العملية الإرشادية

محمد محروس الشناوي

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم: تقديم: الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم، وصلاة وسلاما على هادي البشرية إلى النور، والصراط المستقيم بإذن ربه، وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: فإنه يسعدني أن أقدم للقارئ العربي، والمكتبة العربية الكتاب الثالث في موسوعة الإرشاد والعلاج النفسي، والذي يدور موضوعه حول عملية الإرشاد، والعلاج النفسي وأساليبها. وقد جاء هذا الكتاب ليسد ثغرة كبيرة في هذا المجال تتصل بالخطوات، والمهارات المتصلة بتنفيذ العمل الإرشادي والعلاجي، وبالإضافة إلى ما حواه الكتاب من مقدمة أساسية حول موضوع الإرشاد، والعلاج النفسي فقد عرضت فيه موضوعات مثل تعريف العملية الإرشادية، والعلاجية والنماذج التي تسير هذه العملية عليها، ثم فصلا عن العلاقة الإرشادية، وفصلا عن بدء العلاقة الإرشادية في المقابلة الأولى، وفصلا عن تصوير المشكلة في مجال الإرشاد، والعلاج "التشخيص"، وآخر عن استخدام الاختبارات النفسية في مجال الإرشاد والعلاج، وفصلا عن استخدام الملاحظة، وفصلا عن اختيار طرق الإرشاد والعلاج النفسي المناسبة، وفصلا مطولا عن طرق وأساليب الإرشاد، والعلاج النفسي وفصلا عن تقويم العمل الإرشادي، وفصلا عن إنهاء العملية الإرشادية، وأخيرا اشتمل الكتاب على فصل خاص بأخلاقيات الإرشاد والعلاج النفسي، واختتم بفصل عن التسجيل وكتابة التقارير، والكتاب على هذا النحو يخدم مقررات عملية

الإرشاد، والعلاج النفسي وطرق الإرشاد في المستويات المتقدمة، وكذلك المقررات الخاصة بالإرشاد والعلاج النفسي، وعلم النفس الإكليتيكي؛ ويمكن استخدامه كمرجع للمقرات الأساسية في الإرشاد، والعلاج النفسي وخدمة الفرد ودراسة الحالة، والمقابلة لأقسام علم النفس والخدمة الاجتماعية والتربية، وغيرها من المقررات المتصلة بتقديم العون للأفراد، والعمل معهم. ويسعدني أن أتوجه بخالص الشكر لطلابي، وزملائي الذين شجعوني على إخراج هذا المؤلف وأخص منهم الأستاذ الدكتور محمد شحاته ربيع، والأستاذ الدكتور مصطفى خليل الشرقاوي، والأستاذ الدكتور محمد السيد عبد الرحمن، والدكتور صالح أبو عباة، والدكتور معتز سيد عبد الله، وجميع الزملاء بقسم علم النفس بجامعة الإمام محمد بن سعود. وإذ أرجو أن يفيد من هذا الكتاب المتخصصون من أساتذة علم النفس، والطب النفسي، والخدمة الاجتماعية والتربية وغيرها، وكذلك طلاب العلم في تلك التخصصات، فإني أسال المولى الكريم أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. المؤلف: أ. د محمد محروس الشناوي دكتوراه الإرشاد النفسي من جامعة ميتشجان "الولاية" بأمريكا عضو الجمعية الأمريكية لعلماء النفس وعضو شعبة الإرشاد النفسي وعضو شعبة العلاج النفسي وعضو شعبة علم نفس التأهيل

الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية

الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية تعريف الإرشاد ... الفصل الأول: العملية الإرشادة والعلاجية the Counseling and therapeutic Process الإرشاد النفسي، أو علم النفس الإرشادي Counseling Psychology فرع هام من فروع علم النفس التطبيقي يحتاج إلى التخصص العميق لممارسته، وقد تطور هذا الفرع من فروع علم النفس تطورا سريعا منذ بدايات القرن العشرين، ووضعت له النظريات وتشعبت مجالاته لتغطي حياة الإنسان في كافة مراحها من الطفولة إلى الشيخوخة، وفي كافة ظروفها في الصحة والمرض، ومع كافة جوانبها في العمل، وفي المدرسة وفي الزواج، وأصبح اصطلاح الإرشاد مرتبطا بصفة، أو إضافة فنجد الإرشاد الطلابي، والإرشاد المهني، والإرشاد الديني، والإرشاد الزواجي، وإرشاد الأطفال، وإرشاد الشباب، وإرشادين الجانحين، وإرشاد المجتمعات المحلية، والإرشاد في مجال الصحة النفسية، إلى غير ذلك من المسميات. تعريف الإرشاد: ينتمي الإرشاد إلى علم النفس التطبيقي Applied Psychology، كما أنه يقع مع مجموعة أخرى من التخصصات "مثل علم النفس العيادي، الطب النفسي، الخدمة الاجتماعية" التي تهدف إلى مساعدة الناس في مواجهة مشكلات، ومواقف الحياة وضغوطها، وتغيير حياتهم إلى الأفضل، تحت مجموعة تعرف بتخصصات "مهن" المساعدة Helping Professions، وهذه التخصصات تشترك في الخصائص الآتية: 1- تفترض أن السلوك له سبب، وأنه من الممكن تعديل هذا السلوك. 2- تشترك في الغاية التي تسعى لتحقيقها، وهي مساعدة المستفيدين على أن يصبحوا أكثر فاعلية، وأكثر توافقًا من الناحية النفسية. 3- تستخدم العلاقة المهنية كوسيلة أساسية لتقديم العون.

4- تؤكد عيب أهمية الوقاية. 5- تقوم على أساس من تدريب متخصص. "جورج وكريستياني 1981 ص19 George & Cristiani". ولقد ظهرت تعريفات كثيرة للإرشاد، بعضها يصور المفهوم والبعض الآخر يحمل الطابع الإجرائي، وفي الوقت الذي تركز فيه بعض التعريفات على العلاقة الإرشادية ودور المرشد، فإن البعض يركز على عملية الإرشاد نفسها بينما لا زال آخرون يهتمون بالنتائج التي نحصل عليها من الإرشاد. ونعرض فيما يلي لبعض هذه التعريفات: 1- تعريف جود "1945" Good: يقصد بالإرشاد تلك المعاونة القائمة على أساس فردي، وشخصي فيما يتعلق بالمشكلات الشخصية، والتعليمية، والمهنية، والتي تدرس فيها جميع الحقائق المتعلقة بهذه المشكلات، ويبحث عن حلول لها، وذلك بمساعدة المتخصصين، وبالاستفادة من إمكانيات المدرسة والمجتمع، ومن خلال المقابلات الإرشادية التي يتعلم المسترشد فيها أن يتخذ قرارته الشخصية. 2- تعريف رين "1951" Wrenn: الإرشاد هو علاقة دينامية وهادفة بين شخصين، تتنوع فيها الإجراءات باختلاف طبيعه حاجة الطالب، ولكن في جميع الحالات يكون هناك مشاركة متبادلة من كل من المرشد والطالب، مع التركيز على فهم الطالب لذاته. 3- تعريف روجرز "1952" Rogers: الإرشاد هو العملية التي يحدث فيها استرخاء لبنية الذات للمسترشد في إطار الأمن الذي توفره العلاقة مع المرشد، والتي يتم فيها إدراك المسترشد لخبراته المستبعدة في ذات جديدة.

4- تعريف بيبنسكي "1954" Pepinsky & Pepisky: الإرشاد عملية تشتمل على تفاعل بين مرشد، ومسترشد في موقف خاص بهدف مساعدة المسترشد على تغيير سلوكه بحيث يمكنه الوصول إلى حل مناسب لحاجاته. 5- تعريف تولبير: "1959" Tolbert: الإرشاد هو علاقة شخصية وجها لوجه بين شخصين أحدهما وهو المرشد، من خلال مهاراته، وباستخدام العلاقة الإرشادية، يوفر موقفًا تعليميا للشخص الثاني، المسترشد، وهو نوع عادي من الأشخاص، حيث يساعدة على تفهم نفسه وظروفه الراهنة والمقبلة، وعلى حل مشكلاته وتنيمة إمكانياته بما يحقق إشباعاته، وكذلك مصلحة المجتمع في الحاضر وفي المستقبل. 6- تعريف كرمبولتز "1965" Krumboltz: يتكون الإرشاد من أي أنشطة قائمة على أساس أخلاقي، يتخذها المرشد في محاولة لمساعدة المسترشد للانخراط في تلك الأنواع من السلوك التي تؤدي إلى حل مشكلاته. 7- تعريف تيلر "1969" Tyler: ترى تيلر أن الغرض من الإرشاد هو تسهيل الاختيارات التي تساعد على نمو الشخص فيما بعد، كما ترى أن الإرشاد ذو طبيعة نمائية بالإضافة إلى كونه ذا طبيعة علاجية، وأنه يمكن أن يكون عونا لكل الأشخاص نظرا لكون اتخاذ القرارات أمر لازم طول الحياة. 8- تعريف بيركس وستيفلر "1979" Burks & Stefflre: يشير مصطلح الإرشاد إلى علاقة مهنية بين مرشد مدرب ومسترشد، وهذه العلاقة تتم في إطار "شخص لشخص" رغم أنها قد تشتمل في بعض الأحيان على أكثر من شخصين، وهي معدة لمساعدة المسترشدين على تفهم، واستجلاء نظرتهم في حياتهم، وأن يتعلموا أن يصلوا إلى أهدافهم المحددة ذاتيا من خلال اختيارات ذات معنى قائمة

على معلومات جيدة، ومن خلال حل مشكلات ذات طبيعة انفعالية، أو خاصة بالعلاقات مع الآخرين. ورغم أن التعريف يركز على العملية إلا أن المؤلفين يعودان إلى القول بأن الإرشاد يختلف عن التدريس، وأن أهدافه يحددها الفرد أكثر مما يحددها المجتمع. تعريف بيتروفيسا وزملائه "1978" Pietrofesa et al: الإرشاد هو العملية التي من خلالها يحاول المرشد، وهو شخص مؤهل تأهيلا متخصصا للقيام بالإرشاد، أن يساعد شخصا آخر في تفهم ذاته، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات. والإرشاد هو مواجهة إنسانية وجها لوجه تتوقف نتيجتها إلى حد كبير على العلاقة الإرشادية. خصائص الإرشاد في ضوء التعريفات السابقة: ويمكن من خلال هذه المراجعة لتعريفات الإرشاد أن نصل إلى الخصائص التالية للإرشاد: 1- الإرشاد عملية: ويعني هذا أنه يشتمل على خطوات متتابعة ومتصلة. 2- الإرشاد ذو طابع تعليمي: ويعني هذا أن الإرشاد يركز على تغيير السلوك. 3- المرشد هو المخطط للعملية الإرشادية، وهو شخص مؤهل تأهيلًا متخصصًا. 4- المسترشد شخص عادي، أي أن مشكلاته ليست شديدة على النحو الذي يدعو إلى تدخل برامج أخرى مثل العلاج النفسي، وأن شخصيته متماسكة. 5- يهدف الإرشاد إلى تحسين المسترشد، ومساعدته على فهم ذاته، ومواقفه في الحاضر والمستقبل، واتخاذ القرارات المناسبة. 6- البيئة التي يتم فيها الإرشاد هي بيئة العلاقة الإرشادية وجها لوجه. 7- يهتم الإرشاد بانتقال الخبرة من موقف الإرشاد إلى مواقف الحياة التي يقف فيها المسترشد فيما بعد. وبذلك فإن المؤلف يعرف الإرشاد بأنه: عملية ذات طابع تعليمي تتم وجها لوجه بين مرشد مؤهل، ومسترشد يبحث عن المساعدة ليحل مشكلاته، ويتخذ قراراته، حيث يساعده المرشد باستخدام مهاراته، والعلاقة الإرشادية على فهم ذاته وظروفه، والوصول إلى أنسب القرارات في الحاضر والمستقبل".

علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى

علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى: في كثير من الأحيان يظهر مصطلح الإرشاد مرافقًا لمصطلحات أخرى مثل التوجيه والعلاج النفسي، ولهذا فقد يكون من المناسب توضيح العلاقة بين مفهوم الإرشاد، وهذه المفاهيم. 1- التوجيه: Guidance: اصطلاح التوجيه من المصطلحات الشائعة الاستخدام حيث يستخدم منفردا، أو مقترنا مع اصطلاح الإرشاد، فنقول التوجيه والإرشاد، ويقوم التوجيه على أساس أنه حق للفرد، وواجب عليه أيضا أن يختار طريقه في الحياة طالما كان اختياره لا يتعارض مع حقوق الآخرين، كما يقوم أيضا على الاقتناع بأن القدرة على اختيار أسلوب للحياة ليست شيئا موروثا، وإنما شأنها سائر قدرات الإنسان تحتاج إلى تنمية، وإذا كان من الوظائف التي يؤديها نظام التعليم إتاحة الفرص أمام الطلاب لتنمية مثل هذه القدرات، فإن التوجيه بهذا المفهوم يعتبر جزءًا من نظام التعليم. ويشتمل التوجيه بشكل أساسي على إعطاء المعلومات Information givig، ويصبح الأمر متروكا بعد ذلك للفرد الذي يبحث عن التوجيه أن يستخدم هذه المعلومات في الوصول إلى اختيارات مناسبة، فالمبدأ الأساسي هو مساعدة الأفراد ليساعدوا أنفسهم، كذلك فمن الأهداف الرئيسية في التوجيه تنمية الشعور بالمسئولية في الأفراد. فالتوجيه إذن يشتمل على إعطاء المعلومات وتنمية المسئولية، وبذلك يمكن أن نتوقع وجود التوجيه في مناحي شتى للحياة الاجتماعية، وقد تكون المعلومات المطلوبة بسيطة مثل بيان بأسماء المدارس المتوسطة للبنين القائمة في أحد الأحياء ومواقعها، أو

شروط القبول لإحدى الكليات الجامعية، أو قد تكون المعلومات المطلوبة كثيرة ومعقدة مثل المعلومات التي تكون ضرورية ليختار الطالب تخصصا أو مهنة يدخل إليها، وفي مستقبل حياته، وبذلك يكون التوجيه في أبسط صوره هو تقديم العون لأولئك الذين يحتاجون إليه بتزويدهم بالمعلومات الدقيقة الموثوق فيها. ويمكن بصفة عامة القول بأن اصطلاح التوجيه يستخدم في الوقت الحالي للإشارة إلى البرامج التي تشتمل على إعطاء المعلومات، كما أنه من المتفق عليه بين المتخصصين أن التوجيه التربوي يشتمل بين عناصره على عملية الإرشاد، وأنه يمكن القول بأن كل مدرس، وكل إداري في المدرسة يشترك بشكل أساسي في برنامج التوجيه، على حين تبقى عملية الإرشاد من اختصاص المرشد على النحو الذي تبقى فيه عملية التدريس من اختصاص المعلم. 2- النصح "Advice giving "Advising: يرى بلوش وكراوش "1985" Bloch & Crouch أن التوجيه هو إعطاء المعلومات، وإسداء النصح المباشر. ويرتبط النصح عادة بموقف فيه شخص لديه حاجة، أو مشكلة تتطلب اتخاذ قرار أو إجراء اختيار، وهذا الموقف يتسم بعدة خصائص منها: 1- يوجد فيه جانب الاختيارية. 2- يسوده اعتقاد "صحيح أو خاطئ" بأن الشخص الآخر "الذي يقدم النصح -الناصح" لديه الخبرة أو الحكمة المنشودة، ولديه القدرة على النصح. 3- تكون النصيحة مطلوبة كجانب تأكيدي. 4- يكون من حق المنتصح أن يقبل النصيحة أو يرفضها. ولا ترتبط النصيحة بعملية النمو النفسي، فالفرد قد تقابله مشكلة، ويطلب النصيحة بشأنها في نفس اللحظة، والموقف الذي تحدث فيه، وقد يجد حلا لهذه المشكلة الآن، ولكنه في المستقبل إذا واجهته نفس المشكلة، أو مشكلة أخرى فلن يستطيع حلها؛ لأنه لم ينم المهارات اللازمة والمناسبة لحل المشكلات، "وهو الأمر الذي يحدث في الإرشاد".

وفي المعنى الخاص، فإن النصح يستخدم كبرنامج يعرف بالنصح الأكاديمي، Academic Advising، والذي يطلق عليه في بعض الجامعات العربية الإرشاد الأكاديمي، وفي هذا النوع من النصح هناك علاقة بين الطالب، وبين مرشد "ناصح" أكاديمي يساعده على الاختيار بين التخصصات، والمسارات والمقررات. وفي المعتاد أن يتلقى الطالب النصح في أمور شتى من والديه ومن مدرسيه، وهذا النصح يشتمل على اقتراحات بحلول تمثل وجهات نظر من يقدمون النصائح، وفي المعتاد أن تصدر نصيحة الأب في "الجوانب الانتقالية" عن قلب مشفق في حين أن نصيحة المدرس قد يشوبها الاستياء مما يجعل الطالب لا يستجيب لأيهما، وهذا من شأنه أن يعوق عملية النمو النفسي، والنضج ويجعل الطلاب أكثر اعتمادا على غيرهم، وأكثر قلقا ومعاناة لسوء التوافق، ويدعو إلى زيادة الاهتمام بالإرشاد والتركيز عليه. 3- العلاج النفسي: Psychotherapy: من الاصطلاحات التي تترافق كثيرا مع الإرشاد، وبصفة خاصة في المراجع الأجنبية اصطلاح العلاج النفسي، حيث نجد مؤلفات تحمل عناوين مثل "نظريات الإرشاد والعلاج النفسي"، "علم النفس العلاجي: أساسيات الإرشاد والعلاج النفسي"، وغيرها. ويعرف ووليبرج "1988" Wolberg العلاج النفسي بأنه "نوع من معالجة المشكلات ذات الطبيعة الانفعالية، حيث يعمل المعالج، وهو شخص مدرب تدريبا دقيقا، على تكوين علاقة مهنية مع المريض، وذلك بهدف إزالة أو تعديل أو تأخير الأعراض الموجودة، وتعديل السلوك المضطرب، والنهوض بالنمو والتطور الإيجابي للشخصية". أما روتر Rotter "1971"، فيعرف العلاج النفسي بأنه "نشاط مخطط من جانب متخصص من علم النفس بغرض تحقيق تغيرات في الفرد تجعل توافقه في الحياة أكثر سعادة وأكثر بناء". كما يرى روجرز "1959" Rogers أن العلاج النفسي "هو تحرير الطاقة الموجودة فعلا لدى شخص إمكانية كافية".

ويعرفه سيو وزملاؤه Sue et al "1990" بأنه "التطبيق المنظم للأساليب المشتقة من الأسس النفسية بواسطة معالج متخصص وماهر ومدرب، بقصد مساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية". ويمضي سيو وزملاؤه إلى القول بأن كل طريقة علاجية تشتق من نظرية خاصة تسعى إلى التركيز على جانب معين مثل الاتجاهات، الأفكار، المشاعر، السلوك، زيادة الاستبصار بالذات، الضبط العقلاني للحياة، شفاء المرض النفسي، تحقيق الذات، زيادة الاستقلالية الشخصية، إزالة الأسباب، وتغيير مفهوم الذات، وتشجيع التكيف. ويضيف هؤلاء المؤلفون: أنه سواء أمكننا تعريف العلاج النفسي، أم لم يمكن فإنه بوسعنا تحديد أربع خصائص أساسية له، وهذه الخصائص هي: 1- أن العلاج النفسي هو فرصة للمريض ليعيد التعلم "ليتعلم من جديد to Releaern". 2- أن العلاج النفسي يساعد على تنشيط نمو خبرات جديدة ذات أهمية انفعالية. 3- توجد علاقة علاجية "بين المعالج والمريض" ذات مواصفات خاصة. 4- أن العملاء في العلاج لهم دافعية وتوقعات معينة، وكثير من الناس يدخلون إلى العلاج، ومعهم القلق والأمل، فعلى حين تخيفهم مشكلاتهم الانفعالية، فإن الأمل يحدوهم في أن العلاج سيساعدهم. العلاقة بين الإرشاد النفسي: يتفق كثير من الباحثين في الوقت الحاضر على أن الإرشاد، والعلاج النفسي إنما هما وجهان لعملة واحدة، وأن أوجه التشابه بينهما أكبر من أوجه الاختلاف، كما أن الاختلاف هو اختلاف في الدرجة، وليس اختلافا في النوع. وفي رأي جوستاد "1953" Gustand أن كلا من الإرشاد، والعلاج النفسي يتجهان نفس الوجهة في الأداء، ولكنهما يختلفان في النقاط التي يركزان عليها، ويوافق واطسون "1954" Watson على هذا الرأي، ويرى أن ما يميز الإرشاد هو وجود الموقف التعليمي، وأن المرشدين يعملون أساسا مع أشخاص عاديين في حين أن

التدريب والمهارات المطلوبة من المعالج هي نفسها مطلوبة من المرشد، ويرى سوبر "1955" Super أن الإرشاد يهتم بشكل أكبر بالجوانب الصحية للسلوك Hygiology في حين يهتم العلاج النفسي بالجانب المرضي Psychapathology للسلوك، ويركز الجانب الصحي على دراسة المشكلات التي تقابل الأشخاص العاديين، ومحاولة الوقاية من المشكلات الانفعالية الشديدة، في حين أن المعالجين نجدهم بشكل أكبر في المستشفيات والعيادات حيث تعالج الاضطرابات الشديدة للسلوك، وقد اقترح ويليامسون Williamson أن الإرشاد يتم في البيئات التعليمية، مثل المدارس، ومراكز التأهيل في حين أن المعالجين نجدهم في العيادات والمستشفيات، ومع ذلك فإن بعض المستشفيات توظف المرشدين إلا أن وجودهم أكثر في المدارس، ويصل باترسون "1896" في مناقشة هذا الموضوع إلى القبول بأن المرشد النفسي، والمعالج النفسي يتلقيان نفس التعليم ويستخدمان نفس النظريات والأساليب، وأن الاختلاف بينهما إنما هو اختلاف في الدرجة، وليس اختلافًا في النوع، ويضيف قوله: إن أي تعريف للإرشاد يمكن أن نعتبره تعريفا مقبولا للعلاج النفسي والعكس صحيح، فكل من الإرشاد والعلاج النفسي ينظر إليه على أنه عملية تشتمل على نوع خاص من العلاقة بين شخص يحتاج إلى مساعدة "مسترشد أو مريض"، وبين شخص مدرب على تقديم هذه المساعدة "مرشد أو معالج"، وهذه العلاقة ذات طبيعة واحدة إن لم تكن متطابقة في الإرشاد، وفي العلاج النفسي، كذلك فإن عملية الإرشاد لا تختلف في أساليبها الفنية عن عملية العلاج النفسي، أما الأهداف التي يبدو فيها بعض الاختلاف، حيث تحدد الجمعية الأمريكية لعلماء النفس "شعبة رقم 17 الخاصة بالإرشاد النفسي" أن هدف الإرشاد هو "معاونة الأفراد للتغلب على العقبات التي تقابل نموهم الشخصي حيثما واجهوها، وذلك لتحقيق أقصى تنمية لإمكانياتهم الشخصية" بينما ترى تيلر Tyler أن عمل المعالج يهدف إلى تغيير البنية النمائية: وإصلاح ما حدث من تلف في الماضي، إلا أن باترسون يرى أن هذه التفرقة اصطناعية؛ لأن أهداف الإرشاد هي بعينها أهداف العلاج. أما التفرقة التي يوافق كثير من الباحثين عليها ومنهم تيلر، وفانس وفولسكي Vance & Volsky، فهي أن الإرشاد يركز على العمل مع الأسوياء الذين تتركز مشكلاتهم في نمو طاقاتهم، بينما يركز العلاج النفسي على العمل مع أشخاص لديهم نقص، أو قصور من جانب ما.

غير أن باترسون يعود مرة أخرى ليؤكد أن هذا أيضا تفريق مطصنع فيما يتصل بشدة الاضطراب، وأنه يقع على خد متدرج من التوافق إلى عدم التوافق، فالواقع العملي يؤكد أنه تفريق اصطناعي. ويختتم باترسون مناقشته التحليلية حول العلاقة بين الإرشاد، والعلاج النفسي بقوله: "والخلاصة أنه لا توجد فروق جوهرية بين الإرشاد، والعلاج النفسي سواء في طبيعة العلاقة، أو في العملية، أو في الطرق والأساليب الفنية، أو في الأهداف والنتائج "بشكل عام"، أو حتى في أنواع العملاء المشتركين، وللسهولة أو لأسباب اجتماعية، فإن الإرشاد يشير إلى العمل مع أفراد أقل خطورة في اضطراباتهم، أو مع عملاء لديهم مشكلات محددة مع اضطراب أقل من الشخصية، وعادة يتم ذلك في بيئت غير طبية، أما العلاج النفسي، فيشير إلى العمل مع حالات أكثر شدة في اضطرابها، وعادة ما يتم ذلك في بيئة طبية. وفي مقال نشره فوكس وزملاؤه "1985" Fox et al يقول الباحثون: "نحن نتحدى القارئ أن يعطينا توضيحا مقبولا، ومقنعا للفرق بين علم النفس الكلينيكي "العيادي"، وعلم النفس الإرشادي "ص1046". العملية الإرشادية Counseling Process: يقصد باصطلاح عملية Process أن يكون هناك تتابع معروف من الأحداث التي تقع عبر الزمن، وعادة فإن العملية تشتمل على مراحل متتابعة Progressive. وعلى سبيل المثال فإن عملية النمو التي يمر بها الفرد من مولده إلى وفاته تشتمل على مراحل متتابعة يمكن وصف كل مرحلة منها على حدة. وهكذا يمكن القول بأن عملية الإرشاد "أو العلاج" هي تلك الخطوات، أو المراحل المتتابعة التي يعمل فيها المرشد مع المسترشد ابتداء من إحالة المسترشد إليه حتى إقفال الحالة، والتحقق من الوصول إلى أهداف الإرشاد. لقد قدم كثير من الباحثين في مجال الإرشاد نماذج Models تصف عملية الإرشاد في صورة خطوات تتبعية يمكن للمرشد أن يهتدي بها في عمله مع المسترشد، وسوف نتناول فيما يلي بعض هذه النماذج بالوصف:

1- نموذج أيزينبرج وديلاني "1977" Eizenberg & Delaney: يرى أيزينبرج وديلاني أن عملية الإرشاد تشتمل على المراحل التالية: 1- المقابلة الأولى. 2- استكشاف مشغولية الفرد، وتنمية العلاقة الإرشادية. 3- تحديد الهدف والتعرف على العوامل المرتبطة بتحقيقه وتقديرها. 4- تطوير واستخدام طريقة لتحقيق الهدف. 5- تقويم النتائج. 6- إقفال الحالة والتتبع. 2- نموذج أوكون "1976" Okun: قدمت أوكون نموذجا قائما على أساس من نموذج العلاقات الإنسانية، حيث ترى أن هناك ثلاثة أبعاد متكاملة للإرشاد هي: المراحل، والمهارات، والقضايا. Skills, and lssues Stages. وتنقسم المراحل إلى مجموعتين هما: العلاقات والإستراتيجيات. 1- العلاقات: "تنمية الثقة، التطابق، التفهم" أ- البداية. ب- استيضاح المشكلة المعروضة. جـ- وضع إطار أو تعاقد للعلاقة الإرشادية. د- الاستكشاف المكثف للمشكلة أو المشكلات. هـ- الأهداف الممكنة للعلاقة الإرشادية. 2- الاستراتيجيات "الطرق" أ- الاتفاق المتبادل على الأهداف المحددة. ب- تخطيط الطرق. جـ- استخدام الطرق. د- تقويم الطرق. هـ- الإقفال "الإنهاء". و التتبع.

أما المهارات فهي تشتمل على مهارات الاتصال، وهي الاستماع للرسائل الشفوية "اللفظية"، وإدراك الرسائل غير اللفظية، والاستجابة لكلا النوعين من الرسائل. وتشتمل القضايا على القيم والقضايا المعرفية، ويوضح شكل رقم "1" تخطيطا لهذا النموذج. المهارات: شكل رقم "1" نموذج الإرشاد ذي الأبعاد الثلاثة "عن أوكون ص11، 1976". 3- نموذج كارخوف Carkhuf: طور كارخوف وزملاؤه نموذجا للمساعدة Helping، وقد تبنى كثير من المرشدين هذا النموذج، ويأخذ النموذج في اعتباره مستويين أولهما يتصل بالمرشد، ويشتمل على أربع مهارات هي: 1- الحضور Attending. 2- الاستجابة Responding. 3- التفهم أو المشاركة Personalizing. 4- المبادأة Initiating. أما المجموعة الثانية فهي المتصلة بالمسترشد، وتشتمل جوانب التعلم لدى المسترشد، وهي ثلاث جوانب.

1- الاستكشاف Exploring. 2- التعرف أو الفهم Understanding. 3- التصرف Acting. ويربط كارخوف بين المستويات الثلاثة للتعلم لدى المسترشد، والمدارس المختلفة للإرشاد، حيث يرى أن الاستكشاف يمكن أن يرتبط بنظرية العلاج المتمركز حول الشخص، والتي وصفها كارل روجرز حيث يركز على استكشاف الفرد لذاته، ولخبراته كما يربط بين الفهم، ونظرية التحليل النفسي التي تقوم على الاستبصار والتفسير، وكذلك نظرية السمات والعوامل التي تركز على توفير المعلومات عن الفرد وما يحيط به، كما يربط بين التصرف وبين نظريات التعلم التي يقوم عليها الإرشاد، والعلاج السلوكي "تعديل السلوك". إلا أنه بصفة عامة يمكن القول: أن نموذج كارخوف الذي يقترح استخدامه أيضا في العملية التعليمية، والتدريبية ينتمي إلى حد بعيد لنظرية العلاج المتمركز حول الشخص لكارل روجرز حيث ينصب الاهتمام على تنمية علاقة بين المرشد والمسترشد، ويعتبر أن العلاقة هي العملية الإرشادية كلها، وأن كل نتائج الإرشاد تتوقف على ما يسود هذه العلاقة من خصائص، ومهارات للمرشد مثل التقبل والتفهم، والاحترام والأصالة وتفهم المسترشد لهذه الخصائص والمهارات. ويوضح شكل رقم "2" نموذج كارخوف للمساعدة Helping: مراحل المساعدة: قبل المساعدة: مهارات القائم بالمساعدة: "المرشد" تعلم المسترشد رسم يسحب إسكنر. شكل رقم "2": مهارات المساعدة تساعد الناس على الاستكشاف، والتفهم والتصرف لكي يتغيروا "كارخوف ويبرنسون 1977 ص23".

4- نموذج هانسن وزملائه "1977" Hansen et al: ويرى هانسن وستيفيك ووارنر "1977" Hansen, Stevic & Warner أن عملية الإرشاد إنما هي في الواقع عملية تكوين علاقة بين المرشد والمسترشد، ومواصلة هذه العلاقة، والتعامل مع المسترشد في إطار هذه العلاقة، ثم إنهاء هذه العلاقة عند الاطمئنان إلى تحقيق أهداف الإرشاد، ومن ثم فإن التركيز في مثل هذا النموذج ينصب على كيفية بدء هذه العلاقة، وعلى التعامل مع المواقف الصعبة فيها مثل الغموض والصمت، والتحويل وغيرها، والاتصال المناسب مع المسترشد حيث يكون الهدف هو زيادة الجانب الواضح من سلوك المسترشد لنفسه، وللمرشد على النحو الذي يصفه جو، وهاري فيما يعرف بنافذة جوهاري Johari Window. 5- نموذج ويليامسون: وضع ويليامسون نموذجا لعملية الإرشاد فيما عرف بمدرسة مينسوتا، أو السمات والعوامل، ويتكون هذا النموذج من ست خطوات هي: 1- التحليل. 2- التركيب. 3- التشخيص. 4- المآل. 5- الإرشاد. 6- المتابعة. 6- نموذج الإرشاد المنظومي Systematic Counseling: قدم مجموعة من المتخصصين في الإرشاد بجامعة الولاية بميتشجان State University Michigan نموذجا يصورون فيه الإرشاد في شكل منظومة System "سيتوارت، وينبورن، جونسون، بيركز، إنجيلكيز 1977 Johnson, Burks. Jr & Engelkes Stewart, Winborn". وينحو هذا النموذج منحى سلوكيا في محتواه، ويستفيد من نظرية المنظومات tems Theorysys في تكوين الإطار الأساسي. ويرى هؤلاء الباحثون أن عملية الإرشاد تتكون من أربعة مكونات رئيسية هي: 1- المرشد. 2- المسترشد.

3- منظومة للإرشاد. 4- نتائج منظومة الإرشاد. وقد أمكنهم تجزئة المنظومة إلى اثنتي عشرة خطوة تندرج تحتها خطوات فرعية، وتم تحديدها جميعا في صورة لوحة تتبع Flow Chart، وهذه الخطوات هي: "انظر شكل رقم3". 1- المرشد. 2- عملية إحالة العملاء. 3- الإعداد للمقابلة. 4- شرح العلاقة الإرشادية. 5- بناء نموذج لمشاعر المسترشد. 6- تحديد الغاية والهدف. 7- استخدام استراتيجية. 8- تقويم أداء المسترشد. 9- إنهاء الإرشاد. 10- مراقبة أداء المسترشد. 11- إقفال الحالة. 12- تقويم أداء المرشد. 7- نموذج تحقيق الذات "برامروشوستروم "1977"" Actualizing Model: اقتراح برامروشوستروم Brammer & Shostrom نموذجا أطلقا عليه نموذج الإرشاد، والعلاج النفسي المحقق للذات، ويتكون هذا النموذج من سبع خطوات هي. 1- تقرير المشغوليات، وتحديد الحاجة للمساعدة. 2- بناء العلاقة الإرشادية.

3- تحديد الأهداف والإطار. 4- العمل مع المشكلات والأهداف. 5- تسهيل الوعي. 6- تخطيط برنامج العمل. 7- تقويم النتائج وإنهاء الإرشاد. 8- نموذج مقترح لعملية الإرشاد: يقترح المؤلف النموذج التالي لعملية الإرشاد. 1- بناء العلاقة الإرشادية. 2- تصوير المشكلة. 3- تحديد الأهداف. 4- اختيار طريقة للإرشاد واستخدامها. 5- تقويم النتائج. 6- إنهاء الإرشاد. وسوف تتناول الفصول الآتية الخطوات التي يتكون منها هذا النموذج بالتفصيل، بالإضافة إلى فصل عن المرشد، وآخر عن المقابلة الأولية.

مراجع الفصل الأول

مراجع الفصل الأول: 1- العربية: زهران، حامد عبد السلام، التوجيه والإرشاد النفسي، "ط2" القاهرة: عالم الكتب 1980. الشناوي، محمد محروس تحليل مهني لعمل المرشد الطلابي: دراسة من منطقة الرياض، ألقى في اللقاء الثاني للجمعية السعودية للعلوم التربوية، والنفسية الرياض 1990. الشناوي، محمد محروس نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، القاهرة دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع 1994. 2- الأجنبية: American Psychological Association, Division of Counseling Psychology "1956" Counseling Psychology as a speciality. American Psychologist. 11,282-285. Brammer, L.N. & Shostrom, E.L "1977" Therapeutic Psychology: Fundamentals of Counseling and Psychotherapy. Englewood Cliffs, N.J: Prentice- Hall. Burks, H. & Stefflre, B "1979" Theories of Coumseling "3rd ed" New York: McGraw-Hill. Cark huff, R.R. & Berenson , B.G "1977" Beyond Counseling and therapy "2 nd ed" New York: Holt, Rinehart & Winston. Eisenberg, S. & delany, D.J. "1977" The Counseling Process "2 nd ed" Chicago: Rand McNally. Fox, R.E, Kovacs, A.L & Graham, S.R "1985" Proposals for a revolution in the preparation and regulation of Professional Psychologists. American Psychologist 40,9,1042-1050. George, R.L. & Cristiani, T.S "1981" Theory, methods and Processes of Counseling and Psychotherapy. Englewood Cliffs New Jersey: Prentice-Hall. Good, C.V. "Ed" "1942" Dictionary of Education. New York: McGraw -Hill.

Gustad, J.W "1953" The definition of counseling. In R.F. Berdi "Ed" Roles and Relationships in counseling. Minneapolis: University of Minnesota Press. Hansen, J.C, Stevic, R.R , & Warner, W. "1977" Counseling: Theory and Process. Boston: Allyn & Bacon. Krumboltz, J.D "1965" Behavioral Counseling: Rationale and Research: Personnel and Guidance Journal 44,383-387. Okun, B.F. "1976" Effective helping: Interviewing and Counseling techniques. North Scituate, MA: Duxbury. Patterson, C.H. "1986" Theories of counseling and Psychotherapy "4th ed" New York: Harper & Row. Pepinsky, H. B. & Pepinsky, P. "1954" Counceling: Theory and Practice. New York: Ronald Press. Pietrofesa, J. J., Splete, H.H., Hoffman, A. & Pinto, D.V "1978" Counseling: Theory research and practice. Chicago: Rand McNally. Rogers,;C.R "1951" Client Centered Therapy. Boston: Houghton Mifflin. Rogers, C. R "1959" A theory of therapy: Personality and interpersonal relationships, as developed in the client-antered Framework. In S. Koch "Ed" Psychology: A Study of Science. Vol 3. New York: McGrawhill. Rotter, J. B "1971" Clinical Psychology "2nd ed" Englewood cHffs. N. J: Prentice-Hall. Stewart, N. R., Winborn, B. B., Johnson, R. G. Burks, H. M. & Engelkes, J. R. "1978" Systematic Counseling. Englewood Cliffs. N. J. Prentice- Hall. Sue, D., Sue, D., & Sue, S. "1990" Understanding abnormal behavior "3 rd ed" Boston: Houghton Mifflin. Tolbert, L. E. "1959" Introduction to Counseling New York: McGraw-Hill. Tyler, L. E "1969" The Work of the Counselor "3rd ed" New York: Appleton-Century Crafts. Wollerg, L. R. "1988" The technique of Psychotherapy. "4th ed" Philadelphia, P. A: Grune & Stratton. Wrenn, C. G " 1951" Student Personnel Work in College. New York: Ronald Press.

الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته

الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته مدخل ... الفصل الثاني: المرشد خصائصه ومهاراته يمكن أن ننظر للإرشاد على أنه موقف تفاعلي بين مرشد متخصص يمكنه أن يتعرف على القضايا، أو المشكلات التي يعرضها المسترشد "الطرف الثاني من التفاعل"، ويعمل على حلها. وبذلك فإن التفاعل الذي يتم في الإرشاد يشتمل على أربعة جوانب: الأول: شخص ما يبحث عن المساعدة "المسترشد". الثاني: شخص ما يرغب في تقديم المساعدة "المرشد". الثالث: هذا المرشد مدرب وقادر على تقديم المساعدة "الإرشاد". الرابع: وذلك في موقف يسمح بإعطاء، وتلقي المساعدة. إن الشخص الذي يقدم المساعدة Helping في موقف الإرشاد، وهو المرشد، ينبغي أن تتوافر فيه مجموعة من الخصائص الشخصية التي تساعده في عمله، وكذلك مجموعة من المهارات التي يبنى عليها هذا العمل.

خصائص المرشد

خصائص المرشد أولاً: العلم ... خصائص المرشد: تتعدد المواصفات التي يضعها المتخصصون في الإرشاد فيمن يقومون بهذا العمل بتعدد المدارس، والنظريات التي يبنون عليها نماذجهم الإرشادية، ولا شك أن بعض الخصائص التي يقررها المتخصصون تصلح للاسترشاد بها عبر الزمان، والمكان في تحديد خصائص المرشدين والمعالجين، ومن يماثلهم من أخصائيين اجتماعيين، وأطباء نفسيين بل وفي كل من يتصدى لمعاونة إنسان في أي موقع لتخطي عقبة، أو حل مشكلة أو مواجهة أزمة شديدة. والمرشد "أو المعالج" ينبغي أن يتصف بعدة خصائص أساسية ليمارس العمل الإرشادي، كما يحتاج بصفة دائمة أن يمحص نفسه من وقت لآخر ليطمئن إلى أن هذه الخصائص لا تزال قوية عنده، وأن يبحث في تقويتها بصفة دائمة. أولا: العلم الإرشاد كما قلنا على تخصصي يقوم به شخص قادر على تقديم العون لشخص آخر بحاجة إلى هذا العون -فالمرشد وهو الذي يقدم العون هو متخصص Professional مدرب على العمل الإرشادي على الأقل في مستوى الدرجة الجامعية الأولى "البكالوريوس أو الليسانس"، وهو يبني عمله الإرشادي على أساس من مجموعة كبيرة من النظريات يتلقاها أثناء إعداده العلمي -فهو يعمل مع إنسان الأمر الذي يستوجب أن يكون على دراية بطبيعة هذا الإنسان، ونموه وارتقائه وخصائصه، وسلوكه كفرد مع ذاته، وكفرد وسط جماعة ووسط مجتمع؛ ولأنه يعمل مع إنسان له ظروف، أو مشكلات خاصة تجعله ينشد العون عند هذا المتخصص المرشد، فإنه يحتاج أن يعرف كيف تحدث هذه المشكلات، وكيف تطرأ التغيرات في السلوك مما يدعو إلى التعرف على ما يمكن أن يحدث من اضطرابات نفسية، وسلوكية- ثم إنه بحاجة إلى أن يواجه هذه الاضطرابات، وهذه المشكلات من خلال عملية تعليم للمسترشد في إطار العلاقة الإرشادية، ويمكن اعتبار المقررات التالية أساسية للعمل الإرشادي. 1- أساسيات علم النفس. 2- علم نفس النمو. 3- علم نفس الشخصية. 4- علم نفس النمو. 5- أسس القياس النفسي.

6- علم نفس الشواذ. 7- المشكلات السلوكية. 8- أساليب التشخيص: المقابلة والملاحظة. 9- أساليب التشخيص: الاختبارات النفسية "الذكاء". 10- أساليب التشخيص: الاختبارات النفسية "الشخصية". 11- نظريات الإرشاد والعلاج النفسي. 12- العملية الإرشادية والعلاجية. 13- طرق الإرشاد والعلاج. 14- العلاج السلوكي. 15- الإرشاد والعلاج الجمعي. 16- الإرشاد المهني. 17- دراسة الحالة. 18- مناهج البحث. 19- الإحصاء.

ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية

ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية العمل الإرشادي ينتمي كما سبق القول إلى مجموعة تخصصات، أو مهن تعرف بمهن المساعدة "المعاونة" Helpin Professions، وهذه المهن تتطلب من القائم بها أن يضع شخصه داخل هذا العمل، وأن يكون مستعدا للعطاء دون ملل، وتحمل العمل دون ضجر، ودون يأس -وهو لذلك يحتاج أن تتوفر فيه مجموعة صفات، أو خصائص شخصية تجعل من عمله بجانب اصطباغة بالأسس العلمية ذا طبيعة فنية خاصة يشعر بها المرشد، وهو يؤديها ويشعر بها المسترشد الذي يقدم العمل من أجله، وفيما يلي بعض الخصائص التي يرى المؤلف ضرورة توفرها في المرشد. 1- الأمانة: والأمانة كلمة بسيطة ولكنها ذات معنى واسع، والأمانة مشتقة من الأمن، ومادة الأمن تعبر عن الطمأنينة، والأمانة صفة هامة أساسية ينبغي أن تتوافر في المرشد. إن المسترشد حين يأتي إلى موقف الإرشاد فإنه يأتي ومعه مشكلة، وهذه المشكلة جاءت من مسببات، ومن ظروف أكثرها يكون في عائلة المسترشد أو أسرته, وقليل منها يكون في البيئة التي يتحرك فيها، وفي جميع هذه الأحوال، فإن هناك معلومات سيحتاجها المرشد حول المشكلة، والظروف التي أنشأتها أو التي تساعد على استمرارها، وهذه المعلومات بعضها قد يمثل جانبا حساسا من حياة الناس لا يحبون أن يطلع عليه أحد، ومن هنا نجد المسترشد في الجلسات الأولى من الإرشاد، وقد حجب كثيرًا من المعلومات العامة خوفا من أن يعرفها آخرون، أو أن تصبح موطن حرج له، فإذا ما عرف ما يشترط في الإرشاد من أمانة تقتضي صون المسترشد، وصون أسراره فإن الثقة في المرشد تنمو لدى المسترشد، ويبدأ في تقديم المعلومات التي يحتاجها المرشد ليساعده. إن الأمانة تقتضي من المرشد أن يحافظ على المسترشد، وأن يصونه بكل ما يستطيع، ومعنى هذا أن يصون دينه وعقله، وسلامته "نفسه" وماله وعرضه، وهي الضرورات التي تحددها الشريعة الإسلامية. والأمانة تقتضي من المرشد أن يصون الجماعة المسلمة، والمجتمع المسلم بكل ما أوتي من قوة، وهو بذلك يلتزم بوقاية مسترشديه بكل ما يمكنه، ووقاية المجتمع من أي داء يتسلل إليه. والأمانة تقتضي من المرشد أن يصون أسرار المسترشد إلا عندما يتحقق أن الاستمرار في ذلك تنشأ عنه مضرة، أو مفسدة للمسترشد نفسه أو لآخرين، أو للمجتمع ككل. والأمانة تقتضي أن نقدم للمسترشد المعلومات الدقيقة الصادقة لكل المواقف التي يحتاج فيها إلى هذه المعلومات لتصحيح موقف، أو تخطي عقبة أو حل مشكلة، وأن نسعى للحصول على هذه المعلومات من مصادرها الصحيحة.

والأمانة تقتضي أن يبتعد المرشد عن مجاملة الآخرين على حساب المسترشد، وأن يتدخل لحمايته بكل ما يستطيع من أي استغلال، أو ضرر يلحق به عن طريق اللجوء إلى جهات الاختصاص. إن الأمانة صفة أخلاقية أساسية يحتاج إليها المرشد في كل حياته، ويحتاج أن يستفيد منها في عمله الإرشادي، وهي صفة يمتدحها القرآن الكريم: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 1-8] . كذلك فإن الأمانة تقتضي من المرشد أن يخلص في عمله، وأن يسعى إلى إتقانه بكل ما يستطيع، ويعني هذا أن المرشد لا يدخر جهدا في مساعدة مجموعة المسترشدين "مثل الطلاب" الذي يعمل معهم بدءا بالمستوى الإنمائي، ثم المستوى الوقائي فالمستوى العلاجي، والإخلاص وإتقان العمل سمات أساسية من سمات المؤمنين، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه". والإتقان يعني الجودة، ويعني التمام، ويعني عدم التكاسل أو اتباع الطرق السهلة دون النظر إلى مصلحة المسترشد. إن الإتقان يأتي عندما يشعر المرشد أنه قد بذل كل ما في وسعه على أحسن وجه، أو بمعنى آخر يشعر أنه يؤدي الأمانة التي اؤتمن عليها، وهي مصلحة المسترشد. 2- التطابق "الأصالة": التطابق يعني أن يكون الإنسان أمينًا مع نفسه ظاهره كباطنه، وسره كعلانيته، وأن يكون عمله مصدقا لقوله ... والتطابق صفة لازمة للصحة النفسية، وهي أيضا صفة لازمة للمرشد في عمله، فالمرشد كما قلنا من قبل يدير موقفا تعليميا فيه المسترشد، ومجموعة المسترشدين وهم

طلاب المدرسة يتعلمون منه وعنه، وهم ينظرون إلى عمله بقدر ما يصغون إلى كلامه. إنهم يرونه وهو يتحرك في المدرسة، ويضاهئون بين ما يقوله وما يفعله، فإذا كان المرشد أصيلا صادقا أمينا فإنه سيكون متطابقا، وهنا تزداد ثقة المسترشدين فيه، بل ويكون هو نفسه كشخص متحرك في المدرسة نموذجا يحتذي به الطلاب، أما إذا كانت أقواله في واد، وأعماله في واد آخر، فإنه سيكون في نظر المسترشدين شخصا زائفا يقول ما لا يفعل، ويفعل غير ما يقول، وتلك خصلة ذمها القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] . {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44] . وقديما قال الشاعر العربي: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم ولقد نرى بعض المرشدين يتبنى في عمله إعداد برنامج إرشادي ضد التدخين، أو ضد عادات أخرى، ثم يفاجأ طلابه برؤيته، وهو يدخن. إن هذا الموقف سيؤدي بغير شك إلى صراع لديهم، وفقدان للثقة في هذا المرشد. 3- الكفاءة الذهنية: يتطلب الإرشاد من المرشد أن تكون لديه قاعدة معرفية مناسبة، وواسعة في مجالات متنوعة، فالمرشد بحاجة إلى أن يكون لديه معلومات غزيرة، وإلى أن يكون أيضا راغبا في التعلم، وأن يكون لديه من التطلع ما يدفعه إلى تمحيص الأشياء، وإلى معرفة ماذا يجري للمسترشد، وتشتمل المقدرة الذهنية أيضا على القدرة على البحث عن المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المناسبة حول اختيار الطرق المناسبة للعلاج. والمرشد بحاجة إلى أن تكون لديه معلومات عن الإنسان، وعن نموه وعن تطور شخصيته، وعن الاضطرابات النفسية، والصحة النفسية وعن أساسيات الإرشاد، وأساليبه كما

يحتاج أن تكون لديه معلومات مناسبة عن التعليم ونظامه، وإدارته وعن التدريس وطرقه وعن التربية الإسلامية، وأصولها وعن التقويم والقياس، وكيفية التعرف على الاستعدادات والقدرات، والميول والاتجاهات والشخصية، وهو كذلك بحاجة لمعلومات غزيرة حول أساسيات الدين الإسلامي من ثقافة إسلامية وتوحيد وفقه، وهو بالإضافة إلى ذلك بحاجة إلى معلومات عن المجتمع، وعن البيئة المحيطة بالمدرسة، وعن السياسة التعليمية والفرص التعليمية، والمهنية المتاحة للطلاب، هذا كله بجانب المعلومات العامة عن الصحة، والتغذية والعادات السليمة وغيرها. 4- الطاقة: قد ينظر البعض إلى الإرشاد على أنه عمل محدود بمكتب المرشد، وبالجلوس مع المسترشد وجها لوجه، ومن ثم فهو يحتاج إلى قدر بسيط من الطاقة، ولكن الواقع على العكس من ذلك، فالمرشد ينبغي أن تكون لديه طاقة عالية في الجوانب البدنية، والجوانب الانفعالية أيضا، والمرشد الطلابي الناجح لا يقبع وراء مكتبه انتظارًا لمن يحال إليه من طلاب يحيلهم المدرسون، أو مدير المدرسة وإنما هو يدرك تماما أن له دورين أساسين يسبقان هذا الدور العلاجي الذي يقوم به في المكتب، وهذان الدوران هما الجانب الإنمائي، والجانب الوقائي، وكل منهما "بالإضافة إلى الدور العلاجي" بحاجة إلى طاقة عالية تجعله يتحرك وينظر، ويسمع ويدقق ويحلل ويجمع المعلومات، وينظمها وينفذها، وهو يبذل طاقة في عمله مع المسترشد طالما أنه يسعى إلى أن يكون عمله متسما بالدينامية، فهو يصغي ويتكلم، ويجمع المعلومات ويحللها، ويتصل بالمدرسين وبالمدير وبالأسرة إن أمكن، وبكل المصادر الموجودةة في البيئة، ولا شك أن المرشد الناجح سيشعر مع نهاية يومه أنه بذل جهدا كبيرا، بل إن هذا الشعور قد يواتيه قبل أن يختم يومه الوظيفي، ومن هنا نقول: إن المرشد ينبغي أن تكون لديه طاقة عالية ليعمل بكفاءة، وليجعل المسترشدين نشطين خلال الجلسات الإرشادية. 5- المرونة: المرشد الكفء هو المرشد الذي يتمتع أيضا بالمرونة، فلا يكون جامدا في عمله، إن المرشد يتعامل مع أفراد بينهم عديد من الفروق ومع مشكلات متنوعة، ولن ينجح

المرشد إذا قصر عمله على أسلوب واحد، أو طريقة واحد يطبقها مع جميع المسترشدين ومع كافة المشكلات؛ لأنه في هذه الحالة سيحاول دفع المسترشدين ليتلاءموا مع النموذج "الوحيد" الذي يسير عليه، أو يختار الحالات التي تناسب هذا النموذج ويدع ما سواها، أما إذا تمتع المرشد بالمرونة، فإنه سيحاول البحث عن الأساليب، والطرق التي تناسب المسترشدين، ومشكلاتهم كل واحد منهم على حدة. 6- المساندة والتراحم: يجب أن يكون المرشد الناجح قادرا على مساندة المسترشدين، والمساندة لها عدد من الوظائف في العلاقة الإرشادية، فهي تشتمل على زرع الأمل، وتقليل قلق المسترشد، وتزويده بالأمن الانفعالي "برامر وشوستروم 1982 Brammer & Shontrom". ولا تعني مساندة المرشد للمسترشد أن يدفعه إلى الاعتماد عليه، أو أن يعني ذلك سحب المسئولية من المسترشد، وفي رأي رجوز "1951" Rogers أن المسترشد يعيش العلاقة الإرشادية على أنها مساندة، ولكنه في نفس الوقت لا يشعر أن هذه العلاقة معاضدة بمعنى أنها تؤيده في سلوكه، وإنما يشعر أن هناك شخصا "المرشد" يفهمه، ويحترمه ويتطلع إلى أن يراه يتخذ وجهة مناسبة في الحياة. ويعني هذا أن المرشد بقدر ما يزرع من المسترشد في أمل، وما يساعده على تحقيق الطمأنينة الانفعالية ويقلل قلقه، فإنه لا يمضي في تأييده إلى الحد الذي يجعل المسترشد يشعر أن هذا المرشد يؤيده. وهناك من المواقف التي يعمل فيها المرشد من منطلق المساندة أساسا، وهي المواقف التي تعرف بمواقف الأزمات Crises مثل الكوارث، والصدمات والأحداث الشديدة، والمفاجئة بصفة خاصة، فهذه المواقف تشهد انهيارا كبيرا في طاقة المسترشد، وفي قدرته على مواجهة الضغوط، ومن هنا نحتاج إلى تقديم المساندة للمسترشد من كل مصدر نستطيعه ليتمكن من النهوض من جديد، ولكن أيضا في هذه الحالة تكون المساندة لفترة محدودة حتى لا يصبح سلوك التواكل سلوكا معززا في المسترشد.

إن مساندة المرشد للمسترشد واجب أساسي ينبع من مبادئ الدين الإسلامية، فالمؤمنون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم، وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، "متفق عليه". 7- القدرة على التأثير: إن المرشد بالنسبة للمسترشد هو بمثابة المعلم، وهدفه الأساسي في العملية الإرشادية "التعليمية" مساعدة هذا المسترشد على التغيير، والوصول إلى مستوى أفضل في حياته، ولهذا فإن المرشد ينبغي أن تتوافر فيه المقدرة على التأثير، وعلى توجيه العمل الإرشادي داخل جلسات الإرشاد وخارجها، بمعنى آخر أن يكون لديه القدرة على توجيه مسار العملية الإرشادية في الاتجاه الصحيح الذي به يتحقق هدف، أو أهداف الإرشاد. ورغم أن الإرشاد قائم على مبدأ الاختيار، والحرية للمسترشد في اتخاذ قراراته، إلا أن المرشد لكي يساعد المسترشد على تحقيق هذه الحرية، واستخدامها الاستخدام الصحيح يحتاج إلى أن يكون قويا في عمله الإرشادية، والمعنى الذي نقصده بالقوة هنا هو عدم التردد أو السلبية، أو التشكك في القدرة الذاتية على مساعدة المسترشد، وفي نفس الوقت فإن الخوف من فقدان التأثير، والضبط بالنسبة للمسترشد قد يدفع المرشد إلى أن أن يتخذ أساليب دفاعية، كأن يكون مقاوما لآراء المسترشد، أو أن يستخدم الغضب كوسيلة أساسية لضمان سيطرته على موقف الإرشاد، أو أن يكون جامدا يلغي المرونة حتى لا يهتم بالتردد. إن المرشد الناجح هو الذي يستطيع أن يضبط موقف المقابلة، ويسيرها في الوجهة الصحيحة، وألا ينشئ أي صراعات بينه، وبين المسترشد وألا يستخدم أساليب لا تتفق مع مبادئ الإرشاد مثل فرض الرأي، أو التشبث به أو الغضب. 10- الرفق: الرفق من الخصائص الهامة التي يتصف بها المرشد الناجح، والرفق صفة يحض

عليها الإسلام كل مسلم، وهي ألزم حين يكون المرء في موقع يعمل فيه مع آخرين ليساعدهم على تغيير بعض جوانب حياتهم -والرفق يعني عدم، الغلظة وعدم العنف مع المسترشد، وليس معنى هذا الموافقة على سلوك المسترشد، أو الخضوع لأفكاره وتصرفاته، وإنما معناه أن يقود المرشد العملية الإرشادية في سلاسة، وتراحم يمكنان المسترشد من أن يدرك أن هذا المرشد يسعى لمصلحته ويود له الخير، وليس مجرد شخص متسلط نقاد ينظر في عيوب المسترشد، إن الرفق يعني التقبل، ويعني تكريم الإنسان، ويعني تفهم ظروف هذا الإنسان، ويعني أيضا السعي لتحقيق مصالحه. لقد امتدح المولى سبحانه وتعالى سمة الرفق في رسوله الكريم. {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] . {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] . وفي امتداح الرفق يقول الرسول عليه الصلاة والسلام، فيما روته عنه السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه". "إن الله يحب الرفق، وإنه يعطي على الرفق ما لا يعطي على سواه". والرفق يساعد المرشد على تقبل المسترشد، وأن يستقبله في بشاشة وأن يقربه منه، كما يساعده على أن يستمع إلى مشكلته، وأن يتفهم هذه المشكلة من حيث موقع المسترشد نفسه في مرحلة نموه، وبيئته وما يحيط به من ظروف اجتماعية واقتصادية، والرفق يجعل المسترشد يدرك أن هذا المرشد يسعى لمصلحته، ويعمل من أجله ويشعر بمشاعره، الرفق إذن يزيل حواجز التواصل الجيد بين المرشد، والمسترشد مما يقوي العلاقة الإرشادية -ونعرض فيما يلي موقفا إرشاديا عظيما مما ورد في السنة النبوية المطهرة. روى أبو أمامة: "إن غلاما شابا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله -تأذن لي في الزنا، فصاح الناس به، فقال النبي -صلى الله

عليه وسلم: "أدن"، فدنا حتى جلس بين يديه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "أتحبه لأمك"؟ فقال: لا جعلني الله فداك، قال عليه الصلاة والسلام: "كذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك"؟ قال: لا جعلني الله فداك، قال: "كذلك الناس لا يحبونه لبناتهم أتحبه لأختك"؟ قال: لا جعلني الله فداك. فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على صدره، وقال: "اللهم طهر قلبه: واغفر ذنبه وحصن فرجه"، فلم يكن شيء أبغض إليه منه "يعني الزنا"". رواه أحمد. هكذا نرى المعلم الأعظم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد رفق بهذا الشاب في القول وأدناه منه، وخاطبه موضحا له الصورة التي يمكن أن يكون عليها، فيما رغب في فعله من محرم، ثم وضع يده الشريفة على صدره ودعا له، وهذا يمثل أسمى صور الرفق فعلًا وقولًا. 8- الإخلاص: يجب أن يتصف المرشد بالإخلاص في العمل، ومن يتأمل العمل الإرشادي يجد أنه عمل دءوس، وشاق في بعض جوانبه يحتاج إلى صبر طويل، وعندما نصل إلى نهايته العمل مع المسترشد نحس براحة عميقة وارتياح، ولكن عندما يأتي غيرنا ليقيس مقدار ما بذلناه من جهد، فقد يصبح ذلك صعبا، فنحن لا نصنع بعض المنتجات لنعدها، ونحن لا نجري اختبارات في نهاية العام لنستخرج عدد الناجحين ونسبة النجاح، ومن هنا فإن المرشد الذي لا يتصف بالإخلاص قد ينتابه الفتور، ويحاول أن يقوم بالمهام الظاهرة القريبة من نظر رؤسائه، أو يختار أن يعمل مع الحالات ذات المشكلات البسيطة مبتعدا عن الحالات الصعبة. والإخلاص في عمل المرشد يقتضي منه أن يقبل على عمله برغبة، ورضا وحب في أن يساعد الآخرين، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يراقب عمله، وأنه كلما ساعد إنسانا، وخفف عنه ما يعاني منه من آلام نفسية، أو ما يواجهه من مشكلات أيا كان نوعها، فإنه إنما يعمل ذلك برضا، وعن طيب نفس متخليا عن رغباته، وطموحاته الشخصية دون أن

ينتظر الجزاء من الموقف الذي يعمل فيه سوى أجره الذي يأخذه عن العمل، وإنما ما وراء ذلك من جزاء إنما ينتظره من الله سبحانه وتعالى. وقد ضرب القرآن لنا أمثلة كثيرة في العمل المخلص، فيقول: {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 18-21] . ويقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه في حديث له: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كان هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"، "رواه البخاري ومسلم". إن الإخلاص يدفع المرء إلى بذل أقصى ما فى وسعه من جهد وطاقة، والسعي إلى كل ما يمكن أن يصل إليه من معرفة، أو مهارة ليحقق الهدف الذي يسعى إليه في عمله. والمرشد المخلص، هو المرشد الذي أخلص النية في مساعدة المسترشد بكل ما أوتى من علم، وخبرة ليتحرر من مشكلاته، وليختار المسارات المناسبة له، وهو لا يألو جهدا في أن يحصل على المعلومات الدقيقة والمناسبة، وأن يزود المسترشد بكل ما هو مناسب من المعلومات والدقيق منها، وهو لا ينتظر أن تبرز المشكلات إلى ساحة المدرسة، وأن تصيب في شراسة عددا من الطلاب ليبدأ الحركة ويبرز الهمة، وإنما هو سباق دون ظهور، ودون غرور إلى ترقب المشكلات، ووقفها قبل وصولها إلى ساحة عمله، وهو يعد العدد المناسبة لها من وقاية أولية وثانوية، وهو في سبيل تحقيق أهداف هذا العمل الذي يقوم به لا يهمه الظهور بنفسه ولا وجوده في المقدمة، ولا نسبة النجاح إليه، ولا الجزاء المعجل له، ولا أن يوضع اسمه في لوحة الشرف، وإنما هو في عمله يبتغي وجه الله، وتحقيق صالح المسترشدين ودفع المفاسد، ودرئها قبل وقوعها. والمرشد المخلص يسعى إلى زيادة معرفته وإلى صقل مهارته، إنه دءوب على الاطلاع على كل جديد في المصادر العلمية المتصلة بعمله، ومنها الاطلاع على المجلات

العلمية التي تنشر البحوث وعلى المؤلفات الجديدة، وهو حريص على حضور المؤتمرات واللقاءات، والندوات العلمية التي تتصل بمجال عمله، وهو عندما يقف به علمه، أو خبرته يستشير أهل العلم والخبرة، أو يحيل إليهم من يحتاج إلى خبرتهم من مسترشديه دون إحساس بالحرج ودون مكابرة. والمرشد المخلص يجعل من بين أهدافه أن يرفع مستوى المهنة التي ينتمي إليها، وأن يعمل ما وسعه الجهد أن تظل هذه المهنة نظيفة طاهرة، وأن يشارك في تقويم من يخرج فيها على الخلق القويم. إن الإخلاص في العمل يزود المرشد بطاقة لا حدود لها، تهون معها كل الخطوب، وتتهاوى معها كل العقبات، وتقوى معها الإرادة، ويشعر المرء أنه في ساخن نضال من أجل قيمة عالية يسعى لتثبيتها، وما أجلها من قيمة بالنسبة للمرشد أن يعاون إنسانا في تخطي عقبة، أو زوال خوف أو اختيار طريق كريم في الحياة. 9- الوعي بالذات: إن المرشد في عمله الإرشادي يدخل في علاقة تفاعلية مع شخص آخر هو المسترشد؛ ولأن كل من المرشد والمسترشد تربطهما علاقة أساسية هي كونهما بشرا، فإن لكل واحد منهما حاجاته؛ ولأن المرشد يقف في موقف العطاء، وهو يمد يد العون ليساعد المسترشد الذي يقف موقف الأخذ، وموقف الحاجة إلى خبرة المرشد وجهوده، فإن المرشد يجب أن يكون واعيا بذاته، وبأفكاره وبقيمه وبمشاعره، وباتجاهاته وبحاجاته الشخصية، حتى لا يسير بالموقف الإرشادي والعملية الإرشادية في طريق يشبع فيها حاجاته الشخصية، والتي قد تتعارض مع حاجات المسترشد، ومن هنا يجب أن يكون المرشد قادرًا على التعرف على نفسه، والاتصال بها ومراجعة أفكاره ومشاعره، وسلوكياته الشخصية ليعمل على تصحيحها أولا بأول. قد يكون المرشد مر بخبرة سابقة، فيتراءى له في الموقف الإرشادي ذلك الموقف، ويحاول أن يسير بالعملية الإرشادية بما يوافق انطباعاته عن تلك الخبرة. والمرشد في موقف الإرشاد يجب ألا يسارع إلى إصدار الأحكام التقويمية حتى لا يؤدي إلى نفور

المسترشد، بل يمكن للمرشد الماهر أن يجعل المسترشد يصل إلى الحكم الصحيح على سلوكه، ومتى أصبح المسترشد واعيا بهذا السلوك، وبمواطن الضعف أو الانحراف فيه، فإنه يكون بذلك قد وضع قدميه على أولى خطوات المسئولية. إن المرشد الواعي بذاته يستطيع أن يتعرف على مواطن السلبية في أفكاره، وفي مشاعره وفي اتجاهاته، وأن يدرك في الموقف الإرشادي ما إذا كانت تصرفاته قد صبغت بهذه الجوانب السلبية. وقد يكون لدى المرشد صورة سالبة عن ذاته، وقد يدفعه ذلك إلى أن يتجنب تلك التفاعلات التي تؤكد هذه الصورة السالبة، وبذلك يكون المرشد قد فقد الثقة في نفسه، وقد تصل هذه الصورة إلى المسترشد، فيفقد ثقته في المرشد، وهي نتيجة لا يحبها المرشد لنفسه، ولا يحبها أحد له. كذلك فإن المرشد الواعي بذاته يعرف جيدًا مواطن القوة، ومواطن القصور "أو النقط العمياء" لديه، وهو يهتم بنموه الشخصي بنفس القدر الذي يهتم به بمعرفة أي الطرق الإرشادية تناسب هذا المسترشد أو ذاك. 10- صفات أخرى: بجانب الصفات التي ذكرناها آنفًا، فإن المرشد بحاجة إلى أن يتصف بمجموعة أخرى من الصفات منها: الصبر -الحلم وضبط النفس- الرحمة -الجرأة- الحياء -معرفة قيمة الوقت والقدرة على التنظيم، وتحمل المسئولية. والصبر فضيلة يتحلى بها المسلم بصفة عامة، وقد امتدحها القرآن الكريم في عدة مواضع؛ ولأن الصبر كأسلوب في الحياة قد يصبح طريقة إرشادية لبعض الحالات، فإن المرشد نفسه يحتاج إلى أن يكون متمتعا بهذه الفضيلة ليمكنه أن يغرسها في المسترشدين عندما تدعو الحاجة لذلك. أما الحلم وضبط النفس فهما سلاحان مضادان للغضب يلتزمهما الإنسان ليتجنب الآثار السيئة المترتبة على الغضب، ويرتبط بهاتين الخصلتين خصلة ثالثة هي العفو

والتسامح، وهذه جميعا صفات لازمة للمرشد، فالمرشد يتعامل مع بشر تختلف طباعهم، ومنهم من يسارع في الانفعال؛ ولأن كثيرًا من مشكلات المراهقين تنتج عن تصرفات من الكبار بدءًا من الآباء -أو عن اعتقادهم "في بعض الأحيان عن خطأ" أن آباءهم، أو معلميهم هم مصدر متاعبهم، فإن هذا الاعتقاد قد ينعكس على المرشد في موقف الإرشاد حيث يثور المسترشد، وينفعل أو حين يقاوم المرشد ويعانده، وهنا لا بد للمرشد من الصبر والحلم، وضبط النفس والتسامح حتى لا يفقد المسترشد ثقته فيه، وحتى يدرك عن قناعة أن هذا المرشد شخص يختلف عن الآخرين الذين فقد ثقته فيهم، وأنه يعمل لمصلحته فتوقى الألفة بينهما، وتزداد ثقة المسترشد في المرشد، وليتذكر المرشد قول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] . وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءه أعرابي، فقال له: يا رسول الله عظني، فقال له -صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب" فكرر مرارا قال: "لا تغضب"، "رواه البخاري". أما الرحمة فهي فضيلة خلقية وهي دأب كل مرشد، والرحمة تجعل الإنسان يشعر بما يشعر به الآخرون، وأن يشعر من ليس لديه هم، ولا ضرر بأولئك الذين تعتريهم الهموم أو يمسهم الضر، والمرشد الذي يقف في موقف فيه إنسان مرتبك، أو خائف أو متألم، أو مكلوم إنما يحتاج إلى الرحمة تسبق طريقه لتجعل جزءًا من مشاعره على الأقل يتحرر، فيشعر بهذا الإنسان: حيرته، وخوفه، وألمه، ومصيبته، وهنا يبدأ الإنسان في التعامل مع الإنسان، وليذكر المرشد دائما أن "الراحمون يرحمهم الرحمن". {ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: 17] . وأما الجرأة فيقصد بها الإقدام والشجاعة، وهذه صفات مطلوبة للمرشد الذي يتناول مشكلات البشر، ويبحث في حلولها فهو بحاجة للجرأة في عمله داخل الجلسة الإرشادية ليواجه المسترشد في بعض الأحيان بعيوبه، وما صدر عنه من أخطاء، والجرأة مع

نفسه حين يحاسبها ويلامس ذاته، ويعرف حقيقة دوافعه، فيمكنه أن يصحح ما وقع فيه من أخطاء، وقد يقتضيه ذلك في بعض الأحيان أن يعتذر عن إتمام العمل الإرشادي، ويحيل المسترشد إلى مرشد آخر، ولسنا نتصور أن يتصدى للعمل الإرشادي شخص خجول يتوارى عن التعامل مع الناس، فصفة الخجل صفة لا تتسق على الإطلاق مع العمل الإرشادي، غير أنه من الضروري أن ننبه أنه في بداية عمل المرشد قد يستشعر الرهبة في موقف الإرشاد، وقد يرتبك بعض الشيء، وخاصة في مرحلة التدريب، إلا أنه مع مرور الوقت ومع معايشة النجاح جلسة وراء الأخرى، تزول هذه الرهبة ويكتسب المرشد ثقة كبيرة في نفسه وفي أدائه، أما إذا كان الخجل صفة لازمة للمرشد، فإنه قد يتعرض لمواقف صعبة كثيرة، وسيكون من الصعب عليه إدارة عملية الإرشاد على النحو السليم، أو مواجهة المسترشد حين تدعو الحاجة لذلك. وبالنسبة للحياء فهو صفة إيجابية تحتاج إليها في العمل الإرشادي، فالحياء هو ذلك الميزان الحساس الذي يستخدمه المرشد ليعرف ما يتمشى مع الشرع، وما يتمشى مع الأخلاق، وما يتمشى مع الذوق ومع الفطرة السليمة، الحياء يختلف عن الخجل، فالخجل تعتري المرء فيه مشاعر بالدونية، وخوف من النقد دون أساس واقعي أما الحياء، فإن المرء يعرض فيه عمله على مستوى رفيع مستقر من شريعة وأخلاق، وميل فطري ليعرف فيه السليم من المعيب، فينحو نحو السليم، وفي حديث الرسول عليه الصلاة والسلام. "والحياء شعبة من شعب الإيمان". عن ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء"، قلنا: إنا نستحيي من الله يا رسول الله -والحمد لله- قال: "ليس ذلك، الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، وآثر الأخرى على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"، "رواه الترمذي". يقول الشيخ محمد الغزالي في تعليقه على خلق الحياء: أما إذا سقطت صبغة الحياء عن الوجه، كما تسقط القشرة الخضراء عن العود

الغض، فقد أذنت الحياة الفاضلة بالضمور، وتهيأ الحطام الباقي أن يكون حطبا للنار ... وذلك الذي يقال له: إذا لم تستح فاصنع ما شئت. "خلق المسلم ص163". والمرشد يحتاج أن يكون لديه القدرة على معرفة قيمة الوقت، والاستفادة به فيما يعود على أمته بالنفع؛ ولأنه يعرف قيمة الوقت فسوف يسعى لتنظيمه وتقسيم المهام عليه، والمرشد بحاجة إلى أن يضبط مواعيده؛ لأن ذلك يؤثر على علاقته بالمسترشدين، وبغيره من العاملين من زملائه، كيف بالمرشد إذا لم يحدد لكل مسترشد موعدا خاصا به، ويلتزم هو أولا بهذا الموعد؟ أليست أولى النتائج أن يسقط المسترشد، والذي قد يكون طالبا عنصر الوقت، وتنظيمه من حسابه في حين أن كثيرا من مشكلات الطلاب المتصلة بالدراسة، والتحصيل بل وكثيرا من صور السلوك، يكون محورها أو مصدرها هو عدم تنظيم الوقت، وعدم معرفة قيمته على النحو الصحيح. إن المرشد الناجح هو الذي ينظم وقته، ويوازن في توزيعه بين الأنشطة المختلفة حسب أهميته، ولا يدع الوقت يمر هباء، أو يحاول تضييعه في أنشطة غير إرشادية كاستضافة زملائه، وقراءة الصحف والتحدث في الهاتف وغيرها، فهذه العادات إذا تمكنت منه فسوف تطغى على عمله، ويصبح من الصعب عليه أن يتخلص منها. إن عملية تنظيم الوقت تتطلب من المرشد أن تكون لديه مفكرة بالمواعيد حتى لا تتداخل مع بعضها البعض، وعليه أن يراعي مواعيده مع المسترشدين أولا؛ لأن إلغاء موعد مع المسترشد يجعله يعايش القلق إلى حين أن يأتي الموعد الجديد، وقد ينتهي الحال إذا تكرر بتغيير المواعيد إلى أن يفقد المسترشد الثقة في المرشد، وتنظيم الوقت والاستفادة به مبدأ إسلامي أصيل، أليست العبادات كلها مرتبطة بالوقت؟ والمرشد الناجح هو الذي يتحمل المسئولية، ويعرف ما له وما عليه، ويعرف الحدود بين حقوقه وحقوق الآخرين، ويعرف حدود عمله، ويتحمل المسئولية عما أوكل إليه من عمل، وهو أيضًا ينقل هذا المبدأ، مبدأ المسئولية إلى المسترشدين كعملية أساسية في تغيير السلوك. إن الصفات والخصائص التي عرضناها هي الخصائص الأساسية التي يستلزم العمل الإرشادي وجودها في المرشد، وبعض هذه الخصائص يمكن أن يعزز من خلال التدريب.

وقد قام المؤلف بدراسة ميدانية بهدف إجراء تحليل لعمل المرشد الطلابي، وذلك في بعض مدارس منطقة الرياض التعليمية بالمملكة العربية السعودية، وكان من بين الأسئلة المطروحة أسئلة تدور حول الصفات الواجب توافرها في المرشد الطلابي، حيث يختار أفراد البحث "عددهم 50" واحد من أربع إجابات هي: الصفة مطلوبة بدرجة قليلة. الصفة مطلوبة بدرجة متوسطة. الصفة مطلوبة بدرجة كبيرة. الصفة مطلوبة بدرجة كبيرة جدا. وقد عرض الباحث 46 صفة، ويوضح جدول رقم "1" تكرارات الإجابات، والنسب المئوية لإجابات أفراد البحث لكل صفة من الصفات1.

_ 1 محمد محروس الشناوي: تحليل مهني لعمل المرشد الطلابي: دراسة في منطقة الرياض. ألقى في: اللقاء الثاني للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية: الرياض 16-18 شعبان 1410هـ. وموضوعها "التوجيه والإرشاد الطلابي".

ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد

ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد يحتاج العمل الإرشادي إلى مجموعة من المهارت التي ينبغي أن تتوافر في المرشد ليقوم بهذا العمل على خير وجه، ويمكن أن نتعرف على المهارات التي يحتاجها المرشد من خلال تتبعنا لمراحل الإرشاد الأساسية، وهي: العلاقة الإرشادية. التعرف على المشكلة وتحديدها. إعداد الأهداف الإرشادية. اختيار طريقة للإرشاد واستخدامها. تقويم النتائج. إقفال الحالة. وسوف نعرض لبعض المهارت المطلوبة لهذه المراحل مرجئين مناقشتها إلى الفصول التي تتناول هذه المراحل: 1- المهارات المطلوبة في العلاقة الإرشادية: التقبل: حيث يتقبل المرشد المسترشد كما هو، وليس معنى التقبل الموافقة على سلوك المسترشد. الاحترام: حيث يحاول المرشد أن يجعل المسترشد يشعر بأنه يحترمه؛ لأنه إنسان، وأنه لا يضع شروطا لاحترامه أو تقديره له. المشاركة: وهنا يحاول المرشد أن يوصل للمسترشد أنه يفهم مشاعره من موقع المسترشد نفسه. الأصالة أو التطابق: حيث يكون المرشد مطابقًا في عمله بين أقواله وأفعاله. وهذه المهارات الخاصة بتكوين العلاقة مأخوذة عن روجرز الذي يرى أن هذه

المهارات كافية لإيجاد علاقة دافئة، وآمنة بين المرشد والمسترشد، تسمح للمسترشد أن يلامس خبراته، ويعيد ضمها إلى ذات جديدة. أما كارخوف "1977"، فإنه يرى أن المرشد ينبغي أن تكون لديه مهارات الحضور -والاستجابة- والإحساس الشخصي بالمشكلة -والمبادأة، وفي النموذج الذي قدمه سترونج "1968" Strong، والذي أضحى معروفا باسم نموذج التأثير الاجتماعي Social Influence حيث يقسم سترونج العملية الإرشادية إلى مرحلتين، نجده يعرض لمجموعة من المهارات، والخصائص التي يحتاجها المرشد في عمله على النحو التالي: المرحلة الأولى: وفيها يؤسس المرشد قاعدة من التأثير "أو النفوذ"، وهو تأثير قانوني يأتي من الدور الذي يقوم به المرشد، ومشروعيته في المجتمع، وتأثير الخبرة الذي يأتي من كفاءة المرشد في عمله الإرشادي، وتأثير شخصي يأتي من الجاذبية، والمودة التي يتعامل بها المرشد مع المسترشد، وكذلك مدى التشابه بين المرشد والمسترشد. المرحلة الثانية: وفيها يحاول المرشد بنشاط أن يستخدم هذا التأثير "قاعدة التأثير"؛ ليؤثر في عملية تغيير الاتجاهات والسلوك في المسترشدين، وفي هذه المرحلة الثانية من المهم أن يدرك المسترشدون المرشد على أنه خبير، جدير بالثقة حيث إن إدراك المسترشد لهذه الخصائص في المرشد هو الذي يحدد، ولو جزئيا على الأقل مقدار التأثير الذي سيمارسه المرشدون على المسترشدين. 2- مهارات مطلوبة لتصور المشكلة "مهارات التشخيص": هذه المرحلة من العملية الإرشادية تأخذ مسميات متنوعة بحسب النموذج النظري الذي يسير عليه المرشد، فقد تعرف بمرحلة التشخيص انطلاقًا من النموذج الطبي، وقد تعرف بمرحلة تحليل السلوك في المدرسة السلوكية، وقد يطلق عليها البعض مرحلة التقويم، أو التقدير Assessment، أو مرحلة التعرف على المشكلة وتحديدها، أو مرحلة بناء نموذج للمشاغل Concerns، وأيا كان مسمى هذه المرحلة، فإن الاهتمام فيها ينصب على جانبين:

الأول: معرفة ما يتشكى منه المسترشد على النحو يعرضه هو نفسه. الثاني: التحديد الدقيق عن طريق جمع المعلومات المناسبة، وتحليلها والوصول إلى قرار حول المشكلة وحدودها. وبالنسبة للجانب الأول، فإن المرشد يحتاج إلى مجموع من المهارات، منها القدرة على الإصغاء، والقدرة على الاستجابة، والقدرة على التواصل مع المسترشد في صور لفظية وغير لفظية، والقدرة على تفسير الجوانب غير اللفظية في سلوك المسترشد، والقدرة على إدارة الحوار في المقابلة، والقدرة على الملاحظة، والقدرة على المواجهة، والقدرة على إدارة فترات الصمت، والقدرة على كسب ثقة المسترشد. أما الجانب الثاني فيشتمل على مهارات صياغة الفروض حول المشكلة، وتحديد البيانات المطلوبة لاختبار هذه الفروض، وجمع هذه البيانات وتحليلها واستخلاص النتائج، وتفسير هذه النتائج والاستفادة منها، ويحتاج جمع البيانات إلى معرفة بمجموعة من الأساليب مثل الملاحظة، مؤتمر الحالة، السجلات، الخبراء الاختبارات النفسية بالإضافة إلى المقابلة. 3- مهارات مطلوبة لوضع الأهداف الإرشادية: وفي المعتاد فإن المسترشد يأتي، وفي ذهنه بعض الأهداف، ولديه بعض التوقعات؛ ولهذا يجب أن يكون لدى المرشد المهارة في التعرف على هذه الأهداف، وتحديد مدى ملاءمتها لعمل المرشد، وللمشكلة التي جاء بها المسترشد، كذلك يجب أن تكون لدى المرشد القدرة على إعداد أهداف عامة، وأهداف نوعية وسلوكية تساعده في النهاية على تقويم عمله الإرشادي حتى يتمكن من تحقيقها واحدا بعد الآخر، ويحتاج العمل الإرشادي في بعض النماذج المقدرة على إعداد أهداف خاصة لكل مسترشد على حدة. 4- مهارات مطلوبه لاختيار طريقة إرشادية: وفي المعتاد أن تكون لدى المرشد خبرة معرفية، وعملية بمجموعة من النماذج النظرية، والطرق المتنوعة المندرجة تحتها، وقد تكون المشكلة الواحدة قابلة للمعالجة باستخدام

أكثر من طريقة، وكما أنه يمكن علاج الخوف باستخدام أسلوب التخلص التدريجي من الحساسية، فإنه يمكن أيضا معالجته باستخدام أسلوب العقاب، ولكن متى نستخدم هذا الأسلوب البسيط، ومتى نستخدم ذلك الأسلوب الشديد "العقاب"؟ الإجابة على هذه التساؤلات هي مهارة خاصة يجب أن تكون لدى المرشد ليختار الطريقة التي يتوقع أن يكون لها أكبر احتمالية للنجاح بمراعاة جوانب مثل السن، التعليم، والبناء الشخصي للمسترشد. كذلك فإن المرشد يحتاج أن تكون لديه مهارة في استخدام الطريقة التي يختارها للاستخدام مع مسترشد معين، حيث إن إخفاقه في استخدام الطريقة ستفقده المسترشد فيه، وهو موقف صعب بالنسبة لأي مرشد، وتتطلب القواعد الأخلاقية للعمل الإرشادي ألا يقدم المرشد على استخدام طرق لا يجيدها؛ لأن ذلك قد يلحق بالمسترشد ضررا كبيرا. 5- مهارات مطلوبة لتقويم النتائج: والتقويم قد يكون مستمرًا أثناء العمل الإرشادي، أو قد يكون عند نهاية الإرشاد، ولكي تتم عملية التقويم نحتاج أن تكون الأهداف واضحة، وأن يكون السلوك الذي جاء به المسترشد "سلوك المشكلة" محددا بشكل واضح، وهو ما يعرف بالقاعدة Base التي نقيس النتائج إليها، ويحتاج التقويم أيضًا إلى مهارات في تحديد البيانات المطلوبة، وإعداد أدوات جمعها، واختيار أساليب تحليلها ثم تفسير هذه النتائج. 6- مهارات إقفال الحالة: يرى كثر من الباحثين أن مرحلة إقفال الحالة، وإنهاء عملية الإرشاد من المراحل الحساسة في العمل الإرشادي، حيث تكون قد تكونت علاقة وثيقة بين المرشد والمسترشد، ولهذا فإن هذه المرحلة تحتاج إلى مهارة خاصة للتدرج بالمسترشد في الوصول إليها، وإعداده لذلك ومراجعة ما تحقق في الإرشاد، والتحقق من أن هناك تعلما قد حدث، وأن أثر هذا التعلم يمكن أن ينقل إلى واقع حياة المسترشد.

مراجع الفصل الثاني

مراجع الفصل الثاني: 1- العربية: الشناوي، محمد محروس تحليل مهني لعمل المرشد الطلابي: دراسة في مدينة الرياض ألقى في اللقاء الرابع للجمعية السعودية للعلوم التربوية، والنفسية الرياض شعبان 1410هـ مارس 1990م. الشناوي، محمد محروس بحوث في التوجيه الإسلامي للإرشاد، والعلاج النفسي القاهرة: الأنجلو المصرية -1993. الشناوي، محمد محروس نظريات الإرشاد والعلاج النفسي القاهرة دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع -1994. الغزالي، محمد، خلق المسلم دمشق -بيروت دار القلم 1400هـ/ 1980م. 2- الأجنبية: Brammcr, L. M. & Shostrom, E. L. "1982" Therapeutic Psychology: Fundamantals of Counseling and Psychotherapy. Englewood Cliffs, N J: Prentice - Hall. Brown, S. O & Lent, R. W. "Edsl 1992" Handbook of Counseling Psycholog. New York: John Wiley & Sons. Carkhuff, R. R & Berenson, B. C. "1977" Beyond Counseling and Therapy "2nd ed" New York: Holt, Rinehart & Winston. Cormier, W. H. & Cormier, L. S: "1985" Interviewing Strategies for helpers "2 nd ed" Monterey, C A. Brooks / Cole. Eisenbcrg, S.& Delany, D. J. "1977" The Counseling Process " 2 nd ed" Chicago: Rand McNally. Rogers, C. R. "1951" Client Centered Therapy, Boston: Hougton Mifflin. Rogers, C. R "1961" On becoming a Person. Boston: Houghton Mifflin. Strong, S. R. "1968" Counseling An Interpersonal influence Process. Journal of Counseling Psychology 15, 215- 224.

الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية

الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية تعريف العلاقة ... الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية 1: Counseting Relationship العلاقة الإرشادية1 هي المحور الأساسي الذي يرتكز عليه العمل الإرشادي، والتي تسمح لكل من المرشد بعلمه، ومهاراته وخصائصه والتزاماته الأخلاقية، والمسترشد بما لديه من مشكلات ومشغوليات، وبما له من طاقات وإمكانيات، وخصائص أن يتفاعلا في صورة بناءة بما يخدم أهداف المسترشد، ويساعده على النمو السليم. تعريف العلاقة: 1- يعرف بيبنسكي وبيبنسكي "1954" Pepinsky & Pepinsky العلاقة بأنها "مفهوم فرضي يدل على الصورة المستنتجة من التفاعل المشاهد بين فردين" "ص171"، ويعني ذلك أن العلاقة هي ما يستدل عليه من يشاهد شخصين في موقف تفاعلي. 2- ويصف شيرتزر وستون "1974" Shertzer & Stone علاقة المساعدة Helping Relationship بأنها: المحاولة، عن طريق التفاعل مع شخص آخر، للإسهام في تيسير طريق إيجابي لتحسنه.. "ص5". 3- ويعرف روجرز "1961" Rogers علاقة المساعدة بأنها: علاقة فيها واحد على الأقل من الأطراف لديه قصد في النهوض بنمو، وتطور ونضج، والأداء الأفضل، والمواجهة الأفضل مع الحياة للطرف الآخر "ص40". 4- ويرى جورج وكريستياني "1981" George & Cristiani أن علاقة المساعدة "هي عملية متفردة، ودينامية من خلالها يساعد فرد فردًا آخر في أن يستخدم إمكانياته الداخلية لينمو في اتجاه إيجابي محققا طاقاته في حياة لها معنى" "ص142".

_ 1 يلاحظ القارئ أن بعض الفصول تشمل على مصطلحات الإرشاد، والمرشد ومشتقاتهما لكن ينبغي أن نؤكد من جديد على أن الإرشاد، والعلاج النفسي صنوان لا يختلفان سوى في الدرجة فقط، وما ينطبق على الإرشاد ينطبق على العلاج، وما ينطبق على المسترشد ينطبق على المريض، وكذلك ما ينطبق على المرشد ينطبق على المعالج.

أهمية العلاقة في الإرشاد: يتسم العمل الإرشادي بوجود الجانب الشخصي والخصوصي فيه، بمعنى أن المسترشد الذي يأتي إلى المرشد بمشكلاته وبمشاعره، فإن المرشد لكي يساعده سيحتاج إلى التعرف على كثير من الجوانب المتصلة بحياته "المسترشد" في الحاضر، وفي بعض الأحيان بالرجوع إلى الماضي، أو بالتطلع إلى المستقبل، ولكي يتم المرشد هذا العمل، فهو يحتاج إلى معلومات، وبعض هذه المعلومات قد يتحرج المسترشد من ذكرها، أو قد يخشى إن هو أدلى بها أن يسمع بها غير المرشد بشكل أو بآخر، ومن هنا فإنه من الضروري أن تكون هناك علاقة جيدة بين المرشد والمسترشد، تجعل هذا المسترشد ينمي الثقة في المرشد يوما بعد يوم وتجعله يستفيد من خبرة المرشد، ويدرك عن يقين أن هذا المرشد يعمل لمصلحته. ويمكن القول أنه ما لم تنشأ علاقة إرشادية صحيحة، فإنه لن ينجح المرشد في جهوده الإرشادية، بل إن بعض المنظرين في مجال الإرشاد مثل كارل روجرز Rarl Rogers يرون أن الإرشاد هو علاقة، بداخلها جهد للمرشد في مساعدة المسترشد، وأن العلاقة إذا استوفت شروطا معينة مثل التقبل، والمشاركة والأصالة من جانب المرشد، وإذا أدرك المسترشد هذه الشروط، أو الخصائص في المرشد إدراكا صحيحا، فإن ثمة تغيرا في بناء الذات، وفي التعامل مع الخبرات سوف يحدث، وأن المسترشد سيحقق ما سعى إليه من الإرشاد. والعلاقة الإرشادية هي الجانب الفني في الإرشاد، والذي عن طريقة تبرز مهارات المرشد وخصائصه، والتي تحدد إلى أي درجة ينجح المرشد في عمله. وفي إطار العلاقة يمكن للمرشد أن يساعده على استظهار مشكلات، والتعبير عن مشاعره، وأن يساعده على الحكم على سلوكه والتعامل مع خبراته، وأن يتعرف على المشكلة ومصادرها، وأن يسهم بإيجابية في حل هذه المشكلة، وأن يتعلم أسلوب حل المشكلات، وكيفية اتخاذ القرارات، وأن يغير سلوكياته، وفيها يسهم المرشد بخبرته ومهاراته، وبذلك فإن العلاقة الإرشادية لازمة عبر مراحل الإرشاد كلها، وهي تبدأ أحيانا بتعريف المسترشد بحدودها "تنظيم العلاقة"1، وتنمو وتتغير خلال عملية الإرشاد، وقد تصادفها عقبات أثناء ذلك، وقد تنتهي إلى القوة، كما قد تئول إلى التدهور، أو تنحرف عن مجراها الصحيح، حيث يصبح لا مناص في بعض الأحيان من إنهاء العمل الإرشادي.

_ 1 Structuring.

أهمية العلاقة في الارشاد

أهمية العلاقة في الإرشاد: يتسم العمل الإرشادي بوجود الجانب الشخصي والخصوصي فيه، بمعنى أن المسترشد الذي يأتي إلى المرشد بمشكلاته وبمشاعره، فإن المرشد لكي يساعده سيحتاج إلى التعرف على كثير من الجوانب المتصلة بحياته "المسترشد" في الحاضر، وفي بعض الأحيان بالرجوع إلى الماضي، أو بالتطلع إلى المستقبل، ولكي يتم المرشد هذا العمل، فهو يحتاج إلى معلومات، وبعض هذه المعلومات قد يتحرج المسترشد من ذكرها، أو قد يخشى إن هو أدلى بها أن يسمع بها غير المرشد بشكل أو بآخر، ومن هنا فإنه من الضروري أن تكون هناك علاقة جيدة بين المرشد والمسترشد، تجعل هذا المسترشد ينمي الثقة في المرشد يوما بعد يوم وتجعله يستفيد من خبرة المرشد، ويدرك عن يقين أن هذا المرشد يعمل لمصلحته. ويمكن القول أنه ما لم تنشأ علاقة إرشادية صحيحة، فإنه لن ينجح المرشد في جهوده الإرشادية، بل إن بعض المنظرين في مجال الإرشاد مثل كارل روجرز Rarl Rogers يرون أن الإرشاد هو علاقة، بداخلها جهد للمرشد في مساعدة المسترشد، وأن العلاقة إذا استوفت شروطا معينة مثل التقبل، والمشاركة والأصالة من جانب المرشد، وإذا أدرك المسترشد هذه الشروط، أو الخصائص في المرشد إدراكا صحيحا، فإن ثمة تغيرا في بناء الذات، وفي التعامل مع الخبرات سوف يحدث، وأن المسترشد سيحقق ما سعى إليه من الإرشاد. والعلاقة الإرشادية هي الجانب الفني في الإرشاد، والذي عن طريقة تبرز مهارات المرشد وخصائصه، والتي تحدد إلى أي درجة ينجح المرشد في عمله. وفي إطار العلاقة يمكن للمرشد أن يساعده على استظهار مشكلات، والتعبير عن مشاعره، وأن يساعده على الحكم على سلوكه والتعامل مع خبراته، وأن يتعرف على المشكلة ومصادرها، وأن يسهم بإيجابية في حل هذه المشكلة، وأن يتعلم أسلوب حل المشكلات، وكيفية اتخاذ القرارات، وأن يغير سلوكياته، وفيها يسهم المرشد بخبرته ومهاراته، وبذلك فإن العلاقة الإرشادية لازمة عبر مراحل الإرشاد كلها، وهي تبدأ أحيانا بتعريف المسترشد بحدودها "تنظيم العلاقة"1، وتنمو وتتغير خلال عملية الإرشاد، وقد تصادفها عقبات أثناء ذلك، وقد تنتهي إلى القوة، كما قد تئول إلى التدهور، أو تنحرف عن مجراها الصحيح، حيث يصبح لا مناص في بعض الأحيان من إنهاء العمل الإرشادي.

_ 1 Structuring.

خصائص العلاقة الإرشادية

خصائص العلاقة الإرشادية: تتصف العلاقة الإرشادية ببعض الخصائص منها: 1- الجانب الوجداني: تتسم العلاقة الإرشادية بأن محتوها العاطفي "الانفعالي" أكثر من المحتوى المعرفي. فالعلاقة تهتم باستكشاف المشاعر، والإدراكات الشخصية؛ ولأن العلاقة ذات محتوى شخصي عال فيما يدور فيها من مناقشات وأحاديث، فإنها يمكن أن تتصف بالمواجهة وتوليد القلق، كما يمكن أن تكون محدثة للتوتر، أو مفرحة أو مخيفة. 2- التكثيف: "التركيز": لأن العلاقة تقوم على أساس الاتصال المنفتح والمباشر والصريح، فإنها قد تصبح مركزة، فالمرشد والمسترشد يتوقع منها أن يشتركا بصراحة في إدراكاتهما ورود فعلهما كل منهما تجاه الآخر، وتجاه العملية الإرشادية، وهذا كله قد يترتب عليه اتصال مكثف، وشديد ومجهد أو حاد، في بعض الأحيان. 3- النمو والتغيير: العلاقة الإرشادية علاقة دينامية، ومعنى ذلك أنها في تغير مستمر باستمرار تفاعل المرشد والمسترشد، وكما أن المسترشد ينمو ويتغير، فكذلك العلاقة الإرشادية تنمو وتتغير.

4- الخصوصية: إن كل ما يدلي به المسترشد سريا، ويلتزم المرشدون فيما يتفقون عليه من قواعد أخلاقية لمهنتهم أن يصونوا ما يبوح به المسترشدون في أثناء المقابلات الإرشادية من أن تنتقل إلى غيرهم ما لم تكن هناك موافقة كتابية من المسترشد نفسه، وهذا الجانب الوقائي في العلاقة الإرشادية جانب أساسي، ومن شأنه أن يساعد المسترشدين على أن يكونوا صرحاء، وألا يترددوا في تزويد المرشد بالمعلومات "انظر أخلاقيات الإرشاد: مبدأ السرية". 5- المساندة: يوفر المرشدون من خلال العلاقة الإرشادية للمسترشدين نظاما للمساندة يزودهم بالاستقرار المناسب لتغيرر سلوكهم، واتخاذ قراراتهم. 6- الصدق: إن العلاقة الإرشادية تقوم على الصدق والصراحة، والاتصال المباشر بين المرشد والمسترشد، وإذا خلت العلاقة من الصدق، فإنها سرعان ما تتدهور ولا يفيد المسترشد من موقف الإرشاد.

القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية

القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية: إن فاعلية العلاقة الإرشادية في معالجة، ومواجهة المشكلات النفسية والانفعالية، وفي نمو ونضج، وتحقيق الذات للمسترشدين، يمكن أن تعزى إلى عدة عوامل. فمن بين العوامل الهامة أن العلاقة التي تنشأ بين المرشد، والمسترشد يمكن أن ننظر إليها على أنها صورة مصغرة للعالم الخاص بالمسترشد، فهي تعكس الأنماط الخاصة بعلاقة المسترشد بالآخرين، وتساعد العلاقة الإرشادية المرشد على ملاحظة نمط العلاقة الشخصية للمسترشد، كما أنها توفر بيئة لتغيير أنماط الاتصال غير الفعال، ومن هذا المنظور تكون العلاقة نفسها علاجية، حيث يواجه المرشد، والمسترشد كل منهما الآخر كفردين يعملان على حل تعقدات العلاقة الودية. ثمة عامل آخر في فاعلية العلاقة الإرشادية هو تأسيس المناخ العلاجي القائم على الثقة والتقبل، بالإضافة إلى الشروط الجوهرية وهي التطابق، والتفهم القائم على المشاركة، والتقدير الإيجابي، وتحديد التعبير. المناخ العلاجي للمقابلة: يقوم المناخ العلاجي للمقابلة على ركنين أساسين هما الثقة، والتقبل: 1- الثقة: Trust: الثقة مطلب أساسي لإعداد المناخ العلاجي، وفي المعتاد أن يأتي المسترشد إلى الإرشاد، ويدخل إلى العلاقة الإرشادية، وهو قلق وخائف، كما أن توقعاته عن الإرشاد تكون غير واضحة، وعادة فإن المسترشدين يبحثون عن المساعدة في مشكلاتهم الشخصية، ويأمون أن يستجيب المرشدون لهم بتفهم، فإذا خرجوا من اللقاء الأول مع المرشد بانطباع مملوء بالثقة فيه، فإنهم سيستمرون في هذه المخاطرة الانفعالية، ويشتركون بمشاعرهم وأفكارهم، وجوانب القلب والخوف لديهم، والتي كان من الصعب مناقشتها من قبل، بل كانوا يلجأون أحيانا إلى إنكارها، وعندما يتحقق المسترشدون أن المرشدين لا يبحثون عن أخطاء في تلك الجوانب التي يعرضونها من حياتهم، وهم كارهون لها، فإن تقبلهم لأنفسهم سوف يزداد، ومع زيادة الثقة في المرشد، فإن إمكانية النمو والتغيير تزداد أيضا، وبهذا فإننا نقول: إن المرشد يحتاج ويستطيع منذ اللحظة الأولى للاتصال مع المسترشد أن يبني هذه الثقة، أي أنه يصبح موضع ثقة المسترشد، إن الشروط الأساسية، المتمثلة في التطابق، التفهم القائم على المشاركة، والتقبل غير المشروط، والتعبير الدقيق، كلها عوامل تسهم في تنمية الثقة، وسوف نناقشها من موضع آخر. 2- التقبل Acceptance: إن المناخ الإرشادي الجيد يجب أن يسوده اتجاه قائم على التقبل من جانب المرشد، ويعني هذا أن يكون المرشد قادرًا على الإصغاء لمشكلات، ومشغوليات المسترشد دون أن يصدر أحكاما تقويمية عليها، وأنه بوسعه أن ينظر للمسترشد باعتباره

إنسانا له كرامة بمنأى عن محتوى سلوك أو أفكار هذا المسترشد، إن اتجاه التقبل من جانب المرشد يوصل إلى المسترشد الاحترام باعتباره شخصا له كرامة وقيمة، وبذلك فإن المسترشد يشعر بأن هناك من يفهمه، ويعطيه قيمة بشكل حقيقي. لقد رأينا من قبل في حديث الشاب الذي جاء يطلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يرخص له في الزنا، كيف عالج الرسول المعلم هذا الموقف في رفق، وكيف قرب الشاب من مجلسه ثم بدأ يناقشه مناقشة عقلية تصويرية، وانتهى من هذا الموقف إلى أن يمسح على صدره بيده الشريفة، وأن يدعو له. وفي موقف آخر حين جاء رجل، وتبول في جانب من المسجد، وهم الناس أن يؤذوه فقال -صلى الله عليه وسلم: "دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين" 1. إن التقبل قاعدة أساسية من شأنها أن تولد الثقة من جانب المسترشد في المرشد حين يلمس أنه لم يعاقبه ولم يؤنبه، وإنما أصغى إليه ثم بدأ في مناقشته في رفق وهدوء، وكلا الجانبين من شأنهما أن يهيئا مناخا لعلاقة إرشادية ذات قيمة في معالجة السلوك؛ لأنها ستجعل المسترشد يستجيب لمبادرات، وينهض بإجراءات تساعد على مواجهة المشكلات. ويجب أنننبه إلى أن التقبل لا يعني الموافقة، والإقرار بسلوك المسترشد، وإنما التقبل يعني تقبل الإنسان باعتباره إنسانا عرضة للصواب وعرضة للخطأ، وأنه جاء إلى موقف الإرشاد بحثا عن الصواب، وأنه يعاني من الرفض بشكل ما، سواء كان هذا الرفض من داخله أو من خارجه، فإذا ما واجهه المرشد بالرفض أيضا، فليس هناك مجال للإرشاد، إن تقبل المرشد للمسترشد هو الذي يضفي صفة الأمن على العلاقة الإرشادية، وهي صفة يحتاجها المسترشد ليدرك أين هو انفعاليا وعقليا وسلوكيا، وماذا ينبغي أن يكون عليه، وكيف السبيل إلى ذلك.

_ 1 حديث شريف رواه البخاري.

الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة"

الأبعاد الأساية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة" ... الأبعاد الأساسية للعلاقة الناجحة: "شروط العلاقة" يرى كثير من الباحثين في مجال الإرشاد أن الشروط التي حددها كارل روجرز في صياغته عن العلاقة الإرشادية تعتبر أبعادًا أساسية تقع في قلب العملية الإرشادية، وهذه الأبعاد هي: 1- التطابق. 2- التفهم القائم على المشاركة. 3- التقدير الإيجابي غير المشروط. وقد أضاف كارخوف وبيرنسون "1977" Carkhuff & Berenson بعدا رابعا، وهو دقة التعبير Specifity of expression. 1- التطابق "الأصالة" "Congrunce" Genuiness: يقصد بالتطابق أو الأصالة أن يكون المرشد قادرا على أن يكون هو نفسه بدون الحاجة إلى واجهة مهنية يختبئ وراءها، والمرشد الأصيل هو الذي لا يختبئ وراء قناع، أو يكتفي بأداء "دور المرشد"، وهو يوصل أصالته في العلاقة؛ لأنه يكون واعيا بمشاعره، وتصرفاته على النحو الذي يعايشها؛ ولأنه يكون صادقا وأمينا، ومباشرا في اتصاله بالمسترشدين، فإن استجاباته اللفظية "أقواله" تكون متمشية مع ردود فعله الداخلية، ومع استجاباته غير اللفظية، كما أنها تتصف بالتلقائية، وهذا النمط من التفاعل الخالي من الزيف يسهل عملية الثقة من جانب المسترشد حيث لا يحتاج للمرور في طبقات من الدفاعات، والواجهات ليرتبط مع المرشد، إن المرشد الذي يكون آمنا مع نفسه منفتحا على مشاعره واستجاباته، وأفكاره واتجاهاته سوف يعطي الفرصة للمسترشد ليشعر بالأمن والأمان. إن الأصالة من جانب المرشد تسهم في وجود علاقة ذات فاعلية علاجية مع المسترشد يتقريب المسافة الانفعالية بينهما، وكذلك بمساعدة المسترشد على التطابق مع المرشد، وأن يرى في المرشد شخصا آخر مشابها لذاته، وتقوم الأصالة من جانب المرشد على خمس عناصر أساسية هي: المساندة بالسلوكيات غير اللفظية، وسلوك الدور، والتطابق، والتلقائية في التعبير عن النفس، والانفتاح.

وفي جانب السلوكيات غير اللفظية، فإنه بوسع المرشد أن يستخدم مجموعة من التصرفات التي تنقل للمسترشد أصالة في تقبله، وبشرط ألا يبالغ في هذه التصرفات كذلك، فإن المرشد الذي لا يركز بشكل مبالغ فيه على دوره الإرشادي، وسلطته في العملية الإرشادية يمكن أن يوصل للمسترشد أصالته، أما التطابق فيقصد به أن يكون هناك اتساق تام بين أقوال ومشاعر، وتصرفات المرشد، وبالنسبة للتلقائية، فتعني أن يعبر المرشد عن أحاسيسه كما يعايشها دون تعديل أو تزييف، وأن يكون ملامسا لخبرته الشخصية كما يعني الانفتاح أن ينقل المرشد جانبا من خبراته إلى المسترشد، وهذه الجوانب كلها من شأنها أن تنمي ثقة المسترشد في نفسه، وكذلك ثقة المرشد في نفسه، وبالتالي الثقة بين المرشد والمسترشد. 2- التفهم القائم على المشاركة Empathic Understanding: إن القدرة على المشاركة الوجدانية "التعاطف" في العلاقة الإرشادية تستدعي أن يستجيب المرشد بحساسية، ودقة لمشاعر المسترشد، وخبراته كما لو كانت تخصه، والمشاركة الوجدانية تعني قدرة المرشد على تبني الإطار المرجعي الداخلي للمسترشد، بحيث يمكن فهم العالم، والمعاني الخاصة بالمسترشد بدقة، ومن ثم توصيلها من جديد إليه، وهذه العملية، التي تسمى "تقمص التجربة" تشبه العلاقة التي يكونها القارئ مع بطل الرواية التي يقرؤها، وقد وصف ترواكس وميتشيل Truax & Mitchell هذه العملية على النحو التالي: "عندما نحاول معرفة بعض من رغباته، أو بعض من حاجاته وبعض من إنجازاته، وبعض من إخفاقاته، وبعض من قيمه، فإننا نجد أنفسنا نعيش مع الشخص الآخر على النحو الذي نفعله مع بطل إحدى الروايات ... ونصل إلى أن نعرف الشخص من وجهة نظر إطاره المرجعي الداخلي، ومن ثم نكسب بعض التفهم، وبعض التذوق لخبراته كما يعيشها من لحظة للحظة أخرى.. "1971، ص315". ولكي يستجيب المرشد بتفهم قائم على المشاركة لما يقوله المسترشد، فإن المرشد يحتاج أن يكون حساسا لاتصالات المسترشد سواء كانت لفظية، أو غير لفظية، وأن يكون

مدركا لها، ويقصد بالحساسية في هذا المضمار وجود وعي زائد بالشخص الآخر "المسترشد"، كما أن الإدراك يشير إلى القدرة على الفهم، والحساسية مهارة أساسية تسمح للمرشد أن يتعرف على مشاعر المسترشد، كما أن الإدراك مهارة معرفية تمكن المرشد من أن يتعرف على مثير الشعور، "أي المثير الذي ولد الشعور" وهاتان المهارتان: الحساسية والإدراك تتضافران مع لتنتجا الاستجابة المتقدمة المتمثلة في التفهم القائم على المشاركة. إن المشاركة تعطي الفرصة للمرشد أن يسمع، وأن يستجيب لمشاعر المسترشد، أي لغضب المسترشد ولامتعاضه، ولخوفه، ولعدائيته، ولاكتئابه، ولفرحه، وعدما يستطيع المرشد أن يصغي بدقة العالم المسترشد، وأن يتعرف بدقة على المشاعر التي يعايشها هذا المسترشد، فإن المسترشد، فإن المسترشد يصبح أكثر قدرة على الإصغاء لنفسه، والمشاركة تسمح للمرشدين أن يعبروا عن أنفسهم بينما يحتفظون باستقلالهم وفرديتهم. وكذلك فإن التفهم القائم على المشاركة يتضمن تبني المرشد للإطار المرجعي للمسترشد، وهذا يتضمن الإصغاء للمسترشد بدون إصدار أحكام، وبينما يعبر المسترشد عن أفكاره، ومشاعره وقيمه واتجاهاته وآماله، وطموحاته، فإن المرشد يصغي بدون أن يصف أيا منها بأنه صحيح أو خاطئ، حسن أو قبيح، وهذا الاتجاه اللاتقويمي يجعل المسترشدين أكثر تقبلا لأنفسهم. ويرى روجرز أنه عندما يصبح بوسع المرشد أن يتعرف على العالم الداخلي للمسترشد بدون أن يفقد هويته الخاصة في العملية، فإن التغيير يصبح حينئذ محتمل الحدوث، كما يحدد برامر وشوستروم "1982" أن الاستجابة بالمشاركة للمسترشد تعني التفكير معه، وليس له أو حوله. 3- الاحترام أو التقدير الإيجابي Respect or Pegard: يعني التقدير الإيجابي، أو الاحترام القدرة على تقدير المسترشد كشخص له قيمة وله كرامة، وتوصيل التقدير الإيجابي للمسترشد يؤدي عددا من الوظائف في تكوين علاقة إرشادية فعالة منها أنه يوصل للمسترشد رغبة المرشد في العمل معه، وكذلك

اهتمامه به كشخص وتقبله له، ويحدد روش وبوردن "1957" Raush and Bordin أربعة جوانب أساسية للتقدير الإيجابي وهي: وجود إحساس بالالتزام نحو المسترشد، وبذل الجهد لفهم المسترشد، وتعليق "حجب" الأحكام النقدية، والتعبير عن قدر معقول من الدفء. وقد لاحظ كارخوف وبيرينسون أن التقدير الإيجابي، أو احترام الآخرين ينشأ من احترام الذات، وأن المرشدين الذين لا يحترمون خبراتهم وأفكارهم، ومشاعرهم الشخصية سيجدون صعوبة في احترام أفكار، ومشاعر الآخرين، كذلك فإن توصيل الاتجاه الخاص بالدفء، والاهتمام والتقدير للمسترشد يقوم إلى حد بعيد على أساس من التفهم القائم على المشاركة. وهناك علاقة بين التقدير الإيجابي، وبين أصالة المرشد أو تطابقه في العلاقة، فالمرشد الذي لا يحترم قدرة المسترشد على مواجهة الحياة، والتعامل مع مشاعره واستجاباته سيجد صعوبة في أن يسهم بأفكاره ومشاعره، وردود الفعل لديه حول سلوك المسترشد، وهو إسهام ضروري لنمو هذا المسترشد، بمعنى آخر فإنه بدون احترام المرشد للمسترشد، فإن هذا المرشد سيجد صعوبة في مواجهة المسترشد في إطار العلاقة، وبذلك فإن الاحترام الذي يكنه المرشد للمسترشد يساعد المرشد على أن يكون صادقا، ومتطابقا في العلاقة إن الدفء والمشاعر الإيجابية يمكن للمرشد أن يوصلها للمسترشد بطرق لفظية "بالكلام"، وكذلك بطرق غير لفظية. فمن الطرق اللفظية أن يقول المرشد: "إني مهتم بمشكلتك" "موضوعك أنا مهتم به" "أنت ستكون موضع اهتمامي". أما الأساليب غير اللفظية فمنها: نظرة العينين، نبرة الصوت، تعبيرات الوجه، وضع الجلوس، القرب من المسترشد، ولمسات الحنو. 4- متانة ودقة التعبير Concreteness & Specifity of expression: أضاف كارخوف وزملاؤه بعدا رابعا للأبعاد الذي تحدث عنها ورجرز، "التطابق،

والتفهم القائم على المشاركة، والاحترام أو التقدير الإيجابي"، وهذا البعد الجديد أطلقوا عليه المتانة أو دقة التعبير، وقد عرف كارخوف، وبيرنيسون هذا البعد بأنه: يشتمل على التعبير الطليق، والمباشر، والكامل عن مشاعر، وخبرات معينة بصرف النظر عن محتواها الانفعالي "1977، ص13" كما حددا وظيفة هذا البعد الجديد في العلاقة الإرشادية على النحو التالي: 1- تضمن المتانة أن استجابة المرشد تكون قريبة من مشاعر وخبرات المسترشد. 2- تنهض المتانة بالدقة في تفهم المسترشد، كما تكمن إزالة سوء الفهم والتعرف عليه عندما تصاغ الخبرات، والمشاعر في اصطلاحات محددة. 3- تدفع المتانة أو دقة التعبير، المسترشد لأن يتعامل بتحديد كبير مع مجالات المشكلات، والصراعات الانفعالية. إن هذا البعد من العلاقة الإرشادية يعمل بصورة أكبر من الأبعاد الثلاثة الأولى على تحريك المسترشد خلال العملية الإرشادية بتشجيعه على استكشاف مشكلات حياته وعلاقاته بالآخرين، وفي رأي إيجان Egan أن منطق عملية الإرشاد ينطبق على المتانة: فإذا كان المرشد دقيقًا في تعبيره بقدر الإمكان عندما يستجيب للمسترشد، فإن المسترشد بدوره سيتعلم أن يكون دقيقًا في التعبير عن استكشافه لسلوكه. وقد يحدث في حالات كثيرة أن يكون المسترشد غير قادر على التعبير عن مشاعره في صورة دقيقة، وهنا تقع على المرشد مسئولية مساعدته على أن يصبح أكثر ملامسة لمشاعره، ويقوم المرشد بذلك عن طريق الاستجابة للمشاعر الخاصة بالمسترشد، وللمثير الذي ولدا هذا الشعور، فإذا أوضح المسترشد أنه مشوش أو محبط، فإن المرشد يحاول أن يتعرف بشكل أدق على الإحساس الذي يعايشه المسترشد، وأن يحاول كذلك تحديد المثير الخاص بهذا الشعور.

الاتصال في العلاقة الإرشادية communication

الاتصال في العلاقة الإرشادية Communication: يعني الاتصال "التخاطب" عملية متبادلة بين شخصين على الأقل أحدهما مرسل والثاني مستقبل، والاتصال لا يقصد به الكلام الموجه لشخص آخر، وإنما هو الكلام مع شخص آخر، إنه عملية يجب أن تسير في كلا الاتجاهين، ويعني ذلك بالنسبة للإرشاد أن يكون من المرشد للمسترشد، ومن المسترشد للمرشد. والموضوع الذي يجري توصيله هو الذي يفهمه المستقبل، أما الذي لم يفهمه فإنه لم يتم توصيله، ولهذا فينبغي ألا يقصر المرشد اهتمامه بما يقوله هو والمسترشد، وإنما يهتم أيضا بما يفهمه المسترشد، وبما يدركه في إطار العلاقة الإرشادية، ويتوقف مدى فهم المسترشد للمرشد على ثلاثة عوامل أساسية هي: 1- علاقة المعلومات بحاجات المسترشد. 2- العلاقة مع المعلومات الموجودة في المجال الإدراكي للمسترشد. 3- انفتاح المجال الإدراكي للمسترشد لحظة الاتصال. ولكي تكون المعلومات ذات فاعلية، فإنها يجب أن ترتبط بالمشكلات، والاهتمامات الراهنة للمسترشد، وسوف يستقبل المسترشد ما يحتاجه، ولكن الحاجات الفورية تكون أكثر إلحاحا، ومثابرة عن تلك الخاصة بالمستقبل. والمعلومة أو الخبرة تكون أكثر دلالة للفرد عندما تكون مرتبطة بوعيه الحالي، وعندما يكتشف شخص ما العلاقة بين المعلومات الجديدة، أو الخبرات لما يفهمه فعلا، فإن ذلك سيعطيه معنى جديدًا، وأحد الإحباطات التي تحدث في الاتصال تكون نتيجة أن أحد طرفي الاتصال لم ينجح في معاونة الثاني على إدراك المعلومة الجديدة في الوعي الحاضر، إذ من الصعب أن نستوعب الأفكار الجديدة عندما لا تكون متسقة مع تلك الموجودة لدينا فعلا. ومن العوامل الأساسية الهامة في الاتصال انفتاح المسترشد، وعندما يشعر الفرد بالتهديد، فإنه سيصبح أكثر انغلاقًا أمام الاتصال الجديد، وأمام الكشف عن معلومات جديدة عن نفسه، ويمكن أن نصور انفتاح المسترشد من خلال التعرف على نموذج جوهاري للوعي.

نموذج جو هاري للوعي Johari,s Awareness Model: طور هذا النموذج جولفت وهاري إنجهام "1963" Joe Luft & Hary Ingham، ويعرف باسم نافذة جوهاري The Johari widow ويساعد هذا النموذج، أو هذه النافذة على تصوير عملية الاتصال المنفتح بين المرشد والمسترشد ويوضح شكل "4" أنه في أي علاقة بين شخصين يوجد أربعة أنواع من المعلومات تمثلها الخلايا الأربع "أو الأرباع" الخاصة بالنافذة، ففي الخلية رقم "1" هناك المعلومات التي يعرفها الفرد عن نفسه "المسترشد"، وكذلك يعرفها عنه الطرف الآخر في الاتصال "المرشد". أما الخلية رقم "2"، فتيشير إلى المعلومات التي يرى الفرد ألا يبوح بها، أو يكشفها للآخرين، مثل المخاوف، جوانب القلق، الشكوك، الحياة الجنسية، المشاجرات والخلافات مع الآخرين، مشاعر الصراع ومشاعر التشويش. وتشير الخلية الثالثة إلى المعلومات التي يعرفها الآخرون عن الفرد، ولكنه لا يعرفها عن نفسه، وتعرف أحيانا بالمنطقة "العمياء"، أو منطقة "النفس الكريه" Bad Breathe أما الخلية الرابعة، فتشتمل على الجوانب الفضولية حول الذات، والتي لا يملك أي من الطرفين جوابا كافيا، أو معلومات جيدة حولها: لماذا لا أستطيع أن أضبط غضبي؟ لماذا لا أستطيع أن أتوقف على التدخين؟ معلوم للآخر غير معلوم للآخر شكل "4" نموذج -نافذة- جوهاري Johari window

ويمكن أن ندرك من واقع تعرفنا على نافذة جوهاري أن الاتصال الأولى المنفتح بين المرشد، والمسترشد يهتم بمساعدة المسترشد على أن يشعر بالأمن، وعدم التهديد "من خلال التقبل والاحترام، والمشاركة والأصالة التي يظهرها المرشد في العلاقة الإرشادية"، وبذلك فإن المسترشد يحرك بعض المعلومات من الخلية رقم "2"، والتي تشتمل على المعلومات التي يحاول المسترشد أن يحجبها، إلى الخلية رقم "1" التي تمثل منطقة المعلومات المعروفة للمسترشد وللمرشد. وهذه العملية لا تكون سهلة بالنسبة لمعظم المسترشدين إذ قد تكون هذه المعلومات لم يسبق أن أطلع المسترشد أحدًا عليها، وربما يرجع ذلك لطبيعة محتواها، المتمثل عادة في مشاعر الغضب والخوف والقلق، وكذلك بعض الأفكار غير المقبولة، ويجد المسترشد أنه من الصعب عليه أن يواجهها، ويتعامل معها، وليس من الغريب أن يسمع المرشد من المسترشد أنه لم يسبق له أن تحدث بهذه المعلومات مع أحد غيره، وعندما يحدث ذلك فإن شعور المسترشد هنا يكون الإحساس بالتنفيس أكثر من كونه إحساسا بالقلق. ويساعد استخدام نموذج أو نافذة جوهاري للوعي على تفهم مستويات العمق في العلاقات بين الأشخاص، وكذلك معنى الثقة، وكل المعلومات التي يعرفها المسترشد عن نفسه يمكن وضعها إما في خلية رقم "1"، أو خلية رقم "2"، كذلك فإن أي معلومات يعرفها شخص عن الآخر يمكن وضعها في الخلية رقم "1"، أو الخلية رقم "3"، وفي العادة فإن الناس يختارون بين أن يحتفظوا أو يبوحوا بالمعلومات الخاصة بأنفسهم "المعلومات التي في الخلية رقم "2" كذلك، فإنهم يختارون بين أن يشتركوا أو يحجبوا المعلومات، والانطباعات التي لديهم عن الآخرين "خلية رقم3". ويمكن أن نقدر مدى قوة العلاقة بين أي شخصين على أساس من مقدار، ونوع المعلومات التي سوف يختار كل منهم أن يشترك بها مع الآخر "أي تحركه من الخلية رقم2 إلى الخلية رقم1"، وكلما زادت كمية وأهمية المعلومات التي يختار الفرد أن يشارك بها مع غيره زاد التركيز في العلاقة وازداد عمق الثقة، وعلى العكس من ذلك فإن عدم الثقة يمكن أن ننظر إليه على أنه يرتبط مباشرة مع كمية، ونوع المعلومات التي يختار الفرد ألا يطلع عليها غيره، والفرق بين العلاقة القوية والعميقة، والعلاقات السطحية هو كمية

المعلومات التي يرغب كل طرف في أن يشترك بها مع الآخر، ومن الواضح أنه من المهم للمرشد أن يكون هو الشخص الذي يمكن لكثير من الناس أن يطوروا معه علاقات شخصية عميقة. التغيرات التي تحدث في خلايا نافذة جوهاري أثناء الإرشاد: تساعد نافذة جوهاري على وصف جانب الوعي الذاتي في عملية الإرشاد. وعندما يبدأ المسترشد في الكلام عن نفسه مع المرشد، فإن كمية المعلومات التي تكون معروفة لكل من المسترشد، والمرشد تتسع بينما تضيق كمية المعلومات المعلومة للمسترشد وحده، وتكون غير معلومة للمرشد، أي المعلومات الخاصة "خلية رقم2". ويوضح هذه العملية شكل رقم "4" حيث يزداد حجم الخلية رقم "1"، وينقص حجم الخلية رقم "2". معلومة للمرشد غير معلوم للمرشد شكل "5" عملية المشاركة في الإرشاد كما تصورها نافذة جوهاري نتيجة بدء المسترشد في المشاركة بمعلوماته: ومع استمرار التفاعل، فإن المرشد يبدأ في صياغة انطباعات، وفروض حول المسترشد، وحول دوافع هذا المسترشد لتصرفاته، وفروض حول كيف يؤثر سلوك المسترشد على الآخرين من حوله، وافتراضات حول آراء المسترشد، وتفسيرات لنشوء مشاعر قوية مثل القلق، والغضب، والشك، والتشوش، وكثير من هذه الفروض التي يضعها المرشد لا تكون جزءًا من وعي المسترشد، ويمكن أن ننظر لها على أنها تقع في

الخلية رقم3- أي المعلومات غير المعروفة للمسترشد، ولكنها معروفة للمرشد، وفي مراحل تالية فإن جانبا هاما من عملية الإرشاد يتمركز حول تبادل هذه الفروض، والملاحظات مع المسترشد "أي توصيلها له"، وهنا نجد استخدام رسائل موجهة من المرشد تبدأ بضمير المتكلم "أنا"، وكذلك المواجهة البناءة مع المسترشد تشكلان قواعد اقتراب المرشد من مشاركة المعلومات، وعندما يجعل المرشد هذه الملاحظات، والفروض متاحة للمسترشد ليفكر فيها ويكتشفها، فإن التحرك يكون من الخلية رقم "3" إلى الخلية رقم "1" في نافذة جوهاري، ويبدأ المسترشد في معرفة المزيد عن نفسه، وتصبح وتصحب مجموعة من الأشياء المجهولة "العمياء" أكثر قربا للفهم، ومع مرور الوقت فإن ما حدث خلال هذه العملية يمكن تصويره في نافذة جوهاري، كما في شكل "5"، ويصبح بوسع المرشد والمسترشد أن يفهما سويا واقع المسترشد بشكل أكبر، ويقل ذلك الجانب المجهول حول المسترشد وسلوكه، وهذه العملية تعتبر عملية موجهة لفهم الذات واكتشافها، وقد تكون هذه العملية مؤلمة في بعض الأحيان. معلومة للمرشد غير معلوم للمرشد شكل "6" العلاقة بين خلايا نافذة جوهاري بعدما يزود المرشد المسترشد بانطباعاته: إن العلاقة الإرشادية ابتداء من انفتاح المسترشد، وثقته في المرشد تجعل بعض المعلومات "أو كثيرًا منها" التي كان المسترشد يخفيها عن الآخرين متاحة للمرشد، وبذلك تتحرك من الخلية رقم "2" إلى الخلية رقم "1"، ومع استمرار العلاقة وبدء المرشد في التعامل بصراحة مع المسترشد، فإنه يدلي بانطباعاته، وافتراضاته حول سلوك المسترشد مما يجعل جزءًا من المعلومات المتاحة للمرشد وغير المعروفة للمسترشد، تدخل إلى وعي المسترشد، ويتعامل معها وتصبح في الخلية رقم "1"، وذلك يمكن القول أن الاتصال في الإرشاد يكون هدفه زيادة وعي المسترشد بمشكلته، ومن ثم زيادة الجانب الواضح من السلوك، واتساع الخلية رقم "1"، وضيق باقي الخلايا.

مهارات الاتصال

مهارات الاتصال: أولا: السلوك غير اللفظي: يلعب السلوك غير اللفظي دورًا هاما في اتصالاتنا وعلاقاتنا مع الآخرين، وعلى الرغم من أننا نميل في اتصالنا "تخاطبنا" أن نركز على الكلمة المنطوقة، فإن معظم المعنى الذي تشتمل عليه الرسالة، حوالي 65% أو أكثر، ينتقل عن طريق السلوك غير اللفظي، وقد عرف ناب "1978" Knapp السلوك غير اللفظي بأنه "كل وقائع الاتصال الإنساني التي تتجاوز الكلمات المنطوقة أو المكتوبة" "ص38"، ويضيف قوله: وبالطبع فإن كثيرا من السلوكات غير اللفظية تفسرها الرموز اللفظية. والسلوك غير اللفظي له من الأهمية في الإرشاد جانب كبير بسبب المعلومات الهائلة التي يوصلها. ويمكن للمرشدين أن يعرفوا الكثير حول المسترشدين عن طريق تنمية حساسيتهم للإرشادات غير اللفظية الصادرة عنهم، وفي نفس الوقت، فإن السلوك غير اللفظي الصادر عن المرشد له أيضًا تأثير كبير على المسترشد. 1- السلوك غير اللفظي لدى المسترشد: من بين المهارات الأساسية اللازمة للمرشد في عمله القدرة على تمييز السلوكات غير اللفظية الصادرة عن المسترشدين، ومعانيها الممكنة، والتعرف على الجوانب غير اللفظية لدى المسترشد، واكتشافها من الأمور الهامة في عملية الإرشاد لعدة أسباب منها:

أولًا: أن السلوكات غير اللفظية الصادرة عن المسترشدين تعتبر أدلة لانفعالاتهم. ثانيًا: أن هذه السلوكيات غير اللفظية تعتبر جانبًا من تعبير المسترشدين عن أنفسهم. وكما يقول بيرلز Perls: إن كل شيء يفعله المريض سواء كان واضحا، أو مختبئا هو تعبير عن الذات "1973، ص75"، وكثير من سلوكيات المسترشد غير اللفظية تكون واضحة للمرشد، ولكنها مختفية عن المسترشد نفسه -أي أنها تقع في الخلية رقم "3" من نافذة جوهاري، وفي الواقع إن معظم المسترشدين يكونون واعين بما يقولونه لفظا في صورة كلمات أكثر ما يكونون بالنسبة للتصرفات غير المنطوقة، ويرى كثير من الباحثين أن السلوكيات، أو التعبيرات غير اللفظية من جانب المسترشد تعتبر كاشفة للكثير من الجوانب عن تلك الكلمات التي ينطق بها، وأن التعبيرات غير اللفظية تصدر بصورة تلقائية دون انتقاء، أو ترتيب أو تمحيص، وهي في نفس الوقت صعبة الضبط، وقد يأتي أحد المسترشدين إليك ويخبرك بقصته، ولكن تعبيراته غير اللفظية تنبئ عن قصة أخرى. ويشير ناب "1978" Knapp إلى أن السلوك اللفظي، والسلوك غير اللفظي بينهما علاقة متبادلة، ومن المفيد أن نتعرف على الأساليب التي تساند فيها التصرفات غير اللفظية تلك الرسائل اللفظية، والتي حددها ناب في ستة أساليب هي: 1- التكرار: مثلا تكون الرسالة اللفظية: "اتفضل اجلس في المقعد" بينما تشير إليه إلى داخل الغرفة وإلى المقعد: هذه الإشارة باليد تعتبر تكرارا غير لفظي لما سبق قوله بالكلام. 2- التعارض Contradiction فإذا كنت تقول مثلًا: إني أحبك، ولكنها تخرج في صورة فظة وغاضبة، فإن الدلائل تشير إلى أنه عندما نستقبل رسالتين متعارضتين إحداهما لفظية، والأخرى غير لفظية فإننا نميل إلى تصديق الرسالة غير اللفظية. 3- الإحلال: Substition في كثير من الأحيان تستخدم الرسالة غير اللفظية في مكان الرسالة اللفظية، فحين تسأل شخصًا ما: كيف حالك؟ فإنك قد تتلقى منه ابتسامة، وهذه الابتسامة تحلل محل الجواب اللفظي "أنا بخير".

4- التكملة Complementation: يمكن أن تقوم الرسالة غير اللفظية بدور التتمة لرسالة لفظية عن طريق تعدليها أو تقويتها، وعلى سبيل المثال: إذا كان شخص ما يتحدث عن الإحساس بعدم الارتياح، وكانت كلماته متسارعة ومشوية بالأخطاء في النطق، فإن هذه الرسائل غير اللفظية تضيف إلى التعبير اللفظي على عدم الارتياح. 5- النبرة: Accent: إن الرسائل غير اللفظية يمكن أن تؤكد الرسائل اللفظية، وهي غالبًا تزيد من تأثيرها، وعلى سبيل المثال، إذا كانت تنقل انشغالك، أو اهتمامك عن طريق الكلمات، فإن رسالتك يمكن أن تكون أقوى عن طريق تلميحات غير لفظية أقوى مثل تقطيب الحاجبين، أو العبوس أو الدموع، وهذا النوع من العاطفة الذي ينقله الفرد يظهر أكثر بتعبيرات الوجه، وينقل البدن وصفا أفضل لشدة الانفعال. 6- التنظيم: Regulation: يساعد الاتصال غير اللفظي على تنظيم انسياب المحادثة، إن معظمنا يلاحظ أنه عندما يومئ برأسه لشخص بعد أن يتحدث أن هذا الشخص يميل إلى الاستمرار في الحديث، ولكن إذا أشخنا بوجوهنا بعيدا أو غيرنا في وضع الجلسة، فإن الشخص قد يتوقف عن الحديث ولو مؤقتا، إننا كثيرًا ما نعتمد على بعض الإشارات كردود فعل لبدء، أو إيقاف محادثة ولدلالة على ما إذا كان الشخص الآخر مصغيا لنا. ويشير ناب "1972" Knapp إلى خمسة أبعاد للسلوك غير اللفظي لها تأثيرات فعالة على الاتصال، وهي: الحركات البدنية Kinesics "حركات الجسم"، ومرافقات اللغة Paralinguistic، ومدى القرب والبعد من الشخص Proxemics، والعوامل البيئية Environmental Factors والوقت Time. ويوضح جدول رقم "2" نماذج لهذه الأبعاد للتعبيرات غير اللفظية. كيف يعمل المرشد مع التعبيرات غير اللفظية للمسترشد: وصف باسونز "1975" Passons خمس طرق للاستجابة للسلوك غير اللفظي للمسترشد في أثناء المقابلة، وتعتبر اقتراحاته مفيدة؛ لأنها تمثل أساليب العمل غير

اللفظي مع المسترشدين، والتي تعتبر متسقة مع مختلف التوجهات النظرية، وهذه الطرق الخمس هي: 1- تأكد من التطابق بين السلوك اللفظي، والسلوك غير اللفظي للمسترشد. 2- لاحظ أو استجب للفروق أو الرسائل اللفظية، وغير اللفظية المختلطة. 3- استجب أو لاحظ السلوكيات غير اللفظية عندما يكون المسترشد صامتا أو لا يتكلم. 4- ركز على السلوكيات غير اللفظية لتغيير محتوى المقابلة. 5- لاحظ التغييرات في السلوك غير اللفظي للمسترشد، والذي حدث في المقابلة، أو عبر سلسلة من الجلسات. السلوك غير اللفظي للمرشد: من المهم للمرشد أن يولي اهتمامًا لسلوكه غير اللفظي لعدة أسباب، فأولا إن بعض أنواع السلوك غير اللفظي للمرشد يبدو أنها تيسر العلاقة، وكلما ازداد استخدام المرشد للسلوكيات غير اللفظية الفعالة ازدادت نظرة المسترشد له على أنه لديه الخبرة، ويوضح جدول رقم "3" بعضا من هذه السلوكيات غير اللفظية الفعالية التي يمكن للمرشد استخدامها، وبالإضافة إلى الاستخدام الفعال للتعبير غير اللفظي، فإن هناك جوانب أخرى هامة في هذا النوع من الاتصال هي: الحساسية، والتقارب، والتوقيت "التوافق في الوقت".

جدول رقم "2" يوضح أمثلة من التعبيرات غير اللفظية1.

_ 1 عن كورميير وكورميير cormier & cormier 1985, p 68-73.

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

تابع جدول رقم "2".

