وَهُوَ مَعْنَى ما جزم به في الروضة. وَإِنْ ضَرَبَهُ فَأَبَانَ عُضْوًا وَبَقِيَتْ حَيَاةٌ مُعْتَبَرَةٌ حَرُمَ الْبَائِنُ, وَعَنْهُ: إنْ ذَكَّى حَلَّ كَبَقِيَّتِهِ, فَإِنْ كَانَ مِنْ حُوتٍ وَنَحْوِهِ حَلَّ, وَإِنْ بقي معلقا بجلده ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَإِنْ غَابَ قَبْلَ عَقْرِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ وَسَهْمُهُ أَوْ كَلْبُهُ عَلَيْهِ فَفِي الْمُنْتَخَبِ أَنَّهَا كَذَلِكَ, وَهُوَ مَعْنَى الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ. يَعْنِي مثل ما إذا رماه2 أَوْ عَقَرَهُ كَلْبُهُ وَعِلْمَ الْإِصَابَةَ ثُمَّ غَابَ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا, عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: وَعَنْهُ يَحْرُمُ هُنَا, وَذَكَرَهَا3 فِي الْفُصُولِ, كَمَا لَوْ وجد سهمه أو كلبه ناحية, كذا قال, وتبعه في المحرر, وفيه نظر على ما ذكر هو وغيره من التسوية بينها وبين التي قبلها على الخلاف," انتهى. وَمُلَخَّصُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا, وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ قَطَعَ بِعَدَمِ الْإِبَاحَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا غَابَ عَنْهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ ثُمَّ وَجَدَهُ عَقِيرًا وَحْدَهُ, وَالسَّهْمُ أَوْ الْكَلْبُ نَاحِيهِ, وَالصَّوَابُ التَّسْوِيَةُ, كَمَا قال المصنف وغيره. والله أعلم.
حَلَّ بِحِلِّهِ, وَإِنْ أَبَانَهُ وَمَاتَ إذَنْ حَلَّ, وَعَنْهُ: يَحِلُّ إلَّا الْبَائِنَ. وَيَحْرُمُ مَا قَتَلَهُ غَيْرَ مُحَدِّدٍ. كَبُنْدُقٍ وَحَجَرٍ وَشَبَكَةٍ وَفَخٍّ. قَالَ في المغني1: ولو شدخه, لأنه وقيذ. وَيَحِلُّ مَا قَتَلَهُ جَارِحٌ مُعَلَّمٌ جُرْحًا, وَعَنْهُ: وَصَدْمًا أَوْ خَنْقًا: اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ, إلَّا الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ, وَهُوَ مَا لَا بَيَاضَ فِيهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: لَا لَوْنَ فِيهِ غَيْرَ السَّوَادِ, فَيَحْرُمَ صَيْدُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, لِأَنَّهُ شَيْطَانٌ, فَهُوَ الْعِلَّةُ, وَالسَّوَادُ عَلَامَةٌ, كَمَا يُقَالُ: إذَا رَأَيْت صَاحِبَ السِّلَاحِ فَاقْتُلْهُ فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ, فَالْعِلَّةُ الرِّدَّةُ, وَنَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعْدٍ الْكَرَاهَةَ, وَعَنْهُ: وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِهِ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَيَاضٌ, جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 هُنَا, وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ, وَيَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ, فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهِ, وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ هُنَا, وَذَكَرَ الْأَكْثَرُ إبَاحَتَهُ, وَنَقَلَ مُوسَى بْنُ سَعِيدٍ: لَا بَأْسَ بِهِ, وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: يَحْرُمُ اقْتِنَاءُ الْخِنْزِيرِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ, وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِوُجُوبِ قَتْلِهِ, بَلْ نقل أَبُو طَالِبٍ: لَا بَأْسَ, وَاحْتَجَّ الْقَاضِي بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْقَتْلِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْيَدِ, وَيُبْطِلُ حُكْمَ الْفِعْلِ, وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعَقُورَ مِثْلُهُ إلَّا فِي قَطْعِ الصَّلَاةِ, وَهُوَ مُتَّجَهٌ, وَأَوْلَى, لِقَتْلِهِ3 فِي الْحَرَمِ, قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يَحْرُمُ تَرْكُهُ, قَوْلًا وَاحِدًا, وَيَجِبُ قَتْلُهُ لِيَدْفَعَ شَرَّهُ عَنْ النَّاسِ, وَدَعْوَى نَسْخِ القتل. مطلقا إلا المؤذي كقول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشَّافِعِيَّةِ دَعْوَى بِلَا بُرْهَانٍ, وَيُقَابِلُهُ قَتْلُ الْكُلِّ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ. ثُمَّ تَعْلِيمُ مَا لَهُ نَابٌ مِنْهُ كَفَهْدٍ وَكَلْبٍ, وَفِي الْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ: 1وَنَمِرٍ, بِأَنْ1 يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَنْزَجِرَ إذَا زُجِرَ. وَفِي الْمُغْنِي2: لَا فِي وَقْتِ رُؤْيَتِهِ لِلصَّيْدِ, وَإِذَا أَمْسَكَ لَمْ يَأْكُلْ, وَقِيلَ: وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ ثَلَاثًا فَيَحِلُّ فِي الرَّابِعَةِ, وَقِيلَ مَرَّتَيْنِ, وَاخْتَارَ3 فِي الْمُغْنِي4 أَنَّ غَيْرَ الْكَلْبِ بِتَرْكِهِ الْأَكْلَ أَوْ بِالْعُرْفِ, وَلَمْ يَذْكُرْ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ تَرْكَ الْأَكْلِ, فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَالْمَذْهَبُ تَحْرِيمُهُ, وَقِيلَ: حِينَ الصَّيْدِ, جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ, وقيل: قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مُضِيِّهِ, وَعَنْهُ: يُكْرَهُ مُطْلَقًا, وَعَنْهُ: يُبَاحُ كَصَيْدِهِ الْمُتَقَدِّمَ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَكَشُرْبِهِ مِنْ دَمِهِ, نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: مِنْ دَمِهِ الَّذِي جَرَى, وَلَا يَخْرُجُ بِأَكْلِهِ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا, وَفِيهِ احْتِمَالٌ. وَتَعْلِيمُ مَا لَهُ مِخْلَبٌ كَصَقْرٍ وَبَازٍ بِأَنْ يَسْتَرْسِلَ إذَا أُرْسِلَ وَيَرْجِعَ إذَا دُعِيَ. في وجوب غسل ما أصابه فم الكلب روايتان "م 5". الثَّالِثُ أَصْلُ الْفِعْلِ, وَإِرْسَالُ الْآلَةِ لِقَصْدِ صَيْدٍ, فَلَوْ سَقَطَ سَيْفٌ مِنْ يَدِهِ فَعَقَرَهُ أَوْ احْتَكَّتْ شَاةٌ بِشَفْرَةٍ فِي يَدِهِ لَمْ يَحِلَّ, وَكَذَا إنْ اسْتَرْسَلَ كَلْبٌ وَغَيْرُهُ بِنَفْسِهِ وَإِنْ زَجَرَهُ فَزَادَ فِي طَلَبِهِ, لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ الْآدَمِيِّ الْمُضَافِ إلَى فِعْلِ الْبَهِيمَةِ, كَمَا لَوْ عَدَا عَلَى آدَمِيٍّ فَأَغْرَاهُ عَلَيْهِ1 فَأَصَابَهُ ضَمِنَ, وعنه: أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَفِي وُجُوبِ غُسْلِ مَا أَصَابَهُ فم الكلب رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمْ, وَهُمَا وَجْهَانِ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ. "إحْدَاهُمَا" يَجِبُ غُسْلُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" لَا يَجِبُ غُسْلُهُ بَلْ يُعْفَى عَنْهُ صَحَّحَهُ فِي التصحيح المحرر, وجزم به في الوجيز.
أَرْسَلَهُ بِلَا تَسْمِيَةٍ ثُمَّ سَمَّى وَزَجَرَهُ فَزَادَ, قَطَعَ بِهِ فِي الْوَاضِحِ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, حَلَّ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ إنْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ فَزَجَرَهُ فَرِوَايَتَانِ. وَنَقَلَ حَرْبٌ: إنْ صَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ: لَا يُعْجِبُنِي, وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ اسْتَرْسَلَ الطَّائِرُ بِنَفْسِهِ فَصَادَ وَقَتَلَ حَلَّ, أَكَلَ مِنْهُ أَوْ لَا, بِخِلَافِ الْكَلْبِ. وَإِنْ رَمَى مَا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَقِيلَ: يَحِلُّ كَمَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَهُ, أَوْ هُوَ وَغَيْرَهُ, نَصَّ عليه, وقيل: لا "م 6" كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ, أَوْ ظنه أو علمه غير1 صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا, فِي الْمَنْصُوصِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ ظَنَّهُ آدَمِيًّا أَوْ صَيْدًا مُحَرَّمًا لَمْ يُبَحْ, وَكَذَا جَارِحٌ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِهِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إنْ أرسله لا سهمه إلى ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَإِنْ رَمَى مَا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَقِيلَ: يَحِلُّ,. وَقِيلَ: لَا", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. "أَحَدُهُمَا" لَا يَحِلُّ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ3 وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَحِلُّ, وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالْمُوَفَّقُ وَالنَّاظِمُ.
صَيْدٍ فَصَادَ غَيْرَهُ حَرُمَ, وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ, نَصَّ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَتْ التَّسْمِيَةُ1. وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يَثْبُتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ غَيْرِهِ, أَوْ وَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ بِحِجْرِهِ. وَفِي الْمُغْنِي2: لَا بِعَمَلِ صَيَّادٍ, أَوْ دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا, وَمِثْلُهُ إحْيَاءُ أَرْضٍ بِهَا كَنْزٌ, فَقِيلَ: يَمْلِكُ, كَنَصْبِ خَيْمَتِهِ وَفَتْحِ حُجْرَةٍ لِلْأَخْذِ وَعَمَلِ بِرْكَةٍ لِلسَّمَكِ فَوَقَعَ بِهَا وَشَبَكَةٍ وَشَرَكٍ3, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفَخٍّ وَمِنْجَلٍ وَحَبْسِ جَارِحٍ لَهُ وَبِإِلْجَائِهِ لِمَضِيقٍ لَا يَفْلِتُ مِنْهُ, وقيل: يملكه بأخذه, وقيله4. هو مباح "م 7 - 10" وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7 - 10 " "قَوْلُهُ": "وَمَنْ رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يُثْبِتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ5 غَيْرِهِ, أَوْ وَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ بِحِجْرِهِ, أَوْ دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ وَجَهِلَهَا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهَا, وَمِثْلُهُ إحْيَاءُ أَرْضٍ بِهَا كَنْزٌ, فَقِيلَ: يَمْلِكُ. بِأَخْذِهِ, وَقِيلَ: هُوَ مُبَاحٌ", انْتَهَى ذِكْرُ مَسَائِلَ: "الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 7" إذَا رَمَى صَيْدًا فَلَمْ يُثْبِتْهُ فَدَخَلَ خَيْمَةَ غَيْرِهِ فَهَلْ يَمْلِكُهُ مُطْلَقًا, أَوْ لَا يَمْلِكُهُ إلا بأخذه, أو هو مباح له أو6 لغيره؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهُمَا": يَمْلِكُهُ صَاحِبُ الْخَيْمَةِ مُطْلَقًا, قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: هَذَا الْمَذْهَبُ, انْتَهَى. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ: فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخَيْمَةِ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وغيرهم.
الترغيب: إنْ دَخَلَ الصَّيْدُ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بَابَهُ أَوْ بُرْجَهُ فَسَدَّ الْمَنَافِذَ أَوْ حَصَلَتْ السَّمَكَةُ فِي بِرْكَتِهِ فَسَدَّ مَجْرَى الْمَاءِ فَقِيلَ: يَمْلِكُهُ, وَقِيلَ: إن سهل تناوله منه, وإلا كمتحجر للإحياء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُقْنِعِ2 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ" هُوَ مُبَاحٌ لَهُ وَلِغَيْرِهِ, وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ, وَهَلْ الْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ. "الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8" لَوْ وَثَبَتْ سَمَكَةٌ فَوَقَعَتْ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ فَهَلْ يَمْلِكُهَا مُطْلَقًا, أَوْ يَأْخُذُهَا, أَوْ هِيَ مُبَاحَةٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: "أَحَدُهَا": يَمْلِكُهَا3, وَهُوَ الصَّحِيحُ, جَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ5 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِأَخْذِهَا. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ قَبْلَ أَخْذِهَا. "الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9" إذَا دَخَلَتْ ظَبْيَةٌ دَارِهِ فَأَغْلَقَ بابه وجهلها أو لم يقصد
وَيَحْتَمِلُ اعْتِبَارَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ بِغَلْقٍ وَسَدٍّ, فَعَلَى الأول ما يبنيه الناس من الأبرجة فتعشش1 بِهَا الطُّيُورُ يَمْلِكُونَ الْفِرَاخَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الطُّيُورُ مَمْلُوكَةً فَهِيَ لِأَرْبَابِهَا, نَهَى عَلَيْهِ, وَإِنْ حَصَلَ. أَوْ عَشَّشَ "بِأَرْضِهِ صَيْدٌ أَوْ طَائِرٌ لَمْ يَمْلِكْهُ نَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ" فِيمَنْ صَادَ مِنْ نَخْلَةٍ بِدَارِ قَوْمٍ فَهُوَ لَهُ, فَإِنْ رَمَاهُ بِبُنْدُقَةٍ فَوَقَعَ فِيهَا فَهُوَ لِأَهْلِهَا, كَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَمْلِكُهُ بِالتَّوَحُّلِ, وَيَمْلِكُ الْفِرَاخَ, فَخَرَجَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ, أَصَحُّهُمَا: يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْهُ فِي الْأُولَى فِي الْإِحْرَامِ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فعل يوجب ضمانا; لا2 لِأَنَّهُ مَا مَلَكَهُ, وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: مَنْ رَمَى صَيْدًا عَلَى شَجَرَةٍ فِي دَارِ قوم فحمل نفسه فسقط ـــــــــــــــــــــــــــــQتَمَلُّكَهَا, فَهَلْ يَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ, أَوْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَلُّكِهَا بِأَخْذِهِ وَنَحْوِهِ, أَوْ هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ, وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا, خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ. "الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ 10": لَوْ أَحْيَا أَرْضًا بِهَا كَنْزٌ, فَهَلْ يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ, أَوْ هُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ, أَطْلَقَ الْخِلَافَ. "أَحَدُهَا" لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِأَخْذِهِ "قُلْت": وَهُوَ الصَّوَابُ, لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يَمْلِكُهُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ, كَالْمَسَائِلِ الَّتِي قَبْلَهُ. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" هُوَ عَلَى الْإِبَاحَةِ, وَحِكَايَةُ الْمُصَنِّفِ هَذَا الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ الثَّانِي, وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مِلْكُ أَنْ يَتَمَلَّكَ فَلَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي, وَهُنَا لَا, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
خَارِجَ الدَّارِ فَهُوَ لَهُ, وَإِنْ سَقَطَ فِي دَارِهِمْ فَهُوَ لَهُمْ لِأَنَّهُ حَرِيمُهُمْ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لِغَيْرِهِ أَخْذُهُ, عَلَى الْأَصَحِّ, وَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لِلْمُؤَجَّرِ, وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ عَشَّشَ بِأَرْضِهِ نَحْلٌ مَلَكَهُ; لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِذَلِكَ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: إلَّا أَنْ يُعِدَّ حِجْرَهُ وَبِرْكَتَهُ وَأَرْضَهُ لَهُ, وَسَبَقَ كَلَامُهُمْ فِي زَكَاةِ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُبَاحِ أَوْ مِنْ أَرْضِهِ وَقُلْنَا لَا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ اكْتِفَاءً بِمِلْكِهِ وَقْتَ الْأَخْذِ, كَالْعَسَلِ, وهو1 كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ النَّحْلَ لَا يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَرْضِ 2وَإِلَّا لَمُلِكَ2 الْعَسَلُ, وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي الزَّكَاةِ: سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْ أَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ, وَإِنْ أَثْبَتَهُ مَلَكَهُ, فَلَوْ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ حَرُمَ, لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إنْ أَصَابَاهُ جَمِيعًا فَذَكَّيَاهُ جَمِيعًا حَلَّ, وَإِنْ ذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا فَلَا. وَفِي الْخِلَافِ: يَحِلُّ, وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَإِنْ رَمَاهُ آخَرُ حَلَّ إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ, أَوْ الْأَوَّلَ مَقْتَلَهُ, وَإِلَّا فَلَا, وَفِي حِلِّهِ احْتِمَالٌ فِي الْوَاضِحِ, وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَصَابَ مَذْبَحَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمَذْبَحَ لَمْ يَحِلَّ, وَإِنْ قَصْدَهُ فَهُوَ ذَبْحٌ مِلْكُ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ يَحِلُّ عَلَى الصَّحِيحِ, مَأْخَذُهُمَا: هَلْ يَكْفِي قَصْدُ الذَّبْحِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْإِحْلَالِ؟ وإن أوحاه بعد إيحاء الأول فالروايتان ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْحَاهُ بَعْدَ إيحَاءِ الْأَوَّلِ فَالرِّوَايَتَانِ, انْتَهَى لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِمَا اللَّتَيْنِ فِيمَا إذَا أَوْحَاهُ وَوَقَعَ فِي مَاءٍ, وَقَدْ تَقَدَّمَ الصحيح منهما أول الباب3, ويحتمل أنه
وَمَتَى حَلَّ ضَمِنَ الثَّانِي مَا خَرَقَ مِنْ جِلْدِهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: مَا نَقَصَ بِذَبْحِهِ, كَشَاةِ الْغَيْرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَا بَيْنَ بِكَوْنِهِ حَيًّا مَجْرُوحًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَذْبُوحًا, وَإِلَّا قِيمَتُهُ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ, فَإِنْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ فمات فهل يضمنه الثاني كذلك1, أو نصف قِيمَتِهِ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ, أَوْ بِالْجُرْحَيْنِ مَعَ أَرْشِ جُرْحِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ "م 11". فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشْرَةً فَنَقَصَهُ كُلُّ جُرْحٍ عَشْرًا لَزِمَهُ عَلَى الأول تسعة, وعلى الثَّانِي أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ, 2وَهُوَ أَوْلَى2, وَعَلَى الثَّالِثِ خمسة, ـــــــــــــــــــــــــــــQأَرَادَ مَا إذَا رَمَاهُ فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ فَقَتَلَهُ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا رِوَايَةُ ابْنِ الْحَكَمِ الْمُتَقَدِّمَةُ قَرِيبًا, وَقَدَّمَ فِي هَذِهِ التَّحْرِيمَ. "مَسْأَلَةٌ 11" قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَدْرَكَ الْأَوَّلُ ذَكَاتَهُ فَلَمْ يُذَكِّهِ فمات فهل يضمنه الثاني كذلك, أو نصف قِيمَتِهِ بِجُرْحِ الْأَوَّلِ, أَوْ بِالْجُرْحَيْنِ مَعَ أَرْشِ جُرْحِهِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهَا3 فِي الْمُحَرَّرِ والزركشي.
فَلَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ شَاةً لِلْغَيْرِ وَلَمْ يوحياه وسريا تعين الأخيران ولزم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"إحْدَاهُمَا"1 يَضْمَنُ الثَّانِي قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ, وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: كَذَلِكَ, يَعْنِي كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ المحرر, وقدمه في الرعايتين والحاويين. وَالْقَوْلُ الثَّانِي": يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ, اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ, قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّمْثِيلِ: وَهُوَ أَوْلَى. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ": اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا, بِالْجُرْحَيْنِ, مَعَ أَرْشِ مَا نَقَصَهُ بِجُرْحِهِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. "تَنْبِيهَاتٌ"2: "الْأَوَّلُ" قَوْلُهُ: "فَلَوْ كَانَ عبدا أو شاة للغير ولم يوحياه وسريا تَعَيَّنَ الْأَخِيرَانِ", انْتَهَى. يَعْنِي الْقَوْلَيْنِ الْآخَرَيْنِ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا, وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا مَا اخْتَارَهُ المجد والمصنف.
الثَّانِي عَلَيْهِمَا ذَلِكَ, وَكَذَا الْأَوَّلُ عَلَى الثَّالِثِ, وَعَلَى الثَّانِي بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ سَلِيمًا, وَإِنْ أَصَابَاهُ مَعًا حَلَّ, وَهُوَ بَيْنَهُمَا, كَذَبْحِهِ مُشْتَرِكَيْنِ, وَكَذَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ وَوَجَدَاهُ مَيِّتًا وَجَهِلَ قَاتِلَهُ, فَإِنْ قَالَ الْأَوَّلُ: أَنَا أَثْبَتُّهُ ثُمَّ قَتَلْته أَنْتَ فَتَضْمَنُهُ لَمْ يَحِلَّ, لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَحْرِيمِهِ, وَيَتَحَالَفَانِ وَلَا ضَمَانَ, فَإِنْ قَالَ لَمْ تُثْبِتْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ, لِأَنَّ الْأَصْلَ الِامْتِنَاعُ, ذَكَرَ ذَلِكَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ"الثَّانِي" مَا بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ إطْلَاقِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَالْوَجْهَيْنِ فَمِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ, لِأَنَّهُ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَهُ الْمُصَنِّفُ, وَاَللَّهُ أعلم
فِي الْمُنْتَخَبِ وَفِي التَّرْغِيبِ: مَتَى تَشَاقَّا فِي إصَابَتِهِ وَصِفَتِهَا أَوْ احْتَمَلَ أَنَّ إثْبَاتَهُ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ1 فَهُوَ بَيْنَهُمَا. وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ انْفَرَدَ أَثْبَتَهُ2 وَحْدَهُ فَهُوَ لَهُ, وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُوحٍ وَاحْتَمَلَ الْآخَرُ احْتَمَلَ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا, وَاحْتَمَلَ أَنَّ نِصْفَهُ لِلْمُوحِي وَنِصْفَهُ الْآخَرَ بَيْنَهُمَا, وَلَوْ وُجِدَ مُثْبَتًا مُوحِيًا وَتَرَتَّبَا وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْهُمَا حَرُمَ, وَإِنْ ثَبَتَ بِهِمَا لَكِنْ عَقِبَ الثَّانِي وترتبا فهل هو للثاني أو بينهما؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ, وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إنْ أَصَابَاهُ جَمِيعًا فَذَكَّيَاهُ جَمِيعًا حَلَّ, وَإِنْ ذَكَّاهُ أَحَدُهُمَا فَلَا. وَمَنْ وَقَعَ فِي شَبَكَتِهِ صَيْدٌ فَذَهَبَ بِهَا مُمْتَنِعًا فَهُوَ لِصَائِدِهِ ثَانِيًا, نَصَّ عَلَيْهِ. وَتَحِلُّ الطَّرِيدَةُ وَهِيَ الصَّيْدُ بَيْنَ قَوْمٍ يَأْخُذُونَهُ قَطْعًا, وَكَذَا النَّادُّ3, نَصَّ عَلَيْهِ, وَيُكْرَهُ الصَّيْدُ بشباش4 وَمِنْ وَكْرِهِ لَا بِلَيْلٍ, وَلَا فَرْخَ من وكره, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا بِمَا يُسْكِرُ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَإِنْ "دَعَوَا الطَّيْرَ عَلَى وَكْرِهَا"1 إنَّمَا هُوَ لِلطِّيَرَةِ لَا لِلصَّيْدِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَا يُكْرَهُ مِنْ وَكْرِهِ وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ كَرَاهَتَهُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُكْرَهُ بِلَيْلٍ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ2 حَدِيثَ الَّذِي صَادَ الْفِرَاخَ مِنْ وَكْرِهَا, وَأَنَّ أُمَّهُنَّ جَاءَتْ فَلَزِمَتْهُنَّ حَتَّى صَادَهَا, وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَمَرَ بِإِطْلَاقِهِنَّ. وَلَا بَأْسَ بِشَبَكَةٍ وَفَخٍّ وَدَبْقٍ3. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَكُلُّ حِيلَةٍ, وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُكْرَهُ بِمُثْقَلٍ كَبُنْدُقٍ, وَكَذَا كَرِهَ شَيْخُنَا الرَّمْيَ مُطْلَقًا, لِنَهْيِ عُثْمَانَ4, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ وَغَيْرُهُ: لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْبُنْدُقِ يُرْمَى بِهَا الصَّيْدُ لَا للعبث, وأطلق ابن هبيرة أنه معصية. ويحرم صيد سمك وغيره بنجاسة, نقله الأكثر, وَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِمْ بِالسُّلْطَانِ, وَعَنْهُ يُكْرَهُ, اخْتَارَهُ الأكثر وفي المبهج فيه وبمحرم روايتان5, ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ" قَوْلُهُ: "وَيَحْرُمُ صَيْدُ سَمَكٍ وَغَيْرِهِ بِنَجَاسَةٍ, نَقَلَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ يُكْرَهُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ", انْتَهَى.
وَلَوْ مَنَعَهُ الْمَاءُ حَتَّى صَادَهُ حَلَّ أَكْلُهُ, نَقَلَهُ أَبُو دَاوُد, قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيَحْرُمُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُصَادُ الْحَمَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَحْشِيًّا, وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ صَيْدٍ1 بِعِتْقِهِ أَوْ إرْسَالِهِ, كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ, 2كَانْفِلَاتِهِ, أَوْ نَدَّ أَيَّامًا ثُمَّ2 صَادَهُ آخَرُ. نَصَّ عَلَيْهِ, وقيل: يزول فيملكه آخذه, كنحو كسر3 أَعْرِضَ عَنْهُ4 فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ. قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ: الْعِتْقُ إحْدَاثُ قُوَّةٍ تُصَادِفُ الرِّقَّ, وَهُوَ ضَعِيفٌ شَرْعِيٌّ يَقُومُ بِالْمَحِلِّ فَيَمْنَعَهُ عَنْ دَفْعِ يَدِ الِاسْتِيلَاءِ عَنْهُ, 5وَالرِّقُّ غَيْرُ الْمَالِيَّةِ5, وَلِهَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: الْحَرْبِيُّ رَقِيقٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا, وَالرِّقُّ سَابِقٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ, فَهُوَ مُتَعَلِّقُهَا وَالْمَحَلُّ غير الحال فيه. قال ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQقَدَّمَ التَّحْرِيمَ, وَنَصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ أَرَ لَهُ مُتَابِعًا, لَكِنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يَحْتَمِلُهُ, وَالْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ7 وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ الْمَشْهُورُ.
عَقِيلٍ: وَلَا يَجُوزُ أَعْتَقْتُك فِي حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ, لِأَنَّهُ فِعْلُ الْجَاهِلِيَّةِ "وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الأيمان
كتاب الأيمان مدخل * ... كِتَابُ الْأَيْمَانِ الْيَمِينُ الْمُوجِبَةُ لِلْكَفَّارَةِ بِشَرْطِ الْحِنْثِ, بِاَللَّهِ أَوْ بِصِفَةٍ لَهُ, كَوَجْهِ اللَّهِ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَظَمَتِهِ, وَعِزَّتِهِ, وَإِرَادَتِهِ, وَقُدْرَتِهِ, وَعِلْمِهِ, وَالْمَنْصُوصُ: وَلَوْ نَوَى مَقْدُورَهُ وَمَعْلُومَهُ, وَكَذَا نِيَّةَ مُرَادِهِ أَوْ بِاسْمٍ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ نَحْوَ وَاَللَّهِ وَالْقَدِيمِ الْأَزَلِيِّ, وَخَالِقِ الْخَلْقِ, وَرَازِقٍ أَوْ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَإِنْ قَالَ: وَالرَّحِيمِ وَالْقَادِرِ, وَالْعَظِيمِ وَالْمَوْلَى وَنَحْوُهُ, وَنَوَى بِهِ اللَّهَ, أَوْ أَطْلَقَ فَيَمِينٌ, وَإِلَّا فَلَا, وَكَذَا الرَّبُّ وَالْخَالِقُ وَالرَّازِقُ, وَخَرَّجَهَا فِي التَّعْلِيقِ عَلَى رِوَايَتَيْ أَقْسَمَ, وَقِيلَ: يَمِينٌ مُطْلَقًا, كَالرَّحْمَنِ, فِي الْأَصَحِّ, وَمَا لَا يَنْصَرِفُ إطْلَاقُهُ إلَيْهِ, وَيَحْتَمِلُهُ كَالْحَيِّ وَالْمَوْجُودِ وَالشَّيْءِ, فَإِنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ فَيَمِينٌ, خِلَافًا لِلْقَاضِي, وإلا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَحَرْفُ الْقَسَمِ الْبَاءُ يَلِيَهَا مُظْهَرٌ وَمُضْمَرٌ, وَالْوَاوُ يَلِيَهَا مُظْهَرٌ, وَالتَّاءُ وَحْدَهَا تَخْتَصُّ اسْمَ اللَّهِ. "وَفِي الْمُغْنِي1 احْتِمَالٌ فِي تَاللَّهِ لَأَقُومَنَّ يَقْبَلُ بِنِيَّةِ أَنَّ قِيَامَهُ بِمَعُونَةِ اللَّهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ. إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَثِقُ ثُمَّ ابْتَدَأَ لَأَفْعَلَنَّ احتمل وجهين باطنا, ويتوجه أنه كطلاق",والله أعلم. وَلَهُ الْقَسَمُ بِغَيْرِ حَرْفِهِ فَيَقُولُ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِجَرٍّ وَنَصْبٍ فَإِنْ نَصَبَهُ بِوَاوٍ أَوْ رَفَعَهُ معها, أو دونها فيمين إلا أن2 يريدها عربي وَقِيلَ: أَوْ عَامِّيٌّ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ مَعَ رَفْعِهِ. قَالَ الْقَاضِي فِي الْقَسَامَةِ: لَوْ تَعَمَّدَهُ لَمْ يَضُرَّ. لِأَنَّهُ لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْأَحْكَامُ تَتَعَلَّقُ بِمَا أَرَادَهُ النَّاسُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَلْحُونَةِ, كَقَوْلِهِ: حَلَفْت بِاَللَّهِ رَفْعًا وَنَصْبًا, وَاَللَّهِ بِأَصُومَ أَوْ بِأُصَلِّي وَنَحْوِهِ, وَكَقَوْلِ الْكَافِرِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الثَّانِي, وَأَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ, وَأَعْتَقْت سَالِمَ وَنَحْوِ, ذَلِكَ وَأَنَّ مَنْ رَامَ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَةِ قَوْمٍ بِعَيْنِهِمْ فَقَدْ رَامَ مَا لَا يُمْكِنُ عَقْلًا وَلَا يَصْلُحُ شَرْعًا. وَهَاءُ اللَّهِ يَمِينٌ بِالنِّيَّةِ وهي في المستوعب حرف قسم,. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "فَإِنْ نَصَبَهُ بِوَاوٍ أَوْ رَفَعَهُ مَعَهَا وَدُونَهَا فَيَمِينٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَهَا عَرَبِيٌّ, كَذَا فِي النُّسَخِ, وَصَوَابُهُ إلَّا أَنْ لَا يريدها بزيادة لا".
وَيُجَابُ الْإِيجَابُ بِأَنْ خَفِيفَةٍ1 وَثَقِيلَةٍ وَبِلَامٍ وَبِنُونَيْ تَوْكِيدٍ وَبِقَدْ وَالنَّفْيِ بِمَا وَإِنْ بِمَعْنَاهَا وَبِلَا وَتُحْذَفُ لَا لَفْظًا نَحْوَ وَاَللَّهِ أَفْعَلُ. وَإِنْ قَالَ: وَالْعَهْدِ, وَالْمِيثَاقِ, وَالْجَلَالِ, وَالْعَظَمَةِ, وَالْأَمَانَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَنَوَى صِفَةَ اللَّهِ, وَعَنْهُ: أَوْ أَطْلَقَ فَيَمِينٌ, كَإِضَافَتِهِ إلَيْهِ, نَحْوَ: وَعَهْدِ اللَّهِ وَحَقِّهِ, وَذَكَر ابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ فِي: عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ, وَإِنْ قَالَ: وَاَيْمُ اللَّهِ, أَوْ لَعَمْرُ اللَّهِ, فَيَمِينٌ, وَعَنْهُ: بِالنِّيَّةِ, وَإِنْ قَالَ: حَلَفْت بِاَللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَمِينٌ, وَعَنْهُ بِالنِّيَّةِ, كَمَا لَوْ لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ أَوْ نَوَى خَيْرًا, وَعَنْهُ فِيهِمَا يُكَفِّرُ, نَصْرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ, وَكَذَا لَفْظُ الْقَسَمِ وَالشَّهَادَةِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالْعَزْمُ. وَفِي الْمُغْنِي2 عَزَمْت, وَأَعْزِمُ لَيْسَ يَمِينًا ولو نوى, لأنه لا شرع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا لُغَةَ وَلَا فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ نَوَى. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ, وَقَسَمًا بِاَللَّهِ يَمِينٌ تَقْدِيرُهُ أَقْسَمْت قَسَمًا, وَكَذَا أَلِيَّةُ بِاَللَّهِ. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ يَمِينٌ فَقِيلَ: يَمِينٌ, وَقِيلَ: بِالنِّيَّةِ, وَعِنْدَ الشَّيْخِ: لَا "م 1" وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا تَخْرِيجٌ إنْ زَادَ: إنْ فَعَلْت كَذَا, وَفَعَلَهُ, وَتَخْرِيجُ لَأَفْعَلُهُنَّ. قَالَ شَيْخُنَا: هَذِهِ لَامُ الْقَسَمِ, فَلَا تُذْكَرُ إلَّا مَعَهُ مُظْهَرًا أَوْ مقدرا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1" قَوْلُهُ: "وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ, فَقِيلَ: يَمِينٌ, وَقِيلَ: بِالنِّيَّةِ, وَعِنْد الشَّيْخِ لَا", انْتَهَى. "أَحَدُهَا" "عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ مُطْلَقًا, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُقْنِعِ, فَقَالَ: قَالَ أَصْحَابُنَا عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ", انْتَهَى. "قُلْت" وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ1 وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. "وَالْقَوْلُ الثَّانِي" يَكُونُ يَمِينًا بِالنِّيَّةِ, جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى, وَقَدَّمَهُ فِي الْكُبْرَى. "وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ" لَا يَكُونُ يَمِينًا مُطْلَقًا, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ, فَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3: وَإِنْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ وَنَوَى الْخَيْرَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ, عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ, وَإِنْ نَوَى الْقَسَمَ فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ هِيَ يَمِينٌ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ يَمِينًا, وَهَذَا أَصَحُّ, وَقَطَعَ بِهِ الْأَخِيرُ فِي الْكَافِي3, وَهُوَ الصَّوَابُ. "تَنْبِيهٌ" الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُطْلَقَ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ يَمِينًا أَوْ لا, أما القول بأنه
وَإِنْ حَلَفَ بِكَلَامِ اللَّهِ, أَوْ الْمُصْحَفِ, أَوْ الْقُرْآنِ, أَوْ آيَةٍ فَكَفَّارَةٌ, وَمَنْصُوصُهُ: بِكُلِّ آيَةٍ إنْ قَدَرَ, وَعَنْهُ: أَوْ لَا. وَفِي الْفُصُولِ وَجْهٌ: بِكُلِّ حَرْفٍ. وَفِي الرَّوْضَةِ: أَمَّا بِالْمُصْحَفِ فكفارة واحدة, رواية واحدة.
فصل: ويحرم الحلف بغير الله,
فَصْلٌ: وَيَحْرُمُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ, وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ: لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا1. قَالَ شَيْخُنَا: لِأَنَّ حَسَنَةَ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ مِنْ حَسَنَةِ الصِّدْقِ, وَسَيِّئَةَ الْكَذِبِ أَسْهَلُ مِنْ سَيِّئَةِ الشِّرْكِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ وَلَا كَفَّارَةَ, وَقِيلَ: وَخَلْقُ اللَّهِ وَرِزْقُهُ يَمِينٌ, فَنِيَّةُ مَخْلُوقِهِ وَمَرْزُوقِهِ كَمَقْدُورِهِ, وَعَنْهُ: يَجُوزُ. وَتَلْزَمُ حَالِفًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَالْتَزَمَ ابْنُ عَقِيلٍ, ونبي غيره, ـــــــــــــــــــــــــــــQيَمِينٌ بِالنِّيَّةِ فَلَيْسَ هُوَ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ, وَلَكِنْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَمِينٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ أَمْ لَا, وَقَدَّمَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ
وَأَنَّ مَعْلُومَهُ يَمِينٌ لِدُخُولِ صِفَاتِهِ. قِيلَ لِأَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ شَيْءٍ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ, لِمَ لَا يَكْرَهُ؟ لَا يُحْلَفُ إلَّا بِاَللَّهِ. وَفِي تَحْرِيمِهِ وجهان "م 2". واختار شيخنا التحريم وتعزيره "وم" وَاخْتَارَ فِي مَوْضِعٍ لَا يُكْرَهُ, وَأَنَّهُ قَوْلُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا, لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِمَخْلُوقٍ, وَلَمْ يَلْتَزِمْ لِغَيْرِ اللَّهِ شَيْئًا, وَإِنَّمَا الْتَزَمَ لِلَّهِ كَمَا يَلْتَزِمُ بِالنَّذْرِ, وَالِالْتِزَامُ لِلَّهِ أَبْلُغُ مِنْ الِالْتِزَامِ بِهِ, بِدَلِيلِ النَّذْرِ لَهُ وَالْيَمِينِ بِهِ, وَلِهَذَا لَمْ يُنْكِرْ الصَّحَابَةُ عَلَى مَنْ حَلَفَ بِذَلِكَ, كَمَا أَنْكَرُوا عَلَى مَنْ حَلَفَ بِالْكَعْبَةِ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَحَنِثَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُوقِعَهُ أَوْ يكفر كحلفه بالله ليوقعنه, وذكر أَنَّ الطَّلَاقَ يَلْزَمُنِي وَنَحْوَهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَالْأُمَمِ وَالْفُقَهَاءِ وَخَرَّجَهُ عَلَى نُصُوصٍ لِأَحْمَدَ وَهُوَ خِلَافُ صَرِيحِهَا, وَذَكَر أَنَّهُ إنْ حَلَفَ بِهِ نَحْوَ: الطَّلَاقُ لِي لَازِمٌ وَنَوَى النَّذْرَ كَفَّرَ, عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ, ضمنها يمينا بالله وعتقا وطلاقا وصدقة ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2" قَوْلُهُ: "وَفِي تَحْرِيمِهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. يَعْنِي الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ. "أَحَدُهُمَا" يَحْرُمُ, اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: وَيُعَزَّرُ, وَفِيهِ قُوَّةٌ, لَا سِيَّمَا فِي الطَّلَاقِ, وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ, وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ, وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ غَيْرِ واحد من أصحابنا, وهو الصواب.
مَالٍ وَقِيلَ: وَحَجًّا, فَمَنْ قَالَ: أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي, وَلَا نِيَّةَ فَلَغْوٌ, وَإِنْ نَوَاهَا وَقِيلَ وَلَوْ جَهِلَهَا لَزِمَتْهُ: وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ, وَقِيلَ: وَصَدَقَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ عَلِمَهَا لَزِمَهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ. وَأَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَيَمِينٌ بِاَللَّهِ, بِنِيَّةِ ذَلِكَ, فَفِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الْوَجْهَانِ, وَيَتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ مَا تَقَدَّمَ, وَأَلْزَمَ الْقَاضِي الْحَالِفَ بِالْكُلِّ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ. وَمَنْ حَلَفَ بِأَحَدِهَا فَقَالَ آخَرُ يَمِينِي فِي يَمِينِكَ فِي يَمِينِكَ أَوْ عَلَيْهَا أو مثلها ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَنْوِي الْتِزَامَ مِثْلِهَا لَزِمَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ فِي طَلَاقٍ وَفِي الْمُكَفِّرَةِ الْمُكَفِّرَةُ الْوَجْهَانِ. قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا أَنَا مَعَكَ, يَنْوِي فِي يَمِينِهِ, وَمَنْ حَلَفَ بِكُفْرِهِ, كَقَوْلِهِ هُوَ كَافِرٌ أَوْ أَكْفُرُ بِاَللَّهِ أَوْ بَرِئَ مِنْ الْإِسْلَامِ, أَوْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ يَسْتَحِلُّ الزِّنَا أَوْ تَرْكَ الصَّلَاةَ, أَوْ لَا يَرَاهُ اللَّهُ بموضع كذا ونحو ذلك منجزا أو معلقا. وفي الانتصار: و1الطاغوت لَأَفْعَلَنَّهُ, لِتَعْظِيمِهِ لَهُ, مَعْنَاهُ: عَظَّمْته إنْ فَعَلْته وَفَعَلَهُ لَمْ يُكَفِّرْ, وَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ, بِخِلَافِ: هُوَ فَاسِقٌ إنْ فَعَلَهُ, لِإِبَاحَتِهِ فِي حَالٍّ, وَعَنْهُ: لَا كَفَّارَةَ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ, وَكَذَا عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَحْدَهُ: مَحَوْت الْمُصْحَفَ, لِإِسْقَاطِهِ حَرَّمْته, وَكَذَا عِنْدَهُ: عَصَيْت اللَّهَ فِي كُلِّ مَا أَمَرَنِي, وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَإِنْ قَالَ: لَعَمْرِي, أَوْ قَطَعَ اللَّهُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ, أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ, فَلَغْوٌ. نَصَّ عَلَيْهِ, وَلَا يَلْزَمُهُ إبْرَارُ قَسَمٍ, فِي الْأَصَحِّ. كَإِجَابَةِ سُؤَالٍ بِاَللَّهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مُعِينٍ, فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ سائل يقسم على الناس, ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَبَقَ فِي الزَّكَاةِ1. وَإِنْ قَالَ: بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ, فَيَمِينٌ. وَفِي الْمُغْنِي2: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ, وَأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ, وَيَتَوَجَّهُ فِي إطْلَاقِهِ وجهان "م 3" ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 3" قَوْلُهُ: "وَأَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ, يَعْمَلُ بِنِيَّتِهِ, ويتوجه في إطلاقه
وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ, وَحُكِيَ عَنْهُ: عَلَى الْمُحْنِثِ, وَرَوَى مَا يَدُلُّ عَلَى إجَابَةِ مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ, فَرَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ1 وَقَالَ حَسَنٌ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجْهَانِ", انْتَهَى. "قُلْت": الصَّوَابُ عَدَمُ انْعِقَادِ الْيَمِينِ مع الإطلاق.
غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "وَأُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ"؟ قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: "الَّذِي يُسْأَلُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْطِي بِهِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ لَهُ طَرِيقَانِ, فِي أَحَدِهِمَا ابْنُ لَهِيعَةَ, وَالْأُخْرَى جَيِّدَةٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد1 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ "وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْطُوهُ" وَفِي لَفْظٍ "مَنْ سَأَلَكُمْ بِاَللَّهِ فَأَعْطُوهُ" وَلَهُ2 مِثْلُهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ, وَفِيهِمَا: "وَمَنْ اسْتَعَاذَكُمْ بِاَللَّهِ فَأَعِيذُوهُ" وَهُمَا حَدِيثَانِ جَيِّدَانِ, وَلَهُ3 مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ "لَا تَسْأَلْ بوجه الله إلا الجنة" من رواية ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ هُوَ ابْنُ قَرْمٍ1, ضَعَّفَهُ غير أحمد وابن عدي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ويشترط لليمين المنعقدة قصد عقدها على مستقبل,
فصل: وَيَشْتَرِطُ لِلْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَة قَصْدُ عَقْدِهَا عَلَى مُسْتَقْبَلٍ, وَتَقَدَّمَ الْمُسْتَحِيلُ فِي طَلَاقِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَالِمًا كَذِبَهُ فَغَمُوسٌ, وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ وَيَأْثَمُ, كَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَظِهَارٌ وَحَرَامٌ وَنَذْرٌ, فَيُكَفِّرَ كَاذِبٌ فِي لِعَانِهِ, ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَاحْتَجَّ غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى عَدَمِ التَّكْفِيرِ بِقَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} [آل عمران: 77] الْآيَةَ, فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ الْجَزَاءَ غَيْرُ هَذَا وَإِنَّ الْكَفَّارَاتِ تُمَحِّصُ هَذَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَنْ قَالَ يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ, قَالَ يُكَفِّرُ الْغَمُوسُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا, وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ, أَوْ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهِ مَا الْتَزَمَهُ, فَالْمَاضِي أَوْلَى. وَأَمَّا مَنْ قَالَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ بِاَللَّهِ لَا تُكَفَّرُ, وَأَنَّ الْيَمِينَ بِالنَّذْرِ وَالْكُفْرِ وَغَيْرِهِمَا يُكَفَّرُ, فَلَهُمْ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِذَلِكَ قولان:
أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ نَذْرٍ وَكُفْرٍ, وَغَيْرُهُمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَبَعْضُ الْحَنْبَلِيَّةِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ: يَعْنِي الْحَنَفِيَّ فِي الْحَلِفِ بِالْكُفْرِ, وَقَالَهُ جَدُّنَا أَبُو الْبَرَكَاتِ فِي الْحَلِفِ بِالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ, وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ" 1. وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إلَّا إذَا كَانَ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْتَقْبِلِ; لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْأَيْمَانِ لَمْ يَقْصِدْ أَنْ يَصِيرَ كَافِرًا وَلَا نَاذِرًا وَلَا مُطَلِّقًا وَلَا مُعْتِقًا, لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصْدُهُ فِي الْمَاضِي الْخَبَرِ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّكْذِيبُ, وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ كَمَا يَقْصِدُ الْحَظَّ أَوْ الْمَنْعَ فِي الْأَمْرِ أَوْ النَّهْيَ, وَأَكَّدَهُ بِالْيَمِينِ, فَكَمَا قَالُوا يَجِبُ الْفَرْقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَيْنَ مَنْ قَصْدُهُ الْيَمِينَ وَقَصْدُهُ الْإِيقَاعَ, وَأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَلْتَزِمُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ, وَالْمَوْقِعُ يَلْتَزِمُ مَا يُرِيدُ وُقُوعَهُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ, فَهَذَا الْفَرْقُ مَوْجُودٌ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى الْمَاضِي, فَإِنَّهُ تَارَةً يَقْصِدُ الْيَمِينَ, وَتَارَةً يَقْصِدُ الْإِيقَاعَ, فَالْحَالِفُ يَكْرَهُ لُزُومَ الْجَزَاءِ, وَإِنْ حَنِثَ صَدَقَ أَوْ كَذَبَ لَمْ يَقْصِدْ إيقَاعَ مَا الْتَزَمَهُ إذَا كَذَبَ, كَمَا لَمْ يَقْصِدْ فِي الْحَظِّ وَالْمَنْعِ وَالشَّارِعُ لَمْ يَجْعَلْ مَنْ الْتَزَمَ شَيْئًا يَلْزَمُهُ, سَوَاءٌ بَرَّ أَوْ فَجَرَ, وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ بِالْيَمِينِ الْغَمُوسِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ نَفْيَ حُرْمَةِ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ, لَكِنْ فَعَلَ كَبِيرَةً مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّهَا كَبِيرَةً, وَالْقَوْلُ فِي الْخَبَرِ كَنَظَائِرِهِ كُفْرٌ دُونَ كفر, وقد يجتمع في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْإِنْسَانِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ. وَإِنْ عَقَدَهَا عَلَى مَاضٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: أَوْ مُسْتَقْبَلٍ ظَانًّا صِدْقَهُ فَلَمْ يَكُنْ, كَمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ يَظُنُّ أَنَّهُ يُعْطِيهِ فَلَمْ يَفْعَلْ, أَوْ ظَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ خِلَافَ نِيَّةِ الْحَالِفِ وَنَحْوَ ذَلِكَ, وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ كَمَنْ ظَنَّ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ امْرَأَتُهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَعَارَضُ فِيهِ التَّعْيِينُ الظَّاهِرُ وَالْقَصْدُ, فَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مُقِرًّا بِمَا وَقَعَ أَوْ مُؤَكِّدًا لَهُ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ كَانَ مَنْسِيًّا, فَقَدْ أَوْقَعَهُ بِمَنْ يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً, فَالْخِلَافُ قَالَهُ شَيْخُنَا, وَمِثْلُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْمُقْبِلَ زَيْدٌ أَوْ مَا كَانَ أَوْ كَانَ كَذَا فَكَمَنْ فَعَلَ مُسْتَقْبَلًا نَاسِيًا وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِحِنْثِهِ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ, زَادَ فِي التَّبْصِرَةِ مِثْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ بعدها. وَكُلُّ يَمِينٍ مُكَفَّرَةٌ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ, قَالَ شَيْخُنَا: حَتَّى عِتْقٌ وَطَلَاقٌ وَأَنَّ هَلْ فِيهِمَا لَغْوٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَمُرَادُهُ مَا سَبَقَ, وَإِنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهَا لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ; فَلَا كَفَّارَةَ, عَلَى الأصح, وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِي الْمَاضِي, وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَوْ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ "م 4" وَقِيلَ: هُمَا. قَالَتْ عَائِشَةُ "أَيْمَانُ اللَّغْوِ مَا كَانَ فِي الْمِرَاءِ وَالْهَزْلِ وَالْمُزَاحَةِ وَالْحَدِيثِ الَّذِي لَا يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْقَلْبُ", وَأَيْمَانُ الْكَفَّارَةِ كُلُّ يَمِينٍ حَلَفَ عليها على حد مِنْ الْأَمْرِ فِي غَضَبٍ أَوْ غَيْرِهِ1 إسْنَادُهُ جَيِّدٌ, احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا, وَذَكَر أَحْمَدُ أَوَّلَهُ فِيمَا خَرَّجَهُ فِي مَحْبِسِهِ. وَمَنْ قَالَ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا, وَعَنْهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَمَعَ فَصْلٍ يَسِيرٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ, وَعَنْهُ: وَفِي الْمَجْلِسِ, وَهُوَ فِي الْإِرْشَادِ2 عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا, وَفِي الْمُبْهِجِ: وَلَوْ تَكَلَّمَ, قَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْجَزَاءِ أَوْ أَخَّرَهُ, فَعَلَ أَوْ تَرَكَ, لَمْ تَلْزَمْهُ كَفَّارَةٌ قال أحمد: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4" قَوْلُهُ: "وَهَلْ هِيَ لَغْوُ الْيَمِينِ أَوْ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَهَا, فِيهِ رِوَايَتَانِ", انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ قَوْلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ أَوْ هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ, وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ. "إحْدَاهُمَا": هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَظُنُّهُ فَيُبَيَّنُ بِخِلَافِهِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ3, وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. "وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ" هُوَ قَوْلُهُ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ وَنَحْوِهِ إذَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَقْصِدْهُ, وَهُوَ الصَّحِيحُ, وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَالْعُدَّةِ مَعَ أَنَّ كَلَامَهُ فِي العدة يحتمل أن يعود إلى الصورتين.
قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ "إذَا اسْتَثْنَى بَعْدَ سَنَةٍ فَلَهُ ثُنْيَاهُ"1 لَيْسَ هُوَ فِي الْأَيْمَانِ إنَّمَا تَأْوِيلُهُ قَوْلُ اللَّهِ {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 23, 24] فَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْكَذِبِ; لِأَنَّ الْكَذِبَ لَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ, وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ, لِأَنَّ الْيَمِينَ تُكَفَّرُ وَالْكَذِبُ لَا يُكَفَّرُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ مِنْ الْكَذِبِ, قَالَ مُوسَى {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: 69] وَلَمْ يَصْبِرْ فَسَلِمَ مِنْهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ, وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي إنْ رَدَّهُ إلَى يَمِينِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ, لِوُقُوعِهَا وَتَبْيِينِ مَشِيئَةِ اللَّهِ, وَاحْتَجَّ بِهِ الْمَوْقِعُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَمَشِيئَةِ اللَّهِ: تَحْقِيقُ مَذْهَبِنَا 2إنها يَقِفُ2 عَلَى إيجَادِ فِعْلٍ أَوْ تَرْكِهِ, فَالْمَشِيئَةُ مُتَعَلِّقَةٌ عَلَى الْفِعْلِ, فَإِذَا وَجَدَ3 ذَلِكَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ شَاءَ وَإِلَّا فَلَا, وَفِي الطَّلَاقِ الْمَشِيئَةُ انْطَبَقَتْ عَلَى اللَّفْظِ بِحُكْمِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَهُوَ الْوُقُوعُ, وَيُعْتَبَرُ نُطْقُهُ إلَّا مِنْ مَظْلُومٍ خَائِفٍ, نَصَّ عَلَى ذَلِكَ, وَلَمْ يَقُلْ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: خَائِفٍ, وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ, فَائِدَتُهُمَا فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً, أَوْ أَتَى به تبركا "م 5" ولم ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 5" قَوْلُهُ: "وَفِي اعْتِبَارِ قَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ وَجْهَانِ, فَائِدَتُهُمَا4 فِيمَنْ سَبَقَ عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً أَوْ أَتَى بِهِ تَبَرُّكًا", انْتَهَى. "أَحَدُهُمَا" يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ, اخْتَارَهُ الْقَاضِي, وَجَزَمَ بِهِ فِي 5الْمُسْتَوْعِبِ و5
يَعْتَبِرْهُ شَيْخُنَا, وَلَوْ أَرَادَ تَحْقِيقًا لِإِرَادَتِهِ وَنَحْوَهُ, لِعُمُومِ الْمَشِيئَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوَّلَ كَلَامِهِ, وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ اللَّهُ وَقَصَدَ بِالْإِرَادَةِ الْمَشِيئَةَ, لَا مَحَبَّتَهُ وَأَمْرَهُ, ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ شَكَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إلَّا مِمَّنْ عَادَتْهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاحْتَجَّ بِالْمُسْتَحَاضَةِ تَعْمَلُ بِالْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ وَلَمْ تَجْلِسْ أَقَلَّ الْحَيْضِ, وَالْأَصْلُ وُجُوبُ الْعِبَادَةُ. وَمَنْ كَانَ حِنْثُهُ فِي يَمِينِهِ خَيْرًا اُسْتُحِبَّ, وَقَدَّمَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ بِرَّهُ وَإِقَامَتَهُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْلَى, وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ حَلِفِهِ فَقِيلَ: يُكْرَهُ, وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ, وَإِنْ دُعِيَ. مُحِقٌّ لِلْيَمِينِ عِنْدَ حَاكِمٍ فَالْأَوْلَى افْتِدَاءُ نَفْسِهِ, وَقِيلَ: يُكْرَهُ حَلِفُهُ, وَقِيلَ: مُبَاحٌ, وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ كَعِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: يُسْتَحَبُّ لمصلحة, كزيادة طمأنينة وتوكيدا لأمر وغيره, ـــــــــــــــــــــــــــــQالبلغة وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ, وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى, قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي وَأَبُو الْبَرَكَاتِ وَغَيْرُهُمَا مَعَ الِاتِّصَالِ أَنْ يَنْوِيَ الِاسْتِثْنَاءَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ, وَظَاهِرُ بَحْثِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ قَصْدُ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَطْ, حَتَّى لَوْ نَوَى عِنْدَ تَمَامِ يَمِينِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ, قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ, انْتَهَى. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي": لَا يَعْتَبِرُ قَصْدَ الِاسْتِثْنَاءِ, وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَاحِبِ المقنع1 والمحرر2 وَجَمَاعَةٍ, وَذَكَر ابْنُ الْبَنَّا وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ عِنْدَنَا صَحِيحٌ, وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى الْمَاضِي وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ, وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تقي الدين.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنه عن صلاة العصر: "وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتهَا" 1 تَطْبِيبًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ, وَكَذَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْهَدْيِ عَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ, فِيهَا جَوَازُ الْحَلِفِ بَلْ اسْتِحْبَابُهُ عَلَى الْخَيْرِ الدِّينِيِّ الَّذِي يُرِيدُ تَأْكِيدَهُ, وَقَدْ حُفِظَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَلِفُ فِي أَكْثَرِ مِنْ ثَمَانِينَ مَوْضِعًا, وَأَمَرَهُ اللَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى تَصْدِيقِ مَا أَخْبَرَهُ فِي ثَلَاثِ مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ, فِي سُورَةِ سَبَأٍ وَيُونُسَ وَالتَّغَابُنِ2. وَإِنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَبْدُ فُلَانٍ حُرٌّ, أَوْ مَالُهُ صَدَقَةٌ وَنَحْوَهُ, وَفَعَلَهُ, فَلَغْوٌ, وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ كَنَذْرِ مَعْصِيَةٍ, وَإِنْ حَرَّمَ حَلَالًا غَيْرَ زَوْجَتِهِ, نَحْوَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ, وَلَا زَوْجَةَ لَهُ, لَمْ يحرم ويكفر إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ"تَنْبِيهٌ" قَوْلُهُ: "نَحْوَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ لَا زَوْجَةَ لَهُ" كَذَا فِي النُّسَخِ, وَصَوَابُهُ "وَلَا زَوْجَةَ لَهُ" بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ قَبْلَ الْوَاوِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَشْمَلَهَا كلامه.
فَعَلَهُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: يَحْرُمُ حَتَّى يُكَفِّرَ, وَكَذَا تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ, نَحْوَ إنْ أَكَلْته فَهُوَ عَلَيَّ حَرَامٌ, نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ, قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَطَعَامِي عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ. وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ, وَهَلْ يُسْتَحَبُّ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ "م 6" وَلَا تُغَيِّرُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ, وَفِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ لَا الْمَحْلُوفُ فِي نَفْسِهِ ولا ما رآه خيرا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"مَسْأَلَةٌ 6" قَوْلُهُ: "وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ إلَى أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ الْخَمْسَةِ, وَهَلْ يُسْتَحَبُّ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ", انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ الْوَجِيزِ. "إحْدَاهُمَا" لَا يُسْتَحَبُّ, صَحَّحَهُ النَّاظِمُ فَقَالَ: وَلَا نَدْبَ فِي الْإِيلَاءِ لِيَفْعَلَ طَاعَةً وَلَا تَرْكَ عِصْيَانٍ عَلَى الْمُتَجَوِّدَةِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ شَارِحِ الْوَجِيزِ. "وَالْوَجْهُ الثَّانِي" يُسْتَحَبُّ, اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ, وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. "قُلْت" وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ في هذا الباب
وَفِي الْإِفْصَاحِ: يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ, وَأَنَّهُ عِنْدَ أَحْمَدَ لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ "ش م" قَالَ شَيْخُنَا: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا تُوجِبُ إيجَابًا أَوْ تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ, قَالَ: وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أَوْ مُتَّفِقَةٌ فَإِذَا قَالَ: أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ, فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ, وَلَوْ قَالَ: أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا, فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ, لَا نَذْرٌ, فَالْأَيْمَانُ إنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ, هُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قُرْبَةً, لَزِمَهُ الْوَفَاءُ, وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ, لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلَّهِ مَا يَطْلُبُهُ اللَّهُ مِنْهُ1, وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ النَّاسِ, وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ, فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ, يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا, ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ, وَإِلَّا خُيِّرَ, وَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ لِعِظَمِهِ. وَلَوْ حَلَفَ لَا يَغْدِرُ كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ, مَعَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ بَلْ يَتَقَرَّبُ بِالطَّاعَاتِ, قَالَ: وَهَذِهِ أَيْمَانٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ, وَلَمْ يَفْرِضْ اللَّهُ مَا يَحِلُّ عُقْدَتَهَا إجْمَاعًا. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ اللَّهُ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] قَالَ: الْعُهُودُ, وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْعَهْدُ شَدِيدٌ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ, وَيَتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إذَا حَلَفَ بِالْعَهْدِ بِكُلِّ مَا اسْتَطَاعَ, وَيُكَفِّرُ إذَا حَنِثَ بأكثر من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَفَّارَةٍ يَمِينٍ, قَالَ فِي الْمُغْنِي1: إنْ حَلَّ الْيَمِينُ عَلَى مُبَاحٍ مُبَاحٌ2, وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: 91] أَيْ فِي الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ} [النحل: 91] الْآيَةَ, وَقَوْلُهُ: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] وَالْعَهْدُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ, بِغَيْرِ خِلَافٍ فَمَعَ الْيَمِينِ أَوْلَى. وَنَهَى عَنْ نَقْضِ الْيَمِينِ, وَيَقْتَضِي التَّحْرِيمَ, وَضَرَبَ لَهُمْ الْمَثَلَ, وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحِلَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ لَا يَدْخُلُهُ هَذَا, قَالَ شَيْخُنَا: مِنْ جِنْسِهِمَا لَفْظُ الذِّمَّةِ. وَقَوْلُهُمْ: هَذَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ أَصْلُهُ مِنْ هَذَا أَيْ فِيمَا لَزِمَهُ بِعَهْدِهِ وَعَقْدِهِ, قَالَ فِي الْفُنُونِ: الذِّمَمُ هِيَ الْعُهُودُ وَالْأَمَانَاتُ, وَفِي الْوَاضِحِ: وَمِنْهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ, وَذِمَّةُ فُلَانٍ, قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي طَرِيقَتِهِ: الذِّمَّةُ لَا تَمْلِكُ, لِأَنَّهَا الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ لُغَةً, وَفِي الشَّرْعِ وَصَفٌّ يَصِيرُ بِهِ الْمُكَلَّفُ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَالْإِلْزَامِ, وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ مِنْ آخَرَ صَحَّ, وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْحَقَّ الثَّابِتَ فِيهَا. وَقِيلَ لَهُ: الذِّمَّةُ صِفَةٌ فَتَفُوتَ بِالْمَوْتِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ دَيْنِهِ, فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا صِفَةٌ, بَلْ عِبَارَةٌ عَنْ الِالْتِزَامِ وَلَمْ يَفُتْ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: الذِّمَّةُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ كَانَتْ الْعَهْدَ فَالْمِلْكُ التَّسَلُّطُ, فَإِذَا بَقِيَ حُكْمُ الْمِلْكِ وَلَا تَسَلَّطَ حَقِيقَةً فِي الْمَيِّتِ بَقِيَ حُكْمُ الذِّمَّةِ, وَإِنْ كَانَ لَا عَهْدَ حقيقة للميت.
فصل: من لزمته كفارة يمين فله إطعام عشرة مساكين,
فَصْلٌ: مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلَهُ إطْعَامُ عشرة مساكين, جِنْسًا أَوْ أَكْثَرَ, أَوْ كِسْوَتُهُمْ, أَوْ يُطْعِمُ بَعْضًا وَيَكْسُو بَعْضًا, نَصَّ عَلَيْهِ, وَفِيهِ قَوْلٌ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي كَبَقِيَّةِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ جِنْسَيْنِ, وَكَعِتْقٍ مَعَ غَيْرِهِ أَوْ إطْعَامٍ وَصَوْمٍ. مَا يُجْزِئُ صَلَاةَ الْآخِذِ فِيهِ, وَفِي التَّبْصِرَةِ: الْمَفْرُوضَةَ, وَكَذَا نَقَلَ حَرْبٌ: مَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَرْضُ, كَوَبَرٍ وَصُوفٍ, وَمَا يُسَمَّى كِسْوَةً وَلَوْ عَتِيقًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: وَحَرِيرٍ, فِي التَّرْغِيبِ مَا يَجُوزُ لِلْآخِذِ لِبْسُهُ, فَمَنْ عَجَزَ كَعَجْزِهِ عَنْ فُطْرَةٍ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَقِيلَ: كَرَقَبَةٍ فِي ظِهَارٍ, فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِلَا عُذْرٍ, وَعَنْهُ: لَهُ تَفْرِيقُهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَلْ الدَّيْنُ كَزَكَاةٍ فَيَصُومُ أَمْ لَا, كَفِطْرَةٍ, فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَلَهُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ. وَفِي الْوَاضِحِ عَلَى رِوَايَةِ حِنْثِهِ بِعَزْمِهِ عَلَى مُخَالِفَةِ يَمِينِهِ بِنِيَّتِهِ لَا يَجُوزُ, بَلْ لَا يَصِحُّ, وَفِيهِ رِوَايَةٌ: لَا يَجُوزُ بِصَوْمٍ, لِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ, كَصَلَاةٍ وَاخْتَارَ فِي التَّحْقِيقِ: لَا يَجُوزُ, كَحِنْثٍ مُحْرِمٍ, فِي وَجْهٍ, وَهُمَا سَوَاءٌ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَنْهُ: بَعْدَهُ أَفْضَلُ, وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: قَبْلَهُ, وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: تُقَدَّمُ الْكَفَّارَةُ, وَأُحِبُّهُ, فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ الْحِنْثِ, لَا يكون أكثر من الزكاة. وَمَنْ لَزِمَتْهُ, أَيْمَانٌ قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَكَفَّارَةٌ, اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ, وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ أَحْمَدَ رَجَعَ عَنْ غَيْرِهِ, وَعَنْهُ: لِكُلِّ يَمِينٍ1 كَفَّارَةٌ, كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ مُوجِبُهَا, كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ, وَعَنْهُ: إنْ كَانَتْ عَلَى أَفْعَالٍ, نَحْوَ وَاَللَّهِ لَا قُمْت, وَاَللَّهِ لَا قَعَدْت كَمَا لَوْ كَفَّرَ عَنْ الْأَوِّلَةِ, وَإِلَّا كَفَّارَةٌ كَوَاللَّهِ لَا قُمْت وَاَللَّهِ لَا قُمْت وَمِثْلُهُ الْحَلِفُ بِنُذُورٍ مُكَرَّرَةٍ أَوْ بِطَلَاقٍ مُكَفَّرٍ, قَالَهُ شَيْخُنَا: وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِيمَنْ حَلَفَ نُذُورًا كَثِيرَةً مُسَمَّاةً إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَ أَبَاهُ أَوْ أَخَاهُ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُهُ لَأَفْعَلَنَّ2 كَذَا وَكَرَّرَهُ: لَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ إذَا لَمْ يَنْوِ, فَيَتَوَجَّهَ مِثْلُهُ إنْ قُمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ ثَلَاثًا, سَبَقَ فِيمَا يُخَالِفُ الْمَدْخُولَ بِهَا غَيْرُهَا يَقَعُ بهما ثلاث, وذكره الشيخ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إجْمَاعًا, وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الشَّرْطِ الْجَزَاءُ, فَيَقَعُ الثَّلَاثُ مَعًا, لِلتَّلَازُمِ. وَلَا رَبْطَ فِي الْيَمِينِ, وَلِأَنَّهَا لِلزَّجْرِ وَالتَّطْهِيرِ فَهِيَ كَالْحُدُودِ, بِخِلَافِ الطَّلَاقِ, وَالْأَصْلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى فَائِدَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يُعَارِضْهُ مُعَارِضٌ, وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: أَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يُغْلِظَ عَلَى نَفْسِهِ إذَا كَرَّرَ الْأَيْمَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً, فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَطْعَمَ. وَلَوْ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَكَفَّارَةٌ, حَنِثَ فِي الْجَمِيعِ أَوْ وَاحِدٍ وَتَنْحَلُّ فِي الْبَقِيَّةِ. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ كَحُرٍّ وَقِيلَ: لَا عِتْقَ, وَيُكَفِّرُ كَافِرٌ حَتَّى مرتد بغير صوم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المجلد الحادي عشر
المجلد الحادي عشر تابع كتاب الأيمان باب جامع الأيمان مدخل ... بَابُ جَامِعِ الْأَيْمَانِ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى نِيَّةِ حَالِفٍ لَيْسَ بِهَا ظَالِمًا نَصَّ عَلَيْهِ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ فَيَنْوِي بِاللِّبَاسِ اللَّيْلَ وَبِالْفِرَاشِ وَالْبِسَاطِ الْأَرْضَ وَبِالْأَوْتَادِ الْجِبَالَ وَبِالسَّقْفِ وَالْبِنَاءِ السَّمَاءَ وَبِالْإِخْوَةِ إخْوَةَ الْإِسْلَامِ وَمَا ذَكَرْت فُلَانًا أَيْ مَا قَطَعْت ذِكْرَهُ وَمَا رَأَيْته أَيْ مَا ضَرَبْت رِئَتَهُ وَبِنِسَائِي طَوَالِقُ نِسَاءَهُ الْأَقَارِبَ مِنْهُ وَبِجَوَارِي أَحْرَارٌ سُفُنَهُ وَبِمَا كَاتَبْت فُلَانًا مُكَاتَبَةَ الرَّقِيقِ وَبِمَا عَرَّفْته جَعَلْته عَرِيفًا وَلَا أَعْلَمْته أَيْ أُعَلِّمُ الشَّفَةَ وَلَا سَأَلْته حَاجَةً وَهِيَ الشَّجَرَةُ الصَّغِيرَةُ وَلَا أَكَلْت لَهُ دَجَاجَةً وَهِيَ الْكُبَّةُ مِنْ الْغَزْلِ وَلَا فَرَوْجَةً وَهِيَ الدُّرَّاعَةُ وَلَا فِي بَيْتِي فُرُشٌ وَهِيَ صِغَارُ الْإِبِلِ وَلَا حَصِيرٌ وَهُوَ الْجِبْسُ وَلَا بَارِيَةٌ أَيْ السِّكِّينُ الَّتِي يَبْرِي بِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ فِي الْمُخَاطَبَةِ لِغَيْرِ ظَالِمٍ بِلَا حَاجَةٍ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: لَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَاخْتَارَهُ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ كَتَدْلِيسِ الْمَبِيعِ وَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ التَّدْلِيسَ وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي وَنَصُّهُ: لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ مع اليمين وَيَقْبَلُ حُكْمًا1 مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ مِنْ الظَّاهِرِ وَمَعَ تَوَسُّطِهِ رِوَايَتَانِ م 1 وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ والمستوعب. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَيَقْبَلُ حُكْمًا مَعَ قُرْبِ الِاحْتِمَالِ من الظاهر ومع توسطه رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ والزركشي وغيرهم:
وجزم به أبو محمد الجوزي بِقَبُولِهِ. ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى سَبَبِ يَمِينِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ وَحَكَى رِوَايَةً وَقَدَّمَهُ القاضي بموافقته للوضع وعنه: يقدم ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ طَرِيقَةً مُؤَخَّرَةً وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ إنْ احْتَمَلَهَا لَفْظُهُ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ إنْ قَرُبَ الِاحْتِمَالُ إلَى آخِرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلْ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَدَّمَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْإِرْشَادِ والمبهج.
عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي: وَعَلَيْهَا عُمُومُ لَفْظِهِ احْتِيَاطًا ثم إلى التعيين. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ: قَدَّمُوا السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ أَمَّا صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْمُبْهِجِ فَمُسَلَّمٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَمَّا الْخِرَقِيُّ فَلَمْ يُقَدِّمْ السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ بَلْ قَدَّمَهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ فَقَالَ:
وَقِيلَ: يُقَدِّمُ عَلَيْهِ وَضْعَ لَفْظِهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ لُغَةً. وَفِي الْمُذْهَبِ: فِي الِاسْمِ وَالْعُرْفِ وَجْهَانِ وَذَكَرَ ابْنُهُ1 النِّيَّةَ ثُمَّ السَّبَبَ ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا ثُمَّ لُغَةً فَإِذَا حَلَفَ لِظَالِمٍ: مَا لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَنَوَى غَيْرَهَا أَوْ بِ مَا مَعْنَى الَّذِي أَوْ اسْتَثْنَى بِقَلْبِهِ بَرَّ فَإِنْ لَمْ يَتَأَوَّلْ أَثِمَ وَهُوَ دُونَ إثْمِ إقْرَارِهِ بِهَا وَيُكَفِّرُ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُمَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَعَزَاهُمَا الْحَارِثِيُّ إلَى فتاوى أبي الخطاب ولم أرهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَرْجِعُ فِي الْأَيْمَانِ إلَى النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا يَصْحَبُهَا انْتَهَى. فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ عنه.
وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ يَجُوزُ جَحْدُهَا بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ. وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يُسْقِطُ ضَمَانٌ لِخَوْفِهِ1 مِنْ وُقُوعِ طَلَاقٍ بَلْ يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وَهُوَ تَفْرِيطٌ عند سلطان جائر م 2. وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ ثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ أَوْ لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ وَتَطْلُقُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيمَنْ حَلَفَ فِي شَعْبَانَ بِثَلَاثٍ لَيَطَأَنَّهَا فِي نَهَارِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ فَإِنْ حَاضَتْ وَطِئَ وَكَفَّرَ لِحَيْضٍ وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا وَلَيَأْكُلَنَّ مِمَّا فِي كُمِّهِ فَإِذَا هُوَ بَيْضٌ عُمِلَ مِنْهُ نَاطِفٌ يُسْتَهْلَكُ. وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَى سُلَّمٍ: إنْ صَعِدْت فِيهِ أَوْ نَزَلْت مِنْهُ أَوْ قُمْت عَلَيْهِ أَوْ رَمَيْت نَفْسَك أَوْ حَطَّك إنْسَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَقَلَتْ إلَى سُلَّمٍ آخر. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يسقط ضمان لخوفه من وقوع طلاق بل يَضْمَنُ بِدَفْعِهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ. وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الزَّاغُونِيِّ إنْ أَبَى الْيَمِينَ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَصَارَ ذَرِيعَةً إلَى أَخْذِهَا فَكَإِقْرَارِهِ طَائِعًا وَهُوَ تَفْرِيطٌ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ انْتَهَى. قَالَ الحارثي2 فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ: فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى أُخِذَتْ مِنْهُ وَجَبَ الضَّمَانُ لِلتَّفْرِيطِ. قُلْت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَتَقَدَّمَ النَّقْلُ فِي باب الوديعة من هذا التصحيح فليراجع3.
وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ: لَا وَطِئْتُك إلَّا وَأَنْتِ لَابِسَةٌ عَارِيَّةٌ رَاجِلَةٌ رَاكِبَةٌ وَطِئَهَا بِلَيْلٍ عُرْيَانَةً فِي سَفِينَةٍ. وَأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَطْبُخَنَّ قِدْرًا بِرِطْلِ مِلْحٍ وَيَأْكُلُ مِنْهُ لَا يَجِدُ طَعْمَ الْمِلْحِ سَلَقَتْ بَيْضًا وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا. وَإِنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ سَافَرَ وَوَطِئَ فَنَصُّهُ: لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّهَا حِيلَةٌ; قَالَ: مَنْ احْتَالَ بِحِيلَةٍ فَهُوَ حَانِثٌ وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَيْمُونِيُّ: لَا يَرَى الْحِيلَةَ إلَّا بِمَا يَجُوزُ فَقَالَ لَهُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ عَلَى دَرَجَةٍ إنْ صَعِدْت أَوْ نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ قَالُوا تَحَمَّلَ; قَالَ أَلَيْسَ هَذَا حِيلَةٌ؟ هَذَا هُوَ الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ; وَقَالُوا: إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فَوَطِئَ عَلَى اثْنَيْنِ وَإِذَا حَلَفَ لَا أَدْخُلُ فَحُمِلَ فَأُدْخِلَ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ لَا يَجُوزُ الْحِيَلُ فِي الْيَمِينِ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَإِنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا: لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ وَلَا يُسْقِطُهُ بِذَلِكَ وَنَقَلَ الْمَرْوَزِيُّ: لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ"1. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَعَنَ اللَّهُ صَاحِبَ الْمَرَقِ2 لَقَدْ احْتَالَ حَتَّى أَكَلَ3. وَإِنْ حَلَفَ لَتُخْبِرُنِّي بِشَيْءٍ فِعْلُهُ مُحَرَّمٌ وَتَرَكَهُ فَصَلَاةُ السَّكْرَانِ أَوْ بِطَعْمِ النَّجْوِ فَحُلْوٌ لِسُقُوطِ الذُّبَابِ عَلَيْهِ ثُمَّ حَامِضٌ; لِأَنَّهُ يُدَوِّدُ ثُمَّ مُرٌّ لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يكرح1 وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ: يُبَرِّرُ لَهُ الْفِطْرَ وَإِنْ حَلَفَ لَا سَرَقَتْ مِنِّي شَيْئًا فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَتِهِ أَوْ لَا أَقَمْت فِي هَذَا الْمَاءِ وَلَا خَرَجْت مِنْهُ وَهُوَ جَارٌ حَنِثَ بِقَصْدٍ أَوْ سَبَبٍ فَقَطْ وَقِيلَ: تَحْمِلُ مِنْ رَاكِدٍ كُرْهًا وَلَا حِنْثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا وَقَصَدَ عَدَمَ تَجَاوُزِهِ أَوْ السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ وَعِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ: أَوْ لَا فَقَضَاهُ قَبْلَهُ بَرَّ وَكَذَا أَكْلُ شَيْءٍ أَوْ بَيْعُهُ أَوْ فِعْلُهُ غَدًا. وَإِنْ حَلَفَ لَأَقْضِيَنَّهُ غَدًا وَقَصَدَ مَطْلَهُ فَقَضَاهُ قَبْلَهُ حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ إلَّا بِمِائَةٍ حَنِثَ بِأَقَلَّ فَقَطْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ بِمِائَةٍ حَنِثَ بِهَا وَبِأَقَلَّ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا وَنَوَى الْيَوْمَ قُبِلَ حُكْمًا وَعَنْهُ لَا وَيُدَيَّنُ. وَإِنْ دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يُشْرَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ عَطَشٍ وَالنِّيَّةُ أَوْ السَّبَبُ قَطْعُ مِنَّتِهِ حَنِثَ بِكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا أَقُلْ كَقُعُودِهِ فِي ضَوْءِ نَارِهِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا لِقَطْعِ الْمِنَّةِ فَانْتَفَعَ بِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ فِي شَيْءٍ وَقِيلَ: أَوْ بِغَيْرِهِ بِقَدْرِ مِنَّتِهِ فَأَزِيدُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ حَنِثَ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهِمَا: يَحْنَثُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ لَا يَمْحُو مِنَّتَهَا إلَّا بِالِامْتِنَاعِ مِمَّا يَصْدُرُ عَنْهَا مِمَّا يَتَضَمَّنُ مِنَّةً ليخرج مخرج الوضع العرفي، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَكَذَا سَوَّى الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الَّتِي قَبْلَهَا وَأَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا فِيهِ مِنَّةٌ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَهُ خُبْزًا وَالسَّبَبُ الْمِنَّةُ حَنِثَ بِأَكْلِ غَيْرِهِ كَائِنًا مَا كَانَ وَأَنَّهُ إنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهَا فَلَبِسَ عِمَامَةً أَوْ عَكْسَهُ إنْ كَانَتْ اُمْتُنَّتْ عَلَيْهِ بِغَزْلِهَا حَنِثَ بِكُلِّ مَا يَلْبَسُهُ مِنْهُ وَكَذَا مَنَعَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَالِفَ عَلَى خُبْزٍ غَيْرِهِ مِنْ لَحْمِهِ وَمَائِهِ. وَيَحْنَثُ حَالِفٌ عَلَى تَمْرٍ لِلْحَلَاوَةِ بِكُلِّ حُلْوٍ وَحَالِفٌ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَتَهُ لِلْهَجْرِ بِوَطْئِهَا لِاقْتِضَاءِ الْيَمِينِ مَنْعًا وَالْتِزَامًا فَهِيَ كَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. بِخِلَافِ أَعْتِقُهُ لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ يُعْتَقُ وَحْدَهُ وَقِيلَ: لِأَنَّ التَّعَبُّدَ مَنَعَ مِنْهُ. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: لِأَنَّ عِلَّتَهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِضَ وَقَوْلُهُ لَا يَطَّرِدُ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ التَّشْرِيعَ وَكَذَا أَعْتَقْته لِأَنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ لِسَوَادِهِ لِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ عَلَيْهِ وَالْبَدَاءِ وَاخْتَارَ فِي التَّمْهِيدِ: لَهُ عِتْقُ كُلِّ أَسْوَدَ قَالَ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَدْءِ فِي حَقِّهِ ثُمَّ النُّسَخُ يَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ مِنْ الْبَارِئِ فِي الْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَمَا يُرَدُّ الْبَدْءُ مِنْ الْآدَمِيِّ ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْ جَوَازُ وُرُودِ النُّسَخِ مِنْ الْقِيَاسِ كَذَا جَوَازُ الْبَدْءِ فِي حَقِّ الْمُوَكَّلِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِ إنْ قَالَ: إذَا أَمَرْتُك بِشَيْءٍ لِعِلَّةٍ فَقِسْ عَلَيْهِ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ مَالِي وَجَدْت فِيهِ تِلْكَ الْعِلَّةَ ثُمَّ قَالَ: أَعْتِقُ عَبْدِي فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَعَتَقَ كُلُّ عَبْدٍ لَهُ أَسْوَدَ صَحَّ ذَلِكَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ لِأَنَّهُ تَعَبَّدَنَا بِالْقِيَاسِ. وَقَالَ فِي الْعُدَّةِ: إنَّ الْمُخَالِفَ احْتَجَّ بِأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ لَا تَسْتَعْمِلُ الْقِيَاسَ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: اشْتَرِ لِي سَكَنْجَبِينًا فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ رُمَّانًا وَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ لِلصَّفْرَاءِ وَالْجَوَابُ أَنَّ السَّكَنْجَبِينَ يَخْتَصُّ مَعَانِيَ لَا تُوجَدُ فِي الرُّمَّانِ لِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَا يُوجِبُ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ فإن اثنين1 لَوْ ضَرَبَا أُمَّهُمَا فَضَرَبَ الْأَبُ أَحَدَهُمَا: لِأَنَّهُ ضَرَبَ أُمَّهُ صَلُحَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْآخَرَ ضَرَبَهَا فَلِمَ لَا تَضْرِبُهُ؟. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا إبْرَةً لِئَلَّا يَعْتَدِي بِهَا لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُعْطِيَهُ سِكِّينًا لِأَنَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ عَلَى أَنَّا نَقُولُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ وَكَلَّفَنَا إيَّاهُ وَفِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَدُلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِبْ الْقَوْلُ بِهِ فَقَدْ أَجَابَ الْقَاضِي بِوَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا كَاخْتِيَارِ أَبِي الْخَطَّابِ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قِسْ عَلَيْهِ كُلَّ مَا صَلَحَ لِلصَّفْرَاءِ جَازَ. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَ مَا أَعْتَقَهُ مَعَ أَنَّهُ أَسْوَدُ أَنَّ لِكُلِّ عَاقِلٍ مُنَاقَضَتَهُ وَيَقُولُ لَهُ لَمْ يُعْتِقْ غَيْرَهُ مِنْ السُّودِ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ أَعْتَقْتُ فُلَانًا لِأَنَّهُ أَسْوَدُ فَقِيسُوا عَلَيْهِ كُلَّ أَسْوَدَ فَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى الْعِتْقَ غَيْرُ مَنْ أَعْتَقَهُ مُلْزِمًا بِهِ لِلْمُخَالِفِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ ظَاهِرَ مَا ذُكِرَ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ خِلَافُهُ وَفِيهِ قَالَ الْقَاضِي فِي النَّصِّ عَلَى الْعِلَّةِ: وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الاعتبار باللفظ دون ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ وَكَذَا لَفْظُ الشَّرْعِ وَأَجَابَ بِجَوَازِ الْمُنَاقَضَةِ وَبِأَنَّ الشَّارِعَ أَمَرَ بِالْقِيَاسِ وَغَيْرُهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ قِيسُوا كَلَامِي بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت السُّكَّرَ لِأَنَّهُ حُلْوٌ شَرِكَهُ فِيهِ كُلُّ حُلْوٍ، وَفِي الْإِيضَاحِ الطَّلَاقُ: وَإِنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ وَلَا أَحَدَ مِمَّنْ فِي كَنَفِهِ. وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَأْوِي مَعَهَا بِدَارٍ يَنْوِي جَفَاهَا وَلَا سَبَبَ فَأَوَى مَعَهَا فِي غَيْرِهَا حَنِثَ أَوْ لَا عُدْت رَأَيْتُك تَدْخُلِينَهَا يَنْوِي مَنْعَهَا حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَرَهَا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَقَلُّ الْإِيوَاءِ سَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ: لَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ مَعَ فُلَانٍ وَإِنَّمَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَخَالَفَهُ الْجَوْهَرِيُّ فِي صِحَاحِهِ فَقَالَ: جَامِعُهُ عَلَى كَذَا أَيْ اجْتَمَعَ مَعَهُ. وَإِنْ قَالَ: إنْ تَرَكْت هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَفْلَتَ فَخَرَجَ أَوْ قَامَتْ تُصَلِّ أَوْ لِحَاجَةٍ فَخَرَجَ إنْ نَوَى أَنْ لَا يَخْرُجَ حَنِثَ وَإِنْ نَوَى أَنْ تَمْنَعَهُ وَلَا تَدَعْهُ فَإِنَّهَا لَمْ تَتْرُكْهُ يَخْرُجُ فَلَا يَحْنَثُ نَقَلَهُ مُهَنَّا نَقَلَ حَرْبٌ: أَكْرَهُ إذَا حَلَفَ لَا يُلْبِسُ امْرَأَتَهُ مِنْ كَدِّهِ أَنْ يُعْطِيَ أُجْرَةَ الْخَيَّاطِ أَوْ الْقَصَّارِ أَوْ نَحْوِ هَذَا. وَإِنْ حَلَفَ: لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لا تخرج امرأته وعبده إلا بإذنه فعزل وَطَلَّقَ وَأَعْتَقَ أَوْ حَلَفَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ…………………………………………. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ روايتان ونصه: يحنث م 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ الْبَلَدَ إلَّا بِإِذْنِ الْوَالِي أَوْ لَا رَأَى مُنْكَرًا إلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ أَوْ لَا تَخْرُجُ امْرَأَتُهُ وعبده إلا بإذنه فعزل وطلق وأعتق أو حَلَفَ لَا دَخَلَهُ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ وَنَوَى مَا دَامَ لَمْ يَحْنَثْ وَمَعَ السَّبَبِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ. انْتَهَى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ تَنْزِعُ إلَى قَاعِدَةٍ هِيَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا وَغَيْرِهَا وَهِيَ أَنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ هَلْ يَخُصُّ بِسَبَبِهِ الْخَاصَّ إذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ أَوْ يُقْضَى بِعُمُومِ اللَّفْظِيَّةِ؟ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ وَتَابَعَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَحَدُهُمَا: الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ أَوَّلَ الْبَابِ: فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ أَعَمَّ مِنْ السَّبَبِ أُخِذَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وقيل: بل بخصوص السبب. انتهى. قال النَّاظِمُ: فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَعَمَّ فَخُذْ بِهِ ... وَخَلِّ خُصُوصَ اللَّفْظِ عِنْدَهُ تَسْدُدْهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو الخطاب وغيرهم قال فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَأَخَذُوهُ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيمَنْ حَلَفَ لَا يَصْطَادُ مِنْ نَهْرٍ لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ فَزَالَ الظُّلْمُ قَالَ أَحْمَدُ: النَّذْرُ يُوَفِّي بِهِ وَكَذَلِكَ أَخَذُوهُ مِنْ قَاعِدَةِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ تَغْلِيبًا لِلتَّعْيِينِ عَلَى الْوَصْفِ قَالُوا: وَالسَّبَبُ وَالْقَرِينَةُ عِنْدَنَا تُعِينُ الْخَاصَّ وَلَا تُخَصِّصُ الْعَامَّ. انْتَهَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَنَصُّهُ: يَحْنَثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْعِبْرَةُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ لَا بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الْمَجْدَ اسْتَثْنَى صُورَةَ النَّهْرِ وَمَا أَشْبَهَهَا كَمَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ ثُمَّ زَالَ الظُّلْمُ فَجَعَلَ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَعَدَّى الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ الْخِلَافَ إلَيْهَا أَيْضًا. وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عمد الأدلة وقال:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوهو قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ وَذَكَرَهُ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهَذَا أَحْسَنُ وَقَدْ يَكُونُ جَدُّهُ لَحَظَ هَذَا. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى لَفْظِ الْخِرَقِيِّ: إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَلَا غَيْرَ ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَكَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا مِنْ جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ مِنْ جِيرَانِهَا أَوْ مِنْهُ حَصَلَ عَلَيْهِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْظٍ مِنْ الْمَرْأَةِ يَقْتَضِي جَفَاهَا وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فِيهِ تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ دَارِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِالنَّصِّ وَمَا عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَا الَّتِي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ وَكَذَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ أَوْ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُكَلِّمُ زَيْدًا لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ فَزَالَ الظُّلْمُ وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ. وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ كَمَا مَثَّلْنَا أَوَّلًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًّا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ كَمَا مَثَّلْنَا ثَانِيًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِيمَا عَلِمْت فِي الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ فَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ وَبِالْجُمْلَةِ فِيهِ قَوْلَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَفِي غَيْرِهِ وَاخْتِيَارُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ الشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خلافيهما: يؤخذ بعموم اللفظ وهو مقتضي1 نص أحمد وذكره. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: يُحْمَلُ اللَّفْظُ الْعَامُّ عَلَى السَّبَبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ السَّبَبُ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْعَامَّ أُرِيدَ بِهِ خاص.
وإن انحلت بعزله على أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ يَحْنَثُ إن أمكنه في ولايته م 4 – 6. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ: فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَلَدًا لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ وَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ فِيمَا إذَا دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَخَلَفَ لَا يَتَغَدَّى أَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ عَبْدُهُ وَلَا زَوْجَتُهُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي مَا دَامَا كَذَلِكَ. وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إلَى هَذَا فِي التَّعْلِيقِ. انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيّ. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَادَ فِي النُّقُولِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ مَنْ اخْتَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ. وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْقَاضِي وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ كَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَأَبِي الْفَتْحِ الْحَلْوَانِيِّ وَالْآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَأَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ وَالشَّيْخَ الْمُوَفَّقَ وَالشَّارِحَ وَصَاحِبَ الْبُلْغَةِ وَالشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ وَالْقَاضِيَ فِي مَوْضِعٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَجَبٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ قَالُوا: الِاعْتِبَارُ بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَنَّ الْمَجْدَ وَمَنْ تَبِعَهُ فَرَّقُوا وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ. وَإِنْ كَانَ الْمَجْدُ لَحَظَ مَا قَالَهُ حَفِيدُهُ فَيَكُونُ قَدْ وَافَقَ الْمُوَفَّقَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 4 - 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ انْحَلَّتْ بِعَزْلِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَبَرَّ بِرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ بَعْدَ عَزْلِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِعَزْلِهِ أَوْجُهٌ الثَّالِثُ: يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ فِي وِلَايَتِهِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 4: هَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِعَزْلِ الْوَالِي أَمْ لَا؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إطْلَاقُ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالشَّرْحِ1 وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تَنْحَلُّ يَمِينُهُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ أَوْ لَا وَهُوَ الصَّوَابُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ قَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لَا تَنْحَلُّ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَالْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ السَّبَبُ أَوْ الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اخْتَصَّ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَرَابَتِهِ وَذَكَرَ الْوِلَايَةَ تَعْرِيفًا تَنَاوَلَ الْيَمِينَ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 5: إذَا قُلْنَا تَنْحَلُّ يَمِينُهُ وَرَأَى الْمُنْكَرَ فِي وِلَايَتِهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى عُزِلَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَوْ يَحْنَثُ إنْ أَمْكَنَهُ؟ أَطْلَقَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا: إذَا أَمْكَنَهُ رَفْعُهُ وَلَمْ يَرْفَعْهُ وَفِيهَا وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُصَنِّفُ: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِعَزْلِهِ وَهُوَ أَوْلَى: وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ. والثانية- 6: إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُهُ حَتَّى عُزِلَ أَوْ مَاتَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. أحدهما: يحنث قدمه في المغني2 والشرح1.
وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حلفه ليقضينه وفيه وجهان م 7 – 9. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي التَّرْغِيبِ. مَسْأَلَةٌ 7 - 9: قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَنْحَلَّ بِعَزْلِهِ فَرَفَعَهُ إلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ بَرَّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي إذَنْ فَفِي تَعْيِينِهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ تَعْيِينِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ وَفِيهِ لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ فَقِيلَ: فَاتَ الْبِرَّ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ وَقِيلَ: لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ فَعَلَى الْأَوَّلِ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ مِنْ دَيْنٍ بَعْدَ حَلِفِهِ لَيَقْضِيَنَّهُ وَفِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. فِيهِ مَسَائِلُ مِنْ التَّرْغِيبِ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى- 7: إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَالِي فَهَلْ يَتَعَيَّنُ وَيَكُونُ مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ حَلِفِهِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنُ؟ أَطْلَقَ الخلاف: أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَيَّنُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ وَلَا سَبَبٌ فَيَكُونُ لِلْجِنْسِ فَيَشْمَلُ كُلَّ وَالٍ يُوَلَّى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَتَعَيَّنُ وَهُوَ مَنْ كَانَ الْيَمِينُ فِي زَمَنِهِ فَيَكُونُ لِلْعَهْدِ وَظَاهِرُ الْحَالِ يَقْتَضِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 8: لَوْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَيْ بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَاعِدِ وَهُوَ وَاضِحٌ فَهَلْ فَاتَ الْبِرُّ؟ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ أَوْ لَا لِإِمْكَانِ صُورَةِ الرَّفْعِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَكَذَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ وَهَذَا لَفْظُ صاحب الترغيب فنقلاه. قلت:
وكذا قوله جوابا لقولها تزوجت عَلَيَّ1: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ تَطْلُقُ عَلَى نَصِّهِ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ أَخْذًا بِالْأَعَمِّ مِنْ لَفْظٍ وَسَبَبٍ: وَقَوْلُهُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنُهُ: إنْ خَرَجْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ مَنْ قِيلَ لَهُ خَرَجَتْ امْرَأَتُك فَطَلِّقْهَا أَوْ قَالَ لَهُ عَبْدُهُ قَدِمَ أَبُوك أَوْ مَاتَ عَدُوُّك فَأَعْتِقْهُ وَلَمْ يُوَقِّعْهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِبُطْلَانِ الْخَبَرِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِشَرْطٍ أَوْ تَعْلِيلٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي قَوْلِهِ لِأَكْبَرَ مِنْهُ: هُوَ حُرٌّ لِأَنَّهُ ابْنِي عَتَقَ وَلَمْ يُقْبَلْ تَعْلِيلُهُ بِكَذِبٍ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِأَنَّك قُمْت وَقَعَ إنْ كَانَتْ مَا قَامَتْ. وَفِي الْفُنُونِ: أَنْتِ طَالِقٌ مَا سَرَقَ ذَهَبِي غَيْرُك وَعَلِمَ سَرِقَتَهَا وقع، ـــــــــــــــــــــــــــــQهِيَ شَبِيهَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ2 رَفْعُهُ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْحَالِفِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 9: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ قَالَ: هُوَ كَإِبْرَائِهِ من دين بعد حلفه ليقضينه وفيه وجهان وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فَكَذَا الصَّحِيحُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِيهَا مُحَرَّرًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ الْحَادِيَةِ وَالْأَرْبَعِينَ3.
وَإِنْ حَلَفَ زَجْرًا لَمْ يَقَعْ بِالشَّكِّ. وَإِنْ حلف للص لا يخبر به فَسُئِلَ عَمَّنْ هُوَ مَعَهُمْ فَبَرَّأَهُمْ دُونَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَيْهِ حَنِثَ إنْ لَمْ يَنْوِ حَقِيقَةَ الْغَمْزِ وَإِنْ حَلَفَ لَيَتَزَوَّجَنَّ بَرَّ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ وَكَذَا قِيلَ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ كَحَلِفِهِ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَيْهَا وَالْمَذْهَبُ: يَبَرُّ بِدُخُولِهِ بِنَظِيرَتِهَا وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ تَغُمُّهَا وَتَتَأَذَّى بِهَا كَظَاهِرِ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَفِي الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ مُقَارَبَتِهَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: إنَّمَا الْمَنْصُوصُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيَدْخُلَ وَلَا يُشْتَرَطُ مُمَاثَلَتُهَا وَاعْتُبِرَ فِي الرَّوْضَةِ: حَتَّى فِي الْجِهَازِ وَلَمْ يَذْكُرْ دُخُولًا وَإِنْ حلف ليطلقن ضرتها ففي بره برجعي خلاف م 10 وَإِنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا فَعَضَّهَا أَوْ خَنَقَهَا وَنَحْوَهُ وَقِيلَ: وَنَوَى بِيَمِينِهِ إيلَامَهَا حَنِثَ وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ إنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنهَا فَخَنَقَهَا أو عضها لم يحنث. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لِيُطَلِّقَن ضَرَّتَهَا فَفِي بَرِّهِ بِرَجْعِيٍّ خِلَافٌ. انْتَهَى. أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: يَبَرُّ بِهِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ رَجَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا بَرَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبَرَّ إلَّا بطلاق بائن.
فصل: وإن حلف لا يدخل دار فلان هذه فدخلها
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَدَخَلَهَا 1 وَهِيَ فَضَاءٌ أَوْ مَسْجِدٌ أَوْ حَمَّامٌ أَوْ بَاعَهَا أَوْ لَا لَبِسْت هَذَا القميص فصار رداء أو عمامة أو: ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لِيُطَلِّقَن ضَرَّتَهَا فَفِي بَرِّهِ بِرَجْعِيٍّ خِلَافٌ. انْتَهَى. أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ: يَبَرُّ بِهِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ نِيَّةٌ أَوْ قَرِينَةٌ رَجَعَ إلَيْهَا وَإِلَّا بَرَّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَبَرَّ إلَّا بطلاق بائن.
لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ فَصَارَ شَيْخًا أَوْ امْرَأَةَ فُلَانٍ هَذِهِ أَوْ عَبْدَهُ أَوْ صَدِيقَهُ هَذَا فَزَالَ ذَلِكَ ثُمَّ كَلَّمَهُ أَوْ لَا أَكَلْت لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ فَصَارَ كَبْشًا أَوْ هَذَا الرُّطَبُ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا نَصَّ عَلَيْهِ: أَوْ هَذَا اللَّبَنَ فَصَارَ جُبْنًا وَنَحْوَهُ. وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ حَنِثَ. كَقَوْلِهِ: دَارَ فلان فقط1 أو التمر الْحَدِيثَ فَعَتَقَ أَوْ الرَّجُلَ الصَّحِيحَ فَمَرِضَ وَكَالسَّفِينَةِ تُنْقَضُ ثُمَّ تُعَادُ وَفِيهَا احْتِمَالٌ وَقِيلَ: لَا. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ فِي نَحْوِ بَيْضَةٍ صَارَتْ فَرْخًا فَلَوْ حَلَفَ لِيَأْكُلَن مِنْ هَذِهِ التُّفَّاحَةِ أَوْ الْبَيْضَةِ فَعَمِلَ مِنْهَا شَرَابًا أَوْ نَاطِفًا فالوجهان ومثلها بقية المسائل. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن حلف لا يبيع أو لا ينكح فعقد فاسدا لم يحنث
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَنْكِحُ فَعَقَدَ فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ وَعَنْهُ: بَلَى وَعَنْهُ: بَلَى فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ وَإِنْ2 قَيَّدَ بِيَمِينِهِ بِمُمْتَنِعِ الصِّحَّةِ كَخَمْرٍ حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَخَالَفَ الْقَاضِي فِي: إنْ سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتِنِيهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ طَلُقَتْ فُلَانَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوُجِدَ وَالشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ وَخَالَفَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي إنْ سَرَقْت مِنِّي شَيْئًا وَبِعْتنِيهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا وَإِنْ حَلَفَ ليبيعنه فباعه بعرض3 بَرَّ وَكَذَا نَسِيئَةً وَقِيلَ: بِقَبْضِ ثَمَنِهِ وَإِنْ حلف لا يبيع أو: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُؤَجِّرُ أَوْ لَا يُزَوِّجُ لِفُلَانٍ حَنِثَ بِقَبُولِهِ. وَيَحْنَثُ فِي هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الموجز وَالتَّبْصِرَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ مِثْلُهُ فِي بَيْعٍ وَقَالَهُ الْقَاضِي في1: إن بعتك فأنت حر. وفي التَّرْغِيبِ: إنْ قَالَ الْآخَرُ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ فَأَشْتَرَاهُ عَتَقَ مِنْ بَائِعِهِ سَابِقًا لِلْقَبُولِ وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَهَبَ لَهُ بَرَّ بِالْإِيجَابِ كَيَمِينِهِ وَقَدْ يُقَالُ: يُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِإِعَارَتِهِ وَالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ كَحَلِفِهِ لَا يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِ فَيَهَبُهُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَقِيلَ: بالصدقة اختاره والقاضي وغيره م 11 و 12. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيَحْنَثُ فِي هِبَةٍ وَهَدِيَّةٍ وَوَصِيَّةٍ وصدقة وعارية بفعله وإن لم يقبل. وفي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ مِثْلُهُ فِي بَيْعٍ. انْتَهَى. لَمْ نَرَ مَا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَبَاعَ فَلَمْ يقبل المشتري لم يحنث وقطع به. مَسْأَلَةٌ 11 و 12: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِإِعَارَتِهِ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَقِيلَ: بِالصَّدَقَةِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 11: إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَأَعَارَهُ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ والحاوي الصغير وغيرهم:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأحدهما: لم1 يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنَوَّرِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَصَحَّحَهُ قُلْت يَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ هَلْ هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ أَوْ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ4 فَإِنْ قُلْنَا هِبَةُ مَنْفَعَةٍ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أَنَّهَا إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقًا لِرُجُوعِ الْأَيْمَانِ إلَى الْعُرْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 12: إذَا حَلَفَ لَا يَهَبُهُ فَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أم لا؟ أطلق الْخِلَافِ5: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَقَدَّمَاهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ هَذَا الْمَذْهَبَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَقِيلَ: يَحْنَثُ هُنَا وَإِنْ لَمْ يحنث بالإعارة.
ويحنث بوقفه عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا كَوَصِيَّتِهِ لَهُ وَصَدَقَةٍ وَاجِبَةٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَتَضْيِيفِهِ وَإِبْرَائِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَلْ يَسْقُطُ دَيْنٌ بِهِبَةٍ؟ وَفِي مُحَابَاةٍ بَيْعٌ وَجْهَانِ م 13 وَيَحْنَثُ بِالْهَدِيَّةِ خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَصَدَّقُ فَأَطْعَمَ عِيَالَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي شَمِلَ الْجِنَازَةَ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ: صَلَاةُ الْجِنَازَةِ فَتَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُ: وَالطَّوَافُ لَيْسَ صَلَاةً مُطْلَقَةً وَلَا مُضَافَةً فَلَا يُقَالُ صَلَاةُ الطَّوَافِ كَمَا لَا يُقَالُ صَلَاةُ التلاوة كذا قال1 وظاهر ـــــــــــــــــــــــــــــQالمذهبمحل الْخِلَافِ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَمَّا الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ وَالنَّذْرُ وَالضِّيَافَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. مَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي مُحَابَاةِ بَيْعٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى.. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَالصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ احْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في المنور.
كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ. سَبَقَ أَنَّهُ هُوَ وَالْأَصْحَابُ قَالُوا إنَّهُ صَلَاةٌ وَأَنَّهُمْ احْتَجُّوا بِدُخُولِهِ فِي الْعُمُومِ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي الصَّلَاةِ وَقْتَ النَّهْيِ: الطَّوَافُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ أبيح فيه الكلام والأكل وهو مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَشْيِ فَهُوَ كَالسَّعْيِ وَقِيلَ لَهُ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: "إذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا" 1 إذَا قَعَدَ لِلتَّشَهُّدِ؟ فَقَالَ: التَّشَهُّدُ لَا يُسَمَّى صَلَاةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ صَلَّى التَّشَهُّدَ قَاعِدًا. وَفِي كَلَامِ أَحْمَدَ: الطَّوَافُ صَلَاةٌ وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ وَغَيْرُهُ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ" 2 يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَاهُ وَهُوَ النُّطْقُ. قَالَ الْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ: أَوْ حَلَفَ لَا يَصُومُ3 حَنِثَ بِشُرُوعٍ صَحِيحٍ وَقِيلَ: إنْ حَنِثَ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ وَقِيلَ: بِفَرَاغِهِ كَقَوْلِهِ: صَلَاةً أَوْ صَوْمًا وَكَحَلِفِهِ لَيَفْعَلَنهُ وَقِيلَ: بِرَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَعَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْرُجُ إذَا أَفْسَدَهُ. وَيَحْنَثُ حَالِفٌ: لَا يَحُجُّ بِإِحْرَامِهِ بِهِ وَقِيلَ: بِفَرَاغِ أَرْكَانِهِ وَيَحْنَثُ بِحَجٍّ فَاسِدٍ وَفِي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ م 14. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَفِي حِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ الثَّلَاثَةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ كَانَ حَالُ حَلِفِهِ صَائِمًا أَوْ حَاجًّا وَالثَّالِثَةُ الصَّلَاةُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرعاية الكبرى في الصوم
فصل: وإن حلف لا يأكل لحما لم يحنث بمرقه في الأصح
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا لَمْ يَحْنَثْ بِمَرَقِهِ فِي الْأَصَحِّ كَمُخٍّ وَكَبِدٍ وَكُلْيَةٍ وَكِرْشٍ وَكَارِعٍ وَشَحْمَةٍ وَأَلْيَةٍ وَغَيْرِهَا إلَّا بِنِيَّةِ اجْتِنَابِ الدَّسَمِ وَفِي لَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَلَحْمٍ لا يؤكل وجهان م 15 – 17. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَجِّ وَفِي الصُّغْرَى فِي الصَّوْمِ: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ1. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى لَكِنْ لَا تُتَصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ فِي الصَّلَاةِ فِيمَا يَظْهَرُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي التَّعْلِيقِ وَهُوَ بَعِيدٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ حَلَفَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا وَقُلْنَا لَا يُبْطِلُ ثُمَّ قَالَ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الثَّالِثَ الطَّوَافُ فَيَحْلِفُ وَهُوَ طائف ثم يستديمه2. مَسْأَلَةٌ 15 - 17 قَوْلُهُ: وَفِي لَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ وَلَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ فَذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 15 إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ الرَّأْسِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْخَدِّ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ هُوَ مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا. انْتَهَى. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَحْنَثُ بأكل لحم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّأْسِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: حَنِثَ بِأَكْلِ الرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَنْوِيَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ رَأْسٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا قَالَ فِي الْمُغْنِي1: فَإِنْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ كَارِعًا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. انْتَهَى. قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ لَا يَتَنَاوَلُ الرُّءُوسَ. انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 16: لَوْ أَكَلَ اللِّسَانَ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْلَ اللِّسَانِ كَأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا قَالَ الزَّرْكَشِيّ: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللِّسَانِ عَلَى أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 17: إذَا أَكَلَ لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ فَهَلْ يَحْنَثُ به أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي الْكَافِي3: وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا تَنَاوَلَتْ يَمِينُهُ أَكْلَ اللَّحْمِ الْمُحَرَّمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَنَصَرَاهُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ أبو محمد. انتهى.
ويحنث بسمك تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى: لَا وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ هَانِئٍ: إنْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا فَاشْتَرَى رَأْسًا أَوْ كَارِعًا إنْ كَانَ لِشَيْءٍ تَأَذَّى بِهِ مِنْ اللَّحْمِ فَالرَّأْسُ مُفَارِقٌ لِلْبَدَنِ وَإِنْ كَانَ عَقَدَهُ لَا يَشْتَرِي لَحْمًا لِجَمِيعِهِ فَلَا يُعْجِبُنِي يَشْتَرِي شَيْئًا مِنْ الشَّاةِ قَالَ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمًا فَلَا بَأْسَ إنْ كَانَ لِشَيْءٍ لَحِقَهُ مِنْ اللَّحْمِ وَإِلَّا فَلَا يَأْكُلُهُ وَهَلْ بَيَاضُ لَحْمٍ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 18 و 19. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أبي موسى وهو قوي. مَسْأَلَةٌ 18 وَ 19: قَوْلُهُ: وَهَلْ بَيَاضُ لَحْمٍ كَسَمِينِ ظَهْرٍ وَجَنْبٍ وَسَنَامِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 18: هَلْ بَيَاضُ اللَّحْمِ مِثْلُ سَمِينِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ لَحْمٍ أَوْ شَحْمٍ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي النَّظْمِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ شَحْمٌ فَيَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ قَالَ فِي الْمُقْنِعِ1: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الشَّحْمَ فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ حَنِثَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: الْقَاضِي وَالشَّرِيفِ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وشرح ابن منجا والرعايتين والحاوي الصغير وغيرهم.
وَيَحْنَثُ حَالِفٌ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا بِأَلْيَةٍ لَا بِلَحْمٍ أَحْمَرَ وَحْدَهُ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا أَوْ بَيْضًا حَنِثَ برأس طير وسمك وبيض سمك وجراد عند الْقَاضِي وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ عَادَةً مُنْفَرِدٍ أَوْ بَيْضٍ يُفَارِقُ بَائِضُهُ حَيًّا م 20. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لَحْمٌ وَلَيْسَ بِشَحْمٍ فَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَهُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَقَالَ: الشَّحْمُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي الْجَوْفِ مِنْ شَحْمِ الْكُلَى أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي: وَإِنْ أَكَلَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الشَّاةِ مِنْ لَحْمِهَا الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَلْيَةِ وَالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ وَالْقَلْبِ فَقَالَ شَيْخُنَا: يَعْنِي بِهِ ابْنَ حَامِدٍ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ اسْمَ الشَّحْمِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ. انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 19: هَلْ السَّنَامُ لَحْمٌ أَوْ شَحْمٌ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: هُوَ شَحْمٌ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْأَلْيَةَ لَا تُسَمَّى لَحْمًا فَكَذَا السَّنَامُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ لَحْمٌ قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ هُوَ قَوْلٌ ساقط وإطلاق المصنف فيه نظر ظاهر. مَسْأَلَةٌ 20: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَأْسًا أو بيضا حنث برأس طير وسمك وبيض سَمَكٍ وَجَرَادٍ عِنْدَ الْقَاضِي وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ عَادَةً مُنْفَرِدٌ أَوْ بَيْضًا يُفَارِقُ بَائِضَهُ حَيًّا. انْتَهَى. وَكَلَامُهُ فِي الْمُقْنِعِ1 كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ. مَا اخْتَارَهُ الْقَاضِي هُوَ الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءً إلَى تَقْدِيمِهِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَنِثَ بِأَكْلِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ قَالَهُ الْقَاضِي أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ فِي الْبَيْضِ.
وَفِي الْوَاضِحِ: فِي الرُّءُوسِ هَلْ يَحْنَثُ؟ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ أَمْ بِرُءُوسِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَقَطْ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ بِإِمْكَانِ الْعَادَةِ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فِيهِ حَنِثَ فِيهِ وَفِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَجْهَانِ نَظَرًا إلَى أَصْلِ الْعَادَةِ أَوْ عَادَةِ الْحَالِفِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِكُلِّ خُبْزٍ وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ خُبْزُ بَلَدِهِ مِنْ الْأُرْزِ حَنِثَ بِهِ وَفِي حِنْثِهِ بِخُبْزِ غَيْرِهِ الْوَجْهَانِ قَبْلَهَا نَظَرًا إلَى وَضْعِ الِاسْمِ أَوْ إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً هَلْ يَحْنَثُ بِمَاءٍ مِلْحٍ أَوْ نَجِسٍ؟ وَحِنْثُهُ فِي الْمُغْنِي1 لَا بِجَلَّابٍ2. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً حَنِثَ بِثَمَرِ الشَّجَرِ رَطْبًا وَالْأَصَحُّ3 وَيَابِسًا كَحَبِّ صَنَوْبَرٍ وَعُنَّابٍ لَا بِبُطْمٍ4 وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَلَا بِزَيْتُونٍ وَبَلُّوطٍ وَزُعْرُورٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ. وَيَحْنَثُ ببطيخ وقيل: لا كقثاء وخيار وَالثَّمَرَةِ الرَّطْبَةِ وَالْيَابِسَةِ شَرْعًا وَلُغَةً هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ فِي السَّرِقَةِ مِنْهَا وَغَيْرِهِ وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي السَّلَمِ: اسْمُ الثَّمَرَةِ إذَا أُطْلِقَ لِلرَّطْبَةِ. وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ وَكِيلَهُ بِشِرَاءِ ثَمَرَةٍ فَاشْتَرَى ثَمَرَةً يَابِسَةً لَمْ تَلْزَمْهُ. وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: الثَّمَرُ اسْمٌ لِلرَّطْبِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رَطْبًا أَوْ بُسْرًا حَنِثَ بِمُذَنَّبٍ وَقِيلَ: لَا كَأَحَدِهِمَا: عَنْ الْآخَرِ أَوْ هُمَا عَنْ تَمْرٍ أَوْ هُوَ عَنْهُمَا وفيه عن رطب رواية في المبهج. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ لَمْ يَعُمَّ وَلَدًا وَلَبَنًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَاسْتَفَّهُ أَوْ خَبَزَهُ حَنِثَ. وَحَقِيقَةُ الْغَدَاءِ وَالْقَيْلُولَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ بَعْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُ: الْغَدَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَدَاةِ وَالْعَشَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعَشِيِّ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ سُمِّيَ عَشَاءً وَيَتَوَجَّهُ الْعُرْفُ مِنْ الْغُرُوبِ وَآخِرُهُ الْعِرْفُ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ يَتَوَجَّهُ خِلَافٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ السُّحُورَ مِنْهُ إلى الفجر وهـ أَوْ أَنَّهُ قُبَيْلَ الْفَجْرِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ. وَجَزَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِمَعْنَاهُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي قَوْلِهِ: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] لِأَنَّهُ الْوَقْتُ الَّذِي قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهُوَ أَوَّلُ إدْبَارِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا نَامَ أَوْ لَيَنَامَنَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَحْنَثُ بِأَدْنَى نَوْمٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ لُغَةً وَعُرْفًا. وَقَالَ فِي الْخِلَافِ لِمَنْ احْتَجَّ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ نَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ" 1: الْمُرَادُ بِهِ نَوْمُ الْمُضْطَجِعِ لِأَنَّهُ إذَا قِيلَ فُلَانٌ نَامَ يُعْقَلُ مِنْ إطْلَاقِهِ النَّوْمُ الْمُعْتَادُ وَهُوَ أَنْ يَنَامَ عَلَى جَنْبٍ. وَقَالَ لِمَنْ احْتَجَّ بِخَبَرِ صَفْوَانَ: أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ2 الْجَوَابُ عَنْهُ مَا قَدَّمْنَا وَهُوَ أَنَّ إطْلَاقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى النَّوْمِ الْمُعْتَادِ أَوْ إلَى النَّوْمِ الْكَثِيرِ مما ذكرنا في المسألة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَالْقُوتُ خُبْزٌ وَفَاكِهَةٌ يَابِسَةٌ وَلَبَنٌ وَنَحْوُهُ وَقِيلَ: قُوتُ بَلَدِهِ وَيَحْنَثُ بِحَبٍّ يَقْتَاتُ فِي الْأَصَحِّ وَالْأُدْمُ شِوَاءٌ نَصَّ عَلَيْهِ وَجُبْنٌ وَبَيْضٌ وَزَيْتُونٌ وَمَا يَصْطَبِغُ بِهِ كَخَلٍّ وَلَبَنٍ وَالْأَشْهَرُ: وَمِلْحٌ وَفِي تَمْرٍ وَجْهَانِ م 21 وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا زَبِيبٌ وَنَحْوُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَفِي الْمُغْنِي1: لَا يَحْنَثُ. وَالطَّعَامُ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ وَفِي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهِمَا وَجْهَانِ م 22. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 21: قَوْلُهُ: وَفِي تَمْرٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يُسَمَّى أُدُمًا أَمْ لَا؟ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: هُوَ مِنْ الْأُدُمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ مِنْ الْأُدُمِ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أُدُمًا وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ. مَسْأَلَةٌ 22: قَوْلُهُ: وَفِي مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَوَرَقِ شجر وتراب ونحوها وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وفي الماء والدواء وجهان. انتهى.
وَالْعَيْشُ يَتَوَجَّهُ فِيهِ عُرْفًا الْخُبْزُ وَفِي اللُّغَةِ الْعَيْشُ: الْحَيَاةُ فَيَتَوَجَّهُ مَا يَعِيشُ بِهِ فَيَكُونُ كَالطَّعَامِ. وَالْأَكْلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَرَّةُ وَلَوْ1 مَعَ تَقَارُبِ تَقْطِيعِ الْأَكْلِ وَبِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا فَلَبِسَ نَعْلًا أَوْ خُفًّا حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَ لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ وَلَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ أَوْ اتَّزَرَ بِقَمِيصٍ لَا بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَلَا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ. وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ إنْ قُدِّمَتْ اللُّغَةُ وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ م 23 وَإِنْ قَالَ: قَمِيصًا فَاِتَّزَرَ لَمْ يحنث وإن ارتدى فوجهان م 24. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ طَعَامًا فِي الْعُرْفِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يُسَمَّى ذَلِكَ طَعَامًا فِي الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ بِأَكْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. مَسْأَلَةٌ 23: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَدَثَّرَ بِهِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا فَتَدَثَّرَ بِهِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ. مَسْأَلَةٌ 24: قَوْلُهُ: وَإِنْ ارْتَدَى فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي2: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ قَمِيصًا يَعْنِي وَحَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ فَارْتَدَى بِهِ حَنِثَ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ،
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا فِي رجله لم يحنث لأنه عبث وسفه. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا حَنِثَ بِحُلِيِّ جَوْهَرٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَلَوْ خَاتَمٍ فِي غَيْرِ خِنْصَرٍ. وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا يَأْتِي1 فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ النَّهْرِ فَكَرَعَ لَا بِعَقِيقٍ وَسَبَجٍ2 وَحَرِيرٍ. وَفِي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ م 25 و 26 وَفِي الْوَسِيلَةِ: تحنث المرأة بحرير. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي: وَإِنْ كَانَ قَمِيصًا فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ أَوْ رِدَاءً أَوْ عِمَامَةً حَنِثَ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لا3 يَحْنَثُ. مَسْأَلَةٌ 25 وَ 26: قَوْلُهُ: وَفِي دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ في مرسلة زاد بعضهم: مفردين ومنطقة محلاة لَا سَيْفٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:25 لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الدَّنَانِيرَ فِي مُرْسَلَةٍ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُقْنِعِ5 والهادي والبلغة والمحرر والشرح وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ:
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا جَعَلَهُ لِعَبْدِهِ أَوْ آجَرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ. وَعَنْهُ: "1أَوْ اسْتَعَارَهُ وَدَابَّةُ فُلَانٍ وَثَوْبُهُ كَدَارِهِ ولا يحنث فِيمَا اسْتَعَارَهُ. وَإِنْ قَالَ: مَسْكَنُهُ حَنِثَ بِمُسْتَأْجَرٍ وَمُسْتَعَارٍ يَسْكُنُهُ وَفِي مَغْصُوبٍ أَوْ لَا يَسْكُنُهُ من ملكه1" وجهان م 27، 28 وفي الترغيب: الأقوى إن كان ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ بِلُبْسِهِ وَهُمَا ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي2 فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَا يَحْنَثُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ بِلُبْسِهَا وَهُوَ مِنْ الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. قَالَ فِي الْإِرْشَادِ3: لَوْ لَبِسَ ذَهَبًا أَوْ لُؤْلُؤًا وَحْدَهُ حَنِثَ قُلْت: وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَالصَّوَابُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ وَالْعُرْفِ فَإِنْ عُدِمَا حَنِثَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 26: لَوْ لَبِسَ مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً فَهَلْ هِيَ مِنْ الْحُلِيِّ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: أَحَدُهُمَا: هِيَ مِنْ الْحُلِيِّ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَتْ مِنْ الْحُلِيِّ قُلْت الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلى العادة كالتي قبلها. والله أعلم. مسألة 27 - 28: قَوْلُهُ: وَفِي مَغْصُوبٍ أَوْ لَا يَسْكُنُهُ مَنْ مَلَكَهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ فَدَخَلَ فِي مَسْكَنٍ غَصَبَهُ أَوْ فِي مَكَان لَهُ لَكِنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ فَذَكَرَ مسألتين:
سَكَنَهُ مَرَّةً حَنِثَ وَإِنْ قَالَ: مَلَكَهُ فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ 29 وَإِنْ قَالَ: دَابَّةُ عَبْدِ فُلَانٍ حَنِثَ بِمَا جَعَلَ بِرَسْمِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَجُلٌ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَلَا يَبِيعُهُ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أَوْ: لَا1 يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: إنْ رَقَى السَّطْحَ أَوْ نَزَلَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ دُخُولِهِ طَاقِ الْبَابِ م 30 و 31 وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ خَارِجَهُ إذْ أُغْلِقَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 27: الْمَغْصُوبُ. مَسْأَلَةٌ- 28: مِلْكُهُ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ وَالتَّرْغِيبِ: الْأَقْوَى أَنَّهُ إنْ كَانَ سَكَنَهُ مَرَّةً أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: وَإِنْ قَالَ لَا أَسْكُنُ مَسْكَنَهُ فَفِيمَا لَا يَسْكُنُهُ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ يَسْكُنُهُ بِغَصْبٍ وَجْهَانِ زَادَ فِي الْكُبْرَى: وَيَحْنَثُ بِسُكْنَى مَا سَكَنَهُ مِنْهُ بِغَصْبٍ انْتَهَى.. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي2: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ وَبِهِ قَطَعَ النَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ. مَسْأَلَةٌ 29 قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: مَلَكَهُ فَفِيمَا اسْتَأْجَرَهُ خِلَافٌ فِي الِانْتِصَارِ قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ مَالِكُ مَنَافِعِ الْمَأْجُورِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 30 و 31: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَدَخَلَ سَطْحَهَا أَوْ لَا يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ وَدَخَلَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: إنْ رَقَى السَّطْحَ أَوْ نَزَلَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ نَقْبٍ فَوَجْهَانِ كَوُقُوفِهِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ دُخُولِهِ طاق الباب. انتهى. ذكر مسألتين:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى30: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَوَقَفَ عَلَى الْحَائِطِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 31: لَوْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ اللَّاتِي مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ فَفَعَلَ بَعْضَهُ: أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ بِذَلِكَ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ بِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْآدَمِيِّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَهَذَا الصَّحِيحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ فِي كِتَابِ الْإِنْصَافِ4. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ الْبَابَ كَانَ خَارِجًا قُلْت وهو الصواب وصححه ابن منجا فِي شَرْحِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَإِنْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ بِحَيْثُ إذَا أَغْلَقَ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. اخْتَارَ الْقَاضِي الحنث ذكره عنه في المستوعب
وقيل: لا يحنث بدخزله خارجه، إذا أغلق، وَإِنْ حَلَفَ: لَا أَدْخُلُ بَيْتًا أَوْ: لَا أَرْكَبُ، حَنِثَ بِدُخُولِ مَسْجِدٍ وَحَمَّامٍ وَبَيْتِ شَعْرٍ وَأَدَمٍ وَخَيْمَةٍ وَرُكُوبِ سَفِينَةٍ، فِي الْمَنْصُوصِ؛ تَقْدِيمًا لِلشَّرْعِ وَاللُّغَةِ، لَا بِدُخُولِ صُفَّةٍ وَدِهْلِيزٍ، وَإِنْ حلف: لا يطأ أو: لايضع قَدَمَهُ فِي دَارٍ، فَدَخَلَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا، حَنِثَ. وَهَلْ يَحْنَثُ بِدُخُولِ مَقْبَرَةٍ؟ يَتَوَجَّهُ: لَا، إنْ قُدِّمَ الْعُرْفُ، وَإِلَّا حَنِثَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنَّ فِي1 قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ" 2 إنَّ اسْمَ الدَّارِ يَقَعُ عَلَى الْمَقَابِرِ قَالَ: وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الدَّارَ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الرَّبْعِ المسكون وعلى الخراب غير المأهول. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى حَنِثَ بِوَطْءِ أَمَتِهِ كَحَلِفِهِ لَا يَطَأُ وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَ وَعَنْهُ: إنْ عَزَلَ لَمْ يَحْنَثْ وَعَنْهُ: فِي مَمْلُوكَةٍ وَقْتَ حَلِفِهِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشُمُّ الرَّيْحَانَ فَشَمَّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا وَنَحْوَهُ وَلَوْ يَابِسًا أَوْ لَا يَشُمُّ وَرْدًا أَوْ بَنَفْسَجًا فَشَمَّ دُهْنَهُمَا أَوْ مَاءَ وَرْدٍ أَوْ لَا يَشُمُّ طِيبًا فَشَمَّ نَبْتًا رِيحُهُ طَيِّبٌ حَنِثَ فِي الأصح لا فاكهة. وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا "3فَوَجْهَانِ م 32 وَإِنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْته حَتَّى يُكَلِّمَنِي أَوْ يَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا3" حَنِثَ في الأصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 32: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا بَدَأْته بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُنَوِّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ حِينًا وَلَا نِيَّةَ فَنَصُّهُ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَيَتَوَجَّهُ: أَقَلُّ زَمَنٍ. وَقِيلَ: إنْ عَرَّفَهُ فَلِلْأَبَدِ كَالدَّهْرِ وَالْعُمُرِ وَقِيلَ: الْعُمُرُ كَحِينٍ فَإِنْ نَكَّرَهُمَا أَوْ قَالَ: زَمَنًا فَلِأَقَلِّ زَمَنٍ. وَعِنْدَ الْقَاضِي: كَحِينٍ وَكَذَا بَعِيدًا وَمَلِيًّا وَطَوِيلًا وَعِنْدَ الْقَاضِي لِفَوْقِ شَهْرٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي وَقْتٍ وَنَحْوِهِ: الْأَشْهَرُ بِمَذْهَبِنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِهِ مِنْ الْمُؤَاخَذَةِ وَالزَّمَانِ كَحِينٍ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ. لِلْأَبَدِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى: ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَإِنَّمَا قَالَهُ فِي زَمَنٍ وَحِقَبٍ أَقَلُّ زَمَنٍ وَقِيلَ: ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ: نصفها وَقِيلَ: لِلْأَبَدِ وَشُهُورٍ ثَلَاثَةٍ كَأَشْهُرٍ أَوْ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الْقَاضِي: اثْنَا عَشَرَ وَقِيلَ لِلْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ أَكْثَرِ الْحَيْضِ: اسْمُ الْأَيَّامِ يَلْزَمُ الثَّلَاثَ إلَى الْعَشَرَةِ لِأَنَّك تَقُولُ: أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تَقُلْ: أَيَّامًا. فَلَوْ تَنَاوَلَ اسْمَ الْأَيَّامِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ حَقِيقَةً لَمَا جَازَ1 نفيه. فقال: قد بينا أن2 اسْمَ الْأَيَّامِ يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ يَعْنِي قَوْلَهُ: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} [آل عمران: 140] ، وَقَوْلُهُ: {بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] ، وَقَوْلُهُ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184، 185] وقال زفر بن الحارث: ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ3 والشرح3 وشرح ابن منجا ومنتخب الآدمي وغيرهم.
وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلَّ سَوْدَاءَ تَمْرَةً ... لَيَالِيَ لَاقَيْنَا جُذَامًا وَحِمْيَرَا1 قَالَ الْقَاضِي: فَدَلَّ أَنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ لَا تَخْتَصُّ بِالْعَشَرَةِ. وَإِنْ قَالَ: إلَى الْحَصَادِ فَإِلَى2 أَوَّلِ مُدَّتِهِ وَعَنْهُ: آخِرُهَا. وَإِنْ قَالَ: الْحَوْلُ فَحَوْلٌ لَا تَتِمَّتُهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَسَبَقَتْ مَسَائِلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ3. وَتَطْلُقُ امْرَأَةُ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زِنْدِيقًا بِقَائِلٍ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ قَالَهُ سَجَّادَةُ4 قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَبْعَدَ5. مَا قَالَ وَالسَّفَلَةُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مَا قَالَ وَمَا قِيلَ فِيهِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: هُوَ مَنْ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ بِلَا مِئْزَرٍ وَلَا يُبَالِي عَلَى أَيِّ مَعْصِيَةٍ رُئِيَ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الرَّعَاعُ السَّفَلَةُ وَالْغَوْغَاءُ نَحْوُ ذَلِكَ. وَأَصْلُ الْغَوْغَاءِ صِغَارُ الْجَرَادِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ لَمْ يَحْنَثْ وَكَذَا قَوْلُهُ لِمَنْ دق بابه: {ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ} [الحجرات: 46] ، يقصد الالمذهب بِقُرْآنٍ. وَفِي الْمَذْهَبِ وَجْهَانِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْقُرْآنَ حَنِثَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ مَا نُطِقَ بِهِ فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ في الانتصار. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ شَيْخُنَا: الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا كَالْحَرَكَةِ وَيَتَضَمَّنُ مَا يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي فَلِهَذَا نَجْعَلُ الْقَوْلَ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ وَقِسْمًا مِنْهُ أُخْرَى1 وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فَقَالَ قَوْلًا كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَحْنَثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِي الْمُسِيءِ فِي صَلَاتِهِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "افْعَلْ ذَلِكَ" 2 يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ إذَا كَانَ لَهَا اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ مِنْ الْفِعْلِ يمتنع أن تسمى فعلا. قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَإِنْ حَلَفَ: لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ، فَسَمِعَ الْقُرْآنَ، حَنِثَ"ع". وَإِنْ حلف: ليضربنه مئة سَوْطٍ، فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً مُؤْلِمَةً، لَمْ يَبَرَّ، وَعَنْهُ: يَبَرُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، كَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنهُ بمئة. وَإِنْ حَلَفَ: لَا مَالَ لَهُ، حَنِثَ بِغَيْرِ زَكَوِيٍّ وَبِدَيْنٍ، لَا بِمُسْتَأْجَرٍ، وَفِي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عنه، وضائع آيسه وجهان م33، 34، وعنه: يحنث بنقد فَقَطْ. قَالَ فِي الْوَاضِحِ: وَالْمَالُ: مَا تَنَاوَلَهُ النَّاسُ عَادَةً بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ لِطَلَبِ الرِّبْحِ، مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَيْلِ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ، وَجَانِبٍ إلَى جَانِبٍ. قَالَ: وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الْأَعْيَانَ مِنْ الأموال، ولا يعمّ الدّين، و3 في المغني4: إذا حلف: لا ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 33 و 34: وقوله: وفي مغصوب عاجز عنه5، وضائع آيسه "6وجهان. انتهى. يعني: إذا حلف: لا مال له، وله مال مغصوب منه وعاجز عَنْ أَخْذِهِ، أَوْ ضَائِعٍ آيَسَهُ6". فَذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ:
يَمْلِكُ مَالًا، وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ الْمَشْهُورَةَ السَّابِقَةَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْوِي مَعَهَا فِي هَذَا الْعِيدِ1 حَنِثَ بِدُخُولِهِ. وَالْعِيدُ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا بَعْدَهَا وَأَيَّامُ الْعِيدِ تُؤْخَذُ بِالْعُرْفِ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَخَرَجَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَأْوِي حَتَّى تَغِيبَ شَمْسُ يَوْمِ الْفِطْرِ وَآخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إن لم أغمك حتى تقولي2 قَدْ غَمَمْتنِي: إنْ هُوَ وَقَعَ فِي أُمِّهَا وَأَبِيهَا وَأَهْلِ بَيْتِهَا لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ مِمَّا يغمها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 33: الْمَغْصُوبِ الْعَاجِزِ عَنْهُ. مَسْأَلَةُ 34: الضَّائِعِ الْآيِسِ منه. قَالَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَغْصُوبٌ حَنِثَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضَائِعٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ: الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ فَإِنْ ضَاعَ عَلَى وَجْهٍ قَدْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ كَاَلَّذِي سَقَطَ فِي الْبَحْرِ لَمْ يَحْنَثْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ كَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ وَاَلَّذِي عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: وَإِنْ يَئِسَ مِنْ عَوْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَقَدَّمَ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْمَالِ الْمَغْصُوبِ وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ مَالٌ5 غَيْرُ زَكَوِيٍّ أو دين على إنسان حنث. انتهى.
فصل: وإن حلف لا يأكل شيئا فأكله مستهلكا كحلفه على لبن يحنث بمسماه ولو من صيد وآدمية
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلِكًا كَحَلِفِهِ عَلَى لَبَنٍ يَحْنَثُ بِمُسَمَّاهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ وَآدَمِيَّةٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُبْزِ وَالْمَاءِ فَإِنْ أَكَلَ زُبْدًا أَوْ أَقِطًا أَوْ جُبْنًا أَوْ كِشْكًا أَوْ مَصْلًا أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَوْ تَمْرًا فَأَكَلَ نَاطِفًا أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي خَبِيصٍ فَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُهُ حنث وإلا فلا كحلفه لا يأكل1 شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتٌ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ وَفِيهِ2 وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ طَحَنَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَعَنْ أَحْمَدَ فِي الْأُولَى فِي حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ رِوَايَتَانِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ زُبْدًا حَنِثَ بِسَمْنٍ ظَهَرَ طَعْمُهُ. وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ كَعَكْسِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ م 35 و 36 وَعَنْهُ: يَحْنَثُ فِي الصُّورَةِ الْأَوِّلَةِ لِتَعْيِينِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْخِلَافُ مَعَ ذِكْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِلَّا حَنِثَ وَفِيهِ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَذُوقُهُ فَازْدَرَدَهُ وَلَمْ يَذُقْهُ حَنِثَ. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي3: لَا وَإِنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 35 و 36: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الشَّيْءَ أَوْ شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَرِوَايَتَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 35: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ "4هَذَا الشَّيْءَ، أَوْ4": شَيْئًا فَشَرِبَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ فهل يحنث أم لا؟ أطلق الخلاف. أطلقه فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا والحاوي:
حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَصِّهِ لا بذوقه وإن حلف لا ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ المقنع وغيره. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَثَرَدَ فِيهِ وَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: رَوَى مُهَنَّا: لَا يَحْنَثُ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَنِثَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يحنث قاله فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَنَقَلَ فِي الْمُغْنِي عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِيهِ الرِّوَايَتَانِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لَمْ يَحْنَثْ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ كِتَابِهِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ مَعَ ذِكْرِ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِلَّا حَنِثَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 36: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُمَا فَمَصَّ رُمَّانًا أَوْ سُكَّرًا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فَعَنْهُ: لَا يَحْنَثُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْنَثُ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الخرقي في المسألة التي قبلها.
يَأْكُلُ مَائِعًا حَنِثَ بِأَكْلِهِ بِخُبْزٍ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَ1 لَمْ يَحْنَثْ وَعَكْسُهُ إنْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ مِنْ النَّهْرِ أَوْ الْبِئْرِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ عَدَمَ حِنْثِهِ بِكَرْعِهِ مِنْ النَّهْرِ لعدم اعتياده حلفه لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ فَيَعْتَمَّ بِهِ. وَيَحْنَثُ بِشُرْبِهِ مِنْ نَهْرٍ2 يَأْخُذُ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ: مِنْ مَاءِ النَّهْرِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ بِالثَّمَرَةِ فَقَطْ ولو لقطه من تحتها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: وإن حلف لا يركب ولا يلبس أو لا يلبس من غزلها وعليه
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ وَلَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا وَعَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَا يَقُومُ وَلَا يَقْعُدُ وَلَا يُسَافِرُ وَلَا يَسْكُنُ دَارًا وَلَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ كَذَلِكَ فَاسْتَدَامَ3 حَنِثَ وَكَذَا لَا يَطَأُ ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَلَا يَمْسِكُ ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ أَوْ لَا يُضَاجِعُهَا عَلَى فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ نَصَّ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُشَارِكُهُ فَدَامَ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَعَكْسُهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَطَهَّرُ وَلَا يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي اللُّبْسِ: إنْ4 اسْتَدَامَهُ حَنِثَ إنْ قَدَرَ عَلَى نَزْعِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا: الْخُرُوجُ وَالنَّزْعُ لَا يُسَمَّى سَكَنًا وَلَا لُبْسًا وَلَا فِيهِ مَعْنَاهُ وَالنَّزْعُ جِمَاعٌ لاشتماله على إيلاج وإخراج فهو ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَطْرُهُ وَجَزَمَ فِي مُنْتَهَى الْغَايَةِ: لَا يَحْنَثُ الْمَجَامِعُ إنْ نَزَعَ فِي الْحَالِ وَجَعَلَهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ أَوْجَبَتْ الْكَفَّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِأَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ بَعْدَهَا وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ مَفْهُومَ يَمِينِهِ: لَا اسْتَدَمْت الْجِمَاعَ. فَإِنْ أَقَامَ السَّاكِنُ أَوْ الْمُسَاكِنُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا لَيْلًا ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ بِنَفْسِهِ وَبِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الشَّيْخُ: لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَا يُرَادُ وَلَا تَقَعُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنَّهُ يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَنْوِ النَّقْلَةَ. وَإِنْ خَرَجَ بِدُونِهِمَا وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ: أَوْ تَرَكَ لَهُ بِهَا شَيْئًا حَنِثَ. وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ. وَقِيلَ: أَوْ وَجَدَهُ بِمَا يَتَأَثَّثُ بِهِ فَلَا. وَإِنْ أَوْدَعَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ مَلَكَهُ أَوْ أَبَتْ زَوْجَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ يُجْبِرُهَا فَخَرَجَ وَحْدَهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ بَنَيَا بَيْنَهُمَا حَاجِزًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ وَقِيلَ: أَوْ لَا ثُمَّ سَاكَنَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: كَمَا لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَتَانِ لِكُلِّ حُجْرَةٍ بَابٌ وَمَرَافِقُ مُخْتَصَّةٌ فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ. قَالَ فِي الْفُنُونِ فِيمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ دَخَلْتِ عَلَيَّ الْبَيْتَ وَلَا كُنْت لِي زَوْجَةً إنْ لَمْ تَكْتُبِي لِي نِصْفَ مَالِك فَكَتَبَتْهُ لَهُ بَعْدَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا: يَقَعُ الثَّلَاثُ وَإِنْ كَتَبَتْ لَهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِاسْتِدَامَةِ الْمُقَامِ فَكَذَا اسْتِدَامَةُ الزَّوْجِيَّةِ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْ الدَّارِ أَوْ لَا يَأْوِي1 إلَيْهَا أَوْ يَنْزِلُ فِيهَا نَصَّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِمَا أَوْ لَا يَسْكُنُ الْبَلَدَ أَوْ لَيَرْحَلَن مِنْهُ فَكَحَلِفِهِ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ; وَكَذَا يَتَوَجَّهُ إنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْهُ وَالْأَشْهَرُ: يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: بِمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ. وَإِنْ حَلَفَ لَيَرْحَلَن عَنْ الدَّارِ أَوْ الْبَلَدِ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ عَلَى الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ إنْ خَرَجْت مِنْهَا فَلَكَ دِرْهَمٌ اسْتَحَقَّ بِخُرُوجٍ أَوَّلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا أَوْ كَانَ فِيهَا غير ساكن فدام جلوسه ففي حنثه وجهان م 37 و 38. وَقَالَ الْقَاضِي: وَلَوْ بَاتَ لَيْلَتَيْنِ لَمْ يَحْنَثَ قَالَ شَيْخُنَا: وَالزِّيَادَةُ لَيْسَ سُكْنَى اتفاقا: ولو طالت مدتها. وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ فَيَتَوَجَّهُ بَرَّ حَالِفٌ لَيُسَافِرَن به ولهذا1 نقل ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 37 و 38: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ الدار فدخلها أو كان فيها غير ساكن فَدَامَ جُلُوسُهُ فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 37: إذَا حَلَفَ لَمْ يَسْكُنْ الدَّارَ فَدَخَلَهَا فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ2 قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ3 وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يحنث.
الْأَثْرَمُ: أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ يَكُونُ سَفَرًا إلَّا أَنَّهُ لَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَفِي الْإِشَارَةِ أَنَّ بَقِيَّةَ أَحْكَامِ السَّفَرِ غَيْرَ الْقَصْرِ تَجُوزُ فِيهِمَا وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ بِبَلَدٍ بَاتَ خَارِجَ بُنْيَانِهِ. قَالَ أَحْمَدُ: إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَإِنْ أَكَلَ فِيهَا أَوْ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ حَدِّهَا حَنِثَ. قَالَ الْقَاضِي فِي إقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِي الْقَرْيَةِ وَقِيلَ لَهُ يَحْتَمِلُ: أَنَّ جواثا كَانَتْ مِصْرًا وَسَمَّاهَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَرْيَةً1 لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي الْمِصْرَ قَرْيَةً وَذَكَرَ الْآيَاتِ2 فَقَالَ: الْمَشْهُورُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا أَنَّ الْقَرْيَةَ لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْمِصْرِ إلَّا مَجَازًا كَذَا قَالَ. وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْعُرْفُ. وَأَمَّا لُغَةُ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالُهَا فَكَمَا قَالَ الْخَصْمُ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَاسْتَدَامَ أَوْ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيْهِ فَأَقَامَ مَعَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ بَارِيَة وَفِيهِ قصب فنسجت فيه حنث ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 38: لَوْ كَانَ فِيهَا وَهُوَ غَيْرُ سَاكِنٍ فَدَامَ جُلُوسُهُ فَهَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ3 وَهُوَ ظَاهِرُ بَحْثِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ.
فِي الْأَصَحِّ وَنَصُّهُ فِي: الْأُولَى فَإِنْ أَدْخَلَهُ قصبا لذلك حنث وقيل: لا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وإن حلف ليفعلن شيئا لم يبر إلا بفعل1 كله
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا لَمْ يَبَرَّ إلا بفعل 1 كُلِّهِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ هُوَ أَوْ مَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ كَزَوْجَةٍ وَقَرَابَةٍ وَقَصَدَ مَنْعَهُ وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ بَعْضِهِ وَعَنْهُ: بَلَى اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي غَيْرِ الدُّخُولِ2 وَحُكِيَ عَنْهُ فِي الْمُفْرَدَاتِ: وَلُبْسُ ثَوْبٍ كُلُّهُ مِنْ غَزْلِهَا3 نَحْوُ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَيُدْخِلُ بَعْضَ جَسَدِهِ أَوْ لَا يَبِيعُ عَبْدَهُ وَلَا يَهَبُهُ فَيَبِيعُ نِصْفَهُ وَيَهَبُ نِصْفَهُ أَوْ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْإِنَاءِ لَا مَاءَ النَّهْرِ فَيَشْرَبُ بَعْضَهُ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِهِ فَلَيْسَ ثَوْبًا فِيهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ثَوْبًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشتراه هو أو وكيله وغيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَنِثَ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ: فِيهِ الرِّوَايَتَانِ. وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ: لَا يَحْنَثُ إذَا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهِ1. وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ2: بِهِ وقيل: وبأقل وجهان م 39. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 39: قَوْلُهُ: وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِفَوْقِ نِصْفِهِ وَقِيلَ: بِهِ وَقِيلَ: وَبِأَقَلَّ وَجْهَانِ. يَعْنِي إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا اشتراه هو أو وكيله فخلطه بما
وَإِنْ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ أَوْ بَاعَهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ مِنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ "1وَالشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالسَّلَمُ وَالصُّلْحُ على مال شراء1". وَإِنْ حَلَفَ لَا قُمْت وَقَعَدْت فَفَعَلَ وَاحِدًا فَالرِّوَايَتَانِ وَكَذَا وَلَا قَعَدْت. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. وَفِي الْمُغْنِي2: يَمِينٌ وَاحِدَةٌ يَحْنَثُ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَدَاءِ مِائَةٍ لَمْ يعتق بأداء بعضها نص ـــــــــــــــــــــــــــــQاشْتَرَاهُ غَيْرُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ فَوْقَ نِصْفِهِ وَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ نِصْفَهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُغْنِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَشَرْحَيْهِ فِي آخِرِ باب تعليق الطلاق بالشروط. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ وَبِأَقَلَّ هَذَا الْقَوْلُ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْضًا أَعْنِي أَنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَمَّا علل ابن منجا الْوَجْهَيْنِ فِي شَرْحِهِ قَالَ: وَيَقْتَضِي هَذَا التَّعْلِيلُ خُرُوجَ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا أَكَلَ دُونَ الَّذِي اشْتَرَاهُ شَرِيكُ زَيْدٍ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هنا.
عَلَيْهِ لِجَعْلِهَا عِوَضًا وَمَعَ عَدَمِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُعَوَّضَ وَيَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيتُ عِنْدَهُ فَمَكَثَ عِنْدَهُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ حَنِثَ وَإِلَّا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَالرِّوَايَتَانِ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: لَا حِنْثَ لِعَدَمِ تَبَعُّضِ الْبَيْتُوتَةِ كَقَوْلِهِ: لَا أَقَمْت عِنْدَك كُلَّ الليل أو ينويه فيقيم بعضه. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَقَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْمَحْلُوفِ حَنِثَ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ فَقَطْ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَذَكَرُوهُ1 فِي الْمُذْهَبِ. وَعَنْهُ: فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ وَعَنْهُ: لَا حِنْثَ وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وَهُوَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ فِي الْإِرْشَادِ2 عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا: رواتها بقدر رواة التفرقة و3إن هَذَا يَدُلُّ أَنَّ أَحْمَدَ جَعَلَهُ حَالِفًا لَا مُعَلِّقًا وَالْحِنْثُ لَا يُوجِبُ وُقُوعَ الْمَحْلُوفِ بِهِ وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ الرِّوَايَاتِ نَحْوَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْ لَا يُفَارِقُهُ إلَّا بِقَبْضِ حَقِّهِ فَقَبَضَهُ ففارقه فخرج رديئا أَوْ أَحَالَهُ فَفَارَقَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ بَرَّ أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَجَهِلَهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يَحْنَثُ بِالْحَوَالَةِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي الضَّمَانِ أَنَّ الْحَوَالَةَ كَالْقَضَاءِ. فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ وَجَهِلَهُ لَمْ يَحْنَثْ هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ عَلِمَهُ وَلَمْ يَنْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ بِقَلْبِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ قَصَدَهُ حَنِثَ وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: لَا. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِثْلَهَا الدُّخُولَ عَلَى فُلَانٍ. وَفِعْلُهُ فِي جُنُونِهِ كَنَائِمٍ فَلَا حِنْثَ4 حِينَئِذٍ وقيل: كناس. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ لِعَدَمِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ بِخِلَافِ نَاسٍ. وَعَنْهُ: بَلَى وَقِيلَ: هُوَ كَنَاسٍ. وَمَنْ يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ وَقَصَدَ مَنْعَهُ كَهُوَ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ قَصَدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ لَمْ يَحْنَثْ نَاسٍ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ لِيَفْعَلَنهُ فَخَالَفَهُ لَمْ يَحْنَثْ إنْ قَصَدَ إكْرَامَهُ لَا إلْزَامَهُ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْأَمْرِ وَلَا يَجِبُ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ بِوُقُوفِهِ فِي الصَّفِّ وَلَمْ يَقِفْ1 وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَقْسَمَ عَلَيْهِ لَيُخْبِرَنهُ بِالصَّوَابِ وَالْخَطَإِ لَمَّا فَسَّرَ الرُّؤْيَا فَقَالَ: لَا تُقْسِمْ2 لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْإِقْسَامَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْكَتْمِ. وَقَالَ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَكَنَاسٍ وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أظهر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ: خَوْفُ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ إكْرَاهٌ عَلَى الْخُرُوجِ. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْمَنْعُ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ أَمْكَنَهُ حَنِثَ فِي الْمَنْصُوصِ. وَكَذَا إنْ حَلَفَ لَا يَسْتَخْدِمُهُ فَخَدَمَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَنْهَهُ وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وابن عقيل وجماعة. وكذا ناسيا على كلام جماعة وكلام جماعة يقتضي حنثهما م 40. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 40: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَتَرَكَهُ مُكْرَهًا لَمْ يَحْنَثْ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي وابن عقيل وجماعة وكذا ناسيا على كلام وَكَلَامِ جَمَاعَةٍ يَقْتَضِي حِنْثَهَا. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ فِيهَا وَهُوَ الصَّوَابُ خُصُوصًا لِلْكُرْهِ. وَالْقَوْلُ الآخر يحنث1.
فصل: وإن حلف ليفعلن شيئا وعين وقتا أو أطلق فتلف أو مات الحالف قبل مضي وقت يفعله فيه حنث
فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَن شَيْئًا وَعَيَّنَ وَقْتًا أَوْ أَطْلَقَ فَتَلِفَ أَوْ مَاتَ الْحَالِفُ قَبْلَ مُضِيِّ وَقْتٍ يَفْعَلُهُ فِيهِ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ كَإِمْكَانِهِ. وَإِنْ قَالَ: فِي غَدٍ فَتَلِفَ قَبْلَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ حَنِثَ إذَنْ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: فِي آخَرِ الْغَدِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَحْنَثُ عَلَى قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ إنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ. وَيَتَخَرَّجُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَدَمُ حِنْثِهِ لِعَجْزِهِ كَمُكْرَهٍ وَكَمَوْتِهِ فِي الْأَصَحِّ فِي الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْغَدِ وَمِثْلُهُ لَوْ جُنَّ إلَى بَعْدِ الْغَدِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُغْنِي1: إنْ تَرَكَهُ لِمَرَضٍ وَعَدَمِ نَفَقَةٍ وَهَرَبَ وَنَحْوُهُ حَنِثَ وَيَحْنَثُ بِتَلَفِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِي وَقْتِهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ قَالَ: الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ وَتَلِفَ عَقِبَهُ حَنِثَ وَقِيلَ: فِي آخِرِهِ وَيَحْنَثُ بِمَوْتِهِ فِي الأصح بآخر حياته. وَإِنْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ فِي غَدٍ فَأَبْرَأهُ اليوم وَقِيلَ: مُطْلَقًا فَقِيلَ: كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْأَصَحِّ م 41 وَفِي التَّرْغِيبِ: أَصْلُهُمَا إذا امنع2 مِنْ الْإِيفَاءِ فِي الْغَدِ كُرْهًا لَا يَحْنَثُ على الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 41: قَوْلُهُ وَإِنْ وَقِيلَ: مُطْلَقًا - فَقِيلَ كَمَسْأَلَةِ التَّلَفِ وَقِيلَ: لَا يَحْنَثُ فِي الْأَصَحِّ. انْتَهَى. الطَّرِيقَةُ الْأُولَى: طَرِيقَةُ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى مَا إذَا أُكْرِهَ وَمُنِعَ مِنْ الْقَضَاءِ فِي غَدٍ هَلْ يَحْنَثُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ والمقنع4 وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا5: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثاني: يحنث.
وَأَطْلَقَ فِي التَّبْصِرَةِ فِيهِمَا الْخِلَافَ وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقُضِيَ لِوَرَثَتِهِ م 42 وَإِنْ أَخَذَ عنه عرضا1 لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَالرِّوَايَتَانِ وَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ إنْ أُكْرِهَ. وَإِنْ قَالَ: عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ فَعِنْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ فَرَاغُ كَيْلِهِ لِكَثْرَتِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَيَحْنَثُ بَعْدُ مَنْ أَمْكَنَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُعْتَبَرُ الْمُقَارَنَةُ فَتَكْفِي حَالَةُ الْغُرُوبِ وَإِنْ قَضَاهُ بَعْدَهُ حَنِثَ. وَإِنْ حَلَفَ لَا أَخَذْت حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ عَلَى دَفْعِهِ حَنِثَ وَإِنْ أُكْرِهَ قَابِضُهُ فَالْخِلَافُ. وَإِنْ وَضَعَهُ الْحَالِفُ بَيْنَ يديه أو في حِجْرِهِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَمْ يُضْمَنْ بِمِثْلِ هَذَا مَالٌ وَلَا صَيْدٌ. وَيَحْنَثُ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُعْطِيكَهُ لِأَنَّهُ يُعَدُّ عَطَاءً إذْ هُوَ تَمْكِينٌ وَتَسْلِيمٌ بِحَقٍّ فَهُوَ كَتَسْلِيمِ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ وَإِنْ أَخَذَهُ حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ فَأَخَذَهُ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ: لَا تَأْخُذْ حَقَّك عَلَيَّ وَعِنْدَ القاضي: لا كقوله: لا أعطيكه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 42: قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ مَاتَ رَبُّهُ فَقُضِيَ لِوَرَثَتِهِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ اخْتَارَهُ القاضي.
وَإِنْ حَلَفَ لَا فَارَقْتُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَهَرَبَ مِنْهُ حَنِثَ نَصَّ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَإِذْنِهِ وَكَقَوْلِهِ: لَا افْتَرَقْنَا. وَعَنْهُ: لَا اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ قَالَهُ الْقَاضِي وَقَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَقِيلَ: إنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ لَمْ يُلَازِمْهُ وَأَمْكَنَهُ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي1 وَمَعْنَاهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي2 وَجَعَلَهُ مَفْهُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَإِنْ أَلْزَمَهُ حَاكِمٌ بِفِرَاقِهِ لِفَلَسِهِ. وَقِيلَ: أَوْ لَمْ يُلْزِمْهُ فَكَمُكْرَهٍ وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عُدَّ فِرَاقًا3 عُرْفًا كَبَيْعٍ. وَفِعْلُ وَكِيلِهِ كَهُوَ نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الشَّرْعَ أَقَامَ أَقْوَالَ الْوَكِيلِ وَأَفْعَالَهُ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ فِي الْعُقُودِ وَغَيْرِهَا: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ مَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ تَزَوَّجَهُ زَيْدٌ حَنِثَ بِفِعْلِ وَكِيلِهِ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: إنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُهُ شَيْئًا فَبَاعَ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِلَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ حَنِثَ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَإِنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ لَا يَحْنَثُ. وَفِي الْمُفْرَدَاتِ إنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَوْ تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنهُ فَوَكَّلَ وَعَادَتُهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ حَنِثَ صَوَابُهُ لَمْ يُبَرَّأْ4 وَلَا يقال حنث. قاله ابن نصر الله.
يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ. وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ م 43. وَإِنْ حَلَفَ لَا يَكْفُلُ مَالًا فَكَفَلَ بَدَنًا وَشَرْطَ الْبَرَاءَةِ وَعِنْدَ الشَّيْخِ: أَوْ لَا لَمْ يَحْنَثْ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 43: قَوْلُهُ: وَلَوْ تَوَكَّلَ الْحَالِفُ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا بُدَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ الْإِضَافَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْنَثُ لِعَدَمِ إضَافَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ. فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
باب النذر والوعد والعهد
باب النذر والوعد والعهد مدخل ... بَابُ النَّذْرِ وَالْوَعْدِ وَالْعَهْدِ وَهُوَ الْتِزَامُهُ لِلَّهِ تَعَالَى شَيْئًا بِقَوْلِهِ لَا بِنِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ وَظَاهِرُهُ لَا تُعْتَبَرُ صِيغَةُ1 خَاصَّةً يُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي2 فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ أَوْ الْأَكْثَرِ: تُعْتَبَرُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ كَذَا وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ: إلَّا مَعَ دَلَالَةِ حَالٍ3. وَفِي الْمُذْهَبِ: بِشَرْطِ إضَافَتِهِ فَيَقُولُ: لله علي. وهو مكروه "4وفاقا، و"1"لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَرُدُّ قَضَاءً وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا مُحْدَثًا وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِي تَحْرِيمِهِ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: نَهَى عنه رسول الله 5. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: الْمَذْهَبُ: مُبَاحٌ. وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يُصَلِّي النَّفَلَ كَمَا هُوَ لَا بِنَذْرِهِ ثُمَّ يُصَلِّيهِ خلافا للأرجح للحنفية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَافِرًا بِعِبَادَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مِنْهُ بِغَيْرِهَا. مَأْخَذُهُ أَنَّ نَذْرَهُ لَهَا كَالْعِبَادَةِ لَا الْيَمِينِ. وَالْمُنْعَقِدُ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا: عَلَى نَذْرٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا وَلَا نِيَّةَ وَفَعَلَهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ. الثَّانِي نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْهُ أَوْ الْحَمْلَ عَلَيْهِ. نَحْوُ إنْ كَلَّمْتُك أَوْ إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ. أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ. فَإِذَا وُجِدَ شرطه ففي الواضح: يلزمه. وعنه: تعيين كفارة يَمِينٍ. وَالْمَذْهَبُ: يُخَيِّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ م 1 نَقَلَ صَالِحٌ: إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ عَلَى مَذْهَبِ من يلزم بذلك، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ: وَإِذَا وجد شرطه ففي الواضح: يلزمه وعنه: تعيين كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَالْمَذْهَبُ: يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ. انْتَهَى. فَصَرَّحَ بِالْمَذْهَبِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ عَلَى غَيْرِ الْمَذْهَبِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ بَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَفِعْلِ مَا وُجِدَ شَرْطُهُ وَالصَّحِيحُ مِنْهُمَا تَعْيِينُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمَا.
أَوْ لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهُ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا لِأَنَّ الشَّرْعَ لَا يَتَغَيَّرُ بِتَوْكِيدٍ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ: كَانَتْ طَالِقٌ بَتَّةً قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ قَصَدَ لُزُومَ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ لَزِمَهُ مُطْلَقًا عِنْدَ أَحْمَدَ نَقَلَ الْجَمَاعَةُ1 فِيمَنْ حَلَفَ بِحَجَّةٍ أَوْ بِالْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ: إنْ أَرَادَ يَمِينًا كَفَّرَ يَمِينَهُ وَإِنْ أَرَادَ نَذْرًا فَعَلَى حَدِيثِ عُقْبَةَ2. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ أَنَا أُهْدِي جَارِيَتِي أَوْ دَارِي فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ أَرَادَ الْيَمِينَ. وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ حَلَفَتْ إنْ لَبِسْت قَمِيصِي هَذَا فَهُوَ مُهْدًى: تُكَفِّرُ بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ قَالَ: غَنَمِي صَدَقَةٌ وَلَهُ غَنَمُ شَرِكَةٍ إنْ نَوَى يَمِينًا فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَإِنْ عَلَّقَ الصَّدَقَةَ بِهِ بِبَيْعِهِ وَالْمُشْتَرِي بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلًّا مِنْهُمَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ3 نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: إذَا حَلَفَ بِمُبَاحٍ أو معصية لا شيء عليه كنذرهما فَإِنَّ مَا لَمْ يَلْزَمْ بِنَذْرِهِ لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ إذَا حَلَفَ بِهِ فَمَنْ يَقُولُ لَا يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُ الْحَالِفَ بِالْأَوْلَى فَإِنَّ إيجَابَ النَّذْرِ أَقْوَى مِنْ إيجَابِ الْيَمِينِ. الثَّالِثُ: نَذَرَ مُسْتَحَبًّا يَقْصِدُ التَّقَرُّبَ مُطْلَقًا أَوْ عَلَّقَهُ بِشَرْطِ نِعْمَةٍ أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ أَوْ غَيْرِهِ: كَطُلُوعِ الشَّمْسِ نَحْوُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي أَوْ إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا أَوْ فَعَلْت كَذَا لِدَلَالَةِ الْحَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَحْوُ تَصَدَّقْت بِكَذَا. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ تَصَدَّقْت بِكَذَا. وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ قَالَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ أَصُومُ كَذَا: هَذَا نَذْرٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا وَمَنْ قَالَ لَيْسَ بِنَذْرٍ قَدْ أَخْطَأَ. وقال قول القائل: لئن ابتلاني الله1 لَأَصْبِرَن وَلَئِنْ لَقِيت عَدُوًّا لَأُجَاهِدَن وَلَوْ عَلِمْت أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ لَعَمِلْته نَذْرٌ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ كَقَوْلِ الْآخَرِ {لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ} لآية [التوبة: 75] ، ونظير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْتِدَاءِ الْإِيجَابِ تَمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَيُشْبِهُهُ سُؤَالُ الْإِمَارَةِ فَإِيجَابُ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ إيجَابًا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ بِنَذْرٍ وَعَهْدٍ وَطَلَبٍ وَسُؤَالٍ جَهْلٌ مِنْهُ وَظُلْمٌ. وَقَوْلُهُ لَئِنْ ابْتَلَانِي لَصَبَرْت وَنَحْوُ ذَلِكَ إنْ كَانَ وَعْدًا وَالْتِزَامًا فَنَذْرٌ وَإِنْ كَانَ خَبَرًا عَنْ الْحَالِ فَفِيهِ تَزْكِيَةٌ لِلنَّفْسِ وَجَهْلٌ بِحَقِيقَةِ حَالِهَا1 وَالْمَنْصُوصُ: أَوْ حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَئِنْ سَلِمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَن بِكَذَا ش فَوُجِدَ شَرْطُهُ لَزِمَهُ وَيَجُوزُ فِعْلُهُ قَبْلَهُ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالْفُنُونِ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الطَّيِّبِ أَيْضًا لِوُجُودِ أَحَدِ2 سَبَبَيْهِ وَالنَّذْرُ كَالْيَمِينِ. وَمَنَعَهُ أَبُو الْخَطَّابِ لِأَنَّ تَعْلِيقَهُ مَنْعُ كونه سببا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْخِلَافِ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْوَاجِبِ ذَكَرَاهُ فِي جَوَازِ صَوْمِ الْمُتَمَتِّعِ1 السَّبْعَةَ قَبْلَ رُجُوعِهِ إلَى أَهْلِهِ. وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ الْقُدُومُ وَمَا وُجِدَ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْمُخَالِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ احْتَجَّ بِأَنَّ النَّاذِرَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ يَصِيرُ كَالْمُتَكَلِّمِ بِالْجَوَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ مَلَكْت هَذَا الثَّوْبَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ كَذَا يَجِبُ أَنْ يَصِيرَ عِنْدَ قُدُومِ فُلَانٍ كَأَنَّهُ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ وَقَدْ أَكَلَ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَلْزَمُك أَنْ تَقُولَ مِثْلَ هَذَا إذَا نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَأَفْطَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَيَجْعَلُهُ كَالْمُتَكَلِّمِ بِالْجَوَابِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْيَوْمُ وَلَمَّا لَمْ نَقُلْ بِهَذَا فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ كَذَا فِي مَسْأَلَتِنَا. وَأَمَّا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمٍ قَدْ أَكَلَ فِيهِ فَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ; لِأَنَّهُ يَحْصُلُ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ زَيْدٌ لَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ شَاءَ لَكِنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ: يُكَفِّرُ إذَا تَيَقَّنَ الْحِنْثَ. وَإِنْ نَذَرَ مَنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِمَالِهِ يقصد القربة نص عليه أجزأه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُلُثُهُ وَعَنْهُ: كُلُّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَيْسَ لَنَا فِي نَذْرِ الطَّاعَةِ مَا يَفِي بِبَعْضِهِ إلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَعَلَّلَهُ1 غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ تُكْرَهُ الصَّدَقَةُ بِكُلِّهِ وَاحْتَجُّوا لِلثَّانِيَةِ بِالْخَبَرِ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ" 2. وَعَنْهُ: يَشْتَمِلُ النَّقْدَ فَقَطْ وَيَتَوَجَّهُ عَلَى اخْتِيَارِ شَيْخِنَا كُلُّ أَحَدٍ بِحَسَبِ عَزْمِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فَنَقَلَ الْأَثْرَمُ فِيمَنْ نَذَرَ مَالَهُ فِي الْمَسَاكِينِ أَيَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ الصَّامِتِ أَوْ مِنْ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ قَالَ: إنَّمَا يَكُونُ هَذَا عَلَى قَدْرِ مَا نَوَى أَوْ عَلَى قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ وَالْأَمْوَالُ تَخْتَلِفُ عِنْدَ النَّاسِ الْعَرَبُ تُسَمِّي الْإِبِلَ وَالنَّعَمَ الْأَمْوَالَ وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّي الصَّامِتَ وَغَيْرُهُمْ يُسَمِّي الْأَرْضَ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ أَلَيْسَ إنَّمَا كُنَّا نَأْخُذُهُ بِإِبِلِهِ أَوْ نَحْوِ هَذَا؟ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَجْزَأَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَرَ أَبَا لُبَابَةَ بِالثُّلُثِ3 فَإِنْ نَفِدَ4 هَذَا الْمَالُ وَأَنْشَأَ غَيْرَهُ وَقَضَى دَيْنَهُ فَإِنَّمَا يَجِبُ إخْرَاجُ ثُلُثِ مَالِهِ يَوْمَ حِنْثِهِ5. قَالَ فِي كِتَابِ الْهَدْيِ: يُرِيدُ بِيَوْمِ حِنْثِهِ يَوْمَ نَذْرِهِ وَهَذَا صَحِيحٌ قَالَ: فَيَنْظُرُ قَدْرَ الثُّلُثِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَيُخْرِجُهُ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا نَصُّهُ أَنَّهُ يُخْرِجُ قَدْرَ الثُّلُثِ يَوْمَ نَذْرِهِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْهُ قَدْرُ دينه وهذا على أصل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَحْمَدَ صَحِيحٌ فِي صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمَدِينِ وَعَلَى قَوْلٍ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ يَكُونُ قَدْرُ الدَّيْنِ مُسْتَثْنًى بِالشَّرْعِ مِنْ النَّذْرِ. وَإِنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا فَقِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ كَمَنْ حَلَفَ أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ1 لَهُ إلَّا مَا يَحْتَاجُهُ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ. وَحَبَّةُ بُرٍّ لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ وَالْمَقَاصِدُ مُعْتَبَرَةٌ وَيَحْتَمِلُ خُرُوجُهُ مِنْ نَذْرِهِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لِتَعْلِيقِ حُكْمِ الرِّبَا عَلَيْهَا ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنْ حَنْبَلِيًّا آخَرَ قَالَ: إنْ لَمْ يَجِدْ وَعَدَ فَإِنَّ الرَّدَّ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْعِدَّةِ فَلَا يُقَالُ رَدُّ الْفَقِيرِ وَالسَّاعِي وَالْغَرِيمِ. وَمَصْرِفُهُ كَالزَّكَاةِ2 ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَلَا يُجْزِئُهُ إسْقَاطُ دَيْنٍ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِدِينَارٍ وَلَهُ عَلَى مُعْسِرٍ دِينَارٌ: لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْبِضَهُ. وَإِنْ نَوَى يَمِينًا أَوْ مَالًا دُونَ مَالٍ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ وَعَنْهُ: لَا وَإِنْ نَذَرَهَا بِبَعْضِهِ لَزِمَهُ وَعَنْهُ: ثُلُثُهُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَعَنْهُ: إنْ جَاوَزَ مَا سَمَّاهُ ثُلُثَ الْكُلِّ صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَكَذَا ابْنُ رَزِينٍ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: إنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ خَرَجَتْ فُلَانَةُ فَعَلَيْهِ أَلْفٌ: إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْيَمِينِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَعَلَى وَجْهِ النَّذْرِ فَيُوَفِّي بِهِ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَهِيَ صَدَقَةٌ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ3 الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَإِنْ أَرَادَ النَّذْرَ يجزئه الثلث. وإذا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَلَفَ فَقَالَ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ فَحَنِثَ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ وَيَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ لِوُجُودِ مُسْتَحِقِّهِ وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ وَنِيَّتُهُ أَلْفٌ فَنَصُّهُ: يُخْرِجُ مَا شَاءَ. وَنَصَّ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمًا وَصَلَاةً: يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ فَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا رِوَايَتَانِ وَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ فِي صَوْمٍ وَصَلَاةٍ وَهَدْيٍ وَرِقَابٍ وَجَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِالتَّسْوِيَةِ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِنِيَّتِهِ وَمَعَ فَقْدِهَا يَتَصَدَّقُ بِمُسَمَّى مَالٍ. وَيَلْزَمُهُ يَوْمٌ بِنِيَّتِهِ. وَفِيهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَطَفَ نِيَّةَ النَّهَارِ عَلَى الْمَاضِي لِيَصُومَ جَمِيعَهُ وَيَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئُ فِي فَرْضٍ وَعَنْهُ: تُجْزِئُهُ رَكْعَةٌ بِنَاءً عَلَى التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ فَدَلَّ أَنَّ فِي لُزُومِهِ الصَّلَاةَ قَائِمًا الْخِلَافَ وَلِلْحَنَفِيَّةِ خِلَافٌ أَيْضًا. وَفِي الْخِلَافِ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ: لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الرَّاحِلَةِ أَجْزَأَهُ عَلَيْهَا وَلَوْ نَذَرَهُمَا مُطْلَقًا لَمْ يُجْزِئْ وَيَبَرُّ بِمَوْضِعِ غَصْبٍ مَعَ الصِّحَّةِ وَلَهُ الصَّلَاةُ قَائِمًا مَنْ1 نَذَرَ جَالِسًا وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ; كَشَرْطِ تَفْرِيقِ صَوْمٍ فِي وَجْهٍ خ. وَفِي النَّوَادِرِ: لَوْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَجِبْ وَيَتَوَجَّهُ عَكْسُهُ إنْ عَيَّنَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ وَلِهَذَا في زيادات الزِّيَادَاتِ2 لِلْحَنَفِيَّةِ: مَنْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَمْ تُجْزِئْهُ تَسْلِيمَتَيْنِ وَبِالْعَكْسِ تُجْزِئُهُ وَفِي الْخِلَافِ: إنْ نَذَرَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَمْ تُجْزِئْهُ بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ نَذَرَهَا بِتَسْلِيمَةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَجُوزَ بِتَسْلِيمَتَيْنِ كَمَا إذَا نَذَرَ الْقِرَانَ جَازَ الْإِفْرَادُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَالَ: إنْ مَلَكْت "1مَالَ فُلَانٍ1" فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهِ فَمَلَكَهُ فَكَمَا لَهُ. وَإِنْ قَالَ عَبْدَ فُلَانٍ يَقْصِدُ الْقُرْبَةَ لَزِمَهُ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ فِي ذِمَّتِهِ بِدَلِيلِ إرْسَالِهِ نَحْوُ لِلَّهِ عَلَيَّ عتق: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} الآية [التوبة: 75] . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل: ومن نذر واجبا كرمضان فحكمه باق ويكفر إن لم يصمه كحلفه عليه
فصل ومن نذر واجبا كرمضان فَحُكْمُهُ بَاقٍ وَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وهـ ش وَكَذَا نَذْرٌ مُبَاحٌ كَلُبْسِ ثَوْبِهِ مُنْجِزًا أَوْ مُعَلِّقًا وَمَكْرُوهٌ كَطَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَمُحَرَّمٌ كَإِسْرَاجِ بِئْرٍ وشجرة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُجَاوِرٍ عِنْدَهُ وَمَنْ يُعَظِّمُ شَجَرَةً أَوْ جَبَلًا أَوْ مَغَارَةً أَوْ قَبْرًا إذَا نَذَرَ لَهُ أَوْ لِسُكَّانِهِ أَوْ لِلْمُضَافَيْنِ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَجُوزُ الْوَفَاءُ بِهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا: كَقَبْرٍ وَكَصَدَقَتِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ حَيْضٍ وَفِيهِ وَجْهٌ كَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ خ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ. وَالْمَذْهَبُ: يُكَفِّرُ فِي الثَّلَاثَةِ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ" حَدِيثُ الْمَرْأَةِ حِينَ نَذَرَتْ فِي النَّاقَةِ لَتَنْحَرَنهَا إنْ سَلِمَتْ1 لَيْسَ فِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ لا نذر فيما لا يملك وإذا2 كَانَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَكَذَا اُحْتُجَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ الْحَسَنِ فِيمَنْ نَذَرَ يَهْدِمُ دَارَ فُلَانٍ: يُكَفِّرُ يَمِينَهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: لَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ غُلَامُ فُلَانٍ حُرٌّ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" فَهَذَا مِمَّا لَا يَمْلِكُ وَإِنْ كَفَّرَ فَهُوَ أَعْجَبُ إلَيَّ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: الْكَفَّارَةُ أَوْلَى لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ. وَلَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ" وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَذَا قَالَ وَهَذَا الْخَبَرُ لَمْ أَجِدْهُ وَلَا يَصِحُّ3. وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: إذَا نَذَرَ نَذْرًا يَجْمَعُ فِي يَمِينِهِ الْبِرَّ وَالْمَعْصِيَةَ يُنَفِّذُ فِي الْبِرِّ ويكفر في المعصية. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِذَا نَذَرُوا نُذُورًا كَثِيرَةً لَا يُطِيقُهَا أَوْ مَا لَا يَمْلِكُ فَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَفِي الْإِرْشَادِ1: فِيهِ فِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَصَحَّحَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَنْعَقِدُ بِمَالِ غَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يُكْرَهُ إشْعَالُ الْقُبُورِ وَالتَّبْخِيرُ وَنَصَّ أَنَّهُ إنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أَوْ نَفْسِهِ ذَبَحَ كَبْشًا قِيلَ: مَكَانَهُ وَقِيلَ: كَهَدْيٍ م 2 وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يَلْزَمَانِهِ وَعَنْهُ: إنْ قَالَ إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ كَذَا أَوْ نَحْوَهُ وَقَصَدَ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَنَذْرُ مَعْصِيَةٍ فَيَذْبَحُ فِي مَسْأَلَةِ الذَّبْحِ كَبْشًا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: عَلَيْهِ أَكْثَرُ نُصُوصِهِ قَالَ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ على الفرق بين النذر واليمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"2مَسْأَلَةٌ -2: فِيمَنْ نَذَرَ ذَبْحَ وَلَدِهِ أَوْ نَفْسِهِ وَقُلْنَا يَذْبَحُ كَبْشًا فَقَالَ: قِيلَ: مَكَانَهُ وَقِيلَ: كَهَدْيٍ انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَذْبَحُهُ مَكَانَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي حُكْمُهُ حُكْمُ الْهَدْيِ2". تَنْبِيهٌ3: لَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ مَالِهِ وَنَحْوِهِ. قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَصْرِفُهُ كَزَكَاةٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا4 وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحَيْضِ5 لَمَّا ذَكَرَ كَفَّارَةَ الْوَطْءِ فِيهِ وَمَا يَجِبُ بِذَلِكَ قَالَ: وَهُوَ كَفَّارَةٌ قَالَ الْأَكْثَرُ: يَجُوزُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا وَمَنْ له أخذ الزكاة لحاجته. انتهى.
وَلَوْ نَذَرَ طَاعَةً1 حَالِفًا بِهَا أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا خِلَافٍ عَنْ أَحْمَدَ فَكَيْفَ لَا يُجْزِئُهُ إذَا نَذَرَ مَعْصِيَةً حَالِفًا بِهَا فَعَلَى هَذَا عَلَى رِوَايَةِ حَنْبَلٍ يَلْزَمَانِ النَّاذِرَ وَالْحَالِفُ يُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَتَصِيرُ سِتَّةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ: نَذَرَ شُرْبِ الْخَمْرِ لَغْوٌ فَلَا كَفَّارَةَ وَنَذْرُ ذَبْحِ وَلَدِهِ يُكَفَّرُ. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ: نَذْرُ مَعْصِيَةٍ لَغْوٌ قَالَ: وَنَذْرُهُ لِغَيْرِ الله تعالى كَنَذْرِهِ لِشَيْخٍ مُعَيَّنٍ حَيٍّ2 لِلِاسْتِعَانَةِ وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ مِنْهُ كَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ نَذْرُ مَعْصِيَةٍ وَقَالَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا وَأَبُوهُ وَكُلُّ مَعْصُومٍ كَالْوَلَدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ فِي الِانْتِصَارِ مَا لَمْ نَقِسْ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْعَمُّ وَالْأَخُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ بَيْنَهُمْ وِلَايَةً. وَقَالَ شَيْخُنَا فِيمَنْ نَذَرَ قِنْدِيلَ نَقْدٍ لِلنَّبِيِّ: يُصْرَفُ لِجِيرَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيمَتُهُ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَتْمَةِ وَيَتَوَجَّهُ كَمَنْ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ لَا يَصِحُّ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيُكْسَرُ وَهُوَ لِمَصْلَحَتِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي النَّذْرِ لِلْقُبُورِ: هُوَ لِلْمَصَالِحِ مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ وَفِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ وَأَنَّ مِنْ الْحُسْنِ صَرْفُهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ المشروع. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَجَعَلَ النَّذْرَ الْمُطْلَقَ يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَحُكِيَ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَسَاكِينَ مَصْرِفُ الصَّدَقَاتِ وَحُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوِهَا فَإِذَا وُجِدَتْ صَدَقَةٌ غَيْرُ مُعَيَّنَةِ الصَّرْفِ انْصَرَفَتْ إلَيْهِمْ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً مُطْلَقَةً.
فَإِنْ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ لَمْ يُكَفِّرْ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي: بَلَى لِبُطْلَانِ1 الصَّلَاةِ بِدَارِ غَصْبٍ وَقِيلَ: حَتَّى الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَفِي الْعُدَّةِ: قَاسَ أَحْمَدُ ذَبْحَ نَفْسِهِ عَلَى ذَبْحِ وَلَدِهِ وَهُوَ مَخْصُوصٌ مِنْ جُمْلَةِ الْقِيَاسِ ثَبَتَ بقول ابن عباس. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ قَالَ لِوَلَدِهِ وَاَللَّهِ لَأَذْبَحَنك فَهَلْ يَذْبَحُ كَبْشًا أَوْ تُجْزِئُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي النَّذْرِ أَنَّ فِي نَذَرَ قَتْلِ نَفْسٍ مُحَرَّمَةِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَأَنَّ فِي قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ: كَمَا تَقَدَّمَ لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ قَضَاهُ2 وهـ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا وم ش وَعَلَيْهِمَا: يُكَفِّرُ عَلَى الْأَصَحِّ خ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: يَنْعَقِدُ وَلَا يَصُومُهُ وَيَقْضِي صَحَّ مِنْهُ الْقِرْبَةُ وَلَغَا تَعْيِينَهُ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَافُ عَلَيْهِ فِيهِ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ وَكَذَا الصَّلَاةُ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ وَالطَّلَاقُ3 فِي زَمَنِ الْحَيْضِ صَادَفَ التَّحْرِيمَ يَنْعَقِدُ عَلَى قَوْلِهِمْ وَرِوَايَةٌ لَنَا كَذَا هُنَا. وَنَذْرُ صَوْمِ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنِ صَوْمٍ وَعَلَى قِيَاسِ ذَلِكَ إذَا نَذَرَتْ صَوْمَ4 يَوْمِ الْحَيْضِ وَصَوْمَ يَوْمِ يَقْدَمُ فُلَانٌ وَقَدْ أَكَلَ كَذَا قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَالصَّلَاةُ زَمَنَ الْحَيْضِ وَنَذْرَهُ صَوْمَ يوم تشريق كعيد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْمُحَرَّرِ تَخْرِيجٌ وَلَوْ جَازَ كَنَذْرِ صَلَاةِ وَقْتٍ نُهِيَ وَنَذْرِ صَوْمِ اللَّيْلِ مُنْعَقِدٌ فِي النَّوَادِرِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالِانْتِصَارِ: لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَمَنٍ لِلصَّوْمِ وَفِي الْخِلَافِ وَمُفْرَدَاتِ ابْنِ عَقِيلٍ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ يقدم فلان فقدم وهو مفطر قضى وش وعنه: لا وهـ م كَقُدُومِهِ لَيْلًا لَا يَصُومُ صَبِيحَتَهُ م. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: يُسْتَحَبُّ وَإِنْ قَدِمَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَنَوَى فَكَذَلِكَ وبِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجِبَ النَّذْرِ الصَّوْمُ مِنْ قُدُومِهِ أَوْ كُلَّ الْيَوْمِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بعده فلغو وهـ فَعَلَى الْقَضَاءِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: لَا وكَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ م 3 قَضَى في أحد الْوَجْهَيْنِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: وَيُكَفِّرُ وَفِيهِ أَيْضًا: لَا يصح كحيض: وإن في إمساكه أوجها، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -3: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ وَهُوَ مُفْطِرٌ قَضَى وَعَنْهُ: لَا وَإِنْ قَدِمَ وَلَمْ يُفْطِرْ فَنَوَى1 فَكَذَلِكَ.... وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ النَّفَلُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَقَدِمَ بَعْدَهُ فَلَغْوٌ فَعَلَى "2الْقَضَاءِ فِي2" الْمَسْأَلَتَيْنِ يُكَفِّرُ ... وَعَنْهُ: لَا كَالرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يوم أكل فيه، "3قضى في أحد الوجهين وفي الانتصار: ويكفر. انتهى. أطلق الوجهين فيمن نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ3". هَلْ يَقْضِي أم لا؟ الوجه الأول: الذي يظهر لِي أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِثْلُ مَنْ نَذَرَتْ صَوْمَ حَيْضٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَأَنَّ النَّذْرَ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا تَقْضِي وَهُوَ الصَّوَابُ ثُمَّ وَجَدْته فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ قَالَ: لَوْ قَالَتْ نَذَرْت صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ بِمُفْرَدِهِ أو نذر المكلف
الثَّالِثُ: يَلْزَمُ فِي الثَّانِيَةِ. وَإِنْ قَدِمَ فِي رَمَضَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَقْضِي. وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ م 4. وَيُكَفِّرُ إنْ لَمْ يَصُمْهُ وَعَنْهُ: يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ وَفِي نِيَّةِ نَذْرِهِ وَجْهَانِ م 5. ـــــــــــــــــــــــــــــQصَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ مَحَلَّ وِفَاقٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِيدِ وَذَكَرَ الْفَرْقَ وَحَكَى1 مَسْأَلَةَ الْمُصَنِّفِ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ صَوْمَ يَوْمٍ أَكَلَ فِيهِ كَحَيْضٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْضِي قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ. مَسْأَلَةٌ- 4: قَوْلُهُ وَإِنْ قَدِمَ فِي رَمَضَانَ انْعَقَدَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَقْضِي وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ3 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. مَسْأَلَةٌ - 5: قَوْلُهُ: وَعَنْهُ يَكْفِيهِ لِرَمَضَانَ وَنَذْرِهِ. وفي نية وجهان. انتهى.
وَفِي الْفُصُولِ: لَا يَلْزَمُهُ صَوْمٌ آخَرُ. لَا1 لِأَنَّ صَوْمَهُ أَغْنَى عَنْهُمَا بَلْ لِتَعَذُّرِهِ فِيهِ نَصَّ: عَلَيْهِ. وَذَكَرَ أَيْضًا إذَا نَوَى صَوْمَهُ عنهما فقيل: لغو وقيل: يجزئه عن رَمَضَانَ. وَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ قُدُومِهِ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ الْمَسْأَلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَبَيْنَ نَذْرِهِ صَوْمَ يَوْمِ قُدُومِهِ أَبَدًا فَقَدِمَ يَوْمَ اثْنَيْنِ فَإِنَّ أَثَانِينَ رَمَضَانَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ نَذْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ: لِأَنَّ2 رَمَضَانَ لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَثَانِينَ3 فَلِهَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ نَذْرُهُ وَهُنَا يَنْفَكُّ قُدُومُهُ عَنْ رَمَضَانَ كَمَا يَنْفَكُّ يَوْمُ الْخَمِيسِ عَمَّنْ نَذَرَتْ أَنْ تَصُومَهُ فَحَاضَتْ فِيهِ أَنَّهَا تَقْضِي وَافَقَ عَلَيْهَا أَبُو يُوسُفَ. وَإِنْ قَدِمَ وَهُوَ صَائِمٌ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ فَعَنْهُ: يَكْفِيهِ لهما وهـ وَالْأَصَحُّ يُتِمُّهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ. بَلْ يَقْضِي نذر القدوم كصومه في قضاء رمضان وهـ ش أو كفارة وهـ ش أيضا4 أو نذر مطلق وهـ ش أيضا4 وَإِنْ قَدِمَ يَوْمَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ قَضَى وَكَفَّرَ خ وَعَنْهُ: لَا وَعَنْهُ فِي الْكَفَّارَةِ وقيل عكسه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ لِفَرْضِهِ وَنَذْرِهِ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ6 وَغَيْرِهِمَا وَقَدَّمَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ. قَالَ الْمَجْدُ: لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ النَّذْرِ وَقَالَ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ. قال في القواعد: وفي تعليله بعد.
