الفانيد في حلاوة الأسانيد

السيوطي

الفانيد في حلاوة الأسانيد

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1420 هـ - 1999 م دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع هاتف:702857 - فاكس: 704963/ 009611 بيروت - لبنان ص ب: 5955/ 14 e-mail: [email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المعتني

بسم الله الرحمن الرحيم مقدّمة المعتني الحمد لله فالق الحبِّ والنوى، والصَّلاة والسَّلام على رسوله إمام الهدى، وعلى آله وأصحابه أهل التُّقى، ومن تبعهم وسار على دربهم ومشى. أما بعد، فهذه رسالة لطيفة فريدة للِإمام الحافظ جلال الدِّين السيوطي رحمه الله، جمع فيها أحاديث نبوية شريفة مما في إسناده لطيفة فريدة: من اتصال سند أهل الإِسلام بنبي الله إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسَّلام، واجتماع صحابة أربعة أو خمسة في سند واحد يروي بعضهم عن بعض، وكذلك اجتماع أربعة صحابيات ثنتان من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وثنتان ربيبتان له في إسناد، ورواية صحابي عن تابعي عن صحابي، ورواية أئمة الفقه المجتهدين أحمد بن حنبل عن الشافعي عن مالك، أو أبي حنيفة عن مالك، أو الشافعي عن محمَّد بن الحسن عن أبي يوسف، أو الشافعي عن مسلم عن ابن جريج عن الثوري عن مالك، ورواية أئمة اللغة المازني عن سيبويه عن الخليل بن أحمد، أو ابن أبي دُريد عن أبي حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، ومن اجتمع في إسناده جماعة من الشعراء أو الكُتَّاب أو الخلفاء.

اسم الرسالة

فهذه الرسالة على وجازتها جمعت كل إسناد حوى فرائد، أو انتظم أفراده كالجواهر في القلائد. وكانت مناسبة العمل على تحقيقها والعناية بها اجتماع الشمل بإخوة أحبة في بيت الله الحرام بمكة المكرمة في العشر الأواخر من شهر الخير والبركات رمضان (¬1)، وصَرْف الوقت خلال الاعتكاف بما يفيد وينفع. اسم الرسالة: وقد سمى الحافظ السيوطي رسالته هذه: "الفانيد في حلاوة الأسانيد". والفانيد: اسم نوع من الحلوى، قال المرتضى الزَّبيدي في "تاج العروس" مستدركًا على القاموس 2/ 455: فانيد: نوع من الحلواء يعمل بالنشا، وكأنها أعجمية؛ لفقد فاعيل من الكلام العربي، ولهذا لم يذكرها أكثر أهل اللغة. قلت -أي المرتضى-: وسيأتي في المعجمة -أي فانيذ-، ولكن قال شيخنا -تقي الدِّين الفاسي-: إنه بالمهملة أليق. اهـ. وعند ذكر الفيروزأبادي "الفانيذ" في حرف الذال المعجمة، قال الزبيدي 2/ 574: الفانيذ أهمله الجوهري، وقال الأزهري: هو ضرب من الحلواء معروف، فارسي معرّب بانيد بالدال المهملة، وقد مرَّ أنهم يقولون فانيد بالدال المهملة، وسمَّى الجلال -يعني السيوطي- كتابه "الفانيد في حلاوة الأسانيد" قاله شيخنا. اهـ. ¬

_ (¬1) تراجع مقدمة الشيخ الفاضل نظام يعقوبي في أول عدد من السلسلة للمزيد من التفصيل.

نسخ الرسالة

والخلاصة أن السيوطي نعت كتابه بالفانيد تشبيهًا لأسانيده الفريدة بالحلواء المشهورة (¬1) -في عصره-. نسخ الرسالة: بحمد الله تعالى أولاً ثم بفضل سعي الأخ المحب الشيخ محمَّد بن ناصر العجمي (¬2) تحصَّل لهذه الرسالة أربع نسخ مخطوطة. وهي التالية: 1 - نسخة (أ): وهي نسخة عدد أوراقها 5 أوراق، ولم يكتب في آخرها اسم ولا تاريخ نسخها, ولكن ورد على صفحة العنوان: "في يوم الأربعاء العشرين من شهر جمادى الآخرة سنة تسعمائة ختمت بخير إن شاء الله تعالى". كما جاء بعد اسم الرسالة ما نصه: "إملاء شيخنا خاتمة الحفاظ والمجتهدين جلال الدِّين أبو الفضل عبد الرحمن بن العلَّامة كمال الدِّين السيوطي ... " وناسخها تلميذ المؤلِّف العلَّامة الداوودي صاحب طبقات المفسِّرين. ¬

_ (¬1) جاء في كتاب "كنز الفوائد في تنويع الموائد" نشر المعهد الألماني -بيروت ص 103: صفة عمل الفانيد: تأخذ السكر تحلُّه وتأخذ له قوام النصف، ويشال من على النار، وتأخذ من الطحين الناعم الأبيض عشرة أرطال، وتخلطه معه بعد أن تنزله من على النار، ولكل عشرة أمنان بعد حلّه نصف رطل عسل، وتقصّر على المسمار ويفتل فتائل. (¬2) وهذه عادته وفَّقه الله لما يحبه ويرضاه وجزاه عن العلم وأهله خيرًا، يحرص أن يفيد إخوانه أو من يسمع أنه يقوم بتحقيق كتاب ما بإتحافه بما تيسر عنده من مخطوطات ذلك الكتاب، حِسبةً لوجه الله تعالى، وقد يتجشم لذلك الصِّعاب ويتكلَّف ما لا يطيق غيره تكلفه، فالله يكافئه على حسن صنيعه، ويجعله يوم القيامة في صحائفه.

2 - نسخة (م): وهي نسخة مكتبة الحرم المكي الشريف رقم (756/ 3) أسانيد، حديثة العهد، منسوخة سنة 1308 هـ، وناسخها أبو الفيض عبد الستار الصديقي الحنفي (¬1) بمكة المكرمة، وهو شيخ شيخنا الذي أروي هذه الرسالة عنه كما يتبين من الإِسناد الآتي، عدد أوراقها 7 أوراق. 3 - نسخة (ب): هي نسخة المكتبة الوطنية بباريس مصورة من مركز الملك فيصل بالرياض، رقمها (4588/ 7)، بدون تاريخ نسخ أو اسم ناسخ، وعدد أوراقها 5 أوراق. ¬

_ (¬1) هو الشيخ العلَّامة المُسند أبو الفيض عبد الستار بن عبد الوهاب بن محمَّد البكري الصديقي الدهلوي الهندي ثم المكي. وُلد بمكة المكرمة سنة 1286 هـ، حفظ القرآن في صغره وحصَّل العلوم على الشيوخ بعناية والده الشيخ عبد الوهاب. تفقه بالمذهب الحنفي، ثم أقبل على الحديث فبرع فيه وصار مُسندًا ماهرًا عارفًا بالأثبات والفهارس. ورحل إلى بلاد الهند والأفغان ودخل مصر فاجتمع بعلمائها وانكب على مخطوطات الجامع الأزهر ودار الكتب فنسخ منها الكثير ولا سيما كتب المشيخات والمعاجم والمسلسلات. وحصّل في رحلته غير الذي نسخه عشرات المخطوطات التي ضمتها مكتبته الفيضية التي أوقفها لمكتبة الحرم المكي الشريف، وهي الآن تشكِّل ركنًا كبيرًا هامًّا في المكتبة. صرف عمره في العلم تعليمًا وتدريسًا وتصنيفًا، وعُيِّن أمينًا للفتوى ثم اعتذر عن ذلك وفضل العيش بين كتبه التي جاوزت الآلاف ومع طلبته، فدرَّس في التفسير والحديث والمصطلح. له مؤلفات عدَّة من أهمها: نور الأمة بتخريج أحاديث كشف الغُمة في ستة مجلدات ضخام، ونثر المآثر فيمن أدركت من الأكابر وهو ثبته، وطبقات المذاهب الأربعة، وطبقات القراء، وطبقات الأدباء، وغير ذلك. توفي رحمه الله تعالى بمكة المكرمة سنة 1355 هـ ودفن بالمعلا. تشنيف الأسماع ص 303.

التعليق على الرسالة

4 - نسخة (ز): هي نسخة المكتبة الأزهرية [512] 23155 مجاميع، تاريخ نسخها سنة 1064 هـ على يد محمَّد شمس الدِّين بن الحاج إبراهيم الحمصي الشافعي الرفاعي السلمي، وعدد أوراقها 5 أوراق. وقد تمَّت المقابلة أولًا للنسختين (أ) و (م) في الحرم المكي، ثم النسخة (ب)، ثم النسخة (ز) لتأخر الحصول عليهما. وقد تم تجاوز ذكر الفروق بين النسخ لكثرتها وعدم أهميتها إلَّا في مواطن قليلة. التعليق على الرسالة: وبعد أن تمَّت المقابلة للنسخ المخطوطة قمت بتخريج أحاديث الرسالة والتعليق على مواطن منها استكمالًا للفائدة وتحقيقًا للعناية بها. هذا, ولم يكن في النية التطويل في التعليقات ولا سيما تراجم رجال الإِسناد، غير أن اختلاف النسخ وتحريف الأسماء أحوجا إلى ذلك. سندي لهذه الرسالة: أروي هذه الرسالة وسائر مؤلفات الإِمام السيوطي بالإِجازة (¬1) عن شيخنا مسند العصر الشيخ محمَّد ياسين الفاداني المكي، عن المسند الشيخ عبد الستار بن عبد الوهاب الصديقي المكي والمُعَمَّر الكِياهي (¬2) جمعان بن مأمون التنقراني، كلاهما عن المعمَّر الكياهي نووي بن عمر البنتني، عن المعمَّر الشيخ عبد الصمد بن عبد الرحمن الآشي الشهير بالفلمباني، عن المعمَّر عاقب بن حسن الدين بن جعفر الفلمباني نزيل المدينة المنورة، عن ¬

_ (¬1) من كتاب شيخنا الفاداني رحمه الله: "العقد الفريد من جواهر الأسانيد"، ص 16. (¬2) الكياهي: الشيخ الكبير بلغة أهل أندونيسيا.

محمَّد بن سليمان الكردي المدني، عن محمَّد سعيد سنبل العمري، عن أحمد بن محمَّد النخلي المكي، عن الشمس محمَّد بن العلاء البابلي، عن أحمد بن خليل السبكي، عن النجم محمَّد بن أحمد الغَيطي، عن الجمال يوسف بن عبد الله الأرميوني، عن المؤلف الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي. وفي الختام أرجو من المولى عزَّ وجَلّ أن يتقبل هذا العمل ويجعله خالصًا لوجهه الكريم، والحمد الله رب العالمين. مصيف بحمدون من جبال لبنان 5 جمادى الآخرة 1420 هـ 15 أيلول 1999 م وكتبه مُحِبُّ السُّنَّة النبويَّة السَّنيّة رمزي سعد الدين دمشقية

ترجمة المؤلف الإمام جلال الدين السيوطي

ترجمة المؤلِّف الإِمام جلال الدِّين السيوطي الإِمام السيوطي أشهر من أن يُعرَّف أو أن يترجَم له، وقد صدر حديثًا عن مجمع اللغة العربية بدمشق كتاب عنوانه "بهجة العابدين بترجمة الحافظ جلال الدِّين السيوطي" لتلميذه الشيخ عبد القادر بن محمَّد بن أحمد الشافعي الشاذلي، فأحببتُ أن أنقل منه ما يتعلق بموضوع علم الحديث، مع مقدمته لترجمة شيخه التي أكثر فيها من التبجيل وبالغ في المديح، غير أنه ساق عباراتها بأسلوب سجع لطيف وترادف فريد. قال رحمه الله: هو سيِّدُنا ومولانا الأستاذ الجليلُ الذي لا تكادُ الأعصار تسمحُ له بنظير، الشيخ الإِمام والحبر الهُمام، شيخُ الإِسلام وارِث علوم الأنبياء عليهم السّلام، فريدُ دهره ووحيدُ عصره، مميمتُ البِدْعة ومحيي السُّنَّة، ويكفي ما وردَ في إحيائها من عظيم المنَّة من قوله عليه السَّلام: "مَنْ أحْيَا سنَّتي فقد أحبَّني، ومَنْ أحبَّني كان معي في الجنَّة" (¬1). العالمُ العلَّامة، البحرُ الفهّامةُ، مُفْتي الأنام، وحَسَنَةُ اللّيالي والأيام، ¬

_ (¬1) في مختصر شرح الجامع الصغير 2/ 274 ذكره السيوطي عن السجزي عن أنس، وضعَّفه.