السلوك غير اللفظي للمرشد: ينبغي على المرشد أن ينتبه، ويولي اهتمامًا كبيرًا لسلوكه غير اللفظي لعدد من الأسباب، منها أن بعض أنواع السلوكات غير اللفظية التي تصدر عن المرشد يبدو أنها تعمل على تسهيل العلاقة الإرشادية، وعلى سبيل المثال فإن النظرة المباشرة للمسترشد، وتوجيه وضع الجلوس تجاهه مع وجود وضع الاسترخاء في الجلوس يساعد على إدراك المسترشد للمرشد على أنه يشاركه وجدانيا، كذلك فإن الدرجة التي يدرك بها المسترشدون المرشد على أنه جذاب، وأن لديه خبرة لا شك ترتبط بالمهارات غير اللفظية الفعالة، ويوضح جدول "3" الاستخدامات الفعالية، وغير الفعالة لبعض أنماط الاتصال غير اللفظي. وبالإضافة إلى استخدام السلوكيات غير اللفظية الفعالة الموضحة في جدول "3"، فإن هناك ثلاثة جوانب أخرى هامة للاتصال غير اللفظي من جانب المرشد، وهي: الحساسية، والتطابق، والضبط. 1- الحساسية: Sensiticvity: إن المرشد الماهر بوسعه في أثناء المقابلات أن يرسل رسائل غير لفظية فعالة "للمسترشد" أكثر من المرشد غير الفعال، وهذه العملية تمضي بين الترميز "الإرسال" encoding، وعملية فك الرموز أو فك الشفرة decoding "الاستقبال"، وتدل نتائج البحوث على أن الإناث في مختلف الثقافات أكثر مهارة من الذكور في عملية فك الرموز بمعنى أنهن أكثر حساسية للإشارات غير اللفظية الصادرة عن الآخرين، كذلك فإن الحساسية غير اللفظية ترتبط أيضًا بمنظومات العرض؛ ولأن كلا منا يعتمد على منظومة واحدة للعرض "بصرية، سمعية، حركية"، أكثر من غيرها فإنه يصبح بوسعنا أن نزيد حساسيتنا غير اللفظية بأن نفتح كل قنوات الإحساس أي أن نستخدم حواسنا كلها -وبذلك فإن الأشخاص الذين يميلون إلى معالجة المعلومات من خلال القنوات السمعية- عليهم أن يتعلموا كيف يبدون اهتمام وثيقا للإشارات البصرية. 2- التطابق: "الأصالة" Congrunce: إن العلاقة بين سلوكيات المرشد غير اللفظية، وسلوكياته اللفظية "رسائله اللفظية"

لها نتائج على العلاقة الإرشادية، وبصفة خاصة عندما تكون هذه الرسائل مختلطة أو غير متطابقة، فالرسائل المختلطة تصبح مشوشة، وغير مفهومة بالنسبة للمسترشد، وعلى سبيل المثال، قد يقول المرشد للمسترشد: يهمني فعلا أن أعرف شيئا عن مشاعرك نحو والدك -وفي نفس الوقت فإن المرشد بدأ التراجع إلى الخلف، وإسناد ظهره إلى الكرسي مبتعدًا عن المسترشد كما ربع ذراعيه على صدره، في هذه الحالة نكون أمام رسالة مختلطة تشتمل على رسالة لفظية ذات إيقاع إيجابي على المسترشد، ورسالة غير لفظية لها وقع سلبي عليه، وقد يكون لواحدة من هاتين الرسالتين تأثير أكثر من الثانية على المسترشد. وفي رأي بعض الباحثين "مثلا جازدا وزملائه 1977 Gazda et al" أنه عندما تتعارض رسالتان إحداهما لفظية، والأخرى غير لفظية، فإن المسترشد يكون في الغالب أكثر ميلًا لتصديق الرسالة غير اللفظية. وإذا كان المرشد يوصل للمسترشد عن طريق الكلام أنه يهتم به، وبمشكلته ويحاول جهده أن يساعده، ولكنه في نفس الوقت يشيح بوجهه بعيدًا عن المسترشد، أو يزم شفتيه في حركة تدل على الاستياء أو على التململ، فإن المسترشد سيدرك محتوى هذه الرسالة غير اللفظية بسرعة، ويبدأ اتجاها نحو هذه الرسالة، وفي المعتاد فإن الرسائل غير اللفظية السالبة يتم توصيلها من خلال تباعد تلاقي العينين، وضع المرشد المنحرف 45 عن وضع المسترشد، وكذلك إنثناء المرشد للخلف، وكذلك تقاطع الساقين بعيدًا عن المسترشد "أي تمديد الساقين، وهما متقاطعتان في اتجاه بعيدا عن المسترشد، وتشبيك الأذرع على الصدر "تربيع اليدين". وتكون استجابة المسترشد لجوانب عدم الإتساق بين الرسائل الصادرة عن المرشد بأن تزداد المسافة بينهما، وقد ينظر إلى هذه الرسائل على أنها تدل على خداع من جانب المرشد. أما إذا وجد التطابق بين أقوال المرشد وأفعاله، وتصرفاته "الجوانب غير اللفظية"، فإن العلاقة بين المرشد، والمسترشد تمضي في طريق ميسر وتزداد قوتها.

وفي الواقع، فإن التطابق يهمنا يصفة خاصة عندما يمارس المرشد المواجهة مع المسترشد، أو عندما يناقش معه جوانب ذات حساسية خاصة، أو ذات تأثير ضاغط في حياته، ويعتبر الصوت من أهم الوسائل التي يمكن للمرشد أن يستخدمها لتحقيق التطابق، وعلى سبيل المثال عندما يتحدث المسترشد عن خبرة، ومشجعة في حياته هنا يمكن للمرشد أن يقول في صوت مرتفع: عظيم، ممتاز. 3- التزامن Synchrony: يقصد بالتزامن درجة التناغم بين السلوك غير اللفظي للمرشد والمسترشد، ولكي نساعد المسترشد في تفاعلاته في الجلسات الإرشادية، وبصفة خاصة الأولى منها قد يكون من الضروري أن تضاهي السلوكيات غير اللفظية للمسترشد، وهذا من شأنه أن يبنى الألفة والمشاركة، ولا يعني ذلك أن يقلد المرشد، كل حركة تصدر عن المسترشد، وإنما يعني أن يكون هناك تقارب بين سلوك المرشد غير اللفظي، والسلوك غير اللفظي للمسترشد، فمثلا إذا كان المسترشد قد جلس في استرخاء ممددًا ساقيه في تقاطع مع بعضهما البعض، فإن المرشد يمكنه أن يفعل ذلك. ويحدث عدم التناغم أو عدم التوافق عندما يأخذ المرشد، والمسترشد أوضاعًا متنافرة كأن ينثني المسترشد للخلف في استرخاء بينما ينثني المرشد إلى الإمام في انتباه، أو عندما تبدو على وجه المسترشد علامات الحزن بينما يبقى المرشد على ابتسامة على وجهه، وكذلك عندما يتحدث المسترشد في صوت خافت ضعيف بينما يعمد المرشد إلى رفع صوته بشكل ملحوظ، وكلما ازدادت أنماط السلوك غير اللفظي التي يقوم المرشد بمزامنتها بسلوك غير لفظي من عنده، كلما ازدادت الآثار الإيجايبة المترتبة على ذلك في العلاقة الإرشادية -غير أن إصرار المرشد على متابعة كل سلوك يصدر عن المسترشد، ومحاولة مزامنته بسلوك من عنده قد يصبح أمرا مزعجا أو مرهقا، ولهذا فقد يكون من الأفضل أن يتخير المرشد سلوكا واحدا من سلوكيات المسترشد غير اللفظية، ويحاول أن يضاهيها، وربما يكون هذا السلوك هو الصوت، أو وضع الجسم "مثلا كيفية الجلوس"، أو الإيماءات وتعبيرات الوجه، وبحيث يكون هذا السلوك طبيعيا، ومريحا للمرشد في مضاهاته.

جدول رقم "3" السلوك غير اللفظي الفعال، وغير الفعال من جانب المرشد:

_ المصدر: عن كورميير وكورميير 1985 ص"p82" Cormier& Cormier

ثانيا: استجابات الإصفاء listening responses

ثانيًا: استجابات الإصفاء listening responses ... ثانيا: استجابات الإصغاء: Listening Responses: إن الاتصال "التخاطب" عملية ذات اتجاهين، ويعتبر الإصغاء النصف المكمل للكلام، ولا تقل أهمية الإصغاء الجيد عن أهمية الكلام الجيد, وإن كان الإصغاء أكثر صعوبة، هل يمكن مثلًا لأحدنا أن ينصت لنصف ساعة دون أن يسمح لأفكاره بالتجول "السرحان"؟ إن الإنصات الجيد فن يتطلب تركيز كل الإمكانيات العقلية للفرد، وبصفة عامة فإن الناس بوسعهم أن يتكلموا بصورة أفضل من أن ينصتوا. إن الإصغاء من جانب المرشد يعتبر مطلبًا أساسيا لكل الاستجابات، والفنيات الأخرى في الإرشاد، وعندما يخفق المرشد في أن ينصت، فإن المسترشد قد يشعر بالإحباط، وعدم الرغبة في التعبير عما في نفسه "الانفتاح"، وقد يناقش مشكلة أخرى غير المشكلة الأساسية، كما قد يقترح المرشد أساليب علاجيه بشكل متعجل. يرى كورميير وكورميير "1985" أن الإصغاء أو الإنصات يشتمل على ثلاث عمليات: استقبال رسالة، وتشغيل الرسالة "أي معالجة المعلومات التي تشتمل عليها الرسالة"، وإرسالة رسالة. انظر شكل "6". شكل "7" عملية الإصغاء. إن كل رسالة يوجهها المسترشد "سواء كانت لفظية، أو غير لفظية" هي منبه "مثير" يتلقاه المرشد ويحلله، وعندما يرسل المسترشد رسالة فإن المرشد يتلقاها. واستقبال الرسالة عملية ضمنية غير ظاهرة، بمعنى أنه لا يمكننا أن نرى كيف ولا ماذا يستقبل المرشد، ويمكن أن يحدث إخفاق في استقبال كل الرسائل عندما يتوقف المرشد عن الانتباه "الحضور".

وبمجرد أن يتلقى المرشد الرسالة ينبغي تحليل مضمونها بشكل من الأشكال "تشغيل المعلومات". وهذه العملية، أي التشغيل أو التحليل مثل الاستقبال غير ظاهرة؛ لأنها تجري داخل عقد المرشد، ولا ترى من خارجه إلا من بعض التعبيرات غير اللفظية التي تبدو على المرشد، وتشتمل المعالجة على التفكير حول الرسالة ومعرفة معناها، وعملية معالجة، أو تحليل الرسالة الصادرة من المسترشد هامة؛ لأن العمليات العقلية، والأحاديث الذاتية والإعداد العقلي، والرؤية تعد المسرح للاستجابة الظاهرة، والأخطاء التي تحدث في معالجة رسالة المسترشد بدقة تحدث غالبا عندما تقف تحيزات المرشدين، أو النقاط العمياء لديهم حاجزًا يحول دون تعرفهم على أجزاء الرسالة، أو تفسيرهم للرسالة دون تشويش، وقد يستمع المرشد إلى ما يود سماعه بدلًا من سماع الرسالة الموجه إليه، والتي أرسلها المسترشد. أما العملية الثالثة في الإصغاء، فهي تشتمل على الرسائل اللفظية، وغير اللفظية المرسلة من جانب المرشد، وفي بعض الأحيان فإن المرشد يستقبل، ويحلل الرسالة بدقة، ولكنه يجد صعوبة في توجيه رسالته للمسترشد نظرا لنقص مهاراته، ويمكن للمرشد أن يتعلم كيف يستخدم استجابات الإصغاء في توجيه رسالة للمسترشد، والمشكلات الخاصة بتوجيه الرسائل يمكن تصحيحها بسهولة أكبر من تصحيح الأخطاء المتصلة باستقبال الرسالة وتحليلها. الإصغاء كمطلب أساسي: يعتبر الإصغاء أساس عملية الإرشاد كلها، وإذا تصورنا أن كل جلسة إرشادية تشتمل على بداية، ووسط، ونهاية، فإن الحضور "الانتباه"، والإصغاء تعتبر الأساليب الرئيسية للمرشد للجزء الأول من الجلسة "المقابلة"، أو المرحلة الأولى من الإرشاد، كما أن الإصغاء يلعب دورا أساسيا في بداية كل مقابلة. ومن بين الصعوبات التي تواجه المرشدين في عملهم، عملية تحقيق التوازن بين الإصغاء القليل، والإصغاء الزائد، فإذا كان الإصغاء هو الأداة الوحيدة في الإرشاد، فإن

الجلسات ستنقصها الوجهة، وإذا ما أخفق المرشد في الإصغاء، فإن الجلسات ستصبح رتيبة "مركبة من خطوات"، وذلك على حساب المسترشد، ويشير إيجان "1982" Egan إلى أن المرشد الذي يتعجل، ويتجاوز مرحلة الإصغاء إلى مرحلة التصرف، والإجراءات Action إنما يشبع حاجاته الخاصة أكثر من إشباع حاجات المسترشد. الإصغاء وعلاقته بقنوات الإحساس: إن الإصغاء الفعال يشمل الحواس الرئيسية الثلاث، وهي البصر والسمع، والخبرات اللمسية، وفي المعتاد أن نسمع من المسترشد كلمات تعبر عن الحواس والإحساس، مثلا: واضح، انظر، يظهر، يبدو، اسمع، أخبر، أصوات، انصت، أشعر، أحس، أمسك، ألمس.. ولما كانت استجابات الإصغاء إحدى الطرق لتوصيل التفهم القائم على المشاركة "التعاطف" وكذلك الانتباه، فمن الضروري أن نحاول المضاهاة بين اختيار المسترشد للكلمات المعبرة عن الإحساس، واستجاباتنا عن طريق الإصغاء. أنواع استجابات الإصغاء: تشتمل استجابات الإصغاء على أربعة أنواع من الاستجابات هي: الاستيضاح Clarification، وهو سؤال يوجهه المرشد للمسترشد عقب رسالة غامضة، وتبدأ عادة بسؤال مثل: هي تعني أن ... ؟ هل تقصد أن تقول ... ؟ مع تكرار أو إعادة صياغة كل، أو جانب من رسالة المسترشد التي قالها. وشبيه بالاستيضاح، إعادة الصياغة Paraharsing، ويقصد بها إعادة صياغة الجانب الخاص بمحتوى الرسالة، والذي يصف موقفا أو واقعة، أو شخصا أو فكرة. وعلى النقيض من ذلك نجد أن الانعكاس "أو العكس" Reflection هو أيضا عملية إعادة صياغة، ولكن لمشاعر المسترشد، أو للجانب الوجداني من رسالته، وعادة فإن الجزء الخاص بالمشاعر يظهر مشاعر المسترشد حول محتوى رسالته، وعلى سبيل المثال فإن المسترشد قد يشعر بخيبة الأمل "جانب وجداني" حول تدني أدائه في الاختبارات "محتوى".

أما التلخيص فهو امتداد لإعادة الصياغة والانعكاس، ويشتمل الربط بين جانبين مختلفين، أو أكثر من جوانب الرسالة، وإعادة صياغتها. وفيما يلي مثال لرسالة يوجهها أحد المسترشدين للمرشد: منذ أن توفي والدي وأنا أحس بارتباك شديد من كل حياتي، لقد كان كل شيء في حياتنا، يتحمل المسئوليات ويتخذ القرارات، لقد تغيرت كل حياتنا، وأصبحت شديد الانشغال، قل نومي، ضعف بدني، وأخشى أن تتدهور دراستي. والاستجابات التالية تمثل أنواع الاستجابات الأربع التي يوجهها المرشد لهذا المسترشد باعتبارها استجابات إصغاء: 1- الاسيتضاح: هل تقصد القول بأن إحدى المصاعب الكبيرة التي تواجهك الآن هي خوفك من تحمل المسئولية بعد وفاة والدك؟ 2- إعادة الصياغة: فهمت من كلامك أنه منذر وفاة والدك أصبحت أنت الذي تتحمل مسئولية أسرتك، ويقع على عاتقك اتخاذ القرارات الهامة في حياتها. 3- الانعكاس: أنت تشعر بالانشغال حول مدى قدرتك على تحمل مسئولية هذه الأسرة. 4- التلخيص: الآن بعد أن توفى والدك، فإنك تواجه بعض الصعوبات، والانشغال حول ما ينتظرك من مسئوليات بالنسبة للأسرة. ويهمنا أن نؤكد هنا أنه نتيجة للفروق الفردية بين من يتعامل المرشد معهم "المسترشدين" لا يمكن أن ينتظر المرشد أن يرى نفس النتيجة التي يتوقعها من أي استجابة من الاستجابات الأربع مع كل فرد يعمل معه، وفيما يلى عرض موجز لهذه الأنواع الأربعة من الاستجابات الخاصة بالإصغاء. 1- الاستيضاح: Clarification: لما كان المسترشد يعبر عن معظم رسائله من الإطار المرجعي الخاص به، فإن هذه الرسائل قد تكون غامضة أو مشوشة، وقد يحدث التشوش في رسالة المسترشد "تعبيره"

نتيجة استخدام ضمير الجمع مثل نحن أو هم، أو استخدام كلمات مبهمة مثل: "انت تعرف"، أو كلمات ذات معاني مزدوجة. وعندما يكون المرشد غير متأكد من معنى الرسالة، فإن استيضاحها سيساعد على التحقق من مقصد المسترشد. ويقصد بالاستيضاح أن يطلب المرشد من المسترشد أن يوضح بشكل أكبر عبارة غامضة أو محيرة، وعادة فإن طلب التوضيح يكون في شكل سؤال يبدأ عادة بعبارات مثل: "هل تقول أن ... ". "هل تحاول أن تصف لي ذلك ... ". "هل يمكن أن توضح ذلك ... ". ويهدف الاستيضاح إلى جعل الرسالة التي صدرت من المسترشد واضحة وصريحة "أي خالية من الغموض"، ولتثبيت دقة إدراكات حول الرسالة، كذلك يستخدم الاستيضاح عندما تريد أن تتحقق مما سمعته في رسالة المسترشد. ويشتمل الاسيتضاح على أربع خطوات هي: 1- التعرف على المحتوى اللفظي وغير اللفظي لرسائل المسترشد، ماذا أخبرك المسترشد؟ 2- التعرف على ما إذا كانت هناك أجزاء غامضة، أو مبهمة أو مشوشة تحتاج إلى التعرف على دقتها. 3- تقرير بداية مناسبة للعبارة التي تستوضح بها "السؤال". هل يمكن وصف ... ؟ هل يمكن توضيح ... ؟ هل تقصد أن تقول ... ؟

4- تذكر أن تتعرف على مدى فاعلية إسلوبك في الاستيضاح بمراقبة استجابات المسترشد. إعادة الصياغة: "الصيغة البديلة" Paraphrase: ويقصد بها إعادة صياغة الكلمات، والأفكار الأساسية للمسترشد، وهو يشتمل على الانتباه الانتقائي الموجه نحو الجانب المعرفي من رسالة المسترشد مع ترجمه الأفكار الأساسية فيها في كلمة من عندك، وبذلك فإن إعادة الصياغة لا تعني مجرد ترديد لما ذكره المسترشد، وإنما ينبغي إعداد الصياغة الجديدة في كلمات تقود إلى مزيد من المناقشة، أو مزيد من الفهم من جانب المسترشد، ومما يساعد على ذلك أن تضغط على أكثر كلمات المسترشد أهمية، وكذلك أكثر أفكاره التي عبر عنها أهمية. مثال: المسترشد: أنا أعرف أنه لن يفيد حالة الاكتئاب التي لدى أن أجلس في المنزل، أو أنام في السرير طول اليوم. المرشد: معنى ذلك أنك تعرف أنك تحتاج أن تتجنب البقاء في السرير، أو الجلوس في البيت طوال اليوم حتى تساعد في التخلص من حالة الاكتئاب. مثل هذه العبارة تحمل كثيرًا من الشبه لما قاله المسترشد، وقد يكتفي المسترشد بالاستجابة لها بإيماءة تدل على الموافقة ولكنه لا يتوسع، وقد يشعر المسترشد أن المرشد يسخر منه بتقليد ما قاله. وقد تكون العبارة التالية أفضل وأكثر فعالية: أنت على وعلى بأنك بحاجة إلى أن تخرج من عزلتك، وتبتعد عن البقاء في السرسر حتى تقلل من حالة الاكتئاب عندك. وتهدف استجابات إعادة الصياغة إلى مجموعة جوانب، منها أنك تخبر المسترشد أنك قد فهمت رسالته، وإذا كان الفهم كاملا، فإن المسترشد سيزيد من توسيع وتوضيح أفكاره، كذلك فإن إعادة الصياغة تشجع المسترشد على المضي نحو فكرة رئيسية.

وبشكل أعمق، كذلك يمكن عن طريق إعادة الصيغة مساعدة المسترشد على التركيز على موقف، أو واقعة أو فكرة أو سلوك معين، ويساعد على توقف المسترشد عن المضي في تكرار قصته، كذلك فإن إعادة الصياغة يساعد المسترشد الذي يحتاج إلى اتخاذا قرارات حيث تساعده على شحذ فكره، وأخيرا فإن إعادة الصياغة يفيد عندما يريد المعالج أن يركز على المحتوى؛ لأن الانتباه للجانب الوجداني في تعبيرات المسترشد أمر سابق لأوانه من وجهة نظره. ويشتمل أسلوب إعادة الصياغة على الخطوات التالية: 1- انتبه إلي واسترجع رسالة المسترشد بإعادة قولها لنفسك سرا. 2- تعرف على محتوى الرسالة بأن تسأل نفسك: ما هو الموقف، الشخص، الموضوع، الفكرة أو الموقف الذي تناقشه هذه الرسالة؟ 3- تخير بداية مناسبة أو جذرًا لعبارة تعيد بها صياغة رسالة المسترشد، حاول أن تتخير بداية تناسب العبارات التي استخدامها المسترشد ليشير إلى الإحساس. 4- ترجم المحتوى الرئيس أو التراكيب الأساسية إلى كلماتك الخاصة، ووجهها في صورة كلام "صورة لفظية" للمسترشد. 5- احكم على فاعلية صياغتك الجديدة عن طريق الإصغاء، وملاحظة استجابة المسترشد لما قمت بإعادة صياغته. مثال: المسترشد: من الصعب على أن أستمر في الجمع بين العمل والدراسة، والاهتمام بشئون أسرتي، إنني أقول لنفسي دائما أني سأنهار فجأة في يوم من الأيام. المرشد: يبدو كما لو أنك تمر بصعوبة في الموازنة بين التزاماتك، حيث تزداد هذه الالتزامات بالنسبة للوقت المتاح لك حاليا.

3- عكس "انعكاس" المشاعر Reflection of feeling: رأينا كيف أن استجابة إعادة الصيغة تهتم بالجانب المعرفي من رسالة المسترشد.. أما عكس المشاعر فإنها تركز على المحتوى الوجداني، ويشبه عكس المشاعر عملية إعادة الصياغة، ولكنها تضيف إليها نبرة عاطفية، أو محتوى عاطفيا يفتقد في إعادة الصياغة، وتوضيح الأمثلة التالية هذا الفرق: المسترشد: إن كل شيء قد اختلف معي، الحياة تضيق أمامي، لقد انفض عني الأصدقاء حتى المال لم يعد عندي منه شيء. المرشد "إعادة الصياغة": مع ذهاب الأصدقاء، وضياع المال ليس أمامك شيء يمكنك القيام به الآن. المرشد: "يعكس المشاعر": أنت تشعر بالضجر بسبب الظروف التي تمر بها الآن. نلاحظ هنا أن المرشد قد استخدم كلمة تدل على وجدان "انفعال"، وهي الضجر في استجابته العاكسة ليتحول إلى مشاعر المسترشد الناتجة عن موقف معين. ولانعكاس المشاعر خمسة أهداف رئيسية هي: 1- أن هذه الاستجابة إذا استخدم بدقة، وفاعلية تساعد المسترشدين على الشعور بأنهم مفهومون "أن المرشد قد تفهمهم". 2- يشجع الانعكاس المسترشدين على التعبير عن المزيد من مشاعرهم "سواء الموجبة أو السالبة" حول مواقف، أو أشخاص معينين أو غيرها. 3- مساعدة المسترشدين على التعامل مع المشاعر، وهو أمر هام في الانفعالات، والمشاعر الشديدة مثل الخوف والغضب. 4- استخدام انعكاس المشاعر مع المسترشد الذي يعبر عن مشاعر سالبة تجاه الإرشاد يقلل الصراغ الذي يمكن أن يحدث إذا حاول كل من الطرفين أن يكون مسموعا، ولا يحاول أيهما أن يصغي، واستخدام هذا الأسلوب يجعل المسترشد يعرف أن

المرشد يفهم مشاعره، وهذا من شأنه أن يقلل حدة الغضب، أو يزيله، وبالتالي يصبح المسترشد أكثر استقبالا، ويهيئ المرشد لاستخدام الأساليب الإرشادية. 5- يساعد الانعكاس المسترشد على التمييز بدقة المشاعر المختلفة، وفي المعتاد أن يستخدم المسترشدون كلمات مثل: قلق، أو عصبي، وهي تخفي مشاعر وانفعالات أعمق مثل الاستياء والاكتئاب، وتساعد استجابة المرشد التي يعكس فيها مشاعر المسترشد على تحسين فهم المسترشد للحالات المختلفة للمزاج. خطوات عكس المشاعر: ربما تكون عملية عكس المشاعر من الأمور الصعبة؛ لأن المشاعر يجري تجاهلها أو يساء فهمهما في كثير من الأحوال.. وتشتمل استجابة عكس المشاعر على ست خطوات هي: 1- الإصغاء لكلمات المشاعر أو الوجدان، وهي عادة تقع في سبع مجالات رئيسية هي الغضب، والخوف، وعدم التأكد، والحزن، والسعادة، والقوة، وأخيرا الضعيف، والتعرف على هذه المجالات يسهل التعرف عليها في تعبيرات المسترشدين، ويوسع من المفردات التي يمكن للمرشد أن يستخدمها لوصفها. 2- راقب السلوك غير اللفظي "التصرفات" التي ترافق الرسالة اللفظية التي يوجهها المسترشد -وقد سبق أن أشرنا إلى بعض هذه التصرفات من تعبيرات الوجه، والصوت، ووضع الجسم وغيرها. 3- عكس المشاعر في صورة لفظية مرة أخرى للمسترشد باستخدام كلمات أخرى، ويعتبر اختيار هذه الكلمات أمرا هاما لمهارة المرشد في أن يعكس للمسترشد مشاعره. 4- بدء عبارة الانعكاس ببداية مناسبة، وكلما أمكن تكون هذه البداية متسقة مع أسلوب المسترشد في التعبير عن مشاعره مثلًا: "يظهر أنك غاضب الآن" بصري.

"تبدو كما لو كنت غاضبا الآن" "بصري" "من الواضح لي أنك غاضب الآن" "بصري" "سمعتك تذكر أنك غاضب الآن" "سمعي" "إن أذني تخبراني أنك غاضب الآن" "سمعي" "أستطيع أن ألمس أنك غاضب الآن" "لمسي" "دعنا نلمس غضبك" "لمسي" 5- إضافة الموقف الذي تحدث فيه المشاعر، ويتم ذلك بإعادة صياغة مختصرة. مثلا: يقول المسترشد: أنا لا أستطيع أن آخذ اختبارات، إنني أكون قلقا ولا يكون أدائي متناسبًا مع ما بذلت من جهد. في هذه الرسالة فإن الوجدان هو القلق، والموقف هو أداء الامتحانات. يقول المرشد عاكسًا لمشاعر المسترشد: أنت تشعر أنك مشدود كلما أخذت اختبارًا. 6- التعرف على مدى فاعلية عكسك لمشاعر المسترشد من خلال ملاحظة استجاباته، وردود فعله وتصرفاته. مثال: طالب تخلف عن فرقته، يقترب موعد اختباره، ويشعر بالخوف من الامتحان، ويخشى أن تتكرر تجربة الرسوب. يقول المرشد: أفهم أنك حزين لرسوبك العام الماضي، وأنك تشعر بالقلق مع اقتراب موعد الاختبارات. التلخيص: Summerization: كثيرًا ما نلمس في موقف الإرشاد أنه بعد أن يتحدث المسترشد لفترة من الوقت، فإن الرسائل التي يوجهها في حديثه توحي بوجود خطوط، أو أنماط متسقة يمكن أن

نسميها موضوعات Themes، وهذه الموضوعات تكرر بشكل، أو بآخر في حديث المسترشد، ويمكن للمرشد أن يتعرف عليها، ويلتقطها من خلال إصغائه إلى ما يتكرر مرة بعد الأخرى ويحدث تركيز عليه، وهذه الموضوعات تدلنا على ما يحاول المسترشد أن يخبرنا به، وما يحتاج منا أن نركز عليه في جلسات الإرشاد، ويمكن للمرشد أن يستجيب للموضوعات التي يطرحها المسترشد باستخدام استجابة التلخيص، ويمكن القول أن التلخيص هو تجميع اثنين، أو أكثر من إعادة الصياغة، أو عكس المشاعر لتركيز "ضغط" رسائل المسترشد، أو الجلسة نفسها. الأغراض التي يستخدم فيها التلخيص: 1- الربط بين مجموعة من العناصر في رسائل المسترشد. 2- التعرف على موضوع مشترك يبدو واضحا من عدة رسائل. 3- يعتبر التلخيص وسيلة تساعد المرشد على إيقاف استرسال المسترشد فيما يشبه الحكايات، فهو أداة جيدة لمقاطة المسترشد. 4- يساعد التلخيص على تهدئة الجلسة، وإعطاء فرصة لالتقاط الأنفاس. 5- مراجعة التقدم الذي تم إحرازه في جلسة أو أكثر. 6- وسيلة هامة لإنهاء الجلسات وافتتاحها، وكذلك عند إنهاء عملية الإرشاد كلها. خطوات التلخيص: يتطلب التلخيص الانتباه الدقيق، والتركيز على الرسائل اللفظية، وغير اللفظية للمسترشد، ويشتمل التلخيص على الخطوات التالية: 1- انتبه إلي واسترجع رسالة، أو رسائل المسترشد بإعادتها على نفسك سرًّا. 2- تعرف على الأنماط، أو الموضوعات أو العناصر العديدة في هذه الرسائل، وماذا كرر المسترشد مرة تلو الأخرى. 3- تخير بداية مناسبة لعبارات التلخيص، واستخدم فيها ضمير المخاطب "أنت"، أو يا فلان.

4- تخير الكلمات التي ستستخدمها في الملخص. 5- قوم استجابة التخليص عن طريق الإصغاء للمسترشد، وملاحظة موافقته أو إنكاره لما قلت. أمثلة للتلخيص: 1- "يمكن القول: إن الظروف الأسرية التي تعيش فيها غير مستقرة بشكل ما في الوقت الحالي، وإن والدك طلق والدتك منذ فترة وجيزة، ثم تزوج بأخرى وبدأت أنت تشعر بالتعاطف مع أخوتك الصغار الذين تأثروا بشكل كبير بهذه الأحداث مما شغلك بعض الوقت عن دراستك ... ". 2- "إذا أردنا أن نلخص ما قمنا به في هذه الجلسة، فبوسعنا أن نقول أننا قد تعرفنا بشكل عام على مشاغلك في الوقت الحاضر، ومن أهمها ميلك للعزلة، وصعوبة الدخول إلى النوم وعدم التركيز أثناء الدرس ... ". 3- "أستطيع أن أقول من واقع ما عرضة أنك تشعر بأن زملاءك لا يحبونك، وأنهم يسخرون منك من رواء ظهرك -وأن بعض من كانوا يصادقونك قد انفضوا عنك ... ". 4- "فهمت من حديثك عن مشكلتك أنك ما إن تدعى للإجابة على سؤال حتى تتغير كل أحوالك، فيدق قلبك بشدة حتى لكأنه سيخرج من صدرك -وتتصب عرقا، وترتعش كل أطرافك، ويتوقف الكلام في حلقك- ويبدأ زملاءك ينظرون إليك انتظار أن تتكلم، ولكن دون جدوى ... ". 5- "تقول: إن والدك كان إلى وقت قريب مثال الأب المحب لأولاده المهتم بشئونهم يتابع كل أنشطة حياتهم، ولكن لظروف في عمله بدأت أحواله تنقلب رأسا على عقب فابتعد عنكم، وبدأ يدمن المخدرات، وتغيرت معاملته معكم من العطف إلى الغلظة، ومن الاهتمام إلى عدم تلبية حتى الحاجات الأساسية لكم الأمر الذي ترتب عليه مجموعة من المشكلات داخل الأسرة ... ".

ثالثا: استجابات التصرف: action responese

ثالثا: استجابات التصرف: Action Responese: إن استجابات الإصغاء التي تناولها، الاستيضاح، وإعادة الصياغة، وعكس المشاعر، والتلخيص، تشتمل على الاستجابة لرسائل المسترشد من الإطار المرجعي لهذا المسترشد، أي من منطلق وجهة نظر المسترشد، ومع ذلك فإنه في وقت ما من الإرشاد يجد المرشد أن عليه أن يتحرك وراء الإطار المرجعي للمسترشد، وأن يستخدم استجابات ناشئة عن البيانات التي حصل عليها حول المسترشد، وأيضا إدراكاته عن هذا المسترشد، وهذه الاستجابات هي التي اصطلح على تسميتها استجابات التصرف "استجابات الإجراءات"، وهي استجابات نشطة، وليست من النوع المنعقد على المسترشد، وعلى حين يكون تأثير استجابات الإصغاء على المسترشد تأثيرًا غير مباشر، فإن استجابات التصرف يكون لها تأثير مباشر عليه، وتبنى استجابات التصرف في كثير من جوانبها على إدراكات المرشد، وافتراضاته بجانب رسائل المسترشد وسلوكياته. ونركز في حديثنا على أربعة أنواع من استجابات التصرف هي -التساؤلات Probes أو المسابير، والمواجهة Confrontation، التفسير Inter pretation إعطاء المعلومات Information giving، والغرض الأساسي من استجابات التصرف من وجهة نظر إيجان "1982" Egan هو مساعدة المسترشدين على أن يروا الحاجة للتغير، والتصرف من خلال إطار مرجعي أكثر موضوعية. توقيت استخدام استجابات التصرف: من الأمور الصعبة في استخدامات استجابات التصرف عملية التوقيت، أي تحديد الوقت الذي نستخدم عنده هذه الاستجابات في المقابلة الإرشادية، وكما رأينا من قبل فإن بعض المرشدين يميلون إلى القفز إلى استجابات التصرف قبل الإصغاء، وتكوين الألفة مع المسترشد، وبصفة عامة فإن استجابات الإصغاء تعكس فهم المسترشدين لأنفسهم، وعلى العكس من ذلك فإن استجابات التصرف تعكس فهم المرشدين للمسترشدين، ويمكن استخدام استجابات التصرف بشكل أكبر في المقابلة، طالما كان المرشد دقيقا في بناء الأساسي لعمليات الحضور والإصغاء، وتساعد قاعدة الإصغاء على زيادة مدى استقبالية

المسترشد لرسالة التصرف الصادرة عن المرشد، وإذا بنى المرشد على أدائه، وإدراكاته بسرعة أكبر من اللازم، فإن المسترشد قد يستجيب بالإنكار والدفاعية، بل وربما بالانسحاب من الإرشاد، وعندما يحدث ذلك فإن المرشد يحتاج إلى أن يتراجع إلى مستوى أقل فضولية في التأثير، وأن يزيد من الإصغاء على الأقل إلى حين تكوين أساس قوي من ثقة المسترشد فيه. ونناقش فيما يلي الأنواع الأربعة من استجابات التصرف: 1- المسابير: "التساؤلات" Probes: تعتبر المسابير أو التساؤلات جانبا هاما في المقابلة، وتتوقف فاعليتها على نوع السؤال ومدى تكرارية الأسئلة، وفي الواقع فإن توجيه الأسئلة قد يمضي في يسر كما قد يقابل بضيق من المسترشد، ذلك يتوقف على مهارة المرشد، وقد نصادف أحيانا مع بعض المرشدين المبتدئين أنهم يديرون مقابلاتهم على أنها سلسلة من أسئلة، وقد يؤدي ذلك بهم إلى أن يوجهوا الأسئلة غير المناسبة في الوقت غير المناسب، وهذه الطريقة قد تجعل المسترشد ينظر إلى المقابلة على أنها أسئلة، أو تحقيقات بدلا من كونها بيئة للفهم، ويمكن أن تفيد الأسئلة في عمل المرشد حين تسود بينه، وبين المسترشد فترة من الصمت، أو عندما يفتقد الكلمات المناسبة، ويجب ألا يوجه المرشد الأسئلة إلا إذا كان هناك هدف من السؤال الذي في ذهنه. الأسئلة المفتوحة، والأسئلة المقفلة: تصاغ معظم الأسئلة الفعالة في صيغة ذات نهاية مفتوحة بادئة بأدوات مثل: ماذا، كيف، متى، أين أو من، والسؤال المفتوح يحتاج إلى إجابة بالتفصيل والشرح، ويستلزم الانفتاح ولا يمكن أن نجيب عليه بنعم أو لا. ويحتاج المرشد أن يستخدم الأداة المناسبة لما يريده من معلومات، فاستخدام أداة مثل ماذا يستدعي الإجابة بحقائق ومعلومات، أما التساؤلات باستخدام "كيف"، فإنه يرتبط بالتتابعات والعمليات، والانفعالات وتستخدم أداة "لماذا" عندما نبحث عن الأسباب والجوانب الذهنية، كما تثير الأسئلة الموجهة باستخدام "متى" "وأين"

المعلومات الخاصة بالوقت والمكان، بينما الأسئلة التي تبدأ بـ "من"، فهي ترتبط بالمعلومات عن البشر، والأسئلة ذات الطرف المفتوح تؤدي مجموعة من الأغراض في المواقف المختلفة للإرشاد مثل: 1- بدء المقابلة "ماذا تود أن نناقشه اليوم؟ ". 2- تشجيع المسترشد على التعبير عن مزيد من المعلومات، "ماذا أيضًا يمكنك أن تقوله حول هذا الموضوع"؟ 3- التعرف على أمثلة من سلوكيات أو أفكار أو مشاعر معينة، بحيث يمكن للمرشد أن يفهم الظروف التي تسهم في مشكلة المسترشد "ماذا تفعل في هذا الموقف؟ " "ماذا تفكر في مثل هذا الموقف؟ " "كيف تشعر حول هذا الموقف؟ ". 4- تنمية التزام المسترشد للاتصال مع المرشد عن طريق طريق دعوته للحديث، وتوجيهه من خلال تفاعل مركز. وعلى عكس الأسئلة المفتوحة الطرف، فإن الأسئلة المقفلة أو المركز يمكن أن تكون مفيدة إذا احتاج المرشد إلى حقيقة معينة أو معلومة محددة، ومثل هذه الأسئلة تبدأ عادة باستخدام أدوات مثل: هل، ألم، أيس، أيمكنك، أظن، أعتقد، وهذه الأسئلة تكون إجابتها عادة بـ"نعم" أو"لا" أو بإجابة مختصرة، وتعتبر الأسئلة على هذا النحو أدوات هامة جدًّا في مرحلة تحديد المشكلة، وتدخل في إعدادا المقاييس. وفيما يلي بعض الأمثلة لأسئلة مقفلة: - من بين المشكلات التي ناقشناها، أيها يشغلك أكثر؟ - هل يوجد من بين أفراد عائلتك من تعرض لحالة اكتئاب؟ - هل تقوم بالبحث عن وظيفة في الوقت الحاضر؟ وتشتمل الأغراض التي تدار من أجلها الأسئلة المقفلة على ما يلي: 1- تضييق مجال المناقشة عن طريق تحديد إجابة. 2- جمع معلومات محددة، "هل لا زلت تسكن في نفس المنزل؟ "

3- التعرف على مستويات المشكلة، "هل لاحظت أي شيء يجعل المشكلة أسوأ؟ " 4- مقاطعة المسترشد الثرثار، الذي يحكي مجموعة من القصص المتتالية "هل تريد أن نركز الآن على موقف الأسرة الذي تحدثت عنه من قبل؟ ". ويجب أن ينتبه المرشد إلى المباعدة بين الأسئلة المقفلة؛ لأن زيادة هذا النوع من الأسئلة قد يحبط المناقشة، ويعطي للمسترشد العذر في أن يتجنب الموضوعات الهامة والحساسة. إرشادات في استخدام التساؤلات: يمكن للمرشد أن يزيد من فاعلية، وكفاءة استخدامه للأسئلة إذا تذكر بعض القواعد البسيطة في استخدامها. 1- استخدم أسئلة تركز على مشغولية المسترشد، وعادة فإن الأسئلة الفعالة تبرز من خلالما قاله المسترشد فعلا، وليس من فضول المرشد أو حاجته للانتهاء. 2- عندما توجه سؤالًا للمسترشد، توقف لتعطيه فرصة كافية للإجابة، وتذكر أن المسترشد قد لا تكون لديه جاهزة، وعندما يكون مطلوبا من شخص أن يجيب بسرعة، فإنه يشعر بالتهديد وهذا بدوره يهدد العلاقة الإرشادية المتصفة بالأمن. 3- وجه للمسترشد سؤالا واحدا في الوقت الواحد، ولا توجه عدة أسئلة دفعة واحدة، فذلك يؤدي إلى إرباك المسترشد، وقد يجيب على واحد من هذه الأسئلة فقط، وقد يكون أقل الأسئلة أهمية هي الذي اختاره المسترشد للإجابة عليه. 4- تجنب الأسئلة التي تشتمل على اتهامات أو هجوم، وقد يشعر المسترشد أن الأسئلة هجومية من نبرة صوت المرشد، أو لاستخدامه لأداة الاستفهام لماذا؟ وقد تؤدي الأسئلة الهجومية إلى أن يصبح المسترشد دفاعيا. 5- تجنب الاعتماد على الأسئلة على أنها الوسيلة الأولى للاستجابة التي تقدمها خلال المقابلة "يستثنى من ذلك جمع البيانات الأولية، أو الحصول على تاريخ المسترشد، أو في جلسات التقويم والقياس"، وفي بعض الثقافات فإن توجيه الأسئلة يعتبر بمثابة الاتهام أو الاقتحام، وهو في جميع الأحوال يجعل المرشد يبدو بمثابة الخبير، ويقلل

مشاركة المسترشد، ومسئوليته كما يثير حالة من الامتعاض أو الاستياء لديه، وقد يؤدي الشعور الذي يتولد لدى المسترشد المتراخي، بأنه في موقف المساءلة، إلى الإضرار به، وتزداد فاعلية الأسئلة عندما تتيح الفرصة لاستبصارات جديدة، وتنمي معلومات جديدة ويمكن للمرشد أن يسأل نفسه أولا السؤال الذي يود أو يوجهه للمسترشد، فإذا وجد إجابة عليه، فإنه لا حاجة حينئذ أن يوجهه للمسترشد، وقد تكون طريقة أخرى من طرق استجابات التصرف أكثر فاعلية، وفائدة في هذه الحالة. خطوات استخدام الأسئلة: 1- حدد الغرض من أسئلتك. 2- تأسيسًا على الغرض حدد أي نوع من الأسئلة يكون أكثر فائدة، أسئلة مفتوحة؟، أم أسئلة مقفلة؟. 3- تأكد من أن أسئلتك تركز على مشغوليات المسترشد، وليس على المسائل والقضايا التي تهتم بها. 4- تذكر أن تقدر فاعلية الأسئلة بتحديد ما إذا كانت أهدافها قد تحققت. مثال: المسترشد لقد كان ذلك الصباح تعيسا بالنسبة لي، فقد كانت ذاهبا للامتحان حين تعطلت سيارتي في منقطة بعيدة عن العمران ... المرشد: أي امتحان كنت ذاهبا لأدائه؟ 2- المواجهة Confrontation: المواجهة هي استجابة لفظية، فيها يصف المرشد تلك الفروق، والصراعات والرسائل المختلطة الواضحة في مشاعر المسترشد، وأفكاره وتصرفاته، ويعتقد باترسون وأيزينبرج "1983" Patterson & Eisenberg أن المواجهة هي أداة لتركيز انتباه المسترشد على جانب ما من سلوكه، الذي إذا تغير سيؤدي إلى أداء أكثر فاعلية "ص75". الغرض من المواجهة: للمواجهة عدة أغراض يمكن إيجازها فيما يلي:

1- مساعدة المسترشدين على اكتشاف طرق أخرى لإدراك أنفسهم، أو لإدراك قضية ما مما يؤدي في النهاية إلى تصرفات، أو سلوكيات مختلفة. 2- مساعدة المسترشد على أن يصبح أكثر وعيا بالفجوات، وصور عدم التطابق في أفكاره، ومشاعره وتصرفاته. 3- التعامل مع الرسائل المختلطة للمسترشد بتوضيح التناقض الموجود فيها. 4- التعامل مع الرسائل التي تشتمل على معلومات لا يريد المسترشد أن يتعامل معها. 5- تعديل سلوكيات المسترشدين أثناء الإرشاد. إن المواجهة تكون مؤلمة لكلا الطرفين المشتركين فيها، وعملية المواجهة عملية واعية يقررها المرشد، وهي في نفس الوقت تصف يدل على الاهتمام الحقيقي بالمسترشد، والمواجهة في نفس الوقت هي عملية مخاطرة قد تؤدي إلى تغير في طبيعة العلاقة بين المرشد والمسترشد، فإذا لم يدرك المسترشد الاهتمام الذي تحمله عملية المواجهة، أو لم يتقبله أو إذا كان المرشد يقوم بالمواجهة لتصريف مشاعر الغضب التي بداخله نحو المسترشد بدلًا من أن يقدم له انطباعاته، فإن النتيجة ستكون الغربة، أما إذا كان المرشد يهتم بالمسترشد عن صدق، وإخلاص وإذا كانت دوافعه مبنية على الاهتمام، وكان هذا الاهتمام مفهوما من المسترشد، فإن العلاقة بين المرشد والمسترشد من المحتمل أن تمضي في شكل أعمق، وأكثر انفتاحا وأكثر تركيزا وقوة. بعض القواعد الإرشادية لاستخدام أسلوب المواجهة: 1- لا تواجه شخصا آخر إذا لم تكن تنوي زيادة علاقتك معه. 2- واجه فقط إذا كنت تشعر باهتمام نحو هذا الشخص، فإذا لم تشعر بذلك فلا تواجهه. 3- استخدم المواجهة إذا كانت العلاقة قد تجاوزت المراحل الأولى في تطورها أو إذا كانت الثقة بينك، وبين المسترشد قد تم تكوينها. 4- إذا توافرت الشروط الثلاثة السابقة، ولم يكن المسترشد مستعدا للتعامل مع المعلومات بطريقة غير دفاعية، فإن المرشد أمامه خياران: إما أن يتجنب المواجهة، أو أن يساعد المسترشد على أن يصبح جاهزا لاستخدام المعلومات عند تقديمها.

5- لا تثقل المسترشد بمواجهات تتطلب منه كثيرًا من المطالب في وقت قصير، ابدأ بمواجهة المسترشد بشيء يستطيع القيام به والنجاح فيه، ويذهب كارخوف إلى اعتبار أن استخدام المرشد للمواجهة مرتين متتاليتين أمر مجهد للمسترشد، ويجب أن نتحاشاه. 6- يجب أن ندرك أن هناك حدودًا للمواجهة، فالمواجهة تلفت نظر المسترشد ووعيه إلى فجوة أو صراع، ويعتبر الوعي بوجود الفجوات خطوة أولى في حل الصراعات، وقد تكون المواجهة، كاستجابة منفردة، غير كافية لتوفير الحل للفجوات الموجودة في رسائل المسترشدين، ويحتاج الأمر إلى استخدام مناقشة إضافية، أو أساليب علاجية مثل أداء الأدوار، تبادل الأدوار، والحوار الجشطلتي وغيرها. ردود فعل المسترشدين نحو المواجهة: يحدث في بعض الأحيان أن يخشى المرشد أن يواجه المسترشد حيث لا تكون لديه الخبرة في التعامل مع ردود الفعل التي يمكن أن تصدر عن المسترشد نتيجة لمواجته، ولا نريد أن نخفف من أثر المواجهة على المسترشد، فهناك ردود فعل لا بد أن يتوقعها المرشد حتى من أولئك المسترشدين الذين يقرون بالمواجهة، فإنهم قد ينتابهم القلق أو الضيق، ويمكن للمرشد أن يتوقع أربعة أنواع من ردود فعل المسترشدين بصفة عامة وهي: الإنكار، والتشويش، والتقبل الزائف، والتقبل الصادق. وفي إنكار المواجهة فإن المسترشد لا يريد أن يعرف، أو يوافق على الرسالة الصادرة عن المرشد، ويمكن أن نستدل من الإنكار أن المسترشد غير مستعد بدرجة كافية لمواجهة السلوك المتناقش أو المشوش، وقد أورد إيجان بعض الأساليب التي يستخدمها المسترشد لإنكار المواجهة "181، 1982 Egan". 1- التقليل من شأن المرشد: مثلا يقول له: "كيف تعرف وأنت لم تجرب الرسوب؟ ". 2- يقنع المرشد بأنه لم يفهم ما قاله: "أنا لم أقصد أن أقول ذلك". 3- التقليل من قيمة الموضوع "ذلك لا يستحق الوقت الذي نضيعه فيه".

4- يبحث عن مساندة في مكان آخر "لقد أخبرت زملائي عما قلته لي الأسبوع الماضي، ولم يوافق أحد منهم على ذلك". وفي بعض الأحيان، فإن المسترشد قد يشير إلى التشوش، أو عدم التأكد بالنسبة لمعنى المواجهة، وفي بعض الأحيان قد يكون المسترشد فعلا صادقا في التشوش الذي يجده في كلام المرشد، وهذا يدل المرشد على أن مواجهته لم تكن دقيقة ومحددة، وفي أحيان أخرى يستخدم المسترشد عدم الفهم كستارة ليتجنب التعامل مع أثر المواجهة. وفي بضع الأحيان قد يبدو أن المسترشد يتقبل المواجهة، ويكون هذا التقبل صادقا إذا استجاب المسترشد برغبة صادقة في تمحيص سلوكه الخاص، وقد يمكن لمثل هؤلاء المسترشدين أن يتعرفوا على التناقضات الموجودة لديهم بل، وأن يواجهوا أنفسهم. ويحذر إيجان من أن التقبل الذي يظهره المسترشد للمواجهة قد يكون زائفا، ويعتبر ذلك لعبة جديدة يقوم بها المسترشد، وفي هذه الحالة نجد المسترشد يوافق المرشد لفظيا، لكنه بدلا من أن يتابع المواجهة، فإنه يوافق فقط ليجعل المرشد يخرج بانطباع أفضل. وليس هناك طرق محددة للتعامل مع ردود فعل المسترشدين للمواجهة، وإنما ينصح أن يعود المسترشد مرة أخرى إلى استجابات الإصغاء، وخاصة ما يتصل بإعادة الصياغة، وعكس المشاعر ويهيئ الأساس مرة أخرى للمواجهة، وأن يعود إلى هذا الأساس أيضًا بعد المواجهة. مثال على ذلك: المرشد: يبدو أنك تشعر بالحزن؛ لأنك رسبت في الامتحان "عكس المشاعر". المسترشد: أبدا أنا لا أشعر بأي حزن؛ لأنه سيصبح بإمكاني أن أفهم المقررات بشكل أفضل: "يقول ذلك بصوت خافت وحزين مما يدل على وجود رسالة مختلطة". المرشد: تقول أنك غير حزين وفي نفس الوقت، فإن نبرة صوتك تحمل الأسى، ويبدو لي أنك تشعر فعلا بالحزن "مواجهة".

المسترشد: أنا لا أعرف ما تتحدث عنه حقيقة "إنكار". المرشد: أشعر أن ما قلته لتوى قد ضايقك "عكس للمشاعر". خطوات المواجهة: تشتمل المواجهة الفعالة على أربع خطوات هي: 1- لاحظ المسترشد بدقة للتعرف على نوع الفجوة، أو الرسالة المختلطة التي يقدمها، لاحظ المؤشرات اللفظية وغير اللفظية، والسلوكيات التي تدعم وجود التفاوت أو الخلط. 2- لخص العناصر المختلفة للفجوة أو التفاوت، لتقوم بذلك استخدام عبارة تربط بين أجزاء الصراع بدلا من أن تدحض أي جانب وحده، حيث إن الهدف العام من المواجهة هل حل الصراعات، وتحقيق الاندماج. مثال للتلخيص: "أنت من ناحية ... ومن الناحية الأخرى فإنك ... ". لاحظ أننا ربطنا الأجزاء بحرف العطف "و" بدلا من أن نستخدم كلمات مثل لكن أو رغم ذلك. 3- تأكد أن تستخدم كلمات مما يستخدمها المسترشد حتى تتمشى المواجهة مع خبرة المسترشد. 4- تذكر أن تحكم على مواجهاتك، والمواجهة تكون فعالة عندما يقر المسترشد بوجود التفاوت أو الصراع. مثال: المسترشد: إنه من الصعب على أن أؤدب ابني، أعرف أني مهمل في ذلك، وأعرف أنه يحتاج إلى حدود، ولكني لم أفعل ذلك، لقد تركت له الحبل على الغارب ليفعل ما يريد "يقول ذلك في صوت منخفض".

هنا يسأل المرشد نفسه عن: التفاوت الذي تحمله هذه الرسالة في شطريها، كيفية تلخيص عناصر التفاوت، ما هي الكلمات التي يستخدمها، والتي تتمشى مع لغة المسترشد. المرشد: أنت من ناحية تشعر بأنه لا بد من حدود لتساعد ابنك على السلوك القويم، ومن الناحية الأخرى فإنك تترك له العنان ليفعل ما يحب، كيف يمكن الجمع بين هذين الجانبين؟ 3- التفسير Interpretation: التفسير مهارة تشتمل على تفهم، وتوصيل معنى رسالة صادرة عن المسترشد، وعن صياغة عبارات التفاسير فإن المرشدين يزودون المسترشدين بنظرة جديدة لأنفسهم، أو بتوضيح جديد لاتجاهاتهم أو سلوكياتهم، وفي رأي برامر وشوستروم "1982" Brammer & shostrom أن التفسير يشتمل على "إمداد المسترشد بفرض حول العلاقات، أو المعاني التي تتخلل سلوكياته"، ويرى جونسون "1981" Johnson أن التفسير يفيد المسترشدين؛ لأنه يؤدي إلى الاستبصار، والاستبصار يعتبر مفتاحا لحياة نفسية أفضل، ومقدمة لتعديل فعال للسلوك. ويعرف كورميير وكورميير "1985" Cormier & Cormier التفسير بأنه "عبارة أو تقرير من جانب المرشد يجدد الرابطة، أو العلاقة السببية بين السلوكيات المختلفة للمسترشد، والوقائع والأفكار، أو تقدم تفسيرا ممكنا لسلوك المسترشد "المشتمل على مشاعره وأفكاره، والتصرفات المشاهدة"، ويختلف التفسير عن استجابات الإصغاء "إعادة الصياغة والاستيضاح، والعكس، والتلخيص" في أنه يتعامل مع الجزء الضمني "غير الظاهر" من رسالة المسترشد، ذلك الجزء الذي لا يتحدث عنه المسترشد بشكل ظاهر أو مباشر. "ص124". أغراض التفسير: 1- التفسير الفعال يمكنه أن يسهم في تنمية علاقة إرشادية إيجابية بتعزيز الانفتاح الشخصي للمسترشد، وزيادة وثوقه بالمرشد، وتوصيل اتجاهات الإرشاد للمسترشد.

2- التعرف على العلاقات السببية أو الأنماط بين الرسائل، والسلوكيات الصريحة والضمنية للمسترشد. 3- مساعدة المسترشدين على تمحيص سلوكهم من إطار مرجعي مختلف، أو بتفسير مختلف للوصول إلى فهم أفضل للمشكلة. 4- تحفيز المسترشد لاستبدال سلوكه المنهزم، أو غير الفعال وإحلال سلوكيات أكثر وظيفية محلها. وفي المعتاد فإن الإطار المرجعي الذي يستخدمه المرشد في التفسير يجب أن يتسق مع التوجيه النظري له، فالتفسير من منطلق نظرية أدلر يختلف عن التفسير من وجهة نظر التحليل الخاص بالتعاملات عنه في المدرسة المعرفية، ومن الملاحظ أن نظرية العلاج الجشطلتي تنظر للتفسير على أنه خطأ علاجي؛ لأنه ينزع المسئولية من المسترشد بينما تنمية المسئولية هدف أساسي في ذلك النوع من العلاج. القواعد الأساسية للتفسير: يعتبر التفسير أحد الأنشطة التي يقوم بها المرشد، والتي تساعد المسترشد على مواجهة الصراع، أو المشكلة بدلا من التصرف بدفاعية أو بالهروب منها، غير أن فاعلية هذا الأسلوب تتوقف إلى حد بعيد على مهارة المرشد في استخدامه، وتوقيته لهذا الاستخدام، وتعتبر القواعد التالية أساسية في استخدام استجابة التفسير. 1- كن دقيقا في توقيت الاستخدام، وفي المعتاد فإن مثل هذه الاستجابة تؤجل للجلسات الأخيرة، ولا تستخدم في الجلسات الأولى، حيث يحتاج التفسير إلى معلومات كافية، وكذلك فإن المرشد يستخدم هذه الاستجابة في وقت مناسب من الجلسة بحيث يكون في الجزء الأول، أو الجزء الأوسط من المقابلة، ولا يستخدمه في نهاية المقابلة. 2- تأكد من أن تفسيرك قائم على أساس من رسالة المسترشد، وليس على أساس من تحيزاتك، أو قيمك التي تسقطها عليه، مثلا لا تسحب خبرتك مع أولادك على المسترشد".

3- انتبه إلى صياغة التفسير، ومن المفضل استخدام عبارات مثل، ربما، أو من الممكن أن، أو يبدو لي، أو إني أتساءل ... فهذه الأساليب تقريبية وليست قاطعة حتى لا نضع المرشد في جانب ونستحث مقاومة المسترشد، أو دفاعياته نحو التفسير. خطوات التفسير: 1- أصغ وتعرف على المعنى الضمني لاتصال المسترشد، ماذا يقول المسترشد بشكل غير مباشر. 2- ضع تفسيرًا يزود المسترشد بطريقة مختلفة قليلا للنظر في المشكلة، وهذا الإطار المرجعي الجديد للنظر للمشكلة يجب أن يكون نابغا من النظرية التي تستخدمها. 3- تأكد من نظرتك للقضية أو المشكلة، وإطارك المرجعي يركزان على العوامل الإيجابية دون السلبية "التي لا يمكن للمسترشد أن يعدلها". 4- تخير الكلمات المناسبة لصياغة التفسير، والتي تناسب كلمات المسترشد. 5- اختبر فاعلية التفسير الذي قدمته للمسترشد عن طريق تقدير ردود فعل المسترشد له، ابحث عن علامات الإقرار غير اللفظية مثل الابتسام، وكذلك الجوانب اللفظية التي تدل على أن المسترشد يأخذ المسألة من إطار مختلف. 4- تقديم "إعطاء" المعلومات Informationtd: في كثير من الحالات، نجد أن المسترشد بحاجة إلى تزويده بمعلومات معينة، فعلى سبيل المثال المسترشد الذي أصيب مؤخرا بحالة عجز، أو إعاقة قد يحتاج إلى تزويده بمعلومات عن فرص التأهيل الممكنة، والطالب الذي وصل إلى نهاية مرحلة دراسية قد يكون بحاجة إلى معلومات حول الفرص التعليمية، والتدريبية المتاحة له. يعرف كورميير وكورميير إعطاء المعلومات بأنه "الاتصال اللفظي الذي ينقل البيانات، أو الحقائق حول الخبرات والوقائع، والبدائل أو الناس" "1985 ص130".

أغراض إعطاء المعلومات: 1- تعتبر المعلومات ضرورية عندما لا يعرف المسترشد الفرص، والاختيارات المتاحة، وكما يقول جيلات وزملاؤه Gelatt et al، فإن اختيارات الشخص تزداد إذا أمكنه أن يولد بدائل جديدة على أساس من معلومات. 2- يكون إعطاء المعلومات هاما إذا كان المسترشد غير واع بالنتائج الممكنة لاختيار، أو خطة أو إجراء معين. 3- يساعد إعطاء المعلومات المسترشد على الحكم على الاختيارات، والإجراءات المختلفة المتاحة له، ويعتبر ذلك الجانب هاما في عملية اتخاذ القرارات. 4- يساعد إعطاء المعلومات على تصحيح البيانات غير الصادقة، أو غير المتسقة. 5- يساعد إعطاء المعلومات المسترشدين على تمحيص المشكلات، والقضايا التي كانوا يتحاشونها. الفرق بين إعطاء المعلومات، وإسداء النصيحة: هناك اختلاف بين إعطاء المعلومات وتقديم النصيحة، ففي تقديم النصيحة، فإن الفرد الناصح يوصي عادة، أو يصف حلا معينا أو إجراءات معينة يتبعها من ينصت له "المنتصح"، أما إعطاء المعلومات فيشتمل على تقديم المعلومات المناسبة حول قضية أو مشكلة، ويكون القرار المتصل بالإجراءات النهائية صادرا عن المسترشد، ويوضح المثال التالي الفرق بين النصحية وإعطاء المعلومات: المسترشد: لقد حصلت على الثانوية بمجموع مرتفع، ولكني متحير إلى أي الكليات أتجه. المرشد "يقدم نصيحة": طالما أن درجاتك مرتفعة لماذا لا تتقدم لكلية الطب. المرشد "يقدم معلومات": قد يكون من المناسب قبل أن تحدد الكلية التي تتقدم لها أن تتعرف على قدراتك، وميولك وبعض الجوانب الاجتماعية في حياتك، وأن تحصل على معلومات عن الفرص الدراسية المتاحة

أمامك، دعنا نعد هذه المعلومات سويا لتستفيد منها في اتخاذ القرار المناسب. وفي المثال الأول فإن المرشد قدم توصية "نصيحة" للطالب أن يلتحق بكلية الطب، أما في المثال الثاني، فإنه بدأ في تحديد المعلومات التي ينبغي على الطالب أن يعرفها. وهناك عدة مخاطر ترتبط بإعطاء النصيحة تجعلها أشبه بالفخ الذي يقع فيه المرشدون وهي: 1- قد يرفض المسترشد هذه النصيحة، ويرفض معها أيضا كل الأفكار التي عرضها المرشد في محاولة لتأكيد استقلاليته. 2- إذا قبل المسترشد النصيحة، وقادته هذه النصيحة إلى تصرف غير مناسب عاد عليه بنتاج سيئة، فإنه سيلقي باللائمة على المرشد، وقد ينسحب من الإرشاد قبل إتمامه. 3- إذا تبع المسترشد النصيحة وكان سعيدا بنتيجتها، فإنه قد يصبح معتمدا بشكل واضح على المرشد، ويتوقع أو يطلب من المرشد المزيد من النصائح في الجلسات التالية: 4- هناك احتمال أن يسيء المسترشد فهم النصيحة، وقد يسبب ضررا لنفسه، أو للآخرين في محاولته الالتزام بها. القواعد الأساسية لإعطاء المعلومات: إن تزويد المسترشد بالمعلومات يجب أن يكون أداة، أو وسيلة للإرشاد وليس غاية في حد ذاته، ويكون إعطاء المعلومات مناسبة بصفة عامة إذا كانت الحاجة للمعلومات ترتبط بشكل مباشر بمشكلات المسترشد وأهدافه، وكذلك عندما يكون عرض ومناقشة المعلومات وسيلة نساعد بها المسترشد على تحقيق أهدافه، ولكي ينجح المرشد في عملية إعطاء المعلومات للمسترشد، فإنه ينبغي عليه أن يأخذ في اعتباره ثلاثة جوانب أساسية تتصل بالإجابة على التساؤلات الآتية: متى نقدم المعلومات؟ ما هي المعلومات التي يحتاج إليها المسترشد؟ وأخيرا كيف تقدم هذه المعلومات؟

وبالنسبة للسؤال الأول "متى نقدم المعلومات"؟ فإنه يتصل بالتعرف على حاجة المسترشد للمعلومات، فإذا كان المسترشد ليس لديه البيانات الكافية، أو كانت البيانات التي لديه يعوزها الصدق، فإنه تكون هناك حاجة للمعلومات، ولكي تكون المعلومات فعالة، فإنها ينبغي أن تعطى للمسترشد في الوقت المناسب، فإذا أعطيت المعلومات قبل وقت الحاجة إليها، فإن المسترشد قد يهملها أو يتجاهلها. أما ما يتصل بالسؤال الثاني "ما هي المعلومات التي نقدمها"، فهو يتعلق بتحديد المعلومات المفيدة، والمناسبة للمسترشد، وتكون المعلومات مفيدة عندما تكون غير متوافرة للمسترشد، وكذلك إذاك ان لديه الإمكانيات، لأن يستفيد منها، كذلك ينبغي أن نقدم المعلومات الهامة أولا حيث إن الفرد تكون قابليته للتذكر أكبر بالنسبة للأسبق في الترتيب من المعلومات، كذلك يحسن بالمرشد ألا يفرض أنواعا معينة من المعلومات على المسترشد الذي يلمس فيه الإحساس بالمسئولية. أما "كيف نقدم المعلومات؟ " فإنه جانب هام يتصل بتقديم المعلومات داخل المقابلة الإرشادية، ويجب أن تناقض المعلومات بطريقة تجعلها مفيدة للمسترشد، وأن نشجعه على أن يتلقى المعلومات ويستفيد بها، كذلك ينبغي على المرشد أن يقدم المعلومات بصورة موضوعية، وألا يتجنب المرشد الحقائق لمجرد أنها مؤلمة، كما يحسن عدم إعطاء كمية كبيرة من المعلومات في الجلسة الواحدة، ذلك أن طاقة المسترشد في استيعاب المعلومات محدودة، وكلما زادت كمية المعلومات المعطاة دفعة واحدة، قل تذكرها ولهذا يفضل تجزئة المعلومات على عدة مرات. ويجب أن يدرك المرشد أن المعلومات تختلف فيما بينها في العمق، وقد يكون لبعضها تأثير انفعالي على المسترشد، وفي العادة فإن المسترشد لا يصدر عنه رد فعل انفعالي إزاء المعلومات البسطية نسبيا، أو المتصلة بحقائق مثل المعلومات الخاصة بإجراءات الإرشاد، أو المعلومات المتعلقة بالتاريخ الوظيفي للمسترشد، ولكن المسترشد قد يستجيب بغضب أو قلق، أو الارتياح للمعلومات المتسمة بالعمق مثل نتائج اختبار، حاول أن تسأل عن رد فعل المسترشد تجاه المعلومات وأن تناقشه، حاول أيضا أن تزيد

من تفهم المسترشد للمعلومات التي قدمتها له، استخدم الورقة والقلم في تقديم المعلومات، واستعن برسم خطوط وتوضيح العلاقات بالنسبة للنقاط الهامة، أو اجعل المسترشد يستخدم الورقة، والقلم في هذه العملية لتحديد النقاط الرئيسية، حاول أن تحصل من المسترشد عن انطباعاته حول المعلومات التي قدمتها له، وأن تراجع معه هذه المعلومات بأن يلخصها، أو يكررها مرة أخرى على مسامعك، حاول أن تحدد أيضا الوقت الذي تتوقف فيه عن التعامل مع المعلومات؛ لأن الاستمرار في تقديم المعلومات سيشجع ميل المسترشد لتأجيل أو تجنب اتخاذ إجراء مناسب. خطوات إعطاء المعلومات: هناك ست خطوات أساسية في عملية تحديد متى، وماذا وكيف نقدم المعلومات. 1- قدر المعلومات التي يحتاجها المسترشد بالنسبة للمشكلة التي لديه. 2- حدد أكثر الجوانب أهمية لتشملها في عرضك للمعلومات. 3- حدد كيف يمكنك ترتيب المعلومات في تتابع بطريقة تيسر فهم المسترشد وحفظه. 4- خذ في اعتبارك كيف يمكنك أن تقدم المعلومات بطريقة يمكن للمسترشد أن يفهمها بها. 5- قدر التأثير الانفعالي "النفسي" الذي يمكن أن تحدثه المعلومات على المسترشد. 6- حدد مدى فاعلية عملية إعطاء المعلومات التي قمت بها، وذلك من خلال التعرف على ردود فعل المسترشد تجاهها، وكذلك مدى استخدامه لها في الجلسات التالية.

الخلاصة

الخلاصة: عرضنا في هذا الفصل للعلاقة الإرشادية من حيث تعريفها وطبيعتها، ومناخها وقيمتها الإرشادية، والأبعاد الأساسية لهذه العلاقة مثل الأصالة، والتفهم القائم على المشاركة والاحترام ودقة التعبير، ثم انتقلنا للحديث عن الاتصال في إطار العلاقة الإرشادية، وكيفية تنمية وعي المسترشد للانفتاح في إطار هذه العلاقة، وعرضنا للنموذج الذي طوره جوهاري، والمعروف باسم نافذة جوهاري، وكيفية الاستفادة منه في تحديد المرحلة التي وصلت إليها العلاقة من حيث الثقة، والمشاركة والأصالة. وأخيرا فقد عرضنا للاستجابات غير اللفظية من جانب المرشد، والمسترشد بأبعادها المختلفة من حركة ولغة، ووضع للجسم وبيئة وغيرها، ثم عرضنا للاستجابات اللفظية بنوعيها الإصغاء، والتصرف من جانب المرشد. وفي استجابات الإصغاء كان الاهتمام بأربعة أنواع هي الاستيضاح، وإعادة الصياغة، وعكس المشاعر وأخيرًا التلخيص. أما استتجابات التصرف، فقد كان الاهتمام فيها بأربعة أنواع من الاستجابات يلجأ إليها المرشدون كثيرا، وهي التساؤل "السبر" والمواجهة البناءة، والتفسير وأخيرا عملية إعطاء المعلومات في الإرشاد.

مراجع الفصل الثالث

مراجع الفصل الثالث: Brammer, L. N., & Shostrom, E. L. "1982" Therapeutic Psychology: Fundamentals, of counseling and Psychotherapy. "4 th ed". Englewood Cliffs-: N. Y.: Prentice -Hall. I Carkaff, R. R & Berense, B. G. "1977" Beyond Co'-nseling and Therapy "2 nd ed" New York: Holt, Rinehart & Winston. Cormier, W. H & Cormier, L. S. "1985" Interviewing Strategies- For helpers. "2 nd ed" Monterey, A. Brooks/ Cole. Egan, G. "1982"The Skilled helper: Model, Skills, and methods for effective helping "2 ned ed" Monterey, C. A: Brooks / Cole. Gazda, G. M., Asbry, F. S., Balzar, F. S., Childers. W. C. & Waltars. R. P. "1977" Human relations development, "2 nd ed" Boston: Allyn & Bacon. Gelatt, H., Varnhorst, B., Carey, R., & Miller,G. "1973" Decisions and autcomes: A Leaders, guide. Princeton, N. J.: College Entrance Eaminatian Board. George, R. L. & Gristiani, T. S. "1981" Theory, methods, and processes of counseling and psychotherapy. Englewood cliffs, N. Y.: Prentice- Hall. Johnson, D. W. "1981" Reaching out: Interpersonal effectiveness and self actualization. Englewood clifs, N. J: Prentice-Holl. Knapp, M. L. "1978" Nonverbal Communication in human Interaction. New York: Holt, Rinehart & Winston. Luft, J. "1970" An Introduction to groups dynamics. Mayfield. Passons, W. R. "1975" Gestalt approaches in counseling New York: Halt, Rinehart & Winston. Patterson, L. E. & Eisenberg, S. "1983" The Counseling Process "3 nd ed" Boston: Houghton Mifflen. Pepinsky, H. B. & Pepinsky, P. "1954" Counseling: Theory, and Practice. New York. Ronald Press.

IPerls, F. S. "1973" The Gestalt apprach and eyewitness to therapy. Palo Alto, C A: Science and Behaviros Books. "·Raush, H. L. & Bordin, E. S. "1957" Warmth in persenality develpment and in psychal-herapy. Psychiatry. 20,351-363. ?Rogers, C. "1961" on becoming a person. Boston: Houghton Mifflin. .-Shartz&T, B. & Stone, S. C. "1974" Fundamentals of Counseling "2 no ed" Boston ; Houghton Mifflin. · Truax, C. B. & Mitchell, K. M. "1971" Research on Certain therapist interpersonal skills in relations to Process and outcome, in A. Bergin & S. Carfield "Eds" Handbook of psychotherapy and behavior change An empirical Analysis New York. Wiley.

الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية

الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية المقابلة الأولى مدخل ... الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية: المقابلة الأولى Initial Interview: إن المسترشد حين يمشي خطواته الأولى إلى مكتب المرشد يعتريه جانب من القلق والخوف، فهو أشبه بمن يقبل على تجربة جديدة، مع فارق آخر هو أن مسترشدنا يمشي خطواته، ومعه مشكلة أو مشغلة قد تكون هي أصلا مصدر قلقه أو خوفه أو حزنه.. وها هو المرشد قد أعد لمقابلة المسترشد، وليبدأ علاقة مع شخص ربما، وهذا هو الأغلب، لم يسبق له معرفته، وإن كان في بعض الأحيان يكون قد رآه أو عرفه.. إنها الخطوات الأولى التي سيبدأ بها المرشد مع المسترشد علاقة سبق أن حددنا خصائصها، يبني عليها المرشد كثيرا من خطوات عمله وتوقعاته، وهو يود أن تأتي كما يتمنى: دافئة، مترفقة، متقبلة، لا زيف فيها، تشيع الأمن في نفس المسترشد، وتقول له: هذا المرشد يهتم بمشكلتك، ويقدرك كإنسان، وهو جدير بثقتك. فإذا نجحت الخطوة الأولى -والتي يطلق عليها المقابلة الأولى، أو مقابلة التهيئة، Initial Interview، فإن توقع المرشد لنجاح عمله مع هذا المسترشد يكون عاليا، أما إذا لم تنجح هذه الخطوة في تكوين علاقة الألفة بين المرشد، والمسترشد فإن عملية الإرشاد قد لا تمضي بعيدًا عن هذه الجلسة. إن اصلاح المقابلة Interview قد يحمل إلى أذهان البعض تلك الصور التي عهدها في مقابلات الاختبارات، ومقابلات الالتحاق بالمعهد أو بالوظائف، ولهذا سنقصر استخدامها لتلك الجلسة الأولى بين المرشد، والمسترشد لما لها من طبيعة جمع بعض المعلومات عن المسترشد ومشكلته، أما باقي المقابلات في عملية الإرشاد التي تعقد بعد ذلك بين المرشد والمسترشد، فسوف نسميها جلسات الإرشاد Counseling Sessions، وفيما يلي عرض لبعض الجوانب المتعلقة بالمقابلة الأولى.

موعد المقابلة

1- موعد المقابلة: يحتاج المرشد أن يحدد موعدًا لمقابلة المسترشد، ويكون المسترشد على علم بهذا الموعد الذي يشتمل على اليوم والتاريخ والساعة، ويمكن إعلام المسترشد مباشرة عندما يحضر لمكتب المرشد "بمعرفة المرشد نفسه أو السكرتير"، أو إخطاره عن طريق الجهة التي أحالته للمرشد. إن المرشد الذي يتصور نفسه في موقف المسترشد، حيث يأتي لموقف الإرشاد في خطواته الأولى يحمل معه مشكلته أو مشغلته، ويعتريه جانب من القلق وبعض التوقعات حول إمكانية حل مشكلته من عدمه، هذا المرشد لن يتهاون في الاستعداد لمقابلة المسترشد في الوقت المحدد تمامًا، إنه أول الانطباعات التي ترسخ لدى المسترشد حول هذا المرشد، وهي رسالة تحمل للمسترشد اهتمام المرشد به، والاستعداد لبحث مشاغله، والتزامه بالمسئولية وإخلاصه في العمل، وفي نفس الوقت فإن هذا السلوك الملتزم بالوقت، يتيح أمام المسترشد نموذجا سلوكيا قد نحتاجه كجانب علاجي، وخاصة مع الطلاب الذين قد تكون مشكلتهم الأساسية هي عدم القدرة على تنظيم الوقت. ولا تقتصر أهمية الالتزام بمواعيد المقابلات على المقابلة الأولى، وإنما يمتد ذلك لكل الجلسات التالية في الإرشاد. وفي تحديد موعد المقابلة الأولى يحتاج المرشد أن يقدر إلحاح المشكلة، أو المشغلة إذا كان على علم بها "مثلا الحالات التي تحال لوجود مشكلة انفعالية حادة"، ويجب ألا يكون الموعد المحدد بعيدًا لمعرفة المرشد بحاجة المسترشد لمساعدته.

مكان المقابلة: "بيئة الإرشاد"

2- مكان المقابلة: "بيئة الإرشاد": تلعب البيئة التي يقوم فيها المرشد بعمله الإرشادي مع المسترشدين دورا كبيرا في نجاح العملية الإرشادية، ولا ننس ونحن نهيئ بيئة الإرشاد، والتي تتمثل أساسا في مكتب المرشد أن نتذكر حاجات المسترشد، وخاصة تلك الحاجات النفسية، وما يعتريه من مشاعر وانفعالات حين يأتي إلى مكتب المرشد، والبيئة المطلوبة هي التي ستشع في المسترشد الإحساس بالدفء، والود. ورغم أن بعض الباحثين يرى أن المرشد الماهر يمكنه أن يعمل تحت أي ظروف إلا أنه من الأفضل "طالما توافرت الإمكانيات"، أن يهتم المرشد بإعداد البيئة التي تساعد على تكوين مشاعر الأمن، والطمأنينة في المسترشد. لقد اهتم كثير من الباحثين بأهمية تهيئة المكان الذي يتم فيه الإرشاد، وعلاقته باستجابة المسترشدين في الإرشاد. ففي دراسة قام بها هاس، وديماتيا "1976" Haas & Dimattia درس الباحثان تأثير حجم الغرفة، وترتيبات الأثاث على التعبير اللفظي، والاستجابة اللفظية للمسترشد، وقد أوضحتت الدراسة أن الغرفة الصغيرة أدت إلى خفض عدد الإشارات الموجبة للذات من جانب المسترشد. وفي دراسة قام بها شايكين، دير ليجا، وميلر "1976" Chaikin, Derlega & Miller تبين لهما أن الانفتاح الشخصي، "والذي يعتبر من المحاور الأساسية في الإرشاد" من المسترشد يزداد فيه الجانب الودي بشكل كبير عندما تكون الحجرة "مكتب المرشد"، ذات تأثيث روعي فيه البساطة عما لو كانت ذات تأثيث معقد. كذلك اهتم باحثون آخرون بدراسة ترتيب المقاعد، ومكان الجلوس وعلاقتها ببعض جوانب العلمية الإرشادية، ومن دراسة أجراها برمكان ومولر "1973" Brockman Moller حول ترتيبات الجلوس اتضح للباحثين أن الأفراد الذين كانوا يتصفون بالسلبية، والاعتماد على غيرهم، وكذلك الذين يبدون تحفظا مع ذوي المكانة يفضلون وجود مسافة أكبر بين المقاعد، على حين أن الأشخاص الذين يميلون للسيطرة، ولديهم الثقة في أنفسهم، والاستقلالية يفضلون الجلوس في مقاعد متقاربة. لكن اتساع الغرفة وتأثيثها من الأمور التي قد لا يستطيع المرشد التحكم فيها، ويجب ألا يشغل نفسه كثيرًا بها، فقد يهمنا في حجرة الإرشاد أن تتوافر فيها الطمأنينة للمرشد، والخصوصبية بحيث لا يكون هناك مقاطعات للعمل الإرشادي، ويمكن للمرشد

أن يحول مكالماته التليفونية إلى السكرتارية، أو أن يفصل جهاز الهاتف، كما ينبغي ألا تكون هناك مقاطعة للجلسة الإرشادية بدخول أشخاص إلى الغرفة، وليس هناك أسوأ بالنسبة للمسترشد بل، وللمرشد أيضا من توقف المرشد عن الإرشاد للرد على مكالمة هاتفية، أو مقابلة شخص ثم يعود إلى الجلسة ليقول للمسترشد: أين كنا في الحديث؟ أو هيا نعود إلى ما كنا نتحدث فيه. أما الأثاث فيكفي أن يكون في الغرفة مقعدان مريحان معدان لاستخدام المرشد والمسترشد، وإذا استخدم المرشد المعقد الذي يجلس عليه عادة خلف مكتبه، فإن عليه أن يجلس المسترشد بجانب المكتب، وليس في الناحية الأخرى منه، وتعتبر المسافة التي تفصل المرشد عن المسترشد هامة إذ يجب ألا تكون كبيرة، فتؤدي إلى إحساس بالتباعد، ولا أن تكون قريبة لدرجة تجعل المسترشد لا يشعر بالارتياح، وقد تكون المسافة في حدود متر وربع مناسبة، وقد تقل عن ذلك قليلًا، كما يفضل أن يكون المقعد الذي يجلس عليه المرشد من النوع الذي يدور في كل الاتجاهات ويمكن تحريكه بسهولة للأمام وللخلف، ويميل البعض إلى منضدة صغيرة تفصل بين المرشد والمسترشد، بينما يرى البعض أن مثل المنضدة تمثل حاجزا. ويفضل في غرفة الإرشاد ألا تعطي الصورة الرسمية التي تضفي على المسترشد شعورًا بالرهبة عند دخولها، وأن تكون باعثة على الارتياح ذات ألوان هادئة، خالية من مشتتات الانتباه مستوفاة لشروط التهوية، والحرارة المناسبة، وأن يكون مكان الجلوس بحيث لا يسمح بسقوط أشعة الشمس مباشرة، أو في مقابل أجهزة التكييف حيث يتضايق البعض من هذه المؤثرات، كما يجب أن تكون الإضارة هادئة وغير مباشرة، ويرتبط ببيئة الإرشاد إمكانية حفظ الملفات، والمستندات والتي قد تحتوي على معلومات تخص المسترشدين يحتاج المرشد إلى تأمين سريتها.

مدة الجلسة

مدة الجلسة: تتوقف مدة الجلسة الإرشادية "طولها" على مجموع من الاعتبارات، إلا أن أهم هذه الاعتبارات العمر، فالأطفال دون السابعة بحاجة إلى أن تكون جلساتهم في حدود 20 دقيقة، وتزداد المدة مع ازدياد العمر لتصبح حوالي ساعة بالنسبة لمن هم في أعمار أكبر من الثانية عشرة، وبالنسبة للطلاب فإنه يحسن بالمرشد أن يجعل الجلسة الإرشادية في حدود حصة واحدة، وأن ترتب مواعيد الجلسات مع مواعيد الحصص حتى لا يضطر الطالب إلى مغادرة حجرة الدراسة وسط الدرس.

التحضير للمقابلة

التحضير للمقابلة: في بعض مراكز الإرشاد يكون مطلوبا تعبئة بيانات بعض البطاقات التي قد تشتمل على تاريخ الحالة، وبعض المعلومات عن المشكلة وغيرها، كما قد يكون مطلوبا من المسترشد "في بعض مراكز الإرشاد المهني" إجراء بعض الاختبارات قبل أن يبدأ عمله مع المرشد, وتسمى هذه الإجراءات بالتحضير، أو المقابلة التحضيرية Intake، وقد يقوم بهذه المهمة سكرتير المركز "تعبئة البطاقات"، أو أخصائي مخصص لهذه العملية، أو يقوم بها المرشد كمرحلة سابقة لبدء الإرشاد. والبيانات التحضيرية التي نحصل عليها من المسترشد تكون متاحة للمرشد قبل موعد المقابلة الأولى، ويرى بعض الباحثين أنه من الأفضل أن يطلع المرشد على هذه البيانات ليعد نفسه للمقابلة بناء على معلومات، إلا أن البعض الآخر يرون أن هذه البيانات إذا اطلع عليها المرشد قبل المقابلة الأولى، فإنها قد توجه كثيرًا من عمله، وقد تجعله يصدر أحكامًا تقويمية قل بدء تكوين العلاقة. غير أن المؤلف يرى أنه بالنسبة لعمل المرشد الطلابي، فمن الأفضل أن يطلع على مجموعة من المعلومات، وخاصة أن كثيرا من المعلومات حول طلاب المدرسة تكون متاحة للمرشد، وعند اطلاعه علي هذه المعلومات، فإنه يستطيع أن يقدر مدى حدة المشكلة، وأن يرتب لمقابلة المسترشد في الوقت المناسب، كما أن ذلك يساعد على توفير وقت المرشد الذي لو ترك أمر الحصول على المعلومات لمشاعر المسترشد وحدها، فقد يطول زمن الإرشاد، لكن في نفس الوقت يجب أن يحتفظ المرشد بالخصائص الأساسية المطلوبة فيه، وهي عدم الإسراع في الحكم على السلوك، أو التصرفات التي تتضح له من الاطلاع على هذه المعلومات، وأن يركز في المرحلة الأولى على تكوين الألفة مع المسترشد، وبث الثقة في نفس المسترشد.

أهداف المقابلة الأولى

أهداف المقابلة الأولى: يسعى المرشد في المقابلة الأولى إلى تكوين الألفة بينه وبين المسترشد، وكذلك التعرف على مشاكله، أو مشاغله التي جاء من أجلها للإرشاد، وفي رأي هانسين وزملائه "1977" Hansen et al أن الألفة لا تتكون من أول جلسة، وإنما تنمو جلسة بعد أخرى نتيجة توافر الأبعاد الأساسية في العلاقة "الأصالة، والتقدير والتقبل، والمشاركة القائمة على التفهم والأصالة". ويحدد أيزنبرج وديلاني "1977" Eisenberg & Delaney الأهداف الآتية للمقابلة الأولى: 1- توليد اتصال منفتح، وأمين وكامل حول المشغوليات التي تحتاج للمناقشة، والعوامل والخلفية المرتبطة بهذه المشغوليات. 2- العمل نحو تحقيق مستويات تزداد عمقا من التفهم، والاحترام والثقة بين المرشد والمسترشد. 3- مساعدة المسترشد على أن ينظهر للإرشاد على أنه يساعده على تحقيق شيء مفيد له عبر الجلسات الإرشادية. 4- التعرف على المشكلات والمشغوليات التالية في الأهمية، أي التي يحتاج المرشد أن يركز عليها في الجلسات التالية. 5- تكوين نظرة كلية لدى المسترشد، بأن الإرشاد هو عملية ينبغي على طرفيها "المرشد والمسترشد" أن يعملا يجد للتعرف على المسترشد وفهمه، وفهم مشكلاته ومشغولياته. 6- الحصول على معلومات حول المسترشد فيما يتصل بحل مشكلاته، والتعامل مع مشغولياته. استقبال المسترشد: ها هو المسترشد قد وصل إلى غرفة الإرشاد "مكتب المرشد"، ولا شك أن المرشد

يدرك جيدا أن البشر جميعا ينظرون بتقدير إلى الاستقبال الدافئ الودود حين يزورون غيرهم أو يقابلونهم، ويمكن للمرشد أن يكون طبيعيا في استقباله للمسترشد، وأن يدعوه للدخول والجلوس مستخدما عبارات الود المألوفة: "وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. اتفضل.... حياك الله يا خالد". "حياك الله يا خالد، تفضل..". "أهلا وسهلا، تفضل بالدخول". ثم يمد المرشد يده ليصافح المسترشد معرفا بنفسه: أنا "فلان" المرشد الطلابي. اتفضل بالجلوس. بعض الباحثين يتناول بالحديث موضوع المصافحة، وبالطبع فإن المصافحة تترك لدى المسترشد انطباعا بالود، ولكن المرشد عليه أن يقدر مدى ملاءمتها، فقد تغني العبارات الودية عنها بالنسبة للتلاميذ الصغار بينما تكون عنصرا هاما مع طلاب المتوسطة والثانوي -ولا بأس إذا كان المرشد معتادا على استقبال المسترشدين، وهو واقف وخاصة بالنسبة للكبار، ولا يحتاج إلى ذلك مع التلاميذ الصغار- ويجب حين يدعو المرشد المسترشد للدخول ألا يكون مشغولا بشيء، وأن ينظر للمسترشد وهو يدخل للغرفة، وأن يقابله بابتسام واهتمام وأن يدعوه للجلوس في المكان المعد لذلك، ويجلس أمامه مباشرة أي مواجها له فلا أفضل في تكوين، وتنمية الألفة من أن يكون المرشد في مواجهة المسترشد مع إنحناءة خفيفة نحو المسترشد لتبث فيه إحساسا بالاهتمام به. بعد ذلك يبدأ المرشد بعبارات استهلالية مثل: ماذا تود أن نتحدث عنه اليوم؟ ماذا أستطيع أن أقدمه لك؟ أنا تحت أمرك؟ خيرا إن شاء الله.

يرى بعض الباحثين أنه من الممكن أن يتحدث المرشد مع المسترشد في موضوع جانبي لمدة حوالي خمس دقائق لتخفيض التوتر لدى المسترشد، إلا أن البعض الآخر يرى أنه من الأفضل الدخول إلى المشكلة مباشرة، حتى لا يشعر المسترشد أن المرشد لديه ارتباك، أو أن الوقت سيمضي دون الحديث عما جاء من أجله -ويقرر بوردن "1968" Bordin في هذا الخصوص أن البداية المباشرة في المشغلة، أو المشكلة تعتبر طلبا من المسترشد أن يتحدث عن موضوع محدد بدقة، ويستطيع المرشد أن يحدد من أين يبدأ بناء على تقديره للموقف، فإذا وجه للطالب مثلا سؤالا بسيطا عن الدرس السابق، ومن الأستاذ الذي كان عندهم، فقد ينتقل إلى الدخول في موضوع الإرشاد مباشرة باستخدام إحدى العبارات السابقة. بناء الألفة: Establishing Rapport: أوضحنا من قبل أن أهم الأغراض التي نسعى إليها في المقابلة الأولى للإرشاد هو بناء الألفة بين المرشد والمسترشد، وعملية بناء الألفة لها تأثير كبير على مجرى العملية الإرشادية، وهي التي لها النصيب الأكبر في تحديد مدى استمرار العلاقة الإرشادية، وبناء الألفة عملية ذات صعوبة في بدايتها بصفة خاصة، فعلى الرغم من أن المرشد يحتاج إلى تكوين الألفة مع المسترشد في بداية كل جلسة إرشادية إلا أن هذه المهمة لا تكون صعبة كما هي في بداية المقابلة الأولى. يورد بيتروفيسا وزملاؤه "1978" الجوانب التالية للتدليل على أهمية بناء الألفة "ص215": 1- إن المرشد والمسترشد يدخلان في علاقة جديدة على كل منهما، ويتوقف على مدى قوة هذه العلاقة باقي العمل الإرشادي. 2- يجب أن يهيئ المرشد نفسه من الناحية المهنية ليستجيب لأسلوب المسترشد في التعبير، والمرشد لا يدخل الجلسة بترتيب ونظام معين. 3- في هذه الجلسة الأولى نتوقع أن يبدأ المسترشد في الإفصاح عن نفسه، ومن هنا تهمنا استجابات المرشد له. 4- إن الأخطاء التي يقع فيها المرشد في فهمه للمسترشد سينتج عنها سرعة في انسحاب المسترشد من الإرشاد. 5- في المعتاد أن يقرر المسترشد في الجلسة الأولى ما إذا كانت العلاقة الإرشادية هي الطريقة التي سيستخدمها في محاولة التغلب على مصاعبه. إن المرشد يستفيد في هذه المقابلة من مهارات ملاحظة السلوك غير اللفظي للمسترشد على النحو الذي أوضحناه عند الحديث عن الاتصال، وكذلك من مهارات الإصغاء من جانب المرشد نفسه "الاستيضاح -إعادة الصياغة- عكس المشاعر -التلخيص"، أما أسلوب التساؤل، أو السبر Probing الذي يدخل في مهارات التصرف، فإنه يحسن بالمرشد أن يؤجله هو، وباقي أساليب التصرف مثل المواجهة، والتفسير حتى لا يشعر المسترشد أنه في موقف استجواب، أو مساءلة أو هجوم. وفي بعض الأحيان -خاصة عند العمل مع المراهقين- فإن المسترشد يختبر المرشد بعرض موضوعات سطحية بعيدًا عن مشكلاته الواقعية، أو يتحدى المرشد، ولهذا ينصح بأن يكون المرشد مستعدا دائما، وقادرا على أن يؤجل أحكامه، ويبتعد عن التشخيص في هذه المقابلة.

تنظيم العلاقة الإرشادية "تحديد بنية العلاقة" structurintg

تنظيم العلاقة الإرشادية "تحديد بنية العلاقة" Structurintg: يقصد بتنظيم العلاقة تحديد بنيتها وحدودها، فالمرشد والمسترشد في هذه العلاقة لهما أدوار وعليهما مسئوليات، كما أن هناك محددات وقيودًا على العملية الإرشادية، وفي رأي كثير من الباحثين في مجال الإرشاد أن تنظيم العلاقة يجب أن يكون واضحا أمام المسترشد منذ الجلسة الأولى، وأن عملية التنظيم هذه لها قيمة علاجية، ولها أيضا دور كبير في تنمية ثقة المسترشد تجاه المرشد، كذلك لشرح تنظيم هذه العلاقة أهمية في تعريف المسترشد بمعنى الإرشاد، وماذا ينتظر من الإرشاد، وماذا لا ينتظر. يرى سيتورارت وزملاؤه "1977" في النموذج الذي عرضوه للإرشاد المنتظم Systematic Counseling "انظر الفصل الثاني شكل 3" تخصيص خطوة رئيسية

لشرح العلاقة الإرشادية، وأن ذلك يتم عن طريق تنظيم العلاقة، ويشتمل هذا الجهد على أربعة جوانب أساسية هي: الغرض Purpose، والمسئوليات Responsibilities، والمركز Focus، والحدود Limits، وبالنسبة للغرض من الإرشاد، فإن المرشد يوضح أن الغرض من الإرشاد هو تكوين علاقة يمكن في إطارها أن يتلقى المسترشد المساعدة من المرشد كي يتعامل مع المشغوليات العادية التي تحدث أثناء نمو وتطور الفرد، وكذلك مساعدته على حل مشكلاته بشكل سريع، كما يساعد الإرشاد المسترشدين على تنمية مهاراتهم في حل المشكلات بحيث يمكنهم أن يستخدموا هذه المهارات في أي وقت بعد انتهاء العلاقة الإرشادية: يمكن للمرشد أن يتحدث عن الغرض من الإرشاد في عبارة مثل: "إن الغرض من الإرشاد هو مساعدتك في الأشياء التي تشغلك، أو التي تهتم بها وتميل إليها". "بعض الأفراد يريدون أن يتخذوا قرارات حول وجهئ دراستهم بعد المرحلة الثانوية، وآخرون قد يكونوا بحاجة إلى مساعدة في مشكلاتهم المدرسية مع المقررات ومع المدرسين، والبعض يكون لديهم مشكلات في التعامل مع الآخرين، والتواؤم معهم مثل زملائهم في المدرسة أو في الصف، ووالديهم، وأفراد العائلة أو في أعمالهم، إن الغرض من الإرشاد هو مساعدتك على التعامل مع مشغولياتك" "سيتوارت وزملاؤه 1978، ص98، 99". أما عن المسئوليات، فإن كان من المرشد والمسترشد يشتركون في أنشطة معينة، ويجب أن يوصل المرشد إلى المسترشد ما يتعلق بمسئوليات كل منهما، ومن المهم أن يفهم المسترشد ماذا يمكن أن يتوقع من المرشد، ويمكن أن نصف المرشد بأنه شخص متخصص يقدم العون للمسترشد عن طريق الإنصات لمشغولياته، وملاحظته والتفاعل معه، وبصورة أدق فإنه ينبغي ملاحظة أن المرشد يساعد المسترشد في تحديد المشغوليات، وكذلك اقتراح أسلوب للإجراءات، وإذا أراد المرشد أن يوصل هذه المعلومات إلى المسترشد فإنه، أي المرشد، ربما يذكر أن الإرشاد يقدم بيئة آمنة يمكن فيها تجربت سلوكيات جديدة.

وكذلك يوضح المرشد للمسترشد مسئولياته، فالمسترشد بشكل أساسي يصف ويناقش المشغوليات الخاصة به، ويشترك في المقابلة بتزويد المرشد بالمعلومات المطلوبة، ويجب أن يوضح المرشد للمسترشد، أنه على الرغم من أنه "المرشد" سيقدم له العون، فإن مسئولية تنفيذ المهام المحددة، وكذلك مسئولية اتخاذ القرارات، وتنفيذها تظل مسئولية المسترشد، وفيما يلي مثال لما يمكن للمرشد أن يعبر به عن المسئوليات. "إن عملي كمرشد هو أن أصغي إليك وأحاول أن أفهم كيف تشعر، وكيف تفكر بالنسبة للأشياء، وأنا لن أتخذ قرارات نيابة عنك، ولكن معا سوف نصل إلى بعض الأشياء التي تأخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرار، وإذا اتخذت قرارا فسوف أساعد على إيجاد السبل لتنفيذه، إن دورك في الإرشاد هو مساعدتي على فهم كيف تفكر وكيف تشعر، وعليك أن تتخذ الإجراءات، وتنفذ المهام التي تحتاج إلى القيام بها قبل أن تصل إلى أهدافك". وأما بالنسبة لمركز الإرشاد، فإن المسترشد يجب أن يدرك أنه لكي ينجح العمل الإرشادي، فإن الإرشاد سيركز على مشغولية محددة بقصد تحقيق تعديل واضح في السلوك. ولكي يحدث هذا التغير في السلوك، فإن من الضروري إعداد هدف محدد متفق عليه من كل من المرشد والمسترشد معًا، ويصف الهدف السلوك الذي سيكون لدى المسترشد كنتيجة للإرشاد، إن المرشد بجانب توضيحه لمركز الإرشاد بشكل صريح أثناء تنظيم العلاقة، فإنه يمكن أن يفعل ذلك بشكل ضمني في المراحل التالية باستخدام أسلوب التعزيز لزيادة الاستجابة، وأسلوب الإطفاء لخفض الاستجابة، وفيما يلي مثال لبيان المرشد عن مركز الإرشاد في المقابلة الأولى. "إننا في الإرشاد نركز عادة على تكوين هدف نركز عليه، وسوف نتناول في كل مرة هدفًا واحدًا فقط، وبذلك فسوف نغطي مجموعة من الأهداف قبل أن ننهي عملنا الإرشادي". وأما الحدود Limits: عندما يناقش المرشد ما يتعلق بحدود العلاقة، فإن عليه أن يوصل للمسترشد أنهما سيتعاملان مع أنواع معينة من المشكلات، هي المشكلات

التي يمكن أن يتعرض لها كثير من الناس، ومعظم المشكلات التي يأتي بها المسترشدون هي مشكلات نمو تقابل الأفراد في حياتهم، ويجب أن يدرك المرشد حدود تدريبه ومهاراته، وعليه أن يحيل المشكلات الشديدة المتصلة بسوء التوافق إلى المختص "الطبيب النفسي"، يجب أيضا على المرشد سواء كان يعمل في مدرسة، أو في مؤسسة أخرى أن يوضح للمسترشد أن اشتراكه في العملية الإرشادية قائم على أساس الاختيار، وليس على أساس الإجبار حتى لو كان محالا من آخرين مثل المدير، أو الوكيل أو المدرسين أو الوالدين، وتقع على المسترشد مسئولية وصف المشغوليات التي جاء من أجلها، للمرشد، وما لم يكن لدى المسترشد الرغبة في الاشتراك بفاعلية في الإرشاد، فإن العملية الإرشادية لن تكون منتجة. ويجب أن يوضح المرشد للمسترشد التزامه بمبدأ السرية، وأن المعلومات التي سيدلي بها المسترشد في جلسات الإرشاد لن يجري تبادلها مع آخرين بدون إذن كتابي من المسترشد، كما يوضح له أن قاعدة السرية لن تخرق إلا إذا تحقق للمرشد أن المسترشد سيلحق الضرر بنفسه أو بالآخرين، كذلك فإن المرشد يحيط المسترشد بحدود الوقت المتاح كما ذكرنا من قبل تكون الجلسات في حدود من 20-50 دقيقة، وفي بعض الأحيان عندما تكون المقابلة بغرض المتابعة قد تختصر مدتها إلى 5-15 دقيقة. يمكن أن يصوغ المرشد ما يتصل بحدود العلاقة على النحو التالي: "إننا في الإرشاد لدينا مجموعة من الحدود التي نعمل في إطارها، فأولا إن عملي يقتصر على أولئك الذين لديهم مشكلات تتصل بنموهم، وحياتهم مما يمكن أن يقابل الناس بصفة عامة، أما المشكلات الخطيرة مثل الاضطرابات النفسية الشديدة، فإني أحيلها إلى المتخصصين في الطب النفسي -وثانيا أنت جئت للإرشاد مختارًا، ويستمر وجودك في الإرشاد طواعية أيضا، وثالثا أن كلينا مقيد بمواعيد وأوقات محددة، وفي المعتاد فإني أقابل الطالب ثلاث، أو أربع مرات في الأسبوع وتستمر كل جلسة بين 20-50 دقيقة، ومع ذلك إذا احتاج الأمر فقد أقابلك عددا أكبر من المرات.

وأخيرا فإني أود أن أركز على أن كل ما تقوله يدخل في إطار السرية التامة، ولن يسمع به بدون موافقة مسبقة منك مع استثناء واحد هو أن تكون حياة إنسان عرضة للخطر"، "ستيوارت وآخرون 1978 ص101". إنهاء المقابلة الأولى: في نهاية الجلسة الأولى يجب على المرشد والمسترشد أن يصلا إلى قرار حول استمرار علاقتهما، وإذا اتفقا على استمرار العلاقة، فإن عليهما أن يتفقا على موعد الجلسة التالية، ويجب على المرشد أن يمهد للمسترشد بقرب انتهاء الجلسة، ويمكن في ذلك أن يستخدم مهارة التلخيص: "هيا بنا نسترجع معا ما قمنا به في هذه الجلسة". "يمكن أن نلخص ما أنجزناه في هذه المقابلة". "أمامنا الآن عشر دقائق، ويمكن أن نناقش فيها ما تود أن تناقشه". تسجيل المقابلة: لا شك أن جانبا هامًّا من عمل المرشد يتجه نحو الحصول على معلومات حول المسترشد، وحول مشكلته أو مشغولياته، وهذه المعلومات تحتاج إلى تسجيل حتى يرجع إليها المرشد فيما بعد، وليس هناك قواعد كاملة متفق عليها في هذا الخصوص، والذي يميل إليه المؤلف هو أن على المرشد ألا يجعل التسجيل عملا متتابعا أثناء الجلسة؛ لأنه بذلك سيكون مشغولا أكثر مما ينبغي بهذا العمل، وفي نفس الوقت سيشعر المسترشد، وخاصة في المقابلة الأولى، والجلسات التالية لها مباشرة أن المرشد يهتم بالتسجيل أكثر مما يهتم به، وأكثر مما ينظر إليه أو يبدي التفهم لمشكلته ... والنصيحة هنا أن يسجل المرشد نقاطا صغيرة لا تستغرق من وقته سوى جانب ضئيل، كما ينصح المؤلف بعدم استخدام أنظمة التسجيل الصوتي أو بالصورة، وخاصة أن البعض يلجأ في بعض الأحيان إلى إخفاء أدوات التسجيل عن المسترشد، وإذا حدث أي نوع من التسجيل لغرض تعليمي مثلا، فإن على المرشد أن يخفي كل المعالم الدالة على شخص المسترشد، والأفضل كما قلنا: أن يقتصر التسجيل على تدوين ملاحظات عن بعض الجوانب العامة، ثم يحاول المرشد بعد انتهاء الجلسة أن يرجع إليها ويستكمل تتابعها؛ ولأن الإرشاد هو أساسًا علاقة، فليس من الممكن أن نسجل العلاقة، إنما الذي نسجله هو بعض الوقائع الهامة في حياة الفرد المسترشد.

الإحالة: referral

الإحالة: Referral يكون المرشد دائمًا في موقف المستقبل والمرسل للمسترشدين، فهو يستقبل من يحال إليه من المسترشدين من زملائه، مثلا في المدرسة من المدرسين، أو من المدير أو الوكيل أو، من الوالدين أو من المتخصصين في مؤسسات خدمية أخرى في المجتمع "مثلا مركز التأهيل، الشرطة، مستشفى، الوحدة الصحية.. إلخ"، وفي نفس الوقت فإن المرشد يقف في مواقف يضطر فيها، لاعتبارات فنية أو أخلاقية، أن يحيل بعض المسترشدين لديه إلى آخرين سواء كانوا مرشدين، أو من تخصصات أخرى مثل الأطباء والأطباء النفسيين. وفي المعتاد فإن إحالة المسترشدين أمر يقرره المرشدون بالاتفاق معهم، ويكون غالبا مع نهاية المقابلة الأولى حين يتضح لطرفي العلاقة المرشد، والمسترشد أنه يصعب عليهما الاستمرار في العلاقة لاعتبارات خاصة بالمشكلة، أو بالإعداد التخصصي للمرشد، أو لعدم كفاية الوقت لدى المرشد، أو تكون الإحالة في أي مرحلة أخرى من مراحل الإرشاد حين تصل العملية إلى طريق مسدود، وفيما يلي بعض الحالات التي يلجأ المرشد فيها إلى إحالة المسترشدين "جورج وكريستياني 1981 ص166". 1- أن تكون مشكلة المسترشد فوق مستوى مهارة المرشد. 2- عندما يكون هناك خلاف، لا يمكن حله، بين المرشد والمسترشد، وكان هذا الخلاف للدرجة التي تؤثر على العملية الإرشادية. 3- عندما يكون المرشد صديقا شخصيا أو قريبا للمسترشد، وكانت مشكلة المسترشد مما يتطلب علاقة طويلة في مدتها. 4- إذا كان المسترشد متقاعسًا عن مناقشة مشكلته مع المرشد لسبب ما. 5- عندما يشعر المرشد بعد عدة جلسات إرشادية مع المسترشد أن العلاقة بينهما غير فعالة.

كيفية الإحالة: فيما يلي بعض القواعد التي يمكن للمرشد أن يأخذها في اعتباره عند إحالة أحد المسترشدين إلى هيئة أخرى: 1- بدلا من أن تحيل المسترشد للهيئة، حاول كلما أمكن إحالة المسترشد إلى شخص محدد في تلك الهيئة، حاول التعرف دائما على الخدمات المتوافرة في المجتمع وعلى المتخصصين في هذه المؤسسات حتى يمكن أن توجه المسترشد للشخص الذي لديه المهارة اللازمة للعمل مع مشكلة المسترشد. 2- وفر للمسترشد المعلومات التي يحتاج إليها، والتي تشتمل على الأسماء، والعناوين، وأرقام التليفونات للأشخاص، أو الهيئات التي تحيله إليها، ساعد المسترشد على أن يحصل على مواعيد من تليفون مكتبك، ولكن لا ترتبط أنت له بمواعيد نيابة عنه، فالمسترشد عليه أن يتحمل المسئولية المناسبة للخطوات التالية، وهذه المسئولية تبدأ بالتزامه بموعد يحدده لنفسه. 3- قد يطلب المسترشد من المرشد أن يزود الجهة، أو الشخص المحال إليه ببعض المعلومات، والنصيحة ألا تفعل ذلك في وجود المسترشد؛ لأن هذا يثير في نفسه مزيدا من القلق -احصل منه على موافقة خطية بنقل المعلومات إلى الجهة المحال إليها، ثم افعل ذلك في وقت آخر، وربما عن طريق الهاتف. 4- لا تتوقع أن تحصل على معلومات عن المسترشد من الجهة التي أحيل إليها، فهذه المعلومات لها حماية من منطلق مبدأ السرية، وتحتاج إلى إذن كتابي من المسترشد قبل حصولك عليها.

5- كلما أمكن، تابع مع المسترشد لتعرف ما إذا كانت العلاقة الجديدة مناسبة لمواجهة حاجات المسترشد، ولكن تجنب أن تضغط على المسترشد للحصول على هذه المعلومات، وتقبل منه ما يود أن يطلعك عليه. وعملية الإحالة شأنها شأن عملية الإرشاد تحتاج أن تبنى على الثقة، والاحترام للفرد الذي يبحث عن المساعدة، ويجب ألا يفرض المرشد عليه الحلول، وإنما يعرض عليه البدائل فقط بحيث يضمن أن المسترشد قد أتيحت أمامه أفضل الفرض ليستفيد منها.

مراجع الفصل الرابع

مراجع الفصل الرابع: - Brammer, L. & shostrom, E. "1977" Therapeutic Psychology: Funedamentals of Counseling and Psychotherapy. Englewood, Cliggs, N. J.: Prentice-Hall. - Brockmann, N. C.-& Moller, A. T. "1973" Preffered Seating Pasition and distance in various situations. Journal of Counseling Psycholgy. 20 "6" 5o4-5o8. - Chaikin, A., Derlega, V. J. & Miller, S. J. "1976" Effects of room environment on self disclosure in a counseling analogue Journal of Counseling Psychology. 23, "5" 479,481. - Eisenberg, D. & Delaney, S. "1976" The Counseling Process. "2 nd ed" Chicago: Rand Mc. Nally. - George, R. L. & Cristiani, T. S. "1976" Theory, Methods, and Process of Counseling and Psychotherapy. Englewood Cliff, N. J.:Prentice- Hall. - Haase, R. F. & Dimattia, D. J. "1976" Spatial environments and Verbal Conditioning. in a Qvasi- counselig interyiew-Journal of Counseling Psychogy. 23 "5" 414-429. - Hansen, J. C, Stevic, R. R., & Warner, R. W. "1977" Counseling: Theory and Process - "2 nd ed" Boston: Allyn and Bacon. - Pietrofesa, J. J., Splete, H. H, Hoffman, A. & Pinto, D. V. "1978" Counseling. Theory, research and Practice. Chicago: Rand Mc. Nally. - Stewart, N. R, Winborn, B. B., Johnson, R. C, Burks, M. M. & Engelkes, J. R. "1978" Systematic Counseling. Englewood Clffs, N. J.: Prentice- Hall.

الفصل الخامس: تصوير المشكلة

الفصل الخامس: تصوير المشكلة: "التشخيص" Conceptualizing Counslee Problems: ها نحن قد بدأنا الإرشاد أو العلاج مع المقابلة الأولى، ومن خلال العلاقة ندع للمسترشد فرصة عرض مشكلته. حين يبدأ المسترشد في التعبير عن مشكلاته أو مشغولياته، فإنه يقول على سبيل المثال: "لا أحد يحبني، لا أحد في البيت يفهمني، لا أحد في المدرسة يريد أن يصاحبني". "لقد كنت مثالا للطلاب في المدرسة من حيث الانتظام في أداء الواجبات والحصول على الدرجات العالية، والآن لا أعرف ماذا حدث لي، تدنت درجاتي ولم أعد أطيق المدرسة". هذه العبارات لا تصف المشكلات التي يعاني منها المسترشد وصفا كاملا، وهي تتسم إلى حد ما بأنها مبهمة -ومن هنا يبدأ دور المرشد في محاولاته لتحديد المشكلة بشكل أدق من خلال استخدامه للعلاقة الإرشادية، ومهاراته في الملاحظة والإصغاء، وباستخدام الجوانب العلمية التي تدرب عليها، والتعامل مع مصادر مختلفة وباستخدام الأدوات المناسبة، وليصل بصورة أو أخرى إلى تحديد صورة أقرب ما تكون إلى الواقع لمشكلة المسترشد، وتعرف هذه الإجراءات في بعض الأحيان بالتشخيص Diagnosis اشتقاقا من النموذج الطبي، كما يطلق عليها البعض بناء نموذج للمشغوليات "ستيوارت وزملاؤه 1978" Building Model for Concerns كما يسميها البعض التعرف على المشكلة، وتحديدها انطلاقا من نموذج حل المشكلات، "مثل ديكسون وجلوفر 1984" أو تقدير السلوك Assessment of Behavior كما تعرف في العلاج السلوكي، أو تصوير المشكلات كما يطلق عليها كورميير وكورميير "1985"، وهو التعبير الذي اخترناه في النموذج الحالي، والذي سنناقشه في هذا الفصل.

معنى المشكلة

معنى المشكلة: لا شك أن كل واحد فينا قد مر في وقت من الأوقات بموقف تبدى له ساحقا وعسيرًا، حاول أن يخرج منه بشكل أو بآخر، وهذا الموقف بمثل في الواقع موقف مشكلة، فالمشكلة توجد عندما لا يكون أمام الشخص، أو الأشخاص الذين يتعرضون لها استجابات بديلة وفعالة واضحة، تعتبر حلولا، بعبارة أخرى أن المشكلة تظهر عندما يجد الناس أنفسهم في مواقف، ويودون أن يكونوا في غيرها، ولكنهم لا يعرفون كيف يصلون لذلك. ويرى ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Glover أن المشكلة توجد في أي وقت يكون المرء عنده في موقف، ويريد أن يكون في موقف آخر، ولكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك، والمشكلات تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا، وتحدث في صور كثيرة. ويميز ويكيلجرين "1974" Wicklegren بين نوعين من المشكلات: 1- المشكلة الواضحة المعالم: well defined: وهي المشكلة التي تشتمل على كل المعلومات التي يحتاج إليها الشخص ليقوم بحلها، ولا يحتاج أن يضيف إليها شيئًا، كما تكون هناك إجابات صحيحة محددة للمشكلة، وكذلك أساليب موصوفة للحل "هايز 1978 Hays". 2- المشكلة غير واضحة المعالم: Ill- defined: وهي على عكس الأولى، ليس لها إجابة صحيحة محددة، وهي تعتمد في الحل على المعلومات التي يوفرها الأشخاص الذين يحاولون حلها. وفي المعتاد فإن هذه المشكلات تتطلب من القائمين بحلها أن يتأملوها، ويفكروا فيها مليا قبل محاولة استخدام الحلول، وغالبا ما تستخدم المحاولة، والخطأ في تحديد المأزق.

ومعظم مشكلات الحياة هي من النوع غير واضح المعالم، ويدخل في ذلك المشكلات التي يعرضها المسترشدون في الإرشاد، وهناك فرقان رئيسيان بين النوعين، الأول: في المشكلة غير الواضحة المعالم، فإن الناس هم الذي يحددون وجودها، وليست المواقف، فقد تكون هذه المشكلة لدى الشخص "أ"، ولا تكون لدى الشخص، "ب" الذي يعيش معه نفس الموقف، والثاني: هو أن القائم بحل المشكلة نفسه هو الذي يوفر المعلومات الضرورية لتحديد المشكلات سيئة التعريف أي غير الواضحة المعالم. ما هي المشكلة النفسية: Psychological Problem: المشكلات النفسية بوجه عام هي صعوبات في علاقات الشخص بغيره، أو في إدراكه عن العالم الذي حوله، أو في اتجاهاته نحو ذاته، ويمكن أن تتصف المشكلات النفسية بوجود مشاعر القلق، والتوتر لدى الفرد، وعدم رضائه عن سلوكه الخاص، والانتباه الزائد لمجال المشكلة، وعدم الكفاءة في الوصول إلى الأهداف المرغوبة، أو عدم القدرة على الأداء الفعال في المجالات النفسية. وفي بعض الأحيان فإن المشكلة تحدث عندما يكون الشخص فيه في موقف لا يتشكى منه، ولكن الآخرين في البيئة المحيطة به يتأثرون بسلوكه، أو يحكمون عليه بأنه غير فعال، أو مدمر أو غير سعيد أو معطل، أو يأتي بسلوكيات تضر بمصلحته، وبمصلحة المجتمع الذي يعيش فيه. وبذلك فإن خصائص المشكلة النفسية تتوافر عندما: 1- يعاني المسترشد من عدم ارتياح شخصي، أو انشغال أو مخاوف لا يمكنه أن يتخلص منها اعتمادا على مجهوده، وإنما يحتاج إلى من يساعده في ذلك. 2- يظهر المسترشد عيبا سلوكيا، أو ينخرط بشكل مبالغ فيه في سلوك يعطل الأداء المتعارف على أنه ملائم لدى الفرد أو غيره. 3- ينغمس المسترشد في أنشطة يعارضها أولئك الذين من حوله، وتؤدي إلى نتائج سلبية سواء له أو لغيره.

4- يظهر المسترشد انحرافات سلوكية ينتج عنها عقوبات اجتماعية رادعة من جانب المحيطين به في بيئته المباشرة. "كانفر وجولدشتين Kanfer & Goldstein, 1980 p 7-8" وقد ترتبط المشكلات النفسية في بعض الأحيان بمشكلات في مجالات أخرى، وعلى سبيل المثال قد يؤدي حادث سيارة إلى حدوث عجز لدى الشخص المصاب، مما يؤدي بدوره إلى ردود فعل نفسية لديه، كذلك فإن الشخص الذي فقد وظيفته، أو شريك حياته، أو مدخراته قد يواجه مشكلات نفسية بصورة مؤقتة، وغالبا فإن مثل هذه المشكلات الانتقالية "العابرة" لا يعمل المرشدون معها بشكل أساسي، إذ أنها تحل عن طريق التعامل مع مصدر المشكلة، فمثلا الشخص الذي حدث له عجز يمكن التعامل مع مشكلته في إطار برامج التأهيل، والشخص الذي فقد وظيفته بما ترتب عليها من تعاسة يمكن مساعدته بشكل أفضل إذا ساعدناه في الحصول على وظيفة أخرى عما لو قصرنا اهتمامنا على مشاعره تجاه ما فقده. ولهذا، فإن على المرشد أن يعمل على التعرف على المشكلة بأكملها ليحدد ما إذا كان التعامل بنجاح، ولو مع بعض جوانبها -يمكن أن يكون أكثر فاعلية لو تم بواسطة متخصص آخر غير المرشد "مثلا الطبيب النفسي، أو الأخصائي الاجتماعي"، بينما تبقى جوانب مثل اتجاهات الشخص، وسلوكياته، وتفاعلاته مع الآخرين في المواقف المختلفة، هي المجال المناسب للمتخصصين بالصحة النفسية "كانفر وجولد شتين 1980 ص8". معنى التقدير: Assessment: لكي يمكن للمرشد أن يبني تصورا دقيقا لمشكلات المسترشد أو مشغولياته، فإنه يقوم بعملية تقدير Assessment. والتقدير، مصطلح شاع في الاستخدام في الفترة الأخيرة خاصة في مجال العمل الإرشادي، والعمل العيادي في علم النفس، ويقرر سندبرج "1977 p21" Sundburg أن المصطلح ظهر لأول مرة في كتاب الرجال Assessment of Men الذي نشره

مكتب الخبرات الاستراتيجية بالحكومة الأمريكية "1948"، وكانت الحكومة الأمريكية قد عهدت إلى ذلك المكتب باختيار أفراد الخدمات الخاصة بالجيش الأمريكي إبان الحرب العالمية الثانية. وفي رأي سندبرج أن اصطلاح تقدير الشخصية Assessment of Personality يقصد به مجموعة من العلميات التي تستخدم بواسطة شخص، أو أشخاص لتطوير انطباعات وتصورات، واتخاذ قرارات واختبار فروض حول حول نمط الخصائص المتعلقة بشخص آخر، والتي تحدد سلوكه في تفاعله مع البيئة، أي أن التقدير يشتمل على ثلاثة جوانب هي: 1- تطوير أوصاف، وتصورات عن الشخص الذي نقدره. 2- المساعدة في اتخاذ قرارات حول علاقة هذا الشخص ببيئته. 3- استخدام وسائل التقدير كأدوات بحث في اختبار الفروض حول الشخصية. أي أن مهمة التقدير هي بناء تصورات، واتخاذ قرارات وبناء نظريات بما في ذلك الربط بين النظرية والممارسة. ويتكون تقدير المشكلة Problem Assessment من الإجراءات والأدوات التي تجمع، وتحلل البيانات التي استنادا إليها يتطور برنامج الإرشاد. وللتقدير ستة أغراض هي1: 1- الحصول على معلومات عن مشكلة المسترشد الراهنة، والمشكلات المرتبطة بها. 2- التعرف على المتغيرات الضابطة، والمشتركة المرتبطة بالمشكلة. 3- التعرف على توقعات المسترشد حول نتائج الإرشاد. 4- جمع بيانات لتكوين خط البداية، بحيث يمكن مقارنتها مع البيانات عند انتهاء العمل الإرشادي، وذلك لتقدير وتقويم مدى نجاح المسترشد، وآثار طرق العلاج، مما يساعد المرشد على أن يقرر ما إذا كان سيستمر في خطة العلاج، أم يقوم بتعديلها.

_ 1 Paul, 1967 p. 111.

5- تعليم المسترشد وتحفيزه من خلال مشاركته وجهات النظر حول المشكلة، بما يزيد من تقبله للعلاج، والإسهام في التغيير عن طريق الاستجابة. 6- استخدام معلومات متحصل عليها من المسترشد للتخطيط للمعالجة الفعالة، وتساعد المعلومات المتحصل عليها أثناء التقدير على الإجابة على السؤال الآتي: ما نوع المعالجة التي تستخدم؟ ومن يقدمها؟ وتحت أي معجموعة من الظروف؟ معنى تصوير المشكلة: إن المرشد يقوم في العادة بجمع كمية كبيرة من المعلومات من المسترشدين خلال هذه المرحلة من الإرشاد، وما لم يتمكن المرشد من أن يدمج، ويركب هذه البيانات مع بعضها البعض، فإن قيمتها تغدو ضيئلة، وتتضمن مهام المرشد خلال عملية التقدير معرفة أنواع المعلومات التي يحصل عليها، وكيف يحصل عليها، وكيف يعضها مع بعضها البعض في صورة لها معنى، واستخدامها لتوليد مجموعة من الفروض الإكلينيكة حول مشكلات المسترشدين، وهذه الفروض تقود إلى أفكار مبدئية عن خطة العلاج، وهذا النشاط العقلي من جانب المرشد يطلق على تصوير المشكلة، والذي يعني ببساطة الطريقة التي يفكر بها المرشد حول تجسيد مشكلة المسترشد. وفي تصويره لمشكلة المسترشد، فإن المرشد يستخدم في ذلك نموذجا يرتبط عادة مع النظرية، أو النموذج الذي يستخدمه في عمله الإرشادي "سلوكي أو إنساني، أو معرفي، إلخ"، وسوف نعود إلى مناقشة نماذج تصوير المشكلات فيما بعد، في موضع آخر من هذا الفصل.

التشخيص في مجال الإرشاد: diagnosis in counseling

التشخيص في مجال الإرشاد: Diagnosis In Counseling: مفهوم التشخيص: ظهر مفهوم التشخيص أولا في مجال الطب حيث يعرف بأنه: "تمييز المرض، والتعرف على أعراضه" ويقوم التشخيص على أساس محاولة تصنيف المرض إلى مجموعات منفصلة عن بعضها البعض حيث تضم المجموعة عددا من الأمراض التي تشترك في السبب، أو في التطور أو في النتيجة.

وقد انتقل المفهوم إلى الإرشاد عن طريق الطب النفسي -وهو الفرع من الطب الذي يتعامل مع المشكلات النفسية للإنسان في إطار طبي. وفي الوقت الحاضر، فإن استخدام مصطلح التشخيص في الإرشاد يثير جدلا كبيرا حول ما يؤديه من وظيفة في هذا الفرع من العلم، حيث يرى أنصار التشخيص أن له دورا كبيرا في الإرشاد بينما يبني المعارضون رأيهم على أن المشكلات التي تطرح في مجال الإرشاد لا يمكن الفصل بينها بسهولة، كما أن الأدوات المتوافرة ليست محددة بدقة لتكون فعالة. ويرى هانسن وزملاؤه "1977" Hansen etal أن الغرض من التشخيص في الإرشاد هو التعرف على أسلوب حياة المسترشد في أدائه، أو بشكل أدق منغصات أسلوب الحياة، وعن طريق التعرف على مجال المشكلة، فإن المرشد يمكنه بالاشتراك مع المسترشد أن يكونا أهداف العملية الإرشادية، ويمكن أن ننظر للتشخيص على أنه تحقيق مجموعة وظائف في عملية الإرشاد منها: 1- يمكن استخدامه لتصنيف المشكلة الخاصة بالمسترشد، ومن ثم تحديد مجالها، وهذا يشبه ما يحدث في الطب من تشخيص لتحديد العلاج المناسب؛ ولأن معظم المسميات في الإرشاد ليست منفصلة عن بعضها البعض بحيث تفترض وجود علاج فارق، فإن التشخيص يستخدم لكي يعطي صورة شاملة، وتعتبر عملية جمع المعلومات الخاصة بالمسترشد، واستخدامها كأساس لاتخاذ القرارات المتصلة به سواء في الجوانب التعليمية، أو المهنية من الأمور الرئيسية في الإرشاد. 2- هناك مفهوم آخر للتشخيص، وهو إعداد فرض عملي لفهم المسترشد، حيث يطور المرشد تصورًا للمسترشد، أو نظرية فردية تتغير باستمرار معرفة المرشد للمسترشد بشكل أكبر، وعادة فإن هذا النموذج يبنى على أساس نظرية الإرشاد التي يتبعها المرشد. وفي بعض المواقع، فإن المرشد قد يجري مقابلة للتشخيص حيث يجري تقويما للحالة النفسية الراهنة للمسترشد، والعوامل المسببة للسلوك، بما يساعد على اقتراح

العلاج وتحديد مآل التوافق في المستقبل، ومثل هذه المقابلة تستخدم للتقويم على أن تبدأ العملية الإرشادية فيما بعد، وغالبا ما تكون مع مرشد آخر غير الذي قام بالتشخيص، ومع ذلك فإنه في معظم المواقع نجد التشخيص، والإرشاد يتداخلان مع بعضهما البعض عندما يبدأ المرشد المقابلة الأولى، ويستمر العمل مع المسترشد مع الأخذ في الاعتبار أن التشخيص Diagnosis ليس حكما Judgment عند نقطة من الزمن، وإنما هو جزء ملتحم في العملية الإرشادية المستمرة. ويبني المدافعون عن استخدام التقويم التشخيصي في الإرشاد تأييدهم على افتراض أن التشخيص يوفر الوضوح، والترتيب داخل مجال شديد التعقيد، ويرون أن التشخيص يمكن المسترشد من أن يدمج بين عدد كبير من العناصر المختلفة من المعلومات في نمط ما يمكن فهمه، ويسمح للمرشد أن يتوقع بعض الجوانب عن المسترشد، كما أنه يوفر أساسًا راسخًا يبنى عليه خطط التعامل معه. أما العامل الثاني الذي يبنون عليه تأييدهم لاستخدام التشخيص في الإرشاد، فهو افتراض أن التشخيص سيساعد في اختيار المسترشدين للعلاج أو استمرار العلاج، ويجب على المرشد أن يقرر ما إذا كانت المؤسسة التي يعمل فيها يمكن أن توفر الأنواع المناسبة من العلاج لمساعدة المسترشد حيث إن من المتعارف عليه الآن أن المرشدين لا يعملون مع الحالات الشديدة، الذين لديهم حالات ذهانية، أو أعراض مثل الهلاوس والهذاءات، وأولئك الذين يتطلبون الإقامة في مستشفيات، وهي حالات يحسن إحالتها للطبيب النفسي. أما العامل الثالث فهو مساعدة المرشد في تحديد ما يحتاج إليه المسترشد بشكل أكبر، هل يحتاج المسترشد لمعلومات أو استبصار؟ هل هو في حاجة إلى توضيح أو مساندة، أم يحتاج إلى الجانبين معا؟ هل السبب الذي أعلنه المسترشد عند حضوره للإرشاد هو المشكلة الحقيقية، أم مجرد واجهة له؟ هذه هي التساؤلات التي يحتاج المرشد للإجابة عليها قبل بدء العلاج المناسب، ولقد كانت نتيجة نقص التحديد في التشخيص، والعلاج أن نظر كثير من المرشدين إلى التشخيص باعتباره لا يمثل جانبا هاما في الإرشاد ولقد كان التشخيص يعتبر واحدا من أكثر المهارات أهمية لدى المرشد حتى ظهرت حركة الإرشاد غير المباشر "الاسم القديم لنظرية العلاج المتمركز حول الشخص لكارل روجرز"، ومنذ ذلك الوقت، والمدافعون عن استخدام التشخيص في الإرشاد يجمعون البحوث، ويكتبون مدافعين عن رأيهم في محاولة لإظهار الإسهامات الإيجايبة للتشخيص الذي يقوم به المرشد، وبصفة خاصة في مجالين هما التصنيف Classification، والفهم Under standing.

أولا: التشخيص كتصنيف

أولًا: التشخيص كتصنيف: كان الهدف من استخدام التشخيص هو الوصول إلى تحديد مسمى، أو عنوان للمشكلة، ولقد ظهرت أنظمة مختلفة في مجال الإرشاد لتصنيف المشكلات، ونورد فيما يلي بعض هذه الأنظمة: 1- تصنيف ويليامسون ودارلي "1937" Wiliamson & Darley: حدد الباحثان الفئات التشخيصية التالية على أساس أنها تشتمل على كل المشكلات التي يتعامل معها المرشد: "1" مشكلات مهنية. "2" مشكلات تعليمية. "3" مشكلات شخصية/ اجتماعية أو نفسية. "4" مشكلات مالية. "5" مشكلات صحية. "6" مشكلات أسرية. 2- تصنيف بوردن "1946" Bordin: أعرب بوردن عن عدم رضائه عن المجموعات التي اشتمل عليها تصنيف ويليامسون ودارلي، حيث اعتبرها ذات وجهة اجتماعية، وأنها تجاهلت الديناميات

النفسية، وكذلك فهي تصف الصعوبة أو المشكلات، ولكنها تتجاهل مصدرها، ويرى أن هذه الفئات التشخيصية تتداخل مع بعضها البعض، ولا تساعد على المعالجة الفارقة، وقد أعد بوردن نظاما تشخيصيا وصفه بأنه "وصف نفسي يبدأ بوصف الفرد لتنظيم خصائصه السلوكية، واستجاباته التي يستجيب بها لبيئته الاجتماعية"، وفيما يلي ملخص لمجموعة المفاهيم التشخيصية التي قدمها بوردن مع السبب الشائع، والمعالجة التي اقترحها. 1- الاعتمادية: Dependence: المسترشد لم يتعلم أن يتحمل المسئولية لحل مشكلاته الشخصية، والمرشد يساعد المسترشد في كسب الاستبصار لمشارعه حول التعامل مع مشكلات الحياة اليومية، والحصول على الخبرات التي ستجعله مستقلًّا. 2- نقص المعلومات: Lack of Information: الخبرات الماضية للمسترشد لم تزوده بالمعرفة الضرورية للتعامل مع الموقف، ويجب على المرشد أن يعطي المسترشد المعرفة اللازمة للتعامل مع الموقف، ويجب على المرشد أن يعطي المسترشد المعلومات اللازمة، أو يوجهه إلى المصدر المناسب لها. 3- الصراع الذاتي: "صراع الذات" Self Confliet: يكون هناك شعوران أو أكثر يدفعان المسترشد، ويساعد المرشد المسترشد على أن يتعرف علي، ويتقبل المشاعر المتصارعة بحيث يمكنه أن يحل الصراع. 4- قلق الاختيار Choice Confliet: يكون المسترشد غير قادر على مواجهة، وتقبل موقف حتمي غير سار، ويساعد المرشد المسترشد على أن يتحقق من المشكلة ويتقبلها، ومن ثم يتخذ قرارا. 5- لا توجد مشكلة No Problem: يكون المسترشد في حاجة للمساندة في متابعة قرار قد اتخذه فعلا، أو يمحص لتحديد ما إذا كان على الطريق الصحيح، وينبغي على المرشد أن يقدم مساندته للمسترشد.

وفي تقويمه لنموذج بوردن، كتب رويينسون "1963" Robinson أن هذه الفئات لا تعطي أي دليل تشخيصي عن السبب الممكن للمشكلة، وبذلك فلا يوجد سوى إشارة ضئيلة للمعالجة التي يمكن استخدامها. 3- تصنيف بيبنسكي وبيبنسكي: "1948" Pepinsky & Pepinsky: اقترح بيبنسكي وبيبنسكي مجموعة من الفئات التشخيصية على أساس من نموذج بوردن التشخيصي مشتملا على نفس الفئات مع التوسع في فئة الصراع النفسي "الذاتي"؛ لتشتمل على ثلاث فئات فرعية هي: الصراع الذاتي الحضاري، الصراع الذاتي في العلاقات الشخصية، والصراع الذاتي داخل الفرد، كما اقترح فئة نقص التأكيد Lack of Assurance لتحل محل فئة لا توجد مشكلة No problem التي لم تكن تشرح السبب الذي من أجله جاء المسترشد للإرشاد، كذلك أضافا فئة أو مجموعة سادسة أطلقا عليها نقص المهارة Lack of skill. وبذلك فإن الفئات أو المجموعات التشخيصية التي اشتمل عليها تصنيف بيبنسكي، وبيبنسكي هي على النحو التالي: "1" الاعتمادية "الاعتماد على الآخرين". "2" نقص المعلومات "الحاجة إلى معلومات". "3" الصراع الذاتي، "الصراع الذاتي الحضاري -الصراع الذاتي في العلاقات- الصراع الذاتي داخل الفرد". "4" قلق الاختيار. "5" نقص التأكيد. "6" نقص المهارة. وقد أجرى بيبنسكي تقويما لهذا التصنيف باستطلاع الآراء من 115 مرشدًا، حيث أقام كل مرشد ممن اشتركوا في البحث تشخيصه على أساس مجموعة كبيرة من البيانات المتوافرة عن المسترشدين، وتوصل الباحث إلى ما يأتي:

"1" أن فئات الصراع في العلاقات، الصراع داخل الشخص، نقص التأكيد، نقص المعلومات ونقص المهارات، تعتبر فئات مستقلة كما أنها تحدد الأسباب، أو العوامل الهامة. "2" أن تقديرات المرشدين لم تكن قادرة على التمييز بين الصراع الحضاري، والاعتمادية. "3" أن قلق الاختيار لم يدرس دراسة منهجية لندرته بين الحالات التي تمت دراستها. 4- تصنيف بيرن "1958" Byrne: قام بيرن بتعديل تصنيف بيبنسكي، وبيبنسكي على النحو التالي: "1" عدم النضج "بدلا من فئة الاعتمادية". "2" نقص المعلومات. "3" نقص الاستبصار، "بدلا من الصراع الذاتي بمجموعاته الثلاث". "4" نقص التأكيد. "5" نقص مهارة حل المشكلات، "بدلًا من نقص المهارة". "6" سيطرة البيئة "أشخاص أو مواقف". 5- تصنيف روبينسون: "1963" Robinson: اقترح روبينسون التصنيف التالي: "1" سوء التوافق الشخصي. "2" الصراع مع الآخرين ذوي الأهمية في حياة المسترشد. "3" مناقشة الخطط. "4" نقص المعلومات حول البيئة.

"5" عدم النضج. "6" نقص أو عيوب المهارة. 6- تصنيف كاليس "1965" Callis: وضع كاليس تصنيفا تشخيصيا ذا بعدين: "أ" على البعد الأول تقع ثلاث فئات مما تضمنه تصنيف ويليامسون ودارلي. "1" المهنية "Voc". "2" النفسية "الانفعالية" "EM". "3" التعليمية "Ed". وقد أطلق على هذا البعد هدف المشكلة Problem goal. "ب" البعد الثاني أطلق عليه بعد السبب، ويشتمل على خمس فئات. "1" نقص المعلومات عن فهم الذات "LIS". "2" نقص المعلومات عن فهم البيئة "LIS". "3" صراع الدوافع داخل الذات "CS". "4" الصراع مع الآخرين ذوى الأهمية في حياة الفرد "CO". "5" نقص المهارة "مثلا ضعف القراءة، أو عادات الاستذكار السيئة" "LS". وهذا البعد الخاص بالأسباب، يحاول أن يركز على ما ينقص في الإمكانيات الشخصية للمسترشد التي تسبب عدم القدرة على حل المشكلة. ونموذج كاليس ذو البعدين لتصنيف المشكلات الإرشادية، ينتج لنا خمس عشرة فئة تشخيصية ممكنة، ويضع المرشد المسترشد في واحدة من الفئات في كل بعد مع وضع الفئة الخاصة ببعد هدف المشكلة أولا يليها فئة سبب المشكلة، وقد نجح تصنيف كاليس في استخدامه في التسجيل.