وَإِنْ سَمِعَ قُدُومَهُ فَبَيَّتَ لِصَوْمِ نَهَارِ قُدُومِهِ كَفَاهُ ووَنَذْرُ اعْتِكَافِهِ كَصَوْمِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا: يَقْضِي بَقِيَّةَ الْيَوْمِ لِصِحَّتِهِ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ1 إلَّا إذَا اشْتَرَطَ لِصَوْمٍ فَكَنَذْرِ صَوْمِهِ. وَفِي صِحَّةِ نَذْرِ الْيَوْمِ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ وَجْهَانِ م 6. وَإِنْ نَذَرَ صوم بعض يوم لزمه يوم وهـ ويتوجه وجه2، وإن نذر عبادة وطاعة لزمه3 وذكر أبو يعلى الصغير عن بعض أَصْحَابِنَا إنْ وَجَبَ جِنْسُهَا بِالشَّرْعِ وَإِلَّا فَلَا. وَقِيلَ: إنْ نَذَرَ الْحَجَّ مَاشِيًا أَوْ الصَّلَاةَ بِالْبَقَرَةِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَشْهَدَ جِنَازَةً أَوْ يُسَلِّمَ عَلَى زَيْدٍ احْتَمَلَ اللُّزُومُ وَالتَّخْيِيرُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ نَذَرَ صِفَةً فِي الْوَاجِبِ كَحَجِّهِ مَاشِيًا وَالصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ كَثِيرَةٍ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فَيُكَفِّرُ. قَالَ: وَلَوْ نَذَرَ الْجِهَادَ فِي جِهَةٍ لَزِمَهُ فِيهَا وَمِثْلُهُ تَجْهِيزُ مَيِّتٍ وَغَيْرِهِ فَأَمَّا مَا لَا مَالَ فِيهِ كَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَالْأَمْرِ بِمَعْرُوفٍ فَالظَّاهِرُ لُزُومُهُ وَإِنْ عَيَّنَ وَقْتًا تَعَيَّنَ وَلَا يُجْزِئُهُ قبله وهـ كيوم يقدم فلان و. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ - 6: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ نَذْرِ الْيَوْمِ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِي الْغَالِبِ. والوجه الثاني: يصح
وله تقديم الصدقة ووعند شَيْخِنَا: الِانْتِقَالُ إلَى زَمَنٍ أَفْضَلَ وَأَنَّ مَنْ نذر "1صوم النذر أو1" صَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَلَهُ صَوْمُ يَوْمٍ2 وَإِفْطَارُ يَوْمٍ كَالْمَكَانِ قَالَ: وَاسْتَحَبَّ أَحْمَدُ لِمَنْ نَذَرَ الْحَجَّ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا أَنْ يَتَمَتَّعَ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أصحابه بذلك في حجة الوداع3. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَمْ يُجْزِئْهُ حَتَّى يَصُومَهُ بِعَيْنِهِ. وَفِي النَّوَادِرِ: وَلَوْ تَرَدَّدَ فِي يَوْمٍ قَبْلَهُ صَامَهُ وَإِنْ أَفْطَرَهُ أَوْ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ قَضَاهُ وَلَوْ أَفْطَرَهُ لِعُذْرِ مَرَضٍ م أو حيض م كنذر اعتكافه ووابتدأه4 مُتَتَابِعًا مُوَاصِلًا لِتَتِمَّتِهِ. وَعَنْهُ: لَهُ تَفْرِيقُهُ وهـ م وَوَافَقَا فِي الِاعْتِكَافِ وَعَنْهُ: وَتَرْكُ مُوَاصَلَتِهِ5 ووينبني مَنْ لَا يُقْطَعُ عُذْرُهُ تَتَابُعُ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ. وَيُكَفِّرُ ش وَلَوْ لَمْ يَنْوِ يَمِينًا هـ وَعَنْهُ: يُكَفِّرُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ وَعَنْهُ فِيهِ: يَفْدِي فَقَطْ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَإِنْ جُنَّ الشَّهْرُ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْأَصَحِّ هـ وَصَوْمُهُ فِي ظِهَارٍ كَفِطْرِهِ وَقِيلَ: لَا يُكَفِّرُ وهـ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ فَأَفْطَرَ بِلَا عُذْرٍ يَوْمًا ابْتَدَأَ وَيُكَفِّرُ ش وَلَا يَقْضِيهِ وَحْدَهُ هـ وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ: أَوْ أَيَّامًا غَيْرَ ثَلَاثِينَ وَعَنْهُ: أَوْ هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ خ وعنه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بشرط أَوْ نِيَّةٌ ووَفِي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما روايتا حج قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ ووَمَعَ الْعُذْرِ يُخَيَّرُ بَيْنَهُ بلا كفارة أو يبنى فهل يتم ثلاثين أَوْ الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ م 7 وَيُكَفِّرُ وفيها رواية وم ش كَشَهْرَيْ الْكَفَّارَةِ ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَفْطَرَهُ بلا عذر كفر. وهل ينقطع فيستأنفه أَمْ لَا فَيَقْضِي مَا تَرَكَهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَكَذَا فِي التَّبْصِرَةِ: هَلْ يُتِمُّهُ أَوْ يَسْتَأْنِفُهُ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ يُكَفِّرُ ويستأنفه. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ وَعَنْهُ: أَوْ أَيَّامًا غَيْرَ ثَلَاثِينَ وَعَنْهُ: أَوْ هِيَ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ.... وَفِي إجْزَاءِ صَوْمِ رَمَضَانَ عنهما، "1روايتا حجّ1" قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ انْتَهَى. قُلْت: قَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: لَوْ حَجَّ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَحَجٌّ مَنْذُورٌ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْمَنْذُورَةِ مَعَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ بَلْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ اخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي أَرَادَهَا فِي الْوَاضِحِ فِيمَا يَظْهَرُ فَعَلَى هَذَا لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا فِيهَا الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ - 7: قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ تَتَابُعَهُ بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ وَمَعَ عُذْرٍ يخير بينه بلا كفارة أو يبنى فهل يُتِمُّ ثَلَاثِينَ أَوْ الْأَيَّامَ الْفَائِتَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا مِثْلُ مَا إذَا آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ هَلْ يَسْتَوْفِي بِالْعَدَدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَوْ يُكْمِلُ الشَّهْرَ؟ وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: يُكْمِلُ الشَّهْرَ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا فَعَلَى الْأَوَّلِ: يُتِمُّ ثَلَاثِينَ.
وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَعُمَّ رَمَضَانَ وَأَيَّامَ النَّهْيِ. وَعَنْهُ: بَلَى فَيَقْضِي وَيُكَفِّرُ وَفِيهَا وَجْهٌ وَعَنْهُ: يَعُمُّ أَيَّامَ النَّهْيِ خَاصَّةً كَنَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ قُدُومِ فُلَانٍ أَبَدًا فَيَقْدَمُ يَوْمَ اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَتَدَاخَلُ فِي أَثَانِينَ رَمَضَانَ وَإِنْ قَالَ: سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ مَا فِي شَهْرٍ. وَيَصُومُ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النَّهْيِ فَيَقْضِي قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَصُومُ مَعَ التَّفَرُّقِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ صِيَامَهَا مُتَتَابِعَةً وَهِيَ عَلَى مَا بِهَا مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ تَمَامٍ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: لَا يَعُمُّ الْعِيدَ ورمضان وفي التشريق روايتان وعنه: يقضي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ سَنَةً وَأَطْلَقَ فَفِي التَّتَابُعِ مَا فِي شَهْرٍ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ لُزُومُ التَّتَابُعِ فِي الشَّهْرِ كَمَا قَدَّمَهُ المصنف فكذا يكون في السنة.
الْعِيدَ وَالتَّشْرِيقَ إنْ أَفْطَرَهَا. وَفِي الْكَافِي1: إنْ لزم التتابع فكمعينة وإن قال سنة من2 الْآنَ أَوْ وَقْتَ كَذَا فَكَمُعَيَّنَةٍ وَقِيلَ كَمُطْلَقَةٍ. ويلزمه3 صَوْمُ الدَّهْرِ بِنَذْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ إنْ اسْتَحَبَّ فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ م 8 ولا يدخل رمضان وقيل: بل قضاء4 فِطْرَهُ مِنْهُ لِعُذْرٍ وَيَوْمِ نَهْيٍ وَصَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ فَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ أَظْهَرُهُمَا وُجُوبُهَا مَعَ صَوْمِ ظِهَارٍ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمًا فَتَرَكَهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يُطْعِمُ فَقَطْ وَقِيلَ: يُكَفِّرُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً كَغَيْرِ صَوْمٍ. وَفِي النَّوَادِرِ احْتِمَالٌ بِصِيَامٍ عَنْهُ وَسَبَقَ5 فِي فِعْلِ الْوَلِيِّ عَنْهُ أنه ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ- 8: قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ صَوْمُ الدَّهْرِ بِنَذْرِهِ فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ فَإِنْ كَفَّرَ بِصِيَامٍ فَاحْتِمَالَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ واجب بنذره قبل الكفارة. والاحتمال الثاني يصح.
الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَكَذَا إنْ نَذَرَهُ عَاجِزًا نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ مَا كَانَ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ1 وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ وَإِلَّا فَلَوْ نَذَرَ مَعْضُوبٌ أَوْ صَحِيحٌ أَلْفَ حَجَّةٍ لَزِمَهُ. وَيُحَجُّ عَنْهُ وَالْمُرَادُ: لَا يُطِيقُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ مِنْهُ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا فَقَالَ: الْقَادِرُ عَلَى فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يكفر لقوله: "كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ" 2 وَلِأَمْرِهِ لِأُخْتِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنْ تَمْشِيَ وَتُكَفِّرَ3 فَأَمَّا إنْ نَذَرَ مَنْ لَا يَجِدُ زَادًا وَلَا4 رَاحِلَةً الْحَجَّ فَإِنْ وَجَدَهُمَا لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ ذَكَرَهُ فِي الْخِلَافِ فِي فِعْلِ الْوَلِيِّ عَنْهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ الدَّيْنِ مَا يَعْجَزُ عَنْ أَدَائِهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ كما لو نذرا ألف حجة و5 الصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ بِرِضَاهُ وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدِ اللَّهِ فَأَتْلَفَهُ كَفَّرَ كَتَلَفِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ عُقْبَةَ فِي الْفَائِتِ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ لِأَنَّ غَايَةَ الْعِتْقِ جِهَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ وَلَا غَايَةَ بَعْدَهُ بِخِلَافِ أُضْحِيَّةٍ نَذَرَ لِبَقَاءِ جِهَةِ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَقِيلَ: قِيمَتُهُ فِي رِقَابٍ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ موضع1 مِنْ الْحَرَمِ أَوْ مَكَّةَ وَأَطْلَقَ أَوْ قَالَ. غَيْرَ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي أَحَدِهِمَا: لِأَنَّهُ مَشَى إلَى عِبَادَةٍ وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَنْوِ إتْيَانَهُ لَا حَقِيقَةَ مَشْيٍ مِنْ مَكَانِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي إجْمَاعًا مُحْتَجًّا بِهِ وَبِمَا لَوْ نَذَرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ لَمْ يَجُزْ مِنْ مِيقَاتِهِ عَلَى قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ مِنْ الْأَبْعَدِ مِنْ إحْرَامِهِ أَوْ مِيقَاتِهِ وَقِيلَ هُنَا: أَوْ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى أَمْنِهِ فَسَادَهُ بِوَطْئِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ فَقَدْ فَرَغَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ تَرَكَهُ وَرَكِبَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ لِأَنَّ الْمَشْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّرْعُ بِمَوْضِعٍ كَنَذْرِ التَّحَفِّي وَنَحْوِهِ فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ قَادِرًا. وَلِهَذَا ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ رِوَايَةً ثَالِثَةً: لَا كَفَّارَةَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ2: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ قَالَ: مَا قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ خَطِيبًا إلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ قَالَ: وَقَالَ: "أَلَا وَإِنَّ مِنْ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَخْرِمَ أَنْفَهُ أَلَا وَإِنَّ مِنْ الْمُثْلَةِ أَنْ يَنْذُرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَإِذَا نَذَرَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَلْيُهْدِ هَدْيًا وَلْيَرْكَبْ". وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ صَالِحٍ وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ صَالِحٍ. وَقَالَ: "فَلْيُهْدِ بَدَنَةً وَلْيَرْكَبْ". وَالْحَسَنُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عِمْرَانَ أَنَّ عِنْدَ ابْنِ مَعِينٍ وَابْنِ المديني وأبي حاتم والبيهقي وغيرهم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ1: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ عَنْ الْحَسَنِ أَخْبَرَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ فَذَكَرَ حَدِيثًا سَبَقَ فِي التَّدَاوِي حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: كُنْت أَمْشِي مَعَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَسَلُوا اللَّهَ بِهِ فَإِنَّ مَنْ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَيَسْأَلُونَ النَّاسَ بِهِ" 2 وَهَذَا إسْنَادٌ مَشْهُورٌ جَيِّدٌ وَشَرِيكٌ حَدِيثُهُ حَسَنٌ. وَعَنْهُ: دَمٌ. وَفِي الْمُغْنِي3: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ يَسْتَأْنِفُهُ مَاشِيًا لِتَرْكِهِ صِفَةَ الْمَنْذُورِ كَتَفْرِيقِهِ صَوْمًا مُتَتَابِعًا. وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَالرِّوَايَتَانِ لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِي نَفْسِهِ غَيْرُ طَاعَةٍ وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ الْأَقْصَى لَزِمَهُ وَالصَّلَاةُ وَيَتَوَجَّهُ مُرَادُهُمْ لِغَيْرِ الْمَرْأَةِ لِأَفْضَلِيِّهِ بَيْتِهَا. وَإِنْ عَيَّنَ مَسْجِدًا غَيْرَ حَرَمٍ لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ ركعتين4 ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحِ وَمَذْهَبُ م عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: عَلَيَّ الْمَشْيُ إلى المدينة أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَلَا يَأْتِيهِمَا أَصْلًا إلَّا أن يريد الصلاة في مسجديهما فليأتهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الرُّكُوبَ فَمَشَى فَالرِّوَايَتَانِ يَعْنِي اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قَبْلُ فِي وُجُوبِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ أَوْ دَمٍ وَقَدَّمَ وُجُوبَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ.
وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ فَأَقَلُّهُ أُسْبُوعٌ وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ"1 فَطَوَافَانِ نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رِجْلَيْهِ وَفِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ م 9. وَمِثْلُهُ نَذَرَ السَّعْيِ عَلَى أَرْبَعٍ1" ذَكَرَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أَوْ الْحَجَّ حَافِيًا حاسرا. أو المرأة الحج حاسرة وفي بالطاعة وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ م 10 و 11 وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ2 هَذَا الْعَامَ فَلَمْ يَحُجَّ ثُمَّ نَذَرَ أُخْرَى فِي الْعَامِ الثَّانِي فَيَتَوَجَّهُ: يَصِحُّ وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ لِفَوْتِهَا وَيُكَفِّرُ لِتَأْخِيرِ الأولى. وفي المعذور الخلاف. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ -9: قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ فطوافان نص عليه قال شيخنا: هذا بدل واجب وعنه: واحد على رجليه وفي الكفارة وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافًا وَاحِدًا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَا: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ لِإِخْلَالِهِ بِصِفَةِ نَذْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْرُوعٍ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. مَسْأَلَةٌ 10 و 11: قَوْلُهُ: ومثله نذر السعي على أربع ذكره في الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَكَذَا لَوْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَنَذْرِهِ صَلَاةً عُرْيَانًا أَوْ حجا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQحافيا حاسرا أو المرأة الحج حاسرة وفي بِالطَّاعَةِ وَفِي الْكَفَّارَةِ لِتَرْكِهِ الْمَنْهِيَّ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذكر مسألتين: مسألة 10: السعي على أربع. وَمَسْأَلَةُ 11: نَذْرُ الطَّاعَةِ عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ فِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ ابْنُ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ أَيْضًا: فَإِنْ قال1: حَافِيًا حَاسِرًا كَفَّرَ وَلَمْ يَفْعَلْ الصِّفَةَ وَقِيلَ: يَمْشِي مُنْذُ أَحْرَمَ. انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ هَذِهِ الْمَسَائِلَ وَعَدَدَهَا وَقَالَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَإِلْغَاءٌ لِتِلْكَ الصِّفَةِ وَيَخْرُجُ فِي الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ وَلَكِنْ نَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَ قَبْرِ أَبِيهِ: يُكَفِّرُ يَمِينَهُ وَلَا يَقْرَأُ. انْتَهَى. وَالصَّوَابُ الْإِتْيَانُ بِالطَّاعَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ وَقِيَاسُ قَوْلِ الشَّيْخِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ قَاسَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَ مَا قَبْلَهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَهَذِهِ إحْدَى عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ.
فصل: ولا يلزم الوفاء بالوعد
فَصْلٌ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ نَصَّ عَلَيْهِ وهـ ش لِأَنَّهُ يَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23- 24] . وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: يَلْزَمُ وَاخْتَارَهُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ رِوَايَةٌ مِنْ تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالصُّلْحِ عَنْ عِوَضِ الْمُتْلِفِ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمَّا قِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: بِمَ يُعْرَفُ الْكَذَّابُونَ؟ قَالَ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ وَهَذَا مُتَّجَهٌ وَقَالَهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ ابن شبرمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ: أَجَلْ مَنْ1 قَالَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِقَوْلِهِ: {كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ الله} الآية [الصف:3] . وَلِخَبَرِ: "آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا وَعَدَ أَخْلَفَ" 2 وَحَمْلًا عَلَى وَعْدٍ وَاجِبٍ وَبِإِسْنَادٍ حَسَنٍ "الْعِدَةُ عَطِيَّةٌ" وَبِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ "الْعِدَةُ دَيْنٌ" وَذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ وَالْبَرْقَانِيُّ أَنَّ مُسْلِمًا رَوَى "وَلَا يَعِدُ الرَّجُلُ صَبِيَّهُ ثُمَّ يُخْلِفُهُ" 3. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4 مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ "ثم لا يفي له"، "فإن الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ" وَفِيهِ "وَالسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ" وَفِيهِ عُبَيْدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَدَنِيُّ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَجْهُولٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: " لَا تُمَارِ أَخَاك وَلَا تُمَازِحْهُ وَلَا تَعِدْهُ ثُمَّ تُخْلِفْهُ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ5 وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ خُرُوجُهُ مِنْ الْكَذِبِ إذَا لَمْ يَفْعَلْ كَقَوْلِهِ: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً} [الكهف: 69] . وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّكَاةِ لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ6 عُوقِبُوا عَلَى تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْقَسَمِ قَالَ: لَا لِأَنَّهُ مُبَاحٌ وَعَلَى أَنَّ الوعيد عليهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَذْهَبُ "م": يَلْزَمُ لِسَبَبٍ كَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ1 تَزَوَّجْ وَأُعْطِيك كَذَا وَاحْلِفْ لَا تَشْتُمْنِي وَلَك كَذَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ. وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ2 عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ عَنْ أَبِي وَقَّاصٍ وَلَا يُعْرَفَانِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ مَرْفُوعًا "إذَا وَعَدَ الرَّجُلُ أَخَاهُ وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَفِيَ فَلَمْ يَفِ وَلَمْ يَجِئْ لِلْمِيعَادِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ" وَتَقَدَّمَ آخِرَ كِتَابِ الْأَيْمَانِ3 الْعَهْدُ وَأَنَّهُ غَيْرُ الْوَعْدِ وَيَكُونُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ وَالْأَمَانِ وَالذِّمَّةِ وَالْحِفْظِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَفِي سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ "وَإِنَّا عَلَى عَهْدِك وَوَعْدِك مَا اسْتَطَعْت" 4. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْعَهْدُ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ الَّذِي يَحْسُنُ فِعْلُهُ وَالْوَعْدُ مِنْ الْعَهْدِ. وَقَالَ فِي {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: 34] . عَامٌّ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ فَهُوَ من العهد. "5والله سبحانه وتعالى أعلم5".
كتاب القضاء
كتاب القضاء مدخل * ... كتاب القضاء وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ شَيْخُنَا: وَقَدْ أَوْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْمِيرَ الْوَاحِدِ فِي الِاجْتِمَاعِ الْقَلِيلِ الْعَارِضِ في السفر1 وهوالمذهب عَلَى أَنْوَاعِ الِاحْتِمَالِ وَالْوَاجِبُ اتِّخَاذُهَا دِينًا وَقُرْبَةً فَإِنَّهَا مِنْ أَفْضَلِ الْقُرُبَاتِ وَإِنَّمَا فَسَدَ حَالُ الْأَكْثَرِ لِطَلَبِ الرِّيَاسَةِ وَالْمَالِ بِهَا. وَمَنْ فَعَلَ مَا يُمْكِنُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ وَلِمُسْلِمٍ2 عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ مَرْفُوعًا "مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ إلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمْ الْجَنَّةَ". وَعَنْهُ: سُنَّةً نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا يُسَنُّ دُخُولُهُ فِيهِ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يُعْجِبُنِي هُوَ أَسْلَمُ وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا "لَيَأْتِيَن عَلَى الْقَاضِي الْعَدْلِ سَاعَةٌ يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي تَمْرَةٍ" 3. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يُنَصِّبَ بِكُلِّ إقْلِيمٍ قَاضِيًا أَفْضَلَ مَنْ يَجِدُ عِلْمًا وَوَرَعًا وَيَأْمُرُهُ بِتَقْوَى اللَّهِ وَتَحَرِّي الْعَدْلَ وَأَنْ يَسْتَخْلِفَ بِكُلِّ صُقْعٍ أَصْلَحَ مَنْ يَجِدُ لَهُمْ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ مَنْ يَكْتَفِي بِهِ وَمَنْ طَلَبَ وَلَمْ يُوثَقْ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ أَهَمَّ مِنْهُ تَعَيَّنَ وَقِيلَ: وَيَلْزَمُهُ طَلَبُهُ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ فِيهِ غَيْرُ أَهْلٍ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قَصْدِهِ إزَالَتَهُ أُثِيبَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ لِيَخْتَصَّ بِالنَّظَرِ أبيح فإن ظن عدم تمكينه فاحتمالان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِخَوْفِهِ مَيْلًا وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيَتَوَجَّهُ كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ م 1. فَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ كُرِهَ لَهُ طَلَبُهُ وَعَنْهُ: لَا لِقَصْدِ الْحَقِّ وَدَفْعِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ. وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: بَلْ يُسْتَحَبُّ إذَنْ. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحْرُمُ بِدُونِهِ وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لِقَصْدِ الْمَنْزِلَةِ وَالْمُبَاهَاةِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ طَائِفَةٌ كَرِهَتْهُ إذَنْ وَطَائِقَةٌ لَا. قَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ" 1. وَالْمُرَادُ: إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلٌ لَهُ وَإِلَّا حرم وقدح فيه وش وَغَيْرُهُمْ. وَإِنْ طَلَبَ لَمْ يُجَبْ وَقِيلَ: الْإِجَابَةُ أَفْضَلُ إنْ أَمِنَ نَفْسَهُ وَقِيلَ: مَعَ خُمُولِهِ وَقِيلَ: أَوْ فَقْرِهِ وَسَأَلَهُ أَبُو دَاوُد: الرَّجُلُ فِي الْغَزْوِ يُرِيدُ الْوَالِي يَجْعَلُهُ عَلَى الثُّغَرِ2 أَوْ عَلَى ضُعَفَاءَ وَهُوَ لَا يُحِبُّ يَعْرِفُهُ الْوَالِي قَالَ: لَا بَأْسَ فَرَاجَعْته فَقَالَ: أَرَى إنْ كَانَ عِنْدَهُ نَجْدَةٌ يَرْجُو أَنْ يَنْجُوَا بِسَبَبِهِ فَيَكُونُ عَلَيْهِمْ مَا أَحْسَنَهُ! وَيَحْرُمُ بَذْلُ مَالٍ فِيهِ وَأَخْذُهُ وَطَلَبُهُ وَفِيهِ مُبَاشِرٌ أَهْلٌ. وظاهر تخصيصهم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ وَثِقَ بِغَيْرِهِ فَيَتَوَجَّهُ كَالشَّهَادَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مُخْتَلِفٌ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: التَّرْكُ وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فيه الآن.
الْكَرَاهَةُ بِالطَّلَبِ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَوْلِيَةُ الْحَرِيصِ ولا ينفي أَنَّ غَيْرَهُ أَوْلَى وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يُكْرَهُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا: "إنَّا وَاَللَّهِ لَا نُوَلِّي هَذَا الْعَمَلَ أَحَدًا سَأَلَهُ وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عَلَيْهِ" وَقَدْ قَالَ فِي الْغُنْيَةِ فِي إمَامِ الصَّلَاةِ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إمَامًا مَنْ يُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا وَلَّى عَلَيْهِ السَّلَامُ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ لِمَا رَآهُ مِنْ المصلحة لقومه لا لمصلحة نفسه2. وتصح وِلَايَةُ مَفْضُولٍ وَقِيلَ: لِلْمَصْلَحَةِ. وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ3 تَوْلِيَةُ إمَامٍ أَوْ نَائِبِهِ فِيهِ وَأَنْ4 يُعْرَفَ الْمُوَلَّى صَالِحًا لِلْقَضَاءِ وَتَعْيِينُ مَا يُوَلِّيهِ الْحُكْمَ فِيهِ مِنْ عَمَلٍ وَبَلَدٍ وَعَنْهُ: وَعَدَالَةُ الْمُوَلَّى وَعَنْهُ: سوى الإمام. وَصَرِيحُ التَّوْلِيَةِ: وَلَّيْتُك الْحُكْمَ أَوْ قَلَّدْتُكَهُ أَوْ فَوَّضْت أَوْ رَدَدْت أَوْ جَعَلْت إلَيْك الْحُكْمَ أَوْ اسْتَخْلَفْتُك أَوْ اسْتَنَبْتُكَ فِي الْحُكْمِ فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُهَا وَقَبِلَ الْمُوَلَّى الْحَاضِرُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ الْغَائِبُ بَعْدَهُ وَالْأَصَحُّ أَوْ شَرَعَ غَائِبٌ فِي الْعَمَلِ انْعَقَدَتْ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: يَشْتَرِطُ فَوْرِيَّةَ الْقَبُولِ مَعَ الْحُضُورِ. وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ: اعْتَمَدْت أو عولت عليك ووكلت أو أسندت- ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَيْك فَتَنْعَقِدُ بِقَرِينَةٍ نَحْوُ: فَاحْكُمْ. وَالْأَوْلَى مُكَاتَبَتُهُ بِهَا إنْ كَانَ بِبَلَدٍ آخَرَ. وَتَثْبُتُ بِشَاهِدِينَ وَالْأَصَحُّ: وَبِاسْتِفَاضَةٍ مَعَ قُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا كَخَمْسَةِ أيام وأطلق الآدمي: أو1 استفاضة وظاهره مع البعد وهو متجه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وتقيد ولاية الحكم العامة
فصل وتقيد ولاية الحكم العامة وَيَلْزَمُ بِهَا فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَأَخْذُ الْحَقِّ وَدَفْعُهُ لِرَبِّهِ وَالْحَجْرُ لِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ وَالنَّظَرُ فِي مَالِ غَيْرِ رَشِيدٍ وَالنَّظَرُ فِي وُقُوفِ عَمَلِهِ لِيَعْمَلَ بِشَرْطِهَا وَفِي مَصَالِحِ طُرُقِ عَمَلِهِ وَأَفْنِيَتِهِ وَتَنْفِيذُ الْوَصَايَا وَتَزْوِيجُ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا وَتَصَفُّحُ حَالِ2 شُهُودِهِ وَأُمَنَائِهِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَإِقَامَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ مَا لَمْ يُخَصَّا بِإِمَامٍ وَكَذَا جِبَايَةُ الْخَرَاجِ وَالزَّكَاةِ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: فِي الْخَرَاجِ قَالَ التَّبْصِرَةُ: وَالِاحْتِسَابُ عَلَى الْبَاعَةِ وَالْمُشْتَرِينَ وَإِلْزَامُهُمْ بِالشَّرْعِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مَا يَسْتَفِيدُهُ بِالْوِلَايَةِ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا بَلْ يُتَلَقَّى مِنْ اللَّفْظِ وَالْأَحْوَالِ وَالْعُرْفِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: أَمِيرُ الْبَلَدِ إنَّمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْأَدَبِ وَلَيْسَ إلَيْهِ الْمَوَارِيثُ وَالْوَصَايَا وَالْفُرُوجُ وَالْحُدُودُ وَالرَّجْمُ إنَّمَا يَكُونُ هَذَا إلَى الْقَاضِي. وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ وَأَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا فِي أَحَدِهِمَا: أَوْ فِيهِمَا فَيُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ أَوْ خَاصَّهُ بِمَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي مُقِيمٍ بِهَا وَطَارِئٍ إلَيْهَا فَقَطْ وَلَا يَسْمَعُ بَيِّنَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ وَهُوَ مَحَلُّ حكمه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَتَجِبُ إعَادَةُ الشَّهَادَةِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا كَتَعْدِيلِهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَلَهُ تَوْلِيَةُ حَاكِمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِبَلَدٍ قِيلَ: إنْ اتَّحَدَ عِلْمُهُمَا1 وَقِيلَ: أَوْ الزَّمَنُ أَوْ الْمَحَلُّ فَلَا ويقدم قول الطالب ولو عند نائب وفإن اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُ الْحَاكِمَيْنِ ثُمَّ الْقُرْعَةُ وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ اتِّفَاقُهُمَا. "2قَالَ حَرْمَلَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْلَا شُعْبَةُ مَا عُرِفَ الْحَدِيثُ بِالْعِرَاقِ كَانَ يَجِيءُ إلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَهُ لَا تُحَدِّثْ وَإِلَّا اسْتَعْدَيْت عليك السلطان2". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الرِّعَايَةِ: يُقَدَّمُ مِنْهُمَا مَنْ طَلَبَ حُكْمَ الْمُسْتَنِيبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَنَازَعَا أَقَرَعَ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَا فِي الْحَاجِزِ كَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ لَيْسَ الْحَاكِمُ فِي وِلَايَةِ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَإِلَى الْوَالِي الْأَعْظَمُ. وَقَالَ شَافِعِيٌّ: أَيُّهُمَا سَبَقَ إلَيْهِ بِالدَّعْوَى تَعَيَّنَ حُكْمُهُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّ الْمَكَانَ لَيْسَ تَحْتَ وِلَايَتِهِمَا فلا عدوى. وَيُشْتَرَطُ كَوْنِ الْقَاضِي بَالِغًا عَاقِلًا ذَكَرًا مُسْلِمًا عَدْلًا وَلَوْ تَائِبًا مِنْ قَذْفٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنْ فُسِّقَ بِشُبْهَةٍ فَوَجْهَانِ مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الْفَرَجِ فِي كُتُبِهِ كَوْنَهُ بَالِغًا. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ: لَا نَعْرِفُ فِيهِ رِوَايَةً فَإِنْ سَلِمَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَحْتَمِلُ الْمَنْعَ وَإِنْ سَلِمَ بَصِيرًا حُرًّا وَفِيهِمَا وَجْهٌ وَقِيلَ بِهِ فِي عَبْدٍ قَالَهُ ابن عقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ أَيْضًا فِيهِ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُجْتَهِدًا إجْمَاعًا ذَكَرَهُ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلَا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ فَلَا يَحْكُمُ وَلَا يُفْتِي إلَّا بِقَوْلِهِ. وَفِي الْإِفْصَاحِ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْلِيدِ كُلٍّ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ وَيَأْتِي فِي الْعَدَالَةِ1 لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَجَوَازُ الِانْتِقَالِ عَنْهُ قَالَ الشَّيْخُ: النِّسْبَةُ إلَى إمَامٍ فِي الْفُرُوعِ كَالْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لَيْسَتْ بِمَذْمُومَةٍ فَإِنَّ اخْتِلَافَهُمْ رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ وَاتِّفَاقَهُمْ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ لَيْسَ عِبَارَةً عَنْ2 الْأَرْبَعَةِ وَأَصْحَابِهِمْ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مَا فَهِمَهُ هَذَا. قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ" 3. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي الْوَصَايَا4 وروى البيهقي5 من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
رِوَايَةِ جُوَيْبِرٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ عَنْ الضَّحَّاكِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يَلْقَهُ مَرْفُوعًا "مَهْمَا أُوتِيتُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَالْعَمَلُ بِهِ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَسُنَّةِ نَبِيٍّ مَاضِيَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّةُ نَبِيٍّ فَمَا قَالَ أَصْحَابِي إنَّ أَصْحَابِي بِمَنْزِلَةِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ فَأَيُّهَا أَخَذْتُمْ بِهِ اهْتَدَيْتُمْ وَاخْتِلَافُ أَصْحَابِي لَكُمْ رَحْمَةٌ" ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ جُوَيْبِرٍ أَيْضًا عَنْ جَوَابِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا مُرْسَلًا بِنَحْوِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدِيثٌ مَشْهُورٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ إسْنَادٌ. وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ سَعِيدٍ الدَّارِمِيَّ صَحَّحَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أُبَيٌّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَانَ يَقُولُ: مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَصْحَابَ محمد لَمْ يَخْتَلِفُوا لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفُوا لَمْ تَكُنْ رُخْصَةٌ. وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: اختلاف أصحاب محمد رَحْمَةٌ لِعِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَهْلُ الْعِلْمِ أَهْلُ تَوْسِعَةٍ1. وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ: وَمُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ لِلضَّرُورَةِ وَاخْتِيَارٌ فِي الْإِفْصَاحِ وَالرِّعَايَةِ: أَوْ مُقَلِّدًا وَقِيلَ فِيهِ: يُفْتِي ضَرُورَةً. وَقَالَ ابْنُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بَشَّارٍ: مَا أَعِيبُ عَلَى مَنْ يَحْفَظُ خَمْسَ مَسَائِلَ لِأَحْمَدَ يُفْتِي بِهَا وَظَاهِرُ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ: يُفْتِي غَيْرُ مُجْتَهِدٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَحَمَلَهُ شَيْخُنَا عَلَى الْحَاجَةِ. نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ كَتَبَ فِيهَا قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ وَقَضَاؤُهُ بِمَا يَشَاءُ حَتَّى يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ مَا يُؤْخَذُ بِهِ فَعَلَى هَذَا يُرَاعِي أَلْفَاظَ إمَامِهِ وَمُتَأَخِّرِهَا وَيُقَلِّدُ كِبَارَ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ وظاهره أنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَحْكُمُ وَلَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَهُ لِأَنَّهُ مُقَلِّدٌ وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظَّاهِرِ عَنْهُ فَيَتَوَجَّهُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ الْخِلَافُ فِي مُجْتَهِدٍ وَنَقَلَ عَنْهُ الْأَثْرَمُ: قَوْمٌ يُفْتُونَ هَكَذَا يَتَقَلَّدُونَ قَوْلَ الرَّجُلِ وَلَا يبالون بالحديث. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَالَ أَحْمَدُ لِأَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ: أَلَا تَعْجَبُ؟ يُقَالُ لِلرَّجُلِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَقْنَعُ وَقَالَ فُلَانٌ فَيَقْنَعُ. وَقَالَ لَهُ أَبُو دَاوُد: الرَّجُلُ يَسْأَلُ أَدِلَّةً عَلَى إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ قَالَ: إذَا كَانَ يُفْتِي بِالسُّنَّةِ لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ أَحَدٍ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: عَجَبًا لِقَوْمٍ عَرَفُوا الْإِسْنَادَ وَصِحَّتَهُ يَدَعُونَهُ ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [النور: 63] ، الفتنة الكفر. وَيَحْرُمُ الْحُكْمُ وَالْفُتْيَا بِالْهَوَى إجْمَاعًا وَبِقَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ فِي التَّرْجِيحِ إجْمَاعًا وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ بِمُوجِبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ إجْمَاعًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْكِتَابَةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَالْحَلْوَانِيُّ وَابْنُ رَزِينٍ وَشَيْخُنَا: وَرِعًا وَقِيلَ: وَزَاهِدًا وَأَطْلَقَ فِيهِمَا فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا مُغَفَّلًا وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: لَا بَلِيدًا. وَقَالَ أَيْضًا: لَا نَافِيًا لِلْقِيَاسِ وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسَبَ الْإِمْكَانِ. وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلَ فَالْأَمْثَلَ وَأَنَّ عَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُ فَيُوَلِّي لِعَدَمٍ أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ وَأَقَلِّهِمَا شَرًّا وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأَعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ فِيمَنْ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ: يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى أَعْدِلَ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَاسِقٌ عَالِمٌ أَوْ جَاهِلُ دِينٍ قُدِّمَ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ إذَنْ وَقَدْ وَجَدْت بَعْضَ فُضَلَاءِ أَصْحَابِنَا فِي زَمَنِنَا كَتَبَ لِلْأُنْسِ بِهِ مَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
يُوَافِقُ ذَلِكَ وَهُوَ مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الخوارزمي: الولاية1 أُنْثَى تَكْبُرُ وَتَصْغُرُ بِوَالِيهَا وَمَطِيَّةٍ تَحْسُنُ وَتَقْبُحُ بِمُمْتَطِيهَا. فَالْأَعْمَالُ بِالْعُمَّالِ كَمَا أَنَّ النِّسَاءَ بِالرِّجَالِ والصدور مجالس2 ذَوِي الْكَمَالِ. وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ كَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْأَسَنَّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخَلْقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَمَنْ كَانَ أَكْمَلُ فِي الصِّفَاتِ. وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مَعَ أَهْلِيَّتِهِ وَكَانَ نَافِعُ بْنُ عَبْدِ الحارث الخزاعي3- وَهُوَ صَحَابِيٌّ خِلَافًا لِلْوَاقِدِيِّ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى مَكَّةَ فَلَقِيَهُ بِعُسْفَانَ فَقَالَ لَهُ: مَنْ اسْتَعْمَلْت عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ يَعْنِي مَكَّةَ لِأَنَّ الْوَادِيَ مُنْفَرِجٌ مَا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَقَالَ: ابْنُ أَبْزَى يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبْزَى مَوْلَى نَافِعٍ هَذَا وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ فَقَالَ عُمَرُ: وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى؟ فَقَالَ: مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا فَقَالَ: اسْتَخْلَفْت عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ فَقَالَ: إنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَالَمٌ بِالْفَرَائِضِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَمَا إنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ4 وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: عَالَمٌ بِالْفَرَائِضِ. قَاضٍ. وَلَا يَمْنَعُ ذَهَابُ عَيْنِ وِلَايَةِ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى ذكره أصحابنا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل والمجتهد من يعرف من الكتاب والسنة الحقيقية والمجاز والأمر والنهي
فَصْلٌ وَالْمُجْتَهِدُ مَنْ يَعْرِفُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْحَقِيقِيَّةَ وَالْمَجَازَ وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ وَالْمُبَيَّنَ وَالْمُجْمَلَ وَالْمُحْكَمَ وَالْمُتَشَابِهَ وَالْعَامَّ وَالْخَاصَّ وَالْمُطْلَقَ وَالْمُقَيَّدَ وَالنَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ وَالْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَصَحِيحَ السُّنَّةِ وَسَقِيمَهَا وَتَوَاتُرَهَا وَآحَادَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ وَالْمُجْمَعَ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ وَالْقِيَاسَ وَشُرُوطَهُ وَكَيْفَ يَسْتَنْبِطُ وَالْعَرَبِيَّةَ الْمُتَدَاوَلَةَ1 بِحِجَازٍ وَشَامٍ وَعِرَاقٍ. فَمَنْ عَرَفَ أَكْثَرَهُ صَلُحَ لَلْفَتَيَا وَالْقَضَاءِ وَقِيلَ: وَيَعْرِفُ أَكْثَرَ الْفِقْهِ. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: مَنْ حَصَّلَ أُصُولَ الْفِقْهِ وَفُرُوعَهُ فَمُجْتَهِدٌ وَلَا يُقَلِّدُ أَحَدًا. وَعَنْهُ: يَجُوزُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَهُ لِخَوْفِهِ عَلَى خُصُومٍ مُسَافِرِينَ فَوْتُ رُفْقَتِهِمْ فِي الْأَصَحِّ وَيَتَجَزَّأُ الِاجْتِهَادُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي بَابٍ لَا مَسْأَلَةٍ. وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الْأَمْرِ مَنْعُ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا قَالَ شَيْخُنَا: وَأَكْثَرُ مَنْ تَمَيَّزَ فِي الْعِلْمِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِينَ إذَا نَظَرَ وَتَأَمَّلَ أَدِلَّةَ الْفَرِيقَيْنِ بِقَصْدٍ حَسَنٍ وَنَظَرٍ تَامٍّ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا: لَكِنْ قَدْ لَا يَثِقُ بِنَظَرِهِ بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّ عِنْدَهُ مَا لَا يَعْرِفُ جَوَابَهُ وَالْوَاجِبُ عَلَى مِثْلِ هَذَا مُوَافَقَتُهُ لِلْقَوْلِ الذي ترجح عنده بلا دعوى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مِنْهُ لِلِاجْتِهَادِ كَمُجْتَهِدٍ فِي أَعْيَانِ الْمُفْتِينَ وَالْأَئِمَّةِ إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا: قَلَّدَهُ. وَالدَّلِيلُ الْخَاصُّ الَّذِي يُرَجِّحُ بِهِ قَوْلًا عَلَى قَوْلٍ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِنْ دَلِيلٍ عَامٍ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا: أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ. وَعِلْمُ أَكْثَرِ النَّاسِ بِتَرْجِيحِ قَوْلٍ عَلَى قَوْلٍ فِي أَكْثَرِ الْأُمُورِ أَيْسَرُ مِنْ عِلْمِ أَحَدِهِمْ بِأَنَّ أَحَدَهُمَا: أَعْلَمُ وَأَدْيَنُ لِأَنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَلَا بُدَّ. وَيَجِبُ أَنْ يُنَصِّبَ1 عَلَى الْحُكْمِ دَلِيلًا وَأَدِلَّةُ الْأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ والسنة والإجماع وتكلم فيها الصحابة وإلى اليوم2 بِقَصْدٍ حَسَنٍ بِخِلَافِ الْإِمَامَيْنِ3. وَقَالَ أَيْضًا: النَّبِيهُ الَّذِي سَمِعَ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ وَأَدِلَّتَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ عِنْدَهُ مَا يَعْرِفُ بِهِ رُجْحَانَ الْقَوْلِ قَالَ: وَلَيْسَ لِحَاكِمٍ وَغَيْرِهِ أَنْ يَبْتَدِئَ النَّاسَ بِقَهْرِهِمْ عَلَى تَرْكِ مَا يُسَوِّغُ وَإِلْزَامِهِمْ بِرَأْيِهِ وَاعْتِقَادِهِ4 اتِّفَاقًا فَلَوْ جَازَ هَذَا لَجَازَ لِغَيْرِهِ مِثْلُهُ وَأَفْضَى إلَى التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ. نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ5: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُشَبِّهَ الشيء بالشيء ويقيس إلا رجل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَالِمٌ كَبِيرٌ يَعْرِفُ كَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا يَجُوزُ الِاخْتِيَارُ إلَّا لِعَالِمٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُمَيِّزٍ فَيَخْتَارُ الْأَقْرَبَ وَالْأَشْبَهَ بِهِمَا فَيَعْمَلُ بِهِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوَلِّيَ حَاكِمًا وَلَا يَحِلُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ1 وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى يَكُونَ عَالِمًا بِالْكِتَابِ نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَعَامِّهِ وَخَاصِّهِ وَفَرْضِهِ وَأَدَبِهِ عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَأَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَالِمًا بِلِسَانِ الْعَرَبِ عَاقِلًا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُشْتَبِهِ; وَيَعْقِلُ الْقِيَاسَ عَدْلًا. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَاشْتَرَطَ فِي الْقَدِيمِ مَعَ هَذَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا كَيْفَ يَأْخُذُ الْأَحَادِيثَ فَلَا يَرُدُّ مِنْهَا ثَابِتًا وَلَا يُثْبِتُ مِنْهَا ضَعِيفًا وَسُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَتَى يُفْتِي الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَثَرِ بَصِيرًا بِالرَّأْيِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَا يَكُونُ الرَّجُلُ إمَامًا حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَصِحُّ مِمَّا لَا يَصِحُّ حَتَّى لَا يَحْتَجَّ بِكُلِّ شَيْءٍ وَحَتَّى يَعْلَمَ مَخَارِجَ الْعِلْمِ. وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى أصوله وجهان م 2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ تَقْدِيمِ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ عَلَى أُصُولِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَهُوَ أَوْلَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ تَقْدِيمُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَقَدْ أَوْجَبَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ تَقْدِيمَ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ عَلَى فُرُوعِهِ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا فِي أَوَائِلِ كُتُبِهِمْ الْفُرُوعِيَّةِ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ الْعُكْبَرِيُّ: أَبْلَغُ مَا تَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَحْكَامِ الأحكام إتقان أصول
وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ مَنْ ظَنَّهُ عَالِمًا. فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَوَجْهَانِ م 3 وَمَيِّتًا فِي الْأَصَحِّ وَالْعَامِّيُّ يُخْبِرُ فَقَطْ فَيَقُولُ: مَذْهَبُ فُلَانٍ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا: النَّاظِرُ الْمُجَرِّدُ يَكُونُ حَاكِيًا "1لِمَا رَآهُ1" لَا مُفْتِيًا. وَفِي آدَابِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ كَانَ الْفَقِيهُ مُجْتَهِدًا يَعْرِفُ صِحَّةَ الدَّلِيلِ كَتَبَ الْجَوَابَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ الدَّلِيلَ قال: مذهب أحمد كذا ـــــــــــــــــــــــــــــQالْفِقْهِ وَطَرَفٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ انْتَهَى. وَقَالَ القاضي شرف الدين بن2 قَاضِي الْجَبَلِ فِي أُصُولِهِ تَبَعًا لِمُسْوَدَّةِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ وَابْنِ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى: تَقْدِيمُ مَعْرِفَتِهَا عَلَى الْفُرُوعِ أَوْلَى عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ قُلْت: فِي غَيْرِ فَرْضِ الْعَيْنِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ عَكْسُهُ انْتَهَى. فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَهُوَ أَوْلَى كَلَامِ غَيْرِهِمْ فِي الْوُجُوبِ وينبغي أن يحمل على ما قلنا. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَيُقَلِّدُ الْعَامِّيُّ مَنْ ظَنَّهُ عَالِمًا فَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَرَهُ الشَّيْخُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَدَّمَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْجَوَازُ قَدَّمَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي قُلْت: وَلَعَلَّ الْخِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ هَلْ هُوَ الْعَدَالَةُ أَوْ الْفِسْقُ وَقَدْ نَقَلْت فِي ذَلِكَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْإِنْصَافِ3 فِي بَابِ طَرِيقِ الحكم وصفته فمن أراده فليطلبه هناك.
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَذَا فَيَكُونُ مُخْبِرًا لَا مُفْتِيًا. وَفِي الْمُغْنِي1 إنْ قِيلَ الْمُفْتِي يَجُوزُ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا سَمِعَ قُلْنَا: لَيْسَ إذًا مُفْتِيًا بَلْ مُخْبِرٌ فَيَحْتَاجُ يُخْبِرُ عَنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مُجْتَهِدٍ فَيَكُونُ مَعْمُولًا بِخَبَرِهِ لَا بِفُتْيَاهُ بَحَثَهُ لَمَّا اعْتَبَرَ الِاجْتِهَادَ. وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا بِبَلَدِهِ وَغَيْرِهِ فَحُكْمُهُ مَا قِيلَ: الشَّرْعُ. وَقِيلَ يُفْتِي مَسْتُورُ الْحَالِ وَيُفْتِي الْفَاسِقُ نَفْسَهُ وَيَحْرُمُ تَسَاهُلُ مُفْتٍ وَتَقْلِيدُ مَعْرُوفٍ بِهِ: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: أَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَتَهَجَّمُ فِي المسائل والجوابات: وَقَالَ: لِيَتَّقِ اللَّهَ عَبْدٌ وَلْيَنْظُرْ مَا يَقُولُ فَإِنَّهُ مَسْئُولٌ: وَقَالَ: يَتَقَلَّدُ أَمْرًا عَظِيمًا: وَقَالَ عَرَّضَهَا لِأَمْرٍ عَظِيمٍ إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَجِيءُ ضَرُورَةٌ قَالَ الْحَسَنُ: إنْ تَرَكْنَاهُمْ وَكَّلْنَاهُمْ إلَى غَيْرِ سَدِيدٍ2: وَقَالَ شَيْخُنَا: لَا يَجُوزُ اسْتِفْتَاءٌ إلَّا مِمَّنْ يُفْتِي بِعِلْمٍ وَعَدْلٍ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُجِيبَ فِي كُلِّ ما يستفتى. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ عَنْهُ: لَسْت أُفْتِي فِي الطَّلَاقِ بِشَيْءٍ. وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ أبي حرب و1 سُئِلَ عَمَّنْ يُفْتِي بِغَيْرِ عِلْمٍ قَالَ: يُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى: يَمْرُقُ مِنْ دِينِهِ. وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ ذَكَرَ {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44] ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ يُنْقِلُ عَنْ الْمِلَّةِ. وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إذَا هَابَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنْ يَقُولَ. وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي اللِّعَانِ فقال: سل2 رَحِمَك اللَّهُ عَمَّا تَنْتَفِعُ بِهِ. وَقَالَ أَيْضًا: دَعْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُحْدَثَةِ خُذْ فِيمَا فِيهِ حَدِيثٌ: وَقَالَ شَيْخُنَا: فِيمَنْ سَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ اسْتَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ وَقَفَهَا فِي حَيَاتِهِ هَلْ يَكُونُ وَقْفًا بَعْدَ مَوْتِهِ؟ قَالَ: السَّائِلُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ الْبَلِيغَ الَّذِي يَزْجُرُهُ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الْجُهَّالِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ. فَإِنَّ هَذَا السَّائِلَ إنَّمَا قَصَدَ التَّغْلِيطَ3 لَا الِاسْتِفْتَاءَ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ4. إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا لَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ هَلْ يَصِحُّ وَقْفُهَا أَمْ لَا؟ أَمَّا سُؤَالُهُ عَنْ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَطْ مَعَ ظُهُورِ حُكْمِهِ فَتَلْبِيسٌ عَلَى الْمُفْتِي وَتَغْلِيطُ حَتَّى أَظُنَّ أَنَّ وَقْفَهَا فِي الْحَيَاةِ صَحِيحٌ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ قَوْلِ أَبِي مُوسَى: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا فَلَمَّا أُكْثِرَ عليه غضب. الحديث متفق عليه5. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ: يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ السُّؤَالِ قَالَ: وَلَا أَرَى ذَلِكَ مَكْرُوهًا إلَّا السُّؤَالَ عَمَّا لَا يَعْنِي أَوْ تَصْوِيرَ أَحْدَاثٍ لَمْ تَقَعْ وَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا إلَّا نَادِرًا فَلَا يُشْغَلُ بِهَا الْوَقْتُ الْعَزِيزُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِأَجْلِهَا عَنْ أَهَمَّ مِنْهَا. وَإِنْ اعْتَدَلَ عِنْدَهُ قَوْلَانِ وَقُلْنَا: يَجُوزُ أَفْتَى بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَحْوَطُ. وَلَهُ تَخْيِيرُ مَنْ أَفْتَاهُ بَيْنَ1 قَوْلِهِ وَقَوْلِ مُخَالِفِهِ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِهِ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ أَوْ كَانَ أَرْجَحَ سَأَلَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ أَدُلُّهُ عَلَى إنْسَانٍ يَسْأَلُهُ؟ قَالَ: إذَا كان الذي أرشد إليه يتبع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُفْتِي بِالسُّنَّةِ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ يُرِيدُ الِاتِّبَاعَ وَلَيْسَ كُلُّ قَوْلِهِ يُصِيبُ قَالَ: وَمَنْ يُصِيبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ؟ قُلْت: يُفْتِي بِرَأْيِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا يُتَقَلَّدْ مِنْ مِثْلِ هَذَا بِشَيْءٍ. وَمُرَادُهُ أَنَّ مَالِكًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ أحمد غاية ولهذا نقل أبو داود1 عنه: مَالِكٌ أَتْبَعُ مِنْ سُفْيَانَ. وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا: لَا يُعْجِبُنِي رَأْيُ مَالِكٍ وَلَا رَأْيُ أَحَدٍ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرُّ الْمَكْتُومُ: هَذِهِ الْفُصُولُ هِيَ أُصُولُ الْأُصُولِ وَهِيَ ظَاهِرَةُ الْبُرْهَانِ لَا يَهُولَنك مُخَالَفَتُهَا لِقَوْلٍ مُعَظَّمٍ فِي النَّفْسِ وَلِطَعَامٍ2 وَقَدْ قَالَ رَجُلٌ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتَظُنُّ أَنَّا نَظُنُّ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ عَلَى الْخَطَإِ وَأَنْتَ عَلَى الصَّوَابِ؟ فَقَالَ: إنَّهُ مَلْبُوسٌ عَلَيْك اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ3. وَقَالَ رَجُلٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ قَالَ كَذَا فَقَالَ: إنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ السَّمَاءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: مِنْ ضِيقٍ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: وَقَالَ أَيْضًا: لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى أَقْوَمِ مِنْهَاجٍ وَأَحْسَنِ الْآدَابِ فَكَانَ أَصْحَابُهُ عَلَى طَرِيقِهِ وَجُمْهُورُ التَّابِعِينَ ثُمَّ دَخَلَتْ آفَاتٌ وَبِدَعٌ فَأَكْثَرُ السَّلَاطِينِ يَعْمَلُونَ4 بِأَهْوَائِهِمْ وَآرَائِهِمْ لَا بِالْعِلْمِ وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ سِيَاسَةً وَالسِّيَاسَةُ هِيَ الشَّرِيعَةُ. وَالتُّجَّارُ يَدْخُلُونَ فِي الرِّبَا وَلَا يَعْلَمُونَ وَقَدْ يعلمون ولا يبالون وصار ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فِي تَخْلِيطٍ مِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى صُورَةِ الْعِلْمِ وَيَتْرُكُ الْعَمَلَ بِهِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُسَامَحُ لِكَوْنِهِ عَالِمًا وَقَدْ نَسِيَ أَنَّ الْعِلْمَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِلرِّيَاسَةِ لَا لِلْعَمَلِ بِهِ فَيُنَاظِرُ وَمَقْصُودُهُ الْغَلَبَةُ لَا بَيَانُ الْحَقِّ فَيَنْصُرُ1 الْخَطَأَ وَمِنْهُمْ مِنْ يَجْتَرِئُ عَلَى الْفُتْيَا وَمَا حَصَّلَ شُرُوطَهَا وَمِنْهُمْ مِنْ يُدَاخِلُ2 السَّلَاطِينَ فَيَتَأَذَّى هُوَ مِمَّا يَرَى مِنْ الظُّلْمِ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارُ وَيَتَأَذَّى السلطان3 فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنِّي عَلَى صَوَابٍ مَا جَالَسَنِي هَذَا وَيَتَأَذَّى الْعَوَامُّ بِذَلِكَ4 فَيَقُولُونَ: لَوْلَا أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ قَرِيبٌ مَا خَالَطَهُ هَذَا الْعَالِمُ. وَرَأَيْت الْأَشْرَافَ يَثِقُونَ بِشَفَاعَةِ آبَائِهِمْ وَيَنْسَوْنَ أَنَّ الْيَهُودَ بَنُو إسْرَائِيلَ وَرَأَيْت الْقُصَّاصَ لَا يَنْظُرُونَ فِي الصَّحِيحِ وَيَبِيعُونَ بِسُوقِ الْوَقْتِ وَرَأَيْت أَكْثَرَ الْعِبَادِ عَلَى غَيْرِ الْجَادَّةِ فَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّ قَصْدُهُ وَلَا يَنْظُرُونَ فِي سِيرَةِ الرَّسُولِ وَأَصْحَابِهِ وَلَا فِي أَخْلَاقِ الْأَئِمَّةِ الْمُقْتَدَى بِهِمْ بَلْ قَدْ وَضَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ لَهُمْ كُتُبًا فِيهِ5 رَقَائِقُ قَبِيحَةٌ وَأَحَادِيثُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَوَاقِعَاتٌ تُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ مِثْلُ كُتُبِ الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ التِّرْمِذِيِّ وَأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فَيَسْمَعُ الْمُبْتَدِئُ ذَمَّ الدُّنْيَا وَلَا يَدْرِي مَا الْمَذْمُومُ فيتصور ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ذَمَّ ذَاتِ الدُّنْيَا فَيَنْقَطِعُ فِي الْجَبَلِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى الْبَلُّوطِ وَالْكُمَّثْرَى أَوْ اللَّبَنِ أَوْ الْعَدَسِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي لِقَاصِدِ الْحَجِّ أَنْ يُرْفِقَ بِالنَّاقَةِ لِيَصِلَ. ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَا نَنْقُلُ عَنْ أَبِي يَزِيدَ وَدَاوُد الطَّائِيِّ وَبِشْرٌ وَغَيْرُهُمْ فَحَلَفَ أَبُو يَزِيدَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ سَنَةً. وَكَانَ دَاوُد يَشْرَبُ الْمَاءَ الْحَارَّ مِنْ دَنٍّ وَيَقُولُ بِشْرٌ: أَشْتَهِي مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً الشِّوَاءَ فَمَا صَفَا لِي دِرْهَمَهُ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ وَقَالَ: التَّقْلِيدُ لِلْأَكَابِرِ أَفْسَدَ الْعَقَائِدَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَاظَرَ بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَّبِعَ الدَّلِيلَ فَإِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ أَخَذَ فِي الْجَدِّ بِقَوْلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَخَالَفَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اعْرَفْ الْحَقَّ تَعْرِفْ أَهْلَهُ1. وَقَدْ ذَكَرَ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كَلِمَاتٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ فَقَالَ: وَقَفْنَا2 فِي ثَنِيَّاتِ3 الطَّرِيقِ عَلَيْك مَا كَانَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَتَكَلَّمَ أَحْمَدُ فِي الْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيِّ وَبَلَغَهُ عَنْ سَرِيٍّ السَّقَطِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْحُرُوفَ وَقَفَ الْأَلِفُ وَسَجَدَتْ الْبَاءُ. فَقَالَ: نُفِّرُوا النَّاسَ عَنْهُ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَرُدُّ عَلَى مَالِكٍ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْمُتَزَهِّدِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَصْحَابُهُ وَلَا سَلَكُوا مَا رَتَّبَهُ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ فِي الرياضة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَزَهِّدِينَ إنْ رَأَوْا عَالِمًا لَبِسَ ثَوْبًا جَمِيلًا أَوْ تَزَوَّجَ مُسْتَحْسَنَةً أَوْ ضَحِكَ عَابُوهُ وَهَذَا فِي أَوَائِلِ الصُّوفِيَّةِ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يَعْرِفُونَ التَّعَبُّدَ وَلَا التَّقَلُّلَ وَقَنَعُوا فِي إظْهَارِ الزُّهْدِ بِالْقَمِيصِ الْمُرَقَّعِ فَمَا الْعَجَبُ فِي نِفَاقِهِمْ إنَّمَا الْعَجَبُ نِفَاقُهُمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي قَوْله تَعَالَى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] . وَكَيْفَ لَا يُوصَفُ بِالِاسْتِدْرَاجِ مَنْ يَعْمَلُ لِثُبُوتِ الْجَاهِ بَيْنَ الْخَلْقِ وَيُمْضِي عُمُرَهُ فِي تَرْبِيَةِ رِيَاسَتِهِ لِيُقَالَ هَذَا فُلَانٌ أَوْ فِي تَحْصِيلِ شَهَوَاتِهِ الْفَانِيَةِ مَعَ سُوءِ الْقَصْدِ وَقَالَ: طَلَبُ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ1 مَهْلَكَةٌ2 لِطَالِبِي ذَلِكَ فَتَرَى أَكْثَرَ الْمُتَفَقِّهِينَ يَتَشَاغَلُونَ بِالْجَدَلِ وَيَكْثُرُ مِنْهُمْ رَفْعُ الْأَصْوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْغَلَبَةُ وَالرِّفْعَةُ فَهُمْ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وَجْهَ النَّاسِ إلَيْهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ" 3. وَمِنْهُمْ من يفتي ولم4 يَبْلُغُ دَرَجَةَ الْفَتْوَى وَيُرِي النَّاسَ صُورَةَ تَقَدُّمِهِ فَيَسْتَفْتُونَهُ وَلَوْ نَظَرَ حَقَّ النَّظَرِ وَخَافَ اللَّهَ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ. وَإِنْ حَدَثَ مَا لَا قَوْلَ فِيهِ تَكَلَّمَ فِيهِ حَاكِمٌ وَمُجْتَهِدٌ وَمَضَتْ وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ وَقِيلَ: فِي الْأُصُولِ وَلَهُ رَدُّ الْفُتْيَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَإِلَّا لَمْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَجُزْ وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَامَّةِ بِالْفُتْيَا1 وَهُوَ جَاهِلٌ تَعَيَّنَ الْجَوَابُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الْأَظْهَرُ: لَا يَجِبُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَسُؤَالِ عَامِّيٍّ عَمَّا لَمْ يَقَعْ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ حَاكِمٌ فِي الْبَلَدِ غَيْرُهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُكْمُ وَإِلَّا لَزِمَهُ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي شَهَادَةِ الْعَبْدِ: الْحُكْمُ يَتَعَيَّنُ بِوِلَايَتِهِ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ رَدُّ مُحْتَكِمِينَ إلَيْهِ وَيُمْكِنُهُ رَدُّ مَنْ يَسْتَشْهِدُهُ وَإِنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا لِشَهَادَةٍ فَنَادِرٌ أَنْ لَا يَكُونَ سِوَاهُ وَفِي الْحُكْمِ لَا يَنُوبُ الْبَعْضُ عَنْ الْبَعْضِ وَلَا يَقُولُ لِمَنْ ارْتَفَعَ إلَيْهِ: امْضِ إلَى غَيْرِي مِنْ الْحُكَّامِ. وَيَتَوَجَّهُ فِي الْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ تَخْرِيجٌ مِنْ الْوَجْهِ فِي إثْمِ مَنْ دُعِيَ إلَى شَهَادَةٍ قَالُوا: لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بِدُعَائِهِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ إثْمُ كُلِّ مَنْ عَيَّنَ في كل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَرْضِ كِفَايَةٍ فَامْتَنَعَ وَكَلَامُهُمْ فِي الْحَاكِمِ وَدَعْوَةُ الْوَلِيمَةِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ خِلَافُهُ وَإِنْ تَوَجَّهَ تَخْرِيجٌ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا قِيلَ: الْأَصْلُ عَدَمُ التَّعْيِينِ بِالتَّعْيِينِ وَفِي الْكُلِّ خُولِفَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] ، فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ كَسُؤَالٍ عَمَّا لَمْ يَقَعْ. وَمِنْ قَوِيٍّ عِنْدَهُ مَذْهَبُ غَيْرِ إمَامِهِ أَفْتَى بِهِ وَأَعْلَمَ السَّائِلَ. وَمَنْ أَرَادَ كِتَابَةً فِي فُتْيَا أَوْ شَهَادَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُكَبِّرَ خَطَّهُ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا حَاجَةَ كَمَا لَوْ أَبَاحَهُ قَمِيصَهُ فَاسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ بِلَا حَاجَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْمَنْثُورِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُفْتِيَ أَوْ يَكْتُبَ شَهَادَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُوَسِّعَ الْأَسْطُرَ وَلَا يُكْثِرَ إذَا أَمْكَنَ الِاخْتِصَارُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَمْ تَدْعُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ. وَلَا يَجُوزُ إطْلَاقُ1 الْفُتْيَا فِي اسْمٍ مُشْتَرَكٍ إجْمَاعًا بَلْ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ فَلَوْ سُئِلَ هَلْ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: يَجُوزُ بَعْدَ الْفَجْرِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي وَأَرْسَلَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى أَبِي يُوسُفَ سَأَلَهُ عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ فَقَصَرَهُ وَجَحَدَهُ هَلْ لَهُ الْأُجْرَةُ مَعَ جَحْدِهِ إنْ عَادَ وَسَلَّمَهُ إلَى رَبِّهِ وَقَالَ: إنْ قَالَ نَعَمْ أَوْ لَا أَخْطَأَ فَفَطِنَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ: إنْ قَصَرَهُ قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جُحُودِهِ فَلَهُ وَبَعْدَهُ لَا لِأَنَّهُ قَصَرَهُ لِنَفْسِهِ وَسَأَلَ أَبُو الطَّيِّبِ1 قَوْمًا عَنْ بَيْعِ رِطْلِ تَمْرٍ بِرِطْلِ تَمْرٍ فَقَالُوا: يَجُوزُ فَخَطَّأَهُمْ فَقَالُوا: لَا فَخَطَّأَهُمْ فَقَالَ: إنْ تُسَاوَيَا كَيْلًا جَازَ فَهَذَا يُوَضِّحُ خَطَأَ مُطْلَقِ الْجَوَابِ فِي مَسْأَلَةٍ احْتَمَلَتْ التَّفْصِيلَ ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ وَإِنَّ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ أَوْجَبَا التَّحَرُّزَ مِنْ الْعَوَامّ بِالتَّقِيَّةِ وَأَنَّهُ لَا إقَالَةَ لَعَالِمٍ زَلَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَكْرَهُونَهُ وَقَالَ لَهُ قَائِلُ: يَنْبَغِي أَنْ تُفْتِيَ بِظَاهِرِ الَّذِي تَسْمَعُ فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنِّي لَوْ سُئِلْت عَمَّنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا عَالِمُ يَا فَاضِلُ يَا كَرِيمُ هَلْ هُوَ مَدْحٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّا لَا نُفْتِي حَتَّى نَعْلَمَ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَعَانٍ تَنْطَبِقُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَوْصَافُ وَإِلَّا فَهِيَ مَجَانَةٌ وَاسْتِهْزَاءٌ وَقِيلَ لَهُ فِي مُفْرَدَاتِهِ عَنْ جِمَاعِ الْأَعْرَابِيِّ فِي نهار رمضان لم يستفصله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ سَفَرًا أَوْ حَضَرًا2 فَقَالَ: شَاهِدُهُ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَاضِرٌ فَعَلَامَةُ ذَلِكَ3 وَدَلَالَتُهُ أَغْنَتْهُ. وَمَا مَنَعَ تَوْلِيَةَ الْقَضَاءِ مَنَعَ دَوَامَهَا فَيَنْعَزِلُ بِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ: فَقَدْ سَمِعَ أَوْ بَصَرَ بَعْدَ الثُّبُوتِ عِنْدَهُ لَهُ الْحُكْمُ فِيهِ. وَقَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي فَقْدِ بَصَرٍ وَقِيلَ: إنْ تَابَ فَاسِقٌ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جِنٍّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ وقلنا ينعزل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْإِغْمَاءِ فَوِلَايَتُهُ بَاقِيَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ جُنَّ ثم أفاق احتمل وجهين. و1في الْمُعْتَمَدِ: إنْ طَرَأَ جُنُونٌ فَقِيلَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُطْبِقًا لَمْ يَنْعَزِلْ كَالْإِغْمَاءِ وَإِنْ أَطْبَقَ بِهِ وَجَبَ عَزْلُهُ وَاخْتَلَفَتْ الشَّافِعِيَّةُ فَقِيلَ: بِمُدَّةِ سَنَةٍ لِتَكْمِيلِ إيجَابِ الْعِبَادَاتِ وَقِيلَ: شَهْرٌ لِإِيجَابِ رَمَضَانَ مَعَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ: يَوْمًا وَلَيْلَةً لِإِيجَابِ الصَّلَاةِ وَالْأَشْبَهُ بِقَوْلِنَا الشَّهْرُ لِأَنَّ أَحْمَدَ أَجَازَ شَهَادَةَ مَنْ يُخْنَقُ أَحْيَانًا2 وَقَالَ: فِي الشَّهْرِ مَرَّةً كَذَا قَالَ. وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا يَمْنَعُ القضاء تعين عزله و1"فِي الْمُغْنِي3: يُعْزَلُ. وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْمَوْلَى أَوْ عُزِلَ مَنْ وَلَّاهُ أَوْ غَيْرُهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْوِلَايَةِ وَالْأَشْهَرُ: بَلْ الصَّالِحُ لَهَا لَمْ يَنْعَزِلْ الحاكم لأنه عقد لمصلحة المسلمين، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَعَقْدِهِ نِكَاحَ مُوَلِّيَتِهِ لَمْ يَفْسَخْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ: بَلَى كَنَائِبِهِ بِزَوَالِ وِلَايَةِ مُسْتَنِيبِهِ وَفِيهِ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ قَوْلٌ: لَا. وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ فِي أَمْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِحْضَارِ مُسْتَعْدًى عَلَيْهِ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَوْ عَزَلَهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَقِيلَ: لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِعَزْلِهِ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْمُغْنِي1: كَالْوَالِي قَالَ شَيْخُنَا: كَعَقْدِ وَصِيٍّ وَنَاظِرٍ عَقْدًا جَائِزًا كَوَكَالَةٍ وَشَرِكَةٍ وَمُضَارَبَةٍ وَمِثْلِهِ كُلُّ عَقْدٍ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَوَالٍ وَمَنْ يُنَصِّبُهُ لِجِبَايَةِ مَالٍ وَصَرْفِهِ وَأَمْرِ الْجِهَادِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَالْمُحْتَسِبِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِي الْكُلِّ: لَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْمُسْتَنِيبِ وَمَوْتِهِ حَتَّى يَقُومَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي نَائِبِهِ فِي الْحُكْمِ وَقَيِّمِ الْأَيْتَامِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ أَوْجُهٌ ثَالِثُهَا إنْ اسْتَخْلَفَهُمْ بِإِذْنِ مَنْ وَلَّاهُ وَقِيلَ: وَقَالَ اسْتَخْلِفْ عَنْك انْعَزَلُوا وَلَا يَبْطُلُ مَا فَرَضَهُ فَارِضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وفيه احتمال. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَجْهَانِ م 4. وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: إن لم يلزمه ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَفِي عَزْلِهِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. اعْلَمْ: أَنَّ الْأَصْحَابَ اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَبَنَاهُمَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُقْنِعِ1 والمحرر والشرح"1" وابن منجا وَغَيْرِهِمْ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ قَبْلَ عِلْمِهِ وَعَدَمِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي أَيْضًا فَيَكُونُ الْمُرَجَّحُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عَزْلَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ2 وَالْمُصَنِّفُ قَدْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ أَيْضًا وَذَكَرَهُمَا مِنْ غَيْرِ بِنَاءِ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَالْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِمْ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُمْ مَحْمُولًا عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أُولَئِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ. إذَا عَلِمَ ذَلِكَ فَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَنْعَزِلُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا ينعزل قبل العلم بالعزل3 بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ انْعَزِلْ الْوَكِيلُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقَالَ: هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ قَالَ: لِأَنَّ فِي وِلَايَتِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وإن قيل إنه4 وكيل فهو شبيه5 بِنَسْخِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ قَبْلَ بُلُوغِ النَّاسِخِ عَلَى الصَّحِيحِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ الْمَحْضَةِ وَأَيْضًا فَإِنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي الْعُقُودُ وَالْفُسُوخُ فَتَعْظُمُ الْبَلْوَى بابطالها قبل العلم بخلاف الوكالة انتهى.
قَبُولُهُ وَفِيهَا لَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِأَفْضَلَ وَقِيلَ بِمِثْلِهِ وَقِيلَ بِدُونِهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ. وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَاحْتُجَّ لِلْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ عَزْلُ نَفْسِهِ عَنْ الرِّسَالَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِلَى إسْقَاطِ الْحُدُودِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ فِي دَارٍ خَلَتْ مِنْ إمَامٍ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَوْ مَلَكَ عَزْلَ نَفْسِهِ لِمَا سَأَلَهُمْ ذَلِكَ وَاحْتُجَّ لِلْجَوَازِ بِقَوْلِهِمْ لِعُثْمَانَ اخْلَعْ نَفْسَك1 فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمْ يَمْتَنِعْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي هَلْ لِمَنْ ولاه عزله الخلاف السابق2 وَاحْتَجُّوا لِلْجَوَازِ بِوُقُوعِهِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَأَعْزِلَن أَبَا مَرْيَمَ وَأُوَلِّيَن رَجُلًا إذَا رَآهُ الْفَاجِرُ فَرَقَ فَعَزَلَهُ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَوَلَّى 3كَعْبَ بْنَ سور3 مكانه4. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وإن قلنا على عاقلته فلا انتهى. وقد قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَكَذَا ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ5 وَخَطَإِ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فِي حُكْمٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
وَعَزَلَ عَلِيٌّ أَبَا الْأَسْوَدِ فَقَالَ: لِمَ عَزَلْتنِي وَمَا جَنَيْت؟ قَالَ: رَأَيْت كَلَامَك يَعْلُو عَلَى الْخَصْمَيْنِ1. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَوَى بِإِسْنَادِهِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ إذَا بَلَغَهُ عَنْ عَامِلِهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ الْمَرِيضَ وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الضَّعِيفُ عَزَلَهُ2 فَأَمَّا إنْ خَافَ مَفْسَدَةً بِاسْتِمْرَارِهِ وَوُقُوعِ فِتْنَةٍ فَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ وَأَنَّهُ لَا يَعْزِلْهُ كَغَيْرِهِ وَيَتَوَجَّهُ: لَهُ عَزْلُهُ لِأَنَّ عُمَرَ عَزَلَ سَعْدًا عَنْ الْكُوفَةِ وَقَالَ: لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ3. وَمَنْ أَخْبَرَ بِمَوْتِ قَاضِي بَلَدٍ وَوَلِيَ غَيْرُهُ فَبَانَ حَيًّا لَمْ يَنْعَزِلْ وَقِيلَ: بَلَى. وَإِنْ قَالَ: مَنْ نَظَرَ فِي الْحُكْمِ بِالْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَقَدْ وَلَّيْته فَلَا وِلَايَةَ لِمَنْ نَظَرَ لِجَهَالَةِ الْمُوَلِّي ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ أَيْضًا بِأَنَّهُ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ ثُمَّ ذَكَرَ احْتِمَالًا لِلْخَبَرِ: أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ4. وَالْمَعْرُوفُ صِحَّتُهَا بِشَرْطٍ وإن وجد5 بَعْدَ مَوْتِهِ فَسَبَقَ فِي الْمُوصَى إلَيْهِ6 وَإِنْ قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَّيْتهمَا فَمَنْ نَظَرَ مِنْهُمَا فَهُوَ خَلِيفَتِي فَقَدْ ولاهما ثم عين من سبق فتعين. وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ وَأُمَنَائِهِ وَخُلَفَائِهِ وَعَنْهُ: بِقَدْرِ عَمَلِهِ مَعَ الْحَاجَةِ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ وَبِدُونِهَا وَقِيلَ: إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ وَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ مِنْ الخصمين وجهان م 5. وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ فَوَجْهَانِ م 6. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ فَفِي أَخْذِهِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ قَالَ فِي الْكَافِي1: وَإِذَا قُلْنَا: يَجُوزُ أَخْذُ الرِّزْقِ فَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا بِجُعْلٍ جَازَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي جُعْلًا جَازَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ والنظم وهو الصواب. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَيَّنَ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كفاية فوجهان. انتهى. وأطلقهما في
وَمَنْ أَخَذَ لَمْ يَأْخُذْ أُجْرَةً وَفِي أُجْرَةِ خَطِّهِ وَجْهَانِ م 7. وَنَقَلَ عَنْهُ الْمَرُّوذِيُّ فِيمَنْ يَسْأَلُ عَنْ الْعِلْمِ فَرُبَّمَا أُهْدِيَ لَهُ: لَا يَقْبَلُ إلَّا أَنْ يُكَافِئَ وَإِنْ حَكَّمَا بَيْنَهُمَا مَنْ يَصْلُحُ لَهُ نَفَذَ حُكْمُهُ وَهُوَ كَحَاكِمِ الْإِمَامِ. وَعَنْهُ: لَا يَنْفُذُ فِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَلِعَانٍ وَنِكَاحٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: يَنْفُذُ فِي غَيْرِ فَرْجٍ كَتَصَرُّفِهِ ضَرُورَةً فِي تَرِكَةِ1 مَيِّتٍ فِي غَيْرِ فَرْجٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عمد الأدلة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَآدَابِ الْمُفْتِي وَأُصُولِ الْمُصَنِّفِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ. مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَمَنْ أَخَذَ لَمْ يَأْخُذْ أُجْرَةً وَفِي أُجْرَةِ خَطِّهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أحدهما: لا يجوز "2قدمه المصنف في أصوله و2"اخْتَارَهُ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ3. فهذه سبع مسائل في هذا الباب.
وَاخْتَارَ شَيْخُنَا نُفُوذَ حُكْمِهِ بَعْدَ حُكْمِ حَاكِمٍ لَا إمَامٍ وَأَنَّهُ إنْ حَكَّمَ أَحَدُهُمَا: خَصْمَهُ أَوْ حَكَّمَا مُفْتِيًا فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ جَازَ وَأَنَّهُ يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ لَهُ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أبي طالب: نازعني ابن عمي الأذان تحاكمنا إلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: اقْتَرِعَا. قَالَ شَيْخُنَا: خَصُّوا اللِّعَانَ لِأَنَّهُ فِيهِ دَعْوَى وَإِنْكَارٌ1 وبقية الفسوخ كإعسار قد يتصادقان فَيَكُونُ الْحُكْمُ إنْشَاءً لَا إبْدَاءً وَنَظِيرُهُ لَوْ حَكَّمَاهُ فِي التَّدَاعِي بِدَيْنٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْوَرَثَةُ وَفِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّحْكِيمِ: وَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَلَّى مُتَقَدِّمُو الْأَسْوَاقِ وَالْمَسَاجِدِ الْوَسَاطَاتِ وَالصُّلْحَ عِنْدَ الْفَوْزَةِ2 وَالْمُخَاصَمَةَ وَصَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَتَفْوِيضَ الْأَمْوَالِ إلَى الْأَوْصِيَاءِ وَتَفْرِقَةَ زَكَاتِهِ بِنَفْسِهِ وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ عَلَى رَقِيقِهِ وَخُرُوجَ طَائِفَةٍ إلَى الْجِهَادِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَلَصُّصًا وَبَيَاتًا وَعِمَارَةَ الْمَسَاجِدِ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عن المنكر والتعزير لعبيد1 وإماء وأشباه ذلك. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب أدب القاضي
باب أدب القاضي مدخل ... بَابُ أَدَبِ الْقَاضِي يُسَنُّ كَوْنُهُ قَوِيًّا بِلَا عُنْفٍ لَيِّنًا بِلَا ضَعْفٍ. وَظَاهِرُ الْفُصُولِ: يَجِبُ ذلك حليما1 مُتَأَنِّيًا فَطِنًا وَإِنْ افْتَاتَ عَلَيْهِ الْخَصْمُ فَفِي الْمُغْنِي2: لَهُ تَأْدِيبُهُ وَالْعَفْوُ. وَفِي الْفُصُولِ: يَزْبُرُهُ3 فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَاعْتَبَرَهُ بِدَفْعِ الصَّائِلِ وَالنُّشُوزِ وَفِي الرِّعَايَةِ: يَنْتَهِرُهُ وَيَصِيحُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَظَاهِرُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ لَكِنْ هَلْ ظَاهِرُهُ يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ كَالْإِقْرَارِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ أَوْ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ لِكَثْرَةِ الْمُتَظَلِّمِينَ عَلَى الْحُكَّامِ وَأَعْدَائِهِمْ فَجَازَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ وَلِهَذَا شَقَّ رَفْعُهُ إلَى غَيْرِهِ فَأَدَّبَهُ بِنَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ حَقٌّ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي أَغْصَانِ الشَّجَرَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا: أَنَّ مَا يَشُقُّ رفعه إلى الحاكم لا يرفع. وَيُسَنُّ كَوْنُهُ بَصِيرًا بِأَحْكَامِ الْحُكَّامِ قَبْلَهُ وَسُؤَالُهُ إنْ وَلِيَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ عَنْ عُلَمَائِهِ وَعُدُولِهِ وَإِعْلَامِهِمْ بِيَوْمِ دُخُولِهِ لِيَتَلَقَّوْهُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَأْمُرُهُمْ بِتَلَقِّيه. وَدُخُولُهُ يَوْمَ خَمِيسٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ سَبْتٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ يَوْمَ اثْنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَخَمِيسٍ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: أَوْ سَبْتٍ لَابِسًا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: وَكَذَا أَصْحَابُهُ وَأَنَّ جَمِيعَهَا سُودٌ وَإِلَّا فَالْعِمَامَةُ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ ضَحْوَةً لِاسْتِقْبَالِ الشَّهْرِ وَلَا يَتَطَيَّرُ بِشَيْءٍ وإن تفاءل فحسن فيأتي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَامِعَ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ كَعْبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إلَّا ضُحًى وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ جَابِرٌ: لَمَّا أَتَيْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ: "ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا1. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: غَيْرُ السَّوَادِ أَوْلَى لِلْأَخْبَارِ2 وَكَانَ اسْتِقْبَالُ الشَّهْرِ تَفَاؤُلًا كَأَوَّلِ النَّهَارِ وَلَمْ يَذْكُرْهُمَا الْأَصْحَابُ. وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَيَأْمُرُ بِعَهْدِهِ فَيُقْرَأَ عَلَى النَّاسِ وَمَنْ يُنَادِي بِيَوْمِ جُلُوسِهِ لِلْحُكْمِ قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيُقْلِلْ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا لحاجة ثم يروح إلى منزله وينفذ فيتسلم3 دِيوَانَ الْحُكْمِ مِمَّنْ قَبْلَهُ. قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: وَلْيَأْمُرْ كَاتِبًا ثِقَةً يُثْبِتُ مَا تَسَلَّمَهُ بِمَحْضَرِ عَدْلَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُ يَوْمَ الْوَعْدِ بِأَعْدَلِ أَحْوَالِهِ غَيْرَ غَضْبَانَ وَلَا جَائِعٍ وَلَا حَاقِنٍ وَلَا مَهْمُومٍ بِمَا يَشْغَلُهُ عَنْ الْفَهْمِ فَيُسَلِّمُ عَلَى مَنْ مَرَّ بِهِ وَلَوْ صِبْيَانًا ثُمَّ عَلَى مَنْ فِي مَجْلِسِهِ وَيُصَلِّي تَحِيَّتَهُ مَسْجِدٍ وَإِلَّا خُيِّرَ وَالْأَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالْأَشْهَرُ: وَيَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ وَنَحْوِهِ وَيَدْعُو بِالتَّوْفِيقِ وَالْعِصْمَةِ سِرًّا وَلْيَكُنْ مَجْلِسُهُ فَسِيحًا وَسَطَ الْبَلَدِ كَجَامِعٍ وَيَصُونُهُ مِمَّا يُكْرَهُ فِيهِ وَدَارٍ وَاسِعَةٍ وَلَا يَتَّخِذُ فِيهِ عَلَى بابه حاجبا ولا بوابا بلا عذر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"1وَفِي الْمُذْهَبِ: يَتْرُكُهُ نَدْبًا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الْحُضُورِ إذَا تَنَازَعُوا إلَيْهِ بِلَا عُذْرٍ1" وَلَا لَهُ أَنْ يَحْتَجِبَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الِاسْتِرَاحَةِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَنْبَغِي عَلَى رَأْسِهِ مَنْ يُرَتِّبُ النَّاسَ وَلَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا. وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا عَدْلًا وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ مَا فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ. وَفِي الْكَافِي2: عَارِفًا يُشَاهِدُ مَا يَكْتُبُهُ وَالْقِمْطَرُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَخْتُومًا وَيَكُونُ الْأَعْوَانُ أَهْلَ دِينٍ وَيُوصِيهِمْ وَيُقَدِّمُ السَّابِقَ فِي حُكُومَةٍ وَاحِدَةٍ وش كَسَبْقِهِ إلَى مُبَاحٍ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يُقَدِّمُ مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لِئَلَّا تَضَجَّرَ الْبَيِّنَةُ وهـ وَجَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُكْرَهُ تَقْدِيمُ مُتَأَخِّرٍ فَإِنْ اسْتَوَوْا أَقْرَعَ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يُقَدِّمُ الْمُسَافِرَ الْمُرْتَحِلَ. وَفِي الْكَافِي3: مَعَ قِلَّتِهِمْ. وَيَلْزَمُ فِي الْأَصَحِّ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا فِي لَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَمَجْلِسِهِ وَالدُّخُولِ وَالْأَشْهَرُ: يُقَدَّمُ مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ دُخُولًا وَجُلُوسًا وَقِيلَ: دُخُولًا فَقَطْ فَيَحْرُمُ أَنْ يُسَارَّ أَحَدَهُمَا: أَوْ يُلَقِّنَهُ حُجَّتَهُ أَوْ يُضَيِّفَهُ أَوْ يُعْلِمَهُ الدَّعْوَى وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُحْسِنْهَا جَازَ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يُسَوِّي بَيْنَ خَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ وَلَوْ ذِمِّيٌّ فِي وَجْهٍ. وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا: رَدَّ عَلَيْهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَصْبِرُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا وَقِيلَ: يُكْرَهُ قِيَامُهُ لَهُمَا نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: سُنَّةُ الْقَاضِي أَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجْلِسَ الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَذَكَرَ الْخَبَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَهُمَا بِهِ1. وَلِلْحَاكِمِ السُّؤَالُ عَنْ شَرْطِ عَقْدٍ وَنَحْوِهِ تُرِكَ لِيُتَحَرَّزَ وَأَنْ يَزِنَ عَنْهُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَسُؤَالُ خَصْمِهِ الْوَضْعَ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ كَسُؤَالِهِ إنْظَارَهُ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا عَلَيْهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ أَنْ "دَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِك" قَالَ: قَدْ فَعَلْت قَالَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ فَأَعْطِهِ" 2. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا حُكْمٌ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَعَلَهُ قَاضٍ يَجُوزُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ والنظر لهما. وَيُسَنُّ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَهُ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ وَيُشَاوِرَهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ: مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ يُشَاوِرُونَ وَيَنْتَظِرُونَ وَيَحْرُمُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ قَالَ عُمَرُ: وَاَللَّهِ مَا يَدْرِي عُمَرُ أَصَابَ الْحَقَّ أَمْ أَخْطَأَ. وَلَوْ كَانَ حَكَمَ بِحُكْمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ هَذَا. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ لِلْعَالِمِ وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَأَجَازَ أَبُو الْخَطَّابِ إنْ كَانَتْ الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بحسب حاله ويعيد إذا قدر كمن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ وَلِأَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُهُ وَهُوَ التَّقْلِيدُ بِخَوْفِ فَوْتِ الْوَقْتِ. وَمِنْ الْعَجَبِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ إلَى السُّنَنِ عَنْ الْمَرُّوذِيِّ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا سُئِلْت عَنْ مَسْأَلَةٍ لَا أَعْرِفُ فِيهَا خَبَرًا قُلْت فِيهَا بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ إمَامٌ عَالِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عِلْمًا" 1. وَذَكَرَ فِي الْخَبَرِ: "أَنَّ اللَّهَ يُقَيِّضُ فِي رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ رَجُلًا يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ" فَكَانَ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفِي الثَّانِيَةِ الشَّافِعِيُّ وَهَذِهِ الْحِكَايَةُ فِي إسْنَادِهَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَاسِينَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهَرَوِيُّ كَذَّبَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَقَالَ الْإِدْرِيسِيُّ2: سَمِعْت أَهْلَ بَلَدِهِ يَطْعَنُونَ فِيهِ وَلَا يَرْضَوْنَهُ وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا3 وَفِي إسْنَادِهَا ضَعْفٌ. وَأَمَّا الْخَبَرُ الثَّانِي فَرَوَى أَبُو دَاوُد4 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ داود ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَهْرِيِّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الإسكندراني لَمْ يُخْبِرْ بِهِ شَرَاحِيلُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَعَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الشَّرْعِ لِقَوْلِ أَحَدٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ1 عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي النَّاسَ بِالْمُتْعَةِ زَادَ مُسْلِمٌ: فَقَالَ رَجُلٌ لِأَبِي مُوسَى: رُوَيْدُك بَعْضَ فُتْيَاك فَإِنَّك لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي النُّسُكِ بَعْدَك فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كُنَّا أَفْتَيْنَاهُ فُتْيَا فَلْيَتَّئِدْ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ عَلَيْكُمْ فِيهِ2 فَأَتِمُّوا: قَالَ فَقَدِمَ عُمَرُ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: أَنْ تَأْخُذَ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] ، وَإِنْ تَأْخُذْ بِسَنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحل حتى نحر الهدي. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِمُسْلِمٍ1 أَيْضًا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لَهُ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ فَعَلَهُ وَأَصْحَابَهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ يَظَلُّوا مُعَرِّسِينَ2 بِهِنَّ فِي الْأَرَاكِ3 ثُمَّ يَرُوحُونَ فِي الْحَجِّ تَقْطُرُ رُءُوسُهُمْ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِيهِ: إنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَالِمِ إذَا كَانَ يُفْتِي بِمَا كَانَ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافِهِ مِمَّا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَلِكَ الْمَوْطِنِ أَنْ يَتْرُكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيَصِيرَ إلَى مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ قَالَ: وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِحْسَانِ. وَإِنْ حَكَمَ وَلَمْ يَجْتَهِدْ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ حَكَمَ بِالْحَقِّ لَمْ يَصِحَّ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْقَصْرِ مِنْ الْفُصُولِ. وَلَا يَحْكُمُ مَعَ مَا يَشْغَلُ فَهْمَهُ كَغَضَبٍ كَثِيرٍ وَجُوعٍ وَأَلَمٍ وَصَرَّحَ فِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ فَإِنْ حَكَمَ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: إنْ عرض بعد فهم الحكم. وَيَحْرُمُ قَبُولُهُ رِشْوَةً وَكَذَا هَدِيَّةً بِخِلَافِ مُفْتٍ. قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتْ الْهَدِيَّةُ فِيمَا مَضَى هَدِيَّةً وَأَمَّا الْيَوْمَ فَهِيَ رِشْوَةٌ. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: قَرَأْت فِي بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنْبِيَائِهِ: الْهَدِيَّةُ تَفْقَأُ عَيْنَ الْحُكْمِ قَالَ الشَّاعِرُ: إذَا أَتَتْ الْهَدِيَّةُ دَارَ قَوْمٍ ... تَطَايَرَتْ الْأَمَانَةُ مِنْ كُوَاهَا وَقَالَ منصور الفقيه: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا رِشْوَةٌ مِنْ بَابِ بَيْتٍ تَقَحَّمَتْ ... لِتَدْخُلَ فِيهِ وَالْأَمَانَةُ فِيهِ سَعَتْ هَرَبًا مِنْهُ وَوَلَّتْ كَأَنَّهَا ... حَلِيمٌ تَنَحَّى عَنْ جِوَارِ سَفِيهِ فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ1 فَقِيلَ: تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ2 وَقِيلَ: تُرَدُّ كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَقِيلَ: تَمَلَّكَ بِتَعْجِيلِهِ الْمُكَافَأَةَ م 1 فَعَلَى الْأَوَّلِ: هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ م 2 وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ مَا فِي الرِّعَايَةِ أَنَّ الساعي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنْ قَبِلَ فَقِيلَ تُؤْخَذُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ: تُرَدُّ. وَقِيلَ: تُمْلَكُ بِتَعْجِيلِ الْمُكَافَأَةِ انْتَهَى: وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ: احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هُوَ الصَّوَابُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فَعَلَى الْأَوَّلِ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فَدَلَّ أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَجْهَيْنِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الِانْتِقَالِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَنْتَقِلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الحديث.