جامعُ أشتات الفضائل والفنون، المستخرِجُ من غوامضِ مخبّآتها كلَّ درّ مكنون، فاتحُ أقفال مشكلات العلوم، ومحيي مَوات ما اندرسَ منها من المعالم والآثار والرسوم، ختامُ دائرة الحفاظ، وفارسُ المعاني والألفاظ، رحَّالة الزمان، ومجتهدُ الوقت والأوان، آخرُ المجتهدين وبقيةُ الأئمة المجدِّدين لهذه الأمَّة أمرَ الدِّين. أستاذُ الأستاذين، وأوحدُ علماءِ الدين، إمامُ المرشدين، وقامعُ المبتدعة والملحدين، والسيفُ الصارم في قَطْع رقابِ المعاندين، حجَّةُ المناظرين، وإنسانُ عين النَّاظرين، سلطانُ العلماء ولسانُ المتكلِّمين وعمدةُ المعلمين، وهدايةُ المتعلمين، شيخُ الإِسلام والمسلمين والدّاعي إلى ربّ العالمين. إمام المحدِّثين في وقته وزمانه، والفائقُ على نظرائه ومشايخهِ وأقْرانه، والقائمُ بنصرة دينِ الله في سِرّه وإعلانِه، والنَّاصرُ للسُّنَّة الشَّريفة بقلمه ولسانه. مَنْ له اختيارٌ في المذهب وترجيح، واجتهادٌ وتقويةٌ وتصحيح، ومَنْ اجتمعت فيه شروطُ المجتهد وصفاتُه، وكَمُلَت فيه علومُه وآلاتُه، وانفردَ في زمانه بالاجتهاد، وبلَّغه ربُّه غايةَ السؤال والمُراد. خادمُ السُّنَّة الشريفة، وحاملُ ألويتها المنيفة، سلالةُ السَّلف الصالح، وخلاصةُ الخلفِ النَّاجح، متبع السُّنَّة النبوية، ومقتفي الآثار المحمدية. مربِّي المريدين، ومرشدُ السالكين، وعمدةُ المحققين، وقدوةُ النَّاسكين، الورعُ الزاهدُ النَّاصر للشريعة، المجاهدُ الحافظ النَّاسك المجتهدُ المطلق، العالمُ بفنون العلومِ المحقَّقُ منها والمدقَّق، الجامع بين العلمِ والدِّين، والسالكُ سبيلَ السَّادة الأقدمين. كانَ للعلومِ جامعًا، وفي فنونها بارعًا. ومقدّمًا في معرفةِ عِلل الحديث

على أقْرانه، متفردًا بهذا الفن في زمَانه، بصيرًا بذلك، سديدَ النظرِ في تلك المسالك، لا يُشَقُّ له غبارُ، ولا يَجْري معه سواه في مضمار. وكانَ حسنَ الاستنباط للأحكام والمعاني من السُّنَّة والكِتاب، بِنُكَت تسْحَر الألباب وفكر يستفتح له ما يستغلق على غيره من الأبواب، مبرّزًا في العلوم النَقْلية والعقلية والمسالك الأثرية والمدارك النظرية. فهو العالمُ العاملُ المرشدُ المربِّي المكمِّل الكامل، ذو الأخلاق الرضيّة المرضيّة، والأفعال السُنِّية السَّنية، المشهورُ علمُه وإمامتُه وجلالتُه، وزهدُه وورعُه وعفتُه وصيانتُه، المعرِضُ عن الدنيا وعن زينتِها، وعن أهلها ونعيمها ولذَّتها. لم يزلْ طولَ عمره متنزِّهًا في رياضِ العلوم والمعارف، مقتطفًا من أوراقها ثمراتِ الحِكَمِ واللطائف، حريصًا على سلوكِ طريقةِ أهل السُّنَّة والجماعة، مواظبًا على الخير، لا يَصْرِفُ من أوقاتها ساعةً في غير طاعة، محافظًا لأزمانه وأوقاتِه، مقبِلًا على طاعاتِ ربّه وعِباداته، عارفًا بمذاهبِ العلماء المشهورة. حَسَنَ الصِّيتِ والسِّيرة، نيِّرَ القلبِ والسَّريرة، والعلوم الرفيعة، والفنون البديعة، والتصانيف الباهرة الفائقة، والتآليف الزَّاهرة الرَّائقة النَّافعة الحميدة، والجامعة المفيدة، التي انتشرت في غالب الأَقطار، وعمَّ النفعُ بها في أكثرِ الأمصار، وسارتْ بها الركبانُ، واشتهرت بأقاصي البلدان، حتّى صارتْ كالبدرِ في الإِشراق، وتلقّاها النَّاس بالقَبُول في سائر الآفاق. وظهرَ علمُه فيها، وشَهِدَ له به أهلُ الوِفاق والافتراق، وبلغتْ عدةُ ما أثبتَه منها في فِهرست مؤلفاته إلى وقْتِ السِّياق، نحو خمسمائة وخمسين مؤلَّفًا ممَّا رقَّ وراق، وتشرَّفت بكتابته الدفاتر والأوراق.

مؤلفات السيوطي

ومع كثرةِ هذه المصنّفات وغزارةِ هذه المؤلفات، فليسَ لكلَّ واحدٍ منها نظيرٌ، وحقُّه أنْ يُرقم على السّندس بالنضير. فإنَّه رحمه الله انتخبَها بالعلوم القرآنية والتّفْسِيرية والأحاديثِ القَوْلية والفعلية، والقواعد الإِسلامية، والعقائد الإِيمانية واللطائف العِرْفانية، والمعارف الربّانية، والعلوم الأصلية والفَرُعية والدِّينيّة والشرعيَّة والعقليّة والنَقْليّة والعلميَّة والعمليَّة والطبَّيّة والرُّوحانيَّة والجثمانيَّة والأدبيَّة والإِنشائيّة والنثريَّة والشعريَّة واللغويَّة والاصطلاحيَّة. ونشرَ فيها ما كان مطويًّا من الكنوز الخفيَّة، وأتى فيها بغرائبِ الألفاظ السنيّة، وعجائبِ المعاني المرضيّة. مؤلَّفات السيوطي: انفردَ في عصره بغزارةِ العلم ومدِّ الباع، وكثرةِ الحفْظِ وسَعَةِ الاطِّلاع، واستحضار كل تصنيف صنَّفه بينَ عينيه، وكذا كلِّ علمٍ سُئل عنه، ساعةَ وروده عليه، فسبحان مَنْ منحه ومَنَّ عليه، فإنَّ العمرَ يقصر عن إدراك ما وصَل إليه، فقد كان رحمه الله يصنِّف في اليوم الواحد ثلاثَ كراريس ويكتبها بخطِّه الكريم النفيس. وكانَ يُمْلي عليّ من تصنيفه وهو يُطالع الكتبَ وهي منشورة بين يديه، ويأتي بغرائبَ وعجائب من عِنْديّاته يصدّرها بقلتُ، وأنا مسبوقٌ معه في الكتابة لا ألحقُه ولا أصِلُ إليه. وكان رحمه الله كثيرَ النقْلِ حسنَ التصريف مداوِمًا على المطالعة والتصنيف، عارِفًا بآداب التأليف يؤدي الأمانة، ويعزُو كل قولٍ لقائله، ويخرجُ عن عُهْدة كل نقلٍ بنسبته إلى ناقله. وكان مفيدَ العلوم ومبيدَ الهموم وكاشفَ الغُمة عمَّا أشكل من المنطوق والمفهوم، ما تزلزل في جواب أجاب به قط ولا رجع عنه، ولا إلى غيره تحوّل. وكان يقول: ما أجبتُ بجوابٍ إلَّا وأعددتُ له جوابًا بين يدي الله

تعالى إنْ أنا عنه أُسأل. وكانَ إذا أجاب عن مسألةٍ وحصل في ذلك الجواب كلامٌ أو إنكار، أردف ذلك الجواب بعدّة أجوبةٍ على التوالي والتكرار. وقد تصدّى للردّ على مَنْ عارضه أو خالفه من علماء عصره في مؤلفات كثيرة، برهن فيها على صواب قوله، وخطّأ المخالفَ في شامِه ومصره. وقد ألّف في كلِّ فنٍّ من الفنون، وامتحن كل مكلف منه بالدرِّ المكنون، وأتى فيه بما يَبْهَر العقولَ والنّقولَ، وأيّده بالأدلة القاطعةِ، وشيّدَه بالبراهينِ السّاطعة، فعليكَ بمطالعة الفِهرسة المتضمنة لأسماءِ مؤلفاته، لينظرَ في كل فنّ منه ما يعجز الواصفُ عن نعته وصفاته. فألّف في فنّ التفسير وتعلقات القرآن أربعين مؤلَّفًا. وألَّف في فنّ الحديثِ وتعلقاته مائتي مؤلف وخمسَ مؤلفات. وألَّف فيما يتعلّق بمصطلح الحديث ثلاثةً وعِشْرين مؤلَّفًا. وألَّف في فنّ الفقه سبعين مؤلفًا. وألف في فنّ أصُول الفقه وأصول الدين والتصوف ثمانية عشر مؤلَّفًا. وألَّف في فنّ اللغة والنحو والتصريف ثلاثةً وخمسين مؤلَّفًا. وألَّف في فنّ المعاني والبيان والبديع عشر مؤلفات. وألَّف في الكتب الجامعة لفنون عديدة عشر مؤلفات. وألَّف في فنِّ الأدب والنوادر والإِنشاء والعربية سبعين مؤلَّفًا. وألف في فنّ التاريخ ثلاثين مؤلَّفًا. هذه المؤلفاتُ هي التي كُتبتْ وشاعتْ وانتشرتْ وذاعت. وأما ما غسلَه من مصنفاته ومحاه لكونِه صنّفه في البداية، وبعد النهاية ما ارتضاه، فهو أيضًا شيء كثير، بل ولا يوجد لكلِّ واحدٍ مما غسلَه نظير.