سبب المشكلة. شكل "8" نموذج كاليس وكيفية تحديد مشكلة المسترشد عليه. تصنيف الجمعية الأمريكية للطب النفسي: في كثير من المواقف يجد المرشد نفسه بحاجة إلى أن يشخص الاضطرابات النفسية، كما قد يحال إليه بعض المسترشدين ممن لديهم تاريخ في المرض النفسي، ومعهم تشخيصات تدل على ذلك، وفي هذه الحالات فإن المرشد بحاجة للتعرف على المسميات المستخدمة في المجال، ومن الأنظمة التصنيفية الرئيسية في هذا المجال ذلك الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي تحت اسم دليل التشخيص الإحصائي Diagnostic Statistical Manual، والذي يرمز له بالرمز DSM، وقد صدر الإصدار الثاني منه عام 1968 DSM II كما صدر الإصدار الثالث منه عام 1980 DSM III ثم صدرت مراجعة للإصدار الثالث عام 1987 DSM-III-R 1. ويشتمل الدليل على توصيف للأمراض النفسية، والعقلية حيث تقسم إلى 16 فئة تشخيصية أساسية، تنقسم بدورها إلى أقسام فرعية، لكل فئة منها معايير تشخيصية خاصة. وهذه المحكات التشخيصية تساعد المعالج على تقدير، وتصنيف مشكلات المسترشدين، ويشتمل التشخيص على خمسة محاور رئيسية "انظر ملحق رقم 1، وملحق رقم 2". الأول: الزملات الإكلينكية "العيادية"، والحالات التي تعزى إلى اضطراب عقلي، وليست محورا للانتباه أوالعلاج. الثاني: اضطرابات الشخصية "الراشدين"، واضطرابات النمو "الأطفال". الثالث: الاضطرابات أو الحالات البدنية. الرابع: شدة الضغوط النفسية الاجتماعية. الخامس: أعلى مستوى للأداء التكيفي خلال السنة الماضية. وعلى الرغم من المزايا التي يقدمها هذا التصنيف التشخيصي في مجال الأمراض النفسية، فإن هناك انتقادات كثيرة توجه إلى فكرة التصنيف بصفة عامة سواء في ميدان الإرشاد، أو العلاج النفسي أو في ميدان التربية الخاصة أو غيرها، وأول هذه الانتقادات أن تصنيف الفرد في فئة معينة يجعله يحمل لافتة Label "لقب أو وسم"، وهذه اللافتة قد تلحق به أضرارا حيث إن المجتمع يميل إلى التعامل مع الفرد من منطلق قوالب معينة يحمل تجاهها اتجاهها خاصة.

_ 1 صدر الإصدار الرابع من هذا الدليل DSM- IV عام 1994 بعد مثول هذا الكتاب للطباعة.

ثانيا: التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته

ثانيا: التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته إن الممارس للإرشاد يمكن أن يلمس مدى ضعف أنظمة تصنيف المشكلات، ومن ثم استخدام التشخيص في تحديد المشكلة، فالنتيجة التي يصل إليها المرشد بعد جهده التشخيصي هي أن يضع مشكلة المسترشد تحت فئة واحدة بينما في الواقع قد تكون المشكلة موزعة على عدد من الفئات، بل إن هناك صعوبة أخرى يقابلها المرشد من اعتماده على التشخيص بقصد تحديد المشكلة، وهي أن مثل هذا التشخيص من النادر أن يرتبط بالأساليب الإرشادية. وعلى مر السنين، فإن المعارضين لاستخدام التشخيص "على النحو الذي كان يسعى إليه دائما، وهو تحديد فئة تشخيصية لمشكلة المسترشد"، وبصفة خاصة أتباع نظرية

العلاج المتمركز حول الشخص لم يهتموا بتكوين تنظيم، أو بنية للإرشاد من أي نوع بما في ذلك التشخيص والتقدير، فهم يعتبرون التشخيص مسكنا وسطحيا، وفي بعض الأحيان، يكون مقيدا وسلبيا للعلاقة الإرشادية، والسبب الرئيسي لرفض الاعتماد على التشخيص أن يفهم ديناميات سلوكه الخاص، وأن التغير في السلوك يأتي فقط عندما يحدث تغير في إدارك الذات، وفي رأي روجرز أن المسترشد سوف يتعامل مع أو يستكشف مشكلاته حالما يستطيع أن يتحمل الألم، وأنه سيعايش تغيرًا في الإدراك بالسرعة التي يمكن بها للذات أن تطيق الخبرة "1951، ص222"، ويضع التشخيص قوانين التقويم في أيدي "خبير" مما قد يؤدي إلى احتضان مشاعر الاعتمادية، ويتداخل مع العلاقة الجيدة "يشوش عليها", وكذلك فإن باترسون Patterson يرى أن التشخيص ليس ضروريا؛ لأن كل سوء التوافق متشابه في مصدره، وأن أسلوب الإرشاد لا يعتمد على طبيعة، أو محتوى الصراع. وقد تحدث نظرية العلاج المتمركز حول الشخص مفهوم التشخيص، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالتصنيف، ومع ذلك فإنه يمكن النظر للتشخيص في الإرشاد على اعتبار أنه عملية للفهم Understandintg، وبذلك يمكن إدخال فكرة التشخيص في نظرية روجرز، والإطار المرجعي بطريقة تختلف كثيرا عن استخدامه "أي التشخيص" في تحديد الفئات التشخيصية، وقد وافق روجرز على استخدام التشخيص بالمفهوم التالي: "إن العلاج بصورة دالة ودقيقة هو في الواقع تشخيص، والتشخيص هو عملية تجري في خبرات المسترشد أكثر من كونها في ذهن المرشد". ويعلق هانسن 1977 على ذلك بقوله: "إن التشخيص هو عملية تجري في خبرات المرشد كما تجري في خبرات المسترشد، ويشتمل التشخيص، باعتباره تفهما، إعداد فروض عملية، تتغير وتراجع مع أي عوامل معرفية، ووجدانية جديدة يظهرها المسترشد في المقابلة، أو من خارج المسترشد نفسه، وبمعنى آخر فإننا ننظر للمرشد على أنه يبني فروضا حول المسترشد، ويعد نموذجا لهذا المسترشد، أو نظرية مصغرة حول هذا المسترشد.

ولكي يستخدم المرشد التشخيص بفاعلية على اعتبار أنه فهم المسترشد، فإنه "أي المرشد" يبقى منفتحا على ذاته، وعلى المعلومات الجديدة المقدمة، وعملية التشخيص عملية مركبة تستدعي أن يفهم المرشد كل ما يستطيعه من جوانب المسترشد. يقترح روبينسون "1967" Robinson أن هناك أربعة جوانب على الأقل نحتاجها في تحليل المسترشد للوصول إلى تشخيص يكون أساسا لاختيار الطرق المناسبة للإرشاد. الجانب الأول: هو المفهوم التقليدي للنظر في أسباب المشكلة ليمكن تحديد محتوى المعالجة، ويكون من الضروري إجراء دراسة حالة لفهم النمط المعقد للعوامل المسببة، وكذلك الديناميات السابقة للمسترشد في التوافق مع موقفه، ويمكن جمع معظم هذه المعلومات في المقابلة الإرشادية كما أن إسهامات الاختبارات لها قيمة هامة في تزويدنا بمعلومات قيمة. الجانب الثاني: يمضي وراء البحث عن مجالات العلاج، ويبحث عن الإيجابيات ويركز على وصف الأهداف التي تدخل في بناء جوانب القوة للمسترشد، وبذلك نعطي للإرشاد وجهة، ويركز التشخيص هنا على التعرف على المجالات الإيجابية في حياة المسترشد، والتي يرغب "المسترشد" في تقويتها. الجانب الثالث: يتضمن اكتشاف المرشد للأسلوب الذي يستجيب به المسترشد للمنبهات بحيث يمكنه اختيار طرق الإرشاد المناسبة -وينظر المرشد لأساليب التوافق لدى المسترشد ليعمل على تعزيزها. الجانب الرابع: يشتمل على الاستجابة، الصادرة عن المرشد من لحظة لأخرى، لمساعدة المسترشد على تعلم المزيد من السلوكيات المناسبة. ومع تصوير المسترشد، ومجال المشكلة، وديناميات المسترشد في التوافق، وأهداف الإرشاد، فإن المرشد يتعلم أي الأساليب الفنية يكون أكثر ملاءمة للفرض الذي يعمل من أجله في وقت معين.

يرى هانسن وزملاؤه "1977" أن استخدام التشخيص في صورة فرض عملي يبدو ذا قيمة، ويورد النص التالي المأخوذ عن كيل وميولر "1966" Kell & Mueller الذي يصف كيفية الاستفادة لأقصى ما يمكن من التشخيص. "التشخيص.. هو عملية علاقات شخصية فيها الغرض الوحيد من التشخيص هو فهم العلاقة بدرجة جيدة تكفي للمرشد ليساعد المسترشد على التغيير. والتشخيص المبدئي هو واحد من الوسائل التي لدى المرشد لتحريك العلاقة الإرشادية.. ومع مضي العملية الإرشادية في التقدم المناسب، فإن عملية التشخيص تصبح أكثر ودا وخصوصية ... وسواء تغير تشخيص المرشد أم لم يتغير فإن هذا يتوقف على ما إذا كانت العلاقة الإرشادية قد صارت أقرب؛ -لأنه فقط في العلاقة الإرشادية الودودة "الحميمة" يكون المسترشد آمنا ليتحدث عن المعنى الذي يحمله سلوكه الشخصي بالنسبة له.. ومع تطور العلاقة إلى الأقوى، فإن التشخيص يصبح بالضرورة أكثر تحديدًا، ويترك المرشد الأفكار العامة بشكل أكبر، وأكبر وراءه كلما دخل هو، والمسترشد بشكل أعمق في معاني خبراته "أي خبرات المسترشد". ومن بين الأساليب المتنوعة التي يقيم المرشد عليها تشخيصه لفهم المسترشد، فإن الأسلوب التالي، والذي أطلق عليه هانسين وزملاؤه "1977" الطريقة المرنة الطيعة يعتبر مناسبا لهذا الغرض، وفيه لا تكون لدى المرشد أفكار مسبقة حول الترتيب الذي تطلب فيه المعلومات، ولكنه يمضي إلى حيث تقوده المعلومات، ويستخدم المرشد البيانات التي يحصل عليها في تعديل تفكيره، ويحدد التفكير الراهن للمرشد، والمشتق من تأثير كل المعلومات المجمعة مع بعضها البعض، استجاباته التالية مع المسترشد، كذلك فإن هناك أسلوبا هاما يمكن للمرشد أن يستخدمه في التشخيص، وهو أسلوب التشخيص عن طريق الحذف Diagnosis by exclusion حيث يعد المرشد قائمة من الإمكانيات التشخيصية، ثم يمضي ليجمع المعلومات، وحذف الإمكانيات التشخيصية غير المناسبة حتى يصل في النهاية إلى التشخيص الذي له أكبر دلالة، وهي طريقة تقوم على الاستدلال عن طريق جمع وحذف في المعلومات.

النماذج المستخدمة في عملية التشخيص أو تصوير المشكلات

النماذج المستخدمة في عملية التشخيص أو تصوير المشكلات النموذج الطبي: the medical model ... النماذج المستخدمة في عملية التشخيص، أو تصوير المشكلات: هناك مجموعة من النماذج التي تساعد المرشد من خلال تزويده ببنية، أو هيكل ينظم عمليات التفكير لديه أثناء سعيه لتشخيص المشكلة، وتكون مهمة التشخيص هي الإجابة على التساؤلات الثلاث الآتية، "هانسين وآخرون 1977". 1- ما هي الأنماط المحددة للسلوك التي تدعو الحاجة لتغييرها في صورة، تكراريتها، شدتها، مدتها، أو الظروف التي تحدث في إطارها؟ 2- تحت أي ظروف نشأ هذا النمط من السلوك، وما هي العوامل التي تبقى عليه في الوقت الراهن؟ 3- ما هي أفضل الطرق التي تؤدي للتغيرات المطلوبة في المسترشد. ويمكن للنموذج أن يعمل كدليل، أو خطة معدة جيدا لجمع المعلومات التي ستساعد في فهم المسترشد وموقفه، ورغم أن المرشد قد يكون لديه نموذج تصويري للعملية، إلا أنه سوف يعتمد على نظرية الشخصية، والإرشاد التي يستخدمها. وسوف نعرض فيما يلي مجموعة من النماذج التي يمكن للمرشدين الاستفادة بها في عملية التشخيص، أو تصوير المشكلات. 1- النموذج الطبي: The Medical Model: على الرغم من الحديث عن وجود نموذج طبي، إلا أنه لا يوجد مثل هذا النموذج في صورة متفق عليها. وفي المعتاد فإن من يستخدم النموذج الطبي يهتم بجمع معلومات عن تاريخ المشكلة ليكتشف أصلها وتطورها، وتستخدم المجموعة التشخيصية لتلخيص الملاحظات، وربطها مع الشروط الأخرى للتصنيف، ويستخدم المتخصص هذه المعرفة عن جوانب القوة، والقصور لدى المريض، ليعد خطة العلاج ويتوقع فرص النجاح في التغلب على المرض. وقد عرض ليدلي ولوستيد "1959" Ledley & Lusted تصورًا للنموذج الطبي التقليدي للتشخيص، وذلك بتحليل المنطق من ورائه، وهما يفرقان بين مجموعة المرض،

ومجموعة الأعراض، وبينما تصف مجموعة المرض عمليات باثولوجية "مرضية" معروفة، والعلامات المرتبطة بها، فإن مجموعة الأعراض تمثل علامات معينة موجودة لدى الفرد "المريض أو المسترشد"، والجسر الذي يربط بين هاتين المجموعتين تقدمه لنا المعارف الطبية المتاحة، وينتهي التشخيص النهائي إلى وضع مسمى "عنوان" لمجموعة المرض، وبسبب وجود ثغرات في المعرفة الطبية الراهنة، فمن الضروري أن تستخدم عبارات تدل على الاحتمالية عندما نربط المرض بالأعراض، وبمجرد إجراء التشخيص فإن القرارات الخاصة بالعلاج لا تزال تعتمد على عوامل أخرى تشتمل على الظروف الاجتماعية، والأخلاقية والاقتصادية. وقد قدم نويس وكولب "1963" Noyes & Kolb نموذج طبيا للتشخيص يؤدي إلى تشخيص متعدد، وهما يقترحان أن يبني المرشد صيغة تشخيصية من ثلاثة أجزاء تشتمل على الأسباب Etiology، السلوك Behavior، والتوقع Prediction، وتشتمل الأسباب على التشخيص الوراثي مشتملا على العوامل البنيوية، والبدنية، والحوادث التاريخية التي تدخل كمصادر، أو محددات أولية للمرض العقلي، أما الجانب السلوكي، فيشتمل على التشخيص الدينامي الذي يصف الآليات، والأساليب المستخدمة من اللاشعور بواسطة المسترشد ليتعامل مع القلق، وليحسن من تقديره لذاته، وهذا التشخيص الدينامي يتتبع العمليات المرضية النفسية للمسترشد، أما الجانب التوقعي، فإنه عبارة عن تشخيص عيادي "إكلينيكي" يصور جوانب مفيدة حول مجموعة الاستجابات، والمسار المتوقع للمرض، والأساليب العلاجية التي قد يكون لها أكبر فائدة. وفي الواقع فإن كثيرا من المرشدين لا يميلون لاستخدام النموذج الطبي في تشخيصهم لمشكلات المسترشدين الذين يعملون معهم لاعتماد هذا النموذج على نظام التصنيف، غير أنه من المناسب أن يعرف المرشد هذا النموذج؛ لأنه يستفيد منه مع الحالات المحولة من جهات تستخدم هذا النوع من التشخيص، وقد سبق أن تحدثنا عن نموذج تصنيف الأمراض النفسية DSM-III ويوضح ملحق رقم "1" الأبعاد التي يشتمل عليها نموذج التشخيص.

نموذج كانفر وساسلو "1965" kanfer and saslow

2- نموذج كانفر وساسلو "1965" Kanfer and Saslow: قدم كانفر وساسلو دليلًا لتحليل السلوك الفردي يستخدم كنموذج للمرشدين في تحليل مشكلات المسترشدين، ويغطي هذا النموذج تقرير المشكلة بالإضافة إلى تاريخ النمو، والتاريخ الاجتماعي للمسترشد، وقد حدد الباحثان سلسلة من المجالات لتحليلها، مما يؤدي إلى تطبيقات مباشرة لخطة الإرشاد، وفيما يلي عرض موجز للمجالات السبعة التي يشتمل عليها النموذج. 1- تحليل موقف المشكلة: Analysis of Problem Situation: تصنف التشكيات الأساسية للمسترشد في مجموعات تمثل الزيادات "المبالغات" والنواقص، ويحدد لكل زيادة أو نقصان أبعادها من حيث: التكرار، الشدة، المدة، وملاءمة الصورة السلوكية، وظروف التنبيه، ويضاف إلى ذلك ملاحظات حول جوانب القوة لدى المسترشد. 2- توضيح موقف المشكلة: Clarification of the Problem Situation: وهنا يأخذ المرشد في اعتباره الناس "الأشخاص"، والظروف التي قد تساعد على الإبقاء على سلوكيات المشكلة، والنتائج المترتبة على هذه السلوكيات بالنسبة للمسترشد وللآخرين في بيئته، ويوجه الاهتمام أيضا إلى نتائج التغيرات في هذه السلوكيات، والتي قد تنتج عن الجوانب العلاجية أو الإرشادية. 3- تحليل الدافعية: Motivational Analysis: يعد مدرج بالأشخاص، والأحداث "الوقائع"، والأشياء التي تعمل كمعززات للمسترشد، ويدخل في المدرج الوقائع المعززة التي تسهل سلوكيات الإقدام، وكذلك تلك التي نتيجة لتنفيذها تؤدي إلى استجابات الإحجام، وتساعد هذه المعلومات على وضع خطط لاستخدام مختلف المعززات في إعداد برنامج الإرشاد، وكذلك استخدام السلوكيات التي يمكن أن تعمل كمعززات من جانب المرشد، أو الأشخاص ذوي الأهمية في بيئة المسترشد لهذا الغرض.

4- تحليل النمو: Developmental Analysis: توجه للمسترشد أسئلة عن الجوانب البيولوجية، والخبرات الاجتماعية الحضارية، والتطور السلوكي المميز، وتصاغ هذه الأسئلة بطريقة تحقق ما يأتي: "أ" تحديد السلوك الذي يأخذ صورة العادات في المراحل المتتابعة لنمو الفرد. "ب" الربط بين ظروف التنبيه الجديدة، والتغيرات الملحوظة في السلوك المعتاد. "جـ" الربط بين هذا السلوك المتغير، وكذلك الوقائع البيولوجية والاجتماعية الحضارية والمشكلة الراهنة. 5- تحليل ضبط الذات "ضبط النفس" Analysis of self Control: وهذا الجانب يختبر كلا من طرق، ودرجة ضبط النفس كما يمارسها المسترشد في حياته اليومية، ويؤخذ في الاعتبار: الأشخاص، والأحداث، والأنظمة التي عززت بنجاح سلوكيات ضبط النفس، كما تقوم نواقص ومبالغات ضبط النفس من حيث أهيمتها كأهداف علاجية، واستخدامها في برنامج العلاج. 6- تحليل العلاقات الاجتماعية: Analsis of Social Relationships: يتم فحص شبكة العلاقات الاجتماعية للفرد، وذلك لتقدير أهمية الأشخاص في بيئة المسترشد، والذين يكون لهم بعض التأثير على سلوكيات المشكلة، أو الذين يتأثرون بدورهم بالمسترشد، لإشباعاته الخاصة، وتراجع هذه العلاقات الشخصية لكي تخطط لإمكانية مساهمة الآخرين ذوي الأهمية في برنامج العلاج على أساس من قواعد تعديل السلوك، كما تساعد هذه المراجعة المرشد في أن يأخذ في اعتباره مدى العلاقات الاجتماعية الحقيقي الذي يحتاج المسترشد أن يكون أداؤه بداخله. 7- تحليل البيئة الاجتماعية -الحضارية- الطبيعية: Analysis of Social Cultural - physical - Environment: في هذا الجانب نضيف للتحليل السابق لسلوك المسترشد كفرد، اعتبار المعايير السائدة في بيئته الطبيعية، ويحدد مدى التقارب، والتباعد بين سلوك المسترشد الخاص والمعايير الموجودة في بيئته، لتحديد مدى أهمية هذه العوامل في صياغة أهداف الإرشاد، والذي يسمح بقدر الإمكان بوجود حاجات المسترشد، وأيضا ضغوط البيئة الاجتماعية.

نموذج سوينسين لتصوير المشكلات "1969" swensen\'s model

3- نموذج سوينسين لتصوير المشكلات "1969" Swensen's Model: بنى سوينسن نموذجًا لتصوير المشكلات على أساس من أعمال كل من لوين "1951" Lewin وباسكال "1959" Pascal، وذلك كما تصوره المعادلة التالية: وفيما يلي وصف موجز لكل متغير في هذا النموذج: 1- السلوك المنحرف "أو المختلف" Deviant Behavior: هو أي سلوك يصدر من الشخص، ويختلف عن السلوك المعتاد، أو المتعارف عليه المتوقع من شخص في مثل دوره، وقد يشتمل على أعراض مثل الشعور بالقلق أو الاكتئاب، أو وجود سلوك غير عادي، وسلبي مثل التدخين، أو شره الأكل إلخ. 2- الانضغاط "أو الانعصاب": Stress: تشتمل المواقف التي تضغط على الشخص، وتجعله مشدودا متوترا وغير مرتاح، ويرافقها في العادة أحاسيس فسيولوجية ملحوظة مثل ازدياد ضربات القلب، والدوار، وتصبب العرق، واضطراب المعدة، إلخ. 3- السلوكيات، والعادات، والدفاعات غير التكيفية: Maladaptive behaviors, habits and defenses وهي سلوكيات، أو دفاعات سالبة، أو هادمة من حيث إنها تمنع المسترشدين من

تحقيق أهدافهم في حياة راضية، أو بمعنى آخر هي الجوانب التي تسهم في السلوك المنحرف. 4- المساندات وجوانب القوة: Supports & Stnengths: وهي تشتمل على الإمكانيات المتاحة للفرد، من أشخاص ومواقف، في بيئته، والذين يساندونه أو يساعدونه، أما جوانب القوة فتشتمل على الإنجازات، أو الأداء الإيجابي للفرد في مجال معين، وهذه الجوانب من شأنها أن تساعد المرشد في إنجاح عمله، ولهذا فهو يسعى للاستفادة بها. 5- السلوكيات، والعادات، والدفاعات التكيفية: Adaptive Behaviors, habits & defenses وهي تشتمل على السلوكيات، والدفاعات التي تساعد المسترشدين على تحقيق أهدافهم التي تسهم في حياة راضية، مثلا كون المسترشد عضوا في فريق رياضي، وحضوره للمدرسة في المواعيد، ومتابعته لشرح الدرس، إلخ. مثال: أحد الطلاب يحضر للمرشد محالا من مدير المدرسة لسبب كثرة مشجاراته مع زملائه في المدرسة، وتحديه للمدرسين "شكل رقم 7".

تسحب إسكنر. شكل رقم "9": استخدام نموذج سوينسين في تصوير مشكلة طالب "عن كورميير وكورميير 1985 ص149". 4- نموذج سيي لتصوير المشكلة

نموذج سييى لتصوير المشكلة

نموذج سييى لتصوير المشكلة ... 4- نموذج سيي لتصوير المشكلة: Seay.htm's Model for Problem Conceptualization يدمج هذا النموذج الذي قدمه سيي "1978" Seay بين المحتوى الخاص بالموضوع والأساليب العلاجية، وهو يبنى على أساس موضوعات، وأساليب الحياة الرئيسية المشتقة من القنوات الثلاث للأداء البشري: المعرفة -والوجدان- والسلوك "Cognition - Affect and Behavior - CAB"، ويقترح الباحث المجموعات التالية لوصف مشكلات المسترشدين. 1- الترابطات البيئية الرئيسية، وتشتمل الوقائع التي تحدث في البيئة، والنتائج والتاريخ. 2- الموضوعات المعرفية، وتتكون من التصورات الخاطئة، والأفكار غير العقلانية التي لدى المسترشد. 3- الموضوعات الوجدانية: وتشتمل على الحواجز، أو الصراعات الانفعالية والانفعالات التي يشعر بها المسترشد، أو يعبر عنها التي تقف حاجزا، أو تعتبر معطلات. 4- أنماط السلوك وتتكون من السلوكيات الظاهرة والمشاهدة، والتي تشتمل على السلوكيات اللفظية، وغير اللفظية التي يظهرها المسترشد أثناء الإرشاد، مثل الكلام السريع، والإيماءات المتكررة، وكذلك السلوكيات التي تظهر خارج الإرشاد، وتكون غالبا في المواقف المرتبطة بالمشكلة مثل: زيادة الأكل، تناول العقاقير، أو اضطراب عادات الاستذكار. ويتشابه نموذج سيي مع نماذج حديثه أخرى تهتم بتصوير الحالة مثل نموذج هتشين "1979" Hutchin، المعروف باسم Thinking, Feeling, Activity "TFA" "التفكير -المشاعر- التصرفات"، وكذلك النموذج الذي اقترحه لابيت "1981" L'Sbate، والذي يرمز له بالحروف Emotionality, Rationality & Activity "ERA" الانفعالية، والعقلانية والنشاط، وكل من هذين النموذجين يركز على ارتباط الأفكار والمشاعر والتصرفات، وأهمية اختيار أساليب إرشادية معدة للتعامل مع واحد، أو أكثر من هذه العناصر، مما يؤدي إلى تحقيق أفضل نتائج ممكنة من العمل الإرشادي. ويختلف تطبيق المرشد لهذا النموذج باختلاف التوجه، فالذين يستخدمون النظريات المعرفية يستفيدون من الموضوعات المعرفية في النموذج حيث يتعاملون مع التصورات الخاطئة "مثلا نظرية ريمي للعلاج المعرفي، وكذلك نظرية بيك"، أو مع الأفكار غير العقلانية "مثلا نظرية العلاج العقلاني الانفعال"1.

_ 1 لمراجعة هذه النظريات: انظر للمؤلف: نظريات الإرشاد، والعلاج النفسي القاهرة: دار غريب.

نموذج ستيورات وزملائه للمشاغل stewart, winborn, johnson, burks

5- نموذج ستيورات وزملائه للمشاغل Stewart, Winborn, Johnson, Burks Engelkes قدم ستيوارت وزملاؤه "1978" نموذجًا لعملية الإرشاد أطلقوا عليه الإرشاد المنظومي Systementic Counseling، وقد سبقت الإشارة إلى هذا النموذج "انظر الفصل الأول شكل 2"، وقد حدد واضعو النموذج جانبا من عملية الإرشاد أطلقوا عليه "بناء نموذج للمشاغل Construncting Model of client Concerns، ويتكون هذا النموذج من الخطوات الآتية: 1- حدد المشاغل. 2- تخير مشغلة1 اللإرشاد. 3- حدد مكونات المشغلة. "أ" الاستجابة. "ب" الزمن. "جـ" الموقف. 4- حدد خط الأساس للسلوك الخاص بالمشغلة. 5- حدد المعززات المبقية على السلوك. 6- تحقق من النموذج مع المسترشد. إن المرشد قبل أن يقرر الغاية أو النتيجة التي يقصدها من الإرشاد يحتاج إلى فهم المشكلة، والضغوط التي يأتي بها المسترشد إلى موقف الإرشاد، ويشجع المسترشد على الكشف عن عدة جوانب من حياته، ومن البيئة التي يعيش فيها، وهذه الجوانب التي يشجع المرشد المسترشد على الكشف عنها هي التي تمثل مشاغله أو مشكلاته، ومن هذه المشاغل التي يكشف عنها المسترشد يختار المرشد واحدة ليتناولها بالتفصيل، وقد يكون

_ 1 المشغلة أو الأشغولة هي ما يشغل الإنسان وجمعها مشاغل، "القاموس المحيط للفيروز آبادي".

هناك كشف لمشاغل أخرى فيما بعد، ولكن على المرشد والمسترشد أن يحددا سويا مقدار المعلومات التي يمكن تناولها في وقت معين، ومن ثم فإنهما بحاجة أن يقصرا دراستهما في الوقت الواحد على مشغلة واحدة بشكل عميق، ثم ينتقلا بعد ذلك إلى تناول مشغلة -أو مشكلة أخرى وهكذا. 1- تحديد مشاغل المسترشد: في هذه المرحلة يواصل المرشد جهده في بناء علاقة عمل طيبة مع المسترشد، وفي بناء هذه العلاقة فإنه يستخدم الأساليب اللفظية وغير اللفظية، ويجب على المرشد أن يحصل على معلومات كافية من المسترشد حول كل مشغلة من مشاغله، إذا كان هناك أكثر من مشغله بحيث يمكنه أن يختار من بينها مشغلة يبدأ بالعمل معها. ويختلف الوقت الذي يحتاجه المرشد في هذا العمل، فمع بعض المسترشدين تكون المشكلة واضحة، وسريعة في التعرف عليها، ويحتاج المرشد لقليل من الوقت في تحديدها، وفي أحيان أخرى تكون المشكلة معقدة، أو متعددة مما يستغرق وقتا أطول، ويستلزم مهارة أكبر لتفهمها، ويفيد في تحديد المشكلة أن يحدد المرشد الموضوعات الهامة التي عبر عنها المسترشد في عرضه. 2- اختيار مشغلة للعمل معها: عندما يشعر المرشد أن المسترشد قد عبر عن نفسه، وعن مشاغله بشكل كاف، فإنه يبدأ في توجيه اهتمام المسترشد لعملية اختيار مشغلة واحدة تكون ذات أهمية ملحة، وفي بعض الأحيان فإن المسترشد يعرض مشغلة واحدة، ويصر على أنه ليس لديه أية مشاغل أخرى في الوقت الحاضر، لكن في أغلب الأحيان، فإن المسترشد تكون لديه عدة مشاغل تختلف في أهميتها، وهنا يجب على المرشد أن يهتم بعملية اختيار المشغلة التي سيعمل عليها مع المسترشد. إن بعض المشاغل تكون أكثر إلحاحا من الأخرى، فإذا كان المسترشد يفتقر إلى المال الذي يشتري به حاجاته، وحاجاته أسرته الأساسية، وهو في نفس الوقت يحتاج إلى

تنظيم وقته في الدراسة، فإن المشغلة الأهم هنا هي الحصول على الحاجات الأساسية مثل الطعام، أو الحصول على المأوى أو غيرها، أما إذا أردنا أن نختار بين مشاغل تتراوح في صعوبتها، وتعقيدها فمن الأولى للمرشد أن يبدأ بالمشكلات التي يمكن الوصول إلى حلول لها بسهولة وسرعة؛ لأن ذلك من شأنه أن يساعد على نجاح المسترشد في حل المشكلة، ومعايشته لهذا النجاح، أو مروره بهذه الخبرة يساعده على أن يكتسب الثقة في المرشد، وهذه الثقة شرط ضروري للعمل من المشكلات الأكثر تعقيدا، كذلك فإن المشكلات تختلف في شدتها، ويمكن الاستدلال على شدة المشكلة من شدة الانفعال المصاحب لها، وفي المعتاد أن كل تعبير لفظي من جانب المسترشد له جانبان: محتوى "أي محتوى معرفي"، ومشاعر يعبر عنها الفرد المسترشد. وفي الواقع أن جانب المحتوى أقل أهمية من جانب الاتجاهات "المشاعر"، وفي المعتاد فإن الاستجابة الخاصة بالمشاعر تساعدنا على دفع المسترشد إلى المزيد من اكتشاف ذاته. 3- تحديد مكونات المشغلة: يمكن أن ننظر إلى مشغلة المسترشد "المشكلة" على أنها تتكون من ثلاثة مكونات هي: الاستجابة، والزمن، والموقف. "أ" مكون الاستجابة: Response Conponent: لتحديد أوجه الاستجابة "السلوك" الخاصة بالمشكلة، فإن المرشد يجب أن يعرف مجموعة من الجوانب: ما هي المشغلة؟ كيف تظهر المشغلة؟ ما هو الأثر الذي تحدثه المشغلة على حياة المسترشد؟ مثلا قد تكون هي الخوف من الامتحانات "قلق الامتحانات"، والتي تبدأ

في شكل إنشغالات شديدة، ونقص في كمية الاستذكار، ونتيجة لذلك قد تنخفض الدرجات. "ب" المكون الزمني: Temporal Conponent: وهنا يبدأ السؤال باستخدام أداة الاستفهام "متى" متى يحدث هذا السلوك؟ وكم من الزمني مضى على وقوعه؟ هل هناك ترتيب زمني للسلوك؟ "جـ" مكون الموقف: Situational Canponent: والتعرف على هذا المكون يتطلب السؤال عن المكان أو الظروف: أين؟ وفي أي ظروف؟ ويحصل المرشد على إجابات مثل: "عندما أكون في الطريق عائدا إلى البيت مع زملائي". أو "عندما أكون في داخل قاعة الامتحان، وأمامي ورقة الأسئلة". أو: "في أي مكان". "د" شدة أو تركيز السلوك: ها هو المرشد قد استكشف مجموعة من الجوانب المرتبطة بالمشكلة أو المشغلة، وحصل على معلومات محددة حولها، وقد عرف أن المسترشد يظهر سلوكا معينا في مواقف معينة وفي أوقات معينة، وبقي أمام المرشد أن يتعرف على شدة، أو تركيز السلوك. وفي الواقع أن هناك مفهومين يرتبطان بشدة السلوك وهما: التكرار، والمدة ويشير التكرار إلى عدد المرات التي يحدث بها السلوك الذي ندرسه، فمثلا إذا كان المسترشد قد مر بحالات إغماء خمس مرات، فإن تكرار السلوك هو خمسة، أما المدة Duration فتعرف بطريقتين: الأولى أنها تشير إلى طول الزمن الذي لاحظنا فيه حدوث سلوك معين، فمثلا يمكن أن تكون نوبات الإغماء الخمس قد حدثت عبر أسبوع، أو عبر شهر أو ربما سنة أو ربما طول حياة المسترشد، أما الثانية: فهي تعرف المدة بأنها الزمن الذي يستغرقه السلوك في المرة الواحدة، وفي هذه الحالة علينا أن نحدد المدة التي يستمر فيها الإغماء "مثلا ثلاث دقائق". 4- إعداد خط أساس "بداية" للسلوك المتصل بالمشكلة "المشغلة" إن تحديد الأبعاد الخاصة بالمشكلة من حيث وصف سلوك المشكلة، والبعد الزمني والبعد المكاني لها، وكذلك تكرارية ومدة حدوثها يزود المرشد بقياس عن أداء المسترشد عند بداية الإرشاد، وهذا المقياس يعرف بخط الأساس، أو خط البداية Baseline ويمكن الاستفادة به للمقارنة في مراحل مختلفة من الإرشاد لمعرفة ما إذا كان قد حدث تقدم من عدمه، ويمكن للمرشد أن يستخدم بعض الرسائل المساعدة في تحديد خط الأساس مثل لوحة السلوك Behavior Chart، وسجل السلوك Behavior Log، ولوحة السلوك هي لوحة بيانية تحدد تكرار سلوك معين، أما سجل السلوك فهو دفتر صغير يسجل فيه الفرد أبعاد السلوك.

نموذج لازاروس لتصوير المشكلة "1976"

6- نموذج لازاروس لتصوير المشكلة "1976": Lazarus' Model of Problem Conceptualization: The BASIC- ID وضع أرنولد لازاروس "1971" LAZARUS هذا النموذج في إطار نظريته في العلاج، التي أطلق عليها العلاج متعدد الوسائل Multimodal Therapy 1، والذي يعتبره تطويرا للعلاج السلوكي الذي كان هو نفسه أحد رواده مع جوزيف وولبيه Wolpe، ويرى لازاروس أن الإنسان كائن يتحرك، وينفعل، ويحس، ويتخيل، ويفكر، ويرتبط بغيره، وحينما يعتريه ضغط أو اضطراب نفسي، فإن هذه الوظائف تتأثر، وفي رأي لازاروس أن هناك سبع قنوات "وسائل" ينبغي اكتشافها في عملية التقدير "التقويم" والعلاج، وقد أشار إليها بالحروف BASIC- ID، وتمثل السلوك "B"، والوجدان "A"،

_ 1 انظر في هذه النظرية للمؤلف: نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، دار غريب الطباعة والنشر القاهرة 1994م.

والإحساس "S"، والتخيل "I"، والجوانب المعرفية "C"، والعلاقات الشخصية "I"، والعقاقير "D". وفيما يلي وصف مختصر لهذه الجوانب السبع التي تدخل في دراسة، وتقدير المشكلة كما تدخل كعناصر في العلاج. السلوك: Behavior "B": يشتمل السلوك على المهارات النفسية الحركية البسيطة أو المعقدة، وكذلك الأنشطة، مثل الابتسام، الكلام، الكتابة، تناول الطعام، وغيرها، ويجب أن يهتم المرشد بصفة خاصة بجوانب الإسراف، أو النقص أي الأشياء التي يقوم بها المسترشد بشكل زائد أو بشكل قليل. 2- الوجدان Affect "A": ويشتمل على المشاعر التي يشعر بها الفرد أو يعبر عنها، وكذلك الانفعالات، وفي رأي لازاروس أنه أكبر المجالات التي يهتم بها المرشد، كما أنها تعتبر أقل المجالات فهما، ويدخل في هذه المجموعة وجود، أو غياب مشاعر معينة بالإضافة إلى المشاعر المختبئة والمشوشة. 3- الإحساس "Sensation "S": ويشتمل الإحساس على الحواس الخمس، والتي تشترك في توصيل وتشغيل المعلومات: وهي البصر، والسمع، واللمس، والشم، والتذوق، ويهمنا التركيز على عناصر الإحساس المشتركة في الخبرة، ويجب أن يهتم المرشد بالأحاسيس السارة، وغير السارة التي يعبر عنها المسترشد، وكذلك الإحساسات التي يبدو أنه غير واع بها. 4- التخيل: Imagery "B": يتكون التخيل من مختلف الصور العقلية التي يكون لها تأثير على حياة المسترشد مثلا الشخص الذي يتخيل أن زملاءه يناصبونه العداء، أو يدبرون له مكيدة دون أن يكون

هناك ما يساند هذا التخيل سوف يعاني من اضطراب، ويرى لازاروس أن هذه القناة أو الوسيلة ذات فائدة، وبصفة خاصة مع المسترشدين الذين يستخدمون الوسيلة المعرفية بشكل زائد، أو الذين يجترون مشاعرهم ذهنيا. 5- الجوانب المعرفية "Cognitive "c": تشتمل الجوانب المعرفية على الأفكار والمعتقدات، ويهتم لازاروس بصفة خاصة بالأفكار أو المعتقدات غير المنطقية، وغير العقلانية، والخاطئة، وهو يبحث دائمًا عن ثلاثة افتراضات خاطئة يعتقد أنها أكثر شيوعا، وأكثر ضررا من غيرها. "1" طغيان عبارة ينبغي: وهذه يمكن استخلاصها من تصرفات، وتقارير المسترشدين. "2" الكمال: حيث يتوقع المسترشد الكمال في نفسه وفي الآخرين. "3" الإسهامات الخارجية، مثل الخرافات التي قد تدخل في تفسير بعض الأحداث. 6- العلاقات الشخصية Interpersonal Relationships "I": اهتم كثير من المعالجين "ومنهم سوليفان، وهورني، وفروم" بأهمية العلاقات الشخصية، أو الميل الاجتماعي Social intrest "آدلر 1964"، وقد أوضح لازاروس أن المشكلات التي تقع في علاقة المسترشدين بغيرهم يمكن التعرف عليها من تقارير المسترشدين أنفسهم، ومن طريقة أداء الأدوار Role Playing، كذلك ملاحظة العلاقة بين المسترشد والمرشد نفسه، ويشتمل التقويم في هذا الجانب على ملاحظة الطريقة التي يعبر بها المسترشدون عن مشاعرهم، وتقبلهم للمشاعر التي بعبر بها الآخرون نحوهم، وكذلك الطريقة التي يتصرفون بها مع الآخرين، ويستجيبون لتصرفات الآخرين معهم. 7- العقاقير Drugs "D": يؤكد لازاروس على أن هذه وسيلة -غير نفسية- هامة في التقويم "وربما في العلاج أيضا"؛ لأن الجوانب العصبية، والبيولوجية يمكن أن تؤثر في السلوك، وفي الاستجابات الوجدانية، والجوانب المعرفية والإحساس إلخ، وبالإضافة إلى السؤال عن الأدوية النفسية التي يأخذها المسترشد، فإن تقويم هذه الوسيلة يشتمل على:

1- المظهر العام -وجود أي علامات على الجلد، أو في الحديث "اضطرابات الكلام"، أو اللزمات أو الاضطرابات الحركية النفسية. 2- التشكيات الفيسيولوجية، أو الأمراض التي تم تشخيصها. 3- الصحة العامة -اللياقة البدنية، التغذية والحمية "الرجيم"، والميول والهوايات غير المتصلة بالعمل، وأنشطة أوقات الفراغ. مثال: يوضح شكل "8" مثالًا لحالة أحد المسترشدين، وهو طالب بالثانوي شكل رقم "10".

نموذج كورميير وكورميير لتصوير المشكلات "1985"

7- نموذج كورميير وكورميير لتصوير المشكلات "1985": Cormier & Cormier's Model of Problem Conceptualization استفاد كورميير وكورميير في أعداد نموذجهما لتصوير المشكلات من النموذج الذي وضعه كانفو وساسلو "1969"، وكذلك من نماذج سوينسن، وسيي ولازاروس التي سبق عرضها، ويتبنى الباحثان وجهة نظر سلوكية معرفية Cognitive Behavioral، وسوف نناقش هذا النموذج بشيء من التفصيل: أولًا: الافتراضات التي يضعها الباحثان للتقدير "التقويم"، وللعلاج السلوكي المعرفي: 1- أن معظم السلوك متعلم "مكتسب". 2- أسباب المشكلات، وبالتالي أساليب علاجها متعددة الأبعاد. 3- يجب النظر إلى المشكلات نظرة إجرائية. 4- معظم المشكلات تقع في محيط اجتماعي، وترتبط وظيفيا بالأحداث "الوقائع التي تسبقها، والنتائج التي تعقبها سواء كانت داخلية، أو خارجية. ثانيا: مكونات النموذج: وقد رمز الباحثان للنموذج الذي عرضاه لتقويم، وتصوير المشكلات بالأحرف الثلاثة A-B-C حيث يرمز الحرف A إلى الوقائع التي تسبق السلوك، Antecedents، ويرمز الحرف B إلى السلوك Behavior، أما الحرف C فهو يرمز للنتائج، أو الأحداث التي تعقب السلوك Consequences، وفيما يلي عرض لهذه المكونات الثلاثة للنموذج. "1" السلوك Behavior: يشتمل السلوك على الأشياء التي يقوم بها المسترشد، وكذلك الأشياء التي يفكر فيها، فالسلوك الظاهر Overt هو السلوك المرئي، أو الذي يمكن اكتشافه من جانب المشاهد مثل الكلام، والتخاطب غير اللفظي "مثل الإيماء، الابتسام إلخ"، والسلوك الحركي "مثلا المشي وتناول الطعام إلخ"، أما السلوك غير الظاهر Covert، فيشتمل على الأحداث التي تقع داخل الفرد، ولا تلاحظ من خارجه، ونحتاج إلى التعرف عليها من المسترشد، أو نستنتجها في بعض الأحيان من سلوكه غير اللفظي، ومن الأمثلة على هذا الجانب غير الظاهر من السلوك، والأفكار والمعتقدات، والتخيلات، والمشاعر والأمزجة، والإحساسات البدنية. وفي الواقع فإن سلوك المشكلة لا يقع في فراغ، وإنما الملاحظ أن معظم المشكلات التي يبديها المسترشدون في موقف الإرشاد "أو العلاج" إنما تمثل حلقة في سلسلة أكبر من السلوكيات، وبالإضافة إلى ذلك فإن سلوك المشكلة يشتمل عادة على أكثر من

مكون، فالمسترشد الذي يشكو من قلق، أو اكتئاب إنما يستخدم هذا المسمى، أو ذاك للتعبير عن خبرة تشتمل على جانب وجداني "مشاعر وحالات مزاجية"، وجانب بدني "إحساسات فيسيولوجية"، وجانب سلوكي "ما يعمله الفرد وما لا يعمله"، وجانب معرفي "أفكار، معتقدات، تخيلات، حديث ذاتي"، وبالإضافة إلى ذلك فإن خبرة القلق، أو الاكتئاب تختلف بالنسبة للمسترشد تبعا للجوانب الموقفية "الوقت -المكان- الأحداث الجارية"، والجوانب المتصلة بالعلاقات مثل وجود، أو عدم وجود أناس آخرين، وكل هذه المكونات قد ترتبط، أو لا ترتبط بمشكلة معينة -لنفترض أن المسترشد الذي عبر عن "القلق" يخاف من الوجود بمفرده في الأماكن العامة فيما عدا البيت والعمل، وذلك لوجود نوبات عالية من القلق تنتابه في هذه الأماكن، وهنا يبدو أن قلقه أو انشغاله على هذا القلق إنما هو جزء من سلسلة تبدأ بجانب معرفي "عقلي"، وفيه يفكر الفرد في أفكار شاغلة، ويتخيل نفسه وحيدا وغير قادر على المواجهة، أو الحصول على مساعدة من الآخرين إذا دعت الضرورة لذلك، وهذا الجانب العقلي يؤدي إلى ضيق، أو تعب بدني وتوتر، وإلى مشاعر الكدر والفزع، وهذه المكونات الثلاثة "العقلية، البدنية، الانفعالية" تعمل معا لتؤثر على السلوك الظاهر، فمثلًا كان هذا المسترشد في السنوات الأخيرة يتجنب كل الأماكن العامة مثل الأسواق، والمسارح بينما يكون على ما يرام فقط عندما يكون في البيت، هنا يكون من الضروري أن تحدد الأهمية النسبية لكل جانب من هذه الجوانب المتصلة بالمشكلة التي يعرضها المسترشد حتى نستطيع أن نحدد طرق الإرشاد، والعلاج المناسبة. "ب" المقدمات: الوقائع التي تسبق السلوك Antecedents: يرى ميسكيل "1968" Mischel أن السلوك يتحدد موقفيا، بمعنى أن سلوكيات معينة تميل للحدوث في مواقف معينة، وعلى سبيل المثال، فإن معظم الناس يغسلون أيديهم في الأماكن المخصصة لذلك "الحمامات"، ولا يفعلون ذلك في الأماكن العامة، ويعض الأحداث "المقدمات" تولد ردود فعل انفعالية أو فسيولوجية مثل الغضب، أو الخوف، أو الفرح، أو الصداع، أو ارتفاع في ضغط الدم، وتؤثر المقدمات على السلوك إما بزيادة، أو نقصان احتمال حدوثه، وعلى سبيل المثال فإن الطفل يسلك في المدرسة سلوكا غير الذي يسكله في البيت.

إن الأحداث التي تسبق السلوك مباشرة يكون لها تأثير على السلوك المشاهد، أو سلوك المشكلة، وربما يكون مثل هذا التأثير أيضا للأحداث التي لا تكون قريبة الوقوع من المشكلة، والأحداث التي تقع قبل سلوك المشكلة مباشرة تعرف باسم المثيرات، أو المنبهات أو أحداث المنبه Stimulus events، وتشتمل على أي حالة خارجية، أو داخلية تجعل السلوك يظهر، أو لا يظهر أما الأحداث التي تكون بعيدة زمنيا عن سلوك المشكلة، فإنها تعرف بالأحداث المهيئة Setting events، وتشتمل على ظروف السلوك التي مر بها الفرد حديثا أو في الماضي، وقد تنتهي الأحداث المهيئة قبل وقوع سلوك المشكلة، ولكنها مثل الأحداث المثيرة قد تسهل، أو تكبح حدوث المشكلة: ومن الأحداث المهيئة التي نأخذها في اعتبارنا عند تقدير المشكلات: العمر، ومرحلة النمو، والحالات الفسيولوجية للفرد، وخصائص العمل الذي يعمل فيه، وبيئة المنزل والمدرسة، ويجب أن نقوم تقدير الأحداث المنبهة، والأحداث المهيئة لكل مسترشد على حدة. وتشتمل المقدمات أيضا على أكثر من نوع من الوقائع، فقد تكون مصادرها وجدانية "مشاعر وحالات مزاجية"، أو بدنية "إحساسات فيزيولوجية وبدنية"، أو سلوكية "لفظية، غير لفظية، حركية"، أو معرفية "أفكار، معتقدات، تخيلات، حديث ذاتي"، أو موقفية "الزمن، المكان، الأحداث المصاحبة"، أو علاقات "وجود، أو عدم وجود أناس آخرين". وعلى سبيل المثال لوعدنا للمسترشد الذي كان يشكو من القلق، فقد تكون هناك مجموعة من مصادر الأحداث، والوقائع القبلية "المقدمات"، والتي تحرك كل جانب من جوانب سلوك المشكلة، مثلا الخوف من فقدان السيطرة "معرفي -وجداني"، تقريرات سلبية عن الذات، أو خطأ في إدراك الذات والآخرين "معرفية"، والوعي بإحساسات البدن المرتبطة بالكدر، والتعب "بدنية"، والبقاء إلى وقت متأخر وعدم تناول بعض الوجبات "سلوكية"، ووجود أماكن عامة، أو الحاجة لحضور مناسبات عامة "موقفية"، وغياب الآخرين ذوي الأهمية مثل الأصدقاء، وأفراد الأسرة "علاقات"، كما أن هناك مجموعة من المصادر الخاصة بالأحداث القبلية تجعل مكونات قلق المسترشد أقل احتمالات في الحدوث، فمثلا الشعور بالاسترخاء "وجداني"، والراحة "بدنية"، وتناول الطعام بانتظام "سلوكية"، وتقليل الاعتماد على الآخرين مثل الأصدقاء، وأفراد الأسرة

"سلوكية"، ونقص الخوف من الانفصال عن الأسرة "وجدانية"، والتقدير الإيجابي للذات والآخرين "معرفية"، وتوقع القدرة على التعامل مع المواقف "معرفية"، وغياب الحاجة للذهاب للأماكن العامة "موقفية"، واصطحاب شخص في الذهاب للأماكن العامة "علاقات". ومن المهم خلال هذه المرحلة من الإرشاد، مرحلة تقدير المشكلة وتصويرها، أن نتعرف على مصادر الأحداث، أو الوقائع التي تسبق السلوك، ويمكن أن تسهل السلوك المرغوب فيه، وتلك التي لها صلة بالاستجابات غير المناسبة، إذ إنه من المهم أن نختار طرقا للإرشاد من شأنها أن تسهل حدوث الاستجابات المرغوبة، وتقلل وجود السلوك غير المرغوب. النتائج: الوقائع أو الأحداث التالية للسلوك Consequences "c": إن نتائج السلوك هي أحداث أو وقائع تعقب السلوك، ويكون لها تأثير على هذا السلوك أو ترتبط به وظيفيا، ويمكن تقسيم النتائج إلى إيجابية وسلبية، فالنتائج الإيجابية يمكن الإشارة إليها على أنها مكافآت، أو معززات على حين أن النتائج السلبية يمكن أن نطلق عليها عقوبات، والنتائج الإيجابية "الأحداث المعززة" ستبقى على السلوك أو تزيده، وهي عادة تقوي السلوك أو تبقى عليه عن طريق "التعزيز الإيجابي"، والذي يشتمل على تقديم حادث، أو واقعة ظاهرة أو غير ظاهرة عقب السلوك مما يزيد احتمال حدوث السلوك مرة أخرى في المستقبل، وبصفة عامة فإن الناس يميلون إلى تكرار السلوكيات التي ينتج عنها آثار أو نتائج سارة. كذلك يمكن للنتائج الإيجابية أن تبقى على السلوك عن طريق التعزيز السلبي Negative reinforcement، وذلك باستبعاد حادث غير سار بعد السلو مما يزيد من احتمال أن يحدث السلوك ثانية، ويميل الناس إلى تكرار السلوكيات التي تخلصهم من الأحداث المضايقة أو المؤلمة، كما أنهم يستخدمون التعزيز السلبي أيضا لتكوين سلوك التجنب والهروب، ويبقى سلوك التجنب عندما يؤدي إلى زوال حادث متوقع غير سار، فمثلًا

البقاء في المنزل يوقف المخاوف في الأماكن العامة، وبذلك فإن تجنب الأماكن العامة يستبقى "يستمر" بإزالة، أو استبعاد هذه المخاوف المتوقعة، كذلك فإن سلوك الهروب يستبقى عندما نستبعد حادثا "غير سار" يحدث فعلا، فمثلا عندما يعاقب الأب ابنه، فإنه يوقف السلوك المزعج، وإنهاء هذه السلوكيات من جانب الطفل يعزز سلوك الأب. أما النتائج السلبية فإنها تضعف أو تزيل السلوك، فالسلوك ينقص أو يضعف "ولو مؤقتا" إذا أعقبه حادث غير سار "عقاب"، أو إذا استبعدنا، أو أوقفنا شيئا إيجابيا، أو معززا "ثمن الخطأ"، أو إذا لم يعقب السلوك أحداث معززة "الانطفاء الإجرائي". ورغم أن استخدام الجوانب السلبية لتعديل السلوك له مساوئ عديدة في الحياة الواقعية، مثل المنزل والعمل والمدرسة، فإن العقاب له استخدامات واسعة للتأثير على سلوك الآخرين، ويجب أن يتنبه المرشدون، والمعالجون إلى تجنب استخدام أي سلوك لفظي، أو غير لفظي يكون له طبيعة عقابية للمسترشد؛ لأن مثل هذا السلوك يؤدي إلى مشكلات لا داعي لها في العلاقات الإرشادية، وقد يؤدي إلى إنهاء الحالة بهروب المسترشد من موقف العلاج. وتشتمل النتائج أيضًا على أكثر من مصدر أو نوع من الأحداث، وكما قلنا عند الكلام عن المقدمات، فإن مصادر النتائج "الأحداث اللاحقة" قد تكون وجدانية أو بدنية، أو سلوكية أو معرفية أو موقفية، أو خاصة بالعلاقات، ففي حالة المسترشد الذي يشكو من القلق، فإن تجنبه للأماكن العامة، وما يرتبط بها من مهام يبقى "يستمر"؛ لأنه ينتج عنده خفض مشاعر القلق "وجدانية"، والتوتر البدني "بدنية"، والانشغال "معرفية"، وقد ينتج أيضا زيادة اهتمام الأسرة "علاقات"، ونقص التعرض لتصرفات مضايقة "سلوك". ويجب ألا ننظر إلى كل ما يعقب السلوك على أنه نتائج، أو أحداث لاحقة بدون أن نحدد تأثيرها على السلوك.

ملاحق

ملاحق ملحق رقم 1: المجموعات الشخيصة للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيفdsmiii ... ملحق رقم "1": المجموعات التشخيصية للأمراض النفسية، والعقلية حسب تصنيف DSM III: 1- الأمراض التي تظهر في الطفولة المبكرة، والطفولة أو المراهقة -الاضطرابات السلوكية، الذهنية، الانفعالية والبدنية، واضطرابات النمو التي تلاحظ عادة خلال فترة الطفولة المبكرة، أو الطفولة، أو المراهقة. 2- الاضطرابات العقلية العضوية: الاضطرابات السلوكية أو النفسية المرتبطة بتلف مؤقت، أو دائم في الدماغ. 3- اضطرابات سوء استخدام العقاقير: اضطرابات سوء الاستخدام، أو الاعتماد على العقاقير بتناولها -مثل الكحول "الخمور" المخدرات، أو الدخان والتي تؤثر على الجهاز العصبي المركزي. 4- الاضطرابات الفصامية: وتشمل خمسة أنوع من حالات الفصام، والتي تشتمل على الهذاءات، أو الهلاوس أو اضطرابات التفكير. 5- الاضطرابات الهذائية: وتشتمل على الاضطرابات الهذائية "البارانويا" كهذاءات الاضطهاد، أو الغيرة والتي لا ترجع إلى أي اضطراب ذهاني آخر. 6- اضطرابات ذهانية غير مصنفة في فئة أخرى. 7- الاضطرابات الوجدانية، مثل الاكتئاب، والهوس، والمالينخوليا. 8- اضطرابات القلق، وتشتمل على أربع فئات العرض الأساسي فيها هو القلق. 9- الاضطرابات البدنية النفسية: اضطرابات تكون فيها أعراض بدنية مع عدم وجود مرض عضوي. 10- اضطرابات انفصالية، وتشتمل على مجموعة اضطرابات يكون فيها تغير فجائي، ومؤقت عادة في شخصية الفرد أو وعيه. 11- الاضطرابات الجنسية النفسية. 12- اضطرابات تظهر فيها أعراض بدنية، أو نفسية تنتج عن العميل، وتحت إرادته.

13- اضطرابات ضبط الحافز، غير مصنفة في مكان آخر، وتشتمل على عدم القدرة على مقاومة الرغبة في القيام بعمل مؤدي للشخص أو لغيره. 14- اضطرابات التوافق -وتشتمل على ثمانية اضطرابات تتسم بالاستجابات غير التكيفية لمصدر ضغط نفسي اجتماعي، وتحدث خلال ثلاثة أشهر من حدوث الحدث الضاغط، وينتج عنها قصور في الأداء المهني، أو الاجتماعي أو أعراض استجابة لهذا الضاغط. 15- العوامل النفسية المؤثرة على الحالة البدنية، وتشتمل على العوامل المهنية لحدوث حالات بدنية. 16- اضطرابات الشخصية، وتشتمل على ثلاثة أنواع من اضطرابات الشخصية تعكس خصائص الأنماط غير التكيفية للإدراك، أو العلاقات بما ينتج عنه حالة من القصور في الأداء العام. 17- الرمز V يخصص هذا الرمز للحالات التي تكون محورا للعلاج، ولكنها ليست اضطرابات نفسية أو عقلية.

ملحق رقم "2" المجموعات التشخيصية للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيفا dsm- iv

ملحق رقم "2" المجموعات التشخيصية1 للأمراض النفسية والعقلية حسب تصنيفا DSM- IV 1- الاختلالات التي يبدأ تشخيصها عادة في مرحلة المهد، أو الطفولة أو المراهقة. التخلف العقلي. اختلالات التعلم. اختلال مهارة الحرك. اختلالات التخاطب. اختلالات ارتقائية متغلغلة. اختلالات نقص الانتباه، والسلوك المخرب. اختلالات التغذية، والأكل في مرحلة المهد، والطفولة المبكرة. اختلالات اللزمات. اختلالات الإخراج. اختلالات أخرى في مرحلة المهد -الطفولة أو المراهقة. 2- الهذيان والخبل وفقدان الذاكرة، وغيرها من الاختلالات المعرفية. الهذيان. الخبل. اختلالات فقدان الذاكرة. اختلالات معرفية أخرى. اختلالات عقلية ترجع لحالة طيبة عامة غير مصنفة في موضع آخر. 3- الاختلالات المرتبطة بالعقاقير. الاختلالات المرتبطة بالكحوليات والخمور. الاختلالات المرتبطة بالمنشطات "الامفينامينات".

_ 1 صدر الدليل التشخيص، والإحصائي للأمراض العقلية في إصداره الرابع DSM IV عام 1994، وحصل عليه المؤلف بعد مثول هذا الكتاب للطبع -ومن ثم فقد أضيف هذا الملحق أثناء مراجعة البروفات.

الاختلالات المرتبطة بالكافين. الاختلالات المرتبطة بالقنب "الحشيش". الاختلالات المرتبطة بالكوكاكيين. اختلالات مرتبطة بعقاقير الهلوسة. اختلالات مرتبطة بالمستنشقات. اختلالات مرتبطة بالنيكوتين "الدخان". اختلالات مرتبطة بالأفيون. اختلالات مرتبطة بالفينسيكليدين وشبيهاته. اختلالات مرتبطة بالمنومات ومضادات القلق. اختلالات ناتجة عن المهدئات، والمنومات، ومضادات القلق. اختلال مرتبطة يتعاطى خليط من العقاقير. اختلالات أخرى "أو غير معروفة" مرتبطة بتعاطي العقاقير. 4- الفصام والاختلالات الذهانية الأخرى. 5- الاختلالات المزاجية. الاختلالات الاكتآبية. اختلالات ثنائية القطب. 6- اختلالات القلق. 7- اختلالات ذات صورة بدنية. الاختلالات الذائفة "التمارض". الاختلالات الانفصالية. 8- الاختلالات الجنسية، واختلالات هوية النوع.

اختلالات الاستشارة الجنسية. اختلالات الشبق. العجز الجنسي الراجع لحالة طبية عامة. الفحش. اختلالات هوية النوع. 9- اختلالات الأكل. 10- اختلالات النوم. اختلالات النوم الأولية. اختلالات النوم المتصلة باضطراب عقلي آخر. اضطرابات نوم أخرى. 11- اختلالات التحكم في الدوافع. 12- اختلالات التوافق. 13- اختلالات الشخصية. 14- حالات أخرى قد تكون موضع اهتمام إكلينيكي. عوامل نفسية تؤثر على الحالة الطبية. اختلالات حركة ناتجة عن تعاطي أدوية. اختلالات أخرى ناتجة عن تداوي أخر. 15- اختلالات العلاقات. اختلالات مرتبطة بسوء الاستقلال أو الإهمال. 16- حالات إضافية قد تكون موضع الاهتمام الإكلينكي.

ملحق رقم "3": أمثلة لتسجيل نتائج التقويم باستخدام المحاور المتعددة لدليل التشخيص dsm iii

ملحق رقم "3": أمثلة لتسجيل نتائج التقويم باستخدام المحاور المتعددة لدليل التشخيص DSM III: مثال رقم "1": المحور الأول 296.23 اكتئاب رئيسي، نوبة أحادية مع مالينخوليا. 303.93 تعاطي الخمور. المحور الثاني: 301.60 شخصية معتمدة "إتكالية". المحور الثالث: تضخم في الكبد نتيجة تعاطي الخمور. المحور الرابع: الضغوط النفسية الاجتماعية: توقع الإحالة إلى التقاعد، وتغيير في محل الاقامة، وفقدان الاتصال مع الأصدقاء. المحور الخامس: أعلى مستوى للأداء التكيفي في العام الماضي 3 جيد. مثال رقم "2": المحور الأول: 304.03 الاعتماد على الهيروين. المحور الثاني: 301.70 شخصية مضادة للمجتمع، خصائص هذائية. المحور الثالث: لا يوجد. المحور الرابع: الضغوط النفسية الاجتماعية: لا يوجد معلومات. المحور الخامس: أعلى أداء تكيفي في العام الماضي 5 ضعيف. مثال رقم "3": المحور الأول: 295.92 فصام -نوع غير متمايز- مزمن. المحور الثاني: لا يوجد تشخيص على هذا المحور. المحور الثالث: آثار لعدوى فيروسية للمخ "التهاب سحائي".

المحور الرابع: الضغوط النفسية الاجتماعية، وفاة والدته -الشدة عالية جدا. المحور الخامس: أعلى مستوى للأداء التكيفي العام الماضي 6- منخفض للغاية. نموذج للمحكات التشخيصية المصاحبة لوصف الأمراض في DSM III المحكات التشخيصية للتأخر العقلي Diagnostic Coiteria for Mental Retardation

ملحق رقم "4" نموذج لتسجيل محاور التشخيص طبقا لدليل التشخيص dsm iii

ملحق رقم "4" نموذج لتسجيل محاور التشخيص طبقا لدليل التشخيص DSM III

ملحق رقم "5" نموذج لدراسة تاريخ حالة

ملحق رقم "5" نموذج لدراسة تاريخ حالة: يهمنا أن نتعرف على تاريخ حياة العميل بقصد التعرف على بعض الجوانب المتصلة بالمشكلة، والتي ساعدت على ظهورها، وعلى بقائها أو زيادتها في بعض الأحيان، وفي المعتاد أن تتم دراسة تاريخ الحالة في المقابلة الأولى، أو مقابلة التهيئة Intake Interview، وينظر البعض إلى المقابلة الأولية على أساس أنها مقابلة خاصة بالحصول على معلومات، وليس لها أهداف علاجية، ولهذا فإنه في بعض المؤسسات قد يعهد إلى شخص آخر غير المعالج مثلا الأخصائي الاجتماعي للقيام بها، ولا يمنع هذا من أن يقوم المعالج بمقابلة أولى بعد ذلك، والمعلومات التي نحصل عليها من دراسة تاريخ الحالة هي: 1- معلومات تعريفية عن العميل. 2- المظهر العام. 3- تاريخ المشكلة أو المشكلات الراهنة. 4- التاريخ العلاجي أو الإرشادي السابق. 5- التاريخ الصحي. 6- التاريخ التعليمي. 7- التاريخ الوظيفي "المهني". 8- تاريخ النمو الشخصي. 9- أنشطة أوقات الفراغ. 10- التاريخ الأسري والزواجي. 11- تقدير أنماط التواصل لدى العميل. 12- ملخص تشخيص الحالة العقلية.

المعلومات في برامج الإرشاد، والعلاج النفسي: شكل رقم "11". شكل توضيحي يبين العلاقة بين أنواع المعلومات، ووسائل ومصادر المعلومات في الإرشاد والعلاج النفسي. وضع د. محمد محروس الشناوي.

مراجع الفصل الخامس

مراجع الفصل الخامس: - American Psychiatric Association. "1994" Diagnostic and Statistical Manual of Men- tal Disorders. "4th ed" DSM-IV Washington, D. C. Author. -Bordin, E. S. "1946" Diagnasis- in Counseling and Psychotherapy,Educational and Psychological Measurement. 6, 35-356. -Byrne, R. H. "1958" Proposed revisions of the Bordin-Pepinsky diagnostic constructs. Journal of Counseling Psychology 5,184-188. - Callis-, R. "1965" Diagnostic classification as a research tool. Journal of Counseling Psychology 12,238-243. - Cormier, W. H. & Cormier, L. S. "1985" Interviewing stategies for helpers. Monte- rey. C. A. Brooks / Cole - Dixon, D. N. & Glover, J. A. "1984" Counseling: A Problem solving Approach. New York: John wiley & Sons. - Hansen, J. C, Stevic, R. R., & Warner R. W. "1977" counseling: Theory and Process "2nd cd" Boston: Allyn and Bacon. - Hayes, J. R. "1978" Cognitive Psychology: Thinking and creating. Homewood, Til. Dorsey. Press. - Hutchins, D. E. "1979" Systematic Counseling: The T. F. A model for counselor Inter- vention. Personnel and Guidance Journal. 57, 529-531. - Kanfer, F. W. & Goldstein, A. P. "1980" introduction, in F. H. Kanfer & A. P. Gold- stein "Eds" Helping People change. "2md ed" New York: Pergamon Press. - Kafger, F. H. & Saslow, G. "1969" Behavioral diagnosis. In C. M. Franks "Ed" Behav- ior therapy: Appraisal andStatus "pp 411-444" New York: McGraw- Hill. - Kcll, B. L. & Mueller, W. J. "1966" Impact and change: A Study of counseling relatio- ships. Englewood chiffs. N. J. Prentice- Hall. - L'Abate, L. "1981" Toward a systematic Classification of Counseling and therapy the orists, methods, processes and goals. The E-R-A model- Personnel and Guidance Journal. 59, 263-266.

Larzarus, A. A. "1971" Behavior therapy and beyond New York: McGraw- Hill. Larzarus, A. A. "1973" Multimodal behavior therapy: Treating the basic- id. Journal of Nersvous and Mental Disease. 156, 404-411. Ledley, R. S. & Lusted, L. A. "1959" Reasoning Foundations of medical diagnosis. Science. 130,9-21. Mischel, W. "1968" Personality and assessment: New York: Wiley. Mischel, W. "1977" Introduction to personality. New York: Holt, Rinehart and Winston. Nayes, A. P. & Kolb, L. C. "1963" Modern Clinical Psychiatry. Philadelphia: W. D. Saunders and Company. Paul, G. L. "1967" Strategy of outcome research in psychotherapy. Journal Consulting Psycholgy. 31,109-118. Pepinsky, H. B. "1948" The Selection and use of diagnastic Categories in Clinical Counseling. Applied psyohological Monographs No. 15. Robison, R. P. "1963" Modern approaches to Counseling diagnosis. Journal of Counseling Psychology. 10, 325-333. Scay, T. A. "1978" Systcmatix eclectic therapy. Jonesboro, T. N.: Pilgrimage Press. Stewart, N. R., Winborn, B. B., Johnson, R. G., Burks, H. M. & Engelkes, J. R. "1978" Systematic Counseling. Engelwood Cliffs. N. J.: Prentice- Hall.

الفصل السادس: الاختبارات النفسية واستخدامها في مجال الإرشاد

الفصل السادس: الاختبارات النفسية واستخدامها في مجال الإرشاد مدخل ... الفصل السادس: الاختبارات النفسية، واستخدامها في مجال الإرشاد مقدمة: من القضايا التي شهدها مجتمع علم النفس في السنوات الأخيرة، قضية القياس النفسي في مجال الإرشاد، وقد كان السؤال المطروح دائمًا هو: هل يقوم المرشد بتطبيق الاختبارات النفسية في عمله الإرشادي؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل المرشد معد تعليميا وتدريبيا للقيام بهذا العمل، وقد صحب ذلك ظهور كتابات عديدة ترى أن هناك تقاربًا يكاد يصل إلى التطابق بين فرعي الإرشاد "علم النفس الإرشادي"، وعلم النفس الإكلينيكي، وقد نتج عن إثارة هذه التساؤلات، وما جرى من مناقشات حولها أن اشترطت الجمعية الأمريكية لعلماء النفس American Psychological Association على الجامعات الأمريكية التي لديها برامج للدراسات العليا للإرشاد أن تعدل برامجها لتشتمل على التدريب المكثف على تطبيق الاختبارات، وتفسيرها على يد متخصصين ممارسين، وعلى أن يشتمل التدريب على استخدام اختبارات الذكاء الأساسية مثل مقياس بينيه، ومقياس ويكسلر "مجموعة مقاييس ويكسلر"، وعلى اختبارات الشخصية الرئيسية مثل مقياس مينسونا للشخصية MMPI، ومقياس كاليفورنيا CPI، والمقاييس الإسقاطية مثل اختبار تفهم الموضوع TAT، ورورشاخ Rorschach، وذلك بجانب ما كانوا يتلقونه بشكل أساسي عن مقاييس الميول والاتجاهات، والتحصيل والقدرات وأسس القياس ونظرياته؛ ولأن الاختبارت النفسية تعد من الأدوات الهامة التي يحتاج إليها المرشد لتساعده في الحصول على معلومات عن المسترشد، وذلك في وقت قصير، وفي إطار أسس موحدة وظروف موحدة للتطبيق يشترك فيها المسترشد مع غيره ممن يطبق عليهم الاختبار في أي علاقة إرشادية، أو علاجية أو لأي غرض آخر، فإنه من المناسب أن نناقش موضوع استخدام الاختبارات النفسية في مجال الإرشاد كموضوع مستقل، وبشيء من التفصيل. ولا شك أن القارئ، وهو إما مرشد أو طالب يدرب ليكون مرشدًا، لديه معلومات أساسية عن القياس، وما يتصل به من مصطلحات مثل الثبات والصدق، والمعايير والتصحيح، ولهذا لن نركز على مثل هذه القضايا، والتي تهتم بها المراجع الأساسية للقياس، ويمكن للقارئ الاطلاع والرجوع إليها1، ولهذا سيكون اهتمامنا أساسا بأهداف القياس في مجال الإرشاد، وكيفية اختيار الاختبارات المناسبة، والجوانب المتصلة بالتطبيق ثم كيفية تفسير النتائج، وكيفية توصيل هذه النتائج للمسترشد للاستفادة بها، وأهم القضايا القائمة في هذا المجال.

_ 1 انظر قائمة المراجع بنهاية هذا الفصل.

الدور الذي تعلبه الاختبارات في مجال الإرشاد

الدور الذي تعلبه الاختبارات في مجال الإرشاد ... الدور الذي تلعبه الاختبارات في مجال الإرشاد: إن الاختبارات كما هو معروف أدوات أعدت على أسس، وقواعد لتقيس خاصية، أو مجموعة خصائص تتصل بشخص أو بشيء، وكما يقول ثورنديك وهاجن "1969" Thorndike & Hagen: إننا لا نقيس شيئا أو شخصا على الإطلاق، وإنما نقيس نوعية Quality، أو خاصية Attribute للشيء، أو الشخص "ص9"، ويضيف هذان الباحثان أن تقدير الخصائص بالنسبة للأشخاص يمكن أن يكون باستخدام الاختبارات، أو باستخدام الملاحظة في المواقف الطبيعية التي يقع فيها السلوك، وتتضح فيها الخصائص. فالطريقة الأولى وهي التي تعتمد على إعداد مواقف خاصة للاختبار تتصف بما يلي: 1- يحدث الاختبار في وقت ومكان محددين. 2- يتكون الاختبار من مجموعة من المهام الموحدة من شخص لآخر ممن يجري اختيارهم. 3- ينظر المفحوص إلى الموقف على أنه موقف اختبار. أما الطريقة الثانية، والتي تعتمد على ملاحظة سلوك المفحوص في المواقف الطبيعية، فتتصف بما يلي:

1- يمتد وقت الملاحظة بشكل غير محدد. 2- يقوم على أساس مواقف تختلف من شخص لآخر. 3- لا ينظر إلى الموقف من جانب المفحوص على أنه موقف اختبار. وللاختبارات النفسية عدد من الوظائف في مجال الإرشاد، فهي تقدم بيانات لمساعدة المسترشد على زيادة فهمه لنفسه وتقبله لذاته، وتقييمه لهذه الذات، كذلك يمكن استخدام نتائج الاختبارات كمحكات يستفيد بها المرشد في تمحيص عمله، وتصوراته سواء في التشخيص، أو في العلاج مما يؤدي به إلى النهوض بعمله، كما يمكن للاختبار أن يساعد في التوقع "التنبؤ"، والتعزيز أو في بث الثقة في نفس المسترشد، ولخدمة هذه الأغراض يمكن أن ننظر للاختبار على أنه أداة للتوقع Prediction، أو كمعين تشخيصي Diagnostic، أو كوسيلة للمراقبة Monitoring كما ينظر له كذلك باعتباره وسيلة تقويمية Evaluative. وفي المعتاد أن يكون للجانب الخاص بالتوقع المستقبلي "التنبؤ"، والجانب التشخيصي قيمة إرشادية أكبر من جانبي المراقبة والتقويم، وتخدم كل وظيفة من الوظائف الأربعة كجزء من عمل المرشد في مساعدة المسترشد على فهم ذاته، أو اتخاذ القرارات، أو تحقيق أي هدف من الأهداف العديدة للإرشاد، وفيما يلي عرض لهذه الوظائف. 1- التوقع: "التنبؤ" Prediction: يمكن أن تساعد نتائج الاختبارات المرشد في توقع النجاح، أو درجات النجاح التي يمكن أن يحصل عليها المسترشد في مجال معين مثل دراسة مقرر، أو وظيفة أو عمل أو غير ذلك من المجالات التي يبذل فيها جهدا، ويدخل في هذا الاستخدام استخدام الاختبارات لاختيار الأشخاص للوظائف، أو للتسكين في برامج داخل المؤسسات أو المعاهد، وعلى سبيل المثال فإن الجامعات الأمريكية تلجأ إلى الاختبارات حيث تعتمد على نتائجها في اختيار الطلاب في الكليات، والتخصصات المختلفة حيث يتوافر دليل

على أن الاختبارات تساعد على توقع مدى نجاح الطلاب في البرنامج الذي يلتحقون به، وفي المعتاد فإن المرشد يناقش نتائج هذه الاختبارات مع المسترشد بحيث ينقل إليه أكبر قدر ممكن من المعلومات التي تساعده على اتخاذ القرار، وكلما زادت القيمة التنبؤية لنتائج الاختبارات التي يقدمها للمسترشد في صورة معلومات كلما زادت فرص نجاح العمل الإرشادي في مساعدة المسترشد على فهم ظروفه، واتخاذ القرار المناسب. 2- التشخيص: Diagnosis: يمكن للاختبارات أن تخدم المرشد في عملية التشخيص، أو تصوير المشكلة "انظر الفصل الخامس" حيث يمكن مساعدة المسترشد على فهم أفضل لمهاراته ومعلوماته، ومن ثم الاستبصار بالمجالات التي تعاني من نقص، أو تكون دون المستوى المطلوب، وبذلك يمكن للمسترشد أن يقرر ما هي المجالات التي تحتاج إلى تركيز أو اهتمام أكبر، كذلك فإن الاستخدام التشخيصي للاختبار يمكن أن يوفر معلومات للأشخاص الذين يعملون مع المسترشد خارج موقف الإرشاد، وبذلك نتيح لهؤلاء الأشخاص مثل الوالدين، والمدرسين وغيرهم ممن يسعون لمساعدة المسترشد أن يزيدوا من جهودهم معه، كذلك يمكن أن ينتج عن استخدام الاختبارات التشخيصية أن تتاح للمسترشد معلومات لم تكن معروفة له من قبل، ومثل ذلك يحدث عند تطبيق اختبارات الميول حيث يمكن أن تكشف عن مجالات من الميول، لم يكن المسترشد يعلم عنها مما قد يدفعه إلى محاولة اكتشافها. 3- المراقبة: Monitoring: يمكن للمرشد وغيره أن يتابعوا تقدم، وتطور المسترشد باستخدام الاختبارات، ومن أمثلة الاختبارات التي تخدم في هذا الجانب الاختبارات التحصيلية التي يمكن باستخدامها متابعة التقدم في التحصيل في فترة زمنية معينة، كذلك فإن كثيرًا من الاختبارات يمكن أن تفيد في هذا الغرض، ومن الجدير بالذكر أن مدرسة العلاج السلوكي تهتم بقياس النتائج بعد تنفيذ برنامج العلاج، وفي هذه الحالة فإن الاختبارات يمكن أن تفيد في هذا الجانب للتعرف على مدى نجاح البرنامج، وذلك بالتعرف على مقدار التغير في السلوك، والذي يقاس بمعرفة الفروق بين خط البداية، وخط النهاية. 4- التقويم: Evaluation: تعتبر الاختبارات أدوات هامة في عملية تقويم البرامج وتقويم عمل المرشد، وكذلك في جوانب أخرى للتقويم مثل تقويم نمو المسترشد، وتقويم مدى تحقيق أهداف معينة، وعندما يكون المطلوب هو التعرف على مدى جودة، أو رداءة نجاح أو فشل برنامج معين، أو نشاط معين أو تغيير معين، فإن الاختبارات تفيد في ذلك. كذلك فإن الاختبارات تفيد في جانب التقويم من حيث إنها توفر معلومات يمكن بها للمرشد، والمؤسسة تعديل البرامج التي تنفذ عند الحاجة لذلك.

اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد

اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد: قبل أن يبدأ المرشد في الاختيار الفعلي لاختبار، أو اختبارات يستخدمها مع مسترشد ما، فإنه يكون قد حدد من قبل الأغراض التي سيستخدم فيها هذا الاختبار مع هذا المسترشد "أو مع جماعة إرشادية"، وبعد ذلك يبدأ في التعرف على المعلومات، أو الخبرات النوعية التي يبحث عنها في اختباره للمسترشد، ويلي ذلك مراجعة البيانات المتاحة حول الاختبارات في المصادر المناسبة "دليل الاختبار، والمراجع المهتمة بتقديم الاختبارات"، وكثيرًا ما نشاهد المرشدين وقد حددوا نشاطهم في القياس بمجموعة صغيرة من الاختبارت لا يخرجون عنها، وربما يرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل منها. 1- أن هذه الاختبارات هي التي تلقى المرشد تدريبا على استخدامها أثناء الدراسة. 2- أنه نتيجة لتكرار تطبيقه لهذه الاختبارات، فإنه يكتسب مزيدًا من المهارة، والثقة في استخدامها، وفي تفسير نتائجها. 3- عدم متابعة المرشدين باستمرار لما يظهر من اختبارات جديدة. 4- قد يحتاج استخدام بعض الاختبارات الحديثة إلى تدريب تحت إشراف متخصص، أو حضور دورات تدريبية لهذا الغرض. إن المرشد الذي يسعى إلى اختيار أحد الاختبارات لاستخدامه في الإرشاد عليه أن يتعرف على مجموعة من الأبعاد الخاصة بهذا الاختبار، والتي تساعده على الحكم على

الاختبار الذي يستخدمه، هذا بجانب استفادته من التقارير، والدراسات التقويمية حول الاختبار إذا توافرت مثل هذه الدراسات، وفيما يلي بعض هذه الأبعاد. 1- الثبات: Reliability: إذا تساوت كل الجوانب، فإننا نبحث عن أكثر الاختبارات ثباتا فيما يقيسه. والثبات: يقصد به الاتساق الذي ينتج عن الاستخدامات المستمرة للمقياس في الغرض الذي أعد من أجله. ورغم الاهتمام الذي يحتاج المرشد أن يبديه للتأكد من تمتع الاختبارات التي يختارها بأفضل مستويات للثبات، إلا أن كرونباخ "1955" Cronbach وهو من العلماء المبرزين في مجال القياس النفسي يحذر من إطلاق هذه القاعدة، ويقول: إن هناك مواقف تجد فيها اختبارا لا يتمتع بالمستوى المناسب من الثبات، ومع ذلك يستحق أن نستخدمه؛ لأنه يضيف معلومات جديدة، ومن جهة أخرى فإن الثبات ليس أمرا يوجد أو لا يوجد، فقد نجد اختبارا تقوم الأدلة على تمتعه باتساق داخلي "مثلا بطريقة التجزئة النصفية، فردي، وزوجي، ولكنه لا يتمتع بالثبات عبر الوقت بطريقة الاختبار، وإعادة الاختبار "الاستقرار"، وبذلك فإن ما يتوافر لدينا في الواقع هو هذا الثبات عند هذه النقطة من الزمن بالنسبة للخاصية التي نقيسها. كذلك فإن الثبات قد يختلف باختلاف بعض المتغيرات مثل العمر، والمستوى التعليمي، والدافعية، وغيرها من المتغيرات لأفراد عينة تقدير الثبات، وأخيرًا فإننا نعلم أن الثبات كما يتم تقديره عادة، إنما هو ثبات جمعي يتصل بمجموعة التقنين أما الثبات بالنسبة للخاصية التي نقيسها لفرد معين، فهو غير معروف للمقياس الذي نستخدمه. 2- الصدق: Validity: يعتبر الصدق قلب عملية اختيار الاختبار الذي يستخدمه المرشد، والسؤال الذي نطرحه بالنسبة للصدق هو:

هل هذا الاختبار قادر على قياس الخاصية التي نسعى لقياسها، وهل ترتبط درجات الاختبار بالسلوكيات التي نحاول إعداد الخطط، واتخاذ القرارات بشأنها؟ وفي المعتاد فإن الصدق يحدد في واحد من أربعة أنواع على النحو التالي: أ- صدق المحتوى Content Validity: يستخدم هذا النوع من الصدق مع مجموعة الاختبارات التي تهتم بقياس التحصيل أو الأداء، ويكون الحكم على الاختبار بأنه يقيس هذه الجوانب عن طريق مجموعة من الخبراء "المحكَّمين"، ويكون بحثنا عن هذا النوع من الصدق عندنا يدور لدينا سؤال مثل: "ماذا تعلم هذا الفرد؟ " و"ماذا يمكنه القيام به؟ ". أما إذا كان السؤال متصلًا بالأداء في وقت لاحق في المستقبل، فإن علينا أن نبحث عن نوع آخر من الصدق هو الصدق التنبؤي. كذلك فإن صدق المحتوى يهمنا عند استخدام قوائم المشكلات Problem Check lists حيث يطرح المرشد على سبيل المثال سؤالا مثلا "ما هي الجوانب التي تشغل هذا المسترشد، والتي يمكن أن يظهرها عبر قائمة المشكلات؟ ". وتكون الإجابة على سبيال المثال: إن هذا المسترشد قد أظهر خمس مشكلات فيما اتفق المحكمون من الخبراء على أنه يمثل مجال العلاقات الشخصية. ب- الصدق التنبؤي: Perdictive: يعني هذا الصدق أن الدرجات على اختبار ما ترتبط بسلوك يقع في المستقبل -مثلا: النجاح، والرضا، والتوافق، وهذا النوع من الصدق هو الذي نسعى غالبا للحصول عليه في الإرشاد، حيث نتعامل في الغالب مع مقررات، وخطط متصلة بالمستقبل، ومن مثل الأسئلة التي يجيب عليها الصدق التنبؤي: "إلى أي حد يمكن أن أكون طابعا جيدًا على الآلة الكاتبة؟ ". "ما هي فرص نجاحي في برنامج للتدريب في حرفة معينة؟ ".

"ما هو مجال العمل الذي يمكن أن يحقق لي أكبر مستوى من الرضا؟ ". وفي الواقع العملي، فإن مثل هذه الأسئلة تحظى بإجابات جزئية نتيجة للمشكلات القائمة في الاختبارات نفسها. جـ- الصدق التلازمي Concurrent Validity: هنا تحدد العلاقات بين درجات المفحوصين على الاختبار، وبين مستوى الأداء في نفس الوقت الذي يجري فيه الاختبار دون الاهتمام بالأداء في المستقبل، ويكون السؤال المطروح في هذه الحالة: هل ميولي قريبة من ميول المحاسبين؟ هل أعاني من درجة عالية من القلق؟ د- صدق التكوين الفرضي: Construct Validity: على عكس الأنواع الثلاثة السابقة من الصدق، فإن هذا النوع يتصف بأنه في صورة تجريدية أكبر، ويحاول أن يؤكد على الخصائص النفسية التي يبحث عنها الاختبار، وشأن هذا النوع من الصدق هو كشأن صدق المحتوى يعطينا الأساس للإجابة فقط على الأسئلة الوصفية: ما هو مستواي في الطلاقة اللفظية؟ ما هو المستوى الراهن للقلق عندي؟ والإجابة على هذه الأسئلة تتعلق بالوقت الحالي، ولا تشمل توقعات عن هذه الجوانب في المستقبل. وهناك جدل قائم حول الأهمية النسبية لكل من الصدق التنبؤي، وصدق التكوين الفرضي، ومن بين المدافعين عن أن صدق التكوين الفرضي هو الذي نحتاج إليه، ويلغي باقي أنواع الصدق لويفنجر Loevinger "1957". ونفس الموقف يتخذه أولئك الذين يرون ضرورة وجود منطق نظري وراء الاختبارات

الجيدة، مثلا فلانجان، وترافرز Flanagan, 1951, Travers 1951, في حين يرى غيرهم أن الجانب الحرج في الاختبار هو مدى تنبؤ الاختبار بالسلوك، ويفصل جولدمان Goldman في هذا الجدل حيث يرى أن المنظرين، والقائمين ببحوث بحتة يهتمون بالاختبارات لتساعدهم في اختبار الفروض حول السلوك الإنساني، وبذلك فإن الصدق الذي يحتاجون إليه هو صدق التكوين الفرضي، أما بالنسبة للممارس الذي لديه توجه إمبيريقي عادي، فإن الاختبارات تكون ذات فائدة له إلى الدرجة التي تساعده على إجراء تقديرات مستقبلية أكثر دقة، وهنا فإن ما يحتاج إليه الممارس "مثلًا المرشد" هو الصدق التنبؤي "صدق التوقع"، ومن جهة أخرى فإنه عندما نستخدم اختبارا عن تطور مفهوم الذات لدى الفرد على سبيل المثال حيث نحتاج إلى وصف للشخص، فإن المرشد يعول بشكل أكبر على صدق المحتوى، وأيضا صدق التكوين الفرضي "Goldman, 1971, p 83"، ويجب أن ينتبه المرشدون إلى أن الاسم الذي يحمله الاختبار ليس بالضروري أن يعبر عن المفهوم، أو الخاصية التي يقيسها بالفعل، وعلى سبيل المثال فإن أحد الاختبارات يحمل عنوان "التقدير الذاتي" بينما أعد في الواقع لقياس القلق. 3- المعايير: Norms: عندما نبحث عن اختبار لاستخدامه في الإرشاد، فإننا نختار الاختبارات التي تتوافر عنها بيانات معيارية يمكن مقارنتها بخصائص الفرد "مثلا: العمر، المستوى التعليمي، الحالة الاجتماعية والاقتصادية"، أو بخصائص الجماعة التي يعتبر الفرد نفسه مرتبطا، أو منتميا لها "مثلا طلاب طب الأسنان"، وفي بعض الأحيان يكون من المرغوب أن نحصل على كلا النوعين من المعايير، أن المقارنة مع الزملاء، والمقارنة مع جماعة المستقبل، وعلى سبيل المثال فإن طالب الثانوية العامة "الثالث الثانوي" قد يكون في هذا المستوى أي في مستوى زملائه في سرعة الكتابة أو أعلى منه، ولكنه بالمقارنة بمن يعملون في الوظائف الكتابية يكون في وضع أدنى، والذي يهمنا في هذا المجال هو أن يسعى المرشد لانتقاء الاختبارات التي لها معايير يمكن أن يرجع إليها الدرجات التي يحصل عليها المسترشد.

4- العمر: Age: في كثير من الأحيان يجد المرشد نفسه في حاجة إلى استخدام اختبارات مع مسترشدين في أعمار صغيرة أو أعمار متقدمة، ويجب على المرشد أن يختار الاختبارات التي تكون لها معايير عمرية قريبة من هذه الأعمار، وتنشأ المشكلة في بعض الأحيان من أن كثيرًا من المعايير العمرية للاختبارات تكون في أعمار قريبة من المراهقة، ويمكن للمرشد أن يلجأ لعملية التخمين حول ما إذا كانت الخاصية التي يقيسها من المتوقع أن تبقى كما هي، أم تتحسن أم تتدهور. 5- مستوى القراءة Reading level: ما لم يكن القياس موجها أساسًا لقياس عيوب القراءة، فإن المرشد يجب أن يعرف أن وجود عيوب في القراءة لدى المسترشد، أو كون الاختبار يحتاج إلى مستوى أعلى في القراءة سيكون من شأنه التأثير على مستوى أداء المسترشد بمعنى آخر، إنه إذا كان الاختبار يحتاج إلى مستوى عال من القراءة لا يتوافر لدى المسترشد، فإن الدرجة التي يحصل عليها ستعاني من خطأ خاص نتيجة لذلك، وتكون هذه الدرجة وهي خاصة مثلًا بإحدى القدرات مثل الفهم الميكانيكي، أو الإدراك المكاني إنما تعبر فقط جزئيا عن هذه الدرجة حيث إنه دخل في عملية القياس، القدرة على القراءة. ويقترح بالنسبة لهذه المشكلة أن يتعرف المرشد على مستوى القراءة لدى المسترشد عند اختيار الاختبارات التي يستخدمها معه، وفي نفس الوقت فإن عليه أن يختار الاختبارات التي تتميز ببساطة الأسلوب، وسهولة قراءتها "إذا تساوت باقي الشروط"، وبجانب اهتمامنا بصياغة تعليمات الاختبار، فإنه يجب أن نوجه اهتمامنا أيضا إلى صياغة فقرات "بنود" الاختبار. ومن الملاحظات التي لاحظها المؤلف أن الفقرات التي تحتوي على النفي، وتكون الاختيارات في الإجابة بين نعم، ولا يجد الطلاب صعوبة في توجيه إجابتهم عليها، ونفس الشيء، ويلاحظ عند وجود فقرات يدخل في صياغتها حروف وصل يمكن أن تفهم على أنها للنفي مثلًا: ما.

6- السرعة: Speed: في بعض الاختبارات التي تحتاج إلى سرعة في الأداء، والتي تعرف باختبارات السرعة Speed tests قد يصادف بعض المسترشدين عقبات فيها، وتنخفض درجاتهم نتيجة انتهاء الوقت المحدد للاختبار، ومن هذه العوامل التي تساعد على انخفاض الأداء تقدم العمر، والأفراد الذين تكون قراءتهم بطيئة Slow readers، والأفراد الذين لديهم حذر قهري الذين يفحصون مرة بعد الأخرى إجاباتهم، والذين لديهم إعاقات حسية خاصة في البصر، أو في السلوك الحركي "مثلا في الإمساك بالقلم، أو قلب الصفحات"، وفي كل هذه الحالات، فإن اختبارات القوة Power tests تعطي نتائج أفضل عن مستوى القدرة، وبصورة مستقلة عن السرعة. ويرى البعض أن اختبارات السرعة لها أهميتها في التطبيقات الجمعية، وكذلك فإن السرعة تدخل كعامل هام في قياس بعض المتغيرات "مثلا سرعة الطباعة على الآلة الكاتبة"، وفي هذه الحالة فإن استخدام اختبارات السرعة يكون مناسبا تماما حتى مع أولئك الذين لديهم إعاقات، وهذا يعني أننا نعني في هذه الحالة بدخول المعوقين كمنافسين في سوق العمل، وليس في المصانع، أو الورش المحمية. وفي بعض الأحيان فإنه نتيجة عدم توافر اختبارات القوة، فإننا نلجأ إلى استخدام اختبارات السرعة على أن يحدد الزمن الذي انتهى عنده المفحوص، ثم نسمح له باستكمال الأداء دون التقيد بالزمن، ويكون تفسير الدرجات بصورة مختلفة، فالزمن الذي حدد للاختبار تؤخذ الدرجة عنده ويحدد بناء عليها ما يعاني منه الفرد من قصور بالنسبة لما هو مطلوب من سرعة في الأداء. 7- اختبارات الورقة والقلم مقابل الاختبارات العلمية: Paper and Pencil vs Apparatus tests إذا كانت النتائج التي تعطيها الاختبارات الورقية من حيث التنبؤ تتسق مع الاختبارات العملية التي تعتمد على أجهزة، فإن هذه الأخيرة تفضل بالنسبة للذين لا يشعرون بارتياح لاستخدام الورقة والقلم، ويحدث ذلك بصفة خاصة في مجال الحرف

الميكانيكية، واليدوية حيث تتوفر بعض الأجهزة لقياس الفهم الميكانيكي والإدراك المكاني، إلا أن الأجهزة تتكلف أكثر من الناحية المالية، وكذلك في صعوبة إيجاد عدد كاف منها للاستخدام مع مجموعات. وتتميز الاختبارات التي تستخدم أجهزة في أنها توفر فرصة أكبر لملاحظة سلوك المفحوص في تناوله للمهمة، وحل المشكلات والاستجابة للإحباط، وفي بعض الحالات تكون مثل هذه الملاحظات، والاستبصارات الناتجة عنها أكبر في قيمتها من الدرجات نفسها. 8- الاختبارات الفردية في مقابل الاختبارات الجمعية: Individual VS Group Tests يمكن أن نستخدم أي اختبار بشكل فردي "أي لمسترشد واحد" عندما تدعو الحاجة إلى ملاحظة سلوكه الأدائي عن قرب، أو عندما يكون أداء الأفراد الذين يأخذون الاختبار في المستوى الفردي مختلفا عن المستوى الجمعي نتيجة التوتر أو لعوامل أخرى، ومن مثل الاختبارات التي تتطلب تطبيقا فرديا في المعتاد لأهميتها في اتخاذ بعض القرارات الشتخيصية حول مستوى الذكاء، مثل اختبار بينيه، ومجموعة اختبارات ويكسلر. وعلى عكس ما هو شائع، فإنه في كثير من الأحيان يكون للاختبارات في التطبيق الجمعي أفضلية عن تطبيقها في المستوى الفردي. ثمة استثناء نود أن نلفت النظر إليه، وهو أن الاختبارات يجب أن تطبق بصورة فردية عندما يكون المفحوص ممن يعانون من إعاقة بدنية، أو عقلية أو انفعالية. 9- كمية الوقت المطلوب للاختبار: Amount of time Needed: من المعتاد أن يكون المرشد مسئولًا عن عدد كبير من الحالات، مما يجعل الوقت أمامه محدودًا، ويستلزم ذلك بطبيعة الحال أن يقيد الوقت الذي تستغرقه الاختبارات، ومن المعتاد أن تحل هذه المشكلة بأن يكون هناك بطارية يعتمد عليها المرشد تضم اختبارًا، أو ربما اختبارين لكل وظيفة يود أن يقيسها.

10- الإعاقات Handicaps: أشرنا من قبل إلى الدور الذي تلعبه الإعاقات عند الحديث عن مستوى القراءة، وكذلك عند الكلام عن اختبارات السرعة، والاختبارات الفردية مقابل الاختبارات الجمعية، وهناك عديد من الإعاقات التي يمكن أن تؤثر على سلوك الاختبار منها: عيوب السمع، وعيوب الإبصار، والتشوهات التي تؤثر على التحكم في اليدين والأذرع، والأصابع مثل تلك الناتجة عن حالات الشلل والحالات التشنجية، وكذلك الاضطرابات النفسية مثل القلق الزائد، أو عدم الصبر، وآثار الشيخوخة بما فيها البطء، والصعوبة في الاستجابة لمنبه جديدًا. ويحسن أن يراجع المرشد الذي يعمل مع المعوقين المراجع المتخصصة في هذا الصدد، وهناك مجموعة من الاختبارات التي أعدت خصيصا لاختبار من لديهم إعاقات مثل كف البصر، أو فقدان السمع، وكذلك المعوقين في الحركة كما توجد الآن أنظمة تجارية للتقويم المهني للمعقوين مثل نظام توور Tower الذي يعتمد على استخدام عينات العمل. والذي يهمنا أن نوجه النظر إليه هو أن يحذر المرشد من استخدام اختبار يدخل في اعتباره سواء في التعليمات، أو في الفقرات "البنود"، أو التطبيق جانبا يفتقد إليه المعوق -فمثلا الاختبارات الأدائية لا تناسب المكفوفين بينما الاختبارات اللفظية لا تناسب المعوقين سمعيا، وهكذا، كذلك فإن هناك حالات لا يصلح معها اختبارات الذهانية، وحالات الشلل المخي الشديدة، وأولئك الذين لديهم عيوب شديدة في الانتباه والدافعية، سواء نتيجة التخلف العقلي أو الشيخوخة أو غيرها، ولا يفوتنا أن نشير إلى أن القياس في مجال المعوقين يتميز بالصعوبة مما يدعو إلى الانتباه لاختبار الاختبار المناسب، والذي لا يضيف إلى المسترشد إحباطات جديدة. كذلك فإنه من المفضل أن يستخدم المرشد الاختبارات الفردية من المعوقين، ولا يلجأ إلى استخدام الاختبارات الجمعية إلا في بعض المواقف مثل التقويم المهني مع المحافظة على فردية المفحوص في الأداء.

أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد

أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد: أشرنا من قبل عند اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد إلى مجموعة من العوامل التي تؤخذ في الاعتبار، ومنها نوع الاختبار من حيث كونه اختبار سرعة أم اختبار قوة، أو كونه اختبارًا فرديا، أم جمعيا أو كونه اختبارا ورقيا، أم اختبارا أدائيا، وفي نفس الوقت فإن الاختبارات يمكن أن تصنف أيضا بحسب المحتوى إلى: اختبارات القدرة العقلية، والاختبارات التحصيلية، واختبارات الاستعدادات والقدرات، واختبارات الميول، ومقاييس الشخصية، والاختبارات الخاصة "مثل اختبارات الابتكارية". 1- اختبارات القدرة العقلية: Mental Abity Tests: تقع هذه الاختبارات عادة تحت مسمى اختبارات الذكاء، والتي تعد لقياس الأداء الذهني للفرد، ويمكن أن يدخل في قياس هذا الجانب قياس مجموعة من العوامل مثل العلاقات المكانية، الاستدلال التجريدي، والمهارة اللفظية والرياضية، والأداء في بعض المهام. 2- اختبارات التحصيل: Achievement tests: تقيس هذه الاختبارات معرفة الشخص حول مجالات معينة، حيث تؤخذ عينات من السلوك من كمية معينة من المادة التعليمية ليستدل بها على كمية المادة التي تعلمها المفحوص، وفي المعتاد أن تكون هذه الاختبارات في صورة متعددة الإجابات التي يختار المفحوص إجابة من بينها "الاختبار من متعدد" Multiple choice، وفي الواقع فإن الاختبارات التحصيلية تفيد المدرس أكثر مما تفيد المرشد إلا أن نتائجها المسجلة في السجل الشامل للطالب يمكن أن تقيد المرشد في العملية الإرشادية. 3- اختبارات الاستعدادات Aptitude tests: تهدف هذه الاختبارات إلى قياس عينة من السلوكيات في المجالات التي يكون لدى المسترشد طاقة لها، وبهذه الصورة فهي ذات وظيفة تنبؤية للمفحوص، وهناك

مجموعة من البطاريات "التي تشتمل على مجموعة اختبارات"، وكذلك الاختبارات الأحادية التي تقيس استعدادات معينة، ومن البطاريات التي اكتسبت شهرة في الولايات المتحدة بطارية اختبار الاستعداد العام General Aptitude tests Battery المعروفة باسم GATB، والتي تستخدمها هيئات التوظيف على نطاق واسع، وهي تشتمل على اختبارات لفظية، وعددية تعمل معا كمقياس للأداء الذهني بالإضافة إلى مجموعة من الاختبارات الفرعية المرتبطة بمهارات معينة تدعو الحاجة إليها في بعض الأعمال، على سبيل المثال: المهارات الكتابية، وتآزر العين واليد، والمهارة اليدوية، وهذه الاستعدادت يمكن الربط بينها، وبين وظائف أو أعمال معينة. والاختبارات الخاصة التي تقيس مجالًا واحدًا من المهارة تعرف باختبارات الاستعدادات الخاصة، وتشتمل على مجالات مثل الاستعداد الموسيقى، والاستعداد الفني إلخ ... اختبارات الميول: Interest Inventotries: في الاختبارات التي تقيس القدرة العقلية، أو التحصيل، أو الاستعدادات، فإنها تعد بحيث تسمح بقياس أقصى أداء للمفحوص، أما في حالة اختبارات الميول، فإنها تعد لقياس الأداء النمطي، ويهمنا المشاركة الفعلية للمفحوص في موقف الاختبار لتكون النتيجة ذات معنى، كذلك فإنه في حالة اختبارات الميول نجد اتجاها لدى المفحوصين للإجابة بطريقة مقبولة للآخرين سواء الوالد، أو المرشد أو المدرس، بدلا من الإجابة بطريقة قريبة على قدر الإمكان من المشاعر الحقيقية، وتحاول اختبارات الميول قياس واحد من أربعة أنواع من الميول على النحو الذي حدده سوبركرايتس "1962" Super & Crites وهي: الميل المعبر عنه، أو الميل الظاهر، أو الميل المختبر، أو الميل المرتب في قوائم. اختبارات الشخصية Personality Inventories: تستخدم اختبارات أو قوائم الشخصية للتعرف على الأوجه المختلفة لبنية الشخصية للفرد؛ ولأن شخصية الإنسان يمكن أن تكون ذات أوجه متعددة، فلا يمكن لأي أداة أن

تعمل أكثر من ملامسة بعض المجالات فقط، إلا أنه مع ذلك من الممكن إذا أجاب المفحوص بصراحة أن نحصل على صورة لبعض الجوانب الرئيسية للشخصية، مثلًا أن نتعرف فيه على نوع مسيطر واثق، في مقابل نوع استسلامي معتمد. وفي بعض الأحيان يوفر الاختبار معلومات عن مدى تقارب إجابة المفحوص مع استجابة أنواع معينة من الشخصية، ومن الأمثلة على ذلك مقياس مينسوتا المتعدد للشخصية الذي ينتج عنه درجات في عدد من المجالات المرتبطة باضطرابات معينة للشخصية مثل البارانويا، والاكتئاب، والانحراف السيكوباتي إلخ. يرى ثورنديك وهاجن "1969" Thorndike & Hagen أن الجوانب التي نهتم بها في الأفراد عند القياس تشتمل على ما يأتي "ص28". 1- القدرات: ما يمكن للفرد أن يقوم به إذا حاول. "أ" الاستعدادات: الأداء الذي يعمل كمؤشر على ما يمكن للفرد أن يتعلم القيام به. "ب" التحصيل: الأداء الذي يستخدم لإظهار ما تعلمه الفرد فعلًا. 2- متغيرات الشخصية: دلائل عما سيفعله الشخص، وكيف سيستجيب لأحداث الحياة وضغوطها. "1" الخلق: مجموعة من الصفات المعرفة بواسطة المجتمع على أنها ذات قيمة أو العكس. "2" التوافق: مدى القدرة على التوافق، والعيش بسعادة في الثقافة "الحضارة" التي يوجد فيها الفرد. "3" الطباع: الصفات المرتبطة بمستوى الطاقة، والمزاج، وأسلوب الحياة. "4" الميول: الأنشطة التي يبحث عنها الفرد أو يتجنبها. "5" الاتجاهات: الاستجابات نحو أو ضد الأشخاص، أو الظواهر أو المفاهيم التي يتكون منها المجتمع. أما ميهرنز وليهمان "1978" Mehrens and Lehman: فيريان أن الاختبارات يمكن أن تصنف على النحو التالي من حيث الهدف: 1- اختبارات الاستعداد: العامة، المتعددة، الخاصة. 2- اختبارات التحصيل: "تشخيصية، أو خاصة بمادة واحدة، أو بطاريات". 3- مقاييس أو قوائم الميول، والشخصية والاتجاهات. ويضيفان أن المجموعتين الأولى والثانية تشتملان على اختبارات أقصى أداء بينما المجموعة الثالثة تهتم بقياس الأداء النمطي "المعتاد"، كما أن البعض يضع المجموعتين الأولى، والثانية تحت مجموعة الاختبارات المعرفية، بينما يضع المجموعة الثالثة تحت مسمى الاختبارات الوجدانية؛ ولأن هذه المجموعة الأخيرة ليس لها إجابات فعلية صحيحة أو خاطئة، فإن الباحثين في مجال القياس يطلقون عليها أحيانا قوائم "Inventorids" "ص390".

تطبيق الاختبارات والعوامل التي تؤثر فيه

تطبيق الاختبارات، والعوامل التي تؤثر فيه: إذا كان المرشد قد أخذ في اعتباره تلك العوامل التي ذكرناها عند اختياره الاختبار، أو الاختبارات التي سيستخدمها بالنسبة للفرد المسترشد، أو مع جماعة أو مع المؤسسة، أو المعهد بوجه عام فإنه سينتقل الآن إلى مرحلة التطبيق، وهذا الجانب في استخدام الاختبارات في الإرشاد جانب هام يحتاج إلى أن نأخذه في الاعتبار بشكل جاد حيث تؤثر فيه مجموعة من العوامل يلخصها ليوجولدمان "1971" Leo Goldman على النحو التالي: 1- ما هي الآثار التي تنتج عن الأشياء التي سبقت تطبيق الاختبار، مثل الخبرة السابقة مع الاختبارات، والممارسة مع نفس المواد، وأي شيء وكل شيء تعلمه المسترشد، ومارسه له صلة بما نقيسه؟ 2- كيف يدرك الفرد الاختبار؟ "مثلا: كتهديد أو كمصدر للمساعدة"، وما هي المشاعر التي لديه بالنسبة للاختبار؟ "مثلا القلق وآثاره"، وكيف ستؤثر هذه

العوامل على تقدمه نحو الاختبار؟ "كمية الجهد، محاولة الوصول لانطباع جيد، الميل إلى تشويش إجاباته". 3- ماذا يحدث أثناء التطبيق الفعلي للاختبارات؟ وما هي مؤثرات تشتيت الانتباه، وما هي العمليات المستخدم من جانب الفرد في حل المشكلات؟ 1- ةالجوانب التي تسبق الاختبار: إن كل شيء قد مارسه المسترشد من قبل يمكن أن يدخل في الاعتبار هنا. وبالإضافة إلى ذلك فإن المسترشد يحضر إلى موقف الاختبار مجموعة من المهارات والمعارف "المعلومات" بما في ذلك القواعد، والحساب، والتحليل، كما يحضر أيضا إلى موقف الاختبار مجموعة من الاتجاهات "الطموحات"، وتوقعات النجاح أو الفشل، والميول، وأساليب السلوك المألوفة له، والخصائص الانفعالية، ومن العوامل التي تسبق أخذ الاختبار، وتؤثر على التطبيق ما يلي: أ-الخبرة السابقة: أوضح كثير من الدراسات أن أخذ الاختبار مرات سابقة يجعل المفحوص يحصل على درجات مرتفعة، وعلى سبيل المثال فقد وجد لونجستاف "1954" Longstaff أن طلاب الجامعة الذين طبق معهم اختبار مينسوتا للأعمال الكتابية على ثلاث مرات متتالية متقاربة زمنيا قد ارتفعت درجاتهم. ب-مجموعات الاستجابة: Response Sets: لفت هذا المفهوم النظر منذ قام كرونباخ بمراجعة الدراسات السابقة "1950" Cranbach، ثم تتابعت فيه البحوث بشكل متزايد، وتعرف مجموعة أو فئة الاستجابة بأنها ميل لأخذ وجهة معينة في الإجابة على أسئلة الاختبار. فقد يكون هناك ميل للإجابة "بنعم" على كل البنود التي يميل لها الفرد، والإجابة بـ"لا" على الفقرات التي تشتمل على المشكلات الشخصية، وقد تبين وجود مجموعة إجابة تفضل الاختيار الأول، أو الاختيار الأخير في البنود المتعددة الاختيار Multiple

choice items، أو تتجنب الاختبارات المتطرفة في قوائم الشخصية مثلًا "دائمًا، وأبدًا"، وتفضيل الاختيارات المتوسطة أو المعتدلة "في بعض الأحيان، وعادة" كذلك هناك مجموعة أخرى هي الميل للتخمين بحرية، أو التردد في التخمسين في اختبار القدرة، أو التحصيل أو الاستعداد. "د" مجموعة الاجابات المرغوبة اجتماعيا: Social Desirability Set: هذه المجموعة شائعة في كل أنحاء العالم حيث يكون هناك ميل لإعطاء إجابات مرغوبة اجتماعيا على بعض الأسئلة في مقاييس الشخصية لكي يصور الفرد "المفحوص" نفسه على أنه حسن التوافق، ويتمتع بالصحة النفسية، ويبدو هنا أن السبب وراء هذه الإجابات هو الدفاع عن النفس ضد تهديد ضمني، أو انتقاد أن يكون غير متوافق، وقد دفعت هذه الاستجابات الدفاعية، والتي تصدر غالبا عن أفراد الطبقة المتوسطة أن يهتم مصممو الاختبارات بإعداد فقرات مضادة أو كاشفة، وعلى سبيل المثال فإن مقياس مينسوتا المتعدد للشخصية MMPI يشتمل على عدة مقاييس للصدق هي مقاييس F,L,K لاكتشاف الاتجاه نحو إنكار المرض، أو الكذب، أو إعطاء إجابات غير عادية تجعل الدرجات التي يحصل عليها المفحوص على المقاييس الفرعية المختلفة موضع تساؤل. وقد استخدم إدواردز في قائمة التفضيل الشخصي "Epps" أسلوب الاختيار الجبري Forced choice حيث يختار المفحوص بين عبارتين تلك التي تصدق عليه تقريبا، وفي بعض الاختبارات "مثلا قائمة الصفات "Adjective checklist" يختار المفحوص من بين خمس صفات تلك الصفة التي تصفه لأكبر ما يمكن، وتلك الصفة التي تكون الأقل انطباقا عليه، وتوضع هذه الصفات الخمس مع بعضها البعض باعتبار أنها تبدو جميعا متساوية من حيث الرغبة الاجتماعية فيها. ويمكن للمرشد الذي يستخدم مقاييس الشخصية أن يتعامل مع مسألة مجموعة الاستجابة المرغوبة اجتماعيا من زاويتين، الأولى، يحاول فيها المرشد أن يخفض هذه المجموعة في المسترشدين الذين يعمل معهم عن طريق تكوين علاقة تقل فيها الدفاعية، والثانية، يمكن للمرشد أن يستخدم المقاييس التي تشتمل مقاييس تكشف هذا النوع من

المجموعات "كما في مقياس MMPI، وقائمة أيزينيك للشخصية EPQ" أو بعض التحكم فيه "كما في مقياس أدواردز للتفضيل الشخصي EPPS"، وبصفة عامة فإن زيادة الإجابة في هذا الاتجاه عن المتوسط تدل على عدم الأمن، والحاجة إلى ترك انطباع جيد لدى الناس، أو الحاجة إلى الالتزام بما يظن أنه متوقع منه. د- التخمين: Guessing: يمثل الاستعداد للتخمين نوعا آخر من مجموعات الاستجابة عندما يكون المفحوص غير متأكد، أو ليس عنده أي فكرة عن الإجابة الصحيحة، وهناك بعض الشواهد على أن: 1- التعليمات الخاصة بالتخمين تجعل هناك فروقا في كمية التخمين الذي يحدث. 2- هناك فروق فردية في الاستعداد، والرغبة في التخمين تحت أي ظروف. 3- قد توجد علاقة بين الاستعداد للتخمين، وبعض خصائص الشخصية. ويهمنا أن نؤكد على المرشد أن عليه أن يتبع تعليمات الاختبار، فإذا كانت تطلب من المفحوص أن يحاول مع كل فقرة "أي يدخل التخمين في الاعتبار" فإنه يلتزم بذلك، وإذا كانت التعليمات الخاصة بالاختبار تقضي باستخدام معادلة للتصحيح لأثر التخمين، فهو أيضًا ملتزم بذلك. هـ- السرعة: Speed: في بعض الاختبارات تكون السرعة مطلوبة في الإجابة على الفقرات، أو حل المشكلات، وفي هذه الحالات فإن بعض المفحوصين يحصلون على درجات منفخضة نتيجة مرور الوقت دون إنجاز المطلوب، وبصفة خاصة الحالات الحذرة بشكل قهري، والذين يراجعون أداءهم على الاختبار المرة تلو المرة، وهنا أيضا نجد مجموعة استجابة تعكس خاصة من خصائص الشخصية، ومثل هؤلاء الأشخاص يحصلون على درجات منخفضة على اختبارات القدرات المحدودة الوقت مقارنة مع درجاتهم في التحصيل في المدرسة. ويمكن للمرشد الذي يعي هذه المشكلة أن يقوم بأحد إجراءين:

الأول: أن يضيف اختبارا غير موقوت يقيس نفس القدرة. الثاني: أن يبتعد عن الطريقة القياسية لتطبيق الاختبار بأن يسمح للمسترشد بأن يأخذ وقتا غير محدود في إتمام الاختبار بعد أن يحصي عدد الفقرات التي أجاب عليها المفحوص في الوقت المحدد للاختبار. وفي كلتا الحالتين فإن الفرق بين الدرجات التي يحصل عليها المفحوص في الوقت المحدد، وفي الوقت غير المحدد يمثل تقديرًا للإعاقة التي يفرضها عامل السرعة، أي الوقت المحدد للاختبار، وبصفة عامة، وسواء كان العمل مع أفراد أو مجموعات، فإن على القائم بالاختبار أن ينبه المفحوصين إلى أهمية العمل بسرعة في تلك الاختبارات المحدودة الوقت، ويمكن أن يفيد مثل هذا التنبيه إلى حد بعيد في مراعاة المفحوصين للمزمن المحدد للاختبار. وقد أوضحت دراسات هيلز "1961" أن الحالات التي تلقت تعليمات بأن تعمل على الاختبار بتأن في موقف ما ثم طلب منها أن تعمل بسرعة في موقف آخر قد حصلوا على درجات مختلفة "في اختبارات الشخصية"، كذلك فقد وجد ستود "1948" Staud أنه في ظل ظروف معينة، فإن الضغط على السرعة زاد عدد الأخطاء بالنسبة لبعض المقاييس. 2- الإدراكات، والمشاعر المتصلة باختبار معين: في بعض الحالات نجد أن فردا، أو جماعة من المسترشدي ن يكون لها إدراكات ومشاعر خاصة بالنسبة لاختبار معين، أو للموقف الإرشادي الذي يتم فيه الاختبار، ولا يدخل معنا هنا تلك الجوانب التي ناقشناها على أنها تمثل مجموعات استجابات رغم أن عملية الفصل بينهما ليست سهلة، فالمسترشد الذي يدرك اختبارا معينا للذكاء على أنه يمثل له تهديدا لمفهومه لذاته قد يصحب معه في كل الاختبارات درجة من الدفاعية أكبر من المتوسط، وهذه بدورها قد تنعكس في صورة مجموعة استجابة تتمثل في نقص السرعة، وكذلك التوجه في الإجابة نحو الإجابات المرغوبة اجتماعيا.

إن جانبا كبيرا من التعامل مع مشكلة إدراكات، ومشاعر المسترشدين بخصوص اختبارات معينة يمكن التعامل معها في مرحلة اختيار الاختبارات المناسبة، وإعداد المسترشدين سواء في المستوى الفردي، أو الجماعي لعملية الاختبار، وإذا لم تنجح عملية الإعداد، فإن المسترشد يدخل إلى الاختبار، ومعه مجموعة من الإدراكات السالبة "مثلًا على أنها تهديد لمفهوم الذات، أو عائق في طريق إجراءات معينة"، وقد يؤدي ذلك إلى درجات مختلفة من النتائج المعرفية، والانفعالية مثل: التزييف، والقلق، ونقص الجهد، وهي ما تناقشه فيما يلي: أ- التزييف والتحريف: Faking and Distortion: أوضحت كثير من البحوث أن معظم مقاييس الميول والشخصية، أو لم تكن جميعها، يمكن أن تزيف في الاتجاه المرغوب "جولدمان ص109 Goldman 1971"، وقد أيدت البحوث التي أجريت حديثا هذه النتائج، ولكنها أضافت بعض الجوانب حول التزييف والتحريف، فقد أوضحت أن المقاييس ليست كلها قابلة للتزييف بدرجة واحدة، فمثلا حالات الاختبار الإجباري Forced choice يكون تزييف الإجابات فيها أقل من الاختبارات التي يكون اختبار الإجابة فيها حرًّا: كذلك فإن الناس لا يتساوون في الميل للتزييف "التلفيق"، ويمكن أن نتوقع أكبر قدر من التحريف في المواقف المتصلة بالاستخدام "التوظيف"، أو القبول حيث يحاول كل المتقدمين: أن يعرضوا صورة لأنفسهم تكون قريبة بقدر الإمكان من الصورة التي يرون أنها مرغوبة. ويمكن معالجة هذه المشكلة من خلال الإعداد الجيد للمسترشد لكي يجيب على فقرات الاختبار بصراحة، وكذلك تكوين الألفة معه، وتنمية الثقة لديه في المرشد بما يساعد على التعرف على جوانب كثيرة من الميول، والشخصية خارج نطاق الاختبار، وفي نفس الوقت فإن اللجوء إلى اختبارات تشتمل على وسائل، ومقاييس تكشف عن التلفيق والتحريف يساعد على مواجهة المشكلة بشكل ما. ب- القلق والتوتر: Anxiety and Tension: ظاهرة القلق والتوتر أثناء الاختبارات معروفة للمرشدين، وقد أجرى دي لونج

"1955" Delong دراسة على تلاميذ إحدى المدارس الابتدائية حيث أوضح الملاحظون أثناء اختبار هؤلاء التلاميذ أن بعض هؤلاء التلاميذ تظهر عليهم علامات القلق، والتوتر ومنها قضم الأظافر، ومضغ الأقلام، والبكاء، والحديث للنفس، والتهيج، والضوضاء، بينما لم تكن هذه العلامات تظهر عليهم عند ملاحظتهم أثناء دراستهم في حجرة الدراسة. وليس من الواضح، على أي حال، ما هي الآثار التي تترتب على القلق والتوتر، وما إذا كانت هذه الآثار بالضرورة سلبية، ويرى البعض أنه من الضروري أن تتوافر لدى المفحوصين درجة من القلق، والتوتر ليزداد انتباههم، ويقظتهم وبالتالي يتحسن أداؤهم عما لو كانوا مسترخين. وقد أجريت عديد من الدراسات حول قلق الاختبارات، وقد نتج عن كثير من هذه الدراسات معامل ارتباط عكسي منخفض بين القلق، والأداء على الاختبار، وقد نظر ألبرت وهابر "1960" Alpert & Haber إلى قلق الاختبارات على أنه قد يكون قلقا ميسرا يساعد على الأداء الأفضل، أو قلقا معوقا يعطل الأداء. وقد انتهى سينيك 1957 Sinick إلى القول بأن: وجود درجة عالية من القلق سواء كان موجودا، أو مقصودا يؤدي إلى أداء قاصر، وإن كان في بعض الأحيان يؤدي إلى تحسن في الأداء. أما سيرز "1943" Sears، فإنه يرى أن العامل الحرج في قلق الاختبارات هو: ماذا يعني موقف الاختبار لهذا الفرد بعينه؟ فبالنسبة لشخص ما يكون الإخفاق في اختبار للاستعداد للالتحاق بكلية ما يمثل تحررًا من تهديد بفشل أكبر إذا التحق بالكلية، ولكن بالنسبة لشخص آخر، فإن نفس الكمية من القلق قد تؤدي به إلى أن يبذل جهودا لأداء جيد على الاختبار؛ لأنه بالنسبة له فإن التهديد الأكبر يكمن في عدم التحاقه بهذه الكلية. وينصح جولدمان "1971" المرشدين بأن يساعدوا المسترشدين على استقبال موقف الاختبار بما يناسبه من قلق أو توتر، بمعنى ألا يكون لدى هؤلاء المسترشدين

درجة عالية من القلق، وكذلك ألا ينعدم التوتر بالمرة، وعندما يقوم المرشد بتقويم نتائج الاختبار، فإنه يأخذ في اعتباره مدى القلق الموجود لدى المسترشد أثناء الاختبار، ويمكن للمرشد أن يقيس مدى وجود قلق لدى المسترشد في موقف الاختبار عن طريق الاختبار لقلق الحالة "مثلا اختبار سبيلبيرجر Spielbarger"، وبصفة خاصة عند إجرائه اختبارات ذات طبيعة غير مألوفة، أو عندما تكون الاختبارات نفسها مهددة للمسترشد، أو هامة بالنسبة له، كما توجد اختبارات خاصة لقلق الاختبارات ومنها اختبار سبيلبيرجر لقلق الاختبارات1. جـ- الجهد والدافعية: Effort and Motivation: إن ما يتطلع إليه المرشد هو أن يكون المسترشد الذي يطبق معه الاختبارات لديه دافعية ليؤدي أداء طيبا، وألا تكون درجة توتره عالية، ويمكن القول أن المسترشد الذي يرى في الاختبار فائدة له سوف يزيد من الجهد المبذول في الاختبار. وأما إذا فقد المسترشد اهتمامه بالاختبار، أو عدم إحساسه بأن الاختبار ذو فائدة بالنسبة له، فإن جهده سيكون منخفضًا، وفي بعض الأحيان فإن الاسم الذي يحمله الاختبار "مثلًا اختبار ذكاء" يجعل المسترشد يبذل جهدا أكبر ويحاول التنافس. 3- موقف الاختبار: "إجراءات الاختبار": إن موقف الاختبار نفسه يمثل عنصرًا هاما في التأثير على نتيجة الاختبار، وينبغي على القائم بالاختبار أن يكون على معرفة تامة بما يحتاجه الاختبار من تجهيزات وظروف، وأن يطمئن إلى وضوح التعليمات، وفهمها من جانب المفحوصين "المسترشدين"، وفيما يلي تناقش بعض الجوانب المتصلة بموقف الاختبار: أ- المكان": يحتاج إجراء الاختبارات إلى غرفة جيدة الإضاءة، تتوافر فيها مناضد ذات أسطح

_ 1 أعده المؤلف بالاشتراك مع الدكتور ماهر الهواري باللغة العربية، وقد استخدم في عدد من الدراسات الميدانية، وقد أعدا له معايير على الطلاب في المملكة العربية السعودية.

مناسبة للكتابة، وأن تكون الغرفة خالية من الضوضاء بقدر المستطاع، كما يجب أن تكون خالية من المشتتات مثل الصور وغيرها، وألا يقطع على المفحوصين صوت التليفون، أو غيره "مثلا حديث الفاحص مع أحد زملائه في غرفة الفحص سواء بصوت عال، أو بصوت منفخض". ب- القائم بالاختبار: من الأمور التي تؤثر على نتائج الاختبار، الشخص القائم به "الفاحص"، سواء كان المرشد أو غيره، وسلوك هذا الشخص، وكذلك سلوك المفحوص "المسترشد"، وكيفية إدراك المفحوص للفاحص، وفقد يدرك المفحوص الفاحص على أنه شخص مهدد، أو يدركه على أنه شخص مساند، أو شخص مريح أو شخص منفر، إلخ. وقد درست ساكس "1952" Sacks أثر سلوك الفاحص على درجات الأطفال على مقياس ستانفورد بينيه للذكاء، حيث اتضح لها أن الدرجات قد ارتفعت عند إعادة الاختبار بعد عشرة أيام لدى مجموعة حاولت الباحثة أن تنشئ معهم علاقة طيبة من خلال قيامها بدور مساعدة للمدرسة، على حين أن المجموعة الثانية التي عملت معهم في نفس الدور، ولكن دون محاولة تكوين علاقة طيبة معهم لم يحققوا نفس القدر من الزيادة في الدرجات، وفي كلتا المجموعتين كانت هناك زيادة في الدرجات عن مجموعة ضابطة لم تعمل الباحثة معهم حيث لم يكن هناك زيادة في درجاتهم، وقد خلصت ساكس إلى أن إيلاف الطلاب مع الفاحص أدى إلى زيادة في درجاتهم على الاختبار، وأن تكوين علاقة جيدة أدى إلى ارتفاع الدرجات لديهم عن الذين لم تتحقق معهم هذه العلاقة. جـ- بطاقات الإجابة: في بعض الأحيان وكنوع من خفض النفقات تعد الاختبارات بحيث تتكون من كراسة الاختبار، والتعليمات مع ورقة إجابة منفصلة يضع فيها المفحوص ما يختاره من إجابات باتباع الترتيب الموجود في كراسة الأسئلة، وقد بينت بعض الدراسات أنه بالنسبة لحالات مشكلات القراءة، وكذلك في الأعمار الصغيرة، فإن الإجابة على بطاقة منفصلة يعطي درجات منفخفضة عما لو كانت الإجابة على بطاقة الأسئلة، ويجب على المرشد عند استخدامه لاختبارات ذات بطاقات إجابة منفصلة أن يتحقق أنها هي نفسها الخاصة

بكراسات الأسئلة، وكذلك أن يتحقق من أن مفاتيح التصحيح تنطبق على هذه البطاقات "بمراعاة أن تكون المقاسات واحدة، والثقوب مقابلة لمواقع الإجابات". د- ملاحظة المفحوص أثناء الاختبار: من الأمور التي يحتاجها المرشد في عمله أن يلاحظ المسترشد في مواقف متنوعة، ومن بين هذه المواقف موقف الاختبار، ويمكن للمرشد أن يستفيد من الإرشادات التالية التي أعدها مركز الإرشاد بجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة الأمريكية. 1- المظهر البدني: زيادة النشاط، والقوام، والنظافة، والعيوب البدنية. 2- الخصائص اللفظية: النغمة، وارتفاع أو انخفاض الصوت، ومعدل الكلام، والثرثرة، والأبجدية، والتهجي. 3- سلوك الاختبار: التشوش حول الاختبارات، وعدم التعاون، والانتباه. 4- السلوك الاجتماعي: عدم المبالاة، والعداوة، والصداقة، والبحث عن الانتباه "لفت الأنظار"، والاكتئاب، والتشكك، والتوكيد، والكدر، والتوجس. ويجب على القائم بالاختبار سواء كان مدرسا، أو إخصائيا نفسيا أو مرشدا أن يدون الملاحظات، وبصفة خاصة السلوكيات غير العادية حتى يمكن للمرشد أن يستنير بها فيما بعد عند مراجعته لنتائج الاختبار، وقد استخدم بعض الباحثين "سيجال وناخمان ومولتون، 1965" Segal, Nachman, and Moulton الملاحظة أثناء إجراء اختبار للذكاء للتعرف على سلوك المسترشدين، وشخصياتهم وكيفية تناولهم للمشكلات للاستفادة من ذلك في إرشادهم فيما بعد. 4- تصحيح الاختبار: يعتبر تصحيح الاختبار من المهام التي يجب على القائم بالاختبار أن يوليها اهتماما كبيرا، فالدرجة التي يحصل عليها المفحوص تحتوي على مجموعة من الأخطاء العشوئية نتيجة للعوامل التي سبق ذكرها، وليس من المعقول أن نضيف إليها أخطاء في التصحيح، ولذلك ينصح كلما أمكن أن يلجأ المرشد إلى تصحيح إجابات المفحوص أكثر

من مرة، أو أن يشترك اثنان في التصحيح، وبشكل مستقل عن بعضهما البعض، أما الخطأ في التصحيح، ثم اكتشاف ذلك فنتيجته هي فقدان ثقة المسترشد في المرشد، وأيضا في الاختبارات بالإضافة إلى أي نتائج أخرى مثل الإحباط. أ- التصحيح الآلي: Machine scoring: إن تصحيح الأعداد الكبيرة من أوراق الإجابة باستخدام آلات التصحيح يساعد على إنجاز كمية كبيرة مع توفير في الجهد والوقت، ولكن هذا النوع من التصحيح يساعد في الوصول إلى نتائج كمية بينما لا يمكن الحصول على نتائج نوعية، وهو الأمر الذي يمكن أن يتحقق بالتصحيح اليدوي. وقد ازداد الاتجاه نحو التصحيح الآلي في الفترة الأخيرة نتيجة تطوير الحاسبات الشخصية Personal Computers، وإعداد مجموعات البرامج التي تصحح عددا من الاختبارات الكبيرة مثل SVIB, MMPI- 2 والرورشاخ وغيرها حيث لا يقف الأمر عند التصحيح، وإنما امتد ليشتمل على إعطاء تقرير مفصل يناقش الحالة، بل إن بعض الاختبارات الهامة ألغت من طبعاتها الحديثة الصور التي كانت تصحح يدويا، واكتفت بأوراق إجابة تصحح عن طريق الحاسب الآلي، ومن مثل هذه الاختبارات مقياس سترونج للميول المهنية SVIB. ب- التصحيح اليدوي: Hand Scoring: يتم التصحيح اليدوي باستخدام مفتاح أو مجموعة مفاتيح للاختبار، وقد يكون المفتاح جاهزا مع الاختبار "أي يباع معه" في شكل رقائق شفافة، أو من الورق المقوى بها ثقوب تناظر الإجابات الصحيحة التي تحصى كدرجات، أو في صورة بيان كيفية التصحيح، والفقرات التي تصحح معكوسة، ثم يقوم المرشد بإعداد المفاتيح المناسبة بناء على هذه المعلومات. ويجب أن يهتم المرشد بعملية التصحيح، وأن يتأكد من مطابقة المفاتيح التي يستخدمها لبطاقات الإجابات المستخدمة حيث تكون أوراق الإجابة في بعض الأحيان من

طبعات مختلفة المقاس، وكذلك مختلفة في حجم حروف الطباعة مما ينتج عنه خطأ في العد، وعليه أن يقرأ دليل الاختبار "كتيب التعليمات" جيدا، وخاصة فيما يتعلق بالتصحيح. وإذا كان المرشد مضطرا لإجراء عدد كبير من الاختبارات، فقد يعهد بملاحظة تطبيقها إلى أحد المدرسين، أو أحد الكتبة "مثلا سكرتير"، وأن يدربه على التصحيح، ويتأكد من مدى دقته في تنفيذ هذه المهمة بفحص عينة من عمله. وعندما يستلزم التصحيح تحديد الإجابات الخطأ، فإن على المصحح أن يستخدم القلم الأحمر، حيث يختلف في لونه عن القلم الذي يستخدمه المفحوص، وفي نفس الوقت فهو أسرع في الملاحظة. كما يحسن أن تشتمل ورقة الإجابة على المعلومات الأساسية، على سبيل المثال الدرجة التي حصل عليها المفحوص، والدرجات على الأبعاد المختلفة، وأن يحدد عليها الاسم، أو رقم المفحوص في السجل وعمره، والمستوى التعليمي المقيد فيه وغير ذلك من المعلومات الأساسية، ومن أهمها تاريخ تطبيق الاختبار واسم القائم بتطبيقه، والدرجة المعيارية المقابلة للدرجة الخام التي حصل عليها. وإذا كان من طبيعة الاختبار أن تستخدم معادلات معينة لحساب النتيجة، فيجب أن توضع هذه الحسابات على ورقة الإجابة، بحيث يمكن للمرشد، وخاصة إذا لم يكن هو القائم بالتصحيح أن يراجع مثل هذه الحسابات، فمثلا قد تكتب معادلة مثل: حيث 48 عدد الإجابات الصحيحة، 12 عدد الإجابات الخاطئة، 4 = ن - 1 "أي عدد الاختيارات - 1"، وهذه المعادلة تمثل معادلة التصحيح للتخمين Correcting for Guessing، والتي يوصي البعض باستخدامها في الاختبارات التي يمكن التخمين فيها1.

_ 1 المعادلة هي الدرجة بعد التصحيح = عدد الإجابات الصحيحة - معادلة تسحب إسكنر.

ومثل هذه المعادلة عند كتابتها توضح للمرشد مدى لجوء المسترشد المفحوص للتخمين، واعتماده عليه في إجاباته. كذلك يمكن إثبات بعض الجوانب الخاصة بمقابلة الدرجة بالمعايير، أو تحويلها إلى نسبة ذكاء IQ، أو لمئينات أو لمكافئات المستوى الدراسي، وكذلك الإشارة إلى مجموعة المعايير المستخدمة مثلًا: الدرجة 30 = المئين 15 لمجموعة طلاب الثانوي. 5- تحويل الدرجات الخام إلى درجات معيارية: إن الدرجة التي يحصل عليها المفحوص على اختبار ما تعرف بالدرجة الخام، ولكي يكون لهذه الدرجة فائدة، فإن علي المرشد أن يرجعها إلى ما حصلت عليها مجموعة ما يمكن أن يقارن بها الفرد، والدرجات التي حصلت عليها المجموعة التي تقارن بها درجة المفحوص تعرف بالمعايير Norms، والمجموعة نفسها تعرف بمجموعة المعايير Norms group، أو المجموعة المرجعية Reference group، وقد يكون للاختبار الواحد أكثر من مجموعة مرجعية، وفي المعتاد فإن دليل الاختبار يشتمل على جداول للمعايير، وهذه الجداول توضح العلاقة بين الدرجات الخام، والدرجات المعيارية. إن المعايير تهمنا من حيث إنها تخبرنا عن كيف أدى الآخرون على هذا الاختبار، فنحن لا نستطيع أن نستنتج شيئا من مجرد معرفتنا للدرجة الخام للمفحوص، وإنما يكون لهذه الدرجة معنى فقط عند مقارنتها بمجموعة معايير مناسبة. يرى مهرنز وليهمان "1991" Mehrens & Lehman أنه لكي تكون مجموعة المعايير مناسبة، فإنه يجب أن يتوافر فيها ثلاثة شروط أساسية هي الحداثة، والتمثيل، والملاءمة، وفي المعتاد أن يهتم معدو الاختبارات بنشر معايير على المستوى القومي، ومعايير لمجموعات خاصة "مثلا مجموعة الحاصلين على ثانوية في عام معين"، أو معايير محلية. إن وجود المعايير يساعد كثيرا في عملية تفسير نتائج الاختبارات، وفي نفس الوقت فإن هناك محاذير يجب التنبيه لها، فالمعاير ليست مستويات مثالية، إن المعايير تمثل المتوسطات التي نتجت عن أداء مجموعة معيارية، ولا تمثل المستوى الذي ينبغي أن يصل إليه الفرد "المفحوص" في أدائه، ومقارنة أداء الفرد "درجته" بأداء المجموعة أول على الأصح بالمعايير يخبرنا عن مدى أدائه مقارنة بهذه المجموعة المعيارية. ولكي يمكن مقارنة أداء الفرد على اختبارات مختلفة، أو في مرات مختلفة، أو على اختبارات فرعية، فإنه من الضروري أن تحول الدرجات الخام إلى وحدات معيارية متشابهة يمكن مقارنتها ببعضها البعض. والمعايير التي يهتم بنشرها معدو الاختبارات تكون عادة في صورة: المئينيات، أو الدرجات الزائية Z، أو الدرجات التائية الخطية T، أو الدرجات الزائية والدرجات التائية الاعتدائية Normalized، أو التساعيات Stanines، أو مكافئات المستوى التعليمي، أو انحرافات نسبة الذكاء I.Q. ويمكن الرجوع إلى المراجع الأساسية في القياس للتعرف على مزايا، وعيوب كل منها.