يعتد1 لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا أَهْدَاهُ إلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا مَأْخَذُهُ ذَلِكَ وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلٍ فَوَهَبَهُ شَيْئًا أَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ وَهُوَ يَدُلُّ لِكَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ فِي نَقْلِ الْمِلْكِ الْخِلَافُ وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِرِشْوَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَخَذَهَا الْإِمَامُ "2لَا أَرْبَابُ2" الْأَمْوَالِ وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ ثُمَّ قَالَ: قُلْت إنْ عَرَفُوا رُدَّ إلَيْهِمْ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ وُلِّيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا يَرْوِي: هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ3. وَالْحَاكِمُ خَاصَّةً لَا أُحِبُّهُ لَهُ إلَّا مِمَّنْ كَانَ لَهُ بِهِ خُلْطَةٌ وَوَصْلَةٌ وَمُكَافَأَةٌ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ. وَاخْتَارَ شَيْخُنَا فِيمَنْ كَسَبَ مَالًا مُحَرَّمًا بِرِضَا الدَّافِعِ ثُمَّ تَابَ كَثَمَنِ خَمْرٍ وَمَهْرِ بِغَيٍّ وَحُلْوَانُ كَاهِنٍ أَنَّ لَهُ مَا سلف للآية4 وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ: فَمَنْ أَسْلَمَ وَلَا مَنْ تَبَيَّنَ لَهُ التَّحْرِيمُ قَالَ أَيْضًا: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ لِقَبْضِهِ عِوَضَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي حَامِلِ الْخَمْرِ وَقَالَ فِي مَالٍ مُكْتَسَبٍ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهِ فَلِلْفَقِيرِ أَكْلُهُ وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ أَعْوَانَهُ. وَقَالَ أَيْضًا: فِيمَنْ تَابَ إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وإلا صرفه في مصالح المسلمين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَهُ مَعَ حَاجَتِهِ أَخْذُ كِفَايَتِهِ وَفِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ1 فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ وَأَنَّهُ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ كَذَا قَالَ وَقَوْلُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى فَفِي الصَّحِيحَيْنِ2 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ. وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الطَّيِّبَ" وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَلِمُسْلِمٍ3 مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ "إنَّ اللَّهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا". قَالَ أَحْمَدُ4: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أن اللَّهَ تَعَالَى قَسَّمَ بَيْنَكُمْ أَخْلَاقَكُمْ كَمَا قَسَّمَ بينكم أرزاقكم وإن الله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يُسْلِمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلَا يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ" قَالَ: قُلْت: وَمَا بَوَائِقُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "غِشُّهُ وَظُلْمُهُ وَلَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقُ مِنْهُ فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يَتْرُكُهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إلَّا كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنَّهُ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إنَّ الْخَبِيثَ لَا يَمْحُو الْخَبِيثَ". أَبَانُ قَالَ: ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَزْدِيِّ إنَّهُ مَتْرُوكٌ وَالصَّبَّاحُ لَمْ يَتَكَلَّمْ فِيهِ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِجُرْحٍ وَلَا تَعْدِيلٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ كَذَا قَالَ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ1 عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ النَّضْرِ بْنِ حُمَيْدٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا "لَا يُعْجِبَنك رَحْبُ الذِّرَاعَيْنِ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ فَإِنَّ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى قَاتِلًا أَوْ قَتِيلًا لَا يَمُوتُ وَلَا يُعْجِبَنك امْرُؤٌ كَسَبَ مَالًا مِنْ حَرَامٍ فَإِنَّهُ إنْ أَنْفَقَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ كَانَ زَادَهُ إلَى النَّارِ" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ2 مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهُوَ إسْنَادٌ مَتْرُوكٌ وَقَالَ أَحْمَدُ3: حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بن ميمون عن أبيه قال: لما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَرِضَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ مَرَضَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَرْسَلَ إلَى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ نَزَلَ بِي مَا قَدْ تَرَوْنَ وَلَا أَرَانِي إلَّا لِمَا بِي فَمَا ظَنُّكُمْ بِي؟ فَقَالُوا: قَدْ كُنْت تُعْطِي الْفَقِيرَ وَالسَّائِلَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ وَحَفَرْت الْآبَارَ بِالْفَلَوَاتِ لِابْنِ السَّبِيلِ وَبَنَيْت الْحَوْضَ بِعَرَفَةَ يَشْرَعُ فِيهِ حَاجُّ بَيْتِ اللَّهِ فَمَا نَشُكُّ لَك فِي النَّجَاةِ. وَعَيْنُهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَاكِتٌ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ بِالْكَلَامِ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَالَك لَا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: إذَا طَابَ الْمَكْسَبُ زَكَتْ النَّفَقَةُ وَسَتُرَدُّ فَتَعْلَمُ إسْنَادٌ جَيِّدٌ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ قَالَ: دَخَلَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُصِيبُ الْمَالَ فَيَصِلُ مِنْهُ الرَّحِمَ وَيَفْعَلُ مِنْهُ وَيَفْعَلُ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنَّك مَا عَلِمْت لَمَنْ أَجْدَرُهُمْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ اُنْظُرْ مَا أَوَّلُهُ فَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ خَبِيثًا فَإِنَّ الْخَبِيثَ كُلَّهُ خَبِيثٌ. وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ مُعْتَادَةٍ قَبْلَ وِلَايَتِهِ مَعَ أَنَّ رَدَّهَا أَوْلَى وَالْمَذْهَبُ: إنْ لَمْ يَكُنْ حُكُومَةً. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: أَوْ أَحَسَّ بِهَا. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: الْمُحَرَّمُ كَالْعَادَةِ. وَفِي الْفُصُولِ احْتِمَالٌ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ كَالْعَادَةِ. وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ كَمَجْلِسِ حُكْمِهِ إلَّا بِوَكِيلٍ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَجَعَلَهَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ كَهَدِيَّةٍ كَالْوَالِي1 سَأَلَهُ حَرْبٌ: هَلْ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ فِي الْوَالِي. وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَيُوَدِّعُ الْغَازِيَ وَالْحَاجَّ وَهُوَ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ وَلَا يُجِيبُ قَوْمًا وَيَدَعُ قَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ يُكْرَهُ2 مُسَارَعَتُهُ إلَى غَيْرِ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَيَجُوزُ: وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَقَدَّمَ: لَا يَلْزَمُهُ حُضُورُ وَلِيمَةِ عُرْسٍ وَذَكَرَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ: إنْ كَثُرَتْ الْوَلَائِمُ صَانَ نَفْسَهُ وَتَرَكَهَا وَلَمْ يَذْكُرُوا لَوْ تَضَيَّفَ رَجُلًا وَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ يَجُوزُ وَيَتَوَجَّهُ: كَالْمُقْرِضِ وَلَعَلَّهُ أَوْلَى. وَيُسَنُّ حُكْمُهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَيَحْرُمُ تَعْيِينُهُ قَوْمًا بِالْقَبُولِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا كَنَفْسِهِ فَيَحْكُمُ نَائِبُهُ. وَفِي الْمُبْهِجِ رِوَايَةٌ: بَلَى اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَقِيلَ: بَيْنَ وَالِدَيْهِ أَوْ وَلَدَيْهِ وَلَهُ اسْتِخْلَافُهُمَا كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَأَبُو الْوَفَا وَزَادَ: إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةً لَمْ تَثْبُتْ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ وَقِيلَ: لَا وَلَا يَحْكُمُ وَقِيلَ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ حُكْمَهُ عَلَى عَدُوِّهِ لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ ظَاهِرَةٌ وَأَسْبَابَ الشَّهَادَةِ خَافِيَةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَأَنَّ الْمَشْهُورَ: لَا يَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ كَالشَّهَادَةِ وَلَا نَقُلْ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَالشَّهَادَةِ: وَيَحْكُمُ لِيَتِيمِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وقيل: وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل ويسن أن يبدأ بالمحبوسين
فَصْلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَحْبُوسِينَ فَيُنْفِذُ ثِقَةً يَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ وَمَنْ حَبَسَهُمْ وَفِيمَ ذَلِكَ ثُمَّ يُنَادِي بِالْبَلَدِ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمْ فَإِذَا حَضَرَ فَمَنْ حَضَرَ لَهُ خَصْمٌ نَظَرَ بَيْنَهُمَا: فَإِنْ حَبَسَ لِتَعْدِلَ الْبَيِّنَةُ فَإِعَادَتُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى حَبْسِهِ فِي ذَلِكَ وَيَتَوَجَّهُ إعَادَتُهُ: وَفِي الرِّعَايَةِ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ حَكَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ إطْلَاقَ الْمَحْبُوسِ حُكْمٌ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ كَفِعْلِهِ وَأَنَّ مِثْلَهُ تَقْدِيرُ مُدَّةِ حَبْسِهِ وَنَحْوِهِ وم. وَالْمُرَادُ إذًا لَمْ يَأْمُرْ وَلَمْ يَأْذَنْ بِحَبْسِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُ وَإِذْنُهُ حُكْمٌ يَرْفَعُ الْخِلَافَ كَمَا يَأْتِي1: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: لَمَّا حُبِسَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ لَهُ السَّجَّانُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى فِي الظَّلَمَةِ وَأَعْوَانِهِمْ صَحِيحٌ2؟ قَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: فأنا منهم؟ قال أحمد: أعوانهم من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَأْخُذُ شَعْرَك وَيَغْسِلُ ثَوْبَك وَيُصْلِحُ طَعَامَك وَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي مِنْك فَأَمَّا أَنْتَ فَمِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَيَقْبَلُ قَوْلَ خَصْمِهِ فِي أَنَّهُ حَبَسَهُ بَعْدَ تَكْمِيلِ بَيِّنَتِهِ وَتَعْدِيلِهَا: وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ م 3 وَقِيلَ: يَقِفُهُ وَإِنْ بَانَ حَبْسُهُ فِي تُهْمَةٍ أَوْ تَعْزِيرًا عَمِلَ بِرَأْيِهِ فِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ خَصْمَهُ وَأَنْكَرَهُ نُودِيَ بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ وَمَعَ غِيبَةِ خَصْمِهِ يَبْعَثُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يُخَلِّيهِ كَجَهْلِهِ مَكَانَهُ أَوْ تَأَخُّرِهِ بِلَا عُذْرٍ وَالْأَوْلَى بِكَفِيلٍ. وَإِطْلَاقُهُ حُكْمٌ وَكَذَا أَمْرُهُ بِإِرَاقَةِ نَبِيذٍ ذَكَرَهَا فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي الْمُحْتَسِبِ وَتَقَدَّمَ1 أَنَّ إذْنَهُ فِي ميزاب وبناء وغيره. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ حُبِسَ بِقِيمَةِ كَلْبٍ وَخَمْرٍ ذِمِّيٌّ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَتَبْقِيَتِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُخَلَّى قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ: إنْ صَدَقَهُ غَرِيمُهُ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ2 وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي3. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَبْقَى فِي الْحَبْسِ وَقِيلَ يَقِفُ لِيَصْطَلِحَا عَلَى شَيْءٍ وَجَزَمَ فِي الْفُصُولِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ الْجَدِيدِ. "4فَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ في هذا الباب4".
يَمْنَعُ الضَّمَانَ/ لِأَنَّهُ كَإِذْنِ الْجَمِيعِ وَمَنْ مَنَعَ فلأنه ليس له عِنْدَهُ أَنْ يَأْذَنَ لَا لِأَنَّ إذْنَهُ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلِهَذَا يَرْجِعُ بِإِذْنِهِ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ بِإِذْنِهِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى لَقِيطٍ وَغَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ ضَمِنَ لِعَدَمِهَا. وَلِهَذَا إذْنُ الْإِمَامِ فِي أَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَافٍ بِلَا خِلَافٍ وَسَبَقَ1 قَوْلُ شَيْخِنَا: الْحَاكِمُ لَيْسَ هُوَ الْفَاسِخُ وَإِنَّمَا يَأْذَنُ أَوْ يَحْكُمُ بِهِ فَمَتَى أَذِنَ أَوْ حَكَمَ لِأَحَدٍ بِاسْتِحْقَاقِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ فَعَقَدَ أَوْ فَسَخَ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى حُكْمٍ بِصِحَّتِهِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لَوْ عَقَدَ هُوَ أَوْ فَسَخَ فَهُوَ فِعْلُهُ وَهَلْ فِعْلُهُ حُكْمٌ; فِيهِ الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ هَذَا كَلَامُهُ. وَكَذَا فِعْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي حِمَى الْأَئِمَّةِ أَنَّ اجْتِهَادَ الْإِمَامِ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَجُوزُ نَقْضُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمِهِ وَذَكَرُوا خَلَا الشَّيْخِ أَنَّ الْمِيزَابَ وَنَحْوَهُ يَجُوزُ بِإِذْنٍ وَاحْتَجُّوا بِنَصِّهِ1 عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ميزاب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْعَبَّاسِ1. وَفِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ فِي بَيْعِ مَا فُتِحَ عَنْوَةً: إنْ بَاعَهُ الْإِمَامُ لِمَصْلَحَةٍ رَآهَا صَحَّ لِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ كَحُكْمِ الْحَاكِمِ وَفِيهِ أَيْضًا: لَا شُفْعَةَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِبَيْعِهَا حَاكِمٌ أَوْ يَفْعَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ تَرْكَهَا بِلَا قِسْمَةٍ وَقْفٌ لَهَا وَأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْأَئِمَّةُ لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةَ أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَمْلِكُ مَالَ مُسْلِمٍ بِالْقَهْرِ قَالَ: وَإِنَّمَا مَنَعَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِمَامِ تَجْرِي مَجْرَى الْحُكْمِ وَفِعْلُهُ حُكْمٌ كَتَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ وَشِرَاءِ عَيْنٍ غَائِبَةٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ذكره الشيخ في عقد النكاح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِلَا وَلِيٍّ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ وَقُلْنَا يَأْخُذُهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمُقِرُّ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ قَبْضَ الْحَاكِمِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الْقِسْمَةِ وَالْمُطَلَّقَةِ الْمَنْسِيَّةِ أَنَّ قُرْعَةَ الْحَاكِمِ كَحُكْمِهِ لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِهِ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُحَرَّرِ: فِعْلُهُ حُكْمٌ إنْ حَكَمَ بِهِ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ وكفتياه فَإِذَا قَالَ حَكَمْت بِصِحَّتِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ شَيْخُنَا. وَفِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُسْتَوْعِبِ: حُكْمُهُ يَلْزَمُ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ: أَلْزَمْتُك أَوْ قَضَيْت لَهُ بِهِ عَلَيْك أَوْ أَخْرَجَ إلَيْهِ مِنْهُ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ كَحُكْمِهِ. ثُمَّ بِالْيَتَامَى وَالْمَجَانِينِ وَالْوُقُوفِ وَالْوَصَايَا فَلَوْ نَفَّذَ الْأَوَّلُ وَصِيَّتَهُ "1لم يعزله1" لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعْرِفَةُ أَهْلِيَّتِهِ لَكِنْ نُرَاعِيهِ. فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ صِفَةٍ كَعَدَالَةٍ وَجَرْحٍ وَأَهْلِيَّةِ وَصِيَّةٍ وَغَيْرِهَا حُكْمٌ خِلَافًا لِمَالِكٍ يَقْبَلُهُ حَاكِمٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَإِنَّ لَهُ إثْبَاتَ خِلَافِهِ وَقَدْ ذَكَرُوا إذَا بَانَ فِسْقُ الشَّاهِدِ وَسَيَأْتِي2 يُعْمَلُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِ أَوْ بِحُكْمٍ. وَمَنْ كَانَ مِنْ أُمَنَاءِ الْحَاكِمِ لِلْأَطْفَالِ أَوْ الْوَصَايَا الَّتِي لَا وَصِيَّ لَهَا وَنَحْوِهِ بِحَالِهِ أَقَرَّهُ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَّاهُ وَمَنْ فَسَقَ عَزَلَهُ وَيَضُمُّ إلَى الضَّعِيفِ أَمِينًا وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ النَّائِبِ3 وَجَعَلَ فِي التَّرْغِيبِ أُمَنَاءَ الْأَطْفَالِ كَنَائِبِهِ فِيهِ الْخِلَافُ وَأَنَّهُ يَضُمُّ إلَى وَصِيٍّ فَاسِقٍ أَوْ ضعيف أمينا وله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إبْدَالُهُ. وَلَهُ فِي الْأَصَحِّ النَّظَرُ فِي حَالِ من قبله. وقيل: يجب. لا يَجُوزُ نَقْضُ حُكْمٍ إلَّا إذَا خَالَفَ نَصًّا كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ فَيَلْزَمُ نَقْضُهُ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَقِيلَ: مُتَوَاتِرًا أَوْ إجْمَاعًا وَقِيلَ: وَلَوْ ظَنِّيًّا. وَقِيلَ: وَقِيَاسًا جَلِيًّا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَوِفَاقًا لِمَالِكٍ وَزَادَ: وَخِلَافُ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ. وَلَوْ حَكَمَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُنْقَضْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا: قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْضِي بِالْقَضَاءِ وَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِغَيْرِ مَا قَضَى فَيَسْتَقْبِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ وَلَا يَرُدُّ قَضَاءَهُ الْأَوَّلَ1. مُرْسَلٌ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ1 عَنْ الْحَاكِمِ عَنْ الْأَصَمِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الرَّأْيَ إنْ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصِيبًا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ2 يُرِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنَّا الظَّنُّ وَالتَّكَلُّفُ; مُنْقَطِعٌ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} الآية [النساء: 105] نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ بَنِي الْأُبَيْرِقِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 وَغَيْرُهُ وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ بِمَا لَمْ يَعْتَقِدْهُ وِفَاقًا وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ إجْمَاعًا وَفِي الْإِرْشَادِ4: وَهَلْ يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ قَوْلِ صَحَابِيٍّ5; يَتَوَجَّهُ نَقْضُهُ إنْ جُعِلَ حُجَّةً كَالنَّصِّ وَإِلَّا فَلَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الْحَكَمِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ وَآخَرُ بِقَوْلِ تَابِعِيٍّ فَهَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ حَكَمَ بجوز6 وتأول ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْخَطَأَ وَذَكَرَ حَدِيثَ عَائِشَةَ "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" 1. لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْمَدْلُولِ نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: فَأَمَّا إذَا أَخْطَأَ بِلَا تَأْوِيلٍ فَلْيَرُدَّهُ وَيَطْلُبْ صَاحِبَهُ حَتَّى يَرُدَّهُ فَيَقْضِي بِحَقٍّ وَقَدْ رَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْضِي بِالْقَضَاءِ فَيَنْزِلُ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَيَتْرُكُ قَضَاءَهُ وَيَسْتَعْمِلُ حُكْمَ الْقُرْآنِ2. وَمَنْ لَمْ يُصْلَحْ نُقِضَ حُكْمُهُ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ وَقِيلَ: غَيْرُ الصَّوَابِ قَدَّمَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَهَلْ يَثْبُتُ سَبَبُ نَقْضِهِ وَيَنْقُضُهُ غَيْرُ مَنْ حَكَمَ وُجُودَهُ؟ تَقَدَّمَ فِي التَّفْلِيسِ1. وَحُكْمُهُ بِشَيْءٍ حُكْمٌ بِلَازِمِهِ وَذَكَرُوهُ فِي الْمَفْقُودِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ فِي لِعَانِ عَبْدٍ: فِي إعَادَةِ فَاسِقٍ شَهَادَتَهُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ رَدَّهُ لَهَا حُكْمٌ بِالرَّدِّ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ لَهُ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ رَدِّ صَبِيٍّ وَعَبْدٍ لِإِلْغَاءِ قَوْلِهِمَا وَفِيهِ فِي شَهَادَتِهِ فِي نِكَاحٍ لَوْ قُبِلَتْ لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْأَوَّلِ فَإِنَّ سَبَبَ الْأَوَّلِ الْفِسْقُ وَزَالَ ظَاهِرًا لِقَبُولِ سَائِرِ شَهَادَاتِهِ. وَإِذَا تَغَيَّرَتْ صِفَةُ الْوَاقِعَةِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَتَغَيَّرَ الْقَضَاءُ بِهَا لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِلْقَضَاءِ الْأَوَّلِ بَلْ رُدَّتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهُ صَارَ خَصْمًا فِيهَا فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِوَلِيِّهِ وَفِي الْمُغْنِي1: رُدَّتْ بِاجْتِهَادٍ فَقَبُولُهَا نَقْضٌ لَهُ. وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رَدِّ عَبْدٍ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى وَالْمُخَالَفَةُ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ نَقْضٌ مَعَ الْعِلْمِ. وَإِنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةٍ خَارِجٌ وَجَهْلُ عِلْمِهِ بِبَيِّنَةٍ دَاخِلٌ لَمْ يَنْقُضْ لِأَنَّ الْأَصْلَ جَرْيُهُ عَلَى الْعَدَالَةِ وَالصِّحَّةِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي آخَرِ فُصُولِ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
غيره ويتوجه وجه. وثبوت شيء عنده1 لَيْسَ حُكْمًا بِهِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ السِّجِلِّ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي وَكَلَامُ الْقَاضِي هُنَاكَ يُخَالِفُهُ. وَمَنْ اسْتَعْدَاهُ عَلَى خَصْمٍ بِالْبَلَدِ لَزِمَهُ إحْضَارُهُ وَقِيلَ: إنْ حَرَّرَ دَعْوَاهُ. "2وَمَتَى لَمْ يَحْضُرْ لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي تَخَلُّفِهِ وَإِلَّا أَعْلَمَ الْوَالِيَ بِهِ وَمَتَى حَضَرَ فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ2". وَيُعْتَبَرُ تَحْرِيرُهَا فِي حَاكِمٍ مَعْزُولٍ وَيُرَاسِلُهُ قَبْلَ إحْضَارِهِ فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا. وَإِنْ قَالَ حَكَمَ عَلَيَّ3 بِفَاسِقَيْنِ عَمْدًا قَبْلَ قَوْلِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ: بِيَمِينِهِ. وَعَنْهُ: مَتَى بَعُدَتْ الدَّعْوَى عُرْفًا. وَفِي الْمُحَرَّرِ: وَخَشَى بِإِحْضَارِهِ ابْتِذَالَهُ لَمْ يُحْضِرْهُ حَتَّى يُحَرَّرَ وَيُتَبَيَّنَ أَصْلُهَا وَعَنْهُ: مَتَى. تَبَيَّنَ أَحْضَرَهُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يُعْتَبَرُ لِامْرَأَةٍ بَرْزَةٌ تَبْرُزُ لِحَوَائِجِهَا غَيْرَ مُخَدَّرَةٍ4 مُحَرَّمٌ نَصَّ عَلَيْهِ. وَغَيْرِهَا تُوَكِّلُ كَمَرِيضٍ وَأَطْلَقَ فِي الِانْتِصَارِ النَّصَّ فِي الْمَرْأَةِ وَاخْتَارَهُ5 إنْ تَعَذَّرَ الْحَقُّ بِدُونِ حُضُورِهَا وَإِلَّا لَمْ يُحْضِرْهَا وَأَطْلَقَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ إحْضَارَهَا لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنَاهُ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَلِأَنَّ مَعَهَا أَمِينَ الْحَاكِمِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ خِيفَةُ الْفُجُورِ وَالْمُدَّةُ يَسِيرَةٌ كَسَفَرِهَا مِنْ مُحَلَّةٍ إلَى مُحَلَّةٍ وَلِأَنَّهَا لَمْ تُنْشِئْ هِيَ إنَّمَا أُنْشِئَ بِهَا. وَفِي الترغيب: إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَرَجَتْ لِلْعَزَايَا أَوْ الزِّيَارَاتِ وَلَمْ تُكْثِرْ فَهِيَ1 مُخَدَّرَةٌ فَيُنْفِذُ مَنْ يُحَلِّفُهَا. وَمَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ بِمَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ بِهِ بَعَثَ إلَى مَنْ يُتَوَسَّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ تَعَذَّرَ حَرَّرَ دَعْوَاهُ ثُمَّ يُحْضِرُهُ وَقِيلَ: لِدُونِ مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ: لِدُونِ يَوْمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَزَادَ: بِلَا مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يُحْضِرْهُ مَعَ الْبُعْدِ حَتَّى تَتَحَرَّرَ دَعْوَاهُ وَفِيهِ: يَتَوَقَّفُ إحْضَارُهُ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْضَى فِيهِ بِالنُّكُولِ قَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُحْضِرْهُ مَعَ2 الْبُعْدِ حَتَّى يَصِحَّ عِنْدَهُ مَا ادَّعَاهُ جَزَمَ بِهِ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ ادَّعَى قَبْلَهُ شَهَادَةً لَمْ تُسْمَعْ وَلَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَحْلِفْ خِلَافًا لِشَيْخِنَا فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ نَقْلِ صَالِحٍ وَحَنْبَلٍ قَالَ: وَلَوْ قَالَ أَنَا أَعْلَمُهَا وَلَا أُؤَدِّيهَا فَظَاهِرٌ. وَلَوْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَى بِهِ إنْ قِيلَ كِتْمَانُهَا مُوجِبٌ لِضَمَانِ مَا تَلِفَ وَلَا يُبْعَدُ كَمَا يَضْمَنُ مَنْ تَرَكَ الْإِطْعَامَ الْوَاجِبَ وَكَوْنُهُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ لِفِسْقِهِ بِكِتْمَانِهِ لَا ينفي ضمانه في نفس الأمر واحتج ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي بِالْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ حَقًّا عَلَى الشَّاهِدِ. وَمَنْ طَلَبَهُ خَصْمُهُ أَوْ حَاكِمٌ لِيَحْضُرَ مَجْلِسَ الْحُكْمِ لَزِمَهُ حَيْثُ يَلْزَمُ الْحَاكِمُ إحْضَارُهُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب طريق الحكم وصفته
باب طريق الحكم وصفته مدخل ... بَابُ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ إذَا جَاءَ إلَيْهِ خَصْمَانِ فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُبْدَأَ وَالْأَشْهَرُ: أَنْ يَقُولَ أَيُّكُمَا الْمُدَّعِي وَمَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى قُدِّمَ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ وَقِيلَ: مَنْ شَاءَ حَاكَمَ فَإِذَا انْتَهَتْ حُكُومَتُهُ ادَّعَى الْآخَرُ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ هَكَذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَالْمُدَّعِي مَنْ إذَا سَكَتَ تُرِكَ وَقِيلَ مَنْ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ فَلَوْ قَالَ أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ التَّعَاقُبَ فَلَا نِكَاحَ فَالْمُدَّعِي هِيَ وَعَلَى الثَّانِي هُوَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا وَلَا يَصِحَّانِ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَتَصِحُّ عَلَى السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ إذْنٌ وَبَعْدَ فك حجره ويحلف إذا أنكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ الْمُنْكِرُ قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَعَكْسُهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ لِيَعُمَّ مَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا إذَا سَكَتَ فإنه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQإذَا سَكَتَ وَلَمْ يُنْكِرْ لَمْ يُتْرَكْ أَيْضًا وَلَيْسَ مُنْكِرًا انْتَهَى. قُلْت: لَعَلَّ الْمُنْكِرَ مَنْ لم يقر فيشمل الساكت.
وَلَا تَصِحُّ دَعْوَى إلَّا مُحَرَّرَةً مُتَعَلِّقَةً بِالْحَالِ مَعْلُومَةً إلَّا مَا يَصِحُّ مَجْهُولًا كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَعَبْدٍ مُطَلِّقٍ فِي مَهْرٍ وَاعْتَبَرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِمَجْهُولٍ لِئَلَّا يَسْقُطَ حَقُّ الْمَقَرِّ لَهُ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى لأنها1 حق له فإذا ردت عليه2 عَدْلٍ إلَى مَعْلُومٍ وَاخْتَارَ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بِالْمَعْلُومِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْحَقِّ وَلَا مُوجِبِهِ فَكَيْفَ بِالْمَجْهُولِ وَفِيهِ: لَوْ ادعى درهما وشهد ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ قُبِلَ وَلَا يَدَّعِي الْإِقْرَارَ لِمُوَافَقَةِ لَفْظِ الشُّهُودِ بَلْ لَوْ ادَّعَى لَمْ تُسْمَعْ وَفِيهِ: فِي اللُّقَطَةِ لَا تُسْمَعُ وَلَا يُعَدِّي حَاكِمٌ فِي مِثْلِ مَا لَا تَتْبَعهُ الْهِمَّةُ. وَقِيلَ: تُسْمَعُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِإِثْبَاتِهِ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ تُسْمَعُ فَيَثْبُتُ أَصْلُ الْحَقِّ لِلُّزُومِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَدَعْوَى تَدْبِيرٍ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي قَتْلِ أَبِي أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ أَنَّهُ يُسْمَعُ لِلْحَاجَةِ لِوُقُوعِهِ كَثِيرًا وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَكَذَا دَعْوَى غَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَسَرِقَةٍ لَا إقْرَارٍ وَبَيْعٍ إذَا قَالَ نَسِيت لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ. وَيُعْتَبَرُ انْفِكَاكُ الدَّعْوَى عَمَّا يُكَذِّبُهَا فَلَوْ ادَّعَى1 أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ مُنْفَرِدًا ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ الْمُشَارَكَةَ فِيهِ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ وَلَوْ أَقَرَّ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَقُولَ غَلِطْت أَوْ كَذَبْت فِي الْأُولَى فَالْأَظْهَرُ: يُقْبَلُ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ لِإِمْكَانِهِ وَالْحَقُّ لَا يَعْدُوهُمَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَقَرَّ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَذَكَرَ تَلَقِّيه منه سمع وإلا فلا. وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يلزم ذكر تلقيه منه؟ يحتمل وجهين. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُ ذِكْرُ تَلَقِّيه مِنْهُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ الرعاية.
وَيُعْتَبَرُ التَّصْرِيحُ بِهَا فَلَا يَكْفِي: لِي عِنْدَ فلان كذا حَتَّى يَقُولَ وَأَنَا الْآنَ مُطَالَبٌ بِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: يَكْفِي الظَّاهِرُ1 وَإِنْ قَالَ غَصَبْت ثَوْبِي فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَلِي رَدُّهُ وَإِلَّا قِيمَتُهُ صَحَّ اصْطِلَاحًا وَقِيلَ: يَدَّعِيه فَإِنْ حَلَفَ ادَّعَى قِيمَتَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ أَعْطَى دَلَّالًا ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لِيَبِيعَهُ بِعِشْرِينَ فَجَحَدَهُ فَقَالَ أَدَّعِي ثَوْبًا إنْ كَانَ بَاعَهُ فَلِي عِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فَلِي عَيْنُهُ وَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَلِي عَشْرَةٌ فَقَدْ اصطلح القضاة2 عَلَى قَبُولِ هَذِهِ الدَّعْوَى الْمُرَدَّدَةِ لِلْحَاجَةِ وَإِنْ3 ادَّعَى أَنَّهُ لَهُ الْآنَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ أَوْ فِي يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ حَتَّى يُبَيِّنَ سَبَبَ يَدِ4 الثَّانِي نَحْوَ غَاصِبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدْت أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ بِالْأَمْسِ اشْتَرَاهُ مِنْ رَبِّ الْيَدِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ إنْ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ لَهُ مُزِيلًا قُبِلَ كَعِلْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ يَلْبَسُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ5: وَلَوْ قَالَ بَيْعًا لَازِمًا أَوْ هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ. انْتَهَى. هَذَا فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ وقدم في الرعاية الاكتفاء بذلك.
أَحَدٌ فِيمَا أَعْلَمُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الشَّاهِدِ وَهُوَ بَاقٍ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنِ. وَقَالَ فيمن بيده عقار فادعى رجل بمثبوت عند1 الْحَاكِمِ أَنَّهُ كَانَ لِجَدِّهِ إلَى يَوْمِ2 مَوْتِهِ ثُمَّ لِوَرَثَتِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مُخْلَفٌ عَنْ مَوْرُوثِهِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَصْلَيْنِ تَعَارَضَا وَأَسْبَابُ انْتِقَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِرْثِ وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِسُكُوتِهِمْ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ وَلَوْ فُتِحَ هَذَا لَانْتُزِعَ3 كَثِيرٌ مِنْ عَقَارِ النَّاسِ بِهَذِهِ الطَّرِيقِ. وَقَالَ فِيمَنْ بِيَدِهِ عَقَارٌ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كَانَ مِلْكًا لِأَبِيهِ فَهَلْ يُسْمَعُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ إقْرَارٍ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ أَوْ تَحْتَ حُكْمِهِ. وَقَالَ فِي بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ لَهُ بِمِلْكِهِ إلَى حِينِ وَقْفِهِ وَأَقَامَ وَارِثٌ بَيِّنَةً بِأَنَّ مَوْرُوثَهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ لِأَنَّ مَعَهَا مَزِيدَ عِلْمٍ كَتَقْدِيمِ4 مَنْ شَهِدَ بِأَنَّهُ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَآخَرُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ وَإِنْ قَالَ كَانَ بِيَدِك أَوْ لَك أَمْسِ لَزِمَهُ سَبَبُ زَوَالِ يَدِهِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي الثَّانِيَةِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا: لَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبًا هَلْ يُقْبَلُ؟ وَيَكْفِي شُهْرَتُهُ عِنْدَهُمَا5 وَعِنْدَ حَاكِمٍ عن تحديده6 لحديث الحضرمي والكندي7. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَظَاهِرُهُ عَمَلُهُ بِعِلْمِهِ أَنَّ مَوْرُوثَهُ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ عَنْ دَعْوَى فِي وَرَقَةٍ ادَّعَى بِمَا فِيهَا. وَتُسْمَعُ دَعْوَى اسْتِيلَادٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ وَقِيلَ: إنْ جَعَلَ عِتْقًا بِصِفَةٍ. وَفِي الْفُصُولِ دَعْوَاهُ سَبَبًا قَدْ تُوجِبُ مَالًا كَضَرْبِ عَبْدِهِ ظُلْمًا يُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُسْمَعَ حَتَّى يَجِبَ الْمَالُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُسْمَعُ إلَّا دَعْوَى مُسْتَلْزِمَةٌ لَا كَبَيْعِ خِيَارٍ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى بَيْعًا أَوْ هِبَةً لَمْ تُسْمَعْ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ إلَيَّ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَبِلَ اللُّزُومَ وَلَوْ قَالَ بَيْعًا لَازِمًا أَوْ هِبَةً مَقْبُوضَةً فَوَجْهَانِ؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
لِعَدَمِ تَعَرُّضِهِ لِلتَّسْلِيمِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَنَّ مَسْأَلَةَ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى وَفُرُوعِهَا ضَعِيفَةٌ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَنَّ الثُّبُوتَ الْمَحْضَ يَصِحُّ بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ. وَقَالَ: إذَا قِيلَ1 لَا تُسْمَعُ إلَّا مُحَرَّرَةً فَالْوَاجِبُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى مُجْمَلًا اسْتَفْصَلَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ بِأَنَّ2 الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ يَكُونُ مُبْهَمًا كَدَعْوَى الأنصار قتل1 صاحبهم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَدَعْوَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ عَلَى بَنِي الْأُبَيْرِقِ ثُمَّ الْمَجْهُولُ قَدْ يَكُونُ مُطْلَقًا وَقَدْ يَنْحَصِرُ فِي قَوْمٍ كَقَوْلِهَا نَكَحَنِي أَحَدُهُمَا: وَقَوْلِهِ زَوْجَتِي إحْدَاهُمَا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَقَالَ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى خَصْمِهِ أَنَّ بِيَدِهِ عَقَارًا اسْتَغَلَّهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَعَيْنُهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَأَنْكَرَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِاسْتِيلَائِهِ لَا بِاسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الْحَاكِمَ إثْبَاتُهُ وَالْإِشْهَادُ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ الْبَيِّنَةَ أَنْ تَشْهَدَ بِهِ لِأَنَّهُ كَفَرْعٍ مَعَ أَصْلٍ. وَمَا لَزِمَ أَصْلَا الشَّهَادَةِ بِهِ لَزِمَ فَرْعُهُ حَيْثُ يُقْبَلُ وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ إعَانَةُ مُدَّعٍ بِشَهَادَةٍ وَإِثْبَاتٍ وَنَحْوِهِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِ لَزِمَ الدُّورُ بِخِلَافِ الْحُكْمِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِإِعْطَائِهِ مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَالٍ مَجْهُولٍ يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ. ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَيْنًا حَاضِرَةً لَكِنْ لَمْ تَحْضُرْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ اُعْتُبِرَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
إحْضَارُهُ لِلتَّعْيِينِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ أَقَرَّ أَنَّ بِيَدِهِ مِثْلَهُ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ بِيَدِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِنُكُولٍ حُبِسَ أَبَدًا حَتَّى يُحْضِرَهُ أَوْ يَدَّعِيَ تَلَفَهُ فَيُصَدَّقَ لِلضَّرُورَةِ وَتَكْفِي الْقِيمَةُ. وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ ذَكَرَ صفة سلمه1 وَالْأَوْلَى ذِكْرُ قِيمَتِهِ أَيْضًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي ذِكْرُ قِيمَةٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَيَذْكُرُ قِيمَةَ2 جَوْهَرٍ وَنَحْوِهِ وَيَكْفِي ذِكْرُ قَدْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيلَ: وَيَصِفُهُ وَيُقَوَّمُ مُحَلًّى بِغَيْرِ جِنْسِ حِلْيَتِهِ وَمُحَلًّى بِالنَّقْدَيْنِ بِأَيِّهَا شَاءَ لِلْحَاجَةِ. وَمَنْ ادَّعَى عَيْنًا أَوْ دَيْنًا لَمْ يُعْتَبَرْ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَجْهًا وَاحِدًا لِكَثْرَةِ سَبَبِهِ وَقَدْ يَخْفَى عَلَى الْمُدَّعِي وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى أَبِيهِ ذَكَرَ مَوْتَ أَبِيهِ وَحَرَّرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ3 الشَّيْخُ أَوْ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ مَا يَفِي4 بِدَيْنِهِ. وَإِنْ ادَّعَى عَقْدًا اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فِي النِّكَاحِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَقِيلَ وَمِلْكُ الْإِمَاءِ وَفِي استدامة الزوجية وجهان م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِدَامَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي: أَنَّهَا لَمْ تَدَّعِ الْعَقْدَ وَإِنَّمَا ادَّعَتْ استدامته وأطلقهما في المغني5 والكافي6 والشرح7.
وَفِي التَّرْغِيبِ: يُعْتَبَرُ فِي النِّكَاحِ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالْبَيْعُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ انْتِفَاءُ الْمُفْسِدِ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُعْتَدَّةً وَلَا مُرْتَدَّةً. وَدَعْوَى امْرَأَةٍ نِكَاحَ رَجُلٍ لِطَلَبِ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَقَطْ فَوَجْهَانِ م 2 فَإِنْ سَمِعَتْ فكزوج وليس "1جحوده بَيِّنَةِ1" طَلَاقٍ طَلَاقًا خِلَافًا لِلْمُغْنِي2 وَاخْتَارَهُ فِي الترغيب وأن المسألة ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: تَصِحُّ دَعْوَاهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي الْبُلْغَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَمَالَ إلَيْهِ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ حَتَّى تَذْكُرَ شُرُوطَ النِّكَاحِ. مَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَدَعْوَى امْرَأَةٍ نِكَاحَ رَجُلٍ لِطَلَبِ مَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَسْمُوعَةٌ وَإِنْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَقَطْ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالْمُقْنِعِ5 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا تُسْمَعُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثاني: تسمع اختاره القاضي.
مبنية على رواية1 صحة إقرارها به2 إذَا ادَّعَاهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا ظَاهِرًا؟ فيه وجهان م 3. وَإِنْ ادَّعَى إرْثًا ذَكَرَ سَبَبَهُ وَإِنْ ادَّعَى قَتْلَ مَوْرُوثِهِ ذَكَرَ الْقَتْلَ عَمْدًا أَوْ شَبَهَهُ أَوْ خَطَأً وَيَصِفُهُ وَأَنَّهُ انْفَرَدَ أَوْ لَا، ولو قال: قده نصفين وكان حيا، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةُ 3: قَوْلِهِ: وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْهَا ظَاهِرًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. أَحَدُهُمَا: لَا يُمْكِنُ. قُلْت وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ وَكَيْفَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهُوَ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَتَحَقَّقُ أَنَّهَا لَيْسَتْ امْرَأَتَهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الشُّهُودُ مِائَةً وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِذَلِكَ لِأَنَّ حُكْمَهُ لا يحل حراما والأولى له طلاقها5 ظاهرا فهو كما لو قال هي أختي من الرضاعة.
أَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يذكر الحياة فوجهان م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُمَكَّنُ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ حكم بالزوجية وهو بعيد جدا. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: قَدَّهُ نِصْفَيْنِ وَكَانَ حَيًّا أَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ حَيٌّ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيَاةَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَحَدُهُمَا: لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْحَيَاةِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ2 هُوَ الظَّاهِرُ. وَالْوَجْهُ الثاني: يشترط ذكرها وهو الأحوط. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 في النسخ الخطية: "إن"، والمثبت من "ط".
فصل فإذا حرر دعواه فللحاكم سؤال خصمه عنها وقيل إن سأل سؤاله
فصل فإذا حرر دعواه فللحاكم1 سؤال خصمه عَنْهَا وَقِيلَ إنْ سَأَلَ سُؤَالَهُ. وَفِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَجْهَانِ كَمَا لَا يَحْكُمُ لَهُ إلَّا بِسُؤَالِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي وَالِي الْمَظَالِمِ يَرُدُّ الْغُصُوبَ السُّلْطَانِيَّةَ قَبْلَ تَظَلُّمِ أَرْبَابِهَا إلَيْهِ وَيَكْفِيه الْعَمَلُ بِمَا فِي الدِّيوَانِ فَإِنْ أَقَرَّ حَكَمَ قَالَهُ جَمَاعَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَقَرَّ فَقَدْ ثَبَتَ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَوْلِهِ قَضَيْتُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ بِخِلَافِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاجْتِهَادِهِ وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ: يَسْتَحِقُّ عَلَيْك فَقَالَ: نَعَمْ لَزِمَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ بأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ الْمُدَّعِي قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا: مَا أَقْرَضَنِي أَوْ بَاعَنِي أَوْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَنَحْوُهُ صَحَّ الْجَوَابُ. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ1 مَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْحَقِّ فَلَوْ ادَّعَتْ مَنْ يَعْتَرِفُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْمَهْرَ فَقَالَ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شيئا لم يصح ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْجَوَابُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِسْقَاطِهِ كَجَوَابِهِ فِي دَعْوَى قَرْضٍ اعْتَرَفَ بِهِ لا يستحق علي شَيْئًا وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَالْمُرَادُ: أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهُ فِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي دِينَارًا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَبَّةً فَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِجَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي دَفْعِ الدَّعْوَى إلَّا بِنَصٍّ لَا بِظَاهِرٍ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ وَاَللَّهِ إنِّي لَصَادِقٌ فِيمَا ادَّعَيْته عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ الْمُنْكِرُ إنَّهُ لَكَاذِبٌ فِيمَا1 ادَّعَاهُ عَلَيَّ لَمْ يُقْبَلْ وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَعُمُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً م 5. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ وَجْهَانِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ2، وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ: لَيْسَ لَك عَلَيَّ مِائَةٌ اُعْتُبِرَ فِي الْأَصَحِّ قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا كَالْيَمِينِ وَإِنْ نَكَلَ عَمَّا دُونَ الْمِائَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ بمئة "3إلا جزءا3" وإن قلنا ترد4 الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى مَا دُونَ الْمِائَةِ إذَا لَمْ يُسْنِدْ الْمِائَةَ إلَى عَقْدٍ لِكَوْنِ ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 5: قوله: وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي5 دِينَارًا: لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ6 حَبَّةً فَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لَيْسَ بِجَوَابٍ..... وَعِنْدَ شَيْخِنَا يَعُمُّ الْحَبَّاتِ وَمَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِي لَفْظِ حَبَّةٍ مِنْ بَابِ الْفَحْوَى إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَعُمُّ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
الْيَمِينِ لَا تَقَعُ إلَّا مَعَ ذِكْرِ النِّسْبَةِ لِتَطَابُقِ الدَّعْوَى ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَإِنْ أَجَابَ مُشْتَرٍ لِمَنْ1 يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِمُجَرَّدِ الْإِنْكَارِ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ م 6، وَإِنْ انْتَزَعَ الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ مشتر ببينة ملك مطلق رجع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ مِلْكُهُ فَفِي الرُّجُوعِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ إذَا بَانَ مُسْتَحَقًّا وَهُوَ الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي جَاهِلًا وَالْإِضَافَةُ إلَى مِلْكِهِ فِي الظَّاهِرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بالملك وهو بعيد.
عَلَى الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ كَمَا يَرْجِعُ فِي بَيِّنَةِ مِلْكٍ سَابِقٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحْتَمَلُ عِنْدِي أَنْ لَا يَرْجِعَ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَقْتَضِي الزَّوَالَ مِنْ وَقْتِهِ1 لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ غَيْرُ مَشْهُودٍ بِهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ فَقَالَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ وإنما لي2 عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ لِأَنَّهُ نَفَاهَا بِنَفْيِ الشَّيْءِ وَلَوْ قَالَ لَك عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَقَالَ لَيْسَ لِي3 عَلَيْك دِرْهَمٌ وَلَا دَانِقٌ وَإِنَّمَا لِي عَلَيْك أَلْفٌ قُبِلَ مِنْهُ دَعْوَى الْأَلْفِ4 لِأَنَّ مَعْنَى نَفْيِهِ لَيْسَ حَقِّي هَذَا الْقَدْرَ. قَالَ: وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ إلَّا دِرْهَمٌ صَحَّ ذلك"2". وَلَوْ قَالَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ"4" عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِتَخَبُّطِ اللَّفْظِ وَالصَّحِيحُ: يَلْزَمُهُ مَا أَثْبَتَهُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لَيْسَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ لَكِنْ خَمْسَةٌ ولأنه استثناء من النفي فيكون إثباتا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ فَأَحْضِرْهَا وَمَعْنَاهُ: إنْ شِئْت. وَفِي الْمُحَرَّرِ: إنْ جَهِلَ أَنَّهُ مَوْضِعُهَا1، وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُغْنِي2: لَا يَقُولُ: فَأَحْضِرْهَا فَإِذَا أَحْضَرَهَا لَمْ يُسْأَلْهَا وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ وَلَا يَقُولُ: اشْهَدَا وَلَا يُلَقِّنُهُمَا وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يَنْبَغِي وَفِي الْمُوجَزِ: يُكْرَهُ كَتَعَنُّتِهَا وَانْتِهَارِهِمَا وَفِيهِمَا فِي ظَاهِرِ الْكَافِي3. يَحْرُمُ. وَإِنْ شَهِدَا واتضح الحكم لزمه4 وَلَمْ يَجُزْ تَرْدِيدُهُمَا. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ ظَنَّ الصُّلْحَ أَخَّرَهُ وَفِي الْفُصُولِ: وَأَحْبَبْنَا لَهُ أَمْرَهُمَا بِالصُّلْحِ وَيُؤَخِّرُهُ فَإِنْ أَبَيَا حُكِمَ. وَفِي الْمُغْنِي"2": وَيَقُولُ قَدْ شَهِدَا عَلَيْك فَإِنْ كَانَ قَادِحٌ فَبَيِّنْهُ عِنْدِي يَعْنِي يُسْتَحَبُّ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَذَكَرَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا ارْتَابَ فِيهِمَا فَدَلَّ أَنَّ لَهُ الْحُكْمَ مَعَ الرِّيبَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِضِدِّ مَا يعلمه بل يتوقف ومع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللَّبْسِ يَأْمُرُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ عَجَّلَ فَحَكَمَ قَبْلَ الْبَيَانِ حَرُمَ وَلَمْ يَصِحَّ وَلَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَبِالْإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا يُحْكَمُ بِإِقْرَارِ فِي مَجْلِسِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مَعَهُ عَدْلَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُذْهَبِ: لَا يَجُوزُ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَعَنْهُ: فِي غَيْرِ الْحَدِّ نَقُلْ حَنْبَلٌ: إذَا رَآهُ عَلَى حَدٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ إلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ1 لِأَنَّ شَهَادَتَهُ شَهَادَةُ رَجُلٍ وَنَقَلَ حَرْبٌ: فَيَذْهَبَانِ إلَى حَاكِمٍ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ نَفْسِهِ فَلَا. وَيَعْمَلُ بِعِلْمِهِ وَفِي عِبَارَةِ غَيْرِ وَاحِدٍ: وَيَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ وَجُرْحِهِ لِلتَّسَلْسُلِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلِأَنَّهُ يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ فَلَا تُهْمَةَ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا: هَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ لِأَنَّهُ يَعْدِلُ هُوَ وَيُجَرِّحُ غَيْرَهُ وَيُجَرَّحُ هُوَ وَيُعَدَّلُ غيره ولو كان حكما لم يكن2 لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنَّمَا الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ لَا بِهِمَا وَقِيلَ: يَعْمَلُ فِي جُرْحِهِ وَعَنْهُ: لَا فِيهِمَا بِعِلْمِهِ كَشَاهِدٍ فِي الْأَصَحِّ ولا يجوز الاعتراض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ تَسْمِيَةَ الشُّهُودِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرْسَلِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ لَهُ طَلَبَ تَسْمِيَةِ الْبَيِّنَةِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقَدْحِ بِالِاتِّفَاقِ وَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ: حَكَمْت بِكَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنِدَهُ. وَمَنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَاسِقَةٍ اسْتَشْهَدَهَا الحاكم وقال له1: زدني شهودا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل المذهب: تعتبر عدالة البينة ظاهرا وباطنا أطلقه الإمام والأصحاب.
فَصْلٌ الْمَذْهَبُ: تُعْتَبَرُ عَدَالَةُ الْبَيِّنَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا أَطْلَقَهُ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ. وَفِي الْوَاضِحِ وَالْمُوجَزِ: كَبَيِّنَةِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ الْحُجَّةُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ2، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: إنْ مَنَعُوا عدالة العبد فتدلّ3 عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَحْمِلُ هذا العلم من كل خلف عدوله" 4. "5والعبيد مِنْ حُمَّالِ5" الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ وَالْفَتْوَى فَهُمْ عُدُولٌ بِشَهَادَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ منه ريبة اختاره أبو بكر وصاحب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرَّوْضَةِ فَعَلَيْهَا إنْ جَهِلَ إسْلَامَهُ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِ، وَفِي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ م 7. وَإِنْ جَهِلَ عَدَالَتَهُ لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ إلَّا أن يجرحه الْخَصْمُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: "1يُقْبَلُ مِنْ الْغَرِيبِ1": أَنَا حُرٌّ عَدْلٌ لِلْحَاجَةِ كَمَا قَبِلْنَا قَوْلَ الْمَرْأَةِ: لَيْسَتْ مُزَوَّجَةً2 وَلَا مُعْتَدَّةً وَيَكْفِي فِي تَزْكِيَتِهِ أن يشهد عدلان ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَفِي جَهْلِ حُرِّيَّتِهِ الْمُعْتَبَرَةِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: أَحَدُهُمَا: لا يرجع "3إلى قوله3" فِي كَوْنِهِ حُرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَأَوْرَدَهُ فِي النَّظْمِ مَذْهَبًا. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثاني: يرجع إليه.
يُعْلَمُ خِبْرَتُهُمَا الْبَاطِنَةُ بِصُحْبَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَنَحْوِهِمَا1 وَقِيلَ: أَوْ يَجْهَلُهَا. وَفِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا: وَلَا يُتَّهَمُ بِعَصَبِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّهُ عَدْلٌ رَضِيٌّ أَوْ عَدْلٌ مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ وَيَكْفِي: عَدْلٌ وَفِي التَّرْغِيبِ وجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلَا تَجُوزُ التَّزْكِيَةُ إلَّا لِمَنْ لَهُ خِبْرَةُ بَاطِنِهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَمَعْرِفَةُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فيه وجهان م 8 – 10. قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبنِي أَنْ يَعْدِلَ إنَّ النَّاسَ يَتَغَيَّرُونَ وَقَالَ: قِيلَ لِشُرَيْحٍ: قَدْ أَحْدَثْت فِي قَضَائِك1! قَالَ: إنَّهُمْ أَحْدَثُوا فَأَحْدَثْنَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: لَا يَلْزَمُ الْمُزَكَّى الْحُضُورُ لِلتَّزْكِيَةِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ. وَمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ مَرَّةً لَزِمَ الْبَحْثُ عَنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ. وَإِنْ سأل حبس ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8 - 1 0: قَوْلُهُ: وَهَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ وَتَصْدِيقُ الشُّهُودِ2 تَعْدِيلٌ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: هَلْ تَعْدِيلُ الْخَصْمِ وَحْدَهُ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ "3أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 وَغَيْرِهِمَا3": "3أَحَدُهُمَا: هُوَ تَعْدِيلٌ فِي حَقِّهِ3" وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ فَقَالَ هُمَا عَدْلَانِ فِيمَا شَهِدَا بِهِ عَلَيَّ أَوْ صَادِقَانِ حَكَمَ عَلَيْهِ بِلَا تَزْكِيَةٍ وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: فَإِنْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِالْعَدَالَةِ حُكِمَ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا يُحْكَمُ انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: هَلْ تَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ أَمْ لا؟ أطلق الخلاف وأطلقه في
خَصْمُهُ أَوْ كَفِيلًا بِهِ أَوْ تَعْدِيلَ عَيْنٍ مُدَّعَاةٍ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ أَوْ سَأَلَهُ مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَالٍ وَقِيلَ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يُقِيمَ آخَرُ أُجِيبُ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ: حَتَّى يُعَدَّلَ أَوْ يُجَرَّحَ وَقِيلَ بِهِ وَبِحَبْسِهِ مع كمالها، وقطع ـــــــــــــــــــــــــــــQالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَهَلْ تَصْدِيقُ الشُّهُودِ تَعْدِيلٌ؟ لَهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ بِتَعْدِيلٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ تَعْدِيلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ أَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 10: هَلْ تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا؟ أُطْلِقَ الْخِلَافُ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فَقَالَ: وَفِي صِحَّةِ التَّزْكِيَةِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ الْوَجْهَانِ وَقِيلَ: إنْ تَبَعَّضَتْ جَازَ وَإِلَّا فَلَا تَزْكِيَةَ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الأكثر. والوجه الثاني: يصح.
جَمَاعَةٌ: يُحَالُ فِي قِنٍّ أَوْ امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بِوَاحِدٍ فِي قِنٍّ وَجْهَانِ. وَإِنْ جَرَحَ الْخَصْمُ الْبَيِّنَةَ كُلِّفَ بِهِ بَيِّنَةً وَيُنْظَرُ لَهُ وَلِجُرْحِهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَيُلَازِمُهُ الْمُدَّعِي فَإِنْ أَتَى بِهَا حُكِمَ بِهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَلَوْ بِفَسَقَةٍ وَإِلَّا حُكِمَ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْخِلَافِ فِيمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً: وَقَدْ احْتَجَّ بِخَبَرِ سَلْمَانَ1 فَضَعَّفَهُ خَصْمُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ وَقَالَ: يَجِبُ التَّوَقُّفُ حتى يبين ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيه: قوله: وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ يُحَالُ2 فِي قِنٍّ أَوْ امْرَأَةٍ ادَّعَى عِتْقًا أَوْ طَلَاقًا بَيْنَهُمَا بِشَاهِدَيْنِ وَفِيهِ بواحد في قن وجهان. انتهى. من الجماعة3 الَّذِينَ4 ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَاَلَّذِي قدمه المصنف بخلاف ذلك.
"1سَبَبَهُ كَالْبَيِّنَةِ إذَا طَعَنَ فِيهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ التَّوَقُّفُ حَتَّى يُبَيِّنَ1" وَجْهَ الطعن فأجاب القاضي2: بِأَنَّ حُكْمَ الْخَبَرِ أَوْسَعُ مِنْ الشَّهَادَةِ لِسَمَاعِهِ3 وقبوله ممن ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ بِخِلَافِهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَوْ ادَّعَى جُرْحَ الْبَيِّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي فِي الأصح. والمذهب: لا يسمع جرح3 لَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَهُ بِذِكْرِ قَادِحٍ فِيهِ عَنْ رُؤْيَةٍ أَوْ اسْتِفَاضَةٍ وَفِيهَا وَجْهٌ: كَتَزْكِيَةٍ: وَفِيهَا وَجْهٌ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: إنَّ الْمُسْلِمِينَ يَشْهَدُونَ فِي مِثْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنِ بِمَا لَا يَعْلَمُونَهُ4 إلَّا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي الْجُرْحِ بِالِاسْتِفَاضَةِ نِزَاعًا بَيْنَ النَّاسِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ فِسْقُهُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ التَّحْذِيرَ مِنْهُ اُكْتُفِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اعْتَبَرُوا النَّاسَ بِأَخْدَانِهِمْ5. وَبَلَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا يَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ مُجَالَسَتِهِ6 وَقَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ بِدْعَةِ الْمُبْتَدِعِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَعَنْهُ: يَكْفِي الْمُطْلَقُ نَحْوُ هُوَ فَاسِقٌ أَوْ7 لَيْسَ بعدل كتعديل في الأصح ويعرض الجارح بالزنى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِنَّ جَرَحَ وَلَمْ يَأْتِ بِتَمَامِ1 أَرْبَعَةٍ حُدَّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا يَجُوزُ الْجُرْحُ بِالتَّسَامُعِ نَعَمْ لَوْ زَكَّى جَازَ2 التَّوَقُّفُ بِتَسَامُعِ الْفِسْقِ. وَمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يُسْأَلُ سِرًّا عَنْ الشهود لتزكية أو جرح فقيل: تعتبر شروط الشَّهَادَةِ فِيهِمْ وَقِيلَ فِي الْمَسْئُولِينَ م 11 وَفِي الترغيب: وعلى ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 11: قوله: وَمَنْ رَتَّبَهُ حَاكِمٌ يُسْأَلُ3 سِرًّا عَنْ الشُّهُودِ لتزكية أو جرح فقيل: تعتبر شروط الشهادة فيهم وقيل: في المسئولين انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تُعْتَبَرُ شُرُوطُ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فَقَالَا: وَيُقْبَلُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ إلَّا شَهَادَةُ الْمَسْئُولِينَ. وَقَالَ فِي الْكَافِي6: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونُوا عدولا ولا يسألوا7 عَدُوًّا وَلَا صَدِيقًا وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ في المسئولين لا فيمن رتبهم الحاكم.
قَوْلِنَا التَّزْكِيَةُ لَيْسَتْ شَهَادَةً لَا يُعْتَبَرُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَالْعَدَدِ فِي الْجَمِيعِ وَمَنْ سَأَلَهُ حَاكِمٌ عَنْ تَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ لِغَيْرِهِ1 أَخْبَرَهُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ وَإِنْ قَبِلَ جُرْحَ وَاحِدٍ فَتَزْكِيَةُ اثْنَيْنِ مُقَدَّمَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَيُقَدَّمُ جُرْحُ2 اثْنَيْنِ وَإِنْ ارْتَابَ حَاكِمٌ "3مِنْ بَيِّنَةٍ3" لَزِمَهُ الْبَحْثُ. وَفِي الْكَافِي4 وَالْمُحَرَّرِ: يُسْتَحَبُّ تَفْرِيقُهُمْ وَيُسْأَلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ كَيْفِيَّةِ التَّحَمُّلِ هَلْ تَحَمَّلَ وَحْدَهُ؟ وَأَيْنَ وَمَتَى؟ فَإِنْ اتَّفَقُوا وَعَظَ وَخَوَّفَ فَإِنْ ثَبَتُوا حَكَمَ وَإِلَّا لَمْ يَقْبَلْهَا وَإِنْ حَاكَمَ مَنْ لَا يُعْرَفُ لِسَانُهُ تَرْجَمَ لَهُ مَنْ يَعْرِفُهُ وَالْمَذْهَبُ: يُقْبَلُ فِي تَرْجَمَةٍ وَتَزْكِيَةٍ وجرح وتعريف ورسالة عدلان بشروط الشهادة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي مَالٍ رَجُلٍ وَامْرَأَتَانِ وَالْأَصَحُّ: فِي الزِّنَا أَرْبَعَةٌ وَعَنْهُ: وَاحِدٌ فِي الْكُلِّ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ أَعْمَى لِمَنْ1 خَبَّرَهُ بَعْدَ عَمَاهُ وَيَكْتَفِي بِالرُّقْعَةِ مَعَ الرَّسُولِ وَعَلَى الْأَوَّلِ: تَجِبُ الْمُشَافَهَةُ. وَمَنْ نُصِبَ لِلْحُكْمِ بِجُرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ قَنَعَ الْحَاكِمُ بِقَوْلِهِ وحده2 إذا قامت البينة عنده ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإذا قال المدعي مالي بينة أعلمه الحاكم بأن له اليمين على خصمه له تحليفه مع علمه وقدرته على حقه
فَصْلٌ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي مَالِي بَيِّنَةٌ أَعْلَمَهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ لَهُ تحليفه مع علمه و3قُدْرَتَهُ عَلَى حَقِّهِ نَصَّ عَلَيْهِ نَقَلَ ابْنُ هانئ: إن علم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِنْدَهُ مَالًا لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ حَقَّهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: يُكْرَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ مِنْ حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيفِ الْبَرِيءِ دُونَ الظَّالِمِ. وَفِي حَوَاشِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي رَوَى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ أَخَاهُ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فَأَجَلَّ اللَّهَ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" 1. وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا "مَنْ قَدَّمَ غَرِيمًا إلَى ذِي سُلْطَانٍ لِيُحَلِّفَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ كاذبا لم يرض الله له2 تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْزِلَهُ3 إلَّا مَعَ إبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ فِي الْجَنَّةِ" 4. عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: بِصِفَةِ الدَّعْوَى وَعَنْهُ: يَكْفِي تَحْلِيفُهُ: لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَإِنْ سَأَلَهُ تَحْلِيفَهُ حَلَّفَهُ وَخَلَّاهُ فَيَحْرُمُ دَعْوَاهُ وَتَحْلِيفُهُ ثَانِيًا أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ لِحَدِيثِ الْحَضْرَمِيِّ وَالْكِنْدِيِّ5. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: لَهُ تَحْلِيفُهُ عِنْدَ مَنْ جَهِلَ حَلِفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ الْحَقِّ بِدَلِيلِ أَخْذِهِ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَمْسَكَ عَنْ تَحْلِيفِهِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بدعواه المتقدمة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَبْرَأهُ مِنْ يَمِينِهِ فَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَطَلَبُهَا. وَلَا يُعْتَدُّ بِيَمِينِهِ إلَّا بِأَمْرِ حَاكِمٍ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي طَوْعًا وَعَنْهُ: يَبْرَأُ بِتَحْلِيفِ الْمُدَّعِي وَعَنْهُ: وَيُحَلِّفُهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُحَلِّفْهُ ذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا مِنْ رِوَايَةٍ مُهَنَّا أَنَّ رَجُلًا اتَّهَمَ رَجُلًا1 بِشَيْءٍ فَحَلَفَ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا أَرْضَى إلَّا أَنْ تَحْلِفَ لِي عِنْدَ السُّلْطَانِ أَلَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا قَدْ ظَلَمَهُ وَتَعَنَّتَهُ وَاخْتَارَ أَبُو حَفْصٍ تَحْلِيفَهُ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَةِ مُهَنَّا وَلَمْ يَصِلْهُ بِاسْتِثْنَاءٍ. وَفِي الْمُغْنِي2: أَوْ بِمَا لا يفهم لأن الاستثناء يزيل3 حُكْمَ الْيَمِينِ. وَفِي التَّرْغِيبِ هِيَ يَمِينٌ كَاذِبَةٌ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهُ الْحَاكِمُ الْمُحَلِّفُ لَهُ. وَلَا يَجُوزُ التَّأْوِيلُ وَالتَّوْرِيَةُ فِي الْيَمِينِ إلَّا لِمَظْلُومٍ وَقَالَ فِي الترغيب كل ما ليس بجار4 فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ فَالنِّيَّةُ عَلَى نِيَّةِ الْحَاكِمِ الْمُحَلِّفِ وَاعْتِقَادِهِ فَالتَّأْوِيلُ عَلَى خِلَافِهِ لَا يَنْفَعُ وقد سبقت المسألة في الشفعة5. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ مُعْسِرٌ خَافَ حَبْسًا أم لا6: لَا حَقَّ لَهُ عَلَيَّ وَلَوْ تَوَى السَّاعَةَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَجَوَّزَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ بِالنِّيَّةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَلَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ أَرَادَ غَرِيمُهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَالَ: إنْ حلفت وإلا قضيت عليك بالنكول. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُسَنُّ تَكْرَارُهُ ثَلَاثًا وَفِي الرِّعَايَةِ: يَقُولُهُ مَرَّةً وَقِيلَ: ثَلَاثًا الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا نَكَلَ لَزِمَهُ الْحَقُّ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ قَضَى عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْجَمَاعَةُ مَرِيضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَيَتَخَرَّجُ حَبْسُهُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي رَدُّ الْيَمِينِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ كَأَنِّي أَكْرَهُ هَذَا وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ1. قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: لَا يَجُوزُ رَدُّهَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَا هُوَ بِبَعِيدٍ يُقَالُ لَهُ احْلِفْ وَخُذْ فَظَاهِرُهُ يَجُوزُ رَدُّهَا وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ فَقَالُوا: وَعَنْهُ: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَعَلَّ ظَاهِرُهُ: يَجِبُ وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ: وَاخْتَارَ أَبُو الْخِطَابِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِالنُّكُولِ وَلَكِنْ يَرُدُّ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ وَقَالَ: قَدْ صَوَّبَهُ أَحْمَدُ وَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي طَالِبٍ الْمَذْكُورَةُ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ الرَّدِّ وَاخْتَارَ فِي الْعُمْدَةِ رَدَّهَا وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَزَادَ: بِإِذْنِ النَّاكِلِ فِيهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا مَعَ عِلْمِ مُدَّعٍ وَحْدَهُ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَهُمْ رَدُّهَا وَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَأْخُذْ2 كَالدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ3 مَيِّتٍ حَقًّا عَلَيْهِ يَتَعَلَّقُ بِتِرْكَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ الْعَالِمُ بِالْمُدَّعَى بِهِ دُونَ الْمُدَّعِي مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَرَثَةُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى غَرِيمِ الميت فينكر فلا يحلف المدعي لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَضْطَرُّوا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ إلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ" 1. قَالَ: وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي الْعِلْمَ وَالْمُنْكِرَ يَدَّعِي الْعِلْمَ فَهُنَا يَتَوَجَّهُ الْقَوْلَانِ يَعْنِي الرِّوَايَتَيْنِ. فَإِنْ حَلَفَ حَكَمَ لَهُ وَإِنْ نَكَلَ صَرَفَهُمَا ثُمَّ إنْ بَذَلَ أَحَدُهُمَا: الْيَمِينَ لَمْ تُسْمَعْ إلَّا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَالْأَشْهَرُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ. وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يقضى بنكوله أو يحلف ولي أو إن باشر ما ادعاه أو لا يحلف حاكم؟ فِيهِ أَوْجُهٌ وَقَطَعَ الشَّيْخُ: يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ م 12 وبلغ ويكتب الحاكم محضرا بنكوله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12: قَوْلُهُ: وَمَتَى تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَهَلْ يَقْضِي بِنُكُولِهِ أَوْ يَحْلِفُ وَلِيٌّ أَوْ إنْ بَاشَرَ ما ادعاه أو لا يحلف حاكم؟ فيه أَوْجُهٌ وَقَطَعَ الشَّيْخُ: يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ وَتَعَذُّرِ رَدِّهَا قَطَعَ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 بِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ وأمين الحاكم لا يحلفون وتوقف4 الْيَمِينُ وَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ مَحْضَرًا بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَكُلُّ مَالٍ لَا تُرَدُّ فِيهِ الْيَمِينُ يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ كَالْإِمَامِ إذَا ادَّعَى لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ وَكِيلِ الْفُقَرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. انْتَهَى. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى قَالَ: وَكَذَا الْأَبُ وَوَصِيُّهُ وَأَمِينُ الْحَاكِمِ إذَا ادَّعَوْا حَقًّا لِصَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَقَيِّمُ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: قَضَى بِالنُّكُولِ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَقِيلَ: بَلْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمْ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ قَدْ بَاشَرَ مَا ادَّعَاهُ حَلَفَ وَإِلَّا
فَإِنْ قُلْنَا: يَحْلِفُ حَلَفَ لِنَفْيِهِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ وُجُوبَ تَسْلِيمِهِ مِنْ مُوَلِّيه فَإِنْ أَبَى حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَهُ إنْ جَعَلَ النُّكُولَ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي كَبَيِّنَتِهِ لَا كَإِقْرَارِ خَصْمِهِ وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا خِلَافَ بَيْنَنَا أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ رَدُّهَا فِيهِ يَقْضِي بِنُكُولِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبُ1 الدَّعْوَى غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ أَوْ يَكُونَ الْإِمَامُ بِأَنْ يَدَّعِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ دَيْنًا وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَفِي الرِّعَايَةِ فِي صُورَةِ الْحَاكِمِ: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ2 أَوْ يَحْلِفَ وَقِيلَ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يُحَلِّفُ الْحَاكِمُ. وَفِي الِانْتِصَارِ: نَزَّلَ أَصْحَابُنَا نُكُولَهُ مَنْزِلَةً بَيْنَ مَنْزِلَتَيْنِ فَقَالُوا: لَا يُقْضَى بِهِ فِي قَوَدٍ وَحَدٍّ وَحَكَمُوا بِهِ فِي حَقِّ مَرِيضٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ مَأْذُونٍ لَهُمَا. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْقَسَامَةِ: مَنْ قَضَى عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ بالدية ففي ماله لأنه كإقرار3 وفيها: قال أبو بكر: لأن النكول إقرار واختار شيخنا: أن4 الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ ابْتِدَاءً مَعَ اللَّوْثِ وَأَنَّ الدَّعْوَى فِي التُّهْمَةِ كَسَرِقَةٍ يُعَاقَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَاجِرُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إطْلَاقُهُ. وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيَبِينَ5 أَمْرُهُ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى وَجْهَيْنِ نَقَلَ حَنْبَلٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَا قُلْت: لَا يَحْلِفُ إمَامٌ وَلَا حَاكِمٌ. انْتَهَى. وَقَطَعَ الشَّيْخُ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا عَقَلَ أو بلغ وتابعه الشارح. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَيُحْبَسُ الْمَسْتُورُ لِيُبَيِّنَ أَمْرَهُ وَلَوْ ثَلَاثًا عَلَى وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ الْخِلَافِ المطلق.
حَتَّى يَبِينَ أَمْرُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ وَمُحَقِّقُو أَصْحَابِهِ عَلَى حَبْسِهِ. وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ1. بِخِلَافِ دَعْوَى بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ كِتَابَتِهِ وَالْإِشْهَادِ وَأَنَّ تَحْلِيفَ كُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِرْسَالَهُ مَجَّانًا لَيْسَ مَذْهَبًا لِإِمَامٍ وَاحْتَجَّ فِي مَكَان آخَرَ بِأَنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا أُنَاسًا بِسَرِقَةٍ فَرَفَعُوهُمْ2 إلَى النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَحَبَسَهُمْ أَيَّامًا ثُمَّ أَطْلَقَهُمْ فَقَالُوا لَهُ: خَلَّيْت سَبِيلَهُمْ بِغَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا امْتِحَانٍ فَقَالَ لَهُمْ3: إنْ شِئْتُمْ ضَرَبْتهمْ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَكُمْ وَإِلَّا ضَرَبْتُكُمْ مِثْلَ مَا ضَرَبْتهمْ فَقَالُوا هَذَا حُكْمُك؟ فَقَالَ: حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ. إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد4 وَتُرْجِمَ عَلَيْهِ: بَابٌ فِي الِامْتِحَانِ بِالضَّرْبِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ قَالَ بِهِ وَقَالَ بِهِ شَيْخُنَا. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يَحْبِسُهُ وَالٍ قَالَ: فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: وَقَاضٍ وَأَنَّهُ لِيَشْهَدَ له {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} الآية [النور: 8] حَمَلْنَا عَلَى الْحَبْسِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا: الْأَوَّلُ قَوْلَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَاخْتَارَ تَعْزِيرَ5 مُدَّعٍ بسرقة وَنَحْوِهَا عَلَى مَنْ تُعْلَمُ بَرَاءَتُهُ وَاخْتَارَ أَنَّ خَبَرَ مَنْ لَهُ رَائِي جِنِّيٌّ بِأَنَّ فُلَانًا سَرَقَ كَذَا كَخَبَرِ إنْسِيٍّ مَجْهُولٍ فَيُفِيدُ تُهْمَةً كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ. يَضْرِبُهُ الْوَالِي مَعَ قُوَّةِ التُّهْمَةِ تَعْزِيرًا فَإِنْ ضَرَبَ لِيُقِرَّ لم يصح وإن ضرب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِيُصَدَّقَ عَنْ حَالِهِ فَأَقَرَّ تَحْتَ الضَّرْبِ قَطَعَ ضَرْبَهُ وَأُعِيدَ إقْرَارُهُ لِيُؤْخَذَ بِهِ وَيُكْرَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالْأَوَّلِ كَذَا قَالَ قَالَ شَيْخُنَا: إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ الْمُنَاسِبِ لِلتُّهْمَةِ قَالَ طَائِفَةٌ: يَضْرِبُهُ الْوَالِي1 وَالْقَاضِي "2وَقَالَ طَائِفَةٌ: الْوَالِي دُونَ3 الْقَاصِي2" وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الزُّبَيْرَ أَنْ يَمَسَّ بَعْضَ الْمُعَاهَدِينَ بِالْعَذَابِ لَمَّا كَتَمَ إخْبَارَهُ بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: "أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ"؟ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَذْهَبَتْهُ4 النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ فَقَالَ: "الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْعَهْدُ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا". وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: "دُونَك هَذَا" فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ5. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ مَا هُوَ نَفْسُ كَلَامِ6 شَيْخِنَا أَنَّ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ بِالْقَرَائِنِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَفَسَادِهَا وَكَذَلِكَ فَعَلَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي اسْتِدْلَالِهِ بِالْقَرِينَةِ عَلَى تَعَيُّنِ أُمِّ الطِّفْلِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ الذِّئْبُ وَادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَرْأَتَيْنِ أَنَّهُ ابنها واختصمتا7 إليه8 في الآخر، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقَضَى بِهِ دَاوُد لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ فَقَالَ: بِمَ قَضَى بَيْنَكُمَا نَبِيُّ اللَّهِ؟ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى: لَا تَفْعَلْ رَحِمَك اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لَهَا1. فَلَوْ اتَّفَقَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي شَرِيعَتِنَا عُمِلَ بِالْقَافَةِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ وَلَدُ مُسْلِمَةٍ وَكَافِرَةٍ وَتَوَقَّفَ فِيهَا أَحْمَدُ فَقِيلَ لَهُ: تَرَى الْقَافَةَ؟ فَقَالَ: مَا أُحْسِنُهُ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَافَةٌ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا حَاكِمٌ بِمِثْلِ حُكْمِ سُلَيْمَانَ كَانَ صَوَابًا وَكَانَ أَوْلَى مِنْ الْقُرْعَةِ لِأَنَّ الْقُرْعَةَ مَعَ عَدَمِ التَّرْجِيحِ فَلَوْ تَرَجَّحَ بِيَدٍ أَوْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ مِنْ لَوْثٍ أَوْ نُكُولٍ أَوْ مُوَافَقَةِ شَاهِدِ الْحَالِ لِصِدْقِهِ كَدَعْوَى حَاسِرِ الرَّأْسِ عَنْ الْعِمَامَةِ عِمَامَةَ مَنْ بِيَدِهِ عِمَامَةٌ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَدْوًا وَعَلَى رَأْسِهِ أُخْرَى وَنَظَائِرُ ذَلِكَ قُدِّمَ عَلَى الْقُرْعَةِ كَدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قُمَاشَ الْبَيْتِ و2 آلاته وَكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصَّانِعِينَ آلَاتِ صَنْعَتِهِ وَالْحُكْمُ بِالْقَسَامَةِ هُوَ مِنْ هَذَا وَلَمْ يَقُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِصَّةَ سُلَيْمَانَ إلَّا لِيُعْتَبَرَ3 بِهَا فِي الْأَحْكَامِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهَا النَّسَائِيُّ4: بَابٌ فِي الْحَاكِمِ يُوهِمُ خِلَافَ الْحَقِّ لِيَسْتَعْلِمَ بِهِ الْحَقَّ. وَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ أَنَّهُ قَالَ قَوْلَ عُمَرَ لَيْسَ الرَّجُلُ بِأَمِينٍ عَلَى نَفْسِهِ إذَا أَجَعْته أَوْ ضَرَبْته أَوْ حَبَسْته5 فَإِذَا أَقَرَّ عَلَى هَذَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ وَلَا تَمْتَحِنُهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِقَوْلِ زَنَيْت: سَرَقْت حَتَّى يَجِيءَ هُوَ يُقِرَّ أَمَّا مَنْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ بِشَيْءٍ وَيَحْلِفُ وَيُتْرَكُ إجْمَاعًا. وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَا لِي بَيِّنَةٌ ثُمَّ أَتَى بِهَا فَنَصُّهُ: لَا تُسْمَعُ وَقِيلَ: بَلَى وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَلَّفَهُ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ: لَا أَعْلَمُهُ1 لِي وَجَزَمَ فِي التَّرْغِيب بِالْأَوَّلِ قَالَ: وَكَذَا قَوْلُهُ: كَذَبَ شُهُودِي وَأَوْلَى وَلَا تَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ فِي الْأَصَحِّ وَلَا تُرَدُّ بِذِكْرِ السَّبَبِ بَلْ بِذِكْرِ سَبَبٍ ذَكَرَ الْمُدَّعِي غَيْرَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فشهدت به وبسببه2 وقلنا يرجح بذكر3 السَّبَبِ لَمْ يَفْدِهِ إلَّا أَنْ تُعَادَ بَعْدَ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا فَشَهِدُوا لَهُ بِغَيْرِهِ فهو مكذب لهم قاله4 أحمد وأبو بكر واختار5 فِي الْمُسْتَوْعِبِ تُقْبَلُ فَيَدَّعِيه ثُمَّ يُقِيمُهَا وَفِيهِ وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ قَالَ اسْتَحَقَّهُ وَمَا شَهِدُوا بِهِ أَيْضًا وَإِنَّمَا ادَّعَيْت بِأَحَدِهِمَا: لِأَدَّعِيَ الْآخَرَ وَقْتًا ثُمَّ ادَّعَاهُ ثُمَّ شَهِدُوا بِهِ قُبِلَتْ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا فَأَقَرَّ لَهُ بِغَيْرِهِ لَزِمَهُ إذَا صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ وَالدَّعْوَى بِحَالِهَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ سَأَلَ مُلَازَمَتَهُ حَتَّى يُقِيمَهَا أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا فيه صرفه وقيل ينظر ثلاثة أيام6، وذكر الشيخ وغيره: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُجَابُ مَعَ قُرْبِهَا وَعَنْهُ: وَبَعْدَهَا كَكَفِيلٍ فِيمَا ذُكِرَ فِي الْإِرْشَادِ1 وَالْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَأَنَّهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلًا مَتَى مَضَى فَلَا كَفَالَةَ وَنَصُّهُ: لَا يُجَابُ إلَى كَفِيلٍ كَحَبْسِهِ، وَفِي مُلَازَمَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ لَهُ الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ2 بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ م 13. قَالَ الميموني: لم أره يذهب في الملازمة إلى أن يعطله من3 عَمَلِهِ وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا مِنْ عَنَتِ خَصْمِهِ. وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ ثُمَّ يُقِيمُهَا مَلَكَهُمَا فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَقِيلَ: أَوْ قَرِيبُهُ4 مَلَكَ أَيَّهمَا شَاءَ. وَقِيلَ: هُمَا. وَقِيلَ: إقَامَتُهَا فَقَطْ فِي الْكُلِّ قَطَعُوا بِهِ فِي الْخِلَافِ، وَإِنْ سأل تحليفه ولا يقيمها فحلف ففي جواز ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَفِي مُلَازَمَتِهِ حَتَّى يَفْرُغَ لَهُ5 الْحَاكِمُ مِنْ شُغْلِهِ مَعَ غَيْبَةِ بَيِّنَتِهِ وَبَعْدَهَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: لَهُ مُلَازَمَتُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. وَالْوَجْهُ الثاني: ليس له ذلك.
إقامتها وجهان م 14. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَإِنْ سَأَلَ تَحْلِيفَهُ وَلَا يُقَيِّمُهَا فَحَلَفَ فَفِي جَوَازِ إقَامَتِهَا وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهَانِ لِلْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالْكَافِي4 وَالشَّرْحِ5 شَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لَهُ إقَامَتُهَا صَحَّحَهُ النَّاظِمُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ إقَامَتُهَا قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ3 14/221. 4 6/122. 5 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 28/429.
فصل وإن لم يقر المدعى عليه ولم ينكر أو قال لا أعلم قدر حقه
فصل وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْ أَوْ قَالَ1 لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُنْتَخَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَعْرِفُ قَدْرَ حَقِّهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمَانِهِ. قَالَ الْحَاكِمُ: إنْ أَجَبْت وَإِلَّا جَعَلْتُك نَاكِلًا وَقَضَيْت عَلَيْك وَقِيلَ: يُحْبَسُ حَتَّى يُجِيبَ ذَكَرَهُ في الترغيب عن أَصْحَابِنَا فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ حُكِمَ بِهَا وَقَوْلُهُ لِي2 مَخْرَجٌ مِمَّا ادَّعَاهُ لَيْسَ جَوَابًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ قَالَ: لِي حِسَابٌ أُرِيدُ أَنْ1 أَنْظُرَ فِيهِ لَزِمَ إنْظَارُهُ فِي الْأَصَحِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ قَالَ: إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا بَرْهَنَ كَذَا لي بيدك أجبت و2 ادَّعَيْت هَذَا ثَمَنَ كَذَا بِعْتنِيهِ وَلَمْ تُقْبِضنِيهِ فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَجَوَابٌ وَإِنْ ادَّعَى قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً وَجَعَلَ مُقِرًّا أَوْ بَعْدَ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أُنْظِرَ لِلْبَيِّنَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِلْمُدَّعِي مُلَازَمَتُهُ وَقِيلَ: لَا يُنْظَرُ كقوله3: لِي بَيِّنَةٌ تَدْفَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ عَجَزَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى بَقَائِهِ وَأَخَذَهُ فَإِنْ نَكَلَ حَكَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قِيلَ تُرَدُّ الْيَمِينُ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَالَهُ فِي بَيْعٍ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّعْوَى فَفِي التَّرْغِيبِ انْبَنَى عَلَى الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ وَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ لَمْ تُسْمَعْ وَإِنْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ سَبَبَ الْحَقِّ ابْتِدَاءً لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ قَضَاءً أَوْ إبْرَاءً مُتَقَدِّمًا لِإِنْكَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ منصور وقيل: بلى ببينة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل من ادعى على غائب مسافة قصر
فَصْلٌ مَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَقِيلَ وَيَوْم أَوْ مُسْتَتِرٍ بِالْبَلَدِ أَوْ مَيِّتٌ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَحُكِمَ بِهَا وَلَيْسَ تَقَدُّمُ الْإِنْكَارِ هُنَا شَرْطًا وَلَوْ فَرَضَ إقْرَارَهُ فَهُوَ تَقْوِيَةٌ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ لِخَصْمِهِ أَلَا جَعَلْت لِلْقَاضِي هُنَا أَنْ يَنْصِبَ عَنْ الْغَائِبِ مَنْ يُنْكِرُ عَنْهُ كَمَا فَعَلْت فِي إقَامَةِ الْمُدِيرِ لِتُثْبِتَ الْكُتُبَ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا تَفْتَقِرُ الْبَيِّنَةُ إلَى جُحُودٍ إذْ الْغَيْبَةُ كَالسُّكُوتِ وَالْبَيِّنَةُ تُسْمَعُ عَلَى سَاكِتٍ وَكَذَا جُعِلَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَصْلًا عَلَى الْخَصْمِ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَالَ هُوَ مُعْتَرِفٌ وَأَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ اسْتِظْهَارًا لَمْ تُسْمَعْ وَقَالَهُ الْآدَمِيُّ فِي كِتَابِهِ إنَّهُ1 إذَا اعْتَرَفَ بِإِقْرَارِ غَرِيمِهِ لَغَتْ مُطْلَقًا، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ مَسْرُوقَةٌ فَادَّعَى أَنَّهَا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ: مَنْ أَقَامَ بِهَا بَيِّنَةً أَخَذَهَا حَتَّى يَجِيءَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ فَيُثْبِتَ. وَقِيلَ: يُقِيمُ كَفِيلًا وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَى بَقَاءِ حَقِّهِ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَعَنْهُ: يُحَلِّفُهُ وَلَا يَتَعَرَّضُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ الْبَيِّنَةِ. وَفِي الترغيب: لكمالها فيجب تعرضه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ وَلَا يَمِينَ مَعَ بَيِّنَةٍ كَمُقَرٍّ لَهُ إلَّا هُنَا وَعَنْهُ: بَلَى فَعَلَهُ عَلِيٌّ1 وَعَنْهُ: نَعَمْ مَعَ رِيبَةٍ ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَرَشَدَ فَعَلَى حُجَّتِهِ وَإِنْ قَدِمَ فَجَرَحَ الْبَيِّنَةَ بِأَمْرٍ2 بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَمْ يُقْبَلْ لِجَوَازِ كَوْنِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْدَحُ فِيهِ وَإِلَّا قُبِلَ وَعَنْهُ: لا يحكم على غائب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَيَقْضِي فِي السَّرِقَةِ بِالْغُرْمِ فَقَطْ وَعَنْهُ: بَلَى1 تَبَعًا كَشَرِيكٍ حَاضِرٍ، وَلَوْ قَالَ لِوَكِيلِ غَائِبٍ احْلِفْ أَنَّ لَك مُطَالَبَتِي أَوْ قَالَ قَدْ عَزَلَك فَاحْلِفْ أَنَّهُ مَا عَزَلَك لَمْ يُسْمَعْ وَيُسْمَعُ إنْ قَالَ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ عَزَلَك لِأَنَّهَا دَعْوَى عَلَيْهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: هَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا عَزَلَهُ أَوْ مَاتَ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ عَزَلَهُ قُبِلَتْ وَلَوْ كَانَا ابْنَيْ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَادَرَتْ الْبَيِّنَةُ فَشَهِدَتْ بِعَزْلِهِ قَبْلَ تَقَدُّمِ دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ ثم حضر موكله وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ عَزَلَهُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ لِإِثْبَاتِهِمَا حَقًّا لِأَبِيهِمَا وَالْغَيْبَةُ دُونَ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ لِسَمَاعِهِمَا حُضُورُهُ كَحَاضِرِ الْمَجْلِسِ وَقِيلَ: يسمعان ويحكم ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَا ابْنًا لِلْمُوَكِّلِ صوابه ابني للموكل.
عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ فَقَطْ فَإِنْ أَبَى الْحُضُورَ حُكِمَ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: لَا فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ1 الْحَاكِمُ بِمَا يَرَاهُ فَيُحَتِّمُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ أَنْ يُدْخَلَ عَلَيْهِ بَيْتُهُ فَإِنْ أَصَرَّ حُكِمَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا وَفَّاهُ مِنْهُ وَإِلَّا قَالَ لِلْمُدَّعِي: إنْ عَرَفْت لَهُ مَالًا وَثَبَتَ عِنْدِي وَفَّيْتُك مِنْهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ صَحَّ2 عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ فِي مَنْزِلِهِ أَمَرَ بِالْهُجُومِ عَلَيْهِ وَإِخْرَاجِهِ وَنَصُّهُ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْأَثْرَمِ: يَحْكُمُ عَلَيْهِ إذا خرج قال: لأنه قد3 صَارَ فِي حُرْمَةٍ4 كَمَنْ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ. وَالْحُكْمُ لِلْغَائِبِ مُمْتَنِعٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: لِامْتِنَاعِ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ لَهُ وَالْكِتَابَةُ لَهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ لِيَحْكُمَ بِكِتَابِهِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَأْتِي في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقِسْمَةِ وَالدَّعْوَى1 وَيَصِحُّ تَبَعًا كَمَنْ ادَّعَى مَوْتَ أَبِيهِ عَنْهُ2 وَعَنْ أَخٍ غَائِبٍ أَوْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ فَثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ وَيَأْخُذُ الْمُدَّعِي نَصِيبَهُ وَالْحَاكِمُ نَصِيبَ الْآخَرِ وَقِيلَ: يَتْرُكُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ غَرِيمِهِ حَتَّى يَقْدَمَ وَيَرْشُدَ وَتُعَادُ الْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ الْإِرْثِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَزَادَ: وَلَوْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ غَيْرُ رَشِيدٍ اُنْتُزِعَ الْمَالُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُمَا بِخِلَافِ الْغَائِبِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْآخَرُ: يُنْتَزَعُ. وَفِي الْمُغْنِي3: إن أدعى4 أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ الْوَكَالَة وَالْآخَرُ غَائِبٌ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُمَا فَإِنْ حَضَرَ لَمْ تُعَدَّ الْبَيِّنَةُ كَالْحُكْمِ بِوَقْفٍ ثَبَتَ لِمَنْ لَمْ يَخْلُقْ تَبَعًا لِمُسْتَحِقِّهِ الْآنَ. وَتَقَدَّمَ5 أَنَّ سُؤَالَ غَرِيمِ الْحَجْرِ كَالْكُلِّ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُفِيدَ أَنَّ الْقَضِيَّةَ الْوَاحِدَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى عَدَدٍ أَوْ أَعْيَانٍ كَوَلَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْمُشْرِكَةِ أَنَّ الْحُكْمَ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ لَهُ يَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْمَسْأَلَةَ وَأَخَذَهَا مِنْ دَعْوَى مَوْتِ مَوْرُوثِهِ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ هَذَا أَوْ الْآنَ مِنْ وَقْفٍ بِشَرْطٍ شَامِلٍ يَعُمُّ وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ والشرط واحد؟ ردد النظر على ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَجْهَيْنِ ثُمَّ مَنْ أَبْدَى مَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ1 وَلَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ2 الدَّفْعُ بِهِ وَهَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ كحكم مغيّا بغاية "3أو هو نسخ3". ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَهَلْ حُكْمُهُ لِطَبَقَةٍ حُكْمٌ لِلثَّانِيَةِ وَالشَّرْطُ وَاحِدٌ؟ رَدَّدَ النَّظَرَ عَلَى وَجْهَيْنِ ثُمَّ من أبدى ما يجوز أن يمنع الأول مِنْ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَوْ عَلِمَهُ فَلِثَانٍ الدَّفْعُ بِهِ وَهَلْ هُوَ نَقْضٌ لِلْأَوَّلِ كَحُكْمٍ مُغَيًّا بغاية "4أو هُوَ فَسْخٌ4" انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَالْمُصَنَّفُ قَدْ قَدَّمَ حُكْمًا وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَيَصِحُّ تَبَعًا وَقَدْ اخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ أَنَّ حُكْمَهُ لِطَبَقَةٍ لَيْسَ حُكْمًا لِطَبَقَةٍ أُخْرَى.