عناية السيوطي بعلم الحديث وبراعته فيه

عناية السيوطي بعلم الحديث وبراعته فيه: وكان الشيخُ رحمه الله أعلمَ أهلِ زمانه بعلوم الحديث وفنونِه وأنواعه كلها، حافظًا متقنًا عالمًا عارفًا بصحيحِه وحَسَنِه وضعيفه وأنواعه كلها: غريبِه وموضوعِه، وطرقِه كلّها وشرح معانيه وغريبِ ألفاظه وإعرابه وحلّ مشكله، واستنباط أحكامه، وفِقْهه، وأسماء رجاله وضبطهم وأَنسابهم ومواليدهم ووفياتهم وبلدانهم، وتجريحهم وتعديلهم، وطبقات الرواة ومراتبهم ومعرفة أزمانهم وتواريخهم. له اليد الطُّولى في هذه الأنواع كلها، بل له فيها مؤلف متكفل لا يُحتاج معه إلى غيره. واتّفق لشيخ الإِسلام ابنِ حجر رحمه الله تعالى أنه سُئل عن أشياءَ في الحديث وغيره فأجابَ عن بعضها ولم يُجِبْ عن بقيتها بشيء معتذرًا عنها لعدم الوقوف عليها، فأجابَ عنها شيخُنا رحمه الله بما دلَّ على حفظه وَسِعَةِ اطِّلاعه. وقد خَرقَ اللَّه له انتظامَ العوائد، وأعطاه ما لم يُعْطِ أحدًا في زمانِه من الحفظِ وسرعةِ الاستحضار للعلومِ والفوائد، وساعَده على ذلك بعنايته سبحانه وأمدّه، فكان لا يغيب عن ذهنه شيءٌ ولو طالت المدّة. وكان رحمه الله إذا سُئِل عن مسألةٍ أجابَ عنها بديهةً في الحال. ثم يقولُ للسّائل: الذهنُ خَوّان، أعطِني ذلك الكتابَ الذي يُشير إليه، فيأخذُه ويفتحه في أول مرة، فكأنَّما ذلك الموضع الذي فيه الجواب مُعلّم معه بعلامة. ويقول للسائل: خذ واقرأ، فيجدُ الجوابَ الذي أجاب به كما ذكره بحروفه. سُئل رحمه الله في بعض الدروس عن محفوظ شيخ الإِسلام ابن حجر من الحديث: ما قدرُه؟ وعن محفوظِ الشيخ عثمان الدَّيمي، وعن محفوظ الشّيخ شمس الدين السَّخاوي، وعن محفوظ القاضي قطب الدِّين

الخضيري (¬1)، فأجابَ عن الحافظ ابن حجر بأنه كان يحفظُ ما يزيد على مائتي ألف حديث وذكر تفصيلها. ثم أنصفَ الشيخ عثمان من نفسِه على سبيلِ الأدب معه بأن قال عنه: إنَّه يحفظُ أنسابَ الرجالِ بلا مراجعة وأنا أحفظها بمراجعة. ثم ذكرَ من حفظ الخضيري والسّخاوي ما نسيتُه ولا أستحضره الآن ثم سكت. فقلتُ لشخصٍ هو أخصُّ مني بالِإدْلال على الشيخ: سلْه عن محفوظه هو. فسأله, فقال: أحفظ يا بنيّ مائتي ألف حديث، ولو وجدتُ أكثرَ لحفظته. وكان رحمه الله يقول: أكثرُ ما يوجدُ على ظهرِ الأرضِ الآنَ من الأحاديث مائتا ألف حديث. وربَّما قال: ونيّف، لا يوجد غيرها. قلت: ولعلَّ ذلك القَدْرَ الذي ذكرَه هو الذي أرادَ جمعَه في الكتاب الذي سمّاه "جمع الجوامع" وقصدَ فيه جمعَ الأحاديثِ النبويّة الموجودة على ظهر الأرض بأسرها والحكم على كل حديث منها، فجمع فيه نحوَ مائة ألف حديث أو ما يقاربها في أحدٍ وعشرين جزءًا بخطِّه رحمه الله، واخترمته المنيَّةُ قبل تمامه. قلت: وقد وقفتُ على ورقةٍ صغيرةٍ لطيفةٍ بخطِّه رحمه الله بعد وفاته فيها مكتوب: "الحمدُ لله والصَّلاة والسَّلامُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ رأيتُ في المنام ¬

_ (¬1) قطب الدين الخضيري 821 هـ- 894 هـ محمَّد بن محمَّد بن عبد الله الخضيري الدمشقي. وُلِد بدمشق. اشتغل بتحصيل الحديث وتخرج فيه بابن حجر. ولي كتابة السر ووكالة بيت المال. انظر: الضوء اللامع وتعليقات محقق مقامات السيوطي 2/ 775 وعنه [الدارس في تاريخ المدارس 1/ 7، ودور القرآن في دمشق للنعيمي 7، ومنادمة الأطلال لبدران 6].

ليلةَ الخميس ثاني شهر ربيع الأول سنةَ أربعٍ وتسعمائة كأنِّي بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له كتابًا شرعتُ في تأليفه في الحديث، وهو "جمعُ الجوامع" وقلت له: أقرأُ عليكم شيئًا منه. فقال لي: هاتِ يا شيخَ الحديث". ثم كتبَ بعد ذلك بخطِّه: "هذه البُشْرى عندي أعظمُ من الدنيا بحذافيرِها" وهذا آخر ما فيها. ولم يذكر رحمه الله هذه الرؤيا لأحدٍ في حياته، وإنِّما رأيتُ هذه الورقةَ بعد وفاتِه، فنقلتُها، ونقلها أصحابُه وطلبتُه من بعده. * * *

صفحة الغلاف من نسخة (أ)

الورقة الأخيرة من نسخة (أ)

الورقة الأولى من نسخة (م)

الورقة الأخيرة من نسخة (م)

الورقة الأولى من نسخة (ب)

الورقة الأخيرة من نسخة (ب)

الورقة الأولى من نسخة (ز)

الورقة الأخيرة من نسخة (ز)

[مقدمة المصنف]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى (¬1)، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد؛ فقد سألني سائل: هل روى الإِمام أبو حنيفة عن الإِمام مالك بن أنس رحمهما الله تعالى شيئًا؟ فقلت له: نعم، في حفظي أنه روى عنه حديثين. ووعدته أن أخرِّجهما له، فكتبت هذا الجزء في ذلك ونحوه، مما وقع من الأحاديث في إسناده لطيفة، وسميته: الفانيد في حلاوة الأسانيد ¬

_ (¬1) سقطت من نسخة (أ) و (ب).

حديث فيه رواية نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام

حديث فيه رواية نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - عن إبراهيم الخليل عليه الصَّلاة والسَّلام وقد نبَّه عليه النووي في تهذيبه (¬1)، فقال: وقد منَّ اللَّه الكريم، فجعل لنا سندًا متصلًا بخليله إبراهيم. 1 - أخبرني (¬2) شيخنا الإِمام تقي الدِّين الشُّمُنِّيّ (¬3) بقراءتي عليه، قال: أنبأ عبد الله بن علي الكناني (¬4)، أنبأ أبو الحرم ¬

_ (¬1) تهذيب الأسماء واللغات 1/ 100، لكن الإِمام النووي ساق الحديث بإسناده عن الإِمام أبي عبد الرحمن بن محمَّد بن أحمد بن قدامة المقدسي من طريق الإِمام الترمذي. (¬2) القائل هنا هو السيوطي رحمه الله. (¬3) أبو العباس أحمد بن محمَّد الشمني القسنطيني الأصل، من ذرية الصحابي تميم الداري، الإِمام المحدِّث المفسِّر النحوي. والشمني: نسبة إلى مزرعة أو قرية ببعض بلاد المغرب، توفي بالقاهرة (872 هـ). المنجم في المعجم ص 82، والضوء اللامع 2/ 174. (¬4) العسقلاني القاهري الحنبلي المعروف بالجندي، الإِمام المحدِّث الرُّحَلَة، المتوفى (817 هـ)، سبط أبي الحرم القلانسي الآتي ذكره. الضوء اللامع 5/ 34.

القلانسي (¬1)، أخبرتنا مؤنسة خاتون ابنة الملك العادل أبي بكر بن أيوب (¬2)، أخبرتنا عفيفة بنت أحمد (¬3)، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله (¬4)، أنبأ أبو بكر بن رِيذة (¬5)، أنبأ سليمان بن أحمد (¬6)، ثنا علي بن الحسين (¬7) بن المثنى الجُهني التُّستري، ثنا محمَّد بن الحارث ¬

_ (¬1) محمَّد بن محمَّد بن محمَّد القلانسي، الحنبلي، المُسند. المتوفى بالقاهرة (765 هـ). شذرات الذهب 6/ 206. (¬2) المحدِّثة الفاضلة. تُوُفِّيت بالقاهرة (693 هـ). الدرر الكامنة 2/ 307. (¬3) أُم هانيء الفارفانية الأصبهانية، الشيخة الجليلة المعمِّرة، مُسندة أصبهان. تُوُفِّيت (606 هـ). سِيَر أعلام النبلاء 21/ 481. (¬4) هي أُم إبراهيم الجُوْزدانية الأصبهانية، الشيخة المعمِّرة الصالحة، مُسندة الوقت. تفردت في وقتها برواية معجمي الطبراني الكبير والصغير, توفيت (524 هـ). سير أعلام النبلاء 19/ 504. (¬5) في (م) (ب) وقع: "زيد"، وفي (ز): "ريدة" بالدال المهملة، والصحيح من (أ): "ريذة" بالذال المعجمة. وهو أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني التاني التاجر، المشهور بابن رِيذة -بكسر الراء-، الشيخ العالم الأديب مُسند العصر، سمع من الطبراني معجميه الكبير والصغير وحدَّث بهما، عُمِّر دهرًا وتفرد في الدنيا، توفي (444 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 595. والتاني: نسبة إلى التانية وهي الدهقنة -أي التجارة-، ويقال لصاحب الضياع والعقار: الثاني. (¬6) هو الإِمام الحافظ الطبراني صاحب المعاجم الكبير والأوسط والصغير. (ت 360 هـ). (¬7) القاع: المكان المستوي الواسع في وطأة الأرض، يعلوه ماء السماء فيمسكه ويستوي نباته، يجمع على قِيعة وقيعان. النهاية 4/ 132.

الخزار البغدادي، ثنا سيّار بن حاتم، ثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الرحمن، عن جده عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"رأيتُ إبراهيمَ الخليلَ عليه السَّلام ليلة أُسرِيَ بي، فقال: يا محمَّد! أقريء أمتكَ مني السَّلام وأخبرهم أن الجنَّة طيِّبةُ التربة، عذبةُ الماء، وأنها قِيعان (¬1) وغراسها قول (¬2): سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله" (¬3). * * * ¬

_ (¬1) في النسخ جميعها: "الحسين"، ووقع في معجم الطبراني: "الحسن". (¬2) لفظ: "قول"، سقط من نسخة (م) وكذلك من المعجم. (¬3) المعجم الكبير للطبراني (ح 10363). ورواه الترمذي (ح 3462) من طريق عبد الله بن مسعود، ولم يذكر: "ولا حول ولا قوة إلَّا بالله"، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود.

حديث اجتمع فيه خمسة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض

حديث اجتمع فيه خمسة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض 2 - أخبرني محمَّد بن مقبل (¬1) الحلبي إجازة مكاتبة، عن أحمد بن عبد العزيز (¬2) ومحمد بن علي الحراوي (¬3)، كلاهما عن الحافظ شرف الدِّين الدمياطي (¬4): أنبأ الحافظ يوسف بن ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب) و (ز): "عبد الله"، وفي (م): "مقبل"، وهو الصحيح. وهو محمَّد بن مقبل بن عبد الله، القيِّم بالجامع الأموي بحلب والمؤذن فيه، المعروف بشقير. مُلحِق الأحفاد بالأجداد، المتفرد في عصره بعلو الإِسناد، عُمِّر بحيث تفرد عن أكثر شيوخه، ونزل الناس بموته درجة، توفي (870 هـ). المنجم في المعجم ص 217، والضوء اللامع 10/ 53. (¬2) هو شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن يوسف الحراني، المعروف بابن المُرحِّل نسبة لصناعة أبيه. أجاز له الدمياطي، وانتقل إلى حلب فقطنها وحدَّث بها، توفي (788 هـ). الدرر الكامنة 1/ 174. (¬3) ناصر الدِّين الدمياطي، تفرد بالسماع من الحافظ شرف الدين الدمياطي وحدَّث بالكثير، عُمِّر ومات بالقاهرة (781 هـ). الدرر الكامنة 4/ 99. (¬4) عبد المؤمن بن خلف، أبو أحمد وأبو محمَّد الدمياطي، حافظ المشرق =

خليل (¬1)، أنبأ ذاكر بن كامل، أنبأ أبو زكريا يحيى بن أبي عمر الأصبهاني، أنبأ عمي أحمد بن الفضل، أنبأ أبو علي الحسين بن أحمد البرذعي، ثنا محمَّد بن العباس الحويزي (¬2)، ثنا محمَّد بن حَيَّان الأنصاري، ثنا الشاذكوني، ثنا سفيان بن عُيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيِّب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عثمان بن عفان، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر الصديق، عن بلال رضي الله عنهم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الموت كفارةٌ لكل مسلم" (¬3). * * * ¬

_ = والمغرب، رحل وكتب الكثير حتى بلغ عدد شيوخه 1250 شيخًا، توفي بالقاهرة (705 هـ). الدرر الكامنة 2/ 418. (¬1) شمس الدين أبو الحجاج يوسف بن خليل بن قراجا الدمشقي، نزيل حلب وشيخهـ). راوية الإِسلام، بدأ طلب العلم حين قارب الثلاثين، رحل وسمع الكثير، ومشيخته نحو 500 شيخ، مات عن 93 سنة (648 هـ). سير أعلام النبلاء 23/ 151. (¬2) هكذا في (ب) و (ز)، وفي (م): "الحوزي". (¬3) الحديث رواه أبو نعيم الأصبهاني في ذكر أخبار أصبهان 2/ 231، وفي الحلية 3/ 121، ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 1/ 347 من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. قال السيوطي في اللآليء المصنوعة 2/ 415: أُنكر على المصنف -أي ابن الجوزي- توهيته لهذا الحديث، فقد صححه الإِمام أبو بكر ابن العربي، وجمع الحافظ أبو بكر العراقي طرقه في جزء وقال: إنه يبلغ رتبة الحسن. اهـ. ثم قال السيوطي: وفي بعض طرق الحديث ما يُفهم منه أن المراد بالموت الطاعون، فإنهم كانوا في الصدر الأول يطلقون الموت ويريدون الطاعون. اهـ.