تفسير نتائج الاختبارات

تفسير نتائج الاختبارات مدخل ... تفسير نتائج الاختبارات: عندما يأتي المسترشد إلى موقف الإرشاد تكون هناك مجموعة من التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة، والتي تمثل في الواقع كل المشكلة أو جانبا منها، ومن مثل التساؤلات التي تثور أثناء الإرشاد: ما هو أنسب تخصص لي في الثانوية؟ ما هو أنسب مجال يمكن أن أفكر في العمل فيه فيما بعد؟ هل هذا الطالب يمكنه مواصلة الدراسة العامة، أم من الأفضل أن يلتحق بمدرسة مهنية، أو معهد للتدريب المهني؟ هل يعاني هذا الفرد من انخفاض في تقدير الذات؟ ومثل هذه الأسئلة وغيرها هي التي تدفع المرشد أن يطبق مجموعة من الاختبارات مع المسترشد ليصل إلى إجابات مناسبة، وفي وقت مناسب سواء كان المرشد هو الذي سيطبق الاختبار أم غيره. وها هو المرشد، بعد تطبيق الاختبار على المسترشد قد حصل على الدرجة المعيارية المقابلة للدرجة الخام التي أحرزها المسترشد في الاختبار، كما أوضحنا من قبل، وأصبح بحاجة أن يفسر هذه الدرجات ليستخدمها في مساعدة المسترشد على اتخاذ قرار، أو الإجابة على تساؤل حول مشكلته التي جاء بها. وكثير من الأسئلة التي تدور في الإرشاد، وتمثل جانبا من مشكلة المسترشد، أو كل المشكلة تبني إجاباتها على النحو التالي: ها نحن قد عرفنا الخصائص الراهنة للمسترشد، "أو واحدة أو بعضا منها" على سبيل المثال: الذكاء -الاستعدادات- الميل العصابي، إلخ، فماذا يمكن أن نقترح بخصوص القرارات، أو الإجراءات المستقبلية، أو بخصوص بعض الجوانب في الحاضر "كما في حالة التعرف على نمو مفهوم الذات"؟ بل إنه في بعض الأحيان يكون التعرف على جوانب في الماضي للربط بينها وبين المستقبل.

العوامل التي تؤثر على درجة المسترشد "المفحوص" على اختبار

العوامل التي تؤثر على درجة المسترشد "المفحوص" على اختبار: حدد جوسلين "1963" Goslin مجموعة من العوامل التي تؤثر على الدرجة التي يحصل عليها بالمفحوص في اختبار ما، وهي كما يوضحها "شكل رقم 11"، رقم 12".

أنواع التفسير types of interpretation:

أنواع التفسير Types of Interpretation: يرى جولد مان "1971" أن هناك أربعة أساليب لتفسير نتائج الاختبارات، وهي: 1- وصفي. 2- تاريخي "تطوري". 3- توقعي "تنبؤ". 4- تقويمي. 1- التفسير الوصفي: Descriptive Interpretation: في هذا النوع من التفسير تكون الإجابة على تساؤلات مثل: ما نوع شخصية هذا الفرد "مثلا انبساطي، انطوائي إلخ"؟ كيف يشعر بالنسبة للقرب من الآخرين؟ كيف يتناول مسائل الاستنتاج الرياضي؟ هل يتمشى ذكاؤه اللفظي مع ذكائه غير اللفظي؟ ماذا يميل إليه ليعمله؟ وفي هذا النوع م التفسير تحاول أن تخبر الفرد عن خصائصه، وأدائه في الوقت الراهن: 2- التفسير التاريخي "التطوري" Genetic Interpretation: كيف أصبح الفرد على هذا النحو؟ هل مشكلات وصعوبات القراءة لديه ناتجة عن عوائق انفعالية، أم عن نقص في ميله؟ هل تعبيره عن رفض الأنشطة الميكانيكية ينبع من ضغوط والديه عليه لتجنب هذا المجال، أم نتيجة إخفاقه في محاولاته السابقة مع هذه الأنشطة؟ وهذا النوع من التفسير يترك الحاضر بحثًا عن الماضي ليشرح، ويفسر نمو الفرد كما هو الآن.

3- التفسير التوقعي: Predictive Interpretation: وفيه تحاول الوصول إلى إجابات عن تساؤلات مثل: ماذا نتوقع عن نجاحه في الجامعة؟ ماذا يمكن أن يحقق بالتحاقه في شعبة العلوم؟ ما هي درجة رضاه إذا التحق فيما بعد بعمل كتابي؟ وهذا النوع من التفسير يترك الحاضر ليبحث عن المستقبل باستخدام بيانات عنه في الحاضر. 4- التفسير التقويمي Evaluative Interpretation: ما هي الكلية التي يمكن أن يختارها؟ ما هي الشعبة التي يمكن أن يلتحق بها؟ هل يمكن أن يصبح كهربائيا ماهرا؟ وفي هذا النوع من التفسير نضيف حكما تقويميا لتفسيرات أخرى لنصل إلى اتخاذ القرار. إن المرشد مع تحركه عبر هذه القائمة المشتملة على أربعة أنواع من التفسيرات لنتائج الاختبار من التفسير الوصفي إلى التفسير التقويمي، فإنه يبتعد أكثر وأكثر عن البيانات، ففي التفسير الوصفي لا يحاول المرشد أكثر من أن يعطي صورة عن المفحوص "المسترشد"، وكيف يؤدي في الوقت الراهن، أما التفسيرات التطورية والتنبؤية، فإنها تغادر الماضي، ولكن في اتجاهين متضادين، فالتفسير التطوري يحاول أن يصل إلى الماضي لكي يشرح تطور المفحوص "المسترشد" على النحو الذي هو عليه الآن، بينما يحاول التفسير التقويمي أن يبحث في المستقبل باستخدام حقائق حول الشخص في الحاضر كأساس لاستنتاج ما يتوقع أن يكون عليه، وأخيرا فإن التفسير التقويمي يضيف قيمة حكمية لبعض التفسيرات الأخرى مقتربا بذلك من عملية اتخاذ القرار، وفي الواقع فإن قرارات مثل تسكين الطلاب في مجموعات متجانسة، أو قبول المتقدمين لإحدى الكليات، أو تعيين العاملين الذين تحتاج إليهم مؤسسة من بين المتقدمين لشغل الوظائف لديها، كلها قرارات تقوم على أساس من التفسيرات التقويمية.

علاقة التفسير بصدق الاختبار

علاقة التفسير بصدق الاختبار: لعلنا نلمس الآن أن هناك تناظرًا بشكل ما بين أنواع التفسير، وأنواع الصدق التي سبق أن تحدثنا عنها عند الكلام على اختيار الاختبارات، وهي الصدق الخاص بالمحتوى، وصدق التكوين الفرضي، والصدق التلازمي، والصدق التوقعي، فالتفسير التوقعي يرتبط مباشرة بالصدق التوقعي، ولكي نجري توقعات باستخدام درجات الاختبار، فإن الاختبار يحتاج أن يكون ذا صدق توقعي، بمعنى أن تكون له علاقة بنتائج محك في فترة لاحقة على استخدامه، كذلك يمكن النظر للتفسير التطوري على أنه يشتمل على عملية توقع، ولكنه في الاتجاه العكسي، أن التوقع للماضي Postdiction "التوقع اللاحق"، ويرى جولدمان "1971" أنه يمكن أن يكون للمقاييس نوع من الصدق التوقعي على الماضي Postdictive validity، وأن حساب هذا النوع من الصدق يشبه حساب صدق التوقع عن المستقبل Postdictive validity -وكل ما نحتاجه أن نربط بين نتائج الاختبار في الوقت الحاضر مع بيانات حول سلوك الشخص في الماضي. أما التفسيرات الوصفية، فإنها تعتمد كثيرا على الصدق الخاص بالتكوين الفرضي وصدق المحتوى، والصدق التلازمي، فعلى سبيل المثال لكي نخلص من مجموعة من الدرجات على اختبار أن خالد أفضل في الاستنتاج اللفظي عن الاستنتاج غير اللفظي، فإن المرشد عليه أن يبنى على أنواع مختلفة من الصدق: فهناك قدرات مثل الاستنتاج اللفظي، والاستنتاج غير اللفظي Verball and Nonverbal Reasoning وهذه تمثل تكوينات فرضية Constructs، وأن فقرات الاختبار قد تبين ملاءمتها في صورة خصائص مثل الصياغة اللغوية لها "صدق محتوى"، وأن هذا الاختبار يرتبط مع مقاييس خارجية، ومستقلة عنه ولها نفس الخصائص "صدق تلازمي".

فإذا انتقلنا إلى النوع الرابع من التفسير، وهو التفسير التقويمي، فإن الأمر يختلف شيئا ما عن سابقيه "الوصفي، التطوري، التوقعي" من حيث ما إذا كان المرشد سيحدد توصيات معينة، وهذه التوصيات تبنى في العادة على الاحتمالات التي يستنتجها من استخدام واحد، أو أكثر من التفسيرات الثلاثة السابقة، وكمثال على ذلك، نفترض أن "سعدًا" جاء إلى المرشد ليعرف ما إذا كان من الأفضل أن يلتحق بشعبة الرياضيات تمهيدا للالتحاق بكلية الهندسة فيما بعد، وإذا كان المرشد لديه نتائج اختباراته في الرياضيات، ويعرف أن نسبة كبيرة ممن يحصلون على درجات سعد "وهي درجات منخفضة" تكون نسبة نجاحهم في كليات الهندسة منخفضة، فقد يتوقف المرشد عند هذه النقطة، أي توقع عدم نجاح سعد في دراسة الهندسة "تفسير توقعي"، أو قد يرغب في أن يستمر في تقديم نصيحة شخصية له "تفسير تقويمي"، وهذه النصيحة أو التفسير التقويمي لا يقوم على بيانات إضافية غير المتوافرة من قبل: سعد يعرف أن درجاته منخفضة في الرياضيات، والمرشد يعرف أن مثل هذه الدرجات لا تتيح له النجاح في دراسته في الهندسة، أو بمعنى آخر إن المرشد يتوقع مدى النجاح من درجات سعد، وهو يقيم تفسيره التقويمي "النصح بعدم الالتحاق بشبعة العلوم" على هذا التفسير السابق أي التفسير التوقعي. ويخلص جولدمان من مناقشته عن العلاقة بين تفسير الاختبارات، والصدق إلى القول: إن هذا يوحي بتعميم يعتبر ذا أهمية قصوى في هذا الخصوص، وهذا التعميم ينص على: "إن أي نوع، بل وكل نوع من أنواع تفسير الاختبارات يقوم على الأقل على افتراض، إن لم تكن حقيقة، أن هناك علاقة بين درجة الاختبار، والشيء الذي نفسره، سواء كان ذلك وصفيا أو تطوريا، أو توقعيا أو تقويميا" "Goldman, 1971, p 150". فلكي تقول لخالد: "إنك أفضل في الاستنتاج اللفظي عن الاستنتاج غير اللفظي" يفترض فيه أن درجاته على الاختبارات التي استخدمناها تمثل الاستنتاج اللفظي، والاستنتاج غير اللفظي على التوالي، ولا نفترض ذلك من مجرد أسماء الاختبارات التي استخدمناها، وإنما يجب أن يتوافر الاختبارات نوع ما من الصدق -سواء صدق التكوين الفرضي، أو الصدق التوقعي، أو الصدق التلازمي، أو صدق المحتوى، وذلك لمساندة التفسير الذي يقدمه المرشد.

مصادر البيانات

مصادر البيانات: لا يقف عمل المرشد على تفسير البيانات التي يحصل عليها من الاختبارات، وإنما يمتد تفسيره ليشمل مجموعة أخرى من المصادر، وعلى سبيل المثال، فإن البحوث قد أظهرت أن هناك علاقة بين انحراف الشباب وبين تماسك، أو عدم تماسمك الأسر التي جاءوا منها، وبذلك تصبح دراسة أسرة الفرد المعرض للانحراف مصدرا للبيانات التي يمكن استخدامها في توقع الانحراف. وبصفة عامة فإن البيانات التي يقوم دليل على وجود علاقة بينها، وبين ما تحاول تفسيره يجب أن تؤخذ الاعتبارات في عملية التفسير، ويجب أن نتحقق من صدق البيانات التي لا نحصل عليها من الاختبارات بنفس الطريقة التي نتحقق بها من صدق البيانات التي نحصل عليها من الاختبارات.

أساليب تفسير الاختبارات

أساليب تفسير الاختبارات مدخل ... أساليب تفسير الاختبارات: هناك أسلوبان أو طريقتان تتبعان عادة في تفسير درجات الاختبارات، أولاهما تعتمد على الأرقام والمتوسطات، والانحرافات المعيارية، ومعادلات الانحدار وغيرها، وهي تتعامل بشكل أساسي مع الأرقام، والقوانين التي تحكم العلاقات، وتعتمد على الموضوعية أما ثانيتهما فهي تعتمد على الحس الشخصي، وعلى الحدس الذي يقوم به المختص سواء كان مرشدا، أو معالجا نفسيا، وتعرف الطريقة الأولى بالطريقة الإحصائية، أو الاكتوارية للحكم Statistical or Actuarial، وأما الثانية فتعرف بالطريقة الإكلينيكية Clinical، وفي رأي جولدمان أن هذه الطرق تمثل جسورا بين البيانات التي يحصل عليها المرشد، والتفسيرات التي يصل إليها، ومن هنا تسمى الطريقة الأولى: الجسر الإحصائي Statistical Bredge والثانية الجسر الكلينيكي: Clinical Bridge، وهناك مدافعون عن كل جسر "طريقة" من هذه الجسور، ومن أشهر من ناقش هاتين الطريقتين، أو هذين الجسرين ميهل "1954" Meehl في كتابه الذي صدر بعنوان "التوقع الإكلينيكي مقابل التوقع الإحصائي Clinical vs Statistical Prediction"، وسوف نناقش هاتين الطريقتين، ثم نعقد مقارنة بينهما، "شكل 10، وشكل 11".

أولا: الطريقة الإحصائية، أو الجسر الإحصائي statistical bridge

أولًا: الطريقة الإحصائية، أو الجسر الإحصائي Statistical Bridge وتعني هذه الطريقة بالمعالجة الآلية Mechanical للبيانات، حيث يتم التعامل مع البيانات بشكل موضوعي دون الغوص فيها بشكل شخصي من جانب المرشد، والجسور الإحصائية أو الطرق الإحصائية للتفسير هي تلك الطرق ذات الطبيعة الكمية الإمبيريقية التي تربط بين درجة الاختبار، أو مجموعة من الدرجات من ناحية، مع خاصة أو مجموعة من السلوكيات البشرية من جهة أخرى -على النحو المبين في شكل 11، والطريقة الإحصائية أو الجسر الإحصائي، تختلف في مستوى تعقيدها، وسوف نتناولها بحسب التدرج في مستوى الصعوبة "التعقيد". وتعتبر الجسور الإحصائية المصدر المباشر للمعادلات، وجداول التوقع، وغيرها من الأساليب المستخدمة في إجراء التفسيرات الميكانيكية "الآلية"، كما أنها تسهم بشكل ما في التفسيرات غير الآلية، والتي تعتمد بشكل ما على معرفة المرشد بيانات إحصائية مثل جداول المعايير ومعاملات الصدق، والفرق بين الطرق الميكانيكية أو الآلية، والطرق غير الميكانيكية، هو أن الأولى يكون الاستخدام المطلق للقوائم والمعادلات، وغيرها من الوسائل المستخدمة في الجسور الإحصائية، أما الطرق غير الميكانيكية "غير الآلية"، فهي تستفيد بالإضافة إلى ذلك من المعلومات غير الكمية التي تتوافر لدى المرشد، وكذلك من عملية بناء النموذج التي سيأتي الحديث عنها عند التحدث عن الطرق غير الآلية "الإكلينيكية". أ- جسر المعايير: The Norm Bridge: وفي هذه الطريقة يكون هناك مقارنة مباشرة بين الدرجة الخام التي يحصل عليها الفرد، "أو درجة محولة أو معيارية" مع جدول للمعايير".

مثال: حصل أحمد على درجة في مقياس الميل البحثي في قائمة هولاند للتفضيل المهني تقع في المدى المتوسط. "ب" تحليل الصحائف النفسية: في هذه الحالة تقارن درجات الفرد على اختبارين، أو أكثر "أو على جزءين من الاختبار" مع مجموعة معايير. جـ- جسر التمييز: The Discriminant Bridge وتسمح هذه الطريقة بمقارنة الفرد مع مجموعتين، أو أكثر في الوقت نفسه، وتستفيد هذه الطريقة من معادلة التمييز، اختبارات دلالة الفروق بين المجموعات مثل النسبة الحرجة Critical Ratio، ومربع كاي Chi Square، وتحليل التباين، وتشتمل هذه الطرق بصفة عامة على تطبيق الاختبارات على مجموعتين مختلفتين، أو أكثر من مجموعتين "مثلا من تخصصات مهنية مختلفة، أو تخصصات جامعية مختلفة"، ثم حاسب درجة باستخدام أحد مقاييس النزعة المركزية "الوسط -الوسيط- المنوال" لكل مجموعة من المجموعات، وذلك على الاختبار، أو الاختبار الفرعي، ثم تقارن هذه الدرجات مع بعضها البعض لتحديد ما إذا كانت الفروق بين المجموعات التي تدرسها ذات دلالة إحصائية، ويعقب ذلك في بعض الأساليب أن تشتق معادلة يمكن أن نعوض فيها بدرجة شخص واحد، فينتج لدينا رقم يدل على مدى تشابه درجات هذا الشخص مع الدرجات الخاصة بالمجموعة المرجعية. جسر الانحدار: The Regression Bridge: في هذه الطريقة تستخرج معادلات انحدار تمثل العلاقة بين محك "الخاصة أو السلوك الذي نتوقع له"، ومتغير أو متغيرات يعتقد الباحث أن لها علاقة بهذا المحك، ويستخدم لذلك الانحدار البسيط، والانحدار المتعدد. على سبيل المثال قد نحصل على معادلة مثل: ص= 57 وس1 + 1.12 س2-66 حيث ص هي المعدل التراكمي المتوقع. س1 هي نسبة الذكاء. س2 عدد ساعات الدراسة. 66 ثابت "يمثل نقطة -تقاطع خط الانحدار مع المحور الصادي". وفي بعض الأحيان تحسب جداول تعرف بجداول الخبرة المتعددة Multiple experiencetable كذلك الجدول الذي حسبه لين "1950" Lin في دراسته التي أجراها في جامعة وسكنسون حيث يدخل الباحث درجة الطالب في اختبار ACE "اختبار المجلس الأمريكي"، وتقديره في المدرسة الثانوية ليحصل من الجدول على توقع لتقديره في الجامعة، والدرجات التي يدخلها الباحث سواء بالنسبة لاختباره المجلس الأمريكي ACE، أو تقدير الطالب في الدراسة الثانوية تكون في صورة مئينات Percentiles.

ثانيا: الطريقة الإكلينيكية، أو الجسر الإكلينيكي the clinical bridge

ثانيا: الطريقة الإكلينيكية، أو الجسر الإكلينيكي The Clinical Bridge "لا زلنا في هذه الطريقة نحاول أن نعبر بين نقطتين، وهاتان النقطتان تبقيان كما هما في الجسر الإحصائي -فعند أحد الطرفين توجد البيانات الخاصة بمسترشد "من الاختبارات، أو سجلات المدرسة أو المقابلات"، وعند الطرف الثاني توجد المواقف، أو الأنشطة التي يأخذها الفرد في اعتباره للالتحاق بها، أو الانضمام إليها "برنامج كلية، مهنة، زواج، علاج نفسي"، والنموذج الأساسي هو نفسه: فنحن نقف عند طرفي نهر ومعنا المسترشد، نحاول أن نساعده على استكشاف الطرف الآخر "الشاطئ الثاني" للنهر بحيث يمكنه أن يقرر: أي من المجتمعات في الشاطئ الثاني يمكنه أن يعيش فيه، ويكون السؤال الذي نطرحه: أي الجسور يناسب حاجتنا بشكل أفضل؟ ولكن في الواقع أن الموقف يكون أكثر تعقيدًا حيث لا يقودنا أي جسر إلى الأماكن التي نأخذها في الاعتبار، وإنما فقط إلى نقاط يمكن أن نرى منها هذه الأماكن بل، وفي

بعض الأوقات لا تكون الرؤية واضحة تمامًا، وأكثر من ذلك أنه في الشاطئ المقابل لا يمكن للمرء أن يميز بشكل جيد بين الجسور، بحيث إنه في كل مرة يكون المرء قد رأى المنظر من النهاية البعيدة للجسر الإحصائي أو الإكلينيكي، وأن عليه أن يعود إلى هذا الجانب من النهر، ولكي يرى منظرا آخر من الريف، فإن عليه أن يعبر جسرا آخر، ويمكن للمرشدين أن يساعدوا مسترشديهم لتحديد الجسور، لكي يقوموا برحلات العبور، ولكي يحاولوا أن يروا مناظر مختلفة من الجانب الآخر، للوظائف، للكليات أو لأي جانب، وفيما بعد فإن على المسترشد أن يقوم برحلاته على مسئوليته الخاصة، بدون توجيه من المرشد، ولكن في تلك الحالة يكون قد عرف كيف يدخل إلى المجتمع، "انظر شكل 11"، ولما كانت عملية العبور وحدها هي التي تفرق بين الطريقتين الأساسيتين "الإحصائية والإكلينيكية"، فإن القائم بالتفسير يحتاج إلى المهارات الأساسية نفسها لكلا الجانبين. ففي جانب منها عليه أن يعرف اختباراته "والمصادر الأخرى للبيانات"، وطبيعتها وخصائصها والمعايير، واستخداماتها، ومع العبور إلى الشاطئ الثاني يجب عليه أن يعرف جانبا كبيرًا عن الأرض هناك، والأنشطة، وأساليب المعيشة، وكما سنرى فيما بعد فإن الطرق الإكلينيكية تتطلب من المرشد مزيدا من المهارات عما تتطلبه الطرق الإحصائية "جولدمان 1971، ص196 Goldman"، بهذا التصوير بدأ جولدمان حديثه عن الطريقة الإكلينيكية، أو الجسر الإكلينيكي لتفسير الاختبارات. خطوات التفسير الإكلينيكي: تشتمل الطريقة الإكلينيكية على سلسلة من الاستنتاجات الاستنباطية، والاستدلالية التي تزداد تعقيدا مع التقدم في التفسير "انظر شكل 14"، وكما هو واضح في الشكل، فإن العملية تبدو منطقية ومثالية، ولكن الواقع ليس بهذه المنطقية ولا بهذه المثالية، وإنما يمثل كما يقول جولدمان "1971، ص196" نشاطا عقليا أقل منطقية وتنظيما، وأكثر اعتمادا على الحدس والاختلاف، مع قفزات متكررة إلى الإمام، وإلى الخلف بين المراحل".

وتبنى عملية التفسير الإكلينيكي على بناء نموذج تصويري للشخص، أو كما يسميه البعض، شخص افتراضي Hypothetical Person، أو تكوين فرضي إكلينيكي Clinical consruct، أو تصوير للشخص Conception of a person أو صورة للمسترشد Picture of conunslee، أو نظرية شخصية Personal theory، وهذا النموذج الذي يشبه واقع الحياة بقدر الإمكان نقارنه مع المواقف المختلفة، أو الأنشطة التي على الشاطئ الثاني "الوظائف، الكليات، إلخ" وتصاغ الأحكام حول كيفية احتمال أن يتفاعل الاثنان معا "الشخص والموقف". وينبى النموذج من خلال سلسلة من الخطوات تبدأ باستدلالات استقرائية من بيانات الفرد، ثم مقارنة الاستدلالات مع بعضها البعض مع الإبقاء على المتوافق منها ورفض، أو تعديل الأخرى لوجود تعارضات بها، ثم اختبار كل استدلال مع بيانات جديدة، ومن ثم التحرك إلى الخطوة التالية لإعداد فروض تجمع عدة استنتاجات مع بعضها في نمط أوسع، وهذه الفروض تختبر من حيث الاتساق مع غيرها من الفروض حول الشخص، وكذلك مع بيانات جديدة لنرى ما إذا كانت الفروض تقبل هذه البيانات، وعند هذه النقطة يقابل المرشد واحدًا من أكبر التحديات لمرونته، حيث يجب أن يكون قادرًا على أن يتوقف عن، أو على الأقل يعدل من الفرض في مواجهة البيانات المتعارضة، ويمثل هذا الموقف كما يقول بيبنسكي "1954" Pepinsky إحدى الفرص التي يعمل فيها المرشد بوصفه مرشدًا وبوصفه عالما، حيث إنه في الوقت الذي يسعى فيه أن يساعد المسترشد، فإنه يحاول أيضا أن يحتفظ بالاتجاه العلمي، والذي يتمثل في التخلي عن الفرض الذي لا تثبت البيانات الإمبيريقية صحته، وعند هذه النقطة يكون هناك تفكير استدلالي deductive مؤداه: إذا كان هذا الفرض صحيحًا، فحينئذ يترتب عليه أن نحصل على كذا وكذا في الدراسة الأعمق للحالة، فإذا أخفقنا في العثور على "كذا-وكذا"، ووجدنا عكسه فإننا نضطر إلى إثارة تساؤلات حول هذا الفرض.

شكل "14" شكل تخطيطي للعملية الإكلينيكية للتفسير "عن جولدمان 1971 ص196". ويخلص فيرز "1979" Phares في حديثه عن الطريقة الإكلينيكية لتفسير نتائج الاختبارات إلى القول: إن التفسير الإكلينيكي يشتمل حينئذ على الإدماج القائم على حساسية لكثير من مصادر البيانات في صورة متسقة عن المسترشد "أو المريض"، كما أنها تحقق وظيفة توليد الفروض، والتي تساعد فيها نظرية جيدة للشخصية، ويفضل البعض مثل ساربين وتافت وبايلي "1960" Sarbin, Taft & Baily أن يركزوا على التفسير الإكلينيكي كنوع من اختبار الفروض الذي يشترك في كثير مع الاستنتاج بالقياس المنطقي Syllogtisic، وهم يصفون الفرز التصنيفي على أن عملية استنتاج تتحرك خلال سلسلة من المراحل تصاغ خلالها الفروض وتختبر. وبغض النظر عن نظرتنا للتفسير على أنه يبنى على الفرز التصنيفي، أو على الحدس فإن الأمر يتطلب من المرشدين أن يظهروا الجوانب التي تدخل في أحكامهم

"عن جولدمان 1971 ص147". شكل "16" بعض العناصر في عملية التفسير. "عن جولدمان 1971 ص145".

وكيف وصلوا من المقدمات إلى الخلاصات، ولا يكفي أن نكون متخصصين إكلينيكيين على مستوى، عال وإنما نحن مسئولون عن نقل مهاراتنا للآخرين سواء كان تحركان، ومرورنا في حاسبات آلية أو عن طريق الحدس". Phares, 1979 p 302.

المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية

المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية ... المقارئة بين الجسور الإحصائية، والجسور الإكلينيكية: شغلت قضية استخدام الطريقة الإحصائية لتفسير نتائج الاختبارات في مقابل استخدام الطريقة الإكلينيكية لنفس الفرض حيزًا لا بأس به من المراجع المتخصصة في القياس النفسي "مثلا سندبرج 1977 Sundberg"، وعلم النفس الإكلينيكي "مثلا فيرز 1979، و1988 Phares"، والإرشاد النفسي "مثلا جولدمان 1971" بالإضافة إلى المراجع والأبحاث التي قصرت نفسها على مناقشة هذا الموضوع، ومن أشهرها ما كتبه ميهل 1954 Meehl، وممن يدافعون عن الطريقة الإحصائية أولئك الذين يهتمون بالجوانب الإحصائية، ومعادلات الانحدار وجداول التوقعات، ويرون أن هذه الأساليب أكثر موضوعية، أما الذين يميلون للطريقة الإكلينيكية، فهم أولئك المرشدون والإكلينيكليون الذي يعملون وجها لوجه مع المسترشدين والمرضى. وفي دراسة مبكرة حول هذه القضية قام ساربن "1943" Sarbin بعقد مقارنة بين دفعات النجاح الأكاديمي للطلاب الجدد في الجامعة باستخدام معادلة انحدار مع التوقعات التي أجراها عدد من المرشدين، وقد استخدم في معادلة الانحدار درجات الاختبارات، والتقدير في المدرسة الثانوية، أما المرشدون فكان لديهم نفس الدرجات، "ولكن ليس لديهم الأوزان المستخدمة في المعادلة"، وكذلك درجات الميول المهنية وبيانات المقابلة، والبيانات الشخصية "السيرة الذاتية"، والنتيجة التي توصل إليها الباحث هي أن توقعات المرشدين "بالتفسير الإكلينيكي" لم تكن أفضل من التوقعات التي تمت باستخدام معادلة الانحدار، رغم أن المرشدين توافرت لديهم معلومات أكثر. وقد قام ميهل "1954" Meehl بمراجعة عدد من الدراسات المتوافرة عن الطرق الإحصائية في مقابل الطرق الكلينية، وخلص إلى الآتي: "إن كل الدراسات فيما عدا واحدة اتضح منها أن التوقع الإحصائي كان إما مساويا بالتقريب، أو متفوقًا على التوقعات الإكلينيكية" "Phares 1988, p 297"، وفي مراجعة لاحقة للبحوث "1965" عاد ميهل إلى تأكيد تلك النتائج التي توصل إليها في عام 1954 كذلك، فإن جوف "1962" Gough يعتبر الطريقة الإحصائية أفضل من الطريقة الإكلينيكية رغم أنه ليس مرتاحا تماما. وقد يبدو من الصعب الوصول إلى دراسات تثبت تفوق الطريقة الإكلينيكية، ومع ذلك، فقد أوضح ليندزي "1965" Lindzey بعد استخدامه لاختبار تفهم الموضوع TAT، وهو اختبار إسقاطي، أفضلية الطريقة الإكلينيكية على الطريقة الإحصائية في توقع بعض الاضطرابات "مثلا الجنسية المثلية"، غير أن جولد بيرج "1968" Goldberg عندما أعاد تحليل بيانات دراسة ليندزي انتهى إلى أن تحليله هذه البيانات لم يؤيد ما توصل إليه ليندزي، كما قدم هولت ولبورسكي "1958" Holt & Luborsky أدلة على أن الطريقة الإكلينيكية أكثر كفاءة عند دراسة نزلاء المستشفيات العقلية. وقد تناولت سويير "1966" Sowyer هذه المشكلة بطريقة مختلفة، فقد رأى أن البحوث السابقة قد تغاضت عن جانب هام من القضية، وهي أنه من الضروري أن نأخذ في اعتبارنا ليس فقط ما إذا كانت البيانات قد جمعت إحصائيا أو إكلينكيا، وإنما أيضا هل إجراءات القياس المستخدمة إحصائية أم إكلينيكية، وعلى سبيل المثال فقد اعتبر سويير أن البيانات التي تجمع عن طريق المقابلة، أو الملاحظة بيانات إكلينيكية بينما اعتبر البيانات الخاصة بالاستبانات، وبيانات السيرة الذاتية، والبيانات المتحصل عليها كتابة على أنها بيانات إحصائية أو آلية، وقد وصل سويير إلى القول بأن في عملية ضم، وربط البيانات، فإن الطريقة الآلية تكون أفضل من الطريقة الإكلينيكية، كما خلص أيضا إلى أنه في عملية الحصول على البيانات، فإن الطريقة الإكلينيكية تكون أفضل، فالطريقة الإكلينيكية يمكن أن توفر تقديرًا للخصائص لا يمكن تقديمه عادة بالأساليب الآلية "الإحصائية" لجمع البيانات، ولكن بمجرد جمع البيانات "من أي مصدر"، فإنه يمكن الربط بينها بالطرق الإحصائية.

ويخلص فيرز "1979" Phares عندما يناقش هذه القضية "في مؤلفه عن علم النفس الإكلينيكي" إلى أن الكفة ترجح في جانب الطريقة الإحصائية، ولكنه يعود ليتساءل عن مدى صحة هذه الخلاصة حيث يرى أن التوجه الخاص في دراسة ميهل الشهيرة "1954" التي راجع فيها الدراسات المتصلة بالموضوع، ورجح كفة الطريقة الإحصائية، إنما يشتمل على جوانب مثل الأداء المهني، أو درجات التحصيل، وهذه في رأي فيرز ليست الجوانب التي يهتم بها الإكلينيكيون في عملهم اليومي. ومهما كان الرأي فإن على المرشد بجانب مراعاته للجوانب الإحصائية أن يراجع أداء المسترشد على الاختبارات، وخاصة بعض الفقرات، وأن يستخدم أساليب مختلفة لتقدير، وتصوير المشكلات لمساعدته في التشخيص "انظر نماذج تصوير المشكلات".

توصيل نتائج الاختبارات: "التقرير"

توصيل نتائج الاختبارات: "التقرير" ... توصيل نتائج الاختبارات: "التقدير": إن توصيل أو تقرير Reporting نتائج الاختبارات يمثل الخطوة الأخيرة في استخدام الاختبارات في عملية الإرشاد، وها هو المرشد يعادو مرة أخرى العمل مع المسترشد، حيث كان قد توقف عند مرحلة التطبيق، وانفرد بالتصحيح والتفسير، يفكر في البيانات التي حصل عليها من الاختبار، ويحاول أن يستفيد من هذه النتائج. ومن وقت لآخر يجد المرشد نفسه بحاجة إلى مراجعة مع شخص آخر -مثل المدرس أو الوالد ليصل إلى استنتاج، أو ليضع فرضا جديدا بالاشتراك معهم، وفي بعض الأحيان يتشاور المرشد مع الطبيب "سواء في المدرسة، أو في مركز تأهيل" في بعض الأمور على سبيل المثال: هل يرجع التأخر التحصيلي إلى وجود مشكلة صحية؟ هل يصلح هذا العمل لهذا الشخص المعوق باعتبار ظروف إعاقته؟ ومع هذه المشاركات من الآخرين، فإن المرشد يكون دائما هو المسئول عن عملية التفسير. إن توصيل نتائج الاختبارات يعتبر جزءًا من عملية الإرشاد، وهي تعني بالنسبة للمرشد موقفًا موضوعيا يتعامل فيه مع جوانب موضوعية، ولكنها بالنسبة للمسترشد قد لا تعني أكثر من كلمات تقول على سبيل المثال: "يمكنك أن تلتحق بشعبة العلوم"، وربما تمثل خيبة أمل حين يقول المرشد: "إن ميولك لا تتناسب مع ما تود أن تقوم به". ويجب على المرشد وقد أدرك الاستجابات التي تصدر عن المسترشدين أن يكون أكثر استعدادا للتعامل مع هذه الاستجابات من مثل: الدفاعية والرفض، والمجادلة، وظهور عدم القدرة على الفهم، وهنا على المرشد أن يتذكر أن تكون استجاباته على النحو الذي سبق الحديث عنه في العلاقة الإرشادية، مثلا عكس مشاعر المسترشد، وألا يلجأ إلى محاولة مناقشة المسترشد، ومواجهته على سبيل المثال بأن الرفض، أو الغضب الذي أبداه ليس منطقيا، وليس من الضروري أن يكون أول ما نناقشه مع المسترشد في الجلسة التالية للاختبار هو نتيجة الاختبار نفسه، وإن كان كثير من المرشدين يفعلون ذلك، والذي يهمنا هنا هو أن المرشد عليه أن يعرف ما إذا كان المسترشد جاهزا لمناقشة نتيجة اختباراته قبل أن نمضي في هذا العمل، وقد يكون من المفيد البدء بحديث يختلف عن النتائج، وربما يكون الحديث حول مشاعر المسترشد حول الاختبار وموقفه، ثم ينتقل بعد ذلك للتفسير، كذلك من الضروري أن يتسم المرشد بالمرونة "انظر الحديث عن المرشد"، حيث إنه ليس من الضروري أن يتبع ترتيبا، أو أسلوبا واحدا في توصيله لنتائج الاختبارات للمسترشد. اقتراحات خاصة بمناقشة نتائج الاختبارات مع الطلاب "المسترشدين": أعد برنامج ولاية تينسي للاختبارات، والتوجيه المنفذ بإشراف جامعة تينسي القائمة الإرشادية التالية لإرشاد الطلاب حول نتائج الاختبارات، وعلى الرغم من أن هذه القائمة أعدت للعمل مع الطلاب، إلا أنها تنطبق أيضا على كثير من ميادين الإرشاد. 1- اجعل الطالب يشعر بالراحة. 2- حاول أن تحس ماذا يبحث عنه المسترشد فعلا في الإرشاد، وماذا يريد أن يعرف من الاختبارات. 3- اربط النتائج مع شيء قاله المسترشد، مثلا سؤال سأله أو اختيار ما اتخذه. 4- ابدأ عادة بالميول أو نتائج اختبارات الميول، بالميول المرتفعة، أو ذات الدرجات المرتفعة أولا.

5- ساعد الطلاب على أن يروا العلاقة بين الميول المقاسة، والخبرة والتدريب السابق في المقررات الدراسية، والهوايات، وأنشطة وقت الفراغ، وخبرات العمل لبعض الوقت، واهتمامات الأسرة وغيرها. 6- خصص وقتًا وفرصة للتعبيرات عن الاتجاهات نحو كل نتيجة للاختبارات. 7- قدم المعلومات على مهل، وليس دفعة واحدة. 8- أعط الطالب فرصة ليعبر عما تعنيه نتيجة الاختبارات له، وأن يثير أسئلة حولها. 9- وضح العلاقة بين نتائج الاختبارات، وبين الرسول أو النجاح في المقررات الدراسية. 10- ساعد الطلاب على مواجهة الدليل على القوة، أو جوانب الضعف في الخلفية والقدرة، وساعدهم على التعرف على أن القيام بأعمال غير مناسبة للقدرات لا يكون في مصلحتهم. 11- نناقش مع الطلاب وضعهم النسبي في مجموعاتهم في صورة عامة، مثلا الثلث الأعلى، أو الربع الأدنى بدلا من تقديم ذلك في صورة متخصصة. 12- عندما تتعامل مع نسبة الذكاء يمكن أن توصلها في الصور الآتية: الدرجة المرتفعة: يمكن أن يقوم بالعمل الذي يطلب منه. الدرجة المتوسطة: يحتاج إلى وقت أطول في الأشياء الإضافية. الدرجات المنخفضة: الأعمال التجريدية تكون صعبة. تحتاج أن تعمل بجد. 13- ناقش نتائج الاختبارات مع الطالب دون إقحامه في موضوع نسبة الذكاء، وإذا سأل الطالب عن معنى نسبة الذكاء I.Q، فحاول أن تشرح له أنها ليست ذات دلالة كبيرة في حد ذاتها، وأنها يمكن أن تختلف من اختبار لآخر. 14- عندما تتعامل مع نتائج التحصيل، ركز على أنماط القوى، والضعف مفسرة في صورة المستوى الشخصي للطالب بدلا من التركيز على المستوى الكلي. 15- وصل إلى الطالب أن الاختبار قد يساعده على فهم أنواع التنافس التي قد يواجهها. 16- ساعد الطلاب على فهم معنى، وأهمية مجموعات المعايير. 17- ناقش الاختبارات في لغة يفهمها الطلاب. 18- وجه اهتماما معقولا لأي عوامل بدنية، أو بيئية يمكن أن تكون قد أثرت على درجات الاختبارات. 19- ساعد الطلاب على فهم أن نتائج الاختبارات إنما هي جزء واحد في تقويم القدرات والخلفية.

بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد

بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد: يدول الجدل في أروقة الإرشاد وما حولها من وقت لآخر حول بعض القضايا المتصلة باستخدام الاختبارات في الإرشاد، وفيما يلي بعض هذه القضايا. 1- الانتقادات المواجهة للاختبارات: هناك من يعارض استخدام الاختبارات سواء من الطلاب، أو مديري المدارس أو في بعض الأحيان من المجتمع، وقد شهدت السنوات الأخيرة الكثيرة من مثل هذه المعارضات في الولايات المتحدة الأمريكية، فالطلاب يرون أن الاختبارات، وهي تأخذ عينة فقط من السلوك لا تقيس السلوك كله؛ ولذلك فإن ما يبنى عليها من قرارات لا يكون صائبا تماما، ومديرو المدارس يرون أن الاختبارات تقتطع وقتا مخصصا للدراسة، ويشاركهم المدرسون في هذا الرأي، أما في المجتمع "الأمريكي" فقد قامت صيحات كثيرة تهاجم الاختبارات؛ لأنها تدخل إلى خصوصية المفحوص، وبصفة خاصة اختبارات الشخصية كما قامت صيحات مماثلة ضد الاختبارات التي تستخدم عند التقدم للوظائف، أو الالتحاق بالكليات، يعلق جولدمان "Goldman 1971 p 441" بأن هذه الآراء كلها صحيحة بالنسبة للاختبارات التي تؤخذ بشكل جبري، أو لخدمة أهداف الآخرين، أي ليست لأهداف تتصل بالمفحوصين الذي تطبق عليهم، غير أن الاختبارات النفسية إذا استخدمت بشكل

مناسب فإنها بغير شك ستخدم أغراضا إيجابية، وبذلك فإن الانتقادات التي توجه للاختبارات تقل كثيرا، فالاختبارات تؤخذ اختيارا بموافقة المسترشد، وهي تساعد في الحصول على معلومات توجه لمصلحة المسترشد يستفيد بها في قرارات متنوعة، والمرشد وهو يستخدم الاختبارات يدرك أن مسئوليته الشخصية هي مساعدة المسترشد على أن يعرف نفسه. 2- الخصوصية: إن المرشد يدرك أنه مطالب بالمحافظة على سرية المعلومات التي يحصل عليها في الإرشاد، "وبشروط معينة -انظر أخلاقيات الإرشاد الفصل الثالث عشر"، ويرتبط بذلك جانب اقتحام الخصوصية، فالمرشد الواعي يعرف أن لهذه الخصوصية حدودًا، وأنه ليس من الضروري على الإطلاق أن يحصل على معلومات يرى المسترشد أن يحتفظ بها. وما ننصح به عند استخدام الاختبارات مع الطلاب أن يشرح المرشد للطالب بعض الجوانب المتصلة بالاختبار، ولماذا يستخدمه في حالته، وأن يترك للمسترشد الحريه في أن يكمل الاختبار، ويجب أن يحذر المرشد من استخدام اختبارات تهتم بجوانب المرض1 دون وجود مبرر كاف لذلك، وبصفة خاصة مع الطلاب دون سن الرشد. 3- دور المرشد في تطبيق الاختبارات: يرى البعض أن هناك تعارضًا بين قيام المرشد بدور الفاحص المطبق للاختبارات، ومن ثم التوجه بموجب ما حصل عليه من درجات عن المسترشد، وبين دوره الإرشادي الذي يتعامل فيه مع المشاعر بشكل أساسي بالإضافة إلى الجوانب المعرفية والتصرفات، ويجد بعض المرشدين أنه من الصعب عليهم أن يجمعوا بين دورهم في تفسير الاختبارات، ودورهم في مساعدة المسترشد، حيث إن إحدى خصائص الإرشاد التي تميزه عن العلاج النفسي، وغيره من تخصصات المساعدة أنه يركز على الوعي الشعوري للفرد عن نفسه، وبيئته ويساعده في اختيار الحياة الفعالة، والتخطيط لها.

_ 1 مثلا اختيار مينسوتا متعدد الأوجه، ومقياس بيك للاكتئاب.

وهناك طريقتان لحل هذا التعارض: إما الفصل بين الدورين "دور الفاحص، ودور المرشد" أو إدماجهما معا، وقد قامت بعض المؤسسات في الولايات المتحدة بمحاولة الفصل، حيث يقوم شخص متخصص بالاختبار والتقدير Assessment، بينما الشخص الآخر "المرشد" يتلقى تقريرا عن التقدير ويعمل مع المسترشد من هذه النقطة، وهناك كثير من المؤيدين لهذه الطريقة أولا: لأنها تسمح لكل متخصص أن يتخصص في الدول والأعمال التي تناسبه، وثانيا: أنها تعطي الفرصة لكل من المتخصصين "الفاحص والمرشد" أن ينهضا بعملهما عما لو قام فرد واحد بكلا الدورين. ومن الناحية الأخرى، فإن الجمع بين العملين في شخص واحد ربما يجعل من السهل إدماج عملية التقدير في عملية الإرشاد بطرق يرى البعض أنها أفضل، حيث يمكن إجراء الاختبارات بحسب الحاجة، وأن تكون موزعة على مجموعة من المقابلات "الجلسات" حيث يعطي اختبارا واحدا في المرة الواحدة، كذلك يجد المسترشد الفرصة للاشتراك في قرار أخذ الاختبار، ويمكنه أن يتحرك بمرونة بين الجوانب المعرفية "الاختبارات"، والجوانب الوجدانية "الإرشاد" في عملية الإرشاد. ولكي يقوم المرشد بهذا العمل الذي يجمع بين تطبيق الاختبارات، والدور الإرشادي فإنه يجب أن يكون على درجة عالية من التدريب، والكفاءة في القيام بكل مراحل الاختبار، وفي نفس الوقت تكون لديه المهارة العالية في عملية الإرشاد، وأن يستطيع الموازنة بين الجانبين. وقد أدخلت الجمعية الأمريكية لعلماء النفس "1981" APA تعديلات على الشروط الموضوعة على برامج إعداد المرشدين في الجامعات التي تعتمدها، طالبت فيها هذه الجامعات بتدريب الطلاب الذين يعدون ليكونوا مرشدين على الاختبارات النفسية بشكل مكثف، يشتمل على اختبارات الاستعدادات والذكاء، واختبارات الشخصية بما فيها الاختبارات الإسقاطية بالإضافة إلى ما كان مقررا أصلا من تدريب على اختبارات الميول. وما نراه في هذا الخصوص، هو أنه من الضروري أن نهتم بتدريب المرشدين على استخدام الاختبارات، وفي نفس الوقت تقييد القرارات الهامة المترتبة على بعض

الاختبارات بقيود خاصة تجعل من الضروري الاختبار بأكثر من طريقة، وعن طريق متخصين في القياس، وأنه إذا وجد المتخصص في القياس، فإن المرشد يمكن أن يستفيد بالوقت الذي يقضيه في الاختبارات في أنشطة الإرشاد المتنوعة، وخاصة في المدارس حيث يكون عدد الطلاب الذين يكلف بهم المرشد كبيرًا، وفي كل الأحوال فإن المرشد ينبغي عليه أن يعرف الكثير حول الاختبارات، وأهدافها والدرجات والمعايير وأنواعها، بل قد يكون المرشد هو الذي يوصي باستخدام اختبار معين ليقوم الفاحص بهذا الدور، ثم يزوده بالنتائج، والتقارير المناسبة. 4- الحاسب الآلي والاختبارات: من بين المسميات الكثيرة التي تطلق على عصرنا، عصر الحاسب الآلي، وهي تسمية تشير حقيقة إلى ذلك التطور الآلي الذي أحدثه الحاسب الآلي في مجال تشغيل المعلومات في عصر باتت المعلومات فيه تمثل جانبا كبيرا من حياة الأفراد والجماعات والأمم، ومحورا رئيسيا في اتخاذ القرارات بدءا من القرارات البسيطة: ماذا أحتاج؟ ومن أين أحصل عليه؟ إلى أعقد القرارات في حياة الأمم. ولقد بات واضحا الآن أن الحاسب الآلي قد دخل إلى مجال الاختبارات بشكل واسع، ولم تعد وظيفته أو استخداماته على الأصح مقصورة على حسابات الدرجات، واستخراج المعايير وتخطيط الصحائف النفسية، وإنما تجاوز ذلك إلى عملية التفسير، وعلى سبيل المثال، فإن أحد الاختبارات المهنية "اختبارات التقويم المهني وهو اختبار Valpar المعد في صورة عينات عمل Work Samples" تدخل الدرجات التي يحصل عليها المفحوص فيه إلى الحاسب الآلي؛ ليخرج لنا كما هائلا من الصفحات المطبوعة التي تشتمل على المهن المقترحة لفرد واحد. ولم يقتصر الأمر على الحصول على معلومات آلية حول مسميات المهن، أو المقررات أو غيرها، وإنما تجاوز ذلك إلى إنتاج تقارير إكلينيكية تناقش الحالة من الدرجات التي حصل عليها الفرد على اختبارات مثل اختبار مينسوتا للشخصية MMPI، وأصبح في وسع المرشد، أو الأخصائي النفسي الإكلينيكي أن يصحح اختبارات إسقاطية مثل

الرورشاخ، أو اختبار تفهم الموضوع TAT، أو اختبار رسم الرجل عن طريق الحاسب الآلي، وهي عملية كانت تستغرق وقتًا طويلًا، والاتجاه الذي نلمسه الآن من مطالعتنا للنشرات الأمريكية أن كثيرا من الاختبارات "مثلا اختبار سترونج كامبل للميول SCVIB"، لم يعد يوزع لها مفاتيح للتصحيح اليدوي، كما أن بطاقات الإجابة تعد بشكل خاص لاستخدامها مع الحاسب الآلي. وقد كان استخدام الحاسب الآلي في هذا المجال إلى وقت قريب يرتبط بوجود شركات خاصة تتولى التعاقد على تصحيح الاختبارات، إلا أن ظهورًا جيل من الحاسبات الشخصية Personal Computers، وانخفاض تكاليفها دفع كثيرا من معدى الاختبارات إلى برمجة مفاتيح تصحيحها، وكذلك جوانب التفسير، وإعدادها في صورة إسطوانات يزود بها المرشدون بأسعار مناسبة. ولقد راورت بعض الباحثين فكرة استخدام الحاسب الآلي في إدارة الحوار الإرشادي التفاعلي مع المسترشد عن طريق أسئلة يوجهها في شكل حوار، ولكن كما يعلق أحد الباحثين: "إنه حوار ماكينة كثيرا ما يقف عند حدود ما اشتمل عليه البرنامج، فالحاسب الآلي ليس أكثر من آلة يمكن أن تختصر الوقت في تشغيل المعلومات، ولكن المعرفة والإحساس، والتصرف تبقى من خصائص الإنسان الذي يمكن أن يشعر بغيره من البشر، على أن هناك من الدراسات ما يشير إلى أن الحاسب الآلي في بعض الأحيان يتساوى مع المرشد، وربما ينطبق هذا أساسا على إعطاء المعلومات، أو ما يدخل أساسا في إطار التوجيه Guidance أكثر من كونه إرشادًا Counseling، أو علاجا Therapy "انظر الفصل الأول". لقد تساءل جولدمان منذ أكثر من عشرين عاما حول إمكانية أن تصبح إمكانيات الحاسب الآلي متاحة من الناحية المالية بأسعار معقولة بحيث يمكن للمرشدين أن يحولوا عملية التقويم إلى عملية آلية عن طريق الحاسب، وكان جوابه "Goldman 1971" أن هذا غير متوقع، وإذا ما حدث فهو أمر فيه نظر، فالتهديد الأساسي هو نزع العنصر البشري الإنساني من العملية، والذي يمثل حتى الآن جانبا في التفاعل، كما أن إمكانية

زيادة كفاءة، ونوعية التفسيرات بدرجة كافية لنستغني عن الجانب الشخصي في العملية أمر يحتاج لمناقشة، ومن ناحية أخرى، فإن المرء قد يتساءل: ما هو مقدار الجانب الشخصي الذي يدخل في الاختبارات؟ والحقيقة الراهنة تبعد كثيرا عن الصورة المثالية التي يفترض منتقدو الحاسب الآلي وجودها، بحيث إن الفقدان الذي يحدث نتيجة استخدام الحاسب الآلي في الجانب الشخصي لن يكون كبيرًا كما هو مفترض. وعلى أي حال فإن الحاسب الآلي قد يصبح القائم بالتقدير في المستقبل، وفي هذه الحالة لن يكون هناك صراع على النحو الذي ذكرناه من قبل "هل يقوم المرشد بإجراء الاختبارات أم لا؟ ". "Goldman 1971, p 444-445". خاتمة: لقد تناولنا في هذا الفصل بعض الجوانب الأساسية التي يحتاج المرشد أن يأخذها في اعتباره سواء عند اختياره للاختبارات أو تطبيقه لها، أو عمليات التصحيح والتفسير وتوصيل النتائج، وكذلك مناقشة بعض القضايا المتصلة باستخدام الاختبارات في مجال الإرشاد، وسوف نعرض فيما يلي لبعض الاختبارات التي تفيد المرشد في عمله، والمتوافرة في البيئة العربية في إيجاز شديد، ويمكن للمرشد أن يرجع للمصادر المناسبة في مراجعته لهذه الاختبارات، وما أجرى عليها من بحوث.

بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد

بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد أختبارات الاستعدادات ... بيان ببعض الاختبارات 1 التي يمكن استخدامها في الإرشاد: اختبارات الاستعدادت: 1- مقياس استانفورد بينيه للذكاء: Stanford- Binet Intelligence Scale: أقدم الاختبارات المعروفة لقياس الذكاء التي لا تزال باقية، وآخر تعديل أجرى عليه كان عام 1985م -مرتب حسب مستويات العمر العقلي، يستخدم من سن سنتين حتى الرشد، يبين نسب الذكاء، يعتمد على الجانب اللفظي، لا يصلح مع المعوقين سمعيا، يعتبر من الاختبارات الرئيسية التي يعول عليها في التعرف على حالات التخلف العقلي. معد باللغة العربية عن نسخة عام 1939 "محمد عبد السلام أحمد"، كما أن هناك دراسات عليه في المملكة العربية السعودية "عبد الله المعيلي". 2- مقاييس وكسلر للذكاء Wechsler Intellingece Scales: تتكون هذه المجموعة من عدد من المقاييس المستقلة هي: "أ" مقياس ويكسلر لذكاء الراشدين: "WAIS" Wechsler Adult Intellingece Scales، ويتكون من ستة اختبارات لفظية، وخمسة اختبارات عملية، ويعطي نسبة ذكاء لفظي، ونسبة ذكاء عملي للأعمار من 16 سنة وما بعدها، "أعده بالعربية محمد عبد السلام أحمد، ولويس كامل مليكة"، ظهرت طبعة أمريكية جديدة في عام 1974. "ب" مقياس وكسلر للأطفال: "WISC" Wechsler Intellingece Scales for children، وهي صورة خاصة بالأطفال من سن 5 سنوات إلى 15 عاما-

_ 1 فيما يلي سوف تستخدم كلمات مقياس -اختبار- قائمة، لتدل على اختبار.

وقد ظهرت مراجعة حديثة له عام 1974 -"وكانت هناك إجراءات لترجمته للعربية". "جـ" مقياس وكسلر للأطفال في سن ما قبل المدرسة Wechsler Pre school and Primary Scales of " weppse"، وهو خاص بالأطفال في سن الحضانة، ويقيس الذكاء في أعمار من 4-5، 6 سنوات. 3- اختبار المصفوفات المتتابعة "رافن" Progressive Matrices "Raven": أعد هذا الاختبار لقياس العامل العامل للذكاء، يتكون الاختبار من 60 مصفوفة، أو ترتيبات لعناصر التصميم استبعد جزء منها، ويطلب من المفحوص اختيار ما يناسب تكملة الجزء الناقص، وهذا الاختبار خال من أثر الثقافة Culture- Free، ويناسب أيضا المعوقين سمعيا، وتوجد من الاختبار صورة ملونة تناسب الأطفال، وكذلك الراشدون من المخلفين عقليا، كما توجد صورة متقدمة. وقد قنن اختبار المصفوفات بصورتيه في الملمكة العربية السعودية في جامعتي أم القرى، والإمام محمد بن سعود الإسلامية عن طريق مجموعات بحث، وشمل التقنين مناطق مختلفة من المملكة. 4- اختبار بيتا للذكاء "المعدل": أعد هذا الاختبار في صورته الأمريكية كيلوج ومورتن "1978"، وقد نقله إلى العربية تحت اسم "اختبار الرياض بيتا للذكاء" محمد شحاته ربيع "1986"، ويتكون الاختبار من ستة اختبارات فرعية تتطلب الإجابة عليها مدة تتراوح بين 30-45 دقيقة، والاختبارات التي تشتمل عليها هي: 1- المتاهات. 2- الترميز. 3- الأشكال الهندسية. 4- تكملة الصور. 5- المهارات الكتابية. 6- سخانات الصور. ويطبق الاختبار بصورة جمعية أو فردية، ويفيد هذا الاختبار أيضًا مع الحالات التي تعاني من مشكلات في اللغة مثل حالات الإعاقة السمعية، الاختبار مقنن في المملكة العربية السعودية. 5- اختبار رسم رجل: "جودانف" Coodenough Draw-a-man test: استخدمت جود انف "1926" مهمة رسم رجل كاساني لتقدير الذكاء، وفي هذا الاختبار يطلب من الفحوص أن يرسم صورة رجل، ويصحح هذا الاختبار على أنه يقيس قوة الملاحظة عند الطفل، وكذلك نمو التفكير المتصل بالمفاهيم لديه، ولا يهتم بالقدرة الفنية. وقد أعدت لهذا الاختبار معايير في البيئة العربية في مصر، وفي المملكة العربية السعودية، ويعد هذا الاختبار من الاختبارات المتحررة من أثر الحضارة، ولا يحتاج لتعليمات كثيرة، ويناسب أيضا المعوقين سمعيا، "ولكنه لا يصلح للمعوقين بصريا، أو من يعانون من صعوبات الحركة".

اختبارات الشخصية

اختبارات الشخصية: 6- مقياس مينسوتا متعدد الأوجه للشخصية MMPI: من الاختبارات الواسعة الانتشار في المؤسسات العلاجية، ويشتمل المقياس على تسعة مقاييس كلينيكية مثل الاكتئاب والفصام، والهوس الخفيف والهيستيريا والانحراف السيكوباتي وتوهم المرض إلخ.. بالإضافة إلى أربعة مقاييس للصدق، ويطبق فرديا أو جماعيًّا، كما أسهم المقياس في توليد مجموعة كبيرة من المقاييس باستخدام فقراته "أكثر من 350 مقياسًا"، والمقياس طويل يستغرق وقتا طويلا في تطبيقه وتصحيحه، وينصح بأن يستخدم فقط مع المرضى، وألا يستخدم مع الطلاب لحساسية فقراته، وقد أعده بالعربية عماد إسماعيل، ولويس مليكه وعطية هنا وطبع بالقاهرة والكويت، كما أعده فايز الحاج في المملكة العربية السعودية مجزءًا، وأعد عثمان الطويل صورة مختصرة له في المملكة العربية السعودية. 7- مقياس كاليفورنيا للشخصية CPI: أعد هذا المقياس ليقيس سمات الشخصية السوية، ويتضمن 18 مقياسا مثل

مقياس السيطرة، مقياس تقبل الذات، مقياس المسئولية، مقياس التسامح إلخ، وقد أعده باللغة العربية عطية هنا ومحمد سامي هنا، وقد ظهرت صورة صوتية من الاختبار في الولايات الأمريكية "1988"، والمقاييس التي يشتمل عليها مقياس كاليفورنيا ترتب في أربع مجموعات هي: مقاييس التوازن والتسلط وتأكيد الذات، وكفاءة العلاقات الشخصية، ومقاييس التطبع الاجتماعي والنضوج، والمسئولية وبناء القيم، ومقاييس قدرات الإنجاز، والكفاءة العقلية، ومقاييس الصيغ العقلية، وصيغ الميول. 8- مقياس الشخصية العاملي: 16 PF: أعد هذا الاختبار كاتل Cattell تحت اسم اختبار الشخصية ذي الستة عشر عاملا 16 PF، وهو يشتمل على درجة للذكاء، 15 عاملا للشخصية، مثل: السيطرة والمحافظة، ويطبق للأعمار 16 سنة وما بعدها، وقد أعد الاختبار باللغة العربية، وصدر عن دار القلم بالكويت، حيث أعده رجاء أبو علام ونادية شريف. 9- قائمة أيزينيك للشخصية: Eysenck PersonalityQuestionnaire ظهر في مجموعة مقاييس إيزنيك أربع مقاييس هي مقياس مودسلي للشخصية، مقياس الشخصية EPI، مقياس الشخصية صورة الشباب، واستبانة الشخصية "EPQ" التي ظهرت عام 1975 من إعداد أيزينيك وأيزينيك، وقد أعد هذه الاستبانة، وكذلك صورة الشباب منها على خضر، ومحمد محروس الشناوي، واستخرجت لها معايير على طلاب الثانوي، الجامعة بالمملكة العربية السعودية، ونشر الاختبار عام 1985، واستخدم في عدد من البحوث، ويتكون من 90 فقرة يجاب عليها أمام نعم أم لا، وله ثلاثة مقاييس أساسية هي الانبساط -الانطواء، والميل العصابي، والميل الذهاني بالإضافة إلى مقياس للكذب، أو المراءاة "المرغوبية الاجتماعية" كما أعده الدكتور أحمد عبد الخالق بجمهورية مصر العربية. 10- مقياس بيرنرويتر: Personality Inventory "Bernreuter" هذا الاختبار من وضع بيرنرويتر Bernreuter، وهو من الاختبارات الأولى للشخصية

وقد نقله إلى العربية محمد عثمان نجاتي، ويتضمن المقياس ستة أبعاد هي: الميل العصابي، والاكتفاء الذاتي -والانطواء- الانبساط، والسيطرة -الخضوع، والثقة بالنفس، والمشاركة الاجتماعية، وهو يستخدم مع المراهقين والراشدين فرديا، أو جماعيا. 11- مقياس الرياض الجمعي الإسقاطي: هذا الاختبار من تأليف كاسل وكاهن، وقد أعده باللغة العربية على خضر، ومحمد محروس الشناوي "1405/ 1985" -ويتكون الاختبار من 90 شكلا، وأمام كل شكل خمس عبارات تعبر عما يجري في الموقف الذي يعبر عنه الشكل، ويختار المفحوص عبارة واحدة من بينها تعبر عن وجهة نظره. ويصحح المقياس لسبعة أبعاد هي: السعادة، الاستياء، العطاء، الانسحاب، الميل العصابي، الانتماء، النجدة "المساعدة". ويطبق الاختبار فرديا أو جمعيا، ويحتاج إلى القدرة على القراءة، وجاري استخراج معايير سعودية له. 12- مقياس بيك للحالة المزاجية "الاكتئاب": هذا المقياس "القائمة" من وضع أرون بيك وزملائه "1963" Beckeral، وقد أعدها بالعربية محمد محروس الشناوي، وعلي خضر. وتتكون القائمة من إحدى وعشرين فقرة لكل فقرة 4 إجابات يختار المفحوص واحدة منها لتعبر عن حالة، وقد استخرج له معايير في المملكة العربية السعودية على الطلاب بعد حذف الفقرة الأخيرة، وقد حذفت هذه الفقرة من الصورة الأمريكية فيما بعد. 13- قائمة الحالة الوجدانية: هذه القائمة من تأليف زوكرمان ولوبين "1965" Zuckeman & Iubin، وقد نقلها إلى العربية إبراهيم وجيه، ومحمد محروس الشناوي، واستخدماها في إحدى الدراسات بعد التحقق من ثباتها وصدق المحتوى، وتشتمل القائمة على ثلاثة أبعاد هي

القلق والاكتئاب والعدوان، وهي عبارة عن مجموعة من الصفات "90 صفة" يختار المفحوص ما ينطبق عليها منها، وتصحح بعض الصفات في الاتجاه الموجب، والبعض الآخر في الاتجاه السالب -ليس له معايير. 14- استبانة تقدير الذات: Self- esteem Inventory هذه الاستبانة من وضع كوبر سميث ضمن مجموعة استبانات لتقدير الذات، وقد نقلها إلى العربية عبد الغفار الدماطي، ومحمد محروس الشناوي، وتتكون القائمة من 20 عبارة يجيب المفحوص عليها بنعم، أو لا "تنطبق أو لا تنطبق"، وتقيس القائمة بعدا واحدا وهو تقدير الذات Self- esteem، وقد استخرج الباحثان معايير للقائمة لكل من طلاب الثانوي، وطلاب الجامعة بالمملكة العربية السعودية. 15- استبانة وصف الذات "مفهوم الذات": وهذه الاستبانة معدة لقياس مفهوم الذات، وقد أعدها هربرت مارش، ونقلها إلى العربية علي ماهر خطاب، ومحمد محروس الشناوي، وتقوم فكرتها على وجود مفهوم ذات أكاديمي، ومفهوم ذات غير أكاديمي، وتتكون الاستبانة من "11" أحد عشر بعدًا يقاس كل بعد بسبع فقرات، ويحدد المفحوص مدى انطباق أو عدم انطباق العبارة عليه، والأبعاد التي نقيسها الاستبانة هي: مفهوم الذات العام، والأمانة، مفهوم الذات اللفظي، الوجداني، الوالدية، الأكاديمي، حل المشكلات، المظهر الجسمي، العلاقة مع الآخرين، القدرة البدنية، ويجري تقنيين المقياس في الوقت الحالي. 16- مقياس سمة وحالة القلق: وضع هذه القائة سبيليبيرجر Spielberger، وهي تشتمل على صورتين الأولى لقياس سمة القلق، والثانية لقياس حالة القلق، ويختار المفحوص أن يجيب على كل عبارة "كل صورة تشتمل على 20 عبارة" بواحدة من خمس إجابات. وقد نقل المقياس إلى العربية أحمد عبد الخالق "في مصر"، وكذلك أمينة كاظم

"في الكويت" كما أجرى أحمد عبد الخالق دراسات في المملكة العربية السعودية باستخدام هذا المقياس. 17- مقياس الاتجاه نحو الاختبارات "قلق الاختبارات": هذا المقياس من وضع سبيلبيرجر Spielberger "1980". وقد نقله إلى العربية محمد محروس الشناوي، وماهر محمود الهواري، وأجريا عليه دراسات للتحقق من ثباته وصدقه، كما استخرجا له معايير لطلاب الثانوي، وطلاب الجامعة في المملكة العربية السعودية، ويشتمل المقياس على 20 فقرة منها فقرة واحدة تصحح عكسيًّا، وينتج المقياس ثلاث درجات "أبعاد" هي الدرجة الكلية، ودرجة للانفعالية، ودرجة للانشغال، وقد استخدم المقياس في عدد من الدراسات. 18- مقياس التفضيل المهني: Vocational Preference Inventory هذا المقياس من إعداد جون هولاند، Hollaud، وقد أعده بالعربية محمد محروس الشناوي، وأعد له معايير على عينة من طلاب الثانوي، والجامعة والثانوي التجاري بالمملكة العربية السعودية، وتقوم فكرته على أن يختار المفحوص المهن التي يرى أنها مفضلة لديه، كما يحدد المهن غير المفضلة، وذلك من عدد 160 مهنة، وينتج المقياس 6 درجات للميول المهنية البحثية، والواقعية، والفنية، والاجتماعية، والتجارية، والتقليدية، وهي التي أعدت لها معايير عربية، وهناك خمس درجات لأبعاد الشخصية لم تستخرج لها معايير. 19- مقياس القيم المهنية Work Values: هذا المقياس من وضع ناب وناب Knap & Kanp، وهو واحد من مجموعة مقاييس مهنية تحت عنوان Copes، وقد نقل المقياس إلى العربية محمد محروس الشناوي، وعلي السيد خضر وأجريا دراسة عليه حيث أثبتا ثباته، وصدقه "الصدق التلازمي"، واستخرجا له معايير لطلاب الثانوي وطلاب الجامعة في المملكة العربية السعودية، وينتج المقياس ثماني درجات للأبعاد التالية:

القيم البحثية، والقيم العملية، والقيم الاستقلالية، والقيم القيادية، وقيم الترتيب، وقيم التقدير، والقيم الجمالية، والقيم الاجتماعية، ويتكون المقياس من 128 فقرة يختار المفحوص منها بين واحدة من إجابتين أأو ب. 20- مقياس الميول المهنية: هذا المقياس من وضع ناب وناب Knoap & Knoap "1980" في سلسلة مقاييس كاليفورنيا المهنية COPES، وقد نقله إلى العربية علي خضر ومحمد محروس الشناوي، وتجري عليه في الوقت الحاضر دراسات لاستخراج الثبات، والصدق والمعايير، ويتكون المقياس من 168 عبارة، ويشتمل على الأبعد التالية: العلمية "تخصص" العلمية "ماهرة" -التكنولوجيا "تخصصي"، التكنولوجيا "ماهرة"، اقتصاديات المستهلك -الخلوية- التجارة "تخصصي"، التجارة "ماهرة"، الأعمال الكتابية، الاتصالات، الفنون "تخصصية"، الفنون "ماهرة"، الخدمات "تخصصية" والخدمات "ماهرة". 21- مقياس الشعور بالوحدة: هذا المقياس مأخوذ عن مقياس كاليفورنيا للشعور بالوحدة من وضع راسل، وكاترونا وقد أعده بالعربية محمد محروس الشناوي وعلي السيد خضر، ويتكون المقياس من عشرين عبارة يختار المفحوص إجابة واحدة لكل عبارة من بين أربع إجابات لا إطلاقا، نعم نادرا، نعم أحيانا، نعم دائما، ويشتمل المقياس على إحدى عشرة عبارة تصحح في الاتجاه العكس، وقد استخرج الباحثان معايير لطلاب الثانوي والجامعة "درجات مئينية" في المملكة العربية السعودية، وقد استخدم المقياس عدد من الباحثين في دراسات ميدانية. 22- مقياس العلاقات الاجتماعية: وهذا المقياس مأخوذ عن مقياس الإمدادات الاجتماعية الذي وضعه راسل، وكاترونا "1984"، ويشتمل على 24 عبارة معدة بطريقة ليكرت، وتصحح نصف العبارات في الاتجاه الموجب، والنصف الآخر في الاتجاه السالب، وتكون إجابة المفحوص على كل عبارة بواحدة من أربع إجابات هي: لا أوافق إطلاقا، لا أوافق، أوافق، أو أوافق تماما.

وقد أعد المقياس في صورته العربية ليقيس بعدا واحدا هو العلاقات الاجتماعية، وقد استخرجت للمقياس معايير لطلاب الثانوي، والجامعة في المملكة العربية السعودية، واستخدم في عدد من الدراسات، ويستخدم المقياس لتقدير المساندة الاجتماعية. 23- مقياس السلوك التوكيدي: هذا المقياس من إعداد راثوس RATHUS، وقد أعده بالعربية علي حسين بدارى، ومحمد محروس الشناوي، حيث استخدماه في دراسة بعد التحقق من ثباته وصدقه، ويتكون المقياس من 28 عبارة تمثل مواقف مختلفة يطلب من المفحوص اختيار الإجابة التي تنطبق عليه، وقد استخدمه الباحثان في دراسة تطبيقية، كما استخدمه الدماطي "1991" في دراسة عن العلاقة بين الخجل والسلوك التوكيدي، وليس له معايير. 24- مقياس الغضب: أعد هذا المقياس باللغة العربية محمد محروس الشناوي، وعبد الغفار الدماطي عن مقياس الغضب المتعدد وضع سيجيل، ويتكون المقياس في صورته الأخيرة من 28 فقرة تقيس الأبعاد الثلاثة التالية: استثارة الغضب، المواقف المولدة للغضب، استمرارية الغضب، وتصحح بعض فقرات المقياس في الاتجاه الموجب، وبعضها في الاتجاه السالب، وقد أعدت له معايير لطلاب الثانوي والجامعة، وكذلك للطالبات في المملكة العربية السعودية -وهذا المقياس يعتبر رائدًا في البيئة العربية لقياس الغضب. 25- مقياس الخجل: قام بإعداد هذا المقياس محمد محروس الشناوي كما قام بدراسة بالتحليل العاملي على صورة أولية تتكون من 40 فقرة حيث توصل إلى الصورة النهائية، وتتكون من 25 فقرة تمثل ثلاثة عوامل هي: صعوبة التعبير، الشعور بالراحة، الهروب الاجتماعي بالإضافة إلى الدرجة الكلية للخجل، وتحديد بعض مواقف الخجل للمفحوص -وقد استخرج المؤلف درجات معيارية للطلاب، والطالبات في المملكة العربية السعودية. 26- مقياس الصحة النفسية: هذا المقياس ظهر تحت اسم مقياس الأمن، والخوف من إعداد إبراهام ماسلو، وقد

نقله إلى العربية عبد الرحمن عيسوي تحت نفس الاسم، ثم قام فايز الحاج باستخراج معايير له في المملكة العربية السعودية تحت مسمى مقياس الصحة النفسية. 27- مقياس بل للتوافق: Adjustment Inventory "Bell" وهذا الاختبار من الاختبارات القديمة في الشخصية، وهناك دراسات عديدة عليه منذ عام 1930، وقد أعده بالعربية محمد عثمان نجاتي، ويقيس الاختبار التوافق في أربعة مجالات هي: التوافق المنزلي، التوافق الصحي، التوافق الاجتماعي، والتوافق الانفعالي، ويستخدم مع المراهقين والراشدين. وقد استخدم هذا المقياس في دراسة بالمملكة العربية السعودية "السرساوي 1989". 28- مقياس السلوك التكيفي "فاينلاند": حل هذا المقياس محل مقياس فاينلاند للتضج الاجتماعي -وهو مقيس السلوك التكيفي للأطفال، وله عدة صور منها الصورة الموسعة، وصورة حجرة الدراسة، وقد نقله للعربية محمد محروس الشناوي، وعبد الغفار الدماطي- ويستخدم المقياس في تشخيص عيوب السلوك التكيفي لدى حالات التخلف العقلي، ويجري حاليا استخراج معايير سعودية له. 29- مقياس السلوك التكيفي "نهيرًا": نشر هذا المقياس عن طريق الجمعية الأمريكية للضعف العقلي AAMD، ويتكون من قسمين: الجزء الأول يقيس النمو الاستقلالي، النمو البدني، النشاط الاقتصادي، ارتقاء اللغة، الأعداد والزمن، الأنشطة المنزلية، النشاط المهني، التوجيه الذاتي، تحمل المسئولية، النشئة الاجتماعية، أما الجزء الثاني فيقيس ثلاثة عشر بعدا متصلا بالجوانب الكلينيكلية مثل: الانسحاب والسلوك غير الاجتماعي، العادات الغريبة، إيذاء الذات، النشاط الزائد إلخ -وتوجد صور عربية من المقياس، ويستخدم هذا المقياس بواسطة ملاحظين يقومون بتسجيل السلوك "مثلا المدرسين والأباء"، وقد نقله إلى العربية فاروق صادق، ثم نقله أيضا للعربية صفوت فرج وناهد رمزي.

30- مقياس تينسي لمفهوم الذات: ويقيس مفهوم الذات بأبعاده، وله عدة ترجمات عربية. 31- قائمة المشكلات: أعد هذا المقياس على خضر لاستخدامه مع طلاب المدارس الثانوية والمتوسطة، ويشتمل المقياس على 125 عبارة يجيب الطالب عليها إما "بنعم/ أو لا"، وتقيس المشكلة في الجوانب الصحية، المدرسية، الشخصية والاجتماعية، العلاقات بالأسرة، النمو الجسمي والعقلي والانفعالي، المستقبل، النواحي المادية، النواحي الدينية، والمشكلات العامة، وقد استخدم المقياس في دراسات بالمملكة العربية السعودية. 32- مقياس التوجه نحو المساعدة: أعد هذا المقياس باللغة العربية محمد السيد عبد الرحمن، ومحمد محروس الشناوي استرشادًا بمقياس من إعداد. ويشتمل المقياس على "25" موقفا لكل موقف أربعة اختيارات تمثل تصرفات يقوم بها الفرد نحو شخص يحتاج لمساعدة، ويختار المفحوص إجابة واحدة، وينتج المقياس الأبعاد الآتية: الغيرية، تقبل العطاء، التعليق الداخلي، والأنانية. ويعمل الباحثان في الوقت الحاضر على تقنين هذا المقياس "الاستبانة". 33- قائمة الأحداث الضاغطة: أعد هذه القائمة محمد محروس الشناوي حيث تشتمل على مجموعة من الأحداث الشديدة مما يتعرض له الناس في حياتهم، ويطلب من المفحوص أن يحدد ما مر به منها في حياته ودرجة تأثره بها، "تحدد الدرجة من صفر -100"، بالإضافة إلى سؤال مفتوح.. والأحداث التي تشتمل عليها القائمة عددها 50. وقد أثبت هذه القائمة قيمة عملية كبيرة، واستخدامها عدد من الباحثين في دراساتهم البحثية والكلينيكية "السعيد 1988، وأبا الرقوش 1990".

34- مقياس تيلور للقلق الظاهر: Manifest Anxiety Scale "Tyler" قامت تيلور بإعداد هذا المقياس باستخدام عبارات من مقياس منيسوتا المتعدد للشخصية MMPI، ويتكون من 50 عبارة، ويقيس القلق الظاهر، ويختار المفحوص أن يجيب بإحدى إجابتين نعم، لا، وقد نقله إلى العربية محمد محروس الشناوي حيث يقوم بتقنينه في الوقت الحاضر في المملكة العربية السعودية، كما توجد عدة طبعات له بالعربية، يصعب تتبعها. 35- مقياس ويكسلر للذاكرة Wechsler Memory Scale- Revised ظهرت الصورة الأولى لهذا المقياس الذي وضعه دافيد ويكسلر عام 1945م، ثم جدد في عام 1973، وظهرت الصورة الأخيرة وهي صورة مراجعته عام 1987، وقد نقل هذا المقياس في صورته الأخيرة عبد الله المعيلي حيث أعده باللغة العربية بما يناسب البيئة الحضارية للملكة العربية السعودية، وقام بالتحقيق من ثباته وصدقه، واستخدامه في دراسته للدكتوراه حول فاعلية الصدمة الكهربية في علاج مرض الاكتئاب "1991/ 1411هـ"، ويتكون المقياس من 13 بعدا تقيس الضبط العقلي، والذاكرة الشكلية والمنطقية والبصرية، واللفظية والترابط والاسترجاع الرقمي، إلخ. 36- مقياس بندر جشطلت Visual- Motor Gestalt Test "Bender Gestalt" أعدت هذا المقياس لوريتا بندر Bender "1938"، وهو يتكون من 9 بطاقات على كل بطاقة رسم يطلب من الفحوص بعد رؤية كل بطاقة أن يقوم بنسخها، ويستخدم هذا الاختبار للكشف عن جوانب التلف في المخ، وتوجد أساليب مختلفة لتصحيحه. وقد استخدم المعيلي "1411/ 1991" هذا الاختبار في دراسة على مرضى الاكتئاب للتعرف على مدى حدوث تلف في المخ نتيجة لاستخدام الصدمات الكهربية، وقام بالتحقق من ثباته على عينة من الأسوياء في المملكة العربية السعودية. 37- قائمة التعرف على المشكلات المدرسية: أعد هذه القائمة ناجي Gnagy، ونقلها إلى العربية محمد محروس الشناوي، وعبد الغفار الدماطي، واستخدماها في دراسة تجريبية على طلاب إحدى المدارس الابتدائية

بالمملكة العربية السعودية "بمدينة الرياض"، وقد أثبتت البطاقة قيمة عملية في عملية فرز الطلاب Screening للتعرف على بعض المشكلات مثل صعوبات التعلم، والنشاط الزائد والاضطرابات الانفعالية، والتخلف العقلي وعيوب السمع، والكلام وغيرها. 38- بطاقة ملاحظة سلوك التلاميذ: ظهرت هذه البطاقة تحت اسم بطاقة التوافق الاجتماعي في المدرسة، من وضع ستوت Stout، وقد نقلها إلى العربية محمد محروس الشناوي، وصالح إبراهيم اللحيدان حيث استخدماها في دراسة على عينة من تلاميذ المراحل الابتدائية، المتوسطة والثانوية بمدينة الرياض، وتساعد هذه البطاقة على التعرف على جوانب اضطرابات التوافق الاجتماعي في المدرسة مثل الانسحاب، والعدوان والنشاط الزائد وغيرها، وليس لها معايير محلية. 39- مقياس بينت للفهم الميكانيكي: Test of Mechanical Comperhension اختبار الفهم الميكانيكي من وضع بينيت Bennet يشتمل على مجموعة أسئلة حول صور تمثل المبادئ الميكانيكية، ويفيد في التعرف على الاستعدادات الميكانيكية لتوقع النجاح في بعض التخصصات الهندسية والمهن الميكانيكية، ويمكن تطبيقه على أعمار من 9 سنوات فأكثر، وقد قام بتقنينه في المملكة العربية السعودية محمد شحاته ربيع. 40- اختبار الميول المهنية: هذا الاختبار من إعداد كودر Kuder، وقد أعده باللغة العربية أحمد زكي صالح، ويقيس هذا الاختبار الميول الآتية: الميل الخلوي، الميل الميكانيكي، الميل الحسابي، الميل العلمي، الميل الإقناعي، الميل الفني، الميل الأدبي، الميل الموسيقى، الميل الكتابي، والميل الخدمة العامة.

41- اختبار دراسة القيم Study of Values: واضعوا هذا الاختبار هم ألبورت، وفيرنون، وليندزي، Allport, Vernon & Lindzy، ويطلب في الاختبار أن يفاضل المفحوص بين أنشطة متعددة تمثل قيما مختلفة هي: القيم الفطرية القيم الاقتصادية، القيم الجمالية، القيم الجماعية، القيم السياسية والدينية، وهو يناسب الراشدين، وقد نقله إلى العربية عطية محمود هنا، كما أعدت صورة منه في الكويت، ويجب مراجعة هذا الاختبار قبل استخدامه أو تقنينه. 42- اختبار دافع الإنجاز: أعد هذا المقياس فاروق عبد الفتاح موسى، والاختبار يقيس دافع الإنجاز، وقد وضع في الأصل بواسطة مانز، ويشتمل المقياس على 28 فقرة حيث تشتمل الفقرة على عبارة ناقصة يليها خمس عبارات يختار المفحوص من بينها العبارة التي تكمل النقص، وللمقياس درجة واحدة. 43- قائمة إدواردز للتفضيل Edwards Porsonal Preference Schedule: أعد هذه القائمة إدواردز "1953" تأسيسا على نظرية الحاجات لموراي. وقائمة إدواروز للتفضيل "EPPS" مصممة على أساس الاختيار الجبري لما يرغبه الفرد للتقدير الاجتماعي له، وتتكون القائمة من 210 أزواج من العبارات، يختار المفحوص منها واحدة باعتبارها تمثله، ويشتمل الاختبار على 15 درجة تمثل حاجات المفحوص، وهي: تأمل الذات، السيطرة، لوم الذات، العدوان، العطاء، الجنس، التغير، الانتماء، النجدة، الترتيب -الاستقلال، الإنجاز، البقاء، الإذعان، وقد أعد القائمة العربية جابر عبد الحميد جابر. 44- اختبار المساندة الاجتماعية "م. ج": أعد هذا الاختبار ساراسون وزملاؤه Sarason et al وقد نقله إلى العربية محمد محروس الشناوي، سامي محمود أبو بيه، ويعتمد على عرض مجموعة من المواقف يحدد الشخص عددا من الأشخاص الذين يمكنهم أن

يقدموا له المساندة في كل موقف منها، وينتج المقياس بعدين هما: عدد الأفراد الذين يساندون المفحوس "كمية المساندة"، ومدى رضائه عن هذه المساندة، ويشتمل المقياس على 27 موقفًا -ليس له معايير عربية، وقد استخدم في دراسة ميدانية. 45- قائمة أنشطة وقت الفراغ: وضع هذه القائمة إبراهيم وجيه محمود ومحمد محروس الشناوي، حيث استخدماها في دراسة عن أنشطة وقت الفراغ لدى عينة من طلاب كلية التربية جامعة الملك سعود، وكلية العلوم الإجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتشتمل القائمة على مجموعة من الأنشطة التي يشغل الناس بها أوقات فراغهم "42 نشاطا"، وتصحح بحيث تنتج خمس درجات هي: الأنشطة الاجتماعية، الأنشطة الخلوية، الهوايات الشخصية، الأنشطة الثقافية، الأنشطة الرياضية. 46- مقياس التعامل مع المواقف: هذا المقياس من وضع لازاروس وفولكمان، وقد أعده بالعربية بعد تعديله محمد محروس الشناوي، وعلي ماهر خطاب، وهو يقيس التعامل مع المواقف الضاغطة ومواقف المشكلات، ويتيح التعرف على مجموعة من أساليب المواجهة مثل المواجهة، والهروب، والأبعاد، والممارسات الدينية وغيرها، والمقياس تحت التقنين. 47- اختبار المنزل -الشجرة- الشخص House- Tree- Parson: هذا الاختبار من وضع Buck "1948، 1981" نقله إلى العربية لويس مليكة، وهو اختبار إسقاطي يطلب فيه من المفحوص أن يرسم رسما جيدًا بقدر الإمكان لمنزل، ثم لشجرة ثم لشخص ثم توجه إليه بعض الأسئلة المتصلة بهذه اللوحات الثلاث- ثم يعاد طلب رسمها مرة أخرى بالألوان، ويستخدم الاختبار في دراسة الشخصية، والتعرف على الحاجات والصراعات وغيرها. 48- اختبار تفهم الموضوع Thematic Apperception Test "TAT": وضع هذا الاختبار هنري موراي Murrey "1938"، وقد اقتبسه بالعربية

أحمد عبد العزيز سلامةن يتكون الاختبار من 30 بطاقة على كل منها صورة بالإضافة إلى بطاقة بيضاء، ويعرض على المفحوص الصور "20 صورة منها 10 صورة تصلح للجنسين، 10 صور سحب جنسه"، ويطلب منه أن يحكي قصة تستثيرها الصورة، ويكون لها بداية ونهاية، وفيها بطل وإحداث، والاختبار إسقاطي وهناك صورة خاصة بالأطفال أعدها، ويعرف باسم "CAT". 49- مقياس الإرشاد النفسي: هذا المقياس من وضع بيردي وليتون Berdi & Layton باسم مقياس بينسوتا للإرشاد النفسي، ونقله إلى العربية محمد عماد الدين إسماعيل، وسيد عبد الحميد مرسي، ويقيس الاختبار العلاقات الأسرية، العلاقات الاجتماعية، الثبات الانفعالي، الشعور بالمسئولية، والواقعية، والحالة المزاجية، والاستعداد للقيادة، ويصلح للشباب في سن المرحلة الثانوية، ويستغرق حوالي ساعة. "زهران 1977 ص210". 50- مقياس لوبين للاكتئاب "قائمة صفات الاكتئاب DACL": أعد لوبين مجموعة من القوائم تحت اسم قوائم صفات الاكتئاب، وذلك عام 1981 Depression Adjective cheeklists، وهي تضم سبع قوائم "صور متكافئة" منها أربع صور A, B, C, D، وتضم كل منها صفة تدل على الاكتئاب، 10 صفات تدل على عدم الاكتئاب، أما المجموعة الثانية وهي تشمل ثلاث صور E, F, G فتضم كل منها 22 صفقة تدل على الاكتئاب، 12 صفة تدل على عدم الاكتئاب، وتقيس هذه الصفات حالة المفحوص وقت البحث، ويستخدم الفاحص قائمة واحدة "صورة واحدة"، مع المفحوص وتستغرق الإجابة وقتا قصيرا "في حدود ثلاث دقائق"، وقد نقل القائمة إلى العربية عبد الله عبد العزيز المعيلي حيث استخرج ثابتها، وصدقها في المملكة العربية السعودية، واستخدامها في دراسته التجريبية عن استخدام الصدمة الكهربية مع حالات الاكتئاب "1991". 51- مقياس مستوى التدين "م. ت": أعد هذا المقياس صالح بن إبراهيم الصنيع في دراسته للدكتوراه.

ويشتمل المقياس على 61 فقرة معدة بطريقة الإجابات المتعددة الاختبار "ثلاث" حيث يختار المفحوص الإجابة المناسبة، ويعطي المقياس درجة واحدة تشير إلى مستوى التدين، وقد استخدم المقياس في عدد من الدراسات الميدانية. 52- مقياس التوافق للجامعة: أعد هذا المقياس باللغة العربية محمد محروس الشناوي، وعلى حسين بداري، بالاسترشاد بمقياس التوافق لجامعة كلارك الذي أعده بيكر "1984" Baker، ويشتمل المقياس على 50 عبارة يختار المفحوص أن يجيب عليها بواحدة من أربع إجابات هي: موافق بشدة، موافق، غير موافق، غير موافق بشدة. وتصحح بعض الفقرات في الاتجاه الموجب، والبعض الآخر في الاتجاه السالب، ويعطي المقياس درجات هي: التوافق التحصيلي، والتوافق الاجتماعي، والتوافق الانفعالي، والتوافق للجامعة وقد استخدم المقياس في عدد من الدراسات. 53- مقياس مركز الضبط للانتماء والتحصيل: أعد هذا المقياس ليفكوريت "1981" Lefcourt، وقد نقله إلى العربية على حسين بداري، ومحمد محروس الشناوي، حيث استخدماه في دراسة ميدانية، ويتيح المقياس التعرف على نمط الضبط الداخلي، والخارجي لكل من بعدي التحصيل، والانتماء كما يتيح مجموعة من الدرجات الفرعية حول الجهد والنجاح، ولم تعد للمقياس معايير، وقد استخدم في عدد من الدراسات الميدانية. 54- بطاقة الحالة الصحية: أعد هذه البطاقة محمد محروس الشناوي عن البطاقة التي أعدها موس Moos وتشتمل البطاقة على دراسة شاملة للحالة الصحية، والتعليمية والمهنية والحالة المزاجية والمخاوف، وأساليب التعامل مع المواقف، والعلاقات الاجتماعية وأنشطة أوقات الفراغ وغيرها، وهي تحت التجريب في الوقت الحاضر، وتفيد بصفة عامة في دراسة الحالة. 55- مقياس كين ليفين للمهارات الاجتماعية: أعد هذا المقياس كين وليفين "1963" Caine & Levine لقياس السلوك

التكيفي للأطفال المتخلفين عقليا من فئة القابلين للتعلم، وقد نقله للعربية على خضر، ومحمد محروس، وعزت الطويل، ويتكون المقياس من مجموعة من الأبعاد تتصل بالاتصال، والنظافة، وتناول الطعام والسلوك الاجتماعي وغيرها، ويستخدم المقياس في التعرف على حالات التخلف العقلي "مع مقاييس الذكاء"، وكذلك في تقويم برامج التدريب السلوكي للأطفال، ولحالات التخلف العقلي: ولم يقنن المقياس بعد. 56- مقياس بيركس لتقدير السلوك Behavior Rating scale "Burks": هذا المقياس من إعداد بيركس Burks، وقد نقله إلى العربية يوسف القريوطي وجلال محمد جرار، وقد أعد المقياس ليكون أداة للفرز للتعرف على بعض المشكلات السلوكية، وهو يتكون من 110 فقرات موزعة على 19 مقياسا فرعيا مثل: الانسحابية الزائدة -الاعتمادية الزائدة، ضعف التآزر الحركي، انخفاض القدرة العقلية، ضعيف الانتباه، عدم ضبط مشاعر الغضب، العدوانية الزائدة، العناد والمقاومة، ضعيف الانصياع الاجتماعي إلخ. وقد نشر المقياس عن طريق مكتب التربية العربي لدول الخليج بالاشتراك مع جمعية رعاية الطفل، والأمومة بدولة البحرين.

مراجع الفصل السادس

مراجع الفصل السادس: أولًا: المراجع العربية: أحمد، محمد عبد السلام، القياس النفسي، والتربوي القاهرة -النهضة- المصرية. أبو حطب، فؤاد عبد اللطيف، عثمان، سيد أحمد التقويم النفسي القاهرة: الأنجلو المصرية. ربيع، محمد شحاته اختبار بيتا للذكاء الرياض: تهامة 1986. زهران، حامد عبد السلام التوجيه والإرشاد النفسي القاهرة: عالم الكتب 1977. الشناوي: محمد محروس ثبات الاختبارات: النظرية والتطبيق دراسة غير منشورة، الرياض: 1985. مليكة، لويس كامل علم النفس الإكلينيكي "جـ1" القاهرة -الهيئة العامة للكتاب 1980. هنا، عطية محمود، هنا، محمد سامي، علم النفس الإكلينيكي "جـ1" القاهرة النهضة العربية 1976. ياسين، عطوف محمود علم النفس العيادي بيروت: دار العلم للملايين. ثانيا: المراجع الأجنبية: - Alpert, R. & Haber,R. N. "1960" Anxiety in academic achievement situations. Journal of Abnormal and Social Psychology. 61, 20-215. - Anastasi, A. "1985" Psychological Testing "6th ed" New York: Macmillan. - Cronbach, L. J. "1650" Further evidence on response sets and test design. - Educational and Psychological measurement. 10, 3-3. - Cronbach, L. J. "1984" Essentials of Psychological testing "4th ed" New York: Harper & Row.

- Delong, A. R. "1955" Emotional effects of elementary school testing. Understanding the child 24, 103-107. - Flanagan, J. C. "1951" The use of comprehensive rationales int est development. - Education and Psychologial Measurement 11,151-155. - Goldman, L. "1971" Using tests in counseling "2nd ed" santa Monica CA: Goodyear Pullishing Company. - Goslin. D. A. "1963" The Search for ability New York: Russel Sage Foundation. - Gough, H. G. "1962" clinical versus statistical prediction in psychology. In L. Post- man "Ed" Psychology in the making Histories of selected research problems. New York: Knopf. - Gregory, R. J. "1992" Psgcholgical testing: History, Principles and applications-. Bos- ton: Allyn and Bocon. - Holt, R. R. "1958" Clinical and Statistica Prediction: A Reformulation and some new. data. Jounnal of Abnormal ans Social Psychology. 56, 1-12. - Holt, R. R. & Luborstky, L. "1958" Personality Patterns of Psychiatrists "Voll and2" New York: Basic Books. - Lin, L. J. "1950" Probablity approach to forecasting University success With meas- ured grades as the criterion. Educational and Psychological measurement. 10, 386-391. - Loevinger, J. "1957" The nature of validity. Paper presented at the meeting of the American Psychological Association. New York: September. - Longstaff, H. P. "1948" Fakability of the strong interst Blank and the Kuder Prefer- ence Record. Journal of Applied Psychology. 32, 360-369. - Meehl, P. E. "1954" Clinical VS Statistical Predliction. Minneapolis: University of Minnesota Press. - Mehrens, W. A. & lehman, I. J. "1991" Measurement and Evaluaton in Education and Psychology. New York: Holt Rinehart & Winston. - Pepinsky, H. B. & Pepinsky, P. N "1954" Counseling: Theory and Practice. New York: Ronald Press. - Pharess, E. J. "1988" Clinical Psycholgy: Concopts, Nethods and Profession. Pacific Crove, C. A.: Brooks /Cole.

- Sacks, E. L. "1952" Intelligence scores as a function of experimentally established social relationships between child and examiner. Jaurnal of abnormal and social Psychoogy. 47,354-358. Sarbin, T. R. "1943" A Contribution to the study of actuarial and individual methods of prediction. American Journal of Sociology. 48, 593-602. - Sarbin, T. R., Taft, R & Bailey, D. E. "1960" Clinical inference and cognitive theory. New York: Holt, Rinehart and winston. - Sears, R. "1943" Mativational factors in aptitude testing. American Journal of Orthopsychiatry. 13, 468-492. - Segal, S. J., Nachmann, B., & Moulton, R. "1965" The Wechsler Adult Intelligence scale "WAIS" in the counseling of students with learning disorders. Personnel and Guidance Journal, 43,1018-1023. - Staudt, V. M. "1948" The relationship of testing conditions and intellectual level to errors and correct responses in several types of tasks among college women. Jowrnal of Psychology. 26,125-140. - Sundberg, N. D.: "1977" Assessment of persons. Englewood cliffs N. J.: Perntice Hall. - Thorndike, R. L. & Hagen, E. "1969" Measurement and Evaluation in Psychology and Educatio. "3rd ed" New York: Wiley. - Travers, R. M. W. "1951" Rational hypothesis in the construction of tests. Educational and Psychological measurement. 11,128-137.

الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد

الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد مدخل ... الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد تعتبر الملاحظة أداة هامة في حياتنا اليومية، ذلك أن كلا منا يقف في عدة مواقف ربما في اليوم الواحد، ويشاهد فيها ما يحدث من سلوكيات، وأنشطة يقوم بها الآخرين، وقد يركز على جانب منها لسبب ما. وقد مر بنا عند الحديث عن السلوكيات غير المنطوقة "غير اللفظية" أنها تلعب دورًا كبيرًا بالنسبة للمرشد والمسترشد على سواء، فكل منهما يلاحظ الآخر بعينيه في الوقت الذي يصغي فيه إليه بأذنيه ... وقد توصل الملاحظة سلوكا غير الذي وصله السمع، والملاحظة شأنها شأن المقابلة تعتبر وسيلة شائعة في الحصول على المعلومات حول الأشخاص في مواقف مختلفة للاستفادة بهذه المعلومات في عملية الإرشاد بمراحلها المختلفة، والملاحظة بطبيعتها تركز مباشرة على الحاضر بينما تعكس المقابلات الماضي، أو على الأصح الماضي كما ينعكس على الحاضر، ونحن نستخدم الملاحظات للوصول إلى استنتاجات أيضا حول الماضي وحول المستقبل ... فالطبيب الذي يرى علامات جروح على رسغ المريض يخمن أنه قد حاول الانتحار في الماضي، وأنه قد يقوم بمحاولة أخرى في المستقبل، والملاحظة والمقابلة تكمل كل منهما الأخرى، فالمرشد قد يلاحظ تكاسلا في مشية أحد الطلاب، ثم يقابله فيما بعد ليتعرف على حالته الصحية. والملاحظة كما يقول زهران "1980" هي ملاحظة الوضع الحالي للعميل "المسترشد" في قطاع محدد من قطاعات سلوكه، وتسجيله لموقف من مواقف سلوكه، وتشمل ملاحظة السلوك في مواقف الحياة الطبيعية، ومواقف التفاعل الاجتماعي بكل أنواعها: في اللعب والعمل، والراحة والرحلات والحفلات، وفي مواقف الإحباط والمسئولية

الاجتماعية والقيادة، والتبعية والمناسبات الاجتماعية بحيث يتضمن عينات سلوكية لها مغزى في حياة العميل "المسترشد"1 "ص173". والملاحظة التي تهمنا في الإرشاد هي تلك الملاحظة المنظمة التي يحاول فيها المرشد، أو غيره "المدرس -الوالد- أو المسترشد نفسه" أن يجمع معلومات عن سلوك معين على النحو الذي يحدث فيه في الموقف الذي يحدث فيه، وتسجيل هذا السلوك. يرى سندبرج "1977" Sundberg أنه من الممكن أن نصنف طرق التقدير باستخدام الملاحظة حول إجابتنا على أربعة تساؤلات هي: أين، وماذا، وكيف، ومتى؟ ويدل التساؤل بأين على أهمية الموقف الذي تجري فيه الملاحظة، وأهم الأبعاد في مواقع الملاحظة هو كمية الضبط الذي يمارسه الملاحظون سواء كان هذا طبيعيا، أو موقفا مقلدا أو موقفا مختبريا. وفي المستوى الأدنى من الضبط الخارجي، فإن الملاحظات تتم في المواقع الطبيعية، حيث تكون هناك ملاحظات ميدانية لحياة الشخص الذي نلاحظه، وتأتي أكبر الإسهامات العلمية في محاولة جعل الملاحظة الميدانية أسلوبا علميا صادقا من العالم النفسي روجر باركر "1968" Barker، والذي كانت إسهاماته في مجال النظرية، والتحليل قائمة على ما سجله الملاحظون عن سلوك الأطفال، وقد دعا باركر إلى دراسة أيكولوجية2 السلوك، ويعتبر مؤسس علم النفس الإيكولوجي Ecological Psychology. إن دراسة السلوك في بية معينة أمر هام، وقد ثبت من الناحية العملية أهمية دراسة سلوك الفرد في إطار أسرته، وتفاعلات هذه الأسرة، وقد ازدادت أهمية استخدام الملاحظة في دراسة السلوك نتيجة لإدخال قواعد السلوكية في العلاج والإرشاد، وعلى الرغم من اهتمام الباحثين النفسيين بالسلوك في الحياة الواقعية، فإن الأغلبية العظمى من بحوثهم، وقياساتهم تتم في المختبرات والعيادات ومكاتب الإرشاد وحجرات الدراسة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن الملاحظات الميدانية غير مريحة، وهي أيضا مكلفة كما أن نتائجها قد تكون معقدة ومشوشة في بعض الأحيان، وهناك درجات مختلفة من التحكم، أو الضبط في المواقف غير الميدانية، ففي المستوى المستوى من الضبط تتم الملاحظات في بيئة

_ 1 الكلمات بين الأقواس ليست في المرجع الأصلي. 2 الأيكولوجيا أو علم التبيؤ هو العلم الذي يهتم بدراسة العلاقة بين الكائنات والبيئة.

مقلدة "اصطناعية"، ومثل ذلك ما يحدث عند استخدام عينات عمل، Work Samples، وكذلك ما يعرف بالاختبار الموقفي Situational test حيث يعد موقف شبيه بالموقف الحقيقي، ويعطي الفرد مهمة ليقوم بها، وهناك كثير من أنواع مواقف أداء الدور "مثلا ما يتبع في تدريب الطلاب على المقابلات في برامج الإرشاد، أو تدريبهم على الخطابة، وملاحظتهم أثناء ذلك لتقويم أدائهم". أما أكثر المواقف ضبطا، فهو موقف المختبر حيث تستخدم غرف معزولة ضد الصوت، ومحجوبة عن الضوء الخارجي، لمنع المنبهات الخارجية، ويحاول الباحث هنا أن يضبط كل المنبهات ما عدا تلك التي يدرسها. وكل من المواقف الثلاثة: الميداني أو المقلد، أو المختبر له ميزاته وله أيضا عيوبه، ويحتاج الموقف الأول منها إلى إجراءات لتحقيق الصدق الذي يعتبر الآن أضعف نقاط هذا النوع من المواقف التي تتم فيها الملاحظة. أما السؤال الثاني حول الملاحظة، ماذا؟ فهو يشتمل على عدة قرارات: هل سيقوم الملاحظ بملاحظة شخص واحد، أم عدة أشخاص؟ كل الموقف أم جانب منه؟ كيف ستكون الملاحظة انتقائية؟ وأحد الطرق التي نركز فيها على جانب معين هو التركيز على جانب فقط من المحتوى أي ما يحدث، وكذلك يمكن أخذ عينة لوقت محدد، وتعرف الطريقتان بمعاينة الأحداث "أي عينة من الأحداث" event Sampling، ومعاينة الزمن "أي أخذ عينة من الزمن" Time Sampling. وفي الطريقة الأولى وهي الاهتمام بجانب، أو عينة من الأحداث فإن الملاحظ يسجل مجموعة من السلوك فقط "نوع واحد" مثلا التصرفات العدوانية، فإذا كنا نلاحظ طالبا ما أثناء لعبة في فناء المدرسة، فإن الملاحظ سيسجل "يعد"، أو يصف كل مرة أتى فيها بتصرف عدواني -ضرب- ميضايقة -استغلال- نحو تلميذ آخر أو تلاميذ آخرين، أما في الطريقة الثانية فإن الملاحظة يسجل ما رآه كل فترة زمنية معينة -على سبيل المثال في فناء المدرسة سيسجل الملاحظ ما قام به ذلك التلميذ كل خمس دقائق، سواء كان يضرب شخصا آخر، أو يلعب متعاونا مع غيره، أو يجلس بمفرده. ويرتبط بطريقة تناول عينة من الأحداث ذلك الأسلوب البحثي الذي اقترحه فلاناجان "1954"، ويعرف بأسلوب الحادث الحرج Critical incident technique-، وتتطلب هذه

الطريقة أن يقوم ملاحظ بتسجيل المرات التي حدث فيها السلوك الذي يدل على أداء جيد، أو أداء سيئ ويتم التسجيل على مستوى يومي، وعقب حدوث السلوك بقدر الإمكان، فقد يطلب المرشد من أحد المدرسين أن يسجل له أمثلة من تعاون الطالب، أو مخالفته على مدى أسبوعين أو ثلاثة. وإذا انتقلنا إلى السؤال الثالث: كيف: كيف تتم الملاحظة؟ نجد أن هذا السؤال أيضا له أهميته، فقد يشتمل ذلك على التسجيل بالوسائل الآلية مثلا أجهزة التسجيل الصوتي، أو الفيديو بحيث يمكن للمرشد أن يستمع إليها أو يشاهدها، ويرتبط بهذا الجانب، أم أنه لا يكون ظاهرًا له؟ وعندما يكون الشخص القائم بالملاحظة ظاهرا لمن يلاحظهم، ويأخذ دورا معهم في نشاطهم، فإن هذا النوع من الملاحظة نطلق عليه الملاحظة بالمشاركة Participant observation، وهذا النوع من الملاحظة يعتبر وسيلة هامة في الدراسات الأنثروبولوجية، حيث -على سبيل المثال- قد يمضي أحد الباحثين الأنثروبولوجيين1 بضعة أشهر مع إحدى القبائل التي يقوم بدارستها، وقد يشترك أحد المرشدين مع الطلاب في ألعابهم بينما يقوم بملاحظتهم، وعندما يقوم الباحث بهذا النوع من الملاحظة "الملاحظة بالمشاركة"، فقد يكون من الأفضل أن يؤجل كتابة ملاحظاته، وتسجيل التصرفات لحين انتهاء النشاط، وقد يكون القائم بالملاحظة ظاهرا لمن يلاحظهم، ولكنه لا يشترك معهم في صورة تفاعلية، وفي مثل هذه الحالات التي تكون الملاحظة فيها غير مشتملة على مشاركة يمكن الاستفادة بوسائل التقنية الحديثة -وعلى سبيل المثال يجري متابعة ضربات القلب لأحد المرضى في منزله، وفي العمل من خلال جهاز صغير، وذلك عبر موجات الراديو، ويعرف هذا الأسلوب بالقياس عن بعد Telemetry.

_ 1 الأنثروبولوجيا: هو علم دراسة الإنسان.

تسجيل وترميز الملاحظة

تسجيل وترميز الملاحظة: يعرف ويك "1968" Weik طريقة الملاحظة في البحوث بأنها: اختيار وإثارة وتسجيل، وترميز تلك المجموعة من السلوكيات التي يقوم بها الكائن في الموقف، والتي تتفق مع الأغراض الأمبريقية، ومثل هذا التعريف يركز على أهداف العملية، وكذلك على خطة تنظيم البيانات، ويجب أن تكون الترتيبات الخاصة بجمع المعلومات وتحويلها إلى صورة كمية، متسقة مع أهداف القائم بالتقدير، فيجب على المرء أن يقرر أين، وماذا، وكيف، ومتى يلاحظ، وهناك اختلاف واضح داخل طرق الملاحظة بالنسبة للعمليات الأساسية للتسجيل والترميز، وعلى حين يستخدم باركر أسلوبا يعتمد على تسجيل ما يحدث في دفتر صغير، ثم يرمز بعد ذلك إلى وحدات، فإن آخرين مثل جونز، ريد وباترسون "1975" Jones Reid and Patterson يستخدمون نظاما للترميز السلوكي، حيث يقوم الملاحظ المدرب بترميز السلوكيات كما يراها عند حدوثها، ويظهر التسجيل الشخص، والوقت الذي وقعت فيه السلوكيات بترتيبها، وقد أعد الباحثون نظام ترميز من 28 مجموعة، وصفوا لها اختصارات من حرفين مثلا "Command = CA يبدأ"، "Laugh LA يضحك"، "Destructiveness = Ds تدمير"، وهكذا وهناك طرق أخرى للحصول على سجل كمي للملاحظة، وهو استخدام قوائم السلوك أو مقاييس التدريج، وسوف نفرد مناقشة خاصة لأدوات الملاحظة فيما يلي:

أدوات الملاحظة: observational tools

أدوات الملاحظة: Observational Tools 1- لوحات المشاركة: وتستخدم مثل هذه اللوحات لتسجيل مشاركة الفرد، أو الأفراد في نشاط جمعي أو مناقشة جمعية، فإذا كنا نرغب في ملاحظة سلوك أحد الطلاب في مجموعة معينة فيما يجري من مناقشة داخلها، فإن الباحث يستخدم لوحة للمشاركة ليحصل على المعلومات المرغوبة، ويستخدم الباحث "القائم بالملاحظة" عينة الزمن التي سبق التحدث عنها، وقد يكون من المناسب أن يكون هناك حدث، أو موضوع نختاره "عينة الأحداث أو السلوك". 2- قوائم السلوك: Chech lists تشتمل قائمة السلوك على قائمة من الخطوات، الأنشطة أو السلوكيات التي يسجلها القائم بالملاحظة عند وقوع الحدث، وهي تشبه في ظاهرها مقاييس التدريج، ويصنفها البعض على أنها نوع من مقاييس التدريج Rating scales "جليفورد 1954 Guilford"، وتمكن قائمة السلوك القائم بالملاحظة من أن يلاحظ فقط ما إذا كانت سمة، أو خاصية موجودة من عدمه، ولكنها لا تمكنه من تقدير نوعية أو درجة، أو تكرارية حدوث سلوك معين، وحين تكون مثل هذه المعلومات مطلوبة، فإن قوائم السلوك تصبح غير مناسبة قطعيا.

وقوائم السلوك أدوات يمكن استخدامها في عديد من مجالات السلوك، فهي تفيد في تقويم الأنشطة التعليمية التي تشتمل على الإنتاج وعلى العملية، وكذلك على بعض جوانب التوافق الشخصي الاجتماعي، وهي تفيد في تقويم تلك العمليات التي يمكن تجزئتها إلى سلسلة من التصرفات الواضحة، والمميزة والمستقلة، مثلا القيام بمهمة مهنية معنية. والقائمة الجيدة هي التي "1" تجبر القائم بالملاحظة على توجيه انتباهه لخصائص، أو سمات محددة بدقة، "2" تسمح بعدة مقارنات بين الأفراد بالنسبة لمجموعة من السمات أو الخصائص، "3" توفر طريقة بسيطة لتسجيل الملاحظات، "انظر شكل رقم 10". 3- مقاييس التقدير Rating Scales: تشبه مقاييس التقدير قوائم الصفات "قوائم المراجعة"، ولكنها تستخدم عندما نحتاج إلى تمييز أدق، وبدلا من مجرد الإشارة إلى وجود أو غياب السمة، فإن مقياس التقدير يساعد الفاحص على أن يشير إلى الحالة، أو نوعية ما يقوم بملاحظته، وتتيح مقاييس التقدير إجراءات منتظمة للحصول على، وتسجيل، وتقرير أحكام القائم بالملاحظة، ويمكن تعبئة هذه المقاييس أثناء عملية الملاحظة، أو فور الانتهاء من الملاحظة، أو كما يحدث أحيانا في المدارس عند إعداد الشهادات الخاصة بالطلاب، "أو التقارير الدورية"، وفي هذه الحالة تعتمد على الذاكرة. وتوجد عدة أنواع من مقاييس التقدير، منها المقاييس الرقمية التي تحدد قيما رقمية لمستويات السلوك: ممتاز =5، فوق المتوسط =4، متوسط =3، تحت المتوسط =2، متأخر =1 وتعرف هذه المقاييس التقدير الرقمية Numercal Rating Scales. أما النوع الثاني فهو مقاييس التقدير البيانية Graphic Rating Scales، ويعتمد على وجود خطوط بيانية تقع عليها التقديرات، ويمكن اختيار الدرجة المناسبة مباشرة. مثال: بصفة عامة ما هي درجة انتباهك في حجرة الدراسة. رسم يسحب إسكنر. غير منتبه تماما غير منتبه متنبه منتبه تماما

شكل "17" نموذج لقائمة صفات ويعرف النوع الثالث بمقياس التقدير المقارن Comparative Rating Scales، وهو يزود القائم بالتقدير بعينات معيارية ذات درجات جودة مختلفة ليقارن بها سلوك الفحوص على سبيل المثال مجموعة مختلفة من الخطوط تستخدم للرجوع إليها في التقدير الخاص بالكتابة "الخط". ويعرف النوع الرابع باسم مقاييس الترتيب Ranking، حيث يعطي لكل طالب رتبة في السلوك، أو الخاصة الملاحظة حيث يوضع أعلى الطلاب في أعلى المقياس، وأدناهم في أسفله، ثم يرتب باقي الطلاب بينهم. أما النوع الخامس والأخير، فهو مقياس المقارنات الثنائية "المزدوجة" Paired حيث يقارن تلميذ بآخر، ويحدد أيهما أكبر في الصفة أو الأداء من الثاني، وتستمر المقارنات هكذا في ازدواج، ثم يحصر لكل تلميذ عدد المرات التي تفوق فيها في المقارنة. 4- التسجيلات القصصية: Anecdotal Records هذه التسجيلات تسجل أحداثا معينة خلال فترة محدودة، وهي تزود المدرس، أو المرشد بصورة طولية عن تغييرات معينة بالنسبة لطالب معين: مثال: "بينما كان خالد يرى دائما منعزلا، ولا يقبل على مصادقة زملائه، فقد حدث في الفترة الأخيرة تغير في سلوكه، وأصبح يشاهد كثيرا، وهو يشترك في الأنشطة الاجتماعية، كما أصبح لديه عدد من الأصدقاء من زملائه". ويجب أن تتوافر في السجلات القصصيية عناصر منها: 1- ينبغي أن تشتمل على وصف واقعي لما حدث، ومتى حدث، وتحت أي ظروف حدث هذا السلوك. 2- يجب أن يكون التفسير والإجراء الذي يوصي به مستقلا عن وصف السلوك. 3- يجب أن يشتمل كما سجل قصصي على تسجل لحادث واحد. 4- يجب أن يكون الحادث الذي يسجل ذا أهمية لنمو، وتطور الطالب. وتتميز هذه الطريقة بسهولتها وتلقائيتها، ولكنها في نفس الوقت تستهلك كثيرًا من الوقت في إعدادها، وتحتاج إذا أعدت لفترة طويلة من الوقت، ولأعداد كبيرة من الإمكانيات لحفظها، كما أنها تأتي عادة خالية من الموقف الذي حدث فيه.

مزايا وعيوب الملاحظة

مزايا وعيوب الملاحظة: إن الملاحظة وسيلة هامة في عملية جمع المعلومات، وتقدير السلوك في عملية الإرشاد، وهي تساعد على إعطاء الحيوية لعمليات التقويم ودراسة الحالة، وقد لخص ثورنديك وهاجن "1969" Thorndike & Hagen مزايا الملاحظة، وجوانب القصور فيها فيما يلي: أولا: مزايا الملاحظة: 1- تعطينا الملاحظة تسجيلا للسلوك الواقعي كما يحدث. 2- تطبق الملاحظة في المواقف الطبيعية للسلوك. 3- يمكن استخدامها مع الأطفال، وغيرهم من الحالات التي يكون التخاطب اللفظي معها صعبا. ثانيا: جوانب القصور في الملاحظة: 1- النفقات العالية في إجراء الملاحظة. 2- صعوبة وجود الملاحظ في الموقف دون أن ينتبه إليه الآخرون. 3- لا تخلو من التخير، والعوامل الشخصية. 4- تحديد السلوك الذي تلاحظه. 5- تحديد أهمية عنصر مستقل من السلوك.

6- أن الملاحظية تبقى ذات صفة خارجية، فما نلاحظه هو السلوك وليس ما يعنيه السلوك. "ثورنديك وهاجن 1969 ص480، 481". تحسين الملاحظة: يقدم مهرنز وليهمان "1978" Mehrens & Lehmann التوصيات التالية لتحسين الملاحظة: 1- خطط مقدما ماذا تلاحظ، وقم بإعداد قائمة أو دليل، أو نموذج للملاحظة لتجعلها موضوعية ومنظمة. 2- يجب أن يركز القائم بالملاحظة على سلوك واحدا أو اثنين. 3- استخدم مصطلحات واضحة خالية من الغموض. 4- يجب أن يكون كل عنصر مستقلا عن غيره. 5- يجب أن يكون الملاحظ منتبها لأخطاء المعاينة. 6- نسبق بين الملاحظة وبين باقي الأنشطة الإرشادية. 7- سجل ولخص الملاحظة بعد حدوثها مباشرة. 8- لا تتعجل بتفسير السلوك. 9- استخدم الفئات والرموز الخاصة بالتصنيف التي يسهل استخدامها. ولا شك أن المرشد يمكنه استخدام أسلوب الملاحظة في مواقف كثيرة، وبصفة خاصة في جماعات النشاط، وعندما يقوم بالإرشاد الجمعي كما يستخدمه المرشدون في مجالات أخرى مثل تأهيل المعوقين، وتأخيل الأحداث والسجون كما لا ننسى أن الملاحظة هي أيضا وسيلة هامة أثناء المقابلة، والجلسات الإرشادية.

مراجع الفصل السابع

مراجع الفصل السابع: 1- العربية: حامد عبد السلام زهران "1980" التوجيه والإرشاد النفسي، ط2، القاهرة، عالم الكتب. 2- الأجنبية: Barker, R. G. "1968" Ecalgical psychology. Stanford: Stanford Vniversity Press. Jones, R. R., Reid, J. B., Patterson, G. R "1975" Naturalistic olservation in clinical assessment. In P. McReynalds "ed" Advaances in Psychological assessment. Vol 3 San Francisco: Jossy-Bass pp. 42-59. Mehrens, W. A., & Lehmann, I. J "1978" Measurement and Evaluation in Education and Psychology "2nd ed" New York: Holt, Rinehart and Winston. Sundberg, N. D "1977" Assessment of Persons. Englewood cliffs, N. J: Prentice-Hall Thorndike, R. L. & Hagen, E. "1969" Measurement and Evaluation in Psychology and Education "3rd ed" New York: John Wiley & Sons.

الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد

الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد مدخل ... الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد: مقدمة: فيما عرضناه من تعريفات للإرشاد، نلاحظ دائمًا أن هناك شيئا ما يسعى إليه المرشد -وهذا الشيء يدور أساسًا حول مساعدة المسترشد الذي جاء يطلب هذه المساعدة المتخصصة. إذن المسترشد يأتي للإرشاد بحاجة ما، أو مشكلة ما أو مشغلة تشغله، وبذلك فإنه يتوقع نتيجة معينة، أو مجموعة من النتائج، وكذلك فإن المرشد يدخل إلى هذه العملية ومعه مهاراته، وإمكاناته والعلاقة التي يكونها مع المسترشد، وفي ذهنه شيء ما يود أن يحدثه ... ذلك الشيء الذي يبحث عنه المسترشد، وذلك الشيء الذي يحاول المرشد أن ينجزه هو ما يمكن أن نطلق عليه هدف الإرشاد، أو أهداف الإرشاد. ويمكن أن ننظر لأهداف الإرشاد على أنها تقع في ثلاثة مستويات رئيسية، ففي المستوى الأول نجد أن المرشدين يتفقون على أن الإرشاد يهدف إلى إحداث مجموعة من التغييرات في حياة المسترشد، وهي ما يمكن أن نطلق عليه "الأهداف العامة للإرشاد"، وفي المستوى الثاني فإن المرشد نتيجة توجهه النظري يتبنى الهداف، أو الأهداف التي تحددها له النظرية التي يتبناها في عمله، ويمكن أن نطلق على هذا المستوى "الأهداف الموجهة للمرشد"، وفي المستوى الثالث فإن المسترشد، والمشكلة التي يأتي بها للإرشاد تفرض على المرشد أن يعد أهدافا خاصة لهذا المسترشد، ولكل مسترشد على حدة، وهي التي توجه المرشد في اختيار الإسترتيجية، أو الإستراتيجيات التي تساعد على تحقيقها، ويمكن أن نطلق على هذه الأهداف "الأهداف الخاصة، أو أهداف النتائج Outcome goals". وسوف نتناول كل واحد من هذه الأنواع بشيء من الإيجاز:

أهداف الإرشاد

أهداف الإرشاد: الأهداف العامة للإرشاد: مهما يكن التوجه النظري فإن المرشدين يمكن أن يوافقوا جميعا على أن الأهداف التالية تعتبر أهدافا عامة يسعون لتحقيقها: 1- تسهيل عملية تغيير السلوك: إن معظم النظريات تتفق على أن الهداف من الإرشاد هو الوصول إلى تغير في السلوك مما يمكن للمسترشد أن يحيا حياة أكثر إنتاجية، ورضاء على النحو الذي يحدده المسترشد ويرتضيه المجتمع. 2- زيادة مهارات المواجهة، والتعامل مع المواقف والضغوط: تعتري الإنسان مجموعة من الصعوبات أثناء نموه، وقليل منا هم الذين لا يواجهون مشكلات، ومواجهة المواقف الضاغطة، ومواقف المشكلات تحتاج إلى مهارات تعرف بمهارات المواجهة، أو التعامل مع المواقف Coping skills حتى لا يستسلم الفرد للضغوط الشديدة الواقعة عليه، وينتهي إلى سوء التوافق، ويهتم الإرشاد بمساعدة المسترشدين على تنمية هذه المهارات. 3- النهوض بعملية اتخاذ القرارات: يرى البعض أن الغاية من الإرشاد هي تمكين المسترشد من اتخاذ قرارات حاسمة وهامة في حياته، وليس من مهمة المرشد أن يقرر ما هي القررات التي سيتخذها المسترشد أو يختارها، وإنما القرارات هي قرارات المسترشد، ويجب عليه أن يعرف كيف تتخذ القرارات، والإرشاد يساعد الأفراد على أن يتعلموا عملية اتخاذ القرارات بحيث يصبحوا قادين فيما بعد على اتخاذ قرارات بأنفسهم، وبذلك يصبحون مستقلين معتمدين على أنفسهم في هذا الشأن. 4- تحسين العلاقات الشخصية: إن معظم حياة الإنسان يقضيها في تفاعلات مع الآخرين، وقد تكون مشكلات بعض المسترشدين كامنة في علاقاتهم بالآخرين، وقد يرجع ذلك إلى انخفاض صورة الذات لدى الفرد نفسه مما يجعله يتصرف بدفاعية في علاقاته، أو قد يرجع ذلك إلى نقص في المهارات الاجتماعية، وسواء كانت العلاقات في العمل، أو في إطار الأسرة أو في المدرسة، فإن المرشد يهدف في عمله إلى مساعدة المسترشد على تحسين نوعية حياته بأن يصبح أكثر فاعلية في علاقاته الشخصية. 5- المساعدة على تنمية طاقات المسترشد: من بين ما يسعى له الإرشاد أن يوفر الفرص للمسترشدين لينمو طاقاتهم، وإمكانياتهم عن طريق استخدام قدراتهم، وميولهم لأقصى ما يمكن، ويمكن أن ننظر إلى هذا الهدف على أنه يحسن من الفاعلية الشخصية، ويفترض بلوشر "1966" Blocher أن الإرشاد يبحث أولا في زيادة حرية الفرد في حدود ذاته وبيئته، وثانيًا في العمل على زيادة فاعلية الفرد بإعطائه إمكانيات الضبط للبيئة، وللاستجابات التي تولدها البيئة فيه. وهذا التركيز بعني أن المرشدين يعملون على مساعدة المسترشدين أن يتعلموا كيف يتغلبون على السلوكيات المتطرفة مثل التدخين، أو التغلب على الخجل والاكتئاب وغيرها.

الأهداف الموجهة للمرشد

الأهداف الموجهة للمرشد: في هذا النوع من الأهداف، نجد المرشد وقد تبنى وجهة نظرية معينة "مثلًا العلاج المتمركز حول الشخص، أو العلاج بالواقع، أوالعلاج الجشطلتي، أو غيرها" يتبنى في نفس الوقت الهدف، أو الأهداف التي تسعى النظرية إلى تحقيقها، والتي تشتمل عليها في بنائها ... وعلى سبيل المثال فإن التحليل النفسي يعمل على استحضار المواد المكبوتة من اللاشعور إلى الشعور ثم تفسيرها، وفي العلاج الجشطلتي، فإن الأهداف ترتكز حول زيادة الوعي والاندماج والمسئولية، أما العلاج بالواقع فهو يسعى أساسًا إلى تكوين المسئولية لدى المسترشد، ومساعدته على ملامسة الواقع، والاستقامة إلى غير ذلك من الأهداف.

الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج outcome goals:

3- الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج Outcome goals: هذا المستوى من الأهداف هو الذي يرتبط واقعيا بالمشكلة التي جاء بها المسترشد، ويبتعد عن المستوى الفلسفي، والنظري ويخرج من العمومية إلى التحديد والخصوصية، وهو الذي يمكن للمرشد أن يستخدمه في تقويم العمل الإرشادي، وتحديد مدى نجاحه، وفي رأي البعض "مثلًا في العلاج السلوكي" أن هذه الأهداف يجب أن تكون محددة بوضوح وتكون واقعية، وأن تكون قابلة للقياس، وأن تصاغ لكل مسترشد على حدة بناء على تصوير المرشد لمشكلته، وأن يشترك المسترشد في إعدادها، وسوف نتناول بالتفصيل هذا النوع من الأهداف الذي يعتبر مرحلة أساسية في عملية الإرشاد. الأغراض التي تحققها الأهداف: يرى كورميير وكورميير "1985" Cormier & Cormier أن الأهداف لها ستة أغراض في الإرشاد هي: أولًا: تتيح الأهداف توجهات للإرشاد، فالأهداف المحددة بوضوح تعكس مجالات اهتمام المسترشد التي تحتاج إلى الاهتمام المباشر، كما أن إعداد الأهداف يمكن أن يوضح التوقعات الأولية للمسترشد في الإرشاد، كذلك فإن الأهداف قد تساعد كلا من المرشد، والمسترشد على أن يتوقعا بدقة ما يمكن، وما لا يمكن تحقيقه في الإرشاد. وعلى الرغم من أن لكل نظرية وجهتها الخاصة في الإرشاد، فإن تحديد الأهداف بشكل فردي لكل مسترشد يساعد على تأكيد أن الإرشاد ينظم بشكل محدد لمواجهة حاجات المسترشدين، وهناك ميل التي تفرض عليهم، وبدون الأهداف يصبح الإرشاد بدون وجهة، أو يصبح قائمًا على التحيزات النظرية، أو التفضيلات الشخصية للمرشد "باندروا 1969 Bandura". ثانيًا: أن الأهداف تسمح للمرشدين أن يحددوا ما إذا كانت لديهم المهارات، والميل والكفاءة للعمل مع مسترشد معين نحو نتيجة معينة، وبناء على اختيار المسترشد لأهدافه، وقيم المرشد ومستوى خبرته، فإن المرشد يقرر ما إذا كان سيستمر في العمل مع المسترشد، أو سيحيله إلى مرشد أو متخصص آخر. ثالثا: تلعب الأهداف دورا هاما في المعرفة وفي حل المشكلات، فالأهداف تسهل الأداء الناجح وحل المشكلة؛ لأنها تتكرر عادة في ذاكراتنا الفعالة؛ ولأنها توجه انتباهنا للمصادر، والمكونات البيئية التي يمكن أن تسهل حل المشكلة. رابعًا: تحديد بعض الأسس التي تختار بناء عليها إستراتيجيات، وطرق إرشادية معينة، فالتغيرات التي يرغبها المسترشد "الأهداف" تحدد لدرجة ما أنواع الإجراءات، وإستراتيجيات العلاج التي يمكن أن تستخدم، ويتوقع لها النجاح. خامسًا: تلعب الأهداف دورًا هاما في تقويم نتائج الإرشاد، فالأهداف يمكن أن تشير إلى الفرق بين ماذا يمكن للمسترشد أن يقوم به، وإلى أي درجة في الوقت الحاضر، وماذا يمكنه أن يقوم به وإلى أي درجة في المستقبل، ومع وجود الهدف فإن المرشد والمسترشد يمكنهما أن يراقبا التقدم نحو الهدف، ومقارنة التقدم قبل وبعد الإرشاد، وبذلك يمكن بناء على ما يحصل عليه من معلومات أن يقدر جدوى الهدف وفاعلية الطرق. سادسًا: إن أنظمة تخطيط الهدف تعتبر ذات فائدة؛ لأنها ذات طبيعة استجابية "كما في عملية التقدير Assessment" حيث يحقق المسترشدون تقدما في التغيير كنتيجة لعملية تخطيط الهدف نفسها.

اختيار وتحديد الأهداف

اختيار وتحديد الأهداف مدخل ... اختيار وتحديد الأهداف: تسير عملية اختيار، وتحديد الأهداف على النحو المبين في شكل "12"، والذي يشتمل على الخطوات التالية: أولا: اختيار الأهداف: 1- اشرح الغرض من الأهداف. 2- اطلب من المسترشد أن يحدد تغيرا، أو تغيرات إيجابية يرغبها كنتيجة للإرشاد. 3- حدد ما إذا كان الهدف الذي يتم اختياره يمثل تغيرات تنتمي للمسترشد. 4- استكشف ما إذا كان الهدف واقعيا. 5- حدد المميزات المتوقعة لتحقيق الهدف.

6- حدد العيوب المتوقعة من تحقيق الهدف. 7- اتخذ قرارًا باستخدام المعلومات المتحصل عليها حول الأهداف التي حددها المسترشد -تخير واحدًا من البدائل التالية: إما أن تتبنى هذه الأهداف لتمثل وجهة الإرشاد، أو تعيد النظر فيها، أو تبحث في إحالة المسترشد إلى جهة أخرى، أو مرشد آخر. وقد تشتمل عملية اختيار الأهداف توضيح القيم بين كل من المرشد والمسترشد. ثانيا: تحديد الأهداف: يتم تحديد الأهداف كما هو موضح بشكل "12" بعد أن يتم اختيارها، والاتفاق عليها من جانب المرشد والمسترشد، وتشتمل هذه العملية على ثماني خطوات كما يلي: 1- حدد السلوكيات الظاهرة، والضمنية التي ترتبط بالهدف. 2- حدد ظروف وشروط التغيير. 3- حدد مستوى سلوك الهدف، أو الدرجة التي يحدث بها. 4- حدد الأهداف الفرعية Subgoals، أو الخطوات الوسيطة. 5- رتب خطوات التنفيذ بحسب إلحاحها، ومدى صعوبتها. 6- تعرف على الصعوبات التي تمنع من تحقيق الهدف. 7- حدد الإمكانيات المطلوبة. 8- راجع التقدم والنجاح الذي تحقق. وسوف نتناول فيما يلي كل خطوة من خطوات اختيار الأهداف وتحديدها.

أولا: اختيار أو انتقاء الأهداف selecting goals

أولا: اختيار أو انتقاء الأهداف Selecting goals 1- شرح الغرض من الأهداف: أولى الخطوات التي يتخذها المرشد نحو اختيار هدف، أو أهداف إرشادية هو أن يوضح للمسترشد منطق الأهداف من خلال وصف الأهداف، والغرض منها، وإسهام المسترشد في عملية إعداد الأهداف، ويكون هدف المرشد هو أن يوصل للمسترشد أهمية وجود أهداف، وأهمية اشتراكه في تطويرها، ويمكن للمرشد أن يقول على سبيل المثال: "لقد تحدثنا عن المشكلتين اللتين تشغلانك، وقد يكون من المفيد أن ننافش الآن كيف تريد أن يكون التغيير، يمكننا أن نعد بعض الأهداف التي نعمل لتحقيقها خلال جلساتنا، وهذه الأهداف تحدد لنا ماذا تريد أن تصل إليه كنتيجة للإرشاد، دعنا اليوم نتحدث عن بعض الأشياء التي تود أن تعمل لها"، وقد يحاول المرشد أن يشرح للمسترشد الدور الذي تلعبه الأهداف في مجالات كثيرة. ويعد هذا الشرح عن الغرض من الأهداف، فإن المرشد ينظر في استجابة المسترشد الدالة على فهمه، وإذا بدا له أن المسترشد ما زال لديه تشويش حول ذلك، فإنه يحتاج أن يشرح بشيء من التفصيل عن الغرض من الأهداف مرة أخرى.

اشرح الغرض. رمز يسحب إسكنر. حدد أهداف المسترشد في صورة موجبة. حدد ما إذا كان الهدف يمثل تغييرا للمسترشد. استكشف ما إذا كان الهدف واقعيا. صف مميزات هدف المسترشد صف مساوئ هدف المسترشد القرار. رمز يسحب إسكنر. تبنى الأهداف كوجهة للإرشاد. رمز يسحب إسكنر. - حدد السلوك. - راجع ظروف أو شروط التغيير. - حدد الدرجة أو المستوى. رمز يسحب إسكنر. لتساعد على الوصول الأهداف الفرعية: حددها ورتبها. للهدف النهائي. رمز يسحب إسكنر. تعرف على العوائق التي قد تمنع تحقيق الهدف. تعرف على الإمكانيات المطلوبة لتحقيق الهدف. راجع التقدم. شكل "17" انتقاء، وتحديد الأهداف في الإرشاد. عن كورميير وكورميير Cormier of Cormier p 221.