فصل من ادعى أن الحاكم حكم له فلم يذكره فشهد به اثنان
فصل من ادعى أن الحاكم حكم له فَلَمْ يَذْكُرْهُ فَشَهِدَ بِهِ اثْنَانِ قَبِلَهُمَا وَأَمْضَاهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إمْضَائِهِ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ شَهَادَتَهُ فَشَهِدَا عِنْدَهُ بِهَا وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَقْبَلُهُمَا وَمُرَادُهُمْ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ صواب نفسه فإن تَيَقَّنَهُ لَمْ يَقْبَلْهُمَا لِأَنَّهُمْ احْتَجُّوا فِيهِ بِقِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ4 وَذَكَرُوا هُنَاكَ صَوَابَهُ "5لَوْ تَيَقَّنَ صوابه5" لَمْ يَقْبَلْهُمَا وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِ الْأَصْلِ الْمُحْدَثِ للراوي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْهُ: لَا أَدْرِي وَذَكَرُوا هُنَاكَ لَوْ كَذَّبَهُ لَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِمَا وَلَمْ يُعْمَلْ بِهِ ودل أن قول ابن عقيل هنا أن1 قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الدَّلِيلَيْنِ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا شَهِدَا عِنْدَك بِكَذَا أَمْضَاهُ فَإِنْ وَجَدَ حُكْمَهُ أَوْ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ وَتَيَقَّنَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ2 فِي الْمُذْهَبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ هُوَ الْأَشْهَرُ كَخَطِّ أَبِيهِ3 بِحُكْمٍ أَوْ شَهَادَةٍ لَمْ يَشْهَدْ وَلَمْ يُحْكَمْ بِهَا إجْمَاعًا وَلَمْ يُنَفِّذْهُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: بَلَى اخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَعَنْهُ: إنْ كان في حرزه كقمطره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ الشَّهَادَةَ أَوْ يَعْتَمِدَ عَلَى مَعْرِفَةِ الْخَطِّ يَتَجَوَّزُ بِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ قَبُولُ شهادته ولهما حكم مغفل أو مخرق1 وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالصِّفَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقَالَ أَبُو2 الْخَطَّابِ: لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ سُؤَالُهُمَا عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُمَا جَوَابُهُ. وَقَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: إذَا عَلِمَ تَجَوَّزَهُمَا فَهُمَا كَمُغَفَّلٍ وَلَمْ يَجُزْ قَبُولُهُمَا وَإِنْ قَالَ وَهُوَ عَدْلٌ: حَكَمْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا وَلَيْسَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي الْمَنْصُوصِ سَوَاءٌ ذَكَرَ مُسْتَنَدَهُ أَوْ لَا. وَقَالَ3 شَيْخُنَا: قَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إخْبَارُهُ بِمَا ثَبَتَ بِمَنْزِلَةِ شُهُودِ الْفَرْعِ يُوجِبُ أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِي الثُّبُوتِ الْمُجَرَّدِ إذْ لَوْ قُبِلَ خَبَرُهُ لَقُبِلَ كِتَابُهُ وَأَوْلَى قَالَ: وَيَجِبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي فَهُوَ كَقَوْلِهِ حَكَمْت فِي الْأَخْبَارِ وَالْكِتَابِ وَإِنْ قَالَ شَهِدَا أَوْ أَقَرَّ عِنْدِي فُلَانٌ فَكَالشَّاهِدَيْنِ سَوَاءٌ وَكَذَا لَوْ قَالَهُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَقِيلَ: لَا فَهُوَ كشاهد وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ أَمِيرُ الْجِهَادِ وَأَمِيرُ الصَّدَقَةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ قَالَهُ شَيْخُنَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: كُلُّ مَنْ صَحَّ مِنْهُ إنْشَاءُ أَمْرٍ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهِ. وَإِنْ أَخْبَرَ حَاكِمٌ آخَرُ بِحُكْمٍ أَوْ ثُبُوتِ عَمَلٍ بِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُخْبَرِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَنْ الْمَجْلِسِ وَيُقْبَلُ خَبَرُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِمَا وَفِي عَمَلِ أَحَدِهِمَا: وَعِنْدَ الْقَاضِي: لَا يُقْبَلُ إلَّا أن يجبره1 فِي عَمَلِهِ حَاكِمًا فِي غَيْرِ عَمَلِهِ فَيُعْمَلُ بِهِ إذَا بَلَغَ عَمَلُهُ وَجَازَ حُكْمُهُ بِعِلْمِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَا فِي وِلَايَةِ الْمُخْبِرِ فَوَجْهَانِ وَفِيهِ: إذَا قَالَ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ فَأَحْكُمُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ2 حَيَاةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وحكم الحاكم لا يحيل الشيء عن صفته باطنا
فَصْل وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا وَعَنْهُ: بَلَى فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ قبل الحكم قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار فوجهان م 15. وَمَنْ حَكَمَ لِمُجْتَهِدٍ أَوْ عَلَيْهِ بِمَا يُخَالِفُ اجْتِهَادَهُ عَمِلَ بَاطِنًا بِالْحُكْمِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ بِاجْتِهَادِهِ. وَإِنْ بَاعَ حَنْبَلِيٌّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ فحكم ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ بَاطِنًا وَعَنْهُ: بَلَى فِي مُخْتَلَفٍ فيه قبل الحكم قطع به في الواضح وغيره فلو حكم حنفي لحنبلي بشفعة جوار فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: الْإِحَالَةُ1 فِي الْبَاطِنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِشُمُولِ الرِّوَايَةِ لَهَا. وَاَللَّهُ أعلم.
بِصِحَّتِهِ شَافِعِيٌّ نَفَذَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا خِلَافًا لِأَبِي الْخَطَّابِ. وَحَكَى عَنْهُ: نُحِيلُهُ فِي عَقْدٍ وَفَسْخٍ مُطْلَقًا وَأَطْلَقَهَا فِي الْوَسِيلَةِ قَالَ أَحْمَدُ: الْأَهْلُ أَكْبَرُ مِنْ الْمَالِ. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ حَنْبَلِيًّا نَصَرَهَا وَاعْتَبَرَهَا بِاللِّعَانِ وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا أَجَابَ بِأَنَّ اللِّعَانَ وَضَعَهُ الشَّارِعُ لِسَتْرِ الزَّانِيَةِ وَصِيَانَةِ النَّسَبِ فَتَعَقَّبَ الْفَسْخُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِانْفِكَاكُ إلَّا بِهِ وَمَا وَضَعَهُ الشَّرْعُ لِلْفَسْخِ بِهِ زَالَ1 الْمِلْكُ وَلَيْسَ فِي مَسْأَلَتِنَا سِوَى جَهْلِ الْحَاكِمِ بِبَاطِنِ الْأَمْرِ وَعِلْمُهُمَا وَعِلْمُ الشُّهُودِ أَكْثَرُ مِنْ النَّصِّ فِي الدَّلَالَةِ لِأَنَّ النَّصَّ مَعْلُومٌ وَهَذَا مَحْسُوسٌ لِأَنَّ التَّزْوِيرَ مِنْ فِعْلِهِمَا2. وَإِذَا فَسَخْنَا الْأَحْكَامَ بِالْمَنْصُوصَاتِ مِنْ الْأَدِلَّةِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَلَأَنْ تَبْطُلَ الْأَحْكَامُ بِالْحِسِّ بَاطِنًا أَوْلَى فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا كُلُّهُ لَا يَدْفَعُ أشكال اللعان وذلك أن الحاكم لا يلزمه في إنفاذ الأحكام "3التنقب عن3" بواطن الأحوال4 وإنما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَلْزَمُهُ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرْته فِي اللِّعَانِ فَهُوَ الْحُجَّةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَتَّبَ صِحَّةَ الْفَسْخِ عَلَى قَوْلٍ يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْكَذِبُ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ فَهَلْ فِيكُمَا مِنْ تَائِبٍ" 1. وَانْبَنَى إبَاحَةُ الزَّوْجِ الثَّانِي عَلَى فَسْخٍ بُنِيَ عَلَى كَذِبٍ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: حُكْمُهُ لَيْسَ بِإِنْشَاءِ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ وَإِنَّمَا يَقُولُ أَمْضَيْت مَا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ أَوْ حَكَمْت بِمَا شَهِدُوا بِهِ2 وَأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبٍ بَاطِلٍ فَلَا يُمْكِنُ نُفُوذُهُ وَمَتَى عَلِمَهَا كَاذِبَةً لَمْ يُنَفِّذْ. وَإِنْ بَاعَ مَالَهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ بِبَيِّنَةِ زُورٍ فَفِي نُفُوذِهِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: هَلْ يُبَاحُ لَهُ بِالْحُكْمِ مَا اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَفِي حِلِّ مَا أَخَذَهُ وَغَيْرِهِ بِتَأْوِيلٍ أَوْ مَعَ جَهْلِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُتَأَوِّلُ فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيمَ رِوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخِطَابِ قال: أصحهما حله3 كَالْحَرْبِيِّ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَأَوْلَى وَجَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَضْعَ طَاهِرٍ فِي اعْتِقَادِهِ فِي مَائِعٍ لِغَيْرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ إنْ أَسْلَمَ بِدَارِ حَرْبٍ وَعَامَلَ بِرِبًا جَاهِلًا رَدَّهُ وَفِي الِانْتِصَارِ: ويحد لزنى. وَمَنْ حُكِمَ لَهُ بِبَيِّنَةِ زُورٍ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ حَلَّتْ لَهُ حُكْمًا فَإِنْ وَطِئَ مَعَ الْعِلْمِ فَكَزِنًا وَقِيلَ: لَا حَدَّ وَيَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرُهُ خلافا للشيخ. وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَكَمَ بِطَلَاقِهَا ثَلَاثًا بِزُورٍ فَزَوْجَتُهُ بَاطِنًا وَيُكْرَهُ له1 اجتماعه بها ظاهرا2 بزور خَوْفًا مِنْ مَكْرُوهٍ يَنَالُهُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا غَيْرَهُ مِمَّنْ يُعْلَمُ الْحَالُ ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ فِي الْمُغْنِي3: إنْ انْفَسَخَ بَاطِنًا جَازَ وَكَذَا قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَتَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ بِهَذَا الْحُكْمِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَإِنْ رَدَّ حَاكِمٌ شَهَادَةَ وَاحِدٍ بِرَمَضَانَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِحُكْمِهِ فِي عِبَادَةٍ وَوَقْتٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَتْوَى فَلَا يُقَالُ حُكِمَ بِكَذِبِهِ أَوْ بِأَنَّهُ لَمْ يره ولو سلم أن له مدخلا4 فَهُوَ مَحْكُومٌ بِهِ فِي حَقِّهِ مِنْ رَمَضَانَ فلم يغيره حكم ولم يؤثر5 شُبْهَةً وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يُغَيِّرُ إذَا اعْتَقَدَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حُكْمٌ وَهَذَا يَعْتَقِدُ خَطَأَهُ كَمُنْكِرَةِ نِكَاحِ مُدَّعٍ يَتَيَقَّنُهُ فَشَهِدَ لَهُ فَاسِقَانِ فَرَدَّا ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَفِي الْمُغْنِي6: إنْ رَدَّهُ ليس ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِحُكْمٍ هُنَا لِتَوَقُّفِهِ فِي الْعَدَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ ثبتت1 حُكْمٌ قَالَ شَيْخُنَا: أُمُورُ الدِّينِ وَالْعِبَادَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ إجْمَاعًا وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ فَدَلَّ أَنَّ إثْبَاتَ سَبَبِ الْحُكْمِ كَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَالزَّوَالِ لَيْسَ بِحُكْمٍ فَمَنْ لَمْ يَرَهُ سَبَبًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَعَلَى مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَنَّهُ حَكَمَ وَفِي الْخِلَافِ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ الْوَاحِدُ بِرُؤْيَةٍ كَالْبَعْضِ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا: لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ لَزِمَ النَّاسَ الصَّوْمُ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالُوا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْحَاكِمِ مَرْدُودًا وَيَكُونُ2 خَطَؤُهُ مَقْطُوعًا بِهِ وَقَالَ لَهُمْ لَمَّا قَالُوا3 لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ كَالْحُدُودِ فَقَالَ: يُنْتَقَضُ بِالْغَزْوِ وَلِأَنَّ الْحَدَّ يَدْخُلُهُ الِاجْتِهَادُ فِي وُجُوبِهِ وَوَقْتِ إقَامَتِهِ وَالْآلَةِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْجُمُعَةُ لَا يَدْخُلُهَا الِاجْتِهَادُ فِي وُجُوبِهَا وَأَفْعَالِهَا فَهِيَ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَقِيلَ لَهُ: فَالْجُمُعَةُ مُخْتَلَفٌ فِي مَوْضِعٍ إقَامَتِهَا وَفِي الْعَدَدِ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ فَقَالَ: إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ لَا يَفْتَقِرُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَالْحَدُّ يَفْتَقِرُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا كَذَا قَالَ. وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ: يَحْرُمُ إنْ يَرَهُ. وَكَذَا إنْ كان نفس الحكم مختلفا فيه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَفِي الْمُحَرَّرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ آخَرُ قَبْلَهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ1: قَوْلُهُ: وَإِنْ رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَا يَلْزَمُهُ نَقْضُهُ لِيُنَفِّذَهُ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ تَنْفِيذُهُ وَقِيلَ: يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَرَهُ وَكَذَا إنْ كَانَ نَفْسُ2 الْحُكْمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَحُكْمِهِ بِعِلْمِهِ وَنُكُولِهِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ: الْحُكْمُ بِالنُّكُولِ وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَكَيْفَ لَا يَلْزَمُهُ تَنْفِيذُهُ عَلَى قَوْلِ2 الْمُحَرَّرِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الدَّعْوَى عِنْدَهُ لَزِمَهُ الْحُكْمُ بِهَا وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَدَمُ لُزُومِ التَّنْفِيذِ لِحُكْمٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي رُفِعَ إلَيْهِ الْحُكْمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَا يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ كَالْحُكْمِ بِعِلْمِهِ لِأَنَّ التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ وَإِذَا كَانَ لَا يَرَى صحته لم يلزمه الحكم بصحته. انتهى. مثله3 في الرعاية بالفلس والشاهد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْيَمِينِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُحَرَّرِ بِالْحُكْمِ عَلَى الْغَائِب وَنَحْوِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا الْبَعْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ فِي النَّفْسِ مِمَّا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَإِذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي الْمِثَالِ لِلْمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الصَّادِرُ مِنْ الْحَاكِمِ مُخْتَلَفًا فِيهِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَمْ لَا كَفِعْلِهِ فِي تَزْوِيجِ يَتِيمَةٍ فَإِنَّ تَزْوِيجَهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنَّهُ حُكْمٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ حُكْمٌ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ فَيَحْتَاجُ إلَى حُكْمٍ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِالْعِلْمِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ وَإِنَّمَا وقع الخلاف هل يحكم بالعلم1 أَمْ لَا؟ فَإِذَا حَكَمَ2 بِهِ مَنْ يَرَاهُ صَارَ لَازِمًا ثُمَّ رَدَّدَ الْقَوْلَ فِيمَا مِثْلُهُ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَقَالَ: هَذَا3 قَوِيٌّ جِدًّا فِي كُلِّ حُكْمٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ بَعْدَ4 وُقُوعِهِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ لَكِنْ تَحْتَاجُ الْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ إلَى ثبوت الْخِلَافِ فِيهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا هَلْ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهَا أَمْ لَا؟ وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي حَوَاشِي المحرر ببيع الصفة وإجارة5 الْمُشَاعِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ6 فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ "7وَقَالَ: لَا7" نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِيمَا حَكَمَ بِهِ لينفذه.
وَإِنْ رَفَعَ إلَيْهِ خَصْمَانِ عَقْدًا فَاسِدًا عِنْدَهُ فَقَطْ وَأَقَرَّا بِأَنَّ نَافِذَ الْحُكْمِ1 حُكْمٌ بِصِحَّتِهِ فَلَهُ إلْزَامُهُمَا بِذَلِكَ وَرَدُّهُ وَالْحُكْمُ بِمَذْهَبِهِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: قَدْ يُقَالُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ كَبَيِّنَةٍ إنْ عَيَّنَا الْحَاكِمَ وَمَنْ قَلَّدَ فِي صِحَّةِ نِكَاحٍ لَمْ يُفَارِقْ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ كَحُكْمٍ وَقِيلَ: بَلَى كَمُجْتَهِدٍ نَكَحَ ثُمَّ رَأَى بُطْلَانَهُ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَلَا يَلْزَمُ إعْلَامُهُ بِتَغَيُّرِهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ بَانَ خَطَؤُهُ فِي إتلاف بمخالفة قاطع ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ضَمِنَ لَا مُسْتَفْتِيَهُ، وَفِي تَضْمِينِ مُفْتٍ لَيْسَ أهلا وجهان م 16. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَفِي تَضْمِينِ مُفْتٍ لَيْسَ أَهْلًا وَجْهَانِ. انْتَهَى. "1وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ أَيْضًا1": أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي قُلْت وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا لَا وَجْهَ لَهُ. الْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّل وَلَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ قَبْلَ ابْنِ حَمْدَان ثُمَّ قَالَ: قُلْت: خَطَأُ الْمُفْتِي كَخَطَإِ الْحَاكِمِ أَوْ الشَّاهِدِ. انْتَهَى هَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي شَيْءٍ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِخَطَإِ الْمُفْتِي الَّذِي هُوَ أَهْلٌ لِلْإِفْتَاءِ وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَيْسَ أَهْلًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَانَ يُقَدِّمُ الضَّمَانَ. والله أعلم.
وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ نَقْضُهُ وَيَرْجِعُ1 بِالْمَالِ وَبَدَلِهِ وَبَدَلِ قَوَدٍ مُسْتَوْفًى عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ وَإِنْ كَانَ الحكم لله تعالى بإتلاف حسي أَوْ بِمَا سَرَى إلَيْهِ ضَمِنَهُ مُزَكُّونَ وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالْمُسْتَوْعِبُ: حَاكِمٌ2 كَعَدَمِ مُزَكٍّ وَفَسَّقَهُ وَقِيلَ: قَرَارُهُ عَلَى مُزَكٍّ وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَضْمَنُهُ الشُّهُودُ. وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمٌ3 بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَوْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَيَمْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ فِي الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ م 17. فَإِنْ وَافَقَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ عَلَى مَا ذَكَرَ رَدَّ مَا1 أَخَذَهُ وَنَقَضَ الْحُكْمَ بِنَفْسِهِ دُونَ الْحَاكِمِ وَإِنْ خَالَفَهُ فيه غرم الحاكم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 17: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ بِفِسْقِهِمَا إلَّا بِثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمٌ بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا أَوْ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ وَيَمْنَعُ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ جَازَ في الثانية احتمل وجهين. انتهى. "2الوجه الأول2" أما الحكم3 بِعِلْمِهِ فِي عَدَالَتِهِمَا فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ وَأَمَّا الْحُكْمُ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ4 وَذَكَرَ الْمَذْهَبَ فِيهِمَا وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ5 الْحُكْمِ بِظَاهِرِ عَدَالَةِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الصَّوَابُ النَّقْضُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ6: وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ كُفْرُ الشُّهُودِ أَوْ فِسْقُهُمْ لَزِمَهُ7 نَقْضُهُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْوَجْهُ الثَّانِي لَا يُنْقَضُ وَهُوَ بَعِيدٌ. فَهَذِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الْبَابِ وَلَيْسَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي شيء من الخلاف المطلق. والله أعلم.
وَأَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: إذَا بَانَ لَهُ فِسْقُهُمَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ أَوْ أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ نَقَضَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ تَنْفِيذُهُ وَأَجَابَ أبو الوفاء: لا يقبل قَوْلُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ لِفِسْقِهِمْ ذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَا ضَمَانَ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: وَيَضْمَنُ الشُّهُودَ. وَإِنْ بَانُوا عَبِيدًا أَوْ وَالِدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ عَدُوًّا فَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِهِ نَقَضَهُ وَلَمْ يُنَفِّذْ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَهُ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: مَنْ حَكَمَ بِقَوَدٍ أَوْ حَدٍّ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ بَانُوا عَبِيدًا فله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
نقضه إذا كان لا يرى قبولهم1 فِيهِ قَالَ: وَكَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ صَادَفَ مَا حَكَمَ فِيهِ وَجَهِلَهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي الْإِرْشَادِ2 أَنَّهُ إذَا حَكَمَ فِي مُخْتَلَفٍ فِيهِ بِمَا لَا يَرَاهُ مَعَ عِلْمِهِ لَا يُنْقَضُ فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ شَكَّ فِي رَأْيِ الْحَاكِمِ تَقَدَّمَ إذَا شَكَّ هَلْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالْمُعَارِضِ؟ كَمَنْ حكم ببينة خارج وجهل علمه ببينة داخل لَمْ يُنْقَضْ. وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَمِمَّا ذَكَرُوا فِي نَقْضِ3 حُكْمِ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ النَّقْضِ عِلْمُ الْحَاكِمِ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت وَقْتَ الْحُكْمِ أَنَّهُمَا فَسَقَةٌ أَوْ زُورٌ وَأَكْرَهَنِي السُّلْطَانُ عَلَى الْحُكْمِ بِهِمَا فَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ أَضَافَ فِسْقَهُمَا إلَى عِلْمِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ نَقْضُهُ مَعَ إكْرَاهِهِ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ له نقض تعديل البينة4 بالتزكية لعلمه وإن أضافه إلى غير ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِلْمِهِ افْتَقَرَ إلَى بَيِّنَةٍ بِالْإِكْرَاهِ وَيُحْتَمَلُ: لَا. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: إنْ قَالَ كُنْت عَالِمًا بِفِسْقِهِمَا1 فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا وَجَدْته. وَمَنْ لَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ دَيْنٌ فَجَحَدَهُ وتعذر أخذه بحاكم وعنه في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الضَّيْفِ: أَوْ قَدَرَ وَظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَفِي غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا خَرَّجَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالرَّهْنِ مَرْكُوبٍ وَمَجْلُوبٍ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا فِي الثَّابِتِ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ عِنْدَ الْمُحَاكَمَةِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ وَقَدَّرَ لَهُ عَلَى مَالٍ حَرُمَ أَخْذُهُ بَاطِنًا قَدْرَ حَقِّهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: أَدِّ إلَيْهِ مَالَهُ الَّذِي ائْتَمَنَك عَلَيْهِ وَنَقَلَ حَرْبٌ: فِي غَيْرِهَا خِلَافًا وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: خِصَالُ الْمُنَافِقِ مُحَرَّمَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُد فِي امْرَأَةٍ لَهَا1 مَهْرٌ فَمَاتَ ابْنُهَا أَتَأْخُذُ مَهْرَهَا مِنْ مِيرَاثه مِنْ نَصِيبِ زَوْجِهَا مِنْ تَحْتَ يَدِهَا؟ قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهَا لَمْ تَحْبِسِي شيئا وسأله مهنا: يطمعه2 أن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُعْطِيَهُ شَيْئًا وَيَنْوِيَ أَنْ لَا يَفْعَلَ؟ قَالَ: لَا. أَمَّا مِنْ غُصِبَ مَالًا جَهْرًا فَأَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ جَهْرًا فَجَائِزٌ وَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ. وَفِي الْفُنُونِ: مَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِمَالٍ لَا عِنْدَ حَاكِمٍ أَخَذَهُ وَقِيلَ: لَا كَقَوَدٍ فِي الْأَصَحِّ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِيمَنْ يَجْحَدُ الْحَقَّ وَلَعَلَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ: أَذَهَبُ بِهِ إلَى السُّلْطَانِ؟ قَالَ: لَا. وَمَنْ قَدَرَ عَلَى عَيْنِ مَالِهِ أَخَذَهُ قَهْرًا زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: مَا لَمْ يُفْضِ إلَى فِتْنَةٍ قَالَ: وَلَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا: فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَبَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ رضيا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب كتاب القاضي إلى القاضي
باب كتاب القاضي إلى القاضي مدخل ... بَابُ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي يُقْبَلُ فِي كُلِّ حَقِّ آدَمِيٍّ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ حَتَّى فِي قَوَدٍ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَعَنْهُ: لَا يُقْبَلُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ كَحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى "1الشَّهَادَةِ1" لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَذَكَرُوا فِيمَا إذْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ فلا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنْكَارُهُ الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ الْحُكْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ2 فَرْعٌ لِمَنْ شهد عنده وهو"2" ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي1 فَرْعِ الْفَرْعِ. وَيُقْبَلُ فِيمَا حَكَمَ بِهِ لِيُنَفِّذَهُ وَإِنْ كَانَا2 بِبَلَدٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا: وَفِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَيُقْبَلُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ فِي مَسَافَةِ قَصْرٍ وَعَنْهُ: فَوْقَ يَوْمٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا وَقَالَ خَرَّجْته فِي الْمَذْهَبِ وَأَقَلُّ كَخَبَرٍ. وَقَالَ الْقَاضِي: وَيَكُونُ فِي كِتَابِهِ: شَهِدَا عِنْدِي بِكَذَا وَلَا يَكْتُبُ: ثَبَتَ عِنْدِي لِأَنَّهُ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ أَنَّهُ3 خَبَرٌ بِالثُّبُوتِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَمْرٌ وَنَهْيٌ يَتَضَمَّنُ إلْزَامًا قَالَهُ شَيْخُنَا فَيَتَوَجَّهُ لَوْ أَثْبَتَ حَاكِمٌ مَالِكِيٌّ وَقْفًا لَا يَرَاهُ كَوَقْفِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فَإِنْ حَكَمَ لِلْخِلَافِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فَلِحَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ يَرَى صِحَّةَ الْحُكْمِ أَنْ يُنَفِّذَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ بَلْ قَالَ ثَبَتَ كَذَلِكَ4 فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثبوت ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حُكْمًا نَفَّذَهُ وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلُزُومُ1 الْحَنْبَلِيِّ تَنْفِيذَهُ يَنْبَنِي عَلَى لُزُومِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ2 وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ "3فِي الْخَطِّ3" لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلِهَذَا لَا يُنَفِّذُهُ الْحَنَفِيَّةُ حَتَّى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ وَلِلْحَنْبَلِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَمَعَ قُرْبِهَا الْخِلَافُ. وَلَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُعَدِّلْهَا وَجَعَلَهُ إلَى الْآخَرِ جَازَ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَلَهُ الْكِتَابَةُ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ شَيْخُنَا: وتعيين القاضي الكاتب كشهود الأصل وقد يخبر4 الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ. وَيُشْتَرَطُ لِقَبُولِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى عَدْلَيْنِ فَيُعْتَبَرُ ضَبْطُهُمَا لِمَعْنَاهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحُكْمُ فَقَطْ نَصَّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِذَا وَصَلَا قَالَا5 نَشْهَدُ "6أَنَّ هَذَا6" كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك كتبه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِعِلْمِهِ1 وَاعْتَبَرَ الْخِرَقِيُّ وَجَمَاعَةٌ "2قَوْلَهُمَا لَهُ2": وَقُرِئَ عَلَيْنَا وَقَوْلُ الْكَاتِبِ: اشْهَدَا عَلَيَّ3 وَقَوْلُهُمَا: وَأَشْهَدَنَا عَلَيْهِ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: كَتَبَهُ بِحَضْرَتِنَا وَقَالَ لَنَا اشْهَدَا عَلَى أَنِّي كَتَبْته فِي عَمَلِي بِمَا ثَبَتَ عِنْدِي وَحَكَمْت بِهِ مِنْ كَذَا وَكَذَا فَيَشْهَدَانِ بِذَلِكَ. وَلَا يُعْتَبَرُ خَتْمُهُ وَإِنْ كَتَبَهُ وَخَتْمَهُ وَأَشْهَدَهُمَا4 لَمْ يَصِحَّ وَعَنْهُ: بَلَى فَيَقْبَلُهُ إنْ عَرَّفَهُ خَطَّ الْقَاضِي وَخَتَمَهُ بِمُجَرَّدِهِ وَقِيلَ: لَا وَعِنْدَ شَيْخِنَا: مَنْ عَرَفَ خَطَّهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْشَاءٌ أَوْ عَقْدٍ أَوْ شَهَادَةِ عَمَلٍ بِهِ كَمَيِّتٍ فَإِنْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ مَضْمُونَهُ فَكَاعْتِرَافِهِ بِالصَّوْتِ وَإِنْكَارِ مَضْمُونِهِ وَذَكَرَ قَوْلًا في المذهب أنه يحكم بخط5 شَاهِدٌ مَيِّتٌ وَقَالَ: الْخَطُّ كَاللَّفْظِ إذَا عَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ كَمَا يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا صَوْتُهُ وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى الشَّخْصِ إذَا عَرَفَ صَوْتَهُ مَعَ إمْكَانِ الِاشْتِبَاهِ وَجَوَّزَ الْجُمْهُورُ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ الشَّهَادَةَ عَلَى الصَّوْتِ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ أَضْعَفُ لَكِنْ جَوَازُهُ قَوِيٌّ أَقْوَى مِنْ مَنْعِهِ، قَالَ: وَكِتَابُهُ فِي غَيْرِ6 عَمَلِهِ أَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ كَخَبَرِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إنْ كَتَبَ شَاهِدَانِ إلَى شَاهِدَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ بإقامة الشهادة عنده ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَنْهُمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى غَيْرِهِ إذَا سَمِعَ مِنْهُ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَقَالَ اشْهَدْ عَلَيَّ فَأَمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِخَطِّهِ فَلَا لِأَنَّ الْخُطُوط يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْعِلَلُ فَإِنْ قَامَ بِخَطِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ شَاهِدَانِ سَاغَ لَهُ الْحُكْمُ بِهِ. وَإِذَا وَصَلَ الْكِتَابُ وَأَحْضَرَ الْخَصْمَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَحِلْيَتِهِ فَقَالَ مَا أَنَا الْمَذْكُورُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى بِالنُّكُولِ أَوْ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَقَالَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ غَيْرِي قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ بِالْبَلَدِ آخَرَ كَذَلِكَ وَلَوْ مَيِّتًا يَقَعُ بِهِ إشْكَالٌ فَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يُعْلِمَ الْخَصْمَ. وَيَقْبَلُ كِتَابَهُ فِي حَيَوَانٍ فِي الْأَصَحِّ بِالصِّفَةِ اكْتِفَاءً بِهَا كَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ لَا لَهُ فإن لم يثبت مشاركة في1 صفته أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ بِكَفِيلٍ مَضْمُونًا2 مَخْتُومًا عُنُقُهُ فَيَأْتِي بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ وَيَقْضِيَ لَهُ بِهِ وَيَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا لِيَبْرَأَ كَفِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ مَا ادَّعَاهُ فَكَمَغْصُوبٍ لأنه أخذه بلا حق. وفي الرعاية: لا نفعه3 وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِهَذَا فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْلَى وَقِيلَ: يَحْكُمُ بِهِ الْكَاتِبُ وَيُسَلِّمُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ4 لِمُدَّعِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ عَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا صِفَتُهُ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بَلْ يَكْتُبُ إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا قلنا في المدعى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنه وَكَذَا قَالَ شَيْخُنَا هَلْ يَحْضُرُ لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ كَمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ؟ وَيَأْتِي فِي شَهَادَةِ الْأَعْمَى1. قَالَ فِي الْمُغْنِي2: إنْ كَتَبَ بِثُبُوتِ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بِدَيْنٍ جَازَ وَحَكَمَ بِهِ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ وَأَخَذَ بِهِ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ وَقَالَ: وَكَذَا عَيْنًا كَعَقَارٍ مَحْدُودٍ أَوْ عَيْنًا مَشْهُورَةً لَا تشتبه، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِلَّا فَالْوَجْهَانِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْجَدِّ فِي النَّسَبِ بِلَا حَاجَةٍ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: فِيهِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا عُرِفَ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْجَدِّ وَكَذَا ذَكَرُهُ غَيْرُهُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وإن مات القاضي الكاتب أو عزل لم يضر كبينة أصل
فَصْلٌ وَإِنْ مَاتَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ أَوْ عُزِلَ لَمْ يَضُرَّ كَبَيِّنَةِ أَصْلٍ وَقِيلَ: كَمَا لَوْ فَسَقَ فَيُقْدَحُ خَاصَّةً فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ لِيَحْكُمَ بِهِ وَيَلْزَمُ مَنْ وَصَلَ إلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ تَغَيُّرُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَوْ لَا اكْتِفَاءً بِالْبَيِّنَةِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ضَاعَ أَوْ انْمَحَى وَكَمَا لو شهدا1 بِأَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ حَكَمَ بِكَذَا لَزِمَهُ إنْفَاذُهُ قَالَهُ فِي الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ قَالَ: وَلَوْ شَهِدَا خِلَافَ مَا فِيهِ قُبِلَ اعْتِمَادًا عَلَى الْعِلْمِ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ2 وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: وَإِنْ قَالَا هَذَا كِتَابُ فُلَانٍ إلَيْك أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ لَمْ يَجُزْ الْعَمَلُ بِهِمَا. وَإِنْ قَدِمَ غَائِبٌ فَلِلْكَاتِبِ3 الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ قَالَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا جَرَى لئلا يحكم عليه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْكَاتِبُ أَوْ1 سَأَلَهُ مَنْ ثَبَتَتْ بَرَاءَتُهُ مِثْلَ أَنْ أَنْكَرَ وَحَلَّفَهُ أَوْ مَنْ ثَبَتَ حَقُّهُ عِنْدَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا جَرَى مِنْ بَرَاءَةٍ أَوْ ثُبُوتِ مُجَرَّدٍ أَوْ مُتَّصِلٍ بِحُكْمٍ أَوْ2 تَنْفِيذٍ أَوْ الْحُكْمُ لَهُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ: إنْ ثَبَتَ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ سَأَلَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ كِتَابَتَهُ وَأَتَاهُ بِوَرَقَةٍ لَزِمَهُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا أَخَذَ السَّاعِي زَكَاتَهُ كَتَبَ لَهُ بَرَاءَةً وَعِنْدَ شَيْخِنَا: يَلْزَمُهُ إنْ تَضَرَّرَ بِتَرْكِهِ. وَمَا تَضَمَّنَ الْحُكْمُ بِبَيِّنَةِ سِجِلٍّ وَغَيْرِهِ مَحْضَرٌ. وَفِي الْمُغْنِي3 وَالتَّرْغِيبِ: الْمَحْضَرُ: شَرْحُ ثُبُوتِ الْحَقِّ عِنْدَهُ لَا الْحُكْمُ بِثُبُوتِهِ وَالْأَوْلَى جَعْلُ السِّجِلَّ نُسْخَتَيْنِ: نُسْخَةً يَدْفَعُهَا إلَيْهِ وَنُسْخَةً عِنْدَهُ. وَصِفَةُ الْمَحْضَرِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ حَضَرَ الْقَاضِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ قَاضِي عَبْدِ اللَّهِ الْإِمَامِ عَلَى كَذَا وَإِنْ كَانَ نَائِبًا كَتَبَ: خَلِيفَةُ الْقَاضِي فُلَانٍ قَاضِي عَبْدِ اللَّه الْإِمَامِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا مُدَّعٍ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَأَحْضَرَ مَعَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَالْأَوْلَى ذِكْرُ حِلْيَتِهِمَا إنْ جَهِلَهُمَا فَادَّعَى عَلَيْهِ بِكَذَا فَأَقَرَّ أَوْ أَنْكَرَ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي: أَلَك بَيِّنَةٌ قَالَ نَعَمْ فَأَحْضَرَهَا وَسَأَلَهُ سَمَاعَهَا فَفَعَلَ أَوْ فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ تَحْلِيفَهُ فَحَلَّفَهُ. وَإِنْ نَكَلَ ذَكَّرَهُ وَأَنَّهُ حَكَمَ بِنُكُولِهِ وَسَأَلَهُ كِتَابَةَ مَحْضَرٍ فَأَجَابَهُ فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَيَعْلَمُ فِي الْإِقْرَارِ والإحلاف: جرى الأمر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْبَيِّنَةِ: شَهِدَا عِنْدِي بِذَلِكَ. وَإِنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارٍ لَمْ يَحْتَجْ: فِي مجلس حكمه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل وأما السجل فلإنفاذ ما ثبت عنده والحكم به وصفته.
فَصْل وَأَمَّا السِّجِلُّ فَلِإِنْفَاذِ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُ والحكم به وَصِفَتُهُ. هَذَا مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فُلَانٌ كَمَا تَقَدَّمَ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقَدْ عَرَفَهُمَا بِمَا رَأَى مَعَهُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمَا بِمَحْضَرٍ مِنْ خَصْمَيْنِ وَيَذْكُرُهُمَا إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْنِ وَإِلَّا قَالَ: مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ جَازَ حُضُورُهُمَا وَسَمَاعُ الدَّعْوَى مِنْ أَحَدِهِمَا: عَلَى الْآخَرِ مُعَرِّفُهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَيَذْكُرُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ وَإِقْرَارَهُ طَوْعًا فِي صِحَّةٍ مِنْهُ وَجَوَازِ أَمْرٍ بِجَمِيعِ مَا سُمِّيَ وَوُصِفَ فِي كِتَابٍ نُسْخَتُهُ كَذَا. وَيَنْسَخُ الْكِتَابَ الْمُثْبَتَ أَوْ الْمَحْضَرَ جَمِيعَهُ حَرْفًا حَرْفًا1. فَإِذَا فَرَغَهُ قَالَ: وَإِنَّ الْقَاضِيَ أَمْضَاهُ2 وَحَكَمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي مِثْلِهِ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ ذَلِكَ وَالْإِشْهَادَ بِهِ الْخَصْمَ الْمُدَّعِي وَيَنْسُبُهُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ خَصْمُهُ بِحُجَّةٍ وَجَعَلَ كُلَّ ذِي حُجَّةٍ عَلَى حُجَّتِهِ وَأَشْهَدَ الْقَاضِي فُلَانٌ عَلَى إنْفَاذِهِ3 وَحُكْمِهِ وَإِمْضَائِهِ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ الشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فِي الْيَوْمِ الْمُؤَرَّخِ فِي أَعْلَاهُ وَأَمَرَ بِكَتْبِ هَذَا السِّجِلِّ نُسْخَتَيْنِ مُتَسَاوِيَتَيْنِ نُسْخَةً بِدِيوَانِ الْحُكْمِ وَنُسْخَةً يَأْخُذُهَا مَنْ كَتَبَهَا لَهُ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ بِمَحْضَرٍ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خَصْمَيْنِ جَازَ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: الثُّبُوتُ الْمُجَرَّدُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهِمَا بَلْ إلَى دَعْوَاهُمَا لَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْبَاءُ بَاءَ السَّبَبِ لَا الظَّرْفِ كَالْأُولَى وَهَذَا يُبْنَى عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ هَلْ تَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِ الْخَصْمَيْنِ؟ فَأَمَّا التَّزْكِيَةُ فَلَا. وَقَالَ: ظَاهِرُهُ أَنْ لَا حُكْمَ فِيهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا نُكُولٍ وَلَا رَدٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَيَضُمُّ مَا اُجْتُمِعَ مِنْ مَحْضَرٍ وَسِجِلٍّ وَيَكْتُبُ: مَحَاضِرُ وَسِجِلَّاتُ كَذَا مِنْ وقت كذا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب القسمة
باب القسمة مدخل ... بَابُ الْقِسْمَةِ يَحْرُمُ قِسْمَةُ الْأَمْلَاكِ الَّتِي لَا تُقْسَمُ إلَّا بِضَرَرٍ أَوْ رَدِّ عِوَضٍ إلَّا بِتَرَاضِي الشُّرَكَاءِ كَحَمَّامٍ وَدُورٍ صِغَارٍ وَأَرْضٍ بِبَعْضِهَا بِئْرٌ أَوْ1 بِنَاءٌ وَنَحْوُهُ لَا يَتَعَدَّلُ2 بِأَجْزَاءٍ وَلَا قِيمَةٍ. وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ فِي حُكْمِ الْبَيْعِ يَجُوزُ فِيهَا مَا يَجُوزُ فِيهِ خَاصَّةً لِمَالِكٍ وَوَلِيٍّ وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَنَا آخُذُ الْأَدْنَى وَيَبْقَى لِي فِي الْأَعْلَى تَتِمَّةُ حِصَّتِي فَلَا إجْبَارَ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ إذَا أَخَذَ أَحَدُهُمْ مِنْ كُلِّ مَوْضِعٍ مِنْهَا حَقَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ جُمِعَ لَهُ حَقُّهُ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ سَهْمٌ يَسِيرٌ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَى شُرَكَائِهِ وَافْتِيَاتِهِ عَلَيْهِمْ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَأُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِ كَذَا قَالَ وَفِي التَّعْلِيقِ وَالْمُبْهِجِ وَالْكَافِي3: الْبَيْعُ مَا فِيهِ رَدٌّ فَقَطْ و4اختاره شيخنا. وَمَنْ دَعَا شَرِيكَهُ إلَى الْبَيْعِ فِيهَا أُجْبِرَ فَإِنْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِمَا وَقُسِمَ الثَّمَنُ نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَحَنْبَلٌ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَالْفُصُولِ وَالْإِفْصَاحِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا وَكَلَامُ الشَّيْخِ وَالْمُحَرَّرِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَلَوْ فِي وقف ذكره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
شَيْخُنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ أَبُو1 عَمْرُو بْنُ الصَّلَاحِ: وَدِدْت لَوْ مُحِيَ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَ: وَقَدْ عُرِفَ مِنْ أَصْلِنَا2 أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى مَمَالِيكِهِ بَاعَهُمْ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ3 فَإِذَا صِرْنَا إلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَمِلْكٌ فَلِمَ لَا يَصِيرُ إلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ شَرِيكٍ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا مِلْكَ؟ قَالَ: وَالْإِجْبَارُ عَلَى الْمُهَايَأَةِ ضَعِيفٌ. وَالضَّرَرُ الْمَانِعُ مِنْ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ نَقْصُ الْقِيمَةِ بِهَا. وَعَنْهُ عَدَمُ النَّفْعِ بِهِ مَقْسُومًا مَنْفَعَتُهُ الَّتِي كَانَتْ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَالشَّيْخُ وَإِنْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا: بِالضَّرَرِ كَرَبِّ ثُلُثٍ مَعَ رَبِّ ثُلُثَيْنِ فَلَا إجْبَارَ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ إنْ طَلَبَهَا الْمُتَضَرِّرُ أُجْبِرَ الْآخَرُ وَعَنْهُ عَكْسُهُ. وَيُعْتَبَرُ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ فِي دُورٍ مُتَلَاصِقَةٍ وَنَحْوِهَا فِي كُلِّ عَيْنٍ وَحْدَهَا. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ موضع حقه إذا كان خيرا له. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَبِيدٌ أَوْ بَهَائِمُ أَوْ ثِيَابٌ وَنَحْوُهَا مِنْ جِنْسٍ وَفِي الْمُغْنِي1: مِنْ نَوْعٍ فَطَلَبَهَا2 أَحَدُهُمَا: أَعْيَانَا بِالْقِيمَةِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ فِي الْمَنْصُوصِ إنْ تَسَاوَتْ الْقِيمَةُ وَقِيلَ: أَوْ لَا. وَالْآجُرُّ وَاللَّبِنُ الْمُتَسَاوِي الْقَوَالِبِ مِنْ قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ وَالْمُتَفَاوِتُ مِنْ قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أَوْ حَائِطٌ فَقِيلَ: لَا إجْبَارَ وَقِيلَ: إلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ "3عَرْضِهَا وَعِنْدَ الْقَاضِي: يُجْبَرُ إنْ طَلَبَ قِسْمَةَ طُولِهِمَا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أَوْ قسمة العرصة3" عرضا وهي تسع حائطين واختاره أبو الخطاب في العرصة م 1،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَةُ حَائِطٍ أَوْ حَائِطٌ فَقِيلَ: لَا إجْبَارَ وَقِيلَ: إلَّا فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ عَرْضِهَا وعند القاضي يجبر 1 إن طلب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQقِسْمَةَ طُولِهِمَا فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أَوْ قِسْمَةَ الْعَرْصَةِ عَرْضًا وَهِيَ تَسَعُ حَائِطَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْعَرْصَةِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وغيره. و1القول الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الْإِجْبَارُ فِي قِسْمَةِ الْعَرْصَةِ طُولًا فِي كَمَالِ عَرْضِهَا لِمَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ اخْتَارَهُ. الْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي نَسَبَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُقْنِعِ3 إلَى الْأَصْحَابِ فَقَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ نِصْفُ الطُّولِ فِي كَمَالِ الْعَرْضِ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَإِنْ طَلَبَ قِسْمَتَهُ عَرْضًا وَكَانَتْ تَسَعُ حَائِطَيْنِ أُجْبِرَ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى. وَفِي نِسْبَتِهِ إلَى الأصحاب نظر وجزم به [في] الْوَجِيزِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فَقَالَ فِي الْحَائِطِ: لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِهَا بِحَالٍ وَقَالَ فِي الْعَرْصَةِ كَقَوْلِ الْقَاضِي وَتَبِعَهُ فِي المذهب وغيره.
وَمَعَ الْقِسْمَةِ فَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ م 2. وَلَا إجْبَارَ فِي دَارٍ لَهَا عُلُوٌّ وَسُفْلٌ طَلَبَ أَحَدُهُمَا: جَعْلَ السُّفْلِ لِوَاحِدٍ وَالْعُلُوِّ لِآخَرَ أَوْ قِسْمَةَ سُفْلٍ لَا عُلُوٍّ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ قِسْمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وحده ولو طلب أحدهما: قسمتهما معا وَلَا ضَرَرَ وَجَبَ وَعَدَلَ بِالْقِيمَةِ لَا ذِرَاعَ سُفْلٍ بِذِرَاعَيْ عُلُوٍّ وَلَا ذِرَاعَ بِذِرَاعٍ. وَلَا إجْبَارَ فِي قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ وَعَنْهُ: بَلَى وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْمَكَانِ وَلَا ضَرَرَ وَإِنْ اقْتَسَمَاهَا بِزَمَنٍ أَوْ مَكَان صَحَّ جَائِزًا وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ لَازِمًا إنْ تَعَاقَدَا مُدَّةً معلومة وقيل لازما بالمكان ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَمَعَ الْقِسْمَةِ فَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا يَلِيهِ. انْتَهَى. الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. الْقَوْلُ الثَّانِي: قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2: وَإِنْ حَصَلَ لَهُ مَا يُمَكِّنُ بِنَاءَ حَائِطٍ فِيهِ أُجْبِرَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقُرْعَةُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يَلِي مِلْك الْآخَرِ انتهى. قلت: والقول الثاني: هو الصواب.
مُطْلَقًا، فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تَنْتَقِلُ مَقْسُومَةً أَوْ لَا; فِيهِ نَظَرٌ م 3. فَإِنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ لَزِمَتْ الْوَرَثَةَ وَالْمُشْتَرِيَ قَالَ ذَلِكَ شَيْخُنَا. وَقَالَ أَيْضًا: مَعْنَى الْقِسْمَةِ هُنَا قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ فَقَدْ يُقَالُ يَجُوزُ التَّبْدِيلُ كَالْحَبِيسِ وَالْهَدْيِ. وَقَالَ أَيْضًا: صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَجُوزُ قِسْمَتُهُ إذَا كَانَ عَلَى جِهَتَيْنِ فَأَمَّا الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُقْسَمُ عَيْنُهُ قِسْمَةً لَازِمَةً اتِّفَاقًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لَكِنْ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ "1الْمُنَاقَلَةِ بِالْمَنَافِعِ1" وَبَيْنَ تَرْكِهَا عَلَى الْمُهَايَأَةِ بِلَا مُنَاقَلَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَ شَيْخُنَا عَنْ الْأَصْحَابِ وَجْهٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا فَرْقَ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَفِي الْمُبْهِجِ لُزُومُهَا إذَا اقْتَسَمُوا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ انْتَقَلَتْ كَانْتِقَالِ وَقْفٍ فَهَلْ تنتقل مقسومة أو2 لا؟ فيه نظر. انْتَهَى. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ أنها تنتقل مقسومة.
بِأَنْفُسِهِمْ قَالَ: وَكَذَا إنْ تَهَايَئُوا. وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ فِيمَنْ وَقَفَ ثُلُثَ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بَيْعَ نَصِيبِهِ كَيْفَ يَبِيعُ؟ قَالَ: يُفْرِزُ الثُّلُثَ مِمَّا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ شَاءُوا بَاعُوا أَوْ تركوا. وَنَفَقَةُ الْحَيَوَانِ مُدَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَقَصَ الْحَادِثُ عَنْ الْعَادَةِ فَلِلْآخَرِ الْفَسْخُ. وَإِنْ كان بينهما أرض1 مزروعة لهما2، قُسِّمَتْ دُونَ الزَّرْعِ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا: وَاخْتَارَ فِي الْكَافِي3: لَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قِسْمَةِ الزَّرْعِ وَحْدَهُ وَكَذَا قِسْمَتُهُمَا. وَفِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 يُجْبَرُ فِي قَصِيلٍ6 وَمُشْتَدٍّ حَبُّهُ وَتَجُوزُ بِتَرَاضِيهِمَا فِي قَصِيلٍ أَوْ قُطْنٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي: وَفِي مُشْتَدٍّ مَعَ الْأَرْضِ وَقِيلَ: وَبَذْرٍ لِأَنَّهُمَا تَبَعٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ: مَأْخَذُهُمَا هَلْ هِيَ إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ؟ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ فِي بَعْضِهَا نَخْلٌ وَبَعْضُهَا شَجَرٌ أَوْ يَشْرَبُ سَيْحًا وَبَعْضُهَا بَعْلًا قُدِّمَ مَنْ يَطْلُبُ قِسْمَةَ كُلِّ عَيْنٍ عَلَى حِدَةٍ لَا أَعْيَانًا بِالْقِيمَةِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ أَوْ قَنَاةٌ أَوْ عَيْنٌ مَا فَالنَّفَقَةُ لِحَاجَةٍ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَالْمَاءُ عَلَى مَا شَرَطَا عِنْدَ الِاسْتِخْرَاجِ وَلَهُمَا قِسْمَتُهُ مُهَايَأَةً بِزَمَنٍ أَوْ بنصب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حَجَرٍ مُسْتَوٍ فِي مَصْدَمِ الْمَاءِ1 فِيهِ ثُقْبَانِ بِقَدْرِ حَقَّيْهِمَا وَلِأَحَدِهِمَا: فِي الْأَصَحِّ سَقْيُ أَرْضِ لَا شُرْبَ لَهَا مِنْهُ بِنَصِيبِهِ. وَقِيلَ: إذَا قُلْنَا لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِمِلْكِ أَرْضِهِ فَلِكُلٍّ منهما أن ينتفع بقدر حاجته. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وما لا ضرر فيه ولا رد عوض
فَصْلٌ وَمَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا رَدَّ عِوَضٍ كَقَرْيَةٍ وَبُسْتَانٍ وَدَارٍ كَبِيرَةٍ وَأَرْضٍ وَاسِعَةٍ وَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ مِنْ جِنْسٍ كَدِبْسٍ وَخَلٍّ وَدُهْنٍ وَلَبَنٍ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ أُجْبِرَ هُوَ أَوْ وَلِيُّهُ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هَلْ يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عليه؟ فيه وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَمَعَ غَيْبَةِ وَلِيٍّ هَلْ يُقَسِّمُ حَاكِمٌ عَلَيْهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّرْغِيبِ انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يُقَسِّمُهُ حَاكِمٌ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَكَذَا قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ عَامٌّ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَيُقَسِّمُ الْحَاكِمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَالسَّامِرِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ. وَقَالَ في الرعاية أيضا: وولي المولى عليه في2 قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ كَهُوَ انْتَهَى. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يُقَسِّمُ مَعَ غَيْبَةِ الْوَلِيِّ قُلْت: بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ نَوْعَ كَلَامٍ عَلَى الْمُولَى عَلَيْهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ3 الثَّالِثَةِ وَالْعِشْرِينَ: فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ مِثْلِيًّا فِي قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ فَهَلْ يَجُوزُ للشريك أخذ قدر حقه إذا
قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا م 5 كَبَيْعٍ مَرْهُونٍ وَجَانٍ وَإِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَيْعِ مَا لَا يَنْقَسِمُ وَقَسْمِ ثَمَنِهِ عَامٌّ فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا وَمَا لَمْ يَثْبُتْ كَجَمِيعِ الْأَمْوَالِ الَّتِي تُبَاعُ وَأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَوْ جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا خَلِيَّةٌ لَا وَلِيَّ لَهَا هَلْ يُزَوِّجُهَا بِلَا بَيِّنَةٍ؟ وَنَقَلَ حَرْبٌ فِيمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِسَهْمٍ مِنْ ضَيْعَةٍ بِيَدِ قوم فهربوا منه يقسم عليهم ويدفع إليه ـــــــــــــــــــــــــــــQامتنع الآخر أو1غاب؟ عَلَى وَجْهَيْنِ انْتَهَى2: أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَالثَّانِي: الْمَنْعُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي لِأَنَّ الْقِسْمَةَ يُخْتَلَفُ فِي كَوْنِهَا بَيْعًا وَإِذْنُ الحاكم برفع النزاع. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: قَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ ثَبَتَ مِلْكُهُمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ آخَرُونَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا انْتَهَى. مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ ذَكَرُوا ثُبُوتَ مِلْكِهِمَا عِنْدَهُ بِبَيِّنَةِ الْخِرَقِيِّ وَأَقَرَّهُ فِي الْمُغْنِي3 عَلَيْهِ وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مُلْحَقًا بِخَطِّهِ وَمِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ4 وَالْخُلَاصَةِ والمحرر والرعاية الصغرى والحاوي الصغير وغيرهم.
حَقَّهُ. قَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مِلْكُ الْغَائِبِ فَدَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ ثُبُوتُهُ وَأَنَّهُ أَوْلَى وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا يَأْتِي فِي الدَّعْوَى1 قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: يَقْسِمُ حَاكِمٌ عَلَى غَائِبٍ قِسْمَةَ إجْبَارٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: بَلْ مَعَ وَكِيلِهِ فِيهَا الْحَاضِرُ وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ فِي عَقَارٍ بِيَدِ غَائِبٍ. وَقَالَ شَيْخُنَا فِي قَرْيَةٍ مُشَاعَةٍ قَسَّمَهَا فَلَّاحُوهَا: هَلْ يَصِحُّ؟ قَالَ: إذَا تَهَايُؤُهَا وزرع2 كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فَالزَّرْعُ لَهُ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ نَصِيبُهُ إلَّا أَنَّ مَنْ تَرَكَ مِنْ نَصِيبِ مَالِكِهِ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الْفَضْلَةِ أَوْ مُقَاسَمَتِهَا. وَهَذِهِ الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَتَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ بِلَا رَدٍّ. وَقِسْمَةُ مَا بَعْضُهُ وَقْفٌ بِلَا رَدٍّ مِنْ رَبِّ الطَّلْقِ3 وَلَحْمٍ رَطْبٍ بِمِثْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ. وَقَسْمُ4 ثَمَرٍ يَخْرَصُ خَرْصًا وَمَا يُكَالُ وَزْنًا وَعَكْسُهُ زَادَ فِيهِمَا فِي التَّرْغِيبِ: فِي الْأَصَحِّ وَتَفَرُّقُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَقِيلَ بَيْعٌ فَيَنْعَكِسُ الْكُلُّ فَلَا يَجُوزُ قِسْمَةُ مَا كله وقف أو بعضه. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُحَرَّرِ عَلَيْهِمَا: إنْ كَانَ الرَّدُّ مِنْ رَبِّ وَقْفٍ لِرَبِّ طَلْقٍ جَازَتْ قِسْمَتُهُ بِالرِّضَا فِي الْأَصَحِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: عَلَيْهِمَا1 مَا كُلُّهُ وَقْفٌ لَا تَصِحُّ قِسْمَتُهُ فِي الْأَصَحُّ وَلَا شُفْعَةَ مُطْلَقًا لِجَهَالَةِ2 ثَمَنٍ وَيُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَقِيلَ: تَبْطُلُ لِفَوَاتِ التَّعْدِيلِ وَإِنْ بَانَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَمْ تَصِحَّ وَعَلَى الثَّانِي كَبَيْعٍ. وَتَصِحُّ بِقَوْلِهِ: رَضِيت دُونَ لَفْظِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي. فِي الترغيب وجهان م 6. وَلِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَتَقَاسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَهُمْ نَصْبُ3 قَاسِمٍ وَسُؤَالُ حَاكِمٍ نَصَبَهُ. وَشَرْطُ الْمَنْصُوبِ إسْلَامُهُ وَعَدَالَتُهُ ومعرفته بها. قال في ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فِي فَوَائِدِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ وَتَصِحُّ يَعْنِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا إفْرَازٌ بِقَوْلِهِ رَضِيت بِدُونِ لَفْظِ الْقِسْمَةِ وَفِيهِ عَلَى الثَّانِي فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ. انتهى. قُلْت: الصَّوَابُ الصِّحَّةُ قَالَ فِي فَوَائِدِ الْقَوَاعِدِ4: وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ انْتَهَى وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فَيَصِحُّ بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أعلم.
الْمُغْنِي"1: فَيُعْرَفُ الْحِسَابُ لِأَنَّهُ كَالْخَطِّ لِلْكَاتِبِ وَفِي الْكَافِي2 وَالتَّرْغِيبِ: تُشْتَرَطُ عَدَالَةُ قَاسِمِهِمْ لِلُّزُومِ. وَفِي الْمُغْنِي1": وَكَذَا مَعْرِفَتُهُ. وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَقِيلَ: وَلَوْ مَعَ تَقْوِيمٍ وَتُبَاحُ أُجْرَتُهُ "3وَعَنْهُ3": هِيَ كَقِرْبَةٍ نَقَلَ صَالِحٌ: أَكْرَهُهُ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ: أَتَوَقَّاهُ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: لَا تَأْخُذُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْخَيْرِ أَجْرًا. وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: "إيَّاكُمْ وَالْقُسَامَةَ". قَالُوا: وَمَا الْقُسَامَةُ؟ قَالَ: "الشَّيْءُ يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَيُنْتَقَصُ مِنْهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد4 مِنْ رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَتَفَرَّدَ عَنْهُ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ وَمُوسَى وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: صَالِحٌ وَلَهُ مَشَايِخُ مَجْهُولُونَ وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: ضَعِيفٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْقُسَامَةُ بِضَمِّ الْقَافِ اسْمٌ لِمَا يَأْخُذُهُ الْقَسَّامُ لِنَفْسِهِ فِي الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا فِيمَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ وَكَانَ عَرِيفًا لَهُمْ أَوْ نَقِيبًا فَإِذْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ سِهَامَهُمْ أَمْسَكَ مِنْهَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ يَسْتَأْثِرُ بِهِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد5 بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ مُرْسَلًا نَحْوُهُ قَالَ فِيهِ: "الرَّجُلُ يَكُونُ عَلَى الْفِئَامِ مِنْ النَّاسِ "6فيأخذ من حظ هذا6" ومن7 حظ هذا". الفئام: الجماعات. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهِيَ1 بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ نَصَّ عَلَيْهِ زَادَ فِي التَّرْغِيبِ: إذَا أَطْلَقَ الشُّرَكَاءُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ وَاحِدٌ بِالِاسْتِئْجَارِ بِلَا إذْنٍ وَقِيلَ بِعَدَدِ الْمُلَّاكِ. وَفِي الْكَافِي2: عَلَى مَا شَرَطَا فَعَلَى النَّصِّ أُجْرَةُ شَاهِدٍ يَخْرُجُ لِقَسْمِ الْبِلَادِ وَوَكِيلٍ وَأَمِينٍ لِلْحِفْظِ عَلَى مَالِكٍ وَفَلَّاحٍ كَأَمْلَاكٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا قَالَ: فَإِذَا مَا نَهِمَ الْفَلَّاحُ بِقَدْرِ ما عليه و3يستحقه الضَّيْفُ حَلَّ لَهُمْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ إلَّا قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَالزِّيَادَةِ يَأْخُذُهَا الْمُقْطِعُ فَالْمُقْطِعُ هُوَ الَّذِي ظَلَمَ الْفَلَّاحِينَ فَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الْمُقْطِعَ مِنْ الضَّرِيبَةِ مَا يَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ إلَّا أُجْرَةَ عَمَلِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي التَّاسِعِ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أُجْرَةِ الْقَسَّامِ فَقَالَ قَوْمٌ: عَلَى الْمُزَارِعِ وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ قَوْمٌ: عَلَيْهِمَا. وَتُعَدَّلُ السِّهَامُ بِالْأَجْزَاءِ إنْ تَسَاوَتْ وَبِالْقِيمَةِ إنْ اخْتَلَفَتْ وَبِالرَّدِّ إنْ اقْتَضَتْهُ وَيَقْرَعُ كَيْفَ شَاءَ وَالْأَحْوَطُ كِتَابَةُ اسْمِ كُلِّ شَرِيكٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ تُدَرَّجٌ فِي بَنَادِقَ4 مِنْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةٍ: وَيُقَالُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ لَهُ ثُمَّ كذلك الثاني والباقي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلثَّالِثِ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ. وَإِنْ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ سَهْمٍ فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ قَالَ: أُخْرِجُ بُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ وَبُنْدُقَةً لِفُلَانٍ جَازَ وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ الصِّفَتَيْنِ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ سِهَامُ الثَّلَاثَةِ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ جَزَّأَ الْمَقْسُومُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِحَسَبِ الْأَقَلِّ مِنْهَا وَلَزِمَ إخْرَاجُ الْأَسْمَاءِ عَلَى السِّهَامِ لِئَلَّا يَحْصُلَ تَفَرُّقٌ وَاخْتِلَافٌ فَيَكْتُبُ بِاسْمِ رَبِّ النِّصْفِ ثَلَاثَ رِقَاعٍ وَلِلثُّلُثِ ثِنْتَيْنِ وَلِلسُّدُسِ رُقْعَةً بِحَسَبِ التَّجْزِئَةِ1 وَقَدَّمَ فِي الْمُغْنِي2: بِاسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ رُقْعَةً لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ثُمَّ يُخْرِجُ بُنْدُقَةً عَلَى أَوَّلِ سَهْمٍ فَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ النِّصْفِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ وَثَالِثٍ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ بِتَفْرِقَتِهِ وَإِنْ خَرَجَ اسْمُ رَبِّ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ ثَانٍ ثُمَّ يَقْرَعُ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ كَذَلِكَ وَالْبَاقِي لِلثَّالِثِ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا: لَا قُرْعَةَ فِي مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ إلَّا لِلِابْتِدَاءِ فَإِنْ خَرَجَتْ لِرَبِّ الْأَكْثَرِ أَخَذَ كُلٌّ حَقَّهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَدَّدَ سَبَبُ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَجَّهَ وَجْهَانِ. انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ الْقُرْعَةَ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَسْطُرٍ: وَهُنَا احْتِمَالَانِ3: التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ وَالثَّانِي: الْفَرْقُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: إلْحَاقُ مَا كَانَ مِنْ الْقِسْمَةِ "4بيعا لِلْبَيْعِ4" وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ حُكْمًا غَيْرَ ذَلِكَ. "5فهذه ست مسائل5".
فصل ويلزم نص عليه بالقرعة وقيل: بالرضا بعدها وقيل: فيما فيه رد وقيل: أو ضرر.
فَصْلٌ وَيَلْزَمُ نَصَّ عَلَيْهِ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: بِالرِّضَا بَعْدَهَا وَقِيلَ: فِيمَا فِيهِ رَدٌّ وَقِيلَ: أَوْ ضَرَرٌ. وَفِي الْمُغْنِي1: بِالرِّضَا بَعْدَهَا إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا: الْآخَرَ فَبِرِضَاهُمَا وَتَفَرُّقِهِمَا ذكره جماعة. ومتى طلبا قِسْمَةً وَلَمْ يَثْبُتْ مِلْكُهُمَا فَلَهُ الْقِسْمَةُ قَالَ الْقَاضِي: وَالْقَضَاءُ عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا لَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَيَذْكُرُ فِي الْقَضِيَّةِ قِسْمَتَهُ بِدَعْوَاهُمَا لَا بِبَيِّنَةٍ. وَمِنْ ادَّعَى غَلَطًا فِيمَا تَقَاسَمَاهُ بِأَنْفُسِهِمَا وَأَشْهَدَا عَلَى رِضَاهُمَا لَمْ يُقْبَلْ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ بِبَيِّنَةٍ كَقِسْمَةِ قَاسِمٍ حَاكِمٍ وَكَقَاسِمٍ نَصَبَاهُ فِيمَا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ رِضًا بَعْدَ قُرْعَةٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: إنْ كَانَ مُسْتَرْسِلًا فَكَبَيْعٍ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْحِصَّتَيْنِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ لَمْ تَبْطُلْ فِيمَا بَقِيَ وَقِيلَ: بَلَى كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ2 فِي إحْدَاهُمَا: وَإِنْ كَانَ شَائِعًا بِطَلَبٍ. وَقِيلَ: فِي الْمُسْتَحَقِّ وَقِيلَ: بِالْإِشَاعَةِ فِي إحْدَاهُمَا. وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهَا أَنَّ هَذَا مِنْ سَهْمِي تَحَالَفَا وَنُقِضَتْ الْقِسْمَةُ. "2" وَمَنْ كَانَ بَنَى أَوْ غَرَسَ فَخَرَجَ مُسْتَحِقًّا فَقَلَعَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فِي قِسْمَةِ إجْبَارٍ إنْ قُلْنَا3 بِيعَ كقسمة تراض وإلا فلا وأطلق في ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التَّبْصِرَةِ رُجُوعَهُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ قَالَ شَيْخُنَا: إذَا لَمْ يَرْجِعْ حَيْثُ لَا يَكُونُ بَيْعًا فَلَا يَرْجِعُ بِالْأُجْرَةِ وَلَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فِي الْغُرُورِ1 إذَا اقْتَسَمَا الْجَوَارِيَ أَعْيَانًا وَعَلَى هَذَا فَاَلَّذِي لَمْ يُسْتَحَقَّ شَيْءٌ مِنْ نَصِيبِهِ يَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا فَوَّتَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَهُنَا احْتِمَالَاتٌ: أَحَدُهَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْبَيْعِ. الثَّانِي: الْفَرْقُ مُطْلَقًا. الثَّالِثُ: إلْحَاقُ مَا كَانَ مِنْ الْقِسْمَةِ بَيْعًا بِالْبَيْعِ. وَلَا يُمْنَعُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ نَقَلَ تَرِكَتَهُ فَظُهُورُهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُبْطِلُهَا فَإِنْ قِيلَ هِيَ بَيْعٌ فَكَبَيْعِ التَّرِكَةِ قَبْلَ قَضَائِهِ يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ إنْ قَضَى فَالنَّمَاءُ لِوَارِثٍ كَنَمَاءِ جَانٍ لَا كَمَرْهُونٍ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: هُوَ الْمَشْهُورُ و2قيل: تَرِكَةٌ. وَفِي الِانْتِصَارِ: مَنْ أَدَّى نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ3 انْفَكَّ نَصِيبُهُ مِنْهَا كَجَانٍ. وَعَنْهُ يَمْنَعُ بِقَدْرِهِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يَرِثُونَ شَيْئًا حَتَّى يُؤَدُّوهُ وَذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ. وَالرِّوَايَتَانِ فِي وَصِيَّةٍ بِمُعَيَّنٍ وَنَصَرَ فِي الِانْتِصَارِ الْمَنْعَ وَذَكَرَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَسْتَغْرِقْ التَّرِكَةَ أَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ مُنِعَا4 ثُمَّ سَلَّمَ لِتَعَلُّقِ الْإِرْثِ بِكُلِّ التَّرِكَةِ بِخِلَافِهِمَا فَلَا مُزَاحَمَةَ وَذَكَرَ مَنْعًا وَتَسْلِيمًا هَلْ لِلْوَارِثِ وَالدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ الْإِيفَاءُ مِنْ غَيْرِهَا؟ وَفِي الرَّوْضَةِ: الدَّيْنُ عَلَى مَيِّتٍ لَا يَتَعَلَّقُ بتركته في الصحيح من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَذْهَبِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّ لَهُمْ أَدَاءَهُ وَقِسْمَةَ التَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ قَالَ: وَكَذَا حُكْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ. وَإِنْ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ فِي حِصَّةِ وَاحِدٍ وَلَا مَنْفَذَ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ التَّعْدِيلِ وَالنَّفْعِ قَالَ شَيْخُنَا: كَذَا طَرِيقُ مَاءٍ وَنَصُّهُ: هُوَ لَهُمَا مَا لَمْ يَشْتَرِطَا رَدَّهُ قَالَ الشَّيْخُ: قِيَاسُهُ جَعْلُ الطَّرِيقِ مِثْلَهُ يَبْقَى فِي نَصِيبِ الْآخَرِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ صَرْفَهَا عَنْهُ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: يُفْسَخُ بِعَيْبٍ وَسَدُّ الْمَنْفَذِ عَيْبٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِي مَجْرَى الْمَاءِ: لَا يُغَيِّرُ مَجْرَى الْمَاءِ وَلَا يَضُرُّ بِهَذَا إلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ لَهُ النَّفَقَةَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
حَتَّى يُصْلِحَ مَسِيلَهُ وَمَنْ وَقَعَتْ ظُلَّةٌ فِي حَقِّهِ فَلَهُ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب الدعاوى
باب الدعاوى مدخل ... بَابُ الدَّعَاوَى إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ أَحَدِهِمَا، حَلَفَ وَهِيَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِذَلِكَ كَثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْمَائِلِ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا تَثْبُتُ بِهِ الْحُقُوقُ وَإِنَّمَا تُرَجَّحُ بِهِ الدَّعْوَى ثُمَّ فِي كَلَامِ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي1 لِلْحُكْمِ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهَا: إنَّمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى دَلِيلٍ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَفِي التَّمْهِيدِ2: يَدُهُ بَيِّنَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَلِيلُ الْعَقْلِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ بَيِّنَةٌ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَدْعُوَ الْحَاكِمَ أَنَّ الْحُكْمَ بِثُبُوتِ الْعَيْنِ لَهُ دُونَ الْمُدَّعِي وَبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَذَا قَالَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَحْكِيَ فِي الْحُكْمِ صُورَةَ الْحَالِ كَمَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فِي قِسْمَةِ عَقَارٍ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْمِلْكُ. وَعَلَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ: يُصَرِّحُ فِي الْقِسْمَةِ بِالْحُكْمِ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ فَلَا حُكْمَ وَإِنْ سَأَلَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَحْضَرًا بِمَا جَرَى أَجَابَهُ وَيَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ الْحَاكِم بَقَّى الْعَيْنَ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ مَا يَرْفَعُهَا وَيُزِيلُهَا. وَإِنْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا كَعِمَامَةٍ بِيَدِ وَاحِدٍ شَيْءٌ مِنْهَا وَبَقِيَّتُهَا بِيَدِ الْآخَرِ تَحَالَفَا وَهِيَ بَيْنَهُمَا فَيَمِينُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَعَنْهُ: يَقْرَعُ فَمَنْ قَرَعَ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ وَفِي البخاري3 عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هَذَا فِيمَنْ تُسَاوَوْا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَكَوْنِ الشَّيْءِ فِي يَدِ مُدَّعِيهِ وَيُرِيدُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدٌ نِصْفَهَا فَأَقَلَّ وَالْآخَرُ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ فَيُصَدَّقَ مُدَّعِي الْأَقَلِّ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْفَرَجِ: يَتَحَالَفَانِ. فَإِنْ قَوِيَتْ يَدُ أَحَدِهِمَا، كَحَيَوَانِ وَاحِدٍ سَائِقُهُ أَوْ آخِذٌ بِزِمَامِهِ وَقِيلَ: غَيْرُ مُكَارٍ وَالْآخَرُ رَاكِبُهُ أَوْ عَلَيْهِ حِمْلُهُ أَوْ قَمِيصٌ وَاحِدٌ آخِذٌ بِكُمِّهِ وَالْآخَرُ لَابِسُهُ فَهُوَ لِلثَّانِي وَيُقَدَّمُ رَاكِبٌ إلَّا فِي رَجْلِ حَيَوَانِ. وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِمَا1 مُشَاهَدَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ بِيَدِ وَاحِدٍ مُشَاهَدَةً وَالْآخَرِ حُكْمًا عُمِلَ بِالظَّاهِرِ فَلَوْ نَازَعَ رَبُّ الدَّارِ2 خَيَّاطًا فِيهَا فِي إبْرَةٍ أَوْ مِقَصٍّ أَوْ قَرَّابًا فِي قِرْبَةٍ فَهِيَ لِلثَّانِي وَعَكْسُهُ الثَّوْبُ والحب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ تَنَازَعَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ، فِي رَفٍّ مَقْلُوعٍ، أَوْ مِصْرَاعٍ لَهُ شَكْلٌ مَنْصُوبٌ فِي الدَّارِ، فَلِرَبِّهَا، وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا، وَنَصُّهُ: لِرَبِّهَا مُطْلَقًا، كَمَا يَدْخُلُ فِي بَيْعٍ، وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا، وَكَذَا مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ "1وما لم تجر به عادة فلمكتر1". وَإِنْ تَنَازَعَ زَوْجَانِ أَوْ وَرَثَتُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا: وَوَرَثَةُ الْآخَرِ وَلَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا: مَمْلُوكٌ نَقَلَهُ مُهَنَّا فِي قُمَاشِ2 الْبَيْتِ فَمَا صَلُحَ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لَهُ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ: وَلَا عَادَةَ نَقَلَ الْأَثْرَمُ الْمُصْحَفَ لَهُمَا فَإِنْ كانت لا تقرأ أو3لا تُعْرَفُ بِذَلِكَ4 فَلَهُ. وَكَذَا صَانِعَانِ فِي آلَةِ دُكَّانِهِمَا فَآلَةُ كُلِّ صَنْعَةٍ لِصَانِعِهَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: إنْ كَانَ بِيَدِهِمَا الْمُشَاهَدَةُ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ5 بِيَدِ أَحَدِهِمَا: الْمُشَاهَدَةُ فَلَهُ وَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ شَيْخُنَا: وَكَلَامُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَتَى كَانَ بيديهما وإن لم يكونا بدكان كالزوجين. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن كانت بيد ثالث فادعاها لنفسه حلف لكل واحد يمينا فإن نكل أخذاها منه وبدلها واقترعا عليهما
فَصْلٌ وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَالِثٍ فَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَاهَا منه وبدلها واقترعا عليهما1 وقيل يقتسما2 كَنَاكِلٍ مُقِرٍّ لَهُمَا وَقِيلَ: مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا وَحَلَفَ فَلَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: "3قَدْ يُقَالُ3" تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَيُقَالُ: إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا وَيُقَالُ: إذَا اقْتَرَعَا عَلَى الْعَيْنِ فَمِنْ قُرِعَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا وَيُقَالُ: إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَدَلٌ وَالْمَطْلُوبُ لَيْسَ لَهُ هُنَا بَدَلُ الْعَيْنِ فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ فَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ لَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: بِعَيْنِهِ حَلَفَ وَهِيَ لَهُ وَالْأَصَحُّ: وَيَحْلِفُ الْمَقَرُّ لِلْآخَرِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا وَإِذَا أَخَذَهَا الْمَقَرُّ لَهُ فَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَخَذَهَا مِنْهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلِلْمَقَرِّ لَهُ قِيمَتُهَا عَلَى الْمُقِرِّ. وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا: وَأَجْهَلُهُ فَصَدَّقَاهُ لَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَهِيَ لَهُ نَصٌّ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ بينه قبل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَتَبْيِينِهِ ابْتِدَاءً وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إنْ أَبَى الْيَمِينَ مَنْ قَرَعَ أَخَذَهَا أَيْضًا وَقِيلَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ بِإِقْرَارِهِ وَإِلَّا لَصَحَّتْ الشَّهَادَةُ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ فَقَالُوا: الشَّهَادَةُ لَا تَصِحُّ لِمَجْهُولٍ وَلَا بِهِ. وَلَهُمَا الْقُرْعَةُ بَعْدَ تَحْلِيفِهِ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهُ فَإِنْ نَكَلَ قُدِّمَتْ وَيَحْلِف لِلْمَقْرُوعِ إنْ كَذَّبَهُ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهَا. وَإِنْ أَنْكَرَهُمَا الثَّالِثُ وَلَمْ يُنَازِعْ فَنَقَلَ الْجَمَاعَةُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ: يَقْرَعُ كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ وَفِي الْوَاضِحِ: وَحَكَى أَصْحَابُنَا لَا يَقْرَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا حَقٌّ كَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بها1 لِغَيْرِهِمَا وَتُقِرُّ بِيَدِهِ حَتَّى يَظْهَرَ رَبُّهَا وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ مَنَعَا أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ ثُمَّ تَسْلِيمًا فَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ أَخَذَهَا مَنْ قَرَعَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا لِلْآخَرِ فَقَدْ مَضَى الْحُكْمُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الَّتِي2 بِيَدِ ثَالِثٍ غَيْرُ مُنَازَعٍ وَلَا بَيِّنَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ فَكَالَّتِي بِيَدَيْهِمَا إذْ الْيَدُ الْمُسْتَحَقَّةُ الْوَضْعِ كَمَوْضُوعَةٍ وَفِيهِ: لَوْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا فَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا وكذب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْآخَرَ وَلَمْ يُنَازِعْ فَقِيلَ: يُسَلِّمُ إلَيْهِ وَقِيلَ1: يَحْفَظُهُ حَاكِمٌ وَقِيلَ: يَبْقَى بِحَالِهِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ فِي الَّتِي قَبِلَهَا: لِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفُهَا وَمَنْ قَرَعَ فِي النِّصْفِ حَلَفَ وَأَخَذَهُ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِيَدِ أَحَدٍ فَنَقَلَ صَالِحٌ وَحَنْبَلٌ: هِيَ لِأَحَدِهِمَا: بِقُرْعَةٍ كَاَلَّتِي بِيَدِ ثَالِثٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: تُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا كَاَلَّتِي بِيَدَيْهِمَا وَإِنْ كان ثم2 ظَاهِرٌ عُمِلَ بِهِ فَلَوْ تَنَازَعَا عَرْصَةً بِهَا شَجَرٌ أَوْ بِنَاءٌ لِأَحَدِهِمَا: وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فَهِيَ لَهُ. وَإِنْ تَنَازَعَا مُسْنَاةً بَيْنَ نَهْرِ أَحَدِهِمَا: وَأَرْضِ آخَرَ فَبَيْنَهُمَا وَقِيلَ: لِرَبِّ النَّهْرِ3 وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَإِنْ تَنَازَعَا جِدَارًا بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا فَبَيْنَهُمَا وَيَتَحَالَفَانِ وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ قَالَ فِي الْمُغْنِي4: وَيَجُوزُ: أَنَّ كُلَّهُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا: أَوْ مُتَّصِلًا بِهِ اتِّصَالًا لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ عَادَةً "5وَقِيلَ5": أَوْ أَمْكَنَ أَوْ لَهُ سُتْرَةٌ أَوْ أَزَجٌّ6 وَقِيلَ: أَوْ جُذُوعٌ فَهُوَ لَهُ بِيَمِينِهِ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يُقَدَّمُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ ويحكم لصاحب الأزج لأنه ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُمْكِنُ حُدُوثُهُ بَعْدَ كَمَالِ الْبِنَاءِ وَلِأَنَّا قُلْنَا: لَهُ وَضْعُ خَشَبَةٍ1 عَلَى حَائِطِ جَارِهِ إذَا لَمْ يَضُرَّ فَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ دَلَالَةٌ عَلَى الْيَدِ بِخِلَافِ الْأَزَجِ فَإِنَّهُ2 لَا يَجُوزُ عَمَلُهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ. وَإِنْ تَنَازَعَ رَبُّ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ سَقْفًا بَيْنَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: لِرَبِّ الْعُلُوِّ وَإِنْ تَنَازَعَا سُلَّمًا مَنْصُوبًا أَوْ دَرَجَةً فَلِرَبِّ الْعُلُوِّ فَإِنْ كَانَ تحت الدرجة مسكن، وقيل3: أَوْ فِيهَا طَاقَةٌ وَنَحْوُهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَنَازَعَا الصَّحْنَ وَالدَّرَجَةَ فِي الصَّدْرِ فَبَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْوَسَطِ "4فَمَا إلَيْهَا4" بَيْنَهُمَا وَمَا وَرَاءَهُ لِرَبِّ السُّفْلِ وَقِيلَ: بَيْنَهُمَا وَالْوَجْهَانِ إنْ تَنَازَعَ رَبُّ بَابٍ بِصَدْرِ الدَّرْبِ وَرَبُّ بَابٍ بوسطه في صدر الدرب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل ومن ادعي عليه عين بيده فأقر بها لحاضر مكلف فصدقه فكأحدمدعيين على ثالث أقر له الثالث
فَصْل وَمَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عَيْنٌ بِيَدِهِ فَأَقَرَّ بها لحاضر مكلف فَصَدَّقَهُ فَكَأَحَدِ مُدَّعِيَيْنِ عَلَى ثَالِثٍ أَقَرَّ لَهُ الثَّالِثُ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا: كَقَوْلِهِ هُنَاكَ1 وَإِنْ كَذَّبَهُ بِهِ وَجَهِلَ لِمَنْ هِيَ أَوْ جهله رب اليد ابتداء أخذها2 مُدَّعٍ وَاحِدٌ بِيَمِينِهِ؛ بِنَاءً عَلَى رَدِّ الْيَمِينِ وَقِيلَ: بِبَيِّنَةٍ فَيَأْخُذُهَا حَاكِمٌ وَقِيلَ: تُقَرُّ بِيَدِ رب اليد وذكره في المحرر3 المذهب وَضَعَّفَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَعَلَيْهِمَا: يَحْلِفُ لِلْمُدَّعِي وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ الثَّالِثُ لَمْ يُقْبَلْ فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: يقبل على الرابع خاصة م 1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِثَالِثٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي ظَاهِرِ الْمُغْنِي"4" وَغَيْرِهِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: يُقْبَلُ عَلَى الرَّابِعِ خَاصَّةً. انتهى. قطع بما5 فِي الْمُحَرَّرِ صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَالْمُنَوِّرِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَتَابَعَ صَاحِبَ الْمُغْنِي الشَّارِحُ وَابْنُ رزين.
ثُمَّ إنْ عَادَ1 الْمَقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ2 مِنْهُ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ ذلك فوجهان م 2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ عَادَ الْمَقَرُّ لَهُ أَوَّلًا إلَى دَعْوَاهُ لَمْ تُقْبَلْ وَإِنْ عَادَ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَأَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَكَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ ثُمَّ عَادَا ادَّعَاهَا فَتَارَةً يَدَّعِيهَا قَبْلَ أَنْ يَدَّعِيَهَا الْمُقِرُّ وَتَارَةً يَدَّعِيهَا بَعْدَ أَنْ يَدَّعِيَهَا فَإِنْ ادَّعَاهَا بَعْدَ أَنْ ادَّعَاهَا الْمُقِرُّ لَمْ يُقْبَلْ وَإِنْ ادَّعَاهَا قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَشَرَحَهُ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ ذَكَرُوهُ فِي الْإِقْرَارِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ وَبِهِ قَطَعَ الْآدَمِيُّ فِي مُنَوِّرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كلامه في الوجيز. والوجه الثاني: يقبل.
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِرِقِّهَا لِشَخْصٍ أَوْ كَانَ الْمَقَرُّ بِهِ عَبْدًا فَكَمَالِ غَيْرِهِ وَعَلَى الَّذِي قَبْلَهُ يُعْتِقَانِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُقِرِّ فَيَصِيرُ وَجْهًا خَامِسًا. وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قِيلَ: عرفه وإلا جعلتك ناكلا فإن عاد ادعاها فَقِيلَ تُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا1 لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا م 3. وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ أَصَرَّ حَكَمَ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ فَإِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ لِي لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ قَالَ: وَكَذَا يَخْرُجُ إذَا كَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَقَالَ: غَلِطْت وَيَدُهُ بَاقِيَةٌ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَائِبٍ أَوْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَهِيَ لَهُ زَادَ ابْنُ رَزِينٍ: وَيَحْلِفُ مَعَهَا عَلَى رَأْيٍ وَإِلَّا أَقَرَّتْ بِيَدِهِ وَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ دَفْعُهَا إلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ بَدَلَهَا فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي اثْنَيْنِ فَبَدَلَانِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا لِمَنْ سَمَّاهُ سَمِعْت لِفَائِدَةِ زَوَالِ التُّهْمَةِ وَسُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ. وَيَقْضِي بِالْمِلْكِ إنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ دَاخِلٍ وكان للمودع والمستأجر والمستعير ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِمَجْهُولٍ قِيلَ عرفه وإلا جعلتك ناكلا فإن عاد ادعاها فَقِيلَ: يُسْمَعُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَوْلِهِ وَقِيلَ: لَا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: تُسْمَعُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الْأَشْهَرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُسْمَعُ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وصفته وأطلقهما في هذا الباب.
الْمُحَاكَمَةُ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ: لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَمْ يَدَعْهَا الْغَائِبُ وَلَا وَكِيلُهُ وَتَقَدَّمَ1 أَنَّ الدَّعْوَى لَهُ لَا تَصِحُّ إلَّا تَبَعًا وَذَكَرُوا أَنَّ الْحَاكِمَ يَقْضِي عَنْهُ وَيَبِيعُ مَالَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ أَنَّهُ لِلْغَائِبِ وَأَعْلَى طَرِيقِهِ الْبَيِّنَةُ فَيَكُونُ مِنْ الدَّعْوَى لِلْغَائِبِ تَبَعًا أَوْ مُطْلَقًا لِلْحَاجَةِ إلَى إيفَاءِ الْحَاضِرِ وَبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْغَائِبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل ولا تصح الدعوى ولا تسمع ولا يستحلف في حق لله كعبادة وحد وصدقة وكفارة ونذر.
فَصْلٌ وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَلَا تُسْمَعُ وَلَا يستحلف في حق لله كَعِبَادَةٍ وَحَدٍّ وَصَدَقَةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ. وَفِي التَّعْلِيقِ: شَهَادَةُ الشُّهُودِ دَعْوَى. وَتُقْبَلُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بَيِّنَةُ عِتْقٍ وَلَوْ أَنْكَرَهُ الْعَبْدُ ذَكَرَهُ الْمَيْمُونِيُّ وَذَكَرَهُ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ. وَفِي الرِّعَايَةِ: تَصِحُّ دَعْوَى حِسْبَةٍ قِيلَ لِأَحْمَدَ فِي بَيِّنَةِ الزِّنَا تَحْتَاجُ إلَى مُدَّعٍ فَذَكَرَ خَبَرَ أَبِي بَكْرَةَ1 وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مُدَّعٍ. وَتَصِحُّ قَبْلَهَا الشَّهَادَةُ بِهِ وَبِحَقِّ آدَمِيٍّ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَوَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَعُقُوبَةُ كَذَّابٍ2 مُفْتَرٍ عَلَى النَّاسِ وَالْمُتَكَلِّمِ فِيهِمْ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْزِيرِ كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حِفْظِ وَقْفٍ وَغَيْرِهِ بِالثَّبَاتِ عن خصم مقدر: تسمع الدعوى والشهادة ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فِيهِ1 بِلَا خَصْمٍ وَهَذَا قَدْ يَدْخُلُ فِي كِتَابِ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ كَفَائِدَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وهو مثل كتاب القاضي إذا2 كَانَ فِيهِ ثُبُوتٌ مَحْضٌ فَإِنَّهُ هُنَاكَ يَكُونُ مُدَّعٍ فَقَطْ بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ حَاضِرٍ لَكِنَّ هُنَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُتَخَوِّفٌ. وَإِنَّمَا الْمُدَّعِي يَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارَ كَمَا يَسْمَعُ ذَلِكَ شُهُودُ الْفَرْعِ فَيَقُولُ الْقَاضِي ثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدِي بِلَا مُدَّعًى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ قَوْمٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَفَعَلَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَلَمْ يَسْمَعْهَا طَوَائِفُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالْحُكْمِ فَصْلُ الْخُصُومَةِ3. وَمِنْ قَالَ بِالْخَصْمِ الْمُسَخَّرِ نَصَبَ الشَّرَّ ثُمَّ قَطَعَهُ. وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ احْتِيَالِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مِنْ غَيْرِ وُجُود مُدَّعًى عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ الْمَقَرَّ لَهُ بِالْبَيْعِ قَدْ قَبَضَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَ الثَّمَنَ فَهُوَ لَا يَدَّعِي شَيْئًا وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ تَثْبِيتُ الْإِقْرَارِ أَوْ الْعَقْدِ وَالْمَقْصُودُ سَمَاعُ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَحُكْمُهُ بِمُوجِبِهَا مِنْ غَيْرِ وُجُودِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمِنْ غَيْرِ مُدَّعٍ عَلَى أَحَدٍ لَكِنْ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ خَصْمٍ مُسْتَقْبَلٍ فَيَكُونُ هَذَا الثُّبُوتُ حُجَّةً بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِلَا هَذِهِ الدَّعْوَى وَإِلَّا امْتَنَعَ مِنْ سَمَاعِهَا مُطْلَقًا وَعَطَّلَ هَذَا الْمَقْصُودَ الَّذِي احْتَالُوا4. قَالَ شَيْخُنَا: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ هُوَ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الِاحْتِيَالِ وَأَظُنُّ الشَّافِعِيَّةَ مُوَافِقِيهِ فِي إنْكَارِ هَذَا عَلَى الحنفية مع أن جماعات من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقُضَاةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ1 الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ2 دَخَلُوا مَعَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَسَمَّوْهُ الْخَصْمَ الْمُسَخَّرَ. وَأَمَّا عَلَى أَصْلِنَا الصَّحِيحِ وَأَصْلِ مَالِكٍ فَإِمَّا أَنْ نَمْنَعَ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ خَصْمٍ مُنَازَعٍ فَتَثْبُتُ الْحُقُوقُ بِالشَّهَادَاتِ عَلَى الشَّهَادَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَإِمَّا أَنْ تُسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِنَا فِي مَوَاضِعَ لِأَنَّا نَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَكَذَا الْحَاضِرُ فِي الْبَلَدِ فِي الْمَنْصُوصِ فَمَعَ عَدَمِ خَصْمٍ أَوْلَى وَإِنَّمَا قال بمحضر من خصمين جاز استماع الدعوى3 وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا: عَلَى الْآخَرِ مَنْ اشْتَرَطَ حُضُورَ الْخَصْمِ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ ثُمَّ احْتَالَ لِعَمَلِ ذَلِكَ صُورَةً بِلَا حَقِيقَةٍ وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ لِيَكْتُبَ بِهِ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ. قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: كِتَابُ الْحَاكِمِ كَشُهُودِ الْفَرْعِ قَالُوا لأن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ يَحْكُمُ بِمَا قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ لِأَنَّ إعْلَامَ الْقَاضِي لِلْقَاضِي قَائِمٌ مَقَامَ إعْلَامِ الشَّاهِدَيْنِ فَجَعَلُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ كِتَابِ الْحَاكِمِ وَشُهُودِ الْفَرْعِ قَائِمًا مَقَامَ غَيْرِهِ وَهُوَ بَدَلٌ عَنْ شُهُودِ الْأَصْلِ وَجَعَلُوا كِتَابَ الْقَاضِي كَخِطَابِهِ وَإِنَّمَا خَصُّوهُ بِالْكِتَابِ لِأَنَّ الْعَادَةَ تُبَاعِدُ الْحَاكِمَيْنِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَانَ مُخَاطَبَةُ أَحَدِهِمَا: لِلْآخَرِ أَبْلَغَ مِنْ الْكِتَابِ وَبَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَأَنَّهُ يُعْلِمُ بِهِ حَاكِمًا آخَرَ لِيَحْكُمَ بِهِ كَمَا يُعْلَمُ الْفُرُوعُ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا سُمِعَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ يُثْبِتُهُ الْقَاضِي بِكِتَابِهِ وَلِأَنَّ النَّاسَ بِهِمْ حَاجَةٌ إلَى إثْبَاتِ حُقُوقِهِمْ بِإِثْبَاتِ الْقُضَاةِ كَإِثْبَاتِهَا بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِثْبَاتُ الْقُضَاةِ أَنْفَعُ لِأَنَّهُ كَفَى مُؤْنَةَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ وَبِهِمْ حَاجَةٌ إلَى الْحُكْمِ فِيمَا فِيهِ1 شُبْهَةٌ أَوْ خِلَافٌ لدفع2 وَإِنَّمَا يَخَافُونَ مِنْ خَصْمٍ حَادِثٍ. وَذَكَرَ أَبُو المعالي: لنائب الإمام مطالبة رب مال باطن بِزَكَاةٍ إذَا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ: هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حجره على مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي لِنَائِبِ الإمام مطالبة رب مال باطن بزكاة إذا ظَهَرَ لَهُ تَقْصِيرٌ وَفِيمَا أَوْجَبَهُ كَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ وَجْهَانِ وَفِي الْخِلَافِ فِيمَنْ تَرَكَ الزَّكَاةَ هِيَ آكَدُ لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَفِي الِانْتِصَارِ فِي حَجْرِهِ عَلَى مفلس الزكاة كمسألتنا إذا ثبت وجوبها عليه لا الكفارة انتهى.