حديث اجتمع فيه أربعة من الصحابة

حديث اجتمع فيه أربعة من الصحابة 3 - أخبرني شيخنا الإِمام تقي الدِّين الشُّمُنِّي بقراءتي عليه، أنبأ عبد الله بن علي الكناني، أنبأ علي بن أحمد العُرْضي (¬1)، أخبرتنا زينب بنت مكي (¬2)، أنبأ حنبل بن عبد الله (¬3)، أنبأ أبو القاسم ابن الحُصَين (¬4)، ¬

_ (¬1) الإمام علي بن أحمد بن محمَّد العرضي المُسند التاجر الدِّمشقيّ، حدَّث بالكثير بدمشق ومصر والإِسكندرية، توفي سنة (764 هـ). الدرر الكامنة 3/ 20. والعرضي: نسبة إلى عُرض، بليدة بين تدمر والرصافة من أعمال حلب. معجم البلدان 4/ 103. (¬2) زينب بنت مكي بن علي الحرَّاني، محدِّثة جليلة فقيهة صالحة، ازدحم على بابها في سفح قاسيون بدمشق كثير من طلبة العلم والحديث، فسمعوا وقرأوا كتب الحديث، قضت عمرها في طلب الحديث والرواية والصلاح والعبادة وتلاوة القرآن، تُوُفِّيت بدمشق سنة (688 هـ). أعلام النساء 2/ 116. (¬3) حنبل بن عبد الله بن فَرَج، أبو علي الواسطي البغدادي الرُّصافي، المكبِّر بقية المسندين، راوي المسند عن هبة الله بن الحصين ومسمعه بإربل والموصل ودمشق، توفي سنة (604 هـ). سير أعلام النبلاء 21/ 431. (¬4) هبة الله بن محمَّد بن عبد الواحد، أبو القاسم الشيباني الهَمَذَاني البغدادي، الكاتب، الشيخ الجليل مسند الآفاق، المعروف بابن الحصين. تفرَّد برواية مسند أحمد، وكان يوصف بالسداد والأمانة والخيرية، توفي سنة (525 هـ). سير أعلام النبلاء 19/ 536.

أنبأ أبو علي التميمي (¬1)، أنبأ أبو بكر القطيعي (¬2) ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا أبو اليمان (¬3)، أنبأ شعيب, عن الزهري، أخبرني السائب بن يزيد ابن أخت نَمِر (¬4) أن حُويطب بن عبد العزى (¬5) أخبره: أن عبد الله بن السعدي (¬6) قدم على عمر في خلافته فقال له عمر: ألم أُحَدِّث أَنَّكَ تَلِي مِن أعمال النَّاس أعمالًا فإذا أُعطيتَ ¬

_ (¬1) الحسن بن علي بن محمَّد، أبو علي التميمي البغدادي الواعط، الإِمام العالم مسند العراق، المعروف بابن المُذْهِب، توفي سنة (444 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 640. (¬2) أحمد بن جعفر بن حمدان، أبو بكر البغدادي الحنبلي. راوي المسند، المتوفى سنة (368 هـ). سير أعلام النبلاء 16/ 212. (¬3) الحكم بن نافع، أبو اليمان البهراني، المتوفى بحلوان سنة (222 هـ)، ثقة ثبت. التقريب ص 176. (¬4) نمر بالنون هكذا في (ب) و (م)، وكذلك في المسند. وهو الصحابي الأول: السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الأسود الكِنْدي، يُعرف بابن أخت النمر، والنمر خال أبيه يزيد، وهو النمر بن جبل. له ولأبيه صحبة، قال ابن أبي داود: وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، توفي سنة (86 هـ)، وقيل غير ذلك. الإِصابة 2/ 13. (¬5) الصحابي الثاني: حويطب بن عبد العُزى أبي قيس بن عبد ود، أبو محمَّد العامري القرشي. أسلم عام الفتح وشهد حنينًا، وهو من المؤلفة، قال البخاري: عاش مائة وعشرين سنة، وتوفي سنة (54 هـ). الإِصابة 1/ 364. (¬6) الصحابي الثالث: أبو محمَّد عبد الله بن السعدي العامري القرشي. واسم السعدي: وقدان، وقيل غير ذلك. وسُمِّي السعدي لأنه كان استرضع في بني سعد بن بكر، نزل الأردن، وتوفي سنة (57 هـ). الإِصابة 2/ 318.

العُمَالة (¬1) كرهتها؟! قال: فقلت: بلى. فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟ قلت: إن لي أَفْراسًا وأَعْبُدًا وأنا بخير، وأريد أن تكون عُمَالتي صدقة على المسلمين. فقال عمر رضي الله عنه: فلا تفعل، فإني قد كنت أردتُ الذي أردتَ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر مني إليه، حتى أعطاني مرة مالًا، فقلت: أعطه أفقر إليه مني. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خذه فتموَّله وتصدَّق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرف (¬2) ولا سائل فخُذْه وما لا فلا تُتْبِعه (¬3) نفسكَ" (¬4). * * * ¬

_ (¬1) العُمَالة بضم العين: ما يأخذه العامل من الأجرة. النهاية 3/ 300. (¬2) المشرف على الشيء: هو المتطلِّع إليه الحريص عليه. شرح مسلم للنووي 4/ 435. (¬3) أي: فلا تجعل نفسك متابعة له ناظرة إليه لأجل أن يحصل عندك، إشارةً إلى أنَّ المدار على عدم تعلُّق النفس بالمال لا على عدم أخذه وردِّه على المعطي، والله تعالى أعلم. حاشية السندي على النسائي 5/ 104. (¬4) مسند الإِمام أحمد 1/ 17 و 21 و 40 و 52، والحديث رواه البخاري (ح 1473) و (7163) و (7164)، ومسلم (ح 1045)، وأبو داود (ح 1647)، والنسائي (ح 2606) و (2607) و (2608)، كلهم في باب الزكاة.

حديث اجتمع فيه أربع صحابيات ثنتان من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - وثنتان ربيبتان له

حديث اجتمع فيه أربع صحابيات ثنتان من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - وثنتان ربيبتان له 4 - أخبرني الحافظ أبو الفضل ابن فَهْد (¬1)، أنبأ إبراهيم ابن صدِّيق (¬2)، عن أبي العباس الحجَّار (¬3)، أنبأ أنجب ابن أبي السعادات إجازةً (¬4)، أنبأ أبو زُرعة طاهر بن محمَّد المقدسي (¬5)، ¬

_ (¬1) هو تقي الدين محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن عبد الله بن فهد الهاشمي المكي الشافعي، يرجع نسبه إلى محمَّد ابن الحنفية ابن الإِمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، الإِمام الحافظ المتقن. توفي بمكة المكرمة سنة (871 هـ). المعجم في المنجم ص 214. (¬2) برهان الدِّين إبراهيم بن محمَّد بن صدِّيق الدمشقي الشافعي، المعروف بابن صدِّيق وابن الرسَّام صنعة أبيه، المؤذِّن بالجامع الأموي والمجاور بالحرمين، عُمِّر دهرًا ولم يتزوَّج ولا تسرّى. توفي بمكة سنة (806 هـ). الضوء اللامع 1/ 147. (¬3) أحمد بن أبي طالب الصالحين، الشهير بابن الشحنة الحجَّار، الإِمام المسند المعمَّر، ملحق الأحفاد بالأجداد. توفي سنة (730 هـ). الدرر الكامنة 1/ 142. (¬4) أبو محمَّد البغدادي الحَمَّامي، الشيخ المعمَّر المسند. توفي سنة (635 هـ). سير أعلام النبلاء 23/ 14. (¬5) الشيخ العالِم المسند. توفي بِهَمَذَان سنة (566 هـ). سير أعلام النبلاء 20/ 503.

أنبأ محمَّد بن الحسين (¬1)، أنبأ القاسم بن أبي المنذر (¬2)، أنبأ علي بن إبراهيم بن سلمة (¬3)، أنبأ محمَّد بن يزيد القزويني (¬4)، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن زينب ابنة أم سلمة (¬5)، عن حبيبة ابنة أم حبيبة (¬6)، عن أمها أم حبيبة (¬7)، عن ¬

_ (¬1) أبو منصور القزويني المقوِّمي، راوي سنن ابن ماجه، الشيخ الصدوق. توفي سنة (484 هـ). سير أعلام النبلاء 18/ 530. (¬2) أبو طلحة القزويني، راوي سنن ابن ماجه. توفي سنة (409 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 271. (¬3) أبو الحسن القزويني القطان، الإِمام العالم القدوة شيخ الإِسلام، سمع من أبي عبد الله ابن ماجه سننه، جمع وصنَّف وتفنَّن في العلوم. توفي سنة (345 هـ). سير أعلام النبلاء 15/ 463. (¬4) هو الإِمام الحافظ الكبير الحجَّة مصنف "السنن" سادس الكتب الستة، توفي سنة (273 هـ). (¬5) زينب بنت أبي سلمة عبد الله المخزومية، ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، تزوَّج بأمها وهي ترضعها، وكان اسمها برَّة فغيَّره النبي - صلى الله عليه وسلم -، يُروى أنها دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يغتسل فنضح في وجهها فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت وعجزت. الإِصابة 4/ 317. (¬6) حبيبة بنت عبيد الله بن جحش: ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، هاجرت مع أبيها إلى الحبشة فتنصَّر أبوها هنالك ومات نصرانيًّا، وقدمت مع أمها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. الاستيعاب 4/ 275. (¬7) أم حبيبة هي: أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان، هاجرت مع زوجها إلى الحبشة وثبَّتها الله على الإِسلام لما تنصَّر زوجها، والأغلب أنَّ النجاشي زوجها وأمهرها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحبشة. ماتت بالمدينة سنة (44 هـ) رضي الله عنها وأرضاها. الاستيعاب 4/ 303.

زينب بنت جحش رضي الله عنهنّ أنها قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحْمَرٌّ وجهه وهو يقول: "لا إله إلَّا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فُتح اليوم من رَدْم يأجوج ومأجوج"، وعقد بيده عشرة (¬1). قلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم، إذا كَثُرَ الخَبَث" (¬2). * * * ¬

_ (¬1) هذا من علم حساب العقود، وهو استعمال عُقَد الأصابع لبيان الأرقام، وقد استعمله العرب قديمًا، وكان شائعًا بعد ذلك في عصور الإِسلام ولا سيَّما بين التجَّار للإِشارة الخفية لعمَّالهم في البيع والشراء. (¬2) رواه من طريق ابن أبي شيبة: مسلم في الفتن (ح 2880)، وابن ماجه (ح 3953). ومن غير طريق ابن أبي شيبة عن سفيان رواه البخاري في كتاب الأنبياء والفتن (ح 3346) و (7059) و (7135)، والترمذي في الفتن (ح 2188)، وأحمد 6/ 428. وقال الترمذي عقبه: هذا حديث حسن صحيح، وقد جوَّد سفيان هذا الحديث، هكذا روى الحميدي وعلي ابن المديني وغير واحد من الحفاظ عن سفيان بن عيينة نحو هذا. وقال الحميدي: قال سفيان بن عيينة: حفظتُ من الزهري في هذا الحديث أربع نسوة: زينب بنت أبي سلمة عن حبيبة وهما ربيبتا النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش زوجي النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهكذا روى معمر وغيره هذا الحديث عن الزهري ولم يذكروا فيه عن حبيبة، وقد روى بعض أصحاب ابن عيينة هذا الحديث عن ابن عيينة ولم يذكروا عن أم حبيبة. اهـ.