ما يود المسترشد أن يحدث كنتيجة لعملية الإرشاد، أو بمعنى آخر فإن الهدف يمثل تصحيحًا لنوع المشكلة، أو المشكلات التي يعايشها المسترشد، وتمثل أهداف النتائج "الأهداف الخاصة" نوعين رئسيين من المشكلات هما مشكلات الاختيار Choice، ومشكلات التغيير Change، ومن مشكلات الاختيار نجد المسترشد لديه المهارات المطلوبة، وكذلك الإمكانيات اللازمة لحل المشكلة، ولكنه يقع بين اختيارين، وغالبا ما يكونان متصارعين، وفي هذه الحالات فإن الهدف يمثل اختيارًا، أو قرارًا يحتاج المسترشد أن يتخذه "مثلا تقرير اختيار كلية "أ" أو كلية "ب""، أو تقرير التفرغ بعض الوقت من العمل للحصول على الراحة، أو البقاء في مقابل الحصول على المال ... أما في مشكلات التغيير، فإن الهدف يتمثل في التغيير الذي يود المسترشد أن يحدثه، وفي مثل هذه الحالات، فإن المسترشد لا تكون لديه المهارات، والإمكانيات اللازمة لحل المشكلة، وبالإضافة إلى ذلك فإنه كما يقول جوتمان وليبلام "1974" Gottman & Leibum نجد المسترشدين الذين يواجهون بمشكلة تغيير يعانون من فجوة في الأداء Performance Discrepancy، حيث يكون أداء المسترشد في موقف ما في صورة تحتاج إلى تغيير، وتتمثل فجوة الأداء في الفرق بين إدراك المسترشد لأدائه الراهن، وبين توقعاته عن الطرق البديلة للأداء. وقد تكون التغييرات المطلوبة في صورة سلوكيات، أو مواقف ظاهرة أو في صورة سلوكيات غير ظاهرة "ضمنية" أو كليهما، وتوجد الأهداف نحو استبعاد شيء أو زيادة شيء ما، أو تطوير "تنمية" شيء ما، أو تنظيم شيء ما، وفي جميع الحالات فإنه يتوقع في التغيير أن يكون تحسينا للوضع الراهن، ويشير مفهوم التغيير إلى وجود فجوة "فروق" بين ما يقوم به المسترشد الآن، وما يود أن ينجزه، وهذه التغييرات قد تحدث نتيجة لتغيرات النمو، أو نتيجة للإرشاد أو من كليهما. وبالإضافة إلى جانبي الاختيار والتغيير، فإن المسترشدين يودون أن يبقوا على بعض جوانب حياتهم، أو سلوكيات معينة عند المعدل نفسه، أو الأسلوب نفسه. وفيما يلي بعض العبارات التي يمكن أن يستخدمها المرشد أثناء المقابلة للتعرف على الأهداف:

2- التعرف على أهداف المسترشد: يمثل الهدف النهائي، أو هدف الناتج Outcame goal في أبسط صورة. على فرض أننا سننجح في جهدنا، ماذا تود أن تعمل أو كيف ستتغير هذه المواقف؟ كيف تريد أن نفيدك في الإرشاد؟ ما الذي تود أن يكون عليه سلوكك، أفكارك ومشاعرك؟ ما الذي تود أن تحققه كنتيجة للإرشاد؟ هل هذا اختيار أم تغيير؟ ما الذي تود أن يراه الآخرون فيك بعد فترة من الغياب عنهم؟ كما يمكن استخدام بعض مقاييس، أو قوائم التقدير مثل قائمة التقدير الذاتي للسلوك التي أعدها كوتيلا وأبر "1976" Cautela & Upper، والتي تشتمل على 73 سلوكا توافقيا يحتاج المسترشد أن يتعلمها. 1- صياغة الهدف في صورة إيجابية: تصاغ الأهداف الإرشادية في صورة إيجابية، وليس في صورة سلبية -ماذا يريد المسترشد أن يعمل، وليس ما لا يريد أن يفعله، وهذا الأمر هام جدا لطبيعة ما يقوم به الهدف في المعرفة، والأداء البشري كما سبق أن أوضحنا، وعندما يصاغ الهدف في صورة موجبة، فإن المسترشد يكون أكثر ميلا لترميز، واسترجاع الأشياء التي يود أن يقوم بها بدلا من الأشياء التي يود أن يتجنبها أو يوقفها. إن صياغة الأهداف بشكل موجب تمثل موقفا مؤكدا للذات، وإذا استجاب المسترشد للعبارات الاستهلالية للمرشد في صورة سالبة، فإن المرشد يمكن أن يساعد على قلب هذه الصورة بأن يقول: هذا ما لا تود فعله، صف لي ماذا تريد أن تفعل، أو ماذا ستفعل بدلا من ذلك، وترى نفسك وأنت تفعله كل مرة؟ 2- لمن ينتمي الهدف؟ غالبا نجد المسترشد، وقد جاء إلى موقف الإرشاد، يحاول أن يصف مشكلاته

بشكل يقلل من إسهامه فيها أو مسئوليته عنها، والنتيجة التي نراها هي أن المسترشد يسقط أو يلقى باللائمة، أو المسئولية عن المشكلة على شخص آخر. "أنا لم أفعل ذلك". "إنه خطؤه". كذلك عند صياغة الأهداف، فإن بعض المسترشدين يعبرون عن الاتجاه نفسه، ويريدون في البداية أن يختاروا أهدافا تدعو غيرهم للتغير بدلا من أنفسهم. مثلا طالب في سن المراهقة يقول: "أريد أن يتوقف أبي عن إهانتي". مدرس يقول: "أريد أن يكف هذا الطالب عن مقاطعتي لأتمكن من شرح شيء للتلاميذ". وتتضح عملية إسقاط التغيير المطلوب على شخص آخر بشكل خاص في مشكلات التغيير التي تشتمل على علاقات بين شخصين أو أكثر. ويحتاج المرشد، دون أن يستبعد مشاعر المسترشد، أن يساعده على تغيير هذا الميل "إسقاط المشكلة على الغير"، فالمسترشد هو الشخص المحدد الذي يبحث عن المساعدة وعن الخدمات، وهو الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يحدث التغيير، وإذا كان هناك أكثر من مسترشد يشتركان في الموقف نفسه "مثلا الزوجين أو أفراد الأسرة"، فإنهم يعتبرون جميعا مسترشدين، ويكونون بحاجة للاشتراك في الاختيار، أو التغيير المطلوب وليس مجرد فرد واحد منهم، وبصفة عامة فإن كل الأشخاص الذين يتأثرون بشكل مباشر باختيار، أو بتغيير يحتاجون إلى أن يشتركوا في اختيار، واستخدام النتائج المرغوبة "جابريل 1977 Gambrill"، وتقع على المرشد مسئولية حماية حقوق المسترشدين من الضعفاء مثل الأطفال، وكبار السن، والمعوقين ليتأكد من اشتراكهم. إن السؤال الذي أثرناه كعنوان لهذا الموضوع: لمن تنتمي الأهداف؟ يرتبط عادة وبشكل مباشر مع درجة الضبط، أو المسئولية التي لدى المسترشد في الموقف بالنسبة للاختيار أو التغيير. لنفترض أن المرشد يعمل مع أحد الطلاب "في المدرسة الابتدائية" الذي يعتبر هدفا

له أن يثني والده عن الزواج مرة أخرى، مثل هذا الهدف من الصعب تحقيقه؛ لأن هذا الطفل ليس مسئولا عن قرارات والده. وفيما يلي بعض العبارات التي يمكن للمرشد أن يستخدمها في تحديد صاحب الهدف، أو بمعنى آخر المسئول عن الاختبار أو التغيير. إلى أي مدى تتحكم في حدوث ذلك؟ ما هي التغيرات التي يتطلبها هذا الهدف منك؟ ما هي التغيرات التي يتطلبها هذا الهدف من الآخرين؟ هل يمكن تحقيق هذا الهدف بدون مساعدة من شخص آخر؟ من الذي يهمه هذا الهدف بشكل أكبر؟ من هو بالضبط المسئول عن جعل ذلك يحدث؟ والغرض من مثل هذه العبارات جعل المسترشد يحدد الهدف الذي يمثل اختيارًا أو تغييرا له، وليس لغيره إلا إذا كانوا يتأثرون مباشر بالهدف "أي بالنتيجة"، وإذا أصر المسترشد على اختيار هدف يمثل تغييرًا للآخرين بدلا من نفسه، فإن المرشد والمسترشد عليهما أن يقررا ما إذا كانا سيمضيان في هذا الهدف، أو أن يناقشا هدفا جديدا، أو إحالة المسترشد إلى متخصص آخر. 3- هل الهدف واقعي؟ الهدف الواقعي هو ذلك الهدف الذي له جدوى، ويقع في حدود إمكانيات المسترشد وقدراته على الإنجاز، وتمثل الأهداف الواقعية أيضًا النتائج التي تبنى على أساس من توقعات واقعية، وليس مجرد أفكار ومستويات، أو مطالب ذاتية غير واقعية، أو غير منطقية أو عالية المثالية. وعندما يختار المسترشد الأهداف، فإن المرشد يحتاج أن يبحث فيها عن الأهداف غير الواقعية لكونها عالية المستوى لا يمكن الوصول إليها، أو لكونها منخفضة وغير متتابعة، أو يمكن تحقيقها بشكل ما أثناء المجرى الطبيعي للأحداث، والمسترشدون الذين

يحددون أهدافًا ذات مستوى مرتفع إنما يفعلون ذلك من منطلق الرغبة في الكمال، أو من منطلق مطالبهم الذاتية، ويلاحظ ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Glover أنه في الغالب، فإن هؤلاء المسترشدين يكون لديهم خوف من الفشل Fear of failure، واختيار مثل هذه الأهداف غير الواقعية ذات المستوى العالي تزيح إمكانية الفشل من أعينهم؛ لأنهم يشعرون أن أحدا لن يلومهم في حالة عدم تحقيق هذه الأهداف المبالغ فيها، على سبيل المثال الطالب الذي يقول: "أود أن أحصل على تقدير ممتاز في كل المقررات خلال السنوات الأربع بالجامعة" يعرف أنه من الصعب تحقيق هذا الهدف؛ لأنه على مستوى مبالغ فيه من المثالية، وفي الوقت نفسه من الصعب تحقيقه. كذلك فإن المسترشدين الذين يختاون أهدافا متواضعة يخافون عادة من الفشل، وبذلك فهم يختارون هذه الأهداف؛ لأنهم يعرفون أنها يمكن تحقيقها بسهولة، ولكنها أيضًا لا تكون مناسبة لعدم واقعيتها، فعند النجاح في تحقيقها يكون رد الفعل "أنا أعرف أني لم أكن لأخفق في هذا"، وإذا لم يحدث النجاح يكون "لا تلوموني، فأنا لم أكن أبدا ماهرا في ذلك". ويهتم المرشد بالتحقيق من مدى واقعية الهدف، ومستوى القلق الموجود لدى المسترشد عند اختياره أهدافا غير واقعية، كذلك فهو يساعد المسترشد على تمحيص أي إرجاعات غير مناسبة يعزو فيها المسترشد نجاح الهدف، أو فشله إلى شخص أو أشخاص آخرين، ويجب عند اختيار أهداف واقعية ألا يبالغ المرشد، والمسترشد أو يقللا من إمكانات المسترشد. والأسئلة التي يثيرها المرشد للمسترشد في هذه الحالة تكون على النحو التالي: ما هي جدوى هذا الهدف بالنسبة لك؟ كيف ستشعر بعد تحقيقك هذا الهدف؟ هل تميل لهذا الهدف؛ لأنك تعرف أنه يحتاج منك إلى جهد ضئيل لتحقيقه؟ إلى أي درجة بنيت هدفك على أسس واقعية؟ إذا وصلت لهدفك كيف ستفسر نجاحك فيه؟

4- مميزات ومساوئ تحقيق الهدف: من الأمور الهامة عند اختيار الأهداف أن نبحث في عائدها مقارنا بما يبذل في سبيل تحقيقها، وهو ما يعرف في تقويم البرامج بدراسة عائد النفقة، "أو دراسة الجدوى"، ويعني ذلك الكشف عن الميزات، أو الآثار الإيجابية للهدف، وعن المساوئ أو الآثار السلبية للهدف، ونحن نتوقع من المرشدين ألا يواصلوا العمل نحو تحقيق هدف معين إذا تبين لهم ضعف ما ينتج عنه بالمقارنة بما يتكبدون في سبيله "من وقت وجهد ومال"، وعملية الكشف عن المزايا، والمساوئ تساعد المسترشد على توقع الثمن الذي يدفعه لتحقيق الهدف، ومن ثم يقرر ما إذا كان التغيير يستحق النفقة، ويميل كثير من المسترشدين إلى الدخول مباشرة لعملية التغيير دون الأخذ في الاعتبار أن تحقيق هدف ما قد يشتمل أيضا على تكاليف، وفي المعتاد فإن التكاليف "الثمن" تكون أقل وضوحا عن الفوائد المترتبة على التغيير، وإذا لم يكتشف المرشد، والمسترشد النفقات المتوقعة، فإن المسترشد قد يصل إلى الهدف ويحل المشكلة الأساسية، ولكنه في الوقت نفسه يخلق مشكلة جديدة في العملية "ديكسون وجلوفر 1984 Dixon & Cobver"، وفي بعض الأحيان فإن التخلص من عرض، أو تغييره يخلق آثارا عكسية، أو مشكلات جديدة لم يعلم حسابها المسترشد ولم يتوقعها المرشد، فقد يقدم المسترشد على التقليل من وقت العمل، والحصول على فراغ أكبر "وقت للراحة"، ولكنه يكتشف بعد ذلك أنه دخل إلى مشكلة مالية بسبب ذلك، وفي رأي جامبريل أن مزايا، ومساوئ أهداف معينة قد تكون انفعالية، أو معرفية كما تكون سلوكية "Gambrill 1977"، وقد ينتج عن تحقيق الهدف مشاعر، وحالات مزاجية مرغوبة أو غير مرغوبة، وكذلك أفكار انهزامية أو سارة وتخيلات، وأحاديث ذاتية داخلية، وردود فعل مناسبة وغير مناسبة. وعلى العموم، فإن الأهداف التي يختارها المسترشدون ينبغي أن تؤدي إلى منافع وليس إلى فقدان، ولكي يتم هذا يجب الانتباه إلى التعرف الدقيق على المواقف التي سيحدث فيها السلوك، والنتائج التي قد تترتب عليه، وقد تكون المزايا أو المساوئ ذات مدى قريب، أو مدى بعيد.

وفيها يلي بعض العبارات التي يمكن أن يستخدمها المرشد لتوضيح المزايا، أو المساوئ. ماذا ستحقق من فوائد في هذا التغيير؟ من سيستفيد من هذا التغيير وكيف؟ ما هي بعض مميزات تحقيق هذا الهدف؟ هل المعنى في هذا الهدف يؤثر على حياتك بأي صورة غير مناسبة؟ ما هي بعض المساوئ المترتبة على المضي في هذا الطريق؟ 5- اتخاذ القرار: إن عملية تطوير الأهداف حتى هذه النقطة كانت منعقدة على المسترشد باعتباره المسئول الأساسي عن اختيار الأهداف، بينما كان دور المرشد ثانويا، ومقتصرا أساسا على مساعدة المسترشد على اكتشاف الجدوى، والمخاطر، والمساوئ المترتبة على التغيير، وعند هذه النقطة في العملية، أي عند نقطة القرار فإن القضية الرئيسية للمرشد هي ما إذا كان بوسعه أن يساعد المسترشد على تحقيق الأهداف التي اختارها، ويرى كثير من الباحثين في مجال الإرشاد أن هذا السؤال يمثل أهم سؤال أخلاقي، وقانوني يواجه المرشد خلال عملية الإرشاد. يعلق جامبريل على هذا الموضوع، فيقول: "إن هناك التزاما لمساعدة المسترشد على تحقيق الأهداف المرغوبة، من حدود نظام القيم الشخصي للمرشد وتوجهه النظري، وكذلك الآثار القريبة والبعيدة المدى الواقعة على المسترشد وعلى المجتمع، ومع ذلك فإن النظام الخاص بالقيم بالشخصية للمرشد، وتوجهه النظري يفرضان قيودا اضطرارية على المساعدة التي يمكن أن يقدمها للمسترشد، وفي مثل هذه الأحوال فإن المرشد يلتزم أخلاقيا بأن يحيل المسترشد لشخص آخر يمكنه أن ينظر للنتائج التي يرغبها المسترشد بصورة أكثر موضوعية". "Gambrill, 1977".

ويحتاج المرشد والمسترشد عند نقطة القرار أن يختارا بين ما إذا كانا سيواصلان الإرشاد، والعمل على تحقيق الأهداف المنتقاة، أم يواصلان الإرشاد مع إعادة تقويم الأهداف المبدئية للمسترشد، أو يتم تحويل المسترشد لمرشد آخر، ويتم اتخاذ هذا القرار على مستوى فردي، أي لكل مسترشد على حدة، وذلك على أساس من عاملين هما: الرغبة والمقدرة Willingness and Campetence، وتتضمن الرغبة مدى ميل المرشد في العمل مع المسترشد نحو أهداف معينة، أما المقدرة فتشتمل على مهارات المرشد، وما إذا كان على خبرة بالطرق المختلفة للعمل مع مشكلات معينة. ويمكن بصفة عامة أن يتبع المرشد الخطوات التالية: 1- على قدر الإمكان -تجاوب مع المسترشد، ومطالبه في التغير حتى لو كانت هذه المطالب لا تتفق مع توجهاتك النظرية، أو تفضيلاتك الشخصية. 2- إذا كان لديك تحفظات أساسية حول الاستمرار مع هذه الأهداف، فقد تكون إحالة المسترشد إلى مرشد آخر هي الحل. وقد تكون الإحالة مناسبة في الحالات الآتية: إذا كان المسترشد يود أن يعمل على هدف لا يتناسب مع نظام القيم لديك، وإذا لم تكن قادرًا على أن تكون موضوعيا بالنسبة لمشكلة المسترشد، أو إذا كنت غير مطلع على نوع من المعالجة يطلبه المسترشد، أو إذا كانت المهارة المطلوبة فوق ما لديك، أو إذا كان هناك أكثر من شخص قد دخل للمشكلة "أكثر من مرشد"، أو إذا كانت لديك تحيزات عاطفية، وفي هذه القيود أو التحفظات الجادة، "انظر موضوع الإحالة عند الكلام عن المقابلة الأولى". ويجب أن تتم عملية الإحالة بأسلوب يتحقق مع التزام المرشد بأقصى رعاية، وهذه الرعاية يحددها فان هوز وكوتلسر على النحو التالي: "عندما تجري الإحالة فإن المرشد، أو المعالج الذي يحيل المسترشد تكون عليه مسئولية التأكد من ملاءمة الإحالة بما في ذلك مهارة المعالج، أو المرشد المحال إليه المسترشد كما يجب عليه أن يزود المرشد المحال إليه بمعلومات كافية تمكنه من تقديم المساعدة المناسبة للمسترشد، كما أنه من المهم أن يحاول المرشد أن يتابع مدى تحسن حالة المسترشد الذي أحاله. "Van Hoose & Kottler, 1977 p83".

ثانيا: تحديد الأهداف: defining goals

ثانيًا: تحديد الأهداف: Defining Goals عندما يختار المسترشد أهدافًا للإرشاد، فإنه في الواقع ينتقي أكثر من هدف، وهذا أمر مفيد بالنسبة للغاية التي نحتاج أن نصل إليها، فبدلا من التركيز على هدف شامل تدخل فيه باقي الأهداف، فإنه من الأفضل أن تكون الأهداف محددة كل على حدة. فمثلا الطالب الذي يعاني من خجل، أو خوف اجتماعي يمكن أن نجد من بين أهدافه: اكتساب المهارة في التعرف على الآخرين، واكتساب المهارة في التحدث عن نفسه، واكتساب مجموعة من المهارات الاجتماعية الأساسية. وفي البداية، فإنه من المفيد أن تجعل المسترشد يحدد هدفا مرغوبا، أو أو أكثر لكل مشكلة مستقلة، ومع ذلك فإنه من الصعب أن نتعامل مع عدة أهداف نهائية في وقت واحد، ويجب على المرشد أن يطلب من المسترشد أن يختار واحدا من الأهداف ليبدأ العمل معها، وبعد اختيار هذا الهدف الأولى للعمل معه، فإن المرشد والمسترشد يمكنهما أن يحددا الأجزاء الثلاثة للهدف "السلوك، والظروف، والمستوى" كما يحددان الأهداف الفرعية Subgoals. تحديد السلوكيات المرتبطة بالأهداف: لكي نحقق أي هدف فإن على المرشد، والمسترشد أن يقوما بمجموعة من الأنشطة التي تساعد على ذلك، وتشتمل عملية تحديد الهدف على تعيين للسلوك الذي نتوقع أن يقوم به المسترشد كنتيجة للإرشاد، وهذا الجانب من الهدف "السلوك" يحدد لنا السلوك الذي سيؤديه المسترشد، ويجيب على السؤال: ماذا سيفعل المسترشد أو يفكر فيه أو يشعر به، بصورة مختلفة؟ أو بمعنى آخر: ما هو الاختلاف الذي سيحدث في الجوانب السلوكية

والمعرفية والعاطفية للمسترشد بعد الإرشاد "في نهايته" عما كان عليه في بداية الإرشاد؟ أمثلة من السلوكيات: - زيادة عدد مرات سؤال المدرس حول موضوع الدرس. - زيادة عدد مرات الإجابة على الأسئلة التي توجه في حجرة الدراسة. - زيادة عدد الأصدقاء. - زيادة عدد المرات التي يقول فيها "لا" عندما يستلزم الموقف ذلك. "التوكيدية". - زيادة عدد ساعات الاستذكار. - زيادة تفكير الموجب حول ذاته. - التعبير عن مشاعرة بالكلام. وعندما يتم تحديد الأهداف في صورة سلوكية، أو إجرائية يصبح من السهل إعداد المواقف التي تساعد على تحقيقها، وكذلك فإن تحديد الأهداف على هذه الصورة يشجع على السعي نحو تحقيقها بما تعطيه من حافز، كما أنها تزيل الغموض، كما أن هذا التحديد السلوكي للأهداف يساعد على تقويم آثار الإرشاد، وكما يؤكد ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Glover، فإن الأهداف المحددة بوضوح تساعد على جعل المشكلات أكثر قابلية للتعامل معها، وتجعل الوصول للحلول أسرع. وفيما يلي بعض العبارات التي تساعد المرشد على تحديد الأهداف: عندما تقول أنك تريد أن ... ماذا تريد أن تجد نفسك تقوم به؟ تقول أنك تريد أن تكون واثقا في نفسك بشكل أكبر، ما هي الأشياء، التي تفكر أو تشعر، أو تقوم بها كشخص واثق في نفسه؟ هل يمكن أن تشرح لي مثالا طيبا، ومثالا سيئا لهذا الهدف. كم ساعة من الاستذكار تود أن تصل إليه.

ومن الضروري أن يستمر المرشد في استخدام مثل هذه العبارات؛ لأن المسترشدين غالبا يعبرون عن هذه السلوكيات في صورة مبهمة، ويمكن أن يشجع المرشد المسترشد على التحديد بأن يستخدم "المرشد" الأفعال التي تدل على التصرف والإجراءات، وذلك لوصف ما يكون حادثا عند تحقيق الهدف. كما يجب أن نشجع المسترشدين على أن يعبروا عما يريدون عمله، وليس عما لا يريدون عمله، أو ما يريدونه أن يتوقف عن الحدوث، ويكون الهدف قد تحدد تقريبا بوضوح عندما يقوم المرشد بإعادة صياغة، وتكرار ما قاله المسترشد بدقة. وقد استخدم هيل "1975" Hill مقياسا خاصًّا1 يساعد من خلاله المسترشد على تحديد الأهداف، فهو يطلب من المسترشد أن يعد قائمة ببعض الخصائص أو المواصفات، أو الأوصاف التي يهتم باكتسابها أو بإظهارها، ثم بعد ذلك يطلب منه أن يكتب واحدا، أو أكثر من السلوكيات الواقعية لهذه الخاصة، أو الصفة والتي يسميها الأطواق السلوكية Behavioral Anchors فمثلا قد يضع المسترشد ضمن قائمة الصفات "الثقة في الذات"، وهذه الصفة يمكن ترجمتها إلى أطواق سلوكية مثل "تقليل العبارات السالبة عن الذات"، و"زيادة تقبل النقد" إلخ.. تحديد شروط الهدف: Defining the Conditions of an outcome goal الجانب الثاني في تحديد السلوك هو تحديد الشروط، أو ظروف الموقف الذي سيحدث فيه السلوك، وهذا الجانب من جوانب الهدف يهم كلا من المرشد والمسترشد، وتشتمل الظروف على أشخاص معينين يقوم المسترشد معهم بالسلوك، أو مكان معين يحدث فيه السلوك، وهذا الجانب يجيب على سؤال: أين، متى، ومع من سيحدث السلوك؟ وتحديد شروط السلوك تضع حدودا، وتساعد على تأكيد أن السلوك سيحدث فقط في المواقف المرغوبة، ومع الأشخاص المرغوبين، وأنه لن يعم إلى مواقف غير مرغوبة، فمثلا الطفل الذي ندربه على الاستجابة لوالديه لا نريد منه أن يعم هذه الاستجابة لأفراد آخرين

_ 1 المقياس هو مقياس ناتج الإرشاد Counseling utcome Inventory "COI".

قد يلحقون به الضرر، وإذا كنا ندرب أحد المسترشدين على تمضية بعض الوقت في بعض الهوايات لمساعدته على التخلص من القلق، أو ندربه على أن ينمي علاقاته بالآخرين، ويحضر المناسبات الاجتماعية، فإننا في الواقع لا نريد أن يعم الطالب هذا السلوك، أو ذاك لكل الأوقات مما يضر بدراسته. ويمكن للمرشد أن يستخدم في عملية تحديد الشرط عبارات مثل: أين تحب أن تفعل ذلك؟ في أي المواقف تود أن تكون قادرا على فعل ذلك؟ متى تريد أن تفعل ذلك؟ من تود أن يكون معك عندما تفعل ذلك؟ من سيكون موجودا عندما تقوم بذلك؟ ويمكن للمرشد أن يستخدم أمثلة شخصية من خبراته ليدلل للمسترشد على أن السلوك المرغوب قد لا يكون مناسبًا لكل المواقف مع كل الناس. تحديد مستوى للتغير: Defining a level of change العنصر الثالث في تحديد الهدف يعين المستوى، أو الكمية الخاصة بالتغيير السلوكي، وهذا العنصر يجيب على سؤال: ما مقدار ما يقوم به المسترشد، أو يكمله لكي يصل للسلوك المرغوب؟ ومستوى الهدف يعمل كباروميتر1 "مقياس" يقيس الدرجة التي يستطيع بها المسترشد أن يؤدي السلوك المرغوب، على سبيل المثال، فإن أحد الطلاب الذي يود أن يزود من ساعات استذكاره، قد يحضر الأسبوع التالي، ويقول: أنه زاد عدد الساعات على نحو ما مثل هذا الطالب، ما لم يحدد مقدما عدد الساعات المطلوب تحقيقها لن يمكنه، ولن يمكن للمرشد أن يحدد مقدار ما أنجز بالنسبة لما هو مطلوب، وفي هذه الحالة يكون مستوى أداء المسترشد مبهما، أما إذا حدد مثلا أنه استطاع زيادة عدد

_ 1 الباروميتر مقياس لقياس ضغط الجو ارتفاعا وانخفاضا.

ساعات استذكاره في المنزل بواقع ساعة يوميا لمدة أسبوع، فإنه يكون بوسع المرشد، والمسترشد أن يعرفا مقدار الإنجاز بدقة، فإذا كان الهدف النهائي هو زيادة عدد ساعات الاستذكار أربع ساعات يوميا، فمعنى ذلك أنه حقق ربع الهدف تقريبًا. وكما كان الأمر بالنسبة للجانب السلوكي، والجانب الخاص بالظروف، فإن مستوى التغيير يجب أن يعين بشكل فردي لكل مسترشد على حدة، وغالبا فإن كمية الرضا، أو الإشباع الناتج عن تحقيق هدف معين تتوقف على مستوى الأداء المحدد، ويتوقف تحديد مستوى ملائم للتغير على عدة عوامل مثل المستوى الحالي لسلوك المشكلة، المستوى الحالي للسلوك المرغوب، الإمكانيات المتاحة للتغيير، استعداد المسترشد للتغيير، والدرجة التي تعمل بها الظروف الأخرى، أو الأشخاص الآخرون على الإبقاء على المستوى الحالي للسلوك، ويشير هوسفورد وفيسر "1974" Hosford & Visser أن مثل هذه العوامل غالبا تجعل تحديد مستوى الهدف أصعب الأجزاء تحديدا. وفي بعض الأحيان وبصفة خاصة عندما يتصل السلوك بالتعامل مع شخص آخر "أحد الزملاء -المدرس- الإخوة -الوالدين"، فإن إعداد أهداف عالية، أو مبالغ فيها في السلوكيات المرغوبة قد ينتج عنها مشكلات أخرى، وفي مثل هذه الحالات يجب على المرشد ألا يشجع الاتجاه المثالي "اتجاه الكمال" الموجود لدى المسترشد؛ لأن تحقيق الهدف سيواجه صعوبات قد تجعله مستحيلًا. وقد اقترح كيريسك وشيرمان "1976" Kiresuk & Sherman استخدام أسلوب مقياس تحقيق الهدف Goal Attainment Scling حيث يعد مدرج للسلوكيات المرغوبة بالنسبة للهدف لكل مجال من مجالات المشكلات، حيث تعطي درجات لكل نتيجة بدءًا من نتيجة مرغوبة جدا "+2" نتيجة أكثر من المتوقع "+1" نتيجة غير مرغوبة بدرجة عالية "-2" نتيجة أقل من المتوقع "-1" نتيجة متوقعة لأقصى ما يمكن "صفر"، ويوضح شكل 13 استخدام مقياس تحقيق الهدف مع أحد مرضى قرحة المعدة.

شكل "18" استخدام طريقة تقدير تحقيق الهدف مع حالة قرحة معدية عن كورميير وكورميير "1985". وها هي بعض العبارات التي يستخدمها المرشد أثناء الجلسات لتحديد مستوى التغيير: لأي درجة يمكن أن نقارن ذلك الذي تود أن تحققه من سلوك بما هو موجود الآن؟ ما هو تكرار السلوك الذي نسعى إلى تحقيقه؟ يبدو مما قلته أنك تستذكر الآن بواقع ساعة يوميًّا، ما هو عدد ساعات الاستذكار التي ترى أنها معقولة بالنسبة لك؟ يبدو أن لك صديقًا واحدًا في الوقت الحاضر، كما تتصور أن يصبح عدد أصدقائك؟ والمرشد بمثل هذه العبارات يتطلع إلى الحصول على بعض المؤشرات حول المستويات الخاصة بالسلوك المرغوب في الوقت الحاضر وفي المستقبل، ويمكن التعبير عن هذا المستوى، أو هذه المستويات في صورة تكرارات "عدد مرات حدوث السلوك"، أو كمية السلوك

الذي يود المسترشد أن يقوم به، وفي بعض الحالات يكون هناك مستوى واحد للسلوك المرغوب كأن يكون المسترشد بصدد اتخاذ قرار حول تغيير وظيفته، أو تغيير تخصصه الدراسي، إلخ. ويمكن للمرشد أن يساعد المسترشد في تكوين مستوى مناسب للتغير المطلوب عن طريق الرجوع للبيانات الخاصة بمراجعة الذات التي تجمع خلال مرحلة التقدير "تصوير المشكلة"، وإذا كان المسترشد لم يشترك في ملاحظة سلوكه الذاتي، فإن هذه نقطة أخرى يجب أن نستفيد منها في أن نجعل المسترشد يلاحظ، ويسجل الكميات الحالية لسلوك المشكلة "كم مرة يغضب، كم من الوقت يستمر قلقه إلخ ... "، وكذلك كمية سلوك الهدف، وهذه المعلومات تعطي المسترشد فكرة عن المستوى الحالي للسلوك، والذي يشار إليه على أنه معدل القاعدة، "أو سلوك القاعدة" Base rate، أو خط الأساسي Baseline، وهذه المعلومات ذات أهمية في تحديد المستوى المطلوب تحقيقه حيث يكون من الممكن مقارنته مع خط الأساس، وكما سبقت الإشارة إليه، فإن الحصول على معلومات عن المسترشد يفيد في تحديد المشكلات، وتحديد الأهداف، وكذلك في ملاحظة التقدم نحو الأهداف، وفي الواقع فإن مستوى التغيير يتناسب مع نوع المشكلة، وقد سبقت الإشارة إلى أن المشكلات يمكن أن تكون خاصة باختيار أو بتغيير، وبالنسبة لمشكلات الاختيار، فإن مستوى الهدف يعكس صراعا نحتاج إلى حله، أو اختيارا أو قرارا نحتاج أن نتخذه، على سبيل المثال: قد يكون أمام المسترشد ثلاثة خيارات، أو ثلاثة بدائل ويريد أن يختار واحدًا منها، أما في مشكلات التغيير فإن المستوى الذي يعكس الهدف يحدد كلا من الاتجاه، ونوع التغيير المطلوب، فمثلا المسترشد الذي يرغب أن يكون أكثر توكيدًا في سلوكه "أكثر حزما"، فقد يكون المطلوب تكوين مهارة ليست لديه، أو زيادة مهارة موجودة بمستوى منخفض، في الحالة الأولى يكون الهدف هو اكتساب سلوك، وفي الحالة الثانية يكون الهدف هو زيادة سلوك، وفي بعض الأحيان يكون لدى المسترشد المهارة، أو السلوك المطلوب ولكنها تحجب عن طريق مشاعر غير مناسبة، وبذلك يصبح الهدف في هذه الحالة موجها نحو المشاعر أكثر مما يوجه نحو السلوك الصريح، وتكون المشكلة ناتجة عن كف الاستجابة كما يكون الهدف هو إزالة الكف، أو تحرير الاستجابة disinhibtinon of Response عن طريق العمل مع الانفعالات التي تقف في طريق الاستجابة، كذلك ففي بعض الأحيان تكون المشكلة

هي زيادة سلوك ما ويكون المرغوب تقليل هذا السلوك، ويكون تقليل أو إزالة سلوك ظاهر، أو مستقر هدفا عندما تكون مشكلة المسترشد هي المبالغة في الاستجابة، مما يعني أن الاستجابة تكرر بشكل كبير ومكثف، أو في مواقف اجتماعية غير مناسبة مما يؤدي إلى ضيق للمسترشد أو لغيره، وهنا في هذه المشكلات تكون كمية، وتكرار السلوك أكثر أهمية من صورة الاستجابة نفسها وهو الذي يمثل المشكلة، وفي العادة فإن العمل على زيادة السلوك، أو تكوينه أسهل، وأيسر من العمل على تقليل أو حذف سلوك، ويعتبر هذا سببا هاما يجعلنا دائما نحاول أن تضع أهداف المسترشدين في صورة موجبة، أي في صورة سلوك مرغوب يود أن يفعله عن وضعها في صورة سالبة أي أشياء لا يريد أن يعملها، فمثلًا المسترشد الذي ترواده أفكار سالبة عن الذات يمكن أن نركز على زيادة معدل الأفكار الموجبة عن الذات كهدف. وفي بعض الأحيان يكون الهدف هو الإبقاء على استجابة ظاهرة، أو مستترة بمعدلها الحالي تحت الظروف القائمة، مثلا يكون هدف المسترشد هو المحافظة على كمية استذكاره في الوقت الحاضر، ويهمنا مثل هذه الأهداف أحيانا بعد أن نكون قد حققنا أهدافا فيها زيادة أو نقصان، مثلا زيادة ساعات الاستذكار إلى مستوى معين، ثم المحافظة على هذا المستوى. التعرف على الأهداف الجزئية، أو خطوات التصرف وتحديد تتابعها: قد تكون التغييرات التي نحددها في أهداف الإرشاد كبيرة، ومن هنا يكون من الأفضل أن نسعى لتحقيقها بشكل تدريجي، وفي رأي باندورا "1969" Bandura أن أي برنامج يعد لإحداث تغيير ما في سلوك المسترشد ينبغي أن يكون منظمًا في صورة تتابع تعليمي مرتب، يوجه المسترشد عن طريق خطوات صغيرة نحو السلوكيات النهائية المطلوب، وفي عملية تحديد الأهداف، فإن هذا التتابع التعليمي المتدرج يمكن تحقيقه عن تطريق تجزئ الهدف النهائي إلى سلسلة من الأهداف الأصغر، والتي يطلق عليها "الأهداف الفرعية Subgoals"، أو"خطوات التنفيذ Action Steps"، وتساعد الأهداف الفرعية "أو الجزئية" المسترشد على أن يمضي نحو حل مشكلاته بطريقة مخططة، وعادة فإن

الأهداف الفرعية تعد في صورة تدرج بحيث يكمل المسترشد الأهداف الجزئية الموجودة في القاعدة أولا، ثم يصعد لأعلى مع الهرم، وعلى حين يتيح الهدف النهائي توجها عاما للتغير، فإن الأهداف الجزئية المحددة يمكن أن تحدد الأنشطة المباشرة، ودرجة الجهد اللازمة لإحداث التغييرات. ويفترض باندورا "1969" أن تتابع الأهداف في صورة أهداف جزئية يزيد احتمال الوصول إلى النتائج المرغوبة لسببين: الأول: أن إكمال الأهداف الجزئية يبقى على خبرات الإخفاق في أدنى الحدود، كذلك فإن إكمال الأهداف الجزئية بنجاح سوف يشجع المسترشد، ويساعده على المحافظة على واقعية التغيير، وقد أكد هذا الرأي جيفري "1977" Jeffery من خلال بحوثه، أما السبب الثاني، فهو أن تنظيم الهدف النهائي في شكل أهداف جزئية يشير إلى أن الأهداف الجزئية اليومية المباشرة تكون أقوى عن الأهداف الجزئية الأسبوعية البعيدة. والأهداف الجزئية التي نحددها قد تمثل سلوكا ظاهرا، أو سلوكا غير ظاهر "داخلي" حيث إن برنامج التغيير الشامل يشتمل عادة على تغييرات في أفكار ومشاعر المسترشد، بالإضافة إلى سلوكياته الظاهرة والمواقف البيئية، وقد تنشأ الأهداف الجزئية عن طرق العلاج، أو الأساليب التي يوصي بها لحل مشكلة معينة، أو عندما لا تكون هناك أساليب رسمية متوافرة، نتيجة الأفكار غير الرسمية، أو العامة Common- Sense Ideas، وفي أي من هذه الحالات يكون هناك تصرفات تحرك المسترشد في اتجاه الهدف النهائي المرغوب، وبعد أن يتم الأهداف الجزئية وانتقاؤها، فإنها ترتب في سلسلة من المهام "الواجبات" المتدرجة "في شكل هرمي" تبعا لدرجة صعوبتها، وإلحاحها "أولويتها"، ويقوم المرشد برسم شكل هرمي فارغ على ورقة بيضاء، وقد تمثل سلسة الأهداف الجزئية المطالب المتزايدة من نفس السلوك "الظاهر، أو غير الظاهر"، أو تمثل سلوكيات مختلفة مع ترتيب تلك التي تتضمن استجابات سهلة، وبسيطة قبل التي تتضمن استجابات معقدة وصعبة، وفي الطريقة الثانية يكون المحك في الترتيب حسب الفورية، أو درجة الإلحاح "immediacy". وفي هذا المحك، فإن الأهداف الجزئية ترتب تبعا للمهام المطلوبة أولا أي تلك المهام التي ينبغي القيام بها قبل إنجاز غيرها.

أما ترتيب الأهداف الجزئية تبعا لتعقدها، فإنه يقوم على أساس من قواعد التعلم المعروفة باسم التشكيل Shaping، والتقريب المتتابع Successive Approimating، ويساعد التشكيل الشخص على تعلم كمية صغيرة "من السلوك" في المرة الواحدة مع تشجيع، أو تعزيز كل مهمة يكملها الفرد بنجاح، وبالتدريج فإن الشخص يتعلم كل الكمية، أو يحقق النتيجة الكلية من خلال هذه الخبرات التعليمية المجزأة التي تقرب تتابعيا النتيجة العامة الكلية. خطوات تحديد وترتيب الأهداف الجزئية: إن تحديد وترتيب الأهداف الفرعية أمر هام في نجاح المسترشد في تحقيق الهدف النهائي، وتشتمل هذه العملية على الخطوات الآتية: أولا- يحدد المسترشد الخطوة الأولى التي ينبغي عليه أن يقوم بها، أي الأشياء الأولى التي يحتاج أن تتم ليتحرك في الاتجاه المرغوب، وتكون الخطوة الأولى إجراء، أو تصرف ما يكون مريحا ويمكن تحقيقه، وفي هذا الصدد يقول كارخوف وأنتوني "1979" Garkhuff and Anthony: "إن الغالبية العظمى من الناس الذي يتوقفون عن البرامج إنما يفعلون ذلك؛ لأنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على إكمال الخطوة الأولى بنجاح ... وعلى العكس من ذلك، فإن الإكمال الناجح للخطوة الأولى يشجع المسترشد على تحديد استمراره، ومواصلة تنمية ثقته في نفسه "ص185، 186"، ويضيفان "إن على المسترشد أن يسأل نفسه السؤالين التاليين: هل سيكون قادرا على القيام بهذه الخطوة الأولى بنجاح؟، هل هذه الخطوة الأولى تؤدي مباشرة إلى الهدف؟ ". ثانيا: إذا تقدم المسترشد بنجاح في الخطوة الأولى، يجري تحديد وترتيب خطوات إضافية وسطية تعبر الفجوة بين الخطوة الأولى والهدف النهائي، "وإذا لم يتقدم المسترشد في الخطوة الأولى ناقش معه هذه المسألة، وراجع الخطوة الأولى"، والخطوات الوسطية الفعالة هي التي تبنى على جوانب القدرة والإمكانيات الموجودة، ولا تتعارض مع نظام القيم لدى المسترشد، وتمثل تصرفات يومية، أو قريبة المدى وليس تصرفات أسبوعية، أو بعيدة المدى.

ولا توجد قاعدة حاسمة، وسريعة بالنسبة لعدد الخطوات الوسطية التي نحددها فيما عدا أن نتأكد أنه لا توجد فجوات واسعة بين الخطوات، وتبدأ كل خطوة من الخطوات المتتابعة بالتدرج عند انتهاء الخطوة التي تسبقها، ويمكن للمسترشد أن يأخذ في اعتباره عند ترتيب الخطوات الوسطية الإجابة عن السؤالين التاليين: أين سأكون عندما أكمل هذه الخطوة؟ ماذا ستكون الخطوة الرئيسية التالية؟ ويحتاج المرشد أن يتأكد أن كل خطوة وسطية تتطلب إجراء أساسيا، أو نشاطا واحدا من جانب المسترشد، وإذا كان هناك نشاطا أو أكثر، فإنه من الأفضل أن نجعلها خطوتين منفصلتين. وقد قلنا من قبل أن الخطوات الوسطية ترتب على أساس عاملين: 1- درجة الصعوبة والتعقيد "ما هو الأسهل، وما هو الأصعب"؟ حيث توضع الواجبات أو المهام الأقل تعقيدا، ومطالب قبل غيرها. 2- الفورية: "ماذا أحتاج أن أقوم به قبل أن أفعل ذلك"؟ والمهام أو الواجبات المطلوبة أولا توضع قبل غيرها. والخطوات المرتبة توضع بعد ذلك في هرم الأهداف "انظر شكل 14"، وعادة نستخدم القلم الرصاص؛ لأننا ونحن نتحرك على الهرم، فإن الأهداف الجزئية قد نحتاج إلى تعديلها أو إعادة ترتيبها، وكما يقول ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Glovor، فإن الأهداف الجزئية تمثل عرضا، أو تصويرا مبكرا للمشكلة، وقد تحتاج إلى مراجعة من جانب المسترشد، والمرشد عند استخدام استراتيجيات للإرشاد. ثالثا: وبعد تحديد كل الخطوات وترتيبها، يبدأ المسترشد في تنفيذ الإجراءات المحددة في الأهداف الجزئية بدءا بالخطوة الأولى، ومضيا إلى باقي الخطوات، ومن الحكمة أن لا نحاول مع هدف جزئي آخر حتى يكمل المسترشد الجزئي السابق له في الهرم بنجاح، ويفيد التقدم الذي يحرزه المسترشد في الخطوة الأولى، والخطوات التالية في أنه

يعطينا معلومات مفيدة حول ما إذا كانت الفجوات بين الخطوات واسعة أو مناسبة، وما إذا كان تتابع الخطوات "ترتيبها" مناسبا، ومع تنفيذ الأهداف الجزئية، فإنها تصبح جزءا من مخزون "رصيد" المسترشد بحيث يمكن استخدامها في الجهود الإضافية للتغير، والاتجاه نحو الأهداف النهائية. العبارات التي يمكن للمرشد أن يستخدمها في تحديد الأهداف الجزئية "الفرعية": كيف ستمضي في عمل ذاك "أو التفكير، أو الإحساس به"؟ ماذا تحتاج لعمله بالضبط لكي يحدث ذلك؟ دعنا نفكر في بعض التصرفات التي تحتاج للقيام بها لتحقيق الهدف. هيا نفكر في الخطوات التي تحتاج أن تقوم بها من حيث أنت الآن إلى حيث تريد أن تكون. ويحاول المرشد دائما أن يشجع المسترشد، ويسانده على أن يشترك، ويتحمل المسئولية في إعداد الأهداف مع تذكر أن المسترشد يهتم يتنفيذ التغييرات التي حددها بنفسه، وقد يحدث بعد استخدام العبارات السابقة من جانب المرشد أثناء الجلسات أن يظل المسترشد عاجزا عن تحديد أي خطوات مرغوبة، أو ضرورية أو أي أهداف فرعية "جزئية"، وهنا يحتاج المرشد أن يلقن1 المسترشد إما عن طريق أن طلب منه أن يفكر في آخرين لهم مشكلات متشابهة، ويحدد أساليب التصرف، أو عن طريق استخدام عبارات تصف مثالا، أو نموذجا لخطوة إجرائية أو هدف جزئي، والمرشد لا يلقن المسترشد في هذه الحالة ليدله على الإجابة، وإنما على أن هناك بدائل في جميع الأحوال. العبارات التي يستخدمها المرشد لتحديد تتابع الأهداف الجزئية: ما هي خطوتك الأولى؟ ما الذي يمكنك أن تعمله بمنتهى السهولة؟

_ 1 التلقين في العلاج السلوكي معناه التلميح ببعض الجوانب التي تساعد على التعرف على السلوك المطلوب.

ما الذي تجد أنك ستعمله بصعوبة بالغة؟ ما هو أكثر الأشياء أهمية لتعمله، الآن؟ ما هو أقل الأشياء أهمية لتعمله، الآن؟ هل يمكنك ترتيب هذه الخطوات لتصل لأكبر نجاح في الوصول للهدف؟ دعنا نفكر في الخطوات التي تحتاج للقيام بها لتتحرك من موقعك الآن إلى حيث تريد، وأن نرتبها من السهل إلى ما يبدو أنه أصعب. هل يمكن أن تفكر في بعض الأشياء التي توجد عملها قبل أشياء أخرى بينما تخطو نحو تحقيق الهدف. ومثل هذه العبارة التي يستخدمها المرشد أن تساعد المسترشد على أن يدرك أن العمل الذي سيقوم به يمكن تجزئته، ويمكن أن ترتيبه حسب مستوى الأهمية، وحسب مستوى الصعوبة. تحديد العوائق: للتحقق من أن المسترشد يستطيع أن يتم كل خطوة "هدف جزئي" بنجاح يصبح من المفيد أن نحدد أي عقبات يمكن أن تعطل، وقد تشتمل المعوقات على سلوك ظاهر أو غير ظاهر، وهناك عوائق كامنة نحتاج إلى تمحيصها مع المسترشد نفسه مثل وجود، أو غياب مشاعر أو حالات مزاجية أو أفكار، أو معتقدات وإدراكات معينة، أو وجود أشخاص آخرين أو مواقف معينة، أو غيابهم، ومن العوائق التي تقف في سبيل تحقيق الأهداف نقص المعرفة، أو نقص المهارة، ويحتاج المرشد والمسترشد أن يتعرفا على جوانب نقص المعرفة، أو نقص المهارة لإتمام الخطوات الخاصة بالهدف، وتوفير المعلومات اللازمة، أو التدريب على المهارات المناسبة قبل محاولة تنفيذ الأهداف الجزئية. العبارات التي يستخدمها المرشد في تحديد العوائق "العقبات": ما هي بعض العقبات التي قد تواجهها في محاولة القيام بهذا التصرف؟

ما هم الأشخاص "المشاعر، الأفكار، المواقف" التي يمكن أن تقف في طريق تنفيذ ذلك؟ ما الذي يمكن أن يمنعك من القيام بهذا النشاط؟ من الذي يمكن أن يقف في طريق قيامك بهذا النشاط؟ ما هي المعلومات أو المهارات التي تحتاجها لتتم هذا الإجراء بفاعلية؟ وفي بعض الأحيان يحتاج المرشد إلى أن يوضح بعض العقبات التي لا يتبينها المسترشد، وإذا تم تحديد العقبات الهامة، فإننا نحتاج إلى خطة للتعامل مع، أو مواجهة الآثار المترتبة على هذه العقبات. فمثلًا لو كانت الخطوات تتضمن السير لفترة كل يوم، وكان العائق الموجود يتعلق بالجو مثل البرودة الشديدة، أو المطر أو الحرارة الشديدة، فيمكن أن يتم السير داخل أماكن مغلقة. تحديد الإمكانيات: ويقصد بذلك التعرف على العوامل التي تساعد المسترشد على إكمال الهدف الجزئي بصورة فعالة، والإمكانيات مثلها مثل العقبات لها جوانب، أو سلوكيات ظاهرة وأخرى غير ظاهرة، ونحتاج إلى اكتشاف الإمكانيات الكافية بما فيها المشاعر، والأفكار، وأنظمة التفكير، والناس والمواقف، والمعلومات والمهارات، وفي هذه الخطوة يحاول المرشد أن يساعد المسترشد على أن يتعرف على الإمكانيات الموجودة فعلا، أو النامية والتي إذا استخدمت يمكن أن تكمل مهام الهدف الجزئي بصورة أفضل، وأكثر نجاحا. بعض العبارات التي يستخدمها المرشد لتحديد الإمكانيات: ما هي الإمكانيات التي لديك لتساعدك في هذا الإجراء؟ ما هو نوع المساندة التي يمكن أن تحصل عليها من الآخرين؟

والتي يمكن أن تستخدمها ليكون تنفيذ هذا الإجراء سهلًا؟ ما هي المعلومات والمهارات التي لديك، والتي يمكن أن تساعدك في القيام بهذه المهام بنجاح أكبر؟ مراجعة التقدم: من المفيد عند إكمال أي هدف جزئي أن يقوم المرشد من المسترشد بمراجعة ما تحقق لتقويم التقدم الذي حدث، ولتحديد ما إذا كان الهدف الجزئي التالي له في الترتيب ما زال مناسبا في المكان الموضوع فيه على هرم الهدف، وفي جميع الأحوال، فإنه إذا لم يتحقق الهدف الجزئي، فإن المرشد والمسترشد عليهما أن يناقشا ما يمكن أن يكون قد حدث من خطأ، وماذا يمكن عمله بنجاح أكبر في المستقبل، وفي رأي جامبريل "1977" Gambrill أن أكثر الأسباب شيوعًا في الإخفاق في تنفيذ الأهداف الجزئية هو وجود مسافات واسعة بين الخطوات "فجوات"، وفي هذه الحالة فإن الإخفاق في تحقيق الهدف الجزئي يعتبر دليلا مفيدا يساعد المرشد على إدراك أن هناك خطوات صغيرة مطلوبة "تقريبات متتابعة أكثر تقاربا"، كذلك يمكن للمرشد أن يعيد دراسية الهدف من حيث الواقعية، ومن حيث انتمائه للمسترشد وليس لغيره، وما إذا كان المسترشد قد نفذه كما هو محدد، وكذلك ما إذا كانت لدى المسترشد الإمكانيات اللازمة للتنفيذ، فإذا لم يجد المرشد شيئا منها، فعليه أن يبحث عن الأشياء التي يحافظ عليها سلوك المشكلة، فقد يكون لهذا السلوك "غير المتكيف" مكاسب ثانوية نحتاج إلى أن نتعرف عليها. ويجب على المرشد أن يساند ويشجع، ويعزز المسترشد عندما يكمل مهام الهدف الجزئي، وذلك للمساعدة على الإبقاء على تطلع المسترشد والتزامه، كما أنه من المهم أن ندرك أن إعداد الهدف له نتائج بالنسبة للمسترشد أكبر من مجرد الوصول إلى هدف مقصود، فمن المفيد أن نستكشف مع المسترشدين ما يتعلمونه من هذه العملية، وكيف يمكن تطبيق، واستخدام ذلك التعلم في مجالات أخرى للحياة، وكما يرى كثير من الباحثين في مجالات الإرشادي، فإن المسترشدين ينبغي أن يكسبوا من عملية المساعدة نفسها أكثر من مجرد القدرة المحدودة على الوصول إلى هدف منفرد ومعزول.

بعض العبارات التي يمكن للمرشد استخدامها لمراجعة التقدم: هل يمكن أن تصف لي كيف نفذت الإجراء، أو الخطة التي حددناها الأسبوع الماضي؟ ما هي المشكلات، إذا كان هناك، التي واجهتها في القيام بهذا الإجراء؟ ماذا تعلمت من قيامك بهذا؟ هل يكفي هذا لتتحرك إلى خطوة أخرى، أم نحتاج للعمل مع نفس الإجراء مرة أخرى؟ بعض الصعوبات في تحديد الأهداف: يسرد كرمبولتز وثوريسون1 "1976 Krumboltz Thoreson، وهما من رواد مدرسة الإرشاد والعلاج السلوكي، مجموعة من الصعوبات التي يقابلها المرشد في تحديد الأهداف، وذلك على النحو التالي: 1- تكون المشكلة هي سلوك شخص آخر. 2- أن يكون التعبير عن المشكلة في صورة مشاعر. 3- تكون المشكلة هي غياب الهدف. 4- تكون المشكلة أن السلوك المرغوب غير مرغوب. 5- تكون المشكلة أن المسترشد لا يعرف أن سلوكه غير مناسب. 6- تكون المشكلة في صورة صراع اختيار. 7- المشكلة هي الميل لعدم تحديد أي مشكلة. التوجهات النظرية لإعداد أهداف للإرشاد: تعتبر عملية تحديد وصياغة أهداف نوعية للإرشاد أكثر ارتباطًا بالمدرسة السلوكية عن غيرها من المدارس الأخرى، كذلك فإن مدرسة العلاج بالواقع تقوم على التخطيط للإرشاد، والتخطيط بطبيعته يشتمل على تحديد واضح للأهداف، كذلك فإن الباحثين

_ 1 يناقش كرمبولتز وثوريسون هذه المشكلات بالتفصيل، وقد ورد ذكر جانب كبير منها في العرض الذي قدمناه، ويمكن الرجوع للمرجوع الخاص بكرمبولتز، وثوريسون في قائمة المراجع.

الذين ينادون باستخدام أسلوب حل المشكلات كمرافق لنظريات الإرشاد يرون أن تحديد الأهداف يعتبر خطوة أساسية في الإرشاد.

مراجع الفصل الثامن

مراجع الفصل الثامن: 1- العربية: محمد محروس الشناوي، محاضرات في تقويم البرامج: المعهد المصري لتقويم البرامج وزارة الشئون الاجتماعية القاهرة 1982. 2- الأجنبية: 1 - Bandura, A "1969" Principles of behavior modification New York: Holt, Rinehart and winston. 2 - Cormier, W. H., & Cormier, L.S. "1985" Interviewing Strategies For Helpers: Fun-damental Skills and Cognitive behavioral Interventions "2nded" Monterey, CA: Brooks/ Cole Publishing Company. 3 - Carkhuff, R.R., & Anthony, W.A "1979" Counseling Methods. New York: Holt, Rinehart and Winston. 4 - Cautela, J.R. & Upper, D. "1975" The Process of individual behavior theraapy. In M. Hersrn, R. Cisler & P. Milles "eds" Progres In Behavior Modification "pp 275-305" Newyork: Acadrnic Pess. 5 - Dixon, O. N. & Glover, J. A. "1984" Counseling: A problem Solving Approach. New York. John wiley and sons. 6 - Frey, Q. H. & Earning, H. E "1979" A Taxonomy of Counseling goals and Methods. Personnel and Gauidance Journal, 58,26-33. 7 - Gambrill, E. D. "1977" Behavior Modification: Handbook of Assessment, interven- tion and Evaluatian. San Francisco: Jossy- Bass. 8 - Gottman, J. M. & Lebium, S.R "1974" How to do Psychotherapy and how to evalu-ate it. Newyork: Holt, Rinehart and Winston. 9 - Hill, C.E "1975" A Process Approach For estabhishing Counseling goals and out- comes:Personnel and Gauidance Journal, 23,571- 576. 10- Hosford, R. C & devisser, L "1974" Behaviorl Approaches to Counseling: An introduction. Waslningtan, D.C: American Personnel and Guidance Press.

11- Jeffery, K. M. "1977" The effects of goal-setting and self motivated Persistence: unpnblished doctoral dissertatian, Stanford unisersrty. & Stanford, CA. 12- Kiresuk, T.J. & Shernan, R.E "1968" Goal Attainment Scaling: A general method for evaluating Comprehensive mental health Pragrams. Community Mentl Healh Journel 4,443-453. 13- Krunboltz, J.Q. & Thoreson, C.E. "1976" Counseling Methods, New York: Holt, Rinehart and Winston. 14- Stewart, N. R.., Winborn. B. B., Johnson, R. C, Burks, H. M. & Engelkes, J. R. "1978" Systematic Counseling Englewood Cliffs, New Jersey: Prentice-Hall. 15- Van Hoose, W. H. & Koltar, J.A "1977" Ethical and Legal issues in Counseling and Psychotherapy. San Francisco: Jossy- Bass.

الفصل التاسع: اختيار طريقة للأرشاد

الفصل التاسع: اختيار طريقة للأرشاد توقيت طرق الإرشاد ... الفصل التاسع: اختيار طريقة للإرشاد ها نحن قد تابعنا عملية الإرشاد بدءا من مرحلة العلاقة الإرشادية، ثم مرحلة التشخيص أو تصوير المشكلة، فمرحلة إعداد الأهداف الإرشادية التي ترسم لنا صورة السلوكيات، والاختيارات التي يتطلع لها المسترشد عند إكمال العملية، وقد وصلنا إلى مرحلة من مراحل الإرشاد نتوقف عندها لنتخذ مجموعة من القرارات حول طريقة1 "إستراتيجية" مناسبة لننقل الهدف إلى الواقع. ونتناول في هذا الموضوع جانبيين أساسيين: الأول: توقيت الاستراتيجيات "الطرق". الثاني: المعايير التي تعتبر عند اختيار طريقة للإرشاد. توقيت طرق الإرشاد: من الأسئلة الهامة التي تطرأ للمرشد أثناء سيره في خطوات الإرشاد ذلك السؤال الخاص بالوقت المناسب للدخول بطريقة، أو أسلوب إرشاد لتحقيق الهدف، "أو الأهداف" الذي تم تحديده من قبل، وقد يميل بعض المرشدين المبتدئين إلى استخدام إستراتيجيات التدخل بسرعة أكبر من اللازم، ومن ثم يقدمون توصيات، أو خطوات إجرائية غير ناضجة ناتجة عن حاجتهم الخاصة في أن كونوا معاونين لغيرهم، وينبغي على المرشد أن تكون لديه دائما خطة، أو منطق لأي طريق يسير فيه، ذلك أن الانتقال من بناء علاقة قوية مع المسترشد، ومن تحديد المشكلة وتحديد الأهداف إلى اختيار، واستخدام إجراء إرشادي يعتبر أمرًا غاية في الأهمية. يقول إيزبنرج وديلاني "1977" Eisenberg & Delaney

_ 1 يستخدم المؤلف تعبيرات مثل طرق، استراتيجيات، أساليب، وفنيات الإرشاد بالتبادل.

"من الأهمية أن نركز على أن توقيت، وتتابع التطبيق هي عوامل حيوية في استخدام استراتيجية للإرشاد، ذلك أن التطبيق غير الناضج قد ينتج عنه آثار مدمرة، ويمكن استخدام طرق الإرشاد بشكل فعال فقط بعد تكوين علاقة فعالة، وبعد تحديد ووصف أهداف الإرشاد بوضوح"، "ص145". ورغم صعوبة تحديد عدم النضج في التطبيق بالنسبة لكل حالة، فإنه يمكن اتباع بعض الإرشاد التي تساعد على جعل الانتقال عبر المراحل السابقة في عملية الإرشاد أكثر فاعلية، ويوصي كورميير وكورميير "1985" Cormier & Cormier باتباع الإرشادات الخمسة التالية للمساعدة على الحكم على توقيت استخدام الطريقة الإرشادية: نوع العلاقة، وتقدير المشكلة، وتطوير الأهداف الإرشادية المرغوبة، وعلاقات التجهيز "التحضير" للإرشاد لدى المسترشد، وبيانات خط القاعدة. "ص295". 1- نوعية العلاقة: يرى كثير من الباحثين أن إستراتيجية الإرشاد لن تكون لها فاعلية إلا إذا استخدمت في وجود علاقة إرشادية قوية، وعندما يبدأ المسترشد العمل مع خطة، أو إجراء فإن مساندة المرشد تبقى ذات أهمية حيوية، وتساعد العلاقة الإرشادية القوية المسترشد في أن يحول المساندة من مساندة يستمدها من البيئة أي من خارجه إلى مساندة ذاتية يستمدها من داخله، وتساعد المؤشرات التالية على معرفة أن العلاقة قوية بدرجة كافية لتزود المسترشد بالمساندة: 1- أن يعبر المسترشد لفظيا عن أنه تفهم مشاعره، أو مشاغله بدقة. 2- أن يكون المسترشد قد أظهر في عملية الإرشاد اشتراكًا قائمًا على الرغبة -بإظهار سلوكيات مثل المحافظة على الموعد، والحضور للجلسات، وإكمال الواجبات المنزلية، والانفتاح الذاتي بمشاغله الشخصية، ومشاركة مشاعره مع المرشد. 3- يكون المرشد والمسترشد قد ناقشا كل ما يعوق الاتصال "التخاطب" المنفتح. 4- أن يشعر المرشد بالراحة في المواجهة والمصارحة، واستخدام الفورية مع هذا المسترشد.

2- تقدير المشكلة: قد ينتج التدخل الإرشادي باستخدام طريقة إرشادية في وقت مبكر عن المطلوب نتيجة عدم الحصول على تقدير كامل للمشكلة، وفي هذه الحالة تكون النتيجة اختيار إستراتيجيات غير مناسبة، ويمكن للمرشد عندما يهم باقتراح بعض الخطوات، أو بعض الإجراءات أن يسأل نفسه الأسئلة التالية: 1- هل أعرف سبب وجود المسترشد هنا؟ 2- هل المشكلة التي عرضها المسترشد تمثل كل المشكلة، أم جانبا منها فقط؟ 3- هل أعرف سلوكيات المشكلة، والمواقف الخاصة بهذا المسترشد؟ 4- هل يمكنني أن أصف الظروف المسهمة في مشكلة المسترشد؟ 5- هل لدى وعي بشدة المشكلة، وتركيزها في الوقت الحاضر؟ وإذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة بالإيجاب "نعم"، فإنه بوسع المرشد أن يمضي في طريق خطته، أما إذا لم تكن الإجابة كذلك، فإنه يحتاج إلى استكمال التقدير الشامل للمشكلة. 3- إعداد أهداف الإرشاد: إذا قدمت إستراتيجية للإرشاد قبل إعداد الأهداف الإرشادية، فإنك تكون قد أخطأت الطريق؛ ولأن طريق الإرشاد تعتبر الوسيلة التي تستخدمها لتحقيق الأهداف، فإنه من الضروري أن تأتي عملية إعداد الأهداف أولا قبل اختيار الطريقة، ويجب عليك أن تحقق مع المسترشد أنكما قد وصفتما النتائج السلوكية المرغوبة للإرشاد قبل أن تقترح طريقة للوصول إليها، وهذه المعلومات تساعدك على تحديد ما إذا كانت الطريقة المختارة تؤدي إلى النتائج المستهدفة. 4- تجهز المسترشد والتزامه: قد يكون من الأفضل أن تبدأ في العملية ببطء، ثم تسرع بعد ذلك عن أن تتحرك مع الخطط بسرعة كبيرة قد تؤدي إلى إفزاع المسترشد، أو تثبيطه عن المضي في خطوات

أخرى، كما يجب ألا تفرض مطالب على المسترشد ما لم يكن معدا لها الإعداد الكافي، فمثلًا المسترشدون الذين يبحثون عن بعض النصح، أو طريقة سريعة لحل مشكلاتهم لا يكونون معدين للنمو البطيء، والمؤلم أحيانا الذي قد يشتركون فيه للوصول إلى أهدافهم، والمسترشدون الذين عرف عنهم سلوك التجنب، أو الهروب يكونون بحاجة إلى وقت قبل أن يكونوا جاهزين للتخلي عن أنماط الهروب والإنكار لديهم، كذلك فإن دافعية المسترشد، وتحفزه للتغيير تؤثر على استخدامه لطريقة إرشادية. وقد يشير بعض المسترشدين إلى استعدادهم "تجهزهم" Readiness عن طريق الموافقة اللفظية، أو عن طريق إظهار وعيه بالنتائج الإيجابية للتغير، وكذلك ببعض الأعمال غير الظاهرة، أو التفكير الجيد بين الجلسات، وقد يظهر أحد المسترشدين تجهزه من خلال تأكيد حقه في أن تبدأ الجلسات الإرشادية في مواعيدها. جمع قياسات خط الأساس: ذكرنا عند الحديث عن الأهداف أن تحديد المشكلة، وتحديد الهدف يصحبه عادة الحصول على بيانات عن خط الأساس أو خط البداية، ما لم تكن مشاغل المسترشد شديدة لدرجة تدعو إلى التدخل الفوري، ويمكن أن تفيد قياسات خط الأساس في توفير معلومات ذات قيمة عن طبيعة مشاغل المسترشد والأهداف المرغوبة، ويعتبر الحصول على بيانات على خط الأساس، أو خط البداية أمرًا أساسيا قبل استخدام الإستراتيجيات، وذلك لتحديد مدى فائدة هذه الإستراتيجيات للمسترشد.

محكات اختيار رق "استراتيجيات الإرشاد"

محكات اختيار رق "استراتيجيات الإرشاد" ... محكات اختيار طرق "استراتيجيات" الإرشادي: إذا تحققنا من توافر المطالب الخمسة الأساسية للتوقيت المناسب لاستخدام إستراتيجية، فإنه يمكننا الانتقال إلى اختيار الإستراتيجية، أو الطريقة التي نستخدمها في الإرشاد، ويمكن للمرشد أن يسترشد بالمحكات السبع التالية في اختيار طريقة، أو استراتيجية للإرشاد. 1- خصائص المرشد وتفضيلاته. 2- توثيق الإستراتيجيات. 3- العوامل البيئية. 4- طبيعية سلوك المشكلة لدى المسترشد. 5- نوع النتائج المرغوبة. 6- خصائص المسترشد وتفضيلاته. 7- علامات وأنماط التشخيص. ويجب عند اختيار الإستراتيجيات أن نأخذ بعين الاعتبار كل هذه المحكات "السبع" رغم أنه قد تكون أهمها طبيعة مشكلات المسترشد وملامح، وأنماط التشخيص، وبصفة عامة يمكن القول بأن العوامل التي يجب أن تتوافر في الطرق الإرشادية التي نختارها هي: 1- أن تكون سهلة التنفيد. 2- أن تقابل الخصائص، والتفضيلات المتفردة للمسترشد. 3- أن تقابل "تتمشى مع" خصائص المشكلة، والعوامل المرتبطة بها. 4- أن تكون إيجابية بدلا من أن تكون عقابية. 5- تشجع تنمية مهارات الضبط الذاتي. 6- تقوى توقعات المسترشد في الفاعلية الشخصية، أو الكفاءة الذاتية. 7- لها سند من الدراسات. 8- تكون ذات جدوى، ويمكن تطبيقها عمليا. 9- لا ينتج عنها مشكلات إضافية للمسترشد، أو الآخرين ذوي الأهمية في حياته. 10- لا تحمل المسترشد، أو الآخرين ذوي الأهمية في حياته بأعباء كثيرة يقومون بها. 11- لا تطلب من المرشد أكثر مما يستطيع أن يعطيه، أو يكون مسئولًا عن إعطائه. 12- لا تكرر أو تبنى على حلول سابقة غير ناجحة. وسوف نناقش فيما يلي المحكات الأساسية التي تؤخذ في الاعتبار من جانب المرشد عند اختيار طريقة "إستراتيجية" للإرشاد.

1- خصائص المرشد وتفضيلاته: لكل مرشد تفضيلات للطرق التي يمكنه أن يستخدمها، كما أن هناك قيودا أخلاقية تجعله لا يستخدم سوى الطرق التي يجيدها، ومن المفضل ألا يعتمد المرشد على طريقة أو إستراتيجية واحدة، فكما يقول ماسلو "1966" Maslow: "إذا كانت المطرقة هي أداتك الوحيدة، فإنك سوف تتعامل مع كما لو كان مسمارا" "ص15، 16". ويوصي كورميير وكورميير "1985" بأن يستخدم المرشد مهاراته، ومستوى الارتياح، والقيم كمحكات للحكم على مدى ملاءمة الإستراتيجية، ويعتبر الاستخدامات السابقة للطريقة، واتجاهات المرشد نحوها عوامل تؤثر على تفضيلاته، كما يوصيان المرشدين بألا يقيدوا أنفسهم للطرق القديمة، وأن يكونوا منفتحين لاستخدام أساليب مختلفة، ولا بأس عند الحاجة من البحث عن التدريب، أو الاستشارة كما يمكنك أن توصل للمسترشد الطرق التي تفضلها في عملك. 2- الدراسات السابقة "التوثيق": يجب عند اختيار طريقة للإرشاد أن يراجع المرشد الدراسات، والبيانات المنشورة حولها، فهذه البيانات تطلع المرشد على مدى استخدام هذه الطريقة، أو تلك بنجاح ودرجة هذا النجاح. 3- العوامل البيئية: إن العوامل الموجودة في بيئة الإرشاد، أو في بيئة المسترشد تؤثر على اختيار إستراتيجية الإرشاد، وتحدد مدى قابلية طريقة معينة للتطبيق العملي من عدمه، ومن هذه العوامل البيئية: الوقت، والتكلفة، والتجهيزات، ودور الآخرين ذوي الأهمية، ومدى توافر النتائج المعززة في البيئة الطبيعية للمسترشد. 4- طبيعة مشكلة المسترشد، وأنظمة الاستجابة المتضمنة: إن اختيار الإستراتيجية يجب أن يبنى على واقع المشكلة، وأن تعكس الإستراتيجية طبيعية المشكلة، وهذا بالطبع يتطلب تقديرا شاملا، وتحديدا للمشكلة، وكذلك معرفة أغراض بعض الأساليب، والطرق الخاصة.

فمثلا إذا كانت مشكلة المسترشد هي انخفاض درجاته في الاختبار، وأظهر تقدير المشكلة وجود عادات استذكار خاطئة، فقد يقترح المرشد بعض قواعد الاستذكار ومهاراته، أما إذا أظهر تقدير المشكلة أن الطالب لديه مهارات الاستذكار، فإن المشكلة قد تكون في وجود قلق الاختبارات لديه، وحينئذ قد يختار المرشد طريقة مثل "التخلص التدريجي من الحساسية"1، أو إعادة البنية المعرفية2، كما يجب على المرشد أن يتعرف على نظام الاستجابة، أو المكونات المصاحبة للمشكلة من أفكار ومشاعر، وتعبيرات بدنية، وسلوكيات ظاهرة وغيرها، وذلك لكي يختار ما يناسبها من إستراتيجيات. 5- طبيعة الأهداف النهائية: إن اختيار الإستراتيجيات يتوقف أيضا على طبيعة الهدف المحدد، وما يمثله هذا الهدف، وكما سبق القول عند التحدث عن الأهداف، فإن الأهداف النهائية قد تعكس اختيار Change، ويفيدنا هذا التمييز حيث إن كل نوع منها يتطلب أساليب، أو طرقا مثل الإر شاد التعليمي أو المهني، واتخاذ القرارات، وحل الصراع، وأداء الأدوار، وعكس الأدوار، والمحادثة الحبشطلتية، وأسلوب تحليل التعاملات. وبالنسبة لمسألة التغيير، فإن الهدف النهائي يكون في صورة اكتساب استجابة، أو زيادة استجابة، أو إنقاص استجابة، أو إعادة بناء استجابة "حيث تشتمل الاستجابة على كل من السلوكيات الظاهرة وغير الظاهرة"، وهذه الجوانب يمكن استخدام أساليب، أو إستراتيجيات متنوعة لها مثل النمذجة "استخدام النماذج السلوكية" والتعزيز، والانطفاء، والتشكيل، والتسلسل، والتلقين، والتحصين الذاتي ضد الضغوط، والاسترخاء العضلي، والمراقبة الذاتية، والتعزيز الذاتي، والتخلص التدريجي من الحساسية، ووقف الأفكار، وتوكيد الذات، وضبط المثير، وإعادة التأطير أو التصنيف. 6- خصائص المسترشد وتفضيلاته: عملية اختيار طريقة للإرشاد هي إجراء مشترك بين المرشد والمسترشد، ولا ينبغي للمرشد أن ينفرد بها، ومحاولة المرشد أن يستوفي توقعات المسترشد، وتفضيلاته ينتج

_ 1 Systematic Desensitization. 2 Cognitive Restructuring.

عنها في الغالب نتائج علاجية إيجابية، وقد شهدت السنوات الأخيرة اتجاهات جديدة في مجال الإرشاد النفسي بالولايات المتحدة، فيما يتعلق بواقع المسترشدين بما عرف بحركة المستهلكين، والتي تتسم بأربعة جوانب هي: 1- حاجة المسترشد أن يكون نشطا بدلا من كونه سلبيا في عملية الإرشاد. 2- الحاجة إلى جعل حقوق المسترشد واضحة. 3- تحتاج عملية الإرشاد أن تكون واضحة المعالم من خلال شرح المرشد لما يجري في الإرشاد عندما تستخدم طريقة معينة. 4- ضرورة موافقة المسترشد على العلاج "الإرشاد". ويرى كورميير وكورميير "1985" أن المرشد الذي يعمل بإخلاص لحماية حقوق المسترشد ومصلحته، يهتم بتقديم المعلومات التالية لهذا المرشد: "ص99". 1- وصف لكل طرق العلاج المناسبة، والمفيدة لهذا المسترشد ولهذه المشكلة. 2- تبرير منطقي لكل طريقة. 3- وصف للدور الذي يقوم به المرشد في كل طريقة. 4- وصف لدور المسترشد في كل طريقة. 5- الضيق أو المخاطر التي قد تحدث كنتيجة لاستخدام الطريقة. 6- الفوائد المتوقع أن تنتج عن استخدام الطريقة. 7- تقدير الوقت والتكلفية لكل طريقة. 7- ملامح التشخيص وأنماطه: يرى شافير "1976" Shaffer أن أحد الجوانب الهامة التي يجب على المرشد أن يراعيها عند اختيار، وترتيب الإجراءات العلاجية "الإستراتيجيات" هو ملامح التشخيص، وأنماطه التي تكون ملحوظة، وظاهرة لدى المسترشد خلال المقابلات، وهذه الملامح، والأنماط

الخاصة بالتشخيص تعمل كقواعد للاختيار، أي اختيار طريقة الإرشاد التي تكون أكثر ملازمة لشخص معين بمشكلة معينة، وتحديد تتابع خطواتها، وقاعدة القرار Decision Rule كما يقول شافير هي سلسلة من الأسئلة العقلية، أو جوانب الحدث التي يسألها المرشد دائما لنفسه أثناء المقابلات لكي يؤائم بين الأساليب الإرشادية، والمسترشدين ومشكلاتهم، وفي نموذج شافير فإن القاعدة الأولى، أو الحدس الأول هو التمركز حول المسترشد، أو طريقة العلاقة، حيث يرى أنه من المفيد أن نبدأ بطريقة روجرز "الإرشاد المتمركز حول المسترشد1؛ لأن الإصغاء وعكس المشاعر يولد كمية كبيرة من المعلومات للمسترشد بدون استخدام الأسئلة؛ ولأنه من السهل أن تغادر هذه الطريقة عن أن تعود للدخول إليها، وفي الجلسات التالية، فإن مهمة المرشد تكون ملاحظة، وتحليل ملامح وأنماط تشخيصية معينة، وعلى أساس هذه الأنماط نقرر أن نبقى في طريقة الإرشاد المتمركز حول الشخص، أو نغادرها وتستخدم طريقة مختلفة نتوقع أن تكون أكثر فاعلية، ومرة أخرى فإن الطريقة التي نختارها تعتمد على نمط معين من ملامح التشخيص التي تظهر على المسترشد. ويوضح جدول "15" ثمانية محكات تشخيصية رئيسية، والطرق الإرشادية التي حددها شافير لها، وقد اشتق هذه المجموعات التشخيصية الثمانية، والعلاجات المقابلة لها من واقع مراجعته للدراسات الإمبيريقية، كذلك فإن شافير قد طور قوائم من المقاييس المقابلة لها لتقدير آثار هذه الطرقة الإرشادية.

_ 1 آخر مسمى أطلقه روجرز على طريقته هو: الإرشاد المتمركز حول الشخص Person Centered Therapy.

ويحدد كورميير وكورميير "1985"، وهما من مؤيدي المدرسة السلوكية المعرفية Cognitive Behavioral الشروط التي تجعل استخدام الطريقة السلوكية المعرفية أكثر فائدة، وهي على النحو التالي: 1- تكون المشكلة والأهداف المحددين يمثلان تغيرا وليس اختيارا، فكما سبق القول فإن قضايا الاختيار يمكن خدمتها بشكل أفضل باستخدام طرق أخرى مثل توفير المعلومات، والإرشاد التعليمي والمهني، الجشطلتية وعن طريق اتخاذ القرارات، وطريقة إعادة القرار التي تتبع في تحليل التعاملات، والمحاورات الجشطلتية. 2- يكون المسترشد واعيا بصفة عامة "أي ألا يكون فاقدًا للتوجه، فلا يستجيب للعلاج"، وألا يعاني من قصور عضوي أو عجز في الوظائف، ويريد أن يعمل على عدد محدود من السلوكيات الظاهرة أو المغطاة. 3- أن يكون المسترشد أو سلوكياته هي المسئولية عن المشكلة، وليس النظام هو المسئول، فإذا لم يكن فإن العلاجات المنظومية هي التي تناسب "مثلا العلاج الزواجي، والعلاج الأسري، والنمو التنظيمي". 4- المسترشد ليس لديه درجة مزعجة من التشدد، كما أنه لم يصادف سواء بمفرده، أو مع المرشد إخفاقا متتابعا في محاولة تغيير السلوك، وإلا فإنه يستفيد أكثر من طرق الإرشاد الجمعي أكثر من الإرشاد الفردي. 5- أن تكون لدى المرشد الخبرة والإمكانيات، والميل للعمل مع المسترشد، وإلا فإنه يوصي بأن يحيل المسترشد إلى آخر. وفيما يلي أمثلة لبعض المشكلات، والأساليب "الإستراتيجيات" الإرشادية التي يمكن للمرشد أن يستخدمها معها. 1- الاكتئاب: الاكتئاب الاستجابي، اضطراب التوافق مع مزاج مكتئب.

- العلاج المعرفي "إعادة البنية المعرفية" إعادة التأطير، والعلاج العقلاني الانفعالي، العلاج بالتراكيب الشخصية". - مراقبة الذات. - التخيل. - وقف الأفكار. - ضبط المثير. - الوسائل المساندة. "قد يحتاج لمضادات الاكتئاب أو لا يحتاج لها". 2- ضبط الغضب: إعادة البنية المعرفية. إعادة التأطير "إعادة بناء إطار للمشكلة" Reframing. التدريب على الاسترخاء. التأمل الداخلي Meditation. التحصين ضد الضغوط. تدريب المهارات. 3- نقص المهارات: "مثلا المهارات الاجتماعية، مهارات التوكيد، مهارات المقابلة للتوظف". - التدريب "تدريب المهارات". - أساليب النمذجة، واستخدام النماذج السلوكية. 4- التطرفات السلوكية "المغالاة في السلوك": "مثلا التدخين، الأكل ... ".

- أساليب الإدارة الذاتية. - المقصد المتناقض Paradoxical interntion - التخيل. 5- اضطرابات القلق: أ- الفوبيا والقلق المحدد: التخلص المنظم من الحساسية. النمذجة بالمشاركة. التحصين ضد الضغوط. مجموعات المعاونة الذاتية. "الأدوية المضادة للقلق، والمضادة للاكتئاب في حالات الخوف من الأماكن العامة، قد تكون مطلوبة، أو غيرها مطلوبة". ب- اضطرابات القلق مع نوبات ذعر "هلع": استرخاء العضلات. التأمل الداخلي. النمذجة بالمشاركة، والتعريض المتزايد. "قد تكون الأدوية المضادة للقلق مطلوبة في البداية". جـ- قلق معمم "هائم، أو غير محدد": العلاج المتمركز حول الشخص. التغذية الراجعة الحيوية. الاسترخاء العضلي "المهدئات الصغرى قد تكون مطلوبة، أو غير مطلوبة". د- اضطرابات الوسواس - القهار: وقف الأفكار. القصد المتناقض "التشتيت".

النمذجة بالمشاركة. النمذجة المعرفية مع تعليمات ذاتية. التخلص المنظم من الحساسية "إذا وجد قلق". طرق الجشطلت. الإرشاد الجمعي. 6- اضطرابات الشخصية: أ- اضطرابات الشخصية المتجنبة "الهروبية": تدريب المهارات "التدريب التوكيدي". إعادة البنية المعرفية، والطرق المنطقية "العقلانية" الانفعالية. التشتيت -القصد المتناقض. العلاج بطريقة أدلر. الطرق الإنسانية. الطرق الجشطلتية. ب- اضطرابات الشخصية المعتمدة "الإتكالية": تدريب على مهارة التوكيد. النمذجة الضمنية. العمل الجمعي. الإرشاد الزواجي والأسري. ويجب على المرشد أن يلاحظ أن البرنامج المتكامل المساعدة المسترشدين على مواجهة مشكلاتهم يجب أن يستخدم كل الإستراتيجيات اللازمة للعمل مع مهارات المسترشد الأدائية، ومهاراته المعرفية واستجاباته الانفعالية، والعمليات البدنية والعوامل البيئية، وبذلك فمن الممكن استخدام أكثر من طريقة حسبما تدعو المشكلة، والأهداف المحددة لتناولها.

مراجع الفصل التاسع

مراجع الفصل التاسع. Cormier, W. H & Cornier, L. S "1985" Interviewing Strategies for Helpers: Fundamental skills and Cognitive behavioral interventions "2nd Ed" Montrey , CA: Brooks/ Cole. Dixon, D. & Glover, J "1984" Counseling: A problem Solving Approach. New York: Wiley. Eiscnberg, S. & Delaney, & J "1977" The counseling Process, 2nd ed. Chicago: Rand Mc Nally. Maslow, A. H. "1966" The Psychology of Science: A reconnaisance. New York: Harper &U Row. Shaffer, W. F "1976" Heuristics for the initial diagnostic Interview. Paper presented at the annual meeltng of the American Psychological Association: Washington, DC.

الفصل العاشر: طرق الارشاد

الفصل العاشر: طرق الارشاد مدخل ... الفصل العاشر: طرق الإرشاد: قد يبدو أنه من الصعب أن يشتمل مؤلف ينصب أساسا على عملية الإرشاد، طرق الإرشاد باستفاضة كافية، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نترك الحديث عنها كلية للمراجع المتخصصة, ومن هنا فسوف يكون هذا الفصل مركزا ومختصرا. وقد نحاول فيه أن نغطي معظم طرق الإرشاد والتي أصبحت كثيرة، ولكن من الصعب أن تكون التغطية تامة أو شاملة. ومن هنا يجيء هذا الفصل ليذكر القارئ أن جانبا هاما من عملية الإرشاد ينصب على الطريقة، وأن الطرق متعددة وهي تقوم على أساس من نماذج أو نظريات تزداد يوما بعد يوم. وإذا كان من الصعب أن نعزل الطريقة عن الإطار النظري الذي تبنى عليه لكننا فعلنا ذلك ليتعلم الطالب، طالب اليوم ومرشد الغد، أن بوسعه أن يختار الطريقة التي تناسب مهاراته وتناسب المسترشد الذي يساعده ليدخلها في منظومة العملية الإرشادية, بغضّ النظر عن التوجه النظري للمرشد. ويهمنا أن نؤكد على هذا الجانب, وبصفة خاصة في ممارسة الإرشاد من منطلق إسلامي، فقد تناسبنا الطريقة إسلاميا إذا عزلناها من التوجهات النظرية والفلسفات التي تبنى عليها, ولكنها إذا لم تعزل فإنها قد تتصادم مع القيم الإسلامية في بعض الأحيان. وعلى الرغم من كثرة التصنيفات التي تصنف إليها طرق الإرشاد، والتي تنسب في كثير من الأحيان إلى نظريات مثل السمات والعوامل، العلاج السلوكي، العلاج العقلاني الانفعالي، العلاج المعرفي، العلاج الجشطلتي، العلاج بالمعنى، العلاج عند آدلر، التحليل النفسي، العلاج بالواقع، العلاج متعدد الوسائل، العلاج بالسيكودراما، العلاج المتمركز حول الشخص, وغيرها، وعلى الرغم من كثرة التصنيفات إلى واقعية، وسلوكية، ودينامية، وإنسانية، وظاهراتية، وغيرها، فإننا سنترك ذلك إلى المراجع المتخصصة1؛ ومن هنا آثرت أن أتناول طرق الإرشاد فرادى بمعزل عن التوجه النظري أو الفلسفة التي انطلقت منها، مبينا تطبيقاتها الإرشادية بأمثلة واقعية كلما أمكن ذلك.

أولا: القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي

أولًا: القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي التعزيز "التدعيم" reinforcement ... أولا: الطرق القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي هناك مجموعة من الطرق تقوم على أساس من نظرية الإشراط الإجرائي التي صاغها ب. ف. سكينر "1938" Skinner, والتي ترى أن السلوك يزداد ويتكرر نتيجة لما يحدث بعده من تعزيز, وأنه ينقص نتيجة لما يحدث بعده من عقاب. كذلك تشتمل النظرية على مجموعة من قواعد التعلم التي يمكن أن تفسر لنا السلوك، وأن نستخدمها في معالجة السلوك، وهي بالإضافة إلى التعزيز والعقاب، الانطفاء، والتعميم، والتمييز، والتشكيل والتسلسل، وسوف نتناول كلا منها بشيء من التفصيل. 1- التعزيز "التدعيم" Reinforcement: إذا كان من شأن حدث ما "نتيجة" يعقب إتمام استجابة أن يزداد احتمال حدوث هذه الاستجابة مرة أخرى سمي هذا الحدث اللاحق للاستجابة معززا أو مدعما Reinforcer. والمعززات تنقسم إلى نوعين رئيسيين: معززات أولية، ومعززات ثانوية. فالمعززات الأولية: هي أحداث لاحقة "نتائج" غير مشروطة من حيث إنها قد اكتسبت قيمتها التعزيزية بدون تدريب خاص، ومن أمثلة هذه المعززات: الماء، الطعام، الراحة، تخفيف الألم، وغيرها من الأشياء التي تعتبر حيوية للكائن الحي وتحافظ على حياته، وبالتالي فإن هذه المعززات يكون لها قيمة تعزيزية إذا كانت هناك

_ 1 انظر للمؤلف: نظريات الإرشاد والعلاج النفسي، القاهرة, دار غريب للطباعة والنشر "1994".

حاجة للمحافظة على الحياة "الجوع، العطش، التعب، الألم ... إلخ" فإذا لم توجد مثل هذه الحاجات الخاصة بالمحافظة على الحياة، فإن هذه المعززات تفقد قوتها التعزيزية. أما المعززات الثانوية: فهي أحداث لاحقة للاستجابة "نتائج" يكون لها قوة تعزيزية نتيجة لخبرات تعليمية مشروطة، فمثلا الامتداح، المال، الالتفات، تعتبر أحداثا لاحقة لها قيمة تعزيزية متعلمة نتيجة لكونها قد ظهرت في البداية مقترنة مع معزز أولي. وتتحدد قيمة حادث لاحق "نتيجة" كمعزز ثانوي على أساس فردي، ومن واقع الخبرات التعليمية السابقة للمسترشد، بل إن القيمة التعزيزية للمعزز قد تختلف من موقف لآخر بالنسبة لنفس الشخص. وعندما ننظر إلى نتيجة ما على أنها معززة, فيجب ألا ننظر إليها من مجرد الأثر السار الذي تنطوي عليه, وإنما علينا أن نأخذ في الاعتبار مدى تأثيرها على الفرد نفسه, وعلى سبيل المثال قد يؤدي الامتداح الزائد أو الاهتمام الزائد بشخص خجول إلى نتائج عكسية؛ فيقل السلوك الذي امتدح عليه. التعزيز الإيجابي, والتعزيز السلبي: التعزيز -بصفة عامة- هو زيادة وتقوية السلوك نتيجة لما يقع بعده "المعززات"، وهذه المعززات يمكن أن تكون إيجابية أو تكون سلبية. التعزيز الإيجابي Positive Reinforcement: إن ظهور حدث سار كنتيجة لاستجابة ما "سلوك"، ويترتب عليه زيادة الاستجابة، هو ما نطلق عليه التعزيز الإيجابي. فإذا أتى شخص ما بسلوك وكان نتيجة لذلك أن حدث شيء طيب كأن تلقى مكافأة, فإن ذلك ما نسميه تعزيزا إيجابيا. والتعزيز السلبي Negative Reinforcement: إذا أعقب سلوكا أو استجابة ما، استبعاد شيء منفر, وترتب على ذلك أن ازداد السلوك فإننا نطلق على هذه العملية التعزيز السلبي. وفي جميع الأحوال, فإن التعزيز هو تقوية للسلوك، وبالتالي فإن السلوك الذي نراه في المسترشد "سواء كان سلوكا مرغوبا أم غير مرغوب" قد استمر وقوي نتيجة للتعزيز

بنوعيه الإيجابي والسلبي. وبنفس المفهوم, فإن السلوك الذي نود أن نبقي عليه أو نرغِّب في أن نزيده يمكن أن نحقق ذلك عن طريق التعزيز الإيجابي بإضافة شيء مرغوب للمسترشد في عقب السلوك، أو عن طريق التعزيز السلبي بحذف شيء غير مرغوب عن المسترشد, "مثلا حذف العقاب أو تخفيف الألم أو القلق أو الخوف أو الأرق أو الحزن أو غيرها من الأمور غير المرغوبة لدى المسترشد"، فالطالب الذي يأتي بسلوك طيب قد نمنحه بعض الدرجات أو المكافآت, أو قد نرفع عنه عقابا كان قد وقع عليه. وعند استخدام قاعدة التعزيز لزيادة سلوك مرغوب, أو الإبقاء عليه بعد تكوينه, فإن هناك مجموعة من الأمور ينبغي أن نراعيها، ومنها أن يكون ظهور المعززات في وقت قريب من السلوك الذي نود أن نعزِّزه بقدر الإمكان، وكذلك أن نختار المعزز من حيث النوع والكمية بما يناسب حاجة المسترشد، وأن نستخدم جداول تعزيز متصلة في البداية؛ لنساعد في زيادة السلوك المرغوب بسرعة, ثم بعد ذلك تستخدم جداول تعزيز متقطع تطول المدة فيها شيئا فشيئا، وبذلك نتجنب انطفاء السلوك بسرعة عند توقف التعزيز. إن قاعدة التعزيز قاعدة جوهرية يمكن استخدامها في تقوية السلوك المرغوب, ولكن في بعض الأحيان فإن السلوك المرغوب يكون مختفيا، وهنا نتذكر ما ذكرناه عند الحديث عن الأهداف من أنه من الأفضل أن تكون في صورة إيجابية، وبذلك فإن السلوك غير المرغوب الذي بقي لأنه عزز يقابله سلوك آخر لم يعزز فانطفأ أو تلقى عقابا فاختفى، وعلينا أن نبحث عن هذا السلوك المضاد لنعززه فنساعد على انطفاء السلوك غير المرغوب. على سبيل المثال إذا كان السلوك المشكل الذي جاء به المسترشد هو كثرة الغياب, فبدلا من أن نتحدث عن الغياب نتحدث عن سلوك الحضور الذي يقوم به الفرد فعلا ونحاول أن نعززه. كذلك يتبع البعض أسلوبا تعزز فيه كل السلوكيات ما عدا السلوك الذي نود التخلص منه. وللتعزيز استخدامات كثيرة في الإرشاد، فهو أولا يعطينا تفسيرا عن مثابرة وبقاء سلوكيات غير مرغوبة، فالسلوك الذي لا يتلقى تعزيزا ينطفئ، وبذلك فإن إحدى خطوات

تصوير المشكلة تتضمن التعرف على المعززات "انظر نموذج سيبي ونموذج ستيوارت وزملائه". وثانيا: فإن المرشد يمكن أن يستخدم التعزيز داخل الجلسات الإرشادية عندما يلاحظ سلوكا مرغوبا يمثل هدفا إرشاديا، فمثلا عندما يلاحظ انتظام الطالب في الحضور، أو استجابته لما كلفه به من واجبات منزلية كتحسين العلاقة مع والديه أو قضاء وقت أطول في الاستذكار أو غير ذلك, فإن المرشد يمكن أن يشجع ذلك السلوك من خلال التعزيز. كذلك فإن التعزيز يستخدم بشكل كبير في إدارة حجرة الدراسة وفي تعديل سلوك الأطفال والمتخلفين عقليا، وكذلك من تصحيح عيوب الكلام وتكوين العادات الصحية والأخلاقية الصحيحة. ومن بين أساليب التعزيز التي استخدمت بصفة خاصة مع الأطفال ومع المتخلفين عقليا ما يعرف بفيش أو بونات التعزيز Tokens, ويشار إليها أحيانا باقتصاديات الفيش حيث يحصل الفرد الذي يأتي بالسلوك المطلوب على فيش أو تذكرة بحيث إذا جمع عددا منها يمكن أن يبادل هذه الفيش بمشروبات أو بهدايا. وقد استخدم نظام الفيشات بنجاح كبير في مستشفيات الأمراض النفسية مع حالات مرضى العقول. ومن الأساليب التي تستخدم في التعزيز عملية إرجاع المعلومات Feedback للمسترشد حول سلوك معين مما يؤدي إلى تعزيز هذا السلوك الذي أداه. كذلك أسلوب التعاقد Contracting حيث يحرر القائم بتعديل السلوك عقدا مع الفرد الذي يعدل سلوكه يلتزم فيه الأول بتقديم أشياء معينة عندما يقوم الثاني "المسترشد" بأداء السلوك المطلوب.

العقاب punishment

2- العقاب Punishment: إذا كان من شأن حدث يعقب استجابة ما، أن يقلل من احتمال تكرار حدوث هذه الاستجابة، سمي هذا الحدث الذي أعقب الاستجابة عقابا، فالعقاب إذن عملية يترتب عليها إضعاف الاستجابة التي سبقته أو توقفها. العقاب الإيجابي والعقاب السلبي Positive and Nagative Punishment: قلنا: إن العقاب هو كل ما يقع بعد السلوك, ويؤدي إلى نقصان السلوك أو اختفائه. أ- العقاب الإيجابي: إذا صدر عن الفرد استجابة ما، وأعقب هذه الاستجابة وقوع شيء منفر أو مؤلم للفرد، فإن ذلك قد يؤدي إلى نقص الاستجابة أو توقفها، ونسمي ذلك الشيء المنفر أو المؤلم عقابا إيجابيا. ومن أمثلة العقاب الإيجابي الإيذاء "مثلا الضرب" أو التوبيخ. ب- العقاب السلبي: إذا صدر عن الفرد استجابة، وأعقب هذه الاستجابة استبعاد شيء سار من هذا الفرد، وترتب على ذلك نقص الاستجابة أو انقطاعها, سمينا ذلك عقابا سلبيا. فمثلا الطفل الذي يلعب في الشارع ولا يستذكر دروسه، وكان حرمان هذا الطفل بعد اللعب، من مشاهدة التليفزيون، يؤدي إلى نقص اللعب في الشارع قلنا: إن ذلك عقاب سلبي. ومن أنواع العقاب التي تستخدم في مجال تعديل السلوك: أ- الحرمان أو الإبعاد لبعض الوقت Time - out: حيث يحرم الفرد لبعض الوقت من المعززات, ومن الأشياء المرغوبة مثل الانضمام لجماعات النشاط، والاشتراك في الترتيب لحفلة، أو الخروج في رحلة. ب- ثمن الخطأ: حيث يغرم الفرد بأن يدفع ثمن الخطأ، ومثال ذلك ما يتبع في أسلوب الغرامات. جـ- زيادة التصحيح Overcorection: حيث يطلب من الفرد تصحيح ما ترتب على سلوكه وزيادة عليه. على سبيل المثال: إذا كسر التلميذ زجاج نافذة, فقد يكلف بأن يشتري كل زجاج النوافذ الأخرى على حسابه.

د- الصدمات الكهربية: ويستخدم هذا الأسلوب في بعض الأحيان مع الأطفال الذين يقومون بسلوكيات مؤذية للذات؛ كإحداث جروح في أنفسهم أو إدماء أصابعهم أو ضرب رءوسهم في الحائط "وهذه السلوكيات تشاهد بشكل متكرر لدى الأطفال المتخلفين عقليا". هـ- التعبيرات اللفظية: وهذه التعبيرات يكون الغرض منها تقليل السلوك غير المرغوب؛ ولذلك فهي تعتمد على الإحباط والتوبيخ واللوم. إن العقاب أسلوب استخدم منذ القدم، وهو قائم على كراهية الإنسان للألم البدني ومن ثم كراهية أيضا للألم النفسي، وهو أسلوب لا غنى عنه في بعض المواقف وخاصة عندما تكون المشكلة متصلة بالغير، أي: يكون السلوك المضطرب الذي أتى به الفرد قد تأثر به آخرون. ويجب على من يقوم بالعقاب -وبصفة خاصة في المدرسة- أن يقدر الموقف وطبيعة الشخص الذي يعاقبه والسلوك الذي يعاقب من أجله والنتيجة المترتبة على ذلك ونوع العقاب نفسه. وعلى سبيل التدليل على عدم ملاءمة بعض الأساليب, فإن المدرس قد يلجأ إلى عقوبة مثل حبس التلميذ في المدرسة لفترة بعد الانصراف أو حرمانه من الفسحة التي تعطى للراحة فلا يغادر الفصل أو تكليفه بأن يقف أمام الحائط أو أن يكتب عبارات اعتذار على السبورة مائة مرة، وهذه كلها أساليب تؤدي إلى كراهية المدرسة لارتباطها مع هذه الأساليب العقابية "عن طريق الإشراط". ويفضل دائما أن يكون العقاب هو آخر ما نلجأ إليه من أساليب إجرائية, وأن نزيد من استخدام أساليب التعزيز سواء التعزيز الإيجابي أو السلبي، وكذلك ضبط المعززات والانطفاء، وكما قلنا من قبل إذا كان العقاب يستخدم لتعديل سلوك بقصد تقليل هذا السلوك "سلوك غير مرغوب", فإن قاعدة التعزيز يمكن أن تتبع بالبحث عن سلوك مرغوب لا يتعايش مع السلوك غير المرغوب ثم نعززه, أو أن نعزز السلوكيات الأخرى ما عدا السلوك غير المرغوب مما يؤدي إلى انطفائه. ويجب على المرشد أن يدرس استخدام العقاب -وخاصة الإيجابي منه- دراسة كافية قبل أن يقدم عليه, ويفضل في جميع الأحوال ألا يكون المرشد هو المنفذ للعقاب حتى لا يفقد الثقة فيه من جانب المسترشدين، ويصبح رمزًا يرتبط بالعقاب بدلًا من أن يكون رمزًا يرتبط بالدفء، والتقبل والاحترام والتفهم والرعاية.

الانطفاء extinction

3- الانطفاء Extinction: يقصد بالإطفاء وقف التعزيز عن استجابة سبق تعزيزها, والاستجابة التي تتعرض للانطفاء تنتقص في تكرارها حتى تعود إلى مستواها الذي كانت عليه قبل التعزيز أو تتلاشى. وهناك أمثلة كثيرة على حدوث الانطفاء في حياتنا اليومية، فالشخص الذي يحاول أن يشغل سيارته المعطلة يتوقف بعد عدة مرات من المحاولة، كما أننا نتوقف عن إصدار التحيات الحارة بعد عدة مرات من عدم إجابة من نحييه، وفي كل من هذه الأمثلة فإن السلوك يتناقص؛ لأن النتيجة المعززة لم تعد تحدث. ويستخدم الانطفاء في المواقف التطبيقية عادة للسلوكيات التي سبق أن تلقت تعزيزا إيجابيا، كما أنه يمكن أن يستخدم أيضا مع الاستجابات التي تلقت تعزيزا سلبيا، ولكن الانطفاء في هذه الحالة يختلف عنه في حالة الاستجابات التي كانت تعزز إيجابيا. فالانطفاء في حالة السلوك "الاستجابات" التي تعزز سلبيا، وهي غالبا تعزز بإزالة الخوف أو الألم أو القلق، هذه الاستجابات تحتاج لكي تطفأ إلى أساليب خاصة يطلق عليها أحيانا أساليب إزالة أو خفض الخوف Fear Reduction ومنها طريقة التخلص التدريجي "أو المنظم" من الحساسية Systematic Desensitivation، وطريقة الغمر Flooding، وطريقة التفجر الداخلي Implosion وطريقة التدريب على السلوك التوكيدي Assertive Training. إن المرشد وهو يصور مشكلة المسترشد، والتي تتمثل في كثير من الأحيان في سلوك غير مرغوب يحتاج إلى التغيير عن طريق خفضة أو التخلص منه، هذا المرشد يحتاج أن يتعرف على المعززات التي أبقت على السلوك, مثلا: تشجيع الزملاء، الحصول على مكاسب ثانوية، لفت نظر الوالدين ... إلخ، فإذا استطاع المرشد أن يحدد إستراتيجيته للفصل بين المعززات والسلوك الذي قد يكون في شكل تغيب عن المدرسة، ادعاء المرض، عدم الاستذكار ... إلخ، فإنه بذلك يكون قد أعدّ خطة لانطفاء السلوك الضار أو غير المرغوب. وفي بعض الأحيان فإن إخماد أو إطفاء سلوك يصاحبه عملية تعزيز للسلوكيات المرغوبة والمناقضة للسلوك الذي تتخلص منه، مثلا: نشجع ونعزز سلوك الحضور للمدرسة أو نعزز سلوك الصدق، وهكذا، بهذه الطريقة نساعد على تكوين السلوك الإيجابي في نفس الوقت الذي نطفئ أو نخمد فيه السلوك السلبي غير المرغوب.

التشكيل shaping

4- التشكيل Shaping: يعتبر التشكيل أسلوبا هاما في الإرشاد وبصفة خاصة عندما ينصب اهتمام المرشد على إكساب "تعليم" المسترشد سلوكيات جديدة، ويعرف التشكيل أحيانا باسم التقريب المتتابع Successive Approximation، أو مفاضلة الاستجابة Pesponse differentiation، ويعتبر التشكيل أسلوبا عاما يعد لتوليد سلوكيات جديدة عن طريق التعزيز الأولي لسلوكيات موجودة لدى الفرد، وبالتدريج نقوم بسحب التعزيز من السلوكيات الأقل مماثلة ونركزه على السلوكيات الأكثر تشابها, والتي تصبح شيئا فشيئا مشابهة للسلوك النهائي المرغوب. ويمكن استخدام أسلوب التشكيل في مواقف كثيرة منها على سبيل المثال تدريب الأطفال الصم على إخراج الحروف, وكذلك حالات اضطرابات النطق. ففي البداية يقوم المعالج بتعزيز استجابة تقليد الصوت التي تصدر عن الطفل. وفي الخطوة الثانية فإن الطفل يدرب على التمييز، ويعزز المعالج الاستجابات الصوتية لإخراج حرف من الحروف إذا حدث فقط في خلال خمس ثوانٍ من نطق المعالج له. وفي الخطوة الثالثة فإن الطفل يكافأ عند إصدار الصوت الذي أصدره المعالج, وكلما كررد ذلك. أما في الخطوة الرابعة فإن المعالج يكرر ما فعله في الخطوة الثالثة مع صوت آخر شبيه بالصوت الذي تم في الخطوة الثالثة. ويستخدم أسلوب التشكيل في البرمجة الأكاديمية "مثلا القراءة" والبرمجة الاجتماعية "مثلا: الاقتراب من الآخرين، التحدث معهم والتعاون" والسلوكيات الحركية المعقدة لدى الأطفال والراشدين العاديين أو الذين لديهم مشكلات حيوية. ويستخدم التشكيل عادة لتكوين سلوكيات مفردة, وعندما يكون الهدف هو تكوين تتابعات سلوكية "مثلا: ارتداء الملابس، قضاء الحاجة ... إلخ" فإن التشكيل يستخدم مع فنّيّة أخرى هي التسلسل Chaining.

التسلسل chaining

5- التسلسل Chaining: يتشابه التسلسل مع التشكيل في أنه يعتمد على تجزئة السلوك أو ما يعرف ببرنامج التقريب المتتابع Successive Approximation والذي يرمز له عادة بحروف SAP حيث يتم التدريب على كل جزء من أجزاء السلوك النهائي باستخدام التعزيز. وتبدأ عملية تسلسل السلوك بترتيب السلوكيات في التتابع الذي نراه مناسبا، كما هو موضح بالشكل، والذي يوضح سلسلة خاصة بتدريب الطفل على ارتداء ملابسه. إن الغرض من التسلسل العلاجي هو أن نأخذ الاستجابات الموجودة "أجزاء السلوك" ونربطها مع بعضها البعض بإضفاء قيمة تعزيزية على الروابط المختلفة. أما الخطوة التالية, فتشتمل على هذه السلسلة خطوة خطوة، مثلا نقول للطفل: أما الآن أعلمك كيف ترتدي ملابسك، ثم تساعد الطفل وكلما دعت حاجة لذلك، في إكمال هذه الخطوات حتى يصل إلى السلوك الأخير "آخر حلقة في السلسلة" وهو سلوك "و" في مثالنا. وعند هذه الخطوة نشجع الطفل على إتمام السلوك "لبس الحذاء" بنفسه ثم نكافئه بالثناء، وكذلك بمكافأة مادية "مثلا: قطعة حلوى" على إتمامه الخطوة الأخيرة، لبس الحذاء، ونقول له: تمام أو أحسنت؛ لقد أتممت ارتداء ملابسك, ممتاز. وفي الجلسات التالية فإن المعالج يتقدم خطوات أخرى بالارتداد للوراء، حيث نساعده في

الخطوات نفسها حتى نصل إلى الخطوة قبل الأخيرة "السلوك هـ" ثم نشجع الطفل على إتمام الخطوتين هـ "ارتداء القميص"، و"لبس الحذاء" بالترتيب ونكافئ الطفل بمجرد أن يكمل السلوك الأخير ونقول له من جديد: ممتاز, لقد أتممت ارتداء ملابسك، ويستمر هذا الأسلوب عن طريق إضافة سلوك من السلسلة حتى نصل في النهاية إلى السلوك الأول أو الخطوة الأولى "السلوك أ" مع ملاحظة أن تكون المكافأة "التعزيزية" عند إتمام الخطوة الأخيرة "السلوك و" أي عند إتمام ارتداء الملابس في مثالنا. ويعتبر أسلوب التسلسل ذا أهمية في تعليم السلوكيات المركبة وخاصة للأطفال، وللمتخلفين عقليا ولمن لديهم إعاقات بدنية. ولأننا لا نعطي المكافأة إلا مع آخر خطوة في السلوك، فإن المعالج أو المدرب عليه أن يشجع الطفل بعد إتمام كل خطوة "تشجيعا لفظيا" وأن تكون المكافأة المادية "مثلا الحلوى أو اللعب" في النهاية. وفي بعض الحالات، وبصفة خاصة عند العمل مع الأطفال المتخلفين عقليا، فإن بعض الخطوات السابقة قد تحتاج إلى تقسيم من جديد إلى خطوات أصغر, ويصبح علينا في هذه الحالة أن ندرب الطفل أولا على كل مهمة "سلوك" باستخدام أسلوب التشكيل. على سبيل المثال التدريب على ارتداء السروال أو الفانلة والتدريب على لبس الجورب وهكذا، ثم نبدأ في سلسلة سلوك ارتداء الملابس كلها على النحو المذكور. والذي يميز التسلسل عن التشكيل هو أننا في التشكيل نبدأ بأول خطوة ونعززها, ثم ننتقل إلى الخطوة الثانية حيث يقوم الشخص بالخطوتين, ثم نعزز الخطوة الأخيرة وهكذا، أي: إننا ننتقل في اتجاه متقدم للأمام، أما في حالة التسلسل فإن آخر خطوة هي التي تعزز دائما، ومنذ البداية، كما أن التتابع يسير إلى الوراء من الخطوة الأخيرة إلى الخطوة الأولى مع المحافظة على تعزيز آخر خطوة فقط.

التمييز discrimination

6- التمييز Discrimination: قلنا: إن السلوك الإجرائي يتأثر بالنتائج التي تعقبه "معززات أو عقاب" فيزداد حدوثه بوجود المعززات ويقل بوجود العقاب، ومع ذلك فإن الأحداث التي تسبق السلوك أو الاستجابة "المنبهات أو المثيرات" يكون لها سيطرة أو ضبط على السلوك. ومن مثل هذه الأحداث "المثيرات" التوجيه البدني، النماذج، التلميحات اللفظية، والتعليمات التي تسبق الاستجابة وتسهِّل أداءها. كذلك نجد أحداثا سابقة تفرض ضبطا على السلوك، ففي بعض المواقف "أو في وجود مثيرات معينة" قد تعزز الاستجابة, بينما في مواقف أخرى "في وجود مثيرات أخرى" فإن هذه الاستجابة نفسها لا تتلقى تعزيزا، ويعرف ذلك بالتعزيز الفارق Differential Reinforcement، وبذلك فعندما نعزز استجابة ما في وجود مثير ما ولا نعززها في وجود مثير آخر لفترة من الزمن، فإن كل مثير يشير إلى النتائج التي يتوقع أن تعقب الاستجابة. فالمثير الذي يوجد عندما تلقى الاستجابة تعزيزا يشير إلى أن أداء هذه الاستجابة من المحتمل أن يلقى التعزيز في وجوده "أي: وجود المثير". وعلى العكس من ذلك, فإن المثير الذي يوجد في حالة عدم التعزيز يعطي إشارة إلى أن الاستجابة لا يتوقع أن تعزز. وعندما يستجيب الفرد بطريقة مختلفة في وجود مثيرات مختلفة فإنه يكون حينئذ قد قام بالتمييز، وعندما تضبط الاستجابة عن طريق الأحداث السابقة عليها "المثيرات", نقول: إن السلوك تحت ضبط المثير Stimulus Control. فإذا رمزنا إلى المثير الذي في وجوده يظهر التعزيز بالرمز م ف, وإلى المثير الذي ارتبط بعدم التعزيز بالرمز م ويمكن تعديل احتمال حدوث الاستجابة بالزيادة أو النقص بتقديم أو استبعاد المثير المعزز م ف. ويعتبر ضبط المثير "تمييز المثير" من القواعد الهامة في برامج تعديل وعلاج السلوك، ففي كثير من هذه البرامج يكون الهدف هو تبديل العلاقة بين السلوك وظروف المثير التي يحدث فيها هذا السلوك. وتنشأ بعض مشكلات السلوك نتيجة إخفاق مثيرات معينة في ضبط السلوك "عدم التمييز" رغم أن هذا الضبط يكون مرغوبا, فالأطفال الذين لا ينفذون تعليمات آبائهم إنما يكون سلوكهم هذا نتيجة غياب المثير، أي: إن هذه التعليمات لم يعد لها تأثير على سلوك الأطفال، ويكون هدف برنامج تعديل السلوك أن نزيد من استجابتهم للتعليمات.

كذلك نجد أن بعض السلوكيات تخضع تماما لما يسبقها من أحداث "مثيرات"، وعلى سبيل المثال فإن بعض الأشخاص الذين يعانون من شَرَه في تناول الطعام، إنما يتناولون الطعام لمجرد رؤية منظره وليس نتيجة لجوع حقيقي. وعند علاج هؤلاء الأفراد فإننا نركز على استبعاد الضبط الذي اكتسبه منظر الطعام "المثير" على سلوك الأكل. إن الناس يقومون بسلوك مختلف قليلا تحت ظروف متشابهة مع وجود مثيرات تختلف قليلا نتيجة لقدرتهم على التمييز, وكنتيجة لوجود عملية ضبط من جانب المثير "الذي يقومون بتمييزه" على السلوك. ومن أمثلة ذلك ما نشاهده في المدارس الابتدائية من أن التلاميذ يحتفظون بهدوئهم حين يكون المدرس داخل حجرة الدراسة, بينما لا يفعلون ذلك وهو خارج الحجرة حتى لو كان واقفا على بابها، والموظف يهتم برضاء رئيسه في العمل ولا يهتم بإرضاء غيره ممن هم في نفس المستوى الوظيفي لرئيسه. وفي مجال الإرشاد, فإن التدريب على السلوك التوكيدي Assertive Behavior يقوم على أساس استخدام مهارات التمييز لدى المسترشدين كجزء من عملية الإرشاد حتى يتم تدريبهم على التعرف على المؤشرات المختلفة من المواقف المتنوعة التي تستدعي استخدام مهارات السلوك التوكيدي. إن الطريقة الإجرائية في التمييز ذات أهمية عملية كبيرة عندما يلاحظ وجود إخفاق في التمييز, وحينئذ نحتاج إلى أن ندرب المسترشد على أن يتعلم أن يستجيب لأفضل المثيرات التي يتوقع معها تعزيز السلوك.

التلقين والتلاشي prompting and fading

7- التلقين والتلاشي Prompting and Fading: يشبه التلقين باعتباره مبدأ من مبادئ التعلم، ذلك التلقين الذي يحدث في المسرح، فهو عبارة عن تلميح أو مؤشر يجعل احتمال الاستجابة الصحيحة أكثر حدوثا. إن الأحداث التي تساعد على بدء استجابة تعتبر تلقينات. فالتلقينات إذن تسبق الاستجابة، وعندما ينتج عن التلقين استجابة، فإن الاستجابة يمكن أن يعقبها تعزيز. وعندما تؤدي التلقينات إلى استجابات أو سلوكيات تتلقى تعزيزا, فإن هذه التلقينات تصبح مثيرا فارقا أو مثيرا مميزا "م ف" للتعزيز. وعلى سبيل المثال عندما يطلب الوالد من الطفل أن يعود من المدرسة مبكرا, وعندما يفعل الطفل ذلك فإنه يتلقى امتداحا فإن طلب الوالد "تعليمات الوالد" يصبح مثيرا مميزا م ف. فالتعليمات التي أصدرها الوالد تشير إلى أن هناك احتمالا لوقوع التعزيز عندما تؤدي سلوكيات معينة، ومن ثم فإن التعليمات وحدها يتوقع أن يعقبها السلوك. وكقاعدة عامة، فإنه عندما يسبق التلقين تعزيز الاستجابة فإن التلقين يصبح مثيرا مميزا "فارقا", ويمكن أن يضبط السلوك بفاعلية. إن تكوين السلوك يمكن أن يصبح أيسر بعدة وسائل، مثلا توجيه السلوك بدنيا "مثلا عندما نأخذ بذراع الطفل لنساعده على وضع الملعقة في فمه" أو التوجيه اللفظي للطفل ليعمل شيئا ما، أو الإشارة للطفل أن يدخل إلى البيت، أو ملاحظة شخص آخر "نموذج" يؤدي السلوك المطلوب تكوينه. ويلعب التلقين دورا رئيسيا في عمليات التشكيل والتسلسل السابق الحديث عنهما، حيث نساعد الفرد لبدء الاستجابة ثم نعززه عند إكمال الاستجابة النهائية وقد استخدم ماهوني وزملاؤه "1971" Mahoney etal أنواعا من التلقينات لتدريب أطفال عاديين وأطفال متخلفين على الذهاب إلى المرحاض كجزء من التدريب على مهارات قضاء الحاجة. وعلى سبيل المثال كانت بعض اللعب توضع قريبا من مدخل المرحاض "تلقين بصري" كما كان الباحث يقوم بتوجيه الطفل بأن يأخذ بيده إلى المرحاض "تلقين بدني", ثم يوجهه بالكلام "هيا نذهب يا بوتي" "تلقين لفظي" وذلك ليبدأ السير إلى الحمام. إن استخدام التلقينات يزيد من احتمال حدوث الاستجابة، على سبيل المثال فإن السير إلى المرحاض كان أكثر احتمالا من حدوثه عندما قاد الباحث الطفل فعلا إلى المرحاض عما لو تركه يستجيب بمفرده. وبينما تشكل الاستجابة فإن الملقنات يمكن أن تستخدم بتكرار لتيسر أداء الهدف النهائي، وحالما تتم الاستجابة الملقنة فإنه يمكن

تعزيزها. وكلما زاد تكرار تعزيز الاستجابة كلما تم تعلمها بسرعة، ويكون الهدف النهائي عادة هو الحصول على الاستجابة النهائية في غياب الملقنات. وعلى الرغم من أن الملقنات تكون مطلوبة في وقت مبكر من التدريب, فإنه يمكن سحبها بالتدريج Faded مع تقدم التدريب. أما السحب التدريجي أو التلاشي Fading: فهو أسلوب من أساليب العلاج السلوكي التي تعتمد على مبادئ الإشراط الإجرائي، ويشتمل على تناول سلوك يحدث في موقف ما وجعله يحدث في موقف آخر عن طريق التغيير التدريجي للموقف الأول إلى الموقف الثاني. على سبيل المثال, قد يكون الطفل هادئا ومتعاونا في البيت ولكنه يكون خائفا ومنكمشا إذا وضع فجأة في حجرة للدراسة غريبة عليه. ويمكن أن نزيل هذا الخوف إذا قدمنا الطفل بالتدريج لمواقف تشبه حجرة الدراسة. ويعتبر أسلوب السحب التدريجي ذا أهمية كبيرة عندما يتعلم المسترشد سلوكيات جديدة من بيئة مقيدة مثل عيادة أو مستشفى أو مؤسسة، ثم ينتقل فجأة من هذه الأماكن إلى بيئة المنزل أو المجتمع مما قد ينتج معه فقدان لكثير من السلوكيات والمهارات التي اكتسبها. ولذا فمن المفضل أن يتم السحب التدريجي من بيئة العلاج إلى بيئة المنزل، ويتم ذلك من خلال عمل تقريبات في جانب المثير أي: البيئة نفسها. ويختلف أسلوب السحب التدريجي عن أسلوب التشكيل السابق التحدث عنه, حيث إن أسلوب السحب التدريجي يعتمد على إحداث نوع من التدريج أو التقريبات في المثير, بينما في حالة التشكيل فإن التقريبات تكون في الاستجابة. وفي المثال الذي ذكرناه في التلقين عند التدريب على الذهاب للمرحاض, فإن عملية السحب التدريجي تتم بإنقاص التلقين بشكل تدريجي قبل إيقافه تماما.

التعميم generalization

8- التعميم Generalization: يحدث التعميم عندما يمتد أثر تعزيز سلوك ما إلى ظروف أخرى غير التي حدث فيها التدريب، أي: إلى مواقف أخرى, أو يمتد إلى سلوكيات أخرى غير التي تناولها البرنامج. ويعرف التعميم الذي يمتد فيه أثر التعزيز إلى مواقف أخرى "بتعميم المثير" Stimulus Generalization. أما النوع الثاني الذي نعمم فيه الاستجابة التي يتعلمها الفرد "مثلا إلقاء التحية" إلى استجابات أخرى "مثلا الابتسام والمصافحة" فيعرف بتعميم الاستجابة Response generalization. وللتعميم أهمية كبيرة في تفسير انتقال أثر التعلم إلى مواقف أخرى واستجابات أخرى، وله أهمية علاجية كبيرة حيث إن المرشد يهدف دائما إلى أن ينقل المسترشد أثر التدريب إلى مشكلات أخرى ومواقف أخرى خارج مكتب الإرشاد, وإلى استجابات أخرى تكمل الاستجابات التي تعلمها من الموقف الإرشادي.

ثانيا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي

ثانيًا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي مدخل ... ثانيا: الطرق القائمة على أساس الإشراط الكلاسيكي ترجع نشأة الإشراط الكلاسيكي "أو إشراط المستجيب" Classical Conditioning إلى أبحاث عالم الفيسيولوجيا الروسي إيفان بافلوف، حيث تبين له أنه إذا اقترن مثير محايد "ليس له صفة توليد الاستجابة التي نتناولها" مع مثير طبيعي "يستدعي الاستجابة", فإن المثير المحايد يصبح مشروطا ويؤدي ظهوره منفردا إلى حدوث الاستجابة "وتصبح استجابة شرطية". وقد استفاد الباحثون وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية من تجارب بافلوف, واستنتاجاته في مجال التعلم حيث قام واطسون ورينر "1920" Watson & Rainer بتجربة على طفل صغير أمكنهما أن يجعلاه يخاف من مثير مشروط "فأر أبيض كان يلعب معه" بعد إشراطه لمثير طبيعي كان يحدث الخوف لديه "طرقات ذات صوت عالٍ"، كما قامت ماري كوفر جونز "1924" Jones بمحاولة لعلاج طفل آخر كان لديه خوف من فأر أبيض حيث أمكنها عن طريق الإشراط العكسي Counter Conditioning تخليص الطفل من الخوف حيث كان الطفل يجلس مع والدته ويعطى الحلوى, ثم يقرب الفأر يوما بعد يوم حتى أصبح الطفل في النهاية يلعب معه. ورغم البدايات المبكرة للإشراط الكلاسيكي "1902" ثم الإشراط الإجرائي "1938" فإن هاتين النظريتين لم يستفد منهما إلا مع تجارب جوزيف وولبيه في جنوب إفريقيا, والتي نتج عنها إعداد مؤلفه الشهير العلاج بالكف بالنقيض "1958" والذي يعتبر بداية العلاج السلوكي المنظم. ومن أهم الأساليب التي بُنيت على الإشراط الكلاسيكي أسلوب التخلص المنظم من الحساسية Systematic Desensitizatin والذي يستخدم بنجاح في خفض الخوف والقلق. وكذلك أسلوب العلاج بالتنفير Aversive Therapy وأسلوب التدريب على السلوك التوكيدي Assertive Training. وعلى الرغم من أن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية يفسر أساسا عن طريق الإشراط الكلاسيكي, فإن هناك من يفسره عن طريق الإشراط الإجرائي, والذي يهمنا كمرشدين أو معالجين هو الطريقة وكيفية تطبيقها أكثر من الاهتمام بالمدرسة النظرية التي تفسر النتائج أو العملية من خلالها. وقد تطورت طريقة التخلص المنظم من الحساسية تطورا كبيرا حيث أصبحت تجري على أساس معرفي Cognitive اعتمادا على التخيل Imagery بدلا من الاكتفاء باستخدامها مع أشياء واقعية أو حية In vivo.

التخلص المنظم من الحساسية systematic desensitization

التخلص المنظم من الحساسية systematic desensitization مدخل ... 9- التخلص المنظم من الحساسية Systematic Desensitization: التخلص المنظم من الحساسية أسلوب من أساليب العلاج السلوكي، يستخدم في علاج حالات القلق والخوف، ويقوم على أساس من قاعدة الإشراط المضاد Counter conditioning، ويرجع تطوير هذا الأسلوب واستخدامه في مجال العلاج النفسي إلى الأبحاث التي قام بها جوزيف وولبيه Wolpe في جنوب إفريقيا, والتي ظهرت تحت عنوان العلاج بالكف بالنقيض Reciprocal inhibition. ومما هو جدير بالذكر أن علماء المسلمين كان لهم السبق في الكتابة عن استخدام هذا الأسلوب في العلاج. على سبيل المثال نجد الغزالي يتحدث عن العلاج بالضد بشكل

مسهب عند حديثه عن تهذيب الأخلاق في مؤلفه الشهير "إحياء علوم الدين", كذلك فإن الإمام العلامة ابن قيم الجوزية يشير إلى طريقة لعلاج الخوف الذي يصيب الطفل الرضيع تعتمد أيضا على الإشراط المضاد, فيقول رحمه الله: "فصل: وينبغي أن يوقى الطفل كل أمر يفزعه من الأصوات الشديدة الشنيعة والمناظر الفظيعة، والحركات المزعجة، فإن ذلك ربما أدى إلى فساد قوته العاقلة لضعفها، فلا ينتفع بها بعد كبره، فإذا عرض له عارض من ذلك، فينبغي المبادرة إلى تلافيه بضده، وإيناسه بما ينسيه إياه، وأن يلقم ثديه في الحال، ويسارع إلى رضاعه ليزول عنه ذلك المزعج له، ولا يرتسم في قوته الحافظة فيعسر زواله، ويستعمل تمهيده بالحركة اللطيفة إلى أن ينام، فينسى ذلك، ولا يهمل هذا الأمر، فإن في إهماله إسكان الفزع والروع في قلبه، فينشأ على ذلك ويعسر زواله ويتعذر". "تحفة المودود بأحكام المولود 1971، ص233". ومن التجارب الرائدة في مجال علاج الخوف في علم النفس الحديث, والتي سبقت تجارب وولبيه تلك التجربة الشهيرة التي قامت بها ماري كوفر جونز "1924" Jones لعلاج طفل عمره ثلاث سنوات من الخوف حيث كانت تجلس الطفل في حجر أمه وتعطيه الحلوى التي يحبها, ثم تقرب له مصدر الخوف "فأرا أبيض" يوما بعد يوم حتى أصبح الطفل بعده عدة أيام يلامس هذا الفأر ويلعب معه. وتقوم فكرة التخلص التدريجي "أو المنظم" من الحساسية على أساس أنه لو أمكن أن نكون استجابة مضادة للخوف أو القلق لدى الشخص, فإنه يمكننا بتقريب مثير الخوف "مصدر الخوف أو موقف الخوف" بالتدريج أن تنطفئ استجابة الخوف أو القلق لدى الفرد. وبذلك فإن مكونات هذا النوع من العلاج تنحصر في ثلاثة جوانب: 1- الوصول إلى استجابة مضادة لاستجابة القلق أو الخوف, والتدريب عليها. 2- تدريج مثير الخوف. 3- تنفيذ العلاج.

وبالنسبة للاستجابة المضادة للخوف, فهناك عديد من الاستجابات تضاد القلق أو الخوف، ومنها تناول الطعام، والانشراح، والغضب، والاسترخاء، كما أن من الأساليب الإسلامية في هذا الجانب الصلاة، والدعاء، والذكر، والتهليل والتكبير، وقراءة القرآن. ومع أن وولبيه كان في تجاربه مع القطط يعتمد على أن تناول الطعام هو الاستجابة المضادة لاستجابة الخوف, فإنه لم يعتمد على هذه الاستجابة في علاجاته, وإنما كان معظمها يعتمد على استخدام أسلوب الاسترخاء Relaxation كاستجابة مضادة للخوف. وتشير الكتابات والدراسات في مجالات علم النفس والطب النفسي إلى أن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية يستخدم على نطاق واسع, وبنجاح كبير في علاج المخاوف المرضية "الفوبيا Phobia" ومن بين المخاوف التي استخدم معها هذا الأسلوب بنجاح: الخوف من المرتفعات، الخوف من قيادة السيارات، الخوف من حيوانات أو حشرات أو هوام، الخوف من الامتحانات، الخوف من الطيران ومن الماء ومن المدرسة ومن الرؤساء ومن الزحام، بل وحتى الخوف من الموت. كذلك فقد استخدم هذا الأسلوب مع مجموعة أخرى من الاضطرابات التي ليس لها طبيعة الخوف مثل اضطرابات الكلام، وأزمات التنفس، والأرق، وتعاطي الخمور، والغضب، والتجوال السباتي، والكوابيس الليلية ... إلخ "ريم وماسترز 1980 Rim & Masters"، والأساس الذي تقوم عليه فكرة استخدام أسلوب التخلص المنظم من الحساسية في مثل هذه الحالات هو افتراض أنها تنشأ عن خوف يرتبط بأحداث خارجية معينة, وبذلك فهي تشبه استجابات الخوف. وعلى سبيل المثال فإن بعض الأفراد الذين لديهم أفكار وسواسية "وساوس" قد يعايشون هذه الأفكار فقط عندما يواجهون موقفا مثيرا للقلق. ويحتاج العلاج بأسلوب التخلص المنظم من الحساسية لعدد قليل نسبيا من الجلسات العلاجية, حيث يقدر متوسط عدد الجلسات في هذا النوع من العلاج بين 16، 23 جلسة. وقد تطور أسلوب التخلص المنظم من الحساسية في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا, وأصبح أيضا ضمن الأساليب التي يستخدمها المعالجون في مدرسة العلاج السلوكي المعرفي Cognitive Behavior Therapy.

وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية

وصف طريقة التخلص المنظم من الحساسية: تعتبر طريقة التخلص المنظم من الحساسية أسلوبا هاما لمساعدة المسترشدين في التغلب على استجابات القلق والمخاوف التي أشرطت لمواقف أو أحداث خاصة. وقبل أن نصف هذه الطريقة نود أن نشير إلى أن الأشخاص الذين يبحثون عن علاج لقلق نوعي محدد المصدر "لتمييزه عن القلق الطليق أو المعمم" ينقسمون إلى مجموعتين: ففي المجموعة الأولى تكون المشكلات الخاصة بهؤلاء الأفراد مرتبطة بوجود قلق غير منطقي "أو خوف غير منطقي" ومثل هؤلاء الأفراد يفيد أسلوب التخلص المنظم من الحساسية بشكل كبير في علاجهم. وينظر إلى القلق على أنه غير منطقي إذا كان هناك دليل على أن الفرد القلق أو الخائف لديه المهارات الكافية للتغلب على ما يخاف منه, ولكنه اعتاد على تجنب الموقف الذي يحدث فيه الخوف، وإذا لم يستطع تجنب هذا الموقف فإن أداءه يكون في مستوى أدنى من قدراته. فالسائق الذي لديه خبرة ومهارة في قيادة السيارات قد يتجنب قيادة السيارة تماما في أعقاب تعرضه لحادث، وإذا قاد السيارة فإنه قد يقودها بمهارة أقل مما يعتاد عليه بسبب نقص انتباهه نتيجة لما يعانيه من قلق. أما المجموعة الثانية, فإن الخوف فيها يكون منطقيا إلى حد ما، سواء كان مرجع ذلك إلى نقص المهارات المناسبة لدى الفرد, أو بسبب وجود خطورة حقيقية في الموقف الذي يخاف منه أو كليهما. وفي مثل هذه الحالات فإن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية لا يكفي وحده كأسلوب علاجي أو إرشاد، بل قد يكون غير مناسب بالمرة كعلاج في مثل هذه الحالات، فمثلا السائق حديث العهد بقيادة السيارات نتوقع منه أن يتجنب استخدام طريق جبلي وعر في يوم ممطر. وقد تؤدي عملية التخلص المنظم من الحساسية إذا نجح المعالج في استخدامها في هذه الحالة إلى نتائج قاتلة بالنسبة لهذا السائق "لإقدامه على مخاطرة أكبر من مستوى قدراته". ومن ثم فإن المعالج أو المرشد

قد يتجه في هذه الحالة إلى مساعدة السائق على اكتساب مزيد من المهارة في قيادة السيارات من خلال إرشاده إلى مراكز التدريب المناسبة بدلا من مساعدته على التخلص من الخوف الذي يعتبر في مثل هذه الحالات خوفا معقولا ومنطقيا. إن مهمة تحديد ما إذا كان الخوف منطقيا أم غير منطقي تقع على المرشد أو المعالج، فإذا حدد أن الخوف أو القلق الموجود لدى المسترشد غير منطقي, فإن أسلوب التخلص المنظم من الحساسية يصبح الأسلوب المناسب للعلاج. ويعتمد استخدام هذه الطريقة في بدايته على ما يقدمه المرشد أو المعالج من شرح مبسط حول هذه الطريقة، ومن تحديده للخطوات الثلاث السابق ذكرها وهي: 1- التدريب على الاسترخاء "الاستجابة المضادة للخوف أو القلق". 2- إعداد مدرج للقلق. 3- مرحلة العمل "عملية التخلص المنظم من الحساسية". 1- التدريب على الاسترخاء: يتم هذا التدريب في غرفة هادئة ذات إضاءة خافتة، وتكون بعيدة عن الضوضاء الخارجية وبها أثاث بسيط، ومن المفضل أن تشتمل الغرفة على أريكة حيث يمكن تيسير الاسترخاء عن طريق استلقاء المسترشد عليها، فإذا لم تتوافر الأريكة فيمكن استخدام كرسي كبير ومريح. وتبدأ الخطوة الأولى في الاسترخاء بأن يجلس المسترشد على الأريكة أو الكرسي, ويسند ظهره إليه "أو يستلقي على الأريكة" ثم يغمض عينيه. ويبدأ المعالج بأن يقول: "سوف أقوم بتدريبك على كيفية الاسترخاء، وسوف أطلب منك أثناء التدريب أن تقوم بشد بعض العضلات في جسمك ثم إرخائها، وهكذا في بقية عضلات الجسم, هل تتابعني؟ ".

ثم يبدأ المعالج بعد ذلك في خطوات الاسترخاء، خطوة خطوة، ومن المفضل أن يتم توجيه تعليمات الاسترخاء بصوت هادئ مريح، وتستغرق كل خطوة حوالي عشر ثوان يتخللها فترة راحة بين 10، 15 ثانية بين كل خطوة والخطوة التالية لها، ويستغرق التدريب كله حوالي نصف ساعة "انظر موضوع الاسترخاء". ويفضل في الجلسة الأولى للاسترخاء أن يقوم المرشد او المعالج أيضا باستخدام خطوات الاسترخاء مع المسترشد حتى يمكن للمسترشد أن يلاحظ إذا لزم الأمر كيف يقوم المرشد بذلك، كما ننصح المرشد بأن يجعل مدة الفواصل بين الخطوات مناسبة للمسترشد الذي يعمل معه كما يشجعه على أن يمارس الاسترخاء بنفسه في المنزل ويفضل أن يكون ذلك بواقع مرتين في اليوم، كما يمكن أن نساعد المسترشد على هذا الأداء عن طريق تسجيل الخطوات على شريط كاسيت يستخدمه المسترشد بعد ذلك في المنزل، وقد يحدث في بعض الأحيان أن يشعر بعض الأفراد بعدم الارتياح أثناء الجلسة الأولى للتدريب على الاسترخاء وبالتالي فإنهم قد لا يصلون إلى الاسترخاء العميق على الوجه المطلوب، وفي مثل هذه الحالات فإن التدريبات المنزلية قد تساعدهم على تمام ذلك، وفي المعتاد، فإن التدريب على الاسترخاء يستغرق جلستين أو ثلاث جلسات، ويمكن للمرشد أو المعالج أثناء التدريب أن يستخدم بعض العبارات المشجعة أو المساعدة "خذ نفسك بشكل طبيعي" ... "احتفظ بعضلاتك مسترخية" ... لاحظ كيف تحس الآن أن عضلاتك دافئة وثقيلة ومسترخية"1. وفي بعض الحالات قد يصبح من الصعب على بعض الأفراد أن يتمموا الاسترخاء حيث يصبح من الصعب على البعض أن يسترخي في وجود الآخرين، أو أن يغمض عينيه لفترة تزيد على بضع ثوان، بل إن البعض "وهم قلة"، يخافون من الاسترخاء، وقد أوصى كل من برادى "1966 Brady وفرايدمان Friedman باستخدام بعض العقاقير مثل البريفيتال "ميتا هيكستون الصوديوم"، كما استخدام البعض مزيجا من غازي ثاني أكسيد الكربون والأكسجين "وولبيه ولازاروس 1966 Wolpe & Lazarus، وولبيه 1977".

_ 1 يعود تطور أسلوب الاسترخاء إلى جاكوبسون "1938" Jacobson.