وَفِي التَّرْغِيبِ مَا شَمِلَهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْآدَمِيِّ كَسَرِقَةٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْمَالِ وَيَحْلِفُ مُنْكِرٌ وَلَوْ عَادَ إلَى مَالِكِهِ أَوْ مَلَكَهُ سَارِقُهُ لَمْ تُسْمَعْ لِتَمَحُّضِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ فِي السَّرِقَةِ: إنْ شَهِدْت بِسَرِقَةٍ قَبْلَ الدَّعْوَى فَأَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لَا تُسْمَعُ وَتُسْمَعُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَبَاعَهُ1 فُلَانًا. وَفِي الْمُغْنِي2 كَسَرِقَتِهِ وَزِنَاهُ بِأَمَتِهِ لِمَهْرِهَا تُسْمَعُ وَيَقْضِي عَلَى نَاكِلٍ بِمَالٍ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَلَا تُقْبَلُ يَمِينٌ فِي حَقِّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ إلَّا بَعْدَ الدَّعْوَى وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَالتَّزْكِيَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ وَتَزْكِيَتَهُ الْيَمِينُ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى وَقَبِلَهَا في التعليق والانتصار والمغني3 إن لم يعلم بِهِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ غَرِيبٌ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ: تُسْمَعُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَنَقَلَهُ مُهَنَّا قَالَ شَيْخُنَا: وَلَوْ فِي الْبَلَدِ وَبَنَاهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْوَصِيَّةُ مِثْلُهَا قَالَ شَيْخُنَا: الْوَكَالَةُ إنَّمَا تُثْبِتُ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ إبْقَاءَهُ بِحَالِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا حق ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الْأَقْوَالُ طُرُقٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَصِحُّ وَلَا تُسْمَعُ ولا يستحلف في حق الله تعالى.
للمدعي عليه فِيهِ فَإِنَّ دَفْعَهُ إلَى هَذَا الْوَكِيلِ وَإِلَى غَيْرِهِ سَوَاءٌ وَلِهَذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رِضَاهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ لِلْمُوَكِّلِ عَلَيْهِ فِيهَا1 حَقًّا ولهذا لا تجوز في2 الْخُصُومَةُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ لَكِنْ طَرْدُ الْعِلَّةِ ثُبُوتُ الْحَوَالَةِ بِالْحَقِّ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهُ وَالْوَفَاةُ وَعَدَدُ الْوَرَثَةِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ الْمَدِينِ وَالْمُودِعِ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْتَاعَ دَارَ زَيْدٍ الْغَائِبِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ مَنْ الدَّارُ فِي يَدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ عِنْدَهُ عَيْنٌ فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ رِضَاهُ فِي إقْبَاضِهَا أَوْ إخْرَاجِهَا عَنْ مِلْكِهِ لَا يُعْتَبَرُ حُضُورُهُ فِي ثُبُوتِهَا وَعَلَى هذا فيجوز أن تثبت الوكالة بعلم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْقَاضِي كَمَا تَثْبُتُ الشَّهَادَةُ وَتَوَكُّلُ1 عَلِيٍّ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ2 كَالدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ أَعْلَمَ الْخُلَفَاءَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَثْبَتَهَا فِي وَجْهِ خَصْمٍ إلَى أَنْ قَالَ: فَالتَّوْكِيلُ مِثْلُ الْوِلَايَةِ وَتَثْبُتُ الْوِلَايَةُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمَوْلَى مَعَ حُضُورِهِ فِي الْبَلَدِ وَمِنْ هَذَا كِتَابُ الْحَاكِمِ إلَى الْحَاكِمِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ وَفِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِمَا: إذَا3 ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ الَّتِي بِيَدِ نَفْسِهِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ وَلَا بِبَيِّنَةٍ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ وَوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ وَجَعَلُوهُ وِفَاقًا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَالْخَارِجُ تُسْمَعُ بِبَيِّنَتِهِ ابْتِدَاءً لَا عَلَى خَصْمٍ وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي4. إنْ ادَّعَى شَيْئًا فَشَهِدَتْ بِأَكْثَرَ فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي الِانْتِصَارِ: تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ احْتِمَالَانِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّفْلِيسِ5 مَا ظَاهِرُهُ الشَّهَادَةُ بِلَا دَعْوَى لِمَدِينٍ منكر. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَفِي التَّرْغِيبِ تُرَدُّ فِي الزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ بِخِلَافِ ذِكْرِ السَّبَبِ وَفِي رَدِّهَا فِي الْبَقِيَّةِ فِيهِ6 احْتِمَالَانِ انْتَهَى. قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ قَبْلَ الدَّعْوَى قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ وَالْمُغْنِي إنْ لَمْ يُعْلَمْ بِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَبِلَهَا فِي الْكَافِي إنْ ادَّعَى شَيْئًا فشهدت بأكثر.
ويستحلف في كل حق لآدمي في رواية لِلْخَبَرِ1 وَلِلرَّدْعِ وَالزَّجْرِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ2 أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَقَالَ: الْغَالِبُ فِي قَوْلِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِمَا وَلَا فِي حَدِّ قَذْفٍ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَقَذْفٍ وَطَلَاقٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا. وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مَا لَا يَجُوزُ بَدَلُهُ وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فَتُنْكِرَهُ. وَقَالَ شَيْخُنَا: بَلْ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ م 4 وعنه تستحلف فيما يقضي ـــــــــــــــــــــــــــــQقال المصنف: فَكَأَنَّهُ تَبَعٌ وَصَرَّحَ فِيهَا فِي3 الِانْتِصَارِ تَصِحُّ بِمَا ادَّعَاهُ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ طَرِيقَةٌ وَالْمُقَدَّمُ خِلَافُهُ. مَسْأَلَةٌ 4 قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ الْقَاضِي الِاسْتِيلَادَ بِأَنْ يَدَّعِيَ استيلاد أمة فتنكره. وقال شيخنا بل هي الْمُدَّعِيَةُ انْتَهَى. ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْخِلَافِ فِي تَفْسِيرِ الِاسْتِيلَادِ فَالْقَاضِي يَقُولُ إنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ السَّيِّدُ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَقُولُ هِيَ المدعية وهو الصواب.
فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ م 5. وَيَقْضِي بِهِ فِي مَالٍ أَوْ مَا مَقْصُودُهُ مَالٌ هَذَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُسْتَحْلَفُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيِّ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَاسْتَثْنَى الْخِرَقِيُّ الْقَوَدَ وَالنِّكَاحَ وَاسْتَثْنَى أَبُو بَكْرٍ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَاسْتَثْنَى أَبُو الْخَطَّابِ ذَلِكَ وَالرَّجْعَةَ وَالْوَلَاءَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالنَّسَبَ وَالرِّقَّ وَالْقَذْفَ. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي قَوَدٍ وَطَلَاقٍ وَقَذْفٍ رِوَايَتَانِ وَالْبَقِيَّةُ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهَا وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ كَأَبِي الْخَطَّابِ وَزَادَ الْإِيلَاءَ وَجَزَمَ بِهِ الْآدَمِيُّ وَفِي الْجَامِعِ الصغير ما لا يجوز بذله1 وَهُوَ مَا ثَبَتَ بِشَاهِدَيْنِ لَا يُسْتَحْلَفُ فِيهِ وَعَنْهُ: يُسْتَحْلَفُ فِيمَا يَقْضِي فِيهِ بِالنُّكُولِ فَقَطْ انْتَهَى. الرِّوَايَةُ الْأُولَى: قَدَّمَهَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا قَالَ فِي الْعُمْدَةِ: وَتُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ وَلَا تُشْرَعُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْحُدُودِ وَالْعِبَادَاتِ انْتَهَى وَهَذِهِ الرِّوَايَةِ تَخْرِيجٌ فِي الْهِدَايَةِ وَقَدَّمَ مَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَزَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْعِتْقَ وَبَقَاءَ الرَّجْعَةِ وَجَزَمَ بِمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ "3وَهُوَ الصَّحِيحُ3". وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَلَا تُشْرَعُ فِي مُتَعَذَّرٍ بَدَلِهِ كَطَلَاقٍ وَإِيلَاءٍ وَبَقَاءِ مُدَّتِهِ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَبَقَائِهَا وَنَسَبٍ وَاسْتِيلَادٍ وَقَذْفٍ وَأَصْلِ رِقٍّ وَوَلَاءٍ وَقَوَدٍ إلَّا فِي قَسَامَةٍ وَلَا فِي تَوْكِيلٍ وَإِيصَاءٍ إلَيْهِ وَعِتْقٍ مَعَ اعْتِبَارِ شَاهِدَيْنِ فِيهَا بَلْ فِيمَا يَكْفِيهِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ سِوَى نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ انْتَهَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهُ إلَّا قَوَدَ نَفْسٍ وَعَنْهُ: وَطَرَفٌ وَقِيلَ: فِي كَفَالَةٍ وَجْهَانِ. وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ م 6 و 7. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ1: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فِي الْيَمِينِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ2 أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا فَقَالَ وَمَتَى فُقِدَ اللَّوْثُ حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينًا وَعَنْهُ: لَا يَمِينَ فِي عَمْدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ فَقُدِّمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَهَذَا اخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ مِنْهُمْ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الْبَنَّا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَهُوَ الْحَقُّ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ الْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنِّهَايَةِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَصَحُّ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ قَالَ: وَهِيَ أَشْهَرُ وَهِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ وَعَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ الْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَا فِي الْحَلِفِ فِي الْقَوَدِ وَقَدَّمَ فِي القسامة في اليمين حكما. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 6 و 7: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِهِ فَفِي الدِّيَةِ رِوَايَتَانِ كَقَسَامَةٍ انْتَهَى. فِيهِ مسألتان: المقيس والمقيس عليه:
ومتى لم يقض به1 ففي تخليته وحبسه ليقر أو يحلف وجهان، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 6: إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَوَدُ بِالنُّكُولِ فَهَلْ تَثْبُت بِذَلِكَ الدِّيَةُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ غَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: لَا تَثْبُتُ الدِّيَةُ بِذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا فِي رِوَايَةٍ فَدَلَّ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَا يَلْزَمُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: تَثْبُتُ بِهِ وَتَلْزَمُهُ وَهُوَ قِيَاسُ الْقَسَامَةِ وَقَدْ صَحَّحْنَا لُزُومَ الدِّيَةِ فِي الْقَسَامَةِ فَكَذَا هُنَا وَهَذَا الصَّحِيحُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 27: قَوْلُهُ: كَقَسَامَةٍ يَعْنِي لَوْ طَلَبَ أَيْمَانَ الْمُدَّعِي عَلَيْهِمْ فِي الْقَسَامَةِ فَنَكَلُوا عَنْ الْأَيْمَانِ فَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ أَمْ تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُحَرَّرًا هُنَاكَ3 وَذَكَرْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ لزوم الدية. والله أعلم.
كلعان م 8 و 9. وفي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى1 الْمُوصِي وَمُنْكِرُ وَكَالَةِ وَكِيلٍ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَحْلِفُ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي أَنِّي لَمْ أُحَلِّفْهُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ فَقَالَ لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي فِي الْأَصَحِّ: وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حُبِسُوا وَقِيلَ: يَحْكُمُ بذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8 و 9: قَوْلُهُ: وَمَتَى لَمْ يُقْضَ بِهِ فَفِي تَخْلِيَتِهِ وَحَبْسِهِ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ وَجْهَانِ كَلِعَانٍ انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 8: إذَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ فَهَلْ يُخَلَّى أَوْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: يُخَلَّى سَبِيلُهُ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَالنَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَهُوَ الصَّوَابُ قِيَاسًا عَلَى الْقَسَامَةِ إذَا نَكَلُوا عَنْهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. الْوَجْهُ الثَّانِي بِحَبْسٍ حَتَّى يَقْرَأَ أَوْ يَحْلِفَ قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ قِيَاسًا عَلَى اللِّعَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدَّمَهُ هُنَا فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 9: مَسْأَلَةُ اللِّعَانِ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا2 وَأَطْلَقَ الْخِلَافَ هُنَاكَ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهَا وَصَحَّحْنَا أَنَّهُ إذَا لَاعَنَ وَنَكَلَتْ يُحْبَسُ حَتَّى تُقِرَّ أو تلاعن وتقدم نظير ذلك "3في باب: طريق الحكم وصفته4، و3"في القسامة5.
وَيَحْلِفُ فِي نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ عَلَى الْبَتِّ إلَّا لِنَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ وَفِي غَيْرِ الْمُنْتَخَبِ وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ نَفْيِ دَعْوَى عَلَى غَيْرِهِ فَيَكْفِيه نَفْيُ الْعِلْمِ وَعَنْهُ: يَمِينُ نَفْيٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرُهَا عَلَى الْعِلْمِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَاحْتَجَّ بِالْخَبَرِ الذي ذكره الإمام أحمد وغيره: ولا تضطروا النَّاسَ فِي أَيْمَانِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى مَا لَا يَعْلَمُونَ1. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: يَمِينُهُ بَتٌّ عَلَى فِعْلِهِ وَنَفْيٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ. وَعَبْدُهُ كَأَجْنَبِيٍّ فَأَمَّا بَهِيمَتُهُ فَمَا يُنْسَبُ إلَى تَقْرِيطٍ وَتَقْصِيرٍ فَعَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا فَعَلَى الْعِلْمِ. وَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَلِفٌ لِجَمَاعَةٍ حَلَفَ لِكُلِّ واحد يمينا وقيل ولو رضوا بواحدة. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: كَانَ قِيَاسُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْقَسَامَة أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى اللِّعَانِ مَعَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا أشبه بها من اللعان. "2وهذه تسع مسائل في هذا الباب2".
وَتُجْزِئُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ وَحْدَهُ وَلِلْحَاكِمِ تَغْلِيظُهَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ كَجِنَايَةٍ وَعِتْقٍ وَطَلَاقٍ وَنِصَابِ زَكَاةٍ وَقِيلَ: نِصَابُ سَرِقَةٍ بِزَمَنٍ1 أَوْ مَكَان أَوْ لَفْظٍ وَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةٌ: لَا يَجُوزُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَنَصْرُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَا2 تَغْلُظُ لِأَنَّهَا حُجَّةُ أَحَدِهِمَا، فَوَجَبَتْ مَوْضِعَ الدَّعْوَى كَالْبَيِّنَةِ. وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ وَذَكَرَهُ الْخِرَقِيُّ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ. فَالزَّمَنُ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ بَيْنَ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. وَالْمَكَانُ بِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ وَبِالْقُدْسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: عِنْدَ الْمِنْبَرِ كَبَقِيَّةِ الْبِلَادِ. وَفِي الْوَاضِحِ: هَلْ يَرْقَى مُتَلَاعِنَانِ الْمِنْبَرَ؟ الْجَوَازُ وَعَدَمُهُ وَقِيلَ: إنْ قَلَّ النَّاسُ لَمْ يَجُزْ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَرْقَيَانِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ: يُشْتَرَطُ وَقِيَامُهُ عَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ بِمَوْضِعٍ يُعَظِّمُهُ. وَفِي الْوَاضِحِ فِي لِعَانٍ وَزَمَانٍ كَسَبْتٍ وَأَحَدٍ. وَاللَّفْظُ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَالْيَهُودِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى. وَالنَّصْرَانِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى. وَالْمَجُوسِيُّ: بِاَللَّهِ الَّذِي خلقه وصوره ورزقه ونحو ذلك. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَمَنْ أَبَى التَّغْلِيظَ لَمْ يَكُنْ نَاكِلًا. وَلَا يَحْلِفُ بِطَلَاقٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا وِفَاقًا وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: لِلْوَالِي إحلاف المتهم1؛ اسْتِبْرَاءً وَتَغْلِيظًا فِي الْكَشْفِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ آدَمِيٍّ وَتَحْلِيفِهِ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهِ وَسَمَاعُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْمِهَنِ إذَا كَثُرُوا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَا إحْلَافُ أَحَدٍ إلَّا بالله ولا على غير حق. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب تعارض البينتين
باب تعارض البينتين مدخل ... بَابُ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا فَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً حُكِمَ لَهُ نَقَلَ الْأَثْرَمُ: ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ فَإِذَا جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَكَذَا فِي التَّعْلِيقِ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَالَهُ غَيْرُهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِعَدَمِ حَاجَتِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ مُدَّعٍ. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تُسْمَعُ إلَّا بَيِّنَةُ مُدَّعٍ بِاتِّفَاقِنَا وَفِيهِ: وَقَدْ تَثْبُتُ فِي جَنَبَةِ مُنْكِرٍ وَهُوَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا بِيَدِهِ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُقِيمَهَا فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ إحَاطَتِهَا بِهِ وَلِهَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ بِبَغْدَادَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِيهِ بِالْكُوفَةِ صَحَّ "1وَبَرِئَ مِنْهُ1". وَفِي الْمُغْنِي2: إنْ كَانَ لِمُنْكِرٍ وَحْدَهُ بَيِّنَةٌ سُمِعَتْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهَا. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَا تُسْمَعُ مَعَ عَدَمِ بَيِّنَةِ مُدَّعٍ لِلتَّسْجِيلِ وَلَا لِدَفْعِ الْيَمِينِ وَكَذَا إنْ أَقَامَهَا مُدَّعٍ وَلَمْ تَعْدِلْ وَفِيهِ احْتِمَالٌ. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُنْكِرِ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ فَرَفَعْنَا يَدَهُ فَجَاءَتْ بَيِّنَتُهُ فَإِنْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا فَبَيِّنَةُ خَارِجٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى قَبْلِ رَفْعِ يَدِهِ فَبَيِّنَةُ دَاخِلٍ وَالْمُرَادُ: فَمَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ يقدمها وينقض الحكم ببينة3 الخارج والمراد إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَانَ يَرَى تَقْدِيمَهَا عِنْدَ التَّعَارُضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَمَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ بَيِّنَةِ دَاخِلٍ فَقَدْ تبين استناد ما يمنع الحكم إلى إحالة1 الْحُكْمِ وَهَذَا الْأَشْهَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ وَيَأْتِي قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: أُقِيمَتْ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ بَعْدَ زَوَالِ يَدِهِ أَوْ لَا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ يَرَى تَقْدِيمَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى حَالَةِ الْحُكْمِ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَسَبَقَ نَظِيرُهَا فِي بيع الولي مال موليه2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهِيَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا، أُقِيمَتْ بينة منكر بعد زوال يده أو لا فَالْمَذْهَبُ يَحْكُمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي قَالَ أَحْمَدُ: الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي لَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ بَيِّنَةٌ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ: كَمَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ مُنْكِرٍ أَوَّلًا وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ عَكْسُهُ اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَعَنْهُ: إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ أَوْ سَبْقِهِ وَعَنْهُ: يُحْكَمُ بِهَا لِلْمُدَّعِي إنْ اخْتَصَّتْ بَيِّنَتُهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ أَوْ سَبَقَ وَعَلَيْهِمَا: يَكْفِي سَبَبٌ مُطْلَقٌ وَعَنْهُ: تُعْتَبَرُ إفَادَتُهُ لِلسَّبْقِ. وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ تَعَارَضَتَا وَقَدَّمَ فِي الْإِرْشَادِ1 بَيِّنَةَ مُدَّعٍ. وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْآخَرِ فَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ خَارِجٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَكْسَهُ وقيل بتعارضهما م1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا2 بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْآخَرِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عَكْسَهُ وَقِيلَ بِتَعَارُضِهِمَا انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ: أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ عَكْسُ الَّذِي قبله اختاره القاضي وقاله الشيخ
وإن أقام بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ وَلَمْ تُرْفَعْ يَدُهُ كَقَوْلِهِ: أَبْرَأَنِي مِنْ الدَّيْنِ. أَمَّا لَوْ قَالَ: لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ طُولِبَ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ تَأْخِيرَهُ يَطُولُ. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَالْعَيْنُ بِيَدَيْهِمَا تَعَارَضَتَا وَكَانَا كَمَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَنَصَرَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يَسْتَهِمَانِ عَلَى مَنْ يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ وَنَقَلَهُ صَالِحٌ وَعَنْهُ: يستعملان فتقسم1 بينهما. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَابْنُ منجا وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَسْهِيلِ الْحَلْوَانِيِّ قَالَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَالْقَوْلُ الثالث: يتعارضان.
وَذَكَرَهُمَا فِي الْوَسِيلَةِ فِي الْعَيْنِ يَبْدُ أَحَدُهُمَا: وَعَنْهُ يَسْتَعْمِلَانِ فَيَقْرَعُ فَمَنْ قُرِعَ أَخَذَهَا فَعَلَيْهَا وعلى التي قبلها هل يحلف كل منهما للآخر؟ فيه روايتان م 2. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ التَّعَارُضِ فَعَلَيْهَا وَعَلَى التي قبلها هل يحلف كل منهما للآخر؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْقُرْعَةِ فَلَا يَظْهَر حَلِفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ بَلْ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْكَافِي2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ فَلَعَلَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهْمًا انْتَهَى وَمَا قَالَ ظَاهِرٌ "3وَيَظْهَرُ أَنَّ هُنَا نَقْصًا وَتَقْدِيرُهُ فَعَلَيْهَا لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ3" وَعَلَى الَّتِي قَبْلَهَا مَحَلُّ الْخِلَافِ فَالنَّقْصُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ إذَا عُلِمَ هذا فيبقى محل الخلاف المطلق على4 كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى رِوَايَةِ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ قَسْمِهَا بَيْنَهُمَا لَا غَيْرُ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَمْ لَا؟ أطلق الخلاف:
وَلَا يُرَجَّحُ أَكْثَرُهُمَا عَدَدًا وَفِيهِ تَخْرِيجٌ كَالرِّوَايَةِ وَلَا رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ1 شَاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَفِيهِمَا وَجْهٌ وَلَا أَعْدَلُهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَقَالَ: يَتَخَرَّجُ مِنْهُ التَّرْجِيحُ2 بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ. وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَبَيِّنَةٌ بِهِ وَبِسَبَبِهِ أَوْ بِالْمِلْكِ مُنْذُ سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ مُنْذُ شَهْرٍ وَلَمْ تَقُلْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَسَوَاءٌ وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ بِسَبَبٍ وَسَبْقٍ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي السَّبْقِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَسِيلَةِ فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَوَجْهٌ فِي الْمُغْنِي3: تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ النَّتَاجِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَعَنْهُ: بِسَبَبٍ مُفِيدٍ لِلسَّبَقِ كَالنَّتَاجِ فَعَلَيْهِمَا الْمُؤَقَّتَةُ وَالْمُطْلَقَةُ سَوَاءٌ وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ تُقَدَّمُ الْمُؤَقَّتَةُ وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: تُقَدَّمُ ذَاتُ السَّبَبَيْنِ وَشُهُودُ الْعَيْنِ عَلَى الْإِقْرَارِ. وَلَوْ كَانَتْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ وَبَيِّنَةٌ باليد قدمت بينة الملك بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ5 وَالرِّعَايَةِ فِي مَوْضِعٍ. وَالرِّوَايَةُ الثانية: يحلف اختاره الخرقي.
خِلَافٍ قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالْيَدِ مِنْ سَنَةٍ وَبَيِّنَةٌ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَمَسْأَلَةِ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ الْمِلْكِ. وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَائِهِ مِنْ زَيْدٍ وَهِيَ مِلْكُهُ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِشِرَائِهِ مِنْ عَمْرٍو وَهِيَ مِلْكُهُ وَلَمْ يُؤَرِّخَا تَعَارَضَتَا. وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَالْعَيْنُ بِيَدِ ثَالِثٍ مُقِرٍّ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا: لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدٍ فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ تَكَاذَبَا فَلَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ فَلَا كَشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِقَتْلٍ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَأُخْرَى بِالْحَيَاةِ فِيهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْقُرْعَةَ هُنَا وَالْقِسْمَةَ فيما بيديهما واختاره جماعة. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ إنْ تَدَاعَيَا عَيْنًا بِيَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ سَقَطَتَا وَاسْتَهَمَا عَلَى مَنْ يَحْلِفُ وَتَكُونُ الْعَيْنُ لَهُ. وَالثَّانِيَةُ: يَقِفُ الْحُكْمُ حَتَّى يَأْتِيَا بِأَمْرٍ بَيِّنٍ قَالَ: لِأَنَّ إحْدَاهُمَا: كَاذِبَةٌ فَسَقَطَتَا كَمَا لَوْ ادَّعَيَا زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ الْبَيِّنَةَ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا: فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ كَذَا هُنَا قَالَ غَيْرُهُ وَكَذَا الرِّوَايَاتُ إنْ أَنْكَرَهُمَا ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: بِعَيْنِهِ قَبْلَ إقَامَتِهِمَا فَهُوَ كَدَاخِلٍ وَالْآخَرُ كَخَارِجٍ وَكَذَا بَعْدَ إقَامَتِهِمَا وَعَلَى رِوَايَتِي اسْتِعْمَالُهُمَا إقْرَارٌ بَاطِلٌ فَإِنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا: وَالْآخَرُ نِصْفَهَا فَلِمُدَّعِي كُلِّهَا نِصْفٌ وَالْآخَرُ لِلثَّالِثِ بِيَمِينِهِ وَعَلَى اسْتِعْمَالِهِمَا يَقْتَسِمَانِهِ أَوْ يَقْتَرِعَانِ فَلَوْ كَانَتْ بِيَدَيْهِمَا فَهِيَ لِمُدَّعِي كُلِّهَا إنْ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ خَارِجٍ وَإِلَّا بَيْنَهُمَا. وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا وَقِيلَ أَوْ لَمْ يَقُلْ وَهِيَ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
مِلْكُهُ بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ فَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا تَعَارَضَتَا فَعَلَى الْقِسْمَةِ: يَتَحَالَفَانِ وَيَرْجِعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى زَيْدٍ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَلَهُ الْفَسْخُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَإِنْ فَسَخَ فَبِكُلِّهِ وَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا: فَلِلْآخَرِ أَخْذُ كُلِّهَا. وَفِي الْمُغْنِي1; إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ لَهُ بِنِصْفِهَا وَنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ أَقْرَعِنَا فَهِيَ لِمَنْ قَرَعَ وَإِنْ سَقَطَتَا فَكَمَا سَبَقَ وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخُ أَحَدِهِمَا: فَهِيَ لَهُ وَلِلثَّانِي الثَّمَنُ وَإِنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا فِي الْمِلْكِ إذَنْ لَا فِي الشِّرَاءِ لِجَوَازِ تَعَدُّدِهِ وَإِنْ ادَّعَاهَا زَيْدٌ لِنَفْسِهِ إذَنْ قُبِلَ إنْ سَقَطَتَا فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَقِيلَ يَمِينَيْنِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهِمَا بِقُرْعَةٍ أَوْ يَقْسِمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَهَا وَنِصْفَ الثَّمَنِ. وَإِنْ ادَّعَيَا ثَمَنَ عَيْنٍ بِيَدِ ثَالِثٍ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ فَمَنْ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَإِلَّا حَلَفَ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ إحْدَاهُمَا: تَعَارَضَتَا. وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: غَصَبَنِيهَا وَقَالَ الْآخَرُ مَلَّكَنِيهَا أَوْ أَقَرَّ لِي بِهَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَا يَغْرَمُ الثَّالِثُ لِلْآخَرِ شَيْئًا. وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَجَّرَهُ الْبَيْتَ2 بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: بَلْ كُلَّ الدَّارِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُسْتَأْجِرٍ لِلزِّيَادَةِ وَقِيلَ: تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا م 3. وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ عَبْدَهُ وَادَّعَى آخَرُ مِثْلَهُ أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَعَلِمَ الْأَسْبَقُ صَحَّ وإلا فروايات التعارض وعنه: تقدم بَيِّنَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ آجَرَهُ الْبَيْتَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: كُلُّ الدَّارِ فَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ مُسْتَأْجِرٍ لِلزِّيَادَةِ وَقِيلَ: تَعَارَضَتَا وَلَا قِسْمَةَ هُنَا انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ للزيادة قلت: وهو قوي.
عِتْقِهِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِيَدِ نَفْسِهِ أَوْ يَدِ أَحَدِهِمَا: فَعَنْهُ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِ الْيَدِ وَعَنْهُ: يَنْبَنِي عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ م 4. وإن أقام واحد بينة أَنَّهُ مِلْكُهُ وَآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَعْتَقَهُ قُدِّمَتْ الثَّانِيَةُ. وَمَنْ ادَّعَى دَارًا بِيَدِهِ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو حِينَ كَانَتْ مِلْكَهُ وسلمها إليه فهي لزيد وإلا فلا ومثلها1 دَعْوَى وَقْفِهَا عَلَيْهِ مِنْ عَمْرٍو وَهِبَتِهَا لَهُ مِنْهُ. وَإِنْ ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَصَدَّقَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا: فَهُوَ لَهُ كَمُدَّعٍ وَاحِدٍ وَفِيهِ رِوَايَةٌ ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَإِنْ جَحَدَ قُبِلَ قَوْلُهُ، ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْقَوْلُ الثَّانِي يَتَعَارَضَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى الْمُصْطَلَحِ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمْ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ أَقْوَى مِنْ هَذَا. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْعَبِيدُ بِيَدِ نَفْسِهِ أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا: فَعَنْهُ كَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِمُسْتَنَدِ الْيَدِ وَعَنْهُ: يَنْبَنِي عَلَى الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ انْتَهَى: الرِّوَايَةُ الْأُولَى: هِيَ الصَّحِيحَةُ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى مَنْ اختارها.
وَحَكَى: لَا وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا. ثُمَّ إنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا: لَمْ يُرَجَّحْ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا وَظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ: مُطْلَقًا "1لِأَنَّهُ إنْ كَانَ حُرًّا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ بِالْعُبُودِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا فَلَا يَدَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ1" وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ وَقِيلَ: عَكْسُهُ. وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قَتَلْت2 فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ3 الْعَبْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَامَا بينتين فنصه: تقدم ببينة4 العبد وقيل بتعارضهما م 5 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لِعَبْدِهِ مَتَى قَتَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَادَّعَاهُ الْعَبْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَنَصُّهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ وَقِيلَ بِتَعَارُضِهِمَا. انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ: هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ وَمُنَوَّرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَتَعَارَضَانِ وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ. وَوَجْهَانِ فِي غَيْرِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا أَيْضًا فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ والمقنع5 والشرح6 وشرح ابن منجا وغيرهم.
وَإِنْ قَالَ: إنْ مِتُّ فِي الْمُحَرَّمِ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَإِنْ مِتّ فِي صَفَرٍ فَغَانِمٌ وَجُهِلَ وقته رقا وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُهُ فِي أَحَدِهِمَا: أُقْرِعَ وَقِيلَ: يُعْمَلُ فِيهِمَا بِأَصْلِ الْحَيَاةِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ مت من مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مم مات فقيل1: بِرِقِّهِمَا وَقِيلَ بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ: يُعْتَقُ2 سَالِمٌ وَقِيلَ غَانِمٌ م 6. وَلَوْ أَبْدَلَ قَوْلُهُ: مِنْ مَرَضِي بِقَوْلِهِ: فِي مَرَضِي أَقْرَعَ وَقِيلَ: يُعْتَقُ سَالِمٌ، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: iإنْ مِتّ مِنْ مرضي هذا فسالم وإن برئت فغانم وجهل مِمَّ مَاتَ فَقِيلَ يُحْكَمُ بِرِقِّهِمَا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وقيل: يعتق3 سَالِمٍ وَقِيلَ: غَانِمٍ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَرِقَّانِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِي الْمَرَضِ بِحَادِثٍ قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَفِيهِ ضَعْفٌ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَقْتَرِعَانِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْحَادِثِ قُلْت وَهُوَ أَقْوَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَطْلَقَهَا فِي الْقَوَاعِدِ. وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: يُعْتَقُ غَانِمٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هذا القول أضعفها. والله أعلم.
وَقِيلَ: غَانِمٌ وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِمُوجِبِهِ عَتَقَهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَكَذَلِكَ لِلتَّعَارُضِ وَالتَّقْدِيمِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي رَقَّا وَجْهًا وَاحِدًا يَعْنِي لِتَكَاذُبِهِمَا عَلَى كَلَامِهِ1 الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ شَهِدَ عَلَى مَيِّتٍ بَيِّنَةٌ لَا تَرِثُهُ: بِعِتْقِ سَالِمٍ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ وَبَيِّنَةٌ وَارِثِهِ بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَأُجِيزَ الثُّلُثُ فَكَأَجْنَبِيَّتَيْنِ يُعْتَقُ أَسْبِقُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ سَبَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ فَكَذَّبَتْهَا الْوَارِثَةُ أَوْ سَبَقَتْهَا الْوَارِثَةُ وَهِيَ فَاسِقَةٌ عَتَقَا وَإِنْ جُهِلَ أسبقهما عتق واحد بقرعة وقيل: يعتق نِصْفُهُمَا كَدَلَالَةِ كَلَامِهِ عَلَى تَبْعِيضِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِمَا نَحْوُ: أُعْتِقُوا إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا مَا عَتَقَ. وَتَدْبِيرٌ مَعَ تَنْجِيزٍ كَآخَرِ تَنْجِيزَيْنِ مَعَ أَسْبَقِهِمَا وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ عَبْدٍ بِالْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ وُرِّخَتْ أَوْ لَا فَكَمَا لَوْ جُهِلَ أَسْبَقُ تَنْجِيزَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَارِثَةُ فَاسِقَةً عَتَقَ سَالِمٌ وَيُعْتَقُ غَانِمٌ بِقُرْعَةٍ أَوْ نِصْفُهُ على الوجه ـــــــــــــــــــــــــــــQفهذه ست مسائل.
الْمَذْكُورِ وَإِنْ كُذِّبَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ فَإِنْ كَانَتْ فَاسِقَةً مُكَذَّبَةً أَوْ فَاسِقَةً وَشَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ عَتَقَا وَلَوْ شَهِدَتْ بِرُجُوعِهِ وَلَا فِسْقَ وَلَا تَكْذِيبَ عَتَقَ غَانِمٌ فَقَطْ كَأَجْنَبِيَّةٍ فَلَوْ كَانَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَانِمٌ سُدُسَ مَالِهِ عَتَقَا وَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا وَقَبِلَهَا أَبُو بَكْرٍ بِالْعِتْقِ لَا الرُّجُوعِ فَيُعْتَقُ نِصْفُ سَالِمٍ وَيَقْرَعُ بَيْنَ بَقِيَّتِهِ وَالْآخَرِ وَخَبَرُ وَارِثَةٍ عَادِلَةٍ كَفَاسِقَةٍ. وَمَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُهُ1 قُبِلَ قَوْلُ مُدَّعِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَمِيرَاثُهُ لِلْكَافِرِ إنْ اعْتَرَفَ الْمُسْلِمُ بِأُخُوَّتِهِ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا وَعَنْهُ: بَيْنَهُمَا اعْتَرَفَ أَوْ لَا وَقِيلَ: بِالْقُرْعَةِ وَلِلْمُسْلِمِ وَبِالْوَقْفِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ بِيَدَيْهِمَا تَحَالَفَا وَقُسِّمَتْ بينهما وهو سهو لاعترافهما أنه وارث2. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إنْ عُرِفَ وَلَا بَيِّنَةَ فَقَوْلُ مُدَّعٍ وَقِيلَ: يُقْرَعُ أَوْ يُوقَفُ. وَإِنْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: نَعْرِفُهُ مُسْلِمًا أَوْ مَاتَ مُسْلِمًا وَبَيِّنَةٌ عَكْسَهَا وَلَمْ يُؤَرِّخَا الْمَعْرِفَةَ فَإِنْ عُرِفَ أَصْلُ دِينِهِ قُدِّمَتْ الْبَيِّنَةُ النَّاقِلَةُ وَإِلَّا فَرِوَايَاتُ التَّعَارُضِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَلَوْ اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُنْتَخَبِ وَعَنْهُ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِسْلَامِ وَاخْتَارَهُ فِي الْخِرَقِيِّ وَالْكَافِي4 فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ التَّعَارُضُ وقيل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِهِ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ مَاتَ نَاطِقًا بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَبَيِّنَةٌ عَكْسَهَا وَيُصَلَّى عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لَهُ مَعَ الِاشْتِبَاهِ قَالَ الْقَاضِي: وَيُدْفَنُ مَعَنَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ بَدَلَ الِابْنِ الْكَافِرِ أَبَوَانِ كَافِرَانِ أَوْ بَدَلَ الْمُسْلِمِ أَخٌ وَزَوْجَةٌ مُسْلِمَانِ كَانَا كَهُوَ مَعَ الْآخَرِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ الشَّيْخُ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبَوَيْنِ كَمَعْرِفَةِ أَصْلِ دِينِهِ وَمَتَى نَصَّفْنَا الْمَالَ فَنِصْفُهُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَنِصْفُهُ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَخِ عَلَى أَرْبَعَةٍ. وَمَنْ ادَّعَى تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ مَوْتَ مُوَرِّثِهِ أَوْ قَسْمَ تَرِكَتِهِ وَقُلْنَا يَرِثُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِتَصْدِيقِ وَارِثٍ. وَإِنْ قَالَ: أَسْلَمْت فِي مُحَرَّمٍ وَمَاتَ فِي صَفَرٍ وَقَالَ الْوَارِثُ: مَاتَ قَبْلَ مُحَرَّمٍ وَرِثَ. وَإِنْ شَهِدَا عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلٍ فَشَهِدَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِهِ فَصَدَّقَ الْوَلِيُّ1 الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ حَكَمَ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ. وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتَانِ أَنَّهُ أَتْلَفَ ثَوْبًا قَالَتْ بَيِّنَةٌ: قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَبَيِّنَةٌ عِشْرُونَ ثَبَتَ عَشَرَةٌ وَعَنْهُ: يَسْقُطَانِ لِتَعَارُضِهِمَا وَقِيلَ: يقرع وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِشْرُونَ وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي نَظِيرِهَا فِيمَنْ آجَرَ حِصَّةَ مُوَلِّيهِ قَالَتْ بَيِّنَةٌ: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَبَيِّنَةٌ: بِنِصْفِهَا وَإِنْ كَانَ بِكُلِّ قِيمَةٍ شَاهِدٌ ثَبَتَ عَشَرَةٌ فِيهِمَا عَلَى الْأَوِّلَةِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ، يَحْلِفُ مَعَ أَحَدِهِمَا: وَلَا تَعَارُضَ. وَإِنْ شَهِدَا بِفِعْلٍ مُتَّحِدٍ فِي نَفْسِهِ كَإِتْلَافِ ثَوْبٍ وَقَتْلِ زَيْدٍ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا كَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَاخْتَلَفَا فِي زَمَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ أَوْ صِفَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ كَلَوْنِهِ وَآلَةِ قَتْلٍ فَالْمَذْهَبُ: لَا تُجْمَعُ شَهَادَتُهُمَا وَجَمَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَلَوْ بِقَوَدٍ وَقَطْعٍ. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي نَصًّا فِي الْقَتْلِ وَاخْتَارَهُ هُوَ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا فِي لَوْنِ سَرِقَةٍ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا، هَرَوِيًّا وَقَالَ الْآخَرُ مَرْوِيًّا وَإِنْ أَمْكَنَ تَعَدُّدُهُ وَلَمْ يَشْهَدَا بِأَنَّهُ مُتَّحِدٌ فَبِكُلِّ شَيْءٍ شَاهِدٌ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَلَا تَنَافِي وَلَوْ كَانَ بَدَلُ الشَّاهِدِ بَيِّنَةً ثَبَتَا هُنَا إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا مَا ادَّعَاهُ وَتَعَارَضَتَا فِي الْأُولَى عَلَى1 غَيْرِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا قَطَعَ يَدَهُ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَطَعَهُ لَهُ الدِّيَةُ مِنْهُمَا؟ يَأْخُذُهَا مِنْهُمَا أَرَأَيْت إنْ مَاتَ أَوْ مَاتَا الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي هَذَا سَوَاءٌ قَالَ فِي زَادِ الْمُسَافِرِ لِأَنَّ أَمْرَهُمَا أَشْكَلُ فَالْقَوَدُ مُرْتَفِعٌ وَالدِّيَةُ وَاجِبَةٌ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي السَّرِقَةِ تَعَارَضَتَا وَتَسَاقَطَتَا وَلَمْ يَثْبُتْ قَطْعٌ وَلَا مَالٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ سَرِقَةُ ثَوْبٍ وَاحِدٍ بُكْرَةً وَعَشِيًّا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَلِهَذَا تَعَارَضَتَا وَالشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَلَمْ يَقَعْ التَّعَارُضُ وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ قَتْلًا. وَقَالَ الشَّيْخُ: الصَّحِيحُ: لَا تَعَارُضَ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِمَا بِأَنْ يَسْرِقَهُ بُكْرَةً ثُمَّ يَعُودَ إلَى صَاحِبِهِ أَوْ غيره، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فيسرقه عشيا فيثبت له اللبس1 الْمَشْهُودَ بِهِ فَحَسْبُ فَإِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ وَإِنْ كَانَ فِعْلَيْنِ لَكِنَّهُمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ ضَمَانِهِ. وَكَذَا إنْ شَهِدَ أَنَّهُ سَرَقَ "2مَعَ الزَّوَالِ3" كِيسًا أَبْيَضَ وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ سَرَقَ مَعَ الزَّوَالِ كِيسًا أَسْوَدَ لَكِنْ يُثْبِتَانِ عَلَى قَوْل الشَّيْخِ إنْ ادَّعَاهُمَا وَإِلَّا ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ. وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا، أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتْلِهِ عَمْدًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَسَكَتَ ثَبَتَ الْقَتْلُ وَصُدِّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي صِفَتِهِ. وَالشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلٍ إنْ كَانَ نِكَاحًا فَكَفِعْلٍ وَكَذَا الْقَذْفُ خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ وَمَا عَدَاهُمَا كَشَهَادَةِ وَاحِدٍ أَنَّهُ بَاعَ زَيْدًا كَذَا أَمْسِ وَآخَرُ الْيَوْمَ أَوْ وَاحِدٌ أَنَّهُ بَاعَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَاخْتَلَفَا زَمَنًا أَوْ مَكَانًا جُمِعَتْ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ فِعْلًا أَوْ قَوْلًا. وَفِي الْكَافِي3 احْتِمَالٌ: لَا تُجْمَعُ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهٌ: كُلُّ عَقْدٍ كَنِكَاحٍ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْفِعْلِ وَآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ فَنَصُّهُ يُجْمَعُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرُهُمْ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَكْثَرِ وَإِنْ شَهِدَ بِعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ قَتْلِ خطإ وآخر على إقراره لم تجمع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَلِمُدَّعِي الْقَتْلِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ وَمَتَى جُمِعَتَا مَعَ اخْتِلَافِ زَمَنٍ فِي قَتْلٍ أَوْ طَلَاقٍ فَالْعِدَّةُ وَالْإِرْثُ يَلِي آخَرَ الْمُدَّتَيْنِ. وَإِنْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ صَبِيٍّ مِائَةً وَاثْنَانِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الصَّبِيّ مِائَةً فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى مِائَةٍ بِعَيْنِهَا أَخَذَهَا وَلِيُّهُ مِمَّنْ شَاءَ وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُمَا مِائَتَيْنِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَةٍ مِنْ قَرْضٍ جُمِعَتْ وَلَا تُجْمَعُ إنْ قَالَ وَاحِدٌ مِنْ قَرْضٍ وَآخَرُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَقِيلَ: بَلَى إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ. وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ أَوْ بِخَمْسِينَ أَضَافَا أَوْ وَاحِدٌ الشَّهَادَةَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا الْأَقَلُّ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ لِتَتِمَّةِ الْأَكْثَرِ مَعَ شَاهِدِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ أَوْ مَعَ أَحَدِ شُهُودِهِ وَقِيلَ: إنْ لَمْ يُضِيفَا إلَى إقْرَارٍ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَقِيلَ: وَفِي الْإِقْرَارِ أَيْضًا. وَإِنْ شَهِدَا بِمِائَةٍ وَآخَرَانِ بِخَمْسِينَ دَخَلَتْ فِيهَا إلَّا مَعَ مَا يَقْتَضِي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
التَّعَدُّدَ فَيَلْزَمَانِهِ1 وَيَأْتِي كَلَامُ الْأَزَجِيِّ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ2 وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا شَهِدَا عَلَى أَقَلَّ وَأَكْثَرَ أُخِذَ فِي الْمَهْرِ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ خَرَجَ وَهُوَ أَجْوَدُ لَهُ وَفِي الدَّيْنِ وَالطَّلَاقِ بِالْأَقَلِّ. وَنَقَلَ مُهَنَّا: إنْ شَهِدَ لَهُ أَنَّ سَيِّدَهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ وَآخَرُ لِلسَّيِّدِ بِأَلْفَيْنِ عَتَقَ وَلَا يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ وَيَحْلِفُ لِسَيِّدِهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: وَإِنَّمَا قُدِّمَ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الشَّهَادَةِ بِالْمَالِ وَإِنْ شَهِدَا لَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا، قَضَاهُ مِنْهَا3 خَمْسِينَ فَنَصُّهُ: تَفْسُدُ شَهَادَتُهُ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: تَفْسُدُ فِي الْخَمْسِينَ كَرُجُوعِهِ. وَيَتَخَرَّجُ صِحَّتُهَا بِالْمِائَةِ فَيَفْتَقِرُ قَضَاءُ الْخَمْسِينَ إلَى شَاهِدٍ أَوْ يَمِينٍ كَمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا، قَضَاهُ خَمْسِينَ نَصٌّ عَلَيْهِ وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا كَرِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَلِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ شُهُودَ قَرْضٍ بِقِيَامِ بَيِّنَةٍ بِقَضَاءٍ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ أَنَّهُ اقْتَضَاهُ ذلك الحق أو قد باع ما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اشْتَرَاهُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ نَقَلَهُ ابْنُ الْحَكَمِ وَسَأَلَهُ ابْنُ هَانِئٍ: لَوْ قَضَاهُ نِصْفَهُ ثُمَّ جَحَدَهُ بَقِيَّتَهُ أَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ كُلَّهُ أَوْ بَقِيَّتَهُ فَقَطْ؟ قَالَ: يَدَّعِيه كُلَّهُ وَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ فَتَشْهَدُ عَلَى حَقِّهِ كُلِّهِ ثُمَّ يَقُولُ لِلْحَاكِمِ قضاني نصفه. وَمَنْ عَلَّقَ طَلَاقًا إنْ كَانَ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَشَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ لَمْ يَحْنَثْ بَلْ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ فَحَكَمَ بِهِمَا وَمُرَادُهُمْ فِي صَادِقٍ ظَاهِرًا وَلِهَذَا فِي الرِّعَايَةِ: مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا حَقَّ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ تَامَّةٌ بِحَقٍّ لِزَيْدٍ حَنِثَ حُكْمًا. وَمَنْ قَالَ لِبَيِّنَةٍ بِمِائَةٍ اشْهَدَا لِي بِخَمْسِينَ لَمْ يَجُزْ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ لَمْ يُوَلِّ الْحُكْمَ فوقها. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
نص عليه واختاره1 أبو الخطاب. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كتاب الشهادات
كتاب الشهادات مدخل ... كِتَابُ الشَّهَادَاتِ تَحَمُّلُهَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَفِي الْمُغْنِي"1: فِي إثْمِهِ بِامْتِنَاعِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَجْهَانِ قَالَ جَمَاعَةٌ: فِي التَّرْغِيبِ هُوَ أَشْهُرُ وَكَذَا أَدَاؤُهَا وَنَصُّهُ: فَرْضُ عَيْنٍ إنْ دُعِيَ وَقَدَرَ بِلَا ضَرَرٍ قَالَ فِي الْمُغْنِي1": وَلَا تُبْذَلُ فِي التَّزْكِيَةِ وَلَوْ أَدَّى شاهد2 وَأَبَى الْآخَرُ وَقَالَ احْلِفْ أَنْتَ بَدَلِي أَثِمَ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا إنْ قُلْنَا فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَإِذَا وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ م 1. وَإِنْ دُعِيَ فَاسِقٌ إلَى شَهَادَةٍ فَلَهُ الْحُضُورُ مَعَ عَدَمِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَمُرَادُهُ: لِتَحَمُّلِهَا. وَفِي الْمُغْنِي3 وَغَيْرِهِ: أَنَّ التَّحَمُّلَ لَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِذَا وَجَبَ تَحَمُّلُهَا فَفِي وُجُوبِ كِتَابَتِهَا لِتُحْفَظَ وَجْهَانِ. انْتَهَى: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ لِلِاحْتِيَاطِ ثُمَّ وَجَدْت صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَدَّمَهُ فِي أَوَائِلِ بَقِيَّةِ الشَّهَادَاتِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: يَكْتُبُهَا إذَا كَانَ رَدِيءَ الْحِفْظِ فَظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ معروفا بكثرة النسيان.
تُعْتَبَرُ لَهُ الْعَدَالَةُ فَظَاهِرُهُ: مُطْلَقًا وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى صَارَ عَدْلًا قُبِلَتْ وَلَمْ يَذْكُرُوا تَوْبَةً لِتَحَمُّلِهَا وَلَمْ يُعَلِّلُوا رَدَّ مَنْ أَعَادَهَا بَعْدَ أَنْ رَدَّ إلَّا بِالتُّهْمَةِ وَذَكَرُوا إنْ شَهِدَ عِنْدَهُ فَاسِقٌ تُعْرَفُ حَالُهُ قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا لِئَلَّا يَفْضَحَهُ. وَفِي الْمُغْنِي1: إنَّ مَنْ شَهِدَ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ لَمْ يعزر لأنه لا يمنع صِدْقُهُ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ أَدَاءُ فَاسِقٍ وَإِلَّا لَعُزِّرَ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَشْهَرَ: لَا يَضْمَنُ مَنْ بَانَ فِسْقُهُ وَإِلَّا لَضَمِنَ لِتَعَدِّيهِ بِشَهَادَتِهِ وَظَاهِرُهُ: لَا يَحْرُمُ مَعَ عَدَمِ ظُهُورِ فِسْقِهِ وَيُتَوَجَّهُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ مَنْ ضَمَّنَهُ وَيَكُونُ عِلَّةً لِتَضْمِينِهِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الضَّمَانِ وَالتَّحْرِيمِ. وَفِي الِانْتِصَارِ فِي شَهَادَتِهِ فِي نِكَاحٍ: لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ كَافِرٍ وَصَبِيٍّ لِشُهْرَةِ الْحَالِ الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ الْفِسْقِ لِأَنَّهُ يُخْفِيه فَيَسْمَعُهَا لِيَبْحَثَ عَنْ عَدَالَتِهِمَا قَالَ: فَيَجِيءُ مِنْ هَذَا: لَا يَسْمَعُهَا مَعَ فِسْقٍ ظَاهِرٍ نَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ بِالزِّنَا لَا يُضْرَبُونَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. وَيَجِبُ فِي مَسَافَةِ كِتَابِ الْقَاضِي عِنْدَ سُلْطَانٍ لَا يَخَافُ تَعَدِّيهِ نَقَلَهُ مَثْنَى أَوْ حَاكِمٌ عَدْلٌ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: كَيْفَ أَشْهَدُ عِنْدَ رَجُلٍ لَيْسَ عَدْلًا؟ لَا تَشْهَدْ2 عِنْدَهُ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: أَخَاف أَنْ يَسْعَهُ أَنْ لَا يَشْهَدَ عِنْدَ الْجَهْمِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ ابن المسيب عن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أُمَرَاءُ ظَلَمَةٌ وَوُزَرَاءُ فَسَقَةٌ وَقُضَاةٌ خَوَنَةٌ وَفُقَهَاءُ كَذَبَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ فَلَا يَكُونَنَّ لَهُمْ كَاتِبًا وَلَا عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًّا". واه الطَّبَرَانِيُّ1 وَقَالَ: لَمْ يَرْوِهِ عَنْ قَتَادَةَ إلَّا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ وَلَا عَنْهُ إلَّا ابْنُ الْمُبَارَكِ تَفَرَّدَ بِهِ دَاوُد بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ شَيْخٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَقِيلَ: أَوَّلًا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ وَقِيلَ: لَا أَمِيرَ الْبَلَدِ وَوَزِيرَهُ. وَلَا يُقِيمُهَا عَلَى مُسْلِمٍ بِقَتْلِ كَافِرٍ وَكِتَابَةٍ كَشَهَادَةٍ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخِ وَشَيْخِنَا قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَتَى يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَةَ الرَّجُلِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ يُحْسِنُ تَحَمُّلَ الشَّهَادَةِ وَيُحْسِنُ أن يؤديها. وَيَحْرُمُ فِي الْأَصَحِّ أَخْذُ أُجْرَةٍ وَجُعْلٍ وَقِيلَ: إنْ تَعَيَّنَتْ وَقِيلَ: وَلَا حَاجَةَ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا يَجُوزُ لِحَاجَةٍ تَعَيَّنَتْ أَوْ لَا وَاخْتَارَهُ وَقِيلَ: يَجُوزُ مَعَ التَّحَمُّلِ وَقِيلَ: أُجْرَةٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَعَلَى الْأَوَّلِ، مَنْ عَجَزَ أَوْ تَأَذَّى بِالْمَشْيِ فَأُجْرَةُ مَرْكُوبٍ عَلَى رَبِّهَا قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَفِي الرِّعَايَةِ: وَكَذَا مُزَكٍّ وَمُعَرِّفٍ وَمُتَرْجِمٍ وَمُفْتٍ وَمُقِيمِ حَدٍّ وَقَوَدٍ وَحَافِظِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وَمُحْتَسِبٍ وَالْخَلِيفَةِ. وَلِمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ بِحَدٍّ لِلَّهِ إقَامَتُهَا وَتَرْكُهَا. وَاسْتَحَبَّ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالشَّيْخُ وَالتَّرْغِيبُ تَرْكُهُ لِلتَّرْغِيبِ فِي السِّتْرِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي آخِرِ الرِّعَايَةِ مِنْ وُجُوبِ الْإِغْضَاءِ عَنْ من ستر المعصية فإنهم لم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُفَرِّقُوا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَيُتَوَجَّهُ فِيمَنْ عُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ أَنْ لَا يُسْتَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ. وَسَبَقَ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي إقَامَةِ الْحَدِّ وَلِلْحَاكِمِ فِي الْأَصَحِّ أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالتَّوَقُّفِ عَنْهَا كَتَعْرِيضِهِ لِمُقِرٍّ لِيَرْجِعَ. وَفِيهِ فِي الِانْتِصَارِ تَلْقِينُهُ الرُّجُوعَ مَشْرُوعٌ وَإِنْ دَعَا زَوْجٌ أَرْبَعَةً لِتَحَمُّلِهَا بِزِنَا امْرَأَتِهِ جَازَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} الآية [النساء: 15] وَقِيلَ: لَا كَغَيْرِهِ أَوْ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ. وَفِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ إنْ ظَنَّ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ اسْتِسْرَارَ قَوْمٍ بِمَعْصِيَةٍ فِي انْتِهَاك حُرْمَةٍ يَفُوتُ اسْتِدْرَاكُهَا كَقَتْلٍ وَزِنًا فَلَهُمْ الْكَشْفُ وَالْإِنْكَارُ كَاَلَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ الْمُغِيرَةِ وَشُهُودِهِ1 وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ هُجُومَهُمْ وَإِنْ حَدَّهُمْ لِقُصُورِ الشَّهَادَةِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ قَالَ اُحْضُرَا لِتَسْمَعَا قَذْفَ زَيْدٍ لِي لَزِمَهُمَا وَيُتَوَجَّهُ إنْ لَزِمَ إقَامَةُ الشَّهَادَةِ. وَلَا يُقِيمُ شَهَادَةً لِآدَمِيٍّ حَتَّى يَسْأَلَهُ وَلَا يَقْدَحْ فِيهِ كَشَهَادَةٍ حِسْبَةً وَيُقِيمُهَا بِطَلَبِهِ وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا حَاكِمٌ وَيَحْرُمُ كَتْمُهَا قَالَ شَيْخُنَا: وَيَقْدَحُ فِيهِ وَقَالَ: إنْ كَانَ بِيَدِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا يَصِلُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَانَةُ أَحَدِهِمَا، وَيُعَيِّنُ مُتَأَوِّلًا مُجْتَهِدًا عَلَى غَيْرِهِ. وَفِي وَاضِحِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي خَبَرِ وَاحِدٍ: يَحْرُمُ كَتْمُهَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ عَمِلَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ أَوْ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ فِيمَا يُعْتَبَرُ الْبَحْثُ عَنْهُ. وَيُسْتَحَبُّ إعْلَامُهُ قبل إقامتها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ شَيْخُنَا: الطَّلَبُ الْعُرْفِيُّ أَوْ الْحَالِيُّ كَاللَّفْظِيِّ عَلِمَهَا الْآدَمِيُّ أَوْ لَا وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْخَبَرِ وَإِنَّ خَبَرَ: يَشْهَدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ عَلَى الزُّورِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا لِأَحَدٍ وإلَّا لَتَعَيَّنَ إعْلَامُهُ وَلَمَا تَحَمَّلَهَا بِلَا إذْنِهِ وَقَالَ فِي رَدِّهِ عَلَى الرَّافِضِيِّ: إذَا أَدَّاهَا قَبْلَ طَلَبِهِ قَامَ بِالْوَاجِبِ وَكَانَ أَفْضَلَ كَمَنْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَأَدَّاهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ وَأَنَّ الْمَسْأَلَةَ تُشْبِهُ الْخِلَافَ فِي الْحُكْمِ قَبْلَ الطَّلَبِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَتَحْرُمُ الشَّهَادَةُ إلَّا بِمَا يَعْلَمُهُ وَهُوَ بِرُؤْيَةٍ أَوْ سَمَاعٍ غَالِبًا قِيلَ لِأَحْمَدَ: مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ يَجْحَدُهُ وَقَوْمٌ هُوَ عِنْدَهُمْ عَدْلٌ يَشْهَدُونَ بِهِ لَهُ؟ قَالَ: هُوَ قَوْلٌ سُوءٌ قَوْلُ الرَّافِضَةِ. فَالرُّؤْيَةُ تَخْتَصُّ الْفِعْلَ كَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَرِضَاعٍ وَالسَّمَاعُ ضَرْبَانِ: سَمَاعٌ مِنْ الشُّهُودِ عَلَيْهِ كَعِتْقِ وَطَلَاقٍ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَعَقْدٍ وَإِقْرَارٍ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ فَتَلْزَمُهُ الشَّهَادَةُ بِمَا سَمِعَ لَا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ مُسْتَخْفِيًا أَوْ لَا. وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ فَيُخَيَّرُ وَعَنْهُ: يَحْرُمُ إنْ قَالَ الْمُتَحَاسِبَانِ لَا تَشْهَدُوا بِمَا جَرَى بَيْنَنَا وَعَنْهُ: يَحْرُمُ فِي إقْرَارٍ وَحُكْمٍ وَعَنْهُ: وَغَيْرِهِمَا حَتَّى يَشْهَدَهُ وَعَنْهُ: إنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ سَابِقٍ نحو كان له عليّ1، فحتى يشهده2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَهِدَ سَوَاءٌ وَقْتَ الْحُكْمِ أَوْ لَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقَاضِي1. وَقِيلَ لِابْنِ الزَّاغُونِيِّ: إذَا قَالَ الْقَاضِي لِلشَّاهِدَيْنِ أُعْلِمْكُمَا أَنِّي حَكَمْت بِكَذَا هَلْ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَا أَشْهَدَنَا عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا؟ فَقَالَ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْحُكْمِ تَكُونُ فِي وَقْتِ حُكْمِهِ فَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُخْبِرٌ لَهُمَا بِحُكْمِهِ فَيَقُولُ الشَّاهِدُ أَخْبَرَنِي أَوْ أَعْلَمَنِي أَنَّهُ حُكْمٌ بِكَذَا فِي وَقْتِ كَذَا وَكَذَا. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ: لَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَقُولَا أَشَهِدْنَا وَإِنَّمَا يُخْبَرَانِ بِقَوْلِهِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إلَّا بِأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ أَوْ يَقُولَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قُرِئَ عَلَيَّ أَوْ فَهِمْتُ جَمِيعَ مَا فِيهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِذَلِكَ شَهِدُوا عَلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَحِينَئِذٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: مَا عَلِمْت مَا فِيهِ فِي الظَّاهِرِ. وَمَنْ جَهِلَ رَجُلًا حَاضِرًا شَهِدَ فِي حَضَرْته لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَعَرِفَهُ بِهِ مَنْ يَسْكُنُ إلَيْهِ وَعَنْهُ: اثْنَانِ وَعَنْهُ: جَمَاعَةٌ شَهِدَ وَعَنْهُ: الْمَنْعُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ وَعَنْهُ: إنْ عَرَفَهَا كَنَفْسِهِ وَعَنْهُ: أَوْ نَظَرَ إلَيْهَا شَهِدَ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: بِإِذْنِ زَوْجٍ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ أَمْلَكُ بِعِصْمَتِهَا وَقَطَعَ بِهِ في المبهج؛ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِلْخَبَرِ1 وَعَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّظَرَ حَقُّهُ وَهُوَ سهو وإلا فلا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَسَمَاعٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيمَا يَتَعَذَّرُ عِلْمُهُ غَالِبًا بِدُونِهَا كَنَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: دَوَامُهُ لَا عَقْدُهُ وَوَقْفٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ وَمَصْرِفُهُ وَخُلْعٍ وَطَلَاقٍ نَصَّ عَلَيْهِمَا وَفِي الْعُمْدَةِ: لَا فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ وَظَاهِرُهُ فَقَطْ وَهُوَ أَظْهَرُ وَسَأَلَهُ الشَّالَنْجِيُّ عَنْ شَهَادَةِ الْأَعْمَى، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
فَقَالَ: يَجُوزُ فِي كُلِّ مَا ظَنَّهُ مِثْلُ النَّسَبِ وَلَا تَجُوزُ فِي الْحَدِّ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ حَامِدٍ وَغَيْرِهِمَا: وَفِيهِمَا لِأَنَّهُمْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ بِهَا بِمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ. وَفِي التَّرْغِيبِ: تُسْمَعُ فِيمَا تَسْتَقِرُّ مَعْرِفَتُهُ بِالتَّسَامُعِ لَا فِي عَقْدٍ وَقَصَرَهُ جَمَاعَةٌ عَلَى السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ وَلَعَلَّهُ أَشْهُرُ وَأَسْقَطَ1 جَمَاعَةٌ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ وَبَعْضُهُمْ: وَالْوَلَاءَ. وَفِي الرِّعَايَةِ خِلَافٌ فِي مِلْكٍ مُطْلَقٍ وَمَصْرِفِ وَقْفٍ وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: تَعْلِيلُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ جِهَاتِ الْمِلْكِ تَخْتَلِفُ تَعْلِيلٌ يُوجَدُ فِي الدِّينِ فَقِيَاسُ قَوْلِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يَثْبُتَ الدَّيْنُ بِالِاسْتِفَاضَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: لَا تُقْبَلُ إلَّا فِي نَسَبٍ وَمَوْتٍ وَمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَوَقْفٍ وَوَلَاءٍ وَنِكَاحٍ. وَيَشْهَدُ بِاسْتِفَاضَةٍ عَنْ عَدَدٍ يَقَعُ بِهِمْ الْعِلْمُ وَقِيلَ: عَدْلَانِ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ وَحَفِيدِهِ: أَوْ وَاحِدٍ يَسْكُنُ إلَيْهِ وَيَلْزَمُ الْحُكْمُ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَعْلَمْ تَلَقِّيهَا مِنْ الِاسْتِفَاضَةِ. وَمَنْ قَالَ شَهِدَتْ بِهَا فَفَرْعٌ. وَفِي الْمُغْنِي2: شَهَادَةُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ شَهَادَةُ اسْتِفَاضَةٍ لَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فَيَكْتَفِي بِمَنْ يَشْهَدُ بِهَا كَبَقِيَّةِ شَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَيْسَ فِيهَا فَرْعٌ. وَفِي التَّعْلِيقِ وَغَيْرِهِ: الشَّهَادَةُ بِالِاسْتِفَاضَةِ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ وَأَنَّهَا تَحْصُلُ بالنساء والعبيد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ شَيْخُنَا: هِيَ نَظِيرُ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَنْ الشُّهُودِ عَلَى الْخِلَافِ وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: إنْ شَهِدَ أَنَّ جَمَاعَةً يَثِقُ بِهِمْ أَخْبَرُوهُ بِمَوْتِ فُلَانٍ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةٌ فَهِيَ شَهَادَةُ الِاسْتِفَاضَةِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا أَجَابَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَيَحْكُمُ فِيهِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِفَاضَةِ. وَأَجَابَ أَبُو الْوَفَاءِ: إنْ صَرَّحَا بِالِاسْتِفَاضَةِ أَوْ اسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ قُبِلَتْ فِي الْوَفَاةِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا وَنَقَلَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا يَشْهَدُ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَنَقَلَ مَعْنَاهُ جَعْفَرٌ وَهُوَ غَرِيبٌ. وَإِذَا شَهِدَ بِالْأَمْلَاكِ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ فَعَمَلُ وُلَاةِ الْمَظَالِمِ بِذَلِكَ أَحَقُّ ذَكَرَهُ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِالتَّوَاتُرِ. وَمَنْ رَأَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَاضِحِ وَالتَّرْغِيبِ وَالْكَافِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَقَالُوا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: وَقَصِيرَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَالِكٍ مِنْ نَقْضٍ وَبِنَاءٍ وَإِجَارَةٍ وَإِعَارَةٍ فَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ كَمُعَايَنَةِ السَّبَبِ كَبَيْعٍ وَإِرْثٍ. وَفِي الْمُغْنِي2: لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ هُنَا فَجَازَتْ بِالظَّنِّ ويسمى ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عِلْمًا وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُعْتَبَرُ حُضُورُ الْمُدَّعِي وَقْتَ تَصَرُّفِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ قَرَابَتَهُ وَلَا يَخَافُ مِنْ سُلْطَانٍ إنْ عَارَضَهُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَقِيلَ يَشْهَدُ بِالْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَاخْتَارَهُ السَّامِرِيُّ وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ يَشْهَدُ بِمِلْكٍ بِتَصَرُّفِهِ وَعَنْهُ: مَعَ يَدِهِ. وَفِي كِتَابِ الْآدَمِيِّ: إنْ رَأَى مُتَصَرِّفًا فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ مَالِكٍ شَهِدَ لَهُ بِمِلْكِهِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَمَنْ شَهِدَ بِنِكَاحٍ اُعْتُبِرَ ذِكْرُ شُرُوطِهِ وَعَلَّلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الشَّاهِدُ صِحَّتَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ فَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ إذَا اتَّحَدَ مَذْهَبُ الشَّاهِدِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْحَاكِمِ لَا يَجِبُ التَّبْيِينُ وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ فِيمَنْ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْمَيِّتَةَ امْرَأَتُهُ وَهَذَا ابْنَهُ مِنْهَا فَإِنْ أَقَامَهَا بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَيَصْلُحُ ابْنُهُ فَهُوَ عَلَى أَصْلِ النِّكَاحِ وَالْفِرَاشُ ثَابِتٌ يَلْحَقُهُ. وَإِنْ ادَّعَتْ أَنْ هَذَا الْمَيِّتَ زَوْجُهَا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً بِأَصْلِ النِّكَاحِ وَتُعْطَى الْمِيرَاثَ وَالْبَيِّنَةُ أَنَّهُ زَوْجُهَا بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ فِي صِحَّةِ بَدَنِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَيَأْتِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ1 لَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ وَمُرَادُهُ هُنَا إمَّا لِأَنَّ الْمَهْرَ فَوْقَ مَهْرِ2 الْمِثْلِ أَوْ رِوَايَةٍ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ أَوْ احْتِيَاطًا لِنَفْيِ الِاحْتِمَالِ. وَفِي بَيْعٍ ونحوه خلاف كدعواه. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ وَفِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ خِلَافٌ كَدَعْوَاهُ انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ ذِكْرُ شُرُوطٍ وَطَعَامٍ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ3: اعْتَبَرَ ذِكْرَ شُرُوطِهِ فِي الْأَصَحِّ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ هُنَاكَ فَكَذَا يَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا ذِكْرُ الشُّرُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ. فَفِي هَذَا الْبَابِ مسألة واحدة.
فَإِنَّ مَا1 صَحَّتْ الدَّعْوَى بِهِ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ بِهِ وَبِالْعَكْسِ نَقَلَ مُثَنَّى فِيمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَقَرَّ لِأَخٍ لَهُ بِسَهْمَيْنِ مِنْ هَذَا الدَّارِ مِنْ كَذَا وَكَذَا سَهْمًا وَلَمْ يحدها فيشهد2 كَمَا سَمِعَ أَوْ يَتَعَرَّفُ حَدَّهَا؟ فَرَأَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى حُدُودِهَا فَيَتَعَرَّفَهَا وَقَالَ شَيْخُنَا: الشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ وَإِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَعْيِينِ مَا دَخَلَ فِي اللَّفْظِ قُبِلَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَأَنَّ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ الْمَحْدُودَةَ بِكَذَا لِفُلَانٍ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ هَذَا الْمُعَيَّنَ هُوَ الْمُسَمَّى وَالْمَوْصُوفُ أَوْ الْمَحْدُودُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَيُذْكَرُ لِرِضَاعٍ وَقَتْلٍ وَسَرِقَةٍ وَشُرْبٍ وَقَذْفٍ وَنَجَاسَةِ مَاءٍ قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: وَإِكْرَاهُ مَا يُعْتَبَرُ وَيَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ وَكَذَا الزِّنَا وَقِيلَ: لَا زَمَانُهُ وَمَكَانُهُ وَالْمَزْنِيُّ بِهَا وَتُقْبَلُ بِحَدٍّ قَدِيمٍ وَقِيلَ: لَا. وَإِنْ قَالَ شَاهِدُ قَتْلٍ: جَرَحَهُ فَمَاتَ فَلَغْوٌ وَعَكْسُهُ: فَقَتَلَهُ أَوْ مَاتَ مِنْهُ وَنَحْوُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ: يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْجُرْحُ إلَّا مُفَسَّرًا أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِنَجَاسَةِ مَاءٍ لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُبَيِّنَا السَّبَبَ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيمَا يُنَجِّسُهُ كَذَا قَالَ: فَيُتَوَجَّهُ مِنْهُ مِثْلُهُ فِي كُلِّ مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَقَدْ يُتَوَجَّهُ أَيْضًا مِنْ الْخِلَافِ فِي الْعُقُودِ احْتَجَّ فِي الواضح بشهادتهما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ عَلَى اعْتِبَارِ التَّفْسِيرِ لِلْجُرْحِ وَمَنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ غَيْرِهِ بِحَقٍّ فَقِيلَ: يُعْتَبَرُ ذِكْرُ سَبَبِهِ وَالْأَصَحُّ: لَا كَاسْتِحْقَاقِ مَالٍ وَإِنْ شَهِدَ بِسَبَبٍ يُوجِبُهُ أَوْ اسْتِحْقَاقِ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: وَمَنْ شَهِدَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِيمَنْ ادَّعَى إرْثًا لَا يُحْوِجُ فِي دَعْوَاهُ إلَى بَيَانِ السَّبَبِ الَّذِي يَرِثُ بِهِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي الْإِرْثَ مُطْلَقًا لِأَنَّ أَدْنَى حَالَاتِهِ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
أَنْ يَرِثَهُ بِالرَّحِمِ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِنَا فَإِذَا أَتَى بِبَيِّنَةٍ فَشَهِدَتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ كَوْنِهِ وَارِثًا حَكَمَ لَهُ. وَإِنْ شَهِدَ أَنَّ هَذَا الْغَزْلَ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ الدَّقِيقَ مِنْ حِنْطَتِهِ أَوْ الطَّيْرَ مِنْ بَيْضِهِ وَقِيلَ: أَوْ الْبَيْضَةَ مِنْ طَيْرِهِ حَكَمَ لَهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمَانِ غَيْرَهُ حَكَمَ لَهُ وَقِيلَ: يَجِبُ الِاسْتِكْشَافُ مَعَ فَقْدِ خِبْرَةٍ بَاطِنَةٍ فَيَأْمُرُ مَنْ يُنَادِي بِمَوْتِهِ وَلْيَحْضُرْ وَارِثُهُ فَإِذَا ظَنَّ لَا وَارِثَ لَهُ سَلَّمَهُ وَقِيلَ: بِكَفِيلٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ يُكْمِلُ لِذِي الْفَرْضِ فَرْضَهُ وَعَلَى الثَّانِي وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ يَأْخُذُ الْيَقِينَ وَهُوَ رُبُعُ ثُمُنٍ لِلزَّوْجَةِ عَائِلًا وَسُدُسٌ لِلْأُمِّ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
عَائِلًا مِنْ كُلِّ ذِي فَرْضٍ لَا حَجْبَ فِيهِ وَلَا يَقِينَ فِي غَيْرِهِ وَإِنْ قَالَا1 لَا نَعْلَمُ غَيْرَهُ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَكَذَلِكَ ثُمَّ إنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا وَارِثُهُ شَارَكَ الْأَوَّلَ ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ وَأَبِي الْوَفَاءِ وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. وَقِيلَ: إنْ كَانَ سَافَرَ كَشَفَ خَبَرَهُ وَمَكَانَ سَفَرِهِ وَفِي الِانْتِصَارِ وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ: إنْ شَهِدَا بِإِرْثِهِ فَقَطْ أَخَذَهَا بِكَفِيلٍ وَفِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي2 فِي كَفِيلٍ بِالْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَجْهَانِ وَاسْتِكْشَافُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَبَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَسَمَ الْمَالَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا تَنَافِي ذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَالْمُغْنِي3 قَالَ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى إثْبَاتٍ لَا وَارِثَ سِوَاهُ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ ظَاهِرًا فَإِنَّ بِحُكْمِ الْعَادَةِ يَعْلَمُهُ جَارُهُ وَمَنْ يَعْرِفُ بَاطِنَ أَمْرِهِ بِخِلَافِ دَيْنِهِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ سِوَاهُ لِخَفَاءِ الدَّيْنِ وَلِأَنَّ جِهَاتِ الْإِرْثِ يُمْكِنُ الِاطِّلَاعَ عَلَى يَقِينِ انْتِفَائِهَا، وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّفْيِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْإِعْسَارُ وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ تثبت ما يظهر ويشاهد بخلاف شهادتهما4 لا حق له عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا إذَا كَانَ النَّفْيُ مَحْصُورًا كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ دُعِيَ إلَى الصَّلَاةِ فَقَامَ فَطَرَحَ السِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ1 وَلِهَذَا قِيلَ لِلْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَخْبَارُ الصَّلَاةِ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ مُثْبَتَةٌ وَفِيهَا زِيَادَةٌ وَأَخْبَارُكُمْ نَافِيَةٌ وَفِيهَا نقصان والمثبت أولى فقال: الزيادة هنا2 مَعَ النَّافِي لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَوْتَى الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ وَلِأَنَّ الْعِلْمَ بِالتَّرْكِ وَالْعِلْمَ بِالْفِعْلِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَلِهَذَا نَقُولُ: إنَّ مَنْ قَالَ صَحِبْت فُلَانًا فِي يَوْمِ كَذَا فَلَمْ يَقْذِفْ فُلَانًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَمَا تُقْبَلُ فِي الْإِثْبَاتِ وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْنٍ بِيَدِهِ كَمَا لَا تُسْمَعُ بِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ يُنْكِرُهُ فَقِيلَ لَهُ: لَا سَبِيلَ لِلشَّاهِدِ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ: لَهُمَا سَبِيلٌ وَهُوَ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ فَأَنْكَرَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ لِلشَّاهِدِ سَبِيلًا إلَى مَعْرِفَةِ ذَلِكَ بِأَنْ يُشَاهِدَهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَقْبَلَ. وَفِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ النَّافِي لِلْحُكْمِ: لَا سَبِيلَ إلَى إقَامَةِ دَلِيلٍ عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُعْرَفُ بِأَنْ يُلَازِمَهُ الشَّاهِدُ مِنْ أَوَّلِ وُجُودِهِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَى فَيُعْلَمُ انْتِفَاءُ سَبَبِ اللُّزُومِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَهُوَ مُحَالٌ. وَفِي الْوَاضِحِ: الْعَدَالَةُ بِجَمْعِ كُلِّ فَرْضٍ وَتَرْكِ كُلِّ مَحْظُورٍ وَمَنْ يُحِيطُ بِهِ عِلْمًا والترك نفي والشهادة بالنفي لا تصح. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ أَبْطَلَ مِنْ وَصَايَاهُ وَاحِدَةً وَنَسِيَا عَيْنَهَا لَمْ تُقْبَلْ وَقِيلَ: بَلَى وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ فِي صُورَةِ الْوَصِيَّةِ. وَفِيهَا فِي التَّرْغِيبِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُقْرَعُ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا فَهِيَ الصَّحِيحَةُ وَهَلْ يَشْهَدُ عَقْدًا فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَيَشْهَدُ بِهِ؟ يُتَوَجَّهُ دُخُولُهَا فِيمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ وَفِي التَّعْلِيقِ: يَشْهَدُ وَفِي الْمُغْنِي1: لَوْ رَهَنَ الرَّهْنَ بِحَقٍّ ثَانٍ كَانَ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ فَقَطْ فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ. فَإِنْ اعْتَقَدَ إفْسَادَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَإِنْ اعْتَقَدَا صِحَّتَهُ جَازَ أَنْ يَشْهَدَا بِكَيْفِيَّةِ الْحَالِ فَقَطْ وَمَنَعَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ إذَا عَلِمَهُ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ وَلَدِهِ أَوْ تَفْضِيلِهِ وَذَكَرَهُ فِيهِ الْحَارِثِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ لَمْ يَشْهَدُوا لَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ. قِيلَ: فَإِنْ شَهِدُوا; عَلَيْهِمْ شَيْءٌ؟ قَالَ: أَعْفِنِي وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَهُ أَنْ لَا يَشْهَدُ إذَا جَاءَ مِثْلُ هَذَا وَعَرَفَ قَالَ: وَفِي حَدِيثِ بَشِيرٍ2 أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ وَهُوَ الْقَاضِي وَالْحُكْمُ إلَيْهِ. وَفِيهِ أن الحاكم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إذَا جَاءَهُ مِثْلُ هَذَا رَدَّهُ وَيُتَوَجَّهُ: يُكْرَهُ مَا ظَنَّ فَسَادَهُ وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ: يَحْرُمُ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي مَحْفِلٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ قُبِلَ وَلَوْ أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ فَشَهِدَا عَلَى الْخَطِيبِ أَنَّهُ قَالَ أَوْ فَعَلَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ شَيْئًا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ غَيْرُهُمَا قُبِلَ مَعَ الْمُشَارَكَةِ فِي سَمْعٍ وَبَصَرٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ: إذَا انْفَرَدَ وَاحِدٌ فِيمَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ مَعَ مُشَارَكَةِ خَلْقٍ رد. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب شروط من تقبل شهادته وما يمنع قبولها
بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا يَمْنَعُ قبولها مدخل ... بَابُ شُرُوطِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا الْمَذْهَبُ أَنَّهَا سِتَّةٌ: الْعَقْلُ وَالْحِفْظُ وَالْعَدَالَةُ وَالْإِسْلَامُ وَالنُّطْقُ وَالْبُلُوغُ. فَلَا شَهَادَةَ لِمَجْنُونِ وَمَعْتُوهٍ وَمُغَفَّلٍ وَمَعْرُوفٍ بِكَثْرَةِ غَلَطٍ وَسَهْوٍ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: وَنِسْيَانٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الصَّحِيحُ إلَّا فِي أَمْرٍ جَلِيٍّ يَكْشِفُهُ الْحَاكِمُ وَيُرَاجِعُهُ فِيهِ حَتَّى يَعْلَمَ تَثَبُّتَهُ وَأَنَّهُ لَا سَهْوَ وَلَا غَلَطَ فِيهِ وَغَيْرُ عَدْلٍ وَلَوْ ضَرُورَةً فِي سَفَرٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ حَفِيدُهُ: وَلَا يَسُوغُ الِاجْتِهَادُ فِي شَهَادَةِ1 فَاسِقٍ بَلْ كَافِرٍ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا عَلَى ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَلِهَذَا لَا وِلَايَةَ لَهُ كَالْمُرْتَدِّ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ. وَتُقْبَلُ فِي إفَاقَةٍ مِمَّنْ يخنق أحيانا نص عليه. وَيُعْتَبَرُ لِلْعَدَالَةِ أَمْرَانِ: صَلَاحُ دِينِهِ بِأَدَاءِ الْفَرِيضَةِ زَادَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُحَرَّرِ: بِسُنَنِهَا وَذَكَرَ الْقَاضِي وَالتَّبْصِرَةُ وَالتَّرْغِيبُ: وَالسُّنَّةُ الرَّاتِبَةُ وَأَوْمَأَ إلَيْهِ لِقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ رَجُلٌ سُوءٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: الْوَتْرُ سُنَّةٌ سَنَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِهِ فَهُوَ رَجُلُ سَوْءٍ وَأَثَّمَهُ الْقَاضِي وَمُرَادُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ تَرْكِ فَرْضٍ وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِسَنَةٍ كَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ لَكِنْ ذَكَرَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَنَّ مَنْ دَاوَمَ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ أَثِمَ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيمَنْ تَرَكَ الوتر: رجل سوء، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ سُنَّةٌ كَذَا قَالَ وَلَمْ يَحْتَجَّ لَهُ وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ "مَنْ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
انْتَقَصَ مِنْهُنَّ شَيْئًا" 1. مَعْنَاهُ مَنْ انْتَقَصَ مِنْ مَسْنُونَاتِهَا الرَّاتِبَةِ مَعَهَا لَمَّا كَانَتْ مُضَافَةً إلَيْهَا وَتَبَعًا لَهَا جَازَ أَنْ يَكُونَ الْخِطَابُ عَطْفًا عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ وَقَالَ فِي مَسْأَلَةَ الْوَتْرِ عَنْ قَوْلِ أَحْمَدَ فِيمَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا: رَجُلُ سَوْءٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ فَإِنَّهُ لَا شَهَادَةَ لَهُ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ وَاجِبٌ وَلَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا فِيمَنْ تَرَكَهُ طُولَ عُمْرِهِ أَوْ أَكْثَرَهُ فَإِنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذَا دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا لِأَنَّهُ بِالْمُدَاوَمَةِ يَحْصُلُ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" 2. وَلِأَنَّهُ ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْمُدَاوَمَةِ تَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سَنَةً وَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُشْرِكِينَ لَا تَتَرَاءَى نَارَاهُمَا" 1. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ2 فِي أَنَّهُ يُكَثِّرُ جَمْعَهُمْ وَيَقْصِدُ نَصْرَهُمْ وَيَرْغَبُ فِي دِينِهِمْ وَكَلَامُ أَحْمَدَ خَرَجَ عَلَى هَذَا وَكَذَا فِي الْفُصُولِ: الْإِدْمَانُ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ غَيْرُ جَائِزٍ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ. وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْوَتْرِ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَكَمَ بِفِسْقِهِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ: مَنْ تَرَكَ الْوَتْرَ لَيْسَ عَدْلًا وَقَالَهُ شَيْخُنَا فِي الْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا عَمِلْتَ الْخَيْرَ زَادَ وَإِذَا ضَيَّعْتَ3 نَقَصَ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَنْ تَرَكَ النَّوَافِلَ الَّتِي لَيْسَتْ رَاتِبَةً مَعَ الْفَرَائِضِ لَا تَصِفُهُ بِنُقْصَانِ الْإِيمَانِ. وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ قِيلَ: لَا بَأْسَ بِتَرْكِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَأْتِ بِهَا إلَّا إذَا صَلَّى بِالْجَمَاعَةِ وَبِدُونِهَا لَا تَكُونُ سُنَّةً وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا بِحَالٍ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ كالواجبة كذا قالوا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً قِيلَ: وَلَا يُدْمِنُ وَقِيلَ: وَلَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ: ثَلَاثًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: بِأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْهَا وَلَا يُصِرَّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا م 1. وَفِي الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ: لَا صَغِيرَةَ مَعَ إصْرَارٍ وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ1. وَعَنْهُ: تُرَدُّ بِكَذَبَةٍ2 وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي3 وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ وَقَاسَ عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الصَّغَائِرِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْكَذِبَ مَعْصِيَةٌ فِيمَا تَحْصُلُ بِهِ الشَّهَادَةُ وَهُوَ الْخَبَرُ أَخَذَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ مِنْهَا أَنَّهُ كَبِيرَةٌ كَشَهَادَتِهِ بِالزُّورِ أَوْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ أَيْضًا اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ بِأَنْ لَا يَأْتِيَ كَبِيرَةً قِيلَ: وَلَا يُدْمِنُ وَقِيلَ: وَلَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ: ثَلَاثًا. وَفِي التَّرْغِيبِ: بِأَنْ لَا يُكْثِرَ مِنْهَا وَلَا يُصِرَّ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا. انْتَهَى. الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنْ لَا يُدْمِنَ عَلَى صَغِيرَةٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ لَا يَتَكَرَّرَ مِنْهُ صَغِيرَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ اخْتَارَهُ. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ لَا يتكرر منه صغيرة ثلاثا قطع به في5 آداب المفتي.
ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَيُعْرَفُ الْكَذَّابُ بِخُلْفِ الْمَوَاعِيدِ نقله عبد الله. وَيَجِبُ الْكَذِبُ إنْ تَخَلَّصَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنْ الْقَتْلِ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ وَاجِبًا. وَيُبَاحُ لِإِصْلَاحٍ وَحَرْبٍ وَزَوْجَةٍ لِلْخَبَرِ1. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكُلُّ مَقْصُودٍ مَحْمُودٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ وَهُوَ التَّوْرِيَةُ فِي ظَاهِرِ نقل حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مُطْلَقًا م 2. وَمَنْ جَاءَهُ طَعَامٌ فَقَالَ لَا آكُلُهُ ثُمَّ أَكَلَ فَكَذِبٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يفعل، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّوْرِيَةُ فِي ظَاهِرِ نَقْلِ حنبل وظاهر نقل ابن منصور والأصحاب مطلقا انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُبَاحُ الْكَذِبُ فِي مَوَاضِعِهِ فَهَلْ هُوَ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالصَّوَابُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ مَهْمَا أَمْكَنَ الْمَعَارِيضُ حَرُمَ الْكَذِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ بِهِ آخَرُونَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إذَنْ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ الْجَوَازُ وَلَوْ أَمْكَنَ الْمَعَارِيضُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادٌ انْتَهَى. "2وَنَصَرَ فِي مَوْضِعٍ آخر ظاهر كلام الأصحاب والأحاديث2".