حديث فيه رواية صحابي عن تابعي عن صحابي

حديث فيه رواية صحابي عن تابعي عن صحابي 5 - وبالإِسناد الماضي، إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: ثنا عَتَّاب بن زياد، ثنا عبد الله (¬1)، أنبأ يونس، عن الزهري، عن السائب بن يزيد (¬2)، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيّ (¬3)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من فاته شيء من وِرْدِه -أو قال: حِزْبه (¬4) - من الليل فقرأه بين صلاة الفجر إلى الظهر فكأنَّما قرأه من ليلته" (¬5). * * * ¬

_ (¬1) في المسند زيادة: يعني ابن المبارك. (¬2) في المسند وغيره: وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة. والسائب بن يزيد هو ابن أخت نَمِر صحابي، تقدَّمت ترجمته حديث رقم (3). (¬3) تابعي ذكره العجلي في ثقات التابعين، وقيل: له صحبة. التقريب ص 345. (¬4) الحزب والورد: هو ما يجعل الإِنسان وظيفة له من صلاة أو قراءة أو غيرهما، وقال السيوطي: الحزب هو الجزء من القرآن يُصَلَّى به. السندي على النسائي 3/ 259. (¬5) مسند الإِمام أحمد 1/ 32 و 53، وأخرجه مسلم (ح 747)، والترمذي (ح 581)، والنسائي (ح 1790) و (1791) و (1792)، وأبو داود (ح 1313)، وابن ماجه (ح 1343)، كلهم بلفظ: "من نام عن ... ".

حديث من رواية أحمد بن حنبل عن الشافعي، عن مالك

حديث من رواية أحمد بن حنبل عن الشافعي، عن مالك 6 - وبالإِسناد إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، قال: أنبأ مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَبِعْ بعضكم على بَيْعِ بعض" (¬1)، ونهى عن النَّجشِ (¬2)، ونهى عن بيع حَبَلِ الحَبَلَة (¬3)، ونهى عن ¬

_ (¬1) في المسند وكذا البخاري بلفظ: "لا يبيع". قال الحافظ ابن حجر في الفتح 4/ 353: كذا للأكثر بإثبات الياء في "يبيع" على أن "لا" نافية، ويحتمل أن تكون ناهية. وورد تقييد النهي في رواية النسائي (ح 4504) من طريق عبيد الله بن عمر بلفظ: "لا يبيع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر". (¬2) النجش: بفتح الجيم، وحكى المُطَرِّزي فيه السكون. وفي الشرع: الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراعها ليقع غيره فيها. الفتح 4/ 355 - 356. (¬3) هو بيع ما سوف يحمله جنين الناقة على تقدير كونه أُنثى. وجاء في رواية البخاري (ح 2143) زيادة: وكان بيعًا يتبايعه أهل الجاهلية، كان الرجل يبتاع =

المُزَابنة (¬1). 7 - وبه إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدثني أبي: ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، عن مالك، عن أبي الزناد ومحمد بن يحيى بن حَبَّان كلاهما عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المُلامسة والمُنابذة (¬2). 8 - وبه إلى عبد الله: حدثني أبي، ثنا محمَّد بن إدريس ¬

_ = الجزور إلى أن تنتَج الناقة ثم تنتَج التي في بطنها). قال الحافظ ابن حجر 4/ 357: وقع هذا التفسير في الموطأ متَّصلًا بالحديث، وهو مدرج من كلام نافع مما حمله عن مولاه ابن عمر. (¬1) في المسند زيادة: والمزابنة بيع الثمر (أي من النخيل) بالتمر كيلًا، وبيع الكرم (أي العنب) بالزبيب كيلًا. والحديث رواه أحمد في المسند 2/ 108، وأخرجه غيره مجزأً: ففي البخاري (ح 2139) و (2142) و (2143) و (2185)، ومسلم (ح 1412) و (1514) و (1516) و (1542)، والنسائي (ح 4504) و (4505) و (4624)، والترمذي (ح 1229) و (1292)، وابن ماجه (ح 2171) و (2173). (¬2) جاء تفسير الملامسة والمنابذة في كلام أبي هريرة عند النسائي (ح 4513 - 4517) فالملامسة: أن يتبايع الرجلان بالثوبين تحت الليل يلمس كل رجل منهما ثوب صاحبه بيده، أو أن يمسه بيده ولا ينشره ولا يقلِّبه، إذا مسَّه فقد وجب البيع. والمنابذة: أن يقول أنبذُ ما معي وتنذ ما معك ليشتري أحدهما من الآخر، ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر، ونحوًا من هذا الوصف. والحديث رواه أحمد في المسند 2/ 379، والبخاري (ح 2144)، ومسلم (ح 1511)، والترمذي (ح 1310)، والنسائي (ح 4509) وغيرهم.

الشافعي: أنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يبع حاضر لباد (¬1) " (¬2). 9 - وبه: عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تناجشوا ولا تَلَقَّوْا السِّلَع (¬3) " (¬4). ¬

_ (¬1) في رواية البخاري (ح 2158) عن ابن عباس: قال طاوس: قلت لابن عباس: ما قوله "لا يبيع حاضر لباد"؟ قال: لا يكون له سمسارًا. قال ابن حجر 4/ 371: أما من ينصحه فيعلمه بأنَّ السعر كذا مثلًا فلا يدخل في النهي. وفي رواية مسلم (ح 1522) عن جابر: "لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض". (¬2) الحديث رواه أحمد في المسند 2/ 380 مع الحديثين التاليين في سياق واحد. (¬3) في شرح النووي على مسلم 6/ 367: إنَّ الشرع ينظر في مثل هذه المسائل إلى مصلحة الناس، والمصلحة تقتضي أن ينظر للجماعة على الواحد، لا للواحد على الواحد. فلمّا كان البادي إذا باع بنفسه انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصًا فانتفع به جميع سكان البلد، نظر الشرع لأهل البلد على البادي. ولمَّا كان في التلقِّي إنما ينتفع المتلقِّي خاصة وهو واحد في قبالة واحد، لم يكن في إباحة التلقِّي مصلحة، لا سيما وينضاف إلى ذلك علَّة ثانية وهي لحوق الضرر بأهل السوق في انفراد المتلقِّي عنهم بالرخص وقطع المواد عنهم وهم أكثر من المتلقِّي، فنظر الشرع لهم عليه؛ فلا تناقض بين المسألتين بل هما متفقتان في الحكمة والمصلحة، والله أعلم. (¬4) رواه أحمد في المسند 2/ 380.

10 - وبه: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَطْل الغني ظلم (¬1)، فإذا أُتْبِع أحدكم على مَلِيٍّ فَلْيَتْبَعْ (¬2) " (¬3). 11 - وبه إلى عبد الله، حدثني أبي، ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، أنه أخبره أن أباه كعب بن مالك رضي الله عنه كان يحدِّث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما نسمة المؤمن (¬4) طائر يَعْلَقُ في شجر الجنَّة حتى يُرجعه الله [تبارك وتعالى] إلى جسده [يوم يبعثه] (¬5) ". * * * ¬

_ (¬1) أي تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر. (¬2) قال النووي 6/ 440: مذهب أصحابنا والجمهور أنه إذا أُحِيل على مليء استُحِبَّ له قبول الحوالة. (¬3) الحديث جزء مما سبقه عند أحمد 2/ 380، وعند البخاري (ح 2287)، ومسلم (ح 1564) من طريق مالك به. (¬4) أي روح المؤمن الشهيد. (¬5) ما بين الحاصرتين زيادة من المسند، والحديث رواه الإِمام أحمد في مسنده 3/ 454، وهو في الموطأ ص 240، وعند النسائي (ح 2074)، وابن ماجه (ح 4271) من طريق مالك أيضًا. قال القرطبي: هذا الحديث ونحوه محمول على الشهداء، وأما غيرهم فتارة تكون في السماء لا في الجنة، وتارة تكون على أفنية القبور، ولا يتعجَّل الأكل والنعيم لأحد إلا للشهيد في سبيل الله بإجماع من الأمة -حكاه القاضي أبو بكر ابن العربي في شرح الترمذي- وغير الشهداء بخلاف هذا الوصف، إنما يملأ عليه قبره ويُفسَح له فيه. اهـ. شرح السيوطي على النسائي 4/ 109. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد أوضح الإِمام الحافظ شمس الدِّين ابن قيِّم الجوزية تعلُّق الروح بالجسد ووجودها في البرزخ بأحسن تفصيل حيث قال: عَرضُ المقعد لا يدلّ على أنَّ الأرواح في القبر ولا على فنائه، بل على أن لها اتِّصالًا به؛ يصح أن يُعرضَ عليها مقعدها، فإنَّ للروح شأنًا آخر فتكون في الرفيق الأعلى وهي متَّصلة بالبدن، بحيث إذا سَلَّم المسلم على صاحبه ردَّ عليه السَّلام، وهي في مكانها هناك. وهذا جبريل عليه السَّلام رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - وله ستمائة جناح منها جناحان سدَّا الأُفق، وكان يدنو من النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه، وقلوب المخلصين تتَّسع للإِيمان بأنه من الممكن أنه كان هذا الدنوّ وهو في مستقرّه من السموات. وإنما يأتي الغلط هنا من قباس الغائب على الشاهد، فيعمد أنَّ الروح من جنس ما يُعهد من الأجسام التي إذا شغلت مكانًا لم يمكن أن تكون في غيره، وهذا غلط محض. وقد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة الإِسراء موسى قائمًا يصلِّي في قبره ويرد على من يسلِّم عليه وهو في الرفيق الأعلى، ولا تنافي بين الأمرين فإن شأن الروح غير شأن الأبدان. وقد مثَّل ذلك بعضهم بالشمس في السماء وشعاعها في الأرض، وإن كان غير تام المطابقة من حيث أنَّ الشعاع إنما هو عَرَض للشمس وأما الروح فهي نفسها تنزل. وكذلك رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنبياء ليلة الإِسراء في السماوات، الصحيح أنه رأى فيها الأرواح في مثال الأجساد مع ورود أنهم أحياء في قبورهم يصلُّون. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلَّى عليَّ عند قبري سمعته ومن صلَّى عليَّ نائيًا بلغته"، وقال: "إن الله وكَّل بقبري ملكًا أعطاه أسماع الخلائق فلا يصلِّي عليَّ أحدٌ إلى يوم القيامة إلا أبلغني باسمه واسم أبيه". هذا مع القطع بأنَّ روحه في أعلى علِّيِّين مع أرواح الأنبياء وهو الرفيق الأعلى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فثبت بهذا أنه لا منافاة بين كون الروح في علِّيِّين أو الجنة أو السماء وأنَّ لها بالبدن اتِّصالًا بحيث تدرك وتسمع وتصلِّي وتقرأ، وإنما يُستغرب هذا لكون الشاهد الدنيوي ليس فيه ما يُشاهد به هذا، وأمور البرزخ والآخرة على نمط غير المألوف في الدنيا. إلى أن قال: وللروح من سرعة الحركة والانتقال الذي كلمح البصر ما يقتضي عروجها من القبر إلى السماء في أدنى لحظة، وشاهد ذلك روح النائم، فقد ثبت أنَّ روح النائم تصعد حتى تخترق السبع الطباق وتسجد لله بين يدي العرش ثم تُرَدُّ إلى جسده في أيسر الزمان. اهـ. شرح السيوطي على النسائي 4/ 109 - 111.