2- إعداد مدرج القلق: من الضروري أن يحدد المرشد مصدر القلق لدى المسترشد سواء كان هذا المصدر مواقف أو أفكارا، ويمكن أن يتم ذلك باستخدام أساليب تقدير وتحليل السلوك "انظر الفصل الخاص بتصوير المشكلة" حيث يمكن أن يتم ذلك باستخدام المقابلة أو أسلوب التسجيل الذاتي أو الملاحظة أو المذكرات الشخصية أو باستخدام بعض الاستبيانات الخاصة بالخوف، على سبيل المثال قائمة المخاوف "انظر الملحق"، أو باستخدام بعض القياسات الفيزيولوجية. وبعد تحديد المثيرات المولدة للقلق, فإنها تقسم إلى مجموعات تبعا للعناصر المشتركة بينها. فمثلا قد يشعر شخص ما بالقلق من نقد الآخرين له ومن حساسية الذاتية العالية ومن سوء فهم الآخرين له، ومثل هذا الشخص تكون مخاوفه مركزة حول موضوع عام للخوف وهو الخوف من الأحكام الاجتماعية المضادة "الآراء السلبية حول الشخص". كذلك قد تجمع بعض المثيرات تبعا لحادثة معينة مثل الطلاق، ومثل هذه المجموعة تصبح الأساس الذي يبنى عليه مدرج مكاني وزماني Spatio-temporalhierarchy. والمشكلة التي تقابلنا في هذا الصدد هي أن المعالج قد يقسم المثيرات بناء على موضوع أو حادث غير مناسب، فعلى سبيل المثال فإن الخوف من الوجود في المركبات العامة المزدحمة أو المصاعد أو في ساعات الذروة للمرور, هذه كلها يجمعها موضوع واحد هو الخوف من الزحام البشري، على حين أن الموضوع الحقيقي الذي يجمع بينها ربما يكون الخوف في منطقة محدودة؛ ولهذا فإن عملية اختيار موضوعات أو عناصر مشتركة تعتبر من المهارات التي ينبغي على المعالج أن يدرب نفسه عليها. وبعد تحديد مصادر القلق وتقسيمها إلى مجموعات, فإن المعالج يتولى تحديد ما يحتاج منها إلى علاج, فهناك مخاوف تكون ذات طبيعة تكيفية يحتاجها الفرد في حياته, فالطالب الذي يخاف من مسايرة زملائه في المدرسة في سلوك التدخين في دورات المياه لا يمكن أن تعالجه من هذا الخوف؛ لأن مثل هذا الخوف يعتبر مرغوبا وصحيا وله

قيمة تكيفية. كذلك من الممكن أن نعزل بعض المخاوف أو نؤجل علاجها لأنها لا تمثل أهمية ضاغطة بالنسبة لمشكلات المسترشد الأساسية. وهناك مخاوف تقوم على أساس من مفاهيم وإدراكات خاطئة "مثلا الخوف من الإصابة بأمراض عقلية"، وربما يكون أفضل علاج في هذه الحالة استخدام أسلوب تعليمي، لكن في نفس الوقت هناك مخاوف مرضية تنشأ من الخبرات السابقة والارتباطات الانفعالية، وليس من مجرد تصورات خاطئة، ومثل هذه المخاوف هي التي نستخدم معها عادة أسلوب التخلص التدريجي من الحساسية. أما الخطوة التالية في إعداد مدرج القلق فهي أن نأخذ كل مجموعة من مثيرات الخوف، "عادة يكون لدى المسترشد مجموعتان أو أكثر من هذه المجموعات" وترتب هذه المجموعات في شكل تدرج قائم على ترتيب المثيرات تبعا لكمية القلق أو الخوف التي تولدها لدى المسترشد مع وضع الجوانب التي تولد أقصى درجة من القلق في قمة المدرج وأقلها في القاعدة. وقد تفيد القياسات الفيزيولوجية في هذا الترتيب، ولكن من المعتاد أن نعتمد على التقدير الشخصي للمسترشد نفسه عن كمية القلق التي يعايشها في الموقف الطبيعي "موقف الخوف". ولكي يسهل عليه التقدير يمكن أن نستخدم المقياس الذي اقترحه وولبيه, حيث تمثل الدرجة 100 أسوأ درجات القلق الذي يمكن للفرد أن يتخيله وتكون الدرجة صفر هي أدنى مستوى أي عدم وجود القلق، وتعرف وحدات هذا المقياس "التدريج" بوحدات القلق الشخصية، وبذلك فإن المسترشد يعبر عن درجة قلقه في صورة درجات "وحدات" بين صفر، 100، ويرى وولبيه ألا تزيد الفروق بين الفقرات المتتابعة عن 5-10 وحدات, وبذلك فقد نحتاج إلى إضافة فقرات جديدة كلما دعت الحاجة لذلك. وفيما يلي مثال لمدرج القلق والخوف: مدرج القلق لطالب لديه قلق شديد من الامتحانات: ليلة الامتحان حيث يبدأ أول الامتحانات في الصباح "أعلى درجة للقلق 100". عند قراءة السؤال الأول من الامتحان. عند انتهاء المحاضرات النظامية والإعلان عن جداول الامتحانات.

عندما يبدأ الأساتذة في تذكير الطلاب ببعض الجوانب الخاصة للامتحانات. عند بدء الفصل الدراسي والأساتذة يتحدثون عن مطالب المقررات "أدنى درجة صفر". 3- مرحلة العمل "إجراءات التخلص المنظم من الحساسية": بعد أن يتم تدريب المسترشد على الاسترخاء وإعداد مدرج القلق، تبدأ عملية التخلص المنظم من الحساسية والتي تتم إما في الواقع الملموس للحياة in vivo أو عن طريق التخيل Covert وهو الأكثر شيوعا. وإذا كان المسترشد يعاني من أكثر من نوع من المخاوف وأعددنا معه أكثر من مدرج لهذه المخاوف فإن العلاج يركز في البداية على أكثر هذه المخاوف أهمية بالنسبة له, وقد يمكن للمرشد أن يتعامل في الجلسة الواحدة مع أكثر من مدرج للخوف. وتبدأ الجلسة الأولى في هذه المرحلة -مرحلة العمل أو التنفيذ- بأن نطلب من المسترشد أن يسترخي, أي: أن يدخل إلى الاسترخاء بنفسه، وذلك لمدة خمس دقائق مع الإيحاء له بأنه قد أصبح أكثر استرخاء, وأنه يحقق استرخاء أعمق وأعمق. ويطلب المرشد "المعالج" من المسترشد أن يشير بأصبع السبابة اليمين عندما يصبح في حالة من الاسترخاء والشعور بالراحة ... وعندما يشير المسترشد بأنه وصل إلى حالة الاسترخاء, فإن المعالج يطلب إليه أن يتخيل مشهدا من المواقف التي حددها في مدرج القلق ويكون هذا المشهد عادة هو أقل المواقف إثارة للقلق, أي: الذي أعطاه المسترشد درجة صفر، ويعرف هذا المشهد بالمشهد الضابط، ويجب أن يكون التخيل لأوضح ما يمكن فيقول المرشد للمسترشد: "تخيل المشهد كما لو كنت تعيشه فعلا" ثم ينتقل بعد ذلك إلى مشهد آخر, وهكذا إلى أن يشير المسترشد بأنه قد بدأ في الشعور بالتوتر، ويكرر المرشد تقديم المشهد الواحد من ثلاث إلى أربع مرات, تستغرق المرة الواحدة حوالي عشر ثوانٍ ... وفيما يلي مثال لفقرة من حالة خوف "قلق" من الامتحانات: والآن توقف عن تخيل المشهد, وركز انتباهك مرة أخرى على الاسترخاء ... والآن تخيل أنك تستذكر دروسك في المنزل في المساء وقد بقي على الامتحان

شهر واحد "وقفة لمدة خمس ثوان" ... والآن توقف عن تخيل هذا المشهد "وقفة من 10-15 ثانية" والآن تخيل نفس المشهد مرة ثانية ... أنت وقد بقي على الامتحان شهر تستذكر دروسك في منزلك في المساء "وقفة من 5-10 ثوان" ... توقف عن تخيل هذا المشهد وفكر في عضلاتك واستمتع بحالة الهدوء التي تمر بها "وقفة 15 ثانية" ... والآن تخيل أنك تستذكر دروسك في البيت قبل الامتحان بشهر "وقفة من 5-10 ثوان" ... أوقف المشهد وفكر فقط في حالتك البدنية ... "Wolpe 1969 p 126". وتعرض المشاهد التي يتخيلها المسترشد في شكل تصاعدي تبعا للمدرج الذي تم إعداده، وذلك بدءا بأدناها إثارة للقلق وتدرجا معها زيادة حتى نصل إلى أكثر الفقرات إثارة للقلق. وفي المعتاد أن تشتمل الجلسة الواحدة بين 3-4 مشاهد "في المعتاد أن يشتمل مدرج القلق على 20-25 مشهدا" ويمكن تخصيص باقي الجلسة لمناقشة بعض الجوانب المتصلة بمخاوف المسترشد، أو تخصص للقيام بجانب من عملية التخلص المنظم من الحساسية باستخدام مدرج لنوع آخر من المخاوف, أو للعمل مع مشكلة أخرى من مشكلاته. ويحسن أن يحتفظ المرشد ببطاقات يسجل عليها المشاهد التي عرضها على المسترشد وتاريخ العرض ومدة العرض. ومن المستحسن عدم الانتقال إلى مشهد جديد إلا بعد أن يعايش المسترشد المشهد المعروض لثلاث مرات متتالية بنجاح "أي: بدون أن يشعر بعدم الارتياح" كما يجب على المعالج أن يراقب المسترشد خلال جلسات العلاج ليلاحظ علامات التعب عليه, وأن يستفسر منه عما إذا كان يشعر أن المشاهد المعروضة عليه في الجلسة الواحدة كثيرة، كما يمكن ملاحظة بعض التصرفات والمظاهر أثناء الاسترخاء وأثناء عملية التخيل مثل عدم الاستقرار في المقعد أو الحركة السريعة للجفون أو التمتمة بكلام والعينان مغمضتان.

صور أخرى للتخلص المنظم من الحساسية

صور أخرى للتخلص المنظم من الحساسية: اقترح بعض الباحثين صورا أخرى من أسلوب التخلص المنظم من الحساسية، فاقترح شيرمان "1972" Sherman استخدام هذا الأسلوب بشكل واقعي حي invivo بدلا من الاعتماد على التخيل حيث يعرض المسترشد للمواقف التي يشتمل عليها مدرج القلق في موقف حقيقي، وفي هذه الحالة لا يستخدم الاسترخاء كاستجابة مضادة للقلق وإنما يستخدم الشعور بالأمن في وجود المرشد والعلاقة الإرشادية كاستجابة مضادة للقلق. ويمكن على سبيل المثال أن يصحب المرشد المسترشد في الموقف الذي يخاف منه، وذلك بالتدريج. كما اقترح جولد فرايد "1971" Goldfried وميكينبوم "1974" Meichenbaum أسلوب التخلص المنظم من الحساسية مع ضبط النفس، ويشتمل هذا الأسلوب على تخيل المواقف المخيفة، ويتخيل المسترشد نفسه وهو يواجه الموقف المخيف.

التدريب على السلوك التوكيدي

التدريب على السلوك التوكيدي مدخل ... 10- التدريب على السلوك التوكيدي: قد يختلف الباحثون فيما بينهم حول تعريف السلوك التوكيدي Assertive behav ior ولكنهم رغم ذلك يتفقون إلى حد كبير على الخصائص الآتية لهذا النوع من السلوك: 1- السلوك التوكيدي سلوك يتصل بالعلاقات الشخصية، ويتضمن التعبير الصادق والمباشر عن الأفكار والمشاعر الشخصية. 2- السلوك التوكيدي سلوك ملائم من الناحية الاجتماعية. 3- عندما يسلك الشخص بطريقة توكيدية, فإنه يأخذ في اعتباره مشاعر وحقوق الآخرين. يرى فينسترهيم "1975" أن الشخص المؤكد لذاته "الحازم" يتمتع بأربع خصائص هي: 1- يشعر بالحرية في أن يظهر نفسه عن طريق الكلمات والتصرفات, يقول: هأنذا وهذا ما أشعر به وأفكر فيه وأريده. 2- يمكنه الاتصال مع الآخرين في كل المستويات مع الغرباء, والأصدقاء، والأسرة، وهذا الاتصال يكون دائما صريحا، ومباشرا، وصادقا, وملائما. 3- يكون له توجه نشط في الحياة، فهو يمضي وراء ما يريده, وعلى عكس الشخص السلبي الذي ينتظر الأشياء لتحدث فإنه يحاول أن يجعل الأشياء تحدث.

4- يتصرف بطريقة يحترمها شخصيا، واعيا بأنه لا يستطيع أن يكسب دائما، وهو يتجنب جوانب القصور لديه، ويسعى دائما للمحاولة الجيدة التي تجعله سواء كسب أو خسر أو تعادل يبقي على احترامه لذاته. ويهتم الباحثون في مجال السلوك التوكيدي بالتمييز بين التوكيد "الحزم" Assertion من جهة، والعدوان Agression من جهة أخرى. ويمكن تمييز العدوان بعدة طرق، فعلى سبيل المثال يمكن أن نقول: إن العدوان سلوك كدر من الناحية الاجتماعية "وولبيه 1973" أو أنه انتهاك لحقوق الغير "لانج وجاكوبوسكي 1976" كما يرى البعض أنه لكي نقول عن سلوك ما بأنه عدواني, فإنه ينبغي أن يتوافر قصد العدوان. ومن هناك يمكن القول: إن السلوك العدواني سلوك له آثار سلبية على رفاهية الغير. ويشتمل التدريب على السوك التوكيدي، على أي أسلوب علاجي يهدف إلى زيادة قدرة الفرد على القيام بهذا السلوك. وتشتمل الأهداف النوعية لهذا النوع من التدريب على زيادة قدرة الفرد على التعبير عن المشاعر السلبية مثل: الغضب، والضيق، وكذلك المشاعر الإيجابية مثل الفرح والحب والامتداح. ويفترض المعالج أن التأكيد الزائد يفيد المسترشد بطريقتين: فأولا: أن المرشد يعتقد أن سلوك المسترشد بطريقة أكثر تأكيدا "حزما" سوف تعطي هذا المسترشد شعورا أكبر بالراحة، بل إن أحد المعالجين الذين أسسوا هذا النوع من العلاج وهو جوزيف وولبيه يعتبر أن الاستجابة التوكيدية لها تأثير مشابه إلى حد كبير مع تأثير الاسترخاء العضلي العميق في إمكانية الكف المتبادل للقلق، ومن ثم يمكن استخدام أسلوب السلوك التوكيدي كاستجابة مضادة للقلق، "انظر أسلوب التخلص المنظم من الحساسية". وثانيا: فإن المرشد يفترض أن المسترشد حين يسلك بطريقة أكثر تأكيدا سيصبح أكثر قدرة على تحقيق ميزات اجتماعية هامة، وبالتالي يحصل على رضاء أكبر في الحياة، وتحقيق هذه الميزات وهذا الرضا يستلزمان نوعا من التعقل وليس مجرد الانفعال التلقائي غير الاستجابي؛ ولهذا يجب على المرشد أن ينتبه في تدريب المسترشد ألا يحدث تعميم للسلوك إلى مواقف تعود عليه بالضرر، كأن يرد في غلظة على رؤسائه في العمل.

تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي

تطور أسلوب التدريب على السلوك التوكيدي: يمكن القول بأن جوزيف وولبيه Wolpe هو المؤسس الأول لطريقة التدريب على السلوك التوكيدي، وإن كانت الأسس العامة لهذا التدريب قد أوردها أندرو سالتر Salter ضمن كتاباته عن العلاج بالفعل المنعكس "1948" أي: قبل بدء المرحلة النشطة للعلاج السلوكي التي بدأت مع كتابات وولبيه عن طريقة الكف بالنقيض "1958" بعشر سنوات. وتشتمل الطريقة التي وصفها سالتر على ستة أنواع رئيسية من التدريبات, هي: 1- التحدث عن المشاعر: ويشتمل هذا النوع من التدريبات على التعبير لفظيا عن أي شعور لدى الفرد مثلا يقول: "أنا أقدر هذا الشخص, وكذلك أحترم كل عمل يعمل من أجله". "لم يكن ذلك تصرفا ذكيا مني". "أفضل أن أشرب الشاي". 2- استخدام تعبيرات الوجه: وتشتمل هذه التدريبات على ممارسة التعبير بالوجه بما يتلاءم مع الانفعالات التي يعايشها الفرد مثل الفرح والخوف والحزن والضيق والغضب. 3- التعبير عن الرأي الشخصي في حالة مخالفته للرأي المطروح: وفيه يمارس الشخص تعبيره عن رأيه الشخصي حين يكون لديه رأي يختلف عن الرأي المطروح من الآخرين.

4- استخدام ضمير المتكلم بدلا من ضمير الغائب: ويشتمل هذا الجانب على التدريب على التعبير عن الذات, ونسبة الأحداث والخبرات لها بدلا من نسبتها إلى ضمير الغائب أو المبني للمجهول. "لقد قمت بمقابلة ناجحة" بدلا من "لقد كانت مقابلة ناجحة". "كانت أسئلتي هامة" بدلا من "لقد كانت الأسئلة هامة". 5- التعبير عن الموافقة عندما يكون هناك اقتناع أو فائدة أو رضا: وفي هذه الحالات, فإنه لا بأس بأن يعبر الفرد عن أنه يوافق على ما عبر عنه, أو ذكره آخرون مثلا يقول: "وأنا أيضا أؤيد هذا الاتجاه". "وأنا أوافق على ما قاله زميلنا فلان ... ". "وأنا أشارككم الرأي في أن الاجتماع هام ... ". "وأنا أيضا أحب هذا الطراز من السيارات". 6- ممارسة الارتجال في الحديث: ويقصد به أن يتدرب الفرد على الكلام الحر في صورة مرتجلة, ودون اللجوء بكثرة إلى الكلمات المعدة مسبقا أو الموجهة عن طريق الكتابة. وفي الوقت الذي ظهر فيه كتاب سالتر "1948" كان وولبيه يستخدم هو أيضا أسلوب التدريب التوكيدي، فوجد في كتاب سالتر تشجيعا على الاستمرار في استخدام هذه الطريقة في العلاج، إلا أنه رغم الاتفاق على استخدام هذه الطريقة, فقد كانت هناك اختلافات في وجهات النظر بين الاثنين. فعلى حين كان سالتر يرى أن التدريب التوكيدي "التدريب على الاستثارة" من الممكن استخدامه مع كل الحالات، وأن السلوك التوكيدي يمكن أن يعمم إلى مواقف كثيرة، فإن وولبيه كان على العكس من ذلك يرى أنه ليس من الضروري أن نستخدم التدريب التوكيدي مع كل مسترشد أو مريض، وكذلك

ليس من الضروري أن يعمم المسترشد هذا السلوك إلى مواقف أخرى. وعلى سبيل المثال فقد لا يجد المسترشد صعوبة في أن يعبر عن تبرّمه من سلوك أحد زملائه، ومع ذلك فإنه قد لا يستطيع أن يعبر عن ذلك إزاء رئيسه في العمل. ومن بين الباحثين الذين ساهموا بشكل مباشر, أو غير مباشر في تطوير فنيات التدريب التوكيدي مورينو "1946، 1955" Moreno الذي ذاعت شهرته كمؤسس لطريقة السيكودراما Psychodrama في العلاج النفسي, والتي تقوم على تمثيل درامي للاتجاهات والصراعات التي يمثلها المرضى من واقع الحياة, وترتكز هذه الطريقة بشكل كبير على التلقائية والارتجال. وتعتبر السيكودراما كطريقة لتمثيل الأدوار Role Playing شبيهة بإحدى الفنيات التي يستخدمها وولبيه بشكل أساسي في طريقته للتدريب التوكيدي، وتعرف هذه الفنية بالاسترجاع المتكرر للسلوك أو تكرار السلوك Rehearsal، غير أن هناك نقاط اختلاف بين الطريقتين منها أن السيكودراما تجعل ضمن أهدافها التنفيس والاستبصار، وهي جوانب لا يهتم بها المعالجون السلوكيون بشكل أساسي. ومن الأساليب العلاجية التي تتصل بشكل غير مباشر بطريقة التدريب التوكيدي تلك الطريقة التي استخدمها كيلي "1955" Kelly والتي تعرف بطريقة الدور الثابت Fixed Role وهي مزيج بين علم النفس السلوكي وعلم النفس المعرفي، وتشتمل على استخلاص صورة لفرد خرافي متحرر من القلق ومن المشكلات السلوكية التي تسبب اضطرابا للمسترشد، ثم إرشاد المسترشد إلى تمثيل هذا الدور. وهذه الطريقة التي اقترحها كيلي تشبه أسلوب الاسترجاع المتكرر للسلوك "تكرار السلوك", الذي اقترحه وولبيه في التدريب التوكيدي. كذلك فإن إلبرت أيليس Ellis صاحب نظرية العلاج العقلاني الانفعالي يستخدم في علاجاته تدريبات تتشابه مع التدريب التوكيدي. إن الملاحظات المتكررة للمؤلف، وكذلك نتائج البحوث تشير إلى أن نقص السلوك التوكيدي يصاحبه انخفاض في تقدير الفرد لذاته Self-esteem، ويرتبط كذلك بالخجل "ارتباطا عكسيا", فكلما زاد السلوك التوكيدي نقص الخجل لدى الفرد. وكذلك فإن السلوك التوكيدي يزداد لدى الأفراد ذوي الضبط الداخلي عنه لدى الأفراد ذوي الضبط الخارجي "بداري والشناوي 1987، الدماطي 1993". وتوجد في الوقت الحاضر مجموعة من المقاييس التي تساعد المرشد والمعالج على التعرف على مستوى السلوك التوكيدي لدى الفرد مما يساعد على التعرف على هذه المشكلة في بدء العمل الإرشادي. ومن بين هذه المقاييس المقياس الذي طوّره جالاس وباشتين "1974", والمقياس الذي طوّره جامبريك وريكي "1971". وكذلك المقياس الذي أعدّته راثوس "1973" Rathus, وقد نُقل إلى العربية واستُخدم في عدد من البحوث "بداري والشناوي 1987". ويمكن للمرشد أن يستفيد من العبارات المستخدمة في هذه المقاييس في عمله الإرشادي في تصوير المشكلة. وفي الغالب, فإن المشكلات التي يعرضها المسترشدون والتي تدل على نقص في السلوك التوكيدي ترتبط بالخوف أو القلق الاجتماعي والخجل والقلق بصفة عامة، والشكوى من اضطرابات الكلام، وكذلك في بعض حالات الاكتئاب.

فينات التدريب التوكيدي

فينات التدريب التوكيدي ... فنيات التدريب التوكيدي: تستخدم في التدريب التوكيدي مجموعة من الفنيات, نعرضها فيما يلي: 1- فنية تكرار السلوك: وهذه الفنية هي أكثر أساليب التدريب التوكيدي شيوعا، وتتطلب في تنفيذها أن تكون العلاقة الإرشادية بين المرشد والمسترشد قد تقدمت. وفي جانب من الجلسة الإرشادية يقوم المسترشد بالدور المطلوب "الذي ينقص فيه السلوك التوكيدي" على حين يقوم المرشد بدور الشخص الهام في حياة المسترشد أي: الذي يظهر في حضرته نقص السلوك التوكيدي، مثلا دور المدير أو صاحب العمل أو أحد الزملاء. ويحصل المرشد على المعلومات الهامة حول هذا الشخص من المسترشد نفسه، ويبدأ العمل بأن يقوم المسترشد بالسلوك الذي اعتاد أن يقوم به في مواقفه مع هذا الشخص، ويستجيب المرشد بما يناسب الدور المفترض أن يؤديه "المدير أو صاحب العمل ... إلخ" ثم يستجيب المسترشد ... وهكذا. وفي المعتاد, فإن تبادل العلاقة على هذا النحو تستمر لوقت قصير، وعلى سبيل المثال قد يرغب المسترشد في أن يتدرب على كيفية التعامل مع زميل يلح عليه في استعارة مذكراته الدراسية.

ويتولى المرشد تصحيح السلوك الذي أداه المسترشد، وقد يحتاج إلى أن يقوم هو بسلوك المسترشد بأن يعرض النموذج الذي يودّ أن يقلّده المسترشد, ثم يُتيح للمسترشد الفرصة لمحاكاة هذا السلوك. ويمكن أن يدخل في فنية تكرار السلوك فنيات أخرى مثل: استخدام التعزيز واستخدام أسلوب التشكيل، كما قد يستخدم المرشد أسلوب تبادل الأدوار حيث يقوم المرشد بدور المسترشد، وفي هذه الحالة يقوم المسترشد بدور الشخص الآخر "المدير أو الزميل ... إلخ"، وتتميز هذه الطريقة بأنها تتيح الفرصة للمسترشد ليشاهد الانفعالات المصاحبة للقيام بالدور التوكيدي، وقد يدهش المسترشد أن مثل هذا السلوك لم يولد لديه أي مشاعر سلبية "لاحظ أنه يقوم بدور الشخص الآخر, ويراقب المرشد الذي يؤدي عنه دوره". 2- فنية الاستجابة البسيطة الفعالة: قلنا من قبل: إن السلوك التوكيدي يشتمل على التعبير المناسب عن المشاعر، وعملية الحكم على مدى ملاءمة التعبير إنما هي عملية اجتماعية يقوم بها المسترشد بالاشتراك مع المرشد. وفي التعبير عن مشاعر مثل الضيق أو الغضب فإنه يمكن أن نستخدم فنية الاستجابة البسيطة الفعالة، ويقصد بالاستجابة البسيطة الفعالة السلوك الذي يحقق هدف المسترشد بأقل جهد, وأقل درجة من الانفعالات السالبة. على سبيل المثال قد يكون الفرد في موقف يود أن يستمع إلى شيء, ولكن الآخرين يحدثون ضجيجا مثلا عند عرض أحد الأفلام الثقافية أو أثناء إجراء حوار في ندوة ... يمكن هنا أن يلتفت هذا الشخص إلى الجلوس الحاضرين قائلا في صوت هادئ: يا إخواني, ألا يمكن أن نكون أكثر هدوءا؟ في بعض الأحيان, فإن مثل هذا الضجيج أو هذه الضوضاء قد تثير أحد الحضور, فيقف صائحا في غضب شديد: ما هذه الفوضى؟ ما هذا الضجيج؟ لو كان هذا المكان منضبطا ما حدث هذا. أنا أحمل المسئولين عن دعوتنا ما يحدث الآن ... إلخ. بالطبع مثل هذا الانفعال الشديد قد يترك آثاره السلبية على الشخص نفسه، وكذلك على جمهور الحاضرين أيضا.

وهناك مواقف كثيرة يجد المرء نفسه فيها بحاجة إلى مثل هذه الاستجابة البسيطة والفعالة في نفس الوقت. خذ على سبيل المثال النماذج التالية: 1- عندما تجد نفسك بعد تناولك العشاء في أحد المطاعم، وقد قدمت لك فاتورة حساب تشتمل على أشياء لم تطلبها: ربما يكفي في مثل هذه الحالات أن تقول: أظن أن هناك خطأ ما في هذه الفاتورة. هل يمكن أن تعيد حسابها مرة أخرى؟ 2- عندما يتبين لك أن أحد الركاب في الطائرة قد أخذ مكانك: قد يكون من المناسب أن تقول له: أظن يا أخي أنه قد حدث خطأ في رقم المقعد، هل يمكن أن تراجع تذكرة الإقلاع معك؟ 3- طالب يجد نفسه ليلة الامتحان وجها لوجه مع صديق أو قريب له جاء يزوره ليمضي معه بعض الوقت في أحاديث عابرة، يمكن أن يقول له على سبيل المثال: صديقي، أنت تعلم أن لدي في الغد امتحانا، وأنا بحاجة إلى مراجعة بعض الموضوعات قبل أن أنام في وقت مبكر هذه الليلة، وأرجو أن نلتقي في وقت آخر بعد انتهاء الامتحانات. 3- أسلوب التصعيد: في كثير من الأحيان نجد أن الاستجابة البسيطة الفعالة التي تحدثنا عنها تحقق نتائج طيبة، ولكن قد يحدث أحيانا أن مثل هذه الاستجابات لا تحقق النتيجة المرجوة منها، وفي هذه الحالة يجب أن يكون المسترشد مهيئا لأن يقوم بتصعيد هذه الاستجابة الهادئة، وفي هذه الحالات فإن المرشد يحتاج أن يقوم بنَمْذجة استجابات أكثر قوة. إن أسلوب التدريب على التصعيد Escalation قد اقترحه ماكفول ومارستون "1970" Mcfall & Marston وهو يساعد المسترشد على زيادة الثقة في نفسه

ويؤدي إلى تعميم السلوك التوكيدي، غير أنه ينبغي على المعالج أن ينبّه المسترشد بأن يؤخر هذه الاستجابات الشديدة إلى المواقف التي تدعو لاستخدامها. مثلا في حالة وجود شخص قد أخذ مكانك في الطائرة يكون التصعيد على النحو التالي: أخي ها هي تذكرتي تشير إلى رقم المقعد الذي تجلس عليه, وأنا متمسك بأن أجلس في مقعدي. 4- استخدام مدرجات السلوك: في هذه الحالة يقوم المرشد مع المسترشد بإعداد مدرجات للسلوك الذي يمارسه المسترشد في مواقف، ويتدرج مع المسترشد إلى مواقف أصعب وهكذا. ويعين المسترشد لكل موقف درجة من صفر - 100 تدل على ما يعتريه من غضب, أو ضيق فيه. مثال: - رئيسك المباشر يجلس إلى مكتبه وقد كنت طوال الأيام الثلاثة السابقة في عمل إضافي، وتود أن تنصرف اليوم من عملك مبكرا عن الموعد المحدد بنصف ساعة؛ لتحضر حفلا تقيمه المدرسة التي يدرس فيها ابنك، وقد توجهت إليه لتطلب منه أن يأذن لك في الانصراف المبكر. - رئيسك المباشر يمر عليك في صبيحة أحد الأيام، وأنت تقوم بعملك، وعلى الرغم من أنك ملتزم ودقيق في مواعيدك, فإنه يقول في لهجة شديدة: هل تأخرت اليوم في الحضور؟ - يبدي رئيسك المباشر ملاحظة مؤداها أنك ومجموعة من زملائك تأخذون فترات راحة لتناول القهوة بصورة أكثر تكرارا عن المفروض, وأنت تعرف أن هذه الملاحظة غير دقيقة. - رئيسك يوجه الاتهام "ظلما" إلى زميل لك بعدم الأمانة. - بعد أن عملت فترة إضافية لمدة أسبوع، يطلب منك رئيسك أن تقوم بذلك مرة أخرى وأنت لا تطيق ذلك, وتريد أن ترفض.

- تتقدم إلى رئيسك تطلب منه ترقية مستحقة لك. - تريد أن تخبر رئيسك أنك إذا لم تحصل على الترقية, فإنك ستترك المؤسسة. ويستفيد المرشد من هذه المدرجات بأن يحدد نقاط البداية في العلاج أو التدريب التوكيدي حيث يبدأ في تدريب المسترشد على المواقف التي تحدث أقل إثارة للقلق والتوتر لدى المسترشد، ثم ينتقل إلى المواقف الأشد وهكذا. 5- التدريب التوكيدي الجمعي: يمكن القول بأن التدريب التوكيدي قد يحقق نتائج أفضل إذا استخدمناه في إطار جماعات إرشادية أو علاجية عما لو تم على أساس فردي. وفي المعتاد, فإن جماعات التدريب التوكيدي التي تعد لهذا الغرض تضم بين 5-10 أفراد "مسترشدين" في الجلسة. ويعتمد التدريب في هذه الحالة على أسلوب تكرار السلوك الذي سبقت الإشارة إليه، ويبدأ العمل بأن يطلب المرشد من أحد المسترشدين أعضاء الجماعة أن يعرض المشكلة أمام الجماعة, ثم يطلب منه المرشد أن يؤدي أمامهم الاستجابة التي اعتاد أن يستجيب بها في مثل هذا الموقف, حيث يتم تقويمها بطريقة غير منحازة, وفي عبارات ودية عن طريق باقي أعضاء الجماعة. بعد ذلك يبدأ المرشد بقوله: هيا بنا نبحث معا كيف تكون الاستجابة التوكيدية المناسبة لهذا الموقف؟ ويمكن للمرشد أن يطرح اقتراحا بالاستجابة المناسبة "السلوك المناسب"، كما يمكن للأعضاء "ما عدا العضو الذي عرض المشكلة" أن يقترحوا أيضا الاستجابات التي يرونها مناسبة لهذا الموقف. وإذا اتفق الأعضاء على الاستجابة المناسبة فإنه يبدأ في إجراءات نمذجتها Modeling بواسطة عضو من الجماعة يتطوع للقيام بهذا الدور، أو قد يقوم المرشد بنفسه بأداء الدور المطلوب إذا لم يتقدم أحد الأعضاء للتطوع بأداء هذا الدور. غير أنه من المفضل أن يقوم أحد أعضاء الجماعة بذلك؛ لأن عملية النمذجة تمثل خبرة تعليمية، كما أنها تكون عالية الفعالية عندما يكون النموذج مشابها للمسترشد

وعندما يكون هناك مشاركة من جانب المسترشد في أداء السلوك المنمذج، ويقوم المرشد بتعزيز النموذج في أدائه للدور المنمذج. إن نقص السلوك التوكيدي من العيوب السلوكية التي يعاني منها بعض الطلاب والتي تدفعهم في كثير من الحالات إلى التقدم للإرشاد. وترتبط هذه المشكلة بمشكلات أخرى مثل انخفاض تقدير الفرد لنفسه وكذلك الخجل والقلق، وقد يترتب على نتائجها اغتمام الفرد وربما الوصول إلى أعراض الاكتئاب. وأسلوب أو طريقة التدريب على السلوك التوكيدي سواء بشكل فردي, أو بشكل جمعي من الأمور التي يجب أن يهتم المرشد الطلابي باستخدامها. 11- الإشراط التنفيري Aversive Conditioning: ينصرف اصطلاح الإشراط التنفيري إلى مجموعة من الأساليب التي تستخدم بقصد إنقاص أو إنهاء سلوك غير مرغوب لدى المسترشد، وينتمي أحد هذه الأساليب أو الفنيات للإشراط الكلاسيكي، بينما تنتمي باقي الفنيات للإشراط الإجرائي، وقد سبق أن تناولناها عند الحديث عن العقاب. وبالنسبة للإشراط التنفيري الكلاسيكي والذي يستخدم عادة مع مدمني الخمور, فإن الفكرة تقوم على إيجاد مثير طبيعي يحدث استجابة الألم "استجابة طبيعية", وفي المعتاد أن تستخدم حبوب الأميتين emitine أو أبومورفين حيث يتناولها المتعاطي قبل احتسائه للخمر. وعن طريق الإشراط فإن الخمر تصبح مثيرا مشروطا يمكن فيما بعد عند تناوله بدون الحبوب أن يولد الاستجابة, أي استجابة الألم نفسها "استجابة مشروطة في هذه الحالة". وتتلخص الطريقة في إعطاء المدمن حبوبا مقيئة, ثم يتناول بعدها ما اعتاد تناوله من الخمر ويبدأ تأثير هذه الحبوب بتوليد آلام في البطن وقيء، وهكذا مع استمرار الاقتران بين تناول الحبوب "مثير طبيعي" وتعاطي الخمر "مثير محايد" وحدوث الآلام والقيء "استجابة طبيعية لتناول الحبوب" فإن يمكن بعد فترة أن نتوقف عن إعطاء

الحبوب ويصبح تعاطي الخمر في هذه الحالة مثيرا مشروطا يولِّد نفس الاستجابة؛ استجابة الألم والقيء, "وقد أصبحت استجابة مشروطة"، ويؤكد المعالجون الذين يستخدمون هذه الطريقة أنها تحقق نجاحا بنسبة 50%. وللإشراط التنفيري الكلاسيكي استخدامات كثيرة في الحياة، وتلجأ إليها الأمهات والآباء بأساليب مختلفة وإن كان يشوبها عدم الدراسة وتقدير النتائج الجانبية، مثل استخدام القطرة في العين للتخلص من سلوك العصيان عند الأطفال, إلا أن نتيجته هي النظر للقطرة على أنها وسيلة للعقاب وليست وسيلة للعلاج، كما تتّبع الأمهات أسلوبا مماثلا عند فطام الطفل، وذلك باستخدام مواد حارة مثل الشطة أو مواد مرة مثل الصبار؛ مما يؤدي إلى نفور الطفل من الرضاعة, إلا أن ذلك يمثل له نوعا من الصدمة نتيجة الحرمان المفاجئ. وبصفة عامة, فإن الإشراط التنفيري الكلاسيكي لا يعتبر أسلوبا أو طريقة من الطرق الإرشادية التي يمكن للمرشد الطلابي أن يستخدمها في التعامل مع مشكلات الطلاب. 12- الغمر Flooding: على عكس طريقة التخلص المنظم من الحساسية التي تعتمد على تعريض الفرد الذي لديه قلق أو خوف للمثير الذي يحدث له القلق أو الخوف بشكل متدرج، فإن طريقة الغمر تعتمد على تعريض الشخص الذي يعاني من القلق أو الخوف بشكل مباشر, وكامل للمثير الذي يبعث فيه القلق أو الخوف. وتقوم هذه الطريقة على تعريض المسترشد بسرعة للمثير الشرطي "مثير الخوف أو القلق" في الوقت الذي نقلل فيه هروبه من هذا المثير المشروط، وتسمى هذه الطريقة في بعض الأحيان بطريقة منع الاستجابة "استجابة القلق أو الخوف" Response Prevention. يعرض لنا نيسبيت "1973" Nesbitt حالة سيدة عمرها 24 سنة كانت تعاني من خوف شديد ونفور من المصاعد الكهربية استمر معها لمدة سبع سنوات، وقد اشتمل العلاج على اصطحابها في المصعد لمرة واحدة مع المرشد, ثم تركها بعد ذلك بمفردها وبعد نصف ساعة من هذه المعالجة تناقصت مخاوفها بشكل كبير. والفكرة الرئيسية التي يرتكز عليها العلاج بالغمر هي التعريض السريع للمسترشد لذلك المثير المشروط "الذي يخاف منه" بدلا من تعريضه على فترات أو بالتدريج. وفي المثال السابق فإن تكرار استخدام هذه السيدة للمصعد مرات عديدة متتالية في فترة قصيرة "نصف ساعة" يؤدي إلى انطفاء استجابة الخوف، وقد يرجع هذا الانطفاء إلى أن الشخص يصبح منهكا من الناحية البدنية بما لا يسمح للاستجابة المشروطة "استجابة الخوف" أن تظهر. وربما يرجع ذلك إلى أن منع استجابة الخوف يساعد على كسر استجابات الهروب التي لا تجد وقتا لتظهر. وفي الوقت الحاضر, فإن الغمر يستخدم مع المواقف المثيرة للقلق "أو الخوف"، وأحد مميزات هذه الطريقة هي أنها أسرع في تأثيرها من الطرق التدريجية مثل التخلص التدريجي من الحساسية، أما العيب الأساسي فيها فهو أنها في بعض الأحيان قد تكون نتيجتها عكسية فتزيد من الاستجابة المشروطة "القلق أو الخوف" بدلا من أن تطفئها. فإذا كان الطفل يخاف من الكلاب, فإن إجباره على أن يواجه عدة كلاب قد يزيد من خوفه من الكلاب بدلا من انطفائه. وليس من السهل أن نتوقع ما إذا كانت نتيجة الإرشاد بهذه الطريقة ستكون انطفاء الاستجابة غير المرغوبة أو زيادتها، ومن ثم فإن كثيرا من المرشدين والمعالجين يفضلون استخدام طريقة التخلص التدريجي من الحساسية عن طريقة الغمر.

ثالثا: الطرق القائمة على التعلم الاجتماعي social learning

ثالثا: الطرق القائمة على التعلم الاجتماعي Social Learning من الأمور المشاهدة في الحياة أن الإنسان يتعلم مجموعة كبيرة من السلوكيات وخاصة الاجتماعية عن طريق ملاحظة آخرين يقومون بها. وقد ظهرت مجموعة من النظريات التي تفسر التعلم بهذه الطريقة، إلا أن أوسعها انتشارا وارتباطا بالإرشاد والعلاج النفسي كانت تلك النظرية التي وضعها عالم النفس الأمريكي ألبرت باندورا "1977" Albert Bandura. والتعلم الاجتماعي أو التعلم بالملاحظة "التعلم من نموذج" أسلوب عرفته البشرية منذ القدم، ويشير القرآن الكريم في قصة ابني آدم كيف تعلم الإنسان من الغراب الذي جاء يبحث في الأرض. {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ... } [المائدة: 31] . ويرشدنا الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- إلى الاقتداء بأفعاله في الجوانب العملية الأدائية للعبادات, فيقول صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي". ويقول في حجة الوداع: "أيها الناس, خذوا عني مناسككم". وسوف نتناول مجموعة من الطرق التي تقوم على أساس من نظرية التعلم الاجتماعي, ومنها: 1- أسلوب النماذج السلوكية "النمذجة" modeling. 2- أسلوب أداء الأدوار Role Playing.

14- استخدام النماذج السلوكية "النمذجة" في الإرشاد Modeling: تقوم طريقة استخدام النماذج السلوكية أو النمذجة، على أساس إتاحة نموذج سلوكي مباشر "حي" أو ضمني "تخيلي" للمسترشد، حيث يكون الهدف هو توصيل معلومات حول النموذج السلوكي المعروض للمسترشد بقصد إحداث تغيير ما في سلوكه "إكسابه سلوكا جديدا، أو زيادة، أو إنقاص سلوك موجود لديه". وقد ظهرت في السنوات الأخيرة دراسات عديدة تظهر إمكانية استخدام هذه الطريقة الإرشادية والعلاجية مع كثير من المشكلات والاضطرابات، مثل التدريب على السلوك التوكيدي، وحالات القلق وحالات العدوان, وعيوب النطق وفي إكساب الأطفال المهارات الاجتماعية, وفي بعض حالات الوساوس والسلوك القهري وحالات المخاوف المرضية وغيرها. الوظائف الأساسية للنمذجة: للنمذجة أربع وظائف رئيسية: فعن طريق ملاحظة نموذج يمكن للمسترشد أن يتعلم سلوكا جديدا مناسبا، كذلك فإن ملاحظة سلوك النموذج يكون له أثر اجتماعي تسهيلي "أو إنمائي" Facilitative عن طريق دفع المسترشد إلى أداء تلك السلوكيات التي كان بوسعه أن يقوم بها فيما مضى، وذلك في أوقات أكثر ملاءمة وبأساليب أكثر ملاءمة أو تجاه أشخاص أكثر ملاءمة. كذلك فإن النمذجة قد تؤدي إلى إنهاء كف سلوكيات كان المسترشد يتحاشاها بسبب الخوف أو القلق، وبينما ترفع الكف عن السلوكيات فإن النمذجة قد تزيد الانطفاء المباشر والانطفاء بالإنابة للمخاوف المرتبطة بالشخص أو الحيوان أو الشيء الذي كان السلوك موجها نحوه

العوامل التي تؤثر في النمذجة: يمكن تصنيف العوامل التي تؤثر في فاعلية استخدام النمذجة تحت ثلاث مجموعات, هي: 1- خصائص النموذج. 2- خصائص المراقب "المسترشد أو المتعلم". 3- خصائص مرتبطة بالإجراءات المستخدمة في النمذجة. أولا: خصائص النموذج: مما لا شك فيه أن الانتباه لنموذج يقوم بسلوك معين، يزداد كلما كان النموذج محببا ومشوقا للمسترشد، فالنموذج الذي يلقى ترحيبا أو الذي يحظى باهتمام اجتماعي يكون له آثار أكبر في النمذجة. كذلك يفضل أن يكون النموذج مناسبا في السن والنوع والأصول للمسترشد, حيث إن ذلك يزيد قابلية المسترشد لتقليد السلوك المنمذج عما لو كانت النماذج بعيدة الشبه منه في هذا الجانب. ثانيا: خصائص المراقب "المسترشد أو المتعلم": يحدد باندورا "1977" Bandura الجوانب الأربعة التالية كعوامل هامة تؤثر على نتائج النمذجة كعوامل, أو جوانب يحتاج المسترشد أن تتوافر لديه وهي:

أ- عمليات الانتباه. ب- عمليات الحفظ. جـ- عمليات الاسترجاع "إعادة التوليد الحركي للسلوك". د- عمليات الدافعية. أ- عمليات الانتباه Attentional Processes: لا يكفي أن يوجد المسترشد في موقف يتم فيه نمذجة السلوك؛ لكي يتم تعلم هذا السلوك فعلا من النموذج، وإنما ينبغي أن ينتبه المسترشد للموقف وأن يستوعب المعلومات التي يعرضها النموذج. وتتوقف عمليات الانتباه على بعض الجوانب الخاصة بالمثيرات الداخلة في النمذجة كوجود تنافر في الإضاءة وفي الصوت وتكرار في المقاطع الرئيسية، والتلخيص الواضح، وكذلك على بعض الجوانب لدى المسترشد مثل سلامة الحواس لديه "السمع والبصر والشم والتذوق واللمس"، ومستوى الاستثارة لديه، وكذلك الجوانب الإدراكية. ب- عمليات الحفظ Retention Processes: بمجرد أن ينتبه المشاهد "المسترشد" للمعلومات الأساسية الخاصة بالسلوك الذي ننمذجه ويصبح قادرا على أن يفهم جوانب هذه المعلومات, فإنه ينبغي أن يكون حينئذ قادرا على تذكر المادة التي استقبلتها حواسه "في عمليات الانتباه", ويتم ذلك عن طريق حفظ "تخزين" هذه المادة في صورة مرمزة Coded في شكل سمعي وبصري، ويساعد اقتران الجوانب البصرية مع الجوانب السمعية وتكرار المعلومات على تذكر المادة المنمذجة. جـ- استرجاع "إعادة توليد" السلوك Motoric Reproduction: في هذه العمليات يتم استرجاع السلوك المحفوظ "في الذاكرة", غير أنه ينبغي أن نلاحظ أنه في بعض السلوكيات الحركية المعقدة مثل ركوب الدراجات، فإن السوك لا يكفي لأدائه تقليد النماذج المعروضة، بل يجب أن تكون لدى الفرد المهارات الحركية

المناسبة والقدرة على حفظ التوازن المطلوبان لأداء هذا السلوك "ركوب الدراجات". وفي هذه الحالات, فإن مشاهدة السلوك وحفظه في الذاكرة لا تكونان كافيتين لإعادة توليد السلوك, وإنما متى توافرت المهارات المناسبة فإن هذه المشاهدة تساعد كثيرا على اكتساب السلوك المطلوب. وفي الواقع, فإن الإنسان قد يختزل معلومات حول نموذج معين لسنوات طويلة, ثم يعيد هذه السلوكيات عندما يحين وقتها أو تدعو الحاجة إليها. فالطفل الصغير يكتسب سلوكيات كثيرة خاصة بالتعامل في إطار الأسرة من معايشته لأسرته, وقد يحتفظ بجانب كبير من هذه السلوكيات ليؤديها عندما يكبر ويكوّن أسرة لنفسه. د- عمليات الدافعية Motivational Processes: إذا توافرت عمليات انتباه المسترشد للنموذج وفهمه للمعلومات المراد توصيلها له من خلال العرض، وحفظ هذه المعلومات وتوافرت المهارات الحركية اللازمة لتنفيذ النشاط المنمذج, فإن هذا المسترشد قد لا يؤدي السلوك المنمذج؛ لأنه قد توقع نتائج منفّرة من أداء السلوك "عقابا"، ومن ناحية أخرى, فإنه عندما يتوقع نتائج إيجابية من أداء السلوك المنمذج فإننا نتوقع أن يقوم بأداء هذا السلوك. ثالثا: خصائص مرتبطة بالإجراءات إن موقف النمذجة والأسلوب الذي تتم به قد يتضمن بعض الجوانب التي تؤثر على نتائجها. فعلى سبيل المثال لُوحظ أن النتائج التي يحصل عليها النموذج "القائم بالعرض" تؤثر على فاعلية النمذجة، فالنموذج الذي يكافأ على تصرف ما يكون أكثر قابلية أن يقلده المسترشدون عما لو كان النموذج يتلقى عقابا. كذلك فإن أداء النماذج للسلوكيات المنمذجة في مواقف مختلفة يزيد من آثار النمذجة، كذلك فإنه عند وجود نماذج متعددة تكون النتائج أفضل مما لو اقتصر الأمر على نموذج واحد. وإذا اشتملت النمذجة على قاعدة أو خطة يمكن أن يكتشفها المسترشد من واقع السلوك المنمذج, فإن آثار النمذجة على المسترشد تزداد إلى حد كبير.

أنواع النمذجة: يمكن التعرف على ثلاثة أنواع من النمذجة هي: النمذجة المباشرة أو الصريحة، والنمذجة الضمنية "المعرفية"، والنمذجة بالمشاركة. أ- النمذجة المباشرة أو الصريحة Overt Modeling: في هذه الطريقة يتم عرض نماذج حية تؤدي السلوك المطلوب عرضه، حيث يقوم بذلك أشخاص واقعيون, أو عن طريق أشخاص ومواقف معروضة بالصوت والصورة. ب- النمذجة الضمنية Covert Modeling: في كثير من الأحيان قد يصبح من الصعب إعداد نماذج حية أو محسوسة بشكل مباشر لعرضها على المسترشدين أو المرضى في مكاتب الإرشاد أو العيادات النفسية؛ ولهذا فقد اقترح كوتيلا "1971" Cautela استخدام النماذج الضمنية. ويعتمد هذا الأسلوب على أن يتخيل المسترشد نماذج تقوم بالسلوكيات التي يرغب المرشد أن يقوم المسترشد بها. ولأن النمذجة -كما أشرنا من قبل- تركز أساسا على عرض معلومات نود أن نوصلها للمسترشد، فإن دفع المسترشد إلى تصور تتابع أو سلسلة من الأحداث يمكن أن يؤدي نفس الآثار التي تؤديها النمذجة الصريحة. ويؤيد هذا الرأي ويلسون وأولاري "1980" Wilson & O'lary اللذان يريان أن استخدام النماذج الضمنية يعطي نتائج مساوية للنتائج التي تنتج من استخدام النماذج الحية "الصريحة". وقد استخدم كازدين "1974" Kazdin أسلوب النمذجة الضمنية في خفض الخوف لدى طلاب الجامعة، كما استخدم نفس الباحث هذا الأسلوب في تدريب الطلاب على السلوك التوكيدي، وذلك بأن يطلب منهم أن يتخيلوا نموذجا مشابها لهم يقوم بالسلوك التوكيدي، كما أوضحت الدراسات التي قام بها كوتيلا وفلانادي وهانلي "1974" Cautela & Flannery & Hanley عدم وجود فروق بين نتائج استخدام أسلوب النمذجة الصريحة وأسلوب النمذجة الضمنية. جـ- النمذجة بالمشاركة Participant Modeling: تشتمل عملية النمذجة بالمشاركة على عملية نشطة مصحوبة بتوجيهات للمسترشد إلى جانب النمذجة المباشرة للسلوكيات موضوع العلاج. ويرى باندورا "1977" Bandura أن هذه الطريقة في العلاج ذات فاعلية أكبر من مجرد أن نجعل المسترشد يراقب النموذج, وهو يؤدي السلوكيات المطلوبة، وبذلك فإن النمذجة بالمشاركة تشتمل على عرض للسلوك بواسطة نموذج Model, وكذلك أداء هذا السلوك من جانب المسترشد مع توجيهات تقويمية من جانب المرشد موجهة للمسترشد. وبذلك يكون هذا الأسلوب أكثر فاعلية من استخدام النمذجة "بدون مشاركة" وحدها. وعلى سبيل المثال, فإن استخدام هذا الأسلوب لتعليم المسترشد كيفية التغلب على المخاوف، وفي وجود المرشد وما يعطيه من توجيهات يحدث أثرا مريحا للمسترشد وهو يتغلب على مخاوفه, والمرشد الواعي يستطيع أن يساعد المسترشد، أثناء هذا الموقف, على عقد مقارنة لما أحرزه من تقدم.

استخدامات النمذجة: تستخدم النمذجة في الإرشاد والعلاج النفسي لغرضين أساسيين: أ- زيادة سلوك. ب- إنقاص سلوك. أولا: زيادة السلوك عن طريق النمذجة يمكن أن ننظر إلى ما يحدث من زيادات في السلوك نتيجة للنمذجة على أنه يشتمل على ثلاثة أنواع من الآثار: 1- آثار الاكتساب. 2- آثار ناتجة عن إزالة الكف. 3- آثار خاصة بتسهيل حدوث السلوك. 1- الآثار الخاصة باكتساب السلوك: أوضحت مجموعة من التجارب أنه يمكن إكساب الأطفال والكبار سلوكيات جديدة من خلال عرض نماذج يقومون بتقليدها بعد ملاحظتها, مع تعزيز أدائهم للسلوك.

وقد قام كاي "1971" Kaye بتجربة لإظهار كيفية اكتساب الأطفال لتتابع جديد من السلوك حيث عرض للأطفال "مجموعة من الأطفال في سن ستة أشهر" لعبة يفصل بينها وبين الطفل شاشة زجاجية تمكن الطفل من مشاهدة اللعبة والتحرك نحوها, ولكنه لا يستطيع أن يصل إليها بسبب وجود الساتر الزجاجي، ثم قام الباحث بنمذجة سلوك الدوران حول الساتر الزجاجي والوصول إلى اللعبة، وأعقب ذلك أن قام الأطفال بتقليد سلوك الباحث وبمحاولات بسيطة أمكنهم جميعا أن يحصلوا على اللعبة بسهولة. كما قام لوفاس وزملاؤه "1976" Lovas et al بإعداد برنامج للأطفال الذين لديهم اجترارية Autism لإكسابهم المهارات اللغوية. كما وجد هيكس "1965، 1968" Hicks أن الأطفال قاموا بالسلوك الجديد الذي شاهدوه في فيلم عرض عليهم، واستمر قيامهم بهذا السلوك لفترة طويلة بعد ذلك. وبذلك, فإن المرشد يمكنه الاستفادة من فنية استخدام النماذج السلوكية "الصريحة أو الضمنية" وخاصة إذا كان هناك مشاركة من جانب المسترشدين؛ وذلك لإكسابهم سلوكيات جديدة, مثل سلوك ريادة الجماعات، والإعداد للمقابلة الخاصة بالتوظيف، وسلوكيات الاستذكار والتعاون والإيثار والشجاعة والسلوك الصحي، وغيرها كثير من السلوكيات التي قد لا تكون موجودة لدى المسترشد ويحتاج لاكتسابها. ب- الآثار المحررة من الكف: يمكن أن نلاحظ مثل هذه الآثار عندما يصبح السلوك المكفوف لدى المسترشد أكثر حدوثا بعد مشاهدة نموذج يقوم بالسلوك موضع الكف, بدون أن يعاني من آثار عكسية. ومن أمثلة هذا النوع ما نشاهده في المناسبات الاجتماعية والندوات والمؤتمرات حين يبدأ أحد الأشخاص بالكلام أو المناقشة أو توجيه أسئلة، بعدها يبدأ آخرون في تقليد هذا السلوك. ويمكن أن نشاهد هذه الآثار "التحرر من الكف" في علاج المخاوف لدى الأطفال, حيث يبدءون في الاقتراب من الأشياء التي تُخيفهم, والدخول إلى تفاعلات اجتماعية نتيجة لمشاهدتهم لنماذج سلوكية.

وقد قام أوكونور "1969" O'cconor بتجربة على الأطفال شديدي الانسحاب الذين كانوا في سن ما قبل المدرسة، وكانت مشكلاتهم السلوكية في جانب منها بسبب الخوف من التفاعلات الاجتماعية. وقد قسّم مجموعة البحث إلى قسمين حيث عرض على النصف الأول فيلما يحتوي على موقف يحاول فيه طفل خائف أن يقترب من المواقف التي يخاف منها عن طريق ملاحظة غيره من الأطفال وهم يتفاعلون, فيبدأ الطفل الخائف في الاشتراك في بعض الأنشطة مثل تبادل الكتب ثم الأنشطة حيث ينتهي به الأمر إلى الاشتراك في أنشطة كثيرة والعامل مع عدد أكبر من زملائه. أما النصف الثاني من المجموعة, فقد شاهدوا فيلما محايدا "خاليا من النمذجة" وبعد مشاهدة الأفلام لُوحظت تفاعلات الأطفال في حجرات الدراسة, فتبين للباحث أن الذين شاهدوا الفيلم الذي يشتمل على نموذج يتعلم كيف يتفاعل مع آخرين، قد ازدادت تفاعلاتهم الاجتماعية كثيرا، على عكس الأطفال الذين شاهدوا الفيلم المحايد حيث لم يتغير سلوكهم. وقد أعيدت هذه الدراسة بواسطة آخرين حيث تبين أن سلوك التفاعل الاجتماعي المكتسب بهذه الطريقة يستمر لفترات طويلة. وقد قام هيرسن وأيزلر وميلر "1974" Hersen, Eisler & Miller بتجربة استخدموا فيها أسلوب النمذجة لإكساب السلوك التوكيدي للمرضى في مستشفيات الصحة النفسية، حيث قسموا المرضى إلى خمس مجموعات علاجية على النحو التالي: - النمذجة مع إرشادات لمحاكاة النموذج. - النمذجة مع إرشادات وإرشادات للتعليم "أي: استخدام ما تعلم في مواقف أخرى". - أداء الأدوار بدون الحصول على توجيهات من المرشد. - أداء الأدوار مع وجود توجيهات من المرشد بالتعميم. - مجموعة ضابطة. وقام الباحثون بتقدير سلوك المرضى في مواقف فيها علاقات شخصية تستدعي وجود السلوك التوكيدي، وكانت النتيجة أن المرضى الذين شاهدوا النموذج مع وجود توجيهات, أو توجيهات بالتعميم قد أظهروا أكبر زيادة في السلوك التوكيدي.

جـ- الآثار التسهيلية: يشير الأثر التسهيلي أو الإنمائي إلى ملاحظة سلوك يقوم به نموذج, ويكون نتيجة ذلك زيادة في سلوك مقبول اجتماعيا، أي: إنه في هذه الحالة لا يوجد سلوك جديد نود أن نكسبه "نعلمه" للمسترشد، ولا يوجد سلوك مكفوف نحاول تحريره من الكف، وإنما يكون هناك سلوك مقبول اجتماعيا نود أن نزيده. ومن الأمثلة المشاهدة في الحياة على هذا النوع ما تلجأ إليه بعض الفرق المسرحية, وبعض الأندية والفنانين من اصطحاب بعض المشجعين الذين يجلسون بين المتفرجين ليقوموا بالتصفيق لأدائهم؛ أملا في حثّ الجمهور على التصفيق والتشجيع. ويمكن استخدام هذه الطريقة في تعليم المسترشدين سلوكيات موجودة لديهم بدرجة ضعيفة, ونود زيادتها مثل سلوك التعاون والإيثار والمسارعة إلى التبرع وغير ذلك, حيث يبدأ النموذج بأداء السلوك، وقد يحدث أن يبدأ المرشد أو المدير بنفسه مثل هذا العمل كما يحدث في أسبوع النظافة، وأسبوع المساجد, وغيرهما. ثانيا: استخدام النمذجة في إنقاص سلوك يمكن أن ننظر لما يحدث من إنقاص في السلوك "غير المرغوب" نتيجة للنمذجة على أنه يقع في مجموعتين: أ- الآثار الكافة. ب- آثار ناتجة عن عدم الملاءمة. أ- الأثر الكاف "أو المانع" Inhibitory Effect: في هذه الحالات يعرض المسترشد لمشاهدة نموذج يتلقى عقابا عن سلوك "غير مرغوب"؛ ومن ثم فإن المسترشد يصبح أقل ميلا للاشتراك في هذا السلوك. ومن مثل ما يطبق فيه هذا الأسلوب ما تعرضه الهيئات المسئولة عن الصحة وعن المرور وعن الأمن؛ وذلك للتقليل من السلوكيات الضارّة مثل التدخين والقيادة الرعناء وتعاطي المخدرات وغيرها، وذلك من خلال عرض أفلام أو برامج في وسائل الإعلام

تظهر الآثار السيئة والضارة لهذه السلوكيات. كذلك قد يحدث الأثر الكاف عن طريق الانطفاء بالإنابة "بالاعتبار" عندما يشاهد الفرد نموذجا يقوم بسلوك معين, ولكن هذا السلوك لا يلقى تعزيزا، فمثلا التلميذ الذي يجد أن زميله أجاب على سؤال بشكل خاطئ أو قام بحل مسألة ولم يصل بطريقته للحل الصحيح, فإنه لن يجيب بمثل هذه الإجابة, ولن يتبع مثل هذه الطريقة لحل المسألة. وقد استخدم شيبارد "1977" Sheppard هذا الأسلوب في تجربة له مع الأحداث المنحرفين حيث خصصت لهم ساعات معينة يجلسون فيها مع مجموعة من المسجونين "الكبار" المحكوم عليهم بالسجن لمدد طويلة يحدثونهم عن المعاناة التي يلقونها في السجن ومعنى أن يسجن المرء، وبعد الجلسة يرافق أحد الموظفين في السجن هؤلاء الأحداث إلى أسوأ الأماكن في السجن وبصفة خاصة الزنزانات. وقد اتضح للباحث من تقارير الآباء والشرطة ومجموعة البحث نفسها نجاح هذا البرنامج. ب- الأثر الخاص بالسلوك غير المتناسب: أمكن لكثير من الباحثين أن يخفضوا الخوف لدى المسترشدين عن طريق عرض نماذج تقوم بأداء سلوكيات لا تتناسب مع ما هو موجود لدى المسترشد من مخاوف. وقد قام ميلاميد وسايجل "1975" Melamed & Siegel بتجربة, عرضوا فيها فيلما لطفل يتقدم نحو إجراء جراحة على مجموعة من الأطفال الذين كانوا على وشك إجراء عمليات مثل استئصال اللوزتين، وقد أوضحت النتائج انخفاض القلق قبل الجراحة وبعد الجراحة لدى هذه المجموعة عنه لدى مجموعة ضابطة من الأطفال الذين شاهدوا فيلما محايدا "يحكي رحلة إلى الريف".

عرض النماذج من خلال وسائل الإعلام: تعتبر فنية استخدام النماذج السلوكية لإكساب سلوكيات مطلوبة أو لإبطال وإنقاص سلوكيات غير مرغوبة, أو ضارة من الأساليب الفنية العامة التي تستخدمها الهيئات العامة التي تهتم بصحة المواطنين وسلامتهم، وذلك من خلال مجموعة من الأفلام أو البرامج الدرامية التي تعرض في التليفزيون وفي الإذاعة, وتكون موجّهة إلى قطاعات متنوعة من المواطنين، وهذه الوسيلة تخدم في مجال الإرشاد الإنمائي وكذلك الإرشاد الوقائي بشكل عام. ويمكن للمرشدين الطلابيين الاستفادة من مثل هذه المواد التعليمية, والتي تضم أيضا الملصقات المصورة وغيرها في برامجهم لإرشاد الطلاب. الإسلام يهتم بالتعليم عن طريق النماذج: الإسلام الدين الخاتم الذي جعله الخالق جل وعلا هدى ونورا للبشرية جمعاء, يهتم بجانب إرسائه لعقيدة التوحيد بتقويم سلوك البشر وهدايتهم إلى السلوك الصحيح: {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} 1. وقد استخدم الإسلام في تصويره للسلوك مجموعة من الأساليب التي تعرض نماذج للسلوك وتعرض نتيجة هذا السلوك، فنجد أسلوب القصص القرآني، وكذلك القصص النبوي، والأمثال القرآنية والأمثال النبوية، وأسلوب عرض المشاهد "المواقف"، وكذلك عرض نماذج قياسية للسلوك المرغوب "سلوك المؤمنين"، ونماذج قياسية للسلوك المرذول "سلوك الكفر والنفاق"، كذلك نجد في السنة النبوية بأقسامها القولية والفعلية والتقريرية نماذج توجه المسلم في سلوكه على مدار اليوم وعلى مدار الزمن وفي كل مكان وموقف يقف فيه. ثم نجد في سيرة السلف الصالح الكثير من النماذج التي تعلم مكارم الأخلاق من صدق وإخلاص وأمانة وتعفف ووفاء بالعهد وإيثار وتعاون وإحسان ومجاهدة وبرّ بالوالدين وغيرها كثير. وهذه النماذج أكبر من أن تحصى، ويا حبذا لو أعد المرشد لنفسه برنامجا يعتمد على استخدام هذه النماذج وعرضها عرضا مناسبا, سواء مسموعة أو مكتوبة وتوجيه المسترشدين إلى الاستفادة بها2.

_ 1 سورة الشورى آية: 53. 2 انظر حول استخدام النماذج كأسلوب إسلامي لتعديل السلوك: الشناوي، محمد محروس التصوير الإسلامي لنماذج السلوك البشري: دراسة نفسية إسلامية, مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, العدد الثامن 1413هـ/ 1993م ص352-410.

رابعا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية

رابعًا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية مدخل ... رابعا: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية 15- الإرشاد المتمركز حول الشخص: الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية يقصد به الطريقة التي اقترحها كارل روجرز1 Rogers والتي عرفت في بدايتها بالإرشاد غير الموجّه Nondirective، ثم عرفت بالإرشاد "أو العلاج" المتمركز حول العميل Client Centered Therapy, وعرفت أخيرا باسم العلاج المتمركز حول الشخص Person Centered Therapy. وتقوم نظرية روجرز التي تنتمي للمدرسة الظاهراتية Phenomenological على أن الإنسان مفطور على الخير، وأن الطفل حين يولد تكون لديه حاجة وحيدة هي تحقيق الذات، وفي البداية تكون الذات هي الكيان العضوي ويكون تحقيق الذات من خلال إشباع الحاجات العضوية "الفيزيولوجية" ثم تنمو الذات حيث يميز الطفل نفسه عمن يحيط به, وتنمو حاجتان فرعيتان هما الحاجة إلى التقدير الإيجابي من جانب الذات, والحاجة إلى التقدير الإيجابي من جانب الآخرين ومعهما تنمو ما عرفه روجرز بشروط الأهمية وهي الشروط التي يضعها الأشخاص ذوو الأهمية في حياة الطفل لتقديم التقدير الإيجابي له، فالتقدير الذي يحصل عليه الطفل من الآخرين هو تقدير مشروط يجعله يقبل بعض الخبرات ويضمها إلى ذاته؛ لأنها وافقت شروط الأهمية على حين يرفض بعض الخبرات أو ينكرها، أو يشوشها ويقابلها بحِيَل دفاعية نتيجة عدم استيفائها لشروط الأهمية، ومن هنا ينشأ عدم الانسجام المتمثل في القلق والدفاعات. ويلخص روجرز "1959 ص226" تطور عدم الانسجام بين الذات والخبرة فيما يلي: 1- بمجرد أن تنمو شروط الأهمية, فإن الناس يستجيبون لخبراتهم الذاتية بطريقة انتقائية، فالخبرات التي تكون متسقة مع شروط الأهمية تدرك وترمز بصورة دقيقة في الوعي، أما الخبرات التي لا تتسق مع شروط الأهمية, فإنها تحرف أو تستبعد من الوعي. 2- بعد نمو شروط الأهمية, فإن الأفراد يحذفون من وعيهم تلك الخبرات التي تعتبر معاكسة أو متعارضة مع هذه الشروط؛ وبالتالي فإنهم يستبعدون من الذات بعض الخبرات التي قد تكون مفيدة لها.

_ 1 أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس, جزاه الله خيرا.

3- إن الإدراك الانتقائي للخبرات الذاتية ينتج عنه عدم تطابق "عدم انسجام"1 بين الذات والخبرة؛ لأن بعض الخبرات التي قد تكون مساعدة على النمو الإيجابي قد تحذف أو تستبعد من الوعي. ومتى حدث عدم الانسجام بين الذات والخبرة, فإن الفرد يصبح مستهدفا للمرض النفسي وينشأ لديه عدم التوافق. ويرى روجرز أن عدم الانسجام هو السبب في كل مشكلات التوافق لدى البشر، ومن ثَمَّ فإنه يترتب على وجهة نظرة هذه أن إزالة عدم الانسجام سوف يترتب عليها حل كل المشكلات، فيقول في هذا الصدد: "إن عدم الانسجام -كما رأيناه- هو الاغتراب الأساسي في الإنسان. إنه لم يكن صادقا مع نفسه ولا مع طبيعته الخاصة في الحكم على الخبرة، وإنما كان يحاول من أجل المحافظة على الاعتبار "التقدير الإيجابي" من جانب الآخرين؛ وبالتالي فهو يخطئ أو يشك في بعض القيم التي يخبرها ويدركها فقط من صورة قائمة على أساس من قيمتها للآخرين، ولم يكن ذلك اختيارا واعيا وإنما كان نتيجة لنمو مأسوي في الطفولة" "1959، ص226، 227". وعندما يوجد عدم الانسجام بين الذات والخبرة، فإن الشخص يكون -بالتعريف- غير متوافق MaladJusted ويكون معرضا للقلق والتهديد، ومن ثم فإنه يسلك سلوكا دفاعيا Defensive، وينشأ القلق عندما يستشعر الفرد الخبرة على أنها غير متسقة مع بنية الذات لديه وشروط الأهمية المستدمجة داخلة، أي: إن الفرد يعايش القلق عندما يواجه حدثا يهدد بنية ذاته القائمة فعلا. ونلاحظ أن روجرز قد استخدم تعبير يستشعر Subceive بدلا من اصطلاح يدرك Perceive. والاستشعار هو اكتشاف خبرة ما قبل دخولها إلى الوعي الكامل، وبهذه الطريقة فإن الحادث الذي يحمل في طيّاته تهديدا "غير ظاهر" يمكن أن يستبعد أو يحرّف "يشوه" قبل أن يسبب القلق. ويرى روجرز أن عملية الدفاع Defense تتكون من تصحيح الخبرات عن طريق حيل الإنكار Denial والتحريف Distortion للمحافظة عليها في انسجام مع بنية الذات. ومن المهم أن نلاحظ أن الخبرة لا تنكر أو تحرف في رأي روجرز؛ لأنها تمثل خطيئة أو لأنها مضادة لمعايير المجتمع كما في نظرية التحليل النفسي، وإنما يتم استبعادها من الترميز في الوعي لأنها تتعارض مع بنية الذات، وعلى سبيل المثال لو كانت شروط الأهمية المستدمجة في ذات الفرد تتضمن كونه طالبا ضعيف التحصيل، فإن حصوله على درجة عالية في الامتحان قد يصبح خبرة مهددة؛ ولذلك فإنها تحرف أو تستبعد من الترميز في الوعي، وربما نسمع من هذا الشخص قوله على سبيل المثال: إنه فقط كان محظوظا, أو إن المدرس قد أخطأ في التصحيح أو كتابة الدرجة. ويرى روجرز أن كل الأشخاص يمرون بعدم التطابق "عدم الانسجام"، ومن ثم فإنهم يدافعون ضد بعض الخبرات عند ترميزها في الوعي. وتحدث مشكلات عدم الانسجام فقط عندما تكون درجة عدم الانسجام شديدة، وبذلك فإن أي خبرة يمر بها الفرد يمكن أن تلقى واحدا من المصائر الآتية: 1- يمكن أن ترمز بدقة في الوعي. 2- يمكن أن تحرف "تشوه" بحيث لا تصبح مهددة لبنية الذات بعد ذلك. 3- يمكن أن تستبعد من الترميز. فإذا حدثت الحالتان 2، 3 فإن عدم الانسجام يكون هو النتيجة، وإذا كان عدم الانسجام شديدا فإن النتيجة هي عدم التوافق النفسي.

_ 1 يشكر المؤلف الأستاذ الدكتور سيد أحمد عثمان أستاذ علم النفس التربوي بكلية التربية جامعة عين شمس, على توجيهه السديد لبعض المصطلحات, ومنها هذا المصطلح.

إعادة الاندماج

إعادة الاندماج: لكي يحدث "الانسجام" أو يزداد حدوثه، ينبغي أن يحدث نقص في شروط الأهمية وزيادة في الاعتبار غير المشروط للذات. ومن أهم الوسائل التي تحقق ذلك أن يتلقى الفرد اعتبارا إيجابيا غير مشروط من شخص آخر له أهمية، وأن يتم توصيل مثل هذا الاعتبار غير المشروط في إطار التفهم القائم على المشاركة "التعاطف" Enpathy. فإذا ما أدرك الفرد هذا الاعتبار، فإن ذلك يؤدي إلى تفكك أو إضعاف شروط الأهمية التي استدمجها هذا الشخص من قبل، ومن ثم تزداد نظرته الإيجابية لذاته بينما ينخفض التهديد ويزداد الانسجام بين ذات الفرد وخبرته، ويصبح الفرد عندئذ أقل استهدافا لاستشعار التهديد، وأقل دفاعية وأكثر انسجاما، ويزداد اعتباره لذاته واعتباره الإيجابي للآخرين، ويصبح أكثر توافقا من الناحية النفسية، كما تصبح عملية التقويم الصادرة عن الكائن الذي بداخله بشكل متزايد هي الأساس للسلوك المنظم، كما يصبح الفرد قريبا من الأداء المكتمل، وتمثل هذه الظروف والنتائج المترتبة عليها عملية العلاج النفسي.

قانون أولي للعلاقة بين الأشخاص

قانون أولي للعلاقة بين الأشخاص: عندما يتفاعل شخصان في موقف ما، ويكون كل منهما في حالة انسجام, فإنهما يكونان قادرين على أن يصغي كل منهما للآخر بدون دفاعية، وأن يفهم كل منهما الآخر فهما قائما على التعاطف، وأن ينمي كل منهما الاحترام تجاه الآخر. وباختصار: أن يكون كل منهما في موقف علاجي "إرشادي" بالنسبة للآخر، وبذلك يستفيد كل منهما في تحسين توافقه النفسي, وأن يصبح أكثر اندماجا وأقل صراعا وأكثر نضجا وسعادة في علاقته. وإذا أخذنا كل واحد منهما على حدة نجد أن المصغي يمكن أن يدرك مخاطبة الآخر له "عباراته" كما هي أو كما تقصد بدون أن تحرف أو تشوه أو يساء فهمها، أي: إن الرسالة الصادرة عن الشخص الثاني "المرسل" تصل إليه دون تحريف. وكلما زادت درجة الانسجام لدى كل منهما مع ذاته، وكلما زاد إحساس كل منهما بعدم التهديد "أي: الاطمئنان" فإن النتائج التي ذكرناها تكون أكثر حدوثا. نظرية العلاج وتغيير الشخصية: 1- شروط العلاج "الإرشاد": يرى روجرز أنه لكي تحدث عملية الإرشاد, ينبغي أن تتوافر الشروط الآتية: 1- أن يكون هناك شخصان بينهما اتصال. 2- أحد هذين الشخصين -وهو المسترشد- في حالة من عدم الانسجام مع ذاته, وحالة استهداف للمرض النفسي أو لديه قلق. 3- الشخص الثاني وهو المرشد أو المعالج في حالة انسجام مع ذاته في إطار العلاقة الإرشادية. 4- يمارس المرشد الاعتبار الإيجابي غير المشروط تجاه المسترشد. 5- يمارس المرشد تفهما قائما على التعاطف من واقع الإطار المرجعي الداخلي للمسترشد. 6- يستقبل المسترشد, ولو إلى درجة بسيطة الشروط رقم "5"، "6".

خصائص عملية الإرشاد

خصائص عملية الإرشاد: إن توافر الشروط المذكورة في الإرشاد, ينتج عنه عملية لها الخصائص التالية: 1- يزداد تحرر المسترشد في التعبير عن مشاعره, من خلال القنوات اللفظية والحركية. 2- وهذه المشاعر المحررة المعبر عنها, تكون مُرَجَّعة للذات بدلا من اللاذات. 3- ويزداد تمييز المسترشد وتفريقه بين مكونات مشاعره وإدراكاته، وبذلك تصبح خبراته مرمزة بدقة أكبر في الوعي. 4- تكون المشاعر التي يعبر عنها الفرد مرجعة إلى عدم الانسجام بين مجموعة من خبراته, وبين مفهومه عن ذاته. 5- يعايش المسترشد في الوعي تهديد عدم الانسجام الحادث؛ نتيجة لما يتيحه المرشد من اعتبار إيجابي غير مشروط تجاهه. 6- وهو -أي: المسترشد- يعايش تماما في الوعي تلك المشاعر التي كانت فيما سبق تستبعد من الوعي, أو كانت محرفة في الوعي. 7- يعيد المسترشد تنظيم مفهومه لذاته؛ ليتمثل ويحتوي تلك الخبرات التي كانت من قبل مشوهة أو مبعدة عن الوعي. 8- وبينما تستمر إعادة تنظيم بنية الذات للفرد, فإن مفهومه عن ذاته يصبح أكثر تطابقا مع الخبرات التي يعايشها, بينما تقل الدفاعية. 9- وتتزايد قدرة الفرد "المسترشد" على أن يعيش بدون أن يستشعر التهديد في وجود الاعتبار الإيجابي غير المشروط من جانب المرشد. 10- ويتزايد شعور المسترشد باعتبار ذاتي إيجابي. 11- كما تزداد معايشته لذاته كمركز لتقويم الخبرات. 12- كما أنه يستجيب في خبراته بصورة أكبر لعملية التقويم الصادرة من داخله "من الكائن العضوي", ويستجيب بصورة أقل لشروط الأهمية "التقويم الخارجي".

النتائج الخاصة بالشخصية والسلوك

النتائج الخاصة بالشخصية والسلوك: تؤدي عملية العلاج أو الإرشاد إلى النتائج التالية: 1- يصبح المسترشد أكثر تطابقا, وأكثر انفتاحا على خبراته, وأقل دفاعية. 2- ويصبح بالتالي أكثر واقعية وموضوعية, وممتدا في إدراكاته. 3- كما يصبح بالتالي أكثر فاعلية في حل المشكلات. 4- ونتيجة لزيادة الانسجام بين الذات والخبرة, فإن استهدافه للتهديد يقل. 5- وتتحسن درجة توافقه النفسي, وتصبح قريبة من الحد الأمثل. 6- ونتيجة لرقم "2", فإن إدراك المسترشد لذاته المثالية يكون أكثر واقعية, وأكثر قابلية للتحقق. 7- ونتيجة للتغيرات في "4"، "5" تصبح ذاته أكثر انسجاما مع ذاته المثالية. 8- ونتيجة لذلك وأيضا نتيجة لـ "5", فإن التوتر بكل صُوَره ينخفض. 9- ويصبح لدى المسترشد درجة أعلى من الاعتبار الذاتي الإيجابي. 10- ويشعر المسترشد أنه أصبح مركزا للتقويم وأيضا للاختيار، وأنهما ينبعثان من ذاته كما يشعر أنه أكثر ثقة وأكثر توجيها لذاته "استقلالية"، وتتحدد القيم لديه من خلال عملية تقويم تنبعث من داخله, وليس من شروط الأهمية.

11- ونتيجة لكل من "1"، "2" فإن المسترشد يدرك الآخرين بطريقة أكثر واقعية, ودقة. 12- وهو يمارس تقبلا أكثر للآخرين؛ نتيجة لحاجة أقل لتشويه إدراكه عنهم. 13- ويتغير سلوك المسترشد في عدة جوانب, حيث: أ- تزداد نسبة السلوكيات التي يمكن أن تستقبل على أنها منتمية للذات. ب- تنخفض نسبة السلوكيات التي تستقبل على أنها لا تنتمي لذاته. جـ- ومن ثم, فإنه يدرك سلوكه على أنه أصبح تحت سيطرته بصورة أكبر. 14- ونتيجة للعناصر "1"، "2"، "3" فإن سلوك المسترشد يصبح أكثر إبداعا وأكثر توافقا وأكثر تماما في التعبير عن أغراضه وقيمه. إن نتيجة الإرشاد أو العلاج على النحو الذي عرضه روجرز, تتمثل في علاقة شرطية في صورة: إذا...... فإنه حينئذٍ...... فإذا توافرت الشروط الستة للعلاج, فإن النتائج المذكورة تترتب عليها. وتركز نظرية روجرز في كل جوانبها على أهمية العلاقة الإرشادية في مساعدة المسترشد على التخلص من مشاغله ومشكلاته وتغيير سلوكياته، ويعتبر روجرز أن العلاقة التي تتوافر فيها الشروط الستة والتي تتمركز حول الأبعاد الثلاثة -الانسجام "الأصالة"، والتفهم القائم على المشاركة "التعاطف"، والاعتبار "التقدير" الإيجابي غير المشروط- هذه العلاقة تعتبر كافية في الإرشاد والعلاج, ولا يحتاج المرشد معها لاستخدام أساليب أخرى, وإذا استقبل المسترشد هذه العلاقة بأبعادها, فإن مجموعة من التغيرات يمكن أن يعايشها هذا المسترشد, ومنها: 1- معايشة المسئولية: فسرعان ما يكتشف المسترشد أنه مسئول عن نفسه في هذه العلاقة، وقد يؤدي

ذلك إلى مشاعر مختلفة، بما فيها الإحساس بالوحدة والضيق أو الغضب، مع إحساس متزايد بالمسئولية وتَقَبُّل هذه المسئولية. 2- ممارسة الاستكشاف: مع التقدم في الإرشاد، فإن المسترشد يستكشف اتجاهاته ومشاعره، وتكون ردود فعل المسترشد هي الاهتمام الإيجابي والحذر, بينما يكتشف عدم الاتساق والتناقضات في ذاته، وتنمو لديه عملية المواجهة الصادقة مع هذه الذات في وجود علاقة إرشادية آمنة خالية من التهديد "حيث تخلو من شروط الأهمية", ويكون الاستكشاف اللفظي الذي يحدث في المقابلة أقل من الاستكشاف غير اللفظي الذي يمضي قُدُما في الجلسات الإرشادية, وخارجها. 3- اكتشاف الاتجاهات المستبعدة: نتيجة لممارسة الاستكشاف, فإن الاتجاهات التي عايشها الفرد ولكنها أبعدت من الوعي، تكتشف وتنشأ كل من الاتجاهات الموجبة والسالبة، وتصبح الخبرات غير المتسقة مع مفهوم الذات والتي سبق أن أبعدت أو حرفت، مرمزة في الوعي. 4- ممارسة إعادة تنظيم الذات: إن استحضار الخبرات التي سبق أن أُبعدت أو أُنكرت عن الذات إلى الوعي، تستلزم إعادة تنظيم الذات، وتبدأ إعادة تنظيم الذات بتغيير في إدراك الفرد لذاته واتجاهاته نحوها. فالمسترشد يبدأ في النظر إلى ذاته نظرة إيجابية كشخص أكثر توافقا وانسجاما، وبذلك يزداد تقبله لذاته. وهذا الإدراك المختلف للذات يجب أن يحدث لكي يتمكن المسترشد من أن يصبح واعيا بخبراته المبعدة ويتقبلها. إن السماح بوجود مزيد من المعلومات المتصلة بالخبرة واستحضارها إلى الوعي يؤدي إلى تقدير أكثر واقعية للذات وللعلاقات مع الآخرين وللبيئة، ويؤدي إلى إرساء أساس للمعايير في ذاته. وقد يكون التغيير في الذات كبيرا أو صغيرا مصحوبا بقليل أو كثير من الألم والتشوش، وقد يكون التنظيم النهائي مسبوقا بمرحلة من عدم التنظيم. كما تتأرجح العملية صعودا

وهبوطا. أما الانفعالات المصاحبة للعملية, فرغم تأرجحها فإنها تظهر في صورة خوف وعدم سعادة واكتئاب، وهي لا تتسق مع التقدم الحقيقي للدرجة التي يحدث فيها أن يتبع الاستبصار العميق يأس شديد. إن عملية إعادة تنظيم الذات أو ما يطلق عليه روجرز الصيرورة إلى شخص Beoming a Person تشتمل على جوانب مختلفة، واحد منها يمكن أن نطلق عليه "الاختباء وراء قناع" وفي إطار الحرية التي تتاح في العلاقة الإرشادية, فإن المسترشد يبدأ في سحب الواجهات والأدوار والأقنعة الزائفة, ويحاول أن يكتشف شيئا ما بطريقة أكثر صدقا، ذلك الشيء هو "ذاته" أي: ذات المسترشد. فالمسترشد يصبح قادرا على استكشاف ذاته وخبراته ومواجهة التناقضات التي يكتشفها والواجهات التي كان يختبئ وراءها. وقد يكتشف المسترشد أن ليس له ذات فردية، وإنما توجد ذاته فقط في علاقته بالقيم والمتطلبات الخاصة بالآخرين، وأن هناك حاجة ملحّة للبحث عن الذات والصيرورة إلى هذه الذات. إن جزءا هاما من الكينونة إلى الذات الحقيقية هو عملية معايشة المشاعر إلى حدودها Experiencing of Feelings بحيث يكون الفرد هو خوفه وهو غضبه وهو حبه, وهكذا ... فهناك حرية في أن يخبر ويعايش ردود الفعل الحسية الحقيقية المنبعثة من الكائن العضوي بداخله بدون محاولة كبيرة لربط هذه الخبرات مع الذات. وعادة, فإن ذلك يكون مصحوبا باقتناع بأن هذه المادة التي يتعامل معها لا تنتمي إلى الذات, ولا يمكن أن تنتظم فيها. ونقطة النهاية في عملية إعادة تنظيم الذات هي أن المسترشد يكتشف أنه يمكن أن يكون هو خبرته بكل تنوعها وبكل تضادها السطحي، وأنه يستطيع أن يشكل ذاته من هذه الخبرة بدلا من محاولة إنكار العناصر التي لا تناسب الذات بعدم ترميزها في الوعي. ومن خلال معايشة هذه العناصر في الذات تنشأ وحدة متناغمة أو نمط معين. إن كل هذه الخبرات تعتبر جزءا من الذات الممكنة أو الكامنة Potential self والتي يجري اكتشافها. ولا تتوقف نتائج إعادة تنظيم الذات على تقبل الذات، وإنما تتجاوز ذلك إلى الرضا عنها وحبها. إنه تقدير سارّ وممتع لذات الفرد كشخص مكتمل قائم بوظائفه.

إن عملية العلاج أو الإرشاد، ليست عملية حل مشكلات وإنما هي عملية معايشة المشاعر، مما يؤدي بالفرد أن يصبح هو ذاته. يقول روجرز في هذا الخصوص: "إنها عملية يصبح فيها الشخص هو ما بداخله من كائن عضوي بدون خداع للذات, وبدون تحريف للخبرات أو إنكار لها"، وبدلا من أن يتصرف المسترشد على هدى من توقعات الآخرين, فإنه يتصرف على هدى من خبراته. إنه الوعي الكامل بتلك الخبرات التي تتحقق في العلاج أو الإرشاد هو الذي يجعل من الممكن للفرد "المسترشد" أن يكون فعلا هو ذاته، أي: أن يتطابق الوعي مع الخبرة، وهو ما يصل به إلى إنسان مكتمل الأداء Full Functioning. 5- خبرة التحسن: يشعر المسترشد منذ بداية العلاج أن تحسنا ما قد حدث، وهذا التحسن يشعر به حتى عندما يكون التشويش والاكتئاب موجودين. إن مواجهة بعض القضايا وحلها وإعادة بناء جزء أو جانب من الشخصية يمثلان تحسنًا ويمنحان المسترشد ثقة للاستمرار في استكشاف ذاته حتى لو كانت عملية الاستكشاف نفسها تبدو مؤلمة. تعقيب: وقبل أن نختتم الحديث عن الإرشاد باستخدام العلاقة ذات الخصائص المحددة -الانسجام مع الذات، والتفهم القائم على المشاركة "التعاطف"، والتقدير الإيجابي غير المشروط "التقبل"- وهذه الخصائص يوفرها المرشد ويوصلها للمسترشد، نقول: إن طريقة روجرز تعتمد إلى حد كبير على الاستبصار، وهي تركز على جهد المسترشد وإدراكاته, بينما جهد المرشد فيها قليل, فهو يوفر مناخا مناسبا يساعد المسترشد على التعامل مع خبرات كان يهرب منها نتيجة اهتمامه الشديد بمن حوله وخاصة في أسرته. ولكن هل مجرد توفير مثل هذه العلاقة يكفي لحل المشكلات؟ وكم تطول فترة التعامل مع المشاعر وإعادة بناء الذات الجديدة أو المفهوم الجديد للذات؟ وهل فعلا يمكن لمجرد وجود علاقة آمنة غير تقويمية من جانب المرشد تحرير الفرد من كل العلاقات حوله ومن كل شروط الأهمية, والتي يدخل فيها جوانب تتصل بالدين والخلق والعرف؟ قد يكون الجواب من وجهة نظر المؤلف بالنفي. ولكن رغم ذلك تبقى العلاقة التي لها هذه المواصفات ذات أهمية لكل مرشد، وهي مواصفات تعتبر جزءا من كُلّ أوسع وأشمل يدعونا الإسلام للتعامل به من رفق ومساندة. ويبقى أن إرشاد الطلاب ليس إرشادا على الاتساع ينتظر معه المرشد أن يلتقط المسترشد خبرات مبعدة ويتعامل معها ويبني ذاتا جديدة ويخرج بعد فترة تطول أو تقصر من عملية الإرشاد لم يحظَ فيها بغير شخص يستمع إليه. إن الإرشاد الطلابي يحتاج إلى مثل هذه العلاقة فعلا، ولكنه في نفس الوقت يحتاج إلى إجراء عملي ملموس ومحدد يشعر به الطالب.

خامسا: الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية

خامسا: الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية العلاج العقلاني الانفعالي rational emotive therapy ... خامسا: الطرق السلوكية المعرفية, والطرق المعرفية Cognitive Behavioral and Cognitive Methods 16- العلاج العقلاني الانفعالي Rational Emotive Therapy: ينتمي العلاج العقلاني الانفعالي إلى النظرية التي طوّرها ألبرت إيليس "1957، 1962، 1971، 1977" Albert Ellis، والتي تفترض أن الاضطرابات والمشكلات النفسية إنما تنشأ عن أنماط خاطئة, أو غير منطقية في التفكير. يرى إيليس أن البشر يشتركون في غايتين أساسيتين: أولاهما المحافظة على الحياة، وثانيتهما الإحساس بالسعادة النسبية والتحرر من الألم، وأن العقلانية تتكون من التفكير بطرق تسهم في تحقيق هذين الهدفين, على حين أن عدم العقلانية يشتمل على التفكير بطرق تقف حجر عثرة في سبيل تحقيقهما. وبذلك فإن العقلانية يمكن تعريفها على أنها استخدام المنطق في تحقيق الأهداف القريبة والبعيدة. وفي صياغته الأولى لنظرية العلاج العقلاني والانفعالي, وضع إيليس ثلاثة فروض أساسية لفهم هذه الطريقة: أولها: أن التفكير والانفعال بينهما صلة وثيقة. وثانيها: أن درجة الصلة بين التفكير والانفعال من القوة بحيث إن كلا منهما يرافق الثاني, وإنهما يتبادلان التأثير على بعضهما البعض، وفي بعض الأحيان فإنهما يكونان نفس الشيء.

وثالثها: أن كلا من التفكير والانفعال يميل إلى أن يكون في صورة حديث ذاتي أو عبارات داخلية، وإن هذه العبارات التي يقولها الناس لأنفسهم تصبح هي نفسها أفكارهم وانفعالاتهم؛ وبالتالي فإن العبارات الداخلية التي يقولها الناس لأنفسهم تصبح قادرة على توليد وتعديل الانفعالات. ويرى إيليس أن الانفعالات غير الملائمة مثل القلق, إنما تقوم على أساس من أفكار غير منطقية؛ مما يؤدي إلى إعاقة السلوك الواقعي, كذلك فإن العداوة Hositility قد يكون لها جانب منطقي وآخر غير منطقي. فالجانب المنطقي من العداوة يشتمل على الاعتراف بالضيق أو عدم الراحة كأساس للتصرف المعدّ للتغلب على التذبذب، على حين أن الجانب غير العقلاني من العداوة يشتمل على لوم الآخرين أو لوم العالم وبطريقة تمنع التصرف الفعال، وربما تولد المزيد من عدم السعادة للفرد، بل وتسبب عداوة الآخرين له، ومن ثَمَّ فإن الانفعالات تكون مناسبة عندما تصاحبها أفكار منطقية أو متعقلة. ويرى إيليس أن البشر لديهم استعداد فطري وميل مكتسب لأن يكونوا عقلانيين, وكذلك أن يكونوا غير عقلانيين. فمن ناحية, نجد أن البشر لديهم طاقة كبيرة لأن يكونوا منطقيين "عقلانيين" ومولدين للسعادة، ومن الناحة الأخرى فإن لديهم طاقة هائلة في أن يكونوا قاهرين لأنفسهم Self Dafeating وللآخرين، وأن يكونوا غير منطقيين ويكرروا باستمرار نفس الأخطاء، كما يرى أن إخفاق الناس في تقبل الواقع ينتج عنه أن يظهروا الاضطراب الانفعالي. وينظر إيليس إلى البيئة, وإلى مرحلة الطفولة على أنها تساعد ذلك الميل الفطري لتكوين الأفكار غير العقلانية ونموها. وفي عرضه لنظريته, فإنه يحدد العناصر الآتية: إذا كان أ "A" هو الحدث أو الواقعة المنشطة, والذي قد يكون شيئا وقع بالفعل أو سلوكا أو اتجاها من جانب شخص آخر. وكانت ب "B" تلك الأفكار أو المقولات التي يقولها الفرد لنفسه حول الحادث أ. وكانت جـ "C" هي النتيجة أو ردود الفعل التي يستجيب بها الفرد, سواء كان ذلك سعادة أو اضطرابا انفعاليا.

فإنه في الواقع يكون هذا الانفعال سواء كان انفعالا سارا أو انفعالا كَدِرا, ليس نتيجة للحدث الذي سبقه "أ", وإنما هو نتيجة للفكرة الخاطئة "ب"، أو بعبارة أخرى: فإن النتائج الانفعالية والسلوكية المترتبة على أحداث منشطة في حياتنا إنما يحكمها نظام التفكير لدينا, وإن لدينا القدرة على ضبط وتعديل أفكارنا ومن ثم النتائج النفسية. ويوضح شكل رقم "20" مثالا تصويريا على أساس من نظرية إيليس، حيث يصور شخصين أحدهما لديه أفكار منطقية, والثاني لديه أفكار غير منطقية وما يترتب على ذهاب كل منهما إلى مقابلة للحصول على وظيفة, وعدم حصوله على هذه الوظيفة. ويقرر ألبرت إيليس أن كل المشاعر المضطربة ترتبط ارتباطا وثيقا بواحدة أو أكثر من الأفكار غير المنطقية الآتية: 1- يقول الفرد لنفسه: إنه ينبغي عليَّ أن أؤدي أداء جيدا وأن ألقى القبول والرضا عن كل ما أقوم به, وإلا فإني أكون فاشلا. 2- إن على الآخرين أن يتصرفوا تجاهي بلطف وعدالة، وإلا فإنهم يكونون مخبولين. 3- إن الظروف التي أعيش فيها ينبغي أن تظل حسنة وميسرة حتى أحصل على كل ما أريده بدون مجهود كبير, وإلا فإن الحياة تبدو قاتمة. وقد حدّد إيليس اثنتي عشرة فكرة غير عقلانية Irrational ideas يرى أنها تمثل الأسباب الكامنة وراء الاضطرابات النفسية، وهذه الأفكار هي: 1- إنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة للشخص الراشد أن يكون محبوبا من كل شخص, وراضيا عن كل شيء يعمله. 2- بعض التصرفات تعتبر مزعجة أو وقحة، وينبغي أن نعاقب الأفراد الذين يرتكبونها بشدة. 3- من المفزع أن تسير الأمور في صورة غير التي يتمناها المرء. 4- إن بؤس الإنسان, وشقاءه ينتج نتيجة الأحداث والأشخاص الموجودين في البيئة.

5- إذا بدا شيء ممثلا لخطر أو لخوف, فإنه ينبغي أن ننشغل به بشكل زائد, وأن نتضايق بسببه ويتعكر صفو حياتنا. 6- من السهل أن نتجنب مصاعب الحياة, والمسئوليات الشخصية عن أن نواجهها. 7- إن الإنسان يحتاج لأشياء أقوى منه, أو أكبر منه يلقي مسئولياته عليها. 8- ينبغي أن يكون المرء حاذقا ذكيا, ومنجزا في كل جوانب الحياة. 9- إذا كان قد سبق لشيء ما أن سبّب لك ضيقا في حياتك, فإنه سيستمر في التأثير عليها. 10- إنه ينبغي أن يكون للإنسان القدرة على التحكم في بعض الأشياء. 11- إن سعادة الإنسان تتحقق من خلال عملية القصور الذاتي. 12- إن الإنسان ليس لديه تحكم "سيطرة" على انفعالاته الخاصة. وتقوم إستراتيجية العلاج العقلاني الانفعالي على أن يساعد المرشد المسترشد على التعرف على الأفكار غير المنطقية لديه, وأن يحل أفكارا أكثر عقلانية محلها. ويشتمل الإرشاد على الخطوات التالية: 1- الإقناع اللفظي, والذي يهدف إلى إقناع المسترشد بمنطق العلاج العقلاني. 2- التعرف على الأفكار غير العقلانية لدى المسترشد من خلال مراقبة المسترشد لذاته, وتزويد المرشد له بردود الفعل. 3- تحديات مباشرة للأفكار غير العقلانية, مع إعادة التفسير العقلاني للأحداث. 4- تكرار المقولات الذاتية العقلانية, بحيث تحل محل التفسيرات غير العقلانية. 5- واجبات سلوكية معدَّة لتكوين الاستجابات العقلانية؛ لتحل محل الاستجابات غير العقلانية التي كانت سببا في حدوث الاضطراب النفسي. والمرشد الذي يستخدم طريقة العلاج العقلاني الانفعالي، مرشد نشط يقع عليه عبء كبير في مساعدة المسترشد على التعرف على الأفكار غير العقلانية الكامنة وراء انفعالاته الكدرة، وعلى إقناعه بالأفكار العقلانية التي تحل محلها، وكذلك في مساعدة المسترشد على تغيير سلوكه من خلال تكليفه بواجبات منزلية مثل قراءة كتب محددة, أو القيام بنشاط معين.

الإعادة المتدرجة للبناء العقلاني systematic rational restructuring

17- الإعادة المتدرّجة للبناء العقلاني Systematic Rational Restructuring: طوّر جولد فرايد "1977" Goldfried هذه الطريقة التي تعتبر أكثر تحديدا وبنية من طريقة إيليس. وتشبه هذه الطريقة إلى حد ما طريقة التخلص المنظم من الحساسية، حيث يطلب المرشد من المسترشد أن يتخيل تدرجا من المواقف المولدة للقلق، وفي كل خطوة يعطي المسترشد تعليمات بأن يتعرف على الأفكار غير المنطقية المرتبطة بهذا الموقف المحدد, وأن يدحض هذه الأفكار ويعيد تقويم الموقف بطريقة عقلانية. كذلك يطلب المرشد من المسترشدين أن يمارسوا إعادة البناء العقلاني في الواقع الملموس In vivo, وذلك في المواقف التي تولد القلق. وتشترك هذه الطريقة مع طريقة إيليس في الأساس النظري.

طريقة التدريب على التعليمات الذاتية self- instructional training

18- طريقة التدريب على التعليمات الذاتية Self- Instructional Training: صاحب هذه الطريقة هو دونالد ميكينبوم "1974" Meihenbaum، الذي اقترح طريقة لإعادة البناء المعرفي عن طريق التدريب على إعطاء تعليمات ذاتية "النصح الذاتي", وذلك على أساس من فكرتين أساسيتين: أ- فكرة العلاج العقلاني الانفعالي لألبرت إيليس وتركيزها على أن الأشياء غير العقلانية التي يقولها الإنسان لنفسه, هي السبب في الاضطراب الانفعالي. ب- تتابع النمو لدى الأطفال والذي يطور فيه الأطفال الحديث الذاتي "الداخلي" والضبط اللفظي الرمزي على السلوك "لوريا 1961 Luria" حيث يرى لوريا أن سلوك الأطفال ينتظم في البداية من خلال تعليمات يعطيها لهم أشخاص آخرون, ثم فيما بعد فإنهم يكتسبون القدرة على ضبط سلوكهم الشخصي من خلال تعليمات صريحة يقولونها لأنفسهم, وتتحول فيما بعد إلى تعليمات داخلية ضمنية. ويشتمل التدريب على التعليمات الذاتية "النصح الذاتي", على الخطوات التالية: أ- تدريب المسترشد على التعرف على الأفكار غير التوافقية "المقولات الذاتية" والوعي بها. ب- يقوم المرشد بنمذجة السلوك المناسب, بينما يشرح بالكلام الطرق الفعالة. وتشتمل هذه الأقوال على شرح متطلبات الواجب، والتعليمات الذاتية التي تقود الأداء المتدرج، والأقوال الذاتية التي تؤكد كفاءة الشخص وتعارض الانشغال بالفشل، والتعزيز الذاتي الضمني للأداء الناجح. جـ- يقوم المسترشد بعد ذلك بأداء السلوك المستهدف، وفي البداية يتم ذلك بينما يعطي المسترشد لنفسه التعليمات المناسبة بصوت عالٍ، ثم بعد ذلك يكون ذلك بترديد هذه التعليمات في سره, أي: بينه وبين نفسه. وتساعد توجيهات المرشد في هذه المرحلة على تأكيد أن ما يقوله المسترشد لنفسه في سبيل حل المشكلة, قد حل محل الأفكار التي كانت تسبب القلق فيما مضى. وتشير الأبحاث إلى أن التدريب على التعليمات الذاتية يمكن أن يساعد بشكل كبير على تعديل مجموعة كبيرة من السلوكيات عند الأطفال والكبار على السواء، وقد أمكن استخدام هذا الأسلوب بنجاح كبير في تخفيض المشكلات المرتبطة بالقلق مثل قلق الاختبارات والقلق الاجتماعي وقلق الكلام، وكذلك في زيادة الضبط الذاتي لدى الأطفال المندفعين.

التدريب على التحصين ضد الضغط stress inoculation training

19- التدريب على التحصين ضد الضغط Stress Inoculation Training: تشبه هذه الطريقة عملية التحصين ضد الأمراض العامة. وهي تبنى على مقاومة الضغوط عن طريق برنامج يعلم المسترشد كيف يتعامل Cope "يتجاوب" مع مواقف متدرجة للانضغاط. وأسلوب التدريب ذو طبيعة متعددة الأوجه؛ نظرا لما يحتاجه من مرونة في مواجهة المواقف المتنوعة للضغوط، ووجود الفروق الفردية والحضارية، وكذلك لأن أساليب التجاوب نفسها متنوعة. إجراءات التدريب على التحصين ضد الضغوط: يشتمل أسلوب التحصين من الضغوط على ثلاث مراحل: 1- مرحلة التعليم: وفي هذه المرحلة يزوّد المسترشد بإطار تصوري لفهم طبيعة ردود فعله تجاه الضغط، ويكون ذلك في أسلوب عامي مبسط. ويكون الهدف من تحديد الإطار هو مساعدة المسترشد على أن ينظر للمشكلة بشكل منطقي "عقلاني", وأن يوافق ويتعاون في الإرشاد المناسب. وفي دراسة لحالات الفوبيا المتعددة وبعد مقابلة تقويمية, تم عرض القلق لدى المسترشد على أن يشتمل على عنصرين أساسيين: 1- استثارة فيزيولوجية عالية "مثلا: زيادة ضربات القلب، سرعة التنفس، عرق اليدين, وغيرها من الأعراض التي يخبرنا بها المسترشد". 2- مجموعة من الأفكار الهروبية المولدة للقلق كما يدل عليها استياء المسترشد، والإحساس بانعدام الحيلة، وأفكار الألم، ورغبة في الهرب ... إلخ. ثم أخبر المسترشد حينئذٍ أن العبارات التي يقولها لنفسه أثناء استثارة القلق, قد أدت إلى سلوك التجنب الانفعالي, وأن العلاج سيتجه نحو: أ- مساعدة المسترشد على ضبط الاستثارة الفيزيولوجية. ب- تغيير العبارات الذاتية التي تمت تحت ظروف الانضغاط. ثم شجع المسترشد بعد ذلك على أن ينظر إلى خوفه أو ردود فعل الانضغاط لديه على أنها تتكون من أربع مراحل, بدلا من كونها رد فعل غير متمايز:

1- الإعداد للضاغط "مصدر الضغط". 2- مواجهة الضاغط أو التعامل معه. 3- احتمال أن يكون الضغط شديدا عليه. 4- تعزيز نفسه على أنه قد واجه الضغط. 2- مرحلة التكرار: في المرحلة الثانية قام المرشد بتزويد المسترشد بأساليب التعامل "التجاوب" Coping techniques, والتي تشتمل على إجراءات مباشرة ووسائل مواجهة معرفية، يستخدمها في كل مرحلة من المراحل الأربع. وتشتمل الإجراءات المباشرة على الحصول على معلومات حول الأشياء المخيفة: الإعداد لطرق الهروب، والتدريب على الاسترخاء. أما المواجهة المعرفية فتشتمل على مساعدة المسترشد أن يصبح واعيا بالعبارات السلبية القاهرة للذات واستخدامها كإشارات على تكوين عبارات ذاتية غير مناسبة للمواجهة. وكأمثلة لكل مرحلة من المراحل الأربع: 1- تستطيع أن تعد خطة للتعامل مع الضغط "أو الخوف". 2- استرخ ... خذ نَفَسا عميقا. 3- عندما يأتي الخوف، توقف. 4- لقد نجحت. 3- التدريب التطبيقي: عندما أصبح المسترشد ماهرا في أساليب المواجهة، فإنه كان يعرض في المختبر لسلسلة من الضغوط المهددة للأنا والمهددة بالألم, بما في ذلك صدمات كهربية غير متوقعة كما قام المرشد بنمذجة استخدام مهارات التجاوب. وقد كان التدريب متعدد الأوجه حيث اشتمل على مجموعة من الأساليب العلاجية، والتي تشتمل على تدريب على الكلام، والمناقشة، والنمذجة، وتعليمات للذات، والتكرار السلوكي، والتعزيز.

سادسا: الطرق الواقعية

سادسًا: الطرق الواقعية 20- الإرشاد باستخدام القراءة: تعتمد هذه الطريقة على الاستفادة من الكتب, والمؤلفات على اختلاف أنواعها في مساعدة المسترشد على مواجهة مشكلته. وتشتمل هذه الطريقة على ما يلي: 1- يختار المرشد بعض الكتب التي تعكس حاجات المسترشد أو موقفه. 2- يقوم المسترشد بقراءة هذه الكتب. 3- في بعض الأحيان يقوم المسترشد بالتطابق "التوحد" مع الشخص الموجود في المادة التي يقرؤها. 4- يستجيب المسترشد انفعاليا لما يقرؤه. 5- يناقش المرشد والمسترشد ما قرأه المسترشد, وكيف كان رد فعله لما قرأه. 6- يكتسب المسترشد جوانب استبصار عن ذاته. وتتوقف الطريقة التي يتبعها المرشد على مجموعة من العوامل, في مقدمتها الهدف الإرشادي المتفق عليه بين المرشد والمسترشد، ثم عمر المسترشد، وكذلك المادة المكتوبة المتوافرة. إن أسلوب الإرشاد باستخدام القراءة يمكن أن يساعد المرشد على الإجابة على كثير من تساؤلات المسترشدين، كما يوفر عليه الوقت الطويل الذي يقضيه في التعامل مع بعض جوانب المشكلات. ويرى البعض أن الإرشاد بالقراءة يتضمن التعرف على نماذج سلوكية وتقمص شخصية داخل النموذج بهدف تقليد أو محاكاة السلوك الذي تقوم به، إلا أن المؤلف يرى أن هذا الأسلوب يمكن أن يساعد في كثير من المشكلات بغض النظر عما إذا كانت القراءة تشتمل على التعرف على نموذج -وهذا جانب هام- أم اشتملت على معلومات أساسية حول بعض الجوانب مثل المعلومات الصحية، والمعلومات المهنية, وغيرها. ومن الجوانب التي قد تقابل المرشد في المدرسة ما يتصل ببعض المسائل الفقهية والشرعية، وفي هذه الحالة فإن الإرشاد بالقراءة يؤدي دورا كبيرا. والإرشاد بالقراءة يحتاج إلى دقة بالغة, وإلى تعاون بين المرشد وأمين المكتبة لإعداد ومراجعة المواد التي يمكن استخدامها لهذا الغرض, بحيث تكون مناسبة للمسترشد الذي يوجه لذلك من جميع النواحي، وأن تكون من واقع البيئة ولا تتنافى مع الأصول الدينية والأخلاقية للمجتمع.

الإرشاد باسختدام الأنشطة

الإرشاد باسختدام الأنشطة ... 21- الإرشاد باستخدام الأنشطة: تعتبر الأنشطة المختلفة التي يقوم بها الفرد سواء كانت عقلية "ذهنية", أو بدنية ذات أهمية كبيرة في مجال الإرشاد، فهي وسيلة هامة لمساعدة الأفراد على التعرف على قدراتهم وميولهم واتجاهاتهم، كما أنها بيئة مناسبة لتنمية طاقات المسترشدين ولتفريغ الطاقات البدنية والانفعالية والذهنية. وفي مجال الإرشاد -بصفة عامة- والإرشاد الطلابي -على وجه الخصوص- فإن المرشد يمكنه أن يلجأ إلى الأنشطة الرسمية وغير الرسمية لممارسة الإرشاد الإنمائي, والوقائي, والعلاجي. وفي إطار المدرسة, فإن المرشد بوسعه أن يستفيد بمجموعات النشاط في تحقيق الأهداف الإرشادية في مراحلها المختلفة. وعلى سبيل المثال, فإنه يمكن الاستفادة بالأنشطة الرياضية والأنشطة الثقافية والأنشطة الاجتماعية في تنمية قدرات الطلاب الذين يتعامل معهم في الإرشاد، وكذلك في معالجة بعض الجوانب النفسية مثل القلق الاجتماعي, والشعور بالوحدة, وغيرهما. ويجب أن يتنبه المرشد إلى عدم إدخال المسترشد لجماعة النشاط قبل الاطمئنان إلى استعداده لذلك الدخول, والعمل على تهيئته لذلك بحيث يحقق أقصى درجة ممكنة من النجاح, كما يجب أن يعمل المرشد عن قرب مع روّاد النشاط لهذا الغرض بحيث يكون معروفا لهم الأهداف العلاجية الخاصة لبعض الحالات، وذلك في أسلوب مبسط. كما يجب على المرشد ألا يسارع إلى إلحاق المسترشد بمجموعة للنشاط قبل تهيئه لذلك حتى لا يصاب بإحباط. فمثلا الطالب الخجول الذي يود المرشد أن يدخله إلى جماعة الخَطَابة أو جماعة النشاط الاجتماعي, يحسن أن يكون ذلك في الوقت الذي يطمئن فيه إلى اكتساب المسترشد لبعض المهارات الاجتماعية؛ حتى لا يواجه المسترشد بإحباطات كبيرة في البرامج التي يلتحق بها. ويعتبر شغل أوقات الفراغ في صورة مناسبة ومحبّبة للفرد, من الجوانب التي تساعد على خفض القلق والتوتر لدى الفرد, ومساعدته على تفريغ طاقته البدنية في أمور مفيدة, وتساعد على الوقاية من الانحراف.

الإرشاد بإتاحة المعلومات للمسترشد

22- الإرشاد بإتاحة المعلومات للمسترشد: في بعض الأحيان تكون المشكلة الأساسية للمسترشد هي نقص أو عدم توافر المعلومات المناسبة التي يمكن أن يبني عليها اختيارا من الاختيارات المتاحة أمامه. وفي مثل هذه المواقف, فإن المرشد يعتبر المحرك الأول لعملية الحصول على المعلومات. ومع أنه لا يمكن أن نطالب المرشد أن يكون مصدرا لكل المعلومات, إلا أننا نطالبه بأن يكون مديرا لعملية الحصول على معلومات، وأن يكون مصدرا مناسبا لمصادر المعلومات. وفي عالم اليوم, فإن المعلومات أصبحت أكثر انتشارا وبكميات كبيرة وهي تلقى الاهتمام المناسب من كل الجهات، وفي بعض الأحيان فإن هذه المعلومات تكون مخزنة على حاسبات آلية تتبع جهات تقوم بإتاحتها لبعض الهيئات وأحيانا للأفراد. والذي يهتم به المرشد في هذا المجال هو: 1- تحديد مدى الحاجة للمعلومات. 2- تحديد المعلومات اللازمة. 3- اختيار المعلومات المناسبة, والتي تتوافر فيها شروط الدقة والحداثة. 4- عرض المعلومات للمسترشد في صورة مناسبة. 5- الاستفادة من المعلومات في تحقيق الأهداف الإرشادية. ومن المعلومات التي يحتاجها المرشد ليوفرها للمسترشد, معلومات خاصة عن الفرص التعليمية والتدريبية المتاحة أمام مَنْ يتخرجون في المراحل التعليمية المختلفة، وكذلك معلومات متنوعة عن البيئة ومؤسساتها، ومعلومات عن المهن والأعمال المتنوعة وحاجات كل عمل وظروف العمل فيه، وشروط الالتحاق بالمستويات والمراحل التعليمية الأعلى. وقد تكون المعلومات المطلوبة معلومات معرفية لا يترتب عليها اتخاذ قرار, وإنما يحتاجها المسترشد في مواقف حياته أو في بعض جوانب مشكلته, مثل المعلومات الدينية الفقهية والمعلومات الصحية والمعلومات الاجتماعية وغيرها. وتوفير المعلومات للمسترشد يمثل جانبا هاما من جوانب الإرشاد، وقد يحقق كل الهدف الإرشادي. ويدخل في هذا الجانب إتاحة المعلومات عن المسترشد نفسه وتفسيرها له؛ ليستفيد منها في تحقيق الأهداف الإرشادية.

سابعا: الطرق المعرفية cognitive methods

سابعا: الطرق المعرفية Cognitive Methods 23- اتخاذ القرارات Decision Making: ذكرنا من قبل أن المسترشد قد يأتي بمشكلة تتعلق باختيار أو مشكلة تتعلق بتغيير في السلوك. وفيما يتعلق بمشكلات الاختيار, فإن ما يمرّ به الفرد هو حالة من التردد، أو لنقل: إنها حالة من الصراع الداخلي حول موضوعين أو أكثر بينهما تقارب كبير، وكل من هذه الموضوعات له قوة جذب خاصة به. وللمرشد دور كبير في مساعدة الأفراد الذين يعانون من التأرجح بين عدد من البدائل دون قدرة على التحديد السريع، وهو في هذه الحالة يتدخل بطريقة تعليمية تساعد المسترشد على تعلم كيفية اتخاذ القرارات في مثل الموقف الذي جاء به إلى الإرشاد، وأن يستخدم ما تعلمه في مشكلته الراهنة وفي المشكلات التي قد تطرأ لحياته في المستقبل. ومن أمثلة المواقف التي يحتاج فيها الطلاب أن يتخذوا قرارات، اختيار المقررات والشعب الدراسية، واختيار التخصصات في الجامعة، كما يدخل اتخاذ القرارات

كمرحلة ضمن مراحل حل المشكلات على اختلاف أنواعها، وفي مستقبل حياته فإن الفرد يحتاج إلى أن يتخذ قرارات حول وظيفة دائمة، وحول زوجة له، وحول مكان مناسب للإقامة، وحول كثير من الأنشطة. ويعتبر اتخاذ القرارات مهارة Skill يمكن تعلمها "اكتسابها"، وكذلك يمكن تحسينها وتصحيحها. ونعيد التذكرة مرة أخرى بأن اتخاذ القرار أمر يقوم به المسترشد. فالمرشد لا يتخذ قرارات للمسترشد وإنما دوره هو أن يساعد المسترشد على اكتساب مهارة اتخاذ القرارات، وأن يعلمه كيف يبحث عن المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات من مصادرها الموثوقة. ويمكن القول بأن القرارات التي يحتاج المسترشد أن يتخذها تقع في واحدة من ثلاث مجموعات هي: القرارات التعليمية، والقرارات المهنية، والقرارات الشخصية. ومع ذلك, ففي موقف الإرشاد قد يصبح من العسير أحيانا أن نفصل بين هذه المجموعات؛ نظرا لما بينها من تداخل. ويمكن للمرشد أن يستفيد من أحد نماذج اتخاذ القرارات التالية في تدريب المسترشد: 1- نموذج كرمبولتز، وثوريسون "1976" Krumboltz & Thoreson: يتكون هذا النموذج من ثماني خطوات هي: 1- تكوين قائمة لكل التصرفات الممكنة "البدائل". 2- جمع المعلومات المناسبة عن كل بديل معقول من هذه التصرفات "البدائل". 3- تقدير احتمال النجاح لكل بديل على أساس من خبرة الآخرين, وتوقعات المستقبل المستمدة من الواقع الحالي. 4- الأخذ في الاعتبار بالقيم الشخصية التي يمكن أن تزداد, أو تقل في إطار إجراء من الإجراءات "بديل من البدائل". 5- وزن الحقائق وتقديرها، والنتائج المتوقعة والقيم الخاصة بكل بديل.

6- استبعاد أقل البدائل رغبة من الاعتبار. 7- إعداد خطة مبدئية للتصرف خاضعة للتطويرات, والفرص الجديدة. 8- تقييم عملية اتخاذ القرارات على المشكلات الأخرى في المستقبل. يرى بتروفيسا وسيليت "1976" Pterofesa & Splete أن المسترشدين يدخلون إلى مرحلة اتخاذ القرارات بمجموعة متعددة من الخبرات والمعرفة تشتمل على: 1- استعدادهم لاتخاذ القرارات، والتي تأخذ في الاعتبار الخبرة، ومعرفة الذات، والرغبة في اعتبار البدائل المتاحة. 2- تطلعاتهم في الحياة، والتي تشتمل على جوانب مثل المحددات الاجتماعية، والاقتصادية، والذكاء، والثقة في النفس، ومفاهيم الذات، والقيم وموقف الحاجات. 3- إدراكاتهم لعملية اتخاذ القرارات وقدرتهم على التأثير والسيطرة على شئون حياتهم. كذلك فقد أعد إيفانز وكودي "1969" Evans & Cody صيغة لاتخاذ القرارات, كثيرا ما تؤخذ في الاعتبار عند إعداد نماذج لاتخاذ القرارات في مجال الإرشاد: 1- الأخذ بعين الاعتبار بالبدائل المتاحة للتصرفات. 2- الأخذ بعين الاعتبار بالنتائج المترتبة على هذه البدائل. 3- الأخذ بعين الاعتبار بالخبرات السابقة المناسبة للمشكلة الراهنة. 4- الأخذ بعين الاعتبار بمقبولية النتائج المترتبة على كل بديل. 5- اختيار قرار قائم على الاعتبارات المذكورة. أما جيلات وزملاؤه "1973" Gellat etal, فقد أعدوا نموذجا تتابعيا لاتخاذ القرارات وحددوا له ثلاثة متطلبات أساسية:

أ- تمحيص ومعرفة القيم الشخصية. ب- معرفة واستخدام المعلومات المناسبة. جـ- معرفة واستخدام إستراتيجية فعالة لتحويل هذه المعلومات إلى إجراءات. ثم قسّم هؤلاء الباحثون المطلوب الثاني من هذه المتطلبات وهو الخاص بالمعلومات, إلى أربعة أقسام هي: 1- التصرفات البديلة الممكنة. 2- النتائج المتوقعة "نتائج التصرفات المختلفة". 3- احتمالية حدوث النتائج "العلاقة بين التصرفات والنتائج". 4- مقبولية النتائج "التفضيلات الشخصية". ويفترض هؤلاء الباحثون أنه في الوقت الذي يزيد فيه المرء من البدائل التي يختار من بينها, فإنه يستطيع أن يحصل على اختيار أفضل، وكذلك فإن كمية ونوع المعلومات التي نحصل عليها ونأخذها في الاعتبار تؤثر في نوعية القرار. وبذلك فإن القرارات تعكس نوعية المعلومات التي نحصل عليها ومدى اتساع وشمول تحليلها ودراستها. وتشتمل إستراتيجية اتخاذ القرارات على حساب المخاطرات التي ترتبط بكل بديل من البدائل، وكذلك مسئولية انتقاء البديل الذي ينهض إلى أقصى درجة ممكنة برغبات المسترشد. وقد اقترح جيلات "1962" Gellatt نموذجا لاتخاذ القرارات كما هو موضح في شكل "21". وقد عرض جيلات في هذا النموذج الدائري لنوعين من القرارات: نهائية، وبحثية؛ فالقرارات البحثية تستدعي دورة تشتمل على جمع المزيد من المعلومات وتكرار العملية حتى نصل إلى قرار نهائي، ومع ذلك فإنه يمكن الوصول إلى قرار نهائي خلال إعادة الدورة. وقد اقترح توليير "1974" Tolbert مجموعة من الخطوات لاستكمال نموذج جيلات على النحو التالي:

1- الغرض: هناك حاجة لاتخاذ القرار, ولدينا على الأقل بديلان. 2- المعلومات: تحديد المعلومات الخاصة بالبدائل والحصول عليها. 3- الإمكانيات: تحدد كل التصرفات الممكنة. 4- النتائج الممكنة: تمحيص النتائج الممكنة لكل بديل من البدائل. 5- النتائج المتوقعة: توقع احتمالات حدوث كل نتيجة من النتائج. 6- القيم: تقدير مدى الرغبة "المقبولية" الشخصية لكل نتيجة من النتائج. 7- القرار: يتم الاختيار، الذي قد يكون: أ- نهائيا. ب- بحثيا. 8- التغذية الراجعة والتقويم: أ- يقدر المرشد مدى ملاءمة القرار. ب- يقدر المرشد فاعلية مساعدته للمسترشد. إن اتخاذ القرارات -شأنه شأن باقي طرق وأساليب الإرشاد- يتطلب الاشتراك الفعال من جانب المسترشد، بل إن معظم المعلومات التي نستخدمها في عملية اتخاذ القرارات إنما يولدها المسترشدون؛ ولهذا يهمنا إلى درجة كبيرة أن يشترك المسترشدون في عملية اتخاذ القرارات اشتراكا فعالا ونشطا، ونؤكد من جديد على أن المرشد لا يتخذ القرار النهائي, وإنما هذا القرار متروك للمسترشد. ودور المرشد هو دور المعلم ودور المساعد الذي عليه أن يعلم الطالب كيف يتخذ القرار، وقبل ذلك كيف يتعرف على القرار المناسب، ثم أخيرا كيف يستخدم ما تعلمه في هذا الموقف في مواقف أخرى. ومن المهام الأساسية في عمل المرشد مع الطلاب في عملية اتخاذ القرارات، مساعدتهم على التعرف على الصعوبات المرتبطة باتخاذ القرارات، وكذلك مساعدتهم في عملية الاستكشاف التي تساعدهم على التفهم. فإذا أظهر الاستكشاف وجود نقص في

مهارات اتخاذ القرارات, فإن مهمة المرشد تصبح عملية تعليم المهارة للطالب في الوقت الذي تتم فيه عملية اتخاذ القرار. أما إذا كانت المشكلة غير تلك التي تعالج ببناء المهارات اللازمة لاتخاذ القرارات, فإنه يمكن استخدام أحد الأساليب المستخدمة في الإرشاد. عملية اتخاذ القرارات: في كثير من الأحيان يجد المرشد نفسه في موقف يدعو إلى مساعدة الطالب المسترشد في اتخاذ القرارات المناسبة، حيث تكون مشكلة المسترشد متصلة باختيار من بين مجموعة اختيارات، أو يكون اتخاذ القرار كجانب في إجراءات خاصة بحل مشكلة ما. ويهمنا أن نؤكد هنا أن مقدرة المرشد تقف عند حدود مهارته في إدارة عملية اتخاذ القرار، ولكنه لا يمكنه أن يتحكم في النتائج المترتبة على القرار. فالمرشد يواجه عادة بمسترشد يحاول أو يرغب في أن ينتقل من مرحلة التردد أو الحيرة في طريق يسلكه إلى مواصلة الاستقرار على طريق، وقد يكون هذا المسترشد في مكان ما على مدرج اتخاذ القرار، أو ربما يكون جاهلا تماما بعملية اتخاذ القرار، وفي هذه الحالات يكون عمل المرشد مزدوجا، فمن ناحية يعتبر المرشد معلما يعلم المسترشد مهارات اتخاذ القرارات، ومن الناحية الأخرى يساعد المرشد المسترشد على اتخاذ قرار فعلا نتيجة لما تعلمه. يرى هانسن، وستيفيك, ووارنر "1977" Hansen, Stevic & Warner أن عملية اتخاذ القرارات تشتمل بجانب مرحلة تكوين العلاقة الإرشادية على الخطوات الآتية: 1- تحديد المشكلة. 2- توليد البدائل. 3- الحصول على المعلومات. 4- تحليل المعلومات والاستفادة منها. 5- إعداد الخطط واختيار الهدف. 6- تنفيذ الخطط وتنوعها.

1- تحديد المشكلة: تبدأ عملية اتخاذ القرار بتحديد المشكلة التي يواجهها المسترشد، فيعمل المرشد والمسترشد على تحديد واضح لحاجات المسترشد، ويعتبر ذلك خطوة هامة، ولكنها تكون أحيانا صعبة حيث قد تواجهها بعض العوائق. وقد يكون المسترشد مترددا في مناقشة مشاغله, أو مشكلاته حتى يتأكد من العلاقة الإرشادية وينمي الثقة في المرشد. ويصادف المرشد في عمله بعض المسترشدين الذين لديهم صعوبات في تحديد المشكلة, ورغم أن لديهم مشاعر حول مشاغلهم, لكنهم لا يستطيعون وصف هذه المشاعر "التعبير عنها" أو يشعرون بعدم الارتياح في وصفها. ويجب على المرشد أن يكون منتبها لخصائص المسترشد الذي يعمل معه وأن يساعده في تحديد مشكلته ومشغولياته والتعبير عنها, وعلى المرشد أن ينصت إليه وأن يعمل على تفهمه وأن يستجلي ما يراه غامضا وأن يعطيه الوقت الكافي لذلك. 2- توليد البدائل: في هذه المرحلة يتم تحديد البدائل المتاحة والمقبولة للمسترشد. وعملية استنباط البدائل ينظر إليها على أنها مفتاح اتخاذ القرارات، وأنها تهيئ المسرح لباقي الخطوات في العملية. وتنحصر مهمة المرشد في أن يعلم المسترشد طرق التعرف على مجموعة كبيرة من الإمكانيات والفرص, وأخذها في الاعتبار. ويمكن أن يتم ذلك بأكثر من طريقة. فعلى سبيل المثال يمكن أن يناقش المرشد مع المسترشد الإمكانيات المتاحة، وماذا أخذ المسترشد منها في اعتباره، وماذا يمكن أن يضيف إليها المرشد، كذلك يمكن للمرشد والمسترشد أن يجدا المجالات التي تبدو حرجة، ولكن لا توجد بيانات كافية عنها، وقد يستدعي ذلك الحصول على معلومات إضافية من المصادر المناسبة؛ وذلك لتوسيع المجالات المتاحة. ويفيدنا في ذلك الكتيبات والأدلة التي تصدرها الجامعات والكليات المختلفة عن برامجها "دليل الجامعة أو الكلية". وهناك نقطة يتوقف عندها البحث عن بدائل إضافية، وفي المعتاد فإن المسترشد يشير إلى ذلك بمحاولة التحرك خطوة أخرى للأمام.

3- الحصول على المعلومات: يحتاج المسترشد في هذه المرحلة أن يحصل على معلومات حول جانبين محددين "على الأقل", وهما: البدائل المطروحة من قبل، ومعلومات عن نفسه. والمعلومات في حد ذاتها لا تضمن الوصول إلى قرار جيد، ومع ذلك فبدون المعلومات نجد أن فرص الوصول إلى قرار جيد تتناقص إلى حد بعيد. ويقترح هير وكرامر Herr & Cramer أن هناك أربع مجموعات من العوامل تدخل في تحديد المعلومات, وهي: 1- العوامل الداخلية المقيدة مثل القدرات والمهارات وغيرها. 2- العوامل الداخلية الموجهة مثل القيم والميول وغيرها. 3- العوامل الخارجية المقيدة مثل توافر الفرص التعليمية والمهنية. 4- العوامل الخارجية الموجهة مثل توقعات الطبقة الاجتماعية والتطلعات الأسرية. وفي حدود هذا الإطار، يمكن للمرشد والمسترشد أن يعملا معا لتحديد ما هو معلوم، ولإعداد السبل لجمع المعلومات اللازمة لتكملة ما هو مجهول. فقد تجرى اختبارات القدرات، والميول، والاستعدادات، أو تدرس السجلات والملفات القديمة للحصول على معلومات تتاح أمام المسترشد حول هذه الجوانب. كما قد يحصل المرشد "أو المسترشد" على المطبوعات المناسبة لتزويد الطالب بمعلومات عن الوظائف المتاحة والفرص التعليمية والتدريبية المتوافرة وشروط الالتحاق بالمؤسسات والمعاهد. ويفيدنا في هذا الصدد ما تصدره الهيئات المختصة من نشرات وأدلة خاصة بالفرص التعليمية والمهنية وتوصيف الوظائف وشروط الالتحاق وغيرها. كما قد يلجأ المرشد إلى اصطحاب المسترشدين إلى مواقع فعلية للأنشطة التي يدخل في إطارها القرارات المطلوبة "مثلا أنشطة مهنية للقرارات المهنية" حيث يستفيد المسترشدون من ملامسة الواقع والتحدث إلى المسئولين في هذه المواقع والحصول على إجابات مناسبة لتساؤلاتهم. كذلك تشتمل هذه المرحلة على الجوانب التقليدية في الإرشاد التي تقوم على أساس التحدث في

الجلسات الإرشادية، وتعتبر الأنشطة التي تعد خصيصا لتزويد المرشد بفهم عن نفسه بشكل أعمق جزءا من عملية جمع المعلومات. 4- الاستفادة من المعلومات: تعتبر هذه الخطوة ذات أهمية خاصة، وهي تمثل في بعض الأحيان صعوبة بالنسبة للمرشد والمسترشد أيضا، فالمسترشد عليه الآن أن يتعامل مع البدائل التي تم تكوينها والمعلومات التي جمعها، وعليه أن يضع هذه الأشياء مع بعضها البعض في تكوين اختيار. وفي كثير من الأحيان يكون المسترشد بحاجة إلى مساعدة في تكوين طريقة فعالة لإكمال هذه الخطوة. فهو أولا: يحتاج إلى أن ينظم المعلومات بحيث يمكن تحديد قيمة أو وضع نسبي، ثم هو ثانيا: بحاجة إلى أن يفحص هذه المعلومات لإيجاد العلاقة بين خصائصه وتوقعاته. وبالنسبة للجانب الأول فإن المرشد يبدأ في مساعدة المسترشد لتحديد العوامل المناسبة من هذه المعلومات لاتخاذ القرار، ويستخدم المرشد هذه المعلومات بطريقتين على الأقل؛ فأولا: يبدأ المرشد في تكوين توقعات عن احتمالات نجاح المسترشد في البدائل المختلفة للقرار، وثانيا: يساعد المسترشد في سبيل الوصول إلى تفهم أفضل لذاته وللاحتمالات القائمة. ولحسن الحظ فإن الطريقين متقاربان بحيث إن الاحتمالات التي تنشأ عن تمحيص المرشد للمعلومات تكون هي تقريبا التي يصل إليها المسترشد. أما إذا تباعدا فقد يكون من المناسب أن تتوقف عملية اتخاذ القرار لحين إيجاد التقارب. وعندما نجمع البيانات ونفحصها لإيجاد العلاقة بين خصائص المسترشد وتوقعاته, فإن المرشد يبدأ في تقديم العون في الجانب التفسيري، وهو يساعد المسترشد في أن يفهم الجوانب المختلفة للقرار وللبيانات التي لم يفهمها بعد، وهو يبدأ في عملية مكاملة "إدماج" بين بيانات المسترشد مع البيانات الخارجية مع خصائص المسترشد. 5- إعداد الخطط: تعتبر هذه الخطوة ترجمة لما تَمّ في الخطوة السابقة من إدماج "مكاملة" للمعلومات, حيث تعد خطة مبدئية للعمل. ففي هذه الخطوة قد يكون من الممكن تقديم بعض الخبرة العملية للمسترشد. وقد يكون ذلك في شكل تمثيل للأدوار Role Playing أو خبرة واقعية، أو عن طريق محاكاة نماذج سلوكية، أو عن طريق ضبط بعض العوامل التي تم تحديدها، ويعتمد جانب من هذا القرار على النموذج الذي يتبعه المرشد. 6- تنفيذ الخطة وتقويمها: ينبغي أن تكون الخطط مرنة إلى الدرجة التي تسمح بإجراء بعض التعديلات عليها إذا لزم الأمر، ويجب أن تحدد الأهداف القريبة والأهداف البعيدة المدى، ثم يقوم المسترشد بترتيب هذه الأهداف في صورة أولويات يود أن تتحقق. أما الخطوة التالية فهي قيام المسترشد بتنفيذ القرار، وأن يعد أسلوبا للتقويم "أي: الحكم على ملاءمة القرار". ونؤكد من جديد أن المسترشد هو الشخص الذي يشترك فعليا في تنفيذ الخطة وتقويمها، ومن ثم يكون عليه أن يتحمل مسئولية ما يترتب على القرار, مهما كان ذلك. وتنتهي عملية اتخاذ القرار بالوصول إلى القرار، وقد يرغب المرشد في تقويم النتائج, فيقوم بذلك بعد مضي فترة زمنية ليست بعيدة, وقد تدعو الحاجة إلى تقديم بعض العون من جانب المرشد.

العلاج المعرفي cognitive therapy

24- العلاج المعرفي Cognitive Therapy: العلاج المعرفي من الطرق الحديثة في الإرشاد، وهو يقوم على أساس من علم النفس المعرفي Cognitive Pschology الذي يهتم بالعمليات المعرفية "الإحساس، والإدراك، والذاكرة، واللغة، والتفكير". ويركز العلاج المعرفي على دور التشغيل المعرفي Cognitive Processing "أي: العمليات العقلية" بالنسبة للانفعال والسلوك، حيث تتحدد الاستجابات الانفعالية والسلوكية الخاصة بشخص ما في موقف ما, عن طريق كيفية إدراكه، وتفسيره، والمعنى الذي يعطيه لهذا الحادث. وينظر العلاج المعرفي إلى الشخصية على أنها تشكل بواسطة القيم المركزية, كما يرى أن الاضطراب النفسي ينتج عن مجموعة من العوامل.

وعلى سبيل المثال فإن الأفراد يعايشون المأساة النفسية "الحزن النفسي" عندما يدركون موقفا ما على أنه مهدد لمصالحهم الحيوية. وفي مثل هذه الحالات, فإن إدراكاتهم وتفسيراتهم للأحداث تعتبر ذات انتقائية عالية ومتمركزة حول الذات ومتشددة, ونتيجة لهذا ينتج قصور وظيفي في النشاط المعرفي المعتاد، وتكون هناك قدرة منخفضة على إغلاق أو وقف التفكير الخاص والتركيز أو الاسترجاع أو التعليل، كما أن الوظائف التصحيحية التي تسمح باختبار الواقع وتصحيح التصورات العامة يعتريها الوهن. إن كل فرد لديه مجموعة من الاستهدافات والحساسيات الخاصة التي تهيئه للمحن النفسية، وهذه الاستهدافات يبدو أنها ترتبط ببنيته الشخصية, والشخصية تتكون من مخططات Schemas أي: من تركيبات "بنيات" معرفية تتكون من المعتقدات والافتراضات الأساسية للفرد والتي تنمو في مرحلة مبكرة من حياته من الخبرات الشخصية ومن تطابقه مع الآخرين ذوي الأهمية. ويصوغ الناس مفاهيم حول أنفسهم وعن الآخرين وعن كيف يعمل العالم، وهذه المفاهيم تعزز من خلال الخبرات التعليمية الإضافية؛ ومن ثم تؤثر على تكوين المعتقدات والقيم والاتجاهات الأخرى. قد تكون هذه المخططات العقلية "البنيات" توافقية أو مختلة، وقد تكون عامة أو محددة في طبيعتها، وربما يكون لدى الفرد مخططات معرفية متنافسة, والمخططات هي بنيات معرفية دائمة، تكون كامنة خلال المراحل غير الضاغطة، وتصبح نشطة عندما تتداخل مع مثيرات أو ضغوط أو ظروف معينة. وقد درس بيك، وإيبشتين, وهاريسون "1983" Beck, Epstein & Harrison الفكرة القائلة بأن هناك مجموعات معينة من الخصائص النفسية أو البنيات "المخططات" المعرفية ترتبط بأنواع معينة من الاستجابات الانفعالية, وتبين لهؤلاء الباحثين أن هناك بعدين رئيسيين في الشخصية يناسبان الاكتئاب وربما أيضا بعض الاضطرابات النفسية الأخرى، وهذان البعدان هما: الاعتماد الاجتماعي Social dependence والتوجيه الذاتي Autonomy، وقد أظهرت الأبحاث التي قام بها بيك أن الأشخاص المعتمدين "الاتكاليين" قد أصابهم الاكتئاب عقب قطع العلاقات الاجتماعية, أما الأشخاص

المستقلون "ذوو التوجه الذاتي", فقد أصابهم الاكتئاب عقب انهزام أو فشل في تحقيق هدف مرغوب. إن البعد الاعتمادي "الانحناء الاجتماعي" أي: المتمركز حول المجتمع Sociotropic ينتظم حول التقارب، والعطاء، والاعتمادية، أما بعد التوجه الذاتي فيتمركز حول الاستقلالية، وتحديد الهدف، والتحديد الذاتي, والالتزامات المفروضة من الذات. وبذلك فإن العلاج المعرفي كما يقول بيك "1989، ص294" Beck ينظر إلى الشخصية على أنها تعكس التنظيم والبناء المعرفي للفرد, والذي يتأثر بالجوانب البيولوجية والجوانب الاجتماعية، وفي حدود التشريح العصبي، والكيمياء الحيوية للفرد، فإن الخبرات التعليمية تساعد على تحديد: كيف ينمو هذا الفرد وكيف يستجيب؟ وقد حدد بيك "1989" مجموعة من النماذج لتفسير حدوث بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق والهوس والفوبيا والبارانويا والوساوس والأفعال القهرية وغيرها. وعلى سبيل المثال, فقد حدد "Beck 1967" ثلاث خصائص للاكتئاب: فالشخص المكتئب تكون لديه نظرة سالبة عن الذات، وعن العالم وعن المستقبل، وينظر إلى نفسه "يدرك ذاته" على أنه غير ملائم، ومهجور، ولا قيمة له، وتكون النظرة السالبة واضحة في اعتقاداته بأن العديد من المطالب قائمة, بينما توجد حواجز تعوقه عن الوصول للهدف, ويبدو العالم خاليا من السرور والإشباع وينظر المكتئب إلى المستقبل على أنه مليء بالتشاؤم مما يعكس اعتقاده بأن المشكلات القائمة لن تتحسن، وقد يؤدي به اليأس إلى الانتحار. وتنشأ الأعراض الدافعية، السلوكية، البدنية للاكتئاب من هذه الأنماط المعرفية، ويكون هناك شلل في الإرادة يرجع إلى الاعتقاد بأنه تنقصه المقدرة على المواجهة أو على ضبط نتيجة الحادث، ومن ثم يكون هناك تراخٍ في أن يلزم الفرد نفسه بهدف، كما تعكس رغبات الانتحار رغبة في الهروب من مشكلات من غير الممكن تحملها.

وتعكس الاعتمادية الزائدة التي تلاحظ في مرض الاكتئاب نظرة الفرد المكتئب إلى نفسه على أنها عاجزة، والمبالغة في تقدير صعوبة المهامّ العادية للحياة، وتوقع الفشل، والرغبة في وجود شخص ما أكثر قدرة على القيام بالمهام. كما يعكس التردد أو عدم القدرة على اتخاذ قرار الاعتقاد بأن الفرد غير قادر على اتخاذ القرارات الصحيحة. أما الأغراض البدنية للاكتئاب؛ انخفاض الطاقة، والتعب، والتراجع، فكلها ترتبط بالتوقعات السالبة. ويشير العمل مع مرضى الاكتئاب أن بدء النشاط يخفض من التراجع "عزم القصور الذاتي" والتعب. كذلك فإن رفض التوقعات السالبة وإظهار القدرة الحركية تلعب أدوارا هامة في الشفاء. إن أهداف العلاج المعرفي هي تصحيح المعالجة الخاطئة للمعلومات، ومساعدة المرضى على تعديل الفرضيات التي تبقي على السلوكيات والانفعالات غير التوافقية. وتستخدم الأساليب المعرفية والسلوكية لتحدي الأفكار المعطلة ولتطوير تفكير تكيفي أكثر واقعية، ويهتم العلاج المعرفي أولا بالتخلص من الأعراض التي تشتمل على سلوكيات المشكلة واختلالات المنطق، ولكن هدفه النهائي هو إزالة التحيزات المنتظمة في التفكير. وفي العلاج المعرفي, فإن العلاقة تقوم على التعاون حيث يقوم المعالج بعملية تقدير وتصوير المشكلة "التشخيص" ويحدد مع المسترشد الأهداف، وفي بعض الأحيان عندما تكون الحالة شديدة "مثلا في الاكتئاب", فإن المعالج "المرشد" يأخذ دورا مباشرا. والعلاج المعرفي يقوم على ثلاثة مفاهيم أساسية هي: التجريب المشترك، والحوار السقراطي، والاستكشاف الموجّه. ففي التجريب المشترك "المتعاون" تكون العلاقة العلاجية أو الإرشادية تعاونية "متعاضدة", وتتطلب تحديدا مشتركا لأهداف العلاج، ويصبح المعالج والمريض باحثين

مشتركين يمحصان الدليل الذي يؤيد أو يرفض الجوانب المعرفية للمريض. وكما في البحث العلمي, فإن التفسيرات أو الافتراضات تعامل على أنها فروض قابلة للاختبار. ويستخدم الدليل الإمبيريقي لتحديد ما إذا كانت هناك عمليات معرفية معينة تخدم أي غرض مفيد, وتخضع الاستنتاجات الأولية للتحليل المنطقي، ويتعرى التحيز في التفكير "التفكير المنحاز" مع زيادة وعي المريض بالمصادر البديلة للمعلومات، وتدار هذه العملية كمشاركة بين المريض والمعالج مع زيادة دور أي منهما حسب الحاجة. أما الحوار السقراطي فيقوم على التساؤل باعتباره أداة مفضلة في العلاج المعرفي، وتعتبر طريقة الحوار السقراطي Socratic Dialogue هي الطريقة المفضلة للتساؤل, ويعد المعالج بعناية مجموعة من الأسئلة المتتابعة لينهض بالتعليم الجديد للمريض. وهذه الأسئلة تهدف إلى: 1- توضيح وتحديد المشكلات. 2- المساعدة على التعرف على الأفكار، والتخيلات، والفروض. 3- تمحيص معاني الأحداث بالنسبة للمريض. 4- تقدير نتائج الإبقاء على الأفكار, والسلوكيات غير التكيفية. ويتضمن الحوار السقراطي أن يصل المريض إلى خلاصات منطقية قائمة على أساس من الأسئلة التي وجّهها المعالج، ولا تستخدم الأسئلة كمصيدة للمرضى؛ وذلك لتوجيههم إلى استنتاجات حتمية أو لمهاجمتهم, وإنما تساعد الأسئلة المعالج على فهم وجهة نظر المريض, وتوضع بحساسية بحيث يمكن للمرضى أن ينظروا لافتراضاتهم بشكل موضوعي وبغير دفاعية. وفي الاستكشاف الموجه, فإن المريض يعدل اعتقاداته أو أفكاره غير التكيفية، ويعمل المعالج هنا كدليل يعين السلوكيات المشكلة والخطأ في المنطق بإعداد خبرات جديدة "تجارب سلوكية" تؤدي إلى اكتساب مهارات ومنظورات جديدة. ومن خلال الطرق المعرفية والسلوكية فإن المريض يكتشف أساليب أكثر تكيفا للتفكير والسلوك.

ويتعلم المريض كيف يصلح عملية التشغيل المعرفي الخاطئ بحيث لا يحتاج بعد ذلك للاعتماد على معالج. وهذا الاكتشاف الموجه يتضمن ألا يقوم المعالج بدفع المريض على أن يستخدم المعلومات والحقائق والاحتمالات للوصول إلى منظور واقعي. يبدأ العلاج بإعداد قائمة للمشكلات التي جاء بها المريض "الأعراض", ثم يتدرج في المرحلة الوسطى والنهائية إلى أنماط التفكير لدى المريض. وتظهر الارتباطات بين الأفكار، والانفعالات، والسلوك، بشكل رئيسي خلال فحص الأفكار التلقائية، وهذه الأفكار تكون متاحة بشكل نسبي، وكذلك مستقرة، وتتيح فرصة لممارسة مزيد من التفكير المنطقي. وحالما يمكن للمريض أن يتحرى الأفكار التي تتداخل مع الأداء, فإنه يمكن أن يأخذ في الاعتبار الافتراضات الأساسية التي ولدت هذه الأفكار. وفي الجلسات النهائية, يكون هناك تركيز على الأساليب المعرفية أكثر من الأساليب السلوكية، والتي تركز على المشكلات المعقدة التي تشتمل على عديد من الأفكار المعطلة، وتكون هذه الأفكار في الغالب أكثر عرضة للتحليل المنطقي عنها للتجريد السلوكي. فمثلا مقولة: "أنا لن أحصل إطلاقا على ما أريده في الحياة" لا يمكن اختبارها بسهولة، ومع ذلك فإنه يمكن التساؤل حول منطقية هذا التعميم, والنظر إلى مزايا وعيوب الإبقاء عليه كاعتقاد. وفي الجلسات الأخيرة, فإن المريض يتحمل دورا أكبر في التعرف على المشكلات والحلول ولإعداد واجبات منزلية، ويعمل المرشد أو المعالج هنا دور الناصح Advisor فضلا عن دور المعلم، بينما يصبح المسترشد أكثر مقدرة على استخدام الأساليب المعرفية لحل المشكلات. ويتناقص تكرار الجلسات بينما يصبح المسترشد أكثر اكتفاء ذاتيا، وينهي الإرشاد عندما يتم الوصول للأهداف ويشعر المسترشد أنه قادر على ممارسة مهاراته الجديدة. ويشتمل العلاج المعرفي على ثلاثة جوانب, هي: 1- إطار مفهوم العمل.

2- الانحراف العاطفي "الانفعالي" من جانب المسترشد في موقف المشكلة. 3- اختبار الواقع في هذا الموقف. ويرى أصحاب نظرية العلاج المعرفي أن تعديل الافتراضات المعطلة يؤدي إلى تغير معرفي، وانفعالي، وسلوكي فعال. ويحدث التغير لدى المسترشد من خلال التعرف على الأفكار التلقائية، والتساؤل عن الأدلة التي تساند هذه الافتراضات، وتعديل الجوانب المعرفية لتتناسب عن قرب مع البيانات المتاحة. وبعد ذلك, فإن المسترشد يسلك بطرق تقترب مع الأساليب الجديدة الأكثر تكيفا للتفكير، ومن ثَمَّ فإن المسترشد يخبر طريقة جديدة لمعالجة المعلومات والنتائج الناشئة عنها. "ويمكن أن يحدث التغير فقط إذا خبر المسترشد الموقف الخاص بالمشكلة على أنه تهديد حقيقي. وفي رأي العلاج المعرفي, فإن الأفكار تقف وراء الانفعالات، ومع الاستثارة الوجدانية فإن الأفكار تصبح متاحة وقابلة للتغيير. وبلغة العلاج المعرفي, فإن هذه الأفكار هي "الأفكار الساخنة Hot thoughts" وإحدى آليات التغيير تركز حينئذ على الوصول إلى تلك التكوينات المعرفية التي أنتجت السلوك غير التكيفي أو مجموعة الأعراض. ويتماثل هذا الأسلوب مع ما يتحدث عنه المحللون النفسيون عن "استحضار اللاشعور إلى الشعور" "بيك 1989 ص306". إن استثارة الانفعالات والأفكار المعرفية المصاحبة لا تكفي ببساطة لإحداث تغيير دائم، والناس يعبرون عن انفعال في بعض الأحيان بشكل متفجر عبر حياتهم وبدون فائدة، إلا أن البيئة العلاجية "الإرشادية" تسمح للمسترشد أن يخبر في وقت واحد الاستثارة الانفعالية واختبار الواقع. وفي رأي كثير من العلاجات النفسية فإن العلاج هو مقدرة المسترشد على أن يشترك في موقف المشكلة ويستجيب له بشكل موضوعي. وفي لغة العلاج المعرفي, فإن هذا يعني معايشة الجوانب المعرفية أو الأفكار الساخنة واختبارها في الإطار العملي العلاجي. وتتيح عملية فحص الدليل والمنطق الشخصي للمسترشد أن يدرك أن الموقف قد أوّله "فسره" بشكل خاطئ.

الإرشاد بوقف الأفكار thought stopping

25- الإرشاد بوقف الأفكار Thought Stopping: اهتم الإسلام بشكل خاص بوقف الأفكار غير المناسبة، وخاصة تلك التي تشوش على المسلم دينه عقيدة وشريعة، والأسلوب الذي يأمرنا القرآن وتأمرنا السنة النبوية به هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: 36] . {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 200، 201] . وقد أوصى الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- الغاضب أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ليذهب عنه الغضب. ولا شك أن المرشد يمكنه أن يستفيد من هذا الهدي الإسلامي العظيم في تدريب المسترشدين الذين يشكون من تداخل الأفكار في صور مختلفة, سواء كان تعبيرهم عنها في صورة "سَرَحَان" أو "تشتت ذهني" أو "أفكار سيئة مقحمة على الفرد" أو "وساوس" أو غير ذلك. وفي مجال علم النفس، فإن التحكم في الأفكار أسلوب اقترحه بين Bain عام 1928, وقد طور تيلور "1963" أسلوب وقف الأفكار thought stopping كطريقة للتحكم في الأفكار "ضبط الأفكار", كما وصف هذا الأسلوب كل من وولبيه "1982" Wolpe ولازاروس "1971" Lazarus، كما قدم ريم وماسترز "1979" Rimm & masters وصفا وتطويرا لهذا الأسلوب، وذلك في مؤلفهما عن العلاج السلوكي, وأضافا إليه التأكيد الضمني Covert Assertion. ويستخدم أسلوب وقف الأفكار لمساعدة المسترشد على ضبط الأفكار والتخيلات غير المنتجة أو القاهرة للذات عن طريق منع, أو استبعاد هذه الأفكار السلبية. ويفيد

أسلوب وقف الأفكار بصفة خاصة مع المسترشد الذي يدور حول حادث في الماضي لا يمكن أن يغيره "البكاء على اللبن المسكوب"، وكذلك مع مسترشد يدور حول حادث ليس من المتوقع أن يحدث, أو ما يقول عنه لازاروس "1971": إنه الحادث "أو الكارثة" "ذات الاحتمال الضئيل في حدوثها"، أو مع مسترشد ينخرط في تفكير متكرر، غير منتج، وسلبي، أو في تخيلات مولدة للقلق وقاهرة للذات. والجوانب المعرفية المضايقة قد تأتي في شكل أفكار أو في شكل تخيلات بصرية؛ فمثلا التاجر الذي ينشغل دائما بفكرة أن الموظف الذي عنده يخونه أو يغشه، فإنه ستتكرر عليه أفكار مثل: ماذا لو حدث هذا؟ أو: إن حظي هكذا أن يغشني فلان، وكذلك الطالب الذي تطرأ على خياله فكرة أنه قد يرسب وقد يفصل من المدرسة ... إلخ. ويرى أولين "1976" Olin أن وقف الأفكار قد لا يكون هو الأسلوب المناسب للعمل مع المسترشدين الذين تكون لديهم أفكار شديدة مزعجة "مركزة" بحيث لا يمكنهم ضبطها. ويرى كورمير "1985" Cormiers أن أسلوب وقف الأفكار قد أعطى نتائج طيبة مع الحالات التي لديها أفكار متقطعة، أي: تأتي على فترات، أكثر، مما ينجح مع الأفراد الذين لديهم أفكار قاهرة للذات بشكل مستمر. وبالطبع, فإن هذا الأسلوب يستخدم مع الأفراد الذين تكون أفكارهم معارضة للإنتاجية الفردية، بمعنى أن تكون هذه الأفكار مسببة للضيق. ويميز وولبيه "1971" بين الأفكار الخاصة بحل المشكلات التي تؤدي إلى أفكار إجرائية مرغوبة, وبين تلك الأفكار التي تؤدي إلى نهاية مسدودة أي: الأفكار السلبية. وقد استخدم أسلوب وقف الأفكار "كورمير 1985 ص386" مع عدد من الحالات العيادية. فقد استخدم لتقليل تخيلات الهلاوس، وكذلك لتقليل التخيلات المضطربة، ولتقليل الأفكار الوسواسية، وكذلك لخفض الأفكار الناقدة للذات، ولإزالة التخيلات المتكررة للألوان، ولتقليل نوبات القلق حول حدوث نوبات صرعية، كما نجح هذا الأسلوب في خفض التدخين.

ويرى وايزوكي وروني "1974" Wisocki & Rooney أن أسلوب وقف الأفكار له عدد من المزايا: فهو سهل التنفيذ، كما أنه يكون مفهوما للمسترشد، كذلك فإن المسترشد كثيرا ما يستخدمه كأسلوب للتنظيم الذاتي. ويشتمل أسلوب وقف الأفكار على ستة جوانب أساسية, هي: منطق العلاج، وقف الأفكار الموجه من المرشد "المقاطعة الظاهرة"، وقف الأفكار الموجه بواسطة المسترشد "المقاطعة الظاهرة"، وقف الأفكار الموجه عن طريق المسترشد "المقاطعة الضمنية", التغيير إلى أفكار مؤكدة، إيجابية أو محايدة، والواجبات المنزلية، والمتابعة. 1- منطق العلاج: في البداية يشرح المرشد المنطق الخاص بوقف الأفكار، وقبل استخدام الأسلوب فإن المسترشدين ينبغي أن يكونوا واعين بطبيعة أفكارهم وخيالاتهم القاهرة للذات. ويقترح وولبيه أن على المرشد أن يشير إلى: كيف أن أفكار المسترشد غير ذات جدوى "الأفكار التي نعمل على وقفها" وأن على المسترشد أن يتخلص منها؟ مثال لما يقوله المرشد: إنك تقول: إنك منشغل بأفكار مستمرة, إنك قد تموت في حادث فظيع، وهذه الأفكار تستهلك منك وقتا وطاقة كبيرين, وهي في الواقع أفكار لا جدوى فيها، وسوف تشعر بالتحسن إذا لم تنشغل بمثل هذه الأفكار، أو تخيلات خاصة بالموت على هذه الصورة, وهذا الأسلوب "وقف الأفكار" يمكن أن يساعدك لتتعلم كيف تكسر هذه العادة في التفكير: ما رأيك؟ وإذا وافق المسترشد على استخدام أسلوب وقف الأفكار, فإن المرشد يقوم بوصف الطريقة: يقول المرشد حينئذ: سوف أطلب منك أن تجلس وظهرك مرتكن إلى ظهر المقعد، وأن تترك الأفكار تأتي إلى ذهنك، وعندما تخبرني أنك لديك فكرة أو تخيل يرتبط بمشهد الموت الشنيع

فسوف أقاطعك، ثم بعد ذلك سأقوم بتعليمك كيف تكسر هذه السلسلة من الأفكار بنفسك, بحيث يمكنك أن تقوم بذلك عندما تبزغ هذه الأفكار. وقف الأفكار الموجَّه بواسطة المرشد: المقاطعة الظاهرة Overt Interruption في هذه المرحلة الأولى من وقف التفكير, فإن المرشد يتولى مسئولية مقاطعة "تعطيل" الأفكار، وتكون عملية المقاطعة ظاهرة باستخدام كلمة "توقف"، يقولها المرشد بصوت مرتفع، ويمكن أن يقرن تلفظه بكلمة توقف بصوت مرتفع مثل ضرب الكفين بعضها ببعض "تصفيقة" أو الطرق بقلم أو مسطرة على المنضدة، أو صفارة. وفي هذا التتابع الموجه بواسطة المرشد يوجه المسترشد إلى التلفظ بكل أفكاره وبتخيلاته بصوت عالٍ، وهذا التلفظ يساعد المسترشد أن يحدد النقطة التي ينتقل عندها المسترشد من التفكير الإيجابي إلى التفكير السلبي بدقة، ويمضي تسلسل هذه الخطوة في الإرشاد على النحو التالي: 1- يوجه المرشد المسترشد أن يجلس مسندا ظهره للمقعد, ويدع الأفكار تأتي إلى ذهنه: "اجلس، استرخ، ودع الأفكار والتخيلات تأت إلى ذهنك ... ". 2- يوجه المرشد المسترشد أن يتحدث بصوت عالٍ عن هذه الأفكار والصور كما تحدث: "عندما تبدأ في التفكير حول أي شيء أو رؤية أي تخيلات، تحدث عنها معي". 3- عند النقطة التي يتحدث فيها المسترشد عن فكرة أو صورة قاهرة للذات، فإن المرشد يقاطعه قائلا بصوت مرتفع: "توقف"، وقد يصفق بيديه أو يطرق بالمسطرة على المنضدة. 4- يشير المرشد إلى ما إذا كانت المقاطعة غير المتوقعة فعالة في إنهاء الأفكار السلبية, أو التخيلات لدى المسترشد: "ربما قد تحققت, إنني بمجرد أن قلت: توقف وقاطعتك, فإن أفكارك السيئة قد توقفت ولم تستمر كما يحدث معك عادة". وعند هذه النقطة, فإنه يكون من المناسب جدا أن يشير المرشد إلى: كيف يمكن للمسترشد أن يتعلم ضبط أفكاره؟

وبعد هذا التتابع، فإن المرشد يوجه تتابعا آخر لوقف الأفكار، ولكن هذه المرة لا يقوم المسترشد بالتحدث بصوت مسموع عن أفكاره, وإنما يشير بيده أو بمؤشر ليعلم المرشد ببداية الأفكار أو التخيل, وهذا التتابع يشبه الأول ولكن فقط باستخدام إشارة اليد من جانب المسترشد بدلا من الكلام بصوت مسموع: 1- يوجه المرشد المسترشد للجلوس, وأن يدع الأفكار تتداعى طبيعيا إلى ذهنه. 2- يوجه المرشد المسترشد إلى الإشارة برفع يده, أو الإشارة بأصبعه عندما تبدأ الأفكار والتخيلات السيئة في الظهور. 3- عندما يرفع المسترشد يده, فإن المرشد يقاطعه بقوله: "توقف", وتتكرر هذه الخطوات الثلاث في نفس الجلسة تبعا للحاجة، وبشكل عام فإنها تتكرر حتى يصل المسترشد إلى نمط كابح للأفكار من خلال توجيه المرشد "قوله: توقف". وقف الأفكار الموجه بواسطة المسترشد: المقاطعة الظاهرة بعد أن تعلم المسترشد كيف يضبط أفكاره السلبية؛ استجابة لمقاطعة من المرشد, فإنه يتحمل مسئولية مقاطعة أفكاره بنفسه. وفي البداية, فإن المسترشد يوجه نفسه في تتابع وقف الأفكار بنفس طريقة المقاطعة الظاهرة التي استخدمها المرشد أي: بقوله: "توقف" بصوت عالٍ. وتشتمل هذه المرحلة على خطوتين في أولاهما يعمل المسترشد على استدعاء الأفكار التي يريد وقفها، وفي الثانية يقول: "توقف" بصوت عالٍ. وقف الأفكار بواسطة المسترشد: المقاطعة الضمنية "الداخلية" Intrinsic: في كثير من الأحيان قد يصبح من غير الحكمة, أو اللائق أن يعتمد المسترشد على المقاطعة الظاهرة كأسلوب لوقف الأفكار، فلو تخيلنا شخصا يجلس في طائرة أو حافلة ثم صاح فجأة بصوت مرتفع: "توقف" فإن الأمر سيبدو سخيفا. ومن هنا, فإن المرحلة التالية في وقف الأفكار تحل المقاطعة الداخلية "أي: الضمنية" بدلا من المقاطعة الظاهرة, وتتم هذه المرحلة على خطوتين كسابقتها. 1- يدع المسترشد الأفكار أو التخيلات تأتي إلى ذهنه.

2- عندما يصبح المسترشد واعيا بوجود فكرة قاهرة للذات, فإنه يوقفها بأن يقول لنفسه "سرا": توقف, ومعنى ذلك أن يقول هذه الكلمة دون أن يسمعها أحد. وتتكرر هاتان الخطوتان حتى يصبح المسترشد قادرا على أن ينهي الأفكار القاهرة للذات, باستخدام المقاطعة الداخلية فقط. التحويل إلى الأفكار المؤكدة، الإيجابية، أو المحايدة: في بعض الأحيان، تسهم الأفكار السلبية لدى المسترشد في توليد درجة عالية من القلق، وفي أحيان أخرى فإن هذه الأفكار قد تأتي بإشارات من قلق أو توتر يسبقها, وفي كلتا الحالتين فإن القلق أو الاستثارة أنماط للتفكير الاجتراري. وقد اقترح ريم وماسترز "1979" Rimm & Masters أنه لكي نقلل القلق, فإن المسترشد يحتاج أن يتعلم كيف يفكر في أفكار مؤكدة "حازمة" بعد مقاطعته للأفكار القاهرة للذات. ولما كان السلوك التوكيدي يكف القلق، فإنه من المفترض أن الأفكار المؤكدة تكف هي أيضا أي قلق أو استثارة قد تحدث حتى بعد أن يكون المسترشد قد تعلم كيف يقمع الأفكار غير المرغوبة. وبصفة أساسية, فإن المرشد يحاول أن يعلم المسترشد كيف يحول الأفكار إلى استجابات توكيدية بعد المقاطعة، وهذه الاستجابات قد تعارض محتوى الأفكار السلبية أو تكون غير مرتبطة بها. وقد قام الباحثان في علاجهما لشاب كانت تراوده أفكار عن حدوث انهيار عصبي له، فكانا يساعدانه على أن يفكر في: "أنا بخير، أنا عادي، أنا سليم"، وهذا التفكير التوكيدي يعارض بوضوح طبيعة الأفكار القاهرة للذات لدى المسترشد. وكمثال على الأفكار التوكيدية غير المرتبطة بالتفكير غير المرغوب ما يقوله نفس الشاب من الأشياء الجديدة, التي سأقوم بعملها في العمل "الوظيفة" هذا الأسبوع. ويشير ريم وماسترز إلى أن الأفكار المؤكدة "التوكيدية" ينبغي أن تكون واقعية وموجهة نحو خطر حقيقي في الموقف. ويرى كورمير Cormier "1985" أن ما يراه ريم وماسترز على أنه تدريب على التفكير التوكيدي فإنه شبيه بأسلوب إعادة البناء المعرفي "الذي سبقت الإشارة إليه". ولا يستخدم كل المرشدين الذين يطبقون أسلوب وقف الأفكار، عملية التحويل الى الأفكار التوكيدية لتحل محل الأفكار القاهرة للذات، وإنما يستخدم الكثير منهم أسلوبا يعتمد على أن يطلب من المسترشد أن يركز على مشهد سارّ ومعزز, أو على مشهد محايد مثل موضوع في البيئة. وبصفة عامة, فإن المرشد يجب أن يأخذ في اعتباره أن يساعد المسترشد بعد أن ينجح في وقف الأفكار غير المرغوبة, أن يحول تفكيره إلى شيء مرغوب ذي طبيعة سارّة. الواجبات المنزلية والمتابعة: عندما يتعلم المسترشد كيف يوقف أفكاره القاهرة لذاته، فإن الوقت يكون قد حان لكي يستخدم هذا الأسلوب خارج موقف الإرشاد. وفي البداية, فإن المرشد يوجه المسترشد لاستخدام وممارسة أسلوب وقف الأفكار عدة مرات كل يوم. وهذا الواجب المنزلي يقوي ضبط المسترشد على وقف سلسلة من الأفكار القاهرة للذات عندما تحدث. وقد يطلب من المسترشد أن يسجل ممارساته في سجل يومي، ويتابع المسترشد ذلك في جلسة تعقد للمتابعة.

أساليب ضبط النفس self control

26- أساليب ضبط النفس Self Control: عندما نسمع تعبير "ضبط النفس" فإنه يترك لدينا انطباعا بوجود نوع من تقييد الذات، وحين يطلب منا أن نصف الأفراد الذين نقول عنهم: إنهم لديهم ضبط للنفس, فقد يتبادر إلى أذهاننا أولئك الأشخاص الذين يؤجلون الإشباع الفوري لحاجاتهم في سبيل تحقيق أهداف بعيدة المدى. فالطلاب الذين ينشغلون بالدراسة في الوقت الذي يهتم فيه غيرهم بحضور حفل، أو يكون آخرون غارقين في النوم, إنما يمارسون في الواقع ضبطا للنفس، وكذلك الفرد الذي يضبط نفسه عند الغضب فلا يتصرف بحماقة نقول عنه: إنه قد مارس تقييدا أو ضبطا للنفس. وهذه الأمثلة التي أوردناها تتمشى فعلا مع المعنى الذي ينطوي عليه مصطلح ضبط النفس، وهو معنى يتضمن الكبح والتقييد الذي يمارسه الفرد على نفسه. وكلما

ازداد نضال الفرد أو جهاده مع نفسه في سبيل ضبطها, ازداد انطباق تعبير ضبط النفس عليه. وضبط النفس لا يمثل في الواقع مفهوما جديدا في معالجة السلوك، فقد عرفه علماء المسلمين وتحدثوا عنه وبتفصيلات كثيرة تحت مسميات كثيرة منها: ضبط النفس، وكظم الغيظ، وقوة الإرادة، وقوة الخُلُق، ومجاهدة النفس، ورياضة الأخلاق، وتهذيب الأخلاق، وغيرها. وقد انتهى ويلسون، وأوليري "1980" Wilson & O'leary إلى التعريف التالي لضبط النفس: "إن ضبط النفس عبارة عن أسلوب لتغيير السلوك، يبدؤه الفرد عادة بنفسه بغرض التأثير على سلوكه الشخصي". وإذا تصورنا أن السلوك يتأثر بخليط من المتغيرات الداخلية والخارجية، يمكن أن ننظر للسلوك على أنه قد يكون محكوما بشكل تام من الخارج "مثل إغماض العين عند تعرضها لضوء شديد", أو أنه قد يكون محكوما بشكل كبير من الداخل "مثلا ما يقوله الشخص لنفسه ليقوم بسلوك معين". وإذا كان بوسع الفرد أن يقوم ببعض الإجراءات لتعديل سلوكه دون الاعتماد على تعليمات "تلقين" أو معززات من خارجه, فإن مثل هذه الإجراءات تعرف بأسلوب "ضبط الذات" "Wilson & O'leary 1980 P 216". الأساس النظري: يرى كانفر "1980" Kanfer أن الأساس النظري لضبط النفس يستند إلى المنطق التالي: 1- إن كثيرا من السلوكيات لا يكون من السهل تعديلها من جانب أشخاص غير المسترشد نفسه، مثلا الغضب والعدوان. وبعض هذه السلوكيات تؤدي إلى شعور المريض بعدم الارتياح رغم أن بعضها لا يلاحظه الآخرون. وقد تتطلب الملاحظة المستمرة وتنظيم الظروف الخاصة بتغيير السلوك إلى إيداع الشخص في مكان خاص

لفترة طويلة، وهو أمر غير اقتصادي يحتاج إلى نفقات باهظة؛ ولهذا فإن اشتراك الفرد في عملية التغيير أمر هام. 2- إن المواقف الخاصة بالمشكلات السلوكية ترتبط عادة بشكل وثيق مع ردود الفعل الذاتية, ومع بعض الأنشطة المعرفية "العقلية" مثل التفكير، والتخييلات Fantasies، أو التخيل أو التخطيط. وهذه السلوكيات لا يمكن التعرف عليها عن طريق الملاحظة المباشرة، فإذا كان لدى الفرد مخزون سلوكي للتصرف على أساس من أفكاره، فإن تغيير الاستجابات المعرفية يصبح المهمة الأولى في عملية المساعدة. ولكي نراقب هذه السلوكيات ونغيرها, فإن المرشد عليه أن ينقل المسئولية الأساسية للمسترشد. 3- إن تغيير السلوك أمر صعب, وغالبا ما يكون غير سارّ، وكثير من المسترشدين يبحثون عن المساعدة، ولكنهم في الغالب لا تكون لديهم الدافعية الكافية لتغيير السلوك بقدر ما يكون دافعهم هو التخفف من التهديدات أو المضايقات الحالية "الإحساس بالخطر" دون تعديل نمط حياتهم؛ ولهذا فقد يكون الهدف الأول في برامج ضبط النفس هو مساعدة المسترشد على تكوين دافعية للإرشاد وتعديل السلوك. 4- إن الفائدة من برنامج تغيير أو تعديل السلوك لا تكمن فقط في إزالة أعراض المشكلة, وإنما يجب أن يتعلم المسترشد في موقف الإرشاد مجموعة من المهارات التي يمكن أن يعمّمها، مثل استجابات التجاوب Coping "مواجهة المواقف الضاغطة والتعامل معها" وتقدير المواقف، وكذلك تقدير النتائج المرتبطة بالسلوك، وتنمية قواعد للسلوك تناسب مواقف المشكلات، وبحيث تساعد المسترشد على التعامل مع المشكلات في المستقبل بشكل أفضل مما اعتاد أن يتعامل به معها في الماضي. ولكي نفهم الإطار العام الذي اشتُقت منه أساليب ضبط الذات, قد يكون من المفيد أن ننظر في بعض العمليات النفسية التي تحدث في التنظيم الذاتي self Regulation, فنجد أن نظرية التعلم الاجتماعي تفترض أن كثيرا من سلوكيات الحياة اليومية

تتكون من سلاسل من الاستجابات التي تم بناؤها، بحيث يتم التلميح للاستجابة بمجرد حدوث الاستجابة السابقة عليها مباشرة. ومن أمثلة ذلك: الطباعة على الآلة الكاتبة، قيادة السيارة، إعداد طعام الإفطار، وغيرها من الأنشطة كثير لا يتألف من أعمال "استجابات" منفصلة عن بعضها البعض، وتتطلب قرارات منفصلة نتيجة المقارنة بين استجاباب بديلة "بدائل" على أساس حكم الفرد على ملاءمة كل جزء منها، ومع ذلك فإنه عندما تتقطع هذه الأنشطة الهادئة أو تخفق في إحداث الآثار التي اعتاد عليها الفرد, فإن النشاط سوف يتوقف، وحينئذ تبدأ عملية التنظيم الذاتي، والتي -تأسيسا على ما أجري من تجارب مختبرية, وعلى بعض الكتابات النظرية- يمكن وصفها بأنها سلسلة أو تتابع يمكن التعرف فيه على ثلاث مراحل متميزة بداخله "كانفر 1970، 1971". ولكي نوضح ذلك، نتصور أن شخصا ما يقود سيارته إلى مقر عمله، ولكنه عندما انحرف بسيارته وجد نفسه في شارع غير مألوف له, عندئذ يحدث تشوش في السلوك أو تقطع فيه. هنا يجب أن يوجه السائق انتباها أدق وأكبر إلى ما يفعله وقد يسأل نفسه: كيف حدث أن دخل إلى هذا الشاع؟ وهذه هي المرحلة الأولى وتعرف بمرحلة المراقبة الذاتية Self Monitoring أو الملاحظة الذاتية self observation. وتوصف هذه المرحلة بأنها الانتباه الواعي والدقيق للسلوك الذاتي للشخص. فبناء على الخبرة السابقة في قيادة سيارته إلى مقر عمله, فإن هذا الشخص يكون قد كوّن توقعات عما سوف يحدث عندما يدخل إلى شوارع معينة ثم ينعطف إلى شارع معين، وهذه التوقعات يمكن أن نسميها معايير الأداء أو محكّات الأداء Performance Criteria or Standards, وهي عبارة عن توقعات ما يحدث عندما ينفذ سلوكا معينا معروفا "محفوظا". أما المرحلة الثانية, فتتكون من مقارنة بين المعلومات المتحصل عليها من المراقبة الذاتية، ومعايير السلوك المحدد. ويمكن أن نسمي هذه المرحلة بمرحلة التقويم الذاتي self evaluation وهي عبارة عن استجابة تمييزية، ومضاهاة أو مقابلة، تظهر الفرق بين

ما يفعله الفرد وبين ما كان ينبغي عليه أن يعمله. وإذا كان هناك تقارب كبير بين معايير الأداء وبين المعلومات المتحصّل عليها من التغذية الراجعة Feed back, فإن النتيجة تكون هي الرضا عن الذات. وعلى سبيل المثال، فقد يكتشف قائد السيارة في مثالنا أن انعطافه قد حدث في مكان مألوف, ولكنه كان سريعا في اتجاهه إليه. أما المرحلة الثالثة من عملية التنظيم الذاتي فهي مرحلة واقعية, وهي تتألف من إدارة رابطة للتعزيز الذاتي self Reinforcement ترتبط بمدى التباعد بين السلوك الذي تم ومعايير الأداء. وينتج عن التعزيز الإيجابي الذاتي الاستمرار في السلسلة المتقطعة للسلوك، فمثلا قد يلاحظ قائد السيادة أنه لم يدخل حقيقة إلى شارع آخر، وإنما الذي حدث أن لافتة خاصة بمحل معين قد أُزيلت من مكانها أو استُبدلت، وقد يصبح حينئذ سعيدا بأنه يسير فعلا في الطريق الصحيح، ومع ذلك فإنه إذا كانت توقعاته "المعايير" غير مستوفاة, فإنه قد يبدأ في سلسلة من السلوكيات تهدف إلى تصحيح الخطأ، وفي كل مرة تجرب فيها استجابة "سلوك" جديدة فإن العملية السابقة تتكرر "المراقبة الذاتية، المقارنة مع معيار, التقويم الذاتي" حتى نصل إلى تحقيق المعيار بالتقريب, أو يتوقف الشخص عن السلوك كله. ومن هذا العرض يتضح أن نموذج التنظيم الذاتي يفترض أن الأشخاص يميلون إلى اليقظة عندما يترتب على سلوكهم نتائج غير متوقعة، أو عندما تكون هناك حاجة إلى اتخاذ قرار عن كيفية الاستمرار. وتشتمل معظم برامج ضبط النفس "الضبط الذاتي" Self control على إعداد المعايير Standard setting، والمراقبة الذاتية Self monitoring، والتقويم الذاتي Self evaluation، والتعزيز الذاتي Self Reinforcement، وقد يركز البرنامج الفردي على أي من هذه المكونات تبعا لما لدى الفرد من مهارات، وتمشيا مع مشكلته الخاصة. ويوضح شكل "22" تخطيطا لهذا النموذج نقلا عن كانفر "1980" Kanfer. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المسترشدين الذين يعوزهم ضبط النفس، يحضرون للإرشاد أو العلاج طواعية في إطار رغبتهم في التخلص من بعض العادات, مثل

التسرع بالعدوان أو سرقة المحلات أثناء تسوقهم فيها أو تعاطي المخدرات، فهؤلاء الأفراد يجدون نتائج بيئية مريحة لهم, أو يشعرون معها بنوع من الإشباع الفوري يجعلهم يعودون إليها "تعزيز إيجابي" في حين أن النتائج الاجتماعية السيئة "العقاب" لا يحدث إلا متأخرا مثل القبض عليهم، أو نظرة الاحتقار من جانب المجتمع. وقد يكون أول ما يقوم به المعالج, أو المرشد في هذه الحالات هو أن يعمل على زيادة حدة الصراع بين الجوانب الطيبة "من وجهة نظر المسترشد" وبين الآثار السيئة "التي يلقاها من المجتمع"؛ وذلك لدفع المسترشد إلى الإسراع بالتغيير في سلوكه، ويتم ذلك عن طريق مناقشة الآثار المنفرة وعوامل التعزيز الذاتي، والمواجهة الواقعية، والتقويم الذاتي. وهذه كلها تساعد على أن يكرس المسترشد جهده, ويلتزم التزاما كاملا بعملية التغيير. ويرى كانفر "1980" Kanfer أن احتمال أن يبدأ شخص ما برنامجا للضبط الذاتي يتأثر بالبيئة التي يعيش فيها، وعلى سبيل المثال فإن قرار الفرد أن يبدأ برنامجا للإقلاع عن التدخين يمكن أن يتأثر بعوامل مثل معلومات طبية بالأضرار التي يسببها التدخين، والآثار الصحية التي لاحظها الفرد على نفسه مثل السعال والنهجان ... إلخ، وما يتخذه المجتمع من إجراءات، والفتاوى الشرعية حول التدخين، وما يبديه الآخرون الذين يعيشون معه من ضيق حول التدخين، ونقص الدخل وحاجته إلى ما ينفقه على التدخين لأغراض أكثر أهمية، وارتفاع أسعار السجائر. ويمكن أن ننظر إلى ضبط النفس أو الضبط الذاتي على أساس من طول الفترة التي تتطلبها هذه العملية، فيقسم تبعا لذلك إلى نوعين: ففي النوع الأول، وهو ضبط النفس المتصل باتخاذ القرار، نجد أن الشخص يواجه بالاختيار بين الهروب من موقف مضايق له وبين الإقدام على هذا الموقف والذي تكون له "أي: للإقدام" نتائج أفضل في المدى البعيد. ويختار الفرد أن يترك الهروب ويقدم على الموقف، وفي هذه الحالة فإن اتخاذ القرار ينهي التتابع السلوكي.

ومن الأمثلة على ذلك: أن يعتذر الطالب عن حضور حفل لكي يستذكر دروسه، وأن يقدم الشخص على عمل إضافي ليحسن دخله، وأن يمتنع عن أكل الحلوى بعد وجبات الطعام لكي لا يزيد وزنه، وأن يسافر بالطائرة رغم أنه يخاف ركوب الطائرات. وبمجرد أن يتخذ الفرد القرار فإنه لا يمكن تغييره، وبذلك فإن عنصر الصراع الذي يعتبر بالتعريف جزءا من ضبط النفس ينتهي ويستبعد كمحدد لمزيد من السلوك. وكلما قصر الوقت الذي يتخذ فيه القرار قل تأثير التغيرات التي تحدث في جاذبية الإثابة "التعزيز" المتاحة. وفي النوع الثاني يكون هناك مقاومة للتردد، أو يكون هناك تحمل للألم لفترة طويلة يمكن خلالها إعادة تقويم الاستجابات المتصارعة بصفة مستمرة, ويعرف هذا النوع بضبط النفس الممتد1. فمثلا التركيز على استذكار الدرس في الوقت الذي تنبعث فيه الضوضاء من عند أحد الجيران، أو محاولة ضبط العدوان إزاء طالب مشاكس في الفصل، أو الاستمرار في السباق أو التدريب البدني رغم زيادة التعب تمثل حالات من ضبط النفس "الضبط الذاتي" المستمر لفترة ممتدة، حيث يجب أن تنفذ الاستجابة المطلوبة "المرغوبة" رغم وجود الترددات الوقتية في التفكير, وكذلك في الحالات الانفعالية والبدنية "الفيزيولوجية" والتي من شأنها أن تزيد التحريض على قطع الموقف في أي لحظة. وعملية ضبط النفس الممتد تتطلب سلسلة مستمرة من القرارات للمحافظة على سلوك غير مفضل أساسا لصالح تتابع سلوكي بعيد المدى ... "ويمكن أن نرى في هذه الحالات ما يحدثنا عنه علماء المسلمين عن مجاهدة النفس, استنادا منهم إلى مصادر التشريع الإسلامي: القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة". ويتضح من المقارنة بين النوعين -النوع الخاص باتخاذ قرار مباشر, والنوع الخاص بمقاومة التردد وتحمل الألم لفترة طويلة "النوع الممتد"- أن كلا منهما يناسبه متغيرات وبرامج مختلفة. فمثلا نجد أن هناك برامج ضرورية لدفع الشخص لاتخاذ قرار بتجنب

_ 1 Protracted.

المخدرات أو رفض دعوة إلى حفل يقيمه أصدقاؤه، وهذه تختلف عن تدريبه على الجلوس في حفل والامتناع عن تعاطي المخدر في هذا الحفل. على أن البرنامج الشامل يجب أن يتضمن أساليب للتدريب على كلا النوعين من المواقف، ومع ذلك ففي بداية البرنامج يساعد المرشد "أو المعالج" الشخص المسترشد على أن يتمرس على ضبط الذات الخاص بالقرارات وأن يتجنب التعرض الطويل للإغواء. وعلى سبيل المثال, فإنه عندما نساعد شخصا ما "مدمنا" على الانسحاب من استخدام المخدر، نبذل جهدا كبيرا في تدريب هذا الشخص على اتخاذ قرار لتجنب المواقف الاجتماعية والبدنية والنفسية التي ترتبط بتعاطي المخدر، أكثر مما نساعده بالتدريب على تحمل مشاهدة المخدر أو موقف تعاطيه دون أن يشترك فيه من جديد. وفي الواقع العملي, فإنه من المشاهد أن العقبة الأساسية في البداية، هي التغلب على جوانب الجذب الخاصة بالسلوك المشكل "سلوك المشكلة". فمثلا بالنسبة لمعتاد المخدرات, قد يجد موقفا مناسبا ليذهب إليه ويتعاطى المخدر مثل حفل خاص يقيمه أصدقاؤه، وعناصر الجذب هنا أنه لم يسبق أن قبض عليه، وأنه يشعر بالارتياح نتيجة لسلوكه "المنحرف" رغم أنه قد تنتابه بعض جوانب القلق من أن يقبض عليه ويدخل السجن ويفقد وظيفته، لكنها نتائج بعيدة وغير مؤكدة لديه. عند هذه النقطة, فإن التدريب على التنظيم الذاتي أو ضبط النفس قد يغير الميزان، حيث يجد المسترشد نفسه في موقف صراع, فيتوقف مؤقتا مقارنا بين الامتناع وبين الاستسلام للموقف. فإذا كان لا يميل إلى تصرفات تتعدى على المعيار الذي وضعه مسبقا لخلقه, فمن المحتمل أن ينتج عن ذلك عملية نقد أو قلق ذاتي أو أي نتيجة منفرة. وكنتيجة لذلك يصبح من المحتمل أن يهرب من موقف الإغراء على أن يستسلم له، وعلى سبيل المثال فقد يشغل نفسه ببعض الأعمال المحببة له أو يطلب صديقا له ويتحدث له هاتفيا. وما نود توضيحه في هذه المناقشة هو أن التدريب على ضبط النفس، يتطلب مساندة مبكرة وقوية من المرشد مع تشجيع المسترشد على الاعتماد بالتدريج على مهاراته التي يكونها, والتي تشتمل على مهارات في:

1- المراقبة الذاتية. 2- تكوين قواعد محددة للخلق عن طريق التعاقد مع الذات, أو مع آخرين. 3- البحث عن المساندة من البيئة. 4- التقويم الذاتي. 5- توليد نتائج معززة قوية للاشتراك في السلوكيات التي تحقق أهداف ضبط النفس. ويشمل مفهوم ضبط النفس أنه يمكن تعليم الفرد أن يعيد تنظيم الارتباطات الفعالة التي تؤثر على السلوك بطريقة تجعله يعايش فوائد بعيدة المدى على الرغم من أنه قد يكون عليه أن يقلع عن بعض الإشباعات أو يتحمل بعض المتاعب في البداية. وتفترض هذه الطريقة أن ضبط النفس مفهوم متحرك، فإذا استمتع الفرد تماما بنشاطه رغم وجود نتائج سيئة بعيدة المدى فإنه في هذه الحالة لا ينشأ صراع؛ وبالتالي لا تنطبق مسألة ضبط النفس. "وعلى سبيل المثال, فإن الشخص الذي يدخن بشراهة قبل معرفته بالآثار السيئة للتدخين, أو الذي يعرف تماما أخطار التدخين ولكنه لا يرغب في التضحية بالمتعة المباشرة مقابل حياة أطول، هؤلاء لا ينخرطون في سلوك يقع في إطار تحليل ضبط النفس، وهو كذلك لا يعتبر مخفقا في ممارسة ضبط النفس، وبالمثل فإن الشخص الذي وجد نفسه في مناسبة ما قد استغرق في الأكل بشراهة، ولكنه على مدى سنوات كثيرة قد اكتسب عادات جديدة في الأكل بحيث إنه نادرا ما يجد نفسه مترددا بين الأكل الشره واتباع نظام للغذاء، هذا الشخص لا يكون ممارسا للضبط النفسي عندما يأكل باعتدال. وبمعنى آخر, فنحن نتحدث عن ضبط النفس عندما يبدأ الشخص سلوكا ما يحاول به، بنجاح أو إخفاق، أن يغير احتمال حدوث تصرف يمثل مشكلة" "كانفر 1980 ص345" بل إن موقف الإرشاد نفسه يكون موقفا لضبط النفس عندما يكون أحد المسترشدين في موقف صراع بين قبول المعاونة المتخصصة "من المرشد" وحل مشكلته الخاصة، أو عندما يهدد برنامج العلاج بإنهاء الجوانب السارّة التي يحصل عليها من سلوك المشكلة

"معززات سلوك المشكلة". وفي مثل هذه الحالات, فإنه ينبغي أن يساعد المرشد المسترشد على تطوير أساليب ضبط النفس؛ ليحافظ على برنامج التغيير "برنامج الإرشاد". أساليب ضبط النفس "الضبط الذاتي": تشتمل الأساليب العلاجية التي يضعها المرشدون تحت فنيات الضبط الذاتي على ما يأتي: 1- ضبط المثير. 2- اختيار المعايير الذاتية. 3- التسجيل الذاتي. 4- التحكم في النتائج. 1- ضبط المثير stimulus Control: يقصد بضبط المثير إعادة تنظيم وترتيب البيئة من جانب المسترشد لكي يحث أو يقلل بعضا من سلوكياته. وقد استخدم هذا الأسلوب بشكل واسع في البرامج التي تساعد المسترشدين في التقليل من الأكل أو التدخين، وكما هو معلوم لدى المدخنين فإن سلوك التدخين يمكن أن يستثار لرؤية المطفأة أو الجلوس على مقعد أو في مكان ارتبط بالتدخين، كذلك فإن شراء أطعمة معينة وتناولها يمكن أن يتأثر بالأحداث البيئية. وقد قام ستيوارت "1967" Stewart بدراسة اشتملت على برنامج لتخفيض الوزن، وقد ركز بجانب متغيرات أخرى على إعادة ترتيب المثيرات، وتتلخص أساليب ضبط المثير التي اتبعها في الآتي: 1- إبعاد الطعام من كل الأماكن في البيت "ما عدا المطبخ". 2- محاولة حفظ الأطعمة التي تتطلب بعض الإعداد. 3- جعل تناول الطعام خبرة خالصة لا ترتبط بأنشطة أخرى مثل القراءة أو الاستماع للراديو أو مشاهدة التليفزيون.

وقد اشترك في هذا البرنامج ثماني نساء من ثقيلات الوزن، وأمكن أن يفقدن 38 رطلا في المتوسط على مدى 12 شهرا، وتراوح خفض الوزن بين 26، و47 رطلا. كما قام كوتس وثوريسون "1977" Coates & Thoreson باستخدام أسلوب ضبط المثير "التحكم في المثير" بنجاح في برنامج للتغلب على الأرق, وتكوين عادات حسنة للنوم ومقاومة الأرق، وفيما يلي النظام الذي أعده هذان الباحثان: 1- اذهب للرقاد في السرير عندما تشعر بدخول النوم عليك. 2- لا تستخدم السرير لأغراض غير النوم مثل: الجلوس أو تناول الطعام أو الاستذكار. 3- إذا وجدت نفسك غير قادر على الدخول في نوم، فقم واذهب إلى غرفة أخرى وابق فيها لأي وقت ترغبه, ثم عد إلى غرفة النوم للنوم. 4- إذا كنت لا تزال غير قادر على النوم, فكرر الخطوة 3. 5- استيقظ في نفس الموعد كل يوم. 6- لا تأخذ فترات نعاس في الظهيرة. وهذه الخطة تعمل أساسا على الربط بين تنشيط استقبال الجسم للنوم في موعد النوم عن طريق عدم النوم في الأوقات الأخرى "خطوات 5، 6" مع إعداد السرير ليكون مثيرا للنوم. 2- الاختيار الذاتي للمعايير "المستويات" Self selection of standards: عندما نقرر أن نقوم ببعض المهام مثل التدريبات الرياضية أو الاستذكار، فإننا نقوم في الغالب بإعداد هدف أو معيار "مستوى أداء" لأنفسنا. فمثلا يقول المرء لنفسه: إنني سأجري اليوم لمسافة كيلو مترين أو: إنني سأقطع مسافة طولها كيلو متر في زمن قدره عشر دقائق، أو: إنني سأقرأ عشرين صفحة, أو: سأكتب صفحتين ... إلى غير ذلك.

وقد أظهرت دراسات عديدة أن إعداد غاية, أو مستوى للأداء ربما يكون قليل القيمة أو ذا أثر انتقالي "باندورا وبيرلوف 1967، ساجوتسكي وباترسون وليبر 1978". ويمكن استخدام أسلوب يختلف قليلا، يشتمل على إعداد الهدف واستخدام التعزيز. وقد أوضحت دراسات متنوعة أن هذا الأسلوب الذي يعتمد على إعداد مستويات يحدث عندها التعزيز سواء بواسطة المرشد أو بواسطة المسترشد نفسه, يكون له أثر طيب على الأداء. وقد أوضحت الدراسات أيضا أنه إذا كانت المستويات أو المعايير المحددة لاستخدام التعزيز قد حددها المسترشد بنفسه, فإن نتائجها تكون أفضل من حيث إنها لا تنطفئ بسرعة. 3- التعليمات الذاتية Self Instructions: كثيرا ما نتحدث لأنفسنا وهذا الحديث يأخذ صورا عدة، وما نقصده بالتعليمات الذاتية هو ذلك النوع من حديث النفس Self Speech الذي يأخذ صورة الحث والتوجيهات والطلب "مثلا يقول الشخص لنفسه: أنا لن أسرق، لن أقبل رشوة لأقوم بهذا العمل، لن أستجيب لطلب هذا الصديق، إن عليَّ أن أجرب هذا الطريق مرة أخرى, وهكذا"، وقد استخدم أسلوب التدريب على التعليمات الذاتية لتغيير الأنواع الاندفاعية من العدوانية والنشاط الزائد لدى الأطفال، وكذلك الأداء العقلي لمرضى الفصام، وعيوب الكتابة لدى الأطفال الصغار، والغضب لدى الكبار "ميكنبوم 1977 Meichenbum". من الأمثلة الجيدة في مجال التعليمات الذاتية ذلك البرنامج الذي أعده ميكنبوم وجودمان "1971" ليتعلم الأطفال المندفعون أن يعدلوا من سلوكهم غير اللفظي. وقد اشتمل البرنامج على ما يأتي: 1- شخص راشد يقوم بنمذجة واجب "مهمة", بينما يتحدث إلى نفسه بصوت مرتفع. 2- يقوم الطفل بأداء نفس المهمة, أو السلوك تحت توجيه الأنموذج.

3- يقوم الطفل بأداء الواجب, بينما يعطي تعليمات لنفسه بصوت عالٍ، ثم يكون ذلك فيما بعد ضمنيا "أي: سرا". 4- التسجيل والتقويم الذاتي Self Recording & Self Evaluation: يقصد بالتسجيل الذاتي عملية مراقبة السلوك الذي يتطلب أحكاما تقويمية بسيطة نسبيا "مثلا عدد الصفحات المقروءة، عدد الكيلو مترات التي سارها الشخص، عدد السجائر التي تم تدخينها". وعلى العكس من ذلك, فإن التقويم الذاتي يشير إلى أسلوب يتطلب من الفرد أن يقوم بالحكم على سلوكه بطريقة شخصية، "مثلا قدر سلوكك على مقياس من 1-10، قوم مقالك على أساس من الإبداع والتنظيم الذي يشتمل عليه". ويرى باندورا وسيمون "1977" Bandura & Simon أن التسجيل الذاتي أو التقويم الذاتي إذا أجري بمفرده, فإنه لا يتوقع أن يكون له تأثير ذو قيمة على السلوك ما لم تدخل المتعلقات الموجبة أو السالبة في النشاط، وبذلك فإنه يفترض أن النتيجة المترتبة على النشاط "تعزيز أو عقاب" هي التي تحدث تغيير السلوك. وقد أجرى إيوارت "1978" Ewart دراسة أعطى فيها تقديرات موجبة وسالبة ومحايدة عن الوعي بالوقت لدى أفراد عينة البحث، وقد حدد الباحث الوعي بالوقت Time awareness بعدد المرات التي ينظر فيها الفرد في الساعة لمعرفة الوقت، ويعتبر التعرف على الوقت سلوكا سهل الملاحظة ذاتيا. وقد تبين أنه قبل أن يعطي الباحث التقديرات المذكورة, فإن هذه العملية كانت تدرك بشكل محايد من جانب المفحوصين. وبعد أن طلب الباحث من المفحوصين تسجيل عدد المرات التي بحثوا فيها عن الوقت ثم أصدر تقديراته "الموجبة والسالبة والمحايدة", فإن المفحوصين غيروا سلوك البحث عن الوقت تبعا للتقديرات التي قدّرها الباحث. وقد بيّنت مجموعة من الدراسات أن الأفراد الذين سجلوا عدد السعرات الحرارية التي يحتوي عليها الطعام الذي يتناولونه، وحددوا أهدافا تقريبية، قد فقدوا كمية ذات دلالة من أوزانهم.

ويشير مصطلح التقويم الذاتي Self evaluation إلى الأحكام التي يصدرها الشخص عن سلوكه على أساس شخصي. وكما ناقشنا من قبل, فإن سلوكيات التقويم الذاتي قد تكون ذات تأثير في تغيير السلوكيات؛ لأن التقويم يخدم في سلوكيات التسجيل الذاتي عندما يجد الفرد مثلا تقديرات موجبة. وقد أوضحت بعض الدراسات أن أساليب التقويم الذاتي سواء أثارها آخرون, أو أُثيرت ذاتيا من الفرد نفسه تكون فعالة عندما يكون الفرد راغبا فعلا في تغيير السلوك المستهدف بالتقويم "مثلا طريقة كلامه مع الآخرين، أو الغضب". ومما هو جدير بالذكر أن التقويم الذاتي يمثل مرحلة هامة من مراحل العلاج بالواقع الذي اقترحه ويليام جلاسر1، إذ لو ساعدنا المسترشد على الحكم على سلوكه الشخصي فإنه لا شك باتباع خطة العلاج التي يعدها مع المعالج أو المرشد يمكن أن يحقق تغييرا في سلوكه، وقد انتهى كل من بولستاد وجونسون "1972" Bolstad & Johnson ودرابمان وزملائه "1973" Drabman et al إلى أن التقويم الذاتي عندما يقترن مع المكافآت عن السلوك الاجتماعي والتحصيلي قد أثبت فاعلية كبيرة. وعلى سبيل المثال فإنه عندما تم تعليم الأطفال الذين لديهم مشكلات انفعالية شديدة أن يقوموا بتقويم "تقدير" سلوكهم في الصف على مقياس من 1-10 درجات ثم زُودوا بتغذية راجعة وكُوفئوا على التقديرات والسلوك المناسب, فإنهم استطاعوا المحافظة على التغيير الذي حققوه في السلوك ضمن برنامج علاجي استُخدمت فيه طريقة فيشات التعزيز "البونات", واستمر ذلك حتى بعد انتهاء برنامج العلاج. التعزيز, والعقاب الذاتي "ضبط النتائج": بنفس الطريقة التي يستجيب بها آخرون بطرق تؤثر علينا "إثابة أو عقابا", فإنه بوسعنا أن نزود أنفسنا بنتائج يمكن أن تغير من سلوكنا الذاتي، وهذه النتائج المنفذة ذاتيا يمكن أن تكون ظاهرة أو ضمنية. مثلا عندما نشتري أو نستبعد شيئا ما، أو عندما نقول لأنفسنا شيئا ما، وهذه النتائج تكون متصلة عادة مع إعداد الهدف ومع التقويم الذاتي, رغم أنه قد يكون هناك أوقات نعد فيها نتائج السلوك بدون أن نحدد أهدافا, فمثلا عندما نرتكب خطأ معينا نبدأ في لوم أنفسنا.

_ 1 انظر للمؤلف نظريات الإرشاد والعلاج النفسي, القاهرة, دار غريب للطباعة والنشر 1994.

الضبط الذاتي في ضوء المنهج الإسلامي: لا شك أن المرشد المسلم يدرك حقيقة أساسية هي أن الإسلام يركز على عنصر المسئولية في حياة المسلم عقيدة وعبادة وحياة، وأن الإسلام يشجع الفرد المسلم على محاسبة نفسه، وهذه العملية تشتمل على مراقبة السلوك وتقدير هذا السلوك، وذلك في ضوء معايير ثابتة هي معايير الشرع التي كلف بها، وأنه يطالبه أيضا بالحكم على هذا السلوك وتصحيحه بصور مختلفة. والمسلم الذي يدرك أن أعماله تستوفي شروط المعايير الشرعية, يمضي قدما بتعزيز من داخله, قائما على حبه لله وعلى الإيمان بوعده الذي يدرك أنه سيتحقق في أخراه من الفوز العظيم، كما أنه عندما يدرك أن أعماله قد اختلفت في جانب منها عن معايير الشرع فإنه يحكم على نفسه بالخطأ ويلومها على ذلك ويلجأ إلى التوبة والإنابة إلى الله. وفي بعض الأحيان, فإنه ينفذ ما ألزمه به الشرع ثمنا لبعض الأخطاء في صورة كفارات ينفذها بنفسه على نفسه بموجب ما أمر الله به في هذه الأحوال. ولا تتوقف محاسبة المسلم لنفسه على ما يقع فيه من تصرفات خاطئة, وإنما يبدأ قبل ذلك منذ أن يكون ذلك خاطرا فيبدأ في قطعه من بدايته. {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} [الأعراف: 200، 201] .

طريقة حل المشكلات problem solving

27- طريقة حل المشكلات Problem Solving: يمكن النظر إلى إستراتيجية حل المشكلات من زاويتين: الأولى: من حيث إنها تمثل نموذجا لعملية الإرشاد، حيث يمكن للمرشد اتباع خطوات حل المشكلات في عمله الإرشادي. الثانية: من حيث إنها تمثل إستراتيجية لتدريب المسترشد على استخدامها فيما يواجهه من مشكلة الآن, وفيما يواجهه من مشكلات في الحياة خارج إطار الإرشاد. وسوف نركز في حديثنا على الجانب الثاني, أي: باعتبار حل المشكلات طريقة إرشادية نسعى لتدريب المسترشد عليها؛ ليواجه مشكلته الراهنة وما قد يقابله من مشكلات فيما بعد. معنى المشكلة: عندما يقول شخص ما: إن لديه مشكلة، فإن هذا يعني وجود العناصر الآتية: أولا: وجود حالة مبدئية يبدأ منها الفرد. ثانيا: وجود وضع, أو حالة تمثل هدفا يريد هذا الفرد الوصول إليه، ويختلف عن الحالة المبدئية أو الوضع المبدئي الذي كان عنده. ثالثا: إن التصرفات أو الخطوات اللازمة لتحويل الحالة المبدئية إلى حالة الهدف, ليست واضحة بشكل مباشر لهذا الشخص. فإذا افترضنا أن أحد الطلاب قد حصل على تقدير ما في أحد الامتحانات، ويريد أن يرفع هذا التقدير في التخرج النهائي ولا يعرف الطريق لذلك، قلنا: إنه في موقف مشكلة. ويفرق ويكيلجرين "1974" Wickelgren بين نوعين من المشكلات هما: المشكلات الواضحة المعالم "المعرفة بدقة Well defined" والمشكلات غير الواضحة المعالم "سيئة التعريف ill defined". وتقع المشكلات التي يأتي بها الطلاب في المجموعة الثانية حيث لا تكون طرق حل هذه المشكلات واضحة، بشكل مباشر في المشكلة, على عكس النوع الأول الذي يشتمل على حلول واضحة, بل وفي بعض الأحيان يكون هناك حل وحيد وصحيح للمشكلة. حل المشكلات: يمكن القول: إن حل المشكلات هو عملية يحاول بها الشخص أن يخرج من مأزق. ويرى جاني "1977" Gagne أن حل المشكلات هو نوع من السلوك المحكوم بقواعد، فبالنسبة لجاني يكون حل المشكلات عملية يستحضر فيها الأشخاص مفاهيم

وقواعد من معرفتهم السابقة، ويستخرجون منها قواعد من مستوى أعلى تساعدهم على حل المشكلات، وتعتبر هذه العملية في رأي جاني أعلى صور التعلم دقة. كذلك فإن أوزوبيل "1963، 1966، 1978" Ausubel قد وصف عملية حل المشكلات كنوع دقيق من التعلم، حيث يرى أن التعلم قد يكون ذا معنى أو يكون استظهارا. والتعلم ذو المعنى يحدث عندما يربط الأشخاص مهام التعلم بشكل جوهري مع ما يعرفونه فعلا، ويميز كذلك بين التعلم الاستقبالي أو التعلم بالتلقي Receptive وبين التعلم بالاستكشاف Discovery, فالأول وهو التعلم بالتلقي يتسم بوجود مواقف يتاح فيها للمتعلمين كل ما يتعلمونه في صورته النهائية. أما التعلم بالاستكشاف فهو يتطلب من الأفراد أن يكتشفوا بأنفسهم ما يتعلمونه قبل أن يدخل إلى أذهانهم، وفي رأي أوزوبيل أن حل المشكلات يعتبر نوعا من التعلم بالاستكشاف. يوضح المثال التالي أهمية هذا النوع من التعلم, كأسلوب لحل المشكلات في الإرشاد: فقد تقدم أحد طابعي الآلة الكاتبة في مؤسسة إلى أحد المرشدين النفسيين يشكو إليه من قلق بدأ ينتابه، ولدى قيام المعالج بالتعرف على مشكلات المسترشد تبين له أن جانبا من هذه المشكلة يقع في زيادة الأعباء الوظيفية الملقاة عليه من جانب صاحب العمل، وأنه "أي: المسترشد" لا يناقش صاحب العمل في هذا الموضوع، وقد تضمن العلاج أن طلب المرشد من المسترشد أن يمسك مفكرة يسجل فيها عدد المرات التي يقول فيها "لا" عندما يحتاج لذلك، وكذلك عدد المرات التي لا يدافع فيها عن حقوقه، وبهذا الأسلوب بدأ المسترشد في التعرف على مشكلته من خلال استكشاف جوانبها. ويرى هالي "1977" Haley أن حل المشكلات في الإرشاد والعلاج النفسي يعتبر نوعا من تحليل النظم System analysis. وفي تصوره أن عملية حل المشكلة ينبغي أن تأخذ في اعتبارها نظام التفاعل الاجتماعي للمسترشد بما في ذلك الأشخاص الآخرون المشتركون في هذا النظام مع المسترشد "مثل: الإخوة، والآباء، والزملاء، والمرشد نفسه" وبذلك فإن هالي يركز بشكل أكبر على الموقف الذي تحدث فيه المشكلة.

الأسس النظرية لحل المشكلات: استمد أسلوب حل المشكلات أساسه النظري من مجموعة متنوعة من النظريات، منها نظرية ثورنديك, والتي من خلال تجاربه انتهى إلى تفسير عملية حل المشكلات على أنها عملية تعلم بالمحاولة والخطأ, وأنها عملية لا يتوسط التفكير فيها. وقد نقل ثورنديك مناقشته هذه فيما بعد إلى مجال التعلم "1911، 1912" Thorndike موضحا أن حل مشكلات البشر يماثل ذلك الذي حدث في تجاربه مع الحيوان من أنه محاولة وخطأ، وأنه يحدث تدريجيا، ويستمر بدون تفكير، وتعتبر فكرة ثورنديك في حل المشكلات مثالا لنموذج ترابطي أفسح المجال للأفكار السلوكية المعاصرة في حل المشكلات، غير أنه في الواقع فإن معظم البحوث في مجال حل المشكلات في ربع القرن الأخير كانت ذات طبيعة معرفية Cognitive أكثر من كونها ذات طبيعة سلوكية Behavioral، وهذا لا يعني التقليل من أهمية الطرق السلوكية للإرشاد والعلاج النفسي في حل المشكلات. أما الطرق الجشطلية التي أسسها وفيرتمر وكوهلر وكوفكا, فقد كان التركيز فيها على فهم الإدراك وحل المشكلات، وقد اهتم أحد مؤسسيها وهو كوهلر Kohler اهتماما بالغا بحل المشكلات, حيث قام بإجراء سلسلة من التجارب بين عامي 1913، 1917 في جزيرة نيرينف بإفريقيا على الشمبانزي حيث استنتج أن عملية حل المشكلات تأتي فجأة وكاملة, وأنها قائمة على الاستبصار والمنطق. وافترض كوهلر بناء على تجاربه التي أعادها على الأطفال, أن حل المشكلات يشتمل على ثلاث خطوات عامة: 1- أن القائم على حل المشكلة, ينبغي عليه أن يتعرف على المشكلة. 2- في مرحلة ما قبل الحل, فإن القائم بحل المشكلة يحاول عقليا ابتكار مجموعة من الحلول الممكنة. 3- أن القائم بحل المشكلة يحقق الاستبصار عندما يفكر في حل. وفي رأي كوهلر أن الانتقال من مرحلة ما قبل الحل إلى الاستبصار, يكون فجائيا وكاملا. لقد كان لموقف الجشطلت من حل المشكلات تأثير كبير على وجهات النظر

الحديثة في حل المشكلات "هايز 1978 Hays"، وإلى مدرسة الجشطلت يعود كثير من الفضل في نشوء المدرسة المعرفية المعاصرة في علم النفس "هيلجارد وباور 1976 Hilgard & Bower". ومن المنظرين الذين أثروا في طريقة حل المشكلات, أحد فلاسفة التربية الحديثة في أمريكا وهو جون ديوي Dewy الذي أسس فكرة الوظيفية عام 1896 في جامعة شيكاغو، وتقوم هذه الفكرة على ثلاثة جوانب رئيسية: 1- إن علم النفس الوظيفي يهتم بالعمليات العقلية في إطارها "الموقف الذي تحدث فيه" أي: كيف، ولماذا، وماذا, المتصلة بالتفكير. 2- تركز الوظيفية على توافق الكائنات في بيئتها. 3- وتهتم الوظيفية بالتفاعلات بين الجسم والعقل. ومن هذا المنطلق الأساسي طوّر ديوي عددا من الخطوات التي تلاحظ في عملية حل المشكلات، وهذه الخطوات هي: 1- عرض المشكلة. 2- تحديد المشكلة. 3- توليد الفروض. 4- تقويم الفروض. 5- اختيار أنسب الفروض ملاءمة. ورغم أن ديوي ترك مجال التجريب في علم النفس من عام 1904م, وأن الوظيفية لم تقم كمدرسة مستقلة في الفكر السيكولوجي, إلا أن تأثيرها قد بدا واضحا في الآونة الأخيرة على علم النفس المعرفي المعاصر. أما نظرية معالجة المعلومات Information Processing Theory, فهي تمثل الاتجاه الخاص بعلم النفس المعرفي التجريبي المعاصر، وقد ساعد على تطوير هذه الطريقة

عاملان، أولهما: اختراع الحاسب الآلي وتطوره الذي زوّد الباحثين في مجال علم النفس بنموذج عملي للعقل البشري، وثانيهما: أن النظريات الأخرى التي تبحث في تفسير ظاهرة المعرفة الإنسانية لم تستطع أن تتعامل في بساطة مع تشابكات وتعقيدات عملية حل المشكلات "نيويل وسيمون 1972 Newel & Simon". نماذج حل المشكلات: 1- نموذج دي زوريلا وجولد فرايد "1971" D'zurrilla & Goldfried: اقترح دي زوريلا, وجولد فرايد نموذجا من خمس مراحل لحل المشكلات؛ لاستخدامه في تعديل السلوك: 1- توجيه عام. 2- تحديد المشكلة وصياغتها. 3- توليد البدائل. 4- اتخاذ القرار. 5- التحقق من الحل. وتشير مرحلة التوجيه العام إلى تنمية ميل قوي لدى المسترشد أولا بقبول الواقع في أن مواقف المشكلات تمثل جزءا عاديا في الحياة، وأنه من الممكن مواجهة معظم هذه المواقف بفاعلية. وثانيا: التعرف على مواقف المشكلة عندما تحدث. وثالثا: كبح الميل للاستجابة سواء الاندفاع التلقائي أو التقاعس عن القيام بشيء، وبذلك فإن التوجه العام يرى المشكلات كحتمية وكمواقف تواجه مباشرة وبوضوح ونشاط. أما مرحلة تحديد وصياغة المشكلة فإنها تتكون من "أ" تحديد كل جوانب الموقف في صورة إجرائية، "ب" صياغة وتصنيف عناصر الموقف بطريقة ملائمة لفصل المعلومات المناسبة عن غير المناسبة، وتحديد أهداف الفرد الأساسية وتحديد المشكلات العليا والقضايا والصراعات, وبذلك فإن تحديد المشكلة وصياغتها وتمحيصها وتحليلها إلى عناصر محدودة يؤدي إلى اختيار أهداف لحل موقف المشكلة.

أما مرحلة توليد البدائل, فتشير إلى مهمة إعداد قائمة بالحلول الممكنة المناسبة للمواقف الخاصة بالمشكلة. وأما اتخاذ القرارات فهو يشير إلى اختيار طريق من بين عدة بدائل، وتركز هذه المرحلة على احتمال اختيار أكثر الاستجابات فاعلية من بين بدائل مختلفة، ويزداد الاحتمال خلال الأساليب المنتظمة "المتدرجة" مثل النظر إلى النتائج القريبة، والبعيدة المدى, والأخذ في الاعتبار النتائج الشخصية والاجتماعية وتقدير التوقع الشخصي لنجاح بديل من هذه البدائل. أما المرحلة الأخيرة في هذا النموذج وهي مرحلة تحقق الحل, فتحدث بعد تطبيق أسلوب الحل، وتقارن النتائج الحقيقية بالنتيجة المتوقعة، وهذا يحدد الدرجة التي أمكن لها حل المشكلة بفاعلية بواسطة البديل الذي تم اختياره. 2- نموذج كانفر وبوزيمير "1982" The Kanfer & Busemeyer Model: يتكون هذا النموذج من ست خطوات لحل المشكلات، ويمكن استخدامه في مجال العلاج السلوكي: 1- اكتشاف المشكلة. 2- تحديد المشكلة. 3- توليد البدائل. 4- اتخاذ القرارات. 5- التنفيذ. 6- التحقق من الحل. ويماثل هذا النموذج سابقه فيما عدا أنه أضاف مرحلة للتنفيذ. وهذه المرحلة هي مرحلة ضمنية غير ظاهرة عند دي زوريلا, وجولد فرايد. غير أن كانفر وبوزيمير يريان أن أنموذجهما يشتمل على عمليات تنظيم ذاتي, وأن

الأهداف تكون دينامية بمعنى أنها لا تبقى ثابتة, وأنه يمكن أن تتغير عبر الوقت؛ وبالتالي فإن الفرد يستمر في البحث عن البدائل, وفي نفس الوقت في توقع النتائج المختلفة. ويرى ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Glover أن الفرق بين النموذجين إنما يرجع إلى التقدم الذي حققه مجال الإرشاد النفسي بين عام 1971 عندما اقترح دي زوريلا وجولد فرايد أنموذجهما، وعام 1982 عندما اقترح كانفر وبوزيمير أنموذجهما. 3- نموذج إيربان وفورد The Urban and Ford Model: اقترح إيربان وفورد في عام 1971 نموذجا لحل المشكلات لاستخدامه في العلاج النفسي, يشتمل على خمس خطوات: 1- تعريف المشكلة وتحديدها. 2- تحليل المشكلة. 3- اختيار أهداف وتقويم المحكّات. 4- استخدام "تطبيق" حل المشكلة. 5- التقويم. ويعتبر التعرف على المشكلة, وتحديدها الخطوة الأولى في تتابع لخطوات هامة في عملية الإرشاد أو العلاج النفسي، وتشتمل هذه الخطوة على تخصيص السلوكيات التي تعتبر خاطئة. أما الخطوة الثانية وهي تحليل المشكلة, فتشتمل على الانتقال من السؤال حول ماهية المشكلة إلى فهم كيفية المشكلة، وبمعنى آخر: ما هي أبعاد هذه المشكلة والظروف المحددة لها "عصبية، فيزيولوجية، انفعالية، اجتماعية سلوكية أو موقفية"؛ وبالتالي تصبح الأساس الذي نبني عليه وسائل العلاج؟ والخطوة الثالثة وهي اختيار الأهداف، وفيها يكون التحديد الصريح للنتائج التي يبحث عنها الفرد، وينبغي أن يكون اختيار الأهداف مرتبطا بالنمو العادي أي: أن تكون الأهداف ممثلة لبدائل مرتبطة بالنمو للمسترشد. وينتج عن التحديد الواضح للأهداف أن يكون استخدام الجهد بكفاءة، واقتراح الوسائل الممكنة لإنجاز الهدف، ووجود محكّ لتقويم كفاءة طريقة العلاج المستخدمة.

وفي الخطوة الرابعة يستخدم حل المشكلة، وفي هذه الحالة فإن المرشد يكون له دور كمستشار لمساعدة المسترشد على إعداد الظروف التي تيسّر تحقيق الهدف. وينبغي أن ينظم الحل الخاص بالمشكلة, ويرتب في شكل منطقي على هيئة برنامج يتم تنفيذه. أما الخطوة الخامسة والأخيرة وهي التقويم النهائي، فهي تساعد على تحديد الدرجة التي أمكن بها القضاء على المشكلة وتحقيق أهداف البرنامج العلاجي، وبناء على المعلومات التي تتوافر في هذه الخطوة, يمكن مراجعة إستراتيجيات العلاج وتقرير متى ينتهي. نموذج ديكسون وجلوفر "1984" Dixon & Golover: قدم ديكسون وجلوفر نموذجا لحل المشكلات "1976، 1979، 1984" يتكون من خمس مراحل, هي: 1- تحديد المشكلة. 2- اختيار الهدف. 3- اختيار إستراتيجية. 4- استخدام إستراتيجية. 5- التقويم. ويشتمل النموذج "شكل رقم 23" على عمليتين في كل خطوة؛ الأولى هي شحذ الذهن Brain Storming, والثانية هي الاختيار choice. مثال على نموذج ديكسون وجلوفر: "أحمد" طالب بكلية الهندسة في المستوى الثاني، التحق بهذه الكلية منذ أربع سنوات بتشجيع كبير من والده ووالدته ومجموعة من أقاربه وكذلك بعض أصدقائه، ولكنه بقي في المستوى الأول عامين وفي المستوى الثاني عامين أيضا، وكثير من درجاته في مقررات مختلفة هي مقبول "د"، وهو يحصل على درجات منخفضة في الرياضيات

والفيزياء، بينما يحصل على درجات مرتفعة في مقررات مثل الاقتصاد والإدارة, كما أنه يقضي أوقاتا قليلة في استذكار دروسه, فلا يعطي للاستذكار أكثر من ساعة في اليوم، وقرب الامتحان يزيد من معدلات استذكاره. هذا الطالب عرف عنه دماثة الخلق، وطيب المعشر, والعلاقة الطيبة مع زملائه، وهو يتمتع بظروف أسرية جيدة، كما أنه عضو نشط في عدة أنشطة رياضية واجتماعية بالجامعة. أولا: تحديد المشكلة يمكن تحديد مشكلة أحمد على النحو التالي "صور مختلفة للمشكلة": 1- الاعتماد في رأيه على الآخرين "عدم استقلاله بالرأي". 2- نقص الوقت الذي يخصص للاستذكار. 3- الأنشطة الاجتماعية والرياضية تأخذ منه وقتا طويلا. 4- عدم ملاءمة الأهداف المهنية والتعليمية التي حددها لنفسه. 5- انخفاض درجاته في مقررات معينة. وبعد مناقشة المسترشد "أحمد" في البدائل المختلفة مثل البقاء في هذه الكلية أو التحويل إلى كلية أخرى لا يدرس فيها الرياضيات والفيزياء، قرر أن يبقى في كلية الهندسة مع وجود رغبة لديه في أن يتعلم بشكل مناسب كيف يحسن درجاته. وبذلك بدأت المشكلة تتحدد الآن في: الدرجات المنخفضة "عنصر رقم 5", ونقص الوقت المخصص لدراسته "عنصر رقم 2". ثانيا: اختيار الهدف يمكن تصور الأهداف التالية للمشكلة التي وقع الاختيار عليها: 1- النجاح بتقدير جيد "جـ" في الفصل الدراسي الحالي في مقررات الرياضيات والفيزياء. 2- رفع المعدل التراكمي العام.

3- الاستذكار لمدة ثلاث ساعات على الأقل كل ليلة, بالإضافة إلى الجهد الزائد الخاص بأوقات الامتحانات. 4- تحسين عادات الاستذكار سواء في التلخيص, أو القراءة السريعة. 5- تقليل تغيبه عن المحاضرات بحيث لا يتجاوز ذلك محاضرة واحدة أسبوعيا. وبعد استعراض هذه الأهداف، قرر أحمد أن الهدف الثالث وهو الاستذكار لمدة ثلاث ساعات على الأقل كل ليلة "الهدف رقم 3" يعتبر هدفا واقعيا ومعقولا, ويمكن أن يسهم كثيرا في حل المشكلة. ثالثا: اختيار إستراتيجية ناقش المرشد مع المسترشد عدة إستراتيجيات, اقترحها كل منهما: 1- ضبط المثير: بالاستذكار في مكان هادئ, بعيدا عن المشتتات. 2- التعزيز: بأن يعلق القيام بالأنشطة الاجتماعية على إكمال الأهداف اليومية والأسبوعية للاستذكار "قاعدة بريماك". 3- التشكيل: عن طريق البدأ بالوقت الحالي "ساعة" ثم زيادة كمية الوقت بالتدريج, مع التعزيز من جانب المرشد لحين الوصول للهدف, وهو ثلاث ساعات كل ليلة. 4- تنظيم الوقت: بإعداد خطة أسبوعية للوصول للهدف. 5- الالتزام الاجتماعي: كأن يطلب من والده أن يساعده على تحقيق الهدف سواء بالتشجيع, أو بإتاحة الظروف المناسبة له. 6- الاسترخاء: استخدام أسلوب الاسترخاء لإبعاد المشتتات, وتسهيل عملية التركيز على الاستذكار. وقد يختار المسترشد أن يستخدم أكثر من طريقة من هذه الطرق للوصول إلى الهدف. رابعا: استخدام إستراتيجية احتفظ المسترشد بمفكرة سجّل فيها عدد الساعات التي يستذكرها ومشاعره حول ما أنجز, والمخالفات التي ارتكبها في النظام الذي وضعه والتزم به.

خامسا: التقويم استطاع أحمد أن ينجز الهدف الذي وضعه بعد حوالي سبعة أسابيع؛ ولذلك فإن المرشد قرر بالاتفاق معه أن ينتهي الإرشاد ويقفل الحالة بعد أن تحقق أن المسترشد "أحمد" قد حل المشكلة, وأنه قد تعلم كيفية حل المشكلات، وبوسعه أن ينقل الخبرة التي عايشها في حل هذه المشكلة إلى مشكلات أخرى، وقد أعد المرشد خطة لمتابعة أداء أحمد "بالنسبة للهدف" قبل الامتحان, حيث تأكد له استمراره في خطته.

نموذج إسلامي لمعالجة الغضب

28- نموذج إسلامي لمعالجة الغضب: زوّد الخالق سبحانه وتعالى الإنسان بمجموعة من الانفعالات التي تساعده في حياته, وتؤدي له وظائف هامة في مواقف مختلفة، ويميل كثير من علماء النفس إلى إطلاق اصطلاح الانفعال Emotion على الانفعالات القوية التي يصاحبها اضطراب في السلوك كالخوف والغضب الشديدين، أما الشعور بحالات خفيفة من المشاعر الوجدانية مثل السرور والضيق أو الانشراح والكدر, فيطلقون عليها اصطلاح الوجدان "المشاعر", فالوجدان شعور ذو صبغة انفعالية خفيفة، أما الانفعال فيمكن أن يعرف بأنه اضطراب حاد يشمل الفرد كله, ويؤثر في سلوكه وخبرته الشعورية ووظائفه الفيزيولوجية الداخلية، وهو ينشأ في الأصل عن مصدر نفسي. ونقول: إن الانفعال اضطراب حاد؛ لأنه يتميز بحالة شديدة من التوتر والتهيج، ولأنه أثناء الانفعال تتعطل جميع أنواع النشاط الأخرى التي يقوم بها الإنسان، ويصبح نشاطه كله مركزا حول موضوع الانفعال. ويشتمل الانفعال على مجموعة من المكونات, هي: 1- إدراك الموقف الانفعالي. 2- التغيرات الفيزيولوجية الداخلية. 3- التغيرات البدنية الخارجية. 4- الخبرة الشعورية. 5- التوافق للموقف الانفعالي "نجاتي، 1983 ص100".

والغضب انفعال كدر ويعتبر مثل الخوف من الانفعالات الرئيسية، ووظيفته الأساسية مساعدة الإنسان على المحافظة على كيانه النفسي. وقد اهتم الإسلام بهذا الانفعال اهتماما خاصا؛ لما يؤدي التطرف فيه إلى مشكلات بين الناس وبعضهم البعض، إذ على حين قد يقتصر أثر الخوف على الشخص نفسه فإن أثر الغضب يمتدّ إلى الآخرين، بل إن التاريخ حافل بتسجيل الحروب التي بدأت بغضب فردي, وانتهت إلى مشكلات بعيدة المدى. ومن بين علماء المسلمين الذين اهتموا بإفراد جانب من كتاباته للغضب, أبو حامد الغزالي, الذي اهتم بموضوع الغضب في ربع المهلكات من مؤلفه الشهير إحياء علوم الدين، والذي تبنى عليه هذه المناقشة حول نموذج إسلامي لمعالجة الغضب. يبدأ الغزالي كلامه حول الغضب بعنوان هو: كتاب ذم الغضب والحقد والحسد, وهو الكتاب الخامس من ربع المهلكات من كتاب إحياء علوم الدين. ثم تناول الجوانب الآتية: 1- بيان ذم الغضب. 2- بيان حقيقة الغضب. 3- بيان الغضب، هل يمكن إزالة أصله بالرياضة, أم لا؟ 4- بيان الأسباب المهيّجة للغضب. 5- بيان علاج الغضب بعد هيجانه. 1- بيان ذم الغضب: يبدأ الإمام الغزالي كلامه بذكر الآية الكريمة: قال الله تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 26] .

ذم الكفار بما تظاهروا به من الحمية الصادرة عن الغضب بالباطل، ومدح المؤمنين بما أنزل الله عليهم من السكينة. وروى أبو هريرة أن رجلا قال: يا رسول الله، مرني بعمل وأقلل، قال: "لا تغضب" ثم أعاد عليه فقال: "لا تغضب". رواه البخاري. وروى أبو هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليس الشديد بالصُّرْعة, وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". متفق عليه. 2- بيان حقيقة الغضب: "اعلم أن الله تعالى لما خلق الحيوان معرضا للفساد والموتان، بأسباب في داخل بدنه وأسباب خارجة عنه، أنعم عليه بما يحميه عن الفساد ويدفع عنه الهلاك إلى أجل معلوم سماه في كتابه" "ص166". ويمضي الغزالي في تحليله فيقول: إنه إذا لم يصل للإنسان مدد من الغذاء يجبر ما أكل وتبخر من أجزاء الرطوبة لفسد الحيوان من داخله. "وأما الأسباب الخارجية التي يتعرض لها الإنسان كالسيف والسنان وسائر المهلكات التي يقصد بها، فافتقر إلى قوة وحمية تثور من باطنه وتدفع المهلكات عنه، فخلق الله طبيعة الغضب من النار وغرزها في الإنسان وعجنها بطينه، فمهما صد عن غرض من أغراضه ومقصود من مقاصده اشتعلت نار الغضب, وثارت ثورانا يغلي به دم القلب وينتشر في العروق ويرتفع إلى أعالي البدن. وكما ترتفع النار, وكما يرتفع الماء الذي يغلي في القدر؛ فلذلك ينصبّ إلى الوجه فيحمرّ الوجه والعين، والبشرة لصفائها تحكي لون ما وراءها من حمرة الدم كما تحكي الزجاجة لون ما فيها. وإنما ينبسط الدم إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه، فإن صدر الغضب على من فوقه، وكان معه يأس من الانتقام؛ تولد منه انقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب وصار حزنا ولذلك يصفر اللون، وإن كان الغضب على نظير يشك فيه تردد الدم بين انقباض وانبساط؛ فيحمر ويصفر ويضطرب.

وبالجملة: فقوة الغضب محلها القلب ومعناها غليان دم القلب بطلب الانتقام, وإنما تتوجه هذه القوة عند ثورانها إلى دفع المؤذيات قبل وقوعها وإلى التشفي والانتقام بعد وقوعها، والانتقام قوت هذه القوة وشهوتها, وفيه لذتها ولا تسكن إلا به ... ثم إن الناس في هذه القوة على درجات ثلاث في أول الفطرة من التفريط, والإفراط, والاعتدال. أما التفريط ففقد هذه القوة أو ضعفها وذلك مذموم ... فمن فقد قوة الغضب والحمية أصلا, فهو ناقص جدا. وأما الإفراط فهو أن تغلب هذه الصفة حتى تخرج عن سياسة العقل والدين وطاعته, ولا يبقى للمرء معها بصيرة ونظر وفكرة ولا اختيار، بل يصير في صورة المضطر، وسبب غلبته أمور غريزية وأمور اعتيادية. وإنما المحمود فهو غضب ينتظر إشارة العقل والدين, فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حين يحسن الحلم، وحفظه على حدّ الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده، وهو الوسط الذي وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: $"خير الأمور أوساطها"". "إحياء علوم الدين جـ3 ص167-169". وهكذا نرى الغزالي قد حدّد الغضب على أنه بعد يمتد بين طرفي التفريط "نقص الصفة" والإفراط "زيادة الصفة" وأن كلا الطرفين ضارّ، فالشخص الذي ينعدم عنده الغضب تتعطل لديه وظيفة هامة يحتاجها للدفاع عن الجوانب التي يعطيها قيمة في حياته بدءا من دينه وعقيدته, وامتدادا إلى كثير من الجوانب الهامة، والشخص الذي تزداد لديه هذه الصفة سوف يكون سريع الغضب, يثير غضبه أتفه الأشياء، وقد يورده هذا الغضب موارد سيئة كثيرة. وهنا نجد الغزالي برغم حديثه عن الغضب كافة إلا أنه أوضح أهمية الغضب ونقيضه ضعفه الشديد، وهو أمر لم يتنبّه إليه الفلاسفة قديما وحديثا "من سقراط إلى ديكارت" "نوفاكو 1979 Novaco". وأما من حيث طبيعة الغضب, فقد أوضح الغزالي أن هناك جانبا فطريا فيه، أي: ينشأ مع الطفل منذ مولده، ويتفق ذلك مع الاتجاه الحديث في دراسة الطباع Temparaments وأهميتها في السلوك، وأن الجانب الآخر جانب مكتسب.

أسباب الغضب: ينشأ الغضب عندما يستشعر المرء أن هناك تهديدا لكيانه النفسي، سواء اتصل ذلك بذاته أو معتقداته أو ممتلكاته أو بيئته أو غيرها. وفي رأي الغزالي أن الغضب ينشأ عن أخذ شيء محبوب من الشخص, أو قصده بمكروه: "بل الحق ما نذكره, وهو أنه ما بقي الإنسان يحب شيئا ويكره شيئا فلا يخلو من الغيظ والغضب، وما دام يوافقه شيء ويخالفه آخر فلا بد أن يحب ما يوافقه ويكره ما يخالفه، والغضب يتبع ذلك، فإنه مهما أخذ منه محبوبه غضب لا محالة, وإذا قصد بمكروه غضب لا محالة". وبذلك فإن الغزالي يربط بين الغضب وبين حدوث الفقدان، وكذلك حدوث التهديد، أو بمعنى آخر: أن الغضب ينشأ عن موقف فيه إحباط. ثم يعود الغزالي بعد ذلك, فيقسم ما يحبه الإنسان إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: يتعلق بالضرورات كالقوت والملبس, والمسكن وصحة البدن. "فمن قصد بدنه بالضرب والجرح فلا بد أن يغضب، وكذلك إذا أخذ منه ثوبه الذي يستر عورته، وكذلك إذا أخرج من داره التي هي مسكنه أو أريق ماؤه الذي لعطشه، فهذه ضرورات لا يخلو الإنسان من كراهة زوالها, ومن غيظ على من يتعرض لها". "ص169". القسم الثاني: يتعلق بممتلكات الفرد وما ينتمي إليه مما لا يعتبر ضروريا، ولكنه صار محبوبا بالعادة "عن طريق الاقتران بالضرورات". يقول الغزالي في ذلك: "القسم الثاني: ما ليس ضروريا لأحد من الخلق كالجاه والمال الكثير والغلمان والدواب، فإن هذه الأمور صارت محبوبة بالعادة والجهل بمقاصد الأمور ...

وهذه العادات الرديئة هي التي أكثرت محابّ الإنسان ومكارهه فأكثرت غضبه، وكلما كانت الإرادات والشهوات أكثر كان صاحبها أحطّ رتبة أو أنقص؛ لأن الحاجة صفة نقص, فمهما كثرت كثر النقص، والجاهل أبدا جهده في أن يزيد من حاجاته وفي شهواته، وهو لا يدري أنه مستكثر من أسباب الغمّ والحزن، حتى ينتهي بعض الجهّال بالعادات الرديئة ومخالطة قرناء السوء إلى أن يغضب لو قيل له: إنك لا تحسن اللعب بالطيور, واللعب بالشطرنج ... فالغضب على هذا الجنس ليس بضروري؛ لأن حبه ليس بضروري". "ص169". القسم الثالث: ما ترتبط ضرورته بشخص دون آخر. يقول الغزالي: "القسم الثالث: ما يكون ضروريا في حق بعض الناس دون البعض، كالكتاب مثلا في حق العالم؛ لأنه مضطر إليه فيحبه فيغضب على من يحرقه ويغرقه, وكذلك أدوات الصناعات في حق المكتسب الذي لا يمكنه التوصل إلى القوت إلا بها, فإنما هو وسيلة إلى الضروري، والمحبوب يصير ضروريا ومحبوبا، وهذا يختلف. وإنما الحب الضروري ما أشار إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: $"من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه وله قوت يومه, فكأنما حِيزت له الدنيا بحذافيرها"" "ص170". آثار الغضب: لا شك أن الغضب اضطراب شديد يشمل الفرد في موقف من المواقف, ويؤدي إلى مجموعة من المظاهر أو الأعراض, منها: آثار فيزيولوجية داخلية وآثار بدنية خارجية وآثار معرفية وآثار وجدانية. وقد عدّد الإمام الغزالي آثار الغضب, فيذكر منها "ص168": "ومن آثار هذا الغضب في الظاهر: تغير اللون وشدة الرعدة في الأطراف وخروج الأفعال عن الترتيب والنظام، واضطراب الحركة والكلام، حتى يظهر الزبد على الأشدق وتحمر الأحداق وتنقلب المناخر وتستحيل الخلقة، ولو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح

صورته لسكن غضبه؛ حياء من قبح صورته واستحالة خِلْقَته. وقبح باطنه أعظم من قبح ظاهره، فإن الظاهر عنوان الباطن، وإنما قَبُحت صورة الباطن أولا ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانيا؛ فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن، فقِس الثمرة بالمثمرة, فهذا أثره في الجسد وأما أثره في اللسان فانطلاقه بالشتم والفحش من الكلام الذي يستحيي منه ذو العقل ويستحيي منه قائله عند فتور الغضب، وذلك مع تخبط النظم واضطراب اللفظ. أما أثره على الأعضاء فالضرب والتهجم والتمزيق والقتل والجرح عند التمكن من غير مبالاة، فإن هرب منه المغضوب عليه أو فاته بسبب وعجز عن التشفي رجع الغضب على صاحبه, فمزق ثوب نفسه ويلطم نفسه، وقد يضرب بيده على الأرض، ويعدو عدو ألوانه السكران والمدهوش المتحير، وربما يسقط سريعا لا يطيق العدو والنهوض بسبب شدة الغضب ويعتريه مثل الغشية, وربما يضرب الجمادات والحيوانات ... وأما أثره في القلب, فالحقد والحسد وإضمار السوء والشماتة ... " "ص168". آثار انعدام أو ضعف الغضب: حين تعرض الغزالي للحديث عن مستويات الغضب ذكر منها التفريط أي: نقص هذا الانفعال، والإفراط أي: زيادته، والاعتدال الذي يمثل المستوى المطلوب. وقد سبق الغزالي علماء النفس في التعرف على ما يطلقون عليه الآن نقص التأكيد "أو نقص السلوك التوكيدي Lack of Assertion"، بل إنه قد أوضح خاصية هامة من خصائص الغضب، وهو أهميته كاستجابة مضادة للقلق، وكذلك باعتباره عنصرا هاما في الحكم على الانحراف الشخصي, وعمليات الضبط الذاتي في العلاج. يقول في هذا الصدد: "وأما ثمرة الحمية الضعيفة فقلة الأنفة مما يؤنف منه من التعرض للحرم والزوجة والأمة واحتمال الذل من الأخِسَّاء وصغر النفس والقماءة، وهو أيضا مذموم إذ من ثمراته عدم الغيرة على الحرام، وهو خنوثة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد, وإن الله أغير مني" وإنما خلقت الغيرة لحفظ الإنسان، ولو تسامح الناس

بذلك لاختلطت الأنساب؛ ولذلك قيل: كل أمة وضعت الغيرة في رجالها وضعت الصيانة في نسائها، ومن ضعف الغضب الخور والسكوت عند مشاهدة المنكرات، وقد قال صلى الله عليه وسلم: $"خير أمتي أحداؤها" يعني في الدين، وقال تعالى: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} 1. بل من فقد الغضب عجز عن رياضة نفسه، إذ لا تتم الرياضة إلا بتسليط الغضب على الشهوة، حتى يغضب على نفسه عند الميل إلى الشهوات الخسيسة. ففقد الغضب مذموم، وإنما المحمود غضب ينتظر إشارة العقل والدين, فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حيث يحسن الحلم، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله بها عباده، وهو الوسط الذي وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: $"خير الأمور أوساطها", فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحس من نفسه بضعف الغيرة وخسة النفس في احتمال الذل والضيم في غير محله, فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوى غضبه. ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جرّه إلى التهور واقتحام الفواحش, فينبغي أن يعالج نفسه لينقص من سورة الغضب ويقف على الوسط الحق بين الطرفين، فهو الصراط المستقيم، وهو أرق من الشعرة وأحدّ من السيف ... " "ص168، 169". قابلية الغضب للعلاج: هل يقبل الغضب العلاج؟ ومتى يجب على الفرد أن يسعى لعلاج الغضب؟ وبالنسبة للسؤال الأول، فإذا اعتبرنا أن الغضب سلوك موقفي يعتمد إلى حد ما على ما لدى الفرد من استعداد للغضب "سمة الغضب", وإلى حد ما أيضا على ما تعلمه الفرد من البيئة وما اعتاد عليه من أنماط استجابات في المواقف المولدة للغضب, وعلى الموقف الذي يحدث فيه الغضب "حالة الغضب"، فإن الغضب باعتباره استجابة موقفية تفاعلية يكون قابلا للعلاج. أما متى يسعى الفرد لمعالجة الغضب، فإن ذلك يحدده مقدار بعده عن الحد المطلوب من الغضب الذي يساعد فيه الفرد على الحياة الكريمة، وهو الحد الذي أشار إليه

_ 1 سورة النور: 2.

الإمام الغزالي بالإفراط أي: زيادة الغضب، والتفريط أي: نقص الغضب، وبالنسبة لزيادة الغضب فإن الغزالي يرى أن المعيار هو الموقف أو المثير الذي ينشأ عنه الغضب, فهو يرى أن الغضب أمر ضروري إذا تعلق بالاعتداء أو التهديد للضروريات التي تحفظ للإنسان حياته. وأما الغضب الذي يتصل بالمراتب العليا من الحاجات, أو ما يعرف أحيانا بالحاجات الثانوية "وهي حاجات تستمد قيمتها عادة من ارتباطها بالحاجات الأساسية" فإن الغضب فيها غير محمود. أما النوع الثاني الذي يرى الإمام الغزالي حاجة الفرد لعلاجه, فهو التفريط في الغضب, سواء بنقصه نقصانا واضحا أو انعدامه كلية، بل إن الغزالي في هذا الصدد يجعل انعدام الغضب كانعدام الإرادة. وقد أفرد الغزالي فصلا للأسباب المهيجة للغضب "المثيرات", حيث جمعها في العبارة التالية: "والأسباب المهيجة للغضب هي: الزهو والعجب والمزاح والهزل والهزء والتعيير والمماراة والمضادة والغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه، وهي بأجمعها أخلاق رديئة مذمومة شرعا، ولا خلاص من الغضب مع بقاء هذه الأسباب فلا بد من إزالة هذه الأسباب بأضدادها" "172". وهذه الأسباب التي ذكرها الغزالي هي الأسباب الخارجية أو المثيرات البيئية، ولكن في نفس الوقت تساعدها أسباب داخلية عقلية تتركز في المفاهيم الخاطئة: "ومن أشد البواعث على الغضب عند أكثر الجهال تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة نفس وكبر همة، وتلقيبه بالألقاب المحمودة غباوة وجهلا حتى تميل النفس إليه وتستحسنه ... ". وهكذا نظر الغزالي إلى الغضب نظرة معرفية بعد أن نظر إليه نظرة سلوكية، فهو يرى أن المفاهيم الخاطئة مثل تسمية الغضب شجاعة تمثل جانبا من أسباب اعتياد الغضب, وهذا الجانب المعرفي في تفسير الغضب لم يعرفه علم النفس إلا حديثا, وفي الربع قرن الأخير فقط.

كذلك فقد قدم الغزالي تفسيرا لحدوث الغضب يرجع فيه الغضب إلى التشبه بالأكابر. "وقد يتأكد ذلك بحكاية شدة الغضب عن الأكبر في معرض المدح بالشجاعة، والنفوس مائلة إلى التشبه بالأكابر فيهيج الغضب إلى قلبه بسببه. وتسمية هذا عزة نفس وشجاعة جهل، بل هو مرض قلب ونقصان عقل وهو لضعف النفس ونقصانها، وآية ضعف النفس أن المريض أسرع غضبا من الصحيح، والمرأة أسرع غضبا من الرجل، والصغير أسرع غضبا من الرجل الكبير، والشيخ الضعيف أسرع غضبا من الكهل، وذا الخلق السيئ والرذائل القبيحة أسرع غضبا من صاحب الفضائل، فالرذل يغضب لشهوته إذا فاتته اللقمة، ولبخله إذا فاتته الحبة، حتى إنه يغضب على أهله وولده وأصحابه. بل القوي من يملك نفسه عند الغضب كما قال صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة, إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". بل ينبغي لهذا الجاهل بأن تتلى عليه حكايات أهل الحلم والعفو وما استحسن منهم من كظم الغيظ، فإن ذلك منقول عن الأنبياء والأولياء والحكماء والعلماء وأكابر الملوك الفضلاء" "ص172، 173". هكذا أرجع الغزالي تعلم الغضب إلى التشبه بنماذج الغضب؛ نتيجة لما يمتدحون به في ذلك، وهذا النوع من التعلم هو ما يشار إليه في علم النفس الحديث بالتعلم من النماذج السلوكية Modeling، وهذه النماذج نماذج ضمنية Covert Models حيث تشتمل عليها القصص المتداولة. كما يرى أن العلاج يمكن أن يكون بنفس الأسلوب بأن يتعلم من نماذج طيبة من خلال حكايات أهل الحلم والعفو وما استحسن منهم من كظم الغيظ، ولعل في السيرة النبوية المطهرة، الكثير مما يدل على حلم الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- وعلى مبادرته إلى العفو وأمره بالرفق وعدم الغضب. كما يؤكد على أن الغضب يمثل ضعفا في السلوك وأنه يرتبط بجوانب ضعف متنوعة مثل الأنوثة والطفولة والشيخوخة. ويستدل على أن ضبط النفس عند الغضب هو القوة, من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الشديد بالصرعة, وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

إن المجلات النفسية الصادرة في الغرب تطالعنا هذه الأيام بفيض من البحوث تحمل مصطلحا جديدا عن الشخصية أسموه The hardy Personality وهي بمعناها الحرفي: الشخصية الشديدة، وبمعناها الإجرائي: أولئك الأشخاص الذين يمكنهم أن يمروا في مواقف شديدة دون أن تحدث لديهم انفعالات أو آثار سلبية ... وصدق الرسول الأعظم معلم البشرية: "وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". علاج الغضب: في السنة النبوية المطهرة كثير من الأحاديث التي تنفِّر من الغضب وتبغِّضه للمسلم، وفي أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يعطينا القدوة والأسوة الحسنة في الحلم والعفو، ويؤكد القرآن الكريم على قاعدة العفو عند الغضب: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134] . {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199] . {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37] . {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] . {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63] . ويمكن أن نتتبع النموذج الإسلامي لعلاج الغضب، والقائم على الكتاب والسنة من خلال تتبع ذلك النموذج الذي أورده الإمام الغزالي:

يبدأ الغزالي حديثه في هذا الجانب تحت عنوان: بيان علاج الغضب بعد هيجانه, حيث يذكر أن ما أورده في مناقشة عن أسباب الغضب إنما يدخل كجانب وقائي. "حسم لمداد الغضب وقطع أسبابه لا يهيج، فإذا ما جرى سبب هيجه فعنده يجب التثبت حتى لا يضطر صاحبه إلى العمل به على الوجه المذموم، وإنما يعالج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم والعمل" "ص173". هكذا يحدد الغزالي أن هناك علاجات للغضب باعتباره عادة, وعلاجات للغضب باعتباره حالة أثناء حدوثها, وأن هناك محورين أساسيين للعلاج هما: العلم والعمل. أولا: العلم ومقصود الغزالي بهذا الجانب هو استخدام العمليات العقلية "المعرفية Cognitive" ويحدد تحته ستة أمور: 1- أن يتفكر في الأخبار التي تدل على فضل كظم الغيظ. 2- أن يخوّف نفسه بعقاب الله, وأن قدرة الله عليه أعظم من قدرته هو على غيره. 3- أن يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام ... أي: أن يخوف نفسه بعواقب الغضب في الدنيا "ردود فعل الآخرين". 4- أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب بأن يتذكر صورة غيره في حالة الغضب "التنفير الذاتي والنمذجة الذاتية". 5- أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويمنعه من كظم الغيظ، فيقول لنفسه: "ما أعجبكِ! تأنفين من الاحتمال الآن ولا تأنفين من خزي يوم القيامة والافتضاح إذا أخذ هذا بيدك وانتقم منك، وتحذرين من أن تصغري في أعين الناس ولا تحذرين أن تصغري عند الله والملائكة والنبيين؟! " "ص173-174"، وبمعنى آخر: فإنه يعيد تصوير المشكلة Reframing أو يقوم بعملية مراجعة منطقية. 6- "أن يعلم أن غضبه من تعجبه من جريان الشيء على وفق مراد الله لا على وفق مراده، فكيف يقول: مرادي أولى من مراد الله؟ ويوشك أن يكون غضب الله عليه أعظم من غضبه" "ص174".

ثانيا: العمل أما العمل "أي: التصرفات والإجراءات الظاهرة", فيضع الإمام الغزالي تحتها مجموعة من الإجراءات على النحو التالي: 1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم: تقول بلسانك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, وهكذا أمر رسول لله -صلى الله عليه وسلم- أن يقال عند الغيظ. وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا غضبت عائشة, أخذ بأنفها وقال: "يا عويش, قولي: اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي, وأذهب غيظ قلبي, وأجرني من مضلات الفتن" , فيستحب أن تقول ذلك. 2- الحركة البدنية: وفي هذا الإجراء, فإن الغاضب يغير من هيئته ووضعه. ولعل في هذا التغيير مساعدة على تغيير الجوانب البيولوجية، وفي نفس الوقت أن الفرد كلما ابتعد عن وضع الوقوف, ابتعد عن الإحساس بالقوة التي يستثيرها الغضب "فيزيولوجيا". "فاجلس إن كنت قائما, واضطجع إن كنت جالسا, واقرب من الأرض التي منها خُلقت لتعرف بذلك نفسك، واطلب بالجلوس والاضطجاع السكون؛ فإن سبب الغضب الحرارة وسبب الحرارة الحركة "المقصود بالحرارة هنا: الطاقة". فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الغضب جمرة توقد في القلب" ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه. فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئا, فإن كان قائما فليجلس, وإن كان جالسا فلينم" "ص174". 3- استخدام الماء: والأسلوب الإسلامي في هذا الصدد هو الوضوء أو الاغتسال. ولا شك أن استخدام الماء يغير من الموقف الذي يقف فيه الفرد بالإضافة إلى آثاره على الجسم؛ مما يؤدي إلى تغيير الحالة الفيزيولوجية الناشئة عن الغضب. "فإن لم يزل ذلك "أي: نتيجة الحركة", فليتوضأ بالماء البارد أو يغتسل؛ فإن النار لا يطفئها إلا الماء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا غضب أحدكم فليتوضأ بالماء فإنما الغضب من النار..".

وفي رواية: "إن الغضب من الشيطان, وإن الشيطان خُلِق من النار, وإنما تطفأ النار بالماء, فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". والمتأمل في هذه الأساليب الثلاثة, والتي استمدها الإمام الغزالي من السنة النبوية المطهرة, يجد أنها تمثل كل ما انتهى إليه علم النفس المعاصر في السنوات الأخيرة, وتتميز عليه بجانبين أساسيين: أولهما: الاستفادة من الجانب الديني في حياة الفرد, والذي يمثل بعدا فطريا أهمله الباحثون في مجال علم النفس. وثانيهما: أنها أسبق على ظهور علم النفس بثلاثة عشر قرنا من الزمان. وإذا كان الغزالي قد أفرد للعلم جانبا أساسيا, فإن هذا الجانب "الجانب المعرفي" لم يعرف إلا حديثا في علم النفس العلاجي والإرشادي. كذلك فإنه قد ركز على علاج الفرد لنفسه؛ اعتمادًا على هذه الأساليب الدينية المنشأ, السهلة الاستخدام. وإذا نظرنا إلى الإجراءات العملية، قولية أو إجرائية, نجد في مقدمتها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, يكررها الفرد لنفسه، وهي بلغة علم النفس تعمل كاستجابات مضادة أقوى من استجابة الغضب، وتشتمل على جانب رفض لهذا الدخيل على نفسه الغضب، وما يترتب عليه من أضرار، وهي كلها من فعل الشيطان، وجانب استعانة بالله سبحانه وتعالى القادر على إذهاب كيد الشيطان. وفي محاولات حديثة في مجال العلاج النفسي نجد وولبيه يقترح أسلوبا أطلق عليه وقف التفكير Thought stopping يعتمد على أمر يصدره الشخص لنفسه بقوله: "توقف" بصوت عالٍ، والمقارنة غير واردة بين أسلوبين، أحدهما يستند إلى أساس شرعي ديني ويستمد فيه الفرد العون من خالقه، وبين أسلوب يستخدم فيه الفرد أمرا موجها إلى ذاته بالتوقف. وفي نفس الوقت, فإن القوة التي يستمدها الفرد في الاستعاذة بالله قوة تفوق كثيرا ما يستمده من قول ظاهر, لا يستند إلا إلى قرار داخلي. ولعلي أضيف إلى ما أورده الغزالي في علاج الغضب, مجموعة من الأساليب الإسلامية التي تؤدي إلى استبعاد سلوك الغضب, ومنها:

1- ذكر الله سبحانه وتعالى: وقد يحضرني في هذا الخصوص ما يحدث أثناء مجالس التنازع حين تحتدم المناقشات ويذكّر واحد من الحضور المتخاصمين بذكر الله سبحانه وتعالى، ومع قول: لا إله إلا الله, فإن الأمور تهدأ إلى مرحلة أدنى من الغضب، مما يعطي فرصة إلى إعمال الفكر والعقل بدلا من توجه الذم إلى أعضاء الحركة. 2- قراءة القرآن: ومما لا شك فيه أن قراءة القرآن تبعث الطمأنينة في النفس, وأنها تقرب الإنسان من حقيقة ومن واقع دنياه, وأنها دار الفناء مما يصغر من شأن ما يغضبه ويقربه من العفو والحلم وكظم الغيظ. 3- الانصراف إلى العبادة: فبعد أن يتوضأ الفرد يمكنه أن يقوم إلى أداء الصلاة "نافلة", وربما يكون ذلك بعد قراءة ما تيسر من القرآن؛ وبالتالي يمكن أن نتبع الترتيب التالي: 1- الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. 2- التحرك من وضع الوقوف إلى الجلوس, أو من الجلوس إلى الاضطجاع. 3- الوضوء. 4- التوجه إلى المسجد. 5- تحية المسجد. 6- قراءة ما تيسر من القرآن. 7- أداء الصلاة مع الجماعة. 8- الذكر والتسبيح. 9- الدعاء.

4- إجراءات لتصحيح موقف الخطأ: مثلا عن طريق التحكيم والمصالحة أو إزالة الضرر أو غير ذلك من إلزام النفس بفعل الخيرات والعفو وكظم الغيظ وما أمر الله به من الدفع بالحسنة بدل السيئة: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] . وهذه القاعدة الإسلامية العامة -قاعدة مواجهة السلوك الأدنى بالسلوك الأفضل- تعتبر من القواعد الأساسية التي يبني عليها المسلم عمله، وهي تدفع بالحسم إلى مراجعة نفسه وتصرفاته؛ ومن ثَمَّ تغيير ما لديه من أفكار أو مفاهيم خاطئة, ويؤدي به ذلك إلى تغيير السلوك. الخلاصة: عرضنا في هذه العجالة لنموذج إسلامي لمعالجة الغضب، وقد تم بناء هذا النموذج أساسا على النموذج الذي أوضحه الإمام أبو حامد الغزالي والذي استقاه من المصادر الإسلامية؛ كتاب الله وسنة نبيه وأعمال السلف الصالح. وهذا النموذج سواء كان في تحديده لطبيعة الغضب وأسبابه ومستوياته أو في أساليب العلاج, من النماذج الأساسية التي يمكن للمرشد والمعالج المسلم أن يستفيد منها، وقد حاولنا أثناء العرض بيان بعض الجوانب من وجهة نظر علم النفس الحديث ويبقى أن هذا النموذج لا يجسد نظرية نفسية واحدة, بل يمكن أن يتجاوز علم النفس إلى الآثار الفيزيولوجية والبيولوجية, وهو قبل ذلك وبعد ذلك يتفوق على النماذج التي تستند إلى التصور الفلسفي أو إلى التجريب الإمبيريقي والتي يعيبها دائما أن المنطلقات والفرضيات الأساسية لم تأخذ في اعتبارها الجانب الديني "الروحي" في حياة الإنسان, كما أنها أهملت حتى بعض الجوانب المعروفة؛ وذلك للعجز عن دراستها أو لعدم الاقتناع بأهميتها "مثلا الجوانب المعرفية التي لم تدخل إلا منذ وقت قريب, سواء في تفسير أو علاج الغضب". وقد اشتمل نموذج الغزالي على توضيح للدوافع من حيث إنها أساسية وثانوية, ومن حيث إنها عامة وخاصة أيضا, وكذلك تناوله لنقص الغضب وهو أمر بدأ الاهتمام به حديثا في علم

النفس تحت عنوان السلوك التوكيدي Assertion "أو تأكيد الذات". كما اشتمل النموذج على إشارة لأهمية الغضب في تغيير السلوك من خلال عملية التقويم الذاتي, وهو أمر لم يبدأ أيضا إلا منذ سنوات قليلة في علم النفس. وكذلك, فإن استخدامه لأسلوب الذات كنموذج Self as a model في الجانب العلمي للعلاج, واستخدام أسلوب النمذجة الضمنية وأسلوب مراجعة التفكير هذه كلها أساليب يحاول المعالجون النفسيون اللجوء إليها, ولكنها في صور آلية متقطعة لا تجمع بينها وحدة المصدر ولا شمولية الإجراء.

مراجع الفصل العاشر

مراجع الفصل العاشر: أولا: المراجع العربية الشناوي، محمد محروس: نظريات الإرشاد والعلاج النفسي, القاهرة, دار غريب للطباعة والنشر 1994. الشناوي، محمد محروس: التصوير الإسلامي لنماذج السلوك البشري, دراسة نفسية إسلامية, مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, العدد الثامن 1413هـ/ 1993م ص352-410. الشناوي، محمد محروس: نموذج تهذيب الأخلاق عند الغزالي ومقارنته بنموذج العلاج السلوكي الحديث, رسالة الخليج العربي ع22, السنة السابعة 1407-1987. الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد: إحياء علوم الدين "جـ3", بيروت, دار المعرفة 1402هـ/ 1982م. ثانيا: المراجع الأجنبية Ausubel, D.P. "1963" The Psychology of meaningful verbal material. NewYork: Grune & Stratton. Ausubel, D.P. "1966" Early versus delayed review in meaningful learning. Psychology of the Schols. 3,195-198. Ausubel, D.P., Novack, J. D. & Hanesian, H. "1978" Educational Psychology: A Cognitive view "2nd ed" NewYork: Holt, Rinehart & Winston. Bandura, A. "1977", Social Learning theory. Englewood Cliffs: Prentice-Hall. Bandura, A. & Simon, K.M. "1977" The role of proximal intentions in Self regulation of refractory behavior. Cognitive Therapy and Research., 1,177-193. Beck, A.T. "1967" Depression. New York: Hoeber-Harper. Beck, A.T. "1976" Cognitive therapy and emotional disorders. New York: International Universities Press.

Beck, A. T & Emery, G. "1985" Anxiety disorders and Phobias New York: Basic Books. Bolstad, O.Efc> & Johnson, S.M. "1972" Self-regulation in the modification of disruptive classroom behavior. Journal of Applied Behavior Analysis, s, 5,443-454. Brady, J.P. "1972" Systematic desensitization in W. S. Agras "Ed" Behavior modification: Principle and Clinical applications, Boston. Mass. Little-Brown. Cautela, J.R. "1970" Covert reinforcement. Behavior Therapy. 1,33-50. Cautela, J.R "1971" Covert modeling. Paper presented at the fifth annual meeting of the Association for Advancement of Behavior Therapy. Washington. D.C Cautela, J.R., Flannery, R., & Hanley, S. "1974" Covert modeling: An experimental test. Behavior Therapy. 5,494-502. Coates, T.J., & Thoreson, C.E. "1977" How to sleep better. Englewood cliffs, N.J: Prentice-Hall. Cormier, W.H & Cormier, L.S. "1985" Interviewing strategies for helpers. Monterey, CA: Brooks/ Cole. Dewey, J. "1896" The reflex arc Concept in Psychology. Psychological Review. 3, 357-370. Dewey, J. "1960" How we think: A restatement of the relation of reflective thinking to the educative process. Lexington, Mass: Heath. Dixon, D.N. & Glover, J.A. "1984" Counseling: A problem-Solving approach. New York: John Wiley & Sons. Drabman, R.S., Spitalink, R., & O'leary, K.D. "1973" Teaching Self-Control to disruptive children. Journal of Abnormal Psychology. 82,10-16. Ellis, A. "1962" Reason and emotion in Psycholtherapy. New York: Lyle Stuart. Ellis, A "1970" The esence of national psycho-therrpy: A Comprehensive approach to treatment. New York ; Institute for Rational living. Ellis, A. "1975" Growth through reason. North Hollywood, CA: Wilshire Book Company. Ellis, A. "1984" Rational-emotive therapy and Cognitive behavior therpy. New York: Springer. Ellis, A. & Grieger, R. "1977" Handback of rational-emotive therapy. NewYork: Springer. Evans, I.M. "1976" Classical Conditioning. In M.P. Feldman & A. Boadhurst "Eds" The theoretical and experimental bases of behavior therapy. New York: Wiley. Ewart, C. "1978" Self- observation in natural environments: Reactive effects of behav-

ior desirability and goal Setting. Cognitive Therapy and Research., 2, 39-56. Gagne, R.M. "1977" The Conditions of Learning "2nd ed" New York: Holt, Rinehart & Winston. Gellatt, H.B. "1962" Decision-making: A conceptual frame of reference for Counseling. Journal of Counseling Psychology. 9, 240-245. Gellat, H., Varenhorst, B., Carey, R & Miller G. "1973" Decisions and outcomes "A Leader's Guide" New York: College entrance Examination Board. Goldfried, M.R. "1977" The use of relaxation and cognitive relabeling as Coping Skills. In R.B. Stuart "Ed" Behavioral self-management: Strategies, techmiques and outcomes "pp. 82-116" New York: Bruner/Mazel. Haley, J. "1977" Problem-Solving therapy. San Francisco: Jossy-Bass. Hansen, J.C., Stevic, R.R., & Warner, R.W. "1977" Counseling: Theory and Process "2nd ed" Boston: Allyn and Bacon. Hayes, J.R "1978" Cognitive Psychology: Thinking and Creating. Homewood, 111.: Dorsey Press. Hicks, D. "1965" Imitation and retention of film-mediated and agressive Peer and adult models. Journal of Personality and Social Psychology. 2: 97-100. Hicks, D. "1968" Short and Long term retention of effectively varied modeled behavior. Psychonomic Science. 11,369-370. Hersen, M., Eisler, R.M. & Miller, P.M. "1974" An experimental analysis of generalization in assertive training. Behavior Research and Therapy. 12, 295-310. Jacobson, E. "1938" Progressive relaxation. Chicago: University of Chicago Press. Jones, M.C. "1924" The elimination of children's fears. Journal of Experimental Psychology. 1,383-390. Kanfer, F.H. "1970" Self- monitoring: Methodological limitations and clinical applications. Journal of Consulting and Clinical psychology. 35,148-152. Kanfer, F.H. "1980" Self-managemeut Methods. Ln F.H. Kanfer & A.P. Goldstein "Eds" Helping people change "pp 309-355" New York: Pergamon Press. Kazdin, A.E. "1974" Covert modeling, model similarity, and reduction of avoidance behavior. Journal of Abnormal Psychology. 83: 240-525. Kazdin, A.E. "1974a" Effects of Covert modeling and modeling reinforement an assertive behavior Behavior Therapy. 7, 211-222. Kohler, A "1925" The mentality of apes. New York: Harcout, Brace "German edition originally Published 1917".

Krumboltz, J.D. & Thoreson, C.E. "1976" Counseling methods. New York: Holt, Rinehart & Winston. Lang, A.J, & Jacubowski "1976" Responsible assertive behavior: Cognitive/ behavioral procedures for trainers. Champaign, 11: Resernch press. Lovaas, O.T.& Newsom, CD "1976" Behavior modification with psychotic children. In H. Leitenberg "Ed" Handbook of behavior modification and behavior therapy. Englewood Cliffs: Prentice-Hall. Luria, A. "1961" The role of Speech in the regulation of normal and abnormal behavior. New York: Liveright. Mahoney, M.J "1971" The Self-management of covert behavior. A case Study. Behavior Therapy. 2,575-578. Meichenbaum, D.N. "1974" Therapist manual for cognitive-behavior modification. Un- pubilished manuscript. University of Waterloo, Waterloo , Ontario, Canada. Meichenbaum, D.H. "1977" Cognitive-behavior modification New York: Plenum. Meichenbaum, D.H & Goodman, J. "1971" Training impulsive children to talk to themselves. A means of developing Self-control. Journal of Abnormal psychology, 77,115-126. Melamed, B. Co & Siegel, L.J. "1975" Reduction of anxiety in clildren facing hospitalization and surgery by use of filmed modeling. Journal of Consulting and clini-cal. psychology. 43,511-521. Moreno, J.L. "1946" Psychodrama "Vol 1" New York: Beacon House. Moreno, J.L. "1955" The discovery of the spontaneous man with special emphasis upon the technique of role reversal. Group Psychotherapy, 8,103-129. Newell, A & Simon, H.A "1972" Human Problem Solving Englewood Cliffs, N.J: Prentice-Hall. Occonor, R.P "1969" Modification of Social withdrawl through sympolic modeling Journal of Applied Behavior Analysis. 2,15-22. Olin, R.J "1976" Thought stopping: Some Cautionary observations. Behavior Therapy. 7,706-707. Pavloy, I.P "1927" Conditioned reflexes: An Investigation of the physiological activity of the cerebral cortex. New York: Oxford University Press. Pietrofesa, J.J & Splete, H.H "1976" Career development: Theory and research, New York: Grune & Straton. Rathus, S.A. "1973" A 30-item schedule for assessing assertive behavior. Behavior Therapy.4,398-406.

Rogers, C.R "1951" Client Centered therapy: Its current Practice, limitations and theory. Boston: Houghton Miffline. Rogers, C.R. & "1961" On becoming a person: A therapist's View of psychotherapy, Boston: Houghton Mifflin. Rimm, D.C. & Masters, J.C."1979" Behavior therapy: Technique and empirical findings "2nd ed" New York: Academic Press. Salter, A. "1948" Conditioned reflex therapy. New York: Farrar, Straus & Giroux. Sagotsky, G., patterson, C.J. & Lepper, M.R "1978" Effects of training in self-monitoring and goal-setting techniques on classroom study behavior and academic performance. Journal of Experimental Child Psychology. 25, 242-253. Sherman, A.R. "1972" Real- life exposure as primary therapeutic factor in the desensit-zation treatnents of fear. Journal of Abnormal Psyhology. 79, 19-28. Skinner, B.F. "1938" Behavior of Orgamisms. New Yoik: Appleton-Century-Crofts. Stewart, M.A "19 61" Psychotherapy by reciprocal inhibition. American journal of Psychiatry. 118, 175-77. Stuart, R.B. "1977" Behavioral, Self-management: Strategies, techniques and outcomes. New York: Bruner/Mazel. Taylor, D.W.A. "1971" A comparison of group desensitization with two Control procedures in the treatment of test anxitey. Behavioral Research and therapy. 9, 281-284. Thoreson, C.E.& Mahoney, M.J "1974" Behavioral self-Control New York: Holt, Rinehart and winston. Thorndike, E. L "1911" Animal intelligence. New York: MacMillan. Thorndike, E.L. "1913" Educational psychology "3vol" New York: Teachers College Press. Urban, H.B. & Ford, D.H "1971" Some historical and conceptual perspectives on psychotherapy and behavior change, in. A.E. Bergin & S.L. Garfield "Eds" Handbook of Psychotherapy and behavior change.: An empirical analysis. New York. Wiley. Watson, J.B. & Rayner, R.C "1920" Conditioned emotional reactions Journal of experimental psychology. 3,1-14. Wertheimer, M. "1945" Productive thinking. New York.: Harper & Row wicklegren, W.A. £1974" How to solve problems. Son francisco: Freeman. Wilson, G.t. & O'leary, K.D. "1980" Principles of behavior therapy. Englewood, Cliffs, N.J: PrerTtice-Hall.

Wisocki, PA & Rooney, E.J. "1974" A comparison of thought stopping and covert sensitization techniques in the treatment of Smoking: A brief report. Psychological Record, 24,191-192. Wolpe, J. "1958" Psychotherapy by reciprocal Inhibition. Stanford, CA: Stanford University Press. Wolpe, J. "1969" The practice of behavior therapy. New York: Pergamon Press. Wolpe, J. "1982" The practice of behavior therapy "3rd ed". New York: Pergaman Press. Wolpe, J. & Lazarus, A.A. "1966" Behavior therapy techniques. New York: Pergamon Press.

الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية

الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية معنى التقويم ... الفصل الحادي العاشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية معنى التقويم: يعرف رايكين "1953" Riecken التقويم Evaluation بأنه: "قياس النتائج المرغوبة وغير المرغوبة؛ لإجراء قُصِدَ به إحراز هدف ما يعطيه القائم بالإجراء قيمة. ونعني بالإجراءات المحاولة الواعية لتغيير شيء ما حول فرد آخر أو جماعة "وقد يكون الإجراء مقصودا به المحافظة على شيء, كما هو يحدث في برامج الوقاية من الانحراف أو المرض"، ويقصد بكلمة برنامج مجموعة من العمليات أو الإجراءات التي من شأنها أن تنتج آثارا مرغوبة، ومثل هذه الآثار المرغوبة يمكن أن نسميها أهداف البرنامج، وفي المعتاد أن ينفذ البرنامج من خلال مؤسسة". أما بروفس "1969" Provus, فقد عرف تقويم البرامج في صورة علاقة بين المستهدف من البرنامج والإنجاز الفعلي فيه, فيقول: إن الغرض من تقويم البرامج هو تحديد ما إذا كنا نعدل أو نبقي أو ننهي برنامجا ما، والتقويم هو عملية: أ- الاتفاق على معيار للبرنامج. ب- تحديد ما إذا كان هناك اختلاف بين جانب ما من جوانب البرنامج, وبين المعيار الذي يحكم هذا الجانب من البرنامج. جـ- استخدام المعلومات الخاصة بهذا الاختلاف "الفجوة"؛ لتحديد نقاط الضعف في البرنامج.

ويعرف المؤلف التقويم "1982" بأنه: "عملية تحديد كفاءة وفاعلية برنامج ما بالمقارنة ببرامج أخرى مماثلة, وبالرجوع للأهداف المحددة له، وتتناول هذه العملية المدخلات Inputs, والعمليات Proceses، والنواتج Outcomes" "الشناوي 1982". والتقويم في مجال الإرشاد يمثل خطوة هامة في عملية الإرشاد, حيث يحتاج المرشد أن يحكم على مدى نجاحه سواء في عمله الإرشادي, أو في النتائج التي حققها مع المسترشد مقارنة بما تحدد من أهداف سابقة. ويؤكد كورميير وكورميير "1985" Cormier & Cormier على أن التقويم يعتبر جزءا رئيسيا من عملية الإرشاد, وهو جانب حيوي في هذه العملية, شأنه شأن باقي الجوانب "الخطوات". وتقويم الإرشاد يشجع كلا من المرشد والمسترشد، ويشير إلى مدى تحقيق أهداف الإرشاد. كما يشير إيجان "1975" Egan لذلك أيضا, فيقول: إن النتائج الملموسة هي عَصَب عملية التعزيز في الإرشاد. وإذا أردنا أن نشجع المسترشد على المضي في الإرشاد, فإنه من الواجب أن يلمس النتائج, ومن ثم فإن كلا من المرشد والمسترشد ينبغي أن يكونا قادرينِ على الحكم على ما إذا كان البرنامج قد طبق أم لا، وإلى أي درجة كان هذا التطبيق وما هي نتائجه. "ص225". وعلى الرغم من الشبه بين تقويم البرنامج الإرشادي وما يجري في البحوث التجريبية, فإن التقويم يختلف عن البحث التجريبي، حيث يهدف البحث التجريبي إلى البحث عن العلاقة السببية أو الحقيقية, بينما التقويم في الإرشاد يعتبر بشكل أكبر عملية اختبار مزدوجة, والبيانات التي تجمع في تقويم الإرشاد تستخدم لاتخاذ قرارات حول اختيار إستراتيجيات "طرق" الإرشاد، وكذلك حول الدرجة التي تحققت بها الأهداف المحددة للمسترشد. وقد لخص ماهوني Mahoney "1977" استخدام جمع البيانات في اتخاذ القرارات حول عملية ونتائج الإرشاد على النحو التالي: "إن المرشد الفعال يستخدم البيانات ليوجه جهوده نحو الوصول إلى نتيجة، وبصرف النظر عن التحيز النظري أو التفضيل الإجرائي, فإنه يعدل إستراتيجيات الإرشاد لتكون مناسبة مع ما تلقاه من معلومات" "1977 ص241".

أهداف التقويم في الإرشاد

أهداف التقويم في الإرشاد: إن المرشد والمسترشد في تقويم الإرشاد يحاولان أن يراقبا ويقدرا التغير الذي حدث. وهناك هدفان أساسيان لإجراء تقويم الإرشاد: الغرض الأول: هو تقدير نتائج الإرشاد. الغرض الثاني: هو تقويم عملية الإرشاد. وبالنسبة للغرض الأول: تقدير نتائج الإرشاد, فإن التقويم يساعد المرشد والمسترشد على تحديد نوع ووجهة وكمية التغير في السلوك "الظاهري والداخلي" الذي أظهره المسترشد خلال الإرشاد وبعده. يلخص لويد هذا الجانب فيقول "LLoyd d 1983 p 36": "إن مقاييس التغير الفردية تقع في ثلاث مجموعات. ففي المجموعة الأولى، تعد معظم المقاييس ببساطة للتعرف على ما إذا كان المسترشد قد تغير خلال عملية الإرشاد، مثلا: التقديرات "قبل, بعد" للمستوى العام لأداء المسترشد، أو التقديرات المتعددة "قبل, بعد" للأعراض لدى المسترشد. وفي المجموعة الثانية، وهي أقل تكرارا بكثير عن المجموعة الأولى، تعد المقاييس لمعرفة ما إذا كان أحد المسترشدين قد تغير كنتيجة للإرشاد, كما في حالة تصميمات الحالة الواحدة. وفي المجموعة الثالثة، تعد المقاييس للتعرف على ما إذا كان أحد المسترشدين قد تغير بدرجة كافية أثناء الإرشاد, بحيث يحقق تحسنا في أدائه اليومي. وبالنسبة للغرض الثاني وهو الخاص بتقويم العملية الإرشادية نفسها، فإنه على وجه التحديد يمكن استخدام البيانات التي تجمع أثناء الإرشاد لمعرفة ما إذا كانت إستراتيجية ما تساعد المسترشد بالطريقة المحددة، وما إذا كان المسترشد يستخدم الإستراتيجية بدقة وانتظام.

ويلخص هوسفورد ودي فيسر "1974" Hosford & de Visser عملية التقويم في هذه الحالة, فيقول: إن ملاحظات المرشد لسلوك المسترشد قرب إقفال الحالة, تساعد على أن يقارن بسهولة مع بيانات خط الأساس إذا كان المرشد يسجل نفس السلوك المستهدف بنفس الطريقة, ولنفس المدة من الزمن كما كان يحدث في الملاحظات الأولى. ومن شأن ذلك أن يزود المرشد بمقياس موضوعي عن نجاح إجراءاته التعليمية. وإذا كانت البيانات تشير إلى أن هناك تغيرا ضئيلا قد حدث في السلوك أو لم يحدث تغير, فإن الإستراتيجيات التعليمية "السلوكية" يجب أن يعاد تقويمها, وربما يتم تغييرها" "P 81". وعلى الرغم من أن تقويم الإرشاد يمكن أن يعطي معلومات قيمة عن عملية الإرشاد ونتائجه, فإنه ليس معادلا في الدقة مثل التقويم الذي يجري تحت ظروف تجريبية محكمة الضبط. وبمعنى آخر: فإن تقويم الإرشاد لا يؤكد لنا أن التغير قد حدث فقط نتيجة لاستخدام إستراتيجية معينة وإنما قد تتأثر نتائج الإرشاد بعوامل أخرى, وربما يكون من الصعب استبعاد هذه العوامل مثل: تأثير المرشد والعلاقة الإرشادية، وخصائص المسترشد، حيث إن إدراك الفرد لدوره يؤثر على سلوكه خلال الإرشاد، والتعليمات التي يتلقاها المسترشد وكذلك اعتقاده في النجاح، والتأثر بالقياس نفسه حيث قد تساعد عملية القياس على حدوث تغير في السلوك. إجراء تقويم نتائج الإرشاد outcome Evaluation: يجب أن تكون مشكلات المسترشد معرفة بدقة، وأن تكون سلوكيات الهدف محددة قبل أن يقوم المرشد بإجراء تقويم للنتائج. وفي بعض الأحيان يحدث أن تكون مشكلة المسترشد قد أعيد تحديدها، وتكون الأهداف قد تغيرت. وفي مثل هذه الحالات فإن طريقة التقدير وسلوك الهدف وأبعاد الاستجابة قد تكون بحاجة إلى تغيير لتعكس المشكلة التي أعيد تحديدها. فإذا لم تبدل طريقة تقدير النتائج عند إعادة تحديد المشكلة, فإن ثبات وصدق طرق التقدير "القياس" قد تصبح محدودة. ويعني الثبات الاتساق أو القابلية للتعميم للسلوك المستهدف، وعلى سبيل المثال فإن المرشدين يريدون معرفة ما إذا

كانت إحدى طرق التقدير "القياس" ستعطينا استجابات متسقة من جانب المسترشدين إذا لم يحدث تدخل وإذا بقيت البيئة الطبيعية مستقرة. كذلك فإنهم -أي: المرشدين- يريدون أن يعرفوا على سبيل المثال ما إذا كانت البيانات المسجلة من جانب المسترشد في البيئة الطبيعية, يمكن مقارنتها "أي: متسقة" مع البيانات المشاهدة المسجلة في نفس الوقت, بواسطة شخص آخر "عن طريق الملاحظة". أما السؤال الرئيسي الذي نطرحه في الصدق Validity الخاص بطرق التقدير, فهو عن مدى الجودة التي تؤدي بها طريقة ما العمل الذي تستخدم من أجله. وفي المعتاد, فإننا نبحث عن أربعة أنواع من الصدق، وهي: صدق المحتوى، والصدق التلازمي، والصدق التنبئي "التوقعي"، وصدق التكوين الفرضي. "انظر الفصل السادس الخاص بالقياس النفسي في مجال الإرشاد". ويجيب صدق المحتوى Content على سؤال حول ما إذا كانت طريقة التقدير المستخدمة تصف سلوك المسترشد في الوقت الراهن, أو تقدر الاستجابة موضع اهتمام المرشد والمسترشد بشكل مناسب. أما الصدق التلازمي Concurrent فهو يشير إلى ما إذا كانت استجابات المسترشد على مقاييس التقدير في مكتب الإرشاد, أو في العيادة هي نفسها كتلك الاستجابات التي تسجل في البيئة الطبيعية. ويجيب الصدق التنبئي "التوقعي" على سؤال حول ما إذا كانت طريقة التقدير الراهنة تتوقع سلوك المسترشد في المستقبل. كما يشير صدق التكوين الفرضي إلى حالة المسترشد على متغير غير مشاهد أو تكوين فرضي Construct مثل الذكاء أو الخجل أو الانطواء. ويمكن أن تزيد طرق السمات المتعددة Multitrait "أي: مجموعتان أو أكثر من السلوك" أو طرق التقدير المتعددة من ثبات وصدق تقويم نتائج العمل مع المسترشد. ويوضح شكل "24" المكونات الرئيسية لطريقة مقترحة لمراجعة وتقويم نتائج الإرشاد. وتشتمل هذه المكونات على خمسة أبعاد استجابة للسلوكيات المستهدفة، وسبع طرق للقياس، وأربع فترات زمنية لقياس أبعاد الاستجابة. ويكون المرشد مسئولا عن

ترتيب إجراءات التقويم وشرحها للمسترشد الذي يكون مشاركا نَشِطا في عملية جمع البيانات.

أجراءات التقويم

إجراءات التقويم: أولا: ماذا نقيس أبعاد الاستجابة: يهتم المرشد والمسترشد بتقدير الدرجة التي تحقق بها الهدف الذي ننشده من الإرشاد، بمعنى آخر: إلى أي درجة تحقق السلوك المستهدف. وقد يقوم المرشد والمسترشد بتقدير هدف واحد أو عدة أهداف، أي: سلوك مستهدف واحد، أو عدة سلوكيات مستهدفة "راجع الفصل الخاص بالأهداف". ويتوقف ذلك على عدد التغيرات التي اتفقا عليها خلال عملية تحديد الأهداف. ومن المفيد أن يكون هناك قياسات متكررة للسلوكيات المستهدفة لكل مسترشد, حيث ينبغي أن نقيس نفس السلوكيات المستهدفة بشكل متكرر قبل وأثناء وبعد المعالجة. كما يحسن أن تكون القياسات تحت ظروف مشابهة، فإذا كان الشخص يعاني من صداع في أوقات معينة من اليوم, فيحسن أن نقدّر مدى وجود الصداع في تلك الفترات نفسها. ويشتمل قياس وجهة ومستوى التغير في السلوك على خمسة أبعاد, هي: التكرار، والمدة، والكمون "الاستتار"، والشدة، والحدوث. وقد نستخدم واحدا أو أكثر من هذه الأبعاد, فهذا يتوقف على طبيعة الهدف, وطريقة التقدير، وجدوى الحصول على البيانات. 1- التكرار "تكرار الاستجابة" Frequency: يقصد بالتكرار عدد مرات حدوث الاستجابة، الظاهرة أو الباطنة، ويتحدد ذلك بالحصول على قياسات لكل مرة يحدث فيها السلوك المستهدف. وتستخدم طريقة عدّ التكرار عندما يكون السلوك متقطعا وفترته قصيرة. ومن أمثلة هذه السلوكيات أو الاستجابات نوبات الصداع ونوبات الهلع Panic ... إلخ. وفي بعض الأحيان, قد نحتاج إلى معرفة التكرار في صورة نسب مئوية، فلا يفيد عدد مرات حدوث السلوك بدون معرفة نسبة المرات التي يمكن أن يحدث فيها السلوك. ونحتاج لذلك عندما تكون لدى المسترشد فرص معينة للقيام بسلوك معين، ويقوم بهذا السلوك عددا من المرات. مثلا عدد المرات التي طلب فيها آخرون منه إقراضهم مبالغ مالية, وعدد المرات التي أمكنه أن يعتذر فيها عن ذلك "كدلالة على نجاح التدريب على التأكيد Assertion"، وعدد مرات إجابته على أسئلة المدرس بالنسبة لعدد المرات التي أُتيحت له لذلك. 2- المدة Duration: تعكس المدة مقدار الوقت الذي تستغرقه استجابة أو مجموعة استجابات في حدوثها. ونهتم بالمدة عندما يكون السلوك غير متقطع ويستمر لفترات متفاوتة، مثلا مدة الانشغال بشيء، مدة الاشتراك مع آخر في واجب أو مهمة معينة، المدة التي تستغرقها الأفكار الاكتئابية لدى الفرد، الفترة التي تستغرقها المشاعر الخاصة بالقلق.

2- الكمون "الاستتار" Latency: يهتم هذا الجانب بقياس المدة التي يغيب فيها السلوك أو الاستجابة قبل أن يعود للظهور، وبمعنى آخر مقدار الوقت الذي يمضي قبل ظهور الاستجابة أو السلوك الذي نهتم بقياسه. فمثلا مقدار الوقت "بالدقيقة" الذي يمضي بين الذهاب للنوم والدخول فعلا في النوم. ويمكن أن نستخدم قياس المدة التي يستغرقها السلوك السابق الإشارة إليه, والمدة التي يغيب فيها السلوك معا. وفي المعتاد أن يقاس عدد مرات حدوث السلوك "التكرار" والمدة التي يستغرقها السلوك عند حدوثه، والمدة التي يكمن فيها هذا السلوك بواسطة المسترشد من خلال التسجيل في أوقات معينة مثلا بواقع أربع مرات يوميا، على أن تختلف أوقات التسجيل من يوم لآخر حتى نتفادى التحيز والخطأ. وفي بعض الأحيان نلجأ إلى تقسيم اليوم إلى فترات معينة ويقوم المسترشد بإثبات ما إذا كان السلوك قد حدث أم لا، فإذا حدث السلوك يضع كلمة نعم أو يؤشر بعلامة وبالطبع, فإن هذه الأساليب تعتبر نوعا من المعاينة Sampling أي: التعامل مع عينة من الزمن، وهي تقل في كفاءتها عن التسجيل المستمر للسلوك عند حدوثه. 4- شدة السلوك Intensity: يمكن تقدير شدة السلوك أو درجته باستخدام مقياس للتقدير "للتدريج" Rating scales. فمثلا يمكن تقدير شدة مشاعر القلق على مقياس من خمس نقاط يبدأ من الدرجة "لا يوجد قلق" إلى الدرجة 5 "هلع". يقترح كرونباخ "1984" Caronbach ثلاثة أساليب لتقليل مصادر الخطأ التي تعاني منها مقاييس التدريج: الأول: يجب على المرشد أو المعالج أن يتأكد من أن ما سيجري تقديره أو تدريجه "وضع درجات له" معرف جيدا ومحدد في لغة يعرفها المسترشد. فمثلا إذا كان المسترشد سيقوم بتقدير الأفكار الاكتئابية لديه, فيجب أن يحدد المرشد مع المسترشد وباستخدام أمثلة ماذا تكون الأفكار الاكتئابية, مثلا: "لا يوجد شيء صحيح في حياتي", أو "أنا لا أستطيع أن أعمل شيئا صحيحا" وهذه

التحديدات والتعريفات يجب أن تعد لكل مسترشد على حدة, على أساس من تحليل سلوك المشكلة وظروفه الخاصة. والأسلوب الثاني: يجب أن تعد مقاييس التدريج بحيث تشتمل على وصف لكل نقطة على المقياس. مثلا لا يوجد قلق أو قليل من القلق "1"، بعض القلق "2"، قلق متوسط "3"، قلق قوي "4"، قلق شديد التركيز "بالغ الشدة" 5 نقاط. والأسلوب الثالث: يجب أن تكون مقاييس التدريج أحادية الوجهة, تبدأ من صفر أو من 1, وألا تشتمل على نقط بالسالب أي: تقديرات أقل من الصفر. كما يفضل ألا تقل درجات المقياس عن 4 وألا تزيد على 7. والمقياس الذي تقل درجاته عن 4 يقلل من فرص التمييز أمام المفحوص، بينما المقياس الذي يحتوي على أكثر من 7 نقاط "للتدريج", فإنه ينتج عنه تقديرات غير ثابتة, حيث تكون هناك عدة مستويات للتمييز. الحدوث Occurence: يشير اصطلاح الحدوث إلى وجود أو غياب السلوكيات المستهدفة, ويمكن لتقدير الحدوث أن نستخدم قوائم السلوك Checklists. وهذه القوائم تشبه قوائم التدريج والفرق الأساسي هو في نوع الحكم الذي يجريه الفرد. ففي مقاييس التدريج، يمكن للمسترشد أن يحدد درجة السلوك الحادث، أما في قوائم السلوك فإن المسترشد يحدد ما إذا كان السلوك موجودا أو غائبا. وبذلك فإن قوائم السلوك تسرد مجموعة من السلوكيات التي قد يقوم بها المسترشد. وعلى سبيل المثال، فإن المرشد قد يستخدم أسلوب النمذجة "استخدام النماذج" Modeling لتدريب المسترشدين على مهارات المقابلات الخاصة بالتوظف. ويمكن للمرشد أن يضع السلوكيات اللفظية وغير اللفظية المرتبطة بذلك في قائمة, فإذا قام المسترشد بأداء سلوك معين في موقف طبيعي أو مقلد، فإنه توضع له علامة رمز يسحب اسكنر على هذا السلوك على القائمة. ويمكن أن تستخدم قوائم السلوك مع مرات التكرار والمدة, وكذلك مع مقاييس التدريج.

ثانيا: كيف نقيس؟ أساليب القياس

ثانيا: كيف نقيس أساليب القياس؟ توجد سبع طرق على الأقل يمكن للمرشد أو المعالج النفسي أن يستخدمها بالاشتراك مع المسترشد لقياس مقدار التقدم, أو النجاح الذي تم إحرازه نحو الهدف المنشود. وهذه الطرق هي: المقابلات، والمراقبة الذاتية، والتقديرات الذاتية، ومقاييس التقرير الذاتي، وأداء الأدوار، والتخيل، والمقاييس الفيزيولوجية. 1- المقابلات Interviews: قلنا من قبل: إن المقابلة تمثل البيئة الأساسية لعمل المرشد بما في ذلك حصوله على البيانات اللازمة للعمل الإرشادي مع المسترشد، وفي تحديد المشكلة وإعداد الأهداف. ويمكن أيضا أن نستخدم المقابلة في عملية تقويم نتائج الإرشاد. ويتم التقويم باستخدام المقابلة بتحديد مجموعة من الأسئلة أو الاستهلالات التي سبق أن استخدمها عند تحديد المشكلة, وعند تحديد الهدف في التعرف على مدى نجاح عملية الإرشاد في تحقيق ما حدده المرشد, والمسترشد من أهداف نهائية. ويتبع بعض المعالجين أسلوب التسجيل الصوتي لبعض الجلسات، حيث يمكن عن طريق مراجعة التسجيلات المقارنة بين الأفكار والمشاعر التي أظهرها المسترشد خلال فترات مختلفة، وبذلك يحكم على مدى ما حققه من تقدم نحو الهدف. مميزات المقابلة: 1- تعتبر المقابلة أسهل طريقة للحصول على البيانات, وأكثرها ملاءمة. 2- المقابلة منخفضة التكاليف نسبيا, فهي تحتاج إلى وقت إضافي قليل, وكذلك إلى جهد بسيط من المرشد والمسترشد. 3- أسلوب سهل للتعرف على إدراكات المسترشد عن عملية الإرشاد نفسها. 4- تتسم المقابلة بالمرونة, ويمكن من خلالها الحصول على معلومات أوسع عما تعطيه المقاييس. 5- تيسر المقابلة الحصول على معلومات دقيقة وكاملة من الأشخاص الأميين أو ذوي التعليم البسيط.

عيوب المقابلة: 1- تعتبر أقل طرق جمع البيانات انتظاما وتقنينا، وبذلك فإن المعلومات التي نحصل عليها لا تكون عالية الدقة أو التحديد. 2- انخفاض ثبات المعلومات التي يدلي بها الفرد في المقابلة؛ لأنها تعتمد على الذاكرة. 3- إذا كانت المقابلة هي الطريقة الوحيدة المستخدمة, فإن معنى ذلك أن يعتمد المرشد تماما على ما يقرره المسترشد بنفسه, وقد يكون فيما يقرره المسترشد مجاملة للمرشد. 4- تشتمل المقابلة على عدة مصادر للخطأ والتحيز, وخاصة في المقابلات غير المبنية Unstructured. إرشادات لاستخدام المقابلة في التقويم: 1- يجب أن يحدد المرشد مسبقا بعض العبارات ذات النهايات المفتوحة ليستدعي أوصاف المسترشد للتقدم أو التحسن الذي حدث. ويشتمل ذلك على إشارات المسترشد عن درجة المشكلة في الوقت الحاضر، وكذلك شدتها، وكيف تبدو الأمور مختلفة عنها عند بداية الإرشاد. 2- أن نستخدم هذه العبارات الاستهلالية عند عدة نقاط في المقابلة، ويجب على المرشد أن يستخدم نفس الاستهلالات عند هذه النقاط "أي: في كل مرة". 3- عندما يكون ممكنا، يجب على المرشد أن يضاهي بين ما يقرره المسترشد, وبين ما دونه أو سجله المرشد في مقابلات مختلفة. 2- المراقبة الذاتية Self Monitoring: المراقبة الذاتية هي عملية ملاحظة وتسجيل جوانب من السلوك الشخصي. ويمكن استخدام أسلوب المراقبة الذاتية في عملية الإرشاد بثلاث طرق: لتحديد مشكلات المسترشد، ولزيادة سلوكيات مرغوبة "أو تقليل سلوكيات غير مرغوبة"، وكذلك

لقياس نتائج الإرشاد. وفي الطريقة الأولى, فإن المراقبة الذاتية تعتبر أسلوبا من أساليب الحصول على المعلومات لتصوير المشكلة. وفي الطريقة الثانية, فإن المراقبة الذاتية تدخل كعملية في أساليب ضبط النفس "انظر أساليب ضبط النفس في الفصل الخاص بطرق الإرشاد". والاستخدام الذي يهمنا هنا هو المراقبة الذاتية كوسيلة لجمع بيانات حول كمية سلوكيات الهدف "التكرار، والكمون، والمدة، والشدة". وتشتمل المراقبة على تسجيل حدوث السلوكيات بالورقة والقلم، أو باستخدام العدادات والأجهزة الإلكترونية. المميزات: 1- لها صدق تلازمي عالٍ. 2- قد تزيد في صدقها التنبئي "التوقعي" عن غيرها من الطرق, ما عدا الملاحظة المباشرة. 3- تتيح المراقبة الذاتية عينة شاملة وممثلة للسلوكيات الراهنة في بيئة المسترشد. 4- تتسم بالموضوعية نسبيا. العيوب: 1- يصعب استخدامها مع بعض الحالات؛ نظرا لشدة أعراض المشكلة, أو لاستخدامهم لأدوية. 2- يختلف الأفراد في دقة مراقبتهم لأنفسهم. 3- بعض المسترشدين لا يقبلون مراقبة أنفسهم. 4- بعض المسترشدين يقاومون جمع بيانات رقمية, وبشكل مستمر. 5- قد تؤدي مراقبة السلوك إلى رد فعل Reactivity يؤثر على السلوك، بمعنى أن مراقبة الفرد لسلوكه الشخصي قد تؤدي به إلى إنقاص السلوك، وهذا في حد ذاته يؤثر على قياس نتائج العمل الإرشادي, "وإن كان مرغوبا كأسلوب إرشادي في حد ذاته".

6- يرى البعض أن مراقبة الذات كأسلوب لتقويم الإرشاد, تعطي نتائج غير ثابتة. إرشادات لاستخدام أسلوب المراقبة الذاتية: 1- يجب تحديد السلوكيات التي يلاحظها الفرد, ويسجلها بوضوح. 2- أن يلتزم المسترشد بعملية المراقبة الذاتية "شفهيا أو كتابة". 3- أن يتم تسجيل السلوك "الاستجابة" بعد حدوثه مباشرة, ولا يؤجل ذلك. 4- يجب أن ينبه المرشد المسترشد إلى التساؤلات التي يطرحها في المراقبة الذاتية, مثل: ماذا، أين، متى، كيف، والمدة. 5- تدريب المسترشدين على عملية المراقبة الذاتية "الملاحظة الذاتية", يساعد على دقة التسجيل ويزيد من ثبات البيانات. 6- يجب ألا تكون المراقبة الذاتية مما يشكل عبئا على المسترشد. 3- التقديرات الذاتية Self Ratings: تستخدم التقديرات الذاتية لتقدير قوة أو شدة الحال الذاتية للمسترشد. وقد تستخدم هذه المقاييس عددا من التدريجات "مثلا من 1-5 أو من صفر إلى مائة". وقد استخدم المؤلف التدريج من 1-4 لقياس الخجل والتدريج من صفر-100 لتقدير شدة الأحداث المجهدة، كما استخدم تدريجا من صفر-9 لتقدير مشكلات الطلاب. مميزات التقديرات الذاتية: 1- يمكن عن طريقها جمع بيانات عن المزاج، المشاعر، التوتر أو السلوك الشخصي للمسترشد. 2- يمكن تفريدها للمشكلة الخاصة بالمسترشد. 3- سهلة التطبيق والتفسير، وتساعد المرشد والمسترشد على التركيز على مشغلة "مشكلة" معينة للفرد.

عيوب التقديرات الذاتية: 1- انتقائية الاستجابات تتأثر بالسلوك المتوقع، وكذلك بملاءمته اجتماعيا. 2- التقديرات الذاتية غير مقنّنة, ومعاييرها وثباتها وصدقها غير محددة. إرشادات الاستخدام: 1- من الضروري أن يحدد المرشد والمسترشد في لغة مفهومة للمسترشد ما هو الذي نقوم بتقديره "إعطائه درجات"، ويجب أن تكون تقديرات المشاعر والأفكار والتوتر أو السلوك مبنية على السلوك المستهدف لكل مسترشد على حدة. 2- يجب أن تكون كل نقطة على المقياس موصوفة, بحيث لا يكون هناك غموض حولها. 3- استخدام مقاييس التقدير الذاتي الفردية بانتظام عند كل نقطة في عملية التقويم. حدد أين ومتى يستخدم المسترشد التقديرات الذاتية؟ 4- مقاييس التقرير الذاتي Self Report Inventories: يمكن استخدام هذه المقاييس في قياس السلوك الظاهر، وكذلك في قياس السلوك غير الظاهر، وهي تعتمد على اختيار الفرد للاستجابات التي تنطبق عليه وتحديد درجة حدوثها. ومن أمثلة هذه المقاييس التي تقيس سلوكا خاصا مقياس بيك للاكتئاب "الشناوي وخضر" ومقياس الشعور بالوحدة "الشناوي وخضر" ومقياس الغضب "الشناوي والدماطي" ومقياس الخجل "الشناوي"، ومقياس العلاقات الاجتماعية المتبادلة "خضر والشناوي" ومقياس تيلور للقلق "الشناوي" ومقياس الاتجاه نحو الاختبارات "قلق الاختبارات" "الهواري والشناوي" ومقياس وصف الذات "خطاب والشناوي" ومقياس كوبرسميث للتقدير الذاتي "الدماطي والشناوي" ومقياس راثوس للسلوك التوكيدي "بداري والشناوي" ومقياس مركز الضبط للتحصيل والاندماج "بداري والشناوي" ومقياس التوافق للجامعة "الشناوي وبداري" ومقياس التوجه نحو المساعدة "عبد الرحمن والشناوي" ومقياس التفضيل المهني "الشناوي". ومنها

ما يقيس أكثر من متغير مثل مقياس مينسوتا للشخصية "إسماعيل ومليكة" وقائمة أيزينيك للشخصية "خضر والشناوي" وقائمة الحالة الوجدانية "محمود والشناوي" وقائمة أنشطة وقت الفراغ "محمود والشناوي" "انظر قائمة الاختبارات في الفصل السادس الخاص باستخدام الاختبارات النفسية" وغيرها. مميزات مقاييس "اختبارات" التقرير الذاتي: 1- جمع بيانات عن السلوك الظاهر, وغير الظاهر للمسترشد. 2- الحصول على معلومات حول التقويم الذاتي للمسترشد لهذه السلوكيات. 3- سهلة التطبيق تحتاج لوقت قصير, وتساعد المرشد والمسترشد على التعرف على الجوانب الهامة في التشخيص. 4- يكون لها معايير وثبات وصدق, كما تكون سهلة في تفسيرها. العيوب: 1- قد لا تقيس المشكلة الخاصة بالمسترشد. 2- صياغة المقاييس "العبارات" قد تكون عرضة لأكثر من تأويل. 3- قد تعطي بيانات متحيزة بسبب تأثير الممارسة والاستجابة والتوقع والتزييف. 4- الخصائص السيكومترية للمقاييس مثل المعايير, والصدق، والثبات، قد لا تكون معدة لكل مجموعات المسترشدين, أو لكل المشكلات. 5- قد تؤثر صياغة الاختبار على إمكانية فهمه لمحدودي التعليم. إرشادات لاستخدام مقاييس التقرير الذاتي: 1- تخير الأدوات التي استخدمت وثبت صدقها مع أكثر من مجموعة سكانية, إذ الملاحظ أن كثيرا من المقاييس يجري تقنينها على الطلاب فقط. 2- تخير المقاييس التي تكون صياغة الفقرات أو الأسئلة فيها موضوعية, وترتبط بشكل محدد بمشكلات المسترشد.

3- تخير المقاييس التي تكون اختيارات الاستجابة فيها مقاسة كميا وغير مبهمة. ويجب تحديد الكلمات المستخدمة مثل: دائما، نادرا، لا إطلاقا، أو الدرجات على مدرج من 1 إلى 7 مثلا. 5- أداء الدور Role Play: أداء الدور يمكن أن يكون أداة هامة في تقدير سلوك المسترشد. ويشتمل هذا الأسلوب على أن يقوم المرشد بإعداد حوار "سيناريو" لتلقين حدوث السلوك، وليقوم أداء المسترشد للسلوكيات المستهدفة. ويمكن تسجيل أداء الدور صوتيا أو عن طريق الصوت والصورة "فيديو" أثناء مواقف المقابلات، ويمكن أن يتم ذلك في مكتب المرشد أو في البيئة الطبيعية للمسترشد. مثلا الخوف من الفحوص الطبية، الخوف من المصاعد، الخوف من الظلام ... إلخ، كما يمكن توكيد مواقف أداء الدور لتقدير سلوكيات العلاقات الشخصية, كما يحدث مثلا عند دراسة السلوك التوكيدي وعند التدريب عليه. ويمكن أن نستخدم التقديرات الذاتية وقوائم المراجعة لتقدير سلوك المسترشد أثناء أداء الدور. وقد تكون التقويمات بأداء الدور للسلوك المستهدف مفيدة بصفة خاصة, إذا استخدمت مع المراقبة الذاتية والتخيل ومقاييس التقدير الذاتي. المميزات: 1- إمكانية الملاحظة المباشرة لسلوكيات المسترشد اللفظية, وغير اللفظية. 2- سهولة إجراء أداء الدور في وجود المرشد سواء في مكتب المرشد, أو في مواقف البيئة الضاغطة. 3- يظهر عددا من سلوكيات المسترشد. العيوب: 1- يجب إعداد المشاهد الخاصة بأداء الدور بعناية؛ ليكون لها صدق خارجي. 2- قد يختلف أداء المسترشد للدور رغم الاهتمام بالإعداد, اختلافا كبيرا عن الأداء في الواقع العملي.

3- قد يكون وجود المرشد عاملا مؤثرا لمعرفة المسترشد أنه مراقب. إرشادات استخدام أداء الدور كأداة لتقويم نتائج الإرشاد: 1- أن تكون هناك مجموعة من الأدوار؛ لتقريب عدد من المواقف في حياة وبيئة المسترشد بقدر الإمكان. 2- يجب أن تعد مشاهد "مناظر" أداء الدور على أساس من التحليل الفردي لمواقف المشكلة التي يواجهها المسترشد الذي تعمل معه. 3- يجب أن يكون هناك نوع من التقنين للتعليمات عن كيفية أداء الدور, وعن الحوار الذي يشتمل عليه أداء الدور من وقت لوقت آخر. 6- التخيل Imagery: يمكن استخدام التخيل لتقدير إدراك المسترشد لمواقف المشكلة، قبل وأثناء وبعد الإرشاد. ويوجه المسترشدون إلى الاسترخاء وإغلاق أعينهم وتخيل موقف المشكلة أو حادث المشكلة مع إرشادات مفصلة، والتركيز على أكبر عدد من الإحساسات المرتبطة مع موقف معين للمشكلة بقدر الإمكان "مثلا الأصوات، والألوان، والملامح البصرية، والحرارة، والروائح" والغرض من التركيز على الإحساس هو زيادة وعي المسترشد لتذكر تفصيلات محددة مرتبطة بالمشكلات. وتوجد ثلاث وسائل يمكن للمرشد أن يستخدم فيها التخيل كمقياس لنتائج الإرشاد, أو كقياس لمدى التقدم الذي تم تحقيقه على طريق السلوكيات المستهدفة. الأسلوب الأول: يمكن للمرشد أن يجري تحليلا للمحتوى لما يصفه المسترشد عن المشكلة بعد أن تخيل موقف المشكلة. ويجري المرشد تحليل المحتوى عن طريق التسجيل الصوتي أو التدوين بالكتابة لما يدلي به المسترشد أثناء التخيل من أوصاف لمواقف المشكلة، وتعطى الدرجات بحيث تعكس التغيرات في الطريقة التي يدلي بها المسترشد بوصف للمشكلة، مثلا الصفات التي يستخدمها للتعبير عن القلق قد تعبر عن نقصان في تكرار مرات القلق.

الأسلوب الثاني: في هذه الطريقة يقوم المسترشد بتقدير درجة لشدة موقف المشكلة الذي يجري تخيله, وقد يعطي تقديرا لكل مشهد يتخيله على مقياس من صفر إلى 4 نقاط, وقد يكون المقياس أوسع تتراوح تقديراته بين صفر ومائة حيث تعبر الدرجة الأعلى عن شدة الموقف. الأسلوب الثالث: في هذا الأسلوب يجري إعداد مدرج hierarchy للمشاهد المتخيلة والتي -تعد بشكل فردي- تتصل بمشكلة المسترشد، ويتراوح تقدير شدة مواقف المشكلة من صفر "لا يوجد أو محايد" إلى 100 "بالغ الشدة". ويساعد المرشد المسترشد على إعداد عدد من المشاهد بين 5-10 حيث يكون من بينها مشهد أو اثنان يتصلات بالمشكلة، ولكن تأثيرهما محايد "صفر", بينما تعكس باقي المشاهد درجات مختلفة من النفور حتى تصل إلى أقصاها شدة "100". ويقوم المسترشد بتخيل كل مشهد في المدرج ويعين له درجة تتراوح من صفر إلى 100، ويعتبر العلاج ناجحا عندما يعين المسترشد درجات أقل للمشاهد المنفرة؛ بمعنى أن تنخفض درجات هذه المشاهد في المرة الخاصة بالقياس عن التي قبلها. المميزات: 1- من السهل تنفيذها في إطار موقف المقابلة. 2- تحتاج لوقت قليل لإكمالها. 3- يمكن إعدادها بشكل فردي للمسترشد. 4- يمكن استخدام تقديرات التخيل أيضا؛ لتعكس درجة التغير في إدراك المشكلة عبر الوقت. العيوب: 1- يجب عدم استخدام أسلوب التخيل مع المسترشدين الذين لا يمكنهم الاسترخاء بسبب شدة المشكلة, أو الذين يتعاطون علاجات تشوِّش تخيلهم.

2- غير محددة في ثباتها وصدقها. 3- قد يكون هناك تأثير للتعليمات على عملية التخيل نفسها. إرشادات حول استخدام التخيل: 1- قدر إمكانية المسترشد في بناء مشاهد "مناظر" في مخيّلته. 2- اجعل المشاهد المتخيلة فردية خاصة لكل مسترشد على حدة, بحيث تعكس الاستجابة الرئيسية. 3- قنّن المشاهد المختارة لكل مسترشد؛ بمعنى أن تستخدم نفس المشاهد عند كل نقطة زمنية تجري فيها القياس. 4- تخير واحدة من الطرق "الأساليب" الثلاث المذكورة ليستخدمها المسترشد، واستخدم الطريقة التي تختارها في كل مرات القياس. 7- القياسات الفيزيولوجية: من بين الطرق المستخدمة لتقويم النتائج أن نقيس الاستجابات الفيزيولوجية النفسية. ويتم هذا بصفة خاصة مع سلوك القلق والخوف "ضربات القلب، معدل النبض، التوصيل الجلدي" وكذلك في الاضطرابات النفسية الفيزيولوجية "ارتفاع ضغط الدم والصداع". وتستخدم عدة أدوات لهذا الغرض مثل أجهزة قياس معدل ضربات القلب، وتخطيط القلب، وقياس ضغط الدم، ونشاط العضلات "تخطيط العضلات" وقياس الحرارة. المميزات: 1- إن القياسات الفيزيولوجية النفسية سهلة في استخدامها في موقف المقابلة, كما أن بعض الأجهزة منخفضة التكاليف, وتحتاج إلى خبرة بسيطة. 2- يمكن استخدام القياسات الفيزيولوجية لتقليل الخطأ في تقدير سلوك المشكلة. العيوب: 1- بعض الأجهزة المستخدمة في القياس الفيزيولوجي غالية الثمن "مثلا أجهزة تخطيط القلب أو تخطيط النشاط العضلي", كما أن بعضها يحتاج إلى مهارة خاصة في استخدامه. 2- قد تؤدي الأجهزة المعقدة إلى بعض الآثار على أداء المسترشد؛ مما يؤدي إلى آثار سلبية, أو إيجابية على القياس. إرشادات في استخدام القياسات الفيزيولوجية: 1- ضرورة الحصول على أكثر الأجهزة دقة. 2- تأكد من أنك مدرب على استخدام الأجهزة التي تختارها، حاول أن تقوم بالمحاولات الأولى تحت إشراف متخصص.

ثالثا: متى نقيس؟ وقت القياس

ثالثا: متى نقيس؟ وقت القياس هناك أوقات عديدة يمكن عندها للمرشد والمسترشد أن يقوما بتسجيل التقدم الذي تحقق في السلوك المستهدف. وبصفة عامة, فإنه من المفضل أن يتم تقدير أداء المسترشد قبل الإرشاد "خط الأساس أو خط البداية" وأثناء الإرشاد أو أثناء استخدام طريقة "إستراتيجية" للإرشاد, وعقب الإرشاد مباشرة, ثم بعد الإرشاد بفترة من الوقت عند المتابعة. وتسهم القياسات المتكررة للتغير الذي حدث في سلوك المسترشد في تزويد المرشد ببيانات أكثر دقة عما لو قصرنا التقدير على مرتين فقط قبل الإرشاد وبعد الإرشاد. وفي الغالب, فإن القياسات المحدودة "قبل, بعد " قد تعكس التذبذبات العشوائية, في حين توفر القياسات المتكررة دليلا على استقرار التغير الذي حدث في سلوك المشكلة الذي جاء به المسترشد. 1- تقدير خط الأساس "قبل الإرشاد" Baseline Assessment: يهتم تقدير خط الأساس أو خط البداية "قاعدة السلوك" بقياس السلوكيات المستهدفة قبل المعالجة "قبل التدخل الإرشادي". وتستخدم هذه القاعدة كأساس لنقارن معه نفس السلوكيات أثناء وبعد المعالجة. وقد تحدد المدة الخاصة بقاعدة السلوك "خط الأساس" بثلاثة أيام أو أسبوع أو أسبوعين, وقد تكون أطول في مدتها عن ذلك.

والمهم أن تكون مدة هذا القياس كافية لتشتمل على بيانات كافية كعينة لسلوك المسترشد. وفي المعتاد أن يكتفي المرشد بثلاث نقاط للبيانات, مثلا ثلاث مقابلات أو ثلاثة أداءات للدور أو ثلاثة تقديرات ذاتية ... إلخ, كذلك ينبغي أن تكون هذه المدة كافية أيضا لتكوين تقديرات للمستوى والاتجاه والاستقرار. ويقصد بالمستوى عدة مرات سلوك معين, مثلا عدد الأفكار الناقدة للذات. أما الاتجاه Trend فيشير إلى ما إذا كان السلوك يزداد أو يقل أو يبقى ساكنا في فترة معينة, ويقصد بالاستقرار تغير أو تذبذب السلوك. إن الانتظام أو الاستقرار في السلوك يمكن أن يصبح متغيرا حقا, بمعنى أنه إذا كان الاختلاف في البيانات يعكس عينة ممثلة من سلوك المسترشد, فإن هذه البيانات يمكن اعتبارها مستقرة. والأشكال الأربعة الأولى التالية "شكل 25 أ، ب، ج، د" تعتبر مستقرة؛ لأن اختلافات السلوك فيها متسقة "منتظمة", أما الشكل الأخير "شكل 25هـ"فإنه يعكس بيانات غير مستقرة "لا تتبع نمطا واحدا".

2- التقدير "القياس" أثناء استخدام إستراتيجيات الإرشاد: Assessment During Counseling Stratgies يرى كرونباخ "1975" Cronbach أن أي متخصص يقوم بعملية تقويم, فإنه ينخرط في مراقبة عملية جارية. وفي مجال الإرشاد, فإن المرشد والمسترشد يراقبان آثار الطريقة الإرشادية المستخدمة على السلوك المستهدف. وتجري المراقبة Monitoring أثناء مرحلة استخدام طريقة للإرشاد عن طريق عملية جمع مستمرة للبيانات المتصلة بأداء المسترشد على هذا السلوك المستهدف. وفي المعتاد أن نجمع نفس أنواع البيانات التي جمعناها في مرحلة خط الأساس "قاعدة السلوك", فإذا كنا جمعنا بيانات عن عدد مرت ومدة الأفكار الناقدة للذات خلال مرحلة إعداد قاعدة السلوك, فإن هذه البيانات نفسها هي التي نبحث عنها ونجمعها, أثناء مرحلة الإرشاد. كذلك فإن أساليب جمع البيانات "مقابلة, أداء دور, تخيل ... إلخ" يجب أن تستمر في هذه المرحلة على النحو الذي استخدمت به في مرحلة تكوين القاعدة، ولا تغير الأساليب التي استخدمت في البداية, ويمكن أن تفيد البيانات التي نجمعها في هذه المرحلة لإجراء تعديلات في الأهداف المحددة للإرشاد, أو في خطة الإرشاد نفسها. مثال: إذا أخذنا الشخص الذي أرشدناه إلى مراقبة المرات التي تراوده فيها أفكار ناقدة للذات خلال مرحلة تكوين خط الأساس "القاعدة", فقبل استخدام أية طريقة إرشادية فإن المرشد والمسترشد قد يمضيان بضع جلسات في تقويم المشكلة وتحديد الأهداف المرغوبة. وخلال جوانب من هذا الوقت, فإن المسترشد قد يكون راقب نفسه حول مرات حدوث التفكير الناقد للذات، وتكون هناك بيانات قد جمعت عن طريق المقابلات، وأداء الأدوار, ومقاييس التقرير الذاتي. وبعد تحديد المشكلة وسلوكيات الهدف وجمع بيانات الأساس "القاعدة", فإن المرشد والمسترشد ينبغي أن يختارا ويطبقا طريقة للإرشاد أو أكثر من طريقة لمساعدة المسترشد على تحقيق السلوك المستهدف. فمثلا بالنسبة لهذا الشخص الذي يريد أن يخفض من الأفكار الناقدة للذات, فإن المرشد والمسترشد قد يقرران استخدام طريقة وقف الأفكار Thought Stopping "انظر الفصل

العاشر". ولنفرض أن المرشد قام في الجلسة العلاجية الأولى "أول جلسة في استخدام طريقة الإرشاد المختارة" بتدريب المسترشد ومساعدته على تعلم كيف يوقف هذه الأفكار، فبعد هذه الجلسة سيقوم المسترشد بمراقبة تطبيق هذه الجزئية من وقف الأفكار عن طريق الملاحظة والتسجيل المستمرين لمرات حدوث الأفكار الناقدة للذات. وإذا كانت التقديرات بأداء الأدوار ومقاييس التقرير الذاتي هي التي استخدمت في مرحلة تكوين خط الأساس "قاعدة السلوك", فإن هذه الأساليب نفسها ينبغي أن تستخدم عند نقطة زمنية, أو عدة نقاط زمنية أثناء تطبيق أسلوب وقف الأفكار. 3- التقدير "القياس" بعد استخدام طريقة الإرشاد Assessment after Counseling: يقوم المرشد والمسترشد في نهاية استخدام طريقة الإرشاد, أو في نهاية الإرشاد نفسه بإجراء تقدير ما بعد المعالجة Posttreatment لمعرفة كيف وإلى أي مدى نجح الإرشاد في مساعدة المسترشد على تحقيق النتائج المرغوبة. وبصفة خاصة, فإن البيانات التي تجمع بعد استخدام إستراتيجيات الإرشاد عن السلوك المستهدف نقارنها مع البيانات التي جمعت عند خط البداية "خط القاعدة" أي: قبل الإرشاد، وكذلك البيانات التي جمعت أثناء الإرشاد. وفي المعتاد, فإن التقدير الذي يتم بعد استخدام إستراتيجية للإرشاد, يجري عند الانتهاء من تطبيق الطريقة أو عند نهاية الإرشاد. فقد يكون البرنامج الذي أعده المرشد يشتمل على استخدام أكثر من طريقة، فإذا كان لدينا على سبيل المثال مسترشد لديه حالة اكتئاب واستخدم المرشد طريقة إعادة البنية المعرفية, فإنه يجمع بيانات عن الأفكار الاكتئابية لدى المسترشد بعد استخدام هذه الطريقة التي تنفذ عن طريق التدريب على وقف الأفكار "thought stopping" وقد يتزامن ذلك أو لا يتزامن مع نهاية الإرشاد. فإذا كان المرشد ينوي استخدام طريقة إرشادية أخرى مع هذا المسترشد فإنه يجب جمع البيانات "إجراء القياس" عند انتهاء تطبيق الطريقة الأولى "إعادة البنية المعرفية: وقف الأفكار" وقبل أن يبدأ في تطبيق طريقة أخرى، ثم يجري تقديرا "قياسا" عند

نهاية الطريقة الثانية، وهكذا "قد تكون الطريقة الثانية هي ضبط المثير على سبيل المثال". تقدير التتبع Follow up Assessment: يجري هذا النوع من التقويم بعد إنهاء العلاقة الإرشادية, ويمكن للمرشد أن يقوم بنوعين من التقويم عن طريق التتبع: تتبع قصير الأمد, وتتبع طويل الأمد. ويتم التتبع قصير الأمد بعد فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر بعد الإرشاد. أما التتبع طويل المدى, فيتم بعد فترة من ستة أشهر إلى عام "أو أكثر" بعد إنهاء الإرشاد. وينبغي على المرشد بشكل عام أن يتيح فرصة كافية من الوقت بين انتهاء العلاقة الإرشادية, وإجراء دراسة التتبع حتى يمكن أن يحكم على مدى احتفاظ المسترشد بالتغيرات المرغوبة، التي حققها في الإرشاد، خارج العلاقة الإرشادية، أي: بدون مساعدة من المرشد. ويرى كورمبير وكورمير "1985" أن هناك عددا من الأسباب يدعونا لإجراء التقديرات التتبعية. فأولا: يدل القيام بدراسة تتبعية للمسترشد على استمرار اهتمام المرشد بمصالحه. وثانيا: فإن الدراسة التتبعية توفر معلومات يمكن استخدامها لمقارنة أداء المسترشد في السلوك المستهدف قبل وبعد الإرشاد. وثالثا: يمكن عن طريق الدراسة أو التقدير التتبعي أن تحدد الدرجة التي يمكن بها للمسترشد أن يؤدي السلوك المستهدف في بيئته بغير الاعتماد على مساندة أو مساعدة الإرشاد. وبمعنى آخر نتعرف من خلال التتبع على مدى قيام المسترشد بتعميم ما تعلمه في بيئة الإرشاد إلى البيئة الواقعية. ويعكس ذلك واحدا من أهم أسئلة التقويم التي يمكن طرحها: هل ساعد الإرشاد المسترشد على الاحتفاظ بالسلوكيات المرغوبة ومنع حدوث السلوكيات غير المرغوبة بطريقة موجهة ذاتيا "أي: بالاعتماد على إمكانياته"؟

ويهتم كثير من الممارسين في مجال الإرشاد بمعرفة الآثار بعيدة المدى للإرشاد. ورغم أن التتبع بعد فترة قصيرة قد يعكس تحقيق مكاسب هامة, فإنه قد يحدث أن يعود المسترشد بعد فترة من 6 أو 9 أو 12 شهرا إلى الوضع الذي بدأ منه. وكما يؤكد باندورا "1976" Bandura, فإن قيمة الطريقة الإرشادية يجب أن يحكم عليها ليس فقط في ضوء التخلص المبدئي من سلوك المشكلة, وإنما أيضا في صورة استهداف المسترشد للدفاعية أو إعادة التعلم غير التوافقي بعد انتهاء الإرشاد. ويمكن للمرشد أن يجري التتبع القريب أو البعيد المدى بعدة صور, ويتوقف نوع التتبع الذي يقوم به المرشد على مدى وجود المسترشد للمشاركة فيه, والوقت المطلوب لكل موقف. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يتم التتبع بها: 1- وجه الدعوة للمسترشد لمقابلة تتبعية. والغرض من هذه المقابلة هو تقويم كيف يتعامل المسترشد فيما يتصل بمشكلته, أو مشغلته السابقة. وقد تتضمن المقابلة أيضا قيام المسترشد بمحاكاة السلوك المستهدف عن طريق أداء الأدوار. 2- أرسل مقياسا أو استبانة للمسترشد بالبريد يزودك فيها بمعلومات عن حالته الراهنة فيما يتعلق بالمشكلة الأصلية. ويفضل أن تضع طابع بريد على ظرف معنون باسمك ليعيده لك المسترشد. 3- أرسل خطابا للمسترشد تسأله عن الحالة الراهنة لمشكلته. 4- تحدث بالهاتف مع المسترشد؛ لتحصل منه على تقرير شفهي عن حالته. وتمثل هذه الأساليب الأربعة ما يعرف بتتبع الدفعة الواحدة one shot follow up, حيث يكون الاعتماد على مقابلة واحدة أو خطاب أو مكالمة. وهناك نوع من التتبع المكثف "وقد يكون في بعض الأحيان صعب الإكمال" يشتمل على إشراك المسترشد في نوع من المراقبة الذاتية أو التقدير الذاتي لسلوك المشكلة عبر فترة محددة من الزمن, تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

تقويم عملية الإرشاد: تفيد البيانات التي تجمع في تقويم نتائج الإرشاد كلا من المرشد والمسترشد، فهي تعمل كوصلة معلومات تساعد على تثبيت أو إعادة تحديد مجال المشكلة الذي تم اختياره, وكذلك الأهداف المحددة, كما أنها تساعد المرشد على اختيار واستخدام الإستراتيجيات التي من المتوقع أن تساعد المسترشد. والفائدة الأولى التي نحققها من تقويم النتائج هو الحصول على معلومات حول الدرجة التي تحققت بها أهداف المسترشد. وبالإضافة إلى الجمع المستمر للبيانات حول نتائج الإرشاد، فإن تقويم الإرشاد يتضمن نوعا من المراقبة المستمرة للعملية, وهو ما نسميه تقويم العملية Process evaluation وهذا التقويم يزودنا بمعلومات عن الوسائل التي تستخدم لتحقيق النتائج. وبمعنى آخر, يزودنا بمعلومات عن كل الجوانب التي تؤدي إلى نتائج الإرشاد سواء كانت عوامل علاجية, أو غير علاجية. وكل من تقويم النتائج وتقويم العملية بحاجة إلى جمع البيانات بشكل مستمر أثناء عملية الإرشاد. والفرق الوحيد بين النوعين هو فيما نراقبه؛ فتقويم النتائج يهتم بتقدير الأهداف أو المتغيرات التابعة، أما تقويم العملية فهو يراقب إستراتيجيات الإرشاد، أو بمعنى آخر المتغيرات المستقلة. ويساعد تقويم العملية المرشد على أن يجيب على السؤال: ماذا حدث؟ أو ماذا فعلت ونتج عنه مساعدة المسترشد في تحقيق النتائج المرغوبة؟ والإجابات على مثل هذه الأسئلة رغم أنها تقريبية, يمكن أن تساعد المرشد على التخطيط للحالات المقبلة, وأن يحدد العوامل الهامة التي يجب أن تطبق مرة أخرى في الجلسات المقبلة للإرشاد. ويحدث في بعض الأحيان أن يكون تقويم عملية الإرشاد بعيدا في نتيجته عن تقويم نتائج الإرشاد. وعلى سبيل المثال, فإن المسترشد قد يعطي تقديرات موجبة عالية حول الإرشاد, بينما تظهر قياسات النتائج أنه لم يحدث تقدم كافٍ. وقد يرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب, منها أن تكون مقاييس النتائج غير حساسة للتقدم الحقيقي الذي أحرزه المسترشد, ومنها كذلك أن تكون طريقة الإرشاد

المستخدمة بحاجة إلى فترة أطول من الزمن لتظهر نتائجها. وأخيرا, فإن المسترشد قد يكون مغاليا في تقدير العملية أثناء الجلسة الإرشادية مجاملة منه للمرشد. وفي هذه الحالات ومهما كان سبب الاختلاف بين تقويم العملية وتقويم النتائج, فإن المرشد عليه أن يفحص البيانات الخاصة بعملية الإرشاد، وأن يقدر مدى حساسية وصدق مقاييس النتائج أو أن يناقش هذا الاختلاف مع المسترشد. ويمكن أن تستخدم صور تقويم العملية في جمع بيانات حول كل جلسة, أو عند أوقات مختلفة أثناء تكوين خط القاعدة أو أثناء الإرشاد أو بعد الإرشاد. كما يمكن استخدام نماذج مقنّنة لوصف إستراتيجيات الإرشاد. خاتمة: يعتبر التقويم مرحلة هامة من مراحل التخطيط والتنفيذ في مختلف المجالات، ويعتبره المرشد إحدى خطوات عملية الإرشاد. والتقويم عملية مستمرة قد تأخذ عدة صور, مثلا: تقويم قبلي Preassessment وهو يهدف إلى التعرف على المشكلة، وتقويم عملية Process Evaluation حيث يركز على ما يجري داخل العملية الإرشادية نفسها, وتقويم نتائج Outcome evaluation ويركز على مدى تحقيق الأهداف التي أعدها المرشد والمسترشد. وقد يذكر في بعض الأحيان التقويم التكويني Formative والتقويم النهائي Summative وهي تعبيرات تدل على الوقت الذي يجري فيه التقويم، فالتقويم التكويني أو المستمر يتم بالتتابع أثناء تنفيذ البرنامج، أما التقويم النهائي فيتم عند انتهاء البرنامج أو النشاط والوصول إلى النتائج.

مراجع الفصل الحادي عشر

مراجع الفصل الحادي عشر: أولا: العربية الشناوي, محمد محروس: مدخل لتقويم البرامج، مجموعة محاضرات بالمعهد المصري لتقويم البرامج, وزارة الشئون الاجتماعية, القاهرة 1982. ثانيا: الأجنبية Dixon, D.N. & Glover, J. A. " 1984 " Counseling: A problem solving Approach. New York: John Wiley & Sons. Cormier, W.H & Cormier , L.S. " 1985 " Interviewing Strategies For Helpers: Fundamental Skills and Cognitive Behavioral Interventions " 2 nd ed ". Monterey, Cal: Brooks / Cole. Stewart, N. R., Winborn, B.B., Johnson, R.G., Burks, H.M., & Engelkes, J. R. " 1978 " Systematic Counseling. Englewood Cliffs, New Jersey: Prentice - Hall. Bandura, A. " 1976 " Effecting Change Through participant Modeling, in J. D. Krum-boltz & C.E. Thorcson " Eds " Counseling Methods " pp 248 - 265 ". New york: Holt Rinehart and Winston. Cronbach, L. J. " 1975 " Beyond Two disciplines of scientific Psychology. American Psychologist 30,116 -127. Cronbach L.J. C 1984 " Essentials of Psychological testing " 4 th ed " New York: Harper & Row. Egan , G. " 1975 " The Skilled helper: A model for Systematic helping and interpersonal relating. Monterey CA: Borooks/ Cole. Hosford, R.E., & de Visscr , L. " 1974 " Behavioral Approaches to Counseling: An Introduction. Washingtanz D.C.: Amrican Personnel and Guidance Press. Lloyd, M.E. " 1983 " selecting systems to measure client outcome in human service agencies. Behavioral Assessment, 5,55-70. Mahoncy, n.J. " 1977 " Some applied issues in Self-monitoring, in J. Cone & R.Hawkins " Eds " Behavioral assessment: New directions in Clinical Psychology " pp 241 - 254 ". New York: Brunner / Mazel.

الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد

الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد أهمية إنهاء العلاقة الإرشادية termination of counseling ... الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد Termination of Counseling: أهمية إنهاء العلاقة الإرشادية: يعتبر إنهاء الإرشاد، أو إنهاء العلاقة الإرشادية جانبا هاما في العملية المستمرة للإرشاد. وبجانب إنهاء الإرشاد بعد مرحلة استخدام إستراتيجية أو طريقة إرشادية لتحقيق الهدف والاطمئنان إلى الوصول إلى السلوك المستهدف وهو الموضوع الذي نتناوله بالحديث في هذا الفصل، فإن هناك نقاطا أخرى يقوم فيها المرشد بإنهاء أو اختتام. ومن هذه النقاط, ما يحدث عندما يود المرشد أن يختتم موضوعا أو مناقشة لموضوع ما، ومنها كذلك عملية إنهاء الجلسات الإرشادية كل جلسة على حدة. ومن الأساليب التي تصلح ليستخدمها المرشد في إنهاء مناقشة موضوع, أو إنهاء جلسة إرشادية أسلوب التلخيص Summerizing. ولكي ينهي المرشد العملية الإرشادية أو العلاقة الإرشادية, فإن عليه أن يتحقق أولا من أن الهدف "أو الأهداف" الذي أعده مع المسترشد قد تم إنجازه, وأن السلوك المستهدف قد تحقق فعلا. أما الأمر الثاني الذي يأخذه في الاعتبار, فهو أن تكون عملية الإنهاء عملية تدريجية وليست شيئا مفاجئا للمسترشد، وإنما يمهد المرشد لذلك بالأساليب المناسبة. وفي المعتاد فإنه بعد مضيّ عدة جلسات في الإرشاد, فإن المسترشد يبدأ في إعطاء تلميحات أو إشارات بأن توقعاته من الإرشاد قد تحققت، أو لديه آمالا في الوصول إلى أهدافه بالاعتماد على جهوده, مثلا يقول: إنني أشعر فعلا بأني أفضل كثيرا الآن. كذلك فإن المرشد يراقب ظهور أدلة على أن الأهداف العامة للإرشاد قد تحققت, ويستوجب ذلك أن يكون المرشد منتبها إلى الآثار التي تلمع بسرعة. فالمسترشد غالبا

يعيش خبرة من زيادة السرور بعد مضيّ جلسة أو جلستين في الإرشاد، وهو قد يشعر بأن مشكلته قد وجدت حلا لمجرد تواري الأعراض بعد جلسة من التنفيس عن المشاعر. وعندما يشعر المسترشدون بأنهم في وضع أفضل, فإنهم يعبرون عن رغبتهم في إنهاء الإرشاد. أما المرشد فإنه في هذه الحالة -لا شك- يدرك أن المسترشد لم يحقق استبصارا دائما, وأنه إذا أنهى إرشاده فسوف يعود مرة أخرى بمجرد أن تطرأ عليه أزمة أخرى, أو موقف آخر من مواقف اتخاذ القرارات. يرى برامر وشوستروم "1977" Brammer & shostrom أنه ينبغي التمييز بين إنهاء عملية الإرشاد من جانب المسترشد, وإنهائها عن طريق المرشد. والمسترشدون قد ينهون الإرشاد "العلاقة الإرشادية" لعدة أسباب؛ منها الإحساس بالتحسن السريع، وكذلك عندما تطغى مقاومة المسترشد للعمل الإرشادي، أو نتيجة للجهل بالإرشاد، أو لحدوث صدمة أو الوصول إلى طريق مسدود, أو عندما يكون الإرشاد مدفوع الأجر فيحدث توقف أو إنهاء نتيجة للجوانب المالية، أو يحدث الإنهاء نتيجة إحساس المسترشد أنه لم يعد بحاجة إلى المرشد. وبالإضافة إلى هذه العوامل فإن المسترشد قد ينهي الإرشاد بسبب معايشته للألم نتيجة لاضطراره لمواجهة المزيد من التغيير في الشخصية "أو السلوك"، وعندما يحدث إنهاء العلاقة نتيجة إحساس المسترشد بالتحسن, فإن ذلك يرجع إلى فهم المسترشد للإجراءات وإحساسه بالقدرة على الوفاء بها اعتمادا على قدرته, دون الحاجة إلى الوجود في علاقة إرشادية. أما المرشد، فإنه ينهي الإرشاد عندما يشعر أن أهداف الإرشاد قد تحققت، أو عندما تشير النتائج التي تحققت إلى ذلك الوقت "وقت الإنهاء" أنه ليس هناك توقع في تحسن الحالة باستمرار الإرشاد. وكثير من المرشدين بمجرد أن تبدأ المشكلة في التقلّص بعض الشيء يبدءون في تحديد حدود للوقت الخاص بالعملية الإرشادية بحيث إنهم عندما يصلون إلى الوقت المعين لإنهاء العملية, فإنهم يبدءون في إجراءات الإنهاء. غير أن هذه الطريقة لإنهاء العلاقة عند وقت محدد مسبقا لها كثير من العيوب، وتحمل في طيها خطر أن يكون المسترشد غير مستعد عند ذلك الوقت لإنهاء العلاقة، أو على

العكس قد يصل إلى حالة التجهيز لإنهاء العلاقة قبل الموعد المحدد بكثير. وفي نفس الوقت, كان الممارسون يعرفون أن القلق الذي يعايشه المسترشد عندما تطول فترة الإرشاد ينقص كثيرا بقرب انتهاء الإرشاد. ويقابل المرشد في عمله نوعا من المسترشدين لديهم ميل للاعتماد على الآخرين ويقل تقبّلهم للمسئولية الشخصية عن أنفسهم, وهؤلاء يتوقع المرشد أن تكون لديهم مقاومة لإنهاء العلاقة الإرشادية. وفي بعض الأحيان تكون هناك رغبة من المسترشد في استمرار هذه العلاقة أيضا؛ نتيجة ما يشعر به من وحدة وحاجة إلى وجود علاقات اجتماعية تشبع من خلال العلاقة الإرشادية، وفي مثل هذه الحالات فإن الإجراء الذي يُنصَح به هو المباعدة بين الجلسات وبشكل متزايد, "مثلا بعد أسبوع ثم بعد أسبوعين ثم بعد ثلاثة أسابيع وهكذا" حتى نصل إلى الإقفال النهائي. خطوات وطرق إنهاء الإرشاد: الخطوة الأولى التي يقوم بها المرشد في سبيل إنهاء الإرشاد هي التهيئة اللفظية حيث يمهد للمسترشد عملية الإنهاء، وقد يكون ذلك بأن يذكره بما اتفقا عليه من وقت أو جلسات عند بداية الإرشاد "إذا كان قد حدث ذلك". يقول المرشد: ها نحن أولاء نقترب من نهاية عملنا الإرشادي، حيث أتوقع أننا في خلال أسبوعين من الآن نكون قد وصلنا إلى خاتمة هذا الجهد المشترك بيننا. أو يقول على سبيل المثال في نهاية إحدى الجلسات: أتوقع أننا في خلال ثلاثة أسابيع من الآن نكون قد اطمأننا إلى تحقيق الهدف الذي حددناه معا. أو يقول: أتصور الآن أننا وصلنا إلى مرحلة يمكن أن تستمر فيها في العمل معتمدا على مهاراتك، وقد ننهي العلاقة الإرشادية بعد أسبوع من الآن.

ثم يقوم المرشد عندئذ "عند التهيئة للإنهاء" بإعداد ملخص يناقشه مع المسترشد ... وقد يكون هذا الملخص مراجعة عامة للإنجازات والترتيبات الخاصة بالإحالة أو المتابعة "التتبع"، أو يكون في صورة إعداد لخطة مستقبلية أو ملخص للحالة. ومن المهم أن يعرف المسترشد ما سيفعله في المستقبل وأن يترك الإرشاد وهو على بيّنة من أهدافه، والنتائج التي تحققت، والإجراءات المتوقعة، وحدود المقابلات "الجلسات". أما الخطوة الثانية التي يمكن للمرشد أن يتخذها فهي أن يترك الباب مفتوحا للدراسة التتبعية "المتابعة" على أن المرشد يجب أن يتفادى إعطاء الفرصة لعودة العلاقة الاعتمادية من جانب المسترشد، إلا أنه مع الطلاب "بالنسبة للمرشد الطلابي" في المدرسة فإن المرشد قد يرغب في تكوين نوع من الاتصال مع الطالب ليلاحظ نموه الشخصي, أو ليزوده بمزيد من المعلومات الحديثة. أو قد يرغب مثلا في تطبيق مقياس للميول المهنية؛ ليتعرف على ما حدث من تغير في ميوله. وكل ما نود أن نشير إليه قبل الانتهاء من الحديث عن إنهاء الإرشاد, هو أن ننبه المرشد إلى عدم إنهاء الحالة قبل الوصول إلى مرحلة إيجابية في الإرشاد، وكذلك عدم إطالة فترة الإرشاد أكثر من اللازم.

مراجع الفصل الثاني عشر

مراجع الفصل الثاني عشر: انجليزي يسحب اسكنر

الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للأرشاد ethical standards

الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للأرشاد ethical standards مدخل ... الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للإرشاد Ethical Standards تحتاج المهن المتخصصة التي تتصل بحياة البشر ورفاهتهم ومصالحهم إلى وجود قواعد تنظم سلوك المتخصصين الذين يقدمون المساعدة في هذه الجوانب؛ وذلك للمساعدة على وقاية المهنة من داخلها ومن خارجها وإيجاد إطار يصلح للرجوع إليه في حدود ما يقوم في المجتمع من تشريعات, وأنظمة عامة. والقواعد الأخلاقية Ethics أو الأخلاقيات، عبارة عن مجموعة من المعايير القائمة على مجموعة القيم المتفق عليها، وهذه القواعد تمثّل ما نتوقعه من تصرفات مهنية من جانب المتخصص في علاقته بزملائه في المهنة وبمن يقدم لهم الخدمة التخصصية، وكذلك بالمجتمع بوجه عام. وفي المعتاد أن تصدر القواعد عن جهة تملك حق المحاسبة لمن يخرق هذه القواعد، وفي نفس الوقت يمكن أن تصبح هذه الجهة طرفا استشاريا عند حدوث مخالفة عند التقاضي أمام المحاكم. وليس مفهوما من وجود قواعد أخلاقية تحكم المهنة, وجود أي تعارض مع القوانين والأنظمة التي تنظم العلاقات والمعاملات داخل المجتمع، وإنما تعمل القواعد كإضافات خاصة تحدد طبيعة التصرفات المتوقعة من جانب المتخصصين وما يجوز وما لا يجوز في قيامهم بعملهم, ومتى تقع عليهم مسئولية الأضرار. لقد اهتم المجتمع الإسلامي منذ قرون بعيدة اهتماما كبيرا بتنظيم أخلاقيات ممارسة مهنة الطب, بحيث تحدد المسئولية تحديدا واضحا عند وقوع ضرر على المريض، ومتى يعتبر الطبيب مسئولا، وقد ألّف الطبيب العربي أبو بكر الرازي رسالة في أخلاق الطبيب، وأخلاق الطبيب التي ذكرها الباحثون المسلمون مما تحفل به كتب التراث إنما تقوم أساسا على خلق الإسلام. كما كتب آخرون مثل الزرنوجي والغزالي وغيرهما عن أخلاق المعلم والمرشد، وهذه الصناعات، الطب والإرشاد والتعليم تعتبر ذات اتصال كبير بممارسة العمل النفسي بصفة عامة، والإرشاد النفسي والإرشاد الطلابي بصفة خاصة.

أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد

أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد العلم ... أهمية الأخلاقيات في مجال الإرشاد: تعتبر الأسس الأخلاقية ذات أهمية كبيرة في العمل الإرشادي، وهي كما سبق القول واحدة من محددات أربع أساسية للعمل الإرشادي كعمل تخصصي أو مهنة Profession وهي العلم، والخبرة "المهارة"، والصفات الشخصية والاتجاهات، والقواعد الأخلاقية للمهنة. فالقواعد الأخلاقية هي قواعد يتفق عليها أهل الصنعة في تقديم صناعتهم "مهنتهم" للجمهور، بحيث يمكنهم الرجوع إليها عندما يستشعرون أن هناك خطرا يدب داخل المهنة، أو عندما يتساءل من هم خارج المهنة عن طبيعة العمل في هذه المهنة، فهي بمثابة صمام الأمان الداخلي والخارجي. يناقش الطريري "1989" أهمية المعايير في مجال الطب النفسي, فيقول: إن وجود معايير في أي مجال من المجالات يفترض أن تكون نتائجها متسمة بالدقة والانضباط وجودة العمل والحرص من قِبَل القائمين على ذلك العمل، وذلك انسجاما وتحقيقا للحديث الشريف الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: $"رحم الله امرأ عمل عملا فأتقنه" وبالإمكان أن نقول: إن المعايير في مجالات الطب النفسي قد تحقق الأهداف التالية: 1- تحديد مواصفات وخصائص الأشخاص المؤهلين للعمل في مجالات الطب النفسي. 2- تحديد الأساليب, والفنيات الواجب اتباعها لأداء المهنة. 3- تعمل المعايير على وضع أسس التعامل بين الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي مع مرضاه. 4- تساعد هذه المعايير على وضع الحدود التي يتم في إطارها وضع المعلومات الضرورية في متناول من سيقومون بعمل قرار ما. 5- تعمل هذه المعايير على تحديد طريقة التعامل مع المعلومات وسريتها "ص2، 3". وفي الواقع, إن القواعد الأخلاقية التي تنظم عمل المرشد النفسي، وكذلك عمل الأخصائي النفسي بصفة عامة تهتم بتحديد الخطوط العامة التي تساعد المرشد على توقِّي الوقوع فيما يضر الآخرين، وكذلك تساعد على توفير حماية للمهنة من داخلها إذا وقعت انحرافات من بعض الممارسين لها، وتحديد الواجبات والمحظورات والمسئوليات التي يلتزم بها المرشدون في عملهم. إن المرشد يدرك أن الدين هو مصدر الأخلاق، وأنه في التزامه بالخلق الذي يحضه عليه الدين لا شك سيجد أن تصرفاته تسير في طريق الممارسة الصحيحة، فالدين يأمر بالرفق والتعاطف والمساندة والتسامح وصون الأسرار والنصيحة، وكل ما من شأنه حماية الدين والنفس والعقل والعرض والمال، وهو يأمر بالتيسير والإخلاص والأمانة والوفاء والصدق، ويأمر بدفع المفاسد وتقديم دفع المفاسد على جلب المصالح، وغير ذلك من الأصول المثبتة التي تحكم السلوك البشري وتدفعه إلى طريق الاستقامة طريق الخير. وسوف نناقش فيما يلي مجموعة من القواعد الأخلاقية التي تساعد المرشد في عمله: 1- العلم: يجب على المرشد أن تكون لديه معلومات مناسبة عن طبيعة البشر وسلوكهم، وعن نموهم وما يصادفهم من مشكلات وأساليب التعامل مع هذه المشكلات والنظريات التي تفسر السلوك، والأسباب المؤدية إلى المشكلات, وكذلك واقع المجتمع وحاجاته وواقع المؤسسة التي يعمل فيها. وفي الواقع, إن الأساس المعرفي هو الأساس الذي ينطلق منه المرشد في ممارسته وفي توجيه مهارته سواء كان ذلك في تكوين العلاقة الإرشادية, أو في التعرف على المشكلة وتحديدها وتفسيرها، أو في إعداد الأهداف، أو عند استخدام طريقة للإرشاد، أو في المراحل النهائية للإرشاد، والمرشد يجب أن تتوافر

فيه متطلبات تعليمية أساسية بأن يكون متخرجا في إحدى الجامعات ومن شعبة أو قسم متخصص في إعداد المرشدين, أو حاصلا على ماجستير الإرشاد. إن المرشد وهو يدرك أهمية العلم في عمله الإرشادي يسعى بكل جهد وإخلاص للمزيد منه حتى بعد انتهاء دراسته الرسمية, وذلك من خلال المصادر المناسبة ومنها: 1- الدراسات العليا. 2- الدورات التدريبية والتعليم المستمر. 3- المؤتمرات والندوات العلمية. 4- المجلات العلمية المتخصصة والمراجع الحديثة. 5- الاستشارات الشخصية مع المتخصصين ومع زملائه. وإذا كان المرشد نفسه في موقع المعلم -كأن يكون مدرسا للإرشاد, أو حيثما وقف في هذا الموقف التعليمي مثل الإشراف على التدريب الميداني- فإنه يسعى إلى توصيل أكبر قدر من العلم والمعرفة لمن يقوم بتعليمهم, وهو لا يألو في سبيل ذلك أي جهد، كما يسعى إلى الوصول إلى أفضل النتائج باستخدام أفضل الطرق والوسائل المناسبة لواقع المتعلمين والمتدربين. والمرشد الذي يقف موقف التعليم يدرك أن عليه أن يكون أصيلا في عمله, فلا يختلف سلوكه عن قوله كما يأمر بذلك الدين: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 44] . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2، 3] . وفي ذلك يقول الشاعر العربي: لا تَنْهَ عن خُلُق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلتَ عظيم والمرشد الملتزم بآداب المهنة لا يدعي لنفسه علما ليس لديه، وهو كذلك لا يستنكف أن يقف موقف المتعلم كلما دعا داعٍ لذلك، بل وكلما سَنَحت الفرصة له لذلك؛ أملا في تنمية وتحديث معلوماته.

الخبرة

2- الخبرة: تمثل الخبرة أو المهارة الجانب الأدائي في عملية الإرشاد. وكما سبق القول, فإن المرشد يحتاج إلى مجموعة واسعة من المهارات التي تتصل بكل خطوة من خطوات عملية الإرشاد. ومن أول هذه المهارات وفي مقدمتها مهارات تكوين العلاقة الإرشادية والتي تشتمل على مهارات الملاحظة والإصغاء والتعبير، وتكوين الألفة مع المسترشد وتوفير البيئة الإرشادية الآمنة, ثم مهارات دراسة المشكلة وتشخيصها وإعداد الأهداف واختيار طريقة للإرشاد "أو مجموعة طرق" واستخدامها، ثم تقويم عملية الإرشاد وإنهاء العلاقة الإرشادية. والمرشد الملتزم بقواعد المهنة لا يدعي لنفسه خبرة أو مهارة ليست لديه، وهو يسعى بكل الوسائل لأن يزيد من مهارته وأن يتلقى تدريبا عمليا تحت إشراف المتخصصين الذين يجيدون المهارة أو الخبرة التي يسعى لاكتسابها. وهو كذلك إذا وقف في موقف المعلم أو المشرف على التدريب الميداني في مجال الإرشاد لا يألو جهدا في مساعدة المتدربين على اكتساب أكبر قدر من المهارات وبأعلى مستوى من الدقة, وهو ينقل خبرته لزملائه في المهنة ويتبادل معهم الرأي حولها.

رعاية مصلحة المسترشد

3- رعاية مصلحة المسترشد: الإرشاد مهنة إنسانية تشتمل على مساعدة وعطاء وتعليم من جانب المرشد للمسترشد, وموقف الإرشاد يجمع بين المرشد بما لديه من علم وخبرة وما قد يكون عليه من جوانب يفضل فيها المسترشد "في موقف الإرشاد". والمسترشد وهو شخص لديه مشكلة أو مشغلة يحاول أن يجد المساعدة من المرشد بشأنها، فالإرشاد بذلك هو موقف تعليم وتعلم، وموقف أخذ وعطاء. ولأن المرشد هنا هو الذي يعلم وهو الذي يساعد وهو الذي يفسر وهو الذي يعطي من علمه ومن خبرته, فهو في موقف المؤتمن على المسترشد، وعليه أن يحافظ على مصالحه ويساعده على الوصول إلى بر الأمان, وإلى طريق الخير. والمرشد عليه في هذا الصدد أن يبذل كل ما في وسعه في سبيل مساعدة المسترشد على النمو والنجاح وتجاوز المشكلات وتصحيح الأخطاء الإدراكية والسلوكية وتحسين مشاعرة وتبنِّي القيم الإيجابية. وهو في جانب من موقفه الإرشادي عليه أن يدافع عن مصالح المسترشد ويمنع عنه ما قد يقع عليه من غبن. وهو عند إعداده للتقارير عن هذا المسترشد, يأخذ في اعتباره ما اؤتمن على رعايته ورعاية مصالحه وهو المسترشد قبل أي اعتبار آخر يتعارض مع هذه الأمانة. وفي هذا الصدد, فإن المرشد لا يدفع بالمسترشد إلى أي موقف يضره، ولا يتخذ قرارات نيابة عنه، ولا يستجيب لأي اتجاه يكون من شأنه أن يضر بالمسترشد. كما أن المرشد لا يستخدم أي إجراءات أو طرق يكون من شأنها أن تلحق ضررا بالمسترشد سواء كان ذلك بغرض التجريب أو البحث أو ما شابه ذلك، وعليه إذا وقع في ذلك أن يصحّح ما يحدث نتيجة لما قام به من إجراءات على الأفكار أو المشاعر أو السلوك لدى المسترشد.

سرية المعلومات

4- سرية المعلومات: تشتمل عملية الإرشاد على عمليات للحصول على المعلومات وتشغيلها والاستفادة منها. وهذه المعلومات تتعلق في جانب منها بالمسترشد، ويكون هو المصدر الأول لها حيث يحصل عليها المرشد باستخدام مجموعة من الأدوات في مقدمتها المقابلة والملاحظة، ثم الاختبارات والسجلات، ومن المتخصصين من خلال تقاريرهم. كما أن جانبا من المعلومات في الإرشاد يكون لدى المرشد حيث يقدم للمسترشد، وهذا الجانب يشتمل على معلومات يقدمها المرشد للمسترشد حول سلوك المسترشد وتفسير مشكلته، وحول استعداداته وميوله وقدراته وظروفه الراهنة، وبعض توقعاته المستقبلية، وكذلك معلومات عن المجتمع وعن الأعمال والفرص المتاحة أمامه، وعن بعض المصادر والمؤسسات التي يمكن أن تساعد المسترشد في مواجهة مشكلاته واتخاذ قراراته. ولأن المرشد بحاجة إلى معلومات من المسترشد عن نفسه وعن ظروفه وبيئته وأسرته وعن ماضيه "أحيانا" وعن حاضره، ولأن بعضا من هذه المعلومات يتسم بدرجة كبيرة من الخصوصية؛ فإن المسترشد غالبا ما يلجأ إلى تغليف هذه المعلومات ولا يعطيها لأحد. إلا أنه في إطار علاقة إرشادية آمنة تحددها قواعد أخلاقية تشرح للمسترشد, فإنه يبوح بها للمرشد، ومن هنا تقتضي القواعد الأخلاقية لكل التخصصات التي تعمل مع الإنسان، والتي تقوم أساسا على الاستفادة من معلومات تتصل بحياته، بأن هذه المعلومات تتمتع بالسرية ولا يجوز للمتخصص وهو في حالتنا "المرشد" أن يبوح بها لأحد, أو ينقلها إلى هيئات أخرى إلا بإذن من المسترشد. إلا أنه تحقيقًا للمصلحة العامة ومصلحة الفرد, فإن المبادئ المتعارف عليها في الإرشاد تنص على أنه يستثنى من مبدأ السرية الحالات التي يتحقق فيها المرشد أن المسترشد قد يلحق الضرر بنفسه "كأن يكون عازما على الانتحار, أو لديه نوايا لذلك" أو يلحق الضرر بغيره سواء كان فردا آخر, أو أفرادا, أو المجتمع. وتعني سرية المعلومات أن يتخذ المرشد كافة الإجراءات التي تكفل صون المعلومات التي تخص المسترشد. فبالنسبة للمعلومات الموثقة سواء التي سجلها المرشد أثناء الجلسات الإرشادية, أو تلك التي حصل عليها في صورة اختبارات نفسية أو سجلات أو وثائق رسمية أو غيرها يكون من الواجب على المرشد أن يوفر طريقة لحفظها تكفل عدم وقوعها في أيدي الآخرين ممن لا يقدّرون مسئولية سرية المعلومات. وبالنسبة للمعلومات الرسمية منها مثل نتائج الاختبارات, فإن المرشد لا يتبادلها مع غيره إلا بإذن من المسترشد نفسه، وفي حدود ما يفيد التخصصات الأخرى التي تعمل لمصلحة الطالب, كأن يعطي الخطوط العريضة الخاصة بقدرات الطالب للمدرس, أو يوضح بعض الجوانب المتصلة بتشكياته البدنية للطبيب. أما المعلومات التي يدلى بها المسترشد في إطار الجلسات الإرشادية وفي إطار ما يعلمه عن سرية المعلومات, فإن المرشد لا يعطيها لأحد إلا في حالة توقع وجود خطر بالنسبة للمسترشد أو لآخرين، وهو في هذه الحالة يعطي المعلومات المتصلة بهذا الجانب "جانب الخطر أو الضرر" فقط. وإذا كان المرشد ممن يقع عليهم دور تعليمي تجاه غيرهم ممن يتدربون على الإرشاد أو يتلقون دراسات عنه, فإن المرشد قد يحتاج لأمثلة من واقع عمله. وفي هذه الحالة, فإنه إذا استخدم أمثلة من الحالات التي عمل أو يعمل معها, فعليه أن يتأكد من إخفاء المعالم

الأساسية للحالة التي يعرضها, وفي مقدمة ذلك الاسم والسن والكلية أو المدرسة وغيرها مما يمكن أن يدل من قريب, أو بعيد على شخصية المثال الذي عرضه. إن قاعدة السرية من القواعد الهامة التي تعتبر موضوع عديد من القضايا التي تُقَام ضد المرشدين سواء لاختراقها, أو لعدم الاستفادة من الحدود الموضوعة عليها. وقبل أن نختم هذا الجانب نورد هذه القضية التي شهدها المجتمع الأمريكي منذ حوالي عشر سنوات والتي عرفت بقضية تاراسونا. وتتلخص وقائع هذه القضية في أن أحد الطلاب في جامعة كاليفورنيا كان يتردد على أحد الأطباء النفسيين بعيادة الجامعة، وفي أثناء الجلسات العلاجية صرح هذا الطالب أنه ينوي قتل زميلة له, وقد قام الطبيب نتيجة لذلك بإبلاغ الشرطة والتي بدورها أحضرت الطالب وأخذت عليه تعهدا بعدم التعرض للفتاة. ورغم ذلك فقد نفّذ الطالب جريمته وقتل هذه الطالبة. ثم إن أهل الطالبة قاموا بمقاضاة الطبيب حيث نظرت المحكمة العليا هذه القضية، وأدانت الطبيب في مسئوليته عن عدم اتخاذ الإجراءات التي تفرضها عليه المبادئ الأخلاقية من ضرورة إبلاغ من يهمه الأمر عندما يلوح له أن خطرا يهدد المسترشد أو غيره, وقالت المحكمة: إنه على الرغم من أن جهاز الشرطة جهاز هام في المجتمع إلا أنه ليس مسئولا بشكل مباشر عن حماية كل فرد, وأنه كان من الواجب على هذا الطبيب أن يبلغ الطالبة نفسها "التي يتهددها الخطر" وكذلك أسرتها لإمكان اتخاذ الاحتياطات الوقائية. ومن الغريب حقا أن تطالعنا الصحف العربية في أخبارها عن الجرائم أن طالبا يقتل أبويه بمسدسه ثم يصرح الطبيب الذي كان يعالجه نفسيا بأنه كان يتوقع ذلك حيث كان يكرر أمامه بعض الأفكار الهذائية. ومع أن الطبيب كان على صلة بوالد الجاني "وهو أستاذ أيضا بكلية الطب" فإنه لم يحذره من احتمال وقوع مثل هذا الحادث, مع أن الجاني والذي شخصت حالته على أنها فصام بارانويدي كان من المتوقع أن يأتي بهذا العمل أو ما يماثله ... وقد تكررت مثل هذه الحالة مرة أخرى في مدينة الإسكندرية حيث أطلق شاب النار على والديه فأرداهما قتيلين, واتضح أنه كان يعالج من حالة اكتئابية. كذلك فقد قام

أحد الطلاب بقتل زميلة له داخل مبنى الجامعة ثم خرجت الصحف بتصريح للطبيب النفسي الذي كان يعالج لديه الطالب الجاني يقول فيه: إن الطالب قد أخبره بأنه ينوي الإقدام على هذا العمل. ومن الملاحظ أنه في كل مرة يقرر فيها هؤلاء الأطباء أنهم كانوا يعالجون هؤلاء الجناة, فإن محاميي هؤلاء الجناة يستفيدون من شهادة وتقارير هؤلاء الأطباء ليصلوا إلى إعفاء الجاني من المسئولية وتنتهي كل قضية إلى إيداع الجاني في مصحّة للأمراض النفسية. والسؤال الذي نطرحه هنا هو: إذا كانت مسئولية مثل هذه الجريمة تسقط عن الجاني لوجود "اختلال في قواه العقلية" فمن يتحمل المسئولية إذن؟ لا شك أن الطبيب أو المعالج النفسي متخصص في هذا المجال، ويدرك من التشخيص أن هناك مآلا للمرض يجب عليه أن يتوقعه وأن يحسب حسابه، فالشخص الذي لديه حالة اكتئاب شديدة تكون لديه ميول انتحارية، وفي نفس الوقت تدفعه تشاؤماته إلى قتل آخرين من ذوي الصلة القريبة به كالوالدين أو الأبناء أو الزوجة أو الزوج تحت إطار الخوف عليهم من مستقبل مظلم. وبعض الحالات المرضية الأخرى مثل حالات الفصام البارانويدي التي توجد فيها هذاءات "ضلالات في التفكير" مع الهلاوس السمعية أو البصرية, فإن احتمالات القتل كبيرة، وفي هذه الحالة قد يكون القتل موجها إلى أشخاص قريبين في أسرة المريض أو بعيدين عنه, ولكنهم ذوو صلة بالهذاءات التي لديه، مثلا رؤساؤه في العمل. فإذا كان الطبيب أو المعالج أو المرشد يدركون مآل هذه الأمراض من واقع تدريبهم وخبرتهم، ألا يكون من الضروري أن يتخذوا الإجراءات المناسبة لتنبيه من يتوقع أن يقع عليهم الخطر، وقبل ذلك وأهم منه أنهم -نتيجة لتقدير هذا الخطر- يمكن أن يطلبوا إيداع المريض أحد المستشفيات النفسية؟ والمرشد يحتاج دائما أن يكون مطلعا على الأنظمة والقوانين التي تطبق في المجتمع الذي يعمل فيه، وأن يدرك مسئوليته تجاه المسترشد وتجاه المجتمع في إطار هذه القوانين، وأن عليه واجبا في رعاية مصلحة المسترشد، كما أن عليه التزاما أيضا في دفع الضرر عن الآخرين وعن المجتمع بوجه عام.

وقد ناقشت لجنة الأخلاقيات المنبثقة عن الجمعية الأمريكية لعلماء النفس American Psychological Association والتي يحكم عمل أعضائها قواعد أخلاقية محددة، ناقشت هذه اللجنة إحدى القضايا التي وقف فيها أحد المرشدين لمحاكمته في قضية تتلخص في أن فتاة صغيرة كانت تتردد عليه بصحبة والدتها للإرشاد في بعض المشكلات الانفعالية، وقد علم المرشد أن هذه الفتاة تتعرض لاعتداءات من زوج أمها "مما يحرمه الدين" وعندما واجه المرشد الأم بذلك استعطفته ألا يطور القضية حيث إن زوجها هو مصدر دخلهما ومعيشتهما، واستجاب المرشد لذلك، إلا أن الفتاة وهي تلميذة بإحدى المدارس المتوسطة بدأت في التعامل مع مرشدة طلابية في المدرسة, وأخبرتها أيضا بما أخبرت به المرشد من قبل. ولأن المجتمع الأمريكي كان قد شهد في السنوات الأخيرة موجة من حالات الاتصال غير المشروع يقع فيها اعتداء على أطفال تربطهم بالمعتدين عليهم رابطة تحريم, فقد أصدرت الحكومة الأمريكية قانونا يلزم بالإبلاغ عن هذه الحالات لاتخاذ ما يلزم لحماية الطفل المعتدى عليه؛ لهذا فلم تتردد هذه المرشدة وقامت بإبلاغ جهة الاختصاص كما أبلغت الجمعية الأمريكية لعلماء النفس والتي ترخص للمشتغلين في مهن الإرشاد والعلاج النفسي بالعمل الإرشادي أو العلاجي، أبلغت هذه المرشدة عن زميلها في المهنة لمخالفته النظام. وهي بالطبع هنا قد استخدمت مبدأين من مبادئ الأخلاق التي تحكم عمل المرشدين، أحدهما يتصل بالسرية والتي يجب عدم الالتزام بها إذا توقع المرشد وقوع خطر على المسترشد أو على آخرين, والثاني يتصل بحماية المهنة من الداخل وواجبات الأعضاء عندما يعلمون بمخالفات يرتكبها زميل أو زملاء في المهنة مما يؤدي إلى إضرار بالمهنة, كذلك فإنها استخدمت مبدأ العمل لمصلحة المسترشد بسعيها لحماية الطفلة. وقد أثبتت لجنة الأخلاقيات أن هذا المرشد مدان؛ إذ يعلم بوجود نظام "قانون" لحماية الأطفال يوجب عليه أن يخطر جهات الاختصاص, وأنه قد تحقق من وجود ضرر يقع على هذه الطفلة ومع ذلك فقد تغاضى عن ذلك. وقد نجد من بين المرشدين أو المعالجين من يأخذ المعلومات التي توضع بين يديه في جلسات الإرشاد على أنها حكايات يتسلى بها في مجالسه، كما أن هناك آخرين يدفعهم فضولهم إلى متابعة هذه المعلومات أو استكمال فصولها أو التحقّق من صحتها بالنسبة

لأطراف يَرِد ذكرهم في كلام المرشد. وهذه كلها إجراءات لا تناسب المبادئ الأخلاقية للإرشاد، ويجب على المرشد الذي يجد في نفسه الرغبة في التحدث عن عمله وعمن ترددوا عليه وعن مشكلات الآخرين وظروفهم أن يبحث جديا في عدم استمراره في هذا العمل، ذلك أنه يفتقد صفة هامة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها، وهو يتخلى أيضا عن سلوك ومهارة، وعن قاعدة أخلاقية، وقد يرتب ذلك ضررا بالغا للمسترشد ولغيره، ولن يسلم المرشد نفسه من أن يقع عليه ضرر نتيجة لهذا الخوض. ويمكن تلخيص القواعد الأخلاقية المتصلة بالسرية على النحو التالي: يلتزم المرشد باحترام سرية المعلومات التي يحصل عليها من خلال عمله الإرشادي من المسترشدين، وهو لا يعطى أيا من هذه المعلومات إلا بإذن كتابي من المسترشد فيما عدا تلك الحالات التي يترتب على عدم إعطاء المعلومات فيها خطر واضح للمسترشد أو لآخرين. ويمكن للمرشدين أن يعلموا مسترشديهم بحدود السرية عندما يكون ذلك مناسبا: أ- المعلومات التي يحصل عليها المرشد في إطار العلاقة الإرشادية, أو البيانات التقويمية التي يحصل عليها باستخدام الاختبارات النفسية مع الأطفال أو الطلاب أو غيرهم, يجري مناقشتها للأغراض المهنية فقط مع الأشخاص الذين لهم علاقة بالحالة "مثلا: المدرسون والأطباء". ويجب أن تشتمل التقارير المكتوبة على البيانات المتصلة بأغراض التقويم فقط، وأن يتحاشى المرشد أي تعد غير مناسب على خصوصية المسترشد. على سبيل المثال، الطالب الذي يحصل على درجة منخفضة على مقياس للذكاء, يمكن أن يوصل المرشد للمدرس هذه المعلومة في صورة مناسبة لما يتوقع منه من جهد يساعد في الإرشاد، مثلا: هذا الطالب يحتاج لجهد خاص ليصل تحصيله إلى المستوى المناسب. ب- المرشدون الذين يعرضون معلومات شخصية، تم الحصول عليها أثناء العمل الإرشادي في محاضراتهم أو كتاباتهم أو غيرها عليهم أن يحصلوا على إذن كتابي مسبق قبل هذا العرض, أو يكون عليهم أن يخفوا كل المعلومات المعرفة للشخص والتي تحدد هويته بشكل أو بآخر. جـ- يتخذ المرشد كافة الاحتياطات لضمان سلامة المعلومات التي يحصل عليها في الإرشاد من أن تصل إلى الآخرين، ومن بين هذه الاحتياطات وجود الأماكن المناسبة للحفظ وعدم إتاحة هذه المعلومات لاطلاع الغير. د- عندما تدل ظروف المسترشد على أن هناك خطرا واضحا ووشيك الحدوث للمسترشد أو لغيره, فإن المرشد عليه أن يعلم السلطات المسئولة، وعلى المرشد في هذه الحالة أن يستشير زملاءه، ويحسن دائما وكلما أمكن حماية مصلحة المسترشد.

العلاقة الإرشادية

5- العلاقة الإرشادية: العلاقة الإرشادية جانب هام من جوانب العملية الإرشادية، وفي إطار هذه العلاقة يحدث الانفتاح المطلوب من المسترشد، حيث ينمي ثقته في المرشد ويبدأ في التحدث عن مشكلاته وظروفه وعن خصوصياته بشكل من الصراحة. والعلاقة الإرشادية هي صرح الإرشاد الذي ينبغي على المرشد أن يبذل كل جهده لحمايته. والعلاقة الإرشادية علاقة مهنية شخصية، فهي علاقة مهنية لأنها محددة بهدف أو أهداف واضحة تنتهي بنهايتها، ولأنها كذلك محددة بقواعد أخلاقية تحدد ما يجوز وما لا يجوز بالنسبة لكل من المرشد والمسترشد في حدودها. وهي أيضا علاقة فيها جانب شخصي أو ذاتي حيث يضع كل من المرشد والمسترشد جوانب شخصية داخل هذه العلاقة، فالمرشد يشارك بعلمه ومهاراته وصفاته الشخصية واتجاهاته وقِيَمه أيضا، والمسترشد يأتي بكليات شخصيته بصفاته واتجاهاته وأفكاره وتصرفاته ومشاعره وما يعتورها من مشكلة أو مشكلات. ولأهمية هذه العلاقة في سير عملية الإرشاد, وفي الحصول على المعلومات التي تساعد المرشد والمسترشد على فهم هذا المسترشد وظروفه وواقعه والمتغيرات من حوله, فإن هذه العلاقة يجب أن تصان عن كل ما يؤدي إلى نقص الثقة في العمل الإرشادي، ومن

هنا تهتم الهيئات التي تنظم عمل المرشدين بأن تحدد هذه العلاقة بحدود أخلاقية, أو قواعد قيمية تحكم السلوك المتوقع في إطار هذه العلاقة. ولكي تبدأ العلاقة بداية سليمة, فإن على المرشد أن يدرك دوره ومسئوليته بالنسبة للمسترشد وبالنسبة للمهنة التي ينتسب إليها، وهو يدرك أنه يعمل مع إنسان، وهذا الإنسان قد كرّمه خالقه جل وعلا، وعليه أن يتقبل هذا الإنسان الذي جاء يطلب مساعدته، والتقبل الذي لا توضع عليه شروط مسبقة من العوامل الأساسية التي تساعد على استبصار المسترشد بمشكلته واكتساب الأمن الذي قد يكون كافيا ليعدل هو نفسه من أفكاره أو سلوكه. ولا يعني التقبل للمسترشد الموافقة أو القبول لسلوكه, وإنما يعني رفع القيود والحرج عنه ليتسنى له أن يتعرف على حقيقة سلوكه، وليتسنى له أن يقبل ما يعرض عليه من خطط لتعديل السلوك. وبذلك فإن المرشد يمتنع منذ البداية عن الاتجاه السلبي نحو المسترشد بسبب جنسه أو لونه أو غير ذلك من المتغيرات كأن تكون لديه إعاقة بدنية، ويجب على المرشد أن يقاوم في نفسه أي نزوع نحو وضع المسترشد في قالب معين يتعامل معه من منطلقه. كذلك فإن المرشد في إطار العلاقة الإرشادية يحاول أن يوفر كل ما يجعل هذه العلاقة آمنة، بدءا من المعلومات التي يدلي بها المسترشد على النحو الذي ورد في موضوع السرية إلى الجانب الشخصي من الأمن، فلا يكون المسترشد موضوعا للهجوم أو النقد الشديد أو السخرية، وخاصة في المراحل الأولى من العلاقة التي يبقى المرشد فيها بعيدا عن النقد أو إصدار الأحكام، أما السخرية والعقاب فهي أمور لا نتصور أن تدخل كعناصر في أية علاقة إرشادية؛ لأنها لن تشوه العلاقة الفردية بين المرشد والمسترشد المعين فقط, وإنما ستضر إضرارا كبيرا بمهنة الإرشاد كلها. وفي إطار العلاقة الإرشادية, فإن المرشد يمتنع عن الاستفادة من المعلومات التي حصل عليها من المسترشد لأغراض شخصية، كما يمتنع عن أن يدخل في علاقات لا تتصف بالموضوعية كمحاولة الحصول على معلومات لن يستفيد منها المسترشد في موقف الإرشاد من حيث توظيف المرشد لها في العملية الإرشادية، أو تكوين علاقة

شخصية مثل الصداقة أو الزيارات الودية للأسرة أو البيع والشراء وتبادل المنافع وغيرها. كما يجب على المرشد وخاصة المرشد الطلابي الذي يجد نفسه وجها لوجه أمام المسترشد بين الجلسات مرات عديدة, ألا يتصرف بطريقة يتضح معها للآخرين أن هذا الطالب "المسترشد" في علاقة إرشادية مع المرشد في الوقت الحاضر, كأن يسأله مثلا أمام زملائه عما فعل إزاء موقف معين, وإنما عليه أن يقصر مثل هذه الأسئلة على الجلسات وداخل حجرة الإرشاد. وإذا اتضح للمرشد أن العلاقة بينه وبين المسترشد تسير في طريق غير صحيح كأن يكون هناك مقاومة شديدة من جانب المسترشد للاستجابة للعملية الإرشادية, أو أن يكون هناك اعتماد غير سوي من جانب المسترشد على المرشد, أو العكس كأن يلمس المرشد في نفسه رغبة شديدة في استمرار العلاقة أكثر من اللازم أو عندما تسير العلاقة في طريق مسدود من حيث تحقيق الأهداف الإرشادية, فإن على المرشد أن يعمل على إنهاء العلاقة الإرشادية، وإذا كان المسترشد لا يزال دون تحقيق أهداف الإرشاد فإن المرشد يلتزم بمعاونته على استكمال الإرشاد لدى مرشد أو متخصص آخر ويتخذ الإجراءات المناسبة لإحالته إلى المتخصص المناسب. ونفس الشيء يلتزم به إذا وجد أنه غير قادر على تحقيق الأهداف من خلال الطريقة أو الطرق التي استخدمها أو إذا كانت هناك نتائج عكسية كأن ازدادت المشكلة سوءا. كما يمتنع المرشد عن الدخول في علاقة إرشادية إذا كانت هناك رابطة مع هذا المسترشد من نوع العلاقة بين الزوجين والإخوة والأصدقاء, وكذلك المرءوس والرئيس والمدرس والطالب إلا إذا تحقق عدم وجود مرشد آخر يقوم بهذا العمل. والمرشد لا يتخذ قرارات خاصة للمسترشد وهو يقصر دوره على مساعدة المسترشد على تعلم مهارات اتخاذ القرارات, وإرشاده إلى أفضل المصادر وأدقها بالنسبة للمعلومات التي تساعد على اتخاذ القرارات. ويجب على المرشد أن يتحقق عند دخوله في علاقة إرشادية مع المسترشد أن هذا المسترشد ليس فعلا في إطار علاقة إرشادية مع مرشد آخر. وإذا كان هذا المسترشد فعلا

في علاقة إرشادية مع مرشد آخر, فيجب على المرشد أن يحصل على إذن من ذلك المرشد, أو ينهي العلاقة مع المسترشد إلا إذا اختار المسترشد أن ينهي هو علاقته مع المرشد السابق. ويجب على المرشد أن يحترم حرية الاختيار للمسترشد, إلا إذا وجد ما يمنع ذلك "مثلا نظام المؤسسة", وفي هذه الحالة يكون على المرشد أن يعلم المسترشد بهذه الحدود. وبالنسبة للمذكرات والمدونات والتسجيلات الخاصة بالمقابلات الإرشادية، فإنها تعتبر معلومات مهنية لا تعامل معاملة الوثائق التي تخص المؤسسة التي يعمل بها المرشد، وعليه أن يتخذ كل الاحتياطات التي تكفل عدم وصولها للغير. أما السجلات الرسمية للإرشاد, فإنها تسلم فقط للمتخصص الذي يدرك ويحترم الأخلاقيات والمبادئ التي تحكم العمل الإرشادي. وإذا كان المرشد يعمل مع جماعات إرشادية "الإرشاد الجمعي", فإن عليه أن يبني بين أفراد الجماعة الإرشادية مبدأ السرية بالنسبة للمعلومات التي تعرض في مقابلات الجماعة الإرشادية. كذلك, فإن على المرشد أن يمتنع عن قبول الدخول في علاقة إرشادية يدرك مسبقا أنه لن يكون مفيدا للمسترشد في التعامل مع مشكلته في إطارها. ويجب على المرشد أن يستشير زملاءه في المهنة فيما يقابله من صعوبات, أو مواقف يشعر فيها أن العلاقة تسير سيرا غير طبيعي, أو أن المعلومات التي حصل عليها من المسترشد قد تحتاج لعرض على السلطات المختصة؛ لوجود خطر قد يلحق بالفرد أو بآخرين أو بالمجتمع بشكل عام. إن على المرشد وهو يدرك دور العلاقة الإرشادية, أن يحافظ عليها في صورة ناصعة آمنة ودودة, يشع فيها الرفق والإخلاص ومساعدة المسترشد على النمو الصحيح.

كرامة المهنة

6- كرامة المهنة: العمل الإرشادي عمل إنساني ذو طبيعة خاصة، يعمل فيه شخص لديه ظروف أفضل "من الناحية المتصلة بالصحة النفسية على الأقل" مع شخص لديه ظروف أدنى: اضطرابات، أو مشكلات، أو مشاغل، أو ارتباك, أو حيرة أمام موقف قرار, أو نقص في المهارات ... إلخ. ولأن المسترشد يأتي إلى موقف الإرشاد وهو واثق أن المرشد الذي يقصده بوسعه أن يساعده على تصحيح موقفه, فإنه يكون مهيئا لقبول إرشادات هذا المرشد واقتراحاته. وبذلك, فإن الإرشاد يمثل أمانة يجب على المرشد أن يؤديها في كل مرة يقف فيها في علاقة إرشادية وفي جميع مستويات الإرشاد "الإنمائي، والوقائي، والعلاجي، وعلاج الأزمات". والعمل الإرشادي باعتباره مهنة يشتغل بها وسوف يشتغل بها عديد من الأفراد يقفون في إطار علاقة تربطهم بشكل مهني وخاص مع مسترشديهم، يحتاج إلى أن يصان عن كل ما قد يسيء إلى المهنة وسمعتها, فالإنسان في كل موقف يقفه يمكن أن يكون بين أفراده الصالح كما يمكن أن يكون منهم المنحرف. وفي بعض المواقع التي لا يتعامل فيها الإنسان مع الإنسان في علاقة مهنية, فإن الخطأ قد ينتهي باستبعاد مصدر الخطأ أو تصحيحه. أما عندما يكون الأمر في مهنة يضع إنسان نفسه أو أسراره في يد آخر ويأتمنه عليها، فإنه عندما يحدث انحراف فإن الضرر الذي يحدث لا يقف عند حدود المتسبب سواء أكان طبيبا أم معالجا أم مرشدا نفسيا، وإنما يتعدى ذلك إلى الإضرار بسمعة المهنة إضرارا كبيرا. ومن هذا المنطلق كان اهتمام الهيئات التي تنظم الاشتغال بمثل هذه المهن "الطب، والطب النفسي، والإرشاد، والعلاج النفسي، والخدمة الاجتماعية، وغيرها" بوضع ضوابط للممارسة تهدف إلى المحافظة على سمعة المهنة. وبذلك فإنه يجب على المرشد أن ينأى بنفسه عن القيام بأي عمل من شأنه الإضرار بسمعة المهنة مثل ادعاء مهارات ليست لديه، أو الإعلان عن ممارسته لطرق يعلم أنها غير ذات فعالية، أو الدعاية لنفسه في صورة غير مألوفة، أو استغلال وسائل الإعلام للدعاية لنفسه من خلال برامج تثقيفية أو خاصة بالتوعية، أو إضافة مؤهلات ليست لديه أو الإشارة لعضويته للجمعيات العلمية والمهنية على أنها ضمن مهاراته، أو الخروج بالعلاقة المهنية عن حدودها المهنية المتعارف عليها، أو عدم صونه لأسرار المسترشدين، أو إهماله في حفظ المعلومات الخاصة بهم أو عدم حصوله على إذن مسبق بنقل هذه المعلومات للغير، أو إجراء تجارب عليهم دون إذن منهم، أو التسبب في حدوث أضرار نتيجة أخطاء الممارسة, أو تطبيق اختبارات نفسية غير مناسبة أو تفسيرها بشكل غير دقيق.

والمرشد في سبيل محافظته على كرامة المهنة التي ينتمي إليها, يمتنع عن التورط في أي عمل ينهى عنه الدين والخلق وتجرّمه الأنظمة المعمول بها، وهو يدرك ويحترم حقوق الإنسان الذي يعمل معه، ويدرك أنه مسئول عنه مسئولية الوالد الأمين على أبنائه أثناء العمل معه، وأنه يعمل على وقايته من الأخطار التي ينمو إلى علمه تعرضه لها, إذا كان بحاجة إلى ذلك "مثلا: الأطفال والمرضى والمعوقون". وإذا وصل لعلم المرشد أن من بين المشتغلين بالمهنة من يسيء التصرف أو يتورط في علاقات غير مشروعة مع المسترشدين، أو يخالف القواعد والضوابط الأخلاقية المتعارف عليها في ممارسة المهنة, فإنه يتخذ الإجراء المناسب الذي قد يبدأ بالنصح والتعريف بموطن الخطر وقد يمتد إلى إخطار الجهات المسئولة درءا للخطر عن المسترشدين وعن المهنة, ومحافظة على سمعتها. ويجب على المرشد أن يحترم زملاءه في المهنة, وألا ينال أحدا منهم بالتجريح، وألا يدخل في صراعات مهنية مع زملائه، كما ينبغي عليه أن يمتنع عن الدخول في علاقة مع مسترشد يعلم أنه يتعامل في علاقة إرشادية مع مرشد آخر، وإذا كان دخل في علاقة مع أحد المسترشدين وتبين له أن هذا المسترشد كان في علاقة إرشادية لم تنته مع مرشد آخر قبل المجيء إليه, فإن عليه أن يتصل بذلك المرشد، وأن يحصل على موافقته, أو يكون عليه أن ينهي علاقته بهذا المسترشد إلا إذا اختار المسترشد نفسه أن ينهي علاقته بالمرشد الأول. وفي سبيل المحافظة على كرامة المهنة, فإن المرشد يسعى بكل ما يمكنه إلى رفع مستوى أدائه بطلب العلم واكتساب المهارة والإضافة إلى الميدان الذي يعمل فيه والإخلاص في عمله والتعاون مع زملائه.

جوانب عامة

جوانب عامة: تهتم القواعد والضوابط الأخلاقية التي تتبناها الهيئات المنظمة للمهن التخصصية الخاصة بالمساعدة Helping, والتي يدخل الإرشاد النفسي فيها، سواء أكانت هذه الهيئات حكومية "وزارات" أم كانت جمعيات أو روابط، بتخصيص بعض فقراتها لأمور عامة مثل الإعلان عن الممارسة، وتحديد المهارات وحدودها، وتحديد الأجور "إن وجدت" وكيفية الحصول عليها، وكذلك تحديد المسئولية تجاه الجهات الأخرى مثل الشرطة والقضاء, والتي يكون موضوعها خاصا بالمسترشدين. ويهمنا أن ننبه إلى أن وجود ضوابط أخلاقية لا يتنافر أو يتعارض مع باقي الأنظمة القائمة، وأن النظام التشريعي القائم يعتبر المرجع الأساسي للممارس في كل ما لم يرد في ضوابط المهنة.

مراجع الصل الثالث عشر

مراجع الصل الثالث عشر أولا: العربية ... مراجع الفصل الثالث عشر: أولا: العربية الشناوي، محمد محروس: الإرشاد النفسي من منظور إسلامي، في ندوة نحو علم نفس إسلامي. المعهد العالي للفكر الإسلامي والجمعية العربية للتربية الإسلامية, القاهرة 1409هـ-1989م. الشناوي، محمد محروس: تحليل مهني لعمل المرشد الطلابي: دراسة في منطقة الرياض في ندوة التوجيه والإرشاد الطلابي, ألقي في اللقاء الثاني، الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، الرياض: 1410هـ-1990م. الطريري، عبد الرحمن بن سليمان: الأسس الخلقية للطبيب والاختصاصي النفسي في المملكة العربية السعودية. في ندوة المعايير النفسية والاجتماعية والضوابط للخدمات النفسية, جامعة الملك سعود مع وزارة الصحة, الرياض 1409هـ-1989م.

ثانيا: الأجنبية

ثانيا: الأجنبية انجليزي يسحب اسكنر

الفصل الرابع عشر: التسجيل،النماذج، التقارير

الفصل الرابع عشر: التسجيل،النماذج، التقارير أولًا: التسجيل ... الفصل الرابع عشر: التسجيل, النماذج, التقارير يحتاج المرشد والمعالج في عملهما إلى مهارات التسجيل وإعداد واستخدام النماذج Forms وكذلك كتابة وتلقي التقارير عن الحالات التي يعمل معها, أو تحال إليه. والتسجيل أو التدوين Recording يقصد به تدوين وإثبات البيانات والمعلومات الأساسية التي يحصل عليها المرشد أو المعالج من الفرد الذي يعمل معه "المسترشد أو المريض". والقصد من عملية التسجيل هو الاحتفاظ بالمعلومات في صورة تناسب استرجاعها والاستفادة منها. ويجب على المرشد أن يهتم بعملية التسجيل اهتماما كبيرا, وألا يعتمد على الذاكرة وحدها للاحتفاظ بالمعلومات واسترجاعها. أولا: التسجيل وتساعد عملية التسجيل -كما قلنا- على حفظ المعلومات في صورة دقيقة لحين الحاجة إليها؛ ومن ثم يمكن استرجاعها والإفادة منها في اتخاذ القرارات التي دعت أصلا للحصول على المعلومات سواء كانت هذه القرارات تتصل بالتحقق من أهلية المتقدم أو المحال للخدمة "الإرشاد أو العلاج" للحصول على هذه الخدمة واستيفائه للشروط التي وضعتها الهيئة أو المؤسسة التي يعمل بها المرشد أو المعالج لتقديم الخدمة. كذلك فإن المعلومات المسجلة تساعد في الوصول إلى قرارات حول التشخيص وتوقع مسار المشكلة, وكذلك حول التصنيفات Classification والتسكين Placement, وأخيرا فإنها تفيد عند الحاجة لإحالة المسترشد "أو المريض" لجهة أخرى أو عند إقفال الحالة كما قد تدعو الحاجة إليها بعد الانتهاء من تقديم الخدمة للمسترشد, وذلك بناء على طلب من جهة أخرى. والصورة الأساسية التي يتم بها التسجيل هي التسجيل الكتابي باستخدام نماذج خاصة لذلك, لكن قد يكون التسجيل لدى بعض الهيئات باستخدام التسجيلات الصوتية

وهو أمر لا توصي به, ويجب إذا حدث "مثلا لغرض التدريب" أن يكون بناء على موافقة المسترشد وبإذن منه "إذن كتابي", وأن يكون بصورة معلومة له, فلا يتم مثلا بطريقة التسجيل عن بعد "الريموت Remot" ولا عن طريق إخفاء جهاز التسجيل. كما قد تسجل البيانات في بعض الهيئات باستخدام أجهزة الحاسب الآلي. ماذا نسجل: إن المرشد يحصل على معلومات كثيرة منها ما هو أساسي ويمثل وقائع حقيقية كالمعلومات الديموجرافية عن المسترشد, ومنها ما هو متصل بالمشكلة وتطورها, ومنها ما يتعلق بأدوات التقويم والقياس, وأخيرا هناك المعلومات المتصلة بقلب عملية الإرشاد، مثلا الأهداف الإرشادية وطرق الإرشاد المختارة. وبالنسبة للمعلومات الأساسية "الأولية", فقد يتولى المرشد الحصول عليها بنفسه من المسترشد, أو يتم ذلك عن طريق أحد الموظفين "مثل السكرتير أو الأخصائي الاجتماعي" حيث تكون هناك نماذج معينة أو بطاقات يقوم المسترشد بتعبئتها قبل بدء العملية الإرشادية الفعلية. أما المعلومات المتصلة بالمشكلة فهذه مسئولية المرشد الشخصية, حيث إنها تتمتع بالسرية ولا يقوم المرشد بتسجيل المعلومات الوصفية الحشوية التي إذا استُبعدت لن يحتاج للبحث عنها أثناء العملية الإرشادية أو بعدها, وإنما يقتصر على تسجيل البيانات المفيدة التي يمكن تحويلها إلى معلومات ذات فائدة. متى نسجل: هناك سؤال يدور دائما في ذهن المرشد أو المعالج, خاصة أولئك المبتدئين عن الوقت الذي يسجل فيه المعلومات وهل يكون ذلك في الجلسة الإرشادية نفسها؟ وفي الواقع, فإنه كما ذكرنا في الفصل الثالث: إن العلاقة الإرشادية تعتبر حجر الزاوية في العملية الإرشادية والعلاجية, وهي تقوم على التواصل والتخاطب بصورتيه اللفظية وغير اللفظية, وهذا التواصل إذا بدأ فإنه يجب أن يستمر دون حدوث أي نوع من التعطيل أو التشويش, وهذا يعني ألا يشغل المرشد نفسه بأي شيء ولا حتى بالتسجيل, لكن بوسعه عند الضرورة أن يكتفي بتدوين نقاط صغيرة أو بعض الأرقام التي قد ينساها فيما بعد. أما باقي المعلومات, فإن عليه أن يسجلها بمجرد انتهاء الجلسة الإرشادية ومغادرة المسترشد

لمكتب الإرشاد. وفي جميع الأحوال, فإن هدفنا من التسجيل يجب أن يكون المحافظة على المعلومات التي تدعو الحاجة إليها لمختلف الأغراض, ومن هذه الأغراض أن يتمكن المرشد من مراجعة المعلومات الخاصة بالمسترشد قُبَيْل بدء جلسة إرشادية حتى يعيش المرشد بعد الظروف المتصلة بالمسترشد, ولا يكرر أسئلته حول ما سبق أن حصل عليه من معلومات. كيف نسجل: تسجيل البيانات الخاصة بالمسترشد, وكذلك البيانات الخاصة بما قدم له في أثناء عملية الإرشاد, يمكن أن يتم بعدة صور منها: 1- التسجيل الكتابي: وهو أكثر الطرق شيوعا من حيث تحقيقه لأغراض التسجيل وإمكانية تأمين المعلومات, وكذلك هو أكثر الطرق قبولا من جانب المسترشدين ولا يحتاج إلى إجراءات خاصة. 2- التسجيل الصوتي: وهذا الأسلوب يتبعه بعض الذين يستخدمون التحليل النفسي, وبصفة خاصة في مجال العلاج النفسي ليساعدهم على استرجاع وقائع الجلسات كاملة. ومثل هذا التسجيل يحتاج إلى احتياطات فنية وضبط للأجهزة وتعريف للأشرطة التي تستخدم للتسجيل, كما تدعو الاحتياطات الأخلاقية إلى الحصول على إذن من المسترشد أو المريض. 3- التسجيل بالصوت والصورة: وهذا النوع من التسجيل يستخدم فيه الفيديو وهو مكلف, ويحتاج إلى أماكن واسعة لحفظ الأشرطة وتبويبها, وهو يحتاج لاحتياطات كثيرة. ولا يستخدم عادة إلا لأغراض التعليم وبصفة خاصة مراجعة تصرفات المرشد أو المعالج, ومنها المراجعة الذاتية ليمكن للمرشد أن يعدل أسلوب العمل الذي يتبعه. وهذا النوع من التسجيلات يحتاج إلى موافقات من المسترشد قبل الإقدام عليه مع الأخذ بعين الاعتبار بالضوابط الأخلاقية, وخاصة ما يتعلق منها بالسرية.

4- التسجيل باستخدام الحاسب الآلي: وقد انتشر هذا الأسلوب في السنوات الأخيرة نتيجة للتطورات التقنية في مجال الحاسب الآلي ورخص ثمن أجهزة الحاسب الآلي الشخصية, مما جعلها سهلة الحصول عليها للمرشدين وللهيئات التي يعملون بها, بالإضافة إلى ما حدث من تطورات في البرامج التي تستخدمها هذه الحاسبات بحيث اتسع مجال استخدامها وسهلت مهمة مستخدمي هذه الأجهزة. وقد وصل الأمر في هذا المجال إلى التفكير في إجراء بعض الجلسات الإرشادية, خاصة ما يتصل منها بالحصول على معلومات من المسترشد وإعطائه في مقابلها معلومات, مثلا كأن تكون المعلومات التي يقدمها المسترشد للحاسب متعلقة ببعض خصائص الفرد المرتبطة باختيار المهنة ويكون ما يحصل عليه مقابل ذلك قائمة بأفضل المجالات والوظائف التي يمكنه العمل نحو الدخول إليها. كذلك تستخدم الحاسبات في الوقت الحاضر لتساعد المرشدين والمعالجين في الحصول على تفسيرات إكلينيكية لمجموعة من الاختبارات مثل مقياس مينسوتا متعدد الأوجه للشخصية MMPI, واختبار الروشاخ الإسقاطي, ومقياس سترونج للميول المهنية SVIB, وغيرها كثير بالإضافة للاستخدامات الإدارية في توزيع المواعيد وحساب الأتعاب واستخراج فواتير الحساب. كما تستخدم الحاسبات على مستوى المؤسسات في متابعة تحرك المسترشد بدءا من قبوله أو إحالته للهيئة "مثل مركز تأهيل" إلى أن يغادر الهيئة. على أنه مما ينبغي التأكيد عليه مع انتشار هذه الوسيلة في مجال الإرشاد والعلاج النفسي أن يؤخذ بعين الاعتبار تأمين المعلومات التي تنص المبادئ الأخلاقية على المحافظة عليها في نطاق السرية. ويفضل عند استخدام الحاسبات الآلية في بعض المجالات "مثل تأهيل المسجونين، ورعاية الأحداث, والعلاج النفسي والإرشاد" أن يستغنى عن استخدام اسم العميل بأرقام مسلسلة بحيث لا يستطيع غير ذوي الاختصاص استخدام المعلومات التي يحصلون عليها بالدخول إلى هذه الوسيلة "المفيدة للغاية, والتي قد تصبح أيضا خطيرة للغاية" واستخدام ما يحصلون عليه في صورة لا أخلاقية. وهناك وسائل فنية لتأمين المعلومات التي تخزن في الحاسبات الآلية سواء خزنت في ذاكرة الجهاز, أو على شرائط "أسطوانات Disks".

والتسجيل على الحاسبات الآلية يتيح الفرصة للمرشد أو لمدير الحالة Case manager أن يفتح ملفا للحالة يسجل فيه البيانات التي يحتاج لتسجيلها, وقد ينتهي الأمر إلى إمكانية الحصول على تقرير نهائي, وتقارير مرحلية للحالة عن طريق برامج تعد لذلك. نصائح للمرشدين, والمعالجين حول تسجيل المعلومات: 1- التسجيل وسيلة حضارية تساعدك على حفظ المعلومات. 2- لا تعتمد على الذاكرة للاحتفاظ بالمعلومات. 3- المعلومات غير المفيدة أو المتكررة لا داعي لتسجيلها إلا إذا كان هناك ما يدعو لذلك. 4- استخدام الوسائل السمعية "الصوتية" والبصرية "الصورة". لتسجيل المعلومات يجب أن يؤخذ له احتياطات خاصة, ومنها أن يكون التسجيل معلوما للمسترشد "ظاهرا", وأن يكون بموافقته. 5- يجب ألا تؤجل تسجيل المعلومات لفترة طويلة, تكون معرضة فيها لأن تطوى في إطار النسيان. 6- جميع أنواع التسجيل تحتاج إلى تأمين؛ لسرية المعلومات. 7- إذا كنت تشترك في نظام معلومات مع وحدات أخرى أو متخصصين آخرين, فيجب أن تتأكد من أن سرية المعلومات متوفرة, وأن هذه المعلومات مؤمنة ولا تتاح للآخرين تحت أي ظرف. 8- عند وجود رقم خاص للحالة في الهيئة التي تعمل بها, أو معلومات موصفة للحالة, فأنت ملزم باستخدامها ولا تبتكر أنت مواصفات خاصة. 9- لا تتح أية معلومات لأي شخص أو جهة إلا بعد استيفاء شروط السرية, ومنها الموافقة الكتابية من المسترشد "للراشدين" أو ولي أمره "للأطفال".

ثانيا: النماذج forms

ثانيا: النماذج Forms يقصد بالنماذج تلك البطاقات والسجلات "الدفاتر" وصيغ المراسلات التي تستخدم لغرض تسجيل المعلومات, أو اتخاذ إجراءات مثل إحالة المسترشد لجهة أخرى أو متخصص آخر أو طلب معلومات أو تقديم معلومات أو المراسلات المتعلقة بالحالة. وفي المعتاد أن تحدد جهات الاختصاص النماذج والسجلات التي تلتزم المؤسسات بإمساكها والتي قد تخضع للمراقبة, كما قد تتعدد الجهات التي تفحص معلوماتها. وهذه النماذج بما فيها السجلات الأساسية تدخل ضمن واجبات عمل المرشد أو المعالج, كما تعتبر المعلومات التي تحويها معلومات رسمية قد تستخدم كقرينة لحماية مصلحة المسترشد والمرشد أيضا, كما تستخدم قرينة لإدانة المرشد أو المسترشد طبقا للأنظمة المعمول بها. وهذه السجلات والبطاقات والنماذج سواء كانت مطبوعة أو كانت في صورة ملفات مخزنة في الحاسب الآلي, لها أهمية أولى في عمل المرشد. ومن السجلات التي تحتفظ بها بعض الهيئات التي يوجد بها مرشدون: 1- سجل خاص بتاريخ التقدم, أو الإحالة للهيئة: وهذا السجل له أهمية لتطبيق قاعدة أولوية الخدمة, بمعنى أنه من يتقدم أولا يتلقى الخدمة أولا، وقد تلزم بعض الأنظمة إمساك مثل هذا السجل, وخاصة عندما يكون حجم الخدمات المقدمة أقل من حجم المتقدمين للحصول على الخدمة. وقد يأخذ مثل هذا السجل الصفة الرسمية عن طريق ختمه وترقيمه بمعرفة جهات الإشراف والمراقبة. 2- السجلات الشاملة: وهذه يكثر استخدامها في مجال الإرشاد الطلابي, حيث يكون هناك سجل "دفتر" لكل طالب يحوي معلومات عنه في مختلف المجالات, ويتبعه من مدرسة إلى مدرسة ومن مرحلة تعليمية إلى مرحلة أخرى وهكذا. 3- السجلات المساعدة: وذلك مثل سجلات الأحوال لتسجيل الوقائع, وكذلك سجلات الحالات الطارئة, وسجلات الإحالة إلى جهات أخرى, وسجلات حركة الإجراءات, وسجلات اجتماعات اللجان وفرق العمل.

وقد يبتكر المرشد أو المعالج مجموعة من السجلات "الدفاتر" التي تساعده في عمله كسجل العناوين وأرقام التليفونات الخاص بطلاب المدرسة؛ لاستخدامه عند الطوارئ, وكذلك دفتر أبجدي للتعرف على سابقة تقديم خدمة لأحد المتقدمين والرجوع إلى ملفه أو سجله, خاصة مع كبر حجم المخدومين. ونعود فنقول مرة أخرى: إن جهات الاختصاص قد تفرض الاحتفاظ بسجلات معينة, ويمكن اعتبار هذه السجلات سجلات رسمية تعامل معاملة السجلات الوثائقية التي قد يرجع لها بعد سنوات. كما أنه لا يجوز الشطب أو التغيير أو المحو منها, وقد تختم بخاتم الجهة الإدارية الرقابية وترقم بمعرفتها. ومثل هذه السجلات يجب الاهتمام بها وتجليدها بشكل يناسب كثرة استخدامها والرجوع إليها, كما يجب تسجيل تاريخ بدء العمل بها بشكل رسمي وعند انتهاء صفحات أحد هذه السجلات يكتب عليه من الخارج بيانات عامة مثل: سجل قيد الحالات الفترة من 1/ 1/ 1988 - 31/ 12/ 1988 المسلسل من 1-300 كما يحسن استخدام أحد أنظمة الحفظ مثل التصوير بطريقة الميكروفيلم, أو التخزين على أسطوانة للحاسب الآلي, أو غير ذلك من أنظمة الحفظ. كما يجب التعامل مع مثل هذه السجلات بشكل رسمي وتسليمها للمختص كعهدة يسأل عنها. أما السجلات الفنية, والتي تشتمل على معلومات أساسية وتاريخية عن الفرد مثل السجل الشامل للطلاب, فهذه يحتفظ بها المرشدون عادة في مكاتبهم في أماكن مخصصة للحفظ, ولا يجوز لغيرهم أو لغير ذوي الصلاحية الاطلاع عليها, كما ينبغي وضع برنامج مناسب لتأمين مثل هذه السجلات. كذلك فإن السجلات أو الدفاتر المساعدة, وهي التي يطورها المرشد أو المعالج لتساعده في اختصار بعض الخطوات أو تقليل الوقت أو الجهد, فإنها خاصة بالمرشد, ولكن عليه أيضا أن يعنى بحفظها وعدم وصولها إلى غير المختصين.

أما النماذج التي يستخدمها المرشدون, فإنها تساعد هؤلاء المرشدين والمعالجين على اختصار الوقت وتلاقي الخطأ أو النقص. ومن أمثلة ذلك النماذج الإحصائية وخطابات الإحالة وخطاب الدعوة لأولياء الأمور وخطابات الإخطارات بإجراءات وخطابات الشكر وشهادات التقدير وغيرها. وفي بعض الأحيان وخاصة في الهيئات الحكومية, فإن مثل هذه النماذج تصدر بها قرارات من السلطة الإدارية المختصة تحدد الشكل والصياغة, وقد تتولى طباعتها وتوزيعها على الوحدات الفرعية في صورة دفاتر أو أوراق سائبة, وفي هذه الحالة ينبغي على المرشد أو المعالج استخدام هذه النماذج الرسمية فيما وضعت له. وعادة تكون مثل هذه النماذج مرقمة ومرمزة بشكل يساعد على التعرف عليها وطلبها "مثلا نموذج 1 إرشاد طلابي", كما أنها تحمل العناوين الرسمية وقد توضع في ظروف تحمل نفس العنوان, كما قد تبرمج هذه النماذج على الحاسب الآلي وتحرر باستخدامه. وفي المعتاد أن تشتمل بعض النماذج على أصل وصورة أو أكثر من صورة، وقد تكون هذه النماذج معدة بطريقة تكفل استنساخها تلقائيا, بمعنى أن يحرر المرشد أو المعالج الأصل فقط, فيطبع بشكل تلقائي "نتيجة استخدام ورق معامل بطريقة خاصة أي: مكربن". وقد تحمل الصور عليها الجهات التي توجه لها, مثلا: صورة للمدير. صورة للوكيل. صورة للطبيب. صورة للحفظ. ويجب أن نلاحظ أن النماذج المطبوعة وظيفتها الأساسية مساعدة المرشد أو المعالج على رفع كفاءته الإدارية من خلال اختصار الوقت والجهد والتكلفة, وكذلك توحيد العمل في مختلف الوحدات وتقليل أخطاء الصياغة والطباعة إلى أقل حد ممكن. نصائح حول استخدام النماذج: 1- استخدم النماذج التي تحددها جهة الإشراف. 2- تأكد دائما من وجود مخزون كافٍ من النماذج. 3- تأكد من أن النموذج لا زال صالحا في الوقت الحالي من حيث محتواه ومسميات الجهات الموجه لها والتاريخ وغيره. 4- أدخل الإضافات التي تجعل النماذج الموجهة للغير, وكأنها معدة له شخصيا كطباعة الاسم وتعديل الألقاب مثل: السيد, السيدة. 5- راعِ أن يكون محتوى الخطابات متناسبا مع طول الإجراءات, فمثلا لا تطلب الرد بعد يومين من شخص قد يصله الخطاب بعد خمسة أيام؛ لأنه في هذه الحالة لن يرد عليك. 6- ضع كافة ما يدل من يرسل له الخطاب على اسم الوحدة وعنوانها, وكيفية الوصول إليها عند طلب الحضور, وأرقام التليفونات التي يتصل بها للاعتذار أو للاستيضاح. 7- احتفظ دائما بنسخة من كل نموذج داخل ملف خاص, فقد تحتاج إلى استنساخها "عن طريق التصوير" بسبب نفاد الكمية الموجودة.

ثالثا: التقارير

ثالثا: التقارير في الواقع, فإن كتابة التقارير في مجالات الإرشاد والعلاج النفسي تحتاج إلى مرجع خاص به, لكننا سنحاول أن نتناول هذا الموضوع في صورة تساعد على إدراك أبعاده الأساسية. فالمرشد والمعالج النفسي يحتاجان في مواقف ومناسبات مختلفة إلى كتابة تقارير "نفسية" عن الأفراد الذين يعملون معهم, ومن هذه المواقف: 1- إذا كان المسترشد أو المريض محالا من جهة أخرى, وتطلب موافاتها بتقرير. 2- إذا كان المرشد أو المعالج قد أنهى الحالة "أقفلها" إنهاء غير مكتمل, أي: قبل تحقيق أهداف الإرشاد أو العلاج. 3- بناء على طلب من جهات الاختصاص مثل النيابة العامة, أو جهات التحقيق, أو الجهات القضائية.

4- إذا كان المرشد أو المعالج سيحيل المسترشد أو المريض لجهة أخرى يستكمل فيها ما بدأه معه, كأن يحال إلى مرشد, أو إلى معالج آخر, أو إلى هيئة أخرى "مثلا: مستشفى آخر". 5- بناء على طلب من مختص "مرشد أو معالج" تولى العمل مع الحالة قريبا, ويرغب في الحصول على معلومات عن المسترشد في ظروف إرشاد أو علاج سابقة. 6- عندما تكون هناك حاجة لمثل هذا التقرير. الاعتبارات الأساسية التي يراعيها المرشد أو المعالج: 1- يجب أن يكون التقرير متصلا بالغرض الذي يكتب من أجله. 2- يجب اعتبار الجهة أو الشخص الذي سيرسل له التقرير؛ وذلك لتضمين التقرير المعلومات المناسبة وحجب المعلومات التي قد لا يضمن سريتها. وعلى سبيل المثال التقرير الذي يقدمه المرشد الطلابي في مدرسة ما لمدير المدرسة عن طالب معين, ليس من الضروري أن يشتمل على جوانب فنية متعمقة, أو معلومات لا يفيد هذا المدير من معرفتها وقد تضر المسترشد. 3- أن يصاغ التقرير بحيث يصل إلى هدفه في أقصر تعبير, وأن يكون خاليا من الاستفاضة في الحديث والإطناب, كما لا يكون مختصرا بشكل يخلّ بالمقصود منه. 4- أن يستخدم المرشد في تقريره عبارات سهلة واضحة يفهمها معظم الناس, وأن يبتعد عن الأساليب الصعبة أو التي تحتاج إلى توضيح أو التي تحمل في داخلها أكثر من معنى. 5- أن يراعى ضوابط الكتابة مثل وجود فقرة تمهيدية توضح موضوع التقرير, وجزء رئيس هو موضوع التقرير وفقرة للخاتمة، وأن يكون واضح الطباعة والحروف ليسهل قراءته، وأن تراعى قواعد الإملاء والترقيم والهمزات وقواعد النحو والصرف، وعلامات التنصيص، والفصل والنقط وغيرها.

6- ألا يشتمل التقرير على تعبيرات اصطلاحية يصعب على من يصل إليه أن يفهمها, أو تكون غير شائعة ومتداولة بين المتخصصين في المهنة. 7- أن يحتفظ المرشد أو المعالج بصورة من كل تقرير يرسله, وأن يؤمن سريتها. 8- يحسن أن نرسل التقارير بناء على طلبات رسمية من الجهات الطالبة, وأن ترسل لهذه الجهات مباشرة دون تسليمها للمسترشد أو المريض. 9- التقارير الخاصة بالتقويم, والقياس النفسي يجب أن تشتمل على اسم الاختبار أو المقياس ومؤلفه أو مُعِدّه وتاريخ نشره والدرجات الخام والدرجات المعيارية والمعايير التي قِيست لها درجات المفحوص والصورة المستخدمة إذا كان هناك أكثر من صورة. 10- أن يشتمل التقرير على عنوان الجهة التي تعمل بها, واسم معد التقرير ووظيفته وتوقيعه. وفيما يلي نموذج مختصر لأحد التقارير التي أحدها مرشد طلابي: النموذج الأول: تقدم خالد للمرشد الطلابي بمدرسته يشكو من أنه يرى أشياء ويسمع أصواتا, وأنه يخشى أن يكون هناك من يتربص به أو أن يكون وشيك الجنون. ولأن المرشد على دراية كافية بطبيعة العمل الإرشادي, فقد بدأ بدراسة التاريخ التطوري لخالد ورأى أن يطبق عليه مقياس أيزنييك للشخصية "EPQ". ولدى تصحيح المقياس واستخراج المعيار التائي المقابل له, اتضح أن الدرجة التائية المقابلة للدرجة الخامسة التي حصل عليها خالد على مقياس الميل الذهاني هي 72, وهي درجة معيارية عالية تشير إلى احتمالية الدخول إلى حالة ذهانية, وقد رأى المرشد أن يحيل خالدا للطبيب النفسي للوحدة الصحية المدرسية التي تتبعها مدرسة خالد: 1- الخطاب المرسل: وزارة: الرقم: الإدارة التعليمية: التاريخ:

مدرسة الثانوية المرفقات "تقرير من صفحة واحدة" السيد الدكتور مدير الوحدة الصحية المدرسية ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتشرف بأن نحيل لكم الطالب خالدا ... وهو طالب بالصف الثالث الثانوي بالمدرسة, رجاء التكرم بإجراء اللازم نحوه ومرفق لكم التقرير الذي أعده المرشد الطلابي بالمدرسة, مع رجاء إفادتنا بالنتيجة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مدير المدرسة " " 2- التقرير: الاسم: خالد ... تاريخ التقرير: المستوى: الثالث فصل ثان تاريخ التقدم أو الإحالة للمرشد: 14/ 3/ 1992 الطالب خالد عمره 17 سنة وهو طالب في المستوى الثالث -تشير بيانات سجله الشامل إلى أنه مضى في طريق تعليمه على خير وجه ولم يسبق له الرسوب- وكانت علاقاته مع زملائه ودية, وله إسهامات في النشاطات الرياضية والفنية، محبوب من مدرسيه، ظروفه الأسرية عادية ونموه في الطفولة عادي. لاحظ الطالب في الآونة الأخيرة ومنذ شهر على وجه التحديد حسب قوله, أشياء غريبة تحدث له مثل كراهية اللقاء بزملائه وأصدقائه, وميله للعزلة وكراهيته للأنشطة التي كان يمارسها, بالإضافة إلى سماعه أصواتا تخاطبه ورؤيته لأشياء لا يراها غيره من حوله. وبعد المقابلة الأولى والتعرف على تاريخ الحالة, تم تطبيق قائمة أيزنييك للشخصية عليه, وكانت النتيجة على النحو التالي:

البعد المقابل التائي الميل العصابي 67 الميل الذهاني 72 الانبساطية 47 وحيث إن مثل هذه الدرجات والعلامات والأعراض التي اتضحت من دراسة حالة الطالب, نقترح الحاجة لعرضه على أحد الأطباء النفسيين؛ لذلك أعد هذا التقرير للاسترشاد به عند اللزوم. المرشد الطلابي الاسم..... التوقيع...... للاستفسار: رجاء الاتصال بتليفون رقم.... في ساعات العمل الرسمية. تم الكتاب بحمد الله

محتويات الكتاب

محتويات الكتاب: الصفحة الموضوع 7 تقديم 9 الفصل الأول: العملية الإرشادية والعلاجية 9 تعريف الإرشاد 13 علاقة الإرشاد بالمصطلحات الأخرى 18 العملية الإرشادية 29 الفصل الثاني: المرشد: خصائصه ومهاراته 29 خصائص المرشد 30 أولا: العلم 31 ثانيا: الصفات والخصائص الشخصية 49 ثالثا: المهارات الأساسية للمرشد 55 الفصل الثالث: العلاقة الإرشادية 56 أهمية العلاقة في الإرشاد 57 خصائص العلاقة الإرشادية 58 القيمة العلاجية للعلاقة الإرشادية 59 المناخ العلاجي للمقابلة 60 شروط العلاقة 65 الاتصال في العلاقة الإرشادية

67 نموذج جوهاري 71 مهارات الاتصال 71 أولا: السلوك غير اللفظي 88 ثانيا: استجابات الإصغاء 100 ثالثا: استجابات التصرف 119 الفصل الرابع: بدء العلاقة الإرشادية: المقابلة الأولى 120 موعد المقابلة 120 بيئة المقابلة 122 مدة الجلسة 123 التحضير للمقابلة 124 أهداف المقابلة الأولى 124 استقبال المرشد 126 بناء الألفة 127 تنظيم العلاقة الإرشادية 131 إنهاء المقابلة 131 تسجيل المقابلة 132 الإحالة 137 الفصل الخامس: تصوير المشكلة "التشخيص" 138 معنى المشكلة 139 المشكلة النفسية 140 التقدير 142 معنى تصوير المشكلة

142 التشخيص في مجال الإرشاد 145 التشخيص كتصنيف 145 تصنيف ويليامسون ودارلي 147 تصنيف بيبنسكي وبيبنسكي 148 تصنيف بيرن 148 تصنيف روبيتسون 149 تصنيف كاليس 150 تصنيف الجمعية الأمريكية للطب النفسي 151 التشخيص ودوره في فهم المسترشد ومشكلاته 155 النماذج المستخدمة في عملية التشخيص, أو تصوير المشكلات 155 النموذج الطبي 157 نموذج كانفر وساسلو 159 نموذج سوينسين 161 نموذج سيبي 163 نمو ذج ستيوارت وزملائه 167 نموذج لازاروس 170 نموذج كورمبير وكورمبير 176 ملحق 1 المجموعات التشخيصية للأمراض النفسية والعقلية DSM III 178 ملحق 2 المجموعات التشخيصية للأمراض النفسية DSM IV 181 ملحق 3 أمثلة لتسجيل نتائج التقويم 183 ملحق 4 نموذج لتسجيل محاور التشخيص 184 ملحق 5 نموذج لدراسة تاريخ الحالة

185 نموذج للمعلومات في برامج الإرشاد 189 الفصل السادس: الاختبارات النفسية في مجال الإرشاد 190 الدور الذي تلعبه الاختبارات في مجال الإرشاد 193 اختيار الاختبارات في مجال الإرشاد 202 أنواع الاختبارات المستخدمة في مجال الإرشاد 205 تطبيق الاختبارات والعوامل التي تؤثر فيه 214 تصحيح الاختبار 217 تحويل الدرجات الخام إلى درجات معيارية 218 تفسير نتائج الاختبارات 226 أساليب تفسير البيانات 227 الطريقة الإحصائية أو الجسر الإحصائي 229 الطريقة الإكلينيكية أو الجسر الإكلينيكي 234 المقارنة بين الجسور الإحصائية والجسور الإكلينيكية 236 توصيل نتائج الاختبارات "التقرير" 239 بعض القضايا الخاصة باستخدام الاختبارات في الإرشاد 245 بيان ببعض الاختبارات التي يمكن استخدامها في الإرشاد 267 الفصل السابع: الملاحظة واستخدامها في الإرشاد 270 تسجيل وترميز الملاحظة 271 أدوات الملاحظة 274 مزايا الملاحظة 274 عيوب الملاحظة 275 تحسين الملاحظة

277 الفصل الثامن: إعداد الأهداف في إطار عملية الإرشاد 278 الأهداف العامة للإرشاد 279 الأهداف الموجهة للمرشد 280 الأهداف الخاصة أو أهداف النتائج 281 اختيار وتحديد الأهداف 281 اختيار الأهداف 282 تحديد الأهداف 313 الفصل التاسع: اختيار طريقة للإرشاد 313 توقيت طرق الإرشاد 316 جمع قياسات خط الأساسي 316 محكَّات اختيار طرق الإرشاد 329 الفصل العاشر: طرق الإرشاد 330 الطرق القائمة على أساس من الإشراط الإجرائي 344 الطرق القائمة على أساس من الإشراط الكلاسيكي 367 الطرق القائمة على التعلم الاجتماعي 379 الإرشاد باستخدام العلاقة الإرشادية 389 الطرق السلوكية المعرفية والطرق المعرفية 451 نموذج إسلامي لعلاج الغضب 475 الفصل الحادي عشر: تقويم العملية الإرشادية والعلاجية 475 معنى التقويم 477 أهداف التقويم في الإرشاد

478 تقويم نتائج الإرشاد 481 ماذا نقيس؟ 484 كيف نقيس؟ 491 ثالثا: متى نقيس؟ 505 الفصل الثاني عشر: إنهاء الإرشاد 511 الفصل الثالث عشر: القواعد الأخلاقية للإرشاد 531 الفصل الرابع عشر: التسجيل, النماذج, التقارير

§1/1