نَقَلَهُ الْمَرْوَزِيُّ. وَمَنْ كَتَبَ لِغَيْرِهِ كِتَابًا فَأَمْلَى عَلَيْهِ كَذِبًا لَمْ يَكْتُبْهُ نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ. قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَقَدْ يَقَعُ الْفِسْقُ بِكُلِّ مَا فِيهِ ارْتِكَابٌ لِنَهْيٍ وَإِنْ خَلَا عَنْ حَدٍّ أَوْ وَعِيدٍ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يُفَسِّقْهُ بِشُرْبِ مُسْكِرٍ لِلْخِلَافِ وَلَا بِكَذِبَةٍ أَوْ تَدْلِيسٍ فِي بَيْعٍ وَغِشٍّ فِي تِجَارَةٍ. وَظَاهِرُ الْكَافِي1: الْعَدْلُ مَنْ رَجَحَ خَيْرُهُ وَلَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً لِأَنَّ الصَّغَائِرَ تَقَعُ مُكَفِّرَةً أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا تَجْتَمِعُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَقُلْنَا بِهِ وَظَاهِرُ الْعُدَّةِ لِلْقَاضِي: وَلَوْ أتى كبيرة قال شيخنا: صرح2 به في قياس الشبه واحتج فِي الْكَافِي3 وَالْعُدَّةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} الآية [الأعراف: 8] . وَعَنْهُ فِيمَنْ أَكَلَ الرِّبَا: إنْ أَكْثَرَ لَمْ يُصَلَّ خَلْفَهُ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: فَاعْتَبَرَ الْكَثْرَةَ وَفِي الْمُغْنِي4: إنْ أَخَذَ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً وَتَكَرَّرَ رُدَّتْ. وَعَنْهُ فِيمَنْ وَرِثَ مَا أَخَذَهُ مَوْرُوثُهُ مِنْ الطَّرِيقِ: هَذَا أَهْوَنُ لَيْسَ هُوَ أَخْرَجَهُ وَأَعْجَبُ إلَيَّ أَنْ يَرُدَّهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا: لَا يَكُونُ عَدْلًا حَتَّى يَرُدَّ مَا أَخَذَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَهِيَ مَا فِيهِ حَدٌّ أَوْ وَعِيدٌ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعِنْدَ شَيْخِنَا: أَوْ غَضَبٌ أَوْ لَعْنَةٌ أَوْ نَفْيُ الْإِيمَانِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ نَفْيُ الْإِيمَانِ لِأَمْرٍ1 مُسْتَحَبٍّ بَلْ لِكَمَالٍ وَاجِبٍ. قَالَ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْكُمَ كَلَامَ أَحْمَدَ إلَّا عَلَى مَعْنًى يُبَيِّنُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُ لَا عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فِي كَلَامِهِ كُلُّ أَحَدٍ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا الْبَابِ "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا" 2، "وَمَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا " 3. وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمُشُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْت: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ". حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد4. وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: إنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ مُخْرِجٌ إلَى الْفِسْقِ قَالَ: وَمُرَادُهُ فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ مَا أُمِرْنَا بِهِ أَوْ لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِنَا أَوْ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِنَا: وَذُكِرَ أَيْضًا مَا مَعْنَاهُ: مُرَادُهُ أَنَّ مَا وَرَدَ فِيهِ لَفْظُ الْكُفْرِ أَوْ الشِّرْكِ لِلتَّغْلِيظِ وَأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَعَنْهُ الْوَقْفُ فَلَا نَقُولُ بِكُفْرٍ نَاقِلٍ عَنْ الْمِلَّةِ وَلَا غَيْرِهِ قَالَ: وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ أَخْبَارٌ بِلَفْظٍ آخَرَ كَقَوْلِ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَفَ بالأمانة" 5. وسأله علي بن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سَعِيدٍ1 عَنْ قَوْلِهِ: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا". قَالَ: لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّشْدِيدِ وَلَا أُكَفِّرُ أَحَدًا إلَّا بِتَرْكِ الصَّلَاةِ. قَالَ شَيْخُنَا: مَنْ شَهِدَ عَلَى إقْرَارٍ كَذِبٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ أَوْ تَكَرَّرَ نَظَرُهُ إلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ وَالْقُعُودِ لَهُ بِلَا حَاجَةٍ شَرْعِيَّةٍ قَدْحٌ فِي عَدَالَتِهِ قَالَ: وَلَا يَسْتَرِيبُ أَحَدٌ فِيمَنْ صَلَّى مُحْدِثًا أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ بِلَا قِرَاءَةٍ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. وَفِي الْفُصُولِ وَالْغُنْيَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: الْغِيبَةُ وَالنَّمِيمَةُ مِنْ الصَّغَائِرِ. وَفِي مُعْتَمَدِ الْقَاضِي: مَعْنَى الْكَبِيرَةِ أَنَّ عِقَابَهَا أَعْظَمُ وَالصَّغِيرَةِ أَقَلُّ وَلَا يُعْلَمَانِ إلَّا بِتَوْقِيفٍ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ تَكَرَّرَتْ الصَّغَائِرُ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: تَجْتَمِعُ وَتَكُونُ كَبِيرَةً. وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ لَا تَجْتَمِعُ وَهُوَ يُشْبِهُ مَقَالَةَ الْمُعْتَزِلَةِ إذْ قَوْلُهُمْ لَا يَجْتَمِعُ مَا لَيْسَ بِكَبِيرٍ فَيَكُونُ كَبِيرًا كَمَا لَمْ يَجْتَمِعْ مَا لَيْسَ بِكُفْرٍ فَيَكُونُ كُفْرًا. وَعَنْهُ: الْعَدْلُ مَنْ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ رِيبَةٌ. وَمَنْ قَلَّدَ فِي خَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَفْيِ الرُّؤْيَةِ وَنَحْوِهِمَا فُسِّقَ اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَهُ في الواضح ويتخرج من2 شَهَادَةِ الذِّمَّةِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ مَا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِهَا لِمُوَافِقِهِ عَلَى مُخَالِفِهِ وَعَنْهُ: يَكْفُرُ كَمُجْتَهِدٍ وَعَنْهُ فِيهِ: لَا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ فِي رِسَالَتِهِ إلى صاحب التخليص؛. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لِقَوْلِ أَحْمَدَ لِلْمُعْتَصَمِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ فِيمَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ كُنْت لَا أُكَفِّرُهُ حَتَّى قَرَأَتْ قَوْله تَعَالَى: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وَغَيْرَهَا فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَدْرِي عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَمْ لَا كَفَرَ. وَفِي الْفُصُولِ فِي الْكَفَاءَةِ فِي جَهْمِيَّةٍ وَوَاقِفِيَّةٍ وَحَرُورِيَّةٍ وَقَدَرِيَّةٍ وَرَافِضَةٍ: إنْ نَاظَرَ وَدَعَا كَفَرَ وَإِلَّا لَمْ يَفْسُقْ لِأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَالَ: يُسْمَعُ حَدِيثُهُ وَيُصَلَّى خَلْفَهُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ عَامَّةَ الْمُبْتَدَعَةِ فَسَقَةٌ كَعَامَّةِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ كُفَّارٌ مَعَ جَهْلِهِمْ قَالَ: وَالصَّحِيحُ لَا كُفْرَ لِأَنَّ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَجَازَ الرِّوَايَةَ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ. وَفِي الْفُنُونِ أَنَّ أَحْمَدَ تَرَامَتْ بِهِ الرِّوَايَاتُ فِي الْأُصُولِ كَالْمِعْرَاجِ يَقَظَةً أَمْ مَنَامًا وَهَلْ الْأَعْمَالُ مِنْ الْإِيمَانِ؟ وَالْأَخْبَارُ هَلْ تَتَأَوَّلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَوْلَى إنْ كَانَتْ بَاطِلَةً لَمْ يَسْلَمْ وَلَمْ يَعْدِلْ بِالثَّانِيَةِ. وَلَا يُفَسَّقُ الْأَصْحَابُ وَلَيْسَ فِي الدِّينِ مُحَابَاةٌ وَإِنْ كَفَّرْتُمْ السَّلَفَ بِالِاخْتِلَافِ تَأَسَّيْنَا بِهِمْ وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنَّ قَدَرِيَّةَ أَهْلِ الْأَثَرِ كَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ وَالْأَصَمِّ مُبْتَدِعَةٌ وَفِي شَهَادَتِهِمْ وَجْهَانِ وَأَنَّ الْأَوْلَى لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ أَقَلَّ مَا فِيهِ الْفِسْقُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ السِّرِّ الْمَصُونِ: رَأَيْت جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ أَقْدَمُوا عَلَى تَكْفِيرِ الْمُتَأَوِّلِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِالْكُفْرِ عَلَى مَنْ خَالَفَ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ حَالُهُ تَأْوِيلًا وَأَقْبَحُ حَالًا مِنْ هؤلاء ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمُكَفِّرِينَ قَوْمٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ كَفَّرُوا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعَقِيدَةَ بِأَدِلَّتِهَا الْمُحَرَّرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلشَّرِيعَةِ فَإِنَّهَا حَكَمَتْ بِإِسْلَامِ أَجْلَافِ الْعَرَبِ وَالْجُهَّالِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. وَجَزَمَ فِي الْفُنُونِ فِي مَكَان بِأَنَّ الْإِسْرَاءَ يَقَظَةً كَقَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّهُ لَا يُسَبِّحُ نَفْسَهُ إلَّا عِنْدَ كَبِيرَةٍ وَالْعَبْدُ لِلرُّوحِ وَالْجَسَدِ وَلَا مَعْنَى لِذِكْرِ الْمَسَافَةِ فِي الْمَنَامِ وَلِأَنَّ الْمَنَامَ لَا يَحْتَاجُ إلَى سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَلَوْ كَانَ مَنَامًا لَمْ يُنْكِرُوهُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي خَبَرِ غَيْرِ1 الدَّاعِيَةِ رِوَايَاتٍ: الثَّالِثَةُ إنْ كَانَتْ مُفَسِّقَةً قُبِلَ. وَإِنْ كَانَتْ مُكَفِّرَةً رُدَّ وسبقت المسألة في البغاة2 واختار شيخنا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يُفَسَّقُ أَحَدٌ وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ فِي الْمُقَلِّدِ كَالْفُرُوعِ لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا لَيْسَتْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَلَا تَصِحُّ وَإِنْ نَهَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ لِعِلَّةِ الْهَجْرِ وَهِيَ تَخْتَلِفُ وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِ الْخَلَّالُ عَنْ قَوْمٍ لِنَهْيِ الْمَرُّوذِيِّ ثُمَّ رَوَى عَنْهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ: وَجَعَلَ الْقَاضِي الدُّعَاءَ إلَى الْبِدْعَةِ قِسْمًا غَيْرَ دَاخِلٍ فِي مُطْلَقِ الْعَدَالَةِ وَالْبِدْعَةِ الْمُفَسِّقَةِ وَعَنْهُ: الدَّاعِيَةُ كَتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدِهِمْ أَوْ لَمْ يَرَ مَسْحَ الْخُفِّ أَوْ غَسْلَ الرِّجْلِ وَعَنْهُ: لَا يَفْسُقُ مَنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ وَفِيمَنْ رَأَى الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ وَنَحْوِهِ التَّسْوِيَةُ نَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: إنْ كَانَ جَاهِلًا لَا عِلْمَ لَهُ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ بَأْسٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ لَا يَفْسُقُ الْمُقَلِّدُ فِيهَا لِخِفَّتِهَا مِثْلُ مَنْ يُفَضِّلُ عَلِيًّا عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ وَيَقِفُ عَنْ تَكْفِيرِ مَنْ كَفَّرْنَاهُ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ ابْنِ هَانِئٍ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلَ الْمَرُّوذِيِّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إنَّ قَوْمًا يُكَفِّرُونَ مَنْ لَا يُكَفِّرُ فَأَنْكَرَهُ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ: مَنْ يَجْتَرِئُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ كَافِرٌ؟ يَعْنِي مَنْ لَا يَكْفُرُ وَهُوَ يَقُولُ: الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا فِيهَا الدَّاعِيَةَ فَإِنَّا نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا كَمَنْ يَقُولُ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ أَنَّ أَلْفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ أَوْ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّ أَسْمَاءَهُ مَخْلُوقَةٌ أَوْ أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ أو يسب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الصَّحَابَةَ تَدَيُّنًا أَوْ أَنَّ الْإِيمَانَ مُجَرَّدُ الِاعْتِقَادِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَمَنْ كَانَ عَالِمًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْبِدَعِ يَدْعُو إلَيْهِ وَيُنَاظِرُ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ نَصَّ أَحْمَدُ صَرِيحًا عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ قَالَ: وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِ الْقَدَرِيَّةِ بِنَفْيِ خَلْقِ الْمَعَاصِي عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَلَهُ فِي الْخَوَارِجِ كَلَامٌ يَقْتَضِي فِي تَكْفِيرِهِمْ رِوَايَتَيْنِ. نَقَلَ حَرْبٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ صَاحِبِ بِدْعَةٍ وَلَا شَهَادَةُ قَاذِفِ حَدٍّ أَوْ لَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي بَكْرَةَ: إنْ تُبْت قُبِلَتْ شَهَادَتُك. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ1 وَاحْتَجُّوا بِهِ مَعَ اتِّفَاقٍ لِلنَّاسِ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ مَعَ أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَقْبَلْ شَهَادَتَهُ لِعَدَمِ تَوْبَتِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْآيَةَ إنْ تَنَاوَلَتْهُ لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِفِسْقِهِ وَإِلَّا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ كَرِوَايَتِهِ لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَيُتَوَجَّهُ تَخَرُّجُ رِوَايَةِ: بَقَاءِ عَدَالَتِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ. وَفِي الْعُدَّةِ لِلْقَاضِي: فَأَمَّا أَبُو بَكْرَةَ وَمَنْ جُلِدَ مَعَهُ فَلَا يُرَدُّ خَبَرُهُمْ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا مَجِيءَ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الْقَذْفِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ وَيُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِمَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَلِأَنَّ نُقْصَانَ الْعَدَدِ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ سَبَبًا فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَتَوْبَتُهُ تَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِكَذِبِهِ حُكْمًا. وَقَالَ الْقَاضِي وَالتَّرْغِيبُ: إنْ كان شهادة قال: القذف حرام باطل، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
"1ندمت عليه1" وَلَنْ أَعُودَ إلَى مَا قُلْت وَجَزَمَ فِي الْكَافِي2 أَنَّ الصَّادِقَ يَقُولُ قَذْفِي لِفُلَانٍ بَاطِلٌ نَدِمْتُ عَلَيْهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ فَاسِقٍ بِتَوْبَتِهِ لِحُصُولِ الْمَغْفِرَةِ بِهَا وَهِيَ النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْعَزْمُ أَنْ لَا يَعُودَ وَقِيلَ: مَعَ قَوْلِ إنِّي تَائِبٌ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ: مُجَانَبَةُ قَرِينَةٍ فِيهِ وَعَنْهُ: مَعَ صَلَاحِ الْعَمَلِ سَنَةً وَقِيلَ فِيمَنْ فِسْقُهُ بِفِعْلٍ وَذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ رِوَايَةً وَعَنْهُ فِي مُبْتَدِعٍ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْحَلْوَانِيُّ لِتَأْجِيلِ عُمَرَ صَبِيغًا سنة3، وَقِيلَ فِي فَاسِقٍ وَقَاذِفٍ مُدَّةً يُعْلَمُ حَالُهُمَا. وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَامِدٍ: يَجِيءُ عَلَى مَقَالَةِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا: مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا وُجُودُ أَعْمَالٍ صالحة لظاهر الآية {إِلَّا مَنْ تَابَ} [مريم: 60] ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَنْ أَسَاءَ أُخِذَ بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ" 4. قَالَ: وَإِنْ عَلَّقَ تَوْبَتَهُ بِشَرْطٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ تَائِبٍ حَالًا وَلَا عِنْدَ وُجُودِهِ وَيُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلِمَةِ وَأَنْ يَسْتَحِلَّهُ أَوْ يَسْتَمْهِلَهُ مُعْسِرٌ وَمُبَادَرَتُهُ إلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى حَسَبَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَذَكَرَ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ: يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمَظْلِمَةِ أَوْ بَدَلِهَا أَوْ نِيَّةُ الرَّدِّ مَتَى قَدَرَ وَعَنْهُ: لا تقبل توبة مبتدع اختاره ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أَبُو إِسْحَاقَ. وَمَنْ أَتَى فَرْعًا مُخْتَلَفًا فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: لَا كَمُتَأَوِّلٍ وَفِيهِ فِي الْإِرْشَادِ1: إلَّا أَنْ يُجِيزَ رِبَا الْفَضْلِ أَوْ يَرَى الْمَاءَ مِنْ الْمَاءِ لِتَحْرِيمِهَا الْآنَ وَذَكَرَهُمَا شَيْخُنَا مِمَّا خَالَفَ النَّصَّ مِنْ جِنْسِ مَا يَنْقُضُ فِيهِ حُكْمَ الْحَاكِمِ وَقَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي دُخُولِ الْفُقَهَاءِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ. فَأَدْخَلَهُمْ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَخْرَجَهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَفِي التَّبْصِرَةِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ أَكَلَ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَزَوَّجَ بِنْتَهُ مِنْ الزِّنَا أَوْ أُمَّ مَنْ زَنَى بِهَا احْتِمَالٌ: تُرَدُّ وَعَنْهُ: يَفْسُقُ مُتَأَوِّلٌ لَمْ يَسْكَرْ مِنْ نَبِيذٍ اخْتَارَهُ فِي الْإِرْشَادِ2 وَالْمُبْهِجِ كَحَدِّهِ لِأَنَّهُ3 يَدْعُو إلَى الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالسُّنَّةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ بِأَنَّهُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى فَاعِلِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ رِوَايَتَانِ كَذِمِّيٍّ شَرِبَ خَمْرًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوجَزِ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ شَيْخِنَا. نَقَلَ مُهَنَّا: مَنْ أَرَادَ شُرْبَهُ يَتَّبِعُ فِيهِ مَنْ شَرِبَهُ فَلْيُشْرِبْهُ وَحَدَّهُ. وَعَنْهُ: أُجِيزَ شَهَادَتُهُ وَلَا أَصْلِي خَلْفَهُ "4وَأَحَده4" وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمُسْتَحِلُّ لِشُرْبِ الْخَمْرِ بِعَيْنِهَا مُقِيمًا عَلَى ذَلِكَ بِاسْتِحْلَالٍ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ لَهُ وَلَا نَازِعًا عَنْهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَالْقَتْلُ مِثْلُ الْخَمْرَةِ بِعَيْنِهَا وَمَا أَشْبَهَهَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ بِلَا اسْتِحْلَالٍ وَلَا رَدٍّ لِكِتَابِ اللَّهِ حُدَّ فَلَوْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ فَيُتَوَجَّهُ فِي حَدِّهِ رِوَايَتَانِ مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فيه واحتج الشَّيْخُ بِهَذَا عَلَى حَدِّ مُعْتَقِدِ حِلِّهِ وَأَنَّ بِهَذَا فَارَقَ النِّكَاحَ بِلَا وَلِيٍّ وَهِيَ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: الْمُسْكِرُ خَمْرٌ وَلَيْسَ يَقُومُ مَقَامَ الْخَمْرَةِ بِعَيْنِهَا فَإِنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلًّا قُتِلَ. وَإِنْ لَمْ يُجَاهِرْ وَلَمْ يُعْلِنْ وَلَمْ يَسْتَحِلَّهَا حُدَّ وَيُضَعَّفُ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْأَشْهَرِ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ وَبَقَاءِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ أَضْيَقَ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ أَوْسَعُ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحَدِّ التَّحْرِيمُ فَيَفْسُقُ بِهِ أَوْ إنْ تَكَرَّرَ وَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَعَدَمُ الْحَدِّ أَوْلَى. وَعَنْهُ: مَنْ أَخَّرَ الْحَجَّ قَادِرًا كَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ الزَّكَاةَ نَقَلَهُ صَالِحٌ وَالْمَرُّوذِيُّ وَقِيَاسُ الْأَوِّلَةِ مَنْ لَعِبَ بِشِطْرَنْجٍ وَيَسْمَعُ غِنَاءً بِلَا آلَةٍ قَالَهُ فِي الْوَسِيلَةِ لَا بِاعْتِقَادِ إبَاحَتِهِ. وَمَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ فَنَصُّهُ: يَفْسُقُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى جَهَالَةٍ بِلَا اسْتِحْلَالٍ وَلَا رَدٍّ لِكِتَابِ اللَّهِ حُدَّ فَلَوْ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ فَيُتَوَجَّهُ فِي حَدِّ رِوَايَتَا مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ انْتَهَى. قَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ حَدِّ الزِّنَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَكَذَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ على هذا التوجيه.
وَقَالَ شَيْخُنَا: كَرِهَهُ الْعُلَمَاءُ وَذَكَرَ الْقَاضِي غَيْرَ متأول أو مقلد ويتوجه أيضا تخريج ممن تَرَكَ شَرْطًا أَوْ رُكْنًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يُعِيدُ فِي رِوَايَةٍ وَيُتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يُنْقَضْ فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَقِيلَ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرَاوِيَتَانِ م3. وَأَمَّا لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ وِفَاقًا لِمَالِكٍ والشافعي وعدمه أشهر م4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ مَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ فَنَصَّهُ: يَفْسُقُ وَذَكَرَ الْقَاضِي: غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ أَوْ مقلد ويتوجه أيضا تخريج ممن ترك شرطا أَوْ رُكْنًا مُخْتَلَفًا فِيهِ لَا يُعِيدُ فِي رِوَايَةٍ وَيُتَوَجَّهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يَنْقُصْ فِيهِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَقِيلَ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ وَهُوَ كَوْنُهُ يَفْسُقُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمُذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَفْسُقُ إلَّا الْعَالِمُ مَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فَإِنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَلِقُوَّةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ لَا يَفْسُقُ الْجَاهِلُ وَلَا الْعَالِمُ مَعَ قُوَّةِ الدَّلِيلِ وَمَعَ ضَعْفِ الدَّلِيلِ فِي فِسْقِهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي فِسْقِ مَنْ أَخَذَ بِالرُّخَصِ رِوَايَتَيْنِ وَإِنْ قَوِيَ دَلِيلٌ أَوْ كَانَ عَامِّيًّا فَلَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: كَذَا قَالَ: فَرَدَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ فِي أُصُولِهِ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَأَمَّا لُزُومُ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَةٍ فَفِيهَا وَجْهَانِ..... وَعَدَمُهُ أَشْهُرُ. انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: جُمْهُورُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ لَا يُوجِبُونَ ذَلِكَ نَقَلَهُ فِي
وفي لزوم طَاعَةُ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ: جَوَازُهُ فِيهِ مَا فِيهِ قَالَ: وَمَنْ أَوْجَبَ تَقْلِيدَ إمَامٍ بِعَيْنِهِ اُسْتُتِيبَ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ قَالَ يَنْبَغِي كَانَ جَاهِلًا ضَالًّا قَالَ: وَمَنْ كَانَ مُتَّبِعًا لِإِمَامٍ فَخَالَفَهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ أَوْ لِكَوْنِ أَحَدِهِمَا أَعْلَمُ وَأَتْقَى فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: فِي هَذِهِ الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. وَقَالَ أَيْضًا: بَلْ يَجِبُ وَأَنَّ أَحْمَدَ نص عليه. الثَّانِي: الْمُرُوءَةُ بِفِعْلِ مَا يُجَمِّلُهُ وَيُزَيِّنُهُ وَتَرْكِ ما يدنسه ويشينه عادة، ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآدَابِ الْكُبْرَى وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى يَلْزَمُ كُلَّ مُقَلِّدٍ أَنْ يَلْتَزِمَ بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ: فِي الْأَشْهَرِ فَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَ أَهْلِهِ وَقِيلَ: بَلَى وَقِيلَ: ضَرُورَةٌ فَإِنْ الْتَزَمَ بِمَا يُفْتَى بِهِ أَوْ عَمِلَ أَوْ ظَنَّهُ حَقًّا أَوْ لَمْ يَجِدْ مُفْتِيًا آخَرَ لَزِمَهُ قَبُولُهُ وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي أُصُولِهِ: وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: هَلْ يَلْزَمُ الْمُقَلِّدَ التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ وَامْتِنَاعُ الِانْتِقَالِ إلَى غَيْرِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَقَالَ: عَدَمُ اللُّزُومِ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَيُخَيَّرُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ عَدَمُ اللُّزُومِ انْتَهَى. وَاخْتَارَ الْآمِدِيُّ مَنْعَ الِانْتِقَالِ فِيمَا عَمِلَ بِهِ وَعِنْدَ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: يَجْتَهِدُ فِي أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ فَيَتَّبِعُهُ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ وَهُوَ الصَّوَابُ.
فَلَا شَهَادَةَ لِمُصَافَعٍ1 وَمُتَمَسْخِرٍ وَمُتَزَيٍّ بِزِيٍّ يُسْخَرُ مِنْهُ وَمُغَنٍّ وَرَقَّاصٍ وَمُشَعْبِذٍ وَلَاعِبٍ بِشِطْرَنْجِ وَذَكَرَ فِيهِ الْقَاضِي وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَلَوْ مُقَلِّدًا أَوْ نَرْدٍ وَحَمَامٍ أَوْ يَسْتَرْعِيه مِنْ الْمَزَارِعِ نَقَلَهُ بَكْرٌ. وَكُلُّ لَعِبٍ فِيهِ دَنَاءَةٌ وَأُرْجُوحَةٌ وَأَحْجَارٌ ثَقِيلَةٌ وَأَكْلٍ فِي سُوقٍ بِحَضْرَةِ النَّاسِ. وَفِي الْغُنْيَةِ: أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ وَدَاخِلَ حَمَّامٍ بِلَا مِئْزَرٍ وَمَادٍّ رِجْلَيْهِ بِمَجْمَعِ النَّاسِ وَكَشْفِهِ مِنْ بَدَنِهِ مَا الْعَادَةُ تَغْطِيَتُهُ وَنَوْمِهِ بَيْنَ جُلُوسٍ وَخُرُوجِهِ عَنْ مُسْتَوَى الْجُلُوسِ بِلَا عُذْرٍ وَمُتَحَدِّثٍ بِمُبَاضَعَةِ أَهْلِهِ وَمُخَاطَبَتِهَا بِخِطَابٍ فَاحِشٍ بَيْنَ النَّاسِ وَحَاكِي الْمُضْحِكَاتِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِي الْفُنُونِ; وَالْقَهْقَهَةُ وَأَنَّ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَالنَّزَاهَةِ عَدَمَ2 الْجُلُوسِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ فَإِنْ جَلَسَ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ حَقِّهِ: غض البصر3 وَإِرْشَادُ الضَّالِّ وَرَدُّ السَّلَامِ وَجَمْعُ اللُّقَطَةِ لِلتَّعْرِيفِ وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكِرٍ. قَالَ فِي الْغُنْيَةِ: يُكْرَهُ تَشَدُّقُهُ بِضَحِكٍ وَقَهْقَهَةٍ وَرَفْعُ صَوْتِهِ بِلَا حَاجَةٍ وَقَالَ: وَمَضْغُ الْعَلْكِ لِأَنَّهُ دَنَاءَةٌ وَإِزَالَةُ دَرَنِهِ بِحَضْرَةِ نَاسٍ وَكَلَامُهُ بِمَوْضِعٍ قَذِرٍ كَحَمَّامٍ وَخَلَاءٍ وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَرُدُّهُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَالْمُصَارِعُ وَبَوْلُهُ فِي شَارِعٍ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: وَمَنْ بَنَى حَمَّامًا لِلنِّسَاءِ "4بِمَا يحرم4". ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الرِّعَايَةِ: وَدَوَامُ اللَّعِبِ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ أَوْ اخْتَفَى بِمَا يَحْرُمُ مِنْهُ قُبِلَتْ وَيَحْرُمُ شِطْرَنْجٌ فِي الْمَنْصُوصِ كَمَعَ عِوَضٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا1 وَكَنَرْدٍ وِفَاقًا لِلَّائِمَةِ الثَّلَاثَةِ وَعِنْدَ شَيْخِنَا هُوَ شَرٌّ مِنْ نَرْدٍ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى لَاعِبٍ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَكَرِهَ أَحْمَدُ اللَّعِبَ بِحَمَامٍ وَيَحْرُمُ لِيَصِيدَ بِهِ حَمَامَ غَيْرِهِ وَيَجُوزُ لِلْأُنْسِ بِصَوْتِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ باستدامته وجهان. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ يَعْنِي إذَا مَلَكَ الْحَمَامَ لِلْأُنْسِ بِهَا وَاسْتِفْرَاخِهَا وَكَذَا لِحَمْلِ الْكُتُبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يُكْرَهُ وَفِي رَدِّ الشَّهَادَةِ بِاسْتِدَامَتِهِ وَجْهَانِ وَالصَّوَابُ أَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُرَدُّ بِاِتِّخَاذِهَا لِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وغيره وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ فِي قِرَاءَةِ الْأَلْحَانِ: وَقَالَ جَمَاعَةٌ إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ إطْلَاقُ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ أَحْمَد كَرِهَ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ طَبْعًا: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّارِحِ إنْ لَمْ
وَكَرِهَ أَحْمَدُ قِرَاءَةَ الْأَلْحَانِ وَقَالَ: بِدْعَةٌ لَا تُسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ مُحْدَثٍ لَا يُعْجِبُنِي إلَّا أَنْ يَكُونَ طَبْعَ الرَّجُلِ كَأَبِي مُوسَى1 وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ: أَوْ يُحَسِّنُهُ بِلَا تَكَلُّفٍ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: إنْ غَيَّرَتْ النَّظْمَ حَرُمَتْ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ فِي الْكَرَاهَةِ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: يَحْرُمُ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يُكْرَهُ وَقِيلَ: لَا وَلَمْ يُفَرِّقْ. وَيُكْرَهُ غِنَاءٌ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يَحْرُمُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَهُ فِي الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةً لِلصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تقرأ بالألحان وذكر القاضي عياض الْإِجْمَاعَ عَلَى كُفْرِ مَنْ اسْتَحَلَّهُ وَقِيلَ: يُبَاحُ وَكَذَا اسْتِمَاعُهُ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا: يَحْرُمُ مَعَ آلَةِ لَهْوٍ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَنَا وَكَذَا قَالُوا هُمْ وَابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ الْمُغَنِّي امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَيَعْقُوبُ: أَنَّ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ الدُّفِّ فِي الْعُرْسِ بِلَا غِنَاءٍ فَلَمْ يَكْرَهْهُ. وَيُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ "2وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ بَنَاهُ لِلنِّسَاءِ2". ـــــــــــــــــــــــــــــQيُفْرِطْ فِي التَّمْطِيطِ وَالْمَدِّ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يُكْرَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَرَدَّاهُ وَإِنْ أَسْرَفَ فِي الْمَدِّ وَالتَّمْطِيطِ وَإِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ كُرِهَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ كان يحرمه. انتهى.
وَالشِّعْرُ كَالْكَلَامِ سَأَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ عَمَّا يَكْرَهُ مِنْهُ قَالَ: الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ وَأَمَّا الْكَلَامُ الْجَاهِلِيُّ فَمَا أَنْفَعُهُ. وَسَأَلَهُ عَنْ الْخَبَرِ: "لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا" 1. فَتَلَكَّأَ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ النَّضْرِ: لَمْ تَمْتَلِئْ أَجْوَافُنَا لِأَنَّ فِيهَا الْقُرْآنَ وَغَيْرَهُ وَهَكَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَلَا فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا قَالَ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ. وَإِنْ فَرَّطَ شَاعِرٌ بِالْمِدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسِهِ بِعَكْسِهِ أَوْ شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ2 مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ فِي الْفُصُولِ وَالتَّرْغِيبِ: تُرَدُّ كَدَيُّوثٍ وَلَا تَحْرُمُ رِوَايَتُهُ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي3 وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَرْوِيَ الهجاء. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَلِيمَةِ: تَحْرِيمُ الْغَزَلِ بِصِفَةِ الْمُرْدِ وَالنِّسَاءِ الْمُهَيِّجَةِ لِلطَّبَّاعِ إلَى الْفَسَادِ. وَيُكْرَهُ حَبْسُ الطَّيْرِ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ م 5 وَقِيلَ: يَحْرُمُ كَمُخَاطَرَتِهِ بِنَفْسِهِ فِي رَفْعِ الْأَعْمِدَةِ وَالْأَحْجَارِ الثَّقِيلَةِ وَالثَّقَافَةِ1. قَالَ شَيْخُنَا: وَتَحْرُمُ مُحَاكَاةُ النَّاسِ لِلضَّحِكِ وَيُعَزَّرُ هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُهُ بِهِ لِأَنَّهُ أَذًى قَالَ: وَمَنْ دَخَلَ قَاعَاتِ الْعِلَاجِ فَتَحَ عَلَى نَفْسِهِ بَابَ الشَّرِّ وَصَارَ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ عِنْدَ النَّاسِ لِأَنَّهُ اُشْتُهِرَ عَمَّنْ اعتاد دخولها وقوعه في مقدمات الجماع ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ حَبْسُ طَيْرٍ لِنَغْمَتِهِ فَفِي رَدِّهَا وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَهُمَا احْتِمَالَانِ فِي الْفُصُولِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْآدَابِ الْوَاسِطِيُّ وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: فَأَمَّا حَبْسُ الْمُتَرَنِّمَاتِ مِنْ الْأَطْيَارِ كَالْقَمَارِيِّ وَالْبَلَابِلِ لِتَرَنُّمِهَا فِي الْأَقْفَاصِ فَقَدْ كَرِهَهُ أَصْحَابُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَاجَاتِ إلَيْهِ لَكِنَّهُ مِنْ الْبَطَرِ وَالْأَشَرِ وَرَقِيقِ الْعَيْشِ وَحَبْسُهَا تَعْذِيبٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرَدَّ الشَّهَادَةُ بِاسْتِدَامَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا تُرَدَّ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا تُرَدُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا وَعَمَلُ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُرَدُّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْفُصُولِ أَيْضًا: وَقَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا أَصْحَابُنَا وَسَمَّوْهُ فِسْقًا انْتَهَى وَقَالَ فِي بَابِ الصَّيْدِ: نَحْنُ نَكْرَهُ حَبْسَهُ لِلتَّرْبِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّفَهِ لِأَنَّهُ يَطْرَبُ بِصَوْتِ حَيَوَانٍ صَوْتُهُ حُنَيْنٌ إلَى الطَّيَرَانِ وَتَأَسُّفٌ عَلَى التخلي في الفضاء. انتهى.
أَوْ فِيهِ وَالْعِشْرَةُ الْمُحَرَّمَةُ وَالنَّفَقَةُ فِي غَيْرِ الطَّاعَةِ وَعَلَى كَافِلِ الْأَمْرَدِ مَنْعُهُ مِنْهَا وَمِنْ عِشْرَةِ أَهْلِهَا وَلَوْ بِمُجَرَّدِ خَوْفِ وُقُوعِ الصَّغَائِرِ فَقَدْ بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا تَجْتَمِعُ إلَيْهِ الْأَحْدَاثُ فَنَهَى عَنْ الِاجْتِمَاعِ بِهِ لِمُجَرَّدِ الرِّيبَةِ1. وَمِنْ صِنَاعَةٍ دَنِيَّةٍ عُرْفًا كَحَجَّامٍ وَحَدَّادٍ وَزَبَّالٍ وَقَمَّامٍ وَكَنَّاسٍ وَكَبَّاشٍ وَقَرَّادٍ وَدَبَّابٍ وَنَخَّالٍ وَنَفَّاطٍ وصباغ. وفي الرعاية: وصائغ ومكار وَحَمَّالٍ وَجَزَّارٍ وَمُصَارِعٍ وَمَنْ لَبِسَ غَيْرَ زِيِّ بَلَدٍ يَسْكُنُهُ أَوْ زِيِّهِ الْمُعْتَادِ بِلَا عُذْرٍ والقيم قال غيره: وجزاز2 تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ حُسْنِ طَرِيقَتِهِ. وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَا مَسْتُورَ الْحَالِ مِنْهُمْ وَكَذَا حَاتِكٌ وَحَارِسٌ وَدَبَّاغٌ "3وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تُقْبَلُ3" وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ قَالَ: أَوْ تَقُولُ تُرَدُّ بِبَلَدٍ يُسْتَزْرَى فِيهِ بِهِمْ. وَفِي الْفُنُونِ: وَكَذَا خَيَّاطٌ وَهُوَ غَرِيبٌ وَالصَّيْرَفِيُّ وَنَحْوُهُ إنْ لَمْ يَتَّقِ الرِّبَا رُدَّتْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَكْرَهُ الصَّرْفَ قَالَ الْقَاضِي: يُكْرَهُ. وَيُكْرَهُ كَسْبٌ مِنْ صَنْعَةٍ دَنِيئَةٍ وَالْمُرَادُ مَعَ إمكان أصلح منها وقاله ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ابْنُ عَقِيلٍ. وَمَنْ يُبَاشِرُ النَّجَاسَةَ وَجَزَّارٍ ذَكَرَهُ فِيهِ الْقَاضِي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّهُ يُوجِبُ قَسَاوَةَ قَلْبِهِ وَفَاصِدٍ وَمُزَيِّنٍ وَجَرَائِحِيٍّ وَنَحْوِهِمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَيْطَارٍ وَظَاهِرُ الْمُغْنِي1 لَا يُكْرَهُ كَسْبُ فَاصِدٍ. وَفِي النِّهَايَةِ: الظَّاهِرُ يُكْرَهُ قَالَ: وَكَذَا الْخَتَّانُ بَلْ أَوْلَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ لَا تُكْرَهُ فِي الرَّقِيقِ وَكَرِهَهُ الْقَاضِي لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ2 وَقَوْلُ إبْرَاهِيمَ: كَانُوا يَكْرَهُونَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنْقَصُهَا الصَّرْفُ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الصَّائِغِ وَالصَّبَّاغُ: إنْ تَحَرَّى الصِّدْقَ وَالثِّقَةَ فَلَا مَطْعَنَ عليه قال بعضهم: وأفضل المعايش3 التِّجَارَةُ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الْأَشْبَهُ الزِّرَاعَةُ وَيُتَوَجَّهُ قَوْلٌ: الصَّنْعَةُ بِالْيَدِ. قَالَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْته وَذَكَرَ الْمَطَاعِمَ يفضل عمل اليد. وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الرِّعَايَةِ: أَفْضَلُ الصَّنَائِعِ الْخِيَاطَةُ وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا وَعَنْ عَمَلِ الْخُوصِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: كُلُّ مَا نَصَحَ فِيهِ فَهُوَ حَسَنٌ وَيُسْتَحَبُّ الْغَرْسُ وَالْحَرْثُ ذَكَرَهُ أَبُو حَفْصٍ وَالْقَاضِي. وَقَالَ: اتِّخَاذُ الْغَنَمِ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: حَثَّنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَلَى لُزُومِ الصَّنْعَةِ لِلْخَبَرِ1 قال: ويعارضه: "لا تتخذوا الصيعة2 فَتَرْغَبُوا فِي الدُّنْيَا". الْخَبَرُ3 وَكَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4. وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الْعَدَالَةِ اجْتِنَابُ الرِّيبَةِ وَانْتِفَاءُ التُّهْمَةِ وَزَادَ فِي الرِّعَايَةِ: فِعْلُ مَا يُسْتَحَبُّ وَتَرْكُ مَا يُكْرَهُ. وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ إلَّا عِنْدَ الْعَدَمِ بِوَصِيَّةِ مَيِّتٍ فِي سَفَرِ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَذَكَرَ فِي الْمُغْنِي5 وَالرَّوْضَةِ وَشَيْخُنَا أَنَّهُ نَصُّ الْقُرْآنِ6. وَفِي الْمَذْهَبِ رِوَايَةٌ: لَا تُقْبَلُ وفي اعتبار كونه كتابيا7 روايتان م6،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ كَوْنِهِ كِتَابِيًّا رِوَايَتَانِ انْتَهَى. يَعْنِي إذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْكَافِرِ الذِّمِّيِّ في السفر وأطلقهما في المحرر:
بَلْ رَجُلًا وَقِيلَ: وَذِمِّيًّا وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ قِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا م 7 وَفِي الْوَاضِحِ: مَعَ رَيْبٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مَا خَانَ وَلَا حَرَّفَ وَإِنَّهَا لَوَصِيَّةُ الرَّجُلِ وَعَنْهُ: وَتُقْبَلُ لِلْحَمِيلِ1 وَعَنْهُ: وموضع ضرورة وعنه: سفرا. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ"3" وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ لِانْتِصَارِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. مَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ وَقِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ: نَدْبًا. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يُحَلِّفُهُ وُجُوبًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. والوجه الثاني: يستحب ذلك.
ذكرهما شَيْخُنَا قَالَ: كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ إذَا اجْتَمَعْنَ فِي الْعُرْسِ أَوْ الْحَمَّامِ وَعَنْهُ: وَبَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ نَصَرَهُ شَيْخُنَا وَابْنُ رَزِينٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ عَلَى أَوْلَادِهِ فَشَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ أَوْلَى وَنَصَرَهُ أَيْضًا فِي الِانْتِصَارِ وَفِيهِ: لَا مِنْ حَرْبِيٍّ. وَفِيهِ أَيْضًا: بَلْ عَلَى مِثْلِهِ وَقَالَ: هُوَ وَغَيْرُهُ لَا مُرْتَدٌّ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِوِلَايَةٍ وَلَا يُقِرُّ وَلَا فَاسِقٍ لِأَنَّهُ لَا يَجْتَنِبُ مَحْظُورَ دِينِهِ وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ م 8. وَلَا شَهَادَةَ لِأَخْرَسَ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ بَلَى بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ فِيمَا يَرَاهُ أَوْمَأَ إلَيْهِ1 فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ م 9. وَلَا لِصَبِيٍّ وَعَنْهُ: بَلَى مِنْ مُمَيِّزٍ وَنَقَلَ ابن هانئ: ابن ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَفِي اعْتِبَارِ اتِّحَادِ الْمِلَّةِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ. أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ "2وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ2". مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّاهَا بِخَطِّهِ فَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَخَالَفَهُ فِي الْمُحَرَّرِ انْتَهَى. قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ احْتِمَالٌ للقاضي أيضا قال في
عَشْرٍ وَعَنْهُ فِي الْجِرَاحِ ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ: وَالْقَتْلِ. وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: إنْ أدوها أو أشهدوا1 على شهادتهم قبل تفرقهم ثم لَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُمْ وَقِيلَ: يُقْبَلُ عَلَى مِثْلِهِ وَسَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ: عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَجَازَ شَهَادَةَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. وَلَا يُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمْ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: بَلَى ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي أَنَّ الْحُرَّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ وَنَقَلَ أَيْضًا: يُقْتَلُ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَهَادَةِ نِكَاحٍ فِي عَبْدٍ خِلَافٌ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ وَالرَّوْضَةُ: تُعْتَبَرُ فِي حَدٍّ وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي التَّرْغِيبِ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ وَعَنْهُ: وَقَوَدٍ وَهِيَ أَشْهَرُ وَقِيلَ لِابْنِ عَقِيلٍ: لَا مُرُوءَةَ لِعَبْدٍ مُبْتَذَلٍ2 فِي كُلِّ صِنَاعَةٍ زَرِيَّةٍ وَفِعَالٍ تَمْنَعُ شَهَادَةَ الحر فقال: لو خالف سيده فيه3، فَسَقَ وَمَا يَفْسُقُ بِتَرْكِهِ لَا يَقْدَحُ فِيهِ فِعْلُهُ وَصَارَ مِنْهُ كَالتَّجَرُّدِ لِلْإِحْرَامِ لَا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كانوا أرباب مهن وأعمال مسترذلة. ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّكَتِ: وَكَانَ وَجْهُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكِتَابَةَ هَلْ هِيَ صَرِيحٌ أَمْ لَا؟ انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ من المذهب أنها صريح.
وَمَتَى تَعَيَّنَتْ حَرُمَ مَنْعُهُ وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ: مَنْ أَجَازَ شَهَادَتَهُ لَمْ يُجِزْ لِسَيِّدِهِ مَنْعَهُ مِنْ قِيَامِهَا فَلَوْ عَتَقَ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فَشَهِدَ حَرُمَ رَدُّهُ قَالَ فِي الْمُفْرَدَاتِ: فَلَوْ رَدَّهُ مَعَ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ فَسَقَ قَالَ فِي الْجَامِعِ فِي عَوْرَةِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا عَلَى أَنَّهَا كَالْحُرَّةِ: وَلَا تَلْزَمُ الشَّهَادَةُ أَنَّهُ يَغْلِبُ فِيهَا الرِّقُّ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِيهَا الْعَدَالَةَ. وَالْأَعْمَى كَبَصِيرٍ فِيمَا سَمِعَهُ وَكَذَا مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ وَعَرَّفَ فَاعِلَهُ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ وَإِنْ عَرَّفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ فَوَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يُقْبَلُ م 10. وَقَالَ شَيْخُنَا: وَكَذَا إنْ تَعَذَّرَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهَا أَوْ عليها أو بها لموت أو غيبة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ عَنْ الْأَعْمَى: وَإِنْ عَرَفَهُ يَقِينًا بِعَيْنِهِ أَوْ صَوْتِهِ1 فَقَطْ فَوَصَفَهُ لِلْحَاكِمِ وَشَهِدَ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يُقْبَلُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وَظَاهِرُ الْمُقَنَّعِ2 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أَيْضًا: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ نَصَّ عَلَيْهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ3 وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَلَعَلَّ لَهَا الْتِفَاتًا إلَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ من المذهب صحة
وَالْأَصَمُّ كَسَمِيعٍ فِيمَا رَآهُ أَوْ سَمِعَهُ قَبْلَ صَمَمِهِ. وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَدْفَعُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا نَصَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ فُتْيَاهُ كَزَوْجٍ فِي زِنًا بِخِلَافِ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ وَكَشَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِإِنْسَانٍ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ. وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ م 11 ولا من يَجُرُّ إلَيْهِ بِهَا نَفْعًا قَالَهُ أَحْمَدُ وَالْأَصْحَابُ كَسَيِّدٍ لِمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِهِ وَعَكْسِهِ فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمُعْتِقَ غَصَبَهُمَا مِنْهُ فَشَهِدَ الْعَتِيقَانِ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي وَأَنَّ الْمُعْتِقَ1 غَصَبَهُمَا لَمْ يُقْبَلْ لِعَوْدِهِمَا إلَى الرِّقِّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا أَنَّ مُعْتِقَهُمَا كان غير بالغ أو بجرح ـــــــــــــــــــــــــــــQالسَّلَمِ فِيهِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ هُنَا صِحَّةُ الشَّهَادَةِ به على هذا. مَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: الْبَعِيدُ لَيْسَ مِنْ عَاقِلَتِهِ حَالًا بَلْ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ وَإِنْ احْتَاجَ صِفَةَ الْيَسَارِ وَسَوَّى غَيْرُهُ بَيْنَهُمَا وَفِيهِمَا احْتِمَالَانِ انْتَهَى. يَعْنِي: فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمْ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَقِيرًا أَوْ بَعِيدًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي الْحَالِ الرَّاهِنَةِ انْتَهَى. قُلْت: الصواب عدم قبول شهادتهما4 وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ.
الشَّاهِدَيْنِ بِحُرِّيَّتِهِمَا وَلَوْ عَتَقَا بِتَدْبِيرٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُسْتَوْعِبٍ لِلتَّرِكَةِ أَوْ وَصِيَّةٍ مُؤَثِّرَةٍ فِي الرِّقِّ لَمْ يُقْبَلْ لِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّهِمَا لِغَيْرِ السَّيِّدِ وَلَا يَجُوزُ وَلَا شَهَادَةُ أَحَدِ الشَّفِيعَيْنِ بِعَفْوِ الْآخَرِ وَغَرِمَا لِمُفْلِسٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِمَالٍ وَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ أَوْ شَرِيكٌ فِيهِ وَوَصِيٍّ لِمَيِّتٍ وَحَاكِمٍ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ قَالَهُ فِي الْإِشَارَةِ وَالرَّوْضَةِ. وَتُقْبَلُ عَلَيْهِمَا. وَفِيهِ رِوَايَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: وَمَنْ لَهُ الْكَلَامُ فِي شَيْءٍ أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ وَإِنْ قَلَّ نَحْوَ مَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي قَوْمٍ فِي دِيوَانٍ آجَرُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى مُسْتَأْجَرٍ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أَوْ وُلَاةٌ قَالَ: وَلَا شَهَادَةُ دِيوَانِ الْأَمْوَالِ السُّلْطَانِيَّةِ عَلَى الْخُصُومِ وَتُرَدُّ مِنْ وَصِيٍّ وَوَكِيلٍ بَعْدَ الْعَزْلِ لِمُوَلِّيهِ وَمُوَكِّلِهِ وَقِيلَ وَكَانَ خَاصَمَ فِيهِ. وَأَطْلَقَ فِي الْمُغْنِي1 وَغَيْرِهِ: تُقْبَلُ بَعْدَ عَزْلِهِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إنْ خَاصَمَ فِي خُصُومَةٍ مَرَّةً ثُمَّ نَزَعَ ثُمَّ شَهِدَ لَمْ تقبل2 وأجير لمستأجر نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: فِيمَا اسْتَأْجَرَهُ وَفِي التَّرْغِيبِ قَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ بِهِ. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: رَأَيْته يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ جَوَازُهُ وَمِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً. وَتُقْبَلُ إنْ شَهِدَ لَهُ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ وَقِيلَ: لَا وَفِي التَّبْصِرَةِ فِي قِسْمِ انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ: وَأَنْ لَا يَدْخُلَ مَدَاخِلَ السُّوءِ وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُهُ. وَلَا يُقْبَلُ عَلَى عَدُوِّهِ كَمَنْ قَطَعَ عَلَيْهِ طَرِيقًا أَوْ قَذَفَهُ فَلَا تُقْبَلُ إنْ شَهِدَتْ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَيْنَا أَوْ عَلَى الْقَافِلَةِ بَلْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَيْسَ للحاكم ـــــــــــــــــــــــــــــQ1 تَنْبِيهٌ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْ وَارِثٍ بِجُرْحِ2 مَوْرُوثِهِ قَبْلَ بُرْئِهِ لِوُجُوبِ الدِّيَةِ لَهُ ابْتِدَاءً انْتَهَى. يَعْنِي: لِوُجُوبِهَا لِلشَّاهِدِ ابْتِدَاءً تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ الشَّيْخَ فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّارِحَ لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِلْمَقْتُولِ ابْتِدَاءً نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُصَنِّفُ قَدَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَقْتُولِ فِي بَابِ الْمُوصَى بِهِ4 فَالْحُكْمُ صَحِيحٌ فِي أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ مِنْ وارث بجرح موروثه قبل برئه والتعليل على المذهب غير مستقيم وكذلك أكثر من ذكر المسألة لم يتعرض للتعليل وقد تقدم في استيفاء القود أن المصنف أطلق الروايات5 هل يستحق الوارث القود ابتداء أو ينتقل عن الميت إليه وصححنا أنه ينتقل عن الميت. والله أعلم.
أَنْ يَسْأَلَ هَلْ قَطَعُوهَا عَلَيْكُمْ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَبْحَثُ عَمَّا شَهِدَ بِهِ الشُّهُودُ وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمْ عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ: تُقْبَلُ قَالَ: وَعِنْدِي: لَا م 12. وعنه: وَلَا لَهُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا لِغَيْرِ اللَّهِ مَوْرُوثَةً أَوْ مُكْتَسِبَةً. وَفِي التَّرْغِيبِ: ظَاهِرُهُ1 بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَرُّ بِمُسَاءَةِ الْآخَرِ وَيَغْتَمُّ بِفَرَحِهِ وَيَطْلُبُ لَهُ الشَّرَّ. قَالَ فِي الْفُنُونِ: اُعْتُبِرَتْ الْأَخْلَاقُ فَإِذَا أَشَدُّهَا وَبَالًا الْحَسَدُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْإِنْسَانُ مَجْبُولٌ عَلَى حُبِّ التَّرَفُّعِ عَلَى جِنْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَجَّهُ الذَّمُّ إلَى مَنْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى التَّسَخُّطِ عَلَى الْقَدْرِ أَوْ يَنْتَصِبُ لِذَمِّ الْمَحْسُودِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَكَرَ شَيْخُنَا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَعَهُ التَّقْوَى وَالصَّبْرَ فَيَكْرَهَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَيَسْتَعْمِلَ مَعَهُ الصَّبْرَ وَالتَّقْوَى وَذَكَرَ قَوْلَ الْحَسَنِ: لَا يَضُرُّك مَا لَمْ تَعْدُ بِهِ يدا ولسانا قال: ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 12: قوله: وَإِنْ "2شَهِدَتْ بِأَنَّهُمْ2" عَرَضُوا لَنَا وَقَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى غَيْرِنَا فَفِي الْفُصُولِ: تُقْبَلُ قَالَ: وَعِنْدِي: لَا. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: الْقَبُولُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ عَدَمَ الْقَبُولِ وَقَالَ: لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يُوجِبُ الْعَدَاوَةَ وَقَدَّمَ الْقَبُولَ وَقَالَ: لِأَنَّ الْعَدَاوَةَ إنَّمَا ظَهَرَتْ بِالتَّعَرُّضِ لَهُمْ انْتَهَى.
وَكَثِيرٌ مِمَّنْ عِنْدَهُ دِينٌ لَا يُعِينُ مَنْ ظَلَمَهُ وَلَا يَقُومُ بِمَا يَجِبُ مِنْ حَقِّهِ بَلْ إذَا ذَمُّهُ أَحَدٌ لَمْ يُوَافِقْهُ وَلَا يَذْكُرُ مَحَامِدَهُ وَكَذَا لَوْ مَدَحَهُ أَحَدٌ لَسَكَتَ وَهَذَا مُذْنِبٌ فِي تَرْكِ الْمَأْمُورِ لَا مُعْتَدٍ. وَأَمَّا مَنْ اعْتَدَى بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَذَاكَ يُعَاقَبُ وَمَنْ اتَّقَى وَصَبَرَ نَفَعَهُ اللَّهُ بِتَقْوَاهُ كَمَا جَرَى لِزَيْنَبِ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا1. وَفِي الْحَدِيثِ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الْحَسَدُ وَالظَّنُّ وَالطِّيَرَةُ وَسَأُحَدِّثُكُمْ بِالْمَخْرَجِ مِنْ ذَلِكَ إذَا حَسَدْت فَلَا تَبْغِ وَإِذَا ظَنَنْت فَلَا تُحَقِّقْ وَإِذَا تَطَيَّرْت فَامْضِ" 2. وَلَا لِعَمُودِي نَسَبِهِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَالتَّرْغِيبُ: إلَّا مِنْ زِنًا وَرِضَاعٍ. وَفِي الْمُبْهِجِ وَالْوَاضِحِ رِوَايَةٌ تُقْبَلُ وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَعَنْهُ: مَا لَمْ يَجُرَّ نَفْعًا غَالِبًا كَشَهَادَتِهِ لَهُ بِمَالٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا غَنِيٌّ. وَعَنْهُ: لِوَالِدِهِ لَا لِوَلَدِهِ. وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا وهي تحته أو طلاقها فاحتمالان في المنتخب. وَفِي الْمُغْنِي3 فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ بناء على أن جر النفع للأم ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مَانِعٌ م 13. وَلَا أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَعَنْهُ: بَلَى كَأَخٍ لِأَخِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَصَدِيقٍ لِصَدِيقِهِ وَمَوْلَى لِعَتِيقِهِ وَوَلَدِ زِنًا وَرَدَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِصَدَاقَةٍ وَكِيدَةٍ وَالْعَاشِقِ لِمَعْشُوقِهِ لِأَنَّ الْعِشْقَ يَطِيشُ وَشَهَادَتِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ كَمُرْضِعَةٍ وَكَذَا قَاسِمٌ عَلَى قِسْمَتِهِ أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ وَالْمُحَرَّرِ وَمَنَعَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالتَّبْصِرَةُ وَالتَّرْغِيبُ فِي غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ لِلتُّهْمَةِ وَقَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي مرضعة. وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ. وَنَصُّهُ لَا يقبل م 14 واحتج بالخبر1. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَا عَلَى أَبِيهِمَا بِقَذْفِ ضرة أمهما وهي تحته أو طلاقها2 فاحتمالان فِي الْمُنْتَخَبِ. وَفِي الْمُغْنِي3 فِي الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ فِي الْقَذْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ جَرَّ النَّفْعِ لِلْأُمِّ مَانِعٌ. انْتَهَى. قَطَعَ الشَّارِحُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا وَقَطَعَ النَّاظِمُ بِالْقَبُولِ فِي الثَّانِيَةِ. قُلْت: وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 بِالْقَبُولِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدَيْنِ وَإِنْ عَلَوَا. وَلَا شَهَادَةُ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفُلَ وَلَمْ يذكره المصنف. مَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَفِي بَدْوِيٍّ عَلَى قَرَوِيٍّ وَجْهَانِ ونصه: لا تقبل. انتهى.
وَفِي التَّرْغِيبِ: مِنْ مَوَانِعِهَا الْحِرْصُ عَلَى أَدَائِهَا قَبْلَ اسْتِشْهَادِ مَنْ يَعْلَمُ بِهَا قَبْلَ الدَّعْوَى أَوْ بَعْدَهَا فَتُرَدُّ. وَهَلْ يَصِيرُ مَجْرُوحًا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قَالَ: وَمِنْ مَوَانِعِهَا الْعَصَبِيَّةُ فَلَا شَهَادَةَ لمن عرف بها وبالإفراط في الحمية كتعصب قَبِيلَةٍ عَلَى قَبِيلَةٍ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الْعَدَاوَةِ. وَهُوَ فِي بَعْضِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ لَكِنَّهُ قَالَ فِي خَبَرِ الْعَدَاوَةِ وَمَنْ حَلَفَ مَعَ شَهَادَتِهِ لَمْ تُرَدَّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ مَعَ النَّهْي عَنْهُ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى كَلَامِهِ فِي التَّرْغِيبِ: تُرَدُّ أَوْ وَجْهٌ. وَيُقْبَلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بعض نقله الجماعة وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِير وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابْنِ منجا وَالنَّظْمِ وَصَاحِبِ التَّصْحِيحِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ وَغَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْأَصْحَابِ قُلْت مِنْهُمْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَالشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. قُلْت وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِالنِّسْبَةِ إلَى صاحبه لنصه عليه.
عَمُودِي نَسَبِهِ رِوَايَةٌ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ فِي الزَّوْجَيْنِ. وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ حَاكِمٍ حَتَّى صَارَ أَهْلًا قُبِلَتْ وَمَنْ رَدَّهُ حَاكِمٌ لِفِسْقِهِ فَأَعَادَهَا لَمَّا زَالَ الْمَانِعُ رُدَّتْ. وَفِي الرِّعَايَةِ رِوَايَةٌ كَرَدِّهِ لِجُنُونِهِ أَوْ كُفْرِهِ أَوْ صِغَرِهِ أَوْ خَرَسِهِ أَوْ رِقِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ م 15 وَقِيلَ: إنْ زَالَ الْمَانِعُ بِاخْتِيَارِ الشَّاهِدِ ردت وإلا فلا ويقبل غيرها. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 15: قوله: وَإِنْ رَدَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ أَوْ1جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ رَحِمٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الْكَافِي2: هَذَا أَوْلَى وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ قَالَ فِي الْمُغْنِي3 الْقَبُولُ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ4.
وَإِنْ شَهِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ حَدَثَ مَانِعٌ لَمْ يَمْنَعْ الْحُكْمَ إلَّا فِسْقٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ تُهْمَةٌ إلَّا عَدَاوَةٌ ابْتَدَأَهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَقَذْفِهِ الْبَيِّنَةَ وَكَذَا مُقَاوَلَةٌ وَقْتَ غَضَبٍ وَمُحَاكَمَةٌ بِدُونِ عداوة ظاهرة سابقة. قال في الترغيب: مَا لَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ الْعَدَاوَةِ أَوْ الْفِسْقِ وَحُدُوثُ مَانِعٍ فِي شَاهِدِ أَصْلٍ كَحُدُوثِهِ فِي مَنْ أَقَامَ الشَّهَادَةَ. وَفِي التَّرْغِيبِ: إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ حُكْمٍ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ م 16. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَدَثَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُسْتَوْفَ حَدٌّ بَلْ مَالٌ وَفِي قَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 عِنْدَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَلَوْ شَهِدَ وَهُوَ عَدْلٌ فَلَمْ يَحْكُمْ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى حَدَثَ مِنْهُ مَا لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مَعَهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا: أَحَدُهُمَا: لَا يُسْتَوْفَى ذَلِكَ أَيْضًا وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الْقِصَاصِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَوْفِيَانِ. "3فَهَذِهِ سِتَّ عشرة مسألة3".
ومن شهد بحق مشترك لمن1 تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُ وَأَجْنَبِيٌّ رُدَّتْ نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي نَفْسِهَا وَقِيلَ: تَصِحُّ لِلْأَجْنَبِيِّ. 2وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ تَصِحُّ إنْ شَهِدُوا أَنَّهُمْ قطعوا الطريق على القافلة لا علينا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب ذكر المشهود به وأداء الشهادة
باب ذكر المشهود به وأداء الشهادة مدخل ... بَابُ ذِكْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَا يُقْبَلُ فِي زِنًا وَمُوجِبِ حَدِّهِ إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ وَعَنْهُ: رَجُلَانِ. وَمَنْ عُزِّرَ بِوَطْءِ فَرْجٍ ثَبَتَ بِرَجُلَيْنِ وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ. وَتَثْبُتُ بَقِيَّةُ الْحُدُودِ بِرَجُلَيْنِ وَكَذَا الْقَوَدُ. وَعَنْهُ: أربعة. ويثبت بإقرارة1 مَرَّةً وَعَنْهُ: أَرْبَعٌ نَقَلَ حَنْبَلٌ: يُرَدِّدُهُ وَيُسْأَلُ عَنْهُ لَعَلَّ بِهِ جُنُونًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى مَا رَدَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم2 صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَيُقْبَلُ فِيمَا لَيْسَ بِعُقُوبَةٍ وَلَا مَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَنَسَبٍ وَوَلَاءٍ وَإِيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي غَيْرِ مَالٍ رَجُلَانِ وَعَنْهُ: وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَعَنْهُ: أَوْ يَمِينٌ ذَكَرَهَا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهَا شَيْخُنَا وَلَمْ أَجِدْ مُسْتَنَدَهَا عَنْ أَحْمَدَ وَقِيلَ: هُمَا فِي غَيْرِ نِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: فِي النِّكَاحِ لَا يَسُوغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاحْتَجَّ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وَالْعَدْلُ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ كَذَا قَالَ وَلَا يَلْزَمُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهَا أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَا نُسَلِّمُهُ وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ إسْقَاطُ السُّكْنَى والنفقة. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي الِانْتِصَارِ: يَثْبُتُ إحْصَانُهُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَعَنْهُ: فِي الْإِعْسَارِ ثَلَاثَةٌ وَيُقْبَلُ طَبِيبٌ وَبَيْطَارٌ وَاحِدٌ لِعَدَمٍ فِي مَعْرِفَةِ دَاءِ دَابَّةٍ وَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ قَبُولَ الْوَاحِدِ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدَّمَ الْمُثْبِتَ. وَيُقْبَلُ فِي مَالٍ وَمَا يُقْصَدُ بِهِ كَبَيْعٍ أَجَّلَهُ وَخِيَارِهِ وَرَهْنٍ وَتَسْمِيَةِ مَهْرٍ وَرِقٍّ مَجْهُولٍ وَوَصِيَّةٍ لِمُعَيَّنٍ وَوَقْفٍ عَلَيْهِ وَقِيلَ: إنْ مَلَكَهُ مَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ فِي ابْنِ لَبُونٍ عَنْ بِنْتِ مَخَاضٍ: إنَّمَا شَرَطَ عَدَمَ الرَّجُلَيْنِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ حُضُورُ النِّسَاءِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ شَاهِدَيْنِ مِنْ الرِّجَالِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي قَالَ أَحْمَدُ: قَضَى بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. وَقِيلَ: وَامْرَأَتَانِ وَيَمِينٌ. وَقَالَ شَيْخُنَا: لَوْ قِيلَ امْرَأَةٌ وَيَمِينٌ تَوَجَّهَ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا أُقِيمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي التَّحَمُّلِ وكخبر الديانة2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَقَالَ أَبُو دَاوُد1: بَابُ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ صِدْقَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ ثُمَّ رَوَى شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَهَا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: بَابُ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِي الْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ فِي الْخَبَرِ2 الثَّابِتِ3 مِنْ إفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ خَبَرِ خُزَيْمَةَ: وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حَكَمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ بِعِلْمِهِ. وَجَرَتْ شَهَادَةُ خُزَيْمَةَ مَجْرَى التَّوْكِيدِ لِقَوْلِهِ وَقِيلَ: و4يُعْتَبَرُ قَوْلُهُ فِيهَا وَشَاهِدِي صَادِقٌ فِي شَهَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْحَقُّ وَإِنْ نَكَلَ حُكِمَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ. وَقِيلَ: تُرَدُّ عَلَى رِوَايَةِ الرَّدِّ لِأَنَّ سَبَبَهَا5 نُكُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ حَلَفَ مِنْ الْجَمَاعَةِ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُهُ نَاكِلٌ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ نَاكِلٍ إلَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ نُكُولِهِ. وَعَنْهُ فِي الْوَصِيَّةِ: يَكْفِي وَاحِدٌ وَعَنْهُ: إنْ لَمْ يَحْضُرْهُ إلَّا نِسَاءٌ فَامْرَأَةٌ وَاحْتَجَّ ابْنُ عَقِيلٍ بِالذِّمَّةِ فِي السَّفَرِ وَسَأَلَهُ ابْنُ صَدَقَةَ: الرَّجُلُ يُوصِي وَيُعْتِقُ وَلَا يَحْضُرُهُ إلَّا النِّسَاءُ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ فِي الْحُقُوقِ. وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: وَالشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ في الحقوق فأما المواريث فيقرع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كافر لأخذ سلبه وعتق وتدبير و1كتابة روايتان م 1 – 5. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1 – 5: قَوْلُهُ: وَفِي قَبُولِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ فِي إيصَاءٍ أَوْ تَوْكِيلٍ فِي مَالٍ وَدَعْوَى أَسِيرٍ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ لِمَنْعِ رِقِّهِ وَدَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ وَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ رِوَايَتَانِ انْتَهَى ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 1: هَلْ يُقْبَلُ فِي الْإِيصَاءِ بِالْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ أَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي المقنع2 وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 وَالشَّرْحِ"2". وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا تَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 2: الْوَكَالَةُ بِالْمَالِ هَلْ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ أَوْ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ؟ أَطْلَقَ الخلاف وأطلقه في المحرر والرعايتين والحاوي الصغير وَالزَّرْكَشِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي بَابِ الْوَكَالَةِ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ فِي الْوَكَالَةِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رزين في شرحه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا رَجُلَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: الْمُعَوِّلُ فِي الْمُذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا شَاهِدَانِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ هُنَا. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 3: لَوْ ادَّعَى الْأَسِيرُ تَقَدُّمَ إسْلَامِهِ لِمَنْعِ رِقِّهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي1 فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: وَيُنْفَلُ الْإِمَامُ وَمَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ في شرحه و"2به قطع2" الناظم وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ. وَقَالَ3: بَنَيْتهَا عَلَى الصَّحِيحِ الْأَشْهَرِ وَهَذَا الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ. الْمَسْأَلَةُ الرَّبَعَةُ 4: لَوْ ادَّعَى قَتْلَ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ فِيهِ مَا ذُكِرَ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينٌ وَجَزَمَ بِهِ النَّاظِمُ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ. الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ 5: لَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ أَوْ التَّدْبِيرَ أَوْ الكتابة فهل يقبل فيه ما ذكر أم4 لَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ في الرعايتين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَاوِي وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ فِيهِنَّ أَيْضًا وَأَطْلَقَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَأَطْلَقَهُ فِي التَّدْبِيرِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ2 فِي الْعِتْقِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِي ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ "3وَعَلَى قِيَاسِهِ الْكِتَابَةُ وَالْوَلَاءُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي الثَّلَاثَةِ3" وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ بَكْرُوسٍ ذَكَرَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدْ صَحَّحَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ صِحَّةَ التَّدْبِيرِ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَنَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ وَغَيْرُهُمْ وَالْحُكْمُ فِي الْكِتَابَةِ كَذَلِكَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ فِي الْعِتْقِ أَيْضًا وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُقْنِعِ4 فِي مَوْضِعٍ أَيْضًا وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ منجا فِي مَوْضِعٍ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا بُدَّ مِنْ رجلين وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ"4" فِي الْعِتْقِ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا فَلَهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ عبارات في المقنع وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافَيْهِمَا وَصَحَّحَهُ في التصحيح وَاخْتَلَفَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فَتَارَةً اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَتَارَةً اخْتَارَ الثَّانِيَ قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ أَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ إتْلَافُ مَالٍ
وذكر جماعة يُقْبَلُ فِي كِتَابَةٍ وَالنَّجْمُ الْأَخِيرُ كَعِتْقٍ وَقِيلَ: يقبل وكذا جناية عمد لَا قَوَدَ فِيهَا م 6. فَإِنْ قَبِلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ في ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْحَقِيقَةِ قَالَ بِالْقَبُولِ كَبَقِيَّةِ الْإِتْلَافَاتِ وَمَنْ نظر إلى أن"1 الْعِتْقِ نَفْسِهِ1" لَيْسَ بِمَالٍ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ قَالَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ عَدَمُ الْقَبُولِ وَصَارَ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَالْقِصَاصِ وَنَحْوِهِمَا. انْتَهَى. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَكَذَا جِنَايَةُ عَمْدٍ لَا قَوَدَ فِيهَا. يَعْنِي أَنَّ فِيهَا الرِّوَايَتَيْنِ الْمُطْلَقَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُقْنِعِ2 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَشَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَغَيْرُهُمْ قَالَ فِي الْكَافِي3 وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمَا هذا ظاهر المذهب قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي4. انْتَهَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَقَدَّمَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ انْتَهَى; وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وَابْنُ الْبَنَّا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى وصححه الناظم.
بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ م 7. وَيُقْبَلُ فِي جِنَايَةٍ خَطَأً وَعَنْهُ: لَا وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ في مسألة الأسير تقبل امرأة و1يمينه اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ: لا ولاء عبد مسلم. و"1"في الْمُغْنِي2 قَوْلٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ كَافِرٍ لِأَخْذِ سَلَبِهِ: يَكْفِي وَاحِدٌ. 3وَاَللَّهُ أَعْلَمُ"3". ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7 قَوْلُهُ فإن قبل وهو ظاهر المذهب قاله في التَّرْغِيبِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي بَعْضِهَا كَمَأْمُومَةٍ فَرِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ وَيَثْبُتُ الْمَالُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ فِي النُّكَتِ قَطَعَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي4 وَقَالَ أَيْضًا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا رَجُلَانِ صَحَّحَهُ النَّاظِمُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِهَاشِمَةِ مَسْبُوقَةٍ بِمُوضِحَةٍ لَمْ يَثْبُتْ أَرْشُ الْهَشِمِ فِي الْأَقْيَسِ ولا الإيضاح. انتهى.
فصل ومن أتى في قود بدون بينته لم يثبت شيء
فصل وَمَنْ أَتَى فِي قَوَدٍ بِدُونِ بَيِّنَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ وَعَنْهُ: يَثْبُتُ الْمَالُ إنْ كَانَ المجني عليه عبدا. وإن أَتَى بِهِ سَرِقَةً قُبِلَتْ فِيهِمَا لَكِنْ ثَبَتَ الْمَالُ لِكَمَالِ بَيِّنَتِهِ وَاخْتَارَ فِي الْإِرْشَادِ1، وَالْمُبْهِجِ: لَا كَالْقَطْعِ وَبَنَى فِي التَّرْغِيبِ عَلَيْهِمَا الْقَضَاءَ بِالْغُرْمِ عَلَى نَاكِلٍ وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ فِي خُلْعٍ ثَبَتَ الْعِوَضُ وَتَبِينُ بِدَعْوَاهُ وَإِنْ أَتَتْ بِهِ امْرَأَةٌ ادَّعَتْهُ لَمْ يَثْبُتْ فَإِنْ أَتَتْ بِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِمَهْرٍ ثَبَتَ الْمَهْرُ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ لَهُ وَإِنْ أَتَى بِهِ رَجُلٌ ادَّعَى أَمَةً بِيَدِ غَيْرِهِ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ وَوَلَدُهَا وَلَدُهُ فَهِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ وَفِي ثُبُوتِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَفِي حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَنَسَبِهِ مِنْهُ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي2 وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ والنكت وغيرهم:
وَقِيلَ: يَثْبُتُ نَسَبُهُ فَقَطْ بِدَعْوَاهُ وَيُقْبَلُ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَعُيُوبِ النِّسَاءِ تَحْتَ الثِّيَابِ وَحَيْضٍ وَرِضَاعٍ وَعَنْهُ: وَتَحْلِفُ فِيهِ وَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةِ امْرَأَةٍ لَا ذِمِّيَّةٍ نَقَلَهُ الشالنجي وغيره. وفي الانتصار: فيجب أن لا1 يَلْتَفِتَ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَلَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَكَالْخَبَرِ وَلَا أَعْرِفُ عَنْ إمَامِنَا مَا يَرُدُّهُ. وَهُنَا ذَكَرَ الْخَلَّالُ شَهَادَةَ امْرَأَةٍ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَسَأَلَهُ حَرْبٌ شَهَادَةَ امْرَأَتَيْنِ عَلَى شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ؟ قَالَ: يَجُوزُ وَعَنْهُ: يُقْبَلُ امْرَأَتَانِ وَالرَّجُلُ فيه كالمرأة وَكَذَا الْجِرَاحَةُ وَغَيْرُهَا فِي حَمَّامٍ وَعُرْسٍ وَمَا لَا يَحْضُرُهُ رِجَالٌ2 نَصَّ عَلَيْهِ خِلَافًا لِابْنِ عقيل وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَا يَثْبُتَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَثْبُتَانِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وغيرهم.
وَلَوْ ادَّعَتْ إقْرَارَ زَوْجِهَا بِأُخُوَّةِ رَضَاعَةٍ فَأَنْكَرَ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَقُلْنَا: تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْإِقْرَارِ لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ نِسَاءٌ فَقَطْ وَتَرْكُ الْقَابِلَةِ وَنَحْوِهَا الْأُجْرَةَ لِحَاجَةِ الْمَقْبُولَةِ أَفْضَلُ وَإِلَّا دَفَعَتْهَا لِمُحْتَاجٍ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا. وَلَا يَصِحُّ أَدَاءُ شَهَادَةٍ إلَّا بِلَفْظِهَا فَلَا يُحْكَمُ بِقَوْلِهِ أَعْلَمُ وَنَحْوِهِ وَعَنْهُ تَصِحُّ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَشَيْخُنَا وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَأَخَذَهَا مِنْ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ: أَقُولُ إنْ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أَشْهَدُ فَقَالَ أَحْمَدُ: مَتَى قُلْت فَقَدْ شَهِدْت. وَقَالَ لَهُ ابْنُ هَانِئٍ: تُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالشَّهَادَةِ فِي أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: لَا. وَقَالَ الْمَيْمُونِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: وَهَلْ مَعْنَى الْقَوْلِ وَالشَّهَادَةِ إلَّا وَاحِدٌ؟ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْعِلْمُ شَهَادَةٌ زَادَ أَبُو بَكْرِ بْنُ حَمَّادٍ: قَالَ أَبُو عبد الله: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزحرف: 86] ، وَقَالَ: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا} [يوسف: 81] . وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: أَظُنُّ أَنِّي سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: هَذَا جَهْلٌ "1عَنْ قَوْلِ مَنْ1" يَقُولُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا أَشْهَدُ أَنَّهَا بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ. وَقَالَ: قَالَ أَحْمَدُ: حُجَّتُنَا فِي الشَّهَادَةِ لِلْعَشَرَةِ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَدِيثُ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ يَعْنِي قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ في النار2. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: فَلَمْ يَرْضَ مِنْهُمْ إلَّا بِالشَّهَادَةِ. قَالَ شَيْخُنَا: لَا نَعْرِفُ عَنْ صَحَابِيٍّ وَلَا تَابِعِيٍّ اشْتِرَاطَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَفِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إطْلَاقُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَبَرِ الْمُجَرَّدِ عَنْ لَفْظِهِ أَشْهَدُ. وَإِنْ شَهِدَ بِإِقْرَارٍ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ طَوْعًا فِي صِحَّتِهِ مُكَلَّفًا عَمَلًا بِالظَّاهِرِ. وَلَا تُعْتَبَرُ إشَارَتُهُ إلَى مَشْهُودٍ عَلَيْهِ حَاضِرٍ مَعَ نَسَبِهِ وَوَصْفِهِ. وَفِي الِانْتِصَارِ مَنْعٌ وَتَسْلِيمٌ لِسُرْعَةِ فَصْلِ الْحُكْمِ. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعْتَبَرُ: وَأَنَّ الدِّينَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ بَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ سَبَبُ الْحَقِّ إجْمَاعًا. وَإِنْ عُقِدَ نِكَاحٌ بِلَفْظٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ قَالَ حَضَرْته وَأَشْهَدُ بِهِ وَيَصِحُّ: وَشَهِدْت بِهِ وَقِيلَ: لَا كَأَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي أَوْ بِذَلِكَ أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ فَفِي الرِّعَايَةِ: يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي: وَبِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ أَشْهَرُ م 9. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَة 9: قَوْلُهُ: وَمَنْ شَهِدَ عِنْدَ حَاكِمٍ فَقَالَ آخَرُ أَشْهَدُ بِمِثْلِ مَا شَهِدَ بِهِ أَوْ بِمَا وَضَعْت بِهِ خَطِّي أَوْ بِذَلِكَ أَوْ كَذَلِكَ أَشْهَدُ. فَفِي الرِّعَايَةِ يُحْتَمَلُ أَوْجُهًا الثَّالِثُ يَصِحُّ فِي: وَبِذَلِكَ وَكَذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ أَشْهَرُ. انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالثَّالِثُ: الصِّحَّةُ فِي قَوْلِهِ: وَبِذَلِكَ أَشْهَدُ وَكَذَلِكَ أَشْهَدُ وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَظْهَرُ. وَقَالَ فِي النُّكَتِ: وَالْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ فِي الْجَمِيعِ أَوْلَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. فَهَذِهِ تِسْعُ مَسَائِلَ.
باب الشهادة والرجوع عن الشهادة
باب الشهادة والرجوع عن الشهادة مدخل ... باب الشهادة والرجوع عن الشهادة تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي حَقٍّ يُقْبَلُ فِيهِ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي إنْ تَعَذَّرَ شُهُودُ الْأَصْلِ بِمَوْتٍ وَعَلَى الْأَصَحِّ: أَوْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ غَيْبَةٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ وَقِيلَ: فَوْقَ يَوْمٍ وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رِوَايَةَ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ تَتَغَيَّرَ حَالُهُ لِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَوَادِثِ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي عَلَى مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا وَهَذَا دَأْبُهُ فِي كَثِيرٍ من ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْمَسَائِلِ قَالَ: وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ كَكَلَامِ الشَّارِحِ إنْ وَجَدَ مَا يَصْرِفُ عَنْ ظَاهِرِهِ وَإِلَّا لَمْ يُصْرَفْ وَإِنْ حَضَرُوا أَوْ صَحَوْا قَبْلَ الْحُكْمِ وَقَفَ عَلَيْهِمْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ فَرْعٌ إلَّا أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ1 الْأَصْلُ وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ رِوَايَةً: أَوَّلَا قَدَّمَهَا فِي التَّبْصِرَةِ وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ م 1. فَيَقُولُ: اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي بِكَذَا وَالْأَشْبَهُ: أَوْ اشْهَدْ أَنِّي أَشْهَدُ بِكَذَا فَإِنْ سَمِعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ يَعْزُوهَا إلَى سَبَبٍ كَبَيْعٍ وَقَرْضٍ جَازَ وَعَنْهُ: إنْ اسْتَرْعَاهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيُؤَدِّيهَا الْفَرْعُ بِصِفَةِ تَحَمُّلِهِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ: وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا: وَفِي التَّرْغِيبِ: ينبغي ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَرْعَى غَيْرَهُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي2. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي"2" وَالْكَافِي3 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ4 والرعايتين والنظم والحاوي وغيرهم.
ذلك. وَفِي الرِّعَايَةِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي الْعَارِفَ: أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ كَذَا. وَتَثْبُتُ شَهَادَةُ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ بِشَاهِدَيْنِ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَى هَذَا وَعَنْهُ: عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا عَلَى شَاهِدِ شَاهِدٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: بِأَرْبَعَةٍ عَلَى كُلِّ1 أَصْلٍ فَرْعَانِ وَعَنْهُ: تَكْفِي شَهَادَةُ رَجُلٍ عَلَى اثْنَيْنِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَيَتَحَمَّلُ فَرْعٌ مَعَ أَصْلٍ وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كتاب القاضي "2إلى القاضي2"3 ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَحَمَّلُ فَرْعٌ عَلَى فَرْعٍ؟ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. انْتَهَى. قَالَ هُنَاكَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ذَكَرُوا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي حُكْمُهُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ وَذَكَرُوا فِيمَا إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أَنَّهُ أَصْلٌ. وَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ فَرْعٌ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرُهُ فَلَا يجوز نقض الحكم بإنكار القاضي الكاتب ولا يقدح في عدالة البينة بل يمنع إنكاره الْحُكْمَ كَمَا يَمْنَعُ رُجُوعُ شُهُودِ الْأَصْلِ الْحُكْمَ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ فَرْعٌ لِمَنْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَهُوَ أَصْلٌ لِمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ فَرْعٍ فَرْعًا لِأَصْلٍ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ فِي التَّعْلِيلِ إنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي فَرْعِ الْفَرْعِ. انْتَهَى. فَجَوَّزَ أَنْ يَتَحَمَّلَ فَرْعٌ على فرع فلذلك أحال هنا عليه.
وَيَدْخُلُ النِّسَاءُ فِي شُهُودِ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَعَنْهُ: لَا فِي الْفَرْعِ صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ لَا فِي الْأَصْلِ وَفِي الْفَرْعِ رِوَايَتَانِ فَيُقْبَلُ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إلَّا على الثانية ويقبل رجل وامرأتان على مِثْلِهِمْ أَوْ عَلَى رَجُلَيْنِ عَلَى الْأُولَى فَقَطْ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الشَّهَادَةُ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِتَعَدُّدِهِمْ. وَيُعْتَبَرُ لِلْحُكْمِ عَدَالَةُ الْكُلِّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْفُرُوعِ تَعْدِيلُ أُصُولِهِمْ وَيُقْبَلُ وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لَهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: حَتَّى لَوْ قَالَ تَابِعِيَّانِ أَشْهَدَنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
صَحَابِيَّانِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا; وَلَا يُزَكِّي أَصْلٌ رَفِيقَهُ1 وَإِنْ رَجَعَ الْأُصُولُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضْمَنُوا وَقِيلَ: بَلَى كَمَا لَوْ رَجَعَ الفروع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَلَمْ يَقُولُوا بَانَ كَذِبُ الْأُصُولِ أَوْ غَلَطُهُمْ وَإِنْ قَالُوا بَعْدَ الْحُكْمِ: مَا أَشْهَدْنَاهُمْ لَمْ يَضْمَنْ أَحَدٌ. وَإِنْ قَالَ الْأُصُولُ: كَذَبْنَا أَوْ غَلَطِنَا فَفِي الْمُحَرَّرِ: ضَمِنُوا وَقِيلَ: لَا م 2 وَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَا فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ وَتَعَذَّرَ الْآخَرُ حَلَفَ وَاسْتَحَقَّ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ: إذَا أَنْكَرَ الْأَصْلُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لَمْ يعمل بها لتأكد الشهادة بخلاف الرواية. ـــــــــــــــــــــــــــــQمسألة 2 قوله: وَإِنْ1 قَالَ الْأُصُولُ: كَذَبْنَا أَوْ غَلَطِنَا فَفِي الْمُحَرَّرِ: ضَمِنُوا وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يضمنون.
فصل ومن زاد في شهادته أو نقص قبل الحكم أو أدى بعد إنكارها قبل نص عليهما
فصل وَمَنْ زَادَ فِي شَهَادَتِهِ أَوْ نَقَصَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ أَدَّى بَعْدَ إنْكَارِهَا قُبِلَ نَصَّ عَلَيْهِمَا كَقَوْلِهِ: لَا أَعْرِفُ الشَّهَادَةَ وَقِيلَ: لَا كبعد الحكم وقيل: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِنْ رَجَعَ لَغَتْ وَلَا حكم ولم يضمن وتقدم هل يحد فِي قَذْفٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُحَدُّ فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا أَتَى بِحَدٍّ فِي صُورَةِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يُكْمِلْ. وَفِي الرِّعَايَةِ: يُحَدُّ فَإِنْ ادَّعَى غَلَطًا فَلَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ م 3. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ أَوْ عِتْقٍ بَعْدَ الْحُكْمِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَيَضْمَنُونَ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُمْ مَشْهُودٌ لَهُ لَا مَنْ زَكَّاهُمْ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ الْقَرَابَةِ وَشُهُودُ الشِّرَاءِ غَرِمَ شُهُودُ القرابة وخرج ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ بَلْ قَالَ لِلْحَاكِمِ تَوَقَّفْ فَتَوَقَّفَ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ فَفِي وُجُوبِ إعَادَتِهَا احْتِمَالَانِ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُهَا بَلْ يَكْتَفِي بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ إعادتها.
في الانتصار كشهود زنى وَإِحْصَانٍ. وَفِيهِ لَوْ رَجَعَ شُهُودُ يَمِينٍ بِعِتْقِهِ وَشُهُودٌ بِحِنْثِهِ فَظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ يَغْرَمُهُ شُهُودُ الْيَمِينِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَصْحَابِنَا: بَيْنَهُمَا وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إلَّا قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَوْ بَدَلُهُ وَعَنْهُ: وَبَعْدَهُ كُلُّهُ وَذَكَرَ شَيْخُنَا وَجْهًا: مَهْرُ الْمِثْلِ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ قَوَدٍ أَوْ حَدٍّ لَمْ يُسْتَوْفَ فَتَجِبُ دِيَةُ الْقَوَدِ فَإِنْ وَجَبَ عَيْنًا فَلَا وَقِيلَ بِالِاسْتِيفَاءِ إنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَالُوا أَخْطَأْنَا غَرِمُوا دِيَةَ مَا تَلِفَ أَوْ أَرْشَ الضَّرْبِ. نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ عَلَى عَدَدِهِمْ وَإِنْ رَجَعَ وَاحِدٌ غَرِمَ بِقِسْطِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: الْكُلُّ. وَإِنْ رَجَعَ الزَّائِدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ اسْتَوْفَى وَيُحَدُّ الرَّاجِعُ لِقَذْفِهِ وَفِيهِ فِي الْوَاضِحِ احْتِمَالٌ لِقَذْفِهِ. مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ وَقِيلَ: لَا يَغْرَمُ شَيْئًا قِيلَ: هُوَ أَقْيَسُ فَلَوْ رَجَعَ مِنْ خَمْسَةٍ فِي1 زِنَا اثْنَانِ فَهَلْ عَلَيْهِمَا خُمُسَانِ أَوْ رُبُعٌ أَوْ اثْنَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ في قتل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَالثُّلُثَانِ أَوْ النِّصْفُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. وَإِنْ رَجَعَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ فِي مَالٍ غَرِمَ سُدُسًا وَقِيلَ: نِصْفًا وَقِيلَ: هُوَ كَأُنْثَى وَهُنَّ الْبَقِيَّةُ وَكَذَا رِضَاعٌ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إلَّا أَنَّهُ لَا تَشْطِيرَ وَإِنَّا إنْ قُلْنَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ فَالْغُرْمُ بِالتَّسْدِيسِ. وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوهُ أَسْدَاسًا وَعَنْهُ شُهُودُ الزِّنَا نِصْفٌ وَكَذَا الْإِحْصَانُ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنَانِ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالشَّرْطِ لَا بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُ الْجِهَتَيْنِ غُرِّمُوا دِيَةً وَقِيلَ: نِصْفَهَا وَإِنْ رَجَعَ الْكُلُّ وَشَاهِدُ الْإِحْصَانِ مِنْ أَرْبَعَةِ الزِّنَا غَرِمَا ثُلُثَا دِيَةٍ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَعْلِيقِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ وَشُهُودُ شَرْطِهِ غَرِمُوا بِعَدَدِهِمْ وَقِيلَ: كُلُّ جِهَةٍ نِصْفَهُ وَقِيلَ: كُلُّهُ شهود ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
التَّعْلِيقِ وَإِنْ رَجَعَ شُهُودٌ بِكِتَابَةٍ غَرِمُوا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمُكَاتَبًا فَإِنْ عَتَقَ فَمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وَقِيلَ: كُلَّ قِيمَتِهِ وَكَذَا شُهُودٌ بِاسْتِيلَادٍ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي طَرِيقَتِهِ فِي بَيْعِ وَكِيلٍ بِدُونِ ثَمَنٍ مِثْلُ لَوْ شَهِدَا بِتَأْجِيلٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا تَفَاوَتَ مَا بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ. وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ: يَغْرَمُ الْكُلَّ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَكَيَمِينِهِ مَعَ بينة على غائب وقيل: النصف م 4. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ حَكَمَ بِمَالٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَرَجَعَ الشَّاهِدُ فَنَصُّهُ: يَغْرَمُ الْكُلَّ لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهِ عَلَى يَمِينِهِ وَكَيَمِينِهِ مَعَ بَيِّنَةٍ1 عَلَى غَائِبٍ وَقِيلَ. النِّصْفَ انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي2 وَالْكَافِي3 وَالْمُقْنِعِ4 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: يَغْرَمُ النِّصْفَ فَقَطْ وَهُوَ تَخْرِيجٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ خَرَّجَهُ مَنْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَلِقُوَّةِ هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ أَتَى بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى أن يفصح بتقديم المنصوص.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ: وَيَجُوزُ فِي أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ أَنْ تُسْمَعَ يَمِينُ الْمُدَّعَى قَبْلَ الشَّاهِدِ. وَإِنْ رَجَعَ شُهُودُ تَزْكِيَةٍ فَكَرُجُوعِ مَنْ زَكَّوْهُمْ وَلَا ضَمَانَ بِرُجُوعٍ عَنْ كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ أَوْ بَرَاءَةٍ1 مِنْهَا أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَنَّهُ عَفَا عَنْ دَمٍ عَمْدٍ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهِ مَالًا. وَفِي الْمُبْهِجِ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَضَمَّنُهُ بِهَرَبِ الْمَكْفُولِ وَالْقَوَدُ قَدْ يَجِبُ بِهِ مَالٌ. وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ بِمُنَافٍ لِلْأَوَّلَةِ فَكَرُجُوعِهِ وَأَوْلَى قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ فِي شَاهِدٍ قَاسَ بِكَذَا2 وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ قَالَ: يَضْمَنُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ. وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ زُورٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ علم كذبه وتعمده عزره كما ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تَقَدَّمَ فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي م 5 و 6 فيتوجهان فِي كُلِّ1 تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَأَنَّهُمَا على الروايتين في الحد. وَلَهُ فِعْلُ مَا رَآهُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ مَا لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا. وَفِي الْمُغْنِي2 أَوْ مَعْنَى نَصٍّ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ وَأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ عُقُوبَاتٍ إنْ لَمْ يَرْتَدِعْ إلَّا بِهِ وَنَقَلَ مُهَنَّا كَرَاهَةَ تَسْوِيدِ الْوَجْهِ. وَلَا يُعَزَّرُ بِتَعَارُضِ الْبَيِّنَةِ وَلَا يُغَلِّطُهُ فِي شَهَادَتِهِ3 أَوْ رُجُوعِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ ادَّعَى شُهُودَ الْقَوَدِ الْخَطَأَ عُزِّرُوا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5 6: قَوْلُهُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ: فَإِنْ تَابَ فَوَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي. انْتَهَى. قُلْت: الصَّوَابُ: عَدَمُ السُّقُوطِ هُنَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَيُتَوَجَّهُ وَجْهَانِ فِي كُلِّ تَائِبٍ بَعْدَ وُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَأَنَّهُمَا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْحَدِّ. انْتَهَى. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ 6 أُخْرَى وَالصَّوَابُ أَيْضًا عَدَمُ السُّقُوطِ. فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ فِي هَذَا الباب.
كتاب الإقرار
كتاب الإقرار مدخل * ... كتاب الإقرار يَصِحُّ مِنْ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ بِمَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْتِزَامُهُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ بِيَدِهِ وَوِلَايَتِهِ وَاخْتِصَاصِهِ لَا مَعْلُومًا وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ1 أَوْ مَوْرُوثِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ وَفِي طَرِيقَةِ بَعْضِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ عَلَى الصَّبِيِّ بِحَقٍّ فِي مَالِهِ لَمْ يَصِحَّ وَأَنَّ الْأَبَ لَوْ أَقَرَّ عَلَى ابْنِهِ إذَا كَانَ وَصِيَّهُ صَحَّ وَقَدْ سَبَقَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ2 وَقَدْ ذَكَرُوا: إذَا اشْتَرَى شِقْصًا فادعي عليه الشفعة فقال اشتريته لابني أو لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ: لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ وَقِيلَ: بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ كَعَيْبٍ فِي مَبِيعِهِ وَذَكَرُوا: لَوْ ادعى الشريك ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: فِيمَنْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَقَدْ ذكروا إذا اشترى شقصا فادعي عليه الشفعة فَقَالَ اشْتَرَيْته لِابْنِي أَوْ لِهَذَا الطِّفْلِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَقِيلَ: لَا شُفْعَةَ لِأَنَّهُ إيجَابُ حَقٍّ فِي مَالِ صَغِيرٍ بِإِقْرَارِ وَلِيِّهِ وَقِيلَ: بَلَى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ فَصَحَّ إقْرَارُهُ فِيهِ كَعَيْبٍ في مبيعه3 انْتَهَى. أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ فِي إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى مُوَلِّيهِ لِأَجْلِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُغْنِي4 وَالشَّرْحِ5 فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ6 فَقَالَ: وَلَوْ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِمُوَلِّيهِ فَفِي الشُّفْعَةِ وَجْهَانِ
عَلَى حَاضِرٍ بِيَدِهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ أَنَّهُ اشتراه منه وأنه يستحقه بالشفعة فَصَدَّقَهُ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُصَدَّقُ فِي تَصَرُّفِهِ فِيمَا بِيَدِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَصْلِ مِلْكِهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّك بِعْت نَصِيبَ الْغَائِبِ بِإِذْنِهِ فَقَالَ نَعَمْ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فأنكر صدق بيمينه و1يستقر الضَّمَانُ عَلَى الشَّفِيعِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: لَيْسَ إقْرَارُهُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ إقْرَارًا بَلْ دَعْوَى أَوْ شَهَادَةً يُؤَاخَذُ بِهَا إنْ ارْتَبَطَ الْحُكْمُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مِلْكٍ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ فِيهِ: لَا لِأَنَّهُ لَا بَيْعَ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَلَوْ مَلَكَاهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يصطلحا واحتمل أن يأخذه من هو بيده بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ: يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ بِيَدِهِ وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ: لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي: لِلْمُشْتَرِي ـــــــــــــــــــــــــــــQوَصَحَّحْنَا هُنَاكَ أَحَدَهُمَا، وَذَكَرْنَا مَنْ أَطْلَقَ وَقَدَّمَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا صِحَّةُ الْإِقْرَارِ عَلَى الْمُوَلَّى عليه مطلقا وذكر هذا طريقة.