حديث فيه رواية أبي حنيفة عن مالك وهو المسؤول عنه

حديث فيه رواية أبي حنيفة عن مالك وهو المسؤول عنه 12 - أخبرني محمَّد بن مقبل الحلبي (¬1) إجازة، عن الصلاح ابن أبي عمر (¬2)، عن أبي الحسن ابن البخاري (¬3)، عن أبي اليُمْن الكِنْدي (¬4)، ¬

_ (¬1) تقدَّمت ترجمته في حديث رقم (2). (¬2) محمَّد بن أحمد المقدسي الصالحين الحنبلي، أبو عبد الله صلاح الدِّين، من سلالة قدامة المقدسي، وأبو عمر المنسوب إليه -صاحب المدرسة المشهورة بدمشق- جدُّ جدّه. مسند عصره، عُمِّر دهرًا طويلًا حتى تفرَّد بأكثر مسموعاته ومشايخه، وهو آخر من حدَّث عن الفخر ابن البخاري، كان صبورًا على السماع، محبًّا للحديث وأهله. توفي سنة (780 هـ). الدرر الكامنة 3/ 304. (¬3) علي بن أحمد المقدسي الصالحي الحنبلي، فخر الدين. مسند الدنيا ملحق الأحفاد بالأجداد، روى الحديث فوق ستين سنة وصار محدِّث الإِسلام وراويته. قال الذهبي: وهو آخر مَن كان في الدنيا بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية رجال ثقات. توفي بدمشق سنة (690 هـ). شذرات الذهب 5/ 414. (¬4) زيد بن الحسن، تاج الدِّين البغدادي. الإِمام المفتي، شيخ الحنفية، وشيخ العربية، وشيخ القراءات، ومسند الشام. أجاز له عدد كثير من الشيوخ، وعُمِّر دهرًا، فتفرد بالرواية عن غالب شيوخه، وازدحم عليه الفضلاء وقرأ عليه الأمراء. توفي بدمشق سنة (613 هـ). سير أعلام النبلاء 22/ 34.

عن أبي بكر الأنصاري (¬1)، عن أحمد ابن ثابت الحافظ (¬2)، أنبأ محمَّد بن علي بن أحمد الصلحي (¬3)، ثنا أبو زرعة أحمد بن [الحسين] (¬4) بن علي الرازي (¬5)، ثنا علي بن محمَّد بن مهرويه (¬6)، ¬

_ (¬1) محمَّد بن عبد الباقي البغدادي الحنبلي البزاز، قاضي المَرَسْتان. يرجع نسبه إلى الصحابي الجليل كعب بن مالك الأنصاري. الإِمام المتفنِّن، روى الكثير وشارك في الفضائل وانتهى إليه علوُّ الإِسناد، وحدَّث وهو ابن عشرين سنة في حياة الخطيب البغدادي. توفي ببغداد سنة (535 هـ) وقد جاوز التسعين. سير أعلام النبلاء 20/ 23. فائدة: ومن نفيس كلامه رحمه الله مما نقله عنه ابن الجوزي قوله: مَنْ خَدَم المحابِر، خدمته المَنَابر. يجب على المعلِّم أن لا يُعَنِّف، وعلى المتعلِّم أن لا يأنف. السِّير 20/ 27. (¬2) أحمد بن علي بن ثابت، أبو بكر البغدادي الخطيب. الإِمام المشهور صاحب التصانيف، كان فريد زمانه معرفة وحفظًا وضبطًا لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفنُّنًا في علله وأسانيده، وعلمًا بصحيحه وغريبه. صنَّف أكثر من خمسين مصنَّفًا في الحديث وعلومه، عليها عوَّل من كتب بعده في مصطلح الحديث. وهو القائل: (من صنَّف فقد جعل عقله على طبق يعرضه على الناس). توفي ببغداد (463 هـ). سير أعلام النبلاء 18/ 270. (¬3) أبو العلاء الواسطي. الإِمام القاضي المقريء، تبحَّر في القراءات وصنَّف وجمع وانتهت إليه رئاسة الإِقراء بالعراق. حدَّث عنه الخطيب البغدادي وذكر عنه أشياء تقتضي ضعفه في الحديث. توفي ببغداد سنة (431 هـ). غاية النهاية 2/ 199. (¬4) في النسخ جميعها: الحسن، والصحيح من مصادر الترجمة. (¬5) الإِمام الحافظ الرُّحَلَة، المعروف بالرازي الصغير. توفي بطريق مكة سنة (375 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 46. (¬6) أبو الحسن القزويني. الإِمام المحدِّث الرَّحَّال المعمَّر. توفي سنة (335 هـ). السير 15/ 396.

ثنا المُنْسجر بن الصَّلت، ثنا القاسم بن الحكم العُرَني، ثنا أبو حنيفة، عن مالك، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: أتى كعب بن مالك النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن راعية له كانت ترعى في غنمه، فتخوَّفت على الشاة الموت فذبحتها بحَجَر فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأكلها (¬1). * * * ¬

_ (¬1) الحديث ليس في تاريخ بغداد للخطيب، ولعله في بعض كتبه المخطوطة. وممن رواه عن أبي حنيفة عن مالك أبو نعيم الأصبهاني في "مسند أبي حنيفة" ص 166، 167 من طريق أبي يوسف وعبيد الله بن موسى عن أبي حنيفة، به. وأصل الحديث أخرجه البخاري (ح 5501 - 5505)، وابن ماجه (ح 3182)، ومالك ص 489، وأحمد 2/ 76 و 80.

حديث آخر كذلك

حديث آخر كذلك 13 - أخبرني محمَّد بن مقبل إجازة، عن الصلاح ابن أبي عمر، عن أبي الحسن ابن البخاري، عن أبي طاهر الخُشُوعي (¬1)، عن أبي عبد الله البَلْخِي (¬2)، أنبأ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد (¬3)، أنبأ أبو الفَرَج الحسين بن علي بن عبيد الله (¬4)، أنبأ أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ابن شاهين (¬5) , ثنا محمَّد بن مخزوم بالبصرة، حدثني جدي محمَّد ¬

_ (¬1) بركات بن إبراهيم، الدمشقي الرَّفَّاء الذهبي. الشيخ المعمَّر، مُسند الشام، روى كتبًا كبارًا بالسماع وبالإِجازة. توفي سنة (598 هـ). سير أعلام النبلاء 21/ 355. (¬2) لم تتبين لي ترجمته. (¬3) المبارك بن عبد الجبار البغدادي الصيرفي، المعروف بابن الطُّيوري. الإِمام العالم المفيد. كان محدَّثًا مُكثِرًا صالحًا كثير الخير، كتب الكثير وسمع الناس بإفادته، ومتَّعه الله بما سَمِع حتى انتشرت عنه الرواية، وصار أعلى البغداديين سماعًا. توفي سنة (500 هـ). سير أعلام النبلاء 19/ 213. (¬4) الحسين بن علي البغدادي الطناجيري، المحدِّث الحجة الثقة. توفي سنة (439 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 618. (¬5) عمر بن أحمد البغدادي، المعروف بابن شاهين، الحافظ شيخ العراق، صاحب =

ابن الضحَّاك بن عمر بن الضحَّاك بن مَخْلَد، ثنا عمران بن عبد الرحيم الأصبهاني، ثنا بكَّار بن الحسن، ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن أبي حنيفة، عن مالك بن أنس، عن عبد الله بن الفضل، عن نافع بن جبير بن مُطْعِم، عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأَيِّم أحقُّ بنفسها من وَلِيِّها، والبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وصَمْتُها إقرارُها" (¬1). * * * ¬

_ = التصانيف الكثيرة، ومنها تفسيره الكبير بالأسانيد في ألف جزء. توفي سنة (385 هـ). سير أعلام النبلاء 16/ 431. (¬1) الحديث رواه مسلم من حديث مالك (ح 1421)، والإِمام أحمد 1/ 219، 242.

حديث فيه رواية الشافعي عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف

حديث فيه رواية الشافعي عن محمَّد بن الحَسَن، عن أبي يوسف 14 - أخبرني عبد الرحمن بن محمَّد النَّحْوي (1) بقراءتي عليه، أنبأ أبو الفَرَج الغزي (¬1)، عن وزيرة بنت عمر (¬2)، أنبأ الحسين بن المبارك (¬3)، أنبأ أبو زُرْعة المقدسي (¬4)، أنبأ أبو الحسن المكيّ ابن محمَّد (¬5)، ¬

_ (¬1) لم يتضح لي من هو شيخ السيوطي ولا شيخه كذلك، فنظرة إلى ميسرة. (¬2) وزيرة بنت عمر التنوخية الدمشقية الحنجلية، أم عبد الله، تُعرف بـ (ست الوزراء). كانت طويلة الروح على سماع الحديث، وهي آخر من حدَّث بالمسند بالسماع عاليًا. تُوُفِّيت سنة (716 هـ). الدرر الكامنة 2/ 129. (¬3) الحسن بن المبارك، أبو عبد الله البغدادي الحنبلي، المعروف بابن الزَّبيدي. الإِمام الفقيه الكبير، مُسنِد الشام، طاف البلدان مسمعًا صحيح البخاري وغيره. توفي سنة (631 هـ). سير أعلام النبلاء 22/ 357. (¬4) طاهر ابن الحافظ محمَّد الشيباني المقدسي، الشيخ العالِم المُسند. توفي بِهَمَذَان سنة (566 هـ). سير أعلام النبلاء 20/ 503. (¬5) مكي بن منصور بن محمَّد الكَرَجي. الشيخ المُسند الرئيس -من رؤساء الكَرَج -، عُمِّر حتى صار يُرحل إليه. توفي بأصبهان سنة (491 هـ). سير أعلام النبلاء 19/ 71.

أنبأ أبو بكر الحِيري (¬1)، ثنا أبو العباس الأَصم (¬2)، ثنا الربيع بن سليمان المُرادي (¬3)، ثنا محمَّد بن إدريس الشافعي، أنبأ محمَّد بن الحسن، عن يعقوب بن إبراهيم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم قال: "الولاءُ لُحْمَةٌ كَلُحمَةِ النسب لا تُباع ولا تُوهب" (¬4). * * * ¬

_ (¬1) أحمد بن الحسن النيسابوري الشافعي. الإِمام مُسند خراسان، قاضي القضاة. توفي سنة (421 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 356. (¬2) محمَّد بن يعقوب الأموي مولاهم النيسابوري. الإِمام مُسند العصر، حدَّث في الإِسلام ستًّا وسبعين سنة، والصمم إنما لحقه بعد انصرافه من الرحلة. توفي سنة (346 هـ). سير أعلام النبلاء 15/ 452. (¬3) أبو محمَّد المصري المؤذِّن، صاحب الإِمام الشافعي وراوي كتبه، أول من أملى الحديث بجامع ابن طولون بالقاهرة. توفي سنة (270 هـ). التقريب ص 206. (¬4) الحديث أخرجه الدارمي في مسنده (ح 3401) موقوفًا على ابن مسعود.

حديث من رواية الشافعي عن مسلم، عن ابن جريج، عن الثوري عن مالك، ففيه بينه وبين مالك ثلاثة أنفس

حديث من رواية الشافعي عن مسلم، عن ابن جُرَيْج، عن الثوريِّ عن مالك، ففيه بينه وبين مالك ثلاثة أنفس 15 - وبالإِسناد الماضي إلى الربيع بن سليمان، قال: أنبأ الشافعي، أنبأ مسلم، عن ابن جريج، عن الثوري، عن مالك بن أنس، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن سعيد بن المسيب، عن عمر وعثمان أنهما قَضَيَا في المِلْطَاة (¬1) بنصف دِيَة المُوضِحَة (¬2). * * * ¬

_ (¬1) الملطاة والموضحة: من أسماء الشجاج التي تكون في الرأس. والملطاة: قشرة رقيقة بين عَظْم الرأس ولحمه، والموضحة: هي التي تُبدي بياض العظم، ففيها خمس من الإِبل إذا كانت في الرأس والوجه. النهاية 5/ 249 و 6/ 196. (¬2) أخرجه الشافعي في مسنده 2/ 111 (ترتيب السندي).

حديث فيه رواية المازني عن سيبويه، عن الخليل بن أحمد

حديث فيه رواية المازني عن سيبويه، عن الخليل بن أحمد 16 - وبالإِسناد الماضي إلى أحمد ابن ثابت (¬1)، أنبأ أبو المظفَّر هَنَّاد بن إبراهيم النسفي، سمعت أبا محمَّد عبد الله بن محمَّد الجوزجاني بها يقول: سمعت أبا عمر محمَّد بن الحسين بن عمران البغدادي، يقول: سمعت محمَّد بن عبد الله بن حُلَيس، يقول: سمعت أبا عثمان بكر بن محمَّد المازني، يقول: سمعت سيبويه، يقول: سمعت الخليل بن أحمد العَرُوضي، يقول: سمعت ذرًّا الهَمْدَاني، يقول: سمعت الحارث العُكَلي، يقول: سمعت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أهلُ المعروف في الدنيا هم أهلُ المعروف في الآخرة، وأهلُ المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" (¬2). ¬

_ (¬1) الإِمام الخطيب البغدادي، كما في الحديث رقم 12. (¬2) أخرجه بهذا الإِسناد الخطيب في تاريخ بغداد 2/ 244، وأخرجه من طريق آخر عن الخلَّال إلى المازني به 11/ 326، وخرَّجه من حديث أبي الدرداء كذلك 10/ 420. والحديث صحيح الإِسناد فقد ورد عن جماعة من الصحابة، انظر: مجمع الزوائد للهيثمي 7/ 262، 263.

حديث فيه رواية ابن أبي دريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء

حديث فيه رواية ابن أبي دريد، عن أبي حاتم، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء 17 - أخبرتني أم الفضل بنت محمَّد المقدسي (¬1) بقراءتي عليها قالت: أنبأ أحمد بن محمَّد بن نبيل، أنبأ أبو الحسن الواني (¬2)، أنبأ أبو القاسم بن مكِّي (¬3)، أنبأ أبو طاهر السِّلَفي (¬4)، أنبأ أبو طالب ¬

_ (¬1) هاجر بنت المحدِّث شرف الدِّين محمَّد بن محمَّد القدسي. اعتنى بها أبوها فأحضرها وأسمعها الكثير جدًّا من عوالي الأجزاء والمشيخات والأربعينات والفوائد والكتب، وشيوخها كثر. عُمِّرت وصارت أسند أهل عصرها، وتزاحم عليها الطلبة. تُوُفِّيت بالقاهرة سنة (874 هـ). المنجم ص 227، والضوء 12/ 131. (¬2) علي بن عمر الخلاطي، المعروف بابن الصلاح. تفرَّد في عصره برواية حديث السِّلَفي بالسماع. توفي سنة (727 هـ). الدرر الكامنة 3/ 90. (¬3) عبد الرحمن بن مكي الطرابلسي ثم الإِسكندراني. الشيخ المسند المعمَّر سبط الحافظ أبي طاهر السِّلَفي. توفي بالقاهرة سنة (651 هـ). سير أعلام النبلاء 23/ 278. (¬4) أحمد بن محمَّد الأصبهاني. الإِمام العلَّامة الحافظ شيخ الإِسلام محدِّث الإِسكندرية. توفي سنة (576 هـ) وقد جاوز المائة. سير أعلام النبلاء 21/ 5.

نصر بن الحسين بن محمان قاضي الدِّينَوَر بها، أنبأ أبو سعيد بُندَار بن علي بن الحسين بن الروَّاس، إملاءً، أنبأ أبو الخير زيد بن رفاعة الكاتب، أنبأ أبو بكر محمَّد بن الحسن بن دريد الأزدي، عن أبي حاتم السجستاني، عن الأصمعي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن نصر بن عاصم الليثي، عن أبيه قال: سمعت النابغة (¬1)، يقول: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنشدته حتى أتيتُ إلى قولي: أَتيتُ رسولَ الله إذْ جاءَ بالهُدى ... ويتلو كتابًا واضحَ الحقِّ نيِّرا بَلغنَا السماء مجدَنا وجُدودَنا ... وإنَّا لنرجو فوقَ ذلكَ مظهرا فقال لي: "أين يا أبا ليلى؟ "، فقلت: إلى الجنَّة، فقال: "إن شاء الله"، فأنشدته: ولا خيرَ في جهلٍ إذا لم يَكُنْ لَهُ ... حَليمٌ إذا ما أَوردَ الأمرَ أصْدَرَا ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لم يَكُنْ لهُ ... بوادر تحمي صَفْوَهُ أنْ يَكْدُرا فقال لي: "صدقت، لا يفضض الله فاك". ¬

_ (¬1) قيس بن عبد الله، أبو ليلى الجَعْدي. شاعر مفلق وصحابي مُعمَّر. سُمِّي بالنابغة لأنه أقام ثلاثين سنة لا يقول الشعر ثم نبغ فقاله. توفي بأصبهان -وعمره قريب من المئتين- سنةَ (50 هـ). الإِصابة 3/ 537.

قال: فبقي عمره أحسن النَّاس ثغرًا كلما سقطت سِنُّه عادت أخرى مكانها، وكان مُعَمَّرًا (¬1). * * * ¬

_ (¬1) الأربعين البلدانية للسِّلَفي رقم (28)، وفي السند زيد بن رفاعة؛ معروف بالوضع كما قال الذهبي. انظر: لسان الميزان 2/ 506.

حديث في إسناده جماعة من الشعراء المشاهير

حديث في إسناده جماعة من الشعراء المشاهير 18 - أخبرني أبو الفضل المَرْجاني (¬1) إجازةً، عن أبي هريرة ابن الذهبي (¬2)، أنبأ أبي (¬3)، أنبأ أحمد بن إسحاق (¬4)، ثنا عبد السَّلام بن سهل، أنبأ شهردار بن شيرويه (¬5)، أنبأ أحمد بن عمر بن البيع، أنبأ حميد بن المأمون، أنبأ أبو بكر الشيرازي، أنبأ أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمَّد الفارسي الشاعر، ثنا أبو عثمان ¬

_ (¬1) محمَّد بن محمَّد بن أبي بكر، كمال الدين المكي. سمع من مشايخ عصره الكثير، وحدَّث فسمع منه الفضلاء وأكثروا عنه وصار خاتمة مسندي مكة. توفي بها سنة (876 هـ). المنجم ص 202، والضوء اللامع 9/ 67. (¬2) عبد الرحمن بن محمَّد بن أحمد الدمشقي، ابن الحافظ الكبير الإِمام شمس الدين الذهبي، صاحب التصانيف. سمع على عددٍ من الشيوخ فأكثر، وخرَّج له أبوه أربعين حديثًا عن نحو مائة نفس. توفي سنة (799 هـ). الدرر الكامنة 2/ 341. (¬3) الإِمام الكبير، المتوفى سنة (748 هـ). (¬4) أحمد بن إسحاق الأَبَرْقُوهي، المسند الجليل، كان مقرئًا صالحًا متواضعًا فاضلًا. توفي بمكة (701 هـ). شذرات الذهب 6/ 4. (¬5) أبو منصور الديلمي الهمذاني، الإِمام المحدِّث المفيد، ابن الحافظ المؤرخ أبي شجاع، صاحب كتاب "الفردوس". كان حافظًا عارفًا بالحديث والأدب متبعًا أثر والده. توفي سنة (558 هـ). سير أعلام النبلاء 20/ 375.

سعيد بن زيد بن خالد مولى بني هاشم الشاعر، ثنا عبد السَّلام بن رَغبان ديك الجن (¬1) الشاعر، حدثني دِعْبِل (¬2) الشاعر، حدثني أبو نُوَاس الحسن بن هانيء الشاعر، حدثني والبة بن الحُبَاب الشاعر، حدثني الكُمَيْت بن زيد الشاعر، حدثني خالي الفرزدق الشاعر، حدثني الطِّرِمَّاح (¬3) الشاعر، قال: لقيتُ نابغة بني جعدة الشاعر، وقلت له: لقيتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها: بَلغنَا السماء مجدَنا وجُدُودَنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا قال: فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تغيّر وبدا الغضب فيه، فقال: "إلى أين يا أبا ليلى؟ "، فقلت: إلى الجنَّة يا رسول الله. فقال: "إلى الجنَّة إن شاء الله" (¬4). * * * ¬

_ (¬1) أي الملقَّب به هو لا أبيه. أبو محمَّد الكلبي الحمصي، كبير الشعراء. توفي سنة (235 هـ). سير أعلام النبلاء 11/ 163. (¬2) دعبل بن علي، أبو علي الخُزاعى. شاعر زمانه، اشتُهِر بهجاء الخلفاء والكبار حتى أنه هجا قبيلته خزاعة. توفي سنة (246 هـ). سير أعلام النبلاء 11/ 519. (¬3) الطِّرِمَّاح بن حكيم، من طيء، شاعر إسلامي فحل. توفي سنة (125 هـ). (¬4) أخرجه الحافظ السخاوي في "الجواهر المكللة في الأحاديث المسلسلة" (ق 55/ ب نسخة شستربتي 3664/ 4) وقال بعده: "هذا حديث ضعيف الإِسناد، وأورده أبو زرعة الرازي المتأخر في كتاب الشعراء له".

حديث في إسناده جماعة من الكتاب

حديث في إسناده جماعة من الكُتَّاب 19 - وبالإِسناد إلى أحمد ابن ثابت، قال: حدثني أبو طالب يحيى بن علي (¬1) الدَّسكري لفظًا (¬2)، ثنا أبو عمرو ضرارُ بن رافع الضَّبِّي الكاتب الهروي، ثنا أبو الحسن عبد الله بن موسى البغدادي الكاتب، ثنا أبو الحسن علي بن مهدي الفقيه المتكلِّم النَّحْوي الكاتب، ثنا علي بن الفضل بن المزني -وكان كاتبًا أديبًا-، حدثني عبد الله بن أحمد البَلْخِي هو الكعبي المتكلِّم -وكان كاتبًا لمحمد بن زيد-، حدثني أبي، حدثني يحيى بن خالد البغوي الكاتب (¬3)، حدثني عبد الله بن طاهر، حدثني طاهر بن الحسين بن مصعب، حدثني الفضل بن سهل ذو الرياستين (¬4)، حدثني جعفر بن يحيى بن خالد (¬5)، حدثني أبي: يحيى بن خالد بن بَرْمَك، حدثني أبي: ¬

_ (¬1) هكذا في نسخة (م) وتاريخ بغداد 12/ 340، وبقية النسخ: عبد الله. (¬2) في تاريخ بغداد زيادة هنا: بحلوان. (¬3) هذا الراوي لم يُذكر في سند تاريخ بغداد. (¬4) لقَّبه بهذا اللَّقب الخليفة المأمون، فإنه لما استُخلِف فوَّض إليه أموره كلها وسمَّاه بذلك لتدبيره أمر السيف والقلم. (¬5) لم يذكر في تاريخ بغداد الرواية عن جعفر بل مباشرة عن أبيه يحيى.

خالد بن برمك (¬1)، حدثني عبد الحميد بن يحيى الكاتب، حدثني سالم بن هشام الكاتب، حدثني عبد الملك بن مروان كاتب عثمان، حدثني زيد بن ثابت كاتب الوحي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كَتبتَ بسم الله الرحمن الرحيم فبيِّنْ السين". أخرجه ابن عساكر في تاريخه (¬2). * * * ¬

_ (¬1) كذلك سقط ذكر خالد بن برمك من سند التاريخ. (¬2) تاريخ بغداد 12/ 340، وتاريخ دمشق لابن عساكر (16/ 6). أورده السيوطي في الجامع الصغير ورمز لضعفه. وقال الشيخ أحمد بن الصدِّيق الغماري في كتابه "المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير" ص 24: من وضع كُتَّاب العجم أصحاب الخطوط الحسنة والراغبين فيها, ولم تكن العرب تكتب السين إلَّا مبينة.

حديث في إسناده ستة من الخلفاء

حديث في إسناده ستة من الخلفاء 20 - أنبأني أبو الفضل المرجاني، عن أبي هريرة ابن الذهبي، عن أبي نصر الشيرازي (¬1)، عن جده (¬2)، عن أبي القاسم ابن عساكر (¬3)، أنبأ نصر بن أحمد بن مُقاتل (¬4)، ¬

_ (¬1) محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن هبة الله الدمشقي ثم المِزَّيّ. خاتمة المسندين بدمشق، تفرَّد بأجزاء وعوالي، وألحق الأحفاد بالأجداد، وكان طويل الروح على المحدِّثين، كان إليه المنتهى في تذهيب المصاحف. توفي سنة (723 هـ). الدرر الكامنة 4/ 233. (¬2) محمَّد بن هبة الله، جمال الإِسلام أبو نصر الشيرازي ثم الدمشقي. الإِمام المفتي المُسنِد الكبير القاضي. انفرد برواية أكثر من مئتي جزء من "تاريخ دمشق" لابن عساكر، وكان رئيسًا جليلًا، أكثر وقته في نشر العلم والرواية والتدريس. توفي سنة (635 هـ). سير أعلام النبلاء 23/ 31. (¬3) علي بن الحسن بن هبة الله، ثقة الدين الدمشقي. الإِمام العلَّامة الحافظ الكبير، محدِّث الشام، صاحب "تاريخ دمشق" الذي يقع في ثمانمائة جزء وستة عشر ألف ورقة، وهو واحد من تآليفه الكثيرة النافعة. توفي بدمشق سنة (571 هـ). سير أعلام النبلاء 20/ 554. (¬4) أبو القاسم السوسي ثم الدمشقي. توفي سنة (548 هـ). سير أعلام النبلاء 20/ 248.

أنبأ جدي (¬1)، ثنا أبو علي الحسن بن علي الأهوازي (¬2)، ثنا أبو محمَّد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمَّد الأزدي، ثنا أبو الطَّيِّب محمَّد بن جعفر بن دُرَّان غُنْدر (¬3)، ثنا هارون بن عبد العزيز بن أحمد العباسي، ثنا أحمد بن الحسن المقري البزار، ثنا أبو عبد الله محمَّد بن عيسى الكِسائي وأحمد بن زهير وإسحاق بن إبراهيم بن إسحاق قالوا: أنبأ علي بن الجَهْم (¬4)، قال: كنتُ عند المتوكل، فتذاكروا عنده الجَمَال فقال: إنَّ حُسْنَ الشَّعْر لَمِن الجَمَال، ثم قال: حدثني المعتصم، حدثنا المأمون، ثنا الرشيد، ثنا المهدي، ثنا المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جُمَّة إلى شَحْمة أُذنيه كأنها نظام اللؤلؤ (¬5)، ¬

_ (¬1) مقاتل بن مطكود السجستي، ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق، وذكر أنه قرأ القرآن على أبي علي الأهوازي. توفي بدمشق (495 هـ). تاريخ دمشق 17/ 65 أ. (¬2) الشيخ الإِمام مُقريء الآفاق، هو بحر في القراءات، لكن انتقد عليه أصحاب الحديث تركيب الأسانيد وادِّعاء اللقاء. توفي سنة (446 هـ). سير أعلام النبلاء 18/ 13. (¬3) المحدِّث الزاهد البغدادي ثم المصري. توفي سنة (357 هـ). سير أعلام النبلاء 16/ 215. (¬4) أبو الحسن البغدادي. شاعر أديب، صحب المتوكل زمنًا وصار من خواصَّه، ثم غضب عليه. توفي سنة (249 هـ). الأعلام 4/ 269. (¬5) في النهاية 1/ 300: الجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين. وفي البخاري (ح 3551) من حديث البراء بن عازب: "له شعر يبلغ شحمة =

وكان من أَجمل النَّاس، وكان أسمر رقيق اللون (¬1)، لا بالطويل ولا بالقصير، وكان لعبد المطلب جُمَّة إلى شَحْمَة أُذنيه، وكان لهاشم جُمَّة إلى شَحْمة أُذنيه. قال علي بن الجهم: وكان للمتوكل جُمَّة إلى شحمة أذنيه، وقال لنا المتوكل: كان للمعتصم جُمَّة وكذلك المأمون والرشيد والمهدي والمنصور ولأبيه محمَّد ولجده علي ولأبيه عبد الله بن عباس. * * * ¬

_ = أذنيه"، وفي رواية: "إلى منكبيه". قال الحافظ ابن حجر 6/ 573: أجيب بأن المراد أن معظم شعره كان عند شحمة أذنه، وما استرسل منه متصل إلى المنكب، أو يحمل على حالتين. (¬1) في البخاري (ح 3547) من حديث أنس يصف النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق ولا آدَمَ". قال الحافظ ابن حجر 6/ 569: يتبين من مجموع الروايات أن المراد بالسمرة الحمرة التي تخالط البياض، وأن المراد بالبياض المثبت ما يخالطه الحمرة، والمنفي ما لا يخالطه، وهو الذي تكره العرب لونه وتسميه أمهق.

وقد تمَّ (¬1) "الفانيد في حلاوة المسانيد"، والحمدُ لله أوَّلًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا والحمد لله رب العالمين، على يد كاتبه الراجي رحمة ربِّه الخفيّ أبو الفيض عبد الستّار الصديقي الحنفي بمكة المشرَّفة سنة 1308 هجرية (¬2). ¬

_ (¬1) من نسخة (م)، وفي نسخة (ز): آخر الجزء الموسوم بالفانيد في حلاوة الأسانيد، وكان الفراغ منه نهار الخميس بمحروسة مصر على يد أفقر المحتاجين محمَّد شمس الدِّين ابن الحاج إبراهيم الحمصي وطنًا، الشافعي مذهبًا، الرفاعي السلمي طريقة، غفر الله له ولوالديه ولمؤلفه ولمن قرأ فيه ودعا له بالمغفرة ولجميع المسلمين آمين. والحمد لله وحده وصلَّى الله وسلَّم على مَن لا نبيّ بعده، بتاريخ سنة أربع وستين وألف. (¬2) ° تمَّت المقابلة الأولى للنسخة (أ) بالنسخة المكية (م)، وذلك بقراءتي ومتابعة الشيخ الحبيب أبي ناصر محمَّد بن ناصر العجمي على النسخة (أ) والأخ الفاضل الطيِّب المطيب أبي سالم مساعد العبد القادر على النسخة (م)، وذلك في صحن المسجد الحرام تجاه الركن اليماني من الكعبة المشرَّفة زادها الله تشريفًا وقدرًا، بين صلاتي المغرب والعشاء، مع تقطُّع في القراءة بسبب نزول مطر الرحمة، وكان ذلك في ليلة العشرين من رمضان المبارك لعام 1419 هـ، يسَّر الله إتمام إخراجها بما يليق، والحمد لله رب العالمين. ° وتمَّت المقابلة على نسخة المكتبة الوطنية بباريس (ب) في مجلس واحد، وذلك في رواق الشَّوَام من الجامع الأزهر المعمور بالقاهرة المُعِزِّيَّة بلد المؤلف رحمه الله، بقراءة أخينا الفاضل الشيخ محمَّد بن ناصر حدرًا غروب شمس يوم الأحد 21 شوّال سنة 1419 هـ. ° وتمَّت المقابلة على النسخة الأزهرية (ز) بقراءة زوجتي أم محمَّد في منزلنا الصيفي ببلدة بحمدون في جبل لبنان، عصر يوم الأحد 28 شوّال سنة 1419 هـ، والحمد الله أوَّلًا وآخرًا.

قائمة المصادر

قائمة المصادر 1 - الأربعين البلدانية، للسِّلَفي، تحقيق سعد بن عبد الحميد السعدني، دار أضواء السلف- الرياض، 1418 هـ. 2 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، بحاشية الإِصابة. 3 - الإِصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني، مصورة الطبعة الأولى المغربية 1328 هـ، دار إحياء التراث العربي - بيروت. 4 - الأعلام، لخير الدين الزركلي، الطبعة الرابعة 1979 م، دار العلم للملايين. 5 - أعلام النساء، لعمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة - بيروت. 6 - بهجة العابدين بترجمة الحافظ جلال الدين، لعبد القادر الشاذلي، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق 1999 م. 7 - تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، مصورة دار الكتاب العربي - بيروت. 8 - تاريخ دمشق، للحافظ ابن عساكر، تحقيق عمر غرامة العمروي، دار الفكر- بيروت، 1415 هـ. 9 - ترتيب مسند الشافعي، لمحمد عابد السندي، مصورة دار الكتب العلمية- بيروت. 10 - تشنيف الأسماع بشيوخ الإِجازة والسماع، للشيخ محمود سعيد ممدوح، دار الشباب للطباعة- القاهرة. 11 - تقريب التهذيب، للحافظ ابن حجر، تحقيق الشيخ محمَّد عوامة، ط 3، 1991 م، دار الرشيد. 12 - تهذيب الأسماء واللغات، للإِمام النووي، مصورة دار الكتب العلمية - بيروت.

13 - حلية الأولياء، لأبي نعيم الأصبهاني، مصورة دار الكتاب العربي - بيروت. 14 - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لابن حجر العسقلاني، مصورة الطبعة الهندية، دار الجيل- بيروت. 15 - ذكر أخبار أصبهان، لأبي نعيم الأصبهاني، طبعة ليدن 1931 م. 16 - سنن ابن ماجه، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، مصورة دار إحياء التراث العربي. 17 - سنن أبي داود، تحقيق عزت الدعاس، دار الحديث- حمص. 18 - سنن الترمذي، تحقيق أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي، مصورة دار إحياء التراث العربي. 19 - سنن الدارمي، مع شرحها فتح المنان، للشيخ نبيل غمري، دار البشائر الإِسلامية، 1420 هـ. 20 - سنن النسائي، مع شرح السيوطي وحاشية السندي، بترتيب الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإِسلامية. 21 - سير أعلام النبلاء، للحافظ الذهبي، تحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط وآخرين، مؤسسة الرسالة - بيروت. 22 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لابن العماد الحنبلي، مصورة دار الآفاق الجديدة - بيروت. 23 - شرح صحيح مسلم للنووي، بحاشية إرشاد الساري للقسطلاني، مصورة دار الكتاب العربي - بيروت. 24 - صحيح البخاري، مع فتح الباري، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، مصورة دار المعرفة- بيروت. 25 - صحيح مسلم، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، مصورة دار إحياء التراث العربي. 26 - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، للحافظ السخاوي، مصورة دار مكتبة الحياة - بيروت.

27 - غاية النهاية في طبقات القراء، لابن الجزري، مطبعة الخانجي- مصر، 1351 هـ. 28 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، بعناية محب الدين الخطيب، مصورة دار المعرفة. 29 - اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة، للحافظ السيوطي، مصورة دار المعرفة. 30 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، للحافظ أبي بكر الهيثمي، مصورة دار الكتاب العربي. 31 - مسند الإِمام أحمد، مصورة المكتب الإِسلامي - بيروت. 32 - معجم البلدان، لياقوت الحموي، مصورة دار صادر - بيروت. 33 - المعجم الكبير، للحافظ الطبراني، تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي. 34 - المغير على الأحاديث الموضوعة في الجامع الصغير، للشيخ أحمد الغماري، دار الرائد العربي - بيروت. 35 - المنجم في المعجم، للحافظ السيوطي، تحقيق إبراهيم باجس عبد المجيد، دار ابن حزم - بيروت، 1415 هـ. 36 - الموطأ، للإِمام مالك، تحقيق محمَّد فؤاد عبد الباقي، عيسى البابي الحلبي- مصر. 37 - النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير الجزري، تحقيق طاهر الزاوي ومحمود الطناحي، مصورة دار إحياء التراث العربي. * * *

§1/1