الْأَقَلُّ مِنْ1 ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ لِأَنَّهُ مَعَ صِدْقِهِمَا التَّرِكَةُ لِلسَّيِّدِ وَثَمَنُهُ ظُلْمٌ فَيَتَقَاصَّانِ وَمَعَ كذبهما هي لهما. وَلَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا فَرُدَّتْ فَبَذَلَا مَالًا لِيَخْلَعَهَا صَحَّ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ كَانَ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ يَكُونُ إنْشَاءً كَقَوْلِهِ: {قَالُوا أَقْرَرْنَا} [آل عمران: 81] فَلَوْ أَقَرَّ بِهِ وَأَرَادَ: أَنْشَأَ تَمْلِيكَهُ صَحَّ كَذَا قَالَ. وَنَصَّ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ بِدَيْنٍ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا: إقْرَارُهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ وَلَيْسَتْ زَوْجَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ تَلْجِئَةً فَيُرَدَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ فَدَعْوَى أَوْ شَهَادَةٌ فَإِذَا صَارَ بِيَدِهِ وتصرفه شرعا لزمه حكم إقراره شرعا ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّانِي: قَوْلُهُ: أَيْضًا فِي شَرْطِ مَنْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَزَجِيُّ مَا ذَكَرَهُ غَيْرُهُ لَوْ شَهِدَا بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ رَجُلٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ صَحَّ كَاسْتِنْقَاذِ الْأَسِيرِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ فِيهِ: لَا لِأَنَّهُ بيع من الطرف الآخر ولو ملكاه بإرث أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ وَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَرِثَهُ مَنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ رَدَّ الثَّمَنَ وَإِنْ رَجَعَا اُحْتُمِلَ أَنْ يوقف حتى يصطلحا واحتمل أن يأخذه من هُوَ بِيَدِهِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَقِيلَ يُقَرُّ بِيَدِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ وَإِلَّا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ التَّرِكَةِ. انْتَهَى. ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ مَسْأَلَتَيْنِ أَطْلَقَ فِيهِمَا الْخِلَافَ حِكَايَةً عَنْ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَتَى بِهَا اسْتِشْهَادًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا وَمَاتَ اسْتَحَقَّا إرْثَهُ لِأَنَّهُ إذَا رَجَعَ وَاحِدٌ وَرِثَهُ فَكَذَا إذَا رَجَعَا وَرِثَاهُ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ إذَا لَمْ يَرْجِعَا يَكُونُ إرْثُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ حُرٌّ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمَا لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمَا أَعْتَقَهُ وَرِثَاهُ بالولاء إن كانا أهلا له.
وَيَصِحُّ مَعَ إضَافَةِ الْمِلْكِ إلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ مِنْ سَفِيهٍ بِمَالٍ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا وَيُتْبَعُ بَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ وَمِثْلُهُ نَذْرٌ صَدَّقَتْهُ بِهِ فَيُكَفِّرُ بِصَوْمٍ إنْ لَمْ يَصِحَّ وَيُتْبَعُ بِغَيْرِ مَالٍ فِي الْحَالِ وَبِطَلَاقٍ. وَيُتَوَجَّهُ: بِنِكَاحٍ إنْ صَحَّ مِنْهُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ كَإِنْشَائِهِ قَالَ: وَيَصِحُّ من السفيهة إلا أن فيه احتمالا لضعف1 قَوْلَهَا وَلِلتُّهْمَةِ وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ2 قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ. ـــــــــــــــــــــــــــــQالثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَفِي صِحَّةِ عَفْوِ وَلِيِّ قَوَدٍ إلَى مَالٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى. الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْأَزَجِيِّ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَإِلَّا فَلَيْسَ مَحَلُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا الْمَكَانَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا إذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَوَدِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَكَانَا مُحْتَاجَيْنِ هَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ إلَى الدِّيَةِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ رِوَايَتَيْنِ فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ3 أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُ ذَلِكَ. والله أعلم.
وَإِنْ صَحَّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ بِإِذْنٍ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي قَدْرِهِ نَصَّ عَلَيْهِ كَعَبْدٍ قَبْلَ حَجْرِ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ وَفِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: وَبَعْدَهُ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ فَأَقَرَّ جَازَ وَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَفِي يَدِهِ مَالٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَأَقَرَّ بِهِ صَحَّ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَالتَّرْغِيبُ وَغَيْرُهُمَا وَقِيلَ: فِي صَبِيٍّ فِي الْيَسِيرِ وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ عَدَمَ صِحَّتِهِ ثُمَّ سَلَّمَ لِعَدَمِ مَصْلَحَتِهِ فِيهِ. وَكَذَا الدَّعْوَى وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَالتَّحْلِيفُ وَنَحْوُهُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي طَلَاقِهِ بِأَنَّهُ ليس بأهل ليمين1 بِمَجْلِسِ حُكْمٍ لِدَفْعِ دَعْوَى وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إقْرَارِ مُمَيِّزٍ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي إقْرَارِهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا: يَصِحُّ نَصَّ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ فِي قَدْرِ إذْنِهِ وَحَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ مَا نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَبْلُغَ عَلَى غَيْرِ الْمَأْذُونِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: هُوَ حَمْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ: الصِّحَّةُ وَعَدَمُهَا. وَذَكَرَ الْآدَمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّ السَّفِيهَ وَالْمُمَيِّزَ إنْ أَقَرَّا بِحَدٍّ أو قود أو نسب أو ـــــــــــــــــــــــــــــQوهذه المسألة إنما عفا عنها2 وَلِيُّ الْقَوَدِ وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خلافا فلعله
طَلَاقٍ لَزِمَ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِذَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَذَا قَالَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي السَّفِيهِ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ م1. ـــــــــــــــــــــــــــــQحصل بعض سقط. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبِيِّ إنَّهُ1 لَمْ يَكُنْ بَالِغًا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ قَالَ فِي الْكَافِي4: فَإِنْ قَالَ أَقْرَرْت قَبْلَ الْبُلُوغِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ بُلُوغِهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: لَوْ ادَّعَى الْبَالِغُ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا حِينَ الْبَيْعِ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ أو غير5 ذلك وأنكر
وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ فَأَنْكَرَهُ صدق بلا يمين قاله في ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عليه في صورة دعوى الصغير1 فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْعُقُودِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ دُونَ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْبُلُوغِ وَالْإِذْنِ قَالَ: وَقَدْ ذكر الأصحاب وجها آخر في دعوى الصغير"1" أَنَّهُ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَكْلِيفُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ انْتَهَى. وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي شَرْطٍ يُبْطِلُ الْعَقْدَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ يَنْفِيهِ وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى عَبْدٍ عُدِمَ الْإِذْنُ ودعوى الصغير2 وَفِيهِ وَجْهٌ. انْتَهَى. وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مِثْلُ ذَلِكَ بَلْ هِيَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وابن رجب وغيرهما.
الْمُغْنِي1 وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُحَرَّرِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ2 بِيَمِينِهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَنْ شُكَّ فِي بُلُوغِهِ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِهِ بِيَمِينِهِ كَذَا فِي النُّسَخِ وَصَوَابُهُ زِيَادَةُ بِيَمِينِهِ أَيْ لِحُكْمِنَا بِعَدَمِ الْبُلُوغِ وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلَا يُحَلَّفُ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا ويؤيده كلامه في المغني"1".
وَلَوْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ. وَفِي التَّرْغِيبِ: يُصَدَّقُ صَبِيٌّ ادَّعَى الْبُلُوغَ بِلَا يَمِينٍ وَلَوْ قَالَ أَنَا صَبِيٌّ لَمْ يُحَلَّفْ وَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: مَنْ أَنْكَرَهُ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ أَوْ ادَّعَاهُ وَأَمْكَنَّا حُلِّفَ إذَا بَلَغَ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: يُصَدَّقُ فِي سِنٍّ يُبْلَغُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ تِسْعُ سِنِينَ وَيَلْزَمُهُ بِهَذَا الْبُلُوغِ مَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ الْجَارِيَةُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَنْبَتَ بِعِلَاجٍ وَدَوَاءٍ لَا بِالْبُلُوغِ لَمْ يُقْبَلْ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ. و1تَقَدَّمَ فِي الدَّعَاوَى2 تَصْدِيقُ الْمُقِرِّ قَالَ الْأَزَجِيُّ: الْمَرَاتِبُ ثَلَاثٌ: الْعُقُودُ فَإِنْ صَحَّتْ بِالْمُعَاطَاةِ لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ بَلْ الْقَبْضُ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ. الثَّانِي الْوَكَالَةُ فَإِنْ افْتَقَرَتْ إلَى الْقَبُولِ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ عَدَمُ الرَّدِّ فَلَوْ رُدَّ اُعْتُبِرَ تَجْدِيدُهَا وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يُعْتَبَرُ تَجْدِيدُهُ. وَمَنْ أُكْرِهَ ليقر ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بدرهم فَأَقَرَّ بِدِينَارٍ أَوْ لِزَيْدٍ فَأَقَرَّ لِعَمْرٍو صَحَّ وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْإِكْرَاهِ بِقَرِينَةٍ كَتَوْكِيلٍ بِهِ أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ تَهْدِيدِ قَادِرٍ قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَمَارَةِ الْإِكْرَاهِ اسْتَفَادَ بِهَا أَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ فَيُحَلَّفُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ كَذَا قَالَ وَيُتَوَجَّهُ: لَا يُحَلَّفُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّوَاعِيَةِ وَقِيلَ: يَتَعَارَضَانِ وَتَبْقَى الطَّوَاعِيَةُ فَلَا يُقْضَى بِهَا وَلَوْ قَالَ مَنْ ظَاهِرُهُ الْإِكْرَاهُ: عَلِمْت لَوْ لَمْ أُقِرَّ أَيْضًا: أُطْلِقْت فَلَمْ أَكُنْ مُكْرَهًا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ ظَنٌّ مِنْهُ فَلَا يُعَارِضُ يَقِينَ الْإِكْرَاهِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ طَوْعًا وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ فِيمَنْ يَقْدَمُ إلَى السُّلْطَانِ فَيُهَدِّدُهُ فَيَدْهَشُ فَيُقِرُّ يُؤْخَذُ بِهِ فَيَرْجِعُ وَيَقُولُ هَدَّدَنِي وَدَهِشْت: يُؤْخَذُ وَمَا عَلِمَهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْجَزَعِ وَالْفَزَعِ؟ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فِي الرَّجُلِ يُقِرُّ عِنْدَ الْجَزَعِ. وإن ادَّعَى جُنُونًا لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: يُقْبَلُ أَيْضًا إنْ عُهِدَ مِنْهُ جُنُونٌ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ وَإِلَّا فَلَا وَيُتَوَجَّهُ قَبُولُهُ مِمَّنْ غَلَبَ عَلَيْهِ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالْمَرِيضُ كَالصَّحِيحِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِوَارِثٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لِوَارِثٍ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ جَمَاعَةٌ: أَوْ إجَازَةٍ وَظَاهِرُ نَصِّهِ: لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ فِيهِ: يَصِحُّ مَا لَمْ يُتَّهَمْ وم وَأَنَّ أَصْلَهُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَصِيَّتُهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ ثُمَّ يَصِيرُ وَارِثًا يَصِحُّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ وَالثَّانِيَةُ: يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِوَارِثٍ وَفِي الصِّحَّةِ أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ وَالْأُولَى أَصَحُّ كَذَا قَالَ وَقَالَ فِي الْفُنُونِ: يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ. وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ حَنْبَلِيًّا اسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ بِالْوَصِيَّةِ لَهُ فَقَالَ لَهُ حَنْبَلِيٌّ: لَوْ أَقَرَّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ صَحَّ وَلَوْ نِحْلَةً لَمْ يَصِحَّ، ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَالنِّحْلَةُ تَبَرُّعٌ كَالْوَصِيَّةِ فَقَدْ افْتَرَقَ الْحَالُ لِلتُّهْمَةِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَرَضِ وَلِأَنَّهُ لَوْلَا يَلْزَمُ التَّبَرُّعُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ وَقَدْ افْتَرَقَ التَّبَرُّعُ وَالْإِقْرَارُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَذَا يَفْتَرِقَانِ فِي الثُّلُثِ لِلْوَارِثِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِالْمَهْرِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا نَصَّ عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مِنْ الثُّلُثِ وَنَقَلَ أَيْضًا: لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَأَنَّ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةَ بِالزَّائِدِ وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ فِي صِحَّتِهِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا روايتين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَفِي التَّبْصِرَةِ وَنِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ وَالْمُغْنِي1، وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهَا: وَيَصِحُّ بِهِ. وَإِنْ أَقَرَّتْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهَا أَخَذَتْهُ نَقَلَهُ مُهَنَّا وَإِنْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَصِحَّ. وَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِأَخْذِ دَيْنٍ2 فِي صِحَّةٍ وَمَرَضٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: لَا يَصِحُّ بِقَبْضِ مَهْرٍ وعوض ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خُلْعٍ بَلْ حَوَالَةٍ وَمَبِيعٍ وَقَرْضٍ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَكَذَا قَالَ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ صَحَّ لَا أَنَّهُ وَهَبَ وَارِثًا. وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ1 أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ كَإِنْشَائِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ كَالْإِنْشَاءِ وَالثَّانِي يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ لَوْ صُدِّقَ فِيهِ ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ الْوَارِثِ لَهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبُولِ. وَفِي النِّهَايَةِ: يُقْبَلُ أَنَّهُ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا فِي صِحَّتِهِ وَفِيهِ لِوَارِثٍ2 وَجْهَانِ وَصَحَّحَهُ فِي الِانْتِصَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ. وَفِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا: لَا يَصِحُّ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَصَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ أَجْنَبِيًّا أَوْ عَكْسَهُ اُعْتُبِرَ بِحَالِ الْإِقْرَارِ لَا الْمَوْتِ عَلَى الْأَصَحِّ فَيَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى وَمُرَادُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ: لَا يَلْزَمُ لَا بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَسَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ لِوَارِثٍ3 وَلِهَذَا أَطْلَقَ فِي الْوَجِيزِ الصِّحَّةَ فِيهِمَا وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ أَعْطَاهُ وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ: لَا وَقِيلَ: لَا إن ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ وَأَقَرَّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ م 2 وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ وَعَنْهُ: إنْ جَازَ الثُّلُثُ فَلَا مُحَاصَّةَ. وَإِنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ ثُمَّ بدين أَوْ عَكْسُهُ فَرَبُّ الْعَيْنِ أَحَقُّ وَفِي الثَّانِيَةِ احْتِمَالٌ فِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ. كَإِقْرَارِهِ بِدَيْنٍ. وَإِنْ قَالَ هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ فَصَدَّقُوهُ أَوْ لَا تَصَدَّقُوا بِهِ وَعَنْهُ: بِثُلُثِهِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ إنْ ملكت لقطة. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِ وَارِثٍ صَحَّ وَهَلْ يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ كَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالزَّرْكَشِيِّ وَذَكَرَهُمَا وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَبْدَأُ بِدَيْنِ الصِّحَّةِ وَلَا يُحَاصُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ الْبَنَّا: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَالتَّلْخِيصِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُحَاصُّ بِهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ اخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ وَالْقَاضِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَبِهِ قَطَعَ الشَّرِيفُ وأبو الخطاب والشيرازي في موضع واختاره
فصل وإن أقر عبد آبق أو لا بحد أو قود أو طلاق ونحوه صح وأخذ به إذن كسفيه ومفلس
فصل وَإِنْ أَقَرَّ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ لَا بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ أَوْ طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ صَحَّ وَأُخِذَ بِهِ إذَنْ كَسَفِيهٍ وَمُفْلِسٍ وَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِقَوَدِ النفس بعد عتقه فطلب1 جواب ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الدَّعْوَى مِنْهُ وَمِنْ سَيِّدِهِ جَمِيعًا وَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِهِ الْعَفْوُ عَلَى رَقَبَتِهِ أَوْ مَالٍ وَقِيلَ فِي إقْرَارِهِ بِالْعُقُوبَاتِ رِوَايَتَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ وَجْهَانِ وَنَصُّهُ: يَصِحُّ فِي غَيْرِ قَتْلٍ. وَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ قُطِعَ فِي الْمَنْصُوصِ إذَنْ وَقِيلَ: بَعْدَ عِتْقِهِ كَالْمَالِ. وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ م 3. وَيُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدٍ عَلَى عَبْدِهِ بما يوجب مالا فقط لأنه إيجاب حق في ـــــــــــــــــــــــــــــQابْنُ أَبِي مُوسَى وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الأصحاب. مَسْأَلَةٌ 3: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ مَأْذُونٌ بِمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَقَرْضٍ وَجِنَايَةٍ وَغَصْبٍ فَهُوَ كَمَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَنَصُّهُ: يُتْبَعُ بِهِ بِعَبْدٍ عَتَقَهُ وَعَنْهُ: بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ. انْتَهَى. الْمَنْصُوصُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْعُمْدَةِ والمحرر والوجيز والمنور وغيرهم قال ابن منجا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: يُتْبَعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 والشرح وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: ذَكَرَهَا الْقَاضِي وَلَا وَجْهَ لَهَا عِنْدِي إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْمَالِ الَّذِي أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْمَقْطَعِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ لَكِنْ يُتْبَعُ به لبعد العتق. انتهى.
مَالِهِ. وَفِي الْكَافِي1: إنْ أَقَرَّ بِقَوَدٍ وَجَبَ الْمَالُ وَيَفْدِي السَّيِّدُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ لَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ. وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وصت بكذا لم يلزم ولده ويتوجه في جَوَازِهِ بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ. وَيُتَوَجَّهُ لُزُومُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَمَا صَحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ بِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ فِيهِ وَإِلَّا فَسَيِّدُهُ. وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِالْجِنَايَةِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ فِي الْأَصَحِّ وَبِرَقَبَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ سَيِّدِهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّ غَيْرُ مُكَاتَبٍ لِسَيِّدِهِ أَوْ سَيِّدُهُ لَهُ بِمَالٍ لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ: بَلَى إنْ مَلَكَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ بِأَلْفٍ عَتَقَ فَإِنْ صَدَّقَهُ لَزِمَهُ وَإِلَّا حُلِّفَ وَقِيلَ: لَا وَالْإِقْرَارُ لِعَبْدِ غيره إقرار لسيده. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ امْرَأَتَهُ وَصَّتْ بكذا لم يلزم ولده ويتوجه في جوازه بَاطِنًا الرِّوَايَتَانِ. مُرَادُهُ بِالرِّوَايَتَيْنِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا فِي بَابِ الْمُوصَى إلَيْهِ2 فِيمَا إذَا وَصَّاهُ بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ ذَلِكَ أَوْ جَحَدُوا مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ فِي جَوَازِ قَضَائِهِ بَاطِنًا مَعَ عِلْمِهِ وَتَكْمِيلِ ثُلُثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ الرِّوَايَتَيْنِ وَقَدْ صَحَّحْنَا المسألة هناك وبينا المذهب منهما فليراجع.
وَلَا يَصِحُّ لِبَهِيمَةٍ وَقِيلَ: يَصِحُّ كَقَوْلِهِ: بِسَبَبِهَا زاد في المغني1: لِمَالِكِهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَصِحُّ لِدَارٍ إلَّا مَعَ السَّبَبِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ الْبَهِيمَةُ مِثْلُهَا لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ وَلَوْ قَالَ: لِمَالِكِهَا عَلَى سَبَبِ حَمْلِهَا فَإِنْ انْفَصَلَ وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ وَقْفِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ م 4. وَإِنْ أَقَرَّ لِحَمْلِ امْرَأَةٍ بِمَالٍ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ فَإِنْ وَلَدَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا فَهُوَ لِلْحَيِّ وَحَيَّيْنِ ذَكَرًا وَأُنْثَى لَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَقِيلَ: أَثْلَاثًا وَإِنْ عَزَاهُ إلَى مَا يَقْتَضِي التَّفَاضُلَ كَإِرْثٍ وَوَصِيَّةٍ عَمِلَ بِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ أَطْلَقَ كُلِّفَ ذِكْرَ السَّبَبِ فَيَصِحُّ مِنْهُ مَا يَصِحُّ وَيَبْطُلُ مَا يَبْطُلُ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُفَسِّرَ بَطَلَ قَالَ الْأَزَجِيُّ: كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ فَرَدَّهُ وَمَاتَ الْمُقِرُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ: كَمَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ بِإِقْرَارِهِ كَذَا قَالَ. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ لِمَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَ سَبَبًا صَحِيحًا كَغَلَّةِ2 وَقْفِهِ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَيَكُونُ لِمَصَالِحِهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ اخْتَارَهُ التَّمِيمِيُّ وقدمه ابن رزين في شرحه.
وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ؟ فيه الخلاف وصحح التَّمِيمِيُّ الْإِقْرَارَ لِحَمْلٍ إنْ ذَكَرَ إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِغَيْرِهِمَا وَيَعْمَلُ بِحَسَبِهِ1. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ جَعَلْتهَا له أو نحوه فوعد ويتوجه: يلزمه، ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ فِي الْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ هَلْ يَأْخُذُهُ حَاكِمٌ كَمَالٍ ضَائِعٍ؟ فِيهِ الْخِلَافُ. انْتَهَى. يَعْنِي بِهِ الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَالِ الضَّائِعِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ2: هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ الْمَالِ الضَّائِعِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ؟ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحْنَا هُنَاكَ اللزوم فكذا هنا على هذا التوجيه.
كقوله: له1 عَلَيَّ أَلْفٌ أَقْرَضَنِيهِ عِنْدَ غَيْرِ التَّمِيمِيِّ وَجَزَمَ الْأَزَجِيُّ: لَا يَصِحُّ كَأَقْرَضَنِي أَلْفًا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: وَيَصِحُّ بِمَالٍ لِحَمْلٍ يَعْزُوهُ ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافًا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ من حينه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن أقرت امرأة بنكاح على نفسها
فَصْلٌ وَإِنَّ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا فَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا وَعَنْهُ: لَا. وَفِي الِانْتِصَارِ: لَا تُنْكَرُ عَلَيْهِمَا بِبَلَدِ غُرْبَةٍ لِلضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ2 يَصِحُّ مِنْ مُكَاتَبَةٍ وَلَا تَمْلِكُ عَقْدَهُ وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اختاره القاضي وأصحابه م 5. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا فَعَنْهُ: يُقْبَلُ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ وَكَبَيْعِ سِلْعَتِهَا وَعَنْهُ: لَا وَعَنْهُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَ الْقَبُولَ وَعَدَمَهُ في المقنع"3 والشرح3" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. إحْدَاهُنَّ: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي4 فِي النِّكَاحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي النظم وغيره. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 بعدها في "ط": "لا". 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/191. 4 9/435.
وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي: يَصِحُّ إقْرَارُ بِكْرٍ بَالِغٍ به وإن جبرها الْأَبُ1 قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِمَا لَا إذْنَ لَهُ فِيهِ كَصَبِيٍّ أَقَرَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَنَّ أَبَاهُ آجَرَهُ فِي صِغَرِهِ وَمَعَ بَيِّنَتِهِمَا يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا فَإِنْ جُهِلَ عُمِلَ بِقَوْلِ الْوَلِيِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَالْمُبْهِجِ وَنَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: الْمُجْبَرُ وَإِنْ جَهِلَهُ فُسِخَا نَقَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ. وَفِي الْمُغْنِي2: يَسْقُطَانِ وَيُحَالُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا3 وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلِيَّ وَلَا تَرْجِيحَ بِالْيَدِ. وَقَالَ شَيْخُنَا: مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهَا "4مَتَى كَانَتْ4" بِيَدِ أَحَدِهِمَا، مَسْأَلَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ وَسَبَقَتْ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْعَيْنِ بِيَدِ ثَالِثٍ وَإِنْ أَقَرَّ وَلِيُّهَا بِهِ قُبِلَ فِي الْمَنْصُوصِ وَإِنْ كَانَتْ مُقِرَّةً لَهُ بِالْإِذْنِ كَالْمُجْبَرَةِ وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَفَسَخَهُ حَاكِمٌ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَلَى الْأَظْهَرِ فَدَلَّ أن من ادعت أن فلانا ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ. وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي5 أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ الدَّعَاوَى.
زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ وَسُئِلَ عَنْهَا الشَّيْخُ فَلَمْ يُجِبْ. وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَجَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: تَحِلُّ لَهُ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ صَحَّ وَوَرِثَهُ. وَيُتَخَرَّجُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ بَعْدَهَا: لَا إرْثَ فَإِنْ كَانَ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ م 6 فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا. وَقَالَ شَيْخُنَا ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَذَّبَهُ فِي حَيَاتِهِ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى يَعْنِي وَصَدَّقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُ وَلَا يَرِثُهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ أَقْوَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ وَيَرِثُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُقْنِعِ"2" قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصِّحَّةُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بِهِ أَبُو الخطاب والشريف في رءوس المسائل.
فِيمَنْ أَنْكَرَ الزَّوْجِيَّةَ فَأَبْرَأَتْهُ فَأَقَرَّ بِهَا: لَهَا طَلَبُهُ بِحَقِّهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجٍ أَوْ مَوْلًى أَعْتَقَهُ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ نَسَبَ غَيْرِهِ قُبِلَ وَلَوْ أَسْقَطَ وَارِثَهُ وَكَذَا بِوَلَدٍ وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُهُ مَعَ صِغَرٍ وَجُنُونٍ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ وَقِيلَ: لَا يَرِثُهُ إنْ كَانَ مَيِّتًا لِلتُّهْمَةِ وَقِيلَ: وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إنْ كَانَ كَبِيرًا عَاقِلًا مَيِّتًا. وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا1 م 7. وَإِنْ أَقَرَّ بِأَبٍ فَكَوَلَدٍ. وَفِي الْوَسِيلَةِ: إنْ قَالَ عَنْ بَالِغٍ هُوَ ابْنِي أَوْ أَبِي فَسَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَبَتَ نَسَبُهُ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا: بِالْآخَرِ تَكْرَارُهُ فِي الْمَنْصُوصِ فَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِدُونِهِ نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: النَّسَبُ بِالْوَلَدِ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الرَّجُلِ بِهِ أنه ابنه فلا ينكر أو ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَفِي إقْرَارِ امْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ بِوَلَدٍ رِوَايَتَانِ تَقَدَّمَتَا. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ. إحْدَاهُمَا: يَلْحَقُهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ أَقَرَّتْ مُزَوَّجَةٌ بِوَلَدٍ لَحِقَهَا دُونَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا كَغَيْرِ الْمُزَوَّجَةِ وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ إقْرَارُهَا. انْتَهَى. وَقَدَّمَ مَا قَدَّمَهُ فِي الصُّغْرَى وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ هُنَا وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَلْحَقُهَا. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: تَقَدَّمَتَا يَعْنِي فِي بَابِ مَا يَلْحَقُ مِنْ النَّسَبِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي: وَمَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ أَوْ مَجْنُونٍ مَجْهُولٍ نَسَبُهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ وَأَمْكَنَ لَحِقَهُ وَقِيلَ: لَا يُلْحَقُ بِامْرَأَةٍ وَعَنْهُ: "2مُزَوِّجَةٍ، وَعَنْهُ2": لا يلحق بمن لها نسب معروف وأيهما لحقه
بِوَلَدٍ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِهِ وولده وحرمه. وَمَنْ ثَبَتَ نِسْبَةً فَادَّعَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ زَوْجِيَّتَهُ لَمْ يَثْبُتْ وَكَذَا دَعْوَى أُخْتِهِ الْبُنُوَّةَ ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ فَأَقَرَّ بِغَيْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ كَابْنِ ابْنٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ وَعَمٍّ لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ أَوْ بَعْضُهُمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَرَائِضِ1، وَإِنْ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ وارث ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمْ يَلْحَقْ الْآخَرَ. انْتَهَى. فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ صِحَّةُ إقْرَارِهَا بِوَلَدٍ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ لِأَنَّهُ أَحَالَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ الصِّحَّةَ. "2فهذه سبع مسائل2".
حَتَّى بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ فَصَدَّقَهُ وَأَمْكَنَ قُبِلَ وَمَعَ الْوَلَاءِ يُقْبَلُ إنْ صَدَّقَهُ مَوْلَاهُ نَصَّ عليه ويتخرج أولا واختاره شيخنا وهـ و1تَقَدَّمَ فِي اللَّقِيطِ2: مَنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ وَكَانَ تَصَرَّفَ بِنِكَاحٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ عِنْدَهُ أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ قُبِلَ إقْرَارُهُ عَلَى الْأَمَةِ لَا عَلَى الْأَوْلَادِ نَقَلَهُ ابْنُ مُشَيْشٍ وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: يُقْبَلُ مُطْلَقًا تَبَعًا وَاحْتِمَالٌ: يُقْبَلُ عَلَيْهَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ. وَقَالَ الْقَاضِي: الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّهُ وَطِئَ يَعْتَقِدُهَا مِلْكَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ. وَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَةٌ بِدَيْنٍ عَلَى مَوْرُوثِهِمْ قَضَوْهُ مِنْ التَّرِكَةِ وإن أقر بعضهم بلا شهادة فبقدر3 إرْثُهُ إنْ وَرِثَ النِّصْفَ فَنِصْفُ الدَّيْنِ كَإِقْرَارِهِ بِوَصِيَّةٍ لَا كُلُّ إرْثِهِ. وَفِي التَّبْصِرَةِ: إنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَيَمِينٌ ثَبَتَ وَمُرَادُهُ: وَشَهِدَ الْعَدْلُ وَهُوَ مَعْنَى الرَّوْضَةِ وَفِيهَا: إن خلف وارثا واحدا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لَا يَرِثُ كُلَّ الْمَالِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ فَأَقَرَّ بِمَا يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَخَذَ رَبُّ الدَّيْنِ كُلَّ مَا بِيَدِهَا. وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ مَيِّتٍ وَقِيلَ: مَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ وَرَثَتِهِ وَيَحْتَمِلُ التَّسْوِيَةَ وَذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَجْهًا وَيُقَدَّمُ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ نص عليه. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
باب مايحصل به الإقرار وما يغيره
بَابُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَمَا يُغَيِّرُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَجَلْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ بِدَعْوَاك فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ وَعَكْسُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا أَوْ عَسَى أَوْ لَعَلَّ أَوْ أَحْسِبُ أَوْ أَظُنُّ أَوْ أُقَدِّرُ أَوْ خُذْ أَوْ اتَّزِنْ أَوْ اُحْرُزْ أَوْ افْتَحْ كُمَّك وَكَذَا "1فِي الْأَصَحِّ1" أَنَا أُقِرُّ أَوْ لَا أُنْكِرُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ إنْ زَادَ: بِدَعْوَاك لَمْ يُؤَثِّرْ فِي: أَنَا أُقِرُّ وَيَكُونُ مُقِرًّا فِي: لَا أُنْكِرُ وَفِي: أَنَا مُقِرٌّ أَوْ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ اُحْرُزْهُ أَوْ اقْبِضْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ وَجْهَانِ م 1 قَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ: كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حقك أقوى في الإقرار من خذه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: وَفِي أَنَا مُقِرٌّ أَوْ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ اُحْرُزْهُ أَوْ اقْبِضْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ حُكْمُهَا وَاحِدٌ عِنْدَهُ أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ. وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي2 وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ إلَّا فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي"2" فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ. أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ فِي النظم في قوله أنا مقر.
وَإِنْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ؟ فَقَالَ: بَلَى فَقَدْ أَقَرَّ لَا نَعَمْ وَيُتَوَجَّهُ: بَلَى مِنْ عَامِّيٍّ1، كَقَوْلِهِ: عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ بِضَمِّ الرَّاءِ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ وَيُتَوَجَّهُ فِي غَيْرِهِ احْتِمَالٌ. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ رَزِينٍ: إذَا قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَمُقِرٌّ. وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَفْظُ الْإِقْرَارِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَجَوَابُهُ نَعَمْ وَكَانَ إقْرَارًا وَإِنْ قَالَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْك كَذَا؟ كَانَ الْإِقْرَارُ بِبَلَى وَفِي قِصَّةِ إسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْت عَلَيْهِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي؟ قَالَ: "نَعَمْ أَنْتَ الَّذِي لَقِيتنِي بِمَكَّةَ"؟ قَالَ: فَقُلْت: بَلَى2. قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا. وَإِنْ قَالَ: أَعْطِنِي أَوْ اشْتَرِ ثَوْبِي هَذَا أَوْ أَلْفًا مِنْ الَّذِي لِي عَلَيْك أَوْ إلَيَّ أَوْ هَلْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: نَعَمْ أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ أَوْ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أَوْ إلَّا أَنْ أَقُومَ أَوْ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَوْ عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ لَا فِيمَا أَظُنُّ أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ نَصَّ عَلَيْهَا أَوْ لَا تَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَفِيهِمَا احْتِمَالٌ فَقَدْ أقر. ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ مُقِرًّا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ فِي غَيْرِ قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي3 فِي قَوْلِهِ خُذْهُ أَوْ اتَّزِنْهُ أَوْ هِيَ صِحَاحٌ قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ فِي قَوْلِهِ أَنَا مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مقرا وجزم به في المستوعب.
وَإِنْ قَالَ: بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ كَالْإِقْرَارِ قَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا صَائِمٌ غَدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَصِحُّ نِيَّتُهُ وَصَوْمُهُ ويكون ذلك تأكيدا: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23،24] وَمَعْنَاهُ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا قَالَ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْعُقُودُ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا بَعْدَ إيجَابِهَا قَبْلَ الْقَبُولِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ: فِي بِعْتُك أَوْ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْ بِعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ: قَبِلْت أَوْ قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ. وَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ قَدَّمَهُ نَحْوَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ: فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا أَوْ إنْ شَهِدَ فُلَانٌ عَلَيَّ بِكَذَا صَدَّقْته لَمْ يَصِحَّ وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ جَاءَ وَقْتُ كَذَا فَعَلَيَّ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ إنْ شَهِدَ عَلَيَّ فُلَانٌ بِكَذَا فَهُوَ صَادِقٌ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ صِدْقُهُ إلَّا مَعَ ثُبُوتِهِ فَيَصِحُّ1 إذَنْ. وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَوَجْهَانِ م 2 – 4. وَيَصِحُّ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إن جاء وقت كذا لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ الْمَحَلِّ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ مِنْ عَكْسِهَا وَأَطْلَقَ فِي التَّرْغِيبِ وَجْهَيْنِ فِيهِمَا وَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَجَلٍ أَوْ وَصِيَّةٍ قُبِلَ. وَمَنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ لِسَانِهِ كَعَرَبِيٍّ بِعَجَمِيَّةٍ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ2 مَا قلته قبل بيمينه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 - 4: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ نَحْوُ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَدِمَ أَوْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ أَوْ جَاءَ الْمَطَرُ فَوَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فهل يكون مقرا أم لا؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQأَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُقْنِعِ1 وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ"1" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ شَاءَ فُلَانٌ فَهَلْ يَكُونُ مُقِرًّا أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَالْحُكْمُ هُنَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا هُنَا أَيْضًا الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 4: لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ والرعايتين وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالشَّرْحِ"3" وشرح ابن منجا وَالنَّظْمِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَنَصَرَهُ. وَالْوَجْهُ الثاني: يكون مقرا اختاره القاضي
فصل وإن قال: له علي مائة من ثمن خمر أو ثمن مبيع تلف قبل قبضه أو لم أقبضه
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَعَ فَسَادِهِ1 أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ كَعَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مِائَةٌ وَقِيلَ بَلَى م 5 - 7 كَمِنْ مُضَارَبَةٍ أَوْ مِنْ وديعة لحمله على التعدي2 فيهما وك: عليّ مئة لَا تَلْزَمُنِي وَحُكِيَ فِيهَا احْتِمَالٌ. وَإِنْ قَالَ: كان له علي كذا و3قضيته أَوْ بَعْضَهُ قُبِلَ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ اخْتَارَهُ عَامَّةُ شُيُوخِنَا قَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَعَنْهُ: فِي بَعْضِهِ وَعَنْهُ لَيْسَ بِجَوَابٍ فَيُطَالَبُ بِرَدِّ: جواب4. وفي الترغيب والرعاية هي أشهر، ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 5 - 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ لَمْ أَقْبِضْهُ أَوْ مِنْ مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَيَّ ضَمَانَهَا مِمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ عَادَةً مَعَ فَسَادِهِ أَوْ بِكَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ فَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ وَقِيلَ: بَلَى انْتَهَى. ذَكَرَ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 5: إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ أَحْمَدَ غَيْرَهُ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: وَالْأَظْهَرُ يَلْزَمُهُ مَعَ ذِكْرِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي5 وَالْكَافِي6 وَالْمُقْنِعِ7 وَالْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ في منتخبه ومنوره وغيرهم.
وَعَنْهُ: مُقِرٌّ اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ فَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ أَوْ يُحَلِّفُ خَصْمَهُ اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو الْوَفَاءِ وَغَيْرُهُمَا كَسُكُوتِهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ: لَيْسَ بِإِقْرَارٍ وَبَنَى عَلَيْهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ عَبْدِهِ كَذَا أَوْ قَطَعَ يَدَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ قَالَ بَعْدَهُ: وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهَا لَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ وَذَكَرَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَا تُسْمَعُ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِلَا خِلَافٍ. وَإِنْ قَالَ: بَرِئَتْ مِنِّي أو أبرأتني1 فالروايات وقيل: مقر وإن ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هو قياس المذهب وقياس قول أحمد: 2في قوله2 كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 6 وَالثَّالِثَةُ 7: بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالْحُكْمُ فِيهَا كَالْحُكْمِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ: كَانَ فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ وَحَكَيْت وَجْهًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُقْبَلُ وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا تسمع بينته"*". وَمَنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ فِي الْمَنْصُوصِ فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ فِي الضَّمَانِ وفي غيره وجهان م 8. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"*" تنبيه: وَإِنْ قَالَ: بَرِئَتْ مِنِّي أَوْ أَبْرَأَتْنِي1 فَالرِّوَايَاتُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ وَلَمْ يَقُلْ: كَانَ فَالرِّوَايَاتُ إلَّا الثَّالِثَةَ وَحَكَيْت وَجْهًا وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: يُقْبَلُ وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ وَعَنْهُ: لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةَ خِلَافًا وَمَذْهَبًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَاتَيْنِ وَهُوَ قَدْ قَدَّمَ فِيهَا حُكْمًا وَهُوَ قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِهِ فَكَذَا فِي هاتين. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَمَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مُؤَجَّلَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ فِي الْمَنْصُوصِ فَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ قُبِلَ فِي الضَّمَانِ. وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وغيرهم.
وَإِنْ سَكَتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ ثُمَّ قَالَ: زُيُوفٌ أَوْ صِغَارٌ أَوْ مُؤَجَّلَةٌ لَزِمَهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ حَالَّةٌ كَاسْتِثْنَاءٍ. فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كبيع؟ فيه وجهان م 9. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَجَلِ. انْتَهَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ فِي غَيْرِ الضَّمَانِ أَيْضًا قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ: فَإِنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلِ أَجَّلَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَمَنْ أَقَرَّ بِمُؤَجَّلٍ صُدِّقَ وَلَوْ عَزَاهُ إلَى سَبَبٍ يَقْبَلُهُ وَالْحُلُولِ وَلِمُنْكِرِ التَّأْجِيلِ يَمِينُهُ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ: الَّذِي يَظْهَرُ قَبُولُ دَعْوَاهُ. مَسْأَلَةٌ 9: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِنْهَا كَبَيْعٍ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ1 وَغَيْرِهِمْ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ جِيَادٌ وَافِيَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَذَا أَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالتَّلْخِيصِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالشَّهَادَةُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ1 أَوْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ كَمُطْلَقِ عَقْدٍ. وفي المغني2: إن فسر إقراره بِسِكَّةٍ دُونَ سِكَّةِ الْبَلَدِ وَتَسَاوَيَا وَزْنًا فَاحْتِمَالَانِ. وَنَقَلَ يَزِيدُ بْنُ الْهَيْثَمِ3 فِيمَنْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى دَرَاهِمَ وَلَمْ يَقُلْ صِحَاحًا أَوْ مُكَسَّرَةً قَالَ: صِحَاحٌ قَالَ: شَيْخُنَا: وَمُطْلَقُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مُنَزَّلٌ عَلَى الْعُرْفِ الْخَطَّابِيُّ وَعَادَةِ الْعَمَلِ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَغْشُوشَةٍ لَا بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ وَإِنْ قَالَ: صِغَارٌ قُبِلَ بِنَاقِصِهِ4 فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ: وَلِلنَّاسِ دَرَاهِمُ صِغَارٌ، وَإِنْ قَالَ: وَازِنٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَقِيلَ: أَوْ وَازِنَةٌ م 10 وإن قال: عددا لزماه. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 10: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ وَازِنٌ فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَقِيلَ: أَوْ وَازِنَةٌ. انْتَهَى. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَازِنٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقِيلَ أَوْ وَازِنَةٌ قَالَ شَيْخُنَا: صَوَابُهُ وَقِيلَ وَازِنُهُ بِإِسْقَاطِ أَوْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَصِحُّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ وأقل ما يلزمه الوزن.
فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ م11. وَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ أَوْ دُرَيْهِمٌ فَدِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ وَيُتَوَجَّهُ فِي دُرَيْهِمٍ: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ وَدِيعَةً قَبَضَهُ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَصُّهُ: يُقْبَلُ وَفِيهِ تَخْرِيجٌ1 اخْتَارَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ وَكَذَا: ظَنَنْته بَاقِيًا ثُمَّ عَلِمْت تَلَفَهُ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: الظَّاهِرُ: لَا يُقْبَلُ هُنَا. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 11: قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ بِهَا عَدَدًا فَالْوَجْهَانِ. انْتَهَى. يَعْنِي اللَّذَيْنِ أَطْلَقَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُغْنِي2: أَوَّلُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِ الْبَلَدِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ كَالْقَطْعِيِّ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ وَازِنَةٌ.
فصل تقدم الاستثناء في الطلاق
فَصْلٌ تَقَدَّمَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الطَّلَاقِ 1 وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَسْكُتَ مَا يُمْكِنُهُ الْكَلَامُ وَفِي الْوَاضِحِ رِوَايَةٌ: يَصِحُّ وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ أَنَّهُ2 كَاسْتِثْنَاءٍ فِي يَمِينٍ وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا: وَأَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ صِلَةِ كَلَامٍ مُغَيِّرَةٍ لَهُ وَاخْتَارَ أَنَّ الْمُتَقَارِبَ مُتَوَاصِلٌ فَإِنْ قَالَ: لَهُ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ تِسْعَةٌ فَإِنْ مَاتُوا إلَّا وَاحِدًا فَقَالَ: هُوَ الْمُسْتَثْنَى قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ كَقَتْلِهِمْ إلَّا وَاحِدًا وَإِنْ قَالَ: لَهُ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ أَوْ الدَّارُ لَهُ وَالْبَيْتُ لِي صَحَّ وَلَوْ3 كَانَ أَكْثَرَهَا وَإِنْ قَالَ: إلَّا ثُلُثَيْهَا وَنَحْوَهُ. أَوْ الدَّارُ لَهُ وَلِي نِصْفُهَا فَاسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ وَالنِّصْفِ. وَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ نَصَّ عَلَيْهِ وَعَنْهُ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ نَقْدٍ مِنْ آخَرَ وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ. وَفِي الرَّوْضَةِ: بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا هَلْ هُمَا4 جِنْسٌ وَاحِدٌ أو جنسان؟ وفي ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الْمُغْنِي1: يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ يُعْلَمُ قَدْرُهُ مِنْهُ وَعَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْعَكْسِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: بَلْ نَوْعٌ مِنْ آخَرَ فَإِنْ صَحَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا دِينَارًا رَجَعَ إلَى سِعْرِهِ بِالْبَلَدِ كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ وَقِيلَ: يُقْبَلُ مِنْهُ قِيمَتُهُ وَفِي الْمُنْتَخَبِ: إنْ بَقِيَ مِنْهُ أَكْثَرُ الْمِائَةِ وَمَعْنَاهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَفِي الْمُذْهَبِ: يُقْبَلُ فِي النِّصْفِ فَأَقَلَّ وَقَدَّمَهُ الْأَزَجِيُّ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ2 دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْأَصَحِّ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ. وَإِنْ قَالَ: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ م 12. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ3: قَوْلُهُ: أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ. انْتَهَى. صَوَابُهُ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ مَرَّتَيْنِ لَا ثَلَاثَةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِرَفْعِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ لَكِنَّ الْحُكْمَ صَحِيحٌ إذْ لَا فَرَّقَ بَيْنَ ذِكْرِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ لِرَفْعِ إحْدَى الْجَمَلِ. مسألة 12: قوله: وَإِنْ قَالَ4: خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا فَقِيلَ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ انْتَهَى. وأطلقهما في المقنع5 والشرح"5" وشرح ابن منجا: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ جَمْعًا لِلْمُسْتَثْنَى وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ
وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ كَسَبْعَةٍ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا فَيَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ لِأَنَّهُ مِنْ إثْبَاتِ نَفْيٍ وَمِنْ نَفْيِ إثْبَاتٍ وَإِنْ قَالَ: عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عَشَرَةٌ إنْ بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ اسْتِثْنَاءٍ1 بَاطِلٌ بِعَوْدِهِ إلَى مَا قَبْلَهُ لِبُعْدِهِ كَسُكُوتِهِ وَإِلَّا سِتَّةٌ وَإِنْ بَطَلَ النِّصْفُ خَاصَّةً فَثَمَانِيَةٌ وَإِنْ صَحَّ فَقَطْ فَخَمْسَةٌ وَإِنْ عُمِلَ بِمَا تَئُولُ إلَيْهِ جُمْلَةُ الِاسْتِثْنَاءِ2 فسبعة. ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ قَالَ خَمْسَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا وَجَبَ خَمْسَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَإِلَّا ثَلَاثَةٌ. انْتَهَى. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لِلْجَمْعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يلزمه ثلاثة.
فصل وإن قال: له عندي رهن قبل قول المالك إنه وديعة
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي رَهْنٌ قُبِلَ قَوْلُ الْمَالِكِ إنَّهُ وَدِيعَةٌ نَقَلَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: إذَا قَالَ: لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ قَالَ: هِيَ رَهْنٌ عَلَى كَذَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا رَهْنٌ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ تَخْرِيجًا: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ. وَإِنْ قَالَ1: عَلَيَّ أَوْ فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ2 لَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِوَدِيعَةٍ وَقِيلَ: بَلَى كَمُتَّصِلٍ فَإِنْ زَادَ الْمُتَّصِلَ وَقَدْ تَلِفَتْ لَمْ يُقْبَلْ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ وَلَا مانع. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ: هُوَ هَذَا وَهُوَ وَدِيعَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِ1 الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ م 13 وَعَدَمُ الْقَبُولِ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ وَدِيعَةً بِشَرْطِ الضَّمَانِ لَغَا وَصْفُهُ لَهَا بِالضَّمَانِ وَبَقِيَتْ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا أَوْ فِي هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ فَقَدْ أَقَرَّ فَإِنْ فَسَّرَ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ لَمْ يُقْبَلْ وَمِثْلُهُ: لَهُ فِي مِيرَاثِ أَبِي أَلْفٌ وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ. وَفِي التَّرْغِيبِ: لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَوْ فِي2 هذه التركة ألف صح وفسرها قَالَ: وَيُعْتَبَرُ أَنْ لَا يَكُونَ مِلْكَهُ فَلَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَقَرَّ وَكَانَ مِلْكَهُ إلَى أَنْ أَقَرَّ أَوْ قَالَ: هَذَا مِلْكِي إلَى الْآنَ وَهُوَ لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ لِفُلَانٍ وَمَازَالَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت لَزِمَهُ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَزَجِيُّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: دَارِي لِفُلَانٍ فَبَاطِلٌ وَإِنْ قَالَ لَهُ مِنْ مَالِي أَوْ فِيهِ أَوْ فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ دَارِي هَذِهِ أَوْ نِصْفُهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ فِيهَا نِصْفُهَا صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي التَّرْغِيبِ: الْمَشْهُورُ: لَا لِلتَّنَاقُضِ فَلَوْ زَادَ: بِحَقٍّ لَزِمَنِي وَنَحْوُهُ صَحَّ عَلَيْهِمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَفِي الرِّعَايَةِ: عَلَى الأصح ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 13: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْضَرَهُ وَقَالَ: هُوَ هَذَا هُوَ وَدِيعَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِ"1" الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4 إطْلَاقُ الْخِلَافِ أيضا.
فَعَلَى الصِّحَّةِ فِي الْأُولَى إنْ فَسَّرَ بِهِبَةٍ قُبِلَ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: لَا وَفِي الْمُحَرَّرِ: لَهُ مِنْ مَالِي أَلْفٌ أَوْ لَهُ نِصْفُ مَالِي إنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ فَلَا شَيْءَ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ وَفِي الْمَذْهَبِ: فِي نِصْفِ دَارِي هِبَةٌ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي الْوَصَايَا: هَذَا مِنْ مَالِي لَهُ وَصِيَّةٌ وَهَذَا لَهُ إقْرَارٌ مَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ لِأَنَّ مَعْنَاهُ: اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ وَمِنْ مَالِي وَعْدٌ قَالَ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَالْفَاءِ فِي أَنَّهُ يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَلَا يَكُونُ إقرارا إذا أضافه إلى نفسه ثم أخبر1 لغيره بشيء منه. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الشَّيْخُ وَالشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ قال الشيخ: وهو مقتضى كلام الخرقي. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ فِي لَهُ أَلْفٌ فِي مَالِي أَلْفٌ يَصِحُّ لَفْظَةُ أَلْفٍ الْأُولَى زَائِدَةٌ سَهْوًا مِنْ الْكَاتِبِ وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عليه نبه عليه شيخنا.
وَإِنْ قَالَ دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو فالخلاف وإن قال: لَهُ الدَّارُ هِبَةً أَوْ عَارِيَّةً عُمِلَ بِالْبَدَلِ واعتبر شرط هبة. ـــــــــــــــــــــــــــــQتنبيه: وقوله: وإن قال ديني "1على زيد لعمرو، فالخلاف يعني به1": الَّذِي فِي قَوْلِهِ لَهُ دَارِي هَذِهِ أَوْ مِنْ مَالِي أَوْ فِي مَالِي وَنَحْوِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ صَحَّحَ الصِّحَّةَ.
وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعُ: لَهُ هَذِهِ1 الدَّارُ ثُلُثَاهَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ صِحَّتَهُ وَإِنْ قَالَ: هِبَةَ سُكْنَى أو هبة عارية عمل ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بِالْبَدَلِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ بطلان الاستثناء هنا لأنه استثنى1 الرقبة وبقى2 المنفعة وهو3بَاطِلٌ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ. وَإِنْ قَالَ غَصَبْتَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو أَوْ هَذَا لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو وَدَفَعَهُ لِزَيْدٍ وَالْأَصَحُّ: وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِيمَنْ أَقَرَّ بِوَدِيعَةٍ بِيَدِهِ وَقِيلَ: لَا إقْرَارَ مَعَ اسْتِدْرَاكٍ مُتَّصِلٍ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا. وَإِنْ قَالَ: مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَقِيلَ: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو وَفِيهِ وَجْهٌ وَقِيلَ: هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ م14. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 14: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: مِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَقِيلَ: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو وَفِيهِ وَجْهٌ وَقِيلَ: هُوَ لِعَمْرٍو وَيَغْرَمُهُ لِزَيْدٍ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِزَيْدٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُقْنِعِ4 وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي5 وَالشَّرْحِ"4" وَالرِّعَايَتَيْنِ وَقَالَ: هَذَا الْأَشْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ إلَى عَمْرٍو وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا وَجْهٌ حَسَنٌ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: وَلَا يَغْرَمُهُ لعمرو وفيه وجه: القول بعدم
وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو فِي: غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَجْهَانِ م15. وَإِنْ قَالَ: أَخَذْته مِنْ زَيْدٍ لَزِمَهُ رَدُّهُ إلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِالْيَدِ. وَإِنْ قَالَ: مَلَكْته أَوْ قَبَضْته أَوْ وَصَلَ إلَيَّ عَلَى يَدِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُ زَيْدٍ وَإِنْكَارُهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ بَلْ كَانَ سَفِيرًا: وَإِنْ قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو أَوْ لِزَيْدٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو مِائَةُ دِينَارٍ فَهِيَ لِزَيْدٍ وَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو كَقَوْلِهِ: بِعْهُ لِزَيْدٍ وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو. وَقِيلَ: لَهَا الْمِقْدَارَانِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ أَقَرَّ لأحدهما: أو بأحدهما، لزمه وعينه. ـــــــــــــــــــــــــــــQالْغَرَامَةِ لِعَمْرٍو وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي2 وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْوَجْهُ بِأَنَّهُ يَغْرَمُهُ لِعَمْرٍو أَيْضًا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 والوجيز وشرح ابن منجا وَغَيْرِهِمْ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَخَذَهُ زَيْدٌ وَأَخَذَ عَمْرٌو قِيمَتَهُ فِي الْأَشْهَرِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَنْ يطلق الخلاف. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 15: قَوْلُهُ: وَفِي ضَمَانِ قِيمَتِهِ لِعَمْرٍو وَفِي: غَصَبْتُهُ مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: هُوَ لِزَيْدٍ وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْمُغْنِي4 وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَخَذَهُ زَيْدٌ وَلَمْ يَضْمَنْ الْمُقِرُّ لِعَمْرٍو شَيْئًا فِي الْأَشْهَرِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: ضَمِنَ قِيمَتَهُ لعمرو. ـــــــــــــــــــــــــــــQ2 7/279. 3 المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف 30/292. 4 7/279.
فصل وإن أقر الوارث بالتركة لزيد ثم لعمرو فهي لزيد ويغرمها لعمرو
فَصْلٌ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالتَّرِكَةِ لِزَيْدٍ ثُمَّ لِعَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ وَيَغْرَمُهَا لِعَمْرٍو وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يَسْتَغْرِقُهَا لَهُ ثُمَّ بِمِثْلِهِ لِعَمْرٍو بِمَجْلِسٍ آخَرَ فَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ تَشَارَكَا قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اشْتِرَاكُهُمَا إن تواصل كلامه بإقرار به1 وقيل: يقدم زيد وأطلق الأزجي احتمالا: ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
يَشْتَرِكَانِ كَإِقْرَارِ مَرِيضٍ لَهُمَا. قَالَ: وَلَوْ خَلَّفَ أَلْفًا فَادَّعَى إنْسَانٌ الْوَصِيَّةَ لَهُ1 بِثُلُثِهَا فَأَقَرَّ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى "2آخَرُ عَلَيْهِ2" أَلْفًا دَيْنًا فأقر له فَلِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا وَبَقِيَّتُهَا لِلثَّانِي وَقِيلَ: كُلُّهَا لِلثَّانِي وَإِنْ أَقَرَّ لَهُمَا مَعًا اُحْتُمِلَ أَنَّ رُبُعَهَا لِلْأَوَّلِ وَبَقِيَّتَهَا لِلثَّانِي وَإِنْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ كَسَبَبَيْنِ أَوْ أَجَلَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَإِلَّا أَلْفٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْإِشْهَادُ وَلَوْ قَيَّدَ إحْدَاهُمَا: حُمِلَ الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ فِي شَعْبَانَ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي رَمَضَانَ بِقَبْضِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي شَوَّالٍ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا قَبْضُ خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي تَكْرَارٌ وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقَبْضِ فِي شَعْبَانَ وَفِي شَوَّالٍ ثَبَتَ الْكُلُّ لِأَنَّ هَذَا تَوَارِيخُ الْقَبْضِ وَالْأَوَّلَ تَوَارِيخُ الْإِقْرَارِ: قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَقَرَّ"1" بِخَمْسِمِائَةٍ لَزِمَاهُ لِنَقْصِ الْوَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي: عِنْدَنَا لَوْ شَهِدَ فِي كِتَابٍ بِدَيْنٍ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ ثُمَّ نَقَلَ شَهَادَتَهُ إلَى كِتَابٍ آخَرَ"1" شَهِدَ مِثْلَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَلَا يُفْتَقَرُ إلَى"1" قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ الثَّانِي أَقَرَّ عِنْدِي بِمَا فِي كِتَابِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ نُسْخَتُهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ: الِاحْتِيَاطُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَى أَنَّهُمَا إقراران فوجب رفع الاحتمال ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنْ ادَّعَيَا1 شَيْئًا بِيَدِ ثَالِثٍ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ بِنِصْفِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ: إنْ أَضَافَا الشَّرِكَةَ إلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ كَشِرَاءِ وَارِثٍ زَادَ فِي الْمُجَرَّدِ2 وَالْفُصُولِ: "3وَلَمْ3" يَكُونَا قَبَضَاهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لَهُ شَارَكَهُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ نَصِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِنَصِيبِ الْآخَرِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ كَانَ الْمِيرَاثُ طَعَامًا فَهَلَكَ بَعْضُهُ أَوْ غُصِبَ كَانَ الذَّاهِبُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا "3فَكَذَا إقْرَارُهُ لِأَحَدِهِمَا الذَّاهِبُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا3" وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَيَغْرَمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَإِنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْته بَعْدُ قُبِلَ بِبَيِّنَةٍ مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ قَالَ: قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي وَنَحْوَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ فَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيفُهُ4 اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ: لَا نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ م 16 قال الشريف وأبو الخطاب: ولا يشبه من ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 16: قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وُهِبَ وَأُقْبِضَ أَوْ رُهِنَ وَأُقْبِضَ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ فَعَنْهُ: لَهُ تَحْلِيفُهُ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَعَنْهُ: لَا. نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الهداية والخلاصة والمقنع5 والشرح"5" وغيرهم.
أَقَرَّ بِبَيْعٍ وَادَّعَى تَلْجِئَةً إنْ قُلْنَا يُقْبَلُ لِأَنَّهُ ادَّعَى مَعْنًى آخَرَ لَمْ يَنْفِ مَا أَقَرَّ بِهِ. قَالَ شَيْخُنَا: فِيمَنْ أَقَرَّ بِمِلْكٍ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ: إنَّهُ لَا يُقْبَلُ مَا يُنَاقِضُ إقْرَارَهُ إلَّا مَعَ شُبْهَةٍ مُعْتَادَةٍ قَالَ: وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَأَقَرَّ وَارِثٌ شَافِعِيٌّ أَنَّهَا وَارِثَةٌ وَأَقْبَضَهَا وَأَبْرَأَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالْخِلَافِ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَعْوَى مَا يُنَاقِضُهُ1 وَلَا يَسُوغُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَوْ الْوَصِيُّ أَنَّهُ إقْرَارٌ بِلَا اسْتِحْقَاقٍ وَأَنَّهُ إنْشَاءٌ لَمْ يُعْطَ الْمُقَرُّ لَهُ حَتَّى يُصَدِّقَ الْمُقِرُّ وَفِي يمينه الخلاف قال: لو أقر بدين2 فقيل: للمقر ـــــــــــــــــــــــــــــQإحْدَاهُمَا: لَهُ تَحْلِيفُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: لَهُ تَحْلِيفُهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَالشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ ذَكَرَهُ فِي أَوَائِلِ بَابِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُغْنِي3 وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ "3وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ: هَذَا أَوْلَى3". وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ نَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. "4فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ مسألة4".
لَهُ: هَلْ سَلَّمْته إلَيْهِ؟ قَالَ: لَا بَلْ إلَى وَكِيلِهِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ1: لَمْ أتسلمه منه2.لَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ وَيُحَلَّفُ الْمُقَرُّ لَهُ. وَمَنْ قَالَ: قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ: ثَمَنُ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ لَمْ يَضْمَنْ وَيَضْمَنُ إنْ قَالَ: غَصْبًا وَعَكْسُهُ وَأَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ: غَصْبًا لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِفِعْلِ الدَّافِعِ. والله أعلم. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
باب الإقرار بالمجمل
باب الإقرار بالمجمل مدخل ... باب الإقرار بالمجمل إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا أَوْ كَرَّرَ بِوَاوٍ أَوْ1 لَا وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ كَرَّرَ ذَلِكَ بِوَاوٍ فَلِلتَّأْسِيسِ لَا التَّأْكِيدِ وَهُوَ أَظْهَرُ. قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحُكِمَ عَلَيْهِ وَالْأَشْهَرُ إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ م 1، وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَقِّ شُفْعَةٍ2 أَوْ أَقَلِّ مَالٍ لَا بِمَيْتَةٍ وخمر وغير متمول كقشر جوزة وعلله ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 1: قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبَى فَقِيلَ: بِبَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ وَإِلَّا جُعِلَ نَاكِلًا وَحُكِمَ عَلَيْهِ وَالْأَشْهَرُ: إنْ أَبَى حُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوَّرِهِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ"3" وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنُّكَتِ وَغَيْرِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُجْعَلُ نَاكِلًا اخْتَارَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: يُجْعَلُ نَاكِلًا وَيُؤْمَرُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالْبَيَانِ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ لِقَوْلِهِ: وَالْأَشْهَرُ كَذَا وَلَكِنْ أَتَى بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لِتَدُلَّ عَلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ أحدهما، والله أعلم.
فِي الْمُغْنِي1 بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ: وَكَحَبَّةِ بُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ وَقِيلَ: يُقْبَلُ. وَجَزَمَ بِهِ الْأَزَجِيُّ وَزَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَخْذُهُ وَيَجِبُ رَدُّهُ. وَأَنَّ قِلَّتَهُ لَا تَمْنَعُ طلبه والإقرار به والأشهر: لا يقبل2 بِرَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رده نحو كلب مباح نفعه وَجْهَانِ م 2 و3. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 2 و 3: قَوْلُهُ: وَفِي حَدِّ قَذْفٍ وَمَا يَجِبُ رَدُّهُ نَحْوُ كَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 2: إذَا فَسَّرَهُ بِحَدِّ قَذْفٍ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُقْنِعِ3 وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وغيرهم.
وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ م 4 وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وفي ميتة وأطلق في التبصرة ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَطَعَ فِي الْكَافِي1 وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ فِي الْوَارِثِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي2 وَالشَّرْحِ3 وَقَدَّمَهُ شَارِحُ الْوَجِيزِ قَالَ فِي النُّكَتِ: قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْقَبُولِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ قَالَ فِي النُّكَتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 3: إذَا فَسَّرَهُ بِكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ أَمْ لَا؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فِيهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذَهَّبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي"1" وَالْمُقْنِعِ"3" والهادي والتلخيص والمحرر والشرح"3" وشرح ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْآدَمِيُّ فِي مُنْتَخَبِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قُلْت يُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ إلَى الْقَرَائِنِ وَالْعَوَائِدِ فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى شَيْءٍ مثل أن يكون له4 عَادَةً بِصَيْدٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 4: قَوْلُهُ: وَهُمَا فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ. انتهى. وكذا قال غيره وقد علمت
الْخِلَافَ فِي كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ. وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَسِّرْ فَوَارِثُهُ كَهُوَ1 وَإِنْ تَرَكَ تَرِكَةً وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِحَدِّ قَذْفٍ. وَعَنْهُ: إنْ صَدَّقَ مَوْرُوثَهُ أَخَذَ بِهِ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ: إنْ حَلَفَ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ لَزِمَهُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ وَيُحْتَمَلُ مِثْلُهُ فِي مَوْرُوثِهِ وَإِنْ قَالَ غَصَبْت مِنْهُ أَوْ غَصَبْته شَيْئًا قَبْلُ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ2 لَا بِنَفْسِهِ وَفِي الْمُغْنِي3: بِمَا يُبَاحُ نَفْعُهُ. وَفِي الْكَافِي4 كَاَلَّتِي قَبْلَهَا قَالَ الْأَزَجِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا لَزِمَ إرَاقَةُ الْخَمْرِ وَقَتْلُ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُك قَبْلَ تَفْسِيرِهِ بِحَبْسِهِ وَسَجْنِهِ. وَفِي الْكَافِي"4": لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ قَالَ غَصَبْتُك وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُقْبَلُ بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ عِنْدَ الْقَاضِي قَالَ: وَعِنْدِي: لَا لِأَنَّ الْغَصْبَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِمَا هُوَ مُلْتَزَمٌ شَرْعًا وَذَكَرَهُ فِي مَكَان آخَرَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ. وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَالْأَشْبَهُ: وَبِأُمِّ وَلَدٍ وَكَذَا: لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ كَثِيرٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ وَنَحْوُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ شَيْئًا أَوْ يُبَيِّنَ وَجْهَ الكثرة ويتوجه العرف وإن لم ينضبط ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّحِيحَ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قَبْلَ دَبْغِهِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ وَقُلْنَا لَا يَظْهَرُ5 وَقَالَ فِي الصُّغْرَى قَبْلَ الدَّبْغِ وبعده وقلنا لا يظهر6 من غير حكاية خلاف. والله أعلم.
كَيَسِيرِ اللُّقَطَةِ وَالدَّمِ الْفَاحِشِ. قَالَ شَيْخُنَا: عُرْفُ1 الْمُتَكَلِّمِ فَيُحْمَلُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ عَلَى أَقَلِّ مُحْتَمَلَاتِهِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: فِي مَالٍ عَظِيمٍ نِصَابَ السَّرِقَةِ. وَقَالَ فِي خَطِيرٍ وَنَفِيسٍ صِفَةٌ لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهَا كَسَلِيمٍ وَقَالَ فِي عَزِيزٍ: يُقْبَلُ بِالْأَثْمَانِ الثِّقَالِ أَوْ الْمُتَعَذَّرِ وُجُودُهُ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ. وَلِهَذَا اعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا الْمَقَاصِدَ وَالْعُرْفَ فِي الْأَيْمَانِ وَلَا فَرْقَ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ قُبِلَ بِالْقَلِيلِ وَإِنْ قَالَ: عَظِيمٌ عِنْدِي اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ وَاحْتُمِلَ: يُعْتَبَرُ حَالُهُ وَإِنْ قَالَ: دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُبِلَ بِثَلَاثَةٍ كَدَرَاهِمَ نَصَّ عَلَيْهِ وَيُتَوَجَّهُ: فَوْقَ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ اللُّغَةُ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا بُدَّ لِلْكَثْرَةِ مِنْ زِيَادَةٍ وَلَوْ دِرْهَمًا إذْ لَا حَدَّ لِلْوَضْعِ كَذَا قَالَ. وَفِي الْمُذَهَّبِ احْتِمَالٌ: تِسْعَةٌ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْقَلِيلِ وَيُتَوَجَّهُ فِي دَرَاهِمَ وَجْهٌ: فَوْقَ عَشَرَةٍ. وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وزعفران ففي قبوله احتمالان2 م 5. ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ عَظِيمٌ عِنْدِي اُحْتُمِلَ كَذَلِكَ. وَاحْتُمِلَ: يُعْتَبَرُ حَالُهُ. انْتَهَى. هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَقَدْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ الْمَذْهَبَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. مَسْأَلَةٌ 5: قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَّرَ ذَلِكَ بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَزَعْفَرَانٍ فَفِي قَبُولِهِ احْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِجَوْزَةٍ أَوْ لَوْزَةٍ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَدْرِهَا مِنْ الْخَمِيرِ لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ أَقَرَّ بِحَبَّةٍ انْصَرَفَ إلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ عَادَةً وَيُسَفِّهُ النَّاسُ مَنْ بَاعَ صُبْرَةً فَتَخَلَّفَ مِنْهَا حَبَّةٌ فَرَدَّهَا إلَى الْمُشْتَرِي وَيَعُدُّونَهُ خَارِجًا عَنْ الطِّبَاعِ السَّلِيمَةِ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ لمن استأذنه في الكتبة1 مِنْ دَوَاتِهِ: هَذَا مِنْ الْوَرَعِ الْمُظْلِمِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَزَجِيُّ وَهُوَ يُنَاقِضُ كَلَامَهُ السَّابِقَ فَيُتَوَجَّهُ فِيهِمَا الْخِلَافُ. وَلَوْ قَالَ: حَبَّةُ بُرٍّ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَحَمَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى قليل من الطعام يفسره قال الْأَزَجِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ قَالَ: وَلَوْ فَسَّرَ قَلِيلَ الطَّعَامِ بِحَبَّةِ بُرٍّ لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ عَادَةً. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ كَحَذْفِ الْوَاوِ كَرَّرَ كَذَا أَوْ لَا وَقِيلَ: وَبَعْضٌ آخَرُ وَقِيلَ: دِرْهَمَانِ وَقِيلَ: مَعَ النَّصْبِ وَمَعَ الرَّفْعِ دِرْهَمٌ وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ بِالْجَرِّ2 قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِدُونِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَقِيلَ: إنْ كَرَّرَ الْوَاوَ فَبَعْضٌ آخَرُ وَإِنْ وَقَفَ فَكَالْجَرِّ وَاخْتَارَ فِي الْمُحَرَّرِ إنْ جَهِلَ الْعَرَبِيَّةَ فَدِرْهَمٌ فِي الْكُلِّ وَيُتَوَجَّهُ فِي عَرَبِيٍّ فِي كَذَا دِرْهَمًا أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيِّزُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِي جاهل العرف. ـــــــــــــــــــــــــــــQالاحتمال الثاني: يقبل.
فصل وإن قال: له علي ألف ففسره بحبس أو أجناس قبل
فَصْلٌ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فَفَسَّرَهُ بِحَبْسٍ أَوْ أَجْنَاسٍ قُبِلَ وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وجهان م6. ـــــــــــــــــــــــــــــQالاحتمال الثاني: يقبل. مَسْأَلَةٌ 6: قَوْلُهُ: وَفِي نَحْوِ كِلَابٍ وَجْهَانِ. انْتَهَى.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ أَلْفٌ وَدِينَارٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ أَوْ أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ أَوْ آخِرُ الْأَلْفِ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا فَالْأَلْفُ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ وَقِيلَ: يُفَسِّرُهُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِهِ وَقِيلَ: يُفَسِّرُهُ مَعَ الْعَطْفِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ أَنَّهُ بِلَا عَطْفٍ لَا يُفَسِّرُهُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ مَعَ الْعَطْفِ: لَا بُدَّ أَنْ يفسر الألف بقيمة شيء إذا خَرَجَ مِنْهَا الدِّرْهَمُ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ كَذَا قَالَ وَالْخِلَافُ إنْ قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ أَوْ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا. وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ فَإِنْ رفع الدينار فواحد و1اثنا عشر درهما"1" وإن نصبه2 نَحْوِيٌّ فَمَعْنَاهُ الِاثْنَا عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: إنْ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِجَوْزٍ أَوْ بَيْضٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهَا بِقِيمَةِ الدِّرْهَمِ3 فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا النِّصْفُ فَاحْتِمَالَانِ: أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَهُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمٌ. وَالثَّانِي: يُطَالِبُ بِتَفْسِيرٍ آخَرَ بِحَيْثُ يَخْرُجُ قِيمَةُ الدِّرْهَمِ وَيَبْقَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ النصف. ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ صَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ فَقَالَ: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ المال. والوجه الثاني: يقبل وهو ظاهر كلام الأصحاب.
قال: و1كذا دِرْهَمٌ إلَّا أَلْفٌ نَقُولُ فَسَّرَ الْأَلْفَ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الدِّرْهَمِ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَذَا أَلْفٌ إلَّا خَمْسَمِائَةٍ يُفَسِّرُ الألف والخمسمائة على ما مر. و"1" إن قَالَ لَهُ فِي هَذَا شِرْكٌ أَوْ هُوَ شَرِيكِي فِيهِ أَوْ شَرِكَةٌ بَيْنَنَا أَوْ لِي وَلَهُ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ سَهْمَ الشَّرِيكِ وَكَذَا لَهُ فِيهِ سَهْمٌ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي سُدُسًا كَوَصِيَّةٍ. وَإِنْ قَالَ: لَهُ2 فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ لَهُ فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ به فقيل: يقبل كجنايته و3كَقَوْلِهِ نَقَدَهُ فِي ثَمَنِهِ أَوْ اشْتَرَى رُبُعَهُ بِهِ أَوْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ وَقِيلَ: لَا م 7 لأن حقه في الذمة. وَإِنْ قَالَ: عَلَيَّ أَكْثَرُ مِنْ مَالِ فُلَانٍ4 ففسره بدونه لكثرة نفعه لحله5 وَنَحْوِهِ قُبِلَ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْهُ قَدْرًا وَلَوْ بِحَبَّةِ بُرٍّ وَقِيلَ: مَعَ عِلْمِهِ بِهِ وَلَوْ قَالَ: مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ: أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ وَيُفَسِّرُهُ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ أَظْهَرُ م8. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 7: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: لَهُ فِيهِ أَوْ مِنْهُ أَلْفٌ قِيلَ: فَسِّرْ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ فَقِيلَ: يُقْبَلُ وَقِيلَ: لَا انتهى. قلت: الصواب: القول الثاني. مَسْأَلَةٌ 8: قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ: أَكْثَرُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِنْدَ الْقَاضِي أَكْثَرُ وَيُفَسِّرُهُ وَخَالَفَهُ الشَّيْخُ وَهُوَ أَظْهَرُ انْتَهَى. الصَّوَابُ: ما قاله الشيخ تابعه جماعة عليه.
وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَبْلَغًا فَقَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك عَلَيَّ وَقَالَ: أَرَدْت التَّهَزِّيَ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا يُفَسِّرُهُ وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ وَقِيلَ: ثَمَانِيَةٌ جَزَمَ بِهِ ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: لِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا بَعْدَ الْوَاحِدِ قَالَ الْأَزَجِيُّ: كَالْبَيْعِ وَكَمَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ وَعَنْهُ: عَشَرَةٌ وَكَذَا مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى1 عَشَرَةٍ وَيُتَوَجَّهُ هُنَا ثَمَانِيَةٌ وَإِنْ أَرَادَ مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ لِزِيَادَةِ أَوَّلِ الْعَدَدِ وَهُوَ وَاحِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ وَضَرْبُهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ وَقَالَ شَيْخُنَا: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عَلَى القول الثاني2: أحد عشر. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فصل وإن قال: له علي درهم فوق درهم أو تحت درهم أو مع درهم أو فوقه أو تحته أو معه درهم أو درهم لكن درهم أو درهم بل درهم لزمه درهمان
فصل وَإِنْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ كُلُّهُ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ. فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى3 بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ4 بلا ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عطف. وفي الترغيب وجه: ومعه لأنه اليقين بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وَفِيهِ أَيْضًا فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فثلاثة وجهان م 9 - 11 ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 9 - 1 1: قَوْلُهُ: وَكَذَا دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَإِنْ نَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي أَوْ كَرَّرَ بِعَطْفٍ ثَلَاثًا وَلَمْ يُغَايِرْ أَوْ لَهُ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَقِيلَ: أَوْ أَطْلَقَ بلا عطف. وفي الترغيب وجه: ومعه لأنه الْيَقِينُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِعِظَمِ خَطَرِهِ وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: وَفِيهِ أَيْضًا فَفِي قَبُولِهِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ لَا فَثَلَاثَةٌ وَجْهَانِ. انْتَهَى. ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسَائِلَ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 9: إذَا قَالَ لَهُ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ وَنَوَى فَدِرْهَمٌ لَازِمٌ لِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي1 وَالشَّرْحِ2 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَصَرُوهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ فِيهَا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهُوَ هَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ3 أَوْ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ عَطَفَ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: فَفِي قَبُولِهِ فيلزمه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQدِرْهَمَانِ أَوْ لَا، فَثَلَاثَةٌ. وَهُوَ سَهْوٌ؛ إذْ لا قلئل بلزوم الثلاثة فيها، وإنما الخلاف في لزومه دِرْهَمَانِ أَوْ دِرْهَمٌ، وَلَعَلَّ هُنَا سَقْطًا. وَإِنْ قُلْنَا: الْخِلَافُ عَائِدٌ إلَى غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَالْمُصَنِّفُ قَدْ عَطَفَ عَلَيْهَا، وَأَجْرَى الْحُكْمَ فِي1 الْكُلِّ، وَهُوَ لُزُومُ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ2 الثَّلَاثَةِ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فِي الْحُكْمِ، أَوْ "3يُقَالُ: دَلَائِلُ الحال تدل على أنه لم يرد الأول بِالْخِلَافِ الْمُطْلَقِ، فَيُقَالُ: تَبْقَى بِلَا ذِكْرِ حُكْمٍ لَهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ3"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ- 10: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ. أَوْ: دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ، أَوْ: دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ، وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي؛ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ أَوْ دِرْهَمَانِ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي4 وَالْكَافِي5 وَالشَّرْحِ6 وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الجامع الكبير. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَالَ فِي الْمُغْنِي"4" وَمَنْ تَابَعَهُ: وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ أَرَدْت بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي وَبَيَانَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ وَبِهِ قَطَعَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ 11: إذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِالثَّالِثِ تَأْكِيدَ الثَّانِي فَهَلْ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ: أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْطِفْ وَالْإِتْيَانُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ قَابِلٌ لِلتَّأْكِيدِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا.
وَإِنْ غَايَرَ أَوْ أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالثَّالِثِ لَمْ يقبل لِلْمُغَايَرَةِ وَلِلْفَاصِلِ1. وَأَطْلَقَ الْأَزَجِيُّ احْتِمَالَيْنِ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ فَإِنَّهُ إخْبَارٌ وَالطَّلَاقُ إنشاء قال: والمذهب أنهما سواء2 إن صَحَّ3 ذَلِكَ صَحَّ فِي الْكُلِّ وَإِلَّا فَلَا وَذَكَرَ قَوْلًا فِي دِرْهَمٍ فَقَفِيزِ بُرٍّ4 أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ فَقَفِيزٌ خَيْرٌ مِنْهُ كَذَا قَالَ فَيُتَوَجَّهُ مِثْلُهُ فِي الْوَاوِ وَغَيْرِهَا وَقِيلَ فِي: لَهُ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ احْتِمَالَانِ. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي: دِرْهَمٌ لا بل درهم روايتان5 ويلزمه دِرْهَمَانِ فِي: دِرْهَمٌ بَلْ اثْنَانِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ وَقِيلَ: ثَلَاثَةٌ جَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ. وَإِنْ قَالَ هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَا أَوْ بَلْ هَذَانِ لَزِمَهُ الْكُلُّ لِلتَّعْيِينِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ لَا بَلْ أنت طالق: يقع بواحدة واحتج ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُقْبَلُ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ. تَنْبِيهٌ6: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ فِي إطْلَاقِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرًا بَلْ الَّذِي كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تُقَدَّمَ صِحَّةُ التَّأْكِيدِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ يُقَالُ: التأكيد في الطلاق أقوى وليس بواضح.
بِهِ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ فِي دِرْهَمٍ بَلْ دِرْهَمٍ. وَإِنْ قَالَ: قَفِيزُ بُرٍّ بَلْ شَعِيرٍ أَوْ دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ وَقِيلَ: الشَّعِيرُ وَالدِّينَارُ وإن قال: درهم في دِينَارٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ1 فَإِنْ فَسَّرَهُ بِالسَّلَمِ فَصَدَّقَهُ2، بَطَلَ إنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ. وَإِنْ قَالَ: دِرْهَمٌ رَهَنْت بِهِ الدِّينَارَ عِنْدَهُ فَالْخِلَافُ السَّابِقُ وَإِنْ قَالَ ثَوْبٌ قَبَضْته فِي دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ فَالثَّوْبُ مَالُ السَّلَمِ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَيَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَفِي لُزُومِهِ3 مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ ومن حاسب وفيه4 احتمالان م 12 و 13. ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ 12 و 13: قَوْلُهُ: وَكَذَا دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ فَإِنْ خَالَفَهُ الْعُرْفُ فَفِي لُزُومِهِ مُقْتَضَاهُ وَجْهَانِ وَيُعْمَلُ بِنِيَّةِ حِسَابٍ وَيُتَوَجَّهُ فِي جَاهِلٍ الْوَجْهَانِ وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ وَفِيهِ احْتِمَالَانِ انْتَهَى. ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى 12: إذَا قَالَ: لَهُ دِرْهَمُ فِي عَشَرَةٍ وَأَطْلَقَ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفٌ فَإِنْ خَالَفَهُ عُرْفٌ فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي لُزُومِ مُقْتَضَاهُ الْخِلَافَ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ مُقْتَضَى الْعُرْفِ. وَهُوَ الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ فِي الْعُرْفِ وَفِيهِ ضَعْفٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ 13: يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْحِسَابِ وَبِنِيَّةِ الْجَمْعِ فَفِي الْأُولَى يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَهَلْ يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ حَاسِبٍ؟ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فيه احتمالان.
وَإِنْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَقِيلَ: مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَكَسَيْفٍ بِقِرَابٍ و1ثوب مُطَرَّزٍ2 وَنَحْوِهِ وَقِيلَ: لَا م 14 - 24 كَجَنِينٍ فِي جارية أَوْ فِي دَابَّةٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي بَيْتٍ. وَكَالْمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ3 وَيَلْزَمَانِهِ4 إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ5 وَقِيلَ: لَا وَكَذَا تتمتها أصلهما هل يحنث ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحَدُهُمَا: يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ. قُلْت وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا يُعْمَلُ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ مِنْ الْحَاسِبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا أَوْ خَطَأٌ وَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ الْحَاسِبُ أَنَا أَرَدْت الْجَمْعَ بِقَوْلِي ذَلِكَ وَلَا نَقْبَلَهُ وَنَقُولَ لَا يَلْزَمُك إلَّا مُقْتَضَى اللَّفْظِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْحِسَابِ وَهُوَ عَشَرَةٌ هَذَا خُلْفٌ. وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءٌ إلَى تَقْدِيمِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوْلِهِ: وَبِنِيَّةِ جَمْعٍ وَمِنْ حَاسِبٍ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ احْتِمَالَانِ أَوْ يَكُونُ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ بِمَا قَالَ غَيْرَ هذه المسألة. والله أعلم. مَسْأَلَةٌ 14 - 24: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي 1 تَمْرٌ فِي جِرَابٍ 2 أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ 3 أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ 4 أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ 5 أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ 6 أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ 7 أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ 8 أَوْ دَابَّةٌ مُسَرَّجَةٌ 9 أَوْ عَلَيْهَا سَرْجٌ 10 أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ 11 أَوْ بِالْعَكْسِ 12 فَقِيلَ: مُقِرٌّ بِالثَّانِي كَالْأَوَّلِ وقيل: لا انتهى.
مَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي هَذَا الْكُوزِ وَلَا مَاءَ فِيهِ1. وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ ـــــــــــــــــــــــــــــQذَكَرَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً أَطْلَقَ فِيهَا الْخِلَافَ وَأَطْلَقَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ2 وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَسْتَوْعِبْ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَإِنْ قَالَ عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ أَوْ جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ مِنْدِيلٌ فِيهِ3 ثَوْبٌ أَوْ كِيسٌ فِيهِ دَرَاهِمُ أَوْ جَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ أَوْ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ مُسَرَّجَةٌ أَوْ فَصٌّ فِي خَاتَمٍ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَفِي الثَّانِي وَجْهَانِ. وَقِيلَ: إنْ قَدَّمَ الْمَظْرُوفَ فَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ وَإِنْ أَخَّرَهُ فَهُوَ مُقِرٌّ بِالظَّرْفِ وَحْدَهُ قَالَ فِي الْكُبْرَى: وَقِيلَ فِي الْكُلِّ خِلَافٌ انْتَهَى. إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةِ وَالْعِشْرِينَ: أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَظْرُوفِ4 دُونَ ظَرْفِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ انْتَهَى وَقَالَهُ أَيْضًا فِي النُّكَتِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَمُنْتَخَبِ الْآدَمِيِّ وَمُنَوِّرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّانِي أَيْضًا قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي إلَّا إنْ حَلَفَ مَا قَصَدْته انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي سَيْفٌ فِي قِرَابٍ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْقِرَابِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَإِنْ قَالَ: سَيْفٌ بِقِرَابٍ كَانَ مُقِرًّا بِهِمَا وَمِثْلُهُ دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: عِنْدِي تَمْرٌ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٌ فِي قِرَابٍ5 أَوْ ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ ذَكَرَهُ ابْنُ حامد ويحتمل أن يكون إقرارا بهما.
المئة1 لزمته وفي تتمتها احتمالان م 25. ـــــــــــــــــــــــــــــQفَإِنْ قَالَ: لَهُ عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ دابة عليها سرج احتمل أن لَا تَلْزَمَهُ الْعِمَامَةُ وَالسَّرْجُ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ انْتَهَى. وَالِاحْتِمَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَبِي الْخَطَّابِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ وَالسَّرْجِ قَالَهُ فِي النُّكَتِ وَرَأَيْت مَسْأَلَةَ الْعِمَامَةِ فِي الْمُغْنِي2. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَحَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: وَفَرَّقَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَا يَتَّصِلُ بِظَرْفِهِ3 عَادَةً أو خلقة4 فَيَكُونُ إقْرَارُهُ بِهِ دُونَ مَا هُوَ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ عَادَةً قَالَ: وَيَحْتَمِلُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي تَابِعًا لِلْأَوَّلِ فَيَكُونَ إقْرَارًا بِهِ؟ كَتَمْرٍ فِي جِرَابٍ أَوْ سَيْفٍ فِي قِرَابٍ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا فَلَا يَكُونَ إقْرَارًا بِهِ كَنَوًى فِي تَمْرٍ وَرَأْسٍ فِي شَاةٍ. انْتَهَى. تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ5 لَمْ يَظْهَرْ الْعَكْسُ سِوَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ وَعَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ فَإِنْ عَكْسَهُمَا سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ وَمَا عَدَاهُمَا ذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى فِي عِبَارَتِهِ وَمَسْأَلَةُ الْخَاتَمِ تَأْتِي6 وَمَسْأَلَةُ الدَّابَّةِ الْمُسَرَّجَةِ لَيْسَ لَهَا عَكْسٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَمْ أَرَ مَسْأَلَتَيْ سَرْجٍ عَلَى دَابَّةٍ وَعِمَامَةٍ عَلَى عَبْدٍ مَسْطُورَةً إلَّا هُنَا وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. مَسْأَلَةٌ 25: قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ الْمِائَةَ لَزِمَتْهُ وَفِي تَتِمَّتِهَا احْتِمَالَانِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ الْأَلْفُ دِرْهَمٍ الَّذِي فِي هذا الكيس فهو مقرّ
وفي دار مفروشة الوجهان م 26 وفي التَّرْغِيبِ وَالرِّعَايَةِ: لَا يَلْزَمُهُ فَرْشٌ. وَإِنْ قَالَ: خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ فَقِيلَ: الْوَجْهَانِ وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا لأنه جزؤه م 27 فلو أطلق لزماه. ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ دُونَ الْكِيسِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ1 فِيهِ لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فِي الْأَقْيَسِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُهُ لَزِمَهُ تَمَامُهُ وَقِيلَ: لَا. انْتَهَى. قلت ما صححه في2 الرعاية وَهُوَ لُزُومُ التَّتِمَّةِ هُوَ الصَّوَابُ. وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: لَا تَلْزَمُهُ التَّتِمَّةُ. مَسْأَلَةٌ 26: قَوْلُهُ: وَفِي دَارٍ مَفْرُوشَةٍ الْوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي3 وَالشَّرْحِ4. أَحَدُهُمَا: لَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْفَرْشِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ وَالْوَجِيزِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ أَيْضًا. مَسْأَلَةٌ 27: قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ: خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ فَقِيلَ: الْوَجْهَانِ وَالْأَشْهَرُ لُزُومُهُمَا لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ. انْتَهَى. الْأَشْهَرُ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُ وَقِيلَ: فِيهِ الْوَجْهَانِ قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُخَرَّجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وحكى5 فِي الْكَافِي6 وَالرِّعَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَ الطريقتين في القواعد الفقهية وقال: ومسألة:
وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ م 28. وَمَنْ أَقَرَّ بِنَخْلَةٍ لَمْ يُقِرَّ بِأَرْضِهَا وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قلعها وثمرتها للمقر له. ـــــــــــــــــــــــــــــQجِرَابٍ فِيهِ تَمْرٌ وَقِرَابٍ فِيهِ سَيْفٌ. مَسْأَلَةٌ 28: قَوْلُهُ: وَفِي غَصَبْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَزَيْتًا فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ الْوَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا مَضَى. وَقَالَ فِي النُّكَتِ: وَمِنْ الْعَجَبِ حِكَايَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُمَا يَلْزَمَانِهِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ: فُرِّقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ غَصَبْته أَوْ أَخَذْت مِنْهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَغْصُوبًا بِكَوْنِهِ فِي الْمِنْدِيلِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا وَكِلَاهُمَا مَغْصُوبٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ عِنْدِي فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ لَهُ. انْتَهَى. فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً فِي هَذَا الباب. ومن كتاب الطلاق إلى هنا مسائله1 ست مئة وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً. وَمِنْ أَوَّلِ الْكِتَابِ إلَى هُنَا أَلْفَا مَسْأَلَةٍ وَمِائَتَانِ وَعِشْرُونَ تَقْرِيبًا. وَبِتَعْدَادِ الصُّوَرِ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِكَثِيرٍ وَقَدْ عَلَّمْت عَلَى كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ بِالْقَلَمِ الْهِنْدِيِّ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ إلَى آخِرِهِ وَذَكَرْت الْعِدَّةَ فِي آخِرِ كُلِّ بَابٍ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنِّي ذُهُولٌ عَنْ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهَا الْخِلَافَ لَمْ أَذْكُرْهَا فَمَنْ رَأَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فليلحقه في موضعه وليصححه إن وجد
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQنَقْلًا فِي ذَلِكَ وَلْيَسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِكِتَابِنَا الْإِنْصَافِ إنْ كَانَ فِيهِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ نَقْلًا زَائِدًا عَلَى مَا ذَكَرْته فَلْيُلْحِقْهُ فِي مَحَلِّهِ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِعَانَةِ عَلَى الْخَيْرِ والإحسان: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ" 1. وَقَدْ ذَكَرْت فِي هَذَا التَّصْنِيفِ مِنْ التَّنَابِيهِ مَا يَزِيدُ عَلَى سِتِّمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ تَنْبِيهًا، مَا فِيهَا تَنْبِيهٌ إلَّا وَفِيهِ فَائِدَةٌ. إمَّا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ التَّقْدِيمِ أَوْ الْإِطْلَاقِ أَوْ غَيْرِهِ وَغَالِبُهَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِهَا مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ فَلَهُ الْحَمْدُ وَلَهُ الْمِنَّةُ وَبَعْضُهَا تَبِعْت فِيهَا مَنْ ذَكَرَهَا وَقَدْ أُحَرِّرُ بَعْضَهَا وَأُبَيِّنُ الصَّوَابَ فِيهِ. وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. كَمَا نَفَعَ بِأَصْلِهِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لوجهه الكريم إنه أرحم الراحمين و2ربّ الْعَالَمِينَ. وَالْمَسْئُولُ مِمَّنْ طَالَعَهُ أَوْ كَشَفَ مِنْهُ مَسْأَلَةً أَنْ يَدْعُوَ لِجَامِعِهِ بِالْعَفْوِ وَالْغُفْرَانِ وَالْمُسَامَحَةِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ فَإِنَّهُ قَدْ كَفَاهُ الْمُؤْنَةَ والتعب في النقل والتصحيح والتحرير3.
وَفِي الِانْتِصَارِ احْتِمَالٌ: كَالْبَيْعِ قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ أَقَرَّ بِهَا: هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَرْضَهَا وَيَحْتَمِلُ: لَا وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ يُخَرَّجُ هَلْ لَهُ إعَادَةُ غَيْرِهَا؟ وَالثَّانِي: اخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَالْبَيْعُ مِثْلُهُ كَذَا قال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين1
وَرِوَايَةُ مُهَنَّا: هِيَ لَهُ بِأَصْلِهَا فَإِنْ مَاتَتْ أو سقطت لم يكن له موضعها. ـــــــــــــــــــــــــــــQ"1وكان الفراغ منه نهار الخميس مستهل شهر الله رجب الأصم2 سنة إحدى وتسعين وثمان مئة، أحسن الله تقضيّها في خير وعافية، إنه على ما يشاء قدير، والحمد لله رب العالمين. طالعه كاتبا فيه أفقر الخلق إلى الله تعالى، يرجوا رحمة ربه داعيا لمصنفه بالعفو والغفران والمسامحة عن الذنوب العظام، ولمالكه عامله الله بلطفه الخفي، ولجميع المسلمين. آمين. وكتبت بتاريخ خامس عشر من شهر شعبان المبارك من شهور سنة ثلاث عشرة ومئتين والف من هجرته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا1".
وسبق مَنْ أَقَرَّ بِبُسْتَانٍ فِي عِتْقِ حَامِلٍ1. وَاَللَّهُ أعلم2، 3. ـــــــــــــــــــــــــــــQ